صفحه : 1

الجزء السبعون
تتمة كتاب الإيمان والكفر
تتمة أبواب الكفر ومساوي‌ الأخلاق
باب 221-حب الدنيا وذمها وبيان فنائها وغدرها بأهلها وختل الدنيا بالدين

الآيات البقرةأُولئِكَ الّذِينَ اشتَرَوُا الحَياةَ الدّنيا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفّفُ عَنهُمُ العَذابُ وَ لا هُم يُنصَرُونَ و قال زُيّنَ لِلّذِينَ كَفَرُوا الحَياةُ الدّنيا وَ يَسخَرُونَ مِنَ الّذِينَ آمَنُوا وَ الّذِينَ اتّقَوا فَوقَهُم يَومَ القِيامَةِ وَ اللّهُ يَرزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍآل عمران زُيّنَ لِلنّاسِ حُبّ الشّهَواتِ مِنَ النّساءِ وَ البَنِينَ وَ القَناطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذّهَبِ وَ الفِضّةِ وَ الخَيلِ المُسَوّمَةِ وَ الأَنعامِ وَ الحَرثِ ذلِكَ مَتاعُ الحَياةِ الدّنيا وَ اللّهُ عِندَهُ حُسنُ المَآبِ قُل أَ أُنَبّئُكُم بِخَيرٍ مِن ذلِكُم لِلّذِينَ اتّقَوا عِندَ رَبّهِم جَنّاتٌ تجَريِ‌ مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدِينَ فِيها وَ أَزواجٌ مُطَهّرَةٌ وَ رِضوانٌ مِنَ اللّهِ وَ اللّهُ بَصِيرٌ بِالعِبادِ و قال مِنكُم مَن يُرِيدُ الدّنيا وَ مِنكُم مَن يُرِيدُ الآخِرَةَ و قال وَ مَا الحَياةُ الدّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرُورِالأنعام وَ مَا الحَياةُ الدّنيا إِلّا لَعِبٌ وَ لَهوٌ وَ لَلدّارُ الآخِرَةُ خَيرٌ لِلّذِينَ

يَتّقُونَ أَ فَلا تَعقِلُونَ و قال تعالي وَ غَرّتهُمُ الحَياةُ الدّنياالأعراف فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ وَرِثُوا الكِتابَ يَأخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَدني وَ يَقُولُونَ سَيُغفَرُ لَنا وَ إِن يَأتِهِم عَرَضٌ مِثلُهُ يَأخُذُوهُ أَ لَم يُؤخَذ عَلَيهِم مِيثاقُ الكِتابِ أَن لا يَقُولُوا عَلَي اللّهِ إِلّا الحَقّ وَ دَرَسُوا ما فِيهِ وَ الدّارُ الآخِرَةُ خَيرٌ لِلّذِينَ يَتّقُونَ أَ فَلا تَعقِلُونَالتوبةأَ رَضِيتُم بِالحَياةِ الدّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَلِيلٌ و قال تعالي فَلا تُعجِبكَ أَموالُهُم وَ لا أَولادُهُم إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذّبَهُم بِها فِي الحَياةِ الدّنيا وَ تَزهَقَ أَنفُسُهُم وَ هُم كافِرُونَ و قال تعالي كَالّذِينَ مِن قَبلِكُم كانُوا أَشَدّ مِنكُم قُوّةً وَ أَكثَرَ أَموالًا وَ أَولاداً فَاستَمتَعُوا بِخَلاقِهِم فَاستَمتَعتُم بِخَلاقِكُم كَمَا استَمتَعَ الّذِينَ مِن قَبلِكُم بِخَلاقِهِم وَ خُضتُم كاَلذّيِ‌ خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَت أَعمالُهُم فِي الدّنيا وَ الآخِرَةِ وَ أُولئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ أَ لَم يَأتِهِم نَبَأُ الّذِينَ مِن قَبلِهِم قَومِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ قَومِ اِبراهِيمَ وَ أَصحابِ مَديَنَ وَ المُؤتَفِكاتِ أَتَتهُم رُسُلُهُم بِالبَيّناتِ فَما كانَ اللّهُ لِيَظلِمَهُم وَ لكِن كانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَيونس إِنّ الّذِينَ لا يَرجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالحَياةِ الدّنيا وَ اطمَأَنّوا بِها وَ الّذِينَ هُم عَن آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأواهُمُ النّارُ بِما كانُوا يَكسِبُونَ و قال تعالي إِنّما مَثَلُ الحَياةِ الدّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ مِمّا يَأكُلُ النّاسُ وَ الأَنعامُ حَتّي إِذا أَخَذَتِ الأَرضُ زُخرُفَها وَ ازّيّنَت وَ ظَنّ أَهلُها أَنّهُم قادِرُونَ عَلَيها أَتاها أَمرُنا لَيلًا أَو نَهاراً فَجَعَلناها حَصِيداً كَأَن لَم تَغنَ

بِالأَمسِ كَذلِكَ نُفَصّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَ و قال تعالي قُل بِفَضلِ اللّهِ وَ بِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعُونَ و قال تعالي مَتاعٌ فِي الدّنيا ثُمّ إِلَينا مَرجِعُهُم ثُمّ نُذِيقُهُمُ العَذابَ الشّدِيدَ بِما كانُوا يَكفُرُونَ و قال سبحانه وَ قالَ مُوسي رَبّنا إِنّكَ آتَيتَ فِرعَونَ وَ مَلَأَهُ زِينَةً وَ أَموالًا فِي الحَياةِ الدّنيا رَبّنا لِيُضِلّوا عَن سَبِيلِكَهودمَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدّنيا وَ زِينَتَها نُوَفّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فِيها وَ هُم فِيها لا يُبخَسُونَ أُولئِكَ الّذِينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلّا النّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعمَلُونَالرعدوَ فَرِحُوا بِالحَياةِ الدّنيا وَ مَا الحَياةُ الدّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا مَتاعٌ ابراهيم الّذِينَ يَستَحِبّونَ الحَياةَ الدّنيا عَلَي الآخِرَةِ وَ يَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَ يَبغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍالحجرلا تَمُدّنّ عَينَيكَ إِلي ما مَتّعنا بِهِ أَزواجاً مِنهُم وَ لا تَحزَن عَلَيهِمالنحل ما عِندَكُم يَنفَدُ وَ ما عِندَ اللّهِ باقٍ وَ لَنَجزِيَنّ الّذِينَ صَبَرُوا أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانُوا يَعمَلُونَ و قال تعالي ذلِكَ بِأَنّهُمُ استَحَبّوا الحَياةَ الدّنيا عَلَي الآخِرَةِ وَ أَنّ اللّهَ لا يهَديِ‌ القَومَ الكافِرِينَأسري وَ أَمدَدناكُم بِأَموالٍ وَ بَنِينَ


صفحه : 4

و قال تعالي مَن كانَ يُرِيدُ العاجِلَةَ عَجّلنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَن نُرِيدُ ثُمّ جَعَلنا لَهُ جَهَنّمَ يَصلاها مَذمُوماً مَدحُوراً وَ مَن أَرادَ الآخِرَةَ وَ سَعي لَها سَعيَها وَ هُوَ مُؤمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعيُهُم مَشكُوراً كُلّا نُمِدّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِن عَطاءِ رَبّكَ وَ ما كانَ عَطاءُ رَبّكَ مَحظُوراً انظُر كَيفَ فَضّلنا بَعضَهُم عَلي بَعضٍ وَ لَلآخِرَةُ أَكبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكبَرُ تَفضِيلًاالكهف تُرِيدُ زِينَةَ الحَياةِ الدّنيا و قال تعالي وَ اضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشِيماً تَذرُوهُ الرّياحُ وَ كانَ اللّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ مُقتَدِراً المالُ وَ البَنُونَ زِينَةُ الحَياةِ الدّنيا وَ الباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِندَ رَبّكَ ثَواباً وَ خَيرٌ أَمَلًاطه وَ لا تَمُدّنّ عَينَيكَ إِلي ما مَتّعنا بِهِ أَزواجاً مِنهُم زَهرَةَ الحَياةِ الدّنيا لِنَفتِنَهُم فِيهِ وَ رِزقُ رَبّكَ خَيرٌ وَ أَبقيالقصص وَ ما أُوتِيتُم مِن شَيءٍ فَمَتاعُ الحَياةِ الدّنيا وَ زِينَتُها وَ ما عِندَ اللّهِ خَيرٌ وَ أَبقي أَ فَلا تَعقِلُونَ أَ فَمَن وَعَدناهُ وَعداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَن مَتّعناهُ مَتاعَ الحَياةِ الدّنيا ثُمّ هُوَ يَومَ القِيامَةِ مِنَ المُحضَرِينَ و قال تعالي فَخَرَجَ عَلي قَومِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الّذِينَ يُرِيدُونَ الحَياةَ الدّنيا يا لَيتَ لَنا مِثلَ ما أوُتيِ‌َ قارُونُ إِنّهُ لَذُو حَظّ عَظِيمٍ وَ قالَ الّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوابُ اللّهِ خَيرٌ لِمَن آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا يُلَقّاها إِلّا الصّابِرُونَالعنكبوت ما هذِهِ الحَياةُ الدّنيا إِلّا لَهوٌ وَ لَعِبٌ وَ إِنّ الدّارَ الآخِرَةَ لهَيِ‌َ الحَيَوانُ لَو كانُوا يَعلَمُونَ


صفحه : 5

الروم يَعلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الحَياةِ الدّنيا وَ هُم عَنِ الآخِرَةِ هُم غافِلُونَلقمان يا أَيّهَا النّاسُ اتّقُوا رَبّكُم وَ اخشَوا يَوماً لا يجَزيِ‌ والِدٌ عَن وَلَدِهِ وَ لا مَولُودٌ هُوَ جازٍ عَن والِدِهِ شَيئاً إِنّ وَعدَ اللّهِ حَقّ فَلا تَغُرّنّكُمُ الحَياةُ الدّنيا وَ لا يَغُرّنّكُم بِاللّهِ الغَرُورُفاطريا أَيّهَا النّاسُ إِنّ وَعدَ اللّهِ حَقّ فَلا تَغُرّنّكُمُ الحَياةُ الدّنيا وَ لا يَغُرّنّكُم بِاللّهِ الغَرُورُفَقالَ إنِيّ‌ أَحبَبتُ حُبّ الخَيرِ عَن ذِكرِ ربَيّ‌ حَتّي تَوارَت بِالحِجابِالزمرفَإِذا مَسّ الإِنسانَ ضُرّ دَعانا ثُمّ إِذا خَوّلناهُ نِعمَةً مِنّا قالَ إِنّما أُوتِيتُهُ عَلي عِلمٍ بَل هيِ‌َ فِتنَةٌ وَ لكِنّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمُونَ قَد قالَهَا الّذِينَ مِن قَبلِهِم فَما أَغني عَنهُم ما كانُوا يَكسِبُونَ فَأَصابَهُم سَيّئاتُ ما كَسَبُوا وَ الّذِينَ ظَلَمُوا مِن هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُم سَيّئاتُ ما كَسَبُوا وَ ما هُم بِمُعجِزِينَ أَ وَ لَم يَعلَمُوا أَنّ اللّهَ يَبسُطُ الرّزقَ لِمَن يَشاءُ وَ يَقدِرُ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يُؤمِنُونَالمؤمن وَ قالَ ألّذِي آمَنَ يا قَومِ اتّبِعُونِ أَهدِكُم سَبِيلَ الرّشادِ يا قَومِ إِنّما هذِهِ الحَياةُ الدّنيا مَتاعٌ وَ إِنّ الآخِرَةَ هيِ‌َ دارُ القَرارِحمعسق مَن كانَ يُرِيدُ حَرثَ الآخِرَةِ نَزِد لَهُ فِي حَرثِهِ وَ مَن كانَ يُرِيدُ حَرثَ الدّنيا نُؤتِهِ مِنها وَ ما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَصِيبٍ و قال تعالي فَما أُوتِيتُم مِن شَيءٍ فَمَتاعُ الحَياةِ الدّنيا وَ ما عِندَ اللّهِ خَيرٌ وَ أَبقي لِلّذِينَ آمَنُوا وَ عَلي رَبّهِم يَتَوَكّلُونَالزخرف وَ قالُوا لَو لا نُزّلَ هذَا القُرآنُ عَلي رَجُلٍ مِنَ القَريَتَينِ عَظِيمٍ أَ هُم يَقسِمُونَ رَحمَتَ رَبّكَ نَحنُ قَسَمنا بَينَهُم مَعِيشَتَهُم فِي الحَياةِ الدّنيا وَ رَفَعنا بَعضَهُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجاتٍ

لِيَتّخِذَ بَعضُهُم بَعضاً سُخرِيّا وَ رَحمَتُ رَبّكَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعُونَ وَ لَو لا أَن يَكُونَ النّاسُ أُمّةً واحِدَةً لَجَعَلنا لِمَن يَكفُرُ بِالرّحمنِ لِبُيُوتِهِم سُقُفاً مِن فِضّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيها يَظهَرُونَ وَ لِبُيُوتِهِم أَبواباً وَ سُرُراً عَلَيها يَتّكِؤُنَ وَ زُخرُفاً وَ إِن كُلّ ذلِكَ لَمّا مَتاعُ الحَياةِ الدّنيا وَ الآخِرَةُ عِندَ رَبّكَ لِلمُتّقِينَالجاثيةذلِكُم بِأَنّكُمُ اتّخَذتُم آياتِ اللّهِ هُزُواً وَ غَرّتكُمُ الحَياةُ الدّنيا فَاليَومَ لا يُخرَجُونَ مِنها وَ لا هُم يُستَعتَبُونَ محمدإِنّمَا الحَياةُ الدّنيا لَعِبٌ وَ لَهوٌ وَ إِن تُؤمِنُوا وَ تَتّقُوا يُؤتِكُم أُجُورَكُم وَ لا يَسئَلكُم أَموالَكُمالنجم فَأَعرِض عَن مَن تَوَلّي عَن ذِكرِنا وَ لَم يُرِد إِلّا الحَياةَ الدّنيا ذلِكَ مَبلَغُهُم مِنَ العِلمِالحديداعلَمُوا أَنّمَا الحَياةُ الدّنيا لَعِبٌ وَ لَهوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَينَكُم وَ تَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَ الأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصفَرّا ثُمّ يَكُونُ حُطاماً وَ فِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رِضوانٌ وَ مَا الحَياةُ الدّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرُورِالمجادلةلَن تغُنيِ‌َ عَنهُم أَموالُهُم وَ لا أَولادُهُم مِنَ اللّهِ شَيئاً أُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فِيها خالِدُونَالمنافقون يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تُلهِكُم أَموالُكُم وَ لا أَولادُكُم عَن ذِكرِ اللّهِ وَ مَن يَفعَل ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ


صفحه : 7

التغابن إِنّما أَموالُكُم وَ أَولادُكُم فِتنَةٌ وَ اللّهُ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌالقيامةكَلّا بَل تُحِبّونَ العاجِلَةَ وَ تَذَرُونَ الآخِرَةَالدهرإِنّ هؤُلاءِ يُحِبّونَ العاجِلَةَ وَ يَذَرُونَ وَراءَهُم يَوماً ثَقِيلًاالنازعات فَأَمّا مَن طَغي وَ آثَرَ الحَياةَ الدّنيا فَإِنّ الجَحِيمَ هيِ‌َ المَأوي وَ أَمّا مَن خافَ مَقامَ رَبّهِ وَ نَهَي النّفسَ عَنِ الهَوي فَإِنّ الجَنّةَ هيِ‌َ المَأويالأعلي بَل تُؤثِرُونَ الحَياةَ الدّنيا وَ الآخِرَةُ خَيرٌ وَ أَبقي إِنّ هذا لفَيِ‌ الصّحُفِ الأُولي صُحُفِ اِبراهِيمَ وَ مُوسيالضحي وَ لَلآخِرَةُ خَيرٌ لَكَ مِنَ الأُولي

1- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن دُرُستَ بنِ أَبِي مَنصُورٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ هِشَامٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ رَأسُ كُلّ خَطِيئَةٍ حُبّ الدّنيَا

بيان رأس كل خطيئة حبّ الدنيا لأن خصال الشر مطويّة في حبّ الدنيا و كل ذمائم القوة الشهوية والغضبية مندرجة في الميل إليها ولذا قال الله عز و جل مَن كانَ يُرِيدُ حَرثَ الآخِرَةِ نَزِد لَهُ فِي حَرثِهِ وَ مَن كانَ يُرِيدُ حَرثَ الدّنيا نُؤتِهِ مِنها وَ ما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَصِيبٍ و لايمكن التخلّص من حبها إلابالعلم بمقابحها ومنافع الآخرة وتصفية النفس وتعديل القوتين

2-كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ النّعمَانِ عَن أَبِي أُسَامَةَ زَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن لَم يَتَعَزّ بِعَزَاءِ اللّهِ تَقَطّعَت نَفسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَي الدّنيَا وَ مَن أَتبَعَ بَصَرَهُ مَا فِي أيَديِ‌ النّاسِ كَثُرَ هَمّهُ وَ لَم يَشفِ غَيظَهُ


صفحه : 8

وَ مَن لَم يَرَ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهِ نِعمَةً إِلّا فِي مَطعَمٍ أَو مَشرَبٍ أَو مَلبَسٍ فَقَد قَصُرَ عَمَلُهُ وَ دَنَا عَذَابُهُ

بيان من لم يتعزّ بعزاء الله قال في النهاية فيه و من لم يتعزّ بعزاء الله فليس منا أي من لم يدع بدعوي الإسلام فيقول ياللإسلام و ياللمسلمين و يالله وقيل أراد بالتعزي‌ التسلي‌ والتصبر عندالمصيبة و أن يقول إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ كماأمر الله تعالي ومعني قوله بعزاء الله أي بتعزية الله تعالي إياه فأقام الاسم مقام المصدر انتهي وقيل العزاء مصدر بمعني الصبر أواسم للتعزية وكلاهما مناسب و علي الأول إسناده إلي الله تعالي لأنه السبب له والباء إما للآلية المجازية كماقيل في قوله تعالي فَتَقَبّلَها رَبّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ أوللسببية والحاصل أنه من لم يصبر علي مافاته من الدنيا و علي البلايا التي‌ تصيبه فيهابما سلاه الله في قوله وَ بَشّرِ الصّابِرِينَ الّذِينَ إِذا أَصابَتهُم مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ وسائر الآيات الواردة في ذم الدنيا وفنائها ومدح الرضا بقضائه تعالي تقطعت نفسه للحسرات علي المصائب و علي مافاته من الدنيا وربما يحمل الحسرات علي مايحصل له عندالموت من مفارقتها أوالأعم منها ومما يحصل له في الدنيا وجمعية الحسرات مع كونها مصدرا لإرادة الأنواع و من أتبع نظره ما في أيدي‌ الناس أي نظر إلي من هوفوقه من أهل الدنيا و ما في أيديهم من نعيمها وزبرجها نظر رغبة وتحسّر وتمنّ كثر همه لعدم تيسّرها له فيغتاظ لذلك ويحسدهم عليها و لايمكنه شفاء غيظه إلابأن يحصل له مما في أيديهم أويسلب الله عنهم جميع ذلك و لايتيسّر له شيء من الأمرين فلايشفي غيظه أبدا و لايتهنّأ له العيش مارأي في نعمة أحدا و لايتفكر في أنه إنما منعه الله تعالي ذلك لأنه علم أنه سبب هلاكه فهو يتمني حالهم و لايعلم حقيقة مآلهم كماحكي الله


صفحه : 9

سبحانه عن قوم تمنوا حال قارون حيث قالوايا لَيتَ لَنا مِثلَ ما أوُتيِ‌َ قارُونُ إِنّهُ لَذُو حَظّ عَظِيمٍ وَ قالَ الّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوابُ اللّهِ خَيرٌ لِمَن آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا يُلَقّاها إِلّا الصّابِرُونَ فلما خسف الله به وبداره الأرض أَصبَحَ الّذِينَ تَمَنّوا مَكانَهُ بِالأَمسِ يَقُولُونَ وَيكَأَنّ اللّهَ يَبسُطُ الرّزقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَ يَقدِرُ لَو لا أَن مَنّ اللّهُ عَلَينا لَخَسَفَ بِنا وَيكَأَنّهُ لا يُفلِحُ الكافِرُونَ وانتفاء الخسف الظاهري‌ بأهل الأموال والتجبر من هذه الأمة لايوجب انتهاء الخسف في دركات الشهوات النفسانية ومهاوي‌ التعلقات الجسمانية والحرمان عن درجات القرب والكمال وخسفهم في الآخرة في عظيم النكال وشديد الوبال أعاذنا الله وسائر المؤمنين من جميع ذلك وسهل لنا الوصول في الدارين إلي أحسن الأحوال . و من لم ير أن لله عليه نعمة إلا في مطعم أي من توهم أن نعمة الله عليه منحصرة في هذه النعم الظاهرة كالمطعم والمشرب والمسكن وأمثالها فإذافقدها أوشيئا منها ظن أنه ليس لله عليه نعمة فلاينشط في طاعة الله و إن عمل شيئا مع هذه العقيدة الفاسدة وعدم معرفة منعمه لاينفعه و لايتقبل منه فيكون عمله قاصرا وعذابه دانيا لأن هذه النعم الظاهرة حقيرة في جنب نعم الله العظيمة عليه من الإيمان والهداية والتوفيق والعقل والقوي الظاهرة والباطنة والصحة ودفع شر الأعادي‌ وغيرها بما لايحصي بل هذاالفقر أيضا من أعظم نعم الله عليه وَ إِن تَعُدّوا نِعمَةَ اللّهِ لا تُحصُوها. و قال بعض المحققين معني الحديث أن من لم يصبر و لم يسل أو لم يحسن الصبر والسلوة علي مارزقه الله من الدنيا بل أراد الزيادة في المال أوالجاه مما لم يرزقه الله إياه تقطعت نفسه متحسرا حسرة بعدحسرة علي مايراه في يدي‌ غيره ممن فاق عليه في العيش فهو لم يزل يتبع بصره ما في أيدي‌ الناس و من أتبع بصره ما في أيدي‌ الناس كثر همه و لم يشف غيظه فهو لم ير أن لله عليه


صفحه : 10

نعمة إلانعم الدنيا وإنما يكون كذلك من لايوقن بالآخرة و من لم يوقن بالآخرة قصر عمله وإذ ليس له من الدنيا إلاقليل بزعمه مع شدة طمعه في الدنيا وزينتها فقد دنا عذابه نعوذ بالله من ذلك ومنشأ ذلك كله الجهل وضعف الإيمان وأيضا لما كان عمل أكثر الناس علي قدر مايرون من نعم الله عليه عاجلا وآجلا لاجرم من لم ير من النعم عليه إلاالقليل فلايصدر عنه من العمل إلاقليل و هذايوجب قصور العمل ودنو العذاب

3-كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن مَنصُورِ بنِ العَبّاسِ عَن سَعِيدِ بنِ جَنَاحٍ عَن عُثمَانَ بنِ سَعِيدٍ عَن عَبدِ الحَمِيدِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِ‌ّ عَن مُهَاجِرٍ الأسَدَيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَمَرّ عِيسَي بنُ مَريَمَ ع عَلَي قَريَةٍ قَد مَاتَ أَهلُهَا وَ طَيرُهَا وَ دَوَابّهَا فَقَالَ أَمَا إِنّهُم لَم يَمُوتُوا إِلّا بِسَخطَةٍ وَ لَو مَاتُوا مُتَفَرّقِينَ لَتَدَافَنُوا فَقَالَ الحَوَارِيّونَ يَا رُوحَ اللّهِ وَ كَلِمَتَهُ ادعُ اللّهَ أَن يُحيِيَهُم لَنَا فَيُخبِرُونَا مَا كَانَت أَعمَالُهُم فَنَجتَنِبَهَا فَدَعَا عِيسَي ع رَبّهُ فنَوُديِ‌َ مِنَ الجَوّ أَن نَادِهِم فَقَامَ عِيسَي ع بِاللّيلِ عَلَي شَرَفٍ مِنَ الأَرضِ فَقَالَ يَا أَهلَ هَذِهِ القَريَةِ فَأَجَابَهُ مِنهُم مُجِيبٌ لَبّيكَ يَا رُوحَ اللّهِ وَ كَلِمَتَهُ فَقَالَ وَيحَكُم مَا كَانَت أَعمَالُكُم قَالَ عِبَادَةُ الطّاغُوتِ وَ حُبّ الدّنيَا مَعَ خَوفٍ قَلِيلٍ وَ أَمَلٍ بَعِيدٍ فِي غَفلَةٍ وَ لَهوٍ وَ لَعِبٍ فَقَالَ كَيفَ كَانَ حُبّكُم لِلدّنيَا قَالَ كَحُبّ الصبّيِ‌ّ لِأُمّهِ إِذَا أَقبَلَت عَلَينَا فَرِحنَا وَ سُرِرنَا وَ إِذَا أَدبَرَت عَنّا بَكَينَا وَ حَزِنّا قَالَ كَيفَ كَانَت عِبَادَتُكُم لِلطّاغُوتِ قَالَ الطّاعَةُ لِأَهلِ المعَاَصيِ‌ قَالَ كَيفَ كَانَت عَاقِبَةُ أَمرِكُم قَالَ بِتنَا لَيلَةً فِي عَافِيَةٍ وَ أَصبَحنَا فِي الهَاوِيَةِ فَقَالَ وَ مَا الهَاوِيَةُ قَالَ سِجّينٌ قَالَ وَ مَا سِجّينٌ قَالَ جِبَالٌ مِن جَمرٍ تُوقَدُ عَلَينَا إِلَي يَومِ القِيَامَةِ قَالَ فَمَا قُلتُم وَ مَا قِيلَ لَكُم قَالَ قُلنَا رُدّنَا إِلَي الدّنيَا فَنَزهَدَ فِيهَا قِيلَ لَنَا كَذَبتُم قَالَ وَيحَكَ كَيفَ لَم يكُلَمّنيِ‌ غَيرُكَ مِن بَينِهِم قَالَ يَا رُوحَ اللّهِ وَ كَلِمَتَهُ إِنّهُم مُلجَمُونَ بِلِجَامٍ مِن نَارٍ بأِيَديِ‌ مَلَائِكَةٍ غِلَاظٍ شِدَادٍ وَ إنِيّ‌ كُنتُ فِيهِم وَ لَم أَكُن عَنهُم[مِنهُم] فَلَمّا نَزَلَ العَذَابُ عمَنّيِ‌ مَعَهُم فَأَنَا مُعَلّقٌ بِشَعرَةٍ عَلَي شَفِيرِ جَهَنّمَ لَا أدَريِ‌ أُكَبكَبُ فِيهَا


صفحه : 11

أَم أَنجُو مِنهَا فَالتَفَتَ عِيسَي ع إِلَي الحَوَارِيّينَ فَقَالَ يَا أَولِيَاءَ اللّهِ أَكلُ الخُبزِ اليَابِسِ بِالمِلحِ الجَرِيشِ وَ النّومُ عَلَي المَزَابِلِ خَيرٌ كَثِيرٌ مَعَ عَافِيَةِ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ

بيان أماإنهم قال الشيخ البهائي‌ قدس الله روحه أمابالتخفيف حرف استفتاح وتنبيه يدخل علي الجمل لتنبيه المخاطب وطلب إصغائه إلي مايلقي إليه و قديحذف ألفها نحو أم و الله زيد قائم إلابسخطة السخط بالتحريك وبضم أوله وسكون ثانية الغضب لتدافنوا الظاهر أن التفاعل هنا بمعني فعل كتواني‌ ويمكن إبقاؤه علي أصل المشاركة بتكلف فقال الحواريون هم خواص عيسي ع قيل سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يحورون الثياب أي يقصرونها وينقونها من الأوساخ ويبيضونها مشتق من الحور و هوالبياض الخالص .أقول و قدقيل إنهم إنما سموا حواريين لنقاء ثيابهم وقيل لنقاء قلوبهم وقيل الحواري‌ بمعني الناصر و قد كان الحواريون أنصار عيسي ع وقيل لأنهم كانوا نورانيين عليهم أثر العبادة ونورها وحسنها وقيل إنهم اتبعوا عيسي ع فكانوا إذاجاعوا قالوا ياروح الله جعنا فيضرب ع بيده الأرض سهلا كان أوجبلا ويخرج لكل منهم رغيفين و إذاعطشوا قالوا ياروح الله عطشنا فيضرب بيده الأرض فيخرج ماء ويشربون فقالوا ياروح الله من أفضل منا إذاشئنا أطعمنا و إذاشئنا سقينا و قدآمنا بك واتبعناك فقال عيسي ع أفضل منكم من يعمل بيده ويأكل من كسبه فصاروا يغسلون الثياب بالكري بعد ذلك ويأكلون من أجرته وسيأتي‌ في مطاوي‌ شرح حديث الكافي‌ في أواسط هذاالباب كلام أيضا في معني الحواريين فانتظره . و قال بعض العلماء إنهم لم يكونوا قصّارين علي الحقيقة وإنما أُطلق هذاالاسم عليهم رمزا إلي أنهم كانوا ينقّون نفوس الخلائق من الأوساخ والأوصاف الذميمة والكدورات ويرفعونها إلي عالم النور من عالم الظلمات .


صفحه : 12

ياروح الله أقول في تسميته روحا أقوال أحدها أنه إنما سمّاه روحا لأنه حدث عن نفخة جبرئيل ع في درع مريم بأمر الله تعالي وإنما نسبه إليه لأنه كان بأمره وقيل إنما أضافه إليه تفخيما لشأنه كما قال الصوم لي و أناأجزي‌ به و قديسمي النفخ روحا والثاني‌ أن المراد به يحيا به الناس في دينهم كمايحيون بالأرواح والثالث أن معناه إنسان أحياه الله بتكوينه بلا واسطة من جماع ونطفة كماجرت العادة بذلك الرابع أن معناه ورحمة منه والخامس أن معناه روح من الله خلقها فصوّرها ثم أرسلها إلي مريم فدخلت في فيهافصيّرها الله سبحانه عيسي ع السادس سماه روحا لأنه كان يحيي‌ الموتي كما أن الروح يصير سببا للحياة. وكذا اختلفوا في تسميته كلمة في قوله سبحانه إِذ قالَتِ المَلائِكَةُ يا مَريَمُ إِنّ اللّهَ يُبَشّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنهُ اسمُهُ المَسِيحُ عِيسَي ابنُ مَريَمَ و قوله تعالي إِنّمَا المَسِيحُ عِيسَي ابنُ مَريَمَ رَسُولُ اللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلقاها إِلي مَريَمَ وَ رُوحٌ مِنهُ علي أقوال أحدها أنه إنما سمي‌ بذلك لأنه حصل بكلمة من الله من غيروالد و هو قوله كن كما قال سبحانه إِنّ مَثَلَ عِيسي عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمّ قالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. والثاني‌ أنه سمي‌ بذلك لأن الله تعالي بشر به في الكتب السالفة أوبشرت بهامريم علي لسان الملائكة والثالث أنه يهتدي‌ به الخلق كمااهتدوا بكلام الله ووحيه .فنودي‌ من الجو الجو بالفتح والتشديد ما بين السماء و الأرض علي شرف قال الشيخ البهائي‌ قدس سره الشرف المكان العالي‌ قيل و منه سمي‌ الشريف شريفا تشبيها للعلو المعنوي‌ بالعلو المكاني‌ فقال ويحك ويح اسم فعل بمعني الترحم


صفحه : 13

كما أن ويل كلمة عذاب وبعض اللغويين يستعمل كلا منهما مكان الأخري والطاغوت فلعوت من الطغيان و هوتجاوز الحد وأصله طغيوت فقدموا لأمه علي عينه علي خلاف القياس ثم قلبوا الياء ألفا فصار طاغوت و هويطلق علي الكاهن والشيطان والأصنام و علي كل رئيس في الضلالة و علي كل مايصد عن عبادة الله تعالي و علي ما عبد من دون الله ويجي‌ء مفردا لقوله تعالي يُرِيدُونَ أَن يَتَحاكَمُوا إِلَي الطّاغُوتِ وَ قَد أُمِرُوا أَن يَكفُرُوا بِهِ وجمعا كقوله تعالي وَ الّذِينَ كَفَرُوا أَولِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخرِجُونَهُم مِنَ النّورِ إِلَي الظّلُماتِ. و قال قدس سره لعلك تظن أن ماتضمنه هذاالحديث من أن الطاعة لأهل المعاصي‌ عبادة لهم جار علي ضرب من التجوز لاالحقيقة و ليس كذلك بل هوحقيقة فإن العبادة ليست إلاالخضوع والتذلل والطاعة والانقياد ولهذا جعل سبحانه اتباع الهوي والانقياد إليه عبادة للهوي فقال أَ رَأَيتَ مَنِ اتّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وجعل طاعة الشيطان عبادة له فقال تعالي أَ لَم أَعهَد إِلَيكُم يا بنَيِ‌ آدَمَ أَن لا تَعبُدُوا الشّيطانَ. ثم نقل أخبارا كثيرة في ذلك فقال بعد ذلك و إذا كان اتباع الغير والانقياد إليه عبادة له فأكثر الخلق عندالتحقيق مقيمون علي عبادة أهواء نفوسهم الخسيسة الدنية وشهواتهم البهيمية والسبعية علي كثرة أنواعها واختلاف أجناسها وهي‌ أصنامهم التي‌ هم عليها عاكفون والأنداد التي‌ هم لها من دون الله عابدون و هذا هوالشرك الخفي‌ نسأل الله سبحانه أن يعصمنا عنه ويطهر نفوسنا عنه بمنه وكرمه . وغفلة عطف علي خوف وعطفه علي عبادة الطاغوت بعيد في لهو


صفحه : 14

قال الشيخ البهائي‌ رحمه الله لفظة في هنا إما للظرفية المجازية كما في نحو النجاة في الصدق أوبمعني مع كما في قوله تعالي ادخُلُوا فِي أُمَمٍ وللسببية كقوله تعالي فَذلِكُنّ ألّذِي لمُتنُنّيِ‌ فِيهِ. إذاأقبلت علينا قال قدس سره الشرطيتان واقعتان موقع أي المفسرة لحب الصبي‌ لأمه . قال الطاعة لأهل المعاصي‌ قال رحمه الله ماذكره هذا الرجل المتكلم لعيسي علي نبينا وآله و عليه السلام في وصف أصحاب تلك القرية و ماكانوا عليه من الخوف القليل والأمل البعيد والغفلة واللهو واللعب والفرح بإقبال الدنيا والخوف بإدبارها هوبعينه حالنا وحال أهل زماننا بل أكثرهم خال عن ذلك الخوف القليل أيضا نعوذ بالله من الغفلة وسوء المنقلب قال جبال من جمر في القاموس الجمرة النار المتقدة والجمع جمر قال الشيخ المتقدم ذكره رحمه الله هذاصريح في وقوع العذاب في مدة البرزخ أعني‌ ما بين الموت والبعث و قدانعقد عليه الإجماع ونطقت به الأخبار ودل عليه القرآن العزيز و قال به أكثر أهل الملل و إن وقع الاختلاف في تفاصيله و ألذي يجب علينا هوالتصديق المجمل بعذاب واقع بعدالموت وقبل الحشر في الجملة و أماكيفياتها وتفاصيله فلم نكلف بمعرفتها علي التفصيل وأكثرها مما لاتسعه عقولنا فينبغي‌ ترك البحث والفحص عن تلك التفاصيل وصرف الوقت فيما هوأهم منها أعني‌ فيما يصرف ذلك العذاب ويدفعه عنا كيف ما كان و علي أي نوع حصل و هوالمواظبة علي الطاعات واجتناب المنهيات لئلا يكون حالنا في الفحص عن ذلك والاشتغال به عن الفكر فيما يدفعه وينجي‌ منه كحال شخص أخذه السلطان وحبسه ليقطع في غد يده ويجذع أنفه فترك الفكر في الحيل المؤدية إلي خلاصه وبقي‌ طول ليله متفكرا في أنه هل يقطع بالسكين أوبالسيف وهل


صفحه : 15

القاطع زيد أوعمرو.قيل لنا كذبتم دل علي أنهم لَو رُدّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنهُ كمانطقت به الآية أوكذبتم فيما دل عليه قولكم هذا أنه يمكنكم العود وربما يقرأ بالتشديد أي كذبتم الرسل فلامحيص عن عذابكم . قال ياروح الله في بعض النسخ ياروح الله وكلمته بقدس الله فقوله بقدس الله متعلق بروح الله وكلمته يعني‌ أيها ألذي صار روح الله وكلمته بقدس الله كماقيل ويحتمل أن يكون الباء بمعني مع أي مع تقدسه عن أن يكون له روح وكلمة حقيقة. ثم قال الشيخ البهائي‌ رحمه الله ثم لايخفي أن ماقاله هذا الرجل من أنه كان فيهم و لم يكن منهم فلما نزل العذاب عمه معهم يشعر بأنه ينبغي‌ المهاجرة عن أهل المعاصي‌ والاعتزال لهم و أن المقيم معهم شريك لهم في العذاب ومحترق بنارهم و إن لم يشاركهم في أفعالهم وأقوالهم و قديستأنس لذلك بعموم قوله تعالي إِنّ الّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالمِيِ‌ أَنفُسِهِم قالُوا فِيمَ كُنتُم قالُوا كُنّا مُستَضعَفِينَ فِي الأَرضِ قالُوا أَ لَم تَكُن أَرضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأواهُم جَهَنّمُ وَ ساءَت مَصِيراً و لو لم يكن في الاعتزال عن الناس فائدة سوي ذلك لكفي و فيه من الفوائد ما لايعد و لايحصي نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لذلك بمنه وكرمه .فأنا معلق هذاكناية عن أنه مشرف علي الوقوع فيها و لايبعد أن يراد به معناه الصريح أيضا والشفير حافة الوادي‌ وجانبه أكبكب فيها علي البناء للمفعول أي أطرح فيها علي وجهي‌ و في القاموس جرش الشي‌ء لم ينعم دقة فهو جريش و في الصحاح ملح جريش لم يطيب مع عافية الدنيا أي إذا كان مع عافية الدنيا من الخطايا والآخرة من النار أو فيه عافية الدنيا من تشويش


صفحه : 16

البال ومشقة تحصيل الأموال وعافية الآخرة من العذاب والسؤال

4- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا فَتَحَ اللّهُ عَلَي عَبدٍ بَاباً مِن أَمرِ الدّنيَا إِلّا فَتَحَ اللّهُ عَلَيهِ مِنَ الحِرصِ مِثلَهُ

بيان يدل علي زيادة الحرص بزيادة المال وغيره من مطلوبات الدنيا كما هوالمجرب

5- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصِ بنِ غِيَاثٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ عِيسَي بنُ مَريَمَ ع تَعمَلُونَ لِلدّنيَا وَ أَنتُم تُرزَقُونَ فِيهَا بِغَيرِ عَمَلٍ وَ لَا تَعمَلُونَ لِلآخِرَةِ وَ أَنتُم لَا تُرزَقُونَ فِيهَا إِلّا بِالعَمَلِ وَيلَكُم عُلَمَاءَ سَوءٍ الأَجرَ تَأخُذُونَ وَ العَمَلَ تُضَيّعُونَ يُوشِكُ رَبّ العَمَلِ أَن يُقبَلَ عَمَلُهُ وَ يُوشِكُ أَن تُخرَجُوا مِن ضِيقِ الدّنيَا إِلَي ظُلمَةِ القَبرِ كَيفَ يَكُونُ مِن أَهلِ العِلمِ مَن هُوَ فِي مَسِيرِهِ إِلَي آخِرَتِهِ وَ هُوَ مُقبِلٌ عَلَي دُنيَاهُ وَ مَا يَضُرّهُ أَحَبّ إِلَيهِ مِمّا يَنفَعُهُ

بيان وأنتم ترزقون فيهابغير عمل أي كد شديد كما قال تعالي وَ ما مِن دَابّةٍ...إِلّا عَلَي اللّهِ رِزقُها وأنتم لاترزقون فيها إلابالعمل كما قال تعالي وَ أَن لَيسَ لِلإِنسانِ إِلّا ما سَعيعلماء سوء بفتح السين قال الجوهري‌ ساءه يسوؤه سوءا بالفتح نقيض سره والاسم السوء بالضم وقر‌ئ قوله عَلَيهِم دائِرَةُ السّوءِيعني‌ الهزيمة والشر و من فتح فهو من المساءة وتقول هذا رجل سوء بالإضافة ثم تدخل عليه الألف واللام فتقول هذا رجل السوء قال الأخفش و لايقال الرجل


صفحه : 17

السوء لأن السوء ليس بالرجل قال و لايقال هذا رجل السوء بالضم انتهي .الأجر تأخذون بحذف حرف الاستفهام و هو علي الإنكار ويحتمل أن يكون المراد أجر الدنيا أي نعم الله سبحانه و علي هذايحتمل أن يكون توبيخا لااستفهاما و أن يكون المراد أجر الآخرة فالاستفهام متعين فالواو في قوله والعمل للحالية أي كيف تستحقون أخذ الأجرة والحال أنكم تضيعون العمل . أن يقبل عمله أي يتوجه إلي أخذ عمله و هو لايأخذ و لايقبل إلاالعمل الخالص فهو كناية عن الطلب ويؤيده أن في مجالس الشيخ أن يطلب عمله أو هو من الإقبال علي الحذف والإيصال أي يقبل علي عمله . و قال بعض الأفاضل أريد برب العمل العابد ألذي يقلد أهل العلم في عبادته أعني‌ يعمل بما يأخذ عنهم و فيه توبيخ لأهل العلم الغير العامل وقرأ بعضهم يقيل بالياء المثناة من الإقالة أي يرد عمله فإن المقيل يريد المتاع

6- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ وَ عَبدِ العَزِيزِ العبَديِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي يَعفُورٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن أَصبَحَ وَ أَمسَي وَ الدّنيَا أَكبَرُ هَمّهِ جَعَلَ اللّهُ تَعَالَي الفَقرَ بَينَ عَينَيهِ وَ شَتّتَ أَمرَهُ وَ لَم يَنَلِ الدّنيَا إِلّا مَا قُسّمَ لَهُ وَ مَن أَصبَحَ وَ أَمسَي وَ الآخِرَةُ أَكبَرُ هَمّهِ جَعَلَ اللّهُ تَعَالَي الغِنَي فِي قَلبِهِ وَ جَمَعَ لَهُ أَمرَهُ

بيان أكبر همه أي قصده أوحزنه جعل الله الفقر بين عينيه لأنه كلما يحصل له من الدنيا يزيد حرصه بقدر ذلك فيزيد احتياجه وفقره أولضعف توكله علي الله يسد الله عليه بعض أبواب رزقه وقيل فهو فقير في الآخرة لتقصيره فيما ينفعه فيها و في الدنيا لأنه يطلبها شديدا والغني‌ من لايحتاج إلي الطلب ولأن مطلوبه كثيرا مايفوت عنه والفقر عبارة عن فوات المطلوب وأيضا يبخل عن نفسه وعياله خوفا من فوات الدنيا و هوفقر حاضر.


صفحه : 18

وشتت أمره التشتيت التفريق لأنه لعدم توكله علي ربه لاينظر إلا إلي الأسباب ويتوسل بكل سبب ووسيلة فيتحير في أمره و لايدري‌ وجه رزقه و لاينتظم أحواله أولشدة حرصه لايقنع بما حصل له ويطلب الزيادة و لايتيسر له فهو دائما في السعي‌ والطلب و لاينتفع بشي‌ء وحمله علي تفرق أمر الآخرة بعيد. و لم ينل من الدنيا إلا ماقسم له يدل علي أن الرزق مقسوم و لايزيد بكثرة السعي‌ كما قال تعالي نَحنُ قَسَمنا بَينَهُم مَعِيشَتَهُم فِي الحَياةِ الدّنيا ولذلك منع الصوفية من طلب الرزق والحق أن الطلب حسن و قد يكون واجبا وتقديره لاينافي‌ اشتراطه بالسعي‌ والطلب ولزومه علي الله بدون سعي‌ غيرمعلوم وقيل قدر سد الرمق واجب علي الله ويحتمل أن يكون التقدير مختلفا في صورتي‌ الطلب وتركه بأن قدر الله تعالي قدرا من الرزق بدون الطلب لكن مع التوكل التام عليه وقدرا مع الطلب لكن شدة الحرص وكثرة السعي‌ لايزيده و به يمكن الجمع بين أخبار هذاالباب وسيأتي‌ القول فيه في كتاب التجارة إن شاء الله تعالي . وقيل المراد بقوله لم ينل من الدنيا إلا ماقسم له أنه لاينتفع إلابما قسم له و إن زاد بالسعي‌ فإنه يبقي للوارث و هوحظه وقيل فيه إشارة إلي أن ذا المال الكثير قد لاينتفع به بسبب مرض أوغيره وذا المال القليل ينتفع به أكثر منه و لايخفي ما فيه .جعل الله الغني في قلبه أي بالتوكل علي ربه والاعتماد عليه وإخراج الحرص وحب الدنيا من قلبه لابكثرة المال وغيره ولذا نسبه إلي القلب . وجمع له أمره أي جعل أحواله منتظمة وباله فارغا عن حب الدنيا وتشعب الفكر في طلبها

7-كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عُمَرَ فِيمَا أَعلَمُ عَن أَبِي عَلِيّ الحَذّاءِ عَن حَرِيزٍ عَن زُرَارَةَ وَ مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَأَبعَدُ مَا يَكُونُ


صفحه : 19

العَبدُ مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ إِذَا لَم يُهِمّهُ إِلّا بَطنُهُ وَ فَرجُهُ

بيان إذا لم يهمه إلابطنه وفرجه أي لا يكون اهتمامه وعزمه وسعيه وغمه وحزنه إلا في مشتهيات البطن والفرج في القاموس الهم الحزن و ماهم به في نفسه وهمه الأمر حزنه كأهمه فاهتم انتهي فالمراد الإفراط فيهما وقصر همته عليهما و إلافللبطن والفرج نصيب عقلا وشرعا و هو مايحتاج إليه لقوام البدن واكتساب العلم والعمل وبقاء النوع

8- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن حَفصِ بنِ قُرطٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن كَثُرَ اشتِبَاكُهُ بِالدّنيَا كَانَ أَشَدّ لِحَسرَتِهِ عِندَ فِرَاقِهَا

بيان من كثر اشتباكه بالدنيا أي اشتغاله وتعلق قلبه بهايقال اشتبكت النجوم إذاكثرت وانضمت و كل متداخلين مشتبكان و منه تشبيك الأصابع لدخول بعضها في بعض والغرض الترغيب في رفض الدنيا وترك محبتها لئلا يشتد الحزن والحسرة في مفارقتها

9-كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ جَمِيعاً عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن سُلَيمَانَ المنِقرَيِ‌ّ عَن عَبدِ الرّزّاقِ بنِ هَمّامٍ عَن مَعمَرِ بنِ رَاشِدٍ عَنِ الزهّريِ‌ّ مُحَمّدِ بنِ مُسلِمِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ قَالَسُئِلَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع أَيّ الأَعمَالِ أَفضَلُ عِندَ اللّهِ قَالَ مَا مِن عَمَلٍ بَعدَ مَعرِفَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ مَعرِفَةِ رَسُولِهِص أَفضَلَ مِن بُغضِ الدّنيَا فَإِنّ لِذَلِكَ لَشُعَباً كَثِيرَةً وَ للِمعَاَصيِ‌ شُعَبٌ فَأَوّلُ مَا عصُيِ‌َ اللّهُ بِهِ الكِبرُ مَعصِيَةُ إِبلِيسَ حِينَأَبي وَ استَكبَرَ وَ كانَ مِنَ الكافِرِينَ ثُمّ الحِرصُ وَ هيِ‌َ مَعصِيَةُ آدَمَ وَ حَوّاءَ ع حِينَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهُمَافَكُلا مِن حَيثُ شِئتُما وَ لا تَقرَبا هذِهِ الشّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَفَأَخَذَا مَا لَا حَاجَةَ بِهِمَا إِلَيهِ فَدَخَلَ ذَلِكَ عَلَي


صفحه : 20

ذُرّيّتِهِمَا إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ ذَلِكَ أَنّ أَكثَرَ مَا يَطلُبُ ابنُ آدَمَ مَا لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيهِ ثُمّ الحَسَدُ وَ هيِ‌َ مَعصِيَةُ ابنِ آدَمَ حَيثُ حَسَدَ أَخَاهُ فَقَتَلَهُ فَتَشَعّبَ مِن ذَلِكَ حُبّ النّسَاءِ وَ حُبّ الدّنيَا وَ حُبّ الرّئَاسَةِ وَ حُبّ الرّاحَةِ وَ حُبّ الكَلَامِ وَ حُبّ العُلُوّ وَ الثّروَةِ فَصِرنَ سَبعَ خِصَالٍ فَاجتَمَعنَ كُلّهُنّ فِي حُبّ الدّنيَا فَقَالَتِ الأَنبِيَاءُ وَ العُلَمَاءُ بَعدَ مَعرِفَةِ ذَلِكَ حُبّ الدّنيَا رَأسُ كُلّ خَطِيئَةٍ وَ الدّنيَا دُنيَاءَانِ دُنيَا بَلَاغٌ وَ دُنيَا مَلعُونَةٌ

بيان قدمر هذاالخبر بعينه في باب ذم الدنيا ما من عمل بعدمعرفة الله يدل علي أن المعرفة أفضل لأنها أصل جميع الأخلاق والأعمال ويدخل في معرفة الرسول معرفة الإمام فإن لذلك كأنه تعليل لكون بغض الدنيا بعدالمعرفة أفضل وفيما مضي و إن كما في بعض النسخ هنا و هوأظهر و ذلك إشارة إلي بغض الدنيا أو إلي الدنيا وقيل المشار إليه العمل يعني‌ أن للأعمال الصالحة لشعبا يرجع كلها إلي بغض الدنيا وللمعاصي‌ شعبا يرجع كلها إلي حب الدنيا ثم اكتفي ببيان أحدهما عن الآخر وكأن ماذكرنا أظهر. والمراد بالشعب الأولي أنواع الأخلاق والأعمال الفاضلة وبالثانية أنواع المعاصي‌ والأولي مندرجة تحت بغض الدنيا والثانية تحت حبها فبغضها أفضل الأعمال لاشتماله علي محاسن كثيرة كالتواضع المقابل للكبر والقنوع المقابل للحرص وهكذا وبحكم المقابلة حب الدنيا أقبح الأعمال لاشتماله علي رذائل كثيرة وهي‌ الكبر إلي آخر ماذكر و ذلك أن و في بعض النسخ فلذلك أي لدخول الحرص علي ذريتهما وإنما قال أكثر لأن طلب المحتاج إليه و هوالقدر الضروري‌ من الطعام واللباس والمسكن ونحوها ليس بمذموم بل ممدوح لأنه لايمكن بدونه تكميل النفس بالعلم والعمل .حيث حسد أخاه قيل حسده في قبول قربانه وقيل في حب النساء وقيل


صفحه : 21

في حب الدنيا لئلا يكون له نسل يعيرون أولاده في رد قربانه وكأن المراد بحب الدنيا أولا حب المال أوحب البقاء في الدنيا وكراهة الموت و به ثانيا حب كل ما لاحاجة به في تحصيل الآخرة وقيل يمكن أن يكون المراد بالسبع الكبر والحرص وحب النساء وحب الرئاسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة وهما شعبة واحدة بقرينة عدم ذكر الحب في المعطوف و أماالحسد فقد اكتفي عنه بذكر شعبه وأنواعه دنيا بلاغ أي كفاف وكفاية أوتبلغ بها إلي الآخرة

10- كا،[الكافي‌] وَ بِهَذَا الإِسنَادِ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصِ بنِ غِيَاثٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ فِي مُنَاجَاةِ مُوسَي ع يَا مُوسَي إِنّ الدّنيَا دَارُ عُقُوبَةٍ عَاقَبتُ فِيهَا آدَمَ ع عِندَ خَطِيئَتِهِ وَ جَعَلتُهَا مَلعُونَةً مَلعُونٌ مَا فِيهَا إِلّا مَا كَانَ فِيهَا لِي يَا مُوسَي إِنّ عبِاَديِ‌َ الصّالِحِينَ زَهِدُوا فِي الدّنيَا بِقَدرِ عِلمِهِم وَ سَائِرَ الخَلقِ رَغِبُوا فِيهَا بِقَدرِ جَهلِهِم وَ مَا مِن أَحَدٍ عَظّمَهَا فَقَرّت عَينُهُ فِيهَا وَ لَا يُحَقّرُهَا أَحَدٌ إِلّا انتَفَعَ بِهَا

بيان جعلتها ملعونة اللعن الطرد والإبعاد والسب وكأن المراد بلعنها لعن أهلها أوكراهتها والمنع عن حبها و كل مانهي الله تعالي عنها فقد لعنها وطردها وقيل العرب تقول لكل شيءضار ملعون والشجرة الملعونة عندهم هي‌ كل من ذاقها كرهها ولعنها وكذلك حال الدنيا فإن كل من ذاق شهواتها لعنها إذاأحس بضررها.ملعون ما فيها إلا ما كان فيها لي أقول هذامعيار كامل للدنيا الملعونة وغيرها فكل ما كان في الدنيا ويوجب القرب إلي الله تعالي من المعارف والعلوم الحقة والطاعات و مايتوصل به إليها من المعيشة بقدر الضرورة والكفاف فهي‌ من الآخرة وليست من الدنيا وكلما يصير سببا للبعد عن الله والاشتغال عن ذكره ويلهي‌ عن درجات الآخرة وكمالاتها و ليس الغرض فيه القرب منه تعالي والوصول إلي رضاه فهي‌ الدنيا الملعونة.قيل مايقع في الدنيا من الأعمال أربعة أقسام الأول ما يكون ظاهره


صفحه : 22

وباطنه لله كالطاعات والخيرات الخالصة الثاني‌ ما يكون ظاهره وباطنه للدنيا كالمعاصي‌ وكثير من المباحات أيضا لأنها مبدأ البطر والغفلة الثالث ما يكون ظاهره لله وباطنه للدنيا كالأعمال الريائية الرابع عكس الثالث كطلب الكفاف لحفظ بقاء البدن والقوة علي العبادة وتكميل النفس بالعلم والعمل .بقدر علمهم أي بعيوبها وفنائها ومضرتها ما من أحد عظمها فقرت عينه فيها أي من عظمها وتعلق قلبه بهاتصير سببا لبعده عن الله و لاتبقي الدنيا له ليخسر الدنيا والآخرة و من حقرها تركها و لم يأخذ منها إلا مايصير سببا لتحصيل الآخرة فينتفع بها في الدارين

11- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي الخَزّازِ عَن غِيَاثِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الشّيطَانَ يُدَبّرُ ابنَ آدَمَ فِي كُلّ شَيءٍ فَإِذَا أَعيَاهُ جَثَمَ لَهُ عِندَ المَالِ فَأَخَذَ بِرَقَبَتِهِ

بيان في القاموس جثم الإنسان والطائر والنعام والخشف واليربوع يجثم ويجثم جثما وجثوما لزم مكانه فلم يبرح أووقع علي صدره أوتلبد بالأرض انتهي والحاصل أن الشيطان يدبر ابن آدم في كل شيء أي يبعثه علي ارتكاب كل ضلالة ومعصية أو يكون معه ويلازمه عندعروض كل شبهة أوشهوة لعله يضله أويزله فإذاأعياه المستتر راجع إلي ابن آدم والبارز إلي الشيطان أي لم يقبل منه و لم يطعه حتي أعياه ترصد له واختفي عندالمال فإذاأتي المال أخذ برقبته فأوقعه فيه بالحرام والشبهة. والحاصل أن المال أعظم مصائد الشيطان إذ قل من لم يفتتن به عندتيسره له وكأنه محمول علي الغالب إذ قد يكون لايفتتن بالمال ويفتتن بحب الجاه وبعض الشهوات الغالبة وقيل فإذاأعياه أي أعجزه عن كل شهوة ولذة و ذلك بأن يشيب كماورد في حديث آخر يشيب ابن آدم ويشب فيه خصلتان الحرص وطول الأمل


صفحه : 23

12- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَن زِيَادٍ القنَديِ‌ّ عَن أَبِي وَكِيعٍ عَن أَبِي إِسحَاقَ السبّيِعيِ‌ّ عَنِ الحَارِثِ الأَعوَرِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ الدّينَارَ وَ الدّرهَمَ أَهلَكَا مَن كَانَ قَبلَكُم وَ هُمَا مُهلِكَاكُم

بيان إن الدينار والدرهم أي حبهما وصرف العمر في تحصيلهما وتحصيل مايتوقف عليهما أهلكا من كان قبلكم لأن حبهما يمنع من حبه تعالي وصرف العمر فيهما يمنع من صرف العمر في طاعته تعالي والتمكن منهما يورث التمكن من كثير من المعاصي‌ ويبعثان علي الأخلاق الدنية والأعمال السيئة كالظلم والحسد والحقد والعداوة والفخر والكبر والبخل ومنع الحقوق إلي غير ذلك مما لايحصي ومفارقتهما عندالموت تورث الحسرة والندامة وحبهما يمنع من حب لقاء الله تعالي وتركهما يوجب الراحة في الدنيا وخفة الحساب في العقبي

13- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يَحيَي بنِ عُقبَةَ الأزَديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع مَثَلُ الحَرِيصِ عَلَي الدّنيَا كَمَثَلِ دُودَةِ القَزّ كُلّمَا ازدَادَت مِنَ القَزّ عَلَي نَفسِهَا لَفّاً كَانَ أَبعَدَ لَهَا مِنَ الخُرُوجِ حَتّي تَمُوتَ غَمّاً

وَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَغنَي الغِنَي مَن لَم يَكُن لِلحِرصِ أَسِيراً

وَ قَالَ لَا تُشعِرُوا قُلُوبَكُمُ الِاشتِغَالَ بِمَا قَد فَاتَ فَتَشغَلُوا أَذهَانَكُم عَنِ الِاستِعدَادِ لِمَا لَم يَأتِ

بيان كمثل دودة القز هذا من أحسن التمثيلات للدنيا و قدأنشد بعضهم فيه


أ لم تر أن المرء طول حياته   حريص علي ما لايزال يناسجه

كدود كدود القز ينسج دائما   فيهلك غما وسط ما هوناسجه .

صفحه : 24

قوله ع أغني الغني أي ليس الغني وعدم الحاجة بكثرة المال بل بترك الحرص فإن الحريص كلما ازداد ماله اشتد حرصه فيكون أفقر وأحوج ممن لامال له لاتشعروا قلوبكم أي لاتلزموه إياها و لاتجعلوه شعارها في القاموس أشعره الأمر و به أعلمه والشعار ككتاب ماتحت الدثار من اللباس و هويلي‌ شعر الجسد واستشعره لبسه وأشعره غيره ألبسه إياه وأشعر الهم قلبي‌ لزق به وكلما ألزقته بشي‌ء أشعرته به الاشتغال بما قدفات أي من أمور الدنيا سواء لم يحصل أوحصل وفات فإن اشتغال القلب به يوجب غفلته عن ذكر الله تعالي وحبه فإنه لايجتمع حبان متضادان في قلب واحد

14- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن حَمّادِ بنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَا ذِئبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَد فَارَقَهَا رِعَاؤُهَا أَحَدُهُمَا فِي أَوّلِهَا وَ الآخَرُ فِي آخِرِهَا بِأَفسَدَ فِيهَا مِن حُبّ المَالِ وَ الثّروَةِ فِي دِينِ المُسلِمِ

بيان بأفسد هنا بمعني أشد إفسادا و إن كان نادرا

15- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن أَبِي أَيّوبَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ مَا ذِئبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ لَيسَ لَهَا رَاعٍ هَذَا فِي أَوّلِهَا وَ هَذَا فِي آخِرِهَا بِأَسرَعَ فِيهَا مِن حُبّ المَالِ وَ الشّرَفِ فِي دِينِ المُؤمِنِ

بيان بأسرع أي في القتل والإفناء

16- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ العَزِيزِ العبَديِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَن تَعَلّقَ قَلبُهُ بِالدّنيَا تَعَلّقَ قَلبُهُ بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمّ لَا يغُنيِ‌[يَفنَي] وَ أَمَلٍ لَا يُدرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا يُنَالُ

بيان لايغني‌ لأنه لايحصل له ما هومقتضي حرصه وأمله في الدنيا


صفحه : 25

و لايمكنه الاحتراز عن آفاتها ومصائبها فهو في الدنيا دائما في الغم لمافات والهم لما لم يحصل فإذافات فهو في أحزان وحسرات من مفارقتها و لم يقدم منها شيئا ينفعه فهمه لايغني‌ أبدا والفرق بين الأمل والرجاء أن متعلق الأمل العمر والبقاء في الدنيا ومتعلق الرجاء ماسواه أومتعلق الأمل بعيد الحصول ومتعلق الرجاء قريب الوصول ومعلوم أن محب الدنيا وطالبها يأمل منها ما لامطمع في حصوله لكن لشدة حرصه يطلبه ويأمله ويرجو الانتفاع بهافيحول الأجل بينه وبينها أويرجو الآخرة وجمعها مع الدنيا مع أنه لايسعي لتحصيل الآخرة ويقصر همه علي تحصيل الدنيا ونعم ماقيل


ياطالب الرزق مجتهدا   أقصر عناك فإن الرزق مقسوم

لاتحرصن علي مالست تدركه   إن الحريص علي الآمال محروم .

تتمة مهمة قال بعض المحققين اعلم أن معرفة ذم الدنيا لايكفيك ما لم تعرف الدنيا المذمومة ماهي‌ و ما ألذي ينبغي‌ أن يجتنب و ما ألذي لايجتنب فلابد أن نبين الدنيا المذمومة المأمور باجتنابها لكونها عدوة قاطعة لطريق الله ماهي‌ فنقول .دنياك وآخرتك عبارتان عن حالتين من أحوال قلبك والقريب الداني‌ منهما يسمي دنيا وهي‌ كل ماقبل الموت والمتراخي‌ المتأخر يسمي آخره وهي‌ ما بعدالموت فكل ما لك فيه حظ وغرض ونصيب وشهوة ولذة في عاجل الحال قبل الوفاة فهي‌ الدنيا في حقك إلا أن جميع ما لك إليه ميل و فيه نصيب وحظ فليس بمذموم بل هي‌ تنقسم إلي ثلاثة أقسام .الأول مايصحبك في الدنيا ويبقي معك ثمرته بعدالموت و هوشيئان العلم والعمل فقط وأعني‌ بالعلم العلم بالله وصفاته وأفعاله وملائكته وكتبه ورسله وملكوت أرضه وسمائه والعلم بشريعة نبيه وأعني‌ بالعمل العبادة الخالصة لوجه الله و قديأنس العالم بالعلم حتي يصير ذلك ألذ الأشياء عنده فيهجر النوم والمنكح والمشرب والمطعم في لذته لأنه أشهي عنده من جميعها فقد


صفحه : 26

صار حظا عاجلا في الدنيا ولكنا إذاذكرنا الدنيا المذمومة لم نعد هذا من الدنيا أصلا بل قلنا إنه من الآخرة وكذلك العابد قديأنس بعبادته ويستلذها بحيث لومنعت عنه لكان ذلك أعظم العقوبات عليه و هذاأيضا ليس من الدنيا المذمومة.الثاني‌ و هوالمقابل للقسم الأول علي الطرف الأقصي كل ما فيه حظ عاجل و لاثمرة له في الآخرة أصلا كالتلذذ بالمعاصي‌ والتنعم بالمباحات الزائدة علي قدر الضرورات والحاجات الداخلة في جملة الرفاهية والرعونات كالتنعم بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث والغلمان والجواري‌ والخيول والمواشي‌ والقصور والدور المشيدة ورفيع الثياب ولذائذ الأطعمة فحظ العبد من هذه كلها هي‌ الدنيا المذمومة وفيما يعد فضولا و في محل الحاجة نظر طويل .الثالث و هومتوسط بين الطرفين كل حظ في العاجل معين علي أعمال الآخرة كقدر القوت من الطعام والقميص الواحد الخشن و كل ما لابد منه ليتأتي للإنسان البقاء والصحة التي‌ بهايتوصل إلي العلم والعمل و هذا ليس من الدنيا كالقسم الأول لأنه معين علي القسم الأول ووسيلة إليه فمهما تناوله العبد علي قصد الاستعانة علي العلم والعمل لم يكن به متناولا للدنيا و لم يصر به من أبنائها و إن كان باعثه الحظ العاجل دون الاستعانة علي التقوي التحق بالقسم الثاني‌ وصار من جملة الدنيا. و لايبقي مع العبد عندالموت إلاثلاث صفاء القلب وأنسه بذكر الله وحبه لله وصفاء القلب لايحصل إلابالكف عن شهوات الدنيا والأنس لايحصل إلابكثرة ذكر الله والحب لايحصل إلابالمعرفة و لاتحصل المعرفة إلابدوام الفكر.فهذه الثلاث هي‌ المنجيات المسعدات بعدالموت وهي‌ الباقيات الصالحات أماطهارة القلب عن شهوات الدنيا فهي‌ من المنجيات إذ تكون جنة بين العبد و بين عذاب الله و أماالأنس والحب فهما من المسعدات وهما موصلان العبد إلي لذة


صفحه : 27

اللقاء والمشاهدة و هذه السعادة تتعجل عقيب الموت إلي أن يدخل الجنة فيصير القبر روضة من رياض الجنة. وكيف لا يكون كذلك و لم يكن له إلامحبوب واحد وكانت العوائق تعوقه عن الأنس بدوام ذكره ومطالعة جماله فارتفعت العوائق وأفلت من السجن وخلي‌ بينه و بين محبوبه فقدم عليه مسرورا آمنا من العوائق آمنا من الفرق وكيف لا يكون محب الدنيا عندالموت معذبا و لم يكن له محبوب إلاالدنيا و قدغصب منه وحيل بينه وبينه وسدت عليه طرق الحيلة في الرجوع إليه و ليس الموت عدما إنما هوفراق لمحاب الدنيا وقدوم علي الله تعالي فإذن سالك طريق الآخرة هوالمواظب علي أسباب هذه الصفات الثلاث وهي‌ الذكر والفكر والعمل ألذي يحفظه من شهوات الدنيا ويبغض إليه ملاذها ويقطعه عنها و كل ذلك لايمكن إلابصحة البدن وصحة البدن لاتنال إلابالقوت والملبس والمسكن ويحتاج كل واحد إلي أسباب .فالقدر ألذي لابد منه من هذه الثلاثة إذاأخذه العبد من الدنيا للآخرة لم يكن من أبناء الدنيا وكانت الدنيا في حقه مزرعة الآخرة و إن أخذ ذلك علي قصد التنعم ولحظ النفس صار من أبناء الدنيا والراغبين في حظوظها إلا أن الرغبة في حظوظ الدنيا تنقسم إلي مايعرض صاحبه لعذاب الله في الآخرة ويسمي ذلك حراما و إلي مايحول بينه و بين الدرجات العلي‌ ويعرضه لطول الحساب ويسمي ذلك حلالا. والبصير يعلم أن طول الموقف في عرصات القيامة لأجل المحاسبة أيضا عذاب فمن نوقش في الحساب عذب فلذلك قال رسول الله ص حلالها حساب وحرامها عقاب و قد قال أيضا حلالها عذاب إلا أنه عذاب أخف من عذاب الحرام بل لو لم يكن الحساب لكان مايفوت من الدرجات العلي في الجنة و مايرد علي القلب من التحسر علي تفويتها بحظوظ حقيرة خسيسة لابقاء لها هوأيضا عذاب فالدنيا قليلها وكثيرها حلالها وحرامها ملعونة إلا ماأعان علي تقوي


صفحه : 28

الله فإن ذلك القدر ليس من الدنيا. و كل من كانت معرفته أقوي وأتقن كان حذره من نعيم الدنيا أشد ولهذا زوي الله تعالي الدنيا عن نبيناص فكان يطوي‌ أياما و كان يشد الحجر علي بطنه من الجوع ولهذا سلط الله البلاء والمحن علي الأنبياء والأولياء ثم الأمثل فالأمثل كل ذلك نظرا لهم وامتنانا عليهم ليتوفر من الآخرة حظهم كمايمنع الوالد الشفيق ولده لذيذ الفواكه ويلزمه ألم الفصد والحجامة شفقة عليه وحبا له لابخلا به عليه و قدعرفت بهذا أن كل ما ليس لله فهو للدنيا و ما هولله فليس من الدنيا. فإن قلت فما ألذي هولله فأقول الأشياء ثلاثة أقسام منها ما لايتصور أن يكون لله و هو ألذي يعبر عنه بالمعاصي‌ والمحظورات وأنواع التنعمات في المباحات وهي‌ الدنيا المحضة المذمومة فهي‌ الدنيا صورة ومعني . ومنها ماصورتها لله ويمكن أن يجعل لغير الله وهي‌ ثلاثة الفكر والذكر والكف عن شهوات فهذه الثلاثة إذاجرت سرا و لم يكن عليها باعث سوي أمر الله واليوم الآخر فهي‌ لله وليست من الدنيا و إن كان الغرض من النظر طلب العلم للشرف وطلب القبول بين الخلق بإظهار المعرفة أو كان الغرض من ترك الشهوة حفظ المال أوالحمية لصحة البدن أوالاشتهار بالزهد فقد صار هذا من الدنيا بالمعني و إن كان يظن بصورتها أنها لله . ومنها ماصورتها لحظ النفس ويمكن أن يجعل معناه لله و ذلك كالأكل والنكاح و كل ما لايرتبط به بقاؤه وبقاء ولده فإن كان القصد حظ النفس فهو من الدنيا و إن كان القصد الاستعانة علي التقوي فهو لله بمعناه و إن كان صورته صورة الدنيا قال ص من طلب من الدنيا حلالا مكاثرا مفاخرا لقي‌ الله و هو عليه غضبان و من طلبها استعفافا عن المسألة وصيانة لنفسه جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر.


صفحه : 29

انظر كيف اختلف ذلك بالقصد فإذاالدنيا حظ نفسك العاجل ألذي لاحاجة إليه لأمر الآخرة ويعبر عنه بالهوي و إليه أشار قوله تعالي وَ نَهَي النّفسَ عَنِ الهَوي فَإِنّ الجَنّةَ هيِ‌َ المَأوي. واعلم أن مجامع الهوي خمسة أمور وهي‌ ماجمعه الله عز و جل في قوله أَنّمَا الحَياةُ الدّنيا لَعِبٌ وَ لَهوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَينَكُم وَ تَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَ الأَولادِ والأعيان التي‌ تحصل منها هذه الأمور سبعة يجمعها قوله تعالي زُيّنَ لِلنّاسِ حُبّ الشّهَواتِ مِنَ النّساءِ وَ البَنِينَ وَ القَناطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذّهَبِ وَ الفِضّةِ وَ الخَيلِ المُسَوّمَةِ وَ الأَنعامِ وَ الحَرثِ ذلِكَ مَتاعُ الحَياةِ الدّنيا وَ اللّهُ عِندَهُ حُسنُ المَآبِفقد عرفت أن كل ما هولله فليس من الدنيا وقدر ضرورة القوت و ما لابد منه من مسكن وملبس فهو لله و إن قصد منه وجه الله والاستكثار منه تنعم و هولغير الله و بين التنعم والضرورة درجة يعبر عنها بالحاجة ولها طرفان وواسطة طرف يقرب من حد الضرورة فلايضر فإن الاقتصار علي حد الضرورة غيرممكن وطرف تتاخم جانب التنعم ويقرب منه وينبغي‌ أن يحذر وبينهما وسائط متشابه و من حام حول الحمي يوشك أن يقع فيه والحزم في الحذر والتقوي والتقرب من حد الضرورة ماأمكن اقتداء بالأنبياء والأولياء. ثم قال اعلم أن الدنيا عبارة من أعيان موجودة وللإنسان فيهاحظ و له في إصلاحها شغل فهذه ثلاثة أمور قديظن أن الدنيا عبارة عن آحادها و ليس كذلك أماالأعيان الموجودة التي‌ الدنيا عبارة عنها فهي‌ الأرض و ماعليها قال الله تعالي إِنّا جَعَلنا ما عَلَي الأَرضِ زِينَةً لَها لِنَبلُوَهُم أَيّهُم أَحسَنُ عَمَلًافالأرض فراش للآدميين ومهاد ومسكن ومستقر و ماعليها لهم ملبس ومطعم ومشرب ومنكح .


صفحه : 30

ويجمع ما علي الأرض ثلاثة أقسام المعادن والنبات والحيوان أماالمعادن فيطلبها الآدمي‌ للآلات والأواني‌ كالنحاس والرصاص أوللنقد كالذهب والفضة ولغير ذلك من المقاصد و أماالنبات فيطلبها الآدمي‌ للإقتات والتداوي‌ و أماالحيوان فينقسم إلي الإنسان والبهائم أماالبهائم فيطلب لحومها للمأكل وظهورها للمركب والزينة و أماالإنسان فقد يطلب الآدمي‌ أن يملك أبدان الناس ليستخدمهم ويستسخرهم كالغلمان أوليتمتع بهم كالجواري‌ والنسوان ويطلب قلوب الناس ليملكها فيغرس فيهاالتعظيم والإكرام و هو ألذي يعبر عنه بالجاه إذ معني الجاه ملك قلوب الآدميين .فهذه هي‌ الأعيان التي‌ يعبر عنها بالدنيا و قدجمعها الله تعالي في قوله زُيّنَ لِلنّاسِ حُبّ الشّهَواتِ مِنَ النّساءِ وَ البَنِينَ و هذا من الإنس وَ القَناطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذّهَبِ وَ الفِضّةِ و هذا من الجواهر والمعادن و فيه تنبيه علي غيرها من اللآلي‌ واليواقيت وَ الخَيلِ المُسَوّمَةِ وَ الأَنعامِ وهي‌ البهائم والحيوانات وَ الحَرثِ و هوالنبات والزرع .فهذه هي‌ أعيان الدنيا إلا أن لها مع العبد علاقتين علاقة مع القلب و هوحبه لها وحظه منها وانصراف قلبه إليها حتي تصير قلبه كالعبد أوالمحب المستهتر بالدنيا ويدخل في هذه العلاقة جميع صفات القلب المتعلقة بالدنيا كالكبر والغل والحسد والرياء والسمعة وسوء الظن والمداهنة وحب الثناء وحب التكاثر والتفاخر فهذه هي‌ الدنيا الباطنة و أماالظاهرة فهي‌ الأعيان التي‌ ذكرناها والعلاقة الثانية مع البدن و هواشتغاله بإصلاح هذه الأعيان ليصلح لحظوظه وحظوظ غيره وهي‌ جملة الصناعات والحرف التي‌ الخلق مشغولون بها والخلق إنما نسوا أنفسهم ومالهم ومنقلبهم لهاتين العلاقتين علاقة القلب بالحب وعلاقة البدن بالشغل و لوعرف ربه وعرف نفسه وعرف حكمة الدنيا وسرها علم أن هذه الأعيان التي‌ سميتها دنيا لم تخلق إلالعلف الدابة التي‌ تسير بها إلي الله تعالي وأعني‌ بالدابة البدن فإنه لايبقي إلابمطعم وملبس ومسكن


صفحه : 31

كما لايبقي الإبل في طريق الحج إلابعلف وماء وجلال . ومثال العبد في نسيانه نفسه ومقصده مثال الحاج ألذي يقف في منازل الطريق و لايزال يعلف الدابة ويتعهدها وينظفها ويكسوها ألوان الثياب ويحمل إليها أنواع الحشيش ويبرد لها الماء بالثلج حتي تفوته القافلة و هوغافل عن الحج و عن مرور القافلة و عن بقائه في البادية فريسة للسباع هو وناقته والحاج البصير لايهمه من أمر الجمل إلاالقدر ألذي يقوي به علي المشي‌ فيتعهده وقلبه إلي الكعبة والحج وإنما يلتفت إلي الناقة بقدر الضرورة فكذلك البصير في سفر الآخرة لايشغل بتعهد البدن إلابالضرورة كما لايدخل بيت الماء إلاللضرورة و لافرق بين إدخال الطعام في البدن و بين إخراجه من البطن وأكثر ماشغل الناس عن الله البدن فإن القوت ضروري‌ وأمر الملبس والمسكن أهون و لوعرفوا سبب الحاجة إلي هذه الأمور واقتصروا عليها لم تستغرقهم أشغال الدنيا فإنما استغرقتهم لجهلهم بالدنيا وحكمتها وحظوظهم منها ولكنهم جهلوا وغفلوا وتتابعت أشغال الدنيا واتصلت بعضها ببعض وتداعت إلي غيرنهاية محدودة فتاهوا في كثرة الأشغال ونسوا مقصودها. و أماتفاصيل أشغال الدنيا وكيفية حدوث الحاجة إليها وانجرار بعضها إلي بعض فمما يطول ذكرها وخارج عن مقصود كتابنا. و إذاتأملت فيهاعلمت أن الإنسان لاضطراره إلي القوت والمسكن والملبس يحتاج إلي خمس صناعات وهي‌ الفلاحة لتحصيل النبات والرعاية لحفظ الحيوانات واستنتاجها والاقتناص لتحصيل ماخلق الله من صيد أومعدن أوحشيش أوحطب والحياكة للباس والبناء للمسكن ثم يحتاج بسبب ذلك إلي التجارة والحدادة والخرز أي إصلاح جلود الحيوانات وأجزائها ثم لبقاء النوع إلي المنكح ثم إلي حفظ الولد وتربيته ثم لاجتماعهم إلي قرية يجتمعون فيها ثم إلي قاض وحاكم يتحاكمون إليه ثم إلي جند يحرسهم عن الأعادي‌ ثم إلي خراج يعان به الجند ثم إلي عمال وخزان لذلك ثم إلي ملك يدبرهم


صفحه : 32

و أميرمطاع وقائد علي كل طائفة منهم فانظر كيف ابتدأ الأمر من حاجة القوت والمسكن والملبس و إلي ماذا انتهي .هكذا أمور الدنيا لايفتح منها باب إلا وينفتح منها بسببه عشرة أبواب أخر وهكذا يتناهي إلي حد غيرمحصور وكأنها هاوية لانهاية لعمقها و من وقع في مهواة منها سقط منها إلي أخري وهكذا علي التوالي‌.فهذه هي‌ الحرف والصناعات ويتفرع عليها أيضا بناء الحوانيت والخانات للمتحرفة والتجار وجماعة يتجرون ويحملون الأمتعة من بلد إلي بلد ويتفرع عليها الكراية والإجارة ثم يحدث بسبب البيوع والإجارات وأمثالها الحاجة إلي النقدين لتقع المعاملة بهما فاتخذت النقود من الذهب والفضة والنحاس ثم مست الحاجة إلي الضرب والنقش والتقدير فحدثت الحاجة إلي دار الضرب و إلي الصيارفة.فهذه أشغال الخلق وهي‌ معايشهم و شيء من هذه الحرف لايمكن مباشرته إلابنوع تعلم وتعب في الابتداء و في الناس من يغفل عن ذلك في الصبا فلايشتغل به أويمنعه مانع فيبقي عاجزا فيحتاج إلي أن يأكل مما سعي فيه غيره فتحدث منه حرفتان خسيستان اللصوصية والكدية وللصوص أنواع ولهم حيل شتي في ذلك و أماالتكدي‌ فله أسباب مختلفة فمنهم من يطلب ذلك بالتمسخر والمحاكاة والشعبذة والأفعال المضحكة و قد يكون بالأشعار مع النغمة أوغيرها في المدح أوالتعشق أوغيرهما أوتسليم مايشبه العوض و ليس بعوض كبيع التعويذات والطلسمات وكأصحاب القرعة والفال والزجر من المنجمين ويدخل في هذاالجنس الوعاظ المتكدون علي رءوس المنابر.فهذه هي‌ أشغال الخلق وأعمالهم التي‌ أكبوا عليها وجرهم إلي ذلك كله الحاجة إلي القوت والكسوة ولكن نسوا في أثناء ذلك أنفسهم ومقصودهم ومنقلبهم ومالهم فضلوا وتاهوا وسبق إلي عقولهم الضعيفة بعد أن كدرها زحمة أشغال الدنيا خيالات فاسدة وانقسمت مذاهبهم واختلفت آراؤهم علي عدة أوجه .


صفحه : 33

فطائفة غلب عليهم الجهل والغفلة فلم ينفتح أعينهم للنظر إلي عاقبة أمرهم فقالوا المقصود أن نعيش أياما في الدنيا فنجهد حتي نكسب القوت ثم نأكل حتي نقوي علي الكسب ثم نكتسب حتي نأكل فيأكلون ليكسبوا ويكسبون ليأكلوا فهذه مذاهب الملاحين والمتحرفين و من ليس لهم تنعم في الدنيا و لاقدم في الدين وطائفة أخري زعموا أنهم تفطنوا للأمر و هو أن ليس المقصود أن يشقي الإنسان و لايتنعم في الدنيا بل السعادة في أن يقضي‌ وطره من شهوات الدنيا وهي‌ شهوة البطن والفرج فهؤلاء طائفة نسوا أنفسهم وصرفوا همهم إلي اتباع النسوان وجمع لذائذ الأطعمة يأكلون كماتأكل الأنعام ويظنون أنهم إذانالوا ذلك فقد أدركوا غايات السعادات فيشغلهم ذلك عن الله واليوم الآخر. وطائفة ظنوا أن السعادة في كثرة المال والاستغناء بكنز الكنوز فأسهروا ليلهم ونهارهم في الجمع فهم يتعبون في الأسفار طول الليل والنهار ويترددون في الأعمال الشاقة ويكسبون ويجمعون و لايأكلون إلاقدر الضرورة شحا وبخلا عليها أن تنقص و هذه لذتهم و في ذلك دأبهم وحركتهم إلي أن يأتيهم الموت فيبقي تحت الأرض أويظفر به من يأكله في الشهوات واللذات فيكون للجامع تعبها ووبالها وللآكل لذتها وحسابها ثم إن الذين يجمعون ينظرون إلي أمثال ذلك في أشباههم وأمثالهم فلايعتبرون . وطائفة زعموا أن السعادة في حسن الاسم وانطلاق الألسن بالثناء والمدح بالتجمل والمروة فهؤلاء يتعبون في كسب المعايش ويضيقون علي أنفسهم في المطعم والمشرب ويصرفون جميع مالهم إلي الملابس الحسنة والدواب النفيسة ويزخرفون أبواب الدور و مايقع عليه أبصار الناس حتي يقال إنه غني‌ وإنه ذو ثروة ويظنون أن ذلك هوالسعادة فهمتهم في ليلهم ونهارهم في تعهد موقع نظر الناس . وطائفة أخري ظنوا أن السعادة في الجاه والكرامة بين الناس وانقياد الخلق بالتواضع والتوقير فصرفوا همتهم إلي استجرار الناس إلي الطاعة بطلب الولاية


صفحه : 34

وتقلد الأعمال السلطانية لينفذوا أمرهم بها علي طائفة من الناس ويرون أنهم إذااتسعت ولايتهم وانقادت لهم رعاياهم فقد سعدوا سعادة عظيمة و أن ذلك غاية المطلب و هذاأغلب الشهوات علي قلوب المتغافلين من الناس فهؤلاء شغلهم حب تواضع الناس لهم عن التواضع لله و عن عبادته و عن التفكر في آخرتهم ومعادهم . ووراء هذاطوائف يطول حصرها تزيد علي نيف وسبعين فرقة كلهم ضلوا وأضلوا عن سواء السبيل وإنما جرهم إلي جميع ذلك حاجة المطعم والملبس والمسكن فنسوا مايراد له هذه الأمور الثلاثة والقدر ألذي يكفي‌ منها وانجرت بهم أوائل أسبابها إلي أواخرها وتداعت لهم إلي مبادي‌ لم يمكنهم الترقي‌ منها.فمن عرف وجه الحاجة إلي هذه الأسباب والأشغال وعرف غاية المقصود منها فلايخوض في شغل وحرفة وعمل إلا و هوعالم بمقصوده وعالم بحظه ونصيبه منه و أن غاية مقصوده تعهد بدنه بالقوة والكسوة حتي لايهلك و ذلك أن سلك فيه سبيل التقليل اندفعت الأشغال وفرغ القلب وغلب عليه ذكر الآخرة وانصرفت الهمة إلي الاستعداد له و إن تعدي به قدر الضرورة كثرت الأشغال وتداعي البعض إلي البعض وتسلسل إلي غيرنهاية فتشعب به الهموم و من تشعب به الهموم في أودية الدنيا فلايبال الله في أي واد أهلكه .فهذا شأن المنهمكين في أشغال الدنيا وتنبه لذلك طائفة فأعرضوا عن الدنيا فحسدهم الشيطان فلم يتركهم وأضلهم في الأعراض أيضا حتي انقسموا إلي طوائف فظنت طائفة أن الدنيا دار بلاء ومحنة و أن الآخرة دار سعادة لكل من وصل إليها سواء تعبد في الدنيا أو لم يتعبد فرأوا أن الصواب في أن يقتلوا أنفسهم للخلاص من محنة الدنيا و إليه ذهب طوائف من عباد الهند فهم يتهجمون علي النار ويقتلون أنفسهم بالإحراق ويظنون أن ذلك خلاص منهم من سجن الدنيا. وظنت طائفة أخري أن القتل لايخلص بل لابد أولا من إماتة الصفات البشرية وقلعها عن النفس بالكلية و أن السعادة في قطع الشهوة والغضب ثم أقبلوا علي المجاهدة فشدوا علي أنفسهم حتي هلك بعضهم بشدة الرياضة وبعضهم فسد


صفحه : 35

عقله وجن وبعضهم مرض وانسدت عليه طرق العبادة. وبعضهم عجز عن قمع الصفات بالكلية فظن أن ماكلفه الشرع محال و أن الشرع تلبيس لاأصل له فوقع في الإلحاد والزندقة وظهر لبعضهم أن هذاالتعب كله لله و أن الله مستغن عن عبادة العباد لاينقصه عصيان عاص و لايزيده عبادة عابد فعادوا إلي الشهوات وسلكوا مسلك الإباحة فطووا بساط الشرع والأحكام وزعموا أن ذلك من صفاء توحيدهم حيث اعتقدوا أن الله مستغن عن عبادة العباد. وظن طائفة أخري أن المقصود من العبادات المجاهدة حتي يصل العبد بها إلي معرفة الله تعالي فإذاحصلت المعرفة فقد وصل و بعدالوصال يستغني‌ عن الوسيلة والحيلة فتركوا السعي‌ والعبادة وزعموا أنه ارتفع محلهم في معرفة الله سبحانه عن أن يمتحنوا بالتكاليف وإنما التكليف علي عوام الخلق . ووراء هذامذاهب باطلة وضلالة هائلة وخيالات فاسدة يطول إحصاؤها إلي أن يبلغ نيفا وسبعين فرقة وإنما الناجي‌ منها فرقة واحدة وهي‌ السالكة ما كان عليها رسول الله ص وأصحابه و هو أن لايتركوا الدنيا بالكلية و لايقمع في الشهوات بالكلية. أماالدنيا فيأخذ منها قدر الزاد و أماالشهوات فيقمع منها مايخرج عن طاعة الشرع والعقل فلايتبع كل شهوة و لايترك كل شهوة بل يتبع العدل و لايترك كل شيء من الدنيا و لايطلب كل شيء من الدنيا بل يعلم مقصود كل ماخلق من الدنيا ويحفظه علي حد مقصوده فيأخذ من القوت مايقوي به البدن علي العبادة و من المسكن مايحفظ به من اللصوص والحر والبرد و من الكسوة كذلك حتي إذافرغ القلب من شغل البدن أقبل علي الله بكنه همه واشتغل بالذكر والفكر طول العمر وبقي‌ ملازما لسياسة الشهوات ومراقبا لها حتي لاتجاوز حدود الورع والتقوي و لايعلم تفصيل ذلك إلابالاقتداء بالفرقة الناجية الذين صحت عقائدهم واتبعوا الرسول وأئمة الهدي صلوات الله عليهم في أقوالهم وأفعالهم فإنهم ماكانوا


صفحه : 36

يأخذون الدنيا للدنيا بل للدين و ماكانوا يترهبون ويهجرون الدنيا بالكلية و ما كان لهم في الأمور تفريط و لاإفراط بل كانوا بين ذلك قواما و ذلك هوالعدل والوسط بين الطرفين و هوأحب الأمور إلي الله تعالي وَ اللّهُ المُستَعانُ

17-كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ المُؤمِنِ عَن جَابِرٍ قَالَدَخَلتُ عَلَي أَبِي جَعفَرٍ ع فَقَالَ يَا جَابِرُ وَ اللّهِ إنِيّ‌ لَمَحزُونٌ وَ إنِيّ‌ لَمَشغُولُ القَلبِ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ وَ مَا شَغَلَكَ وَ مَا حَزَنَ قَلبَكَ فَقَالَ يَا جَابِرُ إِنّهُ مَن دَخَلَ قَلبَهُ صاَفيِ‌ خَالِصِ دِينِ اللّهِ شَغَلَ قَلبَهُ عَمّا سِوَاهُ يَا جَابِرُ مَا الدّنيَا وَ مَا عَسَي أَن تَكُونَ الدّنيَا هَل هيِ‌َ إِلّا طَعَامٌ أَكَلتَهُ أَو ثَوبٌ لَبِستَهُ أَوِ امرَأَةٌ أَصَبتَهَا يَا جَابِرُ إِنّ المُؤمِنِينَ لَم يَطمَئِنّوا إِلَي الدّنيَا بِبَقَائِهِم فِيهَا وَ لَم يَأمَنُوا قُدُومَهُمُ الآخِرَةَ يَا جَابِرُ الآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ وَ الدّنيَا دَارُ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ وَ لَكِنّ أَهلَ الدّنيَا أَهلُ غَفلَةٍ وَ كَأَنّ المُؤمِنِينَ هُمُ الفُقَهَاءُ أَهلُ فِكرَةٍ وَ عِبرَةٍ لَم يُصِمّهُم عَن ذِكرِ اللّهِ مَا سَمِعُوا بِآذَانِهِم وَ لَم يُعمِهِم عَن ذِكرِ اللّهِ مَا رَأَوا مِنَ الزّينَةِ فَفَازُوا بِثَوَابِ الآخِرَةِ كَمَا فَازُوا بِذَلِكَ العِلمِ وَ اعلَم يَا جَابِرُ أَنّ أَهلَ التّقوَي أَيسَرُ أَهلِ الدّنيَا مَئُونَةً وَ أَكثَرُهُم لَكَ مَعُونَةً تَذكُرُ فَيُعِينُونَكَ وَ إِن نَسِيتَ ذَكّرُوكَ قَوّالُونَ بِأَمرِ اللّهِ قَوّامُونَ عَلَي أَمرِ اللّهِ قَطَعُوا مَحَبّتَهُم بِمَحَبّةِ رَبّهِم وَ وَحَشُوا الدّنيَا لِطَاعَةِ مَلِيكِهِم وَ نَظَرُوا إِلَي اللّهِ تَعَالَي وَ إِلَي مَحَبّتِهِ بِقُلُوبِهِم وَ عَلِمُوا أَنّ ذَلِكَ هُوَ المَنظُورُ إِلَيهِ لِعَظِيمِ شَأنِهِ فَأَنزِلِ الدّنيَا كَمَنزِلٍ نَزَلتَهُ ثُمّ ارتَحَلتَ عَنهُ أَو كَمَالٍ وَجَدتَهُ فِي مَنَامِكَ وَ استَيقَظتَ وَ لَيسَ مَعَكَ مِنهُ شَيءٌ إنِيّ‌ إِنّمَا ضَرَبتُ لَكَ هَذَا مَثَلًا لِأَنّهَا عِندَ أَهلِ اللّبّ وَ العِلمِ بِاللّهِ كفَيَ‌ءِ الظّلَالِ يَا جَابِرُ فَاحفَظ مَا استَرعَاكَ اللّهُ مِن دِينِهِ وَ حِكمَتِهِ وَ لَا تَسأَلَنّ عَمّا لَكَ عِندَهُ إِلّا مَا لَهُ عِندَ نَفسِكَ فَإِن تَكُنِ الدّنيَا عَلَي غَيرِ مَا وَصَفتُ لَكَ فَتَحَوّل إِلَي دَارِ المُستَعتِبِ فلَعَمَريِ‌ لَرُبّ حَرِيصٍ عَلَي أَمرٍ قَد شقَيِ‌َ بِهِ حِينَ أَتَاهُ وَ لَرُبّ كَارِهٍ


صفحه : 37

لِأَمرٍ قَد سَعِدَ بِهِ حِينَ أَتَاهُ وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ تَعَالَيوَ لِيُمَحّصَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا وَ يَمحَقَ الكافِرِينَ

بيان قوله ع صافي‌ خالص دين الله كأن إضافة الصافي‌ إلي الخالص للبيان تأكيدا ويحتمل اللامية أي المحبة الصافية لله الحاصلة من خالص دينه و في تحف العقول من دخل قلبه خالص حقيقة الإيمان وأكلته وأختاها علي صيغة الخطاب ويحتمل التكلم والغرض أن هذه لذات قليلة فانية و لايختارها العاقل علي النعم الجليلة الباقية. لم يطمئنوا أي لم يلههم الأمل الطويل عن العمل و لم يأمنوا أي في كل حين قدومهم الآخرة بالموت أوعذاب الآخرة أهل فكرة خبر مبتدأ محذوف استئنافا بيانيا وكذا قوله لم يصمهم استئناف بياني‌ للاستئناف ماسمعوا بآذانهم من وصف ملاذ الدنيا وزهراتها وحكومة أهلها وبسطة أيديهم فيها والقصص الملهية الباطلة. و لم يعمهم عن ذكر الله الحاصل بالعبرة من أحوال الدنيا وفنائها ففازوا لترك الدنيا بثواب الآخرة كمافازوا بذلك العلم و هوالعلم اليقيني‌ بدناءة الدنيا وفنائها ورفعة الآخرة وبقائها وتمييز الخير من الشر والهدي من الضلالة و أهل الدنيا من أهل الآخرة والمحقين من المبطلين و من يجب اتباعه من أهل الآخرة وأئمة الحق و من يجب التبري‌ عنه من أهل الدنيا وأصحابها وأئمة الضلالة فهذه هي‌ الحكمة الحاصلة من الزهد في الدنيا فلما فازوا بهذا العلم فازوا بنعيم الآخرة.أيسر أهل الدنيا مئونة المئونة بالفتح القوت والثقل و ذلك لأنهم يكتفون بقدر الكفاية بل الضرورة والمعونة مصدر بمعني الإعانة تذكر أي حاجتك لهم فيعينونك فيها و إذاكنت متذكرا لمايوجب صلاح أمر دنياك وآخرتك


صفحه : 38

أعانوك علي فعله و إن كنت ناسيا له ذكروك وأرشدوك إليه ثم يعينونك مع الحاجة إلي الإعانة.قوالون بأمر الله أي بما أمر الله به أوبكل أمر يرضي الله به موعظة وإرشادا وتذكيرا وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر قوامون علي أمر الله بحفظ دين الله وشرائعه وأصول الدين وفروعه وبمنع أهل الباطل وأرباب البدع من التغيير والتحريف في دين الله .قطعوا محبتهم أي عن كل شيء أوعما لايرضي الله بمحبة ربهم أي بسببها أوجعلوا محبتهم تابعين لمحبة الله و لايحبون شيئا إلالحب الله له كقوله تعالي وَ ما تَشاؤُنَ إِلّا أَن يَشاءَ اللّهُ.وحشوا الدنيا الوحشة ضد الأنس أي لم يستأنسوا بالدنيا لطاعة مليكهم أي مالكهم وسيدهم أوذي‌ الملك والسلطنة عليهم إما لأمره بالزهد في الدنيا أولأن طاعة الله مطلقا والإخلاص فيها لاتجتمع مع حب الدنيا نظروا إلي الله و إلي محبته بقلوبهم الظرف في قوله بقلوبهم متعلق بنظروا أي لم ينظروا بعين قلوبهم إلا إلي الله أي رضاه أومعرفته ومراقبته وذكره وعدم الالتفات إلي غيره و إلي محبته أي تحصيل حبهم لله أوحب الله لهم أوالأعم كما قال تعالي يُحِبّهُم وَ يُحِبّونَهُ أو مايحبه الله من الأخلاق والأعمال والأقوال . وعلموا أن ذلك أي المذكور و هو الله ومحبته والإشارة للتعظيم هوالمنظور إليه أي هو ألذي ينبغي‌ أن ينظر إليه لاغيره لعظمة شأنه وحقارة ماسواه بالنسبة إليه فأنزل الدنيا أي اجعلها عندنفسك كمنزل نزلته ثم ارتحلت عنه بل هذه الدنيا بالنسبة إلي الآخرة أقصر بالمراتب الغير المتناهية عن نسبة مدة نزول المنزل بالنسبة إلي مدة عمر الدنيا لأن الأولي نسبة المتناهي‌ إلي غيرالمتناهي‌ والثانية نسبة المتناهي‌ إلي المتناهي‌ والغرض العمدة من التشبيه أنها لم تخلق للتوطن بل للعبور


صفحه : 39

كما أن منازل المسافر إنما تبني لذلك و قد قال بعض الشعراء في هذاالمعني


نزلنا هاهنا ثم ارتحلنا   كذا الدنيا نزول وارتحال

أردنا أن نقيل بها ولكن   مقيل المرء في الدنيا محال .

و هذامثل للمبتدين ثم ذكر مثلا كاملا للكاملين و هو أوكمال وجدته في منامك إلي آخره فإن أكثر الناس في الدنيا كالنائمين لغفلتهم عن الآخرة وعما يراد بهم فإذاماتوا لم يجدوا معهم شيئا مما اكتسبوا في الدنيا للدنيا كما قال أمير المؤمنين ع الناس نيام فإذاماتوا انتبهوا. ثم ذكر ع تمثيلا ثالثا و هوأنها كفيئ الظلال في سرعة الزوال والظلال بالكسر جمع الظل و هو والفي‌ء بمعني واحد عندكثير من الناس و قال ابن قتيبة الظل يكون غدوة وعشية والفي‌ء لا يكون إلا بعدالزوال لأنه ظل فاء عن جانب المغرب إلي جانب المشرق والفي‌ء الرجوع و قال ابن السكيت الظل من الطلوع إلي الزوال والفي‌ء من الزوال إلي المغرب و قال تغلب الظل للشجرة وغيرها للغداة والفي‌ء للعشاء و قال رؤبة كلما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو ظل وفي‌ء و ما لم تكن عليه الشمس فهو ظل و من هنا قيل الشمس تنسخ الظل والفي‌ء ينسخ الشمس والمراد هنا بالفي‌ء إما المصدر أي كرجوع الظلال أي كماتظل في ظل شجرة مثلا فتنتفع به ساعة فترجع عنك فتكون في الشمس أوالمراد بالفي‌ء الظل وبالظلال ماأظلك من شجر وجدار ونحوهما أوالمراد بالظلال قطعات السحاب التي‌ تواري الشمس قليلا ثم تذهب و هذاأنسب قال في القاموس الظل من كل شيءشخصه و من السحاب ماواري الشمس منه والظلالة بالكسر السحابة تراها وحدها وتري ظلها علي الأرض وكسحاب ماأظلك و قال راعيته لاحظته محسنا إليه والأمر نظرت إلي م يصير وأمره حفظه كرعاه واسترعاه إياهم استحفظه انتهي و في تحف العقول فاحفظ ياجابر ماأستودعك من دين الله وحكمته . قوله ع و لاتسألن أقول يحتمل وجوها الأول أن يكون المعني لاتبالغ في الدعاء والسؤال من الله عما لك عنده من الرزق وغيره مما ضمن لك ولكن


صفحه : 40

سله التوفيق عما له عندك من الطاعات والاستثناء ظاهره الانقطاع ويحتمل الاتصال أيضا لأن التوفيق والإعانة أيضا مما للعبد عند الله .الثاني‌ أن يكون المراد لاتسأل أحدا عما لك عند الله من الأجر والرزق وأمثالهما فإنها بيد الله وعلمها عنده و لاينفعك السؤال عنها بل سل العلماء عما لله عندك من الطاعات لتعلم شرائطها وكيفياتها.الثالث أن يكون المعني أنك لاتحتاج إلي السؤال عما لك عند الله من الثواب فإنه بقدر مالله عندك من عملك فيمكنك معرفته بالرجوع إلي نفسك وعملك فعلي هذايحتمل أن يكون التقدير لاتسأل عما لك عند الله من أحد إلامما له عندك فيكون ما له عنده مسئولا والاستثناء متصلا لكن في السؤال تجوز ويؤيد الأخير علي الوجهين ماروي‌ فِي المَحَاسِنِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَحَبّ أَن يَعلَمَ مَا لَهُ عِندَ اللّهِ فَليَعلَم مَا لِلّهِ عِندَهُ

و في تحف العقول في هذاالخبر مكان هذه الفقرة هكذا وانظر مالله عندك في حياتك فكذلك يكون لك العهد عنده في مرجعك . قوله ع فإن تكن الدنيا أقول هذه الفقرة أيضا تحتمل وجوها الأول ماذكره بعض المحققين أن المعني إن تكن الدنيا عندك علي غير ماوصف لك فتكون تطمئن إليها فعليك أن تتحول فيها إلي دار ترضي‌ فيهاربك يعني‌ أن تكون في الدنيا ببدنك و في الآخرة بروحك تسعي في فكاك رقبتك وتحصيل رضا ربك عنك حتي يأتيك الموت .الثاني‌ ماذكره بعض الأفاضل أن المعني إن تكن الدنيا عندك علي غير ذلك فانتقل إلي مقام التوبة والاستعتاب والاسترضاء فإن هذه عقيدة سيئة.الثالث ماخطر بالبال أن المعني إن لم تكن الدنيا عندك علي ماوصفت لك فتوجه إلي الدنيا وانظر بعين البصيرة فيها وتفكر في أحوالها من فنائها وتقلبها بأهلها ليتحقق لك حقيقة ماذكرت وإنما عبر ع عن ذلك بالتحول إشعارا بأن من أنكر ذلك فكأنه لغفلته وغروره ليس في الدنيا فليتحول إليها


صفحه : 41

ليعرف ذلك .الرابع أنه أراد أنه لابد لكل مكلف من دار استرضاء حتي يرضي‌ فيهاربه بالأعمال الصالحة فإذا لم تكن الدنيا عندك كماوصفتها لك بل تكون منهمكا في لذاتها حريصا عليها فلتطلب دار استرضاء أخري غيرالتي‌ أنت فيهافإنه مما لابد منه .الخامس أن يقرأ تحول بصيغة المضارع المخاطب بحذف إحدي التاءين فالمعني أنه لايخفي علي ذي‌ عقل قبح الدنيا وفنائها فإن زعمت أنه ليس كذلك فلعلك تقول ذلك لأجل أنها دار يمكن فيهاتحصيل رضا الله و هذا لاينافي‌ ماذكرت لك من ذم الركون إلي لذاتها وشهواتها كماعرفت سابقا السادس أن يكون المراد بدار المستعتب دار الآخرة لأن الكفار يطلبون فيهاالرجوع إلي الدنيا عندمشاهدة عذابها كما قال تعالي وَ إِن يَستَعتِبُوا فَما هُم مِنَ المُعتَبِينَفالمراد به إن لم تصدق بهذه الأوصاف لهذه الدار فاصبر حتي ترد دار القرار فإنه حينئذ يظهر لك حقيقة هذاالكلام و علي هذاالوجه يمكن أن يقرأ علي اسم الفاعل أيضا.السابع ماذكره بعض المدعين للفضل أن المستعتب لعله اسم رجل ذي‌ جاه ومال أصابه الذل وذهب جميع ما كان له فقال ع تحول إلي داره لتعتبر به وإنما ذكرناه لغرابته . وأقول في تحف العقول ليس لفظ غيربل هوهكذا فإن تكن الدنيا عندك علي ماوصفت لك فتحول عنها إلي دار المستعتب اليوم فيؤيد المعني الأول أي إذاعرفت أن الدنيا كذلك وصدقت بما قلت فتحول عنها أي انتقل إلي الآخرة بقلبك واقطع تعلقك عن الدنيا اليوم اختيارا قبل أن تقلع عنها عندالموت اضطرارا أو إلي مقام الاسترضاء كمامر. والظاهر أن المستعتب علي أكثر الاحتمالات مصدر ميمي‌ قال في القاموس


صفحه : 42

العتبي بالضم الرضا واستعتبه أعطاه العتبي كأعتبه وطلب إليه العتبي ضد و إن تستعتبوا فما هم من المعتبين أي إن يستقيلوا ربهم لم يقلهم أي لم يردهم إلي الدنيا و في النهاية المعتبة الغضب وأعتبني‌ فلان إذاعاد إلي مسرتي‌ واستعتب طلب أن يرضي عنه كما يقول استرضيته فأرضاني‌ والمعتب المرضي‌

وَ مِنهُ الحَدِيثُ لَا يَتَمَنّيَنّ أَحَدُكُمُ المَوتَ إِمّا مُحسِناً فَلَعَلّهُ يَزدَادُ وَ إِمّا مُسِيئاً فَلَعَلّهُ يَستَعتِبُ

أي يرجع عن الإساءة ويطلب الرضا و منه الحديث و لا بعدالموت من مستعتب أي ليس بعدالموت من استرضاء لأن الأعمال بطلت وانقضي زمانها و ما بعدالموت دار جزاء لادار عمل انتهي . و قوله ع فلعمري‌ أي أقسم بحياتي‌ و في القسم مفتوح غالبا لرب حريص علي أمر من أمور الدنيا قدشقي‌ به حين أتاه أي تعب به في الدنيا أوصار سببا لشقاوته في الآخرة ويطلق غالبا علي سوء العاقبة والسعادة ضد الشقاوة وتطلق غالبا علي حسن العاقبة وراحة الآخرة. في القاموس الشقاء الشدة والعسر ويمد شقي‌ كرضي‌ شقاوة ويكسر وشقا وشقاء وشقوة ويكسر و قال السعادة خلاف الشقاوة و قدسعد كعلم وعني‌ فهو سعيد ومسعود. و قال الراغب والسعد والسعادة معاونة الأمور الإلهية للإنسان علي نيل الخير ويضاد الشقاوة و قال الشقاوة خلاف السعادة و كما أن السعادة في الأصل ضربان سعادة أخروية وسعادة دنيوية ثم السعادة الدنيوية ثلاثة أضرب سعادة نفسية وبدنية وخارجية كذلك الشقاوة علي هذه الأضرب و قال بعضهم قديوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت في كذا و كل شقاوة تعب و ليس كل تعب شقاوة فالتعب أعم من الشقاوة. و في التحف فلرب حريص علي أمر من أمور الدنيا قدناله فلما ناله كان عليه وبالا وشقي‌ به ولرب كاره لأمر من أمور الآخرة قدناله فسعد به و إلي هنا انتهي الخبر فيه .


صفحه : 43

قوله وَ لِيُمَحّصَ اللّهُالآية في آل عمران عندذكر غزوة أحد حيث قال تعالي وَ تِلكَ الأَيّامُ نُداوِلُها بَينَ النّاسِ وَ لِيَعلَمَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا وَ يَتّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ وَ اللّهُ لا يُحِبّ الظّالِمِينَ وَ لِيُمَحّصَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا قال الطبرسي‌ رحمه الله بين وجه المصلحة في مداولة الأيام بين الناس أي وليبتلي‌ الله الذين آمنواوَ يَمحَقَ الكافِرِينَينقصهم أوليخلص الله ذنوب المؤمنين أوينجي‌ الله الذين آمنوا من الذنوب بالابتلاء ويهلك الكافرين بالذنوب عندالابتلاء. وأقول هذاالوجه الأخير أنسب بالخبر ليكون استشهادا للجزئين معا فإن الكافرين كانوا حرصاء في الغلبة علي المؤمنين فنالوها فصارت سببا لشقاوتهم ومزيد عذابهم و المؤمنين كانوا كارهين للمغلوبية فصارت سببا لمزيد سعادتهم وتمحيص ذنوبهم . قال الراغب أصل المحص تخليص الشي‌ء مما فيه من عيب يقال محصت الذهب ومحصته إذاأزلت عنه مايشوبه من خبث قال تعالي وَ لِيُمَحّصَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوافالتمحيص هنا كالتزكية والتطهير

18-كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن عُمَرَ بنِ أَبَانٍ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع إِنّ الدّنيَا قَدِ ارتَحَلَت مُدبِرَةً وَ إِنّ الآخِرَةَ قَدِ ارتَحَلَت مُقبِلَةً وَ لِكُلّ وَاحِدَةٍ مِنهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِن أَبنَاءِ الآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِن أَبنَاءِ الدّنيَا أَلَا وَ كُونُوا مِنَ الزّاهِدِينَ فِي الدّنيَا الرّاغِبِينَ فِي الآخِرَةِ أَلَا إِنّ الزّاهِدِينَ فِي الدّنيَا اتّخَذُوا الأَرضَ بِسَاطاً وَ التّرَابَ فِرَاشاً وَ المَاءَ طِيباً وَ قُرّضُوا مِنَ الدّنيَا تَقرِيضاً أَلَا وَ مَنِ اشتَاقَ إِلَي الجَنّةِ سَلَا عَنِ الشّهَوَاتِ وَ مَن أَشفَقَ مِنَ النّارِ رَجَعَ عَنِ المُحَرّمَاتِ وَ مَن زَهِدَ فِي الدّنيَا هَانَت عَلَيهِ المَصَائِبُ أَلَا إِنّ لِلّهِ عِبَاداً كَمَن رَأَي أَهلَ الجَنّةِ فِي الجَنّةِ مُخَلّدِينَ وَ كَمَن رَأَي أَهلَ


صفحه : 44

النّارِ فِي النّارِ مُعَذّبِينَ شُرُورُهُم مَأمُونَةٌ وَ قُلُوبُهُم مَحزُونَةٌ أَنفُسُهُم عَفِيفَةٌ وَ حَوَائِجُهُم خَفِيفَةٌ صَبَرُوا أَيّاماً قَلِيلَةً فَصَارُوا بِعُقبَي رَاحَةٍ طَوِيلَةٍ أَمّا اللّيلَ فَصَافّونَ أَقدَامَهُم تجَريِ‌ دُمُوعُهُم عَلَي خُدُودِهِم وَ هُم يَجأَرُونَ إِلَي رَبّهِم يَسعَونَ فِي فَكَاكِ رِقَابِهِم وَ أَمّا النّهَارَ فَحُكَمَاءُ عُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتقِيَاءُ كَأَنّهُمُ القِدَاحُ قَد بَرَاهُمُ الخَوفُ مِنَ العِبَادَةِ يَنظُرُ إِلَيهِمُ النّاظِرُ فَيَقُولُ مَرضَي وَ مَا بِالقَومِ مِن مَرَضٍ أَم خُولِطُوا فَقَد خَالَطَ القَومَ أَمرٌ عَظِيمٌ مِن ذِكرِ النّارِ وَ مَا فِيهَا

توضيح أن الدنيا قدارتحلت يقال رحل وارتحل أي شخص وسار مدبرة المراد بإدبار الدنيا تقضيها وانصرامها وبإقبال الآخرة قرب الموت و ما يكون بعدها من نعيم أوعذاب فشبه الدنيا وحياتها براكب حمل علي مراكبها أثقالها وهي‌ لذات الدنيا وشهواتها وأموالها وسائر مايتعلق الإنسان بها والموت براكب آخر حمل علي مراكبه نعيمه وعذابه وسائر ما يكون بعده فالراكب الأول يوما فيوما وساعة فساعة في التقضي‌ والفناء فهو يبعد عن الإنسان والراكب الثاني‌ يسير إلي الإنسان ويقرب منه فعن قريب يصل إليه فلابد من الاستعداد لوصوله وتلقيه بالعقائد الحقة والأعمال الصالحة. ولكل واحدة منهما بنون استعار ع لفظ البنين للعباد بالنسبة إلي الدنيا والآخرة فشبههم لميل كل منهم إلي إحداهما ميل الولد إلي والده وركون الفصيل إلي أمه وتوقع كل منهم توقع النفع من إحداهما ومشابهته بها وكونه مخلوقة لأجلها وشبه كلا منهما بالأب أوبالأم لتأنيثهما أوالآخرة بالأب والدنيا بالأم لنقصها ولمناسبة الآباء العلوية بالأولي والأمهات السفلية بالثانية فكأن أبناء الدنيا بمنزلة أولاد الزنا لاأب لهم .فكونوا من أبناء الآخرة لبقائها وخلوص لذاتها ولكونها صادقة في وعدها و لاتكونوا من أبناء الدنيا لفنائها وكذبها وغرورها وكون لذاتها مشوبة بأنواع الآلام ثم أشار ع إلي أن المقصود ليس مجرد رفض الدنيا وترك العمل


صفحه : 45

لها بل مع إزالة حبها من القلب بقوله وكونوا من الزاهدين إلخ . والبساط فعال بمعني المفعول أي اكتفوا بالأرض عوضا عن الفرش المبسوطة في البيوت مع عدم تيسر البساط إلا من الحرام أوالشبهة أومطلقا والأول أنسب بالجمع بين الأخبار وكذا في البواقي‌ و في الصحاح البساط مايبسط وبالفتح الأرض الواسعة والتراب فراشا بمعني المفروش أي عوضا عن الثياب الناعمة المحشوة بالقطن وغيره للنوم عليها فإن التراب ألين من سائر أجزاء الأرض والماء طيبا فإن الطيب عمدة منفعته دفع الروائح الكريهة و هويتحقق بالغسل بالماء و ماقيل من أن المراد التلذذ بشرب الماء بدلا من الأشربة اللذيذة لأن أصل الطيب اللذة كما في القاموس فهو بعيد. وقرضوا من الدنيا تقريضا علي بناء المفعول من التفعيل من القرض بمعني القطع وبناء التفعيل للمبالغة وقيل بمعني التجاوز من قرضت الوادي‌ إذاجزته أوبمعني العدول من قرضت المكان إذاعدلت عنه و في النهج ثم قرضوا الدنيا قرضا. قوله ع سلا عن الشهوات أي نسيها وتركها و في القاموس سلاه و عنه كدعاه ورضيه سلوا وسلوا وسلوانا وسليا نسيه وأسلاه عنه فتسلي عن المحرمات و في بعض النسخ عن الحرمات جمع الحرمة كالغرفات جمع الغرفة هانت عليه المصائب لأنها راجعة إلي فوات الأمور الدنيوية و من زهد فيهاسهل عنده فواتها. قوله ع كمن رأي أي صاروا من اليقين بمنزلة المعاينة كمامر في باب اليقين مخلدين أي كأنه يري خلودهم أويراهم مع علمه بخلودهم و من الأفاضل من قرأ مخلدين علي بناء الفاعل من الإفعال كقولهم أخلد إليه أي مال و لايخفي بعده . وقلوبهم محزونة لهم الآخرة وخوف التقصير وعدم العلم بالعاقبة أنفسهم


صفحه : 46

عفيفة عن المحرمات والشبهات وحوائجهم خفيفة لاقتصارهم في الدنيا علي القدر الضروري‌ منها صبروا أياما قليلة أي أيام عمرهم فإنها قليلة في جنب أيام الآخرة صبروا فيها علي الفقر والضر ومشقة فعل الطاعات وترك المحرمات وإيذاء الظلمة والمخالفين فصاروا بعقبي راحة طويلة في القاموس العقبي جزاء الأمر و قال الراغب العقب والعقبي يختصان بالثواب نحوخَيرٌ ثَواباً وَ خَيرٌ عُقباً و قال أُولئِكَ لَهُم عُقبَي الدّارِفَنِعمَ عُقبَي الدّارِ والعاقبة إطلاقها يختص بالثواب نحووَ العاقِبَةُ لِلمُتّقِينَ وبالإضافة قدتستعمل في العقوبة نحوثُمّ كانَ عاقِبَةَ الّذِينَ أَساؤُا السّوايانتهي . وأقول العقبي غالبه أنه يستعمل في الثواب و قديستعمل في العقاب أيضا كقوله تعالي تِلكَ عُقبَي الّذِينَ اتّقَوا وَ عُقبَي الكافِرِينَ النّارُ و قوله سبحانه وَ لا يَخافُ عُقباها و قال البيضاوي‌ في قوله تعالي أُولئِكَ لَهُم عُقبَي الدّارِ أي عاقبة الدنيا و ماينبغي‌ أن يكون مال أهلها وهي‌ الجنة و في قوله سبحانه تِلكَ عُقبَي الّذِينَ اتّقَوا أي الجنة الموصوفة مالهم ومنتهي أمرهم و في قوله وَ سَيَعلَمُ الكُفّارُ لِمَن عُقبَي الدّارِاللام يدل علي أن المراد بالعقبي العاقبة المحمودة انتهي والباء في قوله بعقبي إما بمعني إلي أوبمعني مع وإضافة العقبي إلي الراحة للبيان ويحتمل غيره أيضا و في فقه الرضا فصارت لهم العقبي راحة طويلة. و أماالليل ظاهره النصب علي الظرفية وقيل يحتمل الرفع علي الابتداء والتخصيص به لأن العبادة فيه أشق وأقرب إلي القربة وحضور القلب


صفحه : 47

فيه أكثر كما قال تعالي إِنّ ناشِئَةَ اللّيلِ هيِ‌َ أَشَدّ وَطئاً وَ أَقوَمُ قِيلًافصافون أقدامهم أي للصلاة ويدل علي استحباب صف القدمين في الصلاة بحيث لا يكون أحدهما أقرب من القبلة من الأخري أوتكون الفاصلة بينهما من الأصابع إلي العقبين مساوية والأول أظهر و علي استحباب التضرع والبكاء في صلاة الليل و في القاموس جار كمنع جأرا وجؤارا رفع صوته بالدعاء وتضرع واستغاث قوله في فكاك رقابهم أي من النار كأنهم القداح في القاموس القدح بالكسر السهم قبل أن يراش وينصل والجمع قداح وأقداح وأقاديح انتهي وأشار ع إلي وجه التشبيه بالقداح بقوله قدبراهم الخوف أي نحلهم وذبلهم كمايبري‌ السهم في القاموس بري السهم يبريه بريا وابتراه نحته وبراه السفر يبريه بريا هزله و قوله من العبادة إما متعلق بقوله براهم أي نحتهم الخوف بآلة العبادة أي بحمله إياهم عليها و علي كثرتها أوبقوله كأنهم القداح فيرجع إلي الأول و علي التقديرين من للسببية والعلية أومتعلق بالخوف أي من قلة العبادة والأول أظهر.فيقول مرضي أي يظن أنهم مرضي لصفرة وجوههم ونحافة بدنهم فخطأ ع ظنه و قال و مابالقوم من مرض بل هم من الأصحاء من الأدواء النفسانية والأمراض القلبية أم خولطوا أي أو يقول خولطوا ويحتمل أن يكون مرضي علي الاستفهام و قوله أم خولطوا معادلا له من كلام الناظر فاعترض جوابه ع بين أجزاء كلامه . والحاصل أنهم لماكانوا لشدة اشتغالهم بحب الله وعبادته واعتزالهم عن عامة الخلق ومباينة أطوارهم لأطوارهم وأقوالهم لأقوالهم ويسمعون منهم ما هوفوق إدراكهم وعقولهم فتارة ينسبونهم إلي المرض الجسماني‌ وتارة إلي المرض الروحاني‌ و هوالجنون واختلاط العقل بما يفسده فأجاب ع عن الأول بالنفي‌ المطلق و عن الثاني‌ بأن المخالطة متحققة لكن لابما يفسد


صفحه : 48

العقل بل بما يكمله من خوف النار وحب الملك الغفار

19- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ الهَيثَمِ بنِ وَاقِدٍ الحرَيِريِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن زَهِدَ فِي الدّنيَا أَثبَتَ اللّهُ الحِكمَةَ فِي قَلبِهِ وَ أَنطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ بَصّرَهُ عُيُوبَ الدّنيَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخرَجَهُ مِنَ الدّنيَا سَالِماً إِلَي دَارِ السّلَامِ

بيان قال في المغرب زهد في الشي‌ء و عن الشي‌ء زهدا وزهادة إذارغب عنه و لم يرده و من فرق بين زهد فيه و عنه فقد أخطأ و قال في عدة الداعي‌ روُيِ‌َ أَنّ النّبِيّص سَأَلَ جَبرَئِيلَ ع عَن تَفسِيرِ الزّهدِ فَقَالَ جَبرَئِيلُ ع الزّاهِدُ يُحِبّ مَن يُحِبّ خَالِقُهُ وَ يُبغِضُ مَن يُبغِضُ خَالِقُهُ وَ يَتَحَرّجُ مِن حَلَالِ الدّنيَا وَ لَا يَلتَفِتُ إِلَي حَرَامِهَا فَإِنّ حَلَالَهَا حِسَابٌ وَ حَرَامَهَا عِقَابٌ وَ يَرحَمُ جَمِيعَ المُسلِمِينَ كَمَا يَرحَمُ نَفسَهُ وَ يَتَحَرّجُ مِنَ الكَلَامِ فِيمَا لَا يَعنِيهِ كَمَا يَتَحَرّجُ مِنَ الحَرَامِ وَ يَتَحَرّجُ مِن كَثرَةِ الأَكلِ كَمَا يَتَحَرّجُ مِنَ المَيتَةِ التّيِ‌ قَدِ اشتَدّ نَتنُهَا وَ يَتَحَرّجُ مِن حُطَامِ الدّنيَا وَ زِينَتِهَا كَمَا يَجتَنِبُ النّارَ أَن يَغشَاهَا وَ أَن يَقصُرَ أَمَلَهُ وَ كَانَ بَينَ عَينَيهِ أَجَلُهُ

والحكمة العلوم الحقة المقرونة بالعمل أوالعلوم الربانية الفائضة من الله تعالي بعدالعمل بطاعته و قدمر تحقيقها في كتاب العقل وغيره . قال الراغب الحكمة إصابة الحق بالعلم والعقل فالحكمة من الله تعالي معرفة الأشياء وإيجادها علي غاية الإحكام و من الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات و هذا هو ألذي وصف به لقمان في قوله تعالي وَ لَقَد آتَينا لُقمانَ الحِكمَةَ ونبه علي جملتها بما وصفه بهاانتهي . قوله ع داءها ودواءها كأنه بدل اشتمال للعيوب أي المراد بتبصير العيوب أن يعرفه أدواء الدنيا من ارتكاب المحرمات والصفات الذميمة المتفرعة


صفحه : 49

علي حب الدنيا ويعرفه مايعالج به تلك الأدواء من التفكرات الصحيحة والمواعظ الحسنة وفعل الطاعات والرياضات ومجاهدة النفس في ترك الشهوات كأن يقال الطب حد معرفة الأمراض بأن يعرف ماتحصل منه وأصل المرض وكيفية علاجه أويقال الدنيا دنياءان دنيا بلاغ يصير سببا لتحصيل الآخرة ودنيا ملعونة فلما ذكر عيوب الدنيا فصلها و بين أن منها ما هوداء ومنها ما هودواء. ويحتمل حينئذ ارتكاب استخدام بأن يكون المراد بالدنيا أولا الدنيا المذمومة وبالضمير الأعم ويحتمل أن يكون داؤها تأكيدا لعيوب الدنيا ودواؤها عطفا علي العيوب . وقيل داؤها ودواؤها مجروران بدلا بعض للدنيا فالمراد بعيوب دواء الدنيا شدتها علي النفس وصعوبتها وربما يقرأ دواها بالقصر بمعني الأحمق أي المبتلي بحب الدنيا و لايخفي بعده وأخرجه من الدنيا سالما من العيوب والمعاصي‌ إلي دار السلام أي الجنة التي‌ من دخلها سلم من جميع المكاره والآلام

20- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ القاَساَنيِ‌ّ جَمِيعاً عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصِ بنِ غِيَاثٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ جُعِلَ الخَيرُ كُلّهُ فِي بَيتٍ وَ جُعِلَ مِفتَاحُهُ الزّهدَ فِي الدّنيَا ثُمّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا يَجِدُ الرّجُلُ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ فِي قَلبِهِ حَتّي لَا يبُاَليِ‌َ مَن أَكَلَ الدّنيَا ثُمّ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع حَرَامٌ عَلَي قُلُوبِكُم أَن تَعرِفَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ حَتّي تَزهَدَ فِي الدّنيَا

بيان جعل الخير كله إلخ لما كان الزهد في الدنيا سببا لحصول جميع السعادات العلمية والعملية شبه تلك الكمالات بالأمتعة المخزونة في بيت والزهد بمفتاح ذلك البيت لايجد الرجل إلخ شبه ص الإيمان بشي‌ء حلو في


صفحه : 50

ميل الطبع السليم إليه وأثبت له الحلاوة علي الاستعارة المكنية والتخييلية أواستعار لفظ الحلاوة لآثار الإيمان التي‌ تلتذ الروح بها حتي لايبالي‌ من أكل الدنيا يحتمل أن يكون من اسم موصول وأكل فعلا ماضيا و أن يكون من حرف جر وأكل مصدرا فعلي الأول المعني أنه لايعتني‌ بشأن الدنيا بحيث لايحسد أحدا عليها و لوكانت كلها لقمة في فم كلب لم يغتم لذلك و لم ير ذلك له كثيرا و علي الثاني‌ أيضا يرجع إلي ذلك أوالمعني لايعتني‌ بأكل الدنيا والتصرف فيها

21- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن أَبِي أَيّوبَ الخَزّازِ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ مِن أَعوَنِ الأَخلَاقِ عَلَي الدّينِ الزّهدَ فِي الدّنيَا

بيان إن من أعون الأخلاق إلخ و ذلك لأن الاشتغال بالدنيا وصرف الفكر في طرق تحصيلها ووجه ضبطها ورفع موانعها مانع عظيم من تفرغ القلب للأمور الدينية وتفكره فيهابل حبها لايجتمع مع حب الله تعالي وطاعته وطلب الآخرة كماروي‌ أن الدنيا والآخرة ضرتان إذ الميل بأحدهما يضر بالآخر

22- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ المنِقرَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ هَاشِمِ بنِ البَرِيدِ عَن أَبِيهِ أَنّ رَجُلًا سَأَلَ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع عَنِ الزّهدِ فَقَالَ عَشَرَةُ أَشيَاءَ فَأَعلَي دَرَجَةِ الزّهدِ أَدنَي دَرَجَةِ الوَرَعِ وَ أَعلَي دَرَجَةِ الوَرَعِ أَدنَي دَرَجَةِ اليَقِينِ وَ أَعلَي دَرَجَةِ اليَقِينِ أَدنَي دَرَجَةِ الرّضَا أَلَا وَ إِنّ الزّهدَ فِي آيَةٍ مِن كِتَابِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّلِكَيلا تَأسَوا عَلي ما فاتَكُم وَ لا تَفرَحُوا بِما آتاكُم


صفحه : 51

بيان قدمر صدر هذاالخبر في باب الرضا بالقضاء إلي قوله إلا أن الزهد و كان فيه الزهد عشرة أجزاء ومنهم من جعل الأجزاء العشرة باعتبار ترك حب عشرة أشياء المال والأولاد واللباس والطعام والزوجة والدار والمركوب والانتقام من العدو والحكومة وحب الشهرة بالخير و هوتكلف مستغني عنه والآيات في الحديد هكذااعلَمُوا أَنّمَا الحَياةُ الدّنيا لَعِبٌ وَ لَهوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَينَكُم وَ تَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَ الأَولادِ إلي قوله سبحانه وَ مَا الحَياةُ الدّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرُورِ ثم قال تعالي بعدآيةما أَصابَ مِن مُصِيبَةٍ فِي الأَرضِ وَ لا فِي أَنفُسِكُم إِلّا فِي كِتابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها إِنّ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيرٌ لِكَيلا تَأسَوا قال المفسرون أي كتبنا ذلك في كتاب لِكَيلا تَأسَوا أي تحزنواعَلي ما فاتَكُم من نعم الدنياوَ لا تَفرَحُوا بِما آتاكُم أي ماأعطاكم منها و قال الطبرسي‌ رحمه الله و ألذي يوجب نفي‌ الأسي والفرح من هذا أن الإنسان إذاعلم أن مافات منها ضمن الله تعالي العوض عليه في الآخرة فلاينبغي‌ أن يحزن لذلك و إذاعلم أن ماناله منها كلف الشكر عليه والحقوق الواجبة فيه فلاينبغي‌ أن يفرح به وأيضا فإذاعلم أن شيئا منها لايبقي فلاينبغي‌ أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي‌ تدوم و لاتبيد انتهي . و لايخفي أن هذين الوجهين لاينطبقان علي التعليل المذكور في الآية إلا أن يقال إن هذه الأمور أيضا من الأمور المكتوبة ولذا قال غيره إن العلة في ذلك أن من علم أن الكل مقدر هان عليه الأمر. و قال بعض الأفاضل هوتعليل لقوله قبل ذلك بثلاث آيات اعلَمُوا أَنّمَا الحَياةُ الدّنيا لَعِبٌ وَ لَهوٌ و هذاوجه حسن بحسب المعني و لاتكلف في التعليل حينئذ لكنه بحسب اللفظ بعيد و إن كانت الآيات متصلة بحسب المعني


صفحه : 52

مسوقة لأمر واحد و قدمر وجه آخر في تأويل الآية في كتاب الإمامة وأنها نازلة في أهل البيت ع و قدبيناه هناك . و قال البيضاوي‌ المراد منه نفي‌ الأسي المانع عن التسليم لأمر الله والفرح الموجب للبطر والاختيال و الله لايحب كل مختال فخور إذ قل من يثبت نفسه حالي‌ السراء والضراء انتهي . وَ روُيِ‌َ فِي نَهجِ البَلَاغَةِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ الزّهدُ كُلّهُ بَينَ كَلِمَتَينِ فِي القُرآنِ قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُلِكَيلا تَأسَوا عَلي ما فاتَكُم وَ لا تَفرَحُوا بِما آتاكُمفَمَن لَم يَأسَ عَلَي الماَضيِ‌ وَ لَم يَفرَح باِلآتيِ‌ فَقَد أَخَذَ الزّهدَ بِطَرَفَيهِ

23- كا،[الكافي‌]بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن سُفيَانَ بنِ عُيَينَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ كُلّ قَلبٍ فِيهِ شَكّ أَو شِركٌ فَهُوَ سَاقِطٌ وَ إِنّمَا أَرَادُوا بِالزّهدِ فِي الدّنيَا لِتَفرُغَ قُلُوبُهُم لِلآخِرَةِ

24- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ العَلَاءِ بنِ رَزِينٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ عَلَامَةَ الرّاغِبِ فِي ثَوَابِ الآخِرَةِ زُهدُهُ فِي عَاجِلِ زَهرَةِ الدّنيَا أَمَا إِنّ زُهدَ الزّاهِدِ فِي هَذِهِ الدّنيَا لَا يَنقُصُهُ مِمّا قَسَمَ اللّهُ لَهُ عَزّ وَ جَلّ فِيهَا وَ إِن زَهِدَ وَ إِنّ حِرصَ الحَرِيصِ عَلَي عَاجِلِ زَهرَةِ الدّنيَا لَا يَزِيدُهُ فِيهَا وَ إِن حَرَصَ فَالمَغبُونُ مَن حُرِمَ حَظّهُ مِنَ الآخِرَةِ

بيان إن علامة الراغب إشارة إلي ماعرفت من أن الدنيا والآخرة ضرتان لايجتمع حبهما في قلب فالراغب في أحدهما زاهد في الآخر لامحالة وإنما أدخل العاجل لأنه السبب لاختيار الناس الدنيا غالبا علي ثواب الآخرة آجلا أولدلالته علي عدم الثبات وقيل لأن زهرة الدنيا المتعلقة بالآجلة والآخرة كقدر مايحتاج إليه الإنسان لتحصيل ماينفع في الآخرة لاينافي‌ الرغبة في ثوابها


صفحه : 53

بل معين لحصوله والمراد بزهرة الدنيا بهجتها أونضارتها أومتاعها تشبيها له بزهرة النبات لكونها أقل الرياحين ثباتا و هوإشارة إلي قوله تعالي وَ لا تَمُدّنّ عَينَيكَ إِلي ما مَتّعنا بِهِ أَزواجاً مِنهُم زَهرَةَ الحَياةِ الدّنيا لِنَفتِنَهُم فِيهِ وَ رِزقُ رَبّكَ خَيرٌ وَ أَبقي قال في القاموس الزهرة ويحرك النبات ونوره أوالأصفر منه و من الدنيا بهجتها ونضارتها وحسنها انتهي قوله ع في هذه الدنيا الإشارة للتحقير و إن زهد أي بالغ في الزهد وكذا قوله و إن حرص أوالمراد بقوله و إن زهد و إن سعي في صرفها عن نفسه وبقوله و إن حرص أي بالغ في تحصيلها فالمراد بالزهد والحرص الأولين القلبيان بالآخرين الجسمانيان . والحاصل أن الرزق لكل أحد مقدر و إن كان وصولها إليه مشروطا بقدر من السعي‌ علي ماأمره الشارع من غيرإفراط يمنعه عن الطاعات و لاتقصير كثير بترك السعي‌ مطلقا و لامدخل لكثرة السعي‌ في كثرة الرزق فمن ترك الطاعات وارتكب المحرمات في ذلك حرم ثواب الآخرة و لايزيد رزقه في الدنيا فهو مغبون و هذا علي القول بأن مقدار الرزق معين مقدر و لايزيد بالسعي‌ و لاينقص بتركه و علي القول بأن الرزق المقدر الواجب علي الله تعالي هوالقدر الضروري‌ ويزيد بالكسب بالسعي‌ فيحتاج الخبر إلي تأويل بعيد وسيأتي‌ الكلام فيه في محله إن شاء الله تعالي

25- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي الخثَعمَيِ‌ّ عَن طَلحَةَ بنِ زَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا أَعجَبَ رَسُولَ اللّهِص شَيءٌ مِنَ الدّنيَا إِلّا أَن يَكُونَ فِيهَا جَائِعاً خَائِفاً

بيان إلا أن يكون فيها كان الاستثناء منقطع ويحتمل الاتصال


صفحه : 54

جائعا أي بسبب الصوم أوالإيثار علي الغير أولأن الجوع موجب للقرب من الله تعالي بخلاف الشبع فإنه موجب للبعد مع أن في الجوع الاضطراري‌ والصبر عليه والرضا بقضائه سبحانه لذة للمقربين خائفا أي من عذاب الآخرة أو من العدو في الجهاد أيضا أولأن الضراء في الدنيا مطلقا موجب للسراء في الآخرة و قدأشبعنا الكلام في جوعه وقناعه وتواضعه ص في المأكل والملبس والمجلس وسائر أحواله في المجلد السادس

26- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ القَاسِمِ بنِ يَحيَي عَن جَدّهِ الحَسَنِ بنِ رَاشِدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ خَرَجَ النّبِيّص وَ هُوَ مَحزُونٌ فَأَتَاهُ مَلَكٌ وَ مَعَهُ مَفَاتِيحُ خَزَائِنِ الأَرضِ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ هَذِهِ مَفَاتِيحُ خَزَائِنِ الدّنيَا يَقُولُ لَكَ رَبّكَ افتَح وَ خُذ مِنهَا مَا شِئتَ مِن غَيرِ أَن تُنقَصَ شَيئاً عنِديِ‌ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص الدّنيَا دَارُ مَن لَا دَارَ لَهُ وَ لَهَا يَجمَعُ مَن لَا عَقلَ لَهُ فَقَالَ المَلَكُ وَ ألّذِي بَعَثَكَ بِالحَقّ لَقَد سَمِعتُ هَذَا الكَلَامَ مِن مَلَكٍ يَقُولُ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ حِينَ أُعطِيتُ المَفَاتِيحَ

بيان خرج النبي أي من البيت أو إلي بعض الغزوات و هومحزون لعل حزنه ص كان لضعف المسلمين وعدم رواج الدين وقوة المشركين وقلة أسباب الجهاد من غير أن تنقص علي بناء المجهول قال الجوهري‌ نقص الشي‌ء ونقصته أنايتعدي و لايتعدي انتهي ويمكن أن يقرأ علي بناء المعلوم فالمستتر راجع إلي المفاتيح و في بعض النسخ علي الغيبة أي ينقص أخذك شيئا من المنزلة والدرجة التي‌ لك عندي‌ من لادار له أي في الآخرة فالمعني أن ألذي يهتم لتحصيل الدنيا وتعميرها ليست له دار في الآخرة أويختار الدنيا من لايؤمن بأن له دارا في الآخرة أو من لادار له أصلا فإن دار الآخرة قدفوتها ودار الدنيا لاتبقي له ولها أي للدنيا والعيش فيهايجمع الأموال والأسباب من لاعقل له لأن العاقل لايختار الفاني‌ علي الباقي‌ وربما يقرأ يجمع علي بناء


صفحه : 55

الإفعال من العزم والاهتمام في القاموس الإجماع الاتفاق وصر أخلاف الناقة جمع وجعل الأمر جميعا بعدتفرقه والإعداد والإيباس [الإيناس ] وسوق الإبل جميعا والعزم علي الأمر أجمعت الأمر و عليه والأمر مجمع انتهي ويناسب هذاأكثر المعاني‌ لكن الأول أظهر

27- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَرّ رَسُولُ اللّهِ بجِدَي‌ٍ أَسَكّ مُلقًي عَلَي مَزبَلَةٍ مَيتاً فَقَالَ لِأَصحَابِهِ كَم يسُاَويِ‌ هَذَا فَقَالُوا لَعَلّهُ لَو كَانَ حَيّاً لَم يُسَاوِ دِرهَماً فَقَالَ النّبِيّص وَ ألّذِي نفَسيِ‌ بِيَدِهِ لَلدّنيَا أَهوَنُ عَلَي اللّهِ مِن هَذَا الجدَي‌ِ عَلَي أَهلِهِ

بيان قال في النهاية فيه أنه مر بجدي‌ أسكّ أي مصطلم الأذنين مقطوعهما و في القاموس السكك محركة الصمم وصغر الأذن ولزوقها بالرأس وقلة إشرافها أوصغر قوب الأذن وضيق الصماخ يكون في الناس وغيرهم سككت ياجدي‌ وهي‌ أسك وهي‌ سكاء. وأقول رَوَي مُسلِمٌ فِي صَحِيحِهِ هَذَا الحَدِيثَ بِإِسنَادِهِ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِ‌ّ أَنّ رَسُولَ اللّهِص مَرّ بِالسّوقِ فَمَرّ بجِدَي‌ٍ أَسَكّ مَيتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ ثُمّ قَالَ أَيّكُم يُحِبّ أَنّ هَذَا لَهُ بِدِرهَمٍ فَقَالُوا مَا نُحِبّ أَنّهُ لَنَا بشِيَ‌ءٍ وَ مَا نَصنَعُ بِهِ قَالَ تُحِبّونَ أَنّهُ لَكُم قَالُوا وَ اللّهِ لَو كَانَ حَيّاً كَانَ عَيباً فِيهِ لِأَنّهُ أَسَكّ فَكَيفَ وَ هُوَ مَيتٌ فَقَالَ فَوَ اللّهِ لَلدّنيَا أَهوَنُ عَلَي اللّهِ مِن هَذَا عَلَيكُم

والمزبلة بفتح الباء والضم لغة موضع يلقي فيه الزبل بالكسر و هوالسرقين

28-كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ القاَساَنيِ‌ّ عَمّن ذَكَرَهُ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا أَرَادَ اللّهُ بِعَبدٍ خَيراً زَهّدَهُ فِي الدّنيَا وَ فَقّهَهُ فِي الدّينِ وَ بَصّرَهُ عُيُوبَهَا وَ مَن أُوتِيَهُنّ فَقَد أوُتيِ‌َ خَيرَ الدّنيَا


صفحه : 56

وَ الآخِرَةِ وَ قَالَ لَم يَطلُب أَحَدٌ الحَقّ بِبَابٍ أَفضَلَ مِنَ الزّهدِ فِي الدّنيَا وَ هُوَ ضِدّ لِمَا طَلَبَ أَعدَاءُ الحَقّ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ مِمّا ذَا قَالَ مِنَ الرّغبَةِ فِيهَا وَ قَالَ أَ لَا مِن صَبّارٍ كَرِيمٍ وَ إِنّمَا هيِ‌َ أَيّامٌ قَلَائِلُ إِلّا أَنّهُ حَرَامٌ عَلَيكُم أَن تَجِدُوا طَعمَ الإِيمَانِ حَتّي تَزهَدُوا فِي الدّنيَا

قَالَ وَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِذَا تَخَلّي المُؤمِنُ مِنَ الدّنيَا سَمَا وَ وَجَدَ حَلَاوَةَ حُبّ اللّهِ وَ كَانَ عِندَ أَهلِ الدّنيَا كَأَنّهُ قَد خُولِطَ وَ إِنّمَا خَالَطَ القَومَ حَلَاوَةُ حُبّ اللّهِ فَلَم يَشتَغِلُوا بِغَيرِهِ

قَالَ وَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّ القَلبَ إِذَا صَفَا ضَاقَت بِهِ الأَرضُ حَتّي يَسمُوَ

بيان وبصره عيوبها أي الدنيا و من أوتيهن أي تلك الخصال الثلاث و فيه إشعار بأنها لاتتيسر إلابتوفيق الله تعالي فقد أوتي‌ كأنه إشارة إلي قوله تعالي وَ مَن يُؤتَ الحِكمَةَ فَقَد أوُتيِ‌َ خَيراً كَثِيراًفالحكمة العلم بالدين أصوله وفروعه وبعيوب الدنيا والزهد فيها لم يطلب أحد الحق أي الدين بباب أي بسبب ووسيلة أفضل من ترك الدنيا فإنه ليس الباعث لاختيار الباطل مع وضوح الحق وظهوره إلاحب الدنيا فإنها غالبا مع أهل الباطل . ويمكن تعميم الحق في كل حكم ومسألة فإن الأغراض الدنيوية تعمي‌ القلب عن الحق أوالمراد بالحق الرب تعالي أي قربه ووصاله و هو أي الزهد ضد لماطلب أعداء الحق و قوله مما ذا طلب لبيان ماطلبه أعداء الحق فبين ع بقوله من الرغبة فيها والرغبة و إن كانت عين الطلب لكن جعلها مطلوبهم مبالغة ويحتمل أن يكون ما في قوله لماطلب مصدرية فلا يكون مما للبيان بل للتعليل كماسيأتي‌. ويحتمل أن يكون ضمير هوراجعا إلي الحق أي الحق ضد لمطلوب أعداء


صفحه : 57

الحق فمن في قوله مما للتعليل و ماذا للاستفهام أي لأي‌ علة صار ضد الحق مطلوبهم قال لرغبتهم في الدنيا وقيل أي مما ذا طلب أعداء الحق مطلوبهم . والهمزة في أ لاللاستفهام و لاللنفي‌ و من زائدة لعموم النفي‌ والمعني أ لايوجد صبار كريم النفس يصبر علي الدنيا و علي فقرها وشدتها ويزهد فيها و قديقرأ صبار بكسر الصاد وتخفيف الباء مصدر باب المفاعلة مضافا إلي كريم وقرأ بعضهم إلابالتشديد استثناء من الرغبة فيها أي إلا أن تكون الرغبة فيها من صبار كريم يطلبها من طرق الحلال ويصبر علي الحرام و علي إخراج الحقوق المالية وإعانة الفقراء فإن الرغبة في هذه الدنيا إنما هي‌ للآخرة وأول الوجوه أظهرها. ثم رغب ع في الزهد وسهل تحصيله بقوله فإنما هي‌ أي الدنيا أيام قلائل وهي‌ أيام العمر فالصبر علي ترك الشهوات وتحمل الملاذ فيهاسهل يسير سيما إذا كان مستلزما للراحة الطويلة الدائمة ألا إنه ألا حرف تنبيه وشبه حصول الإيمان الكامل في القلب بحيث يظهر أثره في الجوارح بإدراك طعم شيءلذيذ مع أن اللذات الروحانية أعظم من اللذات الجسمانية. قوله إذاتخلي المؤمن من الدنيا أي جعل نفسه خالية من حب الدنيا وقطع تعلقه بها أوتفرغ للعبادة مجتنبا من الدنيا ومعرضا عنها قال في النهاية فيه أن تقول أسلمت وجهي‌ إلي الله وتخليت التخلي‌ التفرغ يقال تخلي للعبادة و هوتفعل من الخلو والمراد التبرؤ من الشرك وعقد القلب علي الإيمان و قال السمو العلو يقال سما يسمو سموا فهو سام ويقال فلان يسمو إلي المعالي‌ إذاتطاول إليها انتهي أي ارتفع من حضيض النقص إلي أوج الكمال أومال وارتفع إلي عالم الملكوت وارتفعت همته عن التدنس بما في عالم الناسوت .كأنه قدخولط قال في القاموس خالطه مخالطة وخلاطا مازجه والخلاط


صفحه : 58

بالكسر أن يخالط الرجل في عقله و قدخولط و في النهاية فيه ظن الناس أن قدخولطوا و ماخولطوا ولكن خالط قلبهم هم عظيم يقال خولط فلان في قلبه إذااختل عقله فقوله خولط بهذا المعني وخالط بمعني الممازجة و هذاأعلي درجات المحبين حيث استقر حب الله تعالي في قلوبهم وأخرج حب كل شيءغيره منها فلايلتفتون إلي غيره تعالي ويتركون معاشرة عامة الخلق لمباينة طوره أطوارهم فهم يعدونه سفيها مخالطا كمانسبوا الأنبياء ع إلي الجنون لذلك . إن القلب إذاصفا أي إن القلب أي الروح الإنساني‌ لما كان من عالم الملكوت وإنما أهبط إلي هذاالعالم الأدني أوابتلي‌ بالتعلق بالبدن لتحصيل الكمالات وحيازة السعادات كما أن الثوب قديلوث ببعض الكثافات ليصير بعدالغسل أشد بياضا وأصفي مما كان فإذااختار الشقاوة وتشبث بهذه العلائق الجسمانية والشهوات الظلمانية لحق بالأنعام بل هوأضل سبيلا و إن تمسك بعروة الشريعة الحقة وعمل بالنواميس الإلهية والرياضات البدنية حتي انفتح له عين اليقين فنظر إلي الدنيا ولذاتها بتلك العين الصحيحة رآها ضيقة مظلمة فانية موحشة غدارة غرارة ملوثة بأنواع النجاسات المعنوية والصفات الدنية استوحش منها وتذكر عالمه الأصلي‌ فرغب إليها وتعلق بهافجانب المتعلقين بهذا العالم وآنس بالمتعلقين بالملإ الأعلي فلحق بهم وضاقت به الأرض وصارت همته رفيعة عالية فلم يرض إلابالصعود إلي سدرة المنتهي وجنة المأوي فهم مع كونهم بين الخلق أرواحهم معلقة بالملإ الأعلي ويستسعدون بقرب المولي . أويقال لماكانت الأرض أعظم أجزاء الإنسان وكانت قواه الظاهرة والباطنة مائلة إليها بالطبع لكمال النسبة بينهما كانت الدواعي‌ إلي زهراتها حاضرة والبواعث إلي لذاتها ظاهرة فربما اشتغل بها واكتسب الأخلاق والأعمال الفاسدة لتحصيل المقاصد حتي تصير النفس تابعة لها راضية بأثرها مشعوفة بعملها متكدرة بالشهوات منغمسة في اللذات فتحب الاستقرار في الأرض وتركن


صفحه : 59

إليها. و أما إذامنعت تلك القوي عن مقتضاها وصرفتها عن هواها وروضتها بمقامع الشريعة وأدبتها بآداب الطريقة حتي غلبت عليها وصفت عن كدوراتها وطهرت عن خبائث لذاتها وتحلت بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة والآداب السنية والأطوار الرضية ضاقت بها الأرض حتي تسمو إلي عالم النور فتشاهد العالم الأعلي بالعيان وتنظر إلي الحق بعين العرفان ويزداد لها نور الإيمان والإيقان فتعاف جملة الدنيا والاستقرار في الأرض فبدنها في هذه الدنيا وهي‌ في العالم الأعلي فيصير كَمَا قَالَ ع لَو لَا الآجَالُ التّيِ‌ كُتِبَت عَلَيهِم لَم يَستَقِرّ أَروَاحُهُم فِي أَبدَانِهِم طَرفَةَ عَينٍ

ولذا قال مولي المؤمنين عندالشهادة فزت ورب الكعبة

29-كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ القاَساَنيِ‌ّ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ المنِقرَيِ‌ّ عَن عَبدِ الرّزّاقِ بنِ هَمّامٍ عَن مَعمَرِ بنِ رَاشِدٍ عَنِ الزهّريِ‌ّ مُحَمّدِ بنِ مُسلِمِ بنِ شِهَابٍ قَالَسُئِلَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع أَيّ الأَعمَالِ أَفضَلُ عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَقَالَ مَا مِن عَمَلٍ بَعدَ مَعرِفَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ مَعرِفَةِ رَسُولِهِص أَفضَلَ مِن بُغضِ الدّنيَا وَ إِنّ لِذَلِكَ لَشُعَباً كَثِيرَةً وَ للِمعَاَصيِ‌ شُعَباً فَأَوّلُ مَا عصُيِ‌َ اللّهُ بِهِ الكِبرُ وَ هيِ‌َ مَعصِيَةُ إِبلِيسَ حِينَأَبي وَ استَكبَرَ وَ كانَ مِنَ الكافِرِينَ وَ الحِرصُ وَ هيِ‌َ مَعصِيَةُ آدَمَ وَ حَوّاءَ حِينَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهُمَافَكُلا مِن حَيثُ شِئتُما وَ لا تَقرَبا هذِهِ الشّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَفَأَخَذَا مَا لَا حَاجَةَ بِهِمَا إِلَيهِ فَدَخَلَ ذَلِكَ عَلَي ذُرّيّتِهِمَا إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ ذَلِكَ أَنّ أَكثَرَ مَا يَطلُبُ ابنُ آدَمَ مَا لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيهِ ثُمّ الحَسَدُ وَ هيِ‌َ مَعصِيَةُ ابنِ آدَمَ حَيثُ حَسَدَ أَخَاهُ فَقَتَلَهُ فَتَشَعّبَ مِن ذَلِكَ حُبّ النّسَاءِ وَ حُبّ الدّنيَا وَ حُبّ الرّئَاسَةِ وَ حُبّ الرّاحَةِ وَ حُبّ الكَلَامِ وَ حُبّ العُلُوّ وَ حُبّ الثّروَةِ فَصِرنَ سَبعَ خِصَالٍ فَاجتَمَعنَ كُلّهُنّ فِي حُبّ الدّنيَا فَقَالَ الأَنبِيَاءُ وَ العُلَمَاءُ بَعدَ مَعرِفَةِ ذَلِكَ حُبّ الدّنيَا


صفحه : 60

رَأسُ كُلّ خَطِيئَةٍ وَ الدّنيَا دُنيَاءَانِ دُنيَا بَلَاغٌ وَ دُنيَا مَلعُونَةٌ

بيان و إن لذلك أي لبغض الدنيا لشعبا أي من الصفات الحسنة والأعمال الصالحة وهي‌ ضد شعب المعاصي‌ كالتواضع مع الكبر والقنوع مع الحرص والرضا بما آتاه الله مع الحسد و قدمر ذكر الأضداد كلها في باب جنود العقل والجهل وإنما ذكر هنا معظمها وهي‌ معصية آدم هي‌ عندالإمامية مجاز والنهي‌ عندهم نهي‌ تنزيه فدخل ذلك أي الحرص أوأخذ ما لاحاجة به إليه و ذلك أن أكثر مايطلب إنما قال أكثر لأن قدر الكفاف لابد منه فتشعب من ذلك أي من ذلك المذكور و هوالكبر والحرص والحسد والتخصيص بالحسد بعيد معني .حب النساء أي لمحض الشهوة لالاتباع السنة أو إذاانتهي إلي الحرام والشبهة وحب الدنيا أي حياة الدنيا وكراهة الموت لئلا ينافي‌ اجتماعهن في حب الدنيا و إن احتمل أن يكون المراد اجتماع الخمسة أوالظرفية المجازية وحب الرئاسة أي بغير استحقاق أوالباطلة أولمحض الاستيلاء والغلبة وحب الراحة كأن النوم أيضا داخل فيها وحب الكلام أي بغير فائدة أوللفخر والمراء وحب العلو أي في المجالس أوالأعم وحب الثروة أي الكثرة في الأموال أوالأعم منها و من الأولاد والعشائر والأتباع وَ رَوَي فِي المَحَاسِنِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ أَوّلَ مَا عصُيِ‌َ اللّهُ بِهِ سِتّ حُبّ الدّنيَا وَ حُبّ الرّئَاسَةِ وَ حُبّ الطّعَامِ وَ حُبّ النّسَاءِ وَ حُبّ النّومِ وَ حُبّ الرّاحَةِ

. قوله ع والعلماء أي الأوصياء أوالأعم وقولهم إما بالوحي‌ أوبعلومهم الكاملة ثم لما كان هنا مظنة أن ارتكاب كل ما في الدنيا مذموم قسم ع الدنيا إلي دنيا بلاغ أي تبلغ به إلي الآخرة ويحصل بهامرضاة الرب تعالي أودنيا تكون بقدر الضرورة والكفاف فالزائد عليها ملعونة أي ملعون


صفحه : 61

صاحبها فالإسناد علي المجاز أوهي‌ ملعونة أي بعيدة من الله والخير والسعادة قال في النهاية البلاغ مايتبلغ ويتوصل به إلي الشي‌ء المطلوب و في المصباح البلغة مايتبلغ به من العيش و لايفضل يقال تبلغ به إذااكتفي به و في هذابلاغ وبلغة وتبلغ أي كفاية

30- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ فِي طَلَبِ الدّنيَا إِضرَاراً بِالآخِرَةِ وَ فِي طَلَبِ الآخِرَةِ إِضرَاراً بِالدّنيَا فَأَضِرّوا بِالدّنيَا فَإِنّهَا أَحَقّ بِالإِضرَارِ

بيان يومئ إلي أن المذموم من الدنيا مايضر بأمر الآخرة فأما ما لايضر به كقدر الحاجة في البقاء والتعيش فليس بمذموم ولنذكر معني الدنيا و ما هومذموم منها فإن ذلك قداشتبه علي أكثر الخلق فكثير منهم يسمون أمرا حقا بالدنيا ويذمونه ويختارون شيئا هوعين الدنيا المذمومة ويسمونه زهدا ويشبهون ذلك علي الجاهلين .اعلم أن الدنيا تطلق علي معان الأول حياة الدنيا وهي‌ ليست بمذمومة علي الإطلاق وليست مما يجب بغضه وتركه بل المذموم منها أن يحب البقاء في الدنيا للمعاصي‌ والأمور الباطلة أويطول الأمل فيها ويعتمد عليها فبذلك يسوف التوبة والطاعات وينسي الموت ويبادر بالمعاصي‌ والملاهي‌ اعتمادا علي أنه يتوب في آخر عمره عندمشيبه ولذلك يجمع الأموال الكثيرة ويبني‌ الأبنية الرفيعة ويكره الموت لتعلقه بالأموال وحبه للأزواج والأولاد ويكره الجهاد والقتل في سبيل الله لحبه للبقاء أويترك الصوم وقيام الليل وأمثال ذلك لئلا يصير سببا لنقص عمره . والحاصل أن من يحب العيش والبقاء والعمر للأغراض الباطلة فهو مذموم و من يحبه للطاعات وكسب الكمالات وتحصيل السعادات فهو ممدوح و هوعين الآخرة فلذا طلب الأنبياء والأوصياء ع طول العمر والبقاء في الدنيا وَ قَد قَالَ


صفحه : 62

سَيّدُ السّاجِدِينَ عمَرّنيِ‌ مَا كَانَ عمُرُيِ‌ بِذلَةً فِي طَاعَتِكَ فَإِذَا كَانَ عمُرُيِ‌ مَرتَعاً لِلشّيطَانِ فاَقبضِنيِ‌ إِلَيكَ وَ لَو لَم يَكُنِ الكَونُ فِي الدّنيَا صَلَاحاً لِلعِبَادِ لِتَحصِيلِ الذّخَائِرِ لِلمَعَادِ لَمَا أَسكَنَ اللّهُ الأَروَاحَ المُقَدّسَةَ فِي تِلكَ الأَبدَانِ الكَثِيفَةِ

وسيأتي‌ خطبة أمير المؤمنين ع في ذلك وسنتكلم عليها إن شاء الله تعالي .الثاني‌ الدينار والدرهم وأموال الدنيا وأمتعتها و هذه أيضا ليست مذمومة بأسرها بل المذموم منها ما كان من حرام أوشبهة أووسيلة إليها و مايلهي‌ عن ذكر الله ويمنع عبادة الله أويحبها حبا لايبذلها في الحقوق الواجبة والمستحبة و في سبل طاعة الله كمامدح الله تعالي جماعة حيث قال رِجالٌ لا تُلهِيهِم تِجارَةٌ وَ لا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللّهِ وَ إِقامِ الصّلاةِ وَ إِيتاءِ الزّكاةِ. وبالجملة المذموم من ذلك الحرص عليها وحبها وشغل القلب بها والبخل بها في طاعة الله وجعلها وسيلة لمايبعد عن الله و أماتحصيلها لصرفها في مرضاة الله وتحصيل الآخرة بهافهي‌ من أفضل العبادات وموجبة لتحصيل السعادات .

وَ قَد روُيِ‌َ فِي الصّحِيحِ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع إِنّا لَنُحِبّ الدّنيَا فَقَالَ لِي تَصنَعُ بِهَا مَا ذَا قُلتُ أَتَزَوّجُ مِنهَا وَ أَحُجّ وَ أُنفِقُ عَلَي عيِاَليِ‌ وَ أُنِيلُ إخِواَنيِ‌ وَ أَتَصَدّقُ قَالَ لِي لَيسَ هَذَا مِنَ الدّنيَا هَذَا مِنَ الآخِرَةِ

وَ قَد روُيِ‌َ نِعمَ المَالُ الصّالِحُ لِلعَبدِ الصّالِحِ وَ نِعمَ العَونُ الدّنيَا عَلَي الآخِرَةِ

وسيأتي‌ بعض الأخبار في ذلك في أبواب المكاسب إن شاء الله تعالي .الثالث التمتع بملاذ الدنيا من المأكولات والمشروبات والملبوسات والمنكوحات والمركوبات والمساكن الواسعة وأشباه ذلك و قدوردت أخبار كثيرة في استحباب التلذذ بكثير من ذلك ما لم يكن مشتملا علي حرام أوشبهة أوإسراف وتبذير و في ذم تركها والرهبانية و قد قال تعالي قُل مَن حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التّيِ‌ أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطّيّباتِ مِنَ الرّزقِ.


صفحه : 63

فإذاعرفت ذلك فاعلم أن ألذي يظهر من مجموع الآيات والأخبار علي مانفهمه أن الدنيا المذمومة مركبة من مجموع أمور يمنع الإنسان من طاعة الله وحبه وتحصيل الآخرة فالدنيا والآخرة ضرتان متقابلتان فكلما يوجب رضي الله سبحانه وقربه فهو من الآخرة و إن كان بحسب الظاهر من أعمال الدنيا كالتجارات والصناعات والزراعات التي‌ يكون المقصود منها تحصيل المعيشة للعيال لأمره تعالي به وصرفها في وجوه البر وإعانة المحتاجين والصدقات وصون الوجه عن السؤال وأمثال ذلك فإن هذه كلها من أعمال الآخرة و إن كان عامة الخلق يعدونها من الدنيا. والرياضات المبتدعة والأعمال الرئائية و إن كان مع الترهب وأنواع المشقة فإنها من الدنيا لأنها مما يبعد عن الله و لايوجب القرب إليه كأعمال الكفار والمخالفين فرب مترهب متقشف يعتزل الناس ويعبد الله ليلا ونهارا و هوأحب الناس للدنيا وإنما يفعل ذلك ليخدع الناس ويشتهر بالزهد والورع و ليس في قلبه إلاجلب قلوب الناس ويحب المال والجاه والعزة وجميع الأمور الباطلة أكثر من سائر الخلق وجعل ترك الدنيا ظاهرا مصيدة لتحصيلها ورب تاجر طالب للأجر لايعده الناس شيئا و هو من الطالبين للآخرة لصحة نيته وعدم حبه للدنيا. وجملة القول في ذلك أن المعيار في العلم بحسن الأشياء وقبحها و مايجب فعلها وتركها الشريعة المقدسة و ماصدر في ذلك عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم فما علم من الآيات والأخبار أن الله سبحانه أمر به وطلبه من عباده سواء كان صلاة أوصوما أوحجا أوتجارة أوزراعة أوصناعة أومعاشرة للخلق أوعزلة أوغيرها وعملها بشرائطها وآدابها بنية خالصة فهي‌ من الآخرة و ما لم يكن كذلك فهو من الدنيا المذمومة المبعدة عن الله و عن الآخرة. وهي‌ علي أنواع فمنها ما هوحرام و هو مايستحق به العقاب سواء كان عبادة مبتدعة أورياء وسمعة أومعاشرة الظلمة أوارتكاب المناصب المحرمة أوتحصيل


صفحه : 64

الأموال من الحرام أوللحرام و غير ذلك مما يستحق به العقاب . ومنها ما هومكروه كارتكاب الأفعال والأعمال والمكاسب المكروهة وكتحصيل الزوائد من الأموال والمساكن والمراكب وغيرها مما لم يكن وسيلة لتحصيل الآخرة وتمنع من تحصيل السعادات الأخروية. ومنها ما هومباح كارتكاب الأعمال التي‌ لم يأمر الشارع بها و لم ينه عنها إذا لم تصر مانعة عن تحصيل الآخرة و إن كانت نادرة ويمكن إيقاع كثير من المباحات علي وجه تصير عبادة كالأكل والنوم للقوة علي العبادة وأمثال ذلك وربما كان ترك المباحات بظن أنها عبادة بدعة موجبة لدخول النار كمايصنعه كثير من أرباب البدع

31- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن أَبِي أَيّوبَ الخَزّازِ عَن أَبِي عُبَيدَةَ الحَذّاءِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع حدَثّنيِ‌ بِمَا أَنتَفِعُ بِهِ فَقَالَ يَا أَبَا عُبَيدَةَ أَكثِر ذِكرَ المَوتِ فَإِنّهُ لَم يُكثِر إِنسَانٌ ذِكرَ المَوتِ إِلّا زَهِدَ فِي الدّنيَا

بيان كأن المراد بذكر الموت تذكر مابعده من الأهوال والشدائد والحسرات أيضا و إن كان تذكر الموت وفناء الدنيا كافيا لزهد العاقل

32- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ الحَكَمِ بنِ أَيمَنَ عَن دَاوُدَ الأبَزاَريِ‌ّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع مَلَكٌ ينُاَديِ‌ كُلّ يَومٍ ابنَ آدَمَ لِد لِلمَوتِ وَ اجمَع لِلفَنَاءِ وَ ابنِ لِلخَرَابِ

بيان لد للموت اللام لام العاقبة كما في قوله تعالي فَالتَقَطَهُ آلُ فِرعَونَ لِيَكُونَ لَهُم عَدُوّا وَ حَزَناً والأمر ليس علي حقيقته بل الغرض اعلموا أن ولادتكم عاقبتها الموت

33-كا،[الكافي‌]بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن مُوسَي[ بنِ]بَكرٍ عَن أَبِي


صفحه : 65

اِبرَاهِيمَ ع قَالَ قَالَ أَبُو ذَرّ رَحِمَهُ اللّهُ جَزَي اللّهُ الدّنيَا عنَيّ‌ مَذَمّةً بَعدَ رَغِيفَينِ مِنَ الشّعِيرِ أَتَغَدّي بِأَحَدِهِمَا وَ أَتَعَشّي بِالآخَرِ وَ بَعدَ شمَلتَيَ‌ِ الصّوفِ أَتّزِرُ بِإِحدَاهُمَا وَ أرَتدَيِ‌ بِالأُخرَي

بيان جزي الله الدنيا عني‌ مذمة قوله مذمة مفعول ثان لجزي أي يوفقني‌ لأن أجزيه وقيل أحال الذم إلي الله نيابة عنه للدلالة علي كمال ذمه فإن كل فعل من الفاعل القوي‌ قوي‌ و في النهاية الشملة كساء يتغطي به ويتلفف فيه انتهي ويدل علي جواز لبس الصوف بل استحبابه و ماورد بالنهي‌ والذم فمحمول علي المداومة عليه أو علي ما إذا لم يكن للقناعة بل لإظهار الزهد والفضل كماورد في وصية النبي ص لأبي‌ ذر رضي‌ الله عنه يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم يرون أن لهم بذلك الفضل علي غيرهم وسيأتي‌ الكلام فيه في أبواب التجمل إن شاء الله تعالي

34- كا،[الكافي‌]بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ المُثَنّي عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ أَبُو ذَرّ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ يَقُولُ فِي خُطبَتِهِ يَا مبُتغَيِ‌َ العِلمِ كَأَنّ شَيئاً مِنَ الدّنيَا لَم يَكُن شَيئاً إِلّا مَا يَنفَعُ خَيرُهُ وَ يَضُرّ شَرّهُ إِلّا مَن رَحِمَ اللّهُ يَا مبُتغَيِ‌َ العِلمِ لَا يَشغَلُكَ أَهلٌ وَ لَا مَالٌ عَن نَفسِكَ أَنتَ يَومَ تُفَارِقُهُم كَضَيفٍ بِتّ فِيهِم ثُمّ غَدَوتَ عَنهُم إِلَي غَيرِهِم وَ الدّنيَا وَ الآخِرَةُ كَمَنزِلٍ تَحَوّلتَ مِنهُ إِلَي غَيرِهِ وَ مَا بَينَ المَوتِ وَ البَعثِ إِلّا كَنَومَةٍ نِمتَهَا ثُمّ استَيقَظتَ مِنهَا يَا مبُتغَيِ‌َ العِلمِ قَدّم لِمَقَامِكَ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَإِنّكَ مُثَابٌ بِعَمَلِكَ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ يَا مبُتغَيِ‌َ العِلمِ

بيان يامبتغي‌ العلم أي ياطالبه كأن شيئا من الدنيا هذايحتمل وجوها الأول أن يكون إلا في قوله إلا ماينفع كلمة استثناء و ماموصولة فالمعني أن مايتصور في هذه الدنيا إما شيءينفع خيره أو شيءيضر شره كل أحد إلا من رحم الله فيغفر له إما بالتوبة أوبدونها.


صفحه : 66

الثاني‌ أن يكون مثل السابق إلا أنه يكون المعني أن كل شيء في الدنيا له جهة نفع وجهة ضر لكل الناس إلا من رحم الله فيوفقه للاحتراز عن جهة شره .الثالث أن يكون كلمة مامصدرية والاستثناء من مفعول يضر أي ليس شيء من الدنيا شيئا إلانفع خيره وإضرار شره لكل أحد إلا من رحم الله .الرابع ماقيل إن ألا بالتخفيف حرف تنبيه و مانافية والضميران للشي‌ء ومعني الاستثناء أن المرحوم ينتفع بخيره و لايتضرر من شره وقيل في بيان هذاالوجه يعني‌ أن شيئا من الدنيا ليس شيئا يعتد به ويركن إليه العاقل لأنه إما خير أوشر وخيره لاينفع لأنه في معرض الفناء والزوال وشره يضر إلا مع رحمة الله و هو ألذي عصمه من الشر.الخامس أن كلمة مامصدرية وضمير خيره راجعا إلي شيئا من الدنيا والإضافة من قبيل إضافة الجزء إلي الكل والاستثناء من مفعول يضر أي كأن شيئا من الدنيا لم يكن شيئا إلانفع الطاعة فيه أوإضرار المعصية فيه كل أحد إلا من رحم الله بتوفيق التوبة و هذايرجع إلي المعني الثالث و علي جميع التقادير الاستثناء الثاني‌ مفرغ . عن نفسك أي عن تحصيل ماينفعها في يوم لاينفع مال و لابنون و قد قال تعالي يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تُلهِكُم أَموالُكُم وَ لا أَولادُكُم عَن ذِكرِ اللّهِ وَ مَن يَفعَل ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ والمراد بالأهل هنا أعم من الزوجة والأولاد وسائر من في بيته بل يشمل الأقارب أيضا قال الراغب أهل الرجل من جمعه وإياهم نسب أودين أو مايجري‌ مجراهما من صناعة وبيت وبلد وضيعة فأهل الرجل في الأصل من جمعه وإياهم مسكن واحد ثم تجوز به فقيل أهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب وعبر بأهل الرجل عن امرأته و أهل الإسلام الذين يجمعهم . قوله كمنزل أي كمنزلين تحولت من إحداهما إلي الآخر والتصريح


صفحه : 67

بتشبيه الدنيا للإشارة إلي أن الاهتمام هنا ببيان حاله أشد وأكثر والضمير في نمتها راجع إلي النومة فهو بمنزلة مفعول مطلق و هذابالنسبة إلي المستضعفين وكأن التخصيص بذكرهم لأن المتقين بعدالموت في النعيم والجنة والكفار في العذاب والنار فليس بين الدنيا والآخرة لهما فاصلة فيتحولون من الدنيا إلي الآخرة كماروي‌ من مات فقد قامت قيامته . و أماالمستضعفون فلما كانوا ملهي عنهم استدرك ذلك بأن حالهم في البرزخ كنوم ليلة فلافاصلة بين دنياهم وآخرتهم حقيقة ويحتمل أن يكون الغرض بيان قلة نعيم البرزخ وحميمها بالنسبة إلي نعيم الآخرة وجحيمها فكأنهم نائمون أولأن جل عذابهم بعدالسؤال والضغطة وأمثالهما لما كان روحانيا شبه تلك الحالة بالنومة و لم يتعرض أحد لتحقيق هذه الفقرة مع إشكالها ومخالفتها ظاهرا للآيات والأخبار الكثيرة. قوله رحمه الله قدم أي العمل الصالح لمقامك بين يدي‌ الله عز و جل أي للحساب كماتدين تدان أي كماتفعل تجازي فهو علي المشاكلة و لايضر تقدمه أو كماتجازي‌ الرب تجازي و لاتخلو من بعد أو كماتجازي‌ العباد تجازي فيكون تأسيسا قال الجوهري‌ دانه دينا أي جازاه كمايقال كماتدين تدان أي كماتجازي‌ تجازي بفعلك وبحسب ماعملت و قوله تعالي إِنّا لَمَدِينُونَ أي مجزيون . يامبتغي‌ العلم قيل هذاافتتاح كلام آخر تركه المصنف وإنما ذكر ليعلم أن ماذكره ليس جميع الخطبة كمامر بعضه في باب الصمت حيث قال رضي‌ الله عنه يامبتغي‌ العلم إن هذااللسان مفتاح خير إلخ

35-كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ القَاسِمِ بنِ يَحيَي عَن جَدّهِ الحَسَنِ


صفحه : 68

بنِ رَاشِدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا لِي وَ الدّنيَا وَ مَا أَنَا وَ الدّنيَا إِنّمَا مثَلَيِ‌ وَ مَثَلُهَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ رُفِعَت لَهُ شَجَرَةٌ فِي يَومٍ صَائِفٍ فَقَالَ تَحتَهَا ثُمّ رَاحَ وَ تَرَكَهَا

بيان ما لي وللدنيا أي أي شغل لي مع الدنيا وقيل مانافية أي ما لي محبة مع الدنيا أوللاستفهام أي أي محبة لي معها حتي أرغب فيهاذكره الطيبي‌ في شرح بعض رواياتهم و ما أنا والدنيا أي أي مناسبة بيني‌ و بين الدنيا وَ مِن طَرِيقِ العَامّةِ روُيِ‌َ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِص نَامَ عَلَي حَصِيرٍ فَقَامَ وَ قَد أَثّرَ فِي جَسَدِهِ فَقَالُوا لَو أَمَرتَنَا أَن نَبسُطَ لَكَ وَ نَعمَلَ فَقَالَ مَا لِي وَ لِلدّنيَا وَ مَا أَنَا وَ الدّنيَا إِلّا كَرَاكِبٍ استَظَلّ تَحتَ شَجَرَةٍ ثُمّ رَاحَ أَو تَرَكَهَا

.أقول وجه الشبه سرعة الرحيل وقلة المكث وعدم الرضا به وطنا و قال الكرماني‌ في شرح البخاري‌ فيه فرفعت لنا صخرة أي ظهرت لأبصارنا و فيه أيضا فرفع إلي البيت المعمور أي قرب وكشف وعرض . و قال الجوهري‌ يوم صائف أي حار وليلة صائفة وربما قالوا يوم صاف بمعني صائف كماقالوا يوم راح و قال القائلة الظهيرة يقال أتانا عندالقائلة و قد يكون بمعني القيلولة أيضا وهي‌ النوم في الظهيرة تقول قال يقيل قيلولة وقيلا ومقيلا و هوشاذ فهو قائل . و في المصباح راح يروح رواحا وتروح مثله يكون بمعني الغدو وبمعني الرجوع و قديتوهم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار و ليس كذلك بل الرواح والغدو عندالعرب يستعملان في المسير أي وقت كان من ليل أونهار و قال ابن فارس الرواح رواح العشي‌ و هو من الزوال إلي الليل

36- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يَحيَي بنِ عُقبَةَ الأزَديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع مَثَلُ الحَرِيصِ عَلَي الدّنيَا كَمَثَلِ دُودَةِ القَزّ كُلّمَا ازدَادَت عَلَي نَفسِهَا لَفّاً كَانَ أَبعَدَ لَهَا مِنَ الخُرُوجِ حَتّي تَمُوتَ غَمّاً


صفحه : 69

قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع وَ كَانَ فِيمَا وَعَظَ بِهِ لُقمَانُ ابنَهُ يَا بنُيَ‌ّ إِنّ النّاسَ قَد جَمَعُوا قَبلَكَ لِأَولَادِهِم فَلَم يَبقَ مَا جَمَعُوا وَ لَم يَبقَ مَن جَمَعُوا لَهُ وَ إِنّمَا أَنتَ عَبدٌ مُستَأجَرٌ قَد أُمِرتَ بِعَمَلٍ وَ وُعِدتَ عَلَيهِ أَجراً فَأَوفِ عَمَلَكَ وَ استَوفِ أَجرَكَ وَ لَا تَكُن فِي هَذِهِ الدّنيَا بِمَنزِلَةِ شَاةٍ وَقَعَت فِي زَرعٍ أَخضَرَ فَأَكَلَت حَتّي سَمِنَت فَكَانَ حَتفُهَا عِندَ سِمَنِهَا وَ لَكِنِ اجعَلِ الدّنيَا بِمَنزِلَةِ قَنطَرَةٍ عَلَي نَهَرٍ جُزتَ عَلَيهَا وَ تَرَكتَهَا وَ لَم تَرجِع إِلَيهَا آخِرَ الدّهرِ أَخرِبهَا وَ لَا تَعمُرهَا فَإِنّكَ لَم تُؤمَر بِعِمَارَتِهَا وَ اعلَم أَنّكَ سَتُسأَلُ غَداً إِذَا وَقَفتَ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ عَن أَربَعٍ شَبَابِكَ فِيمَا أَبلَيتَهُ وَ عُمُرِكَ فِيمَا أَفنَيتَهُ وَ مَالِكَ مِمّا اكتَسَبتَهُ وَ فِيمَا أَنفَقتَهُ فَتَأَهّب لِذَلِكَ وَ أَعِدّ لَهُ جَوَاباً وَ لَا تَأسَ عَلَي مَا فَاتَكَ مِنَ الدّنيَا فَإِنّ قَلِيلَ الدّنيَا لَا يَدُومُ بَقَاؤُهُ وَ كَثِيرَهَا لَا يُؤمَنُ بَلَاؤُهُ فَخُذ حِذرَكَ وَ جِدّ فِي أَمرِكَ وَ اكشِفِ الغِطَاءَ عَن وَجهِكَ وَ تَعَرّض لِمَعرُوفِ رَبّكَ وَ جَدّدِ التّوبَةَ فِي قَلبِكَ وَ اكمُش فِي فَرَاغِكَ قَبلَ أَن يُقصَدَ قَصدُكَ وَ يُقضَي قَضَاؤُكَ وَ يُحَالَ بَينَكَ وَ بَينَ مَا تُرِيدُ

بيان قال في المصباح القز معرب قال الليث هو مايعمل منه الإبريسم ولهذا قال بعضهم القز والإبريسم مثل الحنطة والدقيق انتهي ولفا تميز عن نسبة ازدادت وغما مفعول له أوحال فلم يبق ماجمعوا في بعض النسخ ماجمعوا له وكأنه زيد له من النساخ و علي تقديره كأن المعني لم يبق الأغراض والمطالب الباطلة التي‌ جمعوا لها الدنيا كالجاه والعزة والغلبة والفخر وأمثالها.فكان حتفها أي هلاكها المعنوي‌ فإن التمتع بالمستلذات الجسمانية موجبة لقوة القوي الشهوانية وطغيانها و هذااستعارة تمثيلية شبه توسع الإنسان في لذات الدنيا وشهواتها وعدم مبالاته بحرامها وشبهاتها وابتلائه بعدالموت بعقوباتها بشاة وقعت في زرع أخضر فأكلت منها حيث شاءت وكيف شاءت بلا مانع حتي إذاسمنت قتلها صاحبها لسمنها


صفحه : 70

آخر الدهر أي إلي آخر الزمان أي أبدا أخربها أي دعها خرابا بترك ما لاتحتاج إليه من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح والمساكن والاقتصار علي القدر الضروري‌ في كل منها ستسأل قيل السين لمحض التأكيد فيما أبليته كلمة ما في المواضع الأربعة استفهامية وإثبات الألف مع حرف الجر فيهاشاذ والثوب البالي‌ هو ألذي استعمل حتي أشرف علي الاندراس . ثم إن العمر لايستلزم القوة والشباب فكل منهما نعمة يسأل عنها و مع الاستلزام أيضا تكفي‌ المغايرة للسؤال عن كل منهما. و أماالسؤال عن المال إما لغير المؤمنين أولغير الكاملين منهم لِمَا روُيِ‌َ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فِيمَا كَتَبَ إِلَي أَهلِ مِصرَ مَن عَمِلَ لِلّهِ أَعطَاهُ اللّهُ أَجرَهُ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ وَ كَفَاهُ المُهِمّ فِيهِمَا وَ قَد قَالَ اللّهُيا عِبادِ الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا رَبّكُم لِلّذِينَ أَحسَنُوا فِي هذِهِ الدّنيا حَسَنَةٌ وَ أَرضُ اللّهِ واسِعَةٌ إِنّما يُوَفّي الصّابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسابٍفَمَا أَعطَاهُمُ اللّهُ فِي الدّنيَا لَم يُحَاسِبهُم بِهِ فِي الآخِرَةِ قَالَ اللّهُ تَعَالَيلِلّذِينَ أَحسَنُوا الحُسني وَ زِيادَةٌ وَ الحُسنَي هيِ‌َ الجَنّةُ وَ الزّيَادَةُ هيِ‌َ الدّنيَا

وَ رَوَي البرَقيِ‌ّ فِي الصّحِيحِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ ثَلَاثَةُ أَشيَاءَ لَا يُحَاسَبُ العَبدُ المُؤمِنُ عَلَيهِنّ طَعَامٌ يَأكُلُهُ وَ ثَوبٌ يَلبَسُهُ وَ زَوجَةٌ صَالِحَةٌ تُعَاوِنُهُ وَ يُحصِنُ بِهَا فَرجَهُ

و قدوردت أخبار كثيرة في تفسير قوله تعالي ثُمّ لَتُسئَلُنّ يَومَئِذٍ عَنِ النّعِيمِ إن النعيم ولاية أهل البيت ع

وَ قَد رَوَي العيَاّشيِ‌ّ وَ غَيرُهُ أَنّهُ سَأَلَ أَبُو حَنِيفَةَ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن هَذِهِ الآيَةِ فَقَالَ لَهُ مَا النّعِيمُ عِندَكَ يَا نُعمَانُ قَالَ القُوتُ مِنَ الطّعَامِ وَ المَاءُ البَارِدُ فَقَالَ لَئِن أَوقَفَكَ اللّهُ بَينَ يَدَيهِ يَومَ القِيَامَةِ حَتّي يَسأَلَكَ عَن كُلّ أَكلَةٍ أَكَلتَهَا أَو شَربَةٍ شَرِبتَهَا لَيَطُولَنّ وُقُوفُكَ


صفحه : 71

بَينَ يَدَيهِ قَالَ فَمَا النّعِيمُ جُعِلتُ فِدَاكَ قَالَ نَحنُ أَهلَ البَيتِ النّعِيمُ ألّذِي أَنعَمَ اللّهُ بِنَا عَلَي العِبَادِ الخَبَرَ

. ويمكن أن يقال السؤال عن مال اكتسبه من حلال أوحرام أوأنفقه في حلال أوحرام لاينافي‌ عدم محاسبتهم علي ماأنفقوه في الحلال من مأكلهم ومسكنهم وملبسهم ونحو ذلك أوالمراد بتلك الأخبار أنهم لايعاتبون بذلك و لايقاص من حسناتهم بها فلاينافي‌ أصل المحاسبة كما

رَوَي الشّيخُ فِي مَجَالِسِهِ بِإِسنَادِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ يُوقَفُ العَبدُ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ فَيَقُولُ قِيسُوا بَينَ نعِمَيِ‌ عَلَيهِ وَ بَينَ عَمَلِهِ فَتَستَغرِقُ النّعَمُ العَمَلَ فَيَقُولُونَ قَدِ استَغرَقَ النّعَمُ العَمَلَ فَيَقُولُ هَبُوا لَهُ نعِمَيِ‌ وَ قِيسُوا بَينَ الخَيرِ وَ الشّرّ مِنهُ فَإِنِ استَوَي العَمَلَانِ أَذهَبَ اللّهُ الشّرّ بِالخَيرِ وَ أَدخَلَهُ الجَنّةَ وَ إِن كَانَ لَهُ فَضلٌ أَعطَاهُ اللّهُ بِفَضلِهِ وَ إِن كَانَ عَلَيهِ فَضلٌ وَ هُوَ مِن أَهلِ التّقوَي لَم يُشرِك بِاللّهِ تَعَالَي وَ اتّقَي الشّركَ بِهِ فَهُوَ مِن أَهلِ المَغفِرَةِ يَغفِرُ اللّهُ لَهُ بِرَحمَتِهِ إِن شَاءَ وَ يَتَفَضّلُ عَلَيهِ بِعَفوِهِ

. و قال الجوهري‌ تأهب استعد وأهبة الحرب عدتها و قال الأسي بالياء مفتوح مقصور الحزن وأسي‌ علي مصيبته بالكسر يأسي أسي أي حزن لايدوم بقاؤه والعاقل لايتأسف بفوات قليل لابقاء له لايؤمن بلاؤه أي في الدنيا والآخرة والعاقل لايتأسف بفوت مايتوقع منه الضرر والبلية مع أن الرب ألذي فوتهما عليه أعلم بمصلحته أوالمعني لاتحزن علي ما لم يصل إليك من الدنيا فإن الصبر علي قليل الدنيا وقلته سهل فإنه لايدوم وينقضي‌ قريبا بالموت والكثرة محل الآفات .فخذ حذرك بالكسر أي ماتحذر به من مكايد النفس والشيطان في الدنيا


صفحه : 72

والعذاب في الآخرة قال الراغب في قوله تعالي خُذُوا حِذرَكُم أي ما فيه الحذر من السلاح وغيره وجد في أمرك أي في تهيئة سفر الآخرة والاستعداد للقاء الله من العقائد الحسنة والأعمال الصالحة والأخلاق المرضية فإن من أراد سفرا يأخذ الأسلحة لدفع ضرر الطريق ويجهز ويهيئ مايحتاج إليه في ذلك السفر. واكشف الغطاء عن وجهك أي ارفع غطاء الغفلة عن وجه قلبك لتميز بين الحق والباطل والفاني‌ والباقي‌ أو عن الجهة التي‌ تتوجه إليه والطريق ألذي تسلكه لئلا يشتبه عليك فتسلك طريقا يؤديك إلي النار و أنت لاتعلم وتعرض لمعروف ربك بما به يستحق إحسانه وتفضله عليك من صالح النيات والأعمال وجدد التوبة في قلبك أي كلما ذكرت معاصيك و في النسبة إلي القلب إشعار بأن التوبة أمر قلبي‌ وهي‌ الندامة علي مامضي والعزم علي عدم الإتيان بمثله فيما سيأتي‌ و فيه دلالة علي حسن تكرار التوبة و إن كانت عن معصية واحدة واكمش أي أسرع وعجل في الصحاح الكمش الرجل السريع الماضي‌ و قدكمش بالضم كماشة فهو كمش وكميش وكمشته تكميشا أعجلته وانكمش وتكمش أسرع انتهي . في فراغك أي في أن تفرغ من الأمور التي‌ تحتاج إليه في الآخرة أو في فراغك من الدنيا وجعلك نفسك فارغة منها للآخرة أو في قصدك إلي الآخرة أوأسرع في العمل في أيام فراغك قبل أن تشتغل أوتبتلي بشي‌ء يمنعك عنه فإن الفراغ خلاف الشغل قال في المصباح فرغ من الشغل فروغا من باب قعد و من باب تعب لغة لبني‌ تميم والاسم الفراغ وفرغت للشي‌ء و إليه قصدت .أقول ويؤيد المعني الأخير ماروي‌ في مجالس الشيخ عن ابن عمر خذ من حياتك لموتك وخذ من صحتك لسقمك وخذ من فراغك لشغلك فإنك يا عبد الله ماتدري‌


صفحه : 73

مااسمك غدا

وَ مَا رَوَاهُ الصّدُوقُ فِي مَجَالِسِهِ عَنِ الكَاظِمِ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ لا تَنسَ نَصِيبَكَ قَالَ لَا تَنسَ صِحّتَكَ وَ قُوّتَكَ وَ فَرَاغَكَ وَ شَبَابَكَ وَ نَشَاطَكَ أَن تَطلُبَ بِهَا الآخِرَةَ

قبل أن يقصد علي بناء المجهول قصدك أي نحوك كناية عن توجه ملك الموت إليه لقبض روحه أوتوجه الأمراض والبلايا من الله إليه ويقضي قضاؤك أي يقدر ويحتم موتك ويحال بالموت أوالأعم بينك و بين ماتريد من التوبة والأعمال الصالحة و لاينفعه تمني‌ الحياة والرجعة حيث يقول رَبّ ارجِعُونِ لعَلَيّ‌ أَعمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكتُفيقال كَلّا إِنّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِن وَرائِهِم بَرزَخٌ إِلي يَومِ يُبعَثُونَأعاذنا الله وسائر المؤمنين من ندامة تلك الساعة وأهوال هذااليوم

37- كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ فِي مَا نَاجَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِهِ مُوسَي ع يَا مُوسَي لَا تَركَن إِلَي الدّنيَا رُكُونَ الظّالِمِينَ وَ رُكُونَ مَنِ اتّخَذَهَا أَباً وَ أُمّاً يَا مُوسَي لَو وَكَلتُكَ إِلَي نَفسِكَ لِتَنظُرَ إِلَيهَا إِذاً لَغَلَبَ عَلَيكَ حُبّ الدّنيَا وَ زَهرَتُهَا يَا مُوسَي نَافِس فِي الخَيرِ وَ اسبِقهُم إِلَيهِ فَإِنّ الخَيرَ كَاسمِهِ وَ اترُك مِنَ الدّنيَا مَا بِكَ الغِنَي عَنهُ وَ لَا تَنظُر عَينَكَ إِلَي كُلّ مَفتُونٍ بِهَا وَ مُوَكّلٍ إِلَي نَفسِهِ وَ اعلَم أَنّ كُلّ فِتنَةٍ بَدوُهَا حُبّ الدّنيَا وَ لَا تَغبِط أَحَداً بِكَثرَةِ المَالِ فَإِنّ مَعَ كَثرَةِ المَالِ تَكثُرُ الذّنُوبُ لِوَاجِبِ الحُقُوقِ وَ لَا تَغبِطَنّ أَحَداً بِرِضَي النّاسِ عَنهُ حَتّي تَعلَمَ أَنّ اللّهَ رَاضٍ عَنهُ وَ لَا تَغبِطَنّ أَحَداً بِطَاعَةِ النّاسِ لَهُ فَإِنّ طَاعَةَ النّاسِ لَهُ وَ اتّبَاعَهُم إِيّاهُ عَلَي غَيرِ الحَقّ هَلَاكٌ لَهُ وَ لِمَنِ اتّبَعَهُ

بيان يقال ركن إليه كنصر وعلم ومنع مال ويطلق غالبا علي الميل القلبي‌


صفحه : 74

لووكلتك يدل علي أن الزهد في الدنيا لايحصل بدون توفيقه تعالي و في القاموس نظر لهم رثي لهم وأعانهم و قال النظر محركة الفكر في الشي‌ء تقدره وتقيسه والحكم بين القوم والإعانة والفعل كنصر و في النهاية المنافسة الرغبة في الشي‌ء والانفراد به و هو من الشي‌ء النفيس الجيد في نوعه ونافست في الشي‌ء منافسة ونفاسا إذارغبت فيه . قوله ع فإن الخير كاسمه لعل المعني أن الخير لمادل بحسب أصل معناه في اللغة علي الأفضلية و مايطلق عليه في العرف والشرع من الأعمال الحسنة أوإيصال النفع إلي الغير هي‌ خير الأعمال فالخير كاسمه أي إطلاق هذاالاسم علي تلك الأمور بالاستحقاق والمعني المصطلح مطابق للمدلول اللغوي‌ أوالمراد به أن الخير لما كان كل من سمعه يستحسنه فهو حسن واقعا وحسنه حسن واقعي‌ والحاصل أن مايحكم به عقول عامة الخلق في ذلك مطابق للواقع أوالمراد باسمه ذكره بين الناس يعني‌ أن الخير ينفع في الآخرة كمايصير سببا لرفعة الذكر في الدنيا. مابك الغني عنه أي ما لم يحتج إليه بل لم تضطر إليه و لاتنظر علي بناء المجرد عينك بالرفع أوالنصب بنزع الخافض أي بعينك وربما يقرأ تنظر علي بناء الإفعال أي لاتجعلها ناظرة إلي كل مفتون بها أي مبتلي مخدوع بها والمراد النظر إلي كل من لقيه منهم فإنه لايمكن النظر إلي كلهم أوكناية عن أن النظر إلي واحد منهم بالإعجاب به وبما معه من زينتها بمنزلة النظر إلي جميعهم لاشتراك العلة. وموكل إلي نفسه المتبادر أنه علي بناء المفعول لكن الظاهر حينئذ وموكول إذ لم يأت أوكله في ماعندنا من كتب اللغة لكن كثير من الأبنية المتداولة كذلك ويمكن أن يقرأ علي بناء الفاعل من الإيكال بمعني الاعتماد في القاموس وكل بالله يكل وتوكل عليه وأوكل واتكل استسلم إليه ووكل إليه الأمر وكلا ووكولا سلمه وتركه . إن كل فتنة أي ضلالة أوبلية أوامتحان أوإثم في القاموس الفتنة بالكسر


صفحه : 75

الخبرة وإعجابك بالشي‌ء والضلال والإثم والكفر والفضيحة والعذاب وإذابة الذهب والفضة والإضلال والجنون والمحنة والمال والأولاد واختلاف الناس في الآراء وأقول يناسب هنا أكثر المعاني‌ و لاتغبط أحدا بأن تتمني حالة تكثر الذنوب بصيغة المضارع من باب حسن أومصدر باب التفعل لواجب الحقوق أي للتقصير في أداء الحقوق الواجبة غالبا بطاعة الناس له أي في الباطل

38- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُغِيرَةِ عَن غِيَاثِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ فِي كِتَابِ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ إِنّمَا مَثَلُ الدّنيَا كَمَثَلِ الحَيّةِ مَا أَليَنَ مَسّهَا وَ فِي جَوفِهَا السّمّ النّاقِعُ يَحذَرُهَا الرّجُلُ العَاقِلُ وَ يهَويِ‌ إِلَيهَا الصبّيِ‌ّ الجَاهِلُ

بيان قال في النهاية السم الناقع أي القاتل و قدنقعت فلانا إذاقتلته وقيل الناقع الثابت المجتمع من نقع الماء انتهي و ماأحسن هذاالتشبيه وأتمه وأكمله

39-كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن أَبِي جَمِيلَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع كَتَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي بَعضِ أَصحَابِهِ يَعِظُهُ أُوصِيكَ وَ نفَسيِ‌ بِتَقوَي مَن لَا تَحِلّ مَعصِيَتُهُ وَ لَا يُرجَي غَيرُهُ وَ لَا الغِنَي إِلّا بِهِ فَإِنّ مَنِ اتّقَي اللّهَ عَزّ وَ قوَيِ‌َ وَ شَبِعَ وَ روَيِ‌َ وَ رُفِعَ عَقلُهُ عَن أَهلِ الدّنيَا فَبَدَنُهُ مَعَ أَهلِ الدّنيَا وَ قَلبُهُ وَ عَقلُهُ مُعَايِنُ الآخِرَةِ فَأَطفَأَ بِضَوءِ قَلبِهِ مَا أَبصَرَت عَينَاهُ مِن حُبّ الدّنيَا فَقَذِرَ حَرَامَهَا وَ جَانَبَ شُبُهَاتِهَا وَ أَضَرّ وَ اللّهِ بِالحَلَالِ الصاّفيِ‌ إِلّا مَا لَا بُدّ مِنهُ مِن كِسرَةٍ يَشُدّ بِهَا صُلبَهُ وَ ثَوبٍ يوُاَريِ‌ بِهِ عَورَتَهُ مِن أَغلَظِ مَا يَجِدُ وَ أَخشَنِهِ وَ لَم يَكُن لَهُ فِي مَا لَا بُدّ مِنهُ ثِقَةٌ وَ لَا رَجَاءٌ فَوَقَعَت ثِقَتُهُ وَ رَجَاؤُهُ عَلَي خَالِقِ الأَشيَاءِ فَجَدّ وَ اجتَهَدَ وَ أَتعَبَ بَدَنَهُ حَتّي بَدَتِ الأَضلَاعُ وَ غَارَتِ العَينَانِ فَأَبدَلَ اللّهُ لَهُ مِن ذَلِكَ قُوّةً فِي بَدَنِهِ وَ شِدّةً فِي عَقلِهِ وَ مَا ذُخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ أَكثَرُ فَارفُضِ الدّنيَا فَإِنّ حُبّ الدّنيَا يعُميِ‌ وَ يُصِمّ وَ يُبكِمُ وَ يُذِلّ الرّقَابَ فَتَدَارَك مَا بقَيِ‌َ مِن عُمُرِكَ وَ لَا تَقُل غَداً وَ بَعدَ غَدٍ فَإِنّمَا هَلَكَ مَن كَانَ قَبلَكَ بِإِقَامَتِهِم عَلَي الأمَاَنيِ‌ّ


صفحه : 76

وَ التّسوِيفِ حَتّي أَتَاهُم أَمرُ اللّهِ بَغتَةً وَ هُم غَافِلُونَ فَنُقِلُوا عَلَي أَعوَادِهِم إِلَي قُبُورِهِمُ المُظلِمَةِ الضّيّقَةِ وَ قَد أَسلَمَهُمُ الأَولَادُ وَ الأَهلُونَ فَانقَطِع إِلَي اللّهِ بِقَلبٍ مُنِيبٍ مِن رَفضِ الدّنيَا وَ عَزمٍ لَيسَ فِيهِ انكِسَارٌ وَ لَا انخِزَالٌ أَعَانَنَا اللّهُ وَ إِيّاكَ عَلَي طَاعَتِهِ وَ وَفّقَنَا اللّهُ وَ إِيّاكَ لِمَرضَاتِهِ

بيان قال الراغب الوعظ زجر مقترن بتخويف و قال الخليل هوالتذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم و قال الوصية التقدم إلي الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ من قولهم أرض واصية متصلة النبات يقال أوصاه ووصاه فإن من اتقي الله علة للوصية عز أي بعزة واقعية ربانية لاتزول بإذلال الناس كما قال تعالي وَ لِلّهِ العِزّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلمُؤمِنِينَ وقوي‌ بقوة معنوية إلهية لاتشبه القوي البدنية كَمَا قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا قَلَعتُ بَابَ خَيبَرَ بِقُوّةٍ جِسمَانِيّةٍ بَل بِقُوّةٍ رَبّانِيّةٍ

وشبع وروي‌ من غيراكتساب لقوله تعالي وَ مَن يَتّقِ اللّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجاً وَ يَرزُقهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ أوشبع بالعلوم الدينية وارتوي بزلال الحكمة الإلهية. ورفع عقله علي بناء المجهول عن أهل الدنيا أي صار عقله أرفع من عقولهم أوأرفع من أن ينظر إلي الدنيا وأهلها ويلتفت إليهم ويعتني‌ بشأنهم إلالهدايتهم وإرشادهم فبدنه مع أهل الدنيا لكونه من جنس أبدانهم في الصورة الجسدانية وقلبه وعقله لشدة يقينه معاين الآخرة لتخليته عن العلائق الجسمانية. من حب الدنيا من للبيان أوللتبعيض وإسناد الأبصار إلي الحب علي المجاز أوالمصدر بمعني المفعول أو هوبالكسر قال في القاموس الحب بالكسر المحبوب شبه ع ماأبصره أوأحبه بالنار في الإهلاك استعارة مكنية ونسبة الإطفاء إليه تخييلية.


صفحه : 77

فقذر حرامها أي عدّه قذرا نجسا يجب اجتنابه أوكرهه في الصحاح القذر ضد النظافة و شيءقذر بيّن القذارة وقذرت الشي‌ء بالكسر وتقذّرته واستقذرته إذاكرهته وجانب شبهاتها وهي‌ المشتبهات بالحرام مع عدم العلم بكونها حراما كأموال الظلمة فيكون مكروها علي المشهور أو ألذي اشتبه عليه الحكم فيه فاجتنابه مستحب علي المشهور وكأنه ع لذلك غيرالتعبير فعبر هنا بالاجتناب و في الحرام بالحكم بالقذارة. وأضرّ علي بناء المعلوم كناية عن تركه وعدم الاعتناء به وترك الالتفات إليه أو علي بناء المجهول أي يعد نفسه متضررة به أويتضرر به لعلو حاله بالحلال الصافي‌ من الشبهة فكيف بالحرام والشبهة و في المصباح الكسرة القطعة من الشي‌ء المكسور و منه الكسرة من الخبز و في القاموس الكسرة بالكسر القطعة من الشي‌ء المكسور والجمع كسر انتهي .يشد بهاصلبه أي يقوي بها علي العبادة من أغلظ مايجد ظاهره استحباب الاكتفاء بالثياب الخشنة و إن كان قادرا علي الناعمة و هومخالف لأخبار كثيرة إلا أن يحمل علي أن المراد به من الأغلظ ألذي يجده أي إذا لم يجد غيره أو علي ما إذا لم يجد غيره إلابارتكاب الحرام أوالشبهة أوبصرف جل أوقاته في تحصيله بحيث يمنعه عن النوافل وفواضل الطاعات أو علي ما إذاعلم أنه يصير سببا لطغيانه و أن علاج كبره وصفاته الذميمة منحصر في ذلك .ثقة و لارجاء أي بغيره سبحانه كمابينه في الفقرة الآتية و في المصباح الجد بالكسر الاجتهاد و هومصدر يقال منه جد يجد من بابي‌ ضرب وقتل والاسم الجد بالكسر وأتعب بدنه أي بالعبادات الشرعية لاالأعمال المبتدعة.فأبدل الله له لأنه تعالي قال لَئِن شَكَرتُم لَأَزِيدَنّكُمفمن بذل ماأعطاه الله من الأموال الفانية عوضه الله من الأموال الباقية أضعافها و من بذل قوته البدنيّة في طاعة الله أبدله الله قوّة روحانية لايفني في الدنيا والآخرة فتبدو منه


صفحه : 78

المعجزات وخوارق العادات والكرامات و ما لايقدر عليه بالقوي الجسمانية و من بذل علمه في الله وعمل به ورثه الله علما لدنيا يزيد في كل ساعة و من بذل عزه الفاني‌ الدنيوي‌ في رضي الله تعالي أعطاه الله عزا حقيقيا لايتبدل بالذل أبدا كما أن الأنبياء والأوصياء ع لمابذلوا عزهم الدنيوي‌ في سبيل الله أعطاهم الله عزة في الدارين لايشبه عزّ غيرهم فيلوذ الناس بقبورهم وضرائحهم المقدسة والملوك يعفرون وجوههم علي أعتابهم ويتبركون بذكرهم . و من بذل حياته البدنية في الجهاد في سبيله عوّضه الله حياة أبدية يتصرفون بعدموتهم في عوالم الملك والملكوت ولذا قال تعالي وَ لا تَحسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمواتاً بَل أَحياءٌ عِندَ رَبّهِم يُرزَقُونَ و من بذل نور بصره وسمعه في الطاعة أعطاه الله نورا منه به ينظر في ملكوت السماوات و الأرض و به يسمع كلام الملائكة المقربين ووحي‌ رب العالمين كماورد المؤمن ينظر بنور الله وورد بي‌ يسمع وبي‌ يبصر و إذاتخلي من إرادته وجعلها تابعة لإرادة الله جعله بحيث لايشاء إلا أن يشاء الله و كان الله هو ألذي يدبر في بدنه وقلبه وعقله وروحه والكلام هنا دقيق لاتفي‌ به العبارة والبيان و في هذاالمقام تزل الأقدام . والرفض الترك يعمي أي بصر القلب عن رؤية الحق كما قال تعالي فَإِنّها لا تَعمَي الأَبصارُ وَ لكِن تَعمَي القُلُوبُ التّيِ‌ فِي الصّدُورِ ويصم القلب أيضا عن سماع الحق وقبوله ويمكن أن يراد بهما عمي البصر الظاهر لعدم انتفاعه بما يري فكأنه أعمي وصمم السمع الظاهر لأنه لاينتفع بما يسمع فكأنه أصم كما قال سبحانه خَتَمَ اللّهُ عَلي قُلُوبِهِم وَ عَلي سَمعِهِم وَ عَلي أَبصارِهِم غِشاوَةٌ والبكم نسبته إلي الظاهر أظهر فإنه لما لم يتكلم بالحق وبما ينفعه فكأنه أبكم و إن أمكن حمله أيضا علي لسان القلب فإن لسان الرأس معبر عنه حقيقة. ويذل الرقاب لأنه موجب للتذلل عند أهل الدنيا لتحصيله أويذلها


صفحه : 79

لقبول الباطل من أهله من الذل بالكسر و هوضد الصعوبة فتدارك مابقي‌ التدارك ليس هنا بمعني التلافي‌ و لابمعني التلاحق بل بمعني الإدراك أي أدركه و لاتفوته كقوله تعالي لَو لا أَن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ مِن رَبّهِ أي أدركته بإجابة دعائه كماقاله الطبرسي‌ ويحتمل أن يكون مابقي‌ ظرفا والمفعول مقدرا أي تلاف مافات منك فيما بقي‌ من عمرك لكنه بعيد و لاتقل غدا أي أتوب أوأعمل غدا حتي أتاهم أمر الله أي بالموت أوبالعذاب بغتة بالفتح و قدتحرك أي فجاءه وهم غافلون من إتيانه علي أعوادهم أي كائنين علي السرر والتوابيت المعمولة من الأعواد إلي قبورهم المظلمة الضيقة فإنها علي الأشقياء كذلك و إن كانت للأصفياء روضة من رياض الجنة فانقطع أي عن الدنيا وأهلها بقلب أي مع قلب منيب أي تائب راجع عن الذنوب إشارة إلي قوله تعالي مَن خشَيِ‌َ الرّحمنَ بِالغَيبِ وَ جاءَ بِقَلبٍ مُنِيبٍ قال الطبرسي‌ أي وافي الآخرة بقلب مقبل علي طاعة الله راجع إلي الله بضمائره من رفض الدنيا من تعليل للإنابة أوللانقطاع وعزم عطف علي قلب ليس فيه انكسار أي وهن و لاانخزال أي تثاقل أوانقطاع في القاموس الانخزال مشية في تثاقل والانخزال الانفراد والحذف والاقتطاع وانخزل عن جوابي‌ لم يعبأ به و في كلامه انقطع لمرضاته أي لمايوجب رضاه عنا

40- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُغِيرَةِ وَ غَيرِهِ عَن طَلحَةَ بنِ زَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَثَلُ الدّنيَا كَمَثَلِ مَاءِ البَحرِ كُلّمَا شَرِبَ مِنهُ العَطشَانُ ازدَادَ عَطَشاً حَتّي يَقتُلَهُ

بيان كمثل ماء البحر أي المالح و هذا من أحسن التمثيلات للدنيا و هومجرب فإن الحريص علي جمع الدنيا كلما ازداد منها ازداد حرصه عليها وأيضا كلّما حصل منها لابد له لحفظه ونموه وسائر مايليق به ويناسبه من


صفحه : 80

أشياء أخري و لاينتهي‌ إلي حد فيصرف جميع عمره في تحصيلها حتي يموت ويبقي له حسراتها وعقوباتها أعاذنا الله منها

41- كا،[الكافي‌] عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي عَنِ الوَشّاءِ قَالَ سَمِعتُ الرّضَا ع يَقُولُ قَالَ عِيسَي بنُ مَريَمَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ لِلحَوَارِيّينَ يَا بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ لَا تَأسَوا عَلَي مَا فَاتَكُم مِنَ الدّنيَا كَمَا لَا يَأسَي أَهلُ الدّنيَا عَلَي مَا فَاتَهُم مِن دِينِهِم إِذَا أَصَابُوا دُنيَاهُم

بيان قال في النهاية فيه حواري‌ من أمتي‌ أي خاصتي‌ من أصحابي‌ وناصري‌ و منه الحواريون أصحاب عيسي ع أي خلصاؤه وأنصاره وأصله من التحوير التبييض قيل إنهم كانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها و منه الخبز الحواري‌ ألذي نخل مرة بعدمرة قال الأزهري‌ الحواريون خلصان الأنبياء وتأويله الذين أخلصوا ونقوا من كل عيب و قال الراغب الحواريون أنصار عيسي ع قيل كانوا قصارين وقيل كانوا صيادين . و قال بعض العلماء إنما سموا حواريين لأنهم كانوا يطهرون نفوس الناس بإفادتهم الدين والعلم المشار إليه بقوله إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهّرَكُم تَطهِيراً قال وإنما قيل كانوا قصارين علي التمثيل والتشبيه وتصور منه من لم يتخصص بمعرفة الحقائق المهنة المتداولة بين العامة قال وإنما قال كانوا صيادين لاصطيادهم نفوس الناس من الحيرة وقودهم إلي الحق انتهي .أقول و قدسبق كلام طويل الذيل في أوائل هذاالباب في أثناء شرح حديث من الكافي‌ أيضا في تحقيق معني الحواريين فلاتغفل . والأسي الحزن علي فوت الفائت والغرض لا يكون أهل الدنيا علي باطلهم


صفحه : 81

أشد حرصا منكم علي الحق

42- نهج ،[نهج البلاغة] الحَمدُ لِلّهِ غَيرَ مَقنُوطٍ مِن رَحمَتِهِ وَ لَا مَخلُوّ مِن نِعمَتِهِ وَ لَا مَأيُوسٍ مِن مَغفِرَتِهِ وَ لَا مُستَنكِفٍ عَن عِبَادَتِهِ ألّذِي لَا تَبرَحُ مِنهُ رَحمَةٌ وَ لَا تُفقَدُ مِنهُ نِعمَةٌ وَ الدّنيَا دَارٌ منُيِ‌َ لَهَا الفَنَاءُ وَ لِأَهلِهَا مِنهَا الجَلَاءُ وَ هيِ‌َ حُلوَةٌ خَضِرَةٌ قَد عَجِلَت لِلطّالِبِ وَ التَبَسَت بِقَلبِ النّاظِرِ فَارتَحِلُوا مِنهَا بِأَحسَنِ مَا بِحَضرَتِكُم مِنَ الزّادِ وَ لَا تَسأَلُوا فِيهَا فَوقَ الكَفَافِ وَ لَا تَطلُبُوا مِنهَا أَكثَرَ مِنَ البَلَاغِ

43- كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ، قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَحَبّ دُنيَاهُ أَضَرّ بِآخِرَتِهِ

وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الدّنيَا دُوَلٌ فَاطلُب حَظّكَ مِنهَا بِأَجمَلِ الطّلَبِ

وَ قَالَص مَن أَمِنَ الزّمَانَ خَانَهُ وَ مَن غَالَبَهُ أَهَانَهُ

وَ قَالَ الدّهرُ يَومَانِ يَومٌ لَكَ وَ يَومٌ عَلَيكَ فَإِن كَانَ لَكَ فَلَا تَبطَر وَ إِن كَانَ عَلَيكَ فَاصبِر فَكِلَاهُمَا عَنكَ سَيَنحَسِرُ

وَ قَالَ ع مَن أَصبَحَ حَزِيناً عَلَي الدّنيَا فَقَد أَصبَحَ سَاخِطاً عَلَي رَبّهِ تَعَالَي وَ مَن كَانَتِ الدّنيَا أَكبَرَ هَمّهِ طَالَ شَقَاؤُهُ وَ غَمّهُ الدّنيَا لِمَن تَرَكَهَا وَ الآخِرَةُ لِمَن طَلَبَهَا الزّاهِدُ فِي الدّنيَا كُلّمَا ازدَادَت لَهُ تَحَلّياً ازدَادَ عَنهَا تَخَلّياً

وَ قَالَ ع إِذَا طَلَبتَ شَيئاً مِنَ الدّنيَا فزَوُيِ‌َ عَنكَ فَاذكُر مَا خَصّكَ اللّهُ بِهِ مِن دِينِكَ وَ صَرَفَهُ عَن غَيرِكَ فَإِنّ ذَلِكَ أَحرَي أَن تَستَحِقّ نَفسَكَ بِمَا فَاتَكَ

وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنَا زَعِيمٌ بِثَلَاثٍ لِمَن أَكَبّ عَلَي الدّنيَا بِفَقرٍ لَا غَنَاءَ لَهُ وَ بِشُغُلٍ لَا فَرَاغَ لَهُ وَ بِهَمّ وَ حُزنٍ لَا انقِطَاعَ لَهُ

وَ قَالَص كُونُوا فِي الدّنيَا أَضيَافاً وَ اتّخِذُوا المَسَاجِدَ بُيُوتاً وَ عَوّدُوا قُلُوبَكُمُ الرّقّةَ وَ أَكثِرُوا التّفَكّرَ وَ البُكَاءَ وَ لَا تَختَلِفَنّ بِكُمُ الأَهوَاءُ تَبنُونَ مَا لَا تَسكُنُونَ وَ تَجمَعُونَ مَا لَا تَأكُلُونَ وَ تَأمُلُونَ مَا لَا تُدرِكُونَ

44- عُدّةُ الداّعيِ‌، قَالَ الصّادِقُ ع إِنّا لَنُحِبّ الدّنيَا وَ أَن لَا نُؤتَاهَا خَيرٌ لَنَا مِن أَن نُؤتَاهَا وَ مَا أوُتيِ‌َ ابنُ آدَمَ مِنهَا شَيئاً إِلّا نَقَصَ حَظّهُ مِنَ الآخِرَةِ


صفحه : 82

45- نهج ،[نهج البلاغة] مِن خُطبَةٍ لَهُ ع دَارٌ بِالبَلَاءِ مَحفُوفَةٌ وَ بِالغَدرِ مَعرُوفَةٌ لَا تَدُومُ أَحوَالُهَا وَ لَا يَسلَمُ نُزّالُهَا أَحوَالٌ مُختَلِفَةٌ وَ تَارَاتٌ مُتَصَرّفَةٌ العَيشُ فِيهَا مَذمُومٌ وَ الأَمَانُ مِنهَا مَعدُومٌ وَ إِنّمَا أَهلُهَا فِيهَا أَغرَاضٌ مُستَهدَفَةٌ تَرمِيهِم بِسِهَامِهَا وَ تُفنِيهِم بِحِمَامِهَا وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّكُم وَ مَا أَنتُم فِيهِ مِن هَذِهِ الدّنيَا عَلَي سَبِيلِ مَن قَد مَضَي قَبلَكُم مِمّن كَانَ أَطوَلَ مِنكُم أَعمَاراً وَ أَعمَرَ دِيَاراً وَ أَبعَدَ آثَاراً أَصبَحَت أَصوَاتُهُم هَامِدَةً وَ رِيَاحُهُم رَاكِدَةً وَ أَجسَادُهُم بَالِيَةً وَ دِيَارُهُم خَالِيَةً وَ آثَارُهُم عَافِيَةً وَ استَبدَلُوا بِالقُصُورِ المُشَيّدَةِ وَ بِالنّمَارِقِ المُمَهّدَةِ الصّخُورَ وَ الأَحجَارَ المُسَنّدَةَ وَ القُبُورَ اللّاطِئَةَ المُلحَدَةَ التّيِ‌ قَد بنُيِ‌َ لِلخَرَابِ فِنَاؤُهَا وَ شُيّدَ بِالتّرَابِ بِنَاؤُهَا فَمَحَلّهَا مُقتَرِبٌ وَ سَاكِنُهَا مُغتَرِبٌ بَينَ أَهلِ مَحَلّةٍ مُوحِشِينَ وَ أَهلِ فَرَاغٍ مُتَشَاغِلِينَ لَا يَستَأنِسُونَ بِالأَوطَانِ وَ لَا يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الجِيرَانِ عَلَي مَا بَينَهُم مِن قُربِ الجِوَارِ وَ دُنُوّ الدّارِ وَ كَيفَ يَكُونُ بَينَهُم تَزَاوُرٌ وَ قَد طَحَنَهُم بِكَلكَلِهِ البِلَي وَ أَكَلَتهُمُ الجَنَادِلُ وَ الثّرَي وَ كَأَن قَد صِرتُم إِلَي مَا صَارُوا إِلَيهِ وَ ارتَهَنَكُم ذَلِكَ المَضجَعُ وَ ضَمّكُم ذَلِكَ المُستَودَعُ فَكَيفَ بِكُم لَو تَنَاهَت بِكُمُ الأُمُورُ وَ بُعثِرَتِ القُبُورُهُنالِكَ تَبلُوا كُلّ نَفسٍ ما أَسلَفَت وَ رُدّوا إِلَي اللّهِ مَولاهُمُ الحَقّ وَ ضَلّ عَنهُم ما كانُوا يَفتَرُونَ


صفحه : 83

46- نهج ،[نهج البلاغة] مِن خُطبَةٍ لَهُ ع فَإِنّ تَقوَي اللّهِ مِفتَاحُ سَدَادٍ وَ ذَخِيرَةُ مَعَادٍ وَ عِتقٌ مِن كُلّ مَلَكَةٍ وَ نَجَاةٌ مِن كُلّ هَلَكَةٍ بِهَا يَنجَحُ الطّالِبُ وَ يَنجُو الهَارِبُ وَ تُنَالُ الرّغَائِبُ فَاعمَلُوا وَ العَمَلُ يُرفَعُ وَ التّوبَةُ تَنفَعُ وَ الدّعَاءُ يُسمَعُ وَ الحَالُ هَادِئَةٌ وَ الأَقلَامُ جَارِيَةٌ وَ بَادِرُوا بِالأَعمَالِ عُمُراً نَاكِساً أَو مَرَضاً حَابِساً أَو مَوتاً خَالِساً فَإِنّ المَوتَ هَادِمُ لَذّاتِكُم وَ مُكَدّرُ شَهَوَاتِكُم وَ مُبَاعِدُ طِيّاتِكُم زَائِرٌ غَيرُ مَحبُوبٍ وَ قِرنٌ غَيرُ مَغلُوبٍ وَ وَاتِرٌ غَيرُ مَطلُوبٍ قَد أَعلَقَتكُم حَبَائِلُهُ وَ تَكَنّفَتكُم غَوَائِلُهُ وَ أَقصَدَتكُم مَعَابِلُهُ وَ عَظُمَت فِيكُم سَطوَتُهُ وَ تَتَابَعَت عَلَيكُم عَدوَتُهُ وَ قَلّت عَنكُم نَبوَتُهُ فَيُوشِكُ أَن تَغشَاكُم دوَاَجيِ‌ ظُلَلِهِ وَ احتِدَامُ عِلَلِهِ وَ حَنَادِسُ غَمَرَاتِهِ وَ غوَاَشيِ‌ سَكَرَاتِهِ وَ أَلِيمُ إِزهَاقِهِ وَ دُجُوّ أَطبَاقِهِ وَ جُشُوبَةُ مَذَاقِهِ فَكَأَن قَد أَتَاكُم بَغتَةً فَأَسكَتَ نَجِيّكُم وَ فَرّقَ نَدِيّكُم وَ عَفّي آثَارَكُم وَ عَطّلَ دِيَارَكُم وَ بَعَثَ وُرّاثَكُم يَقتَسِمُونَ تُرَاثَكُم بَينَ حَمِيمٍ خَاصّ لَم يَنفَع وَ قَرِيبٍ مَحزُونٍ لَم يَمنَع وَ آخَرَ شَامِتٍ لَم يَجزَع فَعَلَيكُم بِالجِدّ وَ الِاجتِهَادِ وَ التّأَهّبِ وَ الِاستِعدَادِ وَ التّزَوّدِ فِي مَنزِلِ الزّادِ وَ لَا تَغُرّنّكُمُ الدّنيَا كَمَا غَرّت مَن كَانَ قَبلَكُم مِنَ الأُمَمِ المَاضِيَةِ وَ القُرُونِ الخَالِيَةِ الّذِينَ احتَلَبُوا دِرّتَهَا وَ أَصَابُوا غِرّتَهَا وَ أَفنَوا عِدّتَهَا وَ أَخلَقُوا جِدّتَهَا أَصبَحَت مَسَاكِنُهُم أَجدَاثاً وَ أَموَالُهُم مِيرَاثاً لَا يَعرِفُونَ مَن أَتَاهُم وَ لَا يَحفِلُونَ مَن بَكَاهُم وَ لَا يُجِيبُونَ مَن دَعَاهُم فَاحذَرُوا الدّنيَا فَإِنّهَا غَدّارَةٌ غَرّارَةٌ خَدُوعٌ مُعطِيَةٌ مَنُوعٌ مُلبِسَةٌ نَزُوعٌ لَا يَدُومُ رَخَاؤُهَا وَ لَا ينَقضَيِ‌ عَنَاؤُهَا وَ لَا يَركُدُ بَلَاؤُهَا

47-نَهجُ الكيَدرُيِ‌ّ، عِندَ شَرحِ قَولِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع لِهَمّامٍ فِي وَصفِ


صفحه : 84

المُتّقِينَ أَرَادَتهُمُ الدّنيَا وَ لَم يُرِيدُوهَا

قَالَ مِن مُكَاشَفَاتِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مَا رَوَاهُ الصّادِقُ عَن آبَائِهِ ع أَنّهُ قَالَ إنِيّ‌ كُنتُ بِفَدَكَ فِي بَعضِ حِيطَانِهَا وَ قَد صَارَت لِفَاطِمَةَ ع إِذَا أَنَا بِامرَأَةٍ قَد هَجَمَت عَلَيّ وَ فِي يدَيِ‌ مِسحَاةٌ وَ أَنَا أَعمَلُ بِهَا فَلَمّا نَظَرتُ إِلَيهَا طَارَ قلَبيِ‌ مِمّا تدَاَخلَنَيِ‌ مِن جَمَالِهَا فَشَبّهتُهَا بِبُثَينَةَ بِنتِ عَامِرٍ الجمُحَيِ‌ّ وَ كَانَت مِن أَجمَلِ نِسَاءِ قُرَيشٍ فَقَالَت لِي يَا ابنَ أَبِي طَالِبٍ هَل لَكَ أَن تزَوَجّنَيِ‌ وَ أُغنِيَكَ عَن هَذِهِ المِسحَاةِ وَ أَدُلّكَ عَلَي خَزَائِنِ الأَرضِ وَ يَكُونَ لَكَ المُلكُ مَا بَقِيتَ فَقُلتُ لَهَا مَن أَنتِ حَتّي أَخطُبَكِ مِن أَهلِكِ فَقَالَت أَنَا الدّنيَا فَقُلتُ لَهَا ارجعِيِ‌ فاَطلبُيِ‌ زَوجاً غيَريِ‌ فَلَستِ مِن شأَنيِ‌ وَ أَقبَلتُ عَلَي مسِحاَتيِ‌ وَ أَنشَأتُ أَقُولُ


لَقَد خَابَ مَن غَرّتهُ دُنيَا دَنِيّةٌ   وَ مَا هيِ‌َ إِن غَرّت قُرُوناً بِطَائِلٍ

أَتَتنَا عَلَي زيِ‌ّ العَزِيزِ بُثَينَةَ   وَ زِينَتُهَا فِي مِثلِ تِلكَ الشّمَائِلِ

فَقُلتُ لَهَا غرُيّ‌ سوِاَي‌َ فإَنِنّيِ‌   عَزُوفٌ عَنِ الدّنيَا وَ لَستُ بِجَاهِلٍ

وَ مَا أَنَا وَ الدّنيَا فَإِنّ مُحَمّداً   رَهِينٌ بِقَفرٍ بَينَ تِلكَ الجَنَادِلِ

وَ هَبهَا أَتَتنَا بِالكُنُوزِ وَ دُرّهَا   وَ أَموَالِ قَارُونَ وَ مُلكِ القَبَائِلِ

أَ لَيسَ جَمِيعاً لِلفَنَاءِ مَصِيرُهَا   وَ يُطلَبُ مِن خُزّانِهَا بِالطّوَائِلِ

فغَرُيّ‌ سوِاَي‌َ إنِنّيِ‌ غَيرُ رَاغِبٍ   لِمَا فِيكِ مِن عِزّ وَ مُلكٍ وَ نَائِلٍ

وَ قَد قَنِعَت نفَسيِ‌ بِمَا قَد رُزِقتُهُ   فَشَأنَكِ يَا دُنيَا وَ أَهلَ الغَوَائِلِ

فإَنِيّ‌ أَخَافُ اللّهَ يَومَ لِقَائِهِ   وَ أَخشَي عِتَاباً دَائِماً غَيرَ زَائِلٍ

صفحه : 85

وَ قَالَ أَيضاً


دُنيَا تخُاَدعِنُيِ‌ كأَنَيّ‌   لَستُ أَعرِفُ حَالَهَا

مَدّت إلِيَ‌ّ يَمِينَهَا   فَرَدَدتُهَا وَ شِمَالَهَا

وَ رَأَيتُهَا مُحتَاجَةٌ   فَوَهَبتُ جُملَتَهَا لَهَا

فَهَذَا مَعنَي قَولِهِ ع أَرَادَتهُمُ الدّنيَا وَ لَم يُرِيدُوهَا

48- عِدّةُ الداّعيِ‌، قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ المُؤمِنَ لَا يُصبِحُ وَ لَا يمُسيِ‌ إِلّا وَ نَفسُهُ ظَنُونٌ عِندَهُ فَلَا يَزَالُ زَارِياً عَلَيهَا وَ مُستَزِيداً لَهَا فَكُونُوا كَالسّابِقِينَ قَبلَكُم وَ المَاضِينَ أَمَامَكُم قَوّضُوا مِنَ الدّنيَا تَقوِيضَ الرّاحِلِ وَ طَوَوهَا طيَ‌ّ المَنَازِلِ

49- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ جَابِرٍ عَن يُونُسَ بنِ ظَبيَانَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُ وَيلٌ لِلّذِينَ يَختِلُونَ الدّنيَا بِالدّينِ وَ وَيلٌ لِلّذِينَ يَقتُلُونَ الّذِينَ يَأمُرُونَ بِالقِسطِ مِنَ النّاسِ وَ وَيلٌ لِلّذِينَ يَسِيرُ المُؤمِنُ فِيهِم بِالتّقِيّةِ أَ بيِ‌ يَغتَرّونَ أَم عَلَيّ يَجتَرِءُونَ فبَيِ‌ حَلَفتُ لَأُتِيحَنّ لَهُم فِتنَةً تَترُكُ الحَلِيمَ مِنهُم حَيرَانَ[حَيرَاناً]

بيان ويل للذين يختلون الدنيا بالدين أي العذاب والهلاك للذين يطلبون الدنيا بعمل الآخرة بالخديعة والمكر قال في النهاية الويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب و قال فيه من أشراط الساعة أن تعطل سيوف الجهاد و أن تختل الدنيا بالدين أي تطلب الدنيا بعمل الآخرة يقال ختله يختله إذاخدعه وراوغه وختل الذئب الصيد إذاتخفي له والختل الخداع و في القاموس ختله يختله ويختله ختلا وختلانا خدعه والذئب الصيد تخفي له وخاتله خادعه وتخاتلوا تخادعوا واختتل تسمع لسر القوم انتهي .


صفحه : 86

وبناء الافتعال كما هوالمذكور في عنوان باب الكافي‌ لم أره بهذا المعني في كتب اللغة و في بعض النسخ اختيال بالياء و هوتصحيف الذين يأمرون بالقسط أي بالعدل وهم الأئمة ع وخواص أصحابهم يسير المؤمن أي يعيش ويعمل مجازا أبي‌ يغترون أي بسبب إمهالي‌ ونعمتي‌ يغفلون عن بطشي‌ وعذابي‌ من الاغترار بمعني الغفلة ويحتمل أن يكون من الاغترار بمعني الوقوع في الغرر والهلاك . و قال تعالي ما غَرّكَ بِرَبّكَ الكَرِيمِ قال البيضاوي‌ أي شيءخدعك وجرأك علي عصيانه يجترءون بالهمزة أوبدونه بقلب الهمزة ياء ثم إسقاط ضمها ثم حذفها لالتقاء الساكنين لأتيحن قال في النهاية فيه فبي‌ حلفت لأتيحنهم فتنة تدع الحليم منهم حيران يقال أتاح الله لفلان كذا أي قدره له وأنزله به وتاح له الشي‌ء والحليم ذو الحلم والأناة والتثبت في الأمور أوذو العقل وتنوين حيرانا للتناسب وإنما خص بالذكر لأنه بكلي‌ معنييه أبعد من الحيرة و ذلك لأنه أصبر علي الفتن والزلازل والحاصل أنه لايجد العقلاء وذوو التثبت والتدبر في الأمور المخرج من تلك الفتنة

50- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] الحَسَنُ بنُ مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ الهاَشمِيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ العلَوَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ خَلَفٍ عَن حَسَنِ بنِ صَالِحٍ عَن أَبِي مَعشَرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ قَيسٍ قَالَ كَانَ النّبِيّص إِذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ بَدَأَ بِفَاطِمَةَ ع فَدَخَلَ عَلَيهَا فَأَطَالَ عِندَهَا المَكثَ فَخَرَجَ مَرّةً فِي سَفَرٍ فَصَنَعَت فَاطِمَةُ مَسَكَتَينِ مِن وَرِقٍ وَ قِلَادَةً وَ قُرطَينِ وَ سِتراً لِبَابِ البَيتِ لِقُدُومِ أَبِيهَا وَ زَوجِهَا ع فَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِص دَخَلَ


صفحه : 87

عَلَيهَا فَوَقَفَ أَصحَابُهُ عَلَي البَابِ لَا يَدرُونَ يَقِفُونَ أَو يَنصَرِفُونَ لِطُولِ مَكثِهِ عِندَهَا فَخَرَجَ عَلَيهِم رَسُولُ اللّهِص وَ قَد عُرِفَ الغَضَبُ فِي وَجهِهِ حَتّي جَلَسَ عِندَ المِنبَرِ فَظَنّت فَاطِمَةُ ع أَنّهُ إِنّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللّهِ لِمَا رَأَي مِنَ المَسَكَتَينِ وَ القِلَادَةِ وَ القُرطَينِ وَ السّترِ فَنَزَعَت قِلَادَتَهَا وَ قُرطَيهَا وَ مَسَكَتَيهَا وَ نَزَعَتِ السّترَ فَبَعَثَت بِهِ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ قَالَت لِلرّسُولِ قُل لَهُ تَقرَأُ عَلَيكَ ابنَتُكَ السّلَامَ وَ تَقُولُ اجعَل هَذَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَلَمّا أَتَاهُ قَالَ فَعَلَت فِدَاهَا أَبُوهَا ثَلَاثَ مَرّاتٍ لَيسَتِ الدّنيَا مِن مُحَمّدٍ وَ لَا مِن آلِ مُحَمّدٍ وَ لَو كَانَتِ الدّنيَا تَعدِلُ عِندَ اللّهِ مِنَ الخَيرِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَي فِيهَا كَافِراً شَربَةَ مَاءٍ ثُمّ قَامَ فَدَخَلَ عَلَيهَا

51- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ جَلّ جَلَالُهُ أَوحَي إِلَي الدّنيَا أَن أتَعبِيِ‌ مَن خَدَمَكِ وَ اخدمُيِ‌ مَن رَفَضَكِ ثُمّ قَالَ ع عَلَيكُم بِالوَرَعِ وَ الِاجتِهَادِ وَ العِبَادَةِ وَ ازهَدُوا فِي هَذِهِ الدّنيَا الزّاهِدَةِ فِيكُم فَإِنّهَا غَرّارَةٌ دَارُ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ كَم مِن مُغتَرّ فِيهَا قَد أَهلَكَتهُ وَ كَم مِن وَاثِقٍ بِهَا قَد خَانَتهُ وَ كَم مِن مُعتَمَدٍ عَلَيهَا قَد خَدَعَتهُ وَ أَسلَمَتهُ

أقول قدأثبتنا الخبر بتمامه في باب مواعظ النبي ص

52- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ العَطّارِ عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصٍ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ كَانَ فِيمَا نَاجَي اللّهُ مُوسَي بنَ عِمرَانَ يَا مُوسَي إِذَا رَأَيتَ الفَقرَ مُقبِلًا فَقُل مَرحَباً بِشِعَارِ الصّالِحِينَ وَ إِذَا رَأَيتَ الغِنَي مُقبِلًا فَقُل ذَنبٌ عُجّلَت عُقُوبَتُهُ إِنّ الدّنيَا دَارُ عُقُوبَةٍ عَاقَبتُ فِيهَا آدَمَ ع عِندَ خَطِيئَتِهِ وَ جَعَلتُهَا مَلعُونَةً مَلعُوناً مَا فِيهَا إِلّا مَا كَانَ فِيهَا لِي يَا مُوسَي إِنّ عبِاَديِ‌َ الصّالِحِينَ زَهِدُوا فِيهَا بِقَدرِ عِلمِهِم بيِ‌ وَ سَائِرُهُم مِن خلَقيِ‌


صفحه : 88

رَغِبُوا فِيهَا بِقَدرِ جَهلِهِم بيِ‌ وَ مَا مِن أَحَدٍ مِن خلَقيِ‌ عَظّمَهَا فَقَرّت عَينُهُ وَ لَم يُحَقّرهَا أَحَدٌ إِلّا انتَفَعَ بِهَا الخَبَرَ

53- ثو،[ثواب الأعمال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَالَ فِي مُنَاجَاتِهِ لِمُوسَي ع يَا مُوسَي إِنّ الدّنيَا دَارُ عُقُوبَةٍ إِلَي آخِرِ الخَبَرِ

54- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ إِن كَانَتِ الدّنيَا فَانِيَةً فَالطّمَأنِينَةُ إِلَيهَا لِمَا ذَا

55- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَغفَلُ النّاسِ مَن لَم يَتّعِظ بِتَغَيّرِ الدّنيَا مِن حَالٍ إِلَي حَالٍ وَ أَعظَمُ النّاسِ فِي الدّنيَا خَطَراً مَن لَم يَجعَل لِلدّنيَا عِندَهُ خَطَراً

56- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]الأسَترَآباَديِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ الحسُيَنيِ‌ّ عَن أَبِي مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع كَم مِن غَافِلٍ يَنسَجُ ثَوباً لِيَلبَسَهُ وَ إِنّمَا هُوَ كَفَنُهُ وَ يبَنيِ‌ بَيتاً لِيَسكُنَهُ وَ إِنّمَا هُوَ مَوضِعُ قَبرِهِ

وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي بَعضِ خُطَبِهِأَيّهَا النّاسُ إِنّ الدّنيَا دَارُ فَنَاءٍ وَ الآخِرَةَ دَارُ بَقَاءٍ فَخُذُوا مِن مَمَرّكُم لِمَقَرّكُم وَ لَا تَهتِكُوا أَستَارَكُم عِندَ مَن لَا تَخفَي عَلَيهِ أَسرَارُكُم وَ أَخرِجُوا مِنَ الدّنيَا قُلُوبَكُم مِن قَبلِ أَن تَخرُجَ مِنهَا أَبدَانُكُم ففَيِ‌ الدّنيَا حُيّيتُم وَ لِلآخِرَةِ خُلِقتُم وَ إِنّمَا الدّنيَا كَالسّمّ يَأكُلُهُ مَن لَا يَعرِفُهُ إِنّ العَبدَ إِذَا مَاتَ قَالَتِ المَلَائِكَةُ مَا قَدّمَ وَ قَالَ النّاسُ مَا أَخّرَ فَقَدّمُوا فَضلًا يَكُن لَكُم وَ لَا تُؤَخّرُوا كَلّا يَكُن عَلَيكُم فَإِنّ المَحرُومَ مَن حُرِمَ خَيرَ مَالِهِ وَ المَغبُوطَ مَن ثَقّلَ بِالصّدَقَاتِ وَ الخَيرَاتِ مَوَازِينَهُ وَ أَحسَنَ فِي الجَنّةِ بِهَا مِهَادَهُ وَ طَيّبَ عَلَي


صفحه : 89

الصّرَاطِ بِهَا مَسلَكَهُ

أقول قدأثبتنا كثيرا من الأخبار في باب مواعظ أمير المؤمنين ع

57- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] فِي خَبَرِ الشاّميِ‌ّ ألّذِي أَتَي أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع قَالَ ع يَا شَيخُ إِنّ الدّنيَا خَضِرَةٌ حُلوَةٌ وَ لَهَا أَهلٌ وَ إِنّ الآخِرَةَ لَهَا أَهلٌ ظَلِفَت أَنفُسَهُم عَن مُفَاخَرَةِ أَهلِ الدّنيَا لَا يَتَنَافَسُونَ فِي الدّنيَا وَ لَا يَفرَحُونَ بِغَضَارَتِهَا وَ لَا يَحزَنُونَ لِبُؤسِهَا يَا شَيخُ مَن خَافَ البَيَاتَ قَلّ نَومُهُ مَا أَسرَعَ الليّاَليِ‌َ وَ الأَيّامَ فِي عُمُرِ العَبدِ فَاخزُن لِسَانَكَ وَ عُدّ كَلَامَكَ يَقِلّ كَلَامُكَ إِلّا بِخَيرٍ يَا شَيخُ ارضَ لِلنّاسِ مَا تَرضَي لِنَفسِكَ وَ آتِ إِلَي النّاسِ مَا تُحِبّ أَن يُؤتَي إِلَيكَ ثُمّ أَقبَلَ عَلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ أَ مَا تَرَونَ إِلَي أَهلِ الدّنيَا يُمسُونَ وَ يُصبِحُونَ عَلَي أَحوَالٍ شَتّي فَبَينَ صَرِيعٍ يَتَلَوّي وَ بَينَ عَائِدٍ وَ مَعُودٍ وَ آخَرُ بِنَفسِهِ يَجُودُ وَ آخَرُ لَا يُرجَي وَ آخَرُ مُسَجّي وَ طَالِبُ الدّنيَا وَ المَوتُ يَطلُبُهُ وَ غَافِلٌ وَ لَيسَ بِمَغفُولٍ عَنهُ وَ عَلَي أَثَرِ الماَضيِ‌ يَصِيرُ الباَقيِ‌

58-فس ،[تفسير القمي‌] مُحَمّدُ بنُ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن مُحَمّدِ بنِ سَيّارٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَمّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُلا تَمُدّنّ عَينَيكَ إِلي ما مَتّعنا بِهِ أَزواجاً مِنهُم وَ لا تَحزَن عَلَيهِم وَ اخفِض جَناحَكَ لِلمُؤمِنِينَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن لَم يَتَعَزّ بِعَزَاءِ اللّهِ تَقَطّعَت نَفسُهُ عَلَي الدّنيَا حَسَرَاتٍ وَ مَن رَمَي بِبَصَرِهِ إِلَي مَا فِي يدَيَ‌ غَيرِهِ كَثُرَ هَمّهُ وَ لَم يَشفِ غَيظُهُ وَ مَن لَم يَعلَم أَنّ لِلّهِ عَلَيهِ نِعمَةً إِلّا فِي مَطعَمٍ أَو مَلبَسٍ فَقَد قَصُرَ عَمَلُهُ وَ دَنَا عَذَابُهُ وَ مَن أَصبَحَ عَلَي الدّنيَا حَزِيناً أَصبَحَ عَلَي اللّهِ سَاخِطاً وَ مَن شَكَا مُصِيبَةً نَزَلَت بِهِ فَإِنّمَا يَشكُو رَبّهُ وَ مَن دَخَلَ النّارَ مِن هَذِهِ الأُمّةِ مِمّن قَرَأَ القُرآنَ فَهُوَ مِمّن يَتّخِذُآياتِ اللّهِ هُزُواً وَ مَن أَتَي ذَا مَيسَرَةٍ فَتَخَشّعَ لَهُ طَلَبَ مَا فِي يَدَيهِ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ


صفحه : 90

ثُمّ قَالَ وَ لَا تَعجَل وَ لَيسَ يَكُونُ الرّجُلُ يَنَالُ مِنَ الرّجُلِ المِرفَقَ فَيُبَجّلُهُ وَ يُوَقّرُهُ فَقَد يَجِبُ ذَلِكَ لَهُ عَلَيهِ وَ لَكِن تَرَاهُ أَنّهُ يُرِيدُ بِتَخَشّعِهِ مَا عِندَ اللّهِ وَ يُرِيدُ أَن يَختِلَهُ عَمّا فِي يَدَيهِ

59- فس ،[تفسير القمي‌] أَبِي عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا حَفصُ مَا أَنزَلتُ الدّنيَا مِن نفَسيِ‌ إِلّا بِمَنزِلَةِ المَيتَةِ إِذَا اضطُرِرتُ إِلَيهَا أَكَلتُ مِنهَا الخَبَرَ وَ سيَأَتيِ‌ فِي أَبوَابِ المَوَاعِظِ

60- ب ،[قرب الإسناد] عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَنِ الرّضَا ع قَالَ وَ اللّهِ مَا أَخّرَ اللّهُ عَنِ المُؤمِنِ مِن هَذِهِ الدّنيَا خَيرٌ لَهُ مِمّا يُعَجّلُ مِنهَا ثُمّ صَغّرَ الدّنيَا إلِيَ‌ّ فَقَالَ أَيّ شَيءٍ هيِ‌َ ثُمّ قَالَ إِنّ صَاحِبَ النّعمَةِ عَلَي خَطَرٍ إِنّهُ يَجِبُ عَلَيّ حُقُوقٌ لِلّهِ مِنهَا وَ اللّهِ إِنّهُ لَيَكُونَ عَلَيّ النّعَمُ مِنَ اللّهِ فَمَا أَزَالُ مِنهَا عَلَي وَجَلٍ وَ حَرّكَ يَدَيهِ حَتّي أَخرَجَ مِنَ الحُقُوقِ التّيِ‌ تَجِبُ لِلّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي عَلَيّ فِيهَا

61- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِبَاطٍ رَفَعَهُ قَالَ شَكَا رَجُلٌ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع الحَاجَةَ فَقَالَ اعلَم أَنّ كُلّ شَيءٍ تُصِيبُهُ مِنَ الدّنيَا فَوقَ قُوتِكَ فَإِنّمَا أَنتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيرِكَ

62- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن دُرُستَ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ حُبّ الدّنيَا رَأسُ كُلّ خَطِيئَةٍ

63-ل ،[الخصال ] عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأسَدَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي عِمرَانَ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي بَكرٍ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي عَلِيّ اللهّبَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ المُنكَدِرِ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ


صفحه : 91

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَي أمُتّيِ‌َ الهَوَي وَ طُولُ الأَمَلِ أَمّا الهَوَي فَإِنّهُ يَصُدّ عَنِ الحَقّ وَ أَمّا طُولُ الأَمَلِ فيَنُسيِ‌ الآخِرَةَ وَ هَذِهِ الدّنيَا قَدِ ارتَحَلَت مُدبِرَةً وَ هَذِهِ الآخِرَةُ قَدِ ارتَحَلَت مُقبِلَةً وَ لِكُلّ وَاحِدَةٍ مِنهُمَا بَنُونَ فَإِنِ استَطَعتُم أَن تَكُونُوا مِن أَبنَاءِ الآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِن أَبنَاءِ الدّنيَا فَافعَلُوا فَإِنّكُمُ اليَومَ فِي دَارِ عَمَلٍ وَ لَا حِسَابَ وَ أَنتُم غَداً فِي دَارِ حِسَابٍ وَ لَا عَمَلَ

64- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ بُندَارَ عَن أَحمَدَ بنِ إِسحَاقَ عَن عُمَرَ بنِ الحَسَنِ بنِ نَصرٍ عَن مُؤَمّلِ بنِ إِهَابٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُغِيرَةِ المصِريِ‌ّ عَن سُفيَانَ الثوّريِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن عِكرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص اللّيلُ وَ النّهَارُ مَطِيّتَانِ

65- ل ،[الخصال ] عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأسَدَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ العاَمرِيِ‌ّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عِيسَي بنِ عُبَيدٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ عَمرٍو عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ عَن أُمّهِ فَاطِمَةَ بِنتِ الحُسَينِ عَن أَبِيهَا ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص الرّغبَةُ فِي الدّنيَا تُكَثّرُ الهَمّ وَ الحُزنَ وَ الزّهدُ فِي الدّنيَا يُرِيحُ القَلبَ وَ البَدَنَ

66- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن سَهلٍ عَن عَبدِ العَزِيزِ العبَديِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَن تَعَلّقَ قَلبُهُ بِالدّنيَا تَعَلّقَ مِنهَا بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمّ لَا يَفنَي وَ أَمَلٍ لَا يُدرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا يُنَالُ

أقول قدمضي بعض الأخبار في باب السكينة والوقار

67-ل ،[الخصال ] عَن حَمزَةَ العلَوَيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن عَمرِو بنِ عُثمَانَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَالدّنيَا سِجنُ المُؤمِنِ وَ القَبرُ حِصنُهُ وَ الجَنّةُ مَأوَاهُ وَ الدّنيَا جَنّةُ الكَافِرِ وَ القَبرُ سِجنُهُ وَ النّارُ


صفحه : 92

مَأوَاهُ

68- ل ،[الخصال ] عَنِ العسَكرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَسِيدٍ عَن أَحمَدَ بنِ يَحيَي الصوّفيِ‌ّ عَن أَبِي غَسّانَ عَن مَسعُودِ بنِ سَعدٍ عَن يَزِيدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ عَن مُجَاهِدٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَشَدّ مَا يُتَخَوّفُ عَلَي أمُتّيِ‌ ثَلَاثَةٌ زَلّةُ عَالِمٍ أَو جِدَالُ مُنَافِقٍ بِالقُرآنِ أَو دُنيَا تَقطَعُ رِقَابَكُم فَاتّهِمُوهَا عَلَي أَنفُسِكُم

69-ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عُيَينَةَ عَنِ الزهّريِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع يَقُولُ مَن لَم يَتَعَزّ بِعَزَاءِ اللّهِ تَقَطّعَت نَفسُهُ عَلَي الدّنيَا حَسَرَاتٍ وَ اللّهِ مَا الدّنيَا وَ الآخِرَةُ إِلّا ككَفَتّيَ‌ِ المِيزَانِ فَأَيّهُمَا رَجَحَ ذَهَبَ بِالآخَرِ ثُمّ تَلَا قَولَهُ عَزّ وَ جَلّإِذا وَقَعَتِ الواقِعَةُيعَنيِ‌ القِيَامَةَلَيسَ لِوَقعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌخَفَضَت وَ اللّهِ بِأَعدَاءِ اللّهِ إِلَي النّارِرافِعَةٌرَفَعَت وَ اللّهِ أَولِيَاءَ اللّهِ إِلَي الجَنّةِ ثُمّ أَقبَلَ عَلَي رَجُلٍ مِن جُلَسَائِهِ فَقَالَ لَهُ اتّقِ اللّهَ وَ أَجمِل فِي الطّلَبِ وَ لَا تَطلُب مَا لَم يُخلَق فَإِنّ مَن طَلَبَ مَا لَم يُخلَق تَقَطّعَت نَفسُهُ حَسَرَاتٍ وَ لَم يَنَل مَا طَلَبَ ثُمّ قَالَ وَ كَيفَ يَنَالُ مَا لَم يُخلَق فَقَالَ الرّجُلُ وَ كَيفَ يَطلُبُ مَا لَم يُخلَق فَقَالَ مَن طَلَبَ الغِنَي وَ الأَموَالَ وَ السّعَةَ فِي الدّنيَا فَإِنّمَا يَطلُبُ ذَلِكَ لِلرّاحَةِ وَ الرّاحَةُ لَم تُخلَق فِي الدّنيَا وَ لَا لِأَهلِ الدّنيَا إِنّمَا خُلِقَتِ الرّاحَةُ فِي الجَنّةِ وَ لِأَهلِ الجَنّةِ وَ التّعَبُ وَ النّصبُ خُلِقَا فِي الدّنيَا وَ لِأَهلِ الدّنيَا وَ مَا أعُطيِ‌َ أَحَدٌ مِنهَا حَفنَةً إِلّا أعُطيِ‌َ مِنَ الحِرصِ مِثلَيهَا وَ مَن أَصَابَ مِنَ الدّنيَا أَكثَرَ كَانَ فِيهَا أَشَدّ فَقراً لِأَنّهُ يَفتَقِرُ إِلَي النّاسِ فِي حِفظِ أَموَالِهِ وَ يَفتَقِرُ إِلَي كُلّ آلَةٍ مِن آلَاتِ الدّنيَا فَلَيسَ فِي غِنَي الدّنيَا رَاحَةٌ وَ لَكِنّ الشّيطَانَ يُوَسوِسُ إِلَي ابنِ آدَمَ أَنّ لَهُ فِي جَمعِ ذَلِكَ رَاحَةً وَ إِنّمَا يَسُوقُهُ إِلَي التّعَبِ فِي الدّنيَا


صفحه : 93

وَ الحِسَابُ عَلَيهِ فِي الآخِرَةِ ثُمّ قَالَ ع كَلّا مَا تَعِبَ أَولِيَاءُ اللّهِ فِي الدّنيَا لِلدّنيَا بَل تَعِبُوا فِي الدّنيَا لِلآخِرَةِ ثُمّ قَالَ أَلَا وَ مَنِ اهتَمّ لِرِزقِهِ كُتِبَ عَلَيهِ خَطِيئَةٌ كَذَلِكَ قَالَ المَسِيحُ ع لِلحَوَارِيّينَ إِنّمَا الدّنيَا قَنطَرَةٌ فَاعبُرُوهَا وَ لَا تَعمُرُوهَا

70- مع ،[معاني‌ الأخبار] ع ،[علل الشرائع ]ل ،[الخصال ] عَنِ القَطّانِ عَنِ السكّرّيِ‌ّ عَنِ الجوَهرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عُمَارَةَ عَن أَبِيهِ قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع مَطلُوبَاتُ النّاسِ فِي الدّنيَا الفَانِيَةِ أَربَعَةٌ الغِنَي وَ الدّعَةُ وَ قِلّةُ الِاهتِمَامِ وَ العِزّ فَأَمّا الغِنَي فَمَوجُودٌ فِي القَنَاعَةِ فَمَن طَلَبَهُ فِي كَثرَةِ المَالِ لَم يَجِدهُ وَ أَمّا الدّعَةُ فَمَوجُودٌ فِي خِفّةِ المَحمِلِ فَمَن طَلَبَهَا فِي ثِقَلِهِ لَم يَجِدهَا وَ أَمّا قِلّةُ الِاهتِمَامِ فَمَوجُودَةٌ فِي قِلّةِ الشّغُلِ فَمَن طَلَبَهَا مَعَ كَثرَتِهِ لَم يَجِدهَا وَ أَمّا العِزّ فَمَوجُودٌ فِي خِدمَةِ الخَالِقِ فَمَن طَلَبَهُ فِي خِدمَةِ المَخلُوقِ لَم يَجِدهُ

71- ل ،[الخصال ] عَنِ الفاَميِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي الحُسَينِ الفاَرسِيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن سَلِمَ مِن أمُتّيِ‌ مِن أَربَعِ خِصَالٍ فَلَهُ الجَنّةُ مِنَ الدّخُولِ فِي الدّنيَا وَ اتّبَاعِ الهَوَي وَ شَهوَةِ البَطنِ وَ شَهوَةِ الفَرجِ الخَبَرَ

أقول قدمضي بعض الأخبار في باب الحياء

72-ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ عَن سُلَيمٍ مَولَي طِربَالٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ 


صفحه : 94

الدّنيَا دُوَلٌ فَمَا كَانَ لَكَ فِيهَا أَتَاكَ عَلَي ضَعفِكَ وَ مَا كَانَ مِنهَا عَلَيكَ أَتَاكَ وَ لَم تَمتَنِع مِنهُ بِقُوّةٍ ثُمّ أَتبَعَ هَذَا الكَلَامَ بِأَن قَالَ مَن يَئِسَ مِمّا فَاتَ أَرَاحَ بَدَنَهُ وَ مَن قَنِعَ بِمَا أوُتيِ‌َ قَرّت عَينُهُ

ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ المُفِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُحَمّدِ بنِ طَاهِرٍ عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُوسَي عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مِثلَهُ

73- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ اللؤّلؤُيِ‌ّ عَن إِسحَاقَ الضّحّاكِ عَن مُنذِرٍ الجَوّانِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ سَلمَانُ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ عَجِبتُ لِسِتّ ثَلَاثٌ أضَحكَتَنيِ‌ وَ ثَلَاثٌ أبَكتَنيِ‌ فَأَمّا ألّذِي أبَكتَنيِ‌ فَفِرَاقُ الأَحِبّةِ مُحَمّدٍ وَ حِزبِهِ وَ هَولُ المُطّلَعِ وَ الوُقُوفُ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ أَمّا ألّذِي أضَحكَتَنيِ‌ فَطَالِبُ الدّنيَا وَ المَوتُ يَطلُبُهُ وَ غَافِلٌ لَيسَ بِمَغفُولٍ عَنهُ وَ ضَاحِكٌ ملِ ءَ فِيهِ لَا يدَريِ‌ أَ رضَيِ‌َ اللّهُ أَم سَخِطَ

74- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَعبَدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَوّلُ مَا عصُيِ‌َ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بِسِتّ خِصَالٍ حُبّ الدّنيَا وَ حُبّ الرّئَاسَةِ وَ حُبّ النّسَاءِ وَ حُبّ الطّعَامِ وَ حُبّ النّومِ وَ حُبّ الرّاحَةِ

75- ل ،[الخصال ] فِي خَبَرِ أَبِي ذَرّ عَجِبتُ لِمَن يَرَي الدّنيَا وَ تَقَلّبَهَا بِأَهلِهَا لِمَ يَطمَئِنّ إِلَيهَا


صفحه : 95

76- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِالأَسَانِيدِ الثّلَاثَةِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ ع أَنّهُ قَالَ وُجِدَ لَوحٌ تَحتَ حَائِطِ مَدِينَةٍ مِنَ المَدَائِنِ فِيهِ مَكتُوبٌأَنَا اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنَا وَ مُحَمّدٌ نبَيِيّ‌ عَجِبتُ لِمَن أَيقَنَ بِالمَوتِ كَيفَ يَفرَحُ وَ عَجِبتُ لِمَن أَيقَنَ بِالقَدَرِ كَيفَ يَحزَنُ وَ عَجِبتُ لِمَنِ اختَبَرَ الدّنيَا كَيفَ يَطمَئِنّ إِلَيهَا وَ عَجِبتُ لِمَن أَيقَنَ بِالحِسَابِ كَيفَ يُذنِبُ

77- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ قَالَ سَمِعتُ الرّضَا ع يَقُولُ


إِنّكَ فِي دَارٍ لَهَا مُدّةٌ   يُقبَلُ فِيهَا عَمَلُ العَامِلِ

أَ لَا تَرَي المَوتَ مُحِيطاً بِهَا   يُكذَبُ فِيهَا أَمَلُ الآمِلِ

تَعجَلُ الذّنبَ لِمَا تشَتهَيِ‌   وَ تَأمُلُ التّوبَةَ فِي قَابِلٍ

وَ المَوتُ يأَتيِ‌ أَهلَهُ بَغتَةً   مَا ذَاكَ فِعلُ الحَازِمِ العَامِلِ

78- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]البيَهقَيِ‌ّ عَنِ الصوّليِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي بنِ أَبِي عَبّادٍ عَن عَمّهِ قَالَ سَمِعتُ الرّضَا ع يَوماً يُنشِدُ شِعراً


كُلّنَا نَأمُلُ مَدّاً فِي الأَجَلِ   وَ المَنَايَا هُنّ آفَاتُ الأَمَلِ

لَا يَغُرّنكَ أَبَاطِيلُ المُنَي   وَ الزَمِ القَصدَ وَ دَع عَنكَ العِلَلَ

إِنّمَا الدّنيَا كَظِلّ زَائِلٍ   حَلّ فِيهِ رَاكِبٌ ثُمّ رَحَلَ

79- جا،[المجالس للمفيد] ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَن عُمَرَ بنِ مُحَمّدٍ المَعرُوفِ بِابنِ الزّيّاتِ عَنِ ابنِ مَهرَوَيهِ عَن دَاوُدَ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَو رَأَي العَبدُ أَجَلَهُ وَ سُرعَتَهُ إِلَيهِ أَبغَضَ الأَمَلَ وَ تَرَكَ طَلَبَ الدّنيَا


صفحه : 96

80- جا،[المجالس للمفيد] ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ المُفِيدِ عَنِ الجعِاَبيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ الوَلِيدِ عَن عَنبَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن شُعبَةَ عَن سَلَمَةَ عَن أَبِي الطّفَيلِ قَالَ سَمِعتُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع يَقُولُ إِنّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُم طُولُ الأَمَلِ وَ اتّبَاعُ الهَوَي فَأَمّا طُولُ الأَمَلِ فيَنُسيِ‌ الآخِرَةَ وَ أَمّا اتّبَاعُ الهَوَي فَيَصُدّ عَنِ الحَقّ أَلَا وَ إِنّ الدّنيَا قَد تَوَلّت مُدبِرَةً وَ الآخِرَةَ قَد أَقبَلَت مُقبِلَةً وَ لِكُلّ وَاحِدَةٍ مِنهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِن أَبنَاءِ الآخِرَةِ وَ لَا تَكُونُوا مِن أَبنَاءِ الدّنيَا فَإِنّ اليَومَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ الآخِرَةَ حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ

أقول قدمضي بعض الأخبار في باب الزهد

ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَن عُمَرَ بنِ مُحَمّدٍ الصيّرفَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ مَخلَدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الوَلِيدِ عَن حَيدَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن سَعِيدٍ عَن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ عَن أَبِي الطّفَيلِ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي خُطبَةٍ لَهُ وَ ذَكَرَ مِثلَهُ

81- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَيّهَا النّاسُ أَصبَحتُم أَغرَاضاً تَنتَضِلُ فِيكُمُ المَنَايَا وَ أَموَالُكُم نَهبٌ لِلمَصَائِبِ مَا طَعِمتُم فِي الدّنيَا مِن طَعَامٍ فَلَكُم فِيهِ غَصَصٌ وَ مَا شَرِبتُمُوهُ مِن شَرَابٍ فَلَكُم فِيهِ شَرَقٌ وَ أَشهَدُ بِاللّهِ مَا تَنَالُونَ فِي الدّنيَا نِعمَةً تَفرَحُونَ بِهَا إِلّا بِفِرَاقِ أُخرَي تَكرَهُونَهَا أَيّهَا النّاسُ إِنّا خُلِقنَا وَ إِيّاكُم لِلبَقَاءِ لَا لِلفَنَاءِ وَ لَكِنّكُم مِن دَارٍ تُنقَلُونَ فَتَزَوّدُوا لِمَا أَنتُم صَائِرُونَ إِلَيهِ وَ خَالِدُونَ فِيهِ وَ السّلَامُ

82-ف ،[تحف العقول ] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إنِيّ‌ أُحَذّرُكُمُ الدّنيَا فَإِنّهَا حُلوَةٌ خَضِرَةٌ حُفّت بِالشّهَوَاتِ وَ تَحَبّبَت بِالعَاجِلَةِ وَ عُمّرَت بِالآمَالِ وَ تَزَيّنَت بِالغُرُورِ لَا تَدُومُ حَبرَتُهَا وَ لَا تُؤمَنُ فَجعَتُهَا غَرّارَةٌ ضَرّارَةٌ زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ أَكّالَةٌ غَوّالَةٌ لَا تَعدُو إِذَا


صفحه : 97

هيِ‌َ تَنَاهَت إِلَي أُمنِيّةِ أَهلِ الرّغبَةِ فِيهَا وَ الرّضَي بِهَا أَن تَكُونَ كَمَا قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُكَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشِيماً تَذرُوهُ الرّياحُ وَ كانَ اللّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ مُقتَدِراً مَعَ أَنّ امرَأً لَم يَكُن مِنهَا فِي حَبرَةٍ إِلّا أَعقَبَتهُ عَبرَةً وَ لَم يَلقَ مِن سَرّائِهَا بَطناً إِلّا مَنَحَتهُ مِن ضَرّائِهَا ظَهراً وَ لَم تُظِلّهُ فِيهَا دِيمَةُ رَخَاءٍ إِلّا هَتَنَت عَلَيهِ مُزنَةُ بَلَاءٍ إِذَا هيِ‌َ أَصبَحَت مُنتَصِرَةً لَم تَأمَن أَن تمُسيِ‌َ لَهُ مُتَنَكّرَةً وَ إِن جَانِبٌ مِنهَا اعذَوذَبَ لاِمر‌ِئٍ وَ احلَولَي أَمَرّ عَلَيهِ جَانِبٌ مِنهَا فَأَوبَي وَ مَا أَمسَي امرُؤٌ مِنهَا فِي جَنَاحِ أَمنٍ إِلّا أَصبَحَ فِي أَخوَفِ خَوفٍ غَرّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِيهَا فَانِيَةٌ فَانٍ مَن عَلَيهَا لَا خَيرَ فِي شَيءٍ مِن زَادِهَا إِلّا التّقوَي مَن أَقَلّ مِنهَا استَكثَرَ مِمّا يُؤمِنُهُ وَ مَنِ استَكثَرَ مِنهَا لَم يَدُم لَهُ وَ زَالَ عَمّا قَلِيلٍ عَنهُ كَم مِن وَاثِقٍ بِهَا قَد فَجَعَتهُ وَ ذيِ‌ طُمَأنِينَةٍ إِلَيهَا قَد صَرَعَتهُ وَ ذيِ‌ حَذَرٍ قَد خَدَعَتهُ وَ كَم ذيِ‌ أُبّهَةٍ فِيهَا قَد صَيّرَتهُ حَقِيراً وَ ذيِ‌ نَخوَةٍ قَد رَدّتهُ خَائِفاً فَقِيراً وَ كَم ذيِ‌ تَاجٍ قَد أَكَبّتهُ لِليَدَينِ وَ الفَمِ سُلطَانُهَا ذُلّ وَ عَيشُهَا رَنِقٌ وَ عَذبُهَا أُجَاجٌ وَ حُلوُهَا صَبِرٌ حَيّهَا بِعَرَضِ مَوتٍ وَ صَحِيحُهَا بِعَرَضِ سُقمٍ وَ مَنِيعُهَا بِعَرَضِ اهتِضَامٍ وَ مُلكُهَا مَسلُوبٌ وَ عَزِيزُهَا مَغلُوبٌ وَ أَمنُهَا مَنكُوبٌ وَ جَارُهَا مَحرُوبٌ وَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ سَكَرَاتُ المَوتِ وَ زَفَرَاتُهُ وَ هَولُ المُطّلَعِ وَ الوُقُوفُ بَينَ يدَيَ‌ِ الحَاكِمِ العَدلِليِجَزيِ‌َ الّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يجَزيِ‌َ الّذِينَ أَحسَنُوا بِالحُسنَي أَ لَستُم فِي مَسَاكِنِ مَن كَانَ أَطوَلَ مِنكُم أَعمَاراً وَ أَبيَنَ آثَاراً وَ أَعَدّ مِنكُم عَدِيداً وَ أَكثَفَ مِنكُم جُنُوداً وَ أَشَدّ مِنكُم عَنُوداً تَعَبّدُوا لِلدّنيَا أَيّ تَعَبّدٍ وَ آثَرُوهَا أَيّ إِيثَارٍ ثُمّ ظَعَنُوا عَنهَا بِالصّغَارِ أَ فَبِهَذِهِ تُؤثِرُونَ أَم عَلَي هَذِهِ تَحرِصُونَ أَم إِلَيهَا تَطمَئِنّونَ يَقُولُ اللّهُمَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدّنيا وَ زِينَتَها نُوَفّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فِيها وَ هُم فِيها لا يُبخَسُونَ أُولئِكَ الّذِينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلّا النّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا


صفحه : 98

فِيها وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعمَلُونَفَبِئسَتِ الدّارُ لِمَن لَم يَتَهَيّأهَا وَ لَم يَكُن فِيهَا عَلَي وَجَلٍ وَ اعلَمُوا وَ أَنتُم تَعلَمُونَ أَنّكُم تَارِكُوهَا لَا بُدّ وَ إِنّمَا هيِ‌َ كَمَا نَعَتَ اللّهُلَعِبٌ وَ لَهوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَينَكُم وَ تَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَ الأَولادِفَاتّعِظُوا فِيهَا بِالّذِينَ كَانُوا يَبنُونَ بِكُلّ رِيعٍ آيَةً يَعبَثُونَ وَ يَتّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلّهُم يَخلُدُونَ وَ بِالّذِينَ قَالُوا مَن أَشَدّ مِنّا قُوّةً وَ اتّعِظُوا بِمَن رَأَيتُم مِن إِخوَانِكُم كَيفَ حُمِلُوا إِلَي قُبُورِهِم وَ لَا يُدعَونَ رُكبَاناً وَ أُنزِلُوا وَ لَا يُدعَونَ ضِيفَاناً وَ جُعِلَ لَهُم مِنَ الضّرِيحِ أكنانا[أَكنَانٌ] وَ مِنَ التّرَابِ أكفانا[أَكفَانٌ] وَ مِنَ الرّفَاتِ جيرانا[جِيرَانٌ]فَهُم جِيرَةٌ لَا يُجِيبُونَ دَاعِياً وَ لَا يَمنَعُونَ ضَيماً لَا يَزُورُونَ وَ لَا يُزَارُونَ حُلَمَاءُ قَد بَادَت أَضغَانُهُم جُهَلَاءُ قَد ذَهَبَت أَحقَادُهُم لَا تُخشَي فَجعَتُهُم وَ لَا يُرجَي دَفعُهُم وَ هُم كَمَن لَم يَكُن وَ كَمَا قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُفَتِلكَ مَساكِنُهُم لَم تُسكَن مِن بَعدِهِم إِلّا قَلِيلًا وَ كُنّا نَحنُ الوارِثِينَاستَبدَلُوا بِظَهرِ الأَرضِ بَطناً وَ بِالسّعَةِ ضِيقاً وَ بِالأَهلِ غُربَةً وَ بِالنّورِ ظُلمَةً جَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا حُفَاةً عُرَاةً قَد ظَعَنُوا مِنهَا بِأَعمَالِهِم إِلَي الحَيَاةِ الدّائِمَةِ وَ إِلَي خُلُودٍ أَبَدٍ يَقُولُ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيكَما بَدَأنا أَوّلَ خَلقٍ نُعِيدُهُ وَعداً عَلَينا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ

83- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]الفَحّامُ عَنِ المنَصوُريِ‌ّ عَن عَمّ أَبِيهِ عَن أَبِي الحَسَنِ الثّالِثِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع مَن صَفَت لَهُ دُنيَاهُ فَاتّهِمهُ فِي دِينِهِ

84- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]الفَحّامُ عَن عَمّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ المُثَنّي عَن أَبِيهِ


صفحه : 99

عَن عُثمَانَ بنِ زَيدٍ عَن جَابِرٍ الجعُفيِ‌ّ عَنِ البَاقِرِ ع قَالَ يَا جَابِرُ أَنزِلِ الدّنيَا مِنكَ كَمَنزِلٍ نَزَلتَهُ تُرِيدُ التّحَوّلَ عَنهُ وَ هَلِ الدّنيَا إِلّا دَابّةٌ رَكِبتَهَا فِي مَنَامِكَ فَاستَيقَظتَ وَ أَنتَ عَلَي فِرَاشِكَ غَيرَ رَاكِبٍ وَ لَا أَحَدٌ يَعبَأُ بِهَا أَو كَثَوبٍ لَبِستَهُ أَو كَجَارِيَةٍ وَطِئتَهَا يَا جَابِرُ الدّنيَا عِندَ ذوَيِ‌ الأَلبَابِ كفَيَ‌ءِ الظّلَالِ

85- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ ابنِ الصّلتِ عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَنِ القَاسِمِ بنِ جَعفَرٍ عَن عَبّادِ بنِ أَحمَدَ القزَويِنيِ‌ّ قَالَ حدَثّنَيِ‌ عمَيّ‌ عَن أَبِيهِ عَن مُوسَي الجهُنَيِ‌ّ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ عَن عُقبَةَ بنِ عَامِرٍ الجهُنَيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ سَلمَانَ الفاَرسِيِ‌ّ وَ قَد أُكرِهَ عَلَي طَعَامٍ فَقَالَ حسَبيِ‌ إنِيّ‌ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ إِنّ أَكثَرَ النّاسِ شِبَعاً فِي الدّنيَا أَكثَرُهُم جُوعاً فِي الآخِرَةِ يَا سَلمَانُ إِنّمَا الدّنيَا سِجنُ المُؤمِنِ وَ جَنّةُ الكَافِرِ

86- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَن مُجَاهِدٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص كُن فِي الدّنيَا كَأَنّكَ غَرِيبٌ أَو كَأَنّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ وَ عُدّ نَفسَكَ فِي أَصحَابِ القُبُورِ

قَالَ مُجَاهِدٌ وَ قَالَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ وَ أَنتَ يَا عَبدَ اللّهِ إِذَا أَمسَيتَ فَلَا تُحَدّث نَفسَكَ أَن تُصبِحَ وَ إِذَا أَصبَحتَ فَلَا تُحَدّث نَفسَكَ أَن تمُسيِ‌َ وَ خُذ مِن حَيَاتِكَ لِمَوتِكَ وَ مِن صِحّتِكَ لِسُقمِكَ فَإِنّكَ لَا تدَريِ‌ مَا اسمُكَ غَداً

87- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ الغضَاَئرِيِ‌ّ عَنِ التلّعّكُبرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ العلَوَيِ‌ّ عَنِ الوَشّاءِ عَن ثَعلَبَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَقُولُ إِنّمَا الدّنيَا فَنَاءٌ وَ عَنَاءٌ وَ عِبَرٌ وَ غِيَرٌ فَمِن فَنَائِهَا أَنّ الدّهرَ مُوتِرٌ قَوسَهُ مُفَوّقٌ نَبلَهُ يرَميِ‌ الصّحِيحَ بِالسّقمِ وَ الحيَ‌ّ بِالمَوتِ وَ مِن عَنَائِهَا أَنّ المَرءَ يَجمَعُ مَا لَا يَأكُلُ وَ يبَنيِ‌ مَا لَا يَسكُنُ وَ مِن عِبَرِهَا أَنّكَ تَرَي المَغبُوطَ مَرحُوماً وَ المَرحُومَ مَغبُوطاً لَيسَ مِنهَا إِلّا نَعِيمٌ زَالَ وَ بُؤسٌ نَزَلَ وَ مِن غِيَرِهَا أَنّ المَرءَ يُشرِفُ عَلَي أَمَلِهِ فَيَختَطِفُهُ مِن دُونِهِ أَجَلُهُ


صفحه : 100

قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ كَم مِن مُستَدرَجٍ بِالإِحسَانِ إِلَيهِ مَغرُورٌ بِالسّترِ عَلَيهِ مَفتُونٌ بِحُسنِ القَولِ فِيهِ وَ مَا أَبلَي اللّهُ عَبداً بِمِثلِ الإِملَاءِ لَهُ

ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَن جَمَاعَةٍ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي دَاوُدَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الحَسَنِ المقِسمَيِ‌ّ عَن بِشرِ بنِ زَاذَانَ عَن عُمَرَ بنِ صَبِيحٍ عَنِ الصّادِقِ ع مِثلَهُ بِتَغيِيرٍ مَا وَ قَد أَثبَتنَاهُمَا فِي بَابِ المَوَاعِظِ

88-ف ،[تحف العقول ] قَالَ جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِ‌ّكُنّا مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع بِالبَصرَةِ فَلَمّا فَرَغَ مِن قِتَالِ مَن قَتَلَهُ أَشرَفَ عَلَينَا مِن آخِرِ اللّيلِ فَقَالَ مَا أَنتُم فِيهِ فَقُلنَا فِي ذَمّ الدّنيَا فَقَالَ عَلَامَ تَذُمّ الدّنيَا يَا جَابِرُ ثُمّ حَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ قَالَ أَمّا بَعدُ فَمَا بَالُ أَقوَامٍ يَذُمّونَ الدّنيَا انتَحَلُوا الزّهدَ فِيهَا الدّنيَا مَنزِلُ صِدقٍ لِمَن صَدَقَهَا وَ مَسكَنُ عَافِيَةٍ لِمَن فَهِمَ عَنهَا وَ دَارُ غِنًي لِمَن تَزَوّدَ مِنهَا فِيهَا مَسجِدُ أَنبِيَاءِ اللّهِ وَ مَهبِطُ وَحيِهِ وَ مُصَلّي مَلَائِكَتِهِ وَ مَسكَنُ أَحِبّائِهِ وَ مَتجَرُ أَولِيَائِهِ اكتَسَبُوا فِيهَا الرّحمَةَ وَ رَبِحُوا مِنهَا الجَنّةَ فَمَن ذَا يَذُمّ الدّنيَا يَا جَابِرُ وَ قَد آذَنَت بِبَينِهَا وَ نَادَت بِانقِطَاعِهَا وَ نَعَت نَفسَهَا بِالزّوَالِ وَ مَثّلَت بِبَلَائِهَا البَلَاءَ وَ شَوّقَت بِسُرُورِهَا إِلَي السّرُورِ رَاحَت بِفَجِيعَةٍ وَ ابتَكَرَت بِنِعمَةٍ وَ عَافِيَةٍ تَرهِيباً وَ تَرغِيباً يَذُمّهَا قَومٌ عِندَ النّدَامَةِ وَ يَحمَدُهَا آخَرُونَ عِندَ السّلَامَةِ خَدَمَتهُم جَمِيعاً فَصَدّقَتهُم وَ ذَكّرَتهُم فَذَكَرُوا وَ وَعَظَتهُم فَاتّعَظُوا وَ خَوّفَتهُم فَخَافُوا وَ شَوّقَتهُم فَاشتَاقُوا فَأَيّهَا الذّامّ لِلدّنيَا المُغتَرّ بِغُرُورِهَا مَتَي استَذَمّت إِلَيكَ بَل مَتَي غَرّتكَ بِنَفسِهَا أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ البِلَي أَم بِمَضَاجِعِ أُمّهَاتِكَ مِنَ الثّرَي كَم مَرّضتَ بِيَدَيكَ وَ عَلّلتَ بِكَفّيكَ تَستَوصِفُ لَهُمُ الدّوَاءَ وَ تَطلُبُ لَهُمُ الأَطِبّاءَ لَم تُدرِك فِيهِ طَلِبَتَكَ وَ لَم تُسعَف فِيهِ بِحَاجَتِكَ


صفحه : 101

بَل مَثّلَتِ الدّنيَا بِهِ نَفسَكَ وَ بِحَالِهِ حَالَكَ غَدَاةَ لَا يَنفَعُكَ أَحِبّاؤُكَ وَ لَا يغُنيِ‌ عَنكَ نِدَاؤُكَ حِينَ يَشتَدّ مِنَ المَوتِ أَعَالِينُ المَرَضِ وَ أَلِيمُ لَوعَاتِ المَضَضِ حِينَ لَا يَنفَعُ الأَلِيلُ وَ لَا يَدفَعُ العَوِيلُ يَحفَزُ بِهَا الحَيزُومُ وَ يُعَضّ بِهَا الحُلقُومُ لَا يُسمِعُهُ النّدَاءُ وَ لَا يَرُوعُهُ الدّعَاءُ فَيَا طُولَ الحُزنِ عِندَ انقِطَاعِ الأَجَلِ ثُمّ يُرَاحُ بِهِ عَلَي شَرجَعٍ تُقِلّهُ أَكُفّ أَربَعٌ فَيَضجَعُ فِي قَبرِهِ فِي مَحَلّ لَبثٍ وَ ضِيقِ جَدَثٍ فَذَهَبَتِ الجِدَةُ وَ انقَطَعَتِ المُدّةُ وَ رَفَضَتهُ العُطَفَةُ وَ قَطَعَتهُ اللّطَفَةُ لَا يُقَارِبُهُ الأَخِلّاءُ وَ لَا يُلِمّ بِهِ الزّوّارُ وَ لَا اتّسَقَت بِهِ الدّارُ انقَطَعَ دُونَهُ الأَثَرُ وَ استُعجِمَ دُونَهُ الخَبَرُ وَ بَكّرَت وَرَثَتُهُ فَقُسِمَت تَرَكَتُهُ وَ لَحِقَهُ الحُوبُ وَ أَحَاطَت بِهِ الذّنُوبُ فَإِن يَكُن قَدّمَ خَيراً طَابَ مَكسَبُهُ وَ إِن يَكُن قَدّمَ شَرّاً تَبّ مُنقَلَبُهُ وَ كَيفَ يَنفَعُ نَفساً قَرَارُهَا وَ المَوتُ قَصَارُهَا وَ القَبرُ مَزَارُهَا فَكَفَي بِهَذَا وَاعِظاً كَفَي يَا جَابِرُ امضِ معَيِ‌ فَمَضَيتُ مَعَهُ حَتّي أَتَينَا القُبُورَ فَقَالَ يَا أَهلَ التّربَةِ وَ يَا أَهلَ الغُربَةِ أَمّا المَنَازِلُ فَقَد سُكِنَت وَ أَمّا المَوَارِيثُ فَقَد قُسِمَت وَ أَمّا الأَزوَاجُ فَقَد نُكِحنَ هَذَا خَبَرُ مَا عِندَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِندَكُم ثُمّ أَمسَكَ عنَيّ‌ مَلِيّاً ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ وَ ألّذِي أَقَلّ السّمَاءَ فَعَلَت وَ سَطَحَ الأَرضَ فَدَحَت لَو أُذِنَ لِلقَومِ فِي الكَلَامِ لَقَالُوا إِنّا وَجَدنَا خَيرَ الزّادِ التّقوَي ثُمّ قَالَ يَا جَابِرُ إِذَا شِئتَ فَارجِع

89- ع ،[علل الشرائع ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَمرٍو عَن صَالِحِ بنِ


صفحه : 102

سَعِيدٍ عَن أَخِيهِ سَهلٍ الحلُواَنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ بَينَا عِيسَي فِي سِيَاحَتِهِ إِذ مَرّ بِقَريَةٍ فَوَجَدَ أَهلَهَا مَوتَي فِي الطّرُقِ وَ الدّورِ قَالَ فَقَالَ إِنّ هَؤُلَاءِ مَاتُوا بِسَخطَةٍ وَ لَو مَاتُوا بِغَيرِهَا تَدَافَنُوا قَالَ فَقَالَ أَصحَابُهُ وَدِدنَا أَنّا عَرَفنَا قِصّتَهُم فَقِيلَ لَهُ نَادِهِم يَا رُوحَ اللّهِ قَالَ فَقَالَ يَا أَهلَ القَريَةِ فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ مِنهُم لَبّيكَ يَا رُوحَ اللّهِ قَالَ مَا حَالُكُم وَ مَا قِصّتُكُم قَالَ أَصبَحنَا فِي عَافِيَةٍ وَ بِتنَا فِي الهَاوِيَةِ قَالَ فَقَالَ مَا الهَاوِيَةُ قَالَ بِحَارٌ مِن نَارٍ فِيهَا جِبَالٌ مِن نَارٍ قَالَ وَ مَا بَلَغَ بِكُم مَا أَرَي قَالَ حُبّ الدّنيَا وَ عِبَادَةُ الطّاغُوتِ قَالَ وَ مَا بَلَغَ مِن حُبّكُمُ الدّنيَا قَالَ كَحُبّ الصبّيِ‌ّ لِأُمّهِ إِذَا أَقبَلَت فَرِحَ وَ إِذَا أَدبَرَت حَزِنَ قَالَ وَ مَا بَلَغَ مِن عِبَادَتِكُمُ الطّاغُوتَ قَالَ كَانُوا إِذَا أَمَرُوا أَطَعنَاهُم قَالَ فَكَيفَ أجَبَتنَيِ‌ أَنتَ مِن بَينِهِم قَالَ لِأَنّهُم مُلجَمُونَ بِلُجُمٍ مِن نَارٍ عَلَيهِممَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ وَ إنِيّ‌ كُنتُ فِيهِم وَ لَم أَكُن مِنهُم فَلَمّا أَصَابَهُمُ العَذَابُ أصَاَبنَيِ‌ مَعَهُم فَأَنَا مُعَلّقٌ بِشَجَرَةٍ أَخَافُ أَن أُكَبكَبَ فِي النّارِ قَالَ فَقَالَ عِيسَي ع النّومُ عَلَي المَزَابِلِ وَ أَكلُ خُبزِ الشّعِيرِ كَثِيرٌ مَعَ سَلَامَةِ الدّينِ

ثو،[ثواب الأعمال ] مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ ابنِ يَزِيدَ مِثلَهُ

90- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ رَفَعَهُ إِلَي عَمرِو بنِ جُمَيعٍ رَفَعَهُ إِلَي عَلِيّ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ كانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُما قَالَ كَانَ ذَلِكَ الكَنزُ لَوحاً مِن ذَهَبٍ فِيهِ مَكتُوبٌبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ عَجِبتُ لِمَن يَعلَمُ أَنّ المَوتَ حَقّ كَيفَ يَفرَحُ عَجِبتُ لِمَن يُؤمِنُ بِالقَدَرِ كَيفَ يَحزَنُ عَجِبتُ لِمَن يَذكُرُ النّارَ كَيفَ يَضحَكُ عَجِبتُ لِمَن يَرَي الدّنيَا وَ تَصَرّفَ أَهلِهَا حَالًا بَعدَ حَالٍ كَيفَ


صفحه : 103

يَطمَئِنّ إِلَيهَا

91- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ النّضرِ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أخَبرَنَيِ‌ جَبرَئِيلُ ع أَنّ رِيحَ الجَنّةِ تُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أَلفِ عَامٍ مَا يَجِدُهَا عَاقّ وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَ لَا شَيخٌ زَانٍ وَ لَا جَارّ إِزَارَهُ خُيَلَاءَ وَ لَا فَنّانٌ وَ لَا مَنّانٌ وَ لَا جعَظرَيِ‌ّ قَالَ قُلتُ فَمَا الجعَظرَيِ‌ّ قَالَ ألّذِي لَا يَشبَعُ مِنَ الدّنيَا

وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَ لَا حَيّوفٌ وَ هُوَ النّبّاشُ وَ لَا زَنّوفٌ وَ هُوَ المُخَنّثُ وَ لَا جَوّاضٌ وَ لَا جعَظرَيِ‌ّ وَ هُوَ ألّذِي لَا يَشبَعُ مِنَ الدّنيَا

92- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصٍ قَالَ سَمِعتُ مُوسَي بنَ جَعفَرٍ ع عِندَ قَبرٍ وَ هُوَ يَقُولُ إِنّ شَيئاً هَذَا آخِرُهُ لَحَقِيقٌ أَن يُزهَدَ فِي أَوّلِهِ وَ إِنّ شَيئاً هَذَا أَوّلُهُ لَحَقِيقٌ أَن يُخَافَ آخِرُهُ

93- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] فِي خَبَرِ المنَاَهيِ‌ قَالَ النّبِيّص أَلَا وَ مَن عُرِضَت لَهُ دُنيَا وَ آخِرَةٌ فَاختَارَ الدّنيَا عَلَي الآخِرَةِ لقَيِ‌َ اللّهَ يَومَ القِيَامَةِ وَ لَيسَت لَهُ حَسَنَةٌ يتَقّيِ‌ بِهَا النّارَ وَ مَنِ اختَارَ الآخِرَةَ عَلَي الدّنيَا رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ وَ غَفَرَ لَهُ مسَاَويِ‌َ عَمَلِهِ

94- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن سَهلٍ عَن عَبدِ العَزِيزِ العبَديِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَن تَعَلّقَ قَلبُهُ بِالدّنيَا تَعَلّقَ مِنهَا بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمّ لَا يَفنَي وَ أَمَلٍ لَا يُدرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا يُنَالُ

95-ب ،[قرب الإسناد] عَنِ ابنِ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ عُلوَانَ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَ


صفحه : 104

قَالَ عَلِيّ ع مَا مُلِئَ بَيتٌ قَطّ خَيرَهُ إِلّا أَوشَكَ أَن يُملَأَ غَيرَهُ وَ لَا مُلِئَ بَيتٌ قَطّ غَيرَهُ إِلّا يُوشِكُ أَن يُملَأَ خَيرَهُ

96- ل ،[الخصال ]الأَربَعُمِائَةِ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَن عَبَدَ الدّنيَا وَ آثَرَهَا عَلَي الآخِرَةِ استَوخَمَ العَاقِبَةَ

وَ قَالَ ع أَنَا يَعسُوبُ المُؤمِنِينَ وَ المَالُ يَعسُوبُ الظّلَمَةِ

وَ قَالَ ع مَا بَالُ مَن خَالَفَكُم أَشَدّ بَصِيرَةً فِي ضَلَالَتِهِم وَ أَبذَلُ لِمَا فِي أَيدِيهِم مِنكُم مَا ذَاكَ إِلّا أَنّكُم رَكَنتُم إِلَي الدّنيَا فَرَضِيتُم بِالضّيمِ وَ شَحَحتُم عَلَي الحُطَامِ وَ فَرّطتُم فِيمَا فِيهِ عِزّكُم وَ سَعَادَتُكُم وَ قُوّتُكُم عَلَي مَن بَغَي عَلَيكُم لَا مِن رَبّكُم تَستَحيُونَ فِيمَا أَمَرَكُم وَ لَا لِأَنفُسِكُم تَنظُرُونَ وَ أَنتُم فِي كُلّ يَومٍ تُضَامُونَ وَ لَا تَنتَبِهُونَ مِن رَقدَتِكُم وَ لَا ينَقضَيِ‌ فُتُورُكُم

97- ثو،[ثواب الأعمال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ وَ عَبدِ العَزِيزِ مَعاً عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَصبَحَ وَ أَمسَي وَ الآخِرَةُ أَكبَرُ هَمّهِ جَعَلَ اللّهُ الغِنَي فِي قَلبِهِ وَ جَمَعَ لَهُ أَمرَهُ وَ لَم يَخرُج مِنَ الدّنيَا حَتّي يَستَكمِلَ رِزقَهُ وَ مَن أَصبَحَ وَ أَمسَي وَ الدّنيَا أَكبَرُ هَمّهِ جَعَلَ اللّهُ الفَقرَ بَينَ عَينَيهِ وَ شَتّتَ عَلَيهِ أَمرَهُ وَ لَم يَنَل مِنَ الدّنيَا إِلّا مَا قُسّمَ لَهُ

98- ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ]بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ عَن خَلَفِ بنِ حَمّادٍ عَن قُتَيبَةَ الأَعشَي قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّ فِيمَا نَاجَي اللّهُ بِهِ مُوسَي ع أَن قَالَ إِنّ الدّنيَا لَيسَت بِثَوَابٍ لِلمُؤمِنِ بِعَمَلِهِ وَ لَا نَقِمَةَ الفَاجِرِ بِقَدرِ ذَنبِهِ هيِ‌َ دَارُ الظّالِمِينَ إِلّا العَامِلَ فِيهَا بِالخَيرِ فَإِنّهَا لَهُ نِعمَتِ الدّارُ


صفحه : 105

99- ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ] عَنِ الصّدُوقِ عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن رَجُلٍ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ فِيمَا نَاجَي اللّهُ تَعَالَي بِهِ مُوسَي لَا تَركَن إِلَي الدّنيَا رُكُونَ الظّالِمِينَ وَ رُكُونَ مَنِ اتّخَذَهَا أُمّاً وَ أَباً يَا مُوسَي لَو وَكَلتُكَ إِلَي نَفسِكَ تَنظُرُهَا لَغَلَبَ عَلَيكَ حُبّ الدّنيَا وَ زَهرَتُهَا يَا مُوسَي نَافِس فِي الخَيرِ أَهلَهُ وَ اسبِقهُم إِلَيهِ فَإِنّ الخَيرَ كَاسمِهِ وَ اترُك مِنَ الدّنيَا مَا بِكَ الغِنَي عَنهُ وَ لَا تَنظُر عَينَاكَ إِلَي كُلّ مَفتُونٍ فِيهَا مَوكُولٍ إِلَي نَفسِهِ وَ اعلَم أَنّ كُلّ فِتنَةٍ بَذرُهَا حُبّ الدّنيَا وَ لَا تَغبِطَنّ أَحَداً بِرِضَا النّاسِ عَنهُ حَتّي تَعلَمَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ عَنهُ رَاضٍ وَ لَا تَغبِطَنّ أَحَداً بِطَاعَةِ النّاسِ لَهُ وَ اتّبَاعِهِم إِيّاهُ عَلَي غَيرِ الحَقّ فَهُوَ هَلَاكٌ لَهُ وَ لِمَنِ اتّبَعَهُ

100- سن ،[المحاسن ] عَن أَبِيهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع المَسجُونُ مَن سَجَنَتهُ دُنيَاهُ عَن آخِرَتِهِ

101- مص ،[مصباح الشريعة] قَالَ الصّادِقُ ع الدّنيَا بِمَنزِلَةِ صُورَةٍ رَأسُهَا الكِبرُ وَ عَينُهَا الحِرصُ وَ أُذُنُهَا الطّمَعُ وَ لِسَانُهَا الرّئَاءُ وَ يَدُهَا الشّهوَةُ وَ رِجلُهَا العُجبُ وَ قَلبُهَا الغَفلَةُ وَ كَونُهَا الفَنَاءُ وَ حَاصِلُهَا الزّوَالُ فَمَن أَحَبّهَا أَورَثَتهُ الكِبرُ وَ مَنِ استَحسَنَهَا أَورَثَتهُ الحِرصُ وَ مَن طَلَبَهَا أَورَدَتهُ إِلَي الطّمَعِ وَ مَن مَدَحَهَا أَكَبّتهُ الرّئَاءُ وَ مَن أَرَادَهَا مَكّنَتهُ مِنَ العُجبِ وَ مَنِ اطمَأَنّ إِلَيهَا رَكِبَتهُ الغَفلَةُ وَ مَن أَعجَبَهُ مَتَاعُهَا فَتَنَتهُ فِيمَا يَبقَي وَ مَن جَمَعَهَا وَ بَخِلَ بِهَا رَدّتهُ إِلَي مُستَقَرّهَا وَ هيِ‌َ النّارُ

102- شا،[الإرشاد] عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَمّا بَعدُ فَإِنّمَا مَثَلُ الدّنيَا مَثَلُ الحَيّةِ لَيّنٌ مَسّهَا شَدِيدٌ نَهشُهَا فَأَعرِض عَمّا يُعجِبُكَ مِنهَا لِقِلّةِ مَا يَصحَبُكَ مِنهَا وَ كُن أَسَرّ مَا تَكُونُ فِيهَا أَحذَرَ مَا تَكُونُ لَهَا فَإِنّ صَاحِبَهَا كُلّمَا اطمَأَنّ مِنهَا إِلَي سُرُورٍ أَشخَصَهُ مِنهَا إِلَي مَكرُوهٍ وَ السّلَامُ


صفحه : 106

103- شا،[الإرشاد]رَوَي العُلَمَاءُ بِالأَخبَارِ وَ نَقَلَةُ السّيَرِ وَ الآثَارِ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع كَانَ ينُاَديِ‌ فِي كُلّ لَيلَةٍ حِينَ يَأخُذُ النّاسُ مَضَاجِعَهُم بِصَوتٍ يَسمَعُهُ كَافّةُ مَن فِي المَسجِدِ وَ مَن جَاوَرَهُ مِنَ النّاسِ تَزَوّدُوا رَحِمَكُمُ اللّهُ فَقَد نوُديِ‌َ فِيكُم بِالرّحِيلِ وَ أَقِلّوا العَرجَةَ عَلَي الدّنيَا وَ انقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا يَحضُرُكُم مِنَ الزّادِ فَإِنّ أَمَامَكُم عَقَبَةً كَئُوداً وَ مَنَازِلَ مَهُولَةً لَا بُدّ مِنَ المَمَرّ بِهَا وَ الوُقُوفِ عَلَيهَا إِمّا بِرَحمَةٍ مِنَ اللّهِ نَجَوتُم مِن فَضَاعَتِهَا وَ إِمّا هَلَكَةٌ لَيسَ بَعدَهَا انجِبَارٌ يَا لَهَا حَسرَةً عَلَي ذيِ‌ غَفلَةٍ أَن يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيهِ حُجّةً وَ تُؤَدّيهِ أَيّامُهُ إِلَي شِقوَةٍ جَعَلَنَا اللّهُ وَ إِيّاكُم مِمّن لَا تُبطِرُهُ نِعمَةٌ وَ لَا تَحُلّ بِهِ بَعدَ المَوتِ نَقِمَةٌ فَإِنّمَا نَحنُ بِهِ وَ لَهُ وَ بِيَدِهِ الخَيرُوَ هُوَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ

104- شا،[الإرشاد] أَيّهَا النّاسُ أَصبَحتُم أَغرَاضاً تَنتَضِلُ فِيكُمُ المَنَايَا وَ أَموَالُكُم نَهبٌ لِلمَصَائِبِ مَا طَعِمتُم فِي الدّنيَا مِن طَعَامٍ فَلَكُم فِيهِ غَصَصٌ وَ مَا شَرِبتُم مِن شَرَابٍ فَلَكُم فِيهِ شَرَقٌ وَ أَشهَدُ بِاللّهِ مَا تَنَالُونَ مِنَ الدّنيَا نِعمَةً تَفرَحُونَ بِهَا إِلّا بِفِرَاقِ أُخرَي تَكرَهُونَهَا أَيّهَا النّاسُ إِنّا خُلِقنَا وَ إِيّاكُم لِلبَقَاءِ لَا لِلفَنَاءِ لَكِنّ مِن دَارٍ إِلَي دَارٍ تُنقَلُونَ فَتَزَوّدُوا لِمَا أَنتُم صَائِرُونَ إِلَيهِ وَ خَالِدُونَ فِيهِ وَ السّلَامُ

105- سر،[السرائر] عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ زُرَارَةَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع إِنّا لَنُحِبّ الدّنيَا فَقَالَ لِي تَصنَعُ بِهَا مَا ذَا قُلتُ أَتَزَوّجُ مِنهَا وَ أَحُجّ وَ أُنفِقُ عَلَي عيِاَليِ‌ وَ أُنِيلُ إخِواَنيِ‌ وَ أَتَصَدّقُ قَالَ لِي لَيسَ هَذَا مِنَ الدّنيَا هَذَا مِنَ الآخِرَةِ


صفحه : 107

106- سر،[السرائر] عَن كِتَابِ أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ وَ ابنِ أَبِي نَجرَانَ وَ الوَشّاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ حُمرَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ أَو عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ آخِرُ نبَيِ‌ّ يَدخُلُ الجَنّةَ سُلَيمَانُ بنُ دَاوُدَ ع وَ ذَلِكَ لِمَا أعُطيِ‌َ فِي الدّنيَا

107- شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِوَ لَنِعمَ دارُ المُتّقِينَ قَالَ الدّنيَا

108- جا،[المجالس للمفيد] عَنِ الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَيّوبَ بنِ نُوحٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع أَنّهُ قَالَ يَوماً لِأَصحَابِهِ إخِواَنيِ‌ أُوصِيكُم بِدَارِ الآخِرَةِ وَ لَا أُوصِيكُم بِدَارِ الدّنيَا فَإِنّكُم عَلَيهَا حَرِيصُونَ وَ بِهَا مُتَمَسّكُونَ أَ مَا بَلَغَكُم مَا قَالَ عِيسَي ابنُ مَريَمَ ع لِلحَوَارِيّينَ قَالَ لَهُم الدّنيَا قَنطَرَةٌ فَاعبُرُوهَا وَ لَا تَعمُرُوهَا وَ قَالَ أَيّكُم يبَنيِ‌ عَلَي مَوجِ البَحرِ دَاراً تِلكُمُ الدّارُ الدّنيَا فَلَا تَتّخِذُوهَا قَرَاراً

109-جا،[المجالس للمفيد] عَنِ المرَزبُاَنيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ المكَيّ‌ّ عَن أَبِي العَينَاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَكَمِ عَن لُوطِ بنِ يَحيَي عَنِ الحَارِثِ بنِ كَعبٍ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع ازهَدُوا فِي هَذِهِ الدّنيَا التّيِ‌ لَم يَتَمَتّع بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبلَكُم وَ لَا تَبقَي لِأَحَدٍ مِن بَعدِكُم سَبِيلُكُم فِيهَا سَبِيلُ المَاضِينَ قَد تَصَرّمَت وَ آذَنَت بِانقِضَاءٍ وَ تَنَكّرَ مَعرُوفُهَا فهَيِ‌َ تُخبِرُ أَهلَهَا بِالفَنَاءِ وَ سُكّانَهَا بِالمَوتِ وَ قَد أَمَرّ مِنهَا مَا كَانَ حُلواً وَ كَدِرَ مِنهَا مَا كَانَ صَفواً فَلَم تَبقَ مِنهَا إِلّا سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ الإِدَاوَةِ أَو جُرعَةٌ كَجُرعَةِ الإِنَاءِ


صفحه : 108

لَو تَمَزّزَهَا العَطشَانُ لَم يَنقَع بِهَا فَأَذّنُوا بِالرّحِيلِ مِن هَذِهِ الدّارِ المُقَدّرِ عَلَي أَهلِهَا الزّوَالُ المَمنُوعِ أَهلُهَا مِنَ الحَيَاةِ المُذَلّلَةِ فِيهَا أَنفُسُهُم بِالمَوتِ فَلَا حيَ‌ّ يَطمَعُ فِي البَقَاءِ وَ لَا نَفسٌ إِلّا مُذعِنَةٌ بِالمَنُونِ فَلَا يُعَلّلُكُمُ الأَمَلُ وَ لَا يَطُولُ عَلَيكُمُ الأَمَدُ وَ لَا تَغتَرّوا مِنهَا بِالآمَالِ وَ لَو حَنَنتُم حَنِينَ الوُلّهِ العِجَالِ وَ دَعَوتُم مِثلَ حَنِينِ الحَمَامِ وَ جَأَرتُم جَأرَ متُبَتَلّيِ‌ الرّهبَانِ وَ خَرَجتُم إِلَي اللّهِ تَعَالَي مِنَ الأَموَالِ وَ الأَولَادِ التِمَاسَ القُربَةِ إِلَيهِ فِي ارتِفَاعِ الدّرَجَةِ عِندَهُ أَو غُفرَانِ سَيّئَةٍ أَحصَتهَا كَتَبَتُهُ وَ حَفِظَتهَا مَلَائِكَتُهُ لَكَانَ قَلِيلًا فِيمَا أَرجُو لَكُم مِن ثَوَابِهِ وَ أَتَخَوّفُ عَلَيكُم مِن عِقَابِهِ جَعَلَنَا اللّهُ وَ إِيّاكُم مِنَ التّائِبِينَ العَابِدِينَ

110- مِن كِتَابِ عُيُونِ الحِكَمِ وَ المَوَاعِظِ،لعِلَيِ‌ّ بنِ مُحَمّدٍ الواَسطِيِ‌ّ كَتَبنَاهُ مِن أَصلٍ قَدِيمٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَاحذَرُوا هَذِهِ الدّنيَا الخَدّاعَةِ الغَدّارَةِ التّيِ‌ قَد تَزَيّنَت بِحُلِيّهَا وَ فَتَنَت بِغُرُورِهَا وَ غَرّت بِآمَالِهَا وَ تَشَوّفَت لِخِطَابِهَا فَأَصبَحَت كَالعَرُوسِ المَجلُوّةِ وَ العُيُونُ إِلَيهَا نَاظِرَةٌ وَ النّفُوسُ بِهَا مَشغُوفَةٌ وَ القُلُوبُ إِلَيهَا تَائِقَةٌ وَ هيِ‌َ لِأَزوَاجِهَا كُلّهِم قَاتِلَةٌ فَلَا الباَقيِ‌ باِلماَضيِ‌ مُعتَبِرٌ وَ لَا الآخِرُ بِسُوءِ أَثَرِهَا


صفحه : 109

عَلَي الأَوّلِ مُزدَجِرٌ وَ لَا اللّبِيبُ فِيهَا بِالتّجَارِبِ مُنتَفِعٌ أَبَتِ القُلُوبُ لَهَا إِلّا حُبّاً وَ النّفُوسُ إِلّا صَبّاً وَ النّاسُ لَهَا طَالِبَانِ طَالِبٌ ظَفِرَ بِهَا فَاغتَرّ فِيهَا وَ نسَيِ‌َ التّزَوّدَ مِنهَا لِلظّعنِ فَقَلّ فِيهَا لَبثُهُ حَتّي خَلَت مِنهَا يَدُهُ وَ زَلّت عَنهَا قَدَمُهُ وَ جَاءَتهُ أَسَرّ مَا كَانَ بِهَا مَنِيّتُهُ فَعَظُمَت نَدَامَتُهُ وَ كَثُرَت حَسرَتُهُ وَ جَلّت مُصِيبَتُهُ فَاجتَمَعَت عَلَيهِ سَكَرَاتُ المَوتِ فَغَيرُ مَوصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِ وَ آخَرُ اختَلَجَ عَنهَا قَبلَ أَن يَظفَرَ بِحَاجَتِهِ فَفَارَقَهَا بِغُرّتِهِ وَ أَسَفِهِ وَ لَم يُدرِك مَا طَلَبَ مِنهَا وَ لَم يَظفَر بِمَا رَجَا فِيهَا فَارتَحَلَا جَمِيعاً مِنَ الدّنيَا بِغَيرِ زَادٍ وَ قَدِمَا عَلَي غَيرِ مِهَادٍ فَاحذَرُوا الدّنيَا الحَذَرَ كُلّهُ وَ ضَعُوا عَنكُم ثِقَلَ هُمُومِهَا لِمَا تَيَقّنتُم لَو شَكّ زَوَالَهَا وَ كُونُوا أَسَرّ مَا تَكُونُونَ فِيهَا أَحذَرَ مَا تَكُونُونَ لَهَا فَإِنّ طَالِبَهَا كُلّمَا اطمَأَنّ مِنهَا إِلَي سُرُورٍ أَشخَصَهُ عَنهَا مَكرُوهٌ وَ كُلّمَا اغتَبَطَ مِنهَا بِإِقبَالٍ نَغّصَهُ عَنهَا إِدبَارٌ وَ كُلّمَا ثَبَتَت عَلَيهِ مِنهَا رَجُلًا طَوَت عَنهُ كَشحاً فَالسّارّ فِيهَا غَارّ وَ النّافِعُ فِيهَا ضَارّ وَصَلَ رَخَاؤُهَا بِالبَلَاءِ وَ جُعِلَ بَقَاؤُهَا إِلَي الفَنَاءِ فَرَحُهَا مَشُوبٌ بِالحُزنِ وَ آخَرُ هُمُومِهَا إِلَي الوَهنِ فَانظُر إِلَيهَا بِعَينِ الزّاهِدِ المُفَارِقِ وَ لَا تَنظُر إِلَيهَا بِعَينِ الصّاحِبِ الوَامِقِ اعلَم يَا هَذَا أَنّهَا تَشخَصُ الوَادِعَ السّاكِنَ وَ تُفَجّعُ المُغتَبِطَ الآمِنَ لَا يَرجِعُ مِنهَا مَا تَوَلّي فَأَدبَرَ وَ لَا يُدرَي مَا هُوَ آتٍ فَيُحذَرَ أَمَانِيّهَا كَاذِبَةٌ وَ آمَالُهَا بَاطِلَةٌ صَفوُهَا كَدِرٌ وَ ابنُ آدَمَ فِيهَا عَلَي خَطَرٍ إِمّا نِعمَةٌ زَائِلَةٌ وَ إِمّا بَلِيّةٌ نَازِلَةٌ وَ إِمّا مَعظَمَةٌ جَائِحَةٌ وَ إِمّا مَنِيّةٌ قَاضِيَةٌ فَلَقَد كَدِرَت عَلَيهِ العِيشَةُ إِن عَقَلَ وَ أَخبَرَتهُ عَن نَفسِهَا إِن وَعَي وَ لَو كَانَ خَالِقُهَا جَلّ وَ عَزّ لَم يُخبِر عَنهَا خَبَراً وَ لَم يَضرِب لَهَا مَثَلًا وَ لَم يَأمُر بِالزّهدِ فِيهَا وَ الرّغبَةِ عَنهَا لَكَانَت وَقَائِعُهَا وَ فَجَائِعُهَا قَد أَنبَهَتِ النّائِمَ وَ وَعَظَتِ الظّالِمَ وَ بَصّرَتِ العَالِمَ وَ كَيفَ وَ قَد جَاءَ عَنهَا مِنَ اللّهِ تَعَالَي زَاجِرٌ وَ أَتَت مِنهُ


صفحه : 110

فِيهَا البَيّنَاتُ وَ البَصَائِرُ فَمَا لَهَا عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ قَدرٌ وَ لَا وَزنٌ وَ لَا خَلقٌ فِيمَا بَلَغَنَا خَلقاً أَبغَضَ إِلَيهِ مِنهَا وَ لَا نَظَرَ إِلَيهَا مُذ خَلَقَهَا وَ لَقَد عَرَضَت عَلَي نَبِيّنَاص بِمَفَاتِيحِهَا وَ خَزَائِنِهَا لَا يَنقُصُهُ ذَلِكَ مِن حَظّهِ مِنَ الآخِرَةِ فَأَبَي أَن يَقبَلَهَا لِعِلمِهِ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَبغَضَ شَيئاً فَأَبغَضَهُ وَ صَغّرَ شَيئاً فَصَغّرَهُ وَ أَن لَا يَرفَعَ مَا وَضَعَهُ اللّهُ جَلّ ثَنَاؤُهُ وَ أَن لَا يُكثِرَ مَا أَقَلّهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَ لَو لَم يُخبِركَ عَن صِغَرِهَا عِندَ اللّهِ إِلّا أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ صَغّرَهَا عَن أَن يُجعَلَ خَيرُهَا ثَوَاباً لِلمُطِيعِينَ وَ أَن يُجعَلَ عُقُوبَتُهَا عِقَاباً لِلعَاصِينَ لَكَفَي وَ مِمّا يَدُلّكَ عَلَي دَنَاءَةِ الدّنيَا أَنّ اللّهَ جَلّ ثَنَاؤُهُ زَوَاهَا عَن أَولِيَائِهِ وَ أَحِبّائِهِ نَظَراً وَ اختِيَاراً وَ بَسَطَهَا لِأَعدَائِهِ فِتنَةً وَ اختِبَاراً فَأَكرَمَ عَنهَا مُحَمّداً نَبِيّهُص حِينَ عَصَبَ عَلَي بَطنِهِ مِنَ الجُوعِ وَ حَمَاهَا مُوسَي نَجِيّهُ المُكَلّمَ وَ كَانَت تُرَي خَضِرَةُ البَقلِ مِن صِفَاقِ بَطنِهِ مِنَ الهُزَالِ وَ مَا سَأَلَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَومَ أَوَي إِلَي الظّلّ إِلّا طَعَاماً يَأكُلُهُ لِمَا جَهَدَهُ مِنَ الجُوعِ وَ لَقَد جَاءَتِ الرّوَايَةُ أَنّهُ قَالَ أَوحَي اللّهُ إِلَيهِ إِذَا رَأَيتَ الغِنَي مُقبِلًا فَقُل ذَنبٌ عُجّلَت عُقُوبَتُهُ وَ إِذَا رَأَيتَ الفَقرَ مُقبِلًا فَقُل مَرحَباً بِشِعَارِ الصّالِحِينَ وَ صَاحِبِ الرّوحِ وَ الكَلِمَةِ عِيسَي ابنِ مَريَمَ ع إِذ قَالَ إدِاَميِ‌َ الجُوعُ وَ شعِاَريِ‌َ الخَوفُ وَ لبِاَسيِ‌َ الصّوفُ وَ داَبتّيِ‌ رجِلاَي‌َ وَ سرِاَجيِ‌ بِاللّيلِ القَمَرُ وَ صلَاَي‌َ فِي الشّتَاءِ مَشَارِقُ الشّمسِ وَ فاَكهِتَيِ‌ مَا أَنبَتَتِ الأَرضُ لِلأَنعَامِ أَبِيتُ وَ لَيسَ لِي شَيءٌ وَ لَيسَ أَحَدٌ أَغنَي منِيّ‌ وَ سُلَيمَانُ بنُ دَاوُدَ وَ مَا أوُتيِ‌َ مِنَ المُلكِ إِذ كَانَ يَأكُلُ خُبزَ الشّعِيرِ وَ يُطعِمُ أُمّهُ الحِنطَةَ وَ إِذَا جَنّهُ اللّيلُ لَبِسَ المُسُوحَ وَ غَلّ يَدَهُ إِلَي عُنُقِهِ وَ بَاتَ بَاكِياً حَتّي يُصبِحَ وَ يُكثِرُ أَن يَقُولَرَبّ إنِيّ‌ ظَلَمتُ نفَسيِ‌ فَإِن لَم تَغفِر لِي وَ ترَحمَنيِ‌ لَأَكُونَنّ مِنَ الخَاسِرِينَلا إِلهَ إِلّا أَنتَ سُبحانَكَ إنِيّ‌ كُنتُ مِنَ الظّالِمِينَفَهَؤُلَاءِ أَنبِيَاءُ اللّهِ وَ أَصفِيَاؤُهُ تَنَزّهُوا عَنِ الدّنيَا وَ زَهِدُوا فِيمَا زَهّدَهُمُ اللّهُ جَلّ ثَنَاؤُهُ فِيهِ مِنهَا وَ أَبغَضُوا مَا أَبغَضَ وَ صَغّرُوا مَا صَغّرَ ثُمّ اقتَصّ الصّالِحُونَ آثَارَهُم


صفحه : 111

وَ سَلَكُوا مِنهَاجَهُم وَ أَلطَفُوا الفِكَرَ وَ انتَفَعُوا بِالعِبَرِ وَ صَبَرُوا فِي هَذَا العُمُرِ القَصِيرِ مِن مَتَاعِ الغُرُورِ ألّذِي يَعُودُ إِلَي الفَنَاءِ وَ يَصِيرُ إِلَي الحِسَابِ نَظَرُوا بِعُقُولِهِم إِلَي آخِرِ الدّنيَا وَ لَم يَنظُرُوا إِلَي أَوّلِهَا وَ إِلَي بَاطِنِ الدّنيَا وَ لَم يَنظُرُوا إِلَي ظَاهِرِهَا وَ فَكّرُوا فِي مَرَارَةِ عَاقِبَتِهَا فَلَم يَستَمرِئهُم حَلَاوَةُ عَاجِلِهَا ثُمّ أَلزَمُوا أَنفُسَهُمُ الصّبرَ وَ أَنزَلُوا الدّنيَا مِن أَنفُسِهِم كَالمَيتَةِ التّيِ‌ لَا يَحِلّ لِأَحَدٍ أَن يَشبَعَ مِنهَا إِلّا فِي حَالِ الضّرُورَةِ إِلَيهَا وَ أَكَلُوا مِنهَا بِقَدرِ مَا أَبقَي لَهُمُ النّفَسَ وَ أَمسَكَ الرّوحَ وَ جَعَلُوهَا بِمَنزِلَةِ الجِيفَةِ التّيِ‌ اشتَدّ نَتنُهَا فَكُلّ مَن مَرّ بِهَا أَمسَكَ عَلَي فِيهِ فَهُم يَتَبَلّغَونَ بِأَدنَي البَلَاغِ وَ لَا يَنتَهُونَ إِلَي الشّبَعِ مِنَ النّتنِ وَ يَتَعَجّبُونَ مِنَ الممُتلَيِ‌ مِنهَا شِبَعاً وَ الراّضيِ‌ بِهَا نَصِيباً إخِواَنيِ‌ وَ اللّهُ لهَيِ‌َ فِي العَاجِلَةِ وَ الآجِلَةِ لِمَن نَاصَحَ نَفسَهُ فِي النّظَرِ وَ أَخلَصَ لَهَا الفِكَرَ أَنتَنُ مِنَ الجِيفَةِ وَ أَكرَهُ مِنَ المَيتَةِ غَيرَ أَنّ ألّذِي نَشَأَ فِي دِبَاغِ الإِهَابِ لَا يَجِدُ نَتنَهُ وَ لَا تُؤذِيهِ رَائِحَتُهُ مَا تؤُذيِ‌ المَارّ بِهِ وَ الجَالِسَ عِندَهُ وَ قَد يكَفيِ‌ العَاقِلَ مِن مَعرِفَتِهَا عِلمُهُ بِأَنّ مَن مَاتَ وَ خَلّفَ سُلطَاناً عَظِيماً سَرّهُ أَنّهُ عَاشَ فِيهَا سُوقَةً خَامِلًا أَو كَانَ فِيهَا مُعَافاً سَلِيماً سَرّهُ أَنّهُ كَانَ فِيهَا مُبتَلًي ضَرِيراً فَكَفَي بِهَذَا عَلَي عَورَتِهَا وَ الرّغبَةُ عَنهَا دَلِيلًا وَ اللّهِ لَو أَنّ الدّنيَا كَانَت مَن أَرَادَ مِنهَا شَيئاً وَجَدَهُ حَيثُ تَنَالُ يَدَهُ مِن غَيرِ طَلَبٍ وَ لَا تَعَبٍ وَ لَا مَئُونَةٍ وَ لَا نَصَبٍ وَ لَا ظَعنٍ وَ لَا دَأبٍ غَيرَ أَنّ مَا أَخَذَ مِنهَا مِن شَيءٍ لَزِمَهُ حَقّ اللّهِ فِيهِ وَ الشّكرُ عَلَيهِ وَ كَانَ مَسئُولًا عَنهُ مُحَاسَباً بِهِ لَكَانَ يَحِقّ عَلَي العَاقِلِ أَن لَا يَتَنَاوَلَ مِنهَا إِلّا قُوّتَهُ وَ بُلغَةَ يَومِهِ حَذَراً مِنَ السّؤَالِ وَ خَوفاً مِنَ الحِسَابِ وَ إِشفَاقاً مِنَ العَجزِ عَنِ الشّكرِ فَكَيفَ بِمَن تَجَشّمَ فِي طَلَبِهَا مِن خُضُوعِ رَقَبَتِهِ وَ وَضعِ خَدّهِ وَ فَرَطِ عِنَائِهِ وَ الِاغتِرَابِ عَن أَحبَابِهِ وَ عَظِيمِ أَخطَارِهِ ثُمّ لَا يدَريِ‌ مَا آخِرُ ذَلِكَ الظّفَرُ أَمِ الخَيبَةُ إِنّمَا الدّنيَا ثَلَاثَةُ أَيّامٍ يَومٌ مَضَي بِمَا فِيهِ فَلَيسَ بِعَائِدٍ وَ يَومٌ أَنتَ فِيهِ فَحَقّ عَلَيكَ اغتِنَامُهُ وَ يَومٌ لَا تدَريِ‌ أَنتَ مِن أَهلِهِ وَ لَعَلّكَ رَاحِلٌ فِيهِ أَمّا اليَومُ الماَضيِ‌


صفحه : 112

فَحَكِيمٌ مُؤَدّبٌ وَ أَمّا اليَومُ ألّذِي أَنتَ فِيهِ فَصَدِيقٌ مُوَدّعٌ وَ أَمّا غَداً فَإِنّمَا فِي يَدَيكَ مِنهُ الأَمَلُ فَإِن يَكُن أَمسِ سَبَقَكَ بِنَفسِهِ فَقَد أَبقَي فِي يَدَيكَ حِكمَتَهُ وَ إِن يَكُن يَومُكَ هَذَا آنَسَكَ بِمَقدَمِهِ عَلَيكَ فَقَد كَانَ طَوِيلَ الغَيبَةِ عَنكَ وَ هُوَ سَرِيعُ الرّحلَةِ فَتَزَوّد مِنهُ وَ أَحسِن وَدَاعَهُ خُذ بِالثّقَةِ مِنَ العَمَلِ وَ إِيّاكَ وَ الِاغتِرَارَ بِالأَمَلِ وَ لَا تُدخِل عَلَيكَ اليَومَ هَمّ غَدٍ يكَفيِ‌ اليَومَ هَمّهُ وَ غَداً دَاخِلٌ عَلَيكَ بِشُغُلِهِ إِنّكَ إِن حَمَلتَ عَلَي اليَومِ هَمّ غَدٍ زِدتَ فِي حُزنِكَ وَ تَعَبِكَ وَ تَكَلّفتَ أَن تَجمَعَ فِي يَومِكَ مَا يَكفِيكَ أَيّاماً فَعَظُمَ الحُزنُ وَ زَادَ الشّغُلُ وَ اشتَدّ التّعَبُ وَ ضَعُفَ العَمَلُ لِلأَمَلِ وَ لَو أَخلَيتَ قَلبَكَ مِنَ الأَمَلِ لَجَدّدتَ فِي العَمَلِ وَ الأَمَلُ المُمَثّلُ فِي اليَومِ غَداً أَضَرّكَ فِي وَجهَينِ سَوّفتَ بِهِ العَمَلَ وَ زِدتَ بِهِ فِي الهَمّ وَ الحُزنِ أَ وَ لَا تَرَي أَنّ الدّنيَا سَاعَةٌ بَينَ سَاعَتَينِ سَاعَةٌ مَضَت وَ سَاعَةٌ بَقِيَت وَ سَاعَةٌ أَنتَ فِيهَا فَأَمّا المَاضِيَةُ وَ البَاقِيَةُ فَلَستَ تَجِدُ لِرِخَائِهِمَا لَذّةً وَ لَا لِشِدّتِهِمَا أَلَماً فَأَنزِلِ السّاعَةَ المَاضِيَةَ وَ السّاعَةَ التّيِ‌ أَنتَ فِيهَا مَنزِلَةَ الضّيفَينِ نَزَلَا بِكَ فَظَعَنَ الرّاحِلُ عَنكَ بِذَمّهِ إِيّاكَ وَ حَلّ النّازِلُ بِكَ بِالتّجرِبَةِ لَكَ فَإِحسَانُكَ إِلَي الثاّويِ‌ يَمحُو إِسَاءَتَكَ إِلَي الماَضيِ‌ فَأَدرِك مَا أَضَعتَ بِهِ عِتَابَكَ مِمّا استَقبَلتَ وَ احذَر أَن تَجمَعَ عَلَيكَ شَهَادَتَهُمَا فَيُوبِقَاكَ وَ لَو أَنّ مَقبُوراً مِنَ الأَموَاتِ قِيلَ لَهُ هَذِهِ الدّنيَا أَوّلُهَا إِلَي آخِرِهَا تَخَلّفهَا لِوَلَدِكَ ألّذِي لَم يَكُن لَكَ هَمّ غَيرُهُ أَو يَومٌ نَرُدّهُ إِلَيكَ فَتَعمَلُ فِيهِ لِنَفسِكَ لَاختَارَ يَوماً يَستَعتِبُ فِيهِ مِن سَيّئِ مَا أَسلَفَ عَلَي جَمِيعِ الدّنيَا بِهِ يُورِثُهَا وَلَداً خَلّفَهُ فَمَا يَمنَعُكَ أَيّهَا المُغتَرّ المُضطَرّ المُسَوّفُ أَن تَعمَلَ عَلَي مَهَلٍ قَبلَ حُلُولِ الأَجَلِ وَ مَا يَجعَلُ المَقبُورَ أَشَدّ تَعظِيماً لِمَا فِي يَدَيكَ مِنكَ أَ لَا تَسعَي فِي تَحرِيرِ رَقَبَتِكَ وَ فَكَاكِ رِقّكَ وَ وِقَاءِ نَفسِكَ مِنَ النّارِ التّيِ‌عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ وَ قَالَ ع أُوصِيكُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ اغتِنَامِ مَا استَطَعتُم عَمَلًا بِهِ مِن طَاعَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي هَذِهِ الأَيّامِ الخَالِيَةِ بِجَلِيلِ مَا يَشقَي عَلَيكُم بِهِ الفَوتُ


صفحه : 113

بَعدَ المَوتِ وَ بِالرّفضِ لِهَذِهِ الدّنيَا التّارِكَةِ لَكُم وَ إِن لَم تَكُونُوا تُحِبّونَ تَركَهَا وَ المُبلِيَةِ لَكُم وَ إِن كُنتُم تُحِبّونَ تَجدِيدَهَا فَإِنّمَا مَثَلُكُم وَ مَثَلُهَا كَرَكبٍ سَلَكُوا سَبِيلًا فَكَأَنّهُم قَد قَطَعُوهُ وَ أَمّوا عِلماً فَكَأَن قَد بَلَغُوهُ وَ كَم عَسَي مِنَ المَجرَي إِلَي الغَايَةِ أَن يجَريِ‌َ حَتّي يَبلُغَهَا فَكَم عَسَي أَن يَكُونَ بَقَاءَ مَن لَهُ يَومٌ لَا يَعدُوهُ وَ مِن وَرَائِهِ طَالِبُ حَثِيثٍ يَحدُوهُ فِي الدّنيَا حَتّي يُفَارِقَهَا فَلَا تَتَنَافَسُوا فِي عِزّ الدّنيَا وَ فَخرِهَا وَ لَا تَعجَبُوا بِزِينَتِهَا وَ لَا تَجزَعُوا مِن ضَرّائِهَا وَ بُؤسِهَا فَإِنّ عِزّ الدّنيَا وَ فَخرَهَا إِلَي انقِطَاعٍ وَ إِنّ زِينَتَهَا وَ نَعِيمَهَا إِلَي زَوَالٍ وَ إِنّ ضَرّاءَهَا وَ بُؤسَهَا إِلَي نَفَادٍ وَ كُلّ مُدّةٍ فِيهَا إِلَي مُنتَهًي وَ كُلّ حيَ‌ّ فِيهَا إِلَي فَنَاءٍ أَ وَ لَيسَ لَكُم فِي آثَارِ الأَوّلِينَ مُزدَجَرٌ وَ فِي آبَائِكُمُ المَاضِينَ تَبصِرَةٌ وَ مُعتَبَرٌ إِن كُنتُم تَعقِلُونَ أَ لَم تَرَوا إِلَي المَاضِينَ مِنكُم لَا يَرجِعُونَ وَ إِلَي الخَلَفِ الباَقيِ‌ مِنكُم لَا يَبقَونَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ عَلَاوَ حَرامٌ عَلي قَريَةٍ أَهلَكناها أَنّهُم لا يَرجِعُونَالآيَةَ وَ التّيِ‌ بَعدَهَا وَ قَالَ عَزّ وَ جَلّكُلّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَ إِنّما تُوَفّونَ أُجُورَكُم يَومَ القِيامَةِ فَمَن زُحزِحَ عَنِ النّارِ وَ أُدخِلَ الجَنّةَ فَقَد فازَ وَ مَا الحَياةُ الدّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرُورِ أَ لَستُم تَرَونَ أَهلَ الدّنيَا يُمسُونَ وَ يُصبِحُونَ عَلَي أَحوَالٍ شَتّي مَيّتٌ يَبلَي وَ آخَرُ يُعَزّي وَ صَرِيعٌ مُبتَلًي وَ عَائِدٌ مَعُودٌ وَ آخَرُ بِنَفسِهِ يَجُودُ وَ طَالِبٌ وَ المَوتُ يَطلُبُهُ وَ غَافِلٌ وَ لَيسَ بِمَغفُولٍ عَنهُ وَ عَلَي أَثَرِ الماَضيِ‌ مِنّا يمَضيِ‌ الباَقيِ‌ فَلِلّهِ الحَمدُ رَبّ السّمَاوَاتِ السّبعِ وَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ ألّذِي يَبقَي وَ يَفنَي مَا سِوَاهُ وَ إِلَيهِ مَوئِلُ الخَلقِ وَ مَرجِعُ الأُمُورِ وَ قَالَ ع أَمّا بَعدُ فإَنِيّ‌ أُحَذّرُكُمُ الدّنيَا فَإِنّهَا حُلوَةٌ خَضِرَةٌ حُفّت


صفحه : 114

بِالشّهَوَاتِ وَ رَاقَت بِالقَلِيلِ وَ تَحَبّبَت بِالعَاجِلَةِ وَ عُمّرَت بِالآمَالِ وَ تَزَيّنَت بِالغُرُورِ فَلَا تَدُومُ نِعمَتُهَا وَ لَا تَفنَي فَجَائِعُهَا غَدّارَةٌ ضَرّارَةٌ حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ أَكّالَةٌ غَوّالَةٌ لَا تَعدُو إِذَا تَنَاهَت إِلَي أُمنِيّةِ أَهلِ الرّغبَةِ فِيهَا وَ الرّضَا بِهَا كَمَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّكَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشِيماً تَذرُوهُ الرّياحُ وَ كانَ اللّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ مُقتَدِراً مَعَ أَنّ امرَأً لَم يَكُن مِنهَا فِي حَبرَةٍ إِلّا أَعقَبَتهُ مِنهَا بَعدُ بِعَبرَةٍ وَ لَم يَلقَ مِن سَرّائِهَا بَطناً إِلّا أَعطَتهُ مِن ضَرّائِهَا ظَهراً وَ لَم يَطُلّهُ فِيهَا دِيمَةُ رَخَاءٍ إِلّا هَتَنَت عَلَيهِ مِنهَا مُزنَةُ بَلَاءٍ وَ حرَيِ‌ّ إِذَا أَصبَحَت لَكَ مُتَحَبّرَةً أَن تمُسيِ‌َ لَكَ مُتَنَكّرَةً وَ إِن جَانِبٌ مِنهَا اعذَوذَبَ لاِمر‌ِئٍ وَ احلَولَي أَمَرّ عَلَيهِ جَانِبٌ فَأَوبَي وَ إِن آنَسَ إِنسَانٌ مِن غَضَارَتِهَا رَغَباً أَرهَقَتهُ مِن بَوَائِقِهَا تَعَباً غَرّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِيهَا فَانٍ مَن عَلَيهَا وَ لَم يَمَسّ امرُؤٌ مِنهَا فِي جَنَاحِ أَمنٍ إِلّا أَصبَحَ فِي جَوفِ خَوفٍ لَا خَيرَ فِي شَيءٍ مِن زَادِهَا إِلّا التّقوَي مَن أَقَلّ مِنهَا استَكثَرَ مِمّا يُوبِقُهُ وَ مَنِ استَكثَرَ مِنهَا لَم تَدُم لَهُ وَ زَالَت عَنهُ كَم وَاثِقٍ بِهَا فَجَعَتهُ وَ ذيِ‌ طُمَأنِينَةٍ إِلَيهَا صَرَعَتهُ وَ ذيِ‌ خَدَعٍ فِيهَا خَدَعَتهُ وَ كَم مِن ذيِ‌ أُبّهَةٍ فِيهَا قَد صَيّرَتهُ حَقِيراً وَ ذيِ‌ نَخوَةٍ فِيهَا قَد رَدّتهُ خَائِفاً فَقِيراً وَ كَم مِن ذيِ‌ تَاجٍ قَد أَكَبّتهُ لِليَدَينِ وَ الفَمِ سُلطَانُهَا دُوَلٌ وَ عَيشُهَا رَنِقٌ وَ عَذبُهَا أُجَاجٌ وَ حُلوُهَا صَبِرٌ وَ غِذَاؤُهَا سِمَامٌ وَ أَسبَابُهَا رِمَامٌ وَ قِطَافُهَا سَلعٌ حَيّهَا بِعَرَضِ مَوتٍ وَ صَحِيحُهَا بِعَرَضِ سُقمٍ وَ مَنِيعُهَا بِعَرَضِ اهتِضَامٍ وَ مُلكُهَا مَسلُوبٌ


صفحه : 115

وَ عَزِيزُهَا مَغلُوبٌ وَ ضَيفُهَا مَنكُوبٌ وَ جَارُهَا مَحرُومٌ مَعَ أَنّ وَرَاءَ ذَلِكَ سَكَرَاتِ المَوتِ وَ زَفَرَاتِهِ وَ هَولَ المُطّلَعِ وَ الوُقُوفَ بَينَ يدَيَ‌ إِلَهِكُمُ الحَكَمِ ليِجَزيِ‌َ الّذِينَ أَحسَنُوا بِالحُسنَي أَ لَستُم فِي مَسَاكِنِ مَن كَانَ قَبلَكُم كَانُوا أَطوَلَ مِنكُم أَعمَاراً وَ أَبقَي مِنكُم آثَاراً وَ أَعَدّ مِنكُم عَدِيداً وَ أَكثَفَ مِنكُم جُنُوداً وَ أَشَدّ مِنكُم عُنُوداً تَعَبّدُوا لِلدّنيَا أَيّ تَعَبّدٍ وَ آثَرُوهَا أَيّ إِيثَارٍ ثُمّ ظَعَنُوا عَنهَا بِالصّغَارِ وَ هَل بَلَغَكُم أَنّ الدّنيَا سَخَت لَهُم نَفساً بِفِديَةٍ أَو صُدّت عَنهُم فِيمَا أَهلَكَتهُم بِهِ بِخَطبٍ بَل أَوهَنَتهُم بِالقَوَارِعِ وَ ضَعضَعَتهُم بِالنّوَائِبِ وَ مَقَرَتهُم بِالمَنَاخِرِ وَ أَعَانَهَا عَلَيهِم رَيبَ المَنُونِ فَقَد رَأَيتُم تَنَكّرَهَا لِمَن دَانَ لَهَا وَ آثَرَهَا أَو أَخلَدَ إِلَيهَا حِينَ ظَعَنُوا عَنهَا لِفِرَاقِ أَبَدٍ أَو إِلَي آخِرِ زَوَالٍ هَل زَوّدَتهُم إِلّا السّغَبُ أَو أَحَلّتهُم إِلّا إِلَي الضّنكِ أَو نَوّرَت لَهُم إِلّا الظّلمَةُ أَو أَعقَبَتهُم إِلّا النّارُ أَ لِهَذِهِ تُؤثِرُونَ أَم عَلَيهَا تَرَبّصُونَ أَم إِلَيهَا تَطمَئِنّونَ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّمَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدّنيا وَ زِينَتَها نُوَفّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فِيها وَ هُم فِيها لا يُبخَسُونَ أُولئِكَ الّذِينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلّا النّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعمَلُونَفَبِئسَتِ الدّارُ لِمَن لَم يَتّهِمهَا وَ لَم يَكُن فِيهَا عَلَي وَجَلٍ مِنهَا اذكُرُوا عِندَ تَصَرّفِهَا بِكَم سُرعَةٍ انقِضَاؤُهَا عَنكُم وَ وَشكِ زَوَالِهَا وَ ضَعفِ مَجَالِهَا أَ لَم تَجِدكُم عَلَي مِثَالِ مَن كَانَ قَبلَكُم وَ وَجَدتُ مَن كَانَ قِبَلَكُم عَلَي مِثَالِ مَن كَانَ قَبلَهُم جِيلٌ بَعدَ جِيلٍ وَ أُمّةٌ بَعدَ أُمّةٍ وَ قَرنٌ بَعدَ قَرنٍ وَ خَلَفٌ بَعدَ خَلَفٍ فَلَا هيِ‌َ تسَتحَي‌ِ مِنَ العَارِ وَ مَا لَا ينَبغَيِ‌ مِنَ المُبدِيَاتِ وَ لَا تَخجَل مِنَ الغَدرِ اعلَمُوا وَ أَنتُم تَعلَمُونَ أَنّكُم تَارِكُوهَا لَا بُدّ وَ إِنّمَا هيِ‌َ كَمَا نَعَتَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّلَعِبٌ وَ لَهوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَينَكُم وَ تَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَ الأَولادِفَاتّعِظُوا فِيهَا بِالّذِينَ كَانُوا يَبنُونَ بِكُلّ رَيعٍ آيَةً يَعبَثُونَ وَ يَتّخِذُونَ مَصَانِعَ


صفحه : 116

لَعَلّهُم يَخلُدُونَ وَ بِالّذِينَ قَالُوامَن أَشَدّ مِنّا قُوّةً وَ اتّعِظُوا بِمَن رَأَيتُم مِن إِخوَانِكُم كَيفَ حُمِلُوا إِلَي قُبُورِهِم لَا يُدعَونَ رُكبَاناً وَ أُنزِلُوا لَا يُدعَونَ ضِيفَاناً وَ جُعِلَ لَهُم مِنَ الضّرِيحِ أَجنَاناً وَ مِنَ التّرَابِ أَكفَاناً وَ مِنَ الرّفَاتِ جِيرَاناً وَ هُم جِيرَةٌ لَا يُجِيبُونَ دَاعِياً وَ لَا يَمنَعُونَ ضَيماً وَ لَا يُبَالُونَ مَندَبَةً وَ لَا يَعرِفُونَ نَسَباً وَ لَا حَسَباً وَ لَا يَشهَدُونَ زُوراً إِن جِيدُوا لَم يَفرَحُوا وَ إِن قُحِطُوا لَم يَقنَطُوا جَمِيعٌ وَ هُم آحَادٌ وَ جِيرَةٌ وَ هُم أَبعَادٌ وَ مُتَدَانُونَ لَا يَتَزَاوَرُونَ وَ لَا يُزَوّرُونَ حُلَمَاءُ قَد بَادَت أَضغَانُهُم جُهَلَاءُ قَد ذَهَبَت أَحقَادُهُم لَا يُخشَي فَجعُهُم وَ لَا يُرجَي دَفعُهُم وَ هُم كَمَن لَم يَكُن وَ كَمَا قَالَ جَلّ ثَنَاؤُهُفَتِلكَ مَساكِنُهُم لَم تُسكَن مِن بَعدِهِم إِلّا قَلِيلًا وَ كُنّا نَحنُ الوارِثِينَ إِنّ الدّنيَا وَهنٌ مَطلَبُهَا رَنِقٌ مَشرَبُهَا رَدِغٌ مَشرَعُهَا غَرُورٌ مَاحِلٌ وَ سَمّ قَاتِلٌ وَ سِنَادٌ مَائِلٌ تُرِيقُ مَطرَفُهَا وَ ترُديِ‌ مُستَزِيدَهَا وَ تُصرِعُ مُستَفِيدُهَا


صفحه : 117

بِإِنفَادِ لَذّتِهَا وَ مُوبِقَاتِ شَهَوَاتِهَا وَ أَسرِ نَافِرِهَا قَنَصَت بِأَحبُلِهَا وَ قَصَدَت بِأَسهُمِهَا مَائِلًا لِهَنَاتِهَا وَ تَعَلّلَ بِهِبَاتِهَا ليَاَليِ‌َ عُمُرِهِ وَ أَيّامَ حَيَاتِهِ قَد عَلَقَتهُ أَوهَاقُ المَنِيّةِ فَأَردَتهُ بِمَرَائِرِهَا قَائِدَةً لَهُ بِحُتُوفِهَا إِلَي ضَنكِ المَضجَعِ وَ وَحشَةِ المَرجِعِ وَ مُجَاوَرَةِ الأَموَاتِ وَ مُعَايَنَةِ المَحَلّ وَ ثَوَابِ العَمَلِ ثُمّ ضَرَبَ عَلَي أَدنَاهُم سُبَاتُ الدّهُورِ وَ هُم لَا يَرجِعُونَ قَدِ ارتَهَنَتِ الرّقَابَ بِسَالِفِ الِاكتِسَابِ وَ أُحصِيَتِ الآثَارُ لِفَصلِ الخِطَابِوَ قَد خابَ مَن حَمَلَ ظُلماً

وَ قَالَ ع فِي ذَمّ الدّنيَا فِي خُطبَةٍ خَطَبَهَاالحَمدُ لِلّهِ أَحمَدُهُ وَ أَستَعِينُهُ وَ أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكّلُ عَلَيهِ وَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرسَلَهُ بِالحَقّ وَ دِينِ الهُدَي لِيُزِيحَ بِهِ عِلّتَكُم وَ لِيُوقِظَ بِهِ غَفلَتَكُم وَ اعلَمُوا أَنّكُم مَيّتُونَ وَ مَبعُوثُونَ مِن بَعدِ المَوتِ وَ مَوقُوفُونَ عَلَي أَعمَالِكُم وَ مُجزَونَ بِهَافَلا تَغُرّنّكُمُ الحَياةُ الدّنيافَإِنّهَا دَارٌ بِالبَلَاءِ مَحفُوفَةٌ وَ بِالعَنَاءِ مَعرُوفَةٌ وَ بِالغَدرِ مَوصُوفَةٌ وَ كُلّ مَا فِيهَا إِلَي زَوَالٍ وَ هيِ‌َ بَينَ أَهلِهَا دُوَلٌ وَ سِجَالٌ لَا تَدُومُ أَحوَالُهَا وَ لَا يَسلَمُ مِن شَرّهَا بَينَا أَهلُهَا مِنهَا فِي رَخَاءٍ وَ سُرُورٍ إِذ هُم مِنهَا فِي بَلَاءٍ وَ غُرُورٍ أَحوَالٌ مُختَلِفَةٌ وَ تَارَاتٌ مُتَصَرّفَةٌ العَيشُ فِيهَا مَذمُومٌ وَ الرّخَاءُ فِيهَا لَا يَدُومُ وَ إِنّمَا أَهلُهَا فِيهَا أَغرَاضٌ مُستَهدَفَةٌ تَرمِيهِم بِسِهَامِهَا وَ تَقصِمُهُم بِحِمَامِهَا وَ كُلّ حَتفُهُ فِيهَا مَقدُورٌ وَ حَظّهُ مِنهَا مَوفُورٌ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّكُم وَ مَا أَنتُم فِيهِ مِن هَذِهِ الدّنيَا عَلَي سَبِيلِ مَن قَد مَضَي مِمّن كَانَ أَطوَلَ مِنكُم بَاعاً وَ أَشَدّ مِنكُم بَطشاً وَ أَعمَرَ دِيَاراً وَ أَبعَدَ آثَاراً فَأَصبَحَت أَصوَاتُهُم هَامِدَةً خَامِدَةً مِن بَعدِ طُولٍ تَغلِبُهَا وَ أَجسَادُهُم بَالِيَةً وَ دِيَارُهُم خَالِيَةً وَ آثَارُهُم عَافِيَةً فَاستَبدَلُوا بِالقُصُورِ المُشَيّدَةِ وَ السّتُورِ وَ النّمَارِقِ المُمَهّدَةِ الصّخُورَ وَ الأَحجَارَ المُسنَدَةَ فِي القُبُورِ التّيِ‌ قَد بنُيِ‌َ لِلخَرَابِ فِنَاؤُهَا فَمَحَلّهَا مُقتَرِبٌ


صفحه : 118

وَ سَاكِنُهَا مُغتَرِبٌ بَينَ أَهلِ عِمَارَةٍ مُوحِشِينَ وَ أَهلِ مَحَلّةٍ مُتَشَاغِلِينَ لَا يَستَأنِسُونَ بِالعُمرَانِ وَ لَا يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الجِيرَانِ وَ الإِخوَانِ عَلَي مَا بَينَهُم مِن قُربِ الجِوَارِ وَ دُنُوّ الدّارِ وَ كَيفَ يَكُونُ بَينَهُم تَوَاصُلٌ وَ قَد طَحَنَهُم بِكَلكَلِهِ البِلَي وَ أَكَلَتهُمُ الجَنَادِلُ وَ الثّرَي فَأَصبَحُوا بَعدَ الحَيَاةِ أَموَاتاً وَ بَعدَ غَضَارَةِ العَيشِ رُفَاتاً فُجِعَ بِهِمُ الأَحبَابُ وَ سَكَنُوا التّرَابَ وَ ظَعَنُوا فَلَيسَ لَهُم إِيَابٌ هَيهَاتَ هَيهَاتَإِنّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِن وَرائِهِم بَرزَخٌ إِلي يَومِ يُبعَثُونَفَكَانَ قَد صِرتُم إِلَي مَا صَارُوا إِلَيهِ مِنَ البِلَي وَ الوَحدَةِ فِي المَثوَي وَ ارتَهَنتُم فِي ذَلِكَ المَضجَعِ وَ ضَمّكُم ذَلِكَ المُستَودَعُ فَكَيفَ بِكُم لَو قَد تَنَاهَتِ الأُمُورُ وَ بُعثِرَتِ القُبُورُ وَ حُصّلَ مَا فِي الصّدُورِ وَ وَقَفتُم لِلتّحصِيلِ بَينَ يدَيَ‌ مَلَكٍ جَلِيلٍ فَطَارَتِ القُلُوبُ لِإِشفَاقِهَا مِن سَالِفِ الذّنُوبِ وَ هَتَكَت عَنكُمُ الحُجُبُ وَ الأَستَارُ وَ ظَهَرَت مِنكُمُ العُيُوبُ وَ الأَسرَارُ هُنَالِكَتُجزي كُلّ نَفسٍ بِما كَسَبَت إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُليِجَزيِ‌َ الّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يجَزيِ‌َ الّذِينَ أَحسَنُوا بِالحُسنَي وَ قَالَوَ وُضِعَ الكِتابُ فَتَرَي المُجرِمِينَ مُشفِقِينَ مِمّا فِيهِ وَ يَقُولُونَ يا وَيلَتَنا ما لِهذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلّا أَحصاها وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا يَظلِمُ رَبّكَ أَحَداًجَعَلَنَا اللّهُ وَ إِيّاكُم عَامِلِينَ بِكِتَابِهِ مُتّبِعِينَ لِأَولِيَائِهِ حَتّي يُحِلّنَا وَ إِيّاكُمدارَ المُقامَةِ مِن فَضلِهِإِنّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

وَ قَالَ ع انظُرُوا إِلَي الدّنيَا نَظَرَ الزّاهِدِينَ فِيهَا فَإِنّهَا وَ اللّهِ عَن قَلِيلٍ تُزِيلُ الثاّويِ‌َ السّاكِنَ وَ تُفَجّعُ المُترِفَ الآمِنَ لَا يَرجِعُ مَا تَوَلّي عَنهَا فَأَدبَرَ وَ لَا يُدرَي مَا هُوَ آتٍ مِنهَا فَيَنتَظِرَ سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالحُزنِ وَ آخِرُ الحَيَاةِ فِيهَا إِلَي الضّعفِ وَ الوَهنِ فَلَا يَغُرّنّكُم كَثرَةُ مَا يُعجِبُكُم فِيهَا لِقِلّةِ مَا يَصحَبُكُم مِنهَا


صفحه : 119

رَحِمَ اللّهُ عَبداً تَفَكّرَ وَ اعتَبَرَ فَأَبصَرَ إِدبَارَ مَا قَد أَدبَرَ وَ حُضُورَ مَا قَد حَضَرَ وَ كَانَ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الدّنيَا عَن قَلِيلٍ لَم يَكُن وَ كَانَ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الآخِرَةِ لَم يَزُل وَ كُلّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ أَلَا وَ إِنّ الدّنيَا دَارٌ لَا يُسلَمُ مِنهَا إِلّا فِيهَا وَ لَا يُنجَي بشِيَ‌ءٍ كَانَ لَهَا ابتلُيِ‌َ النّاسُ بِهَا فِتنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنهَا لَهَا أُخرِجُوا مِنهُ وَ حُوسِبُوا عَلَيهِ وَ مَا أَخَذُوهُ مِنهَا لِغَيرِهَا قَدِمُوا عَلَيهِ وَ أَقَامُوا فِيهِ وَ إِنّهَا لذِوَيِ‌ العُقُولِ كفَيَ‌ءِ الظّلّ بَينَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتّي قَلَصَ وَ زَائِداً حَتّي نَقَصَ

111- ضه ،[روضة الواعظين ] قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا لِي وَ الدّنيَا إِنّمَا مثَلَيِ‌ وَ مَثَلُ الدّنيَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ مَرّ لِلقَيلُولَةِ فِي ظِلّ شَجَرَةٍ فِي يَومِ صَيفٍ ثُمّ رَاحَ وَ تَرَكَهَا

وَ قَالَص مَا الدّنيَا فِي الآخِرَةِ إِلّا مِثلُ مَا يَجعَلُ أَحَدُكُم إِصبَعَهُ فِي اليَمّ فَليَنظُر بِمَ يَرجِعُ

قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الدّنيَا دَارٌ منُيِ‌َ لَهَا الفَنَاءُ وَ لِأَهلِهَا مِنهَا الجَلَاءُ وَ هيِ‌َ حُلوَةٌ خَضِرَةٌ قَد عَجِلَت لِلطّالِبِ وَ التَبَسَت بِقَلبِ النّاظِرِ فَارتَحِلُوا عَنهَا بِأَحسَنِ مَا بِحَضرَتِكُم مِنَ الزّادِ وَ لَا تَسأَلُوا فِيهَا فَوقَ الكَفَافِ وَ لَا تَطلُبُوا مِنهَا أَكثَرَ مِنَ البَلَاغِ

وَ قَالَ ع أَلَا وَ إِنّ الدّنيَا دَارٌ لَا يُسلَمُ مِنهَا إِلّا فِيهَا وَ لَا يُنجَي بشِيَ‌ءٍ كَانَ لَهَا ابتلُيِ‌َ النّاسُ بِهَا فِتنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنهَا لَهَا أُخرِجُوا مِنهُ وَ حُوسِبُوا عَلَيهِ وَ مَا أَخَذُوهُ مِنهَا لِغَيرِهَا قَدِمُوا عَلَيهِ وَ أَقَامُوا فِيهِ وَ إِنّهَا عِندَ ذوَيِ‌ العُقُولِ كفَيَ‌ءِ الظّلّ بَينَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتّي قَلَصَ وَ زَائِداً حَتّي نَقَصَ

وَ قَالَ ع حَلَاوَةُ الدّنيَا مَرَارَةُ الآخِرَةِ وَ مَرَارَةُ الآخِرَةِ حَلَاوَةُ الدّنيَا

وَ قَالَ ع الدّنيَا تَغُرّ وَ تَضُرّ وَ تَمُرّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي لَم يَرضَهَا ثَوَاباً لِأَولِيَائِهِ وَ لَا عِقَاباً لِأَعدَائِهِ وَ إِنّ أَهلَ الدّنيَا كَرَكبٍ بَينَا هُم حُلُولٌ إِذ صَاحَ بِهِم سَائِقُهُم فَارتَحَلُوا

قَالَ الصّادِقُ ع حُبّ الدّنيَا رَأسُ كُلّ خَطِيئَةٍ

وَ قَالَ المَسِيحُ ع لِلحَوَارِيّينَ إِنّمَا الدّنيَا قَنطَرَةٌ فَاعبُرُوهَا وَ لَا تَعمُرُوهَا


صفحه : 120

قَالَ رَسُولُ اللّهِص الرّغبَةُ فِي الدّنيَا تُكثِرُ الهَمّ وَ الحُزنَ وَ الزّهدُ فِي الدّنيَا يُرِيحُ القَلبَ وَ البَدَنَ

قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا أَصِفُ دَاراً أَوّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِي حَرَامِهَا عِقَابٌ مَنِ استَغنَي فِيهَا فُتِنَ وَ مَنِ افتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ وَ مَن سَاعَاهَا فَاتَتهُ وَ مَن قَعَدَ عَنهَا آتَتهُ وَ مَن أَبصَرَ بِهَا بَصّرَتهُ وَ مَن أَبصَرَ إِلَيهَا أَعمَتهُ

قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ جَلّ جَلَالُهُ أَوحَي إِلَي الدّنيَا أَن أتَعبِيِ‌ مَن خَدَمَكِ وَ اخدمُيِ‌ مَن رَفَضَكِ وَ إِنّ العَبدَ إِذَا تَخَلّي بِسَيّدِهِ فِي جَوفِ اللّيلِ المُظلِمِ وَ نَاجَاهُ أَثبَتَ اللّهُ النّورَ فِي قَلبِهِ فَإِذَا قَالَ يَا رَبّ يَا رَبّ نَادَاهُ الجَلِيلُ جَلّ جَلَالُهُ لَبّيكَ عبَديِ‌ سلَنيِ‌ أُعطِكَ وَ تَوَكّل عَلَيّ أَكفِكَ ثُمّ يَقُولُ جَلّ جَلَالُهُ لِمَلَائِكَتِهِ يَا ملَاَئكِتَيِ‌ انظُرُوا إِلَي عبَديِ‌ قَد تَخَلّي فِي جَوفِ هَذَا اللّيلِ المُظلِمِ وَ البَطّالُونَ لَاهُونَ وَ الغَافِلُونَ نِيَامٌ اشهَدُوا أنَيّ‌ قَد غَفَرتُ لَهُ ثُمّ قَالَ ع عَلَيكُم بِالوَرَعِ وَ الِاجتِهَادِ وَ العِبَادَةِ وَ ازهَدُوا فِي هَذِهِ الدّنيَا الزّاهِدَةِ فِيكُم فَإِنّهَا غَرّارَةٌ دَارُ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ كَم مِن مُغتَرّ بِهَا قَد أَهلَكَتهُ وَ كَم مِن وَاثِقٍ بِهَا قَد خَانَتهُ وَ كَم مِن مُعتَمِدٍ عَلَيهَا قَد خَدَعَتهُ وَ أَسلَمَتهُ وَ اعلَمُوا أَنّ أَمَامَكُم طَرِيقاً بَعِيداً وَ سَفَراً مَهُولًا وَ مَمَرّاً عَلَي الصّرَاطِ وَ لَا بُدّ لِلمُسَافِرِ مِن زَادٍ وَ مَن لَم يَتَزَوّد وَ سَافَرَ عَطِبَ وَ هَلَكَ وَ خَيرُ الزّادِ التّقوَي إِلَي آخِرِ الخَبَرِ

قَالَ الصّادِقُ ع كَانَ عِيسَي بنُ مَريَمَ ع يَقُولُ لِأَصحَابِهِ يَا بنَيِ‌ آدَمَ اهرَبُوا مِنَ الدّنيَا إِلَي اللّهِ وَ أَخرِجُوا قُلُوبَكُم عَنهَا فَإِنّكُم لَا تَصلُحُونَ لَهَا وَ لَا تَصلُحُ لَكُم وَ لَا تَبقُونَ لَهَا وَ لَا تَبقَي لَكُم هيِ‌َ الخَدّاعَةُ الفَجّاعَةُ المَغرُورُ مَنِ اغتَرّ بِهَا المَفتُونُ مَنِ اطمَأَنّ إِلَيهَا الهَالِكُ مَن أَحَبّهَا وَ أَرَادَهَافَتُوبُوا إِلي اللّهِبارِئِكُم وَاتّقُوا رَبّكُم وَ اخشَوا يَوماً لا يجَزيِ‌ والِدٌ عَن وَلَدِهِ وَ لا مَولُودٌ هُوَ جازٍ عَن والِدِهِ شَيئاً


صفحه : 121

أَينَ آبَاؤُكُم وَ أُمّهَاتُكُم أَينَ إِخوَانُكُم أَينَ أَخَوَاتُكُم أَينَ أَولَادُكُم دُعُوا فَأَجَابُوا وَ استُودِعُوا الثّرَي وَ جَاوَرُوا المَوتَي وَ صَارُوا فِي الهَلكَي وَ خَرَجُوا عَنِ الدّنيَا وَ فَارَقُوا الأَحِبّةَ وَ احتَاجُوا إِلَي مَا قَدّمُوا وَ استَغنَوا عَمّا خَلّفُوا كَم تُوعَظُونَ وَ كَم تُزجَرُونَ وَ أَنتُم لَاهُونَ سَاهُونَ مَثَلُكُم فِي الدّنيَا مَثَلُ البَهَائِمِ أَهَمّتكُم بُطُونُكُم وَ فُرُوجُكُم أَ مَا تَستَحيُونَ مِمّن خَلَقَكُم قَد وَعَدَ مَن عَصَاهُ النّارَ وَ لَستُم مِمّن يَقوَي عَلَي النّارِ وَ وَعَدَ مَن أَطَاعَهُ الجَنّةَ وَ مُجَاوَرَتَهُ فِي الفِردَوسِ الأَعلَي فَتَنَافَسُوا وَ كُونُوا مِن أَهلِهِ وَ أَنصِفُوا مِن أَنفُسِكُم وَ تَعَطّفُوا عَلَي ضُعَفَائِكُم وَ أَهلِ الحَاجَةِ مِنكُم وَتُوبُوا إِلَي اللّهِ تَوبَةً نَصُوحاً وَ كُونُوا عَبِيداً أَبرَاراً وَ لَا تَكُونُوا مُلُوكاً جَبَابِرَةً وَ لَا مِنَ الفَرَاعِنَةِ المُتَمَرّدِينَ عَلَي اللّهِ قَهَرَهُم بِالمَوتِ جَبّارُ الجَبَابِرَةِ رَبّ السّمَاوَاتِ وَ رَبّ الأَرضِ وَ إِلَهُ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ مَالِكُ يَومِ الدّينِ شَدِيدُ العِقَابِ الأَلِيمُ العَذَابِ لَا يَنجُو مِنهُ ظَالِمٌ وَ لَا يَفُوتُهُ شَيءٌ وَ لَا يَتَوَارَي مِنهُ شَيءٌ أَحصَي كُلّ شَيءٍ عِلمَهُ وَ أَنزَلَهُ مَنزِلَهُ فِي جَنّةٍ أَو نَارٍ ابنَ آدَمَ الضّعِيفَ أَينَ تَهرُبُ مِمّن يَطلُبُكَ فِي سَوَادِ لَيلِكَ وَ بَيَاضِ نَهَارِكَ وَ فِي كُلّ حَالٍ مِن حَالَاتِكَ فَقَد أَبلَغَ مَن وَعَظَ وَ أَفلَحَ مَنِ اتّعَظَ قَالَ اللّهُ تَعَالَي يَا مُوسَي إِنّ الدّنيَا دَارُ عُقُوبَةٍ وَ جَعَلتُهَا مَلعُونَةً مَلعُونٌ مَا فِيهَا إِلّا مَا كَانَ لِي يَا مُوسَي إِنّ عبِاَديِ‌َ الصّالِحِينَ زَهِدُوا فِيهَا بِقَدرِ عِلمِهِم وَ سَائِرَهُم مِن خلَقيِ‌ رَغِبُوا فِيهَا بِقَدرِ جَهلِهِم وَ مَا مِن خلَقيِ‌ أَحَدٌ عَظّمَهَا فَقَرّت عَينُهُ وَ لَم يُحَقّرهَا أَحَدٌ إِلّا انتَفَعَ بِهَا ثُمّ قَالَ الصّادِقُ ع إِن قَدَرتُم أَلّا تُعرَفُوا فَافعَلُوا وَ مَا عَلَيكَ إِن لَم يُثنِ عَلَيكَ النّاسُ وَ مَا عَلَيكَ أَن تَكُونَ مَذمُوماً عِندَ النّاسِ إِذَا كُنتَ عِندَ اللّهِ مَحمُوداً إِنّ عَلِيّاً ع كَانَ يَقُولُ لَا خَيرَ فِي الدّنيَا إِلّا لِأَحَدِ رَجُلَينِ رَجُلٍ يَزدَادُ كُلّ يَومٍ إِحسَاناً وَ رَجُلٍ يَتَدَارَكُ سَيّئَةً[سَيّئَتَهُ]بِالتّوبَةِ وَ أَنّي لَهُ بِالتّوبَةِ وَ اللّهِ لَو سَجَدَ حَتّي يَنقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلَ اللّهُ مِنهُ إِلّا بِوَلَايَتِنَا


صفحه : 122

وَ قَالَ المَسِيحُ ع مَثَلُ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ ضَرّتَانِ إِن أَرضَي إِحدَاهُمَا أَسخَطَتِ الأُخرَي

وَ قِيلَ للِنبّيِ‌ّص كَيفَ يَكُونُ الرّجُلُ فِي الدّنيَا قَالَ كَمَا تَمُرّ القَافِلَةُ قِيلَ فَكَمِ القَرَارُ فِيهَا قَالَ كَقَدرِ المُتَخَلّفِ عَنِ القَافِلَةِ قَالَ فَكَم مَا بَينَ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ قَالَ غَمضَةُ عَينٍ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّكَأَنّهُم يَومَ يَرَونَ ما يُوعَدُونَ لَم يَلبَثُوا إِلّا ساعَةً مِن نَهارٍالآيَةَ

قَالَ النّبِيّص الدّنيَا حُلمُ المَنَامِ أَهلُهَا عَلَيهَا مُجَازُونَ مُعَاقَبُونَ

وَ قِيلَ إِنّ النّبِيّص مَرّ عَلَي سَخلَةٍ مَنبُوذَةٍ عَلَي ظَهرِ الطّرِيقِ فَقَالَ أَ تَرَونَ هَذِهِ هَيّنَةً عَلَي أَهلِهَا فَوَ اللّهِ الدّنيَا أَهوَنُ عَلَي اللّهِ مِن هَذِهِ عَلَي أَهلِهَا

وَ قَالَص الدّنيَا دَارُ مَن لَا دَارَ لَهُ وَ مَالُ مَن لَا مَالَ لَهُ وَ لَهَا يَجمَعُ مَن لَا عَقلَ لَهُ وَ شَهَوَاتِهَا يَطلُبُ مَن لَا فَهمَ لَهُ وَ عَلَيهَا يعُاَديِ‌ مَن لَا عِلمَ لَهُ وَ عَلَيهَا يَحسُدُ مَن لَا فِقهَ لَهُ وَ لَهَا يَسعَي مَن لَا يَقِينَ لَهُ

وَ روُيِ‌َ أَنّ النّبِيّص قَرَأَأَ فَمَن شَرَحَ اللّهُ صَدرَهُ لِلإِسلامِ فَهُوَ عَلي نُورٍ مِن رَبّهِ فَقَالَ إِنّ النّورَ إِذَا وَقَعَ فِي القَلبِ انفَسَحَ لَهُ وَ انشَرَحَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ فَهَل لِذَلِكَ عَلَامَةٌ يُعرَفُ بِهَا قَالَ التجّاَفيِ‌ عَن دَارِ الغُرُورِ وَ الإِنَابَةُ إِلَي دَارِ الخُلُودِ وَ الِاستِعدَادُ لِلمَوتِ قَبلَ نُزُولِ المَوتِ

قَالَص لِابنِ عُمَرَ كُن كَأَنّكَ غَرِيبٌ أَو عَابِرُ سَبِيلٍ وَ اعدُد نَفسَكَ مَعَ المَوتَي

112- نبه ،[تنبيه الخاطر] كَانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ ع كَثِيراً مَا يَتَمَثّلُ


يَا أَهلَ لَذّاتِ دُنيَا لَا بَقَاءَ لَهَا   إِنّ اغتِرَاراً بِظِلّ زَائِلٍ حُمُقٌ

وَ قَالَ النّبِيّص الدّنيَا دَارُ مَن لَا دَارَ لَهُ وَ مَالُ مَن لَا مَالَ لَهُ وَ لَهَا يَجمَعُ مَن لَا عَقلَ لَهُ وَ يَطلُبُ شَهَوَاتِهَا مَن لَا فَهمَ لَهُ وَ عَلَيهَا يعُاَديِ‌ مَن لَا عِلمَ لَهُ


صفحه : 123

وَ عَلَيهَا يَحسُدُ مَن لَا فِقهَ لَهُ وَ لَهَا يَسعَي مَن لَا يَقِينَ لَهُ

وَ عَن عَلِيّ ع الدّنيَا قَد نَعَت إِلَيكَ نَفسَهَا وَ تَكَشّفَت لَكَ عَن مَسَاوِيهَا وَ إِيّاكَ أَن تَغتَرّ بِمَا تَرَي مِن إِخلَادِ أَهلِهَا إِلَيهَا وَ تَكَالُبِهِم عَلَيهَا فَإِنّهُم كِلَابٌ عَاوِيَةٌ وَ سِبَاعٌ ضَارِيَةٌ يَهِرّ بَعضُهَا عَلَي بَعضٍ يَأكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا وَ يَقهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا نَعَمٌ مُعَقّلَةٌ وَ أُخرَي مُهمَلَةٌ قَد أَضَلّت عُقُولَهَا وَ رَكِبَت مَجهُولَهَا

113- نبه ،[تنبيه الخاطر] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ أُحَذّرُكُمُ الدّنيَا فَإِنّهَا دَارُ قُلعَةٍ وَ لَيسَت بِدَارِ نُجعَةٍ دَارٌ هَانَت عَلَي رَبّهَا فَخَلَطَ خَيرَهَا بِشَرّهَا وَ حُلوَهَا بِمُرّهَا لَم يَرضَهَا لِأَولِيَائِهِ وَ لَم يَضِنّ بِهَا عَلَي أَعدَائِهِ رُبّ فِعلٍ يُصَابُ بِهِ وَقتُهُ فَيَكُونُ سُنّةً وَ يَخطَأُ بِهِ وَقتُهُ فَيَكُونُ سُبّةً دَخَلَ عُمَرُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ هُوَ عَلَي حَصِيرٍ قَد أَثّرَ فِي جَنبِهِ فَقَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ لَوِ اتّخَذتَ فِرَاشاً أَوثَرَ مِنهُ فَقَالَ مَا لِي وَ لِلدّنيَا مَا مثَلَيِ‌ وَ مَثَلُ الدّنيَا إِلّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَومٍ صَائِفٍ فَاستَظَلّ تَحتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِن نَهَارٍ ثُمّ رَاحَ وَ تَرَكَهَا

قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ ع وَ اعلَمُوا رَحِمَكُمُ اللّهُ أَنّكُم فِي زَمَانٍ القَائِلُ فِيهِ بِالحَقّ قَلِيلٌ وَ اللّسَانُ عَنِ الصّدقِ كَلِيلٌ وَ اللّازِمُ لِلحَقّ ذَلِيلٌ أَهلُهُ مُعتَكِفُونَ فِي العِصيَانِ يَصطَلِحُونَ عَلَي الِادّهَانِ فَتَاهُم عَارِمٌ وَ شَائِبُهُم آثِمٌ وَ عَالِمُهُم مُنَافِقٌ وَ قَارِئُهُم مُمَاذِقٌ وَ لَا يُعَظّمُ صَغِيرُهُم كَبِيرَهُم وَ لَا يَعُولُ غَنِيّهُم فَقِيرَهُم

بَعضُهُم إِيّاكَ وَ هَمّ الغَدِ ارضَ لِلغَدِ بِرَبّ الغَدِ


صفحه : 124

أَبُو ذَرّ رَحِمَهُ اللّهُ يَومُكَ جَمَلُكَ إِذَا أَخَذتَ بِرَأسِهِ أَتَاكَ ذَنَبُهُ يعَنيِ‌ إِذَا كُنتَ مِن أَوّلِ النّهَارِ فِي خَيرٍ لَم تَزَل فِيهِ إِلَي آخِرِهِ

لُقمَانُ قَالَ لِابنِهِ يَا بنُيَ‌ّ لَا تَدخُل فِي الدّنيَا دُخُولًا يُضِرّ بِآخِرَتِكَ وَ لَا تَترُكهَا تَركاً تَكُونُ كَلّا عَلَي النّاسِ

عَلِيّ ع قَلّمَا اعتَدَلَ بِهِ المِنبَرُ إِلّا قَالَ أَمَامَ خُطبَتِهِ أَيّهَا النّاسُ اتّقُوا اللّهَ فَمَا خُلِقَ امرُؤٌ عَبَثاً فَيَلهُوَ وَ لَا تُرِكَ سُدًي فَيَلغُوَ وَ مَا دُنيَاهُ التّيِ‌ تَحَسّنَت لَهُ بِخَلَفٍ مِنَ الآخِرَةِ التّيِ‌ قَبّحَهَا سُوءُ النّظَرِ عِندَهُ وَ مَا المَغرُورُ ألّذِي ظَفِرَ مِنَ الدّنيَا بِأَعلَي هِمّتِهِ كَالآخَرِ ألّذِي ظَفِرَ مِنَ الآخِرَةِ بِأَدنَي سَهمَتِهِ

114- ختص ،[الإختصاص ] قَالَ الصّادِقُ ع مَنِ ازدَادَ فِي اللّهِ عِلماً وَ ازدَادَ لِلدّنيَا حُبّاً ازدَادَ مِنَ اللّهِ بُعداً وَ ازدَادَ اللّهُ عَلَيهِ غَضَباً

115- ختص ،[الإختصاص ] قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَو عَدَلَتِ الدّنيَا عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ لَمَا سَقَي الكَافِرَ مِنهَا شَربَةً

116- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] مُحَمّدُ بنُ سِنَانٍ عَن طَلحَةَ بنِ زَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ مَثَلَ الدّنيَا مَثَلُ الحَيّةِ مَسّهَا لَيّنٌ وَ فِي جَوفِهَا السّمّ القَاتِلُ يَحذَرُهَا الرّجُلُ العَاقِلُ وَ يهَويِ‌ إِلَيهَا الصّبيَانُ بِأَيدِيهِم

117- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر]فَضَالَةُ عَن دَاوُدَ بنِ فَرقَدٍ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع مَا يسَرُنّيِ‌ بِحُبّكُمُ الدّنيَا وَ مَا فِيهَا فَقَالَ أُفّ لِلدّنيَا وَ مَا فِيهَا وَ مَا هيِ‌َ يَا دَاوُدُ هَل هيِ‌َ إِلّا ثَوبَانِ وَ ملِ ءُ بَطنِكَ

118- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر]النّضرُ عَن دُرُستَ عَن سَلَمَةَ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّا لَنُحِبّ الدّنيَا وَ لَأَن لَا نُؤتَاهَا خَيرٌ مِن أَن نُؤتَاهَا وَ مَا مِن عَبدٍ بَسَطَ اللّهُ لَهُ مِن دُنيَاهُ إِلّا نَقَصَ مِن حَظّهِ فِي آخِرَتِهِ

119-ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ النّضرِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن إِسحَاقَ بنِ غَالِبٍ


صفحه : 125

قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا إِسحَاقُ كَم تَرَي أَصحَابَ هَذِهِ الآيَةِفَإِن أُعطُوا مِنها رَضُوا وَ إِن لَم يُعطَوا مِنها إِذا هُم يَسخَطُونَ ثُمّ قَالَ لِي هُم أَكثَرُ مِن ثلُثُيَ‌ِ النّاسِ

وَ بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَةِوَ لَو لا أَن يَكُونَ النّاسُ أُمّةً واحِدَةً لَجَعَلنا لِمَن يَكفُرُ بِالرّحمنِ لِبُيُوتِهِم سُقُفاً مِن فِضّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيها يَظهَرُونَ قَالَ لَو فَعَلَ لَكَفَرَ النّاسُ جَمِيعاً

120- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ ابنِ عُلوَانَ عَنِ ابنِ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ قَالَ كُنتُ جَالِساً عِندَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَجَاءَ إِلَيهِ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيهِ الدّنيَا وَ ذَمّهَا فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ الدّنيَا مَنزِلُ صِدقٍ لِمَن صَدَقَهَا وَ دَارُ غِنًي لِمَن تَزَوّدَ مِنهَا وَ دَارُ عَاقِبَةٍ لِمَن فَهِمَ عَنهَا مَسجِدُ أَحِبّاءِ اللّهِ وَ مَهبِطُ وحَي‌ِ اللّهِ وَ مُصَلّي مَلَائِكَتِهِ وَ مَتجَرُ أَولِيَائِهِ اكتَسَبُوا فِيهَا الجَنّةَ وَ رَبِحُوا فِيهَا الرّحمَةَ فَلِمَا ذَا تَذُمّهَا وَ قَد آذَنَت بِبَينِهَا وَ نَادَت بِانقِطَاعِهَا وَ نَعَت نَفسَهَا وَ أَهلَهَا فَمَثّلَت بِبَلَائِهَا إِلَي البَلَاءِ وَ شَوّقَت بِسُرُورِهَا إِلَي السّرُورِ رَاحَت بِفَجِيعَةٍ وَ ابتَكَرَت بِعَافِيَةٍ تَحذِيراً وَ تَرغِيباً وَ تَخوِيفاً فَذَمّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النّدَامَةِ وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ يَومَ القِيَامَةِ ذَكَرَتهُم فَذَكَرُوا وَ حَدّثَتهُم فَصَدَقُوا فَيَا أَيّهَا الذّامّ لِلدّنيَا المُعتَلّ بِتَغرِيرِهَا مَتَي استَذَمّت إِلَيكَ الدّنيَا وَ غَرّتكَ أَ بِمَنَازِلِ آبَائِكَ مِنَ الثّرَي أَم بِمَضَاجِعِ أُمّهَاتِكَ مِنَ البِلَي كَم مَرِضتَ بِكَفّيكَ وَ كَم عُلّلتَ بِيَدَيكَ تبَتغَيِ‌ لَهُ الشّفَاءَ وَ تَستَوصِفُ لَهُ الأَطِبّاءَ لَم يَنفَعهُ أَشفَاقُكَ وَ لَم تَعِقّهُ طَلِبَتُكَ مَثّلَت لَكَ بِهِ الدّنيَا نَفسَكَ وَ بِمَصرَعِهِ مَصرَعُكَ فَجَدِيرٌ بِكَ أَن لَا يَفنَي بِهِ بُكَاؤُكَ وَ قَد عَلِمتَ أَنّهُ لَا يَنفَعُكَ أَحِبّاؤُكَ

121-ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ عَن طَلحَةَ بنِ زَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ


صفحه : 126

تَمَثّلَتِ الدّنيَا لِعِيسَي ع فِي صُورَةِ امرَأَةٍ زَرقَاءَ فَقَالَ لَهَا كَم تَزَوّجتِ قَالَت كَثِيراً قَالَ فَكُلّ طَلّقَكِ قَالَت بَل كُلّا قَتَلتُ قَالَ فَوَيحَ أَزوَاجِكَ البَاقِينَ كَيفَ لَا يَعتَبِرُونَ بِالمَاضِينَ قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مَثَلُ الدّنيَا كَمَثَلِ البَحرِ المَالِحِ كُلّمَا شَرِبَ العَطشَانُ مِنهُ ازدَادَ عَطَشاً حَتّي يَقتُلَهُ

122- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر]فَضَالَةُ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن سَلَمَةَ بنِ أَبِي حَفصٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع عَن جَابِرٍ قَالَ مَرّ رَسُولُ اللّهِص بِالسّوقِ وَ أَقبَلَ يُرِيدُ العَالِيَةَ وَ النّاسُ يَكتَنِفُهُ فَمَرّ بجِدَي‌ٍ أَسَكّ عَلَي مَزبَلَةٍ مُلقًي وَ هُوَ مَيّتٌ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ فَقَالَ أَيّكُم يُحِبّ أَن يَكُونَ هَذَا لَهُ بِدِرهَمٍ قَالُوا مَا نُحِبّ أَنّهُ لَنَا بشِيَ‌ءٍ وَ مَا نَصنَعُ بِهِ قَالَ أَ فَتُحِبّونَ أَنّهُ لَكُم قَالُوا لَا حَتّي قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ فَقَالُوا وَ اللّهِ لَو كَانَ حَيّاً كَانَ عَيباً فَكَيفَ وَ هُوَ مَيّتٌ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ الدّنيَا عَلَي اللّهِ أَهوَنُ مِن هَذَا عَلَيكُم

123- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَن فَضَالَةَ عَن أَبَانٍ عَن زِيَادِ بنِ أَبِي رَجَاءٍ عَن أَبِي هَاشِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن أَصبَحَ وَ الدّنيَا أَكبَرُ هَمّهِ شَتّتَ اللّهُ عَلَيهِ أَمرَهُ وَ كَانَ فَقرُهُ بَينَ عَينَيهِ وَ لَم يَأتِهِ مِنَ الدّنيَا إِلّا مَا قُدّرَ لَهُ وَ مَن كَانَتِ الآخِرَةُ أَكبَرَ هَمّهِ كَشَفَ اللّهُ عَنهُ ضِيقَهُ وَ جَمَعَ لَهُ أَمرَهُ وَ أَتَتهُ الدّنيَا وَ هيِ‌َ رَاغِمَةٌ

124- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ المُختَارِ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن جَابِرٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعفَرٍ ع يَا جَابِرُ أَنزِلِ الدّنيَا مِنكَ كَمَنزِلٍ نَزَلتَهُ ثُمّ أَرَدتَ التّحَرّكَ مِنهُ مِن يَومِكَ ذَلِكَ أَو كَمَالٍ اكتَسَبتَهُ فِي مَنَامِكَ وَ استَيقَظتَ فَلَيسَ فِي يَدِكَ مِنهُ شَيءٌ وَ إِذَا كُنتَ فِي جَنَازَةٍ فَكُن كَأَنّكَ أَنتَ المَحمُولُ وَ كَأَنّكَ سَأَلتَ رَبّكَ الرّجعَةَ إِلَي الدّنيَا لِتَعمَلَ عَمَلَ مَن عَاشَ فَإِنّ الدّنيَا عِندَ العُلَمَاءِ مِثلُ الظّلّ

125-ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ النّضرِ عَنِ ابنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُدَخَلَ عَلَي النّبِيّص رَجُلٌ وَ هُوَ عَلَي حَصِيرٍ قَد أَثّرَ فِي جِسمِهِ وَ وِسَادَةِ لِيفٍ قَد أَثّرَت فِي خَدّهِ فَجَعَلَ يَمسَحُ وَ يَقُولُ مَا رضَيِ‌َ بِهَذَا كِسرَي وَ لَا قَيصَرُ إِنّهُم يَنَامُونَ


صفحه : 127

عَلَي الحَرِيرِ وَ الدّيبَاجِ وَ أَنتَ عَلَي هَذَا الحَصِيرِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لَأَنَا خَيرٌ مِنهُمَا وَ اللّهِ لَأَنَا أَكرَمُ مِنهُمَا وَ اللّهِ مَا أَنَا وَ الدّنيَا إِنّمَا مَثَلُ الدّنيَا كَمَثَلِ رَجُلٍ رَاكِبٍ مَرّ عَلَي شَجَرَةٍ وَ لَهَا فيَ‌ءٌ فَاستَظَلّ تَحتَهَا فَلَمّا أَن مَالَ الظّلّ عَنهَا ارتَحَلَ فَذَهَبَ وَ تَرَكَهَا

126- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ النّضرِ عَن أَبِي سَيّارٍ عَن مَروَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ لِي عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع مَا عَرَضَ لِي قَطّ أَمرَانِ أَحَدُهُمَا لِلدّنيَا وَ الآخَرُ لِلآخِرَةِ فَآثَرتُ الدّنيَا إِلّا رَأَيتُ مَا أَكرَهُ قَبلَ أَن أمُسيِ‌َ ثُمّ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لبِنَيِ‌ أُمَيّةَ إِنّهُم يُؤثِرُونَ الدّنيَا عَلَي الآخِرَةِ مُنذُ ثَمَانِينَ سَنَةً وَ لَيسَ يَرَونَ شَيئاً يَكرَهُونَهُ

127- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] ابنُ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ الأحَمسَيِ‌ّ عَمّن أَخبَرَهُ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُ كَانَ يَقُولُ نِعمَ العَونُ الدّنيَا عَلَي الآخِرَةِ

128- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] الحَسَنُ بنُ عَلِيّ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَ قَالَ عِيسَي ع لِلحَوَارِيّينَ يَا بنَيِ‌ آدَمَ لَا تَأسَوا عَلَي مَا فَاتَكُم مِن دُنيَاكُم كَمَا لَا يَأسَي أَهلُ الدّنيَا عَلَي مَا فَاتَهُم مِن آخِرَتِهِم إِذَا أَصَابُوا دُنيَاهُم

129- محص ،[التمحيص ] ابنُ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع يَقُولُ عَجَباً كُلّ العَجَبِ لِمَن عَمِلَ لِدَارِ الفَنَاءِ وَ تَرَكَ دَارَ البَقَاءِ

130- محص ،[التمحيص ] عَن مَالِكِ بنِ أَعيَنَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ ع يَقُولُ يَا مَالِكُ إِنّ اللّهَ يعُطيِ‌ الدّنيَا مَن يُحِبّ وَ يُبغِضُ وَ لَا يعُطيِ‌ دِينَهُ إِلّا مَن يُحِبّ

131- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ الحُسَينِ بنِ اِبرَاهِيمَ القزَويِنيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ وَهبَانَ عَن أَحمَدَ بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الزعّفرَاَنيِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ رَأسُ كُلّ خَطِيئَةٍ حُبّ الدّنيَا

وَ بِهَذَا الإِسنَادِ عَن هِشَامٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُإِنّا لَنُحِبّ الدّنيَا وَ أَن لَا نُعطَاهَا خَيرٌ لَنَا وَ مَا أعُطيِ‌َ أَحَدٌ مِنهَا شَيئاً إِلّا نَقَصَ حَظّهُ فِي


صفحه : 128

الآخِرَةِ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَ اللّهِ إِنّا لَنَطلُبُ الدّنيَا فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع تَصنَعُ بِهَا مَا ذَا قَالَ أَعُودُ بِهَا عَلَي نفَسيِ‌ وَ عَلَي عيِاَليِ‌ وَ أَتَصَدّقُ مِنهَا وَ أَصِلُ مِنهَا وَ أَحُجّ مِنهَا قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَيسَ هَذَا طَلَبَ الدّنيَا هَذَا طَلَبُ الآخِرَةِ

132- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع أَهلُ الدّنيَا كَرَكبٍ يُسَارُ بِهِم وَ هُم نِيَامٌ

وَ قَالَ ع إِذَا كُنتَ فِي إِدبَارٍ وَ المَوتُ فِي إِقبَالٍ فَمَا أَسرَعَ المُلتَقَي

وَ قَالَ ع الدّهرُ يُخلِقُ الأَبدَانَ وَ يُجَدّدُ الآمَالَ وَ يُقَرّبُ المَنِيّةَ وَ يُبَاعِدُ الأُمنِيّةَ مَن ظَفِرَ بِهِ نَصِبَ وَ مَن فَاتَهُ تَعِبَ

وَ قَالَ ع نَفَسُ المَرءِ خُطَاهُ إِلَي أَجَلِهِ

وَ قَالَ ع كُلّ مَعدُودٍ مُنقَضٍ وَ كُلّ مُتَوَقّعٍ آتٍ

133- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن خَبَرِ ضِرَارِ بنِ ضَمرَةَ الضبّاَبيِ‌ّ عِندَ دُخُولِهِ عَلَي مُعَاوِيَةَ وَ مَسأَلَتِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ فَأَشهَدُ لَقَد رَأَيتُهُ فِي بَعضِ مَوَاقِفِهِ وَ قَد أَرخَي اللّيلُ سُدُولَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ فِي مِحرَابِهِ قَابِضٌ عَلَي لِحيَتِهِ يَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السّلِيمِ وَ يبَكيِ‌ بُكَاءَ الحَزِينِ وَ يَقُولُ يَا دُنيَا يَا دُنيَا إِلَيكِ عنَيّ‌ أَ بيِ‌ تَعَرّضتِ أَم إلِيَ‌ّ تَشَوّقتِ لَا حَانَ حِينُكِ هَيهَاتَ غرُيّ‌ غيَريِ‌ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ قَد طَلّقتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجعَةَ فِيهَا فَعَيشُكِ قَصِيرٌ وَ خَطَرُكِ يَسِيرٌ وَ أَمَلُكِ حَقِيرٌ آهِ مِن قِلّةِ الزّادِ وَ طُولِ الطّرِيقِ وَ بُعدِ السّفَرِ وَ عَظِيمِ المَورِدِ وَ خُشُونَةِ المَضجَعِ


صفحه : 129

134- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع إِنّ الدّنيَا وَ الآخِرَةَ عَدُوّانِ مُتَفَاوِتَانِ وَ سَبِيلَانِ مُختَلِفَانِ فَمَن أَحَبّ الدّنيَا وَ تَوَلّاهَا أَبغَضَ الآخِرَةَ وَ عَادَاهَا وَ هُمَا بِمَنزِلَةِ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ مَاشٍ بَينَهُمَا كُلّمَا قَرُبَ مِن وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ الآخَرِ وَ هُمَا بَعدُ ضَرّتَانِ

135- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع مَثَلُ الدّنيَا كَمَثَلِ الحَيّةِ لَيّنٌ مَسّهَا وَ السّمّ النّاقِعُ فِي جَوفِهَا يهَويِ‌ إِلَيهَا الغِرّ الجَاهِلُ وَ يَحذَرُهَا ذُو اللّبّ العَاقِلُ

136- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ قَد سَمِعَ رَجُلًا يَذُمّ الدّنيَا أَيّهَا الذّامّ لِلدّنيَا المُغتَرّ بِغُرُورِهَا المُنخَدِعُ بِأَبَاطِيلِهَا أَ تَغتَرّ بِالدّنيَا ثُمّ تَذُمّهَا أَنتَ المُتَجَرّمُ عَلَيهَا أَم هيِ‌َ المُتَجَرّمَةُ عَلَيكَ مَتَي استَهوَتكَ أَم مَتَي غَرّتكَ أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ البِلَي أَم بِمَضَاجِعِ أُمّهَاتِكَ تَحتَ الثّرَي كَم عَلّلتَ بِكَفّيكَ وَ كَم مَرّضتَ بِيَدَيكَ تبَغيِ‌ لَهُمُ الشّفَاءَ وَ تَستَوصِفُ لَهُمُ الأَطِبّاءَ لَم يَنفَع أَحَدَهُم إِشفَاقُكَ وَ لَم تُسعَف فِيهِ بِطَلِبَتِكَ وَ لَم تَدفَع عَنهُم بِقُوّتِكَ قَد مَثّلَت لَكَ بِهِ الدّنيَا نَفسَكَ وَ بِمَصرَعِهِ مَصرَعَكَ إِنّ الدّنيَا دَارُ صِدقٍ لِمَن صَدَقَهَا وَ دَارُ عَافِيَةٍ لِمَن فَهِمَ عَنهَا وَ دَارُ غِنًي لِمَن تَزَوّدَ مِنهَا وَ دَارُ مَوعِظَةٍ لِمَنِ اتّعَظَ بِهَا مَسجِدُ أَحِبّاءِ اللّهِ وَ مُصَلّي مَلَائِكَةِ اللّهِ وَ مَهبِطُ وحَي‌ِ اللّهِ وَ مَتجَرُ أَولِيَاءِ اللّهِ اكتَسَبُوا فِيهَا الرّحمَةَ وَ رَبِحُوا فِيهَا الجَنّةَ فَمَن ذَا يَذُمّهَا وَ قَد آذَنَت بِبَينِهَا وَ نَادَت بِفِرَاقِهَا وَ نَعَت نَفسَهَا وَ أَهلَهَا فَمَثّلَت لَهُم بِبَلَائِهَا البَلَاءَ وَ شَوّقَتهُم بِسُرُورِهَا إِلَي السّرُورِ رَاحَت بِعَافِيَةٍ وَ ابتَكَرَت بِفَجِيعَةٍ تَرغِيباً وَ تَرهِيباً وَ تَخوِيفاً وَ تَحذِيراً فَذَمّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النّدَامَةِ وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ يَومَ القِيَامَةِ ذَكّرَتهُمُ الدّنيَا فَذَكَرُوا وَ حَدّثَتهُم فَصَدّقُوا وَ وَعَظَتهُم فَاتّعَظُوا


صفحه : 130

وَ قَالَ ع الدّنيَا دَارُ مَمَرّ إِلَي دَارِ مَقَرّ وَ النّاسُ فِيهَا رَجُلَانِ رَجُلٌ بَاعَ نَفسَهُ فَأَوبَقَهَا وَ رَجُلٌ ابتَاعَ نَفسَهُ فَأَعتَقَهَا

وَ قَالَ ع لِكُلّ مُقبِلٍ إِدبَارٌ وَ مَا أَدبَرَ كَأَن لَم يَكُن

وَ قَالَ ع الأَمرُ قَرِيبٌ وَ الِاصطِحَابُ قَلِيلٌ

وَ قَالَ ع الرّحِيلُ وَشِيكٌ

وَ قَالَ ع إِنّمَا المَرءُ فِي الدّنيَا غَرَضٌ تَنتَضِلُ فِيهِ المَنَايَا وَ نَهبٌ تُبَادِرُهُ المَصَائِبُ وَ مَعَ كُلّ جُرعَةٍ شَرَقٌ وَ فِي كُلّ أَكلَةٍ غَصَصٌ وَ لَا يَنَالُ العَبدُ نِعمَةً إِلّا بِفِرَاقِ أُخرَي وَ لَا يَستَقبِلُ يَوماً مِن عُمُرِهِ إِلّا بِفِرَاقِ آخَرَ مِن أَجَلِهِ فَنَحنُ أَعوَانُ المَنُونِ وَ أَنفُسُنَا نُصُبُ الحُتُوفِ فَمِن أَينَ نَرجُو البَقَاءَ وَ هَذَا اللّيلُ وَ النّهَارُ لَم يَرفَعَا مِن شَيءٍ شَرَفاً إِلّا أَسرَعَا الكَرّةَ فِي هَدمِ مَا بَنَيَا وَ تَفرِيقِ مَا جَمَعَا

وَ قَالَ ع مَن لَهِجَ قَلبُهُ بِحُبّ الدّنيَا التَاطَ مِنهَا بِثَلَاثٍ هَمّ لَا يُغِبّهُ وَ حِرصٍ لَا يَترُكُهُ وَ أَمَلٍ لَا يُدرِكُهُ

وَ قَالَ ع وَ اللّهِ لَدُنيَاكُم هَذِهِ أَهوَنُ فِي عيَنيِ‌ مِن عُرَاقِ خِنزِيرٍ فِي يَدِ مَجذُومٍ


صفحه : 131

قَالَ ع مَرَارَةُ الدّنيَا حَلَاوَةُ الآخِرَةِ وَ حَلَاوَةُ الدّنيَا مَرَارَةُ الآخِرَةِ

وَ قَالَ ع النّاسُ فِي الدّنيَا عَامِلَانِ عَامِلٌ فِي الدّنيَا لِلدّنيَا قَد شَغَلَتهُ دُنيَاهُ عَن آخِرَتِهِ يَخشَي عَلَي مَن يَخلُفُ الفَقرَ وَ يَأمَنُهُ عَلَي نَفسِهِ فيَفُنيِ‌ عُمُرَهُ فِي مَنفَعَةِ غَيرِهِ وَ عَامِلٌ عَمِلَ فِي الدّنيَا لِمَا بَعدَهَا فَجَاءَهُ ألّذِي لَهُ مِنَ الدّنيَا بِغَيرِ عَمَلٍ فَأَحرَزَ الحَظّينِ مَعاً وَ مَلَكَ الدّارَينِ جَمِيعاً فَأَصبَحَ وَجِيهاً عِندَ اللّهِ لَا يَسأَلُ اللّهَ شَيئاً فَيَمنَعُهُ

وَ قَالَ ع النّاسُ أَبنَاءُ الدّنيَا وَ لَا يُلَامُ الرّجُلُ عَلَي حُبّ أُمّهِ

وَ قَالَ ع يَا أَيّهَا النّاسُ مَتَاعُ الدّنيَا حُطَامٌ مُوبِئٌ فَتَجَنّبُوا مَرعَاهُ قُلعَتُهَا أَحظَي مِن طُمَأنِينَتِهَا وَ بُلغَتُهَا أَزكَي مِن ثَروَتِهَا حُكِمَ عَلَي مُكثِرِيهَا بِالفَاقَةِ وَ أُعِينَ مَن غنَيِ‌َ عَنهَا بِالرّاحَةِ مَن رَاقَهُ زِبرِجُهَا أَعقَبَت نَاظِرَيهِ كَمَهاً وَ مَنِ استَشعَرَ الشّغَفَ بِهَا مَلَأَت ضَمِيرَهُ أَشجَاناً لَهُنّ رَقصٌ عَلَي سُوَيدَاءِ قَلبِهِ هَمّ يَشغَلُهُ وَ هَمّ يَحزُنُهُ كَذَلِكَ حَتّي يُؤخَذَ بِكَظَمِهِ فَيُلقَي بِالفَضَاءِ مُنقَطِعاً أَبهَرَاهُ هَيّناً عَلَي اللّهِ فَنَاؤُهُ وَ عَلَي الإِخوَانِ إِلقَاؤُهُ وَ إِنّمَا يَنظُرُ المُؤمِنُ إِلَي الدّنيَا بِعَينِ الِاعتِبَارِ


صفحه : 132

وَ يَقتَاتُ مِنهَا بِبَطنِ الِاضطِرَارِ وَ يَسمَعُ فِيهَا بِأُذُنِ المَقتِ وَ الإِبغَاضِ إِن قِيلَ أَثرَي قِيلَ أَكدَي وَ إِن فُرِحَ لَهُ بِالبَقَاءِ حُزِنَ لَهُ بِالفَنَاءِ هَذَا وَ لَم يَأتِهِم يَومٌ فِيهِ يُبلِسُونَ

137- نهج ،[نهج البلاغة]روُيِ‌َ أَنّهُ ع قَلّمَا اعتَدَلَ بِهِ المِنبَرُ إِلّا قَالَ أَمَامَ خُطبَتِهِ أَيّهَا النّاسُ اتّقُوا اللّهَ فَمَا خُلِقَ امرُؤٌ عَبَثاً فَيَلهُوَ وَ لَا تُرِكَ سُدًي فَيَلغُوَ وَ مَا دُنيَاهُ التّيِ‌ تَحَسّنَت لَهُ بِخَلَفٍ مِنَ الآخِرَةِ التّيِ‌ قَبّحَهَا سُوءُ النّظَرِ عِندَهُ وَ مَا المَغرُورُ ألّذِي ظَفِرَ مِنَ الدّنيَا بِأَعلَي هِمّتِهِ كَالآخَرِ ألّذِي ظَفِرَ مِنَ الآخِرَةِ بِأَدنَي سُهمَتِهِ

وَ قَالَ ع رُبّ مُستَقبِلٍ يَوماً لَيسَ بِمُستَدبِرِهِ وَ مَغبُوطٍ فِي أَوّلِ لَيلَةٍ قَامَت بَوَاكِيهِ فِي آخِرِهِ

وَ قَالَ ع الرّكُونُ إِلَي الدّنيَا مَعَ مَا تُعَايِنُ مِنهَا جَهلٌ

وَ قَالَ مِن هَوَانِ الدّنيَا عَلَي اللّهِ أَنّهُ لَا يُعصَي إِلّا فِيهَا وَ لَا يُنَالُ مَا عِندَهُ إِلّا بِتَركِهَا

وَ قَالَ ع فِي صِفَةِ الدّنيَا أَنّ الدّنيَا تَغُرّ وَ تَضُرّ وَ تَمُرّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي لَم يَرضَهَا ثَوَاباً لِأَولِيَائِهِ وَ لَا عِقَاباً لِأَعدَائِهِ وَ إِنّ أَهلَ الدّنيَا كَرَكبٍ بَينَا هُم حَلّوا إِذ صَاحَ بِهِم سَائِقُهُم فَارتَحَلُوا

وَ قَالَ ع أَ لَا حُرّ يَدَعُ هَذِهِ اللّمَاظَةَ لِأَهلِهَا إِنّهُ لَيسَ لِأَنفُسِكُم ثَمَنٌ إِلّا


صفحه : 133

الجَنّةُ فَلَا تَبِيعُوهَا إِلّا بِهَا

وَ قَالَ ع مَنهُومَانِ لَا يَشبَعَانِ طَالِبُ عِلمٍ وَ طَالِبُ دُنيَا

وَ قَالَ ع الدّنيَا خُلِقَت لِغَيرِهَا وَ لَم تُخلَق لِنَفسِهَا

وَ مِن خُطبَةٍ لَهُ ع أَلَا وَ إِنّ الدّنيَا دَارٌ لَا يُسلَمُ مِنهَا إِلّا فِيهَا وَ لَا يُنجَي بشِيَ‌ءٍ كَانَ لَهَا ابتلُيِ‌َ النّاسُ بِهَا فِتنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنهَا لَهَا أُخرِجُوا مِنهُ وَ حُوسِبُوا عَلَيهِ وَ مَا أَخَذُوهُ مِنهَا لِغَيرِهَا قَدِمُوا عَلَيهِ وَ أَقَامُوا فِيهِ فَإِنّهَا عِندَ ذوَيِ‌ العُقُولِ كفَيَ‌ءِ الظّلّ بَينَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتّي قَلَصَ وَ زَائِداً حَتّي نَقَصَ

وَ قَالَ ع مَا أَصِفُ مِن دَارٍ أَوّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِي حَرَامِهَا عِقَابٌ مَنِ استَغنَي فِيهَا فُتِنَ وَ مَنِ افتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ وَ مَن سَاعَاهَا فَاتَتهُ وَ مَن قَعَدَ عَنهَا وَاتَتهُ وَ مَن أَبصَرَ بِهَا بَصّرَتهُ وَ مَن أَبصَرَ إِلَيهَا أَعمَتهُ

138-نهج ،[نهج البلاغة] مِن خُطبَةٍ لَهُ ع بَعَثَهُ حِينَ لَا عَلَمٌ قَائِمٌ وَ لَا مَنَارٌ سَاطِعٌ وَ لَا مَنهَجٌ وَاضِحٌ أُوصِيكُم عِبَادَ اللّهِ بِتَقوَي اللّهِ وَ أُحَذّرُكُمُ الدّنيَا فَإِنّهَا دَارُ شُخُوصٍ وَ مَحَلّةُ تَنغِيصٍ سَاكِنُهَا ظَاعِنٌ وَ قَاطِنُهَا بَائِنٌ تَمِيدُ بِأَهلِهَا مَيَدَانَ السّفِينَةِ تَعصِفُهَا العَوَاصِفُ فِي لُجَجِ البِحَارِ فَمِنهُمُ الغَرِقُ الوَبِقُ وَ مِنهُمُ الناّجيِ‌ عَلَي مُتُونِ


صفحه : 134

الأَموَاجِ تَحفِزُهُ الرّيَاحُ بِأَذيَالِهَا وَ تَحمِلُهُ عَلَي أَهوَالِهَا فَمَا غَرِقَ مِنهَا فَلَيسَ بِمُستَدرَكٍ وَ مَا نَجَا مِنهَا فَإِلَي مَهلَكٍ عِبَادَ اللّهِ الآنَ فَاعمَلُوا وَ الأَلسُنُ مُطلَقَةٌ وَ الأَبدَانُ صَحِيحَةٌ وَ الأَعضَاءُ لَدنَةٌ وَ المُتَقَلّبُ فَسِيحٌ وَ المَجَالُ عَرِيضٌ قَبلَ إِرهَاقِ الفَوتِ وَ حُلُولِ المَوتِ فَحَقّقُوا عَلَيكُم نُزُولَهُ وَ لَا تَنتَظِرُوا قُدُومَهُ

139- نهج ،[نهج البلاغة] مِن كَلَامٍ لَهُ ع أَيّهَا النّاسُ إِنّمَا الدّنيَا دَارُ مَجَازٍ وَ الآخِرَةُ دَارُ قَرَارٍ فَخُذُوا مِن مَمَرّكُم لِمَقَرّكُم وَ لَا تَهتِكُوا أَستَارَكُم عِندَ مَن يَعلَمُ أَسرَارَكُم وَ أَخرِجُوا مِنَ الدّنيَا قُلُوبَكُم مِن قَبلِ أَن تَخرُجَ مِنهَا أَبدَانُكُم فَفِيهَا اختُبِرتُم وَ لِغَيرِهَا خُلِقتُم إِنّ المَرءَ إِذَا هَلَكَ قَالَ النّاسُ مَا تَرَكَ وَ قَالَتِ المَلَائِكَةُ مَا قَدّمَ لِلّهِ آبَاؤُكُم فَقَدّمُوا بَعضاً يَكُن لَكُم قَرضاً وَ لَا تُخلِفُوا كُلّا فَيَكُونَ عَلَيكُم كَلّا

وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع كَثِيراً مَا ينُاَديِ‌ بِهِ أَصحَابَهُ تَجَهّزُوا رَحِمَكُمُ اللّهُ فَقَد نوُديِ‌َ فِيكُم بِالرّحِيلِ وَ أَقِلّوا العَرجَةَ عَلَي الدّنيَا وَ انقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضرَتِكُم مِنَ الزّادِ فَإِنّ أَمَامَكُم عَقَبَةً كَئُوداً وَ مَنَازِلَ مَخُوفَةً مَهُولَةً لَا بُدّ مِنَ الوُرُودِ عَلَيهَا وَ الوُقُوفِ عِندَهَا وَ اعلَمُوا أَنّ مَلَاحِظَ المَنِيّةِ نَحوَكُم دَانِيَةٌ وَ كَأَنّكُم بِمَخَالِبِهَا وَ قَد نَشِبَت فِيكُم وَ قَد دَهِمَتكُم مِنهَا مُفظِعَاتُ الأُمُورِ وَ مُعضِلَاتُ المَحذُورِ فَقَطّعُوا عَلَائِقَ الدّنيَا وَ استَظهِرُوا بِزَادِ التّقوَي

140-نهج ،[نهج البلاغة]الحَمدُ لِلّهِ غَيرَ مَقنُوطٍ مِن رَحمَتِهِ وَ لَا مَخلُوّ مِن نِعمَتِهِ وَ لَا


صفحه : 135

مَأيُوسٍ مِن مَغفِرَتِهِ وَ لَا مُستَنكِفٍ مِن عِبَادَتِهِ ألّذِي لَا تَبرَحُ مِنهُ رَحمَةٌ وَ لَا تُفقَدُ لَهُ نِعمَةٌ وَ الدّنيَا دَارٌ منُيِ‌َ لَهَا الفَنَاءُ وَ لِأَهلِهَا مِنهَا الجَلَاءُ وَ هيِ‌َ حُلوَةٌ خَضِرَةٌ قَد عَجِلَت لِلطّالِبِ وَ التَبَسَت بِقَلبِ النّاظِرِ فَارتَحِلُوا عَنهَا بِأَحسَنِ مَا بِحَضرَتِكُم مِنَ الزّادِ وَ لَا تَسأَلُوا فَوقَ الكَفَافِ وَ لَا تَطلُبُوا مِنهَا أَكثَرَ مِنَ البَلَاغِ

141- كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ، قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَحَبّ دُنيَاهُ أَضَرّ بِآخِرَتِهِ

وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الدّنيَا دُوَلٌ فَاطلُب حَظّكَ مِنهَا بِأَجمَلِ الطّلَبِ

وَ قَالَص مَن أَمِنَ الزّمَانَ خَافَهُ وَ مَن غَالَبَهُ أَهَانَهُ

وَ قَالَص الدّهرُ يَومَانِ يَومٌ لَكَ وَ يَومٌ عَلَيكَ فَإِن كَانَ لَكَ فَلَا تَبطَر وَ إِن كَانَ عَلَيكَ فَاصبِر فَكِلَاهُمَا غَائِبٌ سَيَحضُرُ

باب 321-حب المال وجمع الدينار والدرهم وكنزهما

الآيات الأنفال وَ اعلَمُوا أَنّما أَموالُكُم وَ أَولادُكُم فِتنَةٌ وَ أَنّ اللّهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌالتوبةوَ الّذِينَ يَكنِزُونَ الذّهَبَ وَ الفِضّةَ وَ لا يُنفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرهُم بِعَذابٍ أَلِيمٍ يَومَ يُحمي عَلَيها فِي نارِ جَهَنّمَ فَتُكوي بِها جِباهُهُم وَ جُنُوبُهُم وَ ظُهُورُهُم هذا ما كَنَزتُم لِأَنفُسِكُم فَذُوقُوا ما كُنتُم تَكنِزُونَالكهف المالُ وَ البَنُونَ زِينَةُ الحَياةِ الدّنيا


صفحه : 136

القصص إِنّ قارُونَ كانَ مِن قَومِ مُوسي فَبَغي عَلَيهِم وَ آتَيناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إِنّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالعُصبَةِ أوُليِ‌ القُوّةِ إِذ قالَ لَهُ قَومُهُ لا تَفرَح إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ وَ ابتَغِ فِيما آتاكَ اللّهُ الدّارَ الآخِرَةَ وَ لا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنيا وَ أَحسِن كَما أَحسَنَ اللّهُ إِلَيكَ وَ لا تَبغِ الفَسادَ فِي الأَرضِ إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ المُفسِدِينَ قالَ إِنّما أُوتِيتُهُ عَلي عِلمٍ عنِديِ‌ أَ وَ لَم يَعلَم أَنّ اللّهَ قَد أَهلَكَ مِن قَبلِهِ مِنَ القُرُونِ مَن هُوَ أَشَدّ مِنهُ قُوّةً وَ أَكثَرُ جَمعاً وَ لا يُسئَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المُجرِمُونَ فَخَرَجَ عَلي قَومِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الّذِينَ يُرِيدُونَ الحَياةَ الدّنيا يا لَيتَ لَنا مِثلَ ما أوُتيِ‌َ قارُونُ إِنّهُ لَذُو حَظّ عَظِيمٍ وَ قالَ الّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوابُ اللّهِ خَيرٌ لِمَن آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا يُلَقّاها إِلّا الصّابِرُونَ فَخَسَفنا بِهِ وَ بِدارِهِ الأَرضَ فَما كانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَ ما كانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ وَ أَصبَحَ الّذِينَ تَمَنّوا مَكانَهُ بِالأَمسِ يَقُولُونَ وَيكَأَنّ اللّهَ يَبسُطُ الرّزقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَ يَقدِرُ لَو لا أَن مَنّ اللّهُ عَلَينا لَخَسَفَ بِنا وَيكَأَنّهُ لا يُفلِحُ الكافِرُونَالمنافقون يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تُلهِكُم أَموالُكُم وَ لا أَولادُكُم عَن ذِكرِ اللّهِ وَ مَن يَفعَل ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الخاسِرُونَالتغابن إِنّما أَموالُكُم وَ أَولادُكُم فِتنَةٌ وَ اللّهُ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌالمعارج تَدعُوا مَن أَدبَرَ وَ تَوَلّي وَ جَمَعَ فَأَوعيالفجرفَأَمّا الإِنسانُ إِذا مَا ابتَلاهُ رَبّهُ فَأَكرَمَهُ وَ نَعّمَهُ فَيَقُولُ ربَيّ‌ أَكرَمَنِ وَ أَمّا إِذا مَا ابتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيهِ رِزقَهُ فَيَقُولُ ربَيّ‌ أَهانَنِ كَلّا بَل لا تُكرِمُونَ اليَتِيمَ وَ لا تَحَاضّونَ عَلي طَعامِ المِسكِينِ وَ تَأكُلُونَ التّراثَ أَكلًا لَمّا وَ تُحِبّونَ المالَ حُبّا جَمّا كَلّا إِذا دُكّتِ الأَرضُ دَكّا دَكّا وَ جاءَ رَبّكَ وَ المَلَكُ صَفّا صَفّا

وَ جيِ‌ءَ يَومَئِذٍ بِجَهَنّمَ يَومَئِذٍ يَتَذَكّرُ الإِنسانُ وَ أَنّي لَهُ الذّكري يَقُولُ يا ليَتنَيِ‌ قَدّمتُ لحِيَاتيِ‌ فَيَومَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌالعاديات إِنّ الإِنسانَ لِرَبّهِ لَكَنُودٌ وَ إِنّهُ عَلي ذلِكَ لَشَهِيدٌ وَ إِنّهُ لِحُبّ الخَيرِ لَشَدِيدٌ أَ فَلا يَعلَمُ إِذا بُعثِرَ ما فِي القُبُورِ وَ حُصّلَ ما فِي الصّدُورِ إِنّ رَبّهُم بِهِم يَومَئِذٍ لَخَبِيرٌالهمزةوَيلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ألّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدّدَهُ يَحسَبُ أَنّ مالَهُ أَخلَدَهُ كَلّا لَيُنبَذَنّ فِي الحُطَمَةِ وَ ما أَدراكَ مَا الحُطَمَةُ نارُ اللّهِ المُوقَدَةُ التّيِ‌ تَطّلِعُ عَلَي الأَفئِدَةِ إِنّها عَلَيهِم مُؤصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدّدَةٍ

1- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ إِن كَانَ الحِسَابُ حَقّاً فَالجَمعُ لِمَا ذَا

2- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ ابنِ مَسرُورٍ عَنِ ابنِ عَامِرٍ عَن عَمّهِ عَنِ التفّليِسيِ‌ّ عَنِ السمّنَديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ فِي بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ مَجَاعَةٌ حَتّي نَبَشُوا المَوتَي فَأَكَلُوهُم فَنَبَشُوا قَبراً فَوَجَدُوا فِيهِ لَوحاً فِيهِ مَكتُوبٌ أَنَا فُلَانٌ النّبِيّ يَنبُشُ قبَريِ‌ حبَشَيِ‌ّ مَا قَدّمنَا وَجَدنَاهُ وَ مَا أَكَلنَا رَبِحنَاهُ وَ مَا خَلّفنَا خَسِرنَاهُ

3- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ ابنِ مَسرُورٍ عَنِ ابنِ عَامِرٍ عَن عَمّهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن عِكرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ إِنّ أَوّلَ دِرهَمٍ وَ دِينَارٍ ضُرِبَا فِي الأَرضِ نَظَرَ إِلَيهِمَا إِبلِيسُ فَلَمّا عَايَنَهُمَا أَخَذَهُمَا فَوَضَعَهُمَا عَلَي عَينَيهِ ثُمّ ضَمّهُمَا إِلَي صَدرِهِ ثُمّ صَرَخَ صَرخَةً ثُمّ ضَمّهُمَا إِلَي صَدرِهِ ثُمّ قَالَ أَنتُمَا قُرّةُ عيَنيِ‌ وَ ثَمَرَةُ فؤُاَديِ‌ مَا أبُاَليِ‌ مِن بنَيِ‌ آدَمَ إِذَا أَحَبّوكُمَا أَن لَا يَعبُدُوا وَثَناً حسَبيِ‌ مِن بنَيِ‌ آدَمَ أَن يُحِبّوكُمَا


صفحه : 138

4- فس ،[تفسير القمي‌] فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِوَ الّذِينَ يَكنِزُونَ الذّهَبَ وَ الفِضّةَ وَ لا يُنفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرهُم بِعَذابٍ أَلِيمٍ فَإِنّ اللّهَ حَرّمَ كَنزَ الذّهَبِ وَ الفِضّةِ وَ أَمَرَ بِإِنفَاقِهِ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ قَولِهِيَومَ يُحمي عَلَيها فِي نارِ جَهَنّمَ فَتُكوي بِها جِباهُهُم وَ جُنُوبُهُم وَ ظُهُورُهُم هذا ما كَنَزتُم لِأَنفُسِكُم فَذُوقُوا ما كُنتُم تَكنِزُونَ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرّ الغفِاَريِ‌ّ يَغدُو كُلّ يَومٍ وَ هُوَ بِالشّامِ فيَنُاَديِ‌ بِأَعلَي صَوتِهِ بَشّر أَهلَ الكُنُوزِ بكِيَ‌ّ فِي الجِبَاهِ وَ كيَ‌ّ بِالجُنُوبِ وَ كيَ‌ّ بِالظّهُورِ أَبَداً حَتّي يَتَرَدّدَ الحَرَقُ فِي أَجوَافِهِم

5- ل ،[الخصال ]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]الفاَميِ‌ّ عَنِ ابنِ بُطّةَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ مَحبُوبٍ عَنِ اليقَطيِنيِ‌ّ عَنِ ابنِ بَزِيعٍ قَالَ سَمِعتُ الرّضَا ع يَقُولُ لَا يَجتَمِعُ المَالُ إِلّا بِخِصَالٍ خَمسٍ بِبُخلٍ شَدِيدٍ وَ أَمَلٍ طَوِيلٍ وَ حِرصٍ غَالِبٍ وَ قَطِيعَةِ الرّحِمِ وَ إِيثَارِ الدّنيَا عَلَي الآخِرَةِ

6- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]بِإِسنَادِ المجُاَشعِيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَيّكُم مَالُ وَارِثِهِ أَحَبّ إِلَيهِ مِن مَالِهِ قَالُوا مَا فِينَا أَحَدٌ يُحِبّ ذَلِكَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ قَالَ بَل كُلّكُم يُحِبّ ذَلِكَ ثُمّ قَالَ يَقُولُ ابنُ آدَمَ ماَليِ‌ ماَليِ‌ وَ هَل لَكَ مِن مَالِكَ إِلّا مَا أَكَلتَ فَأَفنَيتَ أَو لَبِستَ فَأَبلَيتَ أَو تَصَدّقتَ فَأَمضَيتَ وَ مَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مَالُ الوَارِثِ

7- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]بِهَذَا الإِسنَادِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع أَنّهُ سُئِلَ عَنِ الدّنَانِيرِ وَ الدّرَاهِمِ وَ مَا عَلَي النّاسِ فِيهَا فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع هيِ‌َ خَوَاتِيمُ اللّهِ فِي أَرضِهِ جَعَلَهَا اللّهُ مَصَحّةً لِخَلقِهِ وَ بِهَا يَستَقِيمُ شُئُونُهُم وَ مَطَالِبُهُم فَمَن أُكثِرَ لَهُ مِنهَا فَقَامَ


صفحه : 139

بِحَقّ اللّهِ تَعَالَي فِيهَا وَ أَدّي زَكَاتَهَا فَذَاكَ ألّذِي طَابَت وَ خَلَصَت لَهُ وَ مَن أُكثِرَ لَهُ مِنهَا فَبَخِلَ بِهَا وَ لَم يُؤَدّ حَقّ اللّهِ فِيهَا وَ اتّخَذَ مِنهَا الآنِيَةَ فَذَاكَ ألّذِي حَقّ عَلَيهِ وَعِيدُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي كِتَابِهِ يَقُولُ اللّهُ تَعَالَييَومَ يُحمي عَلَيها فِي نارِ جَهَنّمَ فَتُكوي بِها جِباهُهُم وَ جُنُوبُهُم وَ ظُهُورُهُم هذا ما كَنَزتُم لِأَنفُسِكُم فَذُوقُوا ما كُنتُم تَكنِزُونَ

8- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَ لَمّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُوَ الّذِينَ يَكنِزُونَ الذّهَبَ وَ الفِضّةَ وَ لا يُنفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرهُم بِعَذابٍ أَلِيمٍ قَالَ رَسُولُ اللّهِص كُلّ مَالٍ يُؤَدّي زَكَاتُهُ فَلَيسَ بِكَنزٍ وَ إِن كَانَ تَحتَ سَبعِ أَرَضِينَ وَ كُلّ مَالٍ لَا تُؤَدّي زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنزٌ وَ إِن كَانَ فَوقَ الأَرضِ

9- ل ،[الخصال ]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ عَن جَمِيلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا بَلَي اللّهُ العِبَادَ بشِيَ‌ءٍ أَشَدّ عَلَيهِم مِن إِخرَاجِ الدّرَاهِمِ

أقول قدمضي بعض الأخبار في باب الغني

10- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَن زِيَادِ بنِ مَروَانَ عَن أَبِي وَكِيعٍ عَن أَبِي إِسحَاقَ عَنِ الحَارِثِ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع قَالَ رَسُولُ اللّهِص الدّينَارُ وَ الدّرهَمُ أَهلَكَا مَن كَانَ قَبلَكُم وَ هُمَا مُهلِكَاكُم

11- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ رَفَعَهُ قَالَ الذّهَبُ وَ الفِضّةُ حَجَرَانِ مَمسُوخَانِ فَمَن أَحَبّهُمَا كَانَ مَعَهُمَا

قال الصدوق رحمه الله يعني‌ من أحبهما حبا يمنع حق الله منهما

12-ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن


صفحه : 140

مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي الجَارُودِ عَنِ ابنِ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الفِتَنُ ثَلَاثٌ حُبّ النّسَاءِ وَ هُوَ سَيفُ الشّيطَانِ وَ شُربُ الخَمرِ وَ هُوَ فَخّ الشّيطَانِ وَ حُبّ الدّينَارِ وَ الدّرهَمِ وَ هُوَ سَهمُ الشّيطَانِ فَمَن أَحَبّ النّسَاءَ لَم يَنتَفِع بِعَيشِهِ وَ مَن أَحَبّ الأَشرِبَةَ حَرُمَت عَلَيهِ الجَنّةُ وَ مَن أَحَبّ الدّينَارَ وَ الدّرهَمَ فَهُوَ عَبدُ الدّنيَا

وَ قَالَ قَالَ عِيسَي بنُ مَريَمَ ع الدّينَارُ دَاءُ الدّينِ وَ العَالِمُ طَبِيبُ الدّينِ فَإِذَا رَأَيتُمُ الطّبِيبَ يَجُرّ الدّاءَ إِلَي نَفسِهِ فَاتّهِمُوهُ وَ اعلَمُوا أَنّهُ غَيرُ نَاصِحٍ لِغَيرِهِ

13- ل ،[الخصال ] أَبِي عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ اليقَطيِنيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ المُختَارِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن كَمِهَ أَعمَي مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن عَبَدَ الدّينَارَ وَ الدّرهَمَ مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن نَكَحَ بَهِيمَةً

مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ ابنِ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ النوّفلَيِ‌ّ مِثلَهُ

قال الصدوق رحمه الله قوله ع ملعون من عبدالدينار والدرهم يعني‌ به من يمنع زكاة ماله ويبخل بمواساة إخوانه فيكون قدآثر عبادة الدينار والدرهم علي عبادة خالقه

14- ع ،[علل الشرائع ] عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ رَفَعَهُ قَالَأَتَي يهَوُديِ‌ّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع فَسَأَلَهُ عَن مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ لِمَ سمُيّ‌َ الدّرهَمُ دِرهَماً وَ الدّينَارُ دِينَاراً فَقَالَ ع إِنّمَا سمُيّ‌َ الدّرهَمُ دِرهَماً لِأَنّهُ دَارُ هَمّ مَن جَمَعَهُ وَ لَم يُنفِقهُ فِي طَاعَةِ اللّهِ أَورَثَهُ النّارَ وَ إِنّمَا سمُيّ‌َ الدّينَارُ دِينَاراً لِأَنّهُ دَارُ


صفحه : 141

النّارِ مَن جَمَعَهُ وَ لَم يُنفِقهُ فِي طَاعَةِ اللّهِ أَورَثَهُ النّارَ فَقَالَ اليهَوُديِ‌ّ صَدَقتَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ

15- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن صَفوَانَ عَنِ ابنِ الحَجّاجِ عَمّن سَمِعَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَنِ الزّكَاةِ مَا يَأخُذُ مِنهَا الرّجُلُ وَ قُلتُ لَهُ إِنّهُ بَلَغَنَا أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ أَيّمَا رَجُلٍ تَرَكَ دِينَارَينِ فَهُمَا كيَ‌ّ بَينَ عَينَيهِ قَالَ فَقَالَ أُولَئِكَ قَومٌ كَانُوا أَضيَافاً عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَإِذَا أَمسَي قَالَ يَا فُلَانُ اذهَب فَعَشّ هَذَا وَ إِذَا أَصبَحَ قَالَ يَا فُلَانُ اذهَب فَغَدّ هَذَا فَلَم يَكُونُوا يَخَافُونَ أَن يُصبِحُوا بِغَيرِ غَدَاءٍ وَ لَا بِغَيرِ عَشَاءٍ فَجَمَعَ الرّجُلُ مِنهُم دِينَارَينِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص فِيهِ هَذِهِ المَقَالَةَ وَ إِنّ النّاسَ إِنّمَا يُعطَونَ مِنَ السّنَةِ إِلَي السّنَةِ فَلِلرّجُلِ أَن يَأخُذَ مَا يَكفِيهِ وَ يكَفيِ‌ عِيَالَهُ مِنَ السّنَةِ إِلَي السّنَةِ

16- مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن فَضَالَةَ عَن أَبَانٍ قَالَ ذُكِرَ بَعضُهُم عِندَ أَبِي الحَسَنِ ع فَقَالَ بَلَغَنَا أَنّ رَجُلًا هَلَكَ عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِص وَ تَرَكَ دِينَارَينِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص تَرَكَ كَثِيراً قَالَ إِنّ ذَاكَ كَانَ رَجُلًا يأَتيِ‌ أَهلَ الصّفّةِ فَيَسأَلُهُم فَمَاتَ وَ تَرَكَ دِينَارَينِ

17- مع ،[معاني‌ الأخبار] الحَسَنُ بنُ حَمزَةَ العلَوَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ اوميدوار عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هَارُونَ بنِ خَارِجَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَعَنَ اللّهُ الذّهَبَ وَ الفِضّةَ لَا يُحِبّهُمَا إِلّا مَن كَانَ مِن جِنسِهِمَا قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ الذّهَبُ وَ الفِضّةُ قَالَ لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ إِلَيهِ إِنّمَا الذّهَبُ ألّذِي ذَهَبَ بِالدّينِ وَ الفِضّةُ ألّذِي أَفَاضَ الكُفرَ

قال الصدوق رحمه الله هذاحديث لم أسمعه إلا من الحسن بن حمزة العلوي‌ و لم


صفحه : 142

أروه عن شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ولكنه صحيح عندي‌ يُؤَيّدُهُ الخَبَرُ المَنقُولُ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ أَنَا يَعسُوبُ المُؤمِنِينَ وَ المَالُ يَعسُوبُ الظّلَمَةِ وَ المَالُ لَا يَدُوسُ إِنّمَا يُدَاسُ بِهِ

فهو كناية عمن ذهب بالدين وأفاض الكفر وإنما وقعت الكناية بهما لأنهما أثمان كل شيء كما أن الذين كني عنهم أصول كل كفر وظلم

18- ل ،[الخصال ] مع ،[معاني‌ الأخبار]الأَربَعُمِائَةِ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع السّكرُ أَربَعُ سُكرَاتٍ سُكرُ الشّرَابِ وَ سُكرُ المَالِ وَ سُكرُ النّومِ وَ سُكرُ المُلكِ

19- ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ]بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الأهَواَزيِ‌ّ عَن فَضَالَةَ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَوحَي اللّهُ تَعَالَي إِلَي مُوسَي ع لَا تَفرَح بِكَثرَةِ المَالِ وَ لَا تَدَع ذكِريِ‌ عَلَي حَالٍ فَإِنّ كَثرَةَ المَالِ تنُسيِ‌ الذّنُوبَ وَ تَركُ ذكِريِ‌ يقُسيِ‌ القُلُوبَ

20- شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِكَذلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعمالَهُم حَسَراتٍ عَلَيهِم قَالَ هُوَ الرّجُلُ يَدَعُ المَالَ لَا يُنفِقُهُ فِي طَاعَةِ اللّهِ بُخلًا ثُمّ يَمُوتُ فَيَدَعُهُ لِمَن يَعمَلُ بِهِ فِي طَاعَةِ اللّهِ أَو فِي مَعصِيَتِهِ فَإِن عَمِلَ بِهِ فِي طَاعَةِ اللّهِ رَآهُ فِي مِيزَانِ غَيرِهِ فَزَادَهُ حَسرَةً وَ قَد كَانَ المَالُ لَهُ أَو عَمِلَ بِهِ فِي مَعصِيَةِ اللّهِ فَهُوَ قَوّاهُ بِذَلِكَ المَالِ حَتّي عَمِلَ بِهِ فِي معَاَصيِ‌ اللّهِ

21- م ،[تفسير الإمام عليه السلام ] سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَن أَعظَمُ النّاسِ حَسرَةً قَالَ مَن رَأَي مَالَهُ فِي مِيزَانِ غَيرِهِ وَ أَدخَلَهُ اللّهُ بِهِ النّارَ وَ أَدخَلَ وَارِثَهُ بِهِ الجَنّةَ

22-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن سَعدَانَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِ اللّهِالّذِينَ يَكنِزُونَ الذّهَبَ


صفحه : 143

وَ الفِضّةَإِنّمَا عَنَي بِذَلِكَ مَا جَاوَزَ ألَفيَ‌ دِرهَمٍ

23- شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن مُعَاذِ بنِ كَثِيرٍ صَاحِبِ الأَكسِيَةِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مُوَسّعٌ عَلَي شِيعَتِنَا أَن يُنفِقُوا مِمّا فِي أَيدِيهِم بِالمَعرُوفِ فَإِذَا قَامَ قَائِمُنَا حَرّمَ عَلَي كُلّ ذيِ‌ كَنزٍ كَنزَهُ حَتّي يَأتِيَهُ فَيَستَعِينَ بِهِ عَلَي عَدُوّهِ وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهُالّذِينَ يَكنِزُونَ الذّهَبَ وَ الفِضّةَ وَ لا يُنفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرهُم بِعَذابٍ أَلِيمٍ

24- شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ الحُسَينِ بنِ عُلوَانَ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ المُؤمِنَ إِذَا كَانَ عِندَهُ مِن ذَلِكَ شَيءٌ يُنفِقُهُ عَلَي عِيَالِهِ مَا شَاءَ ثُمّ إِذَا قَامَ القَائِمُ فَيَحمِلُ إِلَيهِ مَا عِندَهُ وَ مَا بقَيِ‌َ مِن ذَلِكَ يَستَعِينُ بِهِ عَلَي أَمرِهِ فَقَد أَدّي مَا يَجِبُ عَلَيهِ

25- جا،[المجالس للمفيد] عَن أَحمَدَ بنِ الوَلِيدِ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَنِ ابنِ مَهزِيَارَ عَنِ القَاسِمِ بنِ عُروَةَ عَن رَجُلٍ عَن أَحَدِهِمَا ع فِي مَعنَي قَولِهِ عَزّ وَ جَلّكَذلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعمالَهُم حَسَراتٍ عَلَيهِم قَالَ الرّجُلُ يَكسِبُ مَالًا فَيُحرَمُ أَن يَعمَلَ خَيراً فَيَمُوتُ فَيَرِثُهُ غَيرُهُ فَيَعمَلُ عَمَلًا صَالِحاً فَيَرَي الرّجُلُ مَا كَسَبَ حَسَنَاتٍ فِي مِيزَانِ غَيرِهِ

26-ضه ،[روضة الواعظين ] قَالَ الصّادِقُ ع إِنّ عِيسَي بنَ مَريَمَ تَوَجّهَ فِي بَعضِ حَوَائِجِهِ وَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِن أَصحَابِهِ فَمَرّ بِلَبِنَاتٍ مِن ذَهَبٍ عَلَي ظَهرِ الطّرِيقِ فَقَالَ ع لِأَصحَابِهِ إِنّ هَذَا يَقتُلُ النّاسَ ثُمّ مَضَي فَقَالَ أَحَدُهُم إِنّ لِي حَاجَةً فَانصَرَفَ ثُمّ قَالَ الآخَرُ لِي حَاجَةٌ فَانصَرَفَ ثُمّ قَالَ الآخَرُ لِي حَاجَةٌ فَانصَرَفَ فَوَافَوا عِندَ الذّهَبِ ثَلَاثَتُهُم فَقَالَ اثنَانِ لِوَاحِدٍ اشتَرِ لَنَا طَعَاماً فَذَهَبَ يشَترَيِ‌ لَهُمَا طَعَاماً فَجَعَلَ فِيهِ سَمّاً لِيَقتُلَهُمَا كَيلَا يُشَارِكَاهُ فِي الذّهَبِ وَ قَالَ الِاثنَانِ إِذَا جَاءَ قَتَلنَاهُ كَيلَا يُشَارِكَنَا فَلَمّا جَاءَ قَامَا إِلَيهِ فَقَتَلَاهُ ثُمّ تَغَدّيَا فَمَاتَا


صفحه : 144

فَرَجَعَ إِلَيهِم عِيسَي ع وَ هُم مَوتَي حَولَهُ فَأَحيَاهُم بِإِذنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ قَالَ أَ لَم أَقُل لَكُم إِنّ هَذَا يَقتُلُ النّاسَ

27- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر]فَضَالَةُ عَنِ ابنِ عَمِيرَةَ عَن عَلِيّ بنِ المُغِيرَةِ عَن أَخٍ لَهُ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا ذِئبَانِ جَائِعَانِ فِي غَنَمٍ قَد فَرّقَهَا رَاعِيهَا أَحَدُهُمَا فِي أَوّلِهَا وَ الآخَرُ فِي آخِرِهَا بِأَفسَدَ فِيهَا مِن حُبّ المَالِ وَ الشّرَفِ فِي دِينِ المَرءِ المُسلِمِ

28- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع يَا ابنَ آدَمَ مَا كَسَبتَ فَوقَ قُوتِكَ فَأَنتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيرِكَ

وَ قَالَ ع وَ قَد مَرّ بِقَذَرٍ عَلَي مَزبَلَةٍ هَذَا مَا بَخِلَ بِهِ البَاخِلُونَ

وَ روُيِ‌َ أَنّهُ قَالَ هَذَا مَا كُنتُم تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالأَمسِ

وَ قَالَ ع لَم يَذهَب مِن مَالِكَ مَا وَعَظَكَ

وَ قَالَ ع لِكُلّ امر‌ِئٍ فِي مَالِهِ شَرِيكَانِ الوَارِثُ وَ الحَوَادِثُ

وَ قَالَ ع لِابنِهِ الحَسَنِ ع يَا بنُيَ‌ّ لَا تُخَلّفَنّ وَرَاءَكَ شَيئاً مِنَ الدّنيَا فَإِنّكَ تُخَلّفُهُ لِأَحَدِ رَجُلَينِ إِمّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ بِهِ وَ إِمّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِمَعصِيَةِ اللّهِ فَكُنتَ عَوناً لَهُ عَلَي مَعصِيَتِهِ وَ لَيسَ أَحَدُ هَذَينِ حَقِيقاً أَن تُؤثِرَهُ عَلَي نَفسِكَ

وَ يُروَي هَذَا الكَلَامُ عَلَي وَجهٍ آخَرَ وَ هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ ألّذِي فِي يَدَيكَ مِنَ الدّنيَا قَد كَانَ لَهُ أَهلٌ قَبلَكَ وَ هُوَ صَائِرٌ إِلَي أَهلٍ بَعدَكَ وَ إِنّمَا أَنتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَينِ رَجُلٍ عَمِلَ فِيمَا جَمَعتَهُ بِطَاعَةِ اللّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ بِهِ أَو رَجُلٍ عَمِلَ


صفحه : 145

فِيهِ بِمَعصِيَةِ اللّهِ فشَقَيِ‌َ بِمَا جَمَعتَ لَهُ وَ لَيسَ أَحَدُ هَذَينِ أَهلًا أَن تُؤثِرَهُ عَلَي نَفسِكَ وَ تَحمِلَ لَهُ عَلَي ظَهرِكَ فَارجُ لِمَن مَضَي رَحمَةَ اللّهِ وَ لِمَن بقَيِ‌َ رِزقَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ

باب 421-حب الرئاسة

الآيات القصص تِلكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُها لِلّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِي الأَرضِ وَ لا فَساداً وَ العاقِبَةُ لِلمُتّقِينَ

1- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدٍ عَن أَحمَدَ عَن مُعَمّرِ بنِ خَلّادٍ عَن أَبِي الحَسَنِ ع أَنّهُ ذَكَرَ رَجُلًا فَقَالَ إِنّهُ يُحِبّ الرّئَاسَةَ فَقَالَ مَا ذِئبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَد تَفَرّقَ رِعَاؤُهَا بِأَضَرّ فِي دِينِ المُسلِمِ مِن طَلَبِ الرّئَاسَةِ

بيان أنه ذكر رجلا ضمائر أنه وذكر و فقال أولا راجعة إلي معمر ويحتمل رجوعها إلي الإمام ع والرئاسة الشرف والعلو علي الناس من رأس الرجل يرأس مهموزا بفتحتين رئاسة شرف وعلا قدره فهو رئيس والجمع رؤساء مثل شريف وشرفاء والضاري‌ السبع ألذي اعتاد بالصيد وإهلاكه والرعاء بالكسر والمد جمع راع اسم فاعل وبالضم اسم جمع صرح بالأول صاحب المصباح وبالثاني‌ القاضي‌ وتفرق الرعاء لبيان شدة الضرر فإن الراعي‌ إذا كان حاضرا يمنع الذئب عن الضرر ويحمي‌ القطيع . والظاهر أن قوله في دين المسلم صلة للضرر المقدر أي ليس ضرر الذئبين في الغنم بأشد من ضرر الرئاسة في دين المسلم ففي‌ الكلام تقديم وتأخير


صفحه : 146

ويؤيده ماسيأتي‌ في باب حب الدنيا مثله هكذا بأفسد فيها من حب المال والشرف في دين المسلم . وقيل في دين المسلم حال عن الرئاسة قدم عليه و لايخفي ما فيه و فيه تحذير عن طلب الرئاسة وللرئاسة أنواع شتي منها ممدوحة ومنها مذمومة فالممدوحة منها الرئاسة التي‌ أعطاها الله تعالي خواص خلقه من الأنبياء والأوصياء ع لهداية الخلق وإرشادهم ودفع الفساد عنهم و لماكانوا معصومين مؤيدين بالعنايات الربانية فهم مأمونون من أن يكون غرضهم من ذلك تحصيل الأغراض الدنية والأغراض الدنيوية فإذاطلبوا ذلك ليس غرضهم إلاالشفقة علي خلق الله وإنقاذهم من المهالك الدنيوية والأخروية كما قال يوسف ع اجعلَنيِ‌ عَلي خَزائِنِ الأَرضِ إنِيّ‌ حَفِيظٌ عَلِيمٌ. و أماسائر الخلق فلهم رئاسات حقة ورئاسات باطلة وهي‌ مشتبهة بحسب نياتهم واختلاف حالاتهم فمنها القضاء والحكم بين الناس و هذاأمر خطير وللشيطان فيه تسويلات ولذا وقع التحذير عنه في كثير من الأخبار و أما من يأمن ذلك من نفسه ويظن أنه لاينخدع من الشيطان فإذا كان في زمان حضور الإمام ع وبسط يده ع وكلفه ذلك يجب عليه قبوله و أما في زمان الغيبة فالمشهور أنه يجب علي الفقيه الجامع لشرائط الحكم والفتوي ارتكاب ذلك إما عينا وإما كفاية. فإن كان غرضه من ارتكاب ذلك إطاعة إمامه والشفقة علي عباد الله وإحقاق حقوقهم وحفظ فروجهم وأموالهم وأعراضهم عن التلف و لم يكن غرضه الترفع علي الناس والتسلط عليهم و لاجلب قلوبهم وكسب المحمدة منهم فليست رئاسته رئاسة باطلة بل رئاسة حقة أطاع الله تعالي فيها ونصح إمامه .


صفحه : 147

و إن كان غرضه كسب المال الحرام وجلب قلوب الخواص والعوام وأمثال ذلك فهي‌ الرئاسة الباطلة التي‌ حذر عنها وأشد منها من ادعي ما ليس له بحق كالإمامة والخلافة ومعارضة أئمة الحق فإنه علي حد الشرك بالله وقريب منه مافعله الكذابون المتصنعون الذين كانوا في أعصار الأئمة ع وكانوا يصدون الناس عن الرجوع إليهم كالحسن البصري‌ وسفيان الثوري‌ و أبي حنيفة وأضرابهم . و من الرئاسات المنقسمة إلي الحق والباطل ارتكاب الفتوي والتدريس والوعظ فمن كان أهلا لتلك الأمور عالما بما يقول متبعا للكتاب والسنة و كان غرضه هداية الخلق وتعليمهم مسائل دينهم فهو من الرئاسة الحقة ويحتمل وجوبه إما عينا أوكفاية و من لم يكن أهلا لذلك ويفسر الآيات برأيه والأخبار مع عدم فهمها ويفتي‌ الناس بغير علم فهو ممّن قال الله سبحانه فيهم قُل هَل نُنَبّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمالًا الّذِينَ ضَلّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدّنيا وَ هُم يَحسَبُونَ أَنّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً. وكذلك من هو أهل لتلك الأمور من جهة العلم لكنه مراء متصنع يحرف الكلم عن مواضعه ويفتي‌ الناس بخلاف مايعلم أو كان غرضه محض الشهرة وجلب القلوب أوتحصيل الأموال والمناصب فهو أيضا من الهالكين ومنها أيضا إمامة الجمعة والجماعة فهذا أيضا إن كان أهله وصحت نيته فهو من الرئاسات الحقة و إلافهو أيضا من أهل الفساد. والحاصل أن الرئاسة إن كانت بجهة شرعية ولغرض صحيح فهي‌ ممدوحة و إن كانت علي غيرالجهات الشرعية أومقرونة بالأغراض الفاسدة فهي‌ مذمومة فهذه الأخبار محمولة علي أحد هذه الوجوه الباطلة أو علي ما إذا كان المقصود نفس الرئاسة والتسلط.


صفحه : 148

قال بعض المحققين معني الجاه ملك القلوب والقدرة عليها فحكمها حكم ملك الأموال فإنه غرض من أغراض الحياة الدنيا وينقطع بالموت كالمال والدنيا مزرعة الآخرة فكلما خلق الله في الدنيا فيمكن أن يتزود منه إلي الآخرة و كما أنه لابد من أدني مال لضرورة المطعم والملبس فلابد من أدني جاه لضرورة المعيشة مع الخلق والإنسان كما لايستغني‌ عن طعام يتناوله فيجوز أن يحب الطعام والمال ألذي يبتاع به الطعام فكذلك لايخلو عن الحاجة إلي خادم يخدمه ورفيق يعينه وأستاد يعلمه وسلطان يحرسه ويدفع عنه ظلم الأشرار.فحبه أن يكون له في قلب خادمه من المحل مايدعوه إلي الخدمة ليس بمذموم وحبه لأن يكون في قلب رفيقه من المحل مايحسن به مرافقته ومعاونته ليس بمذموم وحبه لأن يكون في قلب أستاذه من المحل مايحسن به إرشاده وتعليمه والعناية به ليس بمذموم وحبه لأن يكون له من المحل في قلب سلطانه مايحثه ذلك علي دفع الشر عنه ليس بمذموم فإن الجاه وسيلة إلي الأغراض كالمال فلافرق بينهما إلا أن التحقيق في هذايفضي‌ إلي أن يكون المال والجاه في أعيانهما محبوبين بل ينزل ذلك منزلة حب الإنسان أن يكون في داره بيت ماء لأنه يضطر إليه لقضاء حاجته وبوده لواستغني عن قضاء الحاجة حتي يستغني‌ عن بيت الماء و هذا علي التحقيق ليس بحب لبيت الماء فكل مايراد به التوصل إلي محبوب فالمحبوب هوالمقصود المتوصل إليه . وتدرك التفرقة بمثال و هو أن الرجل قديحب زوجته من حيث إنه يدفع بهافضلة الشهوة كمايدفع ببيت الماء فضلة الطعام و لوكفي‌ مئونة الشهوة لكان يهجر زوجته كما لوكفي‌ قضاء الحاجة لكان لايدخل بيت الماء و لايدور به و قديحب زوجته لذاتها حب العشاق و لوكفي‌ الشهوة لبقي‌ مستصحبا لنكاحها.


صفحه : 149

فهذا هوالحب دون الأول فكذلك الجاه والمال قديحب كل واحد منهما من هذين الوجهين فحبهما لأجل التوسل إلي مهمات البدن غيرمذموم وحبهما لأعيانهما فيما يجاوز ضرورة البدن وحاجته مذموم ولكنه لايوصف صاحبه بالفسق والعصيان ما لم يحمله الحب علي مباشرة معصية و ما لم يتوصل إلي اكتسابه بعبادة فإن التوصل إلي المال والجاه بالعبادة خيانة علي الدين و هوحرام و إليه يرجع معني الرئاء المحظور كمامر. فإن قلت طلب الجاه والمنزلة في قلب أستاذه وخادمه ورفيقه وسلطانه و من يرتبط به أمره مباح علي الإطلاق كيف ما كان أومباح إلي حد مخصوص أو علي وجه مخصوص فأقول يطلب ذلك علي ثلاثة أوجه وجهان منها مباح ووجه منها محظور. أماالمحظور فهو أن يطلب قيام المنزلة في قلوبهم باعتقادهم فيه صفة هومنفك عنها مثل العلم والورع والنسب فيظهر لهم أنه علوي‌ أوعالم أوورع و لا يكون كذلك فهذا حرام لأنه تلبيس وكذب إما بالقول وإما بالفعل . و أماالمباح فهو أن يطلب المنزلة بصفة و هومتصف بهاكقول يوسف ع اجعلَنيِ‌ عَلي خَزائِنِ الأَرضِ إنِيّ‌ حَفِيظٌ عَلِيمٌفإنه طلب المنزلة في قلبه بكونه حفيظا عليما و كان محتاجا إليه و كان صادقا فيه . والثاني‌ أن يطلب إخفاء عيب من عيوبه ومعصية من معاصيه حتي لايعلمه فلاتزول منزلته به فهذا أيضا مباح لأن حفظ الستر علي القبائح جائز و لايجوز هتك الستر وإظهار القبح فهذا ليس فيه تلبيس بل هوسد لطريق العلم بما لافائدة في العلم به كالذي‌ يخفي‌ عن السلطان أنه يشرب الخمر و لايلقي‌ إليه أنه ورع فإن قوله إني‌ ورع تلبيس وعدم إقراره بالشرب لايوجب اعتقاده الورع بل يمنع العلم بالشرب . و من جملة المحظورات تحسين الصلاة بين يديه لأن تحسن فيه اعتقاده فإن


صفحه : 150

ذلك رئاء و هوملبس إذ يخيل إليه أنه من المخلصين الخاشعين لله و هومراء بما يفعله فكيف يكون مخلصا فطلب الجاه بهذا الطريق حرام وكذا بكل معصية و ذلك يجري‌ مجري اكتساب المال من فرق و كما لايجوز له أن يتملك مال غيره بتلبيس في عوض أوغيره فلايجوز له أن يتملك قلبه بتزوير وخداع فإن ملك القلوب أعظم من ملك الأموال

2- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدٍ عَن أَحمَدَ عَن سَعِيدِ بنِ جَنَاحٍ عَن أَخِيهِ أَبِي عَامِرٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن طَلَبَ الرّئَاسَةَ هَلَكَ

3- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُغِيرَةِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُسكَانَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِيّاكُم وَ هَؤُلَاءِ الرّؤَسَاءَ الّذِينَ يَتَرَأّسُونَ فَوَ اللّهِ مَا خَفَقَتِ النّعَالُ خَلفَ رَجُلٍ إِلّا هَلَكَ وَ أَهلَكَ

بيان قال الجوهري‌ رأس فلان القوم يرأس بالفتح رئاسة و هورئيسهم ورأسته أناترئيسا فترأس هو وارتأس عليهم و قال خفق الأرض بنعله و كل ضرب بشي‌ء عريض خفق أقول و هذاأيضا محمول علي الجماعة الذين كانوا في أعصار الأئمة ع ويدعون الرئاسة من غيراستحقاق أوتحذير عن تسويل النفس وتكبرها واستعلائها باتباع العوام ورجوعهم إليه فيهلك بذلك ويهلكهم بإضلالهم وإفتائهم بغير علم مع أن زلات علماء الجور مسرية إلي غيرهم لأن كل مايرون منهم يزعمون أنه حسن فيتبعونهم في ذلك كَمَا قَالَ النّبِيّص أَخَافُ عَلَي أمُتّيِ‌ زَلّةَ عَالِمٍ

4-كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدٍ عَن أَحمَدَ عَنِ ابنِ أَيّوبَ عَن أَبِي عَقِيلَةَ الصيّرفَيِ‌ّ قَالَ حَدّثَنَا كَرّامٌ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِيّاكَ وَ الرّئَاسَةَ وَ إِيّاكَ أَن تَطَأَ أَعقَابَ الرّجَالِ قَالَ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ


صفحه : 151

أَمّا الرّئَاسَةُ فَقَد عَرَفتُهَا وَ أَمّا أَن أَطَأَ أَعقَابَ الرّجَالِ فَمَا ثُلُثَا مَا فِي يدَيِ‌ إِلّا مِمّا وَطِئتُ أَعقَابَ الرّجَالِ فَقَالَ لِي لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ إِيّاكَ أَن تَنصِبَ رَجُلًا دُونَ الحُجّةِ فَتُصَدّقَهُ فِي كُلّ مَا قَالَ

بيان في بعض النسخ أبي عقيل و في بعضها أبي عقيلة والظاهر أنه كان أيوب بن أبي عقيلة لأن الشيخ ذكر في الفهرست الحسن بن أيوب بن أبي عقيلة و قال النجاشي‌ له كتاب أصل وكون كتابه أصلا عندي‌ مدح عظيم إلامما وطئت أعقاب الرجال أي مشيت خلفهم لأخذ الرواية عنهم فأجاب ع بأنه ليس الغرض النهي‌ عن ذلك بل الغرض النهي‌ عن جعل غيرالإمام المنصوب من قبل الله تعالي بحيث تصدقه في كل ما يقول وقيل وطء العقب كناية عن الاتباع في الفعال وتصديق المقال واكتفي في تفسيره بأحدهما لاستلزامه الآخر غالبا

5- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ بَزِيعٍ وَ غَيرِهِ رَفَعُوهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مَلعُونٌ مَن تَرَأّسَ مَلعُونٌ مَن هَمّ بِهَا مَلعُونٌ كُلّ مَن حَدّثَ بِهَا نَفسَهُ

بيان من ترأس أي ادعي الرئاسة بغير حق فإن التفعل غالبا يكون للتكلف

6- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن أَبِي الرّبِيعِ الشاّميِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ لِي وَيحَكَ يَا أَبَا الرّبِيعِ لَا تَطلُبَنّ الرّئَاسَةَ وَ لَا تَكُن ذَنَباً وَ لَا تَأكُل بِنَا النّاسَ فَيُفقِرَكَ اللّهُ وَ لَا تَقُل فِينَا مَا لَا نَقُولُ فِي أَنفُسِنَا فَإِنّكَ مَوقُوفٌ وَ مَسئُولٌ لَا مَحَالَةَ فَإِن كُنتَ صَادِقاً صَدّقنَاكَ وَ إِن كُنتَ كَاذِباً كَذّبنَاكَ


صفحه : 152

بيان و لاتكن ذنبا أي تابعا للجهال والمترئسين وعلماء السوء قال في النهاية الأذناب الأتباع جمع ذنب كأنهم في مقابل الرءوس وهم المقدمون و في بعض النسخ ذئبا بالهمزة فيكون تأكيدا للفقرة السابقة فإن رؤساء الباطل ذئاب يفترسون الناس ويهلكونهم من حيث لايعلمون و لاتأكل بنا الناس أي لاتجعل انتسابك إلينا بالتشيع أوالعلم أوالنسب مثلا وسيلة لأخذ أموال الناس أوإضرارهم أو لاتجعل وضع الأخبار فينا وسيلة لأخذ أموال الشيعة فيفقرك الله علي خلاف مقصودك . ما لانقول في أنفسنا كالربوبية والحلول والاتحاد ونسبة خلق العالم إليهم أوكونهم أفضل من نبيناص أوالأعم منها و من التقصير في حقهم فإنك موقوف أي يوم القيامة ومسئول عما قلت فينا لقوله تعالي وَ قِفُوهُم إِنّهُم مَسؤُلُونَ و في القاموس لامحالة منه بالفتح لابد

7- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن مَنصُورِ بنِ العَبّاسِ عَنِ ابنِ مَيّاحٍ عَن أَبِيهِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَن أَرَادَ الرّئَاسَةَ هَلَكَ

8- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَنِ العَلَاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ أَ ترَاَنيِ‌ لَا أَعرِفُ خِيَارَكُم مِن شِرَارِكُم بَلَي وَ اللّهِ وَ إِنّ شِرَارَكُم مَن أَحَبّ أَن يُوطَأَ عَقِبُهُ إِنّهُ لَا بُدّ مِن كَذّابٍ أَو عَاجِزِ الرأّي‌ِ

بيان أتري علي المعلوم أوالمجهول استفهام إنكار أنه لابد قيل الضمير اسم إن وراجع إلي أن يوطأ و لابد جملة معترضة و من كذاب خبر إن و من للابتداء أوالضمير للشأن و من كذاب ظرف لغو


صفحه : 153

متعلق بلا بد تقديره لابد لنا من كذاب وقيل أي لابد في الأرض من كذاب يطلب الرئاسة و من عاجز الرأي‌ يتبعه .أقول ويحتمل أن يكون الضمير راجعا إلي الموصول والتقدير لابد من أن يكون كذابا أوعاجز الرأي‌ لأن الناس يرجعون إليه في المسائل والأمور المشكلة فإن أجابهم كان كذابا غالبا و إن لم يجبهم كان ضعيف العقل عندهم أوواقفا لأنه لايتم ماأراد بذلك

9- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَعبَدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَوّلُ مَا عصُيِ‌َ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بِسِتّ خِصَالٍ حُبّ الدّنيَا وَ حُبّ الرّئَاسَةِ وَ حُبّ الطّعَامِ وَ حُبّ النّسَاءِ وَ حُبّ النّومِ وَ حُبّ الرّاحَةِ

10- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ الكوُفيِ‌ّ عَن حَسَنِ بنِ أَيّوبَ بنِ أَبِي عَقِيلَةَ عَن كَرّامٍ الخثَعمَيِ‌ّ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِيّاكَ وَ الرّئَاسَةَ وَ إِيّاكَ أَن تَطَأَ أَعقَابَ الرّجَالِ فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ أَمّا الرّئَاسَةُ فَقَد عَرَفتُهَا وَ أَمّا أَن أَطَأَ أَعقَابَ الرّجَالِ فَمَا ثُلُثَا مَا فِي يدَيِ‌ إِلّا مِمّا وَطِئتُ أَعقَابَ الرّجَالِ فَقَالَ لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ إِيّاكَ أَن تَنصِبَ رَجُلًا دُونَ الحُجّةِ فَتُصَدّقَهُ فِي كُلّ مَا قَالَ

11- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن أَخِيهِ سُفيَانَ بنِ خَالِدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِيّاكَ وَ الرّئَاسَةَ فَمَا طَلَبَهَا أَحَدٌ إِلّا هَلَكَ فَقُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ قَد هَلَكنَا إِذاً لَيسَ أَحَدٌ مِنّا إِلّا وَ هُوَ يُحِبّ أَن يُذكَرَ وَ يُقصَدَ وَ يُؤخَذَ عَنهُ فَقَالَ لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ إِلَيهِ إِنّمَا ذَلِكَ أَن تَنصِبَ رَجُلًا دُونَ الحُجّةِ فَتُصَدّقَهُ فِي كُلّ مَا قَالَ وَ تَدعُوَ النّاسَ إِلَي قَولِهِ


صفحه : 154

12- ضا،[فقه الرضا عليه السلام ]نرَويِ‌ مَن طَلَبَ الرّئَاسَةَ لِنَفسِهِ هَلَكَ فَإِنّ الرّئَاسَةَ لَا تَصلُحُ إِلّا لِأَهلِهَا

13- كش ،[رجال الكشي‌] عَنِ ابنِ قُولَوَيهِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الأهَواَزيِ‌ّ عَن مُعَمّرِ بنِ خَلّادٍ قَالَ قَالَ أَبُو الحَسَنِ ع مَا ذِئبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَد غَابَ عَنهَا رِعَاؤُهَا بِأَضَرّ فِي دِينِ المُسلِمِ مِن حُبّ الرّئَاسَةِ ثُمّ قَالَ لَكِنّ صَفوَانَ لَا يُحِبّ الرّئَاسَةَ

باب 521-الغفلة واللهو وكثرة الفرح والإتراف بالنعم

الآيات الأعراف وَ لا تَكُن مِنَ الغافِلِينَيونس وَ الّذِينَ هُم عَن آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأواهُمُ النّارُ بِما كانُوا يَكسِبُونَ و قال تعالي وَ إِنّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ عَن آياتِنا لَغافِلُونَهودوَ اتّبَعَ الّذِينَ ظَلَمُوا ما أُترِفُوا فِيهِ وَ كانُوا مُجرِمِينَأسري وَ إِذا أَرَدنا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنا مُترَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمّرناها تَدمِيراًمريم وَ أَنذِرهُم يَومَ الحَسرَةِ إِذ قضُيِ‌َ الأَمرُ وَ هُم فِي غَفلَةٍ وَ هُم لا يُؤمِنُونَالأنبياءاقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم وَ هُم فِي غَفلَةٍ مُعرِضُونَ ما يَأتِيهِم مِن

ذِكرٍ مِن رَبّهِم مُحدَثٍ إِلّا استَمَعُوهُ وَ هُم يَلعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُم و قال تعالي لا تَركُضُوا وَ ارجِعُوا إِلي ما أُترِفتُم فِيهِ وَ مَساكِنِكُم لَعَلّكُم تُسئَلُونَ و قال يا وَيلَنا قَد كُنّا فِي غَفلَةٍ مِن هذا بَل كُنّا ظالِمِينَالمؤمنون حَتّي إِذا أَخَذنا مُترَفِيهِم بِالعَذابِ إِذا هُم يَجأَرُونَ لا تَجأَرُوا اليَومَ إِنّكُم مِنّا لا تُنصَرُونَالقصص وَ كَم أَهلَكنا مِن قَريَةٍ بَطِرَت مَعِيشَتَها فَتِلكَ مَساكِنُهُم لَم تُسكَن مِن بَعدِهِم إِلّا قَلِيلًا وَ كُنّا نَحنُ الوارِثِينَ و قال تعالي إِذ قالَ لَهُ قَومُهُ لا تَفرَح إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ وَ ابتَغِ فِيما آتاكَ اللّهُ الدّارَ الآخِرَةَ وَ لا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنياالروم وَ إِذا أَذَقنَا النّاسَ رَحمَةً فَرِحُوا بِهاسبأوَ ما أَرسَلنا فِي قَريَةٍ مِن نَذِيرٍ إِلّا قالَ مُترَفُوها إِنّا بِما أُرسِلتُم بِهِ كافِرُونَ وَ قالُوا نَحنُ أَكثَرُ أَموالًا وَ أَولاداً وَ ما نَحنُ بِمُعَذّبِينَ إلي قوله تعالي وَ كَذّبَ الّذِينَ مِن قَبلِهِم وَ ما بَلَغُوا مِعشارَ ما آتَيناهُم فَكَذّبُوا رسُلُيِ‌ فَكَيفَ كانَ نَكِيرِالمؤمن ذلِكُم بِما كُنتُم تَفرَحُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقّ وَ بِما كُنتُم تَمرَحُونَحمعسق وَ إِنّا إِذا أَذَقنَا الإِنسانَ مِنّا رَحمَةً فَرِحَ بِها وَ إِن تُصِبهُم سَيّئَةٌ

بِما قَدّمَت أَيدِيهِم فَإِنّ الإِنسانَ كَفُورٌالزخرف وَ كَذلِكَ ما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ فِي قَريَةٍ مِن نَذِيرٍ إِلّا قالَ مُترَفُوها إِنّا وَجَدنا آباءَنا عَلي أُمّةٍ وَ إِنّا عَلي آثارِهِم مُقتَدُونَ و قال تعالي وَ مَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرّحمنِ نُقَيّض لَهُ شَيطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَ إِنّهُم لَيَصُدّونَهُم عَنِ السّبِيلِ وَ يَحسَبُونَ أَنّهُم مُهتَدُونَ حَتّي إِذا جاءَنا قالَ يا لَيتَ بيَنيِ‌ وَ بَينَكَ بُعدَ المَشرِقَينِ فَبِئسَ القَرِينُ وَ لَن يَنفَعَكُمُ اليَومَ إِذ ظَلَمتُم أَنّكُم فِي العَذابِ مُشتَرِكُونَ و قال تعالي فَذَرهُم يَخُوضُوا وَ يَلعَبُوا حَتّي يُلاقُوا يَومَهُمُ ألّذِي يُوعَدُونَالذاريات قُتِلَ الخَرّاصُونَ الّذِينَ هُم فِي غَمرَةٍ ساهُونَالواقعةإِنّهُم كانُوا قَبلَ ذلِكَ مُترَفِينَالحديدلِكَيلا تَأسَوا عَلي ما فاتَكُم وَ لا تَفرَحُوا بِما آتاكُمالمجادلةاستَحوَذَ عَلَيهِمُ الشّيطانُ فَأَنساهُم ذِكرَ اللّهِ أُولئِكَ حِزبُ الشّيطانِ أَلا إِنّ حِزبَ الشّيطانِ هُمُ الخاسِرُونَالحشروَ لا تَكُونُوا كَالّذِينَ نَسُوا اللّهَ فَأَنساهُم أَنفُسَهُم أُولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَالمنافقون يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تُلهِكُم أَموالُكُم وَ لا أَولادُكُم عَن ذِكرِ اللّهِ وَ مَن يَفعَل ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الخاسِرُونَالمزمل وَ ذرَنيِ‌ وَ المُكَذّبِينَ أوُليِ‌ النّعمَةِ وَ مَهّلهُم قَلِيلًا


صفحه : 157

1- ل ،[الخصال ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] قَالَ الصّادِقُ ع إِن كَانَ الشّيطَانُ عَدُوّاً فَالغَفلَةُ لِمَا ذَا وَ إِن كَانَ المَوتُ حَقّاً فَالفَرَحُ لِمَا ذَا

2- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ ابنِ الصّلتِ عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الحسَنَيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَلِيّ عَنِ الرّضَا ع عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ كُلّ مَا أَلهَي عَن ذِكرِ اللّهِ فَهُوَ مِنَ المَيسِرِ

3- دَعَوَاتُ الراّونَديِ‌ّ، عَنِ النّبِيّص إِنّ مِنَ الذّنُوبِ ذُنُوباً لَا يُكَفّرُهَا صَلَاةٌ وَ لَا صَدَقَةٌ قِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِص فَمَا يُكَفّرُهَا قَالَ الهُمُومُ فِي طَلَبِ المَعِيشَةِ

وَ روُيِ‌َ أَنّ دَاوُدَ ع قَالَ إلِهَيِ‌ أمَرَتنَيِ‌ أَن أُطَهّرَ وجَهيِ‌ وَ بدَنَيِ‌ وَ رجِليِ‌ بِالمَاءِ فَبِمَا ذَا أُطَهّرُ لَكَ قلَبيِ‌ قَالَ بِالهُمُومِ وَ الغُمُومِ

وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّهُ ليَأَتيِ‌ عَلَي الرّجُلِ مِنكُم زَمَانٌ لَا يُكتَبُ عَلَيهِ سَيّئَةٌ وَ ذَلِكَ أَنّهُ مُبتَلًي بِهَمّ المَعَاشِ وَ قَالَ إِنّ اللّهَ يُحِبّ كُلّ قَلبٍ حَزِينٍ وَ سُئِلَ أَينَ اللّهُ فَقَالَ عِندَ المُنكَسِرَةِ قُلُوبُهُم

وَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ الهَمّ لَيَذهَبُ بِذُنُوبِ المُسلِمِ

وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا اكتَحَلَ أَحَدٌ بِمِثلِ مَكحُولِ الحُزنِ

وَ قَالَ النّبِيّص إِذَا كَثُرَت ذُنُوبُ المُؤمِنِ وَ لَم يَكُن لَهُ مِنَ العَمَلِ مَا يُكَفّرُهَا ابتَلَاهُ اللّهُ بِالحُزنِ لِيُكَفّرَهَا بِهِ عَنهُ

4- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع بَينَكُم وَ بَينَ المَوعِظَةِ حِجَابٌ مِنَ الغِرّةِ

وَ قَالَ ع جَاهِلُكُم مُزدَادٌ وَ عَالِمُكُم مُسَوّفٌ


صفحه : 158

وَ قَالَ ع قَطَعَ العِلمُ عُذرَ المُتَعَلّلِينَ

وَ قَالَ ع كُلّ مُعَاجَلٍ يَسأَلُ الإِنظَارَ وَ كُلّ مُؤَجّلٍ يَتَعَلّلُ بِالتّسوِيفِ

باب 621-ذم العشق وعلته

1- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الحَسَنِ بنِ مَتّيلٍ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ العِشقِ قَالَ قُلُوبٌ خَلَت عَن ذِكرِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ حُبّ غَيرِهِ

ع ،[علل الشرائع ] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ مِثلَهُ

2- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِإِسنَادِ التمّيِميِ‌ّ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ النّبِيّص تَعَوّذُوا بِاللّهِ مِن حُبّ الحُزنِ

3- نَوَادِرُ الراّونَديِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ أَخوَفَ مَا أَتَخَوّفُ عَلَي أمُتّيِ‌ مِن بعَديِ‌ هَذِهِ المَكَاسِبُ المُحَرّمَةُ وَ الشّهوَةُ الخَفِيّةُ وَ الرّبَا


صفحه : 159

باب 721-الكسل والضجر والعجز وطلب ما لايدرك

1- ل ،[الخصال ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] قَالَ الصّادِقُ ع إِن كَانَ الثّوَابُ مِنَ اللّهِ فَالكَسَلُ لِمَا ذَا

2- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَنِ الدّهقَانِ عَن دُرُستَ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِيّاكَ وَ خَصلَتَينِ الضّجَرَ وَ الكَسَلَ فَإِنّكَ إِن ضَجِرتَ لَم تَصبِر عَلَي حَقّ وَ إِن كَسِلتَ لَم تُؤَدّ حَقّاً

3- ل ،[الخصال ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَمّادٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ لُقمَانُ لِابنِهِ لِلكَسلَانِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَتَوَانَي حَتّي يُفَرّطَ وَ يُفَرّطُ حَتّي يُضَيّعَ وَ يُضَيّعُ حَتّي يَأثَمَ

4- ل ،[الخصال ]الأَربَعُمِائَةِ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِيّاكُم وَ الكَسَلَ فَإِنّهُ مَن كَسِلَ لَم يُؤَدّ حَقّ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ

5- ل ،[الخصال ] عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ العَجزُ مَهَانَةٌ

6- ل ،[الخصال ] عَنِ العَطّارِ عَن أَبِيهِ وَ سَعدٍ مَعاً عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي عُثمَانَ عَن مُوسَي بنِ بَكرٍ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَشَرَةٌ يَفتَنُونَ أَنفُسَهُم إِلَي أَن قَالَ وَ ألّذِي يَطلُبُ مَا لَا يُدرِكُ


صفحه : 160

7- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع العَجزُ آفَةٌ وَ الصّبرُ شَجَاعَةٌ

وَ قَالَ ع مَن أَطَاعَ التوّاَنيِ‌َ ضَيّعَ الحُقُوقَ وَ مَن أَطَاعَ الواَشيِ‌َ ضَيّعَ الصّدِيقَ

وَ قَالَ ع فِي وَصِيّتِهِ لِلحَسَنِ ع وَ إِيّاكَ وَ الِاتّكَالَ عَلَي المُنَي فَإِنّهَا بَضَائِعُ النّوكَي

باب 821-الحرص وطول الأمل

الآيات المعارج إِنّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسّهُ الشّرّ جَزُوعاًالقيامةبَل يُرِيدُ الإِنسانُ لِيَفجُرَ أَمامَهُ يَسئَلُ أَيّانَ يَومُ القِيامَةِ

1- ل ،[الخصال ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع إِن كَانَ الرّزقُ مَقسُوماً فَالحِرصُ لِمَا ذَا

2- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ قَالَ النّبِيّص أَغنَي النّاسِ مَن لَم يَكُن لِلحِرصِ أَسِيراً

3-ل ،[الخصال ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع نَاقِلًا عَن حَكِيمٍ الحَرِيصِ الجَشِعُ أَشَدّ


صفحه : 161

حَرَارَةً مِنَ النّارِ

كِتَابُ الغَايَاتِ،مُرسَلًا مِثلَهُ

4- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] فِي خَبَرِ الشّيخِ الشاّميِ‌ّ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَيّ ذُلّ أَذَلّ قَالَ الحِرصُ عَلَي الدّنيَا

كِتَابُ الغَايَاتِ،مُرسَلًا مِثلَهُ

5- ل ،[الخصال ]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ رَفَعُوهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ مَنهُومَانِ لَا يَشبَعَانِ مَنهُومُ عِلمٍ وَ مَنهُومُ مَالٍ

6- ل ،[الخصال ] عَنِ الفاَميِ‌ّ عَنِ ابنِ بُطّةَ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ حُرِمَ الحَرِيصُ خَصلَتَينِ وَ لَزِمَتهُ خَصلَتَانِ حُرِمَ القَنَاعَةَ فَافتَقَدَ الرّاحَةَ وَ حُرِمَ الرّضَا فَافتَقَدَ اليَقِينَ

7- ل ،[الخصال ] ابنُ بُندَارَ عَن سَعِيدِ بنِ أَحمَدَ عَن يَحيَي بنِ الفَضلِ عَن قُتَيبَةَ بنِ سَعِيدٍ عَن أَبِي عَوَانَةَ عَن قَتَادَةَ عَن أَنَسٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ يَهرَمُ ابنُ آدَمَ وَ يَشِبّ مِنهُ اثنَانِ الحِرصُ عَلَي المَالِ وَ الحِرصُ عَلَي العُمُرِ

8- ل ،[الخصال ] عَنِ الخَلِيلِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُعَاذٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُبَارَكِ عَن شُعبَةَ عَن قَتَادَةَ عَن أَنَسٍ أَنّ النّبِيّص قَالَ يَهلِكُ أَو قَالَ يَهرَمُ ابنُ آدَمَ وَ يَبقَي مِنهُ اثنَتَانِ الحِرصُ وَ الأَمَلُ

9-ل ،[الخصال ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ النّضرِ بنِ شُعَيبٍ عَنِ الجاَزيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ لَا يُؤمِنُ رَجُلٌ فِيهِ الشّحّ وَ الحَسَدُ وَ الجُبنُ


صفحه : 162

وَ لَا يَكُونُ المُؤمِنُ جَبَاناً وَ لَا حَرِيصاً وَ لَا شَحِيحاً

10- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَرّارٍ عَن يُونُسَ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ فِيمَا أَوصَي بِهِ رَسُولُ اللّهِص عَلِيّاً ع يَا عَلِيّ أَنهَاكَ عَن ثَلَاثِ خِصَالٍ عِظَامٍ الحَسَدِ وَ الحِرصِ وَ الكَذِبِ

ل ،[الخصال ] فِي وَصِيّةِ النّبِيّص إِلَي عَلِيّ ع بِسَنَدٍ آخَرَ مِثلَهُ

11- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ ع عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مِن عَلَامَاتِ الشّقَاءِ جُمُودُ العَينِ وَ قَسوَةُ القَلبِ وَ شِدّةُ الحِرصِ فِي طَلَبِ الرّزقِ وَ الإِصرَارُ عَلَي الذّنبِ

12- ل ،[الخصال ] عَن سَعِيدِ بنِ عِلَاقَةَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ إِظهَارُ الحِرصِ يُورِثُ الفَقرَ

13- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ الحِرصُ مَفقَرَةٌ

14- ع ،[علل الشرائع ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ آدَمَ عَن أَبِيهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص اعلَم يَا عَلِيّ أَنّ الجُبنَ وَ البُخلَ وَ الحِرصَ غَرِيزَةٌ وَاحِدَةٌ يَجمَعُهَا سُوءُ الظّنّ

15- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ رَفَعَهُ إِلَي ابنِ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ عَنِ الحَارِثِ الأَعوَرِ قَالَ كَانَ فِيمَا سَأَلَ عَنهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ابنَهُ الحَسَنَ ع


صفحه : 163

أَنّهُ قَالَ لَهُ مَا الفَقرُ قَالَ الحِرصُ وَ الشّرَهُ

16- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن أَبِيهِ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ أُذَينَةَ عَن أَبَانِ بنِ أَبِي عَيّاشٍ عَن سُلَيمِ بنِ قَيسٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ أَلَا إِنّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُم خَصلَتَانِ اتّبَاعُ الهَوَي وَ طُولُ الأَمَلِ أَمّا اتّبَاعُ الهَوَي فَيَصُدّ عَنِ الحَقّ وَ أَمّا طُولُ الأَمَلِ فيَنُسيِ‌ الآخِرَةَ

ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ بُندَارَ عَن أَبِي العَبّاسِ الحمَاّديِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ الشاّفعِيِ‌ّ عَن عَمّهِ اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي عَلِيّ اللهّبَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ المُنكَدِرِ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ النّبِيّص مِثلَهُ

أقول قدمر في باب ذم الدنيا و باب ترك الأهواء

17- ل ،[الخصال ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن عُمَرَ عَن أَبَانٍ عَنِ ابنِ سَيَابَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَمّا هَبَطَ نُوحٌ ع مِنَ السّفِينَةِ أَتَاهُ إِبلِيسُ فَقَالَ لَهُ مَا فِي الأَرضِ رَجُلٌ أَعظَمَ مِنهُ عَلَيّ مِنكَ دَعَوتَ اللّهَ عَلَي هَؤُلَاءِ الفُسّاقِ فأَرَحَتنَيِ‌ مِنهُم أَ لَا أُعَلّمُكَ خَصلَتَينِ إِيّاكَ وَ الحَسَدَ فَهُوَ ألّذِي عَمِلَ بيِ‌ مَا عَمِلَ وَ إِيّاكَ وَ الحِرصَ فَهُوَ ألّذِي عَمِلَ بِآدَمَ مَا عَمِلَ

18- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن سَهلٍ عَن عَبدِ العَزِيزِ العبَديِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَن تَعَلّقَ قَلبُهُ بِالدّنيَا تَعَلّقَ مِنهَا بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمّ لَا يَفنَي وَ أَمَلٍ لَا يُدرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا يُنَالُ

19-ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ هَمّامٍ عَنِ ابنِ غَزوَانَ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع


صفحه : 164

قَالَ مَن أَطَالَ أَمَلَهُ سَاءَ عَمَلُهُ

20- ل ،[الخصال ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأسَدَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ العاَمرِيِ‌ّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عِيسَي السدّوُسيِ‌ّ عَن سُلَيمَانَ بنِ عَمرٍو عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ عَن أُمّهِ فَاطِمَةَ بِنتِ الحُسَينِ عَن أَبِيهَا ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ صَلَاحَ أَوّلِ هَذِهِ الأُمّةِ بِالزّهدِ وَ اليَقِينِ وَ هَلَاكَ آخِرِهَا بِالشّحّ وَ الأَمَلِ

21- ل ،[الخصال ] فِي وَصِيّةِ النّبِيّص إِلَي عَلِيّ يَا عَلِيّ أَربَعُ خِصَالٍ مِنَ الشّقَاءِ جُمُودُ العَينِ وَ قَسَاوَةُ القَلبِ وَ بُعدُ الأَمَلِ وَ حُبّ البَقَاءِ

22- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِالأَسَانِيدِ الثّلَاثَةِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ لَو رَأَي العَبدُ أَجَلَهُ وَ سُرعَتَهُ إِلَيهِ لَأَبغَضَ الأَمَلَ وَ تَرَكَ طَلَبَ الدّنيَا

23- جا،[المجالس للمفيد] ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ المُفِيدِ عَن عُمَرَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَهرَوَيهِ عَن دَاوُدَ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع مِثلَهُ

صح ،[صحيفة الرضا عليه السلام ] عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع مِثلَهُ

24- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] فِيمَا أَوصَي بِهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عِندَ وَفَاتِهِ قَصّرِ الأَمَلَ وَ اذكُرِ المَوتَ وَ ازهَد فِي الدّنيَا فَإِنّكَ رَهنُ مَوتٍ وَ غَرَضُ بَلَاءٍ وَ صَرِيعُ سُقمٍ

25- ع ،[علل الشرائع ] عَنِ الحَسَنِ بنِ أَحمَدَ عَن أَبِيهِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ


صفحه : 165

عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مِهزَمٍ قَالَ وُجِدَ فِي زَمَنِ وَهبِ بنِ مُنَبّهٍ حَجَرٌ فِيهِ كِتَابٌ بِغَيرِ العَرَبِيّةِ فَطُلِبَ مَن يَقرَؤُهُ فَلَم يُوجَد حَتّي أتُيِ‌َ بِهِ ابنَ مُنَبّهٍ وَ كَانَ صَاحِبَ كُتُبٍ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ يَا ابنَ آدَمَ لَو رَأَيتَ قِصَرَ مَا بقَيِ‌َ مِن أَجَلِكَ لَزَهِدتَ فِي طُولِ مَا تَرجُو مِن أَمَلِكَ وَ لَقَلّ حِرصُكَ وَ طَلَبُكَ وَ رَغِبتَ فِي الزّيَادَةِ فِي عَمَلِكَ فَإِنّكَ إِنّمَا تَلَقّي يَومَكَ لَو قَد زَلّت قَدَمُكَ فَلَا أَنتَ إِلَي أَهلِكَ بِرَاجِعٍ وَ لَا فِي عَمَلِكَ بِزَائِدٍ فَاعمَل لِيَومِ القِيَامَةِ قَبلَ الحَسرَةِ وَ النّدَامَةِ

26- مص ،[مصباح الشريعة] قَالَ الصّادِقُ ع لَا تَحرِص عَلَي شَيءٍ لَو تَرَكتَهُ لَوَصَلَ إِلَيكَ وَ كُنتَ عِندَ اللّهِ مُستَرِيحاً مَحمُوداً بِتَركِهِ وَ مَذمُوماً بِاستِعجَالِكَ فِي طَلَبِهِ وَ تَركِ التّوَكّلِ عَلَيهِ وَ الرّضَا بِالقِسمِ فَإِنّ الدّنيَا خَلَقَهَا اللّهُ تَعَالَي بِمَنزِلَةِ ظِلّكَ إِن طَلِبتَهُ أَتعَبَكَ وَ لَا تَلحَقهُ أَبَداً وَ إِن تَرَكتَهُ تَبِعَكَ وَ أَنتَ مُستَرِيحٌ

وَ قَالَ النّبِيّص الحَرِيصُ مَحرُومٌ وَ هُوَ مَعَ حِرمَانِهِ مَذمُومٌ فِي أَيّ شَيءٍ كَانَ وَ كَيفَ لَا يَكُونُ مَحرُوماً وَ قَد فَرّ مِن وَثَاقِ اللّهِ وَ خَالَفَ قَولَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ حَيثُ يَقُولُ اللّهُألّذِي خَلَقَكُم ثُمّ رَزَقَكُم ثُمّ يُمِيتُكُم ثُمّ يُحيِيكُم وَ الحَرِيصُ بَينَ سَبعِ آفَاتٍ صَعبَةٍ فِكرٍ يَضُرّ بَدَنَهُ وَ لَا يَنفَعُهُ وَ هَمّ لَا يَتِمّ لَهُ أَقصَاهُ وَ تَعَبٍ لَا يَستَرِيحُ مِنهُ إِلّا عِندَ المَوتِ وَ يَكُونُ عِندَ الرّاحَةِ أَشَدّ تَعَباً وَ خَوفٍ لَا يُورِثُهُ إِلّا الوُقُوعَ فِيهِ وَ حُزنٍ قَد كَدِرَ عَلَيهِ عَيشُهُ بِلَا فَائِدَةٍ وَ حِسَابٍ لَا يُخَلّصُهُ مِن عَذَابِ اللّهِ إِلّا أَن يَعفُوَ اللّهُ عَنهُ وَ عِقَابٍ لَا مَفَرّ لَهُ مِنهُ وَ لَا حِيلَةَ وَ المُتَوَكّلُ عَلَي اللّهِ يمُسيِ‌ وَ يُصبِحُ فِي كَنَفِهِ وَ هُوَ مِنهُ فِي عَافِيَةٍ وَ قَد عَجّلَ لَهُ كِفَايَتَهُ وَ هُيّئَ لَهُ مِنَ الدّرَجَاتِ مَا اللّهُ بِهِ عَلِيمٌ وَ الحِرصُ مَا يجَريِ‌ فِي مَنَافِذِ غَضَبِ اللّهِ وَ مَا لَم يُحرَمِ العَبدُ اليَقِينَ لَا يَكُونُ


صفحه : 166

حَرِيصاً وَ اليَقِينُ أَرضُ الإِسلَامِ وَ سَمَاءُ الإِيمَانِ

27- ضه ،[روضة الواعظين ]روُيِ‌َ أَنّ أُسَامَةَ بنَ زَيدٍ اشتَرَي وَلِيدَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَي شَهرٍ فَسَمِعَ رَسُولَ اللّهِص فَقَالَ لَا تَعجَبُونَ مِن أُسَامَةَ المشُترَيِ‌ إِلَي شَهرٍ إِنّ أُسَامَةَ لَطَوِيلُ الأَمَلِ وَ ألّذِي نَفسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ مَا طَرَفتُ عيَناَي‌َ إِلّا ظَنَنتُ أَنّ شفُريَ‌ّ لَا يَلتَقِيَانِ حَتّي يَقبِضَ اللّهُ روُحيِ‌ وَ لَا رَفَعتُ طرَفيِ‌ وَ ظَنَنتُ أنَيّ‌ خَافِضَةٌ حَتّي أُقبَضَ وَ لَا تَلَقّمتُ لُقمَةً إِلّا ظَنَنتُ أنَيّ‌ لَا أُسِيغُهَا حَتّي أَغُصّ بِهَا مِنَ المَوتِ ثُمّ قَالَ يَا بنَيِ‌ آدَمَ إِن كُنتُم تَعقِلُونَ فَعُدّوا أَنفُسَكُم مِنَ المَوتَي وَ ألّذِي نفَسيِ‌ بِيَدِهِإِنّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَ ما أَنتُم بِمُعجِزِينَ

28- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَن فَضَالَةَ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيّ ع مَا أَنزَلَ المَوتَ حَقّ مَنزِلَتِهِ مَن عَدّ غَداً مِن أَجَلِهِ

وَ قَالَ عَلِيّ ع مَا أَطَالَ عَبدٌ الأَمَلَ إِلّا أَسَاءَ العَمَلَ

وَ كَانَ ع يَقُولُ لَو رَأَي العَبدُ أَجَلَهُ وَ سُرعَتَهُ إِلَيهِ لَأَبغَضَ الأَمَلَ وَ طَلَبَ الدّنيَا

29- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع مَن جَرَي فِي عِنَان أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ

وَ قَالَ ع أَشرَفُ الغِنَي تَركُ المُنَي

وَ قَالَ ع مَن أَطَالَ الأَمَلَ أَسَاءَ العَمَلَ

وَ قَالَ ع كَم مِن أَكلَةٍ تَمنَعُ أَكَلَاتٍ


صفحه : 167

وَ قَالَ ع لَو رَأَي العَبدُ الأَجَلَ وَ مَسِيرَهُ لَأَبغَضَ الأَمَلَ وَ غُرُورَهُ

30- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِ‌ّ رَفَعَهُ عَن يَحيَي بنِ سَعِيدٍ عَن أَبِيهِ قَالَ خَطَبَ عَلِيّ ع فَقَالَ إِنّمَا أَهلَكَ النّاسَ خَصلَتَانِ هُمَا أَهلَكَتَا مَن كَانَ قَبلَكُم وَ هُمَا مُهلِكَتَانِ مَن يَكُونُ بَعدَكُم أَمَلٌ ينُسيِ‌ الآخِرَةَ وَ هَوًي يُضِلّ عَنِ السّبِيلِ ثُمّ نَزَلَ

31- كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ، قَالَ اللّهُ تَعَالَي يَا ابنَ آدَمَ فِي كُلّ يَومٍ تُؤتَي بِرِزقِكَ وَ أَنتَ تَحزَنُ وَ يَنقُصُ مِن عُمُرِكَ وَ أَنتَ لَا تَحزَنُ تَطلُبُ مَا يُطغِيكَ وَ عِندَكَ مَا يَكفِيكَ

وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن كَانَ يَأمُلُ أَن يَعِيشَ غَداً فَإِنّهُ يَأمُلُ أَن يَعِيشَ أَبَداً

وَ عَنِ المُفِيدِ عَنِ ابنِ قُولَوَيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَسعُودٍ عَن أَبِيهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَن أَيقَنَ أَنّهُ يُفَارِقُ الأَحبَابَ وَ يَسكُنُ التّرَابَ وَ يُوَاجِهُ الحِسَابَ وَ يسَتغَنيِ‌ عَمّا خَلَفَ وَ يَفتَقِرُ إِلَي مَا قَدّمَ كَانَ حَرِيّاً بِقَصرِ الأَمَلِ وَ طُولِ العَمَلِ

وَ روُيِ‌َ أَنّهُ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَنِ الحِرصِ مَا هُوَ قَالَ هُوَ طَلَبُ القَلِيلِ بِإِضَاعَةِ الكَثِيرِ


صفحه : 168

باب 921-الطمع والتذلل لأهل الدنيا طلبا لما في أيديهم وفضل القناعة

1- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ قَالَ النّبِيّص أَفقَرُ النّاسِ الطّمِعُ

2- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الراّزيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ سُلَيمَانَ بنِ رُشَيدٍ عَن مُوسَي بنِ سَلّامٍ عَن أَبَانِ بنِ سُوَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ مَا ألّذِي يُثبِتُ الإِيمَانَ فِي العَبدِ قَالَ ألّذِي يُثبِتُهُ فِيهِ الوَرَعُ وَ ألّذِي يُخرِجُهُ مِنهُ الطّمَعُ

أقول قدمضي في باب صفات شرار العباد

3- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَمّادٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِن أَرَدتَ أَن تَقَرّ عَينُكَ وَ تَنَالَ خَيرَ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ فَاقطَعِ الطّمَعَ عَمّا فِي أيَديِ‌ النّاسِ وَ عُدّ نَفسَكَ فِي المَوتَي وَ لَا تُحَدّثَنّ نَفسَكَ أَنّكَ فَوقَ أَحَدٍ مِنَ النّاسِ وَ اخزُن لِسَانَكَ كَمَا تَخزُنُ مَالَكَ

4- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَن جَمَاعَةٍ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ سَهلٍ عَن مُوسَي بنِ عُمَرَ بنِ يَزِيدَ عَن مُعَمّرِ بنِ خَلّادٍ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ جَاءَ أَبُو أَيّوبَ خَالِدُ بنُ زَيدٍ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أوَصنِيِ‌ وَ أَقلِل لعَلَيّ‌ أَن أَحفَظَ قَالَ أُوصِيكَ بِخَمسٍ بِاليَأسِ عَمّا فِي أيَديِ‌ النّاسِ فَإِنّهُ الغِنَي وَ إِيّاكَ وَ الطّمَعَ فَإِنّهُ الفَقرُ الحَاضِرُ وَ صَلّ صَلَاةَ مُوَدّعٍ وَ إِيّاكَ وَ مَا يُعتَذَرُ مِنهُ وَ أَحِبّ لِأَخِيكَ مَا تُحِبّ لِنَفسِكَ


صفحه : 169

5- فس ،[تفسير القمي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن مُحَمّدِ بنِ سَيّارٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَتَي ذَا مَيسَرَةٍ فَتَخَشّعَ لَهُ طَلَبَ مَا فِي يَدَيهِ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ ثُمّ قَالَ وَ لَا تَعجَل وَ لَيسَ يَكُونُ الرّجُلُ يَنَالُ مِنَ الرّجُلِ المُرفِقِ فَيُجِلّهُ وَ يُوَقّرَهُ فَقَد يَجِبُ ذَلِكَ لَهُ عَلَيهِ وَ لَكِن تَرَاهُ أَنّهُ يُرِيدُ بِتَخَشّعِهِ مَا عِندَ اللّهِ أَو يُرِيدُ أَن يَختِلَهُ عَمّا فِي يَدَيهِ

6- مص ،[مصباح الشريعة] قَالَ الصّادِقُ ع بلَغَنَيِ‌ أَنّهُ سُئِلَ كَعبُ الأَحبَارِ مَا الأَصلَحُ فِي الدّينِ وَ مَا الأَفسَدُ فَقَالَ الأَصلَحُ الوَرَعُ وَ الأَفسَدُ الطّمَعُ فَقَالَ لَهُ السّائِلُ صَدَقتَ يَا كَعبَ الأَحبَارِ وَ الطّمَعُ خَمرُ الشّيطَانِ يسَتقَيِ‌ بِيَدِهِ لِخَوَاصّهِ فَمَن سَكِرَ مِنهُ لَا يَصحُو إِلّا فِي أَلِيمِ عَذَابِ اللّهِ أَو مُجَاوَرَةِ سَاقِيهِ وَ لَو لَم يَكُن فِي الطّمَعِ إِلّا مُشَارَاةُ الدّينِ بِالدّنيَا كَانَ عَظِيماً قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّأُولئِكَ الّذِينَ اشتَرَوُا الضّلالَةَ بِالهُدي وَ العَذابَ بِالمَغفِرَةِ فَما أَصبَرَهُم عَلَي النّارِ

وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ ع تَفَضّل عَلَي مَن شِئتَ فَأَنتَ أَمِيرُهُ وَ استَغنِ عَمّن شِئتَ فَأَنتَ نَظِيرُهُ وَ افتَقِر إِلَي مَن شِئتَ فَأَنتَ أَسِيرُهُ وَ الطّمِعُ مَنزُوعٌ عَنهُ الإِيمَانُ وَ هُوَ لَا يَشعُرُ لِأَنّ الإِيمَانَ يَحجُبُ بَينَ العَبدِ وَ بَينَ الطّمَعِ مِنَ الخَلقِ وَ يَقُولُ يَا صاَحبِيِ‌ خَزَائِنُ اللّهِ مَملُوّةٌ مِنَ الكَرَامَاتِ وَ هُوَ لَا يُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلًا وَ مَا فِي أيَديِ‌ النّاسِ فَإِنّهُ مَشُوبٌ بِالعِلَلِ وَ يَرُدّهُ إِلَي التّوَكّلِ وَ القَنَاعَةِ وَ قَصرِ الأَمَلِ وَ لُزُومِ الطّاعَةِ وَ اليَأسِ مِنَ الخَلقِ فَإِن فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ وَ إِن لَم يَفعَل ذَلِكَ تَرَكَهُ مَعَ شُؤمِ الطّمَعِ وَ فَارَقَهُ

7-نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع أَزرَي بِنَفسِهِ مَنِ استَشعَرَ الطّمَعَ وَ رضَيِ‌َ بِالذّلّ مَن


صفحه : 170

كَشَفَ عَن ضُرّهِ

وَ قَالَ ع وَ الطّمَعُ رِقّ مُؤَبّدٌ

وَ قَالَ ع أَكثَرُ مَصَارِعِ العُقُولِ تَحتَ بُرُوقِ المَطَامِعِ

وَ قَالَ ع الطّامِعُ فِي وِثَاقِ الذّلّ

وَ قَالَ ع مَن أَتَي غَنِيّاً فَتَوَاضَعَ لِغِنَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ

وَ قَالَ ع إِنّ الطّمَعَ مُورِدٌ غَيرُ مُصدِرٍ وَ ضَامِنٌ غَيرُ وفَيِ‌ّ وَ رُبّمَا شَرِقَ شَارِبُ المَاءِ قَبلَ رَيّهِ فَكُلّمَا عَظُمَ قَدرُ الشيّ‌ءِ المُتَنَافَسِ فِيهِ عَظُمَتِ الرّزِيّةُ لِفَقدِهِ وَ الأمَاَنيِ‌ّ تعُميِ‌ أَعيُنَ البَصَائِرِ وَ الحَظّ يأَتيِ‌ مَن لَا يَأتِيهِ

وَ قَالَ ع فِي وَصِيّتِهِ لِلحَسَنِ ع اليَأسُ خَيرٌ مِنَ الطّلَبِ إِلَي النّاسِ مَا أَقبَحَ الخُضُوعَ عِندَ الحَاجَةِ وَ الجَفَاءَ عِندَ الغَنَاءِ

8- صِفَاتُ الشّيعَةِ،لِلصّدُوقِ بِإِسنَادِهِ عَن حَبِيبٍ الواَسطِيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا أَقبَحَ بِالمُؤمِنِ أَن تَكُونَ لَهُ رَغبَةٌ تُذِلّهُ

9- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ عَن أَبِيهِ عَمّن ذَكَرَهُ بَلَغَ بِهِ أَبَا جَعفَرٍ ع قَالَ بِئسَ العَبدُ عَبدٌ لَهُ طَمَعٌ يَقُودُهُ وَ بِئسَ العَبدُ عَبدٌ لَهُ رَغبَةٌ تُذِلّهُ


صفحه : 171

بيان لعل المراد بالطمع ما في القلب من حب ما في أيدي‌ الناس وأمله وبالرغبة إظهار ذلك والسؤال والطلب عن المخلوق والقود يناسب الأول كما أن الذلة تناسب الثاني‌

10- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن عَبدِ الرّزّاقِ عَن مَعمَرٍ عَنِ الزهّريِ‌ّ قَالَ قَالَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع رَأَيتُ الخَيرَ كُلّهُ قَدِ اجتَمَعَ فِي قَطعِ الطّمَعِ عَمّا فِي أيَديِ‌ النّاسِ

بيان رأيت الخير كله أي الرفاهية وخير الدنيا وسعادة الآخرة لأن الطمع يورث الذل والحقارة والحسد والحقد والعداوة والغيبة والوقيعة وظهور الفضائح والظلم والمداهنة والنفاق والرياء والصبر علي باطل الخلق والإعانة عليه وعدم التوكل علي الله والتضرع إليه والرضا بقسمة والتسليم لأمره إلي غير ذلك من المفاسد التي‌ لاتحصي وقطع الطمع يورث أضداد هذه الأمور التي‌ كلها خيرات

11- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا أَقبَحَ بِالمُؤمِنِ أَن تَكُونَ لَهُ رَغبَةٌ تُذِلّهُ

بيان ماأقبح صيغة تعجب و أن تكون مفعوله والمراد الرغبة إلي الناس بالسؤال عنهم وهي‌ التي‌ تصير سببا للمذلة و أماالرغبة إلي الله فهي‌ عين العزة والصفة تحتمل الكاشفة والموضحة

12- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن عَلِيّ بنِ سُلَيمَانَ بنِ رُشَيدٍ عَن مُوسَي بنِ سَلّامٍ عَن سَعدَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ ألّذِي يُثبِتُ الإِيمَانَ فِي العَبدِ قَالَ الوَرَعُ وَ ألّذِي يُخرِجُهُ مِنهُ قَالَ الطّمَعُ

بيان الورع اجتناب المحرمات والشبهات و في المقابلة إشعار بأن الطمع يستلزم ارتكابهما


صفحه : 172

13- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَنِ ابنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن عَمّارِ بنِ مَروَانَ عَن زَيدٍ الشّحّامِ عَن عَمرِو بنِ هِلَالٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِيّاكَ أَن تُطمِحَ بَصَرَكَ إِلَي مَن هُوَ فَوقَكَ فَكَفَي بِمَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِنَبِيّهِص وَ لا تُعجِبكَ أَموالُهُموَ لا أَولادُهُم وَ قَالَوَ لا تَمُدّنّ عَينَيكَ إِلي ما مَتّعنا بِهِ أَزواجاً مِنهُم زَهرَةَ الحَياةِ الدّنيا فَإِن دَخَلَكَ مِن ذَلِكَ شَيءٌ فَاذكُر عَيشَ رَسُولِ اللّهِص فَإِنّمَا كَانَ قُوتُهُ الشّعِيرَ وَ حَلوَاهُ التّمرَ وَ وَقُودُهُ السّعَفَ إِذَا وَجَدَهُ

تبيين أن تطمح بصرك الظاهر أنه علي بناء الإفعال ونصب البصر ويحتمل أن يكون علي بناء المجرد ورفع البصر أي لاترفع بصرك بأن تنظر إلي من هوفوقك في الدنيا فتتمني حاله و لاترضي بما أعطاك الله و إذانظرت إلي من هودونك في الدنيا ترضي بما أوتيت وتشكر الله عليه وتقنع به قال في القاموس طمح بصره إليه كمنع ارتفع فهي‌ طامح وأطمح بصره رفعه انتهي فكفي بما قال الله الباء زائدة أي كفاك للاتعاظ ولقبول ماذكرت ما قال الله لنبيه و إن كان المقصود بالخطاب غيره وَ لا تُعجِبكَكذا في النسخ التي‌ عندنا والظاهر فلاإذ الآية في سورة التوبة في موضعين أحدهمافَلا تُعجِبكَ أَموالُهُم وَ لا أَولادُهُم إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذّبَهُم بِها فِي الحَياةِ الدّنيا وَ تَزهَقَ أَنفُسُهُم وَ هُم كافِرُونَ والأخري وَ لا تُعجِبكَ أَموالُهُم وَ أَولادُهُم إِنّما يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذّبَهُم بِها فِي الدّنيا وَ تَزهَقَ أَنفُسُهُم وَ هُم كافِرُونَ و ماذكر هنا لايوافق شيئا منهما و إن احتمل أن يكون نقلا بالمعني إشارة إلي الآيتين معا. و قال البيضاوي‌ في الأولي فَلا تُعجِبكَإلخ فإن ذلك استدراج ووبال لهم كما قال إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذّبَهُم بِهابسبب مايكابدون لجمعها وحفظها


صفحه : 173

من المتاعب و مايرون فيها من الشدائد والمصائب وَ تَزهَقَ أَنفُسُهُم أي فيموتوا كافرين مشتغلين بالتمتع عن النظر في العاقبة فيكون ذلك استدراجا لهم . و قال في الأخري تكرير للتأكيد والأمر حقيق به فإن الأبصار طامحة إلي الأموال والأولاد والنفوس مغتبطة عليها ويجوز أن يكون هذه في فريق غيرالأول .وَ لا تَمُدّنّ عَينَيكَ قال في الكشاف أي نظر عينيك ومد النظر تطويله و أن لايكاد يرده استحسانا للمنظور إليه وتمنيا أن يكون له مثله و فيه أن النظر غيرالممدود معفو عنه و ذلك مثل نظر من باده الشي‌ء بالنظر ثم غض الطرف و قدشدد العلماء من أهل التقوي في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة في اللباس والمراكب و غير ذلك لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة فالناظر إليها محصل لغرضهم وكالمغري‌ لهم علي اتخاذها.أَزواجاً مِنهُم قال البيضاوي‌ أصنافا من الكفرة ويجوز أن يكون حالا من الضمير في به والمفعول منهم أي إلي ألذي متعنا به و هوأصناف بعضهم وناسا منهم زَهرَةَ الحَياةِ الدّنيامنصوب بمحذوف دل عليه مَتّعنا أو به علي تضمينه معني أعطينا أوبالبدل من محل بِهِ أو من أَزواجاًبتقدير مضاف ودونه أوبالضم وهي‌ الزينة والبهجةلِنَفتِنَهُم فِيهِلنبلوهم ونختبرهم فيه أولنعذبهم في الآخرة بسببه وَ رِزقُ رَبّكَ و ماادخره لك في الآخرة أو مارزقك من الهدي والنبوةخَيرٌمما منحهم في الدنياوَ أَبقيفإنه لاينقطع . وإنما ذكرنا تتمة الآيتين لأنهما مرادتان وتركنا اختصارا فإن دخلك من ذلك أي من إطماح البصر أو من جملته شيء أوبسببه شيء من الرغبة في الدنيا فاذكر لعلاج ذلك وإخراجه عن نفسك عيش رسول الله ص أي


صفحه : 174

طريق تعيشه في الدنيا لتسهل عليك مشاق الدنيا والقناعة فيهافإنه إذا كان أشرف المكونات هكذا تعيشه فكيف لايرضي من دونه به و إن كان شريفا رفيعا عند الناس مع أن التأسي‌ به ص لازم .فإنما كان قوته الشعير أي خبزه غالبا وحلواه التمر قال في المصباح الحلواء التي‌ تؤكل تمد وتقصر وجمع الممدود حلاوي‌ مثل صحراء وصحاري‌ بالتشديد وجمع المقصور حلاوي بفتح الواو و قال الأزهري‌ الحلواء اسم لمايؤكل من الطعام إذا كان معالجا بحلاوة ووقودة السعف الوقود بالفتح الحطب و مايوقد به والسعف أغصان النخل مادامت بالخوص فإن زال الخوص عنها قيل جريدة الواحدة سعفة ذكره في المصباح و في القاموس السعف محركة جريد النخل أوورقه وأكثر مايقال إذايبست والضمير في إن وجده راجع إلي كل من الأمور المذكورة أو إلي السعف وحده وفسر بعضهم السعف بالورق و قال الضمير راجع إليه والمعني أنه كان يكتفي‌ في خبز الخبز ونحوه بورق النخل فإذاانتهي ذلك و لم يجده كان يطبخ بالجريد بخلاف المسرفين فإنهم يطرحون الورق ويستعملون الجريد ابتداء. وأقول كأنه رحمه الله تكلف ذلك لأنه لافرق بين جريد النخل وغيره في الإيقاد فأي‌ قناعة فيه و ليس كذلك لأن الجريد أرذل الأحطاب للإيقاد لنتنه وكثرة دخانه وعدم اتقاد جمره و هذا بيّن لمن جربه

14- كا،[الكافي‌] عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ جَمِيعاً عَنِ الوَشّاءِ عَن أَحمَدَ بنِ عَائِذٍ عَن أَبِي خَدِيجَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن سَأَلَنَا أَعطَينَاهُ وَ مَنِ استَغنَي أَغنَاهُ اللّهُ

بيان من استغني أي عن الناس وترك الطلب أغناه الله عنه بإعطاء مايحتاج إليه


صفحه : 175

15- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ الهَيثَمِ بنِ وَاقِدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن رضَيِ‌َ مِنَ اللّهِ بِاليَسِيرِ مِنَ المَعَاشِ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ بِاليَسِيرِ مِنَ العَمَلِ

بيان رضي‌ الله عنه قيل لأن كثرة النعمة توجب مزيد الشكر فكلما كانت النعمة أقل كان الشكر أسهل وبعبارة أخري يسقط عنه كثير من العبادات المالية كالزكاة والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام وإعانة الفقراء وأشباه ذلك والظاهر أن المراد به أكثر من ذلك من المسامحة والعفو وسيأتي‌ برواية الصدوق رحمه الله عن أبي عبد الله ع حين سئل عن معني هذاالحديث قال يطيعه في بعض ويعصيه في بعض . وَ قَد وَرَدَ فِي طَرِيقِ العَامّةِ عَنِ النّبِيّص أَخلِص قَلبَكَ يَكفِكَ القَلِيلُ مِنَ العَمَلِ

و قال بعضهم لأن من زهد في الدنيا وطهر ظاهره وباطنه من الأعمال والأخلاق القبيحة التي‌ تقتضيها الدنيا وفرغ من المجاهدات التي‌ يحتاج إليها السالك المبتدي‌ وجعلها وراء ظهره فلم يبق عليه إلافعل ماينبغي‌ فعله و هذايسير بالنسبة إلي تلك المجاهدات انتهي . وأقول يحتمل إجراء مثله في هذاالخبر لأن من رضي‌ بالقليل فقد زهد في الدنيا وأخلص قلبه من حبها

16- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ عَن عَمرِو بنِ أَبِي المِقدَامِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَكتُوبٌ فِي التّورَاةِ ابنَ آدَمَ كُن كَيفَ شِئتَ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ مَن رضَيِ‌َ مِنَ اللّهِ بِالقَلِيلِ مِنَ الرّزقِ قَبِلَ اللّهُ مِنهُ اليَسِيرَ مِنَ العَمَلِ وَ مَن رضَيِ‌َ بِاليَسِيرِ مِنَ الحَلَالِ خَفّت مَئُونَتُهُ وَ زَكَت مَكسَبَتُهُ وَ خَرَجَ مِن حَدّ الفُجُورِ


صفحه : 176

بيان كن كيف شئت الظاهر أنه أمر علي التهديد نحو قوله تعالي اعمَلُوا ما شِئتُم وقيل كن كماشئت أن يعمل معك وتتوقعه لقوله كماتدين تدان و قدمر معناه خفت مئونته أي مشقته في طلب المال وحفظه وزكت أي طهرت من الحرام مكسبته لأن ترك الحرام والشبهة في القليل أسهل أونمت وحصلت فيه بركة مع قلته . وخرج من حد الفجور أي من قرب الفجور والإشراف علي الوقوع في الحرام فإن بين المال القليل والوقوع في الفجور فاصلة كثيرة لقلة الدواعي‌ وصاحب المال الكثير لكثرة دواعي‌ الشرور والفجور فيه كأنه علي حد هومنتهي الحلال وبأدني شيءيخرج منه إلي الفجور إما بالتقصير في الحقوق الواجبة فيه أوبالطغيان اللازم له أوبالقدرة علي المحرمات التي‌ تدعو النفس إليها أوبالحرص الحاصل منه فلايكتفي‌ بالحلال ويتجاوز إلي الحرام وأشباه ذلك ويحتمل أن يكون المعني خرج من حد الفجور ألذي تستلزمه كثرة المال إلي الخير والصلاح اللازم لقلة المال والأول أبلغ وأتم

17- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ عَرَفَةَ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ مَن لَم يُقنِعهُ مِنَ الرّزقِ إِلّا الكَثِيرُ لَم يَكفِهِ مِنَ العَمَلِ إِلّا الكَثِيرُ وَ مَن كَفَاهُ مِنَ الرّزقِ القَلِيلُ فَإِنّهُ يَكفِيهِ مِنَ العَمَلِ القَلِيلُ

18- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَقُولُ ابنَ آدَمَ إِن كُنتَ تُرِيدُ مِنَ الدّنيَا مَا يَكفِيكَ فَإِنّ أَيسَرَ مَا فِيهَا يَكفِيكَ وَ إِن كُنتَ إِنّمَا تُرِيدُ مَا لَا يَكفِيكَ فَإِنّ كُلّ مَا فِيهَا لَا يَكفِيكَ

بيان مايكفيك أي ماتكتفي‌ وتقنع به أي بقدر الكفاف والضرورة و قوله فإن أيسر من قبيل وضع الدليل موضع المدلول أي فيحصل مرادك لأن أيسر ما في الدنيا يمكن أن يكتفي به و إن كنت تريد ما لايكفيك أي


صفحه : 177

ما لاتكتفي‌ به وتريد أزيد منه فلاتصل إلي مقصودك و لاتنتهي‌ إلي حد فإنه إن حصل لك جميع الدنيا تريد أزيد منها لمامر أن كثرة المال يصير سببا لكثرة الحرص وسيأتي‌ أوضح من ذلك

19- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ مُحَمّدٍ الأسَدَيِ‌ّ عَن سَالِمِ بنِ مُكرَمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ اشتَدّت حَالُ رَجُلٍ مِن أَصحَابِ النّبِيّص فَقَالَت لَهُ امرَأَتُهُ لَو أَتَيتَ رَسُولَ اللّهِص فَسَأَلتَهُ فَجَاءَ إِلَي النّبِيّص فَلَمّا رَآهُ النّبِيّص قَالَ مَن سَأَلَنَا أَعطَينَاهُ وَ مَنِ استَغنَي أَغنَاهُ اللّهُ فَقَالَ الرّجُلُ مَا يعَنيِ‌ غيَريِ‌ فَرَجَعَ إِلَي امرَأَتِهِ فَأَعلَمَهَا فَقَالَت إِنّ رَسُولَ اللّهِ بَشَرٌ فَأَعلِمهُ فَأَتَاهُ فَلَمّا رَآهُ رَسُولُ اللّهِص قَالَ مَن سَأَلَنَا أَعطَينَاهُ وَ مَنِ استَغنَي أَغنَاهُ اللّهُ حَتّي فَعَلَ الرّجُلُ ذَلِكَ ثَلَاثاً ثُمّ ذَهَبَ الرّجُلُ فَاستَعَارَ مِعوَلًا ثُمّ أَتَي الجَبَلَ فَصَعِدَهُ فَقَطَعَ حَطَباً ثُمّ جَاءَ بِهِ فَبَاعَهُ بِنِصفِ مُدّ مِن دَقِيقٍ فَرَجَعَ بِهِ فَأَكَلَهُ ثُمّ ذَهَبَ مِنَ الغَدِ فَجَاءَ بِأَكثَرَ مِن ذَلِكَ فَبَاعَهُ فَلَم يَزَل يَعمَلُ وَ يَجمَعُ حَتّي اشتَرَي مِعوَلًا ثُمّ جَمَعَ حَتّي اشتَرَي بَكرَينِ وَ غُلَاماً ثُمّ أَثرَي حَتّي أَيسَرَ فَجَاءَ إِلَي النّبِيّص فَأَعلَمَهُ كَيفَ جَاءَ يَسأَلُهُ وَ كَيفَ سَمِعَ النّبِيّص فَقَالَ النّبِيّص قُلتُ لَكَ مَن سَأَلَنَا أَعطَينَاهُ وَ مَنِ استَغنَي أَغنَاهُ اللّهُ

بيان لوأتيت لوللتمني‌ إن رسول الله ص بشر أي لايعلم الغيب إلا الله و هوبشر لايعلم الغيب أي لم يكن هذاالكلام معك لأنه لايعلم ما في ضميرك أو لايعلم كنه شدة حالنا وإنما عرف حاجتك في الجملة و في الصحاح المعول الفأس العظيمة التي‌ ينقر بهاالصخر من الغد من بمعني في والبكر بالفتح الفتي من الإبل ويقال أثري الرجل إذاكثرت أمواله وأيسر الرجل أي استغني كل ذلك ذكره الجوهري‌

20-كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ الحُسَينِ بنِ الفُرَاتِ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ


صفحه : 178

ص مَن أَرَادَ أَن يَكُونَ أَغنَي النّاسِ فَليَكُن بِمَا فِي يَدِ اللّهِ أَوثَقَ مِنهُ بِمَا فِي يَدِ غَيرِهِ

بيان فليكن بما في يد الله أي في قدرة الله وقضائه وقدره أوثق منه بما في يد غيره و لونفسه فإنه لايصل إليه الأول و لاينتفع بالثاني‌ إلابقضاء الله وقدره والحاصل أن الغني عن الخلق لايحصل إلابالوثوق بالله سبحانه والتوكل عليه وعدم الاعتماد علي غيره والعلم بأن الضار النافع هو الله ويفعل بالعباد ماعلم صلاحهم فيه ويمنعهم ماعلم أنه لايصلح لهم

21- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ أَو أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللّهُ فَهُوَ مِن أَغنَي النّاسِ

بيان فهو من أغني الناس لأن الغني عدم الحاجة إلي الغير والقانع بما رزقه الله لايحتاج إلي السؤال عن غيره تعالي

22- كا،[الكافي‌]بِالإِسنَادِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن حَمزَةَ بنِ حُمرَانَ قَالَ شَكَا رَجُلٌ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ يَطلُبُ فَيُصِيبُ وَ لَا يَقنَعُ وَ تُنَازِعُهُ نَفسُهُ إِلَي مَا هُوَ أَكثَرُ مِنهُ وَ قَالَ علَمّنيِ‌ شَيئاً أَنتَفِع بِهِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِن كَانَ مَا يَكفِيكَ يُغنِيكَ فَأَدنَي مَا فِيهَا يُغنِيكَ وَ إِن كَانَ مَا يَكفِيكَ لَا يُغنِيكَ فَكُلّ مَا فِيهَا لَا يُغنِيكَ

23- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن حَنَانِ بنِ سَدِيرٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَن رضَيِ‌َ مِنَ الدّنيَا بِمَا يُجزِيهِ كَانَ أَيسَرُ مَا فِيهَا يَكفِيهِ وَ مَن لَم يَرضَ مِنَ الدّنيَا بِمَا يُجزِيهِ لَم يَكُن شَيءٌ مِنهَا يَكفِيهِ

بيان أجزأ مهموز و قديخفف أي أغني وكفي قال في المصباح قال الأزهري‌ والفقهاء يقولون فيه أجزي من غيرهمز و لم أجده لأحد من أئمة


صفحه : 179

اللغة ولكن إن همز أجزأ فهو بمعني كفي و فيه نظر لأنه إن أراد امتناع التسهيل فقد توقف في غيرموضع التوقف فإن تسهيل همزة الطرف في الفعل المزيد وتسهيل الهمزة الساكنة قياسي‌ فيقال أرجأت الأمر وأرجيته وأنسأت وأنسيت وأخطأت وأخطيت

باب 031-الكبر

الآيات البقرةأَ فَكُلّما جاءَكُم رَسُولٌ بِما لا تَهوي أَنفُسُكُمُ استَكبَرتُم و قال تعالي وَ إِذا قِيلَ لَهُ اتّقِ اللّهَ أَخَذَتهُ العِزّةُ بِالإِثمِ فَحَسبُهُ جَهَنّمُ وَ لَبِئسَ المِهادُالنساءإِنّ اللّهَ لا يُحِبّ مَن كانَ مُختالًا فَخُوراًالمائدةذلِكَ بِأَنّ مِنهُم قِسّيسِينَ وَ رُهباناً وَ أَنّهُم لا يَستَكبِرُونَالأعراف فَما يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبّرَ فِيها فَاخرُج إِنّكَ مِنَ الصّاغِرِينَ و قال تعالي وَ الّذِينَ كَذّبُوا بِآياتِنا وَ استَكبَرُوا عَنها أُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فِيها خالِدُونَ إلي قوله تعالي إِنّ الّذِينَ كَذّبُوا بِآياتِنا وَ استَكبَرُوا عَنها لا تُفَتّحُ لَهُم أَبوابُ السّماءِ وَ لا يَدخُلُونَ الجَنّةَ حَتّي يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمّ الخِياطِ و قال سبحانه وَ نادي أَصحابُ الأَعرافِ رِجالًا يَعرِفُونَهُم بِسِيماهُم قالُوا ما أَغني عَنكُم جَمعُكُم وَ ما كُنتُم تَستَكبِرُونَ


صفحه : 180

و قال قالَ المَلَأُ الّذِينَ استَكبَرُوا مِن قَومِهِ لِلّذِينَ استُضعِفُوا لِمَن آمَنَ مِنهُم أَ تَعلَمُونَ أَنّ صالِحاً مُرسَلٌ مِن رَبّهِ قالُوا إِنّا بِما أُرسِلَ بِهِ مُؤمِنُونَ قالَ الّذِينَ استَكبَرُوا إِنّا باِلذّيِ‌ آمَنتُم بِهِ كافِرُونَ و قال تعالي قالَ المَلَأُ الّذِينَ استَكبَرُوا مِن قَومِهِ لَنُخرِجَنّكَ يا شُعَيبُ و قال فَاستَكبَرُوا وَ كانُوا قَوماً مُجرِمِينَ و قال تعالي سَأَصرِفُ عَن آياتيِ‌َ الّذِينَ يَتَكَبّرُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقّيونس فَاستَكبَرُوا وَ كانُوا قَوماً مُجرِمِينَهود حاكيا عن قوم نوح فَقالَ المَلَأُ الّذِينَ كَفَرُوا مِن قَومِهِ ما نَراكَ إِلّا بَشَراً مِثلَنا وَ ما نَراكَ اتّبَعَكَ إِلّا الّذِينَ هُم أَراذِلُنا باديِ‌َ الرأّي‌ِ وَ ما نَري لَكُم عَلَينا مِن فَضلٍ بَل نَظُنّكُم كاذِبِينَ إلي قوله وَ ما أَنَا بِطارِدِ الّذِينَ آمَنُوا إِنّهُم مُلاقُوا رَبّهِم وَ لكنِيّ‌ أَراكُم قَوماً تَجهَلُونَ وَ يا قَومِ مَن ينَصرُنُيِ‌ مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُهُم أَ فَلا تَذَكّرُونَ وَ لا أَقُولُ لَكُم عنِديِ‌ خَزائِنُ اللّهِ وَ لا أَعلَمُ الغَيبَ وَ لا أَقُولُ إنِيّ‌ مَلَكٌ وَ لا أَقُولُ لِلّذِينَ تزَدرَيِ‌ أَعيُنُكُم لَن يُؤتِيَهُمُ اللّهُ خَيراً اللّهُ أَعلَمُ بِما فِي أَنفُسِهِم إنِيّ‌ إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ و قال حاكيا عن قوم شعيب قالُوا يا شُعَيبُ ما نَفقَهُ كَثِيراً مِمّا تَقُولُ وَ إِنّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَ لَو لا رَهطُكَ لَرَجَمناكَ وَ ما أَنتَ عَلَينا بِعَزِيزٍ قالَ يا قَومِ أَ رهَطيِ‌ أَعَزّ عَلَيكُم مِنَ اللّهِ وَ اتّخَذتُمُوهُ وَراءَكُم ظِهرِيّا إِنّ ربَيّ‌ بِما تَعمَلُونَ مُحِيطٌ ابراهيم وَ استَفتَحُوا وَ خابَ كُلّ جَبّارٍ عَنِيدٍ


صفحه : 181

و قال تعالي وَ بَرَزُوا لِلّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضّعَفاءُ لِلّذِينَ استَكبَرُوا إِنّا كُنّا لَكُم تَبَعاً فَهَل أَنتُم مُغنُونَ عَنّا مِن عَذابِ اللّهِ مِن شَيءٍ قالُوا لَو هَدانَا اللّهُ لَهَدَيناكُم سَواءٌ عَلَينا أَ جَزِعنا أَم صَبَرنا ما لَنا مِن مَحِيصٍالنحل فَالّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُنكِرَةٌ وَ هُم مُستَكبِرُونَ لا جَرَمَ أَنّ اللّهَ يَعلَمُ ما يُسِرّونَ وَ ما يُعلِنُونَ إِنّهُ لا يُحِبّ المُستَكبِرِينَ و قال تعالي فَلَبِئسَ مَثوَي المُتَكَبّرِينَ و قال تعالي وَ هُم لا يَستَكبِرُونَأسري وَ لا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحاً إِنّكَ لَن تَخرِقَ الأَرضَ وَ لَن تَبلُغَ الجِبالَ طُولًاالمؤمنون ثُمّ أَرسَلنا مُوسي وَ أَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَ سُلطانٍ مُبِينٍ إِلي فِرعَونَ وَ مَلَائِهِ فَاستَكبَرُوا وَ كانُوا قَوماً عالِينَ فَقالُوا أَ نُؤمِنُ لِبَشَرَينِ مِثلِنا وَ قَومُهُما لَنا عابِدُونَالفرقان لَقَدِ استَكبَرُوا فِي أَنفُسِهِم وَ عَتَوا عُتُوّا كَبِيراًالشعراءوَ ما أَنتَ إِلّا بَشَرٌ مِثلُنا وَ إِن نَظُنّكَ لَمِنَ الكاذِبِينَالقصص وَ استَكبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقّ وَ ظَنّوا أَنّهُم إِلَينا لا يُرجَعُونَلقمان وَ لا تُصَعّر خَدّكَ لِلنّاسِ وَ لا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحاً إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ كُلّ مُختالٍ فَخُورٍ


صفحه : 182

التنزيل وَ هُم لا يَستَكبِرُونَفاطراستِكباراً فِي الأَرضِالصافات إِنّهُم كانُوا إِذا قِيلَ لَهُم لا إِلهَ إِلّا اللّهُ يَستَكبِرُونَإِلّا إِبلِيسَ استَكبَرَ وَ كانَ مِنَ الكافِرِينَ إلي قوله تعالي أَستَكبَرتَ أَم كُنتَ مِنَ العالِينَ قالَ أَنَا خَيرٌ مِنهُ خلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍالزمربَلي قَد جاءَتكَ آياتيِ‌ فَكَذّبتَ بِها وَ استَكبَرتَ وَ كُنتَ مِنَ الكافِرِينَ إلي قوله تعالي أَ لَيسَ فِي جَهَنّمَ مَثويً لِلمُتَكَبّرِينَالمؤمن وَ قالَ مُوسي إنِيّ‌ عُذتُ برِبَيّ‌ وَ رَبّكُم مِن كُلّ مُتَكَبّرٍ لا يُؤمِنُ بِيَومِ الحِسابِ و قال تعالي كَذلِكَ يَطبَعُ اللّهُ عَلي كُلّ قَلبِ مُتَكَبّرٍ جَبّارٍ و قال تعالي وَ إِذ يَتَحاجّونَ فِي النّارِ فَيَقُولُ الضّعَفاءُ لِلّذِينَ استَكبَرُوا إِنّا كُنّا لَكُم تَبَعاً فَهَل أَنتُم مُغنُونَ عَنّا نَصِيباً مِنَ النّارِ قالَ الّذِينَ استَكبَرُوا إِنّا كُلّ فِيها إِنّ اللّهَ قَد حَكَمَ بَينَ العِبادِ و قال تعالي إِن فِي صُدُورِهِم إِلّا كِبرٌ ما هُم بِبالِغِيهِ فَاستَعِذ بِاللّهِ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ و قال تعالي إِنّ الّذِينَ يَستَكبِرُونَ عَن عبِادتَيِ‌ سَيَدخُلُونَ جَهَنّمَ داخِرِينَ و قال تعالي فَبِئسَ مَثوَي المُتَكَبّرِينَالسجدةفَأَمّا عادٌ فَاستَكبَرُوا فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقّ وَ قالُوا مَن أَشَدّ مِنّا قُوّةً أَ وَ لَم

يَرَوا أَنّ اللّهَ ألّذِي خَلَقَهُم هُوَ أَشَدّ مِنهُم قُوّةً وَ كانُوا بِآياتِنا يَجحَدُونَنوح وَ أَصَرّوا وَ استَكبَرُوا استِكباراًالمدثرثُمّ أَدبَرَ وَ استَكبَرَ فَقالَ إِن هذا إِلّا سِحرٌ يُؤثَرُ

تفسيرأَ فَكُلّما جاءَكُمالخطاب لليهودرَسُولٌ بِما لا تَهوي أَنفُسُكُمُ في تفسير الإمام ع أي أخذ عهودكم ومواثيقكم بما لاتحيبون من اتباع النبي ص وبذل الطاعة لأولياء الله استَكبَرتُم عن الإيمان والاتباع فَفَرِيقاً كَذّبتُمكموسي وعيسي وَ فَرِيقاً تَقتُلُونَ أي قتل أسلافكم كزكريا ويحيي وأنتم رمتم قتل محمد و علي فخيب الله سعيكم .وَ إِذا قِيلَ لَهُ اتّقِ اللّهَ ودع سوء صنيعك أَخَذَتهُ العِزّةُ بِالإِثمِ أي حملته الأنفة وحمية الجاهلية علي الإثم ألذي يؤمر باتقائه وألزمته ارتكابه لجاجا من قولك أخذته بكذا إذاحملته عليه وألزمته إياه فيزداد إلي شره شرا ويضيف إلي ظلمه ظلمافَحَسبُهُ جَهَنّمُ أي كفاه جزاء وعذابا علي سوء فعله وَ لَبِئسَ المِهادُ أي الفراش يمهدها و يكون دائما فيهاكذا في تفسير الإمام ع .مَن كانَ مُختالًا أي متكبرا يأنف عن أقاربه وجيرانه وأصحابه و لايكتنف إليهم فَخُوراًيتفاخر عليهم .وَ أَنّهُم لا يَستَكبِرُونَ أي عن قبول الحق إذافهموه ويتواضعون .فَما يَكُونُ لَكَ أي فما يصح لك أَن تَتَكَبّرَ فِيها وتعصي‌ فإنها


صفحه : 184

مكان الخاشع المطيع قيل فيه تنبيه علي أن التكبر لايليق بأهل الجنة و أنه تعالي إنما طرده وأهبطه للتكبر لابمجرد عصيانه إِنّكَ مِنَ الصّاغِرِينَ أي ممن أهانه الله تعالي لكبره .وَ استَكبَرُوا عَنها أي عن الإيمان بهالا تُفَتّحُ لَهُم أَبوابُ السّماءِلأدعيتهم وأعمالهم ولنزول البركة عليهم ولصعود أرواحهم إذاماتوا وَ فِي المَجمَعِ، عَنِ البَاقِرِ ع أَمّا المُؤمِنُونَ فَتُرفَعُ أَعمَالُهُم وَ أَروَاحُهُم إِلَي السّمَاءِ فَتُفَتّحُ لَهُم أَبوَابُهَا وَ أَمّا الكَافِرُ فَيَصعَدُ بِعَمَلِهِ وَ رُوحِهِ حَتّي إِذَا بَلَغَ إِلَي السّمَاءِ نَادَي مُنَادٍ اهبِطُوا بِهِ إِلَي سِجّينٍ وَ هُوَ وَادٍ بِحَضرَمَوتَ يُقَالُ لَهُ بَرَهُوتُ

وَ لا يَدخُلُونَ الجَنّةَ حَتّي يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمّ الخِياطِ أي لايدخلون الجنة حتي يكون ما لا يكون أبدا.الّذِينَ استَكبَرُوا أي أنفوا من اتباعه لِلّذِينَ استُضعِفُوا أي للذين استضعفوهم وأذلوهم لِمَن آمَنَ مِنهُمبدل الذين أَ تَعلَمُونَقالوه علي سبيل الاستهزاءفَاستَكبَرُوا أي من الإيمان .سَأَصرِفُ عَن آياتيِ‌َ أي المنصوبة في الآفاق والأنفس أومعجزات الأنبياء و في المجمع ذكر في معناه وجوه أحدها أنه أراد سأصرف عن نيل الكرامة المتعلقة بآياتي‌ والاعتزاز بها كمايناله المؤمنون في الدنيا والآخرة المستكبرين وثانيها أن معناه سأصرفهم عن زيادة المعجزات التي‌ أظهرها علي الأنبياء بعدقيام الحجة بما تقدم من المعجزات وثالثها أن معناه سأمنع من الكذابين والمتكبرين آياتي‌ ومعجزاتي‌ وأصرفهم عنها وأخص بهاالأنبياء ورابعها أن يكون الصرف معناه المنع من إبطال الآيات والحجج والقدح فيها


صفحه : 185

وخامسها أن المراد سأصرف عن إبطال آياتي‌ والمنع من تبليغها هؤلاء المتكبرين .فَاستَكبَرُوا أي عن اتباعهاوَ كانُوا قَوماً مُجرِمِينَ أي معتادين الأجرام فلذلك تهاونوا في رسالة ربهم واجترءوا علي ردها.ما نَراكَ إِلّا بَشَراً مِثلَنا أي لامزية لك علينا تخصك بالنبوة ووجوب الطاعةإِلّا الّذِينَ هُم أَراذِلُنا أي أخساؤنا و قال علي بن ابراهيم يعني‌ المساكين والفقراءباديِ‌َ الرأّي‌ِ أي ظاهر الرأي‌ من غيرتعمق من البدو أوأول الرأي‌ من البدء وإنما استرذلوهم لفقرهم فإنهم لما لم يعلموا إلاظاهرا من الحياة الدنيا كان الأحظ بهاأشرف عندهم والمحروم أرذل وَ ما نَري لَكُم أي لك ولمتبعيك عَلَينا مِن فَضلٍيؤهلكم للنبوة واستحقاق المتابعةبَل نَظُنّكُم كاذِبِينَ أنت في دعوي النبوة وإياهم في دعوي العلم بصدقك .وَ ما أَنَا بِطارِدِ الّذِينَ آمَنُوايعني‌ الفقراء و هوجواب لهم حين سألوا طردهم إِنّهُم مُلاقُوا رَبّهِميلاقونه ويفوزون بقربه فيخاصمون طاردهم فكيف أطردهم وَ لكنِيّ‌ أَراكُم قَوماً تَجهَلُونَالحق وأهله وتتسفهون عليهم بأن تدعوهم أراذل مَن ينَصرُنُيِ‌ مِنَ اللّهِيدفع انتقامه إِن طَرَدتُهُم وهم بتلك المثابةأَ فَلا تَذَكّرُونَلتعرفوا أن التماس طردهم وتوفيق الإيمان عليه ليس بصواب .وَ لا أَقُولُ لَكُم عنِديِ‌ خَزائِنُ اللّهِ أي خزائن رزقه حتي جحدتم فضلي‌وَ لا أَعلَمُ الغَيبَ أي و لاأقول أناأعلم الغيب حتي تكذبوني‌ استبعادا أو


صفحه : 186

حتي أعلم أن هؤلاء اتبعوني‌ بادي‌ الرأي‌ من غيربصيرة وعقد قلب وَ لا أَقُولُ إنِيّ‌ مَلَكٌ حتي تقولوا ما أنت إلابشر مثلناوَ لا أَقُولُ لِلّذِينَ تزَدرَيِ‌ أَعيُنُكُم أي و لاأقول في شأن من استرذلتموهم لفقرهم من زري عليه إذاعابه وإسناده إلي الأعين للمبالغة والتنبيه علي أنهم استرذلوهم بادي‌ الرأي‌ من غيررؤيةلَن يُؤتِيَهُمُ اللّهُ خَيراً فإن ماأعد الله لهم في الآخرة خير مما آتاكم في الدنياإنِيّ‌ إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ إن قلت شيئا من ذلك ما نَفقَهُ أي مانفهم ضَعِيفاً أي لاقوة لك و لا عز و قال علي بن ابراهيم قد كان ضعف بصره وَ لَو لا رَهطُكَ أي قومك وعزتهم عندنا لكونهم علي ملتنالَرَجَمناكَ أي لقتلناك شر قتلةوَ ما أَنتَ عَلَينا بِعَزِيزٍفتمنعنا عزتك عن القتل بل رهطك هم الأعزة عليناوَ اتّخَذتُمُوهُ وَراءَكُم ظِهرِيّا وجعلتموه كالمنسي‌ المنبوذ وراء الظهر لايعبأ به .وَ استَفتَحُوا أي سألوا من الله الفتح علي أعدائهم أوالقضاء بينهم و بين أعاديهم من الفتاحة بمعني الحكومة وَ خابَ كُلّ جَبّارٍ عَنِيدٍ فِي التّوحِيدِ عَنِ النّبِيّص مَن أَبَي أَن يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ

وَ رَوَي عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ عَنِ البَاقِرِ ع قَالَ العَنِيدُ المُعرِضُ عَنِ الحَقّ

.وَ بَرَزُوا لِلّهِ جَمِيعاًيعني‌ يبرزون يوم القيامةفَقالَ الضّعَفاءُ أي ضعفاء الرأي‌ وهم الأتباع لِلّذِينَ استَكبَرُوا أي لرؤسائهم

وَ فِي المُتَهَجّدِ فِي خُطبَةِ الغَدِيرِ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع بَعدَ تِلَاوَتِهِ لَهَا أَ فَتَدرُونَ الِاستِكبَارَ مَا هُوَ هُوَ تَركُ الطّاعَةِ لِمَن أُمِرُوا بِطَاعَتِهِ وَ التّرَفّعُ عَلَي مَن


صفحه : 187

نُدِبُوا إِلَي مُتَابَعَتِهِ

.إِنّا كُنّا لَكُم تَبَعاً في تكذيب الرسل والإعراض عن نصائحهم فَهَل أَنتُم مُغنُونَ عَنّا أي دافعون عنامِن عَذابِ اللّهِ مِن شَيءٍ قالُوا لَو هَدانَا اللّهُللإيمان والنجاة من العذاب و قال علي بن ابراهيم الهدي هنا الثواب مِن مَحِيصٍ أي منجي ومهرب من العذاب قُلُوبُهُم مُنكِرَةٌ في المجمع أي جاحدة للحق يستبعد مايرد عليها من المواعظوَ هُم مُستَكبِرُونَ عن الانقياد للحق دافعون له من غيرحجة والاستكبار طلب الترفع بترك الإذعان للحق إِنّهُ لا يُحِبّ المُستَكبِرِينَ أي المتعظمين الذين يأنفون أن يكونوا أتباعا للأنبياء أي لايريد ثوابهم وتعظيمهم وأقول

رَوَي العيَاّشيِ‌ّ أَنّهُ مَرّ الحُسَينُ بنُ عَلِيّ ع عَلَي مَسَاكِينَ قَد بَسَطُوا كِسَاءَهُم وَ أَلقَوا كِسَراً فَقَالُوا هَلُمّ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ فَثَنّي وَرِكَهُ فَأَكَلَ مَعَهُم ثُمّ تَلَا إِنّ اللّهَلا يُحِبّ المُستَكبِرِينَ

.فَلَبِئسَ مَثوَي المُتَكَبّرِينَ أي جهنم وَ هُم لا يَستَكبِرُونَ أي عن عبادته مَرَحاً أي ذا مرح و في المجمع معناه لاتمش علي وجه الأشر والبطر والخيلاء والتكبر قال الزجاج معناه لاتمش في الأرض مختالا فخورا وقيل المرح شدة الفرح بالباطل إِنّكَ لَن تَخرِقَإلخ هذامثل ضربه الله قال إنك أيها الإنسان لن تشق الأرض من تحت قدمك بكبرك ولن تبلغ الجبال بتطاولك والمعني أنك لن تبلغ مما تريد كثير مبلغ كما لايمكنك أن تبلغ هذافما وجه المثابرة علي ما هذاسبيله مع أن الحكمة زاجرة عنه وإنما


صفحه : 188

قال ذلك لأن من الناس من يمشي‌ في الأرض بطرا يدق قدميه عليها ليري‌ بذلك قدرته وقوته ويرفع رأسه وعنقه فبين الله سبحانه أنه ضعيف مهين لايقدر أن يخرق الأرض بدق قدميه عليها حتي ينتهي‌ إلي آخرها و إن طوله لايبلغ الجبال و إن كان طويلا علم سبحانه عباده التواضع والمروءة والوقار.فَاستَكبَرُوا أي عن الإيمان والمتابعةوَ كانُوا قَوماً عالِينَ أي متكبرين وَ قَومُهُما لَنا عابِدُونَيعني‌ أن بني‌ إسرائيل لنا خادمون منقادون لَقَدِ استَكبَرُوا فِي أَنفُسِهِم أي في شأنهم وَ عَتَوا أي تجاوزوا الحد في الظلم عُتُوّا كَبِيراًبالغا أقصي مراتبه حيث عاينوا المعجزات القاهرة فأعرضوا عنها واقترحوا لأنفسهم الخبيثة ماسدت دونه مطامح النفوس القدسية.بِغَيرِ الحَقّ أي بغير الاستحقاق فإن الكبرياء رداء الله لا يُرجَعُونَ أي بالنشور.وَ لا تُصَعّر خَدّكَ لِلنّاسِقيل أي لاتمله عنهم و لاتولهم صفحة خدك كمايفعله المتكبرون من الصعر و هوداء يعتري‌ البعير فيلوي‌ عنقه و في المجمع أي و لاتمل وجهك من الناس تكبرا و لاتعرض عمّن يكلمك استخفافا به و هذامعني قول ابن عباس و أبي عبد الله ع وقيل هو أن يسلم عليك فتلوي‌ عنقك تكبراوَ لا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحاً أي بطرا وخيلاءإِنّ اللّهَ لا يُحِبّ كُلّ مُختالٍ أي كل متكبرفَخُورٍ علي الناس و قال علي بن ابراهيم وَ لا تُصَعّر خَدّكَ أي لاتذل لِلنّاسِطمعا فيما عندهم وَ لا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحاً أي فرحا و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع أي بالعظمة.


صفحه : 189

وَ هُم لا يَستَكبِرُونَقيل أي عن الإيمان والطاعة.يَستَكبِرُونَ أي عن كلمة التوحيد أو علي من يدعوهم إليه .استَكبَرَقيل أي تعظم وصار من الكافرين باستنكاره أمر الله تعالي واستكباره عن المطاوعةأَستَكبَرتَ أَم كُنتَ مِنَ العالِينَقيل أي تكبرت من غيراستحقاق أوكنت ممن علا واستحق التفوق وقيل استكبرت الآن أم لم تزل كنت من المستكبرين . وأقول في بعض الروايات أن المراد بالعالين أنوار الحجج ع .بَلي قَد جاءَتكَ آياتيِ‌ قال علي بن ابراهيم المراد بالآيات الأئمة ع مَثويً لِلمُتَكَبّرِينَ أي عن الإيمان والطاعة

وَ رَوَي عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ إِنّ فِي جَهَنّمَ لَوَادِياً لِلمُتَكَبّرِينَ يُقَالُ لَهُ سَقَرُ شَكَا إِلَي اللّهِ تَعَالَي شِدّةَ حَرّهِ وَ سَأَلَهُ أَن يَتَنَفّسَ فَأَذِنَ لَهُ فَتَنَفّسَ فَأَحرَقَ جَهَنّمَ

إِن فِي صُدُورِهِم إِلّا كِبرٌ قال البيضاوي‌ أي إلاتكبر عن الحق وتعظم عن التفكر والتعلم أوإرادة الرئاسة أو أن النبوة والملك لا يكون إلالهم ما هُم بِبالِغِيهِ أي ببالغي‌ دفع الآيات أوالمرادفَاستَعِذ بِاللّهِ أي فالتجئ إليه إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُلأقوالكم وأفعالكم .عَن عبِادتَيِ‌فسرت في الأخبار بالدعاءداخِرِينَ أي صاغرين و في الكافي‌ عن الباقر ع في هذه الآية قال هوالدعاء وأفضل العبادة الدعاء والأخبار في ذلك كثيرة سيأتي‌ في كتاب الدعاء إن شاء الله و في الصحيفة السجادية


صفحه : 190

بعدذكر هذه الآية فسميت دعاءك عبادة وتركه استكبارا وتوعدت علي تركه دخول جهنم داخرين .فَبِئسَ مَثوَي المُتَكَبّرِينَفَاستَكبَرُوا أي فتعظموا فيها علي أهلها بغير استحقاق واغتروا بقوتهم وشوكتهم هُوَ أَشَدّ مِنهُم قُوّةً أي قدرةوَ كانُوا بِآياتِنا يَجحَدُونَ أي يعرفون أنها حق وينكرونها.ثُمّ أَدبَرَ أي عن الحق وَ استَكبَرَ عن اتباعه ويُؤثَرُ أي يروي ويتعلم

1- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن أَبَانٍ عَن حُكَيمٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن أَدنَي الإِلحَادِ قَالَ إِنّ الكِبرَ أَدنَاهُ

بيان قال الراغب ألحد فلان مال عن الحق والإلحاد ضربان إلحاد إلي الشرك بالله وإلحاد إلي الشرك بالأسباب فالأول ينافي‌ الإيمان ويبطله والثاني‌ يوهن عراه و لايبطله و من هذاالنحو قوله عز و جل وَ مَن يُرِد فِيهِ بِإِلحادٍ بِظُلمٍ نُذِقهُ مِن عَذابٍ أَلِيمٍ. و قال الكبر الحالة التي‌ يتخصص بهاالإنسان من إعجابه بنفسه و ذلك أن يري الإنسان نفسه أكبر من غيره وأعظم التكبر التكبر علي الله عز و جل بالامتناع من قبول الحق والإذعان له بالعبادة والاستكبار يقال علي وجهين أحدهما أن يتحري الإنسان ويطلب أن يصير كبيرا و ذلك متي كان علي مايجب و في المكان ألذي يجب و في الوقت ألذي يجب فمحمود والثاني‌ أن يتشبع فيظهر من نفسه ما ليس له و هذا


صفحه : 191

هوالمذموم . و علي هذا ماورد في القرآن و هو ما قال تعالي أَبي وَ استَكبَرَأَ فَكُلّما جاءَكُم رَسُولٌ بِما لا تَهوي أَنفُسُكُمُ استَكبَرتُموَ أَصَرّوا وَ استَكبَرُوا استِكباراً و قال تعالي فَاستَكبَرُوا فِي الأَرضِ وَ ما كانُوا سابِقِينَ و قال تعالي الّذِينَ يَتَكَبّرُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقّ و قال تعالي إِنّ الّذِينَ كَذّبُوا بِآياتِنا وَ استَكبَرُوا عَنها لا تُفَتّحُ لَهُم أَبوابُ السّماءِقالُوا ما أَغني عَنكُم جَمعُكُم وَ ما كُنتُم تَستَكبِرُونَ و قوله تعالي فَيَقُولُ الضّعَفاءُ لِلّذِينَ استَكبَرُواقابل المستكبرين بالضعفاء تنبيها علي أن استكبارهم كان بما لهم من القوة في البدن والمال و قال تعالي قالَ المَلَأُ الّذِينَ استَكبَرُوا مِن قَومِهِ لِلّذِينَ استُضعِفُوافقابل بالمستكبرين المستضعفين و قال عز و جل ثُمّ بَعَثنا مِن بَعدِهِم مُوسي وَ هارُونَ إِلي فِرعَونَ وَ مَلَائِهِ بِآياتِنا فَاستَكبَرُوا وَ كانُوا قَوماً مُجرِمِينَنبه تعالي بقوله فَاستَكبَرُوا علي تكبرهم وإعجابهم بأنفسهم وتعظمهم عن الإصغاء إليه ونبه بقوله وَ كانُوا قَوماً مُجرِمِينَ علي أن ألذي حملهم علي ذلك هو ماتقدم من جرمهم فإن ذلك لم يكن شيئا حدث منهم بل كان ذلك دأبهم . قال فَالّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُنكِرَةٌ وَ هُم مُستَكبِرُونَ و قال بعده إِنّهُ لا يُحِبّ المُستَكبِرِينَ.


صفحه : 192

والتكبر يقال علي وجهين أحدهما أن تكون الأفعال الحسنة كثيرة في الحقيقة وزائدة علي محاسن غيره و علي هذاوصف الله تعالي بالمتكبر و قال تعالي العَزِيزُ الجَبّارُ المُتَكَبّرُالثاني‌ أن يكون متكلفا لذلك متشبعا و ذلك في وصف عامة الناس نحو قوله عز و جل فَبِئسَ مَثوَي المُتَكَبّرِينَ و قوله تعالي كَذلِكَ يَطبَعُ اللّهُ عَلي كُلّ قَلبِ مُتَكَبّرٍ جَبّارٍ و من وصف بالتكبر علي الوجه الأول فمحمود و من وصف به علي الوجه الثاني‌ فمذموم . ويدل علي أنه قديصح أن يوصف الإنسان بذلك و لا يكون مذموما قوله تعالي سَأَصرِفُ عَن آياتيِ‌َ الّذِينَ يَتَكَبّرُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقّفجعل المتكبرين بغير الحق مصروفا. والكبرياء هي‌ الترفع عن الانقياد و ذلك لايستحقه غير الله قال تعالي وَ لَهُ الكِبرِياءُ فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ و لماقلنا روُيِ‌َ عَنهُ ع يَقُولُ عَنِ اللّهِ تَعَالَي الكِبرِيَاءُ ردِاَئيِ‌ وَ العَظَمَةُ إزِاَريِ‌ فَمَن ناَزعَنَيِ‌ فِي شَيءٍ مِنهُمَا قَصَمتُهُ

قالُوا أَ جِئتَنا لِتَلفِتَنا عَمّا وَجَدنا عَلَيهِ آباءَنا وَ تَكُونَ لَكُمَا الكِبرِياءُ فِي الأَرضِ وَ ما نَحنُ لَكُما بِمُؤمِنِينَانتهي . وأقول الآيات والأخبار في ذم الكبر ومدح التواضع أكثر من أن تحصي قال الشهيد قدس الله روحه الكبر معصية والأخبار كثيرة في ذلك

قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَن يَدخُلَ الجَنّةَ مَن فِي قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرّةٍ مِنَ الكِبرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ أَحَدَنَا يُحِبّ أَن يَكُونَ ثَوبُهُ حَسَناً وَ فِعلُهُ حَسَناً فَقَالَ إِنّ اللّهَ جَمِيلٌ يُحِبّ الجَمَالَ وَ لَكِنّ الكِبرَ بَطَرُ الحَقّ وَ غَمصُ النّاسِ

.بطر الحق رده علي قائله والغمص بالصاد المهملة الاحتقار والحديث مؤول بما يؤدي‌ إلي الكفر أويراد أنه لايدخل الجنة مع دخول غيرالمتكبر بل بعده


صفحه : 193

و بعدالعذاب في النار و قدعلم منه أن التجمل ليس من التكبر في شيءانتهي . وقيل الكبر ينقسم إلي باطن وظاهر والباطن هوخلق في النفس والظاهر هوأعمال تصدر من الجوارح واسم الكبر بالخلق الباطن أحق و أماالأعمال فإنها ثمرات لذلك الخلق ولذلك إذاظهر علي الجوارح يقال له تكبر و إذا لم يظهر يقال له في نفسه كبر فالأصل هوالخلق ألذي في النفس و هوالاسترواح إلي رؤية النفس فوق المتكبر عليه فإن الكبر يستدعي‌ متكبرا عليه ومتكبرا به و به ينفصل الكبر عن العجب فإن العجب لايستدعي‌ غيرالمعجب .بل لو لم يخلق الإنسان إلاوحده تصور أن يكون معجبا و لايتصور أن يكون متكبرا إلا أن يكون مع غيره و هويري نفسه فوق ذلك الغير في صفات الكمال بأن يري لنفسه مرتبة ولغيره مرتبة ثم يري مرتبة نفسه فوق مرتبة غيره فعند هذه الاعتقادات الثلاثة يحصل فيه خلق الكبر لا أن هذه الرؤية هي‌ الكبر بل هذه الرؤية و هذه العقيدة تنفخ فيه فيحصل في قلبه اغترار وهزة وفرح وركون إلي مااعتقده و عز في نفسه بسبب ذلك فتلك العزة والهزة والركون إلي المعتقد هوخلق الكبر

وَ لِذَلِكَ قَالَ النّبِيّص أَعُوذُ بِكَ مِن نَفخَةِ الكِبرِيَاءِ

.فالكبر عبارة عن الحالة الحاصلة في النفس من هذه الاعتقادات ويسمي أيضا عزا وتعظما ولذلك قال ابن عباس في قوله تعالي إِن فِي صُدُورِهِم إِلّا كِبرٌ ما هُم بِبالِغِيهِ فقال عظمة لايبلغوها ثم هذه العزة تقتضي‌ أعمالا في الظاهر والباطن وهي‌ ثمراته ويسمي ذلك تكبرا فإنه مهما عظم عنده قدر نفسه بالإضافة إلي غيره حقر من دونه وازدراه وأقصاه من نفسه وأبعده وترفع عن مجالسته ومؤاكلته ورأي أن حقه أن يقوم ماثلا بين يديه إن اشتد كبره . فإن كان كبره أشد من ذلك استنكف عن استخدامه و لم يجعله أهلا للقيام بين يديه فإن كان دون ذلك يأنف عن مواساته ويتقدم عليه في مضايق الطرق وارتفع عليه في المحافل وانتظر أن يبدأه بالسلام و إن حاج أوناظر


صفحه : 194

استنكف أن يرد عليه و إن وعظ أنف من القبول و إن وعظ عنف في النصح و إن رد عليه شيء من قوله غضب و إن علم لم يرفق بالمتعلمين واستذلهم وانتهرهم وامتن عليهم واستخدمهم وينظر إلي العامة كماينظر إلي الحمير استجهالا لهم واستحقارا. والأعمال الصادرة من الكبر أكثر من أن تحصي فهذا هوالكبر وآفته عظيمة و فيه يهلك الخواص والعوام وكيف لاتعظم آفته

وَ قَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا يَدخُلُ الجَنّةَ مَن كَانَ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرّةٍ مِن كِبرٍ

. وإنما صار حجابا عن الجنة لأنه يحول بين المرء و بين أخلاق المؤمنين كلها وتلك الأخلاق هي‌ أبواب الجنة والكبر و عزالنفس تغلق تلك الأبواب كلها لأنه مع تلك الحالة لايقدر علي حبه للمؤمنين مايحب لنفسه و لا علي التواضع و هورأس أخلاق المتقين و لا علي كظم الغيظ و لا علي ترك الحقد و لا علي الصدق و لا علي ترك الحسد والغضب و لا علي النصح اللطيف و لا علي قبوله و لايسلم من الإزراء بالناس واغتيابهم فما من خلق ذميم إلا وصاحب الكبر والعز مضطر إليه ليحفظ به عزه و ما من خلق محمود إلا و هوعاجز عنه خوفا من أن يفوته عزه فعن هذا لم يدخل الجنة. وشر أنواع الكبر مايمنع من استفادة العلم وقبول الحق والانقياد له و فيه وردت الآيات التي‌ فيهاذم المتكبرين كقوله سبحانه وَ كُنتُم عَن آياتِهِ تَستَكبِرُونَ وأمثالها كثيرة

وَ لِذَلِكَ ذَكَرَ رَسُولُ اللّهِص جُحُودَ الحَقّ فِي حَدّ الكِبرِ وَ الكَشفِ عَن حَقِيقَتِهِ

وَ قَالَ مَن سَفِهَ الحَقّ وَ غَمَصَ النّاسَ

ثم اعلم أن المتكبر عليه هو الله أورسله أوسائر الخلق فهو بهذه الجهة ثلاثة أقسام الأول التكبر علي الله و هوأفحش أنواعه و لامثار له إلاالجهل المحض والطغيان مثل ما كان لنمرود وفرعون .الثاني‌ التكبر علي الرسل والأوصياء ع كقولهم أَ نُؤمِنُ لِبَشَرَينِ

مِثلِناوَ لَئِن أَطَعتُم بَشَراً مِثلَكُم إِنّكُم إِذاً لَخاسِرُونَ وقالوالَو لا أُنزِلَ عَلَينَا المَلائِكَةُ أَو نَري رَبّنا لَقَدِ استَكبَرُوا فِي أَنفُسِهِم وَ عَتَوا عُتُوّا كَبِيراً و هذاقريب من التكبر علي الله عز و جل و إن كان دونه ولكنه تكبر عن قبول أمر الله .الثالث التكبر علي العباد و ذلك بأن يستعظم نفسه ويستحقر غيره فتأبي نفسه عن الانقياد لهم وتدعوه إلي الترفع عليهم فيزدريهم ويستصغرهم ويأنف عن مساواتهم و هذا و إن كان دون الأول والثاني‌ فهو أيضا عظيم من وجهين .أحدهما أن الكبر والعزة والعظمة لايليق إلابالمالك القادر فأما العبد الضعيف الذليل المملوك العاجز ألذي لايقدر علي شيءفمن أين يليق به الكبر فمهما تكبر العبد فقد نازع الله تعالي في صفة لاتليق إلابجلاله و إلي هذاالمعني الإشارة بقوله تعالي العظمة إزاري‌ والكبرياء ردائي‌ فمن نازعني‌ فيهما قصمته أي أنه خاص صفتي‌ و لايليق إلابي‌ والمنازع فيه منازع في صفة من صفاتي‌ فإذا كان التكبر علي عباده لايليق إلا به فمن تكبر علي عباده فقد جني عليه إذ ألذي استرذل خواص غلمان الملك ويستخدمهم ويترفع عليهم ويستأثر بما حق الملك أن يستأثر به منهم فهو منازع له في بعض أمره و إن لم يبلغ درجته درجة من أراد الجلوس علي سريره والاستبداد بملكه كمدعي‌ الربوبية. والوجه الثاني‌ أنه يدعو إلي مخالفة الله تعالي في أوامره لأن المتكبر إذاسمع الحق من عبد من عباد الله استنكف عن قبوله ويتشمر بجحده ولذلك تري المناظرين في مسائل الدين يزعمون أنهم يتباحثون عن أسرار الدين


صفحه : 196

ثم إنهم يتجاحدون تجاحد المتكبرين ومهما اتضح الحق علي لسان أحدهم أنف الآخر من قبوله ويتشمر بجحده ويحتال لدفعه بما يقدر عليه من التلبيس و ذلك من أخلاق الكافرين والمنافقين إذ وصفهم الله تعالي فقال وَ قالَ الّذِينَ كَفَرُوا لا تَسمَعُوا لِهذَا القُرآنِ وَ الغَوا فِيهِ لَعَلّكُم تَغلِبُونَ وكذلك يحمل ذلك علي الأنفة من قبول الوعظ كما قال تعالي وَ إِذا قِيلَ لَهُ اتّقِ اللّهَ أَخَذَتهُ العِزّةُ بِالإِثمِ وتكبر إبليس من ذلك .فهذه آفة من آفات الكبر عظيمة.

وَ لِذَلِكَ شَرَحَ رَسُولُ اللّهِص الكِبرَ بِهَاتَينِ الآفَتَينِ إِذ سَأَلَهُ ثَابِتُ بنُ قَيسٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِص إنِيّ‌ امرُؤٌ حُبّبَ إلِيَ‌ّ مِنَ الجَمَالِ مَا تَرَي أَ فَمِنَ الكِبرِ هُوَ فَقَالَص لَا وَ لَكِنّ الكِبرَ مِن بَطَرِ الحَقّ وَ غَمصِ النّاسِ

وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِن سَفَهِ الحَقّ

و قوله غمص الناس أي ازدراهم واستحقرهم وهم عباد الله أمثاله وخير منه و هذه الآفة الأولي و قوله سفه الحق هورده به و هذه الآفة الثانية. ثم اعلم أنه لايتكبر إلا من استعظم نفسه و لايستعظمها إلا و هويعتقد لها صفة من صفات الكمال ومجامع ذلك يرجع إلي كمال ديني‌ أودنيوي‌ والديني‌ هوالعلم والعمل والدنيوي‌ هوالنسب والجمال والقوة والمال وكثرة الأنصار فهذه سبعة.الأول العلم و ماأسرع الكبر إلي العلماء

وَ لِذَلِكَ قَالَص آفَةُ العِلمِ الخُيَلَاءُ

فهو يتعزز بعز العلم ويستعظم نفسه ويستحقر الناس وينظر إليهم نظرة إلي البهائم ويتوقع منهم الإكرام والابتداء بالسلام ويستخدمهم و لايعتني‌ بشأنهن هذافيما يتعلق بالدنيا و أما في الآخرة فبأن يري نفسه عند الله أعلي وأفضل منهم فيخاف عليهم أكثر مما يخافه علي نفسه ويرجو لنفسه أكثر مما يرجو لهم و هذابأن يسمي جاهلا أولي من أن يسمي عالما بل العلم الحقيقي‌


صفحه : 197

هو ألذي يعرف الإنسان به نفسه وربه وخطر الخاتمة وحجة الله علي العلماء وعظم خطر العمل فيه و هذه العلوم تزيد خوفا وتواضعا وتخشعا ويقتضي‌ أن يري أن كل الناس خير منه لعظم حجة الله عليه بالعلم وتقصيره في القيام بشكر نعمة العلم . فإن قلت فما بال بعض الناس يزداد بالعلم كبرا وأمنا.فاعلم أن له سببين أحدهما أن يكون اشتغاله بما يسمي علما و ليس بعلم حقيقي‌ وإنما العلم الحقيقي‌ مايعرف العبد به نفسه وربه وخطر أمره في لقاء الله والحجاب عنه و هذايورث الخشية والتواضع دون الكبر والأمن قال الله تعالي إِنّما يَخشَي اللّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُفأما ماوراء ذلك كعلم الطب والحساب واللغة والشعر والنحو وفصل الخصومات وطرق المجادلات فإذاتجرد الإنسان لها حتي امتلأ بهاامتلأ كبرا ونفاقا و هذه بأن تسمي صناعات أولي بأن تسمي علوما بل العلم هومعرفة العبودية والربوبية وطريق العبادة و هذايورث التواضع غالبا.السبب الثاني‌ أن يخوض العبد في العلم و هوخبيث الدخلة ردي‌ النفس سيئ الأخلاق فلم يشتغل أولا بتهذيب نفسه وتزكية قلبه بأنواع المجاهدات و لم يرض نفسه في عبادة ربه فبقي‌ خبيث الجوهر فإذاخاض في العلم أي علم كان صادف العلم من قلبه منزلا خبيثا فلم يطب ثمره و لم يظهر في الخير أثره . و قدضرب وهب لهذا مثلا فقال العلم كالغيث ينزل من السماء حلوا صافيا فتشربه الأشجار بعروقها فتحوله علي قدر طعومها فيزداد المر مرارة والحلو حلاوة وكذلك العلم يحفظه الرجال فيحوله علي قدر هممهم وأهوائهم فيزيد المتكبر تكبرا والمتواضع تواضعا و هذالأن من كانت همته الكبر و هوجاهل فإذاحفظ العلم وجد مايتكبر به فازداد كبرا و إذا كان الرجل خائفا مع جهله فإذاازداد علما علم أن الحجة قدأكدت عليه فيزداد خوفا وإشفاقا وتواضعا فالعلم من أعظم ما به يتكبر.


صفحه : 198

الثاني‌ العمل والعبادة و ليس يخلو عن رذيلة العز والكبر واستمالة قلوب الناس الزهاد والعباد ويترشح الكبر منهم في الدنيا والدين أماالدنيا فهو أنهم يرون غيرهم بزيارتهم أولي من أنفسهم بزيارة غيرهم ويتوقعون قيام الناس بحوائجهم وتوقيرهم والتوسيع لهم في المجالس وذكرهم بالورع والتقوي وتقديمهم علي سائر الناس في الحظوظ إلي غير ذلك مما مر في حق العلماء وكأنهم يرون عبادتهم منه علي الخلق . و أما في الدين فهو أن يري الناس هالكين ويري نفسه ناجيا و هوالهالك تحقيقا مهما رأي ذلك

قَالَ النّبِيّص إِذَا سَمِعتُمُ الرّجُلَ يَقُولُ هَلَكَ النّاسُ فَهُوَ أَهلَكُهُم

وَ روُيِ‌َ أَنّ رَجُلًا فِي بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ خَلِيعُ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ لِكَثرَةِ فَسَادِهِ مَرّ بِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ عَابِدُ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ وَ كَانَت عَلَي رَأسِ العَابِدِ غَمَامَةٌ تُظِلّهُ لَمّا مَرّ الخَلِيعُ بِهِ فَقَالَ الخَلِيعُ فِي نَفسِهِ أَنَا خَلِيعُ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ كَيفَ أَجلِسُ بِجَنبِهِ وَ قَالَ العَابِدُ هُوَ خَلِيعُ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ كَيفَ يَجلِسُ إلِيَ‌ّ فَأَنِفَ مِنهُ وَ قَالَ لَهُ قُم عنَيّ‌ فَأَوحَي اللّهُ إِلَي نبَيِ‌ّ ذَلِكَ الزّمَانِ مُرهُمَا فَليَستَأنِفَا العَمَلَ فَقَد غَفَرتُ لِلخَلِيعِ وَ أَحبَطتُ عَمَلَ العَابِدِ

وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فَتَحَوّلَتِ الغَمَامَةُ إِلَي رَأسِ الخَلِيعِ

. و هذه آفة لاينفك عنها أحد من العباد إلا من عصمه الله لكن العلماء والعباد في آفة الكبر علي ثلاث درجات .الدرجة الأولي أن يكون الكبر مستقرا في قلبه يري نفسه خيرا من غيره إلا أنه يجتهد ويتواضع ويفعل فعل من يري غيره خيرا من نفسه و هذا قدرسخت في قلبه شجرة الكبر ولكنه قطع أغصانها بالكلية.الثانية أن يظهر ذلك علي أفعاله بالترفع في المجالس والتقدم علي الأقران وإظهار الإنكار علي من يقصر في حقه وأدني ذلك في العالم أن يصعر خده للناس كأنه معرض عنهم و في العابد أن يعبس وجهه ويقطب جبينه كأنه متنزه عن الناس مستقذر لهم أوغضبان عليهم و ليس يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة حتي يقبطها و لا في الوجه حتي يعبس و لا في الخد حتي يصعر و لا


صفحه : 199

في الرقبة حتي يطأطئ و لا في الذيل حتي يضم إنما الورع في القلوب قال ص التقوي هاهنا وأشار إلي صدره . وهؤلاء أخف حالا ممن هو في المرتبة الثالثة و هو ألذي يظهر الكبر علي لسانه حتي يدعوه إلي الدعوي‌ والمفاخرة والمباهاة وتزكية النفس أماالعابد فإنه يقول في معرض التفاخر لغيره من العباد من هو و ماعمله و من أين زهده فيطيل اللسان فيهم بالتنقص ثم يثني‌ علي نفسه و يقول إني‌ لم أفطر منذ كذا وكذا و لاأنام بالليل وفلان ليس كذلك و قديزكي‌ نفسه ضمنا فيقول قصدني‌ فلان فهلك ولده وأخذ ماله أومرض و مايجري‌ مجراه هذايدعي‌ الكرامة لنفسه . و أماالعالم فإنه يتفاخر و يقول أنامتفنن في العلوم ومطلع علي الحقائق رأيت من الشيوخ فلانا وفلانا و من أنت و مافضلك و من لقيته و من ذا ألذي سمعت من الحديث كل ذلك ليصغره ويعظم نفسه فهذا كله أخلاق الكبر وآثاره التي‌ يثمرها التعزز بالعلم والعمل وأين من يخلو عن جميع ذلك أو عن بعضه ياليت شعري‌ من عرف هذه الأخلاق من نفسه

وَ سَمِعَ قَولَ رَسُولِ اللّهِص لَا يَدخُلُ الجَنّةَ مَن كَانَ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ مِن كِبرٍ

كيف يستعظم نفسه ويتكبر علي غيره و هوبقول رسول الله ص من أهل النار وإنما العظيم من خلا عن هذا و من خلا عنه لم يكن فيه تعظم وتكبر.الثالث التكبر بالنسب والحسب فالذي‌ له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب و إن كان أرفع منه عملا وعلما وثمرته علي اللسان التفاخر به و ذلك عرق رقيق في النفس لاينفك عنه نسيب و إن كان صالحا أوعاقلا إلا أنه قد لايترشح منه عنداعتدال الأحوال فإن غلب غضب أطفأ ذلك نور بصيرته وترشح منه .الرابع التفاخر بالجمال و ذلك يجري‌ أكثره بين النساء ويدعو ذلك إلي التنقص والتسبب والغيبة وذكر عيوب الناس .الخامس الكبر بالمال و ذلك يجري‌ بين الملوك في الخزائن و بين التجار


صفحه : 200

في بضائعهم و بين الدهاقين في أراضيهم و بين المتجملين في لباسهم وخيولهم ومراكبهم فيستحقر الغني‌ الفقير ويتكبر عليه و من ذلك تكبر قارون .السادس الكبر بالقوة وشدة البطش والتكبر به علي أهل الضعف .السابع التكبر بالأتباع والأنصار والتلاميذ والغلمان والعشيرة والأقارب والبنين ويجري‌ ذلك بين الملوك في المكاثرة في الجنود و بين العلماء بالمكاثرة بالمستفيدين وبالجملة فكل ما هونعمة وأمكن أن يعتقد كمالا و إن لم يكن في نفسه كمالا أمكن أن يتكبر به حتي أن المخنث ليتكبر علي أقرانه بزيادة قدرته ومعرفته في صفة المخنثين لأنه يري ذلك كمالا فيفتخر به و إن لم يكن فعله إلانكالا. و أمابيان البواعث علي التكبر فاعلم أن الكبر خلق باطن و أما مايظهر من الأخلاق والأعمال فهو ثمرتها ونتيجتها وينبغي‌ أن يسمي تكبرا ويخص اسم الكبر بالمعني الباطن ألذي هواستعظام النفس ورؤية قدر لها فوق قدر الغير و هذاالباب الباطن له موجب واحد و هوالعجب فإنه إذاأعجب بنفسه وبعلمه وعمله أوبشي‌ء من أسبابه استعظم نفسه وتكبر و أماالكبر الظاهر فأسبابه ثلاثة سبب في المتكبر وسبب في المتكبر عليه وسبب يتعلق بغيرهما أماالسبب ألذي في المتكبر فهو العجب و ألذي يتعلق بالمتكبر عليه فهو الحقد والحسد و ألذي يتعلق بغيرهما هوالرئاء فالأسباب بهذا الاعتبار أربعة العجب والحقد والحسد والرئاء. أماالعجب فقد ذكرنا أنه يورث الكبر الباطن والكبر الباطن يثمر التكبر الظاهر في الأعمال والأقوال والأفعال . و أماالحقد فإنه قديحمل علي التكبر من غيرعجب ويحمله ذلك علي رد الحق إذاجاء من جهته و علي الأنفة من قبول نصحه و علي أن يجتهد في التقدم عليه و إن علم أنه لايستحق ذلك . و أماالحسد فإنه يوجب البغض للمحسود و إن لم يكن من جهته إيذاء


صفحه : 201

وسبب يقتضي‌ الغضب والحقد ويدعو الحسد أيضا إلي جحد الحق حتي يمتنع من قبول النصح وتعلم العلم فكم من جاهل يشتاق إلي العلم و قدبقي‌ في الجهل لاستنكافه أن يستفيد من واحد من أهل بلده وأقاربه حسدا وبغيا عليه . و أماالرئاء فهو أيضا يدعو إلي أخلاق المتكبرين حتي أن الرجل ليناظر من يعلم أنه أفضل منه و ليس بينه وبينه معرفة و لامحاسدة و لاحقد ولكن يمتنع من قبول الحق منه خيفة من أن يقول الناس إنه أفضل منه . و أمامعالجة الكبر واكتساب التواضع فهو علمي‌ وعملي‌ أماالعلمي‌ فهو أن يعرف نفسه وربه ويكفيه ذلك في إزالته فإنه مهما عرف نفسه حق المعرفة علم أنه أذل من كل ذليل وأقل من كل قليل بذاته و أنه لايليق به إلاالتواضع والذلة والمهانة و إذاعرف ربه علم أنه لايليق العظمة والكبرياء إلابالله . أمامعرفة ربه وعظمته ومجده فالقول فيه يطول و هومنتهي علم الصديقين و أمامعرفة نفسه فكذلك أيضا يطول ويكفيه أن يعرف معني آية واحدة من كتاب الله تعالي فإنه في القرآن علم الأولين والآخرين لمن فتحت بصيرته و قد قال تعالي قُتِلَ الإِنسانُ ما أَكفَرَهُ مِن أَيّ شَيءٍ خَلَقَهُ مِن نُطفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدّرَهُ ثُمّ السّبِيلَ يَسّرَهُ ثُمّ أَماتَهُ فَأَقبَرَهُ ثُمّ إِذا شاءَ أَنشَرَهُفقد أشار الآية إلي أول خلق الإنسان و إلي آخر أمره و إلي وسطه فلينظر الإنسان ذلك ليفهم معني هذه الآية أماأول الإنسان فهو أنه لم يكن شيئا مذكورا و قد كان ذلك في كتم العدم دهورا بل لم يكن لعدمه أول فأي‌ شيءأخس وأقل من المحو والعدم و قد كان كذلك في القدم ثم خلقه الله تعالي من أذل الأشياء ثم من أقذرها إذ خلقه مِن تُرابٍ ثُمّ مِن نُطفَةٍ ثُمّ مِن عَلَقَةٍ ثُمّ مِن مُضغَةٍ ثم جعله عظاما ثم كسي العظام لحما.فقد كان هذابداية وجوده حيث صار شيئا مذكورا فما صار مذكورا إلا


صفحه : 202

و هو علي أخس الأوصاف والنعوت إذ لم يخلق في ابتدائه كاملا بل خلقه جمادا ميتا لايسمع و لايبصر و لايحس و لايتحرك و لاينطق و لايبطش و لايدرك و لايعلم فبدأ بموته قبل حياته وبضعفه قبل قوته وبجهله قبل علمه وبعماه قبل بصره وبصممه قبل سمعه وببكمه قبل نطقه وبضلالته قبل هداه وبفقره قبل غناه وبعجزه قبل قدرته .فهذا معني قوله تعالي هَل أَتي عَلَي الإِنسانِ حِينٌ مِنَ الدّهرِ لَم يَكُن شَيئاً مَذكُوراً إِنّا خَلَقنَا الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ نَبتَلِيهِكذلك خلقه أولا ثم امتن عليه فقال ثُمّ السّبِيلَ يَسّرَهُ و هذه إشارة إلي ماتيسر له في مدة حياته إلي الموت ولذلك قال مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ نَبتَلِيهِ فَجَعَلناهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنّا هَدَيناهُ السّبِيلَ ومعناه أنه أحياه بعد أن كان جمادا ميتا ترابا أولا ونطفة ثانيا وأبصره بعد ما كان فاقد البصر وقواه بعدالضعف وعلمه بعدالجهل وخلق له الأعضاء بما فيها من العجائب والآيات بعدالفقد لها وأغناه بعدالفقر وأشبعه بعدالجوع وكساه بعدالعري وهداه بعدالضلال .فانظر كيف دبره وصوره و إلي السبيل كيف يسره و إلي طغيان الإنسان ماأكفره و إلي جهل الإنسان كيف أظهره فقال تعالي أَ وَ لَم يَرَ الإِنسانُ أَنّا خَلَقناهُ مِن نُطفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌوَ مِن آياتِهِ أَن خَلَقَكُم مِن تُرابٍ ثُمّ إِذا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَفانظر إلي نعمة الله عليه كيف نقله من تلك القلة والذلة والخسة والقذارة إلي هذه الرفعة والكرامة فصار موجودا بعدالعدم وحيا بعدالموت وناطقا بعدالبكم وبصيرا بعدالعمي وقويا بعدالضعف وعالما بعدالجهل ومهديا بعدالضلالة وقادرا بعدالعجز وغنيا بعدالفقر فكان في ذاته لا شيء و أي شيءأخس من لا شيء و أي قلة أقل من العدم المحض ثم صار بالله شيئا وإنما خلقه من التراب الذليل والنطفة القذرة بعدالعدم المحض ليعرفه خسة ذاته فيعرف به نفسه وإنما أكمل


صفحه : 203

النعمة عليه ليعرف بهاربه ويعلم بهاعظمته وجلاله و أنه لايليق الكبرياء إلا به عز و جل .فلذلك امتنّ عليه فقال تعالي أَ لَم نَجعَل لَهُ عَينَينِ وَ لِساناً وَ شَفَتَينِ وَ هَدَيناهُ النّجدَينِ وعرف خسته أولا فقال أَ لَم يَكُ نُطفَةً مِن منَيِ‌ّ يُمني ثُمّ كانَ عَلَقَةً ثم ذكر مننه فقال فَخَلَقَ فَسَوّي فَجَعَلَ مِنهُ الزّوجَينِ الذّكَرَ وَ الأُنثيليدوم وجوده بالتناسل كماحصل وجوده ابتداء بالاختراع فمن كان هذابدؤه و هذاأحواله فمن أين له البطر والكبرياء والفخر والخيلاء و هو علي التحقيق أخسّ الأخسّاء وأضعف الضعفاء.نعم لوأكمله وفوض إليه أمره وأدام له الوجود باختياره لجاز أن يطغي وينسي المبدأ والمنتهي ولكنه سلط عليه في دوام وجوده الأمراض الهائلة والأسقام العظيمة والآفات المختلفة والطبائع المتضادة من المرة والبلغم والريح والدم ليهدم البعض من أجزائه البعض شاء أم أبي رضي‌ أم سخط فيجوع كرها ويعطش كرها ويمرض كرها ويموت كرها لايملك لنفسه نفعا و لاضرا و لاخيرا و لاشرا يريد أن يعلم الشي‌ء فيجهله ويريد أن يذكر الشي‌ء فينساه ويريد أن ينسي الشي‌ء فيغفل عنه فلايغفل ويريد أن يصرف قلبه إلي مايهمه فيجول في أودية الوسواس والأفكار بالاضطرار فلايملك قلبه قلبه و لانفسه نفسه .يشتهي‌ الشي‌ء وربما يكون هلاكه فيه ويكره الشي‌ء و يكون حياته فيه يستلذ الأطعمة فتهلكه وترديه ويستبشع الأدوية وهي‌ تنفعه وتحييه لايأمن في لحظة من ليله ونهاره أن يسلب سمعه وبصره وعلمه وقدرته وتفلج أعضاؤه ويختلس عقله ويختطف روحه ويسلب جميع مايهواه في دنياه و هومضطر ذليل إن ترك مابقي‌ و إن اختطف فني‌ عبدمملوك لايقدر علي شيء من نفسه و لا من غيره فأي‌ شيءأذل منه لوعرف نفسه وأني يليق الكبر به لو لاجهله .


صفحه : 204

فهذا أوسط أحواله فليتأمله و أماآخره ومورده فهو الموت المشار إليه بقوله تعالي ثُمّ أَماتَهُ فَأَقبَرَهُ ثُمّ إِذا شاءَ أَنشَرَهُ ومعناه أنه يسلب روحه وسمعه وبصره وعلمه وقدرته وحسه وإدراكه وحركته فيعود جمادا كما كان أول مرة لاتبقي إلاشبه أعضائه و لاصورته لاحس فيها و لاحركة ثم يوضع في التراب فيصير جيفة منتنة قذرة كما كان في الأول نطفة قذرة ثم تبلي أعضاؤه وصورته وتفتت أجزاؤه وتنخر عظامه فتصير رميما ورفاتا فتأكل الدود أجزاءه فيبتد‌ئ بحدقتيه فيقلعهما وبخديه فيقطعهما وبسائر أجزائه فتصير روثا في أجواف الديدان وتكون جيفة تهرب منه الحيوان ويستقذره كل إنسان ويهرب منه لشدة الإنتان وأحسن أحواله أن يعود إلي ما كان فيصير ترابا يعمل منه الكيزان أويعمر به البنيان ويصير مفقودا بعد ما كان موجودا وصار كأن لم يغن بالأمس حصيدا كما كان أول مرة أمدا مديدا. وليته بقي‌ كذلك فما أحسنه لوترك ترابا لابل يحييه بعدطول البلي ليقاسي‌ شدائد البلاء فيخرج من قبره بعدجمع أجزائه المتفرقة ويخرج إلي أهوال القيامة فينظر إلي قيامة قائمة وسماء ممزقة مشققة وأرض مبدلة وجبال مسيرة ونجوم منكدرة وشمس منكسفة وأحوال مظلمة وملائكة غلاظ شداد وجحيم تزفر وجنة ينظر إليها المجرم فيتحسر. ويري صحائف منشورة فيقال له اقرَأ كِتابَكَفيقول و ما هوفيقال كان قدوكل بك في حياتك التي‌ كنت تفرح بها وتتكبر بنعيمها وتفتخر بأسبابها ملكان رقيبان يكتبان عليك ماتنطق به أوتعمله من قليل وكثير ونقير وقطمير وأكل وشرب وقيام وقعود و قدنسيت ذلك وأحصاه الله فهلم إلي الحساب واستعد للجواب أويساق إلي دار العذاب فينقطع قلبه هول هذاالخطاب من قبل أن ينشر الصحف ويشاهد ما فيها من مخازيه فإذاشاهدها قال يا وَيلَتَنا ما لِهذَا


صفحه : 205

الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلّا أَحصاهافهذا آخر أمره و هومعني قوله عز و جل ثُمّ إِذا شاءَ أَنشَرَهُفما لمن هذاحاله والتكبر بل ما له وللفرح في لحظة فضلا عن البطر والتجبر فقد ظهر له أول حاله ووسطه و لوظهر آخره والعياذ بالله ربما اختار أن يكون كلبا وخنزيرا ليصير مع البهائم ترابا و لا يكون إنسانا يسمع خطابا ويلقي عذابا و إن كان عند الله مستحقا للنار فالخنزير أشرف منه وأطيب وأرفع إذ أوله التراب وآخره التراب و هوبمعزل عن الحساب والعذاب والكلب والخنزير لايهرب منه الخلق . و لورأي أهل الدنيا العبد المذنب في النار لصعقوا من وحشة خلقته وقبح صورته و لووجدوا ريحه لماتوا من نتنه و لووقعت قطرة من شرابه ألذي يسقاه في بحار الدنيا لصارت أنتن من الجيف فمن هذاحاله في العاقبة إلا أن يعفي عنه و هو علي شك من العفو فكيف يتكبر وكيف يري نفسه شيئا حتي يعتقد لها فضلا و أي عبد لم يذنب ذنبا استحق به العقوبة إلا أن يعفو الكريم بفضله . أرأيت من جني علي بعض الملوك بما استحق به ألف سوط فحبس في السجن و هومنتظر أن يخرج إلي العرض ويقام عليه العقوبة علي ملإ من الخلق و ليس يدري‌ أيعفي عنه أم لافكيف يكون ذلة في السجن و ما من عبدمذنب إلا والدنيا سجنه و قداستحق العقوبة من الله تعالي و لايدري‌ كيف يكون أمره فيكفيه ذلك حزنا وخوفا وإشفاقا ومهانة وذلا.فهذا هوالعلاج العلمي‌ القاطع لأصل الكبر و أماالعلاج العملي‌ فهو التواضع بالفعل لله تعالي ولسائر الخلق بالمواظبة علي أخلاق المتواضعين و ماوصل إليه من أحوال الصالحين و من أحوال رسول الله ص حتي أنه كان يأكل علي الأرض و يقول إنما أنا عبدآكل كمايأكل العبد. وقيل لسلمان لم لاتلبس ثوبا جيدا فقال إنما أنا عبد فإذاأعتقت يوما لبست أشار به إلي العتق في الآخرة.


صفحه : 206

و لايتم التواضع بعدالمعرفة إلابالعمل فمن عرف نفسه فلينظر إلي كل مايتقاضاه الكبر من الأفعال فليواظب علي نقيضها حتي يصير التواضع له خلقا و قدورد في الأخبار الكثيرة علاج الكبر بالأعمال وبيان أخلاق المتواضعين .قيل اعلم أن التكبر يظهر في شمائل الرجل كصعر في وجهه ونظره شزرا وإطراقه رأسه وجلوسه متربعا ومتكئا و في أقواله حتي في صوته ونغمته وصفته في الإيراد ويظهر في مشيته وتبختره وقيامه وجلوسه في حركاته وسكناته و في تعاطيه لأفعاله وسائر تقلباته في أقواله وأفعاله وأعماله .فمن المتكبرين من يجمع ذلك كله ومنهم من يتكبر في بعض فمنها التكبر بأن يحب قيام الناس له أو بين يديه وَ قَد قَالَ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ مَن أَرَادَ أَن يَنظُرَ إِلَي رَجُلٍ مِن أَهلِ النّارِ فَليَنظُر إِلَي رَجُلٍ قَاعِدٍ وَ بَينَ يَدَيهِ قَومٌ قِيَامٌ

و قال أنس لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله ص وكانوا إذارأوه لايقومون له لمايعلمون من كراهته لذلك . ومنها أن لايمشي‌ إلا ومعه غيره يمشي‌ خلفه . قال أبوالدرداء لايزال العبد يزداد من الله بعدا مامشي خلفه و كان رسول الله ص في بعض الأوقات يمشي‌ مع الأصحاب فيأمرهم بالتقدم ويمشي‌ في غمارهم ومنها أن لايزور غيره و إن كان يحصل من زيارته خير لغيره في الدين و هوضد التواضع . ومنها أن يستنكف من جلوس غيره بالقرب منه إلا أن يجلس بين يديه والتواضع خلافه قال أنس كانت الوليدة من ولائد المدينة تأخذ بيد رسول الله ص و لاينزع منها يده حتي تذهب به حيث شاءت . ومنها أن يتوقي مجالسة المرضي والمعلولين ويتحاشي عنهم و هوكبر دخل رجل علي رسول الله ص و عليه جدري‌ قديقشر وعنده أصحابه يأكلون فما جلس عندأحد إلاقام من جنبه فأجلسه النبي ص بجنبه . ومنها أن لايتعاطي بيده شغلا في بيته والتواضع خلافه ومنها أن لايأخذ


صفحه : 207

متاعا ويحمله إلي بيته و هذاخلاف عادة المتواضعين كان رسول الله يفعل ذلك

وَ قَالَ عَلِيّ ع لَا يَنقُصُ الرّجُلُ مِن كَمَالِهِ مَا حَمَلَ مِن شَيءٍ إِلَي عِيَالِهِ

وَ قَالَ بَعضُهُم رَأَيتُ عَلِيّاً اشتَرَي لَحماً بِدِرهَمٍ فَحَمَلَهُ فِي مِلحَفَتِهِ فَقَالَ أَحمِلُ عَنكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ لَا أَبُو العِيَالِ أَحَقّ أَن يَحمِلَ

. ومنها اللباس إذ يظهر به التكبر والتواضع

وَ قَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ

قيل هي‌ الدون من الثياب

وَ عُوتِبَ عَلِيّ ع فِي إِزَارٍ مَرقُوعٍ فَقَالَ يقَتدَيِ‌ بِهِ المُؤمِنُ وَ يَخشَعُ لَهُ القَلبُ

وَ قَالَ عِيسَي ع جَودَةُ الثّيَابِ خُيَلَاءُ القَلبِ

وَ قَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن تَرَكَ زِينَةً لِلّهِ وَ وَضَعَ ثِيَاباً حَسَنَةً تَوَاضُعاً لِلّهِ وَ ابتِغَاءَ وَجهِهِ كَانَ حَقّاً عَلَي اللّهِ أَن يُدخِلَهُ عبَقرَيِ‌ّ الجَنّةِ

فإن قلت فقد قال عيسي ع جودة الثياب خيلاء القلب

وَ قَد سُئِلَ نَبِيّنَاص مِنَ الجَمَالِ فِي الثّيَابِ هَل هُوَ مِنَ الكِبرِ فَقَالَ لَا وَ لَكِنّ الكِبرَ مِن سَفَهِ الحَقّ وَ غَمصِ النّاسِ

فكيف طريق الجمع بينهما.فاعلم أن الثوب الجيد ليس من ضرورته أن يكون من التكبر في حق كل أحد في كل حال و هو ألذي أشار إليه رسول الله ص و هو ألذي عرفه رسول الله ص من حال ثابت بن قيس إذ قال إني‌ امرؤ حبب إلي‌ الجمال ماتري فعرفه أن ميله إلي النظافة وجودة الثياب لاليتكبر علي غيره فإنه ليس من ضرورته أن يكون من الكبر و قد يكون ذلك من الكبر كما أن الرضا بالثوب الدون قد يكون من التواضع فإذاانقسمت الأحوال نزل قول عيسي ع علي بعض الأحوال علي أن قوله خيلاء القلب يعني‌ قديورث خيلاء في القلب وقول نبينا إنه ليس من الكبر يعني‌ أن الكبر لايوجبه ويجوز أن لايوجبه الكبر ثم يكون هومورثا للكبر. وبالجملة فالأحوال تختلف في مثل هذا والمحمود الوسط من اللباس ألذي لايوجب شهرة بالجودة و لابالرذالة

وَ قَد قَالَص كُلُوا وَ اشرَبُوا وَ البَسُوا وَ تَصَدّقُوا فِي غَيرِ سَرَفٍ وَ لَا بُخلٍ إِنّ اللّهَ يُحِبّ أَن يَرَي أَثَرَ نِعمَتِهِ عَلَي عَبدِهِ

.


صفحه : 208

و قال بكر بن عبد الله المزني‌ البسوا ثياب الملوك وأميتوا قلوبكم بالخشية وإنما خاطب بهذا قوما يطلبون التكبر بثياب أهل الصلاح

وَ قَالَ عِيسَي ع مَا لَكُم تأَتوُنيّ‌ وَ عَلَيكُم ثِيَابُ الرّهبَانِ وَ قُلُوبُكُم قُلُوبُ الذّئَابِ الضوّاَريِ‌ البَسُوا ثِيَابَ المُلُوكِ وَ أَلِينُوا قُلُوبَكُم بِالخَشيَةِ

. ومنها أن يتواضع بالاحتمال إذاسب وأوذي‌ وأخذ حقه فذلك هوالأفضل . وبالجملة فمجامع حسن الأخلاق والتواضع سيرة رسول الله ص فبه ينبغي‌ أن يقتدي و منه ينبغي‌ أن يتعلم و قد قال ابن أبي سلمة قلت لأبي‌ سعيد الخدري‌ ماتري في ماأحدث الناس من الملبس والمشرب والمركب والمطعم فقال يا ابن أخي‌ كل لله واشرب لله و كل شيء من ذلك دخله زهو أومباهاة أورئاء أوسمعة فهو معصية وسرف . وعالج في بيتك من الخدمة ما كان رسول الله ص يعالج في بيته كان يعلف الناضح ويعقل البعير ويقمّ البيت ويحلب الشاة ويخصف النعل ويرقع الثوب ويأكل مع خادمه ويطحن عنه إذاأعيا ويشتري‌ الشي‌ء من السوق و لايمنعه الحياء أن يعلقه بيده أويجعله في طرف ثوبه فينقلب إلي أهله يصافح الغني‌ والفقير والصغير والكبير ويسلم مبتدئا علي كل من استقبله من صغير أوكبير أسود أوأحمر حر أو عبد من أهل الصلاة. ليس له حلة لمدخله وحلة لمخرجه لايستحيي‌ من أن يجيب إذادعي‌ و إن كان أشعث أغبر و لايحقر مادعي‌ إليه و إن لم يجد إلاحشف الدقل لايرفع غداء لعشاء و لاعشاء لغداء هين المقولة لين الخلقة كريم الطبيعة جميل المعاشرة طلق الوجه بساما من غيرضحك محزونا من غيرعبوس شديدا من غيرعنف متواضعا من غيرمذلة جوادا من غيرسرف رحيما بكل


صفحه : 209

ذي‌ قربي قريبا من كل ذمي‌ ومسلم رقيق القلب دائم الإطراق لم يبشم قط من شبع و لايمد يده إلي طمع . قال أبوسلمة فدخلت علي عائشة فحدثتها كل هذا من أبي سعيد فقالت ماأخطأ فيه حرفا ولقد قصر إذ ماأخبرك أن رسول الله ص لم يمتلئ قط شبعا و لم يبث إلي أحد شكوي و إن كانت الفاقة أحب إليه من اليسار والغني و إن كان ليظل جائعا يتلوي ليلته حتي يصبح فما يمنعه ذلك عن صيام يومه و لوشاء أن يسأل ربه فيؤتي كنوز الأرض وثمارها ورغد عيشها من مشارقها ومغاربها لفعل . وربما بكيت رحمة له مما أوتي‌ من الجوع فأمسح بطنه بيدي‌ فأقول نفسي‌ لك الفداء لوتبلغت من الدنيا بقدر مايقوتك ويمنعك من الجوع فيقول ياعائشة إخواني‌ من أولي‌ العزم من الرسل قدصبروا علي ما هوأشد من هذافمضوا علي حالهم فقدموا علي ربهم فأكرم مآبهم وأجزل ثوابهم فأجدني‌ أستحيي‌ إن ترفهت في معيشتي‌ أن يقصر بي‌ دونهم فأصبر أياما يسيرة أحب إلي‌ من أن ينقص حظي‌ غدا في الآخرة و ما من شيءأحب إلي‌ من اللحوق بإخواني‌ وأخلائي‌ فقالت عائشة فو الله مااستكمل بعد ذلك جمعة حتي قبضه الله تعالي .فما نقل من أخلاقه ص يجمع جملة أخلاق المتواضعين فمن طلب التواضع فليقتد به و من رأي نفسه فوق محله ص و لم يرض لنفسه بما رضي‌ هو به فما أشد جهله فلقد كان رسول الله ص أعظم خلق الله تعالي منصبا في الدين والدنيا فلاعزة و لارفعة إلا في الاقتداء به ولذلك لماعوتب بعض الصحابة في بذاذة هيئته قال أناقوم أعزنا الله تعالي بالإسلام فلانطلب العز في غيره

2-كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَنِ ابنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي العَلَاءِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُالكِبرُ قَد يَكُونُ


صفحه : 210

فِي شِرَارِ النّاسِ مِن كُلّ جِنسٍ وَ الكِبرُ رِدَاءُ اللّهِ فَمَن نَازَعَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ رِدَاءَهُ لَم يَزِدهُ اللّهُ إِلّا سَفَالًا إِنّ رَسُولَ اللّهِ مَرّ فِي بَعضِ طُرُقِ المَدِينَةِ وَ سَودَاءُ تَلقُطُ السّرقِينَ فَقِيلَ لَهَا تنَحَيّ‌ عَن طَرِيقِ رَسُولِ اللّهِص فَقَالَت إِنّ الطّرِيقَ لَمُعرَضٌ فَهَمّ بِهَا بَعضُ القَومِ أَن يَتَنَاوَلَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص دَعُوهَا فَإِنّهَا جَبّارَةٌ

بيان قوله ع قد يكون أقول يحتمل أن يكون قدللتحقيق و إن كان في المضارع قليلا كماقيل في قوله تعالي قَد يَعلَمُ ما أَنتُم عَلَيهِ قال الزمخشري‌ دخل قدلتوكيد العلم ويرجع ذلك إلي توكيد الوعيد وقيل هوللتقليل باعتبار قيد من كل جنس و قوله من كل جنس أي من كل صنف من أصناف الناس و إن كان دنيا أو من كل جنس من أجناس سبب التكبر من الأسباب التي‌ أشرنا إليها سابقا والأول أظهر كمايومئ إليه قصة السوداء. والكبر رداء الله قَالَ فِي النّهَايَةِ فِي الحَدِيثِ قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي العَظَمَةُ إزِاَريِ‌ وَ الكِبرِيَاءُ ردِاَئيِ‌

ضرب الإزار والرداء مثلا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء أي ليستا كسائر الصفات التي‌ قديتصف بهاالخلق مجازا كالرحمة والكرم وغيرهما وشبههما بالإزار والرداء لأن المتصف بهما يشملانه كمايشمل الرداء والإزار الإنسان ولأنه لايشاركه في ردائه وإزاره أحد فكذلك الله لاينبغي‌ أن يشركه فيهما أحد ومثله الحديث الآخر تأزر بالعظمة وتردي بالكبرياء وتسربل بالعز انتهي . قال بعض شراح صحيح مسلم الإزار الثوب ألذي يشد علي الوسط والرداء ألذي يمد علي الكتفين و قال محيي‌ الدين وهما لباس واللباس من خواص الأجسام و هوسبحانه ليس بجسم فهما استعارة للصفة التي‌ هي‌ العظمة والعزة ووجه الاستعارة أن هذين الثوبين لماكانا مختصين بالناس و لا


صفحه : 211

يستغني‌ عنهما و لايقبلان الشركة وهما جمال عبر عن العز بالرداء و عن الكبر بالإزار علي وجه الاستعارة المعروفة عندالعرب كمايقال فلان شعاره الزهد ودثاره التقوي لايريدون الثوب ألذي هوشعار ودثار بل صفة الزهد كمايقولون فلان غمر الرداء واسع العطية فاستعاروا لفظ الرداء للعطية انتهي . لم يزده الله إلاسفالا أي في أعين الخلق مطلقا غالبا علي خلاف مقصوده كماسيأتي‌ أو في أعين العارفين والصالحين أو في القيامة كماسيأتي‌ أنهم يجعلون في صورة الذر تلقط كتنصر أو علي بناء التفعل بحذف إحدي التاءين في القاموس لقطة أخذه من الأرض كالتقطه وتلقطه التقطه من هاهنا وهاهنا و قال السرقين والسرجين بكسرهما الزبل معربا سرگين بالفتح فقيل لها تنحي‌ بالتاء والنون والحاء المشددة كلها مفتوحة والياء الساكنة أمر الحاضرة من باب التفعل أي ابعدي‌.لمعرض علي بناء المفعول من الإفعال أوالتفعيل و قديقرأ علي بناء الفاعل من الإفعال فعلي الأولين من قولهم أعرضت الشي‌ء وعرضته أي جعلته عريضا و علي الثالث من قولهم عرضت الشي‌ء أي أظهرته فأعرض أي ظهر و هو من النوادر فهم بها أي قصدها أن يتناولها أي يأخذها فينحيها قسرا عن طريقه ص أويشتمها من قولهم نال من عرضه أي شتمه والأول أظهر فإنها جبارة أي متكبرة و ذلك خلقها لايمكنها تركه أو إذاقهرتموها يظهر منها أكثر من ذلك من البذاء والفحش . قال في النهاية فيه أنه أمر امرأة فتأبت فقال دعوها فإنها جبارة أي متكبرة عاتية و قال الراغب أصل الجبر إصلاح الشي‌ء بضرب من القهر وتجبر يقال إما لتصور معني الاجتهاد أوللمبالغة أولمعني التكلف والجبار في صفة الإنسان يقال لمن يجبر نقيصته بادعاء منزلة من التعالي‌ لايستحقها و هذا لايقال إلا علي طريق الذم كقوله تعالي وَ خابَ كُلّ جَبّارٍ عَنِيدٍوَ لَم يجَعلَنيِ‌ جَبّاراً شَقِيّا.


صفحه : 212

إِنّ فِيها قَوماً جَبّارِينَكَذلِكَ يَطبَعُ اللّهُ عَلي كُلّ قَلبِ مُتَكَبّرٍ جَبّارٍ أي متعال عن قبول الحق والإذعان له و أما في وصفه تعالي نحوالعَزِيزُ الجَبّارُ المُتَكَبّرُفقد قيل سمي‌ بذلك من قولهم جبرت الفقير لأنه هو ألذي يجبر الناس بفائض نعمه وقيل لأنه يجبر الناس أي يقهرهم علي مايريده . ودفع بعض أهل اللغة ذلك من حيث اللفظ فقال لايقال من أفعلت فعال فجبار لايبني من أجبرت فأجيب عنه بأن ذلك من لفظ الجبر المروي‌ في قوله لاجبر و لاتفويض لا من الإجبار. وأنكر جماعة من المعتزلة ذلك من حيث المعني فقالوا تعالي الله عن ذلك و ليس ذلك بمنكر فإن الله تعالي قدأجبر الناس علي أشياء لاانفكاك لهم منها حسب ماتقتضيه الحكمة الإلهية لا علي ماتتوهمه الغواة الجهلة و ذلك لإكراههم علي المرض والموت والبعث وسخر كلا منهم بصناعة يتعاطاها وطريقه من الأخلاق والأعمال يتحراها وجعله مجبرا في صورة مخير فإما راض بصنعته لايريد عنها حولا وإما كاره لها يكابدها مع كراهية لها كأنه لايجد عنها بدلا قال فَتَقَطّعُوا أَمرَهُم بَينَهُم زُبُراً كُلّ حِزبٍ بِما لَدَيهِم فَرِحُونَ و قال تعالي نَحنُ قَسَمنا بَينَهُم مَعِيشَتَهُم فِي الحَياةِ الدّنيا و علي هذاالحد وصف بالقاهر و هو لايقهر إلا علي ماتقتضي‌ الحكمة أن يقهر عليه


صفحه : 213

3- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَنِ العَلَاءِ بنِ الفُضَيلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع العِزّ رِدَاءُ اللّهِ وَ الكِبرُ إِزَارُهُ فَمَن تَنَاوَلَ شَيئاً مِنهُ أَكَبّهُ اللّهُ فِي جَهَنّمَ

بيان قيل في علة تشبيه العز بالرداء والكبر بالإزار إن العزة أمر إضافي‌ كماقيل هي‌ الامتناع من أن ينال وقيل هي‌ الصفة التي‌ تقتضي‌ عدم وجود مثل الموصوف بها وقيل هي‌ الغلبة علي الغير والأمر الإضافي‌ أمر ظاهر والرداء من الأثواب الظاهرة فبينهما مناسبة من جهة الظهور والكبر بمعني العظمة وهي‌ صفة حقيقية إذ العظيم قديتعاظم في نفسه من غيرملاحظة الغير فهي‌ أخفي من العزة والإزار ثوب خفي‌ لأنه يستر غالبا بغيره فبينهما مناسبة من هذه الجهة.أقول ويحتمل أن يراد بالعز إظهار العظمة وبالكبر نفسها أوبالعز مايصل إليه عقول الخلق من كبريائه وبالكبر ماعجز الخلق عن إدراكه أوبالعز ما كان بسبب صفاته العلية وبالكبر ما كان بحسب ذاته المقدسة والمناسبة علي كل من الوجوه ظاهرة.فمن تناول أي تصرف وأخذ شيئا منه الضمير راجع إلي كل من


صفحه : 214

العز والكبر والغالب في أكب مطاوع كب يقال كبه فأكب و قديستعمل أكب أيضا متعديا في القاموس كبه قلبه وصرعه كأكبه وكبكبه فأكب و هولازم متعد و في المصباح كببت زيدا كبا ألقيته علي وجهه فأكب هو و هو من النوادر التي‌ تعدي ثلاثيها وقصر رباعيها و في التنزيل فَكُبّت وُجُوهُهُم فِي النّارِأَ فَمَن يمَشيِ‌ مُكِبّا عَلي وَجهِهِ

4- كا،[الكافي‌] عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن ثَعلَبَةَ عَن مَعمَرِ بنِ عُمَرَ بنِ عَطَاءٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ الكِبرُ رِدَاءُ اللّهِ وَ المُتَكَبّرُ يُنَازِعُ اللّهَ رِدَاءَهُ

بيان قال بعض المحققين الإنسان مركب من جوهرين أحدهما أعظم من الآخر و هوالروح التي‌ من أمر الرب وبينها و بين الرب قرب تام لو لاعنان العبودية لقال كل أحد أناربكم الأعلي فكل أحد يحب الربوبية ولكن يدفعها عن نفسه بالإقرار بالعبودية ويطلب باعتبار الجوهر الآخر


صفحه : 215

المركوز فيه القوة الشهوية والغضبية آثار الربوبية وخواصها وهي‌ أن يكون فوق كل شيء وأعلي رتبة منه ويغفل عن أن هذا في الحقيقة دعوي الربوبية وكذلك كل صفة من الصفات الرذيلة تتولد من ادعاء آثار الربوبية كالغضب والحسد والحقد والرئاء والعجب فإن الغضب من جهة الاستيلاء اللازم للربوبية والحسد من جهة أنه يكره أن يكون أحد أفضل منه في الدين والدنيا و هوأيضا من لوازمها والحقد يتولد من احتقان الغضب في الباطن والرئاء من جهة أنه يريد ثناء الخلق والعجب من جهة أنه يري ذاته كاملة و كل ذلك من آثار الربوبية وقس عليه سائر الرذائل فإنك إن فتشتها وجدتها مبنية علي ادعاء الربوبية والترفع

5- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِي جَمِيلَةَ عَن لَيثٍ المرُاَديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الكِبرُ رِدَاءُ اللّهِ فَمَن نَازَعَ اللّهَ شَيئاً مِن ذَلِكَ أَكَبّهُ اللّهُ فِي النّارِ

بيان شيئا من ذلك أي في شيء من الكبر

6- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ القَاسِمِ بنِ عُروَةَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بُكَيرٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ وَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَا لَا يَدخُلُ الجَنّةَ مَن فِي قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرّةٍ مِن كِبرٍ

بيان الذر النمل الأحمر الصغير واحدتها ذرة وسئل تغلب عنها فقال إن مائة نملة وزن حبة والذرة واحدة منها وقيل الذرة ليس لها وزن ويراد بها مايري في شعاع الشمس الداخل في النافذة. و قال فيه لايدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر يعني‌ كبر الكفر والشرك كقوله تعالي إِنّ الّذِينَ يَستَكبِرُونَ عَن عبِادتَيِ‌ سَيَدخُلُونَ جَهَنّمَ داخِرِينَ أ لاتري أنه قابلة في نقيضه بالإيمان فقال و لايدخل النار


صفحه : 216

من في قلبه مثل ذلك من الإيمان أراد دخول تأبيد وقيل أراد إذادخل الجنة نزع ما في قلبه من الكبر كقوله تعالي وَ نَزَعنا ما فِي صُدُورِهِم مِن غِلّانتهي . وأقول التأويل الأول حسن وموافق لما في الخبر الآتي‌ و أماالثاني‌ فلايخفي بعده لأن المقصود ذم التكبر وتحذيره لاتبشيره برفع الإثم عنه ولذا حمله بعضهم علي المستحل أوعدم الدخول ابتداء بل بعدالمجازاة و ما في الخبر أصوب

7- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن أَبِي أَيّوبَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَحَدِهِمَا ع قَالَ لَا يَدخُلُ الجَنّةَ مَن كَانَ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ مِنَ الكِبرِ قَالَ فَاستَرجَعتُ فَقَالَ مَا لَكَ تَستَرجِعُ قُلتُ لِمَا سَمِعتُ مِنكَ فَقَالَ لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ إِنّمَا أعَنيِ‌ الجُحُودَ إِنّمَا هُوَ الجُحُودُ

بيان فاسترجعت يقال أرجع فرجع واسترجع في المصيبة قال إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ كما في القاموس وإنما قال ذلك لأنه استشعر بالهلاك واستحقاق دخول النار بحمل الكلام علي ظاهره لأنه كان متصفا ببعض الكبر إنما هوالجحود أي المراد بالكبر إنكار الله سبحانه أوإنكار أنبيائه أوحججه ع والاستكبار عن إطاعتهم وقبول أوامرهم ونواهيهم مثل تكبر إبليس لعنه الله فإنه لما كان مقرونا بالجحود والإباء عن طاعة الله والاستصغار لأمره كمادل عليه قوله لَم أَكُن لِأَسجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقتَهُ مِن صَلصالٍ و قوله أَ أَسجُدُ لِمَن خَلَقتَ طِيناً كان سببا لكفره والكفر يوجب الحرمان من الجنة أبدا و هذا


صفحه : 217

أحد التأويلات للروايات الدالة علي أن صاحب الكبر لايدخل الجنة كماعرفت و كان المقصود أن هذاالوعيد مختص بكبر الجحود لا أن غيره لايتعلق به الوعيد مطلقا والتكرير للتأكيد

8- كا،[الكافي‌] عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عَلِيّ بنِ عُقبَةَ عَن أَيّوبَ بنِ الحُرّ عَن عَبدِ الأَعلَي عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الكِبرُ أَن تَغمِصَ النّاسَ وَ تَسفَهَ الحَقّ

بيان أن تغمص الناس أي تحقرهم والمراد إما مطلق الناس أوالحجج والأئمة ع كماورد في الأخبار أنهم الناس كما قال تعالي ثُمّ أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفاضَ النّاسُ في القاموس غمصه كضرب وسمع احتقره كاغتمصه وعابه وتهاون بحقه والنعمة لم يشكرها و قال سفه نفسه ورأيه مثلثة حمله علي السفه أونسبه إليه أوأهلكه وسفه كفرح وكرم علينا جهل وسفه تسفيها جعله سفيها كسفهه كعلمه أونسبه إليه وسفه صاحبه كنصر غلبه في المسافهة. و في النهاية فيه إنما ذلك من سفه الحق وغمص الناس أي احتقرهم و لم يرهم شيئا تقول منه غمص الناس يغمصهم غمصا و قال فيه إنما البغي‌ من سفه الحق أي من جهله وقيل جهل نفسه و لم يفكر فيها ورواه الزمخشري‌ من سفه الحق علي أنه اسم مضاف إلي الحق قال و فيه وجهان أحدهما أن يكون علي حذف الجار وإيصال الفعل كان الأصل سفه علي الحق والثاني‌ أن يضمن معني فعل متعد كجهل والمعني الاستخفاف بالحق و أن لايراه علي ما هو عليه من الرجحان والرزانة و قال أيضا فيه ولكن الكبر من بطر الحق أي ذو الكبر أي كبر من بطر كقوله تعالي وَ لكِنّ البِرّ مَنِ اتّقي و هو


صفحه : 218

أن يجعل ماجعله حقا من توحيده وعبادته باطلا وقيل و هو أن يتجبر عندالحق فلايراه حقا وقيل هو أن يتكبر عن الحق فلايقبله

9- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن سَيفِ بنِ عَمِيرَةَ عَن عَبدِ الأَعلَي بنِ أَعيَنَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ أَعظَمَ الكِبرِ غَمصُ الخَلقِ وَ سَفَهُ الحَقّ قَالَ قُلتُ وَ مَا غَمصُ الخَلقِ وَ سَفَهُ الحَقّ قَالَ يَجهَلُ الحَقّ وَ يَطعُنُ عَلَي أَهلِهِ فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ فَقَد نَازَعَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ رِدَاءَهُ

بيان قال يجهل الحق النشر علي خلاف ترتيب اللف وكأن المراد بالخلق هنا أيضا أهل الحق وأئمة الدين كالناس في الخبر السابق والجملتان متلازمتان فإن جهل الحق أي عدم الإذعان به وإنكاره تكبرا يستلزم الطعن علي أهله وتحقيرهم وهما لازمتان للجحود فالتفاسير كلها يرجع إلي واحد.فمن فعل ذلك فقد نازع الله قيل فإن قلت الغمص والسفه بالتفسير المذكور ليسا من صفات الله تعالي وردائه فكيف نازعه في ذلك قلت الغمص والسفه أثران من آثار الكبر ففاعل ذلك ينازع الله من حيث الملزوم علي أنه لايبعد أن يراد بهما الملزوم مجازا و هوالكبر البالغ إلي هذه المرتبة. وأقول يحتمل أن يكون المنازعة من حيث إنه إذا لم يقبل إمامة أئمة الحق ونصب غيرهم لذلك فقد نازع الله في نصب الإمامة وبيان الحق وهما مختصان به كماأطلق لفظ المشرك في كثير من الأخبار علي من فعل ذلك

10- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ فِي جَهَنّمَ لَوَادِياً لِلمُتَكَبّرِينَ يُقَالُ لَهُ سَقَرُ شَكَا إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ شِدّةَ حَرّهِ وَ سَأَلَهُ أَن يَأذَنَ لَهُ أَن يَتَنَفّسَ فَتَنَفّسَ فَأَحرَقَ جَهَنّمَ

بيان في القاموس الوادي‌ مفرج بين جبال أوتلال أوآكام وأقول ذلك إشارة إلي قوله تعالي تَرَي الّذِينَ كَذَبُوا عَلَي اللّهِ وُجُوهُهُم مُسوَدّةٌ أَ لَيسَ


صفحه : 219

فِي جَهَنّمَ مَثويً لِلمُتَكَبّرِينَ و قال بعدذكر المشركين فَادخُلُوا أَبوابَ جَهَنّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئسَ مَثوَي المُتَكَبّرِينَ و قال سبحانه بعدذكر الكفار ودخولهم النارفَبِئسَ مَثوَي المُتَكَبّرِينَ في موضعين و إلي قوله عز و جل ما سَلَكَكُم فِي سَقَرَ إلي قوله كُنّا نُكَذّبُ بِيَومِ الدّينِ و إلي قوله بعدذكر المكذبين بالنبي‌ص وبالقرآن سَأُصلِيهِ سَقَرَ وَ ما أَدراكَ ما سَقَرُ لا تبُقيِ‌ وَ لا تَذَرُ لَوّاحَةٌ لِلبَشَرِ. و في النهاية سقر اسم أعجمي‌ لنار الآخرة و لاينصرف للعجمة والتعريف وقيل هو من قولهم سقرته الشمس أذابته فلاينصرف للتأنيث والتعريف . وأقول يظهر من الآيات أن المراد بالمتكبرين في الخبر من تكبر علي الله و لم يؤمن به وبأنبيائه وحججه ع والشكاية والسؤال إما بلسان الحال أوالمقال منه بإيجاد الله الروح فيه أو من الملائكة الموكلين به والإسناد علي المجاز وكأن المراد بتنفسه خروج لهب منه وبإحراق جهنم تسخينها أشد مما كان لها أوإعدامها أوجعلها رمادا فأعادها الله تعالي كماكانت

11- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن دَاوُدَ بنِ فَرقَدٍ عَن أَخِيهِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ المُتَكَبّرِينَ يُجعَلُونَ فِي صُوَرِ الذّرّ يَتَوَطّؤُهُمُ النّاسُ حَتّي يَفرُغَ اللّهُ مِنَ الحِسَابِ

بيان يدل علي أنه يمكن أن يخلق الإنسان يوم القيامة أصغر مما كان مع بقاء الأجزاء الأصيلة أوبعضها فيه ثم يضاف إليه سائر الأجزاء فيكبر إذ يبعد التكاثف إلي هذاالحد ويمكن أن يكون المراد أنهم يخلقون كبارا


صفحه : 220

بهذه الصور فإنها أحقر الصور في الدنيا معاملة معهم بنقيض مقصودهم أو يكون المراد بالصورة الصفة أي يطؤهم الناس كمايطئون الذر في الدنيا. و في بعض أخبار العامة يحشر المتكبرون أمثال الذر في صورة الرجال و قال بعض شراحهم أي يحشرهم أذلاء يطؤهم الناس بأرجلهم بدليل أن الأجساد تعاد علي ماكانت عليه من الأجزاء غرلا يعاد منهم ماانفصل عنهم من الغلفة وقرينة المجاز قوله في صورة الرجال . و قال بعضهم يعني‌ أن صورهم صور الإنسان وجثثهم كجثث الذر في الصغر و هذاأنسب بالسياق لأنهم شبهوا بالذر ووجه الشبه إما صغر الجثة أوالحقارة و قوله في صورة الرجال بيان للوجه وحديث الأجساد تعاد علي ماكانت عليه لاينافيه لأنه قادر علي إعادة تلك الأجزاء الأصلية في مثل الذر

12- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن غَيرِ وَاحِدٍ عَن عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ عَن عَمّهِ يَعقُوبَ بنِ سَالِمٍ عَن عَبدِ الأَعلَي عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ مَا الكِبرُ فَقَالَ أَعظَمُ الكِبرِ أَن تَسفَهَ الحَقّ وَ تَغمِصَ النّاسَ قُلتُ وَ مَا تَسفَهَ الحَقّ[تَسَفّهُ الحَقّ] قَالَ تَجهَلُ الحَقّ وَ تَطعُنُ عَلَي أَهلِهِ

بيان فقال ماتسفه الحق أي مامعني هذه الجملة ويمكن أن يقرأ بصيغة المصدر من باب التفعل وكأنه سئل عن الجملتين معا واكتفي بذكر إحداهما أي إلي آخر الكلام بقرينة الجواب أو كان غرضه السؤال عن الأولي فذكر ع الثانية أيضا لتلازمهما أولعلمه بعدم فهم الثانية أيضا

13-كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَن مُحَمّدِ بنِ عُمَرَ بنِ يَزِيدَ عَن أَبِيهِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع إنِنّيِ‌ آكُلُ الطّعَامَ الطّيّبَ وَ أَشَمّ الرّيحَ الطّيّبَةَ


صفحه : 221

وَ أَركَبُ الدّابّةَ الفَارِهَةَ وَ يتَبعَنُيِ‌ الغُلَامُ فَتَرَي فِي هَذَا شَيئاً مِنَ التّجَبّرِ فَلَا أَفعَلُهُ فَأَطرَقَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع ثُمّ قَالَ إِنّمَا الجَبّارُ المَلعُونُ مَن غَمَصَ النّاسَ وَ جَهِلَ الحَقّ قَالَ عُمَرُ قُلتُ أَمّا الحَقّ فَلَا أَجهَلُهُ وَ الغَمصُ لَا أدَريِ‌ مَا هُوَ قَالَ مَن حَقّرَ النّاسَ وَ تَجَبّرَ عَلَيهِم فَذَلِكَ الجَبّارُ

بيان في النهاية دابة فارهة أي نشيطة حادة قوية انتهي و كان السائل إنما سأل عن هذه الأشياء لأنها سيرة المتكبرين لتفرعها علي الكبر وكون الكبر سبب ارتكابها غالبا فأجاب ع ببيان معني التكبر ليعلم أنها إن كانت مستلزمة للتكبر فلابد من تركها و إلا فلاكيف وسيأتي‌ أن الله جميل يحب الجمال وإطراقه وسكوته ع للإشعار بأنها في محل الخطر ومستلزمة للتكبر ببعض معانيه والتجبر التكبر والجبار العاتي‌

14- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص ثَلَاثَةٌلا يُكَلّمُهُمُ اللّهُ وَ لا يَنظُرُ إِلَيهِم يَومَ القِيامَةِ وَ لا يُزَكّيهِم وَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌشَيخٌ زَانٍ وَ مَلِكٌ جَبّارٌ وَ مُقِلّ مُختَالٌ

بيان لا يُكَلّمُهُمُ اللّهُإشارة إلي قوله تعالي إِنّ الّذِينَ يَشتَرُونَ بِعَهدِ اللّهِ وَ أَيمانِهِم ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُم فِي الآخِرَةِ وَ لا يُكَلّمُهُمُ اللّهُ وَ لا يَنظُرُ إِلَيهِم يَومَ القِيامَةِ وَ لا يُزَكّيهِم وَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ والمعني لايكلمهم كلام رضا بل كلام سخط مثل اخسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلّمُونِ. وقيل لايكلمهم بلا واسطة بل الملائكة يتعرضون لحسابهم وعتابهم وقيل هوكناية عن الإعراض والغضب فإن من غضب علي أحد قطع كلامه وقيل أي لاينتفعون بكلام الله وآياته ومعني لا يَنظُرُ إِلَيهِم أنه لاينظر إليهم


صفحه : 222

نظر الكرامة والعطف والبر والرحمة والإحسان لضعفهم وحقارتهم عنده أوكناية عن شدة الغضب لأن من اشتد غضبه علي أحد استهان به وأعرض عنه و عن التكلم معه والالتفات نحوه كما أن من اعتد بغيره يقاوله ويكثر النظر إليه . وقيل في قوله يَومَ القِيامَةِإشعار بأن المعاصي‌ المذكورة بل غيرها أيضا لاتمنع من إيصال الخير والنعمة إليهم في الدنيا لأن إفضاله فيهايعم الأبرار والفجار تأكيدا للحجة عليهم .وَ لا يُزَكّيهِم أي لايطهرهم من ذنوبهم أو لايقبل عملهم أو لايثني‌ عليهم وتخصيص الثلاثة بالذكر ليس لأجل أن غيرهم معذور بل لأن عقوبتهم أعظم وأشد لأن المعصية مع وجود الصارف عنها وعدم الداعي‌ القوي‌ عليها أقبح وأشنع . و ذلك في الشيخ لانكسار قوته وانطفاء شهوته وطول أعذاره ومدته وقرب الانتقال إلي الله فهو حري‌ بأن يتدارك مافات ويستعد لما هوآت فإذاارتكب الزنا أشعر ذلك بأنه غيرمقر بالدين ومستخف بنهي‌ رب العالمين فلذا استحق العذاب المهين و فيه إشعار بأن الشيخ في أكثر المعاصي‌ بل جميعها أشد عقوبة من الشاب و علي أن الشاب بالعفة أمدح من الشيخ والصارف للملك عن كونه جبارا مشاهدة كمال نعمه تعالي عليه حيث سلطه علي عباده وبلاده وجعلهم تحت يده وقدرته فاقتضي ذلك أن يشكر منعمه ويعدل بين خلق الله ويرتدع عن الظلم والفساد ويشاهد ضعفه بين يدي‌ الملك المنان فإذاقابل كل ذلك بالكفران استحق عذاب النيران . والصارف للمقل الفقير عن الاختيال والاستكبار فقره لأن الاختيال أنما هوبالدنيا وليست عنده فاختياله عناد و من عاند ربه العظيم صار محروما


صفحه : 223

من رحمته و له عذاب أليم . وأقول يحتمل أن لا يكون تخصيص الملك لكون الصارف فيه أكثر بل لكونه أقوي علي الظلم وأقدر. و في الصحاح أقل افتقر و قال الراغب الخيلاء التكبر عن تخيل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه ومنها يتأول لفظ الخيل لماقيل إنه لايركب أحد فرسا إلاوجد في نفسه نخوة و في النهاية فيه من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه الخيلاء بالضم والكسر الكبر والعجب يقال اختال فهو مختال و فيه خيلاء ومخيلة أي كبر

15- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مَروَكِ بنِ عُبَيدٍ عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ يُوسُفَ ع لَمّا قَدِمَ عَلَيهِ الشّيخُ يَعقُوبُ ع دَخَلَهُ عِزّ المُلكِ فَلَم يَنزِل إِلَيهِ فَهَبَطَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ فَقَالَ يَا يُوسُفُ ابسُط رَاحَتَكَ فَخَرَجَ مِنهَا نُورٌ سَاطِعٌ فَصَارَ فِي جَوّ السّمَاءِ فَقَالَ يُوسُفُ ع مَا هَذَا النّورُ ألّذِي خَرَجَ مِن راَحتَيِ‌ فَقَالَ نُزِعَتِ النّبُوّةُ عَن عَقِبِكَ عُقُوبَةً لِمَا لَم تَنزِل إِلَي الشّيخِ يَعقُوبَ فَلَا يَكُونُ مِن عَقِبِكَ نبَيِ‌ّ

بيان الملك بضم الميم وسكون اللام السلطنة وبفتح الميم وكسر اللام السلطان وبكسر الميم وسكون اللام مايملك وإضافة العز إليه لامية والنزول إما عن الدابة أو عن السرير وكلاهما مرويان وينبغي‌ حمله علي أن مادخله لم يكن تكبرا أوتحقيرا لوالده لكون الأنبياء منزهين عن أمثال ذلك بل راعي فيه المصلحة لحفظ عزته عندعامة الناس لتمكنه من سياسة الخلق وترويج الدين إذ كان نزول الملك عندهم لغيره موجبا لذلة و كان رعاية الأدب للأب مع نبوته ومقاساة الشدائد لحبه أهم وأولي من رعاية تلك المصلحة فكان هذا منه ع تركا للأولي فلذا عوتب عليه وخرج نور النبوة من صلبه لأنهم لرفعة شأنهم وعلو درجتهم يعاتبون بأدني شيءفهذا كان شبيها بالتكبر و لم


صفحه : 224

يكن تكبرا فصار في جو السماء أي استقر هناك أوارتفع إلي السماء

16- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا مِن عَبدٍ إِلّا وَ فِي رَأسِهِ حَكَمَةٌ وَ مَلَكٌ يُمسِكُهَا فَإِذَا تَكَبّرَ قَالَ لَهُ اتّضِع وَضَعَكَ اللّهُ فَلَا يَزَالُ أَعظَمَ النّاسِ فِي نَفسِهِ وَ أَصغَرَ النّاسِ فِي أَعيُنِ النّاسِ وَ إِذَا تَوَاضَعَ رَفَعَهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ ثُمّ قَالَ لَهُ انتَعِش نَعَشَكَ اللّهُ فَلَا يَزَالُ أَصغَرَ النّاسِ فِي نَفسِهِ وَ أَرفَعَ النّاسِ فِي أَعيُنِ النّاسِ

بيان قال الجوهري‌ حكمة اللجام ماأحاط بالحنك و قال في النهاية يقال أحكمت فلانا أي منعته و منه سمي‌ الحاكم لأنه يمنع الظالم وقيل هو من حكمت الفرس وأحكمته إذاقدعته وكففته و منه الحديث ما من آدمي‌ إلا و في رأسه حكمة و في رواية في رأس كل عبدحكمة إذاهم بسيئة فإن شاء الله أن يقدعه بهاقدعه الحكمة حديدة في اللجام تكون علي أنف الفرس وحنكه تمنعه عن مخالفة راكبه و لماكانت الحكمة تأخذ بفم الدابة و كان الحنك متصلا بالرأس جعلها تمنع من هي‌ في رأسه كماتمنع الحكمة الدابة و منه الحديث أن العبد إذاتواضع رفع الله حكمته أي قدره ومنزلته يقال له عندنا حكمة أي قدر وفلان عالي‌ الحكمة وقيل الحكمة من الإنسان أسفل وجهه مستعار من موضع حكمة اللجام ورفعها كناية عن الإعزاز لأن في صفة الذليل تنكيل رأسه انتهي . وقيل المراد بالحكمة هنا الحالة المقتضية لسلوك سبيل الهداية علي سبيل الاستعارة وبإمساك الملك إياها إرشاده إلي ذلك السبيل ونهيه عن العدول عنه .اتضع أمر تكويني‌ أوشرعي‌ وضعك الله دعاء عليه ودعاء الملك مستجاب أوإخبار بأن الله أمر بوضعك وقدر مذلتك رفعها الله أي الحكمة وإنما غيرالأسلوب و لم ينسبها إلي الملك لأن نسبة الخير واللطف إلي الله


صفحه : 225

تعالي أنسب و إن كان الكل بأمره تعالي وقيل هوالتنبيه علي أن الرفع مترتب علي التواضع من غيرحاجة إلي دعاء الملك بخلاف الوضع فإنه غيرمترتب علي التكبر ما لم يدعو الملك عليه بالوضع و ماذكرنا أنسب . ثم قال له أي الرب تعالي أوالملك انتعش يحتمل الوجهين المتقدمين يقال نعشه الله كمنعه وأنعشه أي أقامه ورفعه ونعشه فانتعش أي رفعه فارتفع نعشك الله أيضا إما إخبار بما وقع من الرفع أودعاء له بالثبات والاستمرار. وأقول هذاالخبر في طرق العامة هكذا قَالَ النّبِيّص مَا مِن أَحَدٍ إِلّا وَ لَهُ مَلَكَانِ وَ عَلَيهِ حَكَمَةٌ يُمسِكَانِهِ بِهَا فَإِن هُوَ رَفَعَ نَفسَهُ جَبَذَاهَا ثُمّ قَالَا أللّهُمّ ضَعهُ فَإِن وَضَعَ نَفسَهُ قَالَا أللّهُمّ ارفَعهُ

17- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَنِ النهّديِ‌ّ عَن يَزِيدَ بنِ إِسحَاقَ شَعِرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُنذِرِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بُكَيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مَا مِن أَحَدٍ يَتِيهُ إِلّا مِن ذِلّةٍ يَجِدُهَا فِي نَفسِهِ

وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا مِن رَجُلٍ تَكَبّرَ أَو تَجَبّرَ إِلّا لِذِلّةٍ وَجَدَهَا فِي نَفسِهِ

بيان في النهاية فيه إنك امرؤ تائه أي متكبر أوضال متحير و قدتاه يتيه تيها إذاتحير وضل و إذاتكبر انتهي . أوتجبر يمكن أن يكون الترديد من الراوي‌ و إن كان منه ع فيدل علي فرق بينهما في المعني كمايومئ إليه قوله تعالي الجَبّارُ المُتَكَبّرُ و في الخبر إيماء علي أن التكبر أقوي من التجبر ويمكن أن يقال في الفرق بينهما إن التجبر يدل علي جبر الغير وقهره علي ماأراد بخلاف التكبر فإنه جعل نفسه أكبر وأعظم من غيره و إن كانا متلازمين غالبا. ثم اعلم أن الخبرين يحتملان وجوها الأول أن يكون المراد أن التكبر ينشأ من دناءة النفس وخستها ورداءتها الثاني‌ أن يكون المعني أن التكبر أنما


صفحه : 226

يكون فيمن كان ذليلا فعز و أما من نشأ في العزة لايتكبر غالبا بل شأنه التواضع الثالث أن التكبر أنما يكون فيمن لم يكن له كمال واقعي‌ فيتكبر لإظهار الكمال الرابع أن يكون المراد المذلة عند الله أي من كان عزيزا ذا قدر ومنزلة عند الله لايتكبر الخامس ماقيل إن اللام لام العاقبة أي يصير ذليلا بسبب التكبر

18- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ عَن حَفصِ بنِ غِيَاثٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ ع وَ مَن ذَهَبَ أَنّ لَهُ عَلَي الآخَرِ فَضلًا فَهُوَ مِنَ المُستَكبِرِينَ فَقُلتُ إِنّمَا يَرَي أَنّ لَهُ عَلَيهِ فَضلًا بِالعَافِيَةِ إِذَا رَآهُ مُرتَكِباً للِمعَاَصيِ‌ فَقَالَ هَيهَاتَ هَيهَاتَ فَلَعَلّهُ أَن يَكُونَ غُفِرَ لَهُ مَا أَتَي وَ أَنتَ مَوقُوفٌ مُحَاسَبٌ أَ مَا تَلَوتَ قِصّةَ سَحَرَةِ مُوسَي ع الحَدِيثَ

19- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَتَي رَسُولَ اللّهِص رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِص أَنَا فُلَانُ بنُ فُلَانٍ حَتّي عَدّ تِسعَةً فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَمَا إِنّكَ عَاشِرُهُم فِي النّارِ

بيان أماإنك عاشرهم في النار أي إن آباءك كانوا كفارا وهم في النار فما معني افتخارك بهم و أنت أيضا مثلهم في الكفر باطنا إن كان منافقا أوظاهرا أيضا إن كان كافرا فلاوجه لافتخارك أصلا والحاصل أن عمدة أسباب الفخر بل أشيعها وأكثرها الفخر بالآباء و هوباطل لأن الآباء إن كانوا ظلمة أوكفرة فهم من أهل النار فينبغي‌ أن يتبرأ منهم لا أن يفتخر بهم و إن كانوا باعتبار أن لهم مالا فليعلم أن المال ليس بكمال يقع به الافتخار بل ورد في ذمه كثير من الأخبار و لو كان كمالا كان لهم لا له والعاقل لايفتخر بكمال غيره و إن كان باعتبار أنه كان خيرا أوفاضلا أوعالما فهذا جهل من حيث إنه تعزز بكمال غيره ولذلك قيل لئن فخرت بآباء ذوي‌ شرف .لقد صدقت ولكن بئس ماولدوا.فالمتكبر بالنسب إن كان خسيسا في صفات ذاته فمن أين يجبر خسّته كمال غيره وأيضا ينبغي‌ أن يعرف نسبه الحقيقي‌ فيعرف أباه وجده فإن أباه نطفة


صفحه : 227

قذرة وجده البعيد تراب ذليل و قدعرّفه الله نسبه فقال ألّذِي أَحسَنَ كُلّ شَيءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ مِن طِينٍ ثُمّ جَعَلَ نَسلَهُ مِن سُلالَةٍ مِن ماءٍ مَهِينٍفمن أصله من التراب المهين ألذي يداس بالأقدام ثم خمر طينه حتي صار حمأ مسنونا كيف يتكبر وأخس الأشياء ما إليه نسبه فإن قال افتخرت بالأب فالنطفة والمضغة أقرب إليه من الأب فليحتقر نفسه بهما. والسبب الثاني‌ الحسن والجمال فإن افتخر به فليعلم أنه قديزول بأدني الأمراض والأسقام و ما هو في عرضة الزوال ليس بكمال يفتخر به ولينظر أيضا إلي أصله و ماخلق منه كمامر و إلي مايصير إليه في القبر من جيفة منتنة و إلي ما في بطنه من الخبائث مثل الأقذار التي‌ في جميع أعضائه والرجيع ألذي في أمعائه والبول ألذي في مثانته والمخاط ألذي في أنفه والوسخ ألذي في أذنيه والدم ألذي في عروقه والصديد ألذي تحت بشرته إلي غير ذلك من المقابح والفضائح فإذاعرف ذلك لم يفتخر بجماله ألذي هوكخضراء الدمن .الثالث القوة والشجاعة فمن افتخر بهما فليعلم أن ألذي خلقه هوأشد منه قوة و أن الأسد والفيل أقوي منه و أن أدني العلل والأمراض يجعله أعجز من كل عاجز وأذل من كل ذليل و أن البعوضة لودخلت في أنفه أهلكته و لم يقدر علي دفعها.الرابع الغني والثروة والخامس كثرة الأنصار والأتباع والعشيرة وقرب السلاطين والاقتدار من جهتهم والكبر والفخر لهذين السببين أقبح لأنه أمر خارج عن ذات الإنسان وصفاته فلو تلف ماله أوغصب أونهب أوتغير عليه السلطان وعزله لبقي‌ ذليلا عاجزا و إن من فرق الكفار من هوأكثر منه مالا وجاها فالمتكبر بهما في غاية الجهل .السادس العلم و هوأعظم الأسباب وأقواها فإنه كمال نفساني‌ عظيم عند الله تعالي و عندالخلائق وصاحبه معظم عندجميع المخلوقات فإذاتكبر


صفحه : 228

العالم وافتخر فليعلم أن خطر أهل العلم أكثر من خطر أهل الجهل و أن الله تعالي يحتمل من الجاهل ما لايحتمل من العالم و أن العصيان مع العلم أفحش من العصيان مع الجهل و أن عذاب العالم أشد من عذاب الجاهل و أنه تعالي شبه العالم الغير العامل تارة بالحمار وتارة بالكلب و أن الجاهل أقرب إلي السلامة من العالم لكثرة آفاته و أن الشياطين أكثرهم علي العالم و أن سوء العاقبة وحسنها أمر لايعلمه إلا الله سبحانه فلعل الجاهل يكون أحسن عاقبة من العالم .السابع العبادة والورع والزهادة والفخر فيهاأيضا فتنة عظيمة والتخلص منها صعب فإذاغلب عليه فليتفكر أن العالم أفضل منه فلاينبغي‌ أن يفتخر عليه و لاينبغي‌ أيضا أن يفتخر علي من تأخر عنه في العمل أيضا إذ لعل قليل عمله يكون مقبولا وكثير عمله مردودا و لا علي الجاهل والفاسق إذ قد يكون لهما خصلة خفية وصفة قلبية موجبة لقرب الرب سبحانه ورحمته و لوفرض خلوهما عن جميع ذلك بالفعل فلعل الأحوال في العاقبة تنعكس و قدوقع مثل ذلك كثيرا و لوفرض عدم ذلك فليتصور أن تكبره في نفسه شرك فيحبط عمله فيصير هو في الآخرة مثلهم بل أقبح منهم وَ اللّهُ المُستَعانُ

20- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص آفَةُ الحَسَبِ الِافتِخَارُ وَ العُجبُ

بيان الحسب الشرف والمجد الحاصل من جهة الآباء و قديطلق علي الشرافة الحاصلة من الأفعال الحسنة والأخلاق الكريمة و إن لم تكن من جهة الآباء في القاموس الحسب ماتعده من مفاخر آبائك أوالمال أوالدين أوالكرم أوالشرف في الفعل أوالفعال الصالح أوالشرف الثابت في الآباء أوالبال أوالحسب والكرم قديكونان لمن لاآباء له شرفاء والشرف والمجد لايكونان


صفحه : 229

إلابهم . وأقول الخبر يحتمل وجوها الأول أن لكل شيءآفة تضيعه وآفة الشرافة من جهة الآباء الافتخار والعجب الحاصلان منها فإنه يبطل بهما هذاالشرف الحاصل له بتوسط الغير عند الله و عند الناس الثاني‌ أن المراد بالحسب الأخلاق الحسنة والأفعال الصالحة وتضييعها الافتخار بهما وذكرهما والإعجاب بهما كمامر الثالث أن يكون المراد به أن الحسب يستتبع آفة الافتخار ويوجبها لأن آفة الافتخار بالحسب تضييعه كماقيل والأول أظهر الوجوه

21- كا،[الكافي‌] عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن حَنَانٍ عَن عُقبَةَ بنِ بَشِيرٍ الأسَدَيِ‌ّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع أَنَا عُقبَةُ بنُ بَشِيرٍ الأسَدَيِ‌ّ وَ أَنَا فِي الحَسَبِ الضّخمِ مِن قوَميِ‌ قَالَ فَقَالَ مَا تَمُنّ عَلَينَا بِحَسَبِكَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي رَفَعَ بِالإِيمَانِ مَن كَانَ النّاسُ يُسَمّونَهُ وَضِيعاً إِذَا كَانَ مُؤمِناً وَ وَضَعَ بِالكُفرِ مَن كَانَ النّاسُ يُسَمّونَهُ شَرِيفاً إِذَا كَانَ كَافِراً فَلَيسَ لِأَحَدٍ فَضلٌ عَلَي أَحَدٍ إِلّا بِالتّقوَي

بيان في القاموس الضخم بالفتح والتحريك العظيم من كل شيء ماتمن ماللاستفهام الإنكاري‌ أونافية فليس لأحد إشارة إلي قوله تعالي يا أَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِن ذَكَرٍ وَ أُنثي وَ جَعَلناكُم شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنّ أَكرَمَكُم عِندَ اللّهِ أَتقاكُم وكفي بهذه الآية واعظا وزاجرا عن الكبر والفخر

22- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ الضّحّاكِ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع عَجَباً لِلمُختَالِ الفَخُورِ وَ إِنّمَا خُلِقَ مِن نُطفَةٍ ثُمّ يَعُودُ جِيفَةً وَ هُوَ فِيمَا بَينَ ذَلِكَ لَا يدَريِ‌ مَا يُصنَعُ بِهِ

بيان عجبا بالتحريك مصدر باب علم و هوإما بتقدير حرف النداء


صفحه : 230

أومفعول مطلق لفعل محذوف أي أعجب عجبا فعلي الأول للمتكبر صفة لقوله عجبا و علي الثاني‌ خبر مبتدأ محذوف بتقدير هوللمتكبر والضمير المحذوف راجع إلي عجبا. و قال النحويون لايمكن أن يكون صفة لعجبا لأن الفعل كما لا يكون موصوفا فكذلك النائب الوجوبي‌ له لا يكون موصوفا وحذف الفعل وإقامة المصدر مقامه في تلك المواضع واجب . وأقول هذاالخبر وأمثاله نسخ أدوية من الحكماء الربانية لمعالجة أعظم الأدواء الروحانية و هوالفخر المترتب علي الكبر وحاصلها أن في الإنسان كثير من صفات النقصان و إن كان فيه كمال فمن رب الإنس والجان فلايليق به أن يفتخر علي غيره من الإخوان و فيهاإشعار بأن دفع هذاالمرض باختياره وعلاجه مركب من أجزاء علمية وعملية.فأما العلمية فبأن يعرف الله سبحانه بجلاله ويوحده في ذاته وصفاته وأفعاله و أن يعلم أن كل موجود سواه مقهور مغلوب عاجز لاوجود له إلابفيض جوده ورحمته و أن الإنسان مخلوق عن أكثف الأشياء وأخسها و هوالتراب ثم النطفة النجسة القذرة ثم العلقة ثم المضغة ثم العظام ثم الجنين ألذي غذاؤه دم الحيض ثم يصير في القبر جيفة منتنة يهرب منه أقرب الناس إليه . و هوفيما بين ذلك ينقلب من طور إلي طور و من حال إلي حال من مرض إلي صحة و من صحة إلي مرض إلي غير ذلك من الأحوال المتبادلة و هو لايملك لنفسه نفعا و لاضرا و لاحياة و لانشورا و إلي هذاأشار ع بقوله و هوفيما بين ذلك مايدري‌ مايصنع به ثم لايعلم مايأتي‌ عليه في البرزخ والقيامة كماذكرنا سابقا في باب الكبر. و أنه يعلم أن استكمال كل شيءسواء كان طبيعيا أوإراديا لايتحقق إلابالانكسار والضعف فإن العناصر ما لم ينكسر صورة كيفياتها الصرفة لم تقبل صورة كمالية معدنية أونباتية أوحيوانية أوإنسانية والبذر ما لم يقع في


صفحه : 231

التراب و لم يقرب من التعفن والفساد لم يقبل صورة نباتية و لم تخرج منه سنبلة و لاثمرة وماء الظهر ما لم يصر منيا منتنا لم تفض عليها صورة إنسانية قابلة للخلافة الربانية فمن تفكر في أمثال هذه الحكم والمعارف أمكنه التحرز من الكبر والفخر بفضله تعالي . و أماالعملية فهي‌ المداومة علي التواضع لكل عالم وجاهل وصغير وكبير والاقتداء بسنن النبي ص والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم وتتبع سيرهم وأخلاقهم وحسن معاشرتهم لجميع الخلق

23- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَمقَتُ النّاسِ المُتَكَبّرُ

وَ عَنهُ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن يَستَكبِر يَضَعهُ اللّهُ

24- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن حَمزَةَ العلَوَيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن حَفصِ بنِ البخَترَيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ وَقَعَ بَينَ سَلمَانَ الفاَرسِيِ‌ّ رَحِمَهُ اللّهُ وَ بَينَ رَجُلٍ كَلَامٌ وَ خُصُومَةٌ فَقَالَ لَهُ الرّجُلُ مَن أَنتَ يَا سَلمَانُ فَقَالَ سَلمَانُ أَمّا أوُلاَي‌َ وَ أُولَاكَ فَنُطفَةٌ قَذِرَةٌ وَ أَمّا أخُراَي‌َ وَ أُخرَاكَ فَجِيفَةٌ مُنتِنَةٌ فَإِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ وَ وُضِعَتِ المَوَازِينُ فَمَن ثَقُلَ مِيزَانُهُ فَهُوَ الكَرِيمُ وَ مَن خَفّت مِيزَانُهُ فَهُوَ اللّئِيمُ

ع ،[علل الشرائع ] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع مِثلَهُ وَ قَد مَرّ فِي بَابِ أَحوَالِ سَلمَانَ

25-ب ،[قرب الإسناد] عَن هَارُونَ عَنِ ابنِ صَدَقَةَ عَن جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ أَحَبّكُم إلِيَ‌ّ وَ أَقرَبَكُم منِيّ‌ يَومَ القِيَامَةِ مَجلِساً أَحسَنُكُم خُلُقاً


صفحه : 232

وَ أَشَدّكُم تَوَاضُعاً وَ إِنّ أَبعَدَكُم يَومَ القِيَامَةِ منِيّ‌ الثّرثَارُونَ وَ هُمُ المُستَكبِرُونَ

26- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَعبَدٍ عَنِ ابنِ خَالِدٍ عَنِ الرّضَا عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَيُبغِضُ البَيتَ اللّحِمَ وَ اللّحِمَ السّمِينَ قَالَ لَهُ بَعضُ أَصحَابِهِ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِص إِنّا لَنُحِبّ اللّحمَ وَ مَا تَخلُو بُيُوتُنَا مِنهُ فَكَيفَ ذَاكَ فَقَالَ لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ إِنّمَا البَيتُ اللّحِمُ ألّذِي يُؤكَلُ فِيهِ لُحُومُ النّاسِ بِالغِيبَةِ وَ أَمّا اللّحِمُ السّمِينُ فَهُوَ المُتَكَبّرُ المُتَبَختِرُ المُختَالُ فِي مَشيِهِ

ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] عَنِ الهمَداَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ مِثلَهُ

27- فس ،[تفسير القمي‌] فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ لا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحاً يَقُولُ بِالعَظَمَةِ

28- فس ،[تفسير القمي‌] أَبِي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ قَالَ إِنّ فِي جَهَنّمَ لَوَادِياً لِلمُتَكَبّرِينَ يُقَالُ لَهُ سَقَرُ شَكَا إِلَي اللّهِ شِدّةَ حَرّهِ وَ سَأَلَهُ أَن يَتَنَفّسَ فَأَذِنَ لَهُ فَتَنَفّسَ فَأَحرَقَ جَهَنّمَ

ثو،[ثواب الأعمال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ مِثلَهُ

سن ،[المحاسن ]بِإِسنَادِهِ إِلَي ابنِ بُكَيرٍ مِثلَهُ

29-فس ،[تفسير القمي‌] فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ الفَرَحَ


صفحه : 233

وَ المَرَحَ وَ الخُيَلَاءَ كُلّ ذَلِكَ فِي الشّركِ وَ العَمَلَ فِي الأَرضِ بِالمَعصِيَةِ

30- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي نَجرَانَ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن رَقَعَ جَيبَهُ وَ خَصَفَ نَعلَهُ وَ حَمَلَ سِلعَتَهُ فَقَد أَمِنَ مِنَ الكِبرِ

ثو،[ثواب الأعمال ] عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ يَزِيدَ مِثلَهُ

31- ل ،[الخصال ] فِي وَصِيّةِ النّبِيّص إِلَي عَلِيّ ع يَا عَلِيّ أَنهَاكَ عَن ثَلَاثِ خِصَالٍ عِظَامٍ الحَسَدِ وَ الحِرصِ وَ الكِبرِ

32- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَنِ الفاَرسِيِ‌ّ عَنِ الجعَفرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ عَن أَبِيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ مَرّ رَسُولُ اللّهِص عَلَي جَمَاعَةٍ فَقَالَ عَلَي مَا اجتَمَعتُم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ هَذَا مَجنُونٌ يُصرَعُ فَاجتَمَعنَا عَلَيهِ فَقَالَ لَيسَ هَذَا بِمَجنُونٍ وَ لَكِنّهُ المُبتَلَي ثُمّ قَالَ أَ لَا أُخبِرُكُم بِالمَجنُونِ حَقّ المَجنُونِ قَالُوا بَلَي يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ المُتَبَختِرُ فِي مَشيِهِ النّاظِرُ فِي عِطفَيهِ المُحَرّكُ جَنبَيهِ بِمَنكِبَيهِ يَتَمَنّي عَلَي اللّهِ جَنّتَهُ وَ هُوَ يَعصِيهِ ألّذِي لَا يُؤمَنُ شَرّهُ وَ لَا يُرجَي خَيرُهُ فَذَلِكَ المَجنُونُ وَ هَذَا المُبتَلَي

أقول قدمضي بعض الأخبار في باب الحسد و أن الله يعذب الدهاقنة بالكبر و في باب جوامع مساوي‌ الأخلاق عن أبي عبد الله ع لايطمعن ذو الكبر


صفحه : 234

في الثناء الحسن

33- ع ،[علل الشرائع ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَيّوبَ بنِ نُوحٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن غَيرِ وَاحِدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَجِبتُ لِابنِ آدَمَ أَوّلُهُ نُطفَةٌ وَ آخِرُهُ جِيفَةٌ وَ هُوَ قَائِمٌ بَينَهُمَا وِعَاءٌ لِلغَائِطِ ثُمّ يَتَكَبّرُ

34- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ لِإِبلِيسَ كُحلًا وَ لَعُوقاً وَ سَعُوطاً فَكُحلُهُ النّعَاسُ وَ لَعُوقُهُ الكَذِبُ وَ سَعُوطُهُ الفَخرُ

35- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ الهمداني‌[الهمَذَاَنيِ‌ّ] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن عَمرِو بنِ جُمَيعٍ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا مَشَت أمُتّيِ‌ المُطَيطَا وَ خَدَمَتهُم فَارِسُ وَ الرّومُ كَانَ بَأسُهُم بَينَهُم

والمطيطا التبختر ومد اليدين في المشي‌

36- مع ،[معاني‌ الأخبار]الطاّلقَاَنيِ‌ّ عَنِ الجلَوُديِ‌ّ عَنِ الجوَهرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عُمَارَةَ عَن أَبِيهِ عَن جَابِرٍ الجعُفيِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَن جَابِرٍ الأنَصاَريِ‌ّ قَالَ مَرّ رَسُولُ اللّهِص بِرَجُلٍ مَصرُوعٍ وَ قَدِ اجتَمَعَ عَلَيهِ النّاسُ يَنظُرُونَ إِلَيهِ فَقَالَص عَلَي مَا اجتَمَعَ هَؤُلَاءِ فَقِيلَ لَهُ عَلَي مَجنُونٍ يُصرَعُ فَنَظَرَ إِلَيهِ فَقَالَ مَا هَذَا بِمَجنُونٍ أَ لَا أُخبِرُكُم بِالمَجنُونِ حَقّ المَجنُونِ قَالُوا بَلَي يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ إِنّ المَجنُونَ حَقّ المَجنُونِ المُتَبَختِرُ فِي مَشيِهِ النّاظِرُ فِي عِطفَيهِ المُحَرّكُ جَنبَيهِ بِمَنكِبَيهِ فَذَاكَ المَجنُونُ وَ هَذَا المُبتَلَي

37- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِ‌ّ عَن


صفحه : 235

عَلِيّ بنِ النّعمَانِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ طَلحَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَن يَدخُلَ الجَنّةَ عَبدٌ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ مِن كِبرٍ وَ لَا يَدخُلُ النّارَ عَبدٌ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ مِن إِيمَانٍ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ إِنّ الرّجُلَ لَيَلبَسُ الثّوبَ أَو يَركَبُ الدّابّةَ فَيَكَادُ يُعرَفُ مِنهُ الكِبرُ قَالَ لَيسَ بِذَاكَ إِنّمَا الكِبرُ إِنكَارُ الحَقّ وَ الإِيمَانُ الإِقرَارُ بِالحَقّ

مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ مِثلَهُ

38- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَنِ ابنِ مَرّارٍ عَن يُونُسَ عَن أَبِي أَيّوبَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَحَدِهِمَا ع قَالَ لَا يَدخُلُ الجَنّةَ مَن كَانَ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ مِن كِبرٍ قَالَ قُلتُ إِنّا نَلبَسُ الثّوبَ الحَسَنَ فَيَدخُلُنَا العُجبُ فَقَالَ إِنّمَا ذَاكَ فِيمَا بَينَهُ وَ بَينَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ

39- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن يَزِيدَ بنِ فَرقَدٍ عَمّن سَمِعَ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ لَا يَدخُلُ الجَنّةَ مَن فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ مِنَ الكِبرِ وَ لَا يَدخُلُ النّارَ مَن فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ مِن إِيمَانٍ قَالَ فَاستَرجَعتُ فَقَالَ مَا لَكَ تَستَرجِعُ فَقُلتُ لِمَا أَسمَعُ مِنكَ فَقَالَ لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ إِنّمَا أعَنيِ‌ الجُحُودَ إِنّمَا هُوَ الجُحُودُ

40- مع ،[معاني‌ الأخبار]بِهَذَا الإِسنَادِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عَلِيّ بنِ عُقبَةَ عَن أَيّوبَ بنِ الحُرّ عَن عَبدِ الأَعلَي عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الكِبرُ أَن يَغمِصَ النّاسَ وَ يَسفَهَ الحَقّ

41- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن سَيفٍ عَن عَبدِ الأَعلَي عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ أَعظَمَ الكِبرِ غَمصُ الخَلقِ وَ سَفَهُ الحَقّ قُلتُ وَ مَا غَمصُ الخَلقِ وَ سَفَهُ الحَقّ قَالَ يَجهَلُ الحَقّ وَ يَطعُنُ عَلَي أَهلِهِ وَ مَن فَعَلَ ذَلِكَ فَقَد نَازَعَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فِي


صفحه : 236

رِدَائِهِ

42- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ الكوُفيِ‌ّ عَنِ ابنِ بَقّاحٍ عَنِ ابنِ عَمِيرَةَ عَن عَبدِ الأَعلَي عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن دَخَلَ مَكّةَ مُبَرّأً مِنَ الكِبرِ غُفِرَ ذَنبُهُ قُلتُ وَ مَا الكِبرُ قَالَ غَمصُ الخَلقِ وَ سَفَهُ الحَقّ قُلتُ وَ كَيفَ ذَاكَ قَالَ يَجهَلُ الحَقّ وَ يَطعُنُ عَلَي أَهلِهِ

قال الصدوق رضي‌ الله عنه في كتاب الخليل بن أحمدتقول فلان غمص الناس وغمص النعمة إذاتهاون بها وبحقوقهم ويقال إنه لمغموص عليه في دينه أي مطعون عليه و قدغمص النعمة والعافية إذا لم يشكرها و قال أبوعبيدة في قوله ع سفه الحق هو أن يري الحق سفها وجهلا و قال الله تبارك و تعالي وَ مَن يَرغَبُ عَن مِلّةِ اِبراهِيمَ إِلّا مَن سَفِهَ نَفسَهُ و قال بعض المفسرين إلا من سفه نفسه يقول سفهها و أما قوله غمص الناس فإنه الاحتقار لهم والازدراء بهم و ماأشبه ذلك قال و فيه لغة أخري في غير هذاالحديث وغمص بالصاد غيرمعجمة و هوبمعني غمط والغمص في عبر العين والقطعة منه غمصة والغميصاء كوكب والمغمص في المعا غلظة وتقطيع ووجع

43- سن ،[المحاسن ] عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَت لِرَسُولِ اللّهِص نَاقَةٌ لَا تُسبَقُ فَسَابَقَ أعَراَبيِ‌ّ بِنَاقَتِهِ فَسَبَقَتهَا فَاكتَأَبَ لِذَلِكَ المُسلِمُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّهَا تَرَفّعَت فَحَقّ عَلَي اللّهِ أَن لَا يَرتَفِعَ شَيءٌ إِلّا وَضَعَهُ اللّهُ

44-سن ،[المحاسن ] عَن أَبِيهِ بِإِسنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ المُتَكَبّرِينَ


صفحه : 237

يُجعَلُونَ فِي صُوَرِ الذّرّ فَيَطَؤُهُمُ النّاسُ حَتّي يَفرُغُوا مِنَ الحِسَابِ

سن ،[المحاسن ] فِي رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ فِي السّمَاءِ مَلَكَينِ مُوَكّلَينِ بِالعِبَادِ فَمَن تَجَبّرَ وَضَعَاهُ

45- مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ النّضرِ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أخَبرَنَيِ‌ جَبرَئِيلُ ع أَنّ رِيحَ الجَنّةِ يُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أَلفِ عَامٍ مَا يَجِدُهَا عَاقّ وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَ لَا شَيخٌ زَانٍ وَ لَا جَارّ إِزَارَهُ خُيَلَاءُ وَ لَا فَتّانٌ وَ لَا مَنّانٌ وَ لَا جعَظرَيِ‌ّ قَالَ قُلتُ فَمَا الجعَظرَيِ‌ّ قَالَ ألّذِي لَا يَشبَعُ مِنَ الدّنيَا

باب 131-الحسد

1- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ العَلَاءِ بنِ رَزِينٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّ الرّجُلَ ليَأَتيِ‌ بأِيَ‌ّ بَادِرَةٍ فَيَكفُرُ وَ إِنّ الحَسَدَ لَيَأكُلُ الإِيمَانَ كَمَا تَأكُلُ النّارُ الحَطَبَ

بيان في القاموس البادرة مايبدر من حدتك في الغضب من قول أوفعل و في النهاية البادرة من الكلام ألذي يسبق من الإنسان في الغضب و إذاعرفت هذافهذه الفقرة تحتمل وجوها.الأول أن يكون المعني أن عدم منع النفس عن البوادر وعدم إزالة مواد


صفحه : 238

الغضب عن النفس وإرخاء عنان النفس فيهاينجر إلي الكفر أحيانا أوغالبا كمانري من كثير من الناس يصدر منهم عندالغضب التلفظ بما يوجب الكفر من سب الله سبحانه وسب الأنبياء والأئمة ع أوارتكاب أعمال يوجب الارتداد كوطي‌ المصحف الكريم بالرجل ورميه .الثاني‌ أن يراد به الحث علي ترك البوادر مطلقا فإن كل بادرة تصير سببا لنوع من أنواع الكفر المقابل للإيمان الكامل .الثالث أن يقرأ فتكفر علي بناء المجهول من باب التفعيل أي البوادر عندالغضب مكفرة غالبا لعذر الإنسان فيه في الجملة لاسيّما إذاتعقبها ندامة وقلما لم تتعقبها بخلاف الحسد فإنها صفة راسخة في النفس تأكل الإيمان ويمكن حملها حينئذ علي ما إذاغلب عليه الغضب بحيث ارتفع عنه القصد. ويمكن أن يقرأ بالياء كما في النسخ علي هذاالبناء أيضا أي ينسب إلي الكفر و إن كان معذورا عند الله لرفع الاختيار فيكون ذكرا لبعض مفاسد البادرة. و في النهاية الحسد أن يري الرجل لأخيه نعمة فيتمني زوالها عنه وتكون له دونه والغبطة أن يتمني أن يكون له مثلها و لايتمني زوالها عنه انتهي . واعلم أنه لاحسد إلا علي نعمه فإذاأنعم الله علي أخيك بنعمة فلك فيهاحالتان إحداهما أن تكره تلك النعمة وتحب زوالها سواء أردت وصولها إليك أم لا و هذه الحالة تسمي حسدا والثانية أن لاتحب زوالها و لاتكره وجودها ودوامها ولكنك تشتهي‌ لنفسك مثلها و هذه يسمي غبطة و قديخص باسم المنافسة فأما الأول فهو حرام مطلقا كما هوالمشهور أوإظهاره كمايظهر من بعض الأخبار إلانعمة أصابها كافر أوفاجر و هويستعين علي تهيج الفتنة وإفساد ذات البين وإيذاء الخلق فلايضرك كراهتك لها ومحبتك لزوالها فإنك لاتحب


صفحه : 239

زوالها من حيث إنها نعمة بل من حيث هي‌ آلة الفساد و لوأمنت فساده لم تغمك تنعمه . ويظهر من كلام الشيخ كون الحسد من جملة المكروهات لا من المحرمات قال العلامة في كتاب صوم المختلف مسألة جعل الشيخ رحمه الله التحاسد من باب ماالأولي تركه والإمساك عنه و قال ابن إدريس إنه واجب و هوالأقرب لعموم النهي‌ عن الحسد والنهي‌ يقتضي‌ التحريم انتهي .أقول نظر الشيخ بها إلي ماأومأنا إليه آنفا أن بعض الأخبار يدل علي أن الحسد المحرم أنما هوإظهاره لا مع عدم الإظهار و أماأصل الحسد فهو مكروه ولذلك قديصدر عن بعض الأنبياء أيضا كمانطق به الآثار والأخبار فتأمل . وبالجملة الحسد المذموم لاشك أنه مع قطع النظر عن الآيات الكثيرة والأخبار المتواترة الواردة في ذمه والنهي‌ عنه صريح العقل أيضا يحكم بقبحه فإنه سخط لقضاء الله في تفضيل بعض عباده علي بعض و أي معصية تزيد علي كراهتك لراحة مسلم من غير أن يكون لك فيهامضرة وسيأتي‌ ذكر بعض مفاسدها. و أماالمنافسة فليست بحرام بل هي‌ إما واجبة أومندوبة كما قال الله تعالي وَ فِي ذلِكَ فَليَتَنافَسِ المُتَنافِسُونَ و قال سبحانه سابِقُوا إِلي مَغفِرَةٍ مِن رَبّكُم.فأما الواجبة فهي‌ ما إذاكانت في نعمة وبنيّة واجبة كالإيمان والصلاة والزكاة فإنه إن لم يحب أن يكون له مثل ذلك يكون راضيا بالمعصية و هوحرام والمندوبة فيما إذاكانت لغيره نعمة مباحة يتنعم فيها علي وجه مباح فيتمني أن يكون له مثلها يتنعم بها من غير أن يريد زوالها عنه في الجميع .


صفحه : 240

وأقول يمكن أن يفرض فيهافرد حرام كان يتمني منصبا حراما أومالا حلالا ليصرفه في الحرام بل مكروه أيضا كان يتمني مال شبهة أومالا حلالا ليصرفها في المصارف المكروهة. وقيل للحسد أسباب كثيرة يحصر جملتها سبعة العداوة والتعزز والكبر والتعجب والخوف من فوت المقاصد المحبوبة وحب الرئاسة وخبث النفس وبخلها فإنه إنما يكره النعمة عليها إما لأنه عدوه فلايريد له الخير وإما أن يكون من حيث يعلم أنه يستكبر بالنعمة عليه و هو لايطيق احتمال كبره وتفاخره لعزة نفسه و هوالمراد بالتعزز وإما أن يكون في طبعه أن يتكبر علي المحسود ويمتنع ذلك عليه بنعمته و هوالمراد بالتكبر. وإما أن يكون النعمة عظيمة والمنصب كبيرا فيتعجب من فوز مثله بمثل تلك النعمة كماأخبر الله تعالي عن الأمم الماضية إذ قالواما أَنتُم إِلّا بَشَرٌ مِثلُنا وفَقالُوا أَ نُؤمِنُ لِبَشَرَينِ مِثلِنا وأمثال ذلك كثيرة فتعجبوا من أن يفوز برتبة الرسالة والوحي‌ والقرب مع أنهم بشر مثلهم فحسدوهم و هوالمراد بالتعجب . وإما أن يخاف من فوات مقاصده بسبب نعمه بأن يتوصل بها إلي مزاحمته في أغراضه وإما أن يكون بحب الرئاسة التي‌ يبتني‌ علي الاختصاص بنعمة لايساوي‌ فيها وإما أن لا يكون بسبب من هذه الأسباب بل لخبث النفس وشحها بالخير لعباد الله .فهذه أسباب الحسد و قديجتمع بعض هذه الأسباب أوأكثرها أوجميعها في شخص واحد فيعظم الحسد لذلك ويقوي قوة لايقدر معها علي الإخفاء والمجاملة بل يهتك حجاب المجاملة ويظهر العداوة بالمكاشفة وأكثر المحاسدات يجتمع فيهاجملة من هذه الأسباب .


صفحه : 241

واعلم أن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب و لاتداوي أمراض القلوب إلابالعلم والعمل والعلم النافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقا أن الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين و أنه لاضرر به علي المحسود في الدين والدنيا بل ينتفع بها في الدنيا والدين ومهما عرفت هذا عن بصيرة و لم تكن عدو نفسك وصديق عدوك فارقت الحسد لامحالة. أماكونه ضررا عليك في الدين فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالي وكرهت نعمته التي‌ قسمها لعباده وعدله ألذي أقامه في ملكه بخفي‌ حكمته واستنكرت ذلك واستبشعته و هذاجناية علي حدقة التوحيد وقذي في عين الإيمان وناهيك بهاجناية علي الدين و قدانضاف إليه أنك غششت رجلا من المؤمنين وتركت نصيحته وفارقت أولياء الله وأنبياءه في حبهم الخير لعباد الله وشاركت إبليس وسائر الكفار في حبهم للمؤمنين البلايا وزوال النعم و هذه خبائث في القلب تأكل حسنات القلب والإيمان فيه . والحاصل أن الحسد مع كونه في نفسه صفة منافية للإيمان يستلزم عقائد فاسدة كلها منافية لكمال الإيمان وأيضا لاشتغال النفس بالتفكر في أمر المحسود والتدبير لدفعه يمنعها عن تحصيل الكمالات والتوجه إلي العبادات وحضور القلب فيها وتولد في النفس صفاتا ذميمة كلها توجب نقص الإيمان وأيضا يوجب عللا في البدن وضعفا فيهايمنع الإتيان بالطاعات علي وجهها فينقص بل يفسد الإيمان علي أي معني كان ولذا قال ع يأكل الإيمان كماتأكل النار الحطب . و أماكونه ضررا في الدنيا عليك فهو أنه تتألم بحسدك وتتعذب به و لاتزال في كدر وغم إذ أعداؤك لايخليهم الله عن نعم يفيضها عليهم فلاتزال تتعذب بكل نعمة تراها عليهم وتتأذي وتتألم بكل بلية تنصرف عنهم فتبقي مغموما محزونا متشعب القلب ضيق النفس كماتشتهيه لأعدائك و كمايشتهي‌ أعداؤك لك فقد كنت تريد المحنة لعدوك فتنجزت في الحال محنتك وغمك نقدا كَمَا قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لِلّهِ دَرّ الحَسَدِ حَيثُ بَدَأَ بِصَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ


صفحه : 242

و لاتزول النعمة عن المحسود بحسدك و لو لم تكن تؤمن بالبعث والحساب لكان مقتضي الفطنة إن كنت عاقلا أن تحذر من الحسد لما فيه من ألم القلب ومساءته مع عدم النفع فكيف و أنت عالم بما في الحسد من العذاب الشديد في الآخرة. و أما أنه لاضرر علي المحسود في دينه ودنياه فواضح لأن النعمة لاتزول عنه بحسدك بل ماقدره الله من إقبال ونعمة فلابد من أن يدوم إلي أجل قدره الله فلاحيلة في دفعه بل كُلّ شَيءٍ عِندَهُ بِمِقدارٍ ولِكُلّ أَجَلٍ كِتابٌ. وإما أن المحسود ينتفع به في الدين والدنيا فواضح أمامنفعته في الدين فهو أنه مظلوم من جهتك لاسيما إذاأخرجك الحسد إلي القول والفعل بالغيبة والقدح فيه وهتك ستره وذكر مساويه فهذه هدايا تهديها إليه أعني‌ أنك بذلك تهدي‌ إليه حسناتك حتي تلقاه يوم القيامة مفلسا محروما عن النعمة كماحرمت في الدنيا عن النعمة فأضعفت له نعمة إلي نعمة ولنفسك شقاوة إلي شقاوتك . و أمامنفعته في الدنيا فهو أن أهم أغراض الخلق مساءة الأعداء وغمهم وشقاوتهم وكونهم معذبين مغمومين و لاعذاب أعظم مما أنت فيه من ألم الحسد وغاية أماني‌ أعدائك أن يكونوا في نعمة و أن تكون في غم وحسرة بسببهم و قدفعلت بنفسك ما هومرادهم . ثم اعلم أن الموذي‌ ممقوت بالطبع و من آذاك لايمكنك أن لاتبغضه غالبا و إذاتيسرت له نعمة فلايمكنك أن لاتكرهها له حتي يستوي‌ عندك حسن حال عدوك وسوء حاله بل لاتزال تدرك في النفس بينهما فرقا و لايزال الشيطان ينازعك في الحسد له ولكن إن قوي‌ ذلك فيك حتي يبعثك علي إظهار الحسد بقول أوفعل بحيث يعرف ذلك من ظاهرك بأفعالك الاختيارية فأنت إذاحسود عاص بحسدك و إن كففت ظاهرك بالكلية إلاأنك بباطنك تحب زوال النعمة و ليس في نفسك كراهة لهذه الحالة فأنت أيضا حسود عاص لأن الحسد صفة القلب لاصفة الفعل .


صفحه : 243

قال الله تعالي وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِم حاجَةً مِمّا أُوتُوا و قال وَدّوا لَو تَكفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً و قال إِن تَمسَسكُم حَسَنَةٌ تَسُؤهُم أمابالفعل فهو غيبة وكذب و هوعمل صادر عن الحسد و ليس هوعين الحسد بل محل الحسد القلب دون الجوارح .نعم هذاالحسد ليست مظلمة يجب الاستحلال منها بل هومعصية بينك و بين الله وإنما تجب الاستحلال من الأسباب الظاهرة علي الجوارح و أما إذاكففت ظاهرك وألزمت مع ذلك قلبك كراهية مايترشح منه بالطبع من حب زوال النعمة حتي كأنك تمقت نفسك علي ما في طبعها فتكون تلك الكراهية من جهة العقل في مقابلة الميل من جهة الطبع فقد أديت الواجب عليك و لامدخل تحت اختيارك في أغلب الأحوال أكثر من هذا.فأما تغيير الطبع ليستوي‌ عنده الموذي‌ والمحسن فيكون فرحه أوغمه بما تيسر لهما من نعمة وتصب عليهما من بلية سواء فهذا مما لايطاوع الطبع عليه مادام ملتفتا إلي حظوظ الدنيا إلا أن يصير مستغرقا بحب الله تعالي مثل السكران الواله فقد ينتهي‌ أمره إلي أن لايلتفت قلبه إلي تفاصيل أحوال العباد بل ينظر إلي الكل بعين واحدة و هوعين الرحمة ويري الكل عباد الله و ذلك إن كان فهو كالبرق الخاطف لايدوم ويرجع القلب بعد ذلك إلي طبعه ويعود العدو إلي منازعته أعني‌ الشيطان فإنه ينازع بالوسوسة فمهما قابل ذلك بكراهة ألزم قلبه فقد أدي ماكلفه . وذهب الذاهبون إلي أنه لايأثم إذا لم يظهر الحسد علي جوارحه وروي‌ مرفوعا أنه ثلاثة في المؤمن له منهن مخرج ومخرجه من الحسد أن لايبغي والأولي أن يحمل هذا علي ماذكرنا من أن يكون فيه كراهة من جهة الدين والعقل


صفحه : 244

في مقابلة حب الطبع لزوال النعمة عن العدو وتلك الكراهة تمنعه من البغي‌ و من الإيذاء فإن جميع ماورد في الأخبار في ذم الحسد يدل ظاهرها علي أن كل حاسد آثم والحسد عبارة عن صفة القلب لا عن الأفعال فكل محب لمساءة المسلمين فهو حاسد فأما كونه حاسدا بمجرد حسد القلب من غيرفعل فهو في محل النظر والإشكال . و قدعرفت من هذا أن لك في أعدائك ثلاثة أحوال .أحدها أن تحب مساءتهم بطبعك وتكره حبك لذلك وميل قلبك إليه بعقلك وتمقت نفسك عليه وتود لوكانت لك حيلة في إزالة ذلك الميل منك و هذامعفو عنه قطعا لأنه يدخل تحت الاختيار أكثر منه .الثانية أن تحب ذلك وتظهر الفرح بمساءته إما بلسانك أوبجوارحك فهذا هوالحسد المحظور قطعا.الثالثة وهي‌ بين الطرفين أن تحسد بالقلب من غيرمقتك لنفسك علي حسدك و من غيرإنكار منك علي قلبك ولكن تحفظ جوارحك عن طاعة الحسد في مقتضاها و هذامحل الخلاف وقيل إنه لايخلو عن إثم بقدر قوة ذلك الحب وضعفه

2- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ وَ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ النّضرِ بنِ سُوَيدٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ سُلَيمَانَ عَن جَرّاحٍ المدَاَئنِيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الحَسَدَ يَأكُلُ الإِيمَانَ كَمَا تَأكُلُ النّارُ الحَطَبَ

3-كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن دَاوُدَ الرقّيّ‌ّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُاتّقُوا اللّهَ وَ لَا يَحسُد بَعضُكُم بَعضاً إِنّ عِيسَي بنَ مَريَمَ كَانَ مِن شَرَائِعِهِ السّيحُ فِي البِلَادِ فَخَرَجَ فِي بَعضِ سَيحِهِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ قَصِيرٌ وَ كَانَ كَثِيرَ اللّزُومِ لِعِيسَي بنِ مَريَمَ فَلَمّا انتَهَي عِيسَي إِلَي البَحرِ قَالَ بِسمِ اللّهِ بِصِحّةِ يَقِينٍ مِنهُ فَمَشَي عَلَي ظَهرِ المَاءِ فَقَالَ الرّجُلُ القَصِيرُ


صفحه : 245

حِينَ نَظَرَ إِلَي عِيسَي ع جَازَهُ بِسمِ اللّهِ بِصِحّةِ يَقِينٍ مِنهُ فَمَشَي عَلَي المَاءِ وَ لَحِقَ بِعِيسَي ع فَدَخَلَهُ العُجبُ بِنَفسِهِ فَقَالَ هَذَا عِيسَي رُوحُ اللّهِ يمَشيِ‌ عَلَي المَاءِ وَ أَنَا أمَشيِ‌ عَلَي المَاءِ فَمَا فَضلُهُ عَلَيّ قَالَ فَرُمِسَ فِي المَاءِ فَاستَغَاثَ بِعِيسَي فَتَنَاوَلَهُ مِنَ المَاءِ فَأَخرَجَهُ ثُمّ قَالَ لَهُ مَا قُلتَ يَا قَصِيرُ قَالَ قُلتُ هَذَا رُوحُ اللّهِ يمَشيِ‌ عَلَي المَاءِ وَ أَنَا أمَشيِ‌ فدَخَلَنَيِ‌ مِن ذَلِكَ عُجبٌ فَقَالَ لَهُ عِيسَي لَقَد وَضَعتَ نَفسَكَ فِي غَيرِ المَوضِعِ ألّذِي وَضَعَكَ اللّهُ فِيهِ فَمَقَتَكَ اللّهُ عَلَي مَا قُلتَ فَتُب إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مِمّا قُلتَ قَالَ فَتَابَ الرّجُلُ وَ عَادَ إِلَي المَرتَبَةِ التّيِ‌ وَضَعَهُ اللّهُ فِيهَا فَاتّقُوا اللّهَ وَ لَا يَحسُدَنّ بَعضُكُم بَعضاً

بيان في القاموس ساح الماء يسيح سيحا وسيحانا جري علي وجه الأرض والسياحة بالكسر والسيح الذهاب في الأرض للعبادة و منه المسيح انتهي . وأقول كان من شرائع عيسي ع السياحة في الأرض للاطلاع علي عجائب قدرة الله وهداية عباد الله والفرار من أعدائه وملاقاة أوليائه فنسخ ذلك في شرعنا و قدروي‌ لاسياحة في الإسلام وسياحة هذه الأمة الصيام .فدخله العجب فإن قيل هذاإما عجب كماصرح به أوغبطة حيث تمني منزلة عيسي ع لكنه تجاوز عن حد نفسه حيث لم يكن له أن يتمني تلك الدرجة الرفيعة التي‌ لايمكن حصولها له فكيف فرعه ع علي النهي‌ عن الحسد قلت الظاهر أنه كان الحامل له علي الجرأة علي هذاالتمني‌ الحسد بمنزلة عيسي واختصاصه بالنبوة حيث قال فما فضله علي أو أنه لمارأي مساواته لعيسي ع في فضيلة واحدة حسد عيسي ع علي نبوته وأنكر فضله عليه كما قال بعض الكفارأَ نُؤمِنُ لِبَشَرَينِ مِثلِنا.


صفحه : 246

فرمس في الماء أي غمس فيه علي بناء المجهول فيهما لايقال سيأتي‌ عدم المؤاخذة بالخطورات القلبية وقصد المعصية وهنا أخذ بهالأن الظاهر أن قوله فقال المراد به الكلام النفسي‌ لأنا نقول الأفعال القلبية التي‌ لامؤاخذة بهاهي‌ التي‌ تتعلق بإرادة المعاصي‌ أو كان محض خطور من غير أن يصير سببا لشكه في العقائد الإيمانية أوحدوث خلل فيها وهاهنا ليس كذلك مع أنه لايدل ماسيأتي‌ إلا علي أنه لايعاقب بها و هو لاينافي‌ حط منزلته عن صدور مثل هذه الغرائب منه . و قوله ع ياقصير دل علي جواز مخاطبة الإنسان ببعض أوصافه المشهورة لا علي وجه الاستهزاء والظاهر أن ذلك كان تأديبا له قوله ع وعاد أي في نفسه واعتقاده إلي مرتبته أي الإقرار بحط نفسه عن الارتقاء إلي درجة النبوة وسلم لعيسي ع فضله ونبوته وترك الحسد له

4- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص كَادَ الفَقرُ أَن يَكُونَ كُفراً وَ كَادَ الحَسَدُ أَن يَغلِبَ القَدَرَ

بيان قوله كاد الفقر أن يكون كفرا أقول هذه الفقرة تحتمل وجوها الأول ماخطر بالبال أن المراد به الفقر إلي الناس و هذا هوالفقر المذموم فإن سؤال الخلق وعدم التوجه إلي خالقه و من ضمن رزقه في طلب الرزق وسائر الحوائج نوع من الكفر والشرك لعدم الاعتماد علي الله سبحانه وضمانه وظنه أن المخلوق العاجز قادر علي إنجاح حوائجه وسوق الرزق إليه بدون تقديره وتيسيره وتسبيبه فبعضها يقرب من الكفر وبعضها من الشرك .الثاني‌ أن المراد به الفقر القاطع لعنان الاصطبار و قدوقعت الاستعاذة منه . و أماالفقر الممدوح فهو المقرون بالصبر قال الغزالي‌ سبب ذلك أن


صفحه : 247

الفقير إذانظر إلي شدة حاجته وحاجة عياله ورأي نعمة جزيلة مع الظلمة والفسقة وغيرهم ربما يقول ما هذاالإنصاف من الله و ما هذه القسمة التي‌ لم تقع علي العدل فإن لم يعلم شدة حاجتي‌ ففي‌ علمه نقص و إن علم ومنع مع القدرة علي الإعطاء ففي‌ جوده نقص و إن منع لثواب الآخرة فإن قدر علي إعطاء الثواب بدون هذه المشقة الشديدة فلم منع و إن لم يقدر ففي‌ قدرته نقص . و مع هذايضعف اعتقاده بكونه عدلا جوادا كريما مالكا لخزائن السماوات و الأرض وحينئذ يتسلط عليه الشيطان ويذكر له شبهات حتي يسب الفلك والدهر وغيرهما و كل ذلك كفر أوقريب منه وإنما يتخلص من هذه الأمور من امتحن الله قلبه للإيمان ورضي‌ عن الله سبحانه في المنع والإعطاء وعلم أن كل مافعله بالنسبة إليه فهو خير له وَ قَلِيلٌ ما هُم.الثالث ماذكره الراوندي‌ قدس سره في كتاب شرح الشهاب كماسيأتي‌ حيث قال معني الحديث و الله أعلم أنه إشارة إلي أن الفقير يسف إلي المآكل الدنية والمطاعم الوبية و إذاوجد أولاده يتضورون من الجوع والعري ورأي نفسه لايقدر علي تقويم أودهم وإصلاح حالهم والتنفيس عنهم كان بالحري‌ أن يسرق ويخون ويغصب وينهب ويستحل أموال الناس ويقطع الطريق ويقتل المسلم أويخدم بعض الظلمة فيأكل مما يغصبه ويظلمه و هذاكله من أفعال من لايحاسب نفسه و لايؤمن بيوم الحساب فهو قريب إلي أن يكون كافرا بحتا و في الأثر عجبت لمن له عيال و ليس له مال كيف لايخرج علي الناس بالسيف انتهي . وأقول المعاني‌ متقاربة والمال واحد و أما قوله ع وكاد الحسد أن يغلب القدر فيه أيضا وجوه الأول ماذكره الراوندي‌ ره في الكتاب المذكور علي ماسيجي‌ء أيضا حيث قال المعني أن للحسد تأثيرا قويا في النظر في إزالة النعمة عن المحسود أوالتمني‌ لذلك فإنه ربما يحمله حسده علي قتل المحسود وإهلاك ماله وإبطال معاشه فكأنه سعي في غلبة المقدور لأن الله تعالي


صفحه : 248

قدقدر للمحسود الخير والنعمة و هويسعي في إزالة ذلك عنه وقيل الحسد منصف لأنه يبدأ بصاحبه وقيل الحسود لايسود وقيل الحسد يأكل الجسد وكاد يعطي‌ أنه قرب الفعل و لم يكن ويفيد في الحديث شدة تأثير الفقر والحسد و إن لم يكونا يغلبان القدر ويقال إن كاد إذاأوجب به الفعل دل علي النفي‌ و إذانفي‌ دل علي الوقوع انتهي . وقريب منه ماقيل فيه مبالغة في تأثير الحسد في فساد النظام المقدر للعالم فإنه كثيرا مايبعث صاحبه علي قتل النفوس ونهب الأموال وسبي‌ الأولاد وإزالة النعم حتي كأنه غيرراض بقضاء الله وقدره ويطلب الغلبة عليهما و هو في حد الشرك بالله .الثاني‌ ماقيل إن المعني أن الحسد قديغلب القدر بأن يزيد في المحسود ماقدر له من النعمة.الثالث أن يكون المراد غلبة القدر بتغيير نعمة الحاسد وزوال ماقدر له من الخير.الرابع أن يكون المراد كاد أن يغلب الحسد في الوزر والإثم القول بالقدر مع شدة عذاب القدرية.الخامس أن يكون إشارة إلي تأثير العين فإن الباعث عليه الحسد كمافسر جماعة من المفسرين قوله تعالي وَ مِن شَرّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَبإصابة العين

5- كا،[الكافي‌] عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع آفَةُ الدّينِ الحَسَدُ وَ العُجبُ وَ الفَخرُ

بيان الحسد والعجب من معاصي‌ القلب والفخر من معاصي‌ اللسان و هو


صفحه : 249

التفاخر بالآباء والأجداد والأنساب الشريفة وبالعلم والزهد والعبادة والأموال والمساكن والقبائل وأمثال ذلك فبعض تلك كذب وبعضها رئاء وبعضها عجب وبعضها تكبر وتعزز وتعظم و كل ذلك من ذمائم الأخلاق و من صفات الشيطان حيث تعزز بأصله فاستكبر عن طاعة ربه . قال الراغب الفخر المباهاة في الأشياء الخارجة عن الإنسان كالمال والجاه ويقال له الفخر و رجل فاخر وفخور وفخير علي التكثير قال تعالي إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ كُلّ مُختالٍ فَخُورٍ و قال في النهاية الفخر ادعاء العظم والكبر والشرف و في المصباح فخرت به فخرا من باب نفع وافتخرت مثله والاسم الفخار بالفتح و هوالمباهاة بالمكارم والمناقب من حسب ونسب و غير ذلك إما في المتكلم أو في آبائه

6- كا،[الكافي‌] عَن يُونُسَ عَن دَاوُدَ الرقّيّ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِمُوسَي بنِ عِمرَانَ يَا ابنَ عِمرَانَ لَا تَحسُدَنّ النّاسَ عَلَي مَا آتَيتُهُم مِن فضَليِ‌ وَ لَا تَمُدّنّ عَينَيكَ إِلَي ذَلِكَ وَ لَا تُتبِعهُ نَفسَكَ فَإِنّ الحَاسِدَ سَاخِطٌ لنِعِمَيِ‌ صَادّ لقِسَميِ‌َ ألّذِي قَسَمتُ بَينَ عبِاَديِ‌ وَ مَن يَكُ كَذَلِكَ فَلَستُ مِنهُ وَ لَيسَ منِيّ‌

بيان لاتحسدن الناس إشارة إلي قوله تعالي أَم يَحسُدُونَ النّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ و لاتمدن إشارة إلي قوله سبحانه وَ لا تَمُدّنّ عَينَيكَ إِلي ما مَتّعنا بِهِ أَزواجاً مِنهُم زَهرَةَ الحَياةِ الدّنيا لِنَفتِنَهُم فِيهِ وَ رِزقُ رَبّكَ خَيرٌ وَ أَبقي. قال البيضاوي‌ أي لاتمدن نظر عينيك إلي مامتعنا به استحسانا له


صفحه : 250

وتمنيا أن يكون لك مثله و قال الطبرسي‌ رحمه الله أي لاترفعن عينيك من هؤلاء الكفار إلي مامتعناهم وأنعمنا عليهم به أمثالا في النعم من الأولاد والأموال و غير ذلك وقيل لاتنظرن إلي ما في أيديهم من النعم وقيل و لاتنظرن و لايعظمن في عينيك و لاتمدهما إلي مامتعنا به أصنافا من المشركين نهي الله رسوله عن الرغبة في الدنيا فحظر عليه أن يمد عينيه إليها و كان ع لاينظر إلي مايستحسن من الدنيا

7- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَنِ الفُضَيلِ بنِ عِيَاضٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ المُؤمِنَ يَغبِطُ وَ لَا يَحسُدُ وَ المُنَافِقَ يَحسُدُ وَ لَا يَغبِطُ

بيان هوبحسب الظاهر إخبار بأن الحاسد منافق كمامر وبحسب المعني أمر بطلب الغبطة وترك الحسد و قدمر معناهما لايقال المغتبط يتمني فوق مرتبته والأفضل من نعمته فهو ساخط بالنعمة غيرراض بالقسمة كالحاسد و إلافما الفرق لأنا نقول الفرق أن الحاسد غيرراض بالقسمة حيث تمني أن يكون قسمته ونصيبه للغير ونصيب الغير له فهو راد للقسمة قطعا و أماالمغتبط فقد رضي‌ أن يكون مثل نصيب الغير له ورضي‌ أيضا بنصيبه إلا أنه لماجوز أن يكون له أيضا مثل نصيب ذلك الغير و كان ذلك ممكنا في نفسه و لم يعلم امتناعه بحسب التقدير الأزلي‌ و لم يدل عدم حصوله علي امتناعه لجواز أن يكون حصوله مشروطا بشرط كالتمني‌ والدعاء ونحوهما و هذامثل من وجد درجة من الكمال يسأل الله تعالي ويطلب منه التوفيق لمافوقها

8- مع ،[معاني‌ الأخبار] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَقَلّ النّاسِ لَذّةً الحَسُودُ


صفحه : 251

9- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الفاَميِ‌ّ عَن مُحَمّدٍ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ كَادَ الفَقرُ أَن يَكُونَ كُفراً وَ كَادَ الحَسَدُ أَن يَغلِبَ القَدَرَ

ل ،[الخصال ] عَن حَمزَةَ العلَوَيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ عَن النّبِيّص مِثلَهُ

أقول قدمضي بعض الأخبار في باب الحرص وبعضها في باب البخل وبعضها في باب أصول الكفر وبعضها في باب ماأعطي الله أمة نبيناص

10- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ النّضرِ عَنِ الجاَزيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ لَا يُؤمِنُ رَجُلٌ فِيهِ الشّحّ وَ الحَسَدُ وَ الجُبنُ الخَبَرَ

11- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَمّادٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ لُقمَانُ لِابنِهِ لِلحَاسِدِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ يَغتَابُ إِذَا غَابَ وَ يَتَمَلّقُ إِذَا شَهِدَ وَ يَشمَتُ بِالمُصِيبَةِ

أقول أثبتنا في باب وصايا النبي ص إلي علي بأسانيد كثيرة أَنّهُ قَالَ يَا عَلِيّ أَنهَاكَ عَن ثَلَاثِ خِصَالٍ عِظَامٍ الحَسَدِ وَ الحِرصِ وَ الكَذِبِ


صفحه : 252

12- ل ،[الخصال ]فِيمَا أَوصَي بِهِ الصّادِقُ ع لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ

أقول قدمضي في باب الكذب وغيره عَنِ الصّادِقِ ع لَيسَت لِبَخِيلٍ رَاحَةٌ وَ لَا لِحَسُودٍ لَذّةٌ

13- ل ،[الخصال ] عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يُعَذّبُ سِتّةً بِسِتّ العَرَبَ بِالعَصَبِيّةِ وَ الدّهَاقِنَةَ بِالكِبرِ وَ الأُمَرَاءَ بِالجَورِ وَ الفُقَهَاءَ بِالحَسَدِ وَ التّجّارَ بِالخِيَانَةِ وَ أَهلَ الرّستَاقِ بِالجَهلِ

14- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ البغَداَديِ‌ّ عَنِ ابنِ مَعبَدٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص يَتَعَوّذُ فِي كُلّ يَومٍ مِن سِتّ مِنَ الشّكّ وَ الشّركِ وَ الحَمِيّةِ وَ الغَضَبِ وَ البغَي‌ِ وَ الحَسَدِ

15- ل ،[الخصال ] عَنِ الصّادِقِ ع لَا يَطمَعَنّ الحَسُودُ فِي رَاحَةِ القَلبِ

16- مع ،[معاني‌ الأخبار]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ العرَيِشيِ‌ّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص دَبّ إِلَيكُم دَاءُ الأُمَمِ قَبلَكُم البَغضَاءُ وَ الحَسَدُ

17-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَنبَسَةَ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص ش


صفحه : 253

كَادَ الحَسَدُ أَن يَسبِقَ القَدَرَ

18- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ رَفَعَهُ فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ مِن شَرّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ قَالَ أَ مَا رَأَيتَهُ إِذَا فَتَحَ عَينَيهِ وَ هُوَ يَنظُرُ إِلَيكَ هُوَ ذَاكَ

19- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَن سَعدَانَ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ سُئِلَ عَنِ الحَسَدِ فَقَالَ لَحمٌ وَ دَمٌ يَدُورُ فِي النّاسِ حَتّي إِذَا انتَهَي إِلَينَا يَئِسَ وَ هُوَ الشّيطَانُ

20-جا،[المجالس للمفيد] ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ المُفِيدِ عَن أَبِي نَصرٍ مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ سَيَابَةَ عَن عُمَرَ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ جَعفَرٍ عَن أَخِيهِ مُوسَي عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص ذَاتَ يَومٍ لِأَصحَابِهِأَلَا إِنّهُ قَد دَبّ إِلَيكُم دَاءُ الأُمَمِ مِن قَبلِكُم وَ هُوَ الحَسَدُ لَيسَ بِحَالِقِ الشّعرِ لَكِنّهُ حَالِقُ الدّينِ وَ يُنَجّي مِنهُ أَن يَكُفّ الإِنسَانُ يَدَهُ وَ يَخزُنَ لِسَانَهُ وَ لَا يَكُونَ ذَا غَمزٍ


صفحه : 254

عَلَي أَخِيهِ المُؤمِنِ

21- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ وَ مُحَمّدٍ العَطّارِ مَعاً عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ ثَلَاثٌ لَم يَعرَ مِنهَا نبَيِ‌ّ فَمَن دُونَهُ الطّيَرَةُ وَ الحَسَدُ وَ التّفَكّرُ فِي الوَسوَسَةِ فِي الخَلقِ

قال الصدوق رحمه الله معني الطيرة في هذاالموضع هو أن يتطير منهم قومهم فأما هم ع فلايتطيرون و ذلك كما قال الله عز و جل عن قوم صالح قالُوا اطّيّرنا بِكَ وَ بِمَن مَعَكَ قالَ طائِرُكُم عِندَ اللّهِ و كما قال آخرون لأنبيائهم إِنّا تَطَيّرنا بِكُم لَئِن لَم تَنتَهُوا لَنَرجُمَنّكُمالآية و أماالحسد في هذاالموضع هو أن يحسدوا لاأنهم يحسدون غيرهم و ذلك كما قال الله عز و جل أَم يَحسُدُونَ النّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ فَقَد آتَينا آلَ اِبراهِيمَ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ وَ آتَيناهُم مُلكاً عَظِيماً و أماالتفكر في الوسوسة في الخلق فهو بلواهم ع بأهل الوسوسة لا غير ذلك و ذلك كماحكي الله عنهم عن الوليد بن المغيرة المخزومي‌إِنّهُ فَكّرَ وَ قَدّرَ فَقُتِلَ كَيفَ قَدّرَيعني‌ قال للقرآن إِن هذا إِلّا سِحرٌ يُؤثَرُ إِن هذا إِلّا قَولُ البَشَرِ

22-ب ،[قرب الإسناد] عَن هَارُونَ عَنِ ابنِ زِيَادٍ عَنِ الصّادِقِ عَن أَبِيهِ ع أَنّ النّبِيّص قَالَ لَا تَتَحَاسَدُوا فَإِنّ الحَسَدَ يَأكُلُ الإِيمَانَ كَمَا تَأكُلُ النّارُ


صفحه : 255

الحَطَبَ اليَابِسَ

23- مص ،[مصباح الشريعة] قَالَ الصّادِقُ ع الحَاسِدُ مُضِرّ بِنَفسِهِ قَبلَ أَن يُضِرّ بِالمَحسُودِ كَإِبلِيسَ أَورَثَ بِحَسَدِهِ لِنَفسِهِ اللّعنَةَ وَ لِآدَمَ ع الِاجتِبَاءَ وَ الهُدَي وَ الرّفعَ إِلَي مَحَلّ حَقَائِقِ العَهدِ وَ الِاصطِفَاءِ فَكُن مَحسُوداً وَ لَا تَكُن حَاسِداً فَإِنّ مِيزَانَ الحَاسِدِ أَبَداً خَفِيفٌ بِثِقَلِ مِيزَانِ المَحسُودِ وَ الرّزقُ مَقسُومٌ فَمَا ذَا يَنفَعُ حَسَدُ الحَاسِدِ فَمَا يَضُرّ المَحسُودَ الحَسَدُ وَ الحَسَدُ أَصلُهُ مِن عَمَي القَلبِ وَ جُحُودَ فَضلِ اللّهِ تَعَالَي وَ هُمَا جَنَاحَانِ لِلكُفرِ وَ بِالحَسَدِ وَقَعَ ابنُ آدَمَ فِي حَسرَةِ الأَبَدِ وَ هَلَكَ مَهلَكاً لَا يَنجُو مِنهُ أَبَداً وَ لَا تَوبَةَ لِلحَاسِدِ لِأَنّهُ مُصِرّ عَلَيهِ مُعتَقِدٌ بِهِ مَطبُوعٌ فِيهِ يَبدُو بِلَا مُعَارِضٍ لَهُ وَ لَا سَبَبٍ وَ الطّبعُ لَا يَتَغَيّرُ عَنِ الأَصلِ وَ إِن عُولِجَ

24- شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ ابنِ أَبِي نَجرَانَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِوَ لا تَتَمَنّوا ما فَضّلَ اللّهُ بِهِ بَعضَكُم عَلي بَعضٍ قَالَ لَا يَتَمَنّي الرّجُلُ امرَأَةَ الرّجُلِ وَ لَا ابنَتَهُ وَ لَكِن يَتَمَنّي مِثلَهُمَا

25- شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ ابنِ ظَبيَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع بَينَمَا مُوسَي بنُ عِمرَانَ ينُاَجيِ‌ رَبّهُ وَ يُكَلّمُهُ إِذ رَأَي رَجُلًا تَحتَ ظِلّ عَرشِ اللّهِ فَقَالَ يَا رَبّ مَن هَذَا ألّذِي قَد أَظَلّهُ عَرشُكَ فَقَالَ يَا مُوسَي هَذَا مِمّن لَم يَحسُدِالنّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ

26- جع ،[جامع الأخبار] قَالَ النّبِيّص إِيّاكُم وَ الحَسَدَ فَإِنّ الحَسَدَ يَأكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأكُلُ النّارُ الحَطَبَ


صفحه : 256

وَ قَالَص إِنّ لِنِعَمِ اللّهِ أَعدَاءً قِيلَ وَ مَا أَعدَاءُ نِعَمِ اللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ الّذِينَيَحسُدُونَ النّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ

وَ قَالَص عَلَيكُم بِإِنجَاحِ الحَوَائِجِ بِكِتمَانِهَا فَإِنّ كُلّ ذيِ‌ نِعمَةٍ مَحسُودٌ

وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لِابنِهِ فِي وَصِيّتِهِ إِنّ مِن شَرّ مَفَاضِحِ المَرءِ الحَسَدَ

وَ قَالَ ع الحَاسِدُ مُغتَاظٌ عَلَي مَن لَا ذَنبَ لَهُ

27- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ ابنِ أَبِي البِلَادِ عَن أَبِيهِ رَفَعَهُ قَالَ رَأَي مُوسَي بنُ عِمرَانَ رَجُلًا تَحتَ ظِلّ العَرشِ فَقَالَ يَا رَبّ مَن هَذَا ألّذِي أَدنَيتَهُ حَتّي جَعَلتَهُ تَحتَ ظِلّ العَرشِ فَقَالَ اللّهُ تَعَالَي يَا مُوسَي هَذَا لَم يَكُن يَعُقّ وَالِدَيهِ وَ لَا يَحسُدُالنّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ

28- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع العَجَبُ لِغَفلَةِ الحُسّادِ عَن سَلَامَةِ الأَجسَادِ

وَ قَالَ ع صِحّةُ الجَسَدِ مِن قِلّةِ الحَسَدِ

29- كَنزُ الكرَاَجكَيِ‌ّ، قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا رَأَيتُ ظَالِماً أَشبَهَ بِمَظلُومٍ مِنَ الحَاسِدِ نَفَسٌ دَائِمٌ وَ قَلبٌ هَائِمٌ وَ حُزنٌ لَازِمٌ

وَ قَالَ ع الحَاسِدُ مُغتَاظٌ عَلَي مَن لَا ذَنبَ لَهُ إِلَيهِ بَخِيلٌ بِمَا لَا يَملِكُهُ

وَ قَالَ ع الحَسَدُ آفَةُ الدّينِ وَ حَسبُ الحَاسِدِ مَا يَلقَي

وَ قَالَ ع لَا مُرُوّةَ لِكَذُوبٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ

وَ قَالَ ع يَكفِيكَ مِنَ الحَاسِدِ أَنّهُ يَغتَمّ فِي وَقتِ سُرُورِكَ

وَ قَالَ ع الحَسَدُ لَا يَجلِبُ إِلّا مَضَرّةً وَ غَيظاً يُوهِنُ قَلبَكَ وَ يُمرِضُ جِسمَكَ وَ شَرّ مَا استَشعَرَ قَلبَ المَرءِ الحَسَدُ

وَ قَالَ ع الحَسُودُ سَرِيعُ الوَثبَةِ بطَيِ‌ءُ العَطفَةِ

وَ قَالَ ع الحَسُودُ مَغمُومٌ وَ اللّئِيمُ مَذمُومٌ


صفحه : 257

وَ قَالَ ع لَا غِنَي مَعَ فُجُورٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَ لَا مَوَدّةَ لِمُلُوكٍ[لِمَلُولٍ]

وَ قَالَ لُقمَانُ لِابنِهِ إِيّاكَ وَ الحَسَدَ فَإِنّهُ يَتَبَيّنُ فِيكَ وَ لَا يَتَبَيّنُ فِيمَن تَحسُدُهُ

30- المَجَازَاتُ النّبَوِيّةُ، قَالَص الحَسَدُ يَأكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأكُلُ النّارُ الحَطَبَ

بيان قال السيد رضي‌ الله عنه في شرح هذاالخبر هذه استعارة والمراد أن الحسد مخرج لصاحبه إلي الإقدام علي المعاصي‌ والارتكاس في المهاوي‌ فيقع في الدماء الحرام ويحتطب في حمائل الآثام ويشرع في نقل النعم من أماكنها وإزعاجها عن مواطنها فيكون عقاب هذه المحظورات محبطا لحسناته ومسقطا لثواب طاعاته علي المذهب ألذي أشرنا إليه فيما تقدم فيصير الحسد ألذي هوالسبب في استحقاق العقاب وإحباط الثواب كأنه يأكل تلك الحسنات لأنه يذهبها ويفنيها ويسقط أعيانها ويعفيها. وإنما شبه ع في أكله الحسنات بالنار التي‌ تأكل الحطب لأن الحسد يجري‌ في قلب الإنسان مجري النار لاهتياجه واتقاده وإرماضه وإحراقه و من هناك قال بعضهم مارأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد نفس يتضور وزفير يتردد وحزن يتجدد

31- الشّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللّهِص كَادَ الفَقرُ أَن يَكُونَ كُفراً وَ كَادَ الحَسَدُ أَن يَغلِبَ القَدَرَ

الضوء كاد وعسي كلاهما من أفعال المقاربة وكاد مشبه بعسي وعسي مشبه بلعل فلذلك لم يتصرف لأنه مشبه بحرف والحرف لايتصرف وكاد أشد مقاربة من عسي وإنما لم يأت من عسي الفعل المضارع لأن فيه معني الطمع والطمع لايصح إلا في المستقبل فلو بني‌ منه المضارع لصلح للحال والاستقبال معا والطمع لايصح في الحال فلذلك اقتصر فيه علي الماضي‌ وعسي ترفع الاسم وتنصب الخبر إلا أن خبره لا يكون إلافعلا مضارعا يدخله أن


صفحه : 258

وكذلك كاد ترفع الاسم وتنصب الخبر و من شروط كاد أن لايدخل علي خبره أن كقولك كاد زيد و قال تعالي وَ إِن يَكادُ الّذِينَ كَفَرُوا لَيُزلِقُونَكَ بِأَبصارِهِم وكادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً و هذا إذا كان للحال و إن كان للاستقبال شبه بعسي فأدخل علي خبره أن كما قال .


  دكاد من طول البلي أن يمصحا.

فهذا ماعلقناه علي شيخنا أبي الحسن النحوي‌ رحمه الله ومعني الحديث و الله أعلم أنه إشارة إلي أن الفقير يسف إلي المآكل الدنيئة والمطاعم الوبيئة و إذاوجد أولاده يتضورون من الجوع والعري ورأي نفسه لايقدر علي تقويم أودهم وإصلاح حالهم والتنفيس عنهم كان بالحري‌ أن يسرق ويخون ويغصب وينهب ويستحل أموال الناس ويقطع الطريق ويقتل المسلم أويخدم بعض الظلمة فيأكل مما يغصبه ويظلمه و هذاكله من أفعال من لايحاسب نفسه و لايؤمن بيوم الحساب فهو قريب إلي أن يكون كافرا بحتا و في الأثر عجبت لمن له عيال و ليس له مال كيف لايخرج علي الناس بالسيف . و قوله ع كاد الحسد أن يغلب القدر المعني أن للحسد تأثيرا قويا في النظر في إزالة النعمة عن المحسود أوالتمني‌ لذلك فإنه ربما يحمله حسده علي قتل المحسود وإهلاك ماله وإبطال معاشه فكأنه سعي في غلبة المقدور لأن الله تعالي قدقدر للمحسود الخير والنعمة و هويسعي في إزالة ذلك عنه وقيل الحسد منصف لأنه يبدأ بصاحبه وقيل الحسود لايسود وقيل الحسد يأكل الجسد و قال الشاعر


اصبر علي حسد الحسود فإن صبرك قاتله   النار تأكل نفسها إن لم تجد ماتأكله .

وكاد تعطي‌ أنه قرب الفعل و لم يكن وتفيد في الحديث شدة تأثير


صفحه : 259

الفقر والحسد و إن لم يكونا يغلبان القدر ويقال إن كاد إذاأوجب به الفعل دل علي النفي‌ و إذانفي دل علي الوقوع و قال شاعرهم


أنحوي‌ هذاالدهر ماهي‌ لفظة   جرت بلساني‌ جرهم وثمود

إذانفيت و الله أعلم أوجبت   و إن أوجبت قامت مقام جحود.

و هذا كما قال عز و جل كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً والمعني أنهم لم يكونوا و قال تعالي وَ ما كادُوا يَفعَلُونَ و قدذبحوا. و هذه من أعجب القصص في الحسد وهي‌ من أعاجيب الدنيا كان أيام موسي الهادي‌ ببغداد رجل من أهل النعمة و كان له جار في دون حاله و كان يحسده ويسعي بكل مكروه يمكنه و لايقدر عليه قال فلما طال عليه أمره وجعلت الأيام لاتزيده فيه إلاغيظا اشتري غلاما صغيرا فرباه وأحسن إليه فلما شب الغلام واشتدت وقوي‌ غضبه قال له مولاه يابني‌ إني‌ أريدك لأمر من الأمور جسيم فليت شعري‌ كيف لي أنت عند ذلك قال كيف يكون العبد لمولاه والمنعم عليه المحسن إليه و الله يامولاي‌ لوعلمت أن رضاك في أن أتقحم النار لرميت بنفسي‌ فيها و لوعلمت أن رضاك في أن أغرق نفسي‌ في لجة البحر لفعلت ذاك وعدد عليه أشياء فسر بذلك من قوله وضمه إلي صدره وأكب عليه يترشفه ويقبله و قال أرجو أن تكون ممن يصلح لماأريد قال يامولاي‌ إن رأيت أن تمن علي عبدك فتخبره بعزمك هذاليعرفه ويضم عليه جوانحه قال لم يأن لذلك بعد و إذا كان ذلك فأنت موضع سري‌ ومستودع أمانتي‌.فتركه سنة فدعاه فقال أي بني‌ قدأردتك للأمر ألذي كنت أرشحك له قال له يامولاي‌ مرني‌ بما شئت فو الله لاتزيدني‌ الأيام إلاطاعة لك قال إن جاري‌ فلانا قدبلغ مني‌ مبلغا أحب قتله قال فأنا أفتك به الساعة قال لاأريد هذا وأخاف ألا يمكنك و إن أمكنك أحالوا ذلك علي ولكني‌ دبرت أن تقتلني‌ أنت وتطرحني‌ علي سطحه فيؤخذ ويقتل بي‌.


صفحه : 260

فقال له الغلام أتطيب نفسك بنفسك و ما في ذلك تشف من عدوك وأيضا فهل تطيب نفسي‌ بقتلك و أنت أبر من الوالد الحدب والأم الرفيقة قال دع عنك هذافإنما كنت أربيك لهذا فلاتنقض علي أمري‌ فإنه لاراحة لي إلا في هذا قال الله الله في نفسك يامولاي‌ و أن تتلفها للأمر ألذي لايدري أ يكون أم لا يكون فإن كان لم تر منه ماأملت و أنت ميت قال أراك لي عاصيا و ماأرضي حتي تفعل ماأهوي . قال أما إذاصح عزمك علي ذلك فشأنك و ماهويت لأصير إليه بالكرة لابالرضي فشكره علي ذلك وعمد إلي سكين فشحذها ودفعها إليه وأشهد علي نفسه أنه دبره ودفع إليه من صلب ماله ثلاثة آلاف درهم و قال إذافعلت ذلك فخذ في أي بلاد الله شئت فعزم الغلام علي طاعة المولي بعدالتمنع والالتواء. فلما كان في آخر ليلة من عمره قال له تأهب لماأمرتك به فإني‌ موقظك في آخر الليل فلما كان في وجه السحر قام وأيقظ الغلام فقام مذعورا وأعطاه المدية فجاء حتي تسور حائط جاره برفق فاضطجع علي سطحه فاستقبل القبلة ببدنه و قال للغلام ها وعجل فترك السكين علي حلقه وفري أوداجه ورجع إلي مضجعه وخلاه يتشحط في دمه . فلما أصبح أهله خفي‌ عليهم خبره فلما كان في آخر النهار أصابوه علي سطح جاره مقتولا فأخذ جاره وأحضروا وجوه المحلة لينظروا إلي الصورة ورفعوه وحبسوه وكتبوا بخبره إلي الهادي‌ فأحضره فأنكر أن يكون له علم بذلك و كان الرجل من أهل الصلاح فأمر بحبسه ومضي الغلام إلي أصبهان . و كان هناك رجل من أولياء المحبوس وقرابته و كان يتولي العطاء للجند بأصفهان فرأي الغلام و كان عارفا به فسأله عن أمر مولاه و قد كان وقع الخبر إليه فأخبره الغلام حرفا حرفا فأشهد علي مقالته جماعة وحمله إلي مدينة السلام وبلغ الخبر الهادي‌ فأحضر الغلام فقص أمره كلّه عليه فتعجب الهادي‌ من ذلك وأمر بإطلاق الرجل المحبوس وإطلاق الغلام أيضا.


صفحه : 261

فائدة الحديث إعلام أن الفقر من أصعب الأشياء ومكابرته من أهول الأمور و أن الحسد أمره شديد والحديث متضمن للنهي‌ عنه

32- الشّهَابُ، إِنّ الحَسَدَ لَيَأكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأكُلُ النّارُ الحَطَبَ

الضوء الحسد تمني‌ زوال نعمة غيرك يقول ص الحسد يفسد الحسنات وهي‌ الأفعال الحسنة ويلطخها ويغيرها ويغطي‌ عليها ويسوؤها ويجعلها بحيث لايعتد بها كماتأكل النار الحطب حيث تجعله رمادا أوفحما و ذلك أن الحسود و لوحصلت منه الأفعال الصالحة لكانت مشينة لمكان الحسد ثم إن الحاسد يعارض ربه فيما يفعل لأن النعمة علي المحسود من قبله و هويتمني زواله وكأنه يخطئ الله تعالي فيما أولاه تعالي وتقدس . وروي‌ عن سفيان قال بلغني‌ أن الله تعالي يقول الحاسد عدو نعمتي‌ غيرراض بقسمتي‌ التي‌ قسمت بين عبادي‌ و قال منصور الفقيه


ألا قل لمن كان بي‌ حاسدا   أتدري‌ علي من أسأت الأدب

أسأت علي الله في فعله   إذا أنت لم ترض لي ماوهب

جزاؤك منه الزيادات لي   و أن لاتنال ألذي تطلب .

وقيل الحاسد بارز ربه من ستة أوجه أبغض كل نعمة تظهر علي غيره وسخط القسمة وضاد قضاء الله وكابر مقدوره وخذل وليه وأعان عدوه وقيل الحاسد جاحد لأنه لم يرض بحكم الواحد وقيل في قوله تعالي إِنّما حَرّمَ ربَيّ‌َ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَ ما بَطَنَيعني‌ الحسد وقيل الحسد منصف لأنه يؤثر في الحاسد و لايؤثر في المحسود. و قال


اصبر علي حسد الحسود فإن صبرك قاتله   فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ماتأكله .

صفحه : 262

و قال


إني‌ لأرحم حاسدي‌ لحر ما   ضمنت صدورهم من الأسعار

نظروا صنيع الله لي فعيونهم   في جنة وقلوبهم في نار.

وقيل الحسود لايسود وروي‌ أن في السماء الخامسة ملكا يمر به عمل عبد له ضوء كضوء الشمس فيقول قف فأنا ملك الحسد أضرب به وجه صاحبه فإنه حاسد ويقال لايوجد ظالم و هومظلوم إلاالحاسد وأنشد


قل للحسود إذاتنفس حسرة   ياظالما وكأنه مظلوم .

وفائدة الحديث النهي‌ عن الحسد والأمر بتجنبه

باب 231-ذم الغضب ومدح التنمر في ذات الله

الآيات طه قالَ يَا بنَ أُمّ لا تَأخُذ بلِحِيتَيِ‌ وَ لا برِأَسيِ‌الشعراءوَ إِذا بَطَشتُم بَطَشتُم جَبّارِينَ

1- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن عَبدِ العَظِيمِ الحسَنَيِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ الثاّنيِ‌ عَن أَبِيهِ ع قَالَ دَخَلَ مُوسَي بنُ جَعفَرٍ ع عَلَي هَارُونَ الرّشِيدِ وَ قَدِ استَخَفّهُ الغَضَبُ عَلَي رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ إِنّمَا تَغضَبُ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ فَلَا تَغضَب لَهُ بِأَكثَرَ مِمّا غَضِبَ لِنَفسِهِ

2- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع لَا نَسَبَ أَوضَعُ مِنَ الغَضَبِ


صفحه : 263

أقول قدمضي الأخبار في باب الحلم وكظم الغيظ

3- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَن أَحلَمُ النّاسِ قَالَ ألّذِي لَا يَغضَبُ

4- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن يُونُسَ عَن دَاوُدَ بنِ فَرقَدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الغَضَبُ مِفتَاحُ كُلّ شَرّ

5- ل ،[الخصال ] أَبِي عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ عَلِيّ بنِ الصّلتِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن يُونُسَ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الحَوَارِيّونَ لِعِيسَي بنِ مَريَمَ يَا مُعَلّمَ الخَيرِ أَعلِمنَا أَيّ الأَشيَاءِ أَشَدّ فَقَالَ أَشَدّ الأَشيَاءِ غَضَبُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ قَالُوا فَبِمَ يُتّقَي غَضَبُ اللّهِ قَالَ بِأَن لَا تَغضَبُوا قَالُوا وَ مَا بَدءُ الغَضَبِ قَالَ الكِبرُ وَ التّجَبّرُ وَ مَحقَرَةُ النّاسِ

كِتَابُ الغَايَاتِ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ ذَكَرَ نَحوَهُ

6- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَنِ ابنِ مَعبَدٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص يَتَعَوّذُ فِي كُلّ يَومٍ مِن سِتّ مِنَ الشّكّ وَ الشّركِ وَ الحَمِيّةِ وَ الغَضَبِ وَ البغَي‌ِ وَ الحَسَدِ

7- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ البغَداَديِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَنبَسَةَ عَن بَكرِ بنِ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن فَاطِمَةَ بِنتِ الرّضَا عَن أَبِيهَا عَن أَبِيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ وَ عَمّهِ زَيدٍ عَن أَبِيهِمَا عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَبِيهِ وَ عَمّهِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم أَجمَعِينَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن كَفّ غَضَبَهُ كَفّ اللّهُ عَنهُ عَذَابَهُ وَ مَن حَسُنَ خُلقُهُ بَلَغَهُ اللّهُ دَرَجَةَ الصّائِمِ القَائِمِ


صفحه : 264

8- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الرّزّازِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي القيَسيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَجُلٌ للِنبّيِ‌ّص يَا رَسُولَ اللّهِ علَمّنيِ‌ عَمَلًا لَا يُحَالُ بَينَهُ وَ بَينَ الجَنّةِ قَالَ لَا تَغضَب وَ لَا تَسأَلِ النّاسَ شَيئاً وَ ارضَ لِلنّاسِ مَا تَرضَي لِنَفسِكَ الخَبَرَ

9- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عَلِيّ بنِ عُقبَةَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَنِ الصّادِقِ عَن أَبِيهِ ع أَنّهُ ذُكِرَ عِندَهُ الغَضَبُ فَقَالَ إِنّ الرّجُلَ لَيَغضَبُ حَتّي مَا يَرضَي أَبَداً وَ يَدخُلُ بِذَلِكَ النّارَ فَأَيّمَا رَجُلٍ غَضِبَ وَ هُوَ قَائِمٌ فَليَجلِس فَإِنّهُ سَيَذهَبُ عَنهُ رِجزُ الشّيطَانِ وَ إِن كَانَ جَالِساً فَليَقُم وَ أَيّمَا رَجُلٍ غَضِبَ عَلَي ذيِ‌ رَحِمِهِ فَليَقُم إِلَيهِ وَ ليَدنُ مِنهُ وَ ليَمَسّهُ فَإِنّ الرّحِمَ إِذَا مَسّتِ الرّحِمَ سَكَنَت

10- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ الفَحّامِ عَنِ المنَصوُريِ‌ّ عَن عَمّ أَبِيهِ عَن أَبِي الحَسَنِ الثّالِثِ عَن آبَائِهِ عَنِ الكَاظِمِ ع قَالَ مَن لَم يَغضَب فِي الجَفوَةِ لَم يَشكُر فِي النّعمَةِ

11- ثو،[ثواب الأعمال ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ عَلِيّ بنِ الصّلتِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ مِهرَانَ عَنِ ابنِ عَمِيرَةَ عَمّن سَمِعَ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَن كَفّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللّهُ عَورَتَهُ

12- ثو،[ثواب الأعمال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَيفٍ عَن أَخِيهِ عَن أَبِيهِ عَن عَاصِمٍ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ مَن كَفّ نَفسَهُ عَن أَعرَاضِ النّاسِ كَفّ اللّهُ عَنهُ عَذَابَ يَومِ القِيَامَةِ وَ مَن كَفّ غَضَبَهُ عَنِ النّاسِ أَقَالَهُ اللّهُ نَفسَهُ يَومَ القِيَامَةِ


صفحه : 265

ختص ،[الإختصاص ] عَنِ البَاقِرِ ع مِثلَهُ

13- ضا،[فقه الرضا عليه السلام ]أرَويِ‌ أَنّ رَجُلًا سَأَلَ العَالِمَ أَن يُعَلّمَهُ مَا يَنَالُ بِهِ خَيرَ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ وَ لَا يُطَوّلَ عَلَيهِ فَقَالَ لَا تَغضَب

14- شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ قَالَ سَمِعتُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع يَقُولُ إِنّ أَحَدَكُم لَيَغضَبُ فَمَا يَرضَي حَتّي يَدخُلَ بِهِ النّارَ فَأَيّمَا رَجُلٍ مِنكُم غَضِبَ عَلَي ذيِ‌ رَحِمِهِ فَليَدنُ مِنهُ فَإِنّ الرّحِمَ إِذَا مَسّتهَا الرّحِمُ استَقَرّت وَ إِنّهَا مُتَعَلّقَةٌ بِالعَرشِ يَنتَقِضُهُ انتِقَاضَ الحَدِيدِ فيَنُاَديِ‌ أللّهُمّ صِل مَن وصَلَنَيِ‌ وَ اقطَع مَن قطَعَنَيِ‌ وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ فِي كِتَابِهِوَ اتّقُوا اللّهَ ألّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الأَرحامَ إِنّ اللّهَ كانَ عَلَيكُم رَقِيباً وَ أَيّمَا رَجُلٍ غَضِبَ وَ هُوَ قَائِمٌ فَليَلزَمِ الأَرضَ مِن فَورِهِ فَإِنّهُ يُذهِبُ رِجزَ الشّيطَانِ

15- جع ،[جامع الأخبار] قَالَ النّبِيّص الغَضَبُ جَمرَةٌ مِنَ الشّيطَانِ

وَ قَالَص الغَضَبُ يُفسِدُ الإِيمَانَ كَمَا يُفسِدُ الصّبِرُ العَسَلَ وَ كَمَا يُفسِدُ الخَلّ العَسَلَ

وَ قَالَ إِبلِيسُ عَلَيهِ اللّعنَةُ الغَضَبُ وهَقَيِ‌ وَ مصِياَديِ‌ وَ بِهِ أَصُدّ خِيَارَ الخَلقِ عَنِ الجَنّةِ وَ طَرِيقِهَا

وَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ مَن لَم يَغتَب فَلَهُ الجَنّةُ وَ مَن لَم يَغضَب فَلَهُ الجَنّةُ وَ مَن لَم يَحسُد فَلَهُ الجَنّةُ

16- ختص ،[الإختصاص ] قَالَ الصّادِقُ ع كَانَ أَبِي مُحَمّدٌ ع يَقُولُ أَيّ شَيءٍ أَشَرّ مِنَ الغَضَبِ إِنّ الرّجُلَ إِذَا غَضِبَ يَقتُلُ النّفسَ وَ يَقذِفُ المُحصَنَةَ

17-ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر]فَضَالَةُ عَنِ ابنِ فَرقَدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَجَاءَ أعَراَبيِ‌ّ


صفحه : 266

إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ علَمّنيِ‌ شَيئاً وَاحِداً فإَنِيّ‌ رَجُلٌ أُسَافِرُ فَأَكُونُ فِي البَادِيَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ لَا تَغضَب فَاستَيسَرَهَا الأعَراَبيِ‌ّ فَرَجَعَ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ علَمّنيِ‌ شَيئاً وَاحِداً فإَنِيّ‌ أُسَافِرُ فَأَكُونُ فِي البَادِيَةِ فَقَالَ لَهُ النّبِيّص لَا تَغضَب فَاستَيسَرَهَا الأعَراَبيِ‌ّ فَرَجَعَ فَأَعَادَ السّؤَالَ فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللّهِ فَرَجَعَ الرّجُلُ إِلَي نَفسِهِ وَ قَالَ لَا أَسأَلُ عَن شَيءٍ بَعدَ هَذَا إنِيّ‌ وَجَدتُهُ قَد نصَحَنَيِ‌ وَ حذَرّنَيِ‌ لِئَلّا أفَترَيِ‌َ حِينَ أَغضَبُ وَ لِئَلّا أَقتُلَ حِينَ أَغضَبُ

وَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع الغَضَبُ مِفتَاحُ كُلّ شَرّ

وَ قَالَ إِنّ إِبلِيسَ كَانَ مَعَ المَلَائِكَةِ وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ تَحسَبُ أَنّهُ مِنهُم وَ كَانَ فِي عِلمِ اللّهِ أَنّهُ لَيسَ مِنهُم فَلَمّا أُمِرَ بِالسّجُودِ لِآدَمَ حمَيِ‌َ وَ غَضِبَ فَأَخرَجَ اللّهُ مَا كَانَ فِي نَفسِهِ بِالحَمِيّةِ وَ الغَضَبِ

18- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ النّضرِ عَنِ القَاسِمِ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الصّبّاحِ عَن زَيدِ بنِ عَلِيّ قَالَ أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي نَبِيّهِ دَاوُدَ ع إِذَا ذكَرَنَيِ‌ عبَديِ‌ حِينَ يَغضَبُ ذَكَرتُهُ يَومَ القِيَامَةِ فِي جَمِيعِ خلَقيِ‌ وَ لَا أَمحَقُهُ فِيمَن أَمحَقُ

19- نَوَادِرُ الراّونَديِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص الغَضَبُ يُفسِدُ الإِيمَانَ كَمَا يُفسِدُ الخَلّ العَسَلَ أَو كَمَا يُفسِدُ الصّبِرُ العَسَلَ

كِتَابُ الإِمَامَةِ وَ التّبصِرَةِ، عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ مِثلَهُ

20- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع الحِدّةُ ضَربٌ مِنَ الجُنُونِ لِأَنّ صَاحِبَهَا يَندَمُ فَإِن لَم يَندَم فَجُنُونُهُ مُستَحكَمُ

21- مُنيَةُ المُرِيدِ، سُئِلَ النّبِيّص مَا يُبعِدُ مِن غَضَبِ اللّهِ تَعَالَي قَالَ لَا تَغضَب

وَ عَنهُص مَن كَفّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللّهُ عَورَتَهُ


صفحه : 267

وَ قَالَ أَبُو الدّردَاءِ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ دلُنّيِ‌ عَلَي عَمَلٍ يدُخلِنُيِ‌ الجَنّةَ قَالَ لَا تَغضَب

وَ قَالَص الغَضَبُ يُفسِدُ الإِيمَانَ كَمَا يُفسِدُ الصّبِرُ العَسَلَ

وَ قَالَص مَا غَضِبَ أَحَدٌ إِلّا أَشفَي عَلَي جَهَنّمَ

وَ ذُكِرَ الغَضَبُ عِندَ أَبِي جَعفَرٍ البَاقِرِ ع فَقَالَ إِنّ الرّجُلَ لَيَغضَبُ فَمَا يَرضَي أَبَداً حَتّي يَدخُلَ النّارَ

وَ عَنهُ ع قَالَ مَكتُوبٌ فِي التّورَاةِ فِيمَا نَاجَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِهِ مُوسَي ع يَا مُوسَي أَمسِك غَضَبَكَ عَمّن مَلّكتُكَ عَلَيهِ أَكُفّ عَنكَ غضَبَيِ‌

وَ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّ هَذَا الغَضَبَ جَمرَةٌ مِنَ الشّيطَانِ تَتَوَقّدُ فِي قَلبِ ابنِ آدَمَ وَ إِنّ أَحَدَكُم إِذَا غَضِبَ احمَرّت عَينَاهُ وَ انتَفَخَت أَودَاجُهُ وَ دَخَلَ الشّيطَانُ فِيهِ

22- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص الغَضَبُ يُفسِدُ الإِيمَانَ كَمَا يُفسِدُ الخَلّ العَسَلَ

بيان كمايفسد الخل العسل أي إذاأدخل الخل العسل ذهبت حلاوته وخاصيته وصار المجموع شيئا آخر فكذا الإيمان إذادخله الغضب فسد و لم يبق علي صرافته وتغيرت آثاره فلايسمي إيمانا حقيقة أوالمعني أنه إذا كان طعم العسل في الذائقة فشرب الخل ذهبت تلك الحلاوة بالكلية فلايجد طعم العسل فكذا الغضب إذاورد علي صاحب الإيمان لم يجد حلاوته وذهبت فوائده . قال بعض المحققين الغضب شعلة نار اقتبست من نار الله الموقدة إلاأنها لاتطلع علي الأفئدة وإنها لمستكنة في طي‌ الفؤاد استكنان الجمر تحت الرماد ويستخرجها الكبر الدفين من قلب كل جبار عنيد كمايستخرج الحجر النار من الحديد و قدانكشف للناظرين بنور اليقين أن الإنسان ينزع منه عرق إلي


صفحه : 268

الشيطان اللعين فمن أسعرته نار الغضب فقد قويت فيه قرابة الشيطان حيث قال خلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍفمن شأن الطين السكون والوقار وشأن النار التلظي‌ والاستعار والحركة والاضطراب والاصطهار و منه قوله تعالي يُصهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِم وَ الجُلُودُ و من نتائج الغضب الحقد والحسد وبهما هلك من هلك وفسد من فسد. ثم قال اعلم أن الله تعالي لماخلق الإنسان معرضا للفساد والموتان بأسباب في داخل بدنه وأسباب خارجة منه أنعم عليه بما يحميه الفساد ويدفع عنه الهلاك إلي أجل معلوم سماه في كتابه . أماالسبب الداخل فإنه ركبه من الرطوبة والحرارة وجعل بين الرطوبة والحرارة عداوة ومضادة فلاتزال الحرارة تحلل الرطوبة وتجففها وتبخرها حتي يتفشي أجزاؤها بخارا يتصاعد منها فلو لم يتصل بالرطوبة مدد من الغذاء يجبر ماانحل وتبخر من أجزائها لفسد الحيوان فخلق الله الغذاء الموافق لبدن الحيوان وخلق للحيوان شهوة تبعثه علي تناول الغذاء كالموكل به في جبر ماانكسر وسد ماانثلم ليكون حافظا له من الهلاك بهذه الأسباب . و أماالأسباب الخارجة التي‌ يتعرض لها الإنسان فكالسيف والسنان وسائر المهلكات التي‌ يقصد بهافافتقر إلي قوة وحمية تثور من باطنه فيدفع المهلكات عنه فخلق الله الغضب من النار وغرزه في الإنسان وعجنه بطينته فمهما قصد في غرض من أغراضه ومقصود من مقاصده اشتعلت نار الغضب وثارت ثورانا يغلي‌ به دم القلب وينتشر في العروق ويرتفع إلي أعالي‌ البدن كماترتفع النار و كمايرتفع الماء ألذي يغلي في القدر. ولذلك ينصب إلي الوجه فيحمر الوجه والعين والبشرة بصفائها تحكي‌ لون ماوراءها من حمرة الدم كماتحكي‌ الزجاجة لون ما فيها وإنما ينبسط الدم إذاغضب علي من دونه واستشعر القدرة عليه فإن صدر الغضب علي من هوفوقه


صفحه : 269

و كان معه يأس من الانتقام تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلي جوف القلب وصار حزنا ولذلك يصفر اللون و إن كان الغضب علي نظير يشك فيه تولد منه تردد بين انقباض وانبساط فيحمر ويصفر ويضطرب . وبالجملة فقوة الغضب محلها القلب ومعناها غليان دم القلب لطلب الانتقام وإنما يتوجه هذه القوة عندثورانها إلي دفع الموذيات قبل وقوعها و إلي التشفي‌ والانتقام بعدوقوعها والانتقام قوت هذه القوة وشهوتها و فيه لذتها و لاتسكن إلا به . ثم الناس في هذه القوة علي درجات ثلاث في أول الفطرة وبحسب مايطرأ عليها من الأمور الخارجة من التفريط والإفراط والاعتدال أماالتفريط فبفقد هذه القوة أوضعفها بأن لايستعملها فيما هومحمود عقلا وشرعا مثل دفع الضرر عن نفسه علي وجه سائغ والجهاد مع أعدائه والبطش عليهم وإقامة الحدود علي الوجه المعتبر والأمر بالمعروف والنهي‌ عن المنكر فتحصل فيه ملكة الجبن بل ينتهي‌ إلي عدم الغيرة علي حرمه وأشباه ذلك و هذامذموم معدود من الرذائل النفسانية و قدوصف الله تعالي الصحابة بالشدة والحمية فقال أَشِدّاءُ عَلَي الكُفّارِ و قال تعالي يا أَيّهَا النّبِيّ جاهِدِ الكُفّارَ وَ المُنافِقِينَ وَ اغلُظ عَلَيهِم وإنما الغلظة والشدة من آثار قوة الحمية و هوالغضب و أماالإفراط فهو الإقدام علي ما ليس بالجميل واستعمالها فيما هومذموم عقلا وشرعا مثل الضرب والبطش والشتم والنهب والقتل والقذف وأمثال ذلك مما لايجوزه العقل والشرع . و أماالاعتدال فهو غضب ينتظر إشارة العقل والدين فينبعث حيث تجب الحمية وينطفئ حيث يحسن الحلم وحفظه علي حد الاعتدال هوالاستقامة التي‌ كلف الله تعالي به عباده و هوالوسط ألذي وصفه رسول الله ص حيث قال


صفحه : 270

خير الأمور أوساطها فمن مال غضبه إلي الفتور حتي أحس من نفسه ضعف الغيرة وخسة النفس واحتمال الذل والضيم في غيرمحله فينبغي‌ أن يعالج نفسه حتي يقوي غضبه و من مال غضبه إلي الإفراط حتي جره إلي التهور واقتحام الفواحش فينبغي‌ أن يعالج نفسه ليسكن من سورة الغضب ويقف علي الوسط الحق بين الطرفين فهو الصراط المستقيم و هوأدق من الشعر وأحد من السيف فينبغي‌ أن يسعي في ذلك بحسب جهده ويتوسل إلي الله تعالي في أن يوفقه لذلك

23- كا،[الكافي‌] أَبُو عَلِيّ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عَلِيّ بنِ عُقبَةَ عَن أَبِيهِ عَن مُيَسّرٍ قَالَ ذُكِرَ الغَضَبُ عِندَ أَبِي جَعفَرٍ ع فَقَالَ إِنّ الرّجُلَ لَيَغضَبُ فَمَا يَرضَي أَبَداً حَتّي يَدخُلَ النّارَ فَأَيّمَا رَجُلٍ غَضِبَ عَلَي قَومٍ وَ هُوَ قَائِمٌ فَليَجلِس مِن فَورِهِ ذَلِكَ فَإِنّهُ سَيَذهَبُ عَنهُ رِجزُ الشّيطَانِ وَ أَيّمَا رَجُلٍ غَضِبَ عَلَي ذيِ‌ رَحِمٍ فَليَدنُ مِنهُ فَليَمَسّهُ فَإِنّ الرّحِمَ إِذَا مُسّت سَكَنَت

بيان فما يرضي أبدا فيه تنبيه علي أنه ينبغي‌ أن لايغضب و إن غضب لايستمر عليه بل يعالجه قريبا بالسعي‌ في الرضا عنه إذ لواستمر عليه اشتد غضبه آنا فآنا وشيئا فشيئا إلي أن يصدر عنه مايوجب دخوله النار كالقتل والجرح وأمثالهما أويصير الغضب له عادة وخلقا فلايمكنه تركه حتي يدخل بسببه النار. واعلم أن علاج الغضب أمران علمي‌ وفعلي‌ أماالعلمي‌ فبأن يتفكر في الآيات والروايات التي‌ وردت في ذم الغضب ومدح كظم الغيظ والعفو والحلم ويتفكر في توقعه عفو الله عن ذنبه وكف غضبه عنه و أماالفعلي‌ فذكر ع هنا أمران .الأول قوله فأيما رجل مازائدة من فوره كان من بمعني في و قال الراغب الفور شدة الغليان ويقال ذلك في النار نفسها إذاهاجت و في القدر في الغضب ويقال فعلت كذا من فوري‌ أي في غليان


صفحه : 271

الحال وقبل سكون الأمر. و قال البيضاوي‌ في قوله تعالي وَ يَأتُوكُم مِن فَورِهِم هذا أي من ساعتهم هذه و هو في الأصل مصدر فارت القدر إذاغلت فاستعير للسرعة ثم أطلق للحال التي‌ لاريث فيها و لاتراخي‌ والمعني أن يأتوكم في الحال و قال في المصباح فار الماء يفور فورا نبع وجري وفارت القدر فورا وفورانا وقولهم الشفعة علي الفور من هذا أي علي الوقت الحاضر ألذي لاتأخير فيه ثم استعمل في الحالة التي‌ لابطء فيهايقال جاء فلان في حاجته ثم رجع من فوره أي من حركته التي‌ وصل فيها و لم يسكن بعدها وحقيقته أن يصل ما بعدالمجي‌ء بما قبله من غيرلبث انتهي . وضمير فوره للرجل وقيل للغضب والأول أنسب بالآية و ذلك صفة فوره فإنه سيذهب كيمنع والرجز فاعله أو علي بناء الإفعال والضمير المستتر فاعله وراجع إلي مصدر فليجلس والرجز مفعوله و في النهاية الرجز بكسر الراء العذاب والإثم والذنب ورجز الشيطان وساوسه انتهي . وذهاب ذلك بالجلوس مجرب كما أن من جلس عندحملة الكلب وجده ساكنا لايحوم حوله و فيه سر لايعلمه إِلّا اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي العِلمِ وربما يقال السر فيه هوالإشعار بأنه من التراب و عبدذليل لايليق به الغضب أوالتوسل بسكون الأرض وثبوتها. وأقول كأنه لقلة دواعيه إلي المشي‌ للقتل والضرب وأشباههما أوللانتقال من حال إلي حال أخري والاشتغال بأمر آخر فإنهما مما يذهل عن الغضب في الجملة ولذا ألحق بعض العلماء الاضطجاع والقيام إذا كان جالسا والوضوء بالماء البارد وشربه بالجلوس في ذهاب الرجز.


صفحه : 272

وأقول يُؤَيّدُهُ مَا رَوَاهُ الصّدُوقُ فِي مَجَالِسِهِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عَلِيّ بنِ عُقبَةَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع أَنّهُ ذُكِرَ عِندَهُ الغَضَبُ فَقَالَ إِنّ الرّجُلَ لَيَغضَبُ حَتّي مَا يَرضَي أَبَداً وَ يَدخُلُ بِذَلِكَ النّارَ وَ أَيّمَا رَجُلٍ غَضِبَ وَ هُوَ قَائِمٌ فَليَجلِس فَإِنّهُ سَيَذهَبُ عَنهُ رِجزُ الشّيطَانِ وَ إِن كَانَ جَالِساً فَليَقُم وَ أَيّمَا رَجُلٍ غَضِبَ عَلَي ذيِ‌ رَحِمِهِ فَليَقُم إِلَيهِ وَ ليَدنُ مِنهُ وَ ليَمَسّهُ فَإِنّ الرّحِمَ إِذَا مَسّتِ الرّحِمَ سَكَنَت

وَ مَا رَوَاهُ العَامّةُ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا غَضِبَ وَ هُوَ قَائِمٌ جَلَسَ وَ إِذَا غَضِبَ وَ هُوَ جَالِسٌ اضطَجَعَ فَيَذهَبُ غَيظُهُ

و قال بعضهم علاج الغضب أن تقول بلسانك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أمر رسول الله ص أن يقال عندالغيظ

وَ كَانَص إِذَا غَضِبَت عَائِشَةُ أَخَذَ بِأَنفِهَا وَ قَالَ يَا عُوَيشُ قوُليِ‌ أللّهُمّ رَبّ النّبِيّ مُحَمّدٍ اغفِر لِي ذنَبيِ‌ وَ أَذهِب غَيظَ قلَبيِ‌ وَ أجَرِنيِ‌ مِن مَضَلّاتِ الفِتَنِ

ويستحب أن تقول ذلك و إن لم يزل بذلك فاجلس إن كنت قائما واضطجع إن كنت جالسا وأقرب من الأرض التي‌ منها خلقت لتعرف بذلك ذل نفسك واطلب بالجلوس والاضطجاع السكون فإن سبب الغضب الحرارة وسبب الحرارة الحركة إذ قال ص إن الغضب جمرة تتوقد أ لم تر إلي انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه . فإن وجد أحدكم من ذلك شيئا فإن كان قائما فليجلس و إن كان جالسا فلينم فإن لم يزل ذلك فليتوضأ بالماء البارد وليغتسل فإن النار لايطفئها إلاالماء

وَ قَد قَالَص إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُم فَليَتَوَضّأ وَ ليَغتَسِل فَإِنّ الغَضَبَ مِنَ النّارِ

وَ فِي رِوَايَةٍ أَنّ الغَضَبَ مِنَ الشّيطَانِ وَ أَنّ الشّيطَانَ خُلِقَ مِنَ النّارِ وَ إِنّمَا يُطفِئُ النّارَ المَاءُ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُم فَليَتَوَضّأ

وَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا غَضِبتَ فَاسكُت

وَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخدُريِ‌ّ قَالَ النّبِيّص إِنّ الغَضَبَ جَمرَةٌ فِي قَلبِ ابنِ آدَمَ أَ لَا تَرَونَ إِلَي حُمرَةِ


صفحه : 273

عَينَيهِ وَ انتِفَاخِ أَودَاجِهِ فَمَن وَجَدَ مِن ذَلِكَ شَيئاً فَليَلصَق خَدّهُ بِالأَرضِ

و كان هذاإشارة إلي السجود و هوتمكين أعز الأعضاء من أذل المواضع و هوالتراب لتستشعر به النفس الذل وتزايل به العزة والزهو ألذي هوسبب الغضب . و أماالعلاج الثاني‌ فهو خاص بذي‌ الرحم حيث قال وأيما رجل غضب علي ذي‌ رحم فليدن منه أي الغاضب من ذي‌ رحمه إذامست علي بناء المجهول أي بمثلها ويحتمل المعلوم أي مثلها و ما في رواية المجالس المتقدم ذكره أظهر ويظهر منها أنه سقط من رواية الكتاب بعض الفقرات متنا وسندا فتفطن إذ هي‌ عين هذه الرواية والظاهر أن سكنت علي بناء المعلوم المجرد ويحتمل المجهول من بناء التفعيل . وقيل ضمير فليدن راجع إلي ذي‌ الرحم وضمير منه إلي الرجل و هوبعيد هنا و إن كان له شواهد من بعض الأخبار

مِنهَا مَا رَوَاهُ الصّدُوقُ رَحِمَهُ اللّهُ فِي عُيُونِ أَخبَارِ الرّضَا بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع قَالَ لَمّا دَخَلتُ عَلَي الرّشِيدِ سَلّمتُ عَلَيهِ فَرَدّ عَلَيّ السّلَامَ ثُمّ قَالَ يَا مُوسَي بنَ جَعفَرٍ خَلِيفَتَينِ يُجبَي إِلَيهِمَا الخَرَاجُ فَقُلتُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أُعِيذُكَ بِاللّهِأَن تَبُوءَ بإِثِميِ‌ وَ إِثمِكَ وَ تَقبَلَ البَاطِلَ مِن أَعدَائِنَا عَلَينَا فَقَد عَلِمتَ أَنّهُ قَد كُذِبَ عَلَينَا مُنذُ قُبِضَ رَسُولُ اللّهِص بِمَا عِلمُ ذَلِكَ عِندَكَ فَإِن رَأَيتَ بِقَرَابَتِكَ مِن رَسُولِ اللّهِص أَن تَأذَنَ لِي أُحَدّثُكَ بِحَدِيثٍ أخَبرَنَيِ‌ بِهِ أَبِي عَن آبَائِهِ عَن جدَيّ‌ رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَ إِنّ الرّحِمَ إِذَا مَسّتِ الرّحِمَ تَحَرّكَت وَ اضطَرَبَت فنَاَولِنيِ‌ يَدَكَ جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ فَقَالَ ادنُ فَدَنَوتُ مِنهُ فَأَخَذَ بيِدَيِ‌ ثُمّ جذَبَنَيِ‌ إِلَي نَفسِهِ وَ عاَنقَنَيِ‌ طَوِيلًا ثُمّ ترَكَنَيِ‌ وَ قَالَ اجلِس يَا مُوسَي فَلَيسَ عَلَيكَ بَأسٌ فَنَظَرتُ إِلَيهِ فَإِذَا أَنّهُ قَد دَمَعَت عَينَاهُ فَرَجَعتُ إِلَي نفَسيِ‌ فَقَالَ صَدَقتَ وَ صَدَقَ جَدّكَ لَقَد تَحَرّكَ دمَيِ‌ وَ اضطَرَبَت عرُوُقيِ‌ حَتّي غَلَبَت عَلَيّ الرّقّةُ وَ فَاضَت عيَناَي‌َ إِلَي آخِرِ الخَبَرِ

. وأقول هذا لايعين حمل خبر المتن علي دنو الغاضب فإنه يدنو كل من


صفحه : 274

يريد تسكين الغضب فإنه إذاأراد الغاضب تسكين غضبه يدنو من المغضوب عليه و إذاأراد المغضوب عليه تسكين غضب الغاضب يدنو منه

24- كا،[الكافي‌] عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن دَاوُدَ بنِ فَرقَدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع الغَضَبُ مِفتَاحُ كُلّ شَرّ

بيان مفتاح كل شر إذ يتولد منه الحقد والحسد والشماتة والتحقير والأقوال الفاحشة وهتك الأستار والسخرية والطرد والضرب والقتل والنهب ومنع الحقوق إلي غير ذلك مما لايحصي

25- كا،[الكافي‌]عِدّةٌ مِن أَصحَابِنَا عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِيهِ عَنِ النّضرِ بنِ سُوَيدٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ سُلَيمَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُ أَبِي ع يَقُولُ أَتَي رَسُولَ اللّهِص رَجُلٌ بدَوَيِ‌ّ فَقَالَ إنِيّ‌ أَسكُنُ البَادِيَةَ فعَلَمّنيِ‌ جَوَامِعَ الكَلَامِ فَقَالَ آمُرُكَ أَن لَا تَغضَبَ فَأَعَادَ عَلَيهِ الأعَراَبيِ‌ّ المَسأَلَةَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ حَتّي رَجَعَ الرّجُلُ إِلَي نَفسِهِ فَقَالَ لَا أَسأَلُ عَن شَيءٍ بَعدَ هَذَا مَا أمَرَنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص إِلّا بِالخَيرِ قَالَ وَ كَانَ أَبِي يَقُولُ أَيّ شَيءٍ أَشَدّ مِنَ الغَضَبِ إِنّ الرّجُلَ يَغضَبُ فَيَقتُلُ النّفسَ التّيِ‌ حَرّمَ اللّهُ وَ يَقذِفُ المُحصَنَةَ

بيان قال في النهاية فيه أوتيت جوامع الكلم يعني‌ القرآن جمع الله بلطفه في الألفاظ اليسيرة منه معاني‌ كثيرة واحدها جامعة أي كلمة جامعة و منه حديث في صفته أنه كان يتكلم بجوامع الكلم أي أنه كان كثير المعاني‌ قليل الألفاظ.فأعاد عليه الأعرابي‌ المسألة ثلاث مرات كان أصل السؤال كان ثلاث مرات فالإعادة مرتان أطلقت علي الثلاث تغليبا والمعني أنه ص في كل ذلك يجيبه بمثل الجواب الأول حتي رجع الرجل أي تفكر في أن تكرار السؤال بعداكتفائه ص بجواب واحد غيرمستحسن فأمسك وعلم أنه ص لم يجبه بما أجابه إلالعلمه بفوائد هذه النصيحة وأنها تكفيه أوتفكر في مفاسد الغضب فعلم أن تخصيصه ص الغضب بالذكر لتلك الأمور.


صفحه : 275

فيقتل النفس أي إحدي ثمرات الغضب قتل النفس مثلا و هويوجب القصاص في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة والأخري قذف المحصنة وهي‌ العفيفة و هويوجب الحد في الدنيا والعقاب العظيم في الآخرة

26- كا،[الكافي‌] عَنهُ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الأشَعرَيِ‌ّ عَن عَبدِ الأَعلَي قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع علَمّنيِ‌ عِظَةً أَتّعِظُ بِهَا فَقَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللّهِ علَمّنيِ‌ عِظَةً أَتّعِظُ بِهَا فَقَالَ لَهُ انطَلِق فَلَا تَغضَب ثُمّ عَادَ إِلَيهِ فَقَالَ لَهُ انطَلِق فَلَا تَغضَب ثَلَاثَ مَرّاتٍ

بيان قال في المصباح وعظه يعظه عظة أمره بالطاعة ووصاه بهافاتعظ أي ائتمر وكف نفسه و قال بعض المتقدمين الوعظ تذكير مشتمل علي زجر وتخويف وحمل علي طاعة الله بلفظ يرق له القلب والاسم الموعظة

27- كا،[الكافي‌] عَنهُ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ مِهرَانَ عَن سَيفِ بنِ عَمِيرَةَ عَمّن سَمِعَ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَن كَفّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللّهُ عَورَتَهُ

بيان ستر الله عورته أي عيوبه وذنوبه في الدنيا فلايفضحه بها أو في الآخرة فيكون كفارة عنها أوالأعم منهما وقيل لأنه إذا لم يغضب لايقوم فيه الناس مايفضحه واختلفوا في أن من كان شديد الغضب وكف غضبه و من لايغضب أصلا لكونه حليما بحسب الخلقة أيهما أفضل فقيل الأول لأن الأجر علي قدر المشقة و فيه جهاد النفس و هوأفضل من جهاد العدو. وغضب النبي ص مشهور إلا أن غضبه لم يكن من مس الشيطان ورجزه وإنما كان من بواعث الدين وقيل الثاني‌ لأن الأخلاق الحسنة من الفضائل النفسانية وصاحب الخلق الحسن بمنزلة الصائم القائم

28- كا،[الكافي‌] عَنهُ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن حَبِيبٍ السجّسِتاَنيِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ مَكتُوبٌ فِي التّورَاةِ فِيمَا نَاجَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِهِ مُوسَي يَا مُوسَي أَمسِك غَضَبَكَ عَمّن مَلّكتُكَ عَلَيهِ أَكُفّ عَنكَ غضَبَيِ‌


صفحه : 276

بيان يقال ناجيته أي ساررته عمن ملكتك عليه أي من العبيد والإماء أوالرعية أوالأعم و هوأولي وغضب الخلق ثوران النفس وحركتها بسبب تصور المؤذي‌ والضار إلي الانتقام والمدافعة وغضب الخالق عقابه التابع لعلمه بمخالفة أوامره ونواهيه وغيرهما و فيه إشارة إلي نوع من معالجة الغضب و هو أن يذكر الإنسان عندغضبه علي الغير غضبه تعالي عليه فإن ذلك يبعثه علي الرضا والعفو طلبا لرضاه سبحانه وعفوه لنفسه

29- كا،[الكافي‌]عِدّةٌ مِن أَصحَابِنَا عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن يَحيَي بنِ عَمرٍو عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي بَعضِ أَنبِيَائِهِ يَا ابنَ آدَمَ اذكرُنيِ‌ فِي غَضَبِكَ أَذكُركَ فِي غضَبَيِ‌ لَا أَمحَقكَ فِيمَن أَمحَقُ وَ ارضَ بيِ‌ مُنتَصِراً فَإِنّ انتصِاَريِ‌ لَكَ خَيرٌ مِنِ انتِصَارِكَ لِنَفسِكَ

بيان المراد بذكره له تعالي ذكر قدرته سبحانه عليه وعقابه وبذكر الله له ذكر عفوه عن أخيه فيعفو عن زلاته ومعاصيه جزاء بما صنع و قوله لاأمحقك بالجزم بدل من أذكرك والمحق هنا إبطال عمله وتعذيبه ومحو ذكره أوإحراقه في القاموس محقه كمنعه أبطله ومحاه كمحقه فتمحق وامتحق وامحق كافتعل و الله الشي‌ء ذهب ببركته والحر الشي‌ء أحرقه و في النهاية المحق النقص والمحو والإبطال والانتصار الانتقام و لما كان الغرض من إمضاء الغضب غالبا هوالانتقام من الظالم رغب سبحانه في تركه بأني‌ منتقم من الظالم لك وانتقامي‌ خير من انتقامك والخيرية من وجوه شتي .الأول أن انتقامه علي قدر قدرته وانتقامه سبحانه أشد وأبقي الثاني‌ أن انتقامه يفوت ثوابه وانتقامه تعالي لايفوته الثالث أن انتقامه يمكن أن يتعدي إلي ما لايستحقه فيعاقب عليه الرابع أن انتقامه يؤدي‌ غالبا إلي المفاسد الكلية والجزئية بانتهاض الخصم للمعادات بخلاف انتقامه تعالي

30-كا،[الكافي‌] أَبُو عَلِيّ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن


صفحه : 277

عَلِيّ بنِ عُقبَةَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع مِثلَهُ وَ زَادَ فِيهِ وَ إِذَا ظُلِمتَ بِمَظلِمَةٍ فَارضَ باِنتصِاَريِ‌ لَكَ فَإِنّ انتصِاَريِ‌ لَكَ خَيرٌ مِنِ انتِصَارِكَ لِنَفسِكَ

بيان في هذاالخبر وقع قوله و إذاظلمت بمظلمة فارض بانتصاري‌ لك مكان قوله في الخبر السابق وارض بي‌ منتصرا ومفادهما واحد و لما كان هذا في اللفظ أطول أطلق عليه لفظ الزيادة وإنما ذكر مابعدها مع كونه مشتركا بينهما للعلم بموضع الزيادة و في المصباح الظلم اسم من ظلمه ظلما من باب ضرب ومظلمة بفتح الميم وكسر اللام ويجعل المظلمة اسما لمايطلبه عندالظالم كالظلامة بالضم

31- كا،[الكافي‌] عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُعَلّي بنِ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ جَمِيعاً عَنِ الوَشّاءِ عَن أَحمَدَ بنِ عَائِذٍ عَن أَبِي خَدِيجَةَ عَن مُعَلّي بنِ خُنَيسٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَجُلٌ للِنبّيِ‌ّص يَا رَسُولَ اللّهِ علَمّنيِ‌ قَالَ اذهَب وَ لَا تَغضَب فَقَالَ الرّجُلُ قَدِ اكتَفَيتُ بِذَلِكَ فَمَضَي إِلَي أَهلِهِ فَإِذَا بَينَ قَومِهِ حَربٌ قَد قَامُوا صُفُوفاً وَ لَبِسُوا السّلَاحَ فَلَمّا رَأَي ذَلِكَ لَبِسَ سِلَاحَهُ ثُمّ قَامَ مَعَهُم ثُمّ ذَكَرَ قَولَ رَسُولِ اللّهِص لَا تَغضَب فَرَمَي السّلَاحَ ثُمّ جَاءَ يمَشيِ‌ إِلَي القَومِ الّذِينَ هُم عَدُوّ قَومِهِ فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ مَا كَانَت لَكُم مِن جِرَاحَةٍ أَو قَتلٍ أَو ضَربٍ لَيسَ فِيهِ أَثَرٌ فعَلَيَ‌ّ فِي ماَليِ‌ أَنَا أُوفِيكُمُوهُ فَقَالَ القَومُ فَمَا كَانَ فَهُوَ لَكُم نَحنُ أَولَي بِذَلِكَ مِنكُم قَالَ فَاصطَلَحَ القَومُ وَ ذَهَبَ الغَضَبُ

بيان ليس فيه أثر أي علامة جراحة لتصح مقابلته للجراحة والأثر بالتحريك بقية الشي‌ء وعلامته وبالضم وبضمتين أثر الجراح يبقي بعدالبرء فعلي‌ في مالي‌ أي لاأبسطه علي القبيلة ليكون فيه مضايقة أوتأخير و أناإما تأكيد للضمير المجرور لأنهم جوزوا تأكيده بالمرفوع المنفصل أومبتدأ خبره أوفيكموه علي بناء الإفعال أوالتفعل والضمير راجع إلي الموصول أي علي دية ماذكر والإيفاء والتوفية إعطاء الحق تماما


صفحه : 278

32- كا،[الكافي‌] عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِنَا عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ وَ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ هَذَا الغَضَبَ جَمرَةٌ مِنَ الشّيطَانِ تُوقَدُ فِي قَلبِ ابنِ آدَمَ وَ إِنّ أَحَدَكُم إِذَا غَضِبَ احمَرّت عَينَاهُ وَ انتَفَخَت أَودَاجُهُ وَ دَخَلَ الشّيطَانُ فِيهِ فَإِذَا خَافَ أَحَدُكُم ذَلِكَ مِن نَفسِهِ فَليَلزَمِ الأَرضَ فَإِنّ رِجزَ الشّيطَانِ لَيَذهَبُ عَنهُ عِندَ ذَلِكَ

بيان الجمرة القطعة الملتهبة من النار شبه بهاالغضب في الإحراق والإهلاك ونسبها إلي الشيطان لأن بنفخ نزغاته ووساوسه تحدث وتشتد وتوقد في قلب ابن آدم وتلتهب التهابا عظيما ويغلي‌ بهادم القلب غليانا شديدا كغلي‌ الحميم فيحدث منه دخان بتحليل الرطوبات وينتشر في العروق ويرتفع إلي أعالي‌ البدن والدماغ والوجه كمايرتفع الماء والدخان في القدر فلذلك تحمر العين والوجه والبشرة وتنتفخ الأوداج والعروق وحينئذ يتسلط عليه الشيطان كمال التسلط ويدخل فيه ويحمله علي مايريد فيصدر منه أفعال شبيهة بأفعال المجانين ولزوم الأرض يشمل الجلوس والاضطجاع والسجود كماعرفت

33- كا،[الكافي‌]عِدّةٌ مِن أَصحَابِنَا عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع الغَضَبُ مَمحَقَةٌ لِقَلبِ الحَكِيمِ

وَ قَالَ مَن لَم يَملِك غَضَبَهُ لَم يَملِك عَقلَهُ

بيان الممحقة مفعلة من المحق و هوالنقص والمحو والإبطال أي مظنة له وإنما خص قلب الحكيم بالذكر لأن المحق ألذي هوإزالة النور أنما يتعلق بقلب له نور وقلب غيرالحكيم يعلم بالأولوية و إذاعرفت أن الغضب يمحق قلب الحكيم يعني‌ عقله ظهر لك حقيقة قوله من لم يملك غضبه لم يملك عقله . قال بعض المحققين مهما اشتدت نار الغضب وقوي‌ اضطرامها أعمي صاحبه وأصمه عن كل موعظة فإذاوعظ لم يسمع بل تزيده الموعظة غيظا و إن


صفحه : 279

أراد أن يستضي‌ء بنور عقله وراجع نفسه لم يقدر علي ذلك إذ ينطفئ نور العقل وينمحي‌ في الحال بدخان الغضب فإن معدن الفكر الدماغ ويتصاعد عندشدة الغضب من غليان دم القلب دخان إلي الدماغ مظلم مستول علي معادن الفكر. وربما يتعدي إلي معادن الحس فيظلم عينه حتي لايري بعينه ويسود عليه الدنيا بأسرها و يكون دماغه علي مثال كهف أضرمت فيه نار فاسود جوّه وحمي‌ مستقره وامتلأ بالدخان جوانبه و كان فيه سراج ضعيف فانطفأ وانمحي نوره فلايثبت فيه قدم و لايسمع فيه كلام و لاتري فيه صورة و لايقدر علي إطفائه لا من داخل و لا من خارج بل ينبغي‌ أن يصبر إلي أن يحترق جميع مايقبل الاحتراق فكذلك يفعل الغضب بالقلب والدماغ وربما تقوي نار الغضب فتفني‌ الرطوبة التي‌ بهاحياة القلب فيموت صاحبه غيظا كماتقوي النار في الكهف فيتشقق وتنهد أعاليه علي أسافله و ذلك لإبطال النار ما في جوانبه من القوة الممسكة الجامعة لأجزائه فهكذا حال القلب مع الغضب . و من آثار هذاالغضب في الظاهر تغير اللون وشدة الرعدة في الأطراف وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام واضطراب الحركة والكلام حتي يظهر الزبد علي الأشداق وتحمر الأحداق وتنقلب المناخر وتستحيل الخلقة و لورأي الغضبان في حال غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته واستحالة خلقته وقبح باطنه أعظم من قبح ظاهره فإن الظاهر عنوان الباطن وإنما قبحت صورة الباطن أولا ثم انتشر قبحها إلي الظاهر ثانيا.فهذا أثره في الجسد و أماأثره في اللسان فانطلاقه بالشتم والفحش وقبيح الكلام ألذي يستحيي‌ منه ذوو العقول ويستحيي‌ منه قائله عندفتور الغضب و ذلك مع تخبط النظم واضطراب اللفظ و أماأثره علي الأعضاء فالضرب والتهجم والتمزيق والقتل والجرح عندالتمكن من غيرمبالاة فإن هرب منه المغضوب عليه أوفاته بسبب وعجز عن التشفي‌ رجع الغضب علي صاحبه فيمزق ثوب نفسه ويلطم وجهه و قديضرب يده علي الأرض ويعدو عدو الواله السكران والمدهوش


صفحه : 280

المتحير وربما سقط صريعا لايطيق العدو والنهوض لشدة الغضب ويعتريه مثل الغشية وربما يضرب الجمادات والحيوانات فيضرب القصعة علي الأرض و قدتكسر وتراق المائدة إذاغضب عليها و قديتعاطي أفعال المجانين فيشتم البهيمة والجماد ويخاطبه و يقول إلي متي منك كذا و ياكيت وكيت كأنه يخاطب عاقلا حتي ربما رفسته دابة فيرفسها ويقابلها به . و أماأثره في القلب مع المغضوب عليه فالحقد والحسد وإظهار السوء والشماتة بالمساءة والحزن بالسرور والعزم علي إفشاء السر وهتك الأستار والاستهزاء و غير ذلك من القبائح فهذه ثمرة الغضب المفرط و قدأشير إليها في تلك الأخبار

34- كا،[الكافي‌] عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُعَلّي بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن كَفّ نَفسَهُ عَن أَعرَاضِ النّاسِ أَقَالَ اللّهُ نَفسَهُ يَومَ القِيَامَةِ وَ مَن كَفّ غَضَبَهُ عَنِ النّاسِ كَفّ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي عَنهُ عَذَابَ يَومِ القِيَامَةِ

بيان الأعراض جمع العرض بالكسر و في القاموس العرض بالكسر الجسد و كل موضع يعرق منه ورائحته رائحة طيبة كانت أوخبيثة والنفس وجانب الرجل ألذي يصونه من نفسه وحسبه أن يتنقص ويثلب أوسواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره أوموضع المدح والذم منه أو مايفتخر به من حسب وشرف و قال النفس الروح والدم والجسد والعظمة والعزة والهمة والأنفة والعيب والعقوبة. و قوله ع مَن كَفّ نَفسَهُ عَن أَعرَاضِ النّاسِ أَي عَن هَتكِ عِرضِهِم بِالغِيبَةِ وَ البُهتَانِ وَ الشّتمِ وَ كَشفِ عُيُوبِهِم وَ أَمثَالِ ذَلِكَ أَقَالَ اللّهُ نَفسَهُ قيل المراد بالنفس هنا العيب .


صفحه : 281

وأقول يمكن أن يكون المراد بالنفس هنا أيضا المعني الشائع لأن الإقالة و إن كان الغالب نسبتها إلي العثرات والذنوب لكن يمكن نسبتها إلي النفس أيضا فإن الإقالة في الأصل هو أن يشتري‌ الرجل متاعا فيندم فيأتي‌ البائع فيقول له أقلني‌ أي اترك ماجري بيني‌ وبينك ورد علي ثمني‌ وخذ متاعك واستعمل في غفران الذنوب لأنه بمنزلة معاوضة بينه و بين الرب تعالي فكأنه أعطي الذنب وأخذ العقوبة والنفس مرهونة في تلك المعاملة يقتص منها فكما يمكن نسبة الإقالة إلي الذنب يمكن نسبتها إلي النفس أيضا بل هوأنسب لأنه يريد أن يفك نفسه عن العقوبة كما قال تعالي كُلّ امر‌ِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ و قال سبحانه كُلّ نَفسٍ بِما كَسَبَت رَهِينَةٌ وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَلَا إِنّ أَنفُسَكُم مَرهُونَةٌ بِأَعمَالِكُم فَفُكّوهَا بِاستِغفَارِكُم

مع أنه يمكن تقدير مضاف أي عثرة نفسه

باب 331-العصبية والفخر والتكاثر في الأموال والأولاد غيرها

الآيات الأنعام وَ كَذلِكَ فَتَنّا بَعضَهُم بِبَعضٍ لِيَقُولُوا أَ هؤُلاءِ مَنّ اللّهُ عَلَيهِم مِن بَينِنا أَ لَيسَ اللّهُ بِأَعلَمَ بِالشّاكِرِينَالكهف فَقالَ لِصاحِبِهِ وَ هُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكثَرُ مِنكَ مالًا وَ أَعَزّ نَفَراًمريم وَ إِذا تُتلي عَلَيهِم آياتُنا بَيّناتٍ قالَ الّذِينَ كَفَرُوا لِلّذِينَ آمَنُوا أَيّ الفَرِيقَينِ خَيرٌ مَقاماً وَ أَحسَنُ نَدِيّا وَ كَم أَهلَكنا قَبلَهُم مِن قَرنٍ هُم أَحسَنُ أَثاثاً

وَ رِءياً قُل مَن كانَ فِي الضّلالَةِ فَليَمدُد لَهُ الرّحمنُ مَدّا حَتّي إِذا رَأَوا ما يُوعَدُونَ إِمّا العَذابَ وَ إِمّا السّاعَةَ فَسَيَعلَمُونَ مَن هُوَ شَرّ مَكاناً وَ أَضعَفُ جُنداً إلي قوله تعالي أَ فَرَأَيتَ ألّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَ قالَ لَأُوتَيَنّ مالًا وَ وَلَداً أَطّلَعَ الغَيبَ أَمِ اتّخَذَ عِندَ الرّحمنِ عَهداً كَلّا سَنَكتُبُ ما يَقُولُ وَ نَمُدّ لَهُ مِنَ العَذابِ مَدّا وَ نَرِثُهُ ما يَقُولُ وَ يَأتِينا فَرداًالمؤمنون وَ قالَ المَلَأُ مِن قَومِهِ الّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذّبُوا بِلِقاءِ الآخِرَةِ وَ أَترَفناهُم فِي الحَياةِ الدّنيا ما هذا إِلّا بَشَرٌ مِثلُكُم يَأكُلُ مِمّا تَأكُلُونَ مِنهُ وَ يَشرَبُ مِمّا تَشرَبُونَ وَ لَئِن أَطَعتُم بَشَراً مِثلَكُم إِنّكُم إِذاً لَخاسِرُونَالشعراءقالُوا أَ نُؤمِنُ لَكَ وَ اتّبَعَكَ الأَرذَلُونَ قالَ وَ ما علِميِ‌ بِما كانُوا يَعمَلُونَ إِن حِسابُهُم إِلّا عَلي ربَيّ‌ لَو تَشعُرُونَ وَ ما أَنَا بِطارِدِ المُؤمِنِينَالزخرف أَم أَنَا خَيرٌ مِن هذَا ألّذِي هُوَ مَهِينٌ وَ لا يَكادُ يُبِينُ فَلَو لا ألُقيِ‌َ عَلَيهِ أَسوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ أَو جاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقتَرِنِينَالدخان ذُق إِنّكَ أَنتَ العَزِيزُ الكَرِيمُالفتح إِذ جَعَلَ الّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الحَمِيّةَ حَمِيّةَ الجاهِلِيّةِالحجرات يا أَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِن ذَكَرٍ وَ أُنثي وَ جَعَلناكُم شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنّ أَكرَمَكُم عِندَ اللّهِ أَتقاكُم إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌالحديداعلَمُوا أَنّمَا الحَياةُ الدّنيا لَعِبٌ وَ لَهوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَينَكُم وَ تَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَ الأَولادِ و قال تعالي وَ اللّهُ لا يُحِبّ كُلّ مُختالٍ فَخُورٍ


صفحه : 283

العلق فَليَدعُ نادِيَهُ سَنَدعُ الزّبانِيَةَالتكاثرأَلهاكُمُ التّكاثُرُ حَتّي زُرتُمُ المَقابِرَ كَلّا سَوفَ تَعلَمُونَ ثُمّ كَلّا سَوفَ تَعلَمُونَ

1- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن دَاوُدَ بنِ النّعمَانِ عَن مَنصُورِ بنِ حَازِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن تَعَصّبَ أَو تُعُصّبَ لَهُ فَقَد خَلَعَ رِبقَةَ الإِيمَانِ مِن عُنُقِهِ

بيان قال في النهاية فيه العصبي‌ من يعين قومه علي الظلم العصبي‌ هو ألذي يغضب لعصبته ويحامي‌ عنهم والعصبة الأقارب من جهة الأب لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم أي يحيطون به ويشتد بهم و منه الحديث ليس منا من دعا إلي عصبية أوقاتل عصبية والتعصب المحاماة والمدافعة. و قال في قوله ص فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه الربقة في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أويدها تمسكها فاستعارها للإسلام يعني‌ مايشد المسلم به نفسه من عري الإسلام أي حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه وتجمع الربقة علي ربق مثل كسرة وكسر ويقال للحبل ألذي تكون فيه الربقة ربق ويجمع علي رباق وأرباق انتهي . والتعصب المذموم في الأخبار هو أن يحمي‌ قومه أوعشيرته أوأصحابه في الظلم والباطل أويلج في مذهب باطل أوملة باطلة لكونه دينه أودين آبائه أوعشيرته و لا يكون طالبا للحق بل ينصر ما لايعلم أنه حق أوباطل للغلبة علي الخصوم أولإظهار تدربه في العلوم أواختار مذهبا ثم ظهر له خطاؤه فلايرجع عنه لئلا ينسب إلي الجهل أوالضّلال.فهذه كلها عصبية باطلة مهلكة توجب خلع ربقة الإيمان وقريب منه


صفحه : 284

الحميّة قال سبحانه إِذ جَعَلَ الّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الحَمِيّةَ حَمِيّةَ الجاهِلِيّةِ قال الطبرسي‌ رحمه الله الحمية الأنفة والإنكار يقال فلان ذو حمية منكرة إذا كان ذا غضب وأنفة أي حميت قلوبهم بالغضب كعادة آبائهم في الجاهلية أن لايذعنوا لأحد و لاينقادوا له و قال الراغب عبر عن القوة الغضبية إذاثارت بالحمية فقيل حميت علي فلان أي غضبت انتهي و أماالتعصب في دين الحق والرسوخ فيه والحماية عنه وكذا في المسائل اليقينية والأعمال الدينية أوحماية أهله أوعشيرته بدفع الظلم عنهم فليس من الحمية والعصبية المذمومة بل بعضها واجب . ثم إن هذاالذم والوعيد في المتعصب ظاهر و أماالمتعصب له فلابد من تقييده بما إذا كان هوالباعث له والراضي‌ به و إلا فلاإثم عليه وخلع الإيمان إما كناية عن خروجه من الإيمان رأسا للمبالغة أو عن إطاعة الإيمان للإخلال بشريعة عظيمة من شرائعه أوالمعني خلع ربقة من ربق الإيمان التي‌ لزمها الإيمان عليه من عنقه

كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ وَ دُرُستَ بنِ أَبِي مَنصُورٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع مِثلَهُ

2- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن كَانَ فِي قَلبِهِ حَبّةٌ مِن خَردَلٍ مِن عَصَبِيّةٍ بَعَثَهُ اللّهُ تَعَالَي يَومَ القِيَامَةِ مَعَ أَعرَابِ الجَاهِلِيّةِ

بيان في النهاية الأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لايقيمون في الأمصار و لايدخلونها إلالحاجة و قال الجاهلية الحال التي‌ كانت عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله وبرسوله وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر و غير ذلك انتهي وكأنه محمول علي التعصب في الدين الباطل

3-كا،[الكافي‌] عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن خَضِرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن تَعَصّبَ عَصَبَهُ اللّهُ بِعِصَابَةٍ


صفحه : 285

مِن نَارٍ

بيان قال الجوهري‌ العصب الطي‌ الشديد وتقول عصب رأسه بالعصابة تعصيبا والعصب العمامة و كل مايعصب به الرأس و قال الفيروزآبادي‌ العصابة بالكسر ماعصب به والعمامة وتعصب شد العمامة وأتي بالعصبية

4- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ ابنِ خَالِدٍ عَنِ ابنِ أَبِي نَصرٍ عَنِ ابنِ مِهرَانَ عَن عَامِرِ بنِ السّمطِ عَن حَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ لَم تَدخُلِ الجَنّةَ حَمِيّةٌ غَيرُ حَمِيّةِ حَمزَةَ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ وَ ذَلِكَ حِينَ أَسلَمَ غَضَباً للِنبّيِ‌ّص فِي حَدِيثِ السّلَي ألّذِي ألُقيِ‌َ عَلَي النّبِيّص

بيان لم تدخل الجنة علي بناء الإفعال والحمية الأنفة والغيرة و في القاموس الحمي من لايحتمل الضيم وحمي‌ من الشي‌ء كرضي‌ حمية أنف و في النهاية فيه إن المشركين جاءوا بسلا جزور فطرحوه علي النبي ص و هويصلي‌ السلا الجلد الرقيق ألذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفا فيه وقيل هو في الماشية السلا و في الناس المشيمة والأول أشبه لأن المشيمة تخرج بعدالولد و لا يكون الولد فيهاحين يخرج .أقول قدمرت قصة السلا وإسلام حمزة في مواضعها واختلفوا في سبب إسلامه قال علي بن برهان الدين الحلبي‌ الشافعي‌ ومما وقع له ص من الأذية ما كان سببا لإسلام عمه حمزة رضي‌ الله عنه و هو ماحدث به ابن إسحاق عن رجل من أسلم أن أباجهل مر برسول الله ص عندالصفا وقيل عندالحجون فآذاه وشتمه ونال منه مانكرهه وقيل إنه صب التراب علي رأسه وقيل ألقي عليه فرثا ووطئ برجله علي عاتقه فلم يكلمه رسول الله ص ومولاة لعبد الله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك وتبصره ثم انصرف رسول الله إلي نادي‌ قريش فجلس معهم .فلم يلبث حمزة أن أقبل متوشحا بسيفه راجعا من قنصه أي من صيده و كان


صفحه : 286

من عادته إذارجع من قنصه لايدخل إلي أهله إلا بعد أن يطوف بالبيت فمر علي تلك المولاة فأخبرته الخبر وقيل أخبرته مولاة أخته صفية قالت له إنه صب التراب علي رأسه وألقي عليه فرثا ووطئ برجله علي عاتقه و علي إلقاء الفرث عليه اقتصر أبوحيان فقال لها حمزة أنت رأيت هذا ألذي تقولين قالت نعم .فاحتمل حمزة الغضب ودخل المسجد فرأي أباجهل جالسا في القوم فأقبل نحوه حتي قام علي رأسه ورفع القوس فضربه فشجه شجة منكرة ثم قال أتشتمه و أنا علي دينه أقول ما يقول فرد علي ذلك إن استطعت و في لفظ أن حمزة لماقام علي رأس أبي جهل بالقوس صار أبوجهل يتضرع إليه و يقول سفه عقولنا وسب آلهتنا وخالف آباءنا فقال و من أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لاإله إلا الله و أن محمدا رسول الله .فقامت رجال من بني‌ مخزوم إلي حمزة لينصروا أباجهل فقالوا مانراك إلا قدصبأت فقال حمزة مايمنعني‌ و قداستبان لي منه أناأشهد أنه رسول الله و أن ألذي يقوله حق و الله لاأنزع فامنعوني‌ إن كنتم صادقين فقال لهم أبوجهل دعوا أبايعلي فإني‌ و الله قدأسمعت ابن أخيه شيئا قبيحا. وتم حمزة علي إسلامه فقال لنفسه لمارجع إلي بيته أنت سيد قريش اتبعت هذاالصابي‌ وتركت دين آبائك الموت خير لك مما صنعت ثم قال أللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي‌ و إلافاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان حتي أصبح .فغدا إلي رسول الله فقال يا ابن أخي‌ إني‌ وقعت في أمر لاأعرف المخرج منه وإقامة مثلي‌ علي ما لاأدري‌ أرشد هوأم غي‌ شديد فأقبل عليه رسول الله ص فذكره ووعظه وخوفه وبشره فألقي الله في قلبه الإيمان بما قال رسول الله ص فقال أشهد أنك لصادق فأظهر يا ابن أخي‌ دينك و قد قال ابن عباس في ذلك نزل أَ وَ مَن كانَ مَيتاً فَأَحيَيناهُ وَ جَعَلنا لَهُ نُوراً يمَشيِ‌ بِهِ فِي


صفحه : 287

النّاسِيعني‌ حمزةكَمَن مَثَلُهُ فِي الظّلُماتِ لَيسَ بِخارِجٍ مِنهايعني‌ أباجهل وسر رسول الله ص بإسلامه سرورا كثيرا لأنه كان أعز فتي في قريش وأشدهم شكيمة و من ثم لماعرفت قريش أن رسول الله ص قد عزكفوا عن بعض ماكانوا ينالون منه وأقبلوا علي بعض أصحابه بالأذية سيّما المستضعفين منها الذين لاجوار لهم انتهي

5- كا،[الكافي‌] عَنهُ عَن أَبِيهِ عَن فَضَالَةَ عَن دَاوُدَ بنِ فَرقَدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ المَلَائِكَةَ كَانُوا يَحسَبُونَ أَنّ إِبلِيسَ مِنهُم وَ كَانَ فِي عِلمِ اللّهِ أَنّهُ لَيسَ مِنهُم فَاستَخرَجَ مَا فِي نَفسِهِ بِالحَمِيّةِ وَ الغَضَبِ فَقَالَخلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ

بيان كانوا يحسبون أن إبليس منهم أي في طاعة الله وعدم العصيان لمواظبته علي عبادة الله تعالي في أزمنة متطاولة و لم يكونوا يجوزون أنه يعصي‌ الله ويخالفه في أمره لبعد عدم علم الملائكة بأنه ليس منهم بعد أن أسروه من بين الجن ورفعوه إلي السماء فهو من قبيل قولهم ع سلمان منا أهل البيت ويمكن أن يكون المراد كونه من جنسهم و يكون ذلك الحسبان لمشاهدتهم تباين أخلاقه ظاهرا للجن وتكريم الله تعالي له وجعله بينهم بل رئيسا علي بعضهم كماقيل فظنوا أنه كان منهم وقع بين الجن أويقال كان الظان جمع من الملائكة لم يطلعوا علي بدو أمره فاستخرج ما في نفسه أي أظهر إبليس ما في نفسه أي أخذته الحمية والأنفة والعصبية وافتخر وتكبر علي آدم بأن أصل آدم من طين وأصله من نار والنار أشرف من الطين وأخطأ في ذلك بجهات شتي .منها أنه إنما نظر إلي جسد آدم و لم ينظر إلي روحه المقدسة التي‌ أودع الله فيهاغرائب الشئون و قدورد ذلك في الأخبار ومنها أن ماادعاه من شرافة النار وكونه أعلي من الطين في محل المنع فإن الطين لتذلله منبع لجميع الخيرات ومنشأ لجميع الحبوب والرياحين والثمرات والنار لرفعتها واشتعالها يحصل منها جميع


صفحه : 288

الشرور والصفات الذميمة والأخلاق السيئة فثمرتها الفساد وآخرها الرماد. ثم اعلم أن هذاالخبر مما يدل علي أن إبليس لم يكن من الملائكة و قداختلف أصحابنا والمخالفون في ذلك فالذي‌ ذهب إليه أكثر المتكلمين من أصحابنا وغيرهم أنه لم يكن من الملائكة قال الشيخ المفيد برد الله مضجعه في كتاب المقالات إن إبليس من الجن خاصة وإنه ليس من الملائكة و لا كان منها قال الله تعالي إِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنّ وجاءت الأخبار متواترة عن الأئمة الهدي من آل محمدص بذلك و هومذهب الإمامية كلها وكثير من المعتزلة وأصحاب الحديث انتهي . وذهب طائفة من المتكلمين إلي أنه من الملائكة واختاره من أصحابنا شيخ الطائفة روح الله روحه في التبيان و قال و هوالمروي‌ عن أبي عبد الله ع والظاهر في تفاسيرنا ثم قال رحمه الله ثم اختلف من قال كان منهم فمنهم من قال إنه كان خازنا للجنان ومنهم من قال كان له سلطان سماء الدنيا وسلطان الأرض ومنهم من قال إنه كان يسوس ما بين السماء و الأرض

6- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ القاَساَنيِ‌ّ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن عَبدِ الرّزّاقِ عَن مَعمَرٍ عَنِ الزهّريِ‌ّ قَالَ سُئِلَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع عَنِ العَصَبِيّةِ فَقَالَ العَصَبِيّةُ التّيِ‌ يَأثَمُ عَلَيهَا صَاحِبُهَا أَن يَرَي الرّجُلُ شِرَارَ قَومِهِ خَيراً مِن خِيَارِ قَومٍ آخَرِينَ وَ لَيسَ مِنَ العَصَبِيّةِ أَن يُحِبّ الرّجُلُ قَومَهُ وَ لَكِنّ مِنَ العَصَبِيّةِ أَن يُعِينَ قَومَهُ عَلَي الظّلمِ

بيان أن يري علي بناء المجرد أوالإفعال أن يحب الرجل قومه


صفحه : 289

إما محض المحبة فإنه من الجبلة الإنسانية أن يحب الرجل قومه وعشيرته وأقاربه أكثر من غيرهم وقلما ينفك عنه أحد والظاهر أنه ليس من الصفات الذميمة أوبالأفعال أيضا بأن يسعي في حوائجهم أكثر من السعي‌ في حوائج غيرهم ويبذل لهم المال أكثر من غيرهم والظاهر أن هذاأيضا غيرمذموم شرعا بل ممدوح فإن أكثره من صلة الرحم وبعضه من رعاية الأخلاء والإخوان والأصحاب و قدمر عن أمير المؤمنين ع في صلة الرحم الحث علي جميع ذلك و عن غيره ع فظهر أن العصبية المذمومة إما إعانة قومه علي الظلم أوإثبات ما ليس فيهم لهم أوالتفاخر بالأمور الباطلة التي‌ توجب المنقصة أوتفضيلهم علي غيرهم من غيرفضل و غير ذلك

7- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ عَن جَدّهِ عَن جَدّهِ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ النّبِيّص مَن كَانَ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ مِن عَصَبِيّةٍ بَعَثَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَومَ القِيَامَةِ مَعَ أَعرَابِ الجَاهِلِيّةِ

ثو،[ثواب الأعمال ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ مِثلَهُ

8- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَنِ ابنِ مَعبَدٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص يَتَعَوّذُ فِي كُلّ يَومٍ مِن سِتّ مِنَ الشّكّ وَ الشّركِ وَ الحَمِيّةِ وَ الغَضَبِ وَ البغَي‌ِ وَ الحَسَدِ

9- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَسلَمَ الجبَلَيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ يَرفَعُهُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يُعَذّبُ سِتّةً بِسِتّ العَرَبَ بِالعَصَبِيّةِ وَ الدّهَاقِنَةَ بِالكِبرِ وَ الأُمَرَاءَ بِالجَورِ وَ الفُقَهَاءَ بِالحَسَدِ وَ التّجّارَ بِالخِيَانَةِ وَ أَهلَ الرّستَاقِ بِالجَهلِ


صفحه : 290

10- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِالأَسَانِيدِ الثّلَاثَةِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَوّلُ مَن يَدخُلُ النّارَ أَمِيرٌ مُتَسَلّطٌ لَم يَعدِل وَ ذُو ثَروَةٍ مِنَ المَالِ لَم يُعطِ المَالَ حَقّهُ وَ فَقِيرٌ فَخُورٌ

11- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ ابنِ الصّلتِ عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَن جَعفَرِ بنِ أَحمَدَ عَن عَبّادٍ عَن عَمّهِ عَن أَبِيهِ عَن مُطَرّفٍ عَنِ الشعّبيِ‌ّ عَن صَعصَعَةَ بنِ صُوحَانَ قَالَ عاَدنَيِ‌ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي مَرَضٍ ثُمّ قَالَ انظُر فَلَا تَجعَلَنّ عيِاَدتَيِ‌ إِيّاكَ فَخراً عَلَي قَومِكَ وَ إِذَا رَأَيتَهُم فِي أَمرٍ فَلَا تَخرُج مِنهُ فَإِنّهُ لَيسَ بِالرّجُلِ غِنًي عَن قَومِهِ إِذَا خَلَعَ مِنهُم يَداً وَاحِدَةً يَخلَعُونَ مِنهُ أيَديِ‌َ كَثِيرَةً فَإِذَا رَأَيتَهُم فِي خَيرٍ فَأَعِنهُم عَلَيهِ وَ إِذَا رَأَيتَهُم فِي شَرّ فَلَا تَخذُلَنّهُم فَليَكُن تَعَاوُنُكُم عَلَي طَاعَةِ اللّهِ فَإِنّكُم لَن تَزَالُوا بِخَيرٍ مَا تَعَاوَنتُم عَلَي طَاعَةِ اللّهِ تَعَالَي وَ تَنَاهَيتُم عَن مَعَاصِيهِ

12- ل ،[الخصال ] عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ القضُاَعيِ‌ّ عَن إِسحَاقَ بنِ العَبّاسِ بنِ إِسحَاقَ بنِ مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَهلَكَ النّاسَ اثنَانِ خَوفُ الفَقرِ وَ طَلَبُ الفَخرِ

13- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ الفاَرسِيِ‌ّ عَنِ الجعَفرَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ عَن أَبِيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَربَعَةٌ لَا تَزَالُ فِي أمُتّيِ‌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ الفَخرُ بِالأَحسَابِ وَ الطّعنُ فِي الأَنسَابِ وَ الِاستِسقَاءُ بِالنّجُومِ وَ النّيَاحَةُ وَ إِنّ النّائِحَةَ إِذَا لَم تَتُب قَبلَ مَوتِهَا تَقُومُ يَومَ القِيَامَةِ وَ عَلَيهَا سِربَالٌ مِن قَطِرَانٍ وَ دِرعٌ مِن جَرَبٍ

14-ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ وَ ابنِ الوَلِيدِ مَعاً عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ وَ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ مَعاً عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَبِي يَحيَي الواَسطِيِ‌ّ عَمّن ذَكَرَهُ


صفحه : 291

أَنّهُ قَالَ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع أَ تَرَي هَذَا الخَلقَ كُلّهُ مِنَ النّاسِ فَقَالَ أَلقِ مِنهُمُ التّارِكَ لِلسّوَاكِ وَ المُتَرَبّعَ فِي مَوضِعِ الضّيقِ وَ الدّاخِلَ فِيمَا لَا يَعنِيهِ وَ الممُاَريِ‌َ فِيمَا لَا عِلمَ لَهُ بِهِ وَ المُتَمَرّضَ مِن غَيرِ عِلّةٍ وَ المُتَشَعّثَ مِن غَيرِ مُصِيبَةٍ وَ المُخَالِفَ عَلَي أَصحَابِهِ فِي الحَقّ وَ قَدِ اتّفَقُوا عَلَيهِ وَ المُفتَخِرَ يَفتَخِرُ بِآبَائِهِ وَ هُوَ خِلوٌ مِن صَالِحِ أَعمَالِهِم فَهُوَ بِمَنزِلَةِ الخَلَنجِ يُقشَرُ لِحاً عَن لِحاً حَتّي يُوصَلَ إِلَي جَوهَرِيّتِهِ وَ هُوَ كَمَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّإِن هُم إِلّا كَالأَنعامِ بَل هُم أَضَلّ سَبِيلًا

15- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ الهمَدَاَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ حُمرَانَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ ثَلَاثَةٌ مِن عَمَلِ الجَاهِلِيّةِ الفَخرُ بِالأَنسَابِ وَ الطّعنُ فِي الأَحسَابِ وَ الِاستِسقَاءُ بِالأَنوَاءِ

16- ثو،[ثواب الأعمال ] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ وَ دُرُستَ بنِ أَبِي مَنصُورٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن تَعَصّبَ أَو تُعُصّبَ لَهُ فَقَد خَلَعَ رِبقَةَ الإِسلَامِ مِن عُنُقِهِ

17- ثو،[ثواب الأعمال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَن صَفوَانَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الوَلِيدِ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن تَعَصّبَ أَو تُعُصّبَ لَهُ خَلَعَ رِبقَةَ الإِيمَانِ مِن عُنُقِهِ

18- ثو،[ثواب الأعمال ]بِهَذَا الإِسنَادِ عَن صَفوَانَ عَن حضر[خَضِرٍ] عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن تَعَصّبَ عَصَبَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِعِصَابَةٍ مِن نَارٍ

19-ثو،[ثواب الأعمال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ العمَيّ‌ّ رَفَعَهُ


صفحه : 292

قَالَ مَن تَعَصّبَ حَشَرَهُ اللّهُ يَومَ القِيَامَةِ مَعَ أَعرَابِ الجَاهِلِيّةِ

20- ثو،[ثواب الأعمال ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ المُختَارِ رَفَعَهُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ قَالَ مَن صَنَعَ شَيئاً لِلمُفَاخَرَةِ حَشَرَهُ اللّهُ يَومَ القِيَامَةِ أَسوَدَ

21- سن ،[المحاسن ] قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع ثَلَاثٌ إِذَا كُنّ فِي المَرءِ فَلَا تَتَحَرّج أَن تَقُولَ إِنّهُ فِي جَهَنّمَ البَذَاءُ وَ الخُيَلَاءُ وَ الفَخرُ

22- كش ،[رجال الكشي‌]وَجَدتُ بِخَطّ جَبرَئِيلَ بنِ أَحمَدَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ مِهرَانَ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ قَالَ دَخَلتُ عَلَي أَبِي الحَسَنِ ع أَنَا وَ صَفوَانُ بنُ يَحيَي وَ مُحَمّدُ بنُ سِنَانٍ وَ أَظُنّهُ قَالَ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ المُغِيرَةِ أَو عَبدُ اللّهِ بنُ جُندَبٍ وَ هُوَ بِصَريَا قَالَ فَجَلَسنَا عِندَهُ سَاعَةً ثُمّ قُمنَا فَقَالَ أَمّا أَنتَ يَا أَحمَدُ فَاجلِس فَجَلَستُ فَأَقبَلَ يحُدَثّنُيِ‌ وَ أَسأَلُهُ وَ يجُيِبنُيِ‌ حَتّي ذَهَبَ عَامّةُ اللّيلِ فَلَمّا أَرَدتُ الِانصِرَافَ قَالَ لِي يَا أَحمَدُ تَنصَرِفُ أَو تَبِيتُ فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ ذَاكَ اللّيلُ إِن أَمَرتَ بِالِانصِرَافِ انصَرَفتُ وَ إِن أَمَرتَ بِالمُقَامِ أَقَمتُ قَالَ أَقِم فَهَذَا الحَرَسُ وَ قَد هَدَأَ النّاسُ وَ بَاتُوا فَقَامَ وَ انصَرَفَ فَلَمّا ظَنَنتُ أَنّهُ قَد دَخَلَ خَرَرتُ لِلّهِ سَاجِداً فَقُلتُ الحَمدُ لِلّهِ حُجّةُ اللّهِ وَ وَارِثُ عِلمِ النّبِيّينَ آنَسَ بيِ‌ مِن بَينِ إخِواَنيِ‌ وَ حبَبّنَيِ‌ فَأَنَا فِي سجَدتَيِ‌ وَ شكُريِ‌ فَمَا عَلِمتُ إِلّا وَ قَد رفَسَنَيِ‌ بِرِجلِهِ ثُمّ قُمتُ فَأَخَذَ بيِدَيِ‌ فَغَمَزَهَا ثُمّ قَالَ يَا أَحمَدُ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَادَ صَعصَعَةَ بنَ صُوحَانَ فِي مَرَضِهِ فَلَمّا قَامَ مِن عِندِهِ قَالَ يَا صَعصَعَةُ لَا تَفتَخِرَنّ عَلَي إِخوَانِكَ بعِيِاَدتَيِ‌ إِيّاكَ وَ اتّقِ اللّهَ ثُمّ انصَرَفَ عنَيّ‌


صفحه : 293

23- كش ،[رجال الكشي‌] مُحَمّدُ بنُ الحَسَنِ البرَاّنيِ‌ّ وَ عُثمَانُ بنُ حَامِدٍ الكَشيَانُ عَن مُحَمّدِ بنِ يَزدَادَ وَ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ النّعمَانِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ قَالَ كُنتُ عِندَ الرّضَا ع فَأَمسَيتُ عِندَهُ قَالَ فَقُلتُ أَنصَرِفُ فَقَالَ لِي لَا تَنصَرِف فَقَد أَمسَيتَ قَالَ فَأَقَمتُ عِندَهُ قَالَ فَقَالَ لِجَارِيَتِهِ هاَتيِ‌ مضُرَبّتَيِ‌ وَ وسِاَدتَيِ‌ فاَفرشُيِ‌ لِأَحمَدَ فِي ذَلِكِ البَيتِ قَالَ فَلَمّا صِرتُ فِي البَيتِ دخَلَنَيِ‌ شَيءٌ فَجَعَلَ يَخطُرُ ببِاَليِ‌ مَن مثِليِ‌ فِي بَيتِ ولَيِ‌ّ اللّهِ وَ عَلَي مِهَادِهِ فنَاَداَنيِ‌ يَا أَحمَدُ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَادَ صَعصَعَةَ بنَ صُوحَانَ فَقَالَ يَا صَعصَعَةَ بنَ صُوحَانَ لَا تَجعَل عيِاَدتَيِ‌ إِيّاكَ فَخراً عَلَي قَومِكَ وَ تَوَاضَع لِلّهِ يَرفَعكَ

24- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] ابنُ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن أَبِي عُبَيدَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ لَمّا كَانَ يَومُ فَتحِ مَكّةَ قَامَ رَسُولُ اللّهِص فِي النّاسِ خَطِيباً فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ لِيُبَلّغِ الشّاهِدُ الغَائِبَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَد أَذهَبَ عَنكُم بِالإِسلَامِ نَخوَةَ الجَاهِلِيّةِ وَ التّفَاخُرَ بِآبَائِهَا وَ عَشَائِرِهَا أَيّهَا النّاسُ إِنّكُم مِن آدَمَ وَ آدَمُ مِن طِينٍ أَلَا وَ إِنّ خَيرَكُم عِندَ اللّهِ وَ أَكرَمَكُم عَلَيهِ اليَومَ أَتقَاكُم وَ أَطوَعُكُم لَهُ أَلَا وَ إِنّ العَرَبِيّةَ لَيسَت بِأَبٍ وَالِدٍ وَ لَكِنّهَا لِسَانٌ نَاطِقٌ فَمَن قَصّرَ بِهِ عَمَلُهُ لَم يُبَلّغهُ رِضوَانَ اللّهِ حَسَبُهُ أَلَا وَ إِنّ كُلّ دَمٍ أَو مَظلِمَةٍ أَو إِحنَةٍ كَانَت فِي الجَاهِلِيّةِ فهَيِ‌َ تُطَلّ تَحتَ قدَمَيِ‌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

25- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ النّضرِ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُوسَي وَ ابنِ رِئَابٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَصلُ المَرءِ دِينُهُ وَ حَسَبُهُ خُلُقُهُ وَ كَرَمُهُ تَقوَاهُ وَ إِنّ النّاسَ مِن آدَمَ شَرَعٌ سَوَاءٌ

26-ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ النّضرِ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن زُرَارَةَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع النّاسُ يَروُونَ عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَأَشرَفُكُم فِي الجَاهِلِيّةِ أَشرَفُكُم فِي الإِسلَامِ فَقَالَ ع صَدَقُوا وَ لَيسَ حَيثُ تَذهَبُونَ كَانَ أَشرَفُهُم فِي الجَاهِلِيّةِ أَسخَاهُم نَفساً


صفحه : 294

وَ أَحسَنُهُم خُلُقاً وَ أَحسَنُهُم جِوَاراً وَ أَكَفّهُم أَذًي فَذَلِكَ ألّذِي إِذَا أَسلَمَ لَم يَزِدهُ إِسلَامُهُ إِلّا خَيراً

27- نَوَادِرُ الراّونَديِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أوُصيِ‌ أمُتّيِ‌ بِخَمسٍ بِالسّمعِ وَ الطّاعَةِ وَ الهِجرَةِ وَ الجِهَادِ وَ الجَمَاعَةِ وَ مَن دَعَا بِدُعَاءِ إِلحَاحِ الجَاهِلِيّةِ فَلَهُ حَثوَةٌ مِن حَثَي جَهَنّمَ

28- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع مَا لِابنِ آدَمَ وَ الفَخرَ أَوّلُهُ نُطفَةٌ وَ آخِرُهُ جِيفَةٌ لَا يَرزُقُ نَفسَهُ وَ لَا يَدفَعُ حَتفَهُ

باب 431-النهي‌ عن المدح والرضا به

1- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] فِي منَاَهيِ‌ النّبِيّص أَنّهُ نَهَي عَنِ المَدحِ وَ قَالَ احثُوا فِي وُجُوهِ المَدّاحِينَ التّرَابَ

2- فس ،[تفسير القمي‌] روُيِ‌َ فِي تَفسِيرِ قَولِهِ تَعَالَيلا يُحِبّ اللّهُ الجَهرَ بِالسّوءِ مِنَ القَولِ إِلّا مَن ظُلِمَ أَنّهُ إِن جَاءَكَ رَجُلٌ وَ قَالَ فِيكَ مَا لَيسَ فِيكَ مِنَ الخَيرِ وَ الثّنَاءِ وَ العَمَلِ الصّالِحِ فَلَا تَقبَلهُ مِنهُ وَ كَذّبهُ فَقَد ظَلَمَكَ

3-مص ،[مصباح الشريعة] قَالَ الصّادِقُ ع لَا يَصِيرُ العَبدُ عَبداً خَالِصاً لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ حَتّي يَصِيرَ المَدحُ وَ الذّمّ عِندَهُ سَوَاءً لِأَنّ المَمدُوحَ عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ لَا يَصِيرُ مَذمُوماً بِذَمّهِم وَ كَذَلِكَ المَذمُومُ فَلَا تَفرَح بِمَدحِ أَحَدٍ فَإِنّهُ لَا يَزِيدُ فِي مَنزِلَتِكَ


صفحه : 295

عِندَ اللّهِ وَ لَا يُغنِيكَ عَنِ المَحكُومِ لَكَ وَ المَقدُورِ عَلَيكَ وَ لَا تَحزَن أَيضاً بِذَمّ أَحَدٍ فَإِنّهُ لَا يَنقُصُ عَنكَ بِهِ ذَرّةٌ وَ لَا يَحُطّ عَن دَرَجَةِ خَيرِكَ شَيئاً وَ اكتَفِ بِشَهَادَةِ اللّهِ تَعَالَي لَكَ وَ عَلَيكَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ كَفي بِاللّهِ شَهِيداً وَ مَن لَا يَقدِرُ عَلَي صَرفِ الذّمّ عَن نَفسِهِ وَ لَا يَستَطِيعُ عَلَي تَحقِيقِ المَدحِ لَهُ كَيفَ يُرجَي مَدحُهُ أَو يُخشَي ذَمّهُ وَ اجعَل وَجهَ مَدحِكَ وَ ذَمّكَ وَاحِداً وَ قِف فِي مَقَامٍ تَغتَنِمُ بِهِ مَدحَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ لَكَ وَ رِضَاهُ فَإِنّ الخَلقَ خُلِقُوا مِنَ العَجِينِ مِن مَاءٍ مَهِينٍ فَلَيسَ لَهُم إِلّا مَا سَعَوا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ أَن لَيسَ لِلإِنسانِ إِلّا ما سَعي وَ قَالَ عَزّ وَ جَلّوَ لا يَملِكُونَ لِأَنفُسِهِم ضَرّا وَ لا نَفعاً وَ لا يَملِكُونَ مَوتاً وَ لا حَياةً وَ لا نُشُوراً

4- الدّرّةُ البَاهِرَةُ، قَالَ أَبُو الحَسَنِ الثّالِثُ ع لِرَجُلٍ وَ قَد أَكثَرَ مِن إِفرَاطِ الثّنَاءِ عَلَيهِ أَقبِل عَلَي شَأنِكَ فَإِنّ كَثرَةَ المَلَقِ يَهجُمُ عَلَي الظّنّةِ وَ إِذَا حَلَلتَ مِن أَخِيكَ فِي مَحَلّ الثّقَةِ فَاعدِل عَنِ المَلَقِ إِلَي حُسنِ النّيّةِ

5- نهج ،[نهج البلاغة] مَدَحَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع قَومٌ فِي وَجهِهِ فَقَالَ أللّهُمّ إِنّكَ أَعلَمُ بيِ‌ مِن نفَسيِ‌ وَ أَنَا أَعلَمُ بنِفَسيِ‌ مِنهُم أللّهُمّ اجعَلنَا خَيراً مِمّا يَظُنّونَ وَ اغفِر لَنَا مَا لَا يَعلَمُونَ

وَ قَالَ ع الثّنَاءُ بِأَكثَرَ مِنَ الِاستِحقَاقِ مَلَقٌ وَ التّقصِيرُ عَنِ الِاستِحقَاقِ عيِ‌ّ أَو حَسَدٌ

وَ قَالَ ع رُبّ مَفتُونٍ بِحُسنِ القَولِ فِيهِ


صفحه : 296

باب 531-سوء الخلق

الآيات آل عمران وَ لَو كُنتَ فَظّا غَلِيظَ القَلبِ لَانفَضّوا مِن حَولِكَالقلم عُتُلّ بَعدَ ذلِكَ زَنِيمٍ

1- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ سُوءَ الخُلُقِ لَيُفسِدُ العَمَلَ كَمَا يُفسِدُ الخَلّ العَسَلَ

بيان سوء الخلق وصف للنفس يوجب فسادها وانقباضها وتغيرها علي أهل الخلطة والمعاشرة وإيذاءهم

2- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ بَزِيعٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُثمَانَ عَنِ الحُسَينِ بنِ مِهرَانَ عَن إِسحَاقَ بنِ غَالِبٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن أَسَاءَ خُلُقَهُ عَذّبَ نَفسَهُ

3- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَعبَدٍ عَنِ ابنِ خَالِدٍ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ جَبرَئِيلَ الرّوحَ الأَمِينَ نَزَلَ عَلَيّ مِن عِندِ رَبّ العَالَمِينَ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ عَلَيكَ بِحُسنِ الخُلُقِ فَإِنّهُ ذَهَبَ بِخَيرِ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ أَلَا وَ إِنّ أَشبَهَكُم بيِ‌ أَحسَنُكُم خُلُقاً

4-ب ،[قرب الإسناد] عَن هَارُونَ عَنِ ابنِ صَدَقَةَ عَنِ الصّادِقِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيّ ع لأِبَيِ‌ أَيّوبَ الأنَصاَريِ‌ّ يَا أَبَا أَيّوبَ مَا بَلَغَ مِن كَرَمِ أَخلَاقِكَ قَالَ


صفحه : 297

لَا أوُذيِ‌ جَاراً فَمَن دُونَهُ وَ لَا أَمنَعُهُ مَعرُوفاً أَقدِرُ عَلَيهِ ثُمّ قَالَ ع مَا مِن ذَنبٍ إِلّا وَ لَهُ تَوبَةٌ وَ مَا مِن تَائِبٍ إِلّا وَ قَد تَسلَمُ لَهُ تَوبَتُهُ مَا خَلَا سَيّئَ الخُلُقِ لَا يَكَادُ يَتُوبُ مِن ذَنبٍ إِلّا وَقَعَ فِي غَيرِهِ أَشَرّ مِنهُ

5- ل ،[الخصال ] عَنِ الخَلِيلِ عَنِ ابنِ صَاعِدٍ عَنِ العَبّاسِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَونِ بنِ عُمَارَةَ عَن جَعفَرِ بنِ سُلَيمَانَ عَن مَالِكِ بنِ دِينَارٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ غَالِبٍ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِ‌ّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خَصلَتَانِ لَا تَجتَمِعَانِ فِي مُسلِمٍ البُخلُ وَ سُوءُ الخُلُقِ

6- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن حَمّادٍ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي وَصِيّتِهِ لِابنِهِ مُحَمّدِ بنِ الحَنَفِيّةِ إِيّاكَ وَ العُجبَ وَ سُوءَ الخُلُقِ وَ قِلّةَ الصّبرِ فَإِنّهُ لَا يَستَقِيمُ لَكَ عَلَي هَذِهِ الخِصَالِ الثّلَاثِ صَاحِبٌ وَ لَا يَزَالُ لَكَ عَلَيهَا مِنَ النّاسِ مُجَانِبٌ وَ الزَم نَفسَكَ التّوَدّدَ الخَبَرَ

7- ل ،[الخصال ] قَالَ الصّادِقُ ع للِثوّريِ‌ّ يَا سُفيَانُ لَا مُرُوّةَ لِكَذُوبٍ وَ لَا أَخَ لِمَلُولٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَ لَا سُؤدَدَ لِسَيّئِ الخُلُقِ

8- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِالأَسَانِيدِ الثّلَاثَةِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص الخُلُقُ السّيّئُ يُفسِدُ العَمَلَ كَمَا يُفسِدُ الخَلّ العَسَلَ

صح ،[صحيفة الرضا عليه السلام ] عَنهُ ع مِثلَهُ

9- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَنِ النّعمَانِ بنِ أَحمَدَ بنِ نُعَيمٍ عَن مُحَمّدِ


صفحه : 298

بنِ شُعبَةَ عَن حَفصِ بنِ عُمَرَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ البَاقِرِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن سَاءَ خُلُقُهُ عَذّبَ نَفسَهُ

أقول قدمضي بعض الأخبار في باب حسن الخلق

10- ع ،[علل الشرائع ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن يُونُسَ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَبَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِصَاحِبِ الخُلُقِ السّيّئِ بِالتّوبَةِ قِيلَ وَ كَيفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنّهُ لَا يَخرُجُ مِن ذَنبٍ حَتّي يَقَعَ فِيمَا هُوَ أَعظَمُ مِنهُ

11- ع ،[علل الشرائع ] عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ سُفيَانَ بنِ يَعقُوبَ عَن جَعفَرِ بنِ أَحمَدَ بنِ يُوسُفَ عَن عَلِيّ بنِ نُوحٍ الحَنّاطِ عَن عَمرِو بنِ الحَسَنِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَأتُيِ‌َ رَسُولُ اللّهِص فَقِيلَ لَهُ إِنّ سَعدَ بنَ مُعَاذٍ قَد مَاتَ فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ وَ قَامَ أَصحَابُهُ فَحُمِلَ فَأَمَرَ بِغُسلِ سَعدٍ وَ هُوَ قَائِمٌ عَلَي عِضَادَةِ البَابِ فَلَمّا أَن حُنّطَ وَ كُفّنَ وَ حُمِلَ عَلَي سَرِيرِهِ تَبِعَهُ رَسُولُ اللّهِص بِلَا حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاءٍ ثُمّ كَانَ يَأخُذُ يَمنَةَ السّرِيرِ مَرّةً وَ يَسرَةَ السّرِيرِ مَرّةً حَتّي انتَهَي بِهِ إِلَي القَبرِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِص حَتّي لَحّدَهُ وَ سَوّي عَلَيهِ اللّبِنَ وَ جَعَلَ يَقُولُ ناَولِنيِ‌ حَجَراً ناَولِنيِ‌ تُرَاباً رَطباً يَسُدّ بِهِ مَا بَينَ اللّبِنِ فَلَمّا أَن فَرَغَ وَ حَثَا التّرَابَ عَلَيهِ وَ سَوّي قَبرَهُ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إنِيّ‌ لَأَعلَمُ أَنّهُ سَيَبلَي وَ يَصِلُ إِلَيهِ البِلَي وَ لَكِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يُحِبّ عَبداً إِذَا عَمِلَ عَمَلًا فَأَحكَمَهُ فَلَمّا أَن سَوّي التّربَةَ عَلَيهِ قَالَت أُمّ سَعدٍ مِن جَانِبٍ هَنِيئاً لَكَ الجَنّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ يَا أُمّ سَعدٍ مَه لَا تجَزمِيِ‌ عَلَي رَبّكِ فَإِنّ سَعداً قَد أَصَابَتهُ ضَمّةٌ قَالَ فَرَجَعَ رَسُولُ اللّهِص وَ رَجَعَ النّاسُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ لَقَد رَأَينَاكَ صَنَعتَ عَلَي سَعدٍ مَا لَم تَصنَعهُ عَلَي أَحَدٍ إِنّكَ تَبِعتَ جَنَازَتَهُ بِلَا رِدَاءٍ وَ لَا حِذَاءٍ فَقَالَ


صفحه : 299

ص إِنّ المَلَائِكَةَ كَانَت بِلَا حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاءٍ فَتَأَسّيتُ بِهَا قَالُوا وَ كَيفَ تَأخُذُ يَمنَةَ السّرِيرِ مَرّةً وَ يَسرَةَ السّرِيرِ مَرّةً قَالَ كَانَت يدَيِ‌ فِي يَدِ جَبرَئِيلَ آخُذُ حَيثُ مَا أَخَذَ فَقَالُوا أَمَرتَ بِغُسلِهِ وَ صَلّيتَ عَلَي جِنَازَتِهِ وَ لَحّدتَهُ ثُمّ قُلتَ إِنّ سَعداً أَصَابَتهُ ضَمّةٌ فَقَالَص نَعَم إِنّهُ كَانَ فِي خُلُقِهِ مَعَ أَهلِهِ سُوءٌ

ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]الغضَاَئرِيِ‌ّ عَنِ الصّدُوقِ مِثلَهُ

12- نَوَادِرُ الراّونَديِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَبَي اللّهُ لِصَاحِبِ الخُلُقِ السّيّئِ بِالتّوبَةِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ كَيفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنّهُ إِذَا تَابَ مِن ذَنبٍ وَقَعَ فِي أَعظَمَ مِنَ الذّنبِ ألّذِي تَابَ مِنهُ

باب 631-البخل

الآيات النساءالّذِينَ يَبخَلُونَ وَ يَأمُرُونَ النّاسَ بِالبُخلِ وَ يَكتُمُونَ ما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ وَ أَعتَدنا لِلكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً و قال تعالي أَم لَهُم نَصِيبٌ مِنَ المُلكِ فَإِذاً لا يُؤتُونَ النّاسَ نَقِيراًأسري قُل لَو أَنتُم تَملِكُونَ خَزائِنَ رَحمَةِ ربَيّ‌ إِذاً لَأَمسَكتُم خَشيَةَ الإِنفاقِ وَ كانَ الإِنسانُ قَتُوراً محمدوَ إِن تُؤمِنُوا وَ تَتّقُوا يُؤتِكُم أُجُورَكُم وَ لا يَسئَلكُم أَموالَكُم إِن يَسئَلكُمُوها فَيُحفِكُم تَبخَلُوا وَ يُخرِج أَضغانَكُم ها أَنتُم هؤُلاءِ تُدعَونَ لِتُنفِقُوا

فِي سَبِيلِ اللّهِ فَمِنكُم مَن يَبخَلُ وَ مَن يَبخَل فَإِنّما يَبخَلُ عَن نَفسِهِ وَ اللّهُ الغنَيِ‌ّ وَ أَنتُمُ الفُقَراءُ وَ إِن تَتَوَلّوا يَستَبدِل قَوماً غَيرَكُم ثُمّ لا يَكُونُوا أَمثالَكُمالحديدالّذِينَ يَبخَلُونَ وَ يَأمُرُونَ النّاسَ بِالبُخلِ وَ مَن يَتَوَلّ فَإِنّ اللّهَ هُوَ الغنَيِ‌ّ الحَمِيدُالقلم مَنّاعٍ لِلخَيرِ مُعتَدٍ أَثِيمٍ

1- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ إِن كَانَ الخَلَفُ مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ حَقّاً فَالبُخلُ لِمَا ذَا

2- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَقَلّ النّاسِ رَاحَةً البَخِيلُ وَ أَبخَلُ النّاسِ مَن بَخِلَ بِمَا افتَرَضَ اللّهُ عَلَيهِ

3- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ الأزَديِ‌ّ عَن مَالِكِ بنِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع عَجِبتُ لِمَن يَبخَلُ بِالدّنيَا وَ هيِ‌َ مُقبِلَةٌ عَلَيهِ أَو يَبخَلُ بِهَا وَ هيِ‌َ مُدبِرَةٌ عَنهُ فَلَا الإِنفَاقُ مَعَ الإِقبَالِ يَضُرّهُ وَ لَا الإِمسَاكُ مَعَ الإِدبَارِ يَنفَعُهُ

4- ل ،[الخصال ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأسَدَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ العاَمرِيِ‌ّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عِيسَي السدّوُسيِ‌ّ عَن سُلَيمَانَ بنِ عَمرٍو عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ عَن أُمّهِ فَاطِمَةَ بِنتِ الحُسَينِ عَن أَبِيهَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ صَلَاحَ أَوّلِ هَذِهِ الأُمّةِ بِالزّهدِ وَ اليَقِينِ وَ هَلَاكَ آخِرِهَا بِالشّحّ وَ الأَمَلِ

5- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن جَعفَرِ بنِ الحُسَينِ عَنِ ابنِ بُطّةَ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن


صفحه : 301

مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ أَحَقّ النّاسِ بِأَن يَتَمَنّي لِلنّاسِ الغِنَي البُخَلَاءُ لِأَنّ النّاسَ إِذَا استَغنَوا كَفّوا عَن أَموَالِهِم وَ إِنّ أَحَقّ النّاسِ بِأَن يَتَمَنّي لِلنّاسِ الصّلَاحَ أَهلُ العُيُوبِ لِأَنّ النّاسَ إِذَا صَلَحُوا كَفّوا عَن تَتَبّعِ عُيُوبِهِم وَ إِنّ أَحَقّ النّاسِ بِأَن يَتَمَنّي لِلنّاسِ الحِلمَ أَهلُ السّفَهِ الّذِينَ يَحتَاجُونَ أَن يُعفَي عَن سَفَهِهِم فَأَصبَحَ أَهلُ البُخلِ يَتَمَنّونَ فَقرَ النّاسِ وَ أَصبَحَ أَهلُ العُيُوبِ يَتَمَنّونَ مَعَايِبَ النّاسِ وَ أَصبَحَ أَهلُ السّفَهِ يَتَمَنّونَ سَفَهَ النّاسِ وَ فِي الفَقرِ الحَاجَةُ إِلَي البَخِيلِ وَ فِي الفَسَادِ طَلَبُ عَورَةِ أَهلِ العُيُوبِ وَ فِي السّفَهِ المُكَافَاةُ بِالذّنُوبِ

ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ مِثلَهُ

6- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] فِي خَبَرِ منَاَهيِ‌ النّبِيّص قَالَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ حَرّمتُ الجَنّةَ عَلَي المَنّانِ وَ البَخِيلِ وَ القَتّاتِ

7- فس ،[تفسير القمي‌] أَبِي عَنِ الفَضلِ بنِ أَبِي قُرّةَ قَالَ رَأَيتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَطُوفُ مِن أَوّلِ اللّيلِ إِلَي الصّبَاحِ وَ هُوَ يَقُولُ أللّهُمّ قنِيِ‌ شُحّ نفَسيِ‌ فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ مَا سَمِعتُكَ تَدعُو بِغَيرِ هَذَا الدّعَاءِ قَالَ وَ أَيّ شَيءٍ أَشَدّ مِن شُحّ النّفسِ إِنّ اللّهَ يَقُولُوَ مَن يُوقَ شُحّ نَفسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ

8- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن هَارُونَ عَنِ ابنِ صَدَقَةَ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا مَحَقَ الإِيمَانَ مَحقَ الشّحّ شَيءٌ ثُمّ قَالَ إِنّ لِهَذَا الشّحّ دَبِيباً كَدَبِيبِ النّملِ وَ شُعَباً كَشُعَبِ الشّركِ

أقول قدمضي بعض الأخبار في باب الجود والسخاء

9-ل ،[الخصال ] عَنِ الخَلِيلِ عَنِ ابنِ صَاعِدٍ عَنِ العَبّاسِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَونِ


صفحه : 302

بنِ عُمَارَةَ عَن جَعفَرِ بنِ سُلَيمَانَ عَن مَالِكِ بنِ دِينَارٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ غَالِبٍ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِ‌ّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خَصلَتَانِ لَا تَجتَمِعَانِ فِي مُسلِمٍ البُخلُ وَ سُوءُ الخُلُقِ

10- ل ،[الخصال ] عَنِ الخَلِيلِ عَنِ ابنِ صَاعِدٍ عَن إِسحَاقَ بنِ شَاهِينٍ عَن خَالِدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن يُوسُفَ بنِ مُوسَي عَن حَرِيزِ بنِ سُهَيلٍ عَن صَفوَانَ عَن أَبِي يَزِيدَ عَنِ القَعقَاعِ بنِ اللّجلَاجِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ عَن رَسُولِ اللّهِص قَالَ لَا يَجتَمِعُ الشّحّ وَ الإِيمَانُ فِي قَلبِ عَبدٍ أَبَداً

11- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن هَارُونَ بنِ الجَهمِ عَن ثُوَيرِ بنِ أَبِي فَاخِتَةَ عَنِ المُفَضّلِ بنِ صَالِحٍ عَن سَعدِ بنِ طَرِيفٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ المُوبِقَاتُ ثَلَاثٌ شُحّ مُطَاعٌ وَ هَوًي مُتّبَعٌ وَ إِعجَابُ المَرءِ بِنَفسِهِ

أقول و قدمضي بسند آخر عن أنس عن النبي ص المهلكات ثلاث وكذا في وصية النبي ص إلي علي ع قال الصدوق رحمه الله روُيِ‌َ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ الشّحّ المُطَاعُ سُوءُ الظّنّ بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ

12- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ النّضرِ بنِ شُعَيبٍ عَنِ الجاَزيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ لَا يُؤمِنُ رَجُلٌ فِيهِ الشّحّ وَ الحَسَدُ وَ الجُبنُ وَ لَا يَكُونُ المُؤمِنُ جَبَاناً وَ لَا حَرِيصاً وَ لَا شَحِيحاً

13-ب ،[قرب الإسناد] عَن هَارُونَ عَنِ ابنِ صَدَقَةَ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع أَنّ عَلِيّاً ع سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ الشّحِيحُ أَعذَرُ مِنَ الظّالِمِ فَقَالَ كَذَبتَ إِنّ الظّالِمَ يَتُوبُ وَ يَستَغفِرُ اللّهَ وَ يَرُدّ الظّلَامَةَ عَلَي أَهلِهَا وَ الشّحِيحُ إِذَا شَحّ مَنَعَ الزّكَاةَ


صفحه : 303

وَ الصّدَقَةَ وَ صِلَةَ الرّحِمِ وَ إِقرَاءَ الضّيفِ وَ النّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ أَبوَابَ البِرّ وَ حَرَامٌ عَلَي الجَنّةِ أَن يَدخُلَهَا شَحِيحٌ

14- ب ،[قرب الإسناد] ابنُ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ عُلوَانَ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص السّخَاءُ شَجَرَةٌ فِي الجَنّةِ أَغصَانُهَا فِي الدّنيَا مَن تَعَلّقَ بِغُصنٍ مِنهَا قَادَهُ ذَلِكَ الغُصنُ إِلَي الجَنّةِ وَ البُخلُ شَجَرَةٌ فِي النّارِ أَغصَانُهَا فِي الدّنيَا مَن تَعَلّقَ بِغُصنٍ مِنهَا قَادَهُ ذَلِكَ الغُصنُ إِلَي النّارِ

15- ل ،[الخصال ] عَنِ الخَلِيلِ بنِ أَحمَدَ عَنِ ابنِ صَاعِدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ عَن عُمَرَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ حِجَارَةَ عَن بَكرِ بنِ عَبدِ اللّهِ المزُنَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ عَنِ النّبِيّص قَالَ إِيّاكُم وَ الشّحّ فَإِنّمَا هَلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُم بِالشّحّ أَمَرَهُم بِالكَذِبِ فَكَذَبُوا وَ أَمَرَهُم بِالظّلمِ فَظَلَمُوا وَ أَمَرَهُم بِالقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا

16- ل ،[الخصال ] عَنِ الخَلِيلِ بنِ أَحمَدَ عَن أَبِي العَبّاسِ السّرّاجِ عَن قُتَيبَةَ عَن بَكرِ بنِ عَجلَانَ عَن سَعِيدٍ المقَبرُيِ‌ّ عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِيّاكُم وَ الفُحشَ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَا يُحِبّ الفَاحِشَ المُتَفَحّشَ وَ إِيّاكُم وَ الظّلمَ فَإِنّ الظّلمَ عِندَ اللّهِ هُوَ الظّلُمَاتُ يَومَ القِيَامَةِ وَ إِيّاكُم وَ الشّحّ فَإِنّهُ دَعَا الّذِينَ مِن قَبلِكُم حَتّي سَفَكُوا دِمَاءَهُم وَ دَعَاهُم حَتّي قَطَعُوا أَرحَامَهُم وَ دَعَاهُم حَتّي انتَهَكُوا وَ استَحَلّوا مَحَارِمَهُم

17- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ عُمَرَ عَن أَبِي عَلِيّ بنِ رَاشِدٍ رَفَعَهُ إِلَي الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ خَمسٌ هُنّ كَمَا أَقُولُ لَيسَت لِبَخِيلٍ رَاحَةٌ وَ لَا لِحَسُودٍ لَذّةٌ وَ لَا لِمُلُوكٍ[لِمَلُولٍ]وَفَاءٌ وَ لَا لِكَذّابٍ مُرُوّةٌ وَ لَا يَسُودُ سَفِيهٌ


صفحه : 304

18- ل ،[الخصال ] عَنِ العَطّارِ عَن أَبِيهِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الراّزيِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي عُثمَانَ عَن أَحمَدَ بنِ عُمَرَ عَن يَحيَي الحلَبَيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَا يَطمَعَنّ ذُو الكِبرِ فِي الثّنَاءِ الحَسَنِ وَ لَا الخَبّ فِي كَثرَةِ الصّدِيقِ وَ لَا السّيّئُ الأَدَبِ فِي الشّرَفِ وَ لَا البَخِيلُ فِي صِلَةِ الرّحِمِ الخَبَرَ

19- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِالأَسَانِيدِ الثّلَاثَةِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ ع قَالَ خَطَبَنَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ سيَأَتيِ‌ عَلَي النّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ يَعَضّ المُؤمِنُ عَلَي مَا فِي يَدِهِ وَ لَم يُؤمَر بِذَلِكَ قَالَ اللّهُ تَعَالَيوَ لا تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم إِنّ اللّهَ بِما تَعمَلُونَ بَصِيرٌ وَ سيَأَتيِ‌ زَمَانٌ يُقَدّمُ فِيهِ الأَشرَارُ وَ يُنسَأُ فِيهِ الأَخيَارُ وَ يُبَايَعُ المُضطَرّ وَ قَد نَهَي رَسُولُ اللّهِص عَن بَيعِ المُضطَرّ وَ عَن بَيعِ الغَرَرِفَاتّقُوا اللّهَ يَا أَيّهَا النّاسُوَ أَصلِحُوا ذاتَ بَينِكُم وَ احفظَوُنيِ‌ فِي أهَليِ‌

20- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] عَنِ الطاّلقَاَنيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ العدَوَيِ‌ّ عَنِ الهَيثَمِ بنِ عَبدِ اللّهِ الرمّاّنيِ‌ّ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ كَانَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَقُولُ


خُلِقَتِ الخَلَائِقُ فِي قُدرَةٍ   فَمِنهُم سخَيِ‌ّ وَ مِنهُم بَخِيلٌ

فَأَمّا السخّيِ‌ّ ففَيِ‌ رَاحَةٍ   وَ أَمّا البَخِيلُ فَشُومٌ طَوِيلٌ

21- ع ،[علل الشرائع ] عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ آدَمَ عَن أَبِيهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا عَلِيّ لَا تُشَاوِر جَبَاناً فَإِنّهُ يُضَيّقُ عَلَيكَ المَخرَجَ وَ لَا تُشَاوِرِ البَخِيلَ فَإِنّهُ يَقصُرُ بِكَ عَن غَايَتِكَ وَ لَا تُشَاوِر حَرِيصاً فَإِنّهُ يُزَيّنُ لَكَ شَرّهَا وَ اعلَم يَا عَلِيّ أَنّ الجُبنَ وَ البُخلَ وَ الحِرصَ غَرِيزَةٌ وَاحِدَةٌ يَجمَعُهَا


صفحه : 305

سُوءُ الظّنّ

22- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَنِ النّضرِ عَن عَبدِ الأَعلَي الأرَجّاَنيِ‌ّ عَن عَبدِ الأَعلَي بنِ أَعيَنَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ البَخِيلَ مَن كَسَبَ مَالًا مِن غَيرِ حِلّهِ وَ أَنفَقَهُ فِي غَيرِ حَقّهِ

23- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ بَلَغَ بِهِ ابنُ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ عَنِ الحَارِثِ الأَعوَرِ قَالَ فِيمَا سَأَلَ عَلِيّ ع ابنَهُ الحَسَنَ ع أَن قَالَ لَهُ مَا الشّحّ قَالَ أَن تَرَي مَا فِي يَدَيكَ شَرَفاً وَ مَا أَنفَقتَ تَلَفاً

24- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ الطاّلقَاَنيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الهَيثَمِ عَن أَبِيهِ عَن أَبِيهِ عَنِ المُعَافَا بنِ عِمرَانَ عَن إِسرَائِيلَ عَنِ المِقدَامِ بنِ شُرَيحٍ عَن أَبِيهِ مِثلَهُ وَ فِيهِ أَن تَرَي القَلِيلَ سَرَفاً

25- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن حَرِيزٍ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّمَا الشّحِيحُ مَن مَنَعَ حَقّ اللّهِ وَ أَنفَقَ فِي غَيرِ حَقّ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ

26- مع ،[معاني‌ الأخبار]بِالإِسنَادِ عَن أَحمَدَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي جَهمٍ عَن مُوسَي بنِ بَكرٍ عَن أَحمَدَ بنِ سُلَيمَانَ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع قَالَ البَخِيلُ مَن بَخِلَ بِمَا افتَرَضَ اللّهُ عَلَيهِ

27- مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ البَخِيلُ مَن بَخِلَ بِالسّلَامِ


صفحه : 306

28- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ المقُريِ‌ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ بُندَارَ التمّيِميِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَجّاجِ عَن أَحمَدَ بنِ العَلَاءِ عَن أَبِي زَكَرِيّا عَن سُلَيمَانَ بنِ بِلَالٍ عَن عُمَارَةَ بنِ عَرَفَةَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص البَخِيلُ حَقّاً مَن ذُكِرتُ عِندَهُ فَلَم يُصَلّ عَلَيّ

29- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَنِ الفُضَيلِ بنِ عِيَاضٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَ تدَريِ‌ مَنِ الشّحِيحُ فَقُلتُ هُوَ البَخِيلُ فَقَالَ الشّحِيحُ أَشَدّ مِنَ البَخِيلِ إِنّ البَخِيلَ يَبخَلُ بِمَا فِي يَدَيهِ وَ إِنّ الشّحِيحَ يَشُحّ بِمَا فِي أيَديِ‌ النّاسِ وَ عَلَي مَا فِي يَدَيهِ حَتّي لَا يَرَي فِي أيَديِ‌ النّاسِ شَيئاً إِلّا تَمَنّي أَن يَكُونَ لَهُ بِالحِلّ وَ الحَرَامِ وَ لَا يَشبَعُ وَ لَا يَقنَعُ بِمَا رَزَقَهُ اللّهُ تَعَالَي

30- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ الكوُفيِ‌ّ عَن أَبِي جَمِيلَةَ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَيسَ البَخِيلُ مَن يؤُدَيّ‌ أَوِ ألّذِي يؤُدَيّ‌ الزّكَاةَ المَفرُوضَةَ مِن مَالِهِ وَ يعُطيِ‌ النّائِبَةَ فِي قَومِهِ وَ إِنّمَا البَخِيلُ حَقّ البَخِيلِ ألّذِي يَمنَعُ الزّكَاةَ المَفرُوضَةَ فِي مَالِهِ وَ يَمنَعُ النّائِبَةَ فِي قَومِهِ وَ هُوَ فِيمَا سِوَي ذَلِكَ يَبذُرُ

31- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ العَلَاءِ بنِ فُضَيلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ ثَلَاثٌ إِذَا كُنّ فِي الرّجُلِ فَلَا تَحَرّج أَن تَقُولَ إِنّهُ فِي جَهَنّمَ الجَفَاءُ وَ الجُبنُ وَ البُخلُ وَ ثَلَاثٌ إِذَا كُنّ فِي المَرأَةِ فَلَا تَحَرّج أَن تَقُولَ إِنّهَا فِي جَهَنّمَ البَذَاءُ وَ الخُيَلَاءُ وَ الفَخرُ

32-ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَن سَعدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ النّعمَانِ عَنِ


صفحه : 307

ابنِ أَسبَاطٍ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا كَانَ فِي شِيعَتِنَا فَلَا يَكُونُ فِيهِم ثَلَاثَةُ أَشيَاءَ لَا يَكُونَ فِيهِم مَن يَسأَلُ بِكَفّهِ وَ لَا يَكُونُ فِيهِم بَخِيلٌ وَ لَا يَكُونُ فِيهِم مَن يُؤتَي فِي دُبُرِهِ

33- جا،[المجالس للمفيد] عَن أَبِي غَالِبٍ الزرّاَريِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الرّزّازِ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن جَمِيلِ بنِ صَالِحٍ عَن بُرَيدٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَقُولُ اللّهُ تَعَالَي المَعرُوفُ هَدِيّةٌ منِيّ‌ إِلَي عبَديِ‌َ المُؤمِنِ فَإِن قَبِلَهَا منِيّ‌ فبَرِحَمتَيِ‌ وَ منِيّ‌ وَ إِن رَدّهَا عَلَيّ فَبِذَنبِهِ حَرَمَهَا وَ مِنهُ لَا منِيّ‌ وَ أَيّمَا عَبدٍ خَلَقتُهُ فَهَدَيتُهُ إِلَي الإِيمَانِ وَ حَسّنتُ خُلُقَهُ وَ لَم أَبتَلِهِ بِالبُخلِ فإَنِيّ‌ أُرِيدُ بِهِ خَيراً

34- مكا،[مكارم الأخلاق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ خِيَارُكُم سُمَحَاؤُكُم وَ شِرَارُكُم بُخَلَاؤُكُم وَ مِن خَالِصِ الإِيمَانِ البِرّ بِالإِخوَانِ وَ السعّي‌ُ فِي حَوَائِجِهِم

وَ عَنهُ ع قَالَ شَابّ سخَيِ‌ّ مُرَهّقٌ فِي الذّنُوبِ أَحَبّ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مِن شَيخٍ عَابِدٍ بَخِيلٍ

وَ قَالَ النّبِيّص مَن أَدّي مَا افتَرَضَ اللّهُ عَلَيهِ فَهُوَ أَسخَي النّاسِ

وَ قَالَ ع مَا مَحَقَ الإِسلَامَ مَحقَ الشّحّ شَيءٌ ثُمّ قَالَ إِنّ لِهَذَا الشّحّ دَبِيباً كَدَبِيبِ النّملِ وَ شُعَباً كَشُعَبِ الشّركِ

35- ختص ،[الإختصاص ] قَالَ الصّادِقُ ع حَسبُ البَخِيلِ مِن بُخلِهِ سُوءُ الظّنّ بِرَبّهِ مَن أَيقَنَ بِالخَلَفِ جَادَ بِالعَطِيّةِ

36- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع البُخلُ عَارٌ وَ الجُبنُ مَنقَصَةٌ

وَ قَالَ ع البُخلُ جَامِعٌ لمِسَاَويِ‌ العُيُوبِ وَ هُوَ زِمَامٌ يُقَادُ بِهِ


صفحه : 308

إِلَي كُلّ سُوءٍ

37- كِتَابُ الإِمَامَةِ وَ التّبصِرَةِ، عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص السخّيِ‌ّ قَرِيبٌ مِنَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ النّاسِ قَرِيبٌ مِنَ الجَنّةِ وَ البَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ اللّهِ بَعِيدٌ مِنَ النّاسِ قَرِيبٌ مِنَ النّارِ

باب 731-الذنوب وآثارها والنهي‌ عن استصغارها

الآيات البقرةفَأَنزَلنا عَلَي الّذِينَ ظَلَمُوا رِجزاً مِنَ السّماءِ بِما كانُوا يَفسُقُونَ و قال تعالي ذلِكَ بِما عَصَوا وَ كانُوا يَعتَدُونَ و قال تعالي بَلي مَن كَسَبَ سَيّئَةً وَ أَحاطَت بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فِيها خالِدُونَالنساءفَكَيفَ إِذا أَصابَتهُم مُصِيبَةٌ بِما قَدّمَت أَيدِيهِم وَ قَالَوَ مَن يَكسِب إِثماً فَإِنّما يَكسِبُهُ عَلي نَفسِهِ وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماًالمائدة مخاطبا لموسي ع فَلا تَأسَ عَلَي القَومِ الفاسِقِينَ و قال فَإِن تَوَلّوا فَاعلَم أَنّما يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعضِ ذُنُوبِهِم وَ إِنّ كَثِيراً

مِنَ النّاسِ لَفاسِقُونَ و قال لُعِنَ الّذِينَ كَفَرُوا مِن بنَيِ‌ إِسرائِيلَ عَلي لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَي ابنِ مَريَمَ ذلِكَ بِما عَصَوا وَ كانُوا يَعتَدُونَ كانُوا لا يَتَناهَونَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئسَ ما كانُوا يَفعَلُونَ و قال تعالي وَ لا تَعتَدُوا إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ المُعتَدِينَ و قال تعالي وَ مَا اعتَدَينا إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ و قال تعالي وَ اللّهُ لا يهَديِ‌ القَومَ الفاسِقِينَالأنعام أَ لَم يَرَوا كَم أَهلَكنا مِن قَبلِهِم مِن قَرنٍ مَكّنّاهُم فِي الأَرضِ ما لَم نُمَكّن لَكُم وَ أَرسَلنَا السّماءَ عَلَيهِم مِدراراً وَ جَعَلنَا الأَنهارَ تجَريِ‌ مِن تَحتِهِم فَأَهلَكناهُم بِذُنُوبِهِم وَ أَنشَأنا مِن بَعدِهِم قَرناً آخَرِينَ و قال تعالي وَ ذَرُوا ظاهِرَ الإِثمِ وَ باطِنَهُ إِنّ الّذِينَ يَكسِبُونَ الإِثمَ سَيُجزَونَ بِما كانُوا يَقتَرِفُونَ و قال تعالي وَ لا يُرَدّ بَأسُهُ عَنِ القَومِ المُجرِمِينَ و قال تعالي وَ لا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَ ما بَطَنَالأعراف وَ لَو أَنّ أَهلَ القُري آمَنُوا وَ اتّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السّماءِ وَ الأَرضِ وَ لكِن كَذّبُوا فَأَخَذناهُم بِما كانُوا يَكسِبُونَ و قال وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِن كانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ و قال سبحانه فَبَدّلَ الّذِينَ ظَلَمُوا مِنهُم قَولًا غَيرَ ألّذِي قِيلَ لَهُم فَأَرسَلنا

عَلَيهِم رِجزاً مِنَ السّماءِ بِما كانُوا يَظلِمُونَ و قال تعالي في قصة أصحاب السبت كَذلِكَ نَبلُوهُم بِما كانُوا يَفسُقُونَ إلي قوله تعالي فَلَمّا نَسُوا ما ذُكّرُوا بِهِ أَنجَينَا الّذِينَ يَنهَونَ عَنِ السّوءِ وَ أَخَذنَا الّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفسُقُونَ فَلَمّا عَتَوا عَن ما نُهُوا عَنهُ قُلنا لَهُم كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَالأنفال كَدَأبِ آلِ فِرعَونَ وَ الّذِينَ مِن قَبلِهِم كَفَرُوا بِآياتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِم إِنّ اللّهَ قوَيِ‌ّ شَدِيدُ العِقابِ ذلِكَ بِأَنّ اللّهَ لَم يَكُ مُغَيّراً نِعمَةً أَنعَمَها عَلي قَومٍ حَتّي يُغَيّرُوا ما بِأَنفُسِهِم وَ أَنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌالتوبةوَ اللّهُ لا يهَديِ‌ القَومَ الفاسِقِينَهودفَمَن ينَصرُنُيِ‌ مِنَ اللّهِ إِن عَصَيتُهُ و قال تعالي حاكيا عن شعيب ع وَ يا قَومِ اعمَلُوا عَلي مَكانَتِكُم إنِيّ‌ عامِلٌ سَوفَ تَعلَمُونَ مَن يَأتِيهِ عَذابٌ يُخزِيهِ وَ مَن هُوَ كاذِبٌ وَ ارتَقِبُوا إنِيّ‌ مَعَكُم رَقِيبٌالرعدإِنّ اللّهَ لا يُغَيّرُ ما بِقَومٍ حَتّي يُغَيّرُوا ما بِأَنفُسِهِم وَ إِذا أَرادَ اللّهُ بِقَومٍ سُوءاً فَلا مَرَدّ لَهُ وَ ما لَهُم مِن دُونِهِ مِن والٍالنحل وَ يَنهي عَنِ الفَحشاءِ وَ المُنكَرِ وَ البغَي‌ِ يَعِظُكُم لَعَلّكُم تَذَكّرُونَأسري وَ إِذا أَرَدنا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنا مُترَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمّرناها تَدمِيراً وَ كَم أَهلَكنا مِنَ القُرُونِ مِن بَعدِ نُوحٍ وَ كَفي بِرَبّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراًالكهف وَ تِلكَ القُري أَهلَكناهُم لَمّا ظَلَمُوا وَ جَعَلنا لِمَهلِكِهِم مَوعِداً


صفحه : 311

النوريا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّبِعُوا خُطُواتِ الشّيطانِ وَ مَن يَتّبِع خُطُواتِ الشّيطانِ فَإِنّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ وَ المُنكَرِ و قال تعالي فَليَحذَرِ الّذِينَ يُخالِفُونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذابٌ أَلِيمٌالفرقان وَ كَفي بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراًالشعراءفَأَخرَجناهُم مِن جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ كُنُوزٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِكَ وَ أَورَثناها بنَيِ‌ إِسرائِيلَالنمل فَتِلكَ بُيُوتُهُم خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَعلَمُونَ و قال تعالي وَ مَن جاءَ بِالسّيّئَةِ فَكُبّت وُجُوهُهُم فِي النّارِ هَل تُجزَونَ إِلّا ما كُنتُم تَعمَلُونَالعنكبوت أَم حَسِبَ الّذِينَ يَعمَلُونَ السّيّئاتِ أَن يَسبِقُونا ساءَ ما يَحكُمُونَفاطروَ الّذِينَ يَمكُرُونَ السّيّئاتِ لَهُم عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَكرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُالزمرقُل إنِيّ‌ أَخافُ إِن عَصَيتُ ربَيّ‌ عَذابَ يَومٍ عَظِيمٍحمعسق وَ ما أَصابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم وَ يَعفُوا عَن كَثِيرٍ إلي قوله تعالي أَو يُوبِقهُنّ بِما كَسَبُوا وَ يَعفُ عَن كَثِيرٍالحجرات بِئسَ الِاسمُ الفُسُوقُ بَعدَ الإِيمانِالحشروَ ليِخُزيِ‌َ الفاسِقِينَ


صفحه : 312

الصف وَ اللّهُ لا يهَديِ‌ القَومَ الفاسِقِينَالمعارج يَوَدّ المُجرِمُ لَو يفَتدَيِ‌ مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ أَخِيهِ وَ فَصِيلَتِهِ التّيِ‌ تُؤوِيهِ وَ مَن فِي الأَرضِ جَمِيعاً ثُمّ يُنجِيهِنوح مِمّا خَطِيئاتِهِم أُغرِقُوا فَأُدخِلُوا ناراً فَلَم يَجِدُوا لَهُم مِن دُونِ اللّهِ أَنصاراًالآيات الجن وَ مَن يَعصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنّ لَهُ نارَ جَهَنّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداًالشمس فَدَمدَمَ عَلَيهِم رَبّهُم بِذَنبِهِم فَسَوّاها وَ لا يَخافُ عُقباها

1- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن طَلحَةَ بنِ زَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ أَبِي يَقُولُ مَا مِن شَيءٍ أَفسَدَ لِلقَلبِ مِن خَطِيئَتِهِ إِنّ القَلبَ لَيُوَاقِعُ الخَطِيئَةَ فَلَا تَزَالُ بِهِ حَتّي تَغلِبَ عَلَيهِ فَيُصَيّرَ أَعلَاهُ أَسفَلَهُ

بيان أفسد للقلب من خطيئته فإن قلت مايفسد القلب فهو خطيئة فما معني التفضيل قلت لانسلم ذلك فإن كثيرا من المباحات تفسد القلب بل بعض الأمراض والآلام والأحزان والهموم والوساوس أيضا تفسدها و إن لم تكن مما يستحق عليه العذاب وهي‌ أعم من الخطايا الظاهرة إذ للظاهر تأثير في الباطن بل عندالمتكلمين الواجبات البدنية لطف في الطاعات القلبية و من الخطايا القلبية كالعقائد الفاسدة والهم بالمعصية والصفات الذميمة كالحقد والحسد والعجب وأمثالها.ليواقع الخطيئة أي يباشرها ويخالطها ويرتكبها خطيئة بعدخطيئة أويقابل ويدافع الخطيئة الواحدة أوجنس الخطيئة فلاتزال به هو من الأفعال الناقصة


صفحه : 313

واسمه الضمير الراجع إلي الخطيئة و به خبره أي ملتبسا به وقيل متعلق بفعل محذوف أي تفعل به والمراد إما جنس الخطيئة أوالخطيئة المخصوصة التي‌ ارتكبها و لم يتب منها فتؤثر في القلب بحلاوتها حتي تغلب علي القلب بالرين والطبع أويدافعها ويحاربها فتغلب عليه حتي يرتكبها لعدم قلع مراد الشهوات عن قلبه علي الاحتمال الثاني‌.فيصير أعلاه أسفله أي يصير منكوسا كالإناء المقلوب المكبوب لايستقر فيه شيء من الحق و لايؤثر فيه شيء من المواعظ كماروي‌ القلوب ثلاثة قلب منكوس لايعي‌ شيئا من الخير و هوقلب الكافر الخبر والحاصل أن الخطيئة تلتبس بالقلب وتؤثّر فيه حتي تصيّره مقلوبا لايستقر فيه شيء من الخير بمنزلة الكافر فإن الإصرار علي المعاصي‌ طريق إلي الكفر كما قال سبحانه ثُمّ كانَ عاقِبَةَ الّذِينَ أَساؤُا السّواي أَن كَذّبُوا بِآياتِ اللّهِ و هذاأظهر الوجوه المذكورة في تلك الآية و هذا ألذي خطر بالبال أظهر الأقوال من جهة الأخبار وقيل فيه وجوه أخر.الأول ماذكره بعض المحققين يعني‌ فما تزال تفعل تلك الخطيئة بالقلب وتؤثر فيه بحلاوتها حتي يجعل وجهه ألذي إلي جانب الحق والآخرة إلي جانب الباطل والدنيا الثاني‌ أن المعني ماتزال تفعل وتؤثر بالقلب بميله إلي أمثالها من المعاصي‌ حتي تنقلب أحواله ويتزلزل وترتفع نظامه وحاصله يرجع إلي ماذكرنا لكن الفرق بين الثالث ماقيل فلاتزال به حتي تغلب عليه فإن لم ترتفع بالتوبة الخالصة فتصير أعلاه أسفله أي تكدره وتسوده لأن الأعلي صاف والأسفل ردي‌ من باب التمثيل

2- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفَما أَصبَرَهُم عَلَي النّارِ فَقَالَ مَا أَصبَرَهُم عَلَي فِعلِ مَا يَعلَمُونَ أَنّهُ يُصَيّرُهُم إِلَي النّارِ


صفحه : 314

بيان الآية في سورة البقرة هكذاإِنّ الّذِينَ يَكتُمُونَ ما أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الكِتابِ وَ يَشتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ ما يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِم إِلّا النّارَ وَ لا يُكَلّمُهُمُ اللّهُ يَومَ القِيامَةِ وَ لا يُزَكّيهِم وَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ أُولئِكَ الّذِينَ اشتَرَوُا الضّلالَةَ بِالهُدي وَ العَذابَ بِالمَغفِرَةِ فَما أَصبَرَهُم عَلَي النّارِ. وذكر البيضاوي‌ قريبا مما ورد في الخبر قال تعجب من حالهم في الالتباس بموجبات النار من غيرمبالاة و ماتامة مرفوعة بالابتداء وتخصيصها كتخصيص شر أهر ذا ناب أواستفهامية و مابعدها الخبر أوموصولة و مابعدها صلة والخبر محذوف . وأقول يعضده قوله تعالي في الآية السابقةما يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِم إِلّا النّارَ و قال البيضاوي‌ فيه إما في الحال لأنهم أكلوا مايلتبس بالنار لكونها عقوبة عليه فكأنهم أكلوا النار أو في المال أي لايأكلون يوم القيامة إلاالنار انتهي . وأقول مثله قوله ص قوموا إلي نيرانكم التي‌ أوقدتموها علي ظهوركم فأطفئوها بصلاتكم و قال الطبرسي‌ رحمه الله فيه أقوال أحدها أن معناه ماأجرأهم علي النار ذهب إليه الحسن وقتادة ورواه علي بن ابراهيم بإسناده عن أبي عبد الله ع والثاني‌ ماأعملهم بأعمال أهل النار عن مجاهد و هوالمروي‌ عن أبي عبد الله ع والثالث ماأبقاهم علي النار كمايقال ماأصبر فلانا علي الحبس عن الزجاج والرابع ماأدومهم علي النار أي ماأدومهم علي عمل أهل النار كمايقال ماأشبه سخاءك بحاتم أي بسخاء حاتم و علي هذاالوجه فظاهر الكلام التعجب والتعجب لايجوز علي القديم سبحانه لأنه عالم بجميع الأشياء لايخفي عليه شيء والتعجب أنما يكون


صفحه : 315

مما لايعرف سببه و إذاثبت ذلك فالغرض أن يدلنا علي أن الكفار حلوا محل من يتعجب منه فهو تعجب لنا منهم والخامس ماروي‌ عن ابن عباس أن المراد أي شيءأصبرهم علي النار أي حبسهم عليها فتكون للاستفهام . ويجوز حمل الوجوه الثلاثة المتقدمة علي الاستفهام أيضا فيكون المعني أي شيءأجرأهم علي النار وأعملهم بأعمال أهل النار وأبقاهم علي النار و قال الكسائي‌ هواستفهام علي وجه التعجب و قال المبرد هذاحسن لأنه كالتوبيخ لهم والتعجب لنا كمايقال لمن وقع في ورطة مااضطرك إلي هذا إذا كان غنيا عن التعرض للوقوع في مثلها والمراد به الإنكار والتقريع علي اكتساب سبب الهلاك وتعجب الغير منه و من قال معناه ماأجرأهم علي النار فإنه عنده من الصبر ألذي هوالحبس أيضا لأن بالجرأة يصبر علي الشدة

3- كا،[الكافي‌] عَنهُ عَن أَبِيهِ عَنِ النّضرِ بنِ سُوَيدٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَمَا إِنّهُ لَيسَ مِن عِرقٍ يَضرِبُ وَ لَا نَكبَةٍ وَ لَا صُدَاعٍ وَ لَا مَرَضٍ إِلّا بِذَنبٍ وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي كِتَابِهِوَ ما أَصابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم وَ يَعفُوا عَن كَثِيرٍ قَالَ ثُمّ قَالَ وَ مَا يَعفُو اللّهُ أَكثَرُ مِمّا يُؤَاخِذُ بِهِ

بيان النكبة وقوع الرجل علي الحجارة عندالمشي‌ أوالمصيبة والأول أظهر كمامرّ و قدوقع التصريح في بعض الأخبار التي‌ وردت في هذاالمعني بنكبة قدم والمخاطب في هذه الآية من يقع منهم الخطايا والذنوب لاالمعصومون من الأنبياء والأوصياء ع كأنهم فيهم لرفع درجاتهم كَمَا روُيِ‌َ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ لَمّا دَخَلَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع عَلَي يَزِيدَ نَظَرَ إِلَيهِ ثُمّ قَالَ يَا عَلِيّما أَصابَكُم


صفحه : 316

مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم فَقَالَ ع كَلّا مَا هَذِهِ فِينَا إِنّمَا نَزَلَ فِينَاما أَصابَ مِن مُصِيبَةٍ فِي الأَرضِ وَ لا فِي أَنفُسِكُم إِلّا فِي كِتابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها إِنّ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيرٌ لِكَيلا تَأسَوا عَلي ما فاتَكُم وَ لا تَفرَحُوا بِما آتاكُمفَنَحنُ الّذِينَ لَا نَأسَي عَلَي مَا فَاتَنَا وَ لَا نَفرَحُ بِمَا أُوتِينَا

وَ رَوَي الحمِيرَيِ‌ّ فِي قُربِ الإِسنَادِ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ ما أَصابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم فَقَالَ هُوَوَ يَعفُوا عَن كَثِيرٍ قَالَ قُلتُ مَا أَصَابَ عَلِيّاً وَ أَشيَاعَهُ مِن أَهلِ بَيتِهِ مِن ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص كَانَ يَتُوبُ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ كُلّ يَومٍ سَبعِينَ مَرّةً مِن غَيرِ ذَنبٍ

و قال الطبرسي‌ رحمه الله وَ ما أَصابَكُممعاشر الخلق مِن مُصِيبَةٍ من بلوي في نفس أومال فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم من المعاصي‌وَ يَعفُوا عَن كَثِيرٍمنها فلايعاقب بها قال الحسن الآية خاصة بالحدود التي‌ تستحق علي وجه العقوبة و قال قتادة هي‌ عامة

وَ روُيِ‌َ عَن عَلِيّ ع أَنّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خَيرُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللّهِ هَذِهِ الآيَةُ يَا عَلِيّ مَا مِن خَدشِ عُودٍ وَ لَا نَكبَةِ قَدَمٍ إِلّا بِذَنبٍ وَ مَا عَفَا اللّهُ عَنهُ فِي الدّنيَا فَهُوَ أَكرَمُ مِن أَن يَعُودَ فِيهِ وَ مَا عَاقَبَ عَلَيهِ فِي الدّنيَا فَهُوَ أَعدَلُ مِن أَن يثُنَيّ‌َ عَلَي عَبدِهِ

و قال أهل التحقيق إن ذلك خاص و إن خرج مخرج العموم لمايلحق من مصائب الأطفال والمجانين و من لاذنب له من المؤمنين ولأن الأنبياء والأئمة يمتحنون بالمصائب و إن كانوا معصومين من الذنوب لمايحصل لهم في الصبر عليها من الثواب انتهي . وقيل الذنوب متفاوتة بالذات وبالنسبة إلي الأشخاص وترك الأولي ذنب بالنسبة إليهم فلذلك قيل حسنات الأبرار سيئات المقربين ويؤيده ما


صفحه : 317

أصاب آدم ويونس وغيرهما بسبب تركهم ما هوأولي بهم ولئن سلم فقد يصاب البري‌ بذنب الجري‌ و ماذكرنا أظهر وأصوب ومؤيد بالأخبار

4- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَقُولُ لَا تُبدِيَنّ عَن وَاضِحَةٍ وَ قَد عَمِلتَ الأَعمَالَ الفَاضِحَةَ وَ لَا يَأمَنِ البَيَاتَ مَن عَمِلَ السّيّئَاتِ

بيان لاتبدين عن واضحة الإبداء الإظهار وتعديته بعن لتضمين معني الكشف و في الصحاح والقاموس والمصباح الواضحة الأسنان تبدو عندالضحك و في القاموس فضحه كمنعه كشف مساويه أي لاتضحك ضحكا يبدو به أسنانك ويكشف عن سرور قلبك و قدعملت أعمالا قبيحة افتضحت بها عند الله و عندملائكته و عندالرسول والأئمة ع و لاتدري‌ أغفر الله لك أم يعذبك عليها. ولذا كان من علامة المؤمنين أن ضحكهم التبسم ويؤيده ماروي‌ عنه ع لوتعلمون ماأعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا لكن البشر في الجملة مطلوب كمامر أن بشره في وجهه وحزنه في قلبه و قوله و قدعملت جملة حالية و لايأمن البيات بكسر النون ليكون نهيا والكسرة لالتقاء الساكنين أوبالرفع خبرا بمعني النهي‌ و ماقيل إنه معطوف علي الجملة الحالية بعيد والمراد بالبيات نزول الحوادث عليه ليلا أوغفلة و إن كان بالنهار في المصباح البيات بالفتح الإغارة ليلا و هواسم من بيته تبييتا وبيت الأمر دبره ليلا

5- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ عَن سُلَيمَانَ الجعَفرَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بُكَيرٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ الذّنُوبُ كُلّهَا شَدِيدَةٌ وَ أَشَدّهَا مَا نَبَتَ عَلَيهِ اللّحمُ وَ الدّمُ لِأَنّهُ إِمّا مَرحُومٌ أَو مُعَذّبٌ وَ الجَنّةُ لَا يَدخُلُهَا إِلّا طَيّبٌ

بيان كلها شديدة لأن معصية الجليل جليلة أواستيجاب غضب الله


صفحه : 318

وعقوبته مع عدم العلم بالعفو عظيم أولأن التوبة المقبولة نادرة مشكلة وشرائطها كثيرة والتوفيق لها عزيزة وأشدها مانبت عليه اللحم والدم كأن المراد به ما له دخل في قوام البدن من المأكول والمشروب الحرامين ويحتمل أن يكون المراد به ذنبا أصر وداوم عليه مدة نبت فيه اللحم والعظم وإطلاق هذه العبارة في الدوام والاستمرار شائع في عرف العرب والعجم بل أخبار الرضاع أيضا ظاهرة في ذلك .لأنه إما مرحوم وإما معذب أي آخرا أو في الجنة والنار لكن لابد أن يعذب في البرزخ أوالمحشر قدر مايطيب جسمه ألذي نبت علي الذنوب لأن الجنة لايدخلها إلاالطيب ويؤيده مارويناه من النهج وقيل المرحوم من كفرت ذنوبه بالتوبة أوالبلايا أوالعفو والمعذب من لم تكفر ذنوبه بأحد هذه الوجوه . وأقول هذاالخبر ينافي‌ ظاهرا عموم الشفاعة وعفو الله وتكفير السيئات بالحسنات علي القول به وأجيب بوجوه الأول أن يقال يعني‌ أن صاحب الذنب ألذي نبت عليه اللحم والدم أمره في مشية الله لأنه ليس بطيب و لايدخل الجنة قطعا وحتما إلاطيب الثاني‌ أن يخص هذابغير تلك الصور أي لايدخلها بدون الشفاعة والعفو والتكفير الثالث ماقيل إنه تعالي ينزع عنهم الذنوب فيدخلونها وهم طيبون من الذنوب ويؤيده قوله تعالي وَ نَزَعنا ما فِي صُدُورِهِم مِن غِلّالآية و هوبعيد

6- كا،[الكافي‌] الحُسَينُ بنُ مُحَمّدٍ عَن مُعَلّي بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الوَشّاءِ عَن أَبَانٍ عَنِ الفُضَيلِ بنِ يَسَارٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ العَبدَ لَيُذنِبُ الذّنبَ فَيُزوَي عَنهُ الرّزقُ

بيان فيزوي عنه الرزق أي يقبض أويصرف وينحي عنه أي قد يكون تقتير الرزق بسبب الذنب عقوبة أولتكفير ذنبه و ليس هذاكليا بل هو


صفحه : 319

بالنسبة إلي غيرالمستدرجين فإن كثيرا من أصحاب الكبائر يوسع عليهم الرزق و في النهاية زويت الأرض أي جمعت و في حديث الدعاء و مازويت عني‌ مما أحب أي صرفته عني‌ وقبضته

7- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ مُختَارٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن عَبَدَ الدّينَارَ وَ الدّرهَمَ مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن كُمّهُ أَعمَي مَلعُونٌ مَلعُونٌ مَن نَكَحَ بَهِيمَةً

بيان قال الصدوق رضي‌ الله عنه في كتاب معاني‌ الأخبار بعدإيراد هذه الرواية قال مصنف هذاالكتاب معني قوله ملعون من كمه أعمي يعني‌ من أرشد متحيرا في دينه إلي الكفر وقرره في نفسه حتي اعتقده و قوله من عبدالدينار والدرهم يعني‌ به من يمنع زكاة ماله ويبخل بمواساة إخوانه فيكون قدآثر عبادة الدينار والدرهم علي عبادة الله و أمانكاح البهيمة فمعلوم انتهي . وأقول اللعن الطرد والإبعاد عن الخير من الله تعالي و من الخلق السب والدعاء وطلب البعد من الخير و كل من أطاع من يأمره الله بطاعته فقد عبده كما قال تعالي أَن لا تَعبُدُوا الشّيطانَ و قال سبحانه اتّخَذُوا أَحبارَهُم وَ رُهبانَهُم أَرباباً مِن دُونِ اللّهِ وكذا من آثر حب شيء علي رضا الله وطاعته فقد عبده كعبادة الدينار والدرهم . قال الراغب العبودية إظهار التذلل والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل و لايستحقها إلا من له غاية الإفضال و هو الله تعالي والعبد علي أربعة أضرب الأول عبدبحكم الشرع و هوالإنسان ألذي يصح بيعه وابتياعه والثاني‌ عبد


صفحه : 320

بالإيجاد و ذلك ليس إلالله تعالي وإياه قصد بقوله إِن كُلّ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ إِلّا آتيِ‌ الرّحمنِ عَبداًالثالث عبدبالعبادة والخدمة و الناس في هذاضربان عبدلله مخلصا و هوالمقصود بقوله عز و جل وَ اذكُر عَبدَنا أَيّوبَ وأمثاله و عبدللدنيا وأعراضها و هوالمعتكف علي خدمتها ومراعاتها وإياه قصد النبي ص بقوله تعس عبدالدرهم تعس عبدالدينار و علي هذاالنحو يصح أن يقال ليس كل إنسان عبدا لله فإن العبد علي هذاالمعني العابد لكن العبد أبلغ من العابد انتهي . و أما قوله من كمه أعمي ففي‌ القاموس الكمه محركة العمي يولد به الإنسان أوعام كمه كفرح عمي‌ وصار أعشي وبصره اعترته ظلمة تطمس عليه والمكمه العينين كمعظم من لم تنفتح عيناه والكامه من يركب رأسه و لايدري‌ أين يتوجه كالمتكمه و قال الجوهري‌ الأكمه ألذي يولد أعمي و قدكمه بالكسر كمها واستعاره سويد فجعله عارضا بقوله .


  مهت عيناه حتي ابيضتا

. و أبوسعيد الكامه ألذي يركب رأسه لايدري‌ أين يتوجه يقال خرج يتكمه في الأرض انتهي . و قال الراغب العمي يقال في افتقاد البصر وافتقاد البصيرة ويقال في الأول أعمي و في الثاني‌ أعمي وعم . و إذاعرفت هذافاعلم أن هذه الفقرة تحتمل وجوها الأول مامر من الصدوق رحمه الله وكأنه أظهرها الثاني‌ أن يكون المعني أضل أعمي البصر عن الطريق وحيره أو لايهديه إليها الثالث أن يقول للأعمي ياأعمي أو ياأكمه معيرا له بذلك الرابع أن يكون المعني من يذهب طريقا ويختار مذهبا لايدري‌ هوأحق أم لاكأكثر الناس فيكون كمه بكسر الميم المخففة مأخوذا من الكامه ألذي ذكره الجوهري‌


صفحه : 321

والفيروزآبادي‌ فيكون أعمي حالا عن المستتر في كمه أي أعمي القلب و هذاوجه وجيه مما خطر بالبال أن كان فعل المجرد استعمل بهذا المعني كما هوالظاهر. ولقد أعجب بعض من كان في عصرنا حيث نقل عبارة القاموس من يركب فرسه فقال ويحتمل كمه بالتخفيف والمعني من ركب أعمي فهو كناية عمن لم يسلك الطريق الواضح الخامس أن يقرأ بالتخفيف أيضا و يكون المعني من كان أعمي مولودا علي العمي لم يهتد إلي الخير سبيلا قط بخلاف من يكون لواما يتنبه أحيانا ويغفل أحيانا السادس أن يقرأ بضم الكاف وتشديد الميم اسما و يكون عمي الكم كناية عن البخل . وأقول الأظهر علي هذاالوجه أن يكون كناية عن أنه لايبالي‌ أن يأخذ المال من حرام أوشبهه أوحلال أويعطي‌ المال كيف مااتفق ويبذر و لايعلم مصارفه الشرعية. و أمانكاح البهيمة فالظاهر أن المراد به الوطء كمافهمه الصدوق رحمه الله وغيره وربما يحتمل العقد فيكون المراد بالبهيمة المرأة المخالفة أوتزويج البنت للمخالف كمامر أن الناس كلهم بهائم إلاقليلا من المؤمنين و كماقيل في قولهم ع . لاتنزي حمارا علي عتيقة وربما يقرأ نكّح بالتشديد علي بعض الوجوه و لايخفي ما في الجميع من التكلف

8- كا،[الكافي‌] عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي عَنِ الوَشّاءِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ اتّقُوا المُحَقّرَاتِ مِنَ الذّنُوبِ فَإِنّ لَهَا طَالِباً يَقُولُ أَحَدُكُم أُذنِبُ وَ أَستَغفِرُ اللّهَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُ سَنَكتُبُما قَدّمُوا وَ آثارَهُم وَ كُلّ شَيءٍ أَحصَيناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ وَ قَالَ عَزّ وَ جَلّإِنّها إِن تَكُ مِثقالَ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ فَتَكُن فِي صَخرَةٍ أَو فِي السّماواتِ أَو فِي الأَرضِ يَأتِ بِهَا اللّهُ إِنّ اللّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ


صفحه : 322

بيان المحقرات علي بناء المفعول من الإفعال أوالتفعيل عدها حقيرة في القاموس الحقر الذلة كالحقرية بالضم والحقارة مثلثة والمحقرة والفعل كضرب وكرم والإذلال كالتحقير والاحتقار والاستحقار والفعل كضرب وحقر الكلام تحقيرا صغره والمحقرات الصغائر وتحاقر تصاغر و في المصباح حقر الشي‌ء بالضم حقارة هان قدره فلايعبأ به فهو حقير ويعدي بالحركة فيقال حقرته من باب ضرب وأحقرته و قال الذنب الإثم والجمع ذنوب وأذنب صار ذا ذنب بمعني تحمله . فإن لها طالبا أي إن للذنوب طالبا يعلمها ويكتبها وقرر عليها عقابا و إذاحقرها فهو يصر عليها وتصير كبيرة فيمكن أن لايعفو عنها مع أنه قدورد أنها لاتغفر و لاينبغي‌ الاتكال علي التوبة والاستغفار فإنه يمكن أن لايوفق لها وتدركه المنية فيذهب بلا توبة. وقيل يستفاد من الحديث أن الجرأة علي الذنب اتكالا علي الاستغفار بعده تحقير له و هوكذلك كيف لا و هذامحقق معجل نقد وذاك موهوم مؤجل نسيئة إن الله عز و جل يقول بيان لقوله إن لها طالبا والآية في سورة يس هكذاإِنّا نَحنُ نحُي‌ِ المَوتي وَ نَكتُبُ ما قَدّمُوا وكأنه من النساخ أوالرواة وقيل هذانقل للآية بالمعني لبيان أن هذه الكتابة تكون بعدإحياء الموتي علي أجسادهم لفضيحتهم . و قال في مجمع البيان وَ نَكتُبُ ما قَدّمُوا من طاعاتهم ومعاصيهم في دار الدنيا وقيل نكتب ماقدموه من عمل ليس له أثروَ آثارَهُم أي ما يكون له أثر وقيل يعني‌ بآثارهم أعمالهم التي‌ صارت سنة بعدهم يقتدي فيهابهم حسنة كانت أم قبيحة وقيل معناه ونكتب خطاهم إلي المساجد وسبب ذلك مارواه الخدري‌ أن بني‌ سلمة كانوا في ناحية المدينة فشكوا إلي رسول الله ص بعدمنازلهم من المسجد والصلاة معه فنزلت الآية.وَ كُلّ شَيءٍ أَحصَيناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ أي وأحصينا وعددنا كل شيء من


صفحه : 323

الحوادث في كتاب ظاهر و هواللوح المحفوظ والوجه في إحصاء ذلك فيه اعتبار الملائكة به إذاقابلوا به مايحدث من الأمور و يكون فيه دلالة علي معلومات الله سبحانه علي التفصيل وقيل أراد به صحائف الأعمال وسمي‌ ذلك مبينا لأنه لايدرس أثره انتهي . و قدورد في كثير من الأخبار أن الإمام المبين أمير المؤمنين ع وقيل أراد بالآثار الأعمال وبما قدموا النيات المقدمة عليها. و قال رحمه الله في قوله تعالي يا بنُيَ‌ّ إِنّها إِن تَكُ مِثقالَ حَبّةٍ مِن خَردَلٍمعناه أن مافعله الإنسان من خير أوشر إن كانت مقدار حبة من خردل في الوزن ويجوز أن يكون الهاء في إِنّهاضمير القصةفَتَكُن فِي صَخرَةٍ أي فتكن تلك الحبة في جبل أي في حجرة عظيمة لأن الحبة فيهاأخفي وأبعد من الاستخراج أَو فِي السّماواتِ أَو فِي الأَرضِذكر السماوات و الأرض بعدذكر الصخرة و إن كان لابد أن تكون الصخرة في الأرض علي وجه التأكيد. و قال السدي‌ هذه الصخرة ليست في السماوات و لا في الأرض وهي‌ تحت سبع أرضين و هذاقول مرغوب عنه يَأتِ بِهَا اللّهُ أي يحضرها الله يوم القيامة ويجازي‌ عليها أي يأت بجزاء ماوازنها من خير أوشر وقيل معناه يعلمها الله فيأتي‌ بها إذاشاء كذلك قليل العمل من خير أوشر يعلمه الله فيجازي‌ عليه فهو مثل قوله تعالي فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرّةٍ خَيراً يَرَهُ وَ مَن يَعمَل مِثقالَ ذَرّةٍ شَرّا يَرَهُإِنّ اللّهَ لَطِيفٌباستخراجهاخَبِيرٌبمستقرها انتهي . و قال بعض المحققين خفاء الشي‌ء إما لغاية صغره وإما لاحتجابه وإما لكونه بعيدا وإما لكونه في ظلمة فأشار إلي الأول بقوله مِثقالَ حَبّةٍ و إلي الثاني‌ بقوله فَتَكُن فِي صَخرَةٍ و إلي الثالث بقوله أَو فِي السّماواتِ و إلي


صفحه : 324

الرابع بقوله أَو فِي الأَرضِ. وأقول قدورد في بعض الأخبار أن المراد بالصخرة هي‌ التي‌ تحت الأرضين والاستشهاد بالآيتين لأن يعلم أن الله سبحانه عالم بجميع أعمال العباد وأحصاها وكتبها وأوعد عليها العقاب فلاينبغي‌ تحقير المعاصي‌ لأن الوعيد معلوم والموعد عالم قادر والعفو غيرمعلوم

9- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَنِ الفُضَيلِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ الرّجُلَ لَيُذنِبُ الذّنبَ فَيُدرَأُ عَنهُ الرّزقُ وَ تَلَا هَذِهِ الآيَةَإِذ أَقسَمُوا لَيَصرِمُنّها مُصبِحِينَ وَ لا يَستَثنُونَ فَطافَ عَلَيها طائِفٌ مِن رَبّكَ وَ هُم نائِمُونَ

بيان في القاموس درأه كجعله درأ ودرأه دفعه والفعل هنا علي بناء المجهول ويحتمل المعلوم بإرجاع المستتر إلي الذنب واللام في الذنب للعهد الذهني‌ أي أي ذنب كان بل يمكن شموله للمكروهات وترك المستحبات كماتشعر به الآية و إن أمكن حملها علي أنهم لم يؤدوا الزكاة الواجبة أو كان الزكاة عندهم حق الجداد والصرام أو كان هذاأيضا واجبا في شرعهم كماقيل بوجوبه في شرعنا أيضا. قال الطبرسي‌ قدس سره في جامع الجوامع إِنّا بَلَوناهُم أي أهل مكة بالجوع والقحط بدعاء الرسول ص كَما بَلَونا أَصحابَ الجَنّةِ وهم إخوة كانت لأبيهم هذه الجنة دون صنعاء اليمن بفرسخين فكان يأخذ منها قوت سنة ويتصدق بالباقي‌ و كان يترك للمساكين ماأخطأه المنجل و ما في أسفل الأكداس و ماأخطأه القطاف من العنب و ما بعد من البساط ألذي يبسط تحت النخلة إذاصرمت فكان يجتمع لهم شيءكثير. فلما مات قال بنوه إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر ونحن أولو عيال فحلفوالَيَصرِمُنّها مُصبِحِينَداخلين في وقت الصباح خفية عن المساكين


صفحه : 325

وَ لا يَستَثنُونَ أي لم يقولوا إن شاء الله في يمينهم فأحرق الله جنتهم . و قال البيضاوي‌وَ لا يَستَثنُونَ و لايقولون إن شاء الله وإنما سماه استثناء لما فيه من الإخراج غير أن المخرج به خلاف المذكور والمخرج بالاستثناء عينه أولأن معني لأخرج إن شاء الله و لاأخرج إلا أن يشاء الله واحد أو لايستثنون حصة المساكين كما كان يخرج أبوهم فَطافَ عَلَيها علي الجنةطائِفٌبلاء طائف مِن رَبّكَمبتدأ منه . و قال في المجمع أي أحاطت بهاالنار فاحترقت أوطرقها طارق من أمر الله وَ هُم نائِمُونَ قال مقاتل بعث الله نارا بالليل إلي جنتهم فأحرقتها حتي صارت مسودة فذلك قوله فَأَصبَحَت كَالصّرِيمِ أي كالليل المظلم والصريمان الليل والنهار لانصرام أحدهما عن الآخر وقيل كالمصروم ثماره أي المقطوع وقيل أي ألذي صرم عنه الخير فليس فيه شيء منه وقيل أي كالرملة انصرمت من معظم الرمل وقيل كالرماد الأسودفَتَنادَوا مُصبِحِينَ أي نادي بعضهم بعضا وقت الصباح أَنِ اغدُوا أي بأن اغدواعَلي حَرثِكُمالحرث الزرع والأعناب إِن كُنتُم صارِمِينَ أي قاطعين النخل .فَانطَلَقُوا أي مضوا إليهاوَ هُم يَتَخافَتُونَيتسارون بينهم أَن لا يَدخُلَنّهَا اليَومَ عَلَيكُم مِسكِينٌ هذا ماكانوا يتخافتون به وَ غَدَوا عَلي حَردٍ أي علي قصد منع الفقراءقادِرِينَ عندأنفسهم و في اعتقادهم علي منعهم وإحراز ما في جنتهم وقيل علي حرد أي علي جد وجهد من أمرهم وقيل أي خنق وغضب من الفقراء وقيل قادرين مقدرين موافاتهم الجنة في الوقت ألذي قدروا إصرامها فيه و هووقت الصبح .فَلَمّا رَأَوها أي رأوا الجنة علي تلك الصفةقالُوا إِنّا لَضَالّونَضللنا عن الطريق فليس هذابستاننا أولضالون عن الحق في أمرنا فلذلك عوقبنا بذلك ثم استدركوا فقالوابَل نَحنُ مَحرُومُونَ أي هذه جنتنا ولكن حرمنا


صفحه : 326

نفعها وخيرها لمنعنا حقوق المساكين وتركنا الاستثناءقالَ أَوسَطُهُم أي أعدلهم قولا وأفضلهم وأعقلهم أوأوسطهم في السن أَ لَم أَقُل لَكُم لَو لا تُسَبّحُونَكأنه كان حذرهم سوء فعالهم فقال لو لاتستثنون لأن في الاستثناء التوكل علي الله والتعظيم لله والإقرار علي أنه لايقدر أحد علي فعل شيء إلابمشيئة الله فلذلك سماه تسبيحا وقيل معناه هلا تعظمون الله بعبادته واتباع أمره أوهلا تذكرون نعم الله عليكم فتؤدوا شكرها بأن تخرجوا حق الفقراء من أموالكم أوهلا نزهتم الله عن الظلم واعترفتم بأنه لايظلم و لايرضي منكم بالظلم وقيل أي لم لاتصلون . ثم حكي عنهم أنهم قالُوا سُبحانَ رَبّنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ في عزمنا علي حرمان المساكين من حصتهم عندالصرام أو أنه تعالي منزه عن الظلم فلم يفعل بنا مافعله ظلما وإنما الظلم وقع منا حيث منعنا الحق فَأَقبَلَ بَعضُهُم عَلي بَعضٍ يَتَلاوَمُونَ أي يلوم بعضهم بعضا علي مافرط منهم قالُوا يا وَيلَنا إِنّا كُنّا طاغِينَ قدعلونا في الظلم وتجاوزنا الحد فيه والويل غلظ المكروه الشاق علي النفس عَسي رَبّنا أَن يُبدِلَنا خَيراً مِنها أي لماتابوا ورجعوا إلي الله قالوا لعل الله يخلف علينا ويولينا خيرا من الجنة التي‌ هلكت إِنّا إِلي رَبّنا راغِبُونَ أي نرغب إلي الله ونسأله ذلك ونتوب إليه مما فعلناه كَذلِكَ العَذابُ في الدنيا للعاصين وَ لَعَذابُ الآخِرَةِ أَكبَرُ لَو كانُوا يَعلَمُونَ. وروي‌ عن ابن مسعود أنه قال بلغني‌ أن القوم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بهاجنة يقال لها الحيوان فيهاعنب يحمل البغل منها عنقودا و قال أبوخالد اليمامي‌ رأيت الجنة ورأيت كل عنقود كالرجل الأسود القائم


صفحه : 327

10- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِذَا أَذنَبَ الرّجُلُ خَرَجَ فِي قَلبِهِ نُكتَةٌ سَودَاءُ فَإِن تَابَ انمَحَت وَ إِن زَادَ زَادَت حَتّي تَغلِبَ عَلَي قَلبِهِ فَلَا يُفلِحُ بَعدَهَا أَبَداً

بيان خرج في قلبه نكتة النكتة النقطة و كل نقطة في شيءبخلاف لونه فهو نكتة وقيل إن الله خلق قلب المؤمن نورانيا قابلا للصفات النورانية فإن أذنب خرج فيه نقطة سوداء فإن تاب زالت تلك النقطة وعاد محلها إلي نورانيته و إن زاد في الذنب سواء كان من نوع ذلك الذنب أم من غيره زادت نقطة أخري سوداء وهكذا حتي تغلب النقاط السود علي جميع قلبه فلايفلح بعدها أبدا لأن القلب حينئذ لايقبل شيئا من الصفات النورانية والظاهر أنه إن تاب من ذنب ثم عاد لم تبطل التوبة الأولي و أنه إن تاب من بعض الذنوب دون بعض فهي‌ صحيحة علي أحد القولين فيها.أقول و قال بعض المحققين بعد أن حقق أن القلب هواللطيفة الربانية الروحانية التي‌ لها تعلق بالقلب الصنوبري‌ كمامر ذكره القلب في حكم مرآة قداكتنفته هذه الأمور المؤثرة فيه و هذه الآثار علي التوالي‌ واصلة إلي القلب أماالآثار المحمودة فإنها تزيد مرآة القلب جلاء وإشراقا ونورا وضياء حتي يتلألأ فيه جلية الحق وتنكشف فيه حقيقة الأمر المطلوب في الدين و إلي مثل هذاالقلب أَشَارَ بِقَولِهِص إِذَا أَرَادَ اللّهُ بِعَبدٍ خَيراً جَعَلَ لَهُ وَاعِظاً مِن قَلبِهِ

وَ بِقَولِهِص مَن كَانَ لَهُ مِن قَلبِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَيهِ مِنَ اللّهِ حَافِظٌ

و هذاالقلب هو ألذي يستقر فيه الذكر قال الله تعالي أَلا بِذِكرِ اللّهِ تَطمَئِنّ القُلُوبُ. و أماالآثار المذمومة فإنها مثل دخان مظلم يتصاعد إلي مرآة القلب و لايزال يتراكم عليه مرة بعدأخري إلي أن يسود ويظلم ويصير بالكلية محجوبا


صفحه : 328

عن الله تعالي و هوالطبع والرين قال الله تعالي كَلّا بَل رانَ عَلي قُلُوبِهِم ما كانُوا يَكسِبُونَ و قال الله أَن لَو نَشاءُ أَصَبناهُم بِذُنُوبِهِم وَ نَطبَعُ عَلي قُلُوبِهِم فَهُم لا يَسمَعُونَفربط عدم السماع والطبع بالذنوب كماربط السماع بالتقوي حيث قال وَ اتّقُوا اللّهَ وَ اسمَعُواوَ اتّقُوا اللّهَ وَ يُعَلّمُكُمُ اللّهُ. ومهما تراكمت الذنوب طبع علي القلب و عند ذلك يعمي القلب عن إدراك الحق وصلاح الدين ويستهين بالآخرة ويستعظم أمر الدنيا ويصير مقصورا لهم عليه فإذاقرع سمعه أمر الآخرة و ما فيها من الأخطار دخل من أذن وخرج من الأخري و لم يستقر في القلب و لم يحركه إلي التوبة والتدارك أولئك الذين يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَما يَئِسَ الكُفّارُ مِن أَصحابِ القُبُورِ. و هذا هومعني اسوداد القلب بالذنوب كمانطق به القرآن والسنة

قَالَ بَعضُهُم روُيِ‌َ عَنِ النّبِيّص قَلبُ المُؤمِنِ أَجرَدُ فِيهِ سِرَاجٌ يَزهَرُ وَ قَلبُ الكَافِرِ أَسوَدُ مَنكُوسٌ

فطاعة الله تعالي بمخالفة الشهوات مصقلات للقلب ومعصيته مسودات له فمن أقبل علي المعاصي‌ أسود قلبه و من اتبع السيئة الحسنة ومحا أثرها لم يظلم قلبه ولكن ينقص نوره كالمرآة التي‌ يتنفس فيها ثم يمسح ثم يتنفس ثم يمسح فإنها لم تخلو عن كدورة قال الله تعالي إِنّ الّذِينَ اتّقَوا إِذا مَسّهُم طائِفٌ مِنَ الشّيطانِ تَذَكّرُوا فَإِذا هُم مُبصِرُونَ.فأخبر أن جلاء القلب وإيضاءه يحصل بالذكر و أنه لايتمكن منه إلاالذين اتقوا فالتقوي باب الذكر والذكر باب الكشف والكشف باب الفوز الأكبر


صفحه : 329

و هوالفوز بلقاء الله تعالي .أقول هذا من تحقيقات بعض الصوفية أوردناه استطرادا و فيه حق وباطل و الله الملهم للخير والصواب

11- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن أَبِي أَيّوبَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ العَبدَ يَسأَلُ اللّهَ الحَاجَةَ فَيَكُونُ مِن شَأنِهِ قَضَاؤُهَا إِلَي أَجَلٍ قَرِيبٍ أَو إِلَي وَقتٍ بطَيِ‌ءٍ فَيُذنِبُ العَبدُ ذَنباً فَيَقُولُ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لِلمَلَكِ لَا تَقضِ حَاجَتَهُ وَ احرِمهُ إِيّاهَا فَإِنّهُ تَعَرّضَ لسِخَطَيِ‌ وَ استَوجَبَ الحِرمَانَ منِيّ‌

بيان فيكون من شأنه ضمير شأنه راجع إلي الله تعالي ويحتمل رجوعه إلي مصدر يسأل أوالعبد ومال الجميع واحد أي له قابلية قضاء الحاجة قيل لايقال هذاينافي‌ ما في بعض الروايات من أن العاصي‌ إذادعاه أجابه بسرعة كراهة سماع صوته لأنا نقول لامنافاة بينهما لأن هناك شيئين أحدهما المعصية وهي‌ تناسب عدم الإجابة والثاني‌ كراهة سماع صوته وهي‌ تناسب سرعة الإجابة فربما ينظر إلي الأول فلايجيبه وربما ينظر إلي الثاني‌ فيجيبه و ليس في الأخبار مايدل علي أن العاصي‌ يجاب دائما و لوسلم لأمكن حمل هذاالخبر علي أن المؤمن الصالح إن أذنب وتعرض لسخط ربه استوجب الحرمان و لايقضي‌ الله حاجته تأديبا له لينزجر عما يفعله

12- كا،[الكافي‌] عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مَالِكِ بنِ عَطِيّةَ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّهُ مَا مِن سَنَةٍ أَقَلّ مَطَراً مِن سَنَةٍ وَ لَكِنّ اللّهَ يَضَعُهُ حَيثُ يَشَاءُ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ إِذَا عَمِلَ قَومٌ باِلمعَاَصيِ‌ صَرَفَ عَنهُم مَا كَانَ قَدّرَ لَهُم مِنَ المَطَرِ فِي تِلكَ السّنَةِ إِلَي غَيرِهِم وَ إِلَي الفيَاَفيِ‌ وَ البِحَارِ وَ الجِبَالِ وَ إِنّ اللّهَ لَيُعَذّبُ الجُعَلَ فِي جُحرِهَا فَيَحبِسُ المَطَرَ عَنِ الأَرضِ التّيِ‌ هيِ‌َ بِمَحَلّهَا بِخَطَايَا مَن بِحَضرَتِهَا وَ قَد جَعَلَ اللّهُ لَهَا السّبِيلَ فِي مَسلَكٍ سِوَي مَحَلّةِ أَهلِ المعَاَصيِ‌ قَالَ ثُمّ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع فَاعتَبِرُوا يا أوُليِ‌ الأَبصارِ


صفحه : 330

بيان إلي غيرهم أي من المطيعين إن كانوا مستحقين للمطر و إلافإلي الفيافي‌ و في النهاية الفيافي‌ البراري‌ الواسعة جمع فيفاء و في القاموس الفيف المكان المستوي‌ أوالمفازة لاماء فيهاكالفيفاة والفيفاء ويقصر و قال الجعل كصرد دويبة و في المصباح الجعل وزان عمر الحرباء و هوذكر أم حبين و قال المحل بفتح الحاء والكسر لغة موضع الحلول والمحلة بالفتح المكان ألذي ينزله القوم عن الأرض التي‌ هي‌ بمحلها الظاهر أن الضمير في قوله بمحلها راجع إلي الجعل أي الأرض التي‌ هي‌ متلبسة بمحل الجعل أي مشتملة عليه أوضمير هي‌ راجع إلي الجعل وضمير محلها إلي الأرض فيكون إضافة المحل إلي الضمير من إضافة الجزء إلي الكل والأول أظهر وضمير بحضرتها للجعل .فَاعتَبِرُوا يا أوُليِ‌ الأَبصارِالاعتبار الاتعاظ والتفكر في العواقب وقبول النصيحة وأولو الأبصار أصحاب البصائر والعقول أي تفكروا في أنه إذا كان حال الحيوان الغير المكلف القليل الشعور أوعديمه هكذا في التضرر بمجاورة أهل المعاصي‌ فكيف تكون حالك في المعصية ومجاورة أهلها. و هذاالخبر مما يدل علي أن للحيوانات شعورا وعلما ببعض التكاليف الشرعية وأفعال العباد وأعمالهم و أن لهم نوعا من التكليف خلافا لأكثر الحكماء والمتكلمين ويؤيده قصة الهدهد وسائر الأخبار التي‌ أوردتها في المجلد الرابع عشر وربما يأول الجعل بأن المراد بهاضعفاء بني‌ آدم و لايخفي بعده ثم إن الخبر يدل علي وجوب المهاجرة عن بلاد أهل المعاصي‌ إذا لم يمكن نهيهم عن المنكر

13- كا،[الكافي‌] عَن أَبِي عَلِيّ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الرّجُلَ يُذنِبُ الذّنبَ فَيُحرَمُ صَلَاةَ اللّيلِ وَ إِنّ العَمَلَ السّيّئَ أَسرَعُ فِي صَاحِبِهِ مِنَ السّكّينِ فِي اللّحمِ

بيان الذنب منصوب مفعول مطلق واللام للعهد الذهني‌ أسرع أي نفوذا أوتأثيرا في صاحبه و كما أن كثرة نفوذ السكين في المرء يوجب هلاكه البدني‌


صفحه : 331

فكذا كثرة الخطايا يوجب هلاكه الروحاني‌

14- كا،[الكافي‌] عَن أَبِي عَلِيّ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن هَمّ بِسَيّئَةٍ فَلَا يَعمَلهَا فَإِنّهُ رُبّمَا يَعمَلُ العَبدُ السّيّئَةَ فَيَرَاهُ الرّبّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فَيَقُولُ وَ عزِتّيِ‌ وَ جلَاَليِ‌ لَا أَغفِرُ لَكَ بَعدَ ذَلِكَ أَبَداً

بيان السيئة أي نوعا من السيئة تكون مع تحقيرها والاستهانة بها أو غير ذلك والعزة القدرة والغلبة والجلال الكبرياء والعظمة لاأغفر لك أي يستحق لمنع اللطف وعدم التوفيق للتوبة و لايستحق المغفرة و فيه تحذير عن جميع السيئات فإن كل سيئة يمكن أن تكون هذه السيئة

15- كا،[الكافي‌] عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ النهّديِ‌ّ عَن عَمرِو بنِ عُثمَانَ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَ حَقّ عَلَي اللّهِ أَن لَا يُعصَي فِي دَارٍ إِلّا أَضحَاهَا لِلشّمسِ حَتّي تُطَهّرَهَا

بيان حق علي الله أي جعلها الله سبحانه واجبا لازما علي نفسه أن لايعصي كأن المراد كثرة وقوع المعاصي‌ فيها إلاأضحاها أي خربها وأظهر أرضها للشمس حتي تشرق عليها وتطهرها من النجاسة المعنوية وهي‌ كناية عن أن المعاصي‌ تخرب الديار و فيه إشعار بأن الشمس تطهر الأرض و في القاموس أضحي الشي‌ء أظهره وضحا ضحوا برز للشمس وكسعي ورضي‌ أصابته الشمس وأرض مضحاة لاتكاد تغيب عنها الشمس وضحي الطريق ضحوا بدا وظهر

16- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ شَمّونٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ الأَصَمّ عَن مِسمَعِ بنِ عَبدِ المَلِكِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ العَبدَ لَيُحبَسُ عَلَي ذَنبٍ مِن ذُنُوبِهِ مِائَةَ عَامٍ وَ إِنّهُ لَيَنظُرُ إِلَي أَزوَاجِهِ فِي الجَنّةِ يَتَنَعّمنَ

بيان قَد روُيِ‌َ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ أَنّهُ قَالَ لَا تَتّكِلُوا بِشَفَاعَتِنَا فَإِنّ شَفَاعَتَنَا


صفحه : 332

قَد لَا تَلحَقُ بِأَحَدِكُم إِلّا بَعدَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ

و في الخبر دلالة علي أن الذنب يمنع من دخول الجنة في تلك المدة و لادلالة فيه علي أنه في تلك المدة في النار أو في شدائد القيامة و في المصباح النعمة بالفتح اسم من التنعم والتمتع و هوالنعيم ونعم عيشه كتعب اتسع ولان ونعّمه الله تنعيما جعله ذا رفاهية

17- كا،[الكافي‌] عَن أَبِي عَلِيّ الأشَعرَيِ‌ّ عَن عِيسَي بنِ أَيّوبَ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ عَنِ القَاسِمِ بنِ عُروَةَ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ مَا مِن عَبدٍ إِلّا وَ فِي قَلبِهِ نُكتَةٌ بَيضَاءُ فَإِذَا أَذنَبَ ذَنباً خَرَجَ فِي النّكتَةِ نُكتَةٌ سَودَاءُ فَإِن تَابَ ذَهَبَ تِلكَ السّوَادُ وَ إِن تَمَادَي فِي الذّنُوبِ زَادَ ذَلِكَ السّوَادُ حَتّي يغُطَيّ‌َ البَيَاضَ فَإِذَا غَطّي البَيَاضَ لَم يَرجِع صَاحِبُهُ إِلَي خَيرٍ أَبَداً وَ هُوَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّكَلّا بَل رانَ عَلي قُلُوبِهِم ما كانُوا يَكسِبُونَ

بيان روي‌ مثله عن أمير المؤمنين ع في النهج و قال ابن ميثم توضيح الكلام أن بأصل الإيمان تظهر نكتة بيضاء في قلب من آمن أول مرة ثم إذاأقر باللسان ازدادت تلك النكتة و إذاعمل بالجوارح عملا صالحا ازدادت حتي يصير قلبه نورانيا كالنير الأعظم ويعكس ذلك في العمل السيئ . وتحقيق الكلام في هذاالمقام أن المقصود بالقصد الأول الأعمال الظاهرة والأمر بمحاسنها والنهي‌ عن مقابحها هو ماتكتسب النفس منها من الأخلاق الفاضلة والصفات الفاسدة فمن عمل عملا صالحا أثر في نفسه وبازدياد العمل يزداد الضياء والصفاء حتي تصير كمرآة مجلوة صافية و من أذنب ذنبا


صفحه : 333

أثر ذلك أيضا وأورث لها كدورة فإن تحقق عنده قبحه وتاب عنه زال الأثر وصارت النفس مصقولة صافية و إن أصر عليه زاد الأثر الميشوم وفشا في النفس واستمر عليها وصار من أهل الطبع و لم يرجع إلي خير أبدا إذ دواء هذاالداء هوالانكسار وهضم النفس والاعتراف بالتقصير والرجوع إلي الله بالتوبة والاستغفار والانقلاع عن المعاصي‌ و لامحل لشي‌ء من ذلك إلي هذاالقلب المظلم و لاحول و لاقوة إلابالله العلي‌ العظيم . ثم أشار إلي أن ذلك هوالرين المذكور في الآية الكريمة بقوله و هوقول الله عز و جل كَلّا بَل رانَ عَلي قُلُوبِهِم ما كانُوا يَكسِبُونَقيل أي غلب علي قلوبهم ماكانوا يكسبون حتي قبلت الطبع والختم علي وجه لايدخل فيها شيء من الحق . والمراد بما كانوا يكسبون الأعمال الظاهرة القبيحة والأخلاق الباطنة الخبيثة فإن ذلك سبب لرين القلب وصداه وموجب لظلمته وعماه فلايقدر أن ينظر إلي وجوه الخيرات و لايستطيع أن يشاهد صور المعقولات كما أن المرآة إذاألقيت في مواضع الندي ركبها الصداء وأذهب صفاءها وأبطل جلاءها فلايتنقش فيهاصور المحسوسات . وبالجملة يشبه القلب في قسوته وغلظته وذهاب نوره بما يعلوه من الذنوب والهوي و مايكسوه من الغفلة والردي بالمرآة المنكدرة من الندي و كما أن هذه المرآة يمكن إزالة ظلمتها بالعمل المعلوم كذلك هذاالقلب يمكن تصفيته من ظلمات الذنوب وكدورات الأخلاق بدوام الذكر والتوبة الخالصة والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة حتي ينظر إلي عالم الغيب بنور الإيمان ويشاهده مشاهدة العيان إلي أن يبلغ إلي أعلي درجات الإحسان فيعبد الله كأنه يراه ويري الجنة و ماأعد الله فيهالأوليائه ويري النار و ماأعد الله فيهالأعدائه . و قال البيضاوي‌ عند قوله تعالي وَ ما يُكَذّبُ بِهِ إِلّا كُلّ مُعتَدٍ أَثِيمٍ إِذا تُتلي عَلَيهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الأَوّلِينَ كَلّا بَل رانَ عَلي قُلُوبِهِم ما كانُوا


صفحه : 334

يَكسِبُونَرد لماقالوه وبيان لماأدي بهم إلي هذاالقول بأن غلب عليهم حب المعاصي‌ بالانهماك فيه حتي صار ذلك صداء علي قلوبهم فعمي‌ عليهم معرفة الحق والباطل فإن كثرة الأفعال سبب لحصول الملكات كَمَا قَالَص إِنّ العَبدَ كُلّمَا أَذنَبَ ذَنباً حَصَلَ فِي قَلبِهِ نُكتَةٌ سَودَاءُ حَتّي يُسَوّدَ قَلبَهُ

والرين الصداء

18- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَا تُبدِيَنّ عَن وَاضِحَةٍ وَ قَد عَمِلتَ الأَعمَالَ الفَاضِحَةَ وَ لَا تَأمَنِ البَيَاتَ وَ قَد عَمِلتَ السّيّئَاتِ

19- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي وَ أَبِي عَلِيّ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ إِسحَاقَ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن أَبِي عَمرٍو المدَاَئنِيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّ اللّهَ قَضَي قَضَاءً حَتماً لَا يُنعِمُ عَلَي العَبدِ بِنِعمَةٍ فَيَسلُبَهَا إِيّاهُ حَتّي يُحدِثَ العَبدُ ذَنباً يَستَحِقّ بِذَلِكَ النّقِمَةَ

بيان لاينعم استئناف بياني‌ أومنصوب بتقدير أن و قوله فيسلبها معطوف علي النفي‌ لا علي المنفي‌ و حتي للاستثناء والمشار إليه في قوله بذلك إما مصدر يحدث أوالذنب والمال واحد و في القاموس النقمة بالكسر والفتح وكفرحه المكافاة بالعقوبة و فيه تلميح إلي قوله سبحانه إِنّ اللّهَ لا يُغَيّرُ ما بِقَومٍ حَتّي يُغَيّرُوا ما بِأَنفُسِهِم

20-كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن جَمِيلِ بنِ صَالِحٍ عَن سَدِيرٍ قَالَسَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفَقالُوا


صفحه : 335

رَبّنا باعِد بَينَ أَسفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمالآيَةَ فَقَالَ هَؤُلَاءِ قَومٌ كَانَت لَهُم قُرًي مُتّصِلَةٌ يَنظُرُ بَعضُهُم إِلَي بَعضٍ وَ أَنهَارٌ جَارِيَةٌ وَ أَموَالٌ ظَاهِرَةٌ فَكَفَرُوا نِعَمَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ غَيّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم مِن عَافِيَةِ اللّهِ فَغَيّرَ اللّهُ مَا بِهِم مِن نِعمَةٍ وَإِنّ اللّهَ لا يُغَيّرُ ما بِقَومٍ حَتّي يُغَيّرُوا ما بِأَنفُسِهِمفَأَرسَلَ اللّهُ عَلَيهِم سَيلَ العَرِمِ فَغَرّقَ قُرَاهُم وَ خَرّبَ دِيَارَهُم وَ ذَهَبَ بِأَموَالِهِم وَ أَبدَلَهُم مَكَانَبِجَنّتَيهِم جَنّتَينِ ذوَاتيَ‌ أُكُلٍ خَمطٍ وَ أَثلٍ وَ شَيءٍ مِن سِدرٍ قَلِيلٍ ثُمّ قَالَذلِكَ جَزَيناهُم بِما كَفَرُوا وَ هَل نجُازيِ‌ إِلّا الكَفُورَ

بيان الآيات في سورة سبإ هكذالَقَد كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسكَنِهِم آيَةٌ وقرأ أكثر القراء في مساكنهم قال الطبرسي‌ قدس سره ثم أخبر سبحانه عن قصة سبإ بما دل علي حسن عاقبة الشكور وسوء عاقبة الكفور فقال لَقَد كانَ لِسَبَإٍ و هو أبوعرب اليمن كلها و قدتسمي بهاالقبيلة وَ فِي الحَدِيثِ عَن فَروَةَ بنِ مُسَيكٍ أَنّهُ قَالَ سَأَلتُ رَسُولَ اللّهِص عَن سَبَإٍ أَ رَجُلٌ هُوَ أَمِ امرَأَةٌ فَقَالَ هُوَ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ تَيَامَنَ مِنهُم سِتّةٌ وَ تَشَاءَمَ مِنهُم أَربَعَةٌ فَأَمّا الّذِينَ تَيَامَنُوا فَالأَزدُ وَ كِندَةُ وَ مَذحِجٌ وَ الأَشعَرُونَ وَ الأَنمَارُ وَ حِميَرٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ مَا أَنمَارٌ قَالَ الّذِينَ مِنهُم خَثعَمٌ وَ بَجِيلَةُ وَ أَمّا الّذِينَ تَشَاءَمُوا فَعَامِلَةُ وَ جُذَامُ وَ لَحمٌ وَ غَسّانُ

فالمراد بسبإ هاهنا القبيلة الذين هم أولاد سبإ بن يشحب بن يعرب بن قحطان .فِي مَسكَنِهِم أي في بلدهم آيَةٌ أي حجة علي وحدانية الله سبحانه وكمال قدرته وعلامة علي سبوغ نعمه ثم فسر سبحانه الآية فقال جَنّتانِ عَن يَمِينٍ وَ شِمالٍ أي بستانان عن يمين من آتاهما وشماله وقيل عن يمين البلد وشماله وقيل إنه لم يرد جنتين اثنتين والمراد كانت ديارهم علي وتيرة واحدة إذ كانت البساتين عن يمينهم وشمالهم


صفحه : 336

متصلة بعضها ببعض و كان من كثرة النعم أن المرء كانت تمشي‌ والمكتل علي رأسها فيمتلئ بالفواكه من غير أن تمس بيدها شيئا وقيل الآية المذكورة هي‌ أنه لم تكن في قريتهم بعوضة و لاذباب و لابرغوث و لاعقرب و لاحية و كان الغريب إذادخل بلدهم و في ثيابه قمل ودواب ماتت عن ابن زيد وقيل إن المراد بالآية خروج الأزهار والثمار من الأشجار علي اختلاف ألوانها وطعومها. وقيل إنما كانت ثلاث عشرة قرية في كل قرية نبي‌ يدعوهم إلي الله سبحانه يقولون لهم كُلُوا مِن رِزقِ رَبّكُم وَ اشكُرُوا لَهُ أي كلوا مما رزقكم الله في هذه الجنان واشكروا له يزدكم من نعمة واستغفروه يغفر لكم .بَلدَةٌ طَيّبَةٌ أي هذه بلدة مخصبة نزهة أرضها عذبة تخرج النبات وليست بسبخة و ليس فيها شيء من الهوام المؤذية وقيل أراد به صحة هوائها وعذوبة مائها وسلامة تربتها و أنه ليس فيهاحر يؤذي‌ في القيظ و لابرد يؤذي‌ في الشتاء.وَ رَبّ غَفُورٌ أي كثير المغفرة للذنوب فَأَعرَضُوا عن الحق و لم يشكروا الله سبحانه و لم يقبلوا ممن دعاهم إلي الله من أنبيائه فَأَرسَلنا عَلَيهِم سَيلَ العَرِمِ و ذلك أن الماء كان يأتي‌ أرض سبإ من أودية اليمن و كان هناك جبلان يجتمع ماء المطر والسيول بينهما فسدوا ما بين الجبلين فإذااحتاجوا إلي الماء نقبوا السد بقدر الحاجة فكانوا يسقون زرعهم وبساتينهم فلما كذبوا رسلهم وتركوا أمر الله بعث الله جرذا نقبت ذلك الردم وفاض الماء عليهم فأغرقهم . والعرم المسناة التي‌ تحبس الماء واحدها عرمة أخذ من عرامة الماء و هوذهابه كل مذهب وقيل العرم اسم واد كان يجتمع فيه سيول من أودية شتي وقيل العرم هنا اسم الجرذ ألذي نقب السكر عليهم و هو ألذي يقال له الخلد


صفحه : 337

وقيل العرم المطر الشديد. و قال ابن الأعرابي‌ العرم السيل ألذي لايطاق وَ بَدّلناهُم بِجَنّتَيهِماللتين فيهما أنواع الفواكه والخيرات جَنّتَينِأخراوين سماهما جنتين لإزدواج الكلام كما قال تعالي وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّهُذوَاتيَ‌ أُكُلٍ خَمطٍ وَ أَثلٍ أي صاحبي‌ أكل و هواسم لثمر كل شجرة وثمر الخمط هوالأراك وقيل هوشجر الغضا وقيل هوشجر له شوك والأثل الطرفا عن ابن عباس وقيل ضرب من الخشب وقيل هوالسمروَ شَيءٍ مِن سِدرٍ قَلِيلٍيعني‌ أن الخمط والأثل كانا أكثر فيهما من السدر و هوالنبق قال قتادة كان شجرهم خير شجر فصيره الله شر شجرة بسوء أعمالهم .ذلِكَ أي مافعلنا بهم جَزَيناهُم بِما كَفَرُوا أي بكفرهم وَ هَل نجُازيِ‌بهذا الجزاءإِلّا الكَفُورَ ألذي يكفر نعم الله وقيل معناه هل نجازي‌ بجميع سيئاته إلاالكافر لأن المؤمن قد كان يكفر عنه بعض سيئاته وقيل إن المجازاة من التجازي‌ و هوالتقاضي‌ أي لايقتضي‌ و لايرتجع ماأعطي‌ إلاالكافر فإنهم لماكفروا النعمة اقتضوا ماأعطوا أي ارتجع منهم عن أبي مسلم .وَ جَعَلنا بَينَهُم وَ بَينَ القُرَي التّيِ‌ بارَكنا فِيها قُريً ظاهِرَةً أي و قد


صفحه : 338

كان من قصتهم أناجعلنا بينهم و بين قري الشام التي‌ باركنا فيهابالماء والشجر قري متواصلة و كان متجرهم من أرض اليمن إلي الشام وكانوا يبيتون بقرية ويقيلون بأخري حتي يرجعوا وكانوا لايحتاجون إلي زاد من وادي‌ سبإ إلي الشام ومعني الظاهرة أن الثانية كانت تري من الأولي لقربها منهاوَ قَدّرنا فِيهَا السّيرَ أي جعلنا السير من القرية إلي القرية نصف يوم وقلنا لهم سِيرُوا فِيها أي في تلك القري ليَاليِ‌َ وَ أَيّاماً أي ليلا شئتم المصير أونهاراآمِنِينَ من الجوع والعطش والتعب و من السباع و كل المخاوف و في هذاإشارة إلي تكامل نعمه عليهم في السفر كما أنه كذلك في الحضر. ثم أخبر سبحانه أنهم بطروا وبغوافَقالُوا رَبّنا باعِد بَينَ أَسفارِنا أي اجعل بيننا و بين الشام فلوات ومفاوز لنركب إليها الرواحل ونقطع المنازل و هذا كماقالت بنو إسرائيل لماملوا النعمة اخرج لَنا مِمّا تُنبِتُ الأَرضُ مِن بَقلِها وَ قِثّائِهابدل من المن والسلوي وَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمبارتكاب الكفر والمعاصي‌فَجَعَلناهُم أَحادِيثَلمن بعدهم يتحدثون أمرهم وشأنهم ويضربون بهم المثل فيقولون تفرقوا أيادي‌ سبإ إذاتشتتوا أعظم التشتت وَ مَزّقناهُم كُلّ مُمَزّقٍ أي فرقناهم في كل وجه من البلاد كل تفريق إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ علي الشدائد شكور علي النعماء وقيل لكل صبار عن المعاصي‌ شكور للنعم بالطاعات . ثم نقل عن الكلبي‌ عن أبي صالح قال ألقت طريفة الكاهنة إلي عمرو بن عامر ألذي يقال له مزيقيا بن ماء السماء وكانت قدرأت في كهانتها أن سد مأرب سيخرب و أنه سيأتي‌ سيل العرم فيخرب الجنتين فباع عمرو بن عامر أمواله وسار هو وقومه حتي انتهوا إلي مكة فأقاموا بها و ماحولها فأصابتهم الحمي وكانوا ببلد لايدرون فيه ماالحمي فدعوا طريفة وشكوا إليها ألذي أصابهم فقالت


صفحه : 339

لهم قدأصابني‌ ألذي تشتكون و هومفرق بيننا.قالوا فما ذا تأمرين قالت من كان منكم ذا هم بعيد وجمل شديد ومزاد جديد فليلحق بقصر عمان المشيد فكانت أزد عمان ثم قالت من كان منكم ذا جلد وقسر وصبر علي ماأزمات الدهر فعليه بالأراك من بطن مر فكانت خزاعة ثم قالت من كان منكم يريد الراسيات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل فكانت الأوس والخزرج ثم قالت من كان منكم يريد الخمر والخمير والملك والتأمير وملابس التاج والحرير فليلحق ببصري وغوير وهما من أرض الشام فكان الذين سكنوها آل جفنة بن غسان ثم قالت من كان منكم يريد الثياب الرقاق والخيل العتاق وكنوز الأرزاق والدم المهراق فليلحق بأرض العراق فكان الذين يسكنونها آل جزيمة الأبرش و من كان بالحيرة وآل محرق

21- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَا أَنعَمَ اللّهُ عَلَي عَبدٍ نِعمَةً فَسَلَبَهَا إِيّاهُ حَتّي يُذنِبَ ذَنباً يَستَحِقّ بِذَلِكَ السّلبَ

22-كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ الهَيثَمِ بنِ وَاقِدٍ الجزَرَيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ بَعَثَ نَبِيّاً مِن أَنبِيَائِهِ إِلَي قَومِهِ وَ أَوحَي إِلَيهِ أَن قُل لِقَومِكَ إِنّهُ لَيسَ مِن أَهلِ قَريَةٍ وَ لَا نَاسٍ كَانُوا عَلَي طاَعتَيِ‌ فَأَصَابَهُم فِيهَا سَرّاءُ فَتَحَوّلُوا عَمّا أُحِبّ إِلَي مَا أَكرَهُ إِلّا تَحَوّلتُ لَهُم عَمّا يُحِبّونَ إِلَي مَا يَكرَهُونَ وَ لَيسَ مِن أَهلِ قَريَةٍ وَ لَا أَهلِ بَيتٍ كَانُوا عَلَي معَصيِتَيِ‌ فَأَصَابَهُم فِيهَا ضَرّاءُ فَتَحَوّلُوا عَمّا أَكرَهُ إِلَي مَا أُحِبّ إِلّا تَحَوّلتُ لَهُم عَمّا يَكرَهُونَ إِلَي مَا يُحِبّونَ وَ قُل


صفحه : 340

لَهُم إِنّ رحَمتَيِ‌ سَبَقَت غضَبَيِ‌ فَلَا تَقنَطُوا مِن رحَمتَيِ‌ فَإِنّهُ لَا يَتَعَاظَمُ عنِديِ‌ ذَنبُ عَبدٍ أَغفِرُهُ وَ قُل لَهُم لَا يَتَعَرّضُوا مُعَانِدِينَ لسِخَطَيِ‌ وَ لَا يَستَخِفّوا بأِوَليِاَئيِ‌ فَإِنّ لِي سَطَوَاتٍ عِندَ غضَبَيِ‌ لَا يَقُومُ لَهَا شَيءٌ مِن خلَقيِ‌

بيان و لاأناس هم أقل من أهل القرية كأهل بيت كما قال في الشق الثاني‌ مكانه و لا أهل بيت و في القاموس السراء المسرة والضراء الزمانة والشدة والنقص في الأموال والأنفس و في المصباح سره أفرحه والمسرة منه و هو مايسر به الإنسان والسراء الخير والفضل والضراء نقيض السراء. إن رحمتي‌ سبقت غضبي‌ هذايحتمل وجوها الأول أن يكون المراد بالسبق الغلبة أي رحمتي‌ غالبة علي غضبي‌ وزائدة عليه فإنه إذااشتد سبب الغضب و كان هناك سبب ضعيف للرحمة يتعلق الرحمة بفضله تعالي .الثاني‌ أن يكون المراد به السبق المعنوي‌ أيضا علي وجه آخر فإن أسباب الرحمة من إقامة دلائل الربوبية في الآفاق والأنفس وبعثة الأنبياء والأوصياء وإنزال الكتب وخلق الملائكة وبعثهم لهداية الخلق وإرشادهم ودفع وساوس الشياطين و غير ذلك من أسباب التوفيق أكثر من أسباب الضلالة من القوي الشهوانية والغضبية وخلق الشياطين وعدم دفع أئمة الضلالة وأشباه ذلك من أسباب الخذلان .الثالث أن يراد به السبق الزماني‌ فإن تقدير وجود الإنسان وإيجاده وإعطاء الجوارح والسمع والبصر وسائر القوي ونصب الدلائل والحجج و غير ذلك كلها قبل التكليف والتكليف مقدم علي الغضب والعقاب ويمكن إرادة الجميع بل هوالأظهر. لايتعرضوا معاندين أي مصرين علي المعاصي‌ فإن من أذنب لغلبة شهوة أوغضب ثم تاب عن قريب لا يكون معاندا والاستخفاف بالأولياء شامل لقتلهم


صفحه : 341

وضربهم وشتمهم وإهانتهم وعدم متابعتهم والإعراض عن مواعظهم ونواهيهم وأوامرهم . والسطوة القهر والبطش بشدة لايقوم لها شيء أي لايطيقها أو لايتعرض لدفعها

23- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ الهاَشمِيِ‌ّ عَن جَدّهِ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَن سُلَيمَانَ الجعَفرَيِ‌ّ عَنِ الرّضَا ع قَالَ أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي نبَيِ‌ّ مِنَ الأَنبِيَاءِ إِذَا أُطِعتُ رَضِيتُ وَ إِذَا رَضِيتُ بَارَكتُ وَ لَيسَ لبِرَكَتَيِ‌ نِهَايَةٌ وَ إِذَا عُصِيتُ غَضِبتُ وَ إِذَا غَضِبتُ لَعَنتُ وَ لعَنتَيِ‌ تَبلُغُ السّابِعَ مِنَ الوَرَاءِ

بيان باركت أي زدت نعمتي‌ عليهم في الدنيا والآخرة و ليس لبركتي‌ نهاية لا في الشدة و لا في المدة لعنت أي أبعدتهم من رحمتي‌ ولعنتي‌ أي أثرها تبلغ السابع من الوراء في الصحاح والقاموس الوراء ولد الولد ويستشكل بأنه أي تقصير لأولاد الأولاد حتي تبلغ اللعنة إليهم إلي البطن السابع فمنهم من حمله علي أنه قديبلغهم و هو إذارضوا بفعل آبائهم كماورد أن القائم ع يقتل أولاد قتلة الحسين ع لرضاهم بفعل آبائهم . وأقول يمكن أن يكون المراد به الآثار الدنيوية كالفقر والفاقة والبلايا والأمراض والحبس والمظلومية كمانشاهد أكثر ذلك في أولاد الظلمة و ذلك عقوبة لآبائهم فإن الناس يرتدعون عن الظلم بذلك لحبهم لأولادهم ويعوض الله الأولاد في الآخرة كما قال تعالي وَ ليَخشَ الّذِينَ لَو تَرَكُوا مِن خَلفِهِم ذُرّيّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيهِمالآية و هذاجائز علي مذهب العدلية بناء علي أنه يمكن إيلام شخص لمصلحة الغير مع التعويض بأكثر منه بحيث يرضي من وصل إليه الألم مع أن في هذه الأمور مصالح للأولاد أيضا فإن أولاد المترفين بالنعم إذاكانوا مثل آبائهم يصير ذلك سببا لبغيهم وطغيانهم أكثر من غيرهم


صفحه : 342

24- كا،[الكافي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ الوَلِيدِ عَن يُونُسَ بنِ يَعقُوبَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ أَحَدَكُم لَيَكثُرُ بِهِ الخَوفُ مِنَ السّلطَانِ وَ مَا ذَلِكَ إِلّا بِالذّنُوبِ فَتَوَقّوهَا مَا استَطَعتُم وَ لَا تَمَادَوا فِيهَا

بيان و ما ذلك إلابالذنوب أي الذنوب تصير سببا لتسلط السلاطين والخوف منهم و ماقيل إن المراد بالذنوب مخالفة السلاطين أي كما أن من خالف بعض السلاطين يخاف بطشه وعقوبته فلابد أن يكون خوفه من السلطان الأكبر أعظم وأكثر فلايخفي بعده ثم أمر ع بالوقاية من الذنوب بقدر الاستطاعة ونهي عن الإصرار عليها والتمادي‌ فيها علي تقدير الوقوع و في المصباح تمادي فلان في الأمر إذالج وداوم علي فعله

25- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَا وَجَعَ أَوجَعُ لِلقُلُوبِ مِنَ الذّنُوبِ وَ لَا خَوفَ أَشَدّ مِنَ المَوتِ وَ كَفَي بِمَا سَلَفَ تَفَكّراً وَ كَفَي بِالمَوتِ وَاعِظاً

بيان لاوجع أوجع للقلوب من الذنوب أي الذنوب تصير سببا لهم القلب وحزنه أزيد من غيرها من المخوفات لأن الذنوب تصير سببا للخوف من عقاب الله ألذي هوأعظم المفاسد وأشدها فالمراد به من الهم الحاصل من الذنوب أوالمعني أن الأوجاع والأمراض الصورية والمعنوية والجسمانية والروحانية العارضة للإنسان ليس شيءمنها أشد تأثيرا في القلب من الذنوب التي‌ هي‌ من الأمراض الروحانية والأوجاع المعنوية. أوالمعني أن للقلب أمراضا وأوجاعا مختلفة بعضها روحانية وبعضها جسمانية و ليس شيءمنها أشد وأوجع وأضر من الذنوب فإنها بنفسها أمراض للقلب كالحقد والحسد وضعف التوكل وأمثالها أوسبب لأمراضها فإن الذنوب أسباب لضعف الإيمان واليقين كما قال سبحانه فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ


صفحه : 343

فَزادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً. و لاخوف أشد من الموت أي من خوف الموت إذ كل شيءيخاف وقوعه غيرمتيقن بخلاف الموت ولأن الخوف أنما هو من ألم والموت ألم شديد مع مايعقبه من الآلام التي‌ لايعلم النجاة منها ويحتمل أن يراد بالخوف المخوف فلاحاجة إلي تقدير. وكفي بما سلف تفكرا الباء بعدكفي في الموضعين زائدة وتفكرا تميز والحاصل أنه كفي التفكر في ماسلف من أحوال نفسه وأحوال غيره وعدم بقاء لذات الذنوب وبقاء تبعاتها وفناء الدنيا وذهاب من ذهب قبل بلوغ آماله وحسن عواقب الصالحين والمحسنين وسوء عاقبة الظالمين والفاسقين وأمثال ذلك . وكفي بالموت واعظا تميز كقولهم لله دره فارسا أي يكفي‌ الموت والتفكر فيه وفيما يتعقبه من الأحوال والأهوال للاتعاظ به وعدم الاغترار بالدنيا ولذاتها فإنه هادم اللذات ومهون المصيبات كماقالوا ع فضح الموت الدنيا

26- كا،[الكافي‌] عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ الكوُفيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ الميِثمَيِ‌ّ عَنِ العَبّاسِ بنِ هِلَالٍ الشاّميِ‌ّ مَولًي لأِبَيِ‌ الحَسَنِ مُوسَي ع قَالَ سَمِعتُ الرّضَا ع يَقُولُ كُلّمَا أَحدَثَ العِبَادُ مِنَ الذّنُوبِ مَا لَم يَكُونُوا يَعمَلُونَ أَحدَثَ اللّهُ لَهُم مِنَ البَلَاءِ مَا لَم يَكُونُوا يَعرِفُونَ

بيان ما لم يكونوا يعملون أي من البدع التي‌ أحدثوها أوالذنب ألذي لم يصدر منهم قبل ذلك و إن صدر عن غيرهم ما لم يكونوا يعرفون أي لم يروا مثله أو لم يبتلوا بمثله

27-كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبّادِ بنِ صُهَيبٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِذَا عصَاَنيِ‌ مَن عرَفَنَيِ‌


صفحه : 344

سَلّطتُ عَلَيهِ مَن لَا يعَرفِنُيِ‌

بيان من عرفني‌ أي أقر بربوبيتي‌ وبالأنبياء والأوصياء و كان علي دين الحق أو كان ممن يعرف الله حق المعرفة و لاينافي‌ صدور الذنب منه نادرا من لايعرفني‌ من الكفار والمخالفين أوالأعم منهم و من سائر الظلمة ويمكن شموله للشياطين أيضا

28- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ عَنِ ابنِ عَرَفَةَ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَ إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ مُنَادِياً ينُاَديِ‌ مَهلًا مَهلًا عِبَادَ اللّهِ عَن معَاَصيِ‌ اللّهِ فَلَو لَا بَهَائِمُ رُتّعٌ وَ صِبيَةٌ رُضّعٌ وَ شُيُوخٌ رُكّعٌ لَصُبّ عَلَيكُمُ العَذَابُ صَبّاً تُرَضّونَ بِهِ رَضّاً

بيان مهلا اسم فعل بمعني أمهل وقيل مصدر والنصب علي الإغراء أي ألزموا مهلا والمهل بالتسكين والتحريك الرفق والتأني‌ والتأخر أي تأن في المعاصي‌ و لاتعجل أوتأخر عنها و لاتقربها قال في النهاية فِي حَدِيثِ عَلِيّ ع إِذَا سِرتُم إِلَي العَدُوّ فَمَهلًا مَهلًا فَإِذَا وَقَعَتِ العَينُ عَلَي العَينِ فَمَهلًا مَهلًا

الساكن الرفق والمتحرك المتقدم أي إذاسرتم فتأنوا و إذالقيتم فاحملوا كذا قال الأزهري‌ وغيره . و قال الجوهري‌ المهل بالتحريك التؤدة والتباطي‌ والاسم المهلة وفلان ذو مهل بالتحريك أي ذو تقدم في الخير و لايقال في الشر يقال مهلته وأمهلته أي سكنته وأخرته ويقال مهلا للواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد بمعني أمهل . والرتّع والرضّع والركّع بالضم والتشديد في الجميع جمع راتع وراضع وراكع في القاموس رتع كمنع رتعا ورتوعا ورتاعا بالكسر أكل وشرب ماشاء


صفحه : 345

في خصب وسعة أو هوالأكل والشرب رغدا في الريف أوبشره وجمل راتع من إبل رتاع كنائم ونيام ورتع كركع ورتع بضمتين و قال رضع أمه كسمع وضرب فهو راضع والجمع رضع كركع ورضع ككتف ورضع رضاعة فهو راضع ورضيع من رضع كركع و قال ركع انحني كبرا أوكبا علي وجهه وافتقر بعدغني وانحطت حاله و كل شيءيخفض رأسه فهو راكع و قال الصبي‌ من لم يفطم بعد والجمع صبية ويضم و في الصحاح الصبي‌ الغلام والجمع صبية وصبيان و هو من الواو و في النهاية الرض الدق الجريش و منه الحديث لصب عليكم العذاب صبا ثم لرض رضا هكذا جاء في رواية والصحيح بالصاد المهملة و قال في المهملة فيه تراصوا في الصفوف أي تلاصقوا حتي لا يكون بينكم فرج وأصله تراصصوا من رص البناء يرصه رصا إذالصق بعضه ببعض فأدغم و منه الحديث لصب عليكم العذاب صبا ثم لرص رصا انتهي و لايخفي أن ما في روايتنا أبلغ وأظهر والظاهر أن المراد بالعذاب الدنيوي‌ وكفي بنا عجزا وذلا بسوء فعالنا أن يرحمنا ربنا الكريم ببركة بهائمنا وأطفالنا

29- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ وَ مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَنِ الفَضلِ بنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن أَبِي أُسَامَةَ زَيدٍ الشّحّامِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع اتّقُوا المُحَقّرَاتِ مِنَ الذّنُوبِ فَإِنّهَا لَا تُغفَرُ قُلتُ وَ مَا المُحَقّرَاتُ قَالَ الرّجُلُ يُذنِبُ الذّنبَ فَيَقُولُ طُوبَي لِي لَو لَم يَكُن لِي غَيرُ ذَلِكَ

بيان اتقوا المحقرات لأن التحقير يوجب الإصرار وترك الندامة الموجبين للبعد عن المغفرة غير ذلك أي غير ذلك الذنب وأقول مثل هذاالكلام يمكن أن يذكر في مقامين أحدهما بيان كثرة معاصيه وعظمتها و أن له معاصي‌ أعظم من ذلك وثانيهما بيان حقارة هذاالذنب وعدم الاعتناء به وكأنه محمول علي الوجه الأخير


صفحه : 346

30- كا،[الكافي‌]عِدّةٌ مِن أَصحَابِنَا عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ ع يَقُولُ لَا تَستَكثِرُوا كَثِيرَ الخَيرِ وَ لَا تَستَقِلّوا قَلِيلَ الذّنُوبِ فَإِنّ قَلِيلَ الذّنُوبِ يَجتَمِعُ حَتّي يَكُونَ كَثِيراً وَ خَافُوا اللّهَ فِي السّرّ حَتّي تُعطُوا مِن أَنفُسِكُمُ النّصَفَ

بيان في السر أي في الخلوة أو في القلب و علي الأول التخصيص لأن الإخلاص فيه أكثر ولاستلزامه الخوف في العلانية أيضا حتي تعطوا أي حتي يبلغ خوفكم درجة تصير سببا لإعطاء الإنصاف والعدل من أنفسكم للناس و لاترضون لهم ما لاترضون لأنفسكم أو حتي تعطوا الإنصاف من أنفسكم أنكم تخافون الله و ليس عملكم لرئاء الناس و كان الأول أظهر

31- كا،[الكافي‌] أَبُو عَلِيّ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ وَ الحَجّالِ جَمِيعاً عَن ثَعلَبَةَ عَن زِيَادٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ رَسُولَ اللّهِص نَزَلَ بِأَرضٍ قَرعَاءَ فَقَالَ لِأَصحَابِهِ ائتُونَا بِحَطَبٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ نَحنُ بِأَرضٍ قَرعَاءَ مَا بِهَا مِن حَطَبٍ قَالَ فَليَأتِ كُلّ إِنسَانٍ بِمَا قَدَرَ عَلَيهِ فَجَاءُوا بِهِ حَتّي رَمَوا بَينَ يَدَيهِ بَعضَهُ عَلَي بَعضٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص هَكَذَا تَجتَمِعُ الذّنُوبُ ثُمّ قَالَ إِيّاكُم وَ المُحَقّرَاتِ مِنَ الذّنُوبِ فَإِنّ لِكُلّ شَيءٍ طَالِباً أَلَا وَ إِنّ طَالِبَهَا يَكتُبُما قَدّمُوا وَ آثارَهُم وَ كُلّ شَيءٍ أَحصَيناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ

بيان بأرض قرعاء أي لانبات و لاشجر فيهاتشبيها بالرأس الأقرع و في القاموس قرع كفرح ذهب شعر رأسه و هوأقرع وهي‌ قرعاء والجمع قرع وقرعان بضمهما ورياض قرع بالضم بلا كلإ و في النهاية القرع بالتحريك هو أن يكون في الأرض ذات الكلاء موضع لانبات فيهاكالقرع في الرأس حتي رموا بين يديه أي كثر وارتفع والطالب للذنوب هو الله سبحانه وملائكته ما قَدّمُوا


صفحه : 347

أي أسلفوا في حياتهم وَ آثارَهُم مابقي‌ عنهم بعدمماتهم يصل إليهم ثمرته إما حسنة كعلم علموه أوحبيس وقفوه أوسيئة كإشاعة باطل وتأسيس ظلم أونحو ذلك . والإمام المبين اللوح المحفوظ وقيل القرآن وقيل كتاب الأعمال و في كثير من الأخبار أنه أمير المؤمنين ع وكأنه من بطون الآية و أما قوله أحصيناه فيحتمل أن يكون في الأصل أحصاه فصحف النساخ موافقا للآية أو هو علي سبيل الحكاية وقرأ بعض الأفاضل نكتب بالنون موافقا للآية فيكون لفظ الآية خبرا أي طالبها هذه الآية علي الإسناد المجازي‌ و له وجه لكنه مخالف للمضبوط في النسخ

32- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] قَالَ الصّادِقُ ع إِن كَانَتِ العُقُوبَةُ مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ النّارَ فَالمَعصِيَةُ لِمَا ذَا

33- مع ،[معاني‌ الأخبار] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع عَن آبَائِهِ عَن النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِم قَالَ أَزهَدُ النّاسِ مَنِ اجتَنَبَ الحَرَامَ وَ أَشَدّ النّاسِ اجتِهَاداً مَن تَرَكَ الذّنُوبَ

34- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ المُغِيرَةِ عَن جَدّهِ عَن جَدّهِ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص عَجِبتُ لِمَن يحَتمَيِ‌ مِنَ الطّعَامِ مَخَافَةَ الدّاءِ كَيفَ لَا يحَتمَيِ‌ مِنَ الذّنُوبِ مَخَافَةَ النّارِ

35- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]الطاّلقَاَنيِ‌ّ وَ العسَكرَيِ‌ّ مَعاً عَنِ الجلَوُديِ‌ّ عَنِ الجوَهرَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ حَكِيمٍ عَنِ الرّبِيعِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ عَن زَيدِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ ع قَالَ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِذَا عصَاَنيِ‌ مِن خلَقيِ‌ مَن يعَرفِنُيِ‌ سَلّطتُ عَلَيهِ مَن لَا يعَرفِنُيِ‌


صفحه : 348

36- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُعَاذٍ الجوَهرَيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ ع عَن رَسُولِ اللّهِص عَن جَبرَئِيلَ قَالَ قَالَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ مَن أَذنَبَ ذَنباً صَغِيراً أَو كَبِيراً وَ هُوَ لَا يَعلَمُ أَنّ لِي أَن أُعَذّبَهُ أَو أَعفُوَ عَنهُ لَا غَفَرتُ لَهُ ذَلِكَ الذّنبَ أَبَداً وَ مَن أَذنَبَ ذَنباً صَغِيراً كَانَ أَو كَبِيراً وَ هُوَ يَعلَمُ أَنّ لِي أَن أُعَذّبَهُ أَو أَعفُوَ عَنهُ عَفَوتُ عَنهُ

37- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ وَ مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ مَعاً عَن طَلحَةَ بنِ زَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ أَبِي يَقُولُ مَا شَيءٌ أَفسَدَ لِلقَلبِ مِنَ الخَطِيئَةِ إِنّ القَلبَ لَيُوَاقِعُ الخَطِيئَةَ فَمَا تَزَالُ بِهِ حَتّي تَغلِبَ عَلَيهِ فَيُصَيّرَ أَسفَلَهُ أَعلَاهُ وَ أَعلَاهُ أَسفَلَهُ

ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ الغضَاَئرِيِ‌ّ عَنِ الصّدُوقِ مِثلَهُ

38- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الهمَدَاَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ العَبدَ لَيُحبَسُ عَلَي ذَنبٍ مِن ذُنُوبِهِ مِائَةَ عَامٍ وَ إِنّهُ لَيَنظُرُ إِلَي أَزوَاجِهِ وَ إِخوَانِهِ فِي الجَنّةِ

39- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن يُطِعِ الشّيطَانَ يَعصِ اللّهَ وَ مَن يَعصِ اللّهَ يُعَذّبهُ اللّهُ

40- فس ،[تفسير القمي‌] ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ وَ البَحرِ بِما كَسَبَت أيَديِ‌ النّاسِ قَالَ فِي البَرّ فَسَادُ الحَيَوَانِ إِذَا لَم يُمطَرُوا وَ كَذَلِكَ هَلَاكُ دَوَابّ البَحرِ بِذَلِكَ


صفحه : 349

وَ قَالَ الصّادِقُ ع حَيَاةُ دَوَابّ البَحرِ بِالمَطَرِ فَإِذَا كُفّتِ المَطَرُ ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ ذَلِكَ إِذَا كَثُرَتِ الذّنُوبُ وَ المعَاَصيِ‌

41- ب ،[قرب الإسناد] عَنِ ابنِ سَعدٍ عَنِ الأزَديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الدّعَاءَ يَرُدّ القَضَاءَ وَ إِنّ المُؤمِنَ ليَأَتيِ‌ الذّنبَ فَيُحرَمُ بِهِ الرّزقَ

42- ل ،[الخصال ]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَن أَبِي شُعَيبٍ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَورَعُ النّاسِ مَن وَقَفَ عِندَ الشّبهَةِ أَعبَدُ النّاسِ مَن أَقَامَ الفَرَائِضَ أَزهَدُ النّاسِ مَن تَرَكَ الحَرَامَ أَشَدّ النّاسِ اجتِهَاداً مَن تَرَكَ الذّنُوبَ

43- مع ،[معاني‌ الأخبار]ل ،[الخصال ] عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ إِنّ اللّهَ أَخفَي سَخَطَهُ فِي مَعصِيَتِهِ فَلَا تَستَصغِرَنّ شَيئاً مِن مَعصِيَتِهِ فَرُبّمَا وَافَقَ سَخَطَهُ وَ أَنتَ لَا تَعلَمُ

44- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مِن عَلَامَاتِ الشّقَاءِ جُمُودُ العَينِ وَ قَسوَةُ القَلبِ وَ شِدّةُ الحِرصِ فِي طَلَبِ الرّزقِ وَ الإِصرَارُ عَلَي الذّنبِ

45-ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ صَدَقَةَ عَنِ الصّادِقِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَربَعٌ يُمِتنَ القَلبَ الذّنبُ عَلَي الذّنبِ وَ كَثرَةُ مُنَاقَشَةِ النّسَاءِ يعَنيِ‌ مُحَادَثَتَهُنّ وَ مُمَارَاةُ الأَحمَقِ تَقُولُ وَ يَقُولُ وَ لَا يَرجِعُ إِلَي خَيرٍ وَ مُجَالَسَةُ المَوتَي فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ مَا المَوتَي قَالَ كُلّ


صفحه : 350

غنَيِ‌ّ مُترَفٍ

46- ثو،[ثواب الأعمال ]ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِ‌ّ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَن رَجُلٍ عَن مَندَلِ بنِ عَلِيّ العنَزيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ مُطَرّفٍ عَن مِسمَعٍ عَن أَصبَغَ بنِ نُبَاتَةَ عَن عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا غَضِبَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي أُمّةٍ وَ لَم يُنزِل بِهَا العَذَابَ غَلَت أَسعَارُهَا وَ قَصُرَت أَعمَارُهَا وَ لَم تَربَح تُجّارُهَا وَ لَم تَزكُ ثِمَارُهَا وَ لَم تَغزُر أَنهَارُهَا وَ حُبِسَ عَنهَا أَمطَارُهَا وَ سُلّطَ عَلَيهَا شِرَارُهَا

47- ل ،[الخصال ]الأَربَعُمِائَةِ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع تَوَقّوُا الذّنُوبَ فَمَا مِن بَلِيّةٍ وَ لَا نَقصِ رِزقٍ إِلّا بِذَنبٍ حَتّي الخَدشَ وَ الكَبوَةَ وَ المُصِيبَةَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ ما أَصابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم وَ يَعفُوا عَن كَثِيرٍ

وَ قَالَ ع بَابُ التّوبَةِ مَفتُوحٌ لِمَن أَرَادَهَا فَتُوبُوا إِلَي اللّهِ تَوبَةً نَصُوحاً عَسي رَبّكُم أَن يُكَفّرَ عَنكُم سَيّئاتِكُم وَ أَوفُوا بِالعَهدِ إِذَا عَاهَدتُم فَمَا زَالَت نِعمَةٌ وَ لَا نَضَارَةُ عَيشٍ إِلّا بِذُنُوبٍ اجتَرَحُوا إِنّاللّهَ لَيسَ بِظَلّامٍ لِلعَبِيدِ وَ لَو أَنّهُمُ استَقبَلُوا ذَلِكَ بِالدّعَاءِ وَ الإِنَابَةِ لَم تَنزِل وَ لَو أَنّهُم إِذَا نَزَلَت بِهِمُ النّقَمُ وَ زَالَت عَنهُمُ النّعَمُ فَزِعُوا إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ بِصِدقٍ مِن نِيّاتِهِم وَ لَم يُهِنُوا وَ لَم يُسرِفُوا لَأَصلَحَ اللّهُ لَهُم كُلّ فَاسِدٍ وَ لَرَدّ عَلَيهِم كُلّ صَالِحٍ

وَ قَالَ ع مَا مِنَ الشّيعَةِ عَبدٌ يُقَارِفُ أَمراً نَهَينَاهُ عَنهُ فَيَمُوتُ حَتّي يُبتَلَي بِبَلِيّةٍ تُمَحّصُ بِهَا ذُنُوبُهُ إِمّا فِي مَالٍ وَ إِمّا فِي وَلَدٍ وَ إِمّا فِي نَفسِهِ حَتّي يَلقَي اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وَ مَا لَهُ ذَنبٌ وَ إِنّهُ لَيَبقَي عَلَيهِ الشيّ‌ءُ مِن ذُنُوبِهِ فَيُشَدّدُ بِهِ عَلَيهِ


صفحه : 351

عِندَ مَوتِهِ

وَ قَالَ ع لَا تَستَصغِرُوا قَلِيلَ الآثَامِ فَإِنّ الصّغِيرَ يُحصَي وَ يَرجِعُ إِلَي الكَبِيرِ

وَ قَالَ ع احذَرُوا الذّنُوبَ فَإِنّ العَبدَ لَيُذنِبُ فَيُحبَسُ عَنهُ الرّزقُ

48- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] أَبِي عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ البغَداَديِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مَعبَدٍ عَن عَلِيّ بنِ سُلَيمَانَ عَن فِطرِ بنِ خَلِيفَةَ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ لَمّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُوَ الّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللّهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِمصَعِدَ إِبلِيسُ جَبَلًا بِمَكّةَ يُقَالُ لَهُ ثَورٌ فَصَرَخَ بِأَعلَي صَوتِهِ بِعَفَارِيتِهِ فَاجتَمَعُوا إِلَيهِ فَقَالُوا يَا سَيّدَنَا لِمَ دَعَوتَنَا قَالَ نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ فَمَن لَهَا فَقَامَ عِفرِيتٌ مِنَ الشّيَاطِينِ فَقَالَ أَنَا لَهَا بِكَذَا وَ كَذَا قَالَ لَستَ لَهَا فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مِثلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَستَ لَهَا فَقَالَ الوَسوَاسُ الخَنّاسُ أَنَا لَهَا قَالَ بِمَا ذَا قَالَ أَعِدُهُم وَ أُمَنّيهِم حَتّي يُوَاقِعُوا الخَطِيئَةَ فَإِذَا وَاقَعُوا الخَطِيئَةَ أَنسَيتُهُمُ الِاستِغفَارَ فَقَالَ أَنتَ لَهَا فَوَكّلَهُ بِهَا إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

49- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] عَنِ المُفَسّرِ عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ الحسُيَنيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ العسَكرَيِ‌ّ عَن آبَائِهِ ع قَالَ كَتَبَ الصّادِقُ ع إِلَي بَعضِ النّاسِ إِن أَرَدتَ أَن يُختَمَ بِخَيرٍ عَمَلُكَ حَتّي تُقبَضَ وَ أَنتَ فِي أَفضَلِ الأَعمَالِ فَعَظّم لِلّهِ حَقّهُ أَن تَبذُلَ نَعمَاءَهُ فِي مَعَاصِيهِ وَ أَن تَغتَرّ بِحِلمِهِ عَنكَ وَ أَكرِم كُلّ مَن وَجَدتَهُ يَذكُرُنَا أَو يَنتَحِلُ مَوَدّتَنَا ثُمّ لَيسَ عَلَيكَ صَادِقاً كَانَ أَو كَاذِباً إِنّمَا لَكَ نِيّتُكَ وَ عَلَيهِ كَذِبُهُ


صفحه : 352

50- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِالأَسَانِيدِ الثّلَاثَةِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَقُولُ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَا ابنَ آدَمَ مَا تنُصفِنُيِ‌ أَتَحَبّبُ إِلَيكَ بِالنّعَمِ وَ تَتَمَقّتُ إلِيَ‌ّ باِلمعَاَصيِ‌ خيَريِ‌ عَلَيكَ مُنزَلٌ وَ شَرّكَ إلِيَ‌ّ صَاعِدٌ وَ لَا يَزَالُ مَلَكٌ كَرِيمٌ يأَتيِنيِ‌ عَنكَ فِي كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ بِعَمَلٍ قَبِيحٍ يَا ابنَ آدَمَ لَو سَمِعتَ وَصفَكَ مِن غَيرِكَ وَ أَنتَ لَا تَعلَمُ مَنِ المَوصُوفُ لَسَارَعتَ إِلَي مَقتِهِ

صح ،[صحيفة الرضا عليه السلام ] عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع مِثلَهُ

ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَن عُمَرَ بنِ مُحَمّدٍ الزّيّاتِ عَن عَلِيّ بنِ مَهرَوَيهِ عَن دَاوُدَ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع مِثلَهُ

ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَنِ ابنِ مَهرَوَيهِ مِثلَهُ

51- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ الفَحّامِ عَنِ المنَصوُريِ‌ّ عَن عُمَرَ بنِ أَبِي مُوسَي عَن عِيسَي بنِ أَحمَدَ عَن أَبِي الحَسَنِ الثّالِثِ عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مِثلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ ابنُ آدَمَ اذكرُنيِ‌ حِينَ تَغضَبُ أَذكُركَ حِينَ أَغضَبُ وَ لَا أَمحَقُكَ فِيمَن أَمحَقُ

52- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا تَزَالُ أمُتّيِ‌ بِخَيرٍ مَا تَحَابّوا وَ تَهَادَوا وَ أَدّوُا الأَمَانَةَ وَ اجتَنَبُوا الحَرَامَ وَ قَرَوُا الضّيفَ وَ أَقَامُوا الصّلَاةَ وَ آتَوُا الزّكَاةَ فَإِذَا لَم يَفعَلُوا ذَلِكَ ابتُلُوا بِالقَحطِ وَ السّنِينَ

53- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا عَلِيّ مِن كَرَامَةِ المُؤمِنِ عَلَي اللّهِ أَنّهُ لَم يَجعَل لِأَجَلِهِ وَقتاً حَتّي يَهُمّ بِبَائِقَةٍ فَإِذَا هَمّ بِبَائِقَةٍ قَبَضَهُ إِلَيهِ


صفحه : 353

قَالَ وَ قَالَ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ ع تَجَنّبُوا البَوَائِقَ يُمَدّ لَكُمُ الأَعمَارُ

صح ،[صحيفة الرضا عليه السلام ] عَنهُ ع مِثلَهُ

54- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَ قَالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيّ ع إِنّ أَعمَالَ هَذِهِ الأُمّةِ مَا مِن صَبَاحٍ إِلّا وَ تُعرَضُ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ

صح ،[صحيفة الرضا عليه السلام ] عَنهُ ع مِثلَهُ

55- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] مِن كَلَامِ الرّضَا ع المَشهُورُ قَولُهُ الصّغَائِرُ مِنَ الذّنُوبِ طُرُقٌ إِلَي الكَبَائِرِ وَ مَن لَم يَخَفِ اللّهَ فِي القَلِيلِ لَم يَخَفهُ فِي الكَثِيرِ وَ لَو لَم يُخَوّفِ اللّهُ النّاسَ بِجَنّةٍ وَ نَارٍ لَكَانَ الوَاجِبُ عَلَيهِم أَن يُطِيعُوهُ وَ لَا يَعصَوهُ لِتَفَضّلِهِ عَلَيهِم وَ إِحسَانِهِ إِلَيهِم وَ مَا بَدَأَهُم بِهِ مِن إِنعَامِهِ ألّذِي مَا استَحَقّوهُ

56- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَنِ ابنِ قُولَوَيهِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن أَحمَدَ بنِ إِسحَاقَ عَن بَكرِ بنِ مُحَمّدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ الدّعَاءَ لَيَرُدّ القَضَاءَ وَ إِنّ المُؤمِنَ لَيُذنِبُ فَيُحرَمُ بِهِ الرّزقَ

57- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ المُفِيدِ عَن أَحمَدَ بنِ الوَلِيدِ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّفّارِ عَن أَيّوبَ بنِ نُوحٍ عَن صَفوَانَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ زِيَادٍ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي إِذَا غَضِبَ عَلَي أُمّةٍ ثُمّ لَم يُنزِل بِهَا العَذَابَ أَغلَي أَسعَارَهَا وَ قَصّرَ أَعمَارَهَا وَ لَم تَربَح تُجّارُهَا وَ لَم تَغزُر أَنهَارُهَا وَ لَم تَزكُ ثِمَارُهَا وَ سُلّطَ عَلَيهَا شِرَارُهَا وَ حُبِسَ عَلَيهَا أَمطَارُهَا


صفحه : 354

58- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ المُفِيدِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَلِيّ الموَصلِيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ الموَصلِيِ‌ّ العاَصمِيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَلِيّ الشاّميِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ الرّضَا ع يَقُولُ كُلّمَا أَحدَثَ العِبَادُ مِنَ الذّنُوبِ مَا لَم يَكُونُوا يَعمَلُونَ أَحدَثَ لَهُم مِنَ البَلَاءِ مَا لَم يَكُونُوا يَعرِفُونَ

ع ،[علل الشرائع ] عَن عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ العاَصمِيِ‌ّ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ العجِليِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع مِثلَهُ

59- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ الغضَاَئرِيِ‌ّ عَنِ التلّعّكُبرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ هَمّامٍ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ الهمَدَاَنيِ‌ّ عَن مُحَمّدٍ البرَقيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي لَم يَجعَل لِلمُؤمِنِ أَجَلًا فِي المَوتِ يُبقِيهِ مَا أَحَبّ البَقَاءَ فَإِذَا عَلِمَ مِنهُ أَنّهُ سيَأَتيِ‌ مَا فِيهِ بَوَارُ دِينِهِ قَبَضَهُ إِلَيهِ مُكرِماً

قَالَ أَبُو عَلِيّ فَذَكَرتُ هَذَا الحَدِيثَ لِأَحمَدَ بنِ عَلِيّ بنِ حَمزَةَ مَولَي الطّالِبِيّينَ وَ كَانَ رِوَايَةً لِلحَدِيثِ فحَدَثّنَيِ‌ عَنِ الحُسَينِ بنِ رَاشِدٍ الطفّاَويِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ الفُضَيلِ بنِ يَسَارٍ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ مَن يَمُوتُ بِالذّنُوبِ أَكثَرُ مِمّن يَمُوتُ بِالآجَالِ وَ مَن يَعِيشُ بِالإِحسَانِ أَكثَرُ مِمّن يَعِيشُ بِالأَعمَارِ

60- ع ،[علل الشرائع ] عَنِ القَطّانِ عَن أَحمَدَ الهمَداَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ فَضّالٍ عَن أَبِيهِ عَن مَروَانَ بنِ مُسلِمٍ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَنِ ابنِ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا جَفّتِ الدّمُوعُ إِلّا لِقَسوَةِ القُلُوبِ وَ مَا قَسَتِ القُلُوبُ إِلّا لِكَثرَةِ الذّنُوبِ

61- ع ،[علل الشرائع ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَنِ الأَصَمّ عَنِ


صفحه : 355

ابنِ مُسكَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا مِن عَبدٍ إِلّا وَ عَلَيهِ أَربَعُونَ جُنّةً حَتّي يَعمَلَ أَربَعِينَ كَبِيرَةً فَإِذَا عَمِلَ أَربَعِينَ كَبِيرَةً انكَشَفَت عَنهُ الجُنَنُ فَتَقُولُ المَلَائِكَةُ مَنِ الحَفَظَةُ الّذِينَ مَعَهُ يَا رَبّنَا هَذَا عَبدُكَ قَدِ انكَشَفَت عَنهُ الجُنَنُ فيَوُحيِ‌ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِم أَنِ استُرُوا عبَديِ‌ بِأَجنِحَتِكُم فَتَستُرُهُ المَلَائِكَةُ بِأَجنِحَتِهَا فَمَا يَدَعُ شَيئاً مِنَ القَبِيحِ إِلّا قَارَفَهُ حَتّي يَتَمَدّحُ إِلَي النّاسِ بِفِعلِهِ القَبِيحِ فَتَقُولُ المَلَائِكَةُ يَا رَبّ هَذَا عَبدُكَ مَا يَدَعُ شَيئاً إِلّا رَكِبَهُ وَ إِنّا لنَسَتحَييِ‌ مِمّا يَصنَعُ فيَوُحيِ‌ اللّهُ إِلَيهِم أَنِ ارفَعُوا أَجنِحَتَكُم عَنهُ فَإِذَا فُعِلَ ذَلِكَ أَخَذَ فِي بُغضِنَا أَهلَ البَيتِ فَعِندَ ذَلِكَ يَهتِكُ اللّهُ سِترَهُ فِي السّمَاءِ وَ يَستُرُهُ فِي الأَرضِ فَتَقُولُ المَلَائِكَةُ هَذَا عَبدُكَ قَد بقَيِ‌َ مَهتُوكَ السّترِ فيَوُحيِ‌ اللّهُ إِلَيهِم لَو كَانَ لِي فِيهِ حَاجَةٌ مَا أَمَرتُكُم أَن تَرفَعُوا أَجنِحَتَكُم عَنهُ

62- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] فِي منَاَهيِ‌ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ لَا تُحَقّرُوا شَيئاً مِنَ الشّرّ وَ إِن صَغُرَ فِي أَعيُنِكُم وَ لَا تَستَكثِرُوا الخَيرَ وَ إِن كَثُرَ فِي أَعيُنِكُم فَإِنّهُ لَا كَبِيرَ مَعَ الِاستِغفَارِ وَ لَا صَغِيرَ مَعَ الإِصرَارِ

63- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أخَيِ‌ الفُضَيلِ عَنِ الفُضَيلِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ مِنَ الذّنُوبِ التّيِ‌ لَا تُغفَرُ قَولُ الرّجُلِ يَا ليَتنَيِ‌ لَا أُؤَاخَذُ إِلّا بِهَذَا

64- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إنِيّ‌ لَأَرجُو النّجَاةَ لِهَذِهِ الأُمّةِ لِمَن عَرَفَ حَقّنَا مِنهُم إِلّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ صَاحِبِ سُلطَانٍ جَائِرٍ وَ صَاحِبِ هَوًي وَ الفَاسِقِ المُعلِنِ

65- ع ،[علل الشرائع ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن عَبدِ العَظِيمِ


صفحه : 356

الحسَنَيِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الفَضلِ عَن خَالِهِ مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُ قَالَ لِمُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ يَا مُحَمّدَ بنَ مُسلِمٍ لَا تَغُرّنّكَ النّاسُ مِن نَفسِكَ فَإِنّ الأَمرَ يَصِلُ إِلَيكَ دُونَهُم وَ لَا تَقطَعِ النّهَارَ عَنكَ بِكَذَا وَ كَذَا فَإِنّ مَعَكَ مَن يحُصيِ‌ عَلَيكَ وَ لَا تَستَصغِرَنّ حَسَنَةً تَعمَلُهَا فَإِنّكَ تَرَاهَا حَيثُ تَسُرّكَ وَ لَا تَستَصغِرَنّ سَيّئَةً تَعمَلُ بِهَا فَإِنّكَ تَرَاهَا حَيثُ تَسُوؤُكَ وَ أَحسِن فإَنِيّ‌ لَم أَرَ شَيئاً قَطّ أَشَدّ طَلَباً وَ لَا أَسرَعَ دَرَكاً مِن حَسَنَةٍ مُحدَثَةٍ لِذَنبٍ قَدِيمٍ

66- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ مَسرُورٍ عَنِ ابنِ عَامِرٍ عَن عَمّهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ عَمِيرَةَ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ مَن لَم يُبَالِ مَا قَالَ وَ مَا قِيلَ فِيهِ فَهُوَ شِركُ شَيطَانٍ وَ مَن لَم يُبَالِ أَن يَرَاهُ النّاسُ مُسِيئاً فَهُوَ شِركُ شَيطَانٍ وَ مَنِ اغتَابَ أَخَاهُ المُؤمِنَ مِن غَيرِ تِرَةٍ بَينَهُمَا فَهُوَ شِركُ شَيطَانٍ وَ مَن شَعَفَ بِمَحَبّةِ الحَرَامِ وَ شَهوَةِ الزّنَا فَهُوَ شِركُ شَيطَانٍ ثُمّ قَالَ ع إِنّ لِوَلَدِ الزّنَا عَلَامَاتٍ أَحَدُهَا بُغضُنَا أَهلَ البَيتِ وَ ثَانِيهَا أَنّهُ يَحِنّ إِلَي الحَرَامِ ألّذِي خُلِقَ مِنهُ وَ ثَالِثُهَا الِاستِخفَافُ بِالدّينِ وَ رَابِعُهَا سُوءُ المَحضَرِ لِلنّاسِ وَ لَا يسُيِ‌ءُ مَحضَرَ إِخوَانِهِ إِلّا مَن وُلِدَ عَلَي غَيرِ فِرَاشِ أَبِيهِ أَو حَمَلَت بِهِ أُمّهُ فِي حَيضِهَا

67- ثو،[ثواب الأعمال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَبّاسِ بنِ هِلَالٍ عَنِ الرّضَا ع قَالَ المُستَتِرُ بِالحَسَنَةِ تَعدِلُ سَبعِينَ حَسَنَةً وَ المُذِيعُ بِالسّيّئَةِ مَخذُولٌ وَ المُستَتِرُ بِالسّيّئَةِ مَغفُورٌ لَهُ

68-ثو،[ثواب الأعمال ] عَن أَبِيهِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن بَكرِ بنِ صَالِحٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن جَعفَرٍ الجعَفرَيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَذنَبَ ذَنباً وَ هُوَ ضَاحِكٌ دَخَلَ


صفحه : 357

النّارَ وَ هُوَ بَاكٍ

69- ثو،[ثواب الأعمال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن هَمّ بِالسّيّئَةِ فَلَا يَعمَلهَا فَإِنّهُ رُبّمَا عَمِلَ العَبدُ السّيّئَةَ فَيَرَاهُ الرّبّ عَزّ وَ جَلّ فَيَقُولُ وَ عزِتّيِ‌ وَ جلَاَليِ‌ لَا أَغفِرُ لَهُ أَبَداً

سن ،[المحاسن ] أَبِي عَنِ ابنِ فَضّالٍ مِثلَهُ

70- ثو،[ثواب الأعمال ] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن حَمّادِ بنِ عُثمَانَ عَن خَلَفِ بنِ حَمّادٍ عَن ربِعيِ‌ّ عَنِ الفُضَيلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا أَخَذَ القَومُ فِي مَعصِيَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَإِن كَانُوا رُكبَاناً كَانُوا مِن خَيلِ إِبلِيسَ وَ إِن كَانُوا رَجّالَةً كَانُوا مِن رَجّالَتِهِ

سن ،[المحاسن ] عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ مِثلَهُ

71- ثو،[ثواب الأعمال ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ الهَيثَمِ بنِ وَاقِدٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ بَعَثَ نَبِيّاً إِلَي قَومِهِ فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ قُل لِقَومِكَ إِنّهُ لَيسَ مِن أَهلِ قَريَةٍ وَ لَا أَهلِ بَيتٍ كَانُوا عَلَي طاَعتَيِ‌ فَأَصَابَهُم شَرّ فَانتَقَلُوا عَمّا أُحِبّ إِلَي مَا أَكرَهُ إِلّا تَحَوّلتُ لَهُم عَمّا يُحِبّونَ إِلَي مَا يَكرَهُونَ

سن ،[المحاسن ] عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ مِثلَهُ


صفحه : 358

72- ثو،[ثواب الأعمال ] عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن بَكرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ الشّكّ وَ المَعصِيَةَ فِي النّارِ لَيسَا مِنّا وَ لَا إِلَينَا

73- ف ،[تحف العقول ] عَن أَبِي مُحَمّدٍ ع قَالَ مِنَ الذّنُوبِ التّيِ‌ لَا تُغفَرُ قَولُ الرّجُلِ ليَتنَيِ‌ لَم أُؤَاخَذ إِلّا بِهَذَا ثُمّ قَالَ ع الإِشرَاكُ فِي النّاسِ أَخفَي مِن دَبِيبِ النّملِ عَلَي المِسحِ الأَسوَدِ فِي اللّيلَةِ المُظلِمَةِ

74- سن ،[المحاسن ] عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الرّجُلَ لَيُذنِبُ الذّنبَ فَيُحرَمُ صَلَاةَ اللّيلِ وَ إِنّ عَمَلَ الشّرّ أَسرَعُ فِي صَاحِبِهِ مِنَ السّكّينِ فِي اللّحمِ

75- سن ،[المحاسن ] فِي رِوَايَةِ الفُضَيلِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ الرّجُلَ لَيُذنِبُ الذّنبَ فَيُدرَأُ عَنهُ الرّزقُ وَ تَلَا هَذِهِ الآيَةَإِذ أَقسَمُوا لَيَصرِمُنّها مُصبِحِينَ وَ لا يَستَثنُونَ فَطافَ عَلَيها طائِفٌ مِن رَبّكَ وَ هُم نائِمُونَ

76- سن ،[المحاسن ] فِي رِوَايَةِ بَكرِ بنِ مُحَمّدٍ الأزَديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ المُؤمِنَ ليَنَويِ‌ الذّنبَ فَيُحرَمُ الرّزقَ

77-سن ،[المحاسن ] عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مَالِكِ بنِ عَطِيّةَ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ مَا مِن سَنَةٍ أَقَلّ مَطَراً مِن سَنَةٍ وَ لَكِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَضَعُهُ حَيثُ يَشَاءُ إِنّ اللّهَ إِذَا عَمِلَ قَومٌ باِلمعَاَصيِ‌ صَرَفَ عَنهُم مَا كَانَ قَدّرَهُ لَهُم مِنَ المَطَرِ فِي تِلكَ السّنَةِ إِلَي غَيرِهِم وَ إِلَي الفيَاَفيِ‌ وَ البِحَارِ وَ الجِبَالِ


صفحه : 359

وَ إِنّ اللّهَ لَيُعَذّبُ الجُعَلَ فِي جُحرِهَا بِحَبسِ المَطَرِ عَنِ الأَرضِ التّيِ‌ هيِ‌َ بِمَحَلّتِهَا لِخَطَايَا مَن بِحَضرَتِهَا وَ قَد جَعَلَ اللّهُ لَهُ السّبِيلَ إِلَي مَسلَكٍ سِوَي مَحَلّةِ أَهلِ المعَاَصيِ‌ قَالَ ثُمّ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع فَاعتَبِرُوا يا أوُليِ‌ الأَبصارِ

78- غط،[الغيبة للشيخ الطوسي‌] عَن سَعدٍ عَن أَبِي هَاشِمٍ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا مُحَمّدٍ ع يَقُولُ مِنَ الذّنُوبِ التّيِ‌ لَا تُغفَرُ قَولُ الرّجُلِ ليَتنَيِ‌ لَا أُؤَاخَذُ إِلّا بِهَذَا فَقُلتُ فِي نفَسيِ‌ إِنّ هَذَا لَهُوَ الدّقِيقُ ينَبغَيِ‌ لِلرّجُلِ أَن يَتَفَقّدَ مِن أَمرِهِ وَ مِن نَفسِهِ كُلّ شَيءٍ فَأَقبَلَ عَلَيّ أَبُو مُحَمّدٍ ع فَقَالَ يَا أَبَا هَاشِمٍ صَدَقتَ فَالزَم مَا حَدّثَت بِهِ نَفسُكَ فَإِنّ الإِشرَاكَ فِي النّاسِ أَخفَي مِن دَبِيبِ الذّرّ عَلَي الصّفَا فِي اللّيلَةِ الظّلمَاءِ وَ مِن دَبِيبِ الذّرّ عَلَي المِسحِ الأَسوَدِ

79- سن ،[المحاسن ] عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِنَا عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ عَن عَمّهِ يَعقُوبَ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ مَنِ اجتَرَأَ عَلَي اللّهِ فِي المَعصِيَةِ وَ ارتِكَابِ الكَبَائِرِ فَهُوَ كَافِرٌ وَ مَن نَصَبَ دِيناً غَيرَ دِينِ اللّهِ فَهُوَ مُشرِكٌ

80- سن ،[المحاسن ] عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي هَاشِمٍ عَن عَنبَسَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ يُحِبّ العَبدَ أَن يَطلُبَ إِلَيهِ فِي الجُرمِ العَظِيمِ وَ يُبغِضُ العَبدَ أَن يَستَخِفّ بِالجُرمِ اليَسِيرِ

81- صح ،[صحيفة الرضا عليه السلام ] عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَا ابنَ آدَمَ لَا يَغُرّنّكَ ذَنبُ النّاسِ عَن ذَنبِكَ وَ لَا نِعمَةُ النّاسِ عَن نِعمَةِ اللّهِ عَلَيكَ وَ لَا تُقَنّطِ النّاسَ مِن رَحمَةِ اللّهِ تَعَالَي وَ أَنتَ تَرجُوهَا لِنَفسِكَ


صفحه : 360

82- شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّ الّذِينَ آمَنُوا ثُمّ كَفَرُوا ثُمّ آمَنُوا ثُمّ كَفَرُوا ثُمّ ازدادُوا كُفراً مَن زَعَمَ أَنّ الخَمرَ حَرَامٌ ثُمّ شَرِبَهَا وَ مَن زَعَمَ أَنّ الزّنَا حَرَامٌ ثُمّ زَنَي وَ مَن زَعَمَ أَنّ الزّكَاةَ حَقّ وَ لَم يُؤَدّهَا

83- م ،[تفسير الإمام عليه السلام ] قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا عِبَادَ اللّهِ احذَرُوا الِانهِمَاكَ فِي المعَاَصيِ‌ وَ التّهَاوُنَ بِهَا فَإِنّ المعَاَصيِ‌َ تسَتوَليِ‌ الخِذلَانَ عَلَي صَاحِبِهَا حَتّي تُوقِعَهُ فِي رَدّ وَلَايَةِ وصَيِ‌ّ رَسُولِ اللّهِص وَ دَفعِ نُبُوّةِ نبَيِ‌ّ اللّهِ وَ لَا تَزَالُ أَيضاً بِذَلِكَ حَتّي تُوقِعَهُ فِي دَفعِ تَوحِيدِ اللّهِ وَ الإِلحَادِ فِي دِينِ اللّهِ

84- جا،[المجالس للمفيد] عَن أَحمَدَ بنِ الوَلِيدِ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَنِ ابنِ مَهزِيَارَ عَنِ النّضرِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن زَيدٍ الشّحّامِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع قَالَ احذَرُوا سَطَوَاتِ اللّهِ بِاللّيلِ وَ النّهَارِ فَقُلتُ وَ مَا سَطَوَاتُ اللّهِ قَالَ أَخذُهُ عَلَي المعَاَصيِ‌

ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر]النّضرُ مِثلَهُ

85- جا،[المجالس للمفيد]بِهَذَا الإِسنَادِ عَنِ ابنِ مَهزِيَارَ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ مَا لَكُم تَسُوءُونَ رَسُولَ اللّهِص فَقَالَ رَجُلٌ جُعِلتُ فِدَاكَ وَ كَيفَ نَسُوؤُهُ قَالَ أَ مَا تَعلَمُونَ أَنّ أَعمَالَكُم تُعرَضُ عَلَيهِ فَإِذَا رَأَي فِيهَا مَعصِيَةَ اللّهِ سَاءَهُ ذَلِكَ فَلَا تَسُوءُوا رَسُولَ اللّهِص وَ سُرّوهُ

ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر]عُثمَانُ بنُ عِيسَي مِثلَهُ

86-ختص ،[الإختصاص ] قَالَ البَاقِرُ ع إِنّ العَبدَ لَيَسأَلُ الحَاجَةَ مِن حَوَائِجِ الدّنيَا فَيَكُونُ مِن شَأنِ اللّهِ قَضَاؤُهَا إِلَي أَجَلٍ قَرِيبٍ أَو وَقتٍ بطَيِ‌ءٍ فَيُذنِبُ العَبدُ عِندَ


صفحه : 361

ذَلِكَ ذَنباً فَيَقُولُ اللّهُ لِلمَلَكِ المُوَكّلِ بِحَاجَتِهِ لَا تُنجِز لَهُ حَاجَتَهُ وَ احرِمهُ إِيّاهَا فَإِنّهُ تَعَرّضَ لسِخَطَيِ‌ وَ استَوجَبَ الحِرمَانَ منِيّ‌

87- ختص ،[الإختصاص ] عَنِ الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ عَامِرٍ عَن عَمّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ عَنِ ابنِ عَمِيرَةَ قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع إِنّ لِلّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي عَلَي عَبدِهِ المُؤمِنِ أَربَعِينَ جُنّةً فَمَتَي أَذنَبَ ذَنباً كَبِيراً رَفَعَ عَنهُ جُنّةً فَإِذَا عَابَ أَخَاهُ المُؤمِنَ بشِيَ‌ءٍ يَعلَمُهُ مِنهُ انكَشَفَت تِلكَ الجُنَنُ عَنهُ وَ يَبقَي مَهتُوكَ السّترِ فَيَفتَضِحُ فِي السّمَاءِ عَلَي أَلسِنَةِ المَلَائِكَةِ وَ فِي الأَرضِ عَلَي أَلسِنَةِ النّاسِ وَ لَا يَرتَكِبُ ذَنباً إِلّا ذَكَرُوهُ وَ يَقُولُ المَلَائِكَةُ المُوَكّلُونَ بِهِ يَا رَبّنَا قَد بقَيِ‌َ عَبدُكَ مَهتُوكَ السّترِ وَ قَد أَمَرتَنَا بِحِفظِهِ فَيَقُولُ عَزّ وَ جَلّ ملَاَئكِتَيِ‌ لَو أَرَدتُ بِهَذَا العَبدِ خَيراً مَا فَضَحتُهُ فَارفَعُوا أَجنِحَتَكُم عَنهُ فَوَ عزِتّيِ‌ لَا يَئُولُ بَعدَهَا إِلَي خَيرٍ أَبَداً

88- ختص ،[الإختصاص ] عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ مَا مِن عَبدٍ مُؤمِنٍ إِلّا وَ فِي قَلبِهِ نُكتَةٌ بَيضَاءُ فَإِن أَذنَبَ وَ ثَنّي خَرَجَ مِن تِلكَ النّكتَةِ سَوَادٌ فَإِن تَمَادَي فِي الذّنُوبِ اتّسَعَ ذَلِكَ السّوَادُ حَتّي يغُطَيّ‌َ البَيَاضَ فَإِذَا غَطّي البَيَاضَ لَم يَرجِع صَاحِبُهُ إِلَي خَيرٍ أَبَداً وَ هُوَ قَولُ اللّهِكَلّا بَل رانَ عَلي قُلُوبِهِم ما كانُوا يَكسِبُونَ

89- ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن حَنَانِ بنِ سَدِيرٍ عَن رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ رُوزبِه وَ كَانَ مِنَ الزّيدِيّةِ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع مَا مِن عَبدٍ يَعمَلُ عَمَلًا لَا يَرضَاهُ اللّهُ إِلّا سَتَرَهُ اللّهُ عَلَيهِ أَوّلًا فَإِذَا ثَنّي سَتَرَهُ اللّهُ عَلَيهِ فَإِذَا ثَلّثَ أَهبَطَ اللّهُ مَلَكاً فِي صُورَةِ آدمَيِ‌ّ يَقُولُ لِلنّاسِ فَعَلَ كَذَا وَ كَذَا

90-ين ،[ كتاب حسين بن سعيد والنوادر] عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَوحَي إِلَي دَاوُدَ النّبِيّ ع أَنِ ائتِ عبَديِ‌ دَانِيَالَ فَقُل لَهُ إِنّكَ عصَيَتنَيِ‌ فَغَفَرتُ لَكَ وَ عصَيَتنَيِ‌ فَغَفَرتُ لَكَ وَ عصَيَتنَيِ‌ فَغَفَرتُ لَكَ فَإِن أَنتَ


صفحه : 362

عصَيَتنَيِ‌ الرّابِعَةَ لَم أَغفِر لَكَ قَالَ فَأَتَاهُ دَاوُدُ ع فَقَالَ لَهُ يَا دَانِيَالُ إنِيّ‌ رَسُولُ اللّهِ إِلَيكَ وَ هُوَ يَقُولُ لَكَ إِنّكَ عصَيَتنَيِ‌ فَغَفَرتُ لَكَ وَ عصَيَتنَيِ‌ فَغَفَرتُ لَكَ وَ عصَيَتنَيِ‌ فَغَفَرتُ لَكَ فَإِن أَنتَ عصَيَتنَيِ‌ الرّابِعَةَ لَم أَغفِر لَكَ فَقَالَ لَهُ دَانِيَالُ قَد بَلّغتَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ قَالَ فَلَمّا كَانَ فِي السّحَرِ قَامَ دَانِيَالُ وَ نَاجَي رَبّهُ فَقَالَ يَا رَبّ إِنّ دَاوُدَ نَبِيّكَ أخَبرَنَيِ‌ عَنكَ أنَيّ‌ قَد عَصَيتُكَ فَغَفَرتَ لِي وَ عَصَيتُكَ فَغَفَرتَ لِي وَ عَصَيتُكَ فَغَفَرتَ لِي وَ أخَبرَنَيِ‌ عَنكَ أنَيّ‌ إِن عَصَيتُكَ الرّابِعَةَ لَم تَغفِر لِي فَوَ عِزّتِكَ لَأَعصِيَنّكَ ثُمّ لَأَعصِيَنّكَ ثُمّ لَأَعصِيَنّكَ إِن لَم تعَصمِنيِ‌

91- محص ،[التمحيص ] عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ قَالَ دَخَلتُ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ قَد كَانَتِ الرّيحُ حَمَلَتِ العِمَامَةَ عَن رأَسيِ‌ فِي البَدوِ فَقَالَ يَا مُعَاوِيَةُ فَقُلتُ لَبّيكَ جُعِلتُ فِدَاكَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِص قَالَ حَمَلَتِ الرّيحُ العِمَامَةَ عَن رَأسِكَ قُلتُ نَعَم قَالَ هَذَا جَزَاءُ مَن أَطعَمَ الأَعرَابَ

92- محص ،[التمحيص ] عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع تَوَقّوُا الذّنُوبَ فَمَا مِن بَلِيّةٍ وَ لَا نَقصِ رِزقٍ إِلّا بِذَنبٍ حَتّي الخَدشَ وَ النّكبَةَ وَ المُصِيبَةَ فَإِنّ اللّهَ يَقُولُوَ ما أَصابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم وَ يَعفُوا عَن كَثِيرٍ

93- نَوَادِرُ الراّونَديِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ الرّجُلَ لَيَجلِسُ عَلَي بَابِ الجَنّةِ مِقدَارَ عَامٍ بِذَنبٍ وَاحِدٍ وَ إِنّهُ لَيَنظُرُ إِلَي أَكوَابِهِ وَ أَزوَاجِهِ

وَ بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لِلمُؤمِنِ اثنَانِ وَ سَبعُونَ سِتراً فَإِذَا أَذنَبَ ذَنباً انهَتَكَت عَنهُ سِترٌ فَإِن تَابَ رَدّهُ اللّهُ إِلَيهِ وَ سَبعَةً مَعَهُ وَ إِن أَبَي إِلّا قُدماً قُدماً فِي المعَاَصيِ‌ تَهَتّكَت عَنهُ أَستَارُهُ فَإِن تَابَ رَدّهَا اللّهُ إِلَيهِ وَ مَعَ كُلّ سِترٍ مِنهَا سَبعَةٌ فَإِن أَبَي إِلّا قُدماً قُدماً فِي المعَاَصيِ‌ تَهَتّكَت أَستَارُهُ وَ بقَيِ‌َ بِلَا سِترٍ وَ أَوحَي اللّهُ تَعَالَي إِلَي


صفحه : 363

مَلَائِكَتِهِ أَنِ استُرُوا عبَديِ‌ بِأَجنِحَتِكُم فَإِنّ بنَيِ‌ آدَمَ يُغِيرُونَ وَ لَا يُغَيّرُونَ وَ أَنَا أُغَيّرُ وَ لَا أُغِيرُ فَإِن أَبَي إِلّا قُدماً قُدماً فِي المعَاَصيِ‌ شَكَتِ المَلَائِكَةُ إِلَي رَبّهَا وَ رَفَعَت أَجنِحَتَهَا وَ قَالَت يَا رَبّ إِنّ عَبدَكَ هَذَا قَد أَقذَرَنَا مِمّا يأَتيِ‌ مِنَ الفَوَاحِشِما ظَهَرَ مِنها وَ ما بَطَنَ قَالَ فَيَقُولُ اللّهُ تَعَالَي لَهُم كُفّوا عَنهُ أَجنِحَتَكُم فَلَو عَمِلَ الخَطِيئَةَ فِي سَوَادِ اللّيلِ أَو فِي ضَوءِ النّهَارِ أَو فِي مَفَازَةٍ أَو قَعرِ بَحرٍ لَأَجرَاهَا اللّهُ تَعَالَي عَلَي أَلسِنَةِ النّاسِ فَاسأَلُوا اللّهَ تَعَالَي أَن لَا يَهتِكَ أَستَارَكُم

وَ بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ إِبلِيسَ رضَيِ‌َ مِنكُم بِالمُحَقّرَاتِ وَ الذّنبُ ألّذِي لَا يُغفَرُ قَولُ الرّجُلِ لَا أُؤَاخَذُ بِهَذَا الذّنبِ استِصغَاراً لَهُ

94- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَن جَمَاعَةٍ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ حَمزَةَ العلَوَيِ‌ّ عَن عَمّهِ عَلِيّ بنِ حَمزَةَ عَن عَلِيّ بنِ جَعفَرٍ عَن أَخِيهِ مُوسَي عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا اختَلَجَ عِرقٌ وَ لَا عَثَرَت قَدَمٌ إِلّا بِمَا قَدّمَت أَيدِيكُم وَ مَا يَعفُو اللّهُ عَنهُ أَكثَرُ

95- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ الغضَاَئرِيِ‌ّ عَنِ التلّعّكُبرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ هَمّامٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ الهمَدَاَنيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ البرَقيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي لَم يَجعَل لِلمُؤمِنِ أَجَلًا فِي المَوتِ يُبقِيهِ مَا أَحَبّ البَقَاءَ فَإِذَا عَلِمَ أَنّهُ سيَأَتيِ‌ بِمَا فِيهِ بَوَارُ دِينِهِ قَبَضَهُ إِلَيهِ مكرها[مُكرِماً]

قَالَ مُحَمّدُ بنُ هَمّامٍ فَذَكَرتُ هَذَا الحَدِيثَ لِأَحمَدَ بنِ عَلِيّ بنِ حَمزَةَ مَولَي الطّالِبِيّينَ وَ كَانَ رَاوِيَةً لِلحَدِيثِ فحَدَثّنَيِ‌ عَنِ الحُسَينِ بنِ أَسَدٍ الطفّاَويِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ فُضَيلِ بنِ يَسَارٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن يَمُوتُ بِالذّنُوبِ أَكثَرُ مِمّن يَمُوتُ بِالآجَالِ وَ مَن يَعِيشُ بِالإِحسَانِ أَكثَرُ مِمّن يَعِيشُ


صفحه : 364

بِالأَعمَارِ

96- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَو لَم يَتَوَعّدِ اللّهُ عَلَي مَعصِيَتِهِ لَكَانَ يَجِبُ أَن لَا يُعصَي شُكراً لِنِعَمِهِ

وَ قَالَ ع تَركُ الذّنبِ أَهوَنُ مِن طَلَبِ التّوبَةِ

وَ قَالَ ع اتّقُوا معَاَصيِ‌َ اللّهِ فِي الخَلَوَاتِ فَإِنّ الشّاهِدَ هُوَ الحَاكِمُ

وَ قَالَ ع أَقَلّ مَا يَلزَمُكُم لِلّهِ أَلّا تَستَعِينُوا بِنِعَمِهِ عَلَي مَعَاصِيهِ

وَ قَالَ ع مِنَ العِصمَةِ تَعَذّرُ المعَاَصيِ‌

وَ قَالَ ع اذكُرُوا انقِطَاعَ اللّذّاتِ وَ بَقَاءَ التّبِعَاتِ

وَ قَالَ ع أَشَدّ الذّنُوبِ مَا استَخَفّ بِهِ صَاحِبُهُ

وَ قَالَ ع أَيّهَا النّاسُ إِنّ الدّنيَا تَغُرّ المُؤَمّلَ لَهَا وَ المُخلِدَ إِلَيهَا وَ لَا تَنَفّس بِمَن نَافَسَ فِيهَا وَ تَغلِبُ مَن غَلَبَ عَلَيهَا وَ ايمُ اللّهِ مَا كَانَ قَومٌ قَطّ فِي غَضّ نِعمَةٍ مِن عَيشٍ فَزَالَ عَنهُم إِلّا بِذُنُوبٍ اجتَرَحُوهَا لِأَنّ اللّهَ تَعَالَيلَيسَ بِظَلّامٍ لِلعَبِيدِ وَ لَو أَنّ النّاسَ حِينَ تَنزِلُ بِهِمُ النّقَمُ وَ تَزُولُ عَنهُمُ النّعَمُ فَزِعُوا إِلَي رَبّهِم بِصِدقٍ مِن نِيّاتِهِم وَ وَلَهٍ مِن قُلُوبِهِم لَرَدّ عَلَيهِم كُلّ شَارِدٍ وَ أَصلَحَ لَهُم كُلّ فَاسِدٍ

وَ قَالَ ع إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ لَا يَخفَي عَلَيهِ مَا العِبَادُ مُقتَرِفُونَ فِي لَيلِهِم


صفحه : 365

وَ نَهَارِهِم لَطُفَ بِهِ خُبراً وَ أَحَاطَ بِهِ عِلماً أَعضَاؤُكُم شُهُودُهُ وَ جَوَارِحُكُم جُنُودُهُ وَ ضَمَائِرُكُم عُيُونُهُ وَ خَلَوَاتُكُم عِيَانُهُ

97- كَنزُ الكرَاَجكَيِ‌ّ، عَنِ المُفِيدِ عَن عُمَرَ بنِ مُحَمّدٍ المَعرُوفِ بِابنِ الزّيّاتِ عَن عَلِيّ بنِ مَهرَوَيهِ القزَويِنيِ‌ّ عَن دَاوُدَ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَا ابنَ آدَمَ مَا تنُصفِنُيِ‌ أَتَحَبّبُ إِلَيكَ بِالنّعَمِ وَ تَتَبَغّضُ إلِيَ‌ّ باِلمعَاَصيِ‌ خيَريِ‌ إِلَيكَ نَازِلٌ وَ شَرّكَ إلِيَ‌ّ صَاعِدٌ أَ فِي كُلّ يَومٍ يأَتيِنيِ‌ عَنكَ مَلَكٌ كَرِيمٌ بِعَمَلٍ غَيرِ صَالِحٍ يَا ابنَ آدَمَ لَو سَمِعتَ وَصفَكَ مِن غَيرِكَ وَ أَنتَ لَا تدَريِ‌ مَنِ المَوصُوفُ لَسَارَعتَ إِلَي مَقتِهِ

وَ مِنهُ قَالَ الصّادِقُ ع تَأخِيرُ التّوبَةِ اغتِرَارٌ وَ طُولُ التّسوِيفِ حَيرَةٌ وَ الِاعتِلَالُ عَلَي اللّهِ هَلَكَةٌ وَ الإِصرَارُ عَلَي الذّنبِ أَمنٌ لِمَكرِ اللّهِفَلا يَأمَنُ مَكرَ اللّهِ إِلّا القَومُ الخاسِرُونَ

98- عُدّةُ الداّعيِ‌،روُيِ‌َ فِي زَبُورِ دَاوُدَ ع يَقُولُ اللّهُ تَعَالَي يَا ابنَ آدَمَ تسَألَنُيِ‌ وَ أَمنَعُكَ لعِلِميِ‌ بِمَا يَنفَعُكَ ثُمّ تُلِحّ عَلَيّ بِالمَسأَلَةِ فَأُعطِيكَ مَا سَأَلتَ فَتَستَعِينُ بِهِ عَلَي معَصيِتَيِ‌ فَأَهُمّ بِهَتكِ سِترِكَ فتَدَعوُنيِ‌ فَأَستُرُ عَلَيكَ فَكَم مِن جَمِيلٍ أَصنَعُ مَعَكَ وَ كَم مِن قَبِيحٍ تَصنَعُ معَيِ‌ يُوشِكُ أَن أَغضَبَ عَلَيكَ غَضبَةً لَا أَرضَي بَعدَهَا أَبَداً وَ فِيمَا أَوحَي اللّهُ إِلَي عِيسَي ع لَا يَغُرّنّكَ المُتَمَرّدُ عَلَيّ بِالعِصيَانِ يَأكُلُ رزِقيِ‌ وَ يَعبُدُ غيَريِ‌ ثُمّ يدَعوُنيِ‌ عِندَ الكَربِ فَأُجِيبُهُ ثُمّ يَرجِعُ إِلَي مَا كَانَ عَلَيهِ فعَلَيَ‌ّ يَتَمَرّدُ أَم لسِخَطَيِ‌ يَتَعَرّضُ فبَيِ‌ حَلَفتُ لَآخُذَنّهُ أَخذَةً لَيسَ لَهُ مِنهَا مَنجًي وَ لَا دوُنيِ‌ مَلجَأٌ أَينَ يَهرُبُ مِن سمَاَئيِ‌ وَ أرَضيِ‌


صفحه : 366

باب 831-علل المصائب والمحن والأمراض والذنوب التي‌ توجب غضب الله وسرعة العقوبة

الآيات آل عمران أَ وَ لَمّا أَصابَتكُم مُصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّي هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنّ اللّهَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَ ما أَصابَكُم يَومَ التَقَي الجَمعانِ فَبِإِذنِ اللّهِ وَ لِيَعلَمَ المُؤمِنِينَ وَ لِيَعلَمَ الّذِينَ نافَقُواالأعراف وَ لَقَد أَخَذنا آلَ فِرعَونَ بِالسّنِينَ وَ نَقصٍ مِنَ الثّمَراتِ لَعَلّهُم يَذّكّرُونَ و قال وَ بَلَوناهُم بِالحَسَناتِ وَ السّيّئاتِ لَعَلّهُم يَرجِعُونَالتوبةأَ وَ لا يَرَونَ أَنّهُم يُفتَنُونَ فِي كُلّ عامٍ مَرّةً أَو مَرّتَينِ ثُمّ لا يَتُوبُونَ وَ لا هُم يَذّكّرُونَالرعدوَ لا يَزالُ الّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَو تَحُلّ قَرِيباً مِن دارِهِم حَتّي يأَتيِ‌َ وَعدُ اللّهِ إِنّ اللّهَ لا يُخلِفُ المِيعادَالكهف أَمّا السّفِينَةُ فَكانَت لِمَساكِينَ يَعمَلُونَ فِي البَحرِ فَأَرَدتُ أَن أَعِيبَها وَ كانَ وَراءَهُم مَلِكٌ يَأخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ غَصباً وَ أَمّا الغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤمِنَينِ فَخَشِينا أَن يُرهِقَهُما طُغياناً وَ كُفراً فَأَرَدنا أَن يُبدِلَهُما رَبّهُما خَيراً مِنهُ زَكاةً وَ أَقرَبَ رُحماًالأنبياءوَ نَبلُوكُم بِالشّرّ وَ الخَيرِ فِتنَةً وَ إِلَينا تُرجَعُونَ


صفحه : 367

و قال تعالي أَ فَلا يَرَونَ أَنّا نأَتيِ‌ الأَرضَ نَنقُصُها مِن أَطرافِها أَ فَهُمُ الغالِبُونَالروم وَ إِن تُصِبهُم سَيّئَةٌ بِما قَدّمَت أَيدِيهِم إِذا هُم يَقنَطُونَ و قال تعالي ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ وَ البَحرِ بِما كَسَبَت أيَديِ‌ النّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ ألّذِي عَمِلُوا لَعَلّهُم يَرجِعُونَالتنزيل وَ لَنُذِيقَنّهُم مِنَ العَذابِ الأَدني دُونَ العَذابِ الأَكبَرِ لَعَلّهُم يَرجِعُونَحمعسق وَ ما أَصابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم وَ يَعفُوا عَن كَثِيرٍ وَ ما أَنتُم بِمُعجِزِينَ فِي الأَرضِ وَ ما لَكُم مِن دُونِ اللّهِ مِن ولَيِ‌ّ وَ لا نَصِيرٍ و قال وَ إِن تُصِبهُم سَيّئَةٌ بِما قَدّمَت أَيدِيهِم فَإِنّ الإِنسانَ كَفُورٌ

1- دَعَائِمُ الإِسلَامِ،رُوّينَا عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ نَزَلَ فِي بَعضِ أَسفَارِهِ بِأَرضٍ لَا نَبَاتَ بِهَا فَقَالَ اطلُبُوا لَنَا حَطَباً قَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ نَحنُ كَمَا تَرَي بِأَرضٍ قَرعَاءَ فَقَالَ افتَرِقُوا وَ اطلُبُوا عَلَي ذَلِكَ فَافتَرَقَ النّاسُ فَجَعَلَ الرّجُلُ يأَتيِ‌ بِالعُودَينِ وَ الثّلَاثَةِ وَ أَكثَرَ مِن ذَلِكَ كَالخَلَالِ وَ نَحوِهِ مِمّا تَسفِيهِ الرّيحُ حَتّي صَارَ بَينَ يدَيَ‌ رَسُولِ اللّهِص مَن ذَلِكَ كَومٌ عَظِيمٌ فَقَالَ أَرَدتُ أَن أَضرِبَ لَكُم بِهَذَا مَثَلًا هَكَذَا تَجتَمِعُ الحَسَنَاتُ وَ هَكَذَا تَجتَمِعُ السّيّئَاتُ فَرَحِمَ اللّهُ امرَأً نَظَرَ لِنَفسِهِ

2-كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ وَ عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ جَمِيعاً عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ عَن أَبَانٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خَمسٌ إِن أَدرَكتُمُوهُنّ فَتَعَوّذُوا بِاللّهِ مِنهُنّ لَم تَظهَرِ الفَاحِشَةُ فِي قَومٍ قَطّ حَتّي يُعلِنُوهَا إِلّا ظَهَرَ فِيهِمُ الطّاعُونُ وَ الأَوجَاعُ التّيِ‌ لَم تَكُن فِي أَسلَافِهِمُ الّذِينَ مَضَوا وَ لَم يَنقُصُوا المِكيَالَ وَ المِيزَانَ إِلّا أُخِذُوا بِالسّنِينَ وَ شِدّةِ المَئُونَةِ وَ جَورِ السّلطَانِ وَ لَم يَمنَعُوا الزّكَاةَ إِلّا مُنِعُوا القَطرَ مِنَ السّمَاءِ وَ لَو لَا


صفحه : 368

البَهَائِمُ لَم يُمطَرُوا وَ لَم يَنقُضُوا عَهدَ اللّهِ وَ عَهدَ رَسُولِهِ إِلّا سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم عَدُوّهُم وَ أَخَذُوا بَعضَ مَا فِي أَيدِيهِم وَ لَم يَحكُمُوا بِغَيرِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلّا جَعَلَ اللّهُ بَأسَهُم بَينَهُم

بيان خمس مبتدأ مع تنكيره مثل كوكب انقض الساعة والجملة الشرطية خبره أوخمس فاعل فعل محذوف أي تكون خمس والفاحشة الزنا و في القاموس السنة الجدب والقحط و الأرض المجدبة والجمع سنون و في النهاية السنة الجدب يقال أخذتهم السنة إذاأجدبوا وأقحطوا والمئونة القوت وشدة المئونة ضيقها وعسر تحصيلها. وقيل يترتب علي كل واحد منها عقوبة تناسبه فإن الأول لما كان فيه تضييع آلة النسل ناسبه الطاعون الموجب لانقطاعه والثاني‌ لما كان القصد فيه زيادة المعيشة ناسبه القحط وشدة المئونة وجور السلطان بأخذ المال وغيره والثالث لما كان فيه منع ماأعطاه الله بتوسط الماء ناسبه منع نزول المطر من السماء والرابع لما كان فيه ترك العدل والحاكم العادل ناسبه تسلط العدو وأخذ الأموال والخامس لما كان فيه رفض الشريعة وترك القوانين العدلية ناسبه وقوع الظلم بينهم وغلبة بعضهم علي بعض . وأقول يمكن أن يقال لما كان في الأول مظنة تكثير النسل عاملهم الله بخلافه و في الثالث لما كان غرضهم توفير المال منع الله القطر ليضيق عليهم وأشار بقوله و لو لاالبهائم لم يمطروا إلي أن البهائم لعدم صدور المعصية منهم وعدم تكليفهم استحقاقهم للرحمة أكثر من الكفرة وأرباب الذنوب والمعاصي‌ كمادلت عليه قصة النملة واستسقاؤها وقولها أللهم لاتؤاخذنا بذنوب بني‌ آدم ويومئ إليه قوله تعالي بَل هُم أَضَلّ سَبِيلًا. والمراد بنقض عهد الله وعهد رسوله نقض الأمان والذمة التي‌ أمر الله برعايتها والوفاء بها و إذاخفرت الذمة أديل لأهل الشرك من أهل الإسلام و هوالظاهر


صفحه : 369

من الخبر الآتي‌ أيضا وقيل هونقض العهد بنصرة الإمام الحق واتباعه في جميع الأمور والأول أظهر. و لما كان هذاالغدر للغلبة علي الخصم بالحيلة والمكر يعاملهم الله بما يخالف غرضهم فيجعل بأسهم بينهم في القاموس البأس العذاب والشدة في الحرب أي جعل عذابهم وحربهم بينهم يتسلط بعضهم علي بعض ويتغالبون ويتحاربون و لاينتصف بعضهم من بعض وترتب هذا علي الجور في الحكم ظاهر ويحتمل أن يكون السبب أنهم إذاجاروا في الحكم وحكموا للظالم علي المظلوم يسلط الله علي الظالم ظالما آخر يغلبه فيصير بأسهم وحربهم بينهم و هذاأيضا مجرب

3- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ وَ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مَالِكِ بنِ عَطِيّةَ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ وَجَدنَا فِي كِتَابِ رَسُولِ اللّهِص إِذَا ظَهَرَ الزّنَا مِن بعَديِ‌ كَثُرَ مَوتُ الفَجأَةِ وَ إِذَا طُفّفَ المِكيَالُ وَ المِيزَانُ أَخَذَهُمُ اللّهُ بِالسّنِينَ وَ النّقصِ وَ إِذَا مَنَعُوا الزّكَاةَ مَنَعَتِ الأَرضُ بَرَكَتَهَا مِنَ الزّرعِ وَ الثّمَارِ وَ المَعَادِنِ كُلّهَا وَ إِذَا جَارُوا فِي الأَحكَامِ تَعَاوَنُوا عَلَي الظّلمِ وَ العُدوَانِ وَ إِذَا نَقَضُوا العَهدَ سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم عَدُوّهُم وَ إِذَا قَطَعُوا الأَرحَامَ جُعِلَتِ الأَموَالُ فِي أيَديِ‌ الأَشرَارِ وَ إِذَا لَم يَأمُرُوا بِالمَعرُوفِ وَ لَم يَنهَوا عَنِ المُنكَرِ وَ لَم يَتّبِعُوا الأَخيَارَ مِن أَهلِ بيَتيِ‌ سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم شِرَارَهُم فَيَدعُو خِيَارُهُم فَلَا يُستَجَابُ لَهُم

بيان في كتاب رسول الله ص صدر هذاالحديث في كتاب نكاح الكافي‌ و فيه في كتاب علي ع و هوأظهر و لاتنافي‌ بينهما لأن مملي‌ الكتاب رسول الله ص والكاتب علي ع فيجوز نسبته إلي كل منهما و علي تقدير المغايرة يمكن وجدانه فيهما و في المصباح فجأت الرجل أفجؤه مهموز من باب تعب و في لغة بفتحتين جئته بغتة والاسم الفجاءة بالضم والمد و في لغة وزان تمرة وفجأة


صفحه : 370

الأمر مهموز من بابي‌ تعب ونفع أيضا وفاجأه مفاجأة أي عاجله و قال الطفيف مثل القليل وزنا ومعني و منه قيل تطفيف المكيال والميزان و قدطففه و هومطفف إذاكال أووزن و لم يوف انتهي وأقول قال تعالي وَيلٌ لِلمُطَفّفِينَ الّذِينَ إِذَا اكتالُوا عَلَي النّاسِ يَستَوفُونَ وَ إِذا كالُوهُم أَو وَزَنُوهُم يُخسِرُونَ قال البيضاوي‌ التطفيف البخس في الكيل والوزن لأن مايبخس طفيف أي حقير وَ فِي الحَدِيثِ خَمسٌ بِخَمسٍ مَا نَقَضَ العَهدَ قَومٌ إِلّا سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم عَدُوّهُم وَ مَا حَكَمُوا بِغَيرِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلّا فَشَا فِيهِمُ الفَقرُ وَ مَا ظَهَرَ فِيهِمُ الفَاحِشَةُ إِلّا فَشَا فِيهِمُ المَوتُ وَ لَا طَفّفُوا الكَيلَ إِلّا مَنَعُوا النّبَاتَ وَ أَخَذُوا بِالسّنِينَ وَ لَا مَنَعُوا الزّكَاةَ إِلّا حُبِسَ عَنهُمُ القَطرُ

و قال عَلَي النّاسِ أي منهم يَستَوفُونَ أي يأخذون حقوقهم وافيةوَ إِذا كالُوهُم أَو وَزَنُوهُم أي كالوا للناس ووزنوا لهم . والمراد بالنقص نقص ريع الأرض من الثمرات والحبوب كما قال سبحانه وَ لَقَد أَخَذنا آلَ فِرعَونَ بِالسّنِينَ وَ نَقصٍ مِنَ الثّمَراتِ لَعَلّهُم يَذّكّرُونَمنعت الأرض علي بناء المعلوم فيكون المفعول الأول محذوفا أي منعت الأرض الناس بركتها أوالمجهول فيكون الفاعل هو الله تعالي والجور نقيض العدل و هذه الفقرة تحتمل وجهين .الأول أن الجور في الحكم وترك العدل هومعاونة للظالم علي المظلوم فلا يكون علي سياق سائر الفقرات و كان النكتة فيه أن سوء أثره و هوالاختلال في نظام العالم لما كان ظاهرا اكتفي بتوضيح أصل الفعل وإظهار قبحه .الثاني‌ أن يكون المراد أنه تعالي بسبب هذاالفعل يمنع اللطف عنهم فيتعاونون علي الظلم والعدوان حتي يصل ضرره إلي الحاكم والظالم أيضا كما قال ع في الخبر السابق جعل الله بأسهم بينهم والظاهر أن المراد بالعهد


صفحه : 371

المعاهدة مع الكفار كماعرفت ويحتمل التعميم وكون قطع الأرحام سببا لجعل الأموال في أيدي‌ الأشرار مجرب و له أسباب باطنة وظاهرة فعمده الباطنة قطع لطف الله تعالي عنهم و من الظاهرة أنهم لايتعاونون في دفع الظلم فيتسلط عليهم الأشرار ويأخذون الأموال منهم ومنها أنهم يدلون بأموالهم إلي الحكام الجائرين لغلبة بعضهم علي بعض فينتقل أموالهم إليهم . و إذا لم يأمروا بالمعروف قيل يحتمل ترتب التسليط علي ترك كل واحد منهما أوتركهما معا وأقول الثاني‌ أظهر مع أن كلا منهما يستلزم الآخر فإن ترك كل معروف منكر وترك كل منكر معروف والمراد بالخيار الفاعلون للمعروف الآمرون به والتاركون للمنكر الناهون عنه وعدم استجابة دعائهم لاستحكام الغضب وبلوغه حد الحتم والإبرام أ لايري أنه لم تقبل شفاعة خليل الرحمن ع لقوم لوط ويحتمل أن يكون المراد بالخيار الذين لم يتركوا المعروف و لم يرتكبوا المنكر لكنهم لم يأمروا و لم ينهوا فعدم استجابة دعائهم لذلك كأصحاب السبت فإن العذاب نزل علي المعتدين والذين لم ينهوا معا وعدم استجابة دعاء المؤمنين لظهور القائم ع يحتمل الوجهين . واعلم أن عمدة ترك النهي‌ عن المنكر في هذه الأمة ماصدر عنهم بعدالرسول ص في مداهنة خلفاء الجور وعدم اتباع أئمة الحق عليهم فتسلط عليهم خلفاء الجور من التيمي‌ والعدوي‌ وبني‌ أمية وبني‌ العباس وسائر الملوك الجائرين فكانوا يدعون ويتضرعون فلايستجاب لهم وربما يخص الخبر بذلك لقوله و لم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي‌ والتعميم أولي

4-ب ،[قرب الإسناد] عَن هَارُونَ عَنِ ابنِ زِيَادٍ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَنزَلَ كِتَاباً مِن كُتُبِهِ عَلَي نبَيِ‌ّ مِن أَنبِيَائِهِ وَ فِيهِ أَنّهُ سَيَكُونُ خَلقٌ مِن خلَقيِ‌ يَلحَسُونَ الدّنيَا بِالدّينِ يَلبَسُونَ مُسُوكَ الضّأنِ عَلَي قُلُوبٍ كَقُلُوبِ الذّئَابِ أَشَدّ مَرَارَةً مِنَ الصّبِرِ أَلسِنَتُهُم أَحلَي مِنَ العَسَلِ وَ أَعمَالُهُمُ البَاطِنَةُ أَنتَنُ مِنَ الجِيَفِ أَ فِيّ يَغتَرّونَ أَم إيِاّي‌َ يَخدَعُونَ أَم عَلَيّ يَتَجَبّرُونَ فبَعِزِتّيِ‌ حَلَفتُ لَأَبتَعِثَنّ


صفحه : 372

لَهُمُ الفِتنَةَ تَطَأُ فِي خِطَامِهَا حَتّي تَبلُغَ أَطرَافَ الأَرضِ يُترَكُ الحَكِيمُ[الحَلِيمُ] فِيهَا حَيرَانَ

5- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مَالِكِ بنِ عَطِيّةَ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ أَمَا إِنّهُ لَيسَ مِن سَنَةٍ أَقَلّ مَطَراً مِن سَنَةٍ وَ لَكِنّ اللّهَ يَضَعُهُ حَيثُ يَشَاءُ إِنّ اللّهَ جَلّ جَلَالُهُ إِذَا عَمِلَ قَومٌ باِلمعَاَصيِ‌ صَرَفَ عَنهُم مَا كَانَ قَدّرَ لَهُم مِنَ المَطَرِ فِي تِلكَ السّنَةِ إِلَي غَيرِهِم وَ إِلَي الفيَاَفيِ‌ وَ البِحَارِ وَ الجِبَالِ وَ إِنّ اللّهَ لَيُعَذّبُ الجُعَلَ فِي جُحرِهَا بِحَبسِ المَطَرِ عَنِ الأَرضِ التّيِ‌ هيِ‌َ بِمَحَلّتِهَا لِخَطَايَا مَن بِحَضرَتِهَا وَ قَد جَعَلَ اللّهُ لَهَا السّبِيلَ إِلَي مَسلَكٍ سِوَي مَحَلّةِ أَهلِ المعَاَصيِ‌ قَالَ ثُمّ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع فَاعتَبِرُوا يا أوُليِ‌ الأَبصارِ ثُمّ قَالَ وَجَدنَا فِي كِتَابِ عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا ظَهَرَ الزّنَا كَثُرَ مَوتُ الفَجأَةِ وَ إِذَا طُفّفَ المِكيَالُ أَخَذَهُمُ اللّهُ بِالسّنِينَ وَ النّقصِ وَ إِذَا مَنَعُوا الزّكَاةَ مَنَعَتِ الأَرضُ بَرَكَتَهَا مِنَ الزّرعِ وَ الثّمَارِ وَ المَعَادِنِ كُلّهَا وَ إِذَا جَارُوا فِي الأَحكَامِ تَعَاوَنُوا عَلَي الظّلمِ وَ العُدوَانِ وَ إِذَا نَقَضُوا العَهدَ سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم عَدُوّهُم وَ إِذَا قَطَعُوا الأَرحَامَ جُعِلَتِ الأَموَالُ فِي أيَديِ‌ الأَشرَارِ وَ إِذَا لَم يَأمُرُوا بِمَعرُوفٍ وَ لَم يَنهَوا عَن مُنكَرٍ وَ لَم يَتّبِعُوا الأَخيَارَ مِن أَهلِ بيَتيِ‌ سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم شِرَارَهُم فَيَدعُو عِندَ ذَلِكَ خِيَارُهُم فَلَا يُستَجَابُ لَهُم

6- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ المُفِيدِ عَن أَحمَدَ بنِ الوَلِيدِ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّفّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ عَطِيّةَ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ ع يَقُولُ وَجَدتُ فِي كِتَابِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع إِلَي آخِرِ مَا مَرّ

ع ،[علل الشرائع ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ عَطِيّةَ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع مِن قَولِهِ وَجَدنَا فِي كِتَابِ عَلِيّ


صفحه : 373

ع إِلَي آخِرِ الخَبَرِ

ثو،[ثواب الأعمال ] عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ مِثلَهُ

7- جا،[المجالس للمفيد] ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَن عُمَرَ بنِ مُحَمّدٍ الزّيّاتِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ عَن مِسعَرِ بنِ يَحيَي عَن شَرِيكِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَن أَبِي إِسحَاقَ الهمَداَنيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص ثَلَاثَةٌ مِنَ الذّنُوبِ تُعَجّلُ عُقُوبَتُهَا وَ لَا تُؤَخّرُ إِلَي الآخِرَةِ عُقُوقُ الوَالِدَينِ وَ البغَي‌ُ عَلَي النّاسِ وَ كُفرُ الإِحسَانِ

8- جا،[المجالس للمفيد] ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَنِ ابنِ قُولَوَيهِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن يَاسِرٍ عَنِ الرّضَا ع قَالَ إِذَا كَذَبَ الوُلَاةُ حُبِسَ المَطَرُ وَ إِذَا جَارَ السّلطَانُ هَانَتِ الدّولَةُ وَ إِذَا حُبِسَتِ الزّكَاةُ مَاتَتِ الموَاَشيِ‌

9- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَن حَمّوَيهِ عَن أَبِي الحُسَينِ عَن أَبِي خَلِيفَةَ عَن أَبِي الوَلِيدِ وَ أَبِي كَثِيرٍ مَعاً عَن شُعبَةَ عَنِ الحَكَمِ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُسلِمٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ مَا ظَهَرَ البغَي‌ُ قَطّ فِي قَومٍ إِلّا ظَهَرَ فِيهِمُ المَوتَانُ وَ لَا ظَهَرَ البَخسُ فِي المِيزَانِ إِلّا وَ ظَهَرَ فِيهِمُ الخُسرَانُ وَ الفَقرُ قَالَ أَبُو خَلِيفَةَ عَن أَبِي كَثِيرٍ إِلّا ابتُلُوا بِالسّنَةِ وَ لَا ظَهَرَ نَقضُ العَهدِ فِي قَومٍ إِلّا أُدِيلَ عَلَيهِم عَدُوّهُم

10-ل ،[الخصال ] عَنِ العَطّارِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ الحُصَينِ عَن مُوسَي بنِ القَاسِمِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بُكَيرٍ


صفحه : 374

عَن أَبِيهِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ أَربَعَةٌ أَسرَعُ شَيءٍ عُقُوبَةً رَجُلٌ أَحسَنتَ إِلَيهِ وَ يُكَافِيكَ بِالإِحسَانِ إِلَيهِ إِسَاءَةً وَ رَجُلٌ لَا تبَغيِ‌ عَلَيهِ وَ هُوَ يبَغيِ‌ عَلَيكَ وَ رَجُلٌ عَاهَدتَهُ عَلَي أَمرٍ فَمِن أَمرِكَ الوَفَاءُ لَهُ وَ مِن أَمرِهِ الغَدرُ بِكَ وَ رَجُلٌ يَصِلُ قَرَابَتَهُ وَ يَقطَعُونَهُ

جا،[المجالس للمفيد] عَنِ الجعِاَبيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ بنِ الحَسَنِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَروَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ الهاَشمِيِ‌ّ عَن عَبدِ المُؤمِنِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع عَن جَابِرٍ الأنَصاَريِ‌ّ عَنِ النّبِيّص مِثلَهُ وَ فِيهِ وَ رَجُلٌ تَصِلُ قَرَابَتَهُ فَيَقطَعُكَ

كِتَابُ الغَايَاتِ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ أَربَعٌ هُنّ أَسرَعُ الأَشيَاءِ عُقُوبَةً وَ ذَكَرَ مِثلَهُ مَعَ أَدنَي تَغيِيرٍ فِي بَعضِ أَلفَاظِهِ

ل ،[الخصال ] فِي وَصِيّةِ النّبِيّص إِلَي عَلِيّ ع مِثلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ ثُمّ قَالَص يَا عَلِيّ مَنِ استَولَي عَلَيهِ الضّجَرُ رَحَلَت عَنهُ الرّاحَةُ

11- ع ،[علل الشرائع ] ابنُ مَسرُورٍ عَنِ ابنِ عَامِرٍ عَنِ المُعَلّي عَنِ العَبّاسِ بنِ العَلَاءِ عَن مُجَاهِدٍ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تُغَيّرُ النّعَمَ البغَي‌ُ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تُورِثُ النّدَمَ القَتلُ وَ التّيِ‌ تُنزِلُ النّقَمَ الظّلمُ وَ التّيِ‌ تَهتِكُ السّتُورَ شُربُ الخَمرِ وَ التّيِ‌ تَحبِسُ الرّزقَ الزّنَا وَ التّيِ‌ تُعَجّلُ الفَنَاءَ قَطِيعَةُ الرّحِمِ وَ التّيِ‌ تَرُدّ الدّعَاءَ وَ تُظلِمُ الهَوَاءَ عُقُوقُ الوَالِدَينِ

مع ،[معاني‌ الأخبار] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ المُعَلّي مِثلَهُ


صفحه : 375

ختص ،[الإختصاص ] عَنهُ ع مِثلَهُ

12- مع ،[معاني‌ الأخبار] عَنِ القَطّانِ عَنِ ابنِ زَكَرِيّا عَنِ ابنِ حَبِيبٍ عَنِ ابنِ بُهلُولٍ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الفَضلِ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي خَالِدٍ الكاَبلُيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع يَقُولُالذّنُوبُ التّيِ‌ تُغَيّرُ النّعَمَ البغَي‌ُ عَلَي النّاسِ وَ الزّوَالُ عَنِ العَادَةِ فِي الخَيرِ وَ اصطِنَاعُ المَعرُوفِ وَ كُفرَانُ النّعَمِ وَ تَركُ الشّكرِ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّإِنّ اللّهَ لا يُغَيّرُ ما بِقَومٍ حَتّي يُغَيّرُوا ما بِأَنفُسِهِم وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تُورِثُ النّدَمَ قَتلُ النّفسِ التّيِ‌ حَرّمَ اللّهُ قَالَ اللّهُ تَعَالَي فِي قِصّةِ قَابِيلَ حِينَ قَتَلَ أَخَاهُ هَابِيلَ فَعَجَزَ عَن دَفنِهِفَأَصبَحَ مِنَ النّادِمِينَ وَ تَركُ صِلَةِ القَرَابَةِ حَتّي يَستَغنُوا وَ تَركُ الصّلَاةِ حَتّي يَخرُجَ وَقتُهَا وَ تَركُ الوَصِيّةِ وَ رَدّ المَظَالِمِ وَ مَنعُ الزّكَاةِ حَتّي يَحضُرَ المَوتُ وَ يَنغَلِقَ اللّسَانُ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تُنزِلُ النّقَمَ عِصيَانُ العَارِفِ باِلبغَي‌ِ وَ التّطَاوُلُ عَلَي النّاسِ وَ الِاستِهزَاءُ بِهِم وَ السّخرِيّةُ مِنهُم وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تَدفَعُ القِسمَ إِظهَارُ الِافتِقَارِ وَ النّومُ عَنِ العَتَمَةِ وَ عَن صَلَاةِ الغَدَاةِ وَ استِحقَارُ النّعَمِ وَ شَكوَي المَعبُودِ عَزّ وَ جَلّ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تَهتِكُ العِصَمَ شُربُ الخَمرِ وَ اللّعِبُ بِالقِمَارِ وَ تعَاَطيِ‌ مَا يُضحِكُ النّاسَ مِنَ اللّغوِ وَ المِزَاحِ وَ ذِكرُ عُيُوبِ النّاسِ وَ مُجَالَسَةُ أَهلِ الرّيبِ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تُنزِلُ البَلَاءَ تَركُ إِغَاثَةِ المَلهُوفِ وَ تَركُ مُعَاوَنَةِ المَظلُومِ وَ تَضيِيعُ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَ النهّي‌ِ عَنِ المُنكَرِ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تُدِيلُ الأَعدَاءَ المُجَاهَرَةُ بِالظّلمِ وَ إِعلَانُ الفُجُورِ وَ إِبَاحَةُ المَحظُورِ وَ عِصيَانُ الأَخيَارِ وَ الِانطِبَاعُ لِلأَشرَارِ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تُعَجّلُ الفَنَاءَ قَطِيعَةُ الرّحِمِ وَ اليَمِينُ الفَاجِرَةُ وَ الأَقوَالُ الكَاذِبَةُ وَ الزّنَا وَ سَدّ طَرِيقِ المُسلِمِينَ وَ ادّعَاءُ الإِمَامَةِ بِغَيرِ حَقّ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌


صفحه : 376

تَقطَعُ الرّجَاءَ اليَأسُ مِن رَوحِ اللّهِ وَ القُنُوطُ مِن رَحمَةِ اللّهِ وَ الثّقَةُ بِغَيرِ اللّهِ وَ التّكذِيبُ بِوَعدِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تُظلِمُ الهَوَاءَ السّحرُ وَ الكِهَانَةُ وَ الإِيمَانُ بِالنّجُومِ وَ التّكذِيبُ بِالقَدَرِ وَ عُقُوقُ الوَالِدَينِ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تَكشِفُ الغِطَاءَ الِاستِدَانَةُ بِغَيرِ نِيّةِ الأَدَاءِ وَ الإِسرَافُ فِي النّفَقَةِ عَلَي البَاطِلِ وَ البُخلُ عَلَي الأَهلِ وَ الوَلَدِ وَ ذوَيِ‌ الأَرحَامِ وَ سُوءُ الخُلُقِ وَ قِلّةُ الصّبرِ وَ استِعمَالُ الضّجَرِ وَ الكَسَلِ وَ الِاستِهَانَةُ بِأَهلِ الدّينِ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تَرُدّ الدّعَاءَ سُوءُ النّيّةِ وَ خُبثُ السّرِيرَةِ وَ النّفَاقُ مَعَ الإِخوَانِ وَ تَركُ التّصدِيقِ بِالإِجَابَةِ وَ تَأخِيرُ الصّلَوَاتِ المَفرُوضَاتِ حَتّي تَذهَبَ أَوقَاتُهَا وَ تَركُ التّقَرّبِ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ بِالبِرّ وَ الصّدَقَةِ وَ استِعمَالُ البَذَاءِ وَ الفُحشُ فِي القَولِ وَ الذّنُوبُ التّيِ‌ تَحبِسُ غَيثَ السّمَاءِ جَورُ الحُكّامِ فِي القَضَاءِ وَ شَهَادَةُ الزّورِ وَ كِتمَانُ الشّهَادَةِ وَ مَنعُ الزّكَاةِ وَ القَرضِ وَ المَاعُونِ وَ قَسَاوَةُ القَلبِ عَلَي أَهلِ الفَقرِ وَ الفَاقَةِ وَ ظُلمُ اليَتِيمِ وَ الأَرمَلَةِ وَ انتِهَارُ السّائِلِ وَ رَدّهُ بِاللّيلِ

13- ثو،[ثواب الأعمال ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَن أَبَانٍ الأَحمَرِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خَمسٌ إِذَا أَدرَكتُمُوهَا فَتَعَوّذُوا بِاللّهِ جَلّ وَ عَزّ مِنهُنّ لَم تَظهَرِ الفَاحِشَةُ فِي قَومٍ قَطّ حَتّي يُعلِنُوهَا إِلّا ظَهَرَ فِيهِمُ الطّاعُونُ وَ الأَوجَاعُ التّيِ‌ لَم تَكُن فِي أَسلَافِهِمُ الّذِينَ مَضَوا وَ لَم يَنقُصُوا المِكيَالَ وَ المِيزَانَ إِلّا أُخِذُوا بِالسّنِينَ وَ شِدّةِ المَئُونَةِ وَ جَورِ السّلطَانِ وَ لَم يَمنَعُوا الزّكَاةَ إِلّا مُنِعُوا القَطرَ مِنَ السّمَاءِ وَ لَو لَا البَهَائِمُ لَم يُمطَرُوا وَ لَم يَنقُضُوا عَهدَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ عَهدَ رَسُولِهِ إِلّا سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم عَدُوّهُم فَأَخَذُوا بَعضَ مَا فِي أَيدِيهِم وَ لَم يَحكُمُوا بِغَيرِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلّا جَعَلَ بَأسَهُم بَينَهُم

14-دَعَوَاتُ الراّونَديِ‌ّ،سَمِعَ ابنُ الكَوّاءِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع يَقُولُأَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الذّنُوبِ التّيِ‌ تُعَجّلُ الفَنَاءَ فَقَالَ أَ يَكُونُ ذَنبٌ يُعَجّلُ الفَنَاءَ فَقَالَ نَعَم


صفحه : 377

قَطِيعَةُ الرّحِمِ إِنّ أَهلَ بَيتٍ يَكُونُونَ أَتقِيَاءَ فَيَقطَعُ بَعضُهُم بَعضاً فَيَحرِمُهُمُ اللّهُ وَ إِنّ أَهلَ بَيتٍ يَكُونُونَ فَجَرَةً فَيَتَوَاسَونَ فَيَرزُقُهُمُ اللّهُ

وَ قَالَ النّبِيّص خَمسٌ إِن أَدرَكتُمُوهَا فَتَعَوّذُوا بِاللّهِ مِنهُنّ لَم تَظهَرِ الفَاحِشَةُ فِي قَومٍ قَطّ حَتّي يُعلِنُوهَا إِلّا ظَهَرَ فِيهِمُ الطّاعُونُ وَ الأَوجَاعُ التّيِ‌ لَم تَكُن فِي أَسلَافِهِمُ الّذِينَ مَضَوا وَ لَم يَنقُصُوا المِكيَالَ وَ المِيزَانَ إِلّا أُخِذُوا بِالسّنِينَ وَ شِدّةِ المَئُونَةِ وَ جَورِ السّلطَانِ وَ لَم يَمنَعُوا الزّكَاةَ إِلّا مُنِعُوا القَطرَ مِنَ السّمَاءِ وَ لَو لَا البَهَائِمُ لَم يُمطَرُوا وَ لَم يَنقُضُوا عَهدَ اللّهِ وَ عَهدَ رَسُولِهِ إِلّا سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم عَدُوّهُم فَأَخَذُوا بَعضَ مَا فِي أَيدِيهِم وَ لَم يَحكُمُوا بِغَيرِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلّا جَعَلَ بَأسَهُم بَينَهُم

14- عُدّةُ الداّعيِ‌،رَوَي ابنُ مَسعُودٍ عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ اتّقُوا الذّنُوبَ فَإِنّهَا مَمحَقَةٌ لِلخَيرَاتِ إِنّ العَبدَ لَيُذنِبُ الذّنبَ فَيَنسَي بِهِ العِلمَ ألّذِي كَانَ قَد عَلِمَهُ وَ إِنّ العَبدَ لَيُذنِبُ الذّنبَ فَيُمنَعُ بِهِ مِن قِيَامِ اللّيلِ وَ إِنّ العَبدَ لَيُذنِبُ الذّنبَ فَيُحرَمُ بِهِ الرّزقَ وَ قَد كَانَ هَنِيئاً لَهُ ثُمّ تَلَاإِنّا بَلَوناهُم كَما بَلَونا أَصحابَ الجَنّةِ إِلَي آخِرِ الآيَاتِ

باب 931-الإملاء والإمهال علي الكفار والفجار والاستدراج والافتتان زائدا علي مامر في كتاب العدل و من يرحم الله بهم علي أهل المعاصي‌

الآيات آل عمران وَ لا يَحسَبَنّ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّما نمُليِ‌ لَهُم خَيرٌ لِأَنفُسِهِم إِنّما نمُليِ‌ لَهُم لِيَزدادُوا إِثماً وَ لَهُم عَذابٌ مُهِينٌ ما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ المُؤمِنِينَ عَلي ما أَنتُم عَلَيهِ حَتّي يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطّيّبِ


صفحه : 378

و قال سبحانه لا يَغُرّنّكَ تَقَلّبُ الّذِينَ كَفَرُوا فِي البِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمّ مَأواهُم جَهَنّمُ وَ بِئسَ المِهادُالمائدةوَ حَسِبُوا أَلّا تَكُونَ فِتنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمّوا ثُمّ تابَ اللّهُ عَلَيهِم ثُمّ عَمُوا وَ صَمّوا كَثِيرٌ مِنهُم وَ اللّهُ بَصِيرٌ بِما يَعمَلُونَالأنعام فَلَمّا نَسُوا ما ذُكّرُوا بِهِ فَتَحنا عَلَيهِم أَبوابَ كُلّ شَيءٍ حَتّي إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذناهُم بَغتَةً فَإِذا هُم مُبلِسُونَالأعراف وَ ما أَرسَلنا فِي قَريَةٍ مِن نبَيِ‌ّ إِلّا أَخَذنا أَهلَها بِالبَأساءِ وَ الضّرّاءِ لَعَلّهُم يَضّرّعُونَ ثُمّ بَدّلنا مَكانَ السّيّئَةِ الحَسَنَةَ حَتّي عَفَوا وَ قالُوا قَد مَسّ آباءَنَا الضّرّاءُ وَ السّرّاءُ فَأَخَذناهُم بَغتَةً وَ هُم لا يَشعُرُونَالتوبةفَلا تُعجِبكَ أَموالُهُم وَ لا أَولادُهُم إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذّبَهُم بِها فِي الحَياةِ الدّنيا وَ تَزهَقَ أَنفُسُهُم وَ هُم كافِرُونَيونس وَ لَو يُعَجّلُ اللّهُ لِلنّاسِ الشّرّ استِعجالَهُم بِالخَيرِ لقَضُيِ‌َ إِلَيهِم أَجَلُهُم فَنَذَرُ الّذِينَ لا يَرجُونَ لِقاءَنا فِي طُغيانِهِم يَعمَهُونَ و قال تعالي وَ لَو لا كَلِمَةٌ سَبَقَت مِن رَبّكَ لقَضُيِ‌َ بَينَهُم فِيما فِيهِ يَختَلِفُونَهودوَ أُمَمٌ سَنُمَتّعُهُم ثُمّ يَمَسّهُم مِنّا عَذابٌ أَلِيمٌالرعدوَ لَقَدِ استهُز‌ِئَ بِرُسُلٍ مِن قَبلِكَ فَأَملَيتُ لِلّذِينَ كَفَرُوا ثُمّ أَخَذتُهُم فَكَيفَ كانَ عِقابِالحجرذَرهُم يَأكُلُوا وَ يَتَمَتّعُوا وَ يُلهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوفَ يَعلَمُونَالنحل وَ لَو يُؤاخِذُ اللّهُ النّاسَ بِظُلمِهِم ما تَرَكَ عَلَيها مِن دَابّةٍ وَ لكِن

يُؤَخّرُهُم إِلي أَجَلٍ مُسَمّي فَإِذا جاءَ أَجَلُهُم لا يَستَأخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَستَقدِمُونَالكهف وَ رَبّكَ الغَفُورُ ذُو الرّحمَةِ لَو يُؤاخِذُهُم بِما كَسَبُوا لَعَجّلَ لَهُمُ العَذابَ بَل لَهُم مَوعِدٌ لَن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوئِلًامريم فَلا تَعجَل عَلَيهِم إِنّما نَعُدّ لَهُم عَدّاطه وَ لَو لا كَلِمَةٌ سَبَقَت مِن رَبّكَ لَكانَ لِزاماً وَ أَجَلٌ مُسَمّيالأنبياءبَل مَتّعنا هؤُلاءِ وَ آباءَهُم حَتّي طالَ عَلَيهِمُ العُمُرُ و قال تعالي وَ إِن أدَريِ‌ لَعَلّهُ فِتنَةٌ لَكُم وَ مَتاعٌ إِلي حِينٍالحج فَأَملَيتُ لِلكافِرِينَ ثُمّ أَخَذتُهُم فَكَيفَ كانَ نَكِيرِ إلي قوله تعالي وَ كَأَيّن مِن قَريَةٍ أَملَيتُ لَها وَ هيِ‌َ ظالِمَةٌ ثُمّ أَخَذتُها وَ إلِيَ‌ّ المَصِيرُالمؤمنون فَذَرهُم فِي غَمرَتِهِم حَتّي حِينٍ أَ يَحسَبُونَ أَنّما نُمِدّهُم بِهِ مِن مالٍ وَ بَنِينَ نُسارِعُ لَهُم فِي الخَيراتِ بَل لا يَشعُرُونَالفرقان وَ لكِن مَتّعتَهُم وَ آباءَهُم حَتّي نَسُوا الذّكرَ وَ كانُوا قَوماً بُوراًالشعراء 146-أَ تُترَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخلٍ طَلعُها هَضِيمٌ وَ تَنحِتُونَ مِنَ الجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ فَاتّقُوا اللّهَ وَ أَطِيعُونِ و قال تعالي أَ فَرَأَيتَ إِن مَتّعناهُم سِنِينَ ثُمّ جاءَهُم ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغني عَنهُم ما كانُوا يُمَتّعُونَالعنكبوت وَ لَو لا أَجَلٌ مُسَمّي لَجاءَهُمُ العَذابُ وَ لَيَأتِيَنّهُم بَغتَةً وَ هُم

لا يَشعُرُونَلقمان نُمَتّعُهُم قَلِيلًا ثُمّ نَضطَرّهُم إِلي عَذابٍ غَلِيظٍفاطروَ لَو يُؤاخِذُ اللّهُ النّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلي ظَهرِها مِن دَابّةٍ وَ لكِن يُؤَخّرُهُم إِلي أَجَلٍ مُسَمّي فَإِذا جاءَ أَجَلُهُم فَإِنّ اللّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراًيس وَ إِن نَشَأ نُغرِقهُم فَلا صَرِيخَ لَهُم وَ لا هُم يُنقَذُونَ إِلّا رَحمَةً مِنّا وَ مَتاعاً إِلي حِينٍالمؤمن فَلا يَغرُركَ تَقَلّبُهُم فِي البِلادِ كَذّبَت قَبلَهُم قَومُ نُوحٍ وَ الأَحزابُ مِن بَعدِهِم وَ هَمّت كُلّ أُمّةٍ بِرَسُولِهِم لِيَأخُذُوهُ وَ جادَلُوا بِالباطِلِ لِيُدحِضُوا بِهِ الحَقّ فَأَخَذتُهُم فَكَيفَ كانَ عِقابِالسجدةوَ لَو لا كَلِمَةٌ سَبَقَت مِن رَبّكَ لقَضُيِ‌َ بَينَهُمحمعسق وَ لَو لا كَلِمَةُ الفَصلِ لقَضُيِ‌َ بَينَهُمالزخرف بَل مَتّعتُ هؤُلاءِ وَ آباءَهُم حَتّي جاءَهُمُ الحَقّ وَ رَسُولٌ مُبِينٌالفتح لَو تَزَيّلُوا لَعَذّبنَا الّذِينَ كَفَرُوا مِنهُم عَذاباً أَلِيماًالذاريات وَ فِي ثَمُودَ إِذ قِيلَ لَهُم تَمَتّعُوا حَتّي حِينٍ فَعَتَوا عَن أَمرِ رَبّهِم فَأَخَذَتهُمُ الصّاعِقَةُ وَ هُم يَنظُرُونَالقلم فذَرَنيِ‌ وَ مَن يُكَذّبُ بِهذَا الحَدِيثِ سَنَستَدرِجُهُم مِن حَيثُ لا يَعلَمُونَ وَ أمُليِ‌ لَهُم إِنّ كيَديِ‌ مَتِينٌالمدثرذرَنيِ‌ وَ مَن خَلَقتُ وَحِيداً وَ جَعَلتُ لَهُ مالًا مَمدُوداً وَ بَنِينَ

شُهُوداً وَ مَهّدتُ لَهُ تَمهِيداً ثُمّ يَطمَعُ أَن أَزِيدَ كَلّا إِنّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداًالمرسلات كُلُوا وَ تَمَتّعُوا قَلِيلًا إِنّكُم مُجرِمُونَالطارق إِنّهُم يَكِيدُونَ كَيداً وَ أَكِيدُ كَيداً فَمَهّلِ الكافِرِينَ أَمهِلهُم رُوَيداً

1- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ زِيَادٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَهبَطَ مَلَكاً إِلَي الأَرضِ فَلَبِثَ فِيهَا دَهراً طَوِيلًا ثُمّ عَرَجَ إِلَي السّمَاءِ فَقِيلَ لَهُ مَا رَأَيتَ قَالَ رَأَيتُ عَجَائِبَ كَثِيرَةً وَ أَعجَبُ مَا رَأَيتُ أنَيّ‌ رَأَيتُ عَبداً مُتَقَلّباً فِي نِعمَتِكَ يَأكُلُ رِزقَكَ وَ يدَعّيِ‌ الرّبُوبِيّةَ فَعَجِبتُ مِن جُرأَتِهِ عَلَيكَ وَ مِن حِلمِكَ عَنهُ فَقَالَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ فَمِن حلِميِ‌ عَجِبتَ قَالَ نَعَم قَالَ قَد أَمهَلتُهُ أَربَعَمِائَةِ سَنَةٍ لَا يَضرِبُ عَلَيهِ عِرقٌ وَ لَا يُرِيدُ مِنَ الدّنيَا شَيئاً إِلّا نَالَهُ وَ لَا يَتَغَيّرُ عَلَيهِ فِيهَا مَطعَمٌ وَ لَا مَشرَبٌ

2- ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ وَ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ مَعاً عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ مُصعَبٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ مَلَكاً ينُاَديِ‌ مَهلًا مَهلًا عِبَادَ اللّهِ عَن معَاَصيِ‌ اللّهِ فَلَو لَا بَهَائِمُ رُتّعٌ وَ صِبيَةٌ رُضّعٌ وَ شُيُوخٌ رُكّعٌ لَصُبّ عَلَيكُمُ العَذَابُ صَبّاً تُرَضّونَ بِهِ رَضّاً

3- ع ،[علل الشرائع ]الفاَميِ‌ّ عَن مُحَمّدٍ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن هَارُونَ عَنِ ابنِ صَدَقَةَ عَنِ الصّادِقِ ع عَن آبَائِهِ ع أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ إِذَا رَأَي أَهلَ قَريَةٍ قَد أَسرَفُوا فِي المعَاَصيِ‌ وَ فِيهَا ثَلَاثُ نَفَرٍ مِنَ المُؤمِنِينَ نَادَاهُم جَلّ جَلَالُهُ


صفحه : 382

وَ تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ يَا أَهلَ معَصيِتَيِ‌ لَو لَا مَا فِيكُم مِنَ المُؤمِنِينَ المُتَحَابّينَ بجِلَاَليِ‌ العَامِرِينَ بِصَلَاتِهِم أرَضيِ‌ وَ مسَاَجدِيِ‌ المُستَغفِرِينَ بِالأَسحَارِ خَوفاً منِيّ‌ لَأَنزَلتُ بِكُم عذَاَبيِ‌ ثُمّ لَا أبُاَليِ‌

ع ،[علل الشرائع ] عَن أَبِيهِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ مِثلَهُ

4- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ العمَركَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ جَعفَرٍ عَن أَخِيهِ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ إِذَا أَرَادَ أَن يُصِيبَ أَهلَ الأَرضِ بِعَذَابٍ قَالَ لَو لَا الّذِينَ يَتَحَابّونَ بجِلَاَليِ‌ وَ يَعمُرُونَ مسَاَجدِيِ‌ وَ يَستَغفِرُونَ بِالأَسحَارِ لَأَنزَلتُ عذَاَبيِ‌

ثو،[ثواب الأعمال ] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ الكوُفيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ ع مِثلَهُ

5- ع ،[علل الشرائع ] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ ابنِ عَمِيرَةَ عَنِ ابنِ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَيَهُمّ بِعَذَابِ أَهلِ الأَرضِ جَمِيعاً حَتّي لَا يُرِيدُ أَن يحُاَشيِ‌َ مِنهُم أَحَداً إِذَا عَمِلُوا باِلمعَاَصيِ‌ وَ اجتَرَحُوا السّيّئَاتِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَي الشّيبِ ناَقلِيِ‌ أَقدَامِهِم إِلَي الصّلَوَاتِ وَ الوِلدَانِ يَتَعَلّمُونَ القُرآنَ رَحِمَهُم وَ أَخّرَ عَنهُم ذَلِكَ

6-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن يُونُسَ بنِ ظَبيَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ يَدفَعُ بِمَن يصُلَيّ‌ مِن شِيعَتِنَا عَمّن لَا يصُلَيّ‌ مِن شِيعَتِنَا وَ لَو أَجمَعُوا عَلَي تَركِ الصّلَاةِ لَهَلَكُوا وَ إِنّ اللّهَ يَدفَعُ بِمَن يَصُومُ مِنهُم عَمّن لَا يَصُومُ مِن شِيعَتِنَا وَ لَو أَجمَعُوا عَلَي تَركِ الصّيَامِ لَهَلَكُوا وَ إِنّ اللّهَ يَدفَعُ بِمَن يزُكَيّ‌ مِن شِيعَتِنَا عَمّن لَا يزُكَيّ‌ مِنهُم وَ لَوِ اجتَمَعُوا


صفحه : 383

عَلَي تَركِ الزّكَاةِ لَهَلَكُوا وَ إِنّ اللّهَ لَيَدفَعُ بِمَن يَحُجّ مِن شِيعَتِنَا عَمّن لَا يَحُجّ مِنهُم وَ لَوِ اجتَمَعُوا عَلَي تَركِ الحَجّ لَهَلَكُوا وَ هُوَ قَولُ اللّهِ تَعَالَيوَ لَو لا دَفعُ اللّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ وَ لكِنّ اللّهَ ذُو فَضلٍ عَلَي العالَمِينَفَوَ اللّهِ مَا أُنزِلَت إِلّا فِيكُم وَ لَا عنُيِ‌َ بِهَا غَيرُكُم

7- ختص ،[الإختصاص ] عَن ربِعيِ‌ّ عَن عُمَرَ بنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَا عَذّبَ اللّهُ قَريَةً فِيهَا سَبعَةٌ مِنَ المُؤمِنِينَ

8- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع يَا ابنَ آدَمَ إِذَا رَأَيتَ رَبّكَ سُبحَانَهُ يُتَابِعُ عَلَيكَ نِعَمَهُ وَ أَنتَ تَعصِيهِ فَاحذَرهُ

وَ قَالَ ع فِي كلَاَميِ‌ لَهُ الحَذَرَ الحَذَرَ فَوَ اللّهِ لَقَد سَتَرَ حَتّي كَأَنّهُ غَفَرَ

وَ قَالَ ع كَم مِن مُستَدرَجٍ بِالإِحسَانِ إِلَيهِ وَ مَغرُورٍ بِالسّترِ عَلَيهِ وَ مَفتُونٍ بِحُسنِ القَولِ فِيهِ وَ مَا ابتَلَي اللّهُ أَحَداً بِمِثلِ الإِملَاءِ لَهُ

وَ قَالَ ع أَيّهَا النّاسُ لَيَرَاكُمُ اللّهُ مِنَ النّعمَةِ وَجِلِينَ كَمَا يَرَاكُم مِنَ النّقِمَةِ فَرِقِينَ إِنّهُ مَن وُسّعَ عَلَيهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ فَلَم يَرَ ذَلِكَ استِدرَاجاً فَقَد أَمِنَ مَخُوفاً وَ مَن ضُيّقَ عَلَيهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ فَلَم يَرَ ذَلِكَ اختِبَاراً فَقَد ضَيّعَ مَأمُولًا


صفحه : 384

باب 041-النهي‌ عن التعيير بالذنب أوالعيب والأمر بالهجرة عن بلاد أهل المعاصي‌

الآيات النساءإِنّ الّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالمِيِ‌ أَنفُسِهِم قالُوا فِيمَ كُنتُم قالُوا كُنّا مُستَضعَفِينَ فِي الأَرضِ قالُوا أَ لَم تَكُن أَرضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيهاالعنكبوت يا عبِاديِ‌َ الّذِينَ آمَنُوا إِنّ أرَضيِ‌ واسِعَةٌ فإَيِاّي‌َ فَاعبُدُونِالزمرأَرضُ اللّهِ واسِعَةٌ

1- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن حُسَينِ بنِ عُثمَانَ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن أَنّبَ مُؤمِناً أَنّبَهُ اللّهُ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ

بيان قال الجوهري‌ أنبه تأنيبا عنفه ولامه وتأنيبه عز و جل إما علي الحقيقة ففي‌ الآخرة ظاهر و في الدنيا و إن لم يستمع لكن يفتضح عندالملإ الأعلي ويعلمه بإخبار المخبر الصادق وأمثال ذلك من نداء الله تعالي مع عدم سماعه كثيرة والكل محمول علي ذلك . وإما المراد به إفشاء عيوبه وابتلاؤه بمثله في الدنيا وعقابه علي التأنيب في الآخرة علي المشاكلة أوتسمية المسبب باسم السبب

2- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ عَمّارٍ عَن إِسحَاقَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَذَاعَ فَاحِشَةً كَانَ كَمُبتَدِئِهَا وَ مَن عَيّرَ مُؤمِناً بشِيَ‌ءٍ لَم يَمُت حَتّي يَركَبَهُ

بيان الفاحشة كل مانهي الله عز و جل عنه وربما يخص بما يشتد قبحه من الذنوب كان كمبتدئها أي فاعلها وإنما عبر عنه بالمبتد‌ئ لأن المذيع كالفاعل فهو بالنسبة إليه مبتدأ ويحتمل أن يكون المراد بالفاحشة


صفحه : 385

البدعة القبيحة والمعني من عمل بها وأفشاها بين الناس كان عليه كوزر من ابتدعها أولا و هذابالنظر إلي الابتداء أظهر كالأول بالنسبة إلي الإذاعة في القاموس بدأ به كمنع ابتدأ والشي‌ء فعله ابتداء كأبدأه وابتدأه . و قديقال هذاالوعيد أنما هو في ذوي‌ الهيئات الحسنة وفيمن لم يعرف بأذية و لافساد في الأرض و أماالمولعين بذلك الذين ستروا غيرمرة فلم يكفوا فلايبعد القول بكشفهم لأن الستر عليهم من المعاونة علي المعاصي‌ وستر من يندب إلي ستره إنما هو في معصية مضت و أما في معصية هومتلبس بها فلايبعد القول بوجوب المبادرة إلي إنكارها والمنع منها لمن قدر عليه فإن لم يقدر رفع إلي والي‌ الأمر ما لم يؤد إلي مفسدة أشد. و أماجرح الشاهد والراوي‌ والأمناء علي الأوقاف والصدقات وأموال الأيتام فيجب الجرح عندالحاجة إليه لأنه تترتب عليه أحكام شرعية و لورفع إلي الإمام مايندب الستر فيه لم يأثم إذاكانت نيته رفع معصية الله لاكشف ستره وجرح الشاهد إنما هو عندطلب ذلك منه أويري حاكما يحكم بشهادته و قدعلم منه مايبطلها فلايبعد القول بحسن رفعه

3- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن حُسَينِ بنِ عُمَرَ بنِ سُلَيمَانَ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن لقَيِ‌َ أَخَاهُ بِمَا يُؤَنّبُهُ أَنّبَهُ اللّهُ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ

بيان بما يؤنبه كأن كلمة مامصدرية فالمستتر في يؤنبه راجع إلي من ويحتمل أن تكون موصولة فيحتمل إرجاع المستتر إلي من أيضا بتقدير العائد أي بما يؤنبه به أو إلي مانفي‌ والإسناد تجوز

4- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَن أَبِي غَالِبٍ الزرّاَريِ‌ّ عَن جَدّهِ مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَنِ ابنِ حُمَيدٍ عَنِ الحَذّاءِ عَنِ البَاقِرِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص كَفَي بِالمَرءِ عَيباً أَن يُبصِرَ مِنَ النّاسِ مَا يَعمَي عَنهُ مِن


صفحه : 386

نَفسِهِ وَ أَن يُعَيّرَ النّاسَ بِمَا لَا يَستَطِيعُ تَركَهُ وَ أَن يؤُذيِ‌َ جَلِيسَهُ بِمَا لَا يَعنِيهِ

ل ،[الخصال ]العَطّارُ عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن بَكرِ بنِ صَالِحٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ ع عَنِ النّبِيّص مِثلَهُ

5- فس ،[تفسير القمي‌] فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِيا عبِاديِ‌َ الّذِينَ آمَنُوا إِنّ أرَضيِ‌ واسِعَةٌ يَقُولُ لَا تُطِيعُوا أَهلَ الفِسقِ مِنَ المُلُوكِ فَإِن خِفتُمُوهُم أَن يَفتِنُوكُم عَلَي دِينِكُم فَإِنّ أرَضيِ‌ وَاسِعَةٌ وَ هُوَ يَقُولُفِيمَ كُنتُم قالُوا كُنّا مُستَضعَفِينَ فِي الأَرضِ فَقَالَأَ لَم تَكُن أَرضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها

6- ل ،[الخصال ] عَن سَعدٍ عَنِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَنِ المنِقرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عُيَينَةَ عَنِ الزهّريِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ كَانَ آخِرَ مَا أَوصَي بِهِ الخَضِرُ مُوسَي بنَ عِمرَانَ ع أَن قَالَ لَهُ لَا تُعَيّرَنّ أَحَداً بِذَنبٍ وَ إِنّ أَحَبّ الأُمُورِ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ ثَلَاثَةٌ القَصدُ فِي الجِدَةِ وَ العَفوُ فِي المَقدُرَةِ وَ الرّفقُ بِعِبَادِ اللّهِ وَ مَا رَفَقَ أَحَدٌ بِأَحَدٍ فِي الدّنيَا إِلّا رَفَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ وَ رَأسُ الحِكَمِ مَخَافَةُ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي

أقول قدمضي في باب جوامع مساوي‌ الأخلاق عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ سَبعَةٌ يُفسِدُونَ أَعمَالَهُم وَ ذَكَرَ مِنهُمُ السّرِيعَ إِلَي لَائِمَةِ إِخوَانِهِ

7-ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ] عَنِ الصّدُوقِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الحُسَينِ بنِ إِسحَاقَ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ وَ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن سَدِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ لَمّا فَارَقَ مُوسَي الخَضِرَ ع قَالَ مُوسَي أوَصنِيِ‌ فَقَالَ


صفحه : 387

الخَضِرُ الزَم مَا لَا يَضُرّكَ مَعَهُ شَيءٌ كَمَا لَا يَنفَعُكَ مِن غَيرِهِ شَيءٌ إِيّاكَ وَ اللّجَاجَةَ وَ المشَي‌َ إِلَي غَيرِ حَاجَةٍ وَ الضّحِكَ فِي غَيرِ تَعَجّبٍ يَا ابنَ عِمرَانَ لَا تُعَيّرَنّ أَحَداً بِخَطِيئَةٍ وَ ابكِ عَلَي خَطِيئَتِكَ

8- نهج ،[نهج البلاغة] لَيسَ بَلَدٌ أَحَقّ بِكَ مِن بَلَدٍ خَيرُ البِلَادِ مَا حَمَلَكَ

باب 141-وقت مايغلظ علي العبد في المعاصي‌ واستدراج الله تعالي

الآيات فاطر 37-وَ هُم يَصطَرِخُونَ فِيها رَبّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحاً غَيرَ ألّذِي كُنّا نَعمَلُ أَ وَ لَم نُعَمّركُم ما يَتَذَكّرُ فِيهِ مَن تَذَكّرَ وَ جاءَكُمُ النّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظّالِمِينَ مِن نَصِيرٍ.

أقول قدمضي بعض أخبار الاستدراج في باب الإملاء والإمهال علي الكفار والفجار والاستدراج فلاتغفل

1- ع ،[علل الشرائع ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جُندَبٍ عَن سُفيَانَ بنِ السّمطِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِذَا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِعَبدٍ خَيراً فَأَذنَبَ ذَنباً تَبِعَهُ بِنَقِمَةٍ وَ يُذَكّرُهُ الِاستِغفَارَ وَ إِذَا أَرَادَ اللّهُ بِعَبدٍ شَرّاً فَأَذنَبَ ذَنباً تَبِعَهُ بِنِعمَةٍ لِيُنسِيَهُ الِاستِغفَارَ وَ يَتَمَادَي بِهِ وَ هُوَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّسَنَستَدرِجُهُم مِن حَيثُ لا يَعلَمُونَبِالنّعَمِ عِندَ المعَاَصيِ‌


صفحه : 388

2- ل ،[الخصال ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّأَ وَ لَم نُعَمّركُم ما يَتَذَكّرُ فِيهِ مَن تَذَكّرَ قَالَ تَوبِيخٌ لِابنِ ثَمَانَ عَشرَةَ سَنَةً

3- ثو،[ثواب الأعمال ]ل ،[الخصال ] أَبِي عَن سَعدٍ عَن سَلَمَةَ بنِ الخَطّابِ عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ عَبدِ الخَالِقِ عَن مُحَمّدِ بنِ طَلحَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ لَيُكرِمُ ابنَ السّبعِينَ وَ يسَتحَييِ‌ مِنِ ابنِ الثّمَانِينَ

4- ل ،[الخصال ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ المنِقرَيِ‌ّ عَن يَحيَي بنِ المُبَارَكِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَبَلَةَ عَن إِسحَاقَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن عُمّرَ أَربَعِينَ سَنَةً سَلِمَ مِنَ الأَدوَاءِ الثّلَاثَةِ مِنَ الجُنُونِ وَ الجُذَامِ وَ البَرَصِ وَ مَن عُمّرَ خَمسِينَ سَنَةً رَزَقَهُ اللّهُ الإِنَابَةَ إِلَيهِ وَ مَن عُمّرَ سِتّينَ سَنَةً هَوّنَ اللّهُ حِسَابَهُ يَومَ القِيَامَةِ وَ مَن عُمّرَ سَبعِينَ سَنَةً كُتِبَت حَسَنَاتُهُ وَ لَم تُكتَب سَيّئَاتُهُ وَ مَن عُمّرَ ثَمَانِينَ سَنَةً غَفَرَ اللّهُ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِن ذَنبِهِ وَ مَا تَأَخّرَ وَ مَشَي عَلَي الأَرضِ مَغفُوراً لَهُ وَ شُفّعَ فِي أَهلِ بَيتِهِ

5- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن دَاوُدَ بنِ النّعمَانِ عَن سَيفٍ التّمّارِ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع إِنّ العَبدَ لفَيِ‌ فُسحَةٍ مِن أَمرِهِ مَا بَينَهُ وَ بَينَ أَربَعِينَ سَنَةً فَإِذَا بَلَغَ أَربَعِينَ سَنَةً أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي مَلَكَيهِ أنَيّ‌ قَد عَمّرتُ عبَديِ‌ عُمُراً فَغَلّظَا وَ شَدّدَا وَ تَحَفّظَا وَ اكتُبَا عَلَيهِ قَلِيلَ عَمَلِهِ وَ كَثِيرَهُ وَ صَغِيرَهُ وَ كَبِيرَهُ

ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ السنّديِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ مِثلَهُ


صفحه : 389

6- ل ،[الخصال ]بِهَذَا الإِسنَادِ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِذَا بَلَغَ العَبدُ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَقَد بَلَغَ أَشُدّهُ وَ إِذَا بَلَغَ أَربَعِينَ سَنَةً فَقَد بَلَغَ مُنتَهَاهُ فَإِذَا طَعَنَ فِي إِحدَي وَ أَربَعِينَ فَهُوَ فِي النّقصَانِ وَ ينَبغَيِ‌ لِصَاحِبِ الخَمسِينَ أَن يَكُونَ كَمَن كَانَ فِي النّزعِ

7- ل ،[الخصال ]بِهَذَا الإِسنَادِ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِذَا أَتَت عَلَي العَبدِ أَربَعُونَ سَنَةً قِيلَ لَهُ خُذ حِذرَكَ فَإِنّكَ غَيرُ مَعذُورٍ وَ لَيسَ ابنُ أَربَعِينَ سَنَةً أَحَقّ بِالعُذرِ مِنِ ابنِ عِشرِينَ سَنَةً فَإِنّ ألّذِي يَطلُبُهُمَا وَاحِدٌ وَ لَيسَ عَنهُمَا بِرَاقِدٍ فَاعمَل لِمَا أَمَامَكَ مِنَ الهَولِ وَ دَع عَنكَ فُضُولَ القَولِ

8- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَنِ العَطّارِ عَن أَبِيهِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَنِ ابنِ أَبِي نَجرَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ القَاسِمِ عَن عَلِيّ بنِ المُغِيرَةِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِذَا بَلَغَ المَرءُ أَربَعِينَ سَنَةً آمَنَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِنَ الأَدوَاءِ الثّلَاثَةِ الجُنُونِ وَ الجُذَامِ وَ البَرَصِ فَإِذَا بَلَغَ الخَمسِينَ خَفّفَ اللّهُ حِسَابَهُ فَإِذَا بَلَغَ السّتّينَ رَزَقَهُ اللّهُ الإِنَابَةَ إِلَيهِ فَإِذَا بَلَغَ السّبعِينَ أَحَبّهُ أَهلُ السّمَاءِ فَإِذَا بَلَغَ الثّمَانِينَ أَمَرَ اللّهُ بِإِثبَاتِ حَسَنَاتِهِ وَ إِلقَاءِ سَيّئَاتِهِ فَإِذَا بَلَغَ التّسعِينَ غَفَرَ اللّهُ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِن ذَنبِهِ وَ مَا تَأَخّرَ وَ كُتِبَ أَسِيرَ اللّهِ فِي أَرضِهِ

ثو،[ثواب الأعمال ] عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ مِثلَهُ

9- ل ،[الخصال ] وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فَإِذَا بَلَغَ المِائَةَ فَذَلِكَ أَرذَلُ العُمُرِ وَ روُيِ‌َ أَنّ أَرذَلَ العُمُرِ أَن يَكُونَ عَقلُهُ عَقلَ ابنِ سَبعِ سِنِينَ

10-ل ،[الخصال ] عَن مُحَمّدِ بنِ الفَضلِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ المُذَكّرِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ الأَصَمّ عَن بَكرِ بنِ سَهلٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُهَاجِرِ عَنِ ابنِ وَهبٍ عَن حَفصِ بنِ مَيسَرَةَ عَن زَيدِ بنِ أَسلَمَ عَن أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا مِن مُعَمّرٍ يُعَمّرُ


صفحه : 390

أَربَعِينَ سَنَةً إِلّا صَرَفَ اللّهُ عَنهُ ثَلَاثَةَ أَنوَاعٍ مِنَ البَلَاءِ الجُنُونَ وَ الجُذَامَ وَ البَرَصَ فَإِذَا بَلَغَ الخَمسِينَ لَيّنَ اللّهُ عَلَيهِ حِسَابَهُ فَإِذَا بَلَغَ السّتّينَ رَزَقَهُ اللّهُ الإِنَابَةَ إِلَيهِ بِمَا يُحِبّ وَ يَرضَي فَإِذَا بَلَغَ السّبعِينَ أَحَبّهُ اللّهُ وَ أَحَبّهُ أَهلُ السّمَاءِ فَإِذَا بَلَغَ الثّمَانِينَ قَبِلَ اللّهُ حَسَنَاتِهِ وَ تَجَاوَزَ عَن سَيّئَاتِهِ فَإِذَا بَلَغَ التّسعِينَ غَفَرَ اللّهُ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِن ذَنبِهِ وَ مَا تَأَخّرَ وَ سمُيّ‌َ أَسِيرَ اللّهِ فِي أَرضِهِ وَ شُفّعَ فِي أَهلِ بَيتِهِ

ل ،[الخصال ] عَنِ ابنِ بُندَارَ عَن أَبِي العَبّاسِ الحمَاّديِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الصّائِغِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ المُنذِرِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ حُسَينٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ بنِ عُثمَانَ عَن أَنَسٍ عَنِ النّبِيّص مِثلَهُ

11- ل ،[الخصال ] عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن سَلَمَةَ بنِ الخَطّابِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ المُؤَدّبِ عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن خَالِدٍ القلَاَنسِيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ يسَتحَييِ‌ مِن أَبنَاءِ الثّمَانِينَ أَن يُعَذّبَهُم

وَ قَالَ ع يُؤتَي بِشَيخٍ يَومَ القِيَامَةِ فَيُدفَعُ إِلَيهِ كِتَابُهُ ظَاهِرُهُ مِمّا يلَيِ‌ النّاسَ لَا يَرَي إِلّا مسَاَويِ‌َ فَيَطُولُ ذَلِكَ عَلَيهِ فَيَقُولُ يَا رَبّ أَ تَأمُرُ بيِ‌ إِلَي النّارِ فَيَقُولُ الجَبّارُ جَلّ جَلَالُهُ يَا شَيخُ إنِيّ‌ أسَتحَييِ‌ أَن أُعَذّبَكَ وَ قَد كُنتَ تصُلَيّ‌ لِي فِي دَارِ الدّنيَا اذهَبُوا بعِبَديِ‌ إِلَي الجَنّةِ

12- جع ،[جامع الأخبار] قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ تَعَالَي يَنظُرُ فِي وَجهِ الشّيخِ المُؤمِنِ صَبَاحاً وَ مَسَاءً فَيَقُولُ يَا عبَديِ‌ كَبُرَ سِنّكَ وَ دَقّ عَظمُكَ وَ رَقّ جِلدُكَ وَ قَرُبَ أَجَلُكَ وَ حَانَ قُدُومُكَ عَلَيّ فَاستَحِ منِيّ‌ فَأَنَا أسَتحَيِ‌ مِن شَيبَتِكَ أَن أُعَذّبَكَ بِالنّارِ

وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص عَنِ اللّهِ جَلّ جَلَالُهُ الشّيبَةُ نوُريِ‌ فَلَا أُحرِقُ نوُريِ‌ بنِاَريِ‌

وَ عَن حَازِمِ بنِ حَبِيبٍ الجعُفيِ‌ّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِذَا بَلَغتَ سِتّينَ


صفحه : 391

سَنَةً فَاحسَب نَفسَكَ فِي المَوتَي

قَالَ النّبِيّص أَبنَاءُ الأَربَعِينَ زَرعٌ قَد دَنَا حَصَادُهُ أَبنَاءَ الخَمسِينَ مَا ذَا قَدّمتُم وَ مَا ذَا أَخّرتُم أَبنَاءَ السّتّينَ هَلُمّوا إِلَي الحِسَابِ لَا عُذرَ لَكُم أَبنَاءَ السّبعِينَ عُدّوا أَنفُسَكُم مِنَ المَوتَي

عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ لَيُكرِمُ أَبنَاءَ السّبعِينَ وَ يسَتحَييِ‌ مِن أَبنَاءِ الثّمَانِينَ أَن يُعَذّبَهُم

باب 241- من أطاع المخلوق في معصية الخالق

1- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن طَلَبَ رِضَي النّاسِ بِسَخَطِ اللّهِ جَعَلَ اللّهُ حَامِدَهُ مِنَ النّاسِ ذَامّاً

بيان من طلب رضي الناس بسخط الله هذاالنوع في الخلق كثير بل أكثرهم كذلك كالذين تركوا متابعة أئمة الحق لرضا أئمة الجور وطلب ماعندهم وكأعوان السلاطين الجائرين وعمالهم والمتقربين إليهم بالباطل والمادحين لهم علي قبائح أعمالهم وكالذين يتعصبون للأهل والعشائر بالباطل وكشاهد الزور والحاكم بالجور بين المتخاصمين طلبا لرضا أهل العزة والغلبة والذين يساعدون المغتابين و لاينزجرون عنها طلبا لرضاهم ولئلا يتنفروا من صحبته وأمثال ذلك كثيرة. وجعل حامدة من الناس ذاما أي بعد ذلك الحمد أويحمدونه بحضرته ويذمونه في غيبته أو يكون المراد بالحامد من يتوقع منهم المدح


صفحه : 392

2- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ مِهرَانَ عَن يُوسُفَ بنِ عَمِيرَةَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن طَلَبَ مَرضَاةَ النّاسِ بِمَا يُسخِطُ اللّهَ كَانَ حَامِدُهُ مِنَ النّاسِ ذَامّاً وَ مَن آثَرَ طَاعَةَ اللّهِ بِغَضَبِ النّاسِ كَفَاهُ اللّهُ عَدَاوَةَ كُلّ عَدُوّ وَ حَسَدَ كُلّ حَاسِدٍ وَ بغَي‌َ كُلّ بَاغٍ وَ كَانَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهُ نَاصِراً وَ ظَهِيراً

بيان المرضاة مصدر ميمي‌ و من آثر طاعة الله أي في موضع غيرالتقية فإنها طاعة الله في هذاالموضع والظهير المعين

3- كا،[الكافي‌] عَنهُ عَن شَرِيفِ بنِ سَابِقٍ عَنِ الفَضلِ بنِ أَبِي قُرّةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَتَبَ رَجُلٌ إِلَي الحُسَينِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ عظِنيِ‌ بِحَرفَينِ فَكَتَبَ إِلَيهِ مَن حَاوَي أَمراً بِمَعصِيَةِ اللّهِ كَانَ أَفوَتَ لِمَا يَرجُو وَ أَسرَعَ لمِجَيِ‌ءِ مَا يَحذَرُ

بيان بحرفين أي بجملتين و ماذكره ع مع العطف في حكم جملتين ويحتمل أن يكون الحرفان كناية عن الاختصار في الكلام من حاول أي رام وقصد واللام في قوله لمايرجو ولمجي‌ء للتعدية

4- كا،[الكافي‌] عَن أَبِي عَلِيّ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن صَفوَانَ عَنِ العَلَاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع لَا دِينَ لِمَن دَانَ بِطَاعَةِ مَن عَصَي اللّهَ وَ لَا دِينَ لِمَن دَانَ بِفِريَةٍ بَاطِلٍ عَلَي اللّهِ وَ لَا دِينَ لِمَن دَانَ بِجُحُودِ شَيءٍ مِن آيَاتِ اللّهِ

بيان لادين أي لاإيمان أو لاعبادة لمن دان أي عبد الله بطاعة من عصي الله أي غيرالمعصوم فإنه لايجوز طاعة غيرالمعصوم في جميع الأمور وقيل من عصي الله من يكون حكمه معصية و لم يكن أهلا للفتوي لمن دان أي اعتقد أي عبد الله بافتراء الباطل علي الله أي جعل هذاالافتراء عبادة أوجعل عبادته مبنية علي الافتراء.


صفحه : 393

بجحود شيء من آيات الله أي أنكر شيئا من محكمات القرآن ويحتمل أن يكون المراد بالآيات الأئمة ع

5- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِ‌ّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَرضَي سُلطَاناً جَائِراً بِسَخَطِ اللّهِ خَرَجَ مِن دِينِ اللّهِ

بيان يمكن حمله علي من أرضي خلفاء الجور بإنكار أئمة الحق أو شيء من ضروريات الدين

6- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِالأَسَانِيدِ الثّلَاثَةِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَا دِينَ لِمَن دَانَ بِطَاعَةِ المَخلُوقِ فِي مَعصِيَةِ الخَالِقِ

صح ،[صحيفة الرضا عليه السلام ] عَنهُ ع مِثلَهُ

7- ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِالإِسنَادِ إِلَي دَارِمٍ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَرضَي سُلطَاناً بِمَا يُسخِطُ اللّهَ خَرَجَ مِن دِينِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ

8- ل ،[الخصال ] عَنِ العَطّارِ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن طَلَبَ رِضَي النّاسِ بِسَخَطِ اللّهِ جَعَلَ اللّهُ حَامِدَهُ مِنَ النّاسِ ذَامّاً

9- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] عَنِ المُفِيدِ عَن أَبِي غَالِبٍ الزرّاَريِ‌ّ عَن عَمّهِ عَلِيّ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الطيّاَلسِيِ‌ّ عَنِ العَلَاءِ عَن مُحَمّدٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ لَا دِينَ لِمَن دَانَ بِطَاعَةِ مَن عَصَي اللّهَ وَ لَا دِينَ لِمَن دَانَ بِفِريَةٍ بَاطِلٍ عَلَي اللّهِ وَ لَا دِينَ لِمَن دَانَ


صفحه : 394

بِجُحُودِ شَيءٍ مِن آيَاتِ اللّهِ

10- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن صَفوَانَ عَنِ الكنِاَنيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ قَالَ النّبِيّص لَا تُسخِطُوا اللّهَ بِرِضَا أَحَدٍ مِن خَلقِهِ وَ لَا تَتَقَرّبُوا إِلَي أَحَدٍ مِنَ الخَلقِ بِتَبَاعُدٍ مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَإِنّ اللّهَ لَيسَ بَينَهُ وَ بَينَ أَحَدٍ مِنَ الخَلقِ شَيءٌ يُعطِيهِ بِهِ خَيراً أَو يَصرِفُ بِهِ عَنهُ سُوءاً إِلّا بِطَاعَتِهِ وَ ابتِغَاءِ مَرضَاتِهِ إِنّ طَاعَةَ اللّهِ نَجَاحُ كُلّ خَيرٍ يُبتَغَي وَ نَجَاةٌ مِن كُلّ شَرّ يُتّقَي وَ إِنّ اللّهَ يَعصِمُ مَن أَطَاعَهُ وَ لَا يَعتَصِمُ مِنهُ مَن عَصَاهُ وَ لَا يَجِدُ الهَارِبُ مِنَ اللّهِ مَهرَباً فَإِنّ أَمرَ اللّهِ نَازِلٌ بِإِذلَالِهِ وَ لَو كَرِهَ الخَلَائِقُ وَ كُلّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ مَا شَاءَ اللّهُ كَانَ وَ مَا لَم يَشَأ لَم يَكُن

باب 341-التكلف والدعوي‌

الآيات ص وَ ما أَنَا مِنَ المُتَكَلّفِينَ

1-مص ،[مصباح الشريعة] قَالَ الصّادِقُ ع المُتَكَلّفُ مُخطِئٌ وَ إِن أَصَابَ وَ المُتَطَوّعُ مُصِيبٌ وَ إِن أَخطَأَ وَ المُتَكَلّفُ لَا يَستَجلِبُ فِي عَاقِبَةِ أَمرِهِ إِلّا الهَوَانَ وَ فِي الوَقتِ إِلّا التّعَبَ وَ العَنَاءَ وَ الشّقَاءَ وَ المُتَكَلّفُ ظَاهِرُهُ رِئَاءٌ وَ بَاطِنُهُ نِفَاقٌ فَهُمَا جَنَاحَانِ يَطِيرُ بِهِمَا المُتَكَلّفُ وَ لَيسَ فِي الجُملَةِ مِن أَخلَاقِ الصّالِحِينَ وَ لَا مِن شِعَارِ المُتّقِينَ التّكَلّفِ فِي أَيّ بَابٍ كَانَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِنَبِيّهِص قُل ما أَسئَلُكُم عَلَيهِ مِن أَجرٍ وَ ما أَنَا مِنَ المُتَكَلّفِينَ وَ قَالَص نَحنُ مَعَاشِرَ الأَنبِيَاءِ وَ الأَولِيَاءِ بَرَاءٌ مِنَ التّكَلّفِ


صفحه : 395

فَاتّقِ اللّهَ وَ استَقِم نَفسَكَ يُغنِكَ عَنِ التّكَلّفِ وَ يَطبَعُكَ بِطِبَاعِ الإِيمَانِ وَ لَا تَشتَغِل بِطَعَامٍ آخِرُهُ الخَلَاءُ وَ لِبَاسٍ آخِرُهُ البِلَي وَ دَارٍ آخِرُهَا الخَرَابُ وَ مَالٍ آخِرُهُ المِيرَاثُ وَ إِخوَانٍ آخِرُهُمُ الفِرَاقُ وَ عِزّ آخِرُهُ الذّلّ وَ وَقَارٍ آخِرُهُ الجَفَاءُ وَ عَيشٍ آخِرُهُ الحَسرَةُ

2- مص ،[مصباح الشريعة] قَالَ الصّادِقُ ع الدّعوَي بِالحَقِيقَةِ لِلأَنبِيَاءِ وَ الأَئِمّةِ وَ الصّدّيقِينَ وَ الأَئِمّةِ ع وَ أَمّا المدُعّيِ‌ بِغَيرِ وَاجِبٍ فَهُوَ كَإِبلِيسَ اللّعِينِ ادّعَي النّسُكَ وَ هُوَ عَلَي الحَقِيقَةِ مُنَازِعٌ لِرَبّهِ مُخَالِفٌ لِأَمرِهِ فَمَنِ ادّعَي أَظهَرَ الكَذِبَ وَ الكَاذِبُ لَا يَكُونُ أَمِيناً وَ مَنِ ادّعَي فِيمَا لَا يَحِلّ لَهُ فُتِحَ عَلَيهِ أَبوَابُ البَلوَي وَ المدُعّيِ‌ يُطَالَبُ بِالبَيّنَةِ لَا مَحَالَةَ وَ هُوَ مُفلِسٌ فَيَفتَضِحُ وَ الصّادِقُ لَا يُقَالُ لَهُ لِمَ

قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الصّادِقُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلّا هَابَهُ

3- نهج ،[نهج البلاغة] مَن كَابَدَ الأُمُورَ عَطِبَ وَ مَنِ اقتَحَمَ اللّجَجَ غَرِقَ

باب 441-الفساد

1-مص ،[مصباح الشريعة] قَالَ الصّادِقُ ع فَسَادُ الظّاهِرِ مِن فَسَادِ البَاطِنِ وَ مَن أَصلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصلَحَ اللّهُ عَلَانِيَتَهُ وَ مَن خَافَ اللّهَ فِي السّرّ لَم يَهتِك سِترَهُ فِي العَلَانِيَةِ وَ أَعظَمُ الفَسَادِ أَن يَرضَي العَبدُ بِالغَفلَةِ عَنِ اللّهِ وَ هَذَا الفَسَادُ يَتَوَلّدُ مِن طُولِ الأَمَلِ وَ الحِرصِ وَ الكِبرِ كَمَا أَخبَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي قِصّةِ قَارُونَ فِي قَولِهِوَ لا تَبغِ الفَسادَ فِي الأَرضِ إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ المُفسِدِينَ وَ كَانَت هَذِهِ الخِصَالُ مِن صُنعِ قَارُونَ وَ اعتِقَادِهِ وَ أَصلُهَا مِن حُبّ الدّنيَا وَ جَمعِهَا وَ مُتَابَعَةِ النّفسِ وَ هَوَاهَا وَ إِقَامَةِ


صفحه : 396

شَهَوَاتِهَا وَ حُبّ المَحمَدَةِ وَ مُوَافَقَةِ الشّيطَانِ وَ اتّبَاعِ خُطُوَاتِهِ وَ كُلّ ذَلِكَ يَجتَمِعُ بِحَسَبِ الغَفلَةِ عَنِ اللّهِ وَ نِسيَانِ مِنَنِهِ وَ عِلَاجُ ذَلِكَ الفِرَارُ مِنَ النّاسِ وَ رَفضُ الدّنيَا وَ طَلَاقُ الرّاحَةِ وَ الِانقِطَاعُ عَنِ العَادَاتِ وَ قَلعُ عُرُوقِ مَنَابِتِ الشّهَوَاتِ بِدَوَامِ الذّكرِ لِلّهِ وَ لُزُومُ الطّاعَةِ لَهُ وَ احتِمَالُ جَفَاءِ الخَلقِ وَ مُلَازَمَةُ القُربَي وَ شَمَاتَةُ العَدُوّ مِنَ الأَهلِ وَ القَرَابَةِ فَإِذَا فَعَلتَ ذَلِكَ فَقَد فَتَحتَ عَلَيكَ بَابَ عَطفِ اللّهِ وَ حُسنَ نَظَرِهِ إِلَيكَ بِالمَغفِرَةِ وَ الرّحمَةِ وَ خَرَجتَ مِن جُملَةِ الغَافِلِينَ وَ فَكَكتَ قَلبَكَ مِن أَسرِ الشّيطَانِ وَ قَدِمتَ بَابَ اللّهِ فِي مَعشَرِ الوَارِدِينَ إِلَيهِ وَ سَلَكتَ مَسلَكاً رَجَوتَ الإِذنَ بِالدّخُولِ عَلَي الكَرِيمِ الجَوَادِ المَلِكِ الرّحِيمِ وَ استِيطَاءِ بِسَاطِهِ عَلَي شَرطِ الأَدَبِ وَ لَا تَحرُمُ سَلَامَتُهُ وَ كَرَامَتُهُ لِأَنّهُ المَلِكُ الكَرِيمُ الجَوَادُ الرّحِيمُ

باب 541-القسوة والخرق والمراء والخصومة والعداوة

أقول قدمر كثير من أخبار هذاالباب في مطاوي‌ أبواب الكفر ومساوي‌ الأخلاق كما لايخفي

1- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ حَفصٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ دُبَيسٍ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا خَلَقَ اللّهُ العَبدَ فِي أَصلِ الخِلقَةِ كَافِراً لَم يَمُت حَتّي يُحَبّبَ اللّهُ إِلَيهِ الشّرّ فَيَقرَبَ مِنهُ فَابتَلَاهُ بِالكِبرِ وَ الجَبرِيّةِ فَقَسَا قَلبُهُ وَ سَاءَ خُلُقُهُ وَ غَلُظَ وَجهُهُ وَ ظَهَرَ فُحشُهُ وَ قَلّ حَيَاؤُهُ وَ كَشَفَ اللّهُ سِترَهُ وَ رَكِبَ المَحَارِمَ فَلَم يَنزِع عَنهَا ثُمّ رَكِبَ معَاَصيِ‌َ اللّهِ وَ أَبغَضَ طَاعَتَهُ وَ وَثَبَ عَلَي النّاسِ لَا يَشبَعُ مِنَ الخُصُومَاتِ فَاسأَلُوا اللّهَ العَافِيَةَ وَ اطلُبُوهَا مِنهُ


صفحه : 397

بيان قيل قوله كافرا حال عن العبد فلايلزم أن يكون كفره مخلوقا لله تعالي .أقول كأنه علي المجاز فإنه تعالي لماخلقه عالما بأنه سيكفر فكأنه خلقه كافرا أوالخلق بمعني التقدير والمعاصي‌ يتعلق بهاالتقدير ببعض المعاني‌ كمامر تحقيقه وكذا تحبيب الشر إليه مجاز فإنه لماسلب عنه التوفيق لسوء أعماله وخلي‌ بينه و بين نفسه و بين الشيطان فأحب الشر فكان الله حببه إليه قال سبحانه حَبّبَ إِلَيكُمُ الإِيمانَ وَ زَيّنَهُ فِي قُلُوبِكُم وَ كَرّهَ إِلَيكُمُ الكُفرَ وَ الفُسُوقَ وَ العِصيانَ و إن كان الظاهر أن الخطاب لخلص المؤمنين .فيقرب منه أي العبد من الشر أوالشر من العبد و علي التقديرين كأنه كناية عن ارتكابه و قال الجوهري‌ يقال فيه جبرية وجَبرُوّة وجبروت وجبّورة مثال فَرّوجة أي كبر وغلظ الوجه كناية عن العبوس أوالخشونة وقلة الحياء وكشف الله ستره كناية عن ظهور عيوبه للناس وقيل المراد كشف ستره الحاجز بينه و بين القبائح و هوالحياء فيكون تأكيدا لماقبله وأقول الأول أظهر كماورد في الخبر. وركب المحارم أي الصغائر مصرا عليها لقوله فلم ينزع عنها أي لم يتركها ثم ركب معاصي‌ الله أي الكبائر وقيل المراد بالأول الذنوب مطلقا وبالثاني‌ حبها أواستحلالها بقرينة قوله أبغض طاعته لأن بغض الطاعة يستلزم حب المعصية أوالمراد بهاذنوبه بالنسبة إلي الخلق والوثوب علي الناس كناية عن المجادلات والمعارضات

2-كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَمّتَانِ لَمّةٌ مِنَ الشّيطَانِ وَ لَمّةٌ مِنَ المَلَكِ


صفحه : 398

فَلَمّةُ المَلَكِ الرّقّةُ وَ الفَهمُ وَ لَمّةُ الشّيطَانِ السّهوُ وَ القَسوَةُ

بيان قال الجزري‌ فِي حَدِيثِ ابنِ مَسعُودٍ لِابنِ آدَمَ لَمّتَانِ لَمّةٌ مِنَ المَلَكِ وَ لَمّةٌ مِنَ الشّيطَانِ

اللمة الهمة والخطرة تقع في القلب أراد إلمام الملك أوالشيطان به والقرب منه فما كان من خطرات الخير فهو من الملك و ما كان من خطرات الشر فهو من الشيطان انتهي .فلمة الملك الرقة والفهم أي هما ثمرتها أوعلامتها والحمل علي المجاز لأن لمة الملك إلقاء الخير والتصديق بالحق في القلب وثمرتها رقة القلب وصفاؤها وميله إلي الخير وكذا لمة الشيطان إلقاء الوساوس والشكوك والميل إلي الشهوات في القلب وثمرتها السهو عن الحق والغفلة عن ذكر الله وقساوة القلب

3- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَمرِو بنِ عُثمَانَ عَن عَلِيّ بنِ عِيسَي رَفَعَهُ قَالَ فِيمَا نَاجَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِهِ مُوسَي صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ يَا مُوسَي لَا تُطَوّل فِي الدّنيَا أَمَلَكَ فَيَقسُوَ قَلبُكَ وَ القاَسيِ‌ القَلبِ منِيّ‌ بَعِيدٌ

بيان لاتطول في الدنيا أملك تطويل الأمل هو أن ينسي الموت ويجعله بعيدا ويظن طول عمره أويأمل أموالا كثيرة لاتحصل إلا في عمر طويل و ذلك يوجب قساوة القلب وصلابته وشدته أي عدم خشوعه وتأثره من المخاوف وعدم قبوله للمواعظ كما أن تذكر الموت يوجب رقة القلب ووجله عندذكر الله والموت والآخرة قال الجوهري‌ قسا قلبه قسوة وقساوة وقساء و هوغلظ القلب وشدته وأقساه الذنب ويقال الذنب مقساة القلب

4- كا،[الكافي‌] عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ عَمّن حَدّثَهُ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي لَيلَي عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ مَن قُسِمَ لَهُ الخُرقُ يُحجَبُ عَنهُ الإِيمَانُ


صفحه : 399

بيان الظاهر أن الخرق عدم الرفق في القول والفعل في القاموس الخرق بالضم وبالتحريك ضد الرفق و أن لايحسن الرجل العمل والتصرف في الأمور والحمق و في النهاية فيه الرفق يمن والخرق شؤم الخرق بالضم الجهل والحمق انتهي وإنما كان الخرق مجانبا للإيمان لأنه يؤذي‌ المؤمنين والمؤمن من أمن المسلمون من يده ولسانه ولأنه لايتهيأ له طلب العلم ألذي به كمال الإيمان و هومجانب لكثير من صفات المؤمنين كمامر ثم إنه إنما يكون مذموما إذاأمكن الرفق و لم ينته إلي حد المداهنة في الدين كَمَا قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ ارفُق مَا كَانَ الرّفقُ أَرفَقَ وَ اعتَزِم بِالشّدّةِ حِينَ لَا يغُنيِ‌ عَنكَ

أي الرفق إلاالشدة

5- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن هَارُونَ بنِ مُسلِمٍ عَن مَسعَدَةَ بنِ صَدَقَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِيّاكُم وَ المِرَاءَ وَ الخُصُومَةَ فَإِنّهُمَا يُمرِضَانِ القُلُوبَ عَلَي الإِخوَانِ وَ يَنبُتُ عَلَيهِمَا النّفَاقُ

وَ بِإِسنَادِهِ قَالَ قَالَ النّبِيّص ثَلَاثٌ مَن لقَيِ‌َ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ بِهِنّ دَخَلَ الجَنّةَ مِن أَيّ بَابٍ شَاءَ مَن حَسُنَ خُلُقُهُ وَ خشَيِ‌َ اللّهَ فِي المَغِيبِ وَ المَحضَرِ وَ تَرَكَ المِرَاءَ وَ إِن كَانَ مُحِقّاً

وَ بِإِسنَادِهِ قَالَ مَن نَصَبَ اللّهَ غَرَضاً لِلخُصُومَاتِ أَوشَكَ أَن يُكثِرَ الِانتِقَالَ

بيان المراء بالكسر مصدر باب المفاعلة وقيل هوالجدال والاعتراض علي كلام الغير من غيرغرض ديني‌ و في مفردات الراغب الامتراء والمماراة المحاجة فيما فيه مرية وهي‌ التردد في الأمر و في النهاية فيه لاتماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر المراء الجدال والتماري‌ والمماراة المجادلة علي مذهب الشك والريبة ويقال للمناظرة مماراة لأن كل واحد منهما يستخرج ما عندصاحبه


صفحه : 400

ويمتريه كمايمتري‌ الحالب اللبن من الضرع قال أبوعبيد ليس وجه الحديث عندنا علي الاختلاف في التأويل ولكنه علي الاختلاف في اللفظ و هو أن يقرأ الرجل علي حرف فيقول الآخر ليس هوهكذا ولكنه علي خلافه وكلاهما منزل مقروء بهما فإذاجحد كل واحد منهما قراءة صاحبه لم يؤمن أن يكون يخرجه ذلك إلي الكفر لأنه نفي حرفا أنزله الله علي نبيه . وقيل إنما جاء هذا في الجدال والمراء في الآيات التي‌ فيهاذكر القدر ونحوه من المعاني‌ علي مذهب أهل الكلام وأصحاب الأهواء والآراء دون ماتضمنت من الأحكام وأبواب الحلال والحرام لأن ذلك قدجري بين الصحابة و من بعدهم من العلماء و ذلك فيما يكون الغرض والباعث عليه ظهور الحق ليتبع دون الغلبة والتعجيز و الله أعلم . و قال فيه ماأوتي‌ الجدل قوم إلاضلوا الجدل مقابلة الحجة بالحجة والمجادلة المناظرة والمخاصمة والمراد به في الحديث الجدل علي الباطل وطلب المغالبة به فأما المجادلة لإظهار الحق فإن ذلك محمود لقوله تعالي وَ جادِلهُم باِلتّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ. و قال الراغب الخصم مصدر خصمته أي نازعته خصما يقال خصمته وخاصمته مخاصمة وخصاما وأصل المخاصمة أن يتعلق كل واحد بخصم الآخر أي جانبه و أن يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب . وأقول هذه الألفاظ الثلاثة متقاربة المعني و قدورد النهي‌ عن الجميع في الآيات والأخبار وأكثر مايستعمل المراء والجدال في المسائل العلمية والمخاصمة في الأمور الدنيوية و قديخص المراء بما إذا كان الغرض إظهار الفضل والكمال والجدال بما إذا كان الغرض تعجيز الخصم وذلته . وقيل الجدل في المسائل العلمية والمراء أعم وقيل لا يكون المراء إلا


صفحه : 401

اعتراضا بخلاف الجدال فإنه يكون ابتداء واعتراضا والجدل أخص من الخصومة يقال جدل الرجل من باب علم فهو جدل إذااشتدت خصومته وجادل مجادلة وجدالا إذاخاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب والخصومة لاتعتبر فيهاالشدة و لاالشغل . و قال الغزالي‌ يندرج في المراء كل مايخالف قول صاحبه مثل أن يقول هذاحلو فيقول هذامر أو يقول من كذا إلي كذا فرسخ فيقول ليس بفرسخ أو يقول شيئا فيقول أنت أحمق أو أنت كاذب ويندرج في الخصومة كل مايوجب تأذي خاطر الآخر وترداد القول بينهما و إذااجتمعا يمكن تخصيص المراء بالأمور الدينية والخصومة بغيرها أوبالعكس .فإنهما يمرضان القلوب علي الإخوان أي يغيرانها بالعداوة والغيظ وإنما عبر عنها بالمرض لأنها توجب شغل القلب وتوزع البال وكثرة التفكر وهي‌ من أشد المحن والأمراض وأيضا توجب شغل القلب عن ذكر الله و عن حضور القلب في الصلاة و عن التفكر في المعارف الإلهية وخلوها عن الصفات الحسنة وتلوثها بالصفات الذميمة وهي‌ من أشد الأمراض النفسانية والأدواء الروحانية كما قال تعالي فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ. وينبت عليهما النفاق أي التفاوت بين ظاهر كل واحد منهما وباطنه بالنسبة إلي صاحبه و هذانفاق أوالنفاق مع الرب تعالي أيضا إذا كان في المسائل الدينية فإنهما يوجبان حدوث الشكوك والشبهات في النفس والتصلب في الباطن للغلبة علي الخصم بل في الأمور الدنيوية أيضا بالإصرار علي مخالفة الله تعالي و كل ذلك من دواعي‌ النفاق . فإن قيل هذاينافي‌ ماورد في الأخبار والآيات من الأمر بهداية الخلق والذب عن الحق ودفع الشبهات عن الدين وقطع حجج المبطلين و قد قال تعالي


صفحه : 402

وَ جادِلهُم باِلتّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ و قال وَ لا تُجادِلُوا أَهلَ الكِتابِ إِلّا باِلتّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ. قلت هذه الأخبار محمولة علي ما إذا كان الغرض محض إظهار الفضل أوالغلبة علي الخصم أوالتعصب وترويج الباطل أو علي ما إذا كان مع عدم القدرة علي الغلبة وإظهار الحق وكشفه فيصير سببا لمزيد رسوخ الخصم في الباطل أو علي ما إذاأراد إبطال الباطل بباطل آخر أو مع إمكان الهداية باللين واللطف يتعدي إلي الغلظة والخشونة المثيرتين للفتن أويترك التقية في زمنها و أما مع عدم التقية والقدرة علي تبيين الحق فالسعي‌ في إظهار الحق وإحيائه وإماتة الباطل بأوضح الدلائل وبالتي‌ هي‌ أحسن مع تصحيح النية في ذلك من غيررئاء و لامراء من أعظم الطاعات لكن للنفس والشيطان في ذلك طرق خفية ينبغي‌ التحرز عنها والسعي‌ في الإخلاص فيه أهم من سائر العبادات . وَ يَدُلّ عَلَي مَا ذَكَرنَا مَا ذَكَرَهُ الإِمَامُ أَبُو مُحَمّدٍ العسَكرَيِ‌ّ ع فِي تَفسِيرِهِ قَالَذُكِرَ عِندَ الصّادِقِ ع الجِدَالُ فِي الدّينِ وَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص وَ الأَئِمّةَ المَعصُومِينَ ع قَد نَهَوا عَنهُ فَقَالَ الصّادِقُ ع لَم يَنهَ عَنهُ مُطلَقاً لَكِنّهُ نَهَي عَنِ الجِدَالِ بِغَيرِ التّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ أَ مَا تَسمَعُونَ اللّهَ يَقُولُوَ لا تُجادِلُوا أَهلَ الكِتابِ إِلّا باِلتّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ وَ قَولَهُ تَعَالَيادعُ إِلي سَبِيلِ رَبّكَ بِالحِكمَةِ وَ المَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَ جادِلهُم باِلتّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُفَالجِدَالُ باِلتّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ قَد قَرَنَهُ العُلَمَاءُ بِالدّينِ وَ الجِدَالُ بِغَيرِ التّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ مُحَرّمٌ حَرّمَهُ اللّهُ تَعَالَي عَلَي شِيعَتِنَا وَ كَيفَ يُحَرّمُ اللّهُ الجِدَالَ جُملَةً وَ هُوَ يَقُولُوَ قالُوا لَن يَدخُلَ الجَنّةَ إِلّا مَن كانَ هُوداً أَو نَصاري قَالَ اللّهُ تَعَالَيتِلكَ أَمانِيّهُم قُل هاتُوا بُرهانَكُم إِن كُنتُم صادِقِينَفَجَعَلَ عِلمَ الصّدقِ وَ الإِيمَانَ بِالبُرهَانِ وَ هَل يُؤتَي بِالبُرهَانِ إِلّا فِي الجِدَالِ باِلتّيِ‌


صفحه : 403

هيِ‌َ أَحسَنُ قِيلَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ فَمَا الجِدَالُ باِلتّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ وَ التّيِ‌ لَيسَت بِأَحسَنَ قَالَ أَمّا الجِدَالُ بِغَيرِ التّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ أَن تُجَادِلَ مُبطِلًا فَيُورِدَ عَلَيكَ بَاطِلًا فَلَا تَرُدّهُ بِحُجّةٍ قَد نَصَبَهَا اللّهُ تَعَالَي وَ لَكِن تَجحَدُ قَولَهُ أَو تَجحَدُ حَقّاً يُرِيدُ ذَلِكَ المُبطِلُ أَن يُعِينَ بِهِ بَاطِلَهُ فَتَجحَدُ ذَلِكَ الحَقّ مَخَافَةَ أَن يَكُونَ لَهُ عَلَيكَ فِيهِ حُجّةٌ لِأَنّكَ لَا تدَريِ‌ كَيفَ المَخلَصُ مِنهُ فَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَي شِيعَتِنَا أَن يَصِيرُوا فِتنَةً عَلَي ضُعَفَاءِ إِخوَانِهِم وَ عَلَي المُبطِلِينَ أَمّا المُبطِلُونَ فَيَجعَلُونَ ضَعفَ الضّعِيفِ مِنكُم إِذَا تَعَاطَي مُجَادَلَتَهُ وَ ضَعفَ مَا فِي يَدِهِ حُجّةً لَهُ عَلَي بَاطِلِهِ وَ أَمّا الضّعَفَاءُ مِنكُم فَتَعمَي قُلُوبُهُم لِمَا يَرَونَ مِن ضَعفِ المُحِقّ فِي يَدِ المُبطِلِ وَ أَمّا الجِدَالُ باِلتّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ فَهُوَ مَا أَمَرَ اللّهُ تَعَالَي بِهِ نَبِيّهُ أَن يُجَادِلَ بِهِ مَن جَحَدَ البَعثَ بَعدَ المَوتِ وَ إِحيَاءَهُ لَهُ فَقَالَ اللّهُ حَاكِياً عَنهُوَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نسَيِ‌َ خَلقَهُ قالَ مَن يحُي‌ِ العِظامَ وَ هيِ‌َ رَمِيمٌ فَقَالَ اللّهُ فِي الرّدّ عَلَيهِمقُل يَا مُحَمّدُيُحيِيهَا ألّذِي أَنشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ وَ هُوَ بِكُلّ خَلقٍ عَلِيمٌ ألّذِي جَعَلَ لَكُم مِنَ الشّجَرِ الأَخضَرِ ناراً فَإِذا أَنتُم مِنهُ تُوقِدُونَفَأَرَادَ اللّهُ مِن نَبِيّهِ أَن يُجَادِلَ المُبطِلَ ألّذِي قَالَ كَيفَ يَجُوزُ أَن يُبعَثَ هَذِهِ العِظَامُ وَ هيِ‌َ رَمِيمٌ فَقَالَ اللّهُ تَعَالَيقُل يُحيِيهَا ألّذِي أَنشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ أَ فَيَعجِزُ مَنِ ابتَدَأَ بِهِ لَا مِن شَيءٍ أَن يُعِيدَهُ بَعدَ أَن يَبلَي بَلِ ابتِدَاؤُهُ أَصعَبُ عِندَكُم مِن إِعَادَتِهِ ثُمّ قَالَألّذِي جَعَلَ لَكُم مِنَ الشّجَرِ الأَخضَرِ ناراً أَي إِذَا كَمَنَ النّارُ الحَارّةُ فِي الشّجَرَةِ الأَخضَرِ الرّطبِ وَ يَستَخرِجُهَا فَعَرّفَكُم أَنّهُ عَلَي إِعَادَةِ مَا بلَيِ‌َ أَقدَرُ ثُمّ قَالَأَ وَ لَيسَ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ بِقادِرٍ عَلي أَن يَخلُقَ مِثلَهُم بَلي وَ هُوَ الخَلّاقُ العَلِيمُ أَي إِذَا كَانَ خَلقُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ أَعظَمَ وَ أَبعَدَ فِي أَوهَامِكُم وَ قُدَرِكُم أَن تَقدِرُوا عَلَيهِ مِن إِعَادَةِ الباَليِ‌ فَكَيفَ جَوّزتُم مِنَ اللّهِ خَلقَ هَذَا الأَعجَبِ عِندَكُم وَ الأَصعَبِ لَدَيكُم وَ لَم تُجَوّزُوا مِنهُ مَا هُوَ أَسهَلُ عِندَكُم مِن إِعَادَةِ الباَليِ‌ قَالَ الصّادِقُ ع فَهَذَا الجِدَالُ باِلتّيِ‌ هيِ‌َ


صفحه : 404

أَحسَنُ لِأَنّ فِيهَا قَطعَ عُذرِ الكَافِرِينَ وَ إِزَالَةَ شُبَهِهِم وَ أَمّا الجِدَالُ بِغَيرِ التّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ بِأَن تَجحَدَ حَقّاً لَا يُمكِنُكَ أَن تُفَرّقَ بَينَهُ وَ بَينَ بَاطِلِ مَن تُجَادِلُهُ وَ إِنّمَا تَدفَعُهُ عَن بَاطِلِهِ بِأَن تَجحَدَ الحَقّ فَهَذَا هُوَ المُحَرّمُ لِأَنّكَ مِثلُهُ جَحَدَ هُوَ حَقّاً وَ جَحَدتَ أَنتَ حَقّاً آخَرَ قَالَ فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ أَ فَجَادَلَ رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ الصّادِقُ ع مَهمَا ظَنَنتَ بِرَسُولِ اللّهِص مِن شَيءٍ فَلَا تَظُنّ بِهِ مُخَالَفَةَ اللّهِ أَ وَ لَيسَ اللّهُ تَعَالَي قَالَوَ جادِلهُم باِلتّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ وَ قَالَقُل يُحيِيهَا ألّذِي أَنشَأَها أَوّلَ مَرّةٍلِمَن ضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا أَ فَتَظُنّ أَنّ رَسُولَ اللّهِص خَالَفَ مَا أَمَرَهُ اللّهُ بِهِ فَلَم يُجَادِل بِمَا أَمَرَهُ اللّهُ وَ لَم يُخبِر عَنِ اللّهِ بِمَا أَمَرَهُ أَن يُخبِرَ بِهِ

وَ رَوَي أَبُو عَمرٍو الكشَيّ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ الأَعلَي قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع إِنّ النّاسَ يَعِيبُونَ عَلَيّ بِالكَلَامِ وَ أَنَا أُكَلّمُ النّاسَ فَقَالَ أَمّا مِثلُكَ مَن يَقَعُ ثُمّ يَطِيرُ فَنَعَم وَ أَمّا مَن يَقَعُ ثُمّ لَا يَطِيرُ فَلَا

وَ روُيِ‌َ أَيضاً بِإِسنَادِهِ عَنِ الطّيّارِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع بلَغَنَيِ‌ أَنّكَ كَرِهتَ مُنَاظَرَةَ النّاسِ فَقَالَ أَمّا مِثلُكَ فَلَا يَكرَهُ مَن إِذَا طَارَ يُحسِنُ أَن يَقَعَ وَ إِن وَقَعَ يُحسِنُ أَن يَطِيرَ فَمَن كَانَ هَكَذَا لَا نَكرَهُهُ

وَ بِإِسنَادِهِ أَيضاً عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مَا فَعَلَ ابنُ الطّيّارِ قَالَ قُلتُ مَاتَ قَالَ رَحِمَهُ اللّهُ وَ لَقّاهُ نَضرَةً وَ سُرُوراً فَقَد كَانَ شَدِيدَ الخُصُومَةِ عَنّا أَهلَ البَيتِ

وَ بِإِسنَادِهِ أَيضاً عَن أَبِي جَعفَرٍ الأَحوَلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا فَعَلَ ابنُ الطّيّارِ فَقُلتُ توُفُيّ‌َ فَقَالَ رَحِمَهُ اللّهُ أَدخَلَ اللّهُ عَلَيهِ الرّحمَةَ وَ النّضرَةَ فَإِنّهُ كَانَ يُخَاصِمُ عَنّا أَهلَ البَيتِ


صفحه : 405

وَ بِإِسنَادِهِ أَيضاً عَن نَصرِ بنِ الصّبّاحِ قَالَ كَانَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ لِعَبدِ الرّحمَنِ بنِ الحَجّاجِ يَا عَبدَ الرّحمَنِ كَلّم أَهلَ المَدِينَةِ فإَنِيّ‌ أُحِبّ أَن يُرَي فِي رِجَالِ الشّيعَةِ مِثلُكَ

وَ بِإِسنَادِهِ أَيضاً عَن مُحَمّدِ بنِ حَكِيمٍ قَالَ ذُكِرَ لأِبَيِ‌ الحَسَنِ ع أَصحَابُ الكَلَامِ فَقَالَ أَمّا ابنُ حَكِيمٍ فَدَعُوهُ

.فهذه الأخبار كلها مع كون أكثرها من الصحاح تدل علي تجويز الجدال والخصومة في الدين علي بعض الوجوه ولبعض العلماء وتؤيد بعض الوجوه التي‌ ذكرناها في الجمع . من لقي‌ الله بهن أي كن معه إلي الموت أو في المحشر دخل الجنة من أي باب شاء كأنه مبالغة في إباحة الجنة له وعدم منعه منها بوجه في المغيب والمحضر أي يظهر فيه آثار خشية الله بترك المعاصي‌ في حال حضور الناس وغيبتهم وقيل أي عدم ذكر الناس بالشر في الحضور والغيبة والأول أظهر. و إن كان محقا قدمر أنه لاينافي‌ وجوب إظهار الحق في الدين و لاينافي‌ أيضا جواز المخاصمة لأخذ الحق الدنيوي‌ لكن بدون التعصب وطلب الغلبة وترك المداراة بل يكتفي‌ بأقل ماينفع في المقامين بدون إضرار وإهانة وإلقاء باطل كماعرفت . من نصب الله النصب الإقامة والغرض بالتحريك الهدف قال في المصباح الغرض الهدف ألذي يرمي إليه والجمع أغراض وقولهم غرضه كذا علي التشبيه بذلك أي مرماه ألذي يقصده انتهي وهنا كناية عن كثرة المخاصمة في ذات الله سبحانه وصفاته فإن العقول قاصرة عن إدراكها ولذا نهي‌ عن التفكر


صفحه : 406

فيها كمامر في كتاب التوحيد وكثرة التفكر والخصومة فيهايقرب الإنسان من كثرة الانتقال من رأي‌ إلي رأي‌ لحيرة العقول فيها وعجزها عن إدراكها كماتري من الحكماء والمتكلمين المتصدين لذلك فإنهم سلكوا مسالك شتي والاكتفاء بما ورد في الكتاب والسنة وترك الخوض فيهاأحوط وأولي . ويحتمل أن يكون المراد الانتقال من الحق إلي الباطل و من الإيمان إلي الكفر فإن الجدال في الله والخوض في ذاته وكنه صفاته يورثان الشكوك والشبهة قال الله تعالي وَ مِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ فِي اللّهِ بِغَيرِ عِلمٍ وَ لا هُديً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ و قال جل شأنه وَ إِذا رَأَيتَ الّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعرِض عَنهُم حَتّي يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيرِهِإِنّكُم إِذاً مِثلُهُم إلي غير ذلك من الآيات في ذلك . وأوشك من أفعال المقاربة بمعني القرب والدنو ومنهم من ذهب هنا إلي مايترتب علي مطلق الخصومة مع الخلق و قال الانتقال التحول من حال إلي حال كالتحول من الخير إلي الشر و من حسن الأفعال إلي قبح الأعمال المقتضية لفساد النظام وزوال الألفة والالتيام وقيل المراد كثرة الحلف بالله في الدعاوي‌ والخصومات فإنه أوشك أن ينتقل مما حلف عليه إلي ضده خوفا من العقاب فيفتضح بذلك و لايخفي مافيهما

8- كا،[الكافي‌] عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ عَن صَالِحِ بنِ السنّديِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ بَشِيرٍ عَن عَمّارِ بنِ مَروَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَا تُمَارِيَنّ حَلِيماً وَ لَا سَفِيهاً فَإِنّ الحَلِيمَ يَقلِيكَ وَ السّفِيهَ يُؤذِيكَ

بيان الحليم يحتمل المعنيين المتقدمين أي العاقل والمتثبت المتأني‌ في الأمور والسفيه يحتمل مقابليهما والمعنيان متلازمان غالبا وكذا مقابلاهما والحاصل


صفحه : 407

أن العاقل الحازم المتأني‌ في الأمور لايتصدي للمعارضة ويصير ذلك سببا لأن يبطن في قلبه العداوة والأحمق المتهتك يعارض ويؤذي‌ في القاموس قلاه كرماه ورضيه قلي وقلاء ومقلية أبغضه وكرهه غاية الكراهة فتركه أوقلاه في الهجر وقليه في البغض

9- كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَطِيّةَ عَن عُمَرَ بنِ يَزِيدَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا كَادَ جَبرَئِيلُ يأَتيِنيِ‌ إِلّا قَالَ يَا مُحَمّدُ اتّقِ شَحنَاءَ الرّجَالِ وَ عَدَاوَتَهُم

بيان ماكاد في القاموس كاد يفعل كذا قارب وهم و في بعض النسخ ما كان و في الأول المبالغة أكثر أي لم يقرب إتيانه إلا قال والشحناء بالفتح البغضاء والعداوة والإضافة إلي المفعول أي العداوة مع الرجال ويحتمل الفاعل أيضا أي العداوة الشائعة بين الرجال والأول أظهر وعداوتهم تأكيد أوالمراد بالأول فعل مايوجب العداوة أوإظهارها قال في المصباح الشحناء العداوة والبغضاء وشحنت عليه شحنا من باب تعب حقدت وأظهرت العداوة و من باب نفع لغة

10- كا،[الكافي‌]عِدّةٌ مِن أَصحَابِنَا عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ الحَسَنِ بنِ الحُسَينِ الكنِديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ جَبرَئِيلُ ع للِنبّيِ‌ّص إِيّاكَ وَ مُلَاحَاةَ الرّجَالِ

بيان قال في النهاية فيه نهيت عن ملاحاة الرجال أي مقاولتهم ومخاصمتهم يقال لحيت الرجل ألحاه إذالمته وعذلته ولاحيته ملاحاة ولحاء إذانازعته

11- كا،[الكافي‌] عَنهُ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ سَيَابَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِيّاكُم وَ المُشَارّةَ فَإِنّهَا تُورِثُ المَعَرّةَ وَ تُظهِرُ العَورَةَ

بيان في النهاية فيه لاتشار أخاك هوتفاعل من الشر أي لاتفعل به شرا يحوجه إلي أن يفعل بك مثله ويروي بالتخفيف و في الصحاح المشارة المخاصمة فإنها تورث المعرة قال في القاموس المعرة الإثم والأذي والغرم والدية والخيانة


صفحه : 408

وتظهر العورة أي العيوب المستورة. و قال الجوهري‌ العورة سوأة الإنسان و كل مايستحيا منه و في بعض النسخ المعورة اسم فاعل من أعور الشي‌ء إذاصار ذا عوار أوذا عورة وهي‌ العيب والقبيح و كل شيءيستره الإنسان أنفة أوحياء فهو عورة والمراد بهاهنا القبيح من الأخلاق والأفعال و علي النسختين المراد ظهور قبائحه وعيوبه إما من نفسه فإنه عندالمشاجرة والغضب لايملكها فيبدو منه ما كان يخفيه أو من خصمه فإن الخصومة سبب لإظهار الخصم قبح خصمه لينتقص منه ويضع قدره بين الناس

12- كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَنبَسَةَ العَابِدِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِيّاكُم وَ الخُصُومَةَ فَإِنّهَا تَشغَلُ القَلبَ وَ تُورِثُ النّفَاقَ وَ تَكسِبُ الضّغَائِنَ

بيان فإنها تشغل القلب عن ذكر الله وبالتفكر في الشبه والشكوك والحيل لدفع الخصم وبالغم والهم أيضا والضغائن جمع الضغينة وهي‌ الحقد وتضاغنوا انطووا علي الأحقاد

13- كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ مِهرَانَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا أتَاَنيِ‌ جَبرَئِيلُ قَطّ إِلّا وعَظَنَيِ‌ فَآخِرُ قَولِهِ لِي إِيّاكَ وَ مُشَارّةَ النّاسِ فَإِنّهَا تَكشِفُ العَورَةَ وَ تَذهَبُ بِالعِزّ

بيان رَوَي الشّيخُ فِي مَجَالِسِهِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِيّاكُم وَ مُشَارّةَ النّاسِ فَإِنّهَا تَدفَنُ العُرّةَ وَ تُظهِرُ الغُرّةَ

.العرة الأولي بالعين المهملة والثانية بالمعجمة وكلاهما مضمومتان وروت العامة أيضا من طرقهم هكذا قال في النهاية فيه إياكم ومشارة الناس فإنها تدفن العرة وتظهر الغرة الغرة هاهنا الحسن والعمل الصالح شبهه بغرة الفرس و كل


صفحه : 409

شيءترفع قيمته فهو غرة والعرة هي‌ القذر وعذرة الناس فاستعير للمساوي‌ والمثالب

14- كا،[الكافي‌] عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ وَ مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَنِ الفَضلِ بنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَنِ الوَلِيدِ بنِ صَبِيحٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا عَهِدَ إلِيَ‌ّ جَبرَئِيلُ فِي شَيءٍ مَا عَهِدَ إلِيَ‌ّ فِي مُعَادَاةِ الرّجَالِ

بيان كلمة ما في الأولي نافية و في الثانية مصدرية والمصدر مفعول مطلق للنوع والمراد هنا المداراة مع المنافقين من أصحابه كمافعل ص أو مع الكفار أيضا قبل الأمر بالجهاد أوالغرض بيان ذلك للناس

15- كا،[الكافي‌] عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِنَا عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مَن زَرَعَ العَدَاوَةَ حَصَدَ مَا بَذَرَ

بيان حصد مابذر في الصحاح بذرت البذر زرعته أي العداوة مع الناس كالبذر يحصد منه مثله و هوعداوة الناس له