صفحه : 1

الجزء الستون
تتمة كتاب السماء والعالم
باب 1-تأثير السحر والعين وحقيقتهما زائدا علي ماتقدم في باب عصمة الملائكة

الآيات البقرةيُعَلّمُونَ النّاسَ السّحرَ إلي قوله فَيَتَعَلّمُونَ مِنهُما ما يُفَرّقُونَ بِهِ بَينَ المَرءِ وَ زَوجِهِ وَ ما هُم بِضارّينَ بِهِ مِن أَحَدٍ إِلّا بِإِذنِ اللّهِالأعراف فَلَمّا أَلقَوا سَحَرُوا أَعيُنَ النّاسِ وَ استَرهَبُوهُم وَ جاؤُ بِسِحرٍ عَظِيمٍيونس وَ لا يُفلِحُ السّاحِرُونَ و قال تعالي قالَ مُوسي ما جِئتُم بِهِ السّحرُ إِنّ اللّهَ سَيُبطِلُهُ إِنّ اللّهَ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدِينَيوسف وَ قالَ يا بنَيِ‌ّ لا تَدخُلُوا مِن بابٍ واحِدٍ وَ ادخُلُوا مِن أَبوابٍ مُتَفَرّقَةٍ وَ ما أغُنيِ‌ عَنكُم مِنَ اللّهِ مِن شَيءٍ إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلّهِ عَلَيهِ تَوَكّلتُ وَ عَلَيهِ فَليَتَوَكّلِ المُتَوَكّلُونَ وَ لَمّا دَخَلُوا مِن حَيثُ أَمَرَهُم أَبُوهُم ما كانَ يغُنيِ‌ عَنهُم مِنَ اللّهِ مِن شَيءٍ إِلّا حاجَةً فِي نَفسِ يَعقُوبَ


صفحه : 2

قَضاها وَ إِنّهُ لَذُو عِلمٍ لِما عَلّمناهُ وَ لكِنّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمُونَطه قالَ بَل أَلقُوا فَإِذا حِبالُهُم وَ عِصِيّهُم يُخَيّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنّها تَسعي إلي قوله تعالي إِنّما صَنَعُوا كَيدُ ساحِرٍ وَ لا يُفلِحُ السّاحِرُ حَيثُ أَتيالقلم وَ إِن يَكادُ الّذِينَ كَفَرُوا لَيُزلِقُونَكَ بِأَبصارِهِم لَمّا سَمِعُوا الذّكرَ وَ يَقُولُونَ إِنّهُ لَمَجنُونٌ وَ ما هُوَ إِلّا ذِكرٌ لِلعالَمِينَالفلق وَ مِن شَرّ النّفّاثاتِ فِي العُقَدِ وَ مِن شَرّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَتفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحرَالسحر والكهانة والحيلة نظائر يقال سحره يسحره سحرا و قال صاحب العين السحر عمل يقرب إلي الشياطين و من السحر الأخذة التي‌ تأخذ العين حتي تظن أن الأمر كماتري و ليس الأمر كماتري فالسحر عمل خفي‌ لخفاء سببه يصور الشي‌ء بخلاف صورته ويقلبه عن جنسه في الظاهر و لايقلبه عن جنسه في الحقيقة أ لاتري إلي قوله تعالي يُخَيّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنّها تَسعي و قال في قوله ما يُفَرّقُونَ بِهِ فيه وجوه أحدها أنهم يوجدون أحدهما علي صاحبه ويبغضونه إليه فيؤدي‌ ذلك إلي الفرقة عن قتادة وثانيها أنهم يغوون أحد الزوجين ويحملونه علي الكفر والشرك بالله تعالي فيكون بذلك قدفارق زوجه الآخر المؤمن المقيم علي دينه فيفرق بينهما علي اختلاف النحلة وتباين الملة وثالثها أنهم يسعون بين الزوجين بالنميمة والوشاية حتي يئول أمرهما إلي الفرقة والمباينةإِلّا بِإِذنِ اللّهِ أي بعلم الله فيكون تهديدا أوبتخلية الله .


صفحه : 3

و قال البيضاوي‌ المراد بالسحر مايستعان في تحصيله بالتقرب إلي الشيطان مما لايستقل به الإنسان و ذلك لايستتب إلالمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس فإن التناسب شرط في التضام والتعاون وبهذا يميز الساحر عن النبي والولي‌ و أما مايتعجب منه كمايفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات والأدوية أويريه صاحب خفة اليد فغير مذموم وتسميته سحرا علي التجوز أو لما فيه من الدقة لأنه في الأصل لماخفي‌ سببه . و قال الشيخ قدس سره في التبيان قيل في معني السحر أربعة أقوال أحدها أنه خدع ومخاريق وتمويهات لاحقيقة لها يخيل إلي المسحور أن لها حقيقة. والثاني‌ أنه أخذ بالعين علي وجه الحيلة والثالث أنه قلب الحيوان من صورة إلي صورة وإنشاء الأجسام علي وجه الاختراع فيمكن الساحر أن يقلب الإنسان حمارا وينشئ أجساما والرابع أنه ضرب من خدمة الجن وأقرب الأقوال الأول لأن كل شيءخرج عن العادة الجارية فإنه سحر لايجوز أن يتأتي من الساحر و من جوز شيئا من هذافقد كفر لأنه لايمكن مع ذلك العلم بصحة المعجزات الدالة علي النبوات لأنه أجاز مثله علي جهة الحيلة والسحر. و قال النيسابوري‌ السحر في اللغة عبارة عن كل مالطف مأخذه وخفي‌ سببه و منه الساحر العالم وسحره خدعه والسحر الرئة و في الشرع مختص بكل أمر يختفي‌ سببه ويتخيل علي غيرحقيقته ويجري‌ مجري التمويه والخداع و قديستعمل مقيدا فيما يمدح ويحمد و هوالسحر الحلال قَالَص إِنّ مِنَ البَيَانِ لَسِحراً

. ثم السحر علي أقسام منها سحر الكلدانيين الذين كانوا في قديم الدهر وهم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنها هي‌ المدبرة لهذا العالم ومنها تصدر الخيرات


صفحه : 4

والشرور والسعادة والنحوسة ويستحدثون الخوارق بواسطة تمزيج القوي السماوية بالقوي الأرضية وهم الذين بعث الله ابراهيم ع مبطلا لمقالتهم . ومنها سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية بدليل أن الجذع ألذي يتمكن الإنسان من المشي‌ عليه لو كان موضوعا علي الأرض لايمكنه المشي‌ عليه لو كان كالجسر و ماذاك إلالأن تخيل السقوط متي قوي‌ أوجبه و قداجتمعت الأطباء علي نهي‌ المرعوف عن النظر إلي الأشياء الحمر والمصروع عن النظر إلي الأشياء القوية اللمعان والدوران و ما ذلك إلالأن النفوس خلقت مطيعة للأوهام واجتمعت الأمم علي أن الدعاء مظنة الإجابة و أن الدعاء باللسان من غيرطلب نفساني‌ قليل الأثر والإصابة بالعين مما اتفق عليه العقلاء. ومنها سحر من يستعين بالأرواح الأرضية و هوالمسمي بالعزائم وتسخير الجن . ومنها التخييلات الآخذة بالعيون وتسمي بالشعبدة. ومنها الأعمال العجيبة التي‌ تظهر من الآلات المركبة علي النسب الهندسية أولضرورة الخلاء و من هذاالباب صندوق الساعات وعلم جر الأثقال و هذا لايعد من السحر عرفا لأن لها أسبابا معلومة يقينية. ومنها الاستعانة بخواص الأدوية والأحجار. ومنها تعليق القلب و هو أن يدعي‌ الساحر أنه قدعرف الاسم الأعظم و أن الجن ينقادون له في أكثر الأمور فإذااتفق أن كان السامع ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد أنه حق وتعلق قلبه بذلك وحصل في قلبه نوع من الرعب وحينئذ تضعف القوي الحساسة فيتمكن الساحر من أن يفعل فيه ماشاء. ومنها السعي‌ بالنميمة والتضريب من وجوه خفية لطيفة انتهي . و هذافذلكة مما نقلنا عن الرازي‌ في باب عصمة الملائكة.


صفحه : 5

و قال أيضا في قوله سبحانه فَيَتَعَلّمُونَ أي فيتعلم الناس من الملكين مايفرقون به بين المرء وزوجه إما لأنه إذااعتقد أن السحر حق كفر فبانت منه امرأته وإما لأنه يفرق بينهما بالتمويه والاحتيال كالنفث في العقد ونحو ذلك مما يحدث الله عنده الفرك والنشوز ابتلاء منه لأن السحر له أثر في نفسه بدليل قوله وَ ما هُم بِضارّينَ بِهِ مِن أَحَدٍ إِلّا بِإِذنِ اللّهِ أي بإرادته وقدرته لأنه إن شاء أحدث عند ذلك شيئا من أفعاله و إن شاء لم يحدث و كان ألذي يتعلمون منهما لم يكن مقصورا علي هذه الصورة ولكن سكون المرء وركونه إلي زوجه لما كان أشد خصت بالذكر ليدل بذلك علي أن سائر الصور بتأثير السحر فيهاأولي انتهي . و قدمر من تفسير الإمام ع فَيَتَعَلّمُونَيعني‌ طالبي‌ السحرمِنهُمايعني‌ مما كتبت الشياطين علي ملك سليمان من النيرنجات ومما أنزل علي الملكين ببابل هاروت وماروت يتعلمون من هذين الصنفين ما يُفَرّقُونَ بِهِ بَينَ المَرءِ وَ زَوجِهِ هذا من يتعلم للإضرار بالناس يتعلمون التضريب بضروب الحيل والنمائم والإيهام أنه قددفن في موضع كذا وعمل كذا ليحبب المرأة إلي الرجل و الرجل إلي المرأة أويؤدي‌ إلي الفراق بينهماوَ ما هُم بِضارّينَ بِهِ أي ماالمتعلمون لذلك بضارين به مِن أَحَدٍ إِلّا بِإِذنِ اللّهِيعني‌ بتخلية الله وعلمه فإنه لوشاء لمنعهم بالجبر والقهر. و قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي فَلَمّا أَلقَوا أي فلما ألقي‌ السحرة ماعندهم من السحر احتالوا في تحريك العصي‌ والحبال بما جعلوا فيها من الزئبق حتي تحركت بحرارة الشمس و غير ذلك من الحيل وأنواع التمويه والتلبيس وخيل إلي الناس أنها تتحرك علي ماتتحرك الحية وإنما سحروا أعين الناس لأنهم أروهم شيئا لم يعرفوا حقيقته وخفي‌ ذلك عليهم لبعده منهم لأنهم لم يخلوا الناس السحر لاحقيقة له لأنه لوصارت حيات حقيقة لم يقل الله سبحانه سَحَرُوا أَعيُنَ النّاسِبل كان يقول فلما ألقوا صارت حيات انتهي .


صفحه : 6

و قال الرازي‌ احتج القائلون بأن السحر محض التمويه بهذه الآية قال القاضي‌ لو كان السحر حقا لكانوا قدسحروا قلوبهم لاأعينهم فثبت أن المراد أنهم تخيلوا أحوالا عجيبة مع أن الأمر في الحقيقة ما كان علي وفق ماتخيلوه . قال الواحدي‌ بل المراد سحروا أعين الناس أي قلبوها عن صحة إدراكها بسبب تلك التمويهات . و قال الطبرسي‌وَ لا يُفلِحُ السّاحِرُونَ أي لايظفرون بحجة و لايأتون علي مايدعونه ببينة وإنما هوتمويه علي الضعفة.ما جِئتُم بِهِ السّحرُ أي ألذي جئتم به من الحبال والعصي‌ السحر لا ماجئت به إن الله سيبطل هذاالسحر ألذي عظمتموه إِنّ اللّهَ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدِينَ إن الله لايهيئ عمل من قصد إفساد الدين و لايمضيه ويبطله حتي يظهر الحق من الباطل . و قال في قوله لا تَدخُلُوا مِن بابٍ واحِدٍخاف عليهم العين لأنهم كانوا ذوي‌ جمال وهيئة وكمال وهم إخوة أولاد رجل واحد عن ابن عباس و الحسن وقتادة والضحاك والسدي‌ و أبومسلم وقيل خاف عليهم حسد الناس إياهم و أن يبلغ الملك قوتهم وبطشهم فيحبسهم أويقتلهم خوفا علي ملكه عن الجبائي‌ وأنكر العين وذكر أنه لم يثبت بحجة وجوزه كثير من المحققين ورووا فيه الخبر عَنِ النّبِيّص أَنّ العَينَ حَقّ تَستَنزِلُ الحَالِقَ

والحالق المكان المرتفع من الجبل وغيره فجعل ص العين كأنها تحط ذروة الجبل من قوة أخذها وشدة بطشها

وَ وَرَدَ فِي الخَبَرِ أَنّهُص كَانَ يُعَوّذُ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ ع بِأَن يَقُولَ أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّةِ مِن كُلّ شَيطَانٍ وَ هَامّةٍ وَ مِن كُلّ عَينٍ لَامّةٍ

وروي‌ أن ابراهيم


صفحه : 7

ع عوذ ابنيه و أن موسي ع عوذ ابني‌ هارون بهذه العوذة وروي‌ أن بني‌ جعفر بن أبي طالب كانوا غلمانا بيضا فقالت أسماء بنت عميس يا رسول الله إن العين إليهم سريعة أفأسترقي‌ لهم من العين فقال ص نعم

وَ روُيِ‌َ أَنّ جَبرَئِيلَ ع رَقَي رَسُولَ اللّهِص وَ عَلّمَهُ الرّقيَةَ وَ هيِ‌َ بِسمِ اللّهِ أَرقِيكَ مِن كُلّ عَينِ حَاسِدٍ اللّهُ يَشفِيكَ

وَ روُيِ‌َ عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ لَو كَانَ شَيءٌ يَسبِقُ القَدَرَ لَسَبَقَتهُ العَينُ

. ثم اختلفوا في وجه تأثير الإصابة بالعين فروي‌ عن عمرو بن بحر الجاحظ أنه قال لاينكر أن ينفصل من العين الصائبة إلي الشي‌ء المستحسن أجزاء لطيفة تتصل به وتؤثر فيه و يكون هذاالمعني خاصة في بعض الأعين كالخواص في بعض الأشياء و قداعترض علي ذلك بأنه لو كان كذلك لمااختص ذلك ببعض الأشياء دون بعض ولأن الأجزاء تكون جواهر والجواهر متماثلة و لايؤثر بعضها في بعض و قال أبوهاشم إنه فعل الله بالعادة لضرب من المصلحة و هوقول القاضي‌ ورأيت في شرح هذاللشريف الأجل الرضي‌ الموسوي‌ قدس الله روحه كلاما أحببت إيراده في هذاالموضع قال إن الله يفعل المصالح بعباده علي حسب مايعلمه من الصلاح لهم في تلك الأفعال التي‌ يفعلها فغير ممتنع أن يكون تغييره نعمة زيد مصلحة لعمرو و إذا كان تعالي يعلم من حال عمرو أنه لو لم يسلب زيدا نعمته أقبل علي الدنيا بوجهه ونأي عن الآخرة بعطفه و إذاسلب نعمة زيد للعلة التي‌ ذكرناها عوضه عنها وأعطاه بدلا منها عاجلا وآجلا فيمكن أن يتأول قوله ع العين حق علي هذاالوجه علي أنه قدروي‌ عنه ع مايدل علي أن الشي‌ء إذاعظم في صدور العباد وضع الله قدره وصغر أمره و إذا كان الأمر علي هذا فلاينكر تغيير حال بعض الأشياء عندنظر بعض الناظرين إليه واستحسانه له وعظمه في صدره وفخامته في عينه

كَمَا روُيِ‌َ أَنّهُ قَالَ لَمّا سُبِقَت نَاقَتُهُ العَضبَاءُ وَ كَانَت إِذَا سُوبِقَ بِهَا لَم تُسبَق مَا رَفَعَ العِبَادُ مِن شَيءٍ إِلّا وَضَعَ اللّهُ مِنهُ

ويجوز


صفحه : 8

أن يكون ماأمر به المستحسن للشي‌ء عندالرؤية من تعويذه بالله والصلاة علي رسول الله ص قائما في المصلحة مقام تغيير حالة الشي‌ء المستحسن فلاتغيير عند ذلك لأن الرائي‌ لذلك قدأظهر الرجوع إلي الله تعالي والإعاذة به فكأنه غيرراكن إلي الدنيا و لامغتر بهاانتهي كلامه رضي‌ الله عنه .وَ ما أغُنيِ‌ عَنكُم مِنَ اللّهِ مِن شَيءٍ أي و ماأدفع من قضاء الله من شيء إن كان قدقضا عليكم الإصابة بالعين أو غير ذلك إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلّهِ أي ماالحكم إلالله عَلَيهِ تَوَكّلتُفهو القادر علي أن يحفظكم من العين أو من الحسد ويردكم علي سالمين .وَ عَلَيهِ فَليَتَوَكّلِ المُتَوَكّلُونَ أي ليفوضوا أمورهم إليه وليثقوا به وَ لَمّا دَخَلُوامصرمِن حَيثُ أَمَرَهُم أَبُوهُم أي من أبواب متفرقة كماأمرهم أبوهم يعقوب ما كانَ يغُنيِ‌ عَنهُمإلخ أي لم يكن دخولهم مصر كذلك يغني‌ عنهم أي يدفع عنهم شيئا أراد الله إيقاعه من حسد أوإصابة عين و هو ع كان عالما بأنه لاينفع حذر من قدر ولكن كان ماقاله لبنيه حاجة في قلبه فقضي يعقوب تلك الحاجة أي أزال به اضطراب قلبه لأن لايحال علي العين مكروه يصيبهم وقيل معناه أن العين لوقدر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون كماتصيبهم مجتمعين . قال إِلّا حاجَةًاستثناء ليس من الأول بمعني ولكن حاجةوَ إِنّهُ لَذُو عِلمٍ أي لذو يقين ومعرفة بالله لِما عَلّمناهُ من أجل تعليمنا إياه أويعلم ماعلمناه فيعمل به وَ لكِنّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمُونَمرتبة يعقوب في العلم .


صفحه : 9

قال البيضاوي‌ لايعلمون سر القدر و أنه لايغني‌ عنه الحذر. و قال الرازي‌ قال جمهور المفسرين إنه خاف من العين عليهم ولنا هاهنا مقامان المقام الأول إثبات أن العين حق و ألذي يدل عليه وجهان الأول إطباق المتقدمين من المفسرين علي أن المراد من هذه الآية ذلك والثاني‌ مَا روُيِ‌َ أَنّ النّبِيّص كَانَ يُعَوّذُ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ ع ثم ذكر بعض مامر من الأخبار إلي أن قال

وَ الخَامِسُ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِص بَيتَ أُمّ سَلَمَةَ وَ عِندَهَا صبَيِ‌ّ يشَتكَيِ‌ فقال [فَقَالَت] يَا رَسُولَ اللّهِ أَصَابَتهُ العَينُ فَقَالَص أَ مَا تَستَرقُونَ لَهُ مِنَ العَينِ

السّادِسُ قَولُهُص العَينُ حَقّ وَ لَو كَانَ شَيءٌ يَسبِقُ القَدَرَ لَسَبَقَتِ العَينُ القَدَرَ

السابع قالت عائشة كان يأمر العائن أن يتوضأ ثم يغتسل منه المعين ألذي أصيب بالعين .المقام الثاني‌ في الكشف عن ماهيته فنقول إن الجبائي‌ أنكر هذاالمعني إنكارا بليغا و لم يذكر في إنكاره شبهة فضلا عن حجة و أماالذين اعترفوا به وأقروا بوجوده فقد ذكروا فيه وجوها الأول قال الجاحظ تمتد من العين أجزاء فتتصل بالشخص المستحسن فتؤثر وتسري‌ فيه كتأثير اللسع والسم والنار و إن كان مخالفا في وجه التأثير لهذه الأشياء قال القاضي‌ و هذاضعيف لأنه لو كان الأمر كما قال لوجب أن يؤثر في الشخص ألذي لايستحسن كتأثيره في المستحسن . واعلم أن هذاالاعتراض ضعيف و ذلك لأنه إذااستحسن شيئا فقد يحب بقاءه كما إذااستحسن ولد نفسه وبستان نفسه و قديكره بقاءه كما إذااستحسن الحاسد بحصول شيءحسن لعدوه فإن كان الأول فإنه يحصل عند ذلك الاستحسان خوف


صفحه : 10

شديد من زواله والخوف الشديد يوجب انحصار الروح في داخل القلب فحينئذ يسخن القلب والروح جدا وتحصل في الروح الباصر كيفية قوة مسخنة و إن كان الثاني‌ فإنه يحصل عند ذلك الاستحسان حسد شديد وحزن عظيم بسبب حصول تلك النعمة لعدوه والحزن أيضا يوجب انحصار الروح في داخل القلب وتحصل فيه سخونة شديدة.فثبت أن عندالاستحسان القوي‌ يسخن الروح جدا فيسخن شعاع العين بخلاف ما إذا لم يستحسن فإنه لاتحصل هذه السخونة فظهر الفرق بين الصورتين ولهذا السبب أمر الرسول ص العائن بالوضوء و من أصابته العين بالاغتسال .أقول علي ماذكره إذاعاين شيئا عنداستحسان شيءآخر وحصول تلك الحالة فيه أو عندحصول غضب شديد علي رجل آخر أوحصول هم شديد من مصيبة أوخوف عظيم من عدو أن يؤثر نظره إليه و إلي كل شيءيعاينه ومعلوم أنه ليس كذلك . ثم قال الرازي‌ الثاني‌ قال أبوهاشم و أبوالقاسم البلخي‌ لايمتنع أن يكون العين حقا و يكون معناه أن صاحب العين إذاشاهد الشي‌ء وأعجب به استحسانا كانت المصلحة له في تكليفه أن يغير الله تعالي ذلك الشخص أو ذلك الشي‌ء حتي لايبقي قلب ذلك المكلف متعلقا به فهذا التغيير غيرممتنع ثم لايبعد أيضا أنه لوذكر ربه عندتلك الحالة و بعد عن الإعجاب وسأل ربه فعنده تتغير المصلحة و الله سبحانه يبقيه و لايفنيه و لماكانت هذه العادة مطردة لاجرم قيل العين حق .الوجه الثالث هوقول الحكماء قالوا هذاالكلام مبني‌ علي مقدمة وهي‌ أنه ليس من شرط المؤثر أن يكون تأثيره بحسب هذه الكيفيات المحسوسة أعني‌ الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة بل قد يكون التأثير نفسانيا محضا و لاتكون القوي الجسمانية لها تعلق به و ألذي يدل عليه أن اللوح ألذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعا علي الأرض قدر الإنسان علي المشي‌ عليه و لو كان موضوعا فيما بين جدارين عاليين لعجز الإنسان عن المشي‌ عليه و ماذاك إلالأن خوفه من


صفحه : 11

السقوط منه يوجب سقوطه منه فعلمنا أن التأثيرات النفسانية موجودة. وأيضا إن الإنسان إذاتصور كون فلان مؤذيا له حصل في قلبه غضب وسخن مزاجه فمبدأ تلك السخونة ليس إلاذاك التصور النفساني‌ ولأن مبدأ الحركات البدنية ليس إلاالتصورات النفسانية و لماثبت أن تصور النفس يوجب تغير بدنه الخاص لم يبعد أيضا أن يكون بعض النفوس تتعدي تأثيراتها إلي سائر الأبدان فثبت أنه لايمتنع في العقل كون النفس مؤثرة في سائر الأبدان وأيضا جواهر النفوس مختلفة بالماهية فلايمتنع أن تكون بعض النفوس بحيث يؤثر في تغيير بدن حيوان آخر بشرط أن تراه وتتعجب منه فثبت أن هذاالمعني أمر محتمل والتجارب من الزمن الأقدم ساعدت عليه والنصوص النبوية نطقت به فعند هذا لايبقي في وقوعه شك و إذاثبت هذاثبت أن ألذي أطبق عليه المتقدمون من المفسرين في تفسير هذه الآية بإصابة العين كلام حق لايمكن رده . قوله تعالي يُخَيّلُ قال الطبرسي‌ الضمير راجع إلي موسي ع وقيل إلي فرعون أي يري الحبال والعصي‌مِن سِحرِهِم أَنّها تَسعي وتعدو مثل سير الحيات وإنما قال يُخَيّلُ إِلَيهِلأنها لم تكن تسعي حقيقة وإنما تحركت لأنهم جعلوا داخلها الزئبق فلما حميت الشمس طلب الزئبق الصعود فحركت الشمس ذلك فظن أنها تسعي .إِنّما صَنَعُوا أي إن ألذي صنعوه أو إن صنيعهم كَيدُ ساحِرٍ أي مكره وحيلته وَ لا يُفلِحُ السّاحِرُ أي لايظفر ببغيته إذ لاحقيقة للسحرحَيثُ أَتي أي حيث كان من الأرض وقيل لايفوز الساحر حيث أتي بسحره لأن الحق يبطله .


صفحه : 12

و قال قدس سره في قوله تعالي وَ إِن يَكادُ الّذِينَ كَفَرُوا إن هي‌ المخففة من الثقيلةلَيُزلِقُونَكَ أي يقتلونك ويهلكونك عن ابن عباس و كان يقرؤها كذلك وقيل ليصرعونك عن الكلبي‌ وقيل يصيبونك بأعينهم عن السدي‌ والكل يرجع في المعني إلي الإصابة بالعين والمفسرون كلهم علي أنه المراد في الآية وأنكر الجبائي‌ ذلك و قال إن إصابة العين لاتصح . و قال الرماني‌ و هذا ألذي ذكره غيرصحيح لأنه غيرممتنع أن يكون الله تعالي أجري العادة بصحة ذلك لضرب من المصلحة و عليه إجماع المفسرين وجوزه العقلاء فلامانع منه وقيل إن الرجل منهم كان إذاأراد أن يصيب صاحبه بالعين تجوع ثلاثة أيام ثم كان يصفه فيصرعه بذلك و ذلك بأن يقول ألذي أراد أن يصيبه بالعين لاأري كاليوم إبلا أوشاة أو ماأراد أي كإبل أراها اليوم فقالوا للنبي‌ص كماكانوا يقولون لماأرادوا أن يصيبوه بالعين عن الفراء والزجاج وقيل معناه أنهم ينظرون إليك عندتلاوة القرآن والدعاء إلي التوحيد نظر عداوة وبغض وإنكار لمايسمعونه وتعجب منه فيكادون يصرعونك بحدة نظرهم ويزيلونك عن موضعك . و هذامستعمل في الكلام يقولون نظر إلي فلان نظرا يكاد يصرعني‌ ونظرا يكاد يأكلني‌ فيه وتأويله كله أنه نظر إلي‌ نظرا لوأمكنه معه أكلي‌ أو أن يصرعني‌ لفعل عن الزجاج .لَمّا سَمِعُوا الذّكرَيعني‌ القرآن وَ يَقُولُونَ مع ذلك إِنّهُ لَمَجنُونٌ وَ ما هُوَ أي القرآن إِلّا ذِكرٌ أي شرف لِلعالَمِينَ إلي أن تقوم الساعة أومذكر لهم قال


صفحه : 13

الحسن دواء إصابة العين أن يقرأ الإنسان هذه الآية انتهي . قوله أي كإبل كأنه حمل قوله أو ماأراد علي تغيير تركيب الكلام و لايخفي بعده بل الظاهر أن المعني أو ماأراد أن يصيبه بالعين سوي الإبل فيذكره مكانهما. و قال رحمه الله في نزول سورة الفلق قيل إن لبيد بن أعصم اليهودي‌ سحر رسول الله ص ثم دس ذلك في بئر لبني‌ زريق فمرض رسول الله ص فبينما هونائم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عندرأسه والآخر عندرجليه فأخبراه بذلك و أنه في بئر ذروان في جف طلعة تحت راعوفة والجف قشر الطلع والراعوفة حجر في أسفل البئر يقف عليه المائح فانتبه رسول الله ص وبعث عليا ع والزبير وعمارا فنزحوا ماء تلك البئر ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأس وأسنان من مشطه و إذا فيه معقد فيه إحدي عشرة عقدة مغروزة بالإبر فنزلت هاتان السورتان فجعل كلما يقرأ آية انحلت عقدة ووجد رسول الله خفة فقام فكأنما أنشط من عقال . وَ جَعَلَ جَبرَئِيلُ ع يَقُولُ بِسمِ اللّهِ أَرقِيكَ مِن كُلّ شَيءٍ يُؤذِيكَ مِن حَاسِدٍ وَ عَينٍ وَ اللّهُ يَشفِيكَ ورووا ذلك عن عائشة و ابن عباس و هذا لايجوز لأن من وصف بأنه مسحور فكأنه قدخبل عقله و قدأبي الله سبحانه ذلك في قوله وَ قالَ الظّالِمُونَ إِن تَتّبِعُونَ إِلّا رَجُلًا مَسحُوراً انظُر كَيفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمثالَ فَضَلّوا. ولكن يمكن أن يكون اليهودي‌ أوبناته علي ماروي‌ اجتهدوا في ذلك فلم يقدروا عليه وأطلع الله نبيه ص علي مافعلوه من التمويه حتي استخرج و كان ذلك دلالة


صفحه : 14

علي صدقه ص وكيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم و لوقدروا علي ذلك لقتلوه وقتلوا كثيرا من المؤمنين مع شدة عداوتهم لهم . و قال في سبحانه وَ مِن شَرّ النّفّاثاتِ فِي العُقَدِمعناه و من شر النساء الساحرات اللاتي‌ ينفثن في العقد وإنما أمر بالتعوذ من شر السحرة لإيهامهم أنهم يمرضون ويصحون ويفعلون أشياء من النفع والضرر والخير والشر وعامة الناس يصدقونهم فيعظم بذلك الضرر في الدين ولأنهم يموهون أنهم يخدمون الجن ويعلمون الغيب و ذلك فساد في الدين ظاهر فلأجل هذاالضرر أمر بالتعوذ من شرهم . و قال أبومسلم النفاثات النساء اللاتي‌ يملن آراء الرجال ويصرفنهم عن مرادهم ويردونهم إلي آرائهن لأن العزم والرأي‌ يعبر عنهما بالعقد فعبر عن حلهما بالنفث فإن العادة جرت أن من حل عقدا نفث فيه .وَ مِن شَرّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَفإنه يحمله الحسد علي إيقاع الشر بالمحسود فأمر بالتعوذ من شره وقيل إنه أراد من شر نفس الحاسد و من شر عينه فإنه ربما أصاب بهما فعان وضر و قدجاء في الحديث أن العين حق و قدمضي الكلام فيه . وَ روُيِ‌َ أَنّ العَضبَاءَ نَاقَةَ النّبِيّص لَم تَكُن تُسبَقُ فَجَاءَ أعَراَبيِ‌ّ عَلَي قَعُودٍ لَهُ فَسَابَقَ بِهَا فَسَبَقَهَا فَشَقّ ذَلِكَ عَلَي الصّحَابَةِ فَقَالَ النّبِيّص حَقّ عَلَي اللّهِ أَن لَا يَرفَعَ شَيئاً مِنَ الدّنيَا إِلّا وَضَعَهُ

وَ رَوَي أَنَسٌ أَنّ النّبِيّص قَالَ مَن رَأَي شَيئاً يُعجِبُهُ فَقَالَ اللّهُ الصّمَدُ مَا شَاءَ اللّهُ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ لَم يَضُرّ شَيئاً

وَ رَوَي أَنَسٌ أَنّ النّبِيّص كَانَ كَثِيراً مَا يُعَوّذُ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ ع بِهَاتَينِ السّورَتَينِ

انتهي .


صفحه : 15

وأقول قال في النهاية في حديث سحر النبي ص بئر ذروان بفتح الذال وسكون الراء بئر لبني‌ زريق بالمدينة. و قال الراعوفة هي‌ صخرة تترك في أسفل البئر إذاحفرت تكون ناتئة هناك فإذاأرادوا تنقية البئر جلس عليها المنقي‌. وقيل هي‌ حجر يكون علي رأس البئر يقوم المستقي‌ عليه ويروي بالثاء المثلثة بمعناها و قال في حديث سحر النبي ص أنه جعل في جف طلعة الجف وعاء الطلع و هوالغشاء ألذي يكون فوقه ويروي في جب طلعة أي في داخلها. و قال القعود من الدواب مايقتعده الرجل للركوب والحمل و لا يكون إلاذكرا والقعود من الإبل ماأمكن أن يركب . و قال البيضاوي‌وَ مِن شَرّ النّفّاثاتِ فِي العُقَدِ و من شر النفوس أوالنساء السواحر اللاتي‌ يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها والنفث بالفتح النفخ مع ريق وتخصيصه لماروي‌ أن يهوديا سحر النبي ص في إحدي عشرة عقدة في وتر دسه في بئر فمرض ع فنزلت المعوذتان وأخبره جبرئيل بموضع السحر فأرسل عليا ع فجاء به فقرأهما عليه فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد بعض الخفة. و لايوجب ذلك صدق الكفرة في أنه مسحور لأنهم أرادوا به أنه مجنون بواسطة السحر وقيل المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقدة بنفث الريق ليسهل حلها.وَ مِن شَرّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ إذاأظهر حسده وعمل بمقتضاه . و قال الرازي‌ اختلفوا في أنه هل يجوز الاستعاذة بالرقي والعوذة أم لامنهم من قال إنه يجوز ثم ذكر احتجاجهم بالروايات المتقدمة وغيرها و من الناس من منع من الرقي

لِمَا روُيِ‌َ عَن جَابِرٍ قَالَنَهَي رَسُولُ اللّهِص عَنِ الرّقَي وَ قَالَ ع


صفحه : 16

إِنّ لِلّهِ عِبَاداً لَا يَكتَوُونَ وَ لَا يَستَرقُونَوَ عَلي رَبّهِم يَتَوَكّلُونَ

وَ قَالَ ع لَم يَتَوَكّل عَلَي اللّهِ مَنِ اكتَوَي وَ استَرقَي

. واختلفوا في التعليق أيضا فمنهم من منع لبعض الأخبار ومنهم من جوز.سُئِلَ البَاقِرُ ع عَنِ التّعوِيذِ يُعَلّقُ عَلَي الصّبيَانِ فَرَخّصَ فِيهِ وَ اختلفوا في النفث أيضا فمنهم من أنكر عن عكرمة لاينبغي‌ للراقي‌ أن ينفث و لايمسح و لايعقد إلي آخر ما قال

1- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، فِي هِجرَةِ جَعفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَصحَابِهِ إِلَي الحَبَشَةِ وَ بَعَثَت قُرَيشٌ عَمرَو بنَ العَاصِ وَ عُمَارَةَ بنَ الوَلِيدِ إِلَي النجّاَشيِ‌ّ لِيَرُدّهُم وَ سَاقَ الخَبَرَ الطّوِيلَ إِلَي أَن قَالَ وَ كَانَت عَلَي رَأسِ النجّاَشيِ‌ّ وَصِيفَةٌ لَهُ تَذُبّ عَنهُ فَنَظَرَت إِلَي عُمَارَةَ وَ كَانَ فَتًي جَمِيلًا فَأَحَبّتهُ فَلَمّا رَجَعَ عَمرُو بنُ العَاصِ إِلَي مَنزِلِهِ قَالَ لِعُمَارَةَ لَو رَاسَلتَ جَارِيَةَ المَلِكِ فَرَاسَلَهَا فَأَجَابَتهُ فَقَالَ عَمرٌو قُل لَهَا تَبعَثُ إِلَيكَ مِن طِيبِ المَلِكِ شَيئاً فَقَالَ لَهَا فَبَعَثَت إِلَيهِ فَأَخَذَ عَمرٌو مِن ذَلِكَ الطّيبِ وَ أَدخَلَهُ عَلَي النجّاَشيِ‌ّ وَ أَخبَرَهُ بِمَا جَرَي بَينَ عُمَارَةَ وَ بَينَ الوَصِيفَةِ ثُمّ وَضَعَ الطّيبَ بَينَ يَدَيهِ فَغَضِبَ النجّاَشيِ‌ّ وَ هَمّ بِقَتلِ عُمَارَةَ ثُمّ قَالَ لَا يَجُوزُ قَتلُهُ فَإِنّهُم دَخَلُوا بلِاَديِ‌ بِأَمَانٍ فَدَعَا السّحَرَةَ فَقَالَ لَهُم اعمَلُوا بِهِ شَيئاً أَشَدّ عَلَيهِ مِنَ القَتلِ فَأَخَذُوهُ فَنَفَخُوا فِي إِحلِيلِهِ الزّئبَقَ فَصَارَ مَعَ الوَحشِ يَغدُو وَ يَرُوحُ وَ كَانَ لَا يَأنَسُ بِالنّاسِ فَبَعَثَت قُرَيشٌ بَعدَ ذَلِكَ فَكَمَنُوا لَهُ فِي مَوضِعٍ حَتّي وَرَدَ المَاءَ مَعَ الوَحشِ فَأَخَذُوهُ فَمَا زَالَ يَضطَرِبُ فِي أَيدِيهِم وَ يَصِيحُ حَتّي مَاتَ الخَبَرَ

2-جُنّةُ الأَمَانِ، فِي رِوَايَةِ أَدعِيَةِ السّرّ القُدسِيّةِ يَا مُحَمّدُ إِنّ السّحرَ لَم


صفحه : 17

يَزَل قَدِيماً وَ لَيسَ يَضُرّ شَيئاً إِلّا بإِذِنيِ‌ فَمَن أَحَبّ أَن يَكُونَ مِن أَهلِ عاَفيِتَيِ‌ مِنَ السّحرِ فَليَقُلِ أللّهُمّ رَبّ مُوسَي الدّعَاءَ فَإِنّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ لَم يَضُرّهُ سِحرُ سَاحِرٍ جنِيّ‌ّ وَ لَا إنِسيِ‌ّ أَبَداً

3- وَ مِنهُ،روُيِ‌َ عَنِ النّبِيّص أَنّ العَينَ حَقّ وَ أَنّهَا تُدخِلُ الجَمَلَ وَ الثّورَ التّنّورَ

وَ فِي كِتَابِ الغُرّةِ، أَنّ رَجُلًا عَيّاناً رَأَي رَجُلًا رَاكِباً فَقَالَ مَا أَحسَنَهُ فَسَقَطَتِ الدّابّةُ وَ مَاتَت وَ مَاتَ الرّجُلُ

وَ عَن أَبِي الحَسَنِ المخَلدَيِ‌ّ قَالَ كَانَ لِي أَكّارٌ ردَيِ‌ءُ العَينِ فَأَبصَرَ بيِدَيِ‌ خَاتَماً فَقَالَ مَا أَحسَنَهُ فَسَقَطَ الفَصّ فَحَمَلتُهُ فَقَالَ مَا أَحسَنَهُ فَانشَقّ بِنِصفَينِ

وَ عَنِ الأصَمعَيِ‌ّ قَالَ كَانَ عِندَنَا عَيّانَانِ فَمَرّ أَحَدُهُمَا بِحَوضٍ مِن حِجَارَةٍ فَقَالَ بِاللّهِ مَا رَأَيتُ كَاليَومِ مِثلَهُ فَانصَدَعَ فِلقَينِ فَضَبّبتُ بِحَدِيدٍ فَمَرّ عَلَيهِ ثَانِياً فَقَالَ رَاسِلًا لَعَلّكَ مَا ضَرَرتَ أَهلَكَ فِيكَ فَتَطَايَرَ أَربَعَ فِلقَاتٍ وَ سَمِعَ الثاّنيِ‌ صَوتَ بَولٍ مِن وَرَاءِ الحَائِطِ فَقَالَ إِنّكَ لَشَرّ شَخبٍ فَقِيلَ هُوَ ابنُكَ فَقَالَ وَا انقِطَاعَ ظَهرَاه وَ اللّهِ لَا يَبُولُ بَعدَهَا فَمَاتَ مِن سَاعَتِهِ وَ سَمِعَ أَيضاً صَوتَ شَخبِ بَقَرَةٍ فَأَعجَبَهُ فَقَالَ أَيّتُهُنّ هَذِهِ فوَرُيّ‌َ بِأُخرَي فَهَلَكَتَا جَمِيعاً المُوَرّي بِهَا وَ المُوَرّي عَنهَا وَ قِصّةُ البَعِيرِ وَ الأعَراَبيِ‌ّ مَشهُورَةٌ مَعرُوفَةٌ

4- وَ فِي زُبدَةِ البَيَانِ، أَنّ يَعقُوبَ ع خَافَ عَلَي بَنِيهِ مِنَ العَينِ لِجَمَالِهِم فَقَالَيا بنَيِ‌ّ لا تَدخُلُوا مِن بابٍ واحِدٍالآيَةَ

5- وَ فِيهِ، عَنِ النّبِيّص العَينُ تُنزِلُ الحَالِقَ وَ هُوَ ذِروَةُ الجَبَلِ مِن قُوّةِ أَخذِهَا وَ شِدّةِ بَطشِهَا


صفحه : 18

6- وَ مِنهُ،ذَكَرَ عَبدُ الكَرِيمِ بنُ مُحَمّدِ بنِ المُظَفّرِ السمّعاَنيِ‌ّ فِي كِتَابِهِ أَنّ جَبرَئِيلَ ع نَزَلَ عَلَي النّبِيّص فَرَآهُ مُغتَمّاً فَسَأَلَهُ عَن غَمّهِ فَقَالَ لَهُ إِنّ الحَسَنَينِ ع أَصَابَتهُمَا عَينٌ فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمّدُ العَينُ حَقّ فَعَوّذهُمَا بِهَذِهِ العُوذَةِ وَ ذَكَرَهَا

7- الدّعَائِمُ، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص يُجلِسُ الحَسَنَ عَلَي فَخِذِهِ اليُمنَي وَ الحُسَينَ عَلَي فَخِذِهِ اليُسرَي ثُمّ يَقُولُ أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّةِ مِن شَرّ كُلّ شَيطَانٍ وَ هَامّةٍ وَ مِن شَرّ كُلّ عَينٍ لَامّةٍ ثُمّ يَقُولُ هَكَذَا كَانَ اِبرَاهِيمُ أَبِي ع يُعَوّذُ ابنَيهِ إِسمَاعِيلَ وَ إِسحَاقَ ع

8- وَ عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ نَهَي عَنِ الرّقَي بِغَيرِ كِتَابِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ مَا يُعرَفُ مِن ذِكرِهِ وَ قَالَ إِنّ هَذِهِ الرّقَي مِمّا أَخَذَهُ سُلَيمَانُ بنُ دَاوُدَ ع عَلَي الجِنّ وَ الهَوَامّ

9- وَ عَنهُ ع أَنّهُ قَالَ لَا رُقَي إِلّا فِي ثَلَاثٍ فِي حُمَةٍ أَو عَينٍ أَو دَمٍ لَا يَرقَأُ وَ الحُمَةُ السّمّ

10- وَ عَنهُ ع أَنّهُ قَالَ لَا عَدوَي وَ لَا طِيَرَةَ وَ لَا هَامَ وَ العَينُ حَقّ وَ الفَألُ حَقّ فَإِذَا نَظَرَ أَحَدُكُم إِلَي إِنسَانٍ أَو دَابّةٍ أَو إِلَي شَيءٍ حَسَنٍ فَأَعجَبَهُ فَليَقُل آمَنتُ بِاللّهِ وَ صَلّي اللّهُ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِهِ فَإِنّهُ لَا يَضُرّهُ عَينُهُ

11- وَ عَنهُص نَهَي عَنِ التّمَائِمِ وَ التّوَلِ فَالتّمَائِمُ مَا يُعَلّقُ مِنَ الكُتُبِ وَ الخُرَزِ وَ غَيرِ ذَلِكَ وَ التّوَلُ مَا تَتَحَبّبُ بِهِ النّسَاءُ إِلَي أَزوَاجِهِنّ كَالكِهَانَةِ وَ أَشبَاهِهَا وَ نَهَي عَنِ السّحرِ

توضيح في النهاية فيه أنه كان يتفأل و لايتطير الفأل مهموز فيما يسر ويسوء والطيرة لا يكون إلافيما يسوء وربما استعملت فيما يسر و قدأولع الناس بترك الهمزة تخفيفا وإنما أحب الفأل لأن الناس إذاأملوا فائدة الله ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف أوقوي‌ فهم علي خير و لوغلطوا في جهة الرجاء فإن الرجاء


صفحه : 19

لهم خير و إذاقطعوا أملهم أورجاءهم من الله كان ذلك من الشر و أماالطيرة فإن فيهاسوء الظن بالله وتوقع البلاء ومعني التفؤل مثل أن يكون رجل مريض فيتفأل بما يسمع من كلام فيسمع آخر يقول ياسالم أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول ياواجد فيقع في ظنه أنه يبرأ من مرضه أويجد ضالته . و قال في حديث عبد الله التّمَائِمُ وَ الرّقَي مِنَ الشّركِ التمائم جمع تميمة وهي‌ خرزات كانت العرب تعلقها علي أولادهم يتقون بهاالعين في زعمهم فأبطله الإسلام وإنما جعلها شركا لأنهم أرادوا بهادفع المقادير المكتوبة عليهم فطلبوا دفع الأذي من غير الله ألذي هودافعه و قال في حديث عبد الله التولة من الشرك التولة بكسر التاء وفتح الواو مايحبب المرأة إلي زوجها من السحر وغيره جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ماقدره الله تعالي . و في القاموس التولة كهمزة السحر أوشبهه وخرز تتحبب معها المرأة إلي زوجها كالتولة كعنبة فيهما

12- الشّهَابُ، عَنِ النّبِيّص قَالَ لَا رُقيَةَ إِلّا مِن حُمَةٍ أَو عَينٍ

الضوء عين مصدر عانه إذاأصابه بعينه إذانظر إليه نظر معجب حاسد مستعظم والحمة السم وأصلها حمو وحمي والهاء عوض فيها عن الساقط وبهذا الكلام يشير إلي ماكانت نساء العرب يدعينه من تأخيذ الرجال عن الأزواج وكانت لهن رقي تضحك الثكلان فقال ص لارقية أي لاتصح تأثير الرقية إلا في العين التي‌ تعين الشي‌ء أي تصيبه وأصل ذلك أنها تستحسنه فيغيره الله تعالي عند ذلك لماللناظر إليه فيه من اللطف أولغيره من المعتبرين إذارآه غب اللطافة والطراوة والإعجاب بخلاف مارآه فيستدل بذلك علي أنه لابقاء لما في الدنيا و أن نعيمها زائل . و أما مايذكر من أن العائن ينظر إلي الشي‌ء فيتصل به شعاع هوالمؤثر فيه فلاتلتفت إليه لأنا نعلم قطعا أن الشعاع اللطيف لايعمل في الحديد والحجر و غير


صفحه : 20

ذلك بل ذلك كله من فعل الله تعالي علي سبيل اللطف والإعلام بأن نعيم الدنيا إلي انقراض والرقية التي‌ فيهااسم الله تعالي أواسم رسوله ص أوآية من كتاب الله تعالي يشفيه وكذلك من السموم التي‌ يستضر بهاالإنسان من لسع الهوام و هذا غيرمدفوع و ماسوي ذلك فمخاريق يجلبون بهاأموال الناس و ليس قوله ص لارقية إلي آخره قطعا لأن تكون رقية الحق ناجعة في غير ذلك من الأدواء بل المعني أن الرقية لها تأثير قوي‌ فيهما كَمَا فِي قَولِهِ

لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ

وَ روُيِ‌َ أَنّ رَجُلًا جَاءَ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا لَقِيتُ مِن عَقرَبٍ لدَغَتَنيِ‌ البَارِحَةَ قَالَ أَمَا إِنّكَ لَو قُلتَ حِينَ أَمسَيتَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّاتِ مِن شَرّ مَا خَلَقَ لَم تَضُرّكَ

و عن ابن عباس قال كان رسول الله ص يعلمنا من الأوجاع كلها أن نقول بِسمِ اللّهِ الأَكبَرِ أَعُوذُ بِاللّهِ العَظِيمِ مِن شَرّ عِرقٍ نَعّارٍ وَ مِن شَرّ حَرّ النّارِ وفائدة الحديث أن الرقية في غيرالعين والحمة لاتنجع وراوي‌ الحديث جابر رضي‌ الله عنه

13- الشّهَابُ، قَالَص إِنّ العَينَ لَتُدخِلُ الرّجُلَ القَبرَ وَ الجَمَلَ القِدرَ

الضوء قدتقدم الكلام فيه و أن المؤثر فيما يعينه العائن قدرة الله عز و جل ألذي يَفعَلُ ما يَشاءُ ويغير المستحسن من الأشياء عن حاله اعتبارا للناظر وإعلاما أن الدنيا لايدوم نعيمها و لايبقي ما فيها علي وتيرة واحدة والعين ماذا تكاد تفعل بنظرها ليت شعري‌ و لو كان للعين نفسها أثر لكان يصح أن ينظر العائن إلي بعض أعدائه الذين يريد إهلاكهم وقلعهم فيهلكهم بالنظر و هذاباطل والعين كالجماد إذاانفردت عن الجملة فما ذا تصنع وللفلاسفة في هذاكلام لاأريد أن أطويه وفائدة الحديث إعلام أن الله تعالي قديغير بعض مايستحسنه الإنسان إظهارا


صفحه : 21

لقدرته واعتبارا للمعتبر من خليقته وراوي‌ الحديث جابر

14-الإِحتِجَاجُ،سَأَلَ الزّندِيقُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فِيمَا سَأَلَهُ فَقَالَ أخَبرِنيِ‌ عَنِ السّحرِ مَا أَصلُهُ وَ كَيفَ يَقدِرُ السّاحِرُ عَلَي مَا يُوصَفُ مِن عَجَائِبِهِ وَ مَا يَفعَلُ قَالَ إِنّ السّحرَ عَلَي وُجُوهٍ شَتّي وَجهٌ مِنهَا بِمَنزِلَةِ الطّبّ كَمَا أَنّ الأَطِبّاءَ وَضَعُوا لِكُلّ دَاءٍ دَوَاءً فَكَذَلِكَ عِلمُ السّحرِ احتَالُوا لِكُلّ صِحّةٍ آفَةً وَ لِكُلّ عَافِيَةٍ عَاهَةً وَ لِكُلّ مَعنًي حِيلَةً وَ نَوعٌ مِنهُ آخَرُ خَطفَةٌ وَ سُرعَةٌ وَ مَخَارِيقُ وَ خِفّةٌ وَ نَوعٌ مِنهُ مَا يَأخُذُ أَولِيَاءُ الشّيَاطِينِ عَنهُم قَالَ فَمِن أَينَ عَلِمَ الشّيَاطِينُ السّحرَ قَالَ مِن حَيثُ عَرَفَ الأَطِبّاءُ الطّبّ وَ بَعضُهُ تَجرِبَةٌ وَ بَعضُهُ عِلَاجٌ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِي المَلَكَينِ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ وَ مَا يَقُولُ النّاسُ بِأَنّهُمَا يُعَلّمَانِ النّاسَ السّحرَ قَالَ إِنّهُمَا مَوضِعُ ابتِلَاءٍ وَ مَوقِفُ فِتنَةٍ تَسبِيحُهُمَا اليَومَ لَو فَعَلَ الإِنسَانُ كَذَا وَ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَ لَو يُعَالِجُ بِكَذَا وَ كَذَا لَصَارَ كَذَا أَصنَافَ سِحرٍ فَيَتَعَلّمُونَ مِنهُمَا مَا يَخرُجُ عَنهُمَا فَيَقُولَانِ لَهُم إِنّمَا نَحنُ فِتنَةٌ فَلَا تَأخُذُوا عَنّا مَا يَضُرّكُم وَ لَا يَنفَعُكُم قَالَ أَ فَيَقدِرُ السّاحِرُ أَن يَجعَلَ الإِنسَانَ بِسِحرِهِ فِي صُورَةِ الكَلبِ أَو الحِمَارِ أَو غَيرِ ذَلِكَ قَالَ هُوَ أَعجَزُ مِن ذَلِكَ وَ أَضعَفُ مِن أَن يُغَيّرَ خَلقَ اللّهِ إِنّ مَن أَبطَلَ مَا رَكّبَهُ اللّهُ وَ صَوّرَهُ غَيرَهُ فَهُوَ شَرِيكٌ لِلّهِ فِي خَلقِهِ تَعَالَي عَن ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً لَو قَدَرَ السّاحِرُ عَلَي مَا وَصَفتَ لَدَفَعَ عَن نَفسِهِ الهَرَمَ وَ الآفَةَ وَ الأَمرَاضَ وَ لَنَفَي البَيَاضَ عَن رَأسِهِ وَ الفَقرَ عَن سَاحَتِهِ وَ إِنّ مِن أَكبَرِ السّحرِ النّمِيمَةَ يُفَرّقُ بِهَا بَينَ المُتَحَابّينِ وَ يُجلَبُ العَدَاوَةُ عَلَي المُتَصَافِيَينِ وَ يُسفَكُ بِهَا الدّمَاءُ وَ يُهدَمُ بِهَا الدّورُ وَ يُكشَفُ بِهَا السّتُورُ وَ النّمّامُ أَشَرّ مَن وَطِئَ عَلَي الأَرضِ بِقَدَمٍ فَأَقرَبُ أَقَاوِيلِ السّحرِ مِنَ الصّوَابِ أَنّهُ بِمَنزِلَةِ الطّبّ إِنّ السّاحِرَ عَالَجَ الرّجُلَ فَامتَنَعَ مِن مُجَامَعَةِ النّسَاءِ فَجَاءَ الطّبِيبُ فَعَالَجَهُ بِغَيرِ ذَلِكَ


صفحه : 22

العِلَاجِ فَأَبرَأَ

15-تَفسِيرُ الفُرَاتِ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ مُحَمّدٍ العلَوَيِ‌ّ وَ مُحَمّدِ بنِ عَمرٍو الخَزّازِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَيمُونٍ عَن عِيسَي بنِ مُحَمّدٍ عَن جَدّهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَسَحَرَ لَبِيدُ بنُ أَعصَمَ اليهَوُديِ‌ّ وَ أُمّ عَبدِ اللّهِ اليَهُودِيّةُ رَسُولَ اللّهِص فَعَقَدُوا لَهُ فِي إِحدَي عَشرَةَ عُقدَةً وَ جَعَلُوهُ فِي جُفّ مِن طَلعٍ ثُمّ أَدخَلُوهُ فِي بِئرٍ بِوَادٍ بِالمَدِينَةِ فِي مرَاَقيِ‌ البِئرِ تَحتَ حَجَرٍ فَأَقَامَ النّبِيّص لَا يَأكُلُ وَ لَا يَشرَبُ وَ لَا يَسمَعُ وَ لَا يُبصِرُ وَ لَا يأَتيِ‌ النّسَاءَ فَنَزَلَ جَبرَئِيلُ ع وَ أَنزَلَ مَعَهُ المُعَوّذَاتِ فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمّدُ مَا شَأنُكَ قَالَ مَا أدَريِ‌ أَنَا بِالحَالِ ألّذِي تَرَي قَالَ فَإِنّ أُمّ عَبدِ اللّهِ وَ لَبِيدَ بنَ أَعصَمَ سَحَرَاكَ وَ أَخبَرَهُ بِالسّحرِ وَ حَيثُ هُوَ ثُمّ قَرَأَ جَبرَئِيلُبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ قُل أَعُوذُ بِرَبّ الفَلَقِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص ذَاكَ فَانحَلّت عُقدَةٌ ثُمّ لَم يَزَل يَقرَأُ آيَةً وَ يَقرَأُ رَسُولُ اللّهِص وَ تَنحَلّ عُقدَةٌ حَتّي قَرَأَهَا عَلَيهِ إِحدَي عَشرَةَ آيَةً وَ انحَلّت إِحدَي عَشرَةَ عُقدَةً وَ جَلَسَ النّبِيّ وَ دَخَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَأَخبَرَهُ بِمَا أَخبَرَهُ جَبرَئِيلُ ع وَ قَالَ انطَلِق وَ ائتنِيِ‌ بِالسّحرِ فَجَاءَ بِهِ فَأَمَرَ بِهِ النّبِيّص فَنَقَضَ ثُمّ تَفَلَ عَلَيهِ وَ أَرسَلَ إِلَي لَبِيدٍ وَ أُمّ عَبدِ اللّهِ فَقَالَ مَا دَعَاكُم إِلَي مَا صَنَعتُمَا ثُمّ دَعَا رَسُولُ اللّهِص عَلَي لَبِيدٍ وَ قَالَ لَا أَخرَجَكَ اللّهُ مِنَ


صفحه : 23

الدّنيَا سَالِماً قَالَ وَ كَانَ مُوسِراً كَثِيرَ المَالِ فَمَرّ بِهِ غُلَامٌ فِي أُذُنِهِ قُرطٌ قِيمَتُهُ دِينَارٌ فَجَذَبَهُ فَخَرَمَ أُذُنَ الصبّيِ‌ّ وَ أَخَذَهُ فَقُطِعَت يَدُهُ فِيهِ

بيان في القاموس الجف بالضم وعاء الطلع .أقول قدمر الكلام في تأثير السحر في الأنبياء والأئمة ع و أن المشهور عدمه دَعَائِمُ الإِسلَامِ، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع مِثلَهُ إِلَي قَولِهِ وَ جَعَلَاهُ فِي مرَاَقيِ‌ البِئرِ بِالمَدِينَةِ فَأَقَامَ رَسُولُ اللّهِص لَا يَسمَعُ وَ لَا يُبصِرُ وَ لَا يَفهَمُ وَ لَا يَتَكَلّمُ وَ لَا يَأكُلُ وَ لَا يَشرَبُ فَنَزَلَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ ع بِمُعَوّذَاتٍ وَ سَاقَ نَحوَهُ إِلَي قَولِهِ فَقُطِعَت يَدُهُ فكَوُيِ‌َ مِنهَا فَمَاتَ

16-طِبّ الأَئِمّةِ، عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ البرُسيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ يَحيَي الأرَمنَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ جَبرَئِيلَ أَتَي النّبِيّص وَ قَالَ يَا مُحَمّدُ قَالَ لَبّيكَ يَا جَبرَئِيلُ قَالَ إِنّ فُلَاناً اليهَوُديِ‌ّ سَحَرَكَ وَ جَعَلَ السّحرَ فِي بِئرِ بنَيِ‌ فُلَانٍ فَابعَث إِلَيهِ يعَنيِ‌ إِلَي البِئرِ أَوثَقَ النّاسِ عِندَكَ وَ أَعظَمَهُم فِي عَينِكَ وَ هُوَ عَدِيلُ نَفسِكَ حَتّي يَأتِيَكَ بِالسّحرِ وَ قَالَ فَبَعَثَ النّبِيّص عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَالَ انطَلِق إِلَي بِئرِ ذَروَانَ فَإِنّ فِيهَا سِحراً سحَرَنَيِ‌ بِهِ لَبِيدُ بنُ أَعصَمَ اليهَوُديِ‌ّ فأَتنِيِ‌ بِهِ قَالَ عَلِيّ ع فَانطَلَقتُ فِي حَاجَةِ رَسُولِ اللّهِص فَهَبَطتُ فَإِذَا مَاءُ البِئرِ قَد صَارَ كَأَنّهُ مَاءُ الحِنّاءِ مِنَ السّحرِ فَطَلَبتُهُ مُستَعجِلًا حَتّي انتَهَيتُ إِلَي أَسفَلِ القَلِيبِ وَ لَم أَظفَر


صفحه : 24

بِهِ قَالَ الّذِينَ معَيِ‌ مَا فِيهِ شَيءٌ فَاصعَد فَقُلتُ لَا وَ اللّهِ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذّبتُ وَ مَا يقَيِنيِ‌ بِهِ مِثلُ يَقِينِكُم يعَنيِ‌ رَسُولَ اللّهِص ثُمّ طَلَبتُ طَلَباً بِلُطفٍ فَاستَخرَجتُ حُقّاً فَأَتَيتُ النّبِيّص فَقَالَ افتَحهُ فَفَتَحتُهُ فَإِذَا فِي الحُقّ قِطعَةُ كَرَبِ النّخلِ فِي وَتَرٍ عَلَيهَا إِحدَي وَ عِشرُونَ عُقدَةً وَ كَانَ جَبرَئِيلُ ع أَنزَلَ يَومَئِذٍ المُعَوّذَتَينِ عَلَي النّبِيّص فَقَالَ النّبِيّص يَا عَلِيّ اقرَأهُمَا عَلَي الوَتَرِ فَجَعَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ كُلّمَا قَرَأَ آيَةً انحَلّت عُقدَةٌ حَتّي فَرَغَ مِنهَا وَ كَشَفَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَن نَبِيّهِ مَا سُحِرَ بِهِ وَ عَافَاهُ وَ يُروَي أَنّ جَبرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ ع أَتَيَا إِلَي النّبِيّص فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عَن يَمِينِهِ وَ الآخَرُ عَن شِمَالِهِ فَقَالَ جَبرَئِيلُ لِمِيكَائِيلَ مَا وَجَعُ الرّجُلِ فَقَالَ مِيكَائِيلُ هُوَ مَطبُوبٌ فَقَالَ جَبرَئِيلُ ع وَ مَن طَبّهُ قَالَ لَبِيدُ بنُ أَعصَمَ اليهَوُديِ‌ّ ثُمّ ذَكَرَ الحَدِيثَ إِلَي آخِرِهِ

بيان في القاموس الكرب بالتحريك أصول السعف الغلاظ و في النهاية رجل مطبوب أي مسحور كنوا بالطب عن السحر تفؤلا بالبرء

17- الطب ،[طب الأئمة عليهم السلام ] عَن اِبرَاهِيمَ بنِ البَيطَارِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ وَ يُقَالُ لَهُ يُونُسُ المصُلَيّ‌ لِكَثرَةِ صَلَاتِهِ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ البَاقِرُ ع إِنّ السّحَرَةَ لَم يُسَلّطُوا عَلَي شَيءٍ إِلّا العَينَ

18- وَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع أَنّهُ سُئِلَ عَنِ المُعَوّذَتَينِ أَنّهُمَا مِنَ القُرآنِ فَقَالَ الصّادِقُ ع هُمَا مِنَ القُرآنِ فَقَالَ الرّجُلُ إِنّهُمَا لَيسَتَا مِنَ القُرآنِ فِي قِرَاءَةِ ابنِ مَسعُودٍ وَ لَا فِي مُصحَفِهِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَخطَأَ ابنُ مَسعُودٍ أَو قَالَ كَذَبَ ابنُ مَسعُودٍ هُمَا مِنَ القُرآنِ قَالَ الرّجُلُ فَأَقرَأ بِهِمَا يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ فِي المَكتُوبَةِ قَالَ نَعَم وَ هَل تدَريِ‌ مَا مَعنَي المُعَوّذَتَينِ وَ فِي أَيّ شَيءٍ نَزَلَتَا إِنّ رَسُولَ اللّهِ سَحَرَهُ


صفحه : 25

لَبِيدُ بنُ أَعصَمَ اليهَوُديِ‌ّ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع وَ مَا كَانَ ذَا وَ مَا عَسَي أَن يَبلُغَ مِن سِحرِهِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ الصّادِقُ ع بَلَي كَانَ النّبِيّص يَرَي[ أَنّهُ]يُجَامِعُ وَ لَيسَ يُجَامِعُ وَ كَانَ يُرِيدُ البَابَ وَ لَا يُبصِرُهُ حَتّي يَلمَسَهُ بِيَدِهِ وَ السّحرُ حَقّ وَ مَا سُلّطَ السّحرُ إِلّا عَلَي العَينِ وَ الفَرجِ فَأَتَاهُ جَبرَئِيلُ ع فَأَخبَرَهُ بِذَلِكَ فَدَعَا عَلِيّاً ع وَ بَعَثَهُ لِيَستَخرِجَ ذَلِكَ مِن بِئرِ أَزوَانَ وَ ذَكَرَ الحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَي آخِرِهِ

19- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ بنِ مِهرَانَ عَن زِيَادِ بنِ هَارُونَ العبَديِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ البجَلَيِ‌ّ عَنِ الحلَبَيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن أَعجَبَهُ شَيءٌ مِن أَخِيهِ المُؤمِنِ فليثمد[فَليُكَبّر] عَلَيهِ فَإِنّ العَينَ حَقّ

20- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مَيمُونٍ المكَيّ‌ّ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ المُختَارِ عَن صَفوَانَ الجَمّالِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ لَو نُبِشَ لَكُم عَنِ القُبُورِ لَرَأَيتُم أَنّ أَكثَرَ مَوتَاهُم بِالعَينِ لِأَنّ العَينَ حَقّ أَلَا إِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ العَينُ حَقّ فَمَن أَعجَبَهُ مِن أَخِيهِ شَيءٌ فَليَذكُرِ اللّهَ فِي ذَلِكَ فَإِنّهُ إِذَا ذَكَرَ اللّهَ لَم يَضُرّهُ

21- وَ مِنهُ، عَن سَهلِ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَهلٍ عَن عَبدِ رَبّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ ابنِ أُورَمَةَ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَنِ الحلَبَيِ‌ّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ النّشرَةِ لِلمَسحُورِ فَقَالَ مَا كَانَ أَبِي ع يَرَي بِهَا بَأساً

22-المَكَارِمُ، عَن مُعَمّرِ بنِ خَلّادٍ قَالَكُنتُ مَعَ الرّضَا ع بِخُرَاسَانَ


صفحه : 26

عَلَي نَفَقَاتِهِ فأَمَرَنَيِ‌ أَن أَتّخِذَ لَهُ غَالِيَةً فَلَمّا اتّخَذتُهَا فَأُعجِبَ بِهَا فَنَظَرَ إِلَيهَا فَقَالَ لِي يَا مُعَمّرُ إِنّ العَينَ حَقّ فَاكتُب فِي رُقعَةٍ الحَمدَ وَ قُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ وَ المُعَوّذَتَينِ وَ آيَةَ الكرُسيِ‌ّ وَ اجعَلهَا فِي غِلَافِ القَارُورَةِ

23- وَ مِنهُ،روُيِ‌َ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ العَينُ حَقّ وَ لَيسَ تَأمَنُهَا مِنكَ عَلَي نَفسِكَ وَ لَا مِنكَ عَلَي غَيرِكَ فَإِذَا خِفتَ شَيئاً مِن ذَلِكَ فَقُل مَا شَاءَ اللّهُ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِ‌ّ العَظِيمِ ثَلَاثاً

24- وَ عَنهُ ع قَالَ مَن أَعجَبَهُ مِن أَخِيهِ شَيءٌ فَليُبَارِك عَلَيهِ فَإِنّ العَينَ حَقّ

25- وَ مِنهُ، قَالَ النّبِيّص إِنّ العَينَ لَيُدخِلُ الرّجُلَ القَبرَ وَ الجَمَلَ القِدرَ

26- وَ قَالَص لَا رُقيَةَ إِلّا مِن حُمَةٍ وَ العَينِ

27- وَ مِنهُ، عَنِ الصّادِقِ ع لَو كَانَ شَيءٌ يَسبِقُ القَدَرَ لَسَبَقَهُ العَينُ

28- الخِصَالُ،بِإِسنَادِهِ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ ع أَنّ النّبِيّص قَالَ لَا رُقَي إِلّا فِي ثَلَاثَةٍ فِي حُمَةٍ أَو عَينٍ أَو دَمٍ لَا يَرقَأُ

29- جَامِعُ الأَخبَارِ، قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ العَينَ لَتُدخِلُ الرّجُلَ القَبرَ وَ تُدخِلُ الجَمَلَ القِدرَ

30- وَ جَاءَ فِي الخَبَرِ أَنّ أَسمَاءَ بِنتَ عُمَيسٍ قَالَت يَا رَسُولَ اللّهِص إِنّ بنَيِ‌


صفحه : 27

جَعفَرٍ تُصِيبُهُمُ العَينُ فأَسَترَقيِ‌ لَهُم قَالَ نَعَم فَلَو كَانَ شَيءٌ يَسبِقُ القَدَرَ لَسَبَقَتِ العَينُ

31- نَوَادِرُ الراّونَديِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا رَفَعَ النّاسُ أَبصَارَهُم إِلَي شَيءٍ إِلّا وَضَعَهُ اللّهُ

32- النهج ،[نهج البلاغة] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا قَالَ النّاسُ لشِيَ‌ءٍ طُوبَي لَهُ إِلّا وَ قَد خَبَأَ الدّهرُ لَهُ يَومَ سَوءٍ

بيان طوبي كلمة تستعمل في مقام المدح والاستحسان والتعجب من حسن الشي‌ء وكماله وخبأت الشي‌ء أخبأه أخفيته يوم سوء بالفتح أي يوم نقص وبلية وزوال وإخفاء الدهر ذلك اليوم كناية عن جهل الناس بأسبابه و أنه يأتيهم بغتة أوغفلتهم عن عدم ثبات زخارف الدنيا وسرعة زوالها. ثم إنه يحتمل أن يكون ماورد في هذاالخبر والخبر السابق إشارة إلي تأثير العيون كمامر أو إلي أن من لوازم الدنيا أنه إذاانتهت فيهاحال شخص في الرفعة والعزة إلي غاية الكمال فلابد أن يرجع إلي النقص والزوال فقولهم طوبي له واستحسانهم إياه ورفع أبصارهم إليه من شواهد الرفعة والكمال و هوعلامة الأخذ في الهبوط والاضمحلال . و قديخطر بالبال أن ماورد في العين وتأثيرها يمكن أن يكون إشارة إلي هذاالمعني و إن كان بعيدا من بعض الآيات والأخبار ويمكن تأويلها إليه وتطبيقها عليه كما لايخفي علي أولي‌ الأبصار و ماورد من ذكر الله والدعاء عند ذلك لاينافيه بل يؤيده فإن أمثال ذلك موجبة لدوام النعمة واستمرارها و الله يعلم حقائق الأمور ودقائق الأسرار.


صفحه : 28

نقل وتحقيق

اعلم أن أصحابنا والمخالفين اختلفوا في حقيقة السحر و أنه هل له حقيقة أومحض توهم ولنذكر بعض كلماتهم في ذلك . قال الشيخ قدس سره في الخلاف السحر له حقيقة ويصح منه أن يعقد ويؤثر ويسحر فيقتل ويمرض ويكوع الأيدي‌ ويفرق بين الرجل وزوجته ويتفق له أن يسحر بالعراق رجلا بخراسان فيقتله عندأكثر أهل العلم و أبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي‌. و قال أبو جعفرالأسترآبادي‌ لاحقيقة له وإنما هوتخييل وشعبدة و به قال المغربي‌ من أهل الظاهر و هو ألذي يقوي في نفسي‌ ويدل عليه قوله تعالي فَإِذا حِبالُهُمالآية و ذلك أن القوم جعلوا من الحبال كهيئات الحيات وطلوا عليها الزئبق وأخذوا الموعد علي وقت تطلع فيه الشمس حتي إذاوقعت علي الزئبق تحرك فخيل لموسي ع أنها حيات و لم يكن لها حقيقة و كان هذا في أشد وقت الحر فألقي موسي عصاه فأبطل عليهم السحر فآمنوا به . وأيضا فإن الواحد منا لايصح أن يفعل في غيره و ليس بينه وبينه اتصال و لااتصال بما يتصل بما يفعل فيه فكيف يفعل من هوببغداد فيمن هوبالحجاز وأبعد منها و لاينفي‌ هذا قوله تعالي وَ لكِنّ الشّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحرَلأن ذلك لانمنع منه وإنما ألذي منعنا منه أن يؤثر الساحر ألذي يدعونه فأما أن يفعلوا مايتخيل عنه أشياء فلانمنع منه . ورووا عن عائشة أقول ثم ذكر نحوا مما مر من سحر اليهودي‌ النبي ص ثم قال و هذه أخبار آحاد لايعمل عليها في هذاالمعني و قدروي‌ عن عائشة أنها قالت سحر


صفحه : 29

رسول الله ص فما عمل فيه السحر و هذامعارض ذلك . ثم قال قدس سره إذاأقر أنه سحر فقتل بسحره متعمدا لايجب عليه القود و به قال أبوحنيفة و قال الشافعي‌ يجب عليه القود دليلنا أن الأصل براءة الذمة و أن هذامما يقتل به يحتاج إلي دليل . وأيضا فقد بينا أن الواحد لايصح أن يقتل غيره بما لايباشره به إلا أن يسقيه مايقتل به علي العادة مثل السم و ليس السحر بشي‌ء من ذلك . و قدروي أصحابنا أن الساحر يقتل والوجه فيه أن هذافساد في الأرض والسعي‌ فيها به فلأجل ذلك وجب فيه القتل . و قال العلامة نور الله مرقده في التحرير السحر عقد ورمي‌ كلام يتكلم به أويكتبه أويعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أوقلبه أوعقله من غيرمباشرة و قديحصل به القتل والمرض والتفريق بين الرجل والمرأة وبغض أحدهما لصاحبه ومحبة أحد الشخصين للآخر وهل له حقيقة أم لا فيه نظر. ثم قال والسحر ألذي يجب فيه القتل هو مايعد في العرف سحرا كمانقل الأموي‌ في مغازيه أن النجاشي‌ دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد فهام مع الوحش فلم يزل معها إلي إمارة عمر بن الخطاب فأمسكه إنسان فقال خلني‌ و إلامت فلم يخله فمات من ساعته . وقيل إن ساحرة أخذها بعض الأمراء فجاء زوجها كالهائم فقال قولوا لها تخل عني‌ فقالت ائتوني‌ بخيوط و باب فأتوا بذلك فجلست وجعلت تعقد فطار بهاالباب فلم يقدروا عليها وأمثال ذلك و أما ألذي يعزم علي المصروع ويزعم أنه يجمع الجن ويأسرها فتطيعه فلايتعلق به حكم و ألذي يحل السحر بشي‌ء من القرآن والذكر والأقسام فلابأس به و إن كان بالسحر حرم علي إشكال . و قال في موضع آخر منه ألذي اختاره الشيخ رحمه الله أنه لاحقيقة


صفحه : 30

للسحر و في الأحاديث مايدل علي أن له حقيقة فعلي ماورد في الأخبار لوسحره فمات بسحره ففي‌ القود إشكال والأقرب الدية إلي آخر ما قال . و قال في المنتهي نحوا من أول الكلام ثم قال واختلف في أنه له حقيقة أم لا قال الشيخ رحمه الله لاحقيقة له وإنما هوتخييل و هوقول بعض الشافعية و قال الشافعي‌ له حقيقة و قال أصحاب أبي حنيفة إن كان يصل إلي بدن المسحور كدخان ونحوه جاز أن يحصل منه مايؤثر في نفس المسحور من قتل أومرض أوأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها أويفرق بينهما أويبغض أحدهما إلي الآخر أويحببه إليه فأما أن يحصل المرض والموت من غير أن يصل إلي بدنه شيء فلايجوز ذلك . ثم ذكر رحمه الله احتجاج الطرفين بآيةيُخَيّلُ إِلَيهِ وسورة الفلق ثم قال وروي الجمهور عن عائشة أن النبي ص سحر حتي يري أنه يفعل الشي‌ء و لايفعله و أنه قال لها ذات يوم أشعرت أن الله تعالي أفتاني‌ فيما استفتيته أنه أتاني‌ ملكان فجلس أحدهما عندرأسي‌ والآخر عندرجلي‌ فقال ماوجع الرجل فقال مطبوب قال من طبه قال لبيد بن أعصم اليهودي‌ في مشط ومشاطة في جف طلعة في بئر ذي‌ أزوان رواه البخاري‌ وجف الطلعة وعاؤها والمشاطة الشعر ألذي يخرج من شعر الرأس وغيره إذامشط فقد أثبت لهم سحرا و هذاالقول عندي‌ باطل والروايات ضعيفة خصوصا رواية عائشة لاستحالة تطرق السحر إلي الأنبياء ع . ثم قال إن كان للسحر حقيقة فهو مايعد في العرف سحرا ثم ذكر القصتين للنجاشي‌ والساحرة ثم قال فهذا وأمثاله مثل أن يعقد الرجل المزوج فلايطيق وطء امرأته هوالسحر المختلف فيه فأما ألذي يقال من العزم علي المصروع فلايدخل تحت هذاالحكم و هوعندي‌ باطل لاحقيقة له وإنما هو من الخرافات . و قال الشهيد رفع الله درجته في الدروس تحرم الكهانة والسحر بالكلام والكتابة والرقية والدخنة بعقاقير الكواكب وتصفية النفس والتصوير والعقد والنفث


صفحه : 31

والأقسام والعزائم بما لايفهم معناه ويضر بالغير فعله و من السحر الاستخدام للملائكة والجن واستنزال الشياطين في كشف الغائب وعلاج المصاب و منه الاستحضار بتلبيس الروح ببدن منفعل كالصبي‌ والمرأة وكشف الغائب عن لسانه . و منه النيرنجات وهي‌ إظهار غرائب خواص الامتزاجات وأسرار النيرين وتلحق به الطلسمات وهي‌ تمزيج القوي العالية الفاعلة بالقوي السالفة المنفعلة ليحدث عنها فعل غريب فعمل هذاكله والتكسب به حرام والأكثر علي أنه لاحقيقة له بل هوتخييل وقيل أكثره تخييل وبعضه حقيقي‌ لأنه تعالي وصفه بالعظمة في سحرة فرعون و من التخييل إحداث خيالات لاوجود لها في الحس المشترك للتأثير في شيءآخر وربما ظهر إلي الحس . وتلحق به الشعبذة وهي‌ الأفعال العجيبة المرتبة علي سرعة اليد بالحركة فيلبس علي الحس وقيل الطلسمات كانت معجزات للأنبياء. و أماالكيمياء فيحرم المسمي بالتكليس بالزئبق والكبريت والزاج والتصدية وبالشعر والبيض والمرار والأدهان كماتفعله الجهال أماسلب الجواهر خواصها وإفادتها خواص أخري بالدواء المسمي بالإكسير أوبالنار الملينة الموقدة علي أصل الفلزات أولمراعاة نسبها في الحجم والوزن فهذا مما لايعلم صحته وتجنب ذلك كله أولي وأحري . و قال الشهيد الثاني‌ رفع الله مقامه السحر هوكلام أوكتابة أورقية أوأقسام وعزائم ونحوها يحدث بسببها ضرر علي الغير و منه عقد الرجل عن زوجته بحيث لايقدر علي وطئها وإلقاء البغضاء بينهما و منه استخدام الملائكة والجن واستنزال الشياطين في كشف الغائبات وعلاج المصاب واستحضارهم وتلبسهم ببدن صبي‌ أوامرأة وكشف الغائب علي لسانه فتعلم ذلك وأشباهه وعمله وتعليمه كله حرام والتكسب به سحت ويقتل مستحله و لوتعلمه ليتوقي به أوليدفع به المتنبي‌ بالسحر فالظاهر جوازه وربما وجب علي الكفاية كما هوخيرة الدروس ويجوز


صفحه : 32

حله بالقرآن والأقسام كماورد في رواية القلاء. وهل له حقيقة أو هوتخييل الأكثر علي الثاني‌ ويشكل بوجدان أثره في كثير من الناس علي الحقيقة والتأثر بالوهم إنما يتم لوسبق للقابل علم بوقوعه ونحن نجد أثره فيمن لايشعر به أصلا حتي يضر به و لوحمل تخييله علي ماتظهر من تأثيره في حركات الحيات والطيران ونحوهما أمكن لا في مطلق التأثير وإحضار الجان وشبه ذلك فإنه أمر معلوم لايتوجه دفعه . ثم قال والكهانة عمل يوجب طاعة بعض الجان له واتباعه له بحيث يأتيه بالأخبار و هوقريب من السحر ثم قال والشعبذة عرفوها بأنها الحركات السريعة التي‌ تترتب عليها الأفعال العجيبة بحيث يتلبس علي الحس الفرق بين الشي‌ء وشبهه لسرعة الانتقال منه إلي شبهه .أقول ونحو ذلك قال المحقق الأردبيلي‌ روح الله روحه في شرح الإرشاد و قال الظاهر أن له حقيقة بمعني أنه يؤثر بالحقيقة لا أنه إنما يتأثر بالوهم فقط ولهذا نقل تأثيره في شخص لم يعرف و لايشعر بوقوعه فيه نعم يمكن أن لاحقيقة له بمعني أن لايوجد حيوان بفعله بل يتخيل كقوله تعالي يُخَيّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنّها تَسعي مع أنه لاثمرة في ذلك إذ لاشك في عقابه ولزوم الدية وعوض مايفوت بفعل الساحر عليه . و قال ابن حجر في فتح الباري‌ في العين تقول عنت الرجل أصبته بعينك فهو معيون ومعين و رجل عائن ومعيان وعيون والعين يضر باستحسان مشوب بحسد من حيث الطبع يحصل للمبصور منه ضرر و قداستشكل ذلك علي بعض الناس فقال كيف يعمل العين من بعد حتي يحصل الضرر للمعيون والجواب أن طبائع الناس تختلف فقد يكون ذلك من سم يصل من عين العائن في الهواء إلي بدن المعيون . و قدنقل عن بعض من كان معيانا أنه قال إذارأيت شيئا يعجبني‌ وجدت


صفحه : 33

حرارة تخرج من عيني‌ ويقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها في إناء اللبن فيفسد و لووضعتها بعدطهرها لم يفسد وكذا تدخل البستان فتضر بكثير من العروش من غير أن تمسها و من ذلك أن الصحيح قدينظر إلي العين الرمد فيرمد ويتثاءب بحضرته فيتثاب هوأشار إلي ذلك ابن بطال و قال الخطابي‌ في الحديث أن للعين تأثيرا في النفوس وإبطال قول الطباعيين أنه لا شيء إلا ماتدركه الحواس الخمس و ماعدا ذلك لاحقيقة له . و قال المازري‌ زعم بعض الطباعيين أن العائن تنبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك أويفسد و هوكإصابة السم من نظر الأفعي وأشار إلي منع الحصر في ذلك مع تجويزه و أن ألذي يتمشي علي طريقة أهل السنة أن العين إنما تضر عندنظر العائن بعادة أجراها الله تعالي أن يحدث الضر عندمقابلة شخص لآخر وهل ثم جواهر خفية أو لا هوأمر محتمل لايقطع بإثباته و لانفيه . و من قال ممن ينتمي‌ إلي الإسلام من أصحاب الطبائع بالقطع بأن جواهر لطيفة غيرمرئية تنبعث من العائن فتتصل بالمعيون وتتخلل مسام جسمه فيخلق البار‌ئ الهلاك عندها كمايخلق الهلاك عندشرب السموم فقد أخطأ بدعوي القطع ولكنه جائز أن يكون عادة ليست ضرورة و لاطبيعة انتهي . و هوكلام سديد و قدبالغ ابن العربي‌ في إنكاره فقال ذهبت الفلاسفة إلي أن الإصابة بالعين صادرة عن تأثير النفس بقوتها فيه فأول مايؤثر في نفسها ثم يؤثر في غيرها. وقيل إنما هوسم في عين العائن يصيبه بلفحة عندالتحديق إليه كمايصيب لفح سم الأفعي من يتصل به . ثم رد الأول بأنه لو كان كذلك لماتخلفت الإصابة في كل حال والواقع بخلافه والثاني‌ بأن سم الأفعي جزء منها وكلها قاتل والعائن ليس يقتل منه


صفحه : 34

شيء في قولهم إلابصره و هومعني خارج عن ذلك قال والحق أن الله يخلق عندبصر العائن إليه وإعجابه به إذاشاء ماشاء من ألم أوهلكة و قديصرفه قبل وقوعه بالاستعاذة أوبغيرها و قديصرفه بعدوقوعه بالرقية أوبالاغتسال أوبغير ذلك انتهي كلامه . و فيه بعض مايتعقب فإن ألذي مثل بالأفعي لم يرد أنها تلامس المصاب حتي يتصل به من سمها وإنما أراد أن جنسا من الأفاعي‌ اشتهر أنها إذاوقع بصرها علي الإنسان هلك فكذلك العائن و ليس مراد الخطابي‌ بالتأثير المعني ألذي تذهب إليه الفلاسفة بل ماأجري الله به العادة من حصول الضرر للمعيون و قدأخرج البزاز بسند حسن عن جابر رفعه قال أكثر من يموت بعدقضاء الله وقدره بالنفس قال الراوي‌ يعني‌ بالعين و قدأجري الله العادة بوجود كثير من القوي والخواص في الأجسام والأرواح كمايحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل فتري في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك وكذا الاصفرار عندرؤية من يخافه وكثير من الناس يسقم بمجرد النظر إليه ويضعف قواه و كل ذلك بواسطة ماخلق الله تعالي في الأرواح من التأثيرات ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلي العين وليست هي‌ المؤثرة وإنما التأثير للروح والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها فمنها مايؤثر في البدن بمجرد الرؤية من غيراتصال به لشدة خبث تلك الروح وكيفيتها الخبيثة. والحاصل أن التأثير بإرادة الله تعالي وخلقه ليس مقصورا علي الاتصال الجسماني‌ بل يكون تارة به وتارة بالمقابلة وأخري بمجرد الرؤية وأخري بتوجه الروح كالذي‌ يحدث من الأدعية والرقي والالتجاء إلي الله تعالي وتارة يقع ذلك بالتوهم والتخيل و ألذي يخرج من عين العائن سهم معنوي‌ إن صادف بدنا لاوقاية له أثر فيه و إلا لم ينفذ السهم بل ربما رد علي صاحبه كالسهم الحسي‌ سواء. و قال في بيان السحر قال الراغب وغيره السحر يطلق علي معان أحدها


صفحه : 35

مادق ولطف و منه سحرت الصبي‌ خدعته واستملته فكل من استمال شيئا فقد سحره و منه إطلاق الشعراء سحر العيون لاستمالتها النفوس و منه قول الأطباء الطبيعة ساحرة و منه قوله تعالي بَل نَحنُ قَومٌ مَسحُورُونَ أي مصروفون عن المعرفة وَ مِنهُ حَدِيثُ إِنّ مِنَ البَيَانِ لَسِحراً

.الثاني‌ مايقع بخداع وتخييلات لاحقيقة لها نحو مايفعله المشعبد من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده و إلي ذلك الإشارة بقوله تعالي يُخَيّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنّها تَسعي و قوله تعالي سَحَرُوا أَعيُنَ النّاسِ و من هناك سموا موسي ع ساحرا و قديستعان في ذلك بما يكون فيه خاصية كحجر المغناطيس .الثالث مايحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم و إلي ذلك الإشارة بقوله تعالي وَ لكِنّ الشّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحرَ.الرابع مايحصل بمخاطبة الكواكب واشتراك روحانياتها بزعمهم قال ابن حزم و منه مايؤخذ من الطلسمات كالطابع المنقوش فيه صورة عقرب في وقت كون القمر في العقرب فينفع من لدغة العقرب و قديجمع بعضهم بين الأمرين الاستعانة بالشياطين ومخاطبة الكواكب فيكون ذلك أقوي بزعمهم . ثم السحر يطلق ويراد به الآلة التي‌ يسحر بها ويطلق ويراد به فعل الساحر والآلة تارة تكون معني من المعاني‌ فقط كالرقي والنفث وتارة تكون من المحسوسات كتصوير صورة علي صورة المسحور وتارة يجمع الأمرين الحسي‌ والمعنوي‌ و هوأبلغ . واختلف في السحر فقيل هوتخييل فقط و لاحقيقة له و قال النووي‌ والصحيح أن له حقيقة و به قطع الجمهور و عليه عامة العلماء ويدل عليه الكتاب والسنة


صفحه : 36

المشهورة انتهي .لكن محل النزاع أنه هل يقع بالسحر انقلاب عين أو لافمن قال إنه تخييل فقط منع من ذلك و من قال له حقيقة اختلفوا في أنه هل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا من الأمراض أوينتهي‌ إلي الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثلا وعكسه فالذي‌ عليه الجمهور هوالأول وذهبت طائفة قليلة إلي الثاني‌ فإن كان بالنظر إلي القدرة الإلهية فمسلم و إن كان بالنظر إلي الواقع فهو محل الخلاف فإن كثيرا ممن يدعي‌ ذلك لايستطيع إقامة البرهان عليه . ونقل الخطابي‌ أن قوما أنكروا السحر مطلقا وكأنه عني القائلين بأنه تخييل فقط و إلافهي‌ مكابرة. و قال المازري‌ جمهور العلماء علي إثبات السحر و أن له حقيقة ونفي بعضهم حقيقته وأضاف مايقع منه إلي خيالات باطلة و هومردود لورود النقل بإثبات السحر ولأن العقل لاينكر أن الله تعالي قديخرق العادة عندنطق الساحر بكلام ملفق وتركيب أجسام أومزج بين قوي علي ترتيب مخصوص ونظير ذلك مايقع من حذاق الأطباء من مزج بعض العقاقير ببعض حتي ينقلب الضار منها بمفرده فيصير بالتركيب نافعا وقيل لايزيد تأثير السحر علي ماذكر الله تعالي في قوله ما يُفَرّقُونَ بِهِ بَينَ المَرءِ وَ زَوجِهِلكون المقام مقام تهويل فلو جاز أن يقع أكثر من ذلك لذكره . قال المازري‌ والصحيح من جهة العقل أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك قال والآية ليست نصا في منع الزيادة و لوقلنا إنها ظاهرة في ذلك . ثم قال والفرق بين السحر والمعجزة والكرامة أن السحر يكون بمعاناة أقوال وأفعال حتي يتم للساحر مايريد والكرامة لاتحتاج إلي ذلك بل إنما تقع غالبا اتفاقا و أماالمعجزة فتمتاز من الكرامة بالتحدي‌. ونقل إمام الحرمين الإجماع علي أن السحر لايظهر إلا عن فاسق والكرامة


صفحه : 37

لاتظهر عن الفاسق ونقل النووي‌ في زيادات الروضة عن المستولي‌ نحو ذلك وينبغي‌ أن يعتبر بحال من يقع الخارق منه فإن كان متمسكا بالشريعة متجنبا للموبقات فالذي‌ يظهر علي يده من الخوارق كرامة و إلافهو سحر لأنه ينشأ عن أحد أنواعه كإعانة الشياطين . و قال القرطبي‌ السحر حيل صناعية يتوصل إليها بالاكتساب غيرأنها لدقتها لايتوصل إليها إلاآحاد الناس ومادتها الوقوف علي خواص الأشياء والعلم بوجوه تركيبها وأوقاته وأكثرها تخييلات بغير حقيقة وإيهامات بغير ثبوت فيعظم عند من لايعرف ذلك كما قال الله تعالي عن سحرة فرعون وَ جاؤُ بِسِحرٍ عَظِيمٍ مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها حبالا وعصيا. ثم قال والحق أن لبعض أصناف السحر تأثيرا في القلوب كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر في الأبدان بالألم والسقم وإنما المنكر أن الجماد ينقلب حيوانا وعكسه بسحر الساحر ونحو ذلك انتهي . و قال شارح المقاصد السحر إظهار أمر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة أعمال مخصوصة يجري‌ فيهاالتعلم والتلمذ وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة والكرامة وبأنه لا يكون بحسب اقتراح المعترض وبأنه يختص ببعض الأزمنة أوالأمكنة أوالشرائط وبأنه قديتصدي لمعارضته ويبذل الجهد في الإتيان بمثله وبأن صاحبه ربما يعلن بالفسق ويتصف بالرجس في الظاهر والباطن والخزي‌ في الدنيا والآخرة إلي غير ذلك من وجوه المفارقة و هو عند أهل الحق جائز عقلا ثابت سمعا وكذلك الإصابة بالعين . وقالت المعتزلة هومجرد إراءة ما لاحقيقة له بمنزلة الشعبدة التي‌ سببها خفة حركات اليد أوخفاء وجه الحيلة فيه .


صفحه : 38

لنا علي الجواز مامر في الإعجاز من إمكان الأمر في نفسه وشمول قدرة الله له فإنه هوالخالق وإنما الساحر فاعل وكاسب وأيضا إجماع الفقهاء وإنما اختلفوا في الحكم و علي الوقوع وجوه .منها قوله تعالي يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحرَ وَ ما أُنزِلَ عَلَي المَلَكَينِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ إلي قوله فَيَتَعَلّمُونَ مِنهُما ما يُفَرّقُونَ بِهِ بَينَ المَرءِ وَ زَوجِهِ وَ ما هُم بِضارّينَ بِهِ مِن أَحَدٍ إِلّا بِإِذنِ اللّهِ و فيه إشعار بأنه ثابت حقيقة ليس مجرد إراءة وتمويه وبأن المؤثر والخالق هو الله تعالي وحده . ومنها سورة الفلق فقد اتفق جمهور المسلمين علي أنها نزلت فيما كان من سحر لبيد بن أعصم اليهودي‌ لرسول الله ص حتي مرض ثلاث ليال . ومنها ماروي‌ أن جارية سحرت عائشة و أنه سحر ابن عمر حتي تكوعت يده . فإن قيل لوصح السحر لأضرت السحرة بجميع الأنبياء والصالحين ولحصلوا لأنفسهم الملك العظيم وكيف يصح أن يسحر النبي ص و قد قال الله وَ اللّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النّاسِوَ لا يُفلِحُ السّاحِرُ حَيثُ أَتي وكانت الكفرة يعيبون النبي ص بأنه مسحور مع القطع بأنهم كاذبون .قلنا ليس الساحر يوجد في كل عصر وزمان وبكل قطر ومكان و لاينفذ حكمه كل أوان و لا له يد في كل شيء و النبي ص معصوم من أن يهلكه الناس أويوقع خللا في نبوته لا أن يوصل ضررا وألما إلي بدنه ومراد الكفار بكونه مسحورا أنه مجنون أزيل عقله بالسحر حيث ترك دينهم . فإن قيل قوله تعالي في قصة موسي ع يُخَيّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنّها


صفحه : 39

تَسعي

يدل علي أنه لاحقيقة للسحر وإنما هوتخييل وتمويه قلنا يجوز أن يكون سحرهم إيقاع ذلك التخيل و قدتحقق و لوسلم فكون أثره في تلك الصورة هوالتخييل لايدل علي أنه لاحقيقة له أصلا. و أماالإصابة بالعين و هو أن يكون لبعض النفوس خاصية أنها إذااستحسنت شيئا لحقه الآفة فثبوتها يكاد يجري‌ مجري المشاهدات التي‌ لاتفتقر إلي حجة وَ قَد قَالَ النّبِيّص العَينُ حَقّ يُدخِلُ الرّجُلَ القَبرَ وَ الجَمَلَ القِدرَ

و قدذهب كثير من المفسرين إلي أن قوله تعالي وَ إِن يَكادُ الّذِينَ كَفَرُوا لَيُزلِقُونَكَ بِأَبصارِهِم لَمّا سَمِعُوا الذّكرَ وَ يَقُولُونَالآية نزلت في ذلك . وقالوا كان العين في بني‌ أسد فكان الرجل منهم يتجوع ثلاثة أيام فلايمر به شيء يقول فيه لم أر كاليوم إلاعانه فالتمس الكفار من بعض من كانت له هذه الصنعة أن يقول في رسول الله ص ذلك فعصمه الله . واعترض الجبائي‌ أن القوم ماكانوا ينظرون إلي النبي ص نظر استحسان بل مقت ونقص . والجواب أنهم كانوا يستحسنون منه الفصاحة وكثيرا من الصفات و إن كانوا يبغضونه من جهة الدين . ثم للقائلين بالسحر والعين اختلاف في جواز الاستعانة بالرقي والعوذ و في جواز تعليق التمائم و في جواز النفث والمسح ولكل من الطرفين أخبار وآثار والجواز هوالأرجح والمسألة بالفقهيات أشبه انتهي . وأقول ألذي ظهر لنا مما مضي من الآيات والأخبار والآثار أن للسحر تأثيرا ما في بعض الأشخاص والأبدان كإحداث حب أوبغض أوهم أوفرح و أماتأثيره في إحياء شخص أوقلب حقيقة إلي أخري كجعل الإنسان بهيمة فلاريب في نفيهما وأنهما من المعجزات وكذا في كل ما يكون من هذاالقبيل كإبراء


صفحه : 40

الأكمه والأبرص وإسقاط يد بغير جارحة أووصل يد مقطوع أوإجراء الماء الكثير من بين الأصابع أو من حجر صغير وأشباه ذلك . والظاهر أن الإماتة أيضا كذلك فإنه بعيد أن يقدر الإنسان علي أن يقتل رجلا بغير ضرب وجرح وسم وتأثير ظاهر في بدنه و إن أمكن أن يكون الله تعالي جعل لبعض الأشياء تأثيرا في ذلك ونهي عن فعله كما أنه سبحانه جعل الخمر مسكرا ونهي عن شربه وجعل الحديد قاطعا ومنع من استعماله في غير ماأحله وكذا التمريض لكنه أقل استبعادا. فإن قيل مع تجويز ذلك يبطل كثير من المعجزات ويحتمل فيه السحر.قلنا قدمر أن المعجزة تحدث عندطلبها بلا آلات وأدوات ومرور زمان يمكن فيه تلك الأعمال بخلاف السحر فإنه لايحصل إلا بعداستعمال تلك الأمور ومرور زمان وأيضا الفرق بين السحر والمعجزة بين عندالعارف بالسحر وحقيقته ولذا حكم بعض الأصحاب بوجوب تعلمه كفاية ويروي عن شيخنا البهائي‌ قدس الله روحه أنه لو كان خروج الماء من بين أصابع النبي ص مع قبض يده وضم أصابعه إلي كفه كان يحتمل السحر و أما مع بسط الأصابع وتفريجها فلايحتمل السحر و ذلك واضح عند من له دربة في صناعة السحر. وأيضا معجزات الأنبياء لاتقع علي وجه تكون فيه شبهه لأحد إلا أن يقول معاند بلسانه ما ليس في قلبه فإن الساحر ربما يخيل ويظهر قطرات من الماء من بين أصابعه أوكفه أو من حجر صغير وإما أن يجري‌ أنهار كبيرة بمحض ضرب العصا أويروي‌ كثيرا من الناس والدواب بما يجري‌ من بين أصابعه بلا معاناة عمل أواستعانة بآلة فهذا مما يعرف كل عاقل أنه لا يكون من السحر وكذا إذادعا علي أحد فمات أومرض من ساعته فإن مثل هذا لا يكون سحرا بديهة. و أماجهة تأثيره فما كان من قبيل التخييلات والشعبدة فأسبابها ظاهرة عندالعاملين بهاتفصيلا و عندغيرهم إجمالا كمامر في سحر سحرة فرعون واستعانتهم


صفحه : 41

بالزئبق أوإراءتهم أشياء بسرعة اليد لاحقيقة لها. و أماحدوث الحب والبغض والهم وأمثالها فالظاهر أن الله تعالي جعل لها تأثيرا وحرمها كماأومأنا إليه و هذامما لاينكره العقل ويحتمل أن يكون للشياطين أيضا مدخلا في ذلك ويقل أويبطل تأثيرها بالتوكل والدعاء والآيات والتعويذات . ولذا كان شيوع السحر والكهانة وأمثالهما في الفترات بين الرسل وخفاء آثار النبوة واستيلاء الشياطين أكثر وتضعف وتخفي تلك الأمور عندنشر آثار الأنبياء وسطوع أنوارهم كأمثال تلك الأزمنة فإنه ليس من دار و لابيت إلا و فيه مصاحف كثيرة وكتب جمة من الأدعية والأحاديث و ليس من أحد إلا ومعه مصحف أوعوذة أوسورة شريفة وقلوبهم وصدورهم مشحونة بذلك فلذا لانري منها أثرا بينا في تلك البلاد إلانادرا في البلهاء والضعفاء والمنهمكين في المعاصي‌ و قدنسمع ظهور بعض آثارها في أقاصي‌ البلاد لظهور آثار الكفر وندور أنوار الإيمان فيهاكأقاصي‌ بلاد الهند والصين والترك . و أماتأثير السحر في النبي والإمام صلوات الله عليهما فالظاهر عدم وقوعه و إن لم يقم برهان علي امتناعه إذا لم ينته إلي حد يخل بغرض البعثة كالتخبيط والتخليط فإنه إذا كان الله سبحانه أقدر الكفار لمصالح التكليف علي حبس الأنبياء والأوصياء ع وضربهم وجرحهم وقتلهم بأشنع الوجوه فأي‌ استحالة علي أن يقدروا علي فعل يؤثر فيهم هما ومرضا.لكن لماعرفت أن السحر يندفع بالعوذ والآيات والتوكل وهم ع معادن جميع ذلك فتأثيره فيهم مستبعد والأخبار الواردة في ذلك أكثرها عامية أوضعيفة ومعارضة بمثلها فيشكل التعويل عليها في إثبات مثل ذلك . و أما مايذكر من بلاد الترك أنهم يعملون مايحدث به السحب والأمطار فتأثير أعمال مثل هؤلاء الكفرة في الآثار العلوية و ما به نظام العالم مما يأبي عنه العقول


صفحه : 42

السليمة والأفهام القويمة و لم يثبت عندنا بخبر من يوثق بقوله . و أماالعين فالظاهر من الآيات والأخبار أن لها تحققا أيضا إما بأن جعل الله تعالي لذلك تأثيرا وجعل علاجه التوكل والتوسل بالآيات والأدعية الواردة في ذلك أوبأن الله تعالي يفعل في المعين فعلا عندحدوث ذلك لضرب من المصلحة و قدأومأنا إلي وجه آخر فيما مر. وبالجملة لايمكن إنكار ذلك رأسا لمايشاهد من ذلك عينا وورود الأخبار به مستفيضا و الله يعلم وحججه ع حقائق الأمور

باب 2-حقيقة الجن وأحوالهم

الآيات الأنعام وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الجِنّ وَ خَلَقَهُم وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَ بَناتٍ بِغَيرِ عِلمٍ سُبحانَهُ وَ تَعالي عَمّا يَصِفُونَ و قال تعالي وَ يَومَ يَحشُرُهُم جَمِيعاً يا مَعشَرَ الجِنّ قَدِ استَكثَرتُم مِنَ الإِنسِ وَ قالَ أَولِياؤُهُم مِنَ الإِنسِ رَبّنَا استَمتَعَ بَعضُنا بِبَعضٍ وَ بَلَغنا أَجَلَنَا ألّذِي أَجّلتَ لَنا قالَ النّارُ مَثواكُم خالِدِينَ فِيها إِلّا ما شاءَ اللّهُ إِنّ رَبّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَ كَذلِكَ نوُلَيّ‌ بَعضَ الظّالِمِينَ بَعضاً بِما كانُوا يَكسِبُونَ يا مَعشَرَ الجِنّ وَ الإِنسِ أَ لَم يَأتِكُم رُسُلٌ مِنكُم يَقُصّونَ عَلَيكُم


صفحه : 43

آياتيِ‌ وَ يُنذِرُونَكُم لِقاءَ يَومِكُم هذا قالُوا شَهِدنا عَلي أَنفُسِنا وَ غَرّتهُمُ الحَياةُ الدّنيا وَ شَهِدُوا عَلي أَنفُسِهِم أَنّهُم كانُوا كافِرِينَ.الأعراف فَلَمّا أَلقَوا سَحَرُوا أَعيُنَ النّاسِ وَ استَرهَبُوهُم وَ جاؤُ بِسِحرٍ عَظِيمٍالحجروَ الجَانّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السّمُومِالشعراءهَل أُنَبّئُكُم عَلي مَن تَنَزّلُ الشّياطِينُ تَنَزّلُ عَلي كُلّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ يُلقُونَ السّمعَ وَ أَكثَرُهُم كاذِبُونَالنمل وَ حُشِرَ لِسُلَيمانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ وَ الطّيرِ فَهُم يُوزَعُونَ و قال تعالي قالَ عِفرِيتٌ مِنَ الجِنّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبلَ أَن تَقُومَ مِن مَقامِكَ وَ إنِيّ‌ عَلَيهِ لقَوَيِ‌ّ أَمِينٌالتنزيل لَأَملَأَنّ جَهَنّمَ مِنَ الجِنّةِ وَ النّاسِ أَجمَعِينَسبأوَ مِنَ الجِنّ مَن يَعمَلُ بَينَ يَدَيهِ بِإِذنِ رَبّهِ وَ مَن يَزِغ مِنهُم عَن أَمرِنا نُذِقهُ مِن عَذابِ السّعِيرِ يَعمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِن مَحارِيبَ وَ تَماثِيلَ وَ جِفانٍ كَالجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِياتٍ اعمَلُوا آلَ داوُدَ شُكراً وَ قَلِيلٌ مِن عبِاديِ‌َ الشّكُورُ فَلَمّا قَضَينا عَلَيهِ المَوتَ ما دَلّهُم عَلي مَوتِهِ إِلّا دَابّةُ الأَرضِ تَأكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمّا خَرّ تَبَيّنَتِ الجِنّ أَن لَو كانُوا يَعلَمُونَ الغَيبَ ما لَبِثُوا فِي العَذابِ المُهِينِ و قال سبحانه بَل كانُوا يَعبُدُونَ الجِنّ أَكثَرُهُم بِهِم مُؤمِنُونَ


صفحه : 44

الأحقاف أُولئِكَ الّذِينَ حَقّ عَلَيهِمُ القَولُ فِي أُمَمٍ قَد خَلَت مِن قَبلِهِم مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ إِنّهُم كانُوا خاسِرِينَ و قال سبحانه وَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراً مِنَ الجِنّ يَستَمِعُونَ القُرآنَ فَلَمّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنصِتُوا فَلَمّا قضُيِ‌َ وَلّوا إِلي قَومِهِم مُنذِرِينَ قالُوا يا قَومَنا إِنّا سَمِعنا كِتاباً أُنزِلَ مِن بَعدِ مُوسي مُصَدّقاً لِما بَينَ يَدَيهِ يهَديِ‌ إِلَي الحَقّ وَ إِلي طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ يا قَومَنا أَجِيبُوا داعيِ‌َ اللّهِ وَ آمِنُوا بِهِ يَغفِر لَكُم مِن ذُنُوبِكُم وَ يُجِركُم مِن عَذابٍ أَلِيمٍ وَ مَن لا يُجِب داعيِ‌َ اللّهِ فَلَيسَ بِمُعجِزٍ فِي الأَرضِ وَ لَيسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍالرحمن وَ خَلَقَ الجَانّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ و قال عز و جل يا مَعشَرَ الجِنّ وَ الإِنسِ إِنِ استَطَعتُم أَن تَنفُذُوا مِن أَقطارِ السّماواتِ وَ الأَرضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلّا بِسُلطانٍ و قال سبحانه وَ لِمَن خافَ مَقامَ رَبّهِ جَنّتانِ و قال تعالي لَم يَطمِثهُنّ إِنسٌ قَبلَهُم وَ لا جَانّ في موضعين الجن قُل أوُحيِ‌َ إلِيَ‌ّ أَنّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ فَقالُوا إِنّا سَمِعنا قُرآناً عَجَباً إلي آخر السورة.تفسيروَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الجِنّ قال الرازي‌ في تفسيره إن الذين أثبتوا الشريك لله فرق وطوائف .فالأولي عبدة الأصنام فهم يقولون الأصنام شركاء لله في المعبودية ولكنهم


صفحه : 45

يعترفون بأن هذه الأصنام لاقدرة لها علي الخلق والإيجاد والتكوين . والثانية الذين يقولون مدبر هذاالعالم هوالكواكب وهؤلاء فريقان منهم من يقول إنها واجبة الوجود لذواتها ومنهم من يقول إنها ممكنة الوجود محدثة وخالقها هو الله تعالي إلا أنه سبحانه فوض تدبير هذاالعالم الأسفل إليها وهم الذين ناظرهم الخليل . والثالثة من المشركين الذين قالوا لجملة هذاالعالم بما فيه من السماوات و الأرض إلهان أحدهما فاعل الخير وثانيهما فاعل الشر والمقصود من هذه الآية حكاية مذهب هؤلاء فروي‌ عن ابن عباس أنه قال قوله تعالي وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الجِنّنزلت في الزنادقة الذين قالوا إن الله وإبليس أخوان فالله تعالي خالق النار والدواب والأنعام والخيرات وإبليس خالق السباع والحيات والعقارب والشرور. واعلم أن هذاالقول ألذي ذكره ابن عباس أحسن الوجوه المذكورة في هذه الآية لأن بهذا الوجه يحصل لهذه الآية مزيد فائدة مغايرة لماسبق ذكره في الآيات المتقدمة قال ابن عباس و ألذي يقوي‌ هذاالوجه قوله تعالي وَ جَعَلُوا بَينَهُ وَ بَينَ الجِنّةِ نَسَباً وإنما وصف بكونه من الجن لأن لفظ الجن مشتق من الاستتار والملائكة والروحانيون لايرون بالعيون فصارت كأنها مستترة من العيون فبهذا أطلق لفظ الجن عليها.


صفحه : 46

وأقول هذامذهب المجوس وإنما قال ابن عباس هذاقول الزنادقة لأن المجوس يلقبون بالزنادقة لأن الكتاب ألذي زعم زردشت أنه نزل عليه من عند الله مسمي بالزند والمنسوب إليه يسمي بالزندي‌ ثم عرب فقيل زنديق ثم جمع فقيل زنادقة. واعلم أن المجوس قالوا كل ما في هذاالعالم من الخيرات فهو من يزدان و كل ما فيه من الشرور من أهرمن و هوالمسمي بإبليس في شرعنا ثم اختلفوا فالأكثرون منهم علي أن أهرمن محدث ولهم في كيفية حدوثه أقوال عجيبة والأقلون منهم قالوا إنه قديم أزلي‌ و علي القولين فقد اتفقوا علي أنه شريك لله في تدبير العالم فخيرات هذاالعالم من الله وشروره من إبليس . فإن قيل فعلي هذاالتقدير القوم أثبتوا لله شريكا واحدا و هوإبليس فكيف حكي الله عنهم أنهم أثبتوا لله شركاء والجواب أنهم يقولون عسكر الله هم الملائكة وعسكر إبليس هم الشياطين والملائكة فيهم كثرة عظيمة وهم أرواح طاهرة مقدسة وهي‌ تلهم الأرواح البشرية بالخيرات والطاعات والشياطين أيضا فيهم كثرة عظيمة وهي‌ تلقي‌ الوسواس الخبيثة إلي الأرواح البشرية و الله مع عسكره من الملائكة يحاربون إبليس مع عسكره من الشياطين فلهذا السبب حكي الله عنهم أنهم أثبتوا لله شركاء من الجن .فإذ عرفت هذافقوله وَ خَلَقَهُمإشارة إلي الدليل القاطع الدال علي فساد كون إبليس شريكا لله في ملكه وتقريره من وجهين .الأول أنانقلنا عن المجوس أن الأكثرين منهم معترفون بأن إبليس ليس بقديم بل هومحدث و كل محدث فله خالق و ماذاك إلا الله سبحانه فيلزمهم القطع


صفحه : 47

بأن خالق إبليس هو الله تعالي و لما كان إبليس أصلا لجميع الشرور والقبائح فيلزمهم أن إله العالم هوالخالق لما هوأصل الشرور والمفاسد و إذا كان كذلك امتنع عليهم أن يقولوا لابد من إلهين يكون أحدهما فاعل الخيرات والثاني‌ فاعلا للشرور وبهذا الطريق ثبت أن إله الخير هوبعينه الخالق لهذا ألذي هوالشر الأعظم . والثاني‌ مابينا في كتبنا أن ماسوي الواحد ممكن لذاته و كل ممكن لذاته فهو محدث ينتج أن ماسوي الواحد الأحد الحق فهو محدث فيلزم القطع بأن إبليس وجميع جنوده موصوفون بالحدوث وحصول الوجود بعدالعدم فيعود الإلزام المذكور علي ماقررنا. وقيل المراد بالآية أن الكفار كانوا يقولون الملائكة بنات الله وأطلق الجن عليهم لكونهم مستترين عن الأعين و قال الحسن وطائفة إن المراد أن الجن دعوا الكفار إلي عبادة الأصنام و إلي القول بالشرك فقبلوا من الجن هذاالقول وأطاعوهم فصاروا من هذاالوجه قائلين بكون الجن شركاء لله والحق هوالقول الأول .وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ قال الفراء معني خرقوا افتعلوا وافتروا فأما الذين أثبتوا البنين فهم النصاري وقوم من اليهود و أماالذين أثبتوا البنات فهم العرب قالوا الملائكة بنات الله و قوله بِغَيرِ عِلمٍكالتنبيه علي ما هوالدليل القاطع علي فساد هذاالقول لأن الولد يشعر بكونه متولدا عن جزء من أجزاء الوالد


صفحه : 48

و ذلك إنما يعقل في حق من يكون مركبا ويمكن انفصال بعض أجزائه عنه و ذلك في حق الأحد الفرد محال فحاصل الكلام أن من علم أن الإله ماحقيقته استحال أن يقول له ولد فقوله بِغَيرِ عِلمٍإشارة إلي هذه الدقيقة وسُبحانَهُتنزيه لله عن كل ما لايليق به وَ تَعالي أي هومتعال عن كل اعتقاد باطل وقول فاسد. قوله سبحانه وَ يَومَ يَحشُرُهُم جَمِيعاً أي جميع الخلق أوالإنس والجن يا مَعشَرَ الجِنّ أي ياجماعة الجن قَدِ استَكثَرتُم مِنَ الإِنسِ أي من إغوائهم وإضلالهم أومنهم بأن جعلتموهم أتباعكم فحشروا معكم وَ قالَ أَولِياؤُهُم مِنَ الإِنسِالذين أطاعوهم رَبّنَا استَمتَعَ بَعضُنا بِبَعضٍ أي انتفع الإنس بالجن بأن دلوهم علي الشهوات و مايتوصل به إليها والجن بالإنس بأن أطاعوهم وحصلوا مرادهم وقيل استمتاع الإنس بهم أنهم كانوا يعوذون بهم في المفاوز عندالمخاوف واستمتاعهم بالإنس اعتراف بأنهم يقدرون علي إجارتهم .وَ بَلَغنا أَجَلَنَا ألّذِي أَجّلتَ أي البعث وَ كَذلِكَ نوُلَيّ‌ بَعضَ الظّالِمِينَ بَعضاً


صفحه : 49

أي نكل بعضهم إلي بعض أويجعل بعضهم يتولي بعضا فيغويهم أوأولياء بعض وقرناؤهم في العذاب كماكانوا في الدنيا.أَ لَم يَأتِكُم رُسُلٌ مِنكُم قال الطبرسي‌ رحمه الله قوله مِنكُم و إن كان خطابا لجميعهم والرسل من الإنس خاصة فإنه يحتمل أن يكون لتغليب أحدهما علي الآخر كما قال سبحانه يَخرُجُ مِنهُمَا اللّؤلُؤُ وَ المَرجانُ و إن كان اللؤلؤ يخرج من الملح دون العذاب و كمايقال أكلت الخبز واللبن وإنما يأكل الخبز ويشرب اللبن و هوقول أكثر المفسرين وقيل إنه أرسل رسلا إلي الجن كماأرسل إلي الإنس عن الضحاك و عن الكلبي‌ كان الرسل يرسلون إلي الإنس ثم بعث محمدص إلي الإنس والجن و قال ابن عباس إنما بعث الرسول من الإنس ثم كان يرسل هو إلي الجن رسولا من الجن و قال مجاهد الرسل من الإنس والنذر من الجن . وأقول قدمر تفسير الآيات في كتاب المعاد. و قال الرازي‌ في قوله تعالي سَحَرُوا أَعيُنَ النّاسِاحتج بهذه الآية القائلون بأن السحر محض التمويه . قال القاضي‌ لو كان السحر حقا لكانوا قدسحروا قلوبهم لاأعينهم فثبت أن المراد أنهم تخيلوا أحوالا عجيبة مع أن الأمر في الحقيقة ما كان علي ماوفق ماتخيلوه .وَ الجَانّ قال البيضاوي‌ أي الجن . وقيل إبليس ويجوز أن يراد به كون الجنس بأسره مخلوقا منها وانتصابه بفعل يفسره خَلَقناهُ مِن قَبلُ أي من قبل خلق الإنسان مِن نارِ السّمُومِ أي من


صفحه : 50

نار الحر الشديد النافذ في المسام و لايمتنع خلق الحياة في الأجرام البسيطة كما لايمتنع خلقها في الجواهر المجردة فضلا عن الأجساد المؤلفة التي‌ الغالب فيهاالجزء الناري‌ فإنها أقبل لها من التي‌ الغالب فيهاالجزء الأرضي‌ و قوله مِن نارِباعتبار الجزء الغالب كقوله خَلَقَكُم مِن تُرابٍ. و قال الرازي‌ اختلفوا في أن الجان من هو قال عطاء عن ابن عباس يريد إبليس و هوقول الحسن ومقاتل وقتادة. و قال ابن عباس في رواية أخري الجان هو أبوالجن و هوقول الأكثرين وسمي‌ جانا لتواريه عن الأعين كماسمي‌ الجن جنا لهذا السبب والجنين متوار في بطن أمه ومعني الجان في اللغة الساتر من قولك جن الشي‌ء إذاستره فالجان المذكور هنا يحتمل أن يكون جانا لأنه يستر نفسه عن بني‌ آدم أو يكون من باب الفاعل ألذي يراد به المفعول كماتقول في لابن وتامر وماءٍ دافِقٍ وعِيشَةٍ راضِيَةٍ واختلفوا في الجن فقال بعضهم إنه جنس غيرالشياطين والأصح أن الشياطين قسم من الجن فكل من كان منهم مؤمنا فإنه لايسمي بالشيطان و كل من كان منهم كافرا يسمي بهذا الاسم . والدليل علي صحة ذلك أن لفظ الجن مشتق من الاجتنان بمعني الاستتار فكل من كان كذلك كان من الجن . والسموم في اللغة الريح الحارة تكون بالنهار و قدتكون بالليل و علي هذافالريح الحارة فيهانار ولها لهب علي ماورد في الخبر أنها من فيح جهنم قيل سميت سموما لأنها بلطفها تدخل مسام البدن وهي‌ الخروق الخفية التي‌ تكون


صفحه : 51

في جلد الإنسان يبرز منها عرقه وبخار باطنه . قال ابن مسعود هذاالسموم جزء من سبعين جزءا من السموم التي‌ منها الجان وتلا هذه الآية. فإن قيل كيف يعقل حصول الحيوان من النار قلنا هذا علي مذهبنا ظاهر لأن البنية عندنا ليست شرطا لإمكان حصول الحياة فإنه تعالي قادر علي خلق الحياة والعقل والعلم في الجوهر الفرد وكذلك يكون قادرا علي خلق الحياة والعقل في الجسم الحار.هَل أُنَبّئُكُم قال البيضاوي‌ لما بين أن القرآن لايصح أن يكون مما تنزلت به الشياطين أكد ذلك بأن بين أن محمداص لايصح أن يتنزلوا عليه من وجهين أحدهما أنه إنما يكون علي شرير كذاب كثير الإثم فإن اتصال الإنسان بالغائبات لمابينهما من التناسب والتواد وحال محمدص علي خلاف ذلك وثانيهما قوله يُلقُونَ السّمعَ وَ أَكثَرُهُم كاذِبُونَ أي الأفاكون يلقون السمع إلي الشياطين فيتلقون منهم ظنونا وأمارات لنقصان علمهم فينضمون إليها علي حسب تخيلاتهم أشياء لايطابق أكثرها كماجاء في الحديث الكلمة يختطفها الجني‌ فيقرؤها في أذن وليه فيزيد فيهاأكثر من مائة كذبة و لاكذلك محمدص فإنه أخبر عن مغيبات كثيرة لاتحصي و قدطابق كلها. و قدفسر الأكثر بالكل كقوله كُلّ أَفّاكٍ والأظهر أن الأكثرية باعتبار أقوالهم علي معني أن هؤلاء قل من يصدق منهم فيما يحكي‌ عن الجني‌ وقيل الضمائر للشياطين أي يلقون السمع إلي الملإ الأعلي قبل أن رجموا فيختطفون منهم بعض المغيبات .


صفحه : 52

يوحون إلي أوليائهم أي يلقون مسموعهم منهم إلي أوليائهم وَ أَكثَرُهُم كاذِبُونَفيما يوحون به إليهم إذ يسمعونهم لا علي نحو ماتكلمت به الملائكة لشرارتهم أولقصور فهمهم أوضبطهم أوأفهامهم .قالَ عِفرِيتٌ قال البيضاوي‌ خبيث ماردمِنَ الجِنّبيان له لأنه يقال للرجل الخبيث المنكر المعفر أقرانه و كان اسمه ذكوان أوصخرقَبلَ أَن تَقُومَ مِن مَقامِكَمجلسك للحكومة و كان يجلس إلي نصف النهاروَ إنِيّ‌ عَلَيهِ علي حمله لقَوَيِ‌ّ أَمِينٌ لاأختزل منه شيئا و لاأبدله انتهي . قوله تعالي مِنَ الجِنّةِيدل علي أن الجن مكلفون ومعذبون بالنار مع سائر الكفار.وَ مِنَ الجِنّ مَن يَعمَلُ بَينَ يَدَيهِ بِإِذنِ رَبّهِ قال الطبرسي‌ رحمه الله المعني وسخرنا له من الجن من يعمل بحضرته وأمام عينه مايأمرهم به من الأعمال كمايعمل الآدمي‌ بين يدي‌ الآدمي‌ بأمر ربه تعالي و كان يكلفهم الأعمال الشاقة مثل عمل الطين وغيره . و قال ابن عباس سخرهم الله لسليمان وأمرهم بطاعته فيما يأمرهم به و في هذادلالة علي أنه قد كان من الجن من هو غيرمسخر له .وَ مَن يَزِغ مِنهُم عَن أَمرِنا نُذِقهُ مِن عَذابِ السّعِيرِ أي و من يعدل من هؤلاء الجن الذين سخرناهم لسليمان عما أمرناهم به من طاعة سليمان نُذِقهُ مِن عَذابِ السّعِيرِ أي عذاب النار في الآخرة عن أكثر المفسرين . و في هذادلالة علي أنهم قدكانوا مكلفين .


صفحه : 53

وقيل معناه نذيقه العذاب في الدنيا و أن الله سبحانه وكل بهم ملكا بيده سوط من نار فمن زاغ منهم عن طاعة سليمان ضربه ضربة أحرقته .يَعمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِن مَحارِيبَ وهي‌ بيوت الشريعة. وقيل هي‌ القصور والمساجد يتعبد فيها و كان مما عملوه بيت المقدس وَ تَماثِيلَيعني‌ صورا من نحاس وشبه وزجاج ورخام كانت الجن تعملها. و قال بعضهم كانت صورا للحيوانات . و قال آخرون كانوا يعملون صور السباع والبهائم علي كرسيه ليكون أهيب له . قال الحسن و لم يكن يومئذ التصاوير محرمة وهي‌ محظورة في شريعة نبيناص . و قال ابن عباس كانوا يعملون صور الأنبياء والعباد في المساجد ليقتدي‌ بهم وَ روُيِ‌َ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ وَ اللّهِ مَا هيِ‌َ تَمَاثِيلُ الرّجَالِ وَ النّسَاءِ وَ لَكِنّهَا الشّجَرُ وَ مَا أَشبَهَهُ

وَ جِفانٍ كَالجَوابِ أي صحاف كالحياض يجبي فيهاالماء أي يجمع . وقيل إنه كان يجتمع علي كل جفنة ألف رجل يأكلون بين يديه وَ قُدُورٍ راسِياتٍ أي ثابتات لاتزلن عن أمكنتهن لعظمتهن فَلَمّا قَضَينا عَلَيهِ المَوتَ أي فلما حكمنا علي سليمان بالموت . وقيل معناه أوجبنا علي سليمان ما دَلّهُم عَلي مَوتِهِ إِلّا دَابّةُ الأَرضِ تَأكُلُ مِنسَأَتَهُ أي مادل الجن علي موته إلاالأرضة و لم يعلموا موته حتي أكلت عصاه فسقط فعلموا أنه ميت .

وَ رَوَي أَبُو بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ سُلَيمَانَ أَمَرَ الشّيَاطِينَ فَعَمِلُوا لَهُ قُبّةً مِن قَوَارِيرَ فَبَينَمَا هُوَ قَائِمٌ مُتّكِئٌ عَلَي عَصَاهُ فِي القُبّةِ يَنظُرُ إِلَي الجِنّ كَيفَ يَعمَلُونَ


صفحه : 54

وَ هُم يَنظُرُونَ إِلَيهِ لَا يَصِلُونَ إِلَيهِ إِذَا رَجُلٌ مَعَهُ فِي القُبّةِ فَقَالَ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا ألّذِي لَا أَقبَلُ الرّشَي وَ لَا أَهَابُ المُلُوكَ فَقَبَضَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ مُتّكِئٌ عَلَي عَصَاهُ فِي القُبّةِ قَالَ فَمَكَثُوا سَنَةً يَعمَلُونَ لَهُ حَتّي بَعَثَ اللّهُ الأَرَضَةَ فَأَكَلَت مِنسَأَتَهُ

وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ فَكَانَ آصِفُ يُدَبّرُ أَمرَهُ حَتّي دَبّتِ الأَرَضَةُفَلَمّا خَرّ أَي سَقَطَ سُلَيمَانُ مَيّتاًتَبَيّنَتِ الجِنّ أَي ظَهَرَتِ الجِنّ فَانكَشَفَت لِلنّاسِأَن لَو كانُوا يَعلَمُونَ الغَيبَ ما لَبِثُوا فِي العَذابِ المُهِينِمَعنَاهُ فِي الأَعمَالِ الشّاقّةِ

وقيل إن المعني تبينت عامة الجن وضعفاؤهم أن رؤساءهم لايعلمون الغيب لأنهم كانوا يوهمونهم أنهم يعلمون الغيب . وقيل معناه تبينت الإنس أن الجن كانوا لايعلمون الغيب فإنهم كانوا يوهمون الإنس أنانعلم الغيب وإنما قال تَبَيّنَتِ الجِنّ كما يقول من يناظر غيره ويلزمه الحجة هل تبين لك أنك باطل . ويؤيده قراءة علي بن الحسين و أبي عبد الله ع و ابن عباس والضحاك تبينت الإنس . و أماالوجه في عمل الجن تلك الأعمال العظيمة فهو أن الله تعالي زاد في أجسامهم وقوتهم و غيرخلقهم عن خلق الجن الذين لايرون للطافتهم ورقة أجسامهم علي سبيل الإعجاز الدال علي نبوة سليمان فكانوا بمنزلة الأسراء في يده وكانوا يتهيأ لهم الأعمال التي‌ كان يكلفها إياهم ثم لمامات ع جعل الله خلقهم علي ماكانوا عليه فلايتهيأ لهم في هذاالزمان من ذلك شيء. و قال في قوله تعالي بَل كانُوا يَعبُدُونَ الجِنّبطاعتهم إياهم فيما دعوهم إليه من عبادة الملائكة.


صفحه : 55

وقيل المراد بالجن إبليس وذريته وأعوانه أَكثَرُهُم بِهِم مُؤمِنُونَمصدقون بالشياطين مطيعون لهم . و قال في قوله تعالي وَ حَقّ عَلَيهِمُ القَولُ أي كلمة العذاب فِي أُمَمٍ أي مع أمم قَد خَلَت مِن قَبلِهِم مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ علي مثل حالهم واعتقادهم . قال قتادة قال الحسن الجن لايموتون فقلت أُولئِكَ الّذِينَ حَقّ عَلَيهِمُ القَولُ فِي أُمَمٍالآية تدل علي خلافه . قوله تعالي وَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراً مِنَ الجِنّ قال الرازي‌ في كيفية هذه الواقعة قولان الأول قال سعيد بن جبير كانت الجن تستمع فلما رجموا قالوا هذا ألذي حدث في السماء إنما حدث لشي‌ء حدث في الأرض فذهبوا يطلبون السبب . و كان قداتفق أن النبي ص لماآيس من أهل مكة أن يجيبوه خرج إلي الطائف ليدعوهم إلي الإسلام فلما انصرف إلي مكة و كان ببطن نخلة أقام به يقرأ القرآن فمر به نفر من أشراف جن نصيبين كان إبليس بعثهم ليعرف السبب ألذي أوجب حراسة السماء بالرجم فتسمعوا القرآن وعرفوا أن ذلك السبب .الثاني‌ أن الله أمر رسوله أن ينذر الجن ويدعوهم إلي الله تعالي ويقرأ عليهم القرآن فصرف الله تعالي إليه نفرا من الجن ليسمعوا القرآن وينذروا قومهم .


صفحه : 56

ويتفرع علي ماذكرناه فروع الأول نقل القاضي‌ في تفسيره عن الجن أنهم كانوا يهودا لأن في الجن مللا كما في الإنس من اليهود والنصاري والمجوس وعبدة الأوثان وأطبق المحققون علي أن الجن مكلفون سئل ابن عباس هل للجن ثواب قال نعم لهم ثواب وعليهم عذاب يلتقون في الجنة ويزدحمون علي أبوابها.الثاني‌ قال صاحب الكشاف النفر دون العشرة ويجمع أنفارا ثم روي ابن جرير الطبري‌ عن ابن عباس أن أولئك الجن كانوا سبعة أنفار من أهل نصيبين فجعلهم رسول الله ص رسلا إلي قومهم . و عن زر بن حبيش كانوا تسعة أحدهم زوبعة.الثالث اختلفوا في أنه هل كان عبد الله بن مسعود مع النبي ص ليلة الجن أم لا والروايات فيه مختلفة.الرابع

رَوَي القاَضيِ‌ فِي تَفسِيرِهِ عَن أَنَسٍ قَالَكُنتُ مَعَ النّبِيّص فِي جِبَالِ مَكّةَ إِذ أَقبَلَ شَيخٌ مُتَوَكّئٌ عَلَي عُكّازَةٍ فَقَالَص مِشيَةَ جنِيّ‌ّ وَ نَغمَتَهُ فَقَالَ أَجَل فَقَالَ مِن أَيّ الجِنّ أَنتَ فَقَالَ أَنَا هَامَةُ بنُ هِيمِ بنِ لَاقِيسَ بنِ إِبلِيسَ فَقَالَ لَا أَرَي بَينَكَ وَ بَينَ إِبلِيسَ إِلّا أَبَوَينِ فَكَم أَتَي عَلَيكَ قَالَ أَكَلتُ عُمُرَ الدّنيَا إِلّا أَقَلّهَا وَ كُنتُ وَقتَ قَابِيلَ وَ هَابِيلَ أمَشيِ‌ بَينَ الآكَامِ وَ ذَكَرَ كَثِيراً مِمّا مَرّ بِهِ وَ ذَكَرَ فِي جُملَتِهِ أَن قَالَ قَالَ لِي عِيسَي إِن لَقِيتَ مُحَمّداًص


صفحه : 57

فَأَقرِئهُ عنَيّ‌ السّلَامَ وَ قَد بَلّغتُ سَلَامَهُ وَ آمَنتُ بِكَ فَقَالَ إِنّ مُوسَي ع علَمّنَيِ‌ التّورَاةَ وَ عِيسَي ع علَمّنَيِ‌ الإِنجِيلَ فعَلَمّنيِ‌ القُرآنَ فَعَلّمَهُ عَشرَ سُوَرٍ وَ قُبِضَ رَسُولُ اللّهِص وَ لَم تتمه [يُتِمّهُ]

. واختلفوا في تفسير قوله وَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراً مِنَ الجِنّ فقال بعضهم لما لم يقصد الرسول قراءة القرآن عليهم فهو تعالي ألقي في قلوبهم ميلا إلي القرآن وداعية إلي استماعه فلهذا السبب قال وَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراً مِنَ الجِنّفَلَمّا حَضَرُوهُالضمير للقرآن أوللرسول قالُوا أي قال بعضهم لبعض أَنصِتُوا أي اسكتوا مستمعين فلما فرغ من القراءةوَلّوا إِلي قَومِهِم مُنذِرِينَينذرونهم و ذلك لا يكون إلا بعدإيمانهم لأنهم لايدعون غيرهم إلي استماع القرآن والتصديق به إلا و قدآمنوا بوعيده قالُوا يا قَومَنا إِنّا سَمِعنا كِتاباًإلخ وصفه بوصفين .الأول كونه مصدقا لكتب الأنبياء ع فهو يماثل سائر الكتب الإلهية في الدعوة إلي المطالب العالية الشريفة. والثاني‌ أن هذه المطالب حقة في أنفسها يعلم كل أحد بصريح عقله


صفحه : 58

كونها كذلك وإنما قالوامِن بَعدِ مُوسيلأنهم كانوا علي اليهودية. و عن ابن عباس أن الجن ماسمعت أمر عيسي فلذا قالوامِن بَعدِ مُوسيأَجِيبُوا داعيِ‌َ اللّهِ أي الرسول أوالواسطة ألذي يبلغ عنه . ويدل علي أنه كان مبعوثا إلي الجن كما كان مبعوثا إلي الإنس قال مقاتل و لم يبعث الله نبيا إلي الإنس والجن قبله . واختلفوا في أن الجن هل لهم ثواب أم لاقيل لاثواب لهم إلاالنجاة من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم واحتجوا بقوله تعالي وَ يُجِركُم مِن عَذابٍ أَلِيمٍ و هوقول أبي حنيفة والصحيح أنهم في حكم بني‌ آدم فيستحقون الثواب علي الطاعة والعقاب علي المعصية و هذاقول أبي ليلي ومالك وجرت بينه و بين أبي حنيفة في هذاالباب مناظرة قال الضحاك يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون . والدليل علي صحة هذاالقول كل دليل دل علي أن البشر يستحقون الثواب علي الطاعة فهو بعينه قائم في حق الجن والفرق بين البابين بعيد جدا انتهي . و قال البيضاوي‌ في قوله يَغفِر لَكُم مِن ذُنُوبِكُم و هوبعض ذنوبكم و هو ما يكون في خالص حق الله فإن المظالم لايغفر بالإيمان وَ يُجِركُم مِن عَذابٍ أَلِيمٍ هومعد للكفارفَلَيسَ بِمُعجِزٍ فِي الأَرضِإذ لاينجي‌ منه مهرب وَ لَيسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِياءُيمنعونه منه فِي ضَلالٍ مُبِينٍحيث اعترضوا عن إجابة من هذاشأنه .


صفحه : 59

و قال الطبرسي‌ رحمه الله قوله تعالي وَ خَلَقَ الجَانّ أي أباالجن قال الحسن هوإبليس أبوالجن و هومخلوق من لهب النار كما أن آدم مخلوق من طين مِن مارِجٍ مِن نارٍ أي نار مختلط أحمر وأسود وأبيض عن مجاهد. وقيل المارج الصافي‌ من لهب النار ألذي لادخان فيه سَنَفرُغُ لَكُم أَيّهَ الثّقَلانِ أي سنقصد لحسابكم أيها الجن والإنس والثقلان أصله من الثقل و كل شيء له وزن وقدر فهو ثقل وإنما سميا ثقلين لعظم خطرهما وجلالة شأنهما بالإضافة إلي ما في الأرض من الحيوانات ولثقل وزنهما بالعقل والتمييز. وقيل لثقلهما علي الأرض أحياء وأمواتا و منه قوله تعالي وَ أَخرَجَتِ الأَرضُ أَثقالَها أي أخرجت ما فيها من الموتي .أَن تَنفُذُوا أي تخرجوا هاربين من الموت مِن أَقطارِ السّماواتِ وَ الأَرضِ أي جوانبهما ونواحيهمافَانفُذُوا أي فاخرجوا فلن تستطيعوا أن تهربوا منه لا تَنفُذُونَ إِلّا بِسُلطانٍ أي حيث توجهتم فثم ملكي‌ و لاتخرجون من سلطاني‌ فأنا آخذكم بالموت . وقيل أي لاتخرجون إلابقدرة من الله وقوة يعطيكموها بأن يخلق لكم مكانا آخر سوي السماوات و الأرض ويجعل لكم قوة تخرجون بها إليه .لَم يَطمِثهُنّ أي لم يقتضهن والاقتضاض النكاح بالتدمية أي لم يطأهن و لم يغشهن إِنسٌ قَبلَهُم وَ لا جَانّفهن أبكار لأنهن خلقن في الجنة.فعلي هذاالقول هؤلاء من حور الجنة. وقيل هن من نساء الدنيا لم يمسسهن منذ أنشئن خلق قال الزجاج


صفحه : 60

و فيهادلالة علي أن الجني‌ يغشي كمايغشي الإنسي‌ و قال ضمرة بن حبيب و فيهادليل علي أن للجن ثوابا وأزواجا من الحور فالإنسيات للإنس والجنيات للجن . و قال البلخي‌ والمعني أن مايهب الله لمؤمني‌ الإنس من الحور لم يطمثهن إنس و مايهب الله لمؤمني‌ الجن من الحور لم يطمثهن جان انتهي . و قال الرازي‌ في قوله تعالي فبَأِيَ‌ّ آلاءِ رَبّكُماالخطاب للإنس والجن أوالذكر والأنثي أوالمراد التكرار للتأكيد. أوالمراد العموم لأن العام يدخل فيه قسمان كالحاضر و غيرالحاضر والسواد و غيرالسواد والبياض وغيره وهكذا أوالقلب واللسان فإن التكذيب قد يكون بالقلب و قد يكون باللسان أوالتكذيب للدلائل السمعية والعقلية والظاهر منها الثقلان لقوله سَنَفرُغُ لَكُم أَيّهَ الثّقَلانِ و قوله يا مَعشَرَ الجِنّ وَ الإِنسِ و قوله خَلَقَ الإِنسانَوَ خَلَقَ الجَانّ. و قال في قوله تعالي لَم يَطمِثهُنّ إلي آخره ماالفائدة في ذكر الجان مع أن الجان لايجامع .نقول ليس كذلك بل الجن لهم أولاد وذرية وإنما الخلاف في أنهم هل يواقعون الإنس أم لا والمشهور أنهم يواقعون و لماكانت الجنة فيهاالإنس والجن كانت مواقعة الإنس إياهن كمواقعة الجن فوجبت الإشارة إلي نفيهما انتهي . و قال البيضاوي‌ في قوله تعالي وَ لِمَن خافَ مَقامَ رَبّهِ جَنّتانِجنة للخائف


صفحه : 61

الإنسي‌ والأخري للخائف الجني‌ فإن الخطاب للفريقين . والمعني لكل خائفين منكما أولكل واحد جنة لعقيدته وأخري لعمله أوجنة لفعل الطاعات وأخري لترك المعاصي‌ أوجنة يثاب بها وأخري يتفضل بها عليه أوروحانية وجسمانية. و قال في قوله تعالي أَنّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّالنفر ما بين الثلاثة والعشرة والجن أجسام عاقلة خفية تغلب عليهم النارية أوالهوائية. وقيل نوع من الأرواح المجردة وقيل نفوس بشرية مفارقة عن أبدانها و فيه دلالة علي أنه ص مارآهم و لم يقرأ عليهم وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبر الله به رسوله فَقالُوا إِنّا سَمِعنا قُرآناًكتاباعَجَباًبديعا مباينا لكلام الناس في حسن نظمه ودقة معناه و هومصدر وصف به للمبالغةيهَديِ‌ إِلَي الرّشدِ إلي الحق والصواب فَآمَنّا بِهِبالقرآن وَ لَن نُشرِكَ بِرَبّنا أَحَداً علي مانطق به الدلائل القاطعة علي التوحيد.وَ أَنّهُ تَعالي جَدّ رَبّناقرأ ابن كثير والبصريان بالكسر علي أنه من جملة المحكي‌ بعدالقول وكذا مابعده إلا قوله وَ أَن لَوِ استَقامُواوَ أَنّ المَساجِدَوَ أَنّهُ لَمّا قامَفإنه من جملة الموحي به ووافقهم نافع و أبوبكر إلا في قوله أَنّهُ لَمّا قامَ علي أنه استئناف أومقول وفتح الباقون الكل إلا ماصدر بالفاء علي أن ما كان من قولهم فمعطوف علي محل الجار والمجرور في به كأنه قيل صدقناه وصدقناأَنّهُ تَعالي جَدّ رَبّنا أي عظمته من جد فلان في عيني‌ إذاعظم أوسلطانه أوغناه مستعار من الجد ألذي هوالبخت . والمعني وصفه بالتعالي‌ عن الصاحبة والولد لعظمته أولسلطانه أولغناه و قوله مَا اتّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداًبيان لذلك وَ أَنّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُناإبليس أومردة الجن عَلَي اللّهِ شَطَطاًقولا ذا شطط و هوالبعد ومجاوزة الحد أو هوشطط لفرط


صفحه : 62

ماأشط فيه و هونسبة الصاحبة والولد إلي الله تعالي وَ أَنّا ظَنَنّا أَن لَن تَقُولَ الإِنسُ وَ الجِنّ عَلَي اللّهِ كَذِباًاعتذار عن اتباعهم للسفيه في ذلك لظنهم أن أحدا لايكذب علي الله وكَذِباًنصب علي المصدر لأنه نوع من القول أوالوصف بمحذوف أي قولا مكذوبا فيه .وَ أَنّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ فإن الرجل كان إذامشي بقفر قال أعوذ بسيد هذاالوادي‌ من شر سفهاء قومه فَزادُوهُمفزادوا الجن باستعاذتهم بهم رَهَقاًكبرا وعتوا أوفزاد الجن الإنس غيا بأن أضلوهم حتي استعاذوا بهم والرهق في الأصل غشيان الشي‌ء.وَ أَنّهُم و أن الإنس ظَنّوا كَما ظَنَنتُمأيها الجن أوبالعكس والآيتان من كلام الجن بعضهم لبعض أواستئناف كلام من الله و من فتح أن فيهما جعلهما من الموحي به أَن لَن يَبعَثَ اللّهُ أَحَداًساد مسد مفعولي‌ظَنّواوَ أَنّا لَمَسنَا السّماءَطلبنا بلوغ السماء أوخبرها واللمس مستعار من المس للطلب كالحس يقال لمسه وألمسه وتلمسه كطلبه وأطلبه وتطلبه فَوَجَدناها مُلِئَت حَرَساً شَدِيداًحرسا اسم جمع كالخدم شَدِيداًقويا وهم الملائكة الذين يمنعونهم عنهاوَ شُهُباًجمع شهاب و هوالمضي‌ء المتولد من النار.وَ أَنّا كُنّا نَقعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسّمعِمقاعد خالية عن الحرس والشهب أوصالحة للرصد والاستماع وللسمع صلة لنقعد أوصفة لمقاعدفَمَن يَستَمِعِ الآنَ يَجِد لَهُ شِهاباً رَصَداً أي شهابا راصدا له ولأجله يمنعه عن الاستماع بالرجم أوذي‌ شهاب راصدين علي أنه اسم جمع للراصدوَ أَنّا لا ندَريِ‌ أَ شَرّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرضِبحراسة السماءأَم أَرادَ بِهِم رَبّهُم رَشَداًخيراوَ أَنّا مِنّا الصّالِحُونَالمؤمنون الأبراروَ مِنّا دُونَ ذلِكَقوم دون ذلك فحذف الموصوف وهم المقتصدون كُنّا طَرائِقَذوي‌ طرائق أي مذاهب أومثل طرائق في اختلاف


صفحه : 63

الأحوال أوكانت طرائقنا طرائق قِدَداًمتفرقة مختلفة جمع قدة من قد إذاقطع .وَ أَنّا ظَنَنّاعلمناأَن لَن نُعجِزَ اللّهَ فِي الأَرضِكائنين في الأرض أينما كناوَ لَن نُعجِزَهُ هَرَباًهاربين منها إلي السماء أولن نعجزه في الأرض إن أراد بنا أمرا أولن نعجزه هربا إن طلبناوَ أَنّا لَمّا سَمِعنَا الهُدي أي القرآن آمَنّا بِهِ فَمَن يُؤمِن بِرَبّهِ فَلا يَخافُفهو لايخاف بَخساً وَ لا رَهَقاًنقصا في الجزاء و لا أن ترهقه ذلة أوجزاء نقص لأنه لم يبخس حقا و لم يرهق ظلما لأن من حق الإيمان بالقرآن أن يجتنب ذلك .وَ أَنّا مِنّا المُسلِمُونَ وَ مِنّا القاسِطُونَالجائرون عن طريق الحق و هوالإيمان والطاعةفَمَن أَسلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرّوا رَشَداًتوخوا رشدا عظيما يبلغهم إلي دار الثواب وَ أَمّا القاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنّمَ حَطَباًتوقد بهم كماتوقد بكفار الإنس وَ أَن لَوِ استَقامُوا أي أن الشأن لواستقام الإنس أوالجن أوكلاهماعَلَي الطّرِيقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقاً علي الطريقة المثلي لوسعنا عليهم الرزق وتخصيص الماء الغدق و هوالكثير بالذكر لأنه أصل المعاش والسعة وعزة وجوده بين العرب لِنَفتِنَهُم فِيهِلنختبرهم كيف يشكرونه . وقيل معناه و أن لواستقام الجن علي طريقتهم القديمة و لم يسلموا باستماع القرآن لوسعنا عليهم الرزق مستدرجين بهم لنوقعهم في الفتنة ونعذبهم في كفرانهم وَ مَن يُعرِض عَن ذِكرِ رَبّهِ عن عبادته أوموعظته أووحيه يَسلُكهُ أي يدخله عَذاباً صَعَداًشاقا يعلو المعذب ويغلبه مصدر وصف به وَ أَنّ المَساجِدَ لِلّهِمختصة به فَلا تَدعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً فلاتعبدوا فيهاغيره . وقيل أراد بالمساجد الأرض كلها وقيل مسجد الحرام لأنه قبلة المساجد


صفحه : 64

ومواضع السجود علي أن المراد النهي‌ عن السجود لغير الله وأراد به السبعة والسجدات علي أنه جمع مسجد.وَ أَنّهُ لَمّا قامَ عَبدُ اللّهِ أي النبي وإنما ذكر لفظ العبد للتواضع لأنه واقع موقع كلامه عن نفسه والإشعار بما هوالمقتضي‌ لقيامه يَدعُوهُيعبده كادُواكاد الجن يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداًمتراكمين من ازدحامهم عليه تعجبا مما رأوا من عبادته وسمعوا من قراءته أوكاد الإنس والجن يكونون عليه مجتمعين لإبطال أمره و هوجمع لبدة وهي‌ ماتلبد بعضه علي بعض كلبدة الأسد.أقول قدمضي تفسير الآيات علي وجه آخر في أبواب معجزات الرسول ص وغيرها

1- دَلَائِلُ الطبّرَيِ‌ّ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ يَرفَعُهُ إِلَي مُعَتّبٍ مَولَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إنِيّ‌ لَوَاقِفٌ يَوماً خَارِجاً مِنَ المَدِينَةِ وَ كَانَ يَومَ التّروِيَةِ فَدَنَا منِيّ‌ رَجُلٌ فنَاَولَنَيِ‌ كِتَاباً طِينُهُ رَطبٌ وَ الكِتَابُ مِن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ هُوَ بِمَكّةَ حَاجّ فَفَضَضتُهُ وَ قَرَأتُهُ فَإِذَا فِيهِ إِذَا كَانَ غَداً افعَل كَذَا وَ كَذَا وَ نَظَرتُ إِلَي الرّجُلِ لِأَسأَلَهُ مَتَي عَهدُكَ بِهِ فَلَم أَرَ شَيئاً فَلَمّا قَدِمَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع سَأَلتُهُ عَن ذَلِكَ فَقَالَ ذَلِكَ مِن شِيعَتِنَا مِن مؤُمنِيِ‌ الجِنّ إِذَا كَانَت لَنَا حَاجَةٌ مُهِمّةٌ أَرسَلنَاهُم فِيهَا

2-مَجَالِسُ الصّدُوقِ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَن أَحمَدَ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن فَضَالَةَ عَن زَيدٍ الشّحّامِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَ فِيهِ مَرَضَ النّبِيّص وَ أَنّهُ عَادَهُ الحَسَنَانِ ع فَافتَقَدَهُمَا وَ طَلَبَهُمَا حَتّي أَتَي حَدِيقَةَ بنَيِ‌ النّجّارِ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ قَدِ اعتَنَقَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا صَاحِبَهُ وَ قَدِ اكتَنَفَتهُمَا


صفحه : 65

حَيّةٌ لَهَا شَعَرَاتٌ كَآجَامِ القَصَبِ وَ جَنَاحَانِ جَنَاحٌ قَد غَطّت بِهِ الحَسَنَ وَ جَنَاحٌ قَد غَطّت بِهِ الحُسَينَ ع فَلَمّا أَن بَصُرَ بِهِمَا النّبِيّص تَنَحنَحَ فَانسَابَتِ الحَيّةُ وَ هيِ‌َ تَقُولُ أللّهُمّ إنِيّ‌ أُشهِدُكَ وَ أُشهِدُ مَلَائِكَتَكَ أَنّ هَذَينِ شِبلَا نَبِيّكَ قَد حَفِظتُهُمَا عَلَيهِ وَ دَفَعتُهُمَا إِلَيهِ سَالِمَينِ صَحِيحَينِ فَقَالَ لَهَا النّبِيّ أَيّتُهَا الحَيّةُ فَمَن أَنتِ قَالَت أَنَا رَسُولُ الجِنّ إِلَيكَ فَقَالَ وَ أَيّ الجِنّ قَالَت جِنّ نَصِيبِينَ نَفَرٍ مِن بنَيِ‌ مُلَيحٍ نَسِينَا آيَةً مِن كِتَابِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فبَعَثَوُنيِ‌ إِلَيكَ لِتُعَلّمَنَا مَا نَسِينَا مِن كِتَابِ اللّهِ فَلَمّا بَلَغتُ هَذَا المَوضِعَ سَمِعتُ مُنَادِياً ينُاَديِ‌ أَيّتُهَا الحَيّةُ إِنّ هَذَينِ شِبلَا نَبِيّكِ فاحفظهما[فَاحفَظِيهِمَا] مِنَ العَاهَاتِ وَ الآفَاتِ وَ مِن طَوَارِقِ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ قَد حَفِظتُهُمَا وَ سَلّمتُهُمَا إِلَيكَ سَالِمَينِ صَحِيحَينِ وَ أَخَذَتِ الحَيّةُ الآيَةَ وَ انصَرَفَت الخَبَرَ

3- وَ مِنهُ بِإِسنَادِهِ عَن حَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ عَن أُمّ سَلَمَةَ زَوجَةِ النّبِيّص قَالَت مَا سَمِعتُ نَوحَ الجِنّ مُنذُ قُبِضَ النّبِيّص إِلّا اللّيلَةَ وَ لَا أرَاَنيِ‌ إِلّا وَ قَد أُصِبتُ باِبنيِ‌ قَالَت وَ جَاءَتِ الجِنّيّةُ مِنهُم تَقُولُ


أَلَا يَا عَينُ فاَنهمَلِيِ‌ بِجَهدٍ   فَمَن يبَكيِ‌ عَلَي الشّهَدَاءِ بعَديِ‌

عَلَي رَهطٍ تَقُودُهُمُ المَنَايَا   إِلَي مُتَجَبّرٍ فِي مِلكِ عَبدٍ

صفحه : 66

4- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي وَ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَن عَمرِو بنِ عُثمَانَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَيّوبَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ بَينَمَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَي المِنبَرِ إِذ أَقبَلَ ثُعبَانٌ مِن نَاحِيَةِ بَابٍ مِن أَبوَابِ المَسجِدِ فَهَمّ النّاسُ أَن يَقتُلُوهُ فَأَرسَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَن كُفّوا فَكَفّوا وَ أَقبَلَ الثّعبَانُ يَنسَابُ حَتّي انتَهَي إِلَي المِنبَرِ فَتَطَاوَلَ فَسَلّمَ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ فَأَشَارَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَيهِ أَن يَقِفَ حَتّي يَفرُغَ مِن خُطبَتِهِ وَ لَمّا فَرَغَ مِن خُطبَتِهِ أَقبَلَ عَلَيهِ فَقَالَ مَن أَنتَ فَقَالَ أَنَا عَمرُو بنُ عُثمَانَ خَلِيفَتِكَ عَلَي الجِنّ وَ إِنّ أَبِي مَاتَ وَ أوَصاَنيِ‌ أَن آتِيَكَ فَأَستَطلِعَ رَأيَكَ وَ قَد أَتَيتُكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَمَا تأَمرُنُيِ‌ بِهِ وَ مَا تَرَي فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أُوصِيكَ بِتَقوَي اللّهِ وَ أَن تَنصَرِفَ فَتَقُومَ مَقَامَ أَبِيكَ فِي الجِنّ فَإِنّكَ خلَيِفتَيِ‌ عَلَيهِم قَالَ فَوَدّعَ عَمرٌو أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع وَ انصَرَفَ فَهُوَ خَلِيفَتُهُ عَلَي الجِنّ فَقُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ فَيَأتِيكَ عَمرٌو وَ ذَاكَ الوَاجِبُ عَلَيهِ قَالَ نَعَم

5- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ إِسمَاعِيلَ عَنِ ابنِ جَبَلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كُنّا بِبَابِهِ فَخَرَجَ عَلَينَا قَومٌ أَشبَاهُ الزّطّ عَلَيهِم أُزُرٌ وَ أَكسِيَةٌ فَسَأَلنَا أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنهُم فَقَالَ هَؤُلَاءِ إِخوَانُكُم مِنَ الجِنّ


صفحه : 67

6- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ وَ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَمّن ذَكَرَهُ عَن مُحَمّدِ بنِ حجرش [جَحرَشٍ] قَالَ حدَثّتَنيِ‌ حَكِيمَةُ بِنتُ مُوسَي قَالَت رَأَيتُ الرّضَا ع وَاقِفاً عَلَي بَابِ بَيتِ الحَطَبِ وَ هُوَ ينُاَجيِ‌ وَ لَستُ أَرَي أَحَداً فَقُلتُ يَا سيَدّيِ‌ لِمَن تنُاَجيِ‌ فَقَالَ هَذَا عَامِرٌ الزهّراَئيِ‌ّ أتَاَنيِ‌ يسَألَنُيِ‌ وَ يَشكُو إلِيَ‌ّ فَقُلتُ يَا سيَدّيِ‌ أُحِبّ أَن أَسمَعَ كَلَامَهُ فَقَالَ لِي إِنّكِ إِن سَمِعتِ كَلَامَهُ حُمِمتِ سَنَةً فَقُلتُ يَا سيَدّيِ‌ أُحِبّ أَن أَسمَعَهُ فَقَالَ لِي اسمعَيِ‌ فَاستَمَعتُ فَسَمِعتُ شِبهَ الصّفِيرِ وَ ركَبِتَنيِ‌َ الحُمّي فَحُمِمتُ سَنَةً

بيان لعل لخصوص المتكلم أوالسامع صنفا أوشخصا مدخلا في الحمي

7- البَصَائِرُ، عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن مُوسَي بنِ بَكرٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يَومُ الأَحَدِ لِلجِنّ لَيسَ تَظهَرُ فِيهِ لِأَحَدٍ غَيرِنَا

8- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ يَحيَي عَنِ الحَسَنِ بنِ رَاشِدٍ عَن يَعقُوبَ بنِ اِبرَاهِيمَ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ اِبرَاهِيمَ بنَ وَهبٍ وَ هُوَ يَقُولُخَرَجتُ وَ أَنَا أُرِيدُ أَبَا الحَسَنِ بِالعُرَيضِ فَانطَلَقتُ حَتّي أَشرَفتُ عَلَي قَصرِ بنَيِ‌ سَرَاةَ ثُمّ انحَدَرتُ الواَديِ‌َ فَسَمِعتُ صَوتاً لَا أَرَي شَخصَهُ وَ هُوَ يَقُولُ يَا أَبَا جَعفَرٍ صَاحِبُكَ خَلفَ القَصرِ عِندَ السّدّةِ فَأَقرِئهُ منِيّ‌ السّلَامَ


صفحه : 68

فَالتَفَتّ فَلَم أَرَ أَحَداً ثُمّ رَدّ عَلَيّ الصّوتَ بِاللّفظِ ألّذِي كَانَ ثُمّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَاقشَعَرّ جلِديِ‌ ثُمّ انحَدَرتُ فِي الواَديِ‌ حَتّي أَتَيتُ قَصدَ الطّرِيقِ ألّذِي خَلفَ القَصرِ ثُمّ أَتَيتُ السّدّ نَحوَ السّمُرَاتِ ثُمّ انطَلَقتُ قَصدَ الغَدِيرِ فَوَجَدتُ خَمسِينَ حَيّاتٍ رَوَافِعَ مِن عِندِ الغَدِيرِ ثُمّ استَمَعتُ فَسَمِعتُ كَلَاماً وَ مُرَاجَعَةً فَطَفِقتُ بنِعَليَ‌ّ لِيُسمَعَ وطَئيِ‌ فَسَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ ع يَتَنَحنَحُ فَتَنَحنَحتُ وَ أَجَبتُهُ ثُمّ هَجَمتُ فَإِذَا حَيّةٌ مُتَعَلّقَةٌ بِسَاقِ شَجَرَةٍ فَقَالَ لَا تخشي [تَخشَ] وَ لَا ضَائِرَ فَرَمَت بِنَفسِهَا ثُمّ نَهَضَت عَلَي مَنكِبِهِ ثُمّ أَدخَلَت رَأسَهَا فِي أُذُنِهِ فَأَكثَرَت مِنَ الصّفِيرِ فَأَجَابَ بَلَي قَد فَصَلتُ بَينَكُم وَ لَا يبَغيِ‌ خِلَافَ مَا أَقُولُ إِلّا ظَالِمٌ وَ مَن ظَلَمَ فِي دُنيَاهُ فَلَهُ عَذَابُ النّارِ فِي آخِرَتِهِ مَعَ عِقَابٍ شَدِيدٍ أُعَاقِبُهُ إِيّاهُ وَ آخُذُ مَالَهُ إِن كَانَ لَهُ حَتّي يَتُوبَ فَقُلتُ بأِبَيِ‌ أَنتَ وَ أمُيّ‌ أَ لَكُم عَلَيهِم طَاعَةٌ فَقَالَ نَعَم وَ ألّذِي أَكرَمَ مُحَمّداًص بِالنّبُوّةِ وَ أَعَزّ عَلِيّاً ع بِالوَصِيّةِ وَ الوَلَايَةِ إِنّهُم لَأَطوَعُ لَنَا مِنكُم يَا مَعشَرَ الإِنسِوَ قَلِيلٌ ما هُم

بيان السراة بالفتح اسم جمع للسري‌ بمعني الشريف واسم لمواضع والسمرة بضم الميم شجرة معروفة روافع بالفاء والعين المهملة أي رفعت رءوسها أوبالغين المعجمة من الرفغ و هوسعة العيش أي مطمئنة غيرخائفة أوبالقاف والعين المهملة أي ملونة بألوان مختلفة.


صفحه : 69

ويحتمل أن يكون في الأصل بالتاء والعين المهملة أي ترتع حول الغدير فطفقت بنعلي‌ أي شرعت أضرب به والظاهر أنه بالصاد كما في بعض النسخ . والصفق الضرب يسمع له صوت لاتخشي و لاضائر أي لاتخافي‌ فإنه ليس هنا أحد يضرك يقال ضاره أي ضره و في بعض النسخ لاعسي و هوتصحيف وَ قَلِيلٌ ما هُم أي المطيعون من الإنس أو من الجن بالنسبة إلي غيرهم من المخلوقات

9- تَفسِيرُ الفُرَاتِ،بِإِسنَادِهِ عَن قَبِيصَةَ قَالَ دَخَلتُ عَلَي الصّادِقِ ع وَ عِندَهُ جَمَاعَةٌ فَسَلّمتُ وَ جَلَستُ وَ قُلتُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ أَينَ كُنتُم قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ سَمَاءً مَبنِيّةً وَ أَرضاً مَدحِيّةً أَو ظُلمَةً أَو نُوراً قَالَ يَا قَبِيصَةُ لِمَ سأَلَتنَيِ‌ عَنِ هَذَا الحَدِيثِ فِي مِثلِ هَذَا الوَقتِ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ حُبّنَا قَدِ اكتُتِمَ وَ بُغضَنَا قَد فَشَا وَ أَنّ لَنَا أَعدَاءً مِنَ الجِنّ يُخرِجُونَ حَدِيثَنَا إِلَي أَعدَائِنَا مِنَ الإِنسِ وَ أَنّ الحِيطَانَ لَهَا آذَانٌ كَآذَانِ النّاسِ الخَبَرَ

10- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ كَذلِكَ جَعَلنا لِكُلّ نبَيِ‌ّ عَدُوّا شَياطِينَ الإِنسِ وَ الجِنّالآيَةَ قَالَ يعَنيِ‌ مَا بَعَثَ اللّهُ نَبِيّاً إِلّا وَ فِي أُمّتِهِ شَيَاطِينُ الإِنسِ وَ الجِنّيوُحيِ‌ بَعضُهُم إِلي بَعضٍ أَي يَقُولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ لَا تُؤمِنُوا بِزُخرُفِ القَولِ غُرُوراً فَهَذَا وحَي‌ُ كَذِبٍ

11-تَفسِيرُ النعّماَنيِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع حَيثُ قَالَ وَ أَمّا مَا حُرّفَ مِنَ الكِتَابِ فَقَولُهُ فَلَمّا خَرّ تَبَيّنَتِ الإِنسُ أَن لَو كَانَتِ الجِنّ يَعلَمُونَ الغَيبَ


صفحه : 70

مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ

12- الكاَفيِ‌،بِسَنَدِهِ الصّحِيحِ عَنِ الوَلِيدِ بنِ صَبِيحٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَوحَي إِلَي سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ ع أَنّ آيَةَ مَوتِكَ أَنّ شَجَرَةً تَخرُجُ مِن بَيتِ المَقدِسِ يُقَالُ لَهَا الحزنوبة[الخُرنُوبَةُ] قَالَ فَنَظَرَ سُلَيمَانُ يَوماً فَإِذَا الشّجَرَةُ الحزنوبة[الخُرنُوبَةُ] قَد طَلَعَت فِي بَيتِ المَقدِسِ فَقَالَ لَهَا مَا اسمُكِ قَالَت الحزنوبة[الخُرنُوبَةُ] قَالَ فَوَلّي سُلَيمَانُ مُدبِراً إِلَي مِحرَابِهِ فَقَامَ فِيهِ مُتّكِئاً عَلَي عَصَاهُ فَقُبِضَ رُوحُهُ مِن سَاعَتِهِ قَالَ فَجَعَلَتِ الإِنسُ وَ الجِنّ يَخدُمُونَهُ وَ يَسعَونَ فِي أَمرِهِ كَمَا كَانُوا وَ هُم يَظُنّونَ أَنّهُ حيَ‌ّ لَم يَمُت يَغدُونَ وَ يَرُوحُونَ وَ هُوَ قَائِمٌ ثَابِتٌ حَتّي دَنَتِ الأَرَضَةُ مِن عَصَاهُ فَأَكَلَت مِنسَأَتَهُ فَانكَسَرَت وَ خَرّ سُلَيمَانُ إِلَي الأَرضِ أَ فَلَا تَسمَعُ لِقَولِهِ عَزّ وَ جَلّفَلَمّا خَرّ تَبَيّنَتِ الجِنّالآيَةَ

13- العِلَلُ، وَ العُيُونُ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الرّضَا ع قَالَ كَانَ نَقشُ خَاتَمِ سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ سُبحَانَ مَن أَلجَمَ الجِنّ بِكَلِمَاتِهِ

14-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، فِي قِصّةِ بِلقِيسَ قَالَ فَارتَحَلَت وَ خَرَجَت نَحوَ سُلَيمَانَ فَلَمّا عَلِمَ سُلَيمَانُ قُدُومَهَا إِلَيهِ قَالَ لِلجِنّ وَ الشّيَاطِينِأَيّكُم يأَتيِنيِ‌ بِعَرشِها


صفحه : 71

قَبلَ أَن يأَتوُنيِ‌ مُسلِمِينَ قالَ عِفرِيتٌ مِنَ الجِنّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبلَ أَن تَقُومَ مِن مَقامِكَ وَ إنِيّ‌ عَلَيهِ لقَوَيِ‌ّ أَمِينٌ قَالَ سُلَيمَانُ أُرِيدُ أَسرَعَ مِن ذَلِكَ فَقَالَ آصَفُ بنُ بَرخِيَاأَنَا آتِيكَ بِهِ قَبلَ أَن يَرتَدّ إِلَيكَ طَرفُكَالقِصّةَ

15- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ وَ مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي جَمِيعاً عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن إِسمَاعِيلَ البصَريِ‌ّ عَنِ الفُضَيلِ بنِ يَسَارٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ ع يَقُولُ إِنّ نَفَراً مِنَ المُسلِمِينَ خَرَجُوا إِلَي سَفَرٍ فَضَلّوا الطّرِيقَ فَأَصَابَهُم عَطَشٌ شَدِيدٌ فَتَكَفّنُوا وَ لَزِمُوا أُصُولَ الشّجَرِ فَجَاءَهُم شَيخٌ عَلَيهِ ثِيَابٌ بِيضٌ فَقَالَ قُومُوا فَلَا بَأسَ عَلَيكُم فَهَذَا المَاءُ فَقَامُوا وَ شَرِبُوا وَ ارتَوَوا فَقَالُوا مَن أَنتَ يَرحَمُكَ اللّهُ فَقَالَ أَنَا مِنَ الجِنّ الّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللّهِص إنِيّ‌ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ المُؤمِنُ أَخُو المُؤمِنِ عَينُهُ وَ دَلِيلُهُ فَلَم تَكُونُوا تَضَيّعُوا بحِضَرتَيِ‌

بيان فتكفنوا أي لفوا أثوابهم علي أنفسهم بمنزلة الكفن ووطنوا أنفسهم علي الموت و في بعض النسخ بتقديم النون علي الفاء أي ذهب كل منهم إلي كنف وجانب

16- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن زَكَرِيّا المُؤمِنِ عَن أَبِي سَعِيدٍ المكُاَريِ‌ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ كُنتُ عِندَ حَوضِ زَمزَمَ فأَتَاَنيِ‌ رَجُلٌ فَقَالَ لِي لَا تَشرَب مِن هَذَا المَاءِ يَا أَبَا حَمزَةَ فَإِنّ هَذَا يَشتَرِكُ فِيهِ الجِنّ وَ الإِنسُ وَ هَذَا لَا يَشتَرِكُ فِيهِ إِلّا الإِنسُ قَالَ فَتَعَجّبتُ مِن قَولِهِ وَ قُلتُ مِن أَينَ عَلِمَ هَذَا قَالَ ثُمّ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع مَا كَانَ مِن قَولِ الرّجُلِ لِي فَقَالَ إِنّ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الجِنّ أَرَادَ إِرشَادَكَ


صفحه : 72

17- المَحَاسِنُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَن عَلِيّ بنِ سُلَيمَانَ بنِ رُشَيدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ القلَاَنسِيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن عُمَرَ بنِ يَزِيدَ قَالَ ضَلَلنَا سَنَةً مِنَ السّنِينَ وَ نَحنُ فِي طَرِيقِ مَكّةَ فَأَقَمنَا ثَلَاثَةَ أَيّامِ نَطلُبُ الطّرِيقَ فَلَم نَجِدهُ فَلَمّا أَن كَانَ فِي اليَومِ الثّالِثِ وَ قَد نَفِدَ مَا كَانَ مَعَنَا مِنَ المَاءِ عَمَدنَا إِلَي مَا كَانَ مَعَنَا مِن ثِيَابِ الإِحرَامِ وَ مِنَ الحَنُوطِ فَتَحَنّطنَا وَ تَكَفّنّا بِإِزَارِ إِحرَامِنَا فَقَامَ رَجُلٌ مِن أَصحَابِنَا فَنَادَي يَا صَالِحُ يَا أَبَا الحَسَنِ فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ مِن بُعدٍ فَقُلنَا لَهُ مَن أَنتَ يَرحَمُكَ اللّهُ فَقَالَ أَنَا مِنَ النّفَرِ ألّذِي قَالَ اللّهُ فِي كِتَابِهِوَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراً مِنَ الجِنّ يَستَمِعُونَ القُرآنَ إِلَي آخِرِ الآيَةِ وَ لَم يَبقَ مِنهُم غيَريِ‌ فَأَنَا مُرشِدُ الضّالّ إِلَي الطّرِيقِ قَالَ فَلَم نَزَل نَتّبِعُ الصّوتَ حَتّي خَرَجنَا إِلَي الطّرِيقِ

18- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ الزرّنَديِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِذَا ضَلَلتَ فِي الطّرِيقِ فَنَادِ يَا صَالِحُ يَا بَا صَالِحٍ أَرشِدُونَا إِلَي الطّرِيقِ رَحِمَكُمُ اللّهُ قَالَ عُبَيدُ اللّهِ فَأَصَابَنَا ذَلِكَ فَأَمَرنَا بَعضَ مَن مَعَنَا أَن يَتَنَحّي وَ ينُاَديِ‌َ كَذَلِكَ قَالَ فَتَنَحّي فَنَادَي ثُمّ أَتَانَا فَأَخبَرَنَا أَنّهُ سَمِعَ صَوتاً بَرَزَ دَقِيقاً يَقُولُ الطّرِيقُ يَمنَةٌ أَو قَالَ يَسرَةٌ فَوَجَدنَاهُ كَمَا قَالَ وَ حدَثّنَيِ‌ بِهِ أَبِي أَنّهُم حَادُوا عَنِ الطّرِيقِ بِالبَادِيَةِ فَفَعَلنَا ذَلِكَ فَأَرشَدُونَا وَ قَالَ صَاحِبُنَا سَمِعتُ صَوتاً دَقِيقاً يُقَالُ الطّرِيقُ يَمنَةٌ فَمَا سِرنَا إِلّا قَلِيلًا حَتّي عَارَضنَا الطّرِيقَ

بيان في القاموس الرز بالكسر الصوت تسمعه من بعيد أوالأعم

19-الفَقِيهُ، لَا يَجُوزُ الِاستِنجَاءُ بِالرّوثِ وَ العَظمِ لِأَنّ وَفدَ الجِنّ جَاءُوا إِلَي


صفحه : 73

رَسُولِ اللّهِص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ مَتّعنَا فَأَعطَاهُمُ الرّوثَ وَ العَظمَ فَلِذَلِكَ لَا ينَبغَيِ‌ أَن يُستَنجَي بِهِمَا

20- التّهذِيبُ،بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ أُكَيلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ جَعَلَ اللّهُ الحَدِيدَ فِي الدّنيَا زِينَةَ الجِنّ وَ الشّيَاطِينِ فَحُرّمَ عَلَي الرّجُلِ المُسلِمِ أَن يَلبَسَهُ فِي الصّلَاةِ إِلّا أَن يَكُونَ المُسلِمُ فِي قِتَالِ عَدُوّ فَلَا بَأسَ بِهِ

21- قُربُ الإِسنَادِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ ظَرِيفٍ عَن مَعمَرٍ عَنِ الرّضَا عَن أَبِيهِ ع قَالَ إِنّ الجِنّ كَانُوا يَستَرِقُونَ السّمعَ قَبلَ مَبعَثِ النّبِيّص فَمُنِعَت فِي أَوَانِ رِسَالَتِهِ بِالرّجُومِ وَ انفِضَاضِ النّجُومِ وَ بُطلَانِ الكَهَنَةِ وَ السّحَرَةِ الخَبَرَ

22- التّفسِيرُ، فِي قَولِهِ تَعَالَيفبَأِيَ‌ّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ قَالَ فِي الظّاهِرِ مُخَاطَبَةٌ لِلجِنّ وَ الإِنسِ وَ فِي البَاطِنِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ

23- العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي الرّبِيعِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الأَكرَادَ حيَ‌ّ مِنَ الجِنّ كَشَفَ اللّهُ عَنهُمُ الغِطَاءَ فَلَا تُخَالِطهُم


صفحه : 74

24- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا خَلَعَ أَحَدُكُم ثِيَابَهُ فَليُسَمّ لِئَلّا تَلبَسَهَا الجِنّ فَإِنّهُ إِن لَم يُسَمّ عَلَيهَا لَبِسَتهَا الجِنّ حَتّي تُصبِحَ

25- قُربُ الإِسنَادِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ طَرِيفٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُلوَانَ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَ كَانُوا يُحِبّونَ أَن يَكُونَ فِي البَيتِ الشيّ‌ءُ الدّاجِنُ مِثلُ الحَمَامِ أَوِ الدّجَاجِ أَوِ العَنَاقِ لِيَعبَثَ بِهِ صِبيَانُ الجِنّ وَ لَا يَعبَثُونَ بِصِبيَانِهِم

26- طِبّ الأَئِمّةِ،بِإِسنَادِهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَبِي يَحيَي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن رمُيِ‌َ أَو رَمَتهُ الجِنّ فَليَأخُذِ الحَجَرَ ألّذِي رمُيِ‌َ بِهِ فَليَرمِ مِن حَيثُ رمُيِ‌َ وَ ليَقُل حسَبيِ‌َ اللّهُ وَ كَفَي سَمِعَ اللّهُ لِمَن دَعَا لَيسَ وَرَاءَ اللّهِ مُنتَهَي وَ قَالَص أَكثِرُوا مِنَ الدّوَاجِنِ فِي بُيُوتِكُم تَتَشَاغَل بِهَا عَن صِبيَانِكُم

بيان في الصحاح دجن بالمكان أقام تقول شاة داجن إذاألفت البيوت

27- المَكَارِمُ، عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَتَي رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيهِ أَخرَجَتنَا الجِنّ مِن مَنَازِلِنَا يعَنيِ‌ عُمّارَ مَنَازِلِهِم فَقَالَ اجعَلُوا سُقُوفَ بُيُوتِكُم سَبعَةَ أَذرُعٍ وَ اجعَلُوا الحَمَامَ فِي أَكنَافِ الدّارِ قَالَ الرّجُلُ فَفَعَلنَا فَمَا رَأَينَا شَيئاً نَكرَهُهُ


صفحه : 75

28- وَ مِنهُ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَيسَ مِن بَيتِ نبَيِ‌ّ إِلّا وَ فِيهِ حَمَامَانِ لِأَنّ سُفَهَاءَ الجِنّ يَعبَثُونَ بِصِبيَانِ البَيتِ فَإِذَا كَانَ فِيهِ حَمَامٌ عَبَثُوا بِالحَمَامِ وَ تَرَكُوا النّاسَ

29- مَجَالِسُ الشّيخِ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي الحَسَنِ العسَكرَيِ‌ّ عَن آبَائِهِ ع قَالَ دَخَلَ أَشجَعُ السلّمَيِ‌ّ عَلَي الصّادِقِ ع فَقَالَ يَا سيَدّيِ‌ أَنَا أَحصُلُ فِي المَوَاضِعِ المُفزِعَةِ فعَلَمّنيِ‌ شَيئاً مَا آمَنُ بِهِ عَلَي نفَسيِ‌ قَالَ فَإِذَا خِفتَ أَمراً فَاترُك يَمِينَكَ عَلَي أُمّ رَأسِكَ وَ اقرَأ بِرَفِيعِ صَوتِكَأَ فَغَيرَ دِينِ اللّهِ يَبغُونَالآيَةَ قَالَ أَشجَعُ فَحَصَلتُ فِي وَادٍ فِيهِ الجِنّ فَسَمِعتُ قَائِلًا يَقُولُ خُذُوهُ فَقَرَأتُهَا فَقَالَ قَائِلٌ كَيفَ نَأخُذُهُ وَ قَدِ احتَجَزَ بِآيَةٍ طَيّبَةٍ

30-مُنتَخَبُ البَصَائِرِ،بِإِسنَادِهِ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ فِي الرّجعَةِ وَ أَحوَالِ القَائِمِ ع قَالَ المُفَضّلُ قُلتُ يَا سيَدّيِ‌ فَمَن يُخَاطِبُهُ قَالَ المَلَائِكَةُ وَ المُؤمِنُونَ مِنَ الجِنّ وَ سَاقَ إِلَي قَولِهِ قَالَ المُفَضّلُ يَا سيَدّيِ‌ وَ تَظهَرُ المَلَائِكَةُ وَ الجِنّ لِلنّاسِ


صفحه : 76

قَالَ إيِ‌ وَ اللّهِ يَا مُفَضّلُ وَ يُخَاطِبُونَهُم كَمَا يَكُونُ الرّجُلُ مَعَ حَاشِيَتِهِ وَ أَهلِهِ قُلتُ يَا سيَدّيِ‌ وَ يَسِيرُونَ مَعَهُ قَالَ إيِ‌ وَ اللّهِ يَا مُفَضّلُ وَ لَيَنزِلَنّ أَرضَ الهِجرَةِ مَا بَينَ الكُوفَةِ وَ النّجَفِ وَ عَدَدُ أَصحَابِهِ ع سِتّةٌ وَ أَربَعُونَ أَلفاً مِنَ المَلَائِكَةِ وَ سِتّةُ آلَافٍ مِنَ الجِنّ وَ النّقَبَاءُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا الحَدِيثَ

31-الإِحتِجَاجُ، عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ فِيمَا سَأَلَ الزّندِيقُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع قَالَفَمِن أَينَ يصل [أَصلُ]الكِهَانَةِ وَ مِن أَينَ يُخبَرُ النّاسُ بِمَا يَحدُثُ قَالَ إِنّ الكِهَانَةَ كَانَت فِي الجَاهِلِيّةِ فِي كُلّ حِينِفَترَةٍ مِنَ الرّسُلِ كَانَ الكَاهِنُ بِمَنزِلَةِ الحَاكِمِ يَحتَكِمُونَ إِلَيهِ فِيمَا يَشتَبِهُ عَلَيهِم مِنَ الأُمُورِ بَينَهُم فَيُخبِرُهُم بِأَشيَاءَ تَحدُثُ وَ ذَلِكَ فِي وُجُوهٍ شَتّي مِن فِرَاسَةِ العَينِ وَ ذَكَاءِ القَلبِ وَ وَسوَسَةِ النّفسِ وَ فِطنَةِ الرّوحِ مَعَ قَذفٍ فِي قَلبِهِ لِأَنّ مَا يَحدُثُ فِي الأَرضِ مِنَ الحَوَادِثِ الظّاهِرَةِ فَذَلِكَ يَعلَمُ الشّيطَانُ وَ يُؤَدّيهِ إِلَي الكَاهِنِ وَ يُخبِرُهُ بِمَا يَحدُثُ فِي المَنَازِلِ وَ الأَطرَافِ وَ أَمّا أَخبَارُ السّمَاءِ فَإِنّ الشّيَاطِينَ كَانَت تَقعُدُ مَقَاعِدَ استِرَاقِ السّمعِ إِذ ذَاكَ وَ هيِ‌َ لَا تَحجُبُ وَ لَا تُرجَمُ بِالنّجُومِ وَ إِنّمَا مُنِعَت مِنِ استِرَاقِ السّمعِ لِئَلّا يَقَعَ فِي الأَرضِ سَبَبٌ يُشَاكِلُ الوحَي‌َ مِن خَبَرِ السّمَاءِ وَ لُبّسَ عَلَي أَهلِ الأَرضِ مَا جَاءَهُم عَنِ اللّهِ


صفحه : 77

لِإِثبَاتِ الحُجّةِ وَ نفَي‌ِ الشّبَهِ وَ كَانَ الشّيطَانُ يَستَرِقُ الكَلِمَةَ الوَاحِدَةَ مِن خَبَرِ السّمَاءِ بِمَا يَحدُثُ مِنَ اللّهِ فِي خَلقِهِ فَيَختَطِفُهَا ثُمّ يَهبِطُ بِهَا إِلَي الأَرضِ فَيَقذِفُهَا إِلَي الكَاهِنِ فَإِذَا قَد زَادَ كَلِمَاتٍ مِن عِندِهِ فَيَختَلِطُ الحَقّ بِالبَاطِلِ فَمَا أَصَابَ الكَاهِنُ مِن خَبَرٍ مِمّا كَانَ يُخبِرُ بِهِ فَهُوَ مَا أَدّاهُ إِلَيهِ شَيطَانُهُ مِمّا سَمِعَهُ وَ مَا أَخطَأَ فِيهِ فَهُوَ مِن بَاطِلِ مَا زَادَ فِيهِ فَمُذ مُنِعَتِ الشّيَاطِينُ عَنِ استِرَاقِ السّمعِ انقَطَعَتِ الكِهَانَةُ وَ اليَومَ إِنّمَا تؤُدَيّ‌ الشّيَاطِينُ إِلَي كُهّانِهَا أَخبَاراً لِلنّاسِ مِمّا يَتَحَدّثُونَ بِهِ وَ مَا يُحَدّثُونَهُ وَ الشّيَاطِينُ تؤُدَيّ‌ إِلَي الشّيَاطِينِ مَا يَحدُثُ فِي البُعدِ مِنَ الحَوَادِثِ مِن سَارِقٍ سَرَقَ وَ مَن قَاتِلٍ قَتَلَ وَ مِن غَائِبٍ غَابَ وَ هُم بِمَنزِلَةِ النّاسِ أَيضاً صَدُوقٌ وَ كَذُوبٌ فَقَالَ كَيفَ صَعِدَتِ الشّيَاطِينُ إِلَي السّمَاءِ وَ هُم أَمثَالُ النّاسِ فِي الخِلقَةِ وَ الكَثَافَةِ وَ قَد كَانُوا يَبنُونَ لِسُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ ع مِنَ البِنَاءِ مَا يَعجِزُ عَنهُ وُلدُ آدَمَ قَالَ غُلّظُوا لِسُلَيمَانَ كَمَا سُخّرُوا وَ هُم خَلقٌ رَقِيقٌ غِذَاؤُهُمُ التّنَسّمُ وَ الدّلِيلُ عَلَي ذَلِكَ صُعُودُهُم إِلَي السّمَاءِ لِاستِرَاقِ السّمعِ وَ لَا يَقدِرُ الجِسمُ الكَثِيفُ عَلَي الِارتِقَاءِ إِلَيهَا إِلّا بِسُلّمٍ أَو سَبَبٍ

32- الخِصَالُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ البرَمكَيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ ظَرِيفٍ عَن أَبِي عَبدِ الرّحمَنِ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الآبَاءُ ثَلَاثَةٌ آدَمُ وَلَدَ مُؤمِناً وَ الجَانّ وَلَدَ كَافِراً وَ إِبلِيسُ وَلَدَ كَافِراً وَ لَيسَ فِيهِم نِتَاجٌ إِنّمَا يَبِيضُ وَ يُفَرّخُ وَ وُلدُهُ ذُكُورٌ لَيسَ فِيهِم إِنَاثٌ


صفحه : 78

33- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي بنِ المُتَوَكّلِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الجِنّ عَلَي ثَلَاثَةِ أَجزَاءٍ فَجُزءٌ مَعَ المَلَائِكَةِ وَ جُزءٌ يَطِيرُونَ فِي الهَوَاءِ وَ جُزءٌ كِلَابٌ وَ حَيّاتٌ الخَبَرَ

34- العِلَلُ، وَ العُيُونُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيّ البصَريِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ بنِ جَبَلَةَ الوَاعِظِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ بنِ عَامِرٍ الطاّئيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ سَأَلَ الشاّميِ‌ّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ اسمِ أَبِي الجِنّ فَقَالَ شُومَانُ وَ هُوَ ألّذِي خُلِقَمِن مارِجٍ مِن نارٍ وَ سَأَلَهُ هَل بَعَثَ اللّهُ نَبِيّاً إِلَي الجِنّ فَقَالَ نَعَم بَعَثَ إِلَيهِم نَبِيّاً يُقَالُ لَهُ يُوسُفُ فَدَعَاهُم إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَقَتَلُوهُ

35-العِلَلُ، وَ العُيُونُ، عَن أَحمَدَ بنِ زِيَادٍ الهمَداَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ مَعبَدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي الحَسَنِ عَلِيّ بنِ مُوسَي الرّضَا ع عَن أَبِيهِ مُوسَي بنِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ سُلَيمَانَ بنَ دَاوُدَ ع قَالَ ذَاتَ يَومٍ لِأَصحَابِهِ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَد وَهَبَ لِي مُلكاًلا ينَبغَيِ‌ لِأَحَدٍ مِن بعَديِ‌سَخّرَ لِيَ الرّيحَ وَ الإِنسَ وَ الجِنّ وَ الطّيرَ وَ الوُحُوشَ وَ علَمّنَيِ‌ مَنطِقَ


صفحه : 79

الطّيرِ وَ آتاَنيِ‌ كُلّ شَيءٍ وَ مَعَ جَمِيعِ مَا أُوتِيتُ مِنَ المُلكِ مَا تَمّ لِي سُرُورُ يَومٍ إِلَي اللّيلِ وَ قَد أَحبَبتُ أَن أَدخُلَ قصَريِ‌ فِي غَدٍ وَ أَصعَدَ أَعلَاهُ وَ أَنظُرَ إِلَي ممَاَلكِيِ‌ فَلَا تَأذَنُوا لِأَحَدٍ عَلَيّ لِئَلّا يَرِدَ عَلَيّ مَا يُنَغّصُ عَلَيّ يوَميِ‌ قَالُوا نَعَم فَلَمّا كَانَ مِنَ الغَدِ أَخَذَ عَصَاهُ بِيَدِهِ وَ صَعِدَ إِلَي أَعلَي مَوضِعٍ مِن قَصرِهِ وَ وَقَفَ مُتّكِئاً عَلَي عَصَاهُ يَنظُرُ إِلَي مَمَالِكِهِ مَسرُوراً بِمَا أوُتيِ‌َ فَرِحاً بِمَا أعُطيِ‌َ إِذ نَظَرَ إِلَي شَابّ حَسَنِ الوَجهِ وَ اللّبَاسِ قَد خَرَجَ عَلَيهِ مِن بَعضِ زَوَايَا قَصرِهِ فَلَمّا بَصُرَ بِهِ سُلَيمَانُ ع قَالَ لَهُ مَن أَدخَلَكَ إِلَي هَذَا القَصرِ وَ قَد أَرَدتُ أَن أَخلُوَ فِيهِ اليَومَ فَبِإِذنِ مَن دَخَلتَ فَقَالَ الشّابّ أدَخلَنَيِ‌ هَذَا القَصرَ رَبّهُ وَ بِإِذنِهِ دَخَلتُ فَقَالَ رَبّهُ أَحَقّ بِهِ منِيّ‌ فَمَن أَنتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ المَوتِ قَالَ ع وَ فِيمَا جِئتَ قَالَ جِئتُ لِأَقبِضَ رُوحَكَ قَالَ امضِ لِمَا أُمِرتَ بِهِ فَهَذَا يَومُ سرُوُريِ‌ أَبَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يَكُونَ لِي سُرُورٌ دُونَ لِقَائِهِ فَقَبَضَ مَلَكُ المَوتِ رُوحَهُ وَ هُوَ مُتّكِئٌ عَلَي عَصَاهُ فبَقَيِ‌َ سُلَيمَانُ مُتّكِئاً عَلَي عَصَاهُ وَ هُوَ مَيّتٌ مَا شَاءَ اللّهُ وَ النّاسُ يَنظُرُونَ إِلَيهِ وَ هُم يُقَدّرُونَ أَنّهُ حيَ‌ّ فَافتَتَنُوا فِيهِ وَ اختَلَفُوا فَمِنهُم مَن قَالَ إِنّ سُلَيمَانَ قَد بقَيِ‌َ مُتّكِئاً عَلَي عَصَاهُ هَذِهِ الأَيّامَ الكَثِيرَةَ وَ لَم يَتعَب وَ لَم يَنَم وَ لَم يَأكُل وَ لَم يَشرَب إِنّهُ لَرَبّنَا ألّذِي يَجِبُ عَلَينَا أَن نَعبُدَهُ وَ قَالَ قَومٌ إِنّ سُلَيمَانَ سَاحِرٌ وَ إِنّهُ يُرِينَا أَنّهُ وَاقِفٌ مُتّكِئٌ عَلَي عَصَاهُ يَسحَرُ أَعيُنَنَا وَ لَيسَ كَذَلِكَ فَقَالَ المُؤمِنُونَ إِنّ سُلَيمَانَ هُوَ عَبدُ اللّهِ وَ نَبِيّهُ يُدَبّرُ اللّهُ أَمرَهُ بِمَا شَاءَ فَلَمّا اختَلَفُوا بَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الأَرَضَةَ فَدَبّت فِي عَصَاهُ فَلَمّا أَكَلَت جَوفَهَا انكَسَرَتِ العَصَا وَ خَرّ سُلَيمَانُ مِن قَصرِهِ عَلَي وَجهِهِ فَشَكَرَ الجِنّ لِلأَرَضَةِ صَنِيعَهَا


صفحه : 80

فَلِأَجلِ ذَلِكَ لَا تُوجَدُ الأَرَضَةُ فِي مَكَانٍ إِلّا وَ عِندَهَا مَاءٌ وَ طِينٌ وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفَلَمّا قَضَينا عَلَيهِ المَوتَ ما دَلّهُم عَلي مَوتِهِ إِلّا دَابّةُ الأَرضِ تَأكُلُ مِنسَأَتَهُيعَنيِ‌ عَصَاهُفَلَمّا خَرّ تَبَيّنَتِ الجِنّ أَن لَو كانُوا يَعلَمُونَ الغَيبَ ما لَبِثُوا فِي العَذابِ المُهِينِ ثُمّ قَالَ الصّادِقُ ع وَ اللّهِ مَا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ هَكَذَا وَ إِنّمَا نَزَلَت فَلَمّا خَرّ تَبَيّنَتِ الإِنسُ أَنّ الجِنّ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ الغَيبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ

36-الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ رَاشِدٍ البرَمكَيِ‌ّ عَن عُمَرَ بنِ سَهلٍ الأسَدَيِ‌ّ عَن سُهَيلِ بنِ غَزوَانَ البصَريِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ امرَأَةً مِنَ الجِنّ كَانَ يُقَالُ لَهَا عَفرَاءُ وَ كَانَت تَنتَابُ النّبِيّص فَتَسمَعُ مِن كَلَامِهِ فتَأَتيِ‌ صاَلحِيِ‌ الجِنّ فَيُسلِمُونَ عَلَي يَدَيهَا وَ إِنّهَا فَقَدَهَا النّبِيّص فَسَأَلَ عَنهَا جَبرَئِيلُ فَقَالَ إِنّهَا زَارَت أُختاً لَهَا تُحِبّهَا فِي اللّهِ فَقَالَ النّبِيّص طُوبَي لِلمُتَحَابّينَ فِي اللّهِ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ فِي الجَنّةِ عَمُوداً مِن يَاقُوتَةٍ حَمرَاءَ عَلَيهِ سَبعُونَ أَلفَ قَصرٍ فِي كُلّ قَصرٍ سَبعُونَ أَلفَ غُرفَةٍ خَلَقَهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِلمُتَحَابّينَ وَ المُتَزَاوِرِينَ فِي اللّهِ ثُمّ قَالَ يَا عَفرَاءُ أَيّ شَيءٍ رَأَيتِ قَالَت رَأَيتُ عَجَائِبَ كَثِيرَةً قَالَ فَأَعجَبُ مَا رَأَيتِ قَالَت رَأَيتُ إِبلِيسَ فِي البَحرِ الأَخضَرِ عَلَي صَخرَةٍ بَيضَاءَ مَادّاً يَدَيهِ إِلَي السّمَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ إلِهَيِ‌ إِذَا بَرَرتَ قَسَمَكَ وَ أدَخلَتنَيِ‌ نَارَ جَهَنّمَ فَأَسأَلُكَ بِحَقّ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ إِلّا خلَصّتنَيِ‌ مِنهَا وَ حشَرَتنَيِ‌ مَعَهُم فَقُلتُ يَا حَارِثُ مَا هَذِهِ الأَسمَاءُ التّيِ‌ تَدعُو بِهَا قَالَ لِي رَأَيتُهَا عَلَي سَاقِ العَرشِ مِن قَبلِ أَن يَخلُقَ اللّهُ آدَمَ بِسَبعَةِ آلَافِ سَنَةٍ فَعَلِمتُ أَنّهُم أَكرَمُ الخَلقِ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَأَنَا أَسأَلُهُ بِحَقّهِم فَقَالَ النّبِيّص وَ اللّهِ لَو أَقسَمَ أَهلُ الأَرضِ بِهَذِهِ


صفحه : 81

الأَسمَاءِ لَأَجَابَهُم

بيان قال في القاموس انتابهم انتيابا أتاهم مرة بعدمرة لوأقسم أهل الأرض أي جميعهم

37-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، فِي قَولِهِ تَعَالَي حِكَايَةً عَنِ الجِنّيا قَومَنا إِنّا سَمِعنا إِلَي قَولِهِأُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍفَهُوَ كُلّهُ حِكَايَةٌ عَنِ الجِنّ وَ كَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أَنّ رَسُولَ اللّهِص خَرَجَ مِن مَكّةَ إِلَي سُوقِ عُكَاظٍ وَ مَعَهُ زَيدُ بنُ حَارِثَةَ يَدعُو النّاسَ إِلَي الإِسلَامِ فَلَم يُجِبهُ أَحَدٌ وَ لَم يَجِد مَن يَقبَلُهُ ثُمّ رَجَعَ إِلَي مَكّةَ فَلَمّا بَلَغَ مَوضِعاً يُقَالُ لَهُ واَديِ‌ مَجَنّةٍ تَهَجّدَ بِالقُرآنِ فِي جَوفِ اللّيلِ فَمَرّ بِهِ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ فَلَمّا سَمِعُوا قِرَاءَةَ رَسُولِ اللّهِ استَمَعُوا لَهُ فَلَمّا سَمِعُوا قِرَاءَتَهُ قَالَ بَعضُهُم لِبَعضٍأَنصِتُوايعَنيِ‌ اسكُتُوافَلَمّا قضُيِ‌َ أَي فَرَغَ رَسُولُ اللّهِص مِنَ القِرَاءَةِوَلّوا إِلي قَومِهِم مُنذِرِينَ قالُوا يا قَومَنا إِنّا سَمِعنا كِتاباً أُنزِلَ مِن بَعدِ مُوسي مُصَدّقاً لِما بَينَ يَدَيهِ يهَديِ‌ إِلَي الحَقّ وَ إِلي طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ يا قَومَنا أَجِيبُوا داعيِ‌َ اللّهِ وَ آمِنُوا بِهِ إِلَي قَولِهِأُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍفَجَاءُوا إِلَي رَسُولِ اللّهِ فَأَسلَمُوا وَ آمَنُوا وَ عَلّمَهُم رَسُولُ اللّهِص شَرَائِعَ الإِسلَامِ فَأَنزَلَ اللّهُ عَلَي نَبِيّهِقُل أوُحيِ‌َ إلِيَ‌ّ أَنّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّالسّورَةَ كُلّهَا فَحَكَي اللّهُ قَولَهُم وَ وَلّي رَسُولُ اللّهِص عَلَيهِم مِنهُم وَ كَانُوا يَعُودُونَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فِي كُلّ وَقتٍ فَأَمَرَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ أَن يُعَلّمَهُم وَ يُفَقّهَهُم فَمِنهُم مُؤمِنُونَ وَ كَافِرُونَ وَ نَاصِبُونَ وَ يَهُودُ وَ نَصَارَي وَ مَجُوسٌ وَ هُم وُلدُ الجَانّ وَ سُئِلَ العَالِمُ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ عَن مؤُمنِيِ‌ الجِنّ أَ يَدخُلُونَ الجَنّةَ فَقَالَ لَا وَ لَكِن


صفحه : 82

لِلّهِ حَظَائِرُ بَينَ الجَنّةِ وَ النّارِ يَكُونُ فِيهَا مُؤمِنُو الجِنّ وَ فُسّاقُ الشّيعَةِ

38- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ مَحبُوبٍ عَن عَلِيّ بنِ خَالِدٍ عَن أَحمَدَ بنِ عُبدُوسٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن أَبِي جَمِيلَةَ عَن لَيثٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَنِ استِنجَاءِ الرّجُلِ بِالعَظمِ أَوِ البَعرِ أَوِ العُودِ قَالَ أَمّا العَظمُ وَ الرّوثُ فَطَعَامُ الجِنّ وَ ذَلِكَ مِمّا اشتَرَطُوا عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ لَا يَصلُحُ بشِيَ‌ءٍ مِن ذَلِكَ

39-العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَمرِو بنِ أَبِي المِقدَامِ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَمّا أَحَبّ أَن يَخلُقَ خَلقاً بِيَدِهِ وَ ذَلِكَ بَعدَ مَا مَضَي لِلجِنّ وَ النّسنَاسِ فِي الأَرضِ سَبعَةُ آلَافِ سَنَةٍ قَالَ وَ لَمّا كَانَ مِن شَأنِ اللّهِ أَن يَخلُقَ آدَمَ للِذّيِ‌ أَرَادَ مِنَ التّدبِيرِ وَ التّقدِيرِ لِمَا هُوَ مُكَوّنُهُ فِي السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ عِلمِهِ لِمَا أَرَادَهُ مِن ذَلِكَ كُلّهِ كَشَطَ عَن أَطبَاقِ السّمَاوَاتِ ثُمّ قَالَ لِلمَلَائِكَةِ انظُرُوا إِلَي أَهلِ الأَرضِ مِن خلَقيِ‌ مِنَ الجِنّ وَ النّسنَاسِ فَلَمّا رَأَوا مَا يَعمَلُونَ فِيهَا مِنَ المعَاَصيِ‌ وَ سَفكِ الدّمَاءِ وَ الفَسَادِ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقّ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيهِم وَ غَضِبُوا لِلّهِ وَ أَسِفُوا عَلَي أَهلِ الأَرضِ وَ لَم يَملِكُوا غَضَبَهُم أَن قَالُوا يَا رَبّ أَنتَ العَزِيزُ القَادِرُ الجَبّارُ القَاهِرُ العَظِيمُ الشّأنِ وَ هَذَا خَلقُكَ الضّعِيفُ الذّلِيلُ فِي أَرضِكَ يَتَقَلّبُونَ فِي قَبضَتِكَ وَ يَعِيشُونَ بِرِزقِكَ وَ يَستَمتِعُونَ بِعَافِيَتِكَ وَ هُم يَعصُونَكَ بِمِثلِ هَذِهِ الذّنُوبِ العِظَامِ لَا تَأسَفُ وَ لَا تَغضَبُ وَ لَا تَنتَقِمُ لِنَفسِكَ لِمَا تَسمَعُ مِنهُم وَ تَرَي وَ قَد عَظُمَ ذَلِكَ عَلَينَا وَ أَكبَرنَاهُ فِيكَ فَلَمّا سَمِعَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ ذَلِكَ مِنَ المَلَائِكَةِ قَالَإنِيّ‌ جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً لِي عَلَيهِمُ فَيَكُونُ حُجّةً لِي عَلَيهِم فِي أرَضيِ‌ عَلَي خلَقيِ‌ فَقَالَتِ المَلَائِكَةُ سُبحَانَكَ


صفحه : 83

أَ تَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها وَ يَسفِكُ الدّماءَ وَ نَحنُ نُسَبّحُ بِحَمدِكَ وَ نُقَدّسُ لَكَ وَ قَالُوا فَاجعَلهُ مِنّا فَإِنّا لَا نُفسِدُ فِي الأَرضِ وَ لَا نَسفِكُ الدّمَاءَ قَالَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ يَا ملَاَئكِتَيِ‌إنِيّ‌ أَعلَمُ ما لا تَعلَمُونَإنِيّ‌ أُرِيدُ أَن أَخلُقَ خَلقاً بيِدَيِ‌ أَجعَلُ ذُرّيّتَهُ أَنبِيَاءَ مُرسَلِينَ وَ عِبَاداً صَالِحِينَ وَ أَئِمّةً مُهتَدِينَ أَجعَلُهُم خلُفَاَئيِ‌ عَلَي خلَقيِ‌ فِي أرَضيِ‌ يَنهَونَهُم عَن معَاَصيِ‌ّ وَ يُنذِرُونَهُم عذَاَبيِ‌ وَ يَهدُونَهُم إِلَي طاَعتَيِ‌ وَ يَسلُكُونَ بِهِم طَرِيقَ سبَيِليِ‌ وَ أَجعَلُهُم حُجّةً لِيعُذراً أَو نُذراً وَ أُبِينُ النّسنَاسَ مِن أرَضيِ‌ فَأُطَهّرُهَا مِنهُم وَ أَنقُلُ مَرَدَةَ الجِنّ العُصَاةَ عَن برَيِتّيِ‌ وَ خلَقيِ‌ وَ خيِرَتَيِ‌ وَ أُسكِنُهُم فِي الهَوَاءِ وَ فِي أَقطَارِ الأَرضِ لَا يُجَاوِرُونَ نَسلَ خلَقيِ‌ وَ أَجعَلُ بَينَ الجِنّ وَ بَينَ خلَقيِ‌ حِجَاباً وَ لَا يَرَي نَسلُ خلَقيِ‌َ الجِنّ وَ لَا يُؤَانِسُونَهُم وَ لَا يُخَالِطُونَهُم فَمَن عصَاَنيِ‌ مِن نَسلِ خلَقيِ‌َ الّذِينَ اصطَفَيتُهُم لنِفَسيِ‌ أَسكَنتُهُم مَسَاكِنَ العُصَاةِ وَ أَورَدتُهُم مَوَارِدَهُم وَ لَا أبُاَليِ‌ فَقَالَتِ المَلَائِكَةُ يَا رَبّ افعَل مَا شِئتَ لَا عِلمَ لَنَا إِلّا بِمَا عَلّمتَنَاإِنّكَ أَنتَ العَلِيمُ الحَكِيمُالخَبَرَ

أقول قدمضي تمامه في باب ما به قوام بدن الإنسان

40-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ الجَانّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السّمُومِ قَالَ أَبُو إِبلِيسَ وَ قَالَ الجِنّ مِن وُلدِ الجَانّ مِنهُم مُؤمِنُونَ وَ كَافِرُونَ وَ يَهُودُ وَ نَصَارَي وَ يَختَلِفُ أَديَانُهُم وَ الشّيَاطِينُ مِن وُلدِ إِبلِيسَ وَ لَيسَ فِيهِم مُؤمِنُونَ إِلّا وَاحِدٌ اسمُهُ هَامُ بنُ هِيمَ بنِ لَاقِيسَ بنِ إِبلِيسَ جَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَرَآهُ جَسِيماً عَظِيماً وَ امرَأً مَهُولًا فَقَالَ لَهُ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا هَامُ بنُ هِيمَ بنِ لَاقِيسَ بنِ إِبلِيسَ كُنتُ يَومَ قَتلِ هَابِيلَ غُلَامَ ابنَ أَعوَامٍ أَنهَي عَنِ الِاعتِصَامِ وَ آمُرُ بِإِفسَادِ الطّعَامِ


صفحه : 84

فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص بِئسَ لعَمَريِ‌ الشّابّ المُؤَمّلُ وَ الكَهلُ المُؤَمّرُ فَقَالَ دَع عَنكَ هَذَا يَا مُحَمّدُ فَقَد جَرَت توَبتَيِ‌ عَلَي يَدِ نُوحٍ وَ لَقَد كُنتُ مَعَهُ فِي السّفِينَةِ فَعَاتَبتُهُ عَلَي دُعَائِهِ عَلَي قَومِهِ وَ لَقَد كُنتُ مَعَ اِبرَاهِيمَ حَيثُ ألُقيِ‌َ فِي النّارِ فَجَعَلَهَا اللّهُ بَرداً وَ سَلَاماً وَ لَقَد كُنتُ مَعَ مُوسَي حِينَ غَرّقَ اللّهُ فِرعَونَ وَ نَجّي بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ وَ لَقَد كُنتُ مَعَ هُودٍ حِينَ دَعَا عَلَي قَومِهِ فَعَاتَبتُهُ وَ لَقَد كُنتُ مَعَ صَالِحٍ فَعَاتَبتُهُ عَلَي دُعَائِهِ عَلَي قَومِهِ وَ لَقَد قَرَأتُ الكُتُبَ فَكُلّهَا تبُشَرّنُيِ‌ بِكَ وَ الأَنبِيَاءُ يُقرِءُونَكَ السّلَامَ وَ يَقُولُونَ أَنتَ أَفضَلُ الأَنبِيَاءِ وَ أَكرَمُهُم فعَلَمّنيِ‌ مِمّا أَنزَلَ اللّهُ عَلَيكَ شَيئاً فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع عَلّمهُ فَقَالَ هَامُ يَا مُحَمّدُ إِنّا لَا نُطِيعُ إِلّا نَبِيّاً أَو وصَيِ‌ّ نبَيِ‌ّ فَمَن هَذَا قَالَ هَذَا أخَيِ‌ وَ وصَيِيّ‌ وَ وزَيِريِ‌ وَ واَرثِيِ‌ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ نَعَم نَجِدُ اسمَهُ فِي الكُتُبِ إِليَا فَعَلّمَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ فَلَمّا كَانَت لَيلَةُ الهَرِيرِ بِصِفّينَ جَاءَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ

41- دَلَائِلُ الطبّرَيِ‌ّ، وَ البَصَائِرُ، عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن مَالِكِ بنِ عَطِيّةَ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ كُنتُ مَعَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِيمَا بَينَ مَكّةَ وَ المَدِينَةِ إِذَا التَفَتَ عَن يَسَارِهِ فَإِذَا كَلبٌ أَسوَدُ فَقَالَ مَا لَكَ قَبّحَكَ اللّهُ مَا أَشَدّ مُسَارَعَتَكَ فَإِذَا هُوَ شَبِيهٌ بِالطّائِرِ فَقُلتُ مَا هُوَ جُعِلتُ فِدَاكَ فَقَالَ هَذَا عَثمٌ بَرِيدُ الجِنّ مَاتَ هِشَامٌ السّاعَةَ فَهُوَ يَطِيرُ يَنعَاهُ فِي كُلّ بَلدَةٍ

الكافي‌، عن محمد بن يحيي عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل مثله


صفحه : 85

42-المَنَاقِبُ لِابنِ شَهرَآشُوبَ، قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع خَدَمَ أَبُو خَالِدٍ الكاَبلُيِ‌ّ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع دَهراً مِن عُمُرِهِ ثُمّ إِنّهُ أَرَادَ أَن يَنصَرِفَ إِلَي أَهلِهِ فَأَتَي عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع وَ شَكَا إِلَيهِ شِدّةَ شَوقِهِ إِلَي وَالِدَيهِ فَقَالَ يَا أَبَا خَالِدٍ يَقدَمُ غَداً رَجُلٌ مِن أَهلِ الشّامِ لَهُ قَدرٌ وَ مَالٌ كَثِيرٌ وَ قَد أَصَابَ بِنتاً لَهُ عَارِضٌ مِن أَهلِ الأَرضِ وَ يُرِيدُونَ أَن يَطلُبُوا مُعَالِجاً يُعَالِجُهَا فَإِذَا أَنتَ سَمِعتَ قُدُومَهُ فَأتِهِ وَ قُل لَهُ أَنَا أُعَالِجُهَا لَكَ عَلَي أَن أَشتَرِطَ لَكَ أنَيّ‌ أُعَالِجُهَا عَلَي دِيَتِهَا عَشَرَةِ آلَافِ دِرهَمٍ فَلَا تَطمَئِنّ إِلَيهِم وَ سَيُعطُونَكَ مَا تَطلُبُ مِنهُم فَلَمّا أَصبَحُوا قَدِمَ الرّجُلُ وَ مَن مَعَهُ وَ كَانَ مِن عُظَمَاءِ أَهلِ الشّامِ فِي المَالِ وَ المَقدُرَةِ فَقَالَ أَ مَا مِن مُعَالِجٍ يُعَالِجُ بِنتَ هَذَا الرّجُلِ فَقَالَ لَهُ أَبُو خَالِدٍ أَنَا أُعَالِجُهَا عَلَي عَشَرَةِ آلَافِ دِرهَمٍ فَإِن أَنتُم وَفَيتُم وَفَيتُ لَكُم عَلَي أَن لَا يَعُودَ إِلَيهَا أَبَداً فَشَرَطُوا أَن يُعطُوهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرهَمٍ فَأَقبَلَ إِلَي عَلِيّ بنِ الحُسَينِ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ فَقَالَ إنِيّ‌ أَعلَمُ أَنّهُم سَيَغدِرُونَ بِكَ وَ لَا يَفُونَ لَكَ انطَلِق يَا أَبَا خَالِدٍ فَخُذ بِأُذُنِ الجَارِيَةِ اليُسرَي ثُمّ قُل يَا خَبِيثُ يَقُولُ لَكَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ اخرُج مِن هَذِهِ الجَارِيَةِ وَ لَا تَعُد فَفَعَلَ أَبُو خَالِدٍ مَا أَمَرَهُ وَ خَرَجَ مِنهَا فَأَفَاقَتِ الجَارِيَةُ وَ طَلَبَ أَبُو خَالِدٍ ألّذِي شَرَطُوا لَهُ فَلَم يُعطُوهُ فَرَجَعَ مُغتَمّاً كَئِيباً فَقَالَ لَهُ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ مَا لِي أَرَاكَ كَئِيباً يَا أَبَا خَالِدٍ أَ لَم أَقُل لَكَ إِنّهُم يَغدِرُونَ بِكَ دَعهُم فَإِنّهُم سَيَعُودُونَ إِلَيكَ فَإِذَا لَقُوكَ فَقُل لَستُ أُعَالِجُهَا حَتّي تَضَعُوا المَالَ عَلَي يدَيَ‌ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ فَعَادُوا إِلَي أَبِي خَالِدٍ يَلتَمِسُونَ مُدَاوَاتَهَا فَقَالَ لَهُم إنِيّ‌ لَا أُعَالِجُهَا حَتّي تَضَعُوا المَالَ عَلَي يدَيَ‌ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع فَإِنّهُ لِي وَ لَكُم ثِقَةٌ فَرَضُوا وَ وَضَعُوا المَالَ عَلَي


صفحه : 86

يدَيَ‌ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع فَرَجَعَ أَبُو خَالِدٍ إِلَي الجَارِيَةِ فَأَخَذَ بِأُذُنِهَا اليُسرَي ثُمّ قَالَ يَا خَبِيثُ يَقُولُ لَكَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع اخرُج مِن هَذِهِ الجَارِيَةِ وَ لَا تَعرِض لَهَا إِلّا بِسَبِيلِ خَيرٍ فَإِنّكَ إِن عُدتَ أَحرَقتُكَ بِنَارِاللّهِ المُوقَدَةُ التّيِ‌ تَطّلِعُ عَلَي الأَفئِدَةِفَخَرَجَ مِنهَا وَ دَفَعَ المَالَ إِلَي أَبِي خَالِدٍ فَخَرَجَ إِلَي بِلَادِهِ

الخرائج ، عن أبي الصباح الكناني‌ عنه ع مثله الكشي‌،وجدت بخط جبرئيل بن أحمد عن محمد بن عبد الله بن مهران عن محمد بن علي عن علي بن محمد عن الحسن بن علي عن أبيه عن الكناني‌

مثله

43-الإِرشَادُ،لِلمُفِيدِ وَ إِعلَامُ الوَرَي،جَاءَ فِي الآثَارِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ لَمّا خَرَجَ النّبِيّص إِلَي بنَيِ‌ المُصطَلِقِ جَنَبَ عَنِ الطّرِيقِ وَ أَدرَكَهُ اللّيلُ فَنَزَلَ بِقُربِ وَادٍ وَعِرٍ فَلَمّا كَانَ آخِرُ اللّيلِ هَبَطَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ يُخبِرُهُ أَنّ طَائِفَةً مِن كُفّارِ الجِنّ قَدِ استَبطَنُوا الواَديِ‌َ يُرِيدُونَ كَيدَهُ ع وَ إِيقَاعَ الشّرّ بِأَصحَابِهِ عِندَ سُلُوكِهِم إِيّاهُ فَدَعَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع وَ قَالَ لَهُ اذهَب إِلَي هَذَا الواَديِ‌ فَسَيَعرِضُ لَكَ مِن أَعدَاءِ اللّهِ الجِنّ مَن يُرِيدُكَ فَادفَعهُ بِالقُوّةِ التّيِ‌ أَعطَاكَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِيّاهَا وَ تَحَصّن مِنهُم بِأَسمَاءِ اللّهِ التّيِ‌ خَصّكَ بِعِلمِهَا وَ أَنفَذَ مَعَهُ مِائَةَ رَجُلٍ مِن أَخلَاطِ النّاسِ وَ قَالَ


صفحه : 87

لَهُم كُونُوا مَعَهُ وَ امتَثِلُوا أَمرَهُ فَتَوَجّهَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي الواَديِ‌ فَلَمّا قَرُبَ شَفِيرَهُ أَمَرَ المِائَةَ الّذِينَ صَحِبُوهُ أَن يَقِفُوا بِقُربِ الشّفِيرِ وَ لَا يُحدِثُوا شَيئاً حَتّي يَأذَنَ لَهُم ثُمّ تَقَدّمَ فَوَقَفَ عَلَي شَفِيرِ الواَديِ‌ وَ تَعَوّذَ بِاللّهِ مِن أَعدَائِهِ وَ سَمّي اللّهَ تَعَالَي بِأَحسَنِ أَسمَائِهِ وَ أَومَأَ إِلَي القَومِ الّذِينَ اتّبَعُوهُ أَن يَقرَبُوا مِنهُ فَقَرُبُوا وَ كَانَ بَينَهُ وَ بَينَهُم فُرجَةٌ مَسَافَتُهَا غَلوَةٌ ثُمّ رَامَ الهُبُوطَ إِلَي الواَديِ‌ فَاعتَرَضَت رِيحٌ عَاصِفٌ كَادَ القَومُ يَقَعُونَ عَلَي وُجُوهِهِم لِشِدّتِهَا وَ لَم تَثبُت أَقدَامُهُم عَلَي الأَرضِ مِن هَولِ الخَصمِ وَ مِن هَولِ مَا لَحِقَهُم فَصَاحَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ وصَيِ‌ّ رَسُولِ اللّهِ وَ ابنُ عَمّهِ اثبُتُوا إِن شِئتُم وَ ظَهَرَ لِلقَومِ أَشخَاصٌ عَلَي صُوَرِ الزّطّ يُخَيّلُ فِي أَيدِيهِم شُعَلُ النّارِ قَدِ اطمَأَنّوا بِجَنَبَاتِ الواَديِ‌ فَتَوَغّلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع بَطنَ الواَديِ‌ وَ هُوَ يَتلُو القُرآنَ وَ يُومِئُ بِسَيفِهِ يَمِيناً وَ شِمَالًا فَمَا لَبِثَ الأَشخَاصُ حَتّي صَارَت كَالدّخَانِ الأَسوَدِ وَ كَبّرَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع ثُمّ صَعِدَ مِن حَيثُ انهَبَطَ فَقَامَ مَعَ الّذِينَ اتّبَعُوهُ حَتّي أَسفَرَ المَوضِعُ عَمّا اعتَرَاهُ فَقَالَ لَهُ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص مَا لَقِيتَ يَا أَبَا الحَسَنِ فَلَقَد كِدنَا أَن نَهلِكَ خَوفاً وَ إِشفَاقاً عَلَيكَ أَكثَرَ مِمّا لَحِقَنَا فَقَالَ ع لَهُم إِنّهُ لَمّا تَرَاءَي لِيَ العَدُوّ وَ جَهَرتُ فِيهِم بِأَسمَاءِ اللّهِ فَتَضَاءَلُوا وَ عَلِمتُ مَا حَلّ بِهِم مِنَ الجَزَعِ فَتَوَغّلتُ الواَديِ‌َ


صفحه : 88

غَيرَ خَائِفٍ مِنهُم وَ لَو بَقُوا عَلَي هَيئَتِهِم لَأَتَيتُ عَلَي آخِرِهِم وَ قَد كَفَي اللّهُ كَيدَهُم وَ كَفَي المُسلِمِينَ شَرّهُم وَ سيَسَبقِنُيِ‌ بَقِيّتُهُم إِلَي النّبِيّص فَيُؤمِنُونَ بِهِ وَ انصَرَفَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع بِمَن مَعَهُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ فَسَرَي عَنهُ وَ دَعَا لَهُ بِخَيرٍ وَ قَالَ لَهُ قَد سَبَقَكَ يَا عَلِيّ إلِيَ‌ّ مَن أَخَافَهُ اللّهُ بِكَ فَأَسلَمَ وَ قَبِلتُ إِسلَامَهُ

44-الإِرشَادُ، وَ هَذَا الحَدِيثُ رَوَتهُ العَامّةُ كَمَا رَوَتهُ الخَاصّةُ وَ لَم يَتَنَاكَرُوا شَيئاً مِنهُ وَ المُعتَزِلَةُ لِمَيلِهَا إِلَي مَذهَبِ البَرَاهِمَةِ تَدفَعُهُ وَ لِبُعدِهَا عَن مَعرِفَةِ الأَخبَارِ تُنكِرُهُ وَ هيِ‌َ سَالِكَةٌ فِي ذَلِكَ طَرِيقَ الزّنَادِقَةِ فِيمَا طَعَنَت بِهِ فِي القُرآنِ وَ مَا تَضَمّنَهُ مِن أَخبَارِ الجِنّ وَ إِيمَانِهِم بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَا قَصّ اللّهُ تَعَالَي مِن نَبَئِهِم فِي القُرآنِ فِي سُورَةِ الجِنّ وَ قَولِهِمإِنّا سَمِعنا قُرآناً عَجَباً إِلَي آخِرِ مَا تَضَمّنَهُ الخَبَرُ عَنهُم فِي هَذِهِ السّورَةِ وَ إِذَا بَطَلَ اعتِرَاضُ الزّنَادِقَةِ فِي ذَلِكَ مَعَ إِعجَازِ القُرآنِ وَ الأُعجُوبَةِ البَاهِرَةِ فِيهِ كَانَ مِثلُ ذَلِكَ ظُهُورَ بُطلَانِ طُعُونِ المُعتَزِلَةِ فِي الخَبَرِ ألّذِي رَوَينَاهُ لِعَدَمِ استِحَالَةِ مَضمُونِهِ فِي العُقُولِ وَ فِي مَجِيئِهِ مِن طَرِيقَينِ مُختَلِفَينِ وَ بِرِوَايَةِ فَرِيقَينِ مُتَبَايِنَينِ بُرهَانُ صِحّتِهِ وَ لَيسَ فِي إِنكَارِ مَن عَدَلَ عَنِ الإِنصَافِ فِي النّظَرِ مِنَ المُعتَزِلَةِ وَ المُجَبّرَةِ قَدحٌ فِيمَا ذَكَرنَاهُ مِن وُجُوبِ العَمَلِ عَلَيهِ كَمَا أَنّهُ لَيسَ فِي جَحدِ المَلَاحِدَةِ وَ أَصنَافِ الزّنَادِقَةِ وَ اليَهُودِ وَ النّصَارَي وَ المَجُوسِ وَ الصّابِئِينَ مَا جَاءَ فِي صِحّتِهِ مِنَ الأَخبَارِ بِمُعجِزَاتِ النّبِيّص كَانشِقَاقِ القَمَرِ وَ حَنِينِ الجِذعِ وَ تَسبِيحِ الحَصَي فِي كَفّهِ وَ شَكوَي البَعِيرِ وَ كَلَامِ الذّرَاعِ وَ مجَيِ‌ءِ الشّجَرَةِ وَ خُرُوجِ المَاءِ مِن بَينِ أَصَابِعِهِ ع فِي المِيضَاةِ وَ إِطعَامِ الخَلقِ الكَثِيرِ مِنَ الطّعَامِ القَلِيلِ قَدحٌ فِي صِحّتِهَا وَ صِدقِ رُوَاتِهَا وَ ثُبُوتِ الحُجّةِ بِهَا وَ سَاقَ الكَلَامَ إِلَي قَولِهِ وَ لَا زَالَ أَجِدُ الجَاهِلَ مِنَ النّاصِبَةِ وَ المُعَانِدِ يُظهِرُ التّعَجّبَ مِنَ الخَبَرِ بِمُلَاقَاةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع الجِنّ وَ كَفّهِ شَرّهُم عَنِ النّبِيّص وَ أَصحَابِهِ وَ


صفحه : 89

يَتَضَاحَكُ لِذَلِكَ وَ يَنسِبُ الرّوَايَةَ إِلَي الخِرَافَاتِ البَاطِلَةِ وَ يَصنَعُ مِثلَ ذَلِكَ فِي الأَخبَارِ الوَارِدَةِ بِسِوَي ذَلِكَ مِن مُعجِزَاتِهِ ع وَ يَقُولُ إِنّهَا مِن مَوضُوعَاتِ الشّيعَةِ وَ تَخَرّصِ مَنِ افتَرَاهُ مِنهُم لِلتّكَسّبِ بِذَلِكَ أَوِ التّعَصّبِ وَ هَذَا بِعَينِهِ مَقَالُ الزّنَادِقَةِ وَ كَافّةِ أَعدَاءِ الإِسلَامِ فِيمَا نَطَقَ بِهِ القُرآنُ مِن خَبَرِ الجِنّ وَ إِسلَامِهِم وَ قَولِهِمإِنّا سَمِعنا قُرآناً عَجَباً إِلَي آخِرِهِ وَ فِيمَا ثَبَتَ بِهِ الخَبَرُ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ فِي قِصّةِ لَيلَةِ الجِنّ وَ مُشَاهَدَتِهِ لَهُم كَالزّطّ وَ فِي غَيرِ ذَلِكَ مِن مُعجِزَاتِ الرّسُولِص فَإِنّهُم يُظهِرُونَ التّعَجّبَ مِن جَمِيعِ ذَلِكَ وَ يَتَضَاحَكُونَ عِندَ سِمَاعِ الخَبَرِ بِهِ وَ الِاحتِجَاجِ بِصِحّتِهِ وَ يَستَهزِءُونَ وَ يَلغَطُونَ فِيمَا يُسرِفُونَ بِهِ مِن سَبّ الإِسلَامِ وَ أَهلِهِ وَ نِسبَتِهِم إِيّاهُم إِلَي العَجزِ وَ الجَهلِ وَ وَضعِ الأَبَاطِيلِ إِلَي آخِرِ مَا أَفَادَهُ قُدّسَ سِرّهُ

بيان الشفير ناحية الوادي‌ وغلوة السهم مرماه وتوغل في الوادي‌ ذهب وبالغ وأبعد وتضاءل تصاغر وانسري الهم عني‌ وسري‌ انكشف كل ذلك ذكره الفيروزآبادي‌

45- كِتَابُ الدّلَائِلِ للِطبّرَيِ‌ّ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ الخَازِنِ عَن مُحَمّدِ بنِ عُمَرَ التمّيِميِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَحمَدَ بنِ جِيرَوَيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي البُهلُولِ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي الأَسوَدِ عَن جَابِرِ بنِ يَزِيدَ عَن أَبِي جَعفَرٍ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ البَاقِرِ ع قَالَخَرَجَ أَبُو مُحَمّدٍ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع إِلَي مَكّةَ فِي جَمَاعَةٍ مِن مَوَالِيهِ وَ نَاسٍ مِن سِوَاهُم فَلَمّا بَلَغَ عُسفَانَ ضَرَبَ مَوَالِيهِ فُسطَاطَهُ فِي مَوضِعٍ مِنهَا فَلَمّا دَنَا عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع مِن ذَلِكَ المَوضِعِ قَالَ لِمَوَالِيهِ كَيفَ ضَرَبتُم فِي هَذَا المَوضِعِ وَ هَذَا مَوضِعُ قَومٍ مِنَ الجِنّ هُم لَنَا أَولِيَاءُ وَ لَنَا شِيعَةٌ وَ ذَلِكَ يَضُرّ بِهِم وَ يَضِيقُ عَلَيهِم


صفحه : 90

فَقُلنَا مَا عَلِمنَا ذَلِكَ وَ عَزَمُوا إِلَي قَلعِ الفُسطَاطِ وَ إِذَا هَاتِفٌ يُسمَعُ صَوتُهُ وَ لَا يُرَي شَخصُهُ وَ هُوَ يَقُولُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ لَا تُحَوّل فُسطَاطَكَ مِن مَوضِعِهِ فَإِنّا نَحتَمِلُ لَكَ ذَلِكَ وَ هَذَا ألطف [لُطفٌ] قَد أَهدَينَاهُ إِلَيكَ وَ نُحِبّ أَن تَنَالَ مِنهُ لِنَتَشَرّفَ بِذَلِكَ فَإِذَا جَانِبُ الفُسطَاطِ طَبَقٌ عَظِيمٌ وَ أَطبَاقٌ مَعَهُ فِيهَا عِنَبٌ وَ رُمّانٌ وَ مَوزٌ وَ فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ فَدَعَا أَبُو مُحَمّدٍ ع مَن كَانَ مَعَهُ فَأَكَلَ وَ أَكَلُوا مِن تِلكَ الفَاكِهَةِ

أمان الأخطار،نقلا من كتاب الدلائل مرسلا مثله النجوم ،روينا بإسنادنا إلي سعيد بن هبة الله الراوندي‌ يرفعه إلي علي بن الحسين ع

وذكر مثله بيان يدل علي جواز التصرف فيما أتي به الجن كمايقتضيه الأصل

46-عُيُونُ المُعجِزَاتِ،لِلسّيّدِ المُرتَضَي مِن كِتَابِ الأَنوَارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدَوَيهِ عَن سُلَيمَانَ بنِ عَلِيّ الدمّشَقيِ‌ّ عَن أَبِي هَاشِمٍ الزبّاَليِ‌ّ عَن زَاذَانَ


صفحه : 91

عَن سَلمَانَ قَالَ كَانَ النّبِيّص ذَاتَ يَومٍ جَالِساً بِالأَبطَحِ وَ عِندَهُ جَمَاعَةٌ مِن أَصحَابِهِ وَ هُوَ مُقبِلٌ عَلَينَا بِالحَدِيثِ إِذ نَظَرنَا إِلَي زَوبَعَةٍ قَدِ ارتَفَعَت فَأَثَارَتِ الغُبَارَ وَ مَا زَالَت تَدنُو وَ الغُبَارُ يَعلُو إِلَي أَن وَقَفَ بِحِذَاءِ النّبِيّص ثُمّ بَرَزَ مِنهَا شَخصٌ كَانَ فِيهَا ثُمّ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِص إنِيّ‌ وَافِدُ قوَميِ‌ استَجَرنَا بِكَ فَأَجِرنَا وَ ابعَث معَيِ‌ مِن قِبَلِكَ مَن يُشرِفُ عَلَي قَومِنَا فَإِنّ بَعضَهُم قَد بَغَي عَلَينَا لِيَحكُمَ بَينَنَا وَ بَينَهُم بِحُكمِ اللّهِ وَ كِتَابِهِ وَ خُذ عَلَيّ العُهُودَ وَ المَوَاثِيقَ المُؤَكّدَةَ أَن أَرُدّهُ إِلَيكَ سَالِماً فِي غَدَاةِ غَدٍ إِلّا أَن تَحدُثَ عَلَيّ حَادِثَةٌ مِن عِندِ اللّهِ فَقَالَ لَهُ النّبِيّص مَن أَنتَ وَ مَن قَومُكَ قَالَ أَنَا عَرفَطَةُ بنُ شِمرَاخٍ أَحَدُ بنَيِ‌ نَجَاحٍ وَ أَنَا وَ جَمَاعَةٌ مِن أهَليِ‌ كُنّا نَستَرِقُ السّمعَ فَلَمّا مُنِعنَا مِن ذَلِكَ آمَنّا وَ لَمّا بَعَثَكَ اللّهُ نَبِيّاً آمَنّا بِكَ عَلَي مَا عَلِمتُهُ وَ قَد صَدّقنَاكَ وَ قَد خَالَفَنَا بَعضَ القَومِ وَ أَقَامُوا عَلَي مَا كَانُوا عَلَيهِ فَوَقَعَ بَينَنَا وَ بَينَهُمُ الخِلَافُ وَ هُم أَكثَرُ مِنّا عَدَداً وَ قُوّةً وَ قَد غَلَبُوا عَلَي المَاءِ وَ المرَاَعيِ‌ وَ أَضَرّوا بِنَا وَ بِدَوَابّنَا فَابعَث معَيِ‌ مَن يَحكُمُ بَينَنَا بِالحَقّ فَقَالَ لَهُ النّبِيّص فَاكشِف لَنَا عَن وَجهِكَ حَتّي نَرَاكَ عَلَي هَيئَتِكَ التّيِ‌ أَنتَ عَلَيهَا قَالَ فَكَشَفَ لَنَا عَن صُورَتِهِ فَنَظَرنَا فَإِذَا شَخصٌ عَلَيهِ شَعرٌ كَثِيرٌ وَ إِذَا رَأسُهُ طَوِيلٌ طَوِيلُ العَينَينِ عَينَاهُ فِي طُولِ رَأسِهِ صَغِيرُ الحَدَقَتَينِ وَ لَهُ أَسنَانٌ كَأَنّهَا أَسنَانُ السّبَاعِ ثُمّ إِنّ النّبِيّص أَخَذَ عَلَيهِ العَهدَ وَ المِيثَاقَ عَلَي أَن يَرُدّ عَلَيهِ فِي غَدٍ مَن يَبعَثُ بِهِ مَعَهُ فَلَمّا فَرَغَ مِن ذَلِكَ التَفَتَ إِلَي أَبِي بَكرٍ فَقَالَ لَهُ صِر مَعَ أَخِينَا عَرفَطَةَ وَ انظُر إِلَي مَا هُم عَلَيهِ وَ احكُم بَينَهُم بِالحَقّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ أَينَ هُم قَالَ هُم تَحتَ


صفحه : 92

الأَرضِ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ فَكَيفَ أُطِيقُ النّزُولَ تَحتَ الأَرضِ وَ كَيفَ أَحكُمُ بَينَهُم وَ لَا أُحسِنُ كَلَامَهُم ثُمّ التَفَتَ إِلَي عُمَرَ بنِ الخَطّابِ فَقَالَ لَهُ مِثلَ قَولِهِ لأِبَيِ‌ بَكرٍ فَأَجَابَ مِثلَ جَوَابِ أَبِي بَكرٍ ثُمّ أَقبَلَ عَلَي عُثمَانَ وَ قَالَ لَهُ مِثلَ قَولِهِ لَهُمَا فَأَجَابَهُ كَجَوَابِهِمَا ثُمّ استَدعَي بعِلَيِ‌ّ ع وَ قَالَ لَهُ يَا عَلِيّ صِر مَعَ أَخِينَا عَرفَطَةَ وَ تُشرِفُ عَلَي قَومِهِ وَ تَنظُرُ إِلَي مَا هُم عَلَيهِ وَ تَحكُمُ بَينَهُم بِالحَقّ فَقَامَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَعَ عَرفَطَةَ وَ قَد تَقَلّدَ سَيفَهُ قَالَ سَلمَانُ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ فَتَبِعتُهُمَا إِلَي أَن صَارَا إِلَي الواَديِ‌ فَلَمّا تَوَسّطَا نَظَرَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ قَالَ قَد شَكَرَ اللّهُ تَعَالَي سَعيَكَ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ فَارجِع فَوَقَفتُ أَنظُرُ إِلَيهِمَا فَانشَقّتِ الأَرضُ وَ دَخَلَا فِيهَا وَ عُدتُ إِلَي مَا كُنتُ وَ رَجَعتُ وَ تدَاَخلَنَيِ‌ مِنَ الحَسرَةِ مَا اللّهُ أَعلَمُ بِهِ كُلّ ذَلِكَ إِشفَاقاً عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ أَصبَحَ النّبِيّص وَ صَلّي بِالنّاسِ الغَدَاةَ وَ جَاءَ وَ جَلَسَ عَلَي الصّفَا وَ حَفّ بِهِ أَصحَابُهُ وَ تَأَخّرَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ ارتَفَعَ النّهَارُ وَ أَكثَرَ الكَلَامَ إِلَي أَن زَالَتِ الشّمسُ وَ قَالُوا إِنّ الجنِيّ‌ّ احتَالَ عَلَي النّبِيّص وَ قَد أَرَاحَنَا اللّهُ مِن أَبِي تُرَابٍ وَ ذَهَبَ عَنّا افتِخَارُهُ بِابنِ عَمّهِ عَلَينَا وَ أَكثَرُوا الكَلَامَ إِلَي أَن صَلّي النّبِيّص صَلَاةَ الأُولَي وَ عَادَ إِلَي مَكَانِهِ وَ جَلَسَ عَلَي الصّفَا وَ مَا زَالَ مَعَ أَصحَابِهِ بِالحَدِيثِ إِلَي أَن وَجَبَت صَلَاةُ العَصرِ وَ أَكثَرُوا القَومُ الكَلَامَ وَ أَظهَرُوا اليَأسَ مِن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَصَلّي النّبِيّص صَلَاةَ العَصرِ وَ جَاءَ وَ جَلَسَ عَلَي الصّفَا وَ أَظهَرَ الفِكرَ فِي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ ظَهَرَت شَمَاتَةُ المُنَافِقِينَ بِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ كَادَتِ الشّمسُ تَغرُبُ فَتَيَقّنَ القَومُ أَنّهُ قَد هَلَكَ إِذَا وَ قَدِ انشَقّ الصّفَا وَ طَلَعَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ مِنهُ وَ سَيفُهُ يَقطُرُ دَماً وَ مَعَهُ عَرفَطَةُ


صفحه : 93

فَقَامَ إِلَيهِ النّبِيّص وَ قَبّلَ بَينَ عَينَيهِ وَ جَبِينَهُ وَ قَالَ لَهُ مَا ألّذِي حَبَسَكَ عنَيّ‌ إِلَي هَذَا الوَقتِ قَالَ ع صِرتُ إِلَي جِنّ كَثِيرٍ قَد بَغَوا إِلَي عَرفَطَةَ وَ قَومِهِ مِنَ المُنَافِقِينَ فَدَعَوتُهُم إِلَي ثَلَاثِ خِصَالٍ فَأَبَوا عَلَيّ وَ ذَلِكَ أنَيّ‌ دَعَوتُهُم إِلَي الإِيمَانِ بِاللّهِ تَعَالَي وَ الإِقرَارِ بِنُبُوّتِكَ وَ رِسَالَتِكَ فَأَبَوا فَدَعَوتُهُم إِلَي أَدَاءِ الجِزيَةِ فَأَبَوا فَسَأَلتُهُم أَن يُصَالِحُوا عَرفَطَةَ وَ قَومَهُ فَيَكُونَ بَعضُ المَرعَي لِعَرفَطَةَ وَ قَومِهِ وَ كَذَلِكَ المَاءُ فَأَبَوا ذَلِكَ كُلّهُ فَوَضَعتُ سيَفيِ‌ فِيهِم وَ قَتَلتُ مِنهُم ثَمَانِينَ أَلفاً فَلَمّا نَظَرُوا إِلَي مَا حَلّ بِهِم طَلَبُوا الأَمَانَ وَ الصّلحَ ثُمّ آمَنُوا وَ صَارُوا إِخوَاناً وَ زَالَ الخِلَافُ وَ مَا زِلتُ مَعَهُم إِلَي السّاعَةِ فَقَالَ عَرفَطَةُ يَا رَسُولَ اللّهِ جَزَاكَ اللّهُ وَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنّا خَيراً

47- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ وَ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي جَمِيعاً عَنِ الوَشّاءِ عَنِ ابنِ عَائِذٍ عَن أَبِي خَدِيجَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَيسَ مِن بَيتٍ فِيهِ حَمَامٌ إِلّا لَم يُصِب أَهلَ ذَلِكَ البَيتِ آفَةٌ مِنَ الجِنّ إِنّ سُفَهَاءَ الجِنّ يَعبَثُونَ فِي البَيتِ فَيَعبَثُونَ بِالحَمَامِ وَ يَدَعُونَ الإِنسَانَ

48- وَ مِنهُ، عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ وَ مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن أَبَانٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَحَدِهِمَا ع قَالَ الكِلَابُ السّودُ البهم [البَهِيمُ] مِنَ الجِنّ


صفحه : 94

49- وَ مِنهُ، عَنِ العِدّةِ عَن سَهلٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ شَمّونٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن مِسمَعٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص الكِلَابُ مِن ضَعَفَةِ الجِنّ فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُم طَعَاماً وَ شَيءٌ مِنهَا بَينَ يَدَيهِ فَليُطعِمهُ أَو لِيَطرُدهُ فَإِنّ لَهَا أَنفُسَ سَوءٍ

50- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي هَاشِمٍ عَن سَالِمِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سُئِلَ عَنِ الكِلَابِ فَقَالَ كُلّ أَسوَدَ بَهِيمٌ وَ كُلّ أَحمَرَ بَهِيمٌ وَ كُلّ أَبيَضَ بَهِيمٌ فَذَلِكَ خَلقٌ مِنَ الكِلَابِ مِنَ الجِنّ وَ مَا كَانَ أَبلَقَ فَهُوَ مَسخٌ مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ

بيان يحتمل أن يكون المعني أن أصل خلق الكلب من الجن لماسيأتي‌ أنه خلق من بزاق إبليس أو أنه في الصفات شبيه بهم أو أن الجن يتصور بصورتهم أو أنه لما كان الكلب من المسوخ فبعضهم مسخوا من الإنس وبعضهم من الجن

51- الإِختِصَاصُ، عَنِ المُعَلّي بنِ مُحَمّدٍ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا يَرفَعُهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ المَلَائِكَةَ مِن أَنوَارٍ وَ خَلَقَ الجَانّ مِن نَارٍ وَ خَلَقَ الجِنّ صِنفاً مِنَ الجَانّ مِنَ الرّيحِ وَ خَلَقَ الجِنّ صِنفاً مِنَ الجِنّ مِنَ المَاءِ

أقول تمامه في باب قوام بدن الإنسان

52-تَقرِيبُ المَعَارِف،لأِبَيِ‌ الصّلَاحِ الحلَبَيِ‌ّ نَقلًا مِن تَارِيخِ الواَقدِيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ السّائِبِ قَالَ لَمّا قُتِلَ عُثمَانُ أَتَي حُذَيفَةُ وَ هُوَ بِالمَدَائِنِ فَقِيلَ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ لَقِيتُ رَجُلًا آنِفاً عَلَي الجِسرِ فحَدَثّنَيِ‌ أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ قَالَ هَل تَعرِفُ الرّجُلَ قُلتُ أظَنُنّيِ‌ أَعرِفُهُ وَ مَا أُثَبّتُهُ قَالَ حُذَيفَةُ إِنّ ذَلِكَ عَيثَمُ الجنِيّ‌ّ وَ هُوَ ألّذِي يَسِيرُ بِالأَخبَارِ


صفحه : 95

فَحَفِظُوا ذَلِكَ اليَومَ وَ وَجَدُوهُ قُتِلَ فِي ذَلِكَ اليَومِ

53- العِلَلُ،لِمُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ العِلّةُ فِي الجِنّ أَنّهُم لَا يَدخُلُونَ الجَنّةَ أَنّهُم خُلِقُوا مِنَ النّارِ وَ الجَنّةُ هيِ‌َ نُورٌ فَلَا تَجتَمِعُ النّارُ وَ النّورُ وَ سُئِلَ العَالِمُ ع فَقِيلَ لَهُ فَإِذَا لَم يَدخُلُوا الجَنّةَ فَأَينَ يَكُونُونَ فَقَالَ إِنّ اللّهَ جَعَلَ حَظَائِرَ بَينَ الجَنّةِ وَ النّارِ يَكُونُونَ فِيهَا مُؤمِنُو الجِنّ وَ فُسّاقُ الشّيعَةِ

54- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، فِي قَولِهِ تَعَالَيخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ قَالَ وَ خَلَقَ الجَانّ وَ هُوَ أَبُو الجِنّ وَ أَنوَاعَ الطّيُورِ يَومَ الأَربِعَاءِ

55- الإِحتِجَاجُ،مُرسَلًا عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي أَجوِبَتِهِ عَن مَسَائِلَ طَاوُسٍ اليمَاَنيِ‌ّ قَالَ فَلِمَ سمُيّ‌َ الجِنّ جِنّاً قَالَ لِأَنّهُمُ استَجَنّوا فَلَم يُرَوا

56- تَفسِيرُ الإِمَامِ، قِيلَ لَهُ لَم يَكُن إِبلِيسُ مَلَكاً قَالَ لَا بَل كَانَ مِنَ الجِنّ أَ مَا تَسمَعَانِ اللّهَ يَقُولُوَ إِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنّ وَ هُوَ ألّذِي قَالَ اللّهُوَ الجَانّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السّمُومِ

57-تَفسِيرُ الفُرَاتِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ هَاشِمٍ مُعَنعَناً عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن آبَائِهِ ع قَالَهَبَطَ جَبرَئِيلُ ع عَلَي النّبِيّص وَ هُوَ فِي مَنزِلِ أُمّ


صفحه : 96

سَلَمَةَ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ مِلؤُ مَلَائِكَةِ السّمَاءِ الرّابِعَةِ يُجَادِلُونَ فِي شَيءٍ حَتّي كَثُرَ بَينَهُمُ الجِدَالُ فِيهِ وَ هُم مِنَ الجِنّ مِن قَومِ إِبلِيسَ الّذِينَ قَالَ اللّهُ فِي كِتَابِهِإِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبّهِفَأَوحَي اللّهُ تَعَالَي إِلَي المَلَائِكَةِ قَد كَثُرَ جِدَالُكُم فَتَرَاضَوا بِحَكَمٍ مِنَ الآدَمِيّينَ يَحكُمُ بَينَكُم قَالُوا قَد رَضِينَا بِحَكَمٍ مِن أُمّةِ مُحَمّدٍص فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِم بِمَن تَرضَونَ مِن أُمّةِ مُحَمّدٍص قَالُوا رَضِينَا بعِلَيِ‌ّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَأَهَبَطَ اللّهُ مَلَكاً مِن مَلَائِكَةِ السّمَاءِ الدّنيَا بِبِسَاطٍ وَ أَرِيكَتَينِ فَهَبَطَ إِلَي النّبِيّص فَأَخبَرَهُ باِلذّيِ‌ جَاءَ فِيهِ فَدَعَا النّبِيّص بعِلَيِ‌ّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ أَقعَدَهُ عَلَي البِسَاطِ وَ وَسّدَهُ بِالأَرِيكَتَينِ ثُمّ تَفَلَ فِي فِيهِ ثُمّ قَالَ يَا عَلِيّ ثَبّتَ اللّهُ قَلبَكَ وَ جَعَلَ حُجّتَكَ بَينَ عَينَيكَ ثُمّ عَرَجَ بِهِ إِلَي السّمَاءِ فَإِذَا نَزَلَ قَالَ يَا مُحَمّدُ اللّهُ يُقرِئُكَ السّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَنَرفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ وَ فَوقَ كُلّ ذيِ‌ عِلمٍ عَلِيمٌ

58-الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن خَالِدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن رَجُلٍ مِن أَصحَابِنَا مِن أَهلِ الجَبَلِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَذَكَرتُ المَجُوسَ وَ أَنّهُم يَقُولُونَ نِكَاحٌ كَنِكَاحِ وُلدِ آدَمَ وَ أَنّهُم يُحَاجّونَ بِذَلِكَ فَقَالَ أَمَا إِنّهُم لَا يُحَاجّونَكُم بِهِ لَمّا أَدرَكَ هِبَةُ اللّهِ قَالَ آدَمُ يَا رَبّ زَوّج هِبَةَ اللّهِ فَأَهبَطَ اللّهُ لَهُ حَورَاءَ فَوَلَدَت أَربَعَةَ غِلمَةٍ ثُمّ رَفَعَهَا اللّهُ فَلَمّا أَدرَكَ وُلدُ هِبَةِ اللّهِ قَالَ يَا رَبّ زَوّج وُلدَ هِبَةِ اللّهِ فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ أَن يَخطُبَ إِلَي رَجُلٍ مِنَ الجِنّ وَ كَانَ مُسلِماً أَربَعَ بَنَاتٍ لَهُ عَلَي وُلدِ هِبَةِ اللّهِ فَزَوّجَهُنّ


صفحه : 97

فَمَا كَانَ مِن جَمَالٍ وَ حِلمٍ فَمِن قِبَلِ الحَورَاءِ وَ النّبُوّةِ وَ مَا كَانَ مِن سَفَهٍ أَو حِدّةٍ فَمِنَ الجِنّ

59- العيَاّشيِ‌ّ، عَن أَبِي بَكرٍ الحضَرمَيِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ آدَمَ وُلِدَ لَهُ أَربَعَةُ ذُكُورٍ فَأَهبَطَ اللّهُ إِلَيهِم أَربَعَةً مِنَ الحُورِ العِينِ فَزَوّجَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم وَاحِدَةً فَتَوَالَدُوا ثُمّ إِنّ اللّهَ رَفَعَهُنّ وَ زَوّجَ هَؤُلَاءِ الأَربَعَةَ أَربَعَةً مِنَ الجِنّ فَصَارَ النّسلُ فِيهِم فَمَا كَانَ مِن حِلمٍ فَمِن آدَمَ وَ مَا كَانَ مِن جَمَالٍ فَمِن قِبَلِ الحُورِ العِينِ وَ مَا كَانَ مِن قُبحٍ أَو سُوءِ خُلُقٍ فَمِنَ الجِنّ

60- الفَقِيهُ، عَنِ أَبِيهِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن هَارُونَ بنِ مُسلِمٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ عُروَةَ عَن بُرَيدٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَنزَلَ عَلَي آدَمَ حَورَاءَ مِنَ الجَنّةِ فَزَوّجَهَا أَحَدَ ابنَيهِ وَ تَزَوّجَ الآخَرُ ابنَةَ الجَانّ فَمَا كَانَ فِي النّاسِ مِن جَمَالٍ كَثِيرٍ أَو حُسنِ خُلُقٍ فَهُوَ مِنَ الحَورَاءِ وَ مَا كَانَ مِنَ سُوءِ خُلُقٍ فَهُوَ مِنِ ابنَةِ الجَانّ

61-الإِحتِجَاجُ، عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع فِي أَجوِبَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع عَن مَسَائِلِ اليهَوُديِ‌ّ فِي فَضلِ مُحَمّدٍص عَلَي جَمِيعِ الأَنبِيَاءِ إِلَي أَن قَالَ قَالَ لَهُ اليهَوُديِ‌ّ فَإِنّ هَذَا سُلَيمَانُ سُخّرَت لَهُ الشّيَاطِينُيَعمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِن مَحارِيبَ وَ تَماثِيلَ قَالَ لَهُ عَلِيّ ع لَقَد كَانَ كَذَلِكَ وَ لَقَد أعُطيِ‌َ مُحَمّدٌص أَفضَلَ مِن هَذَا إِنّ الشّيَاطِينَ سُخّرَت لِسُلَيمَانَ وَ هيِ‌َ مُقِيمَةٌ عَلَي كُفرِهَا وَ لَقَد سُخّرَت لِنُبُوّةِ مُحَمّدٍص الشّيَاطِينُ بِالإِيمَانِ فَأَقبَلَ إِلَيهِ الجِنّ التّسعَةُ مِن أَشرَافِهِم مِن جِنّ نَصِيبِينَ وَ اليَمَنِ


صفحه : 98

مِن بنَيِ‌ عَمرِو بنِ عَامِرٍ مِنَ الأَحِجّةِ مِنهُم شَصَاهُ وَ مَصَاهُ وَ الهَملَكَانُ وَ المَرزُبَانُ وَ المَازَمَانُ وَ نَضَاهُ وَ هَاصِبٌ وَ هَاضِبٌ وَ عَمرٌو وَ هُمُ الّذِينَ يَقُولُ اللّهُ تَبَارَكَ اسمُهُ فِيهِموَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراً مِنَ الجِنّ وَ هُم تِسعَةٌيَستَمِعُونَ القُرآنَفَأَقبَلَ إِلَيهِ الجِنّ وَ النّبِيّص بِبَطنِ النّخلِ فَاعتَذَرُوا بِأَنّهُم ظَنّوا كَما ظَنَنتُم أَن لَن يَبعَثَ اللّهُ أَحَداً وَ لَقَد أَقبَلَ إِلَيهِ أَحَدٌ وَ سَبعُونَ أَلفاً مِنهُم فَبَايَعُوهُ عَلَي الصّومِ وَ الصّلَاةِ وَ الزّكَاةِ وَ الحَجّ وَ الجِهَادِ وَ نُصحِ المُسلِمِينَ وَ اعتَذَرُوا بِأَنّهُم قَالُواعَلَي اللّهِ شَطَطاً وَ هَذَا أَفضَلُ مِمّا أعُطيِ‌َ سُلَيمَانَ سُبحَانَ مَن سَخّرَهَا لِنُبُوّةِ مُحَمّدٍص بَعدَ أَن كَانَت تَتَمَرّدُ وَ تَزعُمُ أَنّ لِلّهِ وَلَداً فَلَقَد شَمِلَ مَبعَثُهُ مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ مَا لَا يُحصَي

62- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ النّضرِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ الجِنّوَ أَنّهُ تَعالي جَدّ رَبّنا فَقَالَ شَيءٌ كَذّبَهُ الجِنّ فَقَصّهُ اللّهُ تَعَالَي كَمَا قَالَ

وَ عَنهُ عَن أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ عَن فَضَالَةَ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن زُرَارَةَ قَالَسَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِ تَعَالَيوَ أَنّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ فَزادُوهُم رَهَقاً قَالَ كَانَ الرّجُلُ يَنطَلِقُ إِلَي الكَاهِنِ ألّذِي يوُحيِ‌ إِلَيهِ الشّيطَانُ فَيَقُولُ قُل لِشَيطَانِكَ فُلَانٍ قَد عَاذَ بِكَ وَ قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي قَولِهِوَ أَنّهُ كانَ رِجالٌالآيَةَ قَالَ كَانَ الجِنّ


صفحه : 99

يَنزِلُونَ عَلَي قَومٍ مِنَ الإِنسِ وَ يُخبِرُونَهُمُ الأَخبَارَ التّيِ‌ يَسمَعُونَهَا فِي السّمَاءِ مِن قَبلِ مَولِدِ رَسُولِ اللّهِص فَكَانَ النّاسُ يَكهَنُونَ بِمَا خَبّرَهُمُ الجِنّ وَ قَولُهُفَزادُوهُم رَهَقاً أَي خُسرَاناً وَ قَالَ البَخسُ النّقصَانُ وَ الرّهَقُ العَذَابُ وَ قَولُهُكُنّا طَرائِقَ قِدَداً أَي عَلَي مَذَاهِبَ مُختَلِفَةٍ

63-بَصَائِرُ الدّرَجَاتِ، عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ حَمّادٍ عَن عُمَرَ بنِ يَزِيدَ بَيّاعِ الساّبرِيِ‌ّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع بَينَا رَسُولُ اللّهِص ذَاتَ يَومٍ جَالِسٌ إِذ أَتَاهُ رَجُلٌ طَوِيلٌ كَأَنّهُ نَخلَةٌ فَسَلّمَ عَلَيهِ فَرَدّ عَلَيهِ السّلَامَ وَ قَالَ يُشبِهُ الجِنّ وَ كَلَامَهُم فَمَن أَنتَ يَا عَبدَ اللّهِ فَقَالَ أَنَا الهَامُ بنُ الهِيمِ بنِ لَاقِيسَ بنِ إِبلِيسَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص مَا بَينَكَ وَ بَينَ إِبلِيسَ إِلّا أَبَوَانِ فَقَالَ نَعَم يَا رَسُولَ اللّهِص قَالَ فَكَم أَتَي لَكَ قَالَ أَكَلتُ عُمُرَ الدّنيَا إِلّا أَقَلّهُ أَنَا أَيّامَ قَتلِ قَابِيلَ هَابِيلَ غُلَامٌ أَفهَمُ الكَلَامَ وَ أَنهَي عَنِ الِاعتِصَامِ وَ أَطُوفُ الأَجسَامَ وَ آمُرُ بِقَطِيعَةِ الأَرحَامِ وَ أُفسِدُ الطّعَامَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص بِئسَ سِيرَةُ الشّيخِ المُتَأَمّلِ وَ الغُلَامِ المُقبِلِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنِيّ‌ تَائِبٌ قَالَص عَلَي يَدِ مَن جَرَي تَوبَتُكَ مِنَ الأَنبِيَاءِ قَالَ عَلَي يدَيَ‌ نُوحٍ وَ كُنتُ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ وَ عَاتَبتُهُ عَلَي دُعَائِهِ عَلَي قَومِهِ حَتّي بَكَي وَ أبَكاَنيِ‌ وَ قَالَ لَا جَرَمَ أنَيّ‌ عَلَي ذَلِكَ مِنَ النّادِمِينَ وَأَعُوذُ بِاللّهِ أَن أَكُونَ مِنَ الجاهِلِينَ ثُمّ كُنتُ مَعَ هُودٍ ع فِي مَسجِدِهِ مَعَ الّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ فَعَاتَبتُهُ عَلَي دُعَائِهِ عَلَي قَومِهِ حَتّي بَكَي وَ أبَكاَنيِ‌ وَ قَالَ لَا جَرَمَ أنَيّ‌ عَلَي ذَلِكَ مِنَ النّادِمِينَ وَأَعُوذُ بِاللّهِ أَن أَكُونَ مِنَ الجاهِلِينَ ثُمّ كُنتُ مَعَ اِبرَاهِيمَ حِينَ كَادَهُ قَومُهُ فَأَلقَوهُ فِي النّارِ فَجَعَلَهَا اللّهُ


صفحه : 100

عَلَيهِ بَرداً وَ سَلَاماً ثُمّ كُنتُ مَعَ يُوسُفَ ع حِينَ حَسَدَهُ إِخوَتُهُ فَأَلقَوهُ فِي الجُبّ فَبَادَرتُهُ إِلَي قَعرِ الجُبّ فَوَضَعتُهُ وَضعاً رَفِيقاً ثُمّ كُنتُ مَعَهُ فِي السّجنِ أُؤنِسُهُ فِيهِ حَتّي أَخرَجَهُ اللّهُ مِنهُ ثُمّ كُنتُ مَعَ مُوسَي ع وَ علَمّنَيِ‌ سِفراً مِنَ التّورَاةِ وَ قَالَ إِن أَدرَكتَ عِيسَي ع فَأَقرِئهُ منِيّ‌ السّلَامَ فَلَقِيتُهُ وَ أَقرَأتُهُ مِن مُوسَي ع السّلَامَ وَ علَمّنَيِ‌ سِفراً مِنَ الإِنجِيلِ وَ قَالَ إِن أَدرَكتَ مُحَمّداًص فَأَقرِئهُ منِيّ‌ السّلَامَ فَعِيسَي ع يَا رَسُولَ اللّهِص يَقرَأُ عَلَيكَ السّلَامَ فَقَالَ النّبِيّص وَ عَلَي عِيسَي رُوحِ اللّهِ وَ كَلِمَتِهِ وَ جَمِيعِ أَنبِيَاءِ اللّهِ وَ رُسُلِهِ مَا دَامَتِ السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ السّلَامُ وَ عَلَيكَ يَا هَامُ بِمَا بَلّغتَ السّلَامُ فَارفَع إِلَينَا حَوَائِجَكَ قَالَ حاَجتَيِ‌ أَن يُبقِيَكَ اللّهُ لِأُمّتِكَ وَ يُصلِحَهُم لَكَ وَ يَرزُقَهُمُ الِاستِقَامَةَ لِوَصِيّكَ مِن بَعدِكَ فَإِنّ الأُمَمَ السّالِفَةَ إِنّمَا هَلَكَت بِعِصيَانِ الأَوصِيَاءِ وَ حاَجتَيِ‌ يَا رَسُولَ اللّهِ أَن تعُلَمّنَيِ‌ سُوَراً مِنَ القُرآنِ أصُلَيّ‌ بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لعِلَيِ‌ّ ع يَا عَلِيّ عَلّمِ الهَامَ وَ ارفُق بِهِ فَقَالَ هَامٌ يَا رَسُولَ اللّهِص مَن هَذَا ألّذِي ضمَمَتنَيِ‌ إِلَيهِ فَإِنّا مَعَاشِرَ الجِنّ قَد أُمِرنَا أَن لَا نُكَلّمَ إِلّا نَبِيّاً أَو وصَيِ‌ّ نبَيِ‌ّ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص يَا هَامُ مَن وَجَدتُم فِي الكِتَابِ وصَيِ‌ّ آدَمَ قَالَ شَيثُ بنُ آدَمَ قَالَ مَن وَجَدتُم وصَيِ‌ّ نُوحٍ قَالَ سَامُ بنُ نُوحٍ قَالَ فَمَن كَانَ وصَيِ‌ّ هُودٍ قَالَ يُوحَنّا بنُ خزان ابنُ عَمّ هُودٍ قَالَ فَمَن كَانَ وصَيِ‌ّ اِبرَاهِيمَ قَالَ إِسحَاقُ بنُ اِبرَاهِيمَ قَالَ فَمَن كَانَ وصَيِ‌ّ مُوسَي قَالَ يُوشَعُ بنُ نُونٍ قَالَ فَمَن كَانَ وصَيِ‌ّ عِيسَي ع قَالَ شَمعُونُ بنُ حَمّونَ الصّفَا ابنُ عَمّ مَريَمَ


صفحه : 101

قَالَ فَمَن وَجَدتُم فِي الكِتَابِ وصَيِ‌ّ مُحَمّدٍص قَالَ هُوَ فِي التّورَاةِ إِليَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص هَذَا إِليَا هُوَ عَلِيّ وصَيِيّ‌ قَالَ الهَامُ يَا رَسُولَ اللّهِص فَلَهُ اسمٌ غَيرُ هَذَا قَالَ نَعَم هُوَ حَيدَرَةُ فَلِمَ تسَألَنُيِ‌ عَن ذَلِكَ قَالَ إِنّا وَجَدنَا فِي كِتَابِ الأَنبِيَاءِ أَنّهُ فِي الإِنجِيلِ هَيدَارَا قَالَ هُوَ حَيدَرَةُ قَالَ فَعَلّمَهُ عَلِيّ ع سُوَراً مِنَ القُرآنِ فَقَالَ هَامٌ يَا عَلِيّ يَا وصَيِ‌ّ مُحَمّدٍص أكَتفَيِ‌ بِمَا علَمّتنَيِ‌ مِنَ القُرآنِ قَالَ نَعَم يَا هَامُ قَلِيلُ القُرآنِ كَثِيرٌ ثُمّ قَامَ هَامٌ إِلَي النّبِيّص فَوَدّعَهُ فَلَم يَعُد إِلَي النّبِيّص حَتّي قُبِضَص

بيان قديستدل بقوله قدأمرنا أن لانكلم إلخ علي أن مايخبر به الناس من كلام الجن كذب و لايسمع كلامهم غيرالأنبياء والأوصياء ع و فيه نظر لأن كونهم مأمورين بذلك لايدل علي عدم وقوع خلافه إذ الجن والشياطين ليسوا بمعصومين مع أن في بعض روايات هذه القصة لانطيع مكان لانكلم وأيضا الروايات الكثيرة مما أوردنا في هذاالباب وغيرها دلت علي وقوع التكلم مع سائر الناس فلابد من تأويل فيه إما بحمله علي الكلام علي وجه الطاعة والانقياد أومعاينة مع معرفة كونهم من الجن أوبالتخصيص ببعض الأنواع منهم أو غير ذلك

64-البَصَائِرُ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن بِشرٍ عَن فَضَالَةَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ قَالَحُمِلَ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع مَالٌ مِن خُرَاسَانَ مَعَ رَجُلَينِ مِن أَصحَابِهِ لَا يَزَالَا يَتَفَقّدَانِ المَالَ حَتّي مَرّا باِلريّ‌ّ فَدَفَعَ إِلَيهِمَا رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِمَا كِيساً فِيهِ أَلفُ دِرهَمٍ فَجَعَلَا يَتَفَقّدَانِ فِي كُلّ يَومٍ الكِيسَ حَتّي دَنَيَا مِنَ المَدِينَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ تَعَالَ حَتّي نَنظُرَ مَا حَالُ المَالِ فَنَظَرَا فَإِذَا المَالُ عَلَي حَالِهِ مَا خَلَا كِيسَ الراّزيِ‌ّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اللّهُ المُستَعَانُ مَا نَقُولُ السّاعَةَ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ أَحَدُهُمَا إِنّهُ كَرِيمٌ وَ أَنَا أَرجُو أَن يَكُونَ عِلمُ مَا نَقُولُ


صفحه : 102

عِندَهُ فَلَمّا دَخَلَا المَدِينَةَ قَصَدَا إِلَيهِ فَسَلّمَا إِلَيهِ المَالَ فَقَالَ لَهُمَا أَينَ كِيسُ الراّزيِ‌ّ فَأَخبَرَاهُ بِالقِصّةِ فَقَالَ لَهُمَا إِن رَأَيتُمَا الكِيسَ تَعرِفَانِهِ قَالَا نَعَم قَالَ يَا جَارِيَةُ عَلَيّ بِكِيسِ كَذَا وَ كَذَا فَأَخرَجَتِ الكِيسَ فَرَفَعَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِلَيهِمَا فَقَالَ أَ تَعرِفَانِهِ قَالَا هُوَ ذَاكَ قَالَ إنِيّ‌ احتَجتُ فِي جَوفِ اللّيلِ إِلَي مَالٍ فَوَجّهتُ رَجُلًا مِنَ الجِنّ مِن شِيعَتِنَا فأَتَاَنيِ‌ بِهَذَا الكِيسِ مِن مَتَاعِكُمَا

65- وَ مِنهُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ فَضّالٍ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن سَعدٍ الإِسكَافِ قَالَ أَتَيتُ أَبَا جَعفَرٍ ع أُرِيدُ الإِذنَ عَلَيهِ فَإِذَا رَوَاحِلُ عَلَي البَابِ مَصفُوفَةٌ وَ إِذَا أَصوَاتٌ قَدِ ارتَفَعَت فَخَرَجَت عَلَيّ قَومٌ مُعتَمّونَ بِالعَمَائِمِ يُشبِهُونَ الزّطّ قَالَ فَدَخَلتُ عَلَي أَبِي جَعفَرٍ ع فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ أَبطَأَ إِذنُكَ اليَومَ وَ قَد رَأَيتُ قَوماً خَرَجُوا عَلَيّ مُعتَمّينَ بِالعَمَائِمِ فَأَنكَرتُهُم فَقَالَ أَ وَ تدَريِ‌ مَن أُولَئِكَ يَا سَعدُ قَالَ قُلتُ لَا قَالَ إِخوَانُكَ مِنَ الجِنّ يَأتُونَنَا يَسأَلُونَنَا عَن حَلَالِهِم وَ حَرَامِهِم وَ مَعَالِمِ دِينِهِم

66- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَبِي البِلَادِ عَن عَمّارٍ السجّسِتاَنيِ‌ّ قَالَ كُنتُ لَا أَستَأذِنُ عَلَيهِ يعَنيِ‌ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَجِئتُ ذَاتَ يَومٍ وَ لَيلَةٍ فَجَلَستُ فِي فُسطَاطِهِ بِمِنًي قَالَ فَاستُوذِنَ لِشَبَابٍ كَأَنّهُم رِجَالُ الزّطّ فَخَرَجَ عِيسَي شَلَقَانُ فَذَكَرنَا لَهُ فَأَذِنَ لِي قَالَ فَقَالَ لِي يَا أَبَا عَاصِمٍ مَتَي جِئتَ قُلتُ قَبلَ أُولَئِكَ الّذِينَ دَخَلُوا عَلَيكَ وَ مَا رَأَيتُهُم خَرَجُوا قَالَ أُولَئِكَ قَومٌ مِنَ الجِنّ فَسَأَلُوا عَن مَسَائِلِهِم ثُمّ ذَهَبُوا

67-البَصَائِرُ، وَ دَلَائِلُ الإِمَامَةِ للِطبّرَيِ‌ّ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَبِي البِلَادِ عَن سَدِيرٍ الصيّرفَيِ‌ّ قَالَأوَصاَنيِ‌ أَبُو جَعفَرٍ ع بِحَوَائِجَ لَهُ بِالمَدِينَةِ


صفحه : 103

فَبَينَا أَنَا فِي فَجّ الرّوحَاءِ عَلَي راَحلِتَيِ‌ إِذَا إِنسَانٌ يلَويِ‌ بِثَوبِهِ قَالَ فَقُمتُ لَهُ وَ ظَنَنتُ أَنّهُ عَطشَانُ فَنَاوَلتُهُ الإِدَاوَةَ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي بِهَا وَ ناَولَنَيِ‌ كِتَاباً طِينُهُ رَطبٌ فَنَظَرتُ إِلَي الخَاتَمِ فَإِذَا خَاتَمُ أَبِي جَعفَرٍ ع فَقُلتُ لَهُ مَتَي عَهدُكَ بِصَاحِبِ الكِتَابِ قَالَ السّاعَةَ قَالَ فَإِذَا فِيهِ أَشيَاءُ يأَمرُنُيِ‌ بِهَا قَالَ ثُمّ التَفَتّ فَإِذَا لَيسَ عنِديِ‌ أَحَدٌ قَالَ فَقَدِمَ أَبُو جَعفَرٍ ع فَلَقِيتُهُ فَقُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ رَجُلٌ أتَاَنيِ‌ بِكِتَابٍ وَ طِينُهُ رَطبٌ فَقَالَ إِذَا عَجّلَ بِنَا أَمرٌ أَرسَلتُ بَعضَهُم يعَنيِ‌ الجِنّ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي إِنّا أَهلَ البَيتِ أُعطِينَا أَعوَاناً مِنَ الجِنّ إِذَا عَجّلَت بِنَا الحَاجَةُ بَعَثنَاهُم فِيهَا

68- الدّلَائِلُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ وَ عَلِيّ بنِ جَرِيرٍ عَن مَنصُورِ بنِ حَازِمٍ عَن سَعدٍ الإِسكَافِ قَالَ طَلَبتُ الإِذنَ عَلَي أَبِي جَعفَرٍ ع مَعَ أَصحَابٍ لَنَا لِنَدخُلَ عَلَيهِ فَإِذَا ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ كَأَنّهُم مِن أَبٍ وَ أُمّ عَلَيهِم ثِيَابٌ زرَاَبيِ‌ّ وَ أَقبِيَةٌ طَاقِيّةٌ وَ عَمَائِمُ صُفرٌ دَخَلُوا فَمَا احتَبَسُوا حَتّي خَرَجُوا فَقَالَ لِي يَا سَعدُ رَأَيتَهُم قُلتُ نَعَم جُعِلتُ فِدَاكَ مَن هَؤُلَاءِ قَالَ إِخوَانُكُم مِنَ الجِنّ أَتَونَا يَستَفتُونّا فِي حَلَالِهِم وَ حَرَامِهِم كَمَا تَأتُونّا وَ تَستَفتُونّا فِي حَلَالِكُم وَ حَرَامِكُم فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ وَ يَظهَرُونَ لَكُم قَالَ نَعَم

البصائر، عن محمد بن إسماعيل عن ابن سنان عن ابن مسكان عن سعد مثله


صفحه : 104

69- الإِختِصَاصُ، أَبُو مُحَمّدٍ عَن صَبّاحٍ المزُنَيِ‌ّ عَنِ الحَارِثِ بنِ حَصِيرَةَ عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ قَالَ كُنّا مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع يَومَ الجُمُعَةِ فِي المَسجِدِ بَعدَ العَصرِ إِذ أَقبَلَ رَجُلٌ طُوَالٌ كَأَنّهُ بدَوَيِ‌ّ فَسَلّمَ عَلَيهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع مَا فَعَلَ جِنّيّكَ ألّذِي كَانَ يَأتِيكَ قَالَ إِنّهُ ليَأَتيِنيِ‌ إِلَي أَن وَقَفتُ بَينَ يَدَيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ عَلِيّ ع فَحَدّثِ القَومَ بِمَا كَانَ مِنهُ فَجَلَسَ وَ سَمِعنَا لَهُ فَقَالَ إنِيّ‌ لَرَاقِدٌ بِاليَمَنِ قَبلَ أَن يَبعَثَ اللّهُ نَبِيّهُص فَإِذَا جنِيّ‌ّ أتَاَنيِ‌ نِصفَ اللّيلِ فرَفَسَنَيِ‌ بِرِجلِهِ وَ قَالَ اجلِس فَجَلَستُ ذَعِراً فَقَالَ اسمَع قُلتُ وَ مَا أَسمَعُ قَالَ


عَجِبتُ لِلجِنّ وَ إِبلَاسِهَا   وَ رَكبِهَا العِيسَ بِأَحلَاسِهَا

تهَويِ‌ إِلَي مَكّةَ تبَغيِ‌ الهُدَي   مَا طَاهِرُ الجِنّ كَأَنجَاسِهَا

فَارحَل إِلَي الصّفوَةِ مِن هَاشِمٍ   وَ ارمِ بِعَينَيكَ إِلَي رَأسِهَا

قَالَ فَقُلتُ وَ اللّهِ لَقَد حَدَثَ فِي وُلدِ هَاشِمٍ شَيءٌ أَو يَحدُثُ وَ مَا أَفصَحَ لِي


صفحه : 105

وَ إنِيّ‌ لَأَرجُو أَن يُفصِحَ لِي فَأَرِقتُ ليَلتَيِ‌ وَ أَصبَحتُ كَئِيباً فَلَمّا كَانَ مِنَ القَابِلَةِ أتَاَنيِ‌ نِصفَ اللّيلِ وَ أَنَا رَاقِدٌ فرَفَسَنَيِ‌ بِرِجلِهِ وَ قَالَ اجلِس فَجَلَستُ ذَعِراً فَقَالَ اسمَع فَقُلتُ وَ مَا أَسمَعُ قَالَ


عَجِبتُ لِلجِنّ وَ أَخبَارِهَا   وَ رَكبِهَا العِيسَ بِأَكوَارِهَا

تهَويِ‌ إِلَي مَكّةَ تبَغيِ‌ الهُدَي   مَا مُؤمِنُو الجِنّ كَكُفّارِهَا

فَارحَل إِلَي الصّفوَةِ مِن هَاشِمٍ   بَينَ رَوَابِيهَا وَ أَحجَارِهَا

فَقُلتُ وَ اللّهِ لَقَد حَدَثَ فِي وُلدِ هَاشِمٍ أَو يَحدُثُ وَ مَا أَفصَحَ لِي وَ إنِيّ‌ لَأَرجُو أَن يُفصِحَ لِي فَأَرِقتُ ليَلتَيِ‌ وَ أَصبَحتُ كَئِيباً فَلَمّا كَانَ مِنَ القَابِلَةِ أتَاَنيِ‌ نِصفَ اللّيلِ وَ أَنَا رَاقِدٌ فرَفَسَنَيِ‌ بِرِجلِهِ وَ قَالَ اجلِس فَجَلَستُ وَ أَنَا ذَعِرٌ فَقَالَ اسمَع قُلتُ وَ مَا أَسمَعُ قَالَ


عَجِبتُ لِلجِنّ وَ إِلبَابِهَا   وَ رَكبِهَا العِيسَ بِأَقتَابِهَا

تهَويِ‌ إِلَي مَكّةَ تبَغيِ‌ الهُدَي   مَا صَادِقُو الجِنّ كَكُذّابِهَا

فَارحَل إِلَي الصّفوَةِ مِن هَاشِمٍ   أَحمَدَ إِذ هُوَ خَيرُ أَربَابِهَا

قُلتُ عَدُوّ اللّهِ أَفصَحتَ فَأَينَ هُوَ قَالَ ظَهَرَ بِمَكّةَ يَدعُو إِلَي شَهَادَةِ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ فَأَصبَحتُ وَ رَحَلتُ ناَقتَيِ‌ وَ وَجّهتُهَا قِبَلَ مَكّةَ فَأَوّلُ مَا دَخَلتُهَا لَقِيتُ أَبَا سُفيَانَ وَ كَانَ شَيخاً ضَالّا فَسَلّمتُ عَلَيهِ وَ سَأَلتُهُ عَنِ الحيَ‌ّ فَقَالَ وَ اللّهِ إِنّهُم مُخصِبُونَ إِلّا أَنّ يَتِيمَ أَبِي طَالِبٍ قَد أَفسَدَ عَلَينَا دِينَنَا قُلتُ وَ مَا اسمُهُ قَالَ مُحَمّدٌ أَحمَدُ قُلتُ وَ أَينَ هُوَ قَالَ تَزَوّجَ بِخَدِيجَةَ ابنَةِ خُوَيلِدٍ فَهُوَ عَلَيهَا نَازِلٌ


صفحه : 106

فَأَخَذتُ بِخِطَامِ ناَقتَيِ‌ ثُمّ انتَهَيتُ إِلَي بَابِهَا فَعَقَلتُ ناَقتَيِ‌ ثُمّ ضَرَبتُ البَابَ فأَجَاَبتَنيِ‌ مَن هَذَا فَقُلتُ أَنَا أَرَدتُ مُحَمّداً فَقَالَت اذهَب إِلَي عَمَلِكَ فَقُلتُ يَرحَمُكِ اللّهُ إنِيّ‌ رَجُلٌ أَقبَلتُ مِنَ اليَمَنِ وَ عَسَي اللّهُ أَن يَكُونَ مَنّ عَلَيّ بِهِ فَلَا تحَرمِيِنيِ‌ النّظَرَ إِلَيهِ وَ كَانَص رَحِيماً فَسَمِعتُهُ يَقُولُ يَا خَدِيجَةُ افتحَيِ‌ البَابَ فَفَتَحَت فَدَخَلتُ فَرَأَيتُ النّورَ فِي وَجهِهِ سَاطِعاً نُورٌ فِي نُورٍ ثُمّ دُرتُ خَلفَهُ فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمِ النّبُوّةِ مَعجُونٌ عَلَي كَتِفِهِ الأَيمَنِ فَقَبّلتُهُ ثُمّ قُمتُ بَينَ يَدَيهِ وَ أَنشَأتُ أَقُولُ


أتَاَنيِ‌ نجَيِ‌ّ بَعدَ هَدءٍ وَ رَقدَةٍ   وَ لَم يَكُ فِيمَا قَد تَلَوتُ بِكَاذِبٍ

ثَلَاثُ لَيَالٍ قَولُهُ كُلّ لَيلَةٍ   أَتَاكَ رَسُولٌ مِن لؤُيَ‌ّ بنِ غَالِبٍ

فَشَمّرتُ مِن ذيَليِ‌ الإِزَارَ وَ وَسّطَت   بيِ‌َ الذّعلِبُ الوَجنَاءُ بَينَ السّبَاسِبِ

فَمُرنَا بِمَا يَأتِيكَ يَا خَيرَ قَادِرٍ   وَ إِن كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيبُ الذّوَائِبِ

وَ أَشهَدُ أَنّ اللّهَ لَا شَيءَ غَيرُهُ   وَ أَنّكَ مَأمُونٌ عَلَي كُلّ غَائِبٍ

وَ أَنّكَ أَدنَي المُرسَلِينَ وَسِيلَةً   إِلَي اللّهِ يَا ابنَ الأَكرَمِينَ الأَطَايِبِ

وَ كُن لِي شَفِيعاً يَومَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ   إِلَي اللّهِ يغُنيِ‌ عَن سَوَادِ بنِ قَارِبٍ

وَ كَانَ اسمُ الرّجُلِ سَوَادَ بنَ قَارِبٍ فَرُحتُ وَ اللّهِ مُؤمِناً بِهِص ثُمّ خَرَجَ إِلَي صِفّينَ


صفحه : 107

فَاستُشهِدَ مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع

أقول قدمر شرحه في المجلد السادس في أبواب المعجزات

70- وَ وَجَدتُهُ فِي كِتَابِ مُسلِمِ بنِ مَحمُودٍ مَروِيّاً عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ وَفَدَ سَوَادَةُ بنُ قَارَبٍ عَلَي عُمَرَ بنِ الخَطّابِ وَ سَلّمَ عَلَيهِ فَرَدّ عَلَيهِ السّلَامَ وَ قَالَ عُمَرُ يَا سَوَادَةُ مَا بقَيِ‌َ مِن كِهَانَتِكَ فَغَضِبَ وَ قَالَ مَا أَظُنّكَ استَقبَلتَ بِهَذَا الكَلَامِ غيَريِ‌ فَلَمّا رَأَي عُمَرُ الكَرَاهَةَ فِي وَجهِهِ قَالَ يَا سَوَادَةُ إِنّ ألّذِي كُنّا عَلَيهِ مِن عِبَادَةِ الأَوثَانِ أَعظَمُ مِنَ الكِهَانَةِ فحَدَثّنيِ‌ بِحَدِيثٍ كُنتُ أشَتهَيِ‌ أَن أَسمَعَهُ مِنكَ قَالَ نَعَم بَينَا أَنَا فِي إبِلِيِ‌ بِالسّرَاةِ وَ كَانَ لِي نجَيِ‌ّ مِنَ الجِنّ يأَتيِنيِ‌ بِالأَخبَارِ وَ إنِيّ‌ لَنَائِمٌ ذَاتَ لَيلَةٍ إِذ وكَزَنَيِ‌ بِرِجلِهِ فَقَالَ قُم يَا سَوَادَةُ فَقَد ظَهَرَ الداّعيِ‌ إِلَي الحَقّ وَ إِلَي طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ فَقُلتُ أَنَا نَاعِسٌ فَرَجَعَ عنَيّ‌ وَ هُوَ يَقُولُ


عَجِبتُ لِلجِنّ وَ تِسيَارِهَا   وَ شَدّهَا العِيسَ بِأَكوَارِهَا

إِلَي قَولِهِ وَ أَحجَارِهَا فَلَمّا كَانَ فِي اللّيلَةِ الثّانِيَةِ أتَاَنيِ‌ فَقَالَ لِي مِثلَ ذَلِكَ فَقُلتُ أَنَا نَاعِسٌ فَوَلّي عنَيّ‌ وَ أَنشَأَ يَقُولُ


عَجِبتُ لِلجِنّ وَ قُطرَابِهَا   وَ حَملِهَا العِيسَ بِأَقتَابِهَا

إِلَي قَولِهِ


مِن هَاشِمٍ   لَيسَ قُدّامَاهَا كَأَذنَابِهَا

فَلَمّا كَانَت فِي اللّيلَةِ الثّالِثَةِ قَالَ لِي مِثلَ مَقَالَتِهِ الأُولَي فَقُلتُ أَنَا نَاعِسٌ فَتَوَلّي عنَيّ‌ وَ هُوَ يَقُولُ


صفحه : 108


عَجِبتُ لِلجِنّ وَ تِحسَاسِهَا   وَ شَدّهَا العِيسَ بِأَحلَاسِهَا

إِلَي قَولِهِ إِلَي رَأسِهَا فَلَمّا أَصبَحتُ أَنفَذتُ إِلَي رَاحِلَةٍ مِن إبِلِيِ‌ فَرَكِبتُ عَلَيهَا حَتّي أَتَيتُ رَسُولَ اللّهِص فَمَثُلتُ بَينَ يَدَيهِ وَ أَنشَأتُ أَقُولُ


أتَاَنيِ‌ نجَيِ‌ّ بَعدَ هَدءٍ وَ رَقدَةٍ   وَ لَم يَكُ فِيمَا قَد عَهِدتُ بِكَاذِبٍ

إِلَي قَولِهِ غَالِبٍ


فَشَمّرتُ عَن ساَقيِ‌ الإِزَارَ وَ أَرقَلَت   بيِ‌َ الذّعبِلُ الوَجنَاءُ بَينَ السّبَاسِبِ

فمَرُنيِ‌ بِمَا أَحبَبتَ يَا خَيرَ مُرسَلٍ   وَ لَو كَانَ فِيمَا قُلتُ شَيبَ الذّوَائِبِ

إِلَي قَولِهِ لَا ذُو شَفَاعَةٍ   سِوَاكَ بِمُغنٍ عَن سَوَادِ بنِ قَارَبٍ

71- كِتَابُ مُحَمّدِ بنِ المُثَنّي بنِ القَاسِمِ عَن عَبدِ السّلَامِ بنِ سَالِمٍ عَنِ ابنِ أَبِي البِلَادِ عَن عَمّارِ بنِ عَاصِمٍ السجّسِتاَنيِ‌ّ قَالَ جِئتُ إِلَي بَابِ أَبِي عَبدِ اللّهِ وَ أَرَدتُ أَن لَا أَستَأذِنَ عَلَيهِ فَأَقعُدُ فَأَقُولُ لَعَلّهُ يرَاَنيِ‌ بَعضُ مَن يَدخُلُ فَيُخبِرَهُ فَيَأذَنَ لِي قَالَ فَبَينَا أَنَا كَذَلِكَ إِذ دَخَلَ عَلَيهِ شَبَابٌ أُدُمٌ فِي أُزُرٍ وَ أَردِيَةٍ ثُمّ لَم أَرَهُم خَرَجُوا فَخَرَجَ عِيسَي شَلَقَانُ فرَآَنيِ‌ فَقَالَ يَا أَبَا عَاصِمٍ أَنتَ هَاهُنَا فَدَخَلَ فَاستَأذَنَ لِي فَدَخَلتُ عَلَيهِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مُنذُ مَتَي أَنتَ هَاهُنَا يَا عَمّارُ قَالَ فَقُلتُ مِن قَبلِ أَن يَدخُلَ عَلَيكَ الشّبَابُ الأُدُمُ ثُمّ لَم أَرَهُم خَرَجُوا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع هَؤُلَاءِ قَومٌ مِنَ الجِنّ جَاءُوا يَسأَلُونَ عَن أَمرِ دِينِهِم

72-الدّرّ المَنثُورُ، عَن أَبِي عَامِرٍ المكَيّ‌ّ قَالَخُلِقَ المَلَائِكَةُ مِن نُورٍ وَ خُلِقَ


صفحه : 109

الجَانّ مِن نَارٍ وَ خُلِقَ البَهَائِمُ مِن مَاءٍ وَ خُلِقَ آدَمُ مِن طِينٍ فَجُعِلَ الطّاعَةُ فِي المَلَائِكَةِ وَ البَهَائِمِ وَ جُعِلَ المَعصِيَةُ فِي الإِنسِ وَ الجِنّ

73- تَفسِيرُ النيّساَبوُريِ‌ّ،رَوَي الزهّريِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ بَينَا النّبِيّص جَالِسٌ فِي نَفَرٍ مِن أَصحَابِهِ إِذ رمُيِ‌َ بِنَجمٍ فَاستَنَارَ فَقَالَ مَا كُنتُم تَقُولُونَ فِي الجَاهِلِيّةِ إِذَا حَدَثَ مِثلُ هَذَا قَالُوا كُنّا نَقُولُ يُولَدُ عَظِيمٌ أَو يَمُوتُ عَظِيمٌ فَقَالَ النّبِيّص لَا يُرمَي لِمَوتِ أَحَدٍ وَ لَا لِحَيَاتِهِ وَ لَكِن رَبّنَا تَعَالَي إِذَا قَضَي الأَمرَ فِي السّمَاءِ سَبّحَت حَمَلَةُ العَرشِ ثُمّ سَبّحَ أَهلُ السّمَاءِ وَ سَبّحَ كُلّ سَمَاءٍ حَتّي ينَتهَيِ‌َ التّسبِيحُ إِلَي هَذِهِ السّمَاءِ وَ يَستَخبِرَ أَهلُ السّمَاءِ حَمَلَةَ العَرشِ مَا ذَا قَالَ رَبّكُم فَيُخبِرُونَهُم وَ لَا يَزَالُ ينَتهَيِ‌ ذَلِكَ الخَبَرُ مِن سَمَاءٍ إِلَي سَمَاءٍ إِلَي أَن ينَتهَيِ‌َ الخَبَرُ إِلَي هَذِهِ السّمَاءِ وَ يُتَخَطّفُ الجِنّ فَيُرمَونَ فَمَا جَاءُوا بِهِ فَهُوَ حَقّ وَ لَكِنّهُم يَزِيدُونَ

74- كِتَابُ زَيدٍ الزّرّادِ، قَالَحَجَجنَا سَنَةً فَلَمّا صِرنَا فِي خَرَابَاتِ المَدِينَةِ بَينَ الحِيطَانِ افتَقَدنَا رَفِيقاً لَنَا مِن إِخوَانِنَا فَطَلَبنَاهُ فَلَم نَجِدهُ فَقَالَ لَنَا النّاسُ بِالمَدِينَةِ إِنّ صَاحِبَكُم اختَطَفَتهُ الجِنّ فَدَخَلتُ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ أَخبَرتُهُ بِحَالِهِ وَ بِقَولِ أَهلِ المَدِينَةِ فَقَالَ اخرُج إِلَي المَكَانِ ألّذِي اختُطِفَ أَو قَالَ افتُقِدَ فَقُل بِأَعلَي صَوتِكَ يَا صَالِحَ بنَ عَلِيّ إِنّ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ يَقُولُ لَكَ أَ هَكَذَا عَاهَدَت وَ عَاقَدَتِ الجِنّ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ اطلُب فُلَاناً حَتّي تُؤَدّيَهُ إِلَي رُفَقَائِهِ ثُمّ قُل يَا مَعشَرَ الجِنّ عَزَمتُ عَلَيكُم بِمَا عَزَمَ عَلَيكُم عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع لَمّا خَلّيتُم عَن صاَحبِيِ‌ وَ أَرشَدتُمُوهُ إِلَي الطّرِيقِ قَالَ فَفَعَلتُ ذَلِكَ فَلَم أَلبَث إِذَا بصِاَحبِيِ‌ قَد خَرَجَ عَلَيّ مِن بَعضِ الخَرَابَاتِ فَقَالَ


صفحه : 110

إِنّ شَخصاً تَرَاءَي لِي مَا رَأَيتُ صُورَةً إِلّا وَ هُوَ أَحسَنُ مِنهَا فَقَالَ يَا فَتَي أَظُنّكَ تَتَوَلّي آلَ مُحَمّدٍص فَقُلتُ نَعَم فَقَالَ إِنّ هَاهُنَا رَجُلٌ مِن آلِ مُحَمّدٍص هَل لَكَ أَن تُؤجَرَ وَ تُسَلّمَ عَلَيهِ فَقُلتُ بَلَي فأَدَخلَنَيِ‌ مِن هَذِهِ الحِيطَانِ وَ هُوَ يمَشيِ‌ أمَاَميِ‌ فَلَمّا أَن سَارَ غَيرَ بَعِيدٍ نَظَرتُ فَلَم أَرَ شَيئاً وَ غشُيِ‌َ عَلَيّ فَبَقِيتُ مَغشِيّاً عَلَيّ لَا أدَريِ‌ أَينَ أَنَا مِن أَرضِ اللّهِ حَتّي كَانَ الآنَ فَإِذَا قَد أتَاَنيِ‌ آتٍ وَ حمَلَنَيِ‌ حَتّي أخَرجَنَيِ‌ إِلَي الطّرِيقِ فَأَخبَرتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع بِذَلِكَ فَقَالَ ذَلِكَ الغُوّالُ أَوِ الغُولُ نَوعٌ مِنَ الجِنّ يَغتَالُ الإِنسَانَ فَإِذَا رَأَيتَ الشّخصَ الوَاحِدَ فَلَا تَستَرشِدهُ وَ إِن أَرشَدَكُم فَخَالِفُوهُ وَ إِذَا رَأَيتَهُ فِي خَرَابٍ وَ قَد خَرَجَ عَلَيكَ أَو فِي فَلَاةٍ مِنَ الأَرضِ فَأَذّن فِي وَجهِهِ وَ ارفَع صَوتَكَ وَ قُل سُبحَانَ ألّذِي جَعَلَ فِي السّمَاءِ نُجُوماًرُجُوماً لِلشّياطِينِعَزَمتُ عَلَيكَ يَا خَبِيثُ بِعَزِيمَةِ اللّهِ التّيِ‌ عَزَمَ بِهَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ رَمَيتُ بِسَهمِ اللّهِ المُصِيبِ ألّذِي لَا يُخطِئُ وَ جَعَلتُ سَمعَ اللّهِ عَلَي سَمعِكَ وَ بَصَرِكَ وَ ذَلّلتُكَ بِعِزّةِ اللّهِ وَ قَهَرتُ سُلطَانَكَ بِسُلطَانِ اللّهِ يَا خَبِيثُ لَا سَبِيلَ لَكَ فَإِنّكَ تَقهَرُهُ إِن شَاءَ اللّهُ وَ تَصرِفُهُ عَنكَ فَإِذَا ضَلَلتَ الطّرِيقَ فَأَذّن بِأَعلَي صَوتِكَ وَ قُل يَا سَيّارَةَ اللّهِ دُلّونَا عَلَي الطّرِيقِ يَرحَمكُمُ اللّهُ أَرشِدُونَا يُرشِدكُمُ اللّهُ فَإِن أَصَبتَ وَ إِلّا فَنَادِ يَا عُتَاةَ الجِنّ وَ يَا مَرَدَةَ الشّيَاطِينِ أرَشدِوُنيِ‌ وَ دلُوّنيِ‌ عَلَي الطّرِيقِ وَ إِلّا أَشرَعتُ لَكُم بِسَهمِ اللّهِ المُصِيبِ إِيّاكُم عَزِيمَةِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ يَا مَرَدَةَ الشّيَاطِينِإِنِ استَطَعتُم أَن تَنفُذُوا مِن أَقطارِ السّماواتِ وَ الأَرضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلّا بِسُلطانٍمُبِينٍ اللّهُ غَالِبُكُم


صفحه : 111

بِجُندِهِ الغَالِبِ وَ قَاهِرُكُم بِسُلطَانِهِ القَاهِرِ وَ مُذَلّلُكُم بعزته [بِعِزّهِ]المَتِينِفَإِن تَوَلّوا فَقُل حسَبيِ‌َ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكّلتُ وَ هُوَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ وَ ارفَع صَوتَكَ بِالأَذَانِ تُرشَد وَ تُصِيبُ الطّرِيقَ إِن شَاءَ اللّهُ

75- وَ مِنهُ، قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَقُلتُ الجِنّ يَخطَفُونَ الإِنسَانَ فَقَالَ مَا لَهُم إِلَي ذَلِكَ سَبِيلٌ لِمَن تَكَلّمَ بِهَذِهِ الكَلِمَاتِ وَ ذَكَرَ الدّعَاءَ

76- الدّرّ المَنثُورُ، عَن طَارِقِ بنِ حَبِيبٍ قَالَ كُنّا جُلُوساً مَعَ عَبدِ اللّهِ عَمرِو بنِ العَاصِ فِي الحِجرِ إِذ قَلَصَ الظّلّ وَ قَامَتِ المَجَالِسُ إِذَا نَحنُ بِبَرِيقِ أَيمٍ طَالِعٍ مِن هَذَا البَابِ يعَنيِ‌ بَابَ بنَيِ‌ شَيبَةَ وَ الأَيمُ الحَيّةُ الذّكَرُ فَاشرَأَبّت لَهُ أَعيُنُ النّاسِ فَطَافَ بِالبَيتِ سَبعاً وَ صَلّي رَكعَتَينِ وَرَاءَ المَقَامِ فَقُمتُ إِلَيهِ فَقُلنَا أَيّهَا المُعتَمِرُ قَد قَضَي اللّهُ نُسُكَكَ وَ إِنّمَا بِأَرضِنَا عَبِيدٌ وَ سُفَهَاءُ وَ إِنّمَا نَخشَي عَلَيكَ مِنهُم فَكَوّمَ بِرَأسِهِ كُومَةً بَطحَاءَ فَوَضَعَ ذَنَبَهُ عَلَيهَا فَسَمَا فِي السّمَاءِ حَتّي مَا نَرَاهُ

77- وَ أَخرَجَ الأزَرقَيِ‌ّ عَن أَبِي الطّفَيلِ قَالَكَانَتِ امرَأَةٌ مِنَ الجِنّ فِي الجَاهِلِيّةِ تَسكُنُ ذَا طُوًي وَ كَانَ لَهَا ابنٌ وَ لَم يَكُن لَهَا وَلَدٌ غَيرُهُ فَكَانَت تُحِبّهُ حُبّاً شَدِيداً وَ كَانَ شَرِيفاً فِي قَومِهِ فَتَزَوّجَ وَ أَتَي زَوجَتَهُ فَلَمّا كَانَ يَومُ سَابِعِهِ قَالَ لِأُمّهِ يَا أُمّه إنِيّ‌ أُرِيدُ أَن أَطُوفَ بِالكَعبَةِ سَبعاً نَهَاراً قَالَت لَهُ أُمّهُ أَي بنُيَ‌ّ إنِيّ‌ أَخَافُ عَلَيكَ سُفَهَاءَ قُرَيشٍ فَقَالَ أَرجُو السّلَامَةَ فَأَذِنَت لَهُ فَوَلّي فِي صُورَةِ جَانّ فَمَضَي نَحوَ الطّوَافِ فَطَافَ بِالبَيتِ


صفحه : 112

سَبعاً وَ صَلّي خَلفَ المَقَامِ رَكعَتَينِ ثُمّ أَقبَلَ مُنقَلِباً فَعَرَضَ لَهُ شَابّ مِن بنَيِ‌ سَهمٍ فَقَتَلَهُ فَثَارَت بِمَكّةَ غُبرَةٌ حَتّي لَم تُبصَر لَهَا الجِبَالُ قَالَ أَبُو الطّفَيلِ وَ بَلَغَنَا أَنّهُ إِنّمَا تَثُورُ تِلكَ الغُبرَةُ عَن مَوتِ عَظِيمٍ مِنَ الجِنّ قَالَ فَأَصبَحَ مِن بنَيِ‌ سَهمٍ عَلَي فُرُشِهِم مَوتَي كَثِيرٌ مِن قَتلَي الجِنّ فَكَانَ فِيهِم سَبعُونَ شَيخاً أَصلَعَ سِوَي الشّبَابِ

78- وَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الإِنسِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الجِنّ فَقَالَ هَل لَكَ أَن تصُاَرعِنَيِ‌ فَإِن صرَعَتنَيِ‌ عَلّمتُكَ آيَةً إِذَا قَرَأتَهَا حِينَ تَدخُلُ بَيتَكَ لَم يَدخُلهُ شَيطَانٌ فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ الإنِسيِ‌ّ فَقَالَ تَقرَأُ آيَةَ الكرُسيِ‌ّ فَإِنّهُ لَا يَقرَؤُهَا أَحَدٌ إِذَا دَخَلَ بَيتَهُ إِلّا خَرَجَ الشّيطَانُ لَهُ خَبَجٌ كَخَبَجِ الحِمَارِ

79- وَ عَن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ قَالَضَمّ إلِيَ‌ّ رَسُولُ اللّهِص تَمرَ الصّدَقَةِ فَجَعَلتُهُ فِي غُرفَةٍ لِي فَكُنتُ أَجِدُ فِيهِ كُلّ يَومٍ نُقصَاناً فَشَكَوتُ ذَلِكَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ لِي هُوَ عَمَلُ الشّيطَانِ فَارصُدهُ فَرَصَدتُهُ لَيلًا فَلَمّا ذَهَبَ هَوًي مِنَ اللّيلِ أَقبَلَ عَلَي صُورَةِ الفِيلِ فَلَمّا انتَهَي إِلَي البَابِ دَخَلَ مِن خَلَلِ البَابِ عَلَي غَيرِ صُورَتِهِ فَدَنَا مِنَ التّمرِ فَجَعَلَ يَلتَقِمُهُ فَشَدَدتُ عَلَي ثيِاَبيِ‌ فَتَوَسّطتُهُ فَقُلتُ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ يَا عَدُوّ اللّهِ وَثَبتَ إِلَي تَمرِ الصّدَقَةِ فَأَخَذتَهُ وَ كَانُوا أَحَقّ بِهِ مِنكَ لَأَرفَعَنّكَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَيَفضَحُكَ فعَاَهدَنَيِ‌ أَن لَا يَعُودَ فَغَدَوتُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ فَقُلتُ عاَهدَنَيِ‌ أَن لَا يَعُودَ فَقَالَ إِنّهُ عَائِدٌ فَارصُدهُ فَرَصَدَتهُ اللّيلَةَ الثّانِيَةَ فَفَعَلَ مِثلَ ذَلِكَ فعَاَهدَنَيِ‌ أَن لَا يَعُودَ


صفحه : 113

فَخَلّيتُ سَبِيلَهُ ثُمّ غَدَوتُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَخبَرتُهُ فَقَالَ إِنّهُ عَائِدٌ فَارصُدهُ فَرَصَدتُهُ اللّيلَةَ الثّالِثَةَ فَصَنَعَ مِثلَ ذَلِكَ وَ صَنَعتُ مِثلَ ذَلِكَ فَقُلتُ يَا عَدُوّ اللّهِ عاَهدَتنَيِ‌ مَرّتَينِ وَ هَذِهِ الثّالِثَةُ فَقَالَ إنِيّ‌ ذُو عِيَالٍ وَ مَا أَتَيتُكَ إِلّا مِن نَصِيبِينَ وَ لَو أَصَبتُ شَيئاً دُونَهُ مَا أَتَيتُكَ وَ لَقَد كُنّا فِي مَدِينَتِكُم هَذِهِ حَتّي بَعَثَ صَاحِبُكُم فَلَمّا نَزَلَت عَلَيهِ آيَتَانِ نَفَرنَا مِنهَا فَوَقَعنَا بِنَصِيبِينَ وَ لَا يُقرَءَانِ فِي بَيتٍ إِلّا لَم يَلِج فِيهَا شَيطَانٌ ثَلَاثاً فَإِن خَلّيتَ سبَيِليِ‌ عَلّمتُكَهُمَا قُلتُ نَعَم قَالَ آيَةُ الكرُسيِ‌ّ وَ آخِرُ سُورَةِ البَقَرَةِآمَنَ الرّسُولُ إِلَي آخِرِهَا فَخَلّيتُ سَبِيلَهُ ثُمّ غَدَوتُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَخبَرتُهُ بِمَا قَالَ فَقَالَ صَدَقَ الخَبِيثُ وَ هُوَ كَذُوبٌ قَالَ فَكُنتُ أَقرَؤُهُمَا عَلَيهِ بَعدَ ذَلِكَ فَلَا أَجِدُ فِيهِ نُقصَاناً

80- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص نَازِلًا عَلَي أَبِي أَيّوبَ فِي غُرفَةٍ وَ كَانَ طَعَامُهُ فِي سَلّةٍ فِي المِخدَعِ فَكَانَت تجَيِ‌ءُ مِنَ الكُوّةِ كَهَيئَةِ السّنّورِ تَأخُذُ الطّعَامَ مِنَ السّلّةِ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ تِلكَ الغُولُ فَإِذَا جَاءَت فَقُل عَزَمَ عَلَيكِ رَسُولُ اللّهِص أَن لَا تبَرحَيِ‌ فَجَاءَت فَقَالَ لَهَا أَبُو أَيّوبَ عَزَمَ عَلَيكِ رَسُولُ اللّهِص أَن لَا تبَرحَيِ‌ فَقَالَت يَا أَبَا أَيّوبَ دعَنيِ‌ هَذِهِ المَرّةَ فَوَ اللّهِ لَا أَعُودُ فَتَرَكَهَا ثُمّ قَالَت هَل لَكَ أَن أُعَلّمَكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلتَهُنّ لَا يَقرُبُ بَيتَكَ شَيطَانٌ تِلكَ اللّيلَةَ وَ ذَلِكَ اليَومَ وَ مِنَ الغَدِ قُلتُ نَعَم قَالَت اقرَأ آيَةَ الكرُسيِ‌ّ فَأَتَي رَسُولَ اللّهِص فَأَخبَرَهُ فَقَالَ صَدَقتَ وَ هيِ‌َ كَذُوبٌ

81- وَ عَن حَمزَةَ الزّيّاتِ قَالَخَرَجتُ ذَاتَ لَيلَةٍ أُرِيدُ الكُوفَةَ فآَواَنيِ‌


صفحه : 114

اللّيلُ إِلَي خَرَابَةٍ فَدَخَلتُهَا فَبَينَمَا أَنَا فِيهَا إِذ دَخَلَ عَلَيّ عِفرِيتَانِ مِنَ الجِنّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ هَذَا حَمزَةُ بنُ حَبِيبٍ الزّيّاتُ ألّذِي يقُريِ‌ النّاسَ بِالكُوفَةِ قَالَ نَعَم وَ اللّهِ لَأَقتُلَنّهُ قَالَ دَعهُ المِسكِينُ يَعِيشُ قَالَ لَأَقتُلَنّهُ فَلَمّا أَزمَعَ عَلَي قتَليِ‌ قُلتُبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِشَهِدَ اللّهُ أَنّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَ المَلائِكَةُ إِلَي قَولِهِالعَزِيزُ الحَكِيمُ وَ أَنَا عَلَي ذَلِكَ مِنَ الشّاهِدِينَ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ دُونَكَ الآنَ فَاحفَظهُ رَاغِماً إِلَي الصّبَاحِ

82- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ الخَلقُ أَربَعَةٌ فَخَلقٌ فِي الجَنّةِ كُلّهُم وَ خَلقٌ فِي النّارِ كُلّهُم وَ خَلقَانِ فِي الجَنّةِ وَ النّارِ فَأَمّا الّذِينَ فِي الجَنّةِ كُلّهُم فَالمَلَائِكَةُ وَ أَمّا الّذِينَ فِي النّارِ كُلّهُم فَالشّيَاطِينُ وَ أَمّا الّذِينَ فِي الجَنّةِ وَ النّارِ فَالجِنّ وَ الإِنسُ لَهُمُ الثّوَابُ وَ عَلَيهِمُ العِقَابُ

83- وَ عَن أَبِي ثَعلَبَةَ عَن رَسُولِ اللّهِص قَالَ الجِنّ ثَلَاثَةُ أَصنَافٍ صِنفٌ لَهُم أَجنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الهَوَاءِ وَ صِنفٌ حَيّاتٌ وَ كِلَابٌ وَ صِنفٌ يَحُلّونَ وَ يَظعَنُونَ

84- وَ عَن وَهبٍ أَنّهُ سُئِلَ عَنِ الجِنّ هَل يَأكُلُونَ وَ يَشرَبُونَ أَو يَمُوتُونَ أَو يَتَنَاكَحُونَ قَالَ هُم أَجنَاسٌ أَمّا خَالِصُ الجِنّ فَهُم رِيحٌ لَا يَأكُلُونَ وَ لَا يَشرَبُونَ وَ لَا يَمُوتُونَ وَ لَا يَتَوَالَدُونَ وَ مِنهُم أَجنَاسٌ يَأكُلُونَ وَ يَشرَبُونَ وَ يَتَنَاكَحُونَ وَ يَمُوتُونَ وَ هيِ‌َ هَذِهِ التّيِ‌ مِنهَا


صفحه : 115

السعّاَليِ‌ وَ الغُولُ وَ أَشبَاهُ ذَلِكَ

85- وَ عَن يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ قَالَ مَا مِن أَهلِ بَيتٍ مِنَ المُسلِمِينَ إِلّا وَ فِي سَقفِ بَيتِهِم أَهلُ بَيتٍ مِنَ الجِنّ مِنَ المُسلِمِينَ إِذَا وُضِعَ غذاؤهم [غَدَاؤُهُم]نَزَلُوا وَ تَغَدّوا وَ إِذَا وُضِعَ عَشَاؤُهُم نَزَلُوا فَتَعَشّوا مَعَهُم

86- وَ عَن عِكرِمَةَ بنِ خَالِدٍ قَالَ بَينَمَا أَنَا لَيلَةً فِي جَوفِ اللّيلِ عِندَ زَمزَمَ جَالِسٌ إِذَا نَفَرٌ يَطُوفُونَ عَلَيهِم ثِيَابٌ بِيضٌ لَم أَرَ بَيَاضَ ثِيَابِهِم بشِيَ‌ءٍ قَطّ فَلَمّا فَرَغُوا صَلّوا قَرِيباً منِيّ‌ فَالتَفَتَ بَعضُهُم فَقَالَ لِأَصحَابِهِ اذهَبُوا بِنَا نَشرَبُ مِن شَرَابِ الأَبرَارِ فَقَامُوا فَدَخَلُوا زَمزَمَ فَقُلتُ وَ اللّهِ لَو دَخَلتُ عَلَي القَومِ فَسَأَلتُهُم فَقُمتُ فَدَخَلتُ فَإِذَا لَيسَ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ البَشَرِ

87- وَ عَنِ الزّبَيرِ فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراً مِنَ الجِنّ يَستَمِعُونَ القُرآنَ قَالَ بِنَخلَةٍ وَ رَسُولُ اللّهِص يصُلَيّ‌ العِشَاءَ الآخِرَةَكادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً

88- وَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ هَبَطُوا عَلَي النّبِيّص وَ هُوَ يَقرَأُ القُرآنَ بِبَطنِ نَخلَةٍ فَلَمّا سَمِعُوهُقالُوا أَنصِتُوا وَ كَانُوا تِسعَةً أَحَدُهُم زَوبَعَةُ فَأَنزَلَ اللّهُوَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراًالآيَةَ

89- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَكَانُوا تِسعَةَ نَفَرٍ مِن أَهلِ نَصِيبِينَ فَجَعَلَهُم رَسُولُ اللّهِ


صفحه : 116

ص رُسُلًا إِلَي قَومِهِم

90- وَ عَنهُ أَيضاً قَالَ صُرِفَتِ الجِنّ إِلَي رَسُولِ اللّهِص مَرّتَينِ وَ كَانُوا أَشرَافَ الجِنّ بِنَصِيبِينَ

91- وَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ أَنّهُ سُئِلَ أَينَ قَرَأَ رَسُولُ اللّهِ عَلَي الجِنّ قَالَ قَرَأَ عَلَيهِم بِشِعبٍ يُقَالُ لَهُ الحَجُونُ

92- وَ عَن عِكرِمَةَ قَالَ كَانُوا اثنيَ‌ عَشَرَ أَلفاً جَاءُوا مِن جَزِيرَةِ المَوصِلِ

93- وَ عَن صَفوَانَ بنِ المُعَطّلِ قَالَ خَرَجنَا حُجّاجاً فَلَمّا كَانَ بِالعَرجِ إِذَا نَحنُ بِحَيّةٍ تَضطَرِبُ فَمَا لَبِثَت أَن مَاتَت فَلَفّهَا رَجُلٌ فِي خِرقَةٍ فَدَفَنَهَا ثُمّ قَدِمنَا مَكّةَ فَإِنّا لَبِالمَسجِدِ الحَرَامِ إِذ وَقَفَ عَلَينَا شَخصٌ فَقَالَ أَيّكُم صَاحِبُ عَمرٍو قُلنَا مَا نَعرِفُ عَمراً قَالَ أَيّكُم صَاحِبُ الجَانّ قَالُوا هَذَا قَالَ أَمَا إِنّهُ آخِرُ التّسعَةِ مَوتاً الّذِينَ أَتَوا رَسُولَ اللّهِ يَستَمِعُونَ القُرآنَ

94- وَ عَن كَعبِ الأَحبَارِ قَالَ لَمّا انصَرَفَ النّفَرُ التّسعَةُ مِن أَهلِ نَصِيبِينَ مِن بَطنِ نَخلَةَ جَاءُوا قَومَهُم مُنذِرِينَ فَخَرَجُوا بَعدُ وَافِدِينَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ هُم


صفحه : 117

ثَلَاثُمِائَةٍ فَانتَهَوا إِلَي الحَجُونِ فَجَاءَ الأَخضَبُ فَسَلّمَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ إِنّ قَومَنَا قَد حَضَرُوا الحَجُونَ يَلقَوكَ فَوَاعَدَهُ رَسُولُ اللّهِ لِسَاعَةٍ مِنَ اللّيلِ بِالحَجُونِ

95- وَ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص عَلَي أَصحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَيهِم سُورَةَ الرّحمَنِ مِن أَوّلِهَا إِلَي آخِرِهَا فَسَكَتُوا فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُم سُكُوتاً لَقَد قَرَأتُهَا عَلَي الجِنّ لَيلَةَ الجِنّ فَكَانُوا أَحسَنَ مَردُوداً مِنكُم كُلّمَا أَتَيتُ عَلَي قَولِهِفبَأِيَ‌ّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِفَقَالُوا وَ لَا بشِيَ‌ءٍ مِن نِعَمِكَ رَبّنَا نُكَذّبُ فَلَكَ الحَمدُ

و عن ابن عمر أيضا مثله

96- وَ عَن عَبدِ المَلِكِ قَالَ لَم تُحرَسِ الجِنّ فِي الفَترَةِ بَينَ عِيسَي وَ مُحَمّدٍ فَلَمّا بَعَثَ اللّهُ مُحَمّداًص حُرِسَتِ السّمَاءُ الدّنيَا وَ رُمِيَتِ الجِنّ بِالشّهَابِ وَ اجتَمَعَت إِلَي إِبلِيسَ فَقَالَ لَقَد حَدَثَ فِي الأَرضِ حَدَثٌ فَتَعَرّفُوا فَأَخبِرُونَا مَا هَذَا الحَدَثُ فَبَعَثَ هَؤُلَاءِ النّفَرَ إِلَي تِهَامَةَ وَ إِلَي جَانِبِ اليَمَنِ وَ هُم أَشرَافُ الجِنّ وَ سَادَتُهُم فَوَجَدُوا النّبِيّص يصُلَيّ‌ صَلَاةَ الغَدَاةِ بِنَخلَةَ فَسَمِعُوهُ يَتلُو القُرآنَ فَلَمّا حَضَرُوهُ قالُواأَنصِتُوا فَلَمّا قضُيِ‌َيعَنيِ‌ بِذَلِكَ أَنّهُ فَرَغَ مِن صَلَاةِ الصّبحِوَلّوا إِلي قَومِهِم مُنذِرِينَمُؤمِنِينَ لَم يَشعُر بِهِم حَتّي نَزَلَقُل أوُحيِ‌َ إلِيَ‌ّ أَنّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّيُقَالُ سَبعَةٌ مِن أَهلِ نَصِيبِينَ


صفحه : 118

97- وَ عَن سَهلِ بنِ عَبدِ اللّهِ قَالَ كُنتُ فِي نَاحِيَةِ دِيَارِ عَادٍ إِذ رَأَيتُ مَدِينَةً مِن حَجَرٍ مَنقُورٍ فِي وَسَطِهَا قَصرٌ مِن حِجَارَةٍ تَأوِيهِ الجِنّ فَدَخَلتُ فَإِذَا شَيخٌ عَظِيمُ الخَلقِ يصُلَيّ‌ نَحوَ الكَعبَةِ وَ عَلَيهِ جُبّةُ صُوفٍ فِيهَا طَرَاوَةٌ فَلَم أَتَعَجّب مِن عِظَمِ خِلقَتِهِ كتَعَجَبّيِ‌ مِن طَرَاوَةِ جُبّتِهِ فَسَلّمتُ عَلَيهِ فَرَدّ عَلَيّ السّلَامَ وَ قَالَ يَا سَهلُ إِنّ الأَبدَانَ لَا تُخلِقُ الثّيَابَ وَ إِنّمَا تُخلِقُهَا رَوَائِحُ الذّنُوبِ وَ مَطَاعِمُ السّحتِ وَ إِنّ هَذِهِ الجُبّةَ عَلَيّ مُنذُ سَبعِمِائَةِ سَنَةٍ لَقِيتُ بِهَا عِيسَي وَ مُحَمّداًص فَآمَنتُ بِهِمَا فَقُلتُ لَهُ وَ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا مِنَ الّذِينَ نَزَلَت فِيهِمقُل أوُحيِ‌َ إلِيَ‌ّ أَنّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ

98- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ فِي قَولِهِقُل أوُحيِ‌َ إلِيَ‌ّ أَنّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ قَالَ كَانُوا مِن جِنّ نَصِيبِينَ

99- وَ عَن كَردَمِ بنِ أَبِي السّائِبِ الأنَصاَريِ‌ّ قَالَ خَرَجتُ مَعَ أَبِي إِلَي المَدِينَةِ فِي حَاجَةٍ وَ ذَلِكَ أَوّلَ مَا ذُكِرَ رَسُولُ اللّهِص بِمَكّةَ فَأَوَيتُ إِلَي راَعيِ‌ غَنَمٍ فَلَمّا انتَصَفَ اللّيلُ جَاءَ ذِئبٌ فَأَخَذَ حَمَلًا مِنَ الغَنَمِ فَوَثَبَ الراّعيِ‌ فَقَالَ يَا عَامِرُ الوادي‌ جارك [ أَنَا جَارُ دَارِكَ]فَنَادَي مُنَادٍ لَا نَرَاهُ يَا سِرحَانُ أَرسِل فَأَتَي الحَمَلُ يَشتَدّ حَتّي دَخَلَ فِي الغَنَمِ وَ أَنزَلَ اللّهُ عَلَي رَسُولِهِ بِمَكّةَوَ أَنّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّالآيَةَ

100- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ رَجُلًا مِن بنَيِ‌ تَمِيمٍ كَانَ جَرِيّاً عَلَي اللّيلِ وَ الرّمَالِ


صفحه : 119

وَ أَنّهُ سَارَ لَيلَةً فَنَزَلَ فِي أَرضٍ مَجَنّةٍ فَاستَوحَشَ فَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ ثُمّ تَوَسّدَ ذِرَاعَهَا وَ قَالَ أَعُوذُ بِأَعَزّ أَهلِ هَذَا الواَديِ‌ مِن شَرّ أَهلِهِ فَأَجَارَهُ شَيخٌ مِنهُم وَ كَانَ فِيهِم شَابّ وَ كَانَ سَيّداً فِي الجِنّ فَغَضِبَ الشّابّ لَمّا أَجَارَهُ الشّيخُ فَأَخَذَ حَربَةً لَهُ قَد سَقَاهَا السّمّ لِيَنحَرَ بِهَا نَاقَةَ الرّجُلِ فَتَلَقّاهُ الشّيخُ دُونَ النّاقَةِ فَقَالَ


يَا مَالِكَ بنَ مُهَلهِلٍ مَهلًا   فَذَلِكَ محَجرَيِ‌ وَ إزِاَريِ‌

عَن نَاقَةِ الإِنسَانِ لَا تَعرَض لَهَا   فَاكفُف يَمِينَكَ رَاشِداً عَن جاَريِ‌

تَسعَي إِلَيهِ بِحَربَةٍ مَسمُومَةٍ   أُفّ لِقُربِكَ يَا أَبَا القِيطَارِ

وَ أَنشَدَ أَبيَاتاً أُخَرَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الفَتَي


أَرَدتَ أَن تَعلُوَ وَ تَخفِضَ ذِكرَنَا   فِي غَيرِ مُرزِيَةٍ أَبَا الغيراري‌

مُتَنَحّلًا أَمراً لِغَيرِ فَضِيلَةٍ   فَارحَل فَإِنّ المَجدَ للِمرُاّريِ‌

مَن كَانَ مِنكُم سَيّداً فِي مَا مَضَي   إِنّ الخِيَارَ هُم بَنُو الأَخيَارِ

فَاقصِد لِقَصدِكَ يَا مُعَيكِرُ إِنّمَا   كَانَ المُجِيرُ مُهَلهِلَ بنَ ديِاَريِ‌

فَقَالَ الشّيخُ صَدَقتَ كَانَ أَبُوكَ سَيّدَنَا وَ أَفضَلَنَا دَع هَذَا الرّجُلَ لَا أُنَازِعُكَ بَعدَهُ أَحَداً فَتَرَكَهُ فَأَتَي الرّجُلُ إِلَي النّبِيّص وَ قَصّ عَلَيهِ القِصّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا أَصَابَ أَحَداً مِنكُم وَحشَةً أَو نَزَلَ بِأَرضٍ مَجَنّةٍ فَليَقُل أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّاتِ


صفحه : 120

التّيِ‌ لَا يُجَاوِزُهُنّ بَرّ وَ لَا فَاجِرٌ مِن شَرّما يَلِجُ فِي الأَرضِ وَ ما يَخرُجُ مِنها وَ ما يَنزِلُ مِنَ السّماءِ وَ ما يَعرُجُ فِيها وَ مِن فِتَنِ اللّيلِ وَ مِن طَوَارِقِ النّهَارِ إِلّا طَارِقاً يَطرُقُ بِخَيرٍ فَأَنزَلَ اللّهُ فِي ذَلِكَوَ أَنّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ فَزادُوهُم رَهَقاً

قال أبونصر غريب جدا لم نكتبه إلا من هذاالوجه

101- وَ عَن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ أَنّ رَجُلًا مِن بنَيِ‌ تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ رَافِعُ بنُ عُمَيرٍ حَدّثَ عَن بَدءِ إِسلَامِهِ قَالَ إنِيّ‌ لَأَسِيرُ بِرَملِ عَالِجٍ ذَاتَ لَيلَةٍ إِذ غلَبَنَيِ‌ النّومُ فَنَزَلتُ عَن راَحلِتَيِ‌ وَ أَنَختُهَا وَ نِمتُ وَ قَد تَعَوّذتُ قَبلَ نوَميِ‌ وَ قُلتُ أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذَا الواَديِ‌ مِنَ الجِنّ فَرَأَيتُ فِي منَاَميِ‌ رَجُلًا بِيَدِهِ حَربَةٌ يُرِيدُ أَن يَضَعَهَا فِي نَحرِ ناَقتَيِ‌ فَانتَبَهتُ فَزِعاً فَالتَفَتّ يَمِيناً وَ شِمَالًا فَلَم أَرَ شَيئاً فَقُلتُ هَذَا حُلُمٌ ثُمّ عُدتُ فَغَفَوتُ فَرَأَيتُ مِثلَ ذَلِكَ فَانتَبَهتُ فَدُرتُ حَولَ ناَقتَيِ‌ فَلَم أَرَ شَيئاً فَإِذَا ناَقتَيِ‌ تَرعُدُ ثُمّ غَفَوتُ فَرَأَيتُ مِثلَ ذَلِكَ فَانتَبَهتُ فَرَأَيتُ ناَقتَيِ‌ تَضطَرِبُ وَ التَفَتّ فَإِذَا بِرَجُلٍ شَابّ كاَلذّيِ‌ رَأَيتُهُ فِي المَنَامِ بِيَدِهِ حَربَةٌ وَ رَجُلٍ شَيخٍ مُمسِكٍ بِيَدِهِ يَرُدّهُ عَنهَا فَبَينَمَا هُمَا يَتَنَازَعَانِ إِذَا طَلَعَت ثَلَاثَةُ أَثوَارٍ مِنَ الوَحشِ فَقَالَ الشّيخُ لِلفَتَي قُم فَخُذ أَيّهَا شِئتَ فِدَاءً لِنَاقَةِ جاَريِ‌َ الإنِسيِ‌ّ فَقَامَ الفَتَي فَأَخَذَ مِنهَا ثَوراً وَ انصَرَفَ ثُمّ التَفَتّ إِلَي الشّيخِ وَ قَالَ يَا هَذَا إِذَا نَزَلتَ وَادِياً مِنَ الأَودِيَةِ فَخِفتَ هَولَهُ فَقُل أَعُوذُ بِاللّهِ رَبّ مُحَمّدٍص مِن هَولِ هَذَا الواَديِ‌ وَ لَا تَعُذ بِأَحَدٍ مِنَ الجِنّ فَقَد بَطَلَ أَمرُهَا فَقُلتُ لَهُ وَ مَن مُحَمّدٌ هَذَا قَالَ نبَيِ‌ّ عرَبَيِ‌ّ لَا شرَقيِ‌ّ وَ لَا غرَبيِ‌ّ بُعِثَ يَومَ الإِثنَينِ قُلتُ فَأَينَ مَسكَنُهُ قَالَ يَثرِبُ ذَاتُ النّخلِ فَرَكِبتُ راَحلِتَيِ‌ حِينَ تَرَقّي لِيَ الصّبحُ وَ جَدّدتُ السّيرَ حَتّي أَتَيتُ المَدِينَةَ


صفحه : 121

فرَآَنيِ‌ رَسُولُ اللّهِص فحَدَثّنَيِ‌ بِالحَدِيثِ قَبلَ أَن أَذكُرَ لَهُ مِنهُ شَيئاً وَ دعَاَنيِ‌ إِلَي الإِسلَامِ فَأَسلَمتُ قَالَ سَعِيدُ بنُ جُبَيرٍ وَ كُنّا نَرَي أَنّهُ هُوَ ألّذِي أَنزَلَ اللّهُ فِيهِوَ أَنّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ فَزادُوهُم رَهَقاً

102- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِوَ أَنّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ قَالَ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَبِيتُ أَحَدُهُم باِلواَديِ‌ فِي الجَاهِلِيّةِ فَيَقُولُ أَعُوذُ بِعَزِيزِ هَذَا الواَديِ‌فَزادُوهُم رَهَقاً

103- وَ عَنِ الحَسَنِ فِي قَولِهِوَ أَنّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ قَالَ كَانَ أَحَدُهُم فَإِذَا نَزَلَ الواَديِ‌ قَالَ أَعُوذُ بِعَزِيزِ هَذَا الواَديِ‌ مِن شَرّ سُفَهَاءِ قَومِهِ فَيَأمَنُ فِي نَفسِهِ يَومَهُ وَ لَيلَتَهُ

104- وَ عَن رَبِيعِ بنِ أَنَسٍ وَ أَنّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ فَزادُوهُم رَهَقاً قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ فُلَانٌ رَبّ هَذَا الواَديِ‌ مِنَ الجِنّ فَكَانَ أَحَدُهُم إِذَا دَخَلَ ذَلِكَ الواَديِ‌َ يَعُوذُ بِرَبّ الواَديِ‌ مِن دُونِ اللّهِ فَيَزِيدُهُ بِذَلِكَ رَهَقاً أَي خَوفاً

105- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَكَانَتِ الشّيَاطِينُ لَهُم مَقَاعِدُ فِي السّمَاءِ يَسمَعُونَ فِيهَا الوحَي‌َ فَإِذَا سَمِعُوا الكَلِمَةَ زَادُوا فِيهَا تِسعاً فَأَمّا الكَلِمَةُ فَتَكُونُ حَقّاً وَ أَمّا مَا زَادَ فَيَكُونُ بَاطِلًا فَلَمّا بُعِثَ رَسُولُ اللّهِص مُنِعُوا مَقَاعِدَهُم فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِإِبلِيسَ وَ لَم تَكُنِ النّجُومُ يُرمَي بِهَا قَبلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُم مَا هَذَا إِلّا مِن أَمرٍ حَدَثَ فِي الأَرضِ فَبَعَثَ


صفحه : 122

جُنُودَهُ فَوَجَدُوا رَسُولَ اللّهِص قَائِماً يصُلَيّ‌ بَينَ جَبَلَينِ بِمَكّةَ فَأَتَوهُ فَأَخبَرُوهُ فَقَالَ هَذَا الحَدَثُ ألّذِي حَدَثَ فِي الأَرضِ

106- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ لَم يَكُنِ السّمَاءُ الدّنيَا تُحرَسُ فِي الفَترَةِ بَينَ عِيسَي وَ مُحَمّدٍص وَ كَانُوا يَقعُدُونَ مِنهَا مَقَاعِدَ لِلسّمعِ فَلَمّا بَعَثَ اللّهُ مُحَمّداًص حُرِسَتِ السّمَاءُ الدّنيَا حَرَساً شَدِيداً وَ رُجِمَتِ الشّيَاطِينُ فَأَنكَرُوا ذَلِكَ فَقَالُوالا ندَريِ‌ أَ شَرّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرضِ أَم أَرادَ بِهِم رَبّهُم رَشَداً فَقَالَ إِبلِيسُ لَقَد حَدَثَ فِي الأَرضِ حَدَثٌ فَاجتَمَعَت إِلَيهِ الجِنّ فَقَالَ تَفَرّقُوا فِي الأَرضِ فأَخَبرِوُنيِ‌ مَا هَذَا الحَدَثُ ألّذِي حَدَثَ فِي السّمَاءِ وَ كَانَ أَوّلَ بَعثٍ بُعِثَ رَكبٌ مِن أَهلِ نَصِيبِينَ وَ هُم أَشرَافُ الجِنّ وَ سَادَتُهُم فَبَعَثَهُم إِلَي تِهَامَةَ فَاندَفَعُوا حَتّي تَلَقّوُا الواَديِ‌َ واَديِ‌َ نَخلَةَ فَوَجَدُوا نبَيِ‌ّ اللّهِص يصُلَيّ‌ صَلَاةَ الغَدَاةِ بِبَطنِ نَخلَةَ فَاستَمَعُوا فَلَمّا سَمِعُوهُ يَتلُو القُرآنَقالُوا أَنصِتُوا وَ لَم يَكُن نبَيِ‌ّ اللّهِص يَعلَمُ أَنّهُمُ استَمَعُوا لَهُ وَ هُوَ يَقرَأُ القُرآنَفَلَمّا قضُيِ‌َ يَقُولُ فَلَمّا فَرَغَ مِنَ الصّلَاةِوَلّوا إِلي قَومِهِم مُنذِرِينَ يَقُولُ مُؤمِنِينَ

107- وَ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ لَمّا كَانَ اليَومُ ألّذِي تَنَبّأَ فِيهِ رَسُولُ اللّهِص مُنِعَتِ الشّيَاطِينُ مِنَ السّمَاءِ وَ رُمُوا بِالشّهُبِ

108- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَكَانَتِ الجِنّ قَبلَ أَن يُبعَثَ النّبِيّص يَستَمِعُونَ


صفحه : 123

مِنَ السّمَاءِ فَلَمّا بُعِثَ حُرِسَت فَلَم يَستَطِيعُوا أَن يَستَمِعُوا فَجَاءُوا إِلَي قَومِهِم يَقُولُ لِلّذِينَ لَم يَستَمِعُوا فَقَالُواأَنّا لَمَسنَا السّماءَ فَوَجَدناها مُلِئَت حَرَساً شَدِيداً وَ هُمُ المَلَائِكَةُوَ شُهُباً وَ هيِ‌َ الكَوَاكِبُوَ أَنّا كُنّا نَقعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسّمعِ فَمَن يَستَمِعِ الآنَ يَجِد لَهُ شِهاباً رَصَداً يَقُولُ نَجماً قَد أُرصِدَ لَهُ يُرمَي بِهِ قَالَ فَلَمّا رُمُوا بِالنّجُومِ قَالُوا لِقَومِهِمأَنّا لا ندَريِ‌ أَ شَرّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرضِ أَم أَرادَ بِهِم رَبّهُم رَشَداً

109- وَ عَنِ الأَعمَشِ قَالَ قَالَتِ الجِنّ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ تَأذَنُ لَنَا فَنَشهَدَ مَعَكَ الصّلَوَاتِ فِي مَسجِدِكَ فَأَنزَلَ اللّهُوَ أَنّ المَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً يَقُولُ صَلّوا لَا تُخَالِطُوا النّاسَ

110- وَ عَن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ قَالَ قَالَتِ الجِنّ للِنبّيِ‌ّص كَيفَ لَنَا أَن نأَتيِ‌َ المَسجِدَ وَ نَحنُ نَاءُونَ عَنكَ وَ كَيفَ نَشهَدُ الصّلَاةَ وَ نَحنُ نَاءُونَ عَنكَ فَنَزَلَتوَ أَنّ المَساجِدَ لِلّهِالآيَةَ

111- وَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص قَبلَ الهِجرَةِ إِلَي نوَاَحيِ‌ مَكّةَ فَخَطّ لِي خَطّاً وَ قَالَ لَا تُحدِثَنّ شَيئاً حَتّي آتِيَكَ ثُمّ قَالَ لَا يَهُولَنّكَ شَيءٌ تَرَاهُ فَتَقَدّمَ شَيئاً ثُمّ جَلَسَ فَإِذَا رِجَالٌ سُودٌ كَأَنّهُم رِجَالُ الزّطّ وَ كَانُوا كَمَا قَالَ اللّهُكادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً

112- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِوَ أَنّهُ لَمّا قامَ عَبدُ اللّهِ يَدعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً قَالَ لَمّا سَمِعُوا النّبِيّص يَتلُو القُرآنَ كَادُوا يَركَبُونَهُ مِنَ الحِرصِ لِمَا سَمِعُوهُ فَلَم يَعلَم بِهِم حَتّي أَتَاهُ الرّسُولُ فَجَعَلَ يَقرَأُقُل أوُحيِ‌َ إلِيَ‌ّ أَنّهُ استَمَعَ


صفحه : 124

نَفَرٌ مِنَ الجِنّ

113- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِوَ أَنّهُ لَمّا قامَ عَبدُ اللّهِ يَدعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً قَالَ لَمّا أَتَي الجِنّ عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ هُوَ يصُلَيّ‌ بِأَصحَابِهِ يَركَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَ يَسجُدُونَ بِسُجُودِهِ فَعَجِبُوا مِن طَوَاعِيَةِ أَصحَابِهِ لَهُ فَقَالُوا لِقَومِهِم لَمّا قَامَ عَبدُ اللّهِ يَدعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً

114- وَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ انطَلَقتُ مَعَ النّبِيّص لَيلَةَ الجِنّ حَتّي أَتَي الحَجُونَ فَخَطّ عَلَيّ خَطّاً ثُمّ تَقَدّمَ إِلَيهِم فَازدَادُوا عَلَيهِ فَقَالَ سَيّدُهُم يُقَالُ لَهُ وَردَانُ أَ لَا أُرحِلُهُم عَنكَ يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ إِنّهُلَن يجُيِرنَيِ‌ مِنَ اللّهِ أَحَدٌ

بيان قال الفيروزآبادي‌ الأيم ككيس الحية الأبيض اللطيف أوعام كالإيم بالكسر و قال اشرأب إليه مد عنقه لينظر أوارتفع و قال كوم التراب تكويما جعله كومة كومة بالضم أي قطعة قطعة ورفع رأسها و قال في النهاية في حديث عمر إذاأقيمت الصلاة ولي الشيطان و له خبج الخبج بالتحريك الضراط ويروي بالحاء المهملة و في حديث آخر من قرأ آية الكرسي‌ خرج الشيطان و له خبج كخبج الحمار. و قال الهوي بالفتح الحين الطويل من الزمان وقيل هومختص بالليل فتوسطته أي دخلت وقمت وسط البيت و في النهاية المخدع هوالبيت الصغير ألذي يكون داخل البيت الكبير وتضم ميمه وتفتح .


صفحه : 125

و قال فيه لاغول و لاصفر ولكن السعالي‌ هي‌ جمع سعلاة وهم سحرة الجن أي إن الغول لاتقدر علي أن تغول أحدا أوتضله ولكن في الجن سحرة كسحرة الإنس لهم تلبيس وتخييل و في القاموس الزوبعة اسم شيطان أورئيس للجن و منه سمي‌ الإعصار زوبعة و قال الحجون جبل بمعلاة مكة

115-حَيَاةُ الحَيَوَانِ،رَوَي البيَهقَيِ‌ّ فِي دَلَائِلِ النّبُوّةِ عَن أَبِي دُجَانَةَ وَ اسمُهُ سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ قَالَشَكَوتُ إِلَي النّبِيّص أنَيّ‌ نِمتُ فِي فرِاَشيِ‌ فَسَمِعتُ صَرِيراً كَصَرِيرِ الرّحَي وَ دَوِيّاً كدَوَيِ‌ّ النّحلِ وَ لَمَعَاناً كَلَمعِ البَرقِ فَرَفَعتُ رأَسيِ‌ فَإِذَا أَنَا بِظِلّ أَسوَدَ يَعلُو وَ يَطُولُ بِصَحنِ داَريِ‌ فَمَسِستُ جِلدَهُ فَإِذَا هُوَ كَجِلدِ القُنفُذِ فَرَمَي فِي وجَهيِ‌ مِثلَ شَرَرِ النّارِ فَقَالَص عَامِر دَارَكَ يَا أَبَا دُجَانَةَ ثُمّ طَلَبَ دَوَاةً وَ قِرطَاساً وَ أَمَرَ عَلِيّاً ع أَن يَكتُبَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِن رَسُولِ رَبّ العَالَمِينَ إِلَي مَن طَرَقَ الدّارَ مِنَ العُمّارِ وَ الزّوّارِ إِلّا طَارِقاً يَطرُقُ بِخَيرٍ أَمّا بَعدُ فَإِنّ لَنَا وَ لَكُم فِي الحَقّ سَعَةً فَإِن يَكُن عَاشِقاً مُولَعاً أَو فَاجِراً مُقتَحِماً فَهَذَا كِتَابُ اللّهِيَنطِقُعَلَينَا وَعَلَيكُم بِالحَقّ إِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَإِنّ رُسُلَنا يَكتُبُونَ ما تَمكُرُونَاترُكُوا صَاحِبَ كتِاَبيِ‌ هَذَا وَ انطَلِقُوا إِلَي عَبَدَةِ الأَصنَامِ وَ إِلَي مَن يَزعُمُ أَنّمَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلّا هُوَ كُلّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهَهُ لَهُ الحُكمُ وَ إِلَيهِ تُرجَعُونَحم لَا يُبصِرُونَحم عسق تَفَرّقَ أَعدَاءُ اللّهِ وَ بَلَغَت حُجّةُ اللّهِ وَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِ‌ّ العَظِيمِفَسَيَكفِيكَهُمُ اللّهُ وَ هُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ قَالَ أَبُو دُجَانَةَ فَأَخَذتُ الكِتَابَ وَ أَدرَجتُهُ وَ حَمَلتُهُ إِلَي داَريِ‌ وَ جَعَلتُهُ تَحتَ رأَسيِ‌ فَبِتّ ليَلتَيِ‌ فَمَا انتَبَهتُ إِلّا مِن صُرَاخِ صَارِخٍ يَقُولُ يَا أَبَا دُجَانَةَ أَحرَقتَنَا بِهَذِهِ الكَلِمَاتِ فَبِحَقّ صَاحِبِكَ إِلّا مَا رَفَعتَ عَنّا هَذَا الكِتَابَ فَلَا عَودَ لَنَا فِي دَارِكَ وَ لَا فِي جِوَارِكَ وَ لَا


صفحه : 126

فِي مَوضِعٍ يَكُونُ فِيهِ هَذَا الكِتَابُ قَالَ أَبُو دُجَانَةَ لَا أَرفَعُهُ حَتّي أَستَأذِنَ رَسُولَ اللّهِص قَالَ أَبُو دُجَانَةَ وَ لَقَد طَالَت عَلَيّ ليَلتَيِ‌ مِمّا سَمِعتُ مِن أَنِينِ الجِنّ وَ صُرَاخِهِم وَ بُكَائِهِم حَتّي أَصبَحتُ فَغَدَوتُ فَصَلّيتُ الصّبحَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ وَ أَخبَرتُهُ بِمَا سَمِعتُ مِنَ الجِنّ ليَلتَيِ‌ وَ مَا قُلتُ لَهُم فَقَالَ يَا أَبَا دُجَانَةَ ارفَع عَنِ القَومِ فَوَ ألّذِي بعَثَنَيِ‌ بِالحَقّ نَبِيّاً إِنّهُم لَيَجِدُونَ أَلَمَ العَذَابِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ رَوَاهُ الواَبلِيِ‌ّ الحَافِظُ فِي كِتَابِ الإِبَانَةِ وَ القرُطبُيِ‌ّ فِي كِتَابِ التّذكِرَةِ

116- الفِردَوسُ، عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا رَأَيتَ حَيّةً فِي الطّرِيقِ فَاقتُلهَا فإَنِيّ‌ قَد شَرَطتُ عَلَي الجِنّ أَن لَا يَظهَرُوا فِي صُورَةِ الحَيّاتِ فَمَن ظَهَرَ فَقَد أَحَلّ بِنَفسِهِ

بيان قال في النهاية فيه أحل بمن أحل بك أي من ترك إحرامه وأحل بك فقاتلك فاحلل أنت أيضا به وقاتله وقيل معناه إذاأحل رجل ماحرم الله عليه منك فادفعه أنت من نفسك بما قدرت عليه و في كتاب أبي عبيد عن النخعي‌ في المحرم يعدو عليه السبع أواللص أحل بمن أحل بك و فيه أنت محل بقومك أي إنك قدأبحت حريمهم وعرضتهم للهلاك

117- وَ أَقُولُمِمّا يُنَاسِبُ ذَلِكَ وَ يُؤَيّدُهُ مَا ذَكَرُهُ شَارِحُ دِيوَانِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ فِي فَوَاتِحِهِ حَيثُ قَالَ نَقَلَ أُستَادُنَا العَلّامَةُ مَولَانَا جَلَالُ الدّينِ مُحَمّدٌ الدوّاَنيِ‌ّ عَنِ الشّيخِ العَالِمِ العَامِلِ النقّيِ‌ّ الكَامِلِ السّيّدِ صفَيِ‌ّ الدّينِ عَبدِ الرّحمَنِ الإيِجيِ‌ّ أَنّهُ قَالَ ذَكَرَ لِيَ الفَاضِلُ العَالِمُ المتُقّيِ‌ شَيخُ أَبُو بَكرٍ عَنِ الشّيخِ بُرهَانِ الدّينِ الموَصلِيِ‌ّ وَ هُوَ رَجُلٌ


صفحه : 127

عَالِمٌ فَاضِلٌ صَالِحٌ وَرِعٌ إِنّا تَوَجّهنَا مِن مِصرَ إِلَي مَكّةَ نُرِيدُ الحَجّ فَنَزَلنَا مَنزِلًا وَ خَرَجَ عَلَينَا ثُعبَانٌ فَثَارَ النّاسُ إِلَي قَتلِهِ فَقَتَلَهُ ابنُ عمَيّ‌ فَاختُطِفَ وَ نَحنُ نَرَي سَعيَهُ وَ تَبَادُرَ النّاسِ عَلَي الخَيلِ وَ الرّكَابِ يُرِيدُونَ رَدّهُ فَلَم يَقدِرُوا عَلَي ذَلِكَ فَحَصَلَ لَنَا مِن ذَلِكَ أَمرٌ عَظِيمٌ فَلَمّا كَانَ آخِرُ النّهَارِ جَاءَ وَ عَلَيهِ السّكِينَةُ وَ الوَقَارُ فَسَأَلنَاهُ مَا شَأنُكَ فَقَالَ مَا هُوَ إِلّا أَن قَتَلتُ هَذَا الثّعبَانَ ألّذِي رَأَيتُمُوهُ فَصَنَعَ بيِ‌ مَا رَأَيتُم وَ إِذَا أَنَا بَينَ قَومٍ مِنَ الجِنّ يَقُولُ بَعضُهُم قَتَلتَ أَبِي وَ بَعضُهُم قَتَلتَ أخَيِ‌ وَ بَعضُهُم قَتَلتَ ابنَ عمَيّ‌ فَتَكَاثَرُوا عَلَيّ وَ إِذَا رَجُلٌ لَصِقَ بيِ‌ وَ قَالَ لِي قُل أَنَا أَرضَي بِاللّهِ وَ بِالشّرِيعَةِ المُحَمّدِيّةِ فَقُلتُ ذَلِكَ فَأَشَارَ إِلَيهِم أَن سِيرُوا إِلَي الشّرعِ فَسِرنَا حَتّي وَصَلنَا إِلَي شَيخٍ كَبِيرٍ عَلَي مَصطَبّةٍ فَلَمّا صِرنَا بَينَ يَدَيهِ قَالَ خَلّوا سَبِيلَهُ وَ ادّعُوا عَلَيهِ فَقَالَ الأَولَادُ ندَعّيِ‌ عَلَيهِ أَنّهُ قَتَلَ أَبَانَا فَقُلتُ حَاشَ لِلّهِ إِنّا نَحنُ وَفدُ بَيتِ اللّهِ الحَرَامِ نَزَلنَا هَذَا المَنزِلَ فَخَرَجَ عَلَينَا ثُعبَانٌ فَتَبَادَرَ النّاسُ إِلَي قَتلِهِ فَضَرَبتُهُ فَقَتَلتُهُ فَلَمّا سَمِعَ الشّيخُ مقَاَلتَيِ‌ قَالَ خَلّوا سَبِيلَهُ سَمِعتُ بِبَطنِ نَخلَةَ عَنِ النّبِيّص مَن تَزَيّا بِغَيرِ زِيّهِ فَقُتِلَ فَلَا دِيَةَ وَ لَا قَوَدَ انتَهَي وَ أَقُولُ أخَبرَنَيِ‌ واَلدِيِ‌ قُدّسَ سِرّهُ عَنِ الشّيخِ الأَجَلّ البهَيِ‌ّ الشّيخِ بَهَاءِ الدّينِ مُحَمّدٍ العاَملِيِ‌ّ رَوّحَ اللّهُ رُوحَهُ عَنِ المَولَي الفَاضِلِ جَمَالِ الدّينِ مَحمُودٍ رَحِمَهُ اللّهُ عَن أُستَادِهِ العَلّامَةِ الدوّاَنيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ أَنّهُ جَرَي عَلَيهِ تِلكَ الوَاقِعَةُ إِلّا أَنّهُ قَالَ ذَهَبتُ إِلَي الخَلَاءِ فَظَهَرَت لِي حَيّةٌ فَقَتَلتُهَا فَاجتَمَعَ عَلَيّ جَمّ غَفِيرٌ وَ أخَذَوُنيِ‌ وَ ذَهَبُوا إِلَي مَلِكِهِم وَ هُوَ جَالِسٌ عَلَي كرُسيِ‌ّ وَ ادّعَوا عَلَيّ قَتلَ وَالِدِهِم وَ وَلَدِهِم وَ قَرِيبِهِم كَمَا مَرّ فسَأَلَنَيِ‌ عَن ديِنيِ‌ فَقُلتُ أَنَا مِن أَهلِ الإِسلَامِ فَقَالَ اذهَبُوا بِهِ إِلَي مَلِكِ المُسلِمِينَ فَلَيسَ لِي أَن أقَضيِ‌َ عَلَيهِم بِعَهدٍ مِن رَسُولِ اللّهِ فَذَهَبُوا بيِ‌ إِلَي شَيخٍ أَبيَضِ الرّأسِ وَ اللّحيَةِ جَالِسٍ عَلَي سَرِيرٍ وَقَعَت حَاجِبَاهُ عَلَي عَينَيهِ فَرَفَعَهُمَا وَ لَمّا قَصَصنَا عَلَيهِ القِصّةَ قَالَ اذهَبُوا بِهِ إِلَي المَكَانِ ألّذِي أَخَذتُمُوهُ مِنهُ


صفحه : 128

وَ خَلّوا سَبِيلَهُ فإَنِيّ‌ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ قَالَ مَن تَزَيّا بِغَيرِ زِيّهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ فَجَاءُوا بيِ‌ إِلَي هَذَا المَكَانِ وَ خَلّوا سبَيِليِ‌

118- وَ أَقُولُ وَجَدتُ فِي كِتَابِ أَخبَارِ الجِنّ لِلشّيخِ مُسلِمِ بنِ مَحمُودٍ مِن قُدَمَاءِ المُخَالِفِينَ رَوَي بِإِسنَادِهِ عَن دِعبِلِ بنِ عَلِيّ الخزُاَعيِ‌ّ قَالَ هَرَبتُ مِنَ الخَلِيفَةِ المُعتَصِمِ فَبِتّ لَيلَةً بِنَيسَابُورَ وحَديِ‌ وَ عَزَمتُ عَلَي أَن أَعمَلَ قَصِيدَةً فِي عَبدِ اللّهِ بنِ طَاهِرٍ فِي تِلكَ اللّيلَةِ وَ إنِيّ‌ لفَيِ‌ ذَلِكَ إِذ سَمِعتُ وَ البَابَ مَردُودٌ عَلَيّ السّلَامُ عَلَيكُم وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَلِجُ يَرحَمُكَ اللّهُ فَاقشَعَرّ بدَنَيِ‌ مِن ذَلِكَ وَ ناَلنَيِ‌ أَمرٌ عَظِيمٌ فَقَالَ لَا تَرُع عَافَاكَ اللّهُ فإَنِيّ‌ رَجُلٌ مِنَ الجِنّ إِخوَانِكَ ثُمّ مِن ساَكنِيِ‌ اليَمَنِ طَرَأَ إِلَينَا طَارٍ مِن أَهلِ العِرَاقِ وَ أَنشَدَنَا قَصِيدَتَكَ وَ أَحبَبتُ أَن أَسمَعَهَا مِنكَ فَأَنشَدتُهُ


مَدَارِسُ آيَاتٍ خَلَت مِن تِلَاوَةٍ   وَ مَنزِلُ وحَي‌ٍ مُقفِرُ العَرَصَاتِ

أُنَاسٌ عَلَي الخَيرِ مِنهُم وَ جَعفَرٌ   وَ حَمزَةُ وَ السّجّادُ ذُو الثّفِنَاتِ

إِذَا فَخَرُوا يَوماً أَتَوا بِمُحَمّدٍ   وَ جِبرِيلَ وَ الفُرقَانِ وَ السّوَرَاتِ

فَأَنشَدتُهُ إِلَي آخِرِهَا فَبَكَي حَتّي خَرّ مَغشِيّاً عَلَيهِ ثُمّ قَالَ رَحِمَكَ اللّهُ أَ لَا أُحَدّثُكَ حَدِيثاً يَزِيدُ فِي نِيّتِكَ وَ يُعِينُكَ عَلَي التّمَسّكِ بِمَذهَبِكَ قُلتُ بَلَي قَالَ مَكَثتُ حِيناً أَسمَعُ بِذِكرِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍص فَصِرتُ إِلَي المَدِينَةِ فَسَمِعتُهُ يَقُولُ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ عَلِيّ وَ أَهلُ بَيتِهِ الفَائِزُونَ ثُمّ ودَعّنَيِ‌ لِيَنصَرِفَ فَقُلتُ رَحِمَكَ اللّهُ إِن رَأَيتَ أَن تخُبرِنَيِ‌ بِاسمِكَ قَالَ أَنَا ظَبيَانُ بنُ عَامِرٍ

119- وَ مِنهُ، عَنِ المُفَضّلِ قَالَرَكِبنَا فِي بَحرِ الخَزَرِ حَتّي إِذَا كُنّا غَيرَ بَعِيدٍ لَجّجَ مَركَبُنَا وَ سَاقَتهُ الشّمَالُ شَهراً فِي اللّجّةِ ثُمّ انكَسَرَ بِنَا فَوَقَعتُ أَنَا وَ رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ إِلَي جَزِيرَةٍ مِن جَزَائِرِ البَحرِ لَيسَ بِهَا أَنِيسٌ فَجَعَلنَا نَطمَعُ فِي الحَيَاةِ وَ أَشرَفنَا عَلَي هُوّةٍ فَإِذَا بِشَيخٍ مُستَنِدٍ إِلَي شَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ فَلَمّا رَآنَا تَحَسحَسَ وَ أَنَافَ إِلَينَا فَفَزِعنَا مِنهُ فَدَنَونَا فَقُلنَا السّلَامُ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَأَنِسنَا بِهِ وَ جَلَسنَا إِلَيهِ فَقَالَ مَا خَطبُكُمَا


صفحه : 129

فَأَخبَرنَاهُ فَضَحِكَ وَ قَالَ مَا وَطِئَ هَذِهِ الأَرضَ مِن وُلدِ آدَمَ قَطّ أَحَدٌ إِلّا أَنتُمَا فَمَن أَنتُمَا قُلنَا مِنَ العَرَبِ فَقَالَ بأِبَيِ‌ وَ أمُيّ‌َ العَرَبَ فَمِن أَيّهَا أَنتُمَا فَقُلتُ أَمّا أَنَا فَرَجُلٌ مِن خُزَاعَةَ وَ أَمّا صاَحبِيِ‌ فَمِن قُرَيشٍ قَالَ بأِبَيِ‌ وَ أمُيّ‌ قُرَيشاً وَ أَحمَدَهَا يَا أَخَا خُزَاعَةَ مَنِ القَائِلُ


كَأَن لَم يَكُن بَينَ الحَجُونِ إِلَي الصّفَا   أَنِيسٌ وَ لَم يَسمُر بِمَكّةَ سَامِرٌ

قُلتُ نَعَم ذَلِكَ الحَارِثُ بنُ مُصَاصٍ الجرُهمُيِ‌ّ قَالَ هُوَ ذَلِكَ يَا أَخَا قُرَيشٍ أَ وُلِدَ عَبدُ المُطّلِبِ بنُ هَاشِمٍ قَالَ قُلتُ أَينَ يَذهَبُ بِكَ يَرحَمُكَ اللّهُ فَقَالَ أَرَي زَمَاناً قَد تَقَارَبَت أَيّامُهُ أَ فَوُلِدَ ابنُهُ عَبدُ اللّهِ قُلتُ إِنّكَ تَسأَلُ مَسأَلَةَ مَن كَانَ مِنَ المَوتَي قَالَ فَتَزَايَدَ ثُمّ قَالَ فَابنُهُ مُحَمّدٌ الهاَديِ‌ ع قَالَ قُلتُ مَاتَ رَسُولُ اللّهِص مُنذُ أَربَعِينَ سَنَةً فَشَهِقَ شَهقَةً حَتّي ظَنَنّا أَنّ نَفسَهُ خَرَجَت وَ انخَفَضَ حَتّي صَارَ كَالفَرخِ فَأَنشَأَ يَقُولُ


وَ لَرُبّ رَاجٍ حِيلَ دُونَ رَجَائِهِ   وَ مُؤَمّلٍ ذَهَبَت بِهِ الآمَالُ

ثُمّ جَعَلَ يَنُوحُ وَ يبَكيِ‌ حَتّي بَلّ دَمعُهُ لِحيَتَهُ فَبَكَينَا لِبُكَائِهِ ثُمّ قُلنَا أَيّهَا الشّيخُ قَد سَأَلتَنَا فَأَخبَرنَاكَ فَسَأَلنَاكَ بِاللّهِ إِلّا أَخبَرتَنَا مَن أَنتَ قَالَ أَنَا السّفّاحُ بنُ زَفَرَاتِ الجنِيّ‌ّ لَم أَزَل مُؤمِناً بِاللّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ مُصَدّقاً وَ كُنتُ أَعرِفُ التّورَاةَ وَ الإِنجِيلَ وَ كُنتُ أَرجُو أنَيّ‌ أَرَي مُحَمّداً وَ أنَيّ‌ لَمّا تَعَفرَتَتِ الجِنّ وَ تَطَلّقَتِ الطّوَالِقُ مِنهَا خَبَأتُ نفَسيِ‌ فِي هَذِهِ الجَزِيرَةِ لِعِبَادَةِ اللّهِ وَ تَوحِيدِهِ وَ انتِصَارِ نَبِيّهِ مُحَمّدٍص وَ آلَيتُ عَلَي نفَسيِ‌ أَن لَا أَبرَحَ هَاهُنَا حَتّي أَسمَعَ بِخُرُوجِهِ وَ لَقَد تَقَاصَرَت أَعمَارُ الآدَمِيّينَ بعَديِ‌ لَمّا صِرتُ فِي هَذِهِ الجَزِيرَةِ مُنذُ أَربَعِمِائَةِ سَنَةٍ وَ عَبدُ مَنَافٍ إِذ ذَاكَ غُلَامٌ يَفَعٌ مَا ظَنَنتُ أَنّهُ وُلِدَ لَهُ وَ ذَلِكَ أَنّا نَجِدُ عِلمَ الأَحَادِيثِ وَ لَا يَعلَمُ الآجَالَ إِلّا اللّهُ وَ أَمّا أَنتُمَا أَيّهَا الرّجُلَانِ فَبَينَكُمَا وَ بَينَ الآدَمِيّينَ مَسِيرَةُ أَكثَرِ مِن سَنَةٍ وَ لَكِن


صفحه : 130

خُذ هَذَا العُودَ وَ أَخرِج مِن تَحتِ رِجلِهِ عُوداً فَاكتَفِلَاهُ كَالدّابّةِ فَإِنّهُ يُؤَدّيكُمَا إِلَي بِلَادِكُمَا فَاقرَءَا عَلَي رَسُولِ اللّهِص منِيّ‌ السّلَامَ فإَنِيّ‌ طَامِعٌ بِجِوَارِ قَبرِهِ قَالَ فَفَعَلنَا مَا أُمِرنَاهُ بِهِ فَأَصبَحنَا فِي آمُدَ

بيان طرأ أي أتي من مكان بعيد ولجج تلجيجا خاض اللجة وهي‌ معظم الماء وتحسحس أي تحرك وأناف عليه أشرف و كان فيه تضمينا والعفريت بالكسر الخبيث والنافذ في الأمر المبالغ فيه مع دهاء و قدتعفرت فهي‌ عفريتة وتطلقت الطوالق أي نجت من الحبس وشرعت في الفساد في القاموس الطالقة من الإبل ناقة ترسل في الحي‌ ترعي من جنابهم حيث شاءت . و قال الكفل بالكسر مركب للرجال يؤخذ كساء فيعقد طرفاه فيلقي مقدمه علي الكاهل ومؤخره مما يلي‌ العجز أو شيءمستدير يتخذ من خرق وغيرها ويوضع علي سنام البعير واكتفل البعير جعل عليه كفلا و قال آمد بلد بالثغور


صفحه : 131

باب 3-إبليس لعنه الله وقصصه وبدء خلقه ومكايده ومصايده وأحوال ذريته والاحتراز عنهم أعاذنا الله من شرورهم

الآيات البقرةوَ لا تَتّبِعُوا خُطُواتِ الشّيطانِ إِنّهُ لَكُم عَدُوّ مُبِينٌ إِنّما يَأمُرُكُم بِالسّوءِ وَ الفَحشاءِ وَ أَن تَقُولُوا عَلَي اللّهِ ما لا تَعلَمُونَ و قال تعالي الشّيطانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَ يَأمُرُكُم بِالفَحشاءِ و قال سبحانه الّذِينَ يَأكُلُونَ الرّبا لا يَقُومُونَ إِلّا كَما يَقُومُ ألّذِي يَتَخَبّطُهُ الشّيطانُ مِنَ المَسّآل عمران وَ إنِيّ‌ أُعِيذُها بِكَ وَ ذُرّيّتَها مِنَ الشّيطانِ الرّجِيمِ و قال إِنّما ذلِكُمُ الشّيطانُ يُخَوّفُ أَولِياءَهُ فَلا تَخافُوهُم وَ خافُونِ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَالنساءوَ مَن يَكُنِ الشّيطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً و قال تعالي فَقاتِلُوا أَولِياءَ الشّيطانِ إِنّ كَيدَ الشّيطانِ كانَ ضَعِيفاً و قال


صفحه : 132

وَ لَو لا فَضلُ اللّهِ عَلَيكُم وَ رَحمَتُهُ لَاتّبَعتُمُ الشّيطانَ إِلّا قَلِيلًا و قال تعالي إِن يَدعُونَ مِن دُونِهِ إِلّا إِناثاً وَ إِن يَدعُونَ إِلّا شَيطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللّهُ وَ قالَ لَأَتّخِذَنّ مِن عِبادِكَ نَصِيباً مَفرُوضاً وَ لَأُضِلّنّهُم وَ لَأُمَنّيَنّهُم وَ لَآمُرَنّهُم فَلَيُبَتّكُنّ آذانَ الأَنعامِ وَ لَآمُرَنّهُم فَلَيُغَيّرُنّ خَلقَ اللّهِ وَ مَن يَتّخِذِ الشّيطانَ وَلِيّا مِن دُونِ اللّهِ فَقَد خَسِرَ خُسراناً مُبِيناً يَعِدُهُم وَ يُمَنّيهِم وَ ما يَعِدُهُمُ الشّيطانُ إِلّا غُرُوراً أُولئِكَ مَأواهُم جَهَنّمُ وَ لا يَجِدُونَ عَنها مَحِيصاًالمائدةإِنّما يُرِيدُ الشّيطانُ أَن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَ البَغضاءَ فِي الخَمرِ وَ المَيسِرِ وَ يَصُدّكُم عَن ذِكرِ اللّهِ وَ عَنِ الصّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهُونَالأنعام وَ كَذلِكَ جَعَلنا لِكُلّ نبَيِ‌ّ عَدُوّا شَياطِينَ الإِنسِ وَ الجِنّ يوُحيِ‌ بَعضُهُم إِلي بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرُوراً و قال وَ إِنّ الشّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلي أَولِيائِهِم لِيُجادِلُوكُم و قال تعالي وَ لا تَتّبِعُوا خُطُواتِ الشّيطانِ إِنّهُ لَكُم عَدُوّ مُبِينٌالأعراف وَ لَقَد خَلَقناكُم ثُمّ صَوّرناكُم ثُمّ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَ لَم يَكُن مِنَ السّاجِدِينَ قالَ ما مَنَعَكَ أَلّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ قالَ أَنَا خَيرٌ مِنهُ خلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ قالَ فَاهبِط مِنها فَما يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبّرَ فِيها فَاخرُج إِنّكَ مِنَ الصّاغِرِينَ قالَ أنَظرِنيِ‌ إِلي يَومِ يُبعَثُونَ قالَ إِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ قالَ فَبِما أغَويَتنَيِ‌ لَأَقعُدَنّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقِيمَ ثُمّ لَآتِيَنّهُم مِن بَينِ أَيدِيهِم وَ مِن خَلفِهِم وَ عَن أَيمانِهِم وَ عَن شَمائِلِهِم وَ لا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرِينَ قالَ اخرُج مِنها مَذؤُماً مَدحُوراً لَمَن تَبِعَكَ مِنهُم لَأَملَأَنّ جَهَنّمَ مِنكُم أَجمَعِينَ إلي آخر


صفحه : 133

مامر في قصة آدم و قال تعالي وَ أَقُل لَكُما إِنّ الشّيطانَ لَكُما عَدُوّ مُبِينٌ و قال تعالي يا بنَيِ‌ آدَمَ لا يَفتِنَنّكُمُ الشّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنّةِ يَنزِعُ عَنهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوآتِهِما إِنّهُ يَراكُم هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِن حَيثُ لا تَرَونَهُم إِنّا جَعَلنَا الشّياطِينَ أَولِياءَ لِلّذِينَ لا يُؤمِنُونَ و قال تعالي إِنّهُمُ اتّخَذُوا الشّياطِينَ أَولِياءَ مِن دُونِ اللّهِ و قال تعالي وَ إِمّا يَنزَغَنّكَ مِنَ الشّيطانِ نَزغٌ فَاستَعِذ بِاللّهِ إِنّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِنّ الّذِينَ اتّقَوا إِذا مَسّهُم طائِفٌ مِنَ الشّيطانِ تَذَكّرُوا فَإِذا هُم مُبصِرُونَ وَ إِخوانُهُم يَمُدّونَهُم فِي الغيَ‌ّ ثُمّ لا يُقصِرُونَالأنفال وَ إِذ زَيّنَ لَهُمُ الشّيطانُ أَعمالَهُم وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النّاسِ وَ إنِيّ‌ جارٌ لَكُم فَلَمّا تَراءَتِ الفِئَتانِ نَكَصَ عَلي عَقِبَيهِ وَ قالَ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ مِنكُم إنِيّ‌ أَري ما لا تَرَونَ إنِيّ‌ أَخافُ اللّهَ وَ اللّهُ شَدِيدُ العِقابِيوسف إِنّ الشّيطانَ لِلإِنسانِ عَدُوّ مُبِينٌ و قال تعالي فَأَنساهُ الشّيطانُ ذِكرَ رَبّهِ و قال مِن بَعدِ أَن نَزَغَ الشّيطانُ بيَنيِ‌ وَ بَينَ إخِوتَيِ‌ ابراهيم وَ قالَ الشّيطانُ لَمّا قضُيِ‌َ الأَمرُ إِنّ اللّهَ وَعَدَكُم وَعدَ الحَقّ وَ وَعَدتُكُم فَأَخلَفتُكُم وَ ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لِي فَلا تلَوُموُنيِ‌ وَ لُومُوا أَنفُسَكُم ما أَنَا بِمُصرِخِكُم وَ ما أَنتُم بمِصُرخِيِ‌ّ إنِيّ‌ كَفَرتُ بِما أَشرَكتُمُونِ مِن قَبلُ إِنّ


صفحه : 134

الظّالِمِينَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ

الحجروَ حَفِظناها مِن كُلّ شَيطانٍ رَجِيمٍ إِلّا مَنِ استَرَقَ السّمعَ فَأَتبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ و قال سبحانه وَ إِذ قالَ رَبّكَ لِلمَلائِكَةِ إنِيّ‌ خالِقٌ بَشَراً مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنُونٍ فَإِذا سَوّيتُهُ وَ نَفَختُ فِيهِ مِن روُحيِ‌ فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ المَلائِكَةُ كُلّهُم أَجمَعُونَ إِلّا إِبلِيسَ أَبي أَن يَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ قالَ يا إِبلِيسُ ما لَكَ أَلّا تَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ قالَ لَم أَكُن لِأَسجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقتَهُ مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنُونٍ قالَ فَاخرُج مِنها فَإِنّكَ رَجِيمٌ وَ إِنّ عَلَيكَ اللّعنَةَ إِلي يَومِ الدّينِ قالَ رَبّ فأَنَظرِنيِ‌ إِلي يَومِ يُبعَثُونَ قالَ فَإِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ قالَ رَبّ بِما أغَويَتنَيِ‌ لَأُزَيّنَنّ لَهُم فِي الأَرضِ وَ لَأُغوِيَنّهُم أَجمَعِينَ إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ قالَ هذا صِراطٌ عَلَيّ مُستَقِيمٌ إِنّ عبِاديِ‌ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ إِلّا مَنِ اتّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ وَ إِنّ جَهَنّمَ لَمَوعِدُهُم أَجمَعِينَالنحل فَزَيّنَ لَهُمُ الشّيطانُ أَعمالَهُم فَهُوَ وَلِيّهُمُ اليَومَ و قال تعالي فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللّهِ مِنَ الشّيطانِ الرّجِيمِ إِنّهُ لَيسَ لَهُ سُلطانٌ عَلَي الّذِينَ آمَنُوا وَ عَلي رَبّهِم يَتَوَكّلُونَ إِنّما سُلطانُهُ عَلَي الّذِينَ يَتَوَلّونَهُ وَ الّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَالإسراءإِنّ المُبَذّرِينَ كانُوا إِخوانَ الشّياطِينِ وَ كانَ الشّيطانُ لِرَبّهِ كَفُوراً و قال تعالي إِنّ الشّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنّ الشّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوّا


صفحه : 135

مُبِيناً و قال تعالي وَ إِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَ قالَ أَ أَسجُدُ لِمَن خَلَقتَ طِيناً قالَ أَ رَأَيتَكَ هذَا ألّذِي كَرّمتَ عَلَيّ لَئِن أَخّرتَنِ إِلي يَومِ القِيامَةِ لَأَحتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إِلّا قَلِيلًا قالَ اذهَب فَمَن تَبِعَكَ مِنهُم فَإِنّ جَهَنّمَ جَزاؤُكُم جَزاءً مَوفُوراً وَ استَفزِز مَنِ استَطَعتَ مِنهُم بِصَوتِكَ وَ أَجلِب عَلَيهِم بِخَيلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكهُم فِي الأَموالِ وَ الأَولادِ وَ عِدهُم وَ ما يَعِدُهُمُ الشّيطانُ إِلّا غُرُوراً إِنّ عبِاديِ‌ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ وَ كَفي بِرَبّكَ وَكِيلًاالكهف وَ إِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبّهِ أَ فَتَتّخِذُونَهُ وَ ذُرّيّتَهُ أَولِياءَ مِن دوُنيِ‌ وَ هُم لَكُم عَدُوّ بِئسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلًا ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ لا خَلقَ أَنفُسِهِم وَ ما كُنتُ مُتّخِذَ المُضِلّينَ عَضُداً و قال تعالي وَ ما أَنسانِيهُ إِلّا الشّيطانُ أَن أَذكُرَهُمريم يا أَبَتِ لا تَعبُدِ الشّيطانَ إِنّ الشّيطانَ كانَ لِلرّحمنِ عَصِيّا يا أَبَتِ إنِيّ‌ أَخافُ أَن يَمَسّكَ عَذابٌ مِنَ الرّحمنِ فَتَكُونَ لِلشّيطانِ وَلِيّا و قال تعالي فَوَ رَبّكَ لَنَحشُرَنّهُم وَ الشّياطِينَ ثُمّ لَنُحضِرَنّهُم حَولَ جَهَنّمَ جِثِيّا و قال تعالي أَ لَم تَرَ أَنّا أَرسَلنَا الشّياطِينَ عَلَي الكافِرِينَ تَؤُزّهُم أَزّاطه فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَ إلي قوله تعالي فَوَسوَسَ إِلَيهِ الشّيطانُالأنبياءوَ مِنَ الشّياطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَ يَعمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ وَ كُنّا


صفحه : 136

لَهُم حافِظِينَالحج وَ يَتّبِعُ كُلّ شَيطانٍ مَرِيدٍ كُتِبَ عَلَيهِ أَنّهُ مَن تَوَلّاهُ فَأَنّهُ يُضِلّهُ وَ يَهدِيهِ إِلي عَذابِ السّعِيرِ و قال تعالي وَ ما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسُولٍ وَ لا نبَيِ‌ّ إِلّا إِذا تَمَنّي أَلقَي الشّيطانُ فِي أُمنِيّتِهِ فَيَنسَخُ اللّهُ ما يلُقيِ‌ الشّيطانُ ثُمّ يُحكِمُ اللّهُ آياتِهِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ لِيَجعَلَ ما يلُقيِ‌ الشّيطانُ فِتنَةً لِلّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ وَ القاسِيَةِ قُلُوبُهُمالمؤمنون وَ قُل رَبّ أَعُوذُ بِكَ مِن هَمَزاتِ الشّياطِينِ وَ أَعُوذُ بِكَ رَبّ أَن يَحضُرُونِالنوريا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّبِعُوا خُطُواتِ الشّيطانِ وَ مَن يَتّبِع خُطُواتِ الشّيطانِ فَإِنّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ وَ المُنكَرِالشعراءفَكُبكِبُوا فِيها هُم وَ الغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبلِيسَ أَجمَعُونَ و قال تعالي وَ ما تَنَزّلَت بِهِ الشّياطِينُ وَ ما ينَبغَيِ‌ لَهُم وَ ما يَستَطِيعُونَ إِنّهُم عَنِ السّمعِ لَمَعزُولُونَ إلي قوله تعالي هَل أُنَبّئُكُم عَلي مَن تَنَزّلُ الشّياطِينُ تَنَزّلُ عَلي كُلّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ يُلقُونَ السّمعَ وَ أَكثَرُهُم كاذِبُونَالنمل وَ زَيّنَ لَهُمُ الشّيطانُ أَعمالَهُم فَصَدّهُم عَنِ السّبِيلِ


صفحه : 137

القصص قالَ هذا مِن عَمَلِ الشّيطانِ إِنّهُ عَدُوّ مُضِلّ مُبِينٌسبأوَ لَقَد صَدّقَ عَلَيهِم إِبلِيسُ ظَنّهُ فَاتّبَعُوهُ إِلّا فَرِيقاً مِنَ المُؤمِنِينَ وَ ما كانَ لَهُ عَلَيهِم مِن سُلطانٍ إِلّا لِنَعلَمَ مَن يُؤمِنُ بِالآخِرَةِ مِمّن هُوَ مِنها فِي شَكّ وَ رَبّكَ عَلي كُلّ شَيءٍ حَفِيظٌفاطرإِنّ الشّيطانَ لَكُم عَدُوّ فَاتّخِذُوهُ عَدُوّا إِنّما يَدعُوا حِزبَهُ لِيَكُونُوا مِن أَصحابِ السّعِيرِيس أَ لَم أَعهَد إِلَيكُم يا بنَيِ‌ آدَمَ أَن لا تَعبُدُوا الشّيطانَ إِنّهُ لَكُم عَدُوّ مُبِينٌ وَ أَنِ اعبدُوُنيِ‌ هذا صِراطٌ مُستَقِيمٌ وَ لَقَد أَضَلّ مِنكُم جِبِلّا كَثِيراً أَ فَلَم تَكُونُوا تَعقِلُونَالصافات وَ حِفظاً مِن كُلّ شَيطانٍ مارِدٍ لا يَسّمّعُونَ إِلَي المَلَإِ الأَعلي وَ يُقذَفُونَ مِن كُلّ جانِبٍ دُحُوراً وَ لَهُم عَذابٌ واصِبٌ إِلّا مَن خَطِفَ الخَطفَةَ فَأَتبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ و قال تعالي طَلعُها كَأَنّهُ رُؤُسُ الشّياطِينِص وَ الشّياطِينَ كُلّ بَنّاءٍ وَ غَوّاصٍ وَ آخَرِينَ مُقَرّنِينَ فِي الأَصفادِ و قال تعالي إِذ نادي رَبّهُ أنَيّ‌ مسَنّيِ‌َ الشّيطانُ بِنُصبٍ وَ عَذابٍ و قال تعالي إِذ قالَ رَبّكَ لِلمَلائِكَةِ إنِيّ‌ خالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ فَإِذا سَوّيتُهُ وَ نَفَختُ فِيهِ مِن روُحيِ‌ فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ المَلائِكَةُ كُلّهُم أَجمَعُونَ إِلّا إِبلِيسَ


صفحه : 138

استَكبَرَ وَ كانَ مِنَ الكافِرِينَ قالَ يا إِبلِيسُ ما مَنَعَكَ أَن تَسجُدَ لِما خَلَقتُ بيِدَيَ‌ّ أَستَكبَرتَ أَم كُنتَ مِنَ العالِينَ قالَ أَنَا خَيرٌ مِنهُ خلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ قالَ فَاخرُج مِنها فَإِنّكَ رَجِيمٌ وَ إِنّ عَلَيكَ لعَنتَيِ‌ إِلي يَومِ الدّينِ قالَ رَبّ فأَنَظرِنيِ‌ إِلي يَومِ يُبعَثُونَ قالَ فَإِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ قالَ فَبِعِزّتِكَ لَأُغوِيَنّهُم أَجمَعِينَ إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ قالَ فَالحَقّ وَ الحَقّ أَقُولُ لَأَملَأَنّ جَهَنّمَ مِنكَ وَ مِمّن تَبِعَكَ مِنهُم أَجمَعِينَالسجدةوَ إِمّا يَنزَغَنّكَ مِنَ الشّيطانِ نَزغٌ فَاستَعِذ بِاللّهِ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ العَلِيمُالزخرف وَ مَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرّحمنِ نُقَيّض لَهُ شَيطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ و قال تعالي وَ لا يَصُدّنّكُمُ الشّيطانُ إِنّهُ لَكُم عَدُوّ مُبِينٌ محمدالشّيطانُ سَوّلَ لَهُم وَ أَملي لَهُمالمجادلةاستَحوَذَ عَلَيهِمُ الشّيطانُ فَأَنساهُم ذِكرَ اللّهِ أُولئِكَ حِزبُ الشّيطانِ أَلا إِنّ حِزبَ الشّيطانِ هُمُ الخاسِرُونَالحشركَمَثَلِ الشّيطانِ إِذ قالَ لِلإِنسانِ اكفُر فَلَمّا كَفَرَ قالَ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ مِنكَ إنِيّ‌ أَخافُ اللّهَ رَبّ العالَمِينَ فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنّهُما فِي النّارِ خالِدَينِ فِيها وَ ذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ


صفحه : 139

الملك وَ لَقَد زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ وَ جَعَلناها رُجُوماً لِلشّياطِينِ وَ أَعتَدنا لَهُم عَذابَ السّعِيرِ وَ لِلّذِينَ كَفَرُوا بِرَبّهِم عَذابُ جَهَنّمَ وَ بِئسَ المَصِيرُ إِذا أُلقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَ هيِ‌َ تَفُورُ تَكادُ تَمَيّزُ مِنَ الغَيظِ كُلّما ألُقيِ‌َ فِيها فَوجٌ سَأَلَهُم خَزَنَتُها أَ لَم يَأتِكُم نَذِيرٌ قالُوا بَلي قَد جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذّبنا وَ قُلنا ما نَزّلَ اللّهُ مِن شَيءٍ إِن أَنتُم إِلّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ الناس مِن شَرّ الوَسواسِ الخَنّاسِ ألّذِي يُوَسوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ مِنَ الجِنّةِ وَ النّاسِتفسيروَ لا تَتّبِعُوا خُطُواتِ الشّيطانِ قال البيضاوي‌ لاتقتدوا به في اتباع الهوي فتحرموا الحلال وتحللوا الحرام إِنّهُ لَكُم عَدُوّ مُبِينٌظاهر العداوة عندذوي‌ البصيرة و إن كان يظهر الموالاة لمن يغويه ولذلك سماه وليا في قوله أَولِياؤُهُمُ الطّاغُوتُإِنّما يَأمُرُكُم بِالسّوءِ وَ الفَحشاءِبيان لعداوته ووجوب التحرز عن متابعته واستعير الأمر لتزيينه وبعثه لهم علي الشر تسفيها لرأيهم وتحقيرا لشأنهم والسوء والفحشاء ماأنكره العقل واستقبحه الشرع والعطف لاختلاف الوصفين فإنه سوء لاغتمام العاقل به وفحشاء باستقباحه إياه . وقيل السوء يعم القبائح والفحشاء مايجاوز الحد في القبح من الكبائر. وقيل الأول ما لاحد فيه والثاني‌ ماشرع فيه الحدوَ أَن تَقُولُوا عَلَي اللّهِ ما لا تَعلَمُونَكاتخاذ الأنداد وتحليل المحرمات وتحريم الطيبات . و قال الرازي‌ اعلم أن أمر الشيطان ووسوسته عبارة عن هذه الخواطر التي‌ نجدها في أنفسنا و قداختلف الناس في هذه الخواطر من وجوه


صفحه : 140

أحدها اختلفوا في ماهياتها فقال بعض إنها حروف وأصوات خفية قالت الفلاسفة إنها تصورات الحروف والأصوات وأشباهها وتخيلاتها علي مثال الصور المنطبعة في المرايا فإن تلك الصور تشبه تلك الأشياء من بعض الوجوه و إن لم تكن مشابهة لها من كل الوجوه ولقائل أن يقول صور هذه الحروف وتخيلاتها هل تشبه هذه الحروف في كونها حروفا أو لاتشبهها فإن كان الأول فتصور الحروف حروف فعاد القول إلي أن هذه الخواطر أصوات وحروف خفية و إن كان الثاني‌ لم يكن تصورات هذه الحروف حروفا لكني‌ أجد من نفسي‌ هذه الحروف والأصوات مترتبة منتظمة علي حسب انتظامها في الخارج والعربي‌ لايتكلم في قلبه إلابالعربية وكذا الأعجمي‌ وتصورات هذه الحروف وتعاقبها وتواليها في الخارج فثبت أنها في أنفسها حروف وأصوات خفية. وثانيها أن فاعل هذه الخواطر من هو. أما علي أصلنا أن خالق الحوادث بأسرها هو الله تعالي فالأمر ظاهر. و أما علي أصل المعتزلة فهم لايقولون بذلك . وأيضا فإن المتكلم عندهم من فعل الكلام فلو كان فاعل هذه الخواطر هو الله تعالي و فيها ما يكون كذبا لزم كون الله تعالي موصوفا بذلك تعالي الله عنه . و لايمكن أن يقال إن فاعلها هوالعبد لأن العبد قديكره حصول تلك الخواطر ويحتال في دفعها عن نفسه مع أنها البتة لايندفع بل ينجر البعض إلي البعض علي سبيل الاتصال فإذا لابد هاهنا من شيءآخر و هوإما الملك وإما الشيطان فلعلهما متكلمان بهذا


صفحه : 141

الكلام في أقصي الدماغ أو في أقصي القلب حتي إن الإنسان و إن كان في غاية الصمم فإنه يسمع هذه الحروف والأصوات . ثم إن قلنا بأن الشيطان والملك ذوات قائمة بأنفسها غيرمتحيزة البتة لم يبعد كونها قادرة علي مثل هذه الأفعال و إن قلنا بأنها أجسام لطيفة لم يبعد أيضا أن يقال إنها و إن كانت لاتتولج بواطن البشر إلاأنهم يقدرون علي إيصال هذاالكلام إلي بواطن البشر. و لايبعد أيضا أن يقال إنها لغاية لطافتها يقدر علي النفوذ في مضايق بواطن البشر ومخارق جسمه وتوصل الكلام إلي قلبه ودماغه ثم إنها مع لطافتها تكون مستحكمة التركيب بحيث يكون اتصال بعض أجزائه بالبعض اتصالا لاينفصل فلاجرم لايقتضي‌ نفوذها في هذه المضايق والمخارق انفصالها وتفرق أجزائها و كل هذه الاحتمالات مما لادليل علي فسادها والأمر في معرفة حقائقها عند الله تعالي ومما يدل علي إثبات إلهام الملائكة بالخير قوله تعالي إِذ يوُحيِ‌ رَبّكَ إِلَي المَلائِكَةِ أنَيّ‌ مَعَكُم فَثَبّتُوا الّذِينَ آمَنُوا أي ألهموهم بالثبات ويدل عليه من الأخبار قَولُهُص لِلشّيطَانِ لَمّةٌ بِابنِ آدَمَ وَ لِلمَلَكِ لَمّةٌ

وَ فِي الحَدِيثِ أَيضاً إِذَا وُلِدَ المَولُودُ لبِنَيِ‌ آدَمَ قَرَنَ إِبلِيسُ بِهِ شَيطَاناً وَ قَرَنَ اللّهُ بِهِ مَلَكاً فَالشّيطَانُ جَاثِمٌ عَلَي أُذُنِ قَلبِهِ الأَيسَرِ وَ المَلَكُ قَائِمٌ عَلَي أُذُنِ قَلبِهِ الأَيمَنِ فَهُمَا يَدعُوَانِهِ

. و من الصوفية والفلاسفة من فسر الملك الداعي‌ إلي الخير بالقوة العقلية وفسر الشيطان الداعي‌ إلي الشر بالقوة الشهوانية والغضبية ودلت الآية علي أن الشيطان لايأمر إلابالقبائح لأن الله تعالي ذكره بكلمة إنما وهي‌ للحصر و قال بعض العارفين إن الشيطان قديدعو إلي الخير لكن لغرض أن يجره منه إلي الشر و ذلك إلي


صفحه : 142

أنواع إما أن يجره من الأفضل إلي الفاضل السهل أو من السهل إلي الأفضل الأشق ليصير ازدياد المشقة سببا لحصول النفرة عن الطاعة بالكلية. و قال في قوله تعالي الشّيطانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَاختلفوا في الشيطان فقيل إبليس وقيل سائر الشياطين وقيل شياطين الجن والإنس وقيل النفس الأمارة بالسوء والوعد يستعمل في الخير والشر ويمكن أن يكون هذامحمولا علي التهكم و قدمر الكلام في حقيقة الوسوسة في تفسير الاستعاذة. وروي ابن مسعود أن للشيطان لمة وهي‌ الإيعاد بالشر وللملك لمة وهي‌ الوعد بالخير فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله و من وجد الأول فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقرأ هذه الآية وروي الحسن قال بعض المهاجرين من سره أن يعلم مكان الشيطان منه فليتأمل موضعه من المكان ألذي منه يجد الرغبة في فعل المنكر. والفحشاء البخل والفاحش عندالعرب البخل و قال في قوله تعالي إِلّا كَما يَقُومُ ألّذِي يَتَخَبّطُهُ الشّيطانُ مِنَ المَسّالتخبط معناه التصرف علي غيراستواء وتخبطه الشيطان إذامسه بخبل أوجنون وتسمي إصابة الشيطان بالجنون والخبل خبطة والمس الجنون يقال مس الرجل فهو ممسوس و به مس وأصله من المس باليد كان الشيطان يمس الإنسان فيجننه ثم سمي‌ الجنون مسا كما أن الشيطان يتخبطه ويطؤه برجله فيخبله فسمي‌ الجنون خبطة فالتخبط بالرجل والمس باليد. و قال الجبائي‌ و الناس يقولون المصروع إنما حدثت به تلك الحالة لأن الشيطان يمسه ويصرعه و هذاباطل لأن قدرة الشيطان ضعيفة لايقدر علي صرع


صفحه : 143

الناس وقتلهم ويدل عليه وجوه أحدها قوله تعالي حكاية عن الشيطان وَ ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لِي و هذاصريح في أنه ليس للشيطان قدرة علي الصرع والقتل والإيذاء. والثاني‌ أن الشيطان إما أن يقال إنه كثيف الجسم أويقال إنه من الأجسام اللطيفة فإن كان الأول وجب أن يري ويشاهد إذ لوجاز فيه أن يكون كثيفا ويحضر ثم لايري لجاز أن يكون بحضرتنا شموس ورعود وبروق وجبال ونحن لانراها و ذلك جهالة عظيمة ولأنه لو كان جسما كثيفا فكيف يمكنه أن يدخل في باطن بدن الإنسان و أما إن كان جسما لطيفا كالهواء فمثل هذايمتنع أن تكون فيه صلابة وقوة فيمتنع أن يكون قادرا علي أن يصرع الإنسان ويقتله .الثالث لو كان الشيطان يقدر علي أن يصرع الإنسان فيقتله لصح أن يفعل مثل معجزات الأنبياء و ذلك يجر الطعن في النبوة.الرابع أن الشيطان لوقدر علي ذلك فلم لايصرع جميع المؤمنين و لايخبطهم من شدة عداوته مع أهل الإيمان و لم لايغصب أموالهم ويفسد أحوالهم ويفشي‌ أسرارهم ويزيل عقولهم و كل ذلك ظاهر الفساد. واحتج القائلون بأن الشيطان يقدر علي هذه الأشياء بوجهين .الأول ماروي‌ أن الشياطين في زمان سليمان ع كانوا يعملون الأعمال الشاقة علي ماحكي الله عنهم أنهم كانوايَعمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِن مَحارِيبَ وَ تَماثِيلَ وَ جِفانٍ كَالجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِياتٍ والجواب عنه أنه تعالي كثف أجسامهم في زمان سليمان ع . والثاني‌ أن هذه الآية وهي‌ قوله تعالي يَتَخَبّطُهُ الشّيطانُ مِنَ المَسّصريح في أن تخبطه كان من الشيطان ومسه مسببا عنه .


صفحه : 144

والجواب عنه أن الشيطان يمسه بالوسوسة الموذية التي‌ يحدث عندها الصرع و هوكقول أيوب أنَيّ‌ مسَنّيِ‌َ الشّيطانُ بِنُصبٍ وَ عَذابٍ وإنما يحدث الصرع عندتلك الوسوسة فلاجرم فيصرع عندتلك الوسوسة كمايفزع الجبان من الموضع الخالي‌ وبهذا المعني لايوجد هذاالخبط من الفضلاء الكاملين و أهل الحزم والعقل وإنما يوجد فيمن به نقص في المزاج وخلل في الدماغ و هذاجملة كلام الجبائي‌ في هذاالباب . وذكر القفال وجها آخر فيه و هو أن الناس يضيفون الصرع إلي الشيطان و إلي الجن فخوطبوا علي ماتعارفوه من هذا. وأيضا من عادة الناس أنهم إذاأرادوا تقبيح شيءيضيفوه إلي الشيطان كما في قوله تعالي طَلعُها كَأَنّهُ رُؤُسُ الشّياطِينِ. و قال الطبرسي‌ قدس سره قيل إن هذا علي وجه التشبيه لأن الشيطان لايصرع الإنسان علي الحقيقة ولكن من غلب عليه المرة السوداء وضعف ربما يخيل إليه الشيطان أمورا هائلة ويوسوس إليه فيقع الصرع عند ذلك من فعل الله تعالي ونسب ذلك إلي الشيطان مجازا لما كان ذلك عندوسوسته عن الجبائي‌. وقيل يجوز أن يكون الصرع من فعل الشيطان في بعض الناس دون بعض عن أبي الهذيل و ابن الإخشيد قالا لأن الظاهر من القرآن يشهد به و ليس في العقل مايمنع منه و لايمنع الله سبحانه الشيطان عنه امتحانا لبعض الناس وعقوبة لبعض علي ذنب ألم به و لم يتب منه كمايسلط بعض الناس علي بعض فيظلمه ويأخذ ماله و لايمنعه الله منه .


صفحه : 145

وَ إنِيّ‌ أُعِيذُها بِكَ قال البيضاوي‌ أجيرها بحفظك الرّجِيمِالمطرود وأصل الرجم الرمي‌ بالحجارة وَ عَنِ النّبِيّص مَا مِن مَولُودٍ يُولَدُ إِلّا وَ الشّيطَانُ يَمَسّهُ حِينَ يُولَدُ فَيَستَهِلّ مِن مَسّهِ إِلّا مَريَمَ وَ ابنَهَا

ومعناه أن الشيطان يطمع في إغواء كل مولود بحيث يتأثر منه إلامريم وابنها فإن الله تعالي عصمها ببركة هذه الاستعاذة.إِنّما ذلِكُمُ الشّيطانُ يُخَوّفُ قال الرازي‌ قوله الشيطان خبر ذلكم بمعني إنما ذلكم المثبط هوالشيطان يُخَوّفُ أَولِياءَهُجملة مستأنفة بيان لشيطنته أوالشيطان صفة لاسم الإشارة ويخوف الخبر والمراد بالشيطان الركب وقيل نعيم بن مسعود وسمي‌ شيطانا لعتوه وتمرده في الكفر كقوله شَياطِينَ الإِنسِ وَ الجِنّ وقيل هوالشيطان يخوف أولياءه بالوسوسة. و قال في قوله سبحانه إِنّ كَيدَ الشّيطانِ كانَ ضَعِيفاًلأن الله ينصر أولياءه والشيطان ينصر أولياءه و لاشك أن نصرة الشيطان لأوليائه أضعف من نصرة الله لأوليائه أ لاتري أن أهل الخير والدين يبقي ذكرهم الحميد علي وجه الدهر و إن كانوا حال حياتهم في غاية الفقر والذلة و أماالملوك والجبابرة فإذاماتوا انقرضوا و لايبقي في الدنيا رسمهم و لاظلمهم والكيد السعي‌ في فساد الحال علي جهة الحيلة وفائدة إدخال كان للتأكيد لضعف كيده يعني‌ أنه منذ كان كان موصوفا بالضعف والذلة و قال البيضاوي‌وَ لَو لا فَضلُ اللّهِ عَلَيكُم وَ رَحمَتُهُبإرسال الرسول وإنزال الكتاب لَاتّبَعتُمُ الشّيطانَبالكفر والضلال إِلّا قَلِيلًا إلاقليلا منكم تفضل الله عليه بعقل راجح اهتدي به إلي الحق والصواب وعصمه عن متابعة الشيطان كزيد بن نفيل


صفحه : 146

وورقة بن نوفل أو إلااتباعا قليلا علي الندور. و قال في قوله سبحانه إِن يَدعُونَ مِن دُونِهِ إِلّا إِناثاًيعني‌ اللات والعزي ومناة ونحوها كان لكل حي‌ صنم يعبدونه ويسمونه أنثي بني‌ فلان و ذلك إما لتأنيث أسمائها أولأنها كانت جمادات والجمادات تؤنث من حيث إنها ضاهت الإناث لانفعالها ولعله تعالي ذكرها بهذا الاسم تنبيها علي أنهم يعبدون مايسمونه إناثا لأنه ينفعل و لايفعل و من حق المعبود أن يكون فاعلا غيرمنفعل ليكون دليلا علي تناهي‌ جهلهم وفرط حماقتهم . وقيل المراد الملائكة لقولهم بنات الله وَ إِن يَدعُونَ و إن يعبدون بعبادتهاإِلّا شَيطاناً مَرِيداًلأنه ألذي أمرهم بعبادتها وأغراهم عليها فكان طاعته في ذلك عبادة له والمارد والمريد ألذي لايعلق بخير وأصل التركيب للملابسة و منه صرح ممرد وغلام أمرد وشجرة مرداء للتي‌ تناثر ورقهالَعَنَهُ اللّهُصفة ثانية للشيطان وَ قالَ لَأَتّخِذَنّ مِن عِبادِكَ نَصِيباً مَفرُوضاًعطف عليه أي شيطانا مريدا جامعا بين لعنة الله و هذاالقول الدال علي فرط عداوته للناس .وَ لَأُضِلّنّهُم عن الحق وَ لَأُمَنّيَنّهُمالأماني‌ الباطلة كطول البقاء و أن لابعث و لاعقاب وَ لَآمُرَنّهُم فَلَيُبَتّكُنّ آذانَ الأَنعامِيشقونها لتحريم ماأحله الله وهي‌ عبارة عما كانت العرب تفعل بالبحائر والسوائب وإشارة إلي تحريم كل ماأحل الله ونقص كل ماخلق كاملا بالفعل أوبالقوةوَ لَآمُرَنّهُم فَلَيُغَيّرُنّ خَلقَ اللّهِ عن وجهه صورة أوصفة ويندرج فيه ماقيل من فق ء عين الحامي‌ وخصاء العبيد والوشر والوشم واللواط والسحق ونحو ذلك وعبادة الشمس والقمر وتغيير فطرة الله


صفحه : 147

التي‌ هي‌ الإسلام واستعمال الجوارح والقوي فيما لايعود علي النفس كمالا و لايوجب لها من الله زلفا وعموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا لكن الفقهاء رخصوا في خصاء البهائم للحاجة والجمل الأربع حكاية عما ذكره الشيطان نطقا أوأتاه فعلا.وَ مَن يَتّخِذِ الشّيطانَ وَلِيّا مِن دُونِ اللّهِبإيثاره مايدعوه إليه علي ماأمره الله به ومجاوزته عن طاعة الله إلي طاعته فَقَد خَسِرَ خُسراناً مُبِيناًإذ ضيع رأس ماله وبدل مكانه من الجنة بمكان من الناريَعِدُهُم ما لاينجزوَ يُمَنّيهِم ما لاينالون وَ ما يَعِدُهُمُ الشّيطانُ إِلّا غُرُوراً و هوإظهار النفع فيما فيه الضرر و هذاالوعد إما بالخواطر الفاسدة أوبلسان أوليائه وَ لا يَجِدُونَ عَنها مَحِيصاًمعدلا ومهربا. و قال الرازي‌ بعدإيراد كلام المفسرين ويخطر ببالي‌ هاهنا وجه آخر في تخريج الآية علي سبيل المعني و ذلك لأن دخول الضرر والمرض في الشي‌ء يكون علي ثلاثة أوجه التشوش والنقصان والبطلان فادعي الشيطان إلقاء أكثر الخلق في مرض الدين وضرر الدين و هو قوله وَ لَأُمَنّيَنّهُم ثم إن هذاالمرض لابد و أن يكون علي أحد العلل الثلاثة التي‌ ذكرناها وهي‌ التشوش والنقصان والبطلان .فأما التشوش فالإشارة إليه بقوله وَ لَأُمَنّيَنّهُم و ذلك لأن صاحب الأماني‌ يستعمل عقله وفكره في استخراج المعاني‌ الدقيقة والحيل والوسائل اللطيفة في تحصيل المطالب الشهوانية والغضبية فهذا مرض روحاني‌ من جنس التشوش . و أماالنقصان فالإشارة إليه بقوله وَ لَآمُرَنّهُم فَلَيُبَتّكُنّ آذانَ الأَنعامِ و ذلك لأن بتك الآذان نوع من النقصان و هذالأن الإنسان إذاصار بحيث يستغرق العقل في طلب الدنيا صار فاتر الرأي‌ ضعيف الحزم في طلب الآخرة. و أماالبطلان فالإشارة بقوله فَلَيُغَيّرُنّ خَلقَ اللّهِ و ذلك لأن التغيير يوجب بطلان الصفة الحاصلة في المرة الأولي و من المعلوم أن من بقي‌ مواظبا علي طلب اللذات العاجلة معرضا عن السعادات الروحانية فلايزال يشتد في قلبه الرغبة في الدنيا


صفحه : 148

والنفرة عن الآخرة و لايزال تتزايد هذه الأحوال إلي أن يتغير القلب بالكلية فلايخطر بباله ذكر الآخرة البتة و لايزول عن خاطره حب الدنيا البتة فتكون حركته وسكونه و قوله لأجل الدنيا و ذلك يوجب تغير الخلقة لأن الأرواح البشرية إنما دخلت هذاالعالم الجسماني‌ علي سبيل السفر وهي‌ متوجهة إلي عالم القيامة. فإذانسيت معادها وألفت هذه المحسوسات التي‌ لابد من انقضائها وفنائها كان هذابالحقيقة تغير الخلقة و هو كما قال تعالي وَ لا تَكُونُوا كَالّذِينَ نَسُوا اللّهَ فَأَنساهُم أَنفُسَهُم و قال فَإِنّها لا تَعمَي الأَبصارُ وَ لكِن تَعمَي القُلُوبُ التّيِ‌ فِي الصّدُورِ. و قال في قوله تعالي إِنّما يُرِيدُ الشّيطانُإلخ أماوجه العداوة في الخمر فإن الظاهر فيمن يشربها أنه يشربها مع جماعة و يكون غرضه من ذلك الشرب أن يستأنس برفقائه ويفرح بمحادثتهم ومكالمتهم و كان غرضه من ذلك الاجتماع تأكيد الألفة والمحبة إلا أن ذلك ينقلب في الأغلب إلي الضد لأن الخمر تزيل العقل و إذازال العقل استولت الشهوة والغضب من غيرمدافعة العقل و عنداستيلائهما تحصل المنازعة بين أولئك الأحباب وتلك المنازعة ربما أدت إلي الضرب والقتل والمشافهة بالفحش و ذلك يوجب أشد العداوة والبغضاء. و أماالميسر ففيه بإزاء التوسعة علي المحتاجين الإجحاف بأرباب الأموال لأن من صار مغلوبا في القمار مرة دعاه ذلك إلي اللجاج فيه علي رجاء أنه ربما صار غالبا


صفحه : 149

فيه و قديتفق أن لايحصل له ذلك إلي أن لايبقي له شيء من المال و إلي أن يقامر علي لحيته وأهله وولده و لاشك أنه يبقي بعد ذلك فقيرا مسكينا ويصير من أعدي الأعداء لأولئك الذين كانوا غالبين له فظهر أن الخمر والميسر سببان عظيمان في إثارة العداوة والبغضاء بين الناس و لاشك أن شدة العداوة والبغضاء تفضي‌ إلي أحوال مذمومة من الهرج والمرج والفتن و كل ذلك مضار لمصالح العالم وأشار إلي المفاسد الدينية بقوله تعالي وَ يَصُدّكُم عَن ذِكرِ اللّهِ وَ عَنِ الصّلاةِ. قوله وَ كَذلِكَ جَعَلنا لِكُلّ نبَيِ‌ّ عَدُوّاقيل المراد كماأمرناك بعداوة قومك من المشركين فقد أمرنا من قبلك بمعاداة أعدائهم من الجن والإنس ومتي أمر الله رسوله بمعاداة قوم من المشركين فقد جعلهم أعداء له . وقيل معناه حكمنا بأنهم أعداء وأخبرنا بذلك ليعاملوهم معاملة الأعداء في الاحتراز عنهم . وقيل أي خلينا بينهم و بين اختيارهم العداوة لم نمنعهم من ذلك جبرا. وقيل إنه سبحانه لماأرسل إليهم الرسل وأمرهم بدعائهم إلي الإسلام وخلع الأنداد نصبوا عند ذلك العداوة لأنبيائه فلذا أضاف تعالي إلي نفسه والمراد بشياطين الإنس والجن مردة الكفار من الفريقين . وقيل إن شياطين الإنس الذين يغوونهم وشياطين الجن الذين هم من ولد إبليس . و قال الطبرسي‌ رحمه الله في تفسير الكلبي‌ عن ابن عباس أن إبليس جعل جنده فريقين فبعث فريقا منهم إلي الإنس وفريقا إلي الجن فشياطين الإنس والجن أعداء الرسل و المؤمنين فتلقي شياطين الإنس وشياطين الجن في كل حين فيقول بعضهم لبعض أضللت صاحبي‌ بكذا فأضل صاحبك بمثلها فكذلك يوحي‌ بعضهم إلي بعض


صفحه : 150

وَ روُيِ‌َ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَيضاً أَنّهُ قَالَ إِنّ الشّيَاطِينَ يَلقَي بَعضُهُم بَعضاً فيَلُقيِ‌ إِلَيهِ مَا يغُويِ‌ بِهِ الخَلقَ حَتّي يَتَعَلّمَ بَعضُهُم مِن بَعضٍ

يوُحيِ‌ أي يوسوس ويلقي‌ خفيةزُخرُفَ القَولِ أي المموه المزين ألذي يستحسن ظاهره و لاحقيقة له و لاأصل غُرُوراً أي يغرونهم بذلك غرورا أوليغروهم بذلك . و قال الرازي‌ اعلم أنه لايجب أن يكون كل معصية تصدر عن إنسان فإنها تكون بسبب وسوسة شيطان و إلالزم التسلسل أوالدور فوجب الاعتراف بانتهاء هذه القبائح والمعاصي‌ إلي قبيح أول ومعصية سابقة حصلت لابوسوسة شيطان آخر إذاثبت هذافنقول إن أولئك الشياطين كماأنهم يلقون الوساوس إلي الإنس والجن فقد يوسوس بعضهم بعضا وللناس فيه مذاهب منهم من قال الأرواح إما فلكية وإما أرضية والأرواح الأرضية منها طيبة طاهرة ومنها خبيثة قذرة شريرة تأمر بالمعاصي‌ والقبائح وهم الشياطين . ثم إن تلك الأرواح الطيبة كماأنها تأمر الناس بالطاعات والخيرات فكذلك قديأمر بعضهم بعضا بالطاعات والأرواح الخبيثة كماأنها تأمر الناس بالقبائح والمنكرات فكذلك قديأمر بعضهم بعضا بتلك القبائح والزيادة فيها و ما لم يحصل نوع من أنواع المناسبة بين النفوس البشرية و بين تلك الأرواح لم يحصل ذلك الانضمام بالنفوس البشرية و إذاكانت طاهرة نقية عن الصفات الذميمة كانت في جنس الأرواح الخبيثة فتنتظم إليها.


صفحه : 151

ثم إن صفات الطهر كثيرة وصفات النقص والخسران كثيرة وبحسب كل نوع منها طوائف من البشر وطوائف من الأرواح الأرضية. وبحسب تلك المجانسة والمشابهة والمشاكلة ينضم الجنس إلي جنسه فإن كان ذلك في أفعال الخير كان الحاصل عليها ملكا و كان تقوية ذلك الخاطر إلهاما و إن كان في باب الشر كان الحاصل عليها شيطانا و كان تقوية ذلك الخاطر وسوسة ويقال فلان يزخرف كلامه إذازينه بالباطل والكذب و كل شيءحسن مموه فهو مزخرف . وتحقيقه أن الإنسان ما لم يعتقد في أمر من الأمور كونه مشتملا علي خير راجح ونفع زائد فإنه لايرغب فيه ولذلك سمي‌ الفاعل المختار مختارا لكونه طالبا للخير والنفع ثم إن كان هذاالاعتقاد مطابقا للمعتقد فهو الحق والصدق والإلهام و إن كان صادرا من الملك و إن لم يكن مطابقا للمعتقد فحينئذ يكون ظاهره مزينا لأنه في اعتقاده سبب للنفع الزائد والصلاح الراجح و يكون باطنه فاسدا لأن هذاالاعتقاد غيرمطابق للمعتقد فكان مزخرفا. قوله تعالي وَ إِنّ الشّياطِينَ قال الطبرسي‌ قدس سره يعني‌ علماء الكافرين ورؤساءهم المتمردين في كفرهم لَيُوحُونَ أي يوحون ويشيرون إِلي أَولِيائِهِمالذين اتبعوهم من الكفارلِيُجادِلُوكُم في استحلال الميتة و قال ابن عباس معناه و إن الشياطين من الجن وهم إبليس وجنوده ليوحون إلي أوليائهم من الإنس والوحي‌ إلقاء


صفحه : 152

المعني إلي النفس من وجه خفي‌ وهم يلقون الوسوسة إلي قلوب أهل الشرك قوله فَبِما أغَويَتنَيِ‌قيل أي خيبتني‌ من رحمتك وجنتك وقيل أي صرت سببا لغوايتي‌ بأن أمرتني‌ بالسجود لآدم فغويت عنده وقيل أي أهلكتني‌ بلعنك إياي‌ وقيل هذاجري علي اعتقاد إبليس فإنه كان مجبرالَأَقعُدَنّ لَهُم أي أرصد لهم لأقطع سبيلهم صِراطَكَ المُستَقِيمَ أي دين الحق أوالأعم و هومنصوب علي الظرفية وقيل تقديره علي صراطك ثُمّ لَآتِيَنّهُم مِن بَينِ أَيدِيهِمإلخ أي من جميع الجهات وبأي‌ وجه أمكنه . وقيل من جهة دنياهم وآخرتهم و من جهة حسناتهم وسيئاتهم عن ابن عباس وغيره . وحاصله أني‌ أزين لهم الدنيا وأخوفهم بالفقر وأقول لهم لاجنة و لانار و لابعث و لاحساب وأثبطهم عن الحسنات وأشغلهم عنها وأحبب إليهم السيئات وأحثهم عليها قال ابن عباس وإنما لم يقل و من فوقهم لأن فوقهم جهة نزول الرحمة من السماء فلاسبيل له إلي ذلك و لم يقل من تحت أرجلهم لأن الإتيان منه موحش . وقيل مِن بَينِ أَيدِيهِم وعَن أَيمانِهِم من حيث يبصرون وَ مِن خَلفِهِم وعَن شَمائِلِهِم من حيث لايبصرون وَ روُيِ‌َ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ ثُمّ لَآتِيَنّهُم مِن بَينِ أَيدِيهِممَعنَاهُ أُهَوّنُ عَلَيهِم أَمرَ الآخِرَةِوَ مِن خَلفِهِمآمُرُهُم بِجَمعِ الأَموَالِ وَ البُخلِ بِهَا عَنِ الحُقُوقِ لِتَبقَي لِوَرَثَتِهِموَ عَن أَيمانِهِمأُفسِدُ عَلَيهِم أَمرَ دِينِهِم بِتَزيِينِ الضّلَالَةِ وَ تَحسِينِ الشّبهَةِوَ عَن شَمائِلِهِمبِتَحبِيبِ اللّذّاتِ إِلَيهِم وَ تَغلِيبِ الشّهَوَاتِ عَلَي قُلُوبِهِم

. و قال البيضاوي‌مِن بَينِ أَيدِيهِم من حيث يعلمون ويقدرون علي التحرز


صفحه : 153

عنه وَ مِن خَلفِهِم من حيث لايعلمون و لايقدرون وَ عَن أَيمانِهِم وَ عَن شَمائِلِهِم من حيث يتيسر لهم أن يعلموا أويتحرزوا ولكن لم يفعلوا لعدم تيقظهم واحتياطهم وإنما عدي الفعل إلي الأولين بحرف الابتداء لأنه منهما متوجه إليهم و إلي الآخرين بحرف المجاوزة لأن الآتي‌ منهما كالمنحرف عنهم المار علي عرضهم ونظيره قولهم جلست عن يمينه وَ لا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرِينَمطيعين وإنما قاله ظنا لقوله وَ لَقَد صَدّقَ عَلَيهِم إِبلِيسُ ظَنّهُ لمارأي مبدأ الشر فيهم متعددا ومبدأ الخير واحدا وقيل سمعه من الملائكةمَذؤُماً أي مذمومامَدحُوراًمطرودا. و قال الرازي‌ بعدذكر بعض هذه الوجوه أماحكماء الإسلام فقد ذكروا فيهاوجوها أخري .أولها و هوالأشرف الأقوي أن في البدن قوي أربعا هي‌ الموجبة لفوات السعادات الروحانية.فإحداها القوة الخيالية التي‌ تجمع فيهاصور المحسوسات ومثلها وهي‌ موضوعة في البطن المقدم من الدماغ وصور المحسوسات إنما ترد عليها من مقدمها و إليه الإشارة بقوله مِن بَينِ أَيدِيهِم والقوة الثانية القوة الوهمية التي‌ تحكم في غيرالمحسوسات بالأحكام المناسبة للمحسوسات وهي‌ موضوعة في البطن المؤخر من الدماغ و إليه الإشارة بقوله وَ مِن خَلفِهِم والقوة الثالثة الشهوة وهي‌ موضوعة في الكبد وهي‌ يمين البدن والقوة الرابعة الغضب وهي‌ موضوعة في البطن الأيسر من القلب فهذه القوي الأربع هي‌ التي‌ تتولد منها أحوال توجب زوال السعادة الروحانية والشياطين الخارجية ما لم تستعن بشي‌ء من هذه القوي الأربع لم يقدر علي إلقاء الوسوسة فهذا هوالسبب في تعيين الجهات الأربع و هووجه حقيقي‌ شريف .


صفحه : 154

وثانيها أن قوله لَآتِيَنّهُم مِن بَينِ أَيدِيهِمالمراد منه الشبهات المبنية علي التشبيه إما في الذات والصفات مثل شبه المجسمة وإما في الأفعال مثل شبه المعتزلة في التعديل والتخويف والتحسين والتقبيح وَ مِن خَلفِهِمالمراد منه الشبهات الناشئة من التعطيل . أماالأول فلأن الإنسان يشاهد هذه الجسمانيات وأحوالها وهي‌ حاضرة بين يديه فيعتقد أن الغائب يجب أن يكون مساويا لهذا الشاهد و هذايوجب أن يكون مِن خَلفِهِمكناية عن التعطيل لأنه خلافه و أما قوله عَن أَيمانِهِمفالمراد به الترغيب في ترك المأمورات وَ عَن شَمائِلِهِمالترغيب في ترك المنهيات . وثالثها نقل عن شقيق أنه قال ما من صباح إلا ويأتيني‌ الشيطان من الجهات الأربع من بين يدي‌ و من خلفي‌ و عن يميني‌ و عن شمالي‌ أما بين يدي‌ فيقول لاتخف فإن الله غفور رحيم فأقرأوَ إنِيّ‌ لَغَفّارٌ لِمَن تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً و أما من خلفي‌ فيخوفني‌ من وقوع أولادي‌ في الفقر فأقرأوَ ما مِن دَابّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَي اللّهِ رِزقُها و أما من قبل يميني‌ فيأتيني‌ من قبل النساء فأقرأوَ العاقِبَةُ لِلمُتّقِينَ و أما من قبل شمالي‌ فيأتيني‌ من قبل الشهوات فأقرأوَ حِيلَ بَينَهُم وَ بَينَ ما يَشتَهُونَ ثم قال فالغرض منه أنه يبالغ في إلقاء الوسوسة و لايقصر في وجه من الوجوه الممكنة.

وَ عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَ إِنّ الشّيطَانَ قَعَدَ لِابنِ آدَمَ بِطَرِيقِ الإِسلَامِ فَقَالَ لَهُ تَدَعُ دِينَ آبَائِكَ فَعَصَاهُ فَأَسلَمَ ثُمّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الهِجرَةِ فَقَالَ لَهُ تَدَعُ دِيَارَكَ وَ تَتَغَرّبُ فَعَصَاهُ وَ هَاجَرَ ثُمّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الجِهَادِ فَقَالَ لَهُ تُقَاتِلُ فَتُقتَلُ فَيُقسَمُ مَالُكَ وَ تُنكَحُ


صفحه : 155

امرَأَتُكَ فَعَصَاهُ فَقَاتَلَ

فهذا الخبر يدل علي أن الشيطان لايترك جهة من جهات الوسوسة إلا ويلقيها في القلب . فإن قيل فلم لم يذكر من فوقهم و من تحتهم .قلنا أما في التحقيق فقد ذكرنا أن القوي التي‌ يتولد منها مايوجب تفوت السعادات الروحانية فهي‌ موضوعة في هذه الجوانب الأربعة. و أما في الظاهر فيروي أن الشيطان لما قال هذاالكلام رقت قلوب الملائكة علي البشر فقالوا ياإلهنا كيف يتخلص الإنسان من الشيطان مع كونه مستوليا عليه من هذه الجهات الأربع فأوحي الله تعالي إليهم أنه بقي‌ للإنسان جهتان الفوق والتحت فإذارفع يديه إلي فوق في الدعاء علي سبيل الخضوع أووضع جبهته علي الأرض علي سبيل الخشوع غفرت له ذنب سبعين سنة. و قال في نكتة التعدية بمن في الأولين وبعن في الآخرين قدذكرنا أن المراد من قوله مِن بَينِ أَيدِيهِم وَ مِن خَلفِهِمالخيال والوهم والضرر الناشي‌ منهما هوحصول العقائد الباطلة و هوالكفر و من قوله عَن أَيمانِهِم وَ عَن شَمائِلِهِمالشهوة والغضب و ذلك هوالمعصية و لاشك أن الضرر الحاصل من الكفر لازم لأن عقابه دائم و أماالضرر الحاصل من المعصية فسهل لأن عقابه منقطع فلهذا السبب خص هذين القسمين بكلمة عن تنبيها علي أن هذين القسمين في اللزوم والاتصال دون القسم الأول . و قال في وجه معرفة إبليس كون أكثرهم غيرشاكرين إنه جعل للنفس تسع


صفحه : 156

عشرة قوة وكلها تدعو النفس إلي اللذات الجسمانية والطيبات الشهوانية فعشرة منها الحواس الظاهرة والباطنة واثنان الشهوة والغضب وسبعة هي‌ القوي الكامنة وهي‌ الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة فمجموعها تسعة عشر وهي‌ بأسرها تدعو النفس إلي عالم الجسم وترغبها في طلب اللذات البدنية و أماالعقل فهو قوة واحدة وهي‌ التي‌ تدعو النفس إلي عبادة الله تعالي وطلب السعادة الروحانية و لاشك أن استيلاء تسع عشرة قوة أكمل من استيلاء القوة الواحدة. قوله تعالي إِنّهُ يَراكُم هُوَ وَ قَبِيلُهُ قال الطبرسي‌ رحمه الله أي نسله يدل عليه قوله أَ فَتَتّخِذُونَهُ وَ ذُرّيّتَهُ أَولِياءَ مِن دوُنيِ‌ وقيل جنوده وأتباعه من الجن والشياطين مِن حَيثُ لا تَرَونَهُم قال ابن عباس إن الله تعالي جعلهم يجرون من بني‌ آدم مجري الدم وصدور بني‌ آدم مساكن لهم كما قال ألّذِي يُوَسوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِفهم يرون بني‌ آدم وبنو آدم لايرونهم وإنما لايراهم البشر لأن أجسامهم شفافة لطيفة يحتاج في رؤيتها إلي فضل شعاع . و قال أبوبكر بن الإخشيد و أبوالهذيل يجوز أن يمكنهم الله سبحانه فيتكثفوا فيراهم حينئذ من يحضرهم و إليه ذهب علي بن عيسي و قال إنهم ممكنون من ذلك و هو ألذي نصره الشيخ المفيد أبو عبد الله قال الشيخ أبو جعفرقدس الله روحه و هوالأقوي عندي‌ و قال الجبائي‌ لايجوز أن يري الشياطين والجن لأن الله تعالي قال لا تَرَونَهُم وإنما يجوز أن يروا في زمن الأنبياء ع بأن يكثف الله أجسادهم علما للأنبياء كمايجوز أن يري الناس الملائكة في زمن الأنبياءإِنّا جَعَلنَا الشّياطِينَ أَولِياءَ لِلّذِينَ لا يُؤمِنُونَ أي حكمنا بذلك لأنهم يتناصرون علي الباطل . و قال الرازي‌ قال أصحابنا إنهم يرون الإنسان لأنه تعالي خلق في عيونهم


صفحه : 157

إدراكا والإنس لايرونهم لأنه تعالي لم يخلق هذاالإدراك في عيون الإنس وقالت المعتزلة الوجه في أن الإنس لايرون الجن لرقة أجسام الجن ولطافتها والوجه في رؤية الجن للإنس كثافة أجسام الإنس والوجه في أن يري بعض الجن بعضا أن الله تعالي يقوي‌ شعاع أبصار الجن ويزيد فيه و لوزاد الله في قوة بصرنا لرأيناهم كمايري بعضهم بعضا و لو أنه تعالي كثف أجسامهم وبقيت أبصارنا علي هذه الحالة لرأيناهم .فعلي هذاكون الإنس مبصرا للجن موقوف عندالمعتزلة إما علي ازدياد كثافة أجسام الجن أو علي ازدياد قوة أبصار الإنس و قوله تعالي مِن حَيثُ لا تَرَونَهُميدل علي أن الإنس لايرون الجن لأن قوله مِن حَيثُ لا تَرَونَهُميدل علي أن الإنس لايرون الجن لأن قوله مِن حَيثُ لا تَرَونَهُميتناول أوقات الاستقبال من غيرتخصيص قال بعض العلماء لوقدر الجن علي تغير صور أنفسهم بأي‌ صورة شاءوا أوأرادوا لوجب أن ترتفع الثقة عن معرفة الناس فلعل هذا ألذي نشاهده وحكم عليه بأنه ولدي‌ أوزوجتي‌ جني‌ صور نفسه بصورة ولدي‌ أوزوجتي‌. و علي هذاالتقدير يرتفع الوثوق عن معرفة الأشخاص وأيضا فلو كانوا قادرين علي تخبيط الناس وإزالة العقل مع أنه تعالي بين العداوة الشديدة بينهم و بين الإنس فلم لايفعلون ذلك في حق أكثر البشر و في حق العلماء والأفاضل والزهاد لأن هذه العداوة بينهم و بين العلماء والزهاد أكثر وأقوي و لما لم يوجد شيء من ذلك ثبت أنه لاقدرة لهم علي البشر بوجه من الوجوه ويتأكد هذابقوله ما كانَ لِي عَلَيكُم


صفحه : 158

مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لِي قال مجاهد قال إبليس أعطنا أربع خصال نري و لانري ونخرج من تحت الثري ويعود شيخنا فتي . قوله تعالي وَ إِمّا يَنزَغَنّكَ قال الطبرسي‌ قدس سره معناه يا محمد إن نالك من الشيطان وسوسة في القلب . والنزغ الإزعاج بالإغواء وأكثر ما يكون ذلك عندالغضب وأصله الإزعاج بالحركة. وقيل النزغ الفساد و منه نَزَغَ الشّيطانُ بيَنيِ‌ وَ بَينَ إخِوتَيِ‌ أي أفسد قال الزجاج النزغ أدني حركة تكون و من الشيطان أدني وسوسةفَاستَعِذ بِاللّهِ أي سل الله عزاسمه أن يعيذك منه إِنّهُ سَمِيعٌللمسموعات عَلِيمٌبالخفيات . وقيل سميع لدعائك عليم بما عرض لك وقيل النزغ أول الوسوسة والمس لا يكون إلا بعدالتمكن ولذلك فصل الله سبحانه بين النبي وغيره فقال للنبي‌ص وَ إِمّا يَنزَغَنّكَ و قال للناس إِذا مَسّهُم طائِفٌمعناه إذاوسوس إليهم الشيطان وأغراهم بمعاصيه تَذَكّرُوا ماعليهم من العقاب بذلك فيجتنبونه ويتركونه قال الحسن يعني‌ إذاطاف عليهم الشيطان بوساوسه و قال ابن جبير هو الرجل يغضب الغضبة فيتذكر ويكظم غيظه وقيل طائف غضب وطيف جنون وقيل معناهما واحدفَإِذا هُم مُبصِرُونَللرشدوَ إِخوانُهُم يَمُدّونَهُم فِي الغيَ‌ّمعناه وإخوان المشركين من شياطين الجن والإنس يمدونهم في الضلال والمعاصي‌ أي يزيدونهم فيه ويزينون لهم ماهم فيه ثُمّ لا يُقصِرُونَ ثم لايكفون يعني‌ الشياطين عن استغوائهم و لايرحمونهم وقيل معناه وإخوان الشياطين من الكفار يمدهم الشياطين في الغي‌ ثم لايقصرون هؤلاء كمايقصر الذين اتقوا وقيل معناه ثم لايقصر


صفحه : 159

الشياطين عن إغوائهم و لايقصرونهم عن ارتكاب الفواحش و قال رحمه الله في قوله سبحانه وَ إِذ زَيّنَ لَهُمُ الشّيطانُ أَعمالَهُم أي واذكروا إذ زين الشيطان للمشركين أعمالهم أي حسنها في نفوسهم و ذلك أن إبليس حسن لقريش مسيرهم إلي بدر لقتال النبي ص وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النّاسِ أي لايغلبكم أحد من الناس لكثرة عددكم وقوتكم وَ إنِيّ‌ مع ذلك جارٌ لَكُم أي ناصر لكم ودافع عنكم السوء وإني‌ عاقد لكم عقد الأمان من عدوكم فَلَمّا تَراءَتِ الفِئَتانِ أي التقت الفرقتان نَكَصَ عَلي عَقِبَيهِ أي رجع القهقري منهزما وراءه وَ قالَ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ مِنكُم إنِيّ‌ أَري ما لا تَرَونَ أي رجعت عما ضمنت لكم من الأمان والسلامة لأني‌ أري من الملائكة الذين جاءوا لنصر المسلمين ما لا تَرَونَ و كان إبليس يعرف الملائكة وهم كانوا يعرفونه إنِيّ‌ أَخافُ اللّهَ أي أخاف عذاب الله علي أيدي‌ من أراهم وَ اللّهُ شَدِيدُ العِقابِ لايطاق عقابه .أقول ثم ذكر رحمه الله كيفية ظهور الشيطان لهم كماذكرناه في باب قصة بدر ثم قال ورأيت في كلام الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ره أنه يجوز أن يقدر الله تعالي الجن و من جري مجراهم علي أن يتجمعوا ويعتمدوا ببعض جواهرهم علي بعض حتي يتمكن الناس من رؤيتهم ويتشبهوا بغيرهم من أنواع الحيوان لأن أجسامهم من الرقة علي مايمكن ذلك فيها و قدوجدنا الإنسان يجمع الهوي ويفرقه ويغير صور الأجسام الرخوة ضروبا من التغيير وأعيانها لم تزد و لم تنقص و قداستفاض الخبر بأن إبليس تراءي لأهل دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد وحضر يوم بدر في صورة سراقة و أن جبرئيل ع ظهر لأصحاب رسول الله ص في صورة دحية الكلبي‌ قال و غيرمحال أيضا أن يغير الله صورهم ويكثفها في بعض الأحوال فيراهم


صفحه : 160

الناس لضرب من الامتحان . و قال الرازي‌ في قوله تعالي وَ إِذ زَيّنَ لَهُمُ الشّيطانُ أَعمالَهُم في كيفية هذاالتزيين وجهان .الأول أن الشيطان زين بوسوسته من غير أن يتحول في صورة إنسان و هوقول الحسن والأصم .الثاني‌ أنه ظهر في صورة إنسان قالوا إن المشركين حين أرادوا المسير إلي بدر خافوا من بني‌ بكر بن كنانة لأنهم كانوا قتلوا منهم واحدا فلم يأمنوا أن يأتوهم من ورائهم فتصور لهم إبليس بصورة سراقة بن مالك بن جعشم من بني‌ بكر بن كنانة و كان من أشرافهم في جند من الشياطين ومعه رايةوَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النّاسِ وإني‌ مجيركم من بني‌ كنانة و لمارأي إبليس الملائكة تنزل نكص . وقيل كانت يده في يد الحارث بن هشام فلما نكص قال له الحارث أتخذلنا في هذه الحال فقال إنِيّ‌ أَري ما لا تَرَونَ ودفع في صدر الحارث وانهزموا و في هذه القصة سؤالات .الأول ماالفائدة في تغيير صورة إبليس إلي صورة سراقة. والجواب فيه معجزة عظيمة للرسول و ذلك لأن كفار قريش لمارجعوا إلي مكة قالوا هزم الناس سراقة فقال ماشعرت بمسيركم حتي بلغتني‌ هزيمتكم فعند ذلك تبين للقوم أن ذلك الشخص ما كان سراقة بل كان شيطانا.الثاني‌ أنه تعالي لما غيرصورته إلي صورة البشر فما بقي‌ شيطانا بل صار بشرا. والجواب لانسلم فإن الإنسان إنما كان إنسانا بجوهر نفسه الناطقة ونفوس الشياطين مخالفة لنفوس البشر فلم يلزم من تغيير الصورة تغيير الحقيقة و هذاالباب أحد الدلائل السمعية علي أن الإنسان ليس إنسانا بحسب بنيته الظاهرة وصورته


صفحه : 161

المخصوصة إلي آخر كلامه في هذاالمقام . قوله تعالي مِن بَعدِ أَن نَزَغَ الشّيطانُ بيَنيِ‌ في الكشاف نزغ أفسد بيننا وأغري وأصله من نخس الرائض الدابة وحملها علي الجري‌. قوله تعالي وَ قالَ الشّيطانُ لَمّا قضُيِ‌َ الأَمرُ قال الرازي‌ قال المفسرون إذااستقر أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار فيشرع الناس في لوم إبليس وتقريعه فيقوم فيما بينهم خطيبا و يقول ماأخبر الله تعالي عنه بقوله وَ قالَ الشّيطانُ وقيل إن المراد لماانقضت المحاسبة والأول أولي والمراد بالشيطان إبليس وَ عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ إِذَا جَمَعَ اللّهُ الخَلقَ وَ قَضَي الأَمرَ بَينَهُم يَقُولُ الكَافِرُ قَد وَجَدَ المُسلِمُونَ مَن شَفَعَ لَهُم فَمَن يَشفَعُ لَنَا مَا هُوَ إِلّا إِبلِيسُ هُوَ ألّذِي أَضَلّنَا فَيَأتُونَهُ وَ يَسأَلُونَهُ فَعِندَ ذَلِكَ يَقُولُ هَذَا القَولَ

إِنّ اللّهَ وَعَدَكُم وَعدَ الحَقّ هوالبعث والجزاء علي الأعمال فوفي لكم وَ وَعَدتُكُمخلاف ذلك فَأَخلَفتُكُم. وتقدير الكلام أن النفس تدعو إلي هذه الأحوال الدنيوية و لاتتصور كيفية السعادات الأخروية والكلمات النفسانية و الله يدعو إليها ويرغب فيها كما قال وَ الآخِرَةُ خَيرٌ وَ أَبقي و قوله وَعدَ الحَقّ من قبيل إضافة الشي‌ء إلي


صفحه : 162

نعته كقوله حَبّ الحَصِيدِ. و أما قوله ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍ أي قدرة ومكنة وتسلط وقهر فأقهركم علي الكفر والمعاصي‌ وألجئكم إليهاإِلّا أَن دَعَوتُكُم إلادعائي‌ إليكم إلي الضلالة بوسوستي‌ وتزييني‌ والاستثناء منقطع أومتصل لأن قدرة الإنسان علي حمل الغير علي عمل من الأعمال تارة تكون بالقهر والقسر وتارة تكون بتقوية الداعية في قلبه بإلقاء الوساوس إليه فهذا نوع من أنواع التسليط إلا أن ظاهر هذه الآية يدل علي أن الشيطان لاقدرة له علي تصريع الإنسان و لا علي تعويج أعضائه وجوارحه و لا علي إزالة العقل عنه كماتقوله العوام والحشوية ثم قال فَلا تلَوُموُنيِ‌ وَ لُومُوا أَنفُسَكُميعني‌ ما كان مني‌ إلاالدعاء والوسوسة وكنتم سمعتم دلائل الله وشاهدتم مجي‌ء أنبياء الله فكان من الواجب عليكم أن لاتغتروا بقولي‌ و لاتلتفتوا إلي‌ فلما رجحتم قولي‌ علي الدلائل الظاهرة كان اللوم عليكم لا علي في هذاالباب . و في هذه الآية مسألتان الأولي قالت المعتزلة هذه الآية تدل علي أشياء الأول أنه لو كان الكفر والمعصية من الله تعالي لوجب أن يقال فلاتلوموني‌ و لا علي أنفسكم فإن الله قضي عليكم الكفر وأجبركم عليه . والثاني‌ ظاهر هذه الآية تدل علي أن الشيطان لاقدرة له علي تصريع الإنسان و علي تعويج أعضائه و لا علي إزالة العقل عنه كماتقوله العوام والحشوية. والثالث هذه الآية تدل علي أن الإنسان لايجوز ذمه ولومه وعقابه بسبب فعل الغير و عند هذايظهر أنه لايجوز عقاب أولاد الكفار بسبب كفر آبائهم . وأجاب بعض الأصحاب عن هذه الوجوه بأن هذاقول الشيطان فلايجوز التمسك


صفحه : 163

به وأجاب الخصم عنه بأنه لو كان هذاالقول منه باطلا لبين الله تعالي بطلانه وأظهر إنكاره وأيضا أي فائدة في ذكر هذاالكلام الباطل والقول الفاسد أ لاتري أن قوله إِنّ اللّهَ وَعَدَكُم وَعدَ الحَقّ وَ وَعَدتُكُم فَأَخلَفتُكُمكلام حق و قوله وَ ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍقول حق بدليل قوله إِنّ عبِاديِ‌ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ إِلّا مَنِ اتّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ.الثانية هذه الآية تدل علي أن الشيطان الأصلي‌ هوالنفس و ذلك لأن الشيطان بين أنه ماأتي إلابالوسوسة فلو لاالميل الحاصل بسبب الشهوة والغضب والوهم والخيال لم يكن لوسوسته تأثير البتة فدل هذا علي أن الشيطان الأصلي‌ هوالنفس . فإن قال قائل بينوا لنا حقيقة الوسوسة.قلنا الفعل إنما يصدر عن الإنسان لحصول أمور أربعة يترتب بعضها علي البعض ترتيبا لازما طبيعيا.بيانه أن أعضاء الإنسان بحكم السلامة الأصلية والصلاحية الطبيعية صالحة للفعل والترك والإقدام والإجحام فلما لم يحصل في القلب ميل إلي ترجيح الفعل علي الترك أوبالعكس فإنه يمتنع صدور الفعل و ذلك الميل هوالإرادة الجازمة والقصد الجازم ثم إن تلك الإرادة الجازمة لاتحصل إلا عندحصول علم واعتقاد أوظن بأن ذلك الفعل سبب للنفع أوسبب للضرر فإن لم يحصل فيه هذاالاعتقاد لم يحصل ميل لا إلي الفعل و لا إلي الترك .فالحاصل أن الإنسان إذاأحس بشي‌ء ترتب عليه شعور بكونه ملائما له أوبكونه منافرا له أوبكونه غيرملائم و لامنافر فإن حصل الشعور بكونه ملائما له ترتب عليه الميل الجازم إلي الفعل و إن حصل الشعور بكونه منافرا له ترتب عليه الميل الجازم إلي الترك و إن لم يحصل لا هذا و لاذاك لم يحصل ميل لا إلي الشي‌ء


صفحه : 164

و لا إلي ضده بل بقي‌ الإنسان كما كان و عندحصول ذلك الميل الجازم يصير القدرة مع ذلك الميل موجبا للفعل إذاعرفت هذافنقول صدور الفعل عن مجموعي‌ القدرة والداعي‌ الخالص أمر واجب فلا يكون للشيطان مدخل فيه وصدور الميل عن تصور كونه خيرا أوتصور كونه شرا أمر واجب فلا يكون للشيطان مدخل فيه وحصول تصور كونه خيرا أوتصور كونه شرا غيرمطلق الشعور بذاته أمر لازم فلامدخل للشيطان فيه فلم يبق للشيطان مدخل في هذه المقامات إلا في أن أذكره شيئا بأن يلقي‌ إليه حديثه مثل أن كان الإنسان غافلا عن صورة امرأة فيلقي‌ الشيطان حديثها في خاطره والشيطان لاقدرة له إلا في هذاالمقام و هوعين ماحكي الله تعالي عنه أنه قال وَ ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لِييعني‌ ما كان مني‌ إلاهجس هذه الدعوة فأما بقية المراتب ماصدرت مني‌ و ما كان لي أثر البتة.بقي‌ في هذاالمقام سؤالان الأول كيف يعقل تمكن الشيطان من النفوذ في داخل أعضاء الإنسان وإلقاء الوسوسة إليه . والجواب للناس في الملائكة والشياطين قولان الأول ماسوي الله بحسب القسمة العقلية علي أقسام ثلاثة المتحيز والحال في المتحيز و ألذي لا يكون متحيزا و لاحالا فيه . و هذاالقسم الثالث لم يقم الدليل البتة علي فساد القول به بل الدلائل الكثيرة قامت علي صحة القول به و هذا هوالمسمي بالأرواح فهذه الأرواح إن كانت طاهرة مقدسة من عالم الروحانيات المقدسة فهم الملائكة و إن كانت خبيثة داعية إلي


صفحه : 165

الشرور وعالم الأجساد ومنازل الظلمات فهم الشياطين . إذاعرفت هذافنقول فعلي هذاالتقدير الشيطان لا يكون جسما يحتاج إلي الولوج في داخل البدن بل هوجوهر روحاني‌ خبيث الفعل مجبول علي الشر والنفس الإنسانية أيضا كذلك فلايبعد علي هذاالتقدير أن يلقي‌ شيء من تلك الأرواح أنواعا من الوساوس والأباطيل إلي جوهر النفس الإنسانية. وذكر بعض العلماء في هذاالباب احتمالا ثانيا و هو أن النفس الناطقة البشرية مختلفة بالنوع فهي‌ طوائف و كل طائفة منها في تدبير روح من الأرواح السماوية بعينها فنوع من النفوس البشرية تكون حسنة الأخلاق كريمة الأفعال موصوفة بالفرح والسرور وسهولة الأمر وهي‌ تكون منتسبة إلي روح معين من الأرواح السماوية وطائفة أخري منها تكون موصوفة بالحدة والقسوة والغلظة وعدم المبالاة بأمر من الأمور وهي‌ تكون منتسبة إلي روح أخري من الأرواح السماوية و هذه الأرواح البشرية كالعون لتلك الروح السماوي‌ وكالنتائج الحاصلة وكالفروع المتفرعة عليها وتلك الروح السماوية هي‌ التي‌ تتولي إرشادها إلي مصالحها وهي‌ التي‌ تخصها بالإلهامات في حالتي‌ النوم واليقظة والقدماء كانوا يسمون تلك السماوي‌ بالطباع التام و لاشك أن لتلك الروح السماوية التي‌ هي‌ الأصل والينبوع شعب كثيرة ونتائج كثيرة وهي‌ بأسرها تكون من جنس روح هذاالإنسان وهي‌ لأجل مشاكلتها ومجانستها يعين بعضها بعضا علي الأعمال اللائقة بها والأفعال المناسبة لطبائعها. ثم إنها إن كانت خيرة طاهرة طيبة كانت ملائكة وكانت تلك الإعانة مسماة بالإلهام و إن كانت شريرة خبيثة قبيحة الأعمال كانت شياطين وكانت تلك الإعانة مسماة بالوسوسة وذكر بعض العلماء أيضا فيه احتمالا ثالثا و هو أن النفوس البشرية


صفحه : 166

والأرواح الإنسانية إذافارقت أبدانها قويت في تلك الصفات التي‌ اكتسبتها في تلك الأبدان وكملت فيها فإذاحدثت نفس أخري مشاكلة لتلك النفس المفارقة في بدن مشاكل لبدن تلك النفس المفارقة حدث بين تلك النفس المفارقة و بين هذاالبدن نوع تعلق بسبب المشاكلة الحاصلة بين هذاالبدن و بين ما كان بدنا لتلك النفس المفارقة تعلق شديد بهذا البدن وتصير تلك النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن ومعاضدة لها علي أفعالها وأحوالها بسبب هذه المشاكلة ثم إن كان هذاالمعني في أبواب الخير والبر كان ذلك إلهاما و إن كان من باب الشر كان ذلك وسوسة فهذه وجوه محتملة تفريعا علي القول بإثبات جواهر قدسية مبرأة من الحجمية والتحيز والقول بالأرواح الطاهرة والخبيثة كلام مشهور عندقدماء الفلاسفة فليس لهم أن ينكروا إثباتها علي صاحب شريعتنا صلوات الله عليه . و أماالقول الثاني‌ و هو أن الملائكة والشياطين لابد و أن تكون أجساما فنقول علي هذاالتقدير يمتنع أن يقال إنها أجسام كثيفة بل لابد من القول بأنها أجسام لطيفة و الله سبحانه ركبها تركيبا عجيبا وهي‌ أن تكون مع لطافتها لايقبل التفرق والتمزق والفساد والبطلان ونفوذ الأجرام اللطيفة في عمق الأجرام الكثيفة غيرمستبعد أ لاتري أن الروح الإنسانية جسم لطيف ثم إنه نفذ في داخل عمق البدن و إذاعقل ذلك فكيف يستبعد نفوذ أنواع كثيرة من الأجسام اللطيفة في داخل هذاالبدن أ ليس أن جرم النار سري في جرم الفحم وماء الورد سري في ورق الورد ودهن السمسم سري في جسم السمسم فكذا هاهنا فظهر بما قررنا أن القول بإثبات الجن والشياطين


صفحه : 167

أمر لاتحيله العقول و لاتبطله الدلائل و أن الإصرار علي الإنكار ليس إلا من نتيجة الجهل وقلة الفطنة. و لماثبت أن القول بالشياطين ممكن في الجملة فنقول الأخلق والأولي أن يقال الملائكة علي هذاالقول مخلوقون من النور و أن الشياطين مخلوقون من الدخان واللهب كما قال تعالي وَ الجَانّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السّمُومِ و هذاالكلام من المشهورات عندقدماء الفلاسفة فكيف يليق بالعاقل أن يستبعده من صاحب شريعتنا صلوات الله عليه انتهي . و قال البيضاوي‌فَلا تلَوُموُنيِ‌بوسوستي‌ فإن من صرح العداوة لايلام بأمثال ذلك وَ لُومُوا أَنفُسَكُمحيث أطعتموني‌ إذ دعوتكم و لم تطيعوا ربكم لمادعاكم ما أَنَا بِمُصرِخِكُمبمغيثكم من العذاب وَ ما أَنتُم بمِصُرخِيِ‌ّبمغيثي‌إنِيّ‌ كَفَرتُ بِما أَشرَكتُمُونِ مِن قَبلُ ماإما مصدرية وهي‌ متعلقة بأشركتموني‌ أي كفرت اليوم بإشراككم إياي‌ من قبل هذااليوم أي في الدنيا بمعني تبرأت منه واستكبرته كقوله تعالي وَ يَومَ القِيامَةِ يَكفُرُونَ بِشِركِكُم أوموصولة بمعني من و من متعلقة بكفرت أي كفرت بالذي‌ أشركتمونيه و هو الله تعالي بطاعتكم إياي‌ فيما دعوتكم إليه من عبادة الأصنام وغيرها من قبل إشراككم حين رددت أمره بالسجود لآدم . وأشرك منقول من شركت زيدا للتعدية إلي مفعول ثان إِنّ الظّالِمِينَتتمة كلامه أوابتداء كلام من الله . و قال في قوله سبحانه وَ حَفِظناها مِن كُلّ شَيطانٍ رَجِيمٍ فلايقدر أن يصعد إليها ويوسوس أهلها ويتصرف في أمرها ويطلع علي أحوالهاإِلّا مَنِ استَرَقَ السّمعَبدل من كُلّ شَيطانٍ واستراق السمع اختلاسه سرا شبه به خطفتهم اليسيرة من قطان


صفحه : 168

السماوات لمابينهم من المناسبة في الجوهر أوبالاستدلال من أوضاع الكواكب وحركاتها. و عن ابن عباس أنهم كانوا لايحتجبون عن السماوات فلما ولد عيسي منعوا من ثلاث سماوات و لماولد محمدص منعوا من كلها بالشهب و لايقدح فيه تكونها قبل المولد لجواز أن تكون لها أسباب أخر. وقيل الاستثناء منقطع أي ولكن من استرق السمع فَأَتبَعَهُ أي فتبعه ولحقه شِهابٌ مُبِينٌظاهر للمبصرين . والشهاب شعلة نار ساطعة و قديطلق للكوكب والسنان لمافوقها من البريق . و قال الرازي‌ في قوله إِلّا إِبلِيسَأجمعوا علي أن إبليس كان مأمورا بالسجود لآدم واختلفوا في أنه هل كان من الملائكة أم لا وظاهره أن الله تعالي تكلم مع إبليس بغير واسطة و أن إبليس تكلم مع الله بغير واسطة فكيف يعقل هذا مع أن مكالمة الله تعالي بغير واسطة من أعظم المناصب وأشرف المراتب فكيف يعقل حصوله لرأس الكفرة ورئيسهم . ولعل الجواب عنه أن مكالمة الله تعالي إنما كان منصبا عاليا إذا كان علي سبيل الإكرام والإعظام فأما إذا كان علي سبيل الإهانة والإذلال فلا. قوله فَاخرُج مِنها قال البيضاوي‌ أي من السماء أو من الجنة أو من زمرة الملائكةفَإِنّكَ رَجِيمٌمطرود عن الخير والكرامة فإن من يطرد يرجم بالحجر أوشيطان يرجم بالشهب و هووعيد يتضمن الجواب عن شبهته وَ إِنّ عَلَيكَ اللّعنَةَ هذاالطرد والإبعادإِلي يَومِ الدّينِفإنه منتهي أمد اللعن لأنه يناسب أيام التكليف لازمان الجزاء.


صفحه : 169

وقيل و ما في قوله فَأَذّنَ مُؤَذّنٌ بَينَهُم أَن لَعنَةُ اللّهِ عَلَي الظّالِمِينَبمعني آخر ينسي عنده هذه . وقيل إنما حد اللعن به لأنه أبعد غاية يضربها الناس أولأنه يعذب فيه بما ينسي اللعن معه فيصير كالزائل قالَ رَبّ فأَنَظرِنيِ‌فأخرني‌ والفاء متعلقة بمحذوف دل عليه فَاخرُج مِنها فَإِنّكَ رَجِيمٌإِلي يَومِ يُبعَثُونَأراد أن يجد فسحة في الإغواء ونجاة عن الموت إذ لاموت بعدوقت البعث فأجابه إلي الأول دون الثاني‌قالَ فَإِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِالمسمي فيه أجلك عند الله أوانقراض الناس كلهم و هوالنفخة الأولي عندالجمهور ويجوز أن يكون الأيام الثلاثة يوم القيامة واختلاف العبارات لاختلاق الاعتبارات فعبر عنه أولا بيوم الجزاء لماعرفت وثانيا بيوم البعث إذ به يحصل العلم بانقطاع التكليف واليأس عن التضليل وثالثا بالمعلوم لوقوعه في الكلامين و لايلزم منه أن لايموت فلعله يموت أول اليوم ويبعث الخلائق في تضاعيفه .قالَ رَبّ بِما أغَويَتنَيِ‌الباء للقسم و مامصدرية وجوابه لَأُزَيّنَنّ لَهُم فِي الأَرضِ والمعني أقسم بإغوائك إياي‌ لأزينن لهم المعاصي‌ في الدنيا التي‌ هي‌ دار الغرور لقوله أَخلَدَ إِلَي الأَرضِ وقيل للسببية والمعتزلة أولو الإغواء بالنسبة إلي الغي‌ أوالتسبب له بأمره إياه بالسجود لآدم ع أوبإضلاله عن طريق الجنة.


صفحه : 170

و قال الرازي‌ اعلم أن أصحابنا قداحتجوا بهذه الآية علي أنه تعالي قديريد خلق الكفر في الكافر ويضله عن الدين ويغويه عن الحق من وجوه الأول أن إبليس استمهل وطلب البقاء إلي يوم القيامة مع أنه صرح بأنه إنما يطلب هذالإغواء بني‌ آدم وإضلالهم و أنه تعالي أمهله وأجابه إلي هذاالمطلوب و لو كان تعالي يراعي‌ صلاح المكلفين في الدنيا لماأمهله هذاالزمان الطويل و لماأمكنه من الإغواء والإضلال والوسوسة. والثاني‌ أن أكابر الأنبياء والأولياء مجدون مجتهدون في إرشاد الخلق إلي الدين الحق و أن إبليس ورهطه وشيعته مجدون مجتهدون في الإغواء فلو كان مراد الله هوالإرشاد والهداية لكان من الواجب إبقاء المرشدين والمحقين وإهلاك المضلين والمغوين وحيث فعل بالضد علمنا أنه أراد بهم الخذلان والكفر. ثم قال أماالإشكال الأول فللمعتزلة فيه طريقان الأول و هوطريقة الجبائي‌ أنه تعالي إنما أمهل إبليس تلك المدة الطويلة لأنه تعالي علم أنه لاتتفاوت أحوال الناس بسبب وسوسته في الكفر والمعصية البتة وعلم أن كل من كفر وعصي عندوسوسته فإنه بتقدير أن لايوجد إبليس و لاوسوسته فإن ذلك الكافر والعاصي‌ كان يأتي‌ بذلك الكفر والمعصية فلما كان الأمر كذلك لاجرم أمهله هذه المدة الطويلة.الثاني‌ و هوطريقة أبي هاشم أنه لايبعد أن يقال إنه تعالي علم أن أقواما يقعون بسبب وسوسته في الكفر والمعاصي‌ إلا أن وسوسته ماكانت موجبة لذلك الكفر وتلك المعاصي‌ غاية ما في هذاالباب أن يقال الاحتراز عن القبائح حال عدم


صفحه : 171

الوسوسة أسهل منه حال وجودها إلا أنه علي هذاالتقدير تصير وسوسته سببا لزيادة المشقة في أداء الطاعات و ذلك لايمنع الحكيم من فعله كما أن إنزال المشاق والمشتبهات سبب الشبهات و مع ذلك فلم يمتنع فعله فكذا هاهنا وهذان الطريقان هما بعينهما الجواب عن السؤال الثاني‌.إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَاستثناهم لأنه علم أن كيده لايعمل فيهم . وقرأ ابن كثير و ابن عامر بكسر اللام والباقون بالفتح فعلي الأول أي الذين أخلصوا دينهم وعبادتهم من كل شائب يناقض الإيمان والتوحيد و علي الثاني‌ معناه الذين أخلصهم الله بالهداية والإيمان .هذا صِراطٌ عَلَيّ مُستَقِيمٌ فيه وجوه الأول أن إبليس لما قال إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَفلفظالمُخلَصِينَيدل علي الإخلاص فقوله هذاعائد إليه والمعني أن الإخلاص طريق علي و إلي أي يؤدي‌ إلي كرامتي‌ و قال الحسن معناه هذاصراط إلي‌ مستقيم و قال آخرون هذاصراط من مر عليه فكأنه مر علي رضواني‌ وكرامتي‌ و هو كمايقال طريقك علي .الثاني‌ أن الإخلاص طريق العبودية فقوله هذا صِراطٌ عَلَيّ مُستَقِيمٌ أي هذاالطريق في العبودية طريق علي مستقيم قال بعضهم لماذكر أن إبليس يغوي‌ بني‌ آدم إلا من عصمه الله بتوفيقه تضمن هذاالكلام تفويض الأمور إلي الله تعالي و إلي إرادته فقال تعالي هذا صِراطٌ عَلَيّ أي تفويض الأمور إلي إرادتي‌ طريق مُستَقِيمٌ إِنّ عبِاديِ‌ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌاعلم أن إبليس لما قال لَأُزَيّنَنّ لَهُم فِي الأَرضِإِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَأوهم هذاالكلام أن له سلطانا علي عباد الله الذين لايكونون من المخلصين فبين الله تعالي أنه ليس له سلطان علي أحد من عبيد الله سواء كانوا


صفحه : 172

مخلصين أو لم يكونوا مخلصين بل من اتبع منهم إبليس باختياره صار تبعا له ولكن حصول تلك المتابعة أيضا ليس لأجل أن إبليس أوهم أن له علي بعض عباد الله سلطانا فبين تعالي كذبه وذكر أنه ليس له علي أحد منهم سلطان و لاقدرة أصلا ونظير هذه الآية قوله تعالي حكاية عن إبليس وَ ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍالآية و قوله لَيسَ لَهُ سُلطانٌ عَلَي الّذِينَ آمَنُوا وَ عَلي رَبّهِم يَتَوَكّلُونَ إِنّما سُلطانُهُ عَلَي الّذِينَ يَتَوَلّونَهُ وَ الّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ و قال الجبائي‌ هذه الآية تدل علي بطلان قول من زعم أن الشيطان والجن يمكنهم صرع الناس وإزالة عقولهم كماتقوله العامة وربما نسبوا ذلك إلي السحرة و قال ذلك خلاف نص القرآن و في الآية قول آخر و هو أن إبليس لما قال إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَفذكر أنه لايقدر علي إغواء المخلصين صدقه الله و قال إِنّ عبِاديِ‌ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌفلهذا قال الكلبي‌ المذكورون في هذه الآية هم الذين استثناهم إبليس واعلم أنه علي القول الأول يمكن أن يكون قوله إِلّا مَنِ اتّبَعَكَاستثناء لأن المعني أن عبادي‌ ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين فإن لك عليهم سلطانا بسبب كونهم منقادين لك في الأمر والنهي‌ و أما علي القول الثاني‌ فيمتنع أن يكون استثناء بل يكون إلابمعني لكن وَ إِنّ جَهَنّمَ لَمَوعِدُهُم أَجمَعِينَ قال ابن عباس يريد إبليس وأشياعه و من اتبعه من الغاوين فَزَيّنَ لَهُمُ الشّيطانُ أَعمالَهُمقالت المعتزلة الآية تدل علي فساد قول المجبرة من وجوه شتي .


صفحه : 173

فَهُوَ وَلِيّهُمُ اليَومَ فيه احتمالات الأول أن المراد منه كفار مكة يقول الشيطان وليهم اليوم يتولي إغواءهم وصرفهم عنك كمافعل بكفار الأمم قبلك .الثاني‌ أنه أراد باليوم يوم القيامة يقول فهو ولي‌ أولئك الذين زين لهم أعمالهم يوم القيامة فلاولي‌ لهم ذلك اليوم و لاناصر.فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلي أن الاستعاذة بعدالقراءة و أماالأكثرون فقد اتفقوا علي أن الاستعاذة متقدمة.فالمعني إذاأردت أن تقرأ القرآن فَاستَعِذ والمراد بالشيطان في هذه الآية قيل إبليس والأقرب أنه للجنس لأن لجميع المردة من الشياطين حظا من الوسوسة و لماأمر الله رسوله بالاستعاذة من الشيطان و كان ذلك يوهم أن للشيطان قدرة علي التصرف في أبدان الناس فأزال الله تعالي هذاالوهم و بين أنه لاقدرة له البتة إلا علي الوسوسة فقال إِنّهُ لَيسَ لَهُ سُلطانٌ عَلَي الّذِينَ آمَنُوا وَ عَلي رَبّهِم يَتَوَكّلُونَ ويظهر من هذا أن الاستعاذة إنما تفيد إذاخطر في قلب الإنسان كونه ضعيفا و أنه لايمكنه التحفظ عن وسوسة الشيطان إلابعصمة الله .إِنّما سُلطانُهُ عَلَي الّذِينَ يَتَوَلّونَهُ قال ابن عباس يطيعونه يقال توليته أي أطعته وتوليت عنه أي أعرضت عنه .وَ الّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَالضمير راجع إلي ربهم أو إلي الشيطان أي بسببه


صفحه : 174

مشركون بالله كانُوا إِخوانَ الشّياطِينِالمراد من هذه الأخوة التشبه بهم في هذاالفعل القبيح و ذلك لأن العرب يسمون الملازم للشي‌ء أخا له فيقول فلان أخو الكرم والجود وأخو الشعر إذا كان مواظبا علي هذه الأفعال . وقيل أي قرناؤهم في الدنيا والآخرةوَ كانَ الشّيطانُ لِرَبّهِ كَفُوراًمعني كون الشيطان كفورا لربه هو أن يستعمل بدنه في المعاصي‌ والإفساد في الأرض والإضلال للناس وكذلك من رزقه الله مالا أوجاها فصرفه إلي غيرمرضاة الله كان كفورا لنعمة الله والمقصود أن المبذرين موافقون للشياطين في الصفة والفعل ثم الشيطان كفور بربه فلزم كون المبذر كفورا بربه .إِنّ الشّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم أي يفسد بينهم ويغري‌ بينهم إِنّ الشّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوّا مُبِيناً أي العداوة الحاصلة بين الشيطان و بين الإنسان عداوة قديمة. و قال البيضاوي‌ في قوله لِمَن خَلَقتَ طِيناًلمن خلقته من طين فنصب بنزع الخافض ويجوز أن يكون حالا من الراجع إلي الموصول أي خلقته و هوطين أو منه أي أأسجد له وأصله طين و فيه علي الوجوه إيماء بعلة الإنكارقالَ أَ رَأَيتَكَ هذَا ألّذِي كَرّمتَ عَلَيّالكاف لتأكيد الخطاب لامحل له من الإعراب و هذامفعول أول و ألذي صفته والمفعول الثاني‌ محذوف لدلالة صلته عليه والمعني أخبرني‌ عن هذا ألذي كرمته علي بأمري‌ بالسجود له لم كرمته علي لَئِن أَخّرتَنِ إِلي يَومِ القِيامَةِكلام مبتدأ واللام موطئة للقسم وجوابه لَأَحتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إِلّا قَلِيلًا أي لأستأصلنهم بالإغواء إلاقليلا لاأقدر أن أقاوم شكيمتهم من احتنك الجراد الأرض إذاجرد ماعليها أكلا مأخوذ من الحنك وإنما علم أن ذلك يتسهل له إما استنباطا من قول الملائكةأَ تَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها مع التقرير أوتفرسا من خلقه ذا وهم وشهوة وغضب قالَ اذهَبامض لماقصدته و هوطرد


صفحه : 175

وتخلية بينه و بين ماسولته له نفسه فَمَن تَبِعَكَ مِنهُم فَإِنّ جَهَنّمَ جَزاؤُكُمجزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب علي الغائب ويمكن أن يكون الخطاب للتابعين علي الالتفات جَزاءً مَوفُوراًمكملا من قولهم فر لصاحبك عرضه وانتصاب جزاء علي المصدر بإضمار فعله أوبما في جزائكم من معني تجازون أوحال موطئة لقوله مَوفُوراًوَ استَفزِز واستخف مَنِ استَطَعتَ مِنهُم أن تستفزه والفز الخفيف بِصَوتِكَبدعائك إلي الفساد. و قال الرازي‌ يقال أفزه الخوف واستفزه أي أزعجه واستخفه وصوته دعاؤه إلي معصية الله . وقيل أراد بصوتك الغناء واللهو واللعب والأمر للتهديدوَ أَجلِب عَلَيهِم قال الفراء إنه من الجلبة وهي‌ الصياح و قال الزجاج في فعل وأفعل أجلب علي العدو إجلابا إذاجمع عليه الخيول و قال ابن السكيت يقال هم يجلبون عليه ويجلبون عليه بمعني أي يعينون عليه و عن ابن الأعرابي‌ أجلب الرجل الرجل إذاتوعده الشر وجمع عليه الجمع فالمعني علي قول الفراء صح عليهم بِخَيلِكَ وَ رَجِلِكَ و علي قول الزجاج أجمع عليهم كل ماتقدر من مكايدك فالباء زائدة و علي قول ابن السكيت أعن عليهم ومفعول الإجلاب محذوف كأنه يستعين علي إغوائهم بخيله ورجله و هذايقرب من قول ابن الأعرابي‌ واختلفوا في تفسير الخيل و الرجل فروي‌ عن ابن عباس أنه قال كل راكب أوراجل في معصية الله فهو من خيل إبليس وجنوده ويدخل فيه كل راكب وماش في معصية الله فخيله ورجله كل من شاركه في الدعاء


صفحه : 176

إلي المعصية ويحتمل أن يكون لإبليس جند من الشياطين بعضهم راكب وبعضهم راجل . أوالمراد منه ضرب المثل و هذاأقرب والخيل يقع علي الفرسان و علي الأفراس و الرجل جمع راجل كالصحب والركب وَ شارِكهُم فِي الأَموالِهي‌ عبارة عن كل تصرف قبيح في المال سواء كان ذلك القبح بسبب أخذه من غيرحقه أووضعه في غيرحقه ويدخل فيه الربا والغصب والسرقة والمعاملات الفاسدة كذا قاله القاضي‌ و قال قتادة هي‌ أن جعلوا بحيرة وسائبة و قال عكرمة هي‌ تبكيتهم آذان الأنعام . وقيل هي‌ أن جعلوا من أموالهم شيئا لغير الله كما قال تعالي فَقالُوا هذا لِلّهِ بِزَعمِهِم وَ هذا لِشُرَكائِنا والأصوب ماقاله القاضي‌. و أماالمشاركة في الأولاد فقالوا إنه الدعاء إلي الزنا أو أن يسموا أولادهم بعبد اللات و عبدالعزي أو أن يرغبوا أولادهم في الأديان الباطلة أوإقدامهم علي قتل الأولاد ووأدهم أوترغيبهم في حفظ الأشعار المشتملة علي الفحش أوترغيبهم في القتل والقتال والحرف الخبيثة الخسيسة. والضابط أن يقال إن كل تصرف من المرء في ولده علي وجه يتأدي ذلك إلي ارتكاب منكر وقبيح فهو داخل فيه . قوله تعالي عز و جل وَ عِدهُماعلم أنه لما كان مقصود الشيطان الترغيب في الاعتقاد الباطل والعمل الباطل والتنفير عن اعتقاد الحق وعمل الحق ومعلوم أن الترغيب في الشي‌ء لايمكن إلابأن يقرر عنده أنه لاضرر البتة في فعله و مع ذلك فإنه يفيد المنافع العظيمة والتنفير عن الشي‌ء لايمكن إلابأن يقرر عنده أنه لافائدة في فعله و مع ذلك فيفيد المضار العظيمة فإذاثبت هذافنقول إن الشيطان إذادعا إلي المعصية فلابد و أن يقرر أولا أنه لامضرة في فعله البتة و ذلك لايمكن إلا إذا قال لامعاد و لاجنة و لانار و لاحياة بعد هذه


صفحه : 177

الحياة فبهذا الطريق يقرر عنده أنه لامضرة البتة في فعل هذه المعاصي‌ و إذافرغ من هذاالمقام قرر عنده أن هذاالفعل يفيد أنواعا من اللذة والسرور و لاحياة للإنسان إلا في هذه الدنيا فتفويتها غبن وخسران و أماطريق التنفير عن الطاعة فهو أن قرر أولا عنده أنه لافائدة فيه من وجهين .الأول أنه لاجنة و لانار و لاثواب و لاعقاب . والثاني‌ أن هذه العبادات لافائدة فيهاللعابد و لاللمعبود فكانت عبثا محضا و إذافرغ من هذاالمقام قال إنها يوجب التعب والمحنة و ذلك أعظم المضار فهذه مجامع تلبيس الشيطان فقوله وَ عِدهُميتناول كل هذه الأقسام . قال المفسرون وَ عِدهُمبأنه لاجنة و لانار أوبتسويف التوبة أوبشفاعة الأصنام عند الله أوبالأنساب الشريفة أوإيثار العاجل علي الآجل . وبالجملة فهذه الأقسام كثيرة وكلها داخلة في الضبط ألذي ذكرناه وَ ما يَعِدُهُمُ الشّيطانُ إِلّا غُرُوراًلأنه إنما يدعو إلي أحد ثلاثة أمور قضاء الشهوة وإمضاء الغضب وطلب الرئاسة والرفعة و لايدعو البتة إلي معرفة الله و لا إلي خدمته وتلك الأشياء الثلاثة معيوبة من وجوه كثيرة.أحدها أنها في الحقيقة ليست لذات بل هي‌ خلاص عن الآلام . وثانيها أنها و إن كانت لذات ولكنها لذات خسيسة مشترك فيها بين الكلاب والديدان والخنافس . وثالثها أنها سريعة الذهاب والانقضاء والانقراض . ورابعها أنها لاتحصل إلا بعدمتاعب كثيرة ومشاق عظيمة. وخامسها أن لذات البطن والفرج لايتم إلابمزاولة رطوبات عفنة مستقذرة.


صفحه : 178

وسادسها أنها غيرباقية بل يمنعها الموت والهرم والفقر والحسرة علي الفوت والخوف من الموت فلما كانت هذه المطالب و إن كانت لذيذة بحسب الظاهر إلاأنها ممزوجة بهذه الآفات العظيمة والمخافات الجسيمة كانت الترغيب فيهاتغريراإِنّ عبِاديِ‌ أي كلهم أو أهل الفضل والإيمان منهم كمامروَ كَفي بِرَبّكَ وَكِيلًا لماأمكن إبليس بأن يأتي‌ بأقصي مايقدر عليه في باب الوسوسة و كان ذلك سببا لحصول الخوف الشديد في قلب الإنسان قال وَ كَفي بِرَبّكَ وَكِيلًا ومعناه أن الشيطان و إن كان قادرا فالله أقدر منه وأرحم بعباده من الكل فهو تعالي يدفع عنه كيد الشيطان ويعصمه من إضلاله وإغوائه و فيهادلالة علي أن المعصوم من عصمة الله و أن الإنسان لايمكنه أن يحترز بنفسه عن مواقع الضلال . و قال في قوله تعالي إنه كانَ مِنَ الجِنّللناس في هذه المسألة أقوال الأول أنه من الملائكة و لاينافي‌ ذلك كونه من الجن ولهم فيه وجوه .الأول أن قبيله من الملائكة يسمون بذلك بدليل قوله تعالي وَ جَعَلُوا بَينَهُ وَ بَينَ الجِنّةِ نَسَباً و قوله تعالي وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الجِنّ. والثاني‌ أن الجن سمي‌ جنا للاستتار فهم داخلون في الجنة.الثالث أنه كان خازن الجنة فنسب إلي الجنة كقولهم كوفي‌ وبصري‌ و عن سعيد بن جبير كان من الجانين الذين يعملون في الجنان جن من الملائكة يصوغون حلي‌ أهل الجنة مذ خلقوا رواه القاضي‌ في تفسيره عن هشام عن ابن جبير.


صفحه : 179

والثاني‌ أنه من الجن الذين هم الشياطين والذين خلقوا من النار و هوأبوهم . والثالث قول من قال كان من الملائكة فمسخ و غير. و قال البيضاوي‌كانَ مِنَ الجِنّحال بإضمار قد أواستئناف للتعليل كأنه قيل ما له لم يسجد فقيل كان من الجن فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبّهِفخرج عن أمره بترك السجود والفاء للتسبب و فيه دليل علي أن الملك لايعصي‌ البتة وإنما عصي إبليس لأنه كان جنيا في أصله أَ فَتَتّخِذُونَهُ أعقيب ماوجد منه تتخذونه والهمزة للإنكار والتعجب وَ ذُرّيّتَهُأولاده وأتباعه وسماهم ذريته مجازاأَولِياءَ مِن دوُنيِ‌فتستبدلونهم بي‌ فتطيعونهم بدل طاعتي‌بِئسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلًا من الله إبليس وذريته ما أَشهَدتُهُمإلخ نفي‌ إحضار إبليس وذريته خَلقَ السّماواتِ وَ الأَرضِ وإحضار بعضهم خلق بعض ليدل علي نفي‌ الاعتضاد بهم في ذلك كماصرح به بقوله وَ ما كُنتُ مُتّخِذَ المُضِلّينَ عَضُداً أي أعوانا ردا لاتخاذهم أولياء من دون الله شركاء له في العبادة فإن استحقاق العبادة من توابع الخالقية والاشتراك فيه يستلزم الاشتراك فيها. وقيل الضمير للمشركين والمعني ماأشهدتهم خلق ذلك و ماخصصتهم بعلوم لايعرفها غيرهم حتي لوآمنوا تبعهم الناس كمايزعمون فلايلتفت إلي قولهم طمعا في نصرتهم للدين فإنه لاينبغي‌ لي أن أعتضد بالمضلين لديني‌ و قال في قوله وَ ما أَنسانِيهُإلخ أي و ماأنساني‌ ذكره إِلّا الشّيطانُ فإن أَذكُرَهُبدل من الضمير و هواعتذار عن نسيانه بشغل الشيطان له بوسواسه ولعله


صفحه : 180

نسي‌ ذلك لاستغراقه في الاستبصار وانجذاب شراشره إلي جناب القدس بما عراه من مشاهدة الآيات الباهرة وإنما نسبه إلي الشيطان هضما لنفسه أولأن عدم احتمال القوة للجانبين واشتغالها بأحدهما عن الآخر يعد من نقصان انتهي قوله تعالي لا تَعبُدِ الشّيطانَ أي لاتطعه في عبادة الآلهة ثم علل ذلك بأن الشيطان عاص لله والمطاوع للعاصي‌ عاص وَلِيّا أي قرينا في اللعن أوالعذاب تليه ويليك أوثابتا في موالاته فإنه أكبر من العذاب كما أن رضوان الله أكبر من الثواب . قوله وَ الشّياطِينَ قال البيضاوي‌ عطف أومفعول معه لماروي‌ أن الكفرة يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم كل مع شيطانه في سلسلةجِثِيّا علي ركبهم لمايدهمهم من هول المطلع أولأنه من توابع التواقف للحساب .أَنّا أَرسَلنَا الشّياطِينَ عَلَي الكافِرِينَ قال الطبرسي‌ أي خلينا بينهم و بين الشياطين إذاوسوسوا إليهم ودعوهم إلي الضلال حتي أغووهم و لم يحل بينهم وبينهم بالإلجاء و لابالمنع وعبر عن ذلك بالإرسال علي سبيل المجاز والتوسع وقيل معناه سلطناهم عليهم و يكون في معني التخلية أيضاتَؤُزّهُم أَزّا أي تزعجهم إزعاجا من الطاعة إلي المعصية عن ابن عباس . وقيل تغريهم إغراء بالشي‌ء تقول امض في هذاالأمر حتي توقعهم في النار عن ابن جبير. قوله سبحانه وَ مِنَ الشّياطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ قال الرازي‌ المراد أنهم يغوصون له في البحار فيستخرجون الجواهر ويتجاوزون ذلك إلي الأعمال المهين


صفحه : 181

وبناء المدن والقصور واختراع الصنائع العجيبة كما قال يَعمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِن مَحارِيبَ وَ تَماثِيلَ و أماالصناعات فكاتخاذ الحمام والنورة والطواحين والقوارير والصابون و ليس في الظاهر إلا أنه سخرهم لكنه قدروي‌ أنه تعالي سخر كفارهم دون المؤمنين و هوالأقرب من وجهين أحدهما إطلاق لفظ الشياطين والثاني‌ قوله وَ كُنّا لَهُم حافِظِينَ فإن المؤمن إذاسخر في أمر لايجب أن يحفظ لئلا يفسد وإنما يجب ذلك في الكافر. و في قوله وَ كُنّا لَهُم حافِظِينَوجوه أحدها أنه تعالي وكل بهم جمعا من الملائكة أوجمعا من مؤمني‌ الجن . وثانيها سخرهم الله تعالي بأن حبب إليهم طاعته وخوفهم من مخالفته . وثالثها قال ابن عباس يريد وسلطانه مقيم عليهم يفعل بهم مايشاء. فإن قيل و عن أي شيءكانوا محفظين قلنا فيه ثلاثة أوجه أحدها أنه تعالي كان يحفظهم عليه لئلا يذهبوا ويتركوا وثانيها كان يحفظهم من أن يهيجوا أحدا في زمانه وثالثها كان يحفظهم من أن يفسدوا ماعملوا و كان دأبهم أنهم يعملونه في النهار ثم يفسدونه في الليل وسأل الجبائي‌ نفسه و قال كيف يتهيأ لهم هذه الأعمال وأجسامهم رقيقة لايقدرون علي عمل الثقيل وإنما يمكنهم الوسوسة وأجاب بأنه سبحانه كثف أجسامهم خاصة وقواهم وزادهم في عظمهم فيكون ذلك معجزة لسليمان ع فلما مات سليمان ع ردهم إلي الخلقة الأولي لأنه تعالي لوأبقاهم علي الخلقة الثانية لصار شبهة علي الناس و لوادعي متنبئ النبوة وجعله دلالة لكان كمعجزات الرسل فلذلك ردهم إلي خلقهم الأولي . واعلم أن هذاالكلام ساقط من وجوه أحدها لم قلت إن الجن من الأجسام و لم لايجوز وجود محدث ليس بمتحيز و لاقائم بالمتحيز و يكون الجن منهم .


صفحه : 182

فإن قلت لو كان الأمر كذلك لكان مثلا للباري‌ تعالي . قلت هذاضعيف لأن الاشتراك في اللوازم السلبية سلمنا أنه جسم لكن لم لايجوز حصول القدرة علي هذه الأعمال الشاقة في الجسم اللطيف وكلامه بناء علي أن البنية شرط و ليس في يده إلاالاستقراء الضعيف سلمنا أنه لابد من تكثيف أجسامهم لكن لم قلت إنه لابد من ردها إلي الخلقة الأولي بعدموت سليمان ع و قوله لأنه يفضي‌ إلي التلبيس قلنا التلبيس غيرلازم لأن المتنبئ إذاجعل ذلك معجزة لنفسه فللمدعو أن يقول لم لايجوز أن يقال إن قوة أجسادهم كانت معجزة لنبي‌ آخر قبلك و مع قيام هذاالاحتمال لايتمكن المتنبئ من الاستدلال به . و قال البيضاوي‌وَ يَتّبِعُ في المجادلة أو في عامة أحواله كُلّ شَيطانٍ مَرِيدٍمتجرد للفساد وأصله العري‌كُتِبَ عَلَيهِ علي الشيطان مَن تَوَلّاهُتبعه والضمير للشأن فَأَنّهُ يُضِلّهُخبر لمن أوجواب له والمعني كتب عليه إضلال من تولاه لأنه جبل عليه وَ يَهدِيهِ إِلي عَذابِ السّعِيرِبالحمل علي مايؤدي‌ إليه . و قال في قوله فِي أُمنِيّتِهِ في تشهيه بما يوجب اشتغاله بالدنيا كَمَا قَالَ


صفحه : 183

ص وَ إِنّهُ لَيُغَانُ عَلَي قلَبيِ‌ فَأَستَغفِرُ اللّهَ فِي اليَومِ سَبعِينَ مَرّةً

فَيَنسَخُ اللّهُ ما يلُقيِ‌ الشّيطانُفيبطله ويذهب به بعصمته عن الركون والإرشاد إلي مايزيحه ثُمّ يُحكِمُ اللّهُ آياتِهِ ثم يثبت آياته الداعية إلي الاستغراق في أمر الآخرةوَ اللّهُ عَلِيمٌبأحوال الناس حَكِيمٌفيما يفعله بهم لِيَجعَلَ ما يلُقيِ‌ الشّيطانُعلة لتمكين الشيطان منه لِلّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌشك ونفاق وَ القاسِيَةِ قُلُوبُهُمالمشركين .أقول قدمضت الأقوال في نزول الآية في المجلد السادس .مِن هَمَزاتِ الشّياطِينِ أي وساوسهم أَن يَحضُرُونِ أن يحوموا حولي‌ في شيء من الأحوال فَكُبكِبُوا فِيها هُم وَ الغاوُونَ أي الآلهة وعبدتهم والكبكبة تكرير الكب معناه أنه ألقي‌ في النار ينكب مرة بعدأخري حتي يستقر في قعرهاوَ جُنُودُ إِبلِيسَمتبعوه من عصاة الثقلين أوشياطينه وَ ما تَنَزّلَت بِهِ الشّياطِينُ كمازعمت المشركون أنه من قبيل مايلقي‌ الشيطان إلي الكهنةوَ ما ينَبغَيِ‌ لَهُم و مايصلح لهم أن ينزلوا به وَ ما يَستَطِيعُونَ و مايقدرون إِنّهُم عَنِ السّمعِلكلام الملائكةلَمَعزُولُونَ أي مصرفون عن استماع القرآن من السماء قدحيل بينهم و بين السمع بالملائكة والشهب .قيل و ذلك لأنه مشروط بمشاركة في صفات الذات وقبول فيضان الحق


صفحه : 184

ونفوسهم حينئذ ظلمانية شريرة ثم لما بين سبحانه أن القرآن لايصح أن يكون مما تنزلت به الشياطين أكد ذلك ببيان من تنزلت عليه فقال هَل أُنَبّئُكُم إلي قوله عَلي كُلّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ أي كذاب شديد الإثم يُلقُونَ السّمعَ وَ أَكثَرُهُم كاذِبُونَ أي الأفاكون يلقون السمع إلي الشياطين فيتلقون منهم ظنونا وأمارات لنقصان علمهم فيضمون إليها علي حسب تخيلاتهم أشياء لايطابق كذا قيل .

وَ فِي الكاَفيِ‌، فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ عَنِ البَاقِرِ ع قَالَ لَيسَ مِن يَومٍ وَ لَيلَةٍ إِلّا وَ جَمِيعُ الجِنّ وَ الشّيَاطِينِ تَزُورُ أَئِمّةَ الضّلَالِ وَ يَزُورُ أَئِمّةَ الهُدَي عَدَدُهُم مِنَ المَلَائِكَةِ حَتّي إِذَا أَتَت لَيلَةُ القَدرِ فَهَبَطَ فِيهَا مِنَ المَلَائِكَةِ إِلَي أوُليِ‌ الأَمرِ خَلَقَ اللّهُ أَو قَالَ قَيّضَ اللّهُ مِنَ الشّيَاطِينِ بِعَدَدِهِم ثُمّ زَارُوا ولَيِ‌ّ الضّلَالَةِ فَأَتَوهُ بِالإِفكِ وَ الكَذِبِ حَتّي لَعَلّهُ يُصبِحُ فَيَقُولُ رَأَيتُ كَذَا وَ كَذَا فَلَو سَأَلَ ولَيِ‌ّ الأَمرِ عَن ذَلِكَ لَقَالَ رَأَيتَ شَيطَاناً أَخبَرَكَ بِكَذَا وَ كَذَا حَتّي يُفَسّرَ لَهُ تَفسِيراً وَ يُعلِمَهُ الضّلَالَةَ التّيِ‌ هُوَ عَلَيهَا

وَ لَقَد صَدّقَ عَلَيهِم إِبلِيسُ ظَنّهُصدق في ظنه و هو قوله لَأُضِلّنّهُم ولَأُغوِيَنّهُم وقر‌ئ بالتشديد أي حققه إِلّا فَرِيقاً مِنَ المُؤمِنِينَ أي إلافريقا هم المؤمنون لم يتبعوه وتقليلهم بالإضافة إلي الكفار أو إلافريقا من فرق المؤمنين لم يتبعوه في العصيان وهم المخلصون مِن سُلطانٍ أي من تسلط واستيلاءإِلّا لِنَعلَمَإلخ أي


صفحه : 185

إلاليتعلق علمنا بذلك تعلقا يترتب عليه الجزاء أوليتميز المؤمن من الشاك والمراد من حصول العلم حصول متعلقه مبالغة.

وَ فِي الكاَفيِ‌، عَنِ البَاقِرِ ع قَالَ كَانَ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ لَمّا قُبِضَ رَسُولُ اللّهِص وَ الظّنّ مِن إِبلِيسَ حِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللّهِص إِنّهُ يَنطِقُ عَنِ الهَوَي فَظَنّ بِهِم إِبلِيسُ ظَنّاً فَصَدّقُوا ظَنّهُ

وَ فِي تَفسِيرِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ لَمّا أَمَرَ اللّهُ نَبِيّهُص أَن يَنصِبَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع لِلنّاسِ فِي قَولِهِيا أَيّهَا الرّسُولُ بَلّغ ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبّكَ فِي عَلِيّ بِغَدِيرِ خُمّ قَالَ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِ‌ّ مَولَاهُ فَجَاءَتِ الأَبَالِسَةُ إِلَي إِبلِيسَ الأَكبَرِ وَ حَثَوُا التّرَابَ عَلَي رُءُوسِهِم فَقَالَ لَهُم إِبلِيسُ مَا لَكُم قَالُوا إِنّ هَذَا الرّجُلَ قَد عَقَدَ اليَومَ عُقدَةً لَا يَحُلّهَا شَيءٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَقَالَ لَهُم إِبلِيسُ كَلّا إِنّ الّذِينَ حَولَهُ قَد وعَدَوُنيِ‌ فِيهِ عِدَةً لَن يخُلفِوُنيِ‌ فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي رَسُولِهِوَ لَقَد صَدّقَ عَلَيهِم إِبلِيسُ ظَنّهُالآيَةَ

إِنّ الشّيطانَ لَكُم عَدُوّعداوة عامة قديمةفَاتّخِذُوهُ عَدُوّا في عقائدكم وأفعالكم وكونوا علي حذر منه في مجامع أحوالكم إِنّما يَدعُواإلخ تقدير لعداوته وبيان لغرضه .أَ لَم أَعهَد إِلَيكُم يا بنَيِ‌ آدَمَ أَن لا تَعبُدُوا الشّيطانَ هو من جملة مايقال لهم يوم القيامة تقريعا وإلزاما للحجة وعهده إليهم مانصب لهم من الدلائل العقلية والسمعية الآمرة بعبادته الزاجرة عن عبادة غيره وجعلها عبادة الشيطان لأنه الآمر بهاالمزين لها.


صفحه : 186

إِنّهُ لَكُم عَدُوّ مُبِينٌتعليل للمنع عن عبادته بالطاعة فيما يحملهم عليه وَ أَنِ اعبدُوُنيِ‌عطف علي أن لاتعبدواهذا صِراطٌ مُستَقِيمٌإشارة إلي ماعهد إليهم أو إلي عبادته بالطاعة فيما يحملهم عليه والجملة استئناف لبيان المقتضي‌ للعهدوَ لَقَد أَضَلّ مِنكُم جِبِلّا كَثِيراًرجوع إلي بيان معاداة الشيطان مع ظهور عداوته ووضوح إضلاله لمن له أدني عقل ورأي‌ والجبل الخلق . قوله سبحانه وَ حِفظاً مِن كُلّ شَيطانٍ مارِدٍ قال البيضاوي‌حِفظاًمنصوب بإضمار فعله أوالعطف علي زينة باعتبار المعني كأنه قال إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا من كل شيطان مارد خارج عن الطاعة برمي‌ الشهب . قال الرازي‌ قال ابن عباس يريد حفظ السماء بالكواكب من كل شيطان تمرد علي الله قال المفسرون الشياطين يصعدون إلي قرب السماء فربما سمعوا كلام الملائكة وعرفوا به ماسيكون من الغيوب وكانوا يخبرون به ضعفاءهم ويوهمونهم أنهم يعلمون الغيب فمنعهم الله تعالي عن الصعود إلي قرب السماء بهذه الشهب فإنه تعالي يرميهم بهافيحرقهم بها. وبقي‌ هاهنا سؤالات الأول هذه الشهب هل هي‌ من الكواكب التي‌ زين الله السماء بهاأم لا والأول باطل لأن هذه الشهب تبطل وتضمحل فلو كانت هذه الشهب تلك الكواكب الحقيقية لوجب أن يظهر نقصان كثير في أعداد كواكب السماء ومعلوم أن هذاالمعني لم يوجد البتة وأيضا فجعلها رجوما للشياطين مما يوجب النقصان في زينة السماء فكان الجمع بين هذين المقصودين كالمتناقض . و أماالقسم الثاني‌ و هو أن يقال هذه الشهب جنس آخر غيرالكواكب المركوزة


صفحه : 187

في الفلك فهذا أيضا مشكل لأنه تعالي قال في سورة تبارك وَ لَقَد زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ وَ جَعَلناها رُجُوماً لِلشّياطِينِ والضمير عائد إلي المصابيح . والجواب أن هذه الشهب غيرتلك الثواقب الباقية و أما قوله وَ لَقَد زَيّنّاإلخ فنقول كل منير يحصل في الجو العالي‌ فهو مصباح لأهل الأرض إلا أن تلك المصابيح منها باقية علي وجه الدهر آمنة من التغير والفساد ومنها ما لا يكون كذلك وهي‌ هذه الشهب التي‌ يحدثها الله تعالي ويجعلها رجوما للشياطين .الثاني‌ كيف يجوز أن يذهب الشياطين إلي السماء حيث يعلمون بالتجربة أن الشهب تحرقهم و لايصلون إلي مقصودهم البتة وهل يمكن أن يصدر مثل هذاالفعل عن عاقل فكيف من الشياطين الذين لهم مزية في معرفة الحيل الدقيقة والجواب أن حصول هذه الحالة ليس له موضع معين و إلا لم يذهبوا إليه وإنما يمنعون من المصير إلي مواضع الملائكة ومواضعها مختلفة فربما أن صاروا إلي موضع تصيبهم الشهب وربما صاروا إلي غيره و لايصادفون الملائكة فلاتصيبهم الشهب فلما هلكوا في بعض الأوقات وسلموا في بعضها جاز أن يصيروا إلي مواضع يغلب علي ظنونهم أنه لاتصيبهم الشهب فيها كمايجوز فيمن يسلك البحر أن يسلكه في موضع يغلب علي ظنه حصول النجاة هذا ماذكره الجبائي‌ في تفسيره . ولقائل أن يقول إنهم إذاصعدوا فإما أن يصلوا إلي مواضع الملائكة أو إلي غير ذلك الموضع فإن وصلوا إلي مواضع الملائكة احترقوا و إن وصلوا إلي غيرها لم يفوزوا بمقصود أصلا فبعد هذه التجزئة وجب أن يمتنعوا عن هذاالعمل .


صفحه : 188

والأقرب في الجواب أن نقول هذه الواقعة إنما تتفق في الندرة فلعلها لم يشتهر بين الشياطين .الثالث قالوا دلت التواريخ المتواترة علي أن حدوث الشهب كان حاصلا قبل مجي‌ء النبي ص ولذلك فإن الحكماء الذين كانوا موجودين قبل مجي‌ء النبي ص بزمان طويل ذكروا ذلك وتكلموا في سبب حدوثه . وأجاب القاضي‌ بأن الأقرب أن هذه الحالة كانت موجودة قبل النبي لكنها كثرت في زمانه ص فصار بسبب الكثرة معجزا انتهي . وأقول يمكن أن يقال في الجواب عن السؤال الأول أماأولا فبأنه علي تقدير كون المراد بالمصابيح الكواكب نمنع عدم التغير في أعدادها لأن جميعها غيرمرصودة لاسيما علي القول بأن المجرة مركبة من الكواكب الصغيرة. و أماثانيا فبأن يقال يجوز أن يخلق الله تعالي في موضع الكوكب ألذي يرمي به الشياطين كوكبا آخر فلايحس بزواله . و أماثالثا فبأن يقال لعله ينفصل من الكوكب جسم يحرق الشياطين ويهلكهم مع بقاء الكوكب كماينفصل عن النار شعل محرقة مع بقائها والشهاب في الأصل شعلة نار ساطعة و منه قوله تعالي آتِيكُم بِشِهابٍ قَبَسٍ. و أماالسؤال الثاني‌ فأجاب الشيخ رحمه الله في التبيان عنه بأنهم ربما جوزوا أن يصادفوا موضعا يصعدون منه ليس فيه ملك يرميهم بالشهب أواعتقدوا أن ذلك غيرصحيح و لم يصدقوا من أخبرهم أنهم رموا حين أرادوا الصعود. وقيل في الجواب إذاجاء القضاء عمي‌ البصر فإذاقضي الله علي شيطان بالحرق قبض الله من نفسه مايبعثه علي الإقدام علي الهلكة وربما غفل عن التجربة لشدة حرصه علي درك المقصود و قديقال في الجواب عن الثالث بأن ماحدث بولادته ص


صفحه : 189

وبعثه هوطرد الشياطين بالشهب الثواقب لاوجودها مع أن طائفة زعموا أن هذه الشهب ماكانت موجودة قبل البعث ورووه عن ابن عباس و أبي بن كعب قالوا لم يرم بنجم منذ رفع عيسي ابن مريم ع حتي بعث رسول الله ص فرمي‌ بهافرأت قريش أمرا مارأوه قبل ذلك فجعلوا يسيبون أنعامهم ويعتقون رقابهم يظنون إبان الفناء فبلغ ذلك بعض أكابرهم فقال لم فعلتم ذلك فقالوا رمي‌ بالنجوم فرأينا تتهافت في السماء فقال اصبروا فإن تكن نجوم معروفة فهو وقت فناء الدنيا و إن كانت نجوم لاتعرف فهو أمر حدث فنظروا فإذاهي‌ لاتعرف فأخبروه فقال في الأمر مهلة و هذا عندظهور نبي‌ فما مكثوا إلايسيرا حتي قدم أبوسفيان علي أخواله وأخبر أولئك الأقوام أنه ظهر محمد بن عبد الله ص ويدعي‌ أنه نبي‌ مرسل وهؤلاء زعموا أن كتب الأوائل قدتوالت عليها التحريفات فلعل المتأخرين ألحقوا هذه المسألة بهاطعنا منهم في هذه المعجزة وكذا الأشعار المنسوبة إلي أهل الجاهلية لعلها مختلقة عليهم لذلك . قوله تعالي لا يَسّمّعُونَ إِلَي المَلَإِ الأَعلي قال البيضاوي‌ كلام مبتدأ لبيان حالهم بعد ماحفظ السماء عنهم و لايجوز جعله صفة لكُلّ شَيطانٍفإنه يقتضي‌ أن يكون الحفظ من شياطين لايسمعون والضمير لكل باعتبار المعني وتعدية السماع بإلي لتضمنه معني الإصغاء مبالغة لنفيه وتهويلا لمايمنعهم ويدل عليه قراءة حمزة والكسائي‌ وحفص بالتشديد من التسمع و هوطلب السماع والملأ الأعلي الملائكة أوأشرافهم وَ يُقذَفُونَيرمون مِن كُلّ جانِبٍ من السماء إذاقصدوا صعوده دُحُوراًعلة أي للدحور و هوالطرد أومصدر لأنه والقذف متقاربان أوحال بمعني مدحورين أومنزوع عنه الباء جمع دحر و هو مايطرد به ويقويه القراءة بالفتح و هويحتمل أيضا أن يكون مصدرا كالقبول أوصفة له أي قذفا دحوراوَ لَهُم عَذابٌ واصِبٌ أي عذاب آخر دائم أوشديد و هوعذاب الآخرةإِلّا مَن خَطِفَ الخَطفَةَاستثناء من واو يسمعون و من بدل منه والخطف الاختلاس والمراد اختلاس كلام الملائكة مسارقة وأتبع بمعني تبع والثاقب المضي‌ء.


صفحه : 190

أقول و قدمر بعض الكلام في بعض هذه الآيات . و قال البيضاوي‌طَلعُها أي حملها مستعار من طلع الثمر لمشاركته إياه في الشكل أولطلوعه من الشجركَأَنّهُ رُؤُسُ الشّياطِينِ في تناهي‌ القبح والهول و هوتشبيه بالمتخيل كتشبيه الفائق في الحسن بالملك وقيل الشياطين حيات هائلة قبيحة المنظر لها أعراف ولعلها سميت بهالذلك . و قال وَ الشّياطِينَعطف علي الريح كُلّ بَنّاءٍ وَ غَوّاصٍبدل منه وَ آخَرِينَ مُقَرّنِينَ فِي الأَصفادِعطف علي كل كأنه فصل الشياطين إلي عمله استعملهم في الأعمال الشاقة كالبناء والغوص ومردة قرن بعضهم مع بعض في السلاسل ليكفوا عن الشر ولعل أجسامهم شفافة صلبة فلاتري ويمكن تقييدها هذا والأقرب أن المراد تمثيل كفهم عن الشرور بالإقران في الصفد و هوالقيد. و قال الرازي‌ وهاهنا بحث و هو أن هذه الآيات دالة علي أن الشياطين لها قوة عظيمة وبسبب تلك القوة قدروا علي بناء الأبنية القوية التي‌ لايقدر عليها البشر وقدروا علي الغوص في البحار واحتاج سليمان ع إلي قيدهم ولقائل أن يقول هذه الشياطين إما أن تكون أجسادهم كثيفة أولطيفة فإن كان الأول وجب أن يراهم من كان صحيح الحاسة إذ لوجاز أن لانراهم مع كثافة أجسادهم فليجز أن يكون بحضرتنا جبال عالية وأصوات هائلة لانراها و لانسمعها و ذلك دخول في السفسطة فإن كان الثاني‌ و هو أن أجسادهم ليست كثيفة بل لطيفة رقيقة فمثل هذايمتنع أن يكون موصوفا بالقوة الشديدة وأيضا لزم أن تتفرق أجسادهم و أن تتمزق بسبب الرياح القوية و أن يموتوا في الحال و ذلك يمنع وصفهم بالآلات القوية. وأيضا الجن والشياطين إن كانوا موصوفين بهذه الشدة والقوة فلم لايقتلون العلماء والزهاد في زماننا و لم لايخربون ديار الناس مع أن المسلمين مبالغون في إظهار لعنتهم وعداوتهم وحيث لايحس شيء من ذلك علمنا أن القول بإثبات الجن والشياطين ضعيف .


صفحه : 191

واعلم أن أصحابنا يجوزون أن تكون أجسامهم كثيفة مع أنا لانراها وأيضا لايبعد أن يقال أجسامهم لطيفة بمعني عدم اللون ولكنها صلبة بمعني أنها لاتقبل التفرق و أماالجبائي‌ فقد سلم أنها كانت كثيفة الأجسام وزعم أن الناس كانوا يشاهدونهم في زمن سليمان ع ثم إنهم لماتوفي‌ سليمان ع أمات الله تلك الجن والشياطين وخلق نوعا آخر من الجن والشياطين والموجود في زماننا ليس إلا من هذاالجنس و الله أعلم انتهي . قال الطبرسي‌ رحمه الله وَ آخَرِينَ أي وسخرنا له آخرين من الشياطين مشددين في الأغلال والسلاسل من الحديد و كان يجمع بين اثنين وثلاثة منهم في سلسلة لايمتنعون عليه إذاأراد ذلك بهم عندتمردهم . وقيل إنه إنما كان يفعل ذلك بكفارهم فإذاآمنوا أطلقهم .بِنُصبٍ وَ عَذابٍ أي بتعب ومكروه ومشقة وقيل بوسوسة فيقول له طال مرضك و لايرحمك ربك انتهي . و قال البيضاوي‌ في قوله تعالي فَإِذا سَوّيتُهُعدلت خلقته استَكبَرَتعظم وكانَ أي وصار أو في علم الله فَبِعِزّتِكَفبسلطانك وقهرك فَالحَقّ وَ الحَقّ أَقُولُ أي فأحق الحق وأقوله . وقيل الحق الأول اسم الله تعالي ونصب بحذف حرف القسم وجوابه لَأَملَأَنّ جَهَنّمَ مِنكَ وَ مِمّن تَبِعَكَ مِنهُم أَجمَعِينَ و مابينهما اعتراض و هو علي الأول جواب محذوف والجملة تفسير للحق المقول وقرأ عاصم وحمزة برفع الأول علي الابتداء


صفحه : 192

أي الحق يميني‌ أوقسمي‌ أوالخبر أي أناالحق وَ إِمّا يَنزَغَنّكَ مِنَ الشّيطانِ نَزغٌ أي نخس به شبه وسوسته لأنها بعث علي ما لاينبغي‌ كالدفع بما هوأسوأ وجعل النزغ نازغا علي طريقة جد جده أوأريد به نازغ وصفا للشيطان بالمصدرفَاستَعِذ بِاللّهِ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُلاستعاذتك العَلِيمُبنيتك أوبصلاحك وَ مَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرّحمنِيتعامي ويعرض عنه لفرط اشتغاله بالمحسوسات أوانهماكه في الشهوات نُقَيّضنقدر ونسبب لَهُ شَيطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌيوسوسه ويغويه دائما.أقول وَ فِي الخِصَالِ، عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مَن تَصَدّي بِالإِثمِ أَعشَي عَن ذِكرِ اللّهِ تَعَالَي وَ مَن تَرَكَ الأَخذَ عَمّن أَمَرَ اللّهُ بِطَاعَتِهِ قَيّضَلَهُ شَيطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ

سَوّلَ لَهُمقيل أي سهل لهم اقتراف الكبائر وقيل حملهم علي الشهوات وَ أَملي لَهُم أي وأمد لهم في الآمال والأماني‌ أوأمهلهم الله و لم يعاجلهم بالعقوبةاستَحوَذَ عَلَيهِمُ الشّيطانُ أي استولي عليهم و هومما جاء علي الأصل فَأَنساهُم ذِكرَ اللّهِ لايذكرونه بقلوبهم و لابألسنتهم أُولئِكَ حِزبُ الشّيطانِجنوده وأتباعه أَلا إِنّ حِزبَ الشّيطانِ هُمُ الخاسِرُونَلأنهم فوتوا علي أنفسهم النعيم المؤبد وعرضوها للعذاب المخلد.كَمَثَلِ الشّيطانِ قال البيضاوي‌ أي مثل المنافقين في إغراء اليهود علي القتال كمثل الشيطان إِذ قالَ لِلإِنسانِ اكفُرأغراه علي الكفر إغراء الآمر المأمورفَلَمّا

كَفَرَ قالَ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ مِنكَتبرأ عنه مخافة أن يشاركه في العذاب و لاينفعه ذلك كما قال إنِيّ‌ أَخافُ اللّهَ رَبّ العالَمِينَ إلي قوله جَزاءُ الظّالِمِينَ والمراد من الإنسان الجنس وقيل أبوجهل قال له إبليس يوم بدرلا غالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النّاسِ وَ إنِيّ‌ جارٌ لَكُمالآية وقيل راهب حمله علي الفجور والارتداد.وَ لَقَد زَيّنّاأقول قدمر الكلام فيها في باب السماوات .مِن شَرّ الوَسواسِ الخَنّاسِ قال الطبرسي‌ رحمه الله فيه أقوال أحدها أن معناه من شر الوسوسة الواقعة من الجنة التي‌ يوسوسها في صدور الناس فيكون فاعل يوسوس ضمير الجنة وإنما ذكر لأن الجنة والجن واحد وجازت الكناية عنه و إن كان متأخرا لأنه في نية التقدم . وثانيها أن معناه من شر ذي‌ الوسواس و هوالشيطان كماجاء في الأثر أنه يوسوس فإذاذكر ربه خنس . ثم وصفه الله تعالي بقوله ألّذِي يُوَسوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ مِنَ الجِنّةِ وَ النّاسِ أي بالكلام الخفي‌ ألذي يصل مفهومه إلي قلوبهم من غيرسماع ثم ذكر أن هذاالشيطان ألذي يوسوس في صدور الناس من الجنة وهم الشياطين كما قال سبحانه إِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنّ ثم عطف بقوله وَ النّاسِ علي الوسواس والمعني من شر الوسواس و من شر الناس كأنه أمر أن يستعيذ من شر الجن والإنس . وثالثها أن معناه من شر ذي‌ الوسواس الخناس ثم فسره بقوله مِنَ الجِنّةِ وَ النّاسِ كماتقول نعوذ بالله من شر كل مارد من الجن والإنس و علي هذافيكون وسواس الجنة هووسواس الشيطان و في وسواس الإنس وجهان أحدهما أنه وسوسة الإنسان نفسه . والثاني‌ إغواء من يغويه من الناس ويدل عليه قوله شَياطِينَ الإِنسِ وَ الجِنّ


صفحه : 194

فشيطان الجن يوسوس وشيطان الإنس يأتي‌ علانية ويري أنه ينصح وقصده الشر قال مجاهد الخناس الشيطان إذاذكر الله سبحانه خنس وانقبض و إذا لم يذكر الله انبسط علي القلب ويؤيده

مَا روُيِ‌َ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ الشّيطَانَ وَاضِعٌ خَطمَهُ عَلَي قَلبِ ابنِ آدَمَ فَإِذَا ذَكَرَ اللّهَ سُبحَانَهُ خَنَسَ وَ إِن نسَيِ‌َ التَقَمَ قَلبَهُ فَذَلِكَ الوَسوَاسُ الخَنّاسُ

. وقيل الخناس معناه الكثير الاختفاء بعدالظهور و هوالمستتر المختفي‌ عن أعين الناس لأنه يوسوس من حيث لايري بالعين

وَ رَوَي العيَاّشيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا مِن مُؤمِنٍ إِلّا وَ لِقَلبِهِ فِي صَدرِهِ أُذُنَانِ أُذُنٌ يَنفُثُ فِيهَا المَلَكُ وَ أُذُنٌ يَنفُثُ فِيهَا الوَسوَاسُ الخَنّاسُ فَيُؤَيّدُ اللّهُ المُؤمِنَ بِالمَلَكِ وَ هُوَ قَولُهُ سُبحَانَهُوَ أَيّدَهُم بِرُوحٍ مِنهُ

1-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، قَولُهُ تَعَالَيوَ الشّياطِينَ كُلّ بَنّاءٍ وَ غَوّاصٍ أَي فِي البَحرِوَ آخَرِينَ مُقَرّنِينَ فِي الأَصفادِيعَنيِ‌ مُقَيّدِينَ قَد شُدّ بَعضُهُم إِلَي بَعضٍ وَ هُمُ الّذِينَ عَصَوا سُلَيمَانَ ع حِينَ سَلَبَهُ اللّهُ مُلكَهُ قَالَ الصّادِقُ ع جَعَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مُلكَ سُلَيمَانَ فِي خَاتَمِهِ فَكَانَ إِذَا لَبِسَهُ حَضَرَتهُ الجِنّ وَ الإِنسُ وَ الشّيَاطِينُ وَ جَمِيعُ الطّيرِ وَ الوَحشِ وَ أَطَاعُوهُ وَ يَبعَثُ اللّهُ رِيَاحاً تَحمِلُ الكرُسيِ‌ّ بِجَمِيعِ مَا عَلَيهِ مِنَ الشّيَاطِينِ وَ الطّيرِ وَ الإِنسِ وَ الدّوَابّ وَ الخَيلِ فَتَمُرّ بِهَا فِي الهَوَاءِ إِلَي مَوضِعٍ يُرِيدُهُ سُلَيمَانُ وَ كَانَ يصُلَيّ‌ الغَدَاةَ بِالشّامِ وَ الظّهرَ بِفَارِسَ وَ كَانَ يَأمُرُ الشّيَاطِينَ أَن يَحمِلُوا الحِجَارَةَ مِن فَارِسَ يَبِيعُونَهَا بِالشّامِ فَلَمّا مَسَحَ أَعنَاقَ الخَيلِ وَ سُوقَهَا بِالسّيفِ سَلَبَهُ اللّهُ مُلكَهُ فَجَاءَ شَيطَانٌ فَأَخَذَ مِن خَادِمِهِ خَاتَمَهُ حَيثُ دَخَلَ الخَلَاءَ وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي قَولِهِ فَلَمّا رَدّ عَلَيهِ الخَاتَمَ وَ لَبِسَهُ حَوَت


صفحه : 195

عَلَيهِ الشّيَاطِينُ وَ الجِنّ وَ الإِنسُ وَ الطّيرُ وَ الوُحُوشُ وَ رَجَعَ إِلَي مَا كَانَ فَطَلَبَ ذَلِكَ بِالشّيطَانِ وَ جُنُودِهِ الّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فَقَيّدَهُم وَ حَبَسَ بَعضَهُم فِي جَوفِ المَاءِ وَ بَعضَهُم فِي جَوفِ الصّخرِ بأِسَاَميِ‌ اللّهِ فَهُم مَحبُوسُونَ مُعَذّبُونَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

2- القِصَصُ،بِسَنَدِهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ كَانَ سُلَيمَانُ ع يَأمُرُ الشّيَاطِينَ فَتَحمِلُ لَهُ الحِجَارَةَ مِن مَوضِعٍ إِلَي مَوضِعٍ فَقَالَ لَهُم إِبلِيسُ كَيفَ أَنتُم قَالُوا مَا لَنَا طَاقَةٌ بِمَا نَحنُ فِيهِ فَقَالَ إِبلِيسُ أَ لَيسَ تَذهَبُونَ بِالحِجَارَةِ وَ تَرجِعُونَ فَرَاغاً قَالُوا نَعَم قَالَ فَأَنتُم فِي رَاحَةٍ فَأَبلَغَتِ الرّيحُ سُلَيمَانَ مَا قَالَ إِبلِيسُ لِلشّيَاطِينِ فَأَمَرَهُم يَحمِلُونَ الحِجَارَةَ ذَاهِبِينَ وَ يَحمِلُونَ الطّينَ رَاجِعِينَ إِلَي مَوضِعِهَا فَتَرَاءَي لَهُم إِبلِيسُ فَقَالَ كَيفَ أَنتُم فَشَكَوا إِلَيهِ فَقَالَ أَ لَستُم تَنَامُونَ بِاللّيلِ قَالُوا بَلَي قَالَ فَأَنتُم فِي رَاحَةٍ فَأَبلَغَتِ الرّيحُ مَا قَالَتِ الشّيَاطِينُ وَ إِبلِيسُ فَأَمَرَهُم أَن يَعمَلُوا بِاللّيلِ وَ النّهَارِ فَمَا لَبِثُوا إِلّا يَسِيراً حَتّي مَاتَ سُلَيمَانُ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ

3- العُيُونُ، وَ العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ سَأَلَ الشاّميِ‌ّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ اسمِ إِبلِيسَ مَا كَانَ فِي السّمَاءِ فَقَالَ كَانَ اسمُهُ الحَارِثَ وَ سَأَلَهُ عَن أَوّلِ مَن كَفَرَ فَقَالَ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ

4- التّفسِيرُ، قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي قَولِهِ تَعَالَيفَاستَعِذ بِاللّهِ مِنَ الشّيطانِ الرّجِيمِ قَالَ الرّجِيمُ أَخبَثُ الشّيَاطِينِ قِيلَ وَ لِمَ سمُيّ‌َ رَجِيماً قَالَ لِأَنّهُ يُرجَمُ

5-القِصَصُ،للِراّونَديِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ قَالَسُئِلَ رَسُولُ اللّهِص


صفحه : 196

عَن ذيِ‌ الكِفلِ فَقَالَ كَانَ رَجُلًا مِن حَضرَمَوتَ وَ اسمُهُ عُوَيدُ بنُ أُدَيمٍ وَ كَانَ فِي زَمَنِ نبَيِ‌ّ مِنَ الأَنبِيَاءِ قَالَ مَن يلَيِ‌ أَمرَ النّاسِ بعَديِ‌ عَلَي أَن لَا يَغضَبَ فَقَامَ فَتًي فَقَالَ أَنَا فَلَم يَلتَفِت إِلَيهِ ثُمّ قَالَ كَذَلِكَ فَقَامَ الفَتَي فَمَاتَ ذَلِكَ النّبِيّ وَ بقَيِ‌َ ذَلِكَ الفَتَي وَ جَعَلَهُ اللّهُ نَبِيّاً وَ كَانَ الفَتَي يقَضيِ‌ أَوّلَ النّهَارِ فَقَالَ إِبلِيسُ لِأَتبَاعِهِ مَن لَهُ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنهُم يُقَالُ لَهُ الأَبيَضُ أَنَا فَقَالَ إِبلِيسُ فَاذهَب إِلَيهِ لَعَلّكَ تُغضِبُهُ فَلَمّا انتَصَفَ النّهَارُ جَاءَ الأَبيَضُ إِلَي ذيِ‌ الكِفلِ وَ قَد أَخَذَ مَضجَعَهُ فَصَاحَ وَ قَالَ إنِيّ‌ مَظلُومٌ فَقَالَ قُل لَهُ تعالي [تَعَالَ] فَقَالَ لَا أَنصَرِفُ قَالَ فَأَعطَاهُ خَاتَمَهُ فَقَالَ اذهَب وَ أتنِيِ‌ بِصَاحِبِكَ فَذَهَبَ حَتّي إِذَا كَانَ مِنَ الغَدِ جَاءَ تِلكَ السّاعَةَ التّيِ‌ أَخَذَ هُوَ مَضجَعَهُ فَصَاحَ إنِيّ‌ مَظلُومٌ وَ إِنّ خصَميِ‌ لَم يَلتَفِت إِلَي خَاتَمِكَ فَقَالَ لَهُ الحَاجِبُ وَيحَكَ دَعهُ يَنَم فَإِنّهُ لَم يَنَمِ البَارِحَةَ وَ لَا أَمسِ قَالَ لَا أَدَعُهُ يَنَامُ وَ أَنَا مَظلُومٌ فَدَخَلَ الحَاجِبُ وَ أَعلَمَهُ فَكَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ خَتَمَهُ وَ دَفَعَهُ إِلَيهِ فَذَهَبَ حَتّي إِذَا كَانَ مِنَ الغَدِ حِينَ أَخَذَ مَضجَعَهُ جَاءَ فَصَاحَ فَقَالَ مَا أَلتَفِتُ إِلَي شَيءٍ مِن أَمرِكَ وَ لَم يَزَل يَصِيحُ حَتّي قَامَ وَ أَخَذَ بِيَدِهِ فِي يَومٍ شَدِيدِ الحَرّ لَو وُضِعَت فِيهِ بَضعَةُ لَحمٍ عَلَي الشّمسِ لَنَضِجَت فَلَمّا رَأَي الأَبيَضُ ذَلِكَ انتَزَعَ يَدَهُ مِن يَدِهِ وَ يَئِسَ مِنهُ أَن يَغضَبَ فَأَنزَلَ اللّهُ جَلّ وَ عَلَا قِصّتَهُ عَلَي نَبِيّهِ لِيَصبِرَ عَلَي الأَذَي كَمَا صَبَرَ الأَنبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم عَلَي البَلَاءِ

بيان كأنه سقط من أول الخبر شيء والقائل هونبي‌ آخر غيرذي‌


صفحه : 197

الكفل والقائل هو ع كمابيناه في المجلد الخامس

6- مَجَالِسُ الصّدُوقِ، عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرِ بنِ وَهبٍ عَن عَلِيّ بنِ سُلَيمَانَ النوّفلَيِ‌ّ عَن فِطرِ بنِ خَلِيفَةَ عَنِ الصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ لَمّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُوَ الّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللّهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِمصَعِدَ إِبلِيسُ جَبَلًا بِمَكّةَ يُقَالُ لَهُ ثَورٌ فَصَرَخَ بِأَعلَي صَوتِهِ بِعَفَارِيتِهِ فَاجتَمَعُوا إِلَيهِ فَقَالُوا يَا سَيّدَنَا لِمَ دَعَوتَنَا قَالَ نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ فَمَن لَهَا فَقَامَ عِفرِيتٌ مِنَ الشّيَاطِينِ فَقَالَ أَنَا لَهَا بِكَذَا وَ كَذَا قَالَ لَستَ لَهَا فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مِثلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَستَ لَهَا فَقَالَ الوَسوَاسُ الخَنّاسُ أَنَا لَهَا قَالَ بِمَا ذَا قَالَ أَعِدُهُم وَ أُمَنّيهِم حَتّي يُوَاقِعُوا الخَطِيئَةَ فَإِذَا وَاقَعُوا الخَطِيئَةَ أَنسَيتُهُمُ الِاستِغفَارَ فَقَالَ أَنتَ لَهَا فَوَكّلَهُ بِهَا إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

بيان في القاموس رجل عفر وعفرية وعفريت بكسرهن خبيث منكر والعفريت النافذ في الأمر المبالغ فيه مع دهاء

7- العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَنِ الخَنّاسِ قَالَ إِنّ إِبلِيسَ يَلتَقِمُ القَلبَ فَإِذَا ذُكِرَ اللّهُ خَنَسَ فَلِذَلِكَ سمُيّ‌َ الخَنّاسَ

8-تَفسِيرُ الفُرَاتِ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الحَسَنِ ع فِيمَا سَأَلَ كَعبُ الأَحبَارِ


صفحه : 198

أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع قَالَ لَمّا أَرَادَ اللّهُ تَعَالَي خَلقَ آدَمَ بَعَثَ جَبرَئِيلَ فَأَخَذَ مِن أَدِيمِ الأَرضِ قَبضَةً فَعَجَنَهُ بِالمَاءِ العَذبِ وَ المَالِحِ وَ رَكّبَ فِيهِ الطّبَائِعَ قَبلَ أَن يَنفُخَ فِيهِ الرّوحَ فَخَلَقَهُ مِن أَدِيمِ الأَرضِ فَطَرَحَهُ كَالجَبَلِ العَظِيمِ وَ كَانَ إِبلِيسُ يَومَئِذٍ خَازِناً عَلَي السّمَاءِ الخَامِسَةِ يَدخُلُ فِي مَنخِرِ آدَمَ ثُمّ يَخرُجُ مِن دُبُرِهِ ثُمّ يَضرِبُ بِيَدِهِ عَلَي بَطنِهِ فَيَقُولُ لأِيَ‌ّ أَمرٍ خُلِقتَ لَئِن جُعِلتَ فوَقيِ‌ لَا أَطَعتُكَ وَ لَئِن جُعِلتَ أَسفَلَ منِيّ‌ لَأُعِينُكَ فَمَكَثَ فِي الجَنّةِ أَلفَ سَنَةٍ مَا بَينَ خَلقِهِ إِلَي أَن يُنفَخَ فِيهِ الرّوحُ الحَدِيثَ

9- الكاَفيِ‌،بِإِسنَادِهِ عَن مَسعَدَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع وَ سُئِلَ عَنِ الكُفرِ وَ الشّركِ أَيّهُمَا أَقدَمُ فَقَالَ الكُفرُ أَقدَمُ وَ ذَلِكَ أَنّ إِبلِيسَ أَوّلُ مَن كَفَرَ وَ كَانَ كُفرُهُ غَيرَ شِركٍ لِأَنّهُ لَم يَدعُ إِلَي عِبَادَةِ غَيرِ اللّهِ وَ إِنّمَا دَعَا إِلَي ذَلِكَ بَعدُ فَأَشرَكَ

10- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ الحَمِيدِ أَبِي العَلَاءِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ لِي يَا أَبَا مُحَمّدٍ وَ اللّهِ لَو أَنّ إِبلِيسَ سَجَدَ لِلّهِ بَعدَ المَعصِيَةِ وَ التّكَبّرِ عُمُرَ الدّنيَا مَا نَفَعَهُ ذَلِكَ وَ لَا قَبِلَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِنهُ مَا لَم يَسجُد لِآدَمَ كَمَا أَمَرَهُ اللّهُ أَن يَسجُدَ لَهُ الحَدِيثَ

11-العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ قَالَدَخَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ بلَغَنَيِ‌ أَنّكَ تَقِيسُ قَالَ نَعَم أَنَا أَقِيسُ قَالَ وَيلَكَ لَا تَقِس إِنّ أَوّلَ مَن قَاسَ إِبلِيسُ قَالَخلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍقَاسَ مَا بَينَ النّارِ وَ الطّينِ


صفحه : 199

وَ لَو قَاسَ نُورِيّةَ آدَمَ بِنُورِ النّارِ عَرَفَ فَضلَ مَا بَينَ النّورَينِ وَ صَفَاءَ أَحَدِهِا عَلَي الآخَرِ

12- العيَاّشيِ‌ّ، عَن جَابِرٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ إِبلِيسُ أَوّلُ مَن تَغَنّي وَ أَوّلُ مَن نَاحَ لَمّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشّجَرَةِ تَغَنّي

13- العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ عَن يَزِيدَ بنِ سَلّامٍ قَالَ قَالَ النّبِيّص الخَمِيسُ يَومٌ خَامِسٌ مِنَ الدّنيَا وَ هُوَ يَومٌ أَنِيسٌ لُعِنَ فِيهِ إِبلِيسُ وَ رُفِعَ فِيهِ إِدرِيسُ الخَبَرَ

14- الكاَفيِ‌،بِإِسنَادِهِ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ كَانَ إِبلِيسُ يَومَ بَدرٍ يُقَلّلُ المُسلِمِينَ فِي أَعيُنِ الكُفّارِ وَ يُكَثّرُ الكُفّارَ فِي أَعيُنِ المُسلِمِينَ فَشَدّ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ بِالسّيفِ فَهَرَبَ مِنهُ وَ هُوَ يَقُولُ يَا جَبرَئِيلُ إنِيّ‌ مُؤَجّلٌ حَتّي وَقَعَ فِي البَحرِ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع لأِيَ‌ّ شَيءٍ كَانَ يَخَافُ وَ هُوَ مُؤَجّلٌ قَالَ عَلَي أَن يُقطَعَ بَعضُ أَطرَافِهِ

15- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا تُؤوُوا


صفحه : 200

مِندِيلَ اللّحمِ فِي البَيتِ فَإِنّهُ مَربِضُ الشّيطَانِ وَ لَا تُؤوُوا التّرَابَ خَلفَ البَابِ فَإِنّهُ مَأوَي الشّيطَانِ فَإِذَا بَلَغَ أَحَدُكُم بَابَ حُجرَتِهِ فَليُسَمّ فَإِنّهُ يَفِرّ الشّيطَانُ وَ إِذَا سَمِعتُم نِيَاحَ الكِلَابِ وَ نَهِيقَ الحَمِيرِ فَتَعَوّذُوا بِاللّهِ مِنَ الشّيطَانِ الرّجِيمِ فَإِنّهُم يَرَونَ وَ لَا تَرَونَفَافعَلُوا ما تُؤمَرُونَالخَبَرَ

16- العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ العَظِيمِ الحسَنَيِ‌ّ قَالَ كَتَبتُ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ ع أَسأَلُهُ عَن عِلّةِ الغَائِطِ وَ نَتنِهِ قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي خَلَقَ آدَمَ وَ كَانَ جَسَدُهُ طَيّباً وَ بقَيِ‌َ أَربَعِينَ سَنَةً مُلقًي تَمُرّ بِهِ المَلَائِكَةُ فَتَقُولُ لِأَمرٍ مَا خُلِقتَ وَ كَانَ إِبلِيسُ يَدخُلُ فِي فِيهِ وَ يَخرُجُ مِن دُبُرِهِ فَلِذَلِكَ صَارَ مَا فِي جَوفِ آدَمَ مُنتِناً خَبِيثاً غَيرَ طَيّبٍ

17-العِلَلُ، عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَن أَحمَدَ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبِي أَيّوبَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَإِنّمَا كَانَت بَلِيّةُ أَيّوبَ التّيِ‌ ابتلُيِ‌َ بِهَا فِي الدّنيَا لِنِعمَةٍ أَنعَمَ اللّهُ بِهَا عَلَيهِ فَأَدّي شُكرَهَا وَ كَانَ إِبلِيسُ فِي ذَلِكَ الزّمَانِ لَا يُحجَبُ دُونَ العَرشِ فَلَمّا صَعِدَ عَمَلُ أَيّوبَ بِأَدَاءِ شُكرِ النّعمَةِ حَسَدَهُ إِبلِيسُ فَقَالَ يَا رَبّ إِنّ أَيّوبَ لَم يُؤَدّ شُكرَ هَذِهِ النّعمَةِ إِلّا بِمَا أَعطَيتَهُ مِنَ الدّنيَا فَلَو حُلتَ بَينَهُ وَ بَينَ دُنيَاهُ مَا أَدّي إِلَيكَ شُكرَ نِعمَةٍ فسَلَطّنيِ‌ عَلَي دُنيَاهُ تَعلَم أَنّهُ لَا يؤُدَيّ‌ شُكرَ نِعمَةٍ فَقَالَ قَد سَلّطتُكَ عَلَي دُنيَاهُ فَلَم يَدَع لَهُ دُنيَا وَ لَا وَلَداً إِلّا أَهلَكَ ذَلِكَ وَ هُوَ يَحمَدُ


صفحه : 201

اللّهَ عَزّ وَ جَلّ ثُمّ رَجَعَ إِلَيهِ فَقَالَ يَا رَبّ إِنّ أَيّوبَ يَعلَمُ أَنّكَ سَتَرُدّ عَلَيهِ دُنيَاهُ التّيِ‌ أَخَذتَهَا مِنهُ فسَلَطّنيِ‌ عَلَي بَدَنِهِ حَتّي تَعلَمَ أَنّهُ لَا يؤُدَيّ‌ شُكرَ نِعمَةٍ قَالَ عَزّ وَ جَلّ قَد سَلّطتُكَ عَلَي بَدَنِهِ مَا عَدَا عَينَيهِ وَ قَلبَهُ وَ لِسَانَهُ وَ سَمعَهُ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَانقَضّ مُبَادِراً خَشيَةَ أَن تُدرِكَهُ رَحمَةُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَيَحُولَ بَينَهُ وَ بَينَهُ فَنَفَخَ فِي مَنخِرَيهِ مِن نَارِ السّمُومِ فَصَارَ جَسَدُهُ نُقَطاً نُقَطاً

18- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن عُثمَانَ النّوّاءِ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يبَتلَيِ‌ المُؤمِنَ بِكُلّ بَلِيّةٍ وَ يُمِيتُهُ بِكُلّ مِيتَةٍ وَ لَا يَبتَلِيهِ بِذَهَابِ عَقلِهِ أَ مَا تَرَي أَيّوبَ كَيفَ سُلّطَ إِبلِيسُ عَلَي مَالِهِ وَ عَلَي وُلدِهِ وَ عَلَي أَهلِهِ وَ عَلَي كُلّ شَيءٍ مِنهُ وَ لَم يُسَلّط عَلَي عَقلِهِ تُرِكَ لَهُ يُوَحّدُ اللّهَ بِهِ

19- الفَقِيهُ، قَالَ الصّادِقُ ع إِذَا أَتَي أَحَدُكُم أَهلَهُ فَليَذكُرِ اللّهَ فَإِنّ مَن لَم يَذكُرِ اللّهَ عِندَ الجِمَاعِ فَكَانَ مِنهُ وَلَدٌ كَانَ شِركَ شَيطَانٍ وَ يُعرَفُ ذَلِكَ بِحُبّنَا وَ بُغضِنَا

20- وَ مِنهُ، قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِذَا انكَشَفَ أَحَدُكُم لِبَولٍ أَو لِغَيرِ ذَلِكَ فَليَقُل بِسمِ اللّهِ فَإِنّ الشّيطَانَ يَغُضّ بَصَرَهُ عَنهُ حَتّي يَفرُغَ

21- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَن عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ عَنِ الرّضَا ع قَالَ قَالَ لِي إِذَا خَرَجتَ مِن مَنزِلِكَ فِي سَفَرٍ أَو حَضَرٍ فَقُل بِسمِ اللّهِ آمَنتُ بِاللّهِ تَوَكّلتُ عَلَي اللّهِ مَا شَاءَ


صفحه : 202

اللّهُ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِ‌ّ العَظِيمِ فَتَلَقّاهُ الشّيَاطِينُ فَتَضرِبُ المَلَائِكَةُ وُجُوهَهَا وَ تَقُولُ مَا سَبِيلُكُم عَلَيهِ وَ قَد سَمّي اللّهَ وَ آمَنَ بِهِ وَ تَوَكّلَ عَلَي اللّهِ وَ قَالَ مَا شَاءَ اللّهُ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ

22- الكاَفيِ‌،بِإِسنَادِهِ عَن حَفصِ بنِ القَاسِمِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ عَلَي ذِروَةِ كُلّ جِسرٍ شَيطَاناً فَإِذَا انتَهَيتَ إِلَيهِ فَقُل بِسمِ اللّهِ يَرحَل عَنكَ

23- التّهذِيبُ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الرّجُلَ إِذَا أَتَي المَرأَةَ وَ جَلَسَ مَجلِسَهُ حَضَرَهُ الشّيطَانُ فَإِن هُوَ ذَكَرَ اسمَ اللّهِ تَنَحّي الشّيطَانُ عَنهُ وَ إِن فَعَلَ وَ لَم يُسَمّ أَدخَلَ الشّيطَانُ ذَكَرَهُ فَكَانَ العَمَلُ مِنهُمَا جَمِيعاً وَ النّطفَةُ وَاحِدَةٌ قُلتُ فبَأِيَ‌ّ شَيءٍ يُعرَفُ هَذَا جُعِلتُ فِدَاكَ قَالَ بِحُبّنَا وَ بُغضِنَا

24- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي حَمزَةَ قَالَ قَالَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع يَا ثمُاَليِ‌ّ إِنّ الصّلَاةَ إِذَا أُقِيمَت جَاءَ الشّيطَانُ إِلَي قَرِينِ الإِمَامِ فَيَقُولُ هَل ذَكَرَ رَبّهُ فَإِن قَالَ نَعَم ذَهَبَ وَ إِن قَالَ لَا رَكِبَ عَلَي كَتِفَيهِ فَكَانَ إِمَامَ القَومِ حَتّي يَنصَرِفُوا قَالَ فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ لَيسَ يَقرَءُونَ القُرآنَ قَالَ بَلَي لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ يَا ثمُاَليِ‌ّ إِنّمَا هُوَ الجَهرُ بِبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ


صفحه : 203

بيان قرين الإمام الملك ألذي يحفظ عمله أوالشيطان ألذي وكل به

25- المَحَاسِنُ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا أَكَلتَ الطّعَامَ فَقُل بِسمِ اللّهِ فِي أَوّلِهِ وَ فِي آخِرِهِ فَإِنّ العَبدَ إِذَا سَمّي فِي طَعَامِهِ قَبلَ أَن يَأكُلَ لَم يَأكُل مَعَهُ الشّيطَانُ وَ إِذَا سَمّي بَعدَ مَا يَأكُلُ وَ أَكَلَ الشّيطَانُ مِنهُ تَقَيّأَ مَا كَانَ أَكَلَ

26- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ مَروَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا وُضِعَ الغَدَاءُ وَ العَشَاءُ فَقُل بِسمِ اللّهِ فَإِنّ الشّيطَانَ يَقُولُ لِأَصحَابِهِ اخرُجُوا فَلَيسَ هُنَا عَشَاءٌ وَ لَا مَبِيتٌ وَ إِن هُوَ نسَيِ‌َ أَن يسُمَيّ‌َ قَالَ لِأَصحَابِهِ تَعَالَوا فَإِنّ لَكُم هُنَا عَشَاءً وَ مَبِيتاً

27- وَ قَالَ ع فِي خَبَرٍ آخَرَ إِذَا تَوَضّأَ أَحَدُكُم وَ لَم يُسَمّ كَانَ لِلشّيطَانِ فِي وُضُوئِهِ شِركٌ وَ إِن أَكَلَ أَو شَرِبَ أَو لَبِسَ لِبَاساً ينَبغَيِ‌ أَن يسُمَيّ‌َ عَلَيهِ فَإِن لَم يَفعَل كَانَ لِلشّيطَانِ فِيهِ شِركٌ

28- الفَقِيهُ، فِي وَصَايَا النّبِيّص لعِلَيِ‌ّ يَا عَلِيّ النّومُ عَلَي أَربَعَةٍ نَومُ الأَنبِيَاءِ عَلَي أَقفِيَتِهِم وَ نَومُ المُؤمِنِينَ عَلَي أَيمَانِهِم وَ نَومُ الكُفّارِ وَ المُنَافِقِينَ عَلَي يَسَارِهِم وَ نَومُ الشّيَاطِينِ عَلَي وُجُوهِهِم


صفحه : 204

29- تَفسِيرُ الإِمَامِ، قَالَ ع قَالَ رَسُولُ اللّهِص تَعَوّذُوا بِاللّهِ مِنَ الشّيطَانِ الرّجِيمِ فَإِنّ مَن تَعَوّذَ بِاللّهِ أَعَاذَهُ اللّهُ وَ تَعَوّذُوا مِن هَمَزَاتِهِ وَ نَفَخَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ أَ تَدرُونَ مَا هيِ‌َ أَمّا هَمَزَاتُهُ فَمَا يُلقِيهِ فِي قُلُوبِكُم مِن بُغضِنَا أَهلَ البَيتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ وَ كَيفَ نُبغِضُكُم بَعدَ مَا عَرَفنَا مَحَلّكُم مِنَ اللّهِ وَ مَنزِلَتَكُم قَالَ أَن تُبغِضُوا أَولِيَاءَنَا وَ تُحِبّوا أَعدَاءَنَا قِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ مَا نَفَخَاتُهُم قَالَ هيِ‌َ مَا يَنفُخُونَ بِهِ عِندَ الغَضَبِ فِي الإِنسَانِ ألّذِي يَحمِلُونَهُ عَلَي هَلَاكِهِ فِي دِينِهِ وَ دُنيَاهُ وَ قَد يَنفُخُونَ فِي غَيرِ حَالِ الغَضَبِ بِمَا يُهلِكُونَ بِهِ أَ تَدرُونَ مَا أَشَدّ مَا يَنفُخُونَ وَ هُوَ مَا يَنفُخُونَ بِأَن يُوهِمُوا أَنّ أَحَداً مِن هَذِهِ الأُمّةِ فَاضِلٌ عَلَينَا أَو عِدلٌ لَنَا أَهلَ البَيتِ وَ أَمّا نَفَثَاتُهُ فَإِنّهُ يرُيِ‌ أَحَدَكُم أَنّ شَيئاً بَعدَ القُرآنِ أَشفَي لَهُ مِن ذِكرِنَا أَهلَ البَيتِ وَ مِنَ الصّلَاةِ عَلَينَا

30- العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ عَن جَابِرٍ الأنَصاَريِ‌ّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَغلِقُوا أَبوَابَكُم وَ خَمّرُوا آنِيَتَكُم وَ أَوكِئُوا أَسقِيَتَكُم فَإِنّ الشّيطَانَ لَا يَكشِفُ غِطَاءً وَ لَا يَحِلّ وِكَاءً

31-الكاَفيِ‌،بِإِسنَادِهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ إِذَا رَكِبَ الرّجُلُ الدّابّةَ فَسَمّي رَدِفَهُ مَلَكٌ يَحفَظُهُ حَتّي يَنزِلَ وَ إِذَا رَكِبَ وَ لَم يُسَمّ رَدِفَهُ شَيطَانٌ فَيَقُولُ لَهُ تَغَنّ فَإِن قَالَ لَهُ لَا أُحسِنُ قَالَ لَهُ تَمَنّ


صفحه : 205

فَلَا يَزَالُ يَتَمَنّي حَتّي يَنزِلَ

32- العُيُونُ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص فِي أَوّلِ يَومٍ مِن شَهرِ رَمَضَانَ تُغَلّ مَرَدَةُ الشّيَاطِينِ

33- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ يَحيَي عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ عَن أَبِي عَبدِ الرّحمَنِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع رُبّمَا حَزِنتُ فَلَا أَعرِفُ فِي أَهلٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ وَ رُبّمَا فَرِحتُ فَلَا أَعرِفُ فِي أَهلٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ فَقَالَ إِنّهُ لَيسَ مِن أَحَدٍ إِلّا وَ مَعَهُ مَلَكٌ وَ شَيطَانٌ فَإِذَا كَانَ فَرَحُهُ كَانَ دُنُوّ المَلَكِ مِنهُ وَ إِذَا كَانَ حُزنُهُ كَانَ دُنُوّ الشّيطَانِ مِنهُ وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيالشّيطانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَ يَأمُرُكُم بِالفَحشاءِ وَ اللّهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَ فَضلًا وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ

بيان كأن المراد أن هذاالهم لأجل وساوس الشيطان لكنه لايتفطن به الإنسان فيظن أنه بلا سبب . أوالمراد أنه لما كان شأن الشيطان ذلك يصير محض دنوه سببا للهم أوأراد السائل عدم كونه لفوت تلك الأمور في الماضي‌ ويجري‌ جميع الأمور في الملك أيضا

34-الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن حَمّادٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا مِن قَلبٍ إِلّا وَ لَهُ أُذُنَانِ عَلَي أَحَدِهِمَا مَلَكٌ مُرشِدٌ وَ عَلَي الأُخرَي


صفحه : 206

شَيطَانٌ مُفتِنٌ هَذَا يَأمُرُهُ وَ هَذَا يَزجُرُهُ الشّيطَانُ يَأمُرُهُ باِلمعَاَصيِ‌ وَ المَلَكُ يَزجُرُهُ عَنهَا وَ هُوَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّعَنِ اليَمِينِ وَ عَنِ الشّمالِ قَعِيدٌ ما يَلفِظُ مِن قَولٍ إِلّا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

35- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ لِلقَلبِ أُذُنَينِ فَإِذَا هَمّ العَبدُ بِذَنبٍ قَالَ لَهُ رُوحُ الإِيمَانِ لَا تَفعَل وَ قَالَ لَهُ الشّيطَانُ افعَل وَ إِذَا كَانَ عَلَي بَطنِهَا نُزِعَ مِنهُ رُوحُ الإِيمَانِ

36- المَحَاسِنُ، عَن أَبِي طَالِبٍ عَن أَنَسٍ عَن عِيَاضٍ الليّثيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ عَلَي ذِروَةِ كُلّ بَعِيرٍ شَيطَاناً فَامتَهِنُوهَا لِأَنفُسِكُم وَ ذَلّلُوهَا وَ اذكُرُوا اسمَ اللّهِ عَلَيهَا كَمَا أَمَرَكُمُ اللّهُ

37- وَ مِنهُ، عَنِ القَاسِمِ بنِ يَحيَي عَن جَدّهِ الحَسَنِ عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ ع يَقُولُ الخَيلُ عَلَي كُلّ مَنخِرٍ مِنهَا شَيطَانٌ فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُكُم أَن يُلجِمَهَا فَليُسَمّ اللّهَ

38- طِبّ الأَئِمّةِ،بِإِسنَادِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَكثِرُوا مِنَ الدّوَاجِنِ فِي بُيُوتِكُم تَتَشَاغَل بِهَا الشّيَاطِينُ عَن صِبيَانِكُم

39-الكاَفيِ‌،بِإِسنَادِهِ عَن سُلَيمِ بنِ قَيسٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قَالَ


صفحه : 207

رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ حَرّمَ الجَنّةَ عَلَي كُلّ فَحّاشٍ بذَيِ‌ّ قَلِيلِ الحَيَاءِ لَا يبُاَليِ‌ مَا قَالَ وَ لَا مَا قِيلَ لَهُ فَإِنّكَ إِن فَتّشتَهُ لَم تَجِدهُ إِلّا لِغَيّةٍ أَو شِركِ شَيطَانٍ قِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ فِي النّاسِ شِركُ شَيطَانٍ فَقَالَص أَ مَا تَقرَأُ قَولَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ شارِكهُم فِي الأَموالِ وَ الأَولادِالخَبَرَ

بيان في القاموس ولد غية ويكسر زنية

40- الكاَفيِ‌،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع حَيثُ عَلّمَهُ الدّعَاءَ إِذَا دَخَلَت عَلَيهِ امرَأَتُهُ وَ قَالَ فِيهِ وَ لَا تَجعَل فِيهِ شِركاً لِلشّيطَانِ قَالَ قُلتُ وَ بأِيَ‌ّ شَيءٍ يُعرَفُ ذَلِكَ قَالَ أَ مَا تَقرَأُ كِتَابَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ شارِكهُم فِي الأَموالِ وَ الأَولادِ ثُمّ قَالَ إِنّ الشّيطَانَ ليَجَيِ‌ءُ حَتّي يَقعُدَ مِنَ المَرأَةِ كَمَا يَقعُدُ الرّجُلُ مِنهَا وَ يُحدِثُ كَمَا يُحدِثُ وَ يَنكِحُ كَمَا يَنكِحُ قُلتُ بأِيَ‌ّ شَيءٍ يُعرَفُ ذَلِكَ قَالَ بِحُبّنَا وَ بُغضِنَا فَمَن أَحَبّنَا كَانَ نُطفَةَ العَبدِ وَ مَن أَبغَضَنَا كَانَ نُطفَةَ الشّيطَانِ

41- وَ قَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَ إِنّ الشّيطَانَ يجَيِ‌ءُ فَيَقعُدُ كَمَا يَقعُدُ الرّجُلُ وَ يُنزِلُ كَمَا يُنزِلُ الرّجُلُ

42- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي عَن هِشَامٍ عَنهُ ع فِي النّطفَتَينِ اللّتَينِ للِآدمَيِ‌ّ وَ الشّيطَانِ إِذَا اشتَرَكَا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع رُبّمَا خُلِقَ مِن أَحَدِهِمَا وَ رُبّمَا خُلِقَ مِنهُمَا جَمِيعاً


صفحه : 208

43- تَفسِيرُ الفُرَاتِ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ رَأَي أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَلَي بَابِهِ شَيخاً فَعَرَفَهُ أَنّهُ الشّيطَانُ فَصَارَعَهُ وَ صَرَعَهُ قَالَ قُم عنَيّ‌ يَا عَلِيّ حَتّي أُبَشّرَكَ فَقَامَ عَنهُ فَقَالَ بِمَ تبُشَرّنُيِ‌ يَا مَلعُونُ قَالَ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ صَارَ الحَسَنُ عَن يَمِينِ العَرشِ وَ الحُسَينُ عَن يَسَارِ العَرشِ يُعطِيَانِ شِيعَتَهُمَا الجَوَازَ مِنَ النّارِ قَالَ فَقَامَ إِلَيهِ وَ قَالَ أُصَارِعُكَ قَالَ مَرّةً أُخرَي قَالَ نَعَم فَصَرَعَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ قَالَ قُم عنَيّ‌ حَتّي أُبَشّرَكَ فَقَامَ عَنهُ فَقَالَ لَمّا خَلَقَ اللّهُ آدَمَ خَرَجَ ذُرّيّتُهُ مِن ظَهرِهِ مِثلَ الذّرّ فَأَخَذَ مِيثَاقَهُم فَقَالَأَ لَستُ بِرَبّكُم قالُوا بَلي قَالَ فَأَشهَدَهُم عَلَي أَنفُسِهِم فَأَخَذَ مِيثَاقَ مُحَمّدٍ وَ مِيثَاقَكَ فَعَرّفَ وَجهَكَ الوُجُوهَ وَ رُوحَكَ الأَروَاحَ فَلَا يَقُولُ لَكَ أَحَدٌ أُحِبّكَ إِلّا عَرَفتَهُ وَ لَا يَقُولُ لَكَ أَحَدٌ أُبغِضُكَ إِلّا عَرَفتَهُ قَالَ قُم صاَرعِنيِ‌ قَالَ ثَلَاثَةً قَالَ نَعَم فَصَارَعَهُ وَ صَرَعَهُ فَقَالَ يَا عَلِيّ لَا تبُغضِنيِ‌ وَ قُم عنَيّ‌ حَتّي أُبَشّرَكَ قَالَ بَلَي وَ أَبرَأُ مِنكَ وَ أَلعَنُكَ قَالَ وَ اللّهِ يَا ابنَ أَبِي طَالِبٍ مَا أَحَدٌ يُبغِضُكَ إِلّا شَرِكتُ فِي رَحِمِ أُمّهِ وَ فِي وُلدِهِ فَقَالَ لَهُ أَ مَا قَرَأتَ كِتَابَ اللّهِوَ شارِكهُم فِي الأَموالِ وَ الأَولادِالآيَةَ

44-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ فِي قِصّةٍ طَوِيلَةٍ فِي


صفحه : 209

حَجّ اِبرَاهِيمَ وَ ذَبحِهِ ابنَهُ إِلَي أَن قَالَ وَ سَلّمَا لِأَمرِ اللّهِ وَ أَقبَلَ شَيخٌ فَقَالَ يَا اِبرَاهِيمُ مَا تُرِيدُ مِن هَذَا الغُلَامِ قَالَ أُرِيدُ أَن أَذبَحَهُ فَقَالَ سُبحَانَ اللّهِ تَذبَحُ غُلَاماً لَم يَعصِ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ طَرفَةَ عَينٍ فَقَالَ اِبرَاهِيمُ إِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ‌ بِذَلِكَ فَقَالَ رَبّكَ يَنهَاكَ عَن ذَلِكَ وَ إِنّمَا أَمَرَكَ بِهَذَا الشّيطَانُ فَقَالَ لَهُ اِبرَاهِيمُ إِنّ ألّذِي بلَغّنَيِ‌ هَذَا المَبلَغَ هُوَ ألّذِي أمَرَنَيِ‌ بِهِ وَ الكَلَامُ ألّذِي وَقَعَ فِي أذُنُيِ‌ فَقَالَ لَا وَ اللّهِ مَا أَمَرَكَ بِهَذَا إِلّا الشّيطَانُ فَقَالَ اِبرَاهِيمُ لَا وَ اللّهِ لَا أُكَلّمُكَ ثُمّ عَزَمَ اِبرَاهِيمُ عَلَي الذّبحِ فَقَالَ يَا اِبرَاهِيمُ إِنّكَ إِمَامٌ يُقتَدَي بِكَ وَ إِنّكَ إِذَا ذَبَحتَهُ ذَبَحَ النّاسُ أَولَادَهُم فَلَم يُكَلّمهُ وَ أَقبَلَ عَلَي الغُلَامِ وَ استَشَارَهُ فِي الذّبحِ وَ سَاقَ الحَدِيثَ فِي الفِدَاءِ إِلَي قَولِهِ وَ لَحِقَ إِبلِيسُ بِأُمّ الغُلَامِ حِينَ نَظَرَت إِلَي الكَعبَةِ فِي وَسَطِ الواَديِ‌ بِحِذَاءِ البَيتِ فَقَالَ لَهَا مَا شَيخٌ رَأَيتُهُ قَالَت إِنّ ذَلِكَ بعَليِ‌ قَالَ فَوَصِيفٌ رَأَيتُهُ مَعَهُ قَالَت ذَلِكَ ابنيِ‌ قَالَ فإَنِيّ‌ رَأَيتُهُ وَ قَد أَضجَعَهُ وَ أَخَذَ المُديَةَ لِيَذبَحَهُ فَقَالَت كَذَبتَ إِنّ اِبرَاهِيمَ أَرحَمُ النّاسِ كَيفَ يَذبَحُ ابنَهُ قَالَ فَوَ رَبّ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ رَبّ هَذَا البَيتِ لَقَد رَأَيتُهُ أَضجَعَهُ وَ أَخَذَ المُديَةَ فَقَالَت وَ لِمَ قَالَ يَزعُمُ أَنّ رَبّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ قَالَت فَحَقّ لَهُ أَن يُطِيعَ رَبّهُ فَوَقَعَ فِي نَفسِهَا أَنّهُ قَد أُمِرَ فِي ابنِهَا بِأَمرٍ فَلَمّا قَضَت مَنَاسِكَهَا أَسرَعَت فِي الواَديِ‌ رَاجِعَةً إِلَي مِنًي وَ هيِ‌َ وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَي رَأسِهَا تَقُولُ ربَيّ‌ لَا تؤُاَخذِنيِ‌ بِمَا عَمِلتُ بِأُمّ إِسمَاعِيلَ الحَدِيثَ

45-العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن خَالِدِ بنِ جَرِيرٍ عَن أَبِي الرّبِيعِ الشاّميِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ آدَمَ


صفحه : 210

ع لَمّا هَبَطَ مِنَ الجَنّةِ اشتَهَي مِن ثِمَارِهَا فَأَنزَلَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي عَلَيهِ قَضِيبَينِ مِن عِنَبٍ فَغَرَسَهُمَا فَلَمّا أَورَقَا وَ أَثمَرَا وَ بَلَغَا جَاءَ إِبلِيسُ فَحَاطَ عَلَيهِمَا حَائِطاً فَقَالَ لَهُ آدَمُ مَا لَكَ يَا مَلعُونُ فَقَالَ لَهُ إِبلِيسُ إِنّهُمَا لِي فَقَالَ كَذَبتَ فَرَضِيَا بَينَهُمَا بِرُوحِ القُدُسِ فَلَمّا انتَهَيَا إِلَيهِ قَصّ آدَمُ ع قِصّتَهُ فَأَخَذَ رُوحُ القُدُسِ شَيئاً مِن نَارٍ فَرَمَي بِهَا عَلَيهِمَا فَالتَهَبَت فِي أَغصَانِهِمَا حَتّي ظَنّ آدَمُ أَنّهُ لَم يَبقَ مِنهُمَا شَيءٌ إِلّا احتَرَقَ وَ ظَنّ إِبلِيسُ مِثلَ ذَلِكَ قَالَ فَدَخَلَتِ النّارُ حَيثُ دَخَلَت وَ قَد ذَهَبَ مِنهُمَا ثُلُثَاهُمَا وَ بقَيِ‌َ الثّلُثُ فَقَالَ الرّوحُ أَمّا مَا ذَهَبَ مِنهُمَا فَحَظّ إِبلِيسَ لَعَنَهُ اللّهُ وَ مَا بقَيِ‌َ فَلَكَ يَا آدَمُ

الكافي‌، عن علي بن ابراهيم عن أبيه وعدة من أصحابه عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب مثله

46- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ يَزِيدَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن اِبرَاهِيمَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَمّا أَهبَطَ آدَمَ ع أَمَرَهُ بِالحَرثِ وَ الزّرعِ وَ طَرَحَ إِلَيهِ غَرساً مِن غُرُوسِ الجَنّةِ فَأَعطَاهُ النّخلَ وَ العِنَبَ وَ الزّيتُونَ وَ الرّمّانَ فَغَرَسَهَا لِتَكُونَ لِعَقِبِهِ وَ ذُرّيّتِهِ فَأَكَلَ هُوَ مِن ثِمَارِهَا فَقَالَ لَهُ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ يَا آدَمُ مَا هَذَا الغَرسُ ألّذِي لَم أَكُن أَعرِفُهُ فِي الأَرضِ وَ قَد كُنتُ بِهَا قَبلَكَ ائذَن لِي آكُل مِنهُ شَيئاً فَأَبَي أَن يُطعِمَهُ فَجَاءَ عِندَ آخِرِ عُمُرِ آدَمَ فَقَالَ لِحَوّاءَ إِنّهُ قَد أجَهدَنَيِ‌ الجُوعُ وَ العَطَشُ فَقَالَت لَهُ حَوّاءُ ع إِنّ آدَمَ عَهِدَ إلِيَ‌ّ


صفحه : 211

أَن لَا أُطعِمَكَ شَيئاً مِن هَذَا الغَرسِ لِأَنّهُ مِنَ الجَنّةِ وَ لَا ينَبغَيِ‌ لَكَ أَن تَأكُلَ مِنهُ فَقَالَ لَهَا فاَعصرِيِ‌ فِي كفَيّ‌ مِنهُ شَيئاً فَأَبَت عَلَيهِ فَقَالَ ذرَيِنيِ‌ أَمَصّهُ وَ لَا آكُلهُ فَأَخَذَت عُنقُوداً مِن عِنَبٍ فَأَعطَتهُ فَمَصّهُ وَ لَم يَأكُل مِنهُ شَيئاً لِمَا كَانَت حَوّاءُ قَد أَكّدَت عَلَيهِ فَلَمّا ذَهَبَ يَعَضّهُ جَذَبَتهُ حَوّاءُ مِن فِيهِ فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي آدَمَ ع أَنّ العِنَبَ قَد مَصّهُ عدَوُيّ‌ وَ عَدُوّكَ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ وَ قَد حَرّمتُ عَلَيكَ مِن عَصِيرَةِ الخَمرِ مَا خَالَطَهُ نَفَسُ إِبلِيسَ فَحُرّمَتِ الخَمرُ لِأَنّ عَدُوّ اللّهِ إِبلِيسَ مَكَرَ بِحَوّاءَ حَتّي مَصّ العِنَبَةَ وَ لَو أَكَلَهَا لَحَرُمَتِ الكَرمَةُ مِن أَوّلِهَا إِلَي آخِرِهَا وَ جَمِيعُ ثِمَارِهَا وَ مَا يَأكُلُ مِنهَا ثُمّ إِنّهُ قَالَ لِحَوّاءَ ع فَلَو أمَصصَتنِيِ‌ شَيئاً مِن هَذَا التّمرِ كَمَا أمَصصَتنِيِ‌ مِنَ العِنَبِ فَأَعطَتهُ تَمرَةً فَمَصّهَا وَ كَانَتِ العِنَبَةُ وَ التّمرُ أَشَدّ رَائِحَةً وَ أَزكَي مِنَ المِسكِ الأَذفَرِ وَ أَحلَي مِنَ العَسَلِ فَلَمّا مَصّهُمَا عَدُوّ اللّهِ ذَهَبَت رَائِحَتُهُمَا وَ انتَقَصَت حَلَاوَتُهُمَا قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع ثُمّ إِنّ إِبلِيسَ المَلعُونَ ذَهَبَ بَعدَ وَفَاةِ آدَمَ ع فَبَالَ فِي أَصلِ الكَرمَةِ وَ النّخلَةِ فَجَرَي المَاءُ فِي عُرُوقِهِمَا بِبَولِ عَدُوّ اللّهِ فَمِن ثَمّ يَختَمِرُ العِنَبُ وَ التّمرُ فَحَرّمَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي ذُرّيّةِ آدَمَ كُلّ مُسكِرٍ لِأَنّ المَاءَ جَرَي بِبَولِ عَدُوّ اللّهِ فِي النّخلَةِ وَ العِنَبِ وَ صَارَ كُلّ مُختَمِرٍ خَمراً لِأَنّ المَاءَ اختَمَرَ فِي النّخلَةِ وَ الكَرمَةِ مِن رَائِحَةِ بَولِ عَدُوّ اللّهِ إِبلِيسَ لَعَنَهُ اللّهُ


صفحه : 212

بيان قوله ع فمن ثم يختمر العنب أي يغلي‌ وينتن ويصير مسكرا قوله ع لأن الماء اختمر في النخلة أي غلي وتغير وأنتن من رائحة بول عدو الله . قال الفيروزآبادي‌ الخمر بالتحريك التغير عما كان عليه و قال اختمار الخمر إدراكها وغليانها انتهي . ويحتمل أن يكون المراد باختمار العنب والتمر تغطية أوانيهما ليصيرا خمرا وكذا اختمار الماء المراد به احتباسه في الشجرة لكنه بعيد. وأقول الأخبار بهذا المضمون كثيرة سيأتي‌ بعضها في محالها

47- تَفسِيرُ الإِمَامِ، قِيلَ لِلإِمَامِ ع فَعَلَي هَذَا لَم يَكُن إِبلِيسُ أَيضاً مَلَكاً فَقَالَ لَا بَل كَانَ مِنَ الجِنّ أَ مَا تَسمَعُونَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُوَ إِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنّ وَ هُوَ ألّذِي قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ الجَانّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السّمُومِ إِلَي آخِرِ مَا مَرّ فِي قِصّةِ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ

48-النهج ،[نهج البلاغة] فِي خُطبَةٍ يَذكُرُ فِيهَا خِلقَةَ آدَمَ ع قَالَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ استَأدَي اللّهُ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي المَلَائِكَةَ وَدِيعَتَهُ لَدَيهِم وَ عَهدَ وَصِيّتِهِ إِلَيهِم فِي الإِذعَانِ بِالسّجُودِ لَهُ وَ الخُنُوعِ لِتَكرِمَتِهِ فَقَالَاسجُدُوا لِآدَمَفَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَ وَ قَبِيلَهُ اعتَرَتهُمُ الحَمِيّةُ وَ غَلَبَت عَلَيهِمُ الشّقوَةُ وَ تَعَزّزُوا بِخِلقَةِ النّارِ وَ استَوهَنُوا خَلقَ الصّلصَالِ


صفحه : 213

فَأَعطَاهُ النّظِرَةَ استِحقَاقاً لِلسّخطَةِ وَ استِتمَاماً لِلبَلِيّةِ وَ إِنجَازاً لِلعِدَةِ فَقَالَفَإِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ ثُمّ أَسكَنَ سُبحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرغَدَ فِيهَا عَيشَهُ وَ آمَنَ فِيهَا مَحَلّتَهُ وَ حَذّرَهُ إِبلِيسَ وَ عَدَاوَتَهُ فَاغتَرّهُ عَدُوّهُ نَفَاسَةً عَلَيهِ بِدَارِ المُقَامِ وَ مُرَافَقَةِ الأَبرَارِ

توضيح استأدي وديعته أي طلب أداءها والوديعة إشارة إلي قوله تعالي إِذ قالَ رَبّكَ لِلمَلائِكَةِ إنِيّ‌ خالِقٌ بَشَراًالآية والخنوع الخضوع والقبيل في الأصل الجماعة تكون من الثلاثة فصاعدا من قوم شتي فإن كانوا من أب واحد فهم قبيله وضم القبيل هنا إلي إبليس غريب فإنه لم يكن له في هذاالوقت ذرية و لم يكن أشباهه في السماء فيمكن أن يكون المراد به أشباهه من الجن في الأرض بأن يكونوا مأمورين بالسجود أيضا وعدم ذكرهم في الآيات وسائر الأخبار لعدم الاعتناء بشأنهم أوالمراد به طائفة خلقها الله تعالي في السماء غيرالملائكة ويمكن أن يكون المراد بالقبيل ذريته و يكون إسناد عدم السجود إليهم لرضاهم بفعله كَمَا قَالَ ع فِي مَوضِعٍ آخَرَ إِنّمَا يَجمَعُ النّاسَ الرّضَا وَ السّخَطُ وَ إِنّمَا عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَعَمّهُمُ اللّهُ بِالعَذَابِ لَمّا عَمّوهُ بِالرّضَا فَقَالَ سُبحَانَهُفَعَقَرُوها فَأَصبَحُوا نادِمِينَ

.


صفحه : 214

اعترتهم أي غشيتهم والتعزز التكبر واستوهنه أي عده وهنا ضعيفا نفاسة أي بخلا

49-النهج ،[نهج البلاغة] فِي الخُطبَةِ القَاصِعَةِ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَبِسَ العِزّ وَ الكِبرِيَاءَ وَ اختَارَهُمَا لِنَفسِهِ دُونَ خَلقِهِ وَ جَعَلَهُمَا حِمًي وَ حَرَماً عَلَي غَيرِهِ وَ اصطَفَاهُمَا لِجَلَالِهِ وَ جَعَلَ اللّعنَةَ عَلَي مَن نَازَعَهُ فِيهِمَا مِن عِبَادِهِ ثُمّ اختَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَهُ المُقَرّبِينَ لِيَمِيزَ المُتَوَاضِعِينَ مِنهُم مِنَ المُستَكبِرِينَ فَقَالَ سُبحَانَهُ وَ هُوَ العَالِمُ بِمُضمَرَاتِ القُلُوبِ وَ مَحجُوبَاتِ الغُيُوبِإنِيّ‌ خالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ فَإِذا سَوّيتُهُ وَ نَفَختُ فِيهِ مِن روُحيِ‌ فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ المَلائِكَةُ كُلّهُم أَجمَعُونَ إِلّا إِبلِيسَاعتَرَضَتهُ الحَمِيّةُ فَافتَخَرَ عَلَي آدَمَ بِخَلقِهِ وَ تَعَصّبَ عَلَيهِ لِأَصلِهِ فَعَدُوّ اللّهِ إِمَامُ المُتَعَصّبِينَ وَ سَلَفُ المُستَكبِرِينَ ألّذِي وَضَعَ أَسَاسَ العَصَبِيّةِ وَ نَازَعَ اللّهَ رِدَاءَ الجَبرِيّةِ وَ ادّرَعَ لِبَاسَ التّعَزّزِ وَ خَلَعَ قِنَاعَ التّذَلّلِ إِلَي قَولِهِ فَاعتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِن فِعلِ اللّهِ بِإِبلِيسَ إِذ أَحبَطَ عَمَلَهُ الطّوِيلَ وَ جَهدَهُ الجَهِيدَ وَ كَانَ قَد عَبَدَ اللّهَ سِتّةَ آلَافِ سَنَةٍ لَا يُدرَي أَ مِن سنِيِ‌ الدّنيَا أَم مِن سنِيِ‌ الآخِرَةِ عَن كِبرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَن بَعدَ إِبلِيسَ يَسلَمُ عَلَي اللّهِ بِمِثلِ مَعصِيَتِهِ كَلّا مَا كَانَ اللّهُ سُبحَانَهُ لِيُدخِلَ الجَنّةَ بَشَراً بِأَمرٍ أَخرَجَ بِهِ مَلَكاً إِنّ حُكمَهُ فِي أَهلِ السّمَاءِ وَ أَهلِ الأَرضِ لَوَاحِدٌ وَ مَا بَينَ اللّهِ وَ بَينَ أَحَدٍ مِن خَلقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حِمًي حَرّمَهُ عَلَي العَالَمِينَ فَاحذَرُوا عِبَادَ اللّهِ عَدُوّ اللّهِ أَن يُعدِيَكُم بِدَائِهِ وَ أَن


صفحه : 215

يَستَفِزّكُم بِخَيلِهِ وَ رَجِلِهِ فلَعَمَريِ‌ لَقَد فَوّقَ لَكُم سَهمَ الوَعِيدِ وَ أَغرَقَ بِكُم بِالنّزعِ الشّدِيدِ وَ رَمَاكُم مِن مَكَانٍ قَرِيبٍ وَ قَالَرَبّ بِما أغَويَتنَيِ‌ لَأُزَيّنَنّ لَهُم فِي الأَرضِ وَ لَأُغوِيَنّهُم أَجمَعِينَقَذفاً بِغَيبٍ بَعِيدٍ وَ رَجماً بِظَنّ غَيرِ مُصِيبٍ فَصَدّقَهُ بِهِ أَبنَاءُ الحَمِيّةِ وَ إِخوَانُ العَصَبِيّةِ وَ فُرسَانُ الكِبرِ وَ الجَاهِلِيّةِ إِلَي قَولِهِ ع فَاجعَلُوا عَلَيهِ حَدّكُم وَ لَهُ جِدّكُم فَلَعَمرُ اللّهِ لَقَد فَخَرَ عَلَي أَصلِكُم وَ وَقَعَ فِي حَسَبِكُم وَ دَفَعَ فِي نَسَبِكُم وَ أَجلَبَ بِخَيلِهِ عَلَيكُم وَ قَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبِيلَكُم إِلَي آخِرِ الخُطبَةِ

بيان لايدري علي صيغة المجهول و في بعض النسخ علي المتكلم المعلوم فعلي الأول لايدل علي عدم علمه ع و علي الثاني‌ أيضا المراد به غيره وأدخل نفسه تغليبا والإبهام لمصلحة كعدم تحاشي‌ السامعين من طول المدة أوغيره . قوله ع أخرج به منها ملكا ظاهره أن إبليس كان من الملائكة ويمكن الجواب بأن إطلاق الملك عليه لكونه من الملائكة بالولاء و قال بعض شراح النهج يسلم علي الله أي يرجع إليه سالما من طرده ولعنه تقول سلم علي هذاالشي‌ء إذارجع إليك سالما و لم يلحقه تلف والباء للمصاحبة كما في قوله بأمر و أماالباء في به فيحتمل المصاحبة والسببية و قدمر تمام الخطبة وشرحها

50-المَحَاسِنُ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الصّلتِ عَن أَبِي هَدِيّةَ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنّ


صفحه : 216

رَسُولَ اللّهِص كَانَ ذَاتَ يَومٍ جَالِساً عَلَي بَابِ الدّارِ مَعَهُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع إِذ أَقبَلَ شَيخٌ فَسَلّمَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص ثُمّ انصَرَفَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لعِلَيِ‌ّ ع أَ تَعرِفُ الشّيخَ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ مَا أَعرِفُهُ فَقَالَص هَذَا إِبلِيسُ فَقَالَ عَلِيّ ع لَو عَلِمتُ يَا رَسُولَ اللّهِ لَضَرَبتُهُ ضَربَةً بِالسّيفِ فَخَلّصتُ أُمّتَكَ مِنهُ قَالَ فَانصَرَفَ إِبلِيسُ إِلَي عَلِيّ ع فَقَالَ لَهُ ظلَمَتنَيِ‌ يَا أَبَا الحَسَنِ أَ مَا سَمِعتَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُوَ شارِكهُم فِي الأَموالِ وَ الأَولادِفَوَ اللّهِ مَا شَرِكتُ أَحَداً أَحَبّكَ فِي أُمّهِ

51- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ الواَسطِيِ‌ّ رَفَعَ الحَدِيثَ قَالَ أَتَتِ امرَأَةٌ مِنَ الجِنّ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَآمَنَت بِهِ وَ حَسُنَ إِسلَامُهَا فَجَعَلَت تَجِيئُهُ فِي كُلّ أُسبُوعٍ فَغَابَت عَنهُ أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ أَتَتهُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللّهِص مَا ألّذِي أَبطَأَ بِكِ يَا جِنّيّةُ فَقَالَت يَا رَسُولَ اللّهِ أَتَيتُ البَحرَ ألّذِي هُوَ مُحِيطٌ بِالدّنيَا فِي أَمرٍ أَرَدتُهُ فَرَأَيتُ عَلَي شَطّ ذَلِكَ البَحرِ صَخرَةً خَضرَاءَ وَ عَلَيهَا رَجُلٌ جَالِسٌ قَد رَفَعَ يَدَيهِ إِلَي السّمَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ أللّهُمّ إنِيّ‌ أَسأَلُكَ بِحَقّ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ إِلّا مَا غَفَرتَ لِي فَقُلتُ لَهُ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا إِبلِيسُ فَقُلتُ وَ مِن أَينَ تَعرِفُ هَؤُلَاءِ قَالَ إنِيّ‌ عَبَدتُ ربَيّ‌ فِي الأَرضِ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً وَ عَبَدتُ ربَيّ‌ فِي السّمَاءِ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً مَا رَأَيتُ فِي السّمَاءِ أُسطُوَانَةً إِلّا وَ عَلَيهَا مَكتُوبٌ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ أَيّدتُهُ بِهِ

52- وَ مِنهُ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ الأصَفهَاَنيِ‌ّ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصِ بنِ غِيَاثٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ ظَهَرَ إِبلِيسُ لِيَحيَي بنِ زَكَرِيّا ع وَ إِذَا عَلَيهِ مَعَالِيقُ مِن كُلّ شَيءٍ فَقَالَ لَهُ يَحيَي مَا هَذِهِ المَعَالِيقُ يَا إِبلِيسُ فَقَالَ هَذِهِ الشّهَوَاتُ التّيِ‌ أَصَبتُهَا مِنِ ابنِ آدَمَ قَالَ فَهَل لِي مِنهَا شَيءٌ قَالَ رُبّمَا شَبِعتَ فَثَقّلَتكَ عَنِ الصّلَاةِ وَ الذّكرِ قَالَ يَحيَي لِلّهِ عَلَيّ أَن لَا أَملَأَ بطَنيِ‌ مِن طَعَامٍ أَبَداً فَقَالَ إِبلِيسُ لِلّهِ عَلَيّ أَن لَا أَنصَحَ مُسلِماً أَبَداً ثُمّ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا حَفصُ وَ لِلّهِ عَلَي جَعفَرٍ وَ آلِ جَعفَرٍ أَن لَا يَملَئُوا بُطُونَهُم مِن طَعَامٍ أَبَداً وَ لِلّهِ عَلَي جَعفَرٍ وَ آلِ جَعفَرٍ أَن لَا يَعمَلُوا لِلدّنيَا أَبَداً


صفحه : 217

بيان ثقلتك علي صيغة الغيبة أي الشبعة ويحتمل التكلم بحذف العائد

53- المَحَاسِنُ، عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع إِنّ لِإِبلِيسَ كُحلًا وَ سَفُوفاً وَ لَعُوقاً فَأَمّا كُحلُهُ فَالنّومُ وَ أَمّا سَفُوفُهُ فَالغَضَبُ وَ أَمّا لَعُوقُهُ فَالكَذِبُ

بيان مناسبة الكحل للنوم ظاهر و أماالسفوف للغضب فلأن أكثر السفوفات من المسهلات التي‌ توجب خروج الأمور الردية والغضب أيضا يوجب صدور ما لاينبغي‌ من الإنسان وبروز الأخلاق الذميمة به ويكثر منه و في القاموس سففت الدواء بالكسر سفا واستففته قمحته أوأخذته غيرملتوت و هوسفوف كصبور انتهي و أمااللعوق فلأنه غالبا مما يتلذذ به ويكثر منه والكذب كذلك و في النهاية فيه إن للشيطان لعوقا ودسوما اللعوق بالفتح اسم لمايلعق به أي يؤكل بالملعقة والدسام بالكسر مايسد به الأذن فلاتعي‌ ذكرا و لاموعظة

54-العيَاّشيِ‌ّ، عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ قَالَسَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن إِبلِيسَ أَ كَانَ مِنَ المَلَائِكَةِ أَو كَانَ يلَيِ‌ شَيئاً مِن أَمرِ السّمَاءِ فَقَالَ لَم يَكُن مِنَ المَلَائِكَةِ وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ تَرَي أَنّهُ مِنهَا وَ كَانَ اللّهُ يَعلَمُ أَنّهُ لَيسَ مِنهَا وَ لَم يَكُن يلَيِ‌ شَيئاً مِن أَمرِ السّمَاءِ وَ لَا كَرَامَةَ فَأَتَيتُ الطّيّارَ فَأَخبَرتُهُ بِمَا سَمِعتُ فَأَنكَرَ وَ قَالَ كَيفَ لَا يَكُونُ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ اللّهُ يَقُولُ لِلمَلَائِكَةِاسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَفَدَخَلَ عَلَيهِ الطّيّارُ فَسَأَلَهُ وَ أَنَا عِندَهُ فَقَالَ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا فِي غَيرِ مَكَانٍ


صفحه : 218

فِي مُخَاطَبَةِ المُؤمِنِينَ أَ يَدخُلُ فِي هَذِهِ المُنَافِقُونَ قَالَ نَعَم يَدخُلُ فِي هَذِهِ المُنَافِقُونَ وَ الضّلّالُ وَ كُلّ مَن أَقَرّ بِالدّعوَةِ الظّاهِرَةِ

كا،[الكافي‌] أبو علي الأشعري‌ عن محمد بن عبدالجبار عن علي بن حديد عن جميل مثله

55- العيَاّشيِ‌ّ، عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ قَالَ سَأَلتُهُ عَن إِبلِيسَ أَ كَانَ مِنَ المَلَائِكَةِ أَو هَل كَانَ يلَيِ‌ شَيئاً مِن أَمرِ السّمَاءِ قَالَ لَم يَكُن مِنَ المَلَائِكَةِ وَ لَم يَكُن يلَيِ‌ شَيئاً مِن أَمرِ السّمَاءِ وَ كَانَ مِنَ الجِنّ وَ كَانَ مَعَ المَلَائِكَةِ وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ تَرَي أَنّهُ مِنهَا وَ كَانَ اللّهُ يَعلَمُ أَنّهُ لَيسَ مِنهَا فَلَمّا أُمِرَ بِالسّجُودِ كَانَ مِنهُ ألّذِي كَانَ

بيان قوله ع تري أنه منهم أي في طاعة الله وعدم العصيان لمواظبته علي


صفحه : 219

عبادته سبحانه أزمنة متطاولة لبعد عدم علم الملائكة بأنه ليس منهم بعد أن أسروه من الجن ورفعوه إلي السماء فيكون من قبيل قَولِهِم ع سَلمَانُ مِنّا أَهلَ البَيتِ

أوأنهم لمارأوا تباين أخلاقه ظاهرا للجن وتكريم الله تعالي إياه وجعله من بينهم بل جعله رئيسا علي بعضهم كماقيل ظنوا أنه كان منهم وقع بين الجن أو أن الظان كان بعض الملائكة

56- العيَاّشيِ‌ّ، عَن يُونُسَ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِوَ لَآمُرَنّهُم فَلَيُغَيّرُنّ خَلقَ اللّهِ قَالَ أَمرَ اللّهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ

57- وَ مِنهُ، عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِ اللّهِوَ لَآمُرَنّهُم فَلَيُغَيّرُنّ خَلقَ اللّهِ قَالَ دِينَ اللّهِ

بيان فسر ع في الخبر الأول خلق الله بأمر الله و في الثاني‌ بدين الله و قال الطبرسي‌ رحمه الله قيل يريد دين الله وأمره عن ابن عباس و ابراهيم ومجاهد و الحسن وقتادة و هوالمروي‌ عن أبي عبد الله ع ويؤيده قوله سبحانه فِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللّهِ وأراد بذلك تحريم الحلال وتحليل الحرام وقيل أراد الخصاء وقيل إنه الوشم وقيل إنه أراد الشمس والقمر والحجارة عدلوا عن الانتفاع بها إلي عبادتها

58-العيَاّشيِ‌ّ، عَن جَابِرٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ كَانَ إِبلِيسُ أَوّلَ مَن نَاحَ وَ أَوّلَ مَن تَغَنّي وَ أَوّلَ مَن حَدَا قَالَ لَمّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشّجَرَةِ تَغَنّي فَلَمّا أُهبِطَ حَدَا بِهِ فَلَمّا استَقَرّ عَلَي الأَرضِ نَاحَ فَأَذكَرَهُ مَا فِي الجَنّةِ فَقَالَ آدَمُ رَبّ هَذَا ألّذِي جَعَلتَ بيَنيِ‌ وَ بَينَهُ العَدَاوَةَ لَم أَقوَ عَلَيهِ وَ أَنَا فِي الجَنّةِ وَ إِن لَم تعُنِيّ‌ عَلَيهِ لَم أَقوَ عَلَيهِ فَقَالَ اللّهُ


صفحه : 220

السّيّئَةُ بِالسّيّئَةِ وَ الحَسَنَةُ بِعَشرِ أَمثَالِهَا إِلَي سَبعِ مِائَةٍ قَالَ رَبّ زدِنيِ‌ قَالَ لَا يُولَدُ لَكَ وَلَدٌ إِلّا جَعَلتُ مَعَهُ مَلَكاً أَو مَلَكَينِ يَحفَظَانِهِ قَالَ رَبّ زدِنيِ‌ قَالَ التّوبَةُ مَفرُوضَةٌ فِي الجَسَدِ مَا دَامَ فِيهَا الرّوحُ قَالَ رَبّ زدِنيِ‌ قَالَ أَغفِرُ الذّنُوبَ وَ لَا أبُاَليِ‌ قَالَ حسَبيِ‌ قَالَ فَقَالَ إِبلِيسُ رَبّ هَذَا ألّذِي كَرّمتَ عَلَيّ وَ فَضّلتَهُ وَ إِن لَم تَفَضّل عَلَيّ لَم أَقوَ عَلَيهِ قَالَ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ إِلّا وُلِدَ لَكَ وَلَدَانِ قَالَ رَبّ زدِنيِ‌ قَالَ تجَريِ‌ مِنهُ مَجرَي الدّمِ فِي العُرُوقِ قَالَ رَبّ زدِنيِ‌ قَالَ تَتّخِذُ أَنتَ وَ ذُرّيّتُكَ فِي صُدُورِهِم مَسَاكِنَ قَالَ رَبّ زدِنيِ‌ قَالَ تَعِدُهُم وَ تُمَنّيهِموَ ما يَعِدُهُمُ الشّيطانُ إِلّا غُرُوراً

59- وَ مِنهُ، عَن دَاوُدَ بنِ فَرقَدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ المَلَائِكَةَ كَانُوا يَحسَبُونَ أَنّ إِبلِيسَ مِنهُم وَ كَانَ فِي عِلمِ اللّهِ أَنّهُ لَيسَ مِنهُم فَاستَخرَجَ اللّهُ مَا فِي نَفسِهِ بِالحَمِيّةِ فَقَالَخلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ

60- وَ مِنهُ، عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الصّرَاطُ ألّذِي قَالَ إِبلِيسُلَأَقعُدَنّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقِيمَ ثُمّ لَآتِيَنّهُم مِن بَينِ أَيدِيهِمالآيَةَ هُوَ عَلِيّ ع

61- وَ مِنهُ، عَن زُرَارَةَ وَ حُمرَانَ وَ مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ وَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِهِيا بنَيِ‌ آدَمَقَالَا هيِ‌َ عَامّةٌ

أقول ذكر الخبر في قوله تعالي يا بنَيِ‌ آدَمَ لا يَفتِنَنّكُمُ الشّيطانُ

62- وَ مِنهُ، عَن بَكرِ بنِ مُحَمّدٍ الأزَديِ‌ّ عَن عَمّهِ عَبدِ السّلَامِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ يَا عَبدَ السّلَامِ احذَرِ النّاسَ وَ نَفسَكَ فَقُلتُ بأِبَيِ‌ أَنتَ وَ أمُيّ‌ أَمّا النّاسُ فَقَد أَقدِرُ عَلَي أَن أَحذَرَهُم وَ أَمّا نفَسيِ‌ فَكَيفَ قَالَ إِنّ الخَبِيثَ يَستَرِقُ السّمعَ يَجِيئُكَ


صفحه : 221

فَيَستَرِقُ ثُمّ يَخرُجُ فِي صُورَةِ آدمَيِ‌ّ فَيَقُولُ قَالَ عَبدُ السّلَامِ فَقُلتُ بأِبَيِ‌ أَنتَ وَ أمُيّ‌ هَذَا مَا لَا حِيلَةَ لَهُ قَالَ هُوَ ذَاكَ

بيان الظاهر أن المراد به ماتلفظ به من معايب الناس وغيرها من الأمور التي‌ يريد إخفاءها فيكون مبالغة في التقية ويحتمل شموله لمايخطر بالبال فيكون الغرض رفع الاستبعاد عما يخفيه الإنسان عن غيره ثم يسمعه من الناس و هذاكثير والمراد بالخبيث الشيطان

63- تَأوِيلُ الآيَاتِ البَاهِرَةِ،بِحَذفِ الإِسنَادِ مَرفُوعاً إِلَي وَهبِ بنِ جُمَيعٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَن إِبلِيسَ وَ قَولِهِرَبّ فأَنَظرِنيِ‌ إِلي يَومِ يُبعَثُونَ قالَ فَإِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ أَيّ يَومٍ هُوَ قَالَ يَا وَهبُ أَ تَحسَبُ أَنّهُ يَومُ يَبعَثُ اللّهُ النّاسَ لَا وَ لَكِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَنظَرَهُ إِلَي يَومِ يَبعَثُ اللّهُ قَائِمَنَا فَيَأخُذُ بِنَاصِيَتِهِ فَيَضرِبُ عُنُقَهُ فَذَلِكَ اليَومُ هُوَ الوَقتُ المَعلُومُ

64- الكاَفيِ‌، عَنِ العِدّةِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن أَبِي أَيّوبَ الخَزّازِ عَن سُلَيمَانَ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا مِن أَحَدٍ يَمُوتُ مِنَ المُؤمِنِينَ أَحَبّ إِلَي إِبلِيسَ مِن مَوتِ فَقِيهٍ

65- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن هَارُونَ بنِ خَارِجَةَ عَن زَيدٍ الشّحّامِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّ العَبدَ إِذَا سَجَدَ فَأَطَالَ السّجُودَ نَادَي إِبلِيسُ يَا وَيلَهُ أَطَاعَ وَ عَصَيتُ وَ سَجَدَ وَ أَبَيتُ

توضيح قال في النهاية في حديث أبي هريرة إذاقرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي‌ و يقول ياويله .


صفحه : 222

الويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب و كل من وقع في هلكة دعا بالويل ومعني النداء فيه ياويلي‌ و ياحزني‌ و ياهلاكي‌ و ياعذابي‌ احضر فهذا وقتك وأوانك فكأنه نادي الويل أن يحضره لماعرض له من الأمر الفظيع والشدة وعدل عن حكاية قول إبليس ياويلي‌ كراهة أن يضيف الويل إلي نفسه

66- الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن عُمَرَ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَنِ العَلَاءِ بنِ سَيَابَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَمّا هَبَطَ نُوحٌ ع مِنَ السّفِينَةِ أَتَاهُ إِبلِيسُ فَقَالَ لَهُ مَا فِي الأَرضِ رَجُلٌ أَعظَمَ مِنهُ عَلَيّ مِنكَ دَعَوتُ اللّهَ عَلَي هَؤُلَاءِ الفُسّاقِ فأَرَحَتنَيِ‌ مِنهُم أَ لَا أُعَلّمُكَ خَصلَتَينِ إِيّاكَ وَ الحَسَدَ فَهُوَ ألّذِي عَمِلَ بيِ‌ مَا عَمِلَ وَ إِيّاكَ وَ الحِرصَ فَهُوَ ألّذِي عَمِلَ بِآدَمَ مَا عَمِلَ

67- وَ مِنهُ،بِهَذَا الإِسنَادِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدٍ البرَقيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ النّضرِ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ لَمّا دَعَا نُوحٌ ع رَبّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي قَومِهِ أَتَاهُ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ فَقَالَ يَا نُوحُ إِنّ لَكَ عنِديِ‌ يَداً أُرِيدُ أَن أُكَافِيَكَ عَلَيهَا فَقَالَ نُوحٌ ع إِنّهُ لَيُبغَضُ إلِيَ‌ّ أَن يَكُونَ لَكَ عنِديِ‌ يَدٌ فَمَا هيِ‌َ قَالَ بَلَي دَعَوتَ اللّهَ عَلَي قَومِكَ فَأَغرَقتَهُم فَلَم يَبقَ أَحَدٌ أُغوِيهِ فَأَنَا مُستَرِيحٌ حَتّي يَنشَأَ قَرنٌ آخَرُ وَ أُغوِيَهُم فَقَالَ لَهُ نُوحٌ ع مَا ألّذِي تُرِيدُ أَن تكُاَفئِنَيِ‌ بِهِ قَالَ اذكرُنيِ‌


صفحه : 223

فِي ثَلَاثِ مَوَاطِنَ فإَنِيّ‌ أَقرَبُ مَا أَكُونُ إِلَي العَبدِ إِذَا كَانَ فِي إِحدَاهِنّ اذكرُنيِ‌ إِذَا غَضِبتَ وَ اذكرُنيِ‌ إِذَا حَكَمتَ بَينَ اثنَينِ وَ اذكرُنيِ‌ إِذَا كُنتَ مَعَ امرَأَةٍ خَالِياً لَيسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ

68- وَ مِنهُ،بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَن مُحَمّدٍ البرَقيِ‌ّ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ مُحَمّدٍ العرَزمَيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يَقُولُ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ مَا أعَياَنيِ‌ فِي ابنِ آدَمَ فَلَم يعُينِيِ‌ مِنهُ وَاحِدَةٌ مِن ثَلَاثَةٍ أَخذُ مَالٍ مِن غَيرِ حِلّهِ أَو مَنعُهُ مِن حَقّهِ أَو وَضعُهُ فِي غَيرِ وَجهِهِ

بيان أي أيّ شيءأعجزني‌ في إضلال ابن آدم في أمر من الأمور ومعصية من المعاصي‌ فلاأعجز عن إضلاله في أحد هذه الأمور الثلاثة فأغويه في واحدة منها أي غالبا

69- الخِصَالُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَنِ الحَسَنِ بنِ ظَرِيفٍ عَن أَبِي عَبدِ الرّحمَنِ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الآبَاءُ ثَلَاثَةٌ آدَمُ وَلَدَ مُؤمِناً وَ الجَانّ وَلَدَ كَافِراً وَ إِبلِيسُ وَلَدَ كَافِراً وَ لَيسَ فِيهِم نِتَاجٌ إِنّمَا يَبِيضُ وَ يُفرِخُ وَ وُلدُهُ ذُكُورٌ لَيسَ فِيهِم إِنَاثٌ

70-مَجَالِسُ ابنِ الشّيخِ، عَن أَحمَدَ بنِ هَارُونَ بنِ الصّلتِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ


صفحه : 224

سَعِيدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ القَاسِمِ عَن شَبِيرِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن سُلَيمِ بنِ بِلَالٍ المدَنَيِ‌ّ عَنِ الرّضَا عَن أَبِيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ ع أَنّ إِبلِيسَ كَانَ يأَتيِ‌ الأَنبِيَاءَ ع مِن لَدُن آدَمَ ع إِلَي أَن بَعَثَ اللّهُ المَسِيحَ ع يَتَحَدّثُ عِندَهُم وَ يُسَائِلُهُم وَ لَم يَكُن بِأَحَدٍ مِنهُم أَشَدّ أُنساً مِنهُ بِيَحيَي بنِ زَكَرِيّا ع فَقَالَ لَهُ يَحيَي يَا أَبَا مُرّةَ إِنّ لِي إِلَيكَ حَاجَةً فَقَالَ لَهُ أَنتَ أَعظَمُ قَدراً مِن أَن أَرُدّكَ بِمَسأَلَةٍ فاَسألَنيِ‌ مَا شِئتَ فإَنِيّ‌ غَيرُ مُخَالِفِكَ فِي أَمرٍ تُرِيدُهُ فَقَالَ يَحيَي يَا أَبَا مُرّةَ أُحِبّ أَن تَعرِضَ عَلَيّ مَصَايِدَكَ وَ فُخُوخَكَ التّيِ‌ تَصطَادُ بِهَا بنَيِ‌ آدَمَ فَقَالَ لَهُ إِبلِيسُ حُبّاً وَ كَرَامَةً وَ وَاعَدَهُ لِغَدٍ فَلَمّا أَصبَحَ يَحيَي ع قَعَدَ فِي بَيتِهِ يَنتَظِرُ المَوعِدَ وَ أَغلَقَ عَلَيهِ البَابَ إِغلَاقاً فَمَا شَعَرَ حَتّي سَاوَاهُ مِن خَوخَةٍ كَانَت فِي بَيتِهِ فَإِذَا وَجهُهُ صُورَةُ وَجهِ القِردِ وَ جَسَدُهُ عَلَي صُورَةِ الخِنزِيرِ وَ إِذَا عَينَاهُ مَشقُوقَتَانِ طُولًا وَ إِذَا أَسنَانُهُ وَ فَمُهُ مَشقُوقاً طُولًا عَظماً وَاحِداً بِلَا ذَقَنٍ وَ لَا لِحيَةٍ وَ لَهُ أَربَعَةُ أَيدٍ يَدَانِ فِي صَدرِهِ وَ يَدَانِ فِي مَنكِبِهِ وَ إِذَا عَرَاقِيبُهُ قَوَادِمُهُ وَ أَصَابِعُهُ خَلفَهُ وَ عَلَيهِ قِبَاءٌ قَد شَدّ وَسَطَهُ بِمِنطَقَةٍ فِيهَا خُيُوطٌ مُعَلّقَةٌ بَينَ أَحمَرَ وَ أَصفَرَ وَ أَخضَرَ وَ جَمِيعَ الأَلوَانِ وَ إِذَا بِيَدِهِ جَرَسٌ عَظِيمٌ وَ عَلَي رَأسِهِ بَيضَةٌ وَ إِذَا فِي البَيضَةِ حَدِيدَةٌ مُعَلّقَةٌ شَبِيهَةٌ بِالكُلّابِ فَلَمّا تَأَمّلَهُ يَحيَي ع قَالَ لَهُ مَا هَذِهِ المِنطَقَةُ التّيِ‌ فِي وَسَطِكَ


صفحه : 225

فَقَالَ هَذِهِ المَجُوسِيّةُ أَنَا ألّذِي سَنَنتُهَا وَ زَيّنتُهَا لَهُم فَقَالَ لَهُ مَا هَذِهِ الخُيُوطُ الأَلوَانُ قَالَ لَهُ هَذِهِ جَمِيعُ أَصنَاعِ النّسَاءِ لَا تَزَالُ المَرأَةُ تَصنَعُ الصّنِيعَ حَتّي يَقَعَ مَعَ لَونِهَا فَأَفتَتِنَ النّاسَ بِهَا فَقَالَ لَهُ فَمَا هَذَا الجَرَسُ ألّذِي بِيَدِكَ قَالَ هَذَا مَجمَعُ كُلّ لَذّةٍ مِن طُنبُورٍ وَ بَربَطٍ وَ مِعزَفَةٍ وَ طَبلٍ وَ ناَي‌ٍ وَ صرُناَي‌ٍ وَ إِنّ القَومَ لَيَجلِسُونَ عَلَي شَرَابِهِم فَلَا يَستَلِذّونَهُ فَأُحَرّكُ الجَرَسَ فِيمَا بَينَهُم فَإِذَا سَمِعُوهُ استَخَفّهُمُ الطّرَبُ فَمِن بَينِ مَن يَرقُصُ وَ مِن بَينِ مَن يُفَرقِعُ أَصَابِعَهُ وَ مِن بَينِ مَن يَشُقّ ثِيَابَهُ فَقَالَ لَهُ وَ أَيّ الأَشيَاءِ أَقَرّ لِعَينِكَ قَالَ النّسَاءُ هُنّ فخُوُخيِ‌ وَ مصَاَيدِيِ‌ فإَنِيّ‌ إِذَا اجتَمَعَت عَلَيّ دَعَوَاتُ الصّالِحِينَ وَ لَعَنَاتُهُم صِرتُ إِلَي النّسَاءِ فَطَابَت نفَسيِ‌ بِهِنّ فَقَالَ لَهُ يَحيَي ع فَمَا هَذِهِ البَيضَةُ التّيِ‌ عَلَي رَأسِكَ قَالَ بِهَا أَتَوَقّي دَعوَةَ المُؤمِنِينَ قَالَ فَمَا هَذِهِ الحَدِيدَةُ التّيِ‌ أَرَي فِيهَا قَالَ بِهَذِهِ أُقَلّبُ قُلُوبَ الصّالِحِينَ قَالَ يَحيَي ع فَهَل ظَفِرتَ بيِ‌ سَاعَةً قَطّ قَالَ لَا وَ لَكِن فِيكَ خَصلَةٌ تعُجبِنُيِ‌ قَالَ يَحيَي ع فَمَا هيِ‌َ قَالَ أَنتَ رَجُلٌ أَكُولٌ فَإِذَا أَفطَرتَ أَكَلتَ وَ بَشِمتَ فَيَمنَعُكَ ذَلِكَ مِن بَعضِ صَلَاتِكَ وَ قِيَامِكَ بِاللّيلِ قَالَ يَحيَي ع فإَنِيّ‌ أعُطيِ‌ اللّهَ عَهداً أنَيّ‌ لَا أَشبَعُ مِنَ الطّعَامِ حَتّي أَلقَاهُ قَالَ لَهُ إِبلِيسُ وَ أَنَا أعُطيِ‌ اللّهَ عَهداً أنَيّ‌ لَا أَنصَحُ مُسلِماً حَتّي أَلقَاهُ ثُمّ خَرَجَ فَمَا عَادَ إِلَيهِ بَعدَ ذَلِكَ

بيان قوله وحبا الظاهر زيادة الواو أو هوعطف علي مفعول له الآخر مثله أي أفعله طاعة وحبا حتي ساواه أي حاذاه محاذ يقال ساواه مساواة ماثله وعادله قدرا أوقيمة و في القاموس الخوخة كوة تؤدي‌ الضوء إلي البيت ومخترق ما بين كل دارين ما عليه باب والكلاب كتفاح مايقال له بالفارسية قلاب قوله أصناع النساء في أكثر النسخ بالصاد والعين المهملتين والنون و في بعضها بالصاد


صفحه : 226

والباء والغين المعجمة وبعده لاتزال المرأة تصنع الصنيع علي الأول وتصبغ الصبغ علي الثاني‌ ولعله أظهر أي تتبع الأصباغ والألوان في ثيابها وبدنها حتي يوافق لونها و علي الأول أيضا يئول إليه قال الفيروزآبادي‌ صنع الشي‌ء صنعا عمله و ماأحسن صنيع الله عندك وصنعة الفرس حسن القيام عليه صنعت فرسي‌ صنعا وصنعة والصنيع ذلك الفرس والإحسان و هوصنيعي‌ وصنيعتي‌ أي اصطنعته وربيته وصنعت الجارية كعني‌ أحسن إليها حتي سمنت وصنع الجارية أي أحسن إليها وسمنها و رجل صنيع اليدين حاذق في الصنعة من قوم أصناع الأيدي‌ والصنع بالكسر الثوب والعمامة والجمع أصناع والتصنع التزين . و قال المعازف الملاهي‌ كالعود والطنبور الواحد عزف أومعزف كمنبر ومكنسة و قال البشم محركة التخمة والسامة بشم كفرح وأبشمه الطعام و في بعض النسخ ونمت

71- وَ أَقُولُ وَجَدتُ هَذَا الخَبَرَ فِي كِتَابِ غَورِ الأُمُورِ للِترّمذِيِ‌ّ عَلَي وَجهٍ أَبسَطَ فَأَحبَبتُ إِيرَادَهُ هُنَا قَالَ حَدّثَنَا أَبُو مُقَاتِلٍ عَن صَالِحِ بنِ سَعِيدٍ عَن أَبِي سَهلٍ عَنِ الحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ إِبلِيسَ عَدُوّ اللّهِ كَانَ يأَتيِ‌ الأَنبِيَاءَ وَ يَتَحَدّثُ إِلَيهِم مِن لَدُن نُوحٍ إِلَي عِيسَي ابنِ مَريَمَ وَ مَا بَينَ ذَلِكَ مِنَ الأَنبِيَاءِ غَيرَ أَنّهُ لَم يَكُن لِأَحَدٍ أَكثَرَ زِيَارَةً وَ لَا أَشَدّ استِينَاساً مِنهُ إِلَي يَحيَي بنِ زَكَرِيّا ع وَ إِنّهُ دَخَلَ عَلَيهِ ذَاتَ يَومٍ فَلَمّا أَرَادَ الِانصِرَافَ مِن عِندِهِ قَالَ لَهُ يَحيَي يَا بَا مُرّةَ وَ اسمُهُ الحَارِثُ وَ كُنيَتُهُ أَبُو مُرّةَ وَ إِنّمَا سَمّاهُ اللّهُ إِبلِيسَ لِأَنّهُ أُبلِسَ مِنَ الخَيرِ كُلّهِ يَومَ آدَمَ ع فَقَالَ لَهُ يَا بَا مُرّةَ إنِيّ‌ سَائِلُكَ حَاجَةً فَأَحبَبتُ أَن لَا ترَدُنّيِ‌ عَنهَا فَقَالَ لَهُ وَ لَكَ ذَلِكَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ فَسَل فَقَالَ لَهُ يَحيَي بنُ زَكَرِيّا إنِيّ‌ أُحِبّكَ تجَيِئنُيِ‌


صفحه : 227

فِي صُورَتِكَ وَ خَلقِكَ وَ تَعرِضُ عَلَيّ مَصَايِدَكَ التّيِ‌ بِهَا تُهلِكُ النّاسَ قَالَ إِبلِيسُ سأَلَتنَيِ‌ أَمراً عَظِيماً ضِقتُ بِهِ ذَرعاً وَ تَفَاقَمَ خَطبُهُ عنِديِ‌ وَ لَكِنّكَ أَعَزّ عَلَيّ وَ أَمَنّ مِن أَن أَرُدّكَ بِمَسأَلَةٍ وَ لَا أُجِيبَكَ بِحَاجَةٍ وَ لكَنِيّ‌ أُحِبّ أَن تَخلُوَ برِؤُيتَيِ‌ فَلَا يَكُونَ مَعَكَ أَحَدٌ غَيرُكَ فَتَوَاعَدَا لِغَدٍ عِندَ ارتِفَاعِ النّهَارِ صَدَرَ مِن عِندِهِ عَلَي ذَلِكَ فَلَمّا كَانَ مِنَ الغَدِ فِي تِلكَ السّاعَةِ تَمَثّلَ بَينَ يَدَيهِ قَائِماً فَنَظَرَ إِلَي أَمرٍ مِن أَمرِ اللّهِ عَظِيمٍ إِذَا هُوَ مَمسُوخٌ مَنكُوسٌ مَقبُوحٌ هَائِلٌ كَرِيهٌ جَسَدُهُ عَلَي أَمثَالِ أَجسَادِ الخَنَازِيرِ وَ وَجهُهُ عَلَي وَجهِ القِرَدَةِ وَ شُقّ عَينَيهِ طُولًا وَ شُقّ فَاهُ طُولًا حِيَالَ رَأسِهِ وَ أَسنَانُهُ كُلّهَا عَظمٌ وَاحِدٌ لَا ذَقَنَ لَهُ أَصلًا وَ لَا لِحيَةَ وَ شَعرُ رَأسِهِ مُقَلّلٌ مَقلُوبُ المَنبِتِ نَحوَ السّمَاءِ وَ لَهُ أَربَعَةُ أيَديِ‌ يَدَانِ فِي مَنكِبَيهِ وَ يَدَانِ فِي جَنبَيهِ وَ أَصَابِعُهُ مِمّا يَلِيهِ مِنَ القَدَمِ خَلفَهُ وَ عَرَاقِيبُهُ أَمَامَهُ وَ أَصَابِعُ يَدَيهِ سِتّةٌ وَ خَدّهُ أَصلَتُ وَ مَنخِرَا أَنفِهِ نَحوَ السّمَاءِ لَهُ خُرطُومٌ كَخُرطُومِ الطّيرِ وَ وَجهُهُ قِبَلَ القَفَاءِ أَعمَشُ العَينَينِ أَعرَجُ مُعوَجّ لَهُ جَنَاحٌ وَ إِذَا عَلَيهِ قَمِيصٌ مُقَلّصٌ قَد تَمَنطَقَ فَوقَهُ بَعدَ المَجُوسِ وَ إِذَا أَكوَازٌ صِغَارٌ قَد عَلّقَهُ مِن مِنطَقَتِهِ وَ حوَاَليِ‌ قَمِيصِهِ خَيَاعِيلُ شِبهُ الشّربِ فِي أَلوَانٍ شَتّي مِن بَيَاضٍ وَ سَوَادٍ وَ حُمرَةٍ


صفحه : 228

وَ صُفرَةٍ وَ خُضرَةٍ وَ بِيَدِهِ جَرَسٌ ضَخمٌ وَ عَلَي رَأسِهِ بَيضَةٌ فِي قُلّتِهَا حَدِيدَةٌ مُستَطِيلَةٌ مُعَقّفَةُ الطّرَفِ فَقَالَ لَهُ يَحيَي أخَبرِنيِ‌ يَا بَا مُرّةَ عَمّا أَسأَلُكَ مِمّا أَرَي قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ مَا دَخَلتُ عَلَيكَ عَلَي هَذِهِ الحَالَةِ إِلّا وَ أَنَا أُحِبّ أَن أُخبِرَكَ بِكُلّ شَيءٍ تسَألَنُيِ‌ عَنهُ ثُمّ لَا أَعمَي عَلَيكَ فَقَالَ حدَثّنيِ‌ يَا بَا مُرّةَ إِنّ إِنطَاقَكَ هَذَا فَوقَ القَمِيصِ مَا هُوَ قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ تَشَبّهٌ بِالمَجُوسِ أَنَا وَضَعتُ المَجُوسِيّةَ فَدِنتُ بِهَا قَالَ فأَخَبرِنيِ‌ مَا هَذِهِ الأَكوَازُ الصّغَارُ التّيِ‌ هيِ‌َ مُعَلّقَةٌ مِن مِنطَقَتِكَ مُقَدّمَةً قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ فِيهَا شهَوَاَتيِ‌ وَ خَيَاعِيلُ مصَاَيدِيِ‌ فَأَوّلُ مَا أَصِيدُ بِهِ المُؤمِنَ مِن قِبَلِ النّسَاءِ فَإِن هُوَ اعتَصَمَ بِطَاعَةِ اللّهِ أَقبَلتُ عَلَيهِ مِن قِبَلِ جَمعِ المَالِ مِنَ الحَرَامِ طَمَعاً فِيهِ حِرصاً عَلَيهِ فَإِن هُوَ اعتَصَمَ بِطَاعَةِ اللّهِ وَ أجَنبَنَيِ‌ بِالزّهَادَةِ أَقبَلتُ عَلَيهِ مِن قِبَلِ الشّرَابِ هَذَا المُسكِرِ حَتّي أُكَرّرَ عَلَيهِ هَذِهِ الشّهَوَاتِ كُلّهَا وَ لَا بُدّ أَن يُوَاقِعَ بَعضَهَا وَ لَو كَانَ مِن أَورَعِ النّاسِ قَالَ فَمَا هَذِهِ الخَيَاعِيلُ إِلَي طَرَفِ قَمِيصِكَ قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ هَذِهِ أَلوَانُ أَصبَاغِ النّسَاءِ وَ زِينَتُهُنّ فَلَا يَزَالُ إِحدَاهُنّ تتلون [تُلَوّنُ]ثِيَابَهَا حَتّي تأَتيِ‌َ عَلَي مَا يَلِيقُ بِهَا فَهُنَاكَ افتَتَنَ الرّجَالُ إِلَي مَا عَلَيهَا مِنَ الزّينَةِ قَالَ فَمَا هَذَا الجَرَسُ بِيَدِكَ قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ هَذَا مَعدِنُ الطّرَبِ وَ جَمَاعَاتُ أَصوَاتِ المَعَازِفِ مِن بَينِ بَربَطٍ وَ طُنبُورٍ وَ مَزَامِيرَ وَ طُبُولٍ وَ دُفُوفٍ وَ نَوحٍ وَ غِنَاءٍ وَ إِنّ القَومَ يَجتَمِعُونَ عَلَي مَحفِلِ شَرّ وَ عِندَهُم بَعضُ مَا ذَكَرتُ مِن هَذِهِ المَعَازِفِ فَلَا يَكَادُونَ يَتَنَعّمُونَ فِي مَجلِسٍ وَ يَستَلِذّونَ وَ يُطرِبُونَ فَإِذَا رَأَيتُ ذَلِكَ مِنهُم حَرّكتُ هَذَا الجَرَسَ فَيَختَلِطُ ذَلِكَ الصّوتُ بِمَعَازِفِهِم فَهُنَاكَ يَزِيدُ استِلذَاذُهُم وَ تَطرِيبُهُم فَمِنهُم مَن إِذَا سَمِعَ هَذَا يُفَرقِعُ أَصَابِعَهُ وَ مِنهُم مَن يَهُزّ رَأسَهُ وَ مِنهُم مَن يُصَفّقُ بِيَدَيهِ فَمَا زَالَ هَذَا دَأبُهُم حَتّي أَبَرتُهُم


صفحه : 229

قَالَ فَمَا هَذِهِ البَيضَةُ عَلَي رَأسِكَ قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ احتَرِز منِيّ‌ وَ مِن مصَاَيدِيِ‌ التّيِ‌ وَصَفَت لَكَ الأَنبِيَاءُ وَ الصّالِحُونَ وَ النّسّاكُ وَ أَهلُ الوَرَعِ كَمَا أَحرَزَ رأَسيِ‌ هَذِهِ البَيضَةُ مِن كُلّ نَكبَةٍ قَالَ وَ مَا النّكبَةُ قَالَ اللّعنَةُ قَالَ فَمَا هَذِهِ الحَدِيدَةُ المُستَطِيلَةُ التّيِ‌ فِي قُلّتِهَا قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ هيِ‌َ التّيِ‌ أُقَلّبُ بِهَا قُلُوبَ الصّالِحِينَ قَالَ بَقِيَت حَاجَةٌ قَالَ قُل قَالَ مَا بَالُ خَلقِكَ وَ صُورَتِكَ عَلَي مَا أَرَي مِنَ القُبحِ وَ التّقلِيبِ وَ الإِنكَارِ قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ هَذَا بِسَبَبِ أَبِيكَ آدَمَ إنِيّ‌ كُنتُ مِنَ المَلَائِكَةِ المُكَرّمِينَ مِمّن لَم أَرفَع رأَسيِ‌ مِن سَجدَةٍ وَاحِدَةٍ أَربَعَمِائَةِ أَلفِ سَنَةٍ وَ عَصَيتُ ربَيّ‌ فِي أَمرِ سجُوُديِ‌ لِآدَمَ أَبِيكَ فَغَضِبَ اللّهُ عَلَيّ وَ لعَنَنَيِ‌ فَحُوّلتُ مِن صُورَةِ المَلَائِكَةِ إِلَي صُورَةِ الشّيَاطِينِ وَ لَم يَكُن فِي المَلَائِكَةِ أَحسَنَ صُورَةً منِيّ‌ فَصِرتُ مَمسُوخاً مَنكُوساً مَقبُوحاً مَقلُوباً هَائِلًا كَرِيهاً كَمَا تَرَي قَالَ فَهَل أَرَيتَ صُورَتَكَ هَذِهِ أَحَداً قَطّ وَ مَصَايِدَكَ بِهَذِهِ الصّورَةِ قَالَ لَا وَ عِزّةِ ربَيّ‌ إِنّ هَذَا الشيّ‌ءَ مَا نَظَرَ إِلَيهِ آدمَيِ‌ّ قَطّ وَ لَقَد أَكرَمتُكَ بِهَذِهِ دُونَ النّاسِ كُلّهِم قَالَ فَتَمّم إِكرَامَكَ إيِاّي‌َ بِمَسأَلَتَينِ أَسأَلُكَ عَنهُمَا إِحدَاهُمَا عَامّةٌ وَ الأُخرَي خَاصّةٌ قَالَ وَ لَكَ ذَلِكَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ فَسَل قَالَ حدَثّنيِ‌ أَيّ الأَشيَاءِ أَرجَي عِندَكَ وَ أَدعَمُهُ لِظَهرِكَ وَ أَسلَاهُ لِكَآبَتِكَ وَ أَقَرّهُ لِعَينِكَ وَ أَشَدّ لِرُكنِكَ وَ أَفرَحُهُ لِقَلبِكَ قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ إنِيّ‌ أَخَافُ أَن تُخبِرَ بِهِ أَحَداً فَيَحفَظُونَ ذَلِكَ فَيَعتَصِمُونَ بِهِ وَ يَضِيعَ كيَديِ‌ قَالَ إِنّ اللّهَ قَد أَنزَلَ فِي الكِتَابِ شَأنَكَ وَ كَيدَكَ وَ بَيّنَ لِأَنبِيَائِهِ وَ أَولِيَائِهِ فَاحتَرَزُوا مَا احتَرَزُوا وَ أَمّا الغَاوُونَ فَأَنتَ أَولَي بِهِم قَد تَلعَبُ بِهِم كَالصّوَالِجَةِ بِالكُرَةِ فَلَيسَ قَولُكَ عِندَهُم أَدعَي وَ أَعَزّ مِن قَولِ اللّهِ قَالَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ إِنّ أَرجَي الأَشيَاءِ عنِديِ‌ وَ أَدعَمَهُ لظِهَريِ‌ وَ أَقَرّهُ لعِيَنيِ‌ النّسَاءُ


صفحه : 230

فَإِنّهَا حبِاَلتَيِ‌ وَ مصَاَيدِيِ‌ وَ سهَميِ‌َ ألّذِي بِهِ لَا أُخطِئُ بأِبَيِ‌ هُنّ لَو لَم يَكُنّ هُنّ مَا أَطَقتُ إِضلَالَ أَدنَي آدمَيِ‌ّ قُرّةُ عيَنيِ‌ بِهِنّ أَظفَرُ بمِقِراَتيِ‌ وَ بِهِنّ أُوقِعُ فِي المَهَالِكِ يَا حَبّذَا هُنّ إِذَا اغتَمَمتُ لَيسَت عَلَي النّسّاكِ وَ العُبّادِ وَ العُلَمَاءِ غلَبَوُنيِ‌ بَعدَ مَا أَرسَلتُ عَلَيهِمُ الجُيُوشَ فَانهَزَمُوا وَ بَعدَ مَا رَكِبتُ وَ قَهَرتُ ذَكَرتُ النّسَاءَ طَابَت نفَسيِ‌ وَ سَكَنَ غضَبَيِ‌ وَ اطمَأَنّ كظَميِ‌ وَ انكَشَفَ غيَظيِ‌ وَ سَلَت كآَبتَيِ‌ وَ قَرّت عيَنيِ‌ وَ اشتَدّ أزَريِ‌ وَ لَو لَا هُنّ مِن نَسلِ آدَمَ لَسَجَدتُهُنّ فَهُنّ سيَدّاَتيِ‌ وَ عَلَي عنُقُيِ‌ سُكنَاهُنّ وَ عَلَيّ مَا هُنّ مَا اشتَهَتِ امرَأَةٌ مِن حبِاَلتَيِ‌ حَاجَةً إِلّا كُنتُ أَسعَي برِأَسيِ‌ دُونَ رجِليِ‌ فِي إِسعَافِهَا بِحَاجَتِهَا لِأَنّهُنّ رجَاَئيِ‌ وَ ظهَريِ‌ وَ عصِمتَيِ‌ وَ مسُندَيِ‌ وَ ثقِتَيِ‌ وَ غوَثيِ‌ قَالَ وَ مَا نَفعُكَ وَ فَرَحُكَ فِي ضَلَالَةِ الآدمَيِ‌ّ وَ بأِيَ‌ّ شَيءٍ سَلَبتَ عَلَيهِ قَالَ خَلَقَ اللّهُ الأَفرَاحَ وَ الأَحزَانَ وَ الحَلَالَ وَ الحَرَامَ وَ خيَرّنَيِ‌ فِيهِمَا يَومَ آدَمَ فَاختَرتُ الشّهَوَاتِ وَ الأَفرَاحَ وَ اختَرتُ الحَرَامَ وَ الفُحشَ وَ المَنَاكِيرَ صَارَت تِلكَ نهَمتَيِ‌ وَ هوَاَي‌َ وَ خُيّرَ آدَمُ فَاختَارَ الأَحزَانَ وَ العِبَادَةَ وَ الحَلَالَ فَصَارَ ذَلِكَ لَهُ نَهمَةً وَ مُنيَةً فَذَلِكَ مُنيَتُهُ وَ نَهمَتُهُ وَ هَذَا هوَاَي‌َ وَ نهَمتَيِ‌ وَ شهَوتَيِ‌ فَذَلِكَ شَيئُهُ وَ مَالُهُ وَ مَتَاعُهُ وَ هَذَا شيَئيِ‌ وَ ماَليِ‌ وَ متَاَعيِ‌ وَ بضِاَعتَيِ‌ وَ شَيءُ المَرءِ كَنَفسِهِ لِأَنّ فِيهِ نَهمَتَهُ وَ شَهوَتَهُ وَ نَهمَةُ المَرءِ وَ شَهوَتُهُ حَيَاتُهُ فَإِذَا سُلِبَ الحَيَاةَ هَلَكَ المَرءُ فَكَم نَرَي مِن خَلقِ اللّهِ سُلِبَ مِنهُم نَهمَتُهُ وَ هِمّتُهُ مَاتَ


صفحه : 231

وَ هَلَكَ فَكَذَلِكَ هَذَا إِنّ مَا اختَرتُ صَارَ ذَلِكَ شهَوتَيِ‌ وَ هوَاَي‌َ وَ حيَاَتيِ‌ فَمَهمَا سُلِبتُ هَلَكتُ وَ مَهمَا ظَفِرتُ بِهِ فَرِحتُ وَ حَيِيتُ فَإِذَا رَأَيتُ شهَوتَيِ‌ وَ هوَاَي‌َ وَ حيَاَتيِ‌ عِندَ غيَريِ‌ قَد سَلَبَهَا منِيّ‌ أَجتَهِدُ كُلّ الجَهدِ حَتّي أَظفَرَ بِهَا لِيَكُونَ بِهَا قوَاَميَ‌ يدَيِ‌ للِآدمَيِ‌ّ سَلبُ حيَاَتيِ‌ وَ هيِ‌َ الشّهوَةُ وَ الهَوَي فَجَعَلَهَا فِي كِنّهِ وَ حِرزِهِ وَ قَد تَهَيّأَ وَ استَعَدّ يقُاَتلِنُيِ‌ وَ يحُاَربِنُيِ‌ فَهَل بُدّ مِنَ المُحَارَبَةِ لِيَصِلَ المُحِقّ إِلَي حَقّهِ وَ يُقهَرَ الظّالِمُ فَهَذِهِ حاَلتَيِ‌ وَ شأَنيِ‌ وَ سَبَبُ فرَحَيِ‌ إِذَا غَلَبتُهُ قَالَ لَهُ وَ مَا ظُلمُهُ حَيثُ تَقُولُ يُقهَرَ الظّالِمُ قَالَ فيَظَلمِنُيِ‌ إِذَا سَلَبَ هوَاَي‌َ فَجَعَلَهُ فِي كِنّهِ لَولَاهُ كَيفَ لَا أَطمَعُ أَنَا فِي حَربِهِ وَ حَلَالِهِ كَمَا طَمَعَ فِي حرَاَميِ‌ وَ هوَاَي‌َ قَالَ لَهُ أَ لَيسَ بِمُحَالٍ أَن تَقُولَ أَنَا أُرِيدُ استِردَادَ هوَاَي‌َ فَتَفرَحُ إِن هُوَ استَعمَلَهُ وَ تَحزَنُ إِن لَم يَستَعمِل هَوَاكَ فِي شُئُونِهِ قَالَ إِذَا استَعمَلَ هوَاَي‌َ لَستُ أَحزَنُ وَ لكَنِيّ‌ أَفرَحُ لِأَنّهُ قَد أعَطاَنيِ‌ نهَمتَيِ‌ الفَرَحَ إِنّمَا أَحزُنُ حَتّي لَا يَستَعمِلَهُ لَستُ أَطلُبُ نهَمتَيِ‌ لِأَخذِهِ منِيّ‌ فإَنِيّ‌ قَد أَمِنتُ أَن لَا يَرُدّ لِأَنّهُ قَد خُيّلَ عَلَيهِ وَ لكَنِنّيِ‌ أُرِيدُ استِعمَالَهُ فَإِذَا استَعمَلَهُ أعَطاَنيِ‌ منُيتَيِ‌ وَ مخُتاَريِ‌ وَ حيَاَتيِ‌ فَهُوَ نفَسيِ‌ فَإِذَا استَعمَلَ منُيتَيِ‌ أحَياَنيِ‌ وَ فرَحّنَيِ‌ وَ إِنّهُ استَعمَلَهُ عَلَي جِهَتِهِ وَ إِذَا لَم يَستَعمِلهُ فَهُوَ فِي كِنّهِ كَالمَسجُونِ فَإِذَا كَانَ هُوَ فِي كِنّهِ مَسجُوناً مُقَيّداً وَ هُوَ حيَاَتيِ‌ كُنتُ كأَنَيّ‌ المَسجُونُ المُقَيّدُ وَ صِرتُ حَرباً لِأَنّهُ أبَدلَنَيِ‌ بِمَكَانِ حيَاَتيِ‌ المَوتَ فَلَا بُدّ أَن أَحتَالَ بِكُلّ حِيلَةٍ آتِيَةٍ بِكُلّ خُدعَةٍ وَ أُهَيّئَ وَ أُزَيّنَ الآلَةَ


صفحه : 232

وَ الأَدَوَاتِ وَ أُخرِجَ الملَاَهيِ‌ وَ الأَدَوَاتَ وَ أَضرِبَهَا وَ أُحَرّكَهَا وَ أُلَوّحَهَا لَعَلّهُ يَرَي ذَلِكَ فَيُطرِبُ وَ يَذكُرُ وَ يَنشُطُ وَ يَغتَرّ وَ يُهَيّجُ فَيَستَعمِلُ الهَوَاءَ ألّذِي فِيهِ وَ هيِ‌َ حيَاَتيِ‌ وَ شهَوتَيِ‌ فَأَحيَا وَ أَبهَجُ حَتّي يَجِدَ هُوَ السّبِيلَ إِلَي التّحَرّكِ وَ الخَلَاصِ مِنَ السّجنِ وَ هَذَا مَا لَم أَذكُر لِأَحَدٍ قَطّ مُنذُ خُلِقتُ وَ لَو لَا مَا أَرَي لَكَ مِنَ الفَضلِ وَ الكَرَامَةِ مَا أَخبَرتُكَ بِهَذَا كُلّهِ قَالَ يَحيَي ع فَالمَسأَلَةُ الخَاصّةُ التّيِ‌ سَأَلتُكَ قَالَ نَعَم سَل قَالَ هَل أَصَبتَ منِيّ‌ فُرصَتَكَ قَطّ فِي لَحظَةٍ مِن بَصَرٍ أَو لَفظَةٍ بِلِسَانٍ أَو هَمّ بِقَلبٍ قَالَ أللّهُمّ لَا إِلّا أَنّهُ كَانَ يعُجبِنُيِ‌ مِنكَ خَصلَةٌ فَكَثُرَ ذَلِكَ عَنكَ وَ وَقَعَ عنِديِ‌ مَوقِعاً شَرِيفاً فَتَغَيّرَ لَونُ يَحيَي مِن قَولِهِ وَ تَبَلّدَ وَ تَقَاصَرَت إِلَيهِ نَفسُهُ وَ ارتَعَدَت فَرَائِصُهُ وَ غشُيِ‌َ عَلَيهِ قَالَ وَ مَا ذَلِكَ يَا بَا مُرّةَ قَالَ أَنتَ رَجُلٌ أَكُولٌ وَ كُنتَ أَحيَاناً تُكثِرُ الطّعَامَ فَتَبشَمُ مِنهُ وَ يَعتَرِيكَ الوَهنُ وَ النّومُ وَ الثّقلُ وَ الكَسَلُ وَ النّعَاسُ فَكُنتَ تَنَامُ عَلَي جَنبِكَ أَحيَاناً مِنَ الأَوقَاتِ التّيِ‌ كُنتَ تَقُومُ فِيهَا مِنَ اللّيلِ هَذَا يعُجبِنُيِ‌ مِنكَ قَالَ وَ بِهَذَا كُنتَ تَجِدُ عَلَيّ الفُرصَةَ قَالَ نَعَم قَالَ مَا أَشَدّ لِفَرَحِكَ وَ مَا أَشَدّ لِحَرَكَتِكَ قَالَ قَد ذَكَرتُ لَكَ فَلَم تَحفَظهُ وَ لَكِن أُجمِلُكَ جَمِيعَ مَا يَكرَهُ اللّهُ فَهُوَ مخُتاَريِ‌ وَ جَمِيعَ مَا يُحِبّ فَهُوَ منَبوُذيِ‌ لَم أَتَمَالَك حَتّي أَحتَالَ بِكُلّ حِيلَةٍ حَتّي يَنبِذَهُ وَ أُزَيّنَ لَهُ مخُتاَريِ‌ حَتّي يَرفَعَهُ لِأَنّ حيَاَتيِ‌ فِي استِعمَالِ مخُتاَريِ‌ وَ ممَاَتيِ‌ وَ هلَاَكيِ‌ وَ ذلُيّ‌ وَ ضعَفيِ‌ فِي استِعمَالِهِ مرَفوُضيِ‌ وَ منَبوُذيِ‌ وَ هُوَ الحَلَالُ الطّيّبُ مِنَ الأَشيَاءِ وَ الأَحزَانِ وَ مخُتاَريِ‌ الحَرَامُ وَ الخَبَثُ مِنَ الأَشيَاءِ وَ الأَفرَاحِ بِهَا قَد خَطَرَ اللّهُ عَلَيهِ ثُمّ قَالَ إِبلِيسُ حَسبُكَ يَا يَحيَي فَرَحاً بِمَا قَد أَظهَرَ لِيَحيَي أَنّهُ قَد وَجَدَ عَلَيهِ


صفحه : 233

فُرصَةً قَالَ يَحيَي وَ لَم تَجِد عَلَيّ الفُرصَةَ مِن عمُرُيِ‌ إِلّا ألّذِي ذَكَرتَ قَالَ أللّهُمّ لَا إِلّا ذَلِكَ قَالَ يَحيَي عَاهَدتُ عَزّ وَ جَلّ نَذراً وَاجِباً عَلَي أَن أَخرُجَ مِنَ الدّنيَا وَ لَا أَشبَعَ مِنَ الطّعَامِ قَالَ فَغَضِبَ إِبلِيسُ وَ حَزِنَ عَلَي مَا أَخبَرَهُ فَاحتَرَزَ يَحيَي وَ اعتَصَمَ قَالَ خدَعَتنَيِ‌ يَا ابنَ آدَمَ وَ كَسَرتَ ظهَريِ‌ بِمَا خدَعَتنَيِ‌ وَ أَنَا أُعَاهِدُ اللّهَ ربَيّ‌ نَذراً وَاجِباً عَلَي أَن لَا أَنصَحَ آدَمِيّاً وَ لَقَد غلَبَتنَيِ‌ يَا ابنَ آدَمَ وَ كَسَرتَ ظهَريِ‌ بِمَا خدَعَتنَيِ‌ حَتّي سَلِمتَ منِيّ‌ وَ خَرَجَ مِن عِندِهِ غَضبَانَ انتَهَي

وأقول كانت النسخة سقيمة جدا فأثبته كماوجدته تأكيدا وتوضيحا لماروي‌ من طرق أهل البيت ع

72-مَجَالِسُ ابنِ الشّيخِ، عَن أَبِيهِ عَنِ المُفِيدِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الحسُيَنيِ‌ّ عَن عِيسَي بنِ مِهرَانَ عَن يَحيَي بنِ الحَسَنِ بنِ فُرَاتٍ عَن ثَعلَبَةَ بنِ زَيدٍ الأنَصاَريِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ جَابِرَ بنَ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِ‌ّ رَحِمَهُ اللّهُ يَقُولُتَمَثّلَ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ فِي أَربَعِ صُوَرٍ تَمَثّلَ يَومَ بَدرٍ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بنِ جُعشُمٍ المدُلجِيِ‌ّ فَقَالَ لِقُرَيشٍلا غالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النّاسِ وَ إنِيّ‌ جارٌ لَكُم فَلَمّا تَراءَتِ الفِئَتانِ نَكَصَ عَلي عَقِبَيهِ وَ قالَ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ مِنكُم وَ تَصَوّرَ يَومَ العَقَبَةِ فِي صُورَةِ مُنَبّهِ بنِ الحَجّاجِ فَنَادَي إِنّ مُحَمّداً وَ الصّبَاةَ مَعَهُ عِندَ العَقَبَةِ فَأَدرِكُوهُم فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لِلأَنصَارِ لَا تَخَافُوا فَإِنّ صَوتَهُ لَن يَعدُوَهُ وَ تَصَوّرَ يَومَ اجتِمَاعِ قُرَيشٍ فِي دَارِ النّدوَةِ فِي صُورَةِ شَيخٍ مِن أَهلِ نَجدٍ وَ أَشَارَ عَلَيهِم فِي النّبِيّص بِمَا أَشَارَ فَأَنزَلَ اللّهُ تَعَالَيوَ إِذ يَمكُرُ بِكَ الّذِينَ كَفَرُوا لِيُثبِتُوكَ أَو يَقتُلُوكَ أَو يُخرِجُوكَ وَ يَمكُرُونَ وَ يَمكُرُ اللّهُ وَ اللّهُ خَيرُ الماكِرِينَ وَ تَصَوّرَ يَومَ قُبِضَ النّبِيّص فِي صُورَةِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ


صفحه : 234

فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ لَا تَجعَلُوهَا كَسرَوَانِيّةً وَ لما[ لَا]قَيصَرَانِيّةً وَسّعُوهَا تَتّسِع فَلَا تَرُدّوهَا فِي بنَيِ‌ هَاشِمٍ فَيُنتَظَرَ بِهَا الحَبَالَي

بيان فينتظر بهاالحبالي أي إذاكانت الخلافة مخصوصة ببني‌ هاشم صار الأمر بحيث ينتظر الناس أن تلد الحبالي أحدا منهم فيصير خليفة و لم يعطوها غيرهم

73- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سُئِلَ عَمّا نَدَبَ اللّهُ الخَلقَ إِلَيهِ أَ دَخَلَ فِيهِ الضّلّالُ قَالَ نَعَم وَ الكَافِرُونَ دَخَلُوا فِيهِ لِأَنّ اللّهَ تَعَالَي أَمَرَ المَلَائِكَةَ بِالسّجُودِ لِآدَمَ فَدَخَلَ فِي أَمرِهِ المَلَائِكَةُ وَ إِبلِيسُ فَإِنّ إِبلِيسَ كَانَ مِنَ المَلَائِكَةِ فِي السّمَاءِ يَعبُدُ اللّهَ وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ تَظُنّ أَنّهُ مِنهُم وَ لَم يَكُن مِنهُم فَلَمّا أَمَرَ اللّهُ المَلَائِكَةَ بِالسّجُودِ لِآدَمَ أَخرَجَ مَا كَانَ فِي قَلبِ إِبلِيسَ مِنَ الحَسَدِ فَعَلِمَتِ المَلَائِكَةُ عِندَ ذَلِكَ أَنّ إِبلِيسَ لَم يَكُن مِنهُم فَقِيلَ لَهُ فَكَيفَ وَقَعَ الأَمرُ عَلَي إِبلِيسَ وَ إِنّمَا أَمَرَ اللّهُ المَلَائِكَةَ بِالسّجُودِ لِآدَمَ فَقَالَ كَانَ إِبلِيسُ مِنهُم بِالوَلَاءِ وَ لَم يَكُن مِن جِنسِ المَلَائِكَةِ وَ ذَلِكَ أَنّ اللّهَ خَلَقَ خَلقاً قَبلَ آدَمَ وَ كَانَ إِبلِيسُ فِيهِم حَاكِماً فِي الأَرضِ فَعَتَوا وَ أَفسَدُوا وَ سَفَكُوا الدّمَاءَ فَبَعَثَ اللّهُ المَلَائِكَةَ فَقَتَلُوهُم وَ أَسَرُوا إِبلِيسَ وَ رَفَعُوهُ إِلَي السّمَاءِ فَكَانَ مَعَ المَلَائِكَةِ يَعبُدُ اللّهَ إِلَي أَن خَلَقَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي آدَمَ

74- وَ مِنهُ، فِي قَولِهِ تَعَالَيفَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللّهِ مِنَ الشّيطانِ الرّجِيمِ قَالَ الرّجِيمُ أَخبَثُ الشّيَاطِينِ فَقُلتُ لَهُ وَ لِمَ سمُيّ‌َ رَجِيماً قَالَ لِأَنّهُ يُرجَمُ


صفحه : 235

بيان أي يرجم بالشهب أوباللعن أو في زمن القائم ع

75- الإِحتِجَاجُ، عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ سَأَلَ الزّندِيقُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ أَ فَمِن حِكمَتِهِ أَن جَعَلَ لِنَفسِهِ عَدُوّاً وَ قَد كَانَ وَ لَا عَدُوّ لَهُ فَخَلَقَ كَمَا زَعَمتَ إِبلِيسَ فَسَلّطَهُ عَلَي عَبِيدِهِ يَدعُوهُم إِلَي خِلَافِ طَاعَتِهِ وَ يَأمُرُهُم بِمَعصِيَتِهِ وَ جَعَلَ لَهُ مِنَ القُوّةِ كَمَا زَعَمتَ يَصِلُ بِلُطفِ الحِيلَةِ إِلَي قُلُوبِهِم فَيُوَسوِسُ إِلَيهِم فَيُشَكّكُهُم فِي رَبّهِم وَ يَلبِسُ عَلَيهِم دِينَهُم فَيُزِيلُهُم عَن مَعرِفَتِهِ حَتّي أَنكَرَ قَومٌ لَمّا وَسوَسَ إِلَيهِم رُبُوبِيّتَهُ وَ عَبَدُوا سِوَاهُ فَلِمَ سَلّطَ عَدُوّهُ عَلَي عَبِيدِهِ وَ جَعَلَ لَهُ السّبِيلَ إِلَي إِغوَائِهِم قَالَ إِنّ هَذَا العَدُوّ ألّذِي ذَكَرتَ لَا يَضُرّهُ عَدَاوَتُهُ وَ لَا يَنفَعُهُ وَلَايَتُهُ وَ عَدَاوَتُهُ لَا تَنقُصُ مِن مُلكِهِ شَيئاً وَ وَلَايَتُهُ لَا تَزِيدُ فِيهِ شَيئاً وَ إِنّمَا يُتّقَي العَدُوّ إِذَا كَانَ فِي قُوّةٍ يَضُرّ وَ يَنفَعُ إِن هَمّ بِمِلكٍ أَخَذَهُ أَو بِسُلطَانٍ قَهَرَهُ فَأَمّا إِبلِيسُ فَعَبدٌ خَلَقَهُ لِيَعبُدَهُ وَ يُوَحّدَهُ وَ قَد عَلِمَ حِينَ خَلَقَهُ مَا هُوَ وَ إِلَي مَا يَصِيرُ إِلَيهِ فَلَم يَزَل يَعبُدُهُ مَعَ مَلَائِكَتِهِ حَتّي امتَحَنَهُ بِسُجُودِ آدَمَ فَامتَنَعَ مِن ذَلِكَ حَسَداً وَ شَقَاوَةً غَلَبَت عَلَيهِ فَلَعَنَهُ عِندَ ذَلِكَ وَ أَخرَجَهُ عَن صُفُوفِ المَلَائِكَةِ وَ أَنزَلَهُ إِلَي الأَرضِ مَلعُوناً مَدحُوراً فَصَارَ عَدُوّ آدَمَ وَ وُلدِهِ بِذَلِكَ السّبَبِ وَ مَا لَهُ مِنَ السّلطَنَةِ عَلَي وُلدِهِ إِلّا الوَسوَسَةَ وَ الدّعَاءَ إِلَي غَيرِ السّبِيلِ وَ قَد أَقَرّ مَعَ مَعصِيَتِهِ لِرَبّهِ بِرُبُوبِيّتِهِ

76- وَ مِنهُ، فِي أَسئِلَةِ الزّندِيقِ المدُعّيِ‌ لِلتّنَاقُضِ فِي القُرآنِ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الإِيمَانُ بِالقَلبِ هُوَ التّسلِيمُ لِلرّبّ وَ مَن سَلّمَ الأُمُورَ لِمَالِكِهَا لَم يَستَكبِر عَن أَمرِهِ كَمَا استَكبَرَ إِبلِيسُ عَنِ السّجُودِ لِآدَمَ وَ استَكبَرَ أَكثَرُ الأُمَمِ عَن طَاعَةِ أَنبِيَائِهِم فَلَم يَنفَعهُمُ التّوحِيدُ كَمَا لَم يَنفَع إِبلِيسَ ذَلِكَ السّجُودُ الطّوِيلُ فَإِنّهُ سَجَدَ سَجدَةً وَاحِدَةً أَربَعَةَ آلَافِ عَامٍ لَم يُرِد بِهَا غَيرَ زُخرُفِ الدّنيَا وَ التّمكِينِ مِنَ النّظِرَةِ فَكَذَلِكَ لَا تَنفَعُ الصّلَاةُ وَ الصّدَقَةُ إِلّا مَعَ الِاهتِدَاءِ إِلَي سَبِيلِ النّجَاةِ وَ طَرِيقِ الحَقّ الخَبَرَ


صفحه : 236

77- مَجَالِسُ الصّدُوقِ، عَن مُحَمّدِ بنِ هَارُونَ الفاَميِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ زِيَادٍ الكرَخيِ‌ّ قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ نَشَرَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي رَحمَتَهُ حَتّي يَطمَعُ إِبلِيسُ فِي رَحمَتِهِ

78- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ العَطّارِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ الأصَبهَاَنيِ‌ّ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ المنِقرَيِ‌ّ عَن حَفصِ بنِ غِيَاثٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ جَاءَ إِبلِيسُ إِلَي مُوسَي بنِ عِمرَانَ ع وَ هُوَ ينُاَجيِ‌ رَبّهُ فَقَالَ لَهُ مَلَكٌ مِنَ المَلَائِكَةِ مَا تَرجُو مِنهُ وَ هُوَ فِي هَذِهِ الحَالِ ينُاَجيِ‌ رَبّهُ فَقَالَ أَرجُو مِنهُ مَا رَجَوتُ مِن أَبِيهِ آدَمَ الخَبَرَ

79- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، إِنّ الّذِينَ اتّقَوا إِذا مَسّهُم طائِفٌ مِنَ الشّيطانِ تَذَكّرُوا فَإِذا هُم مُبصِرُونَ قَالَ إِذَا ذَكّرَهُمُ الشّيطَانُ المعَاَصيِ‌َ وَ حَمَلَهُم عَلَيهَا يَذكُرُونَ اسمَ اللّهِ فَإِذَا هُم مُبصِرُونَ

80-العِلَلُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ الهاَشمِيِ‌ّ عَن فُرَاتِ بنِ اِبرَاهِيمَ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ مُعتَمِرٍ عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ الرمّليِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُوسَي عَن يَعقُوبَ بنِ إِسحَاقَ المرَوزَيِ‌ّ عَن عُمَرَ بنِ مَنصُورٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ أَبَانٍ عَن يَحيَي بنِ أَبِي كَثِيرٍ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي هَارُونَ العبَديِ‌ّ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِ‌ّ قَالَكُنّا بِمِنًي مَعَ رَسُولِ اللّهِص إِذ بَصُرنَا بِرَجُلٍ سَاجِدٍ وَ رَاكِعٍ وَ مُتَضَرّعٍ فَقُلنَا يَا رَسُولَ اللّهِ مَا أَحسَنَ صَلَاتَهُ


صفحه : 237

فَقَالَص هُوَ ألّذِي أَخرَجَ أَبَاكُم مِنَ الجَنّةِ فَمَضَي إِلَيهِ عَلِيّ ع غَيرَ مُكتَرِثٍ فَهَزّهُ هَزّةً أَدخَلَ أَضلَاعَهُ اليُمنَي فِي اليُسرَي وَ اليُسرَي فِي اليُمنَي ثُمّ قَالَ لَأَقتُلَنّكَ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي فَقَالَ لَن تَقدِرَ عَلَي ذَلِكَ إِلَي أَجَلٍ مَعلُومٍ مِن عِندِ ربَيّ‌ مَا لَكَ تُرِيدُ قتَليِ‌ فَوَ اللّهِ مَا أَبغَضَكَ أَحَدٌ إِلّا سَبَقَت نطُفتَيِ‌ إِلَي رَحِمِ أُمّهِ قَبلَ نُطفَةِ أَبِيهِ وَ لَقَد شَارَكتُ مُبغِضِيكَ فِي الأَموَالِ وَ الأَولَادِ وَ هُوَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي مُحكَمِ كِتَابِهِوَ شارِكهُم فِي الأَموالِ وَ الأَولادِ قَالَ النّبِيّص صَدَقَ يَا عَلِيّ لَا يُبغِضُكَ مِن قُرَيشٍ إِلّا سفِاَحيِ‌ّ وَ لَا مِنَ الأَنصَارِ إِلّا يهَوُديِ‌ّ وَ لَا مِنَ العَرَبِ إِلّا دعَيِ‌ّ وَ لَا مِن سَائِرِ النّاسِ إِلّا شقَيِ‌ّ وَ لَا مِنَ النّسَاءِ إِلّا سَلَقلَقِيّةٌ وَ هيِ‌َ التّيِ‌ تَحِيضُ مِن دُبُرِهَا ثُمّ أَطرَقَ مَلِيّاً ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ مَعَاشِرَ الأَنصَارِ اعرِضُوا أَولَادَكُم عَلَي مَحَبّةِ عَلِيّ قَالَ جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَكُنّا نَعرِضُ حُبّ عَلِيّ ع عَلَي أَولَادِنَا فَمَن أَحَبّ عَلِيّاً عَلِمنَا أَنّهُ مِن أَولَادِنَا وَ مَن أَبغَضَ عَلِيّاً انتَفَينَا مِنهُ

81-العِلَلُ وَ المَجَالِسُ لِلصّدُوقِ، عَنِ الحُسَينِ بنِ أَحمَدَ العلَوَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُوسَي عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ عَنِ الحَسَنِ بنِ اِبرَاهِيمَ العبَاّسيِ‌ّ عَن عُمَيرِ بنِ مِردَاسٍ الدولقي‌[الدوّنقَيِ‌ّ] عَن جَعفَرِ بنِ بَشِيرٍ المكَيّ‌ّ عَن وَكِيعٍ عَنِ المسَعوُديِ‌ّ رَفَعَهُ إِلَي سَلمَانَ الفاَرسِيِ‌ّ رَحِمَهُ اللّهُ قَالَمَرّ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ بِنَفَرٍ يَتَنَاوَلُونَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع فَوَقَفَ أَمَامَهُم فَقَالَ القَومُ مَنِ ألّذِي وَقَفَ أَمَامَنَا فَقَالَ أَنَا أَبُو مُرّةَ فَقَالُوا يَا أَبَا مُرّةَ أَ مَا تَسمَعُ كَلَامَنَا فَقَالَ سَوأَةً لَكُم تَسُبّونَ مَولَاكُم عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ قَالُوا لَهُ مِن أَينَ عَلِمتَ أَنّهُ


صفحه : 238

مَولَانَا قَالَ مِن قَولِ نَبِيّكُمص مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِ‌ّ مَولَاهُ أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ وَ انصُر مَن نَصَرَهُ وَ اخذُل مَن خَذَلَهُ فَقَالُوا لَهُ فَأَنتَ مِن مَوَالِيهِ وَ شِيعَتِهِ فَقَالَ مَا أَنَا مِن مَوَالِيهِ وَ لَا مِن شِيعَتِهِ وَ لكَنِيّ‌ أُحِبّهُ وَ لَا يُبغِضُهُ أَحَدٌ إِلّا شَارَكتُهُ فِي المَالِ وَ الوَلَدِ فَقَالُوا لَهُ يَا بَا مُرّةَ فَتَقُولُ فِي عَلِيّ شَيئاً فَقَالَ لَهُم اسمَعُوا منِيّ‌ مَعَاشِرَ النّاكِثِينَ وَ القَاسِطِينَ وَ المَارِقِينَ عَبَدتُ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فِي الجَانّ اثنيَ‌ عَشَرَ أَلفَ سَنَةٍ فَلَمّا أَهلَكَ اللّهُ الجَانّ شَكَوتُ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ الوَحدَةَ فَعَرَجَ بيِ‌ إِلَي السّمَاءِ الدّنيَا فَعَبَدتُ اللّهَ فِي السّمَاءِ الدّنيَا اثنيَ‌ عَشَرَ أَلفَ سَنَةٍ أُخرَي فِي جُملَةِ المَلَائِكَةِ فَبَينَا نَحنُ كَذَلِكَ نُسَبّحُ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وَ نُقَدّسُهُ إِذ مَرّ بِنَا نُورٌ شعَشعَاَنيِ‌ّ فَخَرّتِ المَلَائِكَةُ لِذَلِكَ النّورِ سُجّداً فَقَالُوا سُبّوحٌ قُدّوسٌ هَذَا نُورُ مَلَكٍ مُقَرّبٍ أَو نبَيِ‌ّ مُرسَلٍ فَإِذَا بِالنّدَاءِ مِن قِبَلِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مَا هَذَا نُورُ مَلَكٍ مُقَرّبٍ وَ لَا نبَيِ‌ّ مُرسَلٍ هَذَا نُورُ طِينَةِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع

بيان كان اللعين ذكر ذلك لهم لتكون الحجة عليهم أتم وعذابهم أشد لعلمه بأنهم لايؤمنون بذلك

82-العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ الوَرّاقِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي وَ الفَضلِ بنِ عَامِرٍ الأشَعرَيِ‌ّ مَعاً عَن سُلَيمَانَ بنِ مُقبِلٍ عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ الأزَديِ‌ّ عَن عِيسَي بنِ عَبدِ اللّهِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَن جدَيّ‌ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَمّا أسُريِ‌َ بيِ‌ إِلَي السّمَاءِ حمَلَنَيِ‌ جَبرَئِيلُ عَلَي كَتِفِهِ الأَيمَنِ فَنَظَرتُ إِلَي بُقعَةٍ بِأَرضِ الجَبَلِ حَمرَاءَ أَحسَنَ لَوناً مِنَ الزّعفَرَانِ وَ أَطيَبَ رِيحاً مِنَ المِسكِ فَإِذَا فِيهَا شَيخٌ عَلَي رَأسِهِ بُرنُسٌ فَقُلتُ لِجَبرَئِيلَ مَا هَذِهِ البُقعَةُ الحَمرَاءُ التّيِ‌ هيِ‌َ أَحسَنُ لَوناً مِنَ الزّعفَرَانِ وَ أَطيَبُ رِيحاً مِنَ المِسكِ قَالَ بُقعَةُ شِيعَتِكَ وَ شِيعَةِ وَصِيّكَ عَلِيّ فَقُلتُ مَنِ الشّيخُ صَاحِبُ البُرنُسِ قَالَ إِبلِيسُ قَالَ فَمَا يُرِيدُ


صفحه : 239

مِنهُم قَالَ يُرِيدُ أَن يَصُدّهُم عَن وَلَايَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ يَدعُوَهُم إِلَي الفِسقِ وَ الفُجُورِ فَقُلتُ يَا جَبرَئِيلُ أَهوِ بِنَا إِلَيهِم فَأَهوَي بِنَا إِلَيهِم أَسرَعَ مِنَ البَرقِ الخَاطِفِ وَ البَصَرِ اللّامِحِ فَقُلتُ قُم يَا مَلعُونُ فَشَارِك أَعدَاءَهُم فِي أَموَالِهِم وَ أَولَادِهِم وَ نِسَائِهِم فَإِنّ شيِعتَيِ‌ وَ شِيعَةَ عَلِيّ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ فَسُمّيَت قُم

83-مَجَالِسُ الصّدُوقِ، عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ شَاذَوَيهِ المُؤَدّبِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن عِكرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ لَمّا مَضَي لِعِيسَي ع ثَلَاثُونَ سَنَةً بَعَثَهُ اللّهُ تَعَالَي إِلَي بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ فَلَقِيَهُ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ عَلَي عَقَبَةِ بَيتِ المَقدِسِ وَ هيِ‌َ عَقَبَةٌ أَفِيقٌ فَقَالَ لَهُ يَا عِيسَي أَنتَ ألّذِي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبُوبِيّتِكَ أَن تَكَوّنتَ مِن غَيرِ أَبٍ قَالَ عِيسَي ع بَلِ العَظَمَةُ للِذّيِ‌ كوَنّنَيِ‌ وَ كَذَلِكَ كَوّنَ آدَمَ وَ حَوّاءَ قَالَ إِبلِيسُ يَا عِيسَي فَأَنتَ ألّذِي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبُوبِيّتِكَ أَنّكَ تَكَلّمتَ فِي المَهدِ صَبِيّاً قَالَ عِيسَي ع يَا إِبلِيسُ بَلِ العَظَمَةُ للِذّيِ‌ أنَطقَنَيِ‌ فِي صغِرَيِ‌ وَ لَو شَاءَ لأَبَكمَنَيِ‌ قَالَ إِبلِيسُ فَأَنتَ ألّذِي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبُوبِيّتِكَ أَنّكَ تَخلُقُ مِنَ الطّينِ كَهَيئَةِ الطّيرِ فَتَنفُخُ فِيهِ فَيَصِيرُ طَيراً قَالَ عِيسَي ع بَلِ العَظَمَةُ للِذّيِ‌ خلَقَنَيِ‌ وَ خَلَقَ مَا سَخّرَ لِي قَالَ إِبلِيسُ فَأَنتَ ألّذِي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبُوبِيّتِكَ أَنّكَ تشَفيِ‌ المَرضَي قَالَ عِيسَي ع بَلِ العَظَمَةُ للِذّيِ‌ بِإِذنِهِ أَشفِيهِم وَ إِذَا شَاءَ أمَرضَنَيِ‌ قَالَ إِبلِيسُ فَأَنتَ ألّذِي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبُوبِيّتِكَ أَنّكَ تحُييِ‌ المَوتَي قَالَ عِيسَي ع بَلِ العَظَمَةُ للِذّيِ‌ بِإِذنِهِ أُحيِيهِم وَ لَا بُدّ مِن أَن يُمِيتَ مَا أَحيَيتُ وَ يمُيِتنَيِ‌ قَالَ إِبلِيسُ يَا عِيسَي فَأَنتَ ألّذِي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبُوبِيّتِكَ أَنّكَ تَعبُرُ البَحرَ فَلَا تَبتَلّ قَدَمَاكَ وَ لَا تَرسُخُ فِيهِ قَالَ عِيسَي ع بَلِ العَظَمَةُ للِذّيِ‌ ذَلّلَهُ وَ لَو شَاءَ أغَرقَنَيِ‌ قَالَ إِبلِيسُ يَا عِيسَي فَأَنتَ ألّذِي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبُوبِيّتِكَ أَنّهُ سيَأَتيِ‌ عَلَيكَ يَومٌ تَكُونُ السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ وَ مَن فِيهِنّ دُونَكَ وَ أَنتَ فَوقَ ذَلِكَ كُلّهِ تُدَبّرُ الأَمرَ وَ تُقَسّمُ الأَرزَاقَ


صفحه : 240

فَأَعظَمَ عِيسَي ع ذَلِكَ مِن قَولِ إِبلِيسَ الكَافِرِ اللّعِينِ فَقَالَ عِيسَي ع سُبحَانَ اللّهِ ملِ ءَ سَمَاوَاتِهِ وَ أَرضِهِ وَ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ وَ زِنَةَ عَرشِهِ وَ رِضَا نَفسِهِ قَالَ فَلَمّا سَمِعَ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ ذَلِكَ ذَهَبَ عَلَي وَجهِهِ لَا يَملِكُ مِن نَفسِهِ شَيئاً حَتّي وَقَعَ فِي اللّجّةِ الخَضرَاءِ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَخَرَجَتِ امرَأَةٌ مِنَ الجِنّ تمَشيِ‌ عَلَي شَاطِئِ البَحرِ فَإِذَا هيِ‌َ بِإِبلِيسَ سَاجِداً عَلَي صَخرَةٍ صَمّاءَ تَسِيلُ دُمُوعُهُ عَلَي خَدّيهِ فَقَامَت تَنظُرُ إِلَيهِ تَعَجّباً ثُمّ قَالَت لَهُ وَيحَكَ يَا إِبلِيسُ مَا تَرجُو بِطُولِ السّجُودِ فَقَالَ لَهَا أَيّتُهَا المَرأَةُ الصّالِحَةُ ابنَةُ الرّجُلِ الصّالِحِ أَرجُو إِذَا برَرَنَيِ‌ عَزّ وَ جَلّ قَسَمَهُ وَ أدَخلَنَيِ‌ نَارَ جَهَنّمَ أَن يخُرجِنَيِ‌ مِنَ النّارِ بِرَحمَتِهِ

84- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن عَلِيّ بنِ عَطِيّةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ إِبلِيسَ عَبَدَ اللّهَ فِي السّمَاءِ سَبعَةَ آلَافِ سَنَةٍ فِي رَكعَتَينِ فَأَعطَاهُ اللّهُ مَا أَعطَاهُ ثَوَاباً لَهُ بِعِبَادَتِهِ

85- وَ مِنهُ،بِالإِسنَادِ المَذكُورِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع حدَثّنيِ‌ كَيفَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِإِبلِيسَفَإِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ قَالَ لشِيَ‌ءٍ كَانَ تَقَدّمَ شَكَرَهُ عَلَيهِ قُلتُ وَ مَا هُوَ قَالَ رَكعَتَانِ رَكَعَهُمَا فِي السّمَاءِ فِي ألَفيَ‌ سَنَةٍ أَو فِي أَربَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ

86- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي عَبَدَ اللّهَ فِي السّمَاءِ سَبعَةَ آلَافِ سَنَةٍ فِي رَكعَتَينِ فَأَعطَاهُ اللّهُ مَا أَعطَاهُ ثَوَاباً لَهُ بِعِبَادَتِهِ

بيان يمكن رفع التنافي‌ بين أزمنة الصلاة والسجود بوقوع الجميع وبصدور


صفحه : 241

البعض موافقا لأقوال العامة تقية

87- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ فِي خَبَرِ وِلَادَةِ النّبِيّص قَالَ لَمّا رَأَتِ الشّيَاطِينُ مَا حَدَثَ مِنَ الآيَاتِ لِوِلَادَتِهِ وَ نُزُولِ المَلَائِكَةِ وَ رمَي‌ِ الشّيَاطِينِ بِالشّهُبِ أَنكَرُوا ذَلِكَ وَ اجتَمَعُوا إِلَي إِبلِيسَ فَقَالُوا قَد مُنِعنَا مِنَ السّمَاءِ وَ قَد رُمِينَا بِالشّهُبِ فَقَالَ اطلُبُوا فَإِنّ أَمراً قَد حَدَثَ فِي الدّنيَا فَرَجَعُوا وَ قَالُوا لَم نَرَ شَيئاً فَقَالَ إِبلِيسُ أَنَا لَهَا بنِفَسيِ‌ فَجَالَ بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ حَتّي انتَهَي إِلَي الحَرَمِ فَرَآهُ مَحفُوفاً بِالمَلَائِكَةِ وَ جَبرَئِيلُ عَلَي بَابِ الحَرَمِ بِيَدِهِ حَربَةٌ فَأَرَادَ إِبلِيسُ أَن يَدخُلَ فَصَاحَ بِهِ جَبرَئِيلُ فَقَالَ اخسَأ يَا مَلعُونُ فَجَاءَ مِن قِبَلِ حِرَا فَصَارَ مِثلَ الصّرّ فَقَالَ يَا جَبرَئِيلُ حَرفٌ أَسأَلُكَ عَنهُ قَالَ مَا هُوَ قَالَ مَا هَذَا وَ مَا اجتِمَاعُكُم فِي الدّنيَا فَقَالَ هَذَا نبَيِ‌ّ هَذِهِ الأُمّةِ قَد وُلِدَ وَ هُوَ آخِرُ الأَنبِيَاءِ وَ أَفضَلُهُم قَالَ هَل لِي فِيهِ نَصِيبٌ قَالَ لَا قَالَ ففَيِ‌ أُمّتِهِ قَالَ بَلَي قَالَ قَد رَضِيتُ

بيان الصر بالفتح طائر كالعصفور أصفر

88- قُربُ الإِسنَادِ، عَن هَارُونَ بنِ مُسلِمٍ عَن مَسعَدَةَ بنِ صَدَقَةَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ ع أَنّ إِبلِيسَ عَدُوّ اللّهِ رَنّ أَربَعَ رَنّاتٍ يَومَ لُعِنَ وَ يَومَ أُهبِطَ إِلَي الأَرضِ وَ يَومَ بُعِثَ النّبِيّص وَ يَومَ الغَدِيرِ

بيان الرنة بالفتح الصوت ويطلق غالبا علي ما يكون عندمصيبة أوداهية شديدة

89-معَاَنيِ‌ الأَخبَارِ، عَنِ المُظَفّرِ بنِ جَعفَرٍ العلَوَيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَسعُودٍ العيَاّشيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ فَضّالٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الوَلِيدِ عَنِ العَبّاسِ بنِ هِلَالٍ عَنِ الرّضَا ع أَنّهُ ذَكَرَ أَنّ اسمَ إِبلِيسَ الحَارِثُ وَ إِنّمَا قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ يَا إِبلِيسُ


صفحه : 242

يَا عاَصيِ‌ وَ سمُيّ‌َ إِبلِيسُ لِأَنّهُ أُبلِسَ مِن رَحمَةِ اللّهِ

بيان قال الراغب الإبلاس الحزن المعترض من شدة اليأس يقال أبلس و منه اشتق إبليس فيما قيل قال تعالي وَ يَومَ تَقُومُ السّاعَةُ يُبلِسُ المُجرِمُونَ

90- المعَاَنيِ‌، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ لِإِبلِيسَ كُحلًا وَ لَعُوقاً وَ سَعُوطاً فَكُحلُهُ النّعَاسُ وَ لَعُوقُهُ الكَذِبُ وَ سَعُوطُهُ الكِبرُ

91- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الشيّباَنيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الأسَدَيِ‌ّ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن عَبدِ العَظِيمِ الحسَنَيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بنَ مُحَمّدٍ العسَكرَيِ‌ّ ع يَقُولُ مَعنَي الرّجِيمِ أَنّهُ مَرجُومٌ بِاللّعنِ مَطرُودٌ مِن مَوَاضِعِ الخَيرِ لَا يَذكُرُهُ مُؤمِنٌ إِلّا لَعَنَهُ وَ إِنّ فِي عِلمِ اللّهِ السّابِقِ أَنّهُ إِذَا خَرَجَ القَائِمُ ع لَا يَبقَي مُؤمِنٌ فِي زَمَانِهِ إِلّا رَجَمَهُ بِالحِجَارَةِ كَمَا كَانَ قَبلَ ذَلِكَ مَرجُوماً بِاللّعنِ

92- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن حَمّادٍ عَنِ الحلَبَيِ‌ّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع لِمَ سمُيّ‌َ الرّجِيمُ رَجِيماً قَالَ لِأَنّهُ يُرجَمُ فَقُلتُ فَهَل يَنقَلِبُ إِذَا رُجِمَ قَالَ لَا وَ لَكِنّهُ يَكُونُ فِي العِلمِ مَرجُوماً

بيان قوله فهل ينقلب أي يرجع إلي الحياة والبقاء بعدالرجم فقال ع


صفحه : 243

لا والاستدراك لأنه توهم السائل أن الرجم في هذه الأزمنة فرفع ع وهمه بأنه إنما يسمي الآن رجيما لأنه في علم الله أنه يصير بعد ذلك رجيما عندقيام القائم ع كمامر في الخبر السابق ويحتمل أن يكون في الأصل فهل ينفلت وسيأتي‌ في رواية العياشي‌ مايؤيده

93- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، لَآتِيَنّهُم مِن بَينِ أَيدِيهِم وَ مِن خَلفِهِم وَ عَن أَيمانِهِم وَ عَن شَمائِلِهِم أَمّا بَينَ أَيدِيهِم فَهُوَ مِن قِبَلِ الآخِرَةِ لَأُخبِرَنّهُم أَنّهُ لَا جَنّةَ وَ لَا نَارَ وَ لَا نُشُورَ وَ أَمّا خَلفَهُم يَقُولُ مِن قِبَلِ دُنيَاهُم آمُرُهُم بِجَمعِ الأَموَالِ وَ آمُرُهُم أَن لَا يَصِلُوا فِي أَموَالِهِم رَحِماً وَ لَا يُعطُوا مِنهُ حَقّاً وَ آمُرُهُم أَن لَا يُنفِقُوا عَلَي ذَرَارِيّهِم وَ أُخَوّفُهُم عَلَي الضّيعَةِ وَ أَمّا عَن أَيمَانِهِم يَقُولُ مِن قِبَلِ دِينِهِم فَإِن كَانُوا عَلَي ضَلَالَةٍ زَيّنتُهَا وَ إِن كَانُوا عَلَي الهُدَي جَهَدتُ عَلَيهِم حَتّي أُخرِجَهُم مِنهُ وَ أَمّا عَن شَمَائِلِهِم يَقُولُ مِن قِبَلِ اللّذّاتِ وَ الشّهَوَاتِ يَقُولُ اللّهُ تَعَالَيوَ لَقَد صَدّقَ عَلَيهِم إِبلِيسُ ظَنّهُ وَ أَمّا قَولُهُاخرُج مِنها مَذؤُماً مَدحُوراًفَالمَذءُومُ المَعِيبُ وَ المَدحُورُ المقَصيِ‌ّ أَي مُلقًي فِي جَهَنّمَ

94- المعَاَنيِ‌، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَن عَلِيّ بنِ النّعمَانِ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِهِإِنّ عبِاديِ‌ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ قَالَ لَيسَ لَهُ عَلَي هَذِهِ العِصَابَةِ خَاصّةً سُلطَانٌ قَالَ قُلتُ فَكَيفَ جُعِلتُ فِدَاكَ وَ فِيهِم مَا فِيهِم قَالَ لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ إِنّمَا قَولُهُلَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ أَن يُحَبّبَ إِلَيهِمُ الكُفرَ وَ يُبَغّضَ إِلَيهِمُ الإِيمَانَ

المحاسن ، والعياشي‌، عن علي بن النعمان عمن ذكره عنه ع مثله


صفحه : 244

95- التّفسِيرُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعِيدٍ عَن إِسحَاقَ بنِ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَيّ شَيءٍ يَقُولُ أَصحَابُكَ فِي قَولِ إِبلِيسَخلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ قَد قَالَ ذَلِكَ وَ ذَكَرَهُ اللّهُ فِي كِتَابِهِ قَالَ كَذَبَ يَا إِسحَاقُ مَا خَلَقَهُ اللّهُ إِلّا مِن طِينٍ ثُمّ قَالَ قَالَ اللّهُألّذِي جَعَلَ لَكُم مِنَ الشّجَرِ الأَخضَرِ ناراً فَإِذا أَنتُم مِنهُ تُوقِدُونَخَلَقَهُ اللّهُ مِن ذَلِكَ النّارِ وَ مِن تِلكَ الشّجَرَةِ وَ الشّجَرَةُ أَصلُهَا مِن طِينٍ

بيان لعل المعني أن الطين داخل في طينته و إن كان النار فيه أغلب

96- التّفسِيرُ، عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ يُونُسَ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيفأَنَظرِنيِ‌ إِلي يَومِ يُبعَثُونَ قالَ فَإِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ قَالَ يَومُ الوَقتِ المَعلُومِ يَومٌ يَذبَحُهُ رَسُولُ اللّهِص عَلَي الصّخرَةِ التّيِ‌ فِي بَيتِ المَقدِسِ

97- العُيُونُ، عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ بنِ يُوسُفَ البغَداَديِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَنبَسَةَ مَولَي الرّشِيدِ عَن دَارِمِ بنِ قَبِيصَةَ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ كَانَ النّبِيّص يَأكُلُ الطّلعَ وَ الجُمّارَ بِالتّمرِ وَ يَقُولُ إِنّ إِبلِيسَ لَعَنَهُ اللّهُ يَشتَدّ غَضَبُهُ وَ يَقُولُ عَاشَ ابنُ آدَمَ حَتّي أَكَلَ العَتِيقَ بِالحَدِيثِ

98- وَ مِنهُ،بِهَذَا الإِسنَادِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَكُنتُ جَالِساً عِندَ الكَعبَةِ


صفحه : 245

فَإِذَا شَيخٌ مُحدَودَبٌ قَد سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَي عَينَيهِ مِن شِدّةِ الكِبَرِ وَ فِي يَدِهِ عُكّازَةٌ وَ عَلَي رَأسِهِ بُرنُسٌ أَحمَرُ وَ عَلَيهِ مِدرَعَةٌ مِنَ الشّعرِ فَدَنَا إِلَي النّبِيّص وَ النّبِيّ مُسنِدٌ ظَهرَهُ عَلَي الكَعبَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ ادعُ لِي بِالمَغفِرَةِ فَقَالَ النّبِيّص خَابَ سَعيُكَ يَا شَيخُ وَ ضَلّ عِلمُكَ فَلَمّا تَوَلّي الشّيخُ قَالَ لِي يَا أَبَا الحَسَنِ أَ تَعرِفُهُ قُلتُ لَا قَالَ ذَلِكَ اللّعِينُ إِبلِيسُ قَالَ عَلِيّ ع فَعَدَوتُ خَلفَهُ حَتّي لَحِقتُهُ وَ صَرَعتُهُ إِلَي الأَرضِ وَ جَلَستُ عَلَي صَدرِهِ وَ وَضَعتُ يدَيِ‌ فِي حَلقِهِ لِأَخنِقَهُ فَقَالَ لِي لَا تَفعَل يَا أَبَا الحَسَنِ فإَنِيّ‌مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ وَ اللّهِ يَا عَلِيّ إنِيّ‌ لَأُحِبّكَ جِدّاً وَ مَا أَبغَضَكَ أَحَدٌ إِلّا شَرِكتُ أَبَاهُ فِي أُمّهِ فَصَارَ وَلَدَ زِنًا فَضَحِكتُ وَ خَلّيتُ سَبِيلَهُ

بيان في القاموس الحدب محركة خروج الظهر ودخول الصدر والبطن حدب واحدودب و قال العكاز عصا ذات زج و قال البرنس بالضم قلنسوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه و قال المدرعة كمكنسة ثوب كالدراعة و لا يكون إلا من صوف

99-التّفسِيرُ،قُل أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ وَ إِنّمَا هُوَ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِمَلِكِ النّاسِ إِلهِ النّاسِ مِن شَرّ الوَسواسِ الخَنّاسِاسمُ الشّيطَانِ فِي صُدُورِ النّاسِ يُوَسوِسُ فِيهَا وَ يُؤيِسُهُم مِنَ الخَيرِ وَ يَعِدُهُمُ الفَقرَ وَ يَحمِلُهُم عَلَي المعَاَصيِ‌ وَ الفَوَاحِشِ وَ هُوَ قَولُ اللّهِالشّيطانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَ يَأمُرُكُم بِالفَحشاءِ وَ قَالَ الصّادِقُ ع مَا مِن قَلبٍ إِلّا وَ لَهُ أُذُنَانِ عَلَي أَحَدِهِمَا مَلَكٌ مُرشِدٌ وَ عَلَي


صفحه : 246

الآخَرِ شَيطَانٌ مُفتَرٍ هَذَا يَأمُرُهُ وَ ذَا يَزجُرُهُ كَذَلِكَ مِنَ النّاسِ شَيطَانٌ يَحمِلُ النّاسَ عَلَي المعَاَصيِ‌ كَمَا يَحمِلُ الشّيطَانُ مِنَ الجِنّ

بيان قوله وإنما هولعل المراد أن ماقرأه الرسول ص عندالتعوذ بهاأسقط منها كلمة قل أوينبغي‌ ذلك لكل من قرأها لذلك أوينبغي‌ إعادة تلك الفقرة ثانية بدون قل كَمَا رَوَي الطبّرسِيِ‌ّ رَحِمَهُ اللّهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع إِذَا قَرَأتَقُل أَعُوذُ بِرَبّ الفَلَقِفَقُل فِي نَفسِكَ أَعُوذُ بِرَبّ الفَلَقِ وَ إِذَا قَرَأتَقُل أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِفَقُل فِي نَفسِكَ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ

100- التّفسِيرُ، عَن سَعِيدِ بنِ مُحَمّدٍ عَن بَكرِ بنِ سَهلٍ عَن عَبدِ الغنَيِ‌ّ بنِ سَعِيدٍ الثقّفَيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن مُقَاتِلِ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الضّحّاكِ بنِ مُزَاحِمٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِمِن شَرّ الوَسواسِ الخَنّاسِيُرِيدُ الشّيطَانَ عَلَي قَلبِ ابنِ آدَمَ لَهُ خُرطُومٌ مِثلُ خُرطُومِ الخِنزِيرِ يُوَسوِسُ ابنَ آدَمَ إِذَا أَقبَلَ عَلَي الدّنيَا وَ مَا لَا يُحِبّ اللّهُ فَإِذَا ذَكَرَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ انخَنَسَ يُرِيدُ رَجَعَ قَالَ اللّهُألّذِي يُوَسوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ ثُمّ أَخبَرَ أَنّهُ مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ فَقَالَ عَزّ وَ جَلّمِنَ الجِنّةِ وَ النّاسِيُرِيدُ مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ

101-العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَن أَبِي الجَوزَاءِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُلوَانَ عَن عَمرِو بنِ خَالِدٍ عَن زَيدِ بنِ عَلِيّ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ حِينَ أَمَرَ آدَمَ أَن يَهبِطَ هَبَطَ آدَمُ وَ زَوجَتُهُ وَ هَبَطَ إِبلِيسُ وَ لَا زَوجَةَ لَهُ وَ هَبَطَتِ الحَيّةُ وَ لَا زَوجَ لَهَا فَكَانَ أَوّلُ مَن يَلُوطُ بِنَفسِهِ إِبلِيسَ فَكَانَت ذُرّيّتُهُ مِن نَفسِهِ وَ كَذَلِكَ الحَيّةُ وَ كَانَت ذُرّيّةُ آدَمَ مِن


صفحه : 247

زَوجَتِهِ فَأَخبَرَهُمَا أَنّهُمَا عَدُوّانِ لَهُمَا

102- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي عَن عَبدِ اللّهِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ البزَنَطيِ‌ّ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَحَدِهِمَا ع فِي قَولِ لُوطٍإِنّكُم لَتَأتُونَ الفاحِشَةَ ما سَبَقَكُم بِها مِن أَحَدٍ مِنَ العالَمِينَ فَقَالَ إِبلِيسُ أَتَاهُم فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ فِيهِ تَأنِيثٌ عَلَيهِ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ فَجَاءَ إِلَي شَبَابٍ مِنهُم فَأَمَرَهُم أَن يَقَعُوا بِهِ وَ لَو طَلَبَ إِلَيهِم أَن يَقَعَ بِهِم لَأَبَوا عَلَيهِ وَ لَكِن طَلَبَ إِلَيهِم أَن يَقَعُوا بِهِ فَلَمّا وَقَعُوا بِهِ التَذّوهُ ثُمّ ذَهَبَ عَنهُم وَ تَرَكَهُم فَأَحَالَ بَعضَهُم عَلَي بَعضٍ

103- العُيُونُ، وَ العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ قَالَ سَأَلَ الشاّميِ‌ّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ اسمِ إِبلِيسَ مَا كَانَ فِي السّمَاءِ فَقَالَ كَانَ اسمُهُ الحَارِثَ وَ سَأَلَهُ عَن أَوّلِ مَن عَمِلَ عَمَلَ قَومِ لُوطٍ فَقَالَ إِبلِيسُ فَإِنّهُ أَمكَنَ مِن نَفسِهِ

104- الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ فَضّالٍ عَن عَلِيّ بنِ عُقبَةَ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ رَنّ إِبلِيسُ أَربَعَ رَنّاتٍ أَوّلُهُنّ يَومَ لُعِنَ وَ حِينَ أُهبِطَ إِلَي الأَرضِ وَ حِينَ بُعِثَ مُحَمّدٌص عَلَي حِينِفَترَةٍ مِنَ الرّسُلِ وَ حِينَ أُنزِلَت أُمّ الكِتَابِ وَ نَخَرَ نَخرَتَينِ حِينَ أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشّجَرَةِ وَ حِينَ أُهبِطَ مِنَ الجَنّةِ

القصص ،بإسناده عن الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عنه ع مثله بيان مخالفة الرنة الرابعة لماسبق لاضير فيهالعدم التصريح فيهما بالحصر


صفحه : 248

والنخير صوت بالأنف يصات به عندالفرح والمرأة تفعله عندالجماع ولذا تكرهه بعض العرب قال في القاموس نخر ينخر وينخر نخيرا مد الصوت في خياشيمه

105- الخِصَالُ، عَن أَحمَدَ بنِ هَارُونَ الفاَميِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرِ بنِ بُطّةَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ قَالَ إِبلِيسُ خَمسَةُ أَشيَاءَ لَيسَ لِي فِيهِنّ حِيلَةٌ وَ سَائِرُ النّاسِ فِي قبَضتَيِ‌ مَنِ اعتَصَمَ بِاللّهِ عَن نِيّةٍ صَادِقَةٍ وَ اتّكَلَ عَلَيهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ وَ مَن كَثُرَ تَسبِيحُهُ فِي لَيلِهِ وَ نَهَارِهِ وَ مَن رضَيِ‌َ لِأَخِيهِ المُؤمِنِ مَا يَرضَاهُ لِنَفسِهِ وَ مَن لَم يَجزَع عَلَي المُصِيبَةِ حِينَ تُصِيبُهُ وَ مَن رضَيِ‌َ بِمَا قَسَمَ اللّهُ لَهُ وَ لَم يَهتَمّ لِرِزقِهِ

106- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ مَاجِيلَوَيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ اليشَكرُيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ الأزَديِ‌ّ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن سُفيَانَ بنِ أَبِي لَيلَي عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنّهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ لَهُ مَعَ مَلِكِ الرّومِ أَنّ مَلِكَ الرّومِ سَأَلَهُ فِيمَا سَأَلَهُ عَن سَبعَةِ أَشيَاءَ خَلَقَهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَم تَخرُج مِن رَحِمٍ فَقَالَ آدَمُ وَ حَوّاءُ وَ كَبشُ اِبرَاهِيمَ وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ حَيّةُ الجَنّةِ وَ الغُرَابُ ألّذِي بَعَثَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَبحَثُ فِي الأَرضِ وَ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ

107- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ البغَداَديِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مَعبَدٍ عَن عُبَيدِ اللّهِ الدّهقَانِ عَن دُرُستَ عَن عَطِيّةَ أخَيِ‌ أَبِي العُرَامِ قَالَذَكَرتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع المَنكُوحَ مِنَ الرّجَالِ قَالَ لَيسَ


صفحه : 249

يبُليِ‌ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِهَذَا البَلَاءِ أَحَداً وَ لَهُ فِيهِ حَاجَةٌ إِنّ فِي أَدبَارِهِم أَرحَاماً مَنكُوسَةً وَ حَيَاءُ أَدبَارِهِم كَحَيَاءِ المَرأَةِ وَ قَد شَرِكَ فِيهِم ابنٌ لِإِبلِيسَ يُقَالُ لَهُ زَوَالٌ فَمَن شَرِكَ فِيهِ مِنَ الرّجَالِ كَانَ مَنكُوحاً وَ مَن شَرِكَ فِيهِ مِنَ النّسَاءِ كَانَ مِنَ المَوَارِدِ الخَبَرَ

الكافي‌، عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن علي بن معبد مثله بيان الموارد المجاري‌ والطرق إلي الماء جمع مورد من الورود استعير هنا للنساء الزواني‌ اللاتي‌ لايمنعن ورود وارد عليهن

108- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ الحمِيرَيِ‌ّ عَن هَارُونَ بنِ مُسلِمٍ عَن مَسعَدَةَ بنِ صَدَقَةَ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا وُلِدَ ولَيِ‌ّ اللّهِ خَرَجَ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ فَصَرَخَ صَرخَةً يَفزَعُ لَهَا شَيَاطِينُهُ قَالَ فَقَالَت لَهُ يَا سَيّدَنَا مَا لَكَ صَرَختَ هَذِهِ الصّرخَةَ قَالَ فَقَالَ وُلِدَ ولَيِ‌ّ اللّهِ قَالَ فَقَالُوا وَ مَا عَلَيكَ مِن ذَلِكَ قَالَ إِنّهُ إِن عَاشَ حَتّي يَبلُغَ مَبلَغَ الرّجَالِ هَدَي اللّهُ بِهِ قَوماً كَثِيراً قَالَ فَقَالُوا لَهُ أَ وَ لَا تَأذَنُ لَنَا فَنَقتُلَهُ قَالَ لَا فَيَقُولُونَ لَهُ وَ لِمَ وَ أَنتَ تَكرَهُهُ قَالَ لِأَنّ بَقَاءَنَا بِأَولِيَاءِ اللّهِ فَإِذَا لَم يَكُن فِي الأَرضِ مِن ولَيِ‌ّ قَامَتِ القِيَامَةُ فَصِرنَا إِلَي النّارِ فَمَا لَنَا نَتَعَجّلُ إِلَي النّارِ

109- قِصَصُ الراّونَديِ‌ّ،بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع أَ كَانَ إِبلِيسُ مِنَ المَلَائِكَةِ أَم مِنَ الجِنّ قَالَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ تَرَي أَنّهُ مِنهَا وَ كَانَ اللّهُ يَعلَمُ أَنّهُ لَيسَ مِنهَا فَلَمّا أَمَرَهُ بِالسّجُودِ كَانَ مِنهُ ألّذِي كَانَ


صفحه : 250

110- وَ مِنهُ،بِالإِسنَادِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ أَمَرَ اللّهُ إِبلِيسَ بِالسّجُودِ لِآدَمَ فَقَالَ يَا رَبّ وَ عِزّتِكَ إِن أعَفيَتنَيِ‌ مِنَ السّجُودِ لِآدَمَ لَأَعبُدَنّكَ عِبَادَةً مَا عَبَدَكَ أَحَدٌ قَطّ مِثلَهَا قَالَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ إنِيّ‌ أُحِبّ أَن أُطَاعَ مِن حَيثُ أُرِيدُ

111- وَ مِنهُ،بِالإِسنَادِ عَنِ الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبَانٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أُورَمَةَ عَن مُصعَبِ بنِ يَزِيدَ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ جَاءَ نُوحٌ ع إِلَي الحِمَارِ لِيُدخِلَهُ السّفِينَةَ فَامتَنَعَ عَلَيهِ وَ كَانَ إِبلِيسُ بَينَ أَرجُلِ الحِمَارِ فَقَالَ يَا شَيطَانُ ادخُل فَدَخَلَ الحِمَارُ وَ دَخَلَ الشّيطَانُ فَقَالَ إِبلِيسُ أُعَلّمُكَ خَصلَتَينِ فَقَالَ نُوحٌ ع لَا حَاجَةَ لِي فِي كَلَامِكَ فَقَالَ إِبلِيسُ إِيّاكَ وَ الحِرصَ فَإِنّهُ أَخرَجَ أَبَوَيكَ مِنَ الجَنّةِ وَ إِيّاكَ وَ الحَسَدَ فَإِنّهُ أخَرجَنَيِ‌ مِنَ الجَنّةِ فَأَوحَي اللّهُ اقبَلهُمَا وَ إِن كَانَ مَلعُوناً

112- وَ مِنهُ،بِالإِسنَادِ عَنِ الصّدُوقِ عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُوسَي عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الأسَدَيِ‌ّ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن عَبدِ العَظِيمِ الحسَنَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ العسَكرَيِ‌ّ ع قَالَ جَاءَ إِبلِيسُ إِلَي نُوحٍ ع فَقَالَ إِنّ لَكَ عنِديِ‌ يَداً عَظِيمَةً فاَنتصَحِنيِ‌ فإَنِيّ‌ لَا أَخُونُكَ فَتَأَثّمَ نُوحٌ بِكَلَامِهِ وَ مُسَاءَلَتِهِ فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ أَن كَلّمهُ وَ سَلهُ فإَنِيّ‌ سَأُنطِقُهُ بِحُجّةٍ عَلَيهِ فَقَالَ نُوحٌ ع تَكَلّم فَقَالَ إِبلِيسُ إِذَا وَجَدنَا ابنَ آدَمَ شَحِيحاً أَو حَرِيصاً أَو حَسُوداً أَو جَبّاراً أَو عَجُولًا تَلَقّفنَاهُ تَلَقّفَ الكُرَةِ فَإِنِ اجتَمَعَت لَنَا هَذِهِ الأَخلَاقُ سَمّينَاهُ شَيطَاناً مَرِيداً فَقَالَ نُوحٌ ع مَا اليَدُ العَظِيمَةُ التّيِ‌ صَنَعتُ قَالَ إِنّكَ دَعَوتَ اللّهَ عَلَي أَهلِ الأَرضِ فَأَلحَقتَهُم فِي سَاعَةٍ بِالنّارِ فَصِرتُ فَارِغاً وَ لَو لَا دَعوَتُكَ لَشُغِلتُ بِهِم دَهراً طَوِيلًا

توضيح الانتصاح قبول النصيحة والتأثم التحرج والامتناع مخافة


صفحه : 251

الإثم والتلقف الأخذ بسرعة

113- القِصَصُ،بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ بِإِسنَادِهِ إِلَي ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ إِبلِيسُ لِنُوحٍ ع لَكَ عنِديِ‌ يَدٌ سَأُعَلّمُكَ خِصَالًا قَالَ نُوحٌ وَ مَا يدَيِ‌ عِندَكَ قَالَ دَعوَتُكَ عَلَي قَومِكَ حَتّي أَهلَكَهُمُ اللّهُ جَمِيعاً فَإِيّاكَ وَ الكِبرَ وَ إِيّاكَ وَ الحِرصَ وَ إِيّاكَ وَ الحَسَدَ فَإِنّ الكِبرَ هُوَ ألّذِي حمَلَنَيِ‌ عَلَي أَن تَرَكتُ السّجُودَ لِآدَمَ فأَكَفرَنَيِ‌ وَ جعَلَنَيِ‌ شَيطَاناً رَجِيماً وَ إِيّاكَ وَ الحِرصَ فَإِنّ آدَمَ أُبِيحَ لَهُ الجَنّةُ وَ نهُيِ‌َ عَن شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَحَمَلَهُ الحِرصُ عَلَي أَن أَكَلَ مِنهَا وَ إِيّاكَ وَ الحَسَدَ فَإِنّ ابنَ آدَمَ حَسَدَ أَخَاهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ نُوحٌ ع فأَخَبرِنيِ‌ مَتَي تَكُونُ أَقدَرَ عَلَي ابنِ آدَمَ قَالَ عِندَ الغَضَبِ

114- وَ مِنهُ،بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَمّن ذَكَرَهُ عَن دُرُستَ عَمّن ذَكَرَهُ عَنهُم ع قَالَبَينَا مُوسَي جَالِسٌ إِذ أَقبَلَ إِبلِيسُ وَ عَلَيهِ بُرنُسٌ فَوَضَعَهُ وَ دَنَا مِن مُوسَي وَ سَلّمَ فَقَالَ لَهُ مُوسَي مَن أَنتَ قَالَ إِبلِيسُ قَالَ لَا قَرّبَ اللّهُ دَارَكَ لِمَا ذَا البُرنُسُ قَالَ اختَطَفتُ بِهِ قُلُوبَ بنَيِ‌ آدَمَ فَقَالَ لَهُ مُوسَي ع أخَبرِنيِ‌ بِالذّنبِ ألّذِي إِذَا أَذنَبَهُ ابنُ آدَمَ استَحوَذتَ عَلَيهِ قَالَ ذَلِكَ إِذَا أَعجَبَتهُ نَفسُهُ وَ استَكثَرَ عَمَلَهُ وَ صَغُرَ فِي نَفسِهِ ذَنبُهُ وَ قَالَ يَا مُوسَي لَا تَخلُ بِامرَأَةٍ لَا تَحِلّ لَكَ فَإِنّهُ لَا يَخلُو رَجُلٌ بِامرَأَةٍ لَا تَحِلّ لَهُ إِلّا كُنتُ صَاحِبَهُ دُونَ أصَحاَبيِ‌ وَ إِيّاكَ أَن تُعَاهِدَ اللّهَ عَهداً فَإِنّهُ مَا عَاهَدَ اللّهَ أَحَدٌ إِلّا كُنتُ صَاحِبَهُ دُونَ أصَحاَبيِ‌ حَتّي أَحُولَ بَينَهُ وَ بَينَ الوَفَاءِ


صفحه : 252

بِهِ وَ إِذَا هَمَمتَ بِصَدَقَةٍ فَأَمضِهَا فَإِذَا هَمّ العَبدُ بِصَدَقَةٍ كُنتُ صَاحِبَهُ دُونَ أصَحاَبيِ‌ حَتّي أَحُولَ بَينَهُ وَ بَينَهَا

مَجَالِسُ المُفِيدِ، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ قُولَوَيهِ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ اليقَطيِنيِ‌ّ عَن يُونُسَ عَن سَعدَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع عَنِ النّبِيّص مِثلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ ثُمّ وَلّي إِبلِيسُ وَ هُوَ يَقُولُ يَا وَيلَهُ يَا عَولَهُ عَلّمتُ مُوسَي مَا يُعَلّمُهُ بنَيِ‌ آدَمَ وَ قَد أَورَدنَاهُ فِي بَابِ جَوَامِعِ المسَاَويِ‌

115- القِصَصُ،بِإِسنَادِهِ إِلَي الصّدُوقِ بِإِسنَادِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عَلِيّ بنِ عُتبَةَ عَن بُرَيدٍ القصَراَنيِ‌ّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَعِدَ عِيسَي ع عَلَي جَبَلٍ بِالشّامِ يُقَالُ لَهُ أَرِيحَا فَأَتَاهُ إِبلِيسُ فِي صُورَةِ مَلِكِ فِلَسطِينَ فَقَالَ لَهُ يَا رُوحَ اللّهِ أَحيَيتَ المَوتَي وَ أَبرَأتَ الأَكمَهَ وَ الأَبرَصَ فَاطرَح نَفسَكَ عَنِ الجَبَلِ فَقَالَ ع إِنّ ذَلِكَ أُذِنَ لِي فِيهِ وَ إِنّ هَذَا لَم يُؤذَن لِي فِيهِ

وَ مِنهُ، عَنِ الصّدُوقِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ جَاءَ إِبلِيسُ إِلَي عِيسَي فَقَالَ أَ لَيسَ تَزعُمُ أَنّكَ تحُييِ‌ المَوتَي قَالَ عِيسَي بَلَي قَالَ إِبلِيسُ فَاطرَح نَفسَكَ مِن فَوقِ الحَائِطِ فَقَالَ عِيسَي ع وَيلَكَ إِنّ العَبدَ لَا يُجَرّبُ رَبّهُ وَ قَالَ إِبلِيسُ يَا عِيسَي هَل يَقدِرُ رَبّكَ عَلَي أَن يُدخِلَ الأَرضَ فِي بَيضَةٍ وَ البَيضَةُ كَهَيئَتِهَا فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي عَزّ وَ عَلَا لَا يُوصَفُ بِالعَجزِ وَ ألّذِي قُلتَ لَا يَكُونُ قَالَ الراّونَديِ‌ّ رَحِمَهُ اللّهُ يعَنيِ‌ هُوَ مُستَحِيلٌ فِي نَفسِهِ كَجَمعِ الضّدّينِ

116-المَحَاسِنُ، عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن حَنَانِ بنِ سَدِيرٍ وَ ابنِ رِئَابٍ عَن زُرَارَةَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع قَولُهُلَأَقعُدَنّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقِيمَ ثُمّ لَآتِيَنّهُم مِن بَينِ


صفحه : 253

أَيدِيهِم وَ مِن خَلفِهِم وَ عَن أَيمانِهِم وَ عَن شَمائِلِهِم وَ لا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرِينَ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع يَا زُرَارَةُ إِنّمَا صَمَدَ لَكَ وَ لِأَصحَابِكَ فَأَمّا الآخَرِينَ فَقَد فَرَغَ مِنهُم

العياشي‌، عن زرارة مثله

117-المَنَاقِبُ، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ الصوّفيِ‌ّ أَنّهُ لقَيِ‌َ إِبلِيسَ وَ سَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا مِن وُلدِ آدَمَ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ أَنتَ مِن قَومٍ يَزعُمُونَ أَنّهُم يُحِبّونَ اللّهَ وَ يَعصُونَهُ وَ يُبغِضُونَ إِبلِيسَ وَ يُطِيعُونَهُ فَقَالَ مَن أَنتَ فَقَالَ أَنَا صَاحِبُ المِيسَمِ وَ الِاسمِ الكَبِيرِ وَ الطّبلِ العَظِيمِ وَ أَنَا قَاتِلُ هَابِيلَ وَ أَنَا الرّاكِبُ مَعَ نُوحٍ فِي الفُلكِ أَنَا عَاقِرُ نَاقَةِ صَالِحٍ أَنَا صَاحِبُ نَارِ اِبرَاهِيمَ أَنَا مُدَبّرُ قَتلِ يَحيَي أَنَا مُمَكّنُ قَومِ فِرعَونَ مِنَ النّيلِ أَنَا مُخَيّلُ السّحرِ وَ قَائِدُهُ إِلَي مُوسَي أَنَا صَانِعُ العِجلِ لبِنَيِ‌ إِسرَائِيلَ أَنَا صَاحِبُ مِنشَارِ زَكَرِيّا أَنَا السّائِرُ مَعَ أَبرَهَةَ إِلَي الكَعبَةِ بِالفِيلِ أَنَا المُجَمّعُ لِقِتَالِ مُحَمّدٍ يَومَ أُحُدٍ وَ حُنَينٍ أَنَا ملُقيِ‌ الحَسَدِ يَومَ السّقِيفَةِ فِي قُلُوبِ المُنَافِقِينَ أَنَا صَاحِبُ الهَودَجِ يَومَ الخُرَيبَةِ وَ البَعِيرِ أَنَا الوَاقِفُ فِي عَسكَرِ صِفّينَ أَنَا الشّامِتُ يَومَ كَربَلَاءَ بِالمُؤمِنِينَ أَنَا إِمَامُ المُنَافِقِينَ أَنَا مُهلِكُ الأَوّلِينَ أَنَا مُضِلّ الآخِرِينَ أَنَا شَيخُ النّاكِثِينَ أَنَا رُكنُ القَاسِطِينَ أَنَا ظِلّ المَارِقِينَ أَنَا أَبُو مُرّةَ مَخلُوقٌ مِن نَارٍ لَا مِن طِينٍ أَنَا ألّذِي غَضِبَ اللّهُ عَلَيهِ رَبّ العَالَمِينَ فَقَالَ الصوّفيِ‌ّ بِحَقّ اللّهِ عَلَيكَ إِلّا دلَلَتنَيِ‌ عَلَي عَمَلٍ أَتَقَرّبُ بِهِ إِلَي اللّهِ وَ أَستَعِينُ بِهِ عَلَي نَوَائِبِ دهَريِ‌ فَقَالَ اقنَع مِن دُنيَاكَ بِالعَفَافِ وَ الكَفَافِ وَ استَعِن عَلَي الآخِرَةِ بِحُبّ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ بُغضِ أَعدَائِهِ فإَنِيّ‌ عَبَدتُ اللّهَ فِي سَبعِ سَمَاوَاتِهِ وَ عَصَيتُهُ فِي سَبعِ أَرَضِيهِ


صفحه : 254

فَلَا وَجَدتُ مَلَكاً مُقَرّباً وَ لَا نَبِيّاً مُرسَلًا إِلّا وَ هُوَ يَتَقَرّبُ بِحُبّهِ قَالَ ثُمّ غَابَ عَن بصَرَيِ‌ فَأَتَيتُ أَبَا جَعفَرٍ فَأَخبَرتُهُ بِخَبَرِهِ فَقَالَ آمَنَ المَلعُونُ بِلِسَانِهِ وَ كَفَرَ بِقَلبِهِ

بيان في القاموس الخريبة كجهينة موضع بالبصرة يسمي البصرة الصغري والمراد بالهودج ماركبته عائشة يوم الجمل

118- العيَاّشيِ‌ّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَطِيّةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ إِبلِيسَ عَبَدَ اللّهَ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ فِي رَكعَتَينِ سِتّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ كَانَ إِنظَارُ اللّهِ إِيّاهُ إِلَي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ بِمَا سَبَقَ مِن تِلكَ العِبَادَةِ

119- وَ مِنهُ، عَن وَهبِ بنِ جُمَيعٍ مَولَي إِسحَاقَ بنِ عَمّارٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ إِبلِيسَرَبّ فأَنَظرِنيِ‌ إِلي يَومِ يُبعَثُونَ قالَ فَإِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ قَالَ لَهُ وَهبٌ جُعِلتُ فِدَاكَ أَيّ يَومٍ هُوَ قَالَ يَا وَهبُ أَ تَحسَبُ أَنّهُ يَومُ يَبعَثُ اللّهُ فِيهِ النّاسَ إِنّ اللّهَ أَنظَرَهُ إِلَي يَومِ يَبعَثُ فِيهِ قَائِمَنَا فَإِذَا بَعَثَ اللّهُ قَائِمَنَا كَانَ فِي مَسجِدِ الكُوفَةِ وَ جَاءَ إِبلِيسُ حَتّي يَجثُوَ بَينَ يَدَيهِ عَلَي رُكبَتَيهِ فَيَقُولُ يَا وَيلَهُ مِن هَذَا اليَومِ فَيَأخُذُ بِنَاصِيَتِهِ فَيَضرِبُ عُنُقَهُ فَذَلِكَ يَومُ الوَقتِ المَعلُومِ

120- وَ مِنهُ، عَن أَبِي جَمِيلَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قُلتُ أَ رَأَيتَ قَولَ اللّهِإِنّ عبِاديِ‌ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ مَا تَفسِيرُ هَذَا قَالَ قَالَ اللّهُ إِنّكَ لَا تَملِكُ أَن تُدخِلَهُم جَنّةً وَ لَا نَاراً

بيان كأن المعني لاتقدر علي إجبارهم علي مايوجب الجنة أوالنار

121-العيَاّشيِ‌ّ، عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُفَإِذا


صفحه : 255

قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللّهِ مِنَ الشّيطانِ الرّجِيمِ إِنّهُ لَيسَ لَهُ سُلطانٌ عَلَي الّذِينَ آمَنُوا وَ عَلي رَبّهِم يَتَوَكّلُونَ إِنّما سُلطانُهُ عَلَي الّذِينَ يَتَوَلّونَهُ وَ الّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ قَالَ فَقَالَ يَا بَا مُحَمّدٍ يُسَلّطُ وَ اللّهِ مِنَ المُؤمِنِينَ عَلَي أَبدَانِهِم وَ لَا يُسَلّطُ عَلَي أَديَانِهِم قَد سُلّطَ عَلَي أَيّوبَ فَشَوّهَ خَلقَهُ وَ لَم يُسَلّط عَلَي دِينِهِ قُلتُ لَهُ قَولُهُإِنّما سُلطانُهُ عَلَي الّذِينَ يَتَوَلّونَهُ وَ الّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ قَالَ الّذِينَ هُم بِاللّهِ مُشرِكُونَ يُسَلّطُ عَلَي أَبدَانِهِم وَ عَلَي أَديَانِهِم

الكافي‌، عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبدالرحمن عن منصور بن يونس عن أبي بصير مثله

122- العيَاّشيِ‌ّ، عَن سَمَاعَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِفَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللّهِ مِنَ الشّيطانِ الرّجِيمِ قُلتُ كَيفَ أَقُولُ قَالَ تَقُولُ أَستَعِيذُ بِالسّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشّيطَانِ الرّجِيمِ قَالَ إِنّ الرّجِيمَ أَخبَثُ الشّيَاطِينِ قُلتُ لِمَ يُسَمّي الرّجِيمَ قَالَ لِأَنّهُ يُرجَمُ قُلتُ فَمَا يَنفَلِتُ مِنهَا شَيءٌ قَالَ لَا قُلتُ فَكَيفَ سمُيّ‌َ الرّجِيمَ وَ لَم يُرجَم بَعدُ قَالَ يَكُونُ فِي العِلمِ أَنّهُ رَجِيمٌ

123- وَ مِنهُ، عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِإِنّما سُلطانُهُ عَلَي الّذِينَ يَتَوَلّونَهُ وَ الّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ قَالَ لَيسَ لَهُ أَن يُزِيلَهُم عَنِ الوَلَايَةِ فَأَمّا الذّنُوبُ وَ أَشبَاهُ ذَلِكَ فَإِنّهُ يَنَالُ مِنهُم كَمَا يَنَالُ مِن غَيرِهِم


صفحه : 256

124- وَ مِنهُ، عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ كَانَ الحَجّاجُ ابنَ شَيطَانٍ يُبَاضِعُ ذيِ‌ الرّدهَةِ ثُمّ قَالَ إِنّ يُوسُفَ دَخَلَ عَلَي أُمّ الحَجّاجِ فَأَرَادَ أَن يُصِيبَهَا فَقَالَت أَ لَيسَ إِنّمَا عَهدُكَ بِذَلِكَ السّاعَةَ فَأَمسَكَ عَنهَا فَوَلَدَتِ الحَجّاجَ

بيان يباضع أي يجامع وذي‌ الردهة نعت أوعطف بيان للشيطان إن لم يكن في الكلام تصحيف قَالَ فِي النّهَايَةِ، فِي حَدِيثِ عَلِيّ ع أَنّهُ ذَكَرَ ذَا الثّدَيّةِ فَقَالَ شَيطَانُ الرّدهَةِ

والردهة النقرة في الجبل يستنقع فيهاالماء وقيل الردهة قلة الرابية و في حديثه و أماشيطان الردهة فقد كفيته سمعت لها وجيب قلبه قيل أراد به معاوية لماانهزم أهل الشام يوم صفين وأخلد إلي المحاكمة انتهي . و قال ابن أبي الحديد و قال قوم شيطان الردهة أحد الأبالسة المردة من أعوان عدو الله إبليس ورووا في ذلك خبرا عن النبي ص و أنه كان يتعوذ منه و هذامثل قوله هذاأزب العقبة أي شيطانها ولعل أزب العقبة هوشيطان الردهة بعينه و قال قوم إنه عفريت مارد يتصور في صورة حية و يكون في الردهة

125-العيَاّشيِ‌ّ، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الخزُاَعيِ‌ّ عَن أَبِيهِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَذكُرُ فِي حَدِيثِ غَدِيرِ خُمّ أَنّهُ لَمّا قَالَ النّبِيّص لعِلَيِ‌ّ ع مَا قَالَ وَ أَقَامَهُ لِلنّاسِ صَرَخَ إِبلِيسُ صَرخَةً فَاجتَمَعَت لَهُ العَفَارِيتُ فَقَالُوا يَا سَيّدَنَا مَا هَذِهِ الصّرخَةُ فَقَالَ وَيلَكُم يَومُكُم كَيَومِ عِيسَي وَ اللّهِ لَأُضِلّنّ فِيهِ الخَلقَ قَالَ فَنَزَلَ القُرآنُوَ لَقَد صَدّقَ عَلَيهِم إِبلِيسُ ظَنّهُ فَاتّبَعُوهُ إِلّا فَرِيقاً مِنَ المُؤمِنِينَ فَقَالَ فَصَرَخَ إِبلِيسُ صَرخَةً فَرَجَعَت إِلَيهِ العَفَارِيتُ فَقَالُوا يَا سَيّدَنَا مَا هَذِهِ الصّرخَةُ الأُخرَي فَقَالَ وَيحَكُم حَكَي اللّهُ وَ اللّهِ كلَاَميِ‌


صفحه : 257

قُرآناً وَ أَنزَلَ عَلَيهِوَ لَقَد صَدّقَ عَلَيهِم إِبلِيسُ ظَنّهُ فَاتّبَعُوهُ إِلّا فَرِيقاً مِنَ المُؤمِنِينَ ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ ثُمّ قَالَ وَ عِزّتِكَ وَ جَلَالِكَ لَأُلحِقَنّ الفَرِيقَ بِالجَمِيعِ قَالَ فَقَالَ النّبِيّص بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِإِنّ عبِاديِ‌ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ قَالَ ثُمّ صَرَخَ إِبلِيسُ صَرخَةً فَرَجَعَت إِلَيهِ العَفَارِيتُ فَقَالُوا يَا سَيّدَنَا مَا هَذِهِ الصّرخَةُ الثّالِثَةُ قَالَ وَ اللّهِ مِن أَصحَابِ عَلِيّ وَ لَكِن وَ عِزّتِكَ وَ جَلَالِكَ يَا رَبّ لَأُزَيّنَنّ لَهُمُ المعَاَصيِ‌ حَتّي أُبَغّضَهُم إِلَيكَ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع وَ ألّذِي بَعَثَ بِالحَقّ مُحَمّداً لَلعَفَارِيتُ وَ الأَبَالِسَةُ عَلَي المُؤمِنِ أَكثَرُ مِنَ الزّنَابِيرِ عَلَي اللّحمِ وَ المُؤمِنُ أَشَدّ مِنَ الجَبَلِ وَ الجَبَلُ تَدنُو إِلَيهِ بِالفَأسِ فَتَنحِتُ مِنهُ وَ المُؤمِنُ لَا يُستَقَلّ عَن دِينِهِ

126- العيَاّشيِ‌ّ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ سَالِمٍ فِي قَولِ اللّهِإِنّ عبِاديِ‌ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ وَ كَفي بِرَبّكَ وَكِيلًا قَالَ نَزَلَت فِي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ نَحنُ نَرجُو أَن يجَريِ‌َ لِمَن أَحَبّ اللّهُ مِن عِبَادِهِ المُسلِمِينَ

127- الكاَفيِ‌، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِنَا عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن أَبِي جَمِيلَةَ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ إِبلِيسَ عَلَيهِ لَعَائِنُ اللّهِ يَبُثّ جُنُودَ اللّيلِ مِن حين [حَيثُ]تَغِيبُ الشّمسُ وَ تَطلُعُ فَأَكثِرُوا ذِكرَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي هَاتَينِ السّاعَتَينِ وَ تَعَوّذُوا بِاللّهِ مِن شَرّ إِبلِيسَ وَ جُنُودِهِ وَ عَوّذُوا صِغَارَكُم فِي هَاتَينِ السّاعَتَينِ فَإِنّهُمَا سَاعَتَا غَفلَةٍ

128- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَابُندَادَ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي هَاشِمٍ عَن أَبِي خَدِيجَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا مِن أَحَدٍ يَحضُرُهُ المَوتُ إِلّا وَكّلَ بِهِ إِبلِيسُ مِن شَيَاطِينِهِ مَن يَأمُرُهُ بِالكُفرِ وَ يُشَكّكُهُ فِي دِينِهِ حَتّي تَخرُجَ نَفسُهُ فَمَن كَانَ مُؤمِناً لَم يَقدِر عَلَيهِ فَإِذَا حَضَرتُم مَوتَاكُم فَلَقّنُوهُم شَهَادَةَ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ حَتّي يَمُوتَ


صفحه : 258

129- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي قَالَ فَلَقّنهُ كَلِمَاتِ الفَرَجِ وَ الشّهَادَتَينِ وَ تسُمَيّ‌ لَهُ الإِقرَارَ بِالأَئِمّةِ ع وَاحِداً بَعدَ وَاحِدٍ حَتّي يَنقَطِعَ عَنهُ الكَلَامُ

130- وَ مِنهُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ وَ مُحَمّدِ بنِ يَحيَي جَمِيعاً عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَحمَدَ بنِ زَكَرِيّا عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدِ بنِ مَيمُونٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن غِيَاثِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا اجتَمَعَ ثَلَاثَةٌ مِنَ المُؤمِنِينَ فَصَاعِداً إِلّا حَضَرَ مِنَ المَلَائِكَةِ مِثلُهُم فَإِن دَعَوا بِخَيرٍ أَمّنُوا وَ إِنِ استَعَاذُوا مِن شَرّ دَعَوُا اللّهَ لِيَصرِفَهُ عَنهُم وَ إِن سَأَلُوا حَاجَةً تَشَفّعُوا إِلَي اللّهِ وَ سَأَلُوهُ قَضَاهَا وَ مَا اجتَمَعَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الجَاحِدِينَ إِلّا حَضَرَهُم عَشَرَةُ أَضعَافِهِم مِنَ الشّيَاطِينِ فَإِن تَكَلّمُوا تَكَلّمَ الشّيَاطِينُ بِنَحوِ كَلَامِهِم وَ إِذَا ضَحِكُوا ضَحِكُوا مَعَهُم وَ إِذَا نَالُوا مِن أَولِيَاءِ اللّهِ نَالُوا مَعَهُم فَمَنِ ابتلُيِ‌َ مِنَ المُؤمِنِينَ بِهِم فَإِذَا خَاضُوا فِي ذَلِكَ فَليَقُم وَ لَا يَكُن شِركَ شَيطَانٍ وَ لَا جَلِيسَهُ فَإِنّ غَضَبَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ لَا يَقُومُ لَهُ شَيءٌ وَ لَعنَتَهُ لَا يَرُدّهَا شَيءٌ ثُمّ قَالَ ع فَإِن لَم يَستَطِع فَليُنكِر بِقَلبِهِ وَ ليَقُم وَ لَو حَلبَ شَاةٍ أَو فُوَاقَ نَاقَةٍ

بيان الفواق كغراب بين الحلبتين من الوقت ويفتح أو ما بين فتح يدك وقبضها علي الضرع

131-الكاَفيِ‌،بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَن مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ مَحفُوظٍ عَن أَبِي المَغرَاءِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ ع يَقُولُ لَيسَ شَيءٌ أَنكَي لِإِبلِيسَ وَ جُنُودِهِ مِن زِيَارَةِ الإِخوَانِ فِي اللّهِ بَعضِهِم لِبَعضٍ وَ قَالَ وَ إِنّ المُؤمِنَينِ يَلتَقِيَانِ فَيَذكُرَانِ اللّهَ ثُمّ يَذكُرَانِ فَضلَنَا أَهلَ البَيتِ فَلَا يَبقَي عَلَي وَجهِ إِبلِيسَ مُضغَةٌ إِلّا تَخَدّدُ حَتّي إِنّ رُوحَهُ لَتَستَغِيثُ مِن شِدّةِ مَا تَجِدُ مِنَ الأَلَمِ فَتَحُسّ مَلَائِكَةُ السّمَاءِ وَ خُزّانُ الجِنَانِ فَيَلعَنُونَهُ حَتّي لَا يَبقَي مَلَكٌ مُقَرّبٌ


صفحه : 259

إِلّا لَعَنَهُ فَيَقَعُ خَاسِئاً حَسِيراً مَدحُوراً

بيان في القاموس نكي العدو فيه نكاية قتل وجرح والقرحة نكاها أي قشرها قبل أن تبرأ فنديت و قال خدد لحمه وتخدد هزل ونقص و قال خسأ الكلب طرده والحسير الكال والمتلهف والمعيي‌ والدحر الطرد والإبعاد والدفع

132- الكاَفيِ‌، عَنِ العِدّةِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ بَكرٍ عَن زَكَرِيّا المُؤمِنِ عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ اطوُوا ثِيَابَكُم بِاللّيلِ فَإِنّهَا إِذَا كَانَت مَنشُورَةً لَبِسَهَا الشّيطَانُ

133- وَ مِنهُ، عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن فَضَالَةَ عَن دَاوُدَ بنِ فَرقَدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ المَلَائِكَةَ كَانُوا يَحسَبُونَ أَنّ إِبلِيسَ مِنهُم وَ كَانَ فِي عِلمِ اللّهِ أَنّهُ لَيسَ مِنهُم فَاستَخرَجَ مَا فِي نَفسِهِ بِالحَمِيّةِ وَ الغَضَبِ فَقَالَخلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ

134- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي بنِ عُبَيدٍ عَن يُونُسَ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص بَينَمَا مُوسَي ع جَالِسٌ إِذ أَقبَلَ إِبلِيسُ وَ عَلَيهِ بُرنُسٌ ذُو أَلوَانٍ فَلَمّا دَنَا مِن مُوسَي خَلَعَ البُرنُسَ وَ قَامَ إِلَي مُوسَي فَسَلّمَ عَلَيهِ فَقَالَ لَهُ مُوسَي مَن أَنتَ قَالَ أَنَا إِبلِيسُ قَالَ أَنتَ فَلَا قَرّبَ اللّهُ دَارَكَ قَالَ إنِيّ‌ إِنّمَا جِئتُ لِأُسَلّمَ عَلَيكَ لِمَكَانِكَ مِنَ اللّهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ مُوسَي فَمَا هَذَا البُرنُسُ قَالَ بِهِ أَختَطِفُ قُلُوبَ بنَيِ‌ آدَمَ فَقَالَ لَهُ مُوسَي فأَخَبرِنيِ‌ عَنِ الذّنبِ ألّذِي إِذَا أَذنَبَهُ ابنُ آدَمَ استَحوَذتَ عَلَيهِ قَالَ إِذَا أَعجَبَتهُ نَفسُهُ وَ استَكثَرَ عَمَلَهُ وَ صَغُرَ فِي عَينَيهِ ذَنبُهُ


صفحه : 260

135- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي الخَزّازِ عَن غِيَاثِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الشّيطَانَ يُدَبّرُ ابنَ آدَمَ فِي كُلّ شَيءٍ فَإِذَا أَعيَاهُ جَثَمَ لَهُ عِندَ المَالِ فَأَخَذَ بِرَقَبَتِهِ

بيان جثم الإنسان والطائر لزم مكانه فلم يبرح أووقع علي صدره

136- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يَقُولُ إِبلِيسُ لِجُنُودِهِ أَلقُوا بَينَهُمُ الحَسَدَ وَ البغَي‌َ فَإِنّهُمَا يَعدِلَانِ عِندَ اللّهِ الشّركَ

137- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن سَلَمَةَ بنِ الخَطّابِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مَيمُونٍ عَن عِيسَي بنِ عَبدِ اللّهِ عَن جَدّهِ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع قَالَ رَسُولُ اللّهِص بَيتُ الشّيطَانِ مِن بُيُوتِكُم بُيُوتُ العَنكَبُوتِ

138- وَ مِنهُ، عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن سَمَاعَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن إِغلَاقِ الأَبوَابِ وَ إِيكَاءِ الأوَاَنيِ‌ وَ إِطفَاءِ السّرَاجِ فَقَالَ أَغلِق بَابَكَ فَإِنّ الشّيطَانَ لَا يَكشِفُ مُخَمّراً يعَنيِ‌ مُغَطّي


صفحه : 261

139- وَ مِنهُ، عَنِ العِدّةِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي مُحَمّدِ بنِ نَصرٍ عَن صَفوَانَ عَنِ العَلَاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَحَدِهِمَا أَنّهُ قَالَ لَا تَشرَب وَ أَنتَ قَائِمٌ وَ لَا تَبُل فِي مَاءٍ نَقِيعٍ وَ لَا تَطُف بِقَبرٍ وَ لَا تَخلُ فِي بَيتٍ وَحدَكَ وَ لَا تَمشِ بِنَعلٍ وَاحِدَةٍ فَإِنّ الشّيطَانَ أَسرَعَ مَا يَكُونُ إِلَي العَبدِ إِذَا كَانَ عَلَي بَعضِ هَذِهِ الأَحوَالِ وَ قَالَ إِنّهُ مَا أَصَابَ أَحَداً شَيءٌ عَلَي هَذِهِ الحَالِ فَكَادَ أَن يُفَارِقَهُ إِلّا أَن يَشَاءَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ

بيان لاتطف بقبر كان المعني لاتتغوط عليه قال في النهاية الطوف الحدث من الطعام و منه الحديث نهي عن محدثين علي طوفهما أي عندالغائط و في القاموس الطوف الغائط وطاف ذهب ليتغوط كاطاف علي افتعل

140- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُغِيرَةِ عَنِ السكّوُنيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ ع أَنّ النّبِيّص قَالَ لِأَصحَابِهِ أَ لَا أُخبِرُكُم بشِيَ‌ءٍ إِن أَنتُم فَعَلتُمُوهُ تَبَاعَدَ الشّيطَانُ مِنكُم كَمَا تَبَاعَدَ المَشرِقُ مِنَ المَغرِبِ قَالُوا بَلَي قَالَ الصّومُ يُسَوّدُ وَجهَهُ وَ الصّدَقَةُ تَكسِرُ ظَهرَهُ وَ الحُبّ فِي اللّهِ وَ المُوَازَرَةُ عَلَي العَمَلِ الصّالِحِ يَقطَعُ دَابِرَهُ وَ الِاستِغفَارُ يَقطَعُ وَتِينَهُ

بيان في النهاية يقطع دابرهم أي جميعهم حتي لايبقي منهم أحد ودابر القوم آخر من يبقي منهم ويجي‌ء في آخرهم و قال الوتين عرق في القلب إذاقطع مات صاحبه

141- الكاَفيِ‌، عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُلوَانَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا طَلَعَ هِلَالُ شَهرِ رَمَضَانَ غُلّت مَرَدَةُ الشّيَاطِينِ


صفحه : 262

142- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلٍ قَالَ كَانَ الطّيّارُ يَقُولُ لِي إِبلِيسُ لَيسَ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ إِنّمَا أُمِرَتِ المَلَائِكَةُ بِالسّجُودِ لِآدَمَ ع فَقَالَ إِبلِيسُ لَا أَسجُدُ فَمَا لِإِبلِيسَ يعَصيِ‌ حِينَ لَم يَسجُد وَ لَيسَ هُوَ مِنَ المَلَائِكَةِ قَالَ فَدَخَلتُ أَنَا وَ هُوَ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ فَأَحسَنَ وَ اللّهِ فِي المَسأَلَةِ فَقَالَ جُعِلتُ فِدَاكَ أَ رَأَيتَ مَا نَدَبَ اللّهُ إِلَيهِ المُؤمِنِينَ مِن قَولِهِيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَ دَخَلَ فِي ذَلِكَ المُنَافِقُونَ مَعَهُم قَالَ نَعَم وَ الضّلّالُ وَ كُلّ مَن أَقَرّ بِالدّعوَةِ الظّاهِرَةِ وَ كَانَ إِبلِيسُ مِمّن أَقَرّ بِالدّعوَةِ الظّاهِرَةِ مَعَهُم

143- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ وَ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن حَنَانِ بنِ سَدِيرٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ قَالَ النّبِيّص لعِلَيِ‌ّ ع إِيّاكَ أَن تَركَبَ مِيثَرَةً حَمرَاءَ فَإِنّهَا مِيثَرَةُ إِبلِيسَ

بيان في النهاية فيه أنه نهي عن ميثرة الأرجوان الميثرة بالكسر مفعلة من الوثارة يقال وثر وثارة فهو وثير أي وطي‌ء لين وهي‌ من مراكب العجم تعمل من حرير أوديباج يحشي بقطن أوصوف يجعلها الراكب تحته علي الرحال

144-التّهذِيبُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ مَحبُوبٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن صَفوَانَ عَنِ العَلَاءِ عَن مُحَمّدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ لَيسَ مِن عَبدٍ إِلّا وَ يُوقَظُ فِي كُلّ لَيلَةٍ


صفحه : 263

مَرّةً أَو مَرّتَينِ أَو مِرَاراً فَإِن قَامَ كَانَ ذَلِكَ وَ إِلّا فَحّجَ الشّيطَانُ فَبَالَ فِي أُذُنِهِ أَ وَ لَا يَرَي أَحَدُكُم أَنّهُ إِذَا قَامَ وَ لَم يَكُن ذَلِكَ مِنهُ قَامَ وَ هُوَ مُتَخَثّرٌ ثَقِيلٌ كَسلَانُ

توضيح كأن بول الشيطان كناية عن قوة استيلائه وغلبته عليه و إن احتمل الحقيقة أيضا قال في النهاية فيه أنه بال قائما ففحج رجليه أي فرقهما وباعد مابينهما والفحج تباعد ما بين الفخذين و قال فيه من نام حتي أصبح فقد بال الشيطان في أذنه قيل معناه سخر منه وظهر عليه حتي نام عن طاعة الله كقول الشاعر


  ال سهيل في الفضيح ففسد

أي لما كان الفضيح يفسد بطلوع سهيل كان ظهوره عليه مفسدا له وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ الحَسَنِ مُرسَلًا أَنّ النّبِيّص قَالَ فَإِذَا نَامَ شَغَرَ الشّيطَانُ بِرِجلِهِ فَبَالَ فِي أُذُنِهِ

وحديث ابن مسعود كفي بالرجل شرا أن يبول الشيطان في أذنه و كل هذا علي سبيل المجاز والتمثيل انتهي . و قال الطيبي‌ فيه تمثيل لتثاقل نومه وعدم تنبهه بصوت المؤذن بحال من بول في أذنه وفسد حسه . و قال النووي‌ قال القاضي‌ لايبعد حمله علي ظاهره وخص الأذن لأنها حاسة الانتباه

145- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ لِإِبلِيسَ عَوناً يُقَالُ لَهُ تَمرِيحٌ إِذَا جَاءَ اللّيلُ مَلَأَ مَا بَينَ الخَافِقَينِ


صفحه : 264

146- نَوَادِرُ الراّونَديِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللّهِص يَا رَسُولَ اللّهِ مَا ألّذِي يُبَاعِدُ الشّيطَانَ مِنّا قَالَ الصّومُ لِلّهِ يُسَوّدُ وَجهَهُ وَ الصّدَقَةُ تَكسِرُ ظَهرَهُ وَ الحُبّ فِي اللّهِ تَعَالَي وَ المُوَاظَبَةُ عَلَي العَمَلِ الصّالِحِ يَقطَعُ دَابِرَهُ وَ الِاستِغفَارُ يَقطَعُ وَتِينَهُ

147- النهج ،[نهج البلاغة] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَقَد سَمِعتُ رَنّةَ الشّيطَانِ حِينَ نَزَلَ الوحَي‌ُ عَلَيهِص فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا هَذِهِ الرّنّةُ فَقَالَ هَذَا الشّيطَانُ قَد آيس [أَيِسَ] مِن عِبَادَتِهِ إِنّكَ تَسمَعُ مَا أَسمَعُ وَ تَرَي مَا أَرَي إِلّا أَنّكَ لَستَ بنِبَيِ‌ّ وَ لَكِنّكَ وَزِيرٌ وَ إِنّكَ لَعَلَي خَيرٍ

148- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ العَبّاسِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن مَنصُورِ بنِ يُونُسَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُفَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللّهِ مِنَ الشّيطانِ الرّجِيمِ إِنّهُ لَيسَ لَهُ سُلطانٌ عَلَي الّذِينَ آمَنُوا وَ عَلي رَبّهِم يَتَوَكّلُونَ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمّدٍ يُسَلّطُ وَ اللّهِ مِنَ المُؤمِنِ عَلَي بَدَنِهِ وَ لَا يُسَلّطُ عَلَي دِينِهِ قَد سُلّطَ عَلَي أَيّوبَ ع فَشَوّهَ خَلقَهُ وَ لَم يُسَلّط عَلَي دِينِهِ وَ قَد يُسَلّطُ مِنَ المُؤمِنِينَ عَلَي أَبدَانِهِم وَ لَا يُسَلّطُ عَلَي دِينِهِم قُلتُ لَهُ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّإِنّما سُلطانُهُ عَلَي الّذِينَ يَتَوَلّونَهُ وَ الّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ قَالَ الّذِينَ هُم بِاللّهِ مُشرِكُونَ يُسَلّطُ عَلَي أَبدَانِهِم وَ عَلَي أَديَانِهِم

تبيين قدمر الكلام في تفسير الآية و لماكانت الاستعاذة الكاملة ملزومة للإيمان الكامل بالله وقدرته وعلمه وكماله والإقرار بعجز نفسه وافتقاره في جميع أموره إلي معونته تعالي وتوكله في كل أحواله عليه فلذا ذكر بعدالاستعاذة أنه ليس له


صفحه : 265

سلطنة واستيلاء علي الذين آمنوا و علي ربهم يتوكلون فالمستعيذ به تعالي في أمانه وحفظه إذاراعي شرائط الاستعاذة. و قوله ع و لايسلط علي دينه أي في أصول عقائده أوالأعم منها و من الأعمال فإنه إذا كان علي حقيقة الإيمان وارتكب بإغوائه بعض المعاصي‌ فالله يوفقه للتوبة والإنابة ويصير ذلك سببا لمزيد رفعته في الإيمان وبعده عن وساوس الشيطان ويدل الخبر علي أن ضمير به راجع إلي الرب كما هوالأظهر لا إلي الشيطان

149- الكاَفيِ‌، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ وَ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ هَذَا الغَضَبَ جَمرَةٌ مِنَ الشّيطَانِ تُوقَدُ فِي قَلبِ ابنِ آدَمَ وَ إِنّ أَحَدَكُم إِذَا غَضِبَ احمَرّت عَينَاهُ وَ انتَفَخَت أَودَاجُهُ وَ دَخَلَ الشّيطَانُ فِيهِ فَإِذَا خَافَ أَحَدُكُم ذَلِكَ مِن نَفسِهِ فَليَلزَمِ الأَرضَ فَإِنّ رِجزَ الشّيطَانِ لَيَذهَبُ عَنهُ عِندَ ذَلِكَ

150- حَيَاةُ الحَيَوَانِ، قَالَ وَهبُ بنُ الوَردِ بَلَغَنَا أَنّ إِبلِيسَ تَمَثّلَ لِيَحيَي بنِ زَكَرِيّا ع فَقَالَ لَهُ أَنصَحُكَ فَقَالَ لَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَ لَكِن أخَبرِنيِ‌ عَن بنَيِ‌ آدَمَ فَقَالَ هُم عِندَنَا ثَلَاثَةُ أَصنَافٍ صِنفٌ مِنهُم أَشَدّ الأَصنَافِ عِندَنَا نُقبِلُ عَلَي أَحَدِهِم حَتّي نَفتِنَهُ فِي دِينِهِ وَ نَستَمكِنَ مِنهُ فَيَفزَعُ إِلَي الِاستِغفَارِ وَ التّوبَةِ فَيُفسِدُ عَلَينَا كُلّ شَيءٍ نُصِيبُهُ مِنهُ ثُمّ نَعُودُ إِلَيهِ فَيَعُودُ إِلَي الِاستِغفَارِ وَ التّوبَةِ فَلَا نَيأَسُ مِنهُ وَ لَا نَحنُ نُدرِكُ مِنهُ حَاجَتَنَا فَنَحنُ مَعَهُ فِي عَنَاءٍ وَ صِنفٌ هُم فِي أَيدِينَا بِمَنزِلَةِ الكُرَةِ فِي أيَديِ‌ صِبيَانِكُم نَتَلَقّفُهُم كَيفَ شِئنَا قَد كُفِينَا مَئُونَةَ أَنفُسِهِم وَ صِنفٌ مِنهُم مِثلُكَ مَعصُومُونَ لَا نَقدِرُ مِنهُم عَلَي شَيءٍ


صفحه : 266

151-المُتَهَجّدُ، عَن جَمَاعَةٍ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحُسَينِ العلَوَيِ‌ّ عَن عَبدِ العَظِيمِ الحسَنَيِ‌ّ أَنّ أَبَا جَعفَرٍ مُحَمّدَ بنَ عَلِيّ ع كَتَبَ هَذِهِ العُوذَةَ لِابنِهِ أَبِي الحَسَنِ ع وَ سَاقَ الدّعَاءَ الطّوِيلَ إِلَي قَولِهِ أَمتَنِعُ مِن شَيَاطِينِ الإِنسِ وَ الجِنّ وَ مِن رَجِلِهِم وَ خَيلِهِم وَ رَكضِهِم وَ عَطفِهِم وَ رَجعَتِهِم وَ كَيدِهِم وَ شَرّهِم وَ شَرّ مَا يَأتُونَ بِهِ تَحتَ اللّيلِ وَ تَحتَ النّهَارِ مِنَ البُعدِ وَ القُربِ وَ مِن شَرّ الغَائِبِ وَ الحَاضِرِ إِلَي قَولِهِ وَ مِن شَرّ الدّنَاهِشِ وَ الحِسّ وَ اللّمسِ وَ اللّبسِ وَ مِن عَينِ الجِنّ وَ الإِنسِ وَ مِن شَرّ كُلّ صُورَةٍ وَ خِيَالٍ أَو بَيَاضٍ أَو سَوَادٍ أَو مِثَالٍ أَو مُعَاهَدٍ أَو غَيرِ مُعَاهَدٍ مِمّن يَسكُنُ الهَوَاءَ وَ السّحَابَ وَ الظّلُمَاتِ وَ النّورَ وَ الظّلّ وَ الحَرُورَ وَ البَرّ وَ البُحُورَ وَ السّهلَ وَ الوُعُورَ وَ الخَرَابَ وَ العِمرَانَ وَ الآكَامَ وَ الآجَامَ وَ المَغَايِضَ وَ الكَنَائِسَ وَ النّوَاوِيسَ وَ الفَلَوَاتِ وَ الجَبّانَاتِ مِنَ الصّادِرِينَ وَ الوَارِدِينَ مِمّن يَبدُو بِاللّيلِ وَ يَنتَشِرُ بِالنّهَارِ وَ باِلعشَيِ‌ّ وَ الإِبكَارِ وَ الغُدُوّ وَ الآصَالِ وَ المُرِيبِينَ وَ الأَسَامِرَةِ وَ الأَفَاتِرَةِ وَ ابنِ فِطرَةٍ وَ الفَرَاعِنَةِ وَ الأَبَالِسَةِ وَ مِن جُنُودِهِم وَ أَزوَاجِهِم وَ عَشَائِرِهِم وَ قَبَائِلِهِم وَ مِن هَمزِهِم وَ لَمزِهِم وَ نَفثِهِم وَ وِقَاعِهِم وَ أَخذِهِم وَ سِحرِهِم وَ ضَربِهِم وَ عَينِهِم وَ لَمحِهِم وَ احتِيَالِهِم وَ إِحلَافِهِم وَ مِن شَرّ كُلّ ذيِ‌ شَرّ مِنَ السّحَرَةِ وَ الغِيلَانِ وَ أُمّ الصّبيَانِ


صفحه : 267

وَ مَا وَلَدُوا وَ مَا وَرَدُوا إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ

توضيح قال الكفعمي‌ رحمه الله الدناهش جنس من أجناس الجن والحس الصوت الخفي‌ وبرد يحرق الكلاء والقتل والتمثال الصورة والمعاهد ألذي حصل منه الأمان والآكام جمع أكمة وهي‌ الرابية والآجام جمع أجمة وهي‌ منبت الشجر والقصب الملتف والمغايض جمع مغيضة وهي‌ الأجمة وكنائس اليهود معروفة. والنواويس مقابر النصاري والمريبين الذين يأتون بالريبة والتهمة والأسامرة الذين يتحدثون بالليل والأفاترة الأبالسة و ابن فطرة حية خبيثة. والفراعنة العتاة والأبالسة هم الشياطين وهم ذكور وإناث يتوالدون و لايموتون ويخلدون في الدنيا كماخلد إبليس وإبليس هو أبوالجن والجن ذكور وإناث ويتوالدون ويموتون و أماالجان فهو أبوالجن وقيل هوإبليس وقيل إنه مسخ الجن كما أن القردة والخنازير مسخ الإنس والكل خلقوا قبل آدم ع والعرب تنزل الجن مراتب فإذاذكروا الجنس قالوا جن فإن أرادوا أنه يسكن مع الناس قالوا عامر والجمع عمار فإن كانوا ممن يتعرض للصبيان قالوا أرواح فإن خبث فهو شيطان فإن زاد علي ذلك قالوا مارد فإن زاد علي القوة قالوا عفريت وَ روُيِ‌َ أَنّ النّبِيّص قَالَ خَلَقَ اللّهُ الجِنّ خَمسَةَ أَصنَافٍ صِنفٌ كَالرّيحِ فِي الهَوَاءِ وَ صِنفٌ حَيّاتٌ وَ صِنفٌ عَقَارِبُ وَ صِنفٌ حَشَرَاتُ الأَرضِ وَ صِنفٌ كبَنَيِ‌ آدَمَ عَلَيهِمُ الحِسَابُ وَ العِقَابُ

والغيلان سحرة الجن وأم الصبيان ريح تعرض لهم .أقول وسيأتي‌ الدعاء بتمامه مشروحا في كتاب الدعاء إن شاء الله

152- الفَقِيهُ، قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع إِذَا تَغَوّلَت بِكُمُ الغُولُ فَأَذّنُوا

153-المَحَاسِنُ، عَن عُبَيدِ بنِ يَحيَي بنِ المُغِيرَةِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن سَلّامٍ


صفحه : 268

المدَاَئنِيِ‌ّ عَن جَابِرٍ الجعُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا تَغَوّلَت بِكُمُ الغِيلَانُ فَأَذّنُوا بِأَذَانِ الصّلَاةِ

بيان قال الشهيد رحمه الله في الذكري فِي الجَعفَرِيّاتِ عَنِ النّبِيّص إِذَا تَغَوّلَت بِكُمُ الغِيلَانُ فَأَذّنُوا بِأَذَانِ الصّلَاةِ

. ورواه العامة وفسره الهروي‌ بأن العرب تقول إن الغيلان في الفلوات تراءي للناس تتغول تغولا أي تتلون تلونا فتضلهم عن الطريق وتهلكهم وروي‌ في الحديث لاغول و فيه إبطال لكلام العرب فيمكن أن يكون الأذان لدفع الخيال ألذي يحصل في الفلوات و إن لم تكن له حقيقة و في مضمر سليمان الجعفري‌ سمعته يقول أذن في بيتك فإنه يطرد الشيطان ويستحب من أجل الصبيان و هذايمكن حمله علي أذان الصلاة. و في النهاية فيه لاغول و لاصفر الغول أحد الغيلان وهي‌ جنس من الجن والشياطين وكانت العرب تزعم أن الغول تتراءي للناس فتتغول تغولا أي تتلون تلونا في صور شتي وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم فنفاه النبي ص وأبطله وقيل قوله لاغول ليس نفيا لعين الغول ووجوده وإنما فيه إبطال مزعم العرب وتلونه بالصور المختلفة واغتياله فيكون المعني بقوله و لاغول أنها لاتستطيع أن تضل أحدا ويشهد له الحديث الآخر لاغول ولكن السعالي السعالي سحرة الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل و منه الحديث إذاتغولت الغيلان فبادروا بالأذان أي ادفعوا شرها بذكر الله تعالي و هذايدل علي أنه لم يرد بنفيها عدمها

154-الشّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ الشّيطَانَ يجَريِ‌ مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَي الدّمِ


صفحه : 269

الضّوءُ الشّيطَانُ فَيعَالٌ مِن شَطَنَ إِذَا تَبَاعَدَ فَكَأَنّهُ يَتَبَاعَدُ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ تَعَالَي وَ قِيلَ إِنّهُ فَعلَانُ مِن شَاطَ يَشِيطُ إِذَا احتَرَقَ غَضَباً لِأَنّهُ يَحتَرِقُ وَ يَغضَبُ إِذَا أَطَاعَ العَبدُ فَيَقُولُص إِنّ الشّيطَانَ لَا يَزَالُ يُرَاقِبُ العَبدَ وَ يُوَسوِسُ إِلَيهِ فِي نَومِهِ وَ يَقَظَتِهِ وَ هُوَ جِسمٌ لَطِيفٌ هوَاَئيِ‌ّ يُمكِنُهُ أَن يَصِلَ إِلَي ذَلِكَ وَ الإِنسَانُ غَاوٍ غَافِلٌ فَيُوصِلُ كَلَامَهُ وَ وَسوَاسَهُ إِلَي بَاطِنِ أُذُنِهِ فَيَصِيرُ إِلَي قَلبِهِ وَ اللّهُ تَعَالَي هُوَ العَالِمُ بِكَيفِيّةِ ذَلِكَ فَأَمّا وَسوَاسُهُ فَلَا شَكّ فِيهِ وَ الشّيطَانُ هُنَا اسمُ جِنسٍ وَ لَا يُرِيدُ بِهِ إِبلِيسَ فَحَسبُ وَ ذَلِكَ لِأَنّ لَهُ أَولَاداً وَ أَعوَاناً وَ ذِكرُ جَرَيَانِهِ مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَي الدّمِ مَثَلٌ وَ لَا يعَنيِ‌ بِهِ أَنّهُ يَدخُلُ عُرُوقَهُ وَ أَورَادَهُ وَ تَجَاوِيفَ أَعضَائِهِ بَلِ المَعنَي أَنّهُ لَا يُزَايِلُهُ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يلُاَزمِنُيِ‌ مُلَازَمَةَ الظّلّ وَ مُلَازَمَةَ الحَفِيظَينِ وَ مُلَازَمَةَ الرّوحِ الجَسَدَ وَ مُلَازَمَةَ القَرنِ الشّاةَ إِلَي غَيرِ ذَلِكَ وَ كَلَامُ العَرَبِ إِشَارَاتٌ وَ تَلوِيحَاتٌ وَ الكَلَامُ إِذَا ذَهَبَ عَنهُ المَجَازُ وَ الِاستِعَارَةُ زَالَت طَلَاوَتُهُ وَ فَارَقَهُ رَونَقُهُ وَ بقَيِ‌َ مَغسُولًا وَ كَانَ سَيّدُنَا رَسُولُ اللّهِص مِن أَفصَحِ النّاسِ وَ فِي كَلَامِ بَعضِهِم احتَرِس مِنَ الشّيطَانِ فَإِنّهُ عَدُوّ مُبِينٌ يَرَاكَ وَ لَا تَرَاهُ وَ يَكِيدُكَ وَ أَنتَ لَا تَعلَمُ وَ هُوَ قَدِيمٌ وَ أَنتَ حَدِيثٌ وَ أَنتَ سَلِيمُ الصّدرِ وَ هُوَ خَبِيثٌ وَ فَائِدَةُ الحَدِيثِ إِعلَامُ أَنّ الشّيطَانَ يُلَازِمُكَ وَ يُرَاصِدُكَ مِن حَيثُ لَا تَعلَمُ فَعَلَيكَ بِالِاحتِرَازِ مِنهُ وَ التوّقَيّ‌ مِن مَكرِهِ وَ كَيدِهِ وَ وَسوَسَتِهِ وَ الراّويِ‌ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ

155-الكاَفيِ‌،بِإِسنَادِهِ عَن عَطِيّةَ أَبِي العُرَامِ قَالَذَكَرتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع المَنكُوحَ مِنَ الرّجَالِ فَقَالَ لَيسَ يبُليِ‌ اللّهُ بِهَذَا البَلَاءِ أَحَداً وَ لَهُ فِيهِ حَاجَةٌ إِنّ فِي أَدبَارِهِم أَرحَاماً مَنكُوسَةً وَ حَيَاءُ أَدبَارِهِم كَحَيَاءِ المَرأَةِ قَد شَرِكَ فِيهِمُ ابنٌ لِإِبلِيسَ يُقَالُ لَهُ زَوَالٌ فَمَن شَرِكَ فِيهِ مِنَ الرّجَالِ كَانَ مَنكُوحاً وَ مَن شَارَكَ فِيهِ مِنَ النّسَاءِ كَانَت مِنَ المَوَارِدِ


صفحه : 270

وَ العَامِلُ عَلَي هَذَا مِنَ الرّجَالِ إِذَا بَلَغَ أَربَعِينَ سَنَةً لَم يَترُكهُ الخَبَرَ

156- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع أَو أَبَا اِبرَاهِيمَ ع عَنِ المَرأَةِ تُسَاحِقُ المَرأَةَ وَ كَانَ مُتّكِئاً فَجَلَسَ فَقَالَ مَلعُونَةٌ مَلعُونَةٌ الرّاكِبَةُ وَ المَركُوبَةُ وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي أَن قَالَ قَاتَلَ اللّهُ لَاقِيسَ بِنتَ إِبلِيسَ مَا ذَا جَاءَت بِهِ فَقَالَ الرّجُلُ هَذَا مَا جَاءَ بِهِ أَهلُ العِرَاقِ فَقَالَ وَ اللّهِ لَقَد كَانَ عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِص قَبلَ أَن يَكُونَ العِرَاقُ الخَبَرَ

157-نَوَادِرُ عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ، عَن سَعِيدِ بنِ عَمرِو بنِ أَبِي نَصرٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ كَانَ عَابِدٌ مِن بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ فَقَالَ إِبلِيسُ لِجُندِهِ مَن لَهُ فَإِنّهُ قَد غمَنّيِ‌ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنهُم أَنَا لَهُ فَقَالَ فِي أَيّ شَيءٍ قَالَ أُزَيّنُ لَهُ الدّنيَا قَالَ لَستَ بِصَاحِبِهِ قَالَ الآخَرُ فَأَنَا لَهُ قَالَ فِي أَيّ شَيءٍ قَالَ فِي النّسَاءِ قَالَ لَستَ بِصَاحِبِهِ قَالَ الثّالِثُ أَنَا لَهُ قَالَ فِي أَيّ شَيءٍ قَالَ فِي عِبَادَتِهِ قَالَ أَنتَ لَهُ فَلَمّا جَنّهُ اللّيلُ طَرَقَهُ فَقَالَ ضَيفٌ فَأَدخَلَهُ فَمَكَثَ لَيلَتَهُ يصُلَيّ‌ حَتّي أَصبَحَ فَمَكَثَ ثَلَاثاً يصُلَيّ‌ وَ لَا يَأكُلُ وَ لَا يَشرَبُ فَقَالَ لَهُ العَابِدُ يَا عَبدَ اللّهِ مَا رَأَيتُ مِثلَكَ فَقَالَ لَهُ إِنّكَ لَم تُصِب شَيئاً مِنَ الذّنُوبِ وَ أَنتَ ضَعِيفُ العِبَادَةِ قَالَ وَ مَا الذّنُوبُ التّيِ‌ أُصِيبُهَا قَالَ خُذ أَربَعَةَ دَرَاهِمَ فتَأَتيِ‌َ فُلَانَةَ البَغِيّةَ فَتُعطِيَهَا دِرهَماً لِلّحمِ وَ دِرهَماً لِلشّرَابِ وَ دِرهَماً لِطِيبِهَا وَ دِرهَماً لَهَا فتَقَضيِ‌َ حَاجَتَكَ مِنهَا قَالَ فَنَزَلَ وَ أَخَذَ أَربَعَةَ دَرَاهِمَ فَأَتَي بَابَهَا فَقَالَ يَا فُلَانَةُ يَا فُلَانَةُ فَخَرَجَت فَلَمّا رَأَتهُ قَالَت مَفتُونٌ وَ اللّهِ مَفتُونٌ وَ اللّهِ قَالَت لَهُ مَا تُرِيدُ قَالَ خذُيِ‌ أَربَعَةَ دَرَاهِمَ فهَيَئّيِ‌ لِي طَعَاماً وَ شَرَاباً وَ طِيباً وَ تعَاَليَ‌ حَتّي آتِيَكِ فَذَهَبَت فَدَارَت فَإِذَا هيِ‌َ بِقِطعَةٍ مِن حِمَارٍ مَيّتٍ


صفحه : 271

فَأَخَذَتهُ ثُمّ عَمَدَت إِلَي بَولٍ عَتِيقٍ فَجَعَلَتهُ فِي كُوزٍ ثُمّ جَاءَت بِهِ إِلَيهِ فَقَالَ هَذَا طَعَامُكِ قَالَت نَعَم قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَ هَذَا شَرَابُكِ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ اذهبَيِ‌ فتَهَيَئّيِ‌ فَتَقَذّرَت جَهدَهَا ثُمّ جَاءَتهُ فَلَمّا شَمّهَا قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ فَلَمّا أَصبَحَت كُتِبَ عَلَي بَابِهَا أَنّ اللّهَ قَد غَفَرَ لِفُلَانَةَ البَغِيّةِ بِفُلَانٍ العَابِدِ

158-تَفسِيرُ الإِمَامِ، قَالَ ع قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَلَا فَاذكُرُوا يَا أُمّةَ مُحَمّدٍ مُحَمّداً وَ آلَهُ عِندَ نَوَائِبِكُم وَ شَدَائِدِكُم لَيَنصُرُ اللّهُ بِهِم مَلَائِكَتَكُم عَلَي الشّيَاطِينِ الّذِينَ يَقصِدُونَكُم فَإِنّ كُلّ وَاحِدٍ مِنكُم مَعَهُ مَلَكٌ عَن يَمِينِهِ يَكتُبُ حَسَنَاتِهِ وَ مَلَكٌ عَن يَسَارِهِ يَكتُبُ سَيّئَاتِهِ وَ مَعَهُ شَيطَانَانِ مِن عِندِ إِبلِيسَ يُغوِيَانِهِ فَإِذَا وَسوَسَا فِي قَلبِهِ ذَكَرَ اللّهَ وَ قَالَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِ‌ّ العَظِيمِ وَ صَلّي اللّهُ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِهِ حُبِسَ الشّيطَانَانِ ثُمّ سَارَ إِلَي إِبلِيسَ فَشَكَوَاهُ وَ قَالَا لَهُ قَد أَعيَانَا أَمرُهُ فَأَمدِدنَا بِالمَرَدَةِ فَلَا يَزَالُ يُمِدّهُمَا حَتّي يُمِدّهُمَا بِأَلفِ مَارِدٍ فَيَأتُونَهُ فَكُلّمَا رَامُوهُ ذَكَرَ اللّهَ وَ صَلّي عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِهِ الطّيّبِينَ لَم يَجِدُوا عَلَيهِ طَرِيقاً وَ لَا مَنفَذاً قَالُوا لِإِبلِيسَ لَيسَ لَهُ غَيرُكَ تُبَاشِرُهُ بِجُنُودِكَ فَتَغلِبُهُ وَ تُغوِيهِ فَيَقصِدُهُ إِبلِيسُ بِجُنُودِهِ فَيَقُولُ اللّهُ تَعَالَي لِلمَلَائِكَةِ هَذَا إِبلِيسُ قَد قَصَدَ عبَديِ‌ فُلَاناً أَو أمَتَيِ‌ فُلَانَةَ بِجُنُودِهِ أَلَا فَقَاتِلُوهُ فَيُقَاتِلَهُم بِإِزَاءِ كُلّ شَيطَانٍ رَجِيمٍ مِنهُم مِائَةُ أَلفِ مَلَكٍ وَ هُم عَلَي أَفرَاسٍ مِن نَارٍ بِأَيدِيهِم سُيُوفٌ مِن نَارٍ وَ رِمَاحٌ مِن نَارٍ وَ قسِيِ‌ّ وَ نَشَاشِيبُ وَ سَكَاكِينُ وَ أَسلِحَتُهُم مِن نَارٍ فَلَا يَزَالُونَ يُخرِجُونَهُم وَ يَقتُلُونَهُم بِهَا وَ يَأسِرُونَ إِبلِيسَ فَيَضَعُونَ عَلَيهِ تِلكَ الأَسلِحَةَ فَيَقُولُ يَا رَبّ وَعدَكَ وَعدَكَ قَد أجَلّتنَيِ‌إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِفَيَقُولُ اللّهُ تَعَالَي لِلمَلَائِكَةِ وَعَدتُهُ أَن لَا أُمِيتَهُ وَ لَم


صفحه : 272

أَعِدهُ أَن لَا أُسَلّطَ عَلَيهِ السّلَاحَ وَ العَذَابَ وَ الآلَامَ اشتَفُوا مِنهُ ضَرباً بِأَسلِحَتِكُم فإَنِيّ‌ لَا أُمِيتُهُ فَيُثخِنُونَهُ بِالجِرَاحَاتِ ثُمّ يَدعُونَهُ فَلَا يَزَالُ سَخِينَ العَينِ عَلَي نَفسِهِ وَ أَولَادِهِ المَقتُولِينَ المُقتَلِينَ وَ لَا يَندَمِلُ شَيءٌ مِن جِرَاحَاتِهِ إِلّا بِسِمَاعِهِ أَصوَاتِ المُشرِكِينَ بِكُفرِهِم فَإِن بقَيِ‌َ هَذَا المُؤمِنُ عَلَي طَاعَةِ اللّهِ وَ ذِكرِهِ وَ الصّلَاةِ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِهِ بقَيِ‌َ إِبلِيسُ عَلَي تِلكَ الجِرَاحَاتِ وَ إِن زَالَ العَبدُ عَن ذَلِكَ وَ انهَمَكَ فِي مُخَالَفَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ مَعَاصِيهِ اندَمَلَت جِرَاحَاتُ إِبلِيسَ ثُمّ قوَيِ‌َ عَلَي ذَلِكَ العَبدِ حَتّي يُلجِمَهُ وَ يُسرِجَ عَلَي ظَهرِهِ وَ يَركَبَهُ ثُمّ يَنزِلُ عَنهُ وَ يَركَبُ ظَهرَهُ شَيطَاناً مِن شَيَاطِينِهِ وَ يَقُولُ لِأَصحَابِهِ أَ مَا تَذكُرُونَ مَا أَصَابَنَا مِن شَأنِ هَذَا ذَلّ وَ انقَادَ لَنَا الآنَ حَتّي صَارَ يَركَبُهُ هَذَا ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِص فَإِن أَرَدتُم أَن تُدِيمُوا عَلَي إِبلِيسَ سُخنَةَ عَينِهِ وَ أَلَمَ جِرَاحَاتِهِ فَدَاوِمُوا عَلَي طَاعَةِ اللّهِ وَ ذِكرِهِ وَ الصّلَاةِ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِهِ وَ إِن زِلتُم عَن ذَلِكَ كُنتُم أُسَرَاءَ فَيَركَبُ أَقفِيَتَكُم بَعضُ مَرَدَتِهِ

بيان النشاشيب جمع النشاب بالضم والتشديد و هوالنبل و قال الجوهري‌ سخنة العين نقيض قرتها و قدسخنت عينه بالكسر فهو سخين العين وأسخن الله عينه أي أبكاه والمقتلين علي بناء المفعول من باب الإفعال أي المعرضين للقتل أوالتفعيل تأكيدا لبيان كثرة مقتوليهم . قال الجوهري‌ أقتلت فلانا عرضته للقتل وقتلوا تقتيلا شدد للكثرة

159- تَفسِيرُ الإِمَامِ، قَالَ ع الشّيطَانُ هُوَ البَعِيدُ مِن كُلّ خَيرٍ الرّجِيمُ المَرجُومُ بِاللّعنِ المَطرُودُ مِن بِقَاعِ الخَيرِ


صفحه : 273

160- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سُئِلَ عَمّا نَدَبَ اللّهُ الخَلقَ إِلَيهِ أَ دَخَلَ فِيهِ الضّلّالُ قَالَ نَعَم وَ الكَافِرُونَ دَخَلُوا فِيهِ لِأَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَمَرَ المَلَائِكَةَ بِالسّجُودِ لِآدَمَ فَدَخَلَ فِي أَمرِهِ المَلَائِكَةُ وَ إِبلِيسُ فَإِنّ إِبلِيسَ كَانَ مَعَ المَلَائِكَةِ فِي السّمَاءِ يَعبُدُ اللّهَ وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ تَظُنّ أَنّهُ مِنهُم وَ لَم يَكُن مِنهُم فَلَمّا أَمَرَ اللّهُ المَلَائِكَةَ بِالسّجُودِ لِآدَمَ أَخرَجَ مَا كَانَ فِي قَلبِ إِبلِيسَ مِنَ الحَسَدِ فَعَلِمَتِ المَلَائِكَةُ عِندَ ذَلِكَ أَنّ إِبلِيسَ لَم يَكُن مِنهُم فَقِيلَ لَهُ ع فَكَيفَ وَقَعَ الأَمرُ عَلَي إِبلِيسَ وَ إِنّمَا أَمَرَ اللّهُ المَلَائِكَةَ بِالسّجُودِ لآِدَمَ فَقَالَ كَانَ إِبلِيسُ مِنهُم بِالوَلَاءِ وَ لَم يَكُن مِن جِنسِ المَلَائِكَةِ وَ ذَلِكَ أَنّ اللّهَ خَلَقَ خَلقاً قَبلَ آدَمَ وَ كَانَ إِبلِيسُ فِيهِم حَاكِماً فِي الأَرضِ فَعَتَوا وَ أَفسَدُوا وَ سَفَكُوا الدّمَاءَ فَبَعَثَ اللّهُ المَلَائِكَةَ فَقَتَلُوهُم وَ أَسَرُوا إِبلِيسَ وَ رَفَعُوهُ إِلَي السّمَاءِ وَ كَانَ مَعَ المَلَائِكَةِ يَعبُدُ اللّهَ إِلَي أَن خَلَقَ اللّهُ آدَمَ

161- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَمرِو بنِ أَبِي المِقدَامِ عَن ثَابِتٍ الحَذّاءِ عَن جَابِرٍ الجعُفيِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَرَادَ أَن يَخلُقَ خَلقاً بِيَدِهِ وَ ذَلِكَ بَعدَ مَا مَضَي مِنَ الجِنّ وَ النّسنَاسِ فِي الأَرضِ سَبعَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي أَن قَالَ تَعَالَي إنِيّ‌ أُرِيدُ أَن أَخلُقَ خَلقاً بيِدَيِ‌ وَ أَجعَلَ مِن ذُرّيّتِهِ أَنبِيَاءَ وَ مُرسَلِينَ وَ عِبَاداً صَالِحِينَ وَ أَئِمّةً مُهتَدِينَ وَ أَجعَلَهُم خُلَفَاءَ عَلَي خلَقيِ‌ فِي أرَضيِ‌ وَ أُبِيدَ النّسنَاسَ مِن أرَضيِ‌ وَ أُطَهّرَهَا مِنهُم وَ أَنقُلَ مَرَدَةَ الجِنّ العُصَاةَ مِن برَيِتّيِ‌ وَ خلَقيِ‌ وَ خيِرَتَيِ‌ وَ أُسكِنَهُم فِي الهَوَاءِ وَ فِي أَقطَارِ الأَرضِ فَلَا يُجَاوِرُونَ نَسلَ خلَقيِ‌ وَ أَجعَلَ بَينَ الجِنّ وَ بَينَ خلَقيِ‌ حِجَاباً فَلَا يَرَي نَسلُ خلَقيِ‌ الجِنّ وَ لَا يُجَالِسُونَهُم وَ لَا يُخَالِطُونَهُم وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي قَولِهِ فَخَلَقَ اللّهُ آدَمَ فبَقَيِ‌َ


صفحه : 274

أَربَعِينَ سَنَةً مُصَوّراً فَكَانَ يَمُرّ بِهِ إِبلِيسُ اللّعِينُ فَيَقُولُ لِأَمرِ مَا خُلِقتَ فَقَالَ العَالِمُ ع فَقَالَ إِبلِيسُ لَئِن أمَرَنَيِ‌َ اللّهُ بِالسّجُودِ لِهَذَا لَعَصَيتُهُ ثُمّ نَفَخَ فِيهِ ثُمّ قَالَ لِلمَلَائِكَةِاسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَفَأَخرَجَ إِبلِيسُ مَا كَانَ فِي قَلبِهِ مِنَ الحَسَدِ فَأَبَي أَن يَسجُدَ فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّما مَنَعَكَ أَلّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ قالَ أَنَا خَيرٌ مِنهُ خلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ قَالَ الصّادِقُ ع أَوّلُ مَن قَاسَ إِبلِيسُ وَ استَكبَرَ وَ الِاستِكبَارُ هُوَ أَوّلُ مَعصِيَةٍ عصُيِ‌َ اللّهُ بِهَا قَالَ فَقَالَ إِبلِيسُ يَا رَبّ اعفنُيِ‌ مِنَ السّجُودِ لِآدَمَ وَ أَنَا أَعبُدُكَ عِبَادَةً لَم يَعبُدكَهَا مَلَكٌ مُقَرّبٌ وَ لَا نبَيِ‌ّ مُرسَلٌ قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا حَاجَةَ لِي إِلَي عِبَادَتِكَ إِنّمَا أُرِيدُ أَن أُعبَدَ مِن حَيثُ أُرِيدُ لَا مِن حَيثُ تُرِيدُ فَأَبَي أَن يَسجُدَ فَقَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيفَاخرُج مِنها فَإِنّكَ رَجِيمٌ وَ إِنّ عَلَيكَ لعَنتَيِ‌ إِلي يَومِ الدّينِ قَالَ إِبلِيسُ يَا رَبّ وَ كَيفَ وَ أَنتَ العَدلُ ألّذِي لَا تَجُورُ وَ لَا تَظلِمُ فَثَوَابُ عمَلَيِ‌ بَطَلَ قَالَ لَا وَ لَكِن سلَنيِ‌ مِن أَمرِ الدّنيَا مَا شِئتَ ثَوَاباً لِعَمَلِكَ فَأُعطِيَكَ فَأَوّلُ مَا سَأَلَ البَقَاءُ إِلَي يَومِ الدّينِ فَقَالَ اللّهُ قَد أَعطَيتُكَ قَالَ سلَطّنيِ‌ عَلَي وُلدِ آدَمَ قَالَ سَلّطتُكَ قَالَ أجَرنِيِ‌ فِيهِم مَجرَي الدّمِ فِي العُرُوقِ قَالَ قَد أَجرَيتُكَ قَالَ لَا يُولَدُ لَهُم وَلَدٌ


صفحه : 275

إِلّا وُلِدَ لِيَ اثنَانِ وَ أَرَاهُم وَ لَا يرَوَنيِ‌ وَ أَتَصَوّرُ لَهُم فِي كُلّ صُورَةٍ شِئتُ فَقَالَ قَد أَعطَيتُكَ قَالَ يَا رَبّ زدِنيِ‌ قَالَ قَد جَعَلتُ لَكَ وَ لِذُرّيّتِكَ فِي صُدُورِهِم أَوطَاناً قَالَ رَبّ حسَبيِ‌ فَقَالَ إِبلِيسُ عِندَ ذَلِكَفَبِعِزّتِكَ لَأُغوِيَنّهُم أَجمَعِينَ إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَثُمّ لَآتِيَنّهُم مِن بَينِ أَيدِيهِم وَ مِن خَلفِهِم وَ عَن أَيمانِهِم وَ عَن شَمائِلِهِم وَ لا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرِينَ

162- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَمّا أَعطَي اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي إِبلِيسَ مَا أَعطَاهُ مِنَ القُوّةِ قَالَ آدَمُ يَا رَبّ سَلّطتَ إِبلِيسَ عَلَي ولُديِ‌ وَ أَجرَيتَهُ فِيهِم مَجرَي الدّمِ فِي العُرُوقِ وَ أَعطَيتَهُ مَا أَعطَيتَهُ فَمَا لِي وَ لوِلُديِ‌ فَقَالَ لَكَ وَ لِوُلدِكَ السّيّئَةُ بِوَاحِدَةٍ وَ الحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ أَمثَالِهَا قَالَ يَا رَبّ زدِنيِ‌ قَالَ التّوبَةُ مَبسُوطَةٌ إِلَي حِينِ تَبلُغُ النّفسُ الحُلقُومَ قَالَ يَا رَبّ زدِنيِ‌ قَالَ أَغفِرُ وَ لَا أبُاَليِ‌ قَالَ حسَبيِ‌ قَالَ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ بِمَا ذَا استَوجَبَ إِبلِيسُ مِنَ اللّهِ أَن أَعطَاهُ مَا أَعطَاهُ قَالَ بشِيَ‌ءٍ كَانَ مِنهُ شَكَرَهُ اللّهُ عَلَيهِ قُلتُ وَ مَا كَانَ مِنهُ جُعِلتُ فِدَاكَ قَالَ رَكعَتَانِ رَكَعَهُمَا فِي السّمَاءِ أَربَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ

163-دَلَائِلُ الطبّرَيِ‌ّ، عَن مُحَمّدِ بنِ هَارُونَ بنِ مُوسَي عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ هَمّامٍ عَن أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ المَعرُوفِ بِابنِ أَبِي القَاسِمِ عَن أَبِيهِ عَن بَعضِ رِجَالِهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ شُعَيبٍ عَن عَلِيّ بنِ هَاشِمٍ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع جُعِلتُ فِدَاكَ مَا لِإِبلِيسَ مِنَ السّلطَانِ قَالَ مَا يُوَسوِسُ فِي قُلُوبِ النّاسِ قُلتُ فَمَا لِمَلَكِ المَوتِ قَالَ يَقبِضُ أَروَاحَ النّاسِ قُلتُ وَ هُمَا مُسَلّطَانِ عَلَي مَن فِي المَشرِقِ وَ مَن فِي المَغرِبِ قَالَ نَعَم قُلتُ فَمَا لَكَ أَنتَ جُعِلتُ فِدَاكَ مِنَ السّلطَانِ قَالَ أَعلَمُ مَا فِي المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ مَا فِي السّمَاوَاتِ


صفحه : 276

وَ الأَرضِ وَ مَا فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ عَدَدَ مَا فِيهِنّ وَ لَيسَ ذَلِكَ لِإِبلِيسَ وَ لَا لِمَلَكِ المَوتِ

164- الكاَفيِ‌،بِإِسنَادِهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ العَبّاسِ بنِ الجَرِيشِ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع لَمَا يَزُورُ مَن بَعَثَهُ اللّهُ لِلشّقَاءِ عَلَي أَهلِ الضّلَالَةِ مِن أَجنَادِ الشّيَاطِينِ وَ أَروَاحِهِم أَكثَرُ مِمّا يَزُورُ خَلِيفَةَ اللّهِ ألّذِي بَعَثَهُ لِلعَدلِ وَ الصّوَابِ مِنَ المَلَائِكَةِ قِيلَ يَا أَبَا جَعفَرٍ وَ كَيفَ يَكُونُ شَيءٌ أَكثَرَ مِنَ المَلَائِكَةِ قَالَ كَمَا شَاءَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ قَالَ السّائِلُ يَا أَبَا جَعفَرٍ إنِيّ‌ لَو حَدّثتُ بَعضَ الشّيعَةِ بِهَذَا الحَدِيثِ لَأَنكَرُوهُ قَالَ كَيفَ يُنكِرُونَهُ قَالَ يَقُولُونَ إِنّ المَلَائِكَةَ ع أَكثَرُ مِنَ الشّيَاطِينِ قَالَ صَدَقتَ افهَم عنَيّ‌ مَا أَقُولُ إِنّهُ لَيسَ مِن يَومٍ وَ لَا لَيلَةٍ إِلّا وَ جَمِيعُ الجِنّ وَ الشّيَاطِينِ تَزُورُ أَئِمّةَ الضّلَالَةِ وَ يَزُورُ إِمَامَ الهُدَي عَدَدُهُم مِنَ المَلَائِكَةِ حَتّي إِذَا أَتَت لَيلَةُ القَدرِ فَيَهبِطُ فِيهَا مِنَ المَلَائِكَةِ إِلَي ولَيِ‌ّ الأَمرِ خَلَقَ اللّهُ أَو قَالَ قَيّضَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِنَ الشّيَاطِينِ بِعَدَدِهِم ثُمّ زَارُوا ولَيِ‌ّ الضّلَالَةِ فَأَتَوهُ بِالإِفكِ وَ الكَذِبِ حَتّي لَعَلّهُ يُصبِحُ فَيَقُولُ رَأَيتُ كَذَا وَ كَذَا فَلَو سُئِلَ ولَيِ‌ّ الأَمرِ عَن ذَلِكَ لَقَالَ رَأَيتَ شَيطَاناً أَخبَرَكَ كَذَا وَ كَذَا حَتّي يُفَسّرَ لَهُ تَفسِيرَهَا وَ يُعلِمَهُ الضّلَالَةَ التّيِ‌ هُوَ عَلَيهَا الحَدِيثَ

165- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن مُحَمّدِ بنِ


صفحه : 277

سِنَانٍ عَمّن أَخبَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ عَابِدٌ فِي بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ لَم يُقَارِف مِن أَمرِ الدّنيَا شَيئاً فَنَخَرَ إِبلِيسُ نَخرَةً فَاجتَمَعَت إِلَيهِ جُنُودُهُ فَقَالَ مَن لِي بِفُلَانٍ فَقَالَ بَعضُهُم أَنَا فَقَالَ مِن أَينَ تَأتِيهِ فَقَالَ مِن نَاحِيَةِ النّسَاءِ قَالَ لَستَ لَهُ لَم يُجَرّبِ النّسَاءَ فَقَالَ لَهُ آخَرُ فَأَنَا لَهُ قَالَ مِن أَينَ تَأتِيهِ قَالَ مِن نَاحِيَةِ الشّرَابِ وَ اللّذّاتِ قَالَ لَستَ لَهُ لَيسَ هَذَا بِهَذَا قَالَ آخَرُ فَأَنَا لَهُ قَالَ مِن أَينَ تَأتِيهِ قَالَ مِن نَاحِيَةِ البِرّ قَالَ انطَلِق فَأَنتَ صَاحِبُهُ فَانطَلَقَ إِلَي مَوضِعِ الرّجُلِ فَأَقَامَ حِذَاءَهُ يصُلَيّ‌ قَالَ وَ كَانَ الرّجُلُ يَنَامُ وَ الشّيطَانُ لَا يَنَامُ وَ يَستَرِيحُ وَ الشّيطَانُ لَا يَستَرِيحُ فَتَحَوّلَ إِلَيهِ الرّجُلُ وَ قَد تَقَاصَرَت إِلَيهِ نَفسُهُ وَ استَصغَرَ عَمَلَهُ فَقَالَ يَا عَبدَ اللّهِ بأِيَ‌ّ شَيءٍ قَوِيتَ عَلَي هَذِهِ الصّلَاةِ فَلَم يُجِبهُ ثُمّ عَادَ عَلَيهِ فَلَم يُجِبهُ ثُمّ عَادَ عَلَيهِ فَقَالَ يَا عَبدَ اللّهِ إنِيّ‌ أَذنَبتُ ذَنباً وَ أَنَا تَائِبٌ مِنهُ فَإِذَا ذَكَرتُ الذّنبَ قَوِيتُ عَلَي الصّلَاةِ قَالَ فأَخَبرِنيِ‌ بِذَنبِكَ حَتّي أَعمَلَهُ وَ أَتُوبَ فَإِذَا فَعَلتُهُ قَوِيتُ عَلَي الصّلَاةِ فَقَالَ ادخُلِ المَدِينَةَ فَسَل عَن فُلَانَةَ البَغِيّةِ فَأَعطِهَا دِرهَمَينِ وَ نَل مِنهَا قَالَ وَ مِن أَينَ لِي دِرهَمَينِ مَا أدَريِ‌ مَا الدّرهَمَينِ فَتَنَاوَلَ الشّيطَانُ مِن تَحتِ قَدَمِهِ دِرهَمَينِ فَنَاوَلَهُ إِيّاهُمَا فَقَامَ فَدَخَلَ المَدِينَةَ بِجَلَابِيبِهِ يَسأَلُ عَن فُلَانَةَ البَغِيّةِ فَأَرشَدُوهُ النّاسُ وَ ظَنّوا أَنّهُ جَاءَ يَعِظُهَا فَأَرشَدُوهُ فَجَاءَ إِلَيهَا فَرَمَي إِلَيهَا بِالدّرهَمَينِ وَ قَالَ قوُميِ‌ فَقَامَت فَدَخَلَت مَنزِلَهَا وَ قَالَتِ ادخُل وَ قَالَت إِنّكَ جئِتنَيِ‌ فِي هَيئَةٍ لَيسَ يُؤتَي مثِليِ‌ فِي مِثلِهَا فأَخَبرِنيِ‌ بِخَبَرِكَ فَأَخبَرَهَا فقال [فَقَالَت] لَهُ يَا عَبدَ اللّهِ إِنّ تَركَ الذّنبِ أَهوَنُ مِن طَلَبِ التّوبَةِ وَ لَيسَ كُلّ مَن طَلَبَ التّوبَةَ وَجَدَهَا وَ إِنّمَا ينَبغَيِ‌ أَن يَكُونَ هَذَا شَيطَاناً مُثّلَ لَكَ فَانصَرِف فَإِنّكَ لَا تَرَي شَيئاً فَانصَرَفَ وَ مَاتَت مِن لَيلَتِهَا فَأَصبَحَت فَإِذَا عَلَي بَابِهَا مَكتُوبٌ احضُرُوا فُلَانَةَ فَإِنّهَا مِن أَهلِ الجَنّةِ فَارتَابَ النّاسُ فَمَكَثُوا ثَلَاثاً لَا يَدفِنُونَهَا ارتِيَاباً فِي أَمرِهَا فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي نبَيِ‌ّ مِنَ الأَنبِيَاءِ لَا أَعلَمُهُ إِلّا مُوسَي بنَ عِمرَانَ ع أَنِ ائتِ فُلَانَةَ فَصَلّ عَلَيهَا وَ مُرِ النّاسَ أَن يُصَلّوا عَلَيهَا


صفحه : 278

فإَنِيّ‌ قَد غَفَرتُ لَهَا وَ أَوجَبتُ لَهَا الجَنّةَ بِتَثبِيطِهَا عبَديِ‌ فُلَاناً عَن معَصيِتَيِ‌

166- وَ مِنهُ، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ عَن زَكَرِيّا بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن عَمرٍو عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ كَانَ قَومُ لُوطٍ مِن أَفضَلِ قَومٍ خَلَقَهُمُ اللّهُ فَطَلَبَهُم إِبلِيسُ الطّلَبَ الشّدِيدَ وَ كَانَ مِن فَضلِهِم وَ خِيَرَتِهِم أَنّهُم إِذَا خَرَجُوا إِلَي العَمَلِ خَرَجُوا بِأَجمَعِهِم وَ تَبقَي النّسَاءُ خَلفَهُم فَلَم يَزَل إِبلِيسُ يَعتَادُهُم وَ كَانُوا إِذَا رَجَعُوا خَرّبَ إِبلِيسُ مَا يَعمَلُونَ فَقَالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ تَعَالَوا نَرصُد هَذَا ألّذِي يُخَرّبُ مَتَاعَنَا فَرَصَدُوهُ فَإِذَا هُوَ غُلَامٌ أَحسَنُ مَا يَكُونُ مِنَ الغِلمَانِ فَقَالُوا لَهُ أَنتَ ألّذِي تُخَرّبُ مَتَاعَنَا مَرّةً بَعدَ أُخرَي فَأَجمَعَ رَأيُهُم عَلَي أَن يَقتُلُوهُ فَبَيّتُوهُ عِندَ رَجُلٍ فَلَمّا كَانَ اللّيلُ صَاحَ فَقَالَ لَهُ مَا لَكَ فَقَالَ كَانَ أَبِي ينُوَمّنُيِ‌ عَلَي بَطنِهِ فَقَالَ لَهُ تَعَالَ فَنَم عَلَي بطَنيِ‌ قَالَ فَلَم يَزَل يَدلُكُ الرّجُلَ حَتّي عَلّمَهُ أَن يَفعَلَ بِنَفسِهِ فَأَوّلًا عَلّمَهُ إِبلِيسُ وَ الثّانِيَةَ عَلّمَهُ هُوَ ثُمّ انسَلّ فَفَرّ مِنهُم فَأَصبَحُوا فَجَعَلَ الرّجُلُ يُخبِرُ بِمَا فَعَلَ بِالغُلَامِ وَ يُعَجّبُهُم مِنهُ وَ هُم لَا يَعرِفُونَهُ فَوَضَعُوا أَيدِيَهُم فِيهِ حَتّي اكتَفَي الرّجَالُ بَعضُهُم بِبَعضٍ ثُمّ جَعَلُوا يَرصُدُونَ مَارّةَ الطّرِيقِ فَيَفعَلُونَ بِهِم حَتّي تَنَكّبَ مَدِينَتَهُمُ النّاسُ ثُمّ تَرَكُوا نِسَاءَهُم وَ أَقبَلُوا عَلَي الغِلمَانِ فَلَمّا رَأَي أَنّهُ قَد أَحكَمَ أَمرَهُ فِي الرّجَالِ جَاءَ إِلَي النّسَاءِ فَصَيّرَ نَفسَهُ امرَأَةً ثُمّ قَالَ إِنّ رِجَالَكُنّ يَفعَلُ بَعضُهُم بِبَعضٍ قَالُوا نَعَم قَد رَأَينَا ذَلِكَ وَ كُلّ ذَلِكَ يَعِظُهُم لُوطٌ ع وَ يُوصِيهِم وَ إِبلِيسُ يُغوِيهِم حَتّي استَغنَي النّسَاءُ بِالنّسَاءِ الحَدِيثَ الطّوِيلَ


صفحه : 279

بيان يعتادهم أي يعتاد المجي‌ء إليهم أوينتابهم كلما رجعوا أقبل اللعين قال في القاموس العود انتياب الشي‌ء كالاعتياد و في المحاسن فلما حسدهم إبليس لعبادتهم كانوا إذارجعوا و في ثواب الأعمال فأتي إبليس عبادتهم فأولا علمه كذا في النسخ بتقديم اللام علي الميم في الموضعين ولعل الأظهر تقديم الميم أي أولا أدخل إبليس ذكر الرجل وثانيا أدخل الرجل ذكره و علي ما في النسخ كان المعني أنه كان أولا معلم هذاالفعل حيث علمه ذلك الرجل ثم صار الرجل معلم الناس

167-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ سُلَيمَانَ بنَ دَاوُدَ أَمَرَ الجِنّ فَبَنَوا لَهُ بَيتاً مِن قَوَارِيرَ فَبَينَا هُوَ مُتّكِئٌ عَلَي عَصَاهُ يَنظُرُ إِلَي الشّيَاطِينِ كَيفَ يَعمَلُونَ وَ يَنظُرُونَ إِلَيهِ إِذ حَانَت مِنهُ التِفَاتَةٌ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مَعَهُ فِي القُبّةِ فَفَزِعَ مِنهُ وَ قَالَ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا ألّذِي لَا أَقبَلُ الرّشَي وَ لَا أَهَابُ المُلُوكَ أَنَا مَلَكُ المَوتِ فَقَبَضَهُ وَ هُوَ مُتّكِئٌ عَلَي عَصَاهُ فَمَكَثُوا سَنَةً يَبنُونَ وَ يَنظُرُونَ إِلَيهِ وَ يَدأَبُونَ لَهُ وَ يَعمَلُونَ حَتّي بَعَثَ اللّهُ الأَرَضَةَ فَأَكَلَت مِنسَأَتَهُ وَ هيِ‌َ العَصَا فَلَمّا خَرّ تَبَيّنَتِ الإِنسُ أَن لَو كَانَ الجِنّ يَعلَمُونَ الغَيبَ مَا لَبِثُوا سَنَةً فِي العَذَابِ المُهِينِ فَالجِنّ تَشكُرُ الأَرَضَةَ بِمَا عَمِلَت بِعَصَا سُلَيمَانَ قَالَ فَلَا تَكَادُ تَرَاهَا فِي مَكَانٍ إِلّا وُجِدَ عِندَهَا مَاءٌ وَ طِينٌ فَلَمّا هَلَكَ سُلَيمَانُ وَضَعَ إِبلِيسُ السّحرَ وَ كَتَبَهُ فِي كِتَابٍ ثُمّ طَوَاهُ وَ كَتَبَ عَلَي ظَهرِهِ هَذَا مَا وَضَعَ آصَفُ بنُ بَرخِيَا لِلمَلِكِ سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ مِن ذَخَائِرِ كُنُوزِ العِلمِ مَن أَرَادَ كَذَا وَ كَذَا فَليَفعَل كَذَا وَ كَذَا ثُمّ دَفَنَهُ تَحتَ السّرِيرِ ثُمّ استَشَارَهُ لَهُم فَقَرَأَهُ فَقَالَ الكَافِرُونَ مَا كَانَ سُلَيمَانُ ع يَغلِبُنَا إِلّا بِهَذَا وَ قَالَ المُؤمِنُونَ بَل هُوَ


صفحه : 280

عَبدُ اللّهِ وَ نَبِيّهُ

168- الدّعَائِمُ، عَن عَلِيّ ع أَنّهُ قَالَ كُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِص ذَاتَ لَيلَةٍ إِذ رمُيِ‌َ بِنَجمٍ فَاستَنَارَ فَقَالَ لِلقَومِ مَا كُنتُم تَقُولُونَ فِي الجَاهِلِيّةِ إِذَا رَأَيتُم مِثلَ هَذَا قَالُوا كُنّا نَقُولُ مَاتَ عَظِيمٌ وَ وُلِدَ عَظِيمٌ قَالَ فَإِنّهُ لَا يُرمَي بِهِ لِمَوتِ أَحَدٍ وَ لِحَيَاةِ أَحَدٍ وَ لَكِن رَبّنَا إِذَا قَضَي أَمراً سَبّحَ حَمَلَةُ العَرشِ وَ قَالُوا قَضَي رَبّنَا بِكَذَا فَيَسمَعُ ذَلِكَ أَهلُ السّمَاءِ التّيِ‌ تَلِيهِم فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتّي يَبلُغَ ذَلِكَ أَهلَ السّمَاءِ الدّنيَا فَيَستَرِقُ الشّيَاطِينُ السّمعَ فَرُبّمَا اعتَلَقُوا شَيئاً فَأَتَوا بِهِ الكَهَنَةَ فَيَزِيدُونَ وَ يَنقُصُونَ فَتُخطِئُ الكَهَنَةُ وَ تُصِيبُ ثُمّ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ مَنَعَ السّمَاءَ بِهَذِهِ النّجُومِ فَانقَطَعَتِ الكِهَانَةُ فَلَا كِهَانَةَ وَ تَلَا جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ ع إِلّا مَنِ استَرَقَ السّمعَفَأَتبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ وَ قَولُهُوَ أَنّا كُنّا نَقعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسّمعِالآيَةَ

بيان فربما اعتلقوا شيئا أي أحبوه أوتعلموه أوتعلقوا به في القاموس اعتلقه أي أحبه وتعلقه وتعلق به بمعني و في النهاية أني علقها أي من أين تعلمها وممن أخذها

169-الدّرّ المَنثُورُ،للِسيّوُطيِ‌ّ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَلقَيِ‌َ إِبلِيسُ مُوسَي فَقَالَ لِمُوسَي أَنتَ ألّذِي اصطَفَاكَ اللّهُ بِرِسَالَتِهِ وَ كَلّمَكَ تَكلِيماً أَذنَبتُ وَ أَنَا أُرِيدُ أَن أَتُوبَ فَاشفَع لِي إِلَي ربَيّ‌ أَن يَتُوبَ عَلَيّ قَالَ مُوسَي نَعَم فَدَعَا مُوسَي رَبّهُ فَقِيلَ يَا مُوسَي قَد قُضِيَت حَاجَتُكَ فلَقَيِ‌َ مُوسَي إِبلِيسَ وَ قَالَ قَد أُمِرتَ أَن تَسجُدَ بِقَبرِ آدَمَ وَ يُتَابَ عَلَيكَ فَاستَكبَرَ وَ غَضِبَ وَ قَالَ لَم أَسجُد لَهُ حَيّاً أَسجُدُ لَهُ مَيّتاً ثُمّ قَالَ إِبلِيسُ يَا مُوسَي إِنّ لَكَ عَلَيّ حَقّاً بِمَا شَفَعتَ لِي إِلَي رَبّكَ فاَذكرُنيِ‌ عِندَ ثَلَاثٍ لَا أَهلِكُكَ فِيمَن أُهلِكُ اذكرُنيِ‌


صفحه : 281

حِينَ تَغضَبُ فإَنِيّ‌ أجَريِ‌ مِنكَ مَجرَي الدّمِ وَ اذكرُنيِ‌ حِينَ تَلقَي الزّحفَ فإَنِيّ‌ آتيِ‌ ابنَ آدَمَ حِينَ يَلقَي الزّحفَ فَأُذَكّرُهُ وُلدَهُ وَ زَوجَتَهُ حَتّي يوُلَيّ‌ وَ إِيّاكَ أَن تُجَالِسَ امرَأَةً لَيسَت بِذَاتِ مَحرَمٍ فإَنِيّ‌ رَسُولُهَا إِلَيكَ وَ رَسُولُكَ إِلَيهَا

170- وَ عَن أَنَسٍ قَالَ إِنّ نُوحاً لَمّا رَكِبَ السّفِينَةَ أَتَاهُ إِبلِيسُ فَقَالَ لَهُ نُوحٌ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا إِبلِيسُ قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ قَالَ جِئتُ تَسأَلُ لِي رَبّكَ هَل لِي مِن تَوبَةٍ فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ أَنّ تَوبَتَهُ أَن يأَتيِ‌َ قَبرَ آدَمَ فَيَسجُدَ لَهُ قَالَ أَمّا أَنَا لَم أَسجُد لَهُ حَيّاً أَسجُدُ لَهُ مَيّتاً قَالَ فَاستَكبَرَ وَ كانَ مِنَ الكافِرِينَ

171- وَ عَن جُنَادَةَ بنِ أَبِي أُمَيّةَ قَالَ أَوّلُ خَطِيئَةٍ كَانَتِ الحَسَدُ حَسَدَ إِبلِيسُ آدَمَ أَن يَسجُدَ لَهُ حِينَ أَمَرَهُ فَحَمَلَهُ الحَسَدُ عَلَي المَعصِيَةِ

172- وَ عَن قَتَادَةَ قَالَ لَمّا هَبَطَ إِبلِيسُ قَالَ آدَمُ أَي رَبّ قَد لَعَنتُهُ فَمَا عِلمُهُ قَالَ السّحرُ قَالَ فَمَا قِرَاءَتُهُ قَالَ الشّعرُ قَالَ فَمَا كِتَابَتُهُ قَالَ الوَشمُ قَالَ فَمَا طَعَامُهُ قَالَ كُلّ مَيتَةٍ وَ مَا لَم يُذكَرِ اسمُ اللّهِ عَلَيهِ قَالَ فَمَا شَرَابُهُ قَالَ كُلّ مُسكِرٍ قَالَ فَأَينَ مَسكَنُهُ قَالَ الحَمّامُ قَالَ فَأَينَ مَجلِسُهُ قَالَ الأَسوَاقُ قَالَ فَمَا صَوتُهُ قَالَ المِزمَارُ قَالَ فَمَا مَصَايِدُهُ قَالَ النّسَاءُ

173- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص قَالَ إِبلِيسُ لِرَبّهِ تَعَالَي يَا رَبّ قَد أُهبِطَ آدَمُ وَ قَد عَلِمتُ أَنّهُ سَيَكُونُ كُتُبٌ وَ رُسُلٌ فَمَا كُتُبُهُم وَ رُسُلُهُم قَالَ رُسُلُهُمُ المَلَائِكَةُ وَ النّبِيّونَ وَ كُتُبُهُمُ التّورَاةُ وَ الإِنجِيلُ وَ الزّبُورُ وَ الفُرقَانُ قَالَ فَمَا كتِاَبيِ‌ قَالَ كِتَابُكَ الوَشمُ وَ قِرَاءَتُكَ الشّعرُ وَ رُسُلُكَ الكَهَنَةُ وَ طَعَامُكَ مَا لَم يُذكَرِ اسمُ اللّهِ عَلَيهِ وَ شَرَابُكَ كُلّ مُسكِرٍ وَ صِدقُكَ الكَذِبُ وَ بَيتُكَ الحَمّامُ وَ مَصَايِدُكَ النّسَاءُ وَ مُؤَذّنُكَ المِزمَارُ وَ مَسجِدُكَ الأَسوَاقُ


صفحه : 282

174- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ جَاءَ إِبلِيسُ فِي جُندٍ مِنَ الشّيَاطِينِ وَ مَعَهُ رَايَةٌ فِي صُورَةِ رِجَالٍ مِن بنَيِ‌ مُدلِجٍ وَ الشّيطَانُ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بنِ مَالِكِ بنِ جُعشُمٍ فَقَالَ الشّيطَانُلا غالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النّاسِ وَ إنِيّ‌ جارٌ لَكُم وَ أَقبَلَ جِبرِيلُ عَلَي إِبلِيسَ فَلَمّا رَآهُ وَ كَانَت يَدُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنَ المُشرِكِينَ انتَزَعَ إِبلِيسُ يَدَهُ وَ وَلّي مُدبِراً وَ شِيعَتَهُ فَقَالَ الرّجُلُ يَا سُرَاقَةُ إِنّكَ جَارٌ لَنَا فَقَالَإنِيّ‌ أَري ما لا تَرَونَ وَ ذَلِكَ حِينَ رَأَي المَلَائِكَةَإنِيّ‌ أَخافُ اللّهَ وَ اللّهُ شَدِيدُ العِقابِ

175- وَ عَن رِفَاعَةَ الأنَصاَريِ‌ّ قَالَ لَمّا رَأَي إِبلِيسُ مَا تَفعَلُ المَلَائِكَةُ بِالمُشرِكِينَ يَومَ بَدرٍ أَشفَقَ أَن يَخلُصَ القَتلُ إِلَيهِ فَتَشَبّثَ بِهِ الحَارِثُ بنُ هِشَامٍ وَ هُوَ يَظُنّ أَنّهُ سُرَاقَةُ بنُ مَالِكٍ فَوَكَزَ فِي صَدرِ الحَارِثِ فَأَلقَاهُ ثُمّ خَرَجَ هَارِباً حَتّي أَلقَي نَفسَهُ فِي البَحرِ يَرفَعُ يَدَيهِ فَقَالَ أللّهُمّ إنِيّ‌ أَسأَلُكَ نَظرَتَكَ إيِاّي‌َ

176- وَ عَن أَبِي التّيّاحِ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِعَبدِ الرّحمَنِ بنِ خنيش كَيفَ صَنَعَ رَسُولُ اللّهِص كَادَتهُ الشّيَاطِينُ قَالَ نَعَم تَحَدّرَتِ الشّيَاطِينُ مِنَ الجِبَالِ وَ الأَودِيَةِ يُرِيدُونَ رَسُولَ اللّهِص فِيهِم شَيطَانٌ مَعَهُ شُعلَةٌ مِن نَارٍ يُرِيدُ أَن يُحرِقَ بِهَا رَسُولَ اللّهِص فَلَمّا رَآهُم رَسُولُ اللّهِص فَزِعَ مِنهُم وَ جَاءَهُ جَبرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ قُل مَا أَقُولُ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّاتِ اللاّتيِ‌ لَا يُجَاوِزُهُنّ بَرّ وَ لَا فَاجِرٌ مِن شَرّ مَا خَلَقَ وَ بَرَأَ وَ ذَرَأَ وَ مِن شَرّ مَا يَنزِلُ مِنَ السّمَاءِ وَ مِن شَرّ مَا يَعرُجُ فِيهَا وَ مِن شَرّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرضِ وَ مِن شَرّ مَا يَخرُجُ مِنهَا وَ مِن شَرّ فِتَنِ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ مِن شَرّ كُلّ طَارِقٍ إِلّا طَارِقاً يَطرُقُ بِخَيرٍ يَا رَحمَانُ قَالَ فَطُفِئَت نَارُ الشّيَاطِينِ وَ هَزَمَهُمُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ


صفحه : 283

177- وَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ لَمّا كَانَ لَيلَةُ الجِنّ أَقبَلَ عِفرِيتٌ مِنَ الجِنّ فِي يَدِهِ شُعلَةٌ مِن نَارٍ فَجَعَلَ النّبِيّص يَقرَأُ القُرآنَ فَلَا يَزدَادُ إِلّا قُرباً فَقَالَ لَهُ جَبرَئِيلُ أَ لَا أُعَلّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنّ يَنكَبّ مِنهَا لِفِيهِ وَ تُطفِئُ شُعلَتَهُ قُل أَعُوذُ بِوَجهِ اللّهِ الكَرِيمِ وَ كَلِمَاتِ اللّهِ التّامّاتِ التّيِ‌ لَا يُجَاوِزُهُنّ بَرّ وَ لَا فَاجِرٌ مِن شَرّما يَنزِلُ مِنَ السّماءِ وَ مِن شَرّما يَعرُجُ فِيها وَ مِن شَرّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرضِ وَ مِن شَرّما يَخرُجُ مِنها وَ مِن شَرّ فِتَنِ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ مِن شَرّ طَوَارِقِ اللّيلِ وَ مِن شَرّ كُلّ طَارِقٍ إِلّا طَارِقاً يَطرُقُ بِخَيرٍ يَا رَحمَانُ فَقَالَهَا فَانكَبّ لِفِيهِ وَ طُفِيَت شُعلَتُهُ

تتمة تشمل علي فوائد جمة الأولي لاخلاف بين الإمامية بل بين المسلمين في أن الجن والشياطين أجسام لطيفة يرون في بعض الأحيان و لايرون في بعضها ولهم حركات سريعة وقدرة علي أعمال قوية ويجرون في أجساد بني‌ آدم مجري الدم و قديشكلهم الله بحسب المصالح بأشكال مختلفة وصور متنوعة كماذهب إليه السيد المرتضي رضي‌ الله عنه أوجعل الله لهم القدرة علي ذلك كما هوالأظهر من الأخبار والآثار. قال صاحب المقاصد ظاهر الكتاب والسنة و هوقول أكثر الأمة إن الملائكة أجسام لطيفة نورانية قادرة علي التشكلات بأشكال مختلفة كاملة في العلم والقدرة علي الأفعال الشاقة وساق الكلام إلي قوله والجن أجسام لطيفة هوائية متشكل بأشكال مختلفة ويظهر منها أفعال عجيبة منهم المؤمن والكافر والمطيع والعاصي‌ والشياطين أجسام نارية شأنها إلقاء النفس في الفساد والغواية بتذكير أسباب المعاصي‌ واللذات وإنساء منافع الطاعات و ماأشبه ذلك علي ما قال تعالي حكاية عن الشيطان وَ ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لِي فَلا تلَوُموُنيِ‌ وَ لُومُوا أَنفُسَكُم وقيل تركيب الأنواع الثلاثة من امتزاج العناصر الأربعة إلا أن الغالب علي الشيطان عنصر النار و علي الآخرين عنصر الهواء و ذلك أن امتزاج العناصر قد لا يكون علي القرب من الاعتدال بل علي قدر صالح من غلبة أحدهما فإن كانت الغلبة


صفحه : 284

للأرضية يكون الممتزج مائلا إلي عنصر الأرض و إن كانت للمائية فإلي الماء أوللهوائية فإلي الهواء أوللنارية فإلي النار لايبرح و لايفارق إلابالإجبار أوبأن يكون حيوانا فيفارق بالاختيار و ليس لهذه الغلبة حد معين بل تختلف إلي مراتب بحسب أنواع الممتزجات التي‌ تسكن هذاالعنصر ولكون الهواء والنار في غاية اللطافة والشفيف كانت الملائكة والجن والشياطين بحيث يدخلون المنافذ والمضايق حتي أجواف الإنسان و لايرون بحس البصر إلا إذااكتسبوا من الممتزجات الأخر التي‌ تغلب عليها الأرضية والمائية جلابيب وغواشي‌ فيرون في أبدان كأبدان الناس أوغيره من الحيوانات والملائكة كثيرا ماتعاون الإنسان علي أعمال يعجز هوعنها بقوته كالغلبة علي الأعداء والطيران في الهواء والمشي‌ علي الماء ويحفظه خصوصا المضطرين عن كثير من الآفات و أماالجن والشياطين فيخالطون بعض الأناسي‌ ويعاونونهم علي السحر والطلسمات والنيرنجات ثم تعرض لدفع الشبهة الواردة علي هذاالقول وهي‌ أن الملائكة والجن والشياطين إن كانت أجساما ممتزجة من العناصر يجب أن تكون مرئية لكل سليم الحس كسائر المركبات و إلالجاز أن تكون بحضرتنا جبال شاهقة وأصوات هائلة لانبصرها و لانسمعها والعقل جازم ببطلان ذلك علي ما هوشأن العلوم العادية و إن كانت غلبته اللطيف بحيث لاتجوز رؤية الممتزج يلزم أن لايروا أصلا و أن تتمزق أبدانهم وتنحل تراكيبهم بأدني سبب واللازم باطل لماتواتر من مشاهدة بعض الأولياء والأنبياء إياهم ومكالمتهم و من بقائهم زمانا طويلا مع هبوب الرياح العاصفة والدخول في المضايق الضيقة وأيضا لوكانوا من المركبات المزاجية لكانت لهم صور نوعية وأمزجة مخصوصة تقتضي‌ أشكالا مخصوصة كما في سائر الممتزجات فلايتصور التصور بأشكال مختلفة. والجواب منع الملازمات أما علي القول باستناد الممكنات إلي القادر المختار


صفحه : 285

فظاهر لجواز أن يخلق رؤيتهم في بعض الأبصار والأحوال دون البعض و أن يحفظ بالقدرة والإرادة تركيبهم ويبدل أشكالهم . و أما علي القول بالإيجاب فلجواز أن يكون فيهم من العنصر الكثيف مايحصل منه الرؤية لبعض الأبصار دون البعض و في بعض الأحوال دون البعض أويظهروا أحيانا في أجسام كثيفة هي‌ بمنزلة الغشاء والجلباب لهم فيبصروا و أن يكون نفوسهم أوأمزجتهم أوصورهم النوعية تقتضي‌ حفظ تركيبهم عن الانحلال وتبدل أشكالهم بحسب اختلاف الأوضاع والأحوال و يكون فيهم من الفطنة والذكاء مايعرفون به جهات هبوب الرياح وسائر أسباب انحلال التركيب فيحترزون عنها ويأوون إلي أماكن لايلحقهم ضرر. و أماالجواب بأنه يجوز أن تكون لطافتهم بمعني الشفافية دون رقة القوام فلايلائم مايحكي عنهم من النفوذ في المنافذ الضيقة والظهور في ساعة واحدة في صور مختلفة بالصغر والكبر ونحو ذلك . ثم ذكر مذاهب الحكماء في ذلك فقال والقائلون من الفلاسفة بالجن والشيطان زعموا أن الجن جواهر مجردة لها تصرف وتأثير في الأجسام العنصرية من غيرتعلق بهاتعلق النفوس البشرية بأبدانها والشياطين هي‌ القوي المتخيلة في أفراد الإنسان من حيث استيلائها علي القوي العقلية وصرفها عن جانب القدس واكتساب الكمالات العقلية إلي اتباع الشهوات واللذات الحسية والوهمية. ومنهم من زعم أن النفوس البشرية بعدمفارقتها عن الأبدان وقطع العلاقة عنها إن كانت خيرة مطيعة للدواعي‌ العقلية فهم الجن و إن كانت شريرة باعثة علي الشرور والقبائح معينة علي الضلال والانهماك في الغواية فهم الشياطين وبالجملة فالقول بوجود الملائكة والشياطين مما انعقد عليه إجماع الآراء ونطق به كلام الله تعالي وكلام الأنبياء ع وحكي‌ مشاهدة الجن عن كثير من العقلاء وأرباب المكاشفات من الأولياء فلاوجه لنفيها كما لاسبيل إلي إثباتها بالأدلة العقلية ثم ذكر طريقة المتألهين من الحكماء وقولهم بالعالم بين العالمين وعالم المثال وأنهم جعلوا الملائكة والجن والشياطين والغيلان من هذاالعالم و قدمضي بعض الكلام فيه .


صفحه : 286

الثانية اختلف أصحابنا والمخالفون في أن إبليس هل كان من الملائكة أم لافالذي‌ ذهب إليه أكثر المتكلمين من أصحابنا وغيرهم أنه لم يكن من الملائكة و قدمرت الأخبار الدالة عليه قال الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب المقالات إن إبليس من الجن خاصة وإنه ليس من الملائكة و لا كان منها قال الله تعالي إِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنّ وجاءت الأخبار متواترة عن أئمة الهدي من آل محمد ع بذلك و هومذهب الإمامية كلها وكثير من المعتزلة وأصحاب الحديث انتهي . وذهب طائفة من المتكلمين إلي أنه منهم واختاره من أصحابنا شيخ الطائفة روح الله روحه في التبيان و قال و هوالمروي‌ عن أبي عبد الله ع والظاهر في تفاسيرنا ثم قال رحمه الله ثم اختلف من قال كان منهم فمنهم من قال إنه كان خازنا علي الجنان ومنهم من قال كان له سلطان سماء الدنيا وسلطان الأرض ومنهم من قال إنه كان يوسوس ما بين السماء و الأرض انتهي . واحتج الأولون بوجوه أحدها قوله تعالي إِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبّهِقالوا ومتي أطلق لفظ الجن لم يجز أن يعني به إلاالجنس المعروف ألذي يقابل بالإنس في الكتاب الكريم . وأجيب عنه بوجهين الأول أن معني كانَ مِنَ الجِنّصار من الجن كما أن قوله وَ كانَ مِنَ الكافِرِينَمعناه صار من الكافرين ذكر ذلك الأخفش وجماعة من أهل اللغة.الثاني‌ أن إبليس كان من طائفة من الملائكة يسمون جنا من حيث كانوا خزنة الجنة وقيل سموا جنا لاجتنانهم من العيون واستشهدوا بقول الأعشي في سليمان ع


وسخر من جن الملائك تسعة.   قياما لديه يعملون بلا أجر.

صفحه : 287

ورد الأول بأنه خلاف الظاهر فلايصار إليه إلالدليل . وثانيها قوله تعالي لا يَعصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُم وَ يَفعَلُونَ ما يُؤمَرُونَفنفي عن الملائكة المعصية نفيا عاما فوجب أن لا يكون إبليس منهم . وأجيب عنه بأنه قوله تعالي لا يَعصُونَصفة لخزنة النيران لالمطلق الملائكة يدل عليه قوله تعالي عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُم و لايلزم من كونهم معصومين كون الجميع كذلك ويرد عليه أن الدلائل الدالة علي عصمة الملائكة كثيرة و قدمر كثير منها. وثالثها أن إبليس له نسل وذرية قال تعالي أَ فَتَتّخِذُونَهُ وَ ذُرّيّتَهُ أَولِياءَ مِن دوُنيِ‌ وَ هُم لَكُم عَدُوّ والملائكة لاذرية لهم لأنه ليس فيهم أنثي لقوله تعالي وَ جَعَلُوا المَلائِكَةَ الّذِينَ هُم عِبادُ الرّحمنِ إِناثاً والذرية إنما تحصل من الذكر والأنثي . ويمكن الجواب عنه بعدتسليم دلالة الآية علي السلب الكلي‌ بأن انتفاء الأنثي فيهم لايدل علي انتفاء الذرية كما أن الشياطين ليس فيهم أنثي مع أن لهم ذرية كمامر أن ذرية إبليس من نفسه و أنه يبيض ويفرخ . و قال الشيخ رحمه الله في التبيان من قال إن إبليس له ذرية والملائكة لاذرية لهم و لايتناكحون و لايتناسلون فقد عول علي خبر غيرمعلوم . ورابعها أن الملائكة رسول الله لقوله جاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلًا ورسل الله معصومون لقوله سبحانه اللّهُ أَعلَمُ حَيثُ يَجعَلُ رِسالَتَهُ و لايجوز علي رسل الله الكفر


صفحه : 288

والعصيان ملائكة كانوا أم بشرا. وأجيب بأنه ليس المراد بالآية العموم لقوله تعالي اللّهُ يصَطفَيِ‌ مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النّاسِ قال في التبيان وكلمة من للتبعيض بلا خلاف . و لو لم يكن كذلك لجاز لنا أن نخص هذاالعموم بقوله تعالي إِلّا إِبلِيسَلأن حمل الاستثناء علي أنه منقطع حمل له علي المجاز كما أن تخصيص العموم مجاز و إذاتعارضا سقطا لو لم يكن التخصيص أولي . واستدلوا علي مغايرة الجن للملائكة بأن الملائكة روحانيون مخلوقون من الريح في قول بعضهم و من النور في قول بعضهم و لايطعمون و لايشربون والجن خلقوا من النار لقوله تعالي وَ الجَانّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السّمُومِ و قدورد في الأخبار النهي‌ عن التمسح بالعظم والروث لكونهما طعاما لهم ولدوابهم . وأجيب بمنع المقدمات قال في التبيان الأكل والشرب لوعلم فقدهما في الملائكة فلانعلم أن إبليس كان يأكل ويشرب و قدقيل إنهم يتشممون الطعام و لايأكلونه انتهي . واستدل أيضا بقوله تعالي وَ يَومَ يَحشُرُهُم جَمِيعاً ثُمّ يَقُولُ لِلمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيّاكُم كانُوا يَعبُدُونَ قالُوا سُبحانَكَ أَنتَ وَلِيّنا مِن دُونِهِم بَل كانُوا يَعبُدُونَ الجِنّ أَكثَرُهُم بِهِم مُؤمِنُونَ وعورض بقوله تعالي وَ جَعَلُوا بَينَهُ وَ بَينَ الجِنّةِ نَسَباًلأن قريشا قالت الملائكة بنات الله فرد الله عليهم بقوله سُبحانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ


صفحه : 289

وأجيب بالمنع فإنه فسرت الآية بوجوه أخري منها أن المراد به قول الزنادقة إن الله وإبليس أخوان أو أن الله خلق النور والخير والحيوان النافع وإبليس خلق الظلمة والشر والحيوان الضار وبعضهم أشركوا الشيطان في عبادة الله تعالي و ذلك هوالنسب ألذي جعلوه بينه سبحانه و بين الجنة. ومنها أنهم قالوا صاهر الله الجن فحدثت الملائكة. واحتج القائلون بأنه من الملائكة بوجهين الأول أن الله تعالي استثناه من الملائكة والاستثناء يفيد إخراج مالولاه لدخل و ذلك يوجب كونه من الملائكة. وأجيب بأن الاستثناء هاهنا منقطع و هومشهور في كلام العرب كثير في كلامه تعالي قال سبحانه لا يَسمَعُونَ فِيها لَغواً وَ لا تَأثِيماً إِلّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً و قال لا تَأكُلُوا أَموالَكُم بَينَكُم بِالباطِلِ إِلّا أَن تَكُونَ تِجارَةً عَن تَراضٍ مِنكُم وأيضا فلأنه كان جنيا واحدا بين الألوف من الملائكة فغلبوا عليه في قوله فَسَجَدُوا ثم استثني هومنهم استثناء واحد منهم و قد كان مأمورا بالسجود معهم فلما دخل معهم في الأمر جاز إخراجه بالاستثناء منهم . ورد بأن كل واحد من هذين الوجهين علي خلاف الأصل فلايصار إليه إلا عندالضرورة والدلائل التي‌ ذكرتموها في نفي‌ كونه من الملائكة ليس فيها إلاالاعتماد علي العمومات فلو جعلناه من الملائكة لزم تخصيص ماعولتم عليه من العمومات و لوقلنا إنه ليس من الملائكة لزمنا حمل الاستثناء علي المنقطع ومعلوم أن تخصيص العموم أكثر في كتاب الله من حمل الاستثناء علي المنقطع فكان قولي‌ أولي و أماقولكم إنه جني‌ واحد بين الألوف من الملائكة فغلبوا عليه فنقول إنما يغلب الكثير علي القليل إذا كان ذلك القليل ساقط العبرة غيرملتفت إليه و أما إذا كان معظم الحديث ليس إلا عن ذلك الواحد لم يجز تغليب غيره عليه و فيه نظر.الثاني‌ أنه لو لم يكن من الملائكة لما كان قوله تعالي وَ إِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ


صفحه : 290

اسجُدُوامتناولا له فلا يكون تركه للسجود إباء واستكبارا ومعصية و لمااستحق الذم والعقاب فعلم أن الخطاب كان متناولا له و لايتناوله الخطاب إلا إذا كان من الملائكة. وأجيب بأنه و إن لم يكن من الملائكة إلا أنه نشأ منهم وطالت خلطته بهم والتصق بهم فلاجرم تناوله ذلك الخطاب وأيضا يجوز أن يكون مأمورا بالسجود بأمر آخر و يكون قوله تعالي ما مَنَعَكَ أَلّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَإشارة إلي ذلك الأمر ورد الأول بأن مخالطته لهم لايوجب توجه الخطاب إليه كماحقق في موضعه والثاني‌ بأن ظاهر قوله تعالي وَ إِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَالآية أن الإباء والعصيان إنما حصل بمخالفة هذاالأمر لابمخالفة أمر آخر. هذا ماقيل أويمكن أن يقال في هذاالمقام لكن الظاهر من أكثر الأخبار والآثار عدم كونه من الملائكة و أنه لما كان مخلوطا بهم وتوجه الخطاب إليهم شمله هذاالخطاب و قوله تعالي وَ إِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِمبني‌ علي التغليب الشائع في الكلام و أما مايشعر به كلام الشيخ رحمه الله في التبيان من ورود الأخبار بأن إبليس كان من الملائكة فلم نظفر بها و إن ورد في بعضها فهو نادر مؤول . و قال رحمه الله و أما ماروي‌ عن ابن عباس من أن الملائكة كانت تقاتل الجن فسبي‌ إبليس و كان صغيرا فكان مع الملائكة فتعبد معها فلما أمروا بالسجود لآدم سجدوا إلاإبليس فلذلك قال تعالي إِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنّفإنه خبر واحد لايصح والمعروف عن ابن عباس أنه كان من الملائكة فأَبي وَ استَكبَرَ وَ كانَ مِنَ الكافِرِينَ.


صفحه : 291

الثالثة لاخلاف في أن الجن والشياطين مكلفون و أن كفارهم في النار معذبون و أما أن مؤمنهم يدخلون الجنة فقد اختلف فيه العامة و لم أر لأصحابنا فيه تصريحا. قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي تَفسِيرِهِ سُئِلَ العَالِمُ ع عَن مؤُمنِيِ‌ الجِنّ يَدخُلُونَ الجَنّةَ فَقَالَ لَا وَ لَكِن لِلّهِ حَظَائِرُ بَينَ الجَنّةِ وَ النّارِ يَكُونُ فِيهَا مُؤمِنُو الجِنّ وَ فُسّاقُ الشّيعَةِ

و لاخلاف في أن نبيناص مبعوث عليهم و أماسائر أولي‌ العزم ع فلم يتحقق عندي‌ بعثهم عليهم نفيا أوإثباتا و إن كان بعض الأخبار يشعر بكونهم مبعوثين عليهم و لابد في إثبات الحجة عليهم من بعثة نبي‌ عليهم منهم أوبعثة الأنبياء من الإنس عليهم أيضا و قدمر أنه بعث فيهم نبي‌ يقال له يوسف و قدمضي كلام الطبرسي‌ رحمه الله والأقوال التي‌ ذكرها في ذلك .الرابعة فيما ذكره المخالفون في ذلك ورواياتهم التي‌ رووها في خواصهم وأنواعهم وأحكامهم قال الدميري‌ في كتاب حياة الحيوان إن الجن أجسام هوائية قادرة علي التشكل بأشكال مختلفة لها عقول وأفهام وقدرة علي الكلام والأعمال الشاقة وهم خلاف الإنس الواحد جني‌ ويقال إنما سميت بذلك لأنها تبقي و لاتري

وَ رَوَي الطبّرَاَنيِ‌ّ بِإِسنَادٍ حَسَنٍ عَن ثَعلَبَةَ الحسَنَيِ‌ّ أَنّ النّبِيّص قَالَ الجِنّ ثَلَاثَةُ أَصنَافٍ فَصِنفٌ لَهُم أَجنِحَةٌ يَطِيرُونَ بِهَا فِي الهَوَاءِ وَ صِنفٌ حَيّاتٌ وَ صِنفٌ يَحُلّونَ وَ يَظعَنُونَ

وكذلك رواه الحاكم و قال صحيح الإسناد

وَ رَوَي أَبُو الدّنيَا فِي كِتَابِ مَكَايِدِ الشّيطَانِ مِن حَدِيثِ أَبِي الدّردَاءِ أَنّ النّبِيّص قَالَالجِنّ ثَلَاثَةُ أَصنَافٍ صِنفٌ حَيّاتٌ وَ عَقَارِبُ وَ خَشَاشُ


صفحه : 292

الأَرضِ وَ صِنفٌ كَالرّيحِ فِي الهَوَاءِ وَ صِنفٌ عَلَيهِمُ الحِسَابُ وَ العِقَابُ وَ خَلَقَ اللّهُ الإِنسَ ثَلَاثَةَ أَصنَافٍ صِنفٌ كَالبَهَائِمِلَهُم قُلُوبٌ لا يَفقَهُونَ بِهاوَ لَهُم آذانٌ لا يَسمَعُونَ بِهاوَ لَهُم أَعيُنٌ لا يُبصِرُونَ بِها وَ صِنفٌ أَجسَادُهُم أَجسَادُ بنَيِ‌ آدَمَ وَ أَروَاحُهُم أَروَاحُ الشّيَاطِينِ وَ صِنفٌ كَالمَلَائِكَةِ فِي ظِلّ اللّهِ يَومَ لَا ظِلّ إِلّا ظِلّهُ

. وأجمع المسلمون علي أن نبينا محمدص مبعوث إلي الجن كما هومبعوث إلي الإنس قال الله تعالي وَ أوُحيِ‌َ إلِيَ‌ّ هذَا القُرآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَ مَن بَلَغَ والجن بلغهم القرآن و قال تعالي وَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراً مِنَ الجِنّ يَستَمِعُونَ القُرآنَالآية و قال تَبارَكَ ألّذِي نَزّلَ الفُرقانَ عَلي عَبدِهِ لِيَكُونَ لِلعالَمِينَ نَذِيراً و قال وَ ما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمِينَوَ ما أَرسَلناكَ إِلّا كَافّةً لِلنّاسِ. و قال الجوهري‌ الناس قدتكون من الجن والإنس و قال تعالي خطابا لفريقين سَنَفرُغُ لَكُم أَيّهَ الثّقَلانِ فبَأِيَ‌ّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ والثقلان الجن والإنس سميا بذلك لأنهما ثقلا الأرض وقيل لأنهما مثقلان بالذنوب و قال وَ لِمَن خافَ مَقامَ رَبّهِ جَنّتانِ ولذلك قيل إن من الجن مقربين وأبرارا كما أن من الإنس كذلك وخالف في ذلك أبوحنيفة والليث فقال ثواب


صفحه : 293

المؤمنين منهم أن يجاروا من العذاب وخالفهم الأكثرون حتي أبويوسف و محمد و ليس لأبي‌ حنيفة والليث حجة إلا قوله تعالي يُجِركُم مِن عَذابٍ أَلِيمٍ و قوله فَمَن يُؤمِن بِرَبّهِ فَلا يَخافُ بَخساً وَ لا رَهَقاًفلم يذكر في الآيتين ثوابا غيرالنجاة من العذاب . والجواب من وجهين أحدهما أن الثواب مسكوت عنه . والثاني‌ أن ذلك من قول الجن ويجوز أن يكونوا لم يطلعوا إلا علي ذلك وخفي‌ عليهم ماأعد الله لهم من الثواب وقيل إنهم إذادخلوا الجنة لايكونون مع الإنس بل يكونون في ربضها و في الحديث عن ابن عباس قال الخلق كلهم أربعة أصناف فخلق في الجنة كلهم وهم الملائكة وخلق في النار كلهم وهم الشياطين وخلق في الجنة والنار وهم الجن والإنس لهم الثواب وعليهم العقاب و فيه شيء و هو أن الملائكة لايثابون بنعيم الجنة. و من المستغربات مارواه أحمد بن مروان المالكي‌ الدينوري‌ عن مجاهد أنه سئل عن الجن المؤمنين أيدخلون الجنة فقال يدخلونها ولكن لايأكلون فيها و لايشربون بل يلهمون التسبيح والتقديس فيجدون فيه مايجد أهل الجنة من لذيذ الطعام والشراب . ويدل علي عموم بعثته ص من السنة أحاديث منها

مَا رَوَي مُسلِمٌ عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنّ النّبِيّص قَالَ أُعطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ وَ أُرسِلتُ إِلَي النّاسِ كَافّةً


صفحه : 294

وَ فِيهِ مِن حَدِيثِ جَابِرٍ وَ بُعِثتُ إِلَي كُلّ أَحمَرَ وَ أَسوَدَ

وَ فِيهِ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ كُنّا مَعَ النّبِيّص ذَاتَ لَيلَةٍ فَفَقَدنَاهُ فَالتَمَسنَاهُ فِي الأَودِيَةِ وَ الشّعَابِ فَقُلنَا استُطِيرَ أَو اغتِيلَ فَبِتنَا بِشَرّ لَيلَةٍ بَاتَ بِهَا قَومٌ فَلَمّا أَصبَحنَا إِذَا هُوَ جَاءَ مِن قِبَلِ حِرَاءَ فَقُلنَا يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَدنَاكَ فَطَلَبنَاكَ فَلَم نَجِدكَ فَبِتنَا بِشَرّ لَيلَةٍ بَاتَ بِهَا قَومٌ قَالَ أتَاَنيِ‌ داَعيِ‌ الجِنّ فَذَهَبتُ مَعَهُ وَ قَرَأتُ عَلَيهِمُ القُرآنَ فَانطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَ نِيرَانِهِم وَ سَأَلُوهُ الزّادَ فَقَالَ لَكُم كُلّ عَظمٍ ذُكِرَ اسمُ اللّهِ عَلَيهِ تَأخُذُونَهُ فَيَقَعُ فِي أَيدِيكُم أَوفَرَ مَا كَانَ لَحماً وَ كُلّ بَعرٍ عُلِفَ لِدَوَابّكُم قَالَ فَلَا تَستَنجُوا بِهِمَا فَإِنّهُمَا طَعَامُ إِخوَانِكُمُ الجِنّ

وَ رَوَي الطبّرَاَنيِ‌ّ بِإِسنَادٍ حَسَنٍ عَنِ الزّبَيرِ بنِ العَوّامِ قَالَصَلّي بِنَا رَسُولُ اللّهِص صَلَاةَ الصّبحِ فِي مَسجِدِ المَدِينَةِ فَلَمّا انصَرَفَ قَالَ أَيّكُم يتَبّعِنُيِ‌ إِلَي وَفدِ الجِنّ اللّيلَةَ فَسَكَتَ القَومُ وَ لَم يَتَكَلّم مِنهُم أَحَدٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَمَرّ بيِ‌ يمَشيِ‌ فَأَخَذَ بيِدَيِ‌ فَجَعَلتُ أمَشيِ‌ مَعَهُ حَتّي يَتَبَاعَدَ عَنّا جِبَالُ المَدِينَةِ كُلّهَا وَ أَفضَينَا إِلَي أَرضٍ بَرَازٍ وَ إِذَا رِجَالٌ طِوَالٌ كَأَنّهُمُ الرّمَاحُ مسُتثَفرِيِ‌ ثِيَابِهِم مِن بَينِ أَرجُلِهِم فَلَمّا رَأَيتُهُم غشَيِتَنيِ‌ رِعدَةٌ شَدِيدَةٌ حَتّي مَا تمُسكِنُيِ‌ رجِلاَي‌َ مِنَ الفَرَقِ فَلَمّا دَنَونَا مِنهُم خَطّ لِي رَسُولُ اللّهِص بِإِبهَامِ رِجلِهِ فِي الأَرضِ خَطّاً وَ قَالَ لِي اقعُد فِي وَسَطِهِ فَلَمّا جَلَستُ ذَهَبَ عنَيّ‌ كُلّ شَيءٍ أَجِدُهُ مِن رِيبَةٍ وَ بقَيِ‌َص بيَنيِ‌ وَ بَينَهُم فَتَلَا قُرآناً رَفِيعاً حَتّي طَلَعَ الفَجرُ ثُمّ أَقبَلَ حَتّي مَرّ بيِ‌ فَقَالَ الحَق بيِ‌ فَجَعَلتُ أمَشيِ‌ مَعَهُ فَمَضَينَا غَيرَ بَعِيدٍ فَقَالَ التَفِت فَانظُر هَل تَرَي حَيثُ كَانَ أُولَئِكَ مِن أَحَدٍ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَي سَوَاداً كَثِيرَةً فَخَفَضَ رَسُولُ اللّهِص رَأسَهُ إِلَي الأَرضِ


صفحه : 295

فَنَظَمَ عَظماً بِرَوثَةٍ فَرَمَي بِهِ إِلَيهِم ثُمّ قَالَ هَؤُلَاءِ وَفدُ جِنّ نَصِيبِينَ سأَلَوُنيِ‌َ الزّادَ فَجَعَلتُ لَهُم كُلّ عَظمٍ وَ رَوثَةٍ قَالَ الزّبَيرُ وَ لَا يَحِلّ لِأَحَدٍ أَن يسَتنَجيِ‌َ بِعَظمٍ وَ لَا رَوثَةٍ

ثُمّ رَوَي أَيضاً عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ استتَبعَنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص لَيلَةً فَقَالَ إِنّ نَفَراً مِنَ الجِنّ خَمسَةَ عَشَرَ بَنُو إِخوَةٍ وَ بَنُو عَمّ يَأتُونَ اللّيلَةَ فَأَقرَأُ عَلَيهِمُ القُرآنَ فَانطَلَقتُ مَعَهُ إِلَي المَكَانِ ألّذِي أَرَادَ فَجَعَلَ لِي خَطّاً ثُمّ أجَلسَنَيِ‌ فِيهِ وَ قَالَ لَا تَخرُجَنّ مِن هَذَا فَبِتّ فِيهِ حَتّي أتَاَنيِ‌ رَسُولُ اللّهِص مِنَ السّحَرِ وَ فِي يَدِهِ عَظمٌ حَائِلٌ وَ رَوثَةٌ وَ جُمجُمَةٌ وَ قَالَ إِذَا أَتَيتَ الخَلَا فَلَا تَستَنجِ بشِيَ‌ءٍ مِن هَذَا قَالَ فَلَمّا أَصبَحتُ قُلتُ لَأُعَلّمَنّ حَيثُ كَانَ رَسُولُ اللّهِص فَذَهَبتُ فَرَأَيتُ مَوضِعَ سَبعِينَ بَعِيراً

وَ فِي كِتَابِ خَبَرِ البَشَرِ بِخَيرِ البَشَرِ لِلعَلّامَةِ مُحَمّدِ بنِ ظَفَرٍ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ أَنّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص وَ هُوَ بِمَكّةَ مَن أَحَبّ مِنكُم أَن يَحضُرَ اللّيلَةَ أَمرَ الجِنّ فَانطَلَقتُ مَعَهُ حَتّي إِذَا كُنّا بِأَعلَي مَكّةَ خَطّ لِي خَطّاً ثُمّ انطَلَقَ حَتّي قَامَ فَافتَتَحَ القُرآنَ فَغَشِيَتهُ أُسُودٌ كَثِيرَةٌ فَحَالَت بيَنيِ‌ وَ بَينَهُ حَتّي مَا أَسمَعُ صَوتَهُ ثُمّ انطَلَقُوا يَتَقَطّعُونَ مِثلَ قِطَعِ السّحَابِ ذَاهِبِينَ حَتّي بقَيِ‌َ مِنهُم رَهطٌ ثُمّ أَتَي النّبِيّص فَقَالَ مَا فَعَلَ الرّهطُ قُلتُ هُم أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللّهِ فَأَخَذَ عَظماً وَ رَوثاً فَأَعطَاهُم إِيّاهُ وَ نَهَي أَن يَستَطِيبَ أَحَدٌ بِعَظمٍ أَو رَوثٍ

و في إسناده ضعف و فيه أيضا عن بلال بن الحارث قال نزلنا مع النبي ص في بعض أسفاره بالعرج فتوجهت نحوه فلما قاربته سمعت لغطا وخصومة


صفحه : 296

رجال لم أسمع أحد من ألسنتهم فوقفت حتي جاء النبي ص و هويضحك فقال اختصم إلي‌ الجن المسلمون والجن المشركون وسألوني‌ أن أسكنهم فأسكنت المشركين الغور كل مرتفع من الأرض جلس ونجد و كل منخفض غور.

وَ روُيِ‌َ أَيضاً عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ قَالَ انطَلَقَ النّبِيّص فِي طَائِفَةٍ مِن أَصحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَي سُوقِ عُكَاظٍ وَ قَد حِيلَ بَينَ الشّيَاطِينِ وَ بَينَ خَبَرِ السّمَاءِ فَرَجَعَتِ الشّيَاطِينُ إِلَي قَومِهِم فَقَالُوا مَا لَكُم قَد حِيلَ بَينَنَا وَ بَينَ خَبَرِ السّمَاءِ وَ أُرسِلَت عَلَينَا الشّهُبُ قَالُوا مَا ذَاكَ إِلّا مِن شَيءٍ حَدَثَ فَاضرِبُوا مَشَارِقَ الأَرضِ وَ مَغَارِبَهَا فَالتَقَي الّذِينَ أَخَذُوا نَحوَ تِهَامَةَ النّبِيّص وَ أَصحَابَهُ وَ هُوَ بِنَخلَةَ عَامِدِينَ إِلَي سُوقِ عُكَاظٍ وَ هُوَ يصُلَيّ‌ بِأَصحَابِهِ صَلَاةَ الفَجرِ فَلَمّا سَمِعُوا القُرآنَ أَنصَتُوا وَ قَالُوا هَذَا ألّذِي حَالَ بَينَنَا وَ بَينَ خَبَرِ السّمَاءِ وَ رَجَعُوا إِلَي قَومِهِمفَقالُوا إِنّا سَمِعنا قُرآناً عَجَباًالآيَتَينِ

. و هذا ألذي ذكره ابن عباس أول ما كان من أمر الجن مع النبي ص و لم يكن النبي ص رآهم إذ ذاك إنما أوحي‌ إليه بما كان منهم .روي الشافعي‌ والبيهقي‌ أن رجلا من الأنصار خرج يصلي‌ العشاء فسبته الجن وفقد أعواما وتزوجت امرأته ثم أتي المدينة فسأله عمر عن ذلك فقال اختطفتني‌ الجن فلبثت فيهم زمانا طويلا فغزاهم جن مؤمنون فقاتلوهم فظهروا عليهم فسبوا منهم سبايا وسبوني‌ معهم فقالوا نراك رجلا مسلما و لايحل لنا سباؤك فخيروني‌ بين المقام عندهم أوالقفول إلي أهلي‌ فاخترت أهلي‌ فأتوا بي‌ إلي المدينة فقال له عمر ما كان طعامهم .


صفحه : 297

قال الفول و ما لم يذكر اسم الله عليه قال فما كان شرابهم قال الجذف و هوالرغوة لأنها تجذف عن الماء وقيل نبات يقطع ويؤكل وقيل كل إناء كشف عنه غطاؤه . و أماالإجماع فنقل ابن عطية وغيره الاتفاق علي أن الجن متعبدون بهذه الشريعة علي الخصوص و أن نبينا محمداص مبعوث إلي الثقلين . فإن قيل لوكانت الأحكام بجملتها لازمة لهم لكانوا يترددون إلي النبي ص يتعلمونها و لم ينقل أنهم أتوه إلامرتين بمكة و قدتجدد بعد ذلك أكثر الشريعة.قلنا لايلزم من عدم النقل عدم اجتماعهم به وحضورهم مجلسه وسماعهم كلامه من غير أن يراهم المؤمنون و يكون ص يراهم هو و لايراهم أصحابه فإن الله تعالي يقول عن رأس الجن إِنّهُ يَراكُم هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِن حَيثُ لا تَرَونَهُمفقد يراهم هوص بقوة يعطيها الله له زائدة علي قوة أصحابه و قديراهم بعض الصحابة في بعض الأحوال كمارأي أبوهريرة الشيطان ألذي يسرق من زكاة رمضان كمارواه البخاري‌. فإن قيل فما تقول فيما حكي‌ عن بعض المعتزلة أنه ينكر وجود الجن قلنا عجب أن يثبت ذلك عمن صدق بالقرآن و هوناطق بوجودهم

وَ رَوَي البخُاَريِ‌ّ وَ مُسلِمٌ وَ النسّاَئيِ‌ّ عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنّ النّبِيّص قَالَ إِنّ عِفرِيتاً مِنَ الجِنّ تَفَلّتَ عَلَيّ البَارِحَةَ يُرِيدُ أَن يَقطَعَ عَلَيّ صلَاَتيِ‌ فَذَعَتّهُ بِالذّالِ المُعجَمَةِ وَ العَينِ المُهمَلَةِ أَي خَنَقتُهُ وَ أَرَدتُ أَن أَربُطَهُ فِي سوِاَريَ‌ِ المَسجِدِ فَذَكَرتُ قَولَ أخَيِ‌ سُلَيمَانَ ع وَ قَالَ إِنّ


صفحه : 298

بِالمَدِينَةِ جِنّاً قَد أَسلَمُوا وَ قَالَ لَا يَسمَعُ نِدَاءَ صَوتِ المُؤَذّنِ جِنّ وَ لَا إِنسٌ وَ لَا شَيءٌ إِلّا شَهِدَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ

وَ رَوَي مُسلِمٌ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ أَنّ النّبِيّص قَالَ مَا مِنكُم مِن أَحَدٍ إِلّا وَ قَد وُكّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الجِنّ قَالُوا وَ إِيّاكَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ وَ إيِاّي‌َ إِلّا أَنّ اللّهَ أعَاَننَيِ‌ عَلَيهِ فَأَسلَمَ فَلَا يأَمرُنُيِ‌ إِلّا بِخَيرٍ

. وروي‌ فأسلم بفتح الميم وضمها وصحح الخطابي‌ الرفع ورجح القاضي‌ عياض والنووي‌ الفتح وأجمعت الأمة علي عصمة النبي ص من الشيطان وإنما المراد تحذير غيره من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه وأعلمنا أنه معنا لنتحرز منه بحسب الإمكان والأحاديث في وجود الجن والشياطين لاتحصي وكذلك أشعار العرب وأخبارها فالنزاع في ذلك مكابرة فيما هومعلوم بالتواتر ثم إنه أمر لايحيله العقل و لايكذبه الحس ولذلك جرت التكاليف عليهم ومما اشتهر أن سعد بن عبادة لما لم يبايعه الناس وبايعوا أبابكر سار إلي الشام فنزل حوران وأقام بها إلي أن مات في سنة خمس عشرة و لم يختلفوا في أنه وجد ميتا في مغتسله بحوران وأنهم لم يشعروا بموته حتي سمعوا قائلا يقول


نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة.   فرميناه بسهمين و لم نخط فؤاده .

فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم ألذي مات فيه ووقع في صحيح مسلم أنه شهد بدرا


صفحه : 299

وروي‌ عن حجاج بن علاط السلمي‌ أنه قدم مكة في ركب فأجنهم الليل بواد مخوف موحش فقال له أهل الركب قم فخذ لنفسك أمانا ولأصحابك فجعل لاينام بل يطوف بالركب و يقول .


أعيذ نفسي‌ وأعيذ صحبي‌   من كل جني‌ بهذا النقب

  حتي أعود سالما وركبي‌.

فسمع قائلا يقول يا مَعشَرَ الجِنّ وَ الإِنسِ إِنِ استَطَعتُم أَن تَنفُذُوا مِن أَقطارِ السّماواتِ وَ الأَرضِالآية فلما قدم مكة أخبر كفار قريش بما سمع فقالوا صبأت يا أباكلاب إن هذايزعم أنه أنزل علي محمد فقال و الله لقد سمعته وسمعه هؤلاء معي‌ ثم أسلم وحسن إسلامه وهاجر إلي المدينة وابتني بهامسجدا يعرف به . و قال محمد بن الحسن الأبرسي‌ قال الربيع سمعت الشافعي‌ يقول من زعم من أهل العدالة أنه يري الجن أبطلنا شهادته لقوله تعالي إِنّهُ يَراكُم هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِن حَيثُ لا تَرَونَهُم إلا أن يكون الزاعم نبيا. وعد ابن سعد والطبراني‌ والحافظ و أبو موسي وغيرهم عمرو بن جابر الجني‌ في الصحابة فرووا بأسانيدهم عن صفوان بن المعطل السلمي‌ أنه قال خرجنا حجاجا فلما كنا بالعرج إذانحن بحية تضطرب فلم نلبث أن ماتت فأخرج لها رجل منا خرقة فلفها فيها ثم حفر لها في الأرض ثم قدمنا مكة فأتينا المسجد الحرام فوقف علينا رجل فقال أيكم صاحب عمرو بن جابر قلنا مانعرفه قال أيكم صاحب الجان قالوا هذا قال جزاك الله خيرا أماإنه كان آخر التسعة الجن


صفحه : 300

الذين سمعوا القرآن من النبي ص موتا وكذا رواه الحاكم في المستدرك . وذكر ابن أبي الدنيا عن رجل من التابعين أن حية دخلت عليه في خبائه تلهث عطشا فسقاها ثم إنها ماتت فدفنها فأتي له من الليل فسلم عليه وشكر وأخبر أن تلك الحية كانت رجلا صالحا من جن نصيبين اسمه زوبعة. قال وبلغنا من فضائل عمر بن عبدالعزيز أنه كان يمشي‌ بأرض فلاة فإذاحية ميتة فكفنها بفضلة من ردائه فإذاقائل يقول ياسرق أشهد لقد سمعت رسول الله ص يقول لك ستموت بأرض فلاة فيكفنك ويدفنك رجل صالح فقال و من أنت يرحمك الله فقال أنا من الجن الذين سمعوا القرآن من رسول الله ص لم يبق منهم إلا أنا و هذا ألذي قدمات . وَ رَوَي البيَهقَيِ‌ّ فِي دَلَائِلِهِ عَنِ الحَسَنِ أَنّ عَمّارَ بنَ يَاسِرٍ قَالَ قَاتَلتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِص الإِنسَ وَ الجِنّ فَسُئِلَ عَن قِتَالِ الجِنّ فَقَالَ أرَسلَنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص إِلَي بِئرٍ أسَتقَيِ‌ مِنهَا فَلَقِيتُ الشّيطَانَ فِي صُورَتِهِ حَتّي قاَتلَنَيِ‌ فَصَرَعتُهُ ثُمّ جَعَلتُ أدَميِ‌ أَنفَهُ بِفِهرٍ كَانَ معَيِ‌ أَو حَجَرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لِأَصحَابِهِ إِنّ عَمّاراً لقَيِ‌َ الشّيطَانَ عِندَ بِئرٍ فَقَاتَلَهُ فَلَمّا رَجَعتُ سأَلَنَيِ‌ فَأَخبَرتُهُ الأَمرَ

و كان أبوهريرة يقول إن عمار بن ياسر أجاره الله من الشيطان علي لسان نبيه ص و هذا ألذي أشار إليه البخاري‌ بما رواه


صفحه : 301

عن ابراهيم النخعي‌ قال ذهب علقمة إلي الشام فلما دخل المسجد قال أللهم ارزقني‌ جليسا صالحا فجلس إلي أبي الدرداء فقال أبوالدرداء ممن أنت قال من أهل الكوفة قال أ ليس فيكم أومنكم صاحب السر ألذي لايعلمه غيره يعني‌ حذيفة قال قلت بلي قال أ ليس فيكم أومنكم ألذي أجاره الله من الشيطان علي لسان نبيه يعني‌ عمارا قلت بلي قال أ ليس فيكم أومنكم صاحب السواك أوالسوار قلت بلي قال كيف كان عبد الله يقرأوَ اللّيلِ إِذا يَغشي وَ النّهارِ إِذا تَجَلّي قلت والذكر والأنثي الحديث . و في كتاب خبر البشر بخير البشر عن عبيد المكتب عن ابراهيم قال خرج نفر من أصحاب عبد الله بن مسعود يريدون الحج حتي إذاكانوا ببعض الطريق رأوا حية بيضاء تثني‌ علي الطريق يفوح منها ريح المسك فقال قلت لأصحابي‌ امضوا فلست ببارح حتي أري ماذا يصير إليه أمره فما لبثت أن ماتت فظننت به الخير لمكان الرائحة الطيبة فكفنته في خرقة ثم نحيتها عن الطريق وأدركت أصحابي‌ في المتعشي قال فو الله إنا لقعود إذ أقبل أربع نسوة من قبل المغرب فقالت واحدة منهن أيكم دفن عمرا فقلنا من عمرو فقالت أيكم دفن الحية قال قلت أناقالت أما و الله لقد دفنت صواما قواما يؤمن بما أنزل الله ولقد آمن بنبيكم وسمع صفته في السماء قبل أن يبعث بأربعمائة سنة قال فحمدت الله ثم قضينا حجنا ثم مررت بعمر فأخبرته خبر الحية فقال صدقت سمعت رسول الله ص يقول فيه هذا. و فيه أيضا عن ابن عمر قال كنت عندعثمان إذ جاءه رجل فقال أ لاأحدثك بعجب قال بلي قال بينما أنابفلاة من الأرض رأيت عصابتين قدالتقتا ثم


صفحه : 302

افترقتا قال فجئت معتركهما قال فإذا أنا من الحيات شيء مارأيت مثله قط و إذاريح المسك أجده من حية منها صفراء دقيقة وظننت أن تلك الرائحة لخير فيهافأخذتها فلففتها في عمامتي‌ ثم دفنتها فبينما أناأمشي‌ إذامناديا ينادي‌ هداك الله إن هذين حيان من أحياء الجن كان بينهما قتال فاستشهدت الحية التي‌ دفنت و هو من الذين استمعوا الوحي‌ من رسول الله ص . و فيه أيضا أن فاطمة بنت النعمان النجارية قالت كان تابع من الجن و كان إذااقتحم البيت ألذي أنا فيه اقتحاما فجاءني‌ يوما فوقع علي الجدار و لم يصنع كمايصنع فقلت له مابالك لم تصنع كماكنت تصنع صنيعك قبل فقال إنه قدبعث اليوم نبي‌ يحرم الزنا. وروي أبوبكر في رباعياته والقاضي‌ أبويعلي عن عبد الله بن الحسين المصيصي‌ قال دخلت علي طرطوس فقيل له هاهنا امرأة يقال لها نهوس رأت الجن الذين وفدوا علي رسول الله ص فأتيتها فإذاهي‌ امرأة مستلقية علي قفاها فقلت رأيت أحدا من الجن الذين وفدوا علي رسول الله ص قال نعم حدثني‌ علية بن سمحج وسماه النبي ص عبد الله قال

قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا مِن مَرِيضٍ يُقرَأُ


صفحه : 303

عِندَهُ يس إِلّا مَاتَ وَ دَخَلَ قَبرَهُ رَيّاناً وَ حشره [حُشِرَ] يَومَ القِيَامَةِ رَيّاناً

وَ فِي أُسدِ الغَابَةِ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ كُنتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِص خَارِجاً مِن جِبَالِ مَكّةَ إِذ أَقبَلَ شَيخٌ مُتّكِئٌ عَلَي عُكّازَةٍ فَقَالَ النّبِيّص مِشيَةَ جنِيّ‌ّ وَ نَغمَتَهُ قَالَ أَجَل قَالَ مِن أَيّ الجِنّ قَالَ أَنَا هَامَةُ بنُ الهِيمِ أَو أَبِي هِيمِ بنِ لَاقِيسَ بنِ إِبلِيسَ قَالَ لَا أَرَي بَينَكَ وَ بَينَهُ إِلّا أَبَوَينِ قَالَ أَجَل قَالَ كَم أَتَي عَلَيكَ قَالَ أَكَلتُ الدّنيَا إِلّا أَقَلّهَا كُنتُ ليَاَليِ‌ قَتلِ قَابِيلَ هَابِيلَ غُلَاماً ابنَ أَعوَامٍ فَكُنتُ أسَتوَيِ‌ عَلَي الآكَامِ وَ أُوَرّشُ بَينَ الأَنَامِ فَقَالَص بِئسَ العَمَلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ دعَنيِ‌ مِنَ العَتَبِ فإَنِيّ‌ مِمّن آمَنَ بِنُوحٍ ع وَ تُبتُ عَلَي يَدَيهِ وَ إنِيّ‌ عَاتَبتُهُ فِي دَعوَتِهِ فَبَكَي وَ أبَكاَنيِ‌ وَ قَالَ إنِيّ‌ وَ اللّهِ مِنَ النّادِمِينَ وَأَعُوذُ بِاللّهِ أَن أَكُونَ مِنَ الجاهِلِينَ وَ لَقِيتُ هُوداً وَ آمَنتُ بِهِ وَ لَقِيتُ اِبرَاهِيمَ وَ كُنتُ مَعَهُ فِي النّارِ إِذ ألُقيِ‌َ فِيهَا وَ كُنتُ مَعَ يُوسُفَ إِذ ألُقيِ‌َ فِي الجُبّ فَسَبَقتُهُ إِلَي قَعرِهِ وَ كُنتُ مَعَ شُعَيبٍ وَ مُوسَي وَ لَقِيتُ عِيسَي ابنَ مَريَمَ وَ قَالَ لِي إِن لَقِيتَ مُحَمّداً فَأَقرِئهُ منِيّ‌ السّلَامَ وَ قَد بَلّغتُ رِسَالَتَهُ وَ آمَنتُ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ وَ عَلَي عِيسَي وَ عَلَيكَ السّلَامُ مَا حَاجَتُكَ يَا هَامَةُ قَالَ إِنّ مُوسَي علَمّنَيِ‌ التّورَاةَ وَ إِنّ عِيسَي علَمّنيِ‌ الإِنجِيلَ فعَلَمّنيِ‌ القُرآنَ فَعَلّمَهُ

. و في رواية علمه عشر سور من القرآن وقبض رسول الله ص و لم ينعه إلينا فلانراه و الله أعلم إلاحيا. و فيه أيضا أن عمر بن الخطاب قال ذات يوم لابن عباس حدثني‌ بحديث تعجبني‌ به فقال حدثني‌ خريم بن فاتك الأسدي‌ أنه خرج يوما في الجاهلية في طلب إبل له قدضلت فأصابها في أبرق الغراف وسمي‌ بذلك لأنه يسمع به غريف الجن قال فعقلتها وتوسدت ذراع بكر منها ثم قلت أعوذ بعظيم هذاالمكان و في رواية بكبير هذاالوادي‌ و إذابهاتف يهتف و يقول .


صفحه : 304


تعوذن بالله ذي‌ الجلال   منزل الحرام والحلال

ووحد الله و لاتبال   ماهول ذي‌ الجن من الأهوال .

فقلت


ياأيها الداعي‌ ماتخييل   أرشد عنك أم تضليل .

فقال


هذا رسول الله ذو الخيرات   جاء بياسين وحاميمات

وسور بعدمفصلات   يدعو إلي الجنة والنجاة

يأمر بالصوم وبالصلاة   ويزجر الناس عن الهنات .

قال فقلت من أنت يرحمك الله قال أنامالك بن مالك بعثني‌ رسول الله ص علي جن أهل نجد قال فقلت لو كان لي من يكفيني‌ إبلي‌ هذه لأتيته حتي أؤمن به قال أناأكفيكها حتي أؤديها إلي أهلك سالمة إن شاء الله فاقتعدت بعيرا منها حتي أتيت النبي ص بالمدينة فوافقت الناس يوم الجمعة وهم في الصلاة فإني‌ أنيخ راحلتي‌ إذ خرج إلي‌ أبوذر فقال لي يقول لك رسول الله ص ادخل فدخلت فلما رآني‌ قال مافعل الشيخ ألذي ضمن لك


صفحه : 305

أن يرد إبلك إلي أهلك أماإنه قدأداها إلي أهلك سالمة فقلت رحمه الله قال رسول الله ص أجل رحمه الله فأسلم وحسن إسلامه . و في مسند الدارمي‌ عن الشعبي‌ قال قال عبد الله بن مسعود لقي‌ رجل من أصحاب رسول الله ص رجلا من الجن فصارعه فصرعه الإنسي‌ فقال له الإنسي‌ إني‌ أراك ضئيلا شخيتا كأن ذراعيك ذراعا كلب فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك قال لا و الله إني‌ من بينهم لضليع ولكن عاودني‌ الثانية فإن صرعتني‌ علمتك شيئا ينفعك قال نعم قال فعاوده فصرعه فقال له أتقرأاللّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ الحيَ‌ّ القَيّومُ قال نعم قال فإنك لاتقرؤها في بيت إلاخرج منه الشيطان له خبج كخبج الحمار ثم لايدخل حتي يصبح . قال الدارمي‌ الضئيل الرقيق والشخيت المهزول والضليع جيد الأضلاع والخبج الريح قال أبوعبيدة الخبج الضراط. ثم قال الدميري‌ يصح انعقاد الجمعة بأربعين مكلفا سواء كانوا من الجن أو من الإنس أومنهما. قال القمولي‌ لكن نقل في مناقب الشافعي‌ أنه كان يقول من زعم من أهل العدالة أنه يري الجن ردت شهادته وعزر لمخالفته قوله تعالي إِنّهُ يَراكُم هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِن حَيثُ لا تَرَونَهُم إلا أن يكون الزاعم نبيا ويحمل قوله علي من


صفحه : 306

ادعي رؤيتهم علي ماخلقوا عليه وقول القمولي‌ علي ما إذاتصورا صور بني‌ آدم . والمشهور أن جميع الجن من ذرية إبليس وبذلك يستدل علي أنه ليس من الملائكة لأن الملائكة لايتناسلون لأنهم ليس فيهم إناث وقيل الجن جنس وإبليس واحد منهم و لاشك أن لهم ذرية بنص القرآن و من كفر من الجن يقال له شيطان و في الحديث لماأراد الله تعالي أن يخلق لإبليس نسلا وزوجة ألقي عليه الغضب فطارت منه شظية من نار فخلق منه امرأته . ونقل ابن خلكان في تاريخه في ترجمة الشعبي‌ أنه قال إني‌ لقاعد يوما إذ أقبل جمال ومعه دن فوضعه ثم جاءني‌ فقال أنت الشعبي‌ قلت نعم قال أخبرني‌ هل لإبليس زوجة فقلت إن ذلك العرس ماشهدته قال ثم ذكرت قوله تعالي أَ فَتَتّخِذُونَهُ وَ ذُرّيّتَهُ أَولِياءَ مِن دوُنيِ‌فقلت إنه لا يكون ذرية إلا من زوجة فقلت نعم فأخذ دنه وانطلق قال فرأيته يختبرني‌. وروي‌ أن الله تعالي قال لإبليس لاأخلق لآدم ذرية إلاذرأت لك مثلها فليس أحد من ولد آدم إلا و له شيطان قدقرن به . وقيل إن الشياطين فيهم الذكور والإناث يتوالدون من ذلك و أماإبليس فإن الله تعالي خلق له في فخذه اليمني ذكرا و في اليسري فرجا فهو ينكح هذه بهذا فيخرج له كل يوم عشر بيضات . وذكر مجاهد أن من ذرية إبليس لاقيس وولها و هوصاحب الطهارة


صفحه : 307

والصلاة والهفاف و هوصاحب الصحاري‌ ومرة و به يكني وزلنبور و هوصاحب الأسواق ويزين اللغو والحلف الكاذب ومدح السلعة وبثر و هوصاحب المصائب يزين خمش الوجوه ولطم الخدود وشق الجيوب والأبيض و هو ألذي يوسوس للأنبياء والأعور و هوصاحب الزنا ينفخ في إحليل الرجل وعجز المرأة وداسم و هو ألذي إذادخل الرجل بيته و لم يسلم و لم يذكر اسم الله تعالي دخل معه ووسوس له فألقي الشر بينه و بين أهله فإن أكل و لم يذكر اسم الله تعالي أكل معه فإذادخل الرجل بيته و لم يسلم و لم يذكر الله ورأي شيئا يكره فليقل داسم داسم أعوذ بالله منه ومطرش و هوصاحب الأخبار يأتي‌ بهافيلقيها في أفواه الناس و لا يكون لها أصل و لاحقيقة والأقبض وأمهم طرطبة و قال النقاش بل هي‌ حاضنتهم ويقال إنه باض ثلاثين بيضة عشرا في المشرق وعشرا في المغرب وعشرا في وسط الأرض وإنه خرج من كل بيضة جنس من الشياطين كالعفاريت والغيلان والقطاربة والجان وأسماء مختلفة كلهم عدو لبني‌ آدم لقوله تعالي أَ فَتَتّخِذُونَهُ وَ ذُرّيّتَهُ أَولِياءَ مِن دوُنيِ‌ وَ هُم لَكُم عَدُوّ إلا من آمن منهم وكنية إبليس أبومرة. واختلف العلماء في أنه من الملائكة من طائفة يقال لهم الجن أم ليس من الملائكة و في أنه اسم عربي‌ أوعجمي‌ فقال ابن عباس و ابن مسعود و ابن


صفحه : 308

المسيب وقتادة و ابن جريح والزجاج و ابن الأنباري‌ كان إبليس من الملائكة من طائفة يقال لهم الجن و كان اسمه بالعبرانية عزازيل وبالعربية الحارث و كان من خزان الجنة و كان رئيس ملائكة سماء الدنيا وسلطانها وسلطان الأرض و كان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما و كان يسوس ما بين السماء و الأرض نعوذ بالله من خذلانه قالوا و قوله تعالي كانَ مِنَ الجِنّ أي من طائفة من الملائكة هم الجن . و قال ابن جبير و الحسن لم يكن من الملائكة طرفة عين وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس . و قال عبدالرحمن بن زيد وشهر بن حوشب وإنما كان من الجن الذين ظفر بهم الملائكة فأسره بعضهم وذهب به إلي السماء. و قال أكثر أهل اللغة والتفسير إنما سمي‌ إبليس لأنه أبلس من رحمة الله والصحيح كماقاله الإمام النووي‌ وغيره من الأئمة الأعلام أنه من الملائكة و أنه اسم أعجمي‌ والاستثناء متصل لأنه لم يقل إن غيرهم أمر بالسجود والأصل في الاستثناء أن يكون من جنس المستثني منه . و قال القاضي‌ عياض الأكثر علي أنه أبوالجن كما أن آدم أبوالبشر والاستثناء من غيرالجنس شائع في كلام العرب قال تعالي ما لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلّا اتّباعَ الظّنّ


صفحه : 309

والصحيح المختار علي ماسبق عن النووي‌ و من وافقه و عن محمد بن كعب القرظي‌ أنه قال الجن مؤمنون والشياطين كفار وأصلهم واحد وسئل وهب بن منبه عن الجن ماهم وهل يأكلون ويشربون ويتناكحون فقال هم أجناس فأما الصميم الخالص من الجن فإنهم ريح لايأكلون و لايشربون و لايموتون في الدنيا و لايتوالدون ولهم أجناس يأكلون ويشربون ويتناكحون وهم السعالي والغيلاب والقطارب وأشباه ذلك . و قال القرافي‌ اتفق الناس علي تكفير إبليس بقصته مع آدم ع و ليس مدرك الكفر فيهاالامتناع من السجود و إلالكان كل من أمر بالسجود فامتنع منه كافرا و ليس كذلك و لا كان كفره لكونه حسد آدم علي منزلته من الله تعالي و إلالكان كل حاسد كافرا و ليس كذلك و لا كان كفره لعصيانه وفسوقه و إلالكان كل عاص وفاسق كافرا و قدأشكل ذلك علي جماعة من الفقهاء فضلا عن غيرهم وينبغي‌ أن يعلم أنه إنما كفر لنسبة الحق جل جلاله إلي الجور والتصرف ألذي ليس بمرضي‌ وأظهر ذلك من فحوي قوله أَنَا خَيرٌ مِنهُ خلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ ومراده علي ماقاله الأئمة المحققون من المفسرين وغيرهم أن إلزام العظيم الجليل بالسجود للحقير من الجور والظلم فهذا وجه كفره لعنه الله و قدأجمع المسلمون قاطبة علي أن من نسب ذلك للحق تعالي وتنزه كافر. واختلفوا هل كان قبل إبليس كافر أو لافقيل لا وإنه أول من كفر قيل كان قبله قوم كفار وهم الجن الذين كانوا في الأرض انتهي . و قداختلفوا في كفر إبليس هل كان جهلا أوعنادا علي قولين لأهل السنة و لاخلاف أنه كان عالما بالله تعالي قبل كفره فمن قال إنه كفر جهلا قال إنه سلب


صفحه : 310

العلم ألذي كان عنده عندكفره و من قال كفر عنادا قال كفر ومعه علمه قال ابن عطية والكفر مع بقاء العلم مستبعد إلا أنه عندي‌ جائز لايستحيل مع خذلان الله تعالي لمن يشاء. وذكر البيهقي‌ في شرح الأسماء الحسني في قوله تعالي ما كانُوا لِيُؤمِنُوا إِلّا أَن يَشاءَ اللّهُ عن عمر بن ذر قال سمعت عمر بن عبدالعزيز يقول لوأراد الله تعالي أن لايعصي لم يخلق إبليس و قد بين ذلك في آية من كتابه وفصلها علمها من علمها وجهلها من جهلها وهي‌ قوله تعالي ما أَنتُم عَلَيهِ بِفاتِنِينَ إِلّا مَن هُوَ صالِ الجَحِيمِ ثم روُيِ‌َ مِن طَرِيقِ عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ أَنّ النّبِيّص قَالَ لأِبَيِ‌ بَكرٍ يَا أَبَا بَكرٍ لَو أَرَادَ اللّهُ أَن لَا يُعصَي مَا خَلَقَ إِبلِيسَ

انتهي . و قال رجل للحسن يا أباسعيد أينام إبليس فقال لونام لوجدنا راحة و لاخلاص للمؤمن منه إلابتقوي الله تعالي . و قال في الإحياء من غفل عن ذكر الله تعالي و لولحظة ليس له قرين في تلك اللحظة إلاالشيطان قال تعالي وَ مَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرّحمنِ نُقَيّض لَهُ شَيطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. واختلفوا هل بعث الله إليهم من الجن رسلا قبل بعثة نبينا محمد فقال الضحاك كان منهم رسل لظاهر قوله تعالي يا مَعشَرَ الجِنّ وَ الإِنسِ أَ لَم يَأتِكُم رُسُلٌ مِنكُم. و قال المحققون لم يرسل إليهم منهم رسول و لم يكن ذلك في الجن قط وإنما الرسل من الإنس خاصة و هذا هوالصحيح المشهور أماالجن ففيهم النذر و أماالآية فمعناها


صفحه : 311

من أحد الفريقين كقوله تعالي يَخرُجُ مِنهُمَا اللّؤلُؤُ وَ المَرجانُ وإنما يخرجان من المالح دون العذب . و قال منذر بن سعيد البلوطي‌ قال ابن مسعود إن الذين لقوا النبي ص من الجن كانوا رسلا إلي قومهم و قال مجاهد النذر من الجن والرسل من الإنس و لاشك أن الجن مكلفون في الأمم الماضية كماهم مكلفون في هذه الأمة لقوله تعالي أُولئِكَ الّذِينَ حَقّ عَلَيهِمُ القَولُ فِي أُمَمٍ قَد خَلَت مِن قَبلِهِم مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ إِنّهُم كانُوا خاسِرِينَ و قوله تعالي وَ ما خَلَقتُ الجِنّ وَ الإِنسَ إِلّا لِيَعبُدُونِقيل المراد مؤمنو الفريقين فما خلق أهل الطاعة منهم إلالعبادته و لاخلق الأشقياء إلاللشقاوة و لامانع من إطلاق العام وإرادة الخاص وقيل معناه إلالأمرهم بعبادتي‌ وأدعوهم إليها وقيل إلاليوحدوني‌. فإن قيل لِمَ اقتصر علي الفريقين و لم يذكر الملائكة فالجواب أن ذلك لكثرة من كفر من الفريقين بخلاف الملائكة فإن الله تعالي عصمهم كماتقدم . فإن قيل لم قدم الجن علي الإنس في هذه الآية فالجواب أن لفظ الإنس أخف لمكان النون الخفيفة والسين المهموسة و كان الأثقل أولي بأول الكلام من الأخف لنشاط المتكلم وراحته .فرع كان الشيخ عماد الدين يونس يجعل من موانع النكاح اختلاف الجنس و يقول لايجوز للإنسي‌ أن يتزوج جنية لقوله تعالي أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجاً لِتَسكُنُوا إِلَيها وَ جَعَلَ بَينَكُم مَوَدّةً وَ رَحمَةًفالمودة الجماع والرحمة الولد


صفحه : 312

ونص علي منعه جماعة من الحنابلة و في الفتاوي‌ السراجية لايجوز ذلك لاختلاف الجنس و في القنية سئل البصري‌ عنه فقال يجوز بحضرة شاهدين و في مسائل ابن حرب عن الحسن وقتادة أنهما كرها ذلك ثم روي‌ بسند فيه ابن لهيعة أن النبي ص نهي عن نكاح الجن و عن زيد العمي أنه كان يقول أللهم ارزقني‌ جنية أتزوج بهاتصاحبني‌ حيثما كانت . وذكر ابن عدي‌ في ترجمة نعيم بن سالم بن قنبر مولي علي بن أبي طالب ع عن الطحاوي‌ قال حدثنايونس بن عبدالأعلي قال قدم علينا نعيم بن سالم مصر فسمعته يقول تزوجت امرأة من الجن و لم أعد إلي ذلك .

وَ روُيِ‌َ فِي تَرجَمَةِ سَعِيدِ بنِ بَشِيرٍ عَن قَتَادَةَ عَنِ النّضرِ بنِ أَنَسٍ عَن بَشِيرِ بنِ نَهِيكٍ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَحَدُ أبَوَيَ‌ بِلقِيسَ كَانَ جِنّيّاً

. قال الشيخ نجم الدين القمولي‌ و في المنع عن التزويج نظر لأن التكليف يعم الفريقين قال و قدرأيت شيخا كبيرا صالحا أخبرني‌ أنه تزوج جنية انتهي . قلت و قدرأيت أنارجلا من أهل القرآن والعلم تزوج أربعا من الجن واحدة بعدواحدة لكن يبقي النظر في حكم طلاقها ولعانها والإيلاء منها وعدتها ونفقتها وكسوتها والجمع بينها و بين أربع سواها و مايتعلق بذلك و كل ذلك فيه نظر لايخفي . قال شيخ الإسلام شمس الدين الذهبي‌ رأيت بخط الشيخ فتح الدين اليعمري‌ يقول وحدثني‌ عنه عثمان المقاتلي‌ قال سمعت أباالفتح القشيري‌ يقول سمعت الشيخ عزالدين عبد السلام يقول و قدسئل عن ابن عربي‌ فقال شيخ سوء كذاب


صفحه : 313

فقال وكذاب أيضا قال نعم تذاكرنا يوما نكاح الجن فقال الجن روح لطيف والإنس جسم كثيف فكيف يجتمعان ثم غاب عنا مدة وجاء و في رأسه شجة فقيل له في ذلك فقال تزوجت امرأة من الجن فحصل بيني‌ وبينها شيءفشجني‌ هذه الشجة قال الإمام الذهبي‌ بعد ذلك و ماأظن عن ابن عربي‌ تعمد هذه الكذبة وإنما هي‌ من خرافات الرياضة.فرع روي أبوعبيد في كتاب الأموال والبيهقي‌ عن الزهري‌ عن النبي أنه نهي عن ذبائح الجن وذبائح الجن هو أن يشتري‌ الرجل الدار ويستخرج العين و ماأشبه ذلك فيذبح لها ذبيحة للطيرة وكانوا في الجاهلية يقولون إذافعل الرجل ذلك لايضر أهلها الجن فأبطل ص ذلك ونهي عنه . و قال الدميري‌ لاتدخل الجن بيتا فيه أترج قال

وَ روُيِ‌َ أَنّ النّبِيّص قَالَ إِنّ الجِنّ لَا يَدخُلُونَ دَاراً فِيهِ فَرَسٌ عَتِيقٌ

. وأقول قال السعلاة أخبث الغيلان وكذلك السعلاء يمد ويقصر والجمع السعالي . قال الجاحظ كان عمرو بن يربوع متولدا من السعلاة والإنسان قال وذكروا أن جرهما كان من نتاج الملائكة وبنات آدم قال و كان الملائكة إذاعصي ربه أهبط إلي الأرض في صورة رجل كماصنع بهاروت وماروت فولدت منهما جرهما. قال و من هذاالضرب كانت بلقيس ملكة سبإ وكذلك كان ذو القرنين كانت أمه آدمية وأبوه من الملائكة ولذلك لماسمع عمر رجلا ينادي‌ رجلا ياذا القرنين قال أفرغتم من أسماء الأنبياء فارتفعتم إلي أسماء الملائكة انتهي . والحق في ذلك أن الملائكة معصومون من الصغائر والكبائر كالأنبياء ع كما


صفحه : 314

قاله القاضي‌ عياض وغيره و ماذكروه من أمر جرهم وذي‌ القرنين وبلقيس فممنوع واستدلالهم بقصة هاروت وماروت ليس بشي‌ء فإنها لم تثبت علي الوجه ألذي أرادوه بل قال ابن عباس هما رجلان ساحران كانا ببابل . و قال الجاحظ وزعموا أن التناكح والتلاقح قديقع بين الجن والإنس لقوله تعالي وَ شارِكهُم فِي الأَموالِ وَ الأَولادِ و هذاظاهر و ذلك أن الجنية إنما تصرع رجال الإنس علي جهة العشق في طلب السفاد وكذلك رجال الجن لنساء الإنس و لو لا ذلك لعرض الرجال للرجال والنساء للنساء قال تعالي لَم يَطمِثهُنّ إِنسٌ قَبلَهُم وَ لا جَانّفلو لا كان الجان تقتض الآدميات و لم يكن ذلك في تركيبه لما قال الله تعالي هذاالقول وذكروا أن الواق واق نتاج ما بين بعض النباتات وبعض الحيوان . و قال السهيلي‌ السعلاة مايتراءي للناس بالنهار والغول ألذي يتراءي بالليل . و قال القزويني‌ السعلاة نوع من المتشيطنة مغاير للغول وأكثر ماتوجد السعلاة في الغياض إذاظفرت بإنسان ترقصه وتلعب به كمايلعب القط بالفأر و قال وربما اصطادها الذئب بالليل فأكلها فإذاافترسها ترفع صوتها وتقول أدركوني‌ فإن الذئب قدأكلني‌ وربما تقول من يخلصني‌ ومعي‌ ألف دينار يأخذها و الناس يعرفون أنه كلام السعلاة فلايخلصها أحد فيأكلها الذئب .


صفحه : 315

و قال الدميري‌ أيضا الغول واحد الغيلان و هوجنس من الجن والشياطين وهم سحرتهم قال الجوهري‌ هو من السعالي والجمع أغوال وغيلان و كل من اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول والتغول التلون .

وَ رَوَي الطبّرَاَنيِ‌ّ وَ غَيرُهُ عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنّ النّبِيّص قَالَ إِذَا تَغَوّلَت لَكُمُ الغِيلَانُ فَنَادُوا بِالأَذَانِ فَإِنّ الشّيطَانَ إِذَا سَمِعَ النّدَاءَ أَدبَرَ وَ لَهُ حُصَاصٌ أَي ضُرَاطٌ

. قال النووي‌ في الأذكار إنه حديث صحيح أرشدص إلي دفع ضررها بذكر الله .

وَ رَوَاهُ النسّاَئيِ‌ّ فِي آخِرِ سُنَنِهِ الكُبرَي عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ أَنّ النّبِيّص قَالَ عَلَيكُم بِالدّلجَةِ فَإِنّ الأَرضَ تُطوَي بِاللّيلِ فَإِذَا تَغَوّلَت لَكُمُ الغِيلَانُ فَنَادُوا بِالأَذَانِ

. قال النووي‌ وكذلك ينبغي‌ أن يؤذن أذان الصلاة إذاعرض للإنسان شيطان لماروي مسلم عن سهل بن أبي صالح أنه قال أرسلني‌ أبي إلي بني‌ حارثة ومعي‌ غلام لنا أوصاحب لنا فناداه مناد من حائط باسمه فأشرف ألذي معي‌ علي الحائط فلم ير شيئا فذكرت ذلك لأبي‌ فقال لوشعرت أنك تلقي هذا لم أرسلك ولكن إذاسمعت صوتا فناد بالصلاة فإني‌

سَمِعتُ أَبَا هُرَيرَةَ يُحَدّثُ عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَ إِنّ الشّيطَانَ إِذَا نوُديِ‌َ بِالصّلَاةِ أَدبَرَ

وَ رَوَي مُسلِمٌ عَن جَابِرٍ أَنّ النّبِيّص قَالَ لَا عَدوَي وَ لَا طِيَرَةَ وَ لَا غُولَ

. قال جمهور العلماء كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات وهي‌ جنس من الشياطين تتراءي للناس وتتغول تغولا أي تتلون تلونا فتضلهم عن الطريق وتهلكهم فأبطل النبي ص ذلك و قال آخرون ليس المراد بالحديث نفي‌ وجود الغول وإنما معناه إبطال ماتزعم العرب من تلون الغول بالصور المختلفة قالوا ومعني لاغول أي لاتستطيع أن تضل أحدا ويشهد له حديث آخر


صفحه : 316

لاغول ولكن السعالي قال العلماء السعالي بالسين المفتوحة والعين المهملة من سحرة الجن و منه ما

رَوَي الترّمذِيِ‌ّ وَ الحَاكِمُ عَن أَبِي أَيّوبَ الأنَصاَريِ‌ّ أَنّهُ قَالَ كَانَت لِي سَهوَةٌ فِيهَا تَمرٌ فَكَانَت تجَيِ‌ءُ الغُولُ كَهَيئَةِ السّنّورِ فَتَأخُذُ مِنهُ فَشَكَونَا ذَلِكَ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ اذهَب فَإِذَا رَأَيتَهَا فَقُل بِسمِ اللّهِ أجَيِبيِ‌ رَسُولَ اللّهِ فَأَخَذتُهَا فَحَلَفَت أَن لَا تَعُودَ فَأَرسَلَهَا ثُمّ جَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ قَالَ حَلَفَت أَن لَا تَعُودَ قَالَص كَذَبَت وَ هيِ‌َ مُعَاوِدَةٌ لِلكَذِبِ فَأَخَذَهَا وَ قَالَ مَا أَنَا بِتَارِكِكِ حَتّي أَذهَبَ بِكِ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَت إنِيّ‌ ذَاكِرَةٌ لَكَ شَيئاً آيَةَ الكرُسيِ‌ّ اقرَأهَا فِي بَيتِكَ فَلَا يَقرَبَكَ شَيطَانٌ وَ لَا غَيرُهُ فَجَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ فَأَخبَرَهُ بِمَا قَالَ قَالَص صَدَقَكَ وَ هُوَ كَذُوبٌ

. قال الترمذي‌ هذاحديث حسن غريب و هذاروي مثله البخاري‌ عن أبي هريرة و في آخره تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أباهريرة قال لا قال ص ذاك الشيطان . وروي الحاكم و ابن حبان عن أبي بن كعب أنه كان له جرين تمر و كان يجده ينقص فحرسه ليلة فإذا هوبمثل الغلام المحتلم قال فسلمت فرد علي السلام فقلت ما أنت ناولني‌ يدك فإذايد كلب وشعر كلب فقلت أجني‌ أم إنسي‌ فقال بل جني‌ قلت إني‌ أراك ضئيل الخلقة أهكذا خلق الجن قال لقد علمت الجن


صفحه : 317

أن مافيهم أشد مني‌ فقلت مايحملك علي ماصنعت قال بلغني‌ أنك رجل تحب الصدقة فأحببت أن أصيب من طعامك فقلت فما يجيرنا منكم قال تقرأ آية الكرسي‌ فإنك إن قرأتها غدوة أجرت منا حتي تمسي‌ و إن قرأتها حين تمسي‌ أجرت منا حتي تصبح قال فغدوت إلي رسول الله ص فأخبرته فقال صدق الخبيث . وتزعم العرب أنه إذاانفرد الرجل في الصحراء ظهرت له في خلقة إنسان فلايزال يتبعها حتي تضله عن الطريق وتدنو له وتتمثل له في صور مختلفة فتهلكه روعا وقالوا إذاأرادت أن تضل إنسانا أوقدت له نارا فيقصدها فيفعل ذلك قالوا وخلقتها خلقة إنسان ورجلاها رجلا حمار. و قال القزويني‌ ورأي الغول جماعة من الصحابة منهم عمر حين سافر إلي الشام قبل الإسلام فضربها بالسيف وذكر عن ثابت بن جابر الفهري‌ أنه رأي الغول وذكر أبياته النونية في ذلك . و قال الدميري‌ أيضا قطرب طائر يجول الليل كله لاينام و قال ابن سيدة إنه الذكر من السعالي‌ وقيل هم صغار الجن وقيل القطارب صغائر الكلاب واحدها قطرب دويبة لاتستريح نهارها سعيا و قال محمد بن ظفر القطرب حيوان يكون بالصعيد في أرض مصر يظهر للمنفرد من الناس فربما صده عن نفسه إذا كان شجاعا و إلا لم ينته حتي ينكحه فإذانكحه هلك وهم إذارأوا من ظهر له القطرب قالوا أمنكوح أم مروع فإن قال منكوح يئسوا منه و إن قال مروع عالجوه قال و قدرأيت أهل مصر يلهجون بذكره انتهي ماأخرجته من كتاب


صفحه : 318

حياة الحيوان . ولنبين بعض ماربما يحتاج إلي البيان الحشاش مثلثة حشرات الأرض و في النهاية مستطير أي منتشر متفرق كأنه طائر في نواحيها و منه حديث ابن مسعود فقدنا رسول الله ليلة فقلنا اغتيل استطير أي ذهب به بسرعة كأن الطير حملته أواغتاله أحد والاستطارة والتطاير التفرق والذهاب والاغتيال أن يخدع فيقتل في موضع لايراه فيه أحد قوله أوفر ما كان قال الآبي‌ الأظهر أنه مما يبقي عليه بعدالأكل ويحتمل أنه تعالي يخلق ذلك عليها والنظر في أنه هل يستحب أن لايستقصي العظام بتقشير ماعليها وهل يثاب مثله له والأظهر أن انتفاعهم إنما هوبالشم لأنه لايبقي عليه مايقولون إلا أن يكونوا في القوت بخلاف الإنس انتهي . و في النهاية في صفة الجن فإذانحن برجال طوال كأنهم الرماح مستثفرين ثيابهم هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كمايفعل الكلب بذنبه . و قال العرج بفتح العين وسكون الراء قرية جامعة من أعمال الفرع علي أيام من المدينة و قال اللغط صوت وضجة لايفهم معناه و قال الجلس كل مرتفع من الأرض والغور ماانخفض من الأرض . و قال فيه ذكر عكاظ وهي‌ موضع بقرب مكة كانت تقام به في الجاهلية سوق يقيمون فيهاأياما. و قال في حديث عمر إنه سأل رجلا استهوته الجن فقال ما كان طعامهم قال الفول و ما لم يذكر اسم الله عليه قال فما كان شرابهم قال الجذف الفول هوالباقلي والجذف بالتحريك نبات يكون باليمن لايحتاج آكله معه إلي شرب ماء وقيل هو كل ما لايغطي من الشراب وغيره قال القتيبي‌ أصله من الجذف القطع أراد مايرمي به عن الشراب من زبد أورغوة أوقذي كأنه قطع من الشراب فرمي‌ به هكذا حكاه الهروي‌ عنه و ألذي جاء في صحاح الجوهري‌ أن القطع هوالجذف بالذال المعجمة و لم يذكره في الدال المهملة وأثبته الأزهري‌ فيهما.


صفحه : 319

و قال تفلت علي أي تعرض في صلاتي‌ فجأة و قال في ذعت فأمكنني‌ الله منه فذعته أي خنقته والذعت والدعت بالذال والدال الدفع العنيف والذعت أيضا المعك في التراب . و قال و فيه ما من آدمي‌ إلا ومعه شيطان قيل ومعك قال نعم ولكن الله أعانني‌ عليه فأسلم و في رواية حتي أسلم أي انقاد وكف عن وسوستي‌ وقيل دخل في الإسلام فسلمت من شره وقيل إنما هوفأسلم بضم الميم علي أنه فعل مستقبل أي أسلم أنا منه و من شره ويشهد للأول الحديث الآخر كان شيطان آدم كافرا و كان شيطاني‌ مسلما انتهي . وأقول قصة سعد مما افتري‌ علي الجن وإنما قتله من بعثه عمر ليقتله كماذكرناه في كتاب الفتن مفصلا. و في النهاية يقال صبأ فلان إذاخرج من دين إلي دين غيره وكانت العرب تسمي‌ النبي ص الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلي دين الإسلام ويسمون المسلمين الصباة بغير همز. و قال لهث الكلب وغيره يلهث لهثا إذاأخرج لسانه من شدة العطش والحر و قال الفهر الحجر مل ء الكف وقيل هوالحجر مطلقا. و في القاموس الغريف صوت الجن و هوجرس يسمع في المفاوز بالليل وكشداد رمل لبني‌ سعد أوجبل بالدهناء علي اثني‌ عشر ميلا من المدينة سمي‌ به لأنه كان يسمع به غريف الجن وأبرق الغراف ماء لبني‌ أسد و قال القعدة بالضم من الإبل مايقتعده الراعي‌ في كل حاجة واقتعده اتخذه قعدة. و في النهاية قال للجني‌ إني‌ أراك ضئيلا شخيتا الضئيل النحيف الدقيق والشخت والشخيت النحيف الجسم الدقيق . و قال إني‌ منهم لضليع أي عظيم الخلق وقيل هوالعظيم الصدر الواسع الجبينين و قال الشظية الفلقة من العصا ونحوها و قال الفيروزآبادي‌ القط بالكسر السنور.


صفحه : 320

و قال في النهاية الحصاص شدة العدو وحدته وقيل هو أن يمصع بذنبه ويصر بأذنيه ويعدو وقيل هوالضراط و قال السهوة بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع والخزانة وقيل هوكالصفة يكون بين يدي‌ البيت وقيل شبيه بالرف والطاق يوضع فيه شيء و قال الجرين هوموضع تجويف التمر و هو له كالبيدر للحنطة. و قال الرازي‌ في مفتتح تفسيره في تحقيق الاستعاذة من الشيطان و في بيان المستعاذ منه قال و فيه مسائل المسألة الأولي اختلف الناس في وجود الجن والشياطين فمن الناس من ينكر الجن والشياطين واعلم أنه لابد من البحث أولا عن ماهية الجن والشياطين فنقول أطبق الكل علي أنه ليس الجن والشياطين عبارة عن أشخاص جسمانية كثيفة تجي‌ء وتذهب مثل الناس والبهائم بل القول المحصل فيه قولان الأول أنها أجسام هوائية قادرة علي التشكل بأشكال مختلفة ولها عقول وأفهام وقدرة علي أعمال صعبة شاقة. والقول الثاني‌ أن كثيرا من الناس أثبتوا أنها موجودات غيرمتحيزة و لاحالة في المتحيز وزعموا أنها موجودات مجردة عن الجسمية ثم إن هذه الموجودات قدتكون عالية مقدسة عن تدبير الأجسام بالكلية وهي‌ الملائكة المقربون كما قال تعالي وَ مَن عِندَهُ لا يَستَكبِرُونَ عَن عِبادَتِهِ وَ لا يَستَحسِرُونَ وتليها مرتبة الأرواح المتعلقة بتدبير الأجسام وأشرفها حملة العرش كما قال تعالي وَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌ. والمرتبة الثانية الحافون حول العرش كما قال تعالي وَ تَرَي المَلائِكَةَ حَافّينَ مِن حَولِ العَرشِ.


صفحه : 321

والمرتبة الثالثة ملائكة الكرسي‌. والمرتبة الرابعة ملائكة السماوات طبقة فطبقة. والمرتبة الخامسة ملائكة كرة الأثير. والمرتبة السادسة ملائكة كرة الهواء ألذي هو في طبع النسيم . والمرتبة السابعة ملائكة كرة الزمهرير. والمرتبة الثامنة مرتبة الأرواح المتعلقة بالبحار. والمرتبة التاسعة مرتبة الأرواح المتعلقة بالجبال . والمرتبة العاشرة مرتبة الأرواح السفلية المتصرفة في هذه الأجسام النباتية والحيوانية الموجودة في هذاالعالم . واعلم أنه علي كلا القولين فهذه الأرواح قدتكون مشرقة إلهية خيرة سعيدة وهي‌ المسماة بالصالحين من الجن و قدتكون كدرة سفلية شريرة شقية وهي‌ المسماة بالشياطين . واحتج المنكرون لوجود الجن والشياطين بوجوه .الحجة الأولي أن الشيطان لو كان موجودا لكان إما أن يكون جسما لطيفا أوكثيفا والقسمان باطلان فيبطل القول بوجوده وإنما قلنا إنه يمتنع أن يكون كثيفا لأنه لو كان كذلك لوجب أن يراه كل من كان سليم الحس إذ لوجاز أن يكون بحضرتنا أجسام كثيفة ونحن لانراها لجاز أن تكون بحضرتنا جبال عالية وشموس مضيئة ورعود وبروق مع أنا لانشاهد شيئا منها و من جوز ذلك كان خارجا عن العقل . وإنما قلنا إنه لايجوز كونها أجساما لطيفة لأنه لو كان كذلك لوجب أن يتمزق ويتفرق عندهبوب الرياح العاصفة القوية وأيضا يلزم أن لا يكون لها قدرة وقوة علي الأعمال الشاقة ومثبتو الجن ينسبون إليها الأعمال الشاقة و لما


صفحه : 322

بطل القسمان ثبت فساد القول بالجن . والحجة الثانية أن هذه الأشخاص المسماة بالجن إذاكانوا حاضرين في هذاالعالم ومخالطين للبشر فالظاهر الغالب أن يحصل لهم بسبب طول المخالطة والمصاحبة إما صداقة وإما عداوة فإن حصلت الصداقة وجب ظهور المنافع بسبب تلك الصداقة و إن حصلت العداوة وجب ظهور المضار بسبب تلك العداوة إلا أنا لانري أثرا لا من تلك الصداقة و لا من تلك العداوة وهؤلاء الذين يمارسون صنعة التعزيم إذاتابوا من الأكاذيب يعترفون بأنهم قط ماشاهدوا أثرا من هذاالجن و ذلك مما يغلب علي الظن عدم هذه الأشياء وسمعت ممن تاب عن هذه الصنعة قال إني‌ واظبت علي العزيمة الفلانية كذا من الأيام و ماتركت دقيقة من الدقائق إلاأتيت بها ثم إني‌ ماشاهدت من تلك الأحوال المذكورة أثرا و لاخبرا.الحجة الثالثة أن الطريق إلي معرفة هذه الأشياء إما الحس وإما الخبر وإما الدليل أماالحس فلم يدل دليل علي وجود هذه الأشياء فإذاكنا لانري صورة و لاسمعنا صوتا فكيف يمكننا أن ندعي‌ الإحساس بها والذين يقولون إنا أبصرناها أوسمعنا أصواتها فهم طائفتان المجانين الذين يتخيلون أشياء بسبب خلل أمزجتهم فيظنون أنهم رأوها والكاذبون المنحرفون . و أماإثبات هذه الأشياء بواسطة إخبار الأنبياء والرسل ع فباطل لأن هذه الأشياء لوثبتت لبطلت نبوة الأنبياء فإن علي تقدير ثبوتها يجوز أن يقال إن كل ماتأتي‌ به الأنبياء من المعجزات إنما حصل بإعانة الجن والشياطين و كل فرع أدي إلي إبطال الأصل كان باطلا مثاله إذاجوزنا نفوذ الجن في بواطن الإنسان فلم لايجوز أن يقال إن حنين الجذع إنما كان لأجل أن الشيطان نفذ في ذلك الجذع ثم أظهر الحنين و لم لايجوز أن يقال إن الناقة إنما تكلمت مع الرسول ص لأجل أن الشيطان دخل في بطنها وتكلم و لم لايجوز أن يقال إن الشجرة إنما انقلعت من


صفحه : 323

أصلها لأن الشيطان اقتلعها فثبت أن القول بإثبات الجن والشياطين يوجب القول ببطلان نبوة الأنبياء ع و أماإثبات هذه الأشياء بواسطة الدليل والنظر فهو متعذر لأنا لانعرف دليلا عقليا يدل علي وجود الجن والشياطين فثبت أنه لاسبيل لنا إلي العلم بوجود هذه الأشياء فوجب أن يكون القول بوجود هذه الأشياء باطلا فهذا جملة شبه منكري‌ الجن والشياطين . والجواب عن الأول بأنا نقول إن الشبهة التي‌ ذكرتم تدل علي أنه يمتنع كون الجن جسما فلم لايجوز أن يقال إنه جوهر مجرد عن الجسمية واعلم أن القائلين بهذا القول فرق الأولي الذين قالوا النفوس الناطقة البشرية المفارقة للأبدان قدتكون خيرة و قدتكون شريرة فإن كانت خيرة فهي‌ الملائكة الأرضية و إن كانت شريرة فهي‌ الشياطين الأرضية ثم إذاحدث بدن شديد المشابهة ببدن تلك النفس المفارقة وتعلق بذلك البدن نفس شديدة المتشابهة لتلك النفس المفارقة فحينئذ يحدث لتلك النفس المفارقة ضرب تعلق بهذا البدن الحادث وتصير تلك النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن علي الأعمال اللائقة بها فإن كانت النفسان من النفوس الطاهرة المشرقة الخيرة كانت تلك المعاونة والمعاضدة إلهاما و إن كانتا من النفوس الخبيثة الشريرة كانت تلك المعاونة والمناصرة وسوسة فهذا هوالكلام في الإلهام والوسوسة علي قول هؤلاء.الفريق الثاني‌ الذين قالوا الجن والشياطين جواهر مجردة عن الجسمية وعلائقها وجنسها مخالف لجنس النفوس الناطقة البشرية ثم إن ذلك الجنس يندرج فيه أنواع أيضا فإن كانت طاهرة نورانية فهي‌ الملائكة الأرضية وهم المسمون بصالحي‌ الجن و إن كانت خبيثة شريرة فهي‌ الشياطين المؤذية إذاعرفت هذافنقول الجنسية علة الضم فالنفوس البشرية الطاهرة النورانية تنضم إليها تلك الأرواح النورانية الطاهرة وتعينها علي أعمالها التي‌ هي‌ من أبواب الخير والبر والتقوي


صفحه : 324

والنفوس البشرية الخبيثة الكدرة تنضم إليها تلك الأرواح الخبيثة الشريرة وتعينها علي أعمالها التي‌ هي‌ من باب الشر والإثم والعدوان .الفريق الثالث وهم الذين ينكرون وجود الأرواح السفلية ولكنهم أثبتوا الأرواح المجردة الفلكية وزعموا أن تلك الأرواح أرواح عالية قاهرة قوية وهي‌ مختلفة بجواهرها وماهياتها فكما أن لكل روح من الأرواح البشرية بدنا معينا فكذلك لكل روح من الأرواح الفلكية بدن معين و هو ذلك الفلك المعين و كما أن الروح البشري‌ يتعلق أولا بالقلب ثم بواسطته يتعدي أثر ذلك الروح إلي كل البدن فكذلك الروح الفلكي‌ يتعلق أولا بالكواكب ثم بواسطة ذلك التعلق يتعدي أثر ذلك الروح إلي كلية ذلك الفلك و إلي كلية ذلك العالم و كما أنه يتولد في القلب والدماغ أرواح لطيفة وتلك الأرواح تتأدي في الشرايين والأعصاب إلي أجزاء البدن وتصل بهذا الطريق قوة الحياة والحس والحركة إلي كل جزء من أجزاء الأعضاء فكذلك ينبعث من جرم الكواكب خطوطا شعاعية تتصل بجوانب العالم وتتأدي قوة ذلك الكواكب بواسطة تلك الخطوط الشعاعية إلي أجزاء هذاالعالم و كما أن بواسطة الأرواح الفائضة من القلب والدماغ إلي أجزاء البدن يحصل في كل جزء من أجزاء ذلك البدن قوي مختلفة وهي‌ الغاذية والنامية والمولدة والحساسة فتكون هذه القوي كالنتائج والأولاد لجوهر النفس المدبرة لكلية البدن فكذلك بواسطة الخطوط الشعاعية المنبثة من الكواكب الواصلة إلي أجزاء هذاالعالم تحدث في تلك الأجزاء نفوس مخصوصة مثل نفس زيد ونفس عمرو و هذه النفوس كالأولاد لتلك النفوس الفلكية و لماكانت النفوس الفلكية مختلفة في جواهرها وماهياتها فكذلك النفوس المتولدة من نفس فلك زحل مثلا طائفة والنفوس المتولدة من نفس فلك المشتري‌ طائفة


صفحه : 325

أخري فتكون النفوس المنتسبة إلي روح زحل متجانسة متشاركة ويحصل بينها مودة ومحبة وتكون النفوس المنتسبة إلي روح زحل مخالفة بالطبع والماهية للنفوس المنتسبة إلي روح المشتري‌ و إذاعرفت هذافنقول قالوا إن العلة تكون أقوي من المعلول فلكل طائفة من النفوس البشرية طبيعة خاصة وهي‌ تكون معلولة لروح من تلك الأرواح الفلكية وتلك الطبيعة تكون في الروح الفلكي‌ أقوي وأعلي بكثير منها في هذه الأرواح البشرية وتلك الروح الفلكية بالنسبة إلي تلك الطائفة من الأرواح البشرية كالأب المشفق والسلطان الرحيم فلهذا السبب تلك الأرواح الفلكية تعين أولادها علي صلاحها وتهديها تارة في النوم علي سبيل الرؤيا والأخري في اليقظة علي سبيل الإلهام . ثم إذااتفق لبعض هذه النفوس البشرية قوة قوية من جنس تلك الخاصية وقوي‌ اتصاله بالروح الفلكي‌ ألذي هوأصله ومعدنه ظهرت عليه أفعال عجيبة وأعمال خارقة للعادات فهذا تفصيل مذاهب من يثبت الجن والشياطين ويزعم أنها موجودات ليست أجساما و لاجسما. واعلم أن قوما من الفلاسفة طعنوا في هذاالمذهب وزعموا أن المجرد يمتنع عليه إدراك الجزئيات والمجردات يمتنع كونها فاعلة للأفعال الجزئية. واعلم أن هذاباطل لوجهين الأول أنه يمكننا أن نحكم علي هذاالشخص المعين بأنه إنسان و ليس بفرس والقاضي‌ علي الشيئين لابد و أن يحضره المقضي‌ عليهما فهاهنا شيءواحد هومدرك للكلي‌ و هوالنفس فيلزم أن يكون المدرك للجزئي‌ هوالنفس .


صفحه : 326

الثاني‌ هب أن النفس المجردة لاتقوي علي إدراك الجزئيات ابتداء لكن لانزاع أنه يمكنها أن تدرك الجزئيات بواسطة الآلات الجسمانية فلم لايجوز أن يقال إن تلك الجواهر المجردة المسماة بالجن والشياطين لها آلات جسمانية من كرة الأثير أو من كرة الزمهرير ثم إنها بواسطة تلك الآلات الجسمانية تقوي علي إدراك الجزئيات و علي التصرف في هذه الأبدان فهذا تمام الكلام في شرح هذاالمذهب . و أماالذين زعموا أن الجن أجسام هوائية أونارية فقالوا الأجسام متساوية في الحجمية والمقدار وهذان المعنيان أعراض فالأجسام متساوية في قبول هذه الأعراض والأشياء المختلفة في الماهية لايمتنع اشتراكها في بعض اللوازم فلم لايجوز أن يقال إن الأجسام مختلفة بحسب ذواتها المخصوصة وماهياتها المعينة و إن كانت مشتركة في قبول الحجمية والمقدار و إذاثبت هذافنقول لم لايجوز أن يقال أحد أنواع الأجسام أجسام لطيفة نفاذة حية لذواتها عاقلة لذواتها قادرة علي الأعمال الشاقة لذواتها وهي‌ غيرقابلة للتفرق والتمزق و إذا كان الأمر كذلك فتلك الأجسام تكون قادرة علي تشكيل أنفسها بأشكال مختلفة ثم إن الرياح العاصفة لاتمزقها والأجسام الكثيفة لاتفرقها أ ليس أن الفلاسفة قالوا إن النار التي‌ تنفصل عن الصواعق تنفذ في اللحظة اللطيفة في بواطن الأحجار والحديد وتخرج من الجانب الآخر فلم لايعقل مثله في هذه الصورة و علي هذاالتقدير فإن الجن تكون قادرة علي النفوذ في بواطن الناس و علي التصرف فيها وإنها تبقي حية فعالة مصونة عن الفساد إلي الأجل المعين والوقت المعلوم فكل هذه الأحوال احتمالات ظاهرة والدليل لم يقم علي إبطالها فلم يجز المصير إلي القول بإبطالها. والجواب عن الشبهة الثانية أنه لايجب حصول تلك الصداقة والعداوة مع كل واحد و كل واحد لايعرف إلاحال نفسه أماحال غيره فإنه لايعلمها فبقي‌ هذاالأمر في حيز الاحتمال .


صفحه : 327

فأما الجواب عن الشبهة الثالثة فهو أنانقول لانسلم أن القول بوجود الجن والملائكة يوجب الطعن في نبوة الأنبياء ع وسيظهر الجواب عن الشبهة التي‌ ذكرتموها فيما بعد ذلك فهذا آخر الكلام في الجواب عن هذه الشبهات .المسألة الثانية اعلم أن القرآن والأخبار يدلان علي وجود الجن والشياطين أماالقرآن فآيات الآية الأولي قوله تعالي وَ إِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَراً مِنَ الجِنّ يَستَمِعُونَ القُرآنَ فَلَمّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنصِتُوا فَلَمّا قضُيِ‌َ وَلّوا إِلي قَومِهِم مُنذِرِينَ قالُوا يا قَومَنا إِنّا سَمِعنا كِتاباً أُنزِلَ مِن بَعدِ مُوسي مُصَدّقاً لِما بَينَ يَدَيهِ يهَديِ‌ إِلَي الحَقّ وَ إِلي طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ و هذانص علي وجودهم و علي أنهم سمعوا القرآن و علي أنهم أنذروا قومهم . والآية الثانية قوله تعالي وَ اتّبَعُوا ما تَتلُوا الشّياطِينُ عَلي مُلكِ سُلَيمانَ. والآية الثالثة قوله تعالي في قصة سليمان يَعمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِن مَحارِيبَ وَ تَماثِيلَ وَ جِفانٍ كَالجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِياتٍ. و قال تعالي وَ الشّياطِينَ كُلّ بَنّاءٍ وَ غَوّاصٍ وَ آخَرِينَ مُقَرّنِينَ فِي الأَصفادِ. و قال تعالي وَ لِسُلَيمانَ الرّيحَ إلي قوله تعالي وَ مِنَ الجِنّ مَن يَعمَلُ بَينَ يَدَيهِ بِإِذنِ رَبّهِ. والآية الرابعة قوله تعالي يا مَعشَرَ الجِنّ وَ الإِنسِ إِنِ استَطَعتُم أَن تَنفُذُوا مِن


صفحه : 328

أَقطارِ السّماواتِ وَ الأَرضِ. والآية الخامسة قوله تعالي إِنّا زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِزِينَةٍ الكَواكِبِ وَ حِفظاً مِن كُلّ شَيطانٍ مارِدٍ. و أماالأخبار فكثيرة الخبر الأول رَوَي مَالِكٌ فِي المُوَطّإِ عَن صيَفيِ‌ّ بنِ أَفلَحَ عَن أَبِي السّائِبِ مَولَي هِشَامِ بنِ زُهرَةَ أَنّهُ دَخَلَ عَلَي أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِ‌ّ قَالَ فَوَجَدتُهُ يصُلَيّ‌ فَجَلَستُ أَنتَظِرُهُ حَتّي يقَضيِ‌َ صَلَاتَهُ قَالَ فَسَمِعتُ تَحرِيكاً تَحتَ سَرِيرِهِ فِي بَيتِهِ فَإِذَا هيِ‌َ حَيّةٌ نَفَرَت فَهَمَمتُ أَن أَقتُلَهَا فَأَشَارَ أَبُو سَعِيدٍ أَنِ اجلِس فَجَلَستُ أَنتَظِرُهُ حَتّي يقَضيِ‌َ صَلَاتَهُ فَلَمّا انصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ أَشَارَ إِلَي بَيتٍ فِي الدّارِ فَقَالَ تَرَي هَذَا البَيتَ قُلتُ نَعَم قَالَ إِنّهُ كَانَ فِيهِ فَتًي مِنَ الأَنصَارِ حَدِيثُ عَهدٍ بِعُرسٍ وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي أَن قَالَ فَرَأَي امرَأَتَهُ وَاقِفَةً بَينَ البَابَينِ فَهَيّأَ الرّمحَ لِيَطعَنَهَا بِسَبَبِ الغِيرَةِ فَقَالَتِ امرَأَتُهُ ادخُل بَيتَكَ لِتَرَي فَدَخَلَ بَيتَهُ فَإِذَا هُوَ بِحَيّةٍ عَلَي فِرَاشِهَا فَرَكَزَ فِيهَا رُمحَهُ فَاضطَرَبَتِ الحَيّةُ فِي رَأسِ الرّمحِ وَ خَرّ الفَتَي فَمَا يُدرَي أَيّهُمَا كَانَ أَسرَعَ مَوتاً الفَتَي أَمِ الحَيّةُ فَسَأَلنَا رَسُولَ اللّهِص فَقَالَ إِنّ بِالمَدِينَةِ جِنّيّاً قَد أَسلَمُوا فَمَن بَدَا لَكُم مِنهُم فَأَذّنُوا ثَلَاثَةَ أَيّامٍ فَإِن عَادَ فَاقتُلُوهُ فَإِنّهُ شَيطَانٌ

.


صفحه : 329

والخبر الثاني‌ روي مالك في الموطإ عن يحيي بن سعيد قال لماأسري‌ بالنبي‌ص رأي عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من النار كلما التفت رآه فقال جبرئيل ع أ لاأعلمك كلمات إذاقلتهن طفيت شعلته وصرفته قل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات التي‌ لايجاوزهن بر و لافاجر من شر مايَنزِلُ مِنَ السّماءِ و من شرما يَعرُجُ فِيها و من شر ماينزل إلي الأرض و من شرما يَخرُجُ مِنها و من شر فتن الليل والنهار و من شر طوارق الليل والنهار إلاطارقا يطرق بخير يارحمان . والخبر الثالث روي أيضا مالك في الموطإ أن كعب الأحبار كان يقول أعوذ بوجه الله العظيم ألذي ليس شيءأعظم منه وبكلماته التامات التي‌ لايجاوزهن بر و لافاجر وبأسمائه كلها ما قدعلمت منها و ما لم أعلم من شر ماخلق وذرأ وبرأ. والخبر الرابع

رَوَي أَيضاً مَالِكٌ أَنّ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنِيّ‌ أُرَوّعُ فِي منَاَميِ‌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص قُل أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّاتِ مِن غَضَبِهِ وَ عِقَابِهِ وَ شَرّ عِبَادِهِ وَمِن هَمَزاتِ الشّياطِينِ وَأَن يَحضُرُونِ

. والخبر الخامس مااشتهر وبلغ مبلغ التواتر من خروج النبي ص ليلة الجن وقراءته عليهم ودعوته إياهم إلي الإسلام . والخبر السادس روي القاضي‌ أبوبكر في الهداية أن عيسي ع دعا ربه أن يريه موضع الشيطان من بني‌ آدم فأراه ذلك فإذارأسه مثل رأس الحية واضع رأسه علي قلبه فإذاذكر الله تعالي خنس و إذا لم يذكره وضع رأسه علي حبة قلبه . والخبر السابع

قَولُهُ ع إِنّ الشّيطَانَ ليَجَريِ‌ مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَي الدّمِ وَ قَالَ مَا مِنكُم مِن أَحَدٍ إِلّا وَ لَهُ شَيطَانٌ قِيلَ وَ لَا أَنتَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ وَ لَا أَنَا إِلّا


صفحه : 330

أَنّ اللّهَ تَعَالَي أعَاَننَيِ‌ عَلَيهِ فَأَسلَمَ

. والأحاديث في ذلك كثيرة والقدر ألذي ذكرناه كاف .المسألة الثالثة في بيان أن الجن مخلوق من النار والدليل عليه قوله تعالي وَ الجَانّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السّمُومِ و قال تعالي حاكيا عن إبليس أنه قال خلَقَتنَيِ‌ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ واعلم أن حصول الحياة في النار غيرمستبعد أ لاتري أن الأطباء قالوا إن المتعلق الأول للنفس هوالقلب والروح وهما في غاية السخونة و قال جالينوس إني‌ بقرت مرة بطن قرد وأدخلت يدي‌ في بطنه وأدخلت إصبعي‌ في قلبه فوجدته في غاية السخونة ونقول أطبق الأطباء علي أن الحياة لاتحصل إلابسبب الحرارة الغريزية و قال بعضهم الأغلب علي الظن أن كرة النار تكون مملوة من الروحانيات .المسألة الرابعة ذكروا قولين في أنهم لم سموا بالجن .الأول أن لفظ الجن مأخوذ من الاستتار و منه الجنة لاستتار أرضها بالأشجار و منه الجنة لأنها ساترة للإنسان و منه الجن لاستتارهم عن العيون و منه المجنون لاستتار عقله و منه الجنين لاستتاره في البطن و منه قوله تعالي اتّخَذُوا أَيمانَهُم جُنّةً أي وقاية وسترا. واعلم أن علي هذاالقول يلزم أن تكون الملائكة من الجن لاستتارهم عن العيون إلا أن يقال إن هذا من باب تقييد المطلق بسبب العرف . والقول الثاني‌ أنهم سموا بهذا الاسم لأنهم كانوا في أول أمرهم خزان الجنة والقول الأول أقوي .المسألة الخامسة اعلم أن طوائف المكلفين أربعة الملائكة والإنس والجن و


صفحه : 331

الشياطين واختلفوا في الجن والشياطين فقيل الشياطين جنس والجن جنس آخر كما أن الإنسان جنس والفرس جنس آخر وقيل الجن منهم أخيار ومنهم أشرار والشياطين اسم لأشرار الجن .المسألة السادسة المشهور أن الجن لهم قدرة علي النفوذ في بواطن البشر وأنكر أكثر المعتزلة ذلك و أماالمثبتون فقد احتجوا بوجوه الأول أنه إن كان الجن عبارة عن موجود ليس بجسم و لاجسماني‌ فحينئذ يكون معني كونه قادرا علي النفوذ في باطنه أنه يقدر علي التصرف في باطنه و ذلك غيرمستبعد و إن كان عبارة عن حيوان هوائي‌ لطيف نفاذ كماوصفناه كان نفاذه في باطن بني‌ آدم غيرممتنع قياسا علي النفس وغيره .الثاني‌ قوله تعالي لا يَقُومُونَ إِلّا كَما يَقُومُ ألّذِي يَتَخَبّطُهُ الشّيطانُ مِنَ المَسّ.الثالث

قَولُهُ ع إِنّ الشّيطَانَ ليَجَريِ‌ مِن بنَيِ‌ آدَمَ مَجرَي الدّمِ

. أماالمنكرون فقد احتجوا بأمور الأول قوله تعالي حكاية عن إبليس وَ ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لِيصرح بأنه ما كان له علي البشر سلطان إلا من الوجه الواحد و هوإلقاء الوسوسة والدعوة إلي الباطل . والثاني‌ لاشك أن الأنبياء والعلماء المحققين يدعون الناس إلي لعن الشيطان والبراءة منه فوجب أن تكون العداوة بين الشياطين وبينهم أعظم أنواع العداوة فلو كانوا قادرين علي النفوذ في بواطن البشر و علي إيصال البلاء والشر إليهم لوجب أن يكون تضرر الأنبياء والعلماء منهم أشد من تضرر كل أحد و لما لم يكن كذلك علمنا أنه باطل .المسألة السابعة اتفقوا علي أن الملائكة لايأكلون و لايشربون و لاينكحون يُسَبّحُونَ اللّيلَ وَ النّهارَ لا يَفتُرُونَ و أماالجن والشياطين فإنهم يأكلون ويشربون

قَالَ


صفحه : 332

ص فِي الرّوثِ وَ العَظمِ إِنّهُ زَادُ إِخوَانِكُم مِنَ الجِنّ

وأيضا فإنهم يتوالدون قال تعالي أَ فَتَتّخِذُونَهُ وَ ذُرّيّتَهُ أَولِياءَ مِن دوُنيِ‌ و الله أعلم .المسألة الثامنة في كيفية الوسوسة بناء علي ماورد في الآثار ذكروا أنه يغوص في باطن الإنسان ويضع رأسه علي حبة قلبه ويلقي‌ إليه الوسوسة واحتجوا عليه بما

روُيِ‌َ أَنّ النّبِيّص قَالَ إِنّ الشّيطَانَ ليَجَريِ‌ مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَي الدّمِ أَلَا فَضَيّقُوا مَجَارِيهِ بِالجُوعِ

وَ قَالَص لَو لَا أَنّ الشّيَاطِينَ يَحُومُونَ عَلَي قُلُوبِ بنَيِ‌ آدَمَ لَنَظَرُوا إِلَي مَلَكُوتِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ

. و من الناس من قال هذه الأخبار لابد من تأويلها لأنه يمتنع حملها علي ظواهرها واحتج عليه بوجوه الأول أن نفوذ الشياطين في بواطن الناس محال لأنه يلزم إما اتساع تلك المجاري‌ أوتداخل تلك الأجسام . والثاني‌ ماذكرنا أن العداوة الشديدة حاصلة بينه و بين أهل الدين فلو قدر علي هذاالنفوذ فلم لم يخصهم بمزيد الضرر.الثالث أن الشيطان مخلوق من النار فلو دخل في داخل البدن لصار كأنه نفذ النار في داخل البدن ومعلوم أنا لانحس بذلك .الرابع أن الشياطين يحبون المعاصي‌ وأنواع الكفر والفسق ثم إنا نتضرع بأعظم الوجوه إليهم ليظهروا أنواع الكفر والفسق فلانجد منه أثرا و لافائدة وبالجملة فلانري من عداوتهم ضررا و لانجد من صداقتهم نفعا. وأجاب مثبتو الشياطين عن السؤال الأول بأن علي القول بأنها نفوس مجردة فالسؤال زائل و علي القول بأنها أجسام لطيفة كالضوء والهواء فالسؤال أيضا زائل .


صفحه : 333

و عن الثاني‌ لايبعد أن يقال إن الله والملائكة يمنعونهم من إيذاء علماء البشر. و عن الثالث أنه لماجاز أن يقول الله تعالي لنار ابراهيم يا نارُ كوُنيِ‌ بَرداً وَ سَلاماً عَلي اِبراهِيمَفلم لايجوز مثله هاهنا. و عن الرابع أن الشياطين مختارون ولعلهم يفعلون بعض القبائح دون بعض .المسألة التاسعة في تحقيق الكلام في الوسوسة علي الوجه ألذي قرره الشيخ الغزالي‌ في كتاب الإحياء قال القلب مثل قبة لها أبواب تنصب إليها الأحوال من كل باب أومثل هدف ترمي إليه السهام من كل جانب أومثل مرآة منصوبة يجتاز عليها الأشخاص فيتراءي فيهاصورة بعدصورة أومثل حوض ينصب إليه مياه مختلفة من أنهار مفتوحة واعلم أن مداخل هذه الآثار المجددة في القلب ساعة فساعة إما من الظاهر كالحواس الخمس وإما من الباطن كالخيال والشهوة والغضب والأخلاق المركبة في مزاج الإنسان فإنه إذاأدرك بالحواس شيئا حصل منه أثر في القلب وكذا إذاهاجت الشهوة أوالغضب حصل من تلك الأحوال آثار في القلب و أما إذامنع الإنسان عن الإدراكات الظاهرة فالخيالات الحاصلة في النفس تبقي وينتقل الخيال من الشي‌ء إلي الشي‌ء وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلي حال فالقلب دائما في التغير والتأثر من هذه الأسباب وأخص الآثار الحاصلة في القلب هي‌ الخواطر وأعني‌ بالخواطر مايعرض فيه من الأفكار والأذكار وأعني‌ بهذا إدراكات وعلوما إما علي سبيل التجدد وإما علي سبيل التذكر فإنما تسمي خواطر من حيث إنها تخطر بالخيال بعد أن


صفحه : 334

كان القلب غافلا عنها فالخواطر هي‌ المحركات للإرادات والإرادات محركة للأعضاء ثم إن هذه الخواطر المحركة لهذه الإرادات تنقسم إلي مايدعو إلي الشر أعني‌ إلي مايضر في العاقبة و إلي الخير أعني‌ ماينفع في العاقبة فهما خاطران مختلفان فافتقرا إلي اسمين مختلفين فالخاطر المحمود يسمي إلهاما والمذموم يسمي وسواسا ثم إنك تعلم أن هذه الخواطر أحوال حادثة فلابد لها من سبب والتسلسل محال فلابد من انتهاء الكل إلي واجب الوجود هذامخلص كلام الغزالي‌ و قدحذفنا التطويل منه .المسألة العاشرة في تحقيق الكلام فيما ذكره الغزالي‌ واعلم أن هذا الرجل دار حول المقصود إلا أنه لايحصل الغرض إلا من بعدمزيد التنقيح فنقول لابد قبل الخوض في المقصود من تقديم مقدمات فالمقدمة الأولي لاشك أن هاهنا مطلوبا ومهروبا و كل مطلوب فإما أن يكون مطلوبا لذاته أولغيره و لايجوز أن يكون كل مطلوب مطلوبا لغيره و أن يكون كل مهروب مهروبا عنه لغيره و إلالزم إما الدور وإما التسلسل وهما محالان فثبت أنه لابد من الاعتراف بوجود شيء يكون مطلوبا لذاته ووجود شيء يكون مهروبا عنه لذاته . والمقدمة الثانية أن الاستقراء يدل علي أن المطلوب بالذات هواللذة والسرور والمطلوب بالتبع ما يكون وسيلة إليهما والمهروب عنه بالذات هوالألم والحزن والمهروب عنه بالتبع ما يكون وسيلة إليهما. والمقدمة الثالثة أن اللذيذ عند كل قوة من القوي النفسانية شيءآخر فاللذيذ عندالقوة الباصرة شيء واللذيذ عندالقوة السامعة شيءآخر واللذيذ عندالقوة الشهوانية شيءثالث واللذيذ عندالقوة الغضبية شيءرابع واللذيذ عندالقوة العاقلة شيءخامس .


صفحه : 335

والمقدمة الرابعة أن القوة الباصرة إذاأدركت موجودا في الخارج لزم من حصول ذلك الإدراك البصري‌ وقوف الذهن علي ماهية ذلك المرئي‌ و عندالوقوف عليه يحصل العلم بكونه لذيذا أومؤلما أوخاليا عنهما فإن حصل العلم بكونه لذيذا ترتب علي حصول هذاالعلم أوالاعتقاد حصول الميل إلي تحصيله و إن حصل العلم بكونه مؤلما ترتب علي هذاالعلم أوالاعتقاد حصول الميل إلي البعد عنه والفرار منه و إن لم يحصل العلم بكونه مؤلما و لابكونه لذيذا لم يحصل في القلب لارغبة إلي الفرار عنه و لارغبة إلي تحصيله .المقدمة الخامسة أن العلم بكونه لذيذا إنما يوجب حصول الميل والرغبة في تحصيله إذاحصل ذلك العلم خاليا عن المعارض والمعاوق فأما إذاحصل هذاالمعارض لم يحصل ذلك الاقتضاء مثاله إذارأينا طعاما لذيذا فعلمنا بكونه لذيذا إنما يؤثر في الإقدام علي تناوله إذا لم نعتقد أنه حصل فيه ضرر زائد أما إذااعتقدنا أنه حصل فيه ضرر زائد فعندئذ يعتبر العقل كيفية المعارضة والترجيح فأيهما غلب علي ظنه أنه راجح عمل بمقتضي ذلك الرجحان ومثال آخر لهذا المعني أن الإنسان قديقتل نفسه و قديلقي‌ نفسه من السطح العالي‌ إلا أنه إنما يقدم علي هذاالعمل إذااعتقد أنه بسبب تحمل ذلك العمل المؤلم يتخلص عن مؤلم آخر أعظم منه أويتوصل به إلي تحصيل منفعة أعلي حالا منها فثبت بما ذكرنا أن اعتقاد كونه لذيذا أومؤلما إنما يوجب الرغبة والنفرة إذاخلا ذلك الاعتقاد عن المعارض المقدمة السادسة في بيان أن التقرير ألذي بيناه يدل علي أن الأفعال الحيوانية لها مراتب مترتبة ترتيبا ذاتيا لزوميا عقليا و ذلك لأن هذه الأفعال مصدرها القريب هوالقوي الموجودة في العضلات إلا أن هذه القوي صالحة للفعل والترك فامتنع صيرورتها مصدرا للفعل بدلا عن الترك وللترك بدلا عن الفعل إلابضميمة تنضم إليها وهي‌ الإرادات ثم إن تلك الإرادات إنما توجد وتحدث لأجل العلم بكونها لذيذة أومؤلمة ثم إن تلك العلوم إن حصلت بفعل إنسان عاد البحث الأول فيه ولزم إما الدور وإما التسلسل وهما محالان وإما الانتهاء إلي علوم وإدراكات وتصورات تحصل في جوهر النفس من


صفحه : 336

الأسباب الخارجة وهي‌ إما الاتصالات الفلكية علي مذهب قوم أوالسبب الحقيقي‌ فهو أن الله تعالي يخلق تلك الاعتقادات والعلوم في القلب فهذا تلخيص الكلام في أن الفعل كيف يصدر عن الحيوان إذاعرفت هذافاعلم أن نفاة الشياطين ونفاة الوسوسة قالوا ثبت أن المصدر القريب للأفعال الحيوانية هو هذه القوي المركوزة في العضلات والأوتاد وثبت أن تلك القوي لاتصير مصادر للفعل والترك إلا عندانضمام الميل والإرادة إليها وثبت أن تلك الإرادة من لوازم حصول الشعور بكون ذلك الشي‌ء لذيذا أومؤلما وثبت أن حصول ذلك الشعور لابد و أن يكون بخلق الله تعالي ابتداء أوبواسطة مراتب شأن كل واحد منها في استلزام مابعده علي الوجه ألذي قررناه وثبت أن ترتب كل واحد من هذه المراتب علي ماقبله أمر لازم لزوما ذاتيا واجبا فإنه إذاأحس بالشي‌ء وعرف كونه ملائما مال طبعه إليه و إذامال طبعه إليه تحركت القوة إلي الطلب و إذاحصلت هذه المراتب حصل الفعل لامحالة فلو قدرنا شيطانا من الخارج وفرضنا أنه حصلت له وسوسة كانت تلك الوسوسة عديمة الأثر لأنه إذاحصلت تلك المراتب المذكورة حصل الفعل سواء حصل هذاالشيطان أو لم يحصل و إن لم يحصل مجموع تلك المراتب امتنع حصول الفعل سواء حصل هذاالشيطان أو لم يحصل فعلمنا أن القول بوجود الشيطان وبوجود الوسوسة قول باطل بل الحق أن نقول إن اتفق حصول هذه المراتب في الطرف النافع سميناها بالإلهام و إن اتفق حصولها في الطرف الضار سميناها بالوسوسة هذاتمام الكلام في تقرير هذاالإشكال . والجواب أن كل ماذكرتموه حق وصدق إلا أنه لايبعد أن يكون الإنسان غافلا عن الشي‌ء فإذاذكره الشيطان ذلك الشي‌ء تذكره ثم عندالتذكر ترتب عليه الميل إليه وترتب الفعل علي حصول ذلك الميل فالذي‌ أتي به الشيطان الخارجي‌ ليس إلا ذلك التذكر و إليه الإشارة بقوله تعالي حكاية عن إبليس أنه قال وَ ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍ


صفحه : 337

إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لِي

إلا أنه بقي‌ لقائل أن يقول فالإنسان إنما أقدم علي المعصية بتذكير الشيطان فالشيطان إن كان إقدامه علي المعصية بتذكير شيطان آخر لزم التسلسل و إن كان عمل ذلك الشيطان ليس لأجل شيطان آخر ثبت أن ذلك الشيطان الأول إنما أقدم علي ماأقدم عليه لحصول ذلك الاعتقاد في قلبه و لابد لذلك الاعتقاد الحادث من محدث و ماذاك إلا الله تعالي و عند هذايظهر أن الكل من عند الله تعالي فهذا غاية الكلام في هذاالبحث الدقيق العميق وصار حاصل الكلام مَا قَالَهُ سَيّدُ الرّسُلِص وَ هُوَ قَولُهُ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنكَ

و الله أعلم .المسألة الحادية عشر اعلم أن الإنسان إذاجلس في الخلوة وتواترت الخواطر في قلبه فربما صار بحيث كأنه يسمع في داخل قلبه ودماغه أصواتا خفية وحروفا خفية وكأن متكلما يتكلم معه ومخاطبا يخاطبه و هذاأمر وجداني‌ يجده كل أحد من نفسه ثم اختلف الناس في تلك الخواطر فقالت الفلاسفة إن هذه الأشياء ليست حروفا و لاأصواتا وإنما هي‌ تخيلات الأصوات والحروف وتخيل الشي‌ء عبارة عن حضور رسمه ومثاله في الخيال و هذا كما أنا إذاتخيلنا صورة البحار والأشخاص فأعيان تلك الأشياء غيرموجودة في العقل والقلب بل الموجود في العقل والقلب صورها وأمثلتها ورسومها وهي‌ علي سبيل التمثيل جارية مجري الصورة المرتسمة في المرآة فإذاأحسسنا صورة الفلك والشمس والقمر في المرآة فإن ذلك ليس بأنه حضرت ذوات هذه الأشياء في المرآة فإن ذلك محال وإنما الحاصل في المرآة رسوم هذه الأشياء وصورها وأمثلتها فإذاعرفت هذا في تخيل المبصرات فاعلم أن الحال في تخيل الحروف والكلمات المسموعة كذلك فهذا قول جمهور الفلاسفة ولقائل أن يقول هذا ألذي سميته بتخيل الحروف والكلمات هل هومساو للحروف والكلمة في الماهية أو لا فإن حصلت المساواة فقد عاد


صفحه : 338

الكلام إلي أن الحاصل في الخيال حقائق الحروف والأصوات و إلي أن الحاصل في الخيال عندتخيل البحر والسماء حقيقة البحر والسماء و إن كان الحق هوالثاني‌ و هو أن الحاصل في الخيال شيءآخر مخالف للمبصرات والمسموعات فحينئذ يعود السؤال و هو أناكيف نجد من أنفسنا صور هذه المرئيات وكيف نجد من أنفسنا هذه الكلمات والعبارات وجدانا لانشك أنها حروف متوالية علي العقل متعاقبة علي الذهن فهذا منتهي الكلام في كلام الفلاسفة و أماالجمهور الأعظم من أهل العلم فإنهم سلموا أن هذه الخواطر المتوالية المتعاقبة حروف وأصوات خفية. واعلم أن القائلين بهذا القول قالوا فاعل هذه الحروف والأصوات إما ذلك الإنسان أوإنسان آخر وإما شيءروحاني‌ مباين يمكنه إلقاء هذه الحروف والأصوات إلي هذاالإنسان سواء قيل إن ذلك المتكلم هوالجن والشياطين أوالملك وإما أن يقال خالق تلك الحروف والأصوات هو الله تعالي أماالقسم الأول و هو أن فاعل هذه الحروف والأصوات هو ذلك الإنسان فهذا قول باطل لأن ألذي يحصل باختيار الإنسان يكون قادرا علي تركه فلو كان حصول هذه الخواطر بفعل الإنسان لكان الإنسان إذاأراد دفعها أوتركها لقدر عليه ومعلوم أنه لايقدر علي دفعها فإنه سواء حاول فعلها أوحاول تركها فتلك الخواطر تتوارد علي طبعه وتتعاقب علي ذهنه بغير اختياره . و أماالقسم الثاني‌ و هوأنها حصلت بفعل إنسان آخر فهو ظاهر الفساد و لمابطل هذان القسمان بقي‌ الثالث وهي‌ أنها من فعل الجن أوالملك أو من فعل الله تعالي و أماالذين قالوا إن الله لايجوز أن يفعل القبائح فاللائق بمذهبهم أن يقولوا إن هذه الخواطر الخبيثة ليست من فعل الله تعالي فبقي‌ أنها من أحاديث الجن والشياطين و أماالذين قالوا إنه لايقبح من الله شيءفليس في مذهبهم مانع يمنعهم من نسبة


صفحه : 339

إسناد هذه الخواطر إلي الله تعالي . واعلم أن الثنوية يقولون للعالم إلهان أحدهما خير وعسكره الملائكة والثاني‌ شر وعسكره الشياطين وهما يتنازعان أبدا و كل شيء في هذاالعالم فلكل واحد منهما تعلق به فالخواطر الداعية إلي أعمال الخير إنما حصلت من عساكر الله والخواطر الداعية إلي أعمال الشر إنما حصلت من عساكر الشيطان واعلم أن القول بإثبات إلهين قول باطل علي ماثبت فساده بالدلائل فهذا منتهي القول في هذاالباب .المسألة الثانية عشر من الناس من أثبت لهذه الشياطين قدرة علي الإحياء و علي الإماتة و علي خلق الأجسام و علي تغيير الأشخاص عن صورتها الأصلية وخلقتها الأولوية ومنهم من أنكر هذه الأحوال و قال إنه لاقدرة لها علي شيء من هذه الأحوال و أماأصحابنا فقد أقاموا الدلالة علي أن القدرة علي الإيجاد والتكوين والإحداث ليست إلالله فبطلت هذه المذاهب كلها بالكلية و أماالمعتزلة فقد سلموا أن الإنسان قادر علي إيجاد بعض الحوادث فلاجرم صاروا محتاجين إلي بيان أن هذه الشياطين لاقدرة لها علي خلق الأجسام والحياة ودليلهم هو أن قالوا الشيطان جسم و كل جسم فإنه قادر بالقدرة والقدرة التي‌ لنا لاتحصل لإيجاد الأجسام فهذه مقدمات ثلاث فالمقدمة الأولي أن الشيطان جسم فقد بنوا هذه المقدمة علي أن ماسوي الله إما متحيز وإما حال في المتحيز و ليس لهم في إثبات هذه المقدمة شبهة فضلا عن حجة. و أماالمقدمة الثانية وهي‌ قولهم الجسم إنما يكون قادرا بالقدرة فقد بنوا


صفحه : 340

هذا علي أن الأجسام متماثلة فلو كان شيءمنها قادرا لذاته لكان الكل قادرا لذاته وبناء هذه المقدمة علي تماثل الأجسام . و أماالمقدمة الثالثة وهي‌ قولهم هذه القدرة التي‌ لنا لاتصلح لخلق الأجسام فوجب أن لاتصلح القدرة الحادثة لخلق الأجسام و هذاأيضا ضعيف لأنه يقال لهم لم لايجوز حصول قدرة مخالفة لهذه القدرة الحاصلة لنا وتكون تلك القدرة صالحة لخلق الأجسام فإنه لايلزم من عدم وجود الشي‌ء في الحال امتناع وجوده فهذا تمام الكلام في هذه المسألة.المسألة الثالثة عشر اختلفوا في أن الجن هل يعلمون الغيب و قد بين الله تعالي في كتابه أنهم بقوا في قيد سليمان ع و في حبسه بعدموته مدة وهم ماكانوا يعلمون موته و ذلك يدل علي أنهم لايعلمون الغيب و من الناس من يقول إنهم يعلمون الغيب ثم اختلفوا فقال بعضهم إن فيهم من يصعد إلي السماوات أويقرب منها ويتلقي بعض تلك الغيوب علي ألسنة الملائكة ومنهم من قال إن لهم طرقا أخري في معرفة الغيوب عن الله تعالي . واعلم أن فتح الباب في مثل هذه المباحث لايفيد إلاالظنون والحسبانات والعالم بحقائقها هو الله سبحانه و تعالي . و قال أيضا في تفسير سورة الجن اختلف الناس قديما وحديثا في ثبوت الجن ونفيه فالنقل الظاهر عن أكثر الفلاسفة إنكاره و ذلك لأن أبا علي بن سينا قال في رسالته في حدود الأشياء الجن حيوان هوائي‌ متشكل بأشكال مختلفة ثم قال و هذاشرح للاسم .فقوله فهذا شرح للاسم يدل علي أن هذاالحد شرح المراد من هذااللفظ


صفحه : 341

و ليس لهذه الحقيقة وجود في الخارج . و أماجمهور أرباب الملل والمصدقين للأنبياء ع فقد اعترفوا بوجود الجن واعترف به جمع عظيم من قدماء الفلاسفة وأصحاب الروحانيات ويسمونها بالأرواح السفلية وزعموا أن الأرواح السفلية أسرع إجابة إلاأنها أضعف و أماالأرواح الفلكية فهي‌ أبطأ إجابة إلاأنها أقوي . واختلف المثبتون علي قولين فمنهم من زعم أنها ليست أجساما و لاحاله في الأجسام بل هي‌ جواهر قائمة بأنفسها قالوا و لايلزم من هذا أن يقال إنها تكون مساوية لذات الله لأن كونها ليست أجساما و لاجسمانية سلوب والمشاركة في السلوب لاتقتضي‌ المساواة في الماهية قالوا ثم إن هذه الذوات بعداشتراكها في هذه السلوب أنواع مختلفة بالماهية كاختلاف ماهيات الأعراض بعداستوائها في الحاجة إلي المحل فبعضها خيرة وبعضها شريرة وبعضها كريمة حرة محبة للخيرات وبعضها دنيئة خسيسة محبة للشرور والآفات و لايعرف عدد أنواعهم وأصنافهم إلا الله تعالي قالوا وكونها موجودات مجردة لايمنع من كونها عالمة بالخيرات قادرة علي الأفعال فهذه الأرواح يمكنها أن تسمع وتبصر وتعلم الأفعال الخيرة فيفعل الأفعال المخصوصة و لماذكرنا أن ماهياتها مختلفة لاجرم لايبعد أن يكون في أنواعها مايقدر علي أفعال شاقة عظيمة يعجز عنها قدرة البشر و لايبعد أيضا أن يكون لكل نوع منها تعلق بنوع مخصوص من أجسام هذاالعالم و كما أنه دلت الدلائل الطبيعية علي أن التعلق


صفحه : 342

الأول للنفس الناطقة التي‌ ليس للإنسان إلاهي‌ هي‌ الأرواح وهي‌ أجسام بخارية لطيفة تتولد من ألطف أجزاء الدم وتتكون في الجانب الأيسر من القلب ثم بواسطة تعلق النفس بهذه الأرواح تصير متعلقة بالأعضاء التي‌ تسري‌ فيها هذه الأرواح لم يبعد أيضا أنه يكون لكل واحد من هؤلاء الجن تعلق بجزء من أجزاء الهواء فيكون ذلك الجزء من الهواء هوالمتعلق الأول لذلك الروح ثم بواسطة سريان ذلك الهواء في جسم آخر كثيف يحصل لتلك الأرواح تعلق وتصرف في تلك الأجسام الكثيفة. و من الناس من ذكر في الجن طريقة أخري فقال هذه الأرواح البشرية والنفوس الناطقة إذافارقت أبدانها ازدادت قوة وكمالا بسبب ما في ذلك العالم الروحاني‌ من انكشاف الأسرار الروحانية فإذااتفق أن حدث بدن آخر مشابه لما كان لتلك النفس المفارقة من البدن فبسبب تلك المشاكلة يحصل لتلك النفس المفارقة تعلق مابهذا البدن وتصير تلك النفس المفارقة كالمعاونة لنفس ذلك البدن في أفعالها وتدبيرها لذلك البدن فإن الجنسية علة الضم فإن اتفقت هذه الحالة في النفوس الخيرة سمي‌ ذلك المعين ملكا وتلك الإعانة إلهاما و إن اتفقت في النفوس الشريرة سمي‌ ذلك المعين شيطانا وتلك الإعانة وسوسة والقول الثاني‌ في الجن أنهم أجسام ثم القائلون بهذا المذهب اختلفوا علي قولين منهم من زعم أن الأجسام مختلفة في ماهياتها إنما المشترك بينها صفة واحدة وهي‌ كونها بأسرها حاصلة في الحيز والمكان والجهة وكونها موصوفة بالطول والعرض والعمق و هذه كلها إشارة إلي الصفات والاشتراك في الصفات لايقتضي‌ الاشتراك في تمام الماهية لماثبت أن الأشياء المختلفة في تمام الماهية لايمتنع اشتراكها في لازم واحد قالوا و ليس لأحد أن يحتج علي تماثل الأجسام بأن يقال الجسم من حيث إنه جسم له حد واحد وحقيقة واحدة فيلزم أن لايصل التفاوت في ماهية الجسم من حيث


صفحه : 343

هوجسم بل إن حصل التفاوت حصل في مفهوم زائد علي ذلك وأيضا فلأنه يمكننا تقسيم الجسم إلي اللطيف والكثيف والعلوي‌ والسفلي‌ ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام فالأقسام كلها مشتركة في الجسمية والتفاوت إنما يحصل بهذه الصفات وهي‌ اللطافة والكثافة وكونها علوية وسفلية قالوا وهاتان الحجتان ضعيفتان . أماالحجة الأولي فلأنا نقول كما أن الجسم من حيث إنه جسم له حد واحد وحقيقة واحدة فكذا العرض من حيث إنه عرض له حد واحد وحقيقة واحدة فيلزم منه أن تكون الأعراض كلها متساوية في تمام الماهية و هذامما لايقوله عاقل بل الحق عندالفلاسفة أنه ليس للأعراض البتة قدر مشترك بينها من الذاتيات إذ لوحصل بينها قدر مشترك لكان ذلك المشترك جنسا لها و لو كان كذلك لماكانت التسعة أجناسا عالية بل كانت أنواع جنس واحد. إذاثبت هذافنقول الأعراض من حيث إنها أعراض لها حقيقة واحدة و لم يلزم من ذلك أن يكون بينها ذاتي‌ مشترك أصلا فضلا عن أن تكون متساوية في تمام الماهية فلم لايجوز أن يكون الحال في الجسم كذلك فإنه كما أن الأعراض مختلفة في تمام الماهية ثم إن تلك المختلفات متساوية في وصف عارض و هوكونه عارضا لموضوعاتها فكذا من الجائز أن يكون ماهيات الأجسام مختلفة في تمام ماهياتها ثم إنها تكون متساوية في وصف عارض و هوكونها مشارا إليها بالحس وحاصلة في الحيز والمكان وموصوفة بالأبعاد الثلاثة فهذا الاحتمال لادافع له أصلا. و أماالحجة الثانية وهي‌ قولهم إنه يمكن تقسيم الجسم إلي اللطيف والكثيف فهي‌ أيضا منقوضة بالعرض فإنه يمكن تقسيم العرض إلي الكيف والكم و لم يلزم أن يكون هناك قدر مشترك من الذاتي‌ فضلا عن التساوي‌ في كل الذاتيات فلم لايجوز أن يكون الأمر هنا أيضا كذلك و إذاثبت أنه لاامتناع في كون الأجسام مختلفة و لم يدل دليل علي بطلان هذاالاحتمال وحينئذ قالوا لايمتنع في بعض الأجسام اللطيفة الهوائية أن تكون مخالفة لسائر أنواع الهواء في الماهية ثم يكون تلك الماهية تقتضي‌ لذاتها علما مخصوصا وقدرة مخصوصة علي أفعال عجيبة و علي هذاالتقدير يكون


صفحه : 344

القول بالجن ظاهر الاحتمال وتكون قدرتها علي التشكل بالأشكال المختلفة ظاهرة الاحتمال .القول الثاني‌ قول من قال الأجسام متساوية في تمام الماهية والقائلون بهذا المذهب أيضا فرقتان الفرقة الأولي الذين زعموا أن البنية ليست شرطا في الحياة و هذاقول الأشعري‌ وجمهور أتباعه وأدلتهم في هذاالباب ظاهرة قوية قالوا لوكانت البنية شرطا في الحياة لكان إما أن يقال إن الحياة الواحدة قامت بمجموع الأجزاء أويقال قام بكل واحدة من الأجزاء حياة واحدة علي حدة والأول محال لأن حلول العرض الواحد في المحال الكثيرة دفعة واحدة غيرمعقول . والثاني‌ أيضا باطل لأن الأجزاء التي‌ منها تألف الجسم متساوية والحياة القائمة بكل واحد منها متساوية للحياة القائمة بالجزء الآخر وحكم الشي‌ء حكم مثله فلو افتقر قيام الحياة بهذا الجزء إلي قيام تلك الحياة بذلك الجزء يحصل هذاالافتقار من الجانب الآخر فيلزم وقوع الدور و هومحال و إن لم يحصل هذاالافتقار فحينئذ ثبت أن قيام الحياة بهذا الجزء لايتوقف علي قيام الحياة الثانية بذلك الجزء الثاني‌ و إذابطل هذاالتوقيف ثبت أنه يصح كون الجزء الواحد موصوفا بالحياة والعلم و في القدرة والإرادة وبطل القول بأن البنية شرط قالوا و أمادليل المعتزلة و هو أنه لابد من البنية فليس إلاالاستقراء و هو أنارأينا أنه متي فسدت البنية بطلت الحياة ومتي لم تفسد بقيت الحياة فوجب توقف الحياة علي حصول البنية إلا أن هذاركيك فإن الاستقراء لايفيد القطع بالوجوب فما الدليل علي أن حال ما لم يشاهد كحال ماشوهد وأيضا فلأن هذاالكلام إنما يستقيم علي قول من ينكر خرق العادات أما من يجوزها فهذا لايتمشي علي مذهبه والفرق بينهما في جعل بعضها علي سبيل العادة وجعل بعضها علي سبيل الوجوب تحكم محض لاسبيل إليه فثبت أن البنية ليست شرطا في الحياة


صفحه : 345

و إذاثبت هذا لم يبعد أن يخلق الله تعالي في الجوهر الفرد علما بأمور كثيرة وقدرة علي أشياء شاقة شديدة و عند هذاظهر القول بإمكان وجود الجن سواء كانت أجسامهم لطيفة أوكثيفة وسواء كانت أجرامهم كبيرة أوصغيرة.القول الثاني‌ أن البنية شرط الحياة و أنه لابد من صلابة من البنية حتي يكون قادرا علي الأفعال الشاقة.فهاهنا مسألة أخري وهي‌ أنه هل يمكن أن يكون المرئي‌ حاضرا والموانع مرتفعة والشرائط من القرب والبعد حاصلة وتكون الحاسة سليمة ثم مع هذا لايحصل الإدراك أو يكون هذاممتنعا عقلا أماالأشعري‌ وأتباعه فقد جوزوه و أماالمعتزلة فقد حكموا بامتناعه عقلا واستدل الأشعري‌ علي قوله بوجوه عقلية ونقلية أماالعقلية فأمران .الأول أنانري الكبير من البعيد صغير و ماذاك إلا أنانري بعض أجزاء ذلك البعيد دون البعض مع أن نسبة الحاسة وجميع الشرائط إلي تلك الأجزاء المرئية كهي‌ بالنسبة إلي الأجزاء التي‌ هي‌ غيرمرئية فعلمنا أن مع حصول سلامة الحاسة وحضور المرئي‌ وحصول الشرائط وانتفاء الموانع لا يكون الإدراك واجبا.الثاني‌ أن الجسم الكبير لامعني له إلامجموع تلك الأجزاء المتألفة فإذارأينا ذلك الجسم الكبير علي مقدار من البعد فقد رأينا تلك الأجزاء فإما أن تكون رؤية هذاالجزء مشروطة برؤية ذلك الجزء الآخر أو لا يكون فإن كان الأول لزم الدور لأن الأجزاء متساوية فلو افتقرت رؤية هذاالجزء إلي رؤية ذلك الجزء لافتقرت أيضا رؤية ذلك الجزء إلي رؤية هذاالجزء فيقع الدور و إن لم يحصل هذاالافتقار فحينئذ رؤية الجوهر الفرد علي القدر من المسافة تكون ممكنة. ثم من المعلوم أن ذلك الجوهر الفرد لوحصل وحده من غير أن ينضم إليه سائر الجواهر فإنه لايري فعلمنا أن حصول الرؤية عنداجتماع جملة الشرائط لا يكون واجبا بل جائزا.


صفحه : 346

و أماالمعتزلة فقد عولوا علي أنا إن جوزنا ذلك لجوزنا أن يكون بحضرتنا طبلات وبوقات و لانراها و لانسمعها و إذاعارضناهم بسائر الأمور العادية وقلنا لهم فجوزوا أن يقال انقلبت مياه البحار ذهبا وفضة والجبال ياقوتا وزبرجدا وحصل في السماء حال ماغمضت العين ألف شمس وقمر ثم كمافتحت العين أعدمها الله تعالي عجزوا عن الفرق والسبب في هذاالتشويش أن هؤلاء المعتزلة نظروا إلي هذه الأمور المطردة في مناهج العادات فزعموا أن بعضها واجبة وبعضها غيرواجبة فلما لم يجدوا قانونا مستقيما ومأخذا سليما بين البابين تشوش الأمر عليهم بل الواجب أن يسوي بين الكل فيحكم علي الكل بالوجوب كما هوقول الفلاسفة أو علي الكل بعدم الوجوب كما هوقول الأشعري‌ فأما التحكم في الفرق فهو بعيد. إذاثبت هذاظهر جواز القول بالجن و أن أجسامهم و إن كانت كثيفة قوية إلا أنه لايمتنع أن لانراها و إن كانوا حاضرين هذا علي قول الأشعري‌ فهذا هوتفصيل هذه الوجوه . و أنامتعجب من هؤلاء المعتزلة أنهم كيف يصدقون ماجاء في القرآن من إثبات الملك والجن مع استمرارهم علي مذاهبهم و ذلك لأن القرآن دل علي أن للملائكة قوة عظيمة علي الأفعال الشاقة والجن أيضا كذلك و هذه القدرة لاتثبت إلا في الأعضاء الكثيفة الصلبة فإذايجب في الملك والجن أن يكونوا كذلك ثم إن هؤلاء الملائكة حاضرون عندنا أبدا وهم الكرام الكاتبون والحفظة ويحضرون أيضا عندقبض الأرواح و قدكانوا يحضرون عندالرسول ص و إن أحدا من القوم ما كان يراهم وكذلك الناس الجالسون عند من يكون في النزع لايرون أحدا فإن وجبت رؤية الكثيف عندالحضور فلم لانراها و إن لم تجب الرؤية فقد بطل مذهبهم و إن كانوا موصوفين بالقوة والشدة مع عدم الكثافة والصلابة فقد بطل قولهم إن البنية شرط الحياة فإن قالوا إنها أجسام لطيفة ولكنها للطافتها لاتقدر علي الأعمال الشاقة فهذا إنكار لصريح القرآن وبالجملة فحالهم في الإقرار بالملك والجن مع هذه المذاهب عجيبة.


صفحه : 347

بيان أقول إنما أوردت هذه الأقوال الركيكة لتطلع علي مذاهب جميع الفرق في ذلك و قدعرفت مادلت عليه الآيات والأخبار المعتبرة وأشرنا إلي ما هوالحق الحقيق بالإذعان و لم نتعرض لتزييف الأقوال السخيفة حذرا من الإطناب . قوله فآذنوه ثلاثة أيام أي فأعلموه وأتموا الحجة عليه قال النووي‌ فإنه إذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت و لاممن أسلم من الجن بل هوشيطان فاقتلوه ولن يجعل الله له سبيلا إلي الانتصار عليكم بثأره بخلاف العوامر وصفة الإنذار أن يقول أنشدكم بالعهد ألذي أخذ عليكم سليمان أن تؤذونا و أن تظهروا لنا قالوا لاتقتل حيات المدينة إلابالإنذار و في غيرها يقتل بغيره بسبب أن طائفة من الجن أسلم بها وقيل النهي‌ في حيات البيوت في جميع البلاد و ما ليس في البيوت يقتل بدونه انتهي . وأقول و في بعض رواياتهم فليحرج عليها قال في النهاية قوله ع في قتل الحيات فليحرج عليها هو أن يقول لها أنت في حرج أي ضيق إن عدت إلينا فلاتلومينا إن ضيق عليك بالتتبع والطرد والقتل انتهي . و قال النووي‌ يقول أحرج عليك بالله واليوم الآخر أن لاتبدوا لنا و لاتؤذونا و لاتظهروا لنا فإن لم يذهب أوعاد بعده فاقتلوه فإنه إما جني‌ كافر أوحية و قوله شيطان أي ولد من أولاد إبليس أوحية