صفحه : 1
تتمة أبواب العناصر كائنات الجو البحر والمعادن والجبال والأنهار والبلدان والأقاليم
باب 92-الرياح وأسبابها وأنواعها
الآيات البقرةوَ تَصرِيفِ الرّياحِالأعراف وَ هُوَ ألّذِي يُرسِلُ الرّياحَ بُشراً بَينَ يدَيَ رَحمَتِهِالحجروَ أَرسَلنَا الرّياحَ لَواقِحَالإسراءفَيُرسِلَ عَلَيكُم قاصِفاً مِنَ الرّيحِ فَيُغرِقَكُم بِما كَفَرتُمالأنبياءوَ لِسُلَيمانَ الرّيحَ عاصِفَةً تجَريِ بِأَمرِهِ إِلي الأَرضِ التّيِ بارَكنا فِيهاالفرقان وَ هُوَ ألّذِي أَرسَلَ الرّياحَ بُشراً بَينَ يدَيَ رَحمَتِهِالنمل وَ مَن يُرسِلُ الرّياحَ بُشراً بَينَ يدَيَ رَحمَتِهِالروم وَ مِن آياتِهِ أَن يُرسِلَ الرّياحَ مُبَشّراتٍ وَ لِيُذِيقَكُم مِن رَحمَتِهِ وَ لتِجَريَِ
صفحه : 2
الفُلكُ بِأَمرِهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ و قال تعالي وَ لَئِن أَرسَلنا رِيحاً فَرَأَوهُ مُصفَرّا لَظَلّوا مِن بَعدِهِ يَكفُرُونَالذاريات وَ الذّارِياتِ ذَرواً و قال سبحانه وَ فِي عادٍ إِذ أَرسَلنا عَلَيهِمُ الرّيحَ العَقِيمَالقمرإِنّا أَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً صَرصَراً فِي يَومِ نَحسٍ مُستَمِرّالمرسلات وَ المُرسَلاتِ عُرفاً فَالعاصِفاتِ عَصفاً وَ النّاشِراتِ نَشراًتفسيروَ هُوَ ألّذِي أَرسَلَ الرّياحَ بُشراً قال الرازي حدّ الريح أنه هواء متحرّك فنقول كون هذاالهواء متحركا ليس لذاته و لاللوازم ذاته و إلالدامت الحركة بدوام ذاته فلابد و أن يكون بتحريك الفاعل المختار و هو الله جل جلاله قالت الفلاسفة هاهنا سبب آخر و هو أنه يرتفع من الأرض أجزاء أرضية لطيفة مسخنة تسخينا قويا شديدا فبسبب تلك السخونة الشديدة ترتفع وتتصاعد فإذاوصلت إلي القرب من الفلك كان الهواء الملتصق بمقعّر الفلك متحركا علي استدارة الفلك بالحركة المستديرة التي حصلت لتلك الطبقة من الهواء فهي تمنع هذه الأدخنة من الصعود بل تردّها عن سمت حركتها فحينئذ ترجع تلك الأدخنة وتتفرق في الجوانب وبسبب ذلك التفرق تحصل الرياح ثم كلما كانت تلك الأدخنة أكثر و كان صعودها أقوي كان رجوعها أيضا أشد حركة فكانت الرياح أشد وأقوي هذاحاصل ماذكروه و هوباطل ويدل علي بطلانه وجوه
صفحه : 3
الأول أن صعود الأجزاء الأرضية إنما يكون لشدة تسخّنها و لاشكّ أن ذلك التسخّن عرضيّ لأن الأرض باردة يابسة بالطبع فإذاكانت تلك الأجزاء الأرضية متصغرة جدا كانت سريعة الانفعال فإذاتصاعدت ووصلت إلي الطبقة الباردة من الهواء امتنع بقاء الحرارة فيهابل تبرّده جدا و إذابردت امتنع بلوغها في الصعود إلي الطبقة الهوائية المتحرّكة بحركة الفلك فبطل ماذكروه .الثاني هب أن تلك الأجزاء الدخانية صعدت إلي الطبقة الهوائية المتحركة بحركة الفلك لكنها لمارجعت وجب أن تنزل علي الاستقامة لأن الأرض جسم ثقيل والثقيل إنما يتحرك بالاستقامة والرياح ليست كذلك فإنها تتحرك يمنة ويسرة.الثالث أن حركة تلك الأجزاء الأرضية النازلة لاتكون حركة قاهرة فإن الرياح إذاأحضرت الغبار الكثير ثم عاد ذلك الغبار ونزل علي السطوح لم يحس أحد بنزولها وتري هذه الرياح تقلع الأشجار وتهدم الجبال وتموّج البحار.الرابع أنه لو كان الأمر علي ماقالوه لكانت الرياح كلما كانت أشد وجب أن يكون حصول الأجزاء الغبارية الأرضية أكثر لكنه ليس الأمر كذلك لأن الرياح قديعظم عصوفها وهبوبها في وجه البحر مع أن الحس يشهد بأنه ليس في ذلك الهواء المتحرك العاصف شيء من الغبار والكدرة فبطل ماقالوه . و قال المنجّمون إن قوي الكواكب هي التي تحرك هذه الرياح وتوجب هبوبها و ذلك أيضا بعيد لأن الموجب لهبوب الرياح إن كان طبيعة الكواكب وجب دوام الرياح بدوام تلك الطبيعة و إن كان الموجب هوطبيعة الكواكب بشرط حصوله في البرج المعين والدرجة المعينة وجب أن يتحرك هواء كل العالم و ليس كذلك وأيضا قدبينا أن الأجسام متماثلة فاختصاص الكوكب المعين والبرج المعين والطبيعة التي لأجلها اقتضت ذلك الأثر الخاص لابد و أن يكون بتخصيص الفاعل المختار فثبت أن محرّك الرياح هو الله سبحانه وثبت بالدليل العقلي أيضا صحة قوله وَ هُوَ ألّذِي يُرسِلُ الرّياحَ.
صفحه : 4
قوله نشرا أي منتشرة متفرقة فجزء من أجزاء الريح يذهب يمنة وجزء آخر يذهب يسرة وكذا القول في سائر الأجزاء فإن كل واحد منها يذهب إلي جانب آخر فنقول لاشك أن طبيعة الهواء طبيعة واحدة ونسبة الأفلاك والأنجم والطبائع إلي كل واحد من الأجزاء من ذلك الريح نسبة واحدة فاختصاص بعض أجزاء الريح بالذهاب يمنة والجزء الآخر بالذهاب يسرة وجب أن لا يكون ذلك إلابتخصيص الفاعل المختار.بَينَ يدَيَ رَحمَتِهِ أي بين يدي المطر ألذي هورحمته فإن قيل فقد نجد المطر و لاتتقدمه الرياح قلنا ليس في الآية أن هذاالتقدم حاصل في كل الأحوال فلم يتوجه السؤال وأيضا فيجوز أن تتقدمه هذه الرياح و إن كنا لانشعر بها و عن ابن عمر الرياح ثمان أربع منها عذاب و هوالقاصف والعاصف والصرصر والعقيم وأربع منها رحمة الناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات وَ عَنِ النّبِيّص نُصِرتُ بِالصّبَا وَ أُهلِكَ عَادٌ بِالدّبُورِ وَ الجَنُوبُ مِن رِيحِ الجَنّةِ
و عن كعب لوحبس الله الريح عن عباده ثلاثة أيام لأنتن أكثر الأرض .فَيُرسِلَ عَلَيكُم قاصِفاً مِنَ الرّيحِ قال الطبرسي ره أي فإذاركبتم البحر أرسل عليكم ريحا شديدة كاسرة للسفينة وقيل الحاصب الريح المهلكة في البر والقاصف المهلكة في البحرفَيُغرِقَكُم بِما كَفَرتُم من نعم الله .أَن يُرسِلَ الرّياحَ قال البيضاوي أي الشمال والصبا والجنوب فإنها رياح الرحمة و أماالدبور فريح العذاب و منه قوله ص
أللّهُمّ اجعَلهَا رِيَاحاً وَ لَا تَجعَلهَا رِيحاً
وقرأ ابن كثير والحمزة والكسائي الريح علي إرادة الجنس مُبَشّراتٍبالمطروَ لِيُذِيقَكُم مِن رَحمَتِهِيعني المنافع التابعة لها وقيل الخصب التابع لنزول المطر المسبّب عنها أوالروح ألذي هو مع هبوبها والعطف علي علة
صفحه : 5
محذوفة دل عليهامُبَشّراتٍ أوعليها باعتبار المعني أو علي يُرسِلَبإضمار فعل معلّل دل عليه وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِيعني تجارة البحر.فَرَأَوهُ مُصفَرّا أي فرأوا الأثر والزرع فإنه مدلول عليه بما تقدم وقيل السحاب لأنه إذا كان مصفرا لم يمطر واللام موطّئة للقسم دخلت علي حرف الشرط و قوله لَظَلّوا مِن بَعدِهِ يَكفُرُونَجواب سدّ مسدّ الجزاء ولذلك فسر بالاستقبال و هذه الآية ناعية علي الكفار بقلّة تثبّتهم وعدم تدبّرهم وسرعة تزلزلهم لعدم تفكرهم وسوء رأيهم فإن النظر السوي يقتضي أن يتوكلوا علي الله ويلجئوا إليه بالاستغفار إذااحتبس القطر عنهم و لم ييأسوا من رحمته و أن يبادروا إلي الشكر والاستدامة بالطاعة إذاأصابهم برحمته و لم يفرطوا في الاستبشار و أن يصبروا علي بلائه إذاضرب زروعهم بالاصفرار و لم يكفروا نعمه .أقول و قدمرّ تفسير الذاريات بالرياح التي تذرو التراب وهشيم النبت و قال الطبرسي ره الرّيحَ العَقِيمَهي التي عقمت عن أن تأتي بخير و من تنشئة سحاب أوتلقيح شجر أوتذرية طعام أونفع حيوان فهي كالمرأة الممنوعة عن الولادة إذ هي ريح الإهلاك و قال في قوله تعالي رِيحاً صَرصَراً أي شديدة الهبوب وقيل باردة من الصرّ و هوالبردفِي يَومِ نَحسٍ مُستَمِرّ أي دائم الشؤم استمر عليهم بنحوسته سَبعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيّامٍ حتي أتت عليهم وقيل إنه كان يوم الأربعاء آخر الشهر لايدور رواه العياشي بالإسناد عن أبي جعفر عليه السلام .
صفحه : 6
أقول و قدمرّ أيضا تفسيرالمُرسَلاتِ عُرفاًبالرياح أرسلت متتابعة كعرف الفرس وفَالعاصِفاتِ عَصفاًبالرياح الشديدات الهبوب والنّاشِراتِ نَشراًبالرياح التي تأتي بالمطر تنشر السحاب نشرا للغيث
1- الفَقِيهُ، قَالَ عَلِيّ ع لِلرّيحِ رَأسٌ وَ جَنَاحَانِ
بيان لعل الكلام مبنيّ علي الاستعارة أي يشبه الطائر في أنها تطير إلي كل جانب و في أنها في بدء حدوثها قليلة ثم تنتشر كالطائر ألذي بسط جناحه و الله يعلم
2- الفَقِيهُ، عَن كَامِلٍ قَالَ كُنتُ مَعَ أَبِي جَعفَرٍ ع بِالعُرَيضِ فَهَبّت رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَجَعَلَ أَبُو جَعفَرٍ ع يُكَبّرُ ثُمّ قَالَ إِنّ التّكبِيرَ يَرُدّ الرّيحَ وَ قَالَ ع مَا بَعَثَ اللّهُ رِيحاً إِلّا رَحمَةً أَو عَذَاباً فَإِذَا رَأَيتُمُوهَا فَقُولُوا أللّهُمّ إِنّا نَسأَلُكَ خَيرَهَا وَ خَيرَ مَا أُرسِلَت لَهُ وَ نَعُوذُ بِكَ مِن شَرّهَا وَ شَرّ مَا أُرسِلَت لَهُ وَ كَبّرُوا وَ ارفَعُوا أَصوَاتَكُم بِالتّكبِيرِ فَإِنّهُ يَكسِرُهَا
3- وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا خَرَجَت رِيحٌ قَطّ إِلّا بِمِكيَالٍ إِلّا زَمَنَ عَادٍ فَإِنّهَا عَتَت عَلَي خُزّانِهَا فَخَرَجَت فِي مِثلِ خَرقِ الإِبرَةِ فَأَهلَكَت قَومَ عَادٍ
4- وَ قَالَ الصّادِقُ ع نِعمَ الرّيحُ الجَنُوبُ تَكسِرُ البَردَ عَنِ المَسَاكِينِ وَ تُلقِحُ الشّجَرَ وَ تُسِيلُ الأَودِيَةَ
5- وَ قَالَ عَلِيّ ع الرّيَاحُ خَمسَةٌ مِنهَا العَقِيمُ فَنَعُوذُ بِاللّهِ مِن شَرّهَا وَ كَانَ النّبِيّص إِذَا هَبّت رِيحٌ صَفرَاءُ أَو حَمرَاءُ أَو سَودَاءُ تَغَيّرَ وَجهُهُ وَ اصفَرّ وَ كَانَ كَالخَائِفِ الوَجِلِ حَتّي يَنزِلَ مِنَ السّمَاءِ قَطرَةٌ مِن مَطَرٍ فَيَرجِعُ إِلَيهِ لَونُهُ وَ يَقُولُ جَاءَتكُم بِالرّحمَةِ
6-تَوحِيدُ المُفَضّلِ، قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع أُنَبّهُكَ يَا مُفَضّلُ عَلَي الرّيحِ وَ مَا فِيهَا أَ لَستَ تَرَي رُكُودَهَا إِذَا رَكَدَت كَيفَ يُحدِثُ الكَربَ ألّذِي يَكَادُ يأَتيِ عَلَي
صفحه : 7
النّفُوسِ وَ يُحَرّضُ الأَصِحّاءَ وَ يَنهَكُ المَرضَي وَ يُفسِدُ الثّمَارَ وَ يَعفِنُ البُقُولَ وَ يُعَقّبُ الوَبَاءَ فِي الأَبدَانِ وَ الآفَةَ فِي الغَلّاتِ ففَيِ هَذَا بَيَانُ أَنّ هُبُوبَ الرّيحِ مِن تَدبِيرِ الحَكِيمِ فِي صَلَاحِ الخَلقِ وَ أُنَبّئُكَ عَنِ الهَوَاءِ بِخَلّةٍ أُخرَي فَإِنّ الصّوتَ أَثَرٌ يُؤَثّرُهُ اصطِكَاكُ الأَجسَامِ فِي الهَوَاءِ وَ الهَوَاءُ يُؤَدّيهِ إِلَي المَسَامِعِ وَ النّاسُ يَتَكَلّمُونَ فِي حَوَائِجِهِم وَ مُعَامَلَاتِهِم طُولَ نَهَارِهِم وَ بَعضَ لَيلِهِم فَلَو كَانَ أَثَرُ هَذَا الكَلَامِ يَبقَي فِي الهَوَاءِ كَمَا يَبقَي الكِتَابُ فِي القِرطَاسِ لَامتَلَأَ العَالَمُ مِنهُ فَكَانَ يَكرُبُهُم وَ يَفدَحُهُم وَ كَانُوا يَحتَاجُونَ فِي تَجدِيدِهِ وَ الِاستِبدَالِ بِهِ أَكثَرَ مِمّا يُحتَاجُ إِلَيهِ فِي تَجدِيدِ القَرَاطِيسِ لِأَنّ مَا يُلقَي مِنَ الكَلَامِ أَكثَرُ مِمّا يُكتَبُ فَجَعَلَ الخَلّاقُ الحَكِيمُ جَلّ قُدسُهُ هَذَا الهَوَاءَ قِرطَاساً خَفِيفاً يَحمِلُ الكَلَامَ رَيثَمَا يَبلُغُ العَالَمُ حَاجَتَهُم ثُمّ يُمحَي فَيَعُودُ جَدِيداً نَقِيّاً وَ يَحمِلُ مَا حَمَلَ أَبَداً بِلَا انقِطَاعٍ وَ حَسبُكَ بِهَذَا النّسِيمِ المُسَمّي هَوَاءً عِبرَةً وَ مَا فِيهِ مِنَ المَصَالِحِ فَإِنّهُ حَيَاةُ هَذِهِ الأَبدَانِ وَ المُمسِكُ لَهَا مِن دَاخِلٍ بِمَا يَستَنشِقُ مِنهُ وَ مِن خَارِجٍ بِمَا تُبَاشِرُ مِن رَوحِهِ وَ فِيهِ تَطّرِدُ هَذِهِ الأَصوَاتُ فيَؤُدَيّ بِهَا مِنَ البَعِيدِ وَ هُوَ الحَامِلُ لِهَذِهِ الأَرَايِيحِ يَنقُلُهَا مِن مَوضِعٍ إِلَي مَوضِعٍ أَ لَا تَرَي كَيفَ تَأتِيكَ الرّائِحَةُ مِن حَيثُ تَهُبّ الرّيحُ فَكَذَلِكَ الصّوتُ وَ هُوَ القَابِلُ لِهَذَا الحَرّ وَ البَردِ اللّذَينِ يَعتَقِبَانِ عَلَي العَالَمِ لِصَلَاحِهِ وَ مِنهُ هَذِهِ الرّيحُ الهَابّةُ فَالرّيحُ تَرُوحُ عَنِ الأَجسَامِ وَ تزُجيِ السّحَابَ مِن مَوضِعٍ إِلَي مَوضِعٍ لِيَعُمّ نَفعُهُ حَتّي يَستَكثِفَ فَيَمطُرَ وَ تَفُضّهُ حَتّي يَستَخِفّ فَيَتَفَشّي وَ تُلقِحُ الشّجَرَ وَ تُسِيرُ السّفُنَ وَ ترُخيِ الأَطعِمَةَ وَ تُبَرّدُ المَاءَ وَ تَشُبّ النّارَ وَ تُجَفّفُ الأَشيَاءَ النّدِيّةَ وَ بِالجُملَةِ إِنّهَا تحُييِ كُلّ مَا فِي الأَرضِ فَلَو لَا الرّيحُ لَذَوَي النّبَاتُ وَ مَاتَ الحَيَوَانُ وَ حُمّتِ الأَشيَاءُ وَ فَسَدَت
بيان ركود الريح سكونها والتحريض إفساد البدن ونهكته الحمّي أي أضنته وهزلته و قوله والهواء يؤدّيه يدل علي ما هوالمذهب المنصور من تكيّف الهواء بكيفية الصوت كمافصّل في محله ويقال كربه الأمر أي شقّ عليه وفدحه
صفحه : 8
الدين أي أثقله وريث مافعل كذا أي قدر مافعله ويبلغ إما علي بناء المجرد فالعالم فاعله أو علي التفعيل فالهواء فاعله والروح بالفتح الراحة ونسيم الريح واطّرد الشيء تبع بعضه بعضا وجري والأراييح جمع جمع للريح وتزجي السحاب علي بناء الإفعال أي تسوقه وتفضّه أي تفرّقه والتفشيّ الانتشار وترخي الأطعمة علي بناء التفعيل أوالإفعال أي تصيّرها رخوة لطيفة وتشبّ النار أي توقدها
7- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَنِ الحُسَينِ بنِ إِسحَاقَ التّاجِرِ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ عَنِ الحَسَنِ بنِ الحُسَينِ عَن مُحَمّدِ بنِ فُضَيلٍ عَنِ العرَزمَيِّ قَالَ كُنتُ مَعَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع جَالِساً فِي الحِجرِ تَحتَ المِيزَابِ وَ رَجُلٌ يُخَاصِمُ رَجُلًا وَ أَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ وَ اللّهِ مَا تدَريِ مِن أَينَ تَهُبّ الرّيحُ فَلَمّا أَكثَرَ عَلَيهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ هَل تدَريِ أَنتَ مِن أَينَ تَهُبّ الرّيحُ فَقَالَ لَا وَ لكَنِيّ أَسمَعُ النّاسَ يَقُولُونَ فَقُلتُ أَنَا لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع مِن أَينَ تَهُبّ الرّيحُ فَقَالَ إِنّ الرّيحَ مَسجُونَةٌ تَحتَ الرّكنِ الشاّميِّ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يُرسِلَ مِنهَا شَيئاً أَخرَجَهُ إِمّا جُنُوباً فَجَنُوبٌ وَ إِمّا شِمَالًا فَشَمَالٌ وَ إِمّا صَبَاءً فَصَبَاءٌ وَ إِمّا دَبُوراً فَدَبُورٌ ثُمّ قَالَ آيَةُ ذَلِكَ إِنّكَ تَرَي هَذَا الرّكنَ مُتَحَرّكاً أَبَداً فِي الصّيفِ وَ الشّتَاءِ وَ اللّيلِ وَ النّهَارِ
معاني الأخبار، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسي عن
صفحه : 9
العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن محمد بن الحسين عن محمد بن الفضيل عن العرزمي مثله الكافي، عن أبي علي الأشعري عن بعض أصحابه عن محمد بن الفضيل
مثله بيان قوله مسجونة يحتمل أن يكون كناية عن قيام الملائكة الذين بهم تهبّ تلك الرياح فوقه عندإرادة ذلك كماسيأتي ولعل المراد بحركة الركن حركة الثوب المعلّق عليه
8- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَنِ النوّفلَيِّ عَنِ السكّوُنيِّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا تَسُبّوا الرّيَاحَ فَإِنّهَا مَأمُورَةٌ وَ لَا تَسُبّوا الجِبَالَ وَ لَا السّاعَاتِ وَ لَا الأَيّامَ وَ لَا الليّاَليَِ فَتَأثَمُوا وَ تَرجِعَ عَلَيكُم
بيان الغرض النهي عن سبّ الرياح والبقاع والجبال والأيام والساعات فإنها مقهورة تحت قدرة الله سبحانه مسخّرة له تعالي لايملكون تأخّرا عما قدّمهم إليه و لاتقدّما إلي ماأخّرهم عنه فسبّهم سبّ لمن لايستحقّه ولعن من لايستحقّ اللعن يوجب رجوع اللعنة علي اللاعن بل هومظنّة الكفر والشرك لو لاغفلتهم عما يئول إليه كماورد في الخبر لاتسبّوا الدهر فإنه هو الله أي فاعل الأفعال التي تنسبونها إلي الدهر وتسبّونه بسببها هو الله تعالي
9- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، وَ فِي عادٍ إِذ أَرسَلنا عَلَيهِمُ الرّيحَ العَقِيمَالتّيِ لَا تُلقِحُ الشّجَرَ وَ لَا تُنبِتُ النّبَاتَ وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِفَأَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً صَرصَراً وَ الصّرصَرُ البَارِدَةُفِي أَيّامٍ نَحِساتٍأَيّامٍ مَيَاشِيمَ
صفحه : 10
10- وَ مِنهُ، وَ أَرسَلنَا الرّياحَ لَواقِحَ قَالَ التّيِ تُلقِحُ الأَشجَارَ
11- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَنِ السيّاّريِّ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ لِمَ سُمّيَت رِيحَ الشّمَالِ قَالَ لِأَنّهَا تأَتيِ مِن شِمَالِ العَرشِ
بيان كون ريح الشمال من شمال العرش لأنها تهبّ من قبل الركن الشامي و هو في يسار الكعبة إذافرضت رجلا مواجها إلينا والحجر الأسود عن يمين الكعبة و قدورد في الخبر أن العرش محاذ للكعبة فيمينه يمينها ويساره يسارها ويوضح ذلك مَا رَوَاهُ الصّدُوقُ أَيضاً فِي العِلَلِ،بِإِسنَادِهِ عَن بُرَيدٍ العجِليِّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ كَيفَ صَارَ النّاسُ يَستَلِمُونَ الحَجَرَ وَ الرّكنَ اليمَاَنيِّ وَ لَا يَستَلِمُونَ الرّكنَينِ الآخَرَينِ قَالَ إِنّ الحَجَرَ الأَسوَدَ وَ الرّكنَ اليمَاَنيِّ عَن يَمِينِ العَرشِ وَ إِنّمَا أَمَرَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَن يُستَلَمَ مَا عَن يَمِينِ عَرشِهِ قُلتُ فَكَيفَ صَارَ مَقَامُ اِبرَاهِيمَ عَن يَسَارِهِ قَالَ لِأَنّ لِإِبرَاهِيمَ مَقَاماً فِي القِيَامَةِ وَ لِمُحَمّدٍص مَقَاماً فَمَقَامُ مُحَمّدٍص عَن يَمِينِ عَرشِ رَبّنَا عَزّ وَ جَلّ وَ مَقَامُ اِبرَاهِيمَ ع عَن شِمَالِ عَرشِهِ فَمَقَامُ اِبرَاهِيمَ فِي مَقَامِهِ يَومَ القِيَامَةِ وَ عَرشُ رَبّنَا مُقبِلٌ غَيرُ مُدبِرٍ
. وحاصله أنه ينبغي أن يتصور أن البيت بإزاء العرش وحذائه في الدنيا والآخرة والبيت بمنزلة رجل وجهه إلي الناس ووجهه الطرف ألذي فيه الباب فإذاتوجه إنسان إلي البيت من جهة الباب كان المقام والركن الشامي عن يمينه والحجر الأسود والركن اليماني عن يساره فإذافرض البيت إنسانا مواجها تنعكس النسبة فيمينه يحاذي يسارنا وبالعكس وعرش ربنا مقبل أي بمنزلة رجل مقبل ويمكن أن يكون تسمية الجانب ألذي يلي الشامي شمالا في خبر السياري لأنه أضعف جانبي الكعبة كما أن الشمال أضعف جانبي الإنسان لأن أشرف
صفحه : 11
أجزاء الكعبة وهي الحجر والركن اليماني واقعة علي الجانب المقابل فهو بمنزلة اليمين
12- العِلَلُ،بِالإِسنَادِ إِلَي وَهبٍ قَالَ إِنّالرّيحَ العَقِيمَتَحتَ هَذِهِ الأَرضِ التّيِ نَحنُ عَلَيهَا قَد زُمّت بِسَبعِينَ أَلفَ زِمَامٍ مِن حَدِيدٍ قَد وُكّلَ بِكُلّ زِمَامٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ فَلَمّا سَلّطَهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي عَادٍ استَأذَنَت خَزَنَةُ الرّيحِ رَبّهَا عَزّ وَ جَلّ أَن تَخرُجَ مِنهَا فِي مِثلِ مَنخِرِ الثّورِ وَ لَو أَذِنَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهَا مَا تَرَكَت شَيئاً عَلَي ظَهرِ الأَرضِ إِلّا أَحرَقَتهُ فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي خَزَنَةِ الرّيحِ أَن أَخرِجُوا مِنهَا فِي مِثلِ ثَقبِ الخَاتَمِ فَأُهلِكُوا بِهَا وَ بِهَا يَنسِفُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الجِبَالَ نَسفاً وَ التّلَالَ وَ الآكَامَ وَ المَدَائِنَ وَ القُصُورَ يَومَ القِيَامَةِ وَ ذَلِكَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّوَ يَسئَلُونَكَ عَنِ الجِبالِ فَقُل يَنسِفُها ربَيّ نَسفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفصَفاً لا تَري فِيها عِوَجاً وَ لا أَمتاً وَ القَاعُ ألّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ وَ الصّفصَفُ ألّذِي لَا عِوَجَ فِيهِ وَ الأَمتُ المُرتَفِعُ وَ إِنّمَا سُمّيَتِ العَقِيمَ لِأَنّهَا تَلَقّحَت بِالعَذَابِ وَ تَعَقّمَت عَنِ الرّحمَةِ كَتَعَقّمِ الرّجُلِ إِذَا كَانَ عَقِيماً لَا يُولَدَ لَهُ الخَبَرَ
بيان قال الجوهري نسفت البناء نسفا قلعته و قال القاع المستوي من الأرض وكذا الصفصف و قال الأمت المكان المرتفع و قوله تعالي لا تَري فِيها عِوَجاً وَ لا أَمتاً أي لاانخفاض فيها و لاارتفاع
13- قِصَصُ الراّونَديِّ،بِإِسنَادِهِ إِلَي الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن زُرعَةَ عَن سَمَاعَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا هَاجَتِ الرّيَاحُ فَجَاءَت باِلساّفيِ الأَبيَضِ وَ الأَسوَدِ وَ الأَصفَرِ فَإِنّهُ رَمِيمُ قَومِ عَادٍ
بيان في القاموس سفت الريح التراب تسفيه ذرته أوحملته كأسفته فهو ساف وسفي انتهي أقول يمكن تخصيصه ببعض البلاد القريبة من بلادهم كمدينة ضاعف الله شرفها و لا بعد في التعميم أيضا
صفحه : 12
14- العيَاّشيِّ، عَنِ ابنِ وَكِيعٍ عَن رَجُلٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ لَا تَسُبّوا الرّيحَ فَإِنّهَا بُشرٌ وَ إِنّهَا نُذُرٌ وَ إِنّهَا لَوَاقِحُ فَاسأَلُوا اللّهَ مِن خَيرِهَا وَ تَعَوّذُوا بِهِ مِن شَرّهَا
بيان أي إنها مأمورة مبعوثة بأمر الله إما للبشارة بالمطر وغيره أوللإنذار أولإلقاح الأشجار أولسوق السحب إلي الأقطار كمامر فسبها باطل لاينفعكم بل يضركم فاسألوا الله ألذي بعثها ليجعلها نافعة لكم ويصرف شرها عنكم
15- العيَاّشيِّ، عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ لِلّهِ رِيَاحُ رَحمَةٍ لَوَاقِحُ يَنشُرُهَابَينَ يدَيَ رَحمَتِهِ
16-الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن مُحَمّدِ بنِ رِئَابٍ وَ هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَسَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَنِ الرّيَاحِ الأَربَعِ الشّمَالِ وَ الجَنُوبِ وَ الصّبَا وَ الدّبُورِ وَ قُلتُ لَهُ إِنّ النّاسَ يَذكُرُونَ أَنّ الشّمَالَ مِنَ الجَنّةِ وَ الجَنُوبَ مِنَ النّارِ فَقَالَ إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ جُنُوداً مِن رِيَاحٍ يُعَذّبُ بِهَا مَن يَشَاءُ مِمّن عَصَاهُ فَلِكُلّ رِيحٍ مِنهَا مَلَكٌ مُوَكّلٌ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ عَزّ ذِكرُهُ أَن يُعَذّبَ قَوماً بِنَوعٍ مِنَ العَذَابِ أَوحَي إِلَي المَلَكِ المُوَكّلِ بِذَلِكَ النّوعِ مِنَ الرّيحِ التّيِ يُرِيدُ أَن يُعَذّبَهُم بِهَا قَالَ فَيَأمُرُهَا المَلِكُ فَتَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الأَسَدُ المُغضَبُ وَ قَالَ وَ لِكُلّ رِيحٍ مِنهُنّ اسمٌ أَ مَا تَسمَعُ قَولَهُ عَزّ وَ جَلّكَذّبَت عادٌ فَكَيفَ كانَ عذَابيِ وَ نُذُرِ إِنّا أَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً صَرصَراً فِي يَومِ نَحسٍ مُستَمِرّ وَ قَالَالرّيحَ العَقِيمَ وَ قَالَرِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ وَ قَالَفَأَصابَها إِعصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحتَرَقَت وَ مَا ذَكَرَ مِنَ الرّيَاحِ التّيِ يُعَذّبُ اللّهُ بِهَا مَن عَصَاهُ وَ قَالَ وَ لِلّهِ عَزّ
صفحه : 13
ذِكرُهُ رِيَاحُ رَحمَةٍ لَوَاقِحُ وَ غَيرُ ذَلِكَ يَنشُرُهَابَينَ يدَيَ رَحمَتِهِمِنهَا مَا يُهَيّجُ السّحَابَ لِلمَطَرِ وَ مِنهَا رِيَاحٌ تَحبِسُ السّحَابَ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ رِيَاحٌ تَعصِرُ السّحَابَ فَتَمطُرُ بِإِذنِ اللّهِ وَ مِنهَا رِيَاحٌ تُفَرّقُ السّحَابَ وَ مِنهَا رِيَاحٌ مِمّا عَدّدَ اللّهُ فِي الكِتَابِ فَأَمّا الرّيَاحُ الأَربَعُ الشّمَالُ وَ الجَنُوبُ وَ الصّبَا وَ الدّبُورُ فَإِنّمَا هيَِ أَسمَاءُ المَلَائِكَةِ المُوَكّلِينَ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يُهِبّ شَمَالًا أَمَرَ المَلَكَ ألّذِي اسمُهُ الشّمَالُ فَيَهبِطُ عَلَي البَيتِ الحَرَامِ فَقَامَ عَلَي الرّكنِ الشاّميِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرّقَت رِيحُ الشّمَالِ حَيثُ يُرِيدُ اللّهُ مِنَ البَرّ وَ البَحرِ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يَبعَثَ جَنُوباً أَمَرَ المَلَكَ ألّذِي اسمُهُ الجَنُوبُ فَهَبَطَ عَلَي البَيتِ الحَرَامِ فَقَامَ عَلَي الرّكنِ الشاّميِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرّقَت رِيحُ الجَنُوبِ فِي البَرّ وَ البَحرِ حَيثُ يُرِيدُ اللّهُ وَ إِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يَبعَثَ الصّبَا أَمَرَ المَلَكَ ألّذِي اسمُهُ الصّبَا فَهَبَطَ عَلَي البَيتِ الحَرَامِ فَقَامَ عَلَي الرّكنِ الشاّميِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرّقَت رِيحُ الصّبَا حَيثُ يُرِيدُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ إِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يَبعَثَ دَبُوراً أَمَرَ المَلَكَ ألّذِي اسمُهُ الدّبُورُ فَهَبَطَ عَلَي البَيتِ الحَرَامِ فَقَامَ عَلَي الرّكنِ الشاّميِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَتَفَرّقَت رِيحُ الدّبُورِ حَيثُ يُرِيدُ اللّهُ مِنَ البَرّ وَ البَحرِ ثُمّ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ أَ مَا تَسمَعُ لِقَولِهِ رِيحُ الشّمَالِ وَ رِيحُ الجَنُوبِ وَ رِيحُ الصّبَا وَ رِيحُ الدّبُورِ إِنّمَا تُضَافُ إِلَي المَلَائِكَةِ المُوَكّلِينَ بِهَا
الخِصَالُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَنِ العَبّاسِ بنِ مَعرُوفٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍمِثلَهُ إِلَي قَولِهِفَكَيفَ كانَ عذَابيِ وَ نُذُرِ وَ ذَكَرَ رِيَاحاً فِي العَذَابِ ثُمّ قَالَ فَرِيحُ الشّمَالِ وَ رِيحُ الصّبَا وَ رِيحُ الجَنُوبِ وَ رِيحُ الدّبُورِ أَيضاً
صفحه : 14
تُضَافُ إِلَي المَلَائِكَةِ المُوَكّلِينَ بِهَا
بيان قال الفيروزآبادي الشمال بالفتح ويكسر الريح التي تهبّ من قبل الحجر أو مااستقبلك عن يمينك و أنت مستقبل القبلة والصحيح أنه مامهبّه بين مطلع الشمس وبنات النعش أو من مطلع النعش إلي مسقط النسر الطائر و يكون اسما وصفة و لاتكاد تهب ليلا و قال الجنوب ريح تخالف الشمال مهبّه من مطلع سهيل إلي مطلع الثريا و قال الصبا ريح مهبّها من مطلع الثريا إلي بنات نعش و قال الدبور ريح تقابل الصبا و قال الشهيد قدّس سرّه في الذكري الجنوب محلها ما بين مطلع سهيل إلي مطلع الشمس في الاعتدالين والصبا محلها ما بين الشمس إلي الجدي والشمال محلها من الجدي إلي مغرب الشمس في الاعتدال والدبور محلها من مغرب الشمس إلي مطلع سهيل قوله تعالي وَ نُذُرِ أي إنذار لهم بالعذاب قبل نزولها أولمن بعدهم في تعذيبهم والريح العقيم قيل هي الدبور وقيل هي الجنوب وقيل النكباء و قال الجوهري الإعصار ريح تثير الغبار إلي السماء كأنه عمود وقيل هي ريح تثير سحابا ذات رعد وبرق قوله ع فتفرقت ريح الشمال لايتوهم أنه يلزم من ذلك أن يكون مهب جميع الرياح جهة القبلة و ذلك لأنه لعظمة الملك وجناحه يمكن أن يتحرك رأس جناحه بأي موضع أراد ويرسلها إلي أي جهة أمر بالإرسال إليها وإنما أمر بالقيام علي الكعبة لشرافتها وكونها في محل رحماته تعالي ومصدرها وقيل ضرب الجناح علامة أمر الملك الريح للهبوب قوله ع أ ماتسمع لقوله أي لقول القائل وكأنه ع استدل بهذه العبارات الشائعة علي ماذكره من أنها أسماء الملائكة إذ الظاهر من الإضافة كونها لامية والبيانية نادرة و إن كان القائلون لم يعرفوا هذاالمعني لأنهم سمعوا ممن تقدمهم وهكذا إلي أن ينتهي إلي من أطلق ذلك علي وجه المعرفة
صفحه : 15
17- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن أَبِي يَحيَي الواَسطِيِّ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ لِلّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي رِيحاً يُقَالُ لَهَا الأَزيَبُ لَو أَرسَلَ مِنهَا مِقدَارَ مَنخِرِ الثّورِ لَأَثَارَت مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ هيَِ الجَنُوبُ
بيان قوله وهي الجنوب من كلام بعض الرواة أو من كلامه ع و علي التقديرين لعل المراد به أنها نوع منها أوقريب منها قال في القاموس الأزيب كالأحمر الجنوب والنكباء تجري بينها و بين الصبا و قال النكباء ريح انحرفت ووقعت بين ريحين أو بين الصبا والشمال أونكب الرياح الأربع الأزيب نكباء الصبا والجنوب والصابية وتسمي النكيباء أيضا نكباء الصبا والشمال والجربياء نكباء الشمال والدبور وهي نيّحة الأزيب والهيف نكباء الجنوب والدبور وهي نيّحة النكيباء ونحوه قال الجوهري و قال كل ريح استطالت أثرا فهبّت عليه ريحا طولا فهي نيّحة فإن اعترضته فهي نسيجته
18- نَوَادِرُ الراّونَديِّ،بِإِسنَادِهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص نُصِرتُ بِالصّبَا وَ أُهلِكَت عَادٌ بِالدّبُورِ وَ مَا هَاجَتِ الجَنُوبُ إِلّا سَقَي اللّهُ بِهَا غَيثاً وَ أَسَالَ بِهَا وَادِياً
19-الِاحتِجَاجُ، قَالَ الصّادِقُ ع لِلزّندِيقِ ألّذِي سَأَلَهُ مَسَائِلَ الرّيحُ لَو حُبِسَت أَيّاماً لَفَسَدَتِ الأَشيَاءُ جَمِيعاً وَ تَغَيّرَت وَ سَأَلَهُ عَن جَوهَرِ الرّيحِ فَقَالَ الرّيحُ هَوَاءٌ إِذَا تَحَرّكَ سمُيَّ رِيحاً فَإِذَا سَكَنَ سمُيَّ هَوَاءً وَ بِهِ قِوَامُ الدّنيَا وَ لَو كُفّتِ الرّيحُ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ لَفَسَدَ كُلّ شَيءٍ عَلَي وَجهِ الأَرضِ وَ نَتُنَ وَ ذَلِكَ أَنّ الرّيحَ بِمَنزِلَةِ المِروَحَةِ تَذُبّ وَ تَدفَعُ الفَسَادَ عَن كُلّ شَيءٍ وَ تُطَيّبُهُ فهَيَِ بِمَنزِلَةِ الرّوحِ إِذَا
صفحه : 16
خَرَجَ عَنِ البَدَنِ نَتُنَ البَدَنُ وَ تَغَيّرَفَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ
20- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن مَعرُوفِ بنِ خَرّبُوذَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ رِيَاحَ رحمته [رَحمَةٍ] وَ رِيَاحَ عَذَابٍ فَإِن شَاءَ اللّهُ أَن يَجعَلَ الرّيَاحَ مِنَ العَذَابِ رَحمَةً فَعَلَ قَالَ وَ لَن يَجعَلَ اللّهُ الرّحمَةَ مِنَ الرّيحِ عَذَاباً قَالَ وَ ذَلِكَ أَنّهُ لَم يَرحَم قَوماً قَطّ أَطَاعُوهُ وَ كَانَت طَاعَتُهُم إِيّاهُ وَبَالًا عَلَيهِم إِلّا مِن بَعدِ تَحَوّلِهِم عَن طَاعَتِهِ قَالَ وَ كَذَلِكَ فَعَلَ بِقَومِ يُونُسَ لَمّا آمَنُوا رَحِمَهُمُ اللّهُ بَعدَ مَا كَانَ قَدّرَ عَلَيهِمُ العَذَابَ وَ قَضَاهُ ثُمّ تَدَارَكَهُم بِرَحمَتِهِ فَجَعَلَ العَذَابَ المُقَدّرَ عَلَيهِم رَحمَةً فَصَرَفَهُ عَنهُم وَ قَد أَنزَلَهُ عَلَيهِم وَ غَشِيَهُم وَ ذَلِكَ لَمّا آمَنُوا بِهِ وَ تَضَرّعُوا إِلَيهِ قَالَ وَ أَمّا الرّيحُ العَقِيمُ فَإِنّهَا رِيحُ عَذَابٍ لَا تُلقِحُ شَيئاً مِنَ الأَرحَامِ وَ لَا شَيئاً مِنَ النّبَاتِ وَ هيَِ رِيحٌ تَخرُجُ مِن تَحتِ الأَرَضِينَ السّبعِ وَ مَا خَرَجَت مِنهَا رِيحٌ قَطّ إِلّا عَلَي قَومِ عَادٍ حِينَ غَضِبَ اللّهُ عَلَيهِم فَأَمَرَ الخُزّانَ أَن يُخرِجُوا مِنهَا عَلَي مِقدَارِ سَعَةِ الخَاتَمِ قَالَ فَعَتَت عَلَي الخُزّانِ فَخَرَجَ مِنهَا عَلَي مِقدَارِ مَنخِرِ الثّورِ تَغَيّضاً مِنهَا عَلَي قَومِ عَادٍ قَالَ فَضَجّ الخُزّانُ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مِن ذَلِكَ فَقَالُوا رَبّنَا إِنّهَا قَد عَتَت عَن أَمرِنَا إِنّا نَخَافُ أَن تُهلِكَ مَن لَم يَعصِكَ مِن خَلقِكَ وَ عُمّارِ بِلَادِكَ قَالَ فَبَعَثَ اللّهُ إِلَيهَا جَبرَئِيلَ فَاستَقبَلَهَا بِجَنَاحِهِ فَرَدّهَا إِلَي مَوضِعِهَا وَ قَالَ لَهَا اخرجُيِ عَلَي مَا أُمِرتِ بِهِ قَالَ فَخَرَجَت عَلَي مَا أُمِرَت بِهِ وَ أَهلَكَت قَومَ عَادٍ وَ مَن كَانَ بِحَضرَتِهِم
21- الشّهَابُ، عَنِ النّبِيّص قَالَ نُصِرتُ بِالصّبَا وَ أُهلِكَت عَادٌ بِالدّبُورِ
الضوء الصبا هي الريح التي تضرب قفا المصلي وبإزائها الدبور والشمال التي تضرب يمين المصلي وبإزائها الجنوب وقالوا مهبّ الصبا المستوي أن تهبّ من مطلع الشمس إذااستوي الليل والنهار وزعموا أن الدبور تزعج السحاب وتشخصه في الهواء ثم تسوقه فإذاعلا كشفت عنه واستقبلته الصبا فوضعته بعضه علي بعض حتي تصير
صفحه : 17
كسفا واحدا والجنوب تحلق روادفه به وتمدّه من المدد والشمال تمزق السحاب والنكباء هي التي بين الصبا والشمال و ألذي في الحديث إشارة إلي نصرة الله تعالي رسوله بالصبا لماأرسلها علي الأحزاب
22- وَ عَنِ ابنِ عُمَرَ الرّيَاحُ ثَمَانِيَةٌ أَربَعٌ مِنهَا رَحمَةٌ وَ أَربَعٌ عَذَابٌ فَأَمّا الرّحمَةُ فَالنّاشِرَاتُ وَ المُبَشّرَاتُ وَ المُرسَلَاتُ وَ الذّارِيَاتُ وَ أَمّا العَذَابُ فَالعَقِيمُ وَ الصّرصَرُ وَ هُمَا فِي البَرّ وَ العَاصِفُ وَ القَاصِفُ فِي البَحرِ
23- وَ روُيَِ أَنّهُ فُتِحَ عَلَي عَادٍ مِنَ الرّيحِ التّيِ أَهلَكَتهُم مِثلَ حَلقَةِ الخَاتَمِ
24- وَ عَن مُجَاهِدٍ مَا بَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ رِيحاً إِلّا بِمِكيَالٍ إِلّا يَومَ عَادٍ فَإِنّهَا عَتَت عَلَي الخَزَنَةِ فَلَم يَدرِ مَا مِقدَارُهَا
25- وَ فِي الحَدِيثِ أَنّ اللّهَ تَعَالَي خَلَقَ فِي الجَنّةِ رِيحاً وَ أَنّ مِن دُونِهَا بَاباً مُغلَقاً وَ لَو فُتِحَ ذَلِكَ البَابُ لَأَذَرّت مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ هيَِ الأَزيَبُ وَ هيَِ عِندَكُمُ الجَنُوبُ
26- وَ عَنِ العَوّامِ بنِ حَوشَبٍ أَنّهُ قَالَ تَخرُجُ الجَنُوبُ مِنَ الجَنّةِ فَتَمُرّ عَلَي جَهَنّمَ فَغَمّهَا مِنهُ وَ بَرَكَتُهَا مِنَ الجَنّةِ وَ تَخرُجُ الشّمَالُ مِن جَهَنّمَ فَتَمُرّ عَلَي الجَنّةِ فَرَوحُهَا مِنَ الجَنّةِ وَ شَرّهَا مِنَ النّارِ قُلتُ وَ قَد سَمِعتُ أَنّ السّمُومَ لَا تَكُونُ إِلّا الشّمَالَ تَهُبّ عَلَي الرّمَالِ المُضطَرَمَةِ وَ الأَرَضِينَ المُتَوَجّهَةِ فتَكَتسَيِ لِلِطَافَتِهَا وَ رِقّتِهَا مِنهَا زِيَادَةَ الحَرَارَةِ فَتَهُبّ نَاراً مُلتَهِبَةً فَتَقتُلُ وَ تُسَوّدُ الجُلُودَ
27- وَ قَالَ كَعبٌ لَو حَبَسَ اللّهُ الرّيحَ مِنَ الأَرضِ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ لَأَنتَنَ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ
28- وَ كَانَ النّبِيّص إِذَا رَأَي الرّيحَ قَد هَاجَت يَقُولُ أللّهُمّ اجعَلهَا رِيَاحاً وَ لَا تَجعَلهَا رِيحاً
وأكثر ما في القرآن من الرياح للخير والريح بالعكس من ذلك وقيل الريح الهواء المتحرك وفائدة الحديث الإنباء بأن الله تعالي خلق نصره في الأحزاب بريح الصبا تكبهم علي وجوههم وتثير السافياء في أعينهم فيعجزون عن مقاومة أصحاب
صفحه : 18
النبي ص وراوي الحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس
29- الدّرّ المَنثُورُ، عَن أُبَيّ بنِ كَعبٍ قَالَ كُلّ شَيءٍ فِي القُرآنِ مِنَ الرّيَاحِ فهَيَِ رَحمَةٌ وَ كُلّ شَيءٍ فِي القُرآنِ مِنَ الرّيحِ فَهُوَ عَذَابٌ
30- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ المَاءُ وَ الرّيحُ جُندَانِ مِن جُنُودِ اللّهِ وَ الرّيحُ جُندُ اللّهِ الأَعظَمِ
31- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَا الرّيحُ ثَمَانٌ أَربَعٌ مِنهَا رَحمَةٌ وَ أَربَعٌ مِنهَا عَذَابٌ فَأَمّا الرّحمَةُ فَالنّاشِرَاتُ وَ المُبَشّرَاتُ وَ المُرسَلَاتُ وَ الذّارِيَاتُ وَ أَمّا العَذَابُ فَالعَقِيمُ وَ الصّرصَرُ وَ هُمَا فِي البَرّ وَ العَاصِفُ وَ القَاصِفُ وَ هُمَا فِي البَحرِ وَ فِي رِوَايَةِ ابنِ عَبّاسٍ مَكَانَ الذّارِيَاتِ الرّخَاءُ
32- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي الرّيَاحُ سَبعٌ الصّبَا وَ الدّبُورُ وَ الجَنُوبُ وَ الشّمَالُ وَ الحَزُوقُ وَ النّكبَاءُ وَ رِيحُ القَائِمِ فَأَمّا الصّبَا فتَجَيِءُ مِنَ المَشرِقِ وَ أَمّا الدّبُورُ فتَجَيِءُ مِنَ المَغرِبِ وَ أَمّا الجَنُوبُ فتَجَيِءُ عَن يَسَارِ القِبلَةِ وَ الشّمَالُ عَن يَمِينِ القِبلَةِ وَ أَمّا النّكبَاءُ فَبَينَ الصّبَا وَ الجَنُوبِ وَ أَمّا الحَزُوقُ فَبَينَ الشّمَالِ وَ الدّبُورِ وَ أَمّا رِيَاحُ القَائِمِ فَأَنفَاسُ الخَلقِ
33- وَ عَنِ الحَسَنِ قَالَ جُعِلَتِ الرّيَاحُ عَلَي الكَعبَةِ فَإِذَا أَرَدتَ أَن تَعلَمَ ذَلِكَ فَأَسنِد ظَهرَكَ إِلَي بَابِ الكَعبَةِ فَإِنّ الشّمَالَ عَن شِمَالِكَ وَ هيَِ مِمّا يلَيِ الحِجرَ وَ الجَنُوبَ عَن يَمِينِكَ وَ هيَِ مِمّا يلَيِ الحَجَرَ الأَسوَدَ وَ الصّبَا عَن مُقَابِلِكَ وَ هيَِ مُستَقبِلَ بَابِ الكَعبَةِ وَ الدّبُورَ مِن دَبرِ الكَعبَةِ
34- وَ عَن حَسَنِ بنِ عَلِيّ الجعُفيِّ قَالَسَأَلتُ إِسرَائِيلَ بنَ يُونُسَ عَلَي
صفحه : 19
أَيّ شَيءٍ سُمّيَتِ الرّيحَ قَالَ عَلَي القِبلَةِ شِمَالُهُ الشّمَالُ وَ جُنُوبُهُ الجَنُوبُ وَ الصّبَا مَا جَاءَ مِن قِبَلِ وَجهِهَا وَ الدّبُورُ مَا جَاءَ مِن خَلفِهَا
35- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ الشّمَالُ مَا بَينَ الجدَيِ وَ مَطلَعِ الشّمسِ وَ الجَنُوبُ مَا بَينَ مَطلَعِ الشّمسِ وَ سُهَيلٍ وَ الصّبَا مَا بَينَ مَغرِبِ الشّمسِ إِلَي الجدَيِ وَ الدّبُورُ مَا بَينَ مَغرِبِ الشّمسِ إِلَي سُهَيلٍ
36- وَ عَن كَعبٍ لَوِ احتُبِسَتِ الرّيحُ عَنِ النّاسِ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ لَأَنتَنَ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ
37- وَ عَن صَفوَانَ بنِ سُلَيمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا تَسُبّوا الرّيحَ وَ عَوّذُوا بِاللّهِ مِن شَرّهَا
38- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ رَجُلًا لَعَنَ الرّيحَ فَقَالَ لَهُ النّبِيّص لَا تَلعَنِ الرّيحَ فَإِنّهَا مَأمُورَةٌ فَإِنّهُ مَن لَعَنَ شَيئاً لَيسَ لَهُ بِأَهلٍ رَجَعَتِ اللّعنَةُ عَلَيهِ
39- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ مَا هَبّت رِيحٌ قَطّ إِلّا جَثَا النّبِيّص عَلَي رُكبَتَيهِ وَ قَالَ أللّهُمّ اجعَلهَا رَحمَةً وَ لَا تَجعَلهَا عَذَاباً أللّهُمّ اجعَلهَا رِيَاحاً وَ لَا تَجعَلهَا رِيحاً قَالَ ابنُ عَبّاسٍ تَفسِيرُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللّهِأَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً صَرصَراًإِذ أَرسَلنا عَلَيهِمُ الرّيحَ العَقِيمَ وَ قَالَوَ أَرسَلنَا الرّياحَ لَواقِحَأَن يُرسِلَ الرّياحَ مُبَشّراتٍ
40- وَ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ هَاجَت رِيحٌ فَسَبّوهَا فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ لَا تَسُبّوهَا فَإِنّهَا تجَيِءُ بِالرّحمَةِ وَ تجَيِءُ بِالعَذَابِ وَ لَكِن قُولُوا أللّهُمّ اجعَلهَا رَحمَةً وَ لَا تَجعَلهَا عَذَاباً
41- وَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي لَيلَي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا تَسُبّوا اللّيلَ وَ النّهَارَ وَ لَا الشّمسَ وَ لَا القَمَرَ وَ لَا الرّيحَ فَإِنّهَا تَبعَثُ عَذَاباً عَلَي قَومٍ وَ رَحمَةً عَلَي آخَرِينَ
صفحه : 20
42- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ الرّيحَ العَقِيمَالشّدِيدُ التّيِ لَا تُلقِحُ الشّجَرَ وَ لَا تُثِيرُ السّحَابَ وَ لَا بَرَكَةَ فِيهَا وَ لَا مَنفَعَةَ وَ لَا يَنزِلُ مِنهَا غَيثٌ وَ لَا يُلقَحُ بِهَا شَجَرٌ
43- وَ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص الرّيحُ مُسجَنَةٌ فِي الأَرضِ الثّانِيَةِ فَلَمّا أَرَادَ اللّهُ أَن يُهلِكَ عَاداً أَمَرَ خَازِنَ الرّيحِ أَن يُرسِلَ عَلَيهِم رِيحاً تُهلِكُ عَاداً قَالَ أَي رَبّ أَرسِلُ عَلَيهِم مِنَ الرّيحِ قَدرَ مَنخِرِ الثّورِ قَالَ لَهُ الجِبَالُ لَا إِذًا تَكَفّأَ الأَرضُ وَ مَن عَلَيهَا وَ لَكِن أَرسِل عَلَيهِم بِقَدرِ خَاتَمٍ فهَيَِ التّيِ قَالَ اللّهُما تَذَرُ مِن شَيءٍ أَتَت عَلَيهِ إِلّا جَعَلَتهُ كَالرّمِيمِ
44- وَ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ قَالَ هيَِ الجَنُوبُ
45- وَ عَن عَلِيّ ع قَالَ لَم تَنزِل قَطرَةٌ مِن مَاءٍ إِلّا بِمِكيَالٍ عَلَي يَدِ مَلَكٍ إِلّا يَومَ الطّوفَانِ فَإِنّهُ أُذِنَ لَهَا دُونَ الخُزّانِ فَخَرَجَت وَ ذَلِكَ قَولُهُإِنّا لَمّا طَغَي الماءُ وَ لَم يَنزِل شَيءٌ مِنَ الرّيحِ إِلّا بِمِكيَالٍ عَلَي يَدِ مَلَكٍ إِلّا يَومَ عَادٍ فَإِنّهُ أُذِنَ لَهَا دُونَ الخُزّانِ فَخَرَجَت فَذَلِكَ قَولُهُبِرِيحٍ صَرصَرٍ عاتِيَةٍعَتَت عَلَي الخُزّانِ
46- وَ عَنهُ عَنِ النّبِيّص قَالَنُصِرتُ بِالصّبَا وَ أُهلِكَت عَادٌ بِالدّبُورِ وَ قَالَ مَا أُمِرَ الخُزّانُ أَن يُرسِلُوا عَلَي عَادٍ إِلّا مِثلَ مَوضِعِ الخَاتَمِ مِنَ الرّيحِ فَعَتَت عَلَي الخُزّانِ فَخَرَجَت مِن نوَاَحيِ الأَبوَابِ فَذَلِكَ قَولُ اللّهِبِرِيحٍ صَرصَرٍ عاتِيَةٍ قَالَ عُتُوّهَا عَتَت عَلَي الخُزّانِ فَبَدَأَت بِأَهلِ البَادِيَةِ مِنهُم فَحَمَلَتهُم بِمَوَاشِيهِم وَ بُيُوتِهِم فَأَقبَلَت بِهِم إِلَي
صفحه : 21
الحَاضِرَةِ فَلَمّا رَأَوهَاقالُوا هذا عارِضٌ مُمطِرُنا فَلَمّا دَنَتِ الرّيحُ أَظِلّتَهُم استَبَقُوا النّاسُ وَ الموَاَشيِ فِيهَا فَأَلقَتِ البَادِيَةَ عَلَي أَهلِ الحَاضِرَةِ فَقَصَفَتهُم فَهَلَكُوا جَمِيعاً
47- وَ عَن قَبِيصَةَ بنِ ذُؤَيبٍ قَالَ مَا يَخرُجُ مِنَ الرّيحِ شَيءٌ إِلّا عَلَيهَا خُزّانٌ يَعلَمُونَ قَدرَهَا وَ عَدَدَهَا وَ وَزنَهَا وَ كَيلَهَا حَتّي كَانَتِ الرّيحُ التّيِ أُرسِلَت إِلَي عَادٍ فَاندَفَقَ مِنهَا شَيءٌ لَا يَعلَمُونَ قَدرَهُ وَ لَا وَزنَهُ وَ لَا كَيلَهُ غَضَباً لِلّهِ وَ لِذَلِكَ سُمّيَت عَاتِيَةً وَ المَاءُ كَذَلِكَ حَتّي كَانَ أَمرُ نُوحٍ ع وَ لِذَلِكَ سمُيَّ طَاغِيَةً
48- وَ عَن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص الرّيَاحُ ثَمَانٌ أَربَعٌ مِنهَا عَذَابٌ وَ أَربَعٌ مِنهَا رَحمَةٌ فَالعَذَابُ مِنهَا العَاصِفُ وَ الصّرصَرُ وَ العَقِيمُ وَ القَاصِفُ وَ الرّحمَةُ مِنهَا النّاشِرَاتُ وَ المُبَشّرَاتُ وَ المُرسَلَاتُ وَ الذّارِيَاتُ فَيُرسِلُ اللّهُ المُرسَلَاتِ فَتُثِيرُ السّحَابَ ثُمّ يُرسِلُ المُبَشّرَاتِ فَتُلقِحُ السّحَابَ ثُمّ يُرسِلُ الذّارِيَاتِ فَتَحمِلُ السّحَابَ فَتَدِرّ كَمَا تَدِرّ اللّقحَةُ ثُمّ تَمطُرُ وَ هُنّ اللّوَاقِحُ ثُمّ يُرسِلُ النّاشِرَاتِ فَتَنشُرُ مَا أَرَادَ
49- وَ عَن خَالِدِ بنِ عَرعَرَةَ قَالَ قَامَ رَجُلٌ إِلَي عَلِيّ فَقَالَ مَا العَاصِفَاتُ عَصفاً قَالَ الرّيَاحُ
بيان في القاموس الحزيق الريح الباردة الشديدة الهبّابة كالحزوق واللينة السهلة ضدّ والراجعة المستمرّة السير أوالطويلة الهبوب واللقحة بالفتح والكسر الناقة الحلوب
ذكر الفلاسفة في سبب حدوث الرياح علي أصولهم أن البخار إذاثقل بواسطة
صفحه : 22
البرودة المكتسبة من الطبقة الزمهريريّة واندفع إلي أسفل فصار لتسخّنه بالحركة الموجبة لتلطيفه هواء متحركا و هوالريح و قد يكون الاندفاع يعرض بسبب تراكم السحب الموجبة لحركة مايليها من الهواء لامتناع الخلأ فيصير السحاب من جانب إلي جهة أخري و قد يكون لانبساط الهواء بالتخلخل في جهة واندفاعه من جهة أخري و قد يكون بسبب برد الدخان المتصاعد بعدوصوله إلي الطبقة الزمهريريّة ونزوله .قالوا و من الرياح ما يكون سموما محرقا لاحتراقه في نفسه بالأشعة السماوية أولحدوثه من بقية مادة الشهب أولمروره بالأرض الحارة جدا لأجل غلبة نارية عليها و قديقع تقاوم في ما بين ريحين متقابلتين قويتين تلتقيان فتستديران أو في ما بين رياح مختلفة الجهة حادثة فتدافع تلك الرياح الأجزاء الأرضية المشتملة عليها فتضغط تلك الأجزاء بينها مرتفعة كأنها تلتوي علي نفسها فيحصل الدوران المسمي بالزوبعة والإعصار وربما اشتملت الزوابع العظام علي قطعة من السحاب بل علي بخار مرتفع فتري نارا تدور ومهابّ الرياح اثنا عشر وهي حدود الأفق الحاصلة من تقاطعه مع كل من دائرة نصف النهار والموازيتين لها المماستين للدائمة الظهور والخفاء ودائرة المشرق والمغرب الاعتداليين والموازيتين لها المساويتين برأس السرطان والجدي ولكل ريح منها اسم والمشهورات عندالعرب أربعة ريح الشمال وريح الجنوب وريح الصبا وهي الشرقية ريح الدبور وهي الغربية والبواقي تسمّي نكباء
صفحه : 23
الآيات ابراهيم وَ سَخّرَ لَكُمُ الفُلكَ لتِجَريَِ فِي البَحرِ بِأَمرِهِ وَ سَخّرَ لَكُمُ الأَنهارَالنحل وَ هُوَ ألّذِي سَخّرَ البَحرَ لِتَأكُلُوا مِنهُ لَحماً طَرِيّا وَ تَستَخرِجُوا مِنهُ حِليَةً تَلبَسُونَها وَ تَرَي الفُلكَ مَواخِرَ فِيهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ وَ أَلقي فِي الأَرضِ روَاسيَِ أَن تَمِيدَ بِكُم وَ أَنهاراًالفرقان وَ هُوَ ألّذِي مَرَجَ البَحرَينِ هذا عَذبٌ فُراتٌ وَ هذا مِلحٌ أُجاجٌ وَ جَعَلَ بَينَهُما بَرزَخاً وَ حِجراً مَحجُوراًالنمل وَ جَعَلَ خِلالَها أَنهاراً وَ جَعَلَ لَها روَاسيَِ وَ جَعَلَ بَينَ البَحرَينِ حاجِزاًفاطروَ ما يسَتوَيِ البَحرانِ هذا عَذبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَ هذا مِلحٌ أُجاجٌ وَ مِن كُلّ تَأكُلُونَ لَحماً طَرِيّا وَ تَستَخرِجُونَ حِليَةً تَلبَسُونَها وَ تَرَي الفُلكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَحمعسق وَ مِن آياتِهِ الجَوارِ فِي البَحرِ كَالأَعلامِ إِن يَشَأ يُسكِنِ الرّيحَ فَيَظلَلنَ رَواكِدَ عَلي ظَهرِهِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ أَو يُوبِقهُنّ بِما كَسَبُوا وَ يَعفُ عَن كَثِيرٍ
صفحه : 24
وَ يَعلَمَ الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُم مِن مَحِيصٍالجاثيةاللّهُ ألّذِي سَخّرَ لَكُمُ البَحرَ لتِجَريَِ الفُلكُ فِيهِ بِأَمرِهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَالطوروَ البَحرِ المَسجُورِالرحمن مَرَجَ البَحرَينِ يَلتَقِيانِ بَينَهُما بَرزَخٌ لا يَبغِيانِ فبَأِيَّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ يَخرُجُ مِنهُمَا اللّؤلُؤُ وَ المَرجانُ فبَأِيَّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ وَ لَهُ الجَوارِ المُنشَآتُ فِي البَحرِ كَالأَعلامِالملك قُل أَ رَأَيتُم إِن أَصبَحَ ماؤُكُم غَوراً فَمَن يَأتِيكُم بِماءٍ مَعِينٍالمرسلات وَ أَسقَيناكُم ماءً فُراتاًتفسيروَ سَخّرَ لَكُمُ الفُلكَإنما نسب إليه سبحانه مع أنه من أعمال العباد لأنه لو لا أنه تعالي خلق الأشجار الصلبة التي منها يمكن تركيب السفن و لو لاخلقة الحديد وسائر الآلات و لو لاتعريفه العباد كيف يتخذونها و لو لا أنه تعالي خلق الماء علي صفة السلاسة التي باعتبارها يصح جري السفينة فيه و لو لاخلقه تعالي الرياح وخلق الحركات القوية فيها و لو لا أنه وسع الأنهار وجعل لها من العمق مايجوز جري السفن فيها لماوقع الانتفاع بالسفن فصار لأجل أنه تعالي هوالخالق لهذه الأحوال و هوالمدبّر لهذه الأمور والمسخر لها حسنت إضافته إليه وقيل لما كان يجري علي وجه الماء كمايشتهيه الملاح صار كأنه حيوان مسخر له بِأَمرِهِ أي بقدرته وإرادته .
صفحه : 25
سَخّرَ لَكُمُ الأَنهارَ لما كان ماء البحر قلما ينتفع به في الزراعات لاجرم ذكر تعالي إنعامه علي الخلق بتفجير الأنهار والعيون حتي ينبعث الماء منها إلي مواضع الزروع والنبات وأيضا ماء البحر لايصلح للشرب والصالح لهذا مياه الأنهار.وَ هُوَ ألّذِي سَخّرَ البَحرَ أي جعلها بحيث يتمكّنون من الانتفاع به بالركوب والاصطياد والغوص لِتَأكُلُوا مِنهُ لَحماً طَرِيّا هوالسمك ووصفه بالطراوة لأنه أرطب اللحوم فيسرع إليه الفساد فيسارع إلي أكله ولإظهار قدرته في خلقه عذبا طريا في ماء زعاق حِليَةً تَلبَسُونَهاكاللؤلؤ والمرجان وَ تَرَي الفُلكَ أي السفن مَواخِرَ فِيهِ أي جواري فيه يشقه بخرومها من المخر و هوشقّ الماء وقيل صوت جري الفلك وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ أي من سعة رزقه بركوبها للتجارةوَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ أي تعرفون نعم الله فتقومون بحقها.وَ هُوَ ألّذِي مَرَجَ البَحرَينِ قال البيضاوي خلاهما متجاورين متلاصقين بحيث لايتمازجان من مرج دابّته إذاخلاهاهذا عَذبٌ فُراتٌقامع للعطش من فرط عذوبته وَ هذا مِلحٌ أُجاجٌبليغ الملاحةوَ جَعَلَ بَينَهُما بَرزَخاًحاجزا من قدرته وَ حِجراً مَحجُوراً وتنافرا بليغا كأن كلّا منهما يقول للآخر مايقوله المتعوّذ عليه وقيل حدّا محدودا و ذلك كدجلة يدخل البحر فيشقّه فيجري في خلاله فراسخ لايتغيّر طعمهما وقيل المراد بالبحر العذب النهر العظيم مثل النيل وبالبحر الملح البحر الكبير وبالبرزخ مايحول بينهما من الأرض فتكون القدرة في الفصل واختلاف الصفة مع أن مقتضي طبيعة أجزاء كل عنصر أن تضامّت وتلاصقت وتشابهت في الكيفية انتهي ويقال إن نهر آمل تدخل بحر الخزر ويبقي علي عذوبته و لايختلط بالمالح ويأخذون منه الماء العذب في وسط البحر فيمكن علي تقدير صحته أن يكون داخلا تحت الآية أيضا.
صفحه : 26
وَ ما يسَتوَيِ البَحرانِضرب مثل للمؤمن والكافر والفرات ألذي يكسر العطش والسائغ ألذي يسهل انحداره والأجاج ألذي يحرق بملوحته وَ مِن كُلّ تَأكُلُونَاستطراد في صفة البحرين و مافيهما أوتمام التمثيل والمعني كماأنهما و إن اشتركا في بعض الفوائد لايتساويان من حيث إنهما لايتساويان في ما هوالمقصود بالذات من الماء فإنه خالط أحدهما ماأفسده وغيره عن كمال فطرته لايساوي المؤمن والكافر و إن اتفق اشتراكهما في بعض الصفات كالشجاعة والسخاوة لاختلافهما في ما هوالخاصية العظمي وبقاء أحدهما علي الفطرة الأصلية دون الآخر أوتفضيل للأجاج علي الكافر بما يشارك العذب من المنافع والمراد بالحلية اللآلي واليواقيت .مِن آياتِهِ الجَوارِ فِي البَحرِقرأ نافع و أبوعمرو الجواري بياء في الوصل والوقف والباقون بحذفها علي التخفيف كَالأَعلامِ أي كالجبال فهذه السفن العظيمة التي تكون كأنها الجبال تجري علي وجه الماء عندهبوب الرياح علي أسرع الوجوه و عندسكونها تقف ففيه دلالة علي وجود الصانع المسبب لتلك الأسباب وقدرته الكاملة وحكمته التامة لأنه تعالي خص كل جانب من جوانب الأرض بنوع من الأمتعة و إذانقل متاع هذاالجانب إلي ذلك الجانب في السفن وبالعكس حصلت المنافع العظيمة في التجارةفَيَظلَلنَ رَواكِدَ أي فيبقين ثوابت عَلي ظَهرِهِ أي ظهر البحرلِكُلّ صَبّارٍ أي لكل من وكل همته وحبس نفسه علي النظر في آيات الله والتفكر في آلائه أولكل مؤمن كامل فإنه روي أن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكرأَو يُوبِقهُنّ أي يهلكهن بإرسال الريح العاصفة المغرفة والمراد إهلاك أهلها لقوله بِما كَسَبُوا وأصله أويرسلها فيوبقهن لأنه قسيم يُسكِنِ الرّيحَفاقتصر فيه علي المقصود كما في قوله وَ يَعفُ عَن كَثِيرٍإذ المعني أويرسلها عاصفة فيوبق ناسا بذنوبهم وينجي ناسا علي العفو منهم وقرئ يعفوا علي الاستئناف .وَ يَعلَمَ الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِناعطف علي علة مقدرة مثل لينتقم منهم ويعلم أو علي الجزاء ونصب نصب الواقع جوابا للأشياء الستة لأنه أيضا غيرواجب وقرأ نافع و ابن عامر بالرفع علي الاستئناف وقرئ بالجزم عطفا علي يَعفُفيكون
صفحه : 27
المعني أويجمع بين إهلاك وإنجاء قوم وتحذير آخرين ما لَهُم مِن مَحِيصٍ من محيد من العذاب .اللّهُ ألّذِي سَخّرَ لَكُمُ البَحرَبأن جعله أملس السطح يطفو عليه مايتخلخل كالأخشاب و لايمنع الغوص فيه لتِجَريَِ الفُلكُ فِيهِ بِأَمرِهِ أي بتسخيره وأنتم راكبوهاوَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِبالتجارة والغوص والصيد وغيرهاوَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ هذه النعم .وَ البَحرِ المَسجُورِ أي المملو و هوالمحيط أوالموقد من قوله وَ إِذَا البِحارُ سُجّرَت كماروي أن الله تعالي يجعل يوم القيامة البحار نارا يسجر بهاجهنم أوالمختلط من السجير و هوالخليط وقيل هوبحر معروف في السماء يسمي بحر الحيوان .مَرَجَ البَحرَينِ أي أرسلهما والمعني أرسل البحر الملح والبحر العذب يَلتَقِيانِ أي يتجاوران وتتماس سطوحهما أوبحري فارس والروم يلتقيان في المحيط لأنهما خليجان يتشعبان منه بَينَهُما بَرزَخٌ أي حاجز من قدرة الله تعالي أو من الأرض لا يَبغِيانِ أي لايبغي أحدهما علي الآخر بالممازجة وإبطال الخاصية أو لايتجاوزان حديهما أوبإغراق مابينهما و قال الطبرسي ره قيل المراد بالبحرين بحر السماء وبحر الأرض فإن في السماء بحرا يمسكه الله بقدرته ينزل منه المطر فيلتقيان في كل سنة وبينهما حاجز يمنع بحر السماء من النزول وبحر الأرض من الصعود عن ابن عباس وغيره وقيل إنهما بحر فارس وبحر الروم فإن آخر طرف هذايتصل بآخر طرف ذلك والبرزخ بينهما الجزائر وقيل مَرَجَ البَحرَينِخلط طرفيهما عندالتقائهما من غير أن يختلط جملتهمالا يَبغِيانِ أي لايطلبان أن يختلطا.يَخرُجُ مِنهُمَا اللّؤلُؤُ وَ المَرجانُ أي كبار الدرّ وصغاره وقيل المرجان الخرر
صفحه : 28
الأحمر و إن صح أن الدرّ يخرج من المالح فعلي الأول إنما قال منهما لأنه يخرج من مجتمع المالح والعذب أولأنهما لمااجتمعا صارا كالشيء الواحد و كان المخرج من أحدهما كالمخرج منها ذكره البيضاوي و قال الرازي اللؤلؤ لايخرج إلا من المالح فكيف قال منهما نقول الجواب عنه من وجوه الأول ظاهر كلام الله أولي بالاعتبار من كلام بعض الناس ألذي لايوثق بقوله و من علم أن اللؤلؤ لايخرج من الماء العذب غاية علمكم أن الغواصين ماأخرجوه إلا من المالح ولكن لم قلتم إن الصدف لايخرج اللؤلؤ بأمر الله من الماء العذب إلي الماء المالح وكيف يمكن الجزم به والأمور الأرضية الظاهرة خفيت عن التجار الذين قطعوا المفاوز وداروا البلاد فكيف لايخفي عليهم ما في قعور البحور الثاني أن نقول إن صح قولهم إنه لايخرج إلا من الماء المالح فنقول فيه وجوه أحدها أن الصدف لايتولد فيه اللؤلؤ إلا من ماء المطر و هوبحر السماء ثانيها أنه يتولد في ملتقاهما ثم يدخل الصدف في البحر المالح عندانعقاد الدر فيه لحال الملوحة كالمتوخمة التي تشتهي في أوائل الحمل فتثقل هناك فلايمكنه الدخول في العذب ثم ذكر بعض الوجوه المتقدمة. و قال الطبرسي ره قيل يخرج منهما أي من ماء السماء وماء البحر فإن القطر إذاجاء من السماء تفتّحت الأصداف فكان من ذلك القطر اللؤلؤ عن ابن عباس ولذلك حمل البحرين علي بحر السماء وبحر الأرض وقيل إن العذب والملح يلتقيان فيكون العذب كاللقاح للملح و لايخرج اللؤلؤ إلا من الموضع ألذي يلتقي
صفحه : 29
فيه العذب والملح و ذلك معروف عندالملاحين انتهي .أقول وَ لَهُ الجَوارِ أي السفن جمع جاريةالمُنشَآتُ أي المرفوعات الشرّع أوالمصنوعات وقرأ حمزة و أبوبكر بكسر الشين أي الرافعات الشرّع أواللاتي ينشئن الأمواج أوالسيركَالأَعلامِجمع علم و هوالجبل الطويل فبَأِيَّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ من خلق مواد السفن والإرشاد إلي أخذها وكيفية تركيبها وإجرائها في البحر بأسباب لايقدر علي خلقها وجمعها غيره تعالي .إِن أَصبَحَ ماؤُكُم غَوراً أي غائرا في الأرض بحيث لاتناله الدلاء مصدر وصف به بِماءٍ مَعِينٍ أي جار أوظاهر سهل المأخذوَ أَسقَيناكُم ماءً فُراتاًبخلق الأنهار والمنافع فيها
1- العِلَلُ، وَ العُيُونُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَمرِو بنِ عَلِيّ البصَريِّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ الوَاعِظِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ بنِ عَامِرٍ الطاّئيِّ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ مِن أَهلِ الشّامِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ المَدّ وَ الجَزرِ مَا هُمَا فَقَالَ مَلَكٌ مُوَكّلٌ بِالبِحَارِ يُقَالُ لَهُ رُومَانُ فَإِذَا وَضَعَ قَدَمَيهِ فِي البَحرِ فَاضَ وَ إِذَا أَخرَجَهُمَا غَاضَ
2- العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَن أَبِيهِ عَن خَلَفِ بنِ حَمّادٍ عَن أَبِي الحَسَنِ العبَديِّ عَن سُلَيمَانَ بنِ مِهرَانَ عَن عَبَايَةَ بنِ ربِعيِّ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ سُئِلَ عَنِ المَدّ وَ الجَزرِ فَقَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وَكّلَ مَلَكاً بِقَامُوسِ البَحرِ فَإِذَا وضح [وَضَعَ]رِجلَيهِ فِيهِ فَاضَ وَ إِذَا أَخرَجَهُمَا غَاضَ
صفحه : 30
بيان قال الجزري قاموس البحر وسطه ومعظمه و منه حديث ابن عباس وسئل عن المد والجزر وذكر الخبر ثم قال أي زاد ونقص و هوفاعول من القمس انتهي وأقول اختلف الحكماء في سبب المدّ والجزر علي أقوال شتي و ليس شيءمنها مما يسمن أويغني من جوع أويروي من عطش و ماذكر في الخبر أظهرها وأصحها عقلا أيضا و قدسمعت من بعض الثقات أنه قال إني رأيت شيئا عظيما يمتد من الجو إلي البحر فيمتد ماؤه ثم إذاذهب ذلك شرع في الجزر و أما ماذكره الحكماء في ذلك ففي رسائل إخوان الصفا أماعلة هيجان البحار وارتفاع مياهها ومدودها علي سواحلها وشدة تلاطم أمواجها وهبوب الرياح في وقت هيجانها إلي الجهات في أوقات مختلفة من الشتاء والصيف والربيع والخريف وأوائل الشهور وأواخرها وساعات الليل والنهار فهي من أجل أن مياهها إذاحميت من قرارها وسكنت ولطفت وتخلخلت وطلبت مكانا أوسع مما كان فيه فتدافعت بعض أجزائها بعضا إلي الجهات الخمس فوقا وشرقا وغربا وجنوبا وشمالا للاتساع فيكون في الوقت الواحد علي سواحلها أمواج مختلفة في جهات مختلفة و أماعلة هيجانها في وقت دون وقت فهو بحسب تشكل الفلك والكواكب ومطارح شعاعاتها علي سطوح تلك البحار في الآفاق والأوتاد الأربعة واتصالات القمر بها عندحلوله في منازله الثمانية والعشرين كما هوالمذكور في كتب أحكام النجوم و أماعلة مدود بعض البحار في وقت طلوعات القمر ومغيبه دون غيرها من البحار فهو من أجل أن تلك البحار
صفحه : 31
في قرارها صخور صلبة وأحجار صلدة فإذاأشرق القمر علي سطح ذلك البحر وصلت مطارح شعاعاته إلي تلك الصخور والأحجار التي في قرارها ثم انعكست من هناك راجعة فسخنت تلك المياه وحمت ولطفت وطلبت مكانا أوسع وارتفع إلي فوق ودفع بعضها بعضا إلي فوق وتموجت إلي سواحلها وفاضت علي سطوحها ورجعت مياه تلك الأنهار التي كانت تنصب إليها إلي خلف راجعة فلايزال ذلك دأبها مادام القمر مرتفعا إلي وتد سمائه فإذاانتهي إلي هناك وأخذ ينحط سكن عند ذلك غليان تلك المياه وبردت وانضمت تلك الأجزاء وغلظت فرجعت إلي قرارها وجرت الأنهار علي عادتها فلايزال ذلك دأبها إلي أن يبلغ القمر إلي الأفق الغربي من تلك البحار ثم يبتدئ المد علي عادته و هو في الأفق الشرقي فلايزال ذلك دأبه حتي يبلغ القمر إلي وتد الأرض فينتهي المد من الرأس ثم إذازال القمر من وتد الأرض أخذ المد راجعا إلي أن يبلغ القمر إلي أفقه الشرقي من الرأس فإن قيل لم لا يكون المد والجزر عندطلوعات الشمس وإشرافاتها علي سطح هذه البحار فقد بينا علل ذلك في رسالة العلل والمعلولات انتهي . و قال المسعودي في مروج الذهب المدّ هومضي الماء بسجيته وسنن جريه والجزر هورجوع الماء علي ضد سنن مضيه وانعكاس مايمضي عليه في نهجه وهما يكونان في البحر الحبشي ألذي هوالصيني والهندي وبحر البصرة وفارس و ذلك أن البحار علي ثلاثة أصناف منها مايأتي فيه الجزر والمد ويظهر ظهورا بينا ومنها ما لايتبين فيه الجزر والمد و يكون خفيا مستترا ومنها ما لايجزر و لايمد و قدتنازع الناس في علتهما فمنهم من ذهب إلي أن علة ذلك القمر لأنه مجانس للماء و هويسخنه فيبسط وشبهوا ذلك بالنار إذاسخنت ما في القدر وأغلته و إن الماء يكون فيها علي قدر النصف أوالثلثين فإذاغلي الماء انبسط في القدر وارتفع وتدافع حتي يفور فتتضاعف كميته في الحس لأن من شرط الحرارة أن تبسط الأجسام و من شرط
صفحه : 32
البرودة أن تضغطها و ذلك أن قعور البحار تحمي فتتولد في أرضها عذوبة وتستحيل وتحمي كمايعرض ذلك في البلاليع والآبار فإذاحمي ذلك الماء انبسط و إذاانبسط زاد و إذازاد دفع كل جزء منه صاحبه فطفر عن سطحه وبان عن قعره واحتاج إلي أكثر من وهدته و إن القمر إذاامتلأ أحمي الجو حميا شديدا فظهر زيادة الماء فسمي ذلك المد الشهري وقالت طائفة أخري لو كان الجزر والمد بمنزلة النار إذاأسخنت الماء ألذي في القدر وبسطته فيطلب أوسع منه فيفيض حتي إذاخلا قعره من الماء طلب الماء بعدخروجه منه عمق الأرض بطبعه فيرجع اضطرارا بمنزلة رجوع مايغلي من الماء في المرجل والقمقم إذافاض لكان بالشمس أشد سخونة و لوكانت الشمس علة مده لكان بدؤه مع بدء طلوع الشمس والجزر عندغيبوبتها وزعم هؤلاء أن علة المد والجزر الأبخرة التي تتولد في بطن الأرض فإنها لاتزال تتولد وتكثف وتكثر فتدفع حينئذ ماء هذاالبحر لكثافتها فلاتزال علي ذلك حتي تنقص موادها من أسفل فإذاانقطعت موادها من أسفل تراجع الماء حينئذ إلي قعور البحر و كان الجزر من أجل ذلك والمد ليلا ونهارا وشتاء وصيفا و في غيبوبة القمر وطلوعه و في غيبوبة الشمس وطلوعها قالوا و هذايدرك بحس البصر لأنه ليس يستكمل الجزر آخره حتي يبدو أول المد و لايفني آخر المد حتي يبدو أول الجزر لأنه لايفتر تولد تلك البخارات حتي إذاخرجت تولد مكانها غيرها و ذلك أن البحر إذاغارت مياهه ورجعت إلي قعره تولدت تلك الأبخرة لمكان مايتصل منها من الأرض بمائه فكلما عاد تولدت وكلما فاض تنفست
صفحه : 33
وذهب آخرون من أهل الديانات أن كل ما لايعلم له في الطبيعة مجري و لايوجد له فيهاقياس فله فعل إلهي يدل علي توحيد الله عز و جل وحكمته و ليس للمدّ والجزر علة في الطبيعة البتة و لاقياس و قال آخرون ماهيجان ماء البحر إلاكهيجان بعض الطبائع فإنك تري صاحب الصفراء وصاحب الدم وغيرهما تهتاج طبيعته وتسكن ولذلك موادّ تمدّها حالا بعدحال فإذاقويت هاجت ثم تسكن قليلا قليلا حتي تعود وذهب طائفة إلي إبطال سائر ماوصفنا من القول وزعموا أن الهواء المطل علي البحر يستحيل دائما فإذااستحال عظم ماء البحر وفار عند ذلك فإذافار فاض و إذافاض فهو المد فعند ذلك يستحيل ماؤه ويتفشّي واستحال هواء فعاد إلي ما كان عليه و هوالجزر و هودائم لايفتر متصل مترادف متعاقب لأن الماء يستحيل هواء والهواء يستحيل ماء و قديجوز أن يكون ذلك عندامتلاء القمر أكثر لأن القمر إذاامتلأ استحال ماء أكثر مما كان يستحيل قبل ذلك وإنما القمر علة لكثرة المد لاللمد نفسه لأنه قد يكون والقمر في محاقه والمد والجزر في بحر فارس يكون علي مطالع الفجر في أغلب الأوقات و قدذهب أكثر من أرباب السفن ممن يقطع هذاالبحر ويختلف إلي جزائره أن المد والجزر لا يكون في معظم هذاالبحر إلامرتين في السنة مرة يمد في شهور الصيف شرقا بالشمال ستة أشهر فإذا كان ذلك طما الماء في مشارق البحر والصين و ماوالي ذلك الصقع ومرة يمد في شهور الشتاء غربا بالجنوب ستة أشهر و إذا كان ذلك طما الماء في مغارب البحر والجزر بالصين و قديتحرك البحر بتحريك الرياح فإن الشمس إذاكانت في الجهة الشمالية تحرك الهواء إلي الجهة الجنوبية فلذلك تكون البحار في جهة الجنوب في الصيف لهبوب الشمال طامية عالية وتقل المياه في جهة البحور الشمالية وكذلك إذاكانت الشمس في الجنوب وسار الهواء من الجنوب إلي جهة الشمال فسأل معه ماء البحر من الجهة الجنوبية إلي الجهة الشمالية
صفحه : 34
قلت المياه في الجهة الجنوبية وتنقل ماء البحر في هذين الميلين أعني في جهة الشمال والجنوب يسمي جزرا ومدا و ذلك أن مد الجنوب جزر الشمال ومد الشمال جزر الجنوب فإن وافق القمر بعض الكواكب السيارة في أحد الميلين تزايد الفعلان وقوي الحر واشتد لذلك انقلاب ماء البحر إلي الجهة المخالفة للجهة التي فيهاالشمس و هذارأي الكندي و أحمد بن الخصيب السرخسي في ماحكي عنهما أن البحر يتحرك بتحرك الرياح انتهي . وجملة القول فيه أن نهر البصرة والأنهار المقاربة له يمد في كل يوم وليلة مرتين ويدور ذلك في اليوم والليلة و لايخص وقتا كطلوع الشمس وغروبها وارتفاعها وانخفاضها ويسمي ذلك بالمد اليومي و يكون المد عندزيادة نور القمر أشد ويسمي ذلك بالمد الشهري و هذاالمد يمكن استناده إلي القمر لكونه تابعا له في الغالب بمعني أنه يحصل في أيام زيادة نور القمر لكن الظاهر أنه لوكانت العلة زيادة نوره لكان هذاالمد مقارنا لها أوبعدها بزمان يتم فيه فعل القمر وتأثيره في البحر والظاهر أنه ليس تابعا له بهذا المعني و علي تقدير صحة استناده إليه فلاريب في بطلان ماجعله القائل الأول مناطا له من سخونة البحر بنور القمر لأنه مجانس للماء وكذا سخونة الجو به بل ربما يدعي أن نور القمر يبرد الجو والأجسام كما هوالمجرب نعم ربما يجوز العقل تأثير القمر في المد لنوع من المناسبة والارتباط بين نوره و بين الماء و إن لم نعلمها بخصوصها لكن يقدح فيه ماذكرناه من عدم انضباط المقارنة والتأخر علي الوجه المذكور و أماالمد اليومي فبطلان استناده إلي القمر واضح واستناده
صفحه : 35
إلي الكواكب علي انفرادها أوبمشاركة القمر بعيد غاية البعد وكون الكواكب عللا له من حيث الحرارة ظاهر الفساد و ماذكره الطائفة الثانية من أنه للأبخرة الحادثة في باطن الأرض فيرد عليه أن الأبخرة الكثيرة الكثيفة التي تفور البحر مع عظمته لخروجها لواجتمعت واحتبست في باطن الأرض ثم خرجت دفعة كما هوالظاهر من كلامه لزم انشقاق الأرض منها انشقاقا فاحشا ثم التئامها في كل يوم وليلة لعله مما لايرتاب أحد في أنه خلاف الواقع و لايظهر للعقل سبب لالتئام الأرض بعدالانشقاق وكون كل التئام مستندا إلي انشقاق حادث في موضع آخر من الأرض قريب من موضع الأول في غاية البعد و لوخرجت تدريجا لاستلزمت غليانا وفورانا في البحر دائما لا هذاالنوع من الحركة والامتلاء و هوواضح و ماذكره الطائفة الثالثة من أنه كهيجان الطبائع فيرد عليه أنه لو كان المراد أنه والطبائع تهيج بلا سبب فباطل و لوقيل بأن ذلك مقتضي الطبيعة فذلك مما لم يقل به أحد و لوأريد أنه بسبب و لو لم يكن معلوما لنا فذلك مما لاثمرة له إذ الكلام في خصوص السبب و ماذكره الطائفة الرابعة من أنه للانقلاب فلايظهر له وجه و لاينطبق علي تلك الخصوصيات فالأوجه أن يقال إنها بقدرة الله وتدبيره وحكمته إما بتوسط الملك إن صح الخبر أوبما رأي المصلحة فيه من العلل والأسباب فإنه تعالي المسبب لها والمقدر لأوقاتها و لم نكلف بالخوض في عللها و إن أمكنت مدخلية بعض تلك الوجوه التي تقدم ذكرها والعالم بها هوالمدبر لها ويكفينا ماظهر لنا من منافعها وفوائدها
3-الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ هِلَالٍ عَن عِيسَي بنِ عَبدِ اللّهِ الهاَشمِيِّ عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَربَعَةُ أَنهَارٍ مِنَ الجَنّةِ الفُرَاتُ وَ النّيلُ وَ سَيحَانُ وَ جَيحَانُ فَالفُرَاتُ المَاءُ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ
صفحه : 36
وَ النّيلُ العَسَلُ وَ سَيحَانُ الخَمرُ وَ جَيحَانُ اللّبَنُ
بيان الفرات أفضل الأنهار بحسب الأخبار و قدأوردتها في كتاب المزار والنيل بمصر معروف وسيحان وجيحان قال في النهاية هما نهران بالعواصم عندالمصيصة والطرسوس و في القاموس سيحان نهر بالشام وآخر بالبصرة وسيحون نهر بما وراء النهر ونهر بالهند و قال جيحون نهر خوارزم وجيحان نهر بالشام والروم معرب جهان انتهي وذكر المولي عبدالعلي البرجندي في بعض رسائله أن نهر الفرات يخرج من جبال أرزن الروم ثم يسيل نحو المشرق إلي ملطية ثم إلي سميساط حتي ينتهي إلي الكوفة ثم تمر حتي ينصب في البطائح و قال النيل أفضل الأنهار لبعد منبعه ومروره علي الأحجار والحصيات و ليس فيه وحل و لايخضر الحجر فيه كغيره ويمر من الجنوب إلي الشمال و هوسريع الجري وزيادته في أيام نقص سائر المياه ومنبعه مواضع غيرمعمورة في جنوب خط الإستواء ولذا لم يعلم منبعه علي التحقيق ونقل عن بعض حكماء اليونان أن ماءه يجتمع من عشرة أنهار بين كل نهرين منها اثنان وعشرون فرسخا فتنصب تلك الأنهار في بحيرة ثم منها يخرج نهر مصر متوجها إلي الشمال حتي ينتهي إلي مصر فإذاجازها وبلغ شنطوف انقسم قسمين ينصبان في البحر و قال سيحان منبعه من موضع طوله ثمان وخمسون درجة وعرضه أربع وأربعون درجة ويمر في بلاد الروم من الشمال إلي الجنوب إلي بلاد أرمن ثم إلي قرب مصيصة ثم يجتمع مع جيحان وينصبان في بحر الروم فيما بين أياس وطرسوس ونهر جيحان منبعه من موضع طوله ثمان وخمسون درجة وعرضه ست وأربعون درجة و هوقريب من نهر الفرات في العظمة ويمر من الشمال إلي الجنوب بين جبال في حدود الروم إلي أن يمر إلي شمال مصيصة وينصب في البحر انتهي . ثم اعلم أن هذه الرواية مروية في طرق المخالفين أيضا إلا أنه ليس فيها
صفحه : 37
فالفرات إلي آخر الخبر واختلفوا في تأويله قال الطيبي في شرح المشكاة في شرح هذاالخبر سيحان وجيحان غيرسيحون وجيحون وهما نهران عظيمان جدا وخص الأربعة لعذوبة مائها وكثرة منافعها كأنها من أنهار الجنة أويراد أنها أربعة أنهار هي أصول أنهار الجنة سماها بأسامي الأنهار العظام من أعذب أنهار الدنيا وأفيدها علي التشبيه فإن ما في الدنيا من المنافع فنموذات لما في الآخرة وكذا مضارها و قال القاضي معني كونها من أنهار الجنة أن الإيمان يعم بلادها و أن شاربيها صائرة إليها والأصح أنه علي ظاهرها و أن لها مادة من الجنة و في معالم التنزيل أنزلها الله تعالي من الجنة واستودعها الجبال لقوله تعالي فَأَسكَنّاهُأقول المشبه في الوجه الأول أنهار الدنيا ووجه الشبه العذوبة والهضم والبركة و في الثاني أنهار الجنة ووجهه الشهرة والفائدة والعذوبة و في الثالث وجهه المجاورة والانتفاع انتهي وأقول ظاهر الخبر مع التتمة التي في الخصال اشتراك الاسم وإنما سميت بأسماء أنهار الجنة لفضلها وبركتها وكثرة الانتفاع بها ويحتمل أن يكون المعني أن أصل هذه الأنهار ومادتها من الجنة فلما صارت في الدنيا انقلبت ماء و لاينافي ذلك معلومية منابعها إذ يمكن أن يكون أول حدوثها بسبب ماء الجنة أويصب فيهابحيث لانعلم أو يكون المراد بالجنة جنة الدنيا كمامر في كتاب المعاد وتجري من تحت الأرض إلي تلك المنابع ثم يظهر منها ويؤيد تلك الوجوه في الجملة مَا رَوَاهُ الكلُيَنيِّ بِسَنَدٍ كَالمُوَثّقِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يُدفَقُ فِي الفُرَاتِ فِي كُلّ يَومٍ دُفُقَاتٌ مِنَ الجَنّةِ
وَ بِسَنَدٍ آخَرَ رَفَعَهُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ قَالَ نَهَرُكُم هَذَا يعَنيِ مَاءَ الفُرَاتِ يُصَبّ فِيهِ مِيزَابَانِ مِن مَيَازِيبِ الجَنّةِ
وَ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِمَا قَالَ إِنّ مَلَكاً يَهبِطُ مِنَ السّمَاءِ فِي كُلّ لَيلَةٍ مَعَهُ ثَلَاثَةُ مَثَاقِيلِ مِسكٍ مِن مِسكِ الجَنّةِ فَيَطرَحُهَا فِي الفُرَاتِ وَ مَا مِن نَهَرٍ فِي شَرقِ الأَرضِ وَ لَا غَربِهَا أَعظَمَ بَرَكَةً
صفحه : 38
مِنهُ
و أماالتأويل بكون أهلها وشاربيها صائرين إلي الجنة فهو في خصوص الفرات ظاهر إذ أكثر القري والبلاد الواقعة عليه وبقربه من الإمامية والمحبين لأهل البيت ع كماتشهد به التجربة
وَ قَد رَوَي الكلُيَنيِّ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا إِخَالُ أَحَداً يُحَنّكُ بِمَاءِ الفُرَاتِ إِلّا أَحَبّنَا أَهلَ البَيتِ
وَ قَالَ ع مَا سقُيَِ أَهلُ الكُوفَةِ مَاءَ الفُرَاتِ إِلّا لِأَمرٍ مَا وَ قَالَ يُصَبّ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الجَنّةِ
أقول قوله ع لأمر ما أي لرسوخ ولاية أهل البيت ع في قلوب أهلها
وَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ قَالَ أَمَا إِنّ أَهلَ الكُوفَةِ لَو حَنّكُوا أَولَادَهُم بِمَاءِ الفُرَاتِ لَكَانُوا لَنَا شِيعَةً
و أماالأنهار الثلاثة الأخري فلم أر لها في غير هذاالخبر فضلا بل
رَوَي الكلُيَنيِّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ مَاءُ نِيلِ مِصرَ يُمِيتُ القَلبَ
4- الدّرّ المَنثُورُ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الجَنّةِ إِلَي الأَرضِ خَمسَةَ أَنهَارٍ سَيحُونَ وَ هُوَ نَهَرُ الهِندِ وَ جَيحُونَ وَ هُوَ نَهَرُ بَلخَ وَ دِجلَةَ وَ الفُرَاتَ وَ هُمَا نَهرَا العِرَاقِ وَ النّيلَ وَ هُوَ نَهَرُ مِصرَ أَنزَلَهَا اللّهُ مِن عَينٍ وَاحِدَةٍ مِن عُيُونِ الجَنّةِ مِن أَسفَلِ دَرَجَةٍ مِن دَرَجَاتِهَا عَلَي جنَاَحيَ جَبرَائِيلَ فَاستَودَعَهَا الجِبَالَ وَ أَجرَاهَا فِي الأَرضِ وَ جَعَلَهَا مَنَافِعَ لِلنّاسِ فِي أَصنَافِ مَعَايِشِهِم فَذَلِكَ قَولُهُوَ أَنزَلنا مِنَ السّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسكَنّاهُ فِي الأَرضِ فَإِذَا كَانَ عِندَ خُرُوجِ يَأجُوجَ وَ مَأجُوجَ أَرسَلَ اللّهُ جَبرَئِيلَ فَرُفِعَ مِنَ الأَرضِ القُرآنُ وَ العِلمُ كُلّهُ وَ الحَجَرُ مِن رُكنِ البَيتِ وَ مَقَامُ اِبرَاهِيمَ وَ تَابُوتُ مُوسَي بِمَا فِيهِ وَ هَذِهِ الأَنهَارُ الخَمسَةُ فَيُرفَعُ كُلّ ذَلِكَ إِلَي السّمَاءِ فَذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَيوَ إِنّا عَلي ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ فَإِذَا رُفِعَت هَذِهِ الأَشيَاءُ مِنَ الأَرضِ فَقَدَ أَهلُهَا خَيرَ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ
صفحه : 39
5- شَرحُ النّهجِ،[نهج البلاغة]لِابنِ مِيثَمٍ قَالَ لَمّا فَرَغَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مِن حَربِ الجَمَلِ خَطَبَ النّاسَ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ صَلّي عَلَي النّبِيّص وَ استَغفَرَ لِلمُؤمِنِينَ وَ المُؤمِنَاتِ وَ المُسلِمِينَ وَ المُسلِمَاتِ ثُمّ قَالَ يَا أَهلَ البَصرَةِ يَا أَهلَ المُؤتَفِكَةِ ائتَفَكَت بِأَهلِهَا ثَلَاثاً وَ عَلَي اللّهِ تَمَامُ الرّابِعَةِ وَ سَاقَ الخُطبَةَ كَمَا مَرّ فِي كِتَابِ الفِتَنِ وَ سيَأَتيِ إِلَي قَولِهِ عَلَيهِ السّلَامُ سَخّرَ لَكُمُ المَاءَ يَغدُو عَلَيكُم وَ يَرُوحُ صَلَاحاً لِمَعَاشِكُم وَ البَحرَ سَبَباً لِكَثرَةِ أَموَالِكُم
بيان قوله ع الماء يغدو عليكم ويروح إشارة إلي المدّ والجزر و قوله صلاحا لمعاشكم إلي فائدتهما إذ لو كان الماء دائما علي حد النقصان و لم يصل إلي حد المد لماسقي زروعهم ونخيلهم و لو كان دائما علي حد الزيادة لغرقت أراضيهم بأنهارهم و في نقص الأنهار بعدزيادتها فائدة أخري هي غسل الأقذار وإزالة الخبائث عن شطوطها وربما كان فيهما فوائد أخري كتأثيرهما في حركة السفن ونحو ذلك
6-إِعلَامُ الوَرَي،بِإِسنَادِهِ عَنِ الكلُيَنيِّ عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ عَن حَيّانٍ السّرّاجِ عَن دَاوُدَ بنِ سُلَيمَانَ الكسِاَئيِّ عَن أَبِي الطّفَيلِ قَالَسَأَلَ فِي أَوّلِ خِلَافَةِ عُمَرَ يهَوُديِّ مِن أَولَادِ هَارُونَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَن أَوّلِ قَطرَةٍ قَطَرَت عَلَي وَجهِ الأَرضِ وَ أَوّلِ عَينٍ فَاضَت عَلَي وَجهِ الأَرضِ وَ أَوّلِ شَجَرٍ اهتَزّ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَقَالَ ع يَا هاَروُنيِّ أَمّا أَنتُم فَتَقُولُونَ أَوّلُ قَطرَةٍ قَطَرَت عَلَي وَجهِ الأَرضِ حَيثُ قَتَلَ أَحَدُ ابنيَ آدَمَ صَاحِبَهُ وَ لَيسَ كَذَلِكَ وَ لَكِنّهُ حَيثُ طَمِثَت حَوّاءُ وَ ذَلِكَ قَبلَ أَن تَلِدَ ابنَيهَا وَ أَمّا أَنتُم فَتَقُولُونَ أَوّلُ عَينٍ فَاضَت عَلَي وَجهِ الأَرضِ العَينُ التّيِ بِبَيتِ المَقدِسِ وَ لَيسَ هُوَ كَذَلِكَ وَ لَكِنّهَا
صفحه : 40
عَينُ الحَيَاةِ التّيِ وَقَفَ عَلَيهَا مُوسَي وَ فَتَاهُ وَ مَعَهُمَا النّونُ المَالِحُ فَسَقَطَ فِيهَا فحَيَيَِ وَ هَذَا المَاءُ لَا يُصِيبُ مَيّتاً إِلّا حيَيَِ وَ أَمّا أَنتُم فَتَقُولُونَ أَوّلُ شَجَرٍ اهتَزّ عَلَي وَجهِ الأَرضِ الشّجَرَةُ التّيِ كَانَت مِنهَا سَفِينَةُ نُوحٍ وَ لَيسَ كَذَلِكَ وَ لَكِنّهَا النّخلَةُ التّيِ هَبَطَت مِنَ الجَنّةِ وَ هيَِ العَجوَةُ وَ مِنهَا تَفَرّعَ كُلّ مَا تَرَي مِن أَنوَاعِ النّخلِ فَقَالَ صَدَقتَ وَ اللّهِ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ إنِيّ لَأَجِدُ هَذَا فِي كُتُبِ أَبِي هَارُونَ ع كِتَابَةَ يَدِهِ وَ إِملَاءَ عمَيّ مُوسَي ع
7- إِكمَالُ الدّينِ، عَن أَبِيهِ وَ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ وَ مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ وَ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ جَمِيعاً عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ وَ يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ وَ اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ جَمِيعاً عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ فَضّالٍ عَن أَيمَنَ بنِ مُحرِزٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سَمَاعَةَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَبِي يَحيَي المدَنَيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع مِثلَهُ إِلّا أَنّهُ قَالَ قَالَ اليهَوُديِّ أخَبرِنيِ عَن أَوّلِ شَجَرَةٍ نَبَتَت عَلَي وَجهِ الأَرضِ وَ عَن أَوّلِ عَينٍ نَبَعَت عَلَي وَجهِ الأَرضِ وَ عَن أَوّلِ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَمّا أَوّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَت عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَإِنّ اليَهُودَ يَزعُمُونَ أَنّهَا الزّيتُونَةُ وَ كَذَبُوا وَ إِنّمَا هيَِ النّخلَةُ مِنَ العَجوَةِ هَبَطَ بِهَا آدَمُ ع مَعَهُ مِنَ الجَنّةِ فَغَرَسَهَا وَ أَصلُ النّخلَةِ كُلّهِ مِنهَا وَ أَمّا أَوّلُ عَينٍ نَبَعَت عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَإِنّ اليَهُودَ يَزعُمُونَ أَنّهَا العَينُ التّيِ بِبَيتِ المَقدِسِ وَ تَحتَ الحَجَرِ وَ كَذَبُوا هيَِ عَينُ الحَيَاةِ التّيِ مَا انتَهَي إِلَيهَا أَحَدٌ إِلّا حيَيَِ وَ كَانَ الخَضِرُ عَلَي مُقَدّمَةِ ذيِ القَرنَينِ فَطَلَبَ عَينَ الحَيَاةِ فَوَجَدَهَا الخَضِرُ ع وَ شَرِبَ مِنهَا وَ لَم يَجِدهَا ذُو القَرنَينِ وَ أَمّا أَوّلُ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَإِنّ اليَهُودَ يَزعُمُونَ أَنّهُ الجَحَرُ ألّذِي بِبَيتِ المَقدِسِ وَ كَذَبُوا إِنّمَا هُوَ الحَجَرُ الأَسوَدُ هَبَطَ بِهِ آدَمُ ع مَعَهُ مِنَ الجَنّةِ فَوَضَعَهُ فِي الرّكنِ وَ النّاسُ يَستَلِمُونَهُ وَ كَانَ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ الثّلجِ فَاسوَدّ مِن خَطَايَا بنَيِ آدَمَ
صفحه : 41
أقول الخبران طويلان أوردتهما بأسانيدهما في باب نص أمير المؤمنين ع علي الاثني عشر ع في المجلد التاسع . كتاب الأقاليم والبلدان والأنهار للفرات فضائل كثيرة
8- روُيَِ أَنّ أَربَعَةً مِن أَنهَارِ الجَنّةِ سَيحُونُ وَ جَيحُونُ وَ النّيلُ وَ الفُرَاتُ
9- وَ عَن عَلِيّ ع قَالَ يَا أَهلَ الكُوفَةِ نَهَرُكُم هَذَا يَنصَبّ إِلَيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الجَنّةِ
10- وَ روُيَِ عَن جَعفَرٍ الصّادِقِ ع أَنّهُ شَرِبَ مِن مَاءِ الفُرَاتِ ثُمّ استَزَادَ وَ حَمِدَ اللّهَ تَعَالَي قَالَ مَا أَعظَمَ بَرَكَتَهُ لَو عَلِمَ النّاسُ مَا فِيهِ مِنَ البَرَكَةِ لَضَرَبُوا عَلَي حَافَتَيهِ القِبَابَ مَا انغَمَسَ فِيهِ ذُو عَاهَةٍ إِلّا برَِئَ
وَ عَنِ السدّيّّ أَنّ الفُرَاتَ مَدّ فِي زَمَنِ عُمَرَ فَأَلقَي رُمّانَةً عَظِيمَةً مِنهَا كَرُمّانِ الحَبّ فَأَمَرَ المُسلِمِينَ أَن يَقسِمُوهَا بَينَهُم فَكَانُوا يَزعُمُونَ أَنّهَا مِنَ الجَنّةِ
11- وَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص النّيلُ يَخرُجُ مِنَ الجَنّةِ وَ لَوِ التَمَستُم فِيهِ حِينَ يَخرُجُ لَوَجَدتُم مِن وَرَقِهَا
وَ قَالَ فِي وَصفِ بَعضِ البِحَارِ نَقلًا عَن صَاحِبِ كِتَابِ عَجَائِبِ الأَخبَارِ هَذَا البَحرُ فِيهِ طَائِرٌ مُكرَمٌ لِأَبَوَيهِ فَإِنّهُمَا إِذَا كَبِرَا وَ عَجَزَا عَنِ القِيَامِ بِأَمرِ أَنفُسِهِمَا يَجتَمِعُ عَلَيهِمَا فَرخَانِ مِن فِرَاخِهِمَا فَيَحمِلَانِهِمَا عَلَي ظُهُورِهِمَا إِلَي مَكَانٍ حَصِينٍ وَ يَبنِيَانِ لَهُمَا عُشّاً وَ يَتَعَاهَدَانِهِمَا الزّادُ وَ المَاءُ إِلَي أَن يَمُوتَا فَإِن مَاتَ الفَرخَانِ قَبلَهُمَا يأَتيِ إِلَيهِمَا فَرخَانِ آخَرَانِ مِن فِرَاخِهِمَا وَ يَفعَلَانِ بِهِمَا كَمَا فَعَلَ الفَرخَانِ الأَوّلَانِ وَ هَلُمّ جَرّاً وَ هَذَا دَأبُهُمَا
12-قُربُ الإِسنَادِ، عَنِ السنّديِّ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِي البخَترَيِّ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَيَخرُجُ مِنهُمَا اللّؤلُؤُ وَ المَرجانُ قَالَ مِن مَاءِ السّمَاءِ وَ مِن مَاءِ البَحرِ فَإِذَا أُمطِرَت فَفَتَحَتِ الأَصدَافُ أَفوَاهَهَا فِي البَحرِ فَيَقَعُ فِيهَا مِن مَاءِ المَطَرِ
صفحه : 42
فَتُخلَقُ اللّؤلُؤَةُ الصّغِيرَةُ مِنَ القَطرَةِ الصّغِيرَةِ وَ اللّؤلُؤَةُ الكَبِيرَةُ مِنَ القَطرَةِ الكَبِيرَةِ
13- كَامِلُ الزّيَارَةِ، عَن أَبِيهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ مَتّيلٍ عَن عِمرَانَ بنِ مُوسَي عَنِ الجاَموُراَنيِّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ نَهرَانِ مُؤمِنَانِ وَ نَهرَانِ كَافِرَانِ نَهرَانِ كَافِرَانِ نَهَرُ بَلخَ وَ دِجلَةَ وَ المُؤمِنَانِ نِيلُ مِصرَ وَ الفُرَاتُ فَحَنّكُوا أَولَادَكُم بِمَاءِ الفُرَاتِ
بيان قال الجزري في النهاية فيه نهران مؤمنان ونهران كافران أماالمؤمنان فالنيل والفرات و أماالكافران فدجلة ونهر بلخ جعلهما مؤمنين علي التشبيه لأنهما يفيضان علي الأرض فيسقيان الحرث بلا مئونة وجعل الآخرين كافرين لأنهما لايسقيان و لاينتفع بهما إلابمئونة وكلفة فهذان في الخير والنفع كالمؤمنين وهذان في قلة النفع كالكافرين انتهي وأقول ربما يومئ التفريع بقوله فحنكوا إلي أن المراد أن للأولين مدخلا في الإيمان وللآخرين في الكفر و هو في الفرات ظاهر كماعرفت و أما في النيل فلعل شقاوة أهله لسوء تربة مصر كماورد في الأخبار فلو جري في غيره لم يكن كذلك ونهر بلخ هونهر جيحون و قال البرجندي ويخرج عموده من حدود بدخشان من موضع طوله أربع وتسعون درجة وعرضه سبع وثلاثون درجة ثم يجتمع معه أنهار كثيرة ويذهب إلي جهة المغرب والشمال إلي حدود بلخ ثم يجاوزه إلي ترمد ثم يذهب إلي المغرب والجنوب إلي ولاية زم وطوله تسع وثمانون درجة وعرضه سبع وثلاثون ثم يمر إلي المغرب والشمال إلي موضع
صفحه : 43
طوله ثمان وثمانون درجة وعرضه تسع وثلاثون ثم يمر إلي أن ينصب في بحيرة خوارزم ونهر دجلة مشهور ويخرج من بلاد الروم من شمال ميارقين من تحت حصار ذي القرنين ويذهب من جهة الشمال والمغرب إلي جهة الجنوب والمشرق ويمر بمدينة آمد والموصل وسرمن رأي وبغداد ثم إلي واسط ثم ينصب في بحر فارس
14- العيَاّشيِّ، عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَبِي العَلَاءِ عَن غَيرِ وَاحِدٍ عَن أَحَدِهِمَا ع قَالَ لَمّا قَالَ اللّهُيا أَرضُ ابلعَيِ ماءَكِ وَ يا سَماءُ أقَلعِيِقَالَتِ الأَرضُ إِنّمَا أُمِرتُ أَن أَبلَعَ ماَئيِ أَنَا فَقَط وَ لَم أُومَر أَن أَبلَعَ مَاءَ السّمَاءِ قَالَ فَبَلَعَتِ الأَرضُ مَاءَهَا وَ بقَيَِ مَاءُ السّمَاءِ فَصُيّرَ بَحراً حَولَ الدّنيَا
15- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَنِ الفَضلِ بنِ شَاذَانَ وَ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن حَفصِ بنِ البخَترَيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ جَبرَئِيلَ ع كَرَي بِرِجلِهِ خَمسَةَ أَنهَارٍ وَ لِسَانُ المَاءِ يَتبَعُهُ الفُرَاتَ وَ دِجلَةَ وَ نِيلَ مِصرَ وَ مِهرَانَ وَ نَهرَ بَلخَ فَمَا سَقَت أَو سقُيَِ مِنهَا فَلِلإِمَامِ وَ البَحرُ المُطِيفُ بِالدّنيَا
بيان قال البرجندي نهر مهران هونهر السند يمر أولا في ناحية ملتان ثم يميل إلي الجنوب ويمر بالمنصورة ثم يمر حتي ينصب في بحر ديبل من جانب المشرق و هونهر عظيم وماؤه في غاية العذوبة وشبيه بنيل مصر و يكون فيه التمساح كالنيل وقيل إذاوصل إلي موضع طوله مائة وسبع درجات وعرضه ثلاث وعشرون درجة ينقسم إلي شعبتين ينصب إحداهما في بحر الهند والأخري تمر وتنصب فيه بعدمسافة أيضا فما سقت أي بأنفسها أوسقي منها أي سقي الناس منها و هذاالخبر رواه في الفقيه بسند صحيح عن أبي البختري وزاد في آخره
صفحه : 44
و هوأفسبكون ولعله من الصدوق فصار سببا للإشكال لأن أفسبكون معرب آبسكون و هوبحر الخزر ويقال له بحر جرجان وبحر طبرستان وبحر مازندران وطوله ثمانمائة ميل وعرضه ستمائة ميل وينصب فيه أنهار كثيرة منها نهر آتل و هذاالبحر غيرمحيط بالدنيا بل محاط بالأرض من جميع الجوانب و لايتصل بالمحيط ولعله إنما تكلف ذلك لأنه لايحصل من المحيط شيء و هو غيرمسلم وقرأ بعض الأفاضل المطيف بضم الميم وسكون الطاء وفتح الياء اسم مفعول أواسم المكان من الطواف و لايخفي ضعفه فإن اسم المفعول منه مطاف بالضم أومطوف واسم المكان كالأول أومطاف بالفتح وربما يقرأ مطيف بتشديد الياء المفتوحة و هوأيضا غيرمستقيم لأنه بالمعني المشهور واوي فالمفعول من باب التفعيل مطوّف وأيضا كان ينبغي أن يقال المطيف به الدنيا نعم قال في القاموس طيّف تطييفا وطوف أكثر الطواف انتهي لكن حمله علي هذاأيضا يحتاج إلي تكلف شديد و ما في الكافي أظهر وأصوب والمعني أن البحر المحيط بالدنيا أيضا للإمام ع
16- نَوَادِرُ الراّونَديِّ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص شَرّ اليَهُودِ يَهُودُ بَيسَانَ وَ شَرّ النّصَارَي نَصَارَي نَجرَانَ وَ خَيرُ مَاءٍ نَبَعَ عَلَي وَجهِ الأَرضِ مَاءُ زَمزَمَ وَ شَرّ مَاءٍ نَبَعَ عَلَي وَجهِ الأَرضِ مَاءُ بَرَهُوتَ وَادٍ بِحَضرَمَوتَ يَرِدُ عَلَيهِ هَامُ الكُفّارِ وَ صَدَاهُم
بيان في القاموس بيسان قرية بالشام وقرية بمرو وموضع باليمامة ولعل الأول هنا أظهر ونجران موضع باليمن و في النهاية فيه لاعدوي و لاهامة الهامة الرأس واسم طائر و هوالمراد في الحديث و ذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها وهي من طير الليل وقيل هي البومة وقيل إن العرب كانت تزعم أن روح القتيل ألذي لايدرك بثأره تصير هامة فتقول اسقوني اسقوني فإذاأدرك بثأره طارت وقيل كانوا يزعمون أن عظام الميت وقيل روحه تصير هامة فتطير ويسمونه الصدي فنفاه الإسلام ونهاهم عنه و في القاموس الصدي الجسد من الآدمي بعدموته و
صفحه : 45
طائر يخرج من رأس المقتول إذابلي بزعم الجاهلية
17- كِتَابُ الغَارَاتِ لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ رَفَعَهُ عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ قَالَ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَن أَوّلِ شَيءٍ ضَجّ عَلَي الأَرضِ قَالَ وَادٍ بِاليَمَنِ هُوَ أَوّلُ وَادٍ فَارَ مِنهُ المَاءُ
18- كِتَابُ النّوَادِرِ،لعِلَيِّ بنِ أَسبَاطٍ عَن عِيسَي بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ قَالَ قَالَ ع لَو عُدِلَ فِي الفُرَاتِ لَسَقَي مَا عَلَي الأَرضِ كُلّهُ
بيان يحتمل أن يكون المراد بهاالأراضي التي علي شطه وبالقرب منه
19- الدّرّ المَنثُورُ، عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ مَاءُ زَمزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ مِن شَربَةٍ لِمَرَضٍ شَفَاهُ اللّهُ أَو لِجُوعٍ أَشبَعَهُ اللّهُ أَو لِحَاجَةٍ قَضَاهَا اللّهُ
قال الحكيم الترمذي وحدثّني أبي قال دخلت الطواف في ليلة ظلماء فأخذني من البول ماشغلني فجعلت أعتصر حتي آذاني وخفت إن خرجت من المسجد أن أطأ بعض تلك الأقذار و ذلك أيام الحاج فذكرت هذاالحديث فدخلت زمزم فتبلّعت منه فذهب عني إلي الصباح
20- وَ مِنهُ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ مَرَجَ البَحرَينِ قَالَ أَرسَلَ البَحرَينِبَينَهُما بَرزَخٌ قَالَ حَاجِزٌلا يَبغِيانِ قَالَ لَا يَختَلِطَانِ
وَ روُيَِ أَيضاً عَنهُ قَالَ بَحرُ السّمَاءِ وَ بَحرُ الأَرضِ يَلتَقِيَانِ كُلّ عَامٍيَخرُجُ مِنهُمَا اللّؤلُؤُ وَ المَرجانُ قَالَ إِذَا مَطَرَتِ السّمَاءُ فَتَحَتِ الأَصدَافُ فِي البَحرِ أَفوَاهَهَا فَمَا وَقَعَ فِيهَا مِن قَطرِ السّمَاءِ فَهُوَ اللّؤلُؤُ
21- وَ عَنِ ابنِ جُبَيرٍ قَالَ إِذَا نَزَلَ القَطرُ مِنَ السّمَاءِ تَفَتّحَت لَهُ الأَصدَافُ فَكَانَ لُؤلُؤاً
22- وَ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ المَرجَانُ عِظَامُ اللّؤلُؤِ
و عن ابن عباس مثله
صفحه : 46
23- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي عَنهُ المَرجَانُ اللّؤلُؤُ الصّغَارُ
24- وَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ المَرجَانُ الخَرَزُ الأَحمَرُ
25- وَ عَن عُمَيرِ بنِ سَعدٍ قَالَ كُنّا مَعَ عَلِيّ عَلَي شَطّ الفُرَاتِ فَمَرّت سَفِينَةٌ فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَوَ لَهُ الجَوارِ المُنشَآتُ فِي البَحرِ كَالأَعلامِ
26- مَجمَعُ البَيَانِ،رَوَي مُقَاتِلٌ عَن عِكرِمَةَ وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي أَنزَلَ مِنَ الجَنّةِ خَمسَةَ أَنهَارٍ سَيحُونَ وَ هُوَ نَهَرُ الهِندِ وَ جَيحُونَ وَ هُوَ نَهَرُ بَلخَ وَ دِجلَةَ وَ الفُرَاتَ وَ هُمَا نَهرَا العِرَاقِ وَ النّيلَ وَ هُوَ نَهَرُ مِصرَ أَنزَلَهَا اللّهُ تَعَالَي مِن عَينٍ وَاحِدَةٍ وَ أَجرَاهَا فِي الأَرضِ وَ جَعَلَ فِيهَا مَنَافِعَ لِلنّاسِ فِي أَصنَافِ مَعَايِشِهِم وَ ذَلِكَ قَولُهُوَ أَنزَلنا مِنَ السّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسكَنّاهُ فِي الأَرضِ وَ إِنّا عَلي ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ
27- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ عَن عَلِيّ بنِ النّعمَانِ عَن صَالِحِ بنِ حَمزَةَ عَن أَبَانِ بنِ مُصعَبٍ عَن يُونُسَ بنِ ظَبيَانَ أَوِ المُعَلّي بنِ خُنَيسٍ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع مَا لَكُم مِن هَذِهِ الأَنهَارِ فَتَبَسّمَ وَ قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي بَعَثَ جَبرَئِيلَ وَ أَمَرَهُ أَن يَخرِقَ بِإِبهَامِهِ ثَمَانِيَةَ أَنهَارٍ فِي الأَرضِ مِنهَا سَيحَانُ وَ جَيحَانُ وَ هُوَ نَهَرُ بَلخَ وَ الخشوعُ وَ هُوَ نَهَرُ الشّاشِ وَ مِهرَانُ وَ هُوَ نَهَرُ الهِندِ وَ نِيلُ مِصرَ وَ دِجلَةُ وَ الفُرَاتُ فَمَا سَقَت أَوِ استَقَت فَهُوَ لَنَا وَ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِشِيعَتِنَا وَ لَيسَ لِعَدُوّنَا مِنهُ شَيءٌ إِلّا مَا غَصَبَ عَلَيهِ وَ إِنّ وَلِيّنَا لفَيِ أَوسَعَ مِمّا بَينَ ذِه إِلَي ذِه يعَنيِ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ ثُمّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَقُل هيَِ لِلّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنياالمَغصُوبِينَ عَلَيهَاخالِصَةًلَهُميَومَ القِيامَةِبِلَا غَصبٍ
توضيح لعل التبسّم لأجل من التبعيضية يخرق كينصر ويضرب أي
صفحه : 47
يشقّ ويحفر ومنهم من حمل الكلام علي الاستعارة التمثيلية لبيان أن حدوث الأنهار ونحوها مستندة إلي قدرة الله تعالي ردا علي الفلاسفة الذين يسندونها إلي الطبائع و في أكثر النسخ هنا جيحان بالألف و في بعضها بالواو و هوأصوب لماعرفت أن نهر بلخ بالواو و علي الأول إن كان التفسير من بعض الرواة فيمكن أن يكون اشتباها منه و لو كان من الإمام ع وصح الضبط كان الاشتباه من اللغويين والشاش بلد بما وراء النهر كما في القاموس ونهره علي ماذكره البرجندي بقدر ثلثي الجيحون ومنبعه من بلاد الترك من موضع عرضه اثنتان وأربعون درجة وطوله إحدي وسبعون درجة ويمر إلي المغرب مائلا إلي الجنوب إلي خجند ثم إلي فاراب ثم ينصب في بحيرة خوارزم وتسميته بالخشوع غيرمذكور فيما رأينا من كتب اللغة وغيرها فما سقت أي سقته من الأشجار والأراضي والزروع أواستقت أي منه أي أخذت الأنهار منه و هوبحر المطيف بالدنيا أوبحر السماء فالمقصود أن أصلها وفرعها لنا أوضمير استقت راجع إلي ماباعتبار تأنيث معناه والتقدير استقت منها وضمير منها المقدر للأنهار فالمراد بما سقت ماجرت عليها من غيرعمل وبما استقت ماشرب منها بعمل كالدولاب وشبهه ونسبة الاستسقاء إليها علي المجاز كذا خطر بالبال و هوأظهر وقيل ضمير استقت راجع إلي الأنهار علي الإسناد المجازي لأن الاستقاء فعل لمن يخرج الماء منها بالحفر والدولاب يقال استقيت من البئر أي أخرجت الماء منها وبالجملة يعتبر في الاستقاء ما لايعتبر في السقي من الكسب والمبالغة في الاعتمال إلا ماغصب عليه علي بناء المعلوم والضمير للعدو أي غصبنا عليه أو علي بناء المجهول أي إلا شيءصار مغصوبا عليه يقال غصبه علي الشيء أي قهره والاستثناء منقطع إن كان اللام للاستحقاق و إن كان للانتفاع فالاستثناء متصل وذه إشارة إلي المؤنث أصلها ذي قلبت الياء هاء المغصوبين عليها الحاصل أن خالصة حال مقدرة من قبيل قولهم جاءني زيد صائدا صقره غدا قال في مجمع البيان قال ابن عباس يعني أن المؤمنين يشاركون المشركين في الطيبات في الدنيا ثم يخلص الله
صفحه : 48
الطيبات في الآخرة للذين آمنوا و ليس للمشركين فيها شيءانتهي . ثم اعلم أنه ع ذكر في الأول ثمانية وإنما ذكر في التفصيل سبعة فيحتمل أن يكون ترك واحدا منها لأنه لم يكن في مقام تفصيل الجميع بل قال منها سيحان الخبر وقيل لما كان سيحان اسما لنهرين نهر بالشام ونهر بالبصرة أراد هنا كليهما من قبيل استعمال المشترك في معنييه و هوبعيد ولعله سقط واحد منها من الرواة وكأنه كان جيحان وجيحون فظن بعض النساخ والرواة زيادة أحدهما فأسقطه وحينئذ يستقيم التفسير أيضا.فائدة قال النيسابوري في تفسير قوله تعالي وَ الفُلكِ التّيِ تجَريِ فِي البَحرِ بِما يَنفَعُ النّاسَ قدسلف أن الماء المحيط بأكثر جوانب القدر المعمور من الأرض فذلك هوالبحر المحيط و قددخل في ذلك الماء من جانب الجنوب متصلا بالمحيط الشرقي ومنقطعا عن الغربي إلي وسط العمارة أربعة خليجات الأول إذاابتدأ من المغرب الخليج البربري لكونه في حدود بربر من أرض الحبشة طوله من الجنوب إلي الشمال مائة وستون فرسخا وعرضه خمسة وثلاثون فرسخا و علي ضلعه الغربي بلاد كفار الحبشة وبعض الزنج و علي الشرقي بلاد مسلمي الحبشة والثاني الخليج الأحمر طوله من الجنوب إلي الشمال أربعمائة وستون فرسخا وعرضه بقرب منتهاه ستون فرسخا و بين طرفه وفسطاط مصر ألذي علي شرق النيل مسيرة ثلاثة أيام علي البر و علي ضلعه الغربي بعض بلاد البربر وبعض بلاد الحبشة و علي ضلعه الشرقي سواحل عليها فرضه مدينة الرسول ص لقوافل مصر والحبشة إلي الحجاز ثم سواحل اليمن ثم عدن علي الذؤابة الشرقية منه الثالث خليج فارس طوله من الجنوب إلي الشمال أربعمائة وستون فرسخا وعرضه قريب من مائة وثمانين فرسخا و علي سواحل ضلعه الغربي بلاد عمان ولهذا ينسب البحر هناك إليها وجملة ولاية الغرب وإحيائهم من الحجاز واليمن والطائف وغيرها وبواديهم بين الضلع الغربي من هذا
صفحه : 49
البحر والشرقي من الخليج الأحمر فلهذا سميت العمارة الواقعة بينهما جزيرة العرب و فيهامكة زادها الله شرفا و علي سواحل ضلعه الشرقي بلاد فارس ثم هرموز ثم مكران ثم سواحل السند الرابع الخليج الأخضر مثلث الشكل آخذ من الجنوب إلي الشمال ضلعه الشرقي بلاد فارس ثم هرموز ثم مكران متصل بالمحيط الشرقي وضلعه الغربي خمسمائة فرسخ تقريبا و علي سواحل هذاالضلع ولايات الصين ولهذا يسمي بحر الصين و من زاويته الغربية إلي زاوية من بحر فارس يسمي بحر الهند لكون بعض ولايتهم علي سواحله وأيضا فقد دخل إلي العمارة من جانب الغرب خليج عظيم يمر من جانب الجنوب علي كثير من بلاد المغرب ويحاذي أرض السودان وينتهي إلي بلاد مصر والشام و من جانب الشمال علي بلاد الروس والجلالقة والصقالبة إلي بلاد الروم والشام ويتشعب منه شعبة من شمال أرض الصقالبة إلي أرض مسلمي بلغار يسمي بحر ورنك طوله المعلوم مائة فرسخ وعرضه ثلاث وثلاثون و إذاجاوز تلك النواحي امتد نحو المشرق عما وراء جبال غيرمسلوكة وأرض غيرمسكونة وتتشعب منه أيضا شعبة يسمي بحر طرابزون فهذه هي البحار المتصلة بالمحيط و أما غيرالمتصلة فأعظمها بحر طبرستان وجيلان و باب الأبواب والخزر وأبسيكون لكون هذه الولايات علي سواحله مستطيل الشكل آخذ من المشرق إلي المغرب بأكثر من مائتين وخمسين فرسخا و من الجنوب إلي الشمال بقرب من مائتين و من عجائب البحار الحيوانات المختلفة الأعظام والأنواع والأصناف ومنها الجزائر الواقعة فيهافقد يقال في بحر الهند من الجزائر العامرة ألف وثلاثمائة وسبعون منها جزيرة عظيمة في أقصي البحر مقابل أرض الهند في ناحية المشرق و عندبلاد الصين تسمي جزيرة سرانديب دورها ثلاثة آلاف ميل فيهاجبال عظيمة وأنهار كثيرة ومنها يخرج الياقوت الأحمر وحول هذه الجزيرة تسع عشرة جزيرة عامرة فيهامدائن
صفحه : 50
وقري كثيرة و من جزائر هذاالبحر جزيرة كله التي يجلب منها الرصاص القلعي وجزيرة سريرة التي يجلب منها الكافور وغرائب البحر كثيرة ولهذا قيل حدث عن البحر و لاحرج وسئل بعض العقلاء مارأيت من عجائب البحر قال سلامتي منه .تتمة قالت الحكماء في سبب انفجار العيون من الأرض أن البخار إذااحتبس في داخل من الأرض لما فيها من ثقب وفرج يميل إلي جهة فيبرد بهافينقلب مياها مختلطة بأجزاء بخارية فإذاكثر لوصول مدد متدافع إليه بحيث لاتسعه الأرض أوجب انشقاق الأرض وانفجرت منها العيون أماالجارية علي الولاء فهي إما لدفع تاليها سابقها أولانجذابه إليه لضرورة عدم الخلاء بأن يكون البخار ألذي انقلب ماء وفاض إلي وجه الأرض ينجذب إلي مكانه مايقوم مقامه لئلا يكون خلاء فينقلب هوأيضا ماء ويفيض وهكذا استتبع كل جزء منه جزء آخر و أماالعيون الراكدة فهي حادثة من أبخرة لم تبلغ من كثرة موادها وقوتها أن يحصل منها معاونة شديدة أويدفع اللاحق السابق و أمامياه القني والآبار فهي متولدة من أبخرة ناقصة القوة عن أن يشق الأرض فإذاأزيل ثقل الأرض عن وجهها صادفت منفذا تندفع إليه بأدني حركة فإن لم يجعل هناك مسيل فهو البئر و إن جعل فهو القناة ونسبة القني إلي الآبار كنسبة العيون السيالة إلي الراكدة ويمكن أن تكون هذه المياه متولدة كماقاله أبوالبركات البغدادي من أجزاء مائية متولدة من أجزاء متفرقة في ثقب أعماق الأرض ومنافذها إذااجتمعت بل هذاأولي لكون مياه العيون والآبار والقنوات تزيد بزيادة الثلوج والأمطار قال الشيخ في النجاة و هذه الأبخرة إذاانبعثت عيونا أمدت البحار بصب الأنهار إليها ثم ارتفع من البحار والبطائح والأنهار وبطون الجبال خاصة أبخرة أخري ثم قطرت ثانيا إليها فقامت بدل مايتحلل منها علي الدور دائما
صفحه : 51
باب 13- الأرض وكيفيتها و ماأعدّ الله للناس فيها وجوامع أحوال العناصر و ماتحت الأرضين
الآيات البقرةيا أَيّهَا النّاسُ اعبُدُوا رَبّكُمُ ألّذِي خَلَقَكُم وَ الّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلّكُم تَتّقُونَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِراشاً وَ السّماءَ بِناءً وَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثّمَراتِ رِزقاً لَكُم فَلا تَجعَلُوا لِلّهِ أَنداداً وَ أَنتُم تَعلَمُونَالرعدوَ هُوَ ألّذِي مَدّ الأَرضَ وَ جَعَلَ فِيها روَاسيَِ وَ أَنهاراً وَ مِن كُلّ الثّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوجَينِ اثنَينِ يغُشيِ اللّيلَ النّهارَ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَ وَ فِي الأَرضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَ جَنّاتٌ مِن أَعنابٍ وَ زَرعٌ وَ نَخِيلٌ صِنوانٌ وَ غَيرُ صِنوانٍ يُسقي بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضّلُ بَعضَها عَلي بَعضٍ فِي الأُكُلِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ ابراهيم اللّهُ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثّمَراتِ رِزقاً لَكُم وَ سَخّرَ لَكُمُ الفُلكَ لتِجَريَِ فِي البَحرِ بِأَمرِهِ وَ سَخّرَ لَكُمُ الأَنهارَ وَ سَخّرَ لَكُمُ الشّمسَ وَ القَمَرَ دائِبَينِ وَ سَخّرَ لَكُمُ اللّيلَ وَ النّهارَ وَ آتاكُم مِن كُلّ ما سَأَلتُمُوهُ وَ إِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللّهِ لا تُحصُوها إِنّ الإِنسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌالحجروَ الأَرضَ مَدَدناها وَ أَلقَينا فِيها روَاسيَِ وَ أَنبَتنا فِيها مِن كُلّ شَيءٍ مَوزُونٍ وَ جَعَلنا لَكُم فِيها مَعايِشَ وَ مَن لَستُم لَهُ بِرازِقِينَالنحل هُوَ ألّذِي أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً لَكُم مِنهُ شَرابٌ وَ مِنهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ
صفحه : 52
يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزّرعَ وَ الزّيتُونَ وَ النّخِيلَ وَ الأَعنابَ وَ مِن كُلّ الثّمَراتِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَ وَ سَخّرَ لَكُمُ اللّيلَ وَ النّهارَ وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومُ مُسَخّراتٌ بِأَمرِهِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ وَ ما ذَرَأَ لَكُم فِي الأَرضِ مُختَلِفاً أَلوانُهُ إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَذّكّرُونَ وَ هُوَ ألّذِي سَخّرَ البَحرَ لِتَأكُلُوا مِنهُ لَحماً طَرِيّا وَ تَستَخرِجُوا مِنهُ حِليَةً تَلبَسُونَها وَ تَرَي الفُلكَ مَواخِرَ فِيهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ وَ أَلقي فِي الأَرضِ روَاسيَِ أَن تَمِيدَ بِكُم وَ أَنهاراً وَ سُبُلًا لَعَلّكُم تَهتَدُونَ وَ عَلاماتٍ وَ بِالنّجمِ هُم يَهتَدُونَ إلي قوله تعالي وَ إِن تَعُدّوا نِعمَةَ اللّهِ لا تُحصُوها إِنّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌالكهف إِنّا جَعَلنا ما عَلَي الأَرضِ زِينَةً لَها لِنَبلُوَهُم أَيّهُم أَحسَنُ عَمَلًاطه لَهُ ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ وَ ما بَينَهُما وَ ما تَحتَ الثّري و قال تعالي ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ مَهداً وَ سَلَكَ لَكُم فِيها سُبُلًا وَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَخرَجنا بِهِ أَزواجاً مِن نَباتٍ شَتّي كُلُوا وَ ارعَوا أَنعامَكُم إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لأِوُليِ النّهي مِنها خَلَقناكُم وَ فِيها نُعِيدُكُم وَ مِنها نُخرِجُكُم تارَةً أُخريالأنبياءوَ جَعَلنا فِي الأَرضِ روَاسيَِ أَن تَمِيدَ بِهِم وَ جَعَلنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلّهُم يَهتَدُونَالشعراءأَ وَ لَم يَرَوا إِلَي الأَرضِ كَم أَنبَتنا فِيها مِن كُلّ زَوجٍ كَرِيمٍ إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكثَرُهُم مُؤمِنِينَ و قال تعالي أَ تُترَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخلٍ طَلعُها هَضِيمٌ وَ تَنحِتُونَ مِنَ الجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ
صفحه : 53
النمل أَمّن خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ أَنزَلَ لَكُم مِنَ السّماءِ ماءً فَأَنبَتنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهجَةٍ ما كانَ لَكُم أَن تُنبِتُوا شَجَرَها أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ بَل هُم قَومٌ يَعدِلُونَ أَمّن جَعَلَ الأَرضَ قَراراً وَ جَعَلَ خِلالَها أَنهاراً وَ جَعَلَ لَها روَاسيَِ وَ جَعَلَ بَينَ البَحرَينِ حاجِزاً أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمُونَلقمان خَلَقَ السّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها وَ أَلقي فِي الأَرضِ روَاسيَِ أَن تَمِيدَ بِكُم وَ بَثّ فِيها مِن كُلّ دابّةٍ وَ أَنزَلنا مِنَ السّماءِ ماءً فَأَنبَتنا فِيها مِن كُلّ زَوجٍ كَرِيمٍ هذا خَلقُ اللّهِ فأَرَوُنيِ ما ذا خَلَقَ الّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍفاطرأَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَخرَجنا بِهِ ثَمَراتٍ مُختَلِفاً أَلوانُها وَ مِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَ حُمرٌ مُختَلِفٌ أَلوانُها وَ غَرابِيبُ سُودٌ وَ مِنَ النّاسِ وَ الدّوَابّ وَ الأَنعامِ مُختَلِفٌ أَلوانُهُ كَذلِكَ إِنّما يَخشَي اللّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌيس وَ آيَةٌ لَهُمُ الأَرضُ المَيتَةُ أَحيَيناها وَ أَخرَجنا مِنها حَبّا فَمِنهُ يَأكُلُونَ وَ جَعَلنا فِيها جَنّاتٍ مِن نَخِيلٍ وَ أَعنابٍ وَ فَجّرنا فِيها مِنَ العُيُونِ لِيَأكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَ ما عَمِلَتهُ أَيدِيهِم أَ فَلا يَشكُرُونَ سُبحانَ ألّذِي خَلَقَ الأَزواجَ كُلّها مِمّا تُنبِتُ الأَرضُ وَ مِن أَنفُسِهِم وَ مِمّا لا يَعلَمُونَالمؤمن اللّهُ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ قَراراً وَ السّماءَ بِناءًالسجدةوَ مِن آياتِهِ أَنّكَ تَرَي الأَرضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنزَلنا عَلَيهَا الماءَ اهتَزّت وَ رَبَت إِنّ ألّذِي أَحياها لمَحُيِ المَوتي إِنّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌحمعسق وَ مِن آياتِهِ خَلقُ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ ما بَثّ فِيهِما مِن دابّةٍ وَ هُوَ عَلي
صفحه : 54
جَمعِهِم إِذا يَشاءُ قَدِيرٌالزخرف ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ مَهداً وَ جَعَلَ لَكُم فِيها سُبُلًا لَعَلّكُم تَهتَدُونَالجاثيةوَ سَخّرَ لَكُم ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ جَمِيعاً مِنهُ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَق وَ الأَرضَ مَدَدناها وَ أَلقَينا فِيها روَاسيَِ وَ أَنبَتنا فِيها مِن كُلّ زَوجٍ بَهِيجٍ تَبصِرَةً وَ ذِكري لِكُلّ عَبدٍ مُنِيبٍالذاريات وَ الأَرضَ فَرَشناها فَنِعمَ الماهِدُونَ وَ مِن كُلّ شَيءٍ خَلَقنا زَوجَينِ لَعَلّكُم تَذَكّرُونَالرحمن وَ الأَرضَ وَضَعَها لِلأَنامِ فِيها فاكِهَةٌ وَ النّخلُ ذاتُ الأَكمامِ وَ الحَبّ ذُو العَصفِ وَ الرّيحانُ فبَأِيَّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِالحديداعلَمُوا أَنّ اللّهَ يحُيِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها قَد بَيّنّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلّكُم تَعقِلُونَالطلاق اللّهُ ألّذِي خَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ يَتَنَزّلُ الأَمرُ بَينَهُنّ لِتَعلَمُوا أَنّ اللّهَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَ أَنّ اللّهَ قَد أَحاطَ بِكُلّ شَيءٍ عِلماًالملك هُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ ذَلُولًا فَامشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِن رِزقِهِ وَ إِلَيهِ النّشُورُ
صفحه : 55
نوح وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ بِساطاً لِتَسلُكُوا مِنها سُبُلًا فِجاجاًالمرسلات أَ لَم نَجعَلِ الأَرضَ كِفاتاً أَحياءً وَ أَمواتاً وَ جَعَلنا فِيها روَاسيَِ شامِخاتٍ وَ أَسقَيناكُم ماءً فُراتاً وَيلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذّبِينَالنبأأَ لَم نَجعَلِ الأَرضَ مِهاداً وَ الجِبالَ أَوتاداً وَ خَلَقناكُم أَزواجاً وَ جَعَلنا نَومَكُم سُباتاً وَ جَعَلنَا اللّيلَ لِباساً وَ جَعَلنَا النّهارَ مَعاشاً وَ بَنَينا فَوقَكُم سَبعاً شِداداً وَ جَعَلنا سِراجاً وَهّاجاً وَ أَنزَلنا مِنَ المُعصِراتِ ماءً ثَجّاجاً لِنُخرِجَ بِهِ حَبّا وَ نَباتاً وَ جَنّاتٍ أَلفافاًالطارق وَ الأَرضِ ذاتِ الصّدعِالغاشيةأَ فَلا يَنظُرُونَ إِلَي الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَت وَ إِلَي السّماءِ كَيفَ رُفِعَت وَ إِلَي الجِبالِ كَيفَ نُصِبَت وَ إِلَي الأَرضِ كَيفَ سُطِحَتالشمس 6-وَ الأَرضِ وَ ما طَحاهاتفسيرألّذِي خَلَقَكُمقيل إنه تعالي عدّد في هذاالمقام عليهم خمسة دلائل اثنين من الأنفس وهما خلقهم وخلق أصولهم وثلاثة من الآفاق بجعل الأرض فراشا والسماء بناء والأمور الحاصلة من مجموعهما وهي إنزال الماء من السماء وإخراج الثمرات بسببه وسبب هذاالترتيب ظاهر لأن أقرب الأشياء إلي الإنسان نفسه ثم مأمنه ومنشؤه وأصله ثم الأرض التي هي مكانه ومستقرّه يقعدون عليها وينامون ويتقلّبون كمايتقلّب أحدهم علي فراشه ثم السماء التي كالقبّة المضروبة والخيمة المبنية علي هذاالقرار ثم مايحصل من شبه الازدواج بين المقلّة والمظلّة من إنزال الماء عليها والإخراج به من بطنها أشباه النسل من الحيوان ألوان الغذاء
صفحه : 56
وأنواع الثمار رزقا لبني آدم وأيضا خلق المكلفين أحياء قادرين أصل لجميع النعم و أماخلق الأرض والسماء فذلك إنما ينتفع به بشرط حصول الخلق والحياة والقدرة والشهوة وذكر الأصول مقدّم علي ذكر الفروع وأيضا كل ما كان في السماء و الأرض من الدلائل علي وجود الصانع فهو حاصل في الإنسان بزيادة الحياة والقدرة والشهوة والعقل و لماكانت وجوه الدلالة فيه أتم كان تقديمه في الذكر أهم . والفراش اسم لمايفرش كالبساط لمايبسط و ليس من ضرورات الافتراش أن يكون سطحا مستويا كالفراش علي ماظنّ فسواء كانت كذلك و علي شكل الكرة فالافتراش غيرمستنكر و لامدفوع لعظم جرمها وتباعد أطرافها ولكنه لايتم الافتراش عليها ما لم تكن ساكنة في حيزها الطبيعي و هووسط الأفلاك لأن الأثقال بالطبع تميل إلي تحت كما أن الخفاف بالطبع تميل إلي فوق والفوق من جميع الجوانب مايلي السماء والتحت مايلي المركز فكما أنه يستبعد حركة الأرض في مايلينا إلي جهة السماء فكذلك يستبعد هبوطها في مقابلة ذلك لأن ذلك الهبوط صعود أيضا إلي السماء فإذن لاحاجة في سكون الأرض وقرارها في حيزها إلي علاقة من فوقها و لا إلي دعامة من تحتها بل يكفي في ذلك ماأعطاها خالقها وركز فيها من الميل الطبيعي إلي الوسط الحقيقي بقدرته واختياره إِنّ اللّهَ يُمسِكُ السّماواتِ وَ الأَرضَ أَن تَزُولا وَ لَئِن زالَتا إِن أَمسَكَهُما مِن أَحَدٍ مِن بَعدِهِ ومما من الله علي عباده في خلق الأرض أن لم تجعل في غاية الصلابة كالحجر و لا في غاية اللين والانغمار كالماء ليسهل النوم والمشي عليها وأمكنت الزراعة واتخاذ الأبنية منها ويتأتي حفر الآبار وإجراء الأنهار ومنها أن لم تخلق في نهاية اللطافة والشفيف لتستقر الأنوار عليها وتتسخن منها فيمكن جوازها. ومنها أن جعلت بارزة بعضها من الماء مع أن طبعها الغوص فيهالتصلح لتعيش الحيوانات البرية عليها وسبب انكشاف مابرز منها و هوقريب من ربعها إن لم تخلق صحيحة الاستدارة بل خلقت هي والماء بمنزلة كرة واحدة يدل علي ذلك في ما بين الخافقين
صفحه : 57
تقدم طلوع الكواكب وغروبها للمشرقيين علي طلوعها وغروبها للمغربيين و في ما بين الشمال والجنوب ازدياد ارتفاع القطب الظاهر وانحطاط الخفي للواغلين في الشمال وبالعكس للواغلين في الجنوب وتركب الاختلافين لمن يسير علي سمت بين السمتين إلي غير ذلك من الأعراض الخاصة بالاستدارة يستوي في ذلك راكب البر وراكب البحر و هذه الجبال و إن شمخت لاتخرجها عن أصل الاستدارة لأنها بمنزلة الخشونة القادحة في ملاسة الكرة لا في استدارتها. ومنها الأشياء المتولدة فيها من المعادن والنبات والحيوان والآثار العلوية والسفلية و لايعلم تفاصيلها إلاموجدها ومنها اختلاف بقاعها في الرخاوة والصلابة والدماثة والوعورة بحسب اختلاف الحاجات والأغراض وَ فِي الأَرضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ ومنها اختلاف ألوانهاوَ مِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَ حُمرٌ مُختَلِفٌ أَلوانُها وَ غَرابِيبُ سُودٌ ومنها انصداعها بالنبات وَ الأَرضِ ذاتِ الصّدعِ ومنها جذبها للماء المنزل من السماءوَ أَنزَلنا مِنَ السّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسكَنّاهُ فِي الأَرضِ ومنها العيون والأنهار العظام التي فيهاوَ الأَرضَ مَدَدناها ومنها أن لها طبع الكرم والسماحة تأخذ واحدة وترد سبعمائةكَمَثَلِ حَبّةٍ أَنبَتَت سَبعَ سَنابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبّةٍ ومنها حياتها وموتهاوَ آيَةٌ لَهُمُ الأَرضُ المَيتَةُ أَحيَيناها ومنها الدواب المختلفةوَ بَثّ فِيها مِن كُلّ دَابّةٍ ومنها النباتات المتنوعةوَ أَنبَتنا فِيها مِن كُلّ زَوجٍ بَهِيجٍفاختلاف ألوانها دلالة واختلاف طعومها دلالة واختلاف روائحها دلالة فمنها قوت البشر ومنها قوت البهائم كُلُوا وَ ارعَوا أَنعامَكُم ومنها الطعام ومنها الإدام ومنها الدواء ومنها الفواكه ومنها كسوة البشر نباتية كالقطن والكتان وحيوانية كالشعر والصوف والإبريسم والجلود ومنها الأحجار المختلفة بعضها للزينة وبعضها للأبنية فانظر إلي الحجر ألذي تستخرج منه النار مع كثرته وانظر إلي الياقوت الأحمر مع عزته وانظر إلي كثرة النفع بذلك الحقير وقلة النفع بهذا الخطير ومنها ماأودع الله تعالي فيها من المعادن الشريفة كالذهب والفضة. ثم تأمل أن البشر استنبطوا الحرف الدقيقة والصنائع الجليلة واستخرجوا
صفحه : 58
السمك من قعر البحر واستنزلوا الطير من أوج الهواء وعجزوا عن اتخاذ الذهب والفضة والسبب فيه أن معظم فائدتهما ترجع إلي الثمنية و هذه الفائدة لاتحصل إلا عندالعزة والقدرة علي اتخاذهما تبطل هذه الحكمة فلذلك ضرب الله دونهما بابا مسدودا و من هاهنا اشتهر في الألسنة من طلب المال بالكيمياء أفلس . ومنها مايوجد علي الجبال والأراضي من الأشجار الصالحة للبناء والسقف والحطب و مااشتد إليه الحاجة في الخبز والطبخ ولعل ماتركناه من الفوائد أكثر مما عددناه فإذاتأمل العاقل في هذه الغرائب والعجائب اعترف بمدبر حكيم ومقدر عليم إن كان ممن يسمع ويبصر ويعتبر. و أمامنافع السماء فإن الله تعالي زينها بمصابيح وَ لَقَد زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ وبالقمروَ جَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُوراً وبالشمس وَ جَعَلَ الشّمسَ سِراجاً وبالعرش رَبّ العَرشِ العَظِيمِ وبالكرسيوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ وباللوح فِي لَوحٍ مَحفُوظٍ وبالقلم ن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ وسماها سقفا محفوظا وسبعا طباقا وسبعا شدادا وذكر أن خلقها مشتمل علي حكم بليغة وغايات صحيحةرَبّنا ما خَلَقتَ هذا باطِلًاوَ ما خَلَقنَا السّماءَ وَ الأَرضَ وَ ما بَينَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنّ الّذِينَ كَفَرُوا وجعلها مصعد الأعمال ومهبط الأنوار وقبلة الدعاء ومحل الضياء والصفاء وجعل لونها أنقع الألوان و هوالمستنير وشكلها أفضل الأشكال و هوالمستدير ونجومها رجوما للشياطين وعلامات يهتدي بها في ظلمات البر والبحر وقيض للشمس طلوعا وسهل معه التقلب لقضاء الأوطار في الأطراف وغروبا يصلح معه الهدء والقرار في الأكناف لتحصيل الراحة وانبعاث القوة الهاضمة وتنفيذ الغذاء إلي الأعضاء وأيضا لو لاالطلوع لانجمدت المياه وغلبت البرودة والكثافة وأفضت إلي جمود الحرارة الغريزية وانكسار سورتها و لو لاالغروب لحميت الأرض حتي يحترق كل من عليها من حيوان ونبات فهي بمنزلة السراج يوضع لأهل بيت بمقدار حاجتهم ثم يرفع عنهم ليستقروا ويستريحوا فصار النور والظلمة مع تضادهما متظاهرين علي ما فيه صلاح قطان الأرض .
صفحه : 59
و أماارتفاع الشمس وانحطاطها فقد جعله الله تعالي سببا لإقامة الفصول الأربعة ففي الشتاء تغور الحرارة في الشجر والنبات فيتولد منه مواد الثمار ويستكثف الهواء فيكثر السحاب والمطر وتقوي أبدان الحيوانات بسبب احتقان الحرارة الغريزية في البواطن و في الربيع تتحرك الطبائع وتظهر المواد المتولدة في الشتاء وينور الشجر ويهيج الحيوان للسفاد و في الصيف يحتدم الهواء فتنضج الثمار وتتحلل فضول الأبدان ويجف وجه الأرض ويتهيأ للعمارة والزراعة و في الخريف يظهر البرد واليبس فتدرك الثمار وتستعد الأبدان قليلا قليلا للشتاء. و أماالقمر فهو تلو الشمس وخليفتها و به يعلم عدد السنين والحساب وتضبط المواقيت الشرعية و منه يحصل النماء والرواء و قدجعل الله في طلوعه مصلحة و في غيبته مصلحة يحكي أن أعرابيا نام عن جمله ليلا ففقده فلما طلع القمر وجده فنظر إلي القمر و قال إن الله صورك ونورك و علي البروج دورك فإذاشاء نورك و إذاشاء كورك فلاأعلم مزيدا أسأله لك فإن أهديت إلي سرورا فقد أهدي الله إليك نورا ثم أنشأ في ذلك أبياتا. و قال الجاحظ إذاتأملت في هذاالعالم وجدته كالبيت المعد فيه كل مايحتاج إليه فالسماء مرفوعة كالسقف و الأرض ممدودة كالبساط والنجوم منضودة كالمصابيح والإنسان كما لك البيت المتصرف فيه وضروب النبات مهيأة لمنافعه وصنوف الحيوان متصرفة في مصالحه فهذه جملة واضحة دالة علي أن العالم مخلوق بتدبير كامل وتقدير شامل وحكمة بالغة وقدرة غيرمتناهية. ثم إنهم اختلفوا في أن السماء أفضل أم الأرض قال بعضهم السماء أفضل لأنها معبد الملائكة و ما فيهابقعة عصي الله فيها و لماأتي آدم بالمعصية أهبط من الجنة و قال الله لايسكن في جواري من عصاني و قال تعالي وَ جَعَلنَا السّماءَ سَقفاً مَحفُوظاً و قال تَبارَكَ ألّذِي جَعَلَ فِي السّماءِ بُرُوجاً وورد في الأكثر ذكر السماء مقدما علي ذكر الأرض والسماوات مؤثرة والأرضيات متأثرة والمؤثر أشرف من المتأثر.
صفحه : 60
و قال آخرون بل الأرض أفضل لأنه تعالي وصف بقاعا من الأرض بالبركةإِنّ أَوّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ للَذّيِ بِبَكّةَ مُبارَكاً وفِي البُقعَةِ المُبارَكَةِإِلَي المَسجِدِ الأَقصَي ألّذِي بارَكنا حَولَهُمَشارِقَ الأَرضِ وَ مَغارِبَهَا التّيِ بارَكنا فِيهايعني أرض الشام ووصف جملة الأرض بالبركةوَ بارَكَ فِيها وَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها فِي أَربَعَةِ أَيّامٍ فإن قيل أي بركة في المفاوز المهلكة قلت إنها مساكن الوحوش ومراعيها ومساكن الناس إذااحتاجوا إليها ومساكن خلق لايعلمهم إلا الله تعالي فلهذه البركات قال فِي الأَرضِ آياتٌ لِلمُوقِنِينَتشريفا لهم لأنهم هم المنتفعون بها كما قال هُديً لِلمُتّقِينَ وخلق الأنبياء منهامِنها خَلَقناكُم وأودعهم فيهاوَ فِيها نُعِيدُكُم وأكرم نبيه المصطفي فجعل الأرض كلها له مسجدا وطهورا. ومعني إخراج الثمرات بالماء وإنما خرجت بقدرته ومشيته أنه جعل الماء سببا في خروجها ومادة لها كالنطفة في خلق الولد و هوقادر علي إنشاء الأشياء بلا أسباب ومواد كماأنشأ نفوس الأسباب والمواد ولكن له في هذاالتدريج والتسبيب حكما يتبصر بها من يستبصر ويتفطن لها من يعتبر و من في مِنَ الثّمَراتِللتبعيض كما أنه قصد بتنكيرالسّماءَ ورِزقاًمعني البعضية فكأنه قيل وأنزلنا من السماء بعض الماء فأخرجنا به بعض الثمرات ليكون بعض رزقكم ويجوز أن يكون للبيان كقولك أنفقت من الدراهم ألفا والند المثل المناويوَ أَنتُم تَعلَمُونَحال من ضميرفَلا تَجعَلُوا ومفعول تَعلَمُونَمطروح أي حالكم أنكم من أهل العلم والنظر وأصابه الرأي فلو تأملتم أدني تأمل اضطر عقلكم إلي إثبات موجد للممكنات منفرد بوجود الذات متعال عن مشابهة المخلوقات أومنوي و هوأنها لاتماثله و لاتقدر علي مثل مايفعله .وَ هُوَ ألّذِي مَدّ الأَرضَ قال الرازي أي جعل الأرض بذلك المقدار المعين الحاصل لاأزيد و لاأنقص والدليل عليه هو أن كون الأرض أزيد مقدارا مما هوالآن أوأنقص منه أمر جائز فاختصاصه بذلك المقدار المعين لابد و أن يكون
صفحه : 61
بتخصيص مخصص وبتقدير مقدر و قال أبوبكر الأصم المد البسط إلي مايدرك منتهاه أي جعل حجمها عظيما و إلا لماكمل الانتفاع بها و قال قوم كانت الأرض مدورة فمدها ودحاها من مكة من تحت البيت فذهبت كذا وكذا و هذاإنما يتم إذاكانت الأرض مسطحة لاكرة و هوخلاف ماثبت بالدليل ومد الأرض لاينافي كونها كرة ولأن الكرة إذاكانت في غاية الكبر كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح .وَ جَعَلَ فِيها روَاسيَِ أي جبالا ثابتة باقية في أحيازها غيرمنتقلة عن أمكنتها والاستدلال بها علي وجود الصانع القادر الحكيم من وجوه الأول أن طبيعة الأرض طبيعة واحدة فحصول الجبل في بعض جوانبها دون البعض لابد و أن يكون بتخليق القادر الحكيم قال الفلاسفة هذه الجبال إنما تولدت لأن البحار كانت في هذاالجانب من العالم فكان يتولد من البحر طين لزج ثم يقوي تأثير الشمس فيهافينقلب حجرا كمانشاهد في كوز الفقاع ثم إن الماء كان يغور ويقل فيتحجر البقية فلهذا السبب تولدت هذه الجبال قالوا وإنما كانت البحار حاصلة في هذاالجانب من العالم لأن أوج الشمس وحضيضها متحركان ففي الدهر الأقدم كان حضيض الشمس في جانب الشمال والشمس متي كانت في حضيضها كانت أقرب إلي الأرض فكان التسخين أقوي وشدة السخونة توجب انجذاب الرطوبات فحين كان الحضيض في جانب الشمال كانت البحار في جانب الشمال والآن لماانتقل الأوج إلي جانب الشمال والحضيض إلي جانب الجنوب انتقلت البحار إلي جانب الجنوب فبقيت هذه الجبال في الشمال هذاحاصل كلام القوم في هذاالباب و هوضعيف من وجوه الأول أن حصول الطين في البحر أمر عام فلم حصل الجبل في بعض الجوانب دون بعض .الثاني هو أنانشاهد في بعض الجبال كأن تلك الأحجار موضوعة سافا
صفحه : 62
فسافا كان البناء بناه من لبنات كثيرة موضوع بعضها علي بعض ويبعد حصول مثل هذاالتركيب من السبب ألذي ذكروه .الثالث أن أوج الشمس الآن قريب من أول السرطان فعلي هذا من الوقت ألذي انتقل أوج الشمس إلي الجانب الشمالي مضي قريبا من تسعة آلاف سنة وبهذا التقدير إن الجبال كانت في هذه المدة الطويلة في التفتت فوجب أن لايبقي من الأحجار شيءلكن ليس الأمر كذلك فعلمنا أن السبب ألذي ذكروه ضعيف . والوجه الثاني من الاستدلال بأحوال الجبال علي وجود الصانع ذي الجلال مايحصل فيها من معادن الفلزات السبعة ومواضع الجواهر النفيسة و قديحصل منها معادن الزاجات والأملاح و قدتحصل معادن النفط والقير والكبريت فكون الأرض واحدة في الطبيعة وكون الجبل واحدا في الطبيعة وكون تأثير الشمس واحدا في الكل يدل دلالة ظاهرة علي أن الكل بتقدير قادر قاهر متعال عن مشابهة الممكنات والمحدثات . والوجه الثالث أن بسببها تتولد الأنهار علي وجه الأرض و ذلك لأن الحجر جسم صلب فإذاتصاعدت الأبخرة من قعر الأرض ووصلت إلي الجبل احتبست هناك و لايزال يتكامل الأمر فيحصل تحت الجبال مياه كثيرة ثم إنها لكثرتها وقوتها تنقب وتخرج وتسيل علي وجه الأرض فمنفعة الجبال في تولد الأنهار هو من هذاالوجه ولهذا السبب في أكثر الأمر أينما ذكر الله تعالي الجبال قرن بهاذكر الأنهار مثل هذه الآية ومثل قوله وَ جَعَلنا فِيها روَاسيَِ شامِخاتٍ وَ أَسقَيناكُم ماءً فُراتاً. ثم استدل سبحانه بعجائب خلقة النبات بقوله وَ مِن كُلّ الثّمَراتِإلخ فإن الحبة إذاوقعت في أرض وأثرت فيهانداوة الأرض ربت وكبرت وبسبب
صفحه : 63
ذلك ينشق أعلاها وأسفلها فيخرج من الشق الأعلي الشجرة الصاعدة و من الشق الأسفل العروق الغائصة في أسفل الأرض و هذا من العجائب أن طبيعة تلك الحبة واحدة وتأثير الطبائع والأفلاك والكواكب فيهاواحد ثم إنه خرج من الجانب الأعلي من تلك الحبة جرم صاعد إلي الهواء و من الجانب الأسفل منه جرم غائص في الأرض و من المحال أن يتولد من الطبيعة الواحدة طبيعتان متضادتان فعلمنا أن ذلك كان بسبب تدبير المدبر الحكيم والمقدر القديم لابسبب الطبع والخاصية. ثم إن الشجرة النابتة في تلك الحبة بعضها يكون خشبة وبعضها نورا وبعضها ثمرة ثم إن تلك الثمرة أيضا تحصل فيهاأجسام مختلفة الطبائع فالجوز له أربعة أنواع من القشور القشر الأعلي وتحته القشرة الخشبية وتحته القشرة المحيطة باللب وتحت تلك القشرة قشرة أخري في غاية الرقة تمتاز عما فوقها حال كون الجوز واللوز رطبا وأيضا فقد تحصل في الثمرة الواحدة الطبائع المختلفة فالأترج قشره حار يابس ولحمه حار رطب وحماضه بارد يابس وبذره حار يابس وكذلك العنب قشره وعجمه باردان يابسان ولحمه وماؤه حار رطب فتولد هذه الطبائع المختلفة من الحبة الواحدة مع تساوي تأثيرات الطبائع وتأثيرات الأنجم والأفلاك لابد و أن يكون لأجل الحكيم القديم . والمراد بزوجين اثنين صنفين اثنين والاختلاف إما من حيث الطعم كالحلو والحامض أوالطبيعة كالحار والبارد أواللون كالأبيض والأسود وفائدة قوله اثنين بيان أن كل نوع حصل من فردين كالإنسان من آدم وحواء وهكذا.إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَإنما قال ذلك لأن الفلاسفة يسندون الحوادث إلي اختلاف الأشكال الكوكبية فما لم تقم الدلالة علي دفع هذاالسؤال لايتم المقصود ودفعه بوجهين الأول أنه إن سلمنا جواز ذلك فلابد من استناد
صفحه : 64
الأفلاك وأوضاعها إلي واجب الوجود بالذات القادر الحكيم والثاني مايذكر في الآيات الآتية حيث قال وَ فِي الأَرضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌالآية وتقريره من وجهين الأول أنه حصل في الأرض قطع مختلفة بالطبيعة وهي مع ذلك متجاورة فبعضها تكون سبخة وبعضها حرة وبعضها صلبة وبعضها حجرية أورملية وبعضها طينا لزجا ثم إنها متجاورة وتأثير الشمس وسائر الكواكب في تلك القطع علي السوية ودل هذا علي اختلافها في صفاتها بتقدير المقدر العليم . والثاني أن القطعة الواحدة من الأرض تسقي بماء واحد يكون تأثير الشمس فيهامتشابها ثم إن تلك الثمار تجيء مختلفة في الطعم واللون والطبيعة والخاصية حتي إنك قدتأخذ عنقودا من العنب وتكون جميع حباته حلوة نضيجة إلاالحبة الواحدة فإنها بقيت حامضة يابسة ونحن نعلم بالضرورة أن نسبة الطبائع والأفلاك إلي الكل علي السوية بل نقول هاهنا مايعد أعجب منه و هو أنه يوجد في بعض أنواع الورد ما يكون أحد وجهيه في غاية الحمرة والوجه الثاني في غاية السواد مع أن ذلك الورد في غاية الرقة والنعومة فيستحيل أن يقال وصل تأثير الشمس إلي أحد طرفيه دون الثاني و هذايدل دلالة قطعية علي أن الكل بتقدير الفاعل المختار لابسبب الاتصالات الفلكية و هوالمراد من قوله تعالي يُسقي بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضّلُ بَعضَها عَلي بَعضٍ فِي الأُكُلِفبهذا تمت الحجة فإن هذه الحوادث السفلية لابد لها من مؤثر وبينا أن ذلك المؤثر ليس هوالكواكب والأفلاك والطبائع فعند هذايجب القطع بأنه لابد من فاعل مختار آخر سوي هذه الأشياء فعند هذايتم الدليل و لايبقي بعده للتفكر مقام فلهذا قال هاهناإِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَلأنه لادافع لهذه الحجة إلا أن يقال إنها حدثت لالمؤثر و لايقوله عاقل والجنة البستان ألذي يحصل فيه النخل والكرم والزرع والصنوان جمع صنو مثل قنوان وقنو والصنو أن يكون الأصل واحدا وتنبت منه النخلتان والثلاثة وأكثر فكل واحد صنو و عن ابن الأعرابي الصنو المثل أي متشابهة و غيرمتشابهة و عن الزجاج الأكل الثمر ألذي
صفحه : 65
يؤكل و عن غيره الأكل المهيأ للأكل . واللّهُ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَمبتدأ وخبروَ سَخّرَ لَكُمُ الفُلكَامتن علي عباده بتسخير الفلك لأن انتفاع العباد يتوقف عليها لأنه تعالي خص كل طرف من أطراف الأرض بنوع آخر من النعمة حتي أن نعمة هذاالطرف إذانقلت إلي الجانب الآخر من الأرض أوبالعكس كثر الربح في التجارات و لايمكن هذا إلابسفن البر وهي الجمال أوبسفن البحر وهي الفلك ونسبة التسخير إلي نفسه لأنه سبحانه خلق الأشجار الصلبة التي منها يمكن تركيب السفن و لو لاخلقه الحديد وسائر الآلات و لو لاتعريفه العباد كيف يتخذونه و لو لا أنه تعالي خلق الماء علي صفة السلاسة التي باعتبارها يصح جري السفينة و لو لاخلقه تعالي الرياح وخلق الحركات القوية فيها و لو لا أنه وسع الأنهار وجعل لها من العمق مايجوز جري السفن فيها لماوقع الانتفاع بالسفن فصار لأجل أنه تعالي هوالخالق لهذه الأحوال و هوالمدبر لهذه الأمور والمسخر لها حسنت إضافته إليه وأضاف التسخير إلي أمره لأن الملك العظيم قل مايوصف أنه فعل وإنما يقال فيه إنه أمر بكذا تعظيما لشأنه .وَ سَخّرَ لَكُمُ الأَنهارَ لما كان ماء البحر قل ماينتفع في الزراعات لعمقه وملوحته ذكر تعالي إنعامه علي الخلق بتفجير الأنهار والعيون حتي ينبعث الماء منها إلي مواضع الزروع والنباتات وأيضا ماء البحر لايصلح للشرب وَ آتاكُم مِن كُلّ ما سَأَلتُمُوهُقيل أي بلسان حالكم بحسب استعداداتكم وقابلياتكم وَ إِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللّهِ لا تُحصُوها قال الرازي اعلم أن الإنسان إذاأراد أن يعرف أن الوقوف علي أقسام نعم الله ممتنع فعليه أن يتأمل في شيءواحد ليعرف عجز نفسه ونحن نذكر منه مثالين المثال الأول أن الأطباء ذكروا أن الأعصاب قسمان منها دماغية ومنها
صفحه : 66
نخاعية أماالدماغية فإنها سبعة ثم أتعبوا أنفسهم في معرفة الحكم الناشئة من كل واحد من تلك الأرواح السبعة ثم مما لاشك فيه أن كل واحد من تلك الأرواح السبعة تنقسم إلي شعب كثيرة و كل واحد من تلك الشعب أيضا إلي شعب دقيقة أدق من الشعر ولكل واحد منها ممر إلي الأعضاء و لو أن شعبة واحدة اختلت إما بسبب الكمية والكيفية أوبسبب الوضع لاختلت مصالح البنية ثم إن تلك الشعب الدقيقة تكون كثيرة العدد جدّا ولكل واحد منها حكمة مخصوصة فإذانظر الإنسان في هذاالمعني عرف أن لله بحسب كل شظية من تلك الشظايا العصبية علي العبد نعمة عظيمة لوفاتت لعظم الضرر عليه وعرف قطعا أنه لاسبيل له إلي الوقوف عليها والاطلاع علي أحوالها و عند هذايقطع بصحة قوله تعالي وَ إِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللّهِ لا تُحصُوها و كمااعتبرت هذا في الشظايا العصبية فاعتبر مثله في الشرايين والأوردة في كل واحد من الأعضاء البسيطة والمركبة بحسب الكمية والكيفية والوضع والفعل والانفعال وأقسام هذاالباب بحر لايساحل و إذااعتبرت هذا في بدن الإنسان الواحد فاعرف أقسام نعم الله تعالي في نفسه و في روحه فإن عجائب عالم الأرواح أكثر من عجائب عالم الأجساد ثم لمااعتبرت حال الحيوان الواحد فعند ذلك اعتبر أحوال عالم الأفلاك والكواكب وطبقات العناصر وعجائب البر والبحر والنبات والحيوان و عند هذاتعرف أن عقول جميع الخلائق لوركبت وجعلت عقلا واحدا ثم بذلك العقل يتأمل الإنسان في عجائب حكمة الله تعالي في أقل الأشياء لماأدرك منها إلاالقليل فسبحانه وتقدس عن أوهام المتوهمين .المثال الثاني أنه إذاأخذت اللقمة الواحدة لتضعها في الفم فانظر إلي ماقبلها و مابعدها أماالأمور التي قبلها إن تلك اللقمة من الخبز لاتتم و لاتكمل إلا إذا كان هذاالعالم بكليته قائما علي الوجه الأصوب لأن الحنطة لابد منها وإنها لاتنبت إلابمعونة الفصول الأربعة وتركيب الطبائع وظهور الأرياح والأمطار و لايحصل شيءمنها إلا بعددوران الأفلاك واتصال بعض الكواكب ببعض علي وجوه مخصوصة
صفحه : 67
في الحركات و في كيفيتها في الجهة و في السرعة والبطء ثم بعدتكون الحنطة لابد من آلات الطحن والخبز وهي لاتحصل إلا عندتولد الحديد في أرحام الجبال ثم إن الآلات الحديدية لايمكن إصلاحها إلابآلات أخري حديدية سابقة عليها و لابد من انتهائها إلي آلة حديدية هي أول هذه الآلات فتأمل أنها كيف تكونت علي الأشكال المخصوصة ثم إذاحصلت تلك الآلات فانظر أنه لابد من اجتماع العناصر الأربعة وهي الأرض والماء والهواء والنار حتي يمكن طبخ الخبز من ذلك الدقيق فهذا هوالنظر في ماتقدم علي هذه اللقمة. أماالنظر في ما بعدحدوثها فتأمل في تركيب بدن الحيوان و هو أنه تعالي كيف خلق هذه الأبدان حتي يمكنها الانتفاع بتلك اللقمة و أنه كيف يتضرر الحيوان في الأكل و في أي الأعضاء تحدث تلك المضار و لايمكنك أن تعرف القليل من هذه الأشياء إلابمعرفة علم التشريح وعلم الطب بالكلية فظهر بما ذكرنا أن الانتفاع باللقمة الواحدة لايمكن معرفته إلابمعرفة جملة هذه الأمور والعقول قاصرة عن إدراك ذرة من هذه المباحث فظهر بالبراهين الباهرة صحة قوله تعالي وَ إِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللّهِ لا تُحصُوهاانتهي كلامه . وأقول يمكن سلوك طريق آخر في ذلك أدق وأوسع مما ذكره بأن يقال بعد أن عرفت النعم التي علي إنسان واحد كزيد مثلا من السماوات والكواكب والعرش والكرسي وجميع الأرضيات فإن لها جميعا مدخلا في وجوده وبقائه ونموه فنقول جميع هذه النعم متعلقة بعمرو أيضا لمدخليتها في وجوده وبقائه أيضا و كل هذه أيضا نعمة لزيد لتوقف وجود زيد وبقائه علي وجود عمرو لكون الإنسان مدنيا بالنوع وكذا بالنسبة إلي بكر وخالد وكذا كل نعمة لله علي كل حيوان من الحيوانات التي لها مدخل في نظام أحوال الإنسان فهي نعمة علي زيد مرة
صفحه : 68
بذاته ومرة باعتبار كونها نعمة علي كل واحد واحد من أفراد البشر لمدخلية وجودهم في وجوده ونظام أحواله فيضرب عدد تلك النعم في عدد الأشخاص والحيوانات مرات لاتتناهي . ثم لما كان وجود زيد موقوفا علي وجود أبويه فكل نعمة علي كل من أبويه و علي كل من كان في عصر أبويه نعمة عليه وكذا كل نعمة علي والدي بكر وخالد نعمة عليه لتوقف وجوده وبقائه ونظام أحواله علي وجود بكر ووجوده متوقف علي وجود والديه ووجودهما وبقاؤهما وسائر أمورهما متوقفة علي جميع النعم علي أهل عصرهما فمن هذه الجهة أيضا جميعها نعمة عليه فيضرب جميع هذه الأعداد الغير المتناهية في جميع تلك الأعداد الغير المتناهية مرات غيرمتناهية ثم ننقل الكلام في كل عصر من الأعصار وآباء كل منهم إلي أن ينتهي إلي آدم وحواء ع ويضرب كل من تلك المراتب في ماحصل من المراتب السابقة و هذاحساب لايحيط به علم البشر و لواجتمع جميع المحاسبين من الثقلين وأرادوا استيفاء حساب مرتبة من هذه المراتب لايقدرون عليه مع أن كل قطرة من قطرات البحار و كل ذرة من ذرات الجو و الأرض نعمة علي كل شخص من الأشخاص فسبحان من لايقدر علي إحصاء شعبة واحدة من شعب نعمه الغير المتناهية إلا هو و له الحمد بعدد كل نعمة له علينا و علي كل خلق من مخلوقاته .إِنّ الإِنسانَ لَظَلُومٌيظلم النعمة بإغفال شكرها أويظلم نفسه بأن يعرضها للحرمان كَفّارٌشديد الكفران وقيل ظلوم في الشدة يشكو ويجزع كفار في النعمة يجمع ويمنع .مِن كُلّ شَيءٍ مَوزُونٍقيل أي بميزان الحكمة ومقدر بقدر الحاجة و ذلك أن الوزن سبب معرفة المقدار فأطلق اسم السبب علي المسبب وقيل أي له وزن وقدر في أبواب النعمة والمنفعة وقيل أراد أن مقاديرها من العناصر معلومة وكذا مقدار تأثير الشمس والكواكب فيها وقيل أي متناسب محكوم عليه عندالعقول السليمة بالحسن واللطافة يقال كلام موزون أي متناسب وفلان موزون الحركات وقيل أراد مايوزن من نحو الذهب والفضة والنحاس وغيرها من الموزونات كأكثر الفواكه والنبات .
صفحه : 69
وَ جَعَلنا لَكُم فِيها أي في الأرض أو في الجبال أو في تلك الموزونات مَعايِشَ مايتوصل به إلي المعيشةوَ مَن لَستُم لَهُ بِرازِقِينَعطف علي محل لكم أو علي معايش أي وجعلنا لكم من لستم له برازقين وأراد بهم العيال والمماليك والخدم الذين رازقهم في الحقيقة هو الله وحده لاالآباء والسادات والمخاديم ويدخل فيه بحكم التغليب غيرذوي العقول من الأنعام والدواب والوحوش والطير كقوله وَ ما مِن دَابّةٍ...إِلّا عَلَي اللّهِ رِزقُهايُنبِتُ لَكُم بِهِ الزّرعَ ألذي هوالغذاء الأصليوَ الزّيتُونَ ألذي هوفاكهة من وجه وغذاء من وجه لكثرة ما فيه من الدهن وَ النّخِيلَ وَ الأَعنابَاللتين هما أشرف الفواكه ثم أشار إلي سائر الثمرات بقوله وَ مِن كُلّ الثّمَراتِ قال الزمخشري إنما لم يقل و كل الثمرات لأن كلها لاتكون إلا في الجنة وقيل قدم الغذاء الحيواني في قوله سبحانه وَ الأَنعامَ خَلَقَها لَكُم فِيها دفِ ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنها تَأكُلُونَ علي الغذاء النباتي لأن النعمة فيه أعظم لأنه أسرع تشبها ببدن الإنسان و في ذكر الغذاء النباتي قدم غذاء الحيوان و هوالشجر علي غذاء الإنسان و هوالزرع وغيره بناء علي مكارم الأخلاق و هو أن يكون اهتمام الإنسان بحال من تحت يده أكمل من اهتمامه بحال نفسه .وَ ما ذَرَأَ لَكُم فِي الأَرضِ أي خلق فيها من حيوان وشجر وثمر و غير ذلك مُختَلِفاً أَلوانُهُ فإن ذرء هذه الأشياء علي حاله اختلاف الألوان والأشكال مع تساوي الكل في الطبيعة الجسمية و في تأثير الفلكيات فيهاآية علي وجود الصانع تعالي شأنه .روَاسيَِ أي جبالا ثوابت أَن تَمِيدَ بِكُم أي كراهة أن تميد بكم وتضطرب وَ أَنهاراً أي وجعل فيهاأنهارا لأن ألقي فيه معناه وَ سُبُلًا لَعَلّكُم تَهتَدُونَلمقاصدكم أو إلي معرفة الله وَ عَلاماتٍ أي معالم تستدل بهاالسابلة من جبل ومنهل وريح ونحو ذلك وَ بِالنّجمِ هُم يَهتَدُونَبالليل في البراري والبحارإِنّ اللّهَ لَغَفُورٌحيث يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكرهارَحِيمٌ لايقطعها لتفريطكم فيه و لايعاجلكم
صفحه : 70
بالعقوبة علي كفرانها.إِنّا جَعَلنا ما عَلَي الأَرضِ زِينَةً لَهاقيل ما علي الأرض المواليد الثلاثة المعادن والنباتات والحيوانات وأشرفها الإنسان وقيل لايدخل المكلف فيه لأن ما علي الأرض ليس زينة لها علي الحقيقة وإنما هولأهلها لغرض الابتلاء فالذي له الزينة يكون خارجا عن الزينةلِنَبلُوَهُم أَيّهُم أَحسَنُ عَمَلًا في تعاطيه و هو من زهد فيه و لم يغتر به وقنع منه بالكفاف .لَهُ ما فِي السّماواتِ قال الرازي مالك لما في السماوات من ملك ونجم وغيرهما ومالك لما في الأرض من المعادن والفلزات ومالك لمابينهما من الهواء ومالك لماتحت الثري فإن قيل الثري هوالسطح الأخير من العالم فلا يكون تحته شيءفكيف يكون الله تعالي مالكا له قلنا الثري في اللغة هوالتراب الندي فيحتمل أن تكون تحته شيءفهو إما الثور أوالحوت أوالصخرة أوالبحر أوالهواء علي اختلاف الروايات انتهي . و قال الطبرسي ره الثري التراب الندي يعني و ماواري الثري من كل شيء وقيل يعني ما في ضمن الأرض من الكنوز والأموات .ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ مَهداً أي كالمهد تتمهدونهاوَ سَلَكَ لَكُم فِيها سُبُلًا أي وحصل لكم فيهاسبلا بين الجبال والأودية والبراري تسلكونها من أرض إلي أرض لتبلغوا منافعهاوَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً أي مطرافَأَخرَجنا بِهِقيل عدل من لفظ الغيبة إلي التكلم علي الحكاية لكلام الله تعالي تنبيها علي ظهور ما فيه من الدلالة علي كمال القدرة والحكمة وإيذانا بأنه مطاع تنقاد الأشياء المختلفة بمشيّتهأَزواجاً أي أصنافامِن نَباتٍبيان وصفة لأزواجا وكذلك شَتّي ويحتمل أن يكون صفة للنبات فإنه من حيث إنه مصدر في الأصل يستوي فيه الواحد والجمع و هوجمع شتيت كمريض ومرضي أي متفرقات في الصور والأعراض والمنافع
صفحه : 71
يصلح بعضها للناس وبعضها للبهائم فلذلك قال كُلُوا وَ ارعَوا أَنعامَكُم و هوحال من ضميرفَأَخرَجنا علي إرادة القول أي أخرجنا أصناف النبات قائلين كُلُوا وَ ارعَوا أَنعامَكُم والمعني معدّيها لانتفاعكم بالأكل والعلف آذنين فيه لأِوُليِ النّهي أي لذوي العقول الناهية عن اتباع الباطل وارتكاب القبائح جمع نهية وَ عَنِ الصّادِقِ عَلَيهِ السّلَامُ نَحنُ أُولُو النّهَي
وَ عَنِ البَاقِرِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خِيَارُكُم أُولُو النّهَي قِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ مَن أُولُو النّهَي قَالَ هُم أُولُو الأَخلَاقِ الحَسَنَةِ وَ الأَحلَامِ الرّزِينَةِ وَ صِلَةِ الأَرحَامِ وَ البَرَرَةُ بِالأُمّهَاتِ وَ الآبَاءِ وَ المُتَعَاهِدُونَ لِلفُقَرَاءِ وَ الجِيرَانِ وَ اليَتَامَي وَ يُطعِمُونَ الطّعَامَ وَ يُفشُونَ السّلَامَ فِي العَالَمِ وَ يُصَلّونَ وَ النّاسُ نِيَامٌ غَافِلُونَ
.مِنها خَلَقناكُم فإن التراب أصل خلقه أول آبائكم وأول مواد أبدانكم وسيأتي وجه آخر في الخبر إن شاء الله وَ فِيها نُعِيدُكُمبالموت وتفكيك الأجزاءوَ مِنها نُخرِجُكُم تارَةً أُخريبتأليف أجزائكم المتفتتة المختلطة بالتراب علي الصور السابقة ورد الأرواح فيها.وَ جَعَلنا فِيها أي في الأرض أو في الرواسيفِجاجاً سُبُلًامسالك واسعة وإنما قدم فِجاجاً و هووصف له ليصير حالا يدل علي أنه حين خلقها كذلك أوليبدل منهاسُبُلًافيدل ضمنا علي أنه خلقها ووسعها للسابلة مع ما يكون فيه من التأكيدلَعَلّهُم يَهتَدُونَ إلي مصالحهم .أَ وَ لَم يَرَوا إِلَي الأَرضِ أي أ و لم ينظروا في عجائبهامِن كُلّ زَوجٍ كَرِيمٍ أي محمود كثير المنفعة و هوصفة لكل مايحمد ويرضي قيل وهاهنا يحتمل أن تكون مقيدة لمايتضمن الدلالة علي القدرة و أن تكون مبينة منبهة علي أنه ما من نبت إلا و له فائدة إما وحده أو مع غيره و كل لإحاطة الأزواج وكم لكثرتهاإِنّ فِي ذلِكَ أي في إثبات تلك الأصناف أو في كل واحدلَآيَةً علي أن منبتها تام القدرة والحكمة سابغ النعمة والرحمة.
صفحه : 72
أَ تُترَكُونَإنكار لأن يتركوا كذلك أوتذكير بالنعمة في تخلية الله إياهم وأسباب تنعمهم آمنين ثم فسر بقوله فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخلٍ طَلعُها هَضِيمٌ أي لطيف لين للطف التمر أولأن النخل أنثي وطلع إناث النخل ألطف و هويطلع منها كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو أومتدل منكسر من كثرة الحمل فارِهِينَ أي حاذقين أوبطرين حَدائِقَ ذاتَ بَهجَةٍ أي ذات منظر حسن يبتهج به من رآه و لم يقل ذوات بهجة لأنه أراد تأنيث الجماعة و لوأراد تأنيث الأعيان لقال ذوات قَومٌ يَعدِلُونَ أي يشركون بالله غيره قَراراً أي مستقرا لاتميل و لاتميد بأهلهاوَ جَعَلَ خِلالَها أي في وسط الأرض و في مسالكها ونواحيهاأَنهاراًجارية ينبت بهاالزرع ويحيي به الخلق وَ جَعَلَ لَها روَاسيَِ أي ثوابت أثبتت بها الأرض وَ جَعَلَ بَينَ البَحرَينِ حاجِزاً أي مانعا من قدرته بين العذب والمالح فلايختلط أحدهما بالآخرمُختَلِفاً أَلوانُهاقيل أي أجناسها أوأوصافها علي أن كلا منها لها أصناف مختلفة أوهيأتها من الصفرة والخضرة ونحوهماوَ مِنَ الجِبالِ جُدَدٌ أي ذو جدد وخطوط وطرائق يقال جدة الحمار للخطة السوداء علي ظهره مُختَلِفٌ أَلوانُهابالشدة والضعف وَ غَرابِيبُ سُودٌعطف علي بيض أو علي جدد كأنه قيل و من الجبال ذو جدد مختلف اللون ومنها غرابيب متحدة اللون و هوتأكيد مضمر يفسره فإن الغربيب تأكيد للأسود وحق التأكيد أن يتبع المؤكدمُختَلِفٌ أَلوانُهُ كَذلِكَ أي كاختلاف الثمار والجبال إِنّما يَخشَي اللّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُإذ شرط الخشية معرفة المخشي والعلم بصفاته وأفعاله فمن كان أعلم به كان أخشي منه إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌتعليل لوجوب الخشية لدلالته علي أنه معاقب للمصر علي طغيانه غفور للتائب عن عصيانه .وَ أَخرَجنا مِنها حَبّاالمراد جنس الحب فَمِنهُ يَأكُلُونَقيل قدم الصلة للدلالة علي أن الحب معظم مايؤكل ويعاش به مِن نَخِيلٍ وَ أَعنابٍ أي من أنواع النخل والعنب مِنَ العُيُونِ أي شيئا من العيون و من مزيدة عندالأخفش مِن ثَمَرِهِ أي من ثمر ماذكر و هوالجنات وقيل الضمير لله علي طريقة الالتفات و
صفحه : 73
الإضافة إليه لأن الثمر مخلوقةوَ ما عَمِلَتهُ أَيدِيهِمعطف علي الثمر والمراد مايتخذ منه العصير والدبس ونحوهما وقيل مانافية والمراد أن الثمر بخلق الله لابفعلهم أَ فَلا يَشكُرُونَأمر بالشكر من حيث إنه إنكار لتركه خَلَقَ الأَزواجَ كُلّها أي الأنواع والأصناف مِمّا تُنبِتُ الأَرضُ من النبات والشجروَ مِن أَنفُسِهِمالذكر والأنثي وَ مِمّا لا يَعلَمُونَ أي وأزواجا مما لم يطلعهم الله عليه و لم يجعل لهم طريقا إلي معرفته .تَرَي الأَرضَ خاشِعَةً أي يابسة متطأمنة مستعار من الخشوع بمعني التذلل اهتَزّت أي تحركت بالنبات وَ رَبَت أي انتفخت وارتفعت قبل أن تنبت وقيل اهتزت بالنبات وربت بكثرة ريعهاوَ ما بَثّعطف علي السماوات أوالخلق مِن دابّةٍقيل أي من حي علي إطلاق اسم السبب علي المسبب أومما يدب علي الأرض و ما يكون في أحد الشيئين يصدق أنه فيهما في الجملةإِذا يَشاءُ أي في أي وقت يشاءقَدِيرٌمتمكن منه .وَ سَخّرَ لَكُم ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ جَمِيعاًبأن خلقها نافعة لكم مِنهُحال من ما أي سخر هذه الأشياء كائنة منه أوخبر لمحذوف أي هي جميعا منه أو لما في السماوات وسَخّرَ لَكُمتكرير للتأكيد أو لما في الأرض مِن كُلّ زَوجٍ بَهِيجٍ أي من كل صنف حسن لِكُلّ عَبدٍ مُنِيبٍ أي راجع إلي ربه متفكر في بدائع صنعه .وَ الأَرضَ فَرَشناها أي مهدناها ليستقروا عليهافَنِعمَ الماهِدُونَ أي نحن وَ مِن كُلّ شَيءٍ خَلَقنا زَوجَينِ أي نوعين لَعَلّكُم تَذَكّرُونَفتعلموا أن التعدد من خواص الممكنات و أن الواجب بالذات لايقبل الانقسام والتعدد وَ روُيَِ عَنِ الرّضَا عَلَيهِ السّلَامُ فِي خُطبَةٍ طَوِيلَةٍ قَد تَقَدّمَ فِي كِتَابِ التّوحِيدِ مَشرُوحاً وَ بِمُضَادّتِهِ بَينَ الأَشيَاءِ عُرِفَ أَن لَا ضِدّ لَهُ وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَينَ الأَشيَاءِ عُرِفَ أَن لَا قَرِينَ لَهُ ضَادّ النّورَ بِالظّلمَةِ وَ اليُبسَ بِالبَلَلِ وَ الخَشِنَ بِاللّيّنِ وَ الصّردَ بِالحَرُورِ مُؤَلّفاً بَينَ مُتَعَادِيَاتِهَا مُفَرّقاً بَينَ مُتَدَانِيَاتِهَا دَالّةً بِتَفرِيقِهَا عَلَي مُفَرّقِهَا وَ بِتَألِيفِهَا عَلَي مُؤَلّفِهَا وَ ذَلِكَ قَولُهُوَ مِن كُلّ
صفحه : 74
شَيءٍ خَلَقنا زَوجَينِ لَعَلّكُم تَذَكّرُونَ
وَ الأَرضَ وَضَعَها أي حفظها مدحوّةلِلأَنامِللخلق وقيل الأنام كل ذي روح فِيها فاكِهَةٌ أي ضروب مما يتفكّه به وَ النّخلُ ذاتُ الأَكمامِهي أوعية التمر جمع كمّ أو كل مايكمّ أي يغطّي من ليف وسعف وكفرّي فإنه ينتفع به كالمكموم وكالجذع وَ الحَبّكالحنطة والشعير سائر مايتغذّي به ذُو العَصفِ هوورق النبات اليابس كالتين وَ الرّيحانُيعني المشموم أوالرزق من قولهم خرجت أطلب ريحان الله
وَ عَنِ الرّضَا ع وَ الأَرضَ وَضَعَها لِلأَنامِ قَالَ لِلنّاسِفِيها فاكِهَةٌ وَ النّخلُ ذاتُ الأَكمامِ قَالَ يَكبُرُ ثَمَرُ النّخلِ فِي القَمعِ ثُمّ يَطلُعُ مِنهُ قَولُهُوَ الحَبّ ذُو العَصفِ وَ الرّيحانُ قَالَ الحَبّ الحِنطَةُ وَ الشّعِيرُ وَ الحُبُوبُ وَ العَصفُ التّينُ وَ الرّيحَانُ مَا يُؤكَلُ مِنهُ
فبَأِيَّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِالمخاطبة للثقلين
وَ فِي الحَدِيثِ أَنّهُ فِي البَاطِنِ مُخَاطَبَةٌ لِلأَوّلِينَ وَ المَعنَي فبَأِيَّ النّعمَتَينِ تَكفُرَانِ بِمُحَمّدٍ أَم بعِلَيِّ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ باِلنبّيِّ أَم باِلوصَيِّ
.وَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ قال الطبرسي ره و في الأرض خلق مثلهن في العدد لا في الكيفية لأن كيفية السماء مخالفة لكيفية الأرض و ليس في القرآن آية تدل علي أن الأرضين سبع مثل السماوات إلا هذه الآية و لاخلاف في السماوات أنها سماء فوق سماء و أماالأرضون فقال قوم إنها سبع أرضين طباقا بعضها فوق بعض كالسماوات لأنها لوكانت مصمتة لكانت أرضا واحدة و في كل أرض خلق خلقهم الله تعالي كيف شاء وروي أبوصالح عن ابن عباس أنها سبع أرضين ليس بعضها فوق بعض تفرق بينهن البحار وتظل جميعهن السماء و الله سبحانه أعلم بصحة مااستأثر بعلمه واشتبه علي خلقه
وَ قَد رَوَي العيَاّشيِّ بِإِسنَادِهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَبَسَطَ كَفّيهِ ثُمّ وَضَعَ اليُمنَي عَلَيهَا فَقَالَ هَذِهِ الأَرضُ الدّنيَا وَ السّمَاءُ
صفحه : 75
الدّنيَا عَلَيهَا قُبّةٌ وَ الأَرضُ الثّانِيَةُ فَوقَ سَمَاءِ الدّنيَا السّمَاءُ الثّانِيَةُ فَوقَهَا قُبّةٌ وَ الأَرضُ الثّالِثَةُ فَوقَ السّمَاءِ الثّانِيَةِ وَ السّمَاءُ الثّالِثَةُ فَوقَهَا قُبّةٌ حَتّي ذَكَرَ الرّابِعَةَ وَ الخَامِسَةَ وَ السّادِسَةَ فَقَالَ وَ الأَرضُ السّابِعَةُ فَوقَ السّمَاءِ السّادِسَةِ وَ السّمَاءُ السّابِعَةُ فَوقَهَا قُبّةٌ وَ عَرشُ الرّحمَنِ فَوقَ السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ هُوَ قَولُهُسَبعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ يَتَنَزّلُ الأَمرُ بَينَهُنّ وَ إِنّمَا صَاحِبُ الأَمرِ النّبِيّص وَ هُوَ عَلَي وَجهِ الأَرضِ وَ إِنّمَا يَنزِلُ الأَمرُ مِن فَوقُ مِن بَينِ السّمَوَاتِ وَ الأَرَضِينَ
فعلي هذا يكون المعني تتنزّل الملائكة بأوامره إلي الأنبياء وقيل معناه ينزل الأمر بين السماوات والأرضين من الله سبحانه بحياة بعض وموت بعض وسلامة حي وهلاك آخر وغني إنسان وفقر آخر وتصريف الأمور علي الحكمة انتهي . و قال الرازي قال الكلبي خلق سبع سماوات بعضها فوق بعض مثل القبةوَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ في كونها طبقات متلاصقة كما هوالمشهور أن الأرض ثلاث طبقات طبقة أرضية محضة وطبقة طينية وهي غيرمحضة وطبقة منكشفة بعضها في البر وبعضها في البحر وهي المعمورة و لايبعد من قوله وَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّكونها سبعة أقاليم علي سبع سماوات وسبعة كواكب فيها وهي السيارة فإن لكل واحد من هذه الكواكب خواص تظهر آثار تلك الخواص في كل أقاليم الأرض فتصير سبعة بهذا الاعتبار فهذه هي الوجوه التي لايأباها العقل و ماعداها من الوجوه المنقولة من أهل التفسير فمما يأباه العقل مثل مايقال السماوات السبع أولها موج مكفوف وثانيها سخر وثالثها حديد ورابعها نحاس وخامسها فضة وسادسها ذهب وسابعها ياقوت وقول من قال بين كل واحدة منها و بين الأخري مائة عام وغلظ
صفحه : 76
كل واحد منها كذلك فذلك غيرمعتبر عند أهل التحقيق ويمكن أن يكون أكثر من ذلك و الله أعلم بأنه ما هو وكيف هوانتهي . وأقول و قدمر بعض الوجوه في الأرضين السبع في باب الهواء.لِتَعلَمُواعلة الخلق أويتنزل أويعمها فإن كلا منهما يدل علي كمال قدرته وعلمه .ذَلُولًاقيل أي لينة فسهل لكم السلوك فيهافَامشُوا فِي مَناكِبِها أي في جوانبها وجبالها و هومثل لفرط التذليل فإن منكب البعير ينبو عن أن يطأه الراكب و لايتذلل له فإذاجعل الأرض في الذل بحيث يمشي في مناكبها لم يبق شيء لم يتذلل وَ كُلُوا مِن رِزقِهِ أي والتمسوا من نعم الله وَ إِلَيهِ النّشُورُ أي المرجع فيسألكم عن شكر ماأنعم عليكم بِساطاً أي مبسوطة ليمكنكم المشي عليها والاستقرار فيهاسُبُلًا فِجاجاً أي طرقا واسعة وقيل طرقا مختلفة عن ابن عباس وقيل سبلا في الصحاري وفجاجا في الجبال .كِفاتاً قال الطبرسي ره كفت الشيء يكفته كفتا وكفاتا إذاضمه و منه الحديث اكفتوا صبيانك أي ضموهم إلي أنفسكم ويقال للوعاء كفت وكفيت قال أبوعبيد كفاتا أي أوعية والمعني جعلنا الأرض كفاتا للعباد تكفتهم أحياء علي ظهرها في دورهم ومنازلهم وتكفتهم أمواتا في بطنها أي تحوزهم وتضمهم
وَ روُيَِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ نَظَرَ إِلَي الجَبّانَةِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الأَموَاتِ ثُمّ نَظَرَ إِلَي البُيُوتِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الأَحيَاءِ
و قوله أَحياءً وَ أَمواتاً أي منها ماينبت ومنها ما لاينبت فعلي هذا يكون أحياء وأمواتا نصبا علي الحال و علي القول الأول علي المفعول به روَاسيَِ شامِخاتٍ أي جبالا ثابتة عاليةوَ أَسقَيناكُم ماءً فُراتاً أي
صفحه : 77
وجعلنا لكم سقيا من الماء العذب عن ابن عباس وَيلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذّبِينَبهذه النعم وأنها من جهة الله .مِهاداً أي وطاء وقرارا ومهيأ للتصرف فيه من غيرأذية والمصدر بمعني المفعول أوالحمل علي المبالغة أوالمعني ذات مهادوَ خَلَقناكُم أَزواجاً أي أشكالا كل واحد شكل للآخر أوذكرانا وإناثا حتي يصح منكم التناسل ويتمتع بعضكم ببعض أوأصنافا أبيض وأسود وصغيرا وكبيرا إلي غير ذلك وَ جَعَلنا نَومَكُم سُباتاً أي راحة ودعة لأجسادكم أوقطعا لأعمالكم وتصرفكم أي سباتا ليس بموت علي الحقيقة و لامخرج عن الحياة والإدراك وَ جَعَلنَا اللّيلَ لِباساً أي غطاء وسترة يستر كل شيءبظلمته وسواده وَ جَعَلنَا النّهارَ مَعاشاً أي مطلب معاش أووقت معاشكم وَ بَنَينا فَوقَكُم سَبعاً شِداداً أي سبع سماوات محكمة أحكمنا صنعها وأوثقنا بناءهاوَ جَعَلنا سِراجاً وَهّاجاًيعني الشمس جعلها سبحانه سراجا للعالم وقادا متلألئا بالنور يستضيئون بها وقيل الوهج مجمع النور والحروَ أَنزَلنا مِنَ المُعصِراتِ أي من الرياح ذات الأعاصير و ذلك أن الريح يستدر المطر وقيل المعصرات السحائب إذاأعصرت أي شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر كقولهم أحصد الزرع أي حان له أن يحصدماءً ثَجّاجاً أي منصبا بكثرةلِنُخرِجَ بِهِ حَبّا وَ نَباتاًفالحب كل ماتضمنه كمام الزرع ألذي يحصد والنبات الكلأ من الحشيش والزروع ونحوها قيل حبا يأكله الناس ونباتا تنبته الأرض مما تأكله الأنعام وَ جَنّاتٍ أَلفافاً أي بساتين ملتفة بالشجر أوبعضها ببعض وإنما سميت جنة لأن الشجر تجنها أي تسترها.ذاتِ الصّدعِ أي مايتصدع عنه الأرض من النبات أوالشق بالنبات والعيون .أَ فَلا يَنظُرُونَ إِلَي الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَتخلقا دالا علي كمال قدرته وحسن
صفحه : 78
تدبيره حيث خلقها لجرّ الثقال إلي البلاد النائية فجعلها عظيمة باركة للحمل ناهضة به منقادة لمن اقتادها طوال الأعنان لتنوء بالأوقار ترعي كل نابت وتحمل العطش إلي عشر فصاعدا ليتأتي لها قطع البراري والمفاوز مع مالها من منافع أخر فلذا خصت بالذكر ولأنها أعجب ما عندالعرب من هذاالنوع وقيل المراد بهاالسحاب علي الاستعارةوَ إِلَي السّماءِ كَيفَ رُفِعَتبلا عمدوَ إِلَي الجِبالِ كَيفَ نُصِبَتفهي راسخة لاتميل وَ إِلَي الأَرضِ كَيفَ سُطِحَت أي بسطت حتي صارت مهاداوَ ما طَحاها أي و من طحيها أومصدرية وطحوها تسطيحها وبسطها
1- الإِحتِجَاجُ، عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ سَأَلَ الزّندِيقُ فِي مَا سَأَلَ أَبَا عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ النّهَارُ قَبلَ اللّيلِ فَقَالَ نَعَم خَلَقَ النّهَارَ قَبلَ اللّيلِ وَ الشّمسَ قَبلَ القَمَرِ وَ الأَرضَ قَبلَ السّمَاءِ وَ وُضِعَ الأَرضُ عَلَي الحُوتِ وَ الحُوتُ فِي المَاءِ وَ المَاءُ فِي صَخرَةٍ مُجَوّفَةٍ وَ الصّخرَةُ عَلَي عَاتِقِ مَلَكٍ وَ المَلَكُ عَلَي الثّرَي وَ الثّرَي عَلَي الرّيحِ وَ الرّيحُ عَلَي الهَوَاءِ وَ الهَوَاءُ تُمسِكُهُ القُدرَةُ وَ لَيسَ تَحتَ الرّيحِ العَقِيمِ إِلّا الهَوَاءُ وَ الظّلُمَاتُ وَ لَا وَرَاءَ ذَلِكَ سَعَةٌ وَ لَا ضِيقٌ وَ لَا شَيءٌ يُتَوَهّمُ ثُمّ خَلَقَ الكرُسيِّ فَحَشَاهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ الكرُسيِّ أَكبَرُ مِن كُلّ شَيءٍ خَلَقَ ثُمّ خَلَقَ العَرشَ فَجَعَلَهُ أَكبَرَ مِنَ الكرُسيِّ
2- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ عَن عَلَاءٍ المَكفُوفِ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سُئِلَ عَنِ الأَرضِ عَلَي أَيّ شَيءٍ هيَِ قَالَ[ عَلَي]الحُوتِ فَقِيلَ لَهُ فَالحُوتُ عَلَي أَيّ شَيءٍ هُوَ قَالَ عَلَي المَاءِ فَقِيلَ لَهُ فَالمَاءُ عَلَي أَيّ شَيءٍ هُوَ قَالَ عَلَي الثّرَي قِيلَ لَهُ فَالثّرَي عَلَي أَيّ شَيءٍ هُوَ قَالَ عِندَ ذَلِكَ انقَضَي عِلمُ العُلَمَاءِ
صفحه : 79
3- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن جَمِيلِ بنِ صَالِحٍ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ الأَرضِ عَلَي أَيّ شَيءٍ هيَِ قَالَ عَلَي الحُوتِ قُلتُ فَالحُوتُ عَلَي أَيّ شَيءٍ هُوَ قَالَ عَلَي المَاءِ قُلتُ فَالمَاءُ عَلَي أَيّ شَيءٍ هُوَ قَالَ عَلَي الصّخرَةِ قُلتُ فَالصّخرَةُ عَلَي أَيّ شَيءٍ هيَِ قَالَ عَلَي قَرنِ ثَورٍ أَملَسَ قُلتُ فَعَلَي أَيّ شَيءٍ الثّورُ قَالَ عَلَي الثّرَي قُلتُ فَعَلَي أَيّ شَيءٍ الثّرَي فَقَالَ هَيهَاتَ عِندَ ذَلِكَ ضَلّ عِلمُ العُلَمَاءِ
الكافي، عن محمد بن يحيي عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب مثله بيان الأملس الصحيح الظهر ولعل المراد هنا أنه لم يلحقه من هذاالحمل دبر وجراحة في ظهره و في القاموس الثري الندي والتراب الندي أو ألذي إذابلّ لم يصر طينا والخير انتهي ضلّ علم العلماء أي غيرالمعصومين أوالمراد بالعلماء هم والمعني أنهم أمروا بكتمانه عن سائر الخلق فكأنه ضل علمهم عن الخلق و قديقال المراد بالثري هنا الخير الكامل يعني القدرة فإن استقرار جميع الأشياء علي قدرة الله تعالي وقيل المراد بالثري هنا ما هومنتهي الموجودات و لما كان تعقل النفي الصرف صعبا علي الأفهام قال عند ذلك ضل علم العلماء لإلف الناس بالأبعاد القارّة وجسم خلف جسم ولذا ذهب بعض المتكلمين إلي أبعاد موهومة غيرمتناهية وقالوا بالخلإ
4-التّفسِيرُ، عَن أَبِيهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ قُلتُ أخَبرِنيِ عَن قَولِ اللّهِوَ السّماءِ ذاتِ الحُبُكِ فَقَالَ هيَِ مَحبُوكَةٌ إِلَي الأَرضِ وَ شَبّكَ بَينَ أَصَابِعِهِ فَقُلتُ كَيفَ تَكُونُ مَحبُوكَةً إِلَي الأَرضِ وَ اللّهُ يَقُولُرَفَعَ السّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها فَقَالَ سُبحَانَ اللّهِ أَ لَيسَ يَقُولُبِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها قُلتُ بَلَي فَقَالَ فَثَمّ عَمَدٌ وَ لَكِن لَا تَرَونَهَا قُلتُ كَيفَ ذَلِكَ جعَلَنَيَِ اللّهُ فِدَاكَ قَالَ فَبَسَطَ
صفحه : 80
كَفّهُ اليُسرَي ثُمّ وَضَعَ اليُمنَي عَلَيهَا فَقَالَ هَذِهِ أَرضُ الدّنيَا وَ السّمَاءُ الدّنيَا عَلَيهَا فَوقَهَا قُبّةٌ وَ الأَرضُ الثّانِيَةُ فَوقَ السّمَاءِ الدّنيَا وَ السّمَاءُ الثّانِيَةُ فَوقَهَا قُبّةٌ وَ الأَرضُ الثّالِثَةُ فَوقَ السّمَاءِ الثّانِيَةِ وَ السّمَاءُ الثّالِثَةُ فَوقَهَا قُبّةٌ وَ الأَرضُ الرّابِعَةُ فَوقَ السّمَاءِ الثّالِثَةِ وَ السّمَاءُ الرّابِعَةُ فَوقَهَا قُبّةٌ وَ الأَرضُ الخَامِسَةُ فَوقَ السّمَاءِ الرّابِعَةِ وَ السّمَاءُ الخَامِسَةُ فَوقَهَا قُبّةٌ وَ الأَرضُ السّادِسَةُ فَوقَ السّمَاءِ الخَامِسَةِ وَ السّمَاءُ السّادِسَةُ فَوقَهَا قُبّةٌ وَ الأَرضُ السّابِعَةُ فَوقَ السّمَاءِ السّادِسَةِ وَ السّمَاءُ السّابِعَةُ فَوقَهَا قُبّةٌ وَ عَرشُ الرّحمَنِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فَوقَ السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ هُوَ قَولُ اللّهِألّذِي خَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ يَتَنَزّلُ الأَمرُ بَينَهُنّفَأَمّا صَاحِبُ الأَمرِ فَهُوَ رَسُولُ اللّهِص وَ الوصَيِّ بَعدَ رَسُولِ اللّهِص قَائِمٌ هُوَ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَإِنّمَا يَنزِلُ الأَمرُ إِلَيهِ مِن فَوقِ السّمَاءِ مِن بَينِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ قُلتُ فَمَا تَحتَنَا إِلّا أَرضٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ مَا تَحتَنَا إِلّا أَرضٌ وَاحِدَةٌ وَ إِنّ السّتّ لَهُنّ فَوقَنَا
العياشي، عن الحسين بن خالدمثله بيان قال الفيروزآباديالحُبُكِالشدّ والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب يحبكه ويحبكه فهو حبيك ومحبوك والحبك من السماء طرائق النجوم والتحبيك التوثيق والتخطيط انتهي فالمراد بكونها محبوكة أنها متصلة بالأرض معتمدة عليها و أن كل سماء علي كل أرض كالقبة الموضوعة عليها و لما كان هذاظاهرا مخالفا للحس والعيان فيمكن تأويله بوجهين أولهما و هوأقربهما وأوفقهما للشواهد العقلية أن يكون المراد بالأرض ماسوي السماء من العناصر و يكون المراد نفي توهم أن بين السماء و الأرض خلا بل هومملو من سائر العناصر والمراد بالأرضين السبع هذه الأرض وستة من السماوات التي فوقنا فإن الأرض مايستقر عليه
صفحه : 81
الحيوانات وسائر الأشياء والسماء مايظلهم و يكون فوقهم فسطح هذه الأرض أرض لنا والسماء الأولي سماء لنا تظلنا والسطح المحدب للسماء الأولي أرض للملائكة المستقرين عليها والسماء الثانية سماء لهم وهكذا محدب كل سماء أرض لمافوقها ومقعر السماء ألذي فوقها سماء بالنسبة إليها إلي السماء السابعة فإنها سماء وليست بأرض و الأرض التي نحن عليها أرض وليست بسماء والسماوات الستة الباقية كل منها سماء من جهة وأرض من جهة وثانيهما أن يكون المعني أن السماوات سبع كرات في جوف كل سماء أرض وليست السماوات بعضها في جوف بعض كما هوالمشهور بل بعضها فوق بعض معتمدا بعضها علي بعض فالمراد بقوله إلي الأرض أي مع الأرض أو إلي أن ينتهي إلي هذه الأرض التي نحن عليها قوله ع فأما صاحب الأمر أي ألذي ينزل هذاالأمر إليه
5- العُيُونُ، وَ العِلَلُ، فِي خَبَرِ الشاّميِّ أَنّهُ سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ الأَرضِ مِمّ خُلِقَ قَالَ مِن زَبَدِ المَاءِ
6- العيَاّشيِّ، عَنِ الخَطّابِ الأَعوَرِ رَفَعَهُ إِلَي أَهلِ العِلمِ وَ الفِقهِ مِن آلِ مُحَمّدٍ عَلَيهِمُ السّلَامُ قَالَ وَ فِي الأَرضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌيعَنيِ هَذِهِ الأَرضُ الطّيّبَةُ يُجَاوِرُهَا هَذِهِ المَالِحَةُ وَ لَيسَت مِنهَا كَمَا يُجَاوِرُ القَومُ القَومَ وَ لَيسُوا مِنهُم
7- الإِختِصَاصُ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ سَأَلَ ابنُ سَلّامٍ النّبِيّص مَا السّتّونَ قَالَ الأَرضُ لَهَا سِتّونَ عِرقاً وَ النّاسُ خُلِقُوا عَلَي سِتّينَ لَوناً
8- معَاَنيِ الأَخبَارِ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ الأصَبهَاَنيِّ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ المنِقرَيِّ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ نَظَرَ إِلَي المَقَابِرِ فَقَالَ يَا حَمّادُ هَذِهِ كِفَاتُ الأَموَاتِ وَ نَظَرَ إِلَي البُيُوتِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الأَحيَاءِ ثُمّ تَلَاأَ لَم نَجعَلِ الأَرضَ كِفاتاً أَحياءً وَ أَمواتاً وَ روُيَِ أَنّهُ دَفَنَ الشّعرَ وَ الظّفُرَ
صفحه : 82
بيان لعل المعني أن دفن الشعر والظفر في الأرض لما كان مستحبا فهذا أيضا داخل في كفات الأحياء أو في كفات الأموات لعدم حلول الحياة فيهما والأول أظهر
9- العُيُونُ، عَنِ المُفَسّرِ بِإِسنَادِهِ إِلَي أَبِي مُحَمّدٍ العسَكرَيِّ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع فِي قَولِهِ عَزّ وَ جَلّألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِراشاً وَ السّماءَ بِناءً قَالَ جَعَلَهَا مُلَائِمَةً لِطَبَائِعِكُم مُوَافِقَةً لِأَجسَادِكُم وَ لَم يَجعَلهَا شَدِيدَةَ الحمَيِ وَ الحَرَارَةِ فَتُحرِقَكُم وَ لَا شَدِيدَةَ البُرُودَةِ فَتُجمِدَكُم وَ لَا شَدِيدَةَ طِيبِ الرّيحِ فَتُصَدّعَ هَامَاتُكُم وَ لَا شَدِيدَةَ النّتنِ فَتُعطِبَكُم وَ لَا شَدِيدَةَ اللّينِ كَالمَاءِ فَتُغرِقَكُم وَ لَا شَدِيدَةَ الصّلَابَةِ فَتَمتَنِعَ عَلَيكُم فِي دُورِكُم وَ أَبنِيَتِكُم وَ قُبُورِ مَوتَاكُم وَ لَكِنّهُ عَزّ وَ جَلّ جَعَلَ فِيهَا مِنَ المَتَانَةِ مَا تَنتَفِعُونَ بِهِ وَ تَتَمَاسَكُ عَلَيهَا أَبدَانُكُم وَ بُنيَانُكُم وَ جَعَلَ فِيهَا مَا تَنقَادُ بِهِ لِدُورِكُم وَ قُبُورِكُم وَ كَثِيرٍ مِن مَنَافِعِكُم فَذَلِكَجَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِراشاً ثُمّ قَالَوَ السّماءَ بِناءًسَقفاً مَحفُوظاً مِن فَوقِكُم يُدِيرُ فِيهَا شَمسَهَا وَ قَمَرَهَا وَ نُجُومَهَا لِمَنَافِعِكُم ثُمّ قَالَ عَزّ وَ جَلّوَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءًيعَنيِ المَطَرَ يُنزِلُهُ مِن عَلًي[عَلًا]لِيَبلُغَ قُلَلَ جِبَالِكُم وَ تِلَالَكُم وَ هِضَابَكُم وَ أَوهَادَكُم ثُمّ فَرّقَهُ رَذَاذاً وَ وَابِلًا وَ هَطلًا وَ طَلّا لِتَنشَفَهُ أَرَضُوكُم وَ لَم يَجعَل ذَلِكَ المَطَرَ نَازِلًا عَلَيكُم قِطعَةً وَاحِدَةً فَيُفسِدَ أَرَضِيكُم وَ أَشجَارَكُم وَ زُرُوعَكُم وَ ثِمَارَكُم ثُمّ قَالَ عَزّ وَ جَلّفَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثّمَراتِ رِزقاً لَكُميعَنيِ مِمّا يُخرِجُهُ مِنَ الأَرضِ رِزقاً لَكُمفَلا تَجعَلُوا لِلّهِ أَنداداً أَي أَشبَاهاً وَ أَمثَالًا مِنَ الأَصنَامِ التّيِ لَا تَعقِلُ وَ لَا تَسمَعُ وَ لَا تُبصِرُ وَ لَا تَقدِرُ عَلَي شَيءٍوَ أَنتُم تَعلَمُونَأَنّهَا لَا تَقدِرُ عَلَي شَيءٍ مِن هَذِهِ النّعَمِ الجَلِيلَةِ التّيِ أَنعَمَهَا عَلَيكُم رَبّكُم تَبَارَكَ وَ تَعَالَي
الاحتجاج ،بالإسناد إلي أبي محمد ع مثله
صفحه : 83
تفسير الإمام ، ع
مثله بيان فتصدع علي بناء التفعيل من الصداع وأعطبه أهلكه والرذاذ كسحاب المطر الضعيف أوالساكن الدائم الصغار القطر كالغبار والوابل المطر الشديد الضخم والهطل المطر الضعيف الدائم والطل المطر الضعيف أوأخف المطر وأضعفه والندي أوفوقه ودون المطر كل ذلك ذكره الفيروزآبادي
10-التّوحِيدُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ وَ غَيرِهِ عَن خَلَفِ بنِ حَمّادٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ زَيدٍ الهاَشمِيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَجَاءَت زَينَبُ العَطّارَةُ الحَولَاءُ إِلَي نِسَاءِ رَسُولِ اللّهِص وَ بَنَاتِهِ وَ كَانَت تَبِيعُ مِنهُنّ العِطرَ فَدَخَلَ رَسُولُ اللّهِص وَ هيَِ عِندَهُنّ فَقَالَ إِذَا أَتَيتِنَا طَابَت بُيُوتُنَا فَقَالَت بُيُوتُكَ بِرِيحِكَ أَطيَبُ يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ إِذَا بِعتِ فاَحشيِ وَ لَا تغَشُيّ فَإِنّهُ أَتقَي وَ أَبقَي لِلمَالِ فَقَالَت مَا جِئتَ لشِيَءٍ مِن بيَعيِ وَ إِنّمَا جِئتُكَ أَسأَلُكَ عَن عَظَمَةِ اللّهِ قَالَ جَلّ جَلَالُهُ سَأُحَدّثُكِ عَن بَعضِ ذَلِكِ ثُمّ قَالَ إِنّ هَذِهِ الأَرضَ بِمَن فِيهَا وَ مَن عَلَيهَا عِندَ التّيِ تَحتَهَا كَحَلقَةٍ مُلقَاةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ هَاتَانِ وَ مَن فِيهِمَا وَ مَن عَلَيهِمَا عِندَ التّيِ تَحتَهُمَا كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ الثّالِثَةُ حَتّي انتَهَي إِلَي السّابِعَةِ ثُمّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَخَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ وَ السّبعُ وَ مَن فِيهِنّ وَ مَن عَلَيهِنّ عَلَي ظَهرِ الدّيكِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ الدّيكُ لَهُ جَنَاحٌ بِالمَشرِقِ وَ جَنَاحٌ بِالمَغرِبِ وَ رِجلَاهُ فِي التّخُومِ وَ السّبعُ وَ الدّيكُ بِمَن فِيهِ وَ مَن عَلَيهِ عَلَي الصّخرَةِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ السّبعُ وَ الدّيكُ وَ الصّخرَةُ بِمَن فِيهَا وَ مَن عَلَيهَا عَلَي ظَهرِ الحُوتِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ السّبعُ وَ الدّيكُ وَ الصّخرَةُ وَ الحُوتُ عِندَ البَحرِ المُظلِمِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ
صفحه : 84
قيِّ وَ السّبعُ وَ الدّيكُ وَ الصّخرَةُ وَ الحُوتُ وَ البَحرُ المُظلِمُ عِندَ الهَوَاءِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ السّبعُ وَ الدّيكُ وَ الصّخرَةُ وَ الحُوتُ وَ البَحرُ المُظلِمُ وَ الهَوَاءُ عِندَ الثّرَي كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ ثُمّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَلَهُ ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ وَ ما بَينَهُما وَ ما تَحتَ الثّري ثُمّ انقَطَعَ الخَبَرُ وَ السّبعُ وَ الدّيكُ وَ الصّخرَةُ وَ الحُوتُ وَ البَحرُ المُظلِمُ وَ الهَوَاءُ وَ الثّرَي بِمَن فِيهِ وَ مَن عَلَيهِ عِندَ السّمَاءِ الأُولَي كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ هَذَا وَ السّمَاءُ الدّنيَا وَ مَن فِيهَا وَ مَن عَلَيهَا عِندَ التّيِ فَوقَهَا كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ هَذَا وَ هَاتَانِ السّمَاوَانِ عِندَ الثّالِثَةِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ هَذَا وَ هَذِهِ الثّلَاثُ عِندَ الرّابِعَةِ بِمَن فِيهِنّ وَ مَن عَلَيهِنّ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ حَتّي انتَهَي إِلَي السّابِعَةِ وَ هَذِهِ السّبعُ وَ مَن فِيهِنّ وَ مَن عَلَيهِنّ عِندَ البَحرِ المَكفُوفِ عَن أَهلِ الأَرضِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ السّبعُ وَ البَحرُ المَكفُوفُ عِندَ جِبَالِ البَرَدِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ ثُمّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَوَ يُنَزّلُ مِنَ السّماءِ مِن جِبالٍ فِيها مِن بَرَدٍ وَ هَذِهِ السّبعُ وَ البَحرُ المَكفُوفُ وَ جِبَالُ البَرَدِ عِندَ حُجُبِ النّورِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ هُوَ سَبعُونَ أَلفَ حِجَابٍ يَذهَبُ نُورُهَا بِالأَبصَارِ وَ هَذَا وَ السّبعُ وَ البَحرُ المَكفُوفُ وَ جِبَالُ البَرَدِ وَ الهَوَاءُ وَ الحُجُبُ عِندَ الهَوَاءِ ألّذِي تَحَارُ فِيهِ القُلُوبُ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ وَ السّبعُ وَ البَحرُ المَكفُوفُ وَ جِبَالُ البَرَدِ وَ الهَوَاءُ وَ الحُجُبُ فِي الكرُسيِّ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ ثُمّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفظُهُما وَ هُوَ العلَيِّ العَظِيمُ وَ هَذِهِ السّبعُ وَ البَحرُ المَكفُوفُ وَ جِبَالُ البَرَدِ وَ الهَوَاءُ وَ الحُجُبُ وَ الكرُسيِّ عِندَ العَرشِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ قيِّ
صفحه : 85
ثُمّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي مَا تَحمِلُهُ الأَملَاكُ إِلّا بِقَولِ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِّ العَظِيمِ
الكافي، عن محمد بن يحيي عن أحمد بن محمد عن عبدالرحمن بن أبي نجران عن صفوان عن خلف بن حمادمثله بيان فإنه أتقي أي أقرب إلي التقوي وأنسب بها أواحفظ لصاحبه عن مفاسد الدنيا والآخرة و قال الجوهري الفلاة المفازة و قال القيّ بالكسر والتشديد فعل من القواء وهي الأرض القفر الخالية و قال التخم منتهي كلّ قرية أوأرض يقال فلان علي تخم من الأرض والجمع تخوم قوله ع ثم انقطع الخبر و في الكافي عندالثري والمعني أنا لم نخبر به أو لم نؤمر بالإخبار به قوله المكفوف عن أهل الأرض أي ممنوع عنهم لاينزل منه ماء إليهم و في الكافي بعد قوله مِن جِبالٍ فِيها مِن بَرَدٍهكذا و هذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد عندالهواء ألذي تحار فيه القلوب كحلقة في فلاة قي و هذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء عندحجب النور كحلقة في فلاة قي و هذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء عندحجب النور كحلقة في فلاة قي و هذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء وحجب النور عندالكرسي إلي قوله وتلا هذه الآيةالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي ثم قال و في رواية الحسن الحجب قبل الهواء ألذي تحار فيه القلوب أي كانت الرواية في كتاب الحسن بن محبوب هكذا موافقا لمانقله الصدوق . ثم اعلم أن الخبر يدل علي أن الأرضين طبقات بعضها فوق بعض و قديستشكل فيما اشتمل عليه هذاالخبر من أن الأرضين السبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء والثري عندالسماء الأولي كحلقة في فلاة قي فيدل علي أن جميع ذلك ليس لها قدر محسوس عندفلك القمر مع أن الأرض وحدها لها قدر محسوس
صفحه : 86
عنده بدلالة الخسوف واختلاف المنظر و غير ذلك مما علم في الأبعاد والأجرام و قديجاب عن ذلك بأنه لما لم يمكن أن تحمل النسب التي ذكرت بين هذه الموجودات في هذاالحديث علي النسب المقدارية التي اعتبر مثلها بين الحلقة والفلاة اللتين هما المشبه بهما في جميع المراتب فإنه خلاف مادل عليه العقول الصحيحة السليمة بعدالتأمل في البراهين الهندسية والحسابية التي لايحوم حولها الشك أصلا و لاتعتريها الشبهة قطعا فيمكن أن يأول ويحمل علي أن المعني أن نسبة الحكم والمصالح المرعية في خلق كل من تلك المراتب إلي ماروعي فيما ذكر بعده كنسبة مقدار الحلقة إلي الفلاة ليدل علي أن مايمكننا أن نشاهد أوندرك من آثار صنعه وعجائب حكمته في الشواهد ليس له نسبة محسوسة إلي أدني ما هومحجوب عنا فكيف إلي مافوقه وأجاب آخرون بأن المعني ارتفاع ثقل كل من تلك الموجودات عما اتصل به فالطبقة الأولي من الأرض رفع الله ثقلها عن الطبقة الثانية فليس ثقلها عليها إلاكثقل حلقة علي فلاة سواء كانت أكبر منها حجما أوأصغر وأقول علي مااحتملنا سابقا من كون جميع الأفلاك أجزاء من السماء الدنيا داخلة فيها كما هوظاهر الآية الكريمة يمكن حمل هذاالتشبيه علي ظاهره من غيرتأويل و الله يعلم حقائق الموجودات
11-تَوحِيدُ المُفَضّلِ، قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع فَكّر يَا مُفَضّلُ فِيمَا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهِ هَذِهِ الجَوَاهِرَ الأَربَعَةَ لِيَتّسِعَ مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ مِنهَا فَمِن ذَلِكَ سَعَةُ هَذِهِ الأَرضِ وَ امتِدَادُهَا فَلَو لَا ذَلِكَ كَيفَ كَانَت تَتّسِعُ لِمَسَاكِنِ النّاسِ وَ مَزَارِعِهِم وَ مَرَاعِيهِم وَ مَنَابِتِ أَخشَابِهِم وَ أَحطَابِهِم وَ العَقَاقِيرِ العَظِيمَةِ وَ المَعَادِنِ الجَسِيمَةِ غَنَاؤُهَا وَ لَعَلّ مَن يُنكِرُ هَذِهِ الفَلَوَاتِ الخَالِيَةَ وَ القِفَارَ المُوحِشَةَ يَقُولُ مَا المَنفَعَةُ فِيهَا فهَيَِ مَأوَي هَذِهِ الوُحُوشِ وَ مَحَالّهَا وَ مَرعَاهَا ثُمّ فِيهَا بَعدُ مُتَنَفّسٌ وَ مُضطَرَبٌ لِلنّاسِ إِذَا احتَاجُوا إِلَي الِاستِبدَالِ بِأَوطَانِهِم وَ كَم بَيدَاءَ وَ كَم فَدفَدٍ حَالَت قُصُوراً وَ جِنَاناً بِانتِقَالِ النّاسِ إِلَيهَا وَ حُلُولِهِم فِيهَا وَ لَو لَا سَعَةُ الأَرضِ وَ فُسحَتُهَا لَكَانَ النّاسُ كَمَن هُوَ فِي حِصَارٍ ضَيّقٍ لَا يَجِدُ
صفحه : 87
مَندُوحَةً عَن وَطَنِهِ إِذَا أَحزَنَهُ أَمرٌ يَضطَرّهُ إِلَي الِانتِقَالِ عَنهُ ثُمّ فَكّر فِي خَلقِ هَذِهِ الأَرضِ عَلَي مَا هيَِ عَلَيهِ حِينَ خُلِقَت رَاتِبَةً رَاكِنَةً فَيَكُونُ مُوَطّناً مُستَقَرّاً لِلأَشيَاءِ فَيَتَمَكّنُ النّاسُ مِنَ السعّيِ عَلَيهَا فِي مَآرِبِهِم وَ الجُلُوسِ عَلَيهَا لِرَاحَتِهِم وَ النّومِ لِهُدُوئِهِم وَ الإِتقَانِ لِأَعمَالِهِم فَإِنّهَا لَو كَانَت رَجرَاجَةً مُتَكَفّئَةً لَم يَكُونُوا يَستَطِيعُونَ أَن يُتقِنُوا البِنَاءَ وَ التّجَارَةَ وَ الصّنَاعَةَ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ بَل كَانُوا لَا يَتَهَنّئُونَ بِالعَيشِ وَ الأَرضُ تَرتَجّ مِن تَحتِهِم وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِمَا يُصِيبُ النّاسَ حِينَ الزّلَازِلِ عَلَي قِلّةِ مَكثِهَا حَتّي يَصِيرُوا إِلَي تَركِ مَنَازِلِهِم وَ الهَرَبِ عَنهَا فَإِن قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ صَارَت هَذِهِ الأَرضُ تُزَلزَلُ قِيلَ لَهُ إِنّ الزّلزَلَةَ وَ مَا أَشبَهَهَا مَوعِظَةٌ وَ تَرهِيبٌ يُرَهّبُ بِهَا النّاسُ لِيَرعُوا عَنِ المعَاَصيِ وَ كَذَلِكَ مَا يَنزِلُ بِهِم مِنَ البَلَاءِ فِي أَبدَانِهِم وَ أَموَالِهِم يجَريِ فِي التّدبِيرِ عَلَي مَا فِيهِ صَلَاحُهُم وَ استِقَامَتُهُم وَ يُدّخَرُ لَهُم إِن صَلَحُوا مِنَ الثّوَابِ وَ العِوَضِ فِي الآخِرَةِ مَا لَا يَعدِلُهُ شَيءٌ مِن أُمُورِ الدّنيَا وَ رُبّمَا عُجّلَ ذَلِكَ فِي الدّنيَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الدّنيَا صَلَاحاً لِلعَامّةِ وَ الخَاصّةِ ثُمّ إِنّ الأَرضَ فِي طِبَاعِهَا ألّذِي طَبَعَهَا اللّهُ عَلَيهِ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ وَ كَذَلِكَ الحِجَارَةُ وَ إِنّمَا الفَرقُ بَينَهَا وَ بَينَ الحِجَارَةِ فَضلُ يُبسٍ فِي الحِجَارَةِ أَ فَرَأَيتَ لَو أَنّ اليُبسَ أَفرَطَ عَلَي الأَرضِ قَلِيلًا حَتّي تَكُونَ حَجَراً صَلداً أَ كَانَت تُنبِتُ هَذَا النّبَاتَ ألّذِي بِهِ حَيَاةُ الحَيَوَانِ وَ كَانَ يُمكِنُ بِهَا حَرثٌ أَو بِنَاءٌ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ نَقَصَت عَن يُبسِ الحِجَارَةِ وَ جُعِلَت عَلَي مَا هيَِ عَلَيهِ مِنَ اللّينِ وَ الرّخَاوَةِ وَ لِيَتَهَيّأَ لِلِاعتِمَادِ وَ مِن تَدبِيرِ الحَكِيمِ جَلّ وَ عَلَا فِي خَلقِهِ الأَرضَ أَنّ مَهَبّ الشّمَالِ أَرفَعُ مِن مَهَبّ الجَنُوبِ فَلَم يَجعَلِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ كَذَلِكَ إِلّا لِتَنحَدِرَ المِيَاهُ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَتَسقِيَهَا وَ تَروِيَهَا ثُمّ يُفِيضَ آخِرَ ذَلِكَ إِلَي البَحرِ فَكَمَا يُرفَعُ أَحَدُ جاَنبِيَِ السّطحِ وَ يُخفَضُ الآخَرُ لِيَنحَدِرَ المَاءُ عَنهُ وَ لَا تَقُومَ عَلَيهِ كَذَلِكَ جُعِلَ مَهَبّ الشّمَالِ أَرفَعَ مِن مَهَبّ الجَنُوبِ لِهَذِهِ العِلّةِ بِعَينِهَا وَ لَو لَا ذَلِكَ لبَقَيَِ المَاءُ مُتَحَيّراً عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَكَانَ يَمنَعُ النّاسَ مِن أَعمَالِهَا وَ يَقطَعُ الطّرُقَ وَ المَسَالِكَ ثُمّ المَاءُ لَو لَا كَثرَتُهُ وَ تَدَفّقُهُ فِي العُيُونِ وَ الأَودِيَةِ وَ الأَنهَارِ لَضَاقَ عَمّا يَحتَاجُ النّاسُ
صفحه : 88
إِلَيهِ لِشُربِهِم وَ شُربِ أَنعَامِهِم وَ مَوَاشِيهِم وَ سقَيِ زُرُوعِهِم وَ أَشجَارِهِم وَ أَصنَافِ غَلّاتِهِم وَ شُربِ مَا يَرِدُهُ مِنَ الوُحُوشِ وَ الطّيرِ وَ السّبَاعِ وَ تَتَقَلّبُ فِيهِ الحِيتَانُ وَ دَوَابّ المَاءِ وَ فِيهِ مَنَافِعُ أُخَرُ أَنتَ بِهَا عَارِفٌ وَ عَن عِظَمِ مَوقِعِهَا غَافِلٌ فَإِنّهُ سِوَي الأَمرِ الجَلِيلِ المَعرُوفِ مِن غَنَائِهِ فِي إِحيَاءِ جَمِيعِ مَا عَلَي الأَرضِ مِنَ الحَيَوَانِ وَ النّبَاتِ يُمزَجُ بِالأَشرِبَةِ فَتَلِينُ وَ تَطِيبُ لِشَارِبِهَا وَ بِهِ تُنَظّفُ الأَبدَانُ وَ الأَمتِعَةُ مِنَ الدّرَنِ ألّذِي يَغشَاهَا وَ بِهِ يُبَلّ التّرَابُ فَيَصلُحُ لِلِاعتِمَالِ وَ بِهِ نَكُفّ عَادِيَةَ النّارِ إِذَا اضطَرَمَت وَ أَشرَفَ النّاسُ عَلَي المَكرُوهِ وَ بِهِ يَستَحِمّ المُتعِبُ الكَالّ فَيَجِدُ الرّاحَةَ مِن أَوصَابِهِ إِلَي أَشبَاهِ هَذَا مِنَ المَآرِبِ التّيِ تَعرِفُ عِظَمَ مَوقِعِهَا فِي وَقتِ الحَاجَةِ إِلَيهَا فَإِن شَكَكتَ فِي مَنفَعَةِ هَذَا المَاءِ الكَثِيرِ المُتَرَاكِمِ فِي البِحَارِ وَ قُلتَ مَا الإِربُ فِيهِ فَاعلَم أَنّهُ مُكتَنَفٌ وَ مُضطَرَبٌ مَا لَا يُحصَي مِن أَصنَافِ السّمَكِ وَ دَوَابّ البَحرِ وَ مَعدِنِ اللّؤلُؤِ وَ اليَاقُوتِ وَ العَنبَرِ وَ أَصنَافٍ شَتّي تُستَخرَجُ مِنَ البَحرِ وَ فِي سَوَاحِلِهِ مَنَابِتُ العَودِ اليَلَنجُوجِ وَ ضُرُوبٌ مِنَ الطّيبِ وَ العَقَاقِيرِ ثُمّ هُوَ بَعدُ مَركَبُ النّاسِ وَ مَحمِلٌ لِهَذِهِ التّجَارَاتِ التّيِ تُجلَبُ مِنَ البُلدَانِ البَعِيدَةِ كَمِثلِ مَا يُجلَبُ مِنَ الصّينِ إِلَي العِرَاقِ وَ مِنَ العِرَاقِ إِلَي العِرَاقِ فَإِنّ هَذِهِ التّجَارَاتِ لَو لَم يَكُن لَهَا مَحمِلٌ إِلّا عَلَي الظّهرِ لَبَارَت وَ بَقِيَت فِي بُلدَانِهَا وَ أيَديِ أَهلِهَا لِأَنّ أَجرَ حَملِهَا كَانَ يُجَاوِزُ أَثمَانَهَا فَلَا يَتَعَرّضُ أَحَدٌ لِحَملِهَا وَ كَانَ يَجتَمِعُ فِي ذَلِكَ أَمرَانِ أَحَدُهُمَا فَقدُ أَشيَاءَ كَثِيرَةٍ تَعظُمُ الحَاجَةُ إِلَيهَا وَ الآخَرُ انقِطَاعُ مَعَاشِ مَن يَحمِلُهَا وَ يَتَعَيّشُ بِفَضلِهَا وَ هَكَذَا الهَوَاءُ لَو لَا كَثرَتُهُ وَ سَعَتُهُ لَاختَنَقَ هَذَا الأَنَامُ مِنَ الدّخَانِ وَ البُخَارِ التّيِ يَتَحَيّرُ فِيهِ وَ يَعجِزُ عَمّا يُحَوّلُ إِلَي السّحَابِ وَ الضّبَابِ أَوّلًا أَوّلًا وَ قَد تَقَدّمَ مِن صِفَتِهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَ النّارُ أَيضاً كَذَلِكَ فَإِنّهَا لَو كَانَت مَبثُوثَةً كَالنّسِيمِ وَ المَاءِ كَانَت تُحرِقُ العَالَمَ وَ مَا فِيهِ وَ لَم يَكُن بُدّ مِن ظُهُورِهَا فِي الأَحَايِينِ لِغَنَائِهَا فِي كَثِيرٍ مِنَ المَصَالِحِ فَجُعِلَت كَالمَخزُونَةِ فِي الأَخشَابِ تُلتَمَسُ عِندَ الحَاجَةِ إِلَيهَا وَ تُمسَكُ بِالمَادّةِ وَ الحَطَبِ مَا احتِيجَ إِلَي بَقَائِهَا لِئَلّا تَخبُوَ فَلَا هيَِ تُمسَكُ بِالمَادّةِ وَ الحَطَبِ فَتَعظُمُ المَئُونَةُ فِي ذَلِكَ وَ لَا هيَِ تَظهَرُ مَبثُوثَةً فَتُحرِقُ كُلّمَا هيَِ فِيهِ بَل هيَِ عَلَي تَهيِئَةٍ وَ تَقدِيرٍ اجتَمَعَ فِيهَا الِاستِمتَاعُ بِمَنَافِعِهَا
صفحه : 89
وَ السّلَامَةُ مِن ضَرَرِهَا ثُمّ فِيهَا خَلّةٌ أُخرَي وَ هيَِ أَنّهَا مِمّا خُصّ بِهِ الإِنسَانُ دُونَ جَمِيعِ الحَيَوَانِ لِمَا لَهُ فِيهَا مِنَ المَصلَحَةِ فَإِنّهُ لَو فَقَدَ النّارَ لَعَظُمَ مَا يَدخُلُ عَلَيهِ مِنَ الضّرَرِ فِي مَعَاشِهِ فَأَمّا البَهَائِمُ فَلَا تَستَعمِلُ النّارَ وَ لَا تَستَمتِعُ بِهَا وَ لَمّا قَدّرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يَكُونَ هَذَا هَكَذَا خَلَقَ لِلإِنسَانِ كَفّاً وَ أَصَابِعَ مُهَيّأَةً لِقَدحِ النّارِ وَ استِعمَالِهَا وَ لَم يُعطِ البَهَائِمَ مِثلَ ذَلِكَ لَكِنّهَا أُغنِيَت بِالصّبرِ عَلَي الجَفَاءِ وَ الخَلَلِ فِي المَعَاشِ لِكَيلَا يَنَالَهَا فِي فَقدِ النّارِ مَا يَنَالُ الإِنسَانَ وَ أُنَبّئُكَ مِن مَنَافِعِ النّارِ عَلَي خَلّةٍ صَغِيرَةٍ عَظِيمٍ مَوقِعُهَا وَ هيَِ هَذَا المِصبَاحُ ألّذِي يَتّخِذُهُ النّاسُ فَيَقضُونَ بِهِ حَوَائِجَهُم مَا شَاءُوا مِن لَيلِهِم وَ لَو لَا هَذِهِ الخَلّةُ لَكَانَ النّاسُ تُصرَفُ أَعمَارُهُم بِمَنزِلَةِ مَن فِي القُبُورِ فَمَن كَانَ يَستَطِيعُ أَن يَكتُبَ أَو يَحفَظَ أَو يَنسِجَ فِي ظُلمَةِ اللّيلِ وَ كَيفَ كَانَت حَالُ مَن عُرِضَ لَهُ وَجَعٌ فِي وَقتٍ مِن أَوقَاتِ اللّيلِ فَاحتَاجَ إِلَي أَن يُعَالِجَ ضِمَاداً أَو سَفُوفاً أَو شَيئاً يسَتشَفيِ بِهِ فَأَمّا مَنَافِعُهَا فِي نَضجِ الأَطعِمَةِ وَ دف ء[دَفَاءِ]الأَبدَانِ وَ تَجفِيفِ أَشيَاءَ وَ تَحلِيلِ أَشيَاءَ وَ أَشبَاهِ ذَلِكَ فَأَكثَرُ مِن أَن تُحصَي وَ أَظهَرُ مِن أَن تُخفَي
تبيان العقاقير أصول الأدوية والغناء بالفتح المنفعة والخاوية الخالية والفدفد الفلاة والمكان الصلب الغليظ والمرتفع و الأرض المستوية والفسحة بالضم السعة ويقال لي عن هذاالأمر مندوحة ومنتدح أي سعة وحزبه أمر أي أصابه والراتبة الثابتة والراكنة الساكنة وهدأ هدءا وهدوءا سكن و قوله ع رجراجة أي متزلزلة متحركة والتكفي الانقلاب والتمايل والتحريك والارتجاج الاضطراب والارعواء الرجوع عن الجهل والكف عن القبيح والصلد ويكسر الصلب الأملس قوله ع إن مهب الشمال أرفع أي بعد ماخرجت الأرض من الكروية الحقيقية صار مايلي الشمال منها في أكثر المعمورة أرفع مما يلي الجنوب ولذا تري أكثر الأنهار كدجلة والفرات وغيرهما تجري من الشمال إلي الجنوب و لما كان الماء الساكن في جوف الأرض تابعا للأرض في ارتفاعه وانخفاضه فلذا صارت العيون المنفجرة تجري هكذا من الشمال إلي الجنوب حتي
صفحه : 90
تجري علي وجه الأرض ولذا حكموا بفوقية الشمال علي الجنوب في حكم اجتماع البئر والبالوعة و إذاتأملت فيما ذكرنا يظهر لك مابينه ع من الحكم في ذلك و أنه لاينافي كروية الأرض والتدفق التصبب قوله ع فإنه سوي الأمر الجليل الضمير راجع إلي الماء و هواسم إن ويمزج خبره أي للماء سوي النفع الجليل المعروف و هوكونه سببا لحياة كل شيءمنافع أخري منها أنه يمزج مع الأشربة و قال الجوهري الحميم الماء الحار و قداستحممت إذااغتسلت به ثم صار كل اغتسال استحماما بأي ماء كان انتهي والوصب محركة المرض والمكتنف بفتح النون من الكنف بمعني الحفظ والإحاطة واكتنفه أي أحاط به ويظهر منه أن نوعا من الياقوت يتكون في البحر وقيل أطلق علي المرجان مجازا ويحتمل أن يكون المراد مايستخرج منه بالغوص و إن لم يتكون فيه واليلنجوج عود البخور و من العراق أي البصرة إلي العراق أي الكوفة أوبالعكس قوله ع ويعجز أي لو لاكثرة الهواء لعجز الهواء عما يستحيل الهواء إليه من السحاب والضباب التي تتكون من الهواء أولا أولا أي تدريجا أي كان الهواء لايفي بذلك أو لايتسع لذلك والضباب بالفتح ندي كالغيم أوسحاب رقيق كالدخان والأحايين جمع أحيان و هوجمع حين بمعني الدهر والزمان قوله ع فلاهي تمسك بالمادة والحطب أي دائما بحيث إذاانطفت لم يمكن إعادتها والمادة الزيادة المتصلة والمراد هنا الدهر ومثله ودفاء الأبدان بالكسر دفع البرد عنها
12- الدّرّ المَنثُورُ، سُئِلَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ هَل تَحتَ الأَرضِ خَلقٌ قَالَ نَعَم أَ لَا تَرَي إِلَي قَولِهِ تَعَالَيخَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ يَتَنَزّلُ الأَمرُ بَينَهُنّ
صفحه : 91
13- وَ عَن قَتَادَةَ فِي قَولِهِسَبعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ قَالَ فِي كُلّ سَمَاءٍ وَ كُلّ أَرضٍ خَلقٌ مِن خَلقِهِ وَ أَمرٌ مِن أَمرِهِ وَ قَضَاءٌ مِن قَضَائِهِ
14- وَ عَن مُجَاهِدٍ فِي قَولِهِيَتَنَزّلُ الأَمرُ بَينَهُنّ قَالَ مِنَ السّمَاءِ السّابِعَةِ إِلَي الأَرضِ السّابِعَةِ مَلفُوفَةً
15- وَ عَنِ الحَسَنِ فِي الآيَةِ قَالَ بَينَ كُلّ سَمَاءٍ وَ أَرضٍ خَلقٌ وَ أَمرٌ
16- وَ عَنِ ابنِ جَرِيحٍ قَالَبلَغَنَيِ أَنّ عَرضَ كُلّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ سَنَةٍ وَ أَنّ بَينَ كُلّ أَرضَينِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ سَنَةٍ وَ أُخبِرتُ أَنّ الرّيحَ بَينَ الأَرضِ الثّانِيَةِ وَ الثّالِثَةِ وَ الأَرضُ السّابِعَةُ فَوقَ الثّرَي وَ اسمُهَا تُخُومٌ وَ أَنّ أَروَاحَ الكُفّارِ فِيهَا فَإِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ أَلقَتهُم إِلَي بَرَهُوتَ وَ الثّرَي فَوقَ الصّخرَةِ التّيِ قَالَ اللّهُ فِي صَخرَةٍ وَ الصّخرَةُ عَلَي الثّورِ لَهُ قَرنَانِ وَ لَهُ ثَلَاثُ قَوَائِمَ يَبتَلِعُ مَاءَ الأَرضِ كُلّهَا يَومَ القِيَامَةِ وَ الثّورُ عَلَي الحُوتِ وَ ذَنَبُ الحُوتِ عِندَ رَأسِهِ مُستَدِيرٌ تَحتَ الأَرضِ السّفلَي وَ طَرَفَاهُ مُنعَقِدَانِ تَحتَ العَرشِ وَ يُقَالُ الأَرضُ السّفلَي عُمُدٌ بَينَ قرَنيَِ الثّورِ وَ يُقَالُ بَل عَلَي ظَهرِهِ وَ اسمُهَا يهموت وَ أُخبِرتُ أَنّ عَبدَ اللّهِ بنَ سَلَامٍ سَأَلَ النّبِيّص عَلَي مَا الحُوتُ قَالَ عَلَي مَاءٍ أَسوَدَ وَ مَا أُخِذَ مِنهُ الحُوتُ إِلّا كَمَا أُخِذَ حُوتٌ مِن حِيتَانِكُم مِن بَحرٍ مِن هَذِهِ البِحَارِ وَ حُدّثتُ أَنّ إِبلِيسَ يُغَلغِلُ إِلَي الحُوتِ فَيُعظِمُ لَهُ نَفسَهُ وَ قَالَ لَيسَ خَلقٌ بِأَعظَمَ مِنكَ عِزّاً وَ لَا أَقوَي مِنكَ فَوَجَدَ الحُوتُ فِي نَفسِهِ فَتَحَرّكَ
صفحه : 92
فَمِنهُ تَكُونُ الزّلزَلَةُ إِذَا تَحَرّكَ فَبَعَثَ اللّهُ حُوتاً صَغِيراً فَأَسكَنَهُ فِي أُذُنِهِ فَإِذَا ذَهَبَ يَتَحَرّكُ تَحَرّكَ ألّذِي فِي أُذُنِهِ فَيَسكُنُ
17- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِوَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ قَالَ سَبعُ أَرَضِينَ فِي كُلّ أَرضٍ نبَيِّ كَنَبِيّكُم وَ آدَمُ كَآدَمَ وَ نُوحٌ كَنُوحٍ وَ اِبرَاهِيمُ كَإِبرَاهِيمَ وَ عِيسَي كَعِيسَي
18- وَ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ الأَرَضِينَ بَينَ كُلّ أَرضٍ وَ التّيِ تَلِيهَا مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ العُليَا مِنهَا عَلَي ظَهرِ حُوتٍ قَدِ التَقَي طَرَفَاهُ فِي السّمَاءِ وَ الحُوتُ عَلَي صَخرَةٍ وَ الصّخرَةُ بِيَدِ مَلَكٍ وَ الثّانِيَةُ مَسجَنُ الرّيحِ فَلَمّا أَرَادَ اللّهُ أَن يُهلِكَ عَاداً أَمَرَ خَازِنَ الرّيحِ أَن يُرسِلَ عَلَيهِم رِيحاً يَهلِكُ عَاداً فَقَالَ يَا رَبّ أُرسِلُ عَلَيهِم مِنَ الرّيحِ قَدرَ مَنخِرِ الثّورِ فَقَالَ لَهُ الجَبّارُ إِذَن تُكفَأَ الأَرضُ وَ مَن عَلَيهَا وَ لَكِن أَرسِل عَلَيهِم بِقَدرِ خَاتَمٍ فهَيَِ التّيِ قَالَ اللّهُ فِي كِتَابِهِما تَذَرُ مِن شَيءٍ أَتَت عَلَيهِ إِلّا جَعَلَتهُ كَالرّمِيمِ وَ الثّالِثَةُ فِيهَا حِجَارَةُ جَهَنّمَ وَ الرّابِعَةُ فِيهَا كِبرِيتُ جَهَنّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ أَ لِلنّارِ كِبرِيتٌ قَالَ نَعَم وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ إِنّ فِيهَا لَأَودِيَةٌ مِن كِبرِيتٍ لَو أَرسَلَ فِيهَا الجِبَالَ الروّاَسيَِ لَمَاعَت وَ الخَامِسَةُ فِيهَا حَيّاتُ جَهَنّمَ إِنّ أَفوَاهَهَا كَالأَودِيَةِ تَلسَعُ الكَافِرَ اللّسعَةَ فَلَا يَبقَي مِنهُ لَحمٌ عَلَي وَضَمٍ وَ السّادِسَةُ فِيهَا عَقَارِبُ جَهَنّمَ إِنّ أَدنَي عَقرَبَةٍ مِنهَا كَالبِغَالِ المُؤكَفَةِ تَضرِبُ الكَافِرَ ضَربَةً يُنسِيهِ ضَربُهَا حَرّ جَهَنّمَ وَ السّابِعَةُ فِيهَا سَقَرٌ وَ فِيهَا إِبلِيسُ مُصَفّدٌ بِالحَدِيدِ يَدٌ أَمَامَهُ وَ يَدٌ خَلفَهُ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يُطلِقَهُ لِمَا يَشَاءُ أَطلَقَهُ
19- وَ عَن أَبِي الدّردَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص كَنَفُ الأَرضِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ الثّانِيَةُ مِثلُ ذَلِكَ وَ مَا بَينَ كُلّ أَرضٍ أَرضَينِ مِثلَ ذَلِكَ
20- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَسَيّدُ السّمَاوَاتِ السّمَاءُ التّيِ فِيهَا العَرشُ وَ سَيّدُ
صفحه : 93
الأَرَضِينَ الأَرضُ التّيِ نَحنُ فِيهَا
21- وَ عَن كَعبٍ قَالَ الأَرَضُونَ السّبعُ عَلَي صَخرَةٍ وَ الصّخرَةُ فِي كَفّ مَلَكٍ وَ المَلَكُ عَلَي جَنَاحِ الحُوتِ وَ الحُوتُ فِي المَاءِ عَلَي الرّيحِ وَ الرّيحُ عَلَي الهَوَاءِ رِيحٌ عَقِيمٌ لَا تُلقِحُ وَ إِنّ قُرُونَهَا مُعَلّقَةٌ بِالعَرشِ
22- وَ عَن أَبِي مَالِكٍ قَالَ الصّخرَةُ التّيِ تَحتَ الأَرضِ مُنتَهَي الخَلقِ عَلَي أَرجَائِهَا أَربَعَةُ أَملَاكٍ رُءُوسُهُم تَحتَ العَرشِ
23- وَ عَنهُ قَالَ الصّخرَةُ تَحتَ الأَرَضِينَ عَلَي حُوتٍ وَ السّلسِلَةُ فِي أُذُنِ الحُوتِ
24- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ إِنّ أَوّلَ شَيءٍ خَلَقَهُ اللّهُ القَلَمُ فَقَالَ لَهُ اكتُب قَالَ يَا رَبّ وَ مَا أَكتُبُ قَالَ اكتُبِ القَدَرَ يجَريِ مِن ذَلِكَ اليَومِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي أَن تَقُومَ السّاعَةُ ثُمّ طَوَي الكِتَابَ وَ رَفَعَ القَلَمَ وَ كَانَ عَرشُهُ عَلَي المَاءِ فَارتَفَعَ بُخَارُ المَاءِ فَفُتِقَت مِنهُ السّمَاوَاتُ ثُمّ خُلِقَ النّونُ فَبُسِطَت عَلَيهِ الأَرضُ وَ الأَرضُ عَلَي ظَهرِ النّونِ فَاضطَرَبَ النّونُ فَمَادّتِ الأَرضُ فَأَثبَتَت بِالجِبَالِ فَإِنّ الجِبَالَ لَتَفخَرُ عَلَي الأَرضِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ قَرَأَ ابنُ عَبّاسٍن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ
25- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ اللّهُ القَلَمُ وَ الحُوتُ وَ قَالَ مَا أَكتُبُ قَالَ كُلّ شَيءٍ كَائِنٍ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ قَرَأَن وَ القَلَمِفَالنّونُ الحُوتُ
26- وَ عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص النّونُ السّمَكَةُ التّيِ عَلَيهَا قَرَارُ الأَرَضِينَ وَ القَلَمُ ألّذِي خَطّ بِهِ رَبّنَا عَزّ وَ جَلّ القَدَرَ خَيرَهُ وَ شَرّهُ وَ نَفعَهُ وَ ضَرَرَهُوَ ما يَسطُرُونَ قَالَ الكِرَامُ الكَاتِبُونَ
بيان في القاموس ماع الشيء يميع جري علي وجه الأرض منبسطا في هينة
صفحه : 94
والسمن ذاب و قال الوضم محركة ماوقيت به اللحم عن الأرض من خشب وحصير و قال إكاف الحمار ككتاب وغراب ووكافه برذعته وآكف الحمار إيكافا وأكفه تأكيفا شده عليه
27- نَوَادِرُ الراّونَديِّ،بِإِسنَادِهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ أَقبَلَ رَجُلَانِ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اجلِس عَلَي اسمِ اللّهِ تَعَالَي وَ البَرَكَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص اجلِس عَلَي استِكَ فَأَقبَلَ يَضرِبُ الأَرضَ بِعَصًا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا تَضرِبهَا فَإِنّهَا أُمّكُم وَ هيَِ بِكُم بَرّةٌ
28- وَ بِهَذَا الإِسنَادِ، قَالَ رَسُولُ اللّهِص تَمَسّحُوا بِالأَرضِ فَإِنّهَا أُمّكُم وَ هيَِ بِكُم بَرّةٌ
بيان قال في النهاية في الحديث تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة أي مشفقة عليكم كالوالدة البرة بأولادها يعني أن منها خلقكم و فيهامعاشكم وإليها بعدالموت معادكم والتمسح أراد به التيمم وقيل أراد مباشرة ترابها بالجباه في السجود من غيرحائل انتهي . وأقول يحتمل أن يراد به مايشمل الجلوس علي الأرض بغير حائل والأكل علي الأرض من غيرمائدة بقرينة الخبر الأول
29- العِلَلُ،لِمُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ قَالَ العِلّةُ فِي أَنّ الأَرضَ لَا تَقبَلُ الدّمَ أَنّهُ لَمّا قَتَلَ قَابِيلُ أَخَاهُ هَابِيلَ غَضِبَ آدَمُ عَلَي الأَرضِ فَلَا تَقبَلُ الدّمَ لِهَذِهِ العِلّةِ
30- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الدّقّاقِ عَنِ الكلُيَنيِّ عَن عَلّانٍ بِإِسنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ أَتَي عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ يهَوُديِّ فَسَأَلَهُ عَن مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أخَبرِنيِ عَن قَرَارِ هَذِهِ الأَرضِ عَلَي مَا هُوَ فَقَالَ ع قَرَارُ هَذِهِ الأَرضِ لَا يَكُونُ إِلّا عَلَي عَاتِقِ مَلَكٍ وَ قَدَمَا ذَلِكَ المَلَكِ عَلَي صَخرَةٍ وَ الصّخرَةُ عَلَي قَرنِ ثَورٍ وَ الثّورُ قَوَائِمُهُ عَلَي ظَهرِ الحُوتِ فِي اليَمّ الأَسفَلِ وَ اليَمّ عَلَي الظّلمَةِ وَ الظّلمَةُ عَلَي العَقِيمِ وَ العَقِيمُ عَلَي الثّرَي وَ مَا يَعلَمُ تَحتَ الثّرَي إِلّا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الخَبَرَ
صفحه : 95
31- النهج ،[نهج البلاغة] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي خُطبَةِ التّوحِيدِ لَا يجَريِ عَلَيهِ السّكُونُ وَ الحَرَكَةُ وَ كَيفَ يجَريِ عَلَيهِ مَا هُوَ أَجرَاهُ وَ يَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ أَبدَاهُ وَ يَحدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَت ذَاتُهُ وَ لَتَجَزّأَ كُنهُهُ وَ لَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعنَاهُ وَ لَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ وَ لَالتَمَسَ التّمَامَ إِذ لَزِمَهُ النّقصَانُ
بيان قال بعض شراح النهج في قوله ع ولتجزأ كنهه إشارة إلي نفي الجوهر الفرد و قال قوله ع ولكان له وراء إذ كان له أمام يؤكد ذلك لأن من أثبته يقول يصح أن تحله الحركة و لا يكون أحد وجهيه غيرالآخر
اعلم أن الطبيعيين والرياضيين اتفقوا علي أن الأرض كروية بحسب الحس وكذا الماء المحيط بها وصارا بمنزلة كرة واحدة فالماء ليس بتام الاستدارة بل هو علي هيئة كرة مجوفة قطع بعض منها وملئت الأرض علي وجه صارت الأرض مع الماء بمنزلة كرة واحدة و مع ذلك ليس شيء من سطحيه صحيح الاستدارة أماالمحدب فلما فيه من الأمواج و أماالمقعر فللتضاريس فيه من الأرض و قدأخرج الله تعالي قريبا من الربع من الأرض من الماء بمحض عنايته الكاملة أولبعض الأسباب المتقدمة لتكون مسكنا للحيوانات المتنفسة وغيرها من المركبات المحوجة إلي غلبة العنصر اليابس الصلب لحفظ الصور والأشكال وربط الأعضاء والأوصال ومما يدل علي كروية الأرض ماأومأنا إليه سابقا من طلوع الكواكب وغروبها في البقاع الشرقية قبل طلوعها وغروبها في الغربية بقدر ماتقتضيه أبعاد تلك البقاع في الجهتين علي ماعلم من إرصاد كسوفات بعينها لاسيما القمرية في بقاع مختلفة فإن ذلك ليس في ساعات متساوية البعد من نصف النهار علي الوجه المذكور وكون الاختلاف متقدرا بقدر الأبعاد دليل علي الاستدارة المتشابهة السائرة بحدبتها المواضع التي يتلو بعضها بعضا علي قياس واحد بين الخافقين وازدياد ارتفاع القطب والكواكب الشمالية وانحطاط الجنوبية للسائرين
صفحه : 96
إلي الشمال وبالعكس للسائرين إلي الجنوب بحسب سيرهما دليل علي استدارتها بين الجنوب والشمال وتركب الاختلافين يعطي الاستدارة في جميع الامتدادات ويؤيده مشاهدة استدارة أطراف المنكسف من القمر الدالة علي أن الفصل المشترك بين المستضيء من الأرض و ماينبعث منه الظل دائرة وكذلك اختلاف ساعات النهر الطوال والقصار في مساكن متفقه الطول إلي غير ذلك و لوكانت أسطوانية قاعدتاها نحو القطبين لم يكن لساكني الاستدارة كوكب أبدي الظهور بل إما الجميع طالعة غاربة أوكانت كواكب يكون من كل واحد من القطبين علي بعدتستره القاعدتان أبدية الخفاء والباقية طالعة غاربة و ليس كذلك وأيضا فالسائر إلي الشمال قديغيب عنه دائما كواكب كانت تظهر له وتظهر له كواكب كانت تغيب عنه بقدر إمعانه في السير و ذلك يدل علي استدارتها في هاتين الجهتين أيضا ومما يدل علي استدارة سطح الماء الواقف طلوع رءوس الجبال الشامخة علي السائرين في البحر أولا ثم مايلي رءوسها شيئا بعد شيء في جميع الجهات وقالوا التضاريس التي علي وجه الأرض من جهة الجبال والأغوار لاتقدح في كرويتها الحسية إذ ارتفاع أعظم الجبال وأرفعها علي ماوجدوه فرسخان وثلث فرسخ ونسبتها إلي جرم الأرض كنسبة جرم سبع عرض شعيرة إلي كرة قطرها ذراع بل أقل من ذلك ويظهر من كلام أكثر المتأخرين أن عدم قدح تلك الأمور في كرويتها الحسية معناه أنها لاتخل بشكل جملتها كالبيضة ألزقت بهاحبات شعير لم يقدح ذلك في شكل جملتها واعترض عليه بأن كون الأرض أوالبيضة حينئذ علي الشكل الكروي أوالبيضي عندالحس ممنوع وكيف يمكن دعوي ذلك مع مايري علي كل منهما مايخرج به الشكل مما اعتبروا فيه وعرفوه به وربما يوجه بوجه آخر و هو أن الجبال والوهاد الواقعة علي سطح الأرض غيرمحسوسة عادة عندالإحساس بجملة كرة الأرض علي ماهي عليه في الواقع بيانه أن رؤية الأشياء تختلف بالقرب والبعد فيري القريب أعظم مما هوالواقع والبعيد أصغر منه و هوظاهر و قدأطبق القائلون بالانطباع وبخروج الشعاع كلهم علي أن هذاالاختلاف
صفحه : 97
في رؤية المرئي بسبب القرب والبعد إنما هوتابع لاختلاف الزاوية الحاصلة عندمركز الجليدية في رأس المخروط الشعاعي بحسب التوهم أوبحسب الواقع عندانطباق قاعدته علي سطح المرئي فكلما قرب المرئي عظمت تلك الزاوية وكلما بعدصغرت و قدتقرر أيضا بين محققيهم أن رؤية الشيء علي ما هو عليه إنما هو في حالة يكون البعد بين الرائي والمرئي علي قدر يقتضي أن تكون الزاوية المذكورة قائمة فبناء علي ذلك إذافرضت الزاوية المذكورة بالنسبة إلي مرئي قائمة يجب أن يكون البعد بين رأس المخروط وقاعدته المحيطة بالمرئي بقدر نصف قطر قاعدته علي ماتقرر في الأصول فلما كان قطر الأرض أزيد من ألفي فرسخ بلا شبهة لاتكون مرئية علي ماهي عليه من دون ألف فرسخ ومعلوم أن الجبال والوهاد المذكورة غيرمحسوسة عادة عند هذاالبعد من المسافة فلا يكون لها قدر محسوس عند الأرض بالمعني ألذي مهدنا. ثم إنهم استعلموا بزعمهم مساحة الأرض وأجزاءها ودوائرها في زمان المأمون وقبله فوجدوا مقدار محيط الدائرة العظمي من الأرض ثمانية آلاف فرسخ وقصرها ألفين وخمسمائة وخمسة وأربعين فرسخا ونصف فرسخ تقريبا ومضروب القطر في المحيط مساحة سطح الأرض وهي عشرون ألف ألف وثلاثمائة وستون ألف فرسخ وربع ذلك مساحة الربع المسكون من الأرض و أماالقدر المعمور من الربع المسكون و هو ما بين خط الاستواء والموضع ألذي عرضه بقدر تمام الميل الكلي فمساحته ثلاثة آلاف ألف وسبعمائة وخمسة وستين ألفا وأربعمائة وعشرين فرسخا و هوقريب من سدس سطح جميع الأرض وسدس عشره والفرسخ ثلاثة أميال بالاتفاق و كل ميل أربعة آلاف ذراع عندالمحدثين وثلاثة آلاف عندالقدماء و كل ذراع أربع وعشرون إصبعا عندالمحدثين واثنان وثلاثون عندالقدماء و كل إصبع بالاتفاق مقدار ست شعيرات مضمومة بطون بعضها إلي ظهور بعض من الشعيرات المعتدلة. وذكروا أن للأرض ثلاث طبقات الأولي الأرض الصرفة المحيط بالمركز
صفحه : 98
الثانية الطبقة الطينية وهي المجاورة للماء الثالثة الطبقة المنكشفة من الماء وهي التي تحتبس فيهاالأبخرة والأدخنة وتتولد منها المعادن والنباتات والحيوانات وزعموا أن البسائط كلها شفافة لاتحجب عن أبصار ماوراءها ماعدا الكواكب و أن الأرض الصرفة المتجاورة للمركز أيضا شفافة والطبقتان الأخريان ليستا بسيطتين فهما كثيفتان فالأرض جعل الله الطبقة الظاهرة منها ملونة كثيفة غبراء لتقبل الضياء وخلق مافوقها من العناصر مشفة لطيفة بالطباع لينفذ فيها ويصل إلي غيرها ساطع الشعاع فإن الكواكب وسيما الشمس والقمر أكثر تأثيراتها في العوالم السفلي بوسيلة أشعتها المستقيمة والمنعطفة والمنعكسة بإذن الله تعالي وقالوا الأرض في وسط السماء كالمركز في الكرة فينطبق مركز حجمها علي مركز العالم و ذلك لتساوي ارتفاع الكواكب وانحطاطها مدة ظهورها وظهور النصف من الفلك دائما وتطابق أظلال الشمس في وقتي طلوعها وغروبها عندكونها علي المدار ألذي يتساوي فيه زمان ظهورها وخفائها علي خط مستقيم أو عندكونها في جزءين متقابلين من الدائرة التي يقطعها بسيرها الخاص بها وانخساف القمر في مقاطراته الحقيقية للشمس فإن الأول يمنع ميلها إلي أحد الخافقين والثاني إلي أحد السمتين الرأس والقدم والثالث إلي أحد القطبين والرابع إلي شيءمنها أو من غيرها من الجهات كما لايخفي و كما أن مركز حجمها منطبق علي مركز العالم فكذا مركز ثقلها و ذلك لأن الثقال تميل بطبعها إلي الوسط كمادلت عليه التجربة فهي إذن لاتتحرك عن الوسط بل هي ساكنة فيه متدافعة بأجزائها من جميع الجوانب إلي المركز تدافعا متساويا فلامحالة ينطبق مركز ثقلها الحقيقي المتحد بمركز حجمها التقريبي علي مركز العالم ومستقرها عندوسط العالم لتكافؤ القوي بلا تزلزل واضطراب يحدث فيهالثباتها بالسبب المذكور ولكون الأثقال المنتقلة من جانب منها إلي الآخر في غاية الصغر بالقياس إليها لايوجب انتقال مركز ثقلها من نقطة إلي أخري بحركة شيءمنها وكذا الأجزاء
صفحه : 99
المباينة لها تهوي إليها وهي تقبلها من جميع نواحيها من دون اضطراب هذا ماذكروه في هذاالمقام و لانعرف من ذلك إلاكون الجميع بقدرة القادر العليم وإرادة المدبر الحكيم كماستعرف ذلك إن شاء الله تعالي و قال الشيخ المفيد قدس سره في كتاب المقالات أقول إن العالم هوالسماء و الأرض و مابينهما وفيهما من الجواهر والأعراض ولست أعرف بين أهل التوحيد خلافا في ذلك أقول لعل مراده قدس سره بالسماوات مايشمل العرش والكرسي والحجب وغرضه نفي الجواهر المجردة التي تقول بهاالحكماء ثم قال رحمه الله وأقول إن الفلك هوالمحيط بالأرض الدائر عليها و فيه الشمس والقمر وسائر النجوم و الأرض في وسطه بمنزلة النقطة في وسط الدائرة و هذامذهب أبي القاسم البلخي وجماعة كثيرة من أهل التوحيد ومذهب أكثر القدماء والمنجمين و قدخالف فيه جماعة من بصرية المعتزلة وغيرهم من أهل النحل وأقول إن المتحرك من الفلك إنما يتحرك حركة دورية كمايتحرك الدائر علي الكرة و إلي هذاذهب البلخي وجماعة من أهل التوحيد و الأرض علي هيئة الكرة في وسط الفلك وهي ساكنة لاتتحرك وعلة سكونها أنها في المركز و هومذهب أبي القاسم وأكثر القدماء والمنجمين و قدخالف فيه الجبائي وابنه وجماعة غيرهما من أهل الآراء والمذاهب من المقلدة والمتكلمين ثم قال وأقول إن العالم مملوءة من الجواهر وإنه لاخلا فيه و لو كان فيه خلا لماصح فرق بين المجتمع والمتفرق من الجواهر والأجسام و هومذهب أبي القاسم خاصة من البغداديين ومذهب أكثر القدماء من المتكلمين وخالف فيه الجبائي وابنه وجماعة متكلمي أهل الحشو والجبر والتشبيه ثم قال وأقول إن المكان هو ماأحاط بالشيء من جميع جهاته و لايصح تحرك الجواهر إلا في الأماكن والوقت هو ماجعله الموقت وقتا للشيء و ليس بحادث مخصوص والزمان اسم يقع علي حركات الفلك فلذلك لم يكن الفعل محتاجا في وجوده إلي وقت و لازمان و علي هذاالقول سائر الموحدين . وسئل السيد المرتضي رحمه الله الفراغ له نهاية والقديم تعالي يعلم
صفحه : 100
منتهي نهايته و هذاالفراغ أي شيء هو وكذلك الطبقة الثامنة من الأرض والثامنة من السماء نقطع أن هناك فراغا أم لا فإن قلت لاطالبتك بما وراء الملإ القديم تعالي يعلم أن هناك نهاية فإن قلت نعم طالبتك أي شيءوراء النهاية.فأجاب رحمه الله أن الفراغ لايوصف بأنه منته و لا أنه غيرمنته علي وجه الحقيقة وإنما يوصف بذلك مجازا واتساعا و أما قوله و هذاالفراغ أي شيء هوفقد علمنا أنه لاجوهر و لاعرض و لاقديم و لامحدث و لا هوذات و لا هومعلوم كالمعلومات و أماالطبقة الثامنة من الأرض فما نعرفها و ألذي نطق به القرآن سَبعَ سَماواتٍ طِباقاًوَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّفأما غير ذلك فلاسبيل للقطع به من عقل و لاشرع انتهي . وأقول بسط الكلام في هذه الأمور خروج عن مقصود الكتاب ومحله علم الكلام
باب 23- في قسمة الأرض إلي الأقاليم وذكر جبل قاف وسائر الجبال وكيفية خلقها وسبب الزلزلة وعلتها
الآيات النحل وَ أَلقي فِي الأَرضِ روَاسيَِ أَن تَمِيدَ بِكُمالكهف حَتّي إِذا بَلَغَ بَينَ السّدّينِ وَجَدَ مِن دُونِهِما قَوماً إلي قوله وَ كانَ وَعدُ ربَيّ حَقّاالأنبياءوَ جَعَلنا فِي الأَرضِ روَاسيَِ أَن تَمِيدَ بِهِم وَ جَعَلنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلّهُم
صفحه : 101
يَهتَدُونَ و قال تعالي حَتّي إِذا فُتِحَت يَأجُوجُ وَ مَأجُوجُ وَ هُم مِن كُلّ حَدَبٍ يَنسِلُونَلقمان وَ أَلقي فِي الأَرضِ روَاسيَِ أَن تَمِيدَ بِكُمفاطروَ مِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَ حُمرٌ مُختَلِفٌ أَلوانُها وَ غَرابِيبُ سُودٌص إِنّا سَخّرنَا الجِبالَ مَعَهُ يُسَبّحنَ باِلعشَيِّ وَ الإِشراقِق 7-وَ أَلقَينا فِيها روَاسيَِالطوروَ الطّورِ و قال تعالي وَ تَسِيرُ الجِبالُ سَيراًالمرسلات وَ جَعَلنا فِيها روَاسيَِ شامِخاتٍالنبأأَ لَم نَجعَلِ الأَرضَ مِهاداً وَ الجِبالَ أَوتاداًالغاشيةوَ إِلَي الجِبالِ كَيفَ نُصِبَتالتين وَ التّينِ وَ الزّيتُونِ وَ طُورِ سِينِينَتفسيرأَن تَمِيدَ بِكُم قال المبرد أي منع الأرض أن تميد وقيل لئلا تميد وقيل أي كراهة أن تميد و قال بعض المفسرين الميد الاضطراب في الجهات الثلاث وقيل إن الأرض كانت تميد وترجف رجوف السقف بالوطء فثقلها الله بالجبال الرواسي ليمنع من رجوفها ورووا عن ابن عباس أنه قال إن الأرض بسطت علي الماء فكانت تكفأ بأهلها كماتكفأ السفينة فأرساها الله تعالي بالجبال ثم إنهم
صفحه : 102
اختلفوا في أنه لماصارت الجبال سببا لسكون الأرض علي أقوال وذكروا لذلك وجوها ولنذكر بعضها.الأول ماذكره الفخر الرازي في تفسيره أن السفينة إذاألقيت علي وجه الماء فإنها تميل من جانب إلي جانب وتضطرب فإذاوقعت الأجرام الثقيلة فيهااستقرت علي وجه الماء فكذلك لماخلق الله تعالي الأرض علي وجه الماء اضطربت ومادت فخلق الله تعالي عليها هذه الجبال ووتدها بهافاستقرت علي وجه الماء بسبب ثقل الجبال ثم قال لقائل أن يقول هذايشكل من وجوه الأول أن هذاالمعلل إما أن يقول بأن حركات الأجسام بطباعها أو يقول ليست بطباعها بل هي واقعة بإيجاد الفاعل المختار إياها فعلي التقدير الأول نقول لاشك أن الأرض أثقل من الماء والأثقل يغوص في الماء و لايبقي طافيا عليه فامتنع أن يقال إنها كانت تميد وتضطرب بخلاف السفينة فإنها متخذة من الخشب و في داخل الخشب تجويفات غيرمملوءة فلذلك تميد وتضطرب علي وجه الماء فإذاأرسيت بالأجسام الثقيلة استقرت وسكنت فظهر الفرق و أما علي التقدير الثاني و هو أن يقال ليس للأرض والماء طبائع توجب الثقل والرسوب و الأرض إنما تنزل لأن الله تعالي أجري عادته بجعلها كذلك وإنما صار الماء محيطا بالأرض لمجرد إجراء العادة ليس هاهنا طبيعة للأرض و لاللماء توجب حالة مخصوصة فنقول علي هذاالتقدير علة سكون الأرض هي أن الله تعالي يخلق فيهاالسكون وعلة كونها مائدة مضطربة هو أن الله تعالي يخلق فيهاالحركة فيفسد القول بأن الله تعالي خلق الجبال لتبقي الأرض ساكنة فثبت أن التعليل مشكل علي كلا التقديرين .الإشكال الثاني أن إرساء الأرض بالجبال إنما يعقل لأجل أن تبقي الأرض علي وجه الماء من غير أن تميد وتميل من جانب إلي جانب و هذاإنما يعقل إذا كان ألذي استقرت الأرض علي وجهه واقفا فنقول فما المقتضي لسكونه في ذلك الحيز
صفحه : 103
المخصوص فإن قلت إن طبيعته توجب وقوفه في ذلك الحيز المعين فحينئذ يفسد القول بأن الأرض إنما وقفت بسبب أن الله تعالي أرساها بالجبال و إن قلت إن المقتضي لسكون الماء في حيزه المعين هو أن الله تعالي أسكن الماء بقدرته في ذلك الحيز المخصوص فنقول فلم لاتقول مثله في سكون الأرض وحينئذ يفسد هذاالتعليل أيضا.الإشكال الثالث أن مجموع الأرض جسم واحد فبتقدير أن يميل بكليته ويضطرب علي وجه البحر المحيط لم تظهر تلك الحالة للناس فإن قيل أ ليس أن الأرض تحركها البخارات المحتقنة في داخلها عندالزلازل وتظهر تلك الحركات للناس قلنا البخارات احتقنت في داخل قطعة صغيرة من الأرض فلما حصلت الحركة في تلك القطعة ظهرت تلك الحركة فإن ظهور الحركة في تلك القطعة المعينة يجري مجري اختلاج عضو من بدن الإنسان أما لوتحركت كلية الأرض لم تظهر أ لاتري أن الساكن في سفينة لايحس بحركة كلية السفينة و إن كانت علي أسرع الوجوه وأقواها انتهي كلامه . ويمكن أن يجاب عنها أما عن الإشكال الأول فبأن يختار أنها طالبة بطبعها للمركز لكن إذاكانت خفيفة كان الماء يحركها بأمواجه حركة قسرية ويزيلها عن مكانها الطبيعي بسهولة فكانت تميد وتضطرب بأهلها وتغوص قطعة منها وتخرج قطعة منها و لماأرساها الله تعالي بالجبال وأثقلها قاومت الماء وأمواجه بثقلها فكانت كالأوتاد مثبتة لها و منه يظهر الجواب عن الإشكال الثاني علي أن توقف إرساء الأرض بالجبال علي سكون الماء في حيز معين ممنوع و أما عن الإشكال الثالث فبأن يقال ليس الامتنان بمجرد عدم ظهور حركة الأرض حتي يقال أنه علي تقدير حركتها بكليتها لايظهر للناس بل بخروج البقاع من الماء وعدم غرقها بحركة الأرض وميدانها بأهلها علي أن الظاهر أن الحركة التي لاتحس إنما هي إذاكانت في جهة مخصوصة و علي وضع واحد كحركة وضعية مستمرة أوحركة أينية علي جهة
صفحه : 104
واحدة كحركة السفينة إذاكانت سائرة من غيراضطراب و أما إذاتحركت في جهات مختلفة واضطربت فيحس بهاكحركة السفينة عندتلاطم البحر واضطرابه و هذا هوالفرق بين حالة الزلزلة و بين حركة الأرض في الظهور وعدمه فإنا لوفرضنا قطعة منها سائرة غيرمضطربة في سيرها لماأحس بها كما لايحس بحركة كلها بل باضطراب الحركة وكونها في جهات مختلفة تحس الحركة سواء كان محلها كل الأرض أوبعضها الوجه الثاني ماذكره الفاضل المقدم ذكره أيضا في تفسيره واختاره حيث قال و ألذي عندي في هذاالموضع المشكل أن يقال أنه ثبت بالدلائل اليقينية أن الأرض كره و أن هذه الجبال علي سطح هذه الكرة جارية مجري خشونات وتضريسات تحصل علي وجه هذه الكرة إذاثبت هذافنقول إذافرضنا أن هذه الخشونات ماكانت حاصلة بل كانت الأرض كرة حقيقية خالية عن هذه الخشونات والتضريسات لصارت بحيث تتحرك بالاستدارة بأدني سبب لأن الجرم البسيط المستدير و إن لم يجب كونه متحركا بالاستدارة عقلا إلا أنه بأدني سبب تتحرك علي هذاالوجه أما إذاحصل علي سطح كرة الأرض هذه الجبال وكانت كالخشونات الواقعة علي وجه الكرة فكل واحد من هذه الجبال إنما يتوجه بطبعه إلي مركز العالم وتوجه ذلك الجبل نحو مركز العالم بثقله العظيم وقوته الشديدة يكون جاريا مجري الوتد ألذي يمنع كرة الأرض من الاستدارة فكان تخليق هذه الجبال علي الأرض كالأوتاد المغروزة في الكرة المانعة لها عن الحركة المستديرة وكانت مانعة للأرض عن الميد والميل والاضطراب بمعني أنها منعت الأرض عن الحركة المستديرة فهذا ماوصل إليه خاطري في هذاالباب و الله أعلم انتهي . واعترض عليه بأن كلامه لايخلو عن تشويش واضطراب و ألذي يظهر من أوائل كلامه هو أنه جعل المناط في استقرار الأرض الخشونات والتضريسات من حيث إنها خشونات وتضريسات و ذلك إما لممانعة الأجزاء المائية الملاصقة لتلك التضريسات
صفحه : 105
لاستلزام حركة الأرض زوالها عن مواضعها وحينئذ يكون علة السكون هي الجبال الموجودة في الماء لا ماخلقت في الربع المكشوف من الأرض ولعله خلاف الظاهر في معرض الامتنان بخلق الجبال و هوخلاف الظاهر من قوله تعالي وَ جَعَلَ فِيها روَاسيَِ مِن فَوقِها والقول بأن ما في الماء أيضا فوقها فلعل المراد تلك الجبال لايخلو عن بعد مع أنها ربما كانت معاونة لحركة الأرض كما إذاتحركت كرة الماء بتموجها بأجمعها أوتموج أبعاضها المقاربة لتلك الخشونات وإنما يمانعها عن الحركة أحيانا عندحركة أبعاضها وإما لممانعة الأجزاء الهوائية المقارنة للجبال الكائنة علي الربع الظاهر فكانت الأوتاد مثبتة لها في الهواء مانعة عن تحريك الماء بتموجه إياها كمايمانع الجبال المخلوقة في الماء عن تحريك الرياح إياها وحينئذ يكون وجود الجبال في كل منهما معاونا لحركة الأرض في بعض الصور معاوقا عنها في بعضها و لامدخل حينئذ لثقل الجبال وتركبها في سكون الأرض واستقرارها و ألذي يظهر من قوله لأن الجرم البسيط إلخ أن البساطة توجب حركة الأرض إما بانفرادها أوبمشاركة عدم الخشونة ولعله استند في ذلك إلي أن البسيط تتساوي نسبة أجزائه إلي أجزاء المكان وإنما الطبيعة تقتضي انطباق مركز الثقل من الأرض علي مركز العالم علي أي وضع كان والماء لايقوي علي إخراج الكرة عن مكانها نعم يحركها بالحركة المستديرة بخلاف المركب فإنه ربما كان بعض أجزائه مقتضيا لوضع خاص كمحاذاة أحد القطبين مثلا حتي تكون الفائدة تحصل بتركب بعض أجزاء الأرض و إن لم يكن هناك جبل وارتفاع فلا يكون الامتنان بخلق الجبل من حيث إنه جبل بل من حيث إنه مركب إلا علي تقدير كون المراد أن المقتضي للسكون هوالحالة المركبة من التركب والتضريس والظاهر من وصف الجبال بالشامخات في الآية مدخلية ارتفاعها في هذاالمعني إلا أن يكون الوصف لترتب فوائد أخر عليها وحينئذ لامدخل لثقل الجبال في سكون الأرض كمايظهر من قوله أخيرا فكل واحد من هذه الجبال إنما يتوجه بطبعه إلي مركز العالم وتوجه ذلك الجبل نحو مركز العالم بثقله العظيم وقوته الشديدة يكون جاريا مجري الوتد ألذي يمنع كرة الأرض من الاستدارة و مع ذلك لاينفع في نفي
صفحه : 106
الحركة المشرقية والمغربية بل يؤيدها ويمكن أن يكون مراده أن العلة هي المجموع من الأمور الثلاثة ولعله جعل الطبيعية الأرضية كافية في استقرارها في مكانها وإنما احتاج إلي المانع عن حركتها بالاستدارة حركة وضعية ولذا قال أخيرا وكانت مانعة للأرض عن الميد والاضطراب بمعني أنها منعت الأرض عن الحركة المستديرة.الوجه الثالث مايخطر بالبال و هو أن يكون مدخلية الجبال لعدم اضطراب الأرض بسبب اشتباكها واتصال بعضها ببعض في أعماق الأرض بحيث تمنعها عن تفتت أجزائها وتفرقها فهي بمنزلة الأوتاد المغروزة المثبتة في الأبواب المركبة من قطع الخشب الكثيرة بحيث تصير سببا لالتصاق بعضها ببعض وعدم تفرقها و هذامعلوم ظاهر لمن حفر الآبار في الأرض فإنها تنتهي عندالمبالغة في حفرها إلي الأحجار الصلبة و أنت تري أكثر قطع الأرض واقعة بين جبال محيطة بهافكأنها مع مايتصل بها من القطعة الحجرية المتصلة بها من تحت تلك القطعات كالظرف لها تمنعها عن التفتت والتفرق والاضطراب عندعروض الأسباب الداعية إلي ذلك .الوجه الرابع ماذكره بعض المتعسفين من أنه لماكانت فائدة الوتد أن يحفظ الموتود في بعض المواضع عن الحركة والاضطراب حتي يكون قارا ساكنا و كان من لوازم ذلك السكون في بعض الأشياء صحة الاستقرار علي ذلك والتصرف عليه و كان من فائدة وجود الجبال والتضريسات الموجودة في وجه الأرض أن لاتكون مغمورة بالماء ليحصل للحيوان الاستقرار والتصرف عليها لاجرم كان بين الأوتاد والجبال الخارجة من الماء في الأرض اشتراك في كونهما مستلزمين لصحة استقراره مانعين من عدمه لاجرم حسنت نسبة الإيتاد إلي الصخور والجبال و أماإشعاره بالميدان فلأن الحيوان كما يكون صادقا عليه أنه غيرمستقر علي الأرض بسبب انغمارها في الماء لو لم يوجد الجبال كذلك يصدق علي الأرض أنه غيرمستقرة تحته ومضطربة بالنسبة إليه فثبت حينئذ أنه لو لاوجود الجبال في سطح الأرض لكانت مضطربة ومائدة بالنسبة إلي الحيوان لعدم تمكنه من الاستقرار عليها
صفحه : 107
الوجه الخامس أن يكون المراد بالجبال الرواسي الأنبياء والأولياء والعلماء وبالأرض الدنيا أماوجه التجوز بالجبال عن الأنبياء والعلماء فلأن الجبال لماكانت علي غاية من الثبات والاستقرار مانعة لما يكون تحتها من الحركة والاضطراب عاصمة لمايلتجئ إليها من الحيوان عما يوجب له الهرب فيسكن بذلك اضطرابه وقلقلته أشبهت الأوتاد من بعض هذه الجهات ثم لماكانت الأنبياء والعلماء هم السبب في انتظام أمور الدنيا وعدم اضطراب أحوال أهلها كانوا كالأوتاد للأرض فلاجرم صحت استعارة لفظ الجبال لهم ولذلك صح في العرف أن يقال فلان جبل منيع يأوي إليه كل ملهوف إذا كان يرجع إليه في المهمات والحوائج والعلماء أوتاد الله في الأرض .الوجه السادس أن يكون المقصود من جعل الجبال كالأوتاد في الأرض أن يهتدي بها إلي طرقها والمقاصد فيها فلاتميد جهاتها المشتبهة بأهلها و لاتميل بهم فيتيهون فيها عن طرقهم ومقاصدهم و هذه الوجوه الثلاثة ذكرها بعض المتعسفين و هذادأبه في أكثر الآيات والأخبار حيث يئولها بلا ضرورة داعية وعلة مانعة عن القول بظاهرها وهل هذا إلااجتراء علي مالك يوم الدين وافتراء علي حجج رب العالمين .الوجه السابع أن يقال المراد بالأرض قطعاتها وبقاعها لامجموع كرة الأرض وبكون الجبال أوتادا لها أنها حافظة لها عن الميدان والاضطراب بالزلزلة ونحوها إما لحركة البخارات المحتقنة في داخلها بإذن الله تعالي أولغير ذلك من الأسباب التي يعلمها مبدعها ومنشئها و هذاوجه قريب ويؤيده ماسيأتي في باب الزلزلة من حديث ذي القرنين .أقول و أماحديث ذي القرنين والسد وغيره من أحواله فقد مضي في المجلد الخامس في باب أحواله ولنذكر هنا بعض مامضي برواية أخري قال الثعلبي في العرائس روي وهب بن منبه وغيره من أهل الكتب قالوا
صفحه : 108
كان ذو القرنين رجلا من الروم ابن عوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره و كان اسمه إسكندروس ويقال كان اسمه عياش و كان عبدا صالحا فلما استحكم ملكه واستجمع أمره أوحي الله إليه ياذا القرنين إني بعثتك إلي جميع الخلق ما بين الخافقين وجعلتك حجتي عليهم و هذاتأويل رؤياك وإني باعثك إلي أمم الأرض كلهم وهم سبع أمم مختلفة ألسنتهم منهم أمتان بينهما عرض الأرض وأمتان بينهما طول الأرض وثلاث أمم في وسط الأرض وهم الجن والإنس ويأجوج ومأجوج فأما الأمتان اللتان بينهما طول الأرض فأمة عندالمغرب يقال لها ناسك وأمة أخري بحيالها عندمطلع الشمس يقال لها منسك و أمااللتان بينهما عرض الأرض فأمة في قطر الأرض الأيمن يقال لها هاويل وأمة في قطرة الأرض الأيسر يقال لها قاويل فلما قال الله سبحانه ذلك قال ذو القرنين إلهي إنك قدندبتني إلي أمر عظيم لايقدر قدره إلا أنت فأخبرني عن الأمم التي بعثتني إليها بأي قوة أكاثرهم أوبأي جمع وحيلة أكابرهم وبأي صبر أقاسيهم وبأي لسان أناطقهم وكيف لي بأن أفهم لغاتهم وبأي سمع أسمع أقوالهم وبأي بصر أنفذهم وبأي حجة أخاصمهم وبأي عقل أعقل عنهم وبأي قلب وحكمة أدبر أمورهم وبأي قسط أعدل بينهم وبأي حلم أصابرهم وبأي معرفة أفصل بينهم وبأي علم أتقن أمورهم وبأي يد أستطيل عليهم وبأي رجل أطأهم وبأي طاقة أحصيهم وبأي جند أقاتلهم وبأي رفق أتألفهم و ليس عندي ياإلهي شيءمما ذكرت يقوم لهم ويقوي عليهم و أنت الرءوف الرحيم ألذي لاتكلف نفسا إلاوسعها و لاتكلفها إلاطاقتها فقال الله عز و جل إني سأطوقك ماحملتك أشرح لك سمعك فتسمع كل شيء وتعي كل شيء وأشرح لك فهمك فتفقه كل شيء وأبسط لك لسانك فتنطق بكل شيء وأفتح لك بصرك فتنفذ كل شيء وأحصي لك فلايفوتك شيء وأشد لك عضدك فلايهولك شيء وأشد لك ركنك فلايغلبك شيء وأشد لك قلبك فلايفزعك شيء وأشد لك يدك فتسطو فوق كل شيء وأشد لك وطأتك فتهد علي كل شيء وألبسك الهيبة فلايروعك شيء وأسخر الظلمة من ورائك فلما قيل له ذلك حدث نفسه بالمسير وألح
صفحه : 109
عليه قومه بالمقام فلم يفعل و قال لابد من طاعة الله تعالي . ثم أمرهم أن يبنوا له مسجدا و أن يجعلوا طول المسجد أربعمائة ذراع وأمرهم أن لاينصبوا فيه السواري قالوا كيف نصنع قال إذافرغتم من بنيان الحائط فاكبسوها بالتراب حتي يستوي الكبس مع حيطان المسجد فإذافرغتم فرضتم من الذهب علي الموسر قدره و علي المقتر قدره ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر ثم خلطتموه بذلك الكبس وجعلتم خشبا من نحاس ووتدا من نحاس وصفائح من نحاس تذيبون ذلك وأنتم تمكنون من العمل كيف شئتم علي أرض مستوية وجعلتم طول كل خشبة مائتي ذراع وأربعة وعشرين ذراعا مائتا ذراع في ما بين الحائطين لكل حائط اثنا عشر ذراعا ثم تدعون المساكين لنقل التراب فيتسارعون إليه لأجل ما فيه من الذهب والفضة فمن حمل شيئا فهو له ففعلوا ذلك فأخرج المساكين التراب واستقر السقف بما عليه واستغني المساكين فجندهم أربعين ألفا وجعلهم أربعة أجناد في كل جند عشرة آلاف ثم عرضهم فوجدهم في ماقيل ألف ألف وأربعمائة ألف رجل منهم من جنده ثمانمائة ألف و من جند دارا ستمائة ألف و من المساكين أربعين ألفا ثم انطلق يؤمّ الأمة التي عندمغرب الشمس فذلك قوله تعالي حَتّي إِذا بَلَغَ مَغرِبَ الشّمسِ وَجَدَها تَغرُبُ فِي عَينٍ حَمِئَةٍ أي ذات حمأة و من قرأ حَامِيَةٍ بالألف من غيرهمز فمعناه حارة فلما بلغ مغرب الشمس وجد جمعا وعددا لايحصيهم إلا الله تعالي وقوة وبأسا لايطيقه إلا الله عز و جل ورأي ألسنة مختلفة وأهواء متشتتة و ذلك قول الله تعالي وَ وَجَدَ عِندَها قَوماًيعني ناسا كثيرة يقال لها ناسك فلما رأي ذلك كاثرهم بالظلمة فضرب حولهم ثلاثة عساكر منها فأحاط بهم من كل مكان حتي جمعهم في مكان واحد ثم أخذ عليهم بالنور فدعاهم إلي الله عز و جل وعبادته فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه فعمد إلي الذين تولوا عنه فأدخل عليهم الظلمة فدخلت في أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأحداقهم وأجوافهم ودخلت في بيوتهم ودورهم وغشيهم من فوقهم و من كل جانب منهم فهاجوا فيه وتحيروا فلما أشفقوا أن يهلكوا فيهاعجوا إليه بصوت واحد
صفحه : 110
فكشفها عنهم وأخذهم عنوة فدخلوا في دعوته فجند من أهل المغرب أمما عظيمة فجعلهم جندا واحدا ثم انطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خلفهم وتحرسهم من خلفهم والنور أمامهم يقوده ويدله و هويسير في ناحية الأرض اليمني و هويريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها هاويل وسخر الله له قلبه ويده ورأيه وعقله ونظره فلايخطئ إذاعمل عملا فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه فإذاهي أتت إلي بحر أومخاضة بني سفناً من ألواح صغار أمثال البغال فنظمها في ساعة ثم حمل فيهاجميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود فإذاهي قطع الأنهار والبحار فتقها ثم دفع إلي كل رجل منهم لوحا فلم يكرثه حمله فلم يزل ذلك دأبه حتي انتهي إلي هاويل فعمل فيهاكفعله في ناسك فلما فرغ منها مضي علي وجهه في ناحية الأرض اليمني حتي انتهي إلي منسك عندمطلع الشمس فعمل فيها وجند جنودا كفعله في الأمتين قبلهما ثم كر مقبلا حتي أخذ ناحية الأرض اليسري و هويريد قاويل وهي الأمة التي بحيال هاويل وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كله فلما بلغها عمل فيها وجند فيهاكفعله في ماقبلها فذلك قوله تعالي حَتّي إِذا بَلَغَ مَطلِعَ الشّمسِ وَجَدَها تَطلُعُ عَلي قَومٍ لَم نَجعَل لَهُم مِن دُونِها سِتراًيعني مسكنا قال قتادة لم يكن بينهم و بين الشمس ستر و ذلك أنهم كانوا في مكان لايستقر عليه بناء وكانوا يكونون في أسراب لهم حتي إذازالت الشمس عنهم خرجوا إلي معايشهم وحروثهم و قال الحسن كانت أرضهم أرضا لاتحتمل البناء فكانوا إذاطلعت عليهم الشمس هووا في الماء فإذاارتفعت عنهم خرجوا فتراعوا كماتتراعي البهائم و قال ابن جريح وجاءهم جيش مرة و قال لهم أهلها لايطلع عليكم الشمس وأنتم بهافقالوا مانبرح حتي تطلع الشمس فنراها فماتوا وقيل فذهبوا بهاهاربين في الأرض و قال الكلبي هم أمة يقال لها منسك حفاة عماة عن الحق قال و حدثناعمرو بن مالك بن أمية قال وجدت رجلا بسمرقند يحدث الناس وهم يجتمعون حوله فسألت بعض من سمع فأخبرني أنه حدثهم عن القوم الذين تطلع عليهم الشمس
صفحه : 111
قال قال خرجت حتي إذاجاوزت الصين ثم سألت عنهم فقيل إن بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فاستأجرت رجلا فسرت بقية عشيتي وليلتي حتي صبحتهم فإذاأحدهم يفرش أذنه ويلبس الأخري و كان صاحبي يحسن لسانهم فسألهم و قال جئنا ننظر كيف تطلع الشمس فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة فغشي علي فأفقت وهم يمسحونني بالدهن فلما طلعت الشمس علي الماء فإذا هويغلي كهيئة الزيت و إذاطرف السماء كهيئة الفسطاط فلما ارتفعت أدخلوني في سرب لهم أنا وصاحبي فلما ارتفع النهار خرجوا إلي البحر فجعلوا يصطادون السمك ويطرحونه بالشمس فينضج . ثم قال الثعلبي قالت العلماء بأخبار القدماء لمافرغ ذو القرنين من أمر الأمم الذين هم بأطراف الأرض وطاف الشرق والغرب عطف فيها إلي الأمم التي في وسط الأرض من الجن والإنس ويأجوج ومأجوج فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع الترك نحو المشرق قالت له أمة صالحة من الإنس ياذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله تعالي ليس فيهم مشابه الإنس وهم مشابه البهائم يأكلون العشب ويفترسون الدواب والوحش كماتفترسها السباع ويأكلون حشرات الأرض كلها من الحيات والعقارب و كل ذي روح مما خلق الله تعالي في الأرض وليست لله تعالي خلق ينمو نماءهم و لايزداد كزيادتهم فإن أتت مدة علي مايري من نمائهم وزيادتهم فلاشك أنهم سيملئون الأرض ويجلون أهلها منها ويظهرون عليها ويفسدون فيها وليست تمر بنا سنة مذ جاوزناهم إلا ونحن نتوقعهم أن يطلع علينا أولهم من بين هذين الجبلين فَهَل نَجعَلُ لَكَ خَرجاً أي جعلا وأجراعَلي أَن تَجعَلَ بَينَنا وَ بَينَهُم سَدّاحاجزا فلايصلون إلينا فقال لهم ذو القرنين ما مكَنّيّ فِيهِ ربَيّ خَيرٌ أي ماقواني عليه خير من خرجكم ولكن فأَعَيِنوُنيِ بِقُوّةٍ أَجعَل بَينَكُم وَ بَينَهُم رَدماً أي حاجزا كالحائط قالوا و ماتلك القوة قال فعله وصناع يحسنون البناء والعمل وآلة قالوا و ماتلك الآلة قال آتوُنيِ زُبَرَ الحَدِيدِيعني قطعا واحدتها
صفحه : 112
زبرة وآتوني بالنحاس فقالوا و من أين لنا الحديد والنحاس مايسع هذاالعمل قال سأريكم علي معادن الحديد والنحاس فضرب لهم في جبلين حتي فلقهما ثم استخرج منهما معدنين من الحديد والنحاس قالوا بأي قوة نقطع الحديد والنحاس فاستخرج لهم معدنا آخر من تحت الأرض يقال له السامور و هوأشد ماخلق الله تعالي بياضا و هو ألذي قطع به سليمان أساطين بيت المقدس وصخوره وجواهره ثم قاس ما بين الجبلين ثم أوقد علي جمع من الحديد والنحاس النار فصنع منه زبرا أمثال الصخور العظام ثم أذاب النحاس فجعله كالطين والملاط لتلك الصخور من الحديد ثم بني وكيفية بنائه علي ماذكر أهل السير هو أنه لماقاس ما بين الجبلين وجد مابينهما مائة فرسخ فلما أنشأ في عمله حفر له الأساس حتي بلغ الماء ثم جعل عرضه خمسين فرسخا ثم وضع الحطب بين الجبلين ثم نسج عليه الحديد ثم نسج الحطب علي الحديد فلم يزل يجعل الحديد علي الحطب والحطب علي الحديدحَتّي إِذا ساوي بَينَ الصّدَفَينِ وهما الجبلان ثم أمر بالنار فأرسلت فيه ثم قالَ انفُخُوا حَتّي إِذا جَعَلَهُ ناراً ثم جعل يفرغ القطر عليه و هوالنحاس المذاب فجعلت النار تأكل الحطب فيصير النحاس مكان الحطب حتي لزم الحديد النحاس فصار كأنه برد حبرة من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد وغبرته فصار سدا طويلا عظيما حصينا كما قال تعالي فَمَا اسطاعُوا أَن يَظهَرُوهُ وَ مَا استَطاعُوا لَهُ نَقباً و قال قتادة ذكر لنا أن رجلا قال يانبي الله قدرأيت سد يأجوج ومأجوج قال انعته لي قال كالبرد الحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء قال قدرأيته ويقال إن موضع السد وراء ملاذجرد بقرب مشرق الصيف بينه و بين الخزرة مسيرة اثنين وسبعين يوما. وَ روُيَِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنّهُ قَالَ كَانَ ذُو القَرنَينِ قَد مَلِكَ مَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ كَانَ لَهُ خَلِيلٌ مِنَ المَلَائِكَةِ اسمُهُ رَفَائِيلُ يَأتِيهِ وَ يَزُورُهُ فَبَينَمَا هُمَا ذَاتَ يَومٍ يَتَحَدّثَانِ إِذ قَالَ ذُو القَرنَينِ يَا رَفَائِيلُ حدَثّنيِ عَن عِبَادَتِكُم فِي السّمَاءِ
صفحه : 113
فَبَكَي وَ قَالَ يَا ذَا القَرنَينِ وَ مَا عِبَادَتُكُم عِندَ عِبَادَتِنَا إِنّ فِي السّمَاءِ مِنَ المَلَائِكَةِ مَن هُوَ قَائِمٌ أَبَداً لَا يَجلِسُ وَ مِنهُمُ السّاجِدُ لَا يَرفَعُ رَأسَهُ أَبَداً وَ مِنهُمُ الرّاكِعُ لَا يسَتوَيِ قَائِماً أَبَداً يَقُولُ سُبحَانَ المَلِكِ القُدّوسِ رَبّ المَلَائِكَةِ وَ الرّوحِ رَبّنَا مَا عَبَدنَاكَ حَقّ عِبَادَتِكَ فَبَكَي ذُو القَرنَينِ بُكَاءً شَدِيداً ثُمّ قَالَ إنِيّ لَأُحِبّ أَن أَعِيشَ فَأَبلُغَ مِن عِبَادَةِ ربَيّ حَقّ طَاعَتِهِ فَقَالَ رَفَائِيلُ أَ وَ تُحِبّ ذَلِكَ يَا ذَا القَرنَينِ قَالَ نَعَم فَقَالَ رَفَائِيلُ فَإِنّ لِلّهِ تَعَالَي عَيناً فِي الأَرضِ تُسَمّي عَينَ الحَيَاةِ فِيهَا مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ عَزِيمَةٌ أَنّهُ مَن شَرِبَ مِنهَا لَم يَمُت أَبَداً حَتّي يَكُونَ هُوَ ألّذِي يَسأَلُ رَبّهُ المَوتَ فَقَالَ ذُو القَرنَينِ هَل تَعلَمُونَ أَنتُم مَوضِعَ تِلكَ العَينِ فَقَالَ لَا غَيرَ أَنّا نَتَحَدّثُ فِي السّمَاءِ أَنّ لِلّهِ تَعَالَي فِي الأَرضِ ظُلمَةً لَا يَطَؤُهَا إِنسٌ وَ لَا جَانّ فَنَحنُ نَظُنّ أَنّ تِلكَ العَينِ فِي تِلكَ الظّلمَةِ فَجَمَعَ ذُو القَرنَينِ عُلَمَاءَ أَهلِ الأَرضِ وَ أَهلَ دِرَاسَةِ الكُتُبِ وَ آثَارِ النّبُوّةِ فَقَالَ لَهُم أخَبرِوُنيِ هَل وَجَدتُم فِي مَا قَرَأتُم مِن كُتُبِ اللّهِ تَعَالَي وَ مَا جَاءَكُمُ مِن أَحَادِيثِ الأَنبِيَاءِ وَ مَن كَانَ قَبلَكُم مِنَ العُلَمَاءِ أَنّ اللّهَ تَعَالَي وَضَعَ فِي الأَرضِ عَيناً سَمّاهَا عَينَ الحَيَاةِ فَقَالَتِ العُلَمَاءُ لَا فَقَالَ عَالِمٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَ اسمُهُ فتحيز إنِيّ قَرَأتُ وَصِيّةَ آدَمَ فَوَجَدتُ فِيهَا إِنّ اللّهَ خَلَقَ فِي الأَرضِ ظُلمَةً لَم يَطَأهَا إِنسٌ وَ لَا جَانّ وَ وَضَعَ فِيهَا عَينَ الخُلدِ فَقَالَ ذُو القَرنَينِ صَدَقتَ ثُمّ حَشَدَ إِلَيهِ الفُقَهَاءَ وَ الأَشرَافَ وَ المُلُوكَ وَ سَارَ يَطلُبُ مَطلَعَ الشّمسِ فَسَارَ اثنتَيَ عَشرَةَ سَنَةً إِلَي أَن بَلَغَ طَرَفَ الظّلمَةِ فَإِذَا ظُلمَةٌ تَفُورُ مِثلَ الدّخَانِ لَيسَت بِظُلمَةِ لَيلٍ فَعَسكَرَ هُنَاكَ ثُمّ جَمَعَ عُلَمَاءَ عَسكَرِهِ فَقَالَ إنِيّ أُرِيدُ أَن أَسلُكَ هَذِهِ الظّلمَةَ فَقَالَ العُلَمَاءُ أَيّهَا المَلِكُ إِنّهُ مَن كَانَ قَبلَكَ مِنَ الأَنبِيَاءِ وَ المُلُوكِ لَم يَطلُبُوا هَذِهِ الظّلمَةَ فَلَا تَطلُبهَا فَإِنّا نَخَافُ أَن يَنفَتِقَ عَلَيكَ أَمرٌ تَكرَهُهُ وَ يَكُونَ فِيهِ فَسَادُ أَهلِ الأَرضِ فَقَالَ لَا بُدّ مِن أَن أَسلُكَهَا فَقَالُوا أَيّهَا المَلِكُ كُفّ عَن هَذِهِ الظّلمَةِ وَ لَا تَطلُبهَا فَإِنّا لَو نَعلَمُ أَنّكَ إِن طَلَبتَهَا ظَفِرتَ بِمَا تُرِيدُ وَ لَم يَسخَطِ اللّهُ عَلَينَا لَاتّبَعنَاكَ وَ لَكِنّا نَخَافُ العَنَتَ مِنَ اللّهِ تَعَالَي وَ فَسَاداً فِي الأَرضِ وَ مَن عَلَيهَا فَقَالَ
صفحه : 114
ذُو القَرنَينِ لَا بُدّ مِن أَن أَسلُكَهَا فَقَالَتِ العُلَمَاءُ شَأنَكَ بِهَا فَقَالَ ذُو القَرنَينِ أَيّ الدّوَابّ أَبصَرُ قَالُوا الخَيلُ قَالَ فأَيَّ الخَيلِ أَبصَرُ قَالُوا الإِنَاثُ قَالَ فأَيَّ الإِنَاثِ أَبصَرُ قَالُوا البِكَارَةُ فَأَرسَلَ ذُو القَرنَينِ فَجُمِعَ لَهُ سِتّةُ آلَافِ فَرَسٍ أُنثَي بِكَارَةٌ ثُمّ انتَخَبَ مِن عَسكَرِهِ أَهلَ الجَلدِ وَ العَقلِ سِتّةَ آلَافِ رَجُلٍ فَدَفَعَ إِلَيهِم كُلّ رَجُلٍ فَرَساً وَ عَقَدَ لِلخَضِرِ عَلَي مُقَدّمَتِهِ عَلَي أَلفَينِ وَ بقَيَِ ذُو القَرنَينِ فِي أَربَعَةِ آلَافٍ وَ قَالَ ذُو القَرنَينِ لِلنّاسِ لَا تَبرَحُوا مِن مُعَسكَرِكُم هَذَا اثنتَيَ عَشرَةَ سَنَةً فَإِن نَحنُ رَجَعنَا إِلَيكُم وَ إِلّا فَارجِعُوا إِلَي بِلَادِكُم فَقَالَ الخَضِرُ أَيّهَا المَلِكُ إِنّا نَسلُكُ ظُلمَةً هُوَ لَا ندَريِ كَمِ السّيرُ فِيهَا وَ لَا يُبصِرُ بَعضُنَا بَعضاً فَكَيفَ نَصنَعُ بِالضّلَالِ إِذَا أَصَابَنَا فَدَفَعَ ذُو القَرنَينِ إِلَي الخَضِرِ خَرَزَةً حَمرَاءَ فَقَالَ حَيثُ يُصِيبُكُمُ الضّلَالُ فَاطرَح هَذِهِ فِي الأَرضِ فَإِذَا صَاحَت فَليَرجِع أَهلُ الضّلَالِ إِلَيهَا أَينَ صَاحَت فَصَارَ الخَضِرُ بَينَ يدَيَ ذيِ القَرنَينِ يَرتَحِلُ الخَضِرُ وَ يَنزِلُ ذُو القَرنَينِ فَبَينَمَا الخَضِرُ يَسِيرُ إِذ عَرَضَ لَهُ وَادٍ فَظَنّ أَنّ العَينَ فِي الواَديِ وَ ألُقيَِ فِي قَلبِهِ ذَلِكَ فَقَامَ عَلَي شَفِيرِ الواَديِ وَ قَالَ لِأَصحَابِهِ قِفُوا وَ لَا يَبرَحَنّ رَجُلٌ مِن مَوقِفِهِ فَرَمَي بِالخَرَزَةِ فَمَكَثَ طَوِيلًا ثُمّ أَجَابَتهُ الخَرَزَةُ فَطَلَبَ صَوتَهَا فَانتَهَي إِلَيهَا فَإِذَا هيَِ عَلَي جَانِبِ العَينِ فَنَزَعَ الخَضِرُ ثِيَابَهُ ثُمّ دَخَلَ العَينَ فَإِذَا مَاءٌ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ اللّبَنِ وَ أَحلَي مِنَ الشّهدِ فَشَرِبَ وَ اغتَسَلَ وَ تَوَضّأَ وَ لَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمّ رَمَي بِالخَرَزَةِ نَحوَ أَصحَابِهِ فَوَقَفَتِ الخَرَزَةُ فَصَاحَت فَرَجَعَ الخَضِرُ إِلَي صَوتِهَا وَ إِلَي أَصحَابِهِ فَرَكِبَ وَ قَالَ لِأَصحَابِهِ سِيرُوا بِاسمِ اللّهِ وَ مَرّ ذُو القَرنَينِ فَأَخطَأَ الواَديَِ فَسَلَكُوا تِلكَ الظّلمَةَ أَربَعِينَ يَوماً وَ لَيلَةً ثُمّ خَرَجُوا إِلَي ضَوءٍ لَيسَ بِضَوءِ شَمسٍ وَ لَا قَمَرٍ وَ لَا أَرضٍ حَمرَاءَ وَ رَملَةٍ خَشخَاشَةٍ أَي مُصَوّتَةٍ فَإِذَا هُوَ بِقَصرٍ مبَنيِّ فِي تِلكَ الأَرضِ طُولُهُ فَرسَخٌ فِي فَرسَخٍ عَلَيهِ بَابٌ فَنَزَلَ ذُو القَرنَينِ بِعَسكَرِهِ ثُمّ خَرَجَ وَحدَهُ حَتّي دَخَلَ القَصرَ فَإِذَا حَدِيدَةٌ قَد وُضِعَت طَرَفَاهَا عَلَي جَانِبِ القَصرِ مِن هَاهُنَا وَ هَاهُنَا وَ إِذَا بِطَائِرٍ أَسوَدَ شَبِيهٍ بِالخُطّافِ مَزمُومٍ بِأَنفِهِ إِلَي الحَدِيدَةِ مُعَلّقٍ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ
صفحه : 115
فَلَمّا سَمِعَ الطّائِرُ خَشخَشَةَ ذيِ القَرنَينِ قَالَ مَن هَذَا قَالَ أَنَا ذُو القَرنَينِ فَقَالَ الطّائِرُ يَا ذَا القَرنَينِ أَ مَا كَفَاكَ مَا وَرَاكَ حَتّي وَصَلتَ إلِيَّ ثُمّ قَالَ الطّائِرُ يَا ذَا القَرنَينِ حدَثّنيِ فَقَالَ ذُو القَرنَينِ سَل فَقَالَ هَل كَثُرَ بِنَاءُ الآجُرّ وَ الجِصّ فِي الأَرضِ قَالَ نَعَم فَانتَفَضَ الطّائِرُ انتِفَاضَةً ثُمّ انتَفَخَ فَبَلَغَ ثُلُثَ الحَدِيدَةِ ثُمّ قَالَ يَا ذَا القَرنَينِ هَل كَثُرَتِ المَعَازِفُ قَالَ نَعَم فَانتَفَضَ الطّيرُ وَ امتَلَأَ حَتّي مَلَأَ مِنَ الحَدِيدَةِ ثُلُثَيهَا ثُمّ قَالَ هَل كَثُرَت شَهَادَاتُ الزّورِ فِي الأَرضِ قَالَ نَعَم فَانتَفَضَ الطّائِرُ انتِفَاضَةً فَمَلَأَ الحَدِيدَةَ وَ سَدّ مَا بَينَ جدِاَريَِ القَصرِ فخَشَيَِ وَ خَافَ ذُو القَرنَينِ وَ فَرِقَ فَرَقاً شَدِيداً فَقَالَ الطّائِرُ يَا ذَا القَرنَينِ لَا تَخَف حدَثّنيِ قَالَ سَل قَالَ هَل يَترُكُ النّاسُ شَهَادَةَ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ قَالَ لَا قَالَ فَانضَمّ الطّائِرُ ثُلُثاً ثُمّ قَالَ يَا ذَا القَرنَينِ هَل تَرَكَ النّاسُ الصّلَاةَ المَفرُوضَةَ بَعدُ قَالَ لَا قَالَ فَانضَمّ الطّائِرُ ثُلُثاً ثُمّ قَالَ يَا ذَا القَرنَينِ هَل تَرَكَ النّاسُ غُسلَ الجَنَابَةِ بَعدُ قَالَ لَا قَالَ فَصَارَ الطّائِرُ كَمَا كَانَ ثُمّ قَالَ اسلُك يَا ذَا القَرنَينِ هَذِهِ الدّرَجَةَ دَرَجَةً إِلَي أَعلَي القَصرِ فَسَلَكَهَا ذُو القَرنَينِ وَ هُوَ خَائِفٌ وَجِلٌ لَا يدَريِ عَلَي مَن يَهجُمُ حَتّي استَوَي عَلَي صَدرِ الدّرَجِ فَإِذَا سَطحٌ مَمدُودٌ عَلَيهِ صُورَةُ رَجُلٍ شَابّ قَائِمٍ عَلَيهِ ثِيَابٌ بِيضٌ رَافِعاً وَجهَهُ إِلَي السّمَاءِ وَاضِعاً يَدَيهِ عَلَي فِيهِ فَلَمّا سَمِعَ خَشخَشَةَ ذيِ القَرنَينِ قَالَ مَا هَذَا قَالَ أَنَا ذُو القَرنَينِ قَالَ يَا ذَا القَرنَينِ إِنّ السّاعَةَ قَدِ اقتَرَبَت وَ أَنَا أَنتَظِرُ أَمرَ ربَيّ يأَمرُنُيِ أَن أَنفُخَ فَأَنفُخُ ثُمّ أَخَذَ صَاحِبُ الصّورِ شَيئاً مِنَ بَينِ يَدَيهِ كَأَنّهُ حَجَرٌ فَقَالَ خُذهَا يَا ذَا القَرنَينِ فَإِن شَبِعَ هَذَا شَبِعتَ وَ إِن جَاعَ هَذَا جُعتَ فَأَخَذَ ذُو القَرنَينِ الحَجَرَ وَ نَزَلَ إِلَي أَصحَابِهِ فَحَدّثَهُم بِأَمرِ الطّائِرِ وَ مَا قَالَ لَهُ وَ مَا رَدّ عَلَيهِ وَ مَا قَالَ صَاحِبُ الصّورِ ثُمّ جَمَعَ عُلَمَاءَ عَسكَرِهِ فَقَالَ أخَبرِوُنيِ عَن هَذَا الحَجَرِ مَا أَمرُهُ فَقَالُوا أَيّهَا المَلِكُ أَخبِرنَا بِمَا قَالَ لَكَ فِيهِ صَاحِبُ الصّورِ فَقَالَ ذُو القَرنَينِ إِنّهُ قَالَ لِي إِن شَبِعَ هَذَا شَبِعتَ وَ إِن جَاعَ جُعتَ فَوَضَعَتِ العُلَمَاءُ ذَلِكَ الحَجَرَ فِي إِحدَي كفَتّيَِ المِيزَانِ وَ أَخَذُوا حَجَراً مِثلَهُ فَوَضَعُوهُ فِي الكِفّةِ الأُخرَي ثُمّ
صفحه : 116
رَفَعُوا المِيزَانَ فَإِذَا ألّذِي جَاءَ بِهِ ذُو القَرنَينِ يَمِيلُ فَوَضَعُوا مَعَهُ آخَرَ وَ رَفَعُوا المِيزَانَ فَإِذَا هُوَ يَمِيلُ بِهِنّ فَلَم يَزَالُوا يَضَعُونَ حَتّي وَضَعُوا أَلفَ حَجَرٍ فَرَفَعُوا المِيزَانَ فَمَالَ بِالأَلفِ جَمِيعاً فَقَالَتِ العُلَمَاءُ انقَطَعَ عِلمُنَا دُونَ هَذَا لَا ندَريِ أَ سِحرٌ هَذَا أَم عِلمُ مَا لَا نَعلَمُهُ فَقَالَ الخَضِرُ وَ كَانَ قَد وَافَاهُ نَعَم أَنَا أَعلَمُهُ فَأَخَذَ الخَضِرُ المِيزَانَ بِيَدِهِ ثُمّ أَخَذَ الحَجَرَ ألّذِي جَاءَ بِهِ ذُو القَرنَينِ فَوَضَعَهُ فِي إِحدَي الكِفّتَينِ فَأَخَذَ حَجَراً مِن تِلكَ الحِجَارَةِ فَوَضَعَهُ فِي الكِفّةِ الأُخرَي ثُمّ أَخَذَ كَفّاً مِن تُرَابٍ فَوَضَعَهُ عَلَي الحَجَرِ ألّذِي جَاءَ بِهِ ذُو القَرنَينِ ثُمّ رَفَعَ المِيزَانَ فَاستَوَي فَخَرّتِ العُلَمَاءُ سُجّداً لِلّهِ تَعَالَي وَ قَالُوا سُبحَانَ اللّهِ هَذَا عِلمٌ لَا يَبلُغُهُ عِلمُنَا وَ اللّهِ لَقَد وَضَعنَا أَلفاً فَمَا استَقَلّ بِهِ فَقَالَ الخَضِرُ أَيّهَا المَلِكُ إِنّ سُلطَانَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ قَاهِرٌ لِخَلقِهِ وَ أَمرَهُ نَافِذٌ فِيهِم وَ حُكمَهُ جَارٍ عَلَيهِم فَإِنّ اللّهَ تَعَالَي ابتَلَي خَلقَهُ بَعضَهُم بِبَعضٍ فَابتَلَي العَالِمَ بِالعَالِمِ وَ الجَاهِلَ بِالجَاهِلِ وَ العَالِمَ بِالجَاهِلِ وَ الجَاهِلَ بِالعَالِمِ وَ إِنّهُ ابتَلَاكَ بيِ وَ ابتلَاَنيِ بِكَ فَقَالَ ذُو القَرنَينِ صَدَقتَ فَأَخبِرنَا عَن هَذَا المَثَلِ فَقَالَ الخَضِرُ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ صَاحِبُ الصّورِ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ مَكّنَ لَكَ فِي البِلَادِ وَ أَعطَاكَ مِنهَا مَا لَم يُعطِ أَحَداً وَ أَوطَأَكَ مِنهَا مَا لَم يُوطِئ أَحَداً فَلَم تَشبَع فَأَبَت نَفسُكَ شَرَهاً حَتّي بَلَغتَ مِن سُلطَانِ اللّهِ مَا لَم يَطَأهُ إِنسٌ وَ لَا جَانّ فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ صَاحِبُ الصّورِ إِنّ ابنَ آدَمَ لَا يَشبَعُ أَبَداً دُونَ أَن يُحثَي عَلَيهِ التّرَابُ وَ لَا مَلَأَ جَوفَهُ إِلّا التّرَابُ فَبَكَي ذُو القَرنَينِ ثُمّ قَالَ صَدَقتَ يَا خَضِرُ فِي ضَربِ هَذَا المَثَلِ لَا جَرَمَ لَا أَطلُبُ أَثَراً فِي البِلَادِ بَعدَ مسَيِريِ هَذَا حَتّي أَمُوتَ ثُمّ انصَرَفَ رَاجِعاً حَتّي إِذَا كَانَ فِي وَسَطِ الظّلمَةِ وَطَأَ الواَديَِ ألّذِي فِيهِ الزّبَرجَدُ فَقَالَ مَن مَعَهُ لَمّا سَمِعُوا خَشخَشَةً تَحتَ أَقدَامِهِم وَ أَقدَامِ دَوَابّهِم مَا هَذَا تَحتَنَا يَا أَيّهَا المَلِكُ فَقَالَ ذُو القَرنَينِ خُذُوا مِنهُ فَإِنّهُ مَن أَخَذَ نَدِمَ وَ مَن تَرَكَ نَدِمَ فَمِنهُم مَن أَخَذَ الشيّءَ وَ مِنهُم مَن تَرَكَهُ فَلَمّا خَرَجُوا مِنَ الظّلمَةِ إِذَا هُوَ الزّبَرجَدُ فَنَدِمَ الآخِذُ وَ التّارِكُ قَالَ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص يَقُولُ رَحِمَ اللّهُ أخَيِ ذَا القَرنَينِ لَو ظَفِرَ بوِاَديِ الزّبَرجَدِ فِي مُبتَدَاهُ مَا تَرَكَ مِنهَا شَيئاً حَتّي يُخرِجَهُ إِلَي النّاسِ لِأَنّهُ كَانَ رَاغِباً فِي الدّنيَا وَ لَكِنّهُ ظَفِرَ بِهِ وَ هُوَ زَاهِدٌ فِي الدّنيَا لَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا ثُمّ رَجَعَ إِلَي العِرَاقِ وَ مَلِكَ مُلُوكَ الطّوَائِفِ
صفحه : 117
وَ مَاتَ فِي طَرِيقِهِ بِشَهرَرُوزَ وَ قَالَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ ثُمّ إِنّهُ رَجَعَ إِلَي دُومَةِ الجَندَلِ وَ كَانَ مَنزِلَهُ فَأَقَامَ بِهَا حَتّي مَاتَ
انتهي و قال الطبرسي ره في قوله تعالي إِنّ يَأجُوجَ وَ مَأجُوجَ مُفسِدُونَ فِي الأَرضِفسادهم أنهم كانوا يخرجون فيقتلونهم ويأكلون لحومهم ودوابهم وقيل كانوا يخرجون أيام الربيع فلايدعون شيئا أخضر إلاأكلوه و لايابس إلااحتملوه عن الكلبي وقيل أراد أنهم سيفسدون في المستقبل عندخروجهم و
وَرَدَ فِي الخَبَرِ عَن حُذَيفَةَ قَالَ سَأَلتُ رَسُولَ اللّهِص عَن يَأجُوجَ وَ مَأجُوجَ فَقَالَ يَأجُوجُ أُمّةٌ وَ مَأجُوجُ أُمّةٌ كُلّ أُمّةٍ أَربَعُمِائَةِ أُمّةٍ لَا يَمُوتُ الرّجُلُ مِنهُم حَتّي يَنظُرَ إِلَي أَلفِ ذَكَرٍ مِن صُلبِهِ كُلّ قَد حَمَلَ السّلَاحَ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ صِفهُم لَنَا قَالَ هُم ثَلَاثَةُ أَصنَافٍ صِنفٌ مِنهُم أَمثَالُ الآزر[الأَرَزِ] قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ مَا الآزر[الأَرَزُ] قَالَ شَجَرٌ بِالشّامِ طَوِيلٌ وَ مِنهُم طُولُهُ وَ عَرضُهُ سَوَاءٌ وَ هَؤُلَاءِ الّذِينَ لَا يَقُومُ لَهُم جَبَلٌ وَ لَا حَدِيدٌ وَ صِنفٌ مِنهُم يَفتَرِشُ أَحَدُهُم إِحدَي أُذُنَيهِ وَ يَلتَحِفُ بِالأُخرَي وَ لَا يَمُرّونَ بِفِيلٍ وَ لَا وَحشٍ وَ لَا جَمَلٍ وَ لَا خِنزِيرٍ إِلّا أَكَلُوهُ مَن مَاتَ مِنهُم أَكَلُوهُ مُقَدّمَتُهُم بِالشّامِ وَ سَاقَتُهُم بِخُرَاسَانَ يَشرَبُونَ أَنهَارَ المَشرِقِ وَ بُحَيرَةَ طَبَرِيّةَ
قال وهب ومقاتل إنهم من ولد يافث بن نوح أبي الترك و قال السدي الترك سرية من يأجوج ومأجوج خرجت تغير فجاء ذو القرنين فضرب السد فبقيت خارجته و قال قتادة إن ذا القرنين بني السد علي إحدي وعشرين قبيلة وبقيت منهم قبيلة دون السد فهم الترك و قال كعب هم نادرة من ولد آدم و ذلك أن آدم احتلم ذات يوم وامتزجت نطفته بالتراب فخلق الله من ذلك الماء والتراب يأجوج ومأجوج فهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم و هذابعيد.وَ هُم مِن كُلّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ قال ره أي من كل نشز من الأرض يسرعون يعني أنهم متفرقون في الأرض فلاتري أكمة إلا وقوم منهم يهبطون منها
صفحه : 118
مسرعين و قال رحمه الله في ق قيل هواسم الجبل المحيط بالأرض من زمردة خضراء خضرة السماء منها عن الضحاك وعكرمة و قال رحمه الله في والطور أقسم سبحانه بالجبل ألذي كلم عليه موسي بالأرض المقدسة وقيل هوالجبل أقسم به لماأودع فيه من أنواع نعمه و في قوله تعالي وَ إِلَي الجِبالِ كَيفَ نُصِبَت أي أ فلايتفكرون في خلق الله سبحانه الجبال أوتادا للأرض ومسكنة لها وإنه لولاها لمادت الأرض بأهلها
1- الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن أَبِي يَحيَي الواَسطِيِّ بِإِسنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَي الصّادِقِ ع قَالَ الدّنيَا سَبعَةُ أَقَالِيمَ يَأجُوجُ وَ مَأجُوجُ وَ الرّومُ وَ الصّينُ وَ الزّنجُ وَ قَومُ مُوسَي وَ أَقَالِيمُ بَابِلَ
بيان لعل المراد هنا بيان أقاليم الدنيا باعتبار أصناف الناس واختلاف صورهم وألوانهم وطبائعهم والغرض إما حصرهم فيهافأقاليم بابل المراد بها مايشمل أشباههم من العرب والعجم والصين يشمل جميع الترك والزنج يشمل الهنود أوبيان غرائب الأصناف من الخلق و هوأظهر والمراد بقوم موسي أهل جابلقا وجابرسا كمامر
2-الخِصَالُ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ عَبدَوَيهِ السّرّاجِ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ سَعِيدٍ البَزّازِ عَن حُمَيدِ بنِ زَنجَوَيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ يُوسُفَ عَن خَالِدِ بنِ يَزِيدَ بنِ صَبِيحٍ عَن طَلحَةَ بنِ عَمرٍو الحضَرمَيِّ عَن عَطَا عَنِ ابنِ عَبّاسٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ مِنَ الجِبَالِ التّيِ تَطَايَرَت يَومَ مُوسَي ع سَبعَةُ أَجبُلٍ فَلَحِقَت بِالحِجَازِ وَ اليَمَنِ مِنهَا بِالمَدِينَةِ أُحُدٌ وَ وَرِقَانُ وَ بِمَكّةَ ثَورٌ وَ ثَبِيرٌ وَ حِرَي[حِرَاءَ] وَ
صفحه : 119
بِاليَمَنِ صَبِرٌ وَ حَضُورُ
توضيح قال الفيروزآبادي ورقان بكسر الراء جبل أسود بين العرج والرويثة بيمين المصعد من المدينة إلي مكة حرسهما الله تعالي و قال ثور جبل بمكة و قال ثبير والأثبرة وثبير الخضراء والنصع والزنج والأعرج والأحدب وغنياء جبال بظاهر مكة و قال حراء ككتاب وكعلي عن عياض يؤنث ويمنع جبل بمكة فيه غار تحنث فيه النبي ص أي تعبد واعتزل و قال الصبر ككتف و لايسكن إلا في ضرورة شعر جبل مطل علي تعز و قال تعز كتقل قاعدة اليمن و قال حضور كصبور جبل وبلد باليمن
3- الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ وَ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ وَ مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ مَعاً عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأشَعرَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ عَن زَيدِ بنِ مِهرَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ قَالَ بلَغَنَيِ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ الجَبَلَ مِن أَربَعَةِ أَشيَاءَ مِنَ البَحرِ الأَعظَمِ المُحدِقِ بِالدّنيَا وَ مِنَ النّارِ وَ مِن دُمُوعِ مَلَكٍ يُقَالُ لَهُ اِبرَاهِيمُ وَ مِن بِئرِ طَيبَةَ وَ الحَدِيثُ طَوِيلٌ أَخَذنَا مِنهُ مَوضِعَ الحَاجَةِ
بيان خلق الجبل كذا في بعض النسخ بالجيم والباء الموحدة و في أكثر النسخ بالخاء المعجمة والياء المثناة التحتانية و علي التقديرين لعل فيه تجوزا واستعارة مع أن الخبر موقوف لم يسند إلي إمام و كان في البئر أيضا تحريفا
4- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، ق وَ القُرآنِ المَجِيدِ قَالَ ق جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدّنيَا وَرَاءَ يَأجُوجَ وَ مَأجُوجَ وَ هُوَ قَسَمٌ
5- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ وَ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ مَعاً عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ العلَوَيِّ عَنِ العمَركَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ الجُمهُورِ عَن سُلَيمَانَ بنِ سَمَاعَةَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ
صفحه : 120
عَن يَحيَي بنِ مَيسَرَةَ الخثَعمَيِّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ عسق عِدَادُ سنِيِ القَائِمِ وَق جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدّنيَا مِن زُمُرّدٍ أَخضَرَ فَخُضرَةُ السّمَاءِ مِن ذَلِكَ الجَبَلِ وَ عِلمُ عَلِيّ كُلّهُ فِيعسق
6- العُيُونُ، وَ العِلَلُ، فِي خَبَرِ الشاّميِّ سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع مِمّا خُلِقَتِ الجِبَالُ قَالَ مِنَ الأَموَاجِ
7- البَصَائِرُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن سَمَاعَةَ بنِ مِهرَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ عَلِيّاً ع مَلِكَ مَا فِي الأَرضِ وَ مَا تَحتَهَا فَعَرَضَت لَهُ السّحَابَانِ الصّعبُ وَ الذّلُولُ فَاختَارَ الصّعبَ فَكَانَ فِي الصّعبِ مُلكُ مَا تَحتَ الأَرضِ وَ فِي الذّلُولِ مُلكُ مَا فَوقَ الأَرضِ وَ اختَارَ الصّعبَ عَلَي الذّلُولِ فَدَارَت بِهِ سَبعَ أَرَضِينَ فَوَجَدَ ثَلَاثَ خَرَابٍ وَ أَربَعَ عَوَامِرَ
8- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي خَالِدٍ وَ أَبِي سَلّامٍ عَن سَورَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ أَمَا إِنّ ذَا القَرنَينِ قَد خُيّرَ بَينَ السّحَابَينِ فَاختَارَ الذّلُولَ وَ ذَخَرَ لِصَاحِبِكُمُ الصّعبَ قَالَ قُلتُ وَ مَا الصّعبُ قَالَ مَا كَانَ مِن سَحَابٍ فِيهِ رَعدٌ وَ صَاعِقَةٌ أَو بَرقٌ فَصَاحِبُكُم يَركَبُهُ أَمَا إِنّهُ سَيَركَبُ السّحَابَ وَ يَرقَي فِي الأَسبَابِ أَسبَابِ السّمَاوَاتِ السّبعِ وَ الأَرَضِينَ السّبعِ خَمسٌ عَوَامِرُ وَ اثنَتَانِ خَرَابَاِن
بيان لعل الخامسة عمارتها قليلة فعدت في الخبر السابق من الخراب لذلك
9-البَصَائِرُ لِلصّفّارِ، وَ مُنتَخَبُ البَصَائِرِ لِسَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ، عَن سَلَمَةَ عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ عَن يَقطِينٍ الجوَاَليِقيِّ عَن قَلقَلَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ
صفحه : 121
عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ جَبَلًا مُحِيطاً بِالدّنيَا مِن زَبَرجَدٍ أَخضَرَ وَ إِنّمَا خُضرَةُ السّمَاءِ مِن خُضرَةِ ذَلِكَ الجَبَلِ وَ خَلَقَ خَلقاً لَم يَفتَرِض عَلَيهِم شَيئاً مِمّا افتَرَضَ عَلَي خَلقِهِ مِن صَلَاةٍ وَ زَكَاةٍ وَ كُلّهُم يَلعَنُ رَجُلَينِ مِن هَذِهِ الأُمّةِ وَ سَمّاهُمَا
10- جَامِعُ الأَخبَارِ، سُئِلَ النّبِيّص عَنِ القَافِ وَ مَا خَلفَهُ قَالَ خَلفَهُ سَبعُونَ أَرضاً مِن ذَهَبٍ وَ سَبعُونَ أَرضاً مِن فِضّةٍ وَ سَبعُونَ أَرضاً مِن مِسكٍ خَلفَهُ سَبعُونَ أَرضاً سُكّانُهَا المَلَائِكَةُ لَا يَكُونُ فِيهَا حَرّ وَ لَا بَردٌ وَ طُولُ كُلّ أَرضٍ مَسِيرَةُ عَشَرَةِ ألف [آلَافِ]سَنَةٍ قِيلَ وَ مَا خَلفَ المَلَائِكَةِ قَالَ حِجَابٌ مِن ظُلمَةٍ قِيلَ وَ مَا خَلفَهُ قَالَ حِجَابٌ مِن رِيحٍ قِيلَ وَ مَا خَلفَهُ قَالَ حِجَابٌ مِن نَارٍ قِيلَ وَ مَا خَلفَهُ قَالَ حَيّةٌ مُحِيطَةٌ بِالدّنيَا كُلّهَا تُسَبّحُ اللّهَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ هيَِ مَلِكُ الحَيّاتِ كُلّهَا قِيلَ وَ مَا خَلفَهُ قَالَ حِجَابٌ مِن نُورٍ قِيلَ وَ مَا خَلفَهُ قَالَ عِلمُ اللّهِ وَ قَضَاؤُهُ وَ سُئِلَص عَن عَرضِ قَافٍ وَ طَولِهِ وَ استِدَارَتِهِ فَقَالَ عَرضُهُ مَسِيرَةُ أَلفِ سَنَةٍ مِن يَاقُوتٍ أَحمَرَ قَضِيبُهُ مِن فِضّةٍ بَيضَاءَ وَ زُجّهُ مِن زُمُرّدَةٍ خَضرَاءَ لَهُ ثَلَاثُ ذَوَائِبَ مِن نُورٍ ذُؤَابَةٌ بِالمَشرِقِ وَ ذُؤَابَةٌ بِالمَغرِبِ وَ الأُخرَي فِي وَسَطِ السّمَاءِ عَلَيهَا مَكتُوبٌ ثَلَاثَةُ أَسطُرٍ الأَوّلُبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِالثاّنيِالحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَالثّالِثُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ
11- الدّرّ المَنثُورُ، عَن كَعبٍ فِي قَولِهِحَتّي تَوارَت بِالحِجابِ قَالَ حِجَابٌ مِن يَاقُوتٍ أَخضَرَ مُحِيطٌ بِالخَلَائِقِ فَمِنهُ اخضَرّتِ السّمَاءُ التّيِ يُقَالُ لَهَا السّمَاءُ الخَضرَاءُ وَ اخضَرّ البَحرُ مِنَ السّمَاءِ فَمِن ثَمّ يُقَالُ البَحرُ الأَخضَرُ
و عن ابن مسعود أيضا مثله بيان الأخبار المنقولة من الكتابين ضعيفة عامية و قدمر أشباهها وبعض القول فيها في باب العوالم
صفحه : 122
12- كِتَابُ الأَقَالِيمِ وَ البُلدَانِ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن قَرَأَفَسُبحانَ اللّهِ حِينَ تُمسُونَ وَ حِينَ تُصبِحُونَ إِلَيوَ كَذلِكَ تُخرَجُونَكُتِبَ لَهُ مِنَ الحَسَنَاتِ بِعَدَدِ كُلّ وَرَقَةِ ثَلجٍ عَلَي جَبَلِ سَيَلَانَ[سَبَلَانَ]قِيلَ وَ مَا السّيَلَانُ[السّبَلَانُ] يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ جَبَلٌ بِأَرمَنِيّةَ وَ آذَربِيجَانَ عَلَيهِ عَينٌ مِن عُيُونِ الجَنّةِ وَ فِيهِ قَبرٌ مِن قُبُورِ الأَنبِيَاءِ
قال أبوحامد الأندلسي علي رأس هذاالجبل عين عظيمة مع غاية ارتفاعه ماؤه أبرد من ماء الثلج كأنما يشبه بالعسل لشدة عذوبته وبجوف هذاالجبل ماء يخرج من عين يصلق البيض لحرارته يقصدها الناس لمصالحهم وبحضيض هذاالجبل شجر كثير ومراع و شيء من حشيش لايتناوله إنسان و لاحيوان إلامات لساعته . قال القزويني ولقد رأيت الخيل والدواب ترعي في هذاالجبل فإذاقربت من ذلك الحشيش نفرت وولت منهزمة كالمطرودة و قال قال القزويني في قرية من قري قزوين جبل حدثني من صعده أن عليه صورة كل حيوان من الحيوان علي اختلاف أجناسها وصور الآدميين علي أنواع أشكالها عدد لاتحصي و قدمسخوا حجارة و فيه الراعي متكئا علي عصاه والماشية حوله كلها حجارة وامرأة تحلب بقرة و قدتحجر و الرجل يجامع امرأته و قدتحجر وامرأة ترضع ولدها وهلم جرا هكذا
13- وَ قَالَ حكُيَِ أَنّهُ دَخَلَ عَلَي جَعفَرٍ الصّادِقِ ع رَجُلٌ مِن هَمدَانَ[هَمَذَانَ] فَقَالَ لَهُ جَعفَرٌ الصّادِقُ ع مِن أَينَ أَنتَ قَالَ مِن هَمدَانَ[هَمَذَانَ] فَقَالَ لَهُ أَ تَعرِفُ جَبَلَهَا رَاوَندَ قَالَ لَهُ الرّجُلُ جُعِلتُ فِدَاكَ إِنّهُ أَروَندُ قَالَ نَعَم إِنّ فِيهِ عَيناً مِن عُيُونِ الجَنّةِ
بيان كان الجبل مسمي بكلا الاسمين والصحيح من اسمه راوند وإنما صدّقه لأنه هكذا أعرف عندهم . و قال جبل قاف محيط بالأرض كإحاطة بياض العين بسوادها و ماوراء جبل قاف فهو من حكم الآخرة لا من حكم الدنيا و قال بعض المفسرين إن لله سبحانه و تعالي من وراء جبل قاف أرضا بيضاء كالفضة المجلوة طولها مسيرة أربعين يوما للشمس و بهاملائكة شاخصون إلي العرش لايعرف الملك منهم من إلي جانبه من هيبة الله تعالي
صفحه : 123
و لايعرفون ماآدم و ماإبليس هكذا إلي يوم القيامة وقيل إن يوم القيامة تبدل أرضنا هذه بتلك الأرض و الله أعلم . و قال السرنديب هوجبل بأعلي الصين في بحر الهند و هوالجبل ألذي أهبط عليه آدم ع و عليه أثر قدمه غائص في الصخرة طوله سبعون شبرا و علي هذاالجبل ضوء كالبرق و لايتمكن أحد أن ينظر إليه و لابد لكل يوم فيه من المطر فيغسل قدم آدم ع وحوله من أنواع اليواقيت والأحجار النفيسة وأصناف العطر والأدوية ما لايوصف فإن آدم خطا من هذاالجبل إلي ساحل البحر خطوة واحدة و هومسيرة يومين . و قال حكي عن عبادة بن الصامت قال أرسلني أبوبكر إلي ملك الروم رسولا لأدعوه إلي الإسلام فسرت حتي دخلت بلاد الروم فلاح لنا جبل يعرف بأهل الكهف فوصلنا إلي دير فيه وسألنا أهل الدير عنهم فأوقفونا علي سرب في الجبل فوهبنا لهم شيئا وقلنا نريد أن ننظر إليهم فدخلوا ودخلنا معهم و كان عليهم باب من حديد ففتحوه لنا فانتهينا إلي بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين علي ظهورهم كأنهم رقود و علي كل واحد منهم جبة غبراء وكساء أغبر قدغطوا بها من رءوسهم إلي أقدامهم فلم ندر ماثيابهم من صوف أووبر إلاأنها كانت أصلب من الديباج فلمسناها فإذاهي تتقعقع من الصفاقة و علي أرجلهم الخفاف إلي أنصاف سوقهم مستنعلين بنعال مخصوفة وخفافهم ونعالهم في جودة الخز ولين لجلود ما لم ير مثله قال فكشفنا عن وجوههم رجلا رجلا فإذاهم في وضاءة الوجوه وصفاء الألوان وحسن التخطيط وهم كالأحياء بعضهم في نضارة الشباب وبعضهم قدخطه الشيب وبعضهم شعورهم مظفورة وبعضهم شعورهم مضمومة و علي زي المسلمين فانتهينا إلي آخرهم فإذافيهم مضروب علي وجهه بسيف كأنما ضرب في يومه فسألنا عن حالهم و مايعلمون من أمورهم فذكروا أنهم يدخلون عليهم في كل عام يوما ويجتمع أهل تلك الناحية علي الباب فيدخل عليهم من ينفض التراب عن وجوههم وأكسيتهم ويقلم أظفارهم
صفحه : 124
ويقص شواربهم ويتركهم علي هيئتهم هذه قلنا لهم هل تعرفون من هم وكم مدة هم هاهنا فذكروا أنهم يجدون في كتبهم أنهم كانوا أنبياء بعثوا إلي هذه البلاد في زمان واحد قبل المسيح بأربعمائة سنة و عن ابن عباس أن أصحاب الكهف سبعة
14- نَوَادِرُ عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ، عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَلِيّ المحَموُديِّ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُوسَي عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ ع عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِّ قَالَ خَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللّهِص ذَاتَ يَومٍ وَ نَحنُ فِي مَسجِدِهِ فَقَالَ مَن هَاهُنَا قُلتُ أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ وَ سَلمَانُ الفاَرسِيِّ فَقَالَ يَا سَلمَانُ ادعُ لِي مَولَاكَ عَلِيّاً فَقَد جاَءتَنيِ فِيهِ عَزِيمَةٌ مِن رَبّ العَالَمِينَ قَالَ جَابِرٌ فَذَهَبَ سَلمَانُ فَاستَخرَجَ عَلِيّاً مِن مَنزِلِهِ فَلَمّا دَنَا مِن رَسُولِ اللّهِص خَلَا بِهِ فَأَطَالَ مُنَاجَاتِهِ كُلّ ذَلِكَ يُسِرّ إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِص سِرّاً خَفِيّاً عَنّا وَ وَجهُ رَسُولِ اللّهِص يَقطُرُ عَرَقاً كَنَظمِ الدّرّ يَتَهَلّلُ حُسناً ثُمّ قَالَ لَهُ لَمّا انصَرَفَ مِن مُنَاجَاتِهِ قَد سَمِعتَ وَ وَعَيتَ فَاحفَظ يَا عَلِيّ ثُمّ قَالَ يَا جَابِرُ ادعُ عُمَرَ وَ أَبَا بَكرٍ قَالَ جَابِرٌ فَذَهَبتُ إِلَيهِمَا فَدَعَوتُهُمَا فَلَمّا حَضَرَاهُ قَالَ يَا جَابِرُ ادعُ لِي عَبدَ الرّحمَنِ بنَ عَوفٍ قَالَ جَابِرٌ فَدَعَوتُهُ فَلَمّا أَتَاهُ قَالَ يَا سَلمَانُ اذهَب إِلَي بَيتِ أُمّ سَلَمَةَ فأَتنِيِ بِالبِسَاطِ الخيَبرَيِّ قَالَ جَابِرٌ فَمَا لَبِثنَا أَن جَاءَنَا سَلمَانُ بِالبِسَاطِ فَأَمَرَهُ أَن يَبسُطَ ثُمّ أَمَرَ القَومَ فَجَلَسَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم عَلَي رُكنٍ مِن أَركَانِهِ وَ كَانُوا ثَلَاثَةً ثُمّ خَلَا رَسُولُ اللّهِص فَأَطَالَ مُنَاجَاتِهِ وَ أَسَرّ إِلَيهِ سِرّاً خَفِيّاً ثُمّ أَمَرَهُ أَن يَجلِسَ عَلَي الرّكنِ الرّابِعِ مِنَ البِسَاطِ ثُمّ قَالَ النّبِيّص يَا عَلِيّ اجلِس مُتَوَسّطاً وَ قُل مَا أَمَرتُكَ بِهِ فَإِنّكَ لَو قُلتَهُ عَلَي الجِبَالِ لَسَارَت أَو قُلتَهُ عَلَي الأَرضِ لَتَقَطّعَت مِن وَرَائِكَ وَ لَطَوَيتَ كُلّ مَن بَينَ يَدَيكَ وَ لَو كَلّمتَ بِهِ المَوتَي لَأَجَابُوكَ بِإِذنِ اللّهِ فَقَالَ لَهُ بَعضُ القَومِ يَا رَسُولَ اللّهِ هَذَا لعِلَيِّ خَاصّةً قَالَ نَعَم فَاعرِفُوا ذَلِكَ لَهُ قَالَ جَابِرٌ فَلَمّا أَخَذَ كُلّ وَاحِدٍ مَجلِسَهُ اختَلَجَ البِسَاطُ فَلَم أَرَهُ إِلّا مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ فَلَمّا رَجَعَ سَلمَانُ خبَرّنَيِ أَنّهُم سَارُوا مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ لَا يَدرُونَ أَ شَرقاً أَم غَرباً حَتّي انقَضّ بِهِمُ البِسَاطُ عَلَي كَهفٍ عَظِيمٍ عَلَيهِ بَابٌ مِن حَجَرٍ وَاحِدٍ قَالَ سَلمَانُ فَقُمتُ باِلذّيِ أمَرَنَيِ بِهِ رَسُولُ اللّهِص قَالَ جَابِرٌ فَقُلتُ لِسَلمَانَ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللّهِص قَالَ
صفحه : 125
أمَرَنَيِ إِذَا استَقَرّ البِسَاطُ مَكَانَهُ مِنَ الأَرضِ وَ صِرنَا عِندَ الكَهفِ أَن آمُرَ أَبَا بَكرٍ بِالسّلَامِ عَلَي أَهلِ ذَلِكَ الكَهفِ وَ عَلَي الجَمِيعِ فَأَمَرتُهُ فَسَلّمَ عَلَيهِم بِأَعلَي صَوتِهِ فَلَم يَرُدّوا عَلَيهِ شَيئاً ثُمّ سَلّمَ أُخرَي فَلَم يُجَب فَشَهِدَ أَصحَابُهُ عَلَي ذَلِكَ وَ شَهِدتُ عَلَيهِ ثُمّ أَمَرتُ عُمَرَ فَسَلّمَ عَلَيهِم بِأَعلَي صَوتِهِ فَلَم يَرُدّوا عَلَيهِ شَيئاً ثُمّ سَلّمَ أُخرَي فَلَم يُجَب فَشَهِدَ أَصحَابُهُ عَلَي ذَلِكَ وَ شَهِدتُ عَلَيهِ ثُمّ أَمَرتُ عَبدَ الرّحمَنِ بنَ عَوفٍ فَسَلّمَ عَلَيهِم فَلَم يُجَب فَشَهِدُوا أَصحَابُهُ عَلَي ذَلِكَ وَ شَهِدتُ عَلَيهِ ثُمّ قُمتُ أَنَا فَأَسمَعتُ الحِجَارَةَ وَ الأَودِيَةَ صوَتيِ فَلَم أُجَب فَقُلتُ لعِلَيِّ فِدَاكَ أَبِي وَ أمُيّ أَنتَ بِمَنزِلَةِ رَسُولِ اللّهِص حَتّي نَرجِعَ لَكَ وَ لَكَ السّمعُ وَ الطّاعَةُ وَ قَد أمَرَنَيِ أَن آمُرَكَ بِالسّلَامِ عَلَي أَهلِ هَذَا الكَهفِ آخِرَ القَومِ وَ ذَلِكَ لِمَا يُرِيدُ اللّهُ لَكَ وَ بِكَ الشّرَفَ مِن شَرَفِ الدّرَجَاتِ فَقَامَ عَلِيّ فَسَلّمَ بِصَوتٍ خفَيِّ فَانفَتَحَ البَابُ فَسَمِعنَا لَهُ صَرِيراً شَدِيداً وَ نَظَرنَا إِلَي دَاخِلِ الغَارِ يَتَوَقّدُ نَاراً فَمُلِئنَا رُعباً وَ وَلّي القَومُ فِرَاراً فَقُلتُ لَهُم مَكَانَكُمُ حَتّي نَسمَعَ مَا يُقَالُ وَ إِنّهُ لَا بَأسَ عَلَيكُم فَرَجَعُوا فَأَعَادَ عَلِيّ ع فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكُم أَيّهَا الفِتيَةُ الّذِينَآمَنُوا بِرَبّهِمفَقَالُوا وَ عَلَيكَ السّلَامُ يَا عَلِيّ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ عَلَي مَن أَرسَلَكَ بِآبَائِنَا وَ أُمّهَاتِنَا أَنتَ يَا وصَيِّ مُحَمّدٍ خَاتَمِ النّبِيّينَ وَ قَائِدِ المُرسَلِينَ وَ نَذِيرِ العَالَمِينَ وَ بَشِيرِ المُؤمِنِينَ أَقرِئهُ مِنّا السّلَامَ وَ رَحمَةَ اللّهِ يَا إِمَامَ المُتّقِينَ قَد شَهِدنَا لِابنِ عَمّكَ بِالنّبُوّةِ وَ لَكَ بِالوَلَايَةِ وَ الإِمَامَةِ وَ السّلَامُ عَلَي مُحَمّدٍ يَومَ وُلِدَ وَ يَومَ يَمُوتُ وَ يَومَ يُبعَثُ حَيّاً قَالَ ثُمّ أَعَادَ عَلِيّ ع فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكُم أَيّهَا الفِتيَةُ الّذِينَآمَنُوا بِرَبّهِم وَ زِدناهُم هُديًفَقَالُوا عَلَيكَ السّلَامُ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ يَا مَولَانَا وَ إِمَامَنَا الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي أَرَانَا وَلَايَتَكَ وَ أَخَذَ مِيثَاقَنَا بِذَلِكَ وَ زَادَنَا إِيمَاناً وَ تَثبِيتاً عَلَي التّقوَي قَد سَمِعَ مَن بِحَضرَتِكَ أَنّ الوَلَايَةَ لَكَ دُونَهُموَ سَيَعلَمُ الّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ قَالَ سَلمَانُ فَلَمّا سَمِعُوا ذَلِكَ أَقبَلُوا عَلَي عَلِيّ ع وَ قَالُوا شَهِدنَا وَ سَمِعنَا فَاشفَع لَنَا إِلَي نَبِيّنَا لِيَرضَي عَنّا بِرِضَاكَ ثُمّ تَكَلّمَ عَلِيّ ع بِمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللّهِص مَا دَرَينَا أَ شَرقاً أَم غَرباً حَتّي نَزَلنَا كَالطّيرِ ألّذِي يهَويِ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ وَ إِذَا نَحنُ عَلَي بَابِ المَسجِدِ فَخَرَجَ إِلَينَا رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ كَيفَ رَأَيتُم فَقَالَ القَومُ نَشهَدُ كَمَا شَهِدَ أَهلُ الكَهفِ وَ نُؤمِنُ كَمَا آمَنُوا فَقَالَ
صفحه : 126
إِنِ تَفعَلُوا تَهتَدُواوَ ما عَلَي الرّسُولِ إِلّا البَلاغُ المُبِينُ فَإِن لَم تَفعَلُوا تَختَلِفُوا فَمَن وَافَي وَافَي اللّهُ لَهُ وَ مَن نَكَصَ فَعَلَي عَقِبَيهِ يَنقَلِبُ أَ فَبَعدَ المَعرِفَةِ وَ الحُجّةِ وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ لَقَد أُمِرتُ أَن آمُرَكُم بِبَيعَتِهِ وَ طَاعَتِهِ فَبَايِعُوهُ وَ أَطِيعُوهُ فَقَد نَزَلَ الوحَيُ بِذَلِكَيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرّسُولَ وَ أوُليِ الأَمرِ مِنكُم قَالَ جَابِرٌ فَبَايَعنَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنِ استَقَمتُم عَلَي الطّرِيقَةِ لعِلَيِّ فِي وَلَايَتِهِ أُسقِيتُم مَاءً غَدَقاً وَ أَكَلتُم مِن فَوقِ رُءُوسِكُم وَ مِن تَحتِ أَرجُلِكُم وَ إِن لَم تَستَقِيمُوا اختَلَفَت كَلِمَتُكُم وَ شَمِتَ بِكُم عَدُوّكُم وَ لَتَتّبِعُنّ بنَيِ إِسرَائِيلَ شَيئاً شَيئاً لَو دَخَلُوا جُحرَ ضَبّ لَتَبِعتُمُوهُم فِيهِ وَ طُوبَي لِمَن تَمَسّكَ بِوَلَايَةِ عَلِيّ مِن بعَديِ حَتّي يَمُوتَ وَ بلَغَنَيِ وَ أَنَا عَنهُ رَاضٍ قَالَ جَابِرٌ وَ كَانَ ذَهَابُهُم وَ مَجِيئُهُم مِن زَوَالِ الشّمسِ إِلَي وَقتِ العَصرِ
15- الدّرّ المَنثُورُ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي مِن وَرَاءِ هَذِهِ الأَرضِ بَحراً مُحِيطاً بِهَا ثُمّ خَلَقَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ ق السّمَاءُ الدّنيَا مُتَرَفرِفَةٌ عَلَيهِ ثُمّ خَلَقَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ الجَبَلِ أَيضاً مِثلَ تِلكَ الأَرضِ سَبعَ مَرّاتٍ ثُمّ خَلَقَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ بَحراً مُحِيطاً بِهَا ثُمّ خَلَقَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ ق السّمَاءُ الثّانِيَةُ مُتَرَفرِفَةٌ عَلَيهِ حَتّي عَدّ سَبعَ أَرَضِينَ وَ سَبعَةَ أَبحُرٍ وَ سَبعَةَ أَجبُلٍ قَالَ وَ ذَلِكَ قَولُهُوَ البَحرُ يَمُدّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةُ أَبحُرٍ
16- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بُرَيدَةَ قَالَ ق جَبَلٌ مِن زُمُرّدٍ مُحِيطٌ بِالدّنيَا عَلَيهِ كَنَفَا السّمَاءِ
17- وَ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ ق جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالأَرضِ
صفحه : 127
18- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ خَلَقَ اللّهُ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ ق مُحِيطٌ بِالعَالَمِ وَ عُرُوقُهُ إِلَي الصّخرَةِ التّيِ عَلَيهَا الأَرضُ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يُزَلزِلَ قَريَةً أَمَرَ ذَلِكَ الجَبَلَ فَحَرّكَ العِرقَ ألّذِي يلَيِ تِلكَ القَريَةَ فَيُزَلزِلُهَا وَ يُحَرّكُهَا فَمِن ثَمّ تَحَرّكُ القَريَةُ دُونَ القَريَةِ
19- العِلَلُ، وَ المَجَالِسُ،لِلصّدُوقِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ مَاجِيلَوَيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأشَعرَيِّ عَن عِيسَي بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ حَمّادٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ إِنّ ذَا القَرنَينِ لَمّا انتَهَي إِلَي السّدّ جَاوَزَهُ فَدَخَلَ فِي الظّلُمَاتِ فَإِذَا هُوَ بِمَلَكٍ قَائِمٍ عَلَي جَبَلٍ طُولُهُ خَمسُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَقَالَ لَهُ المَلَكُ يَا ذَا القَرنَينِ أَ مَا كَانَ خَلفَكَ مَسلَكٌ فَقَالَ لَهُ ذُو القَرنَينِ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا مَلَكٌ مِن مَلَائِكَةِ الرّحمَنِ مُوَكّلٌ بِهَذَا الجَبَلِ فَلَيسَ مِن جَبَلٍ خَلَقَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلّا وَ لَهُ عِرقٌ إِلَي هَذَا الجَبَلِ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يُزَلزِلَ مَدِينَةً أَوحَي إلِيَّ فَزَلزَلتُهَا
العياشي، عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الزلزلة فقال أخبرني أبي عن آبائه قال قال رسول الله ص إن ذا القرنين لماانتهي إلي السد إلي آخر الخبرالفقيه ،مرسلا
مثله بيان أ ما كان خلفك مسلك أي لأي شيءجئت هاهنا مع سعة الأرض خلفك
20-العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأشَعرَيِّ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ الأَرضَ فَأَمَرَ الحُوتَ فَحَمَلَتهَا فَقَالَت حَمَلتُهَا بقِوُتّيِ فَبَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ حُوتاً قَدرَ شِبرٍ فَدَخَلَت فِي مَنخِرِهَا فَاضطَرَبَت أَربَعِينَ صَبَاحاً فَإِذَا أَرَادَ
صفحه : 128
اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يُزَلزِلَ أَرضاً تَرَاءَت لَهَا تِلكَ الحُوتَةُ الصّغِيرَةُ فَزُلزِلَتِ الأَرضُ فَرَقاً
الفَقِيهُ،مُرسَلًا مِثلَهُ وَ فِيهِ قَدرَ فِترٍ
بيان الفتر بالكسر ما بين السبابة والإبهام إذافرقتهما وتأنيث فحملتها وقالت بتأويل الحوتة أوالسمكة والفرق بالتحريك الخوف
21- العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ بِإِسنَادٍ لَهُ رَفَعَهُ إِلَي أَحَدِهِم ع أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَمَرَ الحُوتَ بِحَملِ الأَرضِ وَ كُلّ بَلدَةٍ مِنَ البُلدَانِ عَلَي فَلسٍ مِن فُلُوسِهِ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يُزَلزِلَ أَرضاً أَمَرَ الحُوتَ أَن يُحَرّكَ ذَلِكَ الفَلسَ فَيُحَرّكُهُ وَ لَو رَفَعَ الفَلسَ لَانقَلَبَتِ الأَرضُ بِإِذنِ اللّهِ
الفقيه ،مرسلا عن الصادق ع مثله بيان قال الصدوق قدس سره بعدإيراد تلك الأخبار الثلاثة في الفقيه والزلزلة تكون من هذه الوجوه الثلاثة وليست هذه الأخبار بمختلفة انتهي والظاهر أن مراده أن الزلزلة قدتكون بالعلة الأولي و قدتكون بالعلة الثانية و قدتكون بالعلة الثالثة ويحتمل اجتماع تلك العلل في كل زلزلة ويمكن أن تكون الثانية في الزلزلة العامة لجميع الأرض كزلزلة القيامة والثالثة في ما إذاحصل بسببها خسف وانقلاب وتغير عظيم في الأرض وبالجملة الزلزلة العظيمة والأولي في الزلازل الجزئية اليسيرة ويؤيد الخبر الأول أن أكثر الزلازل تبتدئ من الجبال و كل أرض تكون أقرب من الجبل فهي فيهاأشد
22- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن أَبِي بَكرٍ الحضَرمَيِّ عَن تَمِيمِ بنِ حَاتِمٍ قَالَ كُنّا مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَاضطَرَبَتِ الأَرضُ فَوَجَأَهَا ثُمّ قَالَ لَهَا اسكنُيِ مَا لَكِ ثُمّ التَفَتَ إِلَينَا فَقَالَ أَمَا إِنّهَا لَو كَانَتِ التّيِ قَالَ اللّهُ لأَجَاَبتَنيِ وَ لَكِنّهَا لَيسَت بِتِلكَ
صفحه : 129
23- العِلَلُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن يَحيَي بنِ مُحَمّدِ بنِ أَيّوبَ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن يَحيَي الحلَبَيِّ عَن عُمَرَ بنِ أَبَانٍ عَن جَابِرٍ قَالَ حدَثّنَيِ تَمِيمُ بنُ حِذيَمٍ قَالَ كُنّا مَعَ عَلِيّ ع حَيثُ تَوَجّهنَا إِلَي البَصرَةِ قَالَ فَبَينَمَا نَحنُ نُزُولٌ إِذَا اضطَرَبَتِ الأَرضُ فَضَرَبَهَا عَلِيّ ع بِيَدِهِ ثُمّ قَالَ لَهَا مَا لَكِ ثُمّ أَقبَلَ عَلَينَا بِوَجهِهِ ثُمّ قَالَ لَنَا أَمَا إِنّهَا لَو كَانَتِ الزّلزَلَةَ التّيِ ذَكَرَهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي كِتَابِهِ لأَجَاَبتَنيِ وَ لَكِنّهَا لَيسَت بِتِلكَ
بيان هذاإشارة إلي ماورد في الأخبار أن الإنسان في سورة الزلزال هو أمير المؤمنين ع يقول للأرض ما لك فتحدثه الأرض أخبارها كما روُيَِ فِي العِلَلِ، عَن فَاطِمَةَ ع قَالَت أَصَابَ النّاسَ زَلزَلَةٌ عَلَي عَهدِ أَبِي بَكرٍ وَ سَاقَتِ الحَدِيثَ إِلَي قَولِهَا فَقَالَ لَهُم عَلِيّ ع كَأَنّكُم قَد هَالَكُم مَا تَرَونَ قَالُوا وَ كَيفَ لَا يَهُولُنَا وَ لَم نَرَ مِثلَهَا قَطّ قَالَت فَحَرّكَ شَفَتَيهِ ثُمّ ضَرَبَ الأَرضَ بِيَدِهِ ثُمّ قَالَ مَا لَكِ اسكنُيِ فَسَكَنَت فَقَالَ أَنَا الرّجُلُ ألّذِي قَالَ اللّهُإِذا زُلزِلَتِ الأَرضُ زِلزالَها وَ أَخرَجَتِ الأَرضُ أَثقالَها وَ قالَ الإِنسانُ ما لَهافَأَنَا الإِنسَانُ ألّذِي يَقُولُ لَهَا مَا لَكِيَومَئِذٍ تُحَدّثُ أَخبارَهاإيِاّيَ تُحَدّثُ
فهذا معني قوله ع إنها لوكانت الزلزلة التي ذكرها الله في كتابه أي في سورة الزلزال وهي زلزلة القيامة لأجابتني أي لحدثت وتكلمت معي ولكنها ليست بتلك أي زلزلة القيامة
24-العِلَلُ،بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ عَن مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ الديّلمَيِّ قَالَسَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ الزّلزَلَةِ مَا هيَِ قَالَ آيَةٌ قُلتُ وَ مَا سَبَبُهَا قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي وَكّلَ بِعُرُوقِ الأَرضِ مَلَكاً فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يُزَلزِلَ أَرضاً أَوحَي إِلَي ذَلِكَ المَلَكِ أَن حَرّك عُرُوقَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَيُحَرّكُ ذَلِكَ المَلَكُ عُرُوقَ تِلكَ الأَرضِ التّيِ أَمَرَهُ اللّهُ فَتَتَحَرّكُ بِأَهلِهَا قَالَ قُلتُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمَا أَصنَعُ قَالَ صَلّ صَلَاةَ الكُسُوفِ فَإِذَا فَرَغتَ خَرَرتَ سَاجِداً وَ تَقُولُ فِي سُجُودِكَ
صفحه : 130
يَا مَنيُمسِكُ السّماواتِ وَ الأَرضَ أَن تَزُولا وَ لَئِن زالَتا إِن أَمسَكَهُما مِن أَحَدٍ مِن بَعدِهِ إِنّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراًأَمسِك عَنّا السّوءَإِنّكَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ
الفقيه ،بإسناده عن سليمان الديلمي مثله بيان آية أي علامة من علامات غضبه أوقدرته أَن تَزُولا أي كراهة أن تزولا أولتضمن الإمساك معني الحفظ أوالمنع عدي به إِن أَمسَكَهُما أي ماأمسكهما و في الفقيه بعد قوله غَفُوراً يا من يُمسِكُ السّماءَ أَن تَقَعَ عَلَي الأَرضِ إِلّا بِإِذنِهِأمسك
25- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن عَبدِ الصّمَدِ بنِ بَشِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الحُوتَ ألّذِي يَحمِلُ الأَرضَ أَسَرّ فِي نَفسِهِ أَنّهُ إِنّمَا يَحمِلُ الأَرضَ بِقُوّتِهِ فَأَرسَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِ حُوتاً أَصغَرَ مِن شِبرٍ وَ أَكبَرَ مِن فِترٍ فَدَخَلَ فِي خَيَاشِيمِهِ فَصَعِقَ فَمَكَثَ بِذَلِكَ أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ رَأَفَ بِهِ وَ رَحِمَهُ وَ خَرَجَ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِأَرضٍ زَلزَلَةً بَعَثَ ذَلِكَ الحُوتَ إِلَي ذَلِكَ الحُوتِ فَإِذَا رَآهُ اضطَرَبَ فَتَزَلزَلَتِ الأَرضُ
26- العِلَلُ،لِمُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ العِلّةُ فِي زَلزَلَةِ الأَرضِ أَنّ الحُوتَ ألّذِي يَحمِلُ الأَرضَ لَهُ فُلُوسٌ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ زَلزَلَةَ أَرضٍ أَو مَكَانٍ رَفَعَ الحُوتُ الفَلسَ ألّذِي فِي ذَلِكَ المَوضِعِ وَ حَرّكَهُ فَتُزَلزَلُ الأَرضُ
27- تَوحِيدُ المُفَضّلِ، قَالَ الصّادِقُ ع فَإِن قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ صَارَت هَذِهِ الأَرضُ تُزَلزَلُ قِيلَ لَهُ إِنّ الزّلزَلَةَ وَ مَا أَشبَهَهَا مَوعِظَةٌ وَ تَرهِيبٌ يُرَهّبُ بِهَا النّاسُ لِيَرعُوا وَ يُنزَعُوا عَنِ المعَاَصيِ
الأولي قسمة المعمور من الأرض بالأقاليم السبعة قالوا الدائرة العظيمة
صفحه : 131
التي تحدث علي سطح الأرض إذافرض معدل النهار قاطعا للعالم الجسماني تسمي خط الاستواء و إذافرضت عظيمة أخري علي وجه الأرض تمر بقطبيها انقسمت الأرض بهما أرباعا أحد القسمين الشماليين هوالربع المسكون والباقية إما غامرة في البحار غيرمسكونة وإما عامرة غيرمعلومة الأحوال وطول كل ربع بقدر نصف الدائرة العظيمة وعرضه بقدر ربعها و هذاالربع المسكون أيضا ليس كله معمورا إذ بعضه في جانب الشمال لفرط البرد لايمكن لحيوان التعيش فيه وهي المواضع التي يكون عرضها أزيد من تمام الميل الكلي و في القدر المعمور أيضا بحار كثيرة بعضها متصل بالمحيط وبعضها غيرمتصل كماعرفت وجبال وآكام وآجام وبطائح ومغايض وبراري لاتقبل العمارة ووجدوا في جنوب خط الاستواء قليلا من العمارة من الزنج والسودان لكن لقلتها لم يعدوها من المعمورة ومبدأ العمارة عندالمنجمين من جانب الغرب وكانت هناك جزائر تسمي الجزائر الخالدات وهي الآن مغمورة في الماء فجعلها بعضهم مبدأ الطول وآخرون جعلوا ساحل البحر الغربي مبدأ وبينهما عشر درجات ونهاية العمارة من الجانب الشرقي عندهم كنك ذر و هومستقر الشياطين بزعمهم وسموا ما بين النهايتين علي خط الاستواء قبة الأرض ثم قسموا المعمور من هذاالربع في جانب العرض بسبعة أقاليم بدوائر موازية لخط الاستواء طول كل إقليم ما بين الخافقين وعرضه بقدر تفاضل نصف ساعة في النهار الأطول لأن أحوال كل إقليم متشابهة متناسبة بحسب الحر والبرد والمزاج والألوان والأخلاق فمبدأ الإقليم الأول في العرض عندالأكثر مواضع يكون عرضها اثنتا عشرة درجة وثلثا درجة ونهارهم الأطول اثنتا عشرة ساعة ونصف وربع و لم يعدوا من خط الاستواء إلي هذه المواضع من المعمورة لقلة العمارة فيها وبعضهم يجعل مبدأ الإقليم خط الاستواء لكن علي التقديرين لاخلاف في أن مبدأ الإقليم الثاني حيث عرضه عشرون درجة ونصف ونهاره الأطول ثلاث عشرة ساعة وربع ومساحة سطح الإقليم الأول علي الأول كماذكره البرجندي ستمائة ألف واثنان وستون ألف فرسخ وأربعة وأربعون فرسخا ونصف
صفحه : 132
فرسخ والبلاد المشهورة الواقعة فيه نجران وجند وصنعاء وصعدة وصحار وسندان وكولم وعلاقي و قال بعضهم و هذاالإقليم يبتدئ في الطول من المشرق وأراضي الصين وتمر هناك علي أنهار عظيمة ثم تمر علي سواحل البحر الجنوبي وبعض أرض الصين وبعض البلاد الجنوبية من الهند والسند ثم علي جزيرة كرك التي والاها من قبل ملك اليمن ثم يمر علي خليج فارس وجزيرة العرب و علي أكثر بلاد اليمن كمعلي وحضرموت وصنعاء وزبيد وعدن وشهر وقلهات وظفار وسبأ ومدينة الطيب وصحار قصبة عمان ثم علي الخليج الأحمر ودار ملك الحبشة وبلاد النوبة و علي غاية معدن الذهب من بلاد السودان المغرب ثم علي بلاد بربر إلي المحيط المغربي وعدد البلاد المشهورة الواقعة في هذاالإقليم خمسون و فيه من الجبال والأنهار العظيمة عشرون جبلا وثلاثون نهرا ولون أكثر أهله السواد ويزعمون أن هذاالإقليم منسوب إلي زحل ومساحة سطح ما بين خط الاستواء والإقليم الأول ألف ألف فرسخ ومائة وستة عشر ألف فرسخ وسبعمائة وخمسة وثلاثون فرسخا وسدس فرسخ والبلاد المشهورة الواقعة فيهاعدن وشوام وحضرموت ومرباط وسقوطرة وجزيرة سرنديب وجزيرة لامري وجزيرة كله وغانة وكوكو وسقالة وبربرا وزغاوة من بلاد الزنج وهدية وزيلع كلاهما من بلاد الحبشة. ومساحة الإقليم الثاني خمسمائة ألف فرسخ واثنان وسبعون ألف فرسخ وستة وستون فرسخا وثلث فرسخ والبلاد المشهورة فيه مكة والمدينة ضاعف الله شرفهما وتيماء من بلاد الشام وينبع وجدة وخيبر وبطن مر والطائف والفيد والفرع ويمامة والأحساء وقطيف والبحرين والقفط وصعيد
صفحه : 133
وأسيوط وأسوان وإسنا وعيذاب ولمطة من أقصي المغرب وسوس أقصي وسجلماسة وديبل من بلاد السند ومكران وبيرون والمنصورة وصنم صومنات من بلاد الهند وكنبايت وماهورة وقِنّوج و قال بعضهم هذاالإقليم يأخذ في الطول من بلاد الصين ويمر بمعظم بلاد الهند ومنها دهلي ثم بشمال جبال معروفة في ديارهم ويمر بمعظم ديار السند منها منصورة ويصل إلي عمان ويقطع جزيرة العرب من أرض نجد وتهامة ويمر بالطائف ومكة شرفها الله تعالي ومدينة الرسول ص ويثرب وهجر وقطيف والبحرين وهرمز من كرمان ويقطع القلزم ويصل إلي صعيد مصر ويقطع النيل ويأخذ في أرض المغرب ويمر بأواسط بلاد إفريقية ثم ببلاد البربر ويصل إلي المحيط والبلاد المشهورة الواقعة في هذاالإقليم أيضا خمسون و فيه من الجبال عشرون و من الأنهار مثلها ولون عامة أهله بين السواد والسمرة ويزعمون أنه منسوب إلي الشمس . ومبدأ الإقليم الثالث عرضه سبع وعشرون درجة ونصف ونهاية طول الأيام ثلاث عشرة ساعة وثلاث أرباع ساعة ومساحة سطحه أربعمائة وستون ألف فرسخ وأحد وتسعون فرسخا وخمسا فرسخ والبلاد المشهورة فيه الإسكندرية ومنفلوط من بلاد سعيد وأكثر بلادها الواقعة علي النيل ورشيد ودمياط من بلاد مصر وقلزم علي ساحل بحر اليمن وفسطاط من بلاد مصر وعين الشمس منها وأسفي من أقصي المغرب وسلا وفاس ومراكش ودرعة وميلة وتاهرت وقسطينة
صفحه : 134
وسطيف كلها من بلاد المغرب وتينزرت وتونس وقابس وقيروان ومهدية وصفاقس وأطرابلس وقصر أحمدكلها من بلاد إفريقية وغزة وعسقلان وقيسارية ورملة وبيت المقدس كلها من بلاد فلسطين ونابلس وعكا وبيسان وصور وعمان وكرك وبيروت وصيدا وأذرعات وبصري ودمشق وصرخد كلها من بلاد الشام وهيت والقادسية وحيرة والكوفة والأنبار وبغداد وصرصر والمدائن وبابل ونعمانية ونهروان وقصر ابن هبيرة ونهر الملك كلها من بلاد العراق ونواحيها وبصرة وأبله وعبادان وطيب وسوس وقرقوب وتستر وحبي وعسكر مكرم والأهواز ودورق وأرجان كلها ماعدا الثلاثة الأول من بلاد خوزستان وسيف البحر وجور وأبرقوه وكازرون ونوبندجان وفيروزآباد وشيراز والبيضاء وإصطخر وبسا ودارابجرد كلها من بلاد فارس ونواحيها ويزد وبافد وبردسير وجيرفت وسيرجان وزرند وبم وهرمز كلها من بلاد كرمان وزرنج وشروان وبست كلها من بلاد سيستان وملتان من بلاد السند وتعبر من بلاد الهند وزيتون من بلاد الصين وأصبهان وأردستان وطبس وبيروزكوه وميمند وغزنة وكابل و قال بعضهم هذاالإقليم يبتدئ من شرقي أرض الصين ودار ملكهم وتمر بوسط مملكة الهند وقندهار وكشمير ويمر بمولتان من أرض السند وبزابل وبست وسيستان وكيج ويزده سير مدينة كرمان وخبيص ويزد وفارس وأصفهان والأهواز وعسكر وكوفة وبصرة وواسط وبغداد والمدائن و إذاجاوز هذه البلاد يمر بديار ربيعة ومضر ودمشق وحمص وبيت المقدس والصورية والطبرية والقيسارية وعسقلان والمدين ويأخذ طرفا من الأرض مصر فيه دمياط وفسطاط
صفحه : 135
والإسكندرية ثم يمر ببلاد الإفريقية وبلد قيروان والسوس وطرابلس المغرب ثم بقبائل السرير في أرض المغرب وبلاد طنجة وينتهي إلي المحيط وعدد البلاد المشهورة الواقعة فيه مائة وثمانية وعشرون و فيه من الجبال ثلاثة وثلاثون و من الأنهار اثنان وعشرون ولون أكثر أهله السمرة ويزعمون أنه منسوب إلي عطارد. و أماالإقليم الرابع فعرض أوله ثلاث وثلاثون درجة وأربعون دقيقة وأطول نهاره أربع عشرة ساعة وربع ومساحة سطحه ثلاثمائة ألف ثمانية وسبعون ألفا وثمانية وثلاثون فرسخا وربع والبلاد المشهورة فيه قصر عبدالكريم وطنجة وسبسته وتلمسان وبجاية من بلاد المغرب وبوند وقصر أحمد من بلاد إفريقية وإشبيلة وقرطبة ومالقة وغرناطة وبلنسية كلها من بلاد الشام وتوابعها وجزيرة يابسة وجزيرة مايرقه فيهابحيرة محيطها تسعة أميال وجزيرة سردانية وجزيرة صقلية وجزيرة وسامس وجزيرة رودس وجزيرة قبرس كل هذه الجزائر في بحر الروم وطرسوس وأياس وأرطة ومصيصة وبرس برت وتل حمدون كلها من بلاد أرمن وأطرابلس وبلنباس وبعلبكّ وعرقة وجبلة من بلاد الشام وسبس وصهيون وبغراس وحارم وحصن الأكراد والحمص وحماة وشيزر ومرعش وحصن منصور ومَنبِج ومعرة وقنّسرين وسميساط بعضها من
صفحه : 136
أعمال حلب وبعضها من أعمال الشام وحلب وحران ورقة كلاهما من ديار مضر وماردين من ديار ربيعة وميافارقين من بلاد الجزيرة وقرقيسياء وجيران ونصيبين وجزيرة ابن عمر وسنجار من ديار ربيعة وتل أعفر وموصل والحديثة ودقوقاء وآمد وعانة وسعرت وتكريت وسامراء ودسكرة وجلولاء وخانقين وحلوان بعضها من العراق وبعضها من الجزائر ودلي من بلاد الهند وأنطاليا من بلاد الروم وأرزن وبدليس وأرجليس كلها من أرمنية وسلماس وخوي ومراغة وأوجان وأردبيل وميانج ومرند وتبريز كلها من بلاد آذربيجان وموقان وإربل وشهرزور وقصرشيرين وصيمرة ودينور وسيروان وماسبذان وسهرورد وزنجان ونهاوند وهمدان وبروجرد وأبهر وساوه وقزوين وآبة وجرباذقان وقم وطالقان وقاشان والري وكرج أكثرها من بلاد الجبل ولاهجان وروذبار وسالوس وناتل وأرجان وآمل وسارية كلها من بلاد طبرستان وسمنان ودامغان وبسطام وأسترآباد وآبسكون وجرجان ودهستان وخسروجرد وقصبة سبزوار وأسفراين ونيسابور ونسا وطوس ونوقان وأبيورد وقوهستان وقاين وزوزن وجزجرد وبوزجان وسرخس وفوشنج وهراة وبادغيس ومالين وشيورغان وأسفزار ومروروذ ومرو وشاه جهان وفارياب وشهرستان وسمنجان كلها من خراسان وأعمالها وبدخشان وترمد وختلان ووخش وصغانيان وشومان وآثينية كلها من بلاد المغرب ويقال أنه بلد حكماء يونان . و قال بعض الأفاضل هذاالإقليم وسط الأقاليم ووسط معظم عمارة العالم ويبتدئ من شمال بلاد الصين ويمر ببلاد التبت الداخل وجرجير وخطا وختن وبجبال
صفحه : 137
كشمير وبدخشان وصغانيان وكابل ويمر بطخارستان وغور وبلخ وترمد وهرات ومرو وشاهجهان ومرورود وسرخس وجوزجان وفارياب وغرجستان وباورد ونسا وسبزوار وطوس ونيشابور وأسفراين وقهستان وقومس وجرجان وطبرستان وآمد وقم وآمل وكاشان وهمدان وأبهر وقزوين والديلم وساوه وألموت وكرج وكيلان ومازندران وساري وسمنان ودامغان وأسترآباد وبسطام ونهاوند ودينور وحلوان وشهرزور وزنجان وسلطانية وأردبيل والموصل وسامرة وأرمنية ومراغة وتبريز وسنجار ونصيبين وسمياط وملطيّة وأرزنجان ورأس العين وقاليقلا وسميساط وحلب وأنطاكية وقنسرين وطرابلس الشام وحمص وطرسوس وجزيرة قبرس ورودس ويمر بأرض المغرب علي بلاد أفرنجة وطنجة وينتهي إلي المحيط علي الرقاق من الأندلس وبلاد المغرب وعدد البلاد المشهورة الواقعة فيه مائتان واثنا عشر و فيه من الجبال خمسة وعشرون و من الأنهار اثنان وعشرون ولون عامة أهله بين السمرة والبياض و هومنسوب إلي المشتري علي الأصح بزعمهم . و أماالإقليم الخامس فمبدؤه حيث عرضه تسع وثلاثون درجة وغاية طول نهارهم أربع عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة ومساحة سطحه مائتا ألف وتسع وتسعون ألف فرسخ وأربعمائة وثلاثة وتسعون فرسخا وثلاثة أعشار فرسخ و من البلاد الواقعة فيهاأشبونة وشنترين وبطليوس وماردة وطليطلة ومرسية ودانية ومدينة
صفحه : 138
سالم وسرقسطة وطرطوشة ولاردة وهيكل الزهرة وأربونة وأنقورية وعمورية وآق شهر وقونية وقيسارية وأقسرا وملطية وسيواس وتوقات وأرزن وأرزنجان وموش وملازجرد وأخلاط وشروان ونشوي وبردعة وشمكور وتفليس وبيلقان و باب الأبواب وكنجة وسلطانية وفراوة وكركنج وكات وزمخشر وهزارأسب ودرغان وطواويس وبيكند وكرمنية ونخشب وكشّ وأربنجن وإشتيخن وسمرقند وكشانية وشاش وبنكث وإيلاقي وأسروشة وساباط وخجند وشاوكث وتنكت وإمسيكث وكاسان وفرغانة وقباء وختن وخيوه ورومية الكبري وماقذونية من أعمال قسطنطنية. و قال بعض الأفاضل يبتدئ هذاالإقليم من أقصي بلاد الترك ويمر علي مواضع الأتراك المشهورة إلي حد كاشغر وختن وبيت المقدس وفرغانة وطراز وخجند ويمر بشروان وخوارزم وبخارا وشاش ونسف وسمرقند وكش وببحر خزر وديار أرمنية وبعض بلاد الروم كعمورية وقونية وأقسراي وقيصرية وسيواس وأرزن الروم ويمر بساحل بحر الشام وبلاد أندلس إلي أن ينتهي إلي المحيط وعدد البلاد المشهورة الواقعة فيه مائتان و فيه من الجبال ثلاثون و من الأنهار خمسة عشر ولون عامة أهله البياض و هومنسوب إلي الزهرة بزعمهم . و أماالإقليم السادس فمبدؤه حيث عرضه ثلاث وأربعون درجة ونصف وغاية طول نهاره خمس عشرة ساعة وربع ومساحة سطحه مائتا ألف وخمسة وثلاثون ألف
صفحه : 139
فرسخ وأربعة وثلاثون فرسخا وثلثا فرسخ و فيه من البلاد المشهورة تطيلة وتبلوته وبردال ولمريا وجزيرة نقربيت وأماسية وقسطمونية وسنوب وجند وفاراب وإسفيجاب وطراز وشلج وخان بالق وكاشغر وسمورة ولنبردية وبيذة وبندقية وبرشان وقسطنطنية وبلنجر و قال بعض المحققين من بلاده معظم الروم والخزر والتركستان فيبتدئ من المشرق ويمر بمساكن أتراك الشرق ويقطع وسط بحر طبرستان ويمر علي خزر وموقان وسقسين و علي الصقالبة وبلاد آس وأران و باب الأبواب والروس ثم بمعظم بلاد الروم مثل قسطنطنية وبشمال أندلس وينتهي إلي المحيط وعدد البلاد المشهورة الواقعة فيه تسعون و فيه من الجبال أحد عشر و من الأنهار أربعون ولون غالب أهله الشقرة و هوعندهم منسوب إلي القمر. و أماالإقليم السابع فمبدؤه حيث العرض سبع وأربعون درجة وربع وغاية طول نهاره خمس عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة ومساحة سطحه مائة ألف وسبعة وثمانون ألف فرسخ وسبعمائة وواحد وعشرون فرسخا وثلثا فرسخ و في هذاالإقليم العمارة قليلة والبلاد المشهورة فيه كرش وأزرق وصراي و هومستقر سلطان تتر وأكل ويلار ويقال له بلغار وأفجاكرمان وصاريكرمان وقرقر وصلغات وكفا وصقجي وشنتياقر وهرقلة و قال بعضهم هذاالإقليم يأخذ في طوله من المشرق ويمر بنهايات الأتراك الشرقية وبشمال بلاد يأجوج ومأجوج ثم علي غياض وجبال يأوي إليها أتراك كالوحوش ثم علي بلغار الروس والصقالبة ويقطع بحر الشام وينتهي إلي المحيط وعدد بلاد هذاالإقليم اثنان وعشرون و فيه من الجبال أحد عشر و من الأنهار أربعون ولون أهله بين الشقرة والبياض و هو
صفحه : 140
منسوب عندهم إلي المريخ و أهل بعض بلاده يسكنون مدة ستة أشهر في الحمامات لشدة البرد وآخر الأقاليم حيث عرضه خمسون درجة ونصف وغاية طول نهاره ست عشرة ساعة وربع ثم إلي عرض التسعين لايعدونه من الأقاليم . واعلم أن خط الاستواء يبتدئ من شرقي أرض الصين ويمر علي جزيرة چمكوت ثم ببلاد الصين مما يلي الجنوب و علي كنك ذر ألذي من أراضي الصين ثم علي جزائر زأرة التي تسمي أرض الذهب و علي جنوب جزيرة سرنديب بين جزيرتي كله وسريره و علي وسط جزائر ديويره ثم علي شمال جزائر الزنج ومعظم بلادهم ثم علي شمال جبال القمر وجنوب سودان المغرب إلي المحيط و أماطول النهار لسائر البقاع سوي الأقاليم السبعة فالنهار الأطول يبلغ سبع عشرة ساعة حيث العرض أربع وخمسون درجة وكسر ويبلغ ثماني عشرة ساعة حيث العرض ثمان وخمسون درجة ويبلغ تسع عشرة ساعة حيث العرض إحدي وستون درجة ويبلغ عشرين ساعة حيث العرض ثلاث وستون وهناك جزيرة تسمي تولي يقال إن أهلها يسكنون الحمامات مدة كون الشمس بعيدة عن سمت رءوسهم والمشهور أنها منتهي العمارة في العرض ويبلغ إحدي وعشرين ساعة حيث العرض أربع وستون درجة ونصف قال بطلميوس إن سكان هذاالموضع قوم من الصقالبة لايعرفون و علي هذا يكون هومنتهي العمارة في العرض ويبلغ اثنتين وعشرين ساعة حيث العرض خمس وستون درجة وكسر ويبلغ ثلاثا وعشرين ساعة حيث العرض ست وستون درجة ويبلغ أربعا وعشرين ساعة حيث العرض مثل تمام الميل الكلي ويبلغ شهرا حيث العرض سبع وستون درجة وربع وشهرين حيث العرض سبعون درجة إلاربعا وثلاثة أشهر حيث العرض ثلاث وسبعون درجة ونصف وأربعة أشهر حيث العرض ثمان وسبعون درجة ونصف وخمسة أشهر حيث العرض أربع وثمانون درجة ونصف السنة تقريبا حيث العرض ربع الدور ومنهم من قسم ماسوي الأقاليم من الربع قسمين قسما لم يدخل في الأقاليم ويدخل في المعمورة وقسما لم يدخل فيهما فالأول مبدؤه حيث عرضه خمسون درجة وثلث وغاية
صفحه : 141
طول نهاره ست عشرة ساعة وربع ومساحة سطحه سبعمائة ألف وخمسون ألف فرسخ ومائة واثنان وثلاثون فرسخا وربع فرسخ و فيه جزيرة برطانية وجزيرة صوداق وجزيرة تولي ومدينة يأجوج ومأجوج قالوا عرض تلك المدينة ثلاث وستون درجة وطولها مائة واثنتان وسبعون درجة ونصف والقسم الثاني مبدؤه حيث عرضه ست وستون درجة ونصف وغاية طول نهاره سبع وأربعون ساعة ومساحة سطحه أربعمائة ألف واثنان وعشرون ألف فرسخ وأربعمائة وسبعة فراسخ وخمس فرسخ وقيل في عرض خمس وسبعين درجة موضع أهله يسكنون في الشتاء في الحمامات و لايفهم كلامهم .الفائدة الثانية في ذكر بعض خواص خط الاستواء والآفاق المائلة فأما خط الاستواء فدوائر آفاق البقاع التي تكون عليه تنصف جميع المدارات اليومية فلذلك يكون النهار والليل في جميع السنة متساويين وأيضا يكون زمان ظهور كل نقطة علي الفلك مساويا لزمان خفائه فإن كان تفاوت كان بسبب اختلاف السير سرعة وبطئا بالحركة الغربية في النصفين و ذلك لا يكون محسوسا وتمر الشمس في السنة الواحدة مرتين بسمت رءوسهم و ذلك عندكونها في نقطتي الاعتدالين و لاتبعد الشمس عن سمت رءوسهم إلابقدر غاية ميل فلك البروج عن معدل النهار وتكون الشمس نصف السنة تقريبا في جهة من جهتي الشمال والجنوب و يكون ظل نصف النهار إلي خلاف تلك الجهة ولكون مبدإ الصيف الوقت ألذي يكون فيه الشمس إلي سمت الرأس أقرب ومبدأ الشتاء الوقت ألذي يكون الشمس منه أبعد يكون وقت كونها في نقطتي الاعتدال مبدأ صيفهم ووقت كونها في نقطتي الانقلاب مبدأ شتائهم و يكون مبادئ الفصلين الأخيرين أوساط الأرباع ويلزم علي ذلك أن يكون لهم في كل سنة ثمانية فصول و يكون دور الفلك هناك دولابيا لأن سطوح جميع المدارات يقطع سطح الأفق علي قوائم ويسمي لذلك آفاقها آفاق الفلك المستقيم والشيخ ابن سينا حكم بأنها أعدل البقاع لأن الشمس لاتمكث علي سمت الرأس كثيرا بل إنما يمر به وقتي اجتيازها عن إحدي الجهتين إلي الأخري و يكون هناك حركتها في الميل والبعد عن سمت رأسهم أسرع ما يكون فلاتكون لذلك حرارة صيفهم شديدة وأيضا لتساوي
صفحه : 142
زماني نهارهم وليلهم دائما تنكسر سورتا كل واحدة من الكيفيتين الحادثتين منهما بالأخري فيعتدل الزمان وحكم أيضا بأن أحر البقاع صيفا التي تكون عروضها مساوية للميل الكلي فإن الشمس تسامتها وتلبث في قرب مسامتتها قريبا من شهرين ونهارها حينئذ يطول وليلها يقصر ورد الفخر الرازي عليه الحكم الأول بأن قال لبث الشمس في خط الاستواء و إن كان قليلا لكنها لاتبعد كثيرا عن المسامتة فهي طول السنة في حكم المسامتة ونحن نري بقاعا أكثر ارتفاعات الشمس فيها لايزيد علي أقل ارتفاعاتها بخط الاستواء وحرارة صيفها في غاية الشدة فيعلم من ذلك أن حرارة شتاء خط الاستواء تكون أضعاف حرارة صيف تلك البقاع وحكم بأن أعدل البقاع هوالإقليم الرابع و قال المحقق الطوسي ره الحق في ذلك أنه إن عني بالاعتدال تشابه الأحوال فلاشك أنه في خط الاستواء أبلغ كماذكره الشيخ و إن عني به تكافؤ الكيفيتين فلاشك أن خط الاستواء ليس كذلك يدل عليه شدة سواد لون سكانه من أهل الزنج والحبشة وشدة جعود شعورهم و غير ذلك مما تقتضيه حرارة الهواء وأضداد ذلك في الإقليم الرابع تدل علي كون هوائه أعدل بل السبب الكلي في توفر العمارات وكثرة التوالد والتناسل في الأقاليم السبعة دون سائر المواضع المنكشفة من الأرض يدل علي كونها أعدل من غيرها و مايقرب من وسطها لامحالة يكون أقرب إلي الاعتدال مما يكون علي أطرافها فإن الاحتراق والفجاجة اللازمين من الكيفيتين ظاهران في الطرفين انتهي .فعلي ماذكره قدس سره سكان الإقليم الرابع أعدل الناس خلقا وخلقا وأجودهم فطانة وذكاء و من ثمة كان معدن الحكماء والعلماء وبعدهم سكان الإقليمين الثالث والخامس و أماسائر الأقاليم فأكثرها ناقصون في الجبلة عما هوأفضل يدل عليه سماجة صورهم وسوء أخلاقهم وشدة احتراقهم من الحر أوفجاجتهم من البرد كالحبشة والزنج في الأول والثاني وكيأجوج ومأجوج وبعض الصقالبة في السادس والسابع و أماالآفاق التي لها عرض أقل من الربع فهي علي خمسة أقسام الأول أن يكون عرضه أقل من الميل الكلي الثاني أن يكون عرضه مساويا للميل الكلي
صفحه : 143
الثالث أن يكون عرضه مساويا لتمام الميل الكلي الرابع أن يكون عرضه أكثر من الميل وأقل من تمامه الخامس أن يكون عرضه أكثر من تمام الميل ففي جميع تلك الآفاق يكون أحد قطبي المعدل فوق الأرض مرتفعا عن الأفق بقدر عرض البلد والآخر منحطا عن الأفق بهذا المقدار وجميع تلك الآفاق ينصف معدل النهار علي زوايا قوائم فيكون دور الفلك هناك حمائليا وتقطع المدارات التي تقطعها بقطعتين مختلفتين والقسي الظاهرة للمدارات الشمالية أعظم من التي تحت الأرض وللجنوبية بالخلاف من ذلك و لايستوي الليل والنهار فيها إلا عندبلوغ الشمس نقطتي الاعتدال و ذلك في يوم النيروز والمهرجان والمساواة في بعض الأوقات تحقيقي و في بعضها تقريبي و يكون النهار أطول من الليل عندكون الشمس في البروج الشمالية و عندكونها في البروج الجنوبية الأمر بعكس ذلك وكلما كان عرض البلد أكثر كان مقدار التفاوت بين الليل والنهار أكثر و كل مدار بعده عن القطب الشمالي مثل ارتفاع القطب عن الأفق فهو بجميع ما فيه وبجميع ماتحويه دائرته إلي القطب الشمالي من الكواكب والمدارات أبدي الظهور ونظيره من ناحية الجنوب بجميع ما فيه و ماتحويه دائرته إلي القطب الجنوبي أبدي الخفاء و هذه هي الأحوال المشتركة. و أما مايختص بالقسم الأول من الأقسام الخمسة المتقدمة و هو ما يكون العرض أقل من الميل الكلي فالمدار ألذي يكون بعده عن المعدل من جهة القطب الظاهر بقدر عرض البلد يقطع منطقة البروج علي نقطتين متساويتي البعد من المنقلب فإذاوصلت الشمس إلي إحدي هاتين النقطتين لا يكون في نصف نهار هذااليوم لشيء ظل و مادامت الشمس في القوس ألذي بين تينك النقطتين في جهة القطب الظاهر يقع
صفحه : 144
الظل في أنصاف النهار إلي جهة القطب الخفي و مادامت الشمس في القوس الآخر يقع الظل في أنصاف النهار إلي جهة القطب الظاهر ولارتفاع الشمس في النقصان غايتان إحداهما من جهة القطب الظاهر و هوأكثر والأخري من جهة القطب الخفي و هوأقل و لاتكون فصول السنة في تلك الآفاق متساوية بل إذاكانت النقطتان المذكورتان متقاربتين كان صيفهم أطول من غيره لأن الشمس تسامت رءوسهم مرتين و ليس بعدها علي قدر يكون في وسطه فتور للسخونة و إن زادت علي الأربعة كما إذاكانت النقطتان متباعدتين لم تكن متشابهة لاختلاف غايتي بعدالشمس عن سمت الرأس في الجهتين بخلاف خط الاستواء لتساويهما. و أماالقسم الثاني فمدار المنقلب ألذي في جهة القطب الظاهر يمر بسمت الرأس ومدار المنقلب الآخر بسمت الرجل و لا يكون لارتفاع الشمس إلاغاية واحدة في جانب النقصان و في جانب الزيادة يكون تسعين درجة و يكون الظل أبدا عندالزوال في جهة القطب الظاهر إلا في يوم واحد حين كونها في المنقلب الظاهر فإنه لا يكون في هذااليوم عندالزوال لشيء ظل و يكون أحد قطبي فلك البروج أبدي الظهور والآخر أبدي الخفاء وارتفاعات الشمس تتزايد من أحد الانقلابين إلي الآخر ثم ترجع وتتناقص إلي أن تعود إليه وتصير فصول السنة أربعة لا غير وتكون متساوية المقادير. و أماالقسم الثالث فلاتنتهي الشمس إلي سمت الرأس و يكون لها ارتفاعان أعلي و هو ما يكون بقدر مجموع الميل الكلي وتمام عرض البلد وأسفل و هو يكون بقدر فضل تمام عرض البلد علي الميل الكلي وسائر الأحوال كمامر. و أماالقسم الرابع فيصير مدار المنقلب ألذي في جهة القطب الظاهر أبدي الظهور ومدار المنقلب الآخر أبدي الخفاء ويمر مدار قطب فلك البروج الظاهر بسمت الرأس ومدار القطب الآخر بمقابله و في كل دورة تنطبق منطقة البروج مرة علي الأفق ثم يرتفع النصف الشرقي من المنطقة دفعة عن الأفق وينحط نصفها الآخر عنه كذلك ثم يطلع النصف الخفي جزء بعدجزء في جميع أجزاء نصف الأفق الشرقي
صفحه : 145
ويغيب النصف الظاهر جزء بعدجزء كذلك في جميع نصف الأفق الغربي في مدة اليوم بليلته إلي أن يعود وضع الفلك إلي حالة الأولي ويزيد النهار في تلك الآفاق إلي أن يصير مقدار يوم بليلته نهارا كلها و ذلك عندوصول الشمس إلي المنقلب الظاهر و هذا إذااعتبر ابتداء النهار من وصول مركز الشمس إلي الأفق و إن اعتبر ابتداء النهار من ظهور الضوء واختفاء الثوابت كان نهارهم عندالوصول المذكور شهرا علي مابينه ساوذوسيوس في الرسالة التي بين فيهاحال المساكن ثم يحدث ليل في غاية القصر بحيث يتداخل الشفق والفجر ويزيد شيئا فشيئا إلي أن يصير مقدار يوم بليلته ليلة كله و بعد ذلك يحدث نهار قصير وهكذا و في هذاالقسم نهاية العمارة في جانب الشمال و لاتمكن العمارة بعده لشدة البرد. و أماالقسم الخامس فيكون فيه أعظم المدارات الأبدية الظهور قاطعا لمنطقة البروج علي نقطتين يساوي ميلهما في جهة القطب الظاهر وأعظم المدارات الأبدية الخفاء قاطعا لها علي نقطتين متقابلتين لهما فتنقسم منطقة البروج لامحالة إلي أربع قسي يتوسطها الاعتدالان والانقلابان إحداهما أبدي الظهور وهي التي يتوسطها المنقلب ألذي في جهة القطب الظاهر ومدة كون الشمس فيهانهارهم الأطول والثانية أبدي الخفاء وهي التي يتوسطها المنقلب الآخر ومدة كون الشمس فيهاليلهم الأطول و أماالقوسان الباقيتان فالتي يتوسطها أول الحمل تطلع معكوسة أي يطلع آخرها قبل أولها وتغرب مستوية أي يغرب أولها قبل آخرها إن كان القطب الظاهر شماليا وتطلع مستوية وتغرب معكوسة إن كان القطب الظاهر جنوبيا والتي يتوسطها أول الميزان يكون بالضد من ذلك ومثلوا لتصوير الطلوع والغروب المعكوسين مثالا لسهولة تصورهما تركناه مع سائر أحكام هذاالقسم لقلة الجدوي . و أماالموضع ألذي عرضه ربع الدور و هوتسعون درجة فأوضاعه غريبة جدا و ذلك لا يكون علي الأرض إلا عندموضعين يكون أحد قطبي المعدل علي سمت الرأس والآخر علي سمت القدم فتصير لامحالة دائرة معدل النهار منطبقة علي الأفق ويدور الفلك بالحركة الأولي التابعة للفلك الأعظم رحوية و لايبقي في الأفق مشرق
صفحه : 146
و لامغرب باعتبار هذه الحركة أصلا و لاباعتبار غيرها بحيث يتميز أحدهما عن الآخر في الجهة و لايتعين أيضا نصف النهار بل في جميع الجهات يمكن أن تبلغ الشمس وسائر الكواكب غاية ارتفاعها كمايمكن أن تطلع وتغرب فيهافيكون النصف من الفلك ألذي يكون من معدل النهار في جهة القطب الظاهر أبدي الظهور والنصف الآخر أبدي الخفاء والشمس مادامت في النصف الظاهر من فلك البروج يكون نهارا و مادامت في النصف الخفي منه يكون ليلا فيكون سنة كلها يوما بليلة ويفضل أحدهما علي الآخر من جهة بطء حركتها وسرعتها و هوتقريبا سبعة أيام بلياليها من أيامنا ففي هذه الأزمنة يزيد نهاره عن ليله بمثل هذه المدة و هذا إذااعتبر النهار من طلوع الشمس إلي غروبها و أما إذا كان النهار من ظهور ضوئها واختفاء الثوابت إلي ضدهما فيكون نهارهم أكثر من سبعة أشهر بسبعة أيام وليلهم قريبا من خمسة أشهر إذ من ظهور ضوء الشمس إلي طلوعها خمسة عشر يوما وكذا من غروبها إلي اختفاء الضوء علي ماحققه ساوذوسيوس و أما إذا كان النهار من طلوع الصبح إلي غروب الشفق فكان نهارهم سبعة أشهر وسبعة عشر يوما من أيامنا تقريبا. و قال المحقق الطوسي قدس سره و يكون مدة غروب الشفق أوطلوع الصبح في خمسين يوما من أيامنا و يكون غاية ارتفاع الشمس وغاية انحطاطه بقدر غاية الميل وأظلال المقاييس تفعل دوائر متوازية بالتقريب علي مركز أصل المقياس أصغرها إذاكانت الشمس في المنقلب الظاهر وأعظمها إذاكانت عندالأفق بقرب الاعتدالين و لا يكون لشيء من الكواكب طلوع و لاغروب بالحركة الأولي بل يكون طلوعها وغروبها بالحركة الثانية المختصة بكل منها لا في موضع بعينه من الأفق و يكون للكواكب التي يكون عرضها من منطقة البروج ينقص من الميل الكلي طلوع وغروب بالحركة الخاصة وتختلف مدة الظهور والخفاء بحسب بعدمدارها عن منطقة البروج وقربها إليه فما كان مداره أبعد عنها في جهة القطب الظاهر كان زمان ظهوره أكثر من زمان ظهور مامداره أقرب منها في هذه الجهة وينعكس الحكم في
صفحه : 147
الجهة الأخري والكواكب التي عرضها مساو للميل كله تماس الأفق في دور واحد من الحركة الثانية مرة واحدة إما من فوق وإما من تحت و لا يكون لها و لاللتي يزيد عرضها في أحد جانبي فلك البروج علي الميل الكلي طلوع و لاغروب بل تكون إما ظاهرة أبدا وإما خفية أبدا.الفائدة الثالثة قالوا السبب الأكثري في تولد الأحجار والجبال عمل الحرارة في الطين اللزج بحيث يستحكم انعقاد رطبه بيابسه بإذن الله تعالي و قدينعقد الماء السيال حجرا إما لقوة معدنية محجرة أولأرضية غالبة علي ذلك الماء فإذاصادف الحر العظيم طينا كثير الرخا إما دفعة وإما علي مرور الأيام تكون الحجر العظيم فإذاارتفع بأن يجعل الزلزلة العظيمة طائفة من الأرض تلا من التلال أويحصل من تراكم عمارات تخربت ثم تحجرت أو يكون الطين المتحجر مختلف الأجزاء في الصلابة والرخاوة فتنحفر أجزاؤه الرخوة بالمياه والرياح وتغور تلك الحفر بالتدريج غورا شديدا وتبقي الصلبة مرتفعة أوبغير ذلك من الأسباب فهو الجبل و قديري بعض الجبال منضودة ساقا فساقا كأنها سافات الجدار فيشبه أن يكون حدوث مادة الفوقاني بعدتحجر التحتاني و قدسأل علي كل ساف من خلاف جوهره ماصار حائلا بينه و بين الآخر و قديوجد في كثير من الأحجار عندكسرها أجزاء الحيوانات المائية فيشبه أن تكون هذه المعمورة قدكانت في سالف الدهر مغمورة في البحر فحصل الطين اللزج الكثير وتحجر بعدالانكشاف ولذلك كثر الجبال و يكون انحفار مابينها بأسباب تقتضيه كالسيول والرياح كذا قيل و قدمر بعض الكلام فيه سابقا والحق أن الله تعالي خلقها بفضله وقدرته إما بغير أسباب ظاهرة أوبأسباب لانعلمها و هذه الأسباب المذكورة ناقصة و لوكانت هذه أسبابها فلم لايحدث من الأزمنة التي أحصي الحكماء تلك الجبال إلي تلك الأزمان جبل آخر إلا أن يقال لما كان في بدء خلق الأرض زلزلة ورجفة واضطراب عظيم في الأرض صارت أسبابا لحدوث تلك الجبال فلما حدثت استقرت الأرض وسكنت فلهذا لايحدث بعدها مثلها كمادلت عليه الآيات والأخبار.
صفحه : 148
ثم اعلم أن منافع الجبال كثيرة منها كونها أوتادا للأرض كمامر ومنها أن انبعاث العيون والسحب المستلزمة للخيرات الكثيرة منها أكثر من غيرها بل لاتنفجر العيون إلا من أرض صلبة أو من جوار أرض صلبة كما قال في الشفاء إذاتتبعت الأودية المعروفة في العالم وجدتها كلها منبعثة من عيون جبلية ومنها تكون الجواهر المعدنية منها ومنها إنباتها النباتات الكثيرة والأشجار العظيمة ومنها المغارات الحادثة فيهافإنها مأوي الحيوانات بل بعض الناس ومنها كونها أسبابا لاهتداء الخلق في طرقهم وسبلهم ومنها اتخاذ الأحجار منها للأرحية والأبنية وغيرها إلي غير ذلك من المنافع الكثيرة التي تصل عقول الخلق إلي بعضها وتعجز عن أكثرها قَالَ الصّادِقُ ع فِي خَبَرِ التّوحِيدِ ألّذِي رَوَاهُ عَنهُ المُفَضّلُ بنُ عُمَرَ انظُر يَا مُفَضّلُ إِلَي هَذِهِ الجِبَالِ المَركُومَةِ مِنَ الطّينِ وَ الحِجَارَةِ التّيِ يَحسَبُهَا الغَافِلُونَ فَضلًا لَا حَاجَةَ إِلَيهَا وَ المَنَافِعُ فِيهَا كَثِيرَةٌ فَمِن ذَلِكَ أَن يَسقُطَ عَلَيهَا الثّلُوجُ فَتَبقَي فِي قِلَالِهَا لِمَن يَحتَاجُ إِلَيهِ وَ يَذُوبُ مَا ذَابَ مِنهُ فتَجَريِ مِنهُ العُيُونُ الغَزِيرَةُ التّيِ تَجتَمِعُ مِنهَا الأَنهَارُ العِظَامُ وَ تَنبُتُ فِيهَا ضُرُوبٌ مِنَ النّبَاتِ وَ العَقَاقِيرِ التّيِ لَا يَنبُتُ مِنهَا فِي السّهلِ وَ تَكُونُ فِيهَا كُهُوفٌ وَ مَقَائِلُ لِلوُحُوشِ مِنَ السّبَاعِ العَادِيَةِ وَ يُتّخَذُ مِنهَا الحُصُونُ وَ القِلَاعُ المَنِيعَةُ لِلتّحَرّزِ مِنَ الأَعدَاءِ وَ يُنحَتُ مِنهَا الحِجَارَةُ لِلبِنَاءِ وَ الأَرحَاءِ وَ تُوجَدُ فِيهَا مَعَادِنُ لِضُرُوبٍ مِنَ الجَوَاهِرِ وَ فِيهَا خِلَالٌ أُخرَي لَا يَعرِفُهَا إِلّا المُقَدّرُ لَهَا فِي سَابِقِ عِلمِهِ
.بيان المقايل كأنه من القيلولة و في بعض النسخ بالغين المعجمة من الغيل و هوالشجر الملتف و في بعضها معاقل جمع معقل و هوالشجر الملتف .الفائدة الرابعة قالوا في علة حدوث الزلزلة والرجفة إذاغلظ البخار وبعض الأدخنة والرياح في الأرض بحيث لاينفذ في مجاريها لشدة استحصافها وتكاثفها اجتمع طالبا للخروج و لم يمكنه النفوذ فزلزلت الأرض وربما اشتدت الزلزلة
صفحه : 149
فخسفت الأرض فتخرج منه نار لشدة الحركة الموجبة لاشتعال البخار والدخان لاسيما إذاامتزجا امتزاجا مقربا إلي الدهنية وربما قويت المادة علي شق الأرض فتحدث أصوات هائلة وربما حدثت الزلزلة من تساقط عوالي وهدأت في باطن الأرض فيتموج بهاالهواء المحتقن فيتزلزل بها الأرض وقليلا ماتتزلزل بسقوط قلل الجبال عليها لبعض الأسباب و قديوجد في بعض نواحي الأرض قوة كبريتية ينبعث منها دخان و في الهواء رطوبة بخارية فيحصل من اختلاط دخان الكبريت بالأجزاء الرطبة الهوائية مزاج دهني وربما اشتعل بأشعة الكواكب وغيرها فيري بالليل شعل مضيئة. و قال شارح المقاصد قديعرض لجزء من الأرض حركة بسبب مايتحرك تحتها فيحرك مافوقه ويسمي الزلزلة و ذلك إذاتولد تحت الأرض بخار أودخان أوريح أو مايناسب ذلك و كان وجه الأرض متكاثفا عديم المسام أوضيقها جدا وحاول ذلك الخروج و لم يتمكن لكثافة الأرض تحرك في ذاته وحرك الأرض وربما شقتها لقوته و قدينفصل منه نار محرقة وأصوات هائلة لشدة المحاكة والمصاكة و قديسمع منها دوي لشدة الريح و لايوجد الزلزلة في الأراضي الرخوة لسهولة خروج الأبخرة وقلما تكون في الصيف لقلة تكاثف وجه الأرض والبلاد التي تكثر فيهاالزلزلة إذاحفرت فيهاآبار كثيرة حتي كثرت مخالص الأبخرة قلت الزلزلة و قديصير الكسوف سببا للزلزلة لفقد الحرارة الكائنة عن الشعاع دفعة وحصول البرد الحاقن للرياح في تجاويف الأرض بالتحصيف بغتة و لاشك أن البرد ألذي يعرض بغتة يفعل ما لايفعل العارض بالتدريج قال ذلك وأمثاله نقلا عن الحكماء ثم قال ولعمري إن النصوص الواردة في استناد هذه الآثار إلي القادر المختار قاطعة وطرق الهدي إلي ذلك واضحة لكن مَن لَم يَجعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِن نُورٍانتهي . و قال بعض من يدعي اقتفاء آثار الأئمة الأبرار وعدم الخروج عن مدلول الآيات والأخبار و لماكانت الأبخرة والأدخنة المحتقنة في تجاويف الأرض بمنزلة عروقها وإنما تتحرك بقوي روحانية ورد في الحديث أن الله سبحانه إذاأراد أن
صفحه : 150
يزلزل الأرض أمر الملك أن يحرك عروقها فيتحرك بأهلها و ماأشبه ذلك من العبارات علي اختلافها والعلم عند الله انتهي . وأقول قدعرفت مرارا أن تأويل النصوص والآثار والآيات والأخبار بلا ضرورة عقلية أومعارضات نقلية جرأة علي العزيز الجبار و لانقول في جميع ذلك إلا ماورد عنهم صلوات الله عليهم و ما لم تصل إليه عقولنا نرد علم ذلك إليهم
باب 33-تحريم أكل الطين و مايحل أكله منه
1- مَجَالِسُ الصّدُوقِ، عَنِ الحُسَينِ بنِ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن إِسمَاعِيلَ المنِقرَيِّ عَن جَدّهِ زِيَادِ بنِ أَبِي زِيَادٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ البَاقِرِ ع قَالَ مَن أَكَلَ الطّينَ فَإِنّهُ تَقَعُ الحِكّةُ فِي جَسَدِهِ وَ يُورِثُهُ البَوَاسِيرَ وَ يُهَيّجُ عَلَيهِ دَاءَ السّوءِ وَ يَذهَبُ بِالقُوّةِ مِن سَاقَيهِ وَ قَدَمَيهِ وَ مَا نَقَصَ مِن عَمَلِهِ فِي مَا بَينَهُ وَ بَينَ صِحّتِهِ قَبلَ أَن يَأكُلَهُ حُوسِبَ عَلَيهِ وَ عُذّبَ بِهِ
مجالس الشيخ ، عن أبيه عن الحسين بن عبيد الله الغضائري عن الصدوق إلي آخر السند مثله ثواب الأعمال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسي
مثله المحاسن ، عن علي بن الحكم مثله
2-الخِصَالُ،بِإِسنَادِهِ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ ع فِي وَصَايَا النّبِيّص
صفحه : 151
إِلَي عَلِيّ ع يَا عَلِيّ ثَلَاثٌ مِنَ الوَسوَاسِ أَكلُ الطّينِ وَ تَقلِيمُ الأَظفَارِ بِالأَسنَانِ وَ أَكلُ اللّحيَةِ
3- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي اليقَطيِنيِّ عَن عُبَيدِ اللّهِ الدّهقَانِ عَن دُرُستَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن أَبِي الحَسَنِ الأَوّلِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ أَربَعَةٌ مِنَ الوَسوَاسِ أَكلُ الطّينِ وَ فَتّ الطّينِ وَ تَقلِيمُ الأَظفَارِ بِالأَسنَانِ وَ أَكلُ اللّحيَةِ
بيان من الوسواس أي من وسوسة الشيطان أو من الشيطان المسمي بالوسواس كما قال تعالي الوَسواسِ الخَنّاسِ قال الجوهري الوسوسة حديث النفس يقال وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا بكسر الواو والوسواس بالفتح الاسم والوسواس اسم الشيطان انتهي والحاصل أنها من الأعمال الشيطانية التي يولع بهاالإنسان ويعسر عليها تركها
4- العُيُونُ، عَن أَحمَدَ بنِ زِيَادٍ الهمَدَاَنيِّ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن يَاسِرٍ قَالَ سَأَلَ بَعضُ القُوّادِ أَبَا الحَسَنِ الرّضَا ع عَن أَكلِ الطّينِ وَ قَالَ إِنّ بَعضَ جَوَارِيهِ يَأكُلنَ الطّينَ فَغَضِبَ ثُمّ قَالَ أَكلُ الطّينِ حَرَامٌ مِثلُ المَيتَةِ وَ الدّمِ وَ لَحمِ الخِنزِيرِ فَانهَهُنّ عَن ذَلِكَ
5- مَجَالِسُ ابنِ الشّيخِ، عَن وَالِدِهِ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ حَشِيشٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ فَضّالٍ عَن جَعفَرِ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ نَاجِيَةَ عَن سَعدِ بنِ سَعدٍ الأشَعرَيِّ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ سَأَلتُهُ عَنِ الطّينِ ألّذِي يَأكُلُهُ النّاسُ فَقَالَ كُلّ طِينٍ حَرَامٌ كَالمَيتَةِ وَ الدّمِ وَ مَا أُهِلّ لِغَيرِ اللّهِ بِهِ مَا خَلَا طِينَ قَبرِ الحُسَينِ ع فَإِنّهُ شِفَاءٌ مِن كُلّ دَاءٍ
الخرائج ، عن ذي الفقار بن معبد الحسني عن الشيخ أبي جعفرالطوسي عن ابن حشيش مثله
صفحه : 152
6- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ آدَمَ مِن طِينٍ فَحَرّمَ أَكلَ الطّينِ عَلَي ذُرّيّتِهِ
المحاسن ، عن الحسن بن علي مثله
7- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن أَبِي يَحيَي الواَسطِيِّ عَن رَجُلٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع الطّينُ حَرَامٌ أَكلُهُ كَلَحمِ الخِنزِيرِ وَ مَن أَكَلَهُ ثُمّ مَاتَ فِيهِ لَم أُصَلّ عَلَيهِ إِلّا طِينَ القَبرِ فَمَن أَكَلَهُ شَهوَةً لَم يَكُن فِيهِ شِفَاءٌ
بَيَانٌ رَوَاهُ الكلُيَنيِّ فِي الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ وَ ابنِ قُولَوَيهِ فِي كَامِلِ الزّيَارَةِ، عَنِ الكلُيَنيِّ وَ جَمَاعَةٍ مِن مَشَايِخِهِ بِهَذَا الإِسنَادِ وَ فِيهِمَا حَرَامٌ كُلّهُ إِلَي قَولِهِ إِلّا طِينَ القَبرِ فَإِنّ فِيهِ شِفَاءً مِن كُلّ دَاءٍ وَ مَن أَكَلَهُ بِشَهوَةٍ لَم يَكُن لَهُ فِيهِ شِفَاءٌ
وعدم صلاته ع عليه لاينافي وجوب الصلاة عليه وأمره غيره بالصلاة عليه و هذا من التأديبات الشرعية لانزجار الناس عن مثلها فإن ذلك من أبلغ التعذيرات
8- العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي بنِ المُتَوَكّلِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ الحمِيرَيِّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مِهزَمٍ عَن طَلحَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَنِ انهَمَكَ فِي أَكلِ الطّينِ فَقَد شَرِكَ فِي دَمِ نَفسِهِ
المحاسن ، عن ابن محبوب مثله بيان قال الجوهري انهمك الرجل في الأمر أي جد ولج
صفحه : 153
9- العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ عَن يَحيَي بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن أَكَلَ طِينَ الكُوفَةِ فَقَد أَكَلَ لُحُومَ النّاسِ لِأَنّ الكُوفَةَ كَانَت أَجَمَةً ثُمّ كَانَت مَقبَرَةً مَا حَولَهَا وَ قَد قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَكَلَ الطّينَ فَهُوَ مَلعُونٌ
بيان يدل علي عدم جواز أكل طين قبر أمير المؤمنين ع و كان هذاالتعليل لشدة حرمة خصوص طين الكوفة وحواليها ويدل علي أن طين قبر الحسين ع أيضا إذا كان من المواضع التي يظن خلط لحوم الناس وعظامهم به لايجوز أكله وأكثر المواضع القريبة سوي مااتصل بالضريح المقدس في تلك الأزمنة كذلك
10- العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي بنِ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ السعّدآَباَديِّ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي زِيَادٍ عَن جَدّهِ زِيَادٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع إِنّ مِن عَمَلِ الوَسوَسَةِ وَ أَكثَرِ مَصَائِدِ الشّيطَانِ أَكلَ الطّينِ إِنّ أَكلَ الطّينِ يُورِثُ السّقمَ فِي الجَسَدِ وَ يُهَيّجُ الدّاءَ وَ مَن أَكَلَ الطّينَ فَضَعُفَت قُوّتُهُ التّيِ كَانَت قَبلَ أَن يَأكُلَهُ وَ ضَعُفَ عَن عَمَلِهِ ألّذِي كَانَ يَعمَلُهُ قَبلَ أَن يَأكُلَهُ حُوسِبَ عَلَي مَا بَينَ ضَعفِهِ وَ قُوّتِهِ وَ عُذّبَ عَلَيهِ
ثواب الأعمال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم مثله المحاسن ، عن علي بن الحكم
مثله بيان في الكافي وغيره عن إسماعيل بن محمد عن جده زياد بن أبي زياد و في
صفحه : 154
الكافي أن التمني عمل الوسوسة وأكثر مكايد الشيطان و كان ما في سائر النسخ أظهر و في المحاسن أكبر بالباء الموحدة
11- كَامِلُ الزّيَارَةِ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن عُبَادَةَ بنِ سُلَيمَانَ عَن سَعدِ بنِ سَعدٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ ع عَنِ الطّينِ قَالَ فَقَالَ أَكلُ الطّينِ حَرَامٌ مِثلُ المَيتَةِ وَ الدّمِ وَ لَحمِ الخِنزِيرِ إِلّا طِينَ قَبرِ الحُسَينِ ع فَإِنّ فِيهِ شِفَاءً مِن كُلّ دَاءٍ وَ أَمناً مِن كُلّ خَوفٍ
12- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ يَعقُوبَ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ فَضّالٍ عَن أَبِيهِ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَحَدِهِمَا ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ آدَمَ مِنَ الطّينِ فَحَرّمَ الطّينَ عَلَي وُلدِهِ قَالَ فَقُلتُ مَا تَقُولُ فِي طِينِ قَبرِ الحُسَينِ ع فَقَالَ يَحرُمُ عَلَي النّاسِ أَكلُ لُحُومِهِم وَ يَحِلّ لَهُم أَكلُ لُحُومِنَا وَ لَكِنّ الشيّءَ مِنهُ مِثلُ الحِمّصَةِ
13- وَ مِنهُ،روُيَِ عَن سَمَاعَةَ بنِ مِهرَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كُلّ طِينٍ مُحَرّمٌ عَلَي ابنِ آدَمَ مَا خَلَا طِينَ قَبرِ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع مَن أَكَلَهُ مِن وَجَعٍ شَفَاهُ اللّهُ
14- المَحَاسِنُ، عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن طَلحَةَ بنِ يَزِيدَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَكلُ الطّينِ يُورِثُ النّفَاقَ
15- وَ مِنهُ، عَنِ النوّفلَيِّ عَنِ السكّوُنيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَكَلَ الطّينَ فَمَاتَ فَقَد أَعَانَ عَلَي نَفسِهِ
16- وَ مِنهُ، عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ القَدّاحِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ قِيلَ لعِلَيِّ ع فِي رَجُلٍ يَأكُلُ الطّينَ فَنَهَاهُ وَ قَالَ لَا تَأكُلهُ فَإِنّكَ إِن أَكَلتَهُ وَ مِتّ فَقَد أَعَنتَ عَلَي نَفسِكَ
صفحه : 155
17- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن كُلثُمَ بِنتِ مُسلِمٍ قَالَت ذُكِرَ الطّينُ عِندَ أَبِي الحَسَنِ ع فَقَالَ أَ تَرَينَ أَنّهُ لَيسَ مِن مَصَائِدِ الشّيطَانِ إِنّهُ مِن مَصَائِدِهِ الكِبَارِ وَ أَبوَابِهِ العِظَامِ
18- المَكَارِمُ، سُئِلَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع عَن طِينِ الأرَمنَيِّ أَ يُؤخَذُ لِلكَسِيرِ وَ المَبطُونِ أَ يَحِلّ أَخذُهُ قَالَ لَا بَأسَ بِهِ أَمَا إِنّهُ مِن طِينِ قَبرِ ذيِ القَرنَينِ وَ طِينُ قَبرِ الحُسَينِ ع خَيرٌ مِنهُ
المتهجد، عن محمد بن جمهور العمي عن بعض أصحابه عنه ع مثله دعوات الراوندي، عنه ع
مثله
19- وَ رَوَي سَدِيرٌ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ مَن أَكَلَ طِينَ قَبرِ الحُسَينِ ع غَيرَ مُستَشفٍ بِهِ فَكَأَنّمَا أَكَلَ مِن لُحُومِنَا
20- طِبّ الأَئِمّةِ، عَن بِشرِ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ الأنَصاَريِّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الوَشّاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّ رَجُلًا شَكَا إِلَيهِ الزّحِيرَ فَقَالَ لَهُ خُذ مِنَ الطّينِ الأرَمنَيِّ وَ اقلِهِ بِنَارٍ لَيّنَةٍ وَ استَشفِ مِنهُ فَإِنّهُ يَسكُنُ عَنكَ
21- وَ عَنهُ ع أَنّهُ قَالَ فِي الزّحِيرِ تَأخُذُ جُزءاً مِن خَربَقٍ أَبيَضَ وَ جُزءاً مِن بِزرِ القَطُونَا وَ جُزءاً مِن صَمغٍ عرَبَيِّ وَ جُزءاً مِنَ الطّينِ الأرَمنَيِّ يُقلَي بِنَارٍ لَيّنَةٍ يُستَشفَ مِنهُ
22-كَامِلُ الزّيَارَةِ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ عَنِ الحَسَنِ بنِ سَعِيدٍ عَن عَبدِ اللّهِ الأَصَمّ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي حَدِيثِهِ أَنّهُ سُئِلَ عَن طِينِ الحَائِرِ هَل فِيهِ
صفحه : 156
شَيءٌ مِنَ الشّفَاءِ فَقَالَ يُستَشفَي مَا بَينَهُ وَ بَينَ القَبرِ عَلَي رَأسِ أَربَعَةِ أَميَالٍ وَ كَذَلِكَ قَبرُ جدَيّ رَسُولِ اللّهِص وَ كَذَلِكَ طِينُ قَبرِ الحَسَنِ وَ عَلِيّ وَ مُحَمّدٍ فَخُذ مِنهَا فَإِنّهَا شِفَاءٌ مِن كُلّ دَاءٍ وَ سُقمٍ وَ جُنّةٌ مِمّا تَخَافُ وَ لَا يَعدِلُهَا شَيءٌ مِنَ الأَشيَاءِ ألّذِي يُستَشفَي بِهَا إِلّا الدّعَاءُ وَ إِنّمَا يُفسِدُهَا مَا يُخَالِطُهَا مِن أَوعِيَتِهَا وَ قِلّةُ اليَقِينِ لِمَن يُعَالِجُ بِهَا وَ ذَكَرَ الحَدِيثَ إِلَي أَن قَالَ وَ لَقَد بلَغَنَيِ أَنّ بَعضَ مَن يَأخُذُ مِنَ التّربَةِ شَيئاً يَستَخِفّ بِهَا حَتّي إِنّ بَعضَهُم يَضَعُهَا فِي مِخلَاةِ البَغلِ وَ الحِمَارِ وَ فِي وِعَاءِ الطّعَامِ وَ الخُرجِ فَكَيفَ يسَتشَفيِ بِهِ مَن هَذَا حَالُهُ عِندَهُ
بيان أقول قَالَ الشّيخُ البهَاَئيِّ قَدّسَ اللّهُ رُوحَهُ فِي الكَشكُولِ مِمّا نَقَلَهُ جدَيّ مِن خَطّ السّيّدِ الجَلِيلِ الطّاهِرِ ذيِ المَنَاقِبِ وَ المَفَاخِرِ السّيّدِ رضَيِّ الدّينِ عَلِيّ بنِ طَاوُسٍ قُدّسَ سِرّهُ مِنَ الجُزءِ الثاّنيِ مِن كِتَابِ الزّيَارَاتِ لِمُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ دَاوُدَ القمُيّّ أَنّ أَبَا حَمزَةَ الثمّاَليِّ قَالَ لِلصّادِقِ ع إنِيّ رَأَيتُ أَصحَابَنَا يَأخُذُونَ مِن طِينِ قَبرِ الحُسَينِ ع يَستَشفُونَ فَهَل فِي ذَلِكَ شَيءٌ مِمّا يَقُولُونَ مِنَ الشّفَاءِ فَقَالَ يُستَشفَي مَا بَينَهُ وَ بَينَ القَبرِ عَلَي رَأسِ أَربَعَةِ أَميَالٍ وَ كَذَلِكَ قَبرُ رَسُولِ اللّهِص وَ كَذَلِكَ قَبرُ الحَسَنِ وَ عَلِيّ وَ مُحَمّدٍ فَخُذ مِنهَا فَإِنّهَا شِفَاءٌ مِن كُلّ سُقمٍ وَ جُنّةٌ مِمّا يُخَافُ ثُمّ أَمَرَ بِتَعظِيمِهَا وَ أَخذِهَا بِاليَقِينِ بِالبُرءِ وَ تَخَتّمِهَا إِذَا أُخِذَت
انتهي . وأقول هذاالخبر بهذين السندين يدل علي جواز الاستشفاء بطين قبر الرسول ص وسائر الأئمة ع و لم يقل به أحد من الأصحاب ومخالف لسائر الأخبار عموما وخصوصا ويمكن حمله علي الاستشفاء بغير الأكل كحملها والتمسح بها وأمثال ذلك والمراد بعلي إما أمير المؤمنين أوالسجاد وبمحمد الباقر ع ويحتمل الرسول ص تأكيدا و إن كان بعيدا
23- المُتَهَجّدُ، عَن حَنَانِ بنِ سَدِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ مَن أَكَلَ طِينَ قَبرِ الحُسَينِ ع غَيرَ مُستَشفٍ بِهِ فَكَأَنّمَا أَكَلَ مِن لُحُومِنَا الحَدِيثَ
صفحه : 157
24- قَالَ وَ روُيَِ أَنّ رَجُلًا سَأَلَ الصّادِقَ ع فَقَالَ إنِيّ سَمِعتُكَ تَقُولُ إِنّ تُربَةَ الحُسَينِ ع مِنَ الأَدوِيَةِ المُفرَدَةِ وَ إِنّهَا لَا تَمُرّ بِدَاءٍ إِلّا هَضَمَتهُ فَقَالَ قَد قُلتُ ذَلِكَ فَمَا بَالُكَ قُلتُ إنِيّ تَنَاوَلتُهَا فَمَا انتَفَعتُ بِهَا قَالَ أَمَا إِنّ لَهَا دُعَاءً فَمَن تَنَاوَلَهَا وَ لَم يَدعُ بِهِ وَ استَعمَلَهَا لَم يَكَد يَنتَفِعُ بِهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ مَا يَقُولُ إِذَا تَنَاوَلَهَا قَالَ تُقَبّلُهَا قَبلَ كُلّ شَيءٍ وَ تَضَعُهَا عَلَي عَينَيكَ وَ لَا تَنَاوَلُ أَكثَرَ مِن حِمّصَةٍ فَإِنّ مَن تَنَاوَلَ أَكثَرَ مِن ذَلِكَ فَكَأَنّمَا أَكَلَ مِن لُحُومِنَا وَ دِمَائِنَا فَإِذَا تَنَاوَلتَ فَقُل وَ ذَكَرَ الدّعَاءَ
25- العُيُونُ، عَن تَمِيمِ بنِ عَبدِ اللّهِ القرُشَيِّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ الأنَصاَريِّ عَن سُلَيمَانَ بنِ جَعفَرٍ البصَريِّ عَن عَمرِو بنِ وَاقِدٍ عَنِ المُسَيّبِ بنِ زُهَيرٍ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع أَنّهُ أَخبَرَهُ بِمَوتِهِ وَ دَفنِهِ وَ قَالَ لَا تَرفَعُوا قبَريِ فَوقَ أَربَعِ أَصَابِعَ مُفَرّجَاتٍ وَ لَا تَأخُذُوا مِن ترُبتَيِ شَيئاً لِتَبَرّكُوا بِهِ فَإِنّ كُلّ تُربَةٍ لَنَا مُحَرّمَةٌ إِلّا تُربَةَ جدَيَّ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ ع فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ جَعَلَهَا شِفَاءً لِشِيعَتِنَا وَ أَولِيَائِنَا الخَبَرَ
26- كَامِلُ الزّيَارَةِ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَالِمٍ عَن محَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ حَمّادٍ عَنِ الأَصَمّ عَن مُدلِجٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ فِي حَدِيثٍ أَنّهُ كَانَ مَرِيضاً فَبَعَثَ إِلَيهِ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ فَكَأَنّمَا نَشِطَ من عِقَالٍ فَدَخَلَ عَلَيهِ فَقَالَ كَيفَ وَجَدتَ الشّرَابَ فَقَالَ لَقَد كُنتُ آيِساً مِن نفَسيِ شَرِبتُهُ فَأَقبَلتُ إِلَيكَ فَكَأَنّمَا نَشِطتُ مِن عِقَالٍ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ الشّرَابَ ألّذِي شَرِبتَهُ كَانَ فِيهِ مِن طِينِ قُبُورِ آباَئيِ وَ هُوَ أَفضَلُ مَا تسَتشَفيِ بِهِ فَلَا تَعدِل بِهِ فَإِنّا نَسقِيهِ صِبيَانَنَا وَ نِسَاءَنَا فَنَرَي مِنهُ كُلّ الخَيرِ
بيان يدل الخبر علي جواز إدخال التربة في الأدوية التي يستشفي بها و
صفحه : 158
الأحوط أن لا يكون الداخل فيما يشربه أكثر من الحمصة وإنما قلنا الأحوط في ذلك لأن في دخول التراب والطين في المأكولات مع استهلاكها فيهايشكل الحكم بالحرمة كماسنشير إليه
27- معَاَنيِ الأَخبَارِ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَنِ المعُاَذيِّ عَن مُعَمّرٍ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ مَا يرَويِ النّاسُ فِي الطّينِ وَ كَرَاهَتِهِ قَالَ إِنّمَا ذَلِكَ المَبلُولُ وَ ذَلِكَ المَدَرُ
28- وَ روُيَِ أَنّ رَسُولَ اللّهِص نَهَي عَن أَكلِ المَدَرِ
حدثني بذلك محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيبيان ظاهر الخبر الأول أن حرمة الطين مخصوصة بالطين المبلول دون المدر اليابس كمافهمه الصدوق ظاهرا و هذامما لم يقل به صريحا أحد ويمكن أن يحمل علي أن المعني أن المحرم إنما هوالمبلول والمدر لاغيرهما مما يستهلك في الدبس ويقع علي الثمار وسائر المطعومات و علي هذافالحصر إما إضافي بالنسبة إلي ماذكرنا أوالمراد بالمدر مايشمل التراب أيضا ويحتمل أن يكون إلزاما علي المخالفين النافين للاستشفاء بتربة الحسين ع بأن مااستدللتم من الأخبار علي تحريم الطين ظاهرها المبلول وإطلاقه علي غيره مجاز فلايمكنكم الاستدلال بها علي تحريم التراب والمدر و علي التقادير الكراهة محمولة علي الحرمة و قال المحدث الأسترآبادي إنما المكروه ذاك الطين المتعارف بين الناس مبلوله ويابسه لاطين الحسين ع انتهي . وأقول مع قطع النظر عن الشهرة بين الأصحاب بل إجماعهم علي تعميم التحريم لم يبعد القول بتخصيصه بالمبلول إذ الظاهر أن الطين في اللغة حقيقة في المبلول وأكثر الأخبار إنما ورد بلفظ الطين و هذاالخبر ظاهره الاختصاص و قال الراغب في المفردات الطين التراب والماء المختلط به و قديسمي بذلك و إن زال عنه قوة الماء انتهي لكن استثناء طين الحسين ع منه مما يؤيد التعميم فإنه معلوم
صفحه : 159
أنه ليس الاستشفاء بخصوص المبلول بل الغالب عدمه و علي أي حال لامحيص عن العمل بما هوالمشهور في ذلك . قال المحقق الأردبيلي قدس سره الظاهر أنه لاخلاف في تحريم الطين وظاهر اللفظ عرفا ولغة أنه تراب مخلوط بالماء ويؤيده صحيحة معمر بن خلاد وذكر الخبر ثم قال و هذه تدل علي أنه بعداليبوسة أيضا حرام و لايشترط بقاء الرطوبة ولكن لابد أن يكون ممتزجا فلايحرم غير ذلك للأصل والعمومات وحصر المحرمات والمشهور بين المتفقهة أنه يحرم التراب و الأرض كلها حتي الرمل والأحجار قال في المسالك المراد به مايشمل التراب والمدر لما فيه من الإضرار بالبدن والضرر مطلقا غيرواضح ولعل وجه المشهور أنه إذا كان الطين حراما و ليس فيه إلاالماء والتراب ومعلوم عدم تحريم الماء و لامعني لتحريم شيءبسبب انضمام محلل فلو لم يكن التراب محرما لم يكن الطين كذلك وإنما التراب جزء الأرض فيكون كلها حراما و فيه تأمل واضح فتأمل و لاتترك الاحتياط انتهي . وأقول الوجه ألذي حمل الخبر عليه غير ماذكرنا و مع احتمال تلك الوجوه بل أظهرية بعضها يشكل الاستدلال بهذا الوجه ثم الحكم بتحريم ماسوي الطين والتراب من أجزاء الأرض كالحجارة والياقوت والزبرجد وأنواع المعادن مما لاوجه له والآيات والأخبار دالة علي أن الأصل في الأشياء الحل و لم يرد خبر بتحريم هذه الأشياء وقياسها علي التراب باطل و أماالمستثني منه و هوحل طين قبر الحسين ع فالظاهر أنه لاخلاف في حله في الجملة وإنما الكلام في شرائطه وخصوصياته ولنشر إليها و إلي بعض الأحكام المستفادة من الأخبار الأول المكان ألذي يؤخذ منه التربة ففي بعض الأخبار طين القبر وهي تدل ظاهرا علي أنها التربة المأخوذة من المواضع القريبة مما جاور القبر و في بعضها طين حائر الحسين ع فيدل علي جواز أخذه من جميع الحائر وعدم دخول ماخرج منه و في بعضها عشرون ذراعا مكسرة و هوأضيق و في بعضها خمسة وعشرون ذراعا من كل جانب من جوانب القبر و في بعضها تؤخذ طين قبر الحسين ع من
صفحه : 160
عندالقبر علي سبعين ذراعا و في بعضها فيه شفاء و إن أخذ علي رأس ميل و في بعضها البركة من قبره ع علي عشرة أميال و في بعضها حرم الحسين ع فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر و في بعضها حرمه ع خمس فراسخ في أربع جوانبه وجمع الشيخ ره و من تأخر عنه بينها بالحمل علي اختلاف مراتب الفضل وتجويز الجميع و هوحسن والأحوط في الأكل أن لايجاوز الميل بل السبعين وكلما كان أقرب كان أحوط وأفضل قال المحقق الأردبيلي طيب الله تربته و أماالمستثني فالمشهور أنه تربة الحسين ع فكل مايصدق عليه التربة يكون مباحا ومستثني و في بعض الروايات طين قبر الحسين ع فالظاهر أن ألذي يؤخذ من القبر الشريف حلال و لما كان الظاهر عدم إمكان ذلك دائما فيمكن دخول ماقرب منه وحواليه فيه أيضا ويؤيده ماورد في بعض الأخبار طين الحائر و في بعض علي سبعين ذراعا و في بعض علي عشرة أميال انتهي .الثاني شرائط الآخذ فقد ورد في بعض الأخبار شرائط كثيرة من الغسل والصلاة والدعاء ولوزن المخصوص كماسيأتي في كتاب المزار إن شاء الله تعالي و لما كان أكثر الأخبار الواردة في ذلك خالية عن ذكر هذه الشروط والآداب فالظاهر أنها من مكملات فضلها وتأثيرها و لايشترط الحل بها كما هوالمشهور بين الأصحاب قال المحقق الأردبيلي ره الأخبار في جواز أكلها للاستشفاء كثيرة والأصحاب مطبقون عليه وهل يشترط أخذه بالدعاء وقراءةإِنّا أَنزَلناهُظاهر بعض الروايات في كتب المزار ذلك بل مع شرائط أخري حتي ورد أنه قال شخص إني أكلت و ماشفيت فقال ع له افعل كذا وكذا وورد أيضا أن له غسلا وصلاة خاصة والأخذ علي وجه خاص وربطه وختمه بخاتم يكون نقشه كذا و يكون أخذه مقدارا خاصا ويحتمل أن يكون ذلك لزيادة الشفاء وسرعته وتبقيته لامطلقا فيكون مطلقا جائزا كما هوالمشهور و في كتب الفقه مسطور.الثالث مايؤكل له و لاريب في أنه يجوز للاستشفاء من مرض حاصل و إن
صفحه : 161
ظن إمكان المعالجة بغيره من الأدوية والظاهر الأمراض الجسمانية أي مرض كان وربما يوسع بحيث يشمل الأمراض الروحانية و فيه إشكال و أماالأكل بمحض التبرك فالظاهر عدم الجواز للتصريح به في بعض الأخبار وعموم بعضها لكن ورد في بعض الأخبار جواز إفطار العيد به وإفطار يوم عاشوراء أيضا به وجوزه فيهما بعض الأصحاب و لايخلو من قوة والاحتياط في الترك إلا أن يكون له مرض يقصد الاستشفاء به أيضا قال المحقق الأردبيلي ره و لابد أن يكون بقصد الاستشفاء و إلافيحرم و لم يحصل له الشفاء كما في رواية أبي يحيي ويدل عليه غيرها أيضا و قدنقل أكله يوم عاشوراء بعدالعصر وكذا الإفطار بها يوم العيد و لم تثبت صحته فلايؤكل إلاللشفاء انتهي و قال ابن فهد قدس سره ذهب ابن إدريس إلي تحريم التناول إلا عندالحاجة وأجاز الشيخ في المصباح الإفطار عليه في عيد الفطر وجنح العلامة إلي قول ابن إدريس لعموم النهي عن أكل الطين مطلقا وكذا المحقق في النافع ثم قال يحرم التناول إلا عندالحاجة عند ابن إدريس ويجوز علي قصد الاستشفاء والتبرك و إن لم يكن هناك ضرورة عندالشيخ .الرابع المقدار المجوز للأكل والظاهر أنه لايجوز التجاوز في كل مرة عن قدر الحمصة و إن جاز التكرار إذا لم يحصل الشفاء بالأول و قدمر التصريح بهذا المقدار في الأخبار و كان الأحوط عدم التجاوز عن مقدار عدسة لِمَا رَوَاهُ الكلُيَنيِّ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع إِنّ النّاسَ يَروُونَ أَنّ النّبِيّص قَالَ إِنّ العَدَسَ بَارَكَ عَلَيهِ سَبعُونَ نَبِيّاً فَقَالَ هُوَ ألّذِي تُسَمّونَهُ عِندَكُمُ الحِمّصَ وَ نَحنُ نُسَمّيهِ العَدَسَ
وَ فِي الصّحِيحِ عَن رِفَاعَةَ عَنهُ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَمّا عَافَي أَيّوبَ ع نَظَرَ إِلَي بنَيِ إِسرَائِيلَ قَدِ ازدَرَعَت فَرَفَعَ طَرفَهُ إِلَي السّمَاءِ فَقَالَ إلِهَيِ وَ سيَدّيِ عَبدُكَ أَيّوبُ المُبتَلَي عَافَيتَهُ وَ لَم يَزدَرِع شَيئاً وَ هَذَا لبِنَيِ إِسرَائِيلَ زَرعٌ فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِ يَا أَيّوبُ خُذ مِن سُبحَتِكَ كَفّاً فَابذُرهُ وَ كَانَت سُبحَتُهُ فِيهَا مِلحٌ فَأَخَذَ أَيّوبُ كَفّاً
صفحه : 162
مِنهَا فَبَذَرَهُ فَخَرَجَ هَذَا العَدَسُ وَ أَنتُم تُسَمّونَهُ الحِمّصَ وَ نَحنُ نُسَمّيهِ العَدَسَ
لأنهما يدلان علي أنه يطلق الحمص علي العدس أيضا فيمكن أن يكون المراد بالحمصة في تلك الأخبار العدسة لكن العدول عن الحقيقة لمحض إطلاقه في بعض الأخبار علي غيره غيرموجه مع أن ظاهر الخبرين أنهم ع كانوا يسمون الحمصة عدسة لاالعكس فتأمل وكذا فهمهما الكليني حيث أوردهما في باب الحمص لاالعدس .الخامس الطين الأرمني هل يجوز الاستشفاء به واستعماله في الأدوية فقيل نعم لأنه ورد في الأخبار المؤيدة بعمومات دلائل حل المحرمات عندالاضطرار وقيل لالعدم صلاحية تلك الأخبار لتخصيص أخبار التحريم و قدورد المنع عن التداوي بالحرام والأكثر لم يعتنوا بهذه الأخبار وجعلوا الخلاف فيه فرعا للخلاف في جواز التداوي بالحرام وعدمه ولذا ألحقوا به الطين المختوم و إن لم يرد فيه خبر قال المحقق روح الله روحه في الشرائع و في الأرمني رواية بالجواز حسنة لما فيه من المنفعة المضطر إليها و قال الشهيد الثاني نور الله ضريحه موضع التحريم في تناول الطين ما إذا لم يدع إليه حاجة فإن في بعض الطين خواص ومنافع لاتحصل في غيره فإذااضطر إليه لتلك المنفعة بإخبار طبيب عارف يحصل الظن بصدقه جاز تناول ماتدعو إليه الحاجة لعموم قوله تعالي فَمَنِ اضطُرّ غَيرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثمَ عَلَيهِ و قدوردت الرواية بجواز تناول الأرمني و هوطين مخصوص يجلب من أرمنية تترتب عليه منافع خصوصا في زمن الوباء وللإسهال وغيره مما هومذكور في كتب الطب ومثله الطين المختوم وربما قيل بالمنع لعموم مادل علي تحريم الطين و قوله ص ماجعل شفاؤكم في ماحرم عليكم و قوله ص لاشفاء في محرم وجوابه أن الأمر عام مخصوص بما ذكر و قوله ص لاضرر و لاإضرار والخبران نقول بموجبهما لأنا نمنع من تحريمه حال الضرورة والمراد مادام محرما وموضع الخلاف ما إذا لم يخف الهلاك و إلاجاز بغير إشكال انتهي وسيأتي تمام الكلام في التداوي بالحرام في بابه إن شاء الله تعالي و قال ابن فهد ره الطين الأرمني
صفحه : 163
إذادعت الضرورة إليه عينا جاز تناوله خاصة دون غيره وقيل إنه من طين قبر إسكندر والفرق بينه و بين التربة من وجوه الأول أن التربة يجوز تناولها لطلب الاستشفاء من الأمراض و إن لم يصفها الطبيب بل و إن حذر منها والأرمني لايجوز تناوله إلا أن يكون موصوفا الثاني أن التربة لايتجاوز منها قدر الحمصة و في الأرمني يباح القدر ألذي تدعو إليه الحاجة و إن زاد عن ذلك الثالث أن التربة محترمة لايجوز تقريبها من النجاسة و ليس كذلك الأرمني.المتهجد،يستحب صوم هذاالعشر فإذا كان يوم العاشر أمسك عن الطعام والشراب إلي بعدالعصر ثم يتناول شيئا يسيرا من التربة
29- الإِقبَالُ،رَوَينَا بِإِسنَادِنَا إِلَي مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ الكلُيَنيِّ بِإِسنَادِهِ إِلَي عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ النوّفلَيِّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ الحَسَنِ ع إنِيّ أَفطَرتُ يَومَ الفِطرِ عَلَي طِينٍ وَ تَمرٍ قَالَ لِي جَمَعتَ بَرَكَةً وَ سُنّةً
قال السيد رضي الله عنه يعني بذلك التربة المقدسة علي صاحبها السلام
30- دَعَائِمُ الإِسلَامِ، عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ نَهَي عَن أَكلِ الطّينِ وَ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ آدَمَ مِن طِينٍ فَحَرّمَ أَكلَ الطّينِ عَلَي ذُرّيّتِهِ وَ مَن أَكَلَ الطّينَ فَقَد أَعَانَ عَلَي نَفسِهِ وَ مَن أَكَلَهُ فَمَاتَ لَم أُصَلّ عَلَيهِ
31- وَ قَالَ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ ع أَكلُ الطّينِ يُورِثُ النّفَاقَ
صفحه : 164
باب 43-المعادن وأحوال الجمادات والطبائع وتأثيراتها وانقلابات الجواهر وبعض النوادر
الآيات الحجروَ أَنبَتنا فِيها مِن كُلّ شَيءٍ مَوزُونٍالنحل أَ وَ لَم يَرَوا إِلي ما خَلَقَ اللّهُ مِن شَيءٍ يَتَفَيّؤُا ظِلالُهُ عَنِ اليَمِينِ وَ الشّمائِلِ سُجّداً لِلّهِ وَ هُم داخِرُونَ وَ لِلّهِ يَسجُدُ ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ مِن دابّةٍ وَ المَلائِكَةُ وَ هُم لا يَستَكبِرُونَأسري تُسَبّحُ لَهُ السّماواتُ السّبعُ وَ الأَرضُ وَ مَن فِيهِنّ وَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِ وَ لكِن لا تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُم إِنّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراًالأنبياءقُلنا يا نارُ كوُنيِ بَرداً وَ سَلاماً عَلي اِبراهِيمَ و قال تعالي وَ سَخّرنا مَعَ داوُدَ الجِبالَ يُسَبّحنَ وَ الطّيرَ وَ كُنّا فاعِلِينَ وَ عَلّمناهُ صَنعَةَ لَبُوسٍ لَكُم لِتُحصِنَكُم مِن بَأسِكُم فَهَل أَنتُم شاكِرُونَ وَ لِسُلَيمانَ الرّيحَ عاصِفَةً تجَريِ بِأَمرِهِ إِلي الأَرضِ التّيِ بارَكنا فِيهاالحج أَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يَسجُدُ لَهُ مَن فِي السّماواتِ وَ مَن فِي الأَرضِ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ وَ النّجُومُ وَ الجِبالُ وَ الشّجَرُ وَ الدّوَابّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقّ عَلَيهِ العَذابُسبأوَ لَقَد آتَينا داوُدَ مِنّا فَضلًا يا جِبالُ أوَبّيِ مَعَهُ وَ الطّيرَ وَ أَلَنّا لَهُ الحَدِيدَ إلي قوله تعالي وَ أَسَلنا لَهُ عَينَ القِطرِ
صفحه : 165
فاطرإِنّ اللّهَ يُمسِكُ السّماواتِ وَ الأَرضَ أَن تَزُولا وَ لَئِن زالَتا إِن أَمسَكَهُما مِن أَحَدٍ مِن بَعدِهِ إِنّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراًص إِنّا سَخّرنَا الجِبالَ مَعَهُ يُسَبّحنَ باِلعشَيِّ وَ الإِشراقِ و قال سبحانه فَسَخّرنا لَهُ الرّيحَ تجَريِ بِأَمرِهِ رُخاءً حَيثُ أَصابَالحديدوَ أَنزَلنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأسٌ شَدِيدٌ وَ مَنافِعُ لِلنّاسِ وَ لِيَعلَمَ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِالغَيبِ إِنّ اللّهَ قوَيِّ عَزِيزٌتفسيرأَ وَ لَم يَرَوا إِلي ما خَلَقَ اللّهُ مِن شَيءٍقيل استفهام إنكار أي قدرأوا أمثال هذه الصنائع فما بالهم لم يتفكروا ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه و ماموصولة مبهمة بيانهايَتَفَيّؤُا ظِلالُهُ أي أ و لم ينظروا إلي المخلوقات التي لها ظلال متفيئةعَنِ اليَمِينِ وَ الشّمائِلِ أي عن أيمانها وشمائلها أي جانبي كل واحد منها استعارة عن يمين الإنسان وشماله ولعل توحيد اليمين وجمع الشمائل لاعتبار اللفظ والمعني كتوحيد الضمير في ظِلالُهُ وجمعه في قوله سُجّداً لِلّهِ وَ هُم داخِرُونَ وهما حالان عن الضمير في ظِلالُهُ والمراد من السجود الانقياد والاستسلام سواء كان بالطبع أوبالاختيار يقال سجدت النخلة إذامالت لكثرة الحمل وسجد البعير إذاطأطأ رأسه ليركب و قال الشاعر
ري الأكم فيهاسجدا للحوافر |
وسُجّداًحال من الظلال وَ هُم داخِرُونَ من الضمير والمعني يرجع الظلال بارتفاع الشمس وانحدارها أوباختلاف مشارقها ومغاربها بتقدير الله تعالي من جانب إلي جانب منقادة لماقدر لها من التفيؤ أوواقعة علي الأرض ملتصقة بهاكهيئة الساجد والأجرام في أنفسها أيضا داخرة أي صاغرة منقادة لأفعال الله فيها وجمع داخِرُونَلأن من جملتها من يعقل أولأن الدخور من أوصاف العقلاء وقيل المراد باليمين والشمائل عن يمين الفلك و هوجانبه الشرقي لأن الكوكب يظهر منه أخذه في
صفحه : 166
الارتفاع والسطوع وشماله هوالجانب الغربي المقابل له فإن الأظلال في أول النهار تبتدئ من المشرق واقعة علي الربع الغربي من الأرض و عندالزوال يبتدئ من المغرب واقعة علي الربع الشرقي من الأرض كماذكره البيضاوي وغيره و قال بعضهم كان الحسن يقول أماظلك فيسجد لربك و أما أنت فلاتسجد لربك بئس ماصنعت و عن مجاهد ظل الكافر يصلي و هو لايصلي وقيل ظل كل شيءيسجد لله وسواء كان ذلك ساجدا لله أم لا و قال الطبرسي ره وقيل إن المراد بالظل هوالشخص بعينه قال الشاعر كان في أظلالهن الشمس أي في أشخاصهن فعلي هذا يكون تأويل الظلال في الآية تأويل الأجسام التي عنها الظلال وَ هُم داخِرُونَ أي أذلة صاغرون قدنبه الله سبحانه بهذا علي أن جميع الأشياء تخضع له بما فيها من الدلالة علي الحاجة إلي واضعها ومدبرها بما لولاه لبطلت و لم يكن لها قوام طرفة عين فهي في ذلك كالساجد من العباد بفعله الخاضع بذله انتهي و قال النيسابوري في تأويلها بعدتفسيرها بما مرإِلي ما خَلَقَ اللّهُ مِن شَيءٍ هوعالم الأجسام فإن عالم الأرواح خلق من لا شيءيَتَفَيّؤُا ظِلالُهُ فإن الأجسام ظلال الأرواح فتارة تميل بعمل أهل السعادة إلي أصحاب اليمين وأخري تميل بعمل أهل الشقاء إلي أصحاب الشمال سجدا لله منقادين لأمره مسخرين لماخلقوا لأجله وإنما وحد اليمين وجمع الشمائل لكثرة أصحاب الشمال وسجود كل موجود يناسب حالة كما أن تسبيح كل منهم يلائم لسانه انتهي . وأقول ويحتمل أن يكون المراد بظلالة مثاله علي القول بعالم المثال كمامر تحقيقه أوروحه كماعبر في الأخبار الكثيرة عن عالم الأرواح بالظلال فالمراد بالتفيؤ عن اليمين ميلهم إلي السعادة والتشبه بأصحاب اليمين وبالشمائل خلافه و هذاكلام علي سبيل الاحتمال في مقابلة ماذكروه من ذلك و الله يعلم تفسير كلامه وحججه الكرام ع وَ لِلّهِ يَسجُدُ قال الرازي قدذكرنا أن السجود علي نوعين سجود هوعبادة كسجود المسلمين لله تعالي وسجود هوعبارة عن الانقياد والخضوع ويرجع حاصل
صفحه : 167
هذاالسجود إلي أنها في أنفسها ممكنة الوجود والعدم قابلة لهما لأنه لايرجح أحد الطرفين علي الآخر إلالمرجح إذاعرفت هذافنقول من الناس من قال المراد بالسجود المذكور في هذه الآية السجود بالمعني الثاني و هوالتواضع والانقياد والدليل عليه أن اللائق بالدابّة ليس إلا هذاالسجود ومنهم من قال المراد بالسجود هاهنا هوالمعني الأول لأن اللائق بالملائكة هوالسجود بهذا المعني لأن السجود بالمعني الثاني حاصل في كل الحيوانات والنباتات والجمادات ومنهم من قال السجود لفظ مشترك بين المعنيين وحمل اللفظ المشترك لإفادة مجموع معنييه جائز فحمل لفظ السجود في هذه الآية علي الأمرين معا أما في حق الدابة فبمعني التواضع و أما في حق الملائكة فبمعني سجود المسلمين لله تعالي و هذاالقول ضعيف لأنه ثبت أن استعمال اللفظ المشترك لإفادة جميع مفهوماته معا غيرجائز قوله مِن دابّةٍ قال الأخفش يريد من الدوابّ و قال ابن عباس يريد كل مادب علي الأرض فإن قيل ماالوجه في تخصيص الدواب والملائكة بالذكر قلنا فيه وجوه الأول أنه تعالي بين في آية الظلال أن الجمادات بأسرها منقادة لله تعالي لأن أخسها الدواب وأشرفها الملائكة فلما بين في أخسها وأشرفها كونها منقادة لله تعالي و بين بهذه الآية أن الحيوانات بأسرها منقادة لله تعالي كان ذلك دليلا علي أنها بأسرها منقادة خاضعة لله تعالي . والوجه الثاني قال حكماء الإسلام الدابة اشتقاقها من الدبيب والدبيب عبارة عن الحركة الجسمانية فالدابة اسم لكل حيوان جسماني يتحرك ويدب فلما ميز الله الملائكة من الدابة علمنا أنها ليست مما يدب بل هي أرواح محضة مجردة ويمكن الجواب عنه بأن الطير بالجناح مغاير للدبيب بدليل قوله تعالي وَ ما مِن دَابّةٍ فِي الأَرضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيهِانتهي .
صفحه : 168
وأقول التخصيص بعدالتعميم أيضا شائع كعطف جبرئيل علي الملائكة كماذكره البيضاوي و ماذكره من عدم جواز استعمال المشترك في معنييه علي تقدير تسليمه لاحاجة في التعميم علي حمله علي ذلك بل يمكن حمله علي معني الانقياد والتواضع و هويشمل الانقياد لإرادته وتأثيره طبعا والانقياد لتكليفه وأمره طوعا كماحمل عليه البيضاوي و قال بعضهم هذه الآية تدل علي أن العالم كله في مقام الشهود والعبادة إلا كل مخلوق له قوة التفكر و ليس إلاالنفوس الناطقة الإنسانية والحيوانية خاصة من حيث أعيان أنفسهم لا من حيث هياكلهم فإن هياكلهم كسائر العالم في التسبيح له والسجود فأعضاء البدن كلها مسبحة ناطقة أ لاتراها تشهد علي النفوس المسخرة لها يوم القيامة من الجلود والأيدي والأرجل والألسنة والسمع والبصر وجميع القوي فَالحُكمُ لِلّهِ العلَيِّ الكَبِيرِانتهي . وأقول والأرواح والنفوس أيضا لها جهتان فمن جهة مسخرة منقادة لربها في جميع ماأراد منها و من جهة أخري عاصية مخالفة لربها بل من هذه الجهة أيضا مسخرة ساجدة خاضعة لإرادة ربها حيث أقدرها علي ماأرادت ودالة علي وجود صانعها ألذي جعلها مختارة مريدة قادرة علي الإتيان بما أرادت فهي من هذه الجهة أيضا مسبحة لربها ذاكرة لها دالة عليها منادية بلسان حالها من جهة إمكانها وحدوثها وافتقارها بأن لي ربا جعلني مريدا مختارا لحكمته وكماله وعنايته الأزلية كما قال بعض العارفين بالفارسية عين إنكار منكر إقرار است والكلام في هذاالمقام دقيق لايمكن إجراء أكثر من ذلك منه علي الأقلام ويصعب دركها علي الأفهام و قدأومأت إلي شيء منه في شرح كتاب توحيد الكافي في توضيح أخبار إرادة الله تعالي وبيان معانيها. قوله سبحانه تُسَبّحُ لَهُ السّماواتُ قال النيسابوري قالت العقلاء تسبيح الحي المكلف يكون تارة باللسان بأن يقول سبحان الله وأخري بدلالة أحواله علي وجود الصانع الحكيم وتسبيح غيره لا يكون إلا من القبيل الثاني و قدتقرر في الأصول أن اللفظ المشترك لايحمل علي معنييه معا في حالة واحدة فتعين التسبيح
صفحه : 169
هاهنا علي المعني الثاني ليشمل الكل هذا ما عليه المحققون وأورد عليه أنه لو كان المراد بالتسبيح ماذكرتم لم يقل وَ لكِن لا تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُملأن التسبيح بهذا الوجه مفقوه معلوم وأجيب بأن دلالة كل شيء علي وجود الصانع معلومة علي الإجمال دون التفصيل فإنك إذاأخذت تفاحة واحدة فلاشك أنها مركبة من أجزاء لاتتجزأ ولكن عدد تلك الأجزاء وصفة كل منها من الطبع والطعم واللون والحيز والجهة وغيرها لايعلمها إلا الله وأيضا الخطاب للمشركين وإنهم و إن كانوا مقرين بالخالق إلاأنهم أثبتوا شريكا وأنكروا قدرته علي البعث والإعادة و لم ينظروا في المعجزات الدالة علي نبوة محمدص فكأنهم لم يفقهوا التسبيح إذ لم يتوسلوا به إلي نتيجة النظر الصحيح ولهذا ختم الآية بقوله إِنّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراًحين لم يعاجلكم بالعقوبة علي غفلتكم وسوء نظركم وزعم بعض الظاهريين أن ماسوي الحي المكلف يسبح لله تعالي باللسان أيضا كل بلغته ولسانه ألذي لانعرف نحن و لانفقه وزعم أيضا أن الحيوان إذاذبح لايسبح وكذا غصن الشجرة إذاكسر فأورد عليه أن كونه جمادا لايمنع من كونه مسبحا فكيف صار ذبح الحيوان مانعا عن التسبيح وكذا كسر الغصن ويمكن أن يجاب بأن تسبيح كل شيءلعله يختص بتركيبه ألذي خلق عليه فإذابطل ذلك التركيب وفكك ذلك النظم لم يبق مسبحا مطلقا أو لا علي ذلك النحو. و قال في تأويلها لكل ذرة من ذرات الموجودات ملكوت لقوله فَسُبحانَ ألّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَيءٍ والملكوت باطن الكون و هوالآخرة والآخرة حيوان لاجماد لقوله وَ إِنّ الدّارَ الآخِرَةَ لهَيَِ الحَيَوانُفلكل ذرة لسان ملكوتي ناطق بالتسبيح والحمد تنزيها لصاحبه وحمدا له علي ماأولاه من نعمه وبهذا اللسان نطق الحصا في كف النبي ص و به تنطق الأرض يوم القيامةيَومَئِذٍ تُحَدّثُ أَخبارَها و به تنطق الجوارح أَنطَقَنَا اللّهُ ألّذِي أَنطَقَ كُلّ شَيءٍ و به نطقت
صفحه : 170
السماوات و الأرض قالَتا أَتَينا طائِعِينَإِنّهُ كانَ حَلِيماً في الأزل إذ أخرج من العدم من يكفر به ويجحده غَفُوراًلمن تاب عن كفره .قُلنا يا نارُ كوُنيِ بَرداً قال الطبرسي هذامثل فإن النار جماد لايصح خطابه والمراد أناجعلنا النار بردا عليه وسلامة لايصيبه من أذاها شيء كما قال سبحانه كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ والمعني أنه صيرهم كذلك لا أنه خاطبهم وأمرهم بذلك وقيل يجوز أن يتكلم الله سبحانه بذلك و يكون ذلك صلاحا للملائكة ولطفا لهم وذكر في كون النار بردا وسلاما علي ابراهيم وجوها أحدها أن الله سبحانه أحدث فيهابردا بدلا من شدة الحرارة فيهافلم تؤذه وثانيها أنه سبحانه حال بينها و بين ابراهيم فلم تصل إليه وثالثها أن الإحراق يحصل بالاعتمادات التي في النار صعدا فيجوز أن يذهب سبحانه تلك الاعتمادات و علي الجملة فعلمنا أن الله سبحانه منع النار من إحراقه و هوأعلم بتفاصيله انتهي . و قال البيضاوي انقلاب النار هواء طيبة ليس ببدع غير أنه هكذا علي خلاف المعتاد فهو إذن من معجزاته وقيل كانت النار بحالها لكنه تعالي دفع عنه أذاها كما في السمندر ويشعر به قوله عَلي اِبراهِيمَانتهي . وأقول علي مذهب الأشاعرة لاإشكال في ذلك لأنهم يقولون لامؤثر في الوجود إلا الله وإنما أجري عادته بالإحراق عندقرب شيء من النار فإذاأراد غير ذلك لايخلق الإحراق و أما عندغيرهم من القائلين بتأثير الطبائع ولزوم الصفات لها فيشكل ذلك عندهم والأولي أن يقال إحراق النار وتبريد الثلج وقتل السموم و غير ذلك من التأثيرات لماكانت مشروطة بشروط كقابلية المادة وغيرها فلم لايجوز أن تكون مشروطة بعدم تعلق إرادة القادر المختار بخلافه فإذاتعلقت
صفحه : 171
بذلك انتفي تأثيرها كما أن الله تعالي أقدر العباد علي أفعالهم لكن بشرط عدم تعلق إرادته القاهرة بخلافه ولذا ورد في الأخبار أنه لايحدث شيء في السماء و الأرض إلابإذنه سبحانه قوله تعالي وَ سَخّرنا مَعَ داوُدَ الجِبالَ يُسَبّحنَ وَ الطّيرَ قال الطبرسي ره قيل معناه سيرنا الجبال مع داود حيث سار فعبر عن ذلك بالتسبيح لما فيه من الآية العظيمة التي تدعو إلي تسبيح الله وتعظيمه وتنزيهه عن كل ما لايليق به وكذلك تسخير الطير له تسبيح يدل علي أن مسخرها قادر لايجوز عليه مايجوز علي العباد وقيل إن الجبال كانت تجاوبه بالتسبيح وكذلك الطير يسبح بالغداة والعشي معجزة له انتهي . و قال الرازي قال أصحاب المعاني يحتمل أن يكون تسبيح الجبال والطير بمثابة قوله وَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِ وتخصيص داود ع بذلك إنما كان
صفحه : 172
بسبب أنه كان يعرف ذلك ضرورة فيزداد يقينا وتعظيما و أماالمعتزلة فقالوا لوحصل الكلام في الجبل لحصل إما بفعله أوبفعل الله تعالي فيه والأول محال لأن بنية الجبل لاتحتمل الحياة والعلم والقدرة و ما لا يكون حيا عالما قادرا يستحيل منه الفعل والثاني أيضا محال لأن المتكلم عندهم من كان فاعلا للكلام لا من كان محلا له فلو كان فاعل ذلك الكلام هو الله تعالي لكان المتكلم هو الله لاالجبل فجعلوا التسبيح من السباحة وبناء التفعيل للتكثير مثل قوله يا جِبالُ أوَبّيِ مَعَهُ والحاصل سيري معه . واعلم أن مدار هذاالقول علي أن بنية الجبل لاتقبل الحياة و هذاممنوع و علي أن التكلم من فعل الله و هوأيضا ممنوع و أماالطير فلاامتناع في أن يصدر عنها الكلام ولكن اجتمعت الأمة علي أن المكلفين إما الجن والإنس أوالملائكة فيمتنع فيها أن تبلغ في العقل إلي درجة التكليف بل يكون حاله كحال الطفل في أن يؤمر وينهي و إن لم يكن مكلفا فصار ذلك معجزة من حيث جعلها في الفهم بمنزلة المراهق وأيضا دلالته علي قدرة الله و علي تنزيهه مما لايجوز فيكون القول فيه كالقول في الجبال انتهي .وَ عَلّمناهُ صَنعَةَ لَبُوسٍ لَكُم أي علمناه كيف يصنع الدروع قال قتادة أول من صنع الدروع داود وإنما كانت صفائح جعل الله سبحانه الحديد في يده كالعجين فهو أول من سردها وحلقها فجمعت الخفة والتحصين وَ لِسُلَيمانَ أي سخرنا له الرّيحَ عاصِفَةً أي شديدة الهبوب أَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يَسجُدُ لَهُلعل المراد بالسجود غاية الخضوع والانقياد الممكن من الشيء ففي الجمادات والعجم من الحيوانات يحصل منهم غاية الانقياد ألذي يتأتي منهم وكذا الملائكة وصالحو المؤمنين و أماالكفار والفجار فلما لم يتأت منهم غاية الانقياد أخرجهم و قال وَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِلأنهم و إن كانوا في الأوامر التكوينيّة منقادين فليسوا في الأوامر التكليفيّة كذلك
صفحه : 173
فالسجود محمول علي معني واحد و ليس من استعمال المشترك في معنييه كماعرفت سابقا و قال الرازي الرؤية هنا بمعني العلم و في السجود وجوه أحدها قال الزجاج أجود الوجوه في سجود هذه الأمور أنها تسجد مطيعة لله تعالي و هوكقوله فَقالَ لَها وَ لِلأَرضِ ائتِيا طَوعاً أَو كَرهاًالآيةأَن نَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُوَ إِنّ مِنها لَما يَهبِطُ مِن خَشيَةِ اللّهِإِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِوَ سَخّرنا مَعَ داوُدَ الجِبالَ والمعني أن هذه الأجسام لماكانت قابلة لجميع الأعراض التي يحدثها الله تعالي فيها من غيرامتناع البتة أشبهت الطاعة والانقياد و هوالسجود و أما قوله وَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِففيه وجوه أحدها أن السجود بالمعني ألذي ذكرناه و إن كان عاما في حق الكل إلا أن بعضهم تمرد وتكبر وترك السجود في الظاهر فهذا الشخص و إن كان ساجدا بذاته لكنه متمرد بظاهره أماالمؤمن فإنه ساجد بذاته وبظاهره فلأجل هذاالفرق حصل التخصيص بالذكر وثانيها أن نقطع قوله وَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِعما قبله ثم فيه ثلاثة أوجه الأول أن نقول تقدير الآية ولله يسجد من في السماوات و الأرض ويسجد له كثير من الناس فيكون السجود الأول بمعني الانقياد والثاني بمعني الطاعة والعبادة لئلا يلزم استعمال المشترك في معنييه جميعا الثاني أن يكون قوله وَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِمبتدأ خبره محذوف و هومثاب لأن خبر مقابله يدل عليه و هو قوله حَقّ عَلَيهِ العَذابُ والثالث أن يبالغ في تكثير المحقوقين بالعذاب فيعطف كثير علي كثير ثم يخبر عنهم حَقّ عَلَيهِ العَذابُ وثالثها من يجوز استعمال اللفظ المشترك في مفهوميه جميعا يقول إن المراد بالسجود في حق الأحياء العقلاء السجود و في حق الجمادات الانقياد فإن قيل قوله مَن فِي السّماواتِ وَ مَن فِي الأَرضِلفظ العموم فيدخل فيه الناس فلم قال مرة أخري وَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِقلنا لواقتصر علي ماتقدم لأوهم أن كل الناس يسجدون فبين أن كثيرا منهم يسجدون طوعا دون كثير منهم فإنه يمتنع عن ذلك .القول الثاني في تفسير السجود أن كل ماسوي الله تعالي فهو ممكن لذاته والممكن لذاته لايترجح وجوده علي عدمه إلا عندالانتهاء إلي الواجب لذاته كما قال
صفحه : 174
وَ أَنّ إِلي رَبّكَ المُنتَهي و كما أن الإمكان لازم للممكن حال حدوثه وبقائه فافتقاره إلي الواجب حاصل حال حدوثه وحال بقائه و هذاالافتقار الذاتي اللازم للماهية أدل علي الخضوع والتواضع من وضع الجبهة علي الأرض فإن ذلك علامة وضعية للافتقار و قديتطرق إليه الصدق والكذب أمانفس الافتقار الذاتي فإنه ممتنع التغير والتبدل فجميع الممكنات ساجدة بهذا المعني لله أي خاضعة متذللة معترفة بالفاقة إليه والحاجة إلي تخليقه وتكوينه و علي هذاتأولوا قوله وَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِ و هذاقول القفال القول الثالث أن سجود هذه الأشياء سجود ظلها كقوله تعالي يَتَفَيّؤُا ظِلالُهُالآية و هذاقول مجاهد انتهي . قوله تعالي أوَبّيِ مَعَهُ قال البيضاوي أي ارجعي معه التسبيح علي الذنب أوالنوحة و ذلك إما بخلق صوت مثل صوته فيها أوبحملها إياه علي التسبيح إذاتأمل فيها أوسيري معه حيث سار والطّيرَعطف علي محل الجبال وَ أَلَنّا لَهُ الحَدِيدَجعلناه في يده كالشمع يصرفه كيف يشاء من غيرأحماء وطرق بآلاته أوبقوةعَينَ القِطرِ أي النحاس المذاب أسال له من معدنه فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ولذلك سماه عينا و كان ذلك باليمن إِنّ اللّهَ يُمسِكُ السّماواتِ وَ الأَرضَ أَن تَزُولا أي كراهة أن تزولا فإن الممكن حال بقائه لابد له من حافظ أويمنعهما أن تزولا لأن الإمساك منع وَ لَئِن زالَتا إِن أَمسَكَهُما أي ماأمسكهمامِن أَحَدٍ مِن بَعدِهِ أي من بعد الله أو من بعدالزوال والجملة سادة مسد الجوابين و من الأولي مزيدة والثانية للابتداءإِنّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراًحيث أمسكهما وكانتا جديرتين أن تهدا هدا لأعمال العباد. قوله تعالي فِيهِ بَأسٌ شَدِيدٌ فإن آلات الحرب متخذة عنه وَ مَنافِعُ لِلنّاسِإذ ما من صنعة إلا والحديد آلتهاوَ لِيَعلَمَ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ وَ رُسُلَهُباستعمال الأسلحة
صفحه : 175
ومجاهدة الكفار والعطف علي محذوف دل عليه ماقبله فإنه حال يتضمن تعليلا أواللام صلة لمحذوف أي أنزله ليعلم الله بِالغَيبِحال من المستكن في يَنصُرُهُإِنّ اللّهَ قوَيِّ علي إهلاك من أراد إهلاكه عَزِيزٌ لايفتقر إلي نصره وإنما أمرهم بالجهاد لينتفعوا به ويستوجبوا ثواب الامتثال فيه . و قال الرازي و أماحديد ففيه البأس الشديد فإن آلات الحرب متخذة منه و فيه أيضا منافع كثيرة منها قوله تعالي وَ عَلّمناهُ صَنعَةَ لَبُوسٍ لَكُم ومنها أن مصالح العالم إما أصول وإما فروع أماالأصول فأربعة الزراعة والحياكة وبناء البيوت والسلطنة و ذلك لأن الإنسان يضطر إلي طعام يأكله وثوب يلبسه وبناء يسكن فيه والإنسان مدني بالطبع فلاتتم مصلحته إلا عنداجتماع جمع من أبناء جنسه ليشتغل كل واحد منهم بمهم خاص فحينئذ ينتظم من الكل مصالح الكل و ذلك الانتظام لابد و أن يفضي إلي المزاحمة و لابد من شخص يدفع ضرر البعض عن البعض و ذلك هوالسلطان فثبت أنه لاتنتظم مصلحة العالم إلابهذه الأصول الأربعة أماالزراعة فمحتاجة إلي الحديد و ذلك من كرب الأرض وحفرها ثم عندتكون هذه الحبوب وتولدها لابد من جزها وتنقيتها و ذلك لايتم إلابالحديد ثم لابد من خبزها و لايتم إلابالنار و لابد فيها من المقدحة الحديدية و أماالفواكه فلابد من تنظيفها من قشورها وقطعها علي الوجوه الموافقة للأكل و لايتم ذلك إلابالحديد ثم يحتاج في آلات الحياكة إلي الحديد ثم نفزع في قطع الثياب وخياطتها إلي الحديد والذهب لايقوم مقام الحديد في شيء من هذه المصالح فلو لم يوجد الذهب في الدنيا ما كان يختل شيء من مصالح الدنيا و لو لم يوجد الحديد لاختل جميع مصالح الدنيا ثم إن الحديد لماكانت الحاجة إليه شديدة جعله سهل الوجدان كثير الوجود والذهب لما قلت الحاجة إليه جعله عزيز الوجود و عند هذايظهر أثر جود الله ورحمته علي عبيده فإن كل ماكانت حاجاتهم إليه أكثر جعل وجدانه أسهل ولهذا قال بعض
صفحه : 176
الحكماء إن أعظم الأمور حاجة إليه هوالهواء فإنه لوانقطع وصوله إلي القلب لحظة مات الإنسان في الحال فلاجرم جعله الله أسهل الأشياء وجدانا وهيأ أسباب التنفس وآلاته حتي أن الإنسان يتنفس دائما بمقتضي طبعه من غيرحاجة فيه إلي تكلف عمل و بعدالهواء الماء إلا أنه لماكانت الحاجة إلي الماء أقل من الحاجة إلي الهواء جعل تحصيل الماء أشق قليلا من تحصيل الهواء و بعدالماء الطعام و لماكانت الحاجة إلي الطعام أقل من الحاجة إلي الماء جعل تحصيل الطعام أشق من تحصيل الماء ثم تتفاوت الأطعمة في درجات الحاجة والعزة فكل ماكانت الحاجة إليه أكثر كان وجدانه أسهل و كل ما كان وجدانه أعسر كانت الحاجة إليه أقل والجواهر لماكانت الحاجة إليها قليلة جدا لاجرم كانت عزيزة جدا فعلمنا أن كل شيءكانت الحاجة إليه أكثر كان وجدانه أسهل و لماكانت الحاجة إلي رحمة الله أشد من الحاجة إلي كل شيءفنرجو من رحمة الله أن يجعلها أسهل الأشياء وجدانا
1- العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ القاَساَنيِّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ عَن عَلِيّ بنِ المُعَلّي عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الخَطّابِ بنِ الفَرّاءِ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ شَكَت أَسَافِلُ الحِيطَانِ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مِن ثِقلِ أَعَالِيهَا فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهَا يَحمِلُ بَعضُكَ بَعضاً
الكافي، عن العدة عن البرقي عن ابراهيم الثقفي مثله المحاسن ، عن القاساني
مثله إلا أن فيه يحمل بعضها بعضا بيان لعل الشكاية بلسان الافتقار والاضطرار والوحي بالخطاب التكويني كماقيل في قوله تعالي وَ آتاكُم مِن كُلّ ما سَأَلتُمُوهُ أي بلسان استعداداتكم وقابلياتكم
صفحه : 177
أو يكون استعارة تمثيلية لبيان أن الله تعالي خلق الأجزاء الأرضية والترابية بحيث يلتصق بعضها ببعض و لا يكون ثقل الجميع علي الأسافل فتنهدم سريعا
2- المَحَاسِنُ، عَن عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ عَن دَاوُدَ البرَقيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَن قَولِهِ تَعَالَيوَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِ وَ لكِن لا تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُم قَالَ نَقضُ الجُدُرِ تَسبِيحُهَا
الكافي، عن العدة عن سهل بن زياد عن ابن أسباط مثله إلا أن فيه تنقض الجدر
3- المَحَاسِنُ، عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِ وَ لكِن لا تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُم قَالَ نَقضُ الجُدُرِ تَسبِيحُهَا قُلتُ نَقضُ الجُدُرِ تَسبِيحُهَا قَالَ نَعَم
4- العيَاّشيِّ، عَن أَبِي الصّلَاحِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِوَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِ قَالَ كُلّ شَيءٍ يُسَبّحُ بِحَمدِهِ وَ إِنّا لَنَرَي أَنّ تَنَقّضَ الجِدَارِ هُوَ تَسبِيحُهَا
و منه في رواية الحسين بن سعيد عنه ع مثله
5- وَ مِنهُ، عَن زُرَارَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِوَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِ قَالَ إِنّا نَرَي أَنّ تَنَقّضَ الحِيطَانِ تَسبِيحُهَا
6- وَ مِنهُ، عَن مَسعَدَةَ بنِ صَدَقَةَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ ع أَنّهُ دَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ فِدَاكَ أَبِي وَ أمُيّ إنِيّ أَجِدُ اللّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِوَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِ وَ لكِن لا تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُم فَقَالَ هُوَ كَمَا قَالَ فَقَالَ لَهُ أَ تُسَبّحُ الشّجَرَةُ اليَابِسَةُ فَقَالَ نَعَم أَ مَا سَمِعتَ خَشَبَ البَيتِ تَنَقّضَ وَ ذَلِكَ تَسبِيحُهُ فَسُبحَانَ اللّهِ عَلَي كُلّ حَالٍ
صفحه : 178
7- العِلَلُ،لِمُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ قَالَ بُكَاءُ السّمَاءِ احمِرَارُهَا مِن غَيرِ غَيمٍ وَ بُكَاءُ الأَرضِ زَلَازِلُهَا وَ تَسبِيحُ الشّجَرِ حَرَكَتُهَا مِن غَيرِ رِيحٍ وَ تَسبِيحُ البِحَارِ زِيَادَتُهَا وَ نُقصَانُهَا وَ تَسبِيحُ الشّجَرِ نُمُوّهُ وَ نُشُوؤُهُ وَ قَالَ أَيضاً ظِلّهُ يُسَبّحُ اللّهَ
بيان قدمضي من البيان في تفسير الآيات مايمكن به فهم هذه الأخبار والحاصل أن تنقض الجدار لدلالتها علي حدوث التغير فيها وفنائها نداء منها بلسان حالها علي افتقارها إلي من يوجدها ويبقيها منزها عن صفاتها المحوجة إلي ذلك وأيضا نقصانات الخلائق دلائل علي كمالات الخالق وكثراتها واختلافاتها ومضاداتها شواهد وحدانيته وانتفاء الشريك عنه والند والضد له كَمَا قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ بِتَشعِيرِهِ المَشَاعِرَ عُرِفَ أَن لَا مَشعَرَ لَهُ وَ بِتَجهِيرِهِ الجَوَاهِرَ عُرِفَ أَن لَا جَوهَرَ لَهُ وَ بِمُضَادّتِهِ بَينَ الأَشيَاءِ عُرِفَ أَن لَا ضِدّ لَهُ وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَينَ الأَشيَاءِ عُرِفَ أَن لَا قَرِينَ لَهُ
والحاصل أن جميع المصنوعات والممكنات بصفاتها ولوازمها وآثارها دالة علي صانعها وبارئها ومصورها وعلمه وحكمته شاهدة بتنزهه عن صفاتها المستلزمة للعجز والنقصان مطيعة لربها في ماخلقها له وأمرها به من مصالح عالم الكون موجه إلي ماخلقت له فسكون الأرض خدمتها وتسبيحها وصرير الماء وجريه تسبيحه وطاعته وقيام الأشجار والنباتات ونموها وجري الريح وأصواتها و هذه الأبنية وسقوطها وتحريق النار ولهبها وأصوات الصواعق وإضاءة البروق وجلاجل الرعود وجري الطيور في الجو ونغماتها كلها طاعة لخالقها وسجدة وتسبيح وتنزيه له سبحانه . قال بعض العارفين خلق الله الخلق ليوحدوه فأنطقهم بالتسبيح والثناء عليه والسجود فقال أَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يُسَبّحُ لَهُ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ الطّيرُ صَافّاتٍ كُلّ قَد عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسبِيحَهُ و قال أيضاأَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يَسجُدُ لَهُ مَن فِي السّماواتِ وَ مَن فِي
الأَرضِ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُالآية وخاطب بهاتين الآيتين نبيه ألذي أشهده ذلك ورآه فقال أَ لَم تَرَ و لم يقل أ لم تروا فإنا مارأيناه فهو لنا إيمان ولمحمدص عيان فأشهده سجود كل شيء وتواضعه لله و كل من أشهده الله ذلك ورآه دخل تحت هذاالخطاب و هذاتسبيح فطري وسجود ذاتي عن تجل تجلي لهم فأحبوه فانبعثوا إلي الثناء عليه من غيرتكليف بل اقتضاء ذاتي و هذه هي العبادة الذاتية التي أقامهم الله فيهابحكم الاستحقاق ألذي يستحقه . و في القاموس تنقض البيت تشقق فسمع له صوت و قوله بكاء السماء احمرارها أي خارجا عن العادة فإنه من علامات غضبه تعالي فكأنه يبكي علي من استحق الغضب أو علي من يستحق العباد له الغضب كماوقع بعدشهادة الحسين ع و قوله حركتها من غيرريح أي عندالزلزلة أوبالنمو فيكون مابعده تأكيدا له
8- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِوَ أَنبَتنا فِيها مِن كُلّ شَيءٍ مَوزُونٍ فَإِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَنبَتَ فِي الجِبَالِ الذّهَبَ وَ الفِضّةَ وَ الجَوهَرَ وَ الصّفرَ وَ النّحَاسَ وَ الحَدِيدَ وَ الرّصَاصَ وَ الكُحلَ وَ الزّرنِيخَ وَ أَشبَاهُ هَذِهِ لَا تُبَاعُ إِلّا وَزناً
بيان لعل المراد بالجوهر الأحجار كالياقوت والعقيق والفيروزج وأشباهها
9- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، أَ وَ لَم يَرَوا إِلي ما خَلَقَ اللّهُ مِن شَيءٍ يَتَفَيّؤُا ظِلالُهُ عَنِ اليَمِينِ وَ الشّمائِلِ سُجّداً لِلّهِ وَ هُم داخِرُونَ قَالَ تَحوِيلُ كُلّ ظِلّ خَلَقَهُ اللّهُ هُوَ سُجُودُهُ لِلّهِ لِأَنّهُ لَيسَ شَيءٌ إِلّا لَهُ ظِلّ يَتَحَرّكُ بِتَحرِيكِهِ وَ تَحوِيلُهُ سُجُودُهُ
10- وَ مِنهُ، فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِفَحَرَكَةُ كُلّ شَيءٍ تَسبِيحٌ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ
11- وَ مِنهُ، فِي قَولِهِوَ الشّجَرُ وَ الدّوَابّلَفظُ الشّجَرِ وَاحِدٌ وَ مَعنَاهُ جَمعٌ
صفحه : 180
وَ فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ أَسَلنا لَهُ عَينَ القِطرِ قَالَ الصّفرُ
12- المَنَاقِبُ لِابنِ شَهرَآشُوبَ، قَالَ قَالَ ضِبَاعُ[صَبّاحُ] بنُ نَصرٍ الهنِديِّ لِلرّضَا ع مَا أَصلُ المَاءِ قَالَ أَصلُ المَاءِ خَشيَةُ اللّهِ بَعضُهُ مِنَ السّمَاءِ وَ يَسلُكُهُ فِي الأَرضِ يَنَابِيعَ وَ بَعضُهُ مَاءٌ عَلَيهِ الأَرَضُونَ وَ أَصلُهُ وَاحِدٌ عَذبٌ فُرَاتٌ قَالَ فَكَيفَ مِنهَا عُيُونُ نِفطٍ وَ كِبرِيتٍ وَ قَارٍ وَ مِلحٍ وَ أَشبَاهِ ذَلِكَ قَالَ غَيّرَهُ الجَوهَرُ وَ انقَلَبَت كَانقِلَابِ العَصِيرِ خَمراً وَ كَمَا انقَلَبَتِ الخَمرُ فَصَارَت خَلّا وَ كَمَا يَخرُجُمِن بَينِ فَرثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً قَالَ فَمِن أَينَ أُخرِجَت أَنوَاعُ الجَوَاهِرِ قَالَ انقَلَبَت مِنهَا كَانقِلَابِ النّطفَةِ عَلَقَةً ثُمّ مُضغَةً ثُمّ خَلَقَهُ مُجتَمِعَةً مَبنِيّةً عَلَي المُتَضَادّاتِ الأَربَعِ قَالَ إِذَا كَانَتِ الأَرضُ خُلِقَت مِنَ المَاءِ وَ المَاءُ بَارِدٌ رَطبٌ فَكَيفَ صَارَتِ الأَرضُ بَارِدَةً يَابِسَةً قَالَ سُلِبَتِ النّدَاوَةُ فَصَارَت يَابِسَةً قَالَ الحَرّ أَنفَعُ أَمِ البَردُ قَالَ بَلِ الحَرّ أَنفَعُ مِنَ البَردِ لِأَنّ الحَرّ مِن حَرّ الحَيَاةِ وَ البَردَ مِن بَردِ المَوتِ وَ كَذَلِكَ السّمُومُ القَاتِلَةُ الحَارّةُ مِنهَا أَسلَمُ وَ أَقَلّ ضَرَراً مِنَ السّمُومِ البَارِدَةِ
توضيح قوله خشية الله إشارة إلي ماورد في بعض الكتب السماوية أن الله تعالي خلق أولا درة بيضاء فنظر إليها بعين الهيبة فصارت ماء ماء عليه الأرضون أي البحر الأعظم غيره الجوهر أي جوهر الأرض التي نبع منها من حر الحياة أي من جنسه لأن الروح الحيواني والحرارة الغريزية سببان للحياة وزوالهما سبب للموت و فيه إشارة إلي ماذكره الحكماء في تولد المعادن فلنذكر ماذكروه في ذلك .قالوا المركبات التي لها مزاج ثلاثة أنواع تسمي بالمواليد وهي المعادن والنباتات والحيوانات ووجه الحصر أنه إن تحقق فيه مبدأ التغذية فأما مع تحقق مبدإ الحس والحركة الإرادية فهو الحيوان أوبدونه و هوالنبات و إن لم تحقق
صفحه : 181
ذلك فيه فالمعادن و قال بعضهم وإنما قلنا مع تحقق الحس والحركة لأنه لاقطع بعدمهما في النبات والمعدن بل ربما يدعي حصول الشعور والإرادة للنبات لأمارات تدل علي ذلك مثل مايشاهد في ميل النخلة الأنثي إلي الذكر وتعشقها به بحيث لو لم تلقح منه لم تثمر وميل عروق الأشجار إلي جهة الماء وميل أغصانها في الصعود من جانب الموانع إلي الفضاء ثم ليس هذاببعيد عن القواعد الفلسفية فإن تباعد الأمزجة عن الاعتدال الحقيقي إنما هو علي غاية من التدريج فانتقاض استحقاق الصور الحيوانية وخواصها لابد أن يبلغ قبل الانتفاء إلي حد الضعف والخفاء وكذا النباتيّة ولهذا اتفقوا علي أن من المعدنيات ماوصل إلي أفق النباتية و من النباتات ماوصل إلي أفق الحيوانية كالنخلة و إليه الإشارة بقوله ص أكرموا عمتكم النخلة و قال بعضهم أخري طبقات المعادن متصلة بأولي طبقات النباتات كما أن المرجان التي هي من المعادن ينمو في قعر البحر و هوقريب من النباتات التي تنبت في فصل الربيع وتذبل وتفني سريعا وأخري طبقات النبات تتصل بأولي طبقة الحيوانات كالنخل فإنها شبيهة بالحيوان في أنها إذاغرقت في الماء أوتقطع رأسها تموت و لاتثمر كثيرا بدون اللقاح ورائحة طلعها شبيهة برائحة المني وتعشق بعضها بعضا بحيث لاتحمل إلا إذاصب فيها من طلعه ويميل بعضها إلي بعض وهي قريبة من الحيوانات المتولدة في الأراضي الندية كالخراطين وأشباهها وأخري طبقة الحيوانات تتصل بأفق الإنسان كالفيل والقردة فإنهما تتعلمان بأدني تعليم و في كثير من الصفات شبيهة بالإنسان وهي قريبة من بعض أفراد الإنسان كالسودان والأتراك الذين ليس فيهم من الإنسانية إلاالأكل والشرب والنوم والسفاد. ثم إنهم قالوا إن الأبخرة والأدخنة المحتبسة في باطن الأرض إذاكثرت يتولد منها مامر من الرجفة والزلزلة وانفجار العيون و إذا لم تكن كثيرة اختلطت علي ضروب من الاختلاطات المختلفة في الكم والكيف والمزج بحسب الأمكنة والأزمنة والإعدادات فتكون منها الأجسام المعدنية بإذن الله تعالي وهي أول مايحدث من المركبات العنصرية التامة المزاجية ثم إذاغلب البخار علي الدخان
صفحه : 182
تتولد مثل اليشم والبلور والزئبق وغيرها من الجواهر المشفة و إن غلب الدخان يتولد الملح والزاج والكبريت والنوشادر ثم من اختلاط بعض هذه مع بعض يتولد غيرها من المعادن وأصنافها خمسة لأنها إما ذائبة أو غيرذائبة والذائبة إما منطرقة أو غيرمنطرقة والغير المنطرقة إما مشتعلة أو غيرمشتعلة و غيرالذائبة أماعدم ذؤبانه لفرط الرطوبة أولفرط اليبوسة فأقسامها ذائب منطرق وذائب مشتمل وذائب غيرمنطرق و لامشتعل و غيرذائب لفرط الرطوبة و غيرذائب لفرط اليبوسة.فالذائب المنطرق هوالجسم ألذي انجمد فيه الرطب واليابس بحيث لايقدر النار علي تفريقهما مع بقاء دهنية قوية بسببها يقبل ذلك الجسم الانطراق و هوالاندفاع في السحق بانبساط يعرض للجسم في الطول والعرض قليلا دون انفصال شيء والذوبان سيلان الجسم بسبب تلازم رطبه ويابسه والمشهور من أنواع الذائب المنطرق سبعة الذهب والفضة والرصاص والأسرب والحديد والنحاس والخارصيني وقيل الخارصيني هوجوهر شبيه بالنحاس يتخذ منها مرايا لها خواص وذكر بعضهم أنه لايوجد في عهدنا و ألذي يتخذ منه المرايا ويسمي بالحديد الصيني والهفتجوش فجوهر مركب من بعض الفلزات و ليس بالخارصيني والذوبان في غيرالحديد ظاهر و أما في الحديد فيكون بالحيلة كمايعرفه أرباب الصنعة وشهدت الأمارات بأن مادة الأجساد السبعة الزئبق والكبريت واختلاف الأنواع والأصناف عائد إلي اختلاف صفاتهما واختلاطهما وتأثر أحدهما عن الآخر أماالأمارات فهي أنها سيما الرصاص يذوب إلي مثل الزئبق والزئبق ينعقد برائحة الكبريت إلي مثل الرصاص والزئبق يتعلق بهذه الأجساد و أماكيفية تكون تلك الأجساد منهما فهي أنه إذا كان الزئبق والكبريت صافيين و كان انطباخ أحدهما بالآخر تاما فإن كان الكبريت مع بقائه أبيض غيرمحترق تكونت الفضة و إن كان أحمر و فيه قوة صباغة لطيفة غير
صفحه : 183
محترقة تكون الذهب و إن كانا نقيين و في الكبريت قوة صباغة لكن وصل إليه قبل كمال النضج برد مجمد عاقد تكون الخارصيني و إن كان الزئبق نقيا والكبريت رديا فإن كان مع الرداءة فيه قوة إحراقية تكون النحاس و إن كان غيرشديد المخالطة بالزئبق بل متداخلا إياه سافا فسافا تولد الرصاص و إن كان الزئبق والكبريت رديين فإن قوي التركيب و في الزئبق تخلخل أرضي و في الكبريت إحراق تكون الحديد و إن ضعف التركيب تكون الأسرب ويسمي الرصاص الأسود قال صاحب المواقف بعدإيراد مثل هذاالتقسيم و أنت خبير بأن القسمة غيرحاصرة و أن التكون علي هذاالوجه لاسبيل فيه إلي اليقين و لايرجي له إلاالحدس والتخمين و إن سلم فتكونها علي غير هذاالوجه مما لم يقم علي امتناعه دليل كيف والمهوسون بالكيمياء لهم في الأجساد السبعة والأرواح التي تفيد الصورة الذهبية والفضية تفنن والكل عندنا للفاعل المختار من غيرإحالة علي شيءمما ذكروه انتهي . والثاني أي الذائب المشتعل هوالجسم ألذي فيه رطوبة دهنية مع يبوسة غيرمستحكم المزاج ولذلك يقوي النار علي تفريق رطبه عن يابسه و هوالاشتعال و ذلك كالكبريت المتولد من مائية تخمرت بالأرضية والهوائية تخمرا شديدا بالحرارة حتي صارت تلك المائية دهنية وانعقدت بالبرد وقيل دخانية تخمر بهابخارية تخمرا شديدا بالحر حتي حصل فيهادهنية ثم انعقدت بالبرد وكالزرنيخ و هوكذلك إلا أن الدهنية فيه أقل . والثالث أي الذائب ألذي لاينطرق و لايشتمل ماضعف امتزاج رطبه ويابسه وكثرت رطبته المنعقدة بالحر واليبس كالزاجات وتولدها من ملحية وكبريتية وحجارة و فيهاقوة بعض الأجساد الذائبة وكالأملاح وتولدها من ماء خالطه دخان حار لطيف كثير النارية وانعقد باليبس مع غلبة الأرضية الدخانية ولهذا يتخذ الملح من الرماد المحترق بالطبخ والتصفية. والرابع أي ألذي لايذوب و لاينطرق لرطوبته مااستحكم الامتزاج بين أجزائه الرطبة الغالبة والأجزاء اليابسة بحيث لا يقول النار علي تفريقهما كالزئبق و هومركب
صفحه : 184
من مائية صافية جدا خالطتها دخانية كبريتية لطيفة مخالطة شديدة بحيث لاينفصل منه سطح إلا ويغشاه من تلك اليبوسة شيءفلذلك لايعلق باليد و لاينحصر انحصارا شديدا بشكل مايحويه ومثاله قطارات الماء الواقعة علي تراب في غاية اللطافة فإنه يحيط بالقطرة سطح ترابي حاصر للماء كالغلاف له بحيث تبقي القطرة علي شكلها في وجه التراب و إذاتلاقت قطرتان منهما فربما ينخرق الغلافان ويصير الماءان في غلاف واحد وبياض الزئبق لصفاء المائية وبياض الأرضية وممازجة الهوائية. والخامس أي ألذي لايذوب و لاينطرق ليبوسة مااشتد الامتزاج بين أجزائه الرطبة والأجزاء اليابسة المستولية بحيث لايقدر النار علي تفريقهما مع إحالة البرد للمائية إلي الأرضية بحيث لاتبقي رطوبة حسية دهنية ولذا لاينطرق و لما كان تعقده باليبس لايذوب إلابالحيلة بحيث لايبقي ذلك الجوهر بخلاف الحديد المذاب و ذلك كالياقوت واللعل والزبرجد ونحو ذلك من الأحجار. ثم إن من المعادن مايتولد بالصنعة بتهيئة المواد وتكميل الاستعداد كالنوشادر والملح و إن منها مايعمل له شبيه يعسر التميز في بادئ النظر كالذهب والفضة واللعل وكثير من الأحجار المعدنية وهل يمكن أن يعمل حقيقة هذه الجواهر بالصنعة من غيرجهة الإعجاز فذهب كثير من العقلاء إلي أن تكون الذهب والفضة بالصنعة واقع ذهب ابن سينا إلي أنه لم يظهر له إمكان فضلا عن الوقوع لأن الفصول الذاتية التي بهاتصير هذه الأجساد أنواعا أمور مجهولة والمجهول لايمكن إيجاده نعم يمكن أن يعمل النحاس بصبغ الفضة والفضة بصبغ الذهب و أن يزال عن الرصاص أكثر ما فيه من النقص لكن هذه الأمور المحسوسة يجوز أن لاتكون هي الفصول بل عوارض ولوازم وأجيب بأنا لانسلم اختلاف الأجسام بالفصول والصور النوعية بل هي متماثلة لاتختلف إلابالعوارض التي يمكن زوالها بالتدبير و لوسلم فإن أريد بمجهولية الصور النوعية والفصول الذاتية أنها مجهولة من كل وجه فممنوع كيف و قدعلم أنها مباد لهذه الخواص والأعراض و إن أريد أنها مجهولة بحقائقها وتفاصيلها فلانسلم أن الإيجاد موقوف علي العلم بذلك و أنه لايكفي العلم بجميع
صفحه : 185
المواد علي وجه حصل الظن بفيضان الصور عنده لأسباب لاتعلم علي التفصيل كالحية من الشعر والعقرب من البادروج ونحو ذلك وكفي بصنعة الترياق و ما فيه من الخواص والآثار شاهدا علي إمكان ذلك نعم الكلام في الوقوع و في العلم بجميع المواد وتحصيل الاستعداد ولهذا جعل الكيمياء في اسم بلا مسمي .أقول ويظهر من بعض الأخبار تحققه لكن علم غيرالمعصوم به غيرمعلوم و من رأينا وسمعنا ممن يدعي علم ذلك منهم أصحاب خديعة وتدليس ومكر وتلبيس و لايتبعهم إلامخدوع وصرف العمر فيه لا يُسمِنُ وَ لا يغُنيِ مِن جُوعٍ
13- تَوحِيدُ المُفَضّلِ، قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع لَو فَطَنُوا طَالِبُوا الكِيمِيَاءِ لِمَا فِي العَذِرَةِ لَاشتَرَوهَا بِأَنفَسِ الأَثمَانِ وَ غَالَبُوا بِهَا
14- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن يَحيَي الحلَبَيِّ عَنِ الثمّاَليِّ قَالَ مَرَرتُ مَعَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي سُوقِ النّحَاسِ فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ هَذَا النّحَاسُ أَيشٍ أَصلُهُ فَقَالَ فِضّةٌ إِلّا أَنّ الأَرضَ أَفسَدَتهَا فَمَن قَدَرَ عَلَي أَن يُخرِجَ الفَسَادَ مِنهَا انتَفَعَ بِهَا
15- المُجَازَاتُ النّبَوِيّةِ للِرضّيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص فِي الجَبَلِ ظُهُورُهَا حِرزٌ وَ بُطُونُهَا كَنزٌ
قال السيد ره هذاالقول خارج عن طريق المجاز لأن بطون الجبل علي الحقيقة كنز وإنما أراد أن أصحابها يستخرجون منها من الأفلاذ ماتنمي به أموالهم وتحسن معه أحوالهم وظهورها حرز أراد أنها منجاة من المعاطب وملجأة عندالمهارب
16-الخَرَائِجُ،رَوَي أَحمَدُ بنُ عُمَرَ الحَلّالُ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ الحَسَنِ الثاّنيِ ع جُعِلتُ فِدَاكَ إنِيّ أَخَافُ عَلَيكَ مِن هَذَا صَاحِبِ الرّقّةِ قَالَ لَيسَ عَلَيّ مِنهُ بَأسٌ إِنّ لِلّهِ بِلَاداً تَنبُتُ الذّهَبَ قَد حَمَاهَا بِأَضعَفِ خَلقِهِ بِالذّرّ فَلَو أَرَادَتهَا الفِيَلَةُ مَا وَصَلَت إِلَيهَا
صفحه : 186
قَالَ الوَشّاءُ إنِيّ سَأَلتُ عَن هَذِهِ البِلَادِ وَ قَد سَمِعتُ الحَدِيثَ قَبلَ مسَألَتَيِ فَأُخبِرتُ أَنّهُ بَينَ البَلخِ وَ التّبّتِ وَ أَنّهَا تَنبُتُ الذّهَبَ وَ فِيهَا نَملٌ كِبَارٌ أَشبَاهُ الكِلَابِ عَلَي حلقها قلس لا[خَلقِهَا فَلَيسَ]يَمُرّ بِهَا الطّيرُ فَضلًا عَن غَيرِهِ تَكمُنُ بِاللّيلِ فِي جُحرِهَا وَ تَظهَرُ بِالنّهَارِ فَرُبّمَا غَزَوُا المَوضِعَ عَلَي الدّوَابّ التّيِ تَقطَعُ ثَلَاثِينَ فَرسَخاً فِي لَيلَةٍ لَا يُعرَفُ شَيءٌ مِنَ الدّوَابّ يَصبِرُ صَبرَهَا فَيُوقِرُونَ أَحمَالَهُم وَ يَخرُجُونَ فَإِذَا النّملُ خَرَجَت فِي الطّلَبِ فَلَا تَلحَقُ شَيئاً إِلّا قَطَعَتهُ فَتَشبَهُ بِالرّيحِ مِن سُرعَتِهَا وَ رُبّمَا شَغَلُوهُم بِاللّحمِ يَتّخِذُ لَهَا إِذَا لَحِقَتهُم يَطرَحُ لَهَا فِي الطّرِيقِ إِن لَحِقَتهُم قَطَعَتهُم وَ دَوَابّهُم
بيان الرقة بلد علي الفرات والمراد بصاحبها هارون لأنه كان في تلك الأيام فيها والقلس حبل ضخم من ليف أوخوص أوغيرهما وكأنه وصف المشبه به أي الكلاب المعلمة
17- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَمّن ذَكَرَهُ قَالَ قِيلَ لِلرّضَا ع إِنّكَ تَتَكَلّمُ بِهَذَا الكَلَامِ وَ السّيفُ يَقطُرُ دَماً فَقَالَ إِنّ لِلّهِ وَادِياً مِن ذَهَبٍ حَمَاهُ بِأَضعَفِ خَلقِهِ النّملِ فَلَو رَامَتهُ البخَاَتيِّ لَم تَصِل إِلَيهِ
18-تَوحِيدُ المُفَضّلِ، قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي هَذِهِ المَعَادِنِ وَ مَا يُخرَجُ مِنهَا مِنَ الجَوَاهِرِ المُختَلِفَةِ مِثلِ الجِصّ وَ الكِلسِ وَ الجِبسِينِ وَ الزّرَانِيخِ وَ المَرتَكِ وَ القوينا وَ الزّئبَقِ وَ النّحَاسِ وَ الرّصَاصِ وَ الفِضّةِ وَ الذّهَبِ وَ الزّبَرجَدِ وَ اليَاقُوتِ وَ الزّمُرّدِ وَ ضُرُوبِ الحِجَارَةِ وَ كَذَلِكَ مَا يُخرَجُ مِنهَا مِنَ القَارِ وَ المُومِيَا وَ الكِبرِيتِ وَ النّفطِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِمّا يَستَعمِلُهُ النّاسُ فِي مَآرِبِهِم فَهَل يَخفَي عَلَي ذيِ عَقلٍ أَنّ هَذِهِ كُلّهَا ذَخَائِرُ ذُخِرَت لِلإِنسَانِ فِي هَذِهِ الأَرضِ لِيَستَخرِجَهَا فَيَستَعمِلَهَا عِندَ الحَاجَةِ إِلَيهَا ثُمّ قَصُرَت حِيلَةُ النّاسِ عَمّا حَاوَلُوا مِن صَنعَتِهَا عَلَي حِرصِهِم وَ اجتِهَادِهِم فِي ذَلِكَ فَإِنّهُم لَو ظَفِرُوا بِمَا حَاوَلُوا مِن هَذَا العِلمِ كَانَ لَا مَحَالَةَ سَيَظهَرُ وَ يَستَفِيضُ فِي العَالَمِ حَتّي تَكثُرَ الفِضّةُ وَ الذّهَبُ وَ يَسقُطَا عِندَ النّاسِ فَلَا يَكُونَ لَهُمَا
صفحه : 187
قِيمَةٌ وَ يَبطُلَ الِانتِفَاعُ بِهِمَا فِي الشّرَي وَ البَيعِ وَ المُعَامَلَاتِ وَ لَا كَانَ يجَبيِ السّلطَانُ الأَموَالَ وَ لَا يَدّخِرَهُمَا أَحَدٌ لِلأَعقَابِ وَ قَد أعُطيَِ النّاسُ مَعَ هَذَا صَنعَةَ الشّبَهِ مِنَ النّحَاسِ وَ الزّجَاجِ مِنَ الرّملِ وَ الفِضّةِ مِنَ الرّصَاصِ وَ الذّهَبِ مِنَ الفِضّةِ وَ أَشبَاهِ ذَلِكَ مِمّا لَا مَضَرّةَ فِيهِ فَانظُر كَيفَ أُعطُوا إِرَادَتَهُم فِي مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَ مُنِعُوا ذَلِكَ فِي مَا كَانَ ضَارّاً لَهُم لَو نَاوَلُوهُ وَ مَن أَوغَلَ فِي المَعَادِنِ انتَهَي إِلَي وَادٍ عَظِيمٍ يجَريِ مُنصَلِتاً بِمَاءٍ غَزِيرٍ لَا يُدرَكُ غَورُهُ وَ لَا حِيلَةَ فِي عُبُورِهِ وَ مِن وَرَائِهِ أَمثَالُ الجِبَالِ مِنَ الفِضّةِ تَفَكّرِ الآنَ فِي هَذَا مِن تَدبِيرِ الخَالِقِ الحَكِيمِ فَإِنّهُ أَرَادَ جَلّ ثَنَاؤُهُ أَن يرُيِ العِبَادَ مَقدُرَتَهُ وَ سَعَةَ خَزَائِنِهِ لِيَعلَمُوا أَنّهُ لَو شَاءَ أَن يَمنَحَهُم كَالجِبَالِ مِنَ الفِضّةِ لَفَعَلَ لَكِن لَا صَلَاحَ لَهُم فِي ذَلِكَ لِأَنّهُ لَو كَانَ فَيَكُونُ فِيهَا كَمَا ذَكَرنَا سُقُوطُ هَذَا الجَوهَرِ عِندَ النّاسِ وَ قِلّةُ انتِفَاعِهِم بِهِ وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِأَنّهُ قَد يَظهَرُ الشيّءُ الطّرِيفُ مِمّا يُحدِثُهُ النّاسُ مِنَ الأوَاَنيِ وَ الأَمتِعَةِ فَمَا دَامَ عَزِيزاً قَلِيلًا فَهُوَ نَفِيسٌ جَلِيلٌ آخِذُ الثّمَنِ فَإِذَا فَشَا وَ كَثُرَ فِي أيَديِ النّاسِ سَقَطَ عِندَهُم وَ خَسّت قِيمَتُهُ وَ نَفَاسَةُ الأَشيَاءِ مِن عِزّتِهَا
بيان الكلس بالكسر الصاروج والجبس بالكسر الجص و في أكثر النسخ الجبسين و لم أجده في ماعندنا من كتب اللغة لكن في لغة الطب كما في أكثر النسخ والمرتك كمقعد المرداسنج والقوبنا بالباء الموحدة أوالياء المثناة من تحت و لم أجدهما في كتب اللغة لكن في القاموس القونة القطعة من الحديد أوالصفر يرقع بهاالإناء و في بعض النسخ والتوتياء و في كتب اللغة أنه حجر يكتحل به والقار القير وجبي الخراج جباية جمعه والإيغال المبالغة في الدخول والذهاب وانصلت مضي وسبق
اعلم أن ألذي يستفاد من الآيات المتظافرة والأخبار المتواترة هو أن تأثيره سبحانه في الممكنات لايتوقف علي المواد والاستعدادات وإِنّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئاً
صفحه : 188
أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ و هوسبحانه جعل للأشياء منافع وتأثيرات وخواص أودعها فيها وتأثيراتها مشروطة بإذن الله تعالي وعدم تعلق إرادته القاهرة بخلافها كما أنه أجري عادته بخلق الإنسان من اجتماع الذكر والأنثي وتولد النطفة منهما وقرارها في رحم الأنثي وتدرجها علقة ومضغة وهكذا فإذاأراد غير ذلك فهو قادر علي أن يخلق من غيرأب كعيسي و من غيرأم أيضا كآدم وحواء وكخفاش عيسي وطير ابراهيم و غير ذلك من المعجزات المتواترة عن الأنبياء في إحياء الموتي وجعل الإحراق في النار فلما أراد غير ذلك قال للناركوُنيِ بَرداً وَ سَلاماً عَلي اِبراهِيمَ وجعل الثقيل يرسب في الماء وينحدر من الهواء فأظهر قدرته بمشي كثير علي الماء ورفعهم إلي السماء وجعل في طبع الماء الانحدار فأجري حكمه عليه بأن تقف أمثال الجبال منه في الهواء حتي تعبر بنو إسرائيل من البحر و مع عدم القول بذلك لايمكن تصديق شيء من
صفحه : 189
المعجزات اليقينية المتواترة عن الأنبياء والأوصياء ع وكذا جري عادته علي انعقاد الجواهر في المعادن بأسباب من المؤثرات الأرضية والسماوية لبعض المصالح فإذاأراد إظهار كمال قدرته ورفع شأن وليه يجعل الحصا في كفه دفعة جوهرا ثمينا والحديد في يد نبيه عجينا ويخرج الأجساد البالية دفعة من التراب في يوم الحساب فهذه كلها وأمثالها لاتستقيم مع الإذعان بقواعدهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة. و قال بعضهم حذرا من التشهير والتفكير إعادة النفس إلي بدن مثل بدنها ألذي كان لها في الدنيا مخلوق من سنخ هذاالبدن بعدمفارقتها عنه في القيامة كمانطقت
صفحه : 190
به الشريعة ممكن غيرمستحيل و لااستبعاد أيضا فيها و لايلزم أن يكون حدوث لياقته واستعداده لتعلقها مما يحصل له شيئا فشيئا ككونه أولا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم طفلا إلي تمام الخلقة حسب مايقتضيه التوالد والتناسل فإن ذلك نحو خاص من الحدوث والحدوث لاينحصر للإنسان في هذاالنحو لجواز أن يتكون دفعة تاما كاملا لأجل خصوصية بعض الأزمنة والأوقات والأوضاع الفلكية ترجح إرادة الله
صفحه : 191
تعالي في إيجاد الناس وتكوين أجسادهم دفعة واحدة ونفخ أرواحهم في أجسادهم المتكونة نفخة واحدة بتوسط بعض ملائكته فرد الله تعالي بواسطة واهب الصور تلك الصور إلي موادها لحصول المزاج الخاص مرة أخري كماتتكون ألوف كثيرة من أصناف الحيوانات كالذباب وغيرها في الصيف من العفونات تكونا دفعيا و لايلزم أن يكون نحو التعلق واحدا في المبدإ والإعادة بل يجوز أن يكون التعلق الأخري إلي البدن علي وجه لا يكون مانعا من حصول الأفعال الغريبة والآثار العجيبة ومشاهدة أمور غيبية لم يكن من شأن النفس مشاهدتها إياها في النشأة الدنيوية وكذا اقتدارها علي إيجاد صور عجيبة غريبة حسنة أوقبيحة مناسبة لأوصافها وأخلاقها انتهي و أنت تعلم إذاتأملت في مجاري كلامه أنه مع إعمال التقية فيه لوح إلي مرامه ونقل بعض قدماء الأطباء عن جالينوس في بيان تشريح الأعضاء وفوائدها أنه قال وشعر الحاجبين أيضا مما لم يقصر فيه و لم يتوان عنه و هو والأشفار دون سائر الشعر جعل له مقدار يقف عنده فلايطول أكثر منه و أماشعر الرأس واللحية فإنه يطول كثيرا والسبب في ذلك أن شعر الرأس واللحية له منفعتان إحداهما تغطية ماتحته من الأعضاء وسترها والأخري إفناء الفضول الغليظة ومنفعته من جهة التغطية والستر تختلف علي وجوه شتي و ذلك لأن حاجتنا إلي التغطية والستر تختلف بقدر اختلاف
صفحه : 192
الأسنان وأزمان السنة والبلدان وإخراج البدن لأن حاجة الرجل التام إلي طول الشعر ليست كحاجة الصبي الصغير إلي ذلك و لاكحاجة الشيخ الفاني و لاكحاجة المرأة وكذلك أيضا ليست الحاجة إلي طول الشعر في الصيف والشتاء سواء و لا في البلاد الحارة والباردة و لاحاجة من كانت عينه معتلة من الرمد أو كان رأسه يصدع إلي ذلك كحاجة من هوصحيح البدن لاعلة به فاحتيج لذلك أن نكون نحن نجعل طول الشعر في الأوقات المختلفة بأقدار مختلفة بحسب مايوافق كل وقت منها و أماالحاجبان والأشفار فإنه إن زيد فيه أونقص منه فسدت منفعته وذاك أن الأشفار تحوط العين بمنزلة الجدار ليحجب عنها ويمنع من أن يسقط فيها شيء من الأجرام الصغار إذاكانت مفتوحة وشعر الحاجبين جعل يلقي ماينحدر من الرأس قبل وصوله إلي العين بمنزلة الصور المانع فمتي قصرت من طوله أوقللت من عدده أكثر مما ينبغي كان مايدخل علي منفعته من الفساد بحسب ماينقص من المقدار ألذي يحتاج إليه وذاك أن الأشفار حينئذ تطلق ما قدكانت تمنعه قبل النقصان من الوصول إلي العين وشعر الحاجبين يرسل ما قد كان يحبسه ويمنعه من الوصول إلي العين من الأشياء التي تسيل من الرأس فإن أنت طولت هذاالشعر وكثرته فوق المقدار ألذي ينبغي لم يقم حينئذ للعين مقام الحاجب و لامقام السور المانع لكنه يغطي العين ويعلو عليها حتي يصير منه في مثل حبس ضيق وذاك أنه يستر الحدقة ويحجبها حتي تظلم والحدقة أحوج الحواس كلها إلي أن لاتحجب و لايحال بينها و بين مايدركه البصر و إذا كان الأمر علي ماوصفت فما ألذي ينبغي أن نقول فيه أنقول إن الخالق أمر هذاالشعر أن يبقي علي مقدار واحد و لايطول أكثر منه و إن الشعر قبل ذلك الأمر فأطاع فيبقي لايخالف ماأمر به إما للفزع والخوف من المخالفة لأمر الله وإما للمجاملة والاستحياء من الله ألذي أمره بهذا الأمر وإما لأن الشعر نفسه يعلم أن هذاأولي به و أحمد من فعله أما موسي فهذا رأيه في الأشياء الطبيعية و هذاالرأي عندي أحمد وأولي أن يتمسك به من رأي أفيقورس إلا أن الأجود الإضراب عنهما جميعا والاحتفاظ بأن الله هومبدئ خلق
صفحه : 193
كل شيء كما قال موسي وزيادة المبدإ ألذي من المادة فإن خالقنا إنما جعل الأشفار وشعر الحاجبين يحتاج أن يبقي علي مقدار واحد من الطول لأن هكذا كان أوفق وأصلح فلما علم أن هذاالشعر كان ينبغي أن يجعل علي هذاجعل تحت الأشفار جرما صلبا يشبه الغضروف يمتد في طول الجفن وفرش تحت الحاجبين جلدة صلبة ملزقة بغضروف الحاجبين و ذلك أنه لم يكن يكتفي في بقاء الشعر علي مقدار واحد من الطول بأن يشاء الخالق أن يكون هكذا كما أنه لوشاء أن يجعل الحجر دفعه إنسانا لم يكن ذلك بممكن والفرق في ما بين إيمان موسي وإيماننا وأفلاطون وسائر اليونانيين هو هذا موسي يزعم أنه يكتفي بأن يشاء الله أن يزين المادة ويهيئها لا غيرفيتزين ويتهيأ علي المكان وذاك أنه يظن أن الأشياء كلها ممكنة عند الله فإنه لوشاء الله أن يخلق من الرماد فرسا أوثورا دفعة لفعل و أمانحن فلانعرف هذا ولكنا نقول إن من الأشياء أشياء في أنفسها غيرممكنة و هذه الأشياء لايشاء الله أصلا أن تكون وإنما يشاء أن تكون الأشياء الممكنة وأيضا لايختار إلاأجودها وأوفقها وأفضلها ولذا لما كان الأصلح والأوفق للأشفار وشعر الحاجبين أن يبقي علي مقداره من الطول علي عدده ألذي هو عليه دائما أبدا لسنا نقول في هذاالشعر إن الله إنما شاء أن يكون علي ما هو عليه فصار من ساعته علي ماشاء الله وذاك أنه لوشاء ألف ألف مرة أن يكون هذاالشعر علي هذا لم يكن ذلك أبدا بعد أن يجعل منشؤه من جلدة رخوة إلا أنه لو لم يغرس أصول الشعر في جرم صلب لكان مع مايتغير كثير مما هو عليه لايبقي أيضا قائما منتصبا و إذا كان هذاهكذا فإنا نقول إن الله سبب لأمرين أحدهما اختيار أجود الحالات وأصلحها وأوفقها لمايفعل والثاني اختيار المادة الموافقة و من ذلك أنه لما كان الأصلح والأجود أن يكون شعر الأشفار قائما منتصبا و أن يدوم بقاؤه علي حالة واحدة في مقدار طوله و في عدده جعل مغرس الشجر ومركزه في جرم صلب و لو أنه غرسه في جرم رخو لكان أجهل من موسي وأجهل من قائد جيش سخيف يضع أساس سور مدينة أوحصنه
صفحه : 194
علي أرض رخوة غارقة بالماء وكذلك بقاء شعر الحاجبين ودوامه علي حالة واحدة إنما جاء من قبل اختياره للمادة و كما أن العشب وسائر النبات ما كان منه ينبت في أرض رطبة سمينة خصبة فإنه يطول وينشأ نشوءا حسنا و ما كان منه في أرض صخرية جافة فإنه لاينمو و لايطول كذلك أحد الأمرين انتهي كلامه ضاعف الله عذابه وانتقامه . وأقول قدلاح من الكلام الرديء المشتمل علي الكفر الجلي أمور الأول ماأسلفنا من أن الأنبياء المخبرين عن وحي السماء لم يقولوا بتوقف تأثير الصانع تعالي شأنه علي استعداد المواد و لااستحالة تعلق إرادته بإيجاد شيء من شيءبدون مرور زمان أوإعداد و له أن يخلق كل شيء كان من أي شيءأراد.الثاني أن الحكماء لم يكونوا يعتقدون نبوة الأنبياء و لم يؤمنوا بهم وإنهم يزعمون أنهم أصحاب نظر وأصحاب آراء مثلهم يخطئون ويصيبون و لم يكن علومهم مقتبسة من مشكاة أنوارهم كمازعمه أتباعهم .الثالث أنهم كانوا منكرين لأكثر معجزات الأنبياء ع فإن أكثرها مما عدوها من المستحيلات الرابع أنهم كانوا في جميع الأعصار معارضين لأرباب الشرائع والديانات كماهم في تلك الأزمنة كذلك .
صفحه : 195
قال الشيخ المفيد قدس سره في كتاب المقالات أقول إن الطباع معان تحل الجسم يتهيأ بهاللانفعال كالبصر و ما فيه من الطبيعة التي بهايتهيأ لحلول الحس فيه والإدراك ثم قال و إن مايتولد بالطبع فإنما هولمسببه بالفعل في المطبوع وإنه لافعل علي الحقيقة لشيء من الطباع و هذامذهب أبي القاسم الكعبي و هوخلاف مذهب المعتزلة في الطباع وخلاف الفلاسفة الملحدين أيضا في ماذهبوا إليه من أفعال الطباع ثم قال قدذهب كثير من الموحدين إلي أن الأجسام كلها مركبة من الطبائع الأربع وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة واحتجوا في ذلك بانحلال كل جسم إليها وبما يشاهدونه من استحالتها كاستحالة الماء بخارا والبخار ماء والموات حيوانا والحيوان مواتا ووجود النارية والمائية والهوائية والترابية في كل جسم وإنه لاينفك جسم من الأجسام من ذلك و لايعقل علي خلافه و لاينحل إلا إليه و هذاظاهر مكشوف لست أجد لدفعه حجة أعتمد عليها و لاأراه مفسدا لشيء من التوحيد أوالعدل أوالوعيد أوالنبوات أوالشرائع فاطرحه لذلك بل
صفحه : 196
هومؤيد للدين مؤكد لأدلة الله تعالي علي ربوبيته وحكمته وتوحيده وممن دان به من رؤساء المتكلمين النظام وذهب إليه البلخي و من اتبعه في المقال . و قال الشيخ الرضي أمين الدين الطبرسي نور الله مرقده في مجمع البيان في تفسير سورة الفيل بعدإيراد القصة المشهورة و فيه حجة لائحة قاصمة لظهور الفلاسفة والملحدين والمنكرين للآيات الخارقة للعادات فإنه لايمكن نسبة شيءمما ذكره الله من أمر أصحاب الفيل إلي طبع وغيره كمانسبوا الصيحة والريح العقيم والخسف وغيرها مما أهلك الله تعالي به الأمم الخالية إلي ذلك إذ لايمكنهم أن يروا في أسرار الطبيعة إرسال جماعات من الطير معها أحجار معدة مهيأة لهلاك أقوام معينين قاصدات إياهم دون من سواهم فترميهم بها حتي تهلكهم وتدمر عليهم لايتعدي ذلك إلي غيرهم و لايشك من له مسكة من عقل ولب أن هذا لا يكون إلا من فعل الله
صفحه : 197
تعالي مسبب الأسباب ومذلل الصعاب و ليس لأحد أن ينكر هذالأن نبيناص لماقرأ هذه السورة علي أهل مكة لم ينكروا ذلك بل أقروا به وصدقوه مع شدة حرصهم علي تكذيبه واعتنائهم بالرد عليه وكانوا قريبي العهد بأصحاب الفيل فلو لم يكن لذلك عندهم حقيقة وأصل لأنكروه وجحدوه وكيف وأنهم قدأرخوا بذلك كماأرخوا ببناء الكعبة وموت قصي بن كعب و غير ذلك و قدأكثر الشعراء ذكر الفيل ونظموه ونقلته الرواة عنهم . وأقول هذه الجناية علي الدين وتشهير كتب الفلاسفة بين المسلمين من بدع خلفاء الجور المعاندين لأئمة الدين ليصرفوا الناس عنهم و عن الشرع المبين ويدل علي ذلك ماذكره الصفدي في شرح لامية العجم أن المأمون لماهادن بعض ملوك النصاري أظنه صاحب جزيرة قبرس طلب منهم خزانة كتب اليونان وكانت عندهم مجموعة في بيت لايظهر عليه أحد فجمع الملك خواصه من ذوي الرأي واستشارهم في ذلك فكلهم أشار بعدم تجهيزها إليه إلامطران واحد فإنه قال جهزها إليهم مادخلت هذه العلوم علي دولة شرعية إلاأفسدتها وأوقعت الاختلاف بين علمائها و قال في موضع آخر أن المأمون لم يبتكر النقل والتعريب أي لكتب الفلاسفة بل نقل قبله كثير فإن يحيي بن خالد بن برمك عرب من كتب الفرس كثيرا مثل كليلة ودمنة وعرب لأجله كتاب المجسطي من كتب اليونان والمشهور أن أول من عرب كتب اليونان خالد بن يزيد بن معاوية لماأولع بكتب الكيمياء ويدل علي أن الخلفاء وأتباعهم كانوا مائلين إلي الفلسفة و أن يحيي البرمكي كان محبا لهم ناصرا لمذهبهم مارواه الكشي بإسناده عن يونس بن عبدالرحمن قال كان يحيي بن خالد البرمكي قدوجد علي هشام شيئا من طعنه علي الفلاسفة فأحب أن يغري به هارون ويضربه علي القتل ثم ذكر قصة طويلة في ذلك أوردناها في باب أحوال أصحاب الكاظم ع و فيها أنه أخفي هارون في بيته ودعا هشاما ليناظر العلماء وجروا الكلام إلي الإمامة وأظهر الحق فيها وأراد هارون قتله فهرب ومات من ذلك الخوف رحمه الله وعد أصحاب الرجال من كتبه كتاب الرد علي أصحاب الطبائع و كتاب
صفحه : 198
الرد علي أرسطاطاليس في التوحيد وعد الشيخ منتجب الدين في فهرسه من كتب قطب الدين الراوندي كتاب تهافت الفلاسفة وعد النجاشي من كتب الفضل بن شاذان كتاب رد علي الفلاسفة و هو من أجلة الأصحاب وطعن عليهم الصدوق ره في مفتتح كتاب إكمال الدين و قال الرازي عندتفسير قوله تعالي فَلَمّا جاءَتهُم رُسُلُهُم بِالبَيّناتِ فَرِحُوا بِما عِندَهُم مِنَ العِلمِ فيه وجوه ثم ذكر من جملة الوجوه أن يريد علم الفلاسفة والدهريين من بني يونان وكانوا إذاسمعوا بوحي الله صغروا علم الأنبياء إلي علمهم و عن سقراط أنه سمع بموسي ع وقيل له أ وهاجرت إليه فقال نحن قوم مهذبون فلاحاجة إلي من يهذبنا و قال الرازي في المطالب العالية أظن أن قول ابراهيم لأبيه يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَ لا يُبصِرُ وَ لا يغُنيِ عَنكَ شَيئاًإنما كان لأجل أن أباه كان علي دين الفلاسفة و كان ينكر كونه تعالي قادرا وينكر كونه تعالي عالما بالجزئيات فلاجرم خاطبه بذلك الخطاب
1-الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن هَارُونَ بنِ مُسلِمٍ عَن مَسعَدَةَ بنِ صَدَقَةَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ ع أَنّ النّبِيّص قَالَ مَا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ خَلقاً إِلّا وَ قَد أَمّرَ عَلَيهِ آخَرَ يَغلِبُهُ بِهِ وَ ذَلِكَ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَمّا خَلَقَ السّحَابَ فَخَرَت وَ زَخَرَت وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الفُلكَ فَأَدَارَهَا بِهَا وَ ذَلّلَهَا ثُمّ إِنّ الأَرضَ فَخَرَت وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ فَخَلَقَ الجِبَالَ فَأَثبَتَهَا فِي ظَهرِهَا أَوتَاداً مَنَعَهَا مِن أَن تَمِيدَ بِمَا عَلَيهَا فَذَلّت وَ استَقَرّت ثُمّ إِنّ الجِبَالَ فَخَرَت عَلَي الأَرضِ فَشَمَخَت وَ استَطَالَت وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ فَخَلَقَ اللّهُ الحَدِيدَ فَقَطَعَهَا فَقَرّتِ الجِبَالُ وَ ذَلّت ثُمّ إِنّ الحَدِيدَ فَخَرَ عَلَي الجِبَالِ وَ قَالَ
صفحه : 199
أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ فَخَلَقَ اللّهُ النّارَ فَأَذَابَتِ الحَدِيدَ فَذَلّ الحَدِيدُ ثُمّ إِنّ النّارَ زَفَرَت وَ شَهَقَت وَ فَخَرَت وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ فَخَلَقَ المَاءَ فَأَطفَأَهَا فَذَلّت ثُمّ إِنّ المَاءَ فَخَرَ وَ زَخَرَ وَ قَالَ أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ فَخَلَقَ الرّيحَ فَحَرّكَت أَموَاجَهُ وَ أَثَارَت مَا فِي قَعرِهِ وَ حَبَسَتهُ عَن مَجَارِيهِ فَذَلّ المَاءُ ثُمّ إِنّ الرّيحَ فَخَرَت وَ عَصَفَت وَ أَرخَت أَذيَالَهَا وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ فَخَلَقَ الإِنسَانَ فَاحتَالَ وَ اتّخَذَ مَا يَستَتِرُ بِهِ مِنَ الرّيحِ وَ غَيرِهَا فَذَلّتِ الرّيحُ ثُمّ إِنّ الإِنسَانَ طَغَي وَ قَالَ مَن أَشَدّ منِيّ قُوّةً فَخَلَقَ المَوتَ فَقَهَرَهُ فَذَلّ الإِنسَانُ ثُمّ إِنّ المَوتَ فَخَرَ فِي نَفسِهِ فَقَالَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ لَا تَفخَر فإَنِيّ أَذبَحُكَ بَينَ الفَرِيقَينِ أَهلِ الجَنّةِ وَ النّارِ ثُمّ لَا أُحيِيكَ أَبَداً فَذَلّ وَ خَافَ
بيان فخلق الله الفلك فأدارها بهالعل المعني أن الأفلاك بأجرامها النيرة مسلطة علي السحاب تبعثها وتثيرها وتدنيها وتفرقها و قدمر برواية الكليني هكذا و ذلك أن الله تبارك و تعالي لماخلق البحار السفلي فخرت وزخرت وقالت أي شيءيغلبني فخلق الأرض فسطحها علي ظهرها فذلت ثم إن الأرض فخرت إلي آخر الخبر و هوالظاهر بل لايستقيم ما في الخصال كما لايخفي و قدسبق شرح الخبر في الباب الأول
2-الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي نَجرَانَ عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ قَيسٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي مَا سَأَلَ رَسُولُ مُعَاوِيَةَ لِأَسئِلَةِ مَلِكِ الرّومِ الحَسَنَ بنَ عَلِيّ ع قَالَ وَ أَمّا عَشَرَةُ أَشيَاءَ بَعضُهَا أَشَدّ مِن بَعضٍ فَأَشَدّ شَيءٍ خَلَقَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الحَجَرُ وَ أَشَدّ مِنَ الحَجَرِ الحَدِيدُ يُقطَعُ بِهِ الحَجَرُ وَ أَشَدّ مِنَ الحَدِيدِ النّارُ تُذِيبُ الحَدِيدَ وَ أَشَدّ مِنَ النّارِ المَاءُ يُطفِئُ النّارَ وَ أَشَدّ مِنَ المَاءِ السّحَابُ يَحمِلُ المَاءَ وَ أَشَدّ مِنَ السّحَابِ الرّيحُ يَحمِلُ السّحَابَ وَ أَشَدّ مِنَ الرّيحِ المَلَكُ ألّذِي يُرسِلُهَا وَ أَشَدّ مِنَ المَلَكِ مَلَكُ المَوتِ ألّذِي يُمِيتُ المَلَكَ وَ أَشَدّ مِن مَلَكِ المَوتِ المَوتُ ألّذِي يُمِيتُ مَلَكَ المَوتِ وَ أَشَدّ مِنَ المَوتِ أَمرُ اللّهِ رَبّ العَالَمِينَ
صفحه : 200
ألّذِي يُمِيتُ المَوتَ
3- كِتَابُ الغَارَاتِ لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ، عَنِ الشعّبيِّ قَالَ قَالَ ابنُ الكَوّاءِ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَيّ[ شَيءِ]خَلقِ اللّهِ أَشَدّ قَالَ إِنّ أَشَدّ خَلقِ اللّهِ عَشَرَةٌ الجِبَالُ الروّاَسيِ وَ الحَدِيدُ تُنحَتُ بِهِ الجِبَالُ وَ النّارُ تَأكُلُ الحَدِيدَ وَ المَاءُ يُطفِئُ النّارَ وَ السّحَابُ المُسَخّرُ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ تَحمِلُ المَاءَ وَ الرّيحُ تَقِلّ السّحَابَ وَ الإِنسَانُ يَغلِبُ الرّيحَ يَتّقِيهَا بِيَدَيهِ وَ يَذهَبُ لِحَاجَتِهِ وَ السّكرُ يَغلِبُ الإِنسَانَ وَ النّومُ يَغلِبُ السّكرَ وَ الهَمّ يَغلِبُ النّومَ فَأَشَدّ خَلقِ رَبّكَ الهَمّ
4- العِلَلُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ العلَوَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ أَسبَاطٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن عِيسَي بنِ جَعفَرٍ العلَوَيِّ العمُرَيِّ عَن آبَائِهِ عَن عُمَرَ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنّهُ سُئِلَ مِمّا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الذّرّ ألّذِي يَدخُلُ فِي كُوّةِ البَيتِ فَقَالَ إِنّ مُوسَي ع لَمّا قَالَرَبّ أرَنِيِ أَنظُر إِلَيكَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِنِ استَقَرّ الجَبَلُ لنِوُريِ فَإِنّكَ سَتَقوَي عَلَي أَن تَنظُرَ إلِيَّ وَ إِن لَم يَستَقِرّ فَلَا تُطِيقُ إبِصاَريِ لِضَعفِكَ فَلَمّا تَجَلّي اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لِلجَبَلِ تَقَطّعَ ثَلَاثَ قِطَعٍ فَقِطعَةٌ ارتَفَعَت فِي السّمَاءِ وَ قِطعَةٌ غَاضَت تَحتَ الأَرضِ وَ قِطعَةٌ تَفَتّت فَهَذَا الذّرّ مِن ذَلِكَ الغُبَارِ غُبَارِ الجَبَلِ
بيان هذاالخبر علي تقدير صحته وصدوره عن الإمام لعل المعني أن له أيضا مدخلية في تلك الذرات في بعض البلاد أوكلها بأن تكون تفرقت بقدرة الله تعالي في جميع البلاد
صفحه : 201
باب 63-الممدوح من البلدان والمذموم منها وغرائبها
الآيات يونس وَ لَقَد بَوّأنا بنَيِ إِسرائِيلَ مُبَوّأَ صِدقٍ وَ رَزَقناهُم مِنَ الطّيّباتِالأنبياءوَ نَجّيناهُ وَ لُوطاً إِلَي الأَرضِ التّيِ بارَكنا فِيها لِلعالَمِينَ و قال تعالي وَ لِسُلَيمانَ الرّيحَ عاصِفَةً تجَريِ بِأَمرِهِ إِلي الأَرضِ التّيِ بارَكنا فِيهاالمؤمنون وَ آوَيناهُما إِلي رَبوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍالقصص آنَسَ مِن جانِبِ الطّورِ ناراً إلي قوله تعالي فَلَمّا أَتاها نوُديَِ مِن شاطِئِ الوادِ الأَيمَنِ فِي البُقعَةِ المُبارَكَةِ مِنَ الشّجَرَةِ أَن يا مُوسي إنِيّ أَنَا اللّهُ رَبّ العالَمِينَسبأبَلدَةٌ طَيّبَةٌ وَ رَبّ غَفُورٌ إلي قوله تعالي وَ جَعَلنا بَينَهُم وَ بَينَ القُرَي التّيِ بارَكنا فِيها قُريً ظاهِرَةًالنازعات إِذ ناداهُ رَبّهُ بِالوادِ المُقَدّسِ طُويًالبلدلا أُقسِمُ بِهذَا البَلَدِ وَ أَنتَ حِلّ بِهذَا البَلَدِالتين وَ التّينِ وَ الزّيتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ وَ هذَا البَلَدِ الأَمِينِتفسيرمُبَوّأَ صِدقٍ أي مكانا محمودا حسنا و هوبيت المقدس والشام و
صفحه : 202
قيل يريد به مصر و قال علي بن ابراهيم ردهم إلي مصر وغرق فرعون وَ رَزَقناهُم مِنَ الطّيّباتِ أي النعم اللذيذةإِلَي الأَرضِ التّيِ بارَكنا فِيها لِلعالَمِينَقيل هي أرض الشام أي نجينا ابراهيم ولوطا من كوثا إلي الشام وإنما قال بارَكنا فِيهالأنها بلاد خصب وقيل إلي أرض بيت المقدس لأن بهامقام الأنبياء والحاصل أن أكثر أنبياء بني إسرائيل بعثوا في الشام وبيت المقدس فانتشرت في العالمين شرائعهم التي هي مبادئ الخيرات الدينية والدنيوية وقيل نجاهما إلي مكة كما قال إِنّ أَوّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ للَذّيِ بِبَكّةَ مُبارَكاً وَ هُديً لِلعالَمِينَروي ذلك عن ابن عباس إِلَي الأَرضِ التّيِ بارَكنا فِيها وهي أرض الشام لأنها كانت مأواه كماذكره المفسرون وَ آوَيناهُما أي عيسي وأمه إِلي رَبوَةٍ قال الطبرسي ره أي جعلنا مأواهما مكانا مرتفعا مستويا واسعا والربوة هي الرملة من فلسطين عن أبي هريرة وقيل دمشق عن سعيد بن المسيب وقيل مصر عن ابن زيد وقيل بيت المقدس عن قتادة وكعب قال كعب وهي أقرب الأرض إلي السماء وقيل هي حيرة الكوفة وسوادها والقرار مسجد الكوفة والمعين الفرات عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع وقيل ذاتِ قَرارٍ أي ذات موضع قرار أي هي أرض مستوية يستقر عليها ساكنوها وقيل ذات ثمار لأنه لأجل الثمار يستقر فيهاساكنوهاوَ مَعِينٍماء جار وظاهر للعيون .فِي البُقعَةِ المُبارَكَةِ قال الطبرسي ره هي البقعة التي قال فيهالموسي فَاخلَع نَعلَيكَ إِنّكَ بِالوادِ المُقَدّسِ طُويً وإنما كانت مباركة لأنها معدن الوحي والرسالة وكلام الله تعالي وقيل مباركة كثيرة الثمار والأشجار والخير والنعم بها والأول أصح انتهي وأقول روُيَِ فِي التّهذِيبِ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ
صفحه : 203
شاطِئِ الوادِ الأَيمَنِ ألّذِي ذَكَرَهُ اللّهُ فِي القُرآنِ هُوَ الفُرَاتُ وَالبُقعَةِ المُبارَكَةِهيَِ كَربَلَاءُ
بَلدَةٌ طَيّبَةٌقيل أي هذه بلدة نزهة أرضها عذبة تخرج النبات وليست بسبخة و ليس فيها شيء من الهوام المؤذية وقيل أراد به صحة هوائها وعذوبة مائها وسلامة تربتها و أنه ليس فيهاحر يؤذي في القيظ وبرد يؤذي في الشتاءوَ بَينَ القُرَي التّيِ بارَكنا فِيها أي بالتوسعة علي أهلها أوبما مر وهي قري الشام و في تفسير علي بن ابراهيم هي مكةقُريً ظاهِرَةً أي متواصلة يظهر بعضها لبعض و قدمر تأويل القُرَي التّيِ بارَكنا فِيهابالأئمة ع والقري الظاهرة برواة أخبارهم وفقهاء شيعتهم والسير بالعلم آمِنِينَ من الشك والضلال بِالوادِ المُقَدّسِ أي المطهرطُويًاسم الوادي ألذي كلم الله فيه موسي ع .لا أُقسِمُ بِهذَا البَلَدِ قال الطبرسي ره أجمع المفسرون علي أن هذاقسم بالبلد الحرام وَ أَنتَ حِلّ بِهذَا البَلَدِ و أنت يا محمدمقيم به و هومحلك و هذاتنبيه علي أن شرف البلد بشرف من حل فيه من الرسول الداعي إلي توحيده وإخلاص عبادته وبيان أن تعظيمه له وقسمه به لأجله ص ولكونه حالا فيه كماسميت المدينة طيبة لأنها طابت به حيا وميتا وقيل معناه لا أُقسِمُ بِهذَا البَلَدِ و أنت حل فيه منتهك الحرمة فلم يبق للبلد حرمة حيث هتك حرمتك عن أبي مسلم
وَ هُوَ مرَويِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَت قُرَيشٌ تُعَظّمُ البَلَدَ وَ تَستَحِلّ مُحَمّداً فِيهِ فَقَالَلا أُقسِمُ بِهذَا البَلَدِ وَ أَنتَ حِلّ بِهذَا البَلَدِيُرِيدُ أَنّهُمُ استَحَلّوكَ فِيهِ فَكَذّبُوكَ وَ شَتَمُوكَ وَ كَانُوا لَا يَأخُذُ الرّجُلُ مِنهُم فِيهِ قَاتِلَ أَبِيهِ وَ يَتَقَلّدُونَ لِحَاءَ شَجَرِ الحَرَمِ فَيَأمَنُونَ بِتَقلِيدِهِم إِيّاُه فَاستَحَلّوا مِن رَسُولِ اللّهِص مَا لَم يَستَحِلّوا مِن غَيرِهِ فَعَابَ اللّهُ ذَلِكَ عَلَيهِم
و قال قدس سره في قوله سبحانه وَ التّينِ وَ الزّيتُونِأقسم الله سبحانه بالتين ألذي يؤكل والزيتون ألذي يعصر منه الزيت عن ابن عباس وغيره وقيل التين الجبل
صفحه : 204
ألذي عليه دمشق والزيتون الجبل ألذي عليه بيت المقدس عن قتادة و قال عكرمة هما جبلان وإنما سميا بهما لأنهما نبتا بهما وقيل التين مسجد دمشق والزيتون بيت المقدس عن كعب الأحبار وغيره وقيل التين مسجد نوح ع ألذي بني علي الجودي والزيتون بيت المقدس عن ابن عباس وقيل التين مسجد الحرام والزيتون المسجد الأقصي عن الضحاك وَ طُورِ سِينِينَيعني الجبل ألذي كلم الله عليه موسي ع عن الحسن وسينين وسيناء واحد وقيل إن سينين معناه المبارك الحسن كأنه قيل جبل الخير الكثير لأنه إضافة تعريف عن مجاهد وقتادة وقيل معناه كثير النبات والشجر عن عكرمة وقيل إن كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين وسيناء بلغة النبط عن مقاتل وروي عن موسي بن جعفر ع وَ طُورِ سِينَاءَوَ هذَا البَلَدِ الأَمِينِيعني مكة البلد الحرام يأمن فيه الخائف في الجاهلية والإسلام فالأمين بمعني المؤمن مؤمن من يدخله وقيل هوبمعني الآمن ويؤيده قوله أَنّا جَعَلنا حَرَماً آمِناً
1- الكشَيّّ، قَالَ وَجَدتُ بِخَطّ جَبرَئِيلَ بنِ أَحمَدَ حدَثّنَيِ مُحَمّدُ بنُ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَنِ الهَيثَمِ بنِ وَاقِدٍ عَن مَيمُونِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ عَلِيّاً ع لَمّا أَرَادَ الخُرُوجَ مِنَ البَصرَةِ قَامَ عَلَي أَطرَافِهَا ثُمّ قَالَ لَعَنَكِ اللّهُ يَا أَنتَنَ الأَرضِ تُرَاباً وَ أَسرَعَهَا خَرَاباً وَ أَشَدّهَا عَذَاباً فِيكَ الدّاءُ الدوّيِّ قِيلَ مَا هُوَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ كَلَامُ القَدَرِ ألّذِي فِيهِ الفِريَةُ عَلَي اللّهِ وَ بُغضُنَا أَهلَ البَيتِ وَ فِيهِ سَخَطُ اللّهِ وَ سَخَطُ نَبِيّهِ وَ كِذبُهُم عَلَينَا أَهلَ البَيتِ وَ استِحلَالُهُمُ الكَذِبَ عَلَينَا
2-معَاَنيِ الأَخبَارِ، وَ الخِصَالُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَن
صفحه : 205
مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأشَعرَيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الراّزيِّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي عُثمَانَ عَن مُوسَي بنِ بَكرٍ عَن أَبِي الحَسَنِ الأَوّلِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ اختَارَ مِنَ البُلدَانِ أَربَعَةً فَقَالَ عَزّ وَ جَلّوَ التّينِ وَ الزّيتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ وَ هذَا البَلَدِ الأَمِينِفَالتّينُ المَدِينَةُ وَ الزّيتُونُ بَيتُ المَقدِسِ وَ طُورُ سِينِينَ الكُوفَةُوَ هذَا البَلَدِ الأَمِينِمَكّةُ الخَبَرَ
بيان لعله إنما كني عن المدينة بالتين لوفوره وجودته فيها أولكونها من أشارف البلاد كما أن التين من أفاضل الثمار كماسيأتي وكني عن الكوفة بطور سينين لأن ظهرها و هوالنجف كان محل مناجاة سيد الأوصياء كما أن الطور كان محل مناجاة الكليم أولأن الجبل ألذي سأل عليه موسي الرؤية فتقطع وقع جزء منه هناك كماورد في بعض الأخبار أو أنه لماأراد ابن نوح أن يعتصم بهذا الجبل تقطع فصار بعضها في طور سيناء أو أنه هوطور سيناء حقيقة وغلط فيه المفسرون واللغويون كَمَا رَوَي الشّيخُ فِي التّهذِيبِ بِإِسنَادِهِ عَنِ الثمّاَليِّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ كَانَ فِي وَصِيّةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَن أخَرجِوُنيِ إِلَي الظّهرِ فَإِذَا تَصَوّبَت أَقدَامُكُم وَ استَقبَلَتكُم رِيحٌ فاَدفنِوُنيِ وَ هُوَ أَوّلُ طُورِ سَينَاءَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ
3- المَجَالِسُ،لِابنِ الشّيخِ عَن أَبِيهِ عَنِ المُفِيدِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ الوَلِيدِ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّفّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي فَاخِتَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَمّا قُتِلَ الحُسَينُ ع بَكَت عَلَيهِ السّمَاوَاتُ السّبعُ وَ الأَرَضُونَ السّبعُ وَ مَا فِيهِنّ وَ مَا بَينَهُنّ وَ مَن يَتَقَلّبُ فِي الجَنّةِ وَ النّارِ وَ مَا يُرَي وَ مَا لَا يُرَي إِلّا ثَلَاثَةَ أَشيَاءَ البَصرَةَ وَ دِمَشقَ وَ آلَ الحَكَمِ بنِ العَاصِ الخَبَرَ
بيان بكاء البلاد والبقاع بكاء أهلها وظهور آثار الحزن فيهم
4-العِلَلُ، فِي خَبَرِ الشاّميِّ أَنّهُ سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَن أَكرَمِ وَادٍ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَقَالَ لَهُ وَادٍ يُقَالُ لَهُ سَرَاندِيبُ[سَرَندِيبُ]سَقَطَ فِيهِ آدَمُ مِنَ السّمَاءِ وَ
صفحه : 206
سَأَلَهُ عَن شَرّ وَادٍ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَقَالَ وَادٍ بِاليَمَنِ يُقَالُ لَهُ بَرَهُوتُ وَ هُوَ مِن أَودِيَةِ جَهَنّمَ
بيان قال في النهاية في حديث علي شر بئر في الأرض برهوت هي بفتح الباء والراء بئر عميقة بحضرموت لايستطاع النزول إلي قعرها وقيل برهوت بضم الباء وسكون الراء فتكون تاؤها علي الأول زائدة و علي الثاني أصلية أخرجه الهروي عن علي وأخرجه الطبراني في المعجم عن ابن عباس عن النبي ص و قال الفيروزآبادي برهوت واد وبئر بحضرموت انتهي وكونه من أودية جهنم لشباهته بها ولتعذيب أرواح الكفار فيه كماورد في الأخبار ويحتمل أن يكون لجهنم طريق إليه
5- الخِصَالُ، عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ القَطّانِ وَ عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُوسَي عَن أَحمَدَ بنِ يَحيَي بنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَن بَكرِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ حَبِيبٍ عَن تَمِيمِ بنِ بُهلُولٍ عَن أَبِي مُعَاوِيَةَ الضّرِيرِ عَنِ الأَعمَشِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ سِتّةَ عَشَرَ صِنفاً مِن أُمّةِ جدَيّ لَا يُحِبّونّا وَ لَا يُحَبّبُونّا إِلَي النّاسِ إِلَي أَن قَالَ وَ أَهلُ مَدِينَةٍ تُدعَي سِجِستَانَ هُم لَنَا أَهلُ عَدَاوَةٍ وَ نَصبٍ وَ هُم شَرّ الخَلقِ وَ الخَلِيقَةِ عَلَيهِم مِنَ العَذَابِ مَا عَلَي فِرعَونَ وَ هَامَانَ وَ قَارُونَ وَ أَهلُ مَدِينَةٍ تُدعَي الريّّ هُم أَعدَاءُ اللّهِ وَ أَعدَاءُ رَسُولِهِ وَ أَعدَاءُ أَهلِ بَيتِهِ يَرَونَ حَربَ أَهلِ بَيتِ رَسُولِ اللّهِص جِهَاداً وَ مَا لَهُم مَغنَماً وَ لَهُم عَذَابُ الخزِيِ فِي الحَيَاةِ الدّنيَا وَ الآخِرَةِوَ لَهُم عَذابٌ مُقِيمٌ وَ أَهلُ مَدِينَةٍ تُدعَي المَوصِلَ هُم شَرّ مَن عَلَي وَجهِ الأَرضِ وَ أَهلُ مَدِينَةٍ تُسَمّي الزّورَاءَ تُبنَي فِي آخِرِ الزّمَانِ يَستَشفُونَ بِدِمَائِنَا وَ يَتَقَرّبُونَ بِبُغضِنَا يُوَالُونَ فِي عَدَاوَتِنَا وَ يَرَونَ حَربَنَا فَرضاً وَ قِتَالَنَا حَتماً يَا بنُيَّ فَاحذَر هَؤُلَاءِ ثُمّ احذَرهُم فَإِنّهُ لَا يَخلُو اثنَانِ مِنهُم بِأَحَدٍ مِن أَهلِكَ إِلّا هَمّوا بِقَتلِهِ الخَبَرَ
بيان الموصل بفتح الميم وسكون الواو معروف والزوراء يطلق علي دجلة
صفحه : 207
بغداد و علي بغداد لأن أبوابها الداخلة جعلت مزورة عن الخارجة ويمكن أن تتبدل أحوال أهل هذه البلاد باختلاف الأزمنة و يكون ماذكر في الخبر حالهم في ذلك الزمان
6- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ عَبدِ الوَرّاقِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي وَ الفَضلِ بنِ عَامِرٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ مُقبِلٍ عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ الأزَديِّ عَن عِيسَي بنِ عَبدِ اللّهِ الأشَعرَيِّ عَنِ الصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ حدَثّنَيِ أَبِي عَن جدَيّ عَن أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَمّا أسُريَِ بيِ إِلَي السّمَاءِ حمَلَنَيِ جَبرَئِيلُ عَلَي كَتِفِهِ الأَيمَنِ فَنَظَرتُ إِلَي بُقعَةٍ بِأَرضِ الجَبَلِ حَمرَاءَ أَحسَنَ لَوناً مِنَ الزّعفَرَانِ وَ أَطيَبَ رِيحاً مِنَ المِسكِ فَإِذَا فِيهَا شَيخٌ عَلَي رَأسِهِ بُرنُسٌ فَقُلتُ لِجَبرَئِيلَ مَا هَذِهِ البُقعَةُ الحَمرَاءُ التّيِ هيَِ أَحسَنُ لَوناً مِنَ الزّعفَرَانِ وَ أَطيَبُ رِيحاً مِنَ المِسكِ قَالَ بُقعَةُ شِيعَتِكَ وَ شِيعَةِ وَصِيّكَ عَلِيّ فَقُلتُ مَنِ الشّيخُ صَاحِبُ البُرنُسِ قَالَ إِبلِيسُ قُلتُ فَمَا يُرِيدُ مِنهُم قَالَ يُرِيدُ أَن يَصُدّهُم عَن وَلَايَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ يَدعُوَهُم إِلَي الفِسقِ وَ الفُجُورِ فَقُلتُ يَا جَبرَئِيلُ أَهوِ بِنَا إِلَيهِم فَأَهوَي بِنَا إِلَيهِم أَسرَعَ مِنَ البَرقِ الخَاطِفِ وَ البَصَرِ اللّامِحِ فَقُلتُ قُم يَا مَلعُونُ فَشَارِك أَعدَاءَهُم فِي أَموَالِهِم وَ أَولَادِهِم وَ نِسَائِهِم فَإِنّ شيِعتَيِ وَ شِيعَةَ عَلِيّ لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ فَسُمّيَت قُمّ
بيان البرنس قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام ذكره الجوهري
7- الإِختِصَاصُ،رَوَي عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ العسَكرَيِّ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَمّا أسُريَِ بيِ إِلَي السّمَاءِ الرّابِعَةِ نَظَرتُ إِلَي قُبّةٍ مِن لُؤلُؤٍ لَهَا أَربَعَةُ أَركَانٍ وَ أَربَعَةُ أَبوَابٍ كَأَنّهَا مِن إِستَبرَقٍ أَخضَرَ قُلتُ يَا جَبرَئِيلُ مَا هَذِهِ القُبّةُ التّيِ لَم أَرَ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ أَحسَنَ مِنهَا فَقَالَ حبَيِبيِ مُحَمّدٌ هَذِهِ صُورَةُ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا قُمّ يَجتَمِعُ فِيهَا عِبَادُ اللّهِ المُؤمِنُونَ يَنتَظِرُونَ مُحَمّداً وَ شَفَاعَتَهُ لِلقِيَامَةِ وَ الحِسَابِ يجَريِ عَلَيهِمُ الغَمّ وَ الهَمّ وَ الأَحزَانُ وَ المَكَارِهُ قَالَ فَسَأَلتُ عَلِيّ بنَ مُحَمّدٍ العسَكرَيِّ ع مَتَي يَنتَظِرُونَ الفَرَجَ قَالَ إِذَا ظَهَرَ المَاءُ عَلَي وَجهِ الأَرضِ
صفحه : 208
تاريخ قم ، عن أبي مقاتل الديلمي عنه ع مثله بيان المراد به إما ظهور الماء في أصل البلد أو لم يكن في هذاالزمان فيه ماء جار أصلا كماذكر في تاريخ قم مبدأ حدوث الوادي بقم وإنه كانت فيه قنوات و لم يكن فيه نهر جار
8- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ السكّيَنيِّ عَن أَبِي سَعِيدٍ البجَلَيِّ عَن عَبدِ المَلِكِ بنِ هَارُونَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم قَالَ لَمّا بَلَغَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع أَمرُ مُعَاوِيَةَ وَ أَنّهُ فِي مِائَةِ أَلفٍ قَالَ مِن أَيّ القَومِ قَالُوا مِن أَهلِ الشّامِ قَالَ لَا تَقُولُوا مِن أَهلِ الشّامِ وَ لَكِن قُولُوا مِن أَهلِ الشّومِ هُم أَبنَاءُ مِصرَ لُعِنُوا عَلَي لِسَانِ دَاوُدَ ع فَجَعَلَ اللّهُمِنهُمُ القِرَدَةَ وَ الخَنازِيرَالخَبَرَ
بيان يمكن الجمع بين الآيات والأخبار الواردة في مدح الشام ومصر وذمه بما أومأنا إليه سابقا من اختلاف أحوال أهله في الأزمان فإنه كان في أول الزمان محل الأنبياء والصلحاء فكان من البلاد المباركة الشريفة فلما صار أهله من أشقي الناس وأكفرهم صار من شر البلاد كما أن يوم عاشوراء كان من الأيام المتبركة كمايظهر من بعض الأخبار فلما قتل فيه الحسين ع صار من أنحس الأيام
9-قُربُ الإِسنَادِ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ البزَنَطيِّ قَالَ قُلتُ لِلرّضَا عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ أَهلَ مِصرَ يَزعُمُونَ أَنّ بِلَادَهُم مُقَدّسَةٌ قَالَ وَ كَيفَ ذَلِكَ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ يَزعُمُونَ أَنّهُ يُحشَرُ مِن جِيلِهِم سَبعُونَ أَلفاًيَدخُلُونَ الجَنّةَ...بِغَيرِ حِسابٍ قَالَ لَا لعَمَريِ مَا ذَاكَ كَذَلِكَ وَ مَا غَضِبَ اللّهُ عَلَي بنَيِ إِسرَائِيلَ إِلّا أَدخَلَهُم مِصرَ وَ لَا رضَيَِ عَنهُم إِلّا أَخرَجَهُم مِنهَا إِلَي غَيرِهَا وَ لَقَد أَوحَي اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي إِلَي مُوسَي ع أَن يُخرِجَ عِظَامَ يُوسُفَ مِنهَا فَاستَدَلّ مُوسَي عَلَي مَن يَعرِفُ القَبرَ فَدُلّ عَلَي امرَأَةٍ عَميَاءَ زَمِنَةٍ فَسَأَلَهَا مُوسَي أَن تَدُلّهُ عَلَيهِ فَأَبَت إِلّا عَلَي خَصلَتَينِ فَيَدعُو اللّهَ فَيُذهِبَ زَمَانَتَهَا وَ يُصَيّرَهَا مَعَهُ فِي الجَنّةِ فِي الدّرَجَةِ التّيِ هُوَ فِيهَا فَأَعظَمَ ذَلِكَ مُوسَي فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ
صفحه : 209
وَ مَا يَعظُمُ عَلَيكَ مِن هَذَا أَعطِهَا مَا سَأَلَت فَفَعَلَ فَتَوَعّدَتهُ طُلُوعَ القَمَرِ فَحَبَسَ اللّهُ القَمَرَ حَتّي جَاءَ مُوسَي لِمَوعِدِهِ فَأَخرَجَهُ مِنَ النّيلِ فِي سَفَطِ مَرمَرٍ فَحَمَلَهُ مُوسَي ع وَ لَقَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا تَغسِلُوا رُءُوسَكُم بِطِينِهَا وَ لَا تَأكُلُوا فِي فَخّارِهَا فَإِنّهُ يُورِثُ الذّلّةَ وَ يُذهِبُ الغَيرَةَ قُلنَا لَهُ قَد قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ نَعَم
العياشي، عن علي بن أسباط عن الرضا ع مثله
10- البَصَائِرُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن أَبِي جَمِيلَةَ عَن مُحَمّدٍ الحلَبَيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَرَضَ وَلَايَتَنَا عَلَي أَهلِ الأَمصَارِ فَلَم يَقبَلهَا إِلّا أَهلُ الكُوفَةِ
بيان أي قبولا كاملا كما في الخبر الآتي
11- البَصَائِرُ، عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن عُتَيبَةَ بَيّاعِ القَصَبِ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ وَلَايَتَنَا عُرِضَت عَلَي السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ الجِبَالِ وَ الأَمصَارِ مَا قَبِلَهَا قَبُولَ أَهلِ الكُوفَةِ
12- النهج ،[نهج البلاغة] مِن كَلَامٍ لَهُ ع فِي ذِكرِ الكُوفَةِ كأَنَيّ بِكِ يَا كُوفَةُ تُمَدّينَ مَدّ الأَدِيمِ العكُاَظيِّ تُعرَكِينَ بِالنّوَازِلِ وَ تُركَبِينَ بِالزّلَازِلِ وَ إنِيّ لَأَعلَمُ أَنّهُ مَا أَرَادَ بِكِ جَبّارٌ سُوءًا إِلّا ابتَلَاهُ اللّهُ بِشَاغِلٍ وَ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ
بيان الأديم الجلد أومدبوغة وعكاظ بالضم موضع بناحية مكة كانت العرب تجتمع في كل سنة ويقيمون به سوقا مدة شهر ويتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون وينسب إليه الأديم لكثرة البيع فيه والأديم العكاظي مستحكم الدباغ شديد المد و ذلك وجه الشبه والعرك الدلك والحك وعركه أي حمل عليه الشر وعركت القوم في الحرب إذامارستهم حتي أتعبتهم والنوازل المصائب والشدائد والزلازل البلايا وتركبين علي بناء المجهول كالفعلين السابقين
صفحه : 210
أي تجعلين مركوبة لها أو بها علي أن تكون الباء للسببية كالسابقة والشدائد التي أصابت الكوفة وأهلها معروفة مذكورة في السير وَ روُيَِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ هَذِهِ مَدِينَتُنَا وَ مَحَلّنَا وَ مَقَرّ شِيعَتِنَا
وَ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ تُربَةٌ تُحِبّنَا وَ نُحِبّهَا
وَ عَنهُ ع أللّهُمّ ارمِ مَن رَمَاهَا وَ عَادِ مَن عَادَاهَا
و قال محمد الحسين الكيدري في شرح النهج فمن الجبابرة الذين ابتلاهم الله بشاغل فيهازياد و قدجمع الناس في المسجد ليلعن عليا صلوات الله عليه فخرج الحاجب و قال انصرفوا فإن الأمير مشغول و قدأصابه الفالج في هذه الساعة وابنه عبيد الله بن زياد و قدأصابه الجذام والحجاج بن يوسف و قدتولدت الحيات في بطنه حتي هلك وعمر بن هبيرة وابنه يوسف و قدأصابهما البرص وخالد القسري و قدحبس فطولب حتي مات جوعا و أماالذين رماهم الله بقاتل فعبد الله بن زياد ومصعب بن الزبير و أبوالسرايا وغيرهم قتلوا جميعا ويزيد بن المهلب قتل علي أسوإ حال
13- القَصَصُ،بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن دَاوُدَ الرقّيّّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ أَبُو جَعفَرٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِمَا يَقُولُ نِعمَ الأَرضُ الشّامُ وَ بِئسَ القَومُ أَهلُهَا اليَومَ وَ بِئسَ البِلَادُ مِصرُ أَمَا إِنّهَا سِجنُ مَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيهِ مِن بنَيِ إِسرَائِيلَ وَ لَم يَكُن دَخَلَ بَنُو إِسرَائِيلَ مِصرَ إِلّا مِن سَخطَةٍ وَ مَعصِيَةٍ مِنهُم لِلّهِ لِأَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَالَادخُلُوا الأَرضَ المُقَدّسَةَ التّيِ كَتَبَ اللّهُ لَكُميعَنيِ الشّامَ فَأَبَوا أَن يَدخُلُوهَا وَ عَصَوا فَتَاهُوا فِي الأَرضِ أَربَعِينَ سَنَةً قَالَ وَ مَا كَانَ خُرُوجُهُم مِن مِصرَ وَ دُخُولُهُمُ الشّامَ إِلّا مِن بَعدِ تَوبَتِهِم وَ رِضَا اللّهِ عَنهُم ثُمّ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ إنِيّ أَكرَهُ أَن آكُلَ شَيئاً طُبِخَ فِي فَخّارِ مِصرَ وَ مَا أُحِبّ أَن أَغسِلَ رأَسيِ مِن طِينِهَا مَخَافَةَ أَن توُرثِنَيِ تُربَتُهَا الذّلّ وَ تَذهَبَ بغِيَرتَيِ
العياشي، عن داود مثله
14-القَصَصُ،بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ أَحمَدَ عَن أَبِي اِبرَاهِيمَ الموَصلِيِّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ
صفحه : 211
عَبدِ اللّهِ ع إِنّ بنَيِّ ينُاَزعِنُيِ مِصرَ فَقَالَ مَا لَكَ وَ مِصرَ أَ مَا عَلِمتَ أَنّهَا مِصرُ الحُتُوفِ وَ لَا أَحسَبُهُ إِلّا قَالَ يُسَاقُ إِلَيهَا أَقصَرُ النّاسِ أَعمَاراً
15- وَ مِنهُ،بِهَذَا الإِسنَادِ عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ الحُضَيرِ عَن يَحيَي بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص انتَحُوا مِصرَ وَ لَا تَطلُبُوا المَكثَ فِيهَا وَ لَا أَحسَبُهُ إِلّا قَالَ وَ هُوَ يُورِثُ الدّيَاثَةَ
بيان قال في القاموس نحاه قصده كانتحاه
16- القَصَصُ،بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَ لَا تَأكُلُوا فِي فَخّارِهَا وَ لَا تَغسِلُوا رُءُوسَكُم بِطِينِهَا فَإِنّهَا تُورِثُ الذّلّةَ وَ تَذهَبُ بِالغَيرَةِ
17- كَامِلُ الزّيَارَةِ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي عُثمَانَ عَن عَبدِ الجَبّارِ عَن أَبِي سَعِيدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ ثُوَيرٍ وَ يُونُسَ وَ أَبِي سَلَمَةَ السّرّاجِ وَ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ قَالُوا سَمِعنَا أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ لَمّا مَضَي أَبُو عَبدِ اللّهِ الحُسَينُ بنُ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِمَا بَكَي عَلَيهِ جَمِيعُ مَا خَلَقَ اللّهُ إِلّا ثَلَاثَةَ أَشيَاءَ البَصرَةَ وَ دِمَشقَ وَ آلَ عُثمَانَ
18- الكشَيّّ، عَن مُحَمّدِ بنِ مَسعُودٍ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ مَعاً عَنِ الحُسَينِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَلِيّ عَن أَحمَدَ بنِ حَمزَةَ عَن عِمرَانَ القمُيّّ عَن حَمّادٍ النّابِ قَالَ كُنّا عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ نَحنُ جَمَاعَةٌ إِذ دَخَلَ عَلَيهِ عِمرَانُ بنُ عَبدِ اللّهِ القمُيّّ فَسَأَلَهُ وَ بَرّهُ وَ بَشّهُ فَلَمّا أَن قَامَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع مَن هَذَا ألّذِي بَرَرتَ بِهِ هَذَا البِرّ فَقَالَ مِن أَهلِ البَيتِ النّجَبَاءِ يعَنيِ أَهلَ قُمّ مَا أَرَادَهُم جَبّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ إِلّا قَصَمَهُ اللّهُ
19- وَ مِنهُ،بِهَذَا الإِسنَادِ عَن أَحمَدَ بنِ حَمزَةَ عَنِ المَرزُبَانِ بنِ عِمرَانَ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ قَالَدَخَلَ عِمرَانُ بنُ عَبدِ اللّهِ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ لَهُ كَيفَ أَنتَ وَ كَيفَ وُلدُكَ وَ كَيفَ أَهلُكَ وَ كَيفَ بَنُو عَمّكَ وَ كَيفَ أَهلُ بَيتِكَ ثُمّ حَدّثَهُ مَلِيّاً فَلَمّا خَرَجَ قِيلَ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع مَن هَذَا قَالَ هَذَا نَجِيبُ قَومِ النّجَبَاءِ مَا
صفحه : 212
نَصَبَ لَهُم جَبّارٌ إِلّا قَصَمَهُ اللّهُ
قال حسين عرضت هذين الحديثين علي أحمد بن حمزة فقال أعرفهما و لاأحفظ من رواهما لي
20- كِتَابُ تَارِيخِ قُمّ تَألِيفِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ القمُيّّ، قَالَ رَوَي سَعدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي خَلَفٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَعدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الخزُاَعيِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ سُئِلَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَينَ بِلَادُ الجَبَلِ فَإِنّا قَد رُوّينَا أَنّهُ إِذَا رُدّ إِلَيكُمُ الأَمرُ يُخسَفُ بِبَعضِهَا فَقَالَ إِنّ فِيهَا مَوضِعاً يُقَالُ لَهُ بَحرٌ وَ يُسَمّي بِقُمّ وَ هُوَ مَعدِنُ شِيعَتِنَا فَأَمّا الريّّ فَوَيلٌ لَهُ مِن جَنَاحَيهِ وَ إِنّ الأَمنَ فِيهِ مِن جِهَةِ قُمّ وَ أَهلِهِ قِيلَ وَ مَا جَنَاحَاهُ قَالَ ع أَحَدُهُمَا بَغدَادُ وَ الآخَرُ خُرَاسَانُ فَإِنّهُ تلَتقَيِ فِيهِ سُيُوفُ الخُرَاسَانِيّينَ وَ سُيُوفُ البَغدَادِيّينَ فَيُعَجّلُ اللّهُ عُقُوبَتَهُم وَ يُهلِكُهُم فيَأَويِ أَهلُ الريّّ إِلَي قُمّ فَيُؤوِيهِم أَهلُهُ ثُمّ يَنتَقِلُونَ مِنهُ إِلَي مَوضِعٍ يُقَالُ لَهُ أَردِستَانُ
21- وَ بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ الوَاحِدِ البصَريِّ عَن أَبِي وَائِلٍ عَن عَبدِ اللّهِ الليّثيِّ عَن ثَابِتٍ البنُاَنيِّ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ كُنتُ ذَاتَ يَومٍ جَالِساً عِندَ النّبِيّص إِذ دَخَلَ عَلَيهِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَص إلِيَّ يَا أَبَا الحَسَنِ ثُمّ اعتَنَقَهُ وَ قَبّلَ مَا بَينَ عَينَيهِ وَ قَالَ يَا عَلِيّ إِنّ اللّهَ عَزّ اسمُهُ عَرَضَ وَلَايَتَكَ عَلَي السّمَاوَاتِ فَسَبَقَت إِلَيهَا السّمَاءُ السّابِعَةُ فَزَيّنَهَا بِالعَرشِ ثُمّ سَبَقَت إِلَيهَا السّمَاءُ الرّابِعَةُ فَزَيّنَهَا بِالبَيتِ المَعمُورِ ثُمّ سَبَقَت إِلَيهَا السّمَاءُ الدّنيَا فَزَيّنَهَا بِالكَوَاكِبِ ثُمّ عَرَضَهَا عَلَي الأَرَضِينَ فَسَبَقَت إِلَيهَا مَكّةُ فَزَيّنَهَا بِالكَعبَةِ ثُمّ سَبَقَت إِلَيهَا المَدِينَةُ فَزَيّنَهَا بيِ ثُمّ سَبَقَت إِلَيهَا الكُوفَةُ فَزَيّنَهَا بِكَ ثُمّ سَبَقَ إِلَيهَا قُمّ فَزَيّنَهَا بِالعَرَبِ وَ فَتَحَ إِلَيهِ بَاباً مِن أَبوَابِ الجَنّةِ
22- وَ عَن مُحَمّدِ بنِ قُتَيبَةَ الهمَداَنيِّ وَ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الكشمارجاني[الكمَشاَرجِاَنيِّ] عَن عَلِيّ بنِ النّعمَانِ عَن أَبِي الأَكرَادِ عَلِيّ بنِ مَيمُونٍ الصّائِغِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ
صفحه : 213
إِنّ اللّهَ احتَجّ بِالكُوفَةِ عَلَي سَائِرِ البِلَادِ وَ بِالمُؤمِنِينَ مِن أَهلِهَا عَلَي غَيرِهِم مِن أَهلِ البِلَادِ وَ احتَجّ بِبَلدَةِ قُمّ عَلَي سَائِرِ البِلَادِ وَ بِأَهلِهَا عَلَي جَمِيعِ أَهلِ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ وَ لَم يَدَعِ اللّهُ قُمّ وَ أَهلَهُ مُستَضعَفاً بَل وَفّقَهُم وَ أَيّدَهُم ثُمّ قَالَ إِنّ الدّينَ وَ أَهلَهُ بِقُمّ ذَلِيلٌ وَ لَو لَا ذَلِكَ لَأَسرَعَ النّاسُ إِلَيهِ فَخَرِبَ قُمّ وَ بَطَلَ أَهلُهُ فَلَم يَكُن حُجّةً عَلَي سَائِرِ البِلَادِ وَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَم تَستَقِرّ السّمَاءُ وَ الأَرضُ وَ لَم يُنظَرُوا طَرفَةَ عَينٍ وَ إِنّ البَلَايَا مَدفُوعَةٌ عَن قُمّ وَ أَهلِهِ وَ سيَأَتيِ زَمَانٌ تَكُونُ بَلدَةُ قُمّ وَ أَهلُهَا حُجّةً عَلَي الخَلَائِقِ وَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ غَيبَةِ قَائِمِنَا ع إِلَي ظُهُورِهِ وَ لَو لَا ذَلِكَ لَسَاخَتِ الأَرضُ بِأَهلِهَا وَ إِنّ المَلَائِكَةَ لَتَدفَعُ البَلَايَا عَن قُمّ وَ أَهلِهِ وَ مَا قَصَدَهُ جَبّارٌ بِسُوءٍ إِلّا قَصَمَهُ قَاصِمُ الجَبّارِينَ وَ شَغَلَهُ عَنهُم بِدَاهِيَةٍ أَو مُصِيبَةٍ أَو عَدُوّ وَ ينُسيِ اللّهُ الجَبّارِينَ فِي دَولَتِهِم ذِكرَ قُمّ وَ أَهلِهِ كَمَا نَسُوا ذِكرَ اللّهِ
23- ثُمّ قَالَ وَ روُيَِ بِأَسَانِيدَ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ ذُكِرَ كُوفَةُ وَ قَالَ سَتَخلُو كُوفَةُ مِنَ المُؤمِنِينَ وَ يأزر[يَأرِزُ]عَنهَا العِلمُ كَمَا تأزر[تَأرِزُ]الحَيّةُ فِي جُحرِهَا ثُمّ يَظهَرُ العِلمُ بِبَلدَةٍ يُقَالُ لَهَا قُمّ وَ تَصِيرُ مَعدِناً لِلعِلمِ وَ الفَضلِ حَتّي لَا يَبقَي فِي الأَرضِ مُستَضعَفٌ فِي الدّينِ حَتّي المُخَدّرَاتُ فِي الحِجَالِ وَ ذَلِكَ عِندَ قُربِ ظُهُورِ قَائِمِنَا فَيَجعَلُ اللّهُ قُمّ وَ أَهلَهُ قَائِمِينَ مَقَامَ الحُجّةِ وَ لَو لَا ذَلِكَ لَسَاخَتِ الأَرضُ بِأَهلِهَا وَ لَم يَبقَ فِي الأَرضِ حُجّةٌ فَيُفِيضُ العِلمُ مِنهُ إِلَي سَائِرِ البِلَادِ فِي المَشرِقِ وَ المَغرِبِ فَيَتِمّ حُجّةُ اللّهِ عَلَي الخَلقِ حَتّي لَا يَبقَي أَحَدٌ عَلَي الأَرضِ لَم يَبلُغ إِلَيهِ الدّينُ وَ العِلمُ ثُمّ يَظهَرُ القَائِمُ ع وَ يَسِيرُ سَبَباً لِنَقِمَةِ اللّهِ وَ سَخَطِهِ عَلَي العِبَادِ لِأَنّ اللّهَ لَا يَنتَقِمُ مِنَ العِبَادِ إِلّا بَعدَ إِنكَارِهِم حُجّةً
24- وَ عَن أَبِي مُقَاتِلٍ الديّلمَيِّ نَقِيبِ الريّّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بنَ مُحَمّدٍ ع يَقُولُ إِنّمَا سمُيَّ قُمّ بِهِ لِأَنّهُ لَمّا وَصَلَتِ السّفِينَةُ إِلَيهِ فِي طُوفَانِ نُوحٍ ع قَامَت وَ هُوَ قِطعَةٌ مِن بَيتِ المَقدِسِ
25- وَ عَنِ الحَسَنِ بنِ يُوسُفَ عَن خَالِدِ بنِ يَزِيدَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ
صفحه : 214
إِنّ اللّهَ اختَارَ مِن جَمِيعِ البِلَادِ كُوفَةَ وَ قُمّ وَ تَفلِيسَ
26- وَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن أَبِي جَمِيلَةَ المُفَضّلِ بنِ صَالِحٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا عَمّتِ البُلدَانَ الفِتَنُ فَعَلَيكُم بِقُمّ وَ حَوَالَيهَا وَ نَوَاحِيهَا فَإِنّ البَلَاءَ مَدفُوعٌ عَنهَا
27- وَ عَن أَحمَدَ بنِ خَزرَجِ بنِ سَعدٍ عَن أَخِيهِ مُوسَي بنِ خَزرَجٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الحَسَنِ الرّضَا ع أَ تَعرِفُ مَوضِعاً يُقَالُ لَهُ وراردهار قُلتُ نَعَم وَ لِي فِيهِ ضَيعَتَانِ فَقَالَ الزَمهُ وَ تَمَسّك بِهِ ثُمّ قَالَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ نِعمَ المَوضِعُ وراردهار
28- وَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ البرَقيِّ عَن سَعدِ بنِ سَعدٍ الأشَعرَيِّ عَن جَمَاعَةٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا عَمّتِ البَلَايَا فَالأَمنُ فِي كُوفَةَ وَ نَوَاحِيهَا مِنَ السّوَادِ وَ قُمّ مِنَ الجَبَلِ وَ نِعمَ المَوضِعُ قُمّ لِلخَائِفِ الطّائِفِ
29- وَ عَن مُحَمّدِ بنِ سَهلِ بنِ اليَسَعِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا فُقِدَ الأَمنُ مِنَ العِبَادِ وَ رَكِبَ النّاسُ عَلَي الخُيُولِ وَ اعتَزَلُوا النّسَاءَ وَ الطّيبَ فَالهَرَبَ الهَرَبَ عَن جِوَارِهِم فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ إِلَي أَينَ قَالَ إِلَي الكُوفَةِ وَ نَوَاحِيهَا أَو إِلَي قُمّ وَ حَوَالَيهَا فَإِنّ البَلَاءَ مَدفُوعٌ عَنهُمَا
30- وَ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ عَن زُرَارَةَ بنِ أَعيَنَ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ أَهلُ خُرَاسَانَ أَعلَامُنَا وَ أَهلُ قُمّ أَنصَارُنَا وَ أَهلُ كُوفَةَ أَوتَادُنَا وَ أَهلُ هَذَا السّوَادِ مِنّا وَ نَحنُ مِنهُم
31- وَ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن عَبدِ العَظِيمِ الحسَنَيِّ عَن إِسحَاقَ النّاصِحِ مَولَي جَعفَرٍ عَن أَبِي الحَسَنِ الأَوّلِ ع قَالَ قُمّ عُشّ آلِ مُحَمّدٍ وَ مَأوَي شِيعَتِهِم وَ لَكِن سَيَهلِكُ جَمَاعَةٌ مِن شَبَابِهِم بِمَعصِيَةِ آبَائِهِم وَ الِاستِخفَافِ وَ السّخرِيّةِ بِكُبَرَائِهِم وَ مَشَايِخِهِم وَ مَعَ ذَلِكَ يَدفَعُ اللّهُ عَنهُم شَرّ الأعَاَديِ وَ كُلّ سُوءٍ
32- وَ عَن سَهلٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ الكوُفيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ حَمزَةَ بنِ القَاسِمِ العلَوَيِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ الهاَشمِيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ الصّادِقِ ع
صفحه : 215
قَالَ إِذَا أَصَابَتكُم بَلِيّةٌ وَ عَنَاءٌ فَعَلَيكُم بِقُمّ فَإِنّهُ مَأوَي الفَاطِمِيّينَ وَ مُستَرَاحُ المُؤمِنِينَ وَ سيَأَتيِ زَمَانٌ يُنَفّرُ أَولِيَاؤُنَا وَ مُحِبّونَا عَنّا وَ يُبَعّدُونَ مِنّا وَ ذَلِكَ مَصلَحَةٌ لَهُم لِكَيلَا يُعرَفُوا بِوَلَايَتِنَا وَ يُحقَنُوا بِذَلِكَ دِمَاؤُهُم وَ أَموَالُهُم وَ مَا أَرَادَ أَحَدٌ بِقُمّ وَ أَهلِهِ سُوءاً إِلّا أَذَلّهُ اللّهُ وَ أَبعَدَهُ مِن رَحمَتِهِ
33- وَ عَن سَهلٍ عَن أَحمَدَ بنِ عِيسَي البَزّازِ القمُيّّ عَن أَبِي إِسحَاقَ العَلّافِ النيّشاَبوُريِّ عَن وَاسِطِ بنِ سُلَيمَانَ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ إِنّ لِلجَنّةِ ثَمَانِيَةَ أَبوَابٍ وَ لِأَهلِ قُمّ وَاحِدٌ مِنهَا فَطُوبَي لَهُم ثُمّ طُوبَي لَهُم ثُمّ طُوبَي لَهُم
34- وَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كُنّا عِندَهُ جَالِسِينَ إِذ قَالَ مُبتَدِئاً خُرَاسَانُ خُرَاسَانُ سِجِستَانُ سِجِستَانُ كأَنَيّ أَنظُرُ إِلَي أَهلِهِمَا رَاكِبِينَ عَلَي الجِمَالِ مُسرِعِينَ إِلَي قُمّ
35- وَ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَن أَبِي الحَسَنِ الكرَخيِّ عَن سُلَيمَانَ بنِ صَالِحٍ قَالَ كُنّا ذَاتَ يَومٍ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَذَكَرَ فِتَنَ بنَيِ عَبّاسٍ وَ مَا يُصِيبُ النّاسَ مِنهُم فَقُلنَا جُعِلنَا فِدَاكَ فَأَينَ المَفزَعُ وَ المَفَرّ فِي ذَلِكَ الزّمَانِ فَقَالَ إِلَي الكُوفَةِ وَ حَوَالَيهَا وَ إِلَي قُمّ وَ نَوَاحِيهَا ثُمّ قَالَ فِي قُمّ شِيعَتُنَا وَ مَوَالِينَا وَ تَكثُرُ فِيهَا العِمَارَةُ وَ يَقصِدُهُ النّاسُ وَ يَجتَمِعُونَ فِيهِ حَتّي يَكُونَ الجَمرُ بَينَ بَلدَتِهِم
و في بعض روايات الشيعة أن قم يبلغ من العمارة إلي أن يشتري موضع فرس بألف درهم
36- وَ فِي خُطبَةِ المَلَاحِمِ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع التّيِ خَطَبَ بِهَا بَعدَ وَقعَةِ الجَمَلِ بِالبَصرَةِ قَالَ يَخرُجُ الحسَنَيِّ صَاحِبُ طَبَرِستَانَ مَعَ جَمّ كَثِيرٍ مِن خَيلِهِ وَ رَجِلِهِ حَتّي يأَتيَِ نَيسَابُورَ فَيَفتَحُهَا وَ يَقسِمُ أَبوَابَهَا ثُمّ يأَتيِ أَصبَهَانَ ثُمّ إِلَي قُمّ فَيَقَعُ بَينَهُ وَ بَينِ أَهلِ قُمّ وَقعَةٌ عَظِيمَةٌ يُقتَلُ فِيهَا خَلقٌ كَثِيرٌ فَيَنهَزِمُ أَهلُ قُمّ فَيَنهَبُ الحسَنَيِّ أَموَالَهُم وَ يسَبيِ ذَرَارِيّهُم وَ نِسَاءَهُم وَ يُخَرّبُ دُورَهُم فَيَفزَعُ أَهلُ قُمّ إِلَي جَبَلٍ يُقَالُ لَهَا وراردهار فَيُقِيمُ الحسَنَيِّ بِبَلَدِهِم أَربَعِينَ يَوماً وَ يَقتُلُ مِنهُم عِشرِينَ رَجُلًا وَ يَصلِبُ مِنهُم رَجُلَينِ ثُمّ يَرحَلُ عَنهُم
صفحه : 216
37- وَ عَن عَلِيّ بنِ عِيسَي عَن أَيّوبَ بنِ يَحيَي الجَندَلِ عَن أَبِي الحَسَنِ الأَوّلِ ع قَالَ رَجُلٌ مِن أَهلِ قُمّ يَدعُو النّاسَ إِلَي الحَقّ يَجتَمِعُ مَعَهُ قَومٌ كَزُبَرِ الحَدِيدِ لَا تُزِلّهُمُ الرّيَاحُ العَوَاصِفُ وَ لَا يَمَلّونَ مِنَ الحَرَبِ وَ لَا يَجبُنُونَ وَ عَلَي اللّهِ يَتَوَكّلُونَوَ العاقِبَةُ لِلمُتّقِينَ
38- وَ بِإِسنَادِهِ عَن عَفّانَ البصَريِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ لِي أَ تدَريِ لِمَ سمُيَّ قُمّ قُلتُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنتَ أَعلَمُ قَالَ إِنّمَا سمُيَّ قُمّ لِأَنّ أَهلَهُ يَجتَمِعُونَ مَعَ قَائِمِ آلِ مُحَمّدٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ يَقُومُونَ مَعَهُ وَ يَستَقِيمُونَ عَلَيهِ وَ يَنصُرُونَهُ
39- وَ عَن عَلِيّ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ الرّبِيعِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي بَيّاعِ الساّبرِيِّ قَالَ كُنتُ يَوماً عِندَ أَبِي الحَسَنِ ع فَجَرَي ذِكرُ قُمّ وَ أَهلِهِ وَ مَيلِهِم إِلَي المهَديِّ ع فَتَرَحّمَ عَلَيهِم وَ قَالَ رضَيَِ اللّهُ عَنهُم ثُمّ قَالَ إِنّ لِلجَنّةِ ثَمَانِيَةَ أَبوَابٍ وَ وَاحِدٌ مِنهَا لِأَهلِ قُمّ وَ هُم خِيَارُ شِيعَتِنَا مِن بَينِ سَائِرِ البِلَادِ خَمّرَ اللّهُ تَعَالَي وَلَايَتَنَا فِي طِينَتِهِم
40- وَ رَوَي بَعضُ أَصحَابِنَا قَالَ كُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع جَالِساً إِذ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَفَإِذا جاءَ وَعدُ أُولاهُما بَعَثنا عَلَيكُم عِباداً لَنا أوُليِ بَأسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدّيارِ وَ كانَ وَعداً مَفعُولًافَقُلنَا جُعِلنَا فِدَاكَ مَن هَؤُلَاءِ فَقَالَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ هُم وَ اللّهِ أَهلُ قُمّ
41- وَ روُيَِ عَن عِدّةٍ مِن أَهلِ الريّّأَنّهُم دَخَلُوا عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ قَالُوا نَحنُ مِن أَهلِ الريّّ فَقَالَ مَرحَباً بِإِخوَانِنَا مِن أَهلِ قُمّ فَقَالُوا نَحنُ مِن أَهلِ الريّّ فَأَعَادَ الكَلَامَ قَالُوا ذَلِكَ مِرَاراً وَ أَجَابَهُم بِمِثلِ مَا أَجَابَ بِهِ أَوّلًا فَقَالَ إِنّ لِلّهِ حَرَماً وَ هُوَ مَكّةُ وَ إِنّ لِلرّسُولِ حَرَماً وَ هُوَ المَدِينَةُ وَ إِنّ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ حَرَماً وَ هُوَ الكُوفَةُ وَ إِنّ لَنَا حَرَماً وَ هُوَ بَلدَةُ قُمّ وَ سَتُدفَنُ فِيهَا امرَأَةٌ مِن أوَلاَديِ تُسَمّي فَاطِمَةَ
صفحه : 217
فَمَن زَارَهَا وَجَبَت لَهُ الجَنّةُ قَالَ الراّويِ وَ كَانَ هَذَا الكَلَامُ مِنهُ قَبلَ أَن يُولَدَ الكَاظِمُ عَلَيهِ السّلَامُ
42- وَ فِي رِوَايَاتِ الشّيعَةِ أَنّ رَسُولَ اللّهِص لَمّا أسُريَِ بِهِ رَأَي إِبلِيسَ بَارِكاً بِهَذِهِ البُقعَةِ فَقَالَ لَهُ قُم يَا مَلعُونُ فَسُمّيَت بِذَلِكَ
43- وَ روُيَِ عَنِ الأَئِمّةِ ع لَو لَا القُمّيّونَ لَضَاعَ الدّينُ
44- وَ روُيَِ مَرفُوعاً إِلَي مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ الكلُيَنيِّ بِإِسنَادِهِ إِلَي عَلِيّ بنِ مُوسَي الرّضَا ع قَالَ إِذَا عَمّتِ البُلدَانَ الفِتَنُ فَعَلَيكُم بِقُمّ وَ حَوَالَيهَا وَ نَوَاحِيهَا فَإِنّ البَلَاءَ مَرفُوعٌ عَنهَا
45- وَ قَالَ ع لِزَكَرِيّا بنِ آدَمَ القمُيّّ حِينَ قَالَ الشّيخُ عِندَهُ يَا سيَدّيِ إنِيّ أُرِيدُ الخُرُوجَ عَن أَهلِ بيَتيِ فَقَد كَثُرَتِ السّفَهَاءُ فَقَالَ لَا تَفعَل فَإِنّ البَلَاءَ يُدفَعُ بِكَ عَن أَهلِ قُمّ كَمَا يُدفَعُ البَلَاءُ عَن أَهلِ بَغدَادَ بأِبَيِ الحَسَنِ الكَاظِمِ ع
46- وَ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ الجعَفرَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَنِ الصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ إِنّ لَعَلَي قُمّ مَلَكاً رَفرَفَ عَلَيهَا بِجَنَاحَيهِ لَا يُرِيدُهَا جَبّارٌ بِسُوءٍ إِلّا أَذَابَهُ اللّهُ كَذَوبِ المِلحِ فِي المَاءِ ثُمّ أَشَارَ إِلَي عِيسَي بنِ عَبدِ اللّهِ فَقَالَ سَلَامُ اللّهِ عَلَي أَهلِ قُمّ يسَقيِ اللّهُ بِلَادَهُمُ الغَيثَ وَ يُنزِلُ اللّهُ عَلَيهِمُ البَرَكَاتِ وَيُبَدّلُ اللّهُ سَيّئاتِهِم حَسَناتٍهُم أَهلُ رُكُوعٍ وَ سُجُودٍ وَ قِيَامٍ وَ قُعُودٍ هُمُ الفُقَهَاءُ العُلَمَاءُ الفُهَمَاءُ هُم أَهلُ الدّرَايَةِ وَ الرّوَايَةِ وَ حُسنِ العِبَادَةِ
47- وَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ الفَقِيهُ الهمَداَنيِّ فِي كِتَابِ البُلدَانِ إِنّ أَبَا مُوسَي الأشَعرَيِّ رَوَي أَنّهُ سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع عَن أَسلَمِ المُدُنِ وَ خَيرِ المَوَاضِعِ عِندَ نُزُولِ الفِتَنِ وَ ظُهُورِ السّيفِ فَقَالَ أَسلَمُ المَوَاضِعِ يَومَئِذٍ أَرضُ الجَبَلِ فَإِذَا اضطَرَبَت خُرَاسَانُ وَ وَقَعَتِ الحَربُ بَينَ أَهلِ جُرجَانَ وَ طَبَرِستَانَ وَ خَرِبَت سِجِستَانُ فَأَسلَمُ المَوَاضِعِ يَومَئِذٍ قَصَبَةُ قُمّ تِلكَ البَلدَةُ التّيِ يَخرُجُ مِنهَا أَنصَارُ خَيرِ النّاسِ أَباً وَ أُمّاً وَ جَدّاً وَ جَدّةً وَ عَمّاً وَ عَمّةً تِلكَ التّيِ تُسَمّي الزّهرَاءَ بِهَا مَوضِعُ قَدَمِ جَبرَئِيلَ وَ هُوَ المَوضِعُ ألّذِي نَبَعَ مِنهُ المَاءُ
صفحه : 218
ألّذِي مَن شَرِبَ مِنهُ أَمِنَ مِنَ الدّاءِ وَ مِن ذَلِكَ المَاءِ عُجِنَ الطّينُ ألّذِي عَمِلَ مِنهُ كَهَيئَةِ الطّيرِ وَ مِنهُ يَغتَسِلُ الرّضَا ع وَ مِن ذَلِكَ المَوضِعُ يَخرُجُ كَبشُ اِبرَاهِيمَ وَ عَصَا مُوسَي وَ خَاتَمُ سُلَيمَانَ
48- وَ مِن رِوَايَاتِ الشّيعَةِ فِي فَضلِ قُمّ وَ أَهلِهَا مَا رَوَاهُ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ مُوسَي بنِ بَابَوَيهِ بِأَسَانِيدَ ذَكَرَهَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع أَنّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَيهِ فَقَالَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ إنِيّ أُرِيدُ أَن أَسأَلَكَ عَن مَسأَلَةٍ لَم يَسأَلكَ أَحَدٌ قبَليِ وَ لَا يَسأَلُكَ أَحَدٌ بعَديِ فَقَالَ عَسَاكَ تسَألَنُيِ عَنِ الحَشرِ وَ النّشرِ فَقَالَ الرّجُلُ إيِ وَ ألّذِي بَعَثَ مُحَمّداً بِالحَقّ بَشِيراً وَ نَذِيراً مَا أَسأَلُكَ إِلّا عَنهُ فَقَالَ مَحشَرُ النّاسِ كُلّهُم إِلَي بَيتِ المَقدِسِ إِلّا بُقعَةٌ بِأَرضِ الجَبَلِ يُقَالُ لَهَا قُمّ فَإِنّهُم يُحَاسَبُونَ فِي حُفَرِهِم وَ يُحشَرُونَ مِن حُفَرِهِم إِلَي الجَنّةِ ثُمّ قَالَ أَهلُ قُمّ مَغفُورٌ لَهُم قَالَ فَوَثَبَ الرّجُلُ عَلَي رِجلَيهِ وَ قَالَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ هَذَا خَاصّةً لِأَهلِ قُمّ قَالَ نَعَم وَ مَن يَقُولُ بِمَقَالَتِهِم ثُمّ قَالَ أَزِيدُكَ قَالَ نَعَم حدَثّنَيِ أَبِي عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص نَظَرتُ إِلَي بُقعَةٍ بِأَرضِ الجَبَلِ خَضرَاءَ أَحسَنَ لَوناً مِنَ الزّعفَرَانِ وَ أَطيَبَ رَائِحَةً مِنَ المِسكِ وَ إِذَا فِيهَا شَيخٌ بَارِكٌ عَلَي رَأسِهِ بُرنُسٌ فَقُلتُ حبَيِبيِ جَبرَئِيلُ مَا هَذِهِ البُقعَةُ قَالَ فِيهَا شِيعَةُ وَصِيّكَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ قُلتُ فَمَنِ الشّيخُ البَارِكُ فِيهَا قَالَ ذَلِكَ إِبلِيسُ اللّعِينُ عَلَيهِ اللّعنَةُ قُلتُ فَمَا يُرِيدُ مِنهُم قَالَ يُرِيدُ أَن يَصُدّهُم عَن وَلَايَةِ وَصِيّكَ عَلِيّ وَ يَدعُوَهُم إِلَي الفِسقِ وَ الفُجُورِ فَقُلتُ يَا جَبرَئِيلُ اهوِ بِنَا إِلَيهِ فَأَهوَي بِنَا إِلَيهِ فِي أَسرَعَ مِن بَرقٍ خَاطِفٍ فَقُلتُ لَهُ قُم يَا مَلعُونُ فَشَارِكِ المُرجِئَةَ فِي نِسَائِهِم وَ أَموَالِهِم لِأَنّ أَهلَ قُمّ شيِعتَيِ وَ شِيعَةُ وصَيِيّ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ
49- وَ رَوَي مُحَمّدُ بنُ الحُسَينِ بنِ أَبِي الخَطّابِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الحضَرمَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ بُهلُولٍ عَن أَبِي مُسلِمٍ العبَديِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع قَالَتُربَةُ قُمّ مُقَدّسَةٌ وَ أَهلُهَا مِنّا وَ نَحنُ مِنهُم لَا يُرِيدُهُم جَبّارٌ بِسُوءٍ إِلّا عُجّلَت عُقُوبَتُهُ مَا لَم يَخُونُوا
صفحه : 219
إِخوَانَهُم فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم جَبَابِرَةَ سَوءٍ أَمَا إِنّهُم أَنصَارُ قَائِمِنَا وَ دُعَاةُ حَقّنَا ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ وَ قَالَ أللّهُمّ اعصِمهُم مِن كُلّ فِتنَةٍ وَ نَجّهِم مِن كُلّ هَلَكَةٍ
ثم ذكر صاحب التاريخ المشاهد والقبور الواقعة في بلدة قم فقال منها قبر فاطمة بنت موسي بن جعفر ع وروي أن زيارتها تعادل الجنة. وروي مشايخ قم أنه لماأخرج المأمون علي بن موسي الرضا ع من المدينة إلي المرو في سنة مائتين خرجت فاطمة أخته في سنة إحدي ومائتين تطلبه فلما وصلت إلي ساوه مرضت فسألت كم بيني و بين قم قالوا عشرة فراسخ فأمرت خادمها فذهب بها إلي قم وأنزلها في بيت موسي بن خزرج بن سعد والأصح أنه لماوصل الخبر إلي آل سعد اتفقوا وخرجوا إليها أن يطلبوا منها النزول في بلدة قم فخرج من بينهم موسي بن خزرج فلما وصل إليها أخذ بزمام ناقتها وجرها إلي قم وأنزلها في داره فكانت فيهاستة عشر يوما ثم مضت إلي رحمة الله ورضوانه فدفنها موسي بعدالتغسيل والتكفين في أرض له وهي التي الآن مدفنها وبني علي قبرها سقفا من البواري إلي أن بنت زينب بنت الجواد ع عليها قبة وحدثني الحسين بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد أنه لماتوفيت فاطمة رضي الله عنها وغسلوها وكفنوها ذهبوا بها إلي بابلان ووضعوها علي سرداب حفروه لها فاختلف آل سعد بينهم في من يدخل السرداب ويدفنها فيه فاتفقوا علي خادم لهم شيخ كبير صالح يقال له قادر فلما بعثوا إليها رأوا راكبين سريعين متلثمين يأتيان من جانب الرملة فلما قربا من الجنازة نزلا وصليا عليها ودخلا السرداب وأخذا الجنازة فدفناها ثم خرجا وركبا وذهبا و لم يعلم أحد من هما والمحراب ألذي كانت فاطمة ع تصلي إليها موجود إلي الآن في دار موسي بن الخزرج ثم ماتت أم محمدبنت موسي بن محمد بن علي الرضا ع فدفنوها في جنب فاطمة رضي الله عنها
صفحه : 220
ثم توفيت ميمونة أختها فدفنوها هناك أيضا وبنوا عليهما أيضا قبة ودفن فيهاأم إسحاق جارية محمد وأم حبيب جارية محمد بن أحمدالرضا وأخت محمد بن موسي ثم قال ومنها قبر أبي جعفر موسي بن محمد بن علي الرضا ع قال و هوأول من دخل من السادات الرضوية قم و كان مبرقعا دائما فأخرجه العرب من قم ثم اعتذروا منه وأدخلوه وأكرموه واشتروا من أموالهم له دارا ومزارع وحسن حاله واشتري من ماله أيضا قري ومزارع فجاءت إليه أخواته زينب وأم محمد وميمونة بنات الجواد عليه السلام ثم بريهية بنت موسي فدفن كلهن عندفاطمة رضي الله عنها وتوفي موسي ليلة الأربعاء ثامن شهر ربيع الآخر من سنة ست وتسعين ومائتين ودفن في الموضع المعروف أنه مدفنه ومنها قبر أبي علي محمد بن أحمد بن موسي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام توفي في سنة خمس عشرة وثلاثمائة ودفن في مقبرة محمد بن موسي ثم ذكر مقابر كثير من السادات الرضوية وكثير من أولاد محمد بن جعفرالصادق ع وكثير من أحفاد علي بن جعفر وقبور كثير من السادات الحسنية و كان أكثر أهل قم من الأشعريين وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أللّهُمّ اغفِر لِلأَشعَرِيّينَ صَغِيرِهِم وَ كَبِيرِهِم
وَ قَالَ الأَشعَرِيّونَ منِيّ وَ أَنَا مِنهُم
وَ روُيَِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي البخَترَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ عَنِ الزهّريِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص الأَزدُ وَ الأَشعَرِيّونَ وَ كِندَةُ منِيّ لَا يَعدِلُونَ وَ لَا يَجبُنُونَ
وَ بِهَذَا الإِسنَادِ عَن أَبِي البخَترَيِّ عَنِ الزهّريِّ عَن زَيدِ بنِ أَسلَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لِلأَشعَرِيّينَ لَمّا قَدِمُوا أَنتُمُ المُهَاجِرُونَ إِلَي الأَنبِيَاءِ مِن وُلدِ إِسمَاعِيلَ
ثم ذكر أخبارا كثيرة في فضائلهم ثم قال من مفاخرهم إن أول من أظهر التشيع بقم موسي بن عبد الله بن سعد الأشعري. ومنها
أَنّهُ قَالَ الرّضَا ع لِزَكَرِيّا بنِ آدَمَ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ سَعدٍ الأشَعرَيِّ إِنّ اللّهَ يَدفَعُ البَلَاءَ بِكَ عَن أَهلِ قُمّ كَمَا يَدفَعُ البَلَاءَ عَن أَهلِ بَغدَادَ بِقَبرِ مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع
ومنها أنهم وقفوا المزارع والعقارات الكثيرة علي الأئمة ع ومنها أنهم أول من بعث الخمس إليهم ومنها أنهم ع أكرموا جماعة كثيرة منهم بالهدايا والتحف والأكفان كأبي جرير زكريا بن إدريس وزكريا بن آدم وعيسي بن عبد الله بن
صفحه : 221
سعد وغيرهم ممن يطول بذكرهم الكلام وشرفوا بعضهم بالخواتيم والخلع وأنهم اشتروا من دعبل الخزاعي ثوب الرضا ع بألف دينار من الذهب ومنها أن الصادق عليه السلام قال لعمران بن عبد الله أظلك الله يوم لاظل إلاظله انتهي ماأخرجته من تاريخ قم ومؤلفه من علماء الإمامية.بيان يظهر من هذاالتاريخ أن وراردهار اسم بعض رساتيق قم وتوابعه و قال فيه سبع عشرة قرية و كان من رساتيق أصبهان فألحق بقم والجمر اسم نهر من الأنهار التي كانت قبل بناء بلدة قم كمايلوح من التاريخ
وَ رَوَي الكشَيّّ خَبَرَ زَكَرِيّا بنِ آدَمَ عَن مُحَمّدِ بنِ قُولَوَيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ حَمزَةَ عَن زَكَرِيّا بنِ آدَمَ قَالَ قُلتُ لِلرّضَا ع إنِيّ أُرِيدُ الخُرُوجَ عَن أَهلِ بيَتيِ فَقَد كَثُرَ السّفَهَاءُ فِيهِم فَقَالَ لَا تَفعَل فَإِنّ أَهلَ بَيتِكَ يُدفَعُ عَنهُم بِكَ كَمَا يُدفَعُ عَن أَهلِ بَغدَادَ بأِبَيِ الحَسَنِ الكَاظِمِ عَلَيهِ السّلَامُ
50- المَجَازَاتُ النّبَوِيّةُ، قَالَ النّبِيّص أُمِرتُ بِقَريَةٍ تَأكُلُ القُرَي تنَفيِ الخَبَثَ كَمَا ينَفيِ الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ
يريد ع الهجرة إلي المدينة قال السيد ره فقوله أمرت بقرية تأكل القري مجاز والمراد أن أهلها يقهرون أهل القري فيملكون بلادهم وأموالهم فكأنهم بهذه الأحوال يأكلونهم وخرج هذاالقول علي طريقة للعرب معروفة لأنهم يقولون أكل فلان جاره إذاعدا عليه فانتهك حرمته واصطفي حريبته و علي ذلك قول علقة بن عقيل بن علقة لأبيه في أبيات
أكلت بيتك أكل الضب حتي | وجدت مدارة الكل الوبيل . |
و من ذلك قوله ع في غزوة الحديبية ويح قريش أكلهم الحرب يريد أنها قدأفنت رجالهم وانتهكت أموالهم فكانت من هذاالوجه كأنها آكلة لهم قال ذلك في حديث طويل والمراد بقوله تنفي الخبث كماينفي الكير خبث الحديد إن أهلها يتمحضون [يتمحصون ]فينتفي عنها الأشرار ويبقي فيهاالأخيار ويفارقها الأخلاط
صفحه : 222
والأقشاب و لايصبر عليها إلاالصميم واللباب فيكون بمنزلة الكير ألذي ينفي الأخباث والأدران ويخلص الرصاص و هذاأيضا مجاز و قدورد هذاالخبر بلفظ آخر ذَكَرَهُ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ قَالَ سَمِعنَا عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَ المَدِينَةُ تنَفيِ خَبَثَ الرّجَالِ كَمَا ينَفيِ الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ
والمعني في اللفظين واحد
51- كِتَابُ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ شُرَيحٍ، عَنِ المُعَلّي الطّحّانِ عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ عَن مَيمُونٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ عَنِ النّبِيّص أَنّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيهِ أُنَاسٌ مِنَ اليَمَنِ قَالَ مَرحَباً بِرَهطِ شُعَيبٍ وَ أَحبَارِ مُوسَي
52- وَ عَنهُ قَالَ سَمِعتُ قَيسَ بنَ الرّبِيعِ يَرفَعُهُ إِلَي النّبِيّص قَالَ حَضرَمَوتُ خَيرٌ مِنَ الحَارِثِيّينَ
53- مَجَالِسُ الشّيخِ، عَن أَحمَدَ بنِ عُبدُونٍ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ الزّبَيرِ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ فَضّالٍ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَامِرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الوَلِيدِ قَالَ دَخَلنَا عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَسَلّمنَا عَلَيهِ وَ جَلَسنَا بَينَ يَدَيهِ فَسَأَلَنَا مَن أَنتُم قُلنَا مِن أَهلِ الكُوفَةِ فَقَالَ أَمَا إِنّهُ لَيسَ مِن بَلَدٍ مِنَ البُلدَانِ أَكثَرَ مُحِبّاً لَنَا مِن أَهلِ الكُوفَةِ ثُمّ هَذِهِ العِصَابَةُ خَاصّةً إِنّ اللّهَ هَدَاكُم لِأَمرٍ جَهِلَهُ النّاسُ أَحبَبتُمُونَا وَ أَبغَضَنَا النّاسُ وَ صَدّقتُمُونَا وَ كَذّبَنَا النّاسُ وَ اتّبَعتُمُونَا وَ خَالَفَنَا النّاسُ فَجَعَلَ اللّهُ مَحيَاكُم مَحيَانَا وَ مَمَاتَكُم مَمَاتَنَا الخَبَرَ
بيان ثم هذه العصابة أي هم فيهاأكثر من غيرها من البلدان والمراد عصابة الشيعة فإن المحب أعم منها والعصابة بالكسر الجماعة من الناس
54- مَجَالِسُ الشّيخِ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ الغضَاَئرِيِّ عَنِ التلّعّكُبرَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ هَمّامٍ عَن عَبدِ اللّهِ الحمِيرَيِّ عَنِ الطيّاَلسِيِّ عَن زُرَيقٍ الخلُقاَنيِّ قَالَ كُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع يَوماً إِذ دَخَلَ عَلَيهِ رَجُلَانِ مِن أَهلِ الكُوفَةِ مِن أَصحَابِنَا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ أَ تَعرِفُهُمَا قُلتُ نَعَم هُمَا مِن مَوَالِيكَ فَقَالَ نَعَم وَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي جَعَلَ أَجِلّةَ موَاَليِّ بِالعِرَاقِ الخَبَرَ
55-أَقُولُ وَجَدتُ بِخَطّ الشّيخِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الجبُاَعيِّ رَحِمَهُ اللّهُ قَالَ
صفحه : 223
الشّيخُ مُحَمّدُ بنُ مكَيّّ قَدّسَ اللّهُ رُوحَهُ وَجَدَ بِخَطّ جَمَالِ الدّينِ ابنِ المُطَهّرِ وَجَدتُ بِخَطّ واَلدِيِ ره قَالَ وَجَدتُ رُقعَةً عَلَيهَا مَكتُوبٌ بِخَطّ عَتِيقٍ مَا صُورَتُهُبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ هَذَا مَا أَخبَرَنَا بِهِ الشّيخُ الأَجَلّ العَالِمُ عِزّ الدّينِ أَبُو المَكَارِمِ حَمزَةُ بنُ عَلِيّ بنِ زُهرَةَ الحسُيَنيِّ الحلَبَيِّ إِملَاءً مِن لَفظِهِ عِندَ نُزُولِهِ بِالحِلّةِ السّيفِيّةِ وَ قَد وَرَدَهَا حَاجّاً سَنَةَ أَربَعٍ وَ سَبعِينَ وَ خَمسِمِائَةٍ وَ رَأَيتُهُ يَلتَفِتُ يَمنَةً وَ يَسرَةً فَسَأَلتُهُ عَن سَبَبِ ذَلِكَ قَالَ إنِنّيِ لَأَعلَمُ أَنّ لِمَدِينَتِكُم هَذِهِ فَضلًا جَزِيلًا قُلتُ وَ مَا هُوَ قَالَ أخَبرَنَيِ أَبِي عَن أَبِيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ قُولَوَيهِ عَنِ الكلُيَنيِّ قَالَ حدَثّنَيِ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِّ عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ قَالَ صَحِبتُ موَلاَيَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عِندَ وُرُودِهِ إِلَي صِفّينَ وَ قَد وَقَفَ عَلَي تَلّ عَرِيرٍ ثُمّ أَومَأَ إِلَي أَجَمَةٍ مَا بَينَ بَابِلَ وَ التّلّ وَ قَالَ مَدِينَةٌ وَ أَيّ مَدِينَةٍ فَقُلتُ لَهُ يَا موَلاَيَ أَرَاكَ تَذكُرُ مَدِينَةً أَ كَانَ هَاهُنَا مَدِينَةٌ وَ انمَحَت آثَارُهَا فَقَالَ لَا وَ لَكِن سَتَكُونُ مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا الحِلّةُ السّيفِيّةُ يَمدُنُهَا رَجُلٌ مِن بنَيِ أَسَدٍ يَظهَرُ بِهَا قَومٌ أَخيَارٌ لَو أَقسَمَ أَحَدُهُم عَلَي اللّهِ لَأَبَرّ قَسَمَهُ
بيان عرير بالمهملتين أي مفرد و في القاموس العرير الغريب في القول أوبالمعجمتين أي منيع رفيع والحلة بالكسر بلدة معروفة ووصفها بالسيفية لأنها بناها سيف الدولة
56- وَ وَجَدتُ أَيضاً بِخَطّ الشّيخِ المُتَقَدّمِ نَقلًا مِن خَطّ الشّهِيدِ قُدّسَ سِرّهُ قَالَ الراّونَديِّ قَالَ البَاقِرُ ع إِنّ اللّهَ وَضَعَ تَحتَ العَرشِ أَربَعَةَ أَسَاطِينَ وَ سَمّاهُ الضّرَاحَ ثُمّ بَعَثَ مَلَائِكَةً فَأَمَرَهُم بِبِنَاءِ بَيتٍ فِي الأَرضِ بِمِثَالِهِ وَ قَدرِهِ فَلَمّا كَانَ الطّوفَانُ رُفِعَ فَكَانَتِ الأَنبِيَاءُ يَحُجّونَهُ وَ لَا يَعلَمُونَ مَكَانَهُ حَتّي بَوّأَهُ اللّهُ لِإِبرَاهِيمَ فَأَعلَمَهُ مَكَانَهُ فَبَنَاهُ مِن خَمسَةِ أَجبُلٍ مِن حِرَاءَ وَ ثَبِيرٍ وَ لُبنَانٍ وَ جَبَلِ الطّورِ وَ جَبَلِ الخَمَرِ
قال الطبري و هوجبل بدمشق .بيان قال الفيروزآبادي الخمر بالتحريك جبل بالقدس و قال لبنان
صفحه : 224
بالضم جبل بالشام
57- كَنزُ الكرَاَجكُيِّ، قَالَ رَوَي الشّرِيفُ أَبُو مُحَمّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمّدٍ الحسُيَنيِّ عَن عَلِيّ بنِ عُثمَانَ الأَشَجّ المَعرُوفِ بأِبَيِ الدّنيَا قَالَ حدَثّنَيِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَحَبّ أَهلَ اليَمَنِ فَقَد أحَبَنّيِ وَ مَن أَبغَضَهُم فَقَد أبَغضَنَيِ
58-شَرحُ النّهجِ لِابنِ مِيثَمٍ، قَالَ لَمّا فَرَغَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مِن حَربِ الجَمَلِ خَطَبَ النّاسَ بِالبَصرَةِ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ صَلّي عَلَي النّبِيّص ثُمّ قَالَ يَا أَهلَ البَصرَةِ يَا أَهلَ المُؤتَفِكَةِ ائتَفَكَت بِأَهلِهَا ثَلَاثاً وَ عَلَي اللّهِ تَمَامُ الرّابِعَةِ يَا جُندَ المَرأَةِ وَ أَعوَانَ البَهِيمَةِ رَغَا فَأَجَبتُم وَ عَقَرَ فَانهَزَمتُم أَخلَاقُكُم دِقَاقٌ وَ دِينُكُم نِفَاقٌ وَ مَاؤُكُم زُعَاقٌ بِلَادُكُم أَنتَنُ بِلَادِ اللّهِ تُربَةً وَ أَبعَدُهَا مِنَ السّمَاءِ بِهَا تِسعَةُ أَعشَارِ الشّرّ المُحتَبَسُ فِيهَا بِذَنبِهِ وَ الخَارِجُ مِنهَا بِعَفوِ اللّهِ كأَنَيّ أَنظُرُ إِلَي قَريَتِكُم هَذِهِ وَ قَد طَبّقَهَا المَاءُ حَتّي مَا يُرَي مِنهَا إِلّا شُرَفُ المَسجِدِ كَأَنّهُ جُؤجُؤُ طَيرٍ فِي لُجّةِ بَحرٍ وَ سَاقَ إِلَي قَولِهِ إِذَا هُم رَأَوُا البَصرَةَ قَد تَحَوّلَت أَخصَاصُهَا دُوراً وَ آجَامُهَا قُصُوراً فَالهَرَبَ الهَرَبَ فَإِنّهُ لَا بَصرَةَ لَكُم يَومَئِذٍ
صفحه : 225
ثُمّ التَفَتَ عَن يَمِينِهِ فَقَالَ كَم بَينَكُم وَ بَينَ الأُبُلّةِ فَقَالَ لَهُ المُنذِرُ بنُ الجَارُودِ فِدَاكَ أَبِي وَ أمُيّ أَربَعَةُ فَرَاسِخَ قَالَ لَهُ صَدَقتَ فَوَ ألّذِي بَعَثَ مُحَمّداًص وَ أَكرَمَهُ بِالنّبُوّةِ وَ خَصّهُ بِالرّسَالَةِ وَ عَجّلَ بِرُوحِهِ إِلَي الجَنّةِ لَقَد سَمِعتُ مِنهُ كَمَا تَسمَعُونَ منِيّ أَن قَالَ يَا عَلِيّ هَل عَلِمتَ أَنّ بَينَ التّيِ تُسَمّي البَصرَةُ وَ التّيِ تُسَمّي الأُبُلّةُ أَربَعَةُ فَرَاسِخَ وَ سَيَكُونُ فِي التّيِ تُسَمّي الأُبُلّةُ مَوضِعُ أَصحَابِ العُشُورِ يُقتَلُ فِي ذَلِكَ المَوضِعِ مِن أمُتّيِ سَبعُونَ أَلفَ شَهِيدٍ هُم يَومَئِذٍ بِمَنزِلَةِ شُهَدَاءِ بَدرٍ فَقَالَ لَهُ المُنذِرُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ مَن يَقتُلُهُم فِدَاكَ أَبِي وَ أمُيّ قَالَ يَقتُلُهُم إِخوَانٌ وَ هُم جِيلٌ كَأَنّهُمُ الشّيَاطِينُ سُودٌ أَلوَانُهُم مُنتِنَةٌ أَروَاحُهُم شَدِيدٌ كَلَبُهُم قَلِيلٌ سَلَبُهُم طُوبَي لِمَن قَتَلُوهُ يَنفِرُ لِجِهَادِهِم فِي ذَلِكَ الزّمَانِ قَومٌ هُم أَذِلّةٌ عِندَ المُتَكَبّرِينَ مِن أَهلِ ذَلِكَ الزّمَانِ مَجهُولُونَ فِي الأَرضِ مَعرُوفُونَ فِي السّمَاءِ تبَكيِ السّمَاءُ عَلَيهِم وَ سُكّانُهَا وَ الأَرضُ وَ سُكّانُهَا ثُمّ هَمَلَت عَينَاهُ بِالبُكَاءِ ثُمّ قَالَ وَيحَكَ يَا بَصرَةُ مِن جَيشٍ لَا رَهَجَ لَهُ وَ لَا حِسّ فَقَالَ لَهُ المُنذِرُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ مَا ألّذِي يُصِيبُهُم مِن قَبلِ الغَرَقِ مِمّا ذَكَرتَ وَ مَا الوَيحُ فَقَالَ هُمَا بَابَانِ فَالوَيحُ بَابُ رَحمَةٍ وَ الوَيلُ بَابُ عَذَابٍ يَا ابنَ الجَارُودِ نَعَم تَارَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنهَا عُصبَةٌ يَقتُلُ بَعضُهَا بَعضاً وَ مِنهَا فِتنَةٌ يَكُونُ بِهَا إِخرَابُ مَنَازِلَ وَ خَرَابُ دِيَارٍ وَ انتِهَاكُ أَموَالٍ وَ سِبَاءُ نِسَاءٍ يُذبَحنَ ذَبحاً يَا وَيلُ أَمرُهُنّ حَدِيثٌ عَجِيبٌ وَ مِنهَا أَن يَستَحِلّ بِهَا الدّجّالُ الأَكبَرُ الأَعوَرُ المَمسُوحُ العَينُ اليُمنَي وَ الأُخرَي كَأَنّهَا مَمزُوجَةٌ بِالدّمِ لَكَأَنّهَا فِي الحُمرَةِ عَلَقَةٌ نَاتِئُ الحَدَقَةِ كَهَيئَةِ حَبّةِ العِنَبِ الطّافِيَةِ عَلَي المَاءِ فَيَتّبِعُهُ مِن أَهلِهَا عِدّةُ مَن قُتِلَ بِالأُبُلّةِ مِنَ الشّهَدَاءِ أَنَاجِيلُهُم فِي صُدُورِهِم يُقتَلُ مَن يُقتَلُ وَ يَهرُبُ مَن يَهرُبُ ثُمّ رَجفٌ ثُمّ قَذفٌ ثُمّ خَسفٌ ثُمّ مَسخٌ ثُمّ الجُوعُ الأَغبَرُ ثُمّ المَوتُ الأَحمَرُ وَ هُوَ الغَرَقُ يَا مُنذِرُ إِنّ لِلبَصرَةِ ثَلَاثَةَ أَسمَاءٍ سِوَي البَصرَةِ فِي الزّبُرِ الأَوّلِ لَا يَعلَمُهَا إِلّا العُلَمَاءُ مِنهَا الخَرِيبَةُ وَ مِنهَا تَدمُرُ وَ مِنهَا المُؤتَفِكَةُ وَ سَاقَ إِلَي أَن قَالَ يَا أَهلَ البَصرَةِ إِنّ اللّهَ لَم يَجعَل لِأَحَدٍ مِن أَمصَارِ المُسلِمِينَ خُطّةَ شَرَفٍ وَ لَا كَرَمٍ إِلّا وَ قَد جَعَلَ
صفحه : 226
فِيكُم أَفضَلَ ذَلِكَ وَ زَادَكُم مِن فَضلِهِ بِمَنّهِ مَا لَيسَ لَهُم أَنتُم أَقُومُ النّاسِ قِبلَةً قِبلَتُكُم عَلَي المَقَامِ حَيثُ يَقُومُ الإِمَامُ بِمَكّةَ وَ قَارِئُكُم أَقرَأُ النّاسِ وَ زَاهِدُكُم أَزهَدُ النّاسِ وَ عَابِدُكُم أَعبَدُ النّاسِ وَ تَاجِرُكُم أَتجَرُ النّاسِ وَ أَصدَقُهُم فِي تِجَارَتِهِ وَ مُتَصَدّقُكُم أَكرَمُ النّاسِ صَدَقَةً وَ غَنِيّكُم أَشَدّ النّاسِ بَذلًا وَ تَوَاضُعاً وَ شَرِيفُكُم أَحسَنُ النّاسِ خُلُقاً وَ أَنتُم أَكثَرُ النّاسِ جِوَاراً وَ أَقَلّهُم تَكَلّفاً لِمَا لَا يَعنِيهِ وَ أَحرَصُهُم عَلَي الصّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ ثَمَرَتُكُم أَكثَرُ الثّمَارِ وَ أَموَالُكُم أَكثَرُ الأَموَالِ وَ صِغَارُكُم أَكيَسُ الأَولَادِ وَ نِسَاؤُكُم أَمنَعُ النّسَاءِ وَ أَحسَنُهُنّ تَبَعّلًا سَخّرَ لَكُمُ المَاءَ يَغدُو عَلَيكُم وَ يَرُوحُ صَلَاحاً لِمَعَاشِكُم وَ البَحرَ سَبَباً لِكَثرَةِ أَموَالِكُم فَلَو صَبَرتُم وَ استَقَمتُم لَكَانَت شَجَرَةُ طُوبَي لَكُم مَقِيلًا وَظِلّا ظَلِيلًا غَيرَ أَنّ حُكمَ اللّهِ مَاضٍ وَ قَضَاءَهُ نَافِذٌلا مُعَقّبَ لِحُكمِهِ وَ هُوَ سَرِيعُ الحِسابِ يَقُولُ اللّهُوَ إِن مِن قَريَةٍ إِلّا نَحنُ مُهلِكُوها قَبلَ يَومِ القِيامَةِ أَو مُعَذّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الكِتابِ مَسطُوراً ثُمّ سَاقَ الخُطبَةَ إِلَي قَولِهِ إِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ لِي يَوماً وَ لَيسَ مَعَهُ غيَريِ إِنّ جَبرَئِيلَ الرّوحَ الأَمِينَ حمَلَنَيِ عَلَي مَنكِبِهِ الأَيمَنِ حَتّي أرَاَنيَِ الأَرضَ وَ مَن عَلَيهَا وَ أعَطاَنيِ أَقَالِيدَهَا وَ علَمّنَيِ مَا فِيهَا وَ مَا قَد كَانَ عَلَي ظَهرِهَا وَ مَا يَكُونُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ لَم يَكبُر ذَلِكَ عَلَيّ كَمَا لَم يَكبُر عَلَي أَبِي آدَمَ عَلّمَهُ الأَسمَاءَ كُلّهَا وَ لَم تَعلَمهَا المَلَائِكَةُ المُقَرّبُونَ وَ إنِيّ رَأَيتُ بُقعَةً عَلَي شَاطِئِ البَحرِ تُسَمّي البَصرَةَ فَإِذَا هيَِ أَبعَدُ الأَرضِ مِنَ السّمَاءِ وَ أَقرَبُهَا مِنَ المَاءِ وَ إِنّهَا لَأَسرَعُ الأَرضِ خَرَاباً وَ أَخشَنُهَا تُرَاباً وَ أَشَدّهَا عَذَاباً وَ لَقَد خُسِفَ بِهَا فِي القُرُونِ الخَالِيَةِ مِرَاراً وَ لَيَأتِيَنّ عَلَيهَا زَمَانٌ وَ إِنّ لَكُم يَا أَهلَ البَصرَةِ وَ مَا حَولَكُم مِنَ القُرَي مِنَ المَاءِ لَيَوماً عَظِيماً بَلَاؤُهُ وَ إنِيّ لَأَعلَمُ مَوضِعَ مُنفَجَرِهِ مِن قَريَتِكُم هَذِهِ ثُمّ أُمُورٌ قَبلَ ذَلِكَ تَدهَمُكُم عَظِيمَةٌ أُخفِيَت عَنكُم وَ عَلِمنَاهَا فَمَن خَرَجَ عَنهَا عِندَ دُنُوّ غَرقِهَا فَبِرَحمَةٍ مِنَ اللّهِ سَبَقَت لَهُ وَ مَن بقَيَِ فِيهَا غَيرَ مُرَابِطٍ بِهَا فَبِذَنبِهِ وَ مَا اللّهُبِظَلّامٍ لِلعَبِيدِ
توضيح المؤتفكة المنقلبة والانقلاب هنا إما حقيقة كقري قوم لوط أولأنها غرقت كأنها انقلبت طبقها الماء بالتشديد أي غطاها وعمها و
صفحه : 227
الأخصاص جمع خص بالضم بيت يعمل من الخشب والقصب والآجام جمع أجمة بالتحريك وهي منبت القصب وقيل هي الشجر الكثير الملتف والأبلة بضم الهمزة والباء وتشديد اللام الموضع ألذي به مدينة البصرة اليوم و كان من قري البصرة وبساتينها يومئذ وكانوا يعدونه إحدي الجنات الأربع و في الأبلة اليوم موضع العشارين حسب ماأخبر به والجيل بالكسر الصنف من الناس وقيل كل قوم يختصون بلغة فهم جيل والأرواح جمع الريح بمعني الرائحة والكلب بالتحريك الشر والأذي وشبه جنون يعرض لمن عضه الكلب الكلب والسلب بالتحريك مايأخذه أحد القرنين في الحرب من قرنه مما يكون عليه ومعه من سلاح وثياب ودابة وغيرها ينفر لجهادهم أي يخرج لقتالهم ويقال هملت عينه أي فاضت بالدمع والرهج بالتحريك الغبار والحس بالكسر صوت المشي والصوت الخفي و هوإشارة إلي صاحب الزنج كمامر والتارات جمر التارة بمعني المرة أي فتن عظيمة مرة بعدأخري والعصبة بالضم الجماعة أوبالتحريك بمعني الأقرباء وانتهاك الأموال أخذها بما لايحل وسباء النساء بالكسر والمد أسرهن ويستحل بهاالدجال أي يتخذها منزلا ويسكنها والدجال من الدجل و هوالخلط والتلبيس والكذب ووصفه بالأكبر يدل علي تعدد من يدعي الأباطيل والأعور من ذهب إحدي عينيه والممسوح صفة مخصصة للأعور والناتئ المرتفع وطفا علي الماء علا و لم يرسب والرجفة الزلزلة والاضطراب والقذف الرمي بالحجارة ونحوها والخسف الذهاب في الأرض وخسف المكان أن يغيب في الأرض والمسخ تحويل صورة إلي ما هوأقبح منها ووصف الجوع بالأغبر إما لأن الجوع يكون في السنين المجدبة وسنوا الجدب تسمي غبرا لاغبرار آفاقها من قلة الأمطار وأرضيها من عدم النبات أولأن وجه الجائع يشبه الوجه المغبر والموت الأحمر يعبر به في الأكثر عن القتل وفسر هنا بالغرق والخريبة بضم الخاء المعجمة وفتح الراء المهملة والباء الموحدة علم محلة من محال البصرة كانوا يسمونها البصرة الصغري وتدمر كتنصر من الدمار بمعني الهلاك و في اللغة أنها بلد بالشام
صفحه : 228
والخطة بالضم الأمر والقصة والأقاليد جمع إقليد بالكسر و هوالمفتاح و لم يكبر ذلك علي أي قويت عليه وقدرت أو لم أستعظمها من فضل ربي والتنوين في زمان لتفخيم أي زمان شديد فظيع والمرابطة الإرصاد لحفظ الثغر
59- أَقُولُ وَ رَوَي القاَضيِ نُورُ اللّهِ التسّترَيِّ قَدّسَ اللّهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِ مَجَالِسِ المُؤمِنِينَ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ لِلّهِ حَرَماً وَ هُوَ مَكّةُ أَلَا إِنّ لِرَسُولِ اللّهِ حَرَماً وَ هُوَ المَدِينَةُ أَلَا وَ إِنّ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ حَرَماً وَ هُوَ الكُوفَةُ أَلَا وَ إِنّ قُمّ الكُوفَةُ الصّغِيرَةُ أَلَا إِنّ لِلجَنّةِ ثَمَانِيَةَ أَبوَابٍ ثَلَاثَةٌ مِنهَا إِلَي قُمّ تُقبَضُ فِيهَا امرَأَةٌ مِن ولُديِ اسمُهَا فَاطِمَةُ بِنتُ مُوسَي وَ تُدخَلُ بِشَفَاعَتِهَا شيِعتَيِ الجَنّةَ بِأَجمَعِهِم
60- وَ عَن سَعدِ بنِ سَعدٍ عَنِ الرّضَا ع قَالَ يَا سَعدُ مَن زَارَهَا فَلَهُ الجَنّةُ
61- وَ عَنهُ ع قَالَ إِذَا عَمّتِ البُلدَانَ الفِتَنَ وَ البَلَايَا فَعَلَيكُم بِقُمّ وَ حَوَالَيهَا وَ نَوَاحِيهَا فَإِنّ البَلَايَا مَدفُوعٌ عَنهَا
62- وَ عَنِ الرّضَا ع قَالَ لِلجَنّةِ ثَمَانِيَةُ أَبوَابٍ فَثَلَاثَةٌ مِنهَا لِأَهلِ قُمّ فَطُوبَي لَهُم ثُمّ طُوبَي لَهُم
63- وَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَي أَهلِ قُمّ وَ رَحمَةُ اللّهِ عَلَي أَهلِ قُمّ سَقَي اللّهُ بِلَادَهُمُ الغَيثَ إِلَي آخِرِ مَا مَرّ عَنِ الصّادِقِ ع
64- وَ أَقُولُ رَوَي الشّيخُ الأَجَلّ عَبدُ الجَلِيلِ الراّزيِّ فِي كِتَابِ القَصَصِ بِإِسنَادِهِ عَنِ النّبِيّص قَالَ لَمّا عُرِجَ بيِ إِلَي السّمَاءِ مَرَرتُ بِأَرضٍ بَيضَاءَ كَافُورِيّةٍ شَمِمتُ بِهَا رَائِحَةً طَيّبَةً فَقُلتُ يَا جَبرَئِيلُ مَا هَذِهِ البُقعَةُ قَالَ يُقَالُ لَهَا آبَةُ عُرِضَت عَلَيهَا رِسَالَتُكَ وَ وَلَايَةُ ذُرّيّتِكَ فَقَبِلَت وَ إِنّ اللّهَ يَخلُقُ مِنهَا رِجَالًا يَتَوَلّونَكَ وَ يَتَوَلّونَ ذُرّيّتَكَ فَبَارَكَ اللّهُ عَلَيهَا وَ عَلَي أَهلِهَا
65- مُعجَمُ البُلدَانِ، قَالَ روُيَِ أَنّهُ فِي التّورَاةِ مَكتُوبٌ الريّّ بَابٌ مِن أَبوَابِ الأَرضِ وَ إِلَيهَا مَتجَرُ الخَلقِ
وَ قَالَ الأصَمعَيِّالريّّ عَرُوسُ الدّنيَا وَ إِلَيهَا مَتجَرُ
صفحه : 229
النّاسِ
قَالَ وَ روُيَِ عَن جَعفَرٍ الصّادِقِ ع أَنّ الريّّ وَ قَزوِينَ وَ سَاوَةَ مَلعُونَاتٌ مَشئُومَاتٌ
66- كَشفُ الغُمّةِ، عَنِ ابنِ أَعثَمَ الكوُفيِّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ وَيحاً لِلطّالَقَانِ فَإِنّ لِلّهِ تَعَالَي بِهَا كُنُوزاً لَيسَت مِن ذَهَبٍ وَ لَا فِضّةٍ وَ لَكِن بِهَا رِجَالٌ مُؤمِنُونَ عَرَفُوا اللّهَ حَقّ مَعرِفَتِهِ وَ هُم أَنصَارُ المهَديِّ فِي آخِرِ الزّمَانِ
67- وَ أَقُولُ وَجَدتُ فِي أَصلٍ عَتِيقٍ مِن أُصُولِ أَصحَابِنَا أَظُنّ أَنّهُ لِوَالِدِ الصّدُوقِ أَو مِمّن عَاصَرَهُ عَن عَبدِ العَزِيزِ بنِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَبدِ العَزِيزِ بنِ يُونُسَ الموَصلِيِّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الحُسَينِ عَن مُحَمّدِ بنِ خَلَفٍ عَن مُوسَي بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ الكَاظِمِ عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص قَزوِينُ بَابٌ مِن أَبوَابِ الجَنّةِ
68- الدّرّ المَنثُورُ، مِن عِدّةِ كُتُبٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لِمَكّةَ مَا أَطيَبَكِ مِن بَلدَةٍ وَ أَحَبّكِ إلِيَّ لَو لَا أَنّ قَومَكِ أخَرجَوُنيِ مِنكِ مَا خَرَجتُ
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي مَا سَكَنتُ غَيرَكِ
69- وَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ سَابِطٍ قَالَ لَمّا أَرَادَ رَسُولُ اللّهِص أَن يَنطَلِقَ إِلَي المَدِينَةِ استَلَمَ الحَجَرَ وَ قَامَ وَسَطَ المَسجِدِ وَ التَفَتَ إِلَي البَيتِ فَقَالَ إنِيّ لَأَعلَمُ مَا وَضَعَ اللّهُ فِي الأَرضِ بَيتاً أَحَبّ إِلَيهِ مِنكَ وَ مَا فِي الأَرضِ بَلَدٌ أَحَبّ إِلَيهِ مِنكَ وَ مَا خَرَجتُ عَنكَ رَغبَةً وَ لَكِنّ الّذِينَ كَفَرُوا هُم أخَرجَوُنيِ
70- كِتَابُ قِسمَةِ أَقَالِيمِ الأَرضِ وَ بُلدَانِهَا تَألِيفُ بَعضِ المُخَالِفِينَ قَالَ بَلَدُ المهَديِّ مَدِينَةٌ حَسَنَةٌ حَصِينَةٌ بَنَاهَا المهَديِّ الفاَطمِيِّ وَ حَصّنَهَا وَ جَعَلَ لَهَا أَبوَاباً مِن حَدِيدٍ فِي كُلّ بَابٍ مَا يَزِيدُ عَلَي المِائَةِ قِنطَارٍ وَ لَمّا بَنَاهَا وَ أَحكَمَهَا قَالَ الآنَ أَمِنتُ عَلَي الفَاطِمِيّينَ
بيان أقول لهذه المدينة قصة طويلة غريبة أوردتها في كتاب الغيبة
71- وَ مِن كِتَابِ المَذكُورِ، قَالَدَخَلَ ذُو القَرنَينِ جَزِيرَةً عَظِيمَةً فَوَجَدَ بِهَا قَوماً قَد أَنحَلَتهُمُ العِبَادَةُ حَتّي صَارُوا كَالحُمَمِ السّودِ فَسَلّمَ عَلَيهِم فَرَدّوا عَلَيهِ السّلَامَ فَسَأَلَهُم مَا عَيشُكُم يَا قَومِ فِي هَذَا المَكَانِ قَالُوا مَا رَزَقَنَا اللّهُ مِنَ الأَسمَاكِ وَ أَنوَاعِ النّبَاتِ وَ نَشرَبُ مِن هَذِهِ
صفحه : 230
المِيَاهِ العَذبَةِ قَالَ لَهُم أَ لَا أَنقُلُكُم إِلَي عِيشَةٍ أَطيَبَ مِمّا أَنتُم فِيهِ وَ أَخصَبَ فَقَالُوا لَهُ وَ مَا نَصنَعُ بِهِ إِنّ عِندَنَا فِي جَزِيرَتِنَا هَذِهِ مَا يغُنيِ جَمِيعَ العَالَمِ وَ يَكفِيهِم لَو صَارُوا إِلَيهِ وَ أَقبَلُوا عَلَيهِ قَالَ وَ مَا هُوَ فَانطَلَقُوا إِلَي وَادٍ لَا نِهَايَةَ لِطُولِهِ وَ عَرضِهِ وَ هُوَ مُنَضّدٌ مِن أَلوَانِ الدّرّ وَ اليَاقُوتِ وَ الزّبَرجَدِ وَ البَلَخشِ وَ الأَحجَارِ التّيِ لَم تُرَ فِي الدّنيَا وَ الجَوَاهِرِ التّيِ لَا تُقَوّمُ وَ رَأَي شَيئاً لَا يَحتَمِلُهُ العُقُولُ وَ لَا يُوصَفُ وَ لَوِ اجتَمَعَ العَالَمُ عَلَي نَقلِهِ أَو بَعضِهِ لَعَجَزُوا فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ سُبحَانَ مَن لَهُ المُلكُ العَظِيمُ وَ يَخلُقُ اللّهُ مَا لَا يَعلَمُهُ الخَلَائِقُ ثُمّ انطَلَقُوا بِهِ مِن شَفِيرِ ذَلِكَ الواَديِ حَتّي أَتَوا بِهِ إِلَي مُستَوٍ وَاسِعٍ مِنَ الأَرضِ بِهِ أَصنَافُ الأَشجَارِ وَ أَنوَاعُ الثّمَارِ وَ أَلوَانُ الأَزهَارِ وَ أَجنَاسُ الأَطيَارِ وَ خَرِيرُ الأَنهَارِ وَ أَفيَاءٌ وَ ظِلَالٌ وَ نَسِيمٌ ذُو اعتِدَالٍ وَ نُزَهٌ وَ رِيَاضٌ وَ جَنّاتٌ وَ غِيَاضٌ فَلَمّا رَأَي ذُو القَرنَينِ ذَلِكَ سَبّحَ اللّهَ العَظِيمَ وَ استَصغَرَ أَمرَ الواَديِ وَ مَا بِهِ مِنَ الجَوَاهِرِ عِندَ ذَلِكَ المَنظَرِ البَهِيجِ الزّاهِرِ فَلَمّا تَعَجّبَ قَالُوا لَهُ فِي مُلكِ مَلِكٍ فِي الدّنيَا بَعضُ مَا تَرَي قَالَ لَا وَ حَقّ عَالِمِ السّرّ وَ النّجوَي فَقَالُوا كُلّ هَذَا بَينَ أَيدِينَا وَ لَا تَمِيلُ أَنفُسُنَا إِلَي شَيءٍ مِن ذَلِكَ وَ اقتَنَعنَا بِمَا نَقوَي بِهِ عَلَي عِبَادَةِ الرّبّ الخَالِقِ وَ مَن تَرَكَ لِلّهِ شَيئاً عَوّضَهُ اللّهُ خَيراً مِنهُ فَسِر عَنّا وَ دَعنَا بِحَالِنَا أَرشَدَنَا اللّهُ وَ إِيّاكَ ثُمّ وَدّعُوهُ وَ فَارَقُوهُ وَ قَالُوا لَهُ دُونَكَ وَ الواَديَِ فَاحمِل مِنهُ مَا تُرِيدُ فَأَبَي أَن يَأخُذَ مِن ذَلِكَ شَيئاً قَالَ ثُمّ أَتَي ذُو القَرنَينِ جَزِيرَةً عَظِيمَةً فَرَأَي بِهَا قَوماً لِبَاسُهُم وَرَقُ الشّجَرِ وَ بُيُوتُهُم كُهُوفٌ فِي الصّخرِ وَ الحَجَرِ فَسَأَلَهُم عَن مَسَائِلَ فِي الحِكمَةِ فَأَجَابُوهُ بِأَحسَنِ جَوَابٍ وَ أَلطَفِ خِطَابٍ فَقَالَ لَهُم سَلُوا حَوَائِجَكُم لِتُقضَي فَقَالُوا لَهُ نَسأَلُكَ الخُلدَ فِي الدّنيَا فَقَالَ وَ أَنّي بِهِ لنِفَسيِ وَ مَن لَا يَقدِرُ عَلَي زِيَادَةِ نَفَسٍ مِن أَنفَاسِهِ كَيفَ يُبلِغُكُمُ الخُلدَ فَقَالَ كَبِيرُهُم نَسأَلُكَ صِحّةً فِي أَبدَانِنَا مَا بَقِينَا فَقَالَ وَ هَذَا أَيضاً لَا أَقدِرُ عَلَيهِ فَقَالُوا فَعَرّفنَا بَقِيّةَ أَعمَارِنَا فَقَالَ لَا أَعرِفُ ذَلِكَ لرِوُحيِ فَكَيفَ بِكُم فَقَالُوا لَهُ فَرّغنَا نَطلُب ذَلِكَ مِمّن يَقدِرُ عَلَي ذَلِكَ وَ أَعظَمَ مِن ذَلِكَ وَ جَعَلَ النّاسُ يَنظُرُونَ إِلَي كَثرَةِ جُنُودِهِ وَ عَظَمَةِ مَوكَبِهِ وَ بَينَهُم شَيخٌ صُعلُوكٌ لَا يَرفَعُ رَأسَهُ فَقَالَ لَهُ ذُو القَرنَينِ مَا لَكَ لَا تَنظُرُ إِلَي مَا يَنظُرُ إِلَيهِ النّاسُ قَالَ الشّيخُ مَا أعَجبَنَيِ المُلكُ ألّذِي رَأَيتُهُ قَبلَكَ حَتّي أَنظُرَ إِلَيكَ وَ إِلَي مُلكِكَ فَقَالَ
صفحه : 231
وَ مَا ذَاكَ قَالَ الشّيخُ كَانَ عِندَنَا مَلِكٌ وَ آخَرُ صُعلُوكٌ فَمَاتَا فِي يَومٍ وَاحِدٍ ثُمّ جِئتُ إِلَيهِمَا وَ اجتَهَدتُ أَن أَعرِفَ المَلِكَ مِنَ الصّعلُوكِ فَلَم أَعرِفهُ قَالَ فَتَرَكَهُم ذُو القَرنَينِ وَ انصَرَفَ عَنهُم
72- العُيُونُ، عَن تَمِيمِ بنِ عَبدِ اللّهِ القرُشَيِّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ الأنَصاَريِّ عَن أَبِي الصّلتِ الهرَوَيِّ قَالَ كُنتُ عِندَ الرّضَا ع فَدَخَلَ عَلَيهِ قَومٌ مِن أَهلِ قُمّ فَسَلّمُوا عَلَيهِ فَرَدّ عَلَيهِم وَ قَرّبَهُم ثُمّ قَالَ لَهُم مَرحَباً بِكُم وَ أَهلًا فَأَنتُم شِيعَتُنَا حَقّاً فسَيَأَتيِ عَلَيكُم يَومٌ تَزُورُونَ فِيهِ ترُبتَيِ بِطُوسَ أَلَا فَمَن زاَرنَيِ وَ هُوَ عَلَي غُسلٍ خَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ كَيَومَ وَلَدَتهُ أُمّهُ
73- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ السنّاَنيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الأسَدَيِّ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن عَبدِ العَظِيمِ بنِ عَبدِ اللّهِ الحسَنَيِّ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّ بنَ مُحَمّدٍ العسَكرَيِّ ع يَقُولُ أَهلُ قُمّ وَ أَهلُ آبَةَ مَغفُورٌ لَهُم لِزِيَارَتِهِم لجِدَيّ عَلِيّ بنِ مُوسَي الرّضَا ع بِطُوسَ أَلَا وَ مَن زَارَهُ فَأَصَابَهُ فِي طَرِيقِهِ قَطرَةٌ مِنَ السّمَاءِ حَرّمَ اللّهُ جَسَدَهُ عَلَي النّارِ
74-الكاَفيِ، عَن أَبِي عَلِيّ الأشَعرَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ سَالِمٍ وَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ جَمِيعاً عَن أَحمَدَ بنِ النّضرِ وَ مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ جَمِيعاً عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِص لِعَرضِ الخَيلِ وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي قَولِهِ فَمَرّ بِفَرَسٍ فَقَالَ عُيَينَةُ بنُ حُصَينٍ إِنّ مِن أَمرِ هَذَا الفَرَسِ كَيتَ وَ كَيتَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص ذَرنَا فَأَنَا أَعلَمُ بِالخَيلِ مِنكَ فَقَالَ وَ أَنَا أَعلَمُ بِالرّجَالِ مِنكَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللّهِص حَتّي ظَهَرَ الدّمُ فِي وَجهِهِ فَقَالَ لَهُ فأَيَّ الرّجُلِ أَفضَلُ فَقَالَ عُيَينَةُ بنُ حُصَينٍ رِجَالٌ يَكُونُونَ بِنَجدٍ يَضَعُونَ سُيُوفَهُم عَلَي عَوَاتِقِهِم وَ رِمَاحَهُم عَلَي كَوَاثِبِ خَيلِهِم ثُمّ يَضرِبُونَ بِهَا قُدُماً
صفحه : 232
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص كَذَبتَ بَل رِجَالُ أَهلِ اليَمَنِ أَفضَلُ الإِيمَانُ يمَاَنيِّ وَ الحِكمَةُ يَمَانِيّةٌ وَ لَو لَا الهِجرَةُ لَكُنتُ امرَأً مِن أَهلِ اليَمَنِ الجَفَاءُ وَ القَسوَةُ فِي الفَدّادِينَ أَصحَابِ الوَبَرِ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ مِن حَيثُ يَطلُعُ قَرنُ الشّمسِ وَ مَذحِجُ أَكثَرُ قَبِيلٍ يَدخُلُونَ الجَنّةَ وَ حَضرَمَوتُ خَيرٌ مِن عَامِرِ بنِ صَعصَعَةَ وَ رَوَي بَعضُهُم خَيرٌ مِنَ الحَارِثِ بنِ مُعَاوِيَةَ وَ بَجِيلَةُ خَيرٌ مِن رِعلٍ وَ ذَكوَانَ وَ إِن يَهلِك لِحيَانُ فَلَا أبُاَليِ ثُمّ قَالَ لَعَنَ اللّهُ المُلُوكَ الأَربَعَةَ جَمَداً وَ مِخوَساً وَ مِشرَحاً وَ أَبضَعَةَ وَ أُختَهُمُ العَمَرّدَةَ وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي قَولِهِ لَعَنَ اللّهُ رِعلًا وَ ذَكوَانَ وَ عَضَلًا وَ لِحيَانَ وَ المُجذِمِينَ مِن أَسَدٍ وَ غَطَفَانَ وَ أَبَا سُفيَانَ بنَ حَربٍ وَ شَهبَلًا ذَا الأَسنَانِ وَ ابنيَ مَلِيكَةَ بنِ جَزِيمٍ وَ مَروَانَ وَ هَوذَةَ وَ هَونَةَ
75- كِتَابُ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ شُرَيحٍ، عَن مُعَلّي الطّحّانِ عَن بُرَيدِ بنِ يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بَشِيرٍ عَنِ ابنِ عُيَينَةَ بنِ حُصَينٍ قَالَ عَرَضَ رَسُولُ اللّهِص يَوماً خَيلًا وَ عِندَهُ أَبِي عُيَينَةَ بنِ حُصَينِ بنِ حُذَيفَةَ بنِ بَدرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنَا أَبصَرُ بِالخَيلِ مِنكَ فَقَالَ عُيَينَةُ وَ أَنَا أَبصَرُ بِالرّجَالِ مِنكَ يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ النّبِيّص كَيفَ قَالَ فَقَالَ إِنّ خَيرَ الرّجَالِ الّذِينَ يَضَعُونَ أَسيَافَهُم عَلَي عَوَاتِقِهِم وَ يَعرِضُونَ رِمَاحَهُم عَلَي مَنَاكِبِ خُيُولِهِم مِن أَهلِ نَجدٍ فَقَالَ النّبِيّص كَذَبتَ إِنّ خَيرَ الرّجَالِ أَهلُ اليَمَنِ وَ الإِيمَانُ يَمَانٍ وَ أَنَا يمَاَنيِّ وَ أَكثَرُ قَبَائِلَ دُخُولَ الجَنّةِ يَومَ القِيَامَةِ مَذحِجُ وَ حَضرَمَوتُ خَيرٌ مِن بنَيِ الحَارِثِ بنِ مُعَاوِيَةَ حيَّ مِن كِندَةَ إِن يَهلِك لِحيَانُ فَلَا أبُاَليِ فَلَعَنَ اللّهُ المُلُوكَ الأَربَعَةَ جَمَداً وَ مِخوَساً وَ مِشرَحاً وَ أَبضَعَةَ وَ أُختَهُمُ العَمَرّدَةَ
بيان قال الجوهري قال أبوعبيدة يقال كان من الأمر كيت وكيت بالفتح
صفحه : 233
وكيت وكيت بالكسر والتاء فيهما هاء في الأصل فصارت تاء و في النهاية الكواثب جمع كاثبة وهي من الفرس مجتمع كتفيه قدام السرج و قال رجل قدم بضمتين أي شجاع ومضي قدما أي لم يعرج و لم ينثن و قال فيه الإيمان يمان والحكمة يمانية إنما قال ذلك لأن الإيمان بدا من مكة وهي من تهامة وتهامة من أرض اليمن ولهذا يقال الكعبة اليمانية وقيل إنه قال هذاالقول للأنصار لأنهم يمانون وهم نصروا الإيمان و المؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم و قال الجوهري اليمن بلاد للعرب والنسبة إليهم يمني ويمان مخففة والألف عوض من ياء النسب فلايجتمعان قال سيبويه وبعضهم يقول يماني بالتشديد انتهي و قال في شرح السنة هذاثناء علي أهل اليمن لإسراعهم إلي الإيمان وحسن قبولهم إياه . قوله ص لو لاالهجرة لعل المعني لو لاأني هجرت عن مكة لكنت اليوم من أهل اليمن إذ مكة منها أوالمراد أنه لو لا أن المدينة كانت أولا دار هجرتي واخترتها بأمر الله لاتخذت اليمن وطنا أوالغرض أنه لو لا أن الهجرة أشرف لعددت نفسي من الأنصار و في النهاية فيه إن الجفاء والقسوة في الفدادين الفدادون بالتشديد هم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم واحدهم فداد يقال فد الرجل يفد فديدا إذااشتد صوته وقيل هم المكثرون من الإبل وقيل هم الجمالون والبقارون والحمارون والرعيان وقيل إنما هوالفدادين مخففا واحدها فدان مشددا وهي البقر التي يحرث بها وأهلها أهل جفاء وقسوة انتهي . قوله أصحاب الوبر أي أهل البوادي فإن بيوتهم يتخذونها منه قوله من حيث يطلع قرن الشمس قال الجوهري قرن الشمس أعلاها وأول مايبدو منها في الطلوع انتهي ولعل المراد أهل البوادي من هاتين القبيلتين الكائنتين في مطلع الشمس أي في شرقي المدينة وروي في شرح السنة بإسناده عن عقبة بن عمرو قال أشار رسول الله ص بيده نحو اليمن فقال الإيمان يمان هاهنا إلا أن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عندأصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر
صفحه : 234
وبإسناده عن ابن عمر أنه قال رأيت رسول الله ص يشير إلي المشرق و يقول إن الفتنة هاهنا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان و قال النووي قرنا الشيطان قبل المشرق أي جمعاه المغويان أوشيعتاه من الكفار يريد مزيد تسلطه في المشرق و كان ذلك في عهده ص و يكون حين يخرج الدجال من المشرق و هو في ما بين ذلك منشأ الفتن العظيمة ومثار الترك العاتية انتهي و لايبعد أن يكون في هذاالخبر أيضا قرن الشيطان فصحف و قال الجوهري مذحج كمسجد أبوقبيلة من اليمن و قال حضرموت اسم بلد وقبيلة أيضا وهما اسمان جعلا واحدا إن شئت بنيت الاسم الأول علي الفتح وأعربت الثاني بإعراب ما لاينصرف قلت هذاحضرموت و إن شئت أضفت الأول إلي الثاني قلت هذاحضرموت أعربت حضرا وخفضت موتا وكذلك القول في سام أبرص ورام هرمز و قال عامر بن صعصعة أبوقبيلة هوعامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن و في القاموس بجيلة كسفينة حي باليمن من معد ورعل وذكوان قبيلتان من بني سليم و قال لحيان أبوقبيلة و قال مخوس كمنبر ومشرح وجمد وأبضعة بنو معديكرب الملوك الأربعة الذين لعنهم رسول الله ص ولعن أختهم العمردة وفدوا مع الأشعث فأسلموا ثم ارتدوا فقتلوا يوم النجير فقالت نائحتهم ياعين بكي للملوك الأربعة و قال العمرد كعملس الطويل من كل شيء إلي أن قال وبهاء أخت الذين لعنهم النبي ص انتهي والمجذمين لعل المراد بهم المنسوبون إلي الجذيمة ولعل أسدا وغطفان كلتيهما منسوبتان إليها قال الجوهري جذيمة قبيلة من عبدالقيس ينسب إليهم جذمي بالتحريك وكذلك إلي جذيمة بني أسد و قال الفيروزآبادي غطفان محركة حي من قيس ولعل شهبلا بالشين المعجمة والباء الموحدة و في بعض النسخ بالسين المهملة والياء المثناة اسم وكذا مابعده إلي آخر الخبر أسماء رجال وأقول قدمضت الأخبار الكثيرة في ذم البصرة في كتب الفتن وسيأتي أخبار مدح الكوفة والغري وكربلاء وطوس ومكة والمدينة في كتاب المزار و كتاب الحج لم نوردها هاهنا حذرا من التكرار
صفحه : 235
76-إِكمَالُ الدّينِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الوَهّابِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ زَيدٍ الشعّراَنيِّ مِن وُلدِ عَمّارِ بنِ يَاسِرٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ يَقُولُحَكَي أَبُو القَاسِمِ مُحَمّدُ بنُ القَاسِمِ البصَريِّ أَنّ أَبَا الحَسَنِ حَمَادَوَيهِ بنَ أَحمَدَ بنِ طُولُونَ كَانَ قَد فُتِحَ عَلَيهِ مِن كُنُوزِ مِصرَ مَا لَم يُرزَق أَحَدٌ قَبلَهُ فأَغُريَِ بِالهَرَمَينِ فَأَشَارَ عَلَيهِ ثِقَاتُهُ وَ حَاشِيَتُهُ وَ بِطَانَتُهُ أَن لَا يَتَعَرّضَ لِهَدمِ الأَهرَامِ فَإِنّهُ مَا تَعَرّضَ أَحَدٌ لَهَا فَطَالَ عُمُرُهُ فَلَجّ فِي ذَلِكَ وَ أَمَرَ أَلفاً مِنَ الفَعَلَةِ أَن يَطلُبُوا البَابَ وَ كَانُوا يَعمَلُونَ سَنَةً حَوَالَيهِ حَتّي ضَجَرُوا وَ كَلّوا فَلَمّا هَمّوا بِالِانصِرَافِ بَعدَ الإِيَاسِ مِنهُ وَ تَركِ العَمَلِ وَجَدُوا سَرَباً فَقَدّرُوا أَنّهُ البَابُ ألّذِي يَطلُبُونَهُ فَلَمّا بَلَغُوا آخِرَهُ وَجَدُوا بَلَاطَةً قَائِمَةً مِن مَرمَرٍ فَقَدّرُوا أَنّهَا البَابُ فَاحتَالُوا فِيهَا إِلَي أَن قَلَعُوهَا وَ أَخرَجُوهَا فَإِذَا عَلَيهَا كِتَابَةٌ يُونَانِيّةٌ فَجَمَعُوا حُكَمَاءَ مِصرَ وَ عُلَمَاءَهَا فَلَم يَهتَدُوا لَهَا وَ كَانَ فِي القَومِ رَجُلٌ يُعرَفُ بأِبَيِ عَبدِ اللّهِ المدَاَئنِيِّ أَحَدُ حُفّاظِ الدّنيَا وَ عُلَمَائِهَا فَقَالَ لأِبَيِ الحَسَنِ حَمَادَوَيهِ بنِ أَحمَدَ أَعرِفُ فِي بَلَدِ الحَبَشَةِ أُسقُفاً قَد عُمّرَ وَ أَتَي عَلَيهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتّونَ سَنَةً يَعرِفُ هَذَا الخَطّ وَ قَد كَانَ عَزَمَ عَلَي أَن يُعَلّمَنِيهِ فلَحِرِصيِ عَلَي عِلمِ العَرَبِ لَم أُقِم عَلَيهِ وَ هُوَ بَاقٍ فَكَتَبَ أَبُو الحَسَنِ إِلَي مَلِكِ الحَبَشَةِ يَسأَلُهُ أَن يُحمَلَ هَذَا الأُسقُفُ إِلَيهِ فَأَجَابَهُ أَنّ هَذَا قَد طَعَنَ فِي السّنّ وَ حَطَمَهُ الزّمَانُ وَ إِنّمَا يَحفَظُهُ هَذَا الهَوَاءُ وَ يُخَافُ عَلَيهِ إِن نُقِلَ إِلَي هَوَاءٍ آخَرَ وَ إِقلِيمٍ آخَرَ وَ لَحِقَتهُ حَرَكَةٌ وَ تَعَبٌ وَ مَشَقّةُ السّفَرِ أَن يَتلَفَ وَ فِي بَقَائِهِ لَنَا شَرَفٌ وَ فَرَجٌ وَ سَكِينَةٌ فَإِن كَانَ لَكُم شَيءٌ يَقرَؤُهُ أَو يُفَسّرُهُ أَو مَسأَلَةٌ تَسأَلُونَهُ فالكتب [فَاكتُب]بِذَلِكَ فَحُمِلَتِ البَلَاطَةُ فِي قَارِبٍ إِلَي بَلَدِ أُسوَانَ مِنَ الصّعِيدِ الأَعلَي وَ حُمِلَت مِن أُسوَانَ عَلَي العَجَلَةِ إِلَي بِلَادِ الحَبَشَةِ وَ هيَِ قَرِيبَةٌ مِن أُسوَانَ فَلَمّا وَصَلَت قَرَأَهَا الأُسقُفُ وَ فَسّرَ مَا فِيهَا بِالحَبَشِيّةِ ثُمّ نُقِلَت إِلَي العَرَبِيّةِ فَإِذَا فِيهَا مَكتُوبٌ أَنَا الرّيّانُ بنُ دَومَغٍ فَسُئِلَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَنِ الرّيّانِ مَن هُوَ قَالَ هُوَ وَالِدُ العَزِيزِ مَلِكِ يُوسُفَ ع وَ اسمُهُ الرّيّانُ بنُ دَومَغٍ وَ قَد كَانَ
صفحه : 236
عُمُرُ العَزِيزِ سَبعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ عُمُرُ الرّيّانِ وَالِدُهُ أَلفٌ وَ سَبعُمِائَةِ سَنَةٍ وَ عُمُرُ دَومَغٍ ثَلَاثَةُ آلَافِ سَنَةٍ فَإِذَا فِيهَا أَنَا الرّيّانُ بنُ دَومَغٍ خَرَجتُ فِي طَلَبِ عِلمِ النّيلِ لِأَعلَمَ فَيضَهُ وَ مَنبَعَهُ إِذ كُنتُ أَرَي مَغِيضَهُ فَخَرَجتُ وَ معَيِ مِمّن صَحِبتُ أَربَعَةُ آلَافِ أَلفِ رَجُلٍ فَسِرتُ ثَمَانِينَ سَنَةً إِلَي أَنِ انتَهَيتُ إِلَي الظّلُمَاتِ وَ البَحرِ المُحِيطِ بِالدّنيَا فَرَأَيتُ النّيلَ يَقطَعُ البَحرَ المُحِيطَ وَ يَعبُرُ فِيهِ وَ لَم يَكُن لَهُ مَنفَذٌ وَ تَمَاوَتَ أصَحاَبيِ وَ بَقِيتُ فِي أَربَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ فَخَشِيتُ عَلَي ملُكيِ فَرَجَعتُ إِلَي مِصرَ وَ بَنَيتُ الأَهرَامَ وَ البرَاَبيِّ وَ بَنَيتُ الهَرَمَينِ وَ أَودَعتُهُمَا كنُوُزيِ وَ ذخَاَئرِيِ وَ قُلتُ فِي ذَلِكَ شِعراً
وَ أَدرَكَ علِميِ بَعضَ مَا هُوَ كَائِنٌ | وَ لَا عِلمَ لِي بِالغَيبِ وَ اللّهُ أَعلَمُ |
وَ أَتقَنتُ مَا حَاوَلتُ إِتقَانَ صُنعِهِ | وَ أَحكَمتُهُ وَ اللّهُ أَقوَي وَ أَحكَمُ |
وَ حَاوَلتُ عِلمَ النّيلِ مِن بَدءِ فَيضِهِ | فأَعَجزَنَيِ وَ المَرءُ بِالعَجزِ مُلجَمٌ |
ثَمَانِينَ شَاهُوراً قَطَعتُ مَسَايِحاً | وَ حوَليِ بَنُو حُجرٍ وَ جَيشُ عَرَمرَمٍ |
إِلَي أَن قَطَعتُ الجِنّ وَ الإِنسَ كُلّهُم | وَ عاَرضَنَيِ لُجّ مِنَ البَحرِ مُظلِمٌ |
فَأَيقَنتُ أَن لَا مَنفَذاً بَعدَ منَزلِيِ | لذِيِ هَيئَةٍ بعَديِ وَ لَا مُتَقَدّمٍ |
فَأُبتُ إِلَي ملُكيِ وَ أَرسَيتُ نَادِياً | بِمِصرَ وَ لاالأيام [BA]لِلأَيّامِ]بُؤسٌ وَ أَنعُمٌ |
أَنَا صَاحِبُ الأَهرَامِ فِي مِصرَ كُلّهَا | وَ باَنيِ بَرَابِيهَا بِهَا وَ المُقَدّمُ |
تَرَكتُ بِهَا آثَارَ كفَيّ وَ حكِمتَيِ | عَلَي الدّهرِ لَا تُبلَي وَ لَا تَتَهَدّمُ |
وَ فِيهَا كُنُوزٌ جُمّةٌ وَ عَجَائِبُ | وَ لِلدّهرِ أَمرٌ مَرّةً وَ تَهَجّمٌ |
سَيَفتَحُ أقَفاَليِ وَ يبُديِ عجَاَئبِيِ | ولَيِّ لرِبَيّ آخِرَ الدّهرِ يَسجُمُ |
بِأَكنَافِ بَيتِ اللّهِ تَبدُو أُمُورُهُ | وَ لَا بُدّ أَن يَعلُو وَ يَسمُو بِهِ السّمّ |
ثَمَانٍ وَ تِسعٌ وَ اثنَتَانِ وَ أَربَعٌ | وَ تِسعُونَ أُخرَي مِن قَتِيلٍ وَ مُلجَمٌ |
صفحه : 237
وَ مِن بَعدِ هَذَا كَرّ تِسعُونَ تِسعَةٌ | وَ تِلكَ البرَاَبيِ تَستَخِرّ وَ تَهدَمُ |
وَ تبُديِ كنُوُزيِ كُلّهَا غَيرَ أنَنّيِ | أَرَي كُلّ هَذَا أَن يُفَرّقَهُ الدّمُ |
رَمَزتُ مقَاَليِ فِي صُخُورٍ قَطَعتُهَا | سَتَفنَي وَ أَفنَي بَعدَهَا ثُمّ أَعدَمُ |
فَحِينَئِذٍ قَالَ أَبُو الحَسَنِ حَمَادَوَيهِ بنُ أَحمَدَ هَذَا شَيءٌ لَيسَ لِأَحَدٍ فِيهَا حِيلَةٌ إِلّا القَائِمَ مِن آلِ مُحَمّدٍ ع وَ رُدّتِ البَلَاطَةُ مَكَانَهَا كَمَا كَانَت ثُمّ إِنّ أَبَا الحَسَنِ بَعدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ قَتَلَهُ طَاهِرٌ الخَادِمُ عَلَي فِرَاشِهِ وَ هُوَ سَكرَانُ وَ مِن ذَلِكَ الوَقتِ عُرِفَ خَبَرُ الهَرَمَينِ وَ مَن بَنَاهُمَا فَهَذَا أَصَحّ مَا يُقَالُ فِي خَبَرِ النّيلِ وَ الهَرَمَينِ
بيان السرب بالتحريك الحفير تحت الأرض والبلاطة بالفتح الحجارة التي تفرش في الدار والقارب السفينة الصغيرة والأسوان بالضم ويفتح بلد بالصعيد بمصر كل ذلك ذكره الفيروزآبادي و قال الهرمان بالتحريك بناءان أوليان بناهما إدريس ع لحفظ العلوم فيهما عن الطوفان أوبناء سنان بن المشلشل أوبناء الأوائل لماعلموا بالطوفان من جهة النجوم وفيهما كل طب وطلسم وهنالك إهرام صغار كثيرة انتهي و قال أبوريحان في كتاب الآثار الباقية إن الفرس وعامة المجوس أنكروا الطوفان بكليته وزعموا أن الملك متصل فيه من لدن كيومرث گل شاه ألذي هوالإنسان الأول عندهم ووافقهم علي إنكارهم إياه الهند والصين وأصناف الأمم المشرقية وأقر به بعض الفرس ووصفوه بغير الصفة الموصف بها في كتب الأنبياء وقالوا كان من ذلك شيءبالشام والمغرب في زمان طهمورث لم يعم العمران كلها و لم يغرق فيه إلاأمم قليلة وإنه لم يجاوز عقبة حلوان و لم يبلغ ممالك المشرق وقالوا إن أهل المغرب لماأنذر به حكماؤهم بنوا أبنية كالهرمين المبنيتين في أرض مصر وقالوا إذاكانت الآفة من السماء دخلناها و إذاكانت من الأرض صعدناها فزعموا أن آثار ماء الطوفان وتأثيرات الأمواج بينة علي أنصاف هذين الهرمين لم يجاوزهما وقيل إن يوسف ع بناهما وجعل فيهما الطعام و
صفحه : 238
الميرة سني القحط وقالوا إن طهمورث لمااتصل به الإنذار و ذلك قبل كونه بمائتين وإحدي وثلاثين سنة أمر باختيار موضع في مملكته صحيح الهواء والتربة فلم يجدوا أحق بهذه الصفة من أصبهان فأمر بتجليد العلوم ودفنها في أسلم المواضع منه و قديشهد لذلك ماوجد في زماننا يجيء من مدينة أصبهان من التلال التي انشقت عن بيوت مملوءة أعدالا كثيرة من لحاء الشجرة التي يلتبس بهاالقسي والترسة ويسمي التوز مكتوبة بكتابة لم يدر ماهي و ما فيهاانتهي
77- المَنَاقِبُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الفَيضِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَبُو جَعفَرٍ الدوّاَنيِقيِّ لِلصّادِقِ ع تدَريِ مَا هَذَا قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ جَبَلٌ هُنَاكَ يَقطُرُ مِنهُ فِي السّنَةِ قَطَرَاتٌ فَيَجمُدُ فَهُوَ جَيّدٌ لِلبَيَاضِ يَكُونُ فِي العَينِ يُكحَلُ بِهِ فَيَذهَبُ بِإِذنِ اللّهِ تَعَالَي قَالَ نَعَم أَعرِفُهُ وَ إِن شِئتَ أَخبَرتُكَ بِاسمِهِ وَ حَالِهِ هَذَا جَبَلٌ كَانَ عَلَيهِ نبَيِّ مِن أَنبِيَاءِ بنَيِ إِسرَائِيلَ هَارِباً مِن قَومِهِ فَعَبَدَ اللّهَ عَلَيهِ فَعَلِمَ قَومُهُ فَقَتَلُوهُ وَ هُوَ يبَكيِ عَلَي ذَلِكَ النّبِيّ وَ هَذِهِ القَطَرَاتُ مِن بُكَائِهِ لَهُ وَ مِنَ الجَانِبِ الآخَرِ عَينٌ تَنبُعُ مِن ذَلِكَ المَاءِ بِاللّيلِ وَ النّهَارِ وَ لَا يُوصَلُ إِلَي تِلكَ العَينِ
78-الدّرّ المَنثُورُ، قَالَ أَخرَجَ الزّبَيرُ بنُ بَكّارٍ فِي المُوَفّقِيّاتِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرِو بنِ العَاصِ قَالَعَجَائِبُ الدّنيَا أَربَعَةٌ مِرآةٌ كَانَت مُعَلّقَةً بِمَنَارَةِ الإِسكَندَرِيّةِ فَكَانَ يَجلِسُ الجَالِسُ تَحتَهَا فَيُبصِرُ مَن بِالقُسطَنطَنِيّةِ وَ بَينَهُمَا عَرضُ البَحرِ وَ فَرَسٌ كَانَ مِن نُحَاسٍ بِأَرضِ أَندُلُسَ قَائِلًا بِكَفّهِ كَذَا بَاسِطٌ يَدَهُ أَي لَيسَ خلَفيِ مَسلَكٌ فَلَا يَطَأُ تِلكَ البِلَادَ أَحَدٌ إِلّا أَكَلَتهُ النّملُ وَ مَنَارَةٌ مِن نُحَاسٍ عَلَيهَا رَاكِبٌ مِن نُحَاسٍ بِأَرضِ
صفحه : 239
عَادَ فَإِذَا كَانَتِ الأَشهُرُ الحُرُمُ[أكرم ]هَطَلَ مِنهُ المَاءُ وَ سَقُوا وَ صَبّوا فِي الحِيَاضِ فَإِذَا انقَضَتِ الأَشهُرُ الحُرُمُ انقَطَعَ ذَلِكَ المَاءُ وَ شَجَرَةٌ مِن نُحَاسٍ عَلَيهَا سُودَانِيّةٌ مِن نُحَاسٍ بِأَرضِ رُومِيّةَ فَإِذَا كَانَ أَوَانُ الزّيتُونِ صَفَرَتِ السّودَانِيّةُ التّيِ مِن نُحَاسٍ فتَجَيِءُ كُلّ سُودَانِيّةٍ مِنَ الطّيّارَاتِ بِثَلَاثِ زَيتُونَاتٍ زَيتُونَتَينِ بِرِجلَيهَا وَ زَيتُونَةٍ بِمِنقَارِهَا حَتّي تُلقِيَهُ عَلَي تِلكَ السّودَانِيّةِ التّيِ هيَِ مِن نُحَاسٍ فَيَعصِرُ أَهلُ رُومِيّةَ مَا يَكفِيهِم لِإِدَامِهِم وَ سُرُجِهِم سَنَتَهُم إِلَي قَابِلٍ
79-الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِي يَحيَي الواَسطِيِّ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ مِن وَرَاءِ اليَمَنِ وَادِياً يُقَالُ لَهُ واَديِ بَرَهُوتَ وَ لَا يُجَاوِزُ ذَلِكَ الواَديَِ إِلّا الحَيّاتُ السّودُ وَ البُومُ مِنَ الطّيرِ فِي ذَلِكَ الواَديِ بِئرٌ يُقَالُ لَهَا بَلَمُوتُ يُغدَي وَ يُرَاحُ إِلَيهَا بِأَروَاحِ المُشرِكِينَ يُسقَونَ مِن مَاءِ الصّدِيدِ خَلفَ ذَلِكَ الواَديِ قَومٌ يُقَالُ لَهُمُ الذّرِيحُ لَمّا أَن بَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مُحَمّداًص صَاحَ عِجلٌ لَهُم فِيهِم وَ ضَرَبَ بِذَنَبِهِ وَ نَادَي فِيهِم يَا آلَ الذّرِيحِ بِصَوتٍ فَصِيحٍ أَتَي رَجُلٌ بِتِهَامَةَ يَدعُو إِلَي شَهَادَةِ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ قَالُوا لِأَمرِ مَا أَنطَقَ اللّهُ هَذَا العِجلَ قَالَ فَنَادَي فِيهِم ثَانِيَةً فَعَزَمُوا عَلَي أَن يَبنُوا سَفِينَةً فَبَنَوهَا وَ نَزَلَ فِيهَا سَبعَةٌ مِنهُم وَ حَمَلُوا مِنَ الزّادِ مَا قَذَفَ اللّهُ فِي قُلُوبِهِم ثُمّ رَفَعُوا شِرَاعاً وَ سَيّبُوهَا فِي البَحرِ فَمَا زَالَت تَسِيرُ بِهِم حَتّي رَمَت بِهِم بِجُدّةَ فَأَتَوُا النّبِيّص فَقَالَ لَهُمُ النّبِيّص أَنتُم أَهلُ الذّرِيحِ نَادَي فِيكُمُ العِجلُ قَالُوا نَعَم قَالُوا اعرِض عَلَينَا يَا رَسُولَ اللّهِ الدّينَ وَ الكِتَابَ فَعَرَضَ عَلَيهِم رَسُولُ اللّهِ الدّينَ وَ الكِتَابَ وَ السّنَنَ
صفحه : 240
وَ الفَرَائِضَ وَ الشّرَائِعَ كَمَا جَاءَ مِن عِندِ اللّهِ عَزّ ذِكرُهُ وَ وَلّي عَلَيهِم رَجُلًا مِن بنَيِ هَاشِمٍ سَيّرَهُ مَعَهُم فَمَا بَينَهُمُ اختِلَافٌ حَتّي السّاعَةَ
80- حَيَاةُ الحَيَوَانِ، الأَهرَامُ مِن عَجَائِبِ أَبنِيَةِ الدّنيَا وَ هيَِ قُبُورُ المُلُوكِ أَرَادُوا أَن يَتَمَيّزُوا عَلَي سَائِرِ المُلُوكِ بَعدَ مَمَاتِهِم كَمَا تَمَيّزُوا عَلَيهِم فِي حَيَاتِهِم قِيلَ إِنّ المَأمُونَ لَمّا وَصَلَ إِلَي مِصرَ أَمَرَ بِنَقبِ أَحَدِ الهَرَمَينِ فَنَقَبَ بَعدَ جُهدٍ جَهِيدٍ وَ غَرَامَةِ نَفَقَةٍ عَظِيمَةٍ فَوَجَدَ دَاخِلَهُ مَرَاقٍ وقَهَاوٍ يَعسِرُ سُلُوكُهَا وَ وُضِعَ فِي أَعلَاهَا بَيتٌ مُكَعّبٌ طُولُ كُلّ ضِلعٍ مِن أَضلَاعِهِ ثَمَانِيَةُ أَذرُعٍ وَ فِي وَسَطِهِ حَوضٌ فِيهِ مِائَةُ رُمّةٍ بَالِيَةٍ قَد أَتَت عَلَيهَا العُصُورُ فَكَفّ عَن نَقبِ مَا سِوَاهُ وَ نُقِلَ أَنّ هِرمِسَ الأَوّلَ أُخنُوخُ وَ هُوَ إِدرِيسُ ع استَدَلّ مِن أَحوَالِ الكَوَاكِبِ عَلَي كَونِ الطّوفَانِ فَأَمَرَ بِبُنيَانِ الأَهرَامِ وَ يُقَالُ إِنّهُ ابتَنَاهَا فِي مُدّةِ سِتّةِ أَشهُرٍ وَ كَتَبَ فِيهَا قُل لِمَن يأَتيِ بَعدَنَا يَهدِمُهَا فِي سِتّمِائَةِ عَامٍ وَ الهَدمُ أَيسَرُ مِنَ البُنيَانِ وَ كَسَونَاهَا الدّيبَاجَ فَليَكسُهَا الحُصُرَ وَ الحُصُرُ أَيسَرُ مِنَ الدّيبَاجِ وَ قَالَ ابنُ الجوَزيِّ فِي كِتَابِ سَلوَةِ الأَحزَانِ وَ مِن عَجَائِبِ الهَرَمَينِ أَنّ سَمكَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا أَربَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِن رُخَامٍ وَ زُمُرّدٍ وَ فِيهَا مَكتُوبٌ أَنَا بَنَيتُهَا بمِلُكيِ فَمَنِ ادّعَي قُوّةً فَليَهدِمهَا فَإِنّ الهَدمَ أَيسَرُ مِنَ البِنَاءِ قَالَ ابنُ المنُاَديِ بَلَغَنَا أَنّهُم قَدّرُوا خَرَاجَ الدّنيَا مِرَاراً فَإِذَا هُوَ لَا يَقُومُ بِهَدمِهَا وَ اللّهُ أَعلَمُ
صفحه : 241
أقول وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية فأوردتها بلفظها ووجدتها أيضا في كتاب ذكر الأقاليم والبلدان والجبال والأنهار والأشجار مع اختلاف يسير في المضمون وتباين كثير في الألفاظ أشرت إلي بعضها في سياق الرواية وهي هذه
مَسَائِلُ عَبدِ اللّهِ بنِ سَلَامٍ وَ كَانَ اسمُهُ إِسمَاوِيلَ فَسَمّاهُ النّبِيّص عَبدَ اللّهِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ قَالَ لَمّا بُعِثَ النّبِيّص أَمَرَ عَلِيّاً أَن يَكتُبَ كِتَاباً إِلَي الكُفّارِ وَ إِلَي النّصَارَي وَ إِلَي اليَهُودِ فَكَتَبَ كِتَاباً أَملَاهُ جَبرَئِيلُ عَلَي النّبِيّص فَكَتَبَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ إِلَي يَهُودِ خَيبَرَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ الأَرضَ لِلّهِ...وَ العاقِبَةُ لِلمُتّقِينَوَ السّلامُ عَلي مَنِ اتّبَعَ الهُدي وَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِّ العَظِيمِ ثُمّ خَتَمَ الكِتَابَ وَ أَرسَلَهُ إِلَي يَهُودِ خَيبَرَ فَلَمّا وَصَلَ الكِتَابُ إِلَيهِم أَتَوا إِلَي شَيخِهِم ابنِ سَلَامٍ فَقَالُوا يَا ابنَ سَلَامٍ هَذَا كِتَابُ مُحَمّدٍ إِلَيكَ فَاقرَأهُ عَلَينَا فَقَرَأَهُ عَلَيهِم فَقَالَ لَهُم مَا تُرِيدُونَ مِن هَذَا الكَلَامِ وَ قَد أَرَي فِيهِ عَلَامَاتٍ وَجَدنَا فِي التّورَاةِ أَنّ هَذَا ألّذِي بَشّرَنَا بِهِ مُوسَي بنُ عِمرَانَ فَقَالُوا يَنسَخُ كِتَابَنَا وَ يُحَرّمُ عَلَينَا مَا أَحَلّ لَنَا مِن قَبلُ فَقَالَ لَهُم ابنُ سَلَامٍ يَا قَومِ اختَرتُمُ الدّنيَا عَلَي الآخِرَةِ وَ العَذَابَ عَلَي المَغفِرَةِ فَقَالُوا يَا ابنَ سَلَامٍ لَو كَانَ مُحَمّدٌ عَلَي دِينِنِا لَكَانَ أَحَبّ إِلَينَا مِن غَيرِهِ فَقَالَ أَنَا أَرُوحُ إِلَيهِ وَ أَسأَلُهُ عَن أَشيَاءَ مِنَ التّورَاةِ فَإِن أجَاَبنَيِ عَنهَا دَخَلتُ فِي دِينِهِ وَ خَلّيتُ دِينَ اليَهُودِيّةِ وَ قَامَ وَ أَخَذَ التّورَاةَ وَ استَخرَجَ مِنهَا أَلفَ مَسأَلَةٍ وَ أَربَعَمِائَةِ مَسأَلَةٍ وَ أَربَعَ مَسَائِلَ مِن غَامِضِ المَسَائِلِ فَأَخَذَهَا وَ أَتَي بِهَا إِلَي مُحَمّدٍ وَ هُوَ فِي مَسجِدِهِ فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مُحَمّدُ وَ عَلَي أَصحَابِكَ فَقَالُوا وَعَلي مَنِ اتّبَعَ الهُدي السّلَامُ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ مَن أَنتَ يَا هَذَا الرّجُلُ قَالَ أَنَا عَبدُ اللّهِ بنُ سَلَامٍ وَ
صفحه : 242
أَنَا مِن رُسُلِ بنَيِ إِسرَائِيلَ وَ مِمّن قَرَأَ التّورَاةَ وَ أَنَا رَسُولُ اليَهُودِ إِلَيكَ مَعَ شَيءٍ لِتُبَيّنَهُ لَنَا مَا هُوَ وَ أَنتَ مِنَ المُحسِنِينَ فَقَالَ النّبِيّص اجلِس يَا ابنَ سَلَامٍ وَ سَل عَمّا شِئتَ وَ إِن شِئتَ أَخبَرتُكَ عَمّا تسَألَنُيِ عَنهُ فَقَالَ أخَبرِنيِ يَا مُحَمّدُ فإَنِنّيِ أَزدَادُ فِيكَ يَقِيناً فَقَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ جِئتَ تسَألَنُيِ عَن أَلفِ مَسأَلَةٍ وَ أَربَعِمِائَةِ مَسأَلَةٍ وَ أَربَعِ مَسَائِلَ نَسَختَهَا مِنَ التّورَاةِ فَنَكَسَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَلَامٍ رَأسَهُ وَ بَكَي وَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَقَالَ أَ نبَيِّ أَنتَ أَم رَسُولٌ فَقَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ إِنّ اللّهَ بعَثَنَيِ نَبِيّاً وَ رَسُولًا وَ أَنَا خَاتَمُ النّبِيّينَ أَ فَمَا قَرَأتَ فِي التّورَاةِمُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَ الّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَي الكُفّارِ رُحَماءُ بَينَهُم تَراهُم رُكّعاً سُجّداًالآيَةَ وَ أُنزِلَ عَلَيّما كانَ مُحَمّدٌ أَبا أَحَدٍ مِن رِجالِكُم وَ لكِن رَسُولَ اللّهِ وَ خاتَمَ النّبِيّينَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ أخَبرِنيِ أَ كَلِيمٌ أَنتَ أَم وحَيِّ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ بَل وحَيِّ يأَتيِنيِ بِهِ جَبرَائِيلُ عَن رَبّ العَالَمِينَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ أخَبرِنيِ كَم خَلَقَ اللّهُ نَبِيّاً مِن بنَيِ آدَمَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ خَلَقَ اللّهُ مِائَةَ أَلفِ نبَيِّ وَ أَربَعَةً وَ عِشرِينَ أَلفَ نبَيِّ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ أخَبرِنيِ كَمِ المُرسَلُونَ مِنهُم قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ كَانَ المُرسَلُونَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَن كَانَ أَوّلَ الأَنبِيَاءِ قَالَ آدَمُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ أخَبرِنيِ آدَمُ كَانَ نَبِيّاً مُرسَلًا قَالَ نَعَم أَ فَمَا قَرَأتَ فِي التّورَاةِقالَ يا آدَمُ أَنبِئهُم بِأَسمائِهِمالآيَةَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن رُسُلِ العَرَبِ كَم كَانُوا قَالَ سِتّةٌ أَوّلُهُم اِبرَاهِيمُ وَ إِسمَاعِيلُ وَ لُوطٌ وَ صَالِحٌ وَ شُعَيبٌ وَ مُحَمّدٌ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَم كَانَ بَينَ مُوسَي وَ عِيسَي مِن نبَيِّ قَالَ أَلفٌ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَعَلَي أَيّ دِينٍ كَانُوا قَالَ عَلَي دِينِ اللّهِ تَعَالَي وَ دِينِ مَلَائِكَتِهِ وَ دِينِ الإِسلَامِ قَالَ وَ مَا الإِسلَامُ وَ مَا الإِيمَانُ قَالَ أَمّا الإِسلَامُ فَتَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ الإِقرَارُ بِأَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ إِقَامُ الصّلَاةِ وَ إِيتَاءُ الزّكَاةِ وَ صَومُ شَهرِ رَمَضَانَ وَ الحَجّ إِلَي بَيتِ اللّهِ الحَرَامِ إِنِ استَطَعتَ إِلَيهِ سَبِيلًا وَ أَمّا الإِيمَانُ فَتُؤمِنُ بِاللّهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ الكِتَابِ وَ النّبِيّينَ وَ البَعثِ بَعدَ المَوتِ وَ القَدرِ
صفحه : 243
خَيرِهِ وَ شَرّهِ مِنَ اللّهِ تَعَالَي قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ أخَبرِنيِ كَم مِن دِينِ اللّهِ تَعَالَي قَالَ دِينٌ وَاحِدٌ وَ هُوَ الإِسلَامُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَبِمَ كَانَتِ الشّرَائِعُ قَالَ كَانَت مُختَلِفَةً فِي الأُمَمِ المَاضِيَةِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَأَهلُ الجَنّةِ يَدخُلُونَ بِالإِسلَامِ أَم بِالإِيمَانِ أَم بِأَعمَالِهِم قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ استَوجَبُوا الجَنّةَ بِالإِيمَانِ وَ يَدخُلُونَ بِرَحمَةِ اللّهِ وَ يَقسِمُونَهَا بِأَعمَالِهِم قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَم أَنزَلَ اللّهُ كِتَاباً قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَنزَلَ اللّهُ مِائَةَ كِتَابٍ وَ أَربَعَةَ كُتُبٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَلَي مَن أُنزِلَت هَذِهِ الكُتُبُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي آدَمَ أَربَعَ عَشرَةَ صَحِيفَةً وَ أَنزَلَ عَلَي اِبرَاهِيمَ عِشرِينَ صَحِيفَةً وَ فِي قَولٍ أَربَعَ عَشرَةَ صَحِيفَةً وَ عَلَي شَيثِ بنِ آدَمَ خَمسِينَ صَحِيفَةً وَ أَنزَلَ عَلَي إِدرِيسَ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً وَ أَنزَلَ الزّبُورَ عَلَي دَاوُدَ وَ أَنزَلَ التّورَاةَ عَلَي مُوسَي وَ أَنزَلَ الإِنجِيلَ عَلَي عِيسَي وَ أَنزَلَ عَلَيّ الفُرقَانَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَهَل أَنزَلَ عَلَيكَ كِتَاباً قَالَ نَعَم قَالَ وَ أَيّ كِتَابٍ هُوَ قَالَ الفُرقَانُ قَالَ يَا مُحَمّدُ لِمَ سَمّاهُ الرّبّ فُرقَاناً قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لِأَنّهُ يَفرُقُ الآيَاتِ وَ السّوَرَ وَ أُنزِلَ بِغَيرِ الأَلوَاحِ وَ غَيرِ الصّحُفِ وَ التّورَاةُ وَ الإِنجِيلُ وَ الزّبُورُ كُلّهَا جُملَةً فِي الأَلوَاحِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَهَل فِي كِتَابِكَ شَيءٌ مِن هَذِهِ الصّحُفِ قَالَ نَعَم يَا ابنَ سَلَامٍ قَالَ مَا هُوَ يَا مُحَمّدُ فَقَرَأَ النّبِيّص قَد أَفلَحَ مَن تَزَكّي إِلَي قَولِهِصُحُفِ اِبراهِيمَ وَ مُوسي قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا ابتِدَاءُ القُرآنِ وَ مَا خَتمُهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ ابتِدَاؤُهُبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ وَ خَتمُهُ صَدَقَ اللّهُ العلَيِّ العَظِيمُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن خَمسَةِ أَشيَاءَ خَلَقَهَا اللّهُ بِيَدِهِ مَا هيَِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ جَنّةَ عَدنٍ بِيَدِهِ وَ غَرَسَ شَجَرَةَ طُوبَي بِيَدِهِ وَ صَوّرَ آدَمَ بِيَدِهِ وَ كَتَبَ التّورَاةَ بِيَدِهِ وَ بَنَي السّمَاوَاتِ بِيَدِهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُوَ السّماواتُ مَطوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ قَالَ صَدَقتَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَ مَا سَمِعتَ قَولَهُ تَعَالَيوَ السّماءَ
صفحه : 244
بَنَيناها بِأَيدٍ وَ إِنّا لَمُوسِعُونَ
قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ أخَبرِنيِ مَن أَخبَرَكَ بِهَذَا قَالَ أخَبرَنَيِ جَبرَائِيلُ قَالَ عَن مَن قَالَ عَن مِيكَائِيلَ قَالَ عَن مَن قَالَ عَن إِسرَافِيلَ قَالَ عَن مَن قَالَ عَنِ اللّوحِ المَحفُوظِ قَالَ عَن مَن قَالَ عَنِ القَلَمِ قَالَ عَن مَن قَالَ عَن رَبّ العَالَمِينَ قَالَ وَ كَيفَ ذَلِكَ يَا مُحَمّدُ قَالَ النّبِيّص يَأمُرُ اللّهُ القَلَمَ يَكتُبُ فِي اللّوحِ وَ يُنزَلُ فِي اللّوحِ عَلَي إِسرَافِيلَ وَ يُبَلّغُ إِسرَافِيلُ مِيكَائِيلَ وَ يُبَلّغُ مِيكَائِيلُ جَبرَائِيلَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن جَبرَائِيلَ فِي زيِّ الذّكرَانِ أَم فِي زيِّ الإِنَاثِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ بَل هُوَ فِي زيِّ الذّكرَانِ قَالَ فأَخَبرِنيِ مَا طَعَامُهُ وَ مَا شَرَابُهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ طَعَامُهُ التّسبِيحُ وَ شَرَابُهُ التّهلِيلُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا طُولُهُ وَ مَا عَرضُهُ وَ مَا صِفَتُهُ وَ مَا لِبَاسُهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ عَلَي قَدرِ المَلَائِكَةِ لَا بِالطّوِيلِ الأَعلَي وَ لَا بِالقَصِيرِ الأَدنَي أَغَرّ مَكحُولٌ ضَوؤُهُ كَضَوءِ النّهَارِ عِندَ ظُلمَةِ اللّيلِ لَهُ أَربَعَةٌ وَ عِشرُونَ جَنَاحاً خَضرَاءَ مُكَلّلَةً بِالدّرّ وَ اليَاقُوتِ مَختُومَةً بِاللّؤلُؤِ عَلَيهِ وِشَاحٌ بِطَانَتُهُ مِن إِستَبرَقٍ وَ ظِهَارَتُهُ الوَقَارُ وَ الكَرَامَةُ وَجهُهُ كَالزّعفَرَانِ أَقنَي الأَنفِ مُدَوّرُ الحَدَقِ لَا يَأكُلُ وَ لَا يَشرَبُ وَ لَا يَمَلّ وَ لَا يَسهُو وَ هُوَ قَائِمٌ بوِحَيِ اللّهِ تَعَالَي إِلَي يَومِ القِيَامَةِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن بَدءِ خَلقِ الدّنيَا وَ أخَبرِنيِ عَن بَدءِ خَلقِ آدَمَ كَيفَ خَلَقَهُ اللّهُ تَعَالَي قَالَ نَعَم يَا ابنَ سَلَامٍ إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ وَ لَا إِلَهَ غَيرُهُ خَلَقَهُ مِن طِينٍ بِيَدِهِ وَ خَلَقَ الطّينَ مِنَ الزّبَدِ وَ خَلَقَ الزّبَدَ مِنَ المَوجِ وَ خَلَقَ المَوجَ مِنَ المَاءِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن آدَمَ لِمَ سمُيَّ آدَمَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لِأَنّهُ خُلِقَ مِن طِينِ الأَرضِ وَ أَدِيمِهَا قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَآدَمُ خُلِقَ مِنَ الطّينِ كُلّهِ أَو بَعضِهِ أَو مِن طِينٍ وَاحِدٍ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ بَل خَلَقَهُ اللّهُ مِنَ الطّينِ كُلّهِ وَ لَو أَنّ آدَمَ خُلِقَ مِن طِينٍ وَاحِدٍ لَمَا عَرَفَ بَعضُهُم بَعضاً وَ كَانُوا عَلَي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ هَل لَهُم مَثَلٌ بِذَلِكَ فِي الدّنيَا قَالَ نَعَم يَا ابنَ سَلَامٍ
صفحه : 245
أَ فَمَا تَنظُرُ إِلَي التّرَابِ مِنهُ أَبيَضُ وَ مِنهُ أَسوَدُ وَ مِنهُ أَحمَرُ وَ مِنهُ أَصفَرُ وَ مِنهُ أَشقَرُ وَ مِنهُ أَغبَرُ وَ مِنهُ أَزرَقُ وَ فِيهِ عَذبٌ وَ خَشِنٌ وَ فِيهِ لَيّنٌ وَ كَذَلِكَ بَنُو آدَمَ فِيهِم خَشِنٌ وَ فِيهِم لَيّنٌ وَ فِيهِم عَذبٌ كَذَلِكَ التّرَابُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَن آدَمُ لَمّا خَلَقَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن أَينَ دَخَلَتِ الرّوحُ فِيهِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ دَخَلَت مِن فِيهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ أَ دَخَلَت فِيهِ عَلَي رِضًا أَم عَلَي كُرهٍ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَدخَلَهُ اللّهُ كُرهاً وَ يُخرِجُهَا كُرهاً قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ مَا قَالَ اللّهُ لِآدَمَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ قَالَ اللّهُ لِآدَمَيا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَ زَوجُكَ الجَنّةَ وَ كُلا مِنها رَغَداً حَيثُ شِئتُما وَ لا تَقرَبا هذِهِ الشّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَكَم أَكَلَ مِنهَا حَبّةً قَالَ حَبّتَينِ قَالَ وَ كَم أَكَلَت حَوّاءُ قَالَ حَبّتَينِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا صِفَةُ الشّجَرَةِ وَ كَم لَهَا غُصنٌ وَ كَم كَانَ طُولُ السّنبُلَةِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ كَانَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَغصَانٍ وَ كَانَ طُولُ كُلّ سُنبُلَةٍ ثَلَاثَةَ أَشبَارٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَكَم سُنبُلَةً فَرّكَ مِنهَا آدَمُ قَالَ سُنبُلَةً وَاحِدَةً قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَكَم كَانَ فِي السّنبُلَةِ مِن حَبّةٍ قَالَ كَانَ فِيهَا خَمسُ حَبّاتٍ قَالَ فأَخَبرِنيِ مَا صِفَةُ الحَبّةِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ كَانَت بِمَنزِلَةِ البَيضِ الكِبَارِ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَنِ الحَبّةِ التّيِ بَقِيَت مَعَ آدَمَ مَا صَنَعَ بِهَا قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أُنزِلَت مَعَ آدَمَ مِنَ الجَنّةِ فَزَرَعَ آدَمُ تِلكَ الحَبّةَ فَتَنَاسَلَ مِن تِلكَ الحَبّةِ البَرَكَةُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن آدَمَ أَينَ أُهبِطَ مِنَ الأَرضِ قَالَ أُهبِطَ بِالهِندِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَأَينَ أُهبِطَت حَوّاءُ قَالَ بِجُدّةَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَأَينَ أُهبِطَتِ الحَبّةُ قَالَ بِأَصبَهَانَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَأَينَ أُهبِطَ إِبلِيسُ قَالَ بِبَيسَانَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ مَا أَغزَرَ عِلمَكَ وَ مَا أَصدَقَ لِسَانَكَ فأَخَبرِنيِ مَا كَانَ لِبَاسُ آدَمَ لَمّا أُهبِطَ مِنَ الجَنّةِ قَالَ ثَلَاثَ أَورَاقٍ مِن وَرَقِ الجَنّةِ مُتَوَشّحاً بِالوَاحِدَةِ مُتّزِراً بِالأُخرَي مُتَعَمّماً بِالثّالِثَةِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ فِي أَيّ مَكَانٍ اجتَمَعَا قَالَ بِعَرَفَاتٍ
صفحه : 246
قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ خُلِقَت حَوّاءُ مِن آدَمَ أَم آدَمُ مِن حَوّاءَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ خُلِقَت حَوّاءُ مِن آدَمَ وَ لَو أَنّ خُلِقَ مِن حَوّاءَ لَكَانَ الطّلَاقُ بِيَدِ النّسَاءِ وَ لَم يَكُن بِيَدِ الرّجَالِ قَالَ فأَخَبرِنيِ خُلِقَت مِن كُلّهِ أَو مِن بَعضِهِ قَالَ خُلِقَت مِن بَعضِهِ وَ لَو خُلِقَت مِن كُلّهِ لَكَانَ القَضَاءُ فِي النّسَاءِ وَ لَم يَكُن فِي الرّجَالِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن بَاطِنِهِ خُلِقَت أَم مِن ظَاهِرِهِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ بَل خُلِقَت مِن بَاطِنِهِ وَ لَو خُلِقَت مِن ظَاهِرِهِ لَكَشَفَتِ النّسَاءُ مِن أَبدَانِهِنّ كَمَا تَكشِفُ الرّجَالُ قَالَ فَمِن يَمِينِهِ خُلِقَت أَم مِن شِمَالِهِ قَالَ بَل خُلِقَت مِن شِمَالِهِ وَ لَو خُلِقَت مِن يَمِينِهِ لَكَانَ حَظّ الأُنثَي مِثلَ حَظّ الذّكَرِ وَ شَهَادَتُهَا كَشَهَادَتِهِ وَ مِن أَجلِ ذَلِكَ جَعَلَ اللّهُ لِلذّكَرِ مِثلَ حَظّ الأُنثَيَينِ قَالَ فأَخَبرِنيِ مِن أَيّ مَوضِعٍ خُلِقَت قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ خُلِقَت مِن ضِلعِهِ الأَقصَرِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَن كَانَ يَسكُنُ الأَرضَ قَبلَ آدَمَ قَالَ الجِنّ قَالَ فَبَعدَ الجِنّ قَالَ المَلَائِكَةُ قَالَ فَبَعدَ المَلَائِكَةِ قَالَ آدَمُ وَ ذُرّيّتُهُ قَالَ وَ كَم كَانَ بَينَ الجِنّ وَ بَينَ آدَمَ قَالَ سَبعَةُ آلَافِ سَنَةٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن آدَمَ فَهَل حَجّ إِلَي بَيتِ اللّهِ الحَرَامِ قَالَ نَعَم قَالَ فَمَن حَلَقَ رَأسَ آدَمَ قَالَ جَبرَئِيلُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ هَلِ اختَتَنَ آدَمُ أَم لَا قَالَ نَعَم يَا ابنَ سَلَامٍ خَتَنَ نَفسَهُ بِيَدِهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَنِ الدّنيَا لِمَ سُمّيَت دُنيَا قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لِأَنّ الدّنيَا خُلِقَت مِن دُونِ الآخِرَةِ وَ لَو خُلِقَت مَعَ الآخِرَةِ لَم تَفنَ كَمَا لَم تَفنَ الآخِرَةُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَنِ القِيَامَةِ لِمَ سُمّيَت قِيَامَةً قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لِأَنّ مُقَامَ الخَلَائِقِ فِيهَا لِلحِسَابِ قَالَ فأَخَبرِنيِ لِمَ سُمّيَتِ الآخِرَةُ آخِرَةً قَالَ لِأَنّهَا مُتَأَخّرَةٌ عَنهَا بَعدَ الدّنيَا لَا يُوصَفُ سِنوُهَا وَ لَا تُحصَي أَيّامُهَا وَ لَا يَمُوتُ سَاكِنُهَا قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن أَوّلِ يَومٍ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي الدّنيَا فِيهِ قَالَ يَومَ الأَحَدِ قَالَ وَ لِمَ سَمّاهُ أَحَداً قَالَ لِأَنّ اللّهَ وَاحِدٌ أَحَدٌ فَردٌ صَمَدٌ لَم يَتّخِذ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَالإِثنَينِ لِمَ
صفحه : 247
سمُيَّ إِثنَينِ قَالَ لِأَنّهُ ثاَنيِ يَومِ الدّنيَا قَالَ فَالثّلَاثَاءُ لِمَ سمُيَّ ثَلَاثَاءَ قَالَ لِأَنّهُ ثَالِثُ يَومِ الدّنيَا قَالَ فَالأَربِعَاءُ لِمَ سمُيَّ أَربِعَاءَ قَالَ لِأَنّهُ رَابِعُ يَومِ الدّنيَا قَالَ فَالخَمِيسُ لِمَ سمُيَّ خَمِيساً قَالَ لِأَنّهُ خَامِسُ يَومِ الدّنيَا قَالَ فَالجُمُعَةُ لِمَ سمُيَّ جُمُعَةً قَالَ لِأَنّهُيَومٌ مَجمُوعٌ لَهُ النّاسُ وَ ذلِكَ يَومٌ مَشهُودٌ وَ هُوَ سَادِسُ يَومٍ مِن أَيّامِ الدّنيَا قَالَ فَالسّبتُ لِمَ سمُيَّ سَبتاً قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لِأَنّهُ يَومٌ يُوَكّلُ فِيهِ مَلَكٌ لِأَنّهُ مَعَ كُلّ عَبدٍ مَلَكَانِ مَلَكٌ عَن يَمِينِهِ وَ مَلَكٌ عَن شِمَالِهِ فاَلذّيِ عَن يَمِينِهِ يَكتُبُ الحَسَنَاتِ وَ ألّذِي عَن شِمَالِهِ يَكتُبُ السّيّئَاتِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن مَقعَدِ المَلَكَينِ مِنَ العَبدِ وَ مَا قَلَمُهُمَا وَ مَا دَوَاتُهُمَا وَ مَا لَوحُهُمَا وَ مَا مِدَادُهُمَا قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ مَقعَدُهُمَا عَلَي كَتِفَيهِ وَ قَلَمُهُمَا لِسَانُهُ وَ دَوَاتُهُمَا فُوهُ وَ مِدَادُهُمَا رِيقُهُ وَ لَوحُهُمَا فُؤَادُهُ يَكتُبَانِ أَعمَالَهُ إِلَي مَمَاتِهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي ذَلِكَ اليَومِ قَالَن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ قَالَ فأَخَبرِنيِ كَم طُولُ القَلَمِ وَ كَم عَرضُهُ وَ كَم أَسنَانُهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ طُولُ القَلَمِ خَمسُمِائَةِ عَامٍ وَ لَهُ ثَلَاثُونَ سِنّاً يَخرُجُ المِدَادُ مِن بَينِ أَسنَانِهِ وَ يجَريِ فِي اللّوحِ المَحفُوظِ مَا يَكُونُ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ بِأَمرِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ كَم لَحظَةً لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتّونَ لَحظَةً يمَضيِ وَ يقَضيِ وَ يَرفَعُ وَ يَضَعُ وَ يُسعِدُ وَ يشُقيِ وَ يُعِزّ وَ يُذِلّ وَ يعُليِ وَ يَقهَرُ وَ يغُنيِ وَ يُفقِرُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي بَعدَ ذَلِكَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ السّمَاءَ السّابِعَةَ مِمّا يلَيِ العَرشَ وَ أَمَرَهَا أَن تَرتَفِعَ إِلَي مَكَانِهَا فَارتَفَعَت ثُمّ خَلَقَ السّتّةَ البَاقِيَةَ وَ أَمَرَ كُلّ سَمَاءٍ أَن تَستَقِرّ مَكَانَهَا فَاستَقَرّت قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَلِمَ سَمّاهَا سَمَاءً قَالَ لِارتِفَاعِهَا قَالَ فأَخَبرِنيِ مَا بَالُ سَمَاءِ الدّنيَا خَضرَاءُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ اخضَرّت مِن جَبَلِ قَافٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مِمّ خُلِقَت قَالَ خُلِقَت مِن مَوجٍ مَكفُوفٍ قَالَ وَ مَا المَوجُ المَكفُوفُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ مَاءٌ قَائِمٌ لَا اضطِرَابَ لَهُ وَ كَانَتِ الأَصلُ دُخَاناً قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَنِ السّمَاوَاتِ أَ لَهَا أَبوَابٌ قَالَ نَعَم لَهَا أَبوَابٌ
صفحه : 248
وَ هيَِ مُغلَقَةٌ وَ لَهَا مَفَاتِيحُ وَ هيَِ مَخزُونَةٌ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن أَبوَابِ السّمَاءِ مَا هيَِ قَالَ ذَهَبٌ قَالَ فَمَا أَقفَالُهَا قَالَ مِن نُورٍ قَالَ فَمَفَاتِيحُهَا قَالَ بِسمِ اللّهِ العَظِيمِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن طُولِ كُلّ سَمَاءٍ وَ عَرضِهَا وَ كَم ارتِفَاعُهَا وَ مَا سُكّانُهَا قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ طُولُ كُلّ سَمَاءٍ خَمسُمِائَةِ عَامٍ وَ عَرضُهَا كَذَلِكَ وَ بَينَ كُلّ سَمَاءٍ إِلَي سَمَاءٍ خَمسُمِائَةِ عَامٍ وَ سُكّانُ كُلّ سَمَاءٍ جُندٌ مِنَ المَلَائِكَةِ لَا يَعلَمُ عَدَدَهُم إِلّا اللّهُ تَعَالَي قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَنِ السّمَاءِ الثّانِيَةِ مِمّا خُلِقَت قَالَ مِنَ الغَمَامِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَنِ السّمَاءِ الثّالِثَةِ مِمّ خُلِقَت قَالَ مِن زَبَرجَدَةٍ خَضرَاءَ قَالَ فَالرّابِعَةُ قَالَ مِن ذَهَبٍ أَحمَرَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَالخَامِسَةُ قَالَ مِن يَاقُوتَةٍ حَمرَاءَ قَالَ فَالسّادِسَةُ قَالَ مِن فِضّةٍ بَيضَاءَ قَالَ فَالسّابِعَةُ قَالَ مِن ذَهَبٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا فَوقَ السّمَاءِ السّابِعَةِ قَالَ بَحرُ الحَيَوَانِ قَالَ فَمَا فَوقَهُ قَالَ بَحرُ الظّلمَةِ قَالَ فَمَا فَوقَهُ قَالَ بَحرُ النّورِ قَالَ فَمَا فَوقَهُ قَالَ الحُجُبُ قَالَ فَمَا فَوقَهُ قَالَ سِدرَةُ المُنتَهَي قَالَ فَمَا فَوقَ سِدرَةِ المُنتَهَي قَالَ جَنّةُ المَأوَي قَالَ فَمَا فَوقَ جَنّةِ المَأوَي قَالَ حِجَابُ المَجدِ قَالَ فَمَا فَوقَ حِجَابِ المَجدِ قَالَ حِجَابُ الحَمدِ قَالَ فَمَا فَوقَ حِجَابِ الحَمدِ قَالَ حِجَابُ الجَبَرُوتِ قَالَ فَمَا فَوقَ حِجَابِ الجَبَرُوتِ قَالَ حِجَابُ العِزّ قَالَ فَمَا فَوقَ حِجَابِ العِزّ قَالَ حِجَابُ العَظَمَةِ قَالَ فَمَا فَوقَ حِجَابِ العَظَمَةِ قَالَ حِجَابُ الكِبرِيَاءِ قَالَ فَمَا فَوقَ حِجَابِ الكِبرِيَاءِ قَالَ الكرُسيِّ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ قَد أُوتِيتَ عُلُومَ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ وَ إِنّكَ لَتَنطِقُ بِالحَقّ اليَقِينِ قَالَ فَمَا فَوقَ الكرُسيِّ قَالَ العَرشُ قَالَ فَمَا فَوقَ العَرشِ قَالَ اللّهُ تَعَالَي وَ هُوَ فَوقَ الفَوقِ وَ عِلمُهُ تَحتَ التّحتِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ هَل يسَتوَيِ مَخلُوقٌ عَلَي عَرشِهِ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ يَا ابنَ سَلَامٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَنِ الشّمسِ وَ القَمَرِ أَ هُمَا مُؤمِنَانِ أَم كَافِرَانِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ بَل هُمَا مُؤمِنَانِ طَائِعَانِ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ مُسَخّرَانِ تَحتَ قَهرِ المَشِيّةِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ مَا بَالُ الشّمسِ وَ القَمَرِ لَا يَستَوِيَانِ فِي الضّوءِ وَ النّورِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ إِنّ اللّهَ مَحَا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلَ آيَةَ النّهَارِ مُبصِرَةً نِعمَةً مِنَ اللّهِ وَ فَضلًا وَ لَو لَا ذَلِكَ مَا عُرِفَ اللّيلُ مِنَ النّهَارِ وَ لَا النّهَارُ مِنَ اللّيلِ
صفحه : 249
قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَنِ اللّيلِ لِمَ سمُيَّ لَيلًا قَالَ لِأَنّهُ يُلَايِلُ الرّجَالَ مِنَ النّسَاءِ جَعَلَهُ اللّهُ إِلفاً وَ لِبَاساً قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ لِمَ سمُيَّ النّهَارُ نَهَاراً قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لِأَنّ فِيهِ كُلّ مِنَ الخَلقِ يَطلُبُ مَعَاشَهُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَنِ النّجُومِ كَم جُزءاً هيَِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ ثَلَاثَةُ أَجزَاءٍ جُزءٌ مِنهَا بِأَركَانِ العَرشِ يَصِلُ ضَوؤُهَا إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ الجُزءُ الثاّنيِ بِسَمَاءِ الدّنيَا كَأَمثَالِ القَنَادِيلِ المُعَلّقَةِ وَ هيَِ تضُيِءُ لِسُكّانِهَا وَ ترَميِ الشّيَاطِينَ بِشَرَرِهَا إِذَا استَرَقّوا السّمعَ وَ الجُزءُ الثّالِثُ مُعَلّقَةٌ فِي الهَوَاءِ وَ هيَِ ضَوءُ البِحَارِ وَ مَا فِيهَا وَ مَا عَلَيهَا قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا بَالُ النّجُومِ تُبَانُ صِغَاراً وَ كِبَاراً قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لِأَنّ بَينَهَا وَ بَينَ سَمَاءِ الدّنيَا بِحَاراً تَضرِبُ الرّيَاحُ أَموَاجَهَا فَتُبَانُ مِن تَحتِهَا صِغَاراً أَو كِبَاراً وَ مِقدَارُ النّجُومِ كُلّهَا مِقدَارٌ وَاحِدٌ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَم رِيحاً بَينَنَا وَ بَينَ سَمَاءِ الدّنيَا قَالَ ثَلَاثَةُ أَريَاحٍ الرّيحُ العَقِيمُ التّيِ أُرسِلَت عَلَي قَومِ عَادٍ حَمَلَتِ الأَشجَارَ وَ الثّمَارَ وَ الرّيحُ التّيِ هيَِ سَودَاءُ مُظلِمَةٌ يُعَذّبُ بِهَا أَهلُ النّارِ وَ رِيحٌ تَحمِلُ البِحَارَ وَ رِيحٌ لِأَهلِ الأَرضِ بِهَا حَمَلَتِ الأَشجَارُ وَ الثّمَارُ تَغدُو فِي جَوَانِبِهَا وَ لَو لَا تِلكَ الرّيحُ لَاحتَرَقَتِ الأَرضُ وَ الجِبَالُ مِن حَرّ الشّمسِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن حَمَلَةِ العَرشِ كَم هُم صِنفاً قَالَ ثَمَانُونَ صِنفاً طُولُ كُلّ صِنفٍ أَلفُ أَلفِ فَرسَخٍ وَ عَرضُهُ خَمسُمِائَةِ عَامٍ وَ رُءُوسُهُم تَحتَ العَرشِ وَ أَقدَامُهُم تَحتَ سَبعِ أَرَضِينَ وَ لَو أَنّ طَائِراً يَطِيرُ مِن أُذُنِ أَحَدِهِمُ اليُمنَي إِلَي اليُسرَي أَلفَ سَنَةٍ مِن سِنِينَ الدّنيَا لَم يَبلُغ إِلَي الأُذُنِ الآخَرِ حَتّي يَمُوتَ هَرَماً أَي شَيخاً لَهُم ثِيَابٌ مِن دُرّ وَ يَاقُوتٍ شَعرُهُم كَالزّعفَرَانِ طَعَامُهُمُ التّسبِيحُ وَ شَرَابُهُمُ التّهلِيلُ وَ الصّنفُ الأَوّلُ نِصفُهُ ثَلجٌ وَ نِصفُهُ نَارٌ لَا يُذِيبُ النّارُ الثّلجَ وَ لَا الثّلجُ يُطفِئُ النّارَ وَ الصّنفُ الثاّنيِ نِصفُهُ رَعدٌ وَ نِصفُهُ بَرقٌ وَ الصّنفُ الثّالِثُ نِصفُهُ مَاءٌ وَ نِصفُهُ مَدَرٌ لَا المَاءُ يُذِيبُ المَدَرَ وَ لَا المَدَرُ يُذِيبُ المَاءَ وَ الصّنفُ الرّابِعُ نِصفُهُ رِيحٌ وَ نِصفُهُ مَاءٌ لَا الرّيحُ يُهَيّجُ المَاءَ وَ لَا المَاءُ يَسبِقُ الرّيحَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن طَائِرٍ يَطِيرُ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ لَيسَ لَهُ فِي السّمَاءِ مَكَانٌ وَ لَا فِي الأَرضِ مَسكَنٌ مَا هُم يَا مُحَمّدُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ تِلكَ حَيّاتٌ
صفحه : 250
أَعرَافُهَا كَأَعرَافِ الخَيلِ تَبِيضُ فِي الجَوّ عَلَي أَذنَابِهَا وَ تُفَرّخُ عَلَي مَنَاكِبِهَا فِي الهَوَاءِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن مَولُودٍ أَشَدّ مِن أَبِيهِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ ذَلِكَ الحَدِيدُ يُولَدُ مِنَ الحَجَرِ وَ هُوَ أَشَدّ مِنَ الحَجَرِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَن بُقعَةٍ أَصَابَتهَا الشّمسُ مَرّةً وَاحِدَةً فَلَا تَعُودُ إِلَيهَا إِلَي يَومِ القِيَامَةِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ ذَلِكَ مَوضِعٌ أَغرَقَ اللّهُ فِيهِ فِرعَونَ حِينَ انفَلَقَ البَحرُ وَ انطَبَقَ عَلَيهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن بَيتٍ لَهُ اثنَا عَشَرَ بَاباً أُخرِجَ مِنهُ اثنَا عَشَرَ عَيناً لاِثنيَ عَشَرَ سِبطاً قَالَ النّبِيّص لَمّا جَاوَزَ مُوسَي بنَيِ إِسرَائِيلَ البَحرَ وَ دَخَلَ بِهِم إِلَي البَرّيّةِ فَشَكَوا إِلَي مُوسَي العَطَشَ فَمَرّ بِحَجَرٍ مُرَبّعٍ فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِأَنِ اضرِب بِعَصاكَ الحَجَرَفَضَرَبَ بِهِ مُوسَي فَانفَجَرَمِنهُ اثنَتا عَشرَةَ عَيناًلاِثنيَ عَشَرَ سِبطاً مِن بنَيِ إِسرَائِيلَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن نبَيِّ لَا مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ وَ لَا مِنَ الطّيرِ وَ لَا مِنَ الوَحشِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ ذَلِكَ النّملَةُ التّيِ أَنذَرَت قَومَهَا حِينَ قَالَتيا أَيّهَا النّملُ ادخُلُوا مَساكِنَكُم قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن مَن أَوحَي اللّهُ إِلَيهِ لَا مِنَ الجِنّ وَ لَا مِنَ المَلَائِكَةِ وَ لَا مِنَ الإِنسِ وَ لَا مِنَ الوَحشِ مَا هُوَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ النّحلُ أَوحَي اللّهُ إِلَيهَاأَنِ اتخّذِيِ مِنَ الجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشّجَرِ وَ مِمّا يَعرِشُونَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ مَا أَوحَي اللّهُ إِلَيهِ مِنَ الأَرضِ مَا هُوَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَوحَي اللّهُ إِلَي جَبَلِ طُورِ سَينَاءَ أَنِ ارفَع مُوسَي إِلَي السّمَاءِ حَتّي يَتَنَاوَلَ الأَلوَاحَ مِن رَبّ العَالَمِينَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن مَخلُوقٍ أَوّلُهُ عُودٌ وَ آخِرُهُ رُوحٌ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ تِلكَ عَصَا مُوسَي بنِ عِمرَانَ أَمَرَهُ اللّهُ أَن يُلقِيَهَا فِي بَيتِ المَقدِسِفَأَلقاها فَإِذا هيَِ حَيّةٌ تَسعي قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن ثَلَاثٍ ذُكُورٍ لَم يُولَدُوا عَن فَحلٍ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ ذَلِكَ عِيسَي ابنُ مَريَمَ وَ آدَمُ وَ كَبشُ إِسمَاعِيلَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ
صفحه : 251
عَن وَسَطِ الدّنيَا فِي أَيّ مَوضِعٍ هُوَ قَالَ بَيتُ المَقدِسِ قَالَ وَ كَيفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنّ فِيهِ المَحشَرَ وَ المَنشَرَ وَ الصّرَاطَ وَ المِيزَانَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَنِالفُلكِ المَشحُونِ مَا هُوَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ السّفُنُ المَبنِيّةُ فِي البَحرِ أَ مَا قَرَأتَ فِي التّورَاةِوَ حَمَلناهُ عَلي ذاتِ أَلواحٍ وَ دُسُرٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ مَا الأَلوَاحُ قَالَ الأَشجَارُ التّيِ سَفَقَت طُولًا هيَِ الأَلوَاحُ فأَخَبرِنيِ عَنِ الدّسُرِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ المَسَامِيرُ وَ العَوَارِضُ مِنَ الحَدِيدِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ كَم كَانَ طُولُ السّفِينَةِ وَ كَم عَرضُهَا وَ كَم كَانَ ارتِفَاعُهَا قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ كَانَ طُولُهَا ثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ عَرضُهَا مِائَةً وَ خَمسِينَ ذِرَاعاً وَ ارتِفَاعُهَا ماِئتَيَ ذِرَاعٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ مِن أَينَ رَكِبَهَا نُوحٌ قَالَ مِنَ العِرَاقِ قَالَ أَينَ ثَبَتَ قَالَ طَافَت بِالبَيتِ العَتِيقِ أُسبُوعاً وَ بِبَيتِ المَقدِسِ أُسبُوعاًوَ استَوَت عَلَي الجوُديِّ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَنِ البَيتِ المَعمُورِ أَينَ كَانَ لَمّا أَغرَقَ اللّهُ الدّنيَا قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ رَفَعَهُ اللّهُ تَعَالَي إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ قَبلَ الطّوفَانِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ أَينَ كَانَتِ الصّخرَةُ وَقتَ الطّوفَانِ قَالَ وَ أَمَرَ اللّهُ تَعَالَي أَبَا قُبَيسٍ أَن يَحمِلَ الصّخرَةَ فِي بَطنِهِ قَالَ فَالبَيتُ المُقَدّسُ لَمّا أَغرَقَ اللّهُ الدّنيَا أَينَ كَانَ قَالَ فِي جَبَلِ أَبِي قُبَيسٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن مَولُودٍ لَم يُشبِه أَبَاهُ وَ رُبّمَا أَشبَهَ خَالَهُ وَ رُبّمَا أَشبَهَ عَمّهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ إِذَا جَامَعَ الرّجُلُ امرَأَتَهُ فَإِن غَلَبَت شَهوَةُ المَرأَةِ عَلَي شَهوَةِ الرّجُلِ خَرَجَ الوَلَدُ إِلَي خَالِهِ وَ إِن غَلَبَت شَهوَةُ الرّجُلِ عَلَي شَهوَةِ المَرأَةِ خَرَجَ إِلَي عَمّهِ وَ إِنِ استَوَيَا خَرَجَ الوَلَدُ إِلَي أُمّهِ وَ أَبِيهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ
أَقُولُ فِي الرّوَايَةِ الأُخرَي هَكَذَا قَالَ فأَخَبرِنيِ عَنِ المَولُودِ إِذَا لَم يُشبِه أَبَاهُ وَ رُبّمَا يُشبِهُ خَالَهُ وَ عَمّهُ قَالَ إِذَا جَامَعَ الرّجُلُ امرَأَتَهُ فَإِن غَلَبَت شَهوَةُ الرّجُلِ شَهوَةَ المَرأَةِ خَرَجَ الرّجُلُ بِأَبِيهِ أَشبَهَ وَ إِن غَلَبَت شَهوَةُ المَرأَةِ خَرَجَ الوَلَدُ بِأُمّهِ أَشبَهُ وَ إِنِ استَوَيَا خَرَجَ شَبِيهاً بِهِمَا فَإِن سَبَقَت شَهوَةُ الرّجُلِ خَرَجَ الوَلَدُ بِعَمّهِ أَشبَهَ وَ إِن سَبَقَت
صفحه : 252
شَهوَةُ المَرأَةِ كَانَ الوَلَدُ بِخَالِهِ أَشبَهَ قَالَ صَدَقتَ
رَجَعنَا إِلَي الرّوَايَةِ الأُولَي قَالَ فأَخَبرِنيِ هَل يُعَذّبُ اللّهُ عَبدَهُ بِلَا حُجّةٍ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ يَا ابنَ سَلَامٍ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي عَدلٌ لَا يَجُورُ فِي قَضَائِهِ قَالَ صَدَقتَ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَن أَطفَالِ المُشرِكِينَ فِي الجَنّةِ أَم فِي النّارِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ اللّهُ أَولَي بِهِم وَ لَكِن إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ وَ جُمِعَ الخَلقُ لِفَصلِ القَضَاءِ أَمَرَ اللّهُ تَعَالَي بِأَطفَالِ المُشرِكِينَ فَيُؤتَي بِهِم فَيَقُولُ لَهُم عبِاَديِ وَ أَبنَاءَ عبِاَديِ وَ إمِاَئيِ مَن رَبّكُم وَ مَا دِينُكُم وَ مَا أَعمَالُكُم فَيَقُولُونَ أللّهُمّ أَنتَ رَبّنَا وَ أَنتَ خَالِقُنَا وَ لَم نَكُن شَيئاً وَ أَمَتّنَا وَ لَم تَجعَل لَنَا لِسَاناً نَنطِقُ بِهِ وَ لَا عَقلًا نَعقِلُ بِهِ وَ لَا قُوّةً فِي الأَعضَاءِ نَتَعَبّدُ بِهَا وَلا عِلمَ لَنا إِلّا ما عَلّمتَنافَيَقُولُ اللّهُ لَهُم وَ هُوَ أَجَلّ قَائِلٍ فَالآنَ لَكُم أَلسِنَةٌ وَ عُقُولٌ وَ قُوّةٌ لِلحَرَكَةِ فِي الأَعضَاءِ فَإِن أَمَرتُكُم بِأَمرٍ يَا عبِاَديِ تَفعَلُوهُ فَيَقُولُونَ السّمعُ وَ الطّاعَةُ لَكَ يَا إِلَهَنَا وَ خَالِقَنَا وَ رَازِقَنَا وَ مَالِكَنَا فَيَأمُرُ اللّهُ تَعَالَي مَالِكاً فَتَزجُرُ جَهَنّمَ حَتّي تَفُورَ وَ يَأمُرُ أَطفَالَ المُشرِكِينَ أَلقُوا أَنفُسَكُم فِي تِلكَ النّارِ فَمَن سَبَقَ لَهُ فِي عِلمِ اللّهِ أَن يَكُونَ سَعِيداً أَلقَي نَفسَهُ فِيهَا فَتَكُونُ النّارُ عَلَيهِ بَرداً وَ سَلَاماً كَمَا كَانَت عَلَي اِبرَاهِيمَ خَلِيلِ الرّحمَنِ وَ مَن سَبَقَ لَهُ فِي عِلمِ اللّهِ أَن يَكُونَ شَقِيّاً امتَنَعَ أَن يلُقيَِ نَفسَهُ فِي تِلكَ النّارِ فَيَكُونُونَ تَبَعاً لِآبَائِهِم وَ أُمّهَاتِهِم فِي النّارِ وَ الفِرقَةُ الأُخرَي يَخرُجُونَ إِلَي الجَنّةِ مَعَ المُؤمِنِينَ قَالَ صَدَقتَ[ قَالَ بَرَرتَ وَ بَيّنتَ وَ أَزَلتَ الشّكّ يَا مُحَمّدُ فزَدِنيِ يَقِيناً]فأَخَبرِنيِ عَنِ الأَرضِ لِمَ سُمّيَت أَرضاً قَالَ لِأَنّهَا أَرضٌ يُدَاسُ عَلَيهَا قَالَ فَمِمّ خُلِقَت قَالَ مِن زَبَرجَدٍ قَالَ فَالزّبَرجَدَةُ مِمّ خُلِقَت قَالَ مِنَ المَوجِ قَالَ فَالمَوجُ مِمّ خُلِقَ قَالَ مِنَ البَحرِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَكَيفَ ذَلِكَ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَمّا خَلَقَ البَحرَ أَمَرَ الرّيحَ أَن تَضرِبَ الأَموَاجَ بَعضَهَا فِي بَعضٍ فَاضطَرَبَ الأَموَاجُ حَتّي ظَهَرَ الزّبَدُ ثُمّ أَمَرَهَا أَن تَجتَمِعَ فَاجتَمَعَت ثُمّ أَمَرَهَا أَن تَلِينَ فَلَانَت ثُمّ أَمَرَهَا أَن تَعتَدِلَ فَاعتَدَلَت ثُمّ أَمَرَهَا أَن تَمتَدّ فَامتَدّت فَصَارَت أَرضاً قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مِن أَينَ سُكُونُهَا قَالَ مِن جَبَلِ قَافٍ وَ هُوَ أَصلُ أَوتَادِ الأَرضِ التّيِ نَحنُ عَلَيهَا قَالَ فأَخَبرِنيِ مَا تَحتَ هَذِهِ الأَرضِ قَالَ تَحتَهَا ثَورٌ قَالَ وَ مَا صِفَتُهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لَهُ أَربَعُ قَوَائِمَ وَ هُوَ قَائِمٌ عَلَي صَخرَةٍ بَيضَاءَ قَالَ فأَخَبرِنيِ
صفحه : 253
مَا صِفَتُهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لَهُ أَربَعُونَ قَرناً وَ أَربَعُونَ سِنّاً رَأسُهُ بِالمَشرِقِ وَ ذَنَبُهُ بِالمَغرِبِ وَ هُوَ سَاجِدٌ لِلّهِ تَعَالَي إِلَي يَومِ القِيَامَةِ مِنَ القَرنِ إِلَي القَرنِ مَسِيرَةُ خَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا تَحتَ الصّخرَةِ قَالَ تَحتَهَا جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ الصّعُودُ قَالَ وَ لِمَن ذَلِكَ الجَبَلُ قَالَ لِأَهلِ النّارِ يَصعَدُهُ المُشرِكُونَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ هُوَ مَسِيرَةُ أَلفِ سَنَةٍ حَتّي إِذَا بَلَغُوا أَعلَي ذَلِكَ الجَبَلِ ضُرِبُوا بِمَقَامِعَ فَيَسقُطُونَ إِلَي أَسفَلِهِ فَيُسحَبُونَ عَلَي وُجُوهِهِم قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا تَحتَ ذَلِكَ الجَبَلِ قَالَ أَرضٌ قَالَ وَ مَا اسمُهَا قَالَ جَارِيَةٌ قَالَ وَ مَا تَحتَهَا قَالَ بَحرٌ قَالَ وَ مَا اسمُهُ قَالَ سَهَكٌ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فَمَا تَحتَ ذَلِكَ البَحرِ قَالَ أَرضٌ قَالَ وَ مَا اسمُهَا قَالَ نَاعِمَةُ قَالَ وَ مَا تَحتَهَا قَالَ بَحرٌ قَالَ وَ مَا اسمُهُ قَالَ الزّاخِرُ قَالَ وَ مَا تَحتَهُ قَالَ أَرضٌ قَالَ وَ مَا اسمُهَا قَالَ فَسِيحَةُ قَالَ فَصِف لِي هَذِهِ الأَرضَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ هيَِ أَرضٌ بَيضَاءُ كَالشّمسِ وَ رِيحُهَا كَالمِسكِ وَ ضَوؤُهَا كَالقَمَرِ وَ نَبَاتُهَا كَالزّعفَرَانِ يُحشَرُونَ[يُحشَرُ]عَلَيهَا المُتّقُونَ يَومَ القِيَامَةِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ أَينَ تَكُونُ هَذِهِ الأَرضُ التّيِ نَحنُ عَلَيهَا اليَومَ قَالَ النّبِيّص يَا ابنَ سَلَامٍ تُبَدّلُ هَذِهِ الأَرضُ غَيرَهَا قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا تَحتَ تِلكَ الأَرضِ قَالَ البَحرُ قَالَ وَ مَا اسمُهُ قَالَ القَمقَامُ قَالَ وَ مَا فِيهِ قَالَ الحُوتُ قَالَ وَ مَا اسمُهُ قَالَ يهموت قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فَصِف لِيَ الحُوتَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ رَأسُهُ بِالمَشرِقِ وَ ذَنَبُهُ بِالمَغرِبِ قَالَ فَمَا عَلَي ظَهرِهِ قَالَ الأَرضُ وَ البِحَارُ وَ الظّلمَةُ وَ الجِبَالُ قَالَ فَمَا بَينَ عَينَيهِ قَالَ سَبعَةُ أَبحُرٍ فِي كُلّ بَحرٍ سَبعُونَ أَلفَ مَدِينَةٍ فِي كُلّ مَدِينَةٍ أَلفُ لِوَاءٍ تَحتَ كُلّ لِوَاءٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ قَالَ فَمَا يَقُولُونَ قَالَ يَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُلا شَرِيكَ لَهُلَهُ المُلكُ وَ لَهُ الحَمدُيحُييِ وَ يُمِيتُ وَ هُوَ حيَّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الخَيرُوَ هُوَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا تَحتَ الرّيحِ قَالَ الظّلمَةُ قَالَ فَمَا تَحتَ الظّلمَةِ قَالَ
صفحه : 254
الثّرَي قَالَ فَمَا تَحتَ الثّرَي قَالَ لَا يَعلَمُهُ إِلّا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن ثَلَاثٍ مِن رِيَاضِ الجَنّةِ فِي الأَرضِ أَينَ تَكُونُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَوّلُهَا مَكّةُ وَ ثَانِيهَا بَيتُ المَقدِسِ وَ ثَالِثُهَا مَدِينَةُ مُحَمّدٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن أَربَعِ مَدَائِنَ مِن مَدَائِنِ الجَنّةِ فِي الدّنيَا قَالَ أَوّلُهَا إِرَمُ ذَاتُ العِمَادِ وَ الثّانِيَةُ المَنصُورِيّةُ وَ هيَِ مَدِينَةٌ بِالشّامِ وَ الثّالِثَةُ قَيسَارِيّةُ وَ هيَِ مَدِينَةٌ بِسَاحِلِ البَحرِ فِي الشّامِ وَ الرّابِعَةُ هيَِ البَلقَاءُ وَ هيَِ أَرمَنِيّةُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن أَربَعِ مَنَابِرَ مِن مَنَابِرِ الجَنّةِ فِي الدّنيَا أَيّ مَوضِعٍ هيَِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَوّلُهَا قِيرَوَانُ وَ هيَِ إِفرِيقِيّةُ وَ الثّانِيَةُ بَابُ الأَبوَابِ وَ هيَِ بِأَرضِ أَرمَنِيّةَ وَ الثّالِثَةُ عبدان [عَبّادَانُ] وَ هيَِ بِأَرضِ العِرَاقِ وَ الرّابِعَةُ بِخُرَاسَانَ وَ هيَِ خَلفُ نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ جَيحُونُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن أَربَعِ مَدَائِنَ مِن مَدَائِنِ جَهَنّمَ فِي الدّنيَا قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَوّلُهَا مَدِينَةُ فِرعَونَ فِي أَرضِ مِصرَ وَ الثّانِيَةُ أَنطَاكِيَةُ وَ هيَِ بِأَرضِ الشّامِ وَ الثّالِثَةُ بِأَرضِ سَيحَانَ وَ هيَِ بِأَرضِ أَرمَنِيّةَ الرّابِعَةُ المَدَائِنُ وَ هيَِ بِأَرضِ العِرَاقِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَن أَربَعَةِ أَنهَارٍ فِي الدّنيَا وَ هيَِ مِن أَنهَارِ الجَنّةِ قَالَ أَوّلُهَا الفُرَاتُ وَ هُوَ بِأَرضِ الشّامِ وَ الثاّنيِ النّيلُ وَ هُوَ بِأَرضِ مِصرَ وَ الثّالِثُ نَهَرُ سَيحَانَ وَ هُوَ نَهَرُ الهِندِ وَ الرّابِعُ جَيحُونَ وَ هُوَ بِأَرضِ بَلخٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن شَيءٍ لَا شَيءَ وَ شَيءٍ بَعضُ شَيءٍ وَ شَيءٍ لَا يَفنَي مِنهُ شَيءٌ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَمّا شَيءٌ لَا شَيءَ فهَيَِ الدّنيَا يَذهَبُ نَعِيمُهَا وَ يَمُوتُ سَاكِنُهَا وَ يَخمُدُ ضَوؤُهَا وَ أَمّا الشيّءُ بَعضُ الشيّءِ وُقُوفُ الخَلَائِقِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَهُوَ شَيءٌ بَعضُ شَيءٍ وَ أَمّا شَيءٌ لَا يَفنَي مِنهُ شَيءٌ فَالجَنّةُ وَ النّارُ لَا يَفنَي
صفحه : 255
مِنَ الجَنّةِ نَعِيمُهَا وَ لَا يُنقَصُ مِنَ النّارِ عَذَابُهَا فَمَن قَالَ مِنَ العِبَادِ إِنّ نَعِيمَهَا يَفنَي أَو عَذَابَ اللّهِ ينَقضَيِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللّهِ فِي كُلّ شَيءٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن جَبَلِ قَافٍ مَا خَلفَهُ وَ مَا دُونَهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ خَلفَهُ أَرضُ ذَهَبٍ وَ سَبعُونَ أَرضاً مِن فِضّةٍ وَ سَبعَةُ أَرَضِينَ مِن مِسكٍ قَالَ فَمَا سُكّانُ هَذِهِ الأَرَضِينَ قَالَ المَلَائِكَةُ قَالَ كَم طُولُ كُلّ أَرضٍ مِنهَا وَ كَم عَرضُهَا قَالَ طُولُ كُلّ أَرضٍ مِنهَا عَشَرَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَ عَرضُهَا كَذَلِكَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ قَالَ حِجَابُ الرّيحِ قَالَ فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ قَالَ[ من صح ]كَيفٌ[حَيّةٌ]مُحِيطٌ بِالدّنيَا كُلّهَا تُسَبّحُ اللّهَ تَعَالَي قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن أَهلِ الجَنّةِ يَأكُلُونَ وَ يَشرَبُونَ وَ لَا يَتَغَوّطُونَ وَ لَا يَبُولُونَ قَالَ نَعَم يَا ابنَ سَلَامٍ مَثَلُهُم فِي الدّنيَا كَمَثَلِ الجَنِينِ فِي بَطنِ أُمّهِ يَأكُلُ مِمّا تَأكُلُ أُمّهُ وَ يَشرَبُ مِمّا تَشرَبُهُ وَ لَا يَبُولُ وَ لَا يَتَغَوّطُ وَ لَو رَاثَ فِي بَطنِهَا وَ بَالَ لَانشَقّ بَطنُهَا قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن أَنهَارِ الجَنّةِ مَا هيَِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لَبَنٌ لَم يَتَغَيّر طَعمُهُ وَ خَمرٌ وَ عَسَلٌ مُصَفّي وَ مَاءٌ غَيرُ آسِنٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَجَامِدَةٌ هيَِ أَم جَارِيَةٌ قَالَ بَل جَارِيَةٌ بَينَ أَشجَارِهَا قَالَ فَهَل تَنقُصُ أَم تَزِيدُ قَالَ لَا يَا ابنَ سَلَامٍ قَالَ فَهَل لِذَلِكَ مَثَلٌ فِي الدّنيَا قَالَ نَعَم قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ انظُر إِلَي البِحَارِ تُمطِرُ فِيهَا السّمَاءُ وَ تَمُدّهَا الأَنهَارُ مِنَ الأَرضِ فَلَا تَزِيدُ وَ لَا تَنقُصُ قَالَ صِف لِي أَنهَارَ الجَنّةِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ فِي الجَنّةِ نَهَرٌ يُقَالُ لَهُ الكَوثَرُ رَائِحَتُهُ أَطيَبُ مِن رَائِحَةِ المِسكِ الأَذفَرِ وَ العَنبَرِ حَصَاهُ الدّرّ وَ اليَاقُوتُ عَلَيهِ خِتَامٌ مِنَ اللّؤلُؤِ الأَبيَضِ وَ هُوَ مَنزِلُ أَولِيَاءِ اللّهِ تَعَالَي قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَصِف لِي أَشجَارَ الجَنّةِ قَالَ فِي الجَنّةِ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا طُوبَي أَصلُهَا مِن دُرّ وَ أَغصَانُهَا مِنَ الزّبَرجَدِ وَ ثَمَرُهَا الجَوهَرُ لَيسَ فِي الجَنّةِ غُرفَةٌ وَ لَا حُجرَةٌ وَ لَا مَوضِعٌ إِلّا وَ هيَِ مُتَدَلّيَةٌ عَلَيهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَهَل فِي الدّنيَا لَهَا مِن مَثَلٍ قَالَ نَعَم الشّمسُ المُشرِقَةُ تُشرِقُ عَلَي بِقَاعِ الدّنيَا وَ لَا يَخلُو مِن شُعَاعِهَا مَكَانٌ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَهَل فِي الجَنّةِ رِيحٌ قَالَ نَعَم يَا ابنَ سَلَامٍ
صفحه : 256
فِيهَا رِيحٌ وَاحِدَةٌ خُلِقَت مِن نُورٍ مَكتُوبٌ عَلَيهَا الحَيَاةُ وَ اللّذّاتُ يُقَالُ لَهَا البَهَاءُ فَإِذَا اشتَاقَ أَهلُ الجَنّةِ أَن يَزُورُوا رَبّهُم هَبّت تِلكَ الرّيحُ عَلَيهِمُ التّيِ لَم تُخلَق مِن حَرّ وَ لَا مِن بَردٍ بَل خُلِقَت مِن نُورِ العَرشِ تَنفُخُ فِي وُجُوهِهِم فتَبُهيِ وُجُوهُهُم وَ تَطَيّبُ قُلُوبُهُم وَ يَزدَادُوا نُوراً عَلَي نُورِهِم وَ تَضرِبُ أَبوَابَ الجِنَانِ وَ تجُريِ الأَنهَارُ وَ تُسَبّحُ الأَشجَارُ وَ تُغَرّدُ الأَطيَارُ فَلَو أَنّ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ قِيَامٌ يَسمَعُونَ مَا فِي الجَنّةِ مِن سُرُورٍ وَ طَرَبٍ لَمَاتَ الخَلَائِقُ شَوقاً إِلَي الجَنّةِ وَ المَلَائِكَةُ يَدخُلُونَ عَلَيهِم فَيَقُولُونَ كَمَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي مُحكَمِ كِتَابِهِ العَزِيزِسَلامٌ عَلَيكُم طِبتُم فَادخُلُوها خالِدِينَسَلامٌ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَي الدّارِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَن أَرضِ الجَنّةِ مَا هيَِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَرضُهَا مِن ذَهَبٍ وَ تُرَابُهَا المِسكُ وَ العَنبَرُ وَ رَضرَاضُهَا الدّرّ وَ اليَاقُوتُ وَ سَقفُهَا عَرشُ الرّحمَنِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مِمّا يَأكُلُ أَهلُ الجَنّةِ إِذَا دَخَلُوهَا قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ يَأكُلُونَ مِن كَبِدِ الحُوتِ ألّذِي يَحمِلُ الأَرضَ وَ مَا عَلَيهَا وَ اسمُهُ بهموت قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَن أَهلِ الجَنّةِ كَيفَ يَصرِفُونَ مَا يَأكُلُونَ مِن ثِمَارِهَا وَ كَيفَ يَخرُجُ مِن أَجوَافِهِم قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لَيسَ يَخرُجُ مِن أَجوَافِهِم شَيءٌ بَل عَرَقاً صَبّاً أَطيَبَ مِنَ المِسكِ وَ أَزكَي مِنَ العَنبَرِ وَ لَو أَنّ عَرَقَ رَجُلٍ مِن أَهلِ الجَنّةِ مُزِجَ بِهِ البِحَارُ لَأُسكِرَ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ مِن طِيبِ رَائِحَتِهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن لِوَاءِ الحَمدِ مَا صِفَتُهُ وَ كَم طُولُهُ وَ كَم ارتِفَاعُهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ طُولُهُ أَلفُ سَنَةٍ وَ أَسنَانُهُ مِن يَاقُوتَةٍ حَمرَاءَ وَ يَاقُوتَةٍ خَضرَاءَ قَوَائِمُهُ مِن فِضّةٍ بَيضَاءَ لَهُ ثَلَاثُ ذَوَائِبَ مِن نُورٍ ذُؤَابَةٌ بِالمَشرِقِ وَ ذُؤَابَةٌ بِالمَغرِبِ وَ الثّالِثَةُ فِي وَسَطِ الدّنيَا قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَم سَطرٍ فِيهِ مَكتُوبٌ قَالَ ثَلَاثَةُ أَسطُرٍ السّطرُ الأَوّلُبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ وَ السّطرُ
صفحه : 257
الثاّنيِالحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ وَ السّطرُ الثّالِثُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَنِ الجَنّةِ وَ النّارِ أَيّتَهُمَا خَلَقَ اللّهُ قَبلُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ خَلَقَ اللّهُ الجَنّةَ قَبلَ النّارِ وَ لَو خَلَقَ النّارَ قَبلَ الجَنّةِ لَخَلَقَ العَذَابَ قَبلَ الرّحمَةِ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَنِ الجَنّةِ أَينَ هيَِ قَالَ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ النّارُ فِي تُخُومِ الأَرضِ السّفلَي قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَم لِلجَنّةِ مِن بَابٍ وَ كَم لِلنّارِ مِن بَابٍ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ لِلجَنّةِ ثَمَانِيَةُ أَبوَابٍ وَ لِلنّارِ سَبعَةُ أَبوَابٍ قَالَ فأَخَبرِنيِ كَم بَينَ البَابِ وَ البَابِ مِنَ الجَنّةِ قَالَ مَسِيرَةُ أَلفِ سَنَةٍ قَالَ وَ كَم ارتِفَاعُهُ قَالَ خَمسُمِائَةِ عَامٍ عَلَيهِ سُرَادِقٌ مِن ذَهَبٍ بِطَانَتُهُ مِن زُمُرّدٍ عَلَي كُلّ بَابٍ جُندٌ مِنَ المَلَائِكَةِ لَا يحُصيِ عَدَدَهُم إِلّا اللّهُ تَعَالَي قَالَ فأَخَبرِنيِ فَمَا يَقُولُونَ قَالَ يَقُولُونَ طُوبَي لِأَهلِ الجَنّةِ وَ مَا يَلقَونَ مِن نَعِيمِ اللّهِ قَالَ فَصِف لِي مَن يَدخُلُ الجَنّةَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ يَدخُلُونَهَا أَبنَاءُ ثَلَاثِينَ وَ بَنَاتُ ثَلَاثِينَ سَنَةً فِي حُسنِ يُوسُفَ وَ طُولِ آدَمَ وَ خُلقِ مُحَمّدٍ قَالَ فَصِف لِي بَعضَ نَعِيمِ أَهلِ الجَنّةِ قَالَ إِنّ أَدنَي مَن فِي الجَنّةِ وَ لَيسَ فِي الجَنّةِ دنَيِّ لَو نَزَلَ بِهِ جَمِيعُ مَن فِي الأَرضِ لَأَوسَعَهُم طَعَاماً وَ لَا يَنقُصُ مِنهُ شَيءٌ وَ لَو أَنّ رَجُلًا مِن أَهلِ الجَنّةِ يَبصُقُ فِي البِحَارِ المَالِحَةِ لَعَذُبَت وَ لَو نَزَلَ مِن ذُؤَابَتِهِ مِنَ السّمَاءِ إِلَي الأَرضِ بَلَغَ ضَوؤُهَا كَضَوءِ الشّمسِ وَ نُورِ القَمَرِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَصِف لِيَ الحُورَ العِينَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ الحُورُ العِينُ بِيضُ الوُجُوهِ فِحَامُ العُيُونِ بِمَنزِلَةِ جَنَاحِ النّسرِ صَفَاؤُهُنّ كَصَفَاءِ اللّؤلُؤِ الأَبيَضِ ألّذِي فِي الصّدَفِ ألّذِي لَم تَمَسّهُ الأيَديِ قَالَ فَصِف لِيَ النّارَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أُوقِدَ عَلَيهَا أَلفَ عَامٍ حَتّي احمَرّت وَ أَلفَ عَامٍ حَتّي ابيَضّت وَ أَلفَ عَامٍ حَتّي اسوَدّت فهَيَِ سَودَاءُ مُظلِمَةٌ مَمزُوجَةٌ بِغَضَبِ اللّهِ تَعَالَي لَا يَهدَأُ لَهِيبُهَا وَ لَا يَخمُدُ جَمرُهَا يَا ابنَ سَلَامٍ لَو أَنّ جَمرَةً مِن جَمرِهَا أُلقِيَت فِي دَارِ الدّنيَا لَأُلهِبَت مَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ لِعِظَمِ خَلقِهَا وَ هيَِ سَبعَةُ أَطبَاقٍ الطّبَقَةُ الأَولَي لِلمُنَافِقِينَ وَ الثّانِيَةُ لِلمَجُوسِ وَ الثّالِثَةُ لِلنّصَارَي وَ الرّابِعَةُ لِليَهُودِ وَ الخَامِسَةُ سَقَرُ وَ السّادِسَةُ السّعِيرُ وَ أَمسَكَ النّبِيّص
صفحه : 258
عَنِ السّابِعَةِ وَ بَكَي حَتّي ارفَضّت دُمُوعُهُ عَلَي لِحيَتِهِ وَ قَالَ أَمّا السّابِعَةُ وَ هيَِ أَهوَنُهَا لِأَهلِ الكَبَائِرِ مِن أمُتّيِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَنِ القِيَامَةِ وَ كَيفَ تَقُومُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ كُوّرَتِ الشّمسُ وَ اسوَدّت وَ طَمَسَتِ النّجُومُ وَ سُيّرَتِ الجِبَالُ وَ عُطّلَتِ العِشَارُ وَ بُدّلَتِ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ النّبِيّص يُقَامُ الخَلَائِقُ لِفَصلِ القَضَاءِ وَ يُمَدّ الصّرَاطُ وَ يُنصَبُ المِيزَانُ وَ تُنشَرُ الدّوَاوِينُ وَ يَبرُزُ الرّبّ لِفَصلِ القَضَاءِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَيفَ يُمِيتُ اللّهُ الخَلَائِقَ يَومَ القِيَامَةِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ يَأمُرُ اللّهُ مَلَكَ المَوتِ فَيَقِفُ عَلَي صَخرَةِ بَيتِ المَقدِسِ فَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَي السّمَاوَاتِ وَ يَدَهُ اليُسرَي تَحتَ الثّرَي وَ يَصِيحُ بِهِم صَيحَةً وَاحِدَةً فَلَا يَبقَي مَلَكٌ مُقَرّبٌ وَ لَا إِنسٌ وَ لَا جَانّ وَ لَا طَائِرٌ يَطِيرُ إِلّا خَرّ مَيّتاً فَتَبقَي السّمَاوَاتُ خَالِيَةً مِن سُكّانِهَا وَ الأَرضُ خَرَاباً مِن عُمّارِهَا وَ العِشَارُ مُعَطّلَةً وَ البِحَارُ جَامِدَةً حِيتَانُهَا وَ الجِبَالُ مُدَكدَكَةً وَ الشّمسُ مُنكَسِفَةً وَ النّجُومُ مُنطَمِسَةً قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَن مَلَكِ المَوتِ هَل يَذُوقُ المَوتَ أَم لَا قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ إِذَا أَمَاتَ اللّهُ الخَلَائِقَ وَ لَم يَبقَ شَيءٌ لَهُ رُوحٌ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَا مَلَكَ المَوتِ مَن أَبقَيتَهُ مِن خلَقيِ وَ هُوَ أَعلَمُ فَيَقُولُ يَا رَبّ أَنتَ أَعلَمُ منِيّ بِمَا بقَيَِ مِن خَلقِكَ مَا خَلقٌ إِلّا وَ قَد ذَاقَ المَوتَ إِلّا عَبدُكَ الضّعِيفُ مَلَكُ المَوتِ فَيَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَا مَلَكَ المَوتِ أَذَقتَ عبِاَديِ وَ أنَبيِاَئيِ وَ أوَليِاَئيِ وَ رسُلُيِ المَوتَ وَ قَد سَبَقَ فِي علِميَِ القَدِيمِ وَ أَنَا عَلّامُ الغُيُوبِ أَنّ كُلّ شَيءٍ هَالِكٌ إِلّا وجَهيِ وَ هَذِهِ نَوبَتُكَ فَيَقُولُ إلِهَيِ وَ سيَدّيِ ارحَم عَبدَكَ مَلَكَ المَوتِ فَإِنّهُ ضَعِيفٌ فَيَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهُ يَا مَلَكَ المَوتِ ضَع يَمِينَكَ تَحتَ خَدّكَ الأَيمَنِ بَينَ الجَنّةِ وَ النّارِ وَ مُت قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَلَامٍ بأِبَيِ أَنتَ وَ أمُيّ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ كَم بَينَ الجَنّةِ وَ النّارِ قَالَ مَسِيرَةُ ثَلَاثِينَ أَلفَ سَنَةٍ مِن سِنِينِ الدّنيَا فَيَضطَجِعُ مَلَكُ المَوتِ عَلَي يَمِينِهِ وَ يَضَعُ يَدَهُ اليُمنَي تَحتَ خَدّهِ الأَيمَنِ وَ يَدَهُ الشّمَالَ عَلَي وَجهِهِ وَ يَصرَخُ صَرخَةً فَلَو أَنّ أَهلَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ أَحيَاءً لَمَاتُوا لِشِدّةِ صَرخَتِهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ
صفحه : 259
فأَخَبرِنيِ مَا يَصنَعُ اللّهُ بِالسّمَاوَاتِ إِذَا مَاتَ سُكّانُهَا قَالَ يَطوِيهَا بِيَمِينِهِ كطَيَّ السّجِلّ لِلكُتُبِ ثُمّ يَقُولُ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ وَ تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ وَ لَا إِلَهَ غَيرُهُ وَ لَا مَعبُودَ سِوَاهُ أَينَ المُلُوكُ وَ أَبنَاءُ المُلُوكِ أَينَ الجَبَابِرَةُ وَ أَبنَاءُ الجَبَابِرَةِ فَلَا يُجِيبُهُ أَحَدٌ ثُمّ يَقُولُ لِمَنِ المُلكُ اليَومَ فَلَا يُجِيبُهُ أَحَدٌ فَيَرُدّ عَلَي نَفسِهِ المُلكُلِلّهِ الواحِدِ القَهّارِ اليَومَ تُجزي كُلّ نَفسٍ بِما كَسَبَت لا ظُلمَ اليَومَ إِنّ اللّهَ سَرِيعُ الحِسابِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَيفَ يَحشُرُ اللّهُ الخَلَائِقَ يَومَ القِيَامَةِ بَعدَ مَوتِهِم قَالَ النّبِيّص يَا ابنَ سَلَامٍ يحُييِ اللّهُ إِسرَافِيلَ وَ هُوَ أَوّلُ مَن يُحيِيهِ مِن خَدَمِهِ وَ هُوَ صَاحِبُ الصّورِ أَوّلًا فَيَأمُرُهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يَنفُخَ فِي الصّورِ قَالَ فأَخَبرِنيِ مَا يَقُولُ إِسرَافِيلُ فِي الصّورِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ يَقُولُ أَيّتُهَا العِظَامُ البَالِيَةُ وَ الأَعضَاءُ المُتَفَرّقَةُ وَ الشّعُورُ المُنفَصِلَةُ هَلُمّوا إِلَي العَرضِ عَلَي اللّهِ تَعَالَي المَلِكِ الجَبّارِ خَالِقِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ ثُمّ يَنفُخُ فِي الصّورِأُخري فَإِذا هُم قِيامٌ يَنظُرُونَ قَالَ فَكَم طُولُ كُلّ نَفخَةٍ قَالَ مَسِيرَةُ أَربَعِينَ أَلفَ سَنَةٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَكَم كَلِمَةً يَتَكَلّمُ فِيهِ إِسرَافِيلُ قَالَ سِتّ كَلِمَاتٍ قَالَ وَ مَا تِلكَ الكَلِمَاتُ قَالَ الكَلِمَةُ الأُولَي يَكُونُ النّاسُ طِيناً وَ الثّانِيَةُ يَكُونُونَ صُوَراً وَ الكَلِمَةُ الثّالِثَةُ تسَتوَيِ الأَبدَانُ وَ الكَلِمَةُ الرّابِعَةُ يجَريِ الدّمُ فِي العُرُوقِ وَ الكَلِمَةُ الخَامِسَةُ يَنبُتُ الشّعرُ وَ الكَلِمَةُ السّادِسَةُ قُومُوافَإِذا هُم قِيامٌ يَنظُرُونَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَيفَ يَقُومُ الخَلَائِقُ يَومَ القِيَامَةِ مِنَ القُبُورِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ يَقُومُونَ عُرَاةً حُفَاةً أَبدَانُهُم خَالِيَةٌ بُطُونُهُم مُظلِمَةٌ أَبصَارُهُم وَجِلَةٌ قَالَ الرّجَالُ يَنظُرُونَ إِلَي النّسَاءِ وَ النّسَاءُ يَنظُرُونَ إِلَي الرّجَالِ قَالَ هَيهَاتَ يَا ابنَ سَلَامٍلِكُلّ امرِئٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنِيهِ مِن شِدّةِ هَولِ القِيَامَةِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ ثُمّ أَمسَكَ ابنُ سَلَامٍ عَنِ الكَلَامِ قَالَ النّبِيّص سَل عَمّا شِئتَ يَا ابنَ سَلَامٍ فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي مَنّ عَلَيّ بِالنّظَرِ إِلَي
صفحه : 260
وَجهِكَ المَلِيحِ فأَخَبرِنيِ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ أَينَ يُحشَرُ الخَلَائِقُ قَالَ النّبِيّص يَحشُرُ اللّهُ الخَلَائِقَ إِلَي بَيتِ المَقدِسِ قَالَ وَ كَيفَ ذَلِكَ قَالَ يَأمُرُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ نَاراً فَتُحِيطُ بِالدّنيَا وَ تَضرِبُ وُجُوهَ الخَلَائِقِ فَيَهرَبُونَ مِنهَا وَ يَمُرّونَ عَلَي وُجُوهِهِم فَيَجتَمِعُونَ إِلَي بَيتِ المَقدِسِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا يَصنَعُ اللّهُ بِالطّفلِ الصّغِيرِ وَ الشّيخِ الكَبِيرِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ مَن كَانَ مُؤمِناً بِاللّهِ سَارَت بِهِ المَلَائِكَةُ وَ انقَضّتِ النّارُ عَن وَجهِهِ وَ مَن كَانَ كَافِراً تَلفَحُ وَجهَهُ النّارُ حَتّي يُؤتَي بِهِ إِلَي بَيتِ المَقدِسِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَم تَكُونُ صُفُوفُ الخَلَائِقِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ مِائَةٌ وَ عِشرُونَ صَفّاً قَالَ فَكَم طُولُ كُلّ صَفّ وَ كَم عَرضُهُ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ طُولُهُ مَسِيرَةُ أَربَعِينَ أَلفَ سَنَةٍ وَ عَرضُهُ عِشرُونَ أَلفَ سَنَةٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَم صَفّ المُؤمِنِينَ وَ كَم صَفّ الكَافِرِينَ قَالَ صُفُوفُ المُؤمِنِينَ ثَلَاثُ[ثَلَاثَةُ]صُفُوفٍ وَ مِائَةٌ وَ سَبعَةَ عَشَرَ صَفّاً لِلكَافِرِينَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فَمَا صِفَةُ المُؤمِنِينَ وَ مَا صِفَةُ الكَافِرِينَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ أَمّا المُؤمِنُونَ فَغُرّ مُحَجّلُونَ مِن أَثَرِ الوُضُوءِ وَ السّجُودِ وَ أَمّا الكَافِرُونَ فَمُسوَدّونَ الوُجُوهُ فَيُؤتَي بِهِم إِلَي الصّرَاطِ قَالَ وَ كَم طُولُ الصّرَاطِ قَالَ مَسِيرَةُ ثلاثون [ثَلَاثِينَ]أَلفَ سَنَةٍ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ كَيفَ تَمُرّ الخَلَائِقُ عَلَي الصّرَاطِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ يَكسُو اللّهُ الخَلَائِقَ نُوراً فَأَمّا نُورُ المُسلِمِينَ وَ نُورُ المُؤمِنِينَ فَمِن نُورِ العَرشِ وَ نُورُ المَلَائِكَةِ مِن نُورِ الكرُسيِّ وَ نُورِ الجَنّةِ فَلَا يُطفَأُ نُورُهُم أَبَداً وَ أَمّا الكَافِرُونَ فَمِنَ الأَرضِ وَ الجِبَالِ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَن أَوّلِ مَن يَجُوزُ عَلَي الصّرَاطِ قَالَ المُؤمِنُونَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَصِف لِي ذَلِكَ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ فِي المُؤمِنِينَ مَن يَجُوزُ عَلَي الصّرَاطِ عِشرِينَ عَاماً فَإِذَا بَلَغَ أَوّلُهُمُ الجَنّةَ تَركَبُ الكُفّارُ عَلَي الصّرَاطِ حَتّي إِذَا تَوَسّطُوا أَطفَأَ اللّهُ نُورَهُم فَيَبقَونَ بِلَا نُورٍ فَيُنَادُونَ بِالمُؤمِنِينَانظُرُونا نَقتَبِس مِن نُورِكُمفَيُقَالُ لَهُم أَ لَيسَ فِيكُمُ الأَنبِيَاءُ وَ الأَصحَابُ وَ الإِخوَةُ فَيَقُولُونَ أَ وَ لَم نَكُن مَعَكُم فِي دَارِ الدّنيَاقالُوا بَلي وَ لكِنّكُم فَتَنتُم أَنفُسَكُم وَ تَرَبّصتُم وَ ارتَبتُم وَ غَرّتكُمُ الأمَانيِّ حَتّي جاءَ أَمرُ اللّهِ وَ غَرّكُم بِاللّهِ الغَرُورُ فَاليَومَ
صفحه : 261
لا يُؤخَذُ مِنكُم فِديَةٌ وَ لا مِنَ الّذِينَ كَفَرُوا مَأواكُمُ النّارُ هيَِ مَولاكُم وَ بِئسَ المَصِيرُفَيَأمُرُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ جَهَنّمَ فَتَصِيحُ بِهِم صَيحَةً عَلَي وُجُوهِهِم فَيَقَعُونَ فِي النّارِ حَيَارَي نَادِمِينَ وَ يَنجُو المُؤمِنِينَ بِبَرَكَةِ اللّهِ وَ عَونِهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ مَا يَصنَعُ اللّهُ بِالمَوتِ قَالَ يَا ابنَ سَلَامٍ إِذَا استَوَي أَهلُ الجَنّةِ فِي الجَنّةِ وَ أَهلُ النّارِ فِي النّارِ أتُيَِ بِالمَوتِ كَأَنّهُ كَبشٌ أَملَحُ فَيُوقَفُ بَينَ الجَنّةِ وَ النّارِ فَيُقَالُ لِأَهلِ الجَنّةِ يَا أَولِيَاءَ اللّهِ هَذَا المَوتُ أَ تَعرِفُونَهُ فَيَقُولُونَ نَعَم فَيَقُولُونَ لَهُم نَذبَحُهُ فَيَقُولُونَ نَعَم يَا مَلَائِكَةَ رَبّنَا اذبَحُوهُ حَتّي لَا يَكُونَ مَوتٌ أَبَداً فَيَقُولُونَ لِأَهلِ النّارِ يَا أَعدَاءَ اللّهِ هَذَا المَوتُ هَل تَعرِفُونَهُ فَيَقُولُونَ نَعَم فَتَقُولُ المَلَائِكَةُ نَذبَحُهُ فَيَقُولُونَ يَا مَلَائِكَةَ رَبّنَا لَا تَذبَحُوهُ وَ دَعُوهُ لَعَلّ اللّهَ يقَضيِ عَلَينَا بِالمَوتِ فَنَستَرِيحَ قَالَ النّبِيّص وَ يُذبَحُ المَوتُ بَينَ الجَنّةِ وَ النّارِ فَيَيأَسُ أَهلُ النّارِ مِنَ الخُرُوجِ مِنهَا وَ تَطمَئِنّ قُلُوبُ أَهلِ الجَنّةِ لِلخُلُودِ فِيهَا فعَنِديِ لَكَ أَن تُسلِمَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ وَ نَهَضَ عَلَي قَدَمَيهِ وَ قَالَ امدُد يَدَكَ الشّرِيفَةَ أَنَا أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشهَدُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ وَ أَنّ الجَنّةَ حَقّ وَ المِيزَانَ حَقّ وَ الحِسَابَ حَقّ وَ السّاعَةَآتِيَةٌ لا رَيبَ فِيها وَ أَنّ اللّهَ يَبعَثُ مَن فِي القُبُورِفَكَبّرَتِ الصّحَابَةُ عِندَ ذَلِكَ وَ سَمّاهُ رَسُولُ اللّهِ عَبدَ اللّهِ بنَ سَلَامٍ وَ صَارَ مِنَ الصّحَابَةِ وَ نَقِمَةً عَلَي اليَهُودِ
توضيح إنما أوردت هذه الرواية لاشتهارها بين الخاصة والعامة وذكر الصدوق ره وغيره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانيدهم في مواضع و قدمر بعضها وإنما أوردتها في هذاالمجلد لمناسبة أكثر أجزائه لأبوابه و في بعضها مخالفة مالسائر الأخبار فهي إما محمولة علي أنه ص أخبره موافقا لما في كتبهم ليصير سببا لإسلامه
صفحه : 262
أو غير ذلك من الوجوه والمحامل التي تظهر علي الناقد البصير و في بعضها تصحيفات نرجو من الله الظفر بنسخة أخري لتصحيحها. قوله كان نبيا مرسلا كان المعني هل كان في الجنة نبيا مرسلا فأجاب ص بأنه كان نبيا مرسلا علي الملائكة حيث أمر بإنبائهم و في عد ابراهيم من رسل العرب مخالفة للمشهور قوله فتشهد أي ظاهرا قوله فتؤمن أي باطنا وقلبا. قوله أربعة كتاب لايوافق الإجمال التفصيل ولعل في أحدهما خطأ أوتصحيفا وسؤاله هل أنزل عليك كتاب بعد قوله وأنزل علي الفرقان لايخلو من شيء إلا أن يكون حمل ذلك علي أنه قدر أنه سينزل وختمه صدق الله يعني أنه ينبغي أن يختم به لا أنه جزؤه و في القاموس بيسان قرية بالشام وقرية بمرو وموضع باليمامة أقول و في بعض النسخ بالنون والأول أظهر و له شواهد و لم يكن في الرجال أي مختصا بهم قوله لأن الله واحد كأنه علي هذايعني يوم الأحد يوم الله قوله لأنه يوم لعل المعني أول يوم مع أن وجه التسمية لايلزم اطراده قوله وعلمه تحت التحت أي أحاط علمه بكل تحت و لاينافي ارتفاع ذاته وعلوه علي كل شيءإحاطة علمه بكل شيءمما في العرش أوتحت الثري . و في القاموس غرد الطائر كفرح وغرد تغريدا وأغرد وتغرد رفع صوته وطرب به و في النهاية الرضراض الحصا الصغار قوله فحام العيون لعله من الفحمة بمعني السواد و في القاموس العشراء من النوق التي مضت لحملها عشرة أشهر أوثمانية أوهي كالنفساء من النساء والجمع عشراوات وعشار والعشار اسم يقع علي النوق حتي ينتج بعضها وبعضها ينتظر نتاجها و قال الدكداك ويكسر من الرمل ماتكبس واستوي و ماالتبد منه بالأرض أوهي أرض فيهاغلظ و
صفحه : 263
أرض مدكدكة مدعوكة كثر بها الناس فكثر آثار المال والأبوال حتي تفسدها انتهي وانقضاض النار عن وجهه كناية عن سرعة ذهابها عنه وعدم إضرارها به كماينقض الطائر أوالكوكب في الهواء وتلفح وجهه النار أي تحرقه و قال في النهاية فيه أمتي الغر المحجلون أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والأقدام استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض ألذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه
صفحه : 264
أبواب الإنسان والروح والبدن وأجزائه وقواهما وأحوالهما
1- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الأسَدَيِّ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ حُكَيمٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سمُيَّ الإِنسَانُ إِنسَاناً لِأَنّهُ يَنسَي وَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ لَقَد عَهِدنا إِلي آدَمَ مِن قَبلُ فنَسَيَِ
بيان الإنسان فعلان عندالبصريين لموافقته مع الأنس لفظا ومعني و قال الكوفيون هوإفعان من نسي أصله إنسيان علي إفعلان فحذفت الياء استخفافا لكثرة مايجري علي ألسنتهم فإذاصغروه ردوه إلي أصله لأن التصغير لايكثر و هذاالخبر يدل علي مذهب الكوفيين ورواه العامة عن ابن عباس أيضا قال الخليل في كتاب العين سمي الإنسان من النسيان والإنسان في الأصل إنسيان لأن جماعته أناسي وتصغيره أنيسيان بترجيع المدة التي حذفت و هوالياء وكذلك إنسان العين وحكي الشيخ في التبيان عن ابن عباس أنه قال إنما سمي إنسانا لأنه عهد إليه فنسي قال الله تعالي وَ لَقَد عَهِدنا إِلي آدَمَ مِن قَبلُ فنَسَيَِ وَ لَم نَجِد لَهُ عَزماً و قال الراغب في مفرداته الإنسان قيل سمي بذلك لأنه خلق خلقه لاقوام
صفحه : 265
له إلابأنس بعضهم ببعض ولهذا قيل الإنسان مدني بالطبع من حيث إنه لاقوام لبعضهم إلاببعض و لايمكنه أن يقوم بجميع أسبابه وقيل سمي بذلك لأنه يأنس بكل مايألفه وقيل هوإفعلان وأصله إنسيان سمي بذلك لأنه عهد إليه فنسي
2- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ الكوُفيِّ عَن مُوسَي بنِ عِمرَانَ النخّعَيِّ عَن عَمّهِ الحُسَينِ بنِ يَزِيدَ النوّفلَيِّ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سُمّيَتِ المَرأَةُ مَرأَةً لِأَنّهَا خُلِقَت مِنَ المَرءِ يعَنيِ خُلِقَت حَوّاءُ مِن آدَمَ
3- معَاَنيِ الأَخبَارِ،مُرسَلًا مَعنَي الإِنسَانِ أَنّهُ يَنسَي وَ مَعنَي النّسَاءِ أَنّهُنّ أُنسٌ لِلرّجَالِ وَ مَعنَي المَرأَةِ أَنّهَا خُلِقَت مِنَ المَرءِ
بيان كون النساء من الأنس إما مبني علي القلب أو علي الاشتقاق الكبير أو علي أنه إذاأنسوا بهن نسوا غيرهن فاشتقاقه من النسيان
4- الدّرّ المَنثُورُ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ خَلَقَ اللّهُ آدَمَ مِن أَدِيمِ الأَرضِ يَومَ الجُمُعَةِ بَعدَ العَصرِ فَسَمّاهُ آدَمَ ثُمّ عَهِدَ إِلَيهِ فنَسَيَِ فَسَمّاهُ الإِنسَانَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَبِاللّهِ مَا غَابَتِ الشّمسُ مِن ذَلِكَ اليَومِ حَتّي أُهبِطَ مِنَ الجَنّةِ قَالَ وَ إِنّمَا سُمّيَتِ المَرأَةُ مَرأَةً لِأَنّهَا خُلِقَت مِنَ المَرءِ وَ سُمّيَت حَوّاءَ لِأَنّهَا أُمّ كُلّ حيَّ
5-العِلَلُ لِمُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، قَالَ كَانَ مَكثُ آدَمَ فِي الجَنّةِ نِصفَ سَاعَةٍ ثُمّ أُهبِطَ إِلَي الأَرضِ لِتَمَامِ تِسعِ سَاعَاتٍ مِن يَومِ الجُمُعَةِ وَ ذَلِكَ فِي وَقتِ صَلَاةِ العَصرِ قَالَ وَ سُمّيَتِ العَصرَ لِأَنّ آدَمَ عُصِرَ بِالبَلَاءِ قَالَ أَلقَي اللّهُ النّومَ عَلَي آدَمَ فَأَخَذَ ضِلعَهُ القَصِيرَ مِن جَانِبِهِ الأَيسَرِ فَخَلَقَ مِنهُ حَوّاءَ فَلَم يُؤذِهِ ذَلِكَ وَ لَو آذَاهُ ذَلِكَ مَا عَطَفَ عَلَيهَا أَبَداً فَقَالَ آدَمُ مَا هَذِهِ قَالَ هَذِهِ امرَأَةٌ لِأَنّهَا مِنَ المَرءِ خُلِقَت قَالَ مَا اسمُهَا قَالَ حَوّاءُ لِأَنّهَا خُلِقَت مِن شَيءٍ حيَّ فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ سُمّيَت حَوّاءَ لِأَنّهَا أُمّ
صفحه : 266
كُلّ حيَّ قَالَ جَعفَرٌ سُمّينَ النّسَاءَ لِأُنسِ آدَمَ بِحَوّاءَ حِينَ أُهبِطَ إِلَي الأَرضِ وَ لَم يَكُن لَهُ أَنَسٌ غَيرُهَا
فائدة اعلم أنه قداتفقت كلمة المليين من المسلمين واليهود والنصاري علي أن أول البشر هوآدم و أماالآخرون فخالفوا فيه علي أقوال أماالفلاسفة فزعموا أنه لاأول لنوع البشر و لالغيرهم من الأنواع المتوالدة و أماالهند فمن كان منهم علي رأي الفلاسفة فهو يوافقهم في ماذكر و من لم يكن منهم علي رأي الفلاسفة و قال بحدوث الأجسام لايثبت آدم و يقول إن الله تعالي خلق الأفلاك وخلف فيهاطباعا محركة لها بذاتها فلما تحركت وحشوها أجسام لاستحالة الخلأ وكانت الأجسام علي طبيعة واحدة فاختلفت طبائعها بالحركة الفلكية و كان القريب من الفلك أسخن وألطف والبعيد أبرد وأكثف ثم اختلطت العناصر وتكونت منها المركبات ومما تكون منه نوع البشر كمايتكون الدود في الفاكهة واللحم والبق في البطائح والمواضع العفنة ثم تكون البشر بعضه من بعض بالتوالد ونسي التخليق الأول ألذي كان بالتولد و من الممكن أن يقول يتولد بعض البشر في بعض الأراضي القاصية مخلوقة بالتولد وإنما انقطع التولد لأن الطبيعة إذاوجدت للتكون طريقا استغنت عن طريق ثان و أماالمجوس فلايعرفون آدم و لانوحا و لاساما و لاحاما و لايافث وأول متكون من البشر عندهم كيومرث ولقبه كوهشاه أي ملك الجبل و قد كان كيومرث في الجبال ومنهم من يسميه گلشاه أي ملك الطين لأنه لم يكن حينئذ بشر يملكهم وقيل تفسير كيومرث حي ناطق ميت قالوا و كان قدرزق من الحس ما لايقع عليه بصر حيوان إلاوله وأغمي عليه ويزعمون أن مبدأ تكونه وحدوثه أن يزدان و هوالصانع الأول عندهم فكر في أمر أهرمن و هوالشيطان عندهم فكرة أوجبت أن عرق جبينه فمسح العرق ورمي به فصارت منه كيومرث ولهم خبط طويل في كيفية تكون أهرمن عن فكرة يزدان أو من إعجابه بنفسه أو من توحشه و
صفحه : 267
بينهم خلاف في قدم أهرمن وحدوثه ثم اختلفوا في مدة بقاء كيومرث في الوجود فقال الأكثرون ثلاثون سنة و قال الأقلون أربعون سنة و قال قوم منهم إن كيومرث مكث في الجنة التي في السماء ثلاثة آلاف سنة وهي ألف الحمل وألف الثور وألف الجوزاء ثم أهبط إلي الأرض و كان بهاآمنا مطمئنا ثلاثة آلاف سنة أخري وهي ألف السرطان وألف الأسد وألف السنبلة ثم مكث بعد ذلك ثلاثين أوأربعين سنة في حرب وخصام بينه و بين أهرمن حتي هلك واختلفوا في كيفية هلاكه مع اتفاقهم علي أنه هلك قتلا فالأكثرون قالوا إنه قتل ابنا لأهرمن يسمي جزوذة فاستغاث أهرمن منه إلي يزدان فلم يجد بدا من أن يقاصه حفظا للعهود التي كانت بينه و بين أهرمن فقتله بابن أهرمن و قال قوم بل قتله أهرمن في صراع كان بينه و بين أهرمن وذكروا في كيفيته أن كيومرث كان هوالقاهر لأهرمن في بادئ الحال و أنه ركبه وجعل يطوف به في العالم إلي أن سأله أهرمن عن أي الأشياء أخوف وأهوالها عنده فقال له باب جهنم فلما بلغ به أهرمن إليها جمح به حتي سقط من فوقه و لم يستمسك فعلاه وسأله عن أي الجهات يبتدئ به في الأكل فقال له من جهة الرجل لأكون ناظرا حسن العالم مدة مافابتدأه أهرمن فأكله من عندرأسه فبلغ إلي موضع الخصي وأوعية المني من الصلب فقطر من كيومرث قطرتا نطفة علي الأرض فنبت منهما ريباستان في جبل بإصطخر ثم ظهرت علي تينك الريباستين الأعضاء البشرية في أول الشهر التاسع وتمت أجزاؤه فتصور منهما بشران ذكر وأنثي وهما ميشا وميشانة وهما بمنزلة آدم وحواء عندالمليين ويسميهما مجوس خوارزم مرد ومردانه وزعموا أنهما مكثا خمسين سنة مستغنيين عن الطعام والشراب منعمين غيرمتأذيين بشيء حتي ظهر لهما أهرمن في صورة شيخ كبير فحملهما علي تناول فواكه الأشجار وأكل منها وهما يبصرانه شيخا فعاد شابا فأكلا منها حينئذ فوقعا في البلايا وظهر فيهما الحرص حتي تزاوجا وولد لهما ولد فأكلاه حرصا ثم
صفحه : 268
ألقي الله تعالي في قلوبهما رأفة فولد بعد ذلك ستة أبطن كل بطن ذكر وأنثي وأسماؤهم في كتاب زردشت معروفة ثم كان البطن السابع سيامك وفرواك فتزاوجا فولد لهما الملك المعروف ألذي لم يعرف قبله ملك و هوهوشنج و هو ألذي خلف جده كيومرث وعقد التاج وجلس علي السرير وبني مدينتين بابل والسوس .أقول هذه هي الخرافات التي ذكروها والآيات والأخبار ناطقة بما هوالحق المبين وبطل أقوال الفرق المضلين
الآيات البقرةوَ إِذ قالَ رَبّكَ لِلمَلائِكَةِ إنِيّ جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً إلي قوله سبحانه وَ كانَ مِنَ الكافِرِينَالأنعام وَ هُوَ ألّذِي أَنشَأَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ فَمُستَقَرّ وَ مُستَودَعٌ قَد فَصّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَفقَهُونَالحجروَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنُونٍالإسراءوَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ وَ حَمَلناهُم فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ رَزَقناهُم مِنَ الطّيّباتِ وَ فَضّلناهُم عَلي كَثِيرٍ مِمّن خَلَقنا تَفضِيلًاالأنبياءخُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلٍالفرقان وَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهراً وَ كانَ رَبّكَ قَدِيراً
صفحه : 269
الروم اللّهُ ألّذِي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعدِ ضَعفٍ قُوّةً ثُمّ جَعَلَ مِن بَعدِ قُوّةٍ ضَعفاً وَ شَيبَةً يَخلُقُ ما يَشاءُ وَ هُوَ العَلِيمُ القَدِيرُالأحزاب إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ عَلَي السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ الجِبالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَ أَشفَقنَ مِنها وَ حَمَلَهَا الإِنسانُ إِنّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا لِيُعَذّبَ اللّهُ المُنافِقِينَ وَ المُنافِقاتِ وَ المُشرِكِينَ وَ المُشرِكاتِ وَ يَتُوبَ اللّهُ عَلَي المُؤمِنِينَ وَ المُؤمِناتِ وَ كانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِيماًفاطروَ مِنَ النّاسِ وَ الدّوَابّ وَ الأَنعامِ مُختَلِفٌ أَلوانُهُ كَذلِكَيس سُبحانَ ألّذِي خَلَقَ الأَزواجَ كُلّها مِمّا تُنبِتُ الأَرضُ وَ مِن أَنفُسِهِم وَ مِمّا لا يَعلَمُونَالصافات إِنّا خَلَقناهُم مِن طِينٍ لازِبٍالزمرخَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ ثُمّ جَعَلَ مِنها زَوجَهاالمؤمن وَ صَوّرَكُم فَأَحسَنَ صُوَرَكُم وَ رَزَقَكُم مِنَ الطّيّباتِالرحمن خَلَقَ الإِنسانَ عَلّمَهُ البَيانَ و قال تعالي خَلَقَ الإِنسانَ مِن صَلصالٍ كَالفَخّارِالتغابن هُوَ ألّذِي خَلَقَكُم فَمِنكُم كافِرٌ وَ مِنكُم مُؤمِنٌ وَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصِيرٌالبلدلا أُقسِمُ بِهذَا البَلَدِ وَ أَنتَ حِلّ بِهذَا البَلَدِ وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِي كَبَدٍ أَ يَحسَبُ أَن لَن يَقدِرَ عَلَيهِ أَحَدٌ يَقُولُ أَهلَكتُ مالًا لُبَداً أَ يَحسَبُ أَن لَم يَرَهُ أَحَدٌ أَ لَم نَجعَل لَهُ عَينَينِ وَ لِساناً وَ شَفَتَينِ وَ هَدَيناهُ النّجدَينِالتين لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ ثُمّ رَدَدناهُ أَسفَلَ سافِلِينَ
صفحه : 270
العلق اقرَأ بِاسمِ رَبّكَ ألّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسانَ مِن عَلَقٍ اقرَأ وَ رَبّكَ الأَكرَمُ ألّذِي عَلّمَ بِالقَلَمِ عَلّمَ الإِنسانَ ما لَم يَعلَمتفسيروَ إِذ قالَ رَبّكَ لِلمَلائِكَةِ هذه الآيات مما استدل به علي تفضيل الإنسان علي الملائكة وسيأتي وجه الاستدلال بهامِن نَفسٍ واحِدَةٍ أي من آدم عليه السلام لأن الله تعالي خلقنا منه جميعا وخلق حواء من فضل طينته أو من ضلع من أضلاعه و من علينا بهذا لأن الناس إذارجعوا إلي أصل واحد كانوا أقرب إلي التألف فَمُستَقَرّ وَ مُستَودَعٌ أي مستقر في الرحم إلي أن يولد ومستودع في القبر أومستقر في بطون الأمهات ومستودع في الأصلاب أومستقر علي ظهر الأرض في الدنيا ومستودع عند الله في الآخرة أومستقرها أيام حياتها ومستودعها حيث يموت وحيث يبعث أومستقر في القبر ومستودع في الدنيا أومستقر فيه الإيمان ومستودع يسلب منه كماورد في الخبر.مِن صَلصالٍ أي طين يابس يصلصل أي يصوت إذانقر وقيل من صلصل إذانتن تضعيف صل مِن حَمَإٍ من طين تغير واسود من طول مجاورة الماءمَسنُونٍ أي مصور من سنة الوجه أومصبوب لييبس أومصور كالجواهر المذابة تصب في القوالب من السن و هوالصب كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف فيبس حتي نقر وصلصل ثم غير ذلك طورا بعدطور حتي سواه ونفخ فيه من روحه أومنتن من سننت الحجر علي الحجر إذاحككته به فإن مايسيل منهما يكون منتنا يسمي سنين .وَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ قال الرازي اعلم أن الإنسان جوهر مركب من النفس والبدن فالنفس الإنسانية أشرف النفوس الموجودة في العالم السفلي لأن النفس النباتية قواها الأصلية ثلاثة وهي الاغتذاء والنمو والتوليد والنفس الحيوانية لها قوتان أخريان الحاسة والمحركة بالاختيار ثم إن النفس الإنسانية مختصة بقوة أخري وهي القوة العاقلة المدركة لحقائق الأشياء كماهي وهي التي يتجلي
صفحه : 271
فيهانور معرفة الله ويشرق فيهاضوء كبريائه و هو ألذي يطلع علي أسرار عالمي الخلق والأمر ويحيط بأقسام مخلوقات الله من الأرواح والأجسام كماهي و هذه القوة من سنخ الجواهر القدسية والأرواح المجردة الإلهية فهذه القوة لانسبة لها في الشرف والفضل إلي تلك القوي الخمسة النباتية والحيوانية و إذا كان الأمر كذلك ظهر أن النفس الإنسانية أشرف النفوس الموجودة في هذاالعالم و أمابيان أن البدن الإنساني أشرف أجسام هذاالعالم فالمفسرون ذكروا أشياء.أحدها روي ميمون بن مهران عن ابن عباس في قوله وَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ قال كل شيءيأكل بفيه إلا ابن آدم فإنه يأكل بيديه عن الرشيد أنه أحضرت الأطعمة عنده فدعا بالملاعق وعنده أبويوسف فقال له جاء في تفسير قوله تعالي وَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ وجعلنا لهم أصابع يأكلون بهافأحضرت الملاعق فردها وأكل بأصابعه . وثانيها قال الضحاك بالنطق والتميز وتحقيق الكلام أن من عرف شيئا فإما أن يعجز عن تعريف غيره كونه عارفا بذلك الشيء أويقدر علي هذاالتعريف أماالقسم الأول فهو جملة حال الحيوان سوي الإنسان فإنه إذاحصل في باطنها ألم أولذة فإنها تعجز عن تعريف غيرها تلك الأحوال تعريفا تاما وافيا و أماالقسم الثاني فهو الإنسان فإنه يمكنه تعريف غيره كل ماعرفه ووقف عليه وأحاط به فكونه قادرا علي هذاالنوع من التعريف هوالمراد بكونه ناطقا وبهذا البيان يظهر أن الإنسان الأخرس داخل في هذاالوصف لأنه و إن عجز عن تعريف غيره ما في قلبه بطريق اللسان فإنه يمكنه ذلك بطريق الإشارة وبطريق الكتابة وغيرهما و لايدخل فيه الببغاء لأنه و إن قدر علي تعريفات قليلة فلاقدرة له علي تعريف جميع الأحوال علي سبيل الكمال والتمام . وثالثها قال عطاء بامتداد القامة واعلم أن هذاالكلام غيرتمام لأن
صفحه : 272
الأشجار أطول قامة من الإنسان بل ينبغي أن يشرط فيه شرط و هوطول القامة مع استكمال القوة العقلية والقوة الحسية والحركية. ورابعها قال يمان بحسن الصورة والدليل عليه قوله تعالي وَ صَوّرَكُم فَأَحسَنَ صُوَرَكُم و لماذكر الله تعالي خلقه الإنسان قال فَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ و قال صِبغَةَ اللّهِ وَ مَن أَحسَنُ مِنَ اللّهِ صِبغَةً و إن شئت فتأمل عضوا واحدا من أعضاء الإنسان و هوالعين فخلق الحدقة سوداء ثم أحاط بذلك السواد بياض العين ثم أحاط بذلك البياض سواد الأشفار ثم أحاط بذلك السواد بياض الأجفان ثم خلق فوق بياض الجفن سواد الحاجبين ثم خلق فوق ذلك السواد بياض الجبهة ثم خلق فوق الجبهة سواد الشعر وليكن هذاالمثال الواحد أنموذجا لك في هذاالباب . وخامسها قال بعضهم من كرامات الآدمي أن آتاه الله الخط وتحقيق الكلام في هذاالباب أن العلم ألذي يقدر الإنسان الواحد علي استنباطه يكون قليلا أما إذااستنبط الإنسان علما وأودعه في الكتاب وجاء الإنسان الثاني واستعان بهذا الكتاب وضم إليه من عندنفسه أشياء أخري ثم لايزالون يتعاقبون وضم كل متأخر مباحث كثيرة إلي علوم المتقدمين كثرت العلوم وقويت الفضائل والمعارف وانتهت المباحث العقلية والمطالب الشرعية أقصي الغايات وأكمل النهايات ومعلوم أن هذاالباب لايتأتي إلابواسطة الخط والكتب ولهذه الفضيلة الكاملة قال تعالي اقرَأ وَ رَبّكَ الأَكرَمُ ألّذِي عَلّمَ بِالقَلَمِ عَلّمَ الإِنسانَ ما لَم يَعلَم وسادسها أن أجسام هذاالعالم إما البسائط وإما المركبات أماالبسائط فهي الأرض والماء والهواء والنار والإنسان ينتفع بكل هذه الأربعة أما الأرض فهي لنا كالأم الحاضنة قال تعالي مِنها خَلَقناكُم وَ فِيها نُعِيدُكُم وَ مِنها نُخرِجُكُم تارَةً أُخري و قدسماه الله تعالي بأسماء بالنسبة إلينا وهي الفراش والمهاد والمهد و أماالماء فانتفاعنا في الشرب والزراعة والحراسة ظاهر وأيضا سخر البحر لنأكل لحما طريا ونستخرج منه حلية نلبسها ونري الفلك مواخر و أماالهواء فهو مادة حياتنا و لو لاهبوب الرياح لاستولي النتن علي هذه المعمورة و أماالنار فبها طبخ
صفحه : 273
الأغذية والأشربة ونضجها وهي قائمة مقام الشمس والقمر في الليالي المظلمة وهي الدافعة لضرر البرد و أماالمركبات فهي إما الآثار العلوية وإما المعادن وإما النبات وإما الحيوان والإنسان كالمستولي علي كل هذه الأقسام والمنتفع بها والمستسخر لكل أقسامها فهذا العالم بأسرها جري مجري قرية معمورة وخان مغلة وجميع منافعها ومصالحها مصروفة إلي الإنسان والإنسان فيه كالرئيس المخدوم والملك المطاع وسائر الحيوانات بالنسبة إليه كالعبيد و كل ذلك يدل علي كونه مخصوصا من عند الله بمزيد التكريم والتفضيل . وسابعها أن المخلوقات تنقسم إلي أربعة أقسام إلي ماحصلت له هذه القوة العقلية الحكمية و لم تحصل له القوة الشهوانية وهم الملائكة و إلي ما يكون بالعكس وهم البهائم و إلي ماخلا عن القسمين و هوالنبات والجمادات و إلي ماحصل النوعان فيه و هوالإنسان و لاشك أن الإنسان لكونه مستجمعا للقوة العقلية القدسية والقوة الشهوانية البهيمية والغضبية السبعية يكون أفضل من البهيمة والسبع و لاشك أيضا أنه أفضل من الأجسام الخالية عن القوتين مثل النبات والمعادن والجمادات و إذاثبت ذلك ظهر أن الله تعالي فضل الإنسان علي أكثر أقسام المخلوقات بقي هاهنا بحث في أن الملك أفضل من البشر والمعني أن الجوهر البسيط الموصوف بالقوة العقلية القدسية المحضة أفضل من البشر المستجمع لهاتين القوتين و ذلك بحث آخر. وثامنها الموجود إما أن يكون أزليا وأبديا معا و هو الله سبحانه وإما أن لا يكون أزليا و لاأبديا و هوعالم الدنيا مع كل ما فيه من المعادن والنبات والحيوان و هذاأخس الأقسام وإما أن يكون أزليا و لا يكون أبديا و هذاممتنع الوجود لأن ماثبت قدمه امتنع عدمه وإما أن لا يكون أزليا ولكنه يكون أبديا و هو
صفحه : 274
الإنسان والملك و لاشك أن هذاالقسم أشرف من القسم الثاني والثالث و ذلك يقتضي كون الإنسان أشرف من أكثر المخلوقات . وتاسعها العالم العلوي أشرف من العالم السفلي وروح الإنسان من جنس الأرواح العلوية والجواهر القدسية و ليس في موجودات العالم السفلي شيءحصل من العالم العلوي إلاالإنسان فوجب كون الإنسان أشرف موجودات العالم السفلي. وعاشرها أشرف الموجودات هو الله تعالي و إذا كان كذلك فكل موجود كان قربه من الله أتم وجب أن يكون أشرف لكن أقرب موجودات هذاالعالم من الله تعالي هوالإنسان بسبب أن قلبه مستنير بمعرفة الله ولسانه مشرف بذكر الله وجوارحه وأعضاؤه مكرمة بطاعة الله فوجب الجزم بأن أشرف موجودات هذاالعالم السفلي هوالإنسان و لماثبت أن الإنسان موجود ممكن لذاته لايوجد إلابإيجاد الواجب لذاته ثبت أن كلما حصل للإنسان من المراتب العالية والصفات الشريفة فهي إنما حصلت بإحسان الله وإنعامه فلهذا المعني قال تعالي وَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ و من تمام كرامته علي الله أنه لماخلقه في أول الأمر وصف نفسه بأنه أكرم فقال اقرَأ بِاسمِ رَبّكَ ألّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسانَ مِن عَلَقٍ اقرَأ وَ رَبّكَ الأَكرَمُ ألّذِي عَلّمَ بِالقَلَمِ ووصف نفسه بالتكريم عندتربية الإنسان فقال وَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ ووصف نفسه بالكرم في آخر الأحوال الإنسان فقال يا أَيّهَا الإِنسانُ ما غَرّكَ بِرَبّكَ الكَرِيمِ و هذايدل علي أنه لانهاية لكرم الله تعالي وتفضله وإحسانه مع الإنسان .الحادي عشر قال بعضهم هذاالتكريم معناه أنه تعالي خلق آدم بيده وخلق غيره بطريق كن فيكون و من كان مخلوقا بيدي الله كانت العناية به أتم فكان أكرم وأكمل و لماجعلنا من أولاده وجب كون بني آدم أكرم وأكمل .وَ حَمَلناهُم فِي البَرّ وَ البَحرِ قال ابن عباس في البر علي الخيل والبغال والحمير والإبل و في البحر علي السفن و هذاأيضا من مؤكدات التكريم المذكور
صفحه : 275
أولا لأنه تعالي سخر هذه الدواب له حتي يركبها ويحمل عليها ويغزو ويقاتل ويذب عن نفسه وكذلك تسخير الله تعالي المياه والسفن وغيرهما ليركبها وينقل عليها ويتكسب بهابما يختص به ابن آدم كل ذلك مما يدل علي أن الإنسان في هذاالعالم كالرئيس المتبوع والملك المطاع .وَ رَزَقناهُم مِنَ الطّيّباتِ و ذلك لأن الأغذية إما حيوانية وإما إنسانية وكلا القسمين فإن الإنسان إنما يغتذي بألطف أنواعها وأشرف أقسامها بعدالتنقية التامة والطبخ الكامل والنضج البالغ و ذلك مما لايصلح إلاللإنسان وَ فَضّلناهُمالفرق بين التفضيل والتكريم أنه تعالي فضل الإنسان علي سائر الحيوانات بأمور خلقية طبيعية ذاتية مثل العقل والنطق والخط والصورة الحسنة والقامة المديدة ثم إنه تعالي عرضه بواسطة ذلك العقل والفهم لاكتساب العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة فالأول هوالتكريم والثاني هوالتفضيل .عَلي كَثِيرٍ مِمّن خَلَقنا تَفضِيلًا لم يقل وفضلناهم علي الكل فهذا يدل علي أنه حصل في مخلوقات الله تعالي شيء لا يكون الإنسان مفضلا عليه و كل من أثبت هذاالقسم قال إنه هوالملائكة فلزم القول بأن الملك أفضل من الإنسان و هذاالقول مذهب ابن عباس واختيار الزجاج علي مارواه الواحدي في البسيط. واعلم أن هذاالكلام مشتمل علي بحثين أحدهما أن الأنبياء أفضل أم الملائكة و قدسبق القول فيه في سورة البقرة. والثاني أن عوام الملائكة وعوام المؤمنين أيهما أفضل منهم من قال بتفضيل المؤمنين علي الملائكة واحتجوا عليه بما روي عن زيد بن أسلم أنه قال قالت الملائكة ربنا إنك أعطيت بني آدم دنيا يأكلون فيها ويتنعمون و لم تعطنا ذلك في الآخرة فقال تعالي وعزتي وجلالي لاأجعل ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان فقال أبوهريرة المؤمن أكرم علي الله من الملائكة الذين عنده هكذا
صفحه : 276
أورده الواحدي في البسيط و أماالقائلون بأن الملك أفضل من البشر علي الإطلاق فقد عولوا علي هذه الآية و هو في الحقيقة تمسك بدليل الخطاب انتهي . و قال الطبرسي قدس سره استدل بعضهم بهذا علي أن الملائكة أفضل من الأنبياء قال لأن قوله عَلي كَثِيرٍيدل علي أن هاهنا من لم يفضلهم عليه و ليس إلاالملائكة لأن بني آدم أفضل من كل حيوان سوي الملائكة بالاتفاق و هذاباطل من وجوه أحدها أن التفضيل هاهنا لم يرد به الثواب لأن الثواب لايجوز التفضيل به ابتداء وإنما المراد بذلك مافضلهم الله به من فنون النعم التي عددنا بعضها. وثانيها أن المراد بالكثير الجميع فوضع الكثير موضع الجميع والمعني أنافضلناهم علي من خلقنا وهم كثير كمايقال بذلت له العريض من جاهي وأبحته المنيع من حريمي و لايراد بذلك أني بذلت له عريض جاهي ومنعته ما ليس بعريض وأبحته منيع حريمي و لم أبحه ما ليس منيعا بل المقصود أني بذلت له جاهي ألذي من صفته أنه عريض و في القرآن ومحاورات العرب من ذلك ما لايحصي و لايخفي ذلك علي من عرف كلامهم . وثالثها أنه إذاسلم أن المراد بالتفضيل زيادة الثواب و أن لفظة من في قوله مِمّن خَلَقناتفيد التبعيض فلايمتنع أن يكون جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم لأن الفضل في الملائكة عام لجميعهم أوأكثرهم والفضل من بني آدم يختص بقليل من كثير و علي هذافغير منكر أن يكون الأنبياء أفضل من الملائكة و إن كان جنس الملائكة أفضل من جنس بني آدم انتهي . وأقول كلامه ره في هذه الآية مأخوذ مما سننقله عن السيد المرتضي رضي الله عنه .
صفحه : 277
خُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلٍ قال البيضاوي كأنه خلقه منه لفرط استعجاله وقلة تأنيه كقولك خلق زيد من الكرم وجعل ماطبع عليه بمنزلة المطبوع هو منه مبالغة في لزومه له ولذلك قيل إنه علي القلب و من عجلته مبادرته إلي الكفر واستعجاله الوعيد انتهي و في تفسير علي بن ابراهيم قال لماأجري الله في آدم الروح من قدميه فبلغت إلي ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر فقال الله خُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلٍ.خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَراًقيل يعني ألذي خمر به طينة آدم ثم جعله جزءا من مادة البشر ليجتمع ويسلس ويقبل الإشكال بسهولة أوالنطفةفَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهراً أي فقسمه قسمين ذوي نسب أي ذكورا ينسب إليهم وذوات صهر أي إناثا يصاهر بهن وَ كانَ رَبّكَ قَدِيراًحيث خلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلين . وَ روُيَِ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ سُئِلَ عَن هَذِهِ الآيَةِ فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ آدَمَ مِنَ المَاءِ العَذبِ وَ خَلَقَ زَوجَتَهُ مِن سِنخِهِ فَبَرَأَهَا مِن أَسفَلِ أَعضَائِهِ فَجَرَي بِذَلِكَ الضّلعِ بَينَهُمَا سَبَبٌ وَ نَسَبٌ ثُمّ زَوّجَهَا إِيّاهُ فَجَرَي بَينَهُمَا بِسَبَبِ ذَلِكَ صِهرٌ فَذَلِكَ قَولُهُنَسَباً وَ صِهراًفَالنّسَبُ مَا كَانَ بِسَبَبِ الرّجَالِ وَ الصّهرُ مَا كَانَ بِسَبَبِ النّسَاءِ
و قدأوردنا أخبارا كثيرة في أبواب فضائل أمير المؤمنين ع أنها نزلت في النبي و أمير المؤمنين وتزويج فاطمة صلوات الله عليهم .اللّهُ ألّذِي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍقيل أي ابتدأكم ضعفاء أوخلقكم من أصل ضعيف و هوالنطفةثُمّ جَعَلَ مِن بَعدِ ضَعفٍ قُوّةً و هوبلوغكم الأشدثُمّ جَعَلَ مِن بَعدِ قُوّةٍ ضَعفاً وَ شَيبَةً إذاأخذ منكم السن يَخلُقُ ما يَشاءُ من ضعف وقوة وشيبة.
صفحه : 278
إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ هذه الآية من المتشابهات و قداختلف في تأويله المفسرون والروايات علي وجوه الأول أن المراد بالأمانة التكليف بالأوامر والنواهي والمراد بعرضها علي السماوات و الأرض والجبال العرض علي أهلها وعرضها عليهم هوتعريفه إياهم أن في تضييع الأمانة الإثم العظيم وكذلك في ترك أوامر الله تعالي وأحكامه فبين سبحانه جرأة الإنسان علي المعاصي وإشفاق الملائكة من ذلك فيكون المعني عرضنا الأمانة علي أهل السماوات و الأرض والجبال من الملائكة والإنس والجن فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها أي فأبي أهلهن أن يحملوا تركها وعقابها والمأثم فيهاوَ أَشفَقنَ مِنها أي أشفق أهلهن عن حملهاوَ حَمَلَهَا الإِنسانُ إِنّهُ كانَ ظَلُوماًلنفسه بارتكاب المعاصيجَهُولًابموضع الأمانة في استحقاق العقاب علي الخيانة فيهافالمراد بحمل الأمانة تضييعها قال الزجاج كل من خان الأمانة فقد حملها و من لم يحمل الأمانة فقد أداها. والثاني أن معني عَرَضنَاعارضنا وقابلنا فإن عرض الشيء علي الشيء ومعارضته به سواء والمعني أن هذه الأمانة في جلالة موقعها وعظم شأنها لوقيست السماوات و الأرض والجبال وعورضت بهالكانت هذه الأمانة أرجح وأثقل وزنا ومعني قوله فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَهاضعفن عن حملها كذلك وَ أَشفَقنَ مِنهالأن الشفقة ضعف القلب ولذلك صار كناية عن الخوف ألذي يضعف عنده القلب ثم قال إن هذه الأمانة التي من صفتها أنها أعظم من هذه الأشياء العظيمة تقلدها الإنسان فلم يحفظها بل حملها وضيعها لظلمه علي نفسه ولجهله بمبلغ الثواب والعقاب . والثالث ماذكره البيضاوي حيث قال تقرير للوعد السابق بتعظيم الطاعة وسماها أمانة من حيث إنها واجبة الأداء والمعني أنها لعظمة شأنها بحيث لوعرضت علي هذه الأجرام العظام وكانت ذات شعور وإدراك لأبين أن يحملنها وحملها الإنسان مع ضعف بنيته ورخاوة قوته لاجرم فاز الراعي لها والقائم بحقوقها بخير الدارين إِنّهُ
كانَ ظَلُوماً
حيث لم يف بها و لم يراع حقهاجَهُولًابكنه عاقبتها و هذاوصف للجنس باعتبار الأغلب انتهي . و قال الطبرسي قدس سره إنه علي وجه التقدير أجري عليه لفظ الواقع لأن الواقع أبلغ من المقدر معناه لوكانت السماوات و الأرض والجبال عاقلة ثم عرضت عليها الأمانة وهي وظائف الدين أصولا وفروعا عرض تخيير لاستثقلت ذلك مع كبر أجسامها وشدتها وقوتها ولامتنعت من حملها خوفا من القصور عن أداء حقها ثم حملها الإنسان مع ضعف جسمه و لم يخف الوعيد لظلمه وجهله و علي هذايحمل ماروي عن ابن عباس أنها عرضت علي نفس السماوات و الأرض فامتنعت من حملها. والرابع أن معني العرض والإباء ليس هو علي مايفهم بظاهر الكلام بل المراد تعظيم شأن الأمانة لامخاطبة الجماد والعرب تقول سألت الربع وخاطبت الدار فامتنعت عن الجواب وإنما هوإخبار عن الحال عبر عنه بذكر الجواب والسؤال وتقول أتي فلان بكذب لاتحمله الجبال و قال سبحانه فَقالَ لَها وَ لِلأَرضِ ائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً قالَتا أَتَينا طائِعِينَ وخطاب من لايفهم لايصح فالأمانة علي هذا ماأودع الله سبحانه السماوات و الأرض والجبال من الدلائل علي وحدانيته وربوبيته فأظهرتها والإنسان الكافر كتمها وجحدها لظلمه ويرجع إليه ماقيل المراد بالأمانة الطاعة التي تعم الطبيعية والاختيارية وبعرضها استدعاؤها ألذي يعم طلب الفعل من المختار وإرادة صدوره من غيره وبحملها الخيانة فيها والامتناع عن أدائها و منه قولهم حامل الأمانة ومحتملها لمن لايؤديها فتبرأ ذمته فيكون الإباء عنه إتيانا بما يمكن أن يتأتي منه والظلم والجهالة للخيانة والتقصير. والخامس ماقيل إنه تعالي لماخلق هذه الأجرام فيهافهما و قال لها
صفحه : 280
إني قدفرضت فريضة وخلقت جنة لمن أطاعني فيها ونارا لمن عصاني فقلن نحن مسخرات علي ماخلقتنا لانحتمل فريضة و لانبغي ثوابا و لاعقابا و لماخلق آدم عليه السلام عرض عليه مثل ذلك فتحمله و كان ظلوما لنفسه بتحمله مايشق عليها جهولا بوخامة عاقبته . والسادس ماقيل إن المراد بالأمانة العقل والتكليف وبعرضها عليهن اعتبارها بالإضافة إلي استعدادهن وبإبائهن الإباء الطبيعي ألذي هوعدم اللياقة والاستعداد وبحمل الإنسان قابليته واستعداده لها وكونه ظلوما جهولا لماغلب عليه من القوة الغضبية والشهوية و علي هذايحسن أن يكون علة للحمل عليه فإن من فوائد العقل أن يكون مهيمنا علي القوتين حافظا لهما عن التعدي ومجاوزة الحد ومعظم مقصود التكليف تعديلهما وكسر سورتهما. والسابع أن المراد بالأمانة أداء الأمانة ضد الخيانة أوقبولها وتصحيح تتمة الآية علي أحد الوجوه المتقدمة.الثامن أن المراد بالأمانة الإمامة والخلافة الكبري وحملها ادعاؤها بغير حق والمراد بالإنسان أبوبكر و قدوردت الأخبار الكثيرة في ذلك أوردتها في كتاب الإمامة وغيرها فَقَد روُيَِ بِأَسَانِيدَ عَنِ الرّضَا ع قَالَ الأَمَانَةُ الوَلَايَةُ مَنِ ادّعَاهَا بِغَيرِ حَقّ كَفَرَ
وَ قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ الأَمَانَةُ هيَِ الإِمَامَةُ وَ الأَمرُ وَ النهّيُ عُرِضَت عَلَي السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ الجِبَالِفَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها قَالَ أَبيَنَ أَن يَدّعُوهَا أَو يَغصِبُوهَا أَهلَهَاوَ أَشفَقنَ مِنها وَ حَمَلَهَا الإِنسانُالأَوّلُإِنّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا
وَ عَنِ الصّادِقِ ع الأَمَانَةُ الوَلَايَةُ وَ الإِنسَانُ أَبُو الشّرُورِ المُنَافِقُ
وَ عَنِ البَاقِرِ ع هيَِ الوَلَايَةُ أَبَينَأَن يَحمِلنَهاكُفراًوَ حَمَلَهَا الإِنسانُ وَ الإِنسَانُ أَبُو فُلَانٍ
. ومما يدل علي أن المراد بهاالتكليف
مَا روُيَِ أَنّ عَلِيّاً ع كَانَ إِذَا حَضَرَ وَقتُ
صفحه : 281
الصّلَاةِ تَغَيّرَ لَونُهُ فَسُئِلَ عَن ذَلِكَ فَقَالَ حَضَرَ وَقتُ أَمَانَةٍ عَرَضَهَا اللّهُعَلَي السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ الجِبالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَ أَشفَقنَ مِنها
. ومما يدل علي كون المراد بهاالأمانة المعروفة
مَا فِي نَهجِ البَلَاغَةِ فِي جُملَةِ وَصَايَاهُ لِلمُسلِمِينَ ثُمّ أَدَاءُ الأَمَانَةِ فَقَد خَابَ مَن لَيسَ مِن أَهلِهَا أَنّهَا عُرِضَت عَلَي السّمَاوَاتِ المَبنِيّةِ وَ الأَرضِ المَدحُوّةِ وَ الجِبَالِ ذَاتِ الطّولِ المَنصُوبَةِ فَلَا أَطوَلَ وَ لَا أَعرَضَ وَ لَا أَعظَمَ مِنهَا وَ لَوِ امتَنَعَ شَيءٌ مِنهَا بِطُولٍ أَو عَرضٍ أَو قُوّةٍ أَو عِزّ لَامتَنَعنَ وَ لَكِن أَشفَقنَ مِنَ العُقُوبَةِ وَ عَقَلنَ مَا جَهِلَ مَن هُوَ أَضعَفُ مِنهُنّ وَ هُوَ الإِنسَانُإِنّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا
وَ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ سُئِلَ عَنِ الرّجُلِ يَبعَثُ إِلَي الرّجُلِ يَقُولُ ابتَع لِي ثَوباً فَيَطلُبُ فِي السّوقِ فَيَكُونُ عِندَهُ مِثلُ مَا يَجِدُ لَهُ فِي السّوقِ فَيُعطِيهِ مِن عِندِهِ قَالَ لَا يَقرَبَنّ هَذَا وَ لَا يُدَنّس نَفسَهُ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُإِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَالآيَةَ
. والحق أن الجميع داخل في الآية بحسب بطونها كماقيل إن المراد بالأمانة التكليف بالعبودية لله علي وجهها والتقرب بها إلي الله سبحانه كماينبغي لكل عبدبحسب استعداده لها وأعظمها الخلافة الإلهية لأهلها ثم تسليم من لم يكن من أهلها لأهلها وعدم ادعاء منزلتها لنفسه ثم سائر التكاليف والمراد بعرضها علي السماوات و الأرض والجبال النظر إلي استعدادهن لذلك وبإبائهن الإباء الطبيعي ألذي هوعبارة عن عدم اللياقة وتحمل الإنسان إياها تحمله لها من غيراستحقاق تكبرا علي أهلها أو مع تقصيره بحسب وصف الجنس باعتبار الأغلب فهذه معانيها الكلية و كل ماورد في تأويلها في مقام يرجع إلي هذه الحقائق كمايظهر عندالتدبر والتوفيق من الله سبحانه . قال السيد المرتضي رضي الله عنه في أجوبة المسائل العكبرية حيث سئل عن تفسير هذه الآية أنه لم يكن عرض في الحقيقة علي السماوات و الأرض والجبال بقول صريح أودليل ينوب مناب القول وإنما الكلام في هذه الآية مجاز أريد به الإيضاح عن عظم الأمانة وثقل التكليف بها وشدته علي الإنسان و أن السماوات و الأرض والجبال لوكانت مما يقبل لأبت حمل الأمانة و لم تؤد مع ذلك حقها و
صفحه : 282
نظير ذلك قوله تعالي تَكادُ السّماواتُ يَتَفَطّرنَ مِنهُ وَ تَنشَقّ الأَرضُ وَ تَخِرّ الجِبالُ هَدّا ومعلوم أن السماوات و الأرض والجبال جماد لاتعرف الكفر من الإيمان ولكن المعني في ذلك إعظام مافعله المبطلون وتفوه به الضالون وأقدم به المجرمون من الكفر بالله تعالي و أنه من عظمه جار مجري مايثقل باعتماده علي السماوات و الأرض والجبال و أن الوزر به كذلك و كان الكلام في معناه ماجاء به التنزيل مجازا واستعارة كماذكرناه ومثل ذلك قوله تعالي وَ إِنّ مِنَ الحِجارَةِ لَما يَتَفَجّرُ مِنهُ الأَنهارُالآية ومعلوم أن الحجارة جماد لايعلم فيخشي أويرجو ويؤمل وإنما المراد بذلك تعظيم الوزر في معصية الله تعالي و مايجب أن يكون العبد عليه من خشية الله تعالي و قد بين الله ذلك بقوله في نظير ماذكرناه وَ لَو أَنّ قُرآناً سُيّرَت بِهِ الجِبالُالآية فبين بهذا المثل عن جلالة القرآن وعظم قدره وعلو شأنه و أنه لو كان كلام يكون به ماعده ووصفه لكان بالقرآن لعظم قدره علي سائر الكلام و قدقيل إن المعني في قوله إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَعرضها علي أهل السماوات و أهل الأرض و أهل الجبال والعرب يخبر عن أهل الموضع بذكر الموضع ويسميهم باسمه قال الله تعالي وَ سئَلِ القَريَةَ التّيِ كُنّا فِيها وَ العِيرَيريد أهل القرية و أهل العير و كان العرض علي أهل السماوات و أهل الأرض و أهل الجبال قبل خلق آدم وخيروا بين التكليف لماكلفه آدم وبنوه فأشفقوا من التفريط فيه واستعفوا منه فاعفوا فتكلفه الإنسان ففرط فيه وليست الآية علي ماظنه السائل أنها هي الوديعة و ما في بابها ولكنها التكليف ألذي وصفناه ولقوم من أصحاب الحديث الذاهبين إلي الإمامة جواب تعلقوا به من جهة بعض الأخبار وهي أن الأمانة هي الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام وإنها عرضت قبل خلق آدم علي السماوات و الأرض والجبال ليأتوا بها علي شروطها فأبين من حملها علي ذلك خوفا من تضييع الحق فيها وكلفها الناس فتكلفوها و لم يؤد أكثرهم حقها انتهي .
صفحه : 283
لِيُعَذّبَ اللّهُ المُنافِقِينَتعليل للحمل من حيث إنه نتيجة كالتأديب للضرب في ضربته تأديبا وذكر التوبة في الوعد إشعار بأن كونهم ظلوما جهولا في جبلتهم لايخليهم عن فرطات وَ كانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِيماًحيث تاب علي فرطاتهم وأثاب بالفوز علي طاعاتهم وكَذلِكَ أي كاختلاف الثمار والجبال .خَلَقَ الأَزواجَ كُلّها أي الأنواع والأصناف مِمّا تُنبِتُ الأَرضُ من النبات والشجروَ مِن أَنفُسِهِمالذكر والأنثي وَ مِمّا لا يَعلَمُونَ أي وأزواجا مما لم يطلعهم الله عليه و لم يجعل لهم طريقا إلي معرفته وسيأتي تأويل آخر برواية علي بن ابراهيم مِن طِينٍ لازِبٍ أي ممتزج متماسك يلزم بعضه بعضا يقال طين لازب يلزق باليد لاشتداده و قال علي بن ابراهيم يعني يلزق باليدثُمّ جَعَلَ مِنها زَوجَها أي من جزئها أو من طينتها أو من نوعها أولأجلها ولانتفاعها.فَأَحسَنَ صُوَرَكُمبأن خلقكم منتصب القامة بادي البشرة متناسب الأعضاء والتخطيطات متهيأ لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات وَ رَزَقَكُم مِنَ الطّيّباتِ أي اللذائذ.عَلّمَهُ البَيانَقيل إيماء بأن خلق البشر و مايميز به عن سائر الحيوانات من البيان و هوالتعبير عما في الضمير وإفهام الغير لماأدركه لتلقي الوحي وتعرف الحق وتعلم الشرع وَ فِي تَفسِيرِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ عَنِ الرّضَا ع فِي قَولِهِالرّحمنُ عَلّمَ القُرآنَ قَالَ اللّهُ عَلّمَ مُحَمّداً القُرآنَ قُلتُخَلَقَ الإِنسانَ قَالَ ذَلِكَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ قُلتُعَلّمَهُ البَيانَ قَالَ عَلّمَهُ تِبيَانَ كُلّ شَيءٍ يَحتَاجُ النّاسُ إِلَيهِ الخَبَرَ
.مِن صَلصالٍ كَالفَخّارِقيل الصلصال الطين اليابس ألذي له صلصلة والفخار الخزف و قدخلق الله آدم من تراب جعله طينا ثم حمأ مسنونا ثم صلصالا فلايخالف
صفحه : 284
ذلك قوله مِن تُرابٍ ونحوه .فَمِنكُم كافِرٌ أي يصير كافرا أو كان في علم الله أنه كافر
وَ فِي الكاَفيِ، وَ تَفسِيرِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ سُئِلَ عَن تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ فَقَالَ عَرَفَ اللّهُ إِيمَانَهُم بِوَلَايَتِنَا وَ كُفرَهُم بِتَركِهَا يَومَ أَخَذَ عَلَيهِمُ المِيثَاقَ فِي صُلبِ آدَمَ وَ هُم ذَرّ
.لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِي كَبَدٍقيل في تعب ومشقة فإنه يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة و قال علي بن ابراهيم أي منتصبا وسيأتي تفسيره في الخبر أنه منتصب في بطن أمه .أَ لَم نَجعَل لَهُ عَينَينِيبصر بهماوَ لِساناًيترجم عن ضمائره وَ شَفَتَينِيستر بهما فاه ويستعين بهما علي النطق والأكل والشرب وغيرهاوَ هَدَيناهُ النّجدَينِطريقي الخير والشر وقيل الثديين وأصله المكان المرتفع
وَ فِي الكاَفيِ، عَنِ الصّادِقِ ع نَجدَ الخَيرِ وَ الشّرّ
وَ فِي مَجمَعِ البَيَانِ، عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع سَبِيلَ الخَيرِ وَ سَبِيلَ الشّرّ
وَ عَنهُ ع أَنّهُ قِيلَ لَهُ إِنّ أُنَاساً يَقُولُونَ فِي قَولِهِوَ هَدَيناهُ النّجدَينِأَنّهُمَا الثّديَانِ فَقَالَ لَا هُمَا الخَيرُ وَ الشّرّ
.لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَقيل يريد به الجنس فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ أي تعديل بأن خص بانتصاب القامة وحسن الصورة واستجماع خواص الكائنات ونظائر سائر الممكنات ثُمّ رَدَدناهُ أَسفَلَ سافِلِينَبأن جعلناه من أهل النار أو إلي أسفل سافلين و هوالنار وقيل أرذل العمر
وَ قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ نَزَلَت فِي الأَوّلِ وَ فِي المَنَاقِبِ عَنِ الكَاظِمِ ع قَالَ الإِنسَانُ الأَوّلُثُمّ رَدَدناهُ أَسفَلَ سافِلِينَبِبُغضِهِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ
. وأقول علي سبيل الاحتمال يمكن أن يكون رده إلي أسفل سافلين ابتلاؤه بالقوي الشهوانية والعلائق الجسمانية فإن روحه كان من عالم القدس فلما ابتلي
صفحه : 285
بعدالتعلق بالبدن بالصفات البهيمية والعلائق الدنية فقد تنزل من أعلي عليين إلي أسفل سافلين فهم باقون في تلك الدركات منهمكون في تلك التعلقات إِلّا الّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِفإنهم نفضوا عن أذيالهم أدناس تلك النشأة الفانية واختاروا الدرجات العالية فرجعوا إلي النشأة الأولي وتعلقت أرواحهم بالملإ الأعلي فصاروا أشرف من الملائكة المقربين وسكنوا في غرفات الجنان آمنين .بِاسمِ رَبّكَ ألّذِي خَلَقَ أي جميع المخلوقات علي مقتضي حكمته
وَ عَنِ البَاقِرِ ع خَلَقَ نُورَكَ القَدِيمَ قَبلَ الأَشيَاءِ
مِن عَلَقٍ أي من دم جامد بعدالنطفةألّذِي عَلّمَ بِالقَلَمِ قال علي بن ابراهيم علم الإنسان بالكتابة التي بهايتم أمور الدنيا في مشارق الأرض ومغاربهاعَلّمَ الإِنسانَ ما لَم يَعلَم من أنواع الهدي والبيان و قال علي بن ابراهيم قال يعني علم عليا من الكتابة لك ما لم يعلم قبل ذلك قيل عدد سبحانه مبدأ الإنسان ومنتهاه إظهارا لماأنعم عليه من نقله من أخس المراتب إلي أعلاها تقريرا لربوبيته وتحقيقا لأكرميته .فائدة اعلم أن المسلمين اختلفوا في تفضيل الملائكة علي البشر أوالعكس فذهب أكثر الأشاعرة إلي أن الأنبياء أفضل من الملائكة وصرح بعضهم بأن عوام البشر من المؤمنين أفضل من عوام الملائكة وخواص الملائكة أفضل من عوام البشر أي غيرالأنبياء وذهب أكثر المعتزلة إلي أن الملائكة أفضل من جميع البشر و لاخلاف بين الإمامية في أن الأنبياء والأئمة ع أفضل من جميع الملائكة والأخبار في ذلك مستفيضة أوردناها في كتاب النبوة وسائر مجلدات الحجة و أماسائر المؤمنين ففي فضل كلهم أوبعضهم علي جميع الملائكة أوبعضهم فلايظهر من الآيات والأخبار ظهورا بينا يمكن الحكم بأحد الجانبين فنحن فيه من المتوقفين . قال الشيخ المفيد قدس الله سره في كتاب المقالات اتفقت الإمامية علي أن أنبياء الله ورسله من البشر أفضل من الملائكة ووافقهم علي ذلك أصحاب
صفحه : 286
الحديث وأجمعت المعتزلة علي خلاف ذلك وزعم الجمهور منهم أن الملائكة أفضل من الأنبياء والرسل و قال نفر منهم سوي من ذكرناه بالوقف في تفضيل أحد الفريقين علي الآخر و كان اختلافهم في هذاالباب علي ماوصفناه وإجماعهم علي خلاف القطع بفضل الأنبياء علي الملائكة ع حسب ماشرحناه . ثم قال أماالرسل من الملائكة والأنبياء ع فقولي فيهم مع أئمة آل محمد ع كقولي في الأنبياء والرسل ع و أماباقي الملائكة فإنهم و إن بلغوا بالملائكة فضلا فالأئمة من آل محمد ع أفضل منهم وأعظم ثوابا عند الله عز و جل بأدلة ليس موضعها هذاالكتاب انتهي . و قال صاحب الياقوت الأنبياء أفضل من الملائكة لاختصاصهم بشرف الرسالة مع مشقة التكليف و قال العلامة قدس سره في شرحه اختلف الناس في ذلك فذهب الإمامية وجماعة من الأشاعرة إلي أن الأنبياء ع أشرف من الملائكة وقالت المعتزلة والفلاسفة بل الملائكة أشرف و قال الصدوق قدس سره في رسالة العقائد اعتقادنا في الأنبياء والرسل والحجج ع أنهم أفضل من الملائكة ثم ذكر الدلائل وبسط القول فيها كماذكرناه في كتاب الإمامة و قال السيد الشريف المرتضي رضي الله عنه في كتاب الغرر والدرر في تفضيل الأنبياء علي الملائكة ع اعلم أنه لاطريق من جهة العقل إلي القطع بفضل مكلف علي الآخر لأن الفضل المراعي في هذاالباب هوزيادة استحقاق الثواب و لاسبيل إلي معرفة مقادير الثواب من ظواهر فعل الطاعات لأن الطاعتين قدتتساوي في ظاهر الأمر حالهما و إن زاد ثواب واحدة علي الأخري زيادة عظيمة و إذا لم يكن للعقل في ذلك مجال فالمرجع فيه إلي السمع فإن دل سمع مقطوع به من ذلك علي شيءعول عليه و إلا كان الواجب التوقف عنه والشك فيه و ليس في القرآن و لا في سمع مقطوع علي صحته مايدل علي فضل نبي علي ملك و لاملك علي نبي وسنبين أن آية واحدة مما يتعلق به في تفضيل الأنبياء علي الملائكة ع يمكن أن يستدل بها
صفحه : 287
علي ضرب من الترتيب نذكره . والمعتمد في القطع علي أن الأنبياء أفضل من الملائكة علي إجماع الشيعة الإمامية علي ذلك لأنهم لايختلفون في هذابل يزيدون عليه ويذهبون إلي أن الأئمة ع أفضل من الملائكة أجمعين وإجماعهم حجة لأن المعصوم في جملتهم و قدبينا في مواضع من كتبنا كيفية الاستدلال بهذه الطريقة ورتبناه وأجبنا عن كل سؤال يسأل عنه فيها وبينا كيف الطريق مع غيبة الإمام إلي العلم بمذاهبه وأقواله وشرحنا ذلك فلامعني للتشاغل به هاهنا ويمكن أن يستدل علي ذلك بأمره تعالي للملائكة بالسجود لآدم ع و أنه يقتضي تعظيمه عليهم وتقديمه وإكرامه و إذا كان المفضول لايجوز تعظيمه وتقديمه علي الفاضل علمنا أن آدم ع أفضل من الملائكة و كل من قال إن آدم أفضل من الملائكة ذهب إلي أن جميع الأنبياء ع أفضل من جميع الملائكة و لاأحد من الأمة فصل بين الأمرين . فإن قيل و من أين أنه أمرهم بالسجود علي جهة التقديم والتعظيم .قلنا لايخلو تعبدهم بالسجود له من أن يكون علي سبيل القبلة والجهة من غير أن يقترن به تعظيم وتقديم أو يكون علي ماذكرناه فإن كان الأول لم يجز أنفة إبليس من السجود وتكبره عنه و قوله أَ رَأَيتَكَ هذَا ألّذِي كَرّمتَ عَلَيّ و قوله أَنَا خَيرٌ مِنهُ خلَقَتنَيِ مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طِينٍ والقرآن كله ناطق بأن امتناع إبليس من السجود إنما هولاعتقاده التفضيل به والتكرمة فلو لم يكن الأمر علي هذالوجب أن يرده الله تعالي عنه ويعلمه أنه ماأمره بالسجود علي وجه تعظيمه له و لاتفضيله بل علي الوجه الآخر ألذي لاحظ للتفضيل فيه و ماجاز إغفال ذلك و هوسبب معصية إبليس وضلالته فلما لم يقع ذلك دل علي أن الأمر بالسجود لم يكن إلا علي جهة التفضيل والتعظيم وكيف يقع شك في أن الأمر علي ماذكرنا و كل نبي أراد تعظيم آدم ع ووصفه بما اقتضي الفخر والشرف نفسه بإسجاد الملائكة له وجعل
صفحه : 288
ذلك من أعظم فضائله و هذامما لاشبهة فيه .فأما اعتماد بعض أصحابنا في تفضيل الأنبياء علي الملائكة علي أن المشقة في طاعة الأنبياء ع أكثر وأوفر من حيث كانت لهم شهوات في القبائح ونفار عن الواجبات فليس بمعتمد لأنا لانقطع علي أن مشاق الأنبياء أعظم من مشاق الملائكة في التكليف والشك في مثل ذلك واجب و ليس كل شيء لم يظهر لنا ثبوته وجب القطع علي انتفائه ونحن نعلم علي الجملة أن الملائكة إذاكانوا مكلفين فلابد من أن تكون عليهم مشاق في تكليفهم لو لا ذلك مااستحقوا ثوابا علي طاعاتهم والتكليف إنما يحسن في كل مكلف تعريضا للثواب و لا يكون التكليف شاقا عليهم إلا وتكون لهم شهوات فيما حظر عليهم ونفار عما أوجب و إذا كان الأمر علي هذافمن أين يعلم أن مشاق الأنبياء ع أكثر من مشاق الملائكة و إذاكانت المشقة عامة لتكليف الأمة و لاطريق إلي القطع علي زيادتها في تكليف بعض ونقصانها في تكليف آخرين فالواجب التوقف والشك ونحن الآن نذكر شبه من فضل الملائكة علي الأنبياء ع ونتكلم عليها بعون الله .فمما تعلقوا به في ذلك قوله تعالي حكاية عن إبليس مخاطبا لآدم وحواء ع ما نَهاكُما رَبّكُما عَن هذِهِ الشّجَرَةِ إِلّا أَن تَكُونا مَلَكَينِ أَو تَكُونا مِنَ الخالِدِينَفرغبهما في التناول من الشجرة في منزلة الملائكة حتي تناولا وعصيا و ليس يجوز أن يرغب عاقل في أن يكون علي منزلة هي دون منزلته حتي يحمله ذلك علي خلاف الله تعالي ومعصيته و هذايقتضي فضل الملائكة علي الأنبياء ع وتعلقوا أيضا بقوله تعالي لَن يَستَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبداً لِلّهِ وَ لَا المَلائِكَةُ المُقَرّبُونَ وتأخير ذكر الملائكة في مثل هذاالخطاب يقتضي تفضيلهم لأن العادة إنما جرت أن يقال لن يستنكف الوزير أن يفعل هذا و لاالخليفة فيقدم الأدون ويؤخر الأعظم و لم تجر بأن يقال لن يستنكف الأمير أن يفعل كذا و لاالحارس و هذايقتضي تفضيل الملائكة
صفحه : 289
علي الأنبياء ع وتعلقوا بقوله تعالي وَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ وَ حَمَلناهُم فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ رَزَقناهُم مِنَ الطّيّباتِ وَ فَضّلناهُم عَلي كَثِيرٍ مِمّن خَلَقنا تَفضِيلًاقالوا و ليس بعدبني آدم مخلوق يستعمل في الخبر عنه لفظة من التي لاتستعمل إلا في العقلاء إلاالجن والملائكة و لما لم يقل وفضلناهم علي من بل قال علي كثير ممن خلقنا علم أنه إنما أخرج الملائكة عمن فضل بني آدم عليه لأنه لاخلاف في بني آدم أنه أفضل من الجن و إذا كان وضع الخطاب يقتضي مخلوقا لم يفضل بنو آدم فلاشبهة في أنهم الملائكة وتعلقوا بقوله تعالي وَ لا أَقُولُ لَكُم عنِديِ خَزائِنُ اللّهِ وَ لا أَعلَمُ الغَيبَ وَ لا أَقُولُ إنِيّ مَلَكٌفلو لا أن حال الملائكة أفضل من حال النبي لما قال ذلك فيقال لهم في ماتعلقوا به أولا لم زعمتم أن قوله تعالي إِلّا أَن تَكُونا مَلَكَينِمعناه أن تصيرا أوتتقلبا إلي صفة الملائكة فإن هذه اللفظة ليست بصريح لماذكرتم بل أحسن الأحوال أن تكون محتملة له و ماأنكرتم أن يكون المعني أن المنهي عن تناول الشجرة غيركما و إذاالنهي يختص الملائكة والخالدين دونكما ويجري ذلك مجري قول أحدنا لغيره مانهيت عن كذا إلا أن تكون فلانا وإنما يعني أن المنهي هوفلان دونك و لم يرد إلا أن تتقلب فتصير فلانا و لما كان غرض إبليس إيقاع الشبهة لهما فمن أوكد الشبهة إيهامهما أنهما لم ينهيا وإنما المنهي غيرهما و من وكيد ماتفسد به هذه الشبهة أن يقال ماأنكرتم أن يكونا رغبا في أن ينقلا إلي صفة الملائكة وخلقهم كمارغبهما إبليس في ذلك و لاتدل هذه الرغبة علي أن الملائكة أفضل منهما لأنه بالتقلب إلي خلقة غيره لايتقلب و لايتغير الحقيقة بانقلاب الصورة والخلق فإنه إنما يستحق الثواب علي الأعمال دون الهيئات و غيرممتنع أن
صفحه : 290
يكونا رغبا في أن يصيرا علي الهيئة الملائكة وصورها و ليس ذلك يرغبه في الثواب و لاالفضل فإن الثواب فضل لايتبع الهيئات والصور أ لاتري أنهما رغبا في أن يكونا من الخالدين و ليس الخلود مما يقتضي مزية في ثواب و لافضلا فيه وإنما هونفع عاجل وكذلك لايمتنع أن يكون الرغبة منهما في أن يصيرا ملكين إنما كانت علي هذاالوجه . ويمكن أن يقال للمعتزلة خاصة و كل من أجاز علي الأنبياء الصغائر ماأنكرتم أن يكونا اعتقدا أن الملك أفضل من النبي وغلطا في ذلك و كان منهما ذنبا صغيرا لأن الصغائر عندكم تجوز علي الأنبياء فمن أين لكم إذااعتقدا أن الملائكة أفضل من الأنبياء ورغبا في ذلك أن الأمر علي مااعتقداه مع تجويزكم عليهم الذنوب و ليس لهم أن يقولوا إن الصغائر إنما تدخل في أفعال الجوارح دون القلوب لأن ذلك تحكم بغير برهان و ليس يمتنع علي أصولهم أن تدخل الصغائر في أفعال القلوب والجوارح معا لأن حد الصغيرة عندهم مانقص عقابه عن ثواب طاعات فاعله و ليس يمتنع معني هذاالحد في أفعال القلوب كما لايمتنع في أفعال الجوارح . ويقال لهم فيما تعلقوا به ثانيا ماأنكرتم أن يكون هذاالقول إنما توجه إلي قوم اعتقدوا أن الملائكة أفضل من الأنبياء فأخرج الكلام علي حسب اعتقادهم وأخر ذكر الملائكة لذلك ويجري هذاالقول مجري قول من قال منا لغيره لن يستنكف أبي أن يفعل كذا و لاأبوك و إن كان القائل يعتقد أن أباه أفضل وإنما أخرج الكلام علي حسب اعتقاد المخاطب لاالمخاطب . ومما يجوز أن يقال أيضا أنه لاتفاوت في الفضل بين الأنبياء والملائكة و إن ذهبنا إلي أن الأنبياء أفضل منهم و مع التقارب والتداني يحسن أن يؤخر ذكر الأفضل ألذي لاتفاوت بينه و بين غيره في الفضل وإنما مع التفاوت والتنافي لايحسن ذلك أ لاتري أنه يحسن أن يقول القائل مايستنكف الأمير فلان من كذا و لاالأمير
صفحه : 291
فلان من كذا و إن كانا متساويين متناظرين أومتقاربين و لايحسن أن يقول مايستنكف الأمير من كذا و لاالحارس لأجل التفاوت وأقوي من هذا أن يقال إنما أخر ذكر الملائكة عن ذكر المسيح لأن جميع الملائكة أكثر ثوابا لامحالة من المسيح منفردا و هذا لايقتضي أن كل واحد منهم أفضل من المسيح ع وإنما الخلاف في ذلك . ويقال لهم في ماتعلقوا به ثالثا ماأنكرتم أن يكون المراد بقوله تعالي عَلي كَثِيرٍ مِمّن خَلَقنا تَفضِيلًاإنا فضلناهم علي من خلقنا وهم كثير و لم يرد التبعيض ويجري ذلك مجري قوله تعالي وَ لا تَشتَرُوا بآِياتيِ ثَمَناً قَلِيلًامعناه لاتشتروا بهاثمنا قليلا فكل ثمن تأخذونه عنها قليل و لم يرد التخصيص والمنع من الثمن القليل خاصة ومثله قول الشاعر
من أناس ليس في أخلاقهم | عاجل الفحش و لاسوء الجزع . |
وإنما أراد نفي الفحش كله عن أخلاقهم و إن وصفه بأنه عاجل ونفي الجزع عنهم و إن وصفه بالسوء و هذا من غريب البلاغة ودقيقها ونظائره في الشعر والكلام الفصيح لاتحصي و قدكنا أملينا في تأويل هذه الآية كلاما منفردا استقصيناه وشرحنا هذاالوجه وأكثرنا من ذكر أمثلته . ووجه آخر في تأويل هذه الآية و هو أنه غيرممتنع أن يكون جميع الملائكة أفضل من جميع بني آدم و إن كان في جملة بني آدم من الأنبياء ع من يفضل كل واحد منهم علي كل واحد من الملائكة لأن الخلاف إنما هو في فضل كل بني آدم علي كل ملك و غيرممتنع أن يكون جميع الملائكة فضلاء يستحق كل واحد منهم الجزيل الأكثر من الثواب فيزيد ثواب جميعهم علي ثواب جميع بني آدم لأن الأفاضل من بني آدم أقل عددا و إن كان في بني آدم آحاد كل واحد منهم أفضل من كل واحد من الملائكة. ووجه آخر ومما يمكن أن يقال في هذه الآية أيضا أن مفهوم الآية إذاتؤملت يقتضي أنه تعالي لم يرد الفضل ألذي هوزيادة الثواب وإنما أراد النعم و
صفحه : 292
المنافع الدنيوية أ لاتري إلي قوله تعالي وَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ والكرامة إنما هي الترقية و مايجري مجراه ثم قال وَ حَمَلناهُم فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ رَزَقناهُم مِنَ الطّيّباتِ و لاشبهة في أن الحمل لهم في البر والبحر ورزق الطيبات خارج مما يستحق به والثواب ويقتضي التفضيل ألذي وقع إطلاقه فيه ويجب أن يكون ماعطف عليه من التفضيل داخلا في هذاالباب و في هذاالقبيل فإنه أشبه من أن يكون المراد به غير ماسياق الآية وارد به ومبني عليه وأقل الأحوال أن تكون لفظةفَضّلناهُممجتمعة للأمرين فلايجوز الاستدلال بها علي خلاف مانذهب إليه . ويقال لهم فيما تعلقوا به رابعا لادلالة في هذه الآية علي أن حال الملائكة أفضل من حال الأنبياء لأن الغرض في الكلام إنما هونفي ما لم يكن عليه لاالتفضيل لذلك علي ما هو عليه أ لاتري أن أحدنا لوظن أنه علي صفة و هو ليس عليها جاز أن ينفيها عن نفسه بمثل هذااللفظ و إن كان علي أحوال هي أفضل من تلك الحال وأرفع و ليس يجب إذاانتفي مما تبرأ منه من علم الغيب وكون خزائن الله تعالي عنده أن يكون فيه فضل أن يكون ذلك معتمدا في كل مايقع النفي له والتبرؤ منه و إذا لم يكن ملكا عنده خزائن الله تعالي جاز أن ينتفي من الأمرين من غيرملاحظة لأن حاله دون هاتين الحالتين . ومما يوضح هذا ويزيل الإشكال فيه أنه تعالي حكي عنه قوله في آية أخري وَ لا أَقُولُ لِلّذِينَ تزَدرَيِ أَعيُنُكُم لَن يُؤتِيَهُمُ اللّهُ خَيراً ونحن نعلم أن هذه منزلة غيرجليلة و هو علي كل حال أرفع منها وأعلي فما المنكر أن يكون نفي الملكية عنه في أنه لايقتضي أن حاله دون حال الملك بمنزلة نفي هذه المنزلة والتعلق بهذه الآية ضعيف جدا وفيما أوردناه كفاية وبالله التوفيق انتهي . وذكر رضي الله عنه نحوا من هذا في أجوبة المسائل التي وردت عليه من الري. و قال الدواني في شرح العقائد هم أي الأنبياء أفضل من الملائكة العلوية عند
صفحه : 293
أكثر الأشاعرة و من الملائكة السفلية بالاتفاق وعامة البشر من المؤمنين أيضا أفضل من عامة الملائكة و عندالمعتزلة و أبي عبد الله الحليمي والقاضي أبي بكر منا الملائكة أفضل والمراد بالأفضل أكثر ثوابا و ذلك أن عبادة الملائكة فطرية لامزاحم لهم عنها بخلاف عبادة البشر فإن لهم مزاحمات فتكون عبادتهم أشق و قال النبي ص أفضل الأعمال أضرها أي أشقها. قلت و علي هذايندفع مايتوهم أن إساءة الأدب مع الملائكة كفر و مع آحاد المؤمنين ليس بكفر فتكون الملائكة أفضل لأن ذلك يدل علي أن كون الملك أشرف بسبب كثرة مناسبته مع المبدإ في النزاهة وقلة الوسط لا علي أنه أفضل بمعني كونه أكثر ثوابا. و قال شارح المقاصد ذهب جمهور أصحابنا والشيعة إلي أن الأنبياء أفضل من الملائكة خلافا للمعتزلة والقاضي و أبي عبد الله الحليمي وصرح بعض أصحابنا بأن عوام البشر من المؤمنين أفضل من عوام الملائكة وخواص الملائكة أفضل من عوام البشر أي غيرالأنبياء لنا وجوه عقلية ونقلية.الأولي أن الله تعالي أمر الملائكة بالسجود لآدم والحكيم لايأمر بسجود الأفضل للأدني وإباء إبليس واستكباره والتعليل بأنه خير من آدم لكونه من نار وآدم من طين يدل أن المأمور به كان سجود تكرمة وتعظيم لاسجود تحية وزيارة و لاسجود الأعلي للأدني إعظاما له ورفعا لمنزلته وهضما لنفوس الساجدين .الثاني أن آدم أنبأهم بالأسماء وبما علمه الله من الخصائص والمعلم أفضل من المتعلم وسوق الآية ينادي علي أن الغرض إظهار ماخفي عليهم من أفضلية آدم ودفع ماتوهموا فيه من النقصان ولذا قال تعالي أَ لَم أَقُل لَكُم إنِيّ أَعلَمُ غَيبَ السّماواتِ وَ الأَرضِ وبهذا يندفع مايقال إن لهم أيضا علوما جمة أضعاف العلم بالأسماء
صفحه : 294
لماشاهدوا من اللوح وحصلوا في الأزمنة المتطاولة بالتجارب والأنظار المتوالية.الثالث قوله تعالي إِنّ اللّهَ اصطَفي آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ اِبراهِيمَ وَ آلَ عِمرانَ عَلَي العالَمِينَ و قدخص من آل ابراهيم وآل عمران غيرالأنبياء بدليل الإجماع فيكون آدم ونوح وجميع الأنبياء مصطفون علي العالمين الذين منهم الملائكة إذ لامخصص للملائكة من العالمين و لاجهة لتفسيره بالكثير من المخلوقات .الرابع أن للبشر شواغل عن الطاعات العلمية والعملية كالشهوة والغضب وسائر الحاجات الشاغلة والموانع الخارجة والداخلة فالمواظبة علي العبادات وتحصيل الكمالات بالقهر والغلبة علي مايضاد القوة العاقلة يكون أشق وأفضل وأبلغ في استحقاق الثواب و لامعني للأفضلية سوي استحقاق الثواب والكرامة. لايقال لوسلم انتفاء الشهوة والغضب وسائر الشواغل في حق الملائكة فالعبادة مع كثرة البواعث والشواغل إنما يكون أشق وأفضل من الأخري إذااستويا في المقدار وباقي الصفات وعبادة الملائكة أكثر وأدوم فإنهم يُسَبّحُونَ اللّيلَ وَ النّهارَ لا يَفتُرُونَ والإخلاص ألذي به القوام والنظام واليقين ألذي هوالأساس والتقوي التي هي الثمرة فيهم أقوي وأقوم لأن طريقهم العيان لاالبيان والمشاهدة لاالمراسلة لأنا نقول انتفاء الشواغل في حقهم مما لاينازع فيه أحد ووجود المشقة والألم في العبادة والعمل عندعدم المنافي والمضاد مما لايعقل قلت أوكثرت وكون باقي الصفات في حق الأنبياء أضعف وأدني مما لايسمع و لايقبل و قديتمسك بأن للملائكة عقلا بلا شهوة وللبهائم شهوة بلا عقل وللإنسان كليهما فإذاترجح شهوته علي عقله يكون أدني من البهائم لقوله تعالي بَل هُم أَضَلّ فإذاترجح عقله علي شهوته يجب أن يكون أعلي من الملائكة و هذاعائد إلي ماسبق لأن تمام تقريره هو أن الكافر آثر النقصان مع التمكن من الكمال و كل من فعل كذا فهو أضل
صفحه : 295
وأرذل ممن آثره بدونه لأن إيثار الشيء مع وجود المضاد والمنافي أرجح وأبلغ من إيثاره بدونه فيلزم أن يكون من آثر الكمال مع التمكن من النقصان أفضل وأكمل ممن آثره بدونه . و أماالتمسك بقوله تعالي وَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ والتكريم المطلق لأحد الأجناس يشعر بفضله علي غيره فضعيف لأن التكريم لايوجب التفضيل سيما مع قوله تعالي وَ فَضّلناهُم عَلي كَثِيرٍ مِمّن خَلَقنافإنه يشير بعدم التفضيل علي القليل و ليس غيرالملائكة بالإجماع كيف و قدوصف الملائكة أيضا بأنهم عِبادٌ مُكرَمُونَ. ثم قال واحتج المخالفون أيضا بوجوه نقلية وعقلية أماالنقليات فمنها قوله تعالي وَ لِلّهِ يَسجُدُ ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ مِن دابّةٍ وَ المَلائِكَةُ وَ هُم لا يَستَكبِرُونَ يَخافُونَ رَبّهُم مِن فَوقِهِم وَ يَفعَلُونَ ما يُؤمَرُونَخصهم بالتواضع وترك الاستكبار في السجود و فيه إشارة إلي أن غيرهم ليس كذلك و أن أسباب التكبر والتعظم حاصلة لهم ووصفهم باستمرار الخوف وامتثال الأوامر و من جملتها اجتناب المنهيات . ومنها قوله تعالي وَ مَن عِندَهُ لا يَستَكبِرُونَ عَن عِبادَتِهِ وَ لا يَستَحسِرُونَ يُسَبّحُونَ اللّيلَ وَ النّهارَ لا يَفتُرُونَوصفهم بالقرب والشرف عنده وبالتواضع المواظبة علي الطاعة والتسبيح . ومنها قوله تعالي بَل عِبادٌ مُكرَمُونَ لا يَسبِقُونَهُ بِالقَولِ وَ هُم بِأَمرِهِ يَعمَلُونَ إلي أن قال وَ هُم مِن خَشيَتِهِ مُشفِقُونَوصفهم بالكرامة المطلقة والامتثال والخشية و هذه الأمور أساس كافة الخيرات . والجواب أن جميع ذلك إنما يدل علي فضيلتهم لا علي أفضليتهم لاسيما علي الأنبياء.
صفحه : 296
ومنها قوله تعالي قُل لا أَقُولُ لَكُم عنِديِ خَزائِنُ اللّهِ وَ لا أَعلَمُ الغَيبَ وَ لا أَقُولُ لَكُم إنِيّ مَلَكٌ فإن مثل هذاالكلام إنما يحسن إذا كان الملك أفضل . والجواب أنه إنما قال ذلك حين استعجله قريش العذاب ألذي أوعدوا به بقوله تعالي وَ الّذِينَ كَذّبُوا بِآياتِنا يَمَسّهُمُ العَذابُ بِما كانُوا يَفسُقُونَ والمعني أني لست بملك حتي يكون لي القوة والقدرة علي إنزال العذاب بإذن الله كما كان لجبرئيل ع أو يكون له العلم بذلك بإخبار من الله تعالي بلا واسطة. ومنها قوله تعالي ما نَهاكُما رَبّكُما عَن هذِهِ الشّجَرَةِ إِلّا أَن تَكُونا مَلَكَينِ أي إلاكراهة أن تكونا ملكين يعني أن الملائكة بالمرتبة العليا و في الأكل من الشجرة ارتقاء إليهما. والجواب أن ذلك تمويه من الشيطان وتخييل أن مايشاهد في الملك من حسن الصورة وعظم الخلق وكمال القوة يحصل بأكل الشجرة و لوسلم فغايته التفضيل علي آدم قبل النبوة. ومنها قوله تعالي عَلّمَهُ شَدِيدُ القُوييعني جبرئيل ع والمعلم أفضل من المتعلم . والجواب أن ذلك بطريق التبليغ وإنما تعليم من الله تعالي . ومنها قوله تعالي لَن يَستَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبداً لِلّهِ وَ لَا المَلائِكَةُ المُقَرّبُونَ أي لايترفع عيسي من العبودية و لا من هوأرفع منه درجة كقولك لن يستنكف من هذاالأمر الوزير و لاالسلطان و لوعكست أحلت بشهادة علماء البيان والبصراء بأساليب الكلام و عليه قوله تعالي وَ لَن تَرضي عَنكَ اليَهُودُ وَ لَا النّصاري
صفحه : 297
أي مع أنهم أقرب مودة لأهل الإسلام ولهذا خص الملائكة بالمقربين منهم لكونهم أفضل . والجواب أن الكلام سيق لرد مقالة النصاري وغيرهم في المسيح وادعائهم فيه مع النبوة البنوة بل الألوهية والترفع عن العبودية لكونه روح الله ولد بلا أب لكونه يبرئ الأكمه والأبرص والمعني لايترفع عيسي عن العبودية و لا من هوفوقه في هذاالمعني وهم الملائكة الذين لاأب لهم و لاأم و لايقدرون علي ما لايقدر عليه عيسي ع و لادلالة علي الأفضلية بمعني كثرة الثواب وسائر الكمالات أ لاتري أن فيما ذكرت من المثال لم يقصد الزيادة والرفعة في الفضل والشرف والكمال بل في ما هومظنة الاستنكاف والرضا كالغلبة والاستكبار والاستعلاء في السلطان وقرب المودة في النصاري . ومنها اطراد تقديم ذكر الملائكة علي ذكر الأنبياء والرسل و لاتعقل له جهة سوي الأفضلية. والجواب أنه يجوز أن يكون بجهة تقدمهم في الوجود أو في قوة الإيمان بهم والاهتمام به لأنه أخفي فالإيمان بهم أقوي وبالتحريص عليه أحري . و أماالعقليات فمنها أن الملائكة روحانيات مجردة في ذاتها متعلقة بالهياكل العلوية مبرأة عن ظلمة المادة و عن الشهوة والغضب اللذين هما مبدءا الشرور والقبائح متصفة بالكمالات العلمية والعملية بالفعل من غيرشوائب الجهل والنقص والخروج عن القوة إلي الفعل علي التدريج و من احتمال الغلط قوية علي الأفعال العجيبة وإحداث السحب والزلازل وأمثال ذلك مطلعة علي أسرار الغيب سابقة إلي أنواع الخير و لاكذلك حال البشر. والجواب أن مبني ذلك علي قواعد الفلسفة دون الملة. ومنها أن أعمالهم الموجبة للمثوبات أكثر لطول زمانهم وأدوم لعدم تخلل الشواغل وأقوم لسلامتها عن مخالطة المعاصي المنقصة للثواب وعلومهم أكمل وأكثر لكونهم نورانيين يشاهدون اللوح المحفوظ المنتقش بالكائنات وأسرار المغيبات .
صفحه : 298
والجواب أن هذا لايمنع كون أعمال الأنبياء وعلومهم أفضل وأكثر ثوابا لجهات أخر كقهر المضاد والمنافي وتحمل المتاعب والمشاق ونحو ذلك علي مامر انتهي . وأقول والعمدة في ذلك الأخبار الكثيرة الدالة علي فضل الأنبياء والأئمة ع علي الملائكة و إن كان فيها مايوهم خلاف ذلك وهي متفرقة في أبواب مجلدات الحجة لم نوردها هاهنا حذرا من الإطناب وحجم الكتاب
1- الِاحتِجَاجُ، فِي مَا سَأَلَ الزّندِيقُ الصّادِقَ ع الرّسُولُ أَفضَلُ أَمِ المَلَكُ المُرسَلُ إِلَيهِ قَالَ ع بَلِ الرّسُولُ أَفضَلُ
2- مَجَالِسُ ابنِ الشّيخِ، عَن أَبِيهِ عَن جَمَاعَةٍ عَن أَبِي المُفَضّلِ الشيّباَنيِّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ النخّعَيِّ عَن جَدّهِ سُلَيمِ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ عُبَيدٍ عَن نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ المنِقرَيِّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الزّبرِقَانِ عَن عَمرِو بنِ خَالِدٍ عَن زَيدِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ ع فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ يَقُولُ فَضّلنَا بنَيِ آدَمَ عَلَي سَائِرِ الخَلقِوَ حَمَلناهُم فِي البَرّ وَ البَحرِ يَقُولُ عَلَي الرّطبِ وَ اليَابِسِوَ رَزَقناهُم مِنَ الطّيّباتِ يَقُولُ مِن طَيّبَاتِ الثّمَارِ كُلّهَاوَ فَضّلناهُم يَقُولُ لَيسَ مِن دَابّةٍ وَ لَا طَائِرٍ إِلّا هيَِ تَأكُلُ وَ تَشرَبُ بِفِيهَا لَا تَرفَعُ بِيَدِهَا إِلَي فِيهَا طَعَاماً وَ لَا شَرَاباً غَيرُ ابنِ آدَمَ فَإِنّهُ يَرفَعُ إِلَي فِيهِ بِيَدِهِ طَعَامَهُ فَهَذَا مِنَ التّفضِيلِ
بيان لعله أراد بالرطب الحيوانات المتحركة النامية وباليابس الأخشاب اليابسة التي تعمل منها السفن ويحتمل كون النشر علي خلاف ترتيب اللف فالرطب البحر واليابس البر
3-مَجَالِسُ ابنِ الشّيخِ، عَن أَبِيهِ عَن جَمَاعَةٍ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ هَارُونَ عَن يَحيَي بنِ السرّيِّ الضّرِيرِ عَن مُحَمّدِ بنِ حَازِمٍ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضّرِيرِ قَالَدَخَلتُ عَلَي هَارُونَ الرّشِيدِ قِيلَ لِي وَ كَانَت بَينَ يَدَيهِ المَائِدَةُ فسَأَلَنَيِ عَن تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِوَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ وَ حَمَلناهُم فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ رَزَقناهُم مِنَ الطّيّباتِ
صفحه : 299
الآيَةَ فَقُلتُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَد تَأَوّلَهَا جَدّكَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ أخَبرَنَيِ الحَجّاجُ بنُ اِبرَاهِيمَ الخوُزيِّ عَن مَيمُونِ بنِ مِهرَانَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي هَذِهِ الآيَةِوَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ وَ حَمَلناهُم فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ رَزَقناهُم مِنَ الطّيّباتِ قَالَ كُلّ دَابّةٍ تَأكُلُ بِفِيهَا إِلّا ابنُ آدَمَ فَإِنّهُ يَأكُلُ بِالأَصَابِعِ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فبَلَغَنَيِ أَنّهُ رَمَي بِمِلعَقَةٍ كَانَت بِيَدِهِ مِن فِضّةٍ وَ تَنَاوَلَ مِنَ الطّعَامِ بِإِصبَعِهِ
4- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن جَمَاعَةٍ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ العَزِيزِ البغَوَيِّ عَن يَحيَي بنِ عَبدِ الحَمِيدِ الحمِاّنيِّ عَن حَجّاجِ بنِ تَمِيمٍ عَن مَيمُونِ بنِ مِهرَانَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَي عَزّ وَ جَلّوَ لَقَد كَرّمنا بنَيِ آدَمَ إِلَي قَولِهِتَفضِيلًا قَالَ لَيسَ مِن دَابّةٍ إِلّا وَ هيَِ تَأكُلُ بِفِيهَا إِلّا ابنُ آدَمَ فَإِنّهُ يَأكُلُ بِيَدِهِ
5- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ الصّادِقَ ع فَقُلتُ المَلَائِكَةُ أَفضَلُ أَم بَنُو آدَمَ فَقَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ رَكّبَ فِي المَلَائِكَةِ عَقلًا بِلَا شَهوَةٍ وَ رَكّبَ فِي البَهَائِمِ شَهوَةً بِلَا عَقلٍ وَ رَكّبَ فِي بنَيِ آدَمَ كِلتَيهِمَا فَمَن غَلَبَ عَقلُهُ شَهوَتَهُ فَهُوَ خَيرٌ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ مَن غَلَبَ شَهوَتُهُ عَقلَهُ فَهُوَ شَرّ مِنَ البَهَائِمِ
6- صَحِيفَةُ الرّضَا،بِالإِسنَادِ عَنهُ ع عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَثَلُ المُؤمِنِ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ مَلَكٍ مُقَرّبٍ وَ إِنّ المُؤمِنَ عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ أَعظَمُ مِنَ المَلَكِ وَ لَيسَ شَيءٌ أَحَبّ إِلَي اللّهِ مِن مُؤمِنٍ تَائِبٍ أَو مُؤمِنَةٍ تَائِبَةٍ
7- وَ مِنهُ،بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ المُؤمِنَ لَيُعرَفُ فِي السّمَاءِ
صفحه : 300
كَمَا يَعرِفُ الرّجُلُ أَهلَهُ وَ وُلدَهُ وَ إِنّهُ أَكرَمُ عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مِن مَلَكٍ مُقَرّبٍ
8- العيَاّشيِّ، عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ فَضّلناهُم عَلي كَثِيرٍ مِمّن خَلَقنا تَفضِيلًا قَالَ خُلِقَ كُلّ شَيءٍ مُنكَبّاً غَيرَ الإِنسَانِ فَإِنّهُ خُلِقَ مُنتَصِباً
9- الكاَفيِ، عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن غَالِبِ بنِ عُثمَانَ عَن بَشِيرٍ الدّهّانِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَا ابنَ آدَمَ اذكرُنيِ فِي مَلَإٍ أَذكُركَ فِي مَلَإٍ خَيرٍ مِن مَلَئِكَ
10- وَ مِنهُ،بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِعِيسَي ع يَا عِيسَي اذكرُنيِ فِي نَفسِكَ أَذكُركَ فِي نفَسيِ وَ اذكرُنيِ فِي مَلَئِكَ أَذكُركَ فِي مَلَإٍ خَيرٍ مِن مَلَإِ الآدَمِيّينَ
بيان ربما يستدل بالخبرين علي كون الملائكة أفضل من بني آدم ويمكن أن يجاب بأن خيرية ملإ الملائكة باعتبار كون الجميع معصومين بخلاف ملإ البشر لاينافي كون بعض البشر أفضل من الملائكة علي أنه يمكن أن يكون المراد بالملإ الثاني مايشتمل علي أرواح النبيين ع لكن وقع التصريح في بعض الأخبار بملإ من الملائكة
11- كِتَابُ تَفضِيلِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ،الكرَاَجكُيِّ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ مَندَةَ عَنِ الحَسَنِ بنِ يَعقُوبَ البَزّازِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ قَالَ لَمّا حَمَلَ المَأمُونُ أَبَا هَدِيّةَ مَولَي أَنَسٍ إِلَي خُرَاسَانَ بلَغَنَيِ ذَلِكَ فَخَرَجتُ فِي لِقَائِهِ فصَاَدفَنَيِ فِي بَعضِ المَنَازِلِ فَرَأَيتُ رَجُلًا طَوِيلًا خَفِيفَ العَارِضَينِ مُنحَنِياً مِنَ الكِبرِ وَ قَدِ اجتَمَعَ عَلَيهِ النّاسُ فَقُلتُ لَهُ حدَثّنيِ رَحِمَكَ اللّهُ فإَنِيّ أَتَيتُكَ مِن بَلَدٍ بَعِيدٍ أَسمَعُ مِنكَ فَلَم يحُدَثّنيِ مِنَ الزّحمَةِ التّيِ كَانَت عَلَيهِ ثُمّ رَحَلَ فَتَبِعتُهُ إِلَي المَرحَلَةِ الأُخرَي فَلَمّا نَزَلَ أَتَيتُهُ فَقُلتُ لَهُ حدَثّنيِ
صفحه : 301
رَحِمَكَ اللّهُ تَعَالَي قَالَ أَنتَ صاَحبِيِ بِالأَمسِ قُلتُ نَعَم قَالَ إِذاً وَ اللّهِ لَا أُحَدّثُكَ إِلّا قَائِماً لِمَا بَدَا منِيّ إِلَيكَ لأِنَيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ مَن كَانَ عِندَهُ عِلمٌ فَكَتَمَهُ أَلجَمَهُ اللّهُ يَومَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِن نَارٍ ثُمّ قَامَ قَائِماً وَ قَالَ كُنتُ رَأَيتُ موَلاَيَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ وَ هُوَ مُعَصّبٌ بِعِصَابَةٍ بَيضَاءَ فَقُلتُ وَ مَا هَذِهِ العِصَابَةُ قَالَ هَذِهِ دَعوَةُ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ فَقُلتُ وَ كَيفَ فَقَالَ أهُديَِ إِلَي رَسُولِ اللّهِص طَائِرٌ وَ رَسُولُ اللّهِص فِي بَيتِ أُمّ سَلَمَةَ رضَيَِ اللّهُ عَنهَا وَ أَنَا حِينَئِذٍ أَحجُبُ رَسُولَ اللّهِص فَأَصلَحَتهُ أُمّ سَلَمَةَ رضَيَِ اللّهُ عَنهَا وَ أَتَت بِهِ رَسُولَ اللّهِص وَ قَالَت أُمّ سَلَمَةَ الزَمِ البَابَ لِيَنَالَ رَسُولُ اللّهِص مِنهُ فَلَزِمتُ البَابَ وَ قَدّمَتهُ إِلَي النّبِيّص فَلَمّا وَضَعَتهُ بَينَ يَدَيهِ رَفَعَ رَسُولُ اللّهِص يَدَيهِ وَ قَالَ أللّهُمّ ائتنِيِ بِأَحَبّ خَلقِكَ إِلَيكَ يَأكُل معَيِ مِن هَذَا الطّائِرِ فَسَمِعتُ دَعوَةَ رَسُولِ اللّهِص وَ أَحبَبتُ أَن يَكُونَ رَجُلًا مِن قوَميِ فَأَتَي عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَقُلتُ إِنّ رَسُولَ اللّهِ عَنكَ مَشغُولٌ فَانصَرَفَ ثُمّ دَعَا رَسُولُ اللّهِص ثَانِيَةً وَ قَالَ أللّهُمّ ائتنِيِ بِأَحَبّ خَلقِكَ إِلَيكَ يَأكُل معَيِ مِن هَذَا الطّائِرِ فَأَتَي عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَقُلتُ إِنّ رَسُولَ اللّهِ عَنكَ مَشغُولٌ فَانصَرَفَ ثُمّ رَفَعَ رَسُولُ اللّهِص رَأسَهُ وَ دَعَا ثَالِثَةً وَ قَالَ يَا رَبّ ائتنِيِ بِأَحَبّ خَلقِكَ إِلَيكَ يَأكُل معَيِ مِن هَذَا الطّائِرِ فَأَتَي عَلِيّ فَقُلتُ رَسُولُ اللّهِ عَنكَ مَشغُولٌ فَقَالَ وَ مَا يَشغَلُ رَسُولُ اللّهِص عنَيّ وَ دفَعَنَيِ فَدَخَلَ فَلَمّا رَآهُ رَسُولُ اللّهِص قَبّلَ مَا بَينَ عَينَيهِ وَ قَالَ يَا أخَيِ مَنِ ألّذِي حَبَسَكَ عنَيّ وَ قَد دَعَوتُ اللّهَ ثَلَاثاً أَن يأَتيِنَيِ بِأَحَبّ خَلقِهِ إِلَيهِ يَأكُلُ معَيِ مِن هَذَا الطّائِرِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَد جِئتُ ثَلَاثاً كُلّ ذَلِكَ يرَدُنّيِ أَنَسٌ فَقَالَ لِمَ رَدَدتَ عَلِيّاً فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ إنِيّ سَمِعتُ دَعوَتَكَ فَأَحبَبتُ أَن يَكُونَ رَجُلًا مِنَ الأَنصَارِ فَأَفتَخِرَ بِهِ إِلَي الأَبَدِ فَقَالَ عَلِيّ ع أللّهُمّ ارمِ أَنَساً بِوَضَحٍ لَا يَستُرُهُ مِنَ النّاسِ فَظَهَرَ عَلَيّ هَذَا ألّذِي تَرَي وَ هيَِ دَعوَةُ عَلِيّ
بيان في سائر الأخبار أن دعوة أمير المؤمنين ع عليه حين استشهده فأبي أن يشهد و هذا من الأخبار المتواترة ومما احتج به يوم الشوري فصدقوه ويدل علي أنه ع أفضل جميع خلق الله وخرج الرسول ص بالإجماع والنصوص المتواترة
صفحه : 302
فيدل علي فضله علي الملائكة و كل من قال بفضله قال بفضل سائر الأئمة وجميع الأنبياء ع فثبت فضل الجميع
12- وَ مِنَ الكِتَابِ المَذكُورِ، عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ شَاذَانَ عَن طَلحَةَ بنِ أَحمَدَ عَن عَبدِ الحَمِيدِ القَنّادِ عَن هِشَامِ بنِ بَشِيرٍ عَنِ ابنِ جُبَيرٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص عَلِيّ أَفضَلُ مَن خَلَقَ اللّهُ غيَريِ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ سَيّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ وَ أَبُوهُمَا خَيرٌ مِنهُمَا وَ إِنّ فَاطِمَةَ سَيّدَةُ نِسَاءِ العَالَمِينَ وَ لَو أَنّ لِفَاطِمَةَ خَيراً مِن عَلِيّ لَم أُزَوّجهَا مِنهُ
13- وَ مِنهُ، عَنِ ابنِ شَاذَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن جَعفَرِ بنِ عَلِيّ الدّقّاقِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ الكَاتِبِ عَن سُلَيمَانَ بنِ الرّبِيعِ عَن نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ عَن عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ الأَشعَثِ عَن مُرّةَ عَن أَبِي ذَرّ قَالَ نَظَرَ النّبِيّص إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَ خَيرُ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ مِن أَهلِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ هَذَا سَيّدُ الصّدّيقِينَ وَ سَيّدُ الوَصِيّينَ وَ إِمَامُ المُتّقِينَ وَ قَائِدُ الغُرّ المُحَجّلِينَ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ جَاءَ عَلَي نَاقَةٍ مِن نُوقِ الجَنّةِ قَد أَضَاءَتِ القِيَامَةُ مِن نُورِهَا عَلَي رَأسِهِ تَاجٌ مُرَصّعٌ بِالزّبَرجَدِ وَ اليَاقُوتِ فَتَقُولُ المَلَائِكَةُ هَذَا مَلَكٌ مُقَرّبٌ وَ يَقُولُ النّبِيّونَ هَذَا نبَيِّ مُرسَلٌ فيَنُاَديِ مُنَادٍ مِن تَحتِ بُطنَانِ العَرشِ هَذَا الصّدّيقُ الأَكبَرُ هَذَا وصَيِّ حَبِيبِ اللّهِ رَبّ العَالَمِينَ هَذَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع فيَجَيِءُ عَلِيّ حَتّي يَقِفَ عَلَي مَتنِ جَهَنّمَ فَيُخرِجُ مِنهَا مَن يُحِبّ وَ يأَتيِ أَبوَابَ الجَنّةِ فَيُدخِلُ فِيهَا أَولِيَاءَهُ بِغَيرِ حِسَابٍ
14- وَ مِنهُ، عَنِ ابنِ شَاذَانَ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَحمَدَ عَن أَبِي بَكرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عِيسَي بنِ مِهرَانَ عَن عِيسَي بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن قَيسِ بنِ الرّبِيعِ عَنِ الأَعمَشِ عَن عَبَايَةَ عَن حُمَيدٍ المغَربِيِّ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنَا سَيّدُ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ وَ أَنتَ يَا عَلِيّ سَيّدُ الخَلَائِقِ بعَديِ أَوّلُنَا كَآخِرِنَا
أقول الاستدلال بهذه الأخبار بتقريب مامر
صفحه : 303
15- وَ مِنَ الكِتَابِ المَذكُورِ، عَنِ ابنِ شَاذَانَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَسرُوقٍ اللّحّامِ عَن حُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَحمَدَ بنِ عَلَوِيّةَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ صَالِحٍ عَن حَرِيزِ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن مُجَاهِدٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ لَمّا أسُريَِ بيِ إِلَي السّمَاءِ مَا مَرَرتُ بِمَلَإٍ مِنَ المَلَائِكَةِ إِلّا سأَلَتَنيِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ حَتّي ظَنَنتُ أَنّ اسمَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ فِي السّمَاوَاتِ أَشهَرُ مِنِ اسميِ فَلَمّا بَلَغتُ السّمَاءَ الرّابِعَةَ وَ نَظَرتُ إِلَي مَلَكِ المَوتِ قَالَ لِي يَا مُحَمّدُ مَا خَلَقَ اللّهُ خَلقاً إِلّا وَ أَنَا أَقبِضُ رُوحَهُ إِلّا أَنتَ وَ عَلِيّ فَإِنّ اللّهَ جَلّ جَلَالُهُ يَقبِضُ أَروَاحَكُمَا بِقُدرَتِهِ وَ جُزتُ تَحتَ العَرشِ إِذ أَنَا بعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَاقِفاً تَحتَ العَرشِ فَقُلتُ يَا عَلِيّ سبَقَتنَيِ فَقَالَ جَبرَئِيلُ مَن هَذَا ألّذِي تُكَلّمُهُ يَا مُحَمّدُ فَقُلتُ هَذَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ لَيسَ هَذَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ لَكِنّهُ مَلَكٌ مِنَ المَلَائِكَةِ خَلَقَهُ اللّهُ تَعَالَي عَلَي صُورَةِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَنَحنُ المَلَائِكَةُ المُقَرّبُونَ كُلّمَا اشتَقنَا إِلَي وَجهِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع زُرنَا هَذَا المَلَكَ لِكَرَامَةِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَي اللّهِ سُبحَانَهُ
أقول دلالته أولا وآخرا علي فضله لايخفي علي المتأمل ودلت عليه الأخبار المستفيضة الدالة علي مباهاة الله به ع ليلة المبيت و يوم أحد وقول جبرئيل ع أنامنكما
16-العُيُونُ، وَ العِلَلُ، وَ كَمَالُ الدّينِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ الهاَشمِيِّ عَن فُرَاتِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَبدِ اللّهِ البخُاَريِّ عَن مُحَمّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِي الصّلتِ الهرَوَيِّ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ خَلقاً أَفضَلَ منِيّ وَ لَا أَكرَمَ عَلَيهِ منِيّ قَالَ عَلِيّ ع فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ فَأَنتَ أَفضَلُ أَو جَبرَئِيلُ فَقَالَص يَا عَلِيّ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فَضّلَ أَنبِيَاءَهُ المُرسَلِينَ عَلَي مَلَائِكَتِهِ المُقَرّبِينَ وَ فضَلّنَيِ عَلَي جَمِيعِ النّبِيّينَ وَ المُرسَلِينَ وَ الفَضلُ بعَديِ لَكَ يَا عَلِيّ وَ لِلأَئِمّةِ ع مِن بَعدِكَ وَ إِنّ المَلَائِكَةَ لَخُدّامُنَا وَ خُدّامُ مُحِبّينَا يَا عَلِيّالّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَ وَ مَن حَولَهُ
صفحه : 304
يُسَبّحُونَ بِحَمدِ رَبّهِم...وَ يَستَغفِرُونَ لِلّذِينَ آمَنُوابِوَلَايَتِنَا يَا عَلِيّ لَو لَا نَحنُ مَا خُلِقَ آدَمُ وَ لَا حَوّاءُ وَ لَا الجَنّةُ وَ لَا النّارُ وَ لَا السّمَاءُ وَ لَا الأَرضُ فَكَيفَ لَا نَكُونُ أَفضَلَ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ قَد سَبَقنَاهُم إِلَي مَعرِفَةِ رَبّنَا وَ تَسبِيحِهِ وَ تَهلِيلِهِ وَ تَقدِيسِهِ وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي قَولِهِ فَكَيفَ لَا نَكُونُ أَفضَلَ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ قَد سَجَدُوا لِآدَمَ كُلّهُم أَجمَعُونَ لِكَونِنَا فِي صُلبِهِ وَ إِنّهُ لَمّا عُرِجَ بيِ إِلَي السّمَاءِ أَذّنَ جَبرَئِيلُ مَثنَي مَثنَي وَ أَقَامَ مَثنَي مَثنَي ثُمّ قَالَ لِي تَقَدّم يَا مُحَمّدُ فَقُلتُ لَهُ يَا جَبرَئِيلُ أَتَقَدّمُ عَلَيكَ فَقَالَ نَعَم لِأَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فَضّلَ أَنبِيَاءَهُ عَلَي المَلَائِكَةِ أَجمَعِينَ وَ فَضّلَكَ خَاصّةً إِلَي آخِرِ الخَبَرِ بِطُولِهِ
17- العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ إِلَي عَمرِو بنِ جُمَيعٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ جَبرَئِيلُ ع إِذَا أَتَي النّبِيّص قَعَدَ بَينَ يَدَيهِ قَعدَةَ العَبِيدِ وَ كَانَ لَا يَدخُلُ حَتّي يَستَأذِنَهُ
18- الِاحتِجَاجُ، وَ تَفسِيرُ الإِمَامِ، قَالَ سَأَلَ المُنَافِقُونَ النّبِيّص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ أَخبِرنَا عَن عَلِيّ هُوَ أَفضَلُ أَم مَلَائِكَةُ اللّهِ المُقَرّبُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص وَ هَل شُرّفَتِ المَلَائِكَةُ إِلّا بِحُبّهَا لِمُحَمّدٍ وَ عَلِيّ وَ قَبُولِهَا لِوَلَايَتِهِمَا إِنّهُ لَا أَحَدَ مِن محُبِيّ عَلِيّ نَظّفَ قَلبَهُ مِن قَذَرِ الغِشّ وَ الدّغَلِ وَ الغِلّ وَ نَجَاسَةِ الذّنُوبِ إِلّا كَانَ أَطهَرَ وَ أَفضَلَ مِنَ المَلَائِكَةِ الخَبَرَ
19- كَمَالُ الدّينِ،بِإِسنَادِهِ إِلَي الرّضَا ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنَا سَيّدُ مَن خَلَقَ اللّهُ وَ أَنَا خَيرٌ مِن جَبرَئِيلَ وَ إِسرَافِيلَ وَ حَمَلَةِ العَرشِ وَ جَمِيعِ المَلَائِكَةِ المُقَرّبِينَ وَ أَنبِيَاءِ اللّهِ المُرسَلِينَ الحَدِيثَ
صفحه : 305
وأقول الأخبار في ذلك كثيرة قدأوردناها في أبواب فضائل النبي ص والأئمة ع فيرجع إليها.
قال السيد الأجل المرتضي في كتاب الغرر بعد أن سئل عن تفسير قوله تعالي خُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلٍ قدذكر في هذه الآية وجوه من التأويل نحن نذكرها ونرجح الأرجح منها فأولها أن يكون معني القول المبالغة في وصف الإنسان بكثرة العجلة و أنه شديد الاستعجال لمايؤثره من الأمور لهج باستدناء مايجلب إليه نفعا أويدفع عنه ضررا ولهم عادة في استعمال مثل هذااللفظ عندالمبالغة كقولهم لمن يصفونه بكثرة النوم ماخلقت إلا من نوم و ماخلق فلان إلا من شر إذاأرادوا كثرة وقوع الشر منه وربما قالوا إنما أنت أكل وشرب و ماأشبه ذلك قالت الخنساء تصف بقرة
ترتع مارتعت حتي إذاادكرت | وإنما هي إقبال وإدبار. |
وإنما أرادت ماذكرناه من كثرة وقوع الإقبال والإدبار منها ويشهد لهذا التأويل قوله عز و جل في موضع آخروَ كانَ الإِنسانُ عَجُولًا ويطابقه أيضا قوله تعالي فَلا تَستَعجِلُونِلأن وصفهم بكثرة العجلة و أن من شأنهم فعلها توبيخا لهم وتقريعا ثم نهاهم عن الاستعجال باستدعاء الآيات من حيث كانوا متمكنين من مفارقة طريقتهم في الاستعجال وقادرين علي التثبت والتأيد. وثانيها ماأجاب به أبوعبيدة وقطرب بن المستنير وغيرهما من أن في الكلام قلبا والمعني خلق العجل من الإنسان واستشهدوا علي ذلك بقوله سبحانه وَ قَد بلَغَنَيَِ الكِبَرُ أي قدبلغت الكبر وبقوله تعالي ما إِنّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالعُصبَةِ والمعني أن العصبة تنوء بها وتقول العرب عرضت الناقة علي الحوض وإنما هوعرضت الحوض علي الناقة ثم ذكر ره شواهد وأبياتا كثيرة في ذلك ثم قال ويبقي علي صاحب هذاالجواب مع التغاضي له عن حمل كلامه تعالي علي القلب أن
صفحه : 306
يقال و ماالمعني والفائدة في قوله عز و جل خلق العجل من الإنسان أتريدون بذلك أن الله تعالي خلق العجلة في الإنسان و هذا لايجوز لأن العجلة فعل من أفعال الإنسان فكيف تكون مخلوقة فيه لغيره و لو كان كذلك لماجاز أن ينهاهم عن الاستعجال في الآية فيقول سَأُرِيكُم آياتيِ فَلا تَستَعجِلُونِلأنه لاينهاهم عما خلقه فيهم فإن قالوا لم يرد أنه تعالي خلقها لكنه أراد كثرة فعل الإنسان لها و أنه لايزال يستعملها قيل لهم هذا هوالجواب ألذي قدمناه من غيرحاجة إلي القلب والتقديم والتأخير و إذا كان هذاالمعني يتم وينتظم علي ماذكرناه من غيرقلب فلاحاجة بنا إليه و قدذكر أبوالقاسم البلخي هذاالجواب في تفسيره واختاره وقواه وسأل نفسه عنه و قال كيف جاز أن يقول فَلا تَستَعجِلُونِ و هوخلق العجلة فيهم وأجاب بأنه قدأعطاهم قدرة علي مغالبة طبائعهم وكفها و قد يكون الإنسان مطبوعا عليها و هو مع ذلك مأمور بالتثبت قادر علي أن يجانب العجلة و ذلك كخلقه في البشر شهوة النكاح وأمرهم في كثير من الأوقات بالامتناع منه و هذا ألذي ذكره البلخي تصريح بأن المراد بالعجل غيره و هوالطبع الداعي إليه والشهوة المتناولة له ويجب أيضا أن يكون المراد بمن هاهنا في لأن شهوة العجل لاتكون مخلوقة من الإنسان وإنما تكون فيه و هذاتجوز علي تجوز وتوسع علي توسع لأن القلب أولا مجاز ثم هو من بعيد المجاز وذكر العجل والمراد به غيره مجاز آخر وإقامة من مقام في كذلك علي أنه تعالي إذانهاهم عن العجلة بقوله عز و جل فَلا تَستَعجِلُونِ أي معني لتقديم قوله إني خلقت شهوة العجلة فيهم والطبع الداعي إليها علي ماعبر به البلخي و هذا إلي أن يكون عذرا لهم أقرب منه إلي أن يكون حجة عليهم وأيسر الأحوال أن لا يكون عذرا و لااحتجاجا فلا يكون لتقديمه معني و في الجواب الأول حسن تقديم ذلك علي طريق الذم والتوبيخ والتقريع من غيرإضافة له إليه عز و جل فالجواب الأول أوضح وأصح . وثالثها جواب روي عن الحسن قال يعني بقوله مِن عَجَلٍ أي من ضعف وهي النطفة المنتنة المهينة الضعيفة و هذاقريب إن كان في اللغة شاهد علي أن العجل
صفحه : 307
يكون عبارة عن الضعف أو عن معناه . ورابعها ماحكي أن أبا الحسن الأخفش أجاب به و هو أن يكون المراد أن الإنسان خلق من تعجيل الأمر لأنه تعالي قال إِنّما قَولُنا لشِيَءٍ إِذا أَرَدناهُ أَن نَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ فإن قيل كيف يطابق هذاالجواب قوله من بعدفَلا تَستَعجِلُونِقلنا يمكن أن يكون وجه المطابقة أنه لمااستعجلوا بالآيات واستبطئوها أعلمهم تعالي أنه ممن لايعجزه شيء إذاأراده و لايمتنع عليه و أن من خلق الإنسان بلا كلفة و لامئونة بأن قال له كن فكان مع ما فيه من بدائع الصنعة وعجائب الحكمة التي يعجز عنها كل قادر ويحار فيها كل ناظر لايعجزه إظهار مااستعجلوه من الآيات . وخامسها ماأجاب به بعضهم من أن العجل الطين فكأنه تعالي قال خلق الإنسان من طين كما قال في موضع آخربَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ مِن طِينٍ واستشهد بقول الشاعر.
والنبع يخرج بين الصخر ضاحية | والنخل ينبت بين الماء والعجل . |
ووجدنا قوما يطعنون في هذاالجواب ويقولون ليس بمعروف أن العجل هوالطين و قدحكي صاحب كتاب العين عن بعضهم أن العجل الحمأة و لم يستشهد عليه إلا أن البيت ألذي أنشدناه يمكن أن يكون شاهدا له و قدرواه تغلب عن ابن الأعرابي وخالف في شيء من ألفاظه و إذاصح هذاالجواب فوجه المطابقة بين ذلك و بين قوله تعالي فَلا تَستَعجِلُونِ علي نحو ماذكرناه و هو أن من خلق الإنسان مع الحكمة الظاهرة فيه من الطين لايعجزه إظهار مااستعجلوه من الآيات أو يكون المعني أنه لايجب بمن خلق من الطين المهين و كان أصله هذاالأصل الحقير الضعيف أن يهزأ برسل الله تعالي وآياته وشرائعه لأنه تعالي قال قبل هذه الآيةوَ إِذا رَآكَ الّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتّخِذُونَكَ إِلّا هُزُواً أَ هذَا ألّذِي يَذكُرُ آلِهَتَكُم.
صفحه : 308
وسادسها أن يكون المراد بالإنسان آدم ع ومعني مِن عَجَلٍ أي في سرعة من خلقه لأنه تعالي لم يخلقه مِن نُطفَةٍ ثُمّ مِن عَلَقَةٍ ثُمّ مِن مُضغَةٍ كماخلق غيره وإنما ابتدأه الله ابتداء وأنشأه إنشاء فكأنه تعالي نبه بذلك علي الآية العجيبة في خلقه له و أنه عز و جل يري عباده من آياته وبيناته أولا ماتقتضيه مصالحهم وتستدعيه أحوالهم . وسابعها ماروي عن مجاهد وغيره أن الله تعالي خلق آدم بعدخلق كل شيءآخر نهار يوم الجمعة علي سرعة معاجلا به غروب الشمس وروي أن آدم ع لمانفخت فيه الروح وبلغت أعالي جسده و لم تبلغ أسافله قال رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس . وثامنها ماروي عن ابن عباس والسدي أن آدم ع لماخلق وجعلت الروح في أكثر جسده وثب عجلان مبادرا إلي ثمار الجنة و قال قوم بل هم بالوثوب فهذا معني قوله خُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلٍ و هذه الأجوبة الثلاثة المتأخرة مبنية علي أن المراد بالإنسان فيهاآدم ع دون غيره
نورد ماذكره محمد بن بحر الشيباني المعروف بالدهني في كتابه من قول مفضلي الأنبياء والرسل والأئمة والحجج علي الملائكة صلوات الله عليهم أجمعين علي ما
صفحه : 309
أورده الصدوق ره في كتاب علل الشرائع ناقلا عنه حيث قال قال مفضلو الأنبياء والرسل والحجج علي الملائكة أنانظرنا إلي جميع ماخلق الله عز و جل من شيءعلا علوا طبعا واختيارا أو علي به قسرا واضطرارا و ماسفل شيءطبعا واختيارا أو ماسفل به قصرا واضطرارا فإذاهي ثلاثة أشياء بإجماع حيوان نام وجماد وأفلاك سائرة وبالطبع ألذي طبعها عليه صانعها دائرة و في مادونها عن إرادة خالقها مؤثرة وأنهم نظروا في الأنواع الثلاثة و في الأشياء التي هي أجناس منقسمة إلي جنس الأجناس ألذي هو شيءإذ يعطي كل شيءاسمه .قالوا ونظرنا أي الثلاثة هونوع لمافوقه وجنس لماتحته أنفع وأرفع وأيها أدون وأوضع فوجدنا أرفع الثلاثة الحيوان و ذلك بحق الحياة التي بان بهاالنامي والجماد وإنما رفعة الحيوان عندنا في حكمة الصانع وترتيبها إن الله تقدست أسماؤه جعل النامي له أغذاء وجعل له عند كل داء دواء و في ماقدر له صحة وشفاء فسبحانه ماأحسن مادبره في ترتيب حكمته إذ الحيوان الرفيع مما دونه يغذو و منه لوقاية الحر والبرد يكسو و عليه أيام حياته ينشو وجعل الجماد له مركزا ومكديا فامتهنه له امتهانا وجعل له مسرحا وأكنانا ومجامع وبلدانا ومصانع وأوطانا وجعل له حزنا محتاجا وسهلا محتاجا إليه وعلوا ينتفع بعلوه وسفلا ينتفع به وبمكاسبه برا وبحرا فالحيوان مستمتع فيستمتع بما جعل له فيه من وجوه المنفعة والزيادة والزبول عندالزبول وتتخذ المركز عندالتجسيم والتأليف من الجسم المؤلف تَبارَكَ اللّهُ رَبّ العالَمِينَ.قالوا ثم إنا نظرنا فإذا الله عز و جل قدجعل المتخذ بالروح والنمو والجسم أعلي وأرفع مما يتخذ بالنمو والجسم والتأليف والتصريف ثم جعل الحي ألذي هوبالحياة التي هي غيره نوعين ناطقا وأعجم ثم أبان الناطق من الأعجم بالنطق والبيان اللذين جعلهما له فجعله أعلي منه بفضيلة النطق والبيان ثم جعل
صفحه : 310
الناطق نوعين حجة ومحجوجا فجعل الحجة أعلي من المحجوج لإبانة الله الحجة واختصاصه إياه بعلم علوي يخصه له دون المحجوجين فجعله معلما من جهة باختصاصه إياه وعلما بأمره إياه أن يعلم بأن الله عز و جل معلم الحجة دون أن يكله إلي أحد من خلقه فهو متعال به وبعضهم يتعالي علي بعض بعلم يصل إلي المحجوجين من جهة الحجة.قالوا ثم رأينا أصل الشيء ألذي هوآدم فوجدناه قدجعله علما علي كل روحاني خلقه قبله وجسماني ذرأه وبرأه منه فعلمه علما خصه به لم يعلمهم قبل و لا بعد وفهمه فهما لم يفهمهم قبل و لا بعد ثم جعل ذلك العلم ألذي علمه ميراثا فيه لإقامة الحجج من نسله علي نسله ثم جعل آدم لرفعة قدره وعلو أمره للملائكة الروحانيين قبله وأقامه لهم محنة فابتلاهم بالسجود إليه فجعل لامحالة من أسجد له أعلي وأفضل ممن أسجدهم ولأن من جعل بلوي وحجة أفضل ممن حجهم به ولأن إسجاده جل و عزإياهم للخضوع ألزمهم الاتضاع منهم له والمأمورين بالاتضاع بالخضوع والخشوع والاستكانة دون من أمرهم بالخضوع له أ لاتري إلي من أبي الائتمار لذلك الخضوع ولتلك الاستكانة فأبي واستكبر و لم يخضع لمن أمره له بالخضوع كيف لعن وطرد عن الولاية وأدخل في العداوة فلايرجي له من كبوته الإقالة آخر الأبد فرأينا السبب ألذي أوجب الله عز و جل لآدم عليهم فضلا فإذا هوالعلم خصه الله عز و جل دونهم فعلمه الأسماء و بين له الأشياء فعلا بعلمه من لايعلم ثم أمره جل و عز أن يسألهم سؤال تنبيه لاسؤال تكليف عما علمه بتعليم الله عز و جل إياه مما لم يكن علمهم ليريهم جل و عزعلو منزلة العلم ورفعة قدره كيف خص العلم محلا وموضعا اختاره له وأبان ذلك المحل عنهم بالرفعة والفضل . ثم علمنا أن سؤال آدم إياهم عما سألهم عنه مما ليس في وسعهم وطوقهم الجواب عنه سؤال تنبيه لاسؤال تكليف لأنه جل و عز لايكلف ما ليس في وسع المكلف القيام به فلما لم يطيقوا الجواب عما سألوا علمنا أن السؤال كان كالتقرير منه لهم يقرن
صفحه : 311
به اتضاعهم بالجهالة عما علمه إياه وعلو خطره وقدره واختصاصه إياه بعلم لم يخصهم به فالتزموا الجواب بأن قالواسُبحانَكَ لا عِلمَ لَنا إِلّا ما عَلّمتَنا ثم جعل الله عز و جل آدم ع معلم الملائكة بقوله أَنبِئهُملأن الإنباء من النبأ تعليم والأمر بالإنباء من الأمر تكليف يقتضي طاعة وعصيانا والإصغاء من الملائكة للتعليم والتوقيف والتفهيم والتعريف تكليف يقتضي طاعة وعصيانا فمن ذهب منكم إلي فضل المتعلم علي المعلم والموقف علي الموقف والمعرف علي المعرف كان في تفضيله تعكيس لحكمة الله عز و جل وقلب لترتيبها التي رتبها الله عز و جل فإنه علي قياد مذهبه أن تكون الأرض التي هي المركز أعلي من النامي ألذي هوعليها ألذي فضله الله عز و جل بالنمو والنامي أفضل وأعلي من الحيوان ألذي فضله الله جل جلاله بالحياة والنمو والروح والحيوان الأعجم الخارج عن التكليف والأمر والزجر أعلي وأفضل من الحيوان الناطق المكلف للأمر والزجر والحيوان ألذي هوالمحجوج أعلي من الحجة التي هي حجة الله عز و جل فيها والمتعلم أعلي من المعلم و قدجعل الله عز و جل آدم حجة علي كل من خلق من روحاني وجسماني إلا من جعل له أولية الحجة فَقَد روُيَِ لَنَا أَنّ حَبِيبَ بنَ مُظَاهِرٍ الأسَدَيِّ بَيّضَ اللّهُ وَجهَهُ أَنّهُ قَالَ لِلحُسَينِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَيّ شَيءٍ كُنتُم قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ آدَمَ ع قَالَ كُنّا أَشبَاحَ نُورٍ نَدُورُ حَولَ عَرشِ الرّحمَنِ فَنُعَلّمُ لِلمَلَائِكَةِ التّسبِيحَ وَ التّهلِيلَ وَ التّحمِيدَ
ولهذا تأويل دقيق ليس هذامكان شرحه و قدبيناه في غيره . قال مفضلو الملائكة إن مدار الخلق روحانيا كان أوجسمانيا علي الدنو من الله عز و جل والرفعة والعلو والزلفة والسمو و قدوصف الله جلت عظمته الملائكة من ذلك بما لم يصف به غيرهم ثم وصفهم بالطاعة التي عليها موضع الأمر والزجر والثواب والعقاب فقال عز و جل لا يَعصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُم وَ يَفعَلُونَ ما يُؤمَرُونَ
صفحه : 312
ثم جعل محلهم الملكوت الأعلي فبراهينهم علي توحيده أكثر وأدلتهم عليه أشهر وأوفر و إذا كان ذلك كذلك كان حظهم من الزلفة أجل و من المعرفة بالصانع أفضل .قالوا ثم رأينا الذنوب والعيوب الموردة النار ودار البوار كلها من الجنس ألذي فضلتموه علي من قال الله عز و جل في نعتهم لمانعتهم ووصفهم بالطاعة لماوصفهم لا يَعصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُم وَ يَفعَلُونَ ما يُؤمَرُونَقالوا كيف يجوز فضل جنس فيهم كل عيب ولهم كل ذنب علي من لاعيب فيهم و لاذنب منهم لاصغائر و لاكبائر. والجواب أن مفضلي الأنبياء والحجج ع قالوا إنا لانفضل هاهنا الجنس علي الجنس ولكنا فضلنا النوع علي النوع من الجنس كما أن الملائكة كلهم ليسوا كإبليس وهاروت وماروت لم يكن البشر كلهم كفرعون الفراعنة وكشياطين الإنس المرتكبين المحارم المقدمين علي المأثم و أماقولكم في الزلفة والقربة فإنكم إن أردتم زلفة المسافات وقربة المداناة فالله عز و جل أجل ومما توهمتموه أنزه و في الأنبياء والحجج من هوأقرب إلي قربه بالصالحات والقربات الحسنات وبالنيات الطاهرات من كل خلق خلقهم والقرب والبعد من الله جلت عظمته بالمسافة والمدي تشبيه له بخلقه و هو من ذلك نزيه . و أماقولهم في الذنوب والعيوب فإن الله جلت أسماؤه جعل الأمر والزجر أسبابا وعللا والذنوب والمعاصي وجوها فالله جل جلاله هو ألذي جعل قاعدة الذنوب من جميع المذنبين من الأولين والآخرين إبليس و هو من حزب الملائكة وممن كان في صفوفهم و هورأس الأبالسة و هوالداعي إلي عصيان الصانع والموسوس والمزين لكل من تبعه وقبل منه وركن إليه الطغيان و قدأمهل الملعون لبلوي أهل البلوي في دار الابتلاء فكم من برية نبيه و في طاعة الله عز و جل وجيه و عن معصيته بعيد و قدأقمأ إبليس وأقصاه وزجره ونفاه فلم يلوله علي أمر إذاأمره و لاانتهي عن زجر إذازجر له لمات في قلوب الخلق مكافئ من المعاصي لمات الرحمن فلمات الرحمن
صفحه : 313
دافعة للماته ووسوسته وخطراته و لوكانت المحنة بالملعون واقعة بالملائكة والابتلاء به قائما كماقام في البشر ودائما كمادام لكثرت من الملائكة المعاصي و قلت فيهم الطاعات إذاتمت فيهم الآلات فقد رأينا المبتلي من صفوف الملائكة بالأمر والزجر مع آلات الشهوات كيف انخدع بحيث دنا من طاعته وكيف بعدمما لم يبعد منه الأنبياء والحجج الذين اختارهم الله علي علم علي العالمين إذ ليست هفوات البشر كهفوة إبليس في الاستكبار وفعل هاروت وماروت في ارتكاب المزجور. قال مفضلو الملائكة إن الله جل جلاله وضع الخضوع والخشوع والتضرع والخنوع حلية فجعل مداها وغايتها آدم ع ففازت الملائكة في هذه الحلية وأخذوا منها بنصيب الفضل والسبق فجعل للطاعة فأطاعوا الله فيه و لو كان هناك بنو آدم لماأطاعوه فيما أمر وزجر كما لم يطعه قابيل فصار إمام كل قاتل .جواب مفضلي الأنبياء والحجج ع قالوا إن الابتلاء ألذي ابتلي به الله عز و جل الملائكة من الخشوع والخضوع لآدم عن غيرشيطان مغو وعدو مطغي فاصل بغوايته بين الطائعين والعاصين والمقيمين علي الاستقامة عن الميل و عن غيرآلات المعاصي التي هي الشهوات المركبات في عباده المبتلين و قدابتلي من الملائكة من ابتلي فلم يعتصم بعصمة الله الوثقي بل استرسل للخادع ألذي كان أضعف منها
وَ قَد رُوّينَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ فِي المَلَائِكَةِ مَن بَاقَةُ بَقلٍ خَيرٌ مِنهُ وَ الأَنبِيَاءُ وَ الحُجَجُ يَعلَمُونَ ذَلِكَ لَهُم وَ فِيهِم مَا جَهِلنَاهُ
و قدأقر مفضلو الملائكة بالتفاضل بينهم كماأقر بالتفاضل بين ذوي الفضل من البشر و من قال إن الملائكة جنس من خلق الله عز و جل تقل فيهم العصاة كهاروت وماروت وكإبليس اللعين إذ الابتلاء فيهم قل فليس ذلك بموجب أن يكون فاضلهم أفضل من فاضل البشر الذين جعل الله عز و جل الملائكة خدمهم إذاصاروا إلي دار المقامة التي ليس فيهاحزن و لاهم و لانصب و لاسقم و لافقر.
صفحه : 314
قال مفضلو الملائكة إن الحسن البصري يقول إن هاروت وماروت علجان من أهل بابل وأنكر أن يكونا من الملائكة فلم تعترضونا بالحجة بهما وبإبليس فتحتجون علينا بجني فيه . قال مفضلو الأنبياء والحجج ع ليس شذوذ الحسن عن جميع المفسرين من الأمة بموجب أن يكون ما يقول كما يقول وأنتم تعلمون أن الشيء لايستثني إلا من جنسه وتعلمون أن الجن سموا جنا لاجتنانهم عن الرؤية إلا إذاأرادوا الترائي بما جعل الله عز و جل فيهم من القدرة علي ذلك و أن إبليس من صفوف الملائكة و غيرجائز في كلام العرب أن يقول قائل جاءت الإبل كلها إلاحمارا ووردت البقر كلها إلافرسا فإبليس من جنس مااستثني وقول الحسن في هاروت وماروت بأنهما علجان من أهل بابل شذوذ شذ به عن جميع أهل التفسير وقول الله عز و جل يكذبه إذ قال وَ ما أُنزِلَ عَلَي المَلَكَينِبفتح اللام بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ و ليس في قولكم عن قول الحسن فرج لكم فادعوا ما لافائدة فيه من علة و لاعائدة من حجة قال مفضلو الملائكة قدعلمتم ماللملائكة في كتاب الله عز و جل من المدح والثناء مما بانوا به عن خلق الله جل وعلا إذ لو لم يكن فيه إلا قوله بَل عِبادٌ مُكرَمُونَ لا يَسبِقُونَهُ بِالقَولِ وَ هُم بِأَمرِهِ يَعمَلُونَ. قال مفضلو الأنبياء والحجج ع لواستقصينا آي القرآن في تفضيل الأنبياء والحجج صلوات الله عليهم أجمعين لاحتجنا لذلك إلي التطويل والإكثار وترك الإيجاز والاختصار و في ماجئنا به من الحجج النظرية التي تزيح العلل من الجميع مقنع إذ ذكرنا ترتيب الله عز و جل خلقه فجعل الأرض دون النامي والنامي أعلي وأفضل من الأرض وجعل النامي دون الحيوان والحيوان أعلي وأرفع من النامي
صفحه : 315
وجعل الحيوان الأعجم دون الناطق وجعل الحيوان الناطق أفضل من الحيوان الأعجم وجعل الحيوان الجاهل الناطق دون الحيوان العالم الناطق وجعل الحيوان العالم الناطق المحجوج دون الحيوان العالم الحجة ويجب علي هذاالترتيب أن المعرب المبين أفضل من الأعجم غيرالفصيح و يكون المأمور المزجور مع تمام الشهوات و مافيهم من طباع حب اللذات ومنع النفس من الطلبات والبغيات و مع البلوي بعدو يمهل يمتحن بمعصيته إياه و هويزينها له محسنا بوسوسته في قلبه وعينه أفضل من المأمور المزجور مع فقد آلة الشهوات وعدم معاداة هذاالمتوصل له بتزيين المعاصي والوسوسة إليه ثم هذاالجنس نوعان حجة ومحجوج والحجة أفضل من المحجوج و لم يحجج آدم ألذي هوأصل البشر بواحد من الملائكة تفضيلا من الله عز و جل إياه عليهم وحجج جماهير الملائكة بآدم فجعله العالم بما لم يعلموا وخصه بالتعليم ليبين لهم أن المخصوص بما خصه به مما لم يخصهم أفضل من غيرالمخصوص بما لم يخصه به و هذاالترتيب حكمة الله عز و جل فمن ذهب يروم إفسادها ظهر منه عناد من مذهبه وإلحاد في طلبه فانتهي الفضل إلي محمدص لأنه ورث آدم وجميع الأنبياء ولأنه الاصطفاء ألذي ذكره الله عز و جل فقال إِنّ اللّهَ اصطَفي آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ اِبراهِيمَ وَ آلَ عِمرانَ عَلَي العالَمِينَفمحمد الصفوة والخالص نجيب النجابة من آل ابراهيم فصار خير آل ابراهيم بقوله ذُرّيّةً بَعضُها مِن بَعضٍ واصطفي الله جل جلاله آدم ممن اصطفاه عليهم من روحاني وجسمانيوَ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ وصلي الله علي محمد وآله وحَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُ. قال الصدوق إنما أردت أن تكون هذه الحكاية في هذاالكتاب و ليس قولي في إبليس إنه كان من الملائكة بل كان من الجن إلا أنه كان يعبد الله بين الملائكة وهاروت وماروت ملكان و ليس قولي فيهما قول أهل الحشو بل كانا عندي معصومين
صفحه : 316
ومعني هذه الآيةوَ اتّبَعُوا ما تَتلُوا الشّياطِينُ عَلي مُلكِ سُلَيمانَالآية إنما هو واتبعوا ماتتلو الشياطين علي ملك سليمان و علي ماأنزل علي الملكين ببابل هاروت وماروت و قدأخرجت في ذلك خبرا مسندا في كتاب عيون الأخبار عن الرضا ع .توضيح قوله وجماد لعل مراده بالجماد غيرالحيوان ليشمل النبات وكأنه كان هكذا حيوان ونام وجماد فقوله وأفلاك عطف علي ثلاثة أو علي جماد وهما قسم واحد لأن الأفلاك أيضا علي مذهب أهل الحق من الجماد قوله إلي جنس الأجناس الظرف متعلق بنظروا ويحتمل تعلقه بمنقسمه علي شبه القلب أي هي أقسامه كأنه جعل جنس الأجناس مفهوم الشيئية و لا يقول بإطلاق الشيء علي الواجب تعالي شأنه و فيه نظر من وجوه ويحتمل أن تكون كلمة إذ زائدة فتأمل . قوله هونوع صفة للثلاثة أي كل منها بأن بهاالنامي أي من النامي جعل النامي له أي للحيوان وجعل له أي جعله له وكأنه كان كذلك قوله ومكديا كذا في النسخ وكأنه من الكدية قال في النهاية الكدية قطعة غليظة صلبة لايعمل فيهاالفاس وأكدي الحافر إذابلغها وَ فِيهِ إِنّ فَاطِمَةَ خَرَجَت فِي تَعزِيَةِ بَعضِ جِيرَانِهَا فَلَمّا انصَرَفَت قَالَ لَهَا رَسُولُ اللّهِص لَعَلّكِ بَلَغتِ مَعَهُمُ الكُدَي
أراد المقابر و ذلك لأنها كانت مقابرهم في مواضع صلبة وهي جمع كدية انتهي ويشبه أن يكون فيه تصحيف والمهنة بالكسر والفتح والتحريك وككلمة الحذق بالخدمة وامتهنه استعمله للمهنة ذكره الفيروزآبادي و قال المصنعة كالحوض يجمع فيه ماء المطر كالمصنع والمصانع الجمع والقري والمباني من القصور والحصون انتهي .دون من أمرهم أي أدون منهم والمدي الغاية ويطلق علي المسافة أيضا و في المصباح نبه بالضم نباهة شرف و هونبيه وأقمأه صغره وأذله و
صفحه : 317
في النهاية فيه فانطلق الناس لايلوي أحد علي أحد أي لايلتفت و لايعطف عليه و قال فيه لابن آدم لمتان لمة من الملك ولمة من الشيطان اللمة الهمة والخطرة تقع في القلب أراد إلمام الملك أوالشيطان به والقرب منه فما كان من خطرات الخير فهو من الملك و ما كان من خطرات الشر فهو من الشيطان . قوله من طاعته أي طاعة الشيطان والهفوة الزلة و في النهاية الخانع الذليل الخاضع قوله حلية في أكثر النسخ بالياء المثناة والأظهر أنه بالباء الموحدة في القاموس الحلبة بالفتح الدفعة من الخيل في الرهان وخيل تجمع للسباق من كل أوب لاتخرج من إصطبل واحد انتهي .فجعل مداها وغايتها أي غاية الحلبة في السباق و علي النسخة الأولي كان المعني أنه كان قبلة للخنوع والخضوع فجعل علي بناء المجهول والضمير للسبق أوآدم و في الصحاح استرسل إليه انبسط واستأنس و قال الباقة من البقل الحزمة منه و في المصباح العلج الرجل الضخم من كفار العجم وبعض العرب قديطلق العلج علي الكافر مطلقا قوله لاجتنانهم أي استتارهم و في الصحاح زاح الشيء يزيح زيحا بعد وذهب
الآيات آل عمران هُوَ ألّذِي يُصَوّرُكُم فِي الأَرحامِ كَيفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُالنساءيا أَيّهَا النّاسُ اتّقُوا رَبّكُمُ ألّذِي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنها زَوجَها وَ بَثّ مِنهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً
صفحه : 318
الأنعام هُوَ ألّذِي خَلَقَكُم مِن طِينٍهودهُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ وَ استَعمَرَكُم فِيهاالرعداللّهُ يَعلَمُ ما تَحمِلُ كُلّ أُنثي وَ ما تَغِيضُ الأَرحامُ وَ ما تَزدادُ وَ كُلّ شَيءٍ عِندَهُ بِمِقدارٍالنحل خَلَقَ الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌمريم أَ وَ لا يَذكُرُ الإِنسانُ أَنّا خَلَقناهُ مِن قَبلُ وَ لَم يَكُ شَيئاًالحج يا أَيّهَا النّاسُ إِن كُنتُم فِي رَيبٍ مِنَ البَعثِ فَإِنّا خَلَقناكُم مِن تُرابٍ ثُمّ مِن نُطفَةٍ ثُمّ مِن عَلَقَةٍ ثُمّ مِن مُضغَةٍ مُخَلّقَةٍ وَ غَيرِ مُخَلّقَةٍ لِنُبَيّنَ لَكُم وَ نُقِرّ فِي الأَرحامِ ما نَشاءُ إِلي أَجَلٍ مُسَمّي ثُمّ نُخرِجُكُم طِفلًا ثُمّ لِتَبلُغُوا أَشُدّكُم وَ مِنكُم مَن يُتَوَفّي وَ مِنكُم مَن يُرَدّ إِلي أَرذَلِ العُمُرِ لِكَيلا يَعلَمَ مِن بَعدِ عِلمٍ شَيئاًالمؤمنون وَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ ثُمّ جَعَلناهُ نُطفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمّ خَلَقنَا النّطفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقنَا العَلَقَةَ مُضغَةً فَخَلَقنَا المُضغَةَ عِظاماً فَكَسَونَا العِظامَ لَحماً ثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ ثُمّ إِنّكُم بَعدَ ذلِكَ لَمَيّتُونَ ثُمّ إِنّكُم يَومَ القِيامَةِ تُبعَثُونَالروم وَ مِن آياتِهِ أَن خَلَقَكُم مِن تُرابٍ ثُمّ إِذا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَلقمان حَمَلَتهُ أُمّهُ وَهناً عَلي وَهنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَينِالتنزيل ألّذِي أَحسَنَ كُلّ شَيءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ مِن طِينٍ ثُمّ جَعَلَ نَسلَهُ مِن سُلالَةٍ مِن ماءٍ مَهِينٍ ثُمّ سَوّاهُ وَ نَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ وَ جَعَلَ لَكُمُ السّمعَ وَ الأَبصارَ وَ الأَفئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشكُرُونَ
صفحه : 319
فاطروَ اللّهُ خَلَقَكُم مِن تُرابٍ ثُمّ مِن نُطفَةٍ ثُمّ جَعَلَكُم أَزواجاً وَ ما تَحمِلُ مِن أُنثي وَ لا تَضَعُ إِلّا بِعِلمِهِ وَ ما يُعَمّرُ مِن مُعَمّرٍ وَ لا يُنقَصُ مِن عُمُرِهِ إِلّا فِي كِتابٍ إِنّ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيرٌيس أَ وَ لَم يَرَ الإِنسانُ أَنّا خَلَقناهُ مِن نُطفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌالزمر 6-يَخلُقُكُم فِي بُطُونِ أُمّهاتِكُم خَلقاً مِن بَعدِ خَلقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍالمؤمن هُوَ ألّذِي خَلَقَكُم مِن تُرابٍ ثُمّ مِن نُطفَةٍ ثُمّ مِن عَلَقَةٍ ثُمّ يُخرِجُكُم طِفلًا ثُمّ لِتَبلُغُوا أَشُدّكُم ثُمّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنكُم مَن يُتَوَفّي مِن قَبلُ وَ لِتَبلُغُوا أَجَلًا مُسَمّي وَ لَعَلّكُم تَعقِلُونَحمعسق لِلّهِ مُلكُ السّماواتِ وَ الأَرضِ يَخلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذّكُورَ أَو يُزَوّجُهُم ذُكراناً وَ إِناثاً وَ يَجعَلُ مَن يَشاءُ عَقِيماً إِنّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌالنجم هُوَ أَعلَمُ بِكُم إِذ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ وَ إِذ أَنتُم أَجِنّةٌ فِي بُطُونِ أُمّهاتِكُم إلي قوله تعالي وَ أَنّهُ خَلَقَ الزّوجَينِ الذّكَرَ وَ الأُنثي مِن نُطفَةٍ إِذا تُمنيالواقعةأَ فَرَأَيتُم ما تُمنُونَ أَ أَنتُم تَخلُقُونَهُ أَم نَحنُ الخالِقُونَالتغابن وَ صَوّرَكُم فَأَحسَنَ صُوَرَكُم وَ إِلَيهِ المَصِيرُالملك قُل هُوَ ألّذِي أَنشَأَكُم وَ جَعَلَ لَكُمُ السّمعَ وَ الأَبصارَ وَ الأَفئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشكُرُونَ قُل هُوَ ألّذِي ذَرَأَكُم فِي الأَرضِ وَ إِلَيهِ تُحشَرُونَنوح ما لَكُم لا تَرجُونَ لِلّهِ وَقاراً وَ قَد خَلَقَكُم أَطواراً إلي قوله تعالي وَ اللّهُ أَنبَتَكُم مِنَ الأَرضِ نَباتاً ثُمّ يُعِيدُكُم فِيها وَ يُخرِجُكُم إِخراجاً
صفحه : 320
القيامةأَ لَم يَكُ نُطفَةً مِن منَيِّ يُمني ثُمّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوّي فَجَعَلَ مِنهُ الزّوجَينِ الذّكَرَ وَ الأُنثي أَ لَيسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلي أَن يحُييَِ المَوتيالدهرهَل أَتي عَلَي الإِنسانِ حِينٌ مِنَ الدّهرِ لَم يَكُن شَيئاً مَذكُوراً إِنّا خَلَقنَا الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ نَبتَلِيهِ فَجَعَلناهُ سَمِيعاً بَصِيراًالمرسلات أَ لَم نَخلُقكُم مِن ماءٍ مَهِينٍ فَجَعَلناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ إِلي قَدَرٍ مَعلُومٍ فَقَدَرنا فَنِعمَ القادِرُونَ وَيلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذّبِينَالنبأوَ خَلَقناكُم أَزواجاًعبس قُتِلَ الإِنسانُ ما أَكفَرَهُ مِن أَيّ شَيءٍ خَلَقَهُ مِن نُطفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدّرَهُ ثُمّ السّبِيلَ يَسّرَهُ ثُمّ أَماتَهُ فَأَقبَرَهُ ثُمّ إِذا شاءَ أَنشَرَهُ كَلّا لَمّا يَقضِ ما أَمَرَهُالانفطارما غَرّكَ بِرَبّكَ الكَرِيمِ ألّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكّبَكَالطارق فَليَنظُرِ الإِنسانُ مِمّ خُلِقَ خُلِقَ مِن ماءٍ دافِقٍ يَخرُجُ مِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِتفسيرهُوَ ألّذِي يُصَوّرُكُم قال الطبرسي رحمه الله أي يخلق صوركم فِي الأَرحامِ كَيفَ يَشاءُ علي أي صورة شاء و علي أي صفة شاء من ذكر وأنثي أوصبيح أودميم أوطويل أوقصيرلا إِلهَ إِلّا هُوَ العَزِيزُ في سلطانه الحَكِيمُ في أفعاله ودلت الآية علي وحدانية الله سبحانه وتمام قدرته وكمال حكمته حيث صور الولد في رحم الأم علي هذه الصفة وركب فيه أنواع البدائع من غيرآلة و لاكلفة و قدتقرر في عقل كل عاقل أن العالم لواجتمعوا أن يجعلوا من الماء بعوضة ويصوروا منه صورة في حال مايشاهدونه ويعرفونه لم يقدروا علي ذلك و لاوجدوا إليه
صفحه : 321
سبيلا فكيف يقدرون علي الخلق في الأرحام فَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ و هذاالاستدلال مروي عن جعفر بن محمد ع مِن نَفسٍ واحِدَةٍ أي آدم وَ خَلَقَ مِنها زَوجَهاحواء كمامروَ بَثّ مِنهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً أي نشر وفرق من هاتين النفسين علي وجه التناسل رجالا كثيرا ونساء و قال البيضاوي واكتفي بوصف الرجال بالكثرة عن وصف النساء بهاإذ الحكمة تقتضي أن يكن أكثر وذكر كثيرا حملا علي الجمع .خَلَقَكُم مِن طِينٍقيل أي ابتدأ خلقكم منه فإنه المادة الأولي أو إن آدم ألذي هوأصل البشر خلق منه أوخلق أباكم فحذف المضاف إليه انتهي ويحتمل أن يكون المراد الطين ألذي سيأتي في الأخبار أنه يذر في النطفةهُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِقيل أي هوكونكم منها لاغيره فإنه خلق آدم ومواد النطف التي خلق نسله منها من الأرض وَ استَعمَرَكُم فِيهاقيل أي عمركم فيها واستبقاكم من العمر أوأقدركم علي عمارتها وأمركم بها وقيل هو من العمري بمعني أعمركم فيهادياركم ويرثها منكم بعدانصرام أعماركم أوجعلكم معمرين دياركم تسكنونها مدة عمركم ثم تتركونها لغيركم .اللّهُ يَعلَمُ ما تَحمِلُ كُلّ أُنثي قال الطبرسي رحمه الله يعلم ما في بطن كل حامل من ذكر أوأنثي تام أو غيرتام ويعلم لونه وصفاته وَ ما تَغِيضُ الأَرحامُ أي يعلم الوقت ألذي تنقصه الأرحام من المدة التي هي تسعة أشهروَ ما تَزدادُ علي ذلك عن أكثر المفسرين وقيل ماتغيض الولد ألذي تأتي به المرأة لأقل من ستة أشهر و ماتزداد الولد ألذي تأتي به لأقصي مدة الحمل وقيل معناه ماتنقص الأرحام من دم الحيض و هوانقطاع الحيض و ماتزداد بدم النفاس بعدالوضع .
صفحه : 322
و قال البيضاوي أي و ماتنقصه و ماتزداد في الجنة والمدة والعدد وقيل المراد نقصان دم الحيض وازدياده وغاض جاء لازما ومتعديا وكذا ازداد.وَ كُلّ شَيءٍ عِندَهُ بِمِقدارٍقيل أي بقدر لايجاوزه و لاينقص عنه و في الأخبار أي بتقدير خلق الإنسان من نطفة قال البيضاوي من جماد لاحس بها و لاحراك سيالة لاتحفظ الوضع والشكل فَإِذا هُوَ خَصِيمٌمنطيق مجادل مُبِينٌللحجة أوخصيم مكافح لخالقه قائل مَن يحُيِ العِظامَ وَ هيَِ رَمِيمٌوَ لَم يَكُ شَيئاًبل كان عدما صرفا فإنه أعجب من جميع المواد بعدالتفريق ألذي ينكر منكر البعث .فِي رَيبٍ مِنَ البَعثِ قال البيضاوي من إمكانه وكونه مقدورافَإِنّا خَلَقناكُم أي فانظروا في بدء خلقكم فإنه يزيح ريبكم فإنا خلقناكم مِن تُرابٍبخلق آدم منها والأغذية التي يتكون منها المنيثُمّ مِن نُطفَةٍ أي من مني من النطف و هوالصب ثُمّ مِن عَلَقَةٍقطعة من الدم جامدةثُمّ مِن مُضغَةٍقطعة من اللحم بقدر مايمضغ مُخَلّقَةٍ وَ غَيرِ مُخَلّقَةٍمسواة لانقص فيها و لاعيب و غيرمسواة أوتامة وساقطة أومصورة و غيرمصورةلِنُبَيّنَ لَكُمبهذا التدريج قدرتنا وحكمتنا فإن ماقبل التغير والفساد والتكون مرة قبلها أخري و إن من قدر علي تغييره وتصويره أولا قدر علي ذلك ثانيا وحذف المفعول إيماء إلي أن الأفعال هذه يتبين بها من قدرته وحكمته ما لايحيط به الذكروَ نُقِرّ فِي الأَرحامِ ما نَشاءُ أن نقره إِلي أَجَلٍ مُسَمّي هووقت الوضع وقرئ ونقر بالنصب وكذا قوله ثُمّ نُخرِجُكُمعطفا علي نبين كان خلقهم مدرج لغرضين تبيين القدرة وتقريرهم في الأرحام حتي يولدوا وينشئوا أويبلغوا حد التكليف وطِفلًاحال أجريت علي تأويل كل واحد أوللدلالة علي الجنس أولأنه في الأصل مصدرثُمّ لِتَبلُغُوا أَشُدّكُم
صفحه : 323
أي كمالكم في القوة والعقل جمع شدةوَ مِنكُم مَن يُتَوَفّي عندبلوغ الأشد أوقبله وَ مِنكُم مَن يُرَدّ إِلي أَرذَلِ العُمُرِ أي الهرم والخرف لِكَيلا يَعلَمَ مِن بَعدِ عِلمٍ شَيئاً أي ليعود كهيئته الأولي في أوان الطفولية من سخافة العقل وقلة الفهم فينسي ماعلمه وينكر من عرفه و أنه استدلال ثان علي إمكان البعث بما يعتري الإنسان في أسنانه من الأمور المختلفة والأحوال المتضادة فإن من قدر علي ذلك قدر علي نظائره .مِن سُلالَةٍ من خلاصة سلت من بين الكدرمِن طِينٍمتعلق بمحذوف لأنه صفة لسلالة أوبمعني سلالة لأنها في معني مسلولة فتكون ابتدائية كالأول والإنسان آدم خلق من صفوة سلت من الطين أوالجنس فإنهم خلقوا من سلالات جعلت نطفا بعدأدوار وقيل المراد بالطين آدم لأنه خلق منه والسلالة نطفته ثُمّ جَعَلناهُ أي ثم جعلنا نسله فحذف المضاف نُطفَةًبأن خلقناه منها أو ثم جعلنا السلالة نطفة وتذكير الضمير علي تأويل الجوهر أوالمسلول أوالماءفِي قَرارٍ مَكِينٍ أي مستقر حصين يعني الرحم ثُمّ خَلَقنَا النّطفَةَ عَلَقَةًبأن أحلنا النطفة البيضاء علقة حمراءفَخَلَقنَا العَلَقَةَ مُضغَةً أي فصيرناها قطعة لحم فَخَلَقنَا المُضغَةَ عِظاماًبأن صلبناهافَكَسَونَا العِظامَ لَحماًمما بقي من المضغة أومما أنبتنا عليها مما يصل إليها واختلاف العواطف لتفاوت الاستحالات والجمع لاختلافها في الهيئة والصلابةثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَ هوصورة البدن والروح والقوي بنفخة فيه أوالمجموع و ثم لما بين الخلقتين من التفاوت أَحسَنُ الخالِقِينَ أي المقدرين تقديراثُمّ إِذا أَنتُم بَشَرٌ أي ثم فاجأتم وقت كونكم بشرا منتشرين في الأرض وَهناً أي ذات وهن أوتهن وهناعَلي وَهنٍ أي تضعف ضعفا فوق ضعف فإنها لاتزال يتضاعف ضعفها والجملة في موضع الحال وَ فِصالُهُ فِي عامَينِ أي وفطامه في انقضاء عامين .ألّذِي أَحسَنَ كُلّ شَيءٍ خَلَقَهُ أي خلقه موفرا عليه مايستعده ويليق به علي وفق الحكمة والمصلحة وخلقه بدل من كل بدل الاشتمال وقيل علم كيف يخلقه وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام علي الوصف وَ بَدَأَ خَلقَ الإِنسانِيعني آدم
صفحه : 324
مِن طِينٍ ثُمّ جَعَلَ نَسلَهُ أي ذريته سميت به لأنها تنسل منه أي تنفصل مِن سُلالَةٍ مِن ماءٍ مَهِينٍ أي ممتهن و قال الطبرسي رحمه الله أي ضعيف وقيل حقير مهان أشار إلي أنه من شيءحقير لاقيمة له وإنما يصير ذا قيمة بالعلم والعمل .ثُمّ سَوّاهُ قال البيضاوي أي قومه بتصوير أعضائه ماينبغيوَ نَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِأضافه إلي نفسه تشريفا وإظهارا بأنه خلق عجيب و أن له شأنا له مناسبة إلي الحضرة الربوبية ولأجله من عرف نفسه فقد عرف ربه وَ جَعَلَ لَكُمُ السّمعَ وَ الأَبصارَ وَ الأَفئِدَةَخصوصا لتسمعوا وتبصروا وتعقلواقَلِيلًا ما تَشكُرُونَ أي تشكرون شكرا قليلا.مِن تُرابٍبخلق آدم منه ثُمّ مِن نُطفَةٍبخلق ذريته منهاثُمّ جَعَلَكُم أَزواجاًذكرانا وإناثاإِلّا بِعِلمِهِ أي إلامعلومة له وَ ما يُعَمّرُ مِن مُعَمّرٍ أي و مايمد في عمر من مصيره إلي الكبروَ لا يُنقَصُ مِن عُمُرِهِ من عمر المعمر لغيره بأن يعطي له عمر ناقص من عمره أو لاينقص من عمر المنقوص عمره بجعله ناقصا والضمير له و إن لم يذكر لدلالة مقابله عليه أوللمعمر علي التسامح فيه ثقة بفهم السامع كقولهم لايثيب الله عبدا و لايعاقبه إلابحق وقيل الزيادة والنقصان في عمر واحد باعتبار أسباب مختلفة أثبتت في اللوح مثل أن يكون فيه إن حج واعتمر فعمره ستون سنة و إلافأربعون وقيل المراد بالنقصان مايمر من عمره وينقص فإنه يكتب في صحيفة عمره يوما فيوماإِلّا فِي كِتابٍ هوعلم الله أواللوح أوالصحيفةإِنّ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيرٌإشارة إلي الحفظ أوالزيادة والنقص .
صفحه : 325
يَخلُقُكُم فِي بُطُونِ أُمّهاتِكُمبيان لكيفية خلق ماذكر من الأناسي والأنعام إظهارا لما فيه من عجائب القدرة غير أنه غلب أولي العقل أوخصهم بالخطاب لأنهم المقصودون خَلقاً مِن بَعدِ خَلقٍحيوانا سويا من بعدعظام مكسوة لحما من بعدعظام عارية من بعدمضغ من بعدعلق من بعدنطف فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍظلمة البطن والرحم والمشيمة أوالصلب والرحم والبطن .أقول الأول رواه الطبرسي رحمه الله عن أبي جعفر ع .ثُمّ لِتَبلُغُوا أي ثم يبقيكم لتبلغوا وكذا قوله تعالي ثُمّ لِتَكُونُوامِن قَبلُ أي من قبل الشيخوخة أوبلوغ الأشدوَ لِتَبلُغُواقيل أي ويفعل ذلك لتبلغواأَجَلًا مُسَمّي هووقت الموت أو يوم القيامةوَ لَعَلّكُم تَعقِلُونَ ما في ذلك من الحجج والعبر.يَهَبُ لِمَن يَشاءُ إِناثاً قال البيضاوي المعني يجعل أحوال العباد في الأولاد مختلفة علي مقتضي المشية فيهب لبعض إما صنفا واحدا من ذكر أوأنثي أوالصنفين جميعا ويعقم آخرين ولعل تقديم الإناث لأنه أكثر لتكثير النسل أولأن مساق الآية للدلالة علي أن الواقع مايتعلق به مشية الله تعالي لامشية الإنسان والإناث كذلك أولأن الكلام في البلاء والعرب تعدهن بلاء أولتطييب قلوب آبائهن أوللمحافظة علي الفواصل .هُوَ أَعلَمُ بِكُم أي أعلم بأحوالكم منكم إِذ أَنشَأَكُم أي علم أحوالكم ومصارف أموركم حين ابتدأ خلقكم من التراب بخلق آدم وحين ماصوركم في الأرحام مِن نُطفَةٍ إِذا تُمني أي تدفن في الرحم أوتخلق أويقدر منها الولد من مني إذاقدرأَ فَرَأَيتُم ما تُمنُونَ أي تقذفونه في الأرحام من النطف أَ أَنتُم تَخلُقُونَهُ أي تجعلونه
صفحه : 326
بشرا سوياوَ صَوّرَكُم فَأَحسَنَ صُوَرَكُمقيل أي فصوركم من جملة ماخلق في السماوات و الأرض بأحسن صورة حيث زينكم بصفوة أوصاف الكائنات وخصكم بخلاصة خصائص المبدعات وجعلكم أنموذج جميع المخلوقات وَ إِلَيهِ المَصِيرُفأحسنوا سرائركم حتي لايمسخ بالعذاب ظواهركم وَ جَعَلَ لَكُمُ السّمعَلتسمعوا المواعظوَ الأَبصارَلتنظروا صنائعه وَ الأَفئِدَةَلتعتبروا وتتفكرواقَلِيلًا ما تَشكُرُونَباستعمالها في ماخلقت لأجلها.لا تَرجُونَ لِلّهِ وَقاراًقيل أي لاتأملون له توقيرا أي تعظيما لمن عبده وأطاعه فتكونوا علي حال تأملون فيهاتعظيمه إياكم وَ قَد خَلَقَكُم أَطواراًحال مقدرة للإنكار من حيث إنها موجبة للرجاء فإن خلقهم أطوارا أي تارات إذ خلقهم أولا عناصر ثم مركباه يغذي الإنسان ثم أخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم أنشأهم خلقا آخر فإنه يدل علي أنه يمكن أن يعيدهم تارة أخري فيعظمهم بالثواب و علي أنه تعالي عظيم القدرة تام الحكمة وَ قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِلا تَرجُونَ لِلّهِ وَقاراً يَقُولُ لَا تَخَافُونَ لِلّهِ عَظَمَةً
وَ قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي قَولِهِوَ قَد خَلَقَكُم أَطواراً قَالَ عَلَي اختِلَافِ الأَهوَاءِ وَ الإِرَادَاتِ وَ المَشِيّاتِ
وَ اللّهُ أَنبَتَكُم مِنَ الأَرضِ نَباتاًقيل أي أنشأكم منها فاستعير الإنبات للإنشاء لأنه أدل علي الحدوث والتكوين من الأرض وأصله أنبتكم إنباتا فنبتم نباتا فاختصر اكتفاء بالدلالة الالتزاميةثُمّ يُعِيدُكُم فِيهامقبورين وَ يُخرِجُكُم إِخراجاًبالحشر وأكده بالمصدر كماأكد به الأول دلالة علي أن الإعادة محققة كالابتداء وأنها تكون لامحالة و قال علي بن ابراهيم من الأرض أي علي الأرض فَخَلَقَ فَسَوّيقيل أي قدره فعدله فَجَعَلَ مِنهُ الزّوجَينِ أي الصنفين .هَل أَتي عَلَي الإِنسانِ قال البيضاوي استفهام تقرير وتقريب ولذلك فسر
صفحه : 327
بقد وأصله أهل حِينٌ مِنَ الدّهرِطائفة محدودة من الزمان الممتد الغير المحدودلَم يَكُن شَيئاً مَذكُوراًبل كان نسيا منسيا غيرمذكور بالإنسانية كالعنصر والنطفة والجملة حال من الإنسان أووصف لحين بحذف الراجع والمراد بالإنسان الجنس لقوله إِنّا خَلَقنَا الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ أوآدم بين أولا خلفه ثم ذكر خلق بنيه من نطفةأَمشاجٍ أي أخلاط جمع مشيج أومشج من مشجت الشيء إذاخلطته وجمع النطفة به لأن المراد بهامجموع مني الرجل والمرأة و كل منهما مختلفة الأجزاء في الرقة والقوام والخواص ولذلك يصير كل جزء منهما مادة عضو وقيل مفرد كأعشار وقيل ألوان فإن ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذااختلطا أخضرا أوأطوار فإن النطفة تصير علقة ثم مضغة إلي تمام الخلقةنَبتَلِيهِ في موضع الحال أي مبتلين له بمعني مريدين اختباره أوناقلين له من حال إلي حال فاستعار له الابتلاءفَجَعَلناهُ سَمِيعاً بَصِيراًليتمكن من مشاهدة الدلائل واستماع الآيات فهو كالمسبب من الابتلاء ولذلك عطف بالفاء علي الفعل المقيد به ورتب عليه قوله إِنّا هَدَيناهُ السّبِيلَ. و قال الطبرسي رحمه الله قد كان شيئا إلا أنه لم يكن مذكورا لأنه كان ترابا وطينا إلي أن نفخ فيه الروح وقيل إنه أتي علي آدم أربعون سنة لم يكن شيئا مذكورا لا في السماء و لا في الأرض بل كان جسدا ملقي من طين قبل أن ينفخ فيه الروح وروي عن ابن عباس أنه تم خلقه بعدعشرين ومائة سنة.
وَ رَوَي العيَاّشيِّ بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بُكَيرٍ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِهِلَم يَكُن شَيئاً مَذكُوراً قَالَ كَانَ شَيئاً وَ لَم يَكُن مَذكُوراً
صفحه : 328
وَ بِإِسنَادِهِ عَن شُعَيبٍ الحَدّادِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ كَانَ مَذكُوراً فِي العِلمِ وَ لَم يَكُن مَذكُوراً فِي الخَلقِ
و عن عبدالأعلي مولي آل سام عن أبي عبد الله ع مثله
وَ عَن حُمرَانَ بنِ أَعيَنَ قَالَ سَأَلتُهُ عَنهُ فَقَالَ كَانَ شَيئاً مُقَدّراً وَ لَم يَكُن مُكَوّناً
و في هذادلالة علي أن المعدوم معلوم و إن لم يكن مذكورا و أن المعدوم يسمي شيئا فإذاحمل الإنسان علي الجنس فالمراد أنه قبل الولادة لايعرف و لايذكر و لايدري من هو و مايراد به بل يكون معدوما ثم يوجد في صلب أبيه ثم في رحم أمه إلي وقت الولادةأَمشاجٍ أي أخلاط من ماء الرجل وماء المرأة في الرحم فأيهما علا صاحبه كان الشبه له عن ابن عباس وغيره وقيل أمشاج أطوار وقيل أراد اختلاف الألوان فنطفة الرجل بيضاء وحمراء ونطفة المرأة خضراء وحمراء فهي مختلفة الألوان وقيل نطفة مشجت بدم الحيض فإذاحبلت ارتفع الحيض وقيل هي العروق التي تكون في النطفة وقيل أخلاط من الطبائع التي تكون في الإنسان من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة جعلها الله في النطفة ثم بناه البنية الحيوانية المعدلة الأخلاط ثم جعل فيه الحياة ثم شق له السمع والبصرفَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَانتهي . وأقول علي سبيل الاحتمال لايبعد أن يكون كونه أمشاجا إشارة إلي
صفحه : 329
الشئون المختلفة التي جعلها الله في الإنسان بتبعية ماجعل فيه من العناصر المختلفة والصفات المتضادة والمواد المتباينة.مِن ماءٍ مَهِينٍنطفة قذرة ذليلة و قال علي بن ابراهيم منتن فِي قَرارٍ مَكِينٍ قال في الرحم إِلي قَدَرٍ مَعلُومٍ أي إلي قدر معلوم من الوقت قدره الله للولادةفَقَدَرنا علي ذلك أوفقدرناه ويدل عليه قراءة نافع والكسائي بالتشديدفَنِعمَ القادِرُونَنحن فوَيلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذّبِينَبقدرتنا علي ذلك أو علي الإعادةوَ خَلَقناكُم أَزواجاً أي ذكرا وأنثي قُتِلَ الإِنسانُ ما أَكفَرَهُقيل دعاء عليه بأشنع الدعوات وتعجب من إفراطه في الكفران مِن أَيّ شَيءٍ خَلَقَهُبيان لماأنعم عليه خصوصا من مبدإ حدوثه واستفهام للتحقير ولذلك أجاب عنه بقوله مِن نُطفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدّرَهُ أي فهيأه لمايصلح له من الأعضاء والأشكال أوفقدر أطوارا إلي أن تم خلقه ثُمّ السّبِيلَ يَسّرَهُ أي ثم سهل مخرجه من بطن أمه بأن فتح فوهة الرحم وألهمه أن ينتكس أوذلل له سبيل الخير والشر و فيه علي المعني الأخير إيماء بأن الدنيا طريق والمقصد غيرها ولذا عقبه بقوله ثُمّ أَماتَهُ فَأَقبَرَهُ ثُمّ إِذا شاءَ أَنشَرَهُعد الإماتة والإقبار في النعم لأن الإماتة وصلة في الجملة إلي الحياة الأبدية واللذات الخالصة والأمر بالقبر تكرمة وصيانة عن السباع .ما غَرّكَ بِرَبّكَ الكَرِيمِ أي أي شيءخدعك وجرأك علي عصيانه قيل ذكر الكريم للمبالغة في المنع عن الاغترار والإشعار بما به يغره الشيطان فإنه يقول له افعل ماشئت فإن ربك كريم لايعذب أحدا وقيل إنما قال سبحانه الكريم دون سائر أسمائه وصفاته لأنه كأنه لقنه الجواب حتي يقول غرني كرم الكريم
وَ فِي مَجمَعِ البَيَانِ روُيَِ أَنّ النّبِيّص لَمّا تَلَا هَذِهِ الآيَةَ قَالَ غَرّهُ جَهلُهُ
.
صفحه : 330
فَسَوّاكَ أي جعل أعضاءك سليمة مسواة معدة لمنافعها فعدّلك قيل التعديل جعل البنية معتدلة متناسبة الأعضاء أومعدلة بما يستعدها من القوي وقرأ الكوفيون فَعَدَلَكَبالتخفيف أي عدل بعض أعضائك ببعض حتي اعتدلت أوفصرفك عن خلقه غيرك وميزك بخلقة فارقت خلقة سائر الحيوانات فِي أَيّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكّبَكَ أي ركبك في أي صورة شاءها و مامزيدة وقيل شرطية وركبك جوابها والظرف صفة عدلك وإنما لم يعطف الجملة علي ماقبلها لأنها بيان لعدلك .فَليَنظُرِ الإِنسانُ مِمّ خُلِقَقيل ليعلم صحة إعادته فلايملي علي حافظيه إلا ماينفعه في عاقبته خُلِقَ مِن ماءٍ دافِقٍ قال الرازي الدفق صب الماء يقال دفقت الماء إذاصببته فهو مدفوق ومندفق واختلف في أنه كيف وصف بأنه دافق الأول أن معناه ذو اندفاق كمايقال دارع وتارس ولابن وتامر أي ذو درع وترس ولبن وتمر.الثاني أنهم يسمون المفعول باسم الفاعل قال الفراء و أهل الحجاز أجعل لهذا من غيرهم يجعلون الفاعل مفعولا إذا كان في مذهب النعت كقولهم سر كاتم وهم ناصب وليل قائم وكقوله تعالي فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ.الثالث ذكر الخليل دفق الماء دفقا ودفوقا إذاانصب .الرابع صاحب الماء لما كان دافقا أطلق ذلك علي المجاز.بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ قال الجوهري التريبة واحدة الترائب وهي عظام الصدر ما بين الترقوة إلي الشذوة انتهي و قال الرازي ترائب المرأة عظام صدرها حيث تكون القلادة و كل عظم من ذلك تريبة و هذاقول جميع أهل اللغة ثم قال في هذه الآية قولان أحدهما أن الولد مخلوق من الماء ألذي يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة و قال آخرون إنه مخلوق من الماء ألذي يخرج من صلب الرجل وترائبه واحتج صاحب القول الثاني علي مذهبه بوجهين الأول أن ماء
صفحه : 331
الرجل خارج من الصلب فقط وماء المرأة خارج من ترائب المرأة فقط و علي هذاالتقدير لايحصل هناك ماء خرج من بين الصلب والترائب و ذلك علي خلاف الآية الثاني أنه تعالي بين أن الإنسان مخلوق من ماء دافق و ألذي وصف بذلك هوماء الرجل ثم وصفه بأنه يخرج هذاالدافق من بين الصلب والترائب و ذلك يدل علي أن الولد مخلوق من ماء الرجل فقط وأجاب القائلون بالقول الأول عن الحجة الأولي أنه يجوز أن يقال للشيئين المتباينين أنه يخرج من بين هذين خير كثير ولأن الرجل والمرأة عنداجتماعها يصيران كالشيء الواحد فحسن هذااللفظ هناك و عن الثانية بأن هذا من باب إطلاق اسم البعض علي الكل فلما كان أحد قسمي المني دافقا أطلق هذاالاسم علي المجموع ثم قالوا و ألذي يدل علي أن الولد مخلوق منهم أن مني الرجل وحده صغير و لايكفي
وَ روُيَِ أَنّهُص قَالَ إِذَا غَلَبَ مَاءُ الرّجُلِ يَكُونُ ذَكَراً وَ يَعُودُ شِبهُهُ إِلَيهِ وَ إِلَي أَقَارِبِهِ وَ إِذَا غَلَبَ مَاءُ المَرأَةِ فَإِلَيهَا وَ إِلَي أَقَارِبِهَا يَعُودُ الشّبهُ
و ذلك يقتضي صحة القول الأول . ثم قال واعلم أن الملحدين طعنوا في هذه الآية فقالوا إن كان المراد من قوله يَخرُجُ مِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ أن المني إنما ينفصل من تلك المواضع فليس الأمر كذلك لأنه إنما يتولد عن فضله الهضم الرابع وينفصل عن جميع أجزاء البدن حتي يأخذ من كل عضو طبيعة وخاصية فيصير مستعدا لأن يتولد منه مثل تلك الأعضاء ولذلك قيل إن المفرط في الجماع يستولي الضعف عليه في جميع أعضائه و إذا كان المراد أن معظم المني يتولد هناك فهو ضعيف بل معظم أجزائه إنما يتولد في الدماغ والدليل عليه أنه في صورته يشبه الدماغ ولأن المكثر منه يظهر الضعف أولا في عينيه و إن كان المراد أن مستقر المني هناك فهو ضعيف لأن مستقر المني هوأوعية المني وهي عروق تلتف بعضها ببعض عندالأنثيين و إن كان المراد أن مخرج
صفحه : 332
المني هناك فهو ضعيف فإن الحس يدل علي أنه ليس كذلك . والجواب لاشك أن معظم الأعضاء معونة في توليد المني هوالدماغ وللدماغ خليفة وهي النخاع في الصلب وشعب كثيرة نازلة إلي مقدم البدن و هوالتريبة فلهذا السبب خصص الله هذين العضوين بالذكر علي أن كلامكم في كيفية تولد المني وكيفية تولد الأعضاء عن المني محض الوهم والظن الضعيف وكلام الله أولي بالقبول انتهي . و قال البيضاويمِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ بين صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام صدرها و لوصح أن النطفة تتولد من فضلة الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتي يستعد أن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ومقرها عروق التف بعضها ببعض عندالبيضتين فالدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها ولذلك تشبهه ويسرع الإفراط في الجماع بالضعف فيه و له خليفة وهي النخاع و هو في الصلب وشعب كثيرة نازلة إلي الترائب وهما أقرب إلي أوعية المني فلذلك خصا بالذكر انتهي . وأقول علي تقدير تسليم ماذكره الأطباء في ذلك يمكن أن يكون المراد خروج المني من الرجل والمرأة من أعضاء محصورة بين الصلب من جهة الخلف والترائب من جهة القدام بأن يكون الصلب والترائب مقصودين في كل من الرجل والمرأة و يكون هذاالتعبير لبيان كثرة مدخلية الصلب والترائب فيهما وكون ماء المرأة غيردافق ممنوع بل الظاهر أن له أيضا دفقا لكنه لما كان في داخل الرحم لايظهر كثيرا و ماورد في الأخبار من تخصيص الصلب بالرجل والترائب بالمرأة لكون الصلب أدخل
صفحه : 333
في مني الرجل والترائب في مني المرأة ويؤيده أن الأطباء ذكروا من آداب الجماع دغدغة ثدي المرأة لتهييج شهوتها وعللوه بأن الثدي شديد المشاركة للرحم
1- المَنَاقِبُ، أَبُو جَعفَرٍ الطوّسيِّ فِي الأمَاَليِ وَ أَبُو نُعَيمٍ فِي الحِليَةِ وَ صَاحِبُ الرّوضَةِ بِالإِسنَادِ عَن مُحَمّدٍ الصيّرفَيِّ وَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ سَالِمٍ قَالَ دَخَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَي الصّادِقِ ع فَقَالَ ع لَهُ البَولُ أَقذَرُ أَمِ المنَيِّ قَالَ البَولُ قَالَ يَجِبُ عَلَي قِيَاسِكَ أَن يَجِبَ الغُسلُ مِنَ البَولِ دُونَ المنَيِّ وَ قَد أَوجَبَ اللّهُ الغُسلَ مِنَ المنَيِّ دُونَ البَولِ ثُمّ قَالَ لِأَنّ المنَيِّ اختِيَارٌ وَ يَخرُجُ مِن جَمِيعِ الجَسَدِ وَ يَكُونُ فِي الأَيّامِ وَ البَولُ ضَرُورَةٌ وَ يَكُونُ فِي اليَومِ مَرّاتٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كَيفَ يَخرُجُ مِن جَمِيعِ الجَسَدِ وَ اللّهُ يَقُولُمِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَهَل قَالَ لَا يَخرُجُ مِن غَيرِ هَذَينِ المَوضِعَينِ ثُمّ قَالَ ع لِمَ لَا تَحِيضُ المَرأَةُ إِذَا حَبِلَت قَالَ لَا أدَريِ قَالَ ع حَبَسَ اللّهُ الدّمَ فَجَعَلَهُ غِذَاءً لِلوَلَدِ إِلَي آخِرِ الخَبَرِ بِطُولِهِ
2- تَفسِيرُ النعّماَنيِّ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَن مُشَابِهِ الخَلقِ فَقَالَ هُوَ عَلَي ثَلَاثَةِ أَوجُهٍ فَمِنهُ خَلقُ الِاختِرَاعِ كَقَولِهِ سُبحَانَهُخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ خَلقُ الِاستِحَالَةِ قَولُهُ تَعَالَييَخلُقُكُم فِي بُطُونِ أُمّهاتِكُم خَلقاً مِن بَعدِ خَلقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ وَ قَولُهُهُوَ ألّذِي خَلَقَكُم مِن تُرابٍ ثُمّ مِن نُطفَةٍالآيَةَ وَ أَمّا خَلقُ التّقدِيرِ فَقَولُهُ لِعِيسَيوَ إِذ تَخلُقُ مِنَ الطّينِالآيَةَ
3-الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ
صفحه : 334
بنِ أَشيَمَ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ قَالَ أَصَابَ رَجُلٌ غُلَامَينِ فِي بَطنٍ فَهَنّأَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع ثُمّ قَالَ أَيّهُمَا أَكبَرُ فَقَالَ ألّذِي خَرَجَ أَوّلًا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع ألّذِي خَرَجَ آخِراً هُوَ أَكبَرُ أَ مَا تَعلَمُ أَنّهَا حَمَلَت بِذَاكَ أَوّلًا وَ أَنّ هَذَا دَخَلَ عَلَي ذَاكَ فَلَم يُمكِنهُ أَن يَخرُجَ حَتّي خَرَجَ هَذَا فاَلذّيِ يَخرُجُ آخِراً هُوَ أَكبَرُهُمَا
المناقب ،مرسلا مثله بيان لم أر قائلا به ولعله ليس غرضه ع الكبر ألذي هومناط الأحكام الشرعية
4- الكاَفيِ، عَنِ العِدّةِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ عَن وَهبٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَعِيشُ الوَلَدُ لِسِتّةِ أَشهُرٍ وَ لِسَبعَةِ أَشهُرٍ وَ لِتِسعَةِ أَشهُرٍ وَ لَا يَعِيشُ لِثَمَانِيَةِ أَشهُرٍ
5- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ عَن يُونُسَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ سَيَابَةَ عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَن غَايَةِ الحَملِ بِالوَلَدِ فِي بَطنِ أُمّهِ كَم هُوَ فَإِنّ النّاسَ يَقُولُونَ رُبّمَا يَبقَي فِي بَطنِهَا سِنِينَ فَقَالَ كَذَبُوا أَقصَي حَدّ الحَملِ تِسعَةُ أَشهُرٍ لَا يَزِيدُ لَحظَةً وَ لَو زَادَ سَاعَةً لَقَتَلَ أُمّهُ قَبلَ أَن يَخرُجَ
6- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَكُنتُ جَالِساً عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع إِذ دَخَلَ يُونُسُ بنُ يَعقُوبَ فَرَأَيتُهُ يَئِنّ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مَا لِي أَرَاكَ تَئِنّ قَالَ طِفلٌ لِي تَأَذّيتُ بِهِ اللّيلَ أَجمَعَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا يُونُسُ حدَثّنَيِ أَبِي مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ عَن آبَائِهِ ع عَن جدَيّ رَسُولِ اللّهِص أَنّ جَبرَئِيلَ نَزَلَ عَلَيهِ وَ رَسُولُ اللّهِ وَ عَلِيّ
صفحه : 335
يَئِنّانِ فَقَالَ جَبرَئِيلُ يَا حَبِيبَ اللّهِ مَا لِي أَرَاكَ تَئِنّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص مِن أَجلِ طِفلَينِ لَنَا تَأَذّينَا بِبُكَائِهِمَا فَقَالَ جَبرَئِيلُ مَه يَا مُحَمّدُ فَإِنّهُ سَيُبعَثُ لِهَؤُلَاءِ القَومِ شِيعَةٌ إِذَا بَكَي أَحَدُهُم فَبُكَاؤُهُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ إِلَي أَن يأَتيَِ عَلَيهِ سَبعُ سِنِينَ فَإِذَا جَازَ السّبعَ فَبُكَاؤُهُ استِغفَارٌ لِوَالِدَيهِ إِلَي أَن يأَتيَِ عَلَيهِ الحَدّ فَإِذَا جَازَ الحَدّ فَمَا أَتَي مِن حَسَنَةٍ فَلِوَالِدَيهِ وَ مَا أَتَي مِن سَيّئَةٍ فَلَا عَلَيهِمَا
بيان فبكاؤه لاإله إلا الله لعل المعني أنه يعطي والداه ببكائه ثواب التهليل
7- العِلَلُ، وَ العُيُونُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ حَمزَةَ الأشَعرَيِّ عَن يَاسِرٍ الخَادِمِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ الرّضَا ع يَقُولُ إِنّ أَوحَشَ مَا يَكُونُ هَذَا الخَلقُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ يَومَ يَلِدُ وَ يَخرُجُ مِن بَطنِ أُمّهِ فَيَرَي الدّنيَا وَ يَومَ يَمُوتُ وَ يُعَايِنُ الآخِرَةَ وَ أَهلَهَا وَ يَومَ يُبعَثُ فَيَرَي أَحكَاماً لَم يَرَهَا فِي دَارِ الدّنيَا وَ قَد سَلّمَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي يَحيَي ع فِي هَذِهِ المَوَاطِنِ الثّلَاثَةِ وَ آمَنَ رَوعَتَهُ فَقَالَوَ سَلامٌ عَلَيهِ يَومَ وُلِدَ وَ يَومَ يَمُوتُ وَ يَومَ يُبعَثُ حَيّا وَ قَد سَلّمَ عِيسَي ابنُ مَريَمَ ع عَلَي نَفسِهِ فِي هَذِهِ المَوَاطِنِ الثّلَاثَةِ فَقَالَوَ السّلامُ عَلَيّ يَومَ وُلِدتُ وَ يَومَ أَمُوتُ وَ يَومَ أُبعَثُ حَيّا
8-المَنَاقِبُ، قَالَ عِمرَانُ الصاّبيِ لِلرّضَا ع مَا بَالُ الرّجُلِ إِذَا كَانَ مُؤَنّثاً وَ المَرأَةِ إِذَا كَانَت مُذَكّرَةً قَالَ ع عِلّةُ ذَلِكَ أَنّ المَرأَةَ إِذَا حَمَلَت وَ صَارَ الغُلَامُ مِنهَا فِي الرّحِمِ مَوضِعَ الجَارِيَةِ كَانَ مُؤَنّثاً وَ إِذَا صَارَتِ الجَارِيَةُ مَوضِعَ الغُلَامِ كَانَت مُذَكّرَةً وَ ذَلِكَ أَنّ مَوضِعَ الغُلَامِ فِي الرّحِمِ مِمّا يلَيِ مَيَامِنَهَا وَ الجَارِيَةِ مِمّا يلَيِ مَيَاسِرَهَا
صفحه : 336
وَ رُبّمَا وَلَدَتِ المَرأَةُ وَلَدَينِ فِي بَطنٍ وَاحِدٍ فَإِن عَظُمَ ثَديَاهَا جَمِيعاً تَحمِلُ تَوأَمَينِ وَ إِن عَظُمَ أَحَدُ ثَديَيهَا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَي أَنّهُ تَلِدُ وَاحِداً إِلّا أَنّهُ إِذَا كَانَ الثدّيُ الأَيمَنُ أَعظَمَ كَانَ المَولُودُ ذَكَراً وَ إِذَا كَانَ الأَيسَرُ أَعظَمَ كَانَ المَولُودُ أُنثَي وَ إِذَا كَانَت حَامِلًا فَضَمُرَ ثَديُهَا الأَيمَنُ فَإِنّهَا تُسقِطُ غُلَاماً وَ إِذَا ضَمُرَ ثَديُهَا الأَيسَرُ فَإِنّهَا تُسقِطُ أُنثَي وَ إِذَا ضَمُرَا جَمِيعاً تُسقِطُهُمَا جَمِيعاً قَالَ مِن أَيّ شَيءٍ الطّولُ وَ القِصَرُ فِي الإِنسَانِ فَقَالَ مِن قِبَلِ النّطفَةِ إِذَا خَرَجَت مِنَ الذّكَرِ فَاستَدَارَت جَاءَ القِصَرُ وَ إِنِ استَطَالَت جَاءَ الطّولُ
9- تَفسِيرُ الإِمَامِ، وَ الِاحتِجَاجُ،بِالإِسنَادِ إِلَي أَبِي مُحَمّدٍ العسَكرَيِّ ع عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ قَالَ سَأَلَ ابنُ صُورِيَا النّبِيّص فَقَالَ أخَبرِنيِ يَا مُحَمّدُ الوَلَدُ يَكُونُ مِنَ الرّجُلِ أَو مِنَ المَرأَةِ فَقَالَ النّبِيّص أَمّا العِظَامُ وَ العَصَبُ وَ العُرُوقُ فَمِنَ الرّجُلِ وَ أَمّا اللّحمُ وَ الدّمُ وَ الشّعرُ فَمِنَ المَرأَةِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ ثُمّ قَالَ يَا مُحَمّدُ فَمَا بَالُ الوَلَدِ يُشبِهُ أَعمَامَهُ لَيسَ فِيهِ مِن شَبَهِ أَخوَالِهِ شَيءٌ وَ يُشبِهُ أَخوَالَهُ لَيسَ فِيهِ مِن شَبَهِ أَعمَامِهِ شَيءٌ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَيّهُمَا عَلَا مَاؤُهُ مَاءَ صَاحِبِهِ كَانَ الشّبَهُ لَهُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ عَمّن لَا يُولَدُ لَهُ وَ مَن يُولَدُ لَهُ فَقَالَ إِذَا مَغَرَتِ النّطفَةُ لَم يُولَد لَهُ أَي إِذَا احمَرّت وَ كَدِرَت وَ إِذَا كَانَت صَافِيَةً وُلِدَ لَهُ الخَبَرَ
10- الِاحتِجَاجُ، عَن ثَوبَانَ قَالَ إِنّ يَهُودِيّاً جَاءَ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ يَا مُحَمّدُ أَسأَلُكَ عَن شَيءٍ لَا يَعلَمُهُ إِلّا نبَيِّ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ عَن شَبَهِ الوَلَدِ أَبَاهُ وَ أُمّهُ قَالَ مَاءُ الرّجُلِ أَبيَضُ غَلِيظٌ وَ مَاءُ المَرأَةِ أَصفَرُ رَقِيقٌ فَإِذَا عَلَا مَاءُ الرّجُلِ مَاءَ المَرأَةِ كَانَ الوَلَدُ ذَكَراً بِإِذنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ مِن قِبَلِ ذَلِكَ يَكُونُ الشّبَهُ وَ إِذَا عَلَا مَاءُ المَرأَةِ مَاءَ الرّجُلِ خَرَجَ الوَلَدُ أُنثَي بِإِذنِ اللّهِ تَعَالَي وَ مِن قِبَلِ ذَلِكَ يَكُونُ الشّبَهُ الخَبَرَ
العلل ، عن علي بن أحمد بن محمد عن حمزة بن القاسم العلوي عن علي بن
صفحه : 337
الحسين بن الجنيد البزاز عن ابراهيم بن موسي الفراء عن محمد بن ثور عن معمر بن يحيي عن يحيي بن أبي كثير عن عبد الله بن مرة عن ثوبان مثله أقول سيأتي أخبار الخضر في هذاالمعني في باب النفس وأحوالها
11- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَن سُلَيمَانَ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا بَلَغَ الوَلَدُ أَربَعَةَ أَشهُرٍ فَقَد صَارَ فِيهِ الحَيَاةُ الخَبَرَ
12- وَ مِنهُ، قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي قَولِهِفَليَنظُرِ الإِنسانُ مِمّ خُلِقَ خُلِقَ مِن ماءٍ دافِقٍ قَالَ النّطفَةُ التّيِ تَخرُجُ بِقُوّةٍيَخرُجُ مِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ قَالَ الصّلبُ الرّجُلُ وَ التّرَائِبُ المَرأَةُ وَ هيَِ صَدرُهَا
13- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ عَن مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ الديّلمَيِّ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ خَلّاقِينَ فَإِذَا أَرَادَ أَن يَخلُقَ خَلقاً أَمَرَهُم فَأَخَذُوا مِنَ التّربَةِ التّيِ قَالَ فِي كِتَابِهِمِنها خَلَقناكُم وَ فِيها نُعِيدُكُم وَ مِنها نُخرِجُكُم تارَةً أُخريفَعَجَنَ النّطفَةَ بِتِلكَ التّربَةِ التّيِ يَخلُقُ مِنهَا بَعدَ أَن أَسكَنَهَا الرّحِمَ أَربَعِينَ لَيلَةً فَإِذَا تَمّت لَهُ أَربَعَةُ أَشهُرٍ قَالُوا يَا رَبّ تَخلُقُ مَا ذَا فَيَأمُرُهُم بِمَا يُرِيدُ مِن ذَكَرٍ وَ أُنثَي أَبيَضَ أَو أَسوَدَ فَإِذَا خَرَجَتِ الرّوحُ مِنَ البَدَنِ خَرَجَت هَذِهِ النّطفَةُ بِعَينِهَا مِنهُ كَائِناً مَا كَانَ صَغِيراً أَو كَبِيراً ذَكَراً أَو أُنثَي فَلِذَلِكَ يُغَسّلُ المَيّتُ غُسلَ الجَنَابَةِ
بيان خلاقين أي ملائكة خلاقين والخلق هنا بمعني التقدير لاالإيجاد وظاهره خروج المني الأول بعينها من فيه أوعينه ويمكن أن يحفظ الله تعالي جزء من تلك النطفة مدة حياته ويحتمل أن يكون المراد أن هذاالماء من جنس النطفة فعلة الغسل مشتركة
صفحه : 338
14- الكاَفيِ، عَنِ العِدّةِ عَن سَهلٍ عَنِ الحَجّالِ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن أَبِي مِنهَالٍ عَنِ الحَارِثِ بنِ المُغِيرَةِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ النّطفَةَ إِذَا وَقَعَت فِي الرّحِمِ بَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مَلَكاً فَأَخَذَ مِنَ التّربَةِ التّيِ يُدفَنُ فِيهَا فَمَاثَهَا فِي النّطفَةِ فَلَا يَزَالُ قَلبُهُ يَحِنّ إِلَيهَا حَتّي يُدفَنَ فِيهَا
بيان الموث الخلط والحنين الشوق
15- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ بِإِسنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ أَتَي عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ يهَوُديِّ فَسَأَلَهُ عَن مَسَائِلَ فَكَانَ فِي مَا سَأَلَهُ أخَبرِنيِ عَن شَبَهِ الوَلَدِ أَعمَامَهُ وَ أَخوَالَهُ وَ مِن أَيّ النّطفَتَينِ يَكُونُ الشّعرُ وَ اللّحمُ وَ العَظمُ وَ العَصَبُ فَقَالَ ع أَمّا شَبَهُ الوَلَدِ أَعمَامَهُ وَ أَخوَالَهُ فَإِذَا سَبَقَ نُطفَةُ الرّجُلِ نُطفَةَ المَرأَةِ إِلَي الرّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الوَلَدِ إِلَي أَعمَامِهِ وَ مِن نُطفَةِ الرّجُلِ يَكُونُ العَظمُ وَ العَصَبُ وَ إِذَا سَبَقَ نُطفَةُ المَرأَةِ نُطفَةَ الرّجُلِ إِلَي الرّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الوَلَدِ إِلَي أَخوَالِهِ وَ مِن نُطفَتِهَا يَكُونُ الشّعرُ وَ الجِلدُ وَ اللّحمُ لِأَنّهَا صَفرَاءُ رَقِيقَةٌ الخَبَرَ
16- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَقُلتُ لَهُ إِنّ الرّجُلَ رُبّمَا أَشبَهَ أَخوَالَهُ وَ رُبّمَا أَشبَهَ عُمُومَتَهُ فَقَالَ إِنّ نُطفَةَ الرّجُلِ بَيضَاءُ غَلِيظَةٌ وَ نُطفَةَ المَرأَةِ صَفرَاءُ رَقِيقَةٌ فَإِن غَلَبَت نُطفَةُ الرّجُلِ نُطفَةَ المَرأَةِ أَشبَهَ الرّجُلُ أَبَاهُ وَ عُمُومَتَهُ وَ إِن غَلَبَت نُطفَةُ المَرأَةِ نُطفَةَ الرّجُلِ أَشبَهَ الرّجُلُ أَخوَالَهُ
17- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ فِي مَا كَتَبَ إلِيَّ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن حَمدَانَ بنِ الحُسَينِ عَنِ الحُسَينِ بنِ الوَلِيدِ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن
صفحه : 339
أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ المَولُودُ يُشبِهُ أَبَاهُ وَ عَمّهُ قَالَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرّجُلِ مَاءَ المَرأَةِ فَالوَلَدُ يُشبِهُ أَبَاهُ وَ عَمّهُ وَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرأَةِ مَاءَ الرّجُلِ يُشبِهُ الوَلَدُ أُمّهُ وَ خَالَهُ
18- وَ مِنهُ، عَنِ العَبّاسِ بنِ مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ الطاّلقَاَنيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ يُوسُفَ الخَلّالِ عَن مُحَمّدِ بنِ خَلِيلٍ المحرمي[المخَرمَيِّ] عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بَكرٍ المسِمعَيِّ عَن حُمَيدٍ الطّوِيلِ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ سَأَلَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَلَامٍ النّبِيّص فَقَالَ مَا يَنزِعُ الوَلَدَ إِلَي أَبِيهِ أَو إِلَي أُمّهِ قَالَص إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرّجُلِ مَاءَ المَرأَةِ نَزَعَ الوَلَدُ إِلَيهِ الخَبَرَ
بيان في القاموس نزع أباه و إليه أشبهه وأقول يحتمل أن يكون المراد بالسبق الغلبة ليوافق خبر أبي بصير أوالعلو ليطابق رواية ثوبان وغيره ويمكن كون كل منها سببا لذلك وأقول مضامين تلك الأخبار مروية من طرق العامة أيضا و في كتبهم وَ رَوَوا أَيضاً أَنّ حَبراً مِن أَحبَارِ اليَهُودِ سَأَلَ النّبِيّص عَنِ الوَلَدِ فَقَالَ مَاءُ الرّجُلِ أَبيَضُ وَ مَاءُ المَرأَةِ أَصفَرُ فَإِذَا اجتَمَعَا فَعَلَا منَيِّ الرّجُلِ منَيِّ المَرأَةِ أَذكَرَ بِإِذنِ اللّهِ تَعَالَي
و قال بعضهم معني العلو الغلبة علي الآخر ومعني السبق الخروج أولا وزعم بعضهم أن العلو علة شبه الأعمام والأخوال والسبق علة الإذكار والإيناث ورد ذلك التفصيل بأنه جعل في حديث الحبر العلو علة الإذكار والإيناث وأجاب عنه بعضهم بأن العلو في حديث الحبر بمعني السبق إلي الرحم لأن ماعلا سبق ويتعين تفسيره بذلك فإنه في حديث آخر جعل العلو علة شبه الأعمام والأخوال وجعله في حديث الحبر علة الإذكار والإيناث فلو أبقينا العلو في حديث الحبر علي
صفحه : 340
بابه لزم بمقتضي الحديث أن يكون العلو علة في شبه الأعمام والأخوال و في الإذكار والإيناث و لايصح لأن الحس يكذبه لأنا نشاهد الولد ذكرا ويشبه الأخوال ووجه الجمع بين أحاديث الباب أن يكون الشبه المذكور في هذاالحديث يعني به الشبه الأعم من كونه في التذكير والتأنيث وشبه الأعمام والأخوال والسبق إلي الرحم علة للتذكير والتأنيث ويخرج من مجموع ذلك أن الأقسام أربعة إن سبقه ماء الرجل وعلا أذكر وأشبه الولد أعمامه و إن سبق ماء المرأة وعلا ماؤه أنث وأشبه الولد أعمامه انتهي
19- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي الخَطّابِ عَن جَعفَرِ بنِ بَشِيرٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي إِذَا أَرَادَ أَن يَخلُقَ خَلقاً جَمَعَ كُلّ صُورَةٍ بَينَهُ وَ بَينَ أَبِيهِ إِلَي آدَمَ ثُمّ خَلَقَهُ عَلَي صُورَةِ أَحَدِهِم فَلَا يَقُولَنّ أَحَدٌ هَذَا لَا يشُبهِنُيِ وَ لَا يُشبِهُ شَيئاً مِن آباَئيِ
20- وَ مِنهُ، عَنِ المُظَفّرِ بنِ جَعفَرِ بنِ المُظَفّرِ العلَوَيِّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَسعُودٍ العيَاّشيِّ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ زُرَارَةَ عَن عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَتَعتَلِجُ النّطفَتَانِ فِي الرّحِمِ فَأَيّتُهُمَا كَانَت أَكثَرَ جَاءَت تُشبِهُهَا فَإِن كَانَت نُطفَةُ المَرأَةِ أَكثَرَ جَاءَت تُشبِهُ أَخوَالَهُ وَ إِن كَانَت نُطفَةُ الرّجُلِ أَكثَرَ جَاءَت تُشبِهُ أَعمَامَهُ وَ قَالَ تَحَوّلُ النّطفَةُ فِي الرّحِمِ أَربَعِينَ يَوماً فَمَن أَرَادَ أَن يَدعُوَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ ففَيِ تِلكَ الأَربَعِينَ قَبلَ أَن تُخلَقَ ثُمّ يَبعَثُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مَلَكَ الأَرحَامِ فَيَأخُذُهَا فَيَصعَدُ بِهَا إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَيَقِفُ مِنهُ مَا شَاءَ اللّهُ فَيَقُولُ يَا إلِهَيِ أَ ذَكَرٌ أَم أُنثَي فيَوُحيِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِ مِن ذَلِكَ مَا يَشَاءُ وَ يَكتُبُ المَلَكُ ثُمّ يَقُولُ إلِهَيِ أَ شقَيِّ أَم سَعِيدٌ فيَوُحيِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِ مِن ذَلِكَ مَا يَشَاءُ وَ يَكتُبُ المَلَكُ
صفحه : 341
فَيَقُولُ أللّهُمّ كَم رِزقُهُ وَ مَا أَجَلُهُ ثُمّ يَكتُبُهُ وَ يَكتُبُ كُلّ شَيءٍ يُصِيبُهُ فِي الدّنيَا بَينَ عَينَيهِ ثُمّ يَرجِعُ بِهِ فَيَرُدّهُ فِي الرّحِمِ فَذَلِكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّما أَصابَ مِن مُصِيبَةٍ فِي الأَرضِ وَ لا فِي أَنفُسِكُم إِلّا فِي كِتابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها
بيان في القاموس اعتلجوا اتخذوا صراعا وقتالا و الأرض طال نباتها والأمواج التطمت
21- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ الأَصَمّ عَنِ الهَيثَمِ بنِ وَاقِدٍ عَن مُقرِنٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلَ سَلمَانُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ عَلِيّاً ع عَن رِزقِ الوَلَدِ فِي بَطنِ أُمّهِ فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي حَبَسَ عَلَيهَا الحَيضَةَ فَجَعَلَهَا رِزقَهُ فِي بَطنِ أُمّهِ
22- وَ مِنهُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ أَحمَدَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ البزَنَطيِّ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ حَمّادٍ قَالَسَأَلتُ أَبَا اِبرَاهِيمَ ع عَنِ المَيّتِ لِمَ يُغَسّلُ غُسلَ الجَنَابَةِ قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَعلَي وَ أَخلَصُ مِن أَن يَبعَثَ الأَشيَاءَ بِيَدِهِ إِنّ لِلّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي مَلَكَينِ خَلّاقَينِ فَإِذَا أَرَادَ أَن يَخلُقَ خَلقاً أَمَرَ أُولَئِكَ الخَلّاقِينَ فَأَخَذُوا مِنَ التّربَةِ التّيِ قَالَ اللّهُ فِي كِتَابِهِمِنها خَلَقناكُم وَ فِيها نُعِيدُكُم وَ مِنها نُخرِجُكُم تارَةً أُخريفَعَجَنُوهَا بِالنّطفَةِ المُسكَنَةِ فِي الرّحِمِ فَإِذَا عُجِنَتِ النّطفَةُ بِالتّربَةِ قَالَا يَا رَبّ مَا تَخلُقُ قَالَ فيَوُحيِ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي مَا يُرِيدُ مِن ذَلِكَ ذَكَراً أَو أُنثَي مُؤمِناً أَو كَافِراً أَسوَدَ أَو أَبيَضَ شَقِيّاً أَو سَعِيداً فَإِن مَاتَ سَالَت مِنهُ تِلكَ النّطفَةُ بِعَينِهَا لَا غَيرُهَا فَمِن
صفحه : 342
ثَمّ صَارَ المَيّتُ يُغَسّلُ غُسلَ الجَنَابَةِ
بيان أمر أولئك الخلاقين كان الجمعية علي المجاز أوالمراد بالملكين نوعين من الملك لكل امرأة شخصان فيجري فيهما التثنية والجمع باعتبارين
23- المَحَاسِنُ، عَن أَبِيهِ عَن هَارُونَ بنِ الجَهمِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَقُولُ فِي كِتَابِهِلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِي كَبَدٍيعَنيِ مُنتَصِباً فِي بَطنِ أُمّهِ مَقَادِيمُهُ إِلَي مَقَادِيمِ أُمّهِ وَ مَوَاخِيرُهُ إِلَي مَوَاخِيرِ أُمّهِ غِذَاؤُهُ مِمّا تَأكُلُ أُمّهُ وَ يَشرَبُ مِمّا تَشرَبُ تُنَسّمُهُ تَنسِيماً وَ مِيثَاقُهُ ألّذِي أَخَذَ اللّهُ عَلَيهِ بَينَ عَينَيهِ فَإِذَا دَنَا وِلَادَتُهُ أَتَاهُ مَلَكٌ يُسَمّي الزّاجِرَ فَيَزجُرُهُ فَيَنقَلِبُ فَيَصِيرُ مَقَادِيمُهُ إِلَي مَوَاخِرِ أُمّهِ وَ مَوَاخِيرُهُ إِلَي مُقَدّمِ أُمّهِ لِيُسَهّلَ اللّهُ عَلَي المَرأَةِ وَ الوَلَدِ أَمرَهُ وَ يُصِيبُ ذَلِكَ جَمِيعَ النّاسِ إِلّا إِذَا كَانَ عَاتِياً فَإِذَا زَجَرَهُ فَزَعَ وَ انقَلَبَ وَ وَقَعَ إِلَي الأَرضِ بَاكِياً مِن زَجرَةِ الزّاجِرِ وَ نسَيَِ المِيثَاقَ
أقول تمامه وشرحه في باب جوامع أحوال الدواب والأنعام
24- العيَاّشيِّ، عَن عَبدِ المَلِكِ بنِ أَعيَنَ قَالَ إِذَا زَنَي الرّجُلُ أَدخَلَ الشّيطَانُ ذَكَرَهُ ثُمّ عَمِلَا جَمِيعاً ثُمّ تَختَلِفُ النّطفَتَانِ فَيَخلُقُ اللّهُ مِنهُمَا فَيَكُونُ شِركَ الشّيطَانِ
25- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَن شِركِ الشّيطَانِ قَولِهِوَ شارِكهُم فِي الأَموالِ وَ الأَولادِ قَالَ مَا كَانَ مِن مَالٍ حَرَامٍ فَهُوَ شِركُ الشّيطَانِ قَالَ وَ يَكُونُ مَعَ الرّجُلِ حَتّي يُجَامِعُ فَيَكُونُ مِن نُطفَتِهِ وَ نُطفَةِ الرّجُلِ إِذَا كَانَ حَرَاماً
26- العِلَلُ،لِمُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ العِلّةُ فِي تَحوِيلِ آدَمَ لَحماً وَ دَماً بَعدَ أَربَعِينَ سَنَةً أَنّهُ لَم يَكُن فِي رَحِمٍ وَ لَا بَطنٍ وَ كَانَ ظَاهِراً بَارِزاً فَتَحَوّلَ لَحماً وَ دَماً بَعدَ أَربَعِينَ سَنَةً
27-المَنَاقِبُ، عَن سَلّامِ بنِ المُستَنِيرِ عَن أَبِي جَعفَرٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ يَذكُرُ
صفحه : 343
فِيهِ خَلقَ الوَلَدِ فِي بَطنِ أُمّهِ قَالَ وَ يَبعَثُ اللّهُ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ الزّاجِرُ فَيَزجُرُهُ زَجرَةً فَيَفزَعُ الوَلَدُ مِنهَا وَ يَنقَلِبُ فَتَصِيرُ رِجلَاهُ أَسفَلَ البَطنِ لِيُسَهّلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي المَرأَةِ وَ عَلَي الوَلَدِ الخُرُوجَ قَالَ فَإِنِ احتُبِسَ زَجَرَهُ زَجرَةً أُخرَي شَدِيدَةً فَيَفزَعُ مِنهَا فَيَسقُطُ إِلَي الأَرضِ فَزِعاً بَاكِياً مِنَ الزّجرِ
28- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن مُحَمّدِ بنِ النّعمَانِ عَن سَلّامِ بنِ المُستَنِيرِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّمُخَلّقَةٍ وَ غَيرِ مُخَلّقَةٍ فَقَالَ المُخَلّقَةُ هُمُ الذّرّ الّذِينَ خَلَقَهُمُ اللّهُ فِي صُلبِ آدَمَ ع أَخَذَ عَلَيهِمُ المِيثَاقَ ثُمّ أَجرَاهُم فِي أَصلَابِ الرّجَالِ وَ أَرحَامِ النّسَاءِ وَ هُمُ الّذِينَ يَخرُجُونَ إِلَي الدّنيَا حَتّي يُسأَلُوا عَنِ المِيثَاقِ وَ أَمّا قَولُهُوَ غَيرِ مُخَلّقَةٍفَهُم كُلّ نَسَمَةٍ لَم يَخلُقهُمُ اللّهُ فِي صُلبِ آدَمَ ع حِينَ خَلَقَ الذّرّ وَ أَخَذَ عَلَيهِمُ المِيثَاقَ وَ هُمُ النّطَفُ مِنَ العَزلِ وَ السّقطِ قَبلَ أَن يُنفَخَ فِيهِ الرّوحُ وَ الحَيَاةُ وَ البَقَاءُ
بيان علي تأويله ع يحتمل أن يكون الخلق بمعني التقدير أي ماقدر في الذر أن ينفخ فيه الروح و ما لم يقدر
29- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن حَرِيزٍ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَحَدِهِمَا ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّيَعلَمُ ما تَحمِلُ كُلّ أُنثي وَ ما تَغِيضُ الأَرحامُ وَ ما تَزدادُ قَالَ الغَيضُ كُلّ حَملٍ دُونَ تِسعَةِ أَشهُرٍ وَ مَا يَزدَادُ كُلّ شَيءٍ يَزدَادُ عَلَي تِسعَةِ أَشهُرٍ فَكُلّمَا رَأَتِ المَرأَةُ الدّمَ الخَالِصَ فِي حَملِهَا فَإِنّهَا تَزدَادُ بِعَدَدِ الأَيّامِ التّيِ رَأَت فِي حَملِهَا مِنَ الدّمِ
30- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ الجَهمِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ الرّضَا ع يَقُولُ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّ النّطفَةَ تَكُونُ فِي الرّحِمِ أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ تَصِيرُ عَلَقَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ تَصِيرُ مُضغَةً أَربَعِينَ يَوماً
صفحه : 344
فَإِذَا كَمَلَ أَربَعَةُ أَشهُرٍ بَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مَلَكَينِ خَلّاقَينِ فَيَقُولَانِ يَا رَبّ مَا تَخلُقُ ذَكَراً أَو أُنثَي فَيُؤمَرَانِ فَيَقُولَانِ يَا رَبّ شَقِيّاً أَو سَعِيداً فَيُؤمَرَانِ فَيَقُولَانِ يَا رَبّ مَا أَجَلُهُ وَ مَا رِزقُهُ وَ مَا كُلّ شَيءٍ مِن حَالِهِ وَ عَدّدَ مِن ذَلِكَ أَشيَاءَ وَ يَكتُبَانِ المِيثَاقَ بَينَ عَينَيهِ فَإِذَا أَكمَلَ اللّهُ الأَجَلَ بَعَثَ اللّهُ مَلَكاً فَزَجَرَهُ زَجرَةً فَيَخرُجُ وَ قَد نسَيَِ المِيثَاقَ وَ قَالَ الحَسَنُ بنُ الجَهمِ فَقُلتُ لَهُ أَ فَيَجُوزُ أَن يَدعُوَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فَيُحَوّلَ الأُنثَي ذَكَراً أَوِ الذّكَرَ أُنثَي فَقَالَإِنّ اللّهَ يَفعَلُ ما يَشاءُ
بيان قيل كتابة الميثاق كناية عن مفطوريته علي خلقه قابلة للتوحيد وسائر المعارف ونسيان الميثاق كناية عن دخوله في عالم الأسباب المشتمل علي موانع تعقل مافطر عليه .أقول قدمر بسط القول في تلك الأخبار في كتاب العدل
31-الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ إِذَا أَرَادَ أَن يَخلُقَ النّطفَةَ التّيِ أَخَذَ عَلَيهَا المِيثَاقَ فِي صُلبِ آدَمَ أَو مَا يَبدُو لَهُ فِيهِ وَ يَجعَلُهَا فِي الرّحِمِ حَرّكَ الرّجُلَ لِلجِمَاعِ وَ أَوحَي إِلَي الرّحِمِ أَنِ افتحَيِ بَابَكِ حَتّي يَلِجَ فِيكِ خلَقيِ وَ قضَاَئيَِ النّافِذُ وَ قدَرَيِ فَتَفتَحُ الرّحِمُ بَابَهَا فَتَصِلُ النّطفَةُ إِلَي الرّحِمِ فَتَرَدّدُ فِيهِ أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ تَصِيرُ عَلَقَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ تَصِيرُ مُضغَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ تَصِيرُ لَحماً تجَريِ فِيهِ عُرُوقٌ مُشتَبِكَةٌ ثُمّ يَبعَثُ اللّهُ مَلَكَينِ خَلّاقَينِ يَخلُقَانِ فِي الأَرحَامِ مَا يَشَاءُ يَقتَحِمَانِ فِي بَطنِ المَرأَةِ مِن فَمِ المَرأَةِ فَيَصِلَانِ إِلَي الرّحِمِ وَ فِيهَا الرّوحُ القَدِيمَةُ المَنقُولَةُ فِي أَصلَابِ الرّجَالِ وَ أَرحَامِ النّسَاءِ فَيَنفُخَانِ فِيهَا رُوحَ الحَيَاةِ وَ البَقَاءِ وَ يَشُقّانِ لَهُ السّمعَ وَ البَصَرَ وَ جَمِيعَ الجَوَارِحِ وَ جَمِيعَ مَا فِي البَطنِ بِإِذنِ اللّهِ تَعَالَي ثُمّ يوُحيِ اللّهُ إِلَي المَلَكَينِ اكتُبَا عَلَيهِ قضَاَئيِ وَ قدَرَيِ وَ نَافِذَ أمَريِ وَ اشتَرِطَا لِيَ البَدَاءَ فِي مَا تَكتُبَانِ
صفحه : 345
فَيَقُولَانِ يَا رَبّ مَا نَكتُبُ قَالَ فيَوُحيِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِمَا أَنِ ارفَعَا رُءُوسَكُمَا إِلَي رَأسِ أُمّهِ فَيَرفَعَانِ رُءُوسَهَا فَإِذَا اللّوحُ يَقرَعُ جَبهَةَ أُمّهِ فَيَنظُرَانِ فِيهِ فَيَجِدَانِ فِي اللّوحِ صُورَتَهُ وَ رُؤيَتَهُ وَ أَجَلَهُ وَ مِيثَاقَهُ شَقِيّاً أَو سَعِيداً وَ جَمِيعَ شَأنِهِ قَالَ فيَمُليِ أَحَدُهُمَا عَلَي صَاحِبِهِ فَيَكتُبَانِ جَمِيعَ مَا فِي اللّوحِ وَ يَشتَرِطَانِ البَدَاءَ فِي مَا يَكتُبَانِ ثُمّ يَختِمَانِ الكِتَابَ وَ يَجعَلَانِهِ بَينَ عَينَيهِ ثُمّ يُقِيمَانِهِ قَائِماً فِي بَطنِ أُمّهِ قَالَ فَرُبّمَا عَتَا فَانقَلَبَ وَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلّا فِي كُلّ عَاتٍ أَو مَارِدٍ فَإِذَا بَلَغَ أَوَانُ خُرُوجِ الوَلَدِ تَامّاً أَو غَيرَ تَامّ أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي الرّحِمِ أَنِ افتحَيِ بَابَكِ حَتّي يَخرُجَ خلَقيِ إِلَي أرَضيِ وَ يَنفُذَ فِيهِ أمَريِ فَقَد بَلَغَ أَوَانُ خُرُوجِهِ قَالَ فَيَفتَحُ الرّحِمُ بَابَ الوَلَدِ فَيَبعَثُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ زَاجِرٌ فَيَزجُرُهُ زَجرَةً فَيَفزَعُ مِنهَا الوَلَدُ فَيَنقَلِبُ فَيَصِيرُ رِجلَاهُ فَوقَ رَأسِهِ وَ رَأسُهُ فِي أَسفَلِ البَطنِ لِيُسَهّلَ اللّهُ عَلَي المَرأَةِ وَ عَلَي الوَلَدِ الخُرُوجَ قَالَ فَإِذَا احتُبِسَ زَجَرَهُ المَلَكُ زَجرَةً أُخرَي فَيَفزَعُ مِنهَا فَيَسقُطُ الوَلَدُ إِلَي الأَرضِ بَاكِياً فَزِعاً مِنَ الزّجرَةِ
بيان قوله أو مايبدو له فيه من البداء و قدمر معناه في محله والمعني لم يؤخذ عليه الميثاق أولا في صلب آدم ولكن بدا له ثانيا بعدخروجه من صلبه أن يأخذ عليها الميثاق ويحتمل أن يكون المراد به مافسر به غيرالمخلقة في الخبر السابق فيكون مشاركا للأول في بعض ماسيذكر كما أن القسم الأول أيضا قديسقط قبل كماله فلايجري فيه جميع ما في الخبر ويحتمل أيضا أن يراد بالأول من يصل إلي حد التكليف ويؤخذ بما أخذ عليه من الميثاق وبالثاني من يموت قبل ذلك حرك الرجل بإلقاء الشهوة عليه والإيحاء كأنه علي سبيل الأمر التكويني لاالتكليفي أي تنفتح بقدرته وإرادته تعالي أوكناية عن فطرة إياها علي الإطاعة طمعا كماقيل فتردد بحذف إحدي التاءين أي تتحول من حال إلي حال و قدمر أن الخلق
صفحه : 346
المنسوب إلي الملك بمعني التقدير والتصوير والتخطيط كما هومعناه المعروف في أصل اللغة فيقتحمان أي يدخلان من غيراختيار لها وإذن منها و فيهاالروح القديمة أي الروح المخلوق في الزمان المتقادم قبل خلق جسده وكثيرا مايطلق القديم في اللغة والعرف علي هذاالمعني كما لايخفي علي من تتبع كتب اللغة وموارد الاستعمالات والمراد بهاالنفس النباتية أوالروح الحيوانية أوالإنسانية قوله رؤيته أي مايري منه ويمكن أن يقرأ بالتشديد بمعني التفكر والفهم والعتو مجاوزة الحد والاستكبار. ثم اعلم أن للعلماء في أمثال هذاالخبر مسالك فمنهم من آمن بظاهرها ووكل علمها إلي من صدرت عنه و هذاسبيل المتقين ومنهم من يقول مايفهم من ظاهره حق و لاعبرة باستبعاد الأوهام في ماصدر عن أئمة الأنام ع ومنهم من قال هذا علي سبيل التمثيل كأنه ع شبه مايعلمه سبحانه من حاله وطينته و مايستحقه من الكمالات و ماأودع فيه من درجات الاستعدادات بمجيء الملكين وكتابتهما علي جبهته و غير ذلك و قال بعضهم قرع اللوح جبهة أمه كأنه كناية عن ظهور أحوال أمه وصفاتها وأخلاقها من ناصيتها وصورتها التي خلقت عليها كأنها جميعا مكتوبة عليها وإنما يستنبط الأحوال التي ينبغي أن يكون الولد عليها من ناصية أمه ويكتب ذلك علي وفق ماثمة للمناسبة التي تكون بينه وبينها و ذلك لأن جوهر الروح إنما يفيض علي البدن بحسب استعداده وقبوله إياه واستعداد البدن تابع لاستعداد نفس الأبوين وصفاتهما وأخلاقهما لاسيما الأم المربية له علي وفق ماجاء به من ظهر أبيه فهي حينئذ مشتملة علي أحواله الأبوية والأمية وجعل الكتاب المختوم بين عينيه كناية عن ظهور صفاته وأخلاقه من ناصيته وصورته .أقول الأحوط والأولي عدم التعرض لأمثال هذه التأويلات الواهية والتسليم لماورد عن الأئمة الهادية ع
31-الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ أَو
صفحه : 347
غَيرِهِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ جَعفَرٍ ع جُعِلتُ فِدَاكَ الرّجُلُ يَدعُو لِلحُبلَي أَن يَجعَلَ اللّهُ مَا فِي بَطنِهَا ذَكَراً سَوِيّاً فَقَالَ يَدعُو مَا بَينَهُ وَ بَينَ أَربَعَةِ أَشهُرٍ فَإِنّهُ أَربَعِينَ لَيلَةً نُطفَةٌ وَ أَربَعِينَ لَيلَةً عَلَقَةٌ وَ أَربَعِينَ لَيلَةً مُضغَةٌ فَذَلِكَ تَمَامُ أَربَعَةِ أَشهُرٍ ثُمّ يَبعَثُ اللّهُ مَلَكَينِ خَلّاقَينِ فَيَقُولَانِ يَا رَبّ مَا تَخلُقُ ذَكَراً أَو أُنثَي شَقِيّاً أَو سَعِيداً فَيَقُولَانِ يَا رَبّ مَا رِزقُهُ وَ مَا أَجَلُهُ وَ مَا مُدّتُهُ فَيُقَالُ ذَلِكَ وَ مِيثَاقُهُ بَينَ عَينَيهِ يَنظُرُ إِلَيهِ فَلَا يَزَالُ مُنتَصِباً فِي بَطنِ أُمّهِ حَتّي إِذَا دَنَا خُرُوجُهُ بَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِ مَلَكاً فَزَجَرَهُ زَجرَةً فَيَخرُجُ وَ يَنسَي المِيثَاقَ
32- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي وَ غَيرِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ عَمرٍو عَن شُعَيبٍ العقَرَقوُفيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ لِلرّحِمِ أَربَعَةَ سُبُلٍ فِي أَيّ سَبِيلٍ سَلَكَ فِيهِ المَاءُ كَانَ مِنهُ الوَلَدُ وَاحِدٌ أَوِ اثنَانِ وَ ثَلَاثَةٌ وَ أَربَعَةٌ وَ لَا يَكُونُ إِلَي سَبِيلٍ أَكثَرَ مِن وَاحِدٍ
33- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ رَفَعَهُ عَن مُحَمّدِ بنِ حُمرَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ لِلرّحِمِ أَربَعَةَ أَوعِيَةٍ فَمَا كَانَ فِي الأَوّلِ فَلِلأَبِ وَ مَا كَانَ فِي الثاّنيِ فَلِلأُمّ وَ مَا كَانَ فِي الثّالِثِ فَلِلعُمُومَةِ وَ مَا كَانَ فِي الرّابِعِ فَلِلخُئُولَةِ
بيان فللأب أي يشبه الولد إذاوقعت فيه وكذا البواقي فسياق هذاالخبر غيرسياق الخبر المتقدم من بيان أكثر مايمكن من أن تلد المرأة و إن كان يظهر ذلك منه إيماء وتلويحا ولذا أوردهما الكليني ره في باب أكثر ماتلد المرأة
34-النهج ،[نهج البلاغة] قَالَأَيّهَا المَخلُوقُ السوّيِّ وَ المُنشَأُ المرَعيِّ فِي ظُلُمَاتِ الأَرحَامِ
صفحه : 348
وَ مُضَاعَفَاتِ الأَستَارِ بُدِئتَمِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ وَ وُضِعتَفِي قَرارٍ مَكِينٍ إِلي قَدَرٍ مَعلُومٍ وَ أَجَلٍ مَقسُومٍ تَمُورُ فِي بَطنِ أُمّكَ جَنِيناً لَا تَحِيرُ دُعَاءً وَ لَا تَسمَعُ نِدَاءً ثُمّ أُخرِجتَ مِن مَقَرّكَ إِلَي دَارٍ لَم تَشهَدهَا وَ لَم تَعرِف سُبُلَ مَنَافِعِهَا فَمَن هَدَاكَ لِاجتِرَارِ الغِذَاءِ مِن ثدَيِ أُمّكَ وَ عَرّفَكَ عِندَ الحَاجَةِ مَوَاضِعَ طَلَبِكَ وَ إِرَادَتِكَ هَيهَاتَ إِنّ مَن يَعجِزُ عَن صِفَاتِ ذيِ الهَيئَةِ وَ الأَدَوَاتِ فَهُوَ عَن صِفَاتِ خَالِقِهِ أَعجَزُ وَ مِن تَنَاوُلِهِ بِحُدُودِ المَخلُوقِينَ أَبعَدُ
توضيح السوي العدل والوسط و رجل سوي أي مستوي الخلقة غيرناقص وأنشأ الخلق ابتدأ خلقهم والرعاية الحفظ والمرعي من شمله حفظ الراعي ومضاعفات الأستار أي الأستار المضاعفة والحجب بعضها فوق بعض بدئت من سلالة إشارة إلي قوله تعالي وَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ ثُمّ جَعَلناهُ نُطفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ و قدمر وجوه التفسير فيه وهي جارية هاهنا والمكين المتمكن و هو في الأصل صفة للمستقر وصف به المحل مبالغة أوالمراد تمكن الرحم في مكانها مربوطة برباطات كماسيأتي والمعني في مستقر حصين هي الرحم إلي قدر معلوم أي مقدار معين من الزمان قدره الله للولادة وقسمه كضربه وقسمه بالتشديد أي جزأه وفرقه وقسم أمره أي قدره والأجل المقسوم المدة المقدرة لحياة كل أحد فالظرف متعلق بمحذوف أي منتهيا إلي أجل مقسوم أويقال الوضع في الرحم غايته ابتداء الأجل أي مدة حياة الدنيا ويحتمل أن يكون تأكيدا للقدر المعلوم ومار الشيء كقال تحرك أوبسرعة واضطراب والجنين الولد في البطن لاستتاره من جن أي استتر فإذاولد فهو منفوس والمحاورة الجواب ومراجعة النطق ويقال كلمته فما أحار إلي جوابا أي لم يجبني ودعوته دعاء ناديته وطلبت إقباله لم تشهدها أي لم تحضرها قبل ذلك و لم تعلم بحالها والاجترار الجذب مواضع طلبك قيل أي حلمة الثدي والجمع
صفحه : 349
باعتبار أن الطفل يمتص من غيرثدي أمه أيضا أوعرفك عندالحاجة إلي كل شيء في دار الدنيا مواضع طلبك و في بعض النسخ وحرك عندالحاجة فالمراد بمواضع الطلب القوي والآلات التي يحصل بهااجترار الغذاء هيهات أي بعد أن يحيط علما بصفات خالقه ألذي هوأبعد الأشياء منه من حيث الحقيقة لعدم المشابهة والمجانسة و ليس له حدود المخلوقين من لايقدر علي وصف نفسه مع أنه أقرب الأشياء إليه وغيره من ذوي الهيئة والأدوات المجانس له في الذات والصفات المتصف بحدود المخلوقين
35- النهج ،[نهج البلاغة] جَعَلَ لَكُم أَسمَاعاً لتِعَيَِ مَا عَنَاهَا وَ أَبصَاراً لِتَجلُوَ عَن عَشَاهَا وَ أَشلَاءً جَامِعَةً لِأَعضَائِهَا مُلَائِمَةً لِأَحنَائِهَا فِي تَركِيبِ صُوَرِهَا وَ مُدَدِ عُمُرِهَا بِأَبدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرفَاقِهَا وَ قُلُوبٍ رَائِدَةٍ لِأَرزَاقِهَا فِي مُجَلّلَاتِ نِعَمِهِ وَ مُوجِبَاتِ مِنَنِهِ وَ حَوَاجِزِ بَلِيّتِهِ وَ جَوَائِزِ عَافِيَتِهِ وَ قَدّرَ لَكُم أَعمَاراً سَتَرَهَا عَنكُم وَ خَلّفَ لَكُم عِبَراً مِن آثَارِ المَاضِينَ قَبلَكُم إِلَي قَولِهِ ع أَم هَذَا ألّذِي أَنشَأَهُ فِي ظُلُمَاتِ الأَرحَامِ وَ شُغُفِ الأَستَارِ نُطفَةً دِهَاقاً وَ عَلَقَةً مِحَاقاً وَ جَنِيناً وَ رَاضِعاً وَ وَلِيداً وَ يَافِعاً ثُمّ مَنَحَهُ قَلباً حَافِظاً وَ لِسَاناً لَافِظاً وَ بَصَراً لَاحِظاً لِيَفهَمَ مُعتَبِراً وَ يُقَصّرَ مُزدَجِراً حَتّي إِذَا قَامَ اعتِدَالُهُ وَ استَوَي مِثَالُهُ نَفَرَ مُستَكبِراً إِلَي آخِرِ الخُطبَةِ
توضيح وعاه يعيه حفظه وجمعه وعناه الأمر يعنيه ويعنوه أهمه والعشا بالفتح والقصر سوء البصر بالليل والنهار أوبالليل أوالعمي وتجلو بمعني تكشف قيل أقيم المجلو مقام المجلو عنه والتقدير لتجلو عن قواها عشاها وقيل كلمة عن زائدة أوبمعني بعد والمفعول محذوف والتقدير لتجلو الأذي بعدعشاها و هوبعيد والمراد جلاء العشا عن البصر الظاهر بأن ينظر إلي مايعتبر به أو عن بصر القلب بأن يفرق بين الضار والنافع والأشلاء جمع شلو بالكسر و هوالعضو وفسره في القاموس بالجسد أيضا وجمعها للأعضاء علي
صفحه : 350
الثاني واضح و علي الأول يمكن حملها علي الأعضاء الظاهرة الجامعة للباطنة كماقيل . وأقول يمكن أن يكون المراد بالأعضاء أجزاء الأعضاء والملاءمة الموافقة والأحناء جمع حنو بالكسر و هوالجانب و في النهاية لأحنائها أي معاطفها والغرض الإشارة إلي الحكم والمصالح المرعية في تركيب الأعضاء وترتيبها وجعل كل منها في موضع يليق بها كما بين بعضها في علم التشريح وكتب منافع الأعضاء والظرف متعلق بالملاءمة وقيل كأنه قال مركبة ومصورة فأتي بلفظة في كماتقول ركب في سلاحه أوبسلاحه أي متسلحا والأرفاق جمع رفق بالكسر و هوالمنفعة و في القاموس هو ماأستعين به والأرفاق علي هذاعبارة عن الأعضاء وسائر مايستعين به الإنسان والباء للاستعانة أوالسببية بخلاف الأول وروي بأرماقها والرمق بقية الروح والرود الطلب في مجللات نعمه بصيغة الفاعل أي النعم التي تجلل الناس أي تغطيهم كمايتجلل الرجل بالثوب وقيل أي التي تجلل الناس وتعمهم من قولهم سحاب مجلل أي يطبق الأرض والظرف متعلق بمحذوف والموضع نصب علي الحال والمراد بموجبات المنن علي صيغة الفاعل النعم التي توجب الشكر ويروي علي صيغة المفعول أي النعم التي أوجبها الله علي نفسه لكونه الجواد المطلق وقيل أي ماسقط من نعمه وأفيض علي العباد من الوجوب بمعني السقوط. وحواجز العافية مايدفع المضار ويروي حواجز بليته أي مايمنعها والامتنان بستر الأعمار لكون الاطلاع عليها واشتغال الخاطر بخوف الموت مما يبطل نظام الدنيا والغرض تنبيه الغافل عن انقضاء العمر لستر حده وانتهائه وخلف العبر إبقاؤها بعدارتحال الماضين كأنها خليفة لهم .أم هذا ألذي قيل أم هاهنا إما استفهامية علي حقيقتها كأنه قال أعظكم وأذكركم بحال الشيطان وإغوائه أم بحال الإنسان من ابتداء وجوده إلي حين مماته وإما أن تكون منقطعة بمعني بل كأنه قال عادلا وتاركا لماوعظهم به
صفحه : 351
بل أتلو عليكم بناء هذاالإنسان ألذي حاله كذا والشغف بضمتين جمع شغاف بالفتح و هو في الأصل غلاف القلب وحجابه استعير هنا لوضع الولد والدهاق بكسر الدال ألذي أدهق أي أفرغ إفراغا شديدا وقيل الدهاق المملوءة من قولهم دهق الكأس كجعله ملأها ويروي دفاقا من دفقت الماء أي صببته والمحق المحو والإبطال والنقص وسميت ثلاث ليال من آخر الشهر محاقا لأن القمر يقرب من الشمس فتمحقه واستعير للعلقة لأنها لم تتصور بعدفأشبهت ماأبطلت صورته و في الأوصاف تحقير للإنسان كماأومئ إليه بالإشارة والراضع الطفل يرضع أمه كيسمع أي يمتص ثديها والأم مرضعة والوليد المولود وكأن المراد به الفطيم واليافع الغلام ألذي شارف الاحتلام و لمايحتلم يقال أيفع الغلام فهو يافع و هو من النوادر. قال في سر الأدب في ترتيب أحوال الإنسان هو مادام في الرحم جنين فإذاولد فوليد ثم مادام يرضع فرضيع ثم إذاقطع منه اللبن فهو فطيم ثم إذادب ونمي فهو دارج فإذابلغ طوله خمسة أشبار فهو خماسي فإذاسقطت رواضعه فهو مثغور فإذانبتت أسنانه بعدالسقوط فهو مثغر فإذاتجاوز العشر أوجاوزها فهو مترعرع وناشئ فإذاكاد يبلغ الحلم أوبلغه فهو يافع ومراهق فإذااحتلم واجتمعت قوته فهو حرور واسمه في جميع هذه الأحوال غلام فإذااخضر شاربه قيل قدبقل وجهه فإذاصار ذا فتاء فهو فتي وشارخ فإذااجتمعت لحيته وبلغ غاية شبابه فهو مجتمع ثم مادام بين الثلاثين والأربعين فهو شاب ثم هوكهل إلي أن يستوفي الستين وقيل إذاجاوز أربعا وثلاثين إلي إحدي وخمسين فإذاجاوزها فهو شيخ . ثم منحه أي أعطاه واللافظ الناطق ويقال لحظ إذانظر بمؤخر عينيه وكأن المراد هنا مطلق النظر ويقصر علي بناء الإفعال أي ينتهي والمعني أعطاه القوي الثلاثة ليعتبر بحال الماضين و مانزل بساحة العاصين وينتهي عما يفضيه إلي أليم النكال وشديد الوبال أوليفهم دلائل الصنع والقدرة ويستدل بشواهد
صفحه : 352
الربوبية علي وجوب الطاعة والانتهاء عن المعصية فينزجر عن الخلاف والعصيان ويتخلص عن الخيبة والخسران والاعتدال التناسب والاستقامة والتوسط بين الحالين في كم أوكيف وقيام الاعتدال تمام الخلقة والصورة وتناسب الأعضاء وخلوها عن النقص والزيادة وكمال القوي المحتاج إليها في تحصيل المآرب واستوي أي اعتدل والمثال بالكسر المقدار وصفه الشيء ويقال استوي الرجل إذابلغ أشده أي قوته و هو ما بين ثمانية عشر إلي ثلاثين ونفرت الدابة كضرب أي فر وذهب
36-الفَقِيهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِّ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ مِهرَانَ عَن مُرَازِمٍ عَن جَابِرِ بنِ يَزِيدَ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا وَقَعَ الوَلَدُ فِي جَوفِ أُمّهِ صَارَ وَجهُهُ قِبَلَ ظَهرِ أُمّهِ إِن كَانَ ذَكَراً وَ إِن كَانَ أُنثَي صَارَ وَجهُهَا قِبَلَ بَطنِ أُمّهَا يَدَاهُ عَلَي وَجنَتَيهِ وَ ذَقَنُهُ عَلَي رُكبَتَيهِ كَهَيئَةِ الحَزِينِ المَهمُومِ فَهُوَ كَالمَصرُورِ مَنُوطٌ بِمِعَاءٍ مِن سُرّتِهِ إِلَي سُرّةِ أُمّهِ فَبِتِلكَ السّرّةِ يغَتذَيِ مِن طَعَامِ أُمّهِ وَ شَرَابِهَا إِلَي الوَقتِ المُقَدّرِ لِوِلَادَتِهِ فَيَبعَثُ اللّهُ تَعَالَي مَلَكاً فَيَكتُبُ عَلَي جَبهَتِهِ شقَيِّ أَو سَعِيدٌ مُؤمِنٌ أَو كَافِرٌ غنَيِّ أَو فَقِيرٌ وَ يَكتُبُ أَجَلَهُ وَ رِزقَهُ وَ سُقمَهُ وَ صِحّتَهُ فَإِذَا انقَطَعَ الرّزقُ المُقَدّرُ لَهُ مِن سُرّةِ أُمّهِ زَجَرَهُ المَلَكُ زَجرَةً فَانقَلَبَ فَزِعاً مِنَ الزّجرَةِ وَ صَارَ رَأسُهُ قِبَلَ المَخرَجِ فَإِذَا وَقَعَ إِلَي الأَرضِ دُفِعَ إِلَي هَولٍ عَظِيمٍ وَ عَذَابٍ أَلِيمٍ إِن أَصَابَتهُ رِيحٌ أَو مَشَقّةٌ أَو مَسّتهُ يَدٌ وَجَدَ لِذَلِكَ مِنَ الأَلَمِ مَا يَجِدُهُ المَسلُوخُ عِندَ جَلدِهِ يَجُوعُ فَلَا يَقدِرُ عَلَي استِطعَامٍ وَ يَعطَشُ فَلَا يَقدِرُ عَلَي استِسقَاءٍ وَ يَتَوَجّعُ فَلَا يَقدِرُ عَلَي الِاستِغَاثَةِ فَيُوَكّلُ اللّهُ تَعَالَي بِهِ الرّحمَةَ وَ الشّفَقَةَ عَلَيهِ وَ المَحَبّةَ لَهُ أُمّهُ فَتَقِيهِ الحَرّ وَ البَردَ بِنَفسِهَا وَ تَكَادُ تَفدِيهِ بِرُوحِهَا وَ تَصِيرُ مِنَ التّعَطّفِ عَلَيهِ بِحَالٍ لَا
صفحه : 353
تبُاَليِ أَن تَجُوعَ إِذَا شَبِعَ وَ تَعطَشَ إِذَا روَيَِ وَ تَعرَي إِذَا كسُيَِ وَ جَعَلَ اللّهُ تَعَالَي ذِكرُهُ رِزقَهُ فِي ثدَييَ أُمّهِ فِي إِحدَاهُمَا طَعَامُهُ وَ فِي الأُخرَي شَرَابُهُ حَتّي إِذَا رَضَعَ آتَاهُ اللّهُ فِي كُلّ يَومٍ بِمَا قَدّرَ لَهُ فِيهِ مِنَ الرّزقِ وَ إِذَا أَدرَكَ فَهّمَهُ الأَهلَ وَ المَالَ وَ الشّرَهَ وَ الحِرصَ ثُمّ هُوَ مَعَ ذَلِكَ بِعَرضِ الآفَاتِ وَ العَاهَاتِ وَ البَلِيّاتِ مِن كُلّ وَجهٍ وَ المَلَائِكَةُ تَهدِيهِ وَ تُرشِدُهُ وَ الشّيَاطِينُ تُضِلّهُ وَ تُغوِيهِ فَهُوَ هَالِكٌ إِلّا أَن يُنَجّيَهُ اللّهُ تَعَالَي وَ قَد ذَكَرَ اللّهُ تَعَالَي ذِكرُهُ نِسبَةَ الإِنسَانِ فِي مُحكَمِ كِتَابِهِ فَقَالَ عَزّ وَ جَلّوَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ ثُمّ جَعَلناهُ نُطفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمّ خَلَقنَا النّطفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقنَا العَلَقَةَ مُضغَةً فَخَلَقنَا المُضغَةَ عِظاماً فَكَسَونَا العِظامَ لَحماً ثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ ثُمّ إِنّكُم بَعدَ ذلِكَ لَمَيّتُونَ ثُمّ إِنّكُم يَومَ القِيامَةِ تُبعَثُونَ قَالَ جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِّ فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ هَذِهِ حَالُنَا فَكَيفَ حَالُكَ وَ حَالُ الأَوصِيَاءِ بَعدَكَ فِي الوِلَادَةِ فَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِص مَلِيّاً ثُمّ قَالَ يَا جَابِرُ لَقَد سَأَلتَ عَن أَمرٍ جَسِيمٍ لَا يَحتَمِلُهُ إِلّا ذُو حَظّ عَظِيمٍ إِنّ الأَنبِيَاءَ وَ الأَوصِيَاءَ مَخلُوقُونَ مِن نُورِ عَظَمَةِ اللّهِ جَلّ ثَنَاؤُهُ يُودِعُ اللّهُ أَنوَارَهُم أَصلَاباً طَيّبَةً وَ أَرحَاماً طَاهِرَةً يَحفَظُهَا بِمَلَائِكَتِهِ وَ يُرَبّيهَا بِحِكمَتِهِ وَ يَغذُوهَا بِعِلمِهِ فَأَمرُهُم يَجِلّ عَن أَن يُوصَفَ وَ أَحوَالُهُم تَدِقّ عَن أَن تُعلَمَ لِأَنّهُم نُجُومُ اللّهِ فِي أَرضِهِ وَ أَعلَامُهُ فِي بَرِيّتِهِ وَ خُلَفَاؤُهُ عَلَي عِبَادِهِ وَ أَنوَارُهُ فِي بِلَادِهِ وَ حُجَجُهُ عَلَي خَلقِهِ يَا جَابِرُ هَذَا مِن مَكنُونِ العِلمِ وَ مَخزُونِهِ فَاكتُمهُ إِلّا مِن أَهلِهِ
بيان في القاموس الوجنة مثلثة وككلمة ومحركة ماارتفع من الخدين والمصرور الأسير لأنه مجموع اليدين من صررت جمعت و قال صر الناقة شد ضرعها و قال ناطه نوطا علقه والشره بالتحريك غلبة الحرص
صفحه : 354
37- الكاَفيِ، عَنِ العِدّةِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ فَضّالٍ وَ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ قَالَا عَرَضنَا كِتَابَ الفَرَائِضِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع عَلَي أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع وَ مِمّا فِيهِ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع جَعَلَ دِيَةَ الجَنِينِ مِائَةَ دِينَارٍ وَ جَعَلَ منَيِّ الرّجُلِ إِلَي أَن يَكُونَ جَنِيناً خَمسَةَ أَجزَاءٍ فَإِذَا كَانَ جَنِيناً قَبلَ أَن تَلِجَهُ الرّوحُ مِائَةَ دِينَارٍ وَ ذَلِكَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ الإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ وَ هيَِ النّطفَةُ فَهَذَا جُزءٌ ثُمّ عَلَقَةً فَهُوَ جُزءَانِ ثُمّ مُضغَةً فَهُوَ ثَلَاثَةُ أَجزَاءٍ ثُمّ عَظماً فَهُوَ أَربَعَةُ أَجزَاءٍ ثُمّ يُكسَي لَحماً فَحِينَئِذٍ تَمّ جَنِيناً فَكَمَلَت لَهُ خَمسَةُ أَجزَاءٍ مِائَةُ دِينَارٍ إِلَي قَولِهِ فَإِذَا أُنشِئَ فِيهِ خَلقٌ آخَرُ وَ هُوَ الرّوحُ فَهُوَ حِينَئِذٍ نَفسٌ فِيهِ أَلفُ دِينَارٍ كَامِلَةً إِن كَانَ ذَكَراً وَ إِن كَانَ أُنثَي فَخَمسُمِائَةِ دِينَارٍ
38- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن أَبِي أَيّوبَ الخَزّازِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَنِ الرّجُلِ يَضرِبُ المَرأَةَ فَتَطرَحُ النّطفَةَ فَقَالَ عَلَيهِ عِشرُونَ دِينَاراً فَقُلتُ فَيَضرِبُهَا فَتَطرَحُ العَلَقَةَ فَقَالَ أَربَعُونَ دِينَاراً قُلتُ فَيَضرِبُهَا فَتَطرَحُ المُضغَةَ قَالَ عَلَيهِ سِتّونَ دِينَاراً قُلتُ فَيَضرِبُهَا فَتَطرَحُهُ وَ قَد صَارَ لَهُ عَظمٌ فَقَالَ عَلَيهِ الدّيَةُ كَامِلَةً بِهَذَا قَضَي أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع قُلتُ فَمَا صِفَةُ خِلقَةِ النّطفَةِ التّيِ تُعرَفُ بِهَا فَقَالَ النّطفَةُ تَكُونُ بَيضَاءَ مِثلَ النّخَامَةِ الغَلِيظَةِ فَتَمكُثُ فِي الرّحِمِ إِذَا صَارَت فِيهِ أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ تَصِيرُ إِلَي عَلَقَةٍ قُلتُ فَمَا صِفَةُ خِلقَةِ العَلَقَةِ التّيِ تُعرَفُ بِهَا فَقَالَ هيَِ عَلَقَةٌ كَعَلَقَةِ الدّمِ المِحجَمَةِ الجَامِدَةِ تَمكُثُ فِي الرّحِمِ بَعدَ تَحوِيلِهَا عَنِ النّطفَةِ أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ تَصِيرُ مُضغَةً قُلتُ فَمَا صِفَةُ المُضغَةِ وَ خِلقَتِهَا التّيِ تُعرَفُ بِهَا قَالَ هيَِ مُضغَةٌ لَحمٌ حَمرَاءُ فِيهَا عُرُوقٌ خُضرٌ مُتَشَبّكَةٌ ثُمّ تَصِيرُ إِلَي عَظمٍ قُلتُ فَمَا صِفَةُ خِلقَتِهِ إِذَا كَانَ عَظماً فَقَالَ إِذَا كَانَ عَظماً شُقّ لَهُ السّمعُ وَ البَصَرُ وَ رُتّبَت جَوَارِحُهُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنّ فِيهِ الدّيَةَ كَامِلَةً
صفحه : 355
39- وَ مِنهُ، عَن صَالِحِ بنِ عُقبَةَ عَن يُونُسَ الشيّباَنيِّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فَإِن خَرَجَ فِي النّطفَةِ قَطرَةُ دَمٍ قَالَ القَطرَةُ عُشرُ النّطفَةِ فِيهَا اثنَانِ وَ عِشرُونَ دِينَاراً قُلتُ فَإِن قَطَرَت قَطرَتَينِ قَالَ أَربَعَةٌ وَ عِشرُونَ دِينَاراً قَالَ قُلتُ فَإِن قَطَرَت بِثَلَاثٍ قَالَ فَسِتّ وَ عِشرُونَ دِينَاراً قُلتُ فَأَربَعٌ قَالَ فَثَمَانِيَةٌ وَ عِشرُونَ دِينَاراً وَ فِي خَمسٍ ثَلَاثُونَ وَ مَا زَادَ عَلَي النّصفِ فَعَلَي حِسَابِ ذَلِكَ حَتّي تَصِيرَ عَلَقَةً فَإِذَا صَارَت عَلَقَةً فَفِيهَا أَربَعُونَ دِينَاراً فَقَالَ لَهُ أَبُو شِبلٍ وَ أَخبَرَنَا أَبُو شِبلٍ قَالَ حَضَرتُ يُونُسَ وَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يُخبِرُهُ بِالدّيَاتِ قَالَ قُلتُ فَإِنّ النّطفَةَ خَرَجَت مُتَخَضخِضَةً بِالدّمِ قَالَ فَقَالَ لِي فَقَد عَلِقَت إِن كَانَ دَماً صَافِياً فَفِيهَا أَربَعُونَ دِينَاراً وَ إِن كَانَ دَماً أَسوَدَ فَلَا شَيءَ عَلَيهِ إِلّا التّعزِيرَ لِأَنّهُ مَا كَانَ مِن دَمٍ صَافٍ فَذَلِكَ لِلوَلَدِ وَ مَا كَانَ مِن دَمٍ أَسوَدَ فَذَلِكَ مِنَ الجَوفِ قَالَ أَبُو شِبلٍ فَإِنّ العَلَقَةَ صَارَ فِيهَا شِبهَ العِرقِ مِن لَحمٍ قَالَ اثنَانِ وَ أَربَعُونَ العُشرُ قَالَ قُلتُ فَإِنّ عُشرَ الأَربَعِينَ أَربَعَةٌ قَالَ لَا إِنّمَا هُوَ عُشرُ المُضغَةِ لِأَنّهُ إِنّمَا ذَهَبَ عُشرُهَا فَكُلّمَا زَادَت زِيدَ حَتّي تَبلُغَ السّتّينَ قَالَ قُلتُ فَإِن رَأَيتُ فِي المُضغَةِ شِبهَ العُقدَةِ عَظماً يَابِساً قَالَ فَذَلِكَ عَظمٌ كَذَلِكَ أَوّلُ مَا يبَتدَِئُ العَظمُ فيَبَتدَِئُ بِخَمسَةِ أَشهُرٍ فَفِيهِ أَربَعَةُ دَنَانِيرَ فَإِن زَادَ فَزَادَ أَربَعَةً أَربَعَةً حَتّي تَتِمّ الثّمَانِينَ قَالَ قُلتُ وَ كَذَلِكَ إِذَا كسُيَِ العَظمُ لَحماً قَالَ كَذَلِكَ قُلتُ فَإِذَا وَكَزَهَا فَسَقَطَ الصبّيِّ فَلَا يُدرَي أَ حَيّاً كَانَ أَم لَا قَالَ هَيهَاتَ يَا بَا شِبلٍ إِذَا مَضَتِ الخَمسَةُ أَشهُرٍ فَقَد صَارَت فِيهِ الحَيَاةُ وَ قَدِ استَوجَبَ الدّيَةُ
بيان الخضخضة تحريك الماء ونحوه إنما هوعشر المضغة أي عشر الدية التي زيدت لصيرورتها مضغة والوكز كالوعد الدفع والطعن والضرب بجمع الكف ثم إن الخبر يدل علي أن ولوج الروح بعدالخمسة أشهر و هوخلاف المشهور و ما
صفحه : 356
دل عليه غيره من الأخبار من أن ولوج الروح بعدالأربعة أشهر ولعل المراد أنه قد يكون كذلك
40- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ غَالِبٍ عَن أَبِيهِ عَن سَعِيدٍ المُسَيّبِ قَالَ سَأَلتُ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع عَن رَجُلٍ ضَرَبَ امرَأَتَهُ حَامِلًا بِرِجلِهِ فَطَرَحَت مَا فِي بَطنِهَا مَيّتاً فَقَالَ إِن كَانَ نُطفَةً فَإِنّ عَلَيهِ عِشرِينَ دِينَاراً قُلتُ فَمَا حَدّ النّطفَةِ فَقَالَ هيَِ التّيِ إِذَا وَقَعَت فِي الرّحِمِ فَاستَقَرّت فِيهِ أَربَعِينَ يَوماً قَالَ وَ إِن طَرَحَتهُ وَ هُوَ عَلَقَةٌ فَإِنّ عَلَيهِ أَربَعِينَ دِينَاراً قُلتُ فَمَا حَدّ العَلَقَةِ فَقَالَ هيَِ التّيِ إِذَا وَقَعَت فِي الرّحِمِ فَاستَقَرّت فِيهِ ثَمَانِينَ يَوماً قَالَ وَ إِن طَرَحَتهُ وَ هُوَ مُضغَةٌ فَإِنّ عَلَيهِ سِتّينَ دِينَاراً قُلتُ فَمَا حَدّ المُضغَةِ فَقَالَ هيَِ التّيِ إِذَا وَقَعَت فِي الرّحِمِ فَاستَقَرّت فِيهِ مِائَةً وَ عِشرِينَ يَوماً قَالَ وَ إِن طَرَحَتهُ وَ هُوَ نَسَمَةٌ مُخَلّقَةٌ لَهُ عَظمٌ وَ لَحمٌ مُرَتّبُ الجَوَارِحِ قَد نُفِخَ فِيهِ رُوحُ العَقلِ فَإِنّ عَلَيهِ دِيَةً كَامِلَةً قُلتُ لَهُ أَ رَأَيتَ تَحَوّلَهُ فِي بَطنِهَا إِلَي حَالٍ أَ بِرُوحٍ كَانَ ذَلِكَ أَو بِغَيرِ رُوحٍ قَالَ بِرُوحٍ عَدَا الحَيَاةِ القَدِيمِ المَنقُولِ فِي أَصلَابِ الرّجَالِ وَ أَرحَامِ النّسَاءِ وَ لَو لَا أَنّهُ كَانَ فِيهِ رُوحٌ عَدَا الحَيَاةِ مَا تَحَوّلَ مِن حَالٍ إِلَي حَالٍ فِي الرّحِمِ وَ مَا كَانَ إِذَن عَلَي مَن يَقتُلَانِهِ دِيَةٌ وَ هُوَ فِي تِلكَ الحَالِ
توضيح مرتب الجوارح في بعض النسخ مزيل الجوارح أي امتازت وافترقت جوارحه بعضها عن بعض كما قال تعالي لَو تَزَيّلُوا لَعَذّبنَا و في بعضها مربل بالراء المهملة والباء الموحدة قال الجوهري تربلت المرأة كثر لحمها بروح غذاء الحياة المراد إما روح الوالدين أوالقوة النامية و في بعضها عدا بالمهملتين من غيرمدة فالمراد به أن تحوله بروح غيرالروح ألذي خلق لأجله قبل
صفحه : 357
خلق الأجساد لأنه لم يتعلق به بعدفالمراد بالروح الأول القوة النامية أوروح الوالدين و علي النسختين المنقول صفة روح لاالحياة والمراد بالقديم ماتقادم زمانه لأنه خلق قبل خلق الأجساد كماسيأتي إن شاء الله وإطلاق القتل علي الإسقاط قبل تعلق الروح مجاز
41- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ أَبِي نَصرٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ الحَسَنِ ع إِنّا رُوّينَا عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ مَن شَرِبَ الخَمرَ لَم يُحتَسَب صَلَاتُهُ أَربَعِينَ يَوماً قَالَ فَقَالَ صَدَقُوا قُلتُ وَ كَيفَ لَا يُحتَسَبُ صَلَاتُهُ أَربَعِينَ صَبَاحاً لَا أَقَلّ مِن ذَلِكَ وَ لَا أَكثَرَ فَقَالَ إِنّ اللّهَ جَلّ وَ عَزّ قَدّرَ خَلقَ الإِنسَانِ فَصَيّرَهُ نُطفَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ نَقَلَهَا فَصَيّرَهَا عَلَقَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ نَقَلَهَا فَصَيّرَهَا مُضغَةً أَربَعِينَ يَوماً فَهُوَ إِذَا شَرِبَ الخَمرَ بقَيَِ فِي مُشَاشَتِهِ أَربَعِينَ يَوماً عَلَي قَدرِ انتِقَالِ خِلقَتِهِ ثُمّ قَالَ ع كَذَلِكَ جَمِيعُ غِذَاءٍ أَكَلَهُ وَ شَرِبَهُ يَبقَي فِي مُشَاشَتِهِ أَربَعِينَ يَوماً
42- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن عَمرِو بنِ عُثمَانَ عَن عَلِيّ بنِ عِيسَي رَفَعَهُ فِي مَا نَاجَي اللّهُ بِهِ مُوسَي ع قَالَ يَا مُوسَي أَنَا السّيّدُ الكَبِيرُ إنِيّ خَلَقتُكَ مِن نُطفَةٍمِن ماءٍ مَهِينٍ مِن طِينَةٍ أَخرَجتُهَا مِن أَرضٍ مَمشُوجَةٍ فَكَانَت بَشَراً فَأَنَا صَانِعُهَا خَلقاً الخَبَرَ
43- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ عَن
صفحه : 358
عَمرِو بنِ سَعِيدٍ عَن مُصَدّقِ بنِ صَدَقَةَ عَن عَمّارِ بنِ مُوسَي عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سُئِلَ عَنِ المَيّتِ يَبلَي جَسَدُهُ قَالَ نَعَم حَتّي لَا يَبقَي لَحمٌ وَ لَا عَظمٌ إِلّا طِينَتُهُ التّيِ خُلِقَ مِنهَا فَإِنّهَا لَا تُبلَي تَبقَي فِي القَبرِ مُستَدِيرَةً حَتّي يَخلُقَ اللّهُ مِنهَا كَمَا خَلَقَ أَوّلَ مَرّةٍ
44- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُسلِمٍ الحلُواَنيِّ عَن أَبِي إِسمَاعِيلَ الصّيقَلِ الراّزيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ فِي الجَنّةِ لَثَمَرَةً تُسَمّي المُزنَ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يَخلُقَ مُؤمِناً أَقطَرَ مِنهَا قَطرَةً فَلَا تُصِيبُ بَقلَةً وَ لَا ثَمَرَةً أَكَلَ مِنهَا مُؤمِنٌ أَو كَافِرٌ إِلّا أَخرَجَ اللّهُ مِن صُلبِهِ مُؤمِناً
45- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مَخلَدٍ عَن أَحمَدَ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ بَشِيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ القزَويِنيِّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ مُحَمّدَ بنَ عَلِيّ ع فَقُلتُ لأِيَّ عِلّةٍ يُولَدُ الإِنسَانُ هَاهُنَا وَ يَمُوتُ فِي مَوضِعٍ آخَرَ قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَمّا خَلَقَ خَلقَهُ خَلَقَهُم مِن أَدِيمِ الأَرضِ فَيَرجِعُ كُلّ إِنسَانٍ إِلَي تُربَتِهِ
46- تَفسِيرُ الإِمَامِ، قَالَ ع فِي سِيَاقِ قِصّةِ ذَبحِ البَقَرَةِ ثُمّ ذَبَحُوهَا وَ أَخَذُوا قِطعَةً وَ هيَِ عَجبُ الذّنَبِ ألّذِي مِنهُ خَلَقَ ابنَ آدَمَ وَ عَلَيهِ يُرَكّبُ إِذَا أَرَادَ خَلقاً جَدِيداً فَضَرَبُوهُ بِهَا القِصّةَ
47-البَصَائِرُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن صَالِحِ بنِ سَهلٍ الهمَدَاَنيِّ وَ غَيرِهِ عَن يُونُسَ بنِ ظَبيَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يَقبِضَ رُوحَ إِمَامٍ وَ يَخلُقَ مِن بَعدِهِ إِمَاماً أَنزَلَ قَطرَةً مِن مَاءٍ تَحتَ العَرشِ إِلَي الأَرضِ فَيُلقِيهَا عَلَي ثَمَرَةٍ أَو بَقلَةٍ فَيَأكُلُ تِلكَ الثّمَرَةَ أَو تِلكَ البَقلَةَ الإِمَامُ ألّذِي يَخلُقُ اللّهُ مِنهُ نُطفَةَ الإِمَامِ ألّذِي يَقُومُ مِن بَعدِهِ قَالَ فَيَخلُقُ اللّهُ مِن تِلكَ القَطرَةِ نُطفَةً فِي الصّلبِ ثُمّ يَصِيرُ إِلَي الرّحِمِ
صفحه : 359
فَيَمكُثُ فِيهَا أَربَعِينَ لَيلَةً فَإِذَا مَضَي لَهُ أَربَعُونَ لَيلَةً سَمِعَ الصّوتَ فَإِذَا مَضَي لَهُ أَربَعَةُ أَشهُرٍ كَتَبَ عَلَي عَضُدِهِ الأَيمَنِوَ تَمّت كَلِمَةُ رَبّكَ صِدقاً وَ عَدلًا لا مُبَدّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ فَإِذَا خَرَجَ إِلَي الأَرضِ أوُتيَِ الحِكمَةَ وَ زُيّنَ بِالعِلمِ وَ الوَقَارِ وَ أُلبِسَ الهَيبَةَ وَ جُعِلَ لَهُ مِصبَاحٌ مِن نُورٍ يَعرِفُ بِهِ الضّمِيرَ وَ يَرَي بِهِ أَعمَالَ العِبَادِ
أقول قدمضت الأخبار في بدء خلق الإمام وخواصه في المجلدات السابقة المتعلقة بالإمامة فلانعيدها حذرا من التكرار
48- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ البرَقيِّ عَن أَبِي هَاشِمٍ الجعَفرَيِّ عَن أَبِي جَعفَرٍ الثاّنيِ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَ فِيهِ إِتيَانَ الخَضِرِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع وَ سُؤَالَهُ عَن مَسَائِلَ وَ أَمرَهُ ع الحَسَنَ بِجَوَابِهِ فَقَالَ الحَسَنُ ع فِي سِيَاقِ الأَجوِبَةِ وَ أَمّا مَا ذَكَرتَ مِن أَمرِ الرّجُلِ يُشبِهُ أَعمَامَهُ وَ أَخوَالَهُ فَإِنّ الرّجُلَ إِذَا أَتَي أَهلَهُ بِقَلبٍ سَاكِنٍ وَ عُرُوقٍ هَادِئَةٍ وَ بَدَنٍ غَيرِ مُضطَرِبٍ استَكَنّت تِلكَ النّطفَةُ فِي تِلكَ الرّحِمِ فَخَرَجَ الوَلَدُ يُشبِهُ أَبَاهُ وَ أُمّهُ وَ إِن أَتَاهَا بِقَلبٍ غَيرِ سَاكِنٍ وَ عُرُوقٍ غَيرِ هَادِئَةٍ وَ بَدَنٍ مُضطَرِبٍ اضطَرَبَت تِلكَ النّطفَةُ فِي جَوفِ تِلكَ الرّحِمِ فَوَقَعَت عَلَي عِرقٍ مِنَ العُرُوقِ فَإِن وَقَعَت عَلَي عِرقٍ مِن عُرُوقِ الأَعمَامِ أَشبَهَ الوَلَدُ أَعمَامَهُ وَ إِن وَقَعَت عَلَي عِرقٍ مِن عُرُوقِ الأَخوَالِ أَشبَهَ أَخوَالَهُ إِلَي آخِرِ مَا سيَأَتيِ مِنَ الخَبَرِ الطّوِيلِ
بيان في القاموس هدأ كمنع هدءا وهدوءا سكن وأقول يحتمل أن يكون المراد أنه إذا لم تضطرب النطفة تحصل المشابهة التامة لأن المني يخرج من جميع البدن فيقع كل جزء موقعه و إذااضطربت حصلت المشابهة الناقصة فيشبه الأعمام إذا كان الأغلب مني الرجل لأنهم أيضا يشبهون الأب مشابهة ناقصة و إن غلب مني الأم أشبه الأخوال كذلك ويمكن أن يكون بعض العروق في بدن الأب منسوبا إلي
صفحه : 360
الأعمام و في بدن الأم منسوبا إلي الأخوال ففي الاضطراب يعلو المني الخارج من ذلك العرق فالمراد بالعرق مني العرق و هذا لايخلو من بعد
49- تَفسِيرُ الإِمَامِ، قَالَ ع فِي قَولِهِ تَعَالَييا أَيّهَا النّاسُ اعبُدُوا رَبّكُمُ ألّذِي خَلَقَكُم مِن نُطفَةٍمِن ماءٍ مَهِينٍفَجَعَلَهُفِي قَرارٍ مَكِينٍ إِلي قَدَرٍ مَعلُومٍفَقَدّرَهُ فَنِعمَ القَادِرُ رَبّ العَالَمِينَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ النّطفَةَ تَثبُتُ فِي الرّحِمِ أَربَعِينَ يَوماً نُطفَةً ثُمّ يَصِيرُ عَلَقَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ مُضغَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ يُجعَلُ بَعدَهُ عَظماً ثُمّ يُكسَي لَحماً ثُمّ يَلبَسُ اللّهُ بَعدَهُ جِلداً ثُمّ يَنبُتُ عَلَيهِ شَعراً ثُمّ يَبعَثُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مَلَكَ الأَرحَامِ فَيُقَالُ لَهُ اكتُب أَجَلَهُ وَ عَمَلَهُ وَ رِزقَهُ وَ شَقِيّاً يَكُونُ أَو سَعِيداً فَيَقُولُ المَلَكُ يَا رَبّ أَنّي لِي بِعِلمِ ذَلِكَ فَيُقَالُ لَهُ استَملِ ذَلِكَ مِن قُرّاءِ اللّوحِ المَحفُوظِ فَيَستَملِيهِ مِنهُم
50- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن أَبِي مُحَمّدٍ المدَاَئنِيِّ عَن عَائِذِ بنِ حَبِيبٍ بَيّاعِ الهرَوَيِّ عَن عِيسَي بنِ زَيدٍ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يَثّغِرُ الغُلَامُ لِسَبعِ سِنِينَ وَ يُؤمَرُ بِالصّلَاةِ لِتِسعٍ وَ يُفَرّقُ بَينَهُم فِي المَضَاجِعِ لِعَشرٍ وَ يَحتَلِمُ لِأَربَعَ عَشرَةَ وَ ينَتهَيِ طُولُهُ إِلَي اثنَتَينِ وَ عِشرِينَ سَنَةً وَ ينَتهَيِ عَقلُهُ إِلَي ثَمَانٍ وَ عِشرِينَ سَنَةً إِلّا التّجَارِبَ
بيان قال المطرزي ثغر الصبي فهو مثغور سقطت رواضعه و أما إذانبت بعدالسقوط فهو مثغر بالتاء والثاء و قداثغر علي افتعل
51- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن مُوسَي بنِ عُمَرَ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَنِ الحَسَنِ الضّرِيرِ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَشِبّ الصبّيِّ كُلّ سَنَةٍ أَربَعَ أَصَابِعَ بِأَصَابِعِ نَفسِهِ
52- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِّ عَنِ السكّوُنيِّ
صفحه : 361
عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ الغُلَامُ لَا يُلقِحُ بِتَفَلّكِ ثدياه [ثَديَيهِ] وَ بِسَطحِ رِيحِ إِبطَيهِ
بيان لايلقح لايجامع و هوكناية عن البلوغ و في القاموس فلك ثديها وتفلك استدار
53- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن خَلِيلِ بنِ عَمرٍو اليشَكرُيِّ عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَقُولُ إِذَا كَانَ الغُلَامُ مُلتَاثَ الأُدرَةِ صَغِيرَ الذّكَرِ سَاكِنَ النّظَرِ فَهُوَ مِمّن يُرجَي خَيرُهُ وَ يُؤمَنُ شَرّهُ قَالَ وَ إِذَا كَانَ الغُلَامُ شَدِيدَ الأُدرَةِ كَبِيرَ الذّكَرِ حَادّ النّظَرِ فَهُوَ مِمّن لَا يُرجَي خَيرُهُ وَ لَا يُؤمَنُ شَرّهُ
توضيح في أكثر النسخ ملتاث الأدرة بالتاء المثناة ثم الثاء المثلثة من اللوثة بالضم وهي الاسترخاء والأدرة نفخة في الخصية وكأن المراد بهاهنا نفس الخصية أي مسترخي الخصية متدليها و في بعضها الإزرة بالزاي أي هيئة الائتزار والتياثة كناية عن أنه لايجود شد الإزار والمنطقة بحيث يري منه حسن الائتزار فعجب به كما هوعادة الظرفاء و في بعضها ملثاث بالثاءين المثلثتين واللث والإلثاث واللثلثة الإلحاح والإقامة ودوام المطر واللثلثة الضعف والحبس والتردد في الأمر ذكرها الفيروزآبادي والأول أنسب
54-الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ بُندَارَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الهمَداَنيِّ عَن أَبِي سَعِيدٍ الشاّميِّ عَن صَالِحِ بنِ عُقبَةَ قَالَ سَمِعتُ العَبدَ الصّالِحَ يَقُولُتُستَحَبّ
صفحه : 362
عَرَامَةُ الغُلَامِ فِي صِغَرِهِ لِيَكُونَ حَلِيماً فِي كِبَرِهِ ثُمّ قَالَ مَا ينَبغَيِ إِلّا أَن يَكُونَ هَكَذَا وَ روُيَِ أَنّ أَكيَسَ الصّبيَانِ أَشَدّهُم بُغضاً لِلكِتَابِ
بيان العرامة سوء الخلق والفساد والمرح والأشرار والمراد ميله إلي اللعب وبغضه للكتاب أي عرامته في صغره علامة عقله وحلمه في كبره وينبغي أن يكون الطفل هكذا فأما إذا كان منقادا ساكنا حسن الخلق في صغره يكون بليدا في كبره كما هوالمجرب والكتاب بالتشديد المكتب
55-الدّرّ المَنثُورُ، عَن مُحَمّدِ بنِ كَعبٍ القرُطيِّ قَالَقَرَأتُ فِي التّورَاةِ أَو قَالَ فِي صُحُفِ اِبرَاهِيمَ فَوَجَدتُ فِيهَا يَقُولُ اللّهُ تَعَالَي يَا ابنَ آدَمَ مَا أنَصفَتنَيِ خَلَقتُكَ وَ لَم تَكُ شَيئاً وَ جَعَلتُكَ بَشَراً سَوِيّاً خَلَقتُكَمِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ ثُمّ جَعَلتُكَنُطفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمّ خَلَقتُالنّطفَةَ عَلَقَةًفَخَلَقتُالعَلَقَةَ مُضغَةًفَخَلَقتُالمُضغَةَ عِظاماًفَكَسَوتُالعِظامَ لَحماً ثُمّ أَنشَأتُكَخَلقاً آخَرَ يَا ابنَ آدَمَ هَل يَقدِرُ عَلَي ذَلِكَ غيَريِ ثُمّ خَفّفتُ ثِقلَكَ عَلَي أُمّكَ حَتّي لَا تَتَبَرّمَ بِكَ وَ لَا تَتَأَذّي ثُمّ أَوحَيتُ إِلَي الأَمعَاءِ أَنِ اتسّعِيِ وَ إِلَي الجَوَارِحِ أَن تفَرَقّيِ فَاتّسَعَتِ الأَمعَاءُ مِن بَعدِ ضِيقِهَا وَ تَفَرّقَتِ الجَوَارِحُ مِن بَعدِ تَشبِيكِهَا ثُمّ أَوحَيتُ إِلَي المَلَكِ المُوَكّلِ بِالأَرحَامِ أَن يُخرِجَكَ مِن بَطنِ أُمّكَ فَاستَخلَصَكَ عَلَي رِيشَةٍ مِن جَنَاحِهِ فَاطّلَعتُ عَلَيكَ فَإِذَا أَنتَ خَلقٌ ضَعِيفٌ لَيسَ لَكَ سِنّ يَقطَعُ وَ لَا ضِرسٌ يَطحَنُ فَاستَخلَصتُ لَكَ فِي صَدرِ أُمّكَ ثَدياً يُدِرّ لَكَ لَبَناً بَارِداً فِي الصّيفِ حَارّاً فِي الشّتَاءِ وَ استَخلَصتُهُ مِن بَينِ جِلدٍ وَ لَحمٍ وَ دَمٍ وَ عُرُوقٍ وَ قَذَفتُ لَكَ فِي قَلبِ وَالِدَتِكَ الرّحمَةَ وَ فِي قَلبِ أَبِيكَ التّحَنّنَ فِيهِمَا يَكُدّانِ وَ يَجهَدَانِ وَ يُرَبّيَانِكَ وَ يُغَذّيَانِكَ وَ لَم يَنَامَا حَتّي يُنَوّمَانِكَ ابنَ آدَمَ أَنَا فَعَلتُ ذَلِكَ بِكَ لَا بشِيَءٍ استَأهَلتَهُ بِهِ منِيّ أَو لِحَاجَةٍ استَعَنتَ عَلَي قَضَائِهَا ابنَ آدَمَ فَلَمّا قَطَعَ
صفحه : 363
سِنّكَ وَ طَلَعَ ضِرسُكَ أَطعَمتُكَ فَاكِهَةَ الصّيفِ وَ فَاكِهَةَ الشّتَاءِ فِي أَوَانِهِمَا فَلَمّا عَرَفتَ أنَيّ رَبّكَ عصَيَتنَيِ فَالآنَ إِذ عصَيَتنَيِ فاَدعنُيِ وَ إنِيّقَرِيبٌ مُجِيبٌ وَ ادعنُيِفإَنِيّ غَفُورٌ رَحِيمٌ
56- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ رَوَاهُ عَن رَجُلٍ مِنَ العَامّةِ قَالَ كُنتُ أُجَالِسُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَلَا وَ اللّهِ مَا رَأَيتُ مَجلِساً أُنِيلُ مِن مَجَالِسِهِ قَالَ فَقَالَ لِي ذَاتَ يَومٍ مِن أَينَ تَخرُجُ العَطسَةُ فَقُلتُ مِنَ الأَنفِ فَقَالَ لِي أَصَبتَ الخَطَأَ فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ مِن أَينَ تَخرُجُ فَقَالَ مِن جَمِيعِ البَدَنِ كَمَا أَنّ النّطفَةَ تَخرُجُ مِن جَمِيعِ البَدَنِ وَ مَخرَجُهَا مِنَ الإِحلِيلِ ثُمّ أَ مَا رَأَيتَ الإِنسَانَ إِذَا عَطَسَ نَفَضَ جَمِيعَ أَعضَائِهِ وَ صَاحِبُ العَطسَةِ يَأمَنُ المَوتَ سَبعَةَ أَيّامٍ
57-الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ عَن أَبِي حَمزَةَ قَالَسَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَنِ الخَلقِ فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي لَمّا خَلَقَ الخَلقَ مِن طِينٍ أَفَاضَ بِهَا كَإِفَاضَةِ القِدَاحِ فَأَخرَجَ المُسلِمَ فَجَعَلَهُ سَعِيداً وَ جَعَلَ الكَافِرَ شَقِيّاً فَإِذَا وَقَعَتِ النّطفَةُ تَلَقّتهَا المَلَائِكَةُ فَصَوّرُوهَا ثُمّ قَالُوا يَا رَبّ أَ ذَكَرٌ أَو أُنثَي فَيَقُولُ الرّبّ جَلّ جَلَالُهُ أَيّ ذَلِكَ شَاءَ فَيَقُولَانِفَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ ثُمّ يُوضَعُ فِي بَطنِهَا فَتَرَدّدُ تِسعَةَ أَيّامٍ وَ فِي كُلّ عِرقٍ وَ مَفصَلٍ مِنهَا وَ لِلرّحِمِ ثَلَاثَةُ أَقفَالٍ قُفلٌ فِي أَعلَاهَا مِمّا يلَيِ أَعلَي السّرّةِ مِن جَانِبِ الأَيمَنِ وَ القُفلُ الآخَرُ فِي وَسَطِهَا أَسفَلَ مِنَ الرّحِمِ فَيُوضَعُ بَعدَ تِسعَةِ أَيّامٍ فِي القُفلِ الأَعلَي فَيَمكُثُ فِيهِ ثَلَاثَةَ
صفحه : 364
أَشهُرٍ فَعِندَ ذَلِكَ يُصِيبُ المَرأَةَ خُبثُ النّفسِ وَ التّهَوّعُ ثُمّ يَنزِلُ إِلَي القُفلِ الأَوسَطِ فَيَمكُثُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَشهُرٍ وَ سُرّةُ الصبّيِّ فِيهَا مَجمَعُ العُرُوقِ وَ عُرُوقُ المَرأَةِ كُلّهَا مِنهَا يَدخُلُ طَعَامُهُ وَ شَرَابُهُ مِن تِلكَ العُرُوقِ ثُمّ يَنزِلُ إِلَي القُفلِ الأَسفَلِ فَيَمكُثُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَشهُرٍ فَذَلِكَ تِسعَةُ أَشهُرٍ ثُمّ تُطلَقُ المَرأَةُ فَكُلّمَا طُلِقَت انقَطَعَ عِرقٌ مِن سُرّةِ الصبّيِّ فَأَصَابَهَا ذَلِكَ الوَجَعُ وَ يَدُهُ عَلَي سُرّتِهِ حَتّي يَقَعَ عَلَي الأَرضِ وَ يَدُهُ مَبسُوطَةٌ فَيَكُونُ رِزقُهُ حِينَئِذٍ مِن فِيهِ
بيان أفاض بهاكإفاضة القداح قال الجوهري إفاضة القداح الضرب بها والقداح جمع القدح بالكسر و هوالسهم قبل أن يراش وينصل فإنهم كانوا يخلطونها ويقرعون بها بعد مايكتبون عليها أسماءهم و في التشبيه إشارة لطيفة إلي اشتباه خير بني آدم بشرهم إلي أن يميز الله الخبيث من الطيب كذا ذكره بعض الأفاضل .أقول يمكن أن يقرأ القداح بفتح القاف وتشديد الدال و هوصانع القدح أي أفاض وشرع في بريها ونحتها كالقداح فيراهم مختلفة كالقداح قوله فتردد لعل ترددها كناية عما يؤثر فيها من مزاج الأم أو مايختلط بها من نطفة الأم الخارجة من جميع عروقها ثم إنه يحتمل أن يكون نزولها إلي الأوسط والأسفل ببعضها لعظم جثتها لابكلها قوله أسفل من الرحم أي هوأسفل موضع منها و في القاموس الطلق وجع الولادة و قدطلقت المرأة طلقا علي ما لم يسم فاعله ويده أي يد الصبي
58-الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن زُرَارَةَ بنِ أَعيَنَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ ع يَقُولُ إِذَا وَقَعَتِ النّطفَةُ فِي الرّحِمِ استَقَرّت فِيهَا أَربَعِينَ يَوماً وَ تَكُونُ عَلَقَةً أَربَعِينَ يَوماً وَ تَكُونُ مُضغَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ يَبعَثُ اللّهُ مَلَكَينِ خَلّاقَينِ فَيُقَالُ لَهُمَا اخلُقَا كَمَا يُرِيدُ اللّهُ ذَكَراً أَو أُنثَي صَوّرَاهُ وَ اكتُبَا أَجَلَهُ وَ رِزقَهُ وَ مَنِيّتَهُ وَ شَقِيّاً أَو سَعِيداً وَ اكتُبَا لِلّهِ
صفحه : 365
المِيثَاقَ ألّذِي أَخَذَهُ فِي الذّرّ بَينَ عَينَيهِ فَإِذَا دَنَا خُرُوجُهُ مِن بَطنِ أُمّهِ بَعَثَ اللّهُ إِلَيهِ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ زَاجِرٌ فَيَزجُرُهُ فَيَفزَعُ فَزَعاً فَيَنسَي المِيثَاقَ وَ يَقَعُ إِلَي الأَرضِ وَ يبَكيِ مِن زَجرَةِ المَلَكِ
59- قُربُ الإِسنَادِ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ قَالَ سَأَلتُ الرّضَا ع أَن يَدعُوَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لِامرَأَةٍ مِن أَهلِنَا بِهَا حَملٌ فَقَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع الدّعَاءُ مَا لَم يَمضِ أَربَعَةُ أَشهُرٍ فَقُلتُ لَهُ إِنّمَا لَهَا أَقَلّ مِن هَذَا فَدَعَا لَهَا ثُمّ قَالَ إِنّ النّطفَةَ تَكُونُ فِي الرّحِمِ ثَلَاثِينَ يَوماً وَ تَكُونُ عَلَقَةً ثَلَاثِينَ يَوماً وَ تَكُونُ مُضغَةً ثَلَاثِينَ يَوماً وَ تَكُونُ مُخَلّقَةً وَ غَيرَ مُخَلّقَةٍ ثَلَاثِينَ يَوماً فَإِذَا تَمّتِ الأَربَعَةُ أَشهُرٍ بَعَثَ اللّهُ تَعَالَي إِلَيهَا مَلَكَينِ خَلّاقَينِ يُصَوّرَانِهِ وَ يَكتُبَانِ رِزقَهُ وَ أَجَلَهُ وَ شَقِيّاً أَو سَعِيداً الخَبَرَ
60- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، لَقَد خَلَقناكُم ثُمّ صَوّرناكُم أَي خَلَقنَاكُم فِي الأَصلَابِ وَ صَوّرنَاكُم فِي أَرحَامِ النّسَاءِ ثُمّ قَالَ وَ صَوّرَ ابنَ مَريَمَ فِي الرّحِمِ دُونَ الصّلبِ وَ إِن كَانَ مَخلُوقاً فِي أَصلَابِ الأَنبِيَاءِ وَ رُفِعَ وَ عَلَيهِ مِدرَعَةٌ مِن صُوفٍ
حَدّثَنَا أَحمَدُ بنُ مُحَمّدٍ عَن جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ المحُمَدّيِّ عَن كَثِيرِ بنِ عَيّاشٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِوَ لَقَد خَلَقناكُم ثُمّ صَوّرناكُم قَالَ أَمّاخَلَقناكُمفَنُطفَةً ثُمّ عَلَقَةً ثُمّ مُضغَةً ثُمّ عِظَاماً ثُمّ لَحماً وَ أَمّاصَوّرناكُمفَالعَينَ وَ الأَنفَ وَ الأُذُنَينِ وَ الفَمَ وَ اليَدَينِ وَ الرّجلَينِ صَوّرَ هَذَا وَ نَحوَهُ ثُمّ جَعَلَ الدّمِيمَ وَ الوَسِيمَ وَ الجَسِيمَ وَ الطّوِيلَ وَ القَصِيرَ وَ أَشبَاهَ هَذَا
صفحه : 366
61- وَ مِنهُ، خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ ثُمّ جَعَلَ مِنها زَوجَهايعَنيِ آدَمَ وَ زَوجَتَهُ حَوّاءَفِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ قَالَ البَطنُ وَ الرّحِمُ وَ المَشِيمَةُ
62- وَ مِنهُ، أَينَما تَكُونُوا يُدرِككُمُ المَوتُ وَ لَو كُنتُم فِي بُرُوجٍ مُشَيّدَةٍيعَنيِ الظّلُمَاتِ الثّلَاثَ التّيِ ذَكَرَهَا اللّهُ وَ هيَِ المَشِيمَةُ وَ الرّحِمُ وَ البَطنُ
63- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ مَرّارٍ عَن يُونُسَ قَالَ إِنّمَا جُعِلَتِ المَوَارِيثُ مِن سِتّةِ أَسهُمٍ عَلَي خِلقَةِ الإِنسَانِ لِأَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ بِحِكمَتِهِ خَلَقَ الإِنسَانَ مِن سِتّةِ أَجزَاءٍ فَوَضَعَ المَوَارِيثَ عَلَي سِتّةِ أَسهُمٍ وَ هُوَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّوَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ ثُمّ جَعَلناهُ نُطفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍففَيِ النّطفَةِ دِيَةٌثُمّ خَلَقنَا النّطفَةَ عَلَقَةًففَيِ العَلَقَةِ دِيَةٌفَخَلَقنَا العَلَقَةَ مُضغَةً وَ فِيهَا دِيَةٌفَخَلَقنَا المُضغَةَ عِظاماً وَ فِيهَا دِيَةٌفَكَسَونَا العِظامَ لَحماً وَ فِيهِ دِيَةٌ أُخرَيثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَ وَ فِيهِ دِيَةٌ أُخرَي فَهَذَا ذِكرُ آخِرِ المَخلُوقِ
64- قِصَصُ الراّونَديِّ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الصّدُوقِ بِإِسنَادِهِ عَن شَهرِ بنِ حَوشَبٍ قَالَ لَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِص المَدِينَةَ أَتَاهُ رَهطٌ مِنَ اليَهُودِ فَسَأَلُوهُ عَن مَسَائِلَ مِنهَا قَالُوا كَيفَ يَكُونُ الشّبَهُ مِنَ المَرأَةِ وَ إِنّمَا النّطفَةُ لِلرّجُلِ فَقَالَ أُنشِدُكُم بِاللّهِ أَ تَعلَمُونَ أَنّ نُطفَةَ الرّجُلِ بَيضَاءُ غَلِيظَةٌ وَ أَنّ نُطفَةَ المَرأَةِ حَمرَاءُ رَقِيقَةٌ فَأَيّتُهَا غَلَبَ عَلَي صَاحِبَتِهَا كَانَ لَهَا الشّبَهُ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم الخَبَرَ
65- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الصّدُوقِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ يَحيَي عَنِ السيّاّريِّ عَن إِسحَاقَ بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ الرّضَا ع قَالَ إِنّ المَلِكَ قَالَ لِدَانِيَالَ أشَتهَيِ أَن يَكُونَ لِي ابنٌ مِثلُكَ فَقَالَ مَا محَلَيّ مِن قَلبِكَ قَالَ أَجَلّ مَحَلّ وَ أَعظَمُهُ
صفحه : 367
قَالَ دَانِيَالُ فَإِذَا جَامَعتَ فَاجعَل هِمّتَكَ فِيّ قَالَ فَفَعَلَ المَلِكُ ذَلِكَ فَوُلِدَ لَهُ ابنٌ أَشبَهُ خَلقِ اللّهِ بِدَانِيَالَ
بيان أقول ذكر الأطباء أيضا أن للتخيل في وقت الجماع مدخلا في كيفية تصوير الجنين قال ابن سينا في القانون قد قال قوم من العلماء و لم يعدوا عن حكم الجواز إن من أسباب الشبه مايتمثل حال العلوق في وهم المرأة أو الرجل من الصور الإنسانية تمثلا متمكنا انتهي و قال بعضهم تصور رجل عندالجماع صورة حية فتولد منه طفل كان رأسه رأس إنسان وبدنه بدن حية
66- قُربُ الإِسنَادِ، عَنِ السنّديِّ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِي البخَترَيِّ[ عَن]وَهبٍ القرُشَيِّ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع أَنّ رَجُلًا أَتَي عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَ إِنّ امرأَتَيِ هَذِهِ جَارِيَةٌ حَدَثَةٌ وَ هيَِ عَذرَاءُ وَ هيَِ حَامِلٌ فِي تِسعَةِ أَشهُرٍ وَ لَا أَعلَمُ إِلّا خَيراً وَ أَنَا شَيخٌ كَبِيرٌ مَا افتَرَعتُهَا وَ إِنّهَا لَعَلَي حَالِهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع نَشَدتُكَ بِاللّهِ هَل كُنتَ تُهَرِيقُ عَلَي فَرجِهَا قَالَ نَعَم فَقَالَ عَلِيّ ع إِنّ لِكُلّ فَرجٍ ثُقبَتَينِ ثَقبٌ يَدخُلُ فِيهِ مَاءُ الرّجُلِ وَ ثَقبٌ يَخرُجُ مِنهُ البَولُ وَ أَفوَاهُ الرّحِمِ تَحتَ الثّقبِ ألّذِي يَدخُلُ مِنهُ مَاءُ الرّجُلِ فَإِذَا دَخَلَ المَاءُ فِي فَمٍ وَاحِدَةٍ مِن أَفوَاهِ الرّحِمِ حَمَلَتِ المَرأَةُ بِوَلَدٍ وَاحِدٍ وَ إِذَا دَخَلَ فِي اثنَينِ حَمَلَت بِاثنَينِ وَ إِذَا دَخَلَ مِن ثَلَاثَةٍ حَمَلَت بِثَلَاثَةٍ وَ إِذَا دَخَلَ مِن أَربَعَةٍ حَمَلَت بِأَربَعَةٍ وَ لَيسَ هُنَاكَ غَيرُ ذَلِكَ وَ قَد أُلحِقَت بِكَ وَلَدُهَا فَشَقّ عَنهَا القَوَابِلُ فَجَاءَت بِغُلَامٍ فَعَاشَ
67-التّهذِيبُ،بِإِسنَادِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَ قُلتُ تلَزمَنُيِ المَرأَةُ أَوِ الجَارِيَةُ مِن خلَفيِ وَ أَنَا مُتّكِئٌ عَلَي جَنبٍ فَتَتَحَرّكُ عَلَي ظهَريِ فَتَأتِيهَا الشّهوَةُ وَ تُنزِلُ المَاءَ أَ فَعَلَيهَا غُسلٌ أَم لَا قَالَ نَعَم إِذَا جَاءَتِ الشّهوَةُ وَ أَنزَلَتِ المَاءَ
صفحه : 368
وَجَبَ عَلَيهَا الغُسلُ
68- وَ مِنهُ،بِسَنَدٍ مُوَثّقٍ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ حُكَيمٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِذَا أَمنَتِ المَرأَةُ وَ الأَمَةُ مِن شَهوَةٍ جَامَعَهَا الرّجُلُ أَو لَم يُجَامِعهَا فِي نَومٍ كَانَ ذَلِكَ أَو فِي يَقَظَةٍ فَإِنّ عَلَيهَا الغُسلَ
69- وَ مِنهُ،بِإِسنَادِهِ عَن يَحيَي بنِ أَبِي طَلحَةَ أَنّهُ سَأَلَ عَبداً صَالِحاً عَن رَجُلٍ مَسّ فَرجَ امرَأَتِهِ أَو جَارِيَتِهِ يَعبَثُ بِهَا حَتّي أَنزَلَت عَلَيهَا غُسلٌ أَم لَا قَالَ أَ لَيسَ قَد أَنزَلَت مِن شَهوَةٍ قُلتُ بَلَي قَالَ عَلَيهَا غُسلٌ
70- وَ مِنهُ،بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابنِ بَزِيعٍ قَالَ سَأَلتُ الرّضَا ع عَنِ الرّجُلِ يُجَامِعُ المَرأَةَ فِي مَا دُونَ الفَرجِ فَتُنزِلُ المَرأَةُ هَل عَلَيهَا غُسلٌ قَالَ نَعَم
تبيان أقول الأخبار في هذاالمعني كثيرة وهي تدل مع مامر من الأخبار في شبه الأعمام والأخوال علي أن للمرأة منيا كالرجل كماذهب إليه جالينوس وأكثر الأطباء وذهب أرسطو وجماعة من الحكماء إلي أنه ليس للمرأة مني وإنما تنفصل من بيضتها رطوبة شبيهة بالمني يقال لها المني مجازا إذ عندهم أن المني مااجتمع فيه خمس صفات بياض اللون وحصول اللذة عندالخروج والقوة العاقدة والدفق ورائحة شبيهة برائحة الطلع و إذاامتزج مني الرجل بتلك الرطوبة تتولد منه مادة الجنين ومني الرجل هي العاقدة والفاعلة ورطوبة المرأة هي المنعقدة والمنفعلة و قال جالينوس وأتباعه في كل منهما قوة عاقدة ومنعقدة والحق أن النزاع في إطلاق المني علي رطوبة المرأة وعدمه لفظي لاطائل تحته و قدمر في الأخبار الكثيرة أن الولد يتكون من المنيين معا وسيأتي بعض القول فيه أيضا في آخر الباب إن شاء الله
71- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، قَولُهُسُبحانَ ألّذِي خَلَقَ الأَزواجَ كُلّها مِمّا تُنبِتُ الأَرضُ وَ مِن أَنفُسِهِم وَ مِمّا لا يَعلَمُونَ
قَالَ فَإِنّهُ حدَثّنَيِ أَبِي عَنِ النّضرِ
صفحه : 369
بنِ سُوَيدٍ عَنِ الحلَبَيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ النّطفَةَ تَقَعُ مِنَ السّمَاءِ إِلَي الأَرضِ عَلَي النّبَاتِ وَ الثّمَرِ وَ الشّجَرِ فَتَأكُلُ النّاسُ مِنهُ وَ البَهَائِمُ فيَجَريِ فِيهِم
72- العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي بنِ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ السعّدآَباَديِّ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن حَمّادِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ ابنُ آدَمَ مُنتَصِبٌ فِي بَطنِ أُمّهِ وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِي كَبَدٍ وَ مَا سِوَي ابنِ آدَمَ فَرَأسُهُ فِي دُبُرِهِ وَ يَدَاهُ بَينَ يَدَيهِ
73- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، وَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ قَالَ السّلَالَةُ الصّفوَةُ مِنَ الطّعَامِ وَ الشّرَابِ ألّذِي يَصِيرُ نُطفَةً وَ النّطفَةُ أَصلُهَا مِنَ السّلَالَةِ وَ السّلَالَةُ هُوَ مِن صَفوَةِ الطّعَامِ وَ الشّرَابِ وَ الطّعَامُ مِن أَصلِ الطّينِ فَهَذَا مَعنَي قَولِهِمِن سُلالَةٍ مِن طِينٍثُمّ جَعَلناهُ نُطفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ أَي فِي الأُنثَيَينِ ثُمّ فِي الرّحِمِثُمّ خَلَقنَا النّطفَةَ عَلَقَةً إِلَي قَولِهِأَحسَنُ الخالِقِينَ وَ هَذِهِ استِحَالَةُ أَمرٍ إِلَي أَمرٍ فَحَدّ النّطفَةِ إِذَا وَقَعَت فِي الرّحِمِ أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ يَصِيرُ عَلَقَةً
74- وَ مِنهُ، قَولُهُوَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ إِلَي قَولِهِثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَفهَيَِ سِتّةُ أَجزَاءٍ وَ سِتّةُ استَحَالَاتٍ وَ فِي كُلّ جُزءٍ وَ استِحَالَةٍ دِيَةٌ مَحدُودَةٌ ففَيِ النّطفَةِ عِشرُونَ دِينَاراً وَ فِي العَلَقَةِ أَربَعُونَ دِينَاراً وَ فِي المُضغَةِ سِتّونَ دِينَاراً وَ فِي العَظمِ ثَمَانُونَ دِينَاراً وَ إِذَا كسُيَِ لَحماً فَمِائَةُ دِينَارٍ حَتّي يَستَهِلّ فَإِذَا استَهَلّ فَالدّيَةُ كَامِلَةً
75- وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَفَهُوَ نَفخُ الرّوحِ فِيهِ
صفحه : 370
76- وَ مِنهُ، وَ بَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ مِن طِينٍ قَالَ هُوَ آدَمُ ع ثُمّ جَعَلَ نَسلَهُ أَي وُلدَهُمِن سُلالَةٍ وَ هُوَ الصّفوَةُ مِنَ الطّعَامِ وَ الشّرَابِمِن ماءٍ مَهِينٍ قَالَ النّطفَةُ المنَيِّثُمّ سَوّاهُ أَي استَحَالَهُ مِن نُطفَةٍ إِلَي عَلَقَةٍ وَ مِنَ العَلَقَةِ إِلَي مُضغَةٍ ثُمّ نَفَخَ فِيهِ الرّوحَ
77- وَ مِنهُ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِيَهَبُ لِمَن يَشاءُ إِناثاًيعَنيِ لَيسَ مَعَهُنّ ذَكَرٌوَ يَهَبُ لِمَن يَشاءُ الذّكُورَيعَنيِ لَيسَ مَعَهُم أُنثَيأَو يُزَوّجُهُم ذُكراناً وَ إِناثاً أَي يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ ذُكرَاناً وَ إِنَاثاً جَمِيعاً يَجمَعُ لَهُ البَنِينَ وَ البَنَاتِ
78- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَنِ المحَموُديِّ وَ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي بنِ عُبَيدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ الداّرمِيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ أَنّ يَحيَي بنَ أَكثَمَ سَأَلَ مُوسَي بنَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن مَسَائِلَ وَ فِيهَا أَخبِرنَا عَن قَولِ اللّهِأَو يُزَوّجُهُم ذُكراناً وَ إِناثاًفَهَل يُزَوّجُ اللّهُ عِبَادَهُ الذّكرَانَ وَ قَد عَاقَبَ قَوماً فَعَلُوا ذَلِكَ فَسَأَلَ مُوسَي أَخَاهُ أَبَا الحَسَنِ العسَكرَيِّ ع فَكَانَ مِن جَوَابِ أَبِي الحَسَنِ ع أَمّا قَولُهُأَو يُزَوّجُهُم ذُكراناً وَ إِناثاً فَإِنّ اللّهَ تَعَالَي زَوّجَ ذُكرَانَ المُطِيعِينَ إِنَاثاً مِنَ الحُورِ العِينِ وَ إِنَاثَ المُطِيعَاتِ مِنَ الإِنسِ ذُكرَانَ المُطِيعِينَ وَ مَعَاذَ اللّهِ أَن يَكُونَ الجَلِيلُ عَنَي مَا لَبّستَ عَلَي نَفسِكَ تَطَلّباً لِلرّخصَةِ لِارتِكَابِ المَآثِمِ
بيان لايخفي بعد ماذكر في الخبر من سياق الآية وكأنه علي سبيل التنزل
صفحه : 371
أي لو كان المراد بالتزويج مازعمت لاحتمل محملا صحيحا أيضا أو يكون هذابطنا من بطون الآية ويمكن تصحيحه بوجه لايأبي عن سياق الآية بأن يكون الغرض بيان أحوال جميع أفراد البشر أو المؤمنين في الأزواج والأولاد فإنهم إما أن يكونوا تزوجوا في الدنيا أم لافعلي الأول إما يهب لهم إناثا مع الذكران أوبدونهم أويهب لهم ذكرانا مع الإناث وبدونهن علي سبيل منع الخلو أويجعلهم عقيما لايولد لهم و علي الثاني يزوج المؤمنين والمؤمنات في الآخرة
79- التّهذِيبُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ العَبّاسِ بنِ مُوسَي الوَرّاقِ عَن يُونُسَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن أَبِي جَرِيرٍ القمُيّّ قَالَ سَأَلتُ العَبدَ الصّالِحَ ع عَنِ النّطفَةِ مَا فِيهَا مِنَ الدّيَةِ وَ مَا فِي العَلَقَةِ وَ مَا فِي المُضغَةِ المُخَلّقَةِ وَ مَا يُقِرّ فِي الأَرحَامِ قَالَ إِنّهُ يَخلُقُ فِي بَطنِ أُمّهِ خَلقاً مِن بَعدِ خَلقٍ يَكُونُ نُطفَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ يَكُونُ عَلَقَةً أَربَعِينَ يَوماً ثُمّ مُضغَةً أَربَعِينَ يَوماً ففَيِ النّطفَةِ أَربَعُونَ دِينَاراً وَ فِي العَلَقَةِ سِتّونَ دِينَاراً وَ فِي المُضغَةِ ثَمَانُونَ دِينَاراً فَإِذَا اكتَسَي العِظَامُ لَحماً فَفِيهِ مِائَةُ دِينَارٍ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ فَإِن كَانَ ذَكَراً فَفِيهِ الدّيَةُ وَ إِن كَانَت أُنثَي فَفِيهَا دِيَتُهَا
80-معَاَنيِ الأَخبَارِ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ السنّديِّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَمرِو بنِ سَعِيدٍ عَن أَبِيهِ قَالَكُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع حَيثُ دَخَلَ عَلَيهِ دَاوُدُ الرقّيّّ فَقَالَ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ إِنّ النّاسَ يَقُولُونَ إِذَا مَضَي لِلحَملِ سِتّةُ أَشهُرٍ فَقَد فَرَغَ اللّهُ مِن خِلقَتِهِ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع يَا دَاوُدُ ادعُ وَ لَو بِشَقّ الصّفَا فَقُلتُ وَ أَيّ شَيءٍ الصّفَا قَالَ مَا يَخرُجُ مَعَ الوَلَدِ فَإِنّ
صفحه : 372
اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَفعَلُ مَا يَشَاءُ
81- الإِقبَالُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ ع فِي دُعَاءِ يَومِ عَرَفَةَ ابتدَأَتنَيِ بِنِعمَتِكَ قَبلَ أَن أَكُونَ شَيئاً مَذكُوراً وَ خلَقَتنَيِ مِنَ التّرَابِ ثُمّ أسَكنَتنَيِ الأَصلَابَ أَمناً لِرَيبِ المَنُونِ وَ اختِلَافِ الدّهُورِ فَلَم أَزَل ظَاعِناً مِن صُلبٍ إِلَي رَحِمٍ فِي تَقَادُمِ الأَيّامِ المَاضِيَةِ وَ القُرُونِ الخَالِيَةِ لَم تخُرجِنيِ لِرَأفَتِكَ بيِ وَ لُطفِكَ لِي وَ إِحسَانِكَ إلِيَّ فِي دَولَةِ أَيّامِ الكَفَرَةِ الّذِينَ نَقَضُوا عَهدَكَ وَ كَذّبُوا رُسُلَكَ لَكِنّكَ أخَرجَتنَيِ رَأفَةً مِنكَ وَ تَحَنّناً عَلَيّ للِذّيِ سَبَقَ لِي مِنَ الهُدَي ألّذِي يسَرّتنَيِ وَ فِيهِ أنَشأَتنَيِ وَ مِن قَبلِ ذَلِكَ رَؤُفتَ بيِ بِجَمِيلِ صُنعِكَ وَ سَوَابِغِ نِعمَتِكَ فَابتَدَعتَ خلَقيِمِن منَيِّ يُمني ثُمّ أسَكنَتنَيِفِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ بَينَ لَحمٍ وَ جِلدٍ وَ دَمٍ لَم تشُهَرّنيِ بخِلَقيِ وَ لَم تَجعَل إلِيَّ شَيئاً مِن أمَريِ ثُمّ أخَرجَتنَيِ إِلَي الدّنيَا تَامّاً سَوِيّاً وَ حفَظِتنَيِ فِي المَهدِ طِفلًا صَبِيّاً وَ رزَقَتنَيِ مِنَ الغِذَاءِ لَبَناً مَرِيئاً وَ عَطَفتَ عَلَيّ قُلُوبَ الحَوَاضِنِ وَ كفَلّتنَيِ الأُمّهَاتِ الرّحَائِمَ وَ كلَأَتنَيِ مِن طَوَارِقِ الجَانّ وَ سلَمّتنَيِ مِنَ الزّيَادَةِ وَ النّقصَانِ فَتَعَالَيتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحمَانُ حَتّي إِذَا استَهلَلتُ نَاطِقاً بِالكَلَامِ أَتمَمتَ عَلَيّ سَوَابِغَ الإِنعَامِ فرَبَيّتنَيِ زَائِداً فِي كُلّ عَامٍ حَتّي إِذَا كَمَلَت فطِرتَيِ وَ اعتَدَلَت سرَيِرتَيِ أَوجَبتَ عَلَيّ حُجّتَكَ بِأَن ألَهمَتنَيِ مَعرِفَتَكَ وَ روَعّتنَيِ بِعَجَائِبِ فِطرَتِكَ وَ أنَطقَتنَيِ لِمَا ذَرَأتَ لِي فِي سَمَائِكَ وَ أَرضِكَ مِن بَدَائِعِ خَلقِكَ وَ نبَهّتنَيِ لِذِكرِكَ وَ شُكرِكَ وَ وَاجِبِ طَاعَتِكَ وَ عِبَادَتِكَ وَ فهَمّتنَيِ مَا جَاءَت بِهِ رُسُلُكَ وَ يَسّرتَ لِي تَقَبّلَ مَرضَاتِكَ وَ مَنَنتَ عَلَيّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَونِكَ وَ لُطفِكَ ثُمّ إِذ خلَقَتنَيِ مِن حَرّ الثّرَي لَم تَرضَ لِي يَا إلِهَيِ نِعمَةً دُونَ أُخرَي وَ رزَقَتنَيِ مِن أَنوَاعِ المَعَاشِ وَ صُنُوفِ الرّيَاشِ بِمَنّكَ العَظِيمِ عَلَيّ وَ إِحسَانِكَ القَدِيمِ إلِيَّ حَتّي إِذَا أَتمَمتَ عَلَيّ جَمِيعَ النّعَمِ وَ صَرَفتَ عنَيّ كُلّ النّقَمِ لَم يَمنَعكَ جهَليِ وَ جرُأتَيِ عَلَيكَ إِن دلَلَتنَيِ عَلَي مَا يقُرَبّنُيِ إِلَيكَ وَ وفَقّتنَيِ لِمَا يزُلفِنُيِ لَدَيكَ إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ
صفحه : 373
بيان ثم أسكنتني الأصلاب أي جعلت مادة وجودي مودعة في أصلاب آبائي فإن نطفة كل ولد كانت في صلب والده وكلهم كانوا من علل وجوده وريب المنون حوادث الدهر ذكره الجوهري وأمنا مفعول له أي حفظت مادة وجودي في الأصلاب لأكون آمنا من حوادث الدهر واختلاف الدهور و هومعطوف علي ريب أوالمنون والظاعن السائر و قال الجوهري قدم الشيء بالضم قدما فهو قديم وتقادم مثله انتهي فهو من قبيل إضافة الصفة إلي الموصوف أي الأيام المتقادمة والخالية الماضية للذي متعلق بقوله أخرجتني ويحتمل أن يكون اللام للظرفية وللعلة ألذي يسرتني أي جعلتني قابلا له كما قال تعالي فَسَنُيَسّرُهُ لِليُسري بين لحم وجلد ودم الظاهر أنه ليس تفسيرا للظلمات الثلاث أي كونتني أوحال كوني بين لحم الرحم وجلدها والدم ألذي فيها أوكنت بين تلك الأجزاء من بدني والأول أظهر لم تشهرني بخلقي أي لم تجعل تلك الحالات الخسيسة ظاهرة للخلق في ابتداء خلقي لأصير محقرا مهينا عندهم بل سترت تلك الأحوال عنهم وأخرجتني بعداعتدال صورتي وخروجي عن تلك الأحوال الدنية والطفل المولود والصبي الغلام وهما متقاربان في المعني فالصبي إما تأكيد أوإشارة إلي اختلاف مراتب المولود بأن يكون الطفولية قبل الصبا والأول أظهر إذ يطلق علي المولود حين كونه في المهد طفلا وصبيا فيكون الجمع بينهما إشارة إلي حالتي المولود فباعتبار نعومة بدنه طفل وباعتبار قلة عقله صبي فلذا قال تعالي كَيفَ نُكَلّمُ مَن كانَ فِي المَهدِ صَبِيّا و ماقيل من أن الصبي أعم من الطفل لأن المولود إذافطم لايسمي طفلا يضعفه قوله تعالي أَوِ الطّفلِ الّذِينَ لَم يَظهَرُوا عَلي عَوراتِ النّساءِ. قال الراغب الصبي من لم يبلغ الحلم قال تعالي كَيفَ نُكَلّمُ مَن كانَ فِي المَهدِ
صفحه : 374
صَبِيّا و قال الطفل الولد مادام ناعما و قديقع علي الجمع قال تعالي ثُمّ يُخرِجُكُم طِفلًا و قال أَوِ الطّفلِ الّذِينَ لَم يَظهَرُوا عَلي عَوراتِ النّساءِ و قديجمع علي أطفال قال عز و جل وَ إِذا بَلَغَ الأَطفالُ مِنكُمُ الحُلُمَ وباعتبار النعمة قيل امرأة طفلة انتهي . والغذاء مايتغذي به من الطعام والشراب والمري إما من المهموز أي الموافق للطبع فخفف أو من المعتل من قولهم مريت الناقة مريا إذامسحت ضرعها لتدر والمري علي فعيل الناقة الكثيرة اللبن والعطف الشفقة والإمالة يقال عطف العود أي ميله و علي الأول يكون علي بناء التفعيل والحواضن النساء اللاتي يقمن بتربية الصبيان والحضن مادون الإبط إلي الكشح وحضن الطير بيضه لأنه يضمه إلي نفسه تحت جناحه و لماكانت الأمهات يحضن الأولاد سمين حواضن والكافل الحافظ لغيره قال تعالي وَ كَفّلَها زَكَرِيّا وكلأتني أي حفظتني من طوارق الجان أي جماعة من الجن يطرقون بشر علي الأطفال كأم الصبيان والطارق في الأصل ألذي يأتي بالليل لاحتياجه إلي طرق الباب ثم استعمل في كل شر نزل سواء كان بالليل أوبالنهار والمراد بالزيادة والنقصان مايصير منهما سببا لتشويه الخلقة وضعف البنية والاستهلال رفع الصوت واستهلال الصبي صياحه عندالولادة وكمال الفطرة إشارة إلي قوة الأعضاء والقوي الظاهرة واعتدال السريرة إلي كمال القوي الباطنة أوجبت أي ألزمت وأتممت وروعتني أي أفزعتني وخوفتني والعلم بعجائب الفطرة يصير سببا للخوف للعلم بعظمة الرب سبحانه ووفور نعمه وتقصير المكلف في أداء شكره كما قال تعالي إِنّما يَخشَي اللّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ و قال إِنّ الّذِينَ هُم مِن خَشيَةِ رَبّهِم مُشفِقُونَ أوالمعني
صفحه : 375
ألقيت في روعي أي قلبي عجائب الفطرة لكنه بعيد عن الشائع في إطلاق هذااللفظ بحسب اللغة و قال الفيروزآبادي الحر بالضم خيار كل شيء و من الطين والرمل الطيب و من الرمل وسطه والثري التراب الندي.أقول سيأتي شرح تلك الفقرات مستوفي عندذكر الدعاء بتمامه في محله إن شاء الله تعالي
82- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، خَلَقَ الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ قَالَ خَلَقَهُ مِن قَطرَةٍ مِن مَاءٍ مُنتِنٍ فَيَكُونُ خَصِيماً مُتَكَلّماً بَلِيغاً
83- وَ مِنهُ، أَ وَ لَم يَرَ الإِنسانُ أَنّا خَلَقناهُ مِن نُطفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ قَالَ أَي نَاطِقٌ عَالِمٌ بَلِيغٌ
84- وَ مِنهُ، هُوَ ألّذِي يُصَوّرُكُم فِي الأَرحامِ كَيفَ يَشاءُ قَالَ يعَنيِ ذَكَراً وَ أُنثَي أَسوَدَ وَ أَبيَضَ وَ أَحمَرَ صَحِيحاً وَ سَقِيماً
85- وَ مِنهُ، ثُمّ لَقَطَعنا مِنهُ الوَتِينَ قَالَ عِرقٌ فِي الظّهرِ يَكُونُ مِنهُ الوَلَدُ
86- وَ مِنهُ، إِذ أَنتُم أَجِنّةٌ فِي بُطُونِ أُمّهاتِكُم أَي مُستَقِرّينَ قَولُهُمِن نُطفَةٍ إِذا تُمني قَالَ تَتَحَوّلُ النّطفَةُ إِلَي الدّمِ فَتَكُونُ أَوّلًا دَماً ثُمّ تَصِيرُ نُطفَةً وَ تَكُونُ فِي الدّمَاغِ فِي عِرقٍ يُقَالُ لَهُ الوَرِيدُ وَ تَمُرّ فِي فَقَارِ الظّهرِ فَلَا تَزَالُ تَجُوزُ فَقراً فَقراً حَتّي تَصِيرَ إِلَي الحَالِبَينِ فَتَصِيرَ أَبيَضَ وَ أَمّا نُطفَةُ المَرأَةِ فَإِنّهَا تَنزِلُ مِن صَدرِهَا
صفحه : 376
بيان قال الجوهري الحالبان عرقان مكتنفان بالسرة
87- التّفسِيرُ، لَم يَكُن شَيئاً مَذكُوراً قَالَ لَم يَكُن فِي العِلمِ وَ لَا فِي الذّكرِ
88- وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ كَانَ فِي العِلمِ وَ لَم يَكُن فِي الذّكرِنَبتَلِيهِ أَي نَختَبِرُهُ
89- وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِأَمشاجٍ قَالَ مَاءُ الرّجُلِ وَ مَاءُ المَرأَةِ اختَلَطَا جَمِيعاً
بيان لم يكن في العلم أي علم الملائكة
90- التّفسِيرُ، مُخَلّقَةٍ وَ غَيرِ مُخَلّقَةٍ قَالَ المُخَلّقَةُ إِذَا صَارَت دَماً وَ غَيرُ المُخَلّقَةِ قَالَ السّقطُ
91- وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع لِنُبَيّنَ لَكُمأَنّكُم كُنتُم كَذَلِكَ فِي الأَرحَامِوَ نُقِرّ فِي الأَرحامِ ما نَشاءُ فَلَا يَخرُجُ سِقطاً
92- حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ جَعفَرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَنِ العَبّاسِ عَنِ ابنِ أَبِي نَجرَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ القَاسِمِ عَن عَلِيّ بنِ المُغِيرَةِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ إِذَا بَلَغَ العَبدُ مِائَةَ سَنَةٍ فَذَلِكَ أَرذَلُ العُمُرِ
بيان لايبعد أن يكون دما تصحيف تامّا
93- التّفسِيرُ، إِنّا خَلَقناهُم مِمّا يَعلَمُونَ قَالَمِن نُطفَةٍ ثُمّ مِن عَلَقَةٍ
94- وَ مِنهُ، خَلَقَ الإِنسانَ مِن عَلَقٍ قَالَ مِن دَمٍ
صفحه : 377
95- مَجمَعُ البَيَانِ، روُيَِ أَنّ ابنَ صُورِيَا وَ جَمَاعَةً مِن يَهُودِ أَهلِ فَدَكَ لَمّا قَدِمُوا النّبِيّص إِلَي المَدِينَةِ سَأَلُوهُ فَقَالُوا يَا مُحَمّدُ كَيفَ نَومُكَ فَقَد أُخبِرنَا عَن نَومِ النّبِيّ ألّذِي يأَتيِ فِي آخِرِ الزّمَانِ فَقَالَ تَنَامُ عيَناَيَ وَ قلَبيِ يَقظَانُ قَالُوا صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَأَخبِرنَا عَنِ الوَلَدِ يَكُونُ مِنَ الرّجُلِ أَوِ المَرأَةِ فَقَالَ أَمّا العِظَامُ وَ العَصَبُ وَ العُرُوقُ فَمِنَ الرّجُلِ وَ أَمّا اللّحمُ وَ الدّمُ وَ الظّفُرُ وَ الشّعرُ فَمِنَ المَرأَةِ قَالُوا صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فَمَا بَالُ الوَلَدِ يُشبِهُ أَعمَامَهُ لَيسَ فِيهِ مِن شَبَهِ أَخوَالِهِ شَيءٌ أَو يُشبِهُ أَخوَالَهُ وَ لَيسَ فِيهِ مِن شَبَهِ أَعمَامِهِ شَيءٌ فَقَالَ أَيّهُمَا عَلَا مَاؤُهُ كَانَ الشّبَهُ لَهُ قَالُوا صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالُوا أَخبِرنَا عَن رَبّكَ مَا هُوَ فَأَنزَلَ اللّهُقُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ إِلَي آخِرِ السّورَةِ الخَبَرَ
96- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ رَجُلٌ ذَهَبَت إِحدَي بَيضَتَيهِ فَقَالَ إِن كَانَتِ اليَسَارَ فَفِيهَا الدّيَةُ قُلتُ وَ لِمَ أَ لَيسَ قُلتَ مَا كَانَ فِي الجَسَدِ اثنَانِ فَفِيهِ نِصفُ الدّيَةِ قَالَ لِأَنّ الوَلَدَ مِنَ البَيضَةِ اليُسرَي
97- الفَقِيهُ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي يَحيَي الواَسطِيِّ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الوَلَدُ يَكُونُ مِنَ البَيضَةِ اليُسرَي فَإِذَا قُطِعَت فَفِيهَا ثُلُثَا الدّيَةِ وَ فِي اليُمنَي ثُلُثُ الدّيَةِ
بيان قال الشهيد الثاني قدس سره انحصار التولد في الخصية اليسري قدأنكره بعض الأطباء ونسبه الجاحظ في حياة الحيوان إلي العامة و لوصح نسبته إليهم ع لم يلتفت إلي إنكار منكره انتهي . وأقول هذا شيء لايمكن العلم به غالبا إلا من طريق الوحي والإلهام والتجربة قاصرة عنه مع أنه يمكن أن يحمل علي أن اليسري أدخل في ذلك
98-تَوحِيدُ المُفَضّلِ،نبَتدَِئُ يَا مُفَضّلُ بِذِكرِ خَلقِ الإِنسَانِ فَاعتَبِر بِهِ فَأَوّلُ
صفحه : 378
ذَلِكَ مَا يُدَبّرُ بِهِ الجَنِينُ فِي الرّحِمِ وَ هُوَ مَحجُوبٌفِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍظُلمَةِ البَطنِ وَ ظُلمَةِ الرّحِمِ وَ ظُلمَةِ المَشِيمَةِ حَيثُ لَا حِيلَةَ عِندَهُ فِي طَلَبِ غِذَاءٍ وَ لَا دَفعِ أَذًي وَ لَا استِجلَابِ مَنفَعَةٍ وَ لَا دَفعِ مَضَرّةٍ فَإِنّهُ يجَريِ إِلَيهِ مِن دَمِ الحَيضِ مَا يَغذُوهُ كَمَا يَغذُو المَاءُ النّبَاتَ فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ غِذَاءَهُ حَتّي إِذَا كَمَلَ خَلقُهُ وَ استَحكَمَ بَدَنُهُ وَ قوَيَِ أَدِيمُهُ عَلَي مُبَاشَرَةِ الهَوَاءِ وَ بَصّرَهُ عَلَي مُلَاقَاةِ الضّيَاءِ هَاجَ الطّلقُ بِأُمّهِ فَأَزعَجَهُ أَشَدّ إِزعَاجٍ وَ أَعنَفَهُ حَتّي يُولَدَ وَ إِذَا وُلِدَ صَرَفَ ذَلِكَ الدّمَ ألّذِي كَانَ يَغذُوهُ مِن دَمِ أُمّهِ إِلَي ثَديَيهَا فَانقَلَبَ الطّعمُ وَ اللّونُ إِلَي ضَربٍ آخَرَ مِنَ الغِذَاءِ وَ هُوَ أَشَدّ مُوَافَقَةً لِلمَولُودِ مِنَ الدّمِ فَيُوَافِيهِ فِي وَقتِ حَاجَتِهِ إِلَيهِ فَحِينَ يُولَدُ قَد تَلَمّظَ وَ حَرّكَ شَفَتَيهِ طَلَباً لِلرّضَاعِ فَهُوَ يَجِدُ ثدَييَ أُمّهِ كَالإِدَاوَتَينِ المُعَلّقَتَينِ لِحَاجَتِهِ فَلَا يَزَالُ يغَتذَيِ بِاللّبَنِ مَا دَامَ رَطبَ البَدَنِ رَقِيقَ الأَمعَاءِ لَيّنَ الأَعضَاءِ حَتّي إِذَا تَحَرّكَ وَ احتَاجَ إِلَي غِذَاءٍ فِيهِ صَلَابَةٌ لِيَشتَدّ وَ يَقوَي بَدَنُهُ طَلَعَت لَهُ الطّوَاحِنُ مِنَ الأَسنَانِ وَ الأَضرَاسِ لِيَمضَغَ بِهِ الطّعَامَ فَيَلِينَ عَلَيهِ وَ يَسهُلَ لَهُ إِسَاغَتُهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتّي يُدرِكَ فَإِذَا أَدرَكَ وَ كَانَ ذَكَراً طَلَعَ الشّعرُ فِي وَجهِهِ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَامَةَ الذّكَرِ وَ عِزّ الرّجُلِ ألّذِي يَخرُجُ بِهِ عَن حَدّ الصّبَا وَ شَبَهِ النّسَاءِ وَ إِن كَانَت أُنثَي يَبقَي وَجهُهَا نَقِيّاً مِنَ الشّعرِ لِتَبقَي لَهَا البَهجَةُ وَ النّضَارَةُ التّيِ تُحَرّكُ الرّجَالَ لِمَا فِيهِ دَوَامُ النّسلِ وَ بَقَاؤُهُ اعتَبِر يَا مُفَضّلُ فِي مَا يُدَبّرُ بِهِ الإِنسَانُ فِي هَذِهِ الأَحوَالِ المُختَلِفَةِ هَل تَرَي يُمكِنُ أَن يَكُونَ بِالإِهمَالِ أَ فَرَأَيتَ لَو لَم يَجرِ إِلَيهِ ذَلِكَ الدّمُ وَ هُوَ فِي الرّحِمِ أَ لَم يَكُن سَيَذوَي وَ يَجِفّ كَمَا يَجِفّ النّبَاتُ إِذَا فَقَدَ المَاءَ وَ لَو لَم يُزعِجهُ المَخَاضُ عِندَ استِحكَامِهِ أَ لَم يَكُن سَيَبقَي فِي الرّحِمِ كَالمَوءُودِ فِي الأَرضِ وَ لَو لَم يُوَافِقهُ اللّبَنُ مَعَ وِلَادَتِهِ أَ لَم يَكُن سَيَمُوتُ جُوعاً أَو يغَتذَيِ بِغِذَاءٍ لَا يُلَائِمُهُ وَ لَا يَصلُحُ عَلَيهِ بَدَنُهُ وَ لَو لَم تَطلُع عَلَيهِ الأَسنَانُ فِي وَقتِهَا أَ لَم يَكُن سَيَمتَنِعُ عَلَيهِ مَضغُ الطّعَامِ وَ إِسَاغَتُهُ أَو يُقِيمُهُ عَلَي الرّضَاعِ فَلَا يَشتَدّ بَدَنُهُ وَ لَا يَصلُحُ لِعَمَلٍ ثُمّ كَانَ تَشتَغِلُ أُمّهُ بِنَفسِهِ عَن تَربِيَةِ غَيرِهِ مِنَ الأَولَادِ وَ لَو لَم يَخرُجِ الشّعرُ فِي وَجهِهِ فِي وَقتِهِ أَ لَم يَكُن سَيَبقَي فِي هَيئَةِ الصّبيَانِ وَ النّسَاءِ فَلَا تَرَي لَهُ جَلَالَةً وَ لَا وَقَاراً
صفحه : 379
فَقَالَ المُفَضّلُ فَقُلتُ يَا موَلاَيَ فَقَد رَأَيتُ مَن يَبقَي عَلَي حَالَتِهِ وَ لَا يَنبُتُ الشّعرُ فِي وَجهِهِ وَ إِن بَلَغَ حَالَ الكِبَرِ فَقَالَ ذَلِكَ بِمَا قَدّمَت أَيدِيهِموَ أَنّ اللّهَ لَيسَ بِظَلّامٍ لِلعَبِيدِفَمَن هَذَا ألّذِي يَرصُدُهُ حَتّي يُوَافِيَهُ بِكُلّ شَيءٍ مِن هَذِهِ المَآرِبِ إِلّا ألّذِي أَنشَأَهُ خَلقاً بَعدَ أَن لَم يَكُن ثُمّ تَوَكّلَ لَهُ بِمَصلَحَتِهِ بَعدَ أَن كَانَ فَإِن كَانَ الإِهمَالُ يأَتيِ بِمِثلِ هَذَا التّدبِيرِ فَقَد يَجِبُ أَن يَكُونَ العَمدُ وَ التّقدِيرُ يَأتِيَانِ بِالخَطَإِ وَ المُحَالِ لِأَنّهُمَا ضِدّ الإِهمَالِ وَ هَذَا فَظِيعٌ مِنَ القَولِ وَ جَهلٌ مِن قَائِلِهِ لِأَنّ الإِهمَالَ لَا يأَتيِ بِالصّوَابِ وَ التّضَادّ لَا يأَتيِ بِالنّظَامِ تَعَالَي اللّهُ عَمّا يَقُولُ المُلحِدُونَ عُلُوّاً كَبِيراً وَ لَو كَانَ المَولُودُ يُولَدُ فَهِماً عَاقِلًا لَأَنكَرَ العَالَمَ عِندَ وِلَادَتِهِ وَ لبَقَيَِ حَيرَانَ تَائِهَ العَقلِ إِذَا رَأَي مَا لَم يَعرِف وَ وَرَدَ عَلَيهِ مَا لَم يَرَ مِثلَهُ مِنِ اختِلَافِ صُوَرِ العَالَمِ مِنَ البَهَائِمِ وَ الطّيرِ إِلَي غَيرِ ذَلِكَ مِمّا يُشَاهِدُهُ سَاعَةً بَعدَ سَاعَةٍ وَ يَوماً بَعدَ يَومٍ وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِأَنّ مَن سبُيَِ مِن ولد[بَلَدٍ] إِلَي بَلَدٍ وَ هُوَ عَاقِلٌ يَكُونُ كَالوَالِهِ الحَيرَانِ فَلَا يُسرِعُ فِي تَعَلّمِ الكَلَامِ وَ قَبُولِ الأَدَبِ كَمَا يُسرِعُ ألّذِي يُسبَي صَغِيراً غَيرَ عَاقِلٍ ثُمّ لَو وُلِدَ عَاقِلًا كَانَ يَجِدُ غَضَاضَةً إِذَا رَأَي نَفسَهُ مَحمُولًا مُرضَعاً مُعَصّباً بِالخِرَقِ مُسَجّي فِي المَهدِ لِأَنّهُ لَا يسَتغَنيِ عَن هَذَا كُلّهِ لِرِقّةِ بَدَنِهِ وَ رُطُوبَتِهِ حَتّي يُولَدَ ثُمّ كَانَ لَا يُوجَدُ لَهُ مِنَ الحَلَاوَةِ وَ الوَقعِ مِنَ القُلُوبِ مَا يُوجَدُ لِلطّفلِ فَصَارَ يَخرُجُ إِلَي الدّنيَا غَبِيّاً غَافِلًا عَمّا فِيهِ أَهلُهُ فَيَلقَي الأَشيَاءَ بِذِهنٍ ضَعِيفٍ وَ مَعرِفَةٍ نَاقِصَةٍ ثُمّ لَا يَزَالُ يَتَزَيّدُ فِي المَعرِفَةِ قَلِيلًا قَلِيلًا وَ شَيئاً بَعدَ شَيءٍ وَ حَالًا بَعدَ حَالٍ حَتّي يَألَفَ الأَشيَاءَ وَ يَتَمَرّنَ وَ يَستَمِرّ عَلَيهَا فَيَخرُجُ مِن حَدّ التّأَمّلِ بِهَا وَ الحَيرَةِ فِيهَا إِلَي التّصَرّفِ وَ الِاضطِرَابِ إِلَي المَعَاشِ بِعَقلِهِ وَ حِيلَتِهِ وَ إِلَي الِاعتِبَارِ وَ الطّاعَةِ وَ السّهوِ وَ الغَفلَةِ وَ المَعصِيَةِ وَ فِي هَذَا أَيضاً وُجُوهٌ أُخَرُ فَإِنّهُ لَو كَانَ يُولَدُ تَامّ العَقلِ مُستَقِلّا بِنَفسِهِ لَذَهَبَ مَوضِعُ حَلَاوَةِ تَربِيَةِ الأَولَادِ وَ مَا قُدّرَ أَن يَكُونَ لِلوَالِدَينِ فِي الِاشتِغَالِ بِالوَلَدِ مِنَ المَصلَحَةِ وَ مَا يُوجِبُ التّربِيَةَ لِلآبَاءِ عَلَي الأَبنَاءِ مِنَ المُكَافَاةِ بِالبِرّ وَ العَطفِ عَلَيهِم عِندَ حَاجَتِهِم
صفحه : 380
إِلَي ذَلِكَ مِنهُم ثُمّ كَانَ الأَولَادُ لَا يَألَفُونَ آبَاءَهُم وَ لَا يَألَفُ الآبَاءُ أَبنَاءَهُم لِأَنّ الأَولَادَ كَانُوا يَستَغنُونَ عَن تَربِيَةِ الآبَاءِ وَ حِيَاطَتِهِم فَيَتَفَرّقُونَ عَنهُم حِينَ يُولَدُونَ فَلَا يَعرِفُ الرّجُلُ أَبَاهُ وَ أُمّهُ وَ لَا يَمتَنِعُ مِن نِكَاحِ أُمّهِ وَ أُختِهِ وَ ذَوَاتِ المَحَارِمِ مِنهُ إِذ كَانَ لَا يَعرِفُهُنّ وَ أَقَلّ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ القَبَاحَةِ بَل هُوَ أَشنَعُ وَ أَعظَمُ وَ أَفظَعُ وَ أَقبَحُ وَ أَبشَعُ لَو خَرَجَ المَولُودُ مِن بَطنِ أُمّهِ وَ هُوَ يَعقِلُ أَن يَرَي مِنهَا مَا لَا يَحِلّ لَهُ وَ لَا يَحسُنُ بِهِ أَن يَرَاهُ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ أُقِيمَ كُلّ شَيءٍ مِنَ الخِلقَةِ عَلَي غَايَةِ الصّوَابِ وَ خَلَا مِنَ الخَطَاءِ دَقِيقُةُ وَ جَلِيلُهُ اعرِف يَا مُفَضّلُ مَا لِلأَطفَالِ فِي البُكَاءِ مِنَ المَنفَعَةِ وَ اعلَم أَنّ فِي أَدمِغَةِ الأَطفَالِ رُطُوبَةً إِن بَقِيَت فِيهَا أَحدَثَت عَلَيهِم أَحدَاثاً جَلِيلَةً وَ عِلَلًا عَظِيمَةً مِن ذَهَابِ البَصَرِ وَ غَيرِهِ فَالبُكَاءُ يُسِيلُ تِلكَ الرّطُوبَةَ مِن رُءُوسِهِم فَيُعقِبُهُم ذَلِكَ الصّحّةَ فِي أَبدَانِهِم وَ السّلَامَةَ فِي أَبصَارِهِم أَ فَلَيسَ قَد جَازَ أَن يَكُونَ الطّفلُ يَنتَفِعُ بِالبُكَاءِ وَ وَالِدَاهُ لَا يَعرِفَانِ ذَلِكَ فَهُمَا دَائِبَانِ لِيَسكُتَانِهِ وَ يَتَوَخّيَانِ فِي الأُمُورِ مَرضَاتِهِ لِئَلّا يبَكيَِ وَ هُمَا لَا يَعلَمَانِ أَنّ البُكَاءَ أَصلَحُ لَهُ وَ أَجمَلُ عَاقِبَةً فَهَكَذَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَشيَاءِ مَنَافِعُ لَا يَعرِفُهَا القَائِلُونَ بِالإِهمَالِ وَ لَو عَرَفُوا ذَلِكَ لَم يَقضُوا عَلَي الشيّءِ أَنّهُ لَا مَنفَعَةَ فِيهِ مِن أَجلِ أَنّهُم لَا يَعرِفُونَهُ وَ لَا يَعلَمُونَ السّبَبَ فِيهِ فَإِنّ كُلّ مَا لَا يَعلَمُهُ المُنكِرُونَ يَعلَمُهُ العَارِفُونَ وَ كَثِيراً مَا يَقصُرُ عَنهُ عِلمُ المَخلُوقِينَ مُحِيطٌ بِهِ عِلمُ الخَالِقِ جَلّ قُدسُهُ وَ عَلَت كَلِمَتُهُ فَأَمّا مَا يَسِيلُ مِن أَفوَاهِ الأَطفَالِ مِنَ الرّيقِ ففَيِ ذَلِكَ خُرُوجُ الرّطُوبَةِ التّيِ لَو بَقِيَت فِي أَبدَانِهِم لَأَحدَثَت عَلَيهِمُ الأُمُورَ العَظِيمَةَ كَمَن تَرَاهُ قَد غَلَبَت عَلَيهِ الرّطُوبَةُ فَأَخرَجَتهُ إِلَي حَدّ البُلهِ وَ الجُنُونِ وَ التّخلِيطِ إِلَي غَيرِ ذَلِكَ مِنَ الأَمرَاضِ المُتلِفَةِ كَالفَالِجِ وَ اللّقوَةِ وَ مَا أَشبَهَهُمَا فَجَعَلَ اللّهُ تِلكَ الرّطُوبَةَ تَسِيلُ مِن أَفوَاهِهِم فِي صِغَرِهِم لِمَا لَهُم فِي ذَلِكَ مِنَ الصّحّةِ فِي كِبَرِهِم فَتَفَضّلَ عَلَي خَلقِهِ بِمَا جَهِلُوهُ وَ نَظَرَ لَهُم بِمَا لَم يَعرِفُوهُ وَ لَو عَرَفُوا نِعَمَهُ عَلَيهِم لَشَغَلَهُم ذَلِكَ عَنِ التمّاَديِ فِي مَعصِيَتِهِ فَسُبحَانَهُ مَا أَجَلّ نِعمَتَهُ وَ أَسبَغَهَا عَلَي المُستَحِقّينَ وَ غَيرِهِم مِن خَلقِهِ وَ تَعَالَي عَمّا يَقُولُ المُبطِلُونَ عُلُوّاً كَبِيراً
أقول قدمر شرحه وتمامه في كتاب التوحيد
صفحه : 381
99- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ عَلِيّ بنِ قُدَامَةَ عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ بنِ نَاصِحٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الأرَمنَيِّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبدِ الوَهّابِ عَن عَلِيّ بنِ حَدِيدٍ المدَاَئنِيِّ عَمّن حَدّثَهُ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلتُ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ ع عَنِ الطّفلِ يَضحَكُ مِن غَيرِ عُجبٍ وَ يبَكيِ مِن غَيرِ أَلَمٍ فَقَالَ يَا مُفَضّلُ مَا مِن طِفلٍ إِلّا وَ هُوَ يَرَي الإِمَامَ وَ يُنَاجِيهِ فَبُكَاؤُهُ لِغَيبَةِ الإِمَامِ عَنهُ وَ ضَحِكُهُ إِذَا أَقبَلَ إِلَيهِ حَتّي إِذَا أُطلِقَ لِسَانُهُ أُغلِقَ ذَلِكَ البَابُ عَنهُ وَ ضُرِبَ عَلَي قَلبِهِ بِالنّسيَانِ
بيان لااستبعاد في ظاهر الخبر مع صحته ويحتمل أن يكون المراد برؤية الإمام ومناجاته توجه وشمول شفاعته ولطفه ودعائه له فإن لهم تصرفا في العوالم يقصر العقل عن إدراكه
100- التّوحِيدُ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ السّرّاجِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مُوسَي عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ هَارُونَ الرّشِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَكرَمَ بنِ أَبِي أَيَاسٍ عَنِ ابنِ أَبِي ذِئبٍ عَن نَافِعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا تَضرِبُوا أَطفَالَكُم عَلَي بُكَائِهِم فَإِنّ بُكَاءَهُم أَربَعَةَ أَشهُرٍ شَهَادَةُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَربَعَةَ أَشهُرٍ الصّلَاةُ عَلَي النّبِيّ وَ آلِهِ وَ أَربَعَةَ أَشهُرٍ الدّعَاءُ لِوَالِدَيهِ
بيان يحتمل أن يكون المراد بالخبر مع ضعفه أن لوالديه ثواب هذه الأذكار والأدعية فينبغي أن لايملوا و لايضربوهم و قال بعض المحققين السر فيه أن الطفل أربعة أشهر لايعرف سوي الله عز و جل ألذي فطر علي معرفته وتوحيده فبكاؤه توسل إليه والتجاء به سبحانه خاصة دون غيره فهو شهادة له بالتوحيد وأربعة أخري يعرف أمه من حيث إنها وسيلة لاغتذائه فقط لا من حيث إنها أمه ولهذا يأخذ
صفحه : 382
اللبن من غيرها أيضا في هذه المدة غالبا فلايعرف فيها بعد الله إلا من كان وسيلة بين الله وبينه في ارتزاقه ألذي هومكلف به تكليفا طبيعيا من حيث كونها وسيلة لا غير و هذامعني الرسالة فبكاؤه في هذه المدة بالحقيقة شهادة بالرسالة وأربعة أخري يعرف أبويه وكونه محتاجا إليهما في الرزق فبكاؤه فيهادعاء لهما بالسلامة والبقاء في الحقيقة
101- الدّرّ المَنثُورُ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ حَضَرَت عِصَابَةٌ مِنَ اليَهُودِ نبَيِّ اللّهِص فَسَأَلُوهُ عَن مَسَائِلَ فَكَانَ فِي مَا سَأَلُوهُ كَيفَ مَاءُ الرّجُلُ مِن مَاءِ المَرأَةِ وَ كَيفَ الأُنثَي مِنهُ وَ الذّكَرُ فَقَالَ إِنّ مَاءَ الرّجُلِ أَبيَضُ غَلِيظٌ وَ إِنّ مَاءَ المَرأَةِ أَصفَرُ رَقِيقٌ فَأَيّهُمَا عَلَا كَانَ لَهُ الوَلَدُ وَ الشّبَهُ بِإِذنِ اللّهِ تَعَالَي إِن عَلَا مَاءُ الرّجُلِ كَانَ ذَكَراً بِإِذنِ اللّهِ وَ إِن عَلَا مَاءُ المَرأَةِ كَانَ أُنثَي بِإِذنِ اللّهِ تَعَالَي
102- وَ عَن أَنَسٍ قَالَ سَأَلَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَلَامٍ النّبِيّص فَقَالَ مَا يَنزِعُ الوَلَدَ إِلَي أَبِيهِ وَ إِلَي أُمّهِ قَالَ أخَبرَنَيِ جَبرَئِيلُ أَنّهُ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرّجُلِ مَاءَ المَرأَةِ نَزَعَ إِلَيهِ الوَلَدَ وَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرأَةِ مَاءَ الرّجُلُ نَزَعَ إِلَيهَا
103- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ لَقَد خَلَقناكُم ثُمّ صَوّرناكُم قَالَ خُلِقُوا فِي ظَهرِ آدَمَ ثُمّ صُوّرُوا فِي الأَرحَامِ
104- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي عَنهُ خُلِقُوا فِي أَصلَابِ الرّجَالِ ثُمّ صُوّرُوا فِي أَرحَامِ النّسَاءِ
105- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي عَنهُ قَالَ أَمّا قَولُهُخَلَقناكُمفَآدَمُ وَ أَمّاصَوّرناكُمفَذُرّيَتُهُ
106- وَ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِّ قَالَسَمِعتُ النّبِيّص سُئِلَ عَنِ العَزلِ فَقَالَ لَا عَلَيكُم أَن تَفعَلُوا إِن يَكُن مِمّا أَخَذَ اللّهُ مِنهَا المِيثَاقَ فَكَانَت عَلَي الصّخرَةِ نُفِخَ
صفحه : 383
فِيهِ الرّوحُ
107- وَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ أَنّهُ سُئِلَ عَنِ العَزلِ فَقَالَ لَو أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ نَسَمَةٍ مِن صُلبِ رَجُلٍ ثُمّ أَفرَغَهُ عَلَي صَفَا لَأَخرَجَهُ مِن ذَلِكَ الصّفَا فَإِن شِئتَ فَاعزِل وَ إِن شِئتَ لَا تَعزِل
108- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَيمِن سُلالَةٍ قَالَ السّلَالَةُ صفر[صَفوُ]المَاءِ الرّقِيقِ ألّذِي يَكُونُ مِنهُ الوَلَدُ
109- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ مَرفُوعاً النّطفَةُ التّيِ يَخرُجُ مِنهَا الوَلَدُ تَرعَدُ لَهَا الأَعضَاءُ وَ العُرُوقُ كُلّهَا إِذَا خَرَجَت وَقَعَت فِي الرّحِمِ
110- وَ عَن عَلِيّ ع قَالَ إِذَا تَمّتِ النّطفَةُ أَربَعَةَ أَشهُرٍ بُعِثَ إِلَيهَا مَلَكٌ فَنَفَخَ فِيهَا الرّوحَ فِي الظّلُمَاتِ الثّلَاثِ فَذَلِكَ قَولُهُثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَيعَنيِ نَفَخَ الرّوحَ
111- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَ يَقُولُ خَرَجَ مِن بَطنِ أُمّهِ بَعدَ مَا خَرَجَ فَكَانَ مِن بَدءِ خَلقِهِ الآخَرِ أَنِ استَهَلّ ثُمّ كَانَ مِن خَلقِهِ أَن دُلّ عَلَي ثدَيِ أُمّهِ ثُمّ كَانَ مِن خَلقِهِ أَن عَلِمَ كَيفَ يَبسُطُ رِجلَيهِ إِلَي أَن قَعَدَ إِلَي أَن حَبَا إِلَي أَن قَامَ عَلَي رِجلَيهِ إِلَي أَن مَشَي إِلَي أَن فُطِمَ فَعَلِمَ كَيفَ يَشرَبُ وَ يَأكُلُ مِنَ الطّعَامِ إِلَي أَن بَلَغَ الحُلُمَ إِلَي أَن بَلَغَ إِلَي أَن يَتَقَلّبَ فِي البِلَادِ
112- وَ عَن قَتَادَةَ ثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَ قَالَ يَقُولُ بَعضُهُم هُوَ نَبَاتُ الشّعرِ وَ بَعضُهُم يَقُولُ هُوَ نَفخُ الرّوحِ
113- وَ عَن حُذَيفَةَ بنِ أَسِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَدخُلُ المَلَكُ عَلَي النّطفَةِ بَعدَ مَا تَستَقِرّ فِي الرّحِمِ بِأَربَعٍ أَو بِخَمسٍ وَ أَربَعِينَ لَيلَةً أَي رَبّ أَ شقَيِّ أَم سَعِيدٌ أَ ذَكَرٌ أَم أُنثَي فَيَقُولُ اللّهُ وَ يَكتُبَانِ ثُمّ يَكتُبُ عَمَلَهُ وَ رِزقَهُ وَ أَجَلَهُ وَ أَثَرَهُ وَ مُصِيبَتَهُ
صفحه : 384
ثُمّ تُطوَي الصّحِيفَةُ فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَ لَا يَنقُصُ مِنهَا
114- وَ عَن أَبِي ذَرّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا مَكَثَ المنَيِّ فِي الرّحِمِ أَربَعِينَ لَيلَةً أَتَاهُ مَلَكُ النّفُوسِ فَعَرَجَ بِهِ إِلَي الرّبّ فَيَقُولُ يَا رَبّ أَ ذَكَرٌ أَم أُنثَي فيَقَضيِ اللّهُ مَا هُوَ قَاضٍ فَيَقُولُ أَ شقَيِّ أَم سَعِيدٌ فَيَكتُبُ مَا هُوَ لَاقٍ وَ قَرَأَ أَبُو ذَرّ مِن فَاتِحَةِ التّغَابُنِ خَمسَ آيَاتٍ إِلَي قَولِهِوَ صَوّرَكُم فَأَحسَنَ صُوَرَكُم وَ إِلَيهِ المَصِيرُ
115- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ قَالَ إِذَا جِئنَاكُم بِحَدِيثٍ أَتَينَاكُم بِتَصدِيقِهِ مِن كِتَابِ اللّهِ إِنّ النّطفَةَ تَكُونُ فِي الرّحِمِ أَربَعِينَ ثُمّ تَكُونُ عَلَقَةً أَربَعِينَ ثُمّ تَكُونُ مُضغَةً أَربَعِينَ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يَخلُقَ الخَلقَ نَزَلَ المَلَكُ فَيَقُولُ لَهُ اكتُب فَيَقُولُ مَا ذَا أَكتُبُ فَيَقُولُ شَقِيّاً أَو سَعِيداً ذَكَراً أَو أُنثَي وَ مَا رِزقُهُ وَ أَثَرُهُ وَ أَجَلُهُ فيَوُحيِ اللّهُ بِمَا يَشَاءُ وَ يَكتُبُهُ المَلَكُ ثُمّ قَرَأَ عَبدُ اللّهِإِنّا خَلَقنَا الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ نَبتَلِيهِ ثُمّ قَالَ عَبدُ اللّهِ أَمشَاجُهَا عُرُوقُهَا
116- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِمِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ قَالَ مَاءُ الرّجُلِ وَ مَاءُ المَرأَةِ حِينَ يَختَلِطَانِ
117- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ نَافِعَ بنَ الأَزرَقِ قَالَ لَهُ أخَبرِنيِ عَن قَولِهِمِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ قَالَ اختِلَاطُ مَاءِ الرّجُلِ وَ مَاءِ المَرأَةِ إِذَا وَقَعَ فِي الرّحِمِ قَالَ وَ هَل تَعرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ قَالَ نَعَم أَ مَا سَمِعتَ أَبَا ذُوَيبٍ وَ هُوَ يَقُولُ
كَأَنّ الرّيشَ وَ الفَوقَينِ مِنهُ | خِلَالُ النّسلِ خَالَطَهُ مَشِيجٌ |
118- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِمِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ قَالَ مُختَلِفَةِ الأَلوَانِ
صفحه : 385
119- وَ عَن مُجَاهِدٍ مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ قَالَ أَلوَانُ نُطفَةِ الرّجُلِ بَيضَاءُ وَ حَمرَاءُ وَ نُطفَةُ المَرأَةِ خَضرَاءُ وَ حَمرَاءُ
120- وَ عَن قَتَادَةَ إِنّا خَلَقنَا الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ نَبتَلِيهِ قَالَ طَوراً نُطفَةً وَ طَوراً عَلَقَةً وَ طَوراً مُضغَةً وَ طَوراً عِظَاماً ثُمّ كَسَونَاالعِظامَ لَحماً وَ ذَلِكَ أَشَدّ مَا يَكُونُ إِذَا كسُيَِ اللّحمَثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَ قَالَ أَنبَتَ لَهُ الشّعرَفَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَفَأَنبَأَهُ اللّهُ مِمّا خَلَقَهُ وَ أَبنَاهُ إِنّمَا بَيّنَ ذَلِكَ لِيَبتَلِيَهُ بِذَلِكَ لِيَعلَمَ كَيفَ شُكرُهُ وَ مَعرِفَتُهُ لِحَقّهِ فَبَيّنَ اللّهُ لَهُ مَا أَحَلّ لَهُ وَ مَا حَرّمَ عَلَيهِ ثُمّ قَالَإِنّا هَدَيناهُ السّبِيلَ إِمّا شاكِراًلِنِعَمِ اللّهِوَ إِمّا كَفُوراً بِهَا
121- وَ عَن عِكرِمَةَ فِي قَولِهِأَمشاجٍ قَالَ الظّفرُ وَ العَظمُ وَ العَصَبُ مِنَ الرّجُلِ وَ اللّحمُ وَ الدّمُ وَ الشّعرُ مِنَ المَرأَةِ
122- وَ عَن مَالِكِ بنِ الحُوَيرِثِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يَخلُقَ النّسَمَةَ فَجَامَعَ الرّجُلُ المَرأَةَ طَارَ مَاؤُهُ فِي كُلّ عِرقٍ وَ عَصَبٍ مِنهَا فَإِذَا كَانَ اليَومُ السّابِعُ أَحضَرَ اللّهُ لَهُ كُلّ عِرقٍ بَينَهُ وَ بَينَ آدَمَ ثُمّ قَرَأَفِي أَيّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكّبَكَ
123- وَ عَن مُجَاهِدٍ فِي أَيّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكّبَكَ قَالَ إِمّا قَبِيحاً وَ إِمّا حَسَناً وَ شِبهَ أَبٍ أَو أُمّ أَو خَالٍ أَو عَمّ
124- وَ عَن عَلِيّ بنِ رِيَاحٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ أَنّ النّبِيّص قَالَ لَهُ مَا وُلِدَ لَكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا عَسَي أَن يُولَدَ لِي إِمّا غُلَامٌ وَ إِمّا جَارِيَةٌ قَالَ فَمَن يُشبِهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا عَسَي أَن يُشبِهَ إِمّا أَبَاهُ وَ إِمّا أُمّهُ فَقَالَ لَا تَقُولَنّ هَذَا إِنّ النّطفَةَ إِذَا استَقَرّت فِي الرّحِمِ أَحضَرَهَا اللّهُ كُلّ نَسَبٍ بَينَهَا وَ بَينَ آدَمَ فَرَكّبَ خَلقَهُ فِي صُورَةٍ مِن تِلكَ الصّوَرِ أَ مَا قَرَأتَ هَذِهِ الآيَةَ فِي كِتَابِ اللّهِفِي أَيّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكّبَكَ مِن نَسَبَكِ مَا بَينَكَ وَ بَينَ آدَمَ
صفحه : 386
125- وَ عَنِ ابنِ أَبِي حَاتِمٍ فِي قَولِهِيَخرُجُ مِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ قَالَ صُلبُ الرّجُلِ وَ تَرَائِبُ المَرأَةِ لَا يَكُونُ الوَلَدُ إِلّا مِنهُمَا
126- وَ عَنِ ابنِ أَبزَي قَالَ الصّلبُ مِنَ الرّجُلِ وَ التّرَائِبُ مِنَ المَرأَةِ
127- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ يَخرُجُ مِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ قَالَ مَا بَينَ الجِيدِ وَ النّحرِ
128- وَ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ التّرَائِبُ أَسفَلُ مِنَ الترّاَقيِ
129- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِوَ التّرائِبِ قَالَ تَرِيبَةُ المَرأَةِ وَ هُوَ مَوضِعُ القِلَادَةِ
130- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ نَافِعَ بنَ الأَزرَقِ قَالَ لَهُ أخَبرِنيِ عَن قَولِهِ عَزّ وَ جَلّيَخرُجُ مِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ قَالَ التّرَائِبُ مَوضِعُ القِلَادَةِ مِنَ المَرأَةِ قَالَ وَ هَل تَعرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ قَالَ نَعَم أَ مَا سَمِعتَ قَولَ الشّاعِرِ
وَ الزّعفَرَانُ عَلَي تَرَائِبِهَا | شَرَقاً بِهِ اللّبّاتُ وَ النّحرُ |
131- وَ عَن عِكرِمَةَ أَنّهُ سُئِلَ عَن قَولِهِيَخرُجُ مِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ قَالَ صُلبِ الرّجُلِ وَ تَرَائِبِ المَرأَةِ أَ مَا سَمِعتَ قَولَ الشّاعِرِ
نِظَامُ اللّؤلُؤِ عَلَي تَرَائِبِهَا | شَرَقاً بِهِ اللّبّاتُ وَ النّحرُ |
132- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ التّرَائِبُ بَينَ ثدَييَِ المَرأَةِ
133- وَ عَن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ قَالَ التّرَائِبُ الصّدرُ
و عن عكرمة و ابن عياض مثله
134- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ التّرَائِبُ أَربَعَةُ أَضلَاعٍ مِن كُلّ جَانِبٍ مِن أَسفَلِ الأَضلَاعِ
صفحه : 387
135- وَ عَنِ الأَعمَشِ قَالَ يُخلَقُ العِظَامُ وَ العَصَبُ مِن مَاءِ الرّجُلِ وَ يُخلَقُ اللّحمُ وَ الدّمُ مِن مَاءِ المَرأَةِ
136- وَ عَن قَتَادَةَ فِي قَولِهِيَخرُجُ مِن بَينِ الصّلبِ وَ التّرائِبِ قَالَ يَخرُجُ مِن بَينِ صُلبِهِ وَ نَحرِهِإِنّهُ عَلي رَجعِهِ لَقادِرٌ قَالَ إِنّ اللّهَ عَلَي بَعثِهِ وَ إِعَادَتِهِ لَقَادِرٌيَومَ تُبلَي السّرائِرُ قَالَ إِنّ هَذِهِ السّرَائِرَ مُختَبَرَةٌ فَأَسِرّوا خَيراً وَ أَعلِنُوهُفَما لَهُ مِن قُوّةٍيَمتَنِعُ بِهَاوَ لا ناصِرٍيَنصُرُهُ مِنَ اللّهِ
137- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِإِنّهُ عَلي رَجعِهِ لَقادِرٌ قَالَ أَن يَجعَلَ الشّيخَ شَابّاً وَ الشّابّ شَيخاً
138- وَ عَن مُجَاهِدٍ إِنّهُ عَلي رَجعِهِ لَقادِرٌ قَالَ عَلَي رَجعِ النّطفَةِ فِي الإِحلِيلِ
بيان قوله كأن الريش أقول أورد الجوهري البيت هكذا
كأن النصل والفوقين منها. | خلال الريش سيط به المشيج . |
قال بعض المحققين مبدأ عقد الصورة في مني الذكر ومبدأ انعقادها في مني الأنثي وهما بالنسبة إلي الجنين كالإنفحة واللّبن بالقياس إلي الجبنّ وقيل إن لكل من المنيين قوة عاقدة وقابلة و إن كانت العاقدة في الذكوري أقوي والمنعقدة في الأنوثي أقوي ورجح ذلك بأنه لو لم يكن كذلك لم يمكن أن يتحدا شيئا واحدا و لم ينعقد مني الذكر حتي يصير جزء من الولد و قال بعضهم ولهذا إذا كان مزاج الأنثي قويا ذكوريا كماتكون أمزجة النساء الشريفة النفس القوية القوي و كان مزاج كبدها حارا كان المني المنفصل من الكلية اليمني مقام مني الرجل في شدة قوة العقد والمنفصل من اليسري مقام مني الأنثي في قوة الانعقاد فينخلق الولد بإذن الله وخصوصا إذاكانت النفس متأيدة بروح القدس متقومة به بحيث يسري اتصالها به إلي الطبيعة والبدن ويغير المزاج ويمد جميع القوي في أفعالها بالمدد الروحاني
صفحه : 388
فتصير أقدر علي أفعالها بما لاينضبط بالقياس كماوقع للصديقة مريم بنت عمران علي نبينا وآله و علي ابنها وعليها السلام حيث تمثل لها روح القدس بشرا سوي الخلق حسن الصورة فتأثر نفسها به فتحركت علي مقتضي الجبلة وسري الأثر من الخيال في الطبيعة فتحركت شهوتها فأنزلت كمايقع في المنام من الاحتلام انتهي . وأقول قدمر أن نفوذ إرادة الله سبحانه وقدرته في أمر لايتوقف علي حصول تلك الأسباب العادية حتي يتكلف أمثال تلك التكلفات التي ربما انتهي القول به إلي نسبة أمور إلي النساء المقدسات المطهرات لايرضي الله بها والكف عنها أحوط وأحري . ثم قالوا ابتداء خلقه الجنين هوحصول الماء في الرحم وشبه بالعجين إذاألصق بالتنور ثم يتغير عن حاله قليلا ويشبه بالبذر إذاطرح في الأرض ويسمي نطفة ثم تحصل فيه نقط دموية من دم الحيض ويسمي علقة ثم يظهر فيه حمرة ظاهرة منه فيصير شبيها بالدم الجامد ويعظم قليلا ويهيج فيه ريح حارة ويسمي مضغة ثم يتم ويتميز فيه الأعضاء الرئيسة الثلاثة ويظهر لسائر الأعضاء رسوم خفية ويسمي جنينا ثم يظهر فيه رسوم سائر الأعضاء ويقوي ويصلب ويجري فيه الروح ويتحرك ويسمي صبيا ثم تنفصل الرسوم وتظهر الصورة وينبت الشعر ثم ينفتح لسانه وتتم خلقته وتكمل خلقة الذكر قبل خلقة الأنثي و إذاكمل لم يكتف بما
صفحه : 389
يجيئه من الغذاء من دم الحيض فيتحرك حركات صعبة قوية وانتهكت رباطات الرحم فكانت الولادة. و قال بعضهم الرحم موضوعة في ما بين المثانة والمعي المستقيم وهي مربوطة برباطات علي هيئة السلسلة وجسمها عصبي ليمكن امتدادها واتساعها وقت الولادة والحاجة إلي ذلك وتنضم إذااستغنت ولها بطنان ينتهيان إلي فم واحد وزائدتان تسميان قرني الرحم وخلف هاتين الزائدتين بيضتا المرأة وهما أصغر من بيضتي الرجل وأشد تفرطحا والمفرطح العريض ومنهما ينصب مني المرأة إلي تجويف الرحم وللرحم رقبة منتهية إلي فرج المرأة وتلك الرقبة من المرأة بمنزلة الذكر من الرجل فإذاامتزج مني الرجل بمني المرأة من تجويف الرحم كان العلوق ثم ينمي من دم الطمث ويتصل بالجنين عروق تأتي إلي الرحم فتغذوه حتي يتم ويكمل فإذا لم يكتف بما يجيئه من تلك العروق يتحرك حركات قوية طلبا للغذاء فيهتك أربطة الرحم التي قلنا إنها علي هيئة السلسلة و يكون منها الولادة انتهي . واعلم أنهم اتفقوا علي أن المني يتولد من فضلة الهضم الرابع في الأعضاء قال بقراط في كتابه في المني إن جمهور مادة المني هو من الدماغ فإنه ينزل منه إلي العرقين اللذين خلف الأذنين ثم منهما إلي النخاع لئلا يبعد من الدماغ و مايشبهه مسافة طويلة فيغير مزاجه ثم منه إلي الكليتين بعدنفوذه في العرقين الطالعين المتشعبين من الأجوف إلي العروق التي تأتي الأنثيين ولهذا قيل إن قطعهما يقطع النسل . ونقل الطبري عن بقراط أن الصقالبة إذاأرادوا أن يرتبوا أولادهم للدعوة أوللناموس بتروا منهم هذين العرقين فينقطع هذاالمقطوع العرق عن الجماع ويصير بصورة النساء فيتبركون به ويتوسلون به إلي الله تعالي ويرون أن دعاءه مستجاب و أن الله قداصطفاه واختاره وطهره من الخبائث وجالينوس أنكر ذلك وخطّأ قول بقراط.
صفحه : 390
و قال الشيخ أناأري أن المني ليس يجب أن يكون من الدماغ وحده و إن كانت خميرته منه وصح مايقوله بقراط من أمر العرقين بل يجب أن يكون له من كل عضو رئيس عين و من الأعضاء الأخري ترشح أيضا إلي هذه الأصول . و قال القرشي في شرح القانون إنما يكون تولد المني من الرطوبة المبثوثة علي الأعضاء كالطل ومعلوم أنه ليس في كل عضو من الأعضاء مجري يسيل فيه ماهناك من تلك الرطوبة إلي الأنثيين ثم إلي القضيب فلايمكن أن يكون وصولها إلي هناك إلابأن تتبخر تلك الرطوبة من الأعضاء حتي تتصعد إلي الدماغ وهناك تفارقها الحرارة المتبخرة فتبرد وتتكاثف وتعود إلي قوامها قبل التبخر ثم من هناك ينزل إلي العروق التي خلف الأذنين وينفذ إلي النخاع في عروق هناك لئلا يتغير عن التعدل ألذي أفاده الدماغ فلايتبخر بالحرارة كرة أخري فإذانزلت من هناك حتي وصلت إلي قرب الأنثيين صادف هناك عروقا واصلة من الكليتين إلي الأنثيين وتلك العروق مملوءة من الدم فتتسخن في الكليتين وتعدل فيحيله ذلك النازل من الدماغ إلي مشابهة بعض استحالة ثم بعد ذلك ينفذ إلي الأنثيين ويكمل فيهما تعدله وبياضه ونضجه ومنهما يندفع إلي أوعيته . وأيد ذلك بما نقل من كتاب منسوب إلي هرمس في سر الخليقة قدفسره بليناس و هو أن المني إذاخرج من معادنه عندالجماع ائتلف بعضه إلي بعض وسما إلي الدماغ وأخذ الصورة منه ثم نزل في الذكر وخرج منه . و قال شارح الأسباب مادة المني يأتي من الكبد إلي الكليتين في شعب من الأجوف النازل ويتصفي فيهما من المائية ثم منهما إلي المجري ألذي بينهما و بين الأنثيين و هوعرق كثير المعاطف والاستدارات ليطول المسافة بينهما فينضج فيه المني ويبيض بعداحمراره ثم منه إلي الأنثيين فهما يعينان علي تمام تكون المني بإسخانها الدم النافذ في هذه العروق انتهي . وقالوا ونبت من الأنثيين وعاءان مثل البربخين شبيهين بجوهر الأنثيين يصعدان أولا إلي العانة و إلي معلق البيضتين ثم ينزلان متوربين إلي عنق المثانة أسفل من
صفحه : 391
مجري البول ثم يتصلان إلي المجري ألذي في أصل القضيب ويسمي هذان الوعاءان أوعية المني وهذان في الرجال أطول وأوسع منهما في النساء و في القضيب مجار ثلاثة مجري المني ومجري البول ومجري الودي كذا ذكر الشيخ في القانون و قال صاحب ترويح الأرواح في القضيب مجريان أحدهما مجري البول والودي والآخر مجري المني وكلامهم في ذلك كثير اكتفينا بذلك لتطلع في الجملة علي بعض مصطلحاتهم فتستعملها في فهم مامر وسيأتي من الآيات والأخبار و الله يعلم حقائق الأمور. و في القاموس البربخ منفذ الماء ومجراه و هوالأردبة والبالوعة من الخزف