صفحه : 1
الآيات البقرةوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَالأعراف ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِيونس ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ يُدَبّرُ الأَمرَ ما مِن شَفِيعٍ إِلّا مِن بَعدِ إِذنِهِهودوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِالرعدثُمّ استَوي عَلَي العَرشِطه الرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَويالمؤمنون قُل مَن رَبّ السّماواتِ السّبعِ وَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِالفرقان ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ الرّحمنُ فَسئَل بِهِ خَبِيراًالنمل رَبّ العَرشِ العَظِيمِ
صفحه : 2
التنزيل ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِالمؤمن الّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَ وَ مَن حَولَهُ يُسَبّحُونَ بِحَمدِ رَبّهِم وَ يُؤمِنُونَ بِهِ وَ يَستَغفِرُونَ لِلّذِينَ آمَنُواالحديدثُمّ استَوي عَلَي العَرشِالحاقةوَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌتفسيروَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ قال الطبرسي ره اختلف فيه علي أقوال أحدها وسع علمه السموات و الأرض عن ابن عباس ومجاهد و هوالمروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع ويقال للعلماء كراسي كمايقال لهم أوتاد الأرض لأن بهم قوام الدين والدنيا وثانيها أن الكرسي هاهنا هوالعرش عن الحسن وإنما سمي كرسيا لتركب بعضه علي بعض وثالثها أن المراد بالكرسي هاهنا الملك والسلطان والقدرة كمايقال اجعل لهذا الحائط كرسيا أي عمادا يعمد به حتي لايقع و لايميل فيكون معناه أحاطت قدرته بالسماوات و الأرض و مافيهما ورابعها أن الكرسي سرير دون العرش و قدروي ذلك عن أبي عبد الله ع وقريب منه ماروي عن عطاء أنه قال ماالسماوات و الأرض عندالكرسي إلاكحلقة خاتم في فلاة و ماالكرسي عندالعرش إلاكحلقة في الفلاة ومنهم من قال إن السماوات و الأرض جميعا علي الكرسي والكرسي تحت العرش فالعرش فوق السماوات وَ رَوَي الأَصبَغُ بنُ نُبَاتَةَ أَنّ
صفحه : 3
عَلِيّاً ع قَالَ السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ وَ مَا فِيهِمَا مِن مَخلُوقٍ فِي جَوفِ الكرُسيِّ
وساق الحديث إلي آخره كماسيأتي في رواية علي بن ابراهيم .ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِمنهم من فسر العرش هنا بمعني الملك قال القفال العرش في كلامهم هوالسرير ألذي يجلس عليه الملوك ثم جعل العرش كناية عن نفس الملك يقال ثل عرشه أي انتقص ملكه وقالوا استوي علي عرشه واستقر علي سرير ملكه ومنهم من فسر العرش بالجسم الأعظم والاستواء بمعني الاستيلاء كمامر قال الرازي في تفسيره اتفق المسلمون علي أن فوق السماوات جسما عظيما هوالعرش واختلف في المراد بالعرش هنا فقال أبومسلم المراد أنه لماخلق الله السماوات و الأرض سطحها ورفع سمكها فإن كل بناء يسمي عرشا وبانيه يسمي عارشا قال تعالي وَ مِمّا يَعرِشُونَ والاستواء علي العرش هوالاستعلاء عليه بالقهر والمشهور بين المفسرين أن المراد بالعرش فيهاالجسم العظيم ألذي في السماء وقيل المراد من العرش الملك وملك الله تعالي عبارة عن مخلوقاته ووجود مخلوقاته إنما حصل بعدخلق السماوات و الأرض فلاجرم صح إدخال حرف ثم عليه والحاصل أن المراد استواؤه علي عالم الأجسام بالقهر والقدرة والتدبير والحفظ يعني أن من فوق العرش إلي ماتحت الثري في حفظه وتدبيره و في الاحتياج إليه .فَسئَل بِهِ خَبِيراً قال الطبرسي ره قيل أي فاسأل عنه خبيرا والباء بمعني عن والخبير هاهنا هو الله تعالي أو محمدص وقيل إن الباء علي أصلها والمعني فاسأل سؤالك أيها الإنسان خبيرا يخبرك بالحق في صفته وقيل إن الباء فيه مثل الباء في قولك لقيت بفلان ليثا إذاوصفت شجاعته والمعني إذا
صفحه : 4
رأيته رأيت الشيء المشبه بأنه الخبير به .الّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَ قال الطبرسي ره عبادة لله وامتثالا لأمره وَ مَن حَولَهُيعني الملائكة المطيفين بالعرش وهم الكروبيون وسادة الملائكةيُسَبّحُونَ بِحَمدِ رَبّهِم أي ينزهون ربهم عما يصفه به هؤلاء المجادلون وقيل يسبحونه بالتسبيح المعهود ويحمدونه علي إنعامه وَ يُؤمِنُونَ بِهِ أي ويصدقونه ويعترفون بوحدانيته وَ يَستَغفِرُونَ أي ويسألون الله المغفرةلِلّذِينَ آمَنُوا من أهل الأرض أي صدقوا بوحدانية الله واعترفوا بإلهيته وبما يجب الاعتراف به و قال في قوله تعالي وَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُميعني فوق الخلائق يَومَئِذٍيعني يوم القيامةثَمانِيَةٌ من الملائكة عن ابن زيد
وَ روُيَِ ذَلِكَ عَنِ النّبِيّص أَنّهُمُ اليَومَ أَربَعَةٌ فَإِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ أَيّدَهُم بِأَربَعَةٍ أُخرَي فَيَكُونُونَ ثَمَانِيَةً
وقيل ثمانية صفوف من الملائكة لايعلم عددهم إلا الله تعالي عن ابن عباس . و قال الرازي نقل عن الحسن أنه قال لاأدري أنهم ثمانية أشخاص أوثمانية آلاف يصفون وحمله علي ثمانية أشخاص أولي لماروي أنهم ثمانية أملاك أرجلهم في تخوم الأرض السابعة والعرش فوق رءوسهم وهم يطوفون يسبحون وقيل بعضهم علي صورة الإنسان وبعضهم علي صورة الأسد وبعضهم علي صورة الثور وبعضهم علي صورة النسر وروي ثمانية أملاك علي صورة الأوعال ما بين أظلافها إلي ركبها مسيرة سبعين عاما و عن شهر بن حوشب أربعة منهم يقولون
صفحه : 5
سبحانك أللهم وبحمدك لك الحمد علي عفوك بعدقدرتك وأربعة تقول سبحانك أللهم وبحمدك لك الحمد علي حلمك بعدعلمك
1- الخِصَالُ، وَ المعَاَنيِ، وَ العيَاّشيِّ، وَ الدّرّ المَنثُورُ، فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرّ عَنِ النّبِيّص قَالَ يَا بَا ذَرّ مَا السّمَاوَاتُ السّبعُ فِي الكرُسيِّ إِلّا كَحَلقَةٍ مُلقَاةٍ فِي أَرضِ فَلَاةٍ وَ فَضلُ العَرشِ عَلَي الكرُسيِّ كَفَضلِ الفَلَاةِ عَلَي تِلكَ الحَلقَةِ
2- الفَقِيهُ، وَ العِلَلُ، وَ المَجَالِسُ،لِلصّدُوقِ روُيَِ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ سُئِلَ لِمَ سمُيَّ الكَعبَةُ كَعبَةً قَالَ لِأَنّهَا مُرَبّعَةٌ فَقِيلَ لَهُ وَ لِمَ صَارَت مُرَبّعَةً قَالَ لِأَنّهَا بِحِذَاءِ بَيتِ المَعمُورِ وَ هُوَ مُرَبّعٌ فَقِيلَ لَهُ وَ لِمَ صَارَ البَيتُ المَعمُورُ مُرَبّعاً قَالَ لِأَنّهُ بِحِذَاءِ العَرشِ وَ هُوَ مُرَبّعٌ فَقِيلَ لَهُ وَ لِمَ صَارَ العَرشُ مُرَبّعاً قَالَ لِأَنّ الكَلِمَاتِ التّيِ بنُيَِ عَلَيهَا الإِسلَامُ أَربَعٌ سُبحَانَ اللّهِ وَ الحَمدُ لِلّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ اللّهُ أَكبَرُ
بيان وتأويل عليل قال السيد الداماد ره في بعض تعليقاته علي الفقيه العرش هوفلك الأفلاك وإنما حكم ع بكونه مربعا لأن الفلك يتعين له بالحركة المنطقة والقطبان و كل دائرة عظيمة منصفة للكرة والفلك يتربع بمنطقة الحركة والدائرة المارة بقطبيها والعرش و هوالفلك الأقصي والكرسي و هوفلك الثوابت يتربعان بمعدل النهار ومنطقة البروج والدائرة المارّة بالأقطاب
صفحه : 6
الأربعة وأيضا دائرة الأفق علي سطح الفلك الأعلي يتربع بدائرة نصف النهار ودائرة المشرق والمغرب فيقع منها بينها أرباعها ويتعين عليها النقاط الأربع الجنوب والشمال والمشرق والمغرب والحكماء نزلوا الفلك منزلة إنسان مستلق علي ظهره رأسه إلي الشمال ورجلاه إلي الجنوب ويمينه إلي المغرب وشماله إلي المشرق وأيضا التربيع والتسديس أول الأشكال في الدائرة علي ما قداستبان في مظانه إذ التربيع يحصل بقطرين متقاطعين علي قوائم والتسديس بنصف قطر فإن وتر سدس الدور يساوي نصف القطر وربع الدور قوس تامة و مانقصت عن الربع فمتممها إلي الربع تمامها وأيضا الفلك الأقصي له مادة وصورة وعقل هوالعقل الأول ويقال له عقل الكل ونفس هي النفس الأولي ويقال لها نفس الكل فيكون مربعا وأول المربعات في نظام الوجود وهنالك وجوه أخري يضيق ذرع المقام عن بسطها فليتعرف انتهي و لايخفي عدم موافقتها لقوانين الشرع ومصطلحات أهله وسيأتي القول فيها و قدمر بعض مايزيفها
3- المُتَهَجّدُ، وَ الفَقِيهُ، وَ التّهذِيبُ، فِي خُطبَةِ الِاستِسقَاءِ ألّذِي جَعَلَ السّمَاوَاتِ لِكُرسِيّهِ عِمَاداً وَ الجِبَالَ أَوتَاداً وَ الأَرضَ لِلعِبَادِ مِهَاداً وَ مَلَائِكَتَهُ عَلَي أَرجَائِهَا وَ حَمَلَةَ عَرشِهِ عَلَي أَمطَائِهَا وَ أَقَامَ بِعِزّتِهِ أَركَانَ العَرشِ وَ أَشرَقَ بِضَوئِهِ شُعَاعَ الشّمسِ وَ أَطفَأَ بِشُعَائِهِ ظُلمَةَ الغَطشِ وَ فَجّرَ الأَرضَ عُيُوناً وَ القَمَرَ نُوراً وَ النّجُومَ بُهُوراً
4- الإِقبَالُ، عَنِ التلّعّكُبرَيِّ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي دُعَاءِ يَومِ عَرَفَةَ وَ أَسأَلُكَ بِكُلّ اسمٍ هُوَ لَكَ وَ كُلّ مَسأَلَةٍ حَتّي ينَتهَيَِ إِلَي اسمِكَ الأَعظَمِ الأَعظَمِ الأَكبَرِ الأَكبَرِ العلَيِّ الأَعلَي ألّذِي استَوَيتَ بِهِ عَلَي عَرشِكَ وَ استَقلَلتَ بِهِ عَلَي كُرسِيّكَ
صفحه : 7
5- العَقَائِدُ،لِلصّدُوقِ اعتِقَادُنَا فِي العَرشِ أَنّهُ جُملَةُ جَمِيعِ الخَلقِ وَ العَرشُ فِي وَجهٍ آخَرَ هُوَ العِلمُ وَ سُئِلَ الصّادِقُ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي فَقَالَ استَوَي مِن كُلّ شَيءٍ فَلَيسَ شَيءٌ أَقرَبَ مِنهُ مِن شَيءٍ وَ أَمّا العَرشُ ألّذِي هُوَ جُملَةُ جَمِيعِ الخَلقِ فَحَمَلَتهُ ثَمَانِيَةٌ مِنَ المَلَائِكَةِ لِكُلّ وَاحِدٍ ثمَاَنيِ أَعيُنٍ كُلّ عَينٍ طِبَاقُ الدّنيَا وَاحِدٌ مِنهُم عَلَي صُورَةِ بنَيِ آدَمَ يَستَرزِقُ اللّهَ تَعَالَي لبِنَيِ آدَمَ وَ وَاحِدٌ مِنهُم عَلَي صُورَةِ الثّورِ يَستَرزِقُ اللّهَ تَعَالَي لِلبَهَائِمِ كُلّهَا وَ وَاحِدٌ مِنهُم عَلَي صُورَةِ الأَسَدِ يَستَرزِقُ اللّهَ تَعَالَي لِلسّبَاعِ وَ وَاحِدٌ مِنهُم عَلَي صُورَةِ الدّيكِ يَستَرزِقُ اللّهَ تَعَالَي لِلطّيُورِ فَهُمُ اليَومَ هَؤُلَاءِ الأَربَعَةُ فَإِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ صَارُوا ثَمَانِيَةً وَ أَمّا العَرشُ ألّذِي هُوَ العِلمُ فَحَمَلَتهُ أَربَعَةٌ مِنَ الأَوّلِينَ وَ أَربَعَةٌ مِنَ الآخِرِينَ فَأَمّا الأَربَعَةُ مِنَ الأَوّلِينَ فَنُوحٌ وَ اِبرَاهِيمُ وَ مُوسَي وَ عِيسَي ع وَ أَمّا الأَربَعَةُ مِنَ الآخِرِينَ فَمُحَمّدٌ وَ عَلِيّ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ ع هَكَذَا روُيَِ بِالأَسَانِيدِ الصّحِيحَةِ عَنِ الأَئِمّةِ ع فِي العَرشِ وَ حَمَلَتِهِ وَ إِنّمَا صَارَ هَؤُلَاءِ حَمَلَةَ العَرشِ ألّذِي هُوَ العِلمُ لِأَنّ الأَنبِيَاءَ الّذِينَ كَانُوا قَبلَ نَبِيّنَا مُحَمّدٍص عَلَي شَرَائِعِ الأَربَعِ مِنَ الأَوّلِينَ نُوحٍ وَ اِبرَاهِيمَ وَ مُوسَي وَ عِيسَي ع وَ مِن قِبَلِ هَؤُلَاءِ الأَربَعَةِ صَارَتِ العُلُومُ إِلَيهِم وَ كَذَلِكَ صَارَ العِلمُ بَعدَ مُحَمّدٍص وَ عَلِيّ وَ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ إِلَي مَن بَعدَ الحُسَينِ مِنَ الأَئِمّةِ ع
أقول قال الشيخ المفيد ره العرش في اللغة هوالملك قال
إذا مابنو مروان ثلت عروشهم . | وأودت كماأودت إياد وحميره . |
يريد إذا مابنو مروان هلك ملكهم وبادوا. و قال آخر.
ظننت عرشك لايزول و لايغير. |
يعني أظننت ملكك لايزول و لايغير و قال الله تعالي مخبرا عن واصف ملك
صفحه : 8
ملكة سبأوَ أُوتِيَت مِن كُلّ شَيءٍ وَ لَها عَرشٌ عَظِيمٌيريد ولها ملك عظيم فعرش الله تعالي هوملكه واستواؤه علي العرش هواستيلاؤه علي الملك والعرب تصف الاستيلاء بالاستواء قال
قداستوي بشر علي العراق . | من غيرسيف ودم مهراق . |
يريد به قداستولي علي العراق فأما العرش ألذي تحمله الملائكة فهو بعض الملك و هوعرش خلقه الله تعالي في السماء السابعة وتعبد الملائكة بحمله وتعظيمه كماخلق سبحانه بيتا في الأرض وأمر البشر بقصده وزيارته والحج إليه وتعظيمه و قدجاء الحديث أن الله تعالي خلق بيتا تحت العرش سماه البيت المعمور تحجه الملائكة في كل عام وخلق في السماء الرابعة بيتا سماه الضراح وتعبد الملائكة بحجه والتعظيم له والطواف حوله وخلق البيت الحرام في الأرض فجعله تحت الضراح وَ روُيَِ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ لَو ألُقيَِ حَجَرٌ مِنَ العَرشِ لَوَقَعَ عَلَي ظَهرِ بَيتِ المَعمُورِ وَ لَو ألُقيَِ مِنَ البَيتِ المَعمُورِ لَسَقَطَ عَلَي ظَهرِ البَيتِ الحَرَامِ وَ لَم يَخلُقِ اللّهُ عَرشاً لِنَفسِهِ يَستَوطِنُهُ تَعَالَي اللّهُ عَن ذَلِكَ لَكِنّهُ خَلَقَ عَرشاً أَضَافَهُ إِلَي نَفسِهِ تَكرِمَةً لَهُ وَ إِعظَاماً وَ تَعَبّدَ المَلَائِكَةَ بِحَملِهِ كَمَا خَلَقَ بَيتاً فِي الأَرضِ وَ لَم يَخلُقهُ لِنَفسِهِ وَ لَا يَسكُنُهُ تَعَالَي اللّهُ عَن ذَلِكَ لَكِنّهُ خَلَقَهُ لِخَلقِهِ وَ أَضَافَهُ إِلَي نَفسِهِ إِكرَاماً لَهُ وَ إِعظَاماً وَ تَعَبّدَ الخَلقَ بِزِيَارَتِهِ وَ الحَجّ إِلَيهِ
فأما الوصف للعلم بالعرش فهو في مجاز اللغة دون حقيقتها و لاوجه لتأول قوله تعالي الرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَويبمعني أنه احتوي علي العلم وإنما الوجه في ذلك ماقدمناه والأحاديث التي رويت في صفة الملائكة الحاملين للعرش أحاديث آحاد وروايات أفراد لايجوز القطع بها و لاالعمل عليها والوجه الوقوف عندها والقطع علي أن العرش في الأصل هوالملك والعرش المحمول جزء من الملك تعبد الله بحمله الملائكة علي ماقدمناه
صفحه : 9
6- العَقَائِدُ، اعتِقَادُنَا فِي الكرُسيِّ أَنّهُ وِعَاءُ جَمِيعِ الخَلقِ مِنَ العَرشِ وَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ كُلّ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي فِي الكرُسيِّ وَ فِي وَجهٍ آخَرَ الكرُسيِّ هُوَ العِلمُ وَ قَد سُئِلَ الصّادِقُ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ قَالَ عِلمُهُ
7- التّوحِيدُ، عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الصغّديِّ عَن مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ العسَكرَيِّ وَ أَخِيهِ مُعَاذٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ الحنَظلَيِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَاصِمٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ قَيسٍ عَن أَبِي هَاشِمٍ الرمّاّنيِّ عَن زَاذَانَ عَن سَلمَانَ الفاَرسِيِّ قَالَ سَأَلَ الجَاثَلِيقُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع أخَبرِنيِ عَن رَبّكَ أَ يَحمِلُ أَو يُحمَلُ فَقَالَ إِنّ رَبّنَا جَلّ جَلَالُهُ يَحمِلُ وَ لَا يُحمَلُ قَالَ النصّراَنيِّ كَيفَ ذَلِكَ وَ نَحنُ نَجِدُ فِي الإِنجِيلِ وَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ فَقَالَ عَلِيّ ع إِنّ المَلَائِكَةَ تَحمِلُ العَرشَ وَ لَيسَ العَرشُ كَمَا تَظُنّ كَهَيئَةِ السّرِيرِ وَ لَكِنّهُ شَيءٌ مَحدُودٌ مَخلُوقٌ مُدَبّرٌ وَ رَبّكَ عَزّ وَ جَلّ مَالِكُهُ لَا أَنّهُ عَلَيهِ كَكَونِ الشيّءِ عَلَي الشيّءِ وَ أَمَرَ المَلَائِكَةَ بِحَملِهِ فَهُم يَحمِلُونَ العَرشَ بِمَا أَقدَرَهُم عَلَيهِ قَالَ النصّراَنيِّ صَدَقتَ رَحِمَكَ اللّهُ
8-الكاَفيِ، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ البرَقيِّ رَفَعَهُ قَالَسَأَلَ الجَاثَلِيقُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ أخَبرِنيِ عَنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ يَحمِلُ العَرشَ أَوِ العَرشُ يَحمِلُهُ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع اللّهُ عَزّ وَ جَلّ حَامِلُ العَرشِ وَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ مَا فِيهِمَا وَ مَا بَينَهُمَا وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّإِنّ اللّهَ يُمسِكُ السّماواتِ وَ الأَرضَ أَن تَزُولا وَ لَئِن زالَتا إِن أَمسَكَهُما مِن أَحَدٍ مِن
صفحه : 10
بَعدِهِ إِنّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً قَالَ فأَخَبرِنيِ عَن قَولِهِوَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌفَكَيفَ ذَاكَ وَ قُلتَ إِنّهُ يَحمِلُ العَرشَ وَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ العَرشَ خَلَقَهُ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي مِن أَنوَارٍ أَربَعَةٍ نُورٍ أَحمَرَ مِنهُ احمَرّتِ الحُمرَةُ وَ نُورٍ أَخضَرَ مِنهُ اخضَرّتِ الخُضرَةُ وَ نُورٍ أَصفَرَ مِنهُ اصفَرّتِ الصّفرَةُ وَ نُورٍ أَبيَضَ مِنهُ ابيَضّ البَيَاضُ وَ هُوَ العِلمُ ألّذِي حَمّلَهُ اللّهُ الحَمَلَةَ وَ ذَلِكَ نُورٌ مِن نُورِ عَظَمَتِهِ فَبِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ أَبصَرَ قُلُوبُ المُؤمِنِينَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ عَادَاهُ الجَاهِلُونَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ ابتَغَي مَن فِي السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ مِن جَمِيعِ خَلَائِقِهِ إِلَيهِ الوَسِيلَةَ بِالأَعمَالِ المُختَلِفَةِ وَ الأَديَانِ المُشتَبِهَةِ فَكُلّ شَيءٍ مَحمُولٍ يَحمِلُهُ اللّهُ بِنُورِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ قُدرَتِهِ لَا يَستَطِيعُ لِنَفسِهِ ضَرّاً وَ لَا نَفعاً وَ لَا مَوتاً وَ لَا حَيَاةً وَ لَا نُشُوراً فَكُلّ شَيءٍ مَحمُولٌ وَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي المُمسِكُ لَهُمَا أَن تَزُولَا وَ المُحِيطُ بِهِمَا مِن شَيءٍ وَ هُوَ حَيَاةُ كُلّ شَيءٍ وَ نُورُ كُلّ شَيءٍسُبحانَهُ وَ تَعالي عَمّا يَقُولُونَ عُلُوّا كَبِيراً قَالَ لَهُ فأَخَبرِنيِ عَنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ أَينَ هُوَ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع هُوَ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا وَ فَوقُ وَ تَحتُ وَ مُحِيطٌ بِنَا وَ مَعَنَا وَ هُوَ قَولُهُما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَ لا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَ لا أَدني مِن ذلِكَ وَ لا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانُوافاَلكرُسيِّ مُحِيطٌ بِالسّمَاوَاتِ وَ الأَرضِوَ ما بَينَهُما وَ ما تَحتَ الثّري وَ إِن تَجهَر بِالقَولِ فَإِنّهُ يَعلَمُ السّرّ وَ أَخفي وَ ذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَيوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفظُهُما وَ هُوَ العلَيِّ العَظِيمُفَالّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَهُمُ العُلَمَاءُ الّذِينَ حَمّلَهُمُ اللّهُ عِلمَهُ وَ لَيسَ يَخرُجُ مِن هَذِهِ الأَربَعَةِ شَيءٌ خَلَقَ اللّهُ فِي مَلَكُوتِهِ وَ هُوَ المَلَكُوتُ ألّذِي أَرَاهُ اللّهُ أَصفِيَاءَهُ وَ أَرَاهُ خَلِيلَهُ ع فَقَالَوَ كَذلِكَ نرُيِ اِبراهِيمَ مَلَكُوتَ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ وَ كَيفَ يَحمِلُ حَمَلَةُ العَرشِ اللّهَ وَ بِحَيَاتِهِ حَيِيَت قُلُوبُهُم وَ بِنُورِهِ اهتَدَوا إِلَي مَعرِفَتِهِ
صفحه : 11
توضيح الجاثليق بفتح الثاء رئيس للنصاري في بلاد الإسلام بمدينة السلام ذكره الفيروزآباديأَن تَزُولا أي يمسكهما كراهة أن تزولا بالعدم والبطلان أويمنعهما ويحفظهما أن تزولا فإن الإمساك متضمن للمنع والحفظ و فيه دلالة علي أن الباقي يحتاج في بقائه إلي المؤثرإِن أَمسَكَهُما أي ماأمسكهمامِن أَحَدٍ مِن بَعدِهِ أي من بعد الله أو من بعدالزوال و من الأولي زائدة للمبالغة في الاستغراق والثانية للابتداء فأخبرني عن قوله لعله توهم المنافاة من جهتين الأولي أن حملة العرش ثمانية و قلت هوسبحانه حامله والثانية أن الثمانية إذاحملوا عرشه فقد حملوه أيضا لأنه علي العرش و قلت إنه حامل جميع ماسواه خلقه الله من أنوار أربعة.أقول قدتحيرت الأفهام في معني تلك الأنوار التي هي من غوامض الأسرار فمنهم من قال هي الجواهر القدسية العقلية التي هي وسائط جوده تعالي وألوانها كناية عن اختلاف أنواعها ألذي هوسبب اختلاف الأنواع الرباعية في هذاالعالم الحسي كالعناصر والأخلاط وأجناس الحيوانات أعني الإنسان والبهائم والسباع والطيور ومراتب الإنسان أعني الطبع والنفس الحساسة والنفس المتخيلة والعقل وأجناس المولدات كالمعدن والنبات والحيوان والإنسان وقيل إنه تمثيل لبيان تفاوت تلك الأنوار بحسب القرب والبعد من نور الأنوار فالنور الأبيض هوالأقرب والأخضر هوالأبعد فكأنه ممتزج بضرب من الظلمة والأحمر هوالمتوسط بينهما ثم ما بين كل اثنين ألوان أخري كألوان الصبح والشفق المختلفة في الألوان لقربها وبعدها من نور الشمس وقيل المراد بهاصفاته تعالي فالأخضر قدرته علي إيجاد الممكنات وإفاضة الأرواح التي هي عيون الحياة ومنابع الخضرة والأحمر غضبه وقهره علي الجميع بالإعدام والتعذيب والأبيض رحمته ولطفه علي عباده قال تعالي أَمّا الّذِينَ ابيَضّت وُجُوهُهُم ففَيِ رَحمَتِ اللّهِ. وأحسن ماسمعته في هذاالمقام مااستفدته من والدي العلامة رفع الله
صفحه : 12
في الجنان مقامه وملخصه أن لكل شيءشبها ومثالا في عالم الرؤيا والعوالم التي تطلع عليها الأرواح سوي عالم الحس وتظهر تلك الصور والمثل علي النفوس مختلفة بحسب اختلاف مراتبها في الكمال فبعض النفوس تظهر لها صورة أقرب إلي ذي الصورة وبعضها أبعد وشأن المعبر الكامل أن ينتقل من تلك الصور إلي ماهي صور لها بحسب أحوال ذلك الشخص ولذا لايطلع عليها كماينبغي إلاالأنبياء والأوصياء ع المطلعون علي مراتب استعدادات الأشخاص واختلافهم في النقص والكمال فالنور الأصفر كناية عن العبادة وصورة لها كما هوالمجرب في الرؤية أنه إذارأي العارف في المنام صفرة يوفق بعده لعبادة كما هوالمشاهد في وجوه المتهجدين و قدورد في الخبر أنه ألبسهم الله من نوره لماخلوا به والنور الأبيض العلم كماجرب أن من رأي في المنام لبنا أوماء صافيا يفاض عليه علم خالص عن الشكوك والشبهات والنور الأحمر المحبة كما هوالمشاهد في وجوه المحبين عندطغيانها وجرب أيضا في الرؤيا والنور الأخضر المعرفة و هوالعلم المتعلق بذاته وصفاته سبحانه كما هومجرب في الرؤيا وَ يُومِئُ إِلَيهِ مَا روُيَِ عَنِ الرّضَا ع أَنّهُ سُئِلَ عَمّا يُروَي أَنّ مُحَمّداًص رَأَي رَبّهُ فِي صُورَةِ الشّابّ المُوفِقِ فِي صُورَةِ أَبنَاءِ ثَلَاثِينَ سَنَةً رِجلَاهُ فِي خُضرَةٍ فَقَالَ ع إِنّ رَسُولَ اللّهِ ع حِينَ نَظَرَ إِلَي عَظَمَةِ رَبّهِ كَانَ فِي هَيئَةِ الشّابّ المُوفِقِ وَ سِنّ أَبنَاءِ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَقَالَ الراّويِ جُعِلتُ فِدَاكَ مَن كَانَت رِجلَاهُ فِي خُضرَةٍ قَالَ ذَاكَ مُحَمّدٌص كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَي رَبّهِ بِقَلبِهِ جَعَلَهُ فِي نُورٍ مِثلِ نُورِ الحُجُبِ حَتّي يَستَبِينَ لَهُ مَا فِي الحُجُبِ إِنّ نُورَ اللّهِ مِنهُ أَخضَرُ وَ مِنهُ أَحمَرُ وَ مِنهُ أَبيَضُ وَ مِنهُ غَيرُ ذَلِكَ
تمام الخبر لأنه ص كان حينئذ في مقام كمال العرفان وخائضا في بحار معرفة الرحيم المنان وكانت رجلاه في النور الأخضر وقائما في مقام من المعرفة لايطيقها أحد من الملائكة والبشر وإنما عبروا بهذه العبارات والكنايات لقصور أفهامنا عن إدراك صرف الحق كماتعرض علي النفوس الناقصة في المنام هذه الصور ونحن في منام طويل من الغفلة عن المعارف الربانية و الناس نيام فإذاماتوا انتبهوا والأحوط في أمثال
صفحه : 13
هذه الأخبار الإيمان بهامجملا ورد علمها إليهم ع . ثم اعلم أنه علي الوجه الأخير الضمير في قوله و هوالعلم راجع إلي النور الأبيض و علي سائر الوجوه راجع إلي العرش أي و قديطلق العرش علي العلم أيضا أوالعرش المركب من الأنوار الأربعة هوالعلم .أبصر قلوب المؤمنين أي ماأبصروا وعلموا.عاداه الجاهلون لأن الجهل مساوق الظلمة التي هي ضد النور والمعاداة إنما تكون بين الضدين كذا قيل والأظهر أن المراد به أن غاية ظهوره صارت سببا لخفائه كماقيل ياخفيا من فرط الظهور فإنه لو لم يكن للشمس غروب وأفول كان يشتبه علي الناس أن ضوء النهار منها و لما كان شمس عالم الوجود في نهاية الاستواء والكمال أبدا وفيضه جار علي المواد القابلة دائما يتوهم الملحد الجاهل أنها بأنفسها موجودة غنية عن العلة أومنسوبة إلي الدهر أوالطبيعة.ابتغي أي طلب ولعل المعني أن نوره سبحانه لماطلع علي عالم الوجود وآثاره سبحانه ظهر في كل موجود طلبه جميع الخلق لكن بعضهم أخطئوا طريق الطلب وتعيين المطلوب فصاروا حياري فمنهم من يعبد الصنم لتوهمه أن مطلوبه هناك ومنهم من يعتقد الدهر أوالطبيعة لزعمه أن أحدهما إلهه ومدبره فكل منهم يعلمون اضطرارهم إلي خالق ورازق وحافظ ومدبر ويطلبونه ويبتغون إليه الوسيلة لكنهم لضلالهم وعماهم خاطئون و عن الحق معرضون و هذاالمعني ألذي خطر بالبال من غوامض الأسرار و له شواهد من الأخبار وإنما أومأنا إليه علي الإجمال إذ بسط المقال فيه يؤدي إلي إبداء ماتأبي عنه الأذهان السقيمة لكن تستعذبه العقول المستقيمة الممسك لهما أي للسماوات و الأرض والمحيط بالجر عطفا علي ضمير لهما و من بيان له أي الممسك للشيء المحيط بهما أومتعلق بقوله أن تزولا و قوله من شيءللتعميم ويجوز رفعه بالعطف علي الممسك و من بيان لضمير
صفحه : 14
بهما لقصد زيادة التعميم أوبيان لمحذوف يعني المحيط بهما مع ماحوتاه من شيء و هوحياة كل شيء أي من الحيوانات أوالحياة بمعني الوجود والبقاء مجازا ونور كل شيء أي سبب وجوده وظهوره فالكرسي يمكن أن يكون المراد تفسير الكرسي أيضا بالعلم و لايؤده أي لايثقل عليه هم العلماء إذا كان المراد بالعرش عرش العلم كان المراد بالأنوار الأربعة صنوف العلم وأنواعه و لايخرج عن تلك الأنواع أحد و إذا كان المراد بالأنوار نور العلم والمحبة والمعرفة والعبادة كمامر فهو أيضا صحيح إذ لايخرج شيءمنها أيضا إذ ما من شيء إلا و له عبادة ومحبة ومعرفة و هويسبح بحمده و قال الوالد ره الظاهر أن المراد بالأربعة العرش والكرسي والسماوات و الأرض ويحتمل أن يكون المراد بهاالأنوار الأربعة التي هي عبارة عن العرش لأنه محيط علي ما هوالمشهور
9-الكاَفيِ، عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي قَالَسأَلَنَيِ أَبُو قُرّةَ المُحَدّثُ أَن أُدخِلَهُ عَلَي أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع فَاستَأذَنتُهُ فَأَذِنَ لِي فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ عَنِ الحَلَالِ وَ الحَرَامِ ثُمّ قَالَ لَهُ أَ فَتُقِرّ أَنّ اللّهَ مَحمُولٌ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع كُلّ مَحمُولٍ مَفعُولٌ بِهِ مُضَافٌ إِلَي غَيرِهِ مُحتَاجٌ وَ المَحمُولُ اسمُ نَقصٍ فِي اللّفظِ وَ الحَامِلُ فَاعِلٌ وَ هُوَ فِي اللّفظِ مِدحَةٌ وَ كَذَلِكَ قَولُ القَائِلِ فَوقٌ وَ تَحتٌ وَ أَعلَي وَ أَسفَلُ وَ قَد قَالَ اللّهُوَ لِلّهِ الأَسماءُ الحُسني فَادعُوهُ بِها وَ لَم يَقُل فِي كُتُبِهِ أَنّهُ المَحمُولُ بَل قَالَ إِنّهُ الحَامِلُ فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ المُمسِكُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ أَن تَزُولَا وَ المَحمُولُ مَا سِوَي اللّهِ وَ لَم يُسمَع أَحَدٌ آمَنَ بِاللّهِ وَ عَظَمَتِهِ قَطّ قَالَ فِي دُعَائِهِ يَا مَحمُولُ قَالَ أَبُو قُرّةَ فَإِنّهُ قَالَوَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌ وَ قَالَالّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع العَرشُ لَيسَ هُوَ اللّهُ وَ العَرشُ اسمُ عِلمٍ وَ قُدرَةٍ وَ عَرشٍ فِيهِ كُلّ شَيءٍ ثُمّ أَضَافَ الحَملَ إِلَي غَيرِهِ خَلقٍ مِن خَلقِهِ لِأَنّهُ استَعبَدَ خَلقَهُ بِحَملِ عَرشِهِ وَ هُم حَمَلَةُ عِلمِهِ وَ خَلقاً يُسَبّحُونَ حَولَ عَرشِهِ وَ هُم يَعمَلُونَ بِعِلمِهِ وَ مَلَائِكَةً يَكتُبُونَ أَعمَالَ
صفحه : 15
عِبَادِهِ وَ استَعبَدَ أَهلَ الأَرضِ بِالطّوَافِ حَولَ بَيتِهِ وَ اللّهُعَلَي العَرشِ استَوي كَمَا قَالَ وَ العَرشُ وَ مَن يَحمِلُهُ وَ مَن حَولَ العَرشِ وَ اللّهُ الحَامِلُ لَهُمُ الحَافِظُ لَهُمُ المُمسِكُ القَائِمُ عَلَي كُلّ نَفسٍ وَ فَوقَ كُلّ شَيءٍ وَ عَلَي كُلّ شَيءٍ وَ لَا يُقَالُ مَحمُولٌ وَ لَا أَسفَلُ قَولًا مُفرَداً لَا يُوصَلُ بشِيَءٍ فَيَفسُدُ اللّفظُ وَ المَعنَي قَالَ أَبُو قُرّةَ فَتُكَذّبُ بِالرّوَايَةِ التّيِ جَاءَت أَنّ اللّهَ تَعَالَي إِذَا غَضِبَ إِنّمَا يُعرَفُ غَضَبُهُ أَنّ المَلَائِكَةَ الّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَ يَجِدُونَ ثِقلَهُ عَلَي كَوَاهِلِهِم فَيَخِرّونَ سُجّداً فَإِذَا ذَهَبَ الغَضَبُ خَفّ وَ رَجَعُوا إِلَي مَوَاقِفِهِم فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع أخَبرِنيِ عَنِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي مُنذُ لَعَنَ إِبلِيسَ إِلَي يَومِكَ هَذَا هُوَ غَضبَانُ عَلَيهِ فَمَتَي رضَيَِ وَ هُوَ فِي صِفَتِكَ لَم يَزَل غَضبَانَ عَلَيهِ وَ عَلَي أَولِيَائِهِ وَ عَلَي أَتبَاعِهِ كَيفَ تجَترَِئُ أَن تَصِفَ رَبّكَ بِالتّغَيّرِ مِن حَالٍ إِلَي حَالٍ وَ أَنّهُ يجَريِ عَلَيهِ مَا يجَريِ عَلَي المَخلُوقِينَ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي لَم يَزُل مَعَ الزّائِلِينَ وَ لَم يَتَغَيّر مَعَ المُتَغَيّرِينَ وَ لَم يَتَبَدّل مَعَ المُتَبَدّلِينَ وَ مَن دُونَهُ فِي يَدِهِ وَ تَدبِيرِهِ وَ كُلّهُم إِلَيهِ مُحتَاجٌ وَ هُوَ غنَيِّ عَمّن سِوَاهُ
بيان والمحمول اسم نقص أي كل اسم مفعول دل علي تأثر وتغير من غيره وفاقة إليه فهو اسم نقص كالمحفوظ والمربوب والمحمول وأمثالها لا كل ما هو علي هذه الصيغة إذ يجوز إطلاق الموجود والمعبود والمحمود وأمثالها عليه تعالي وكذلك قول القائل فوق وتحت يعني أن مثل ذينك اللفظين في كون أحدهما اسم مدح والآخر اسم نقص قول القائل فوق وتحت فإن فوق اسم مدح وتحت اسم نقص وكذلك أعلي اسم مدح وأسفل اسم نقص و قوله ع خلق بالجر بدل غيره وأشار بذلك إلي أن الحامل لما كان من خلقه فيرجع الحمل إليه تعالي وهم حملة علمه أي و قديطلق حملة العرش علي حملة العلم أيضا أوحملة العرش في القيامة هم حملة العلم في الدنيا و قوله ع خلقا وملائكة معطوفان
صفحه : 16
علي خلقه أي استعبد خلقا وملائكة والحاصل أنه تعالي لايحتاج في حمل العرش إلي غيره بل استعبد أصناف خلقه بأنواع الطاعات وحملة العرش عبادتهم حمل العرش من غيرحاجة إليهم وهم يعملون بعلمه أي بما أعطاهم من العلم ويحتمل أن يكون هذامبنيا علي كون العرش بمعني العلم فحملة العرش الأنبياء والأوصياء و من حول العرش الذين يأخذون العلم عنهم ويعملون بالعلم ألذي حمله الحملة فهم مطيفون بهذا العرش ومقتبسون من أنواره كما قال أي استواؤه سبحانه علي العرش علي النحو ألذي قال وأراد من الاستواء النسبة أوالاستيلاء كمامر لا كماتزعمه المشبهة و قوله والعرش و ماعطف عليه مبتدأ خبره محذوف أي محمول كلهم أوسواء في نسبتهم إليه سبحانه .قولا مفردا لايوصل بشيء أي لايقرن بقرينة صارفة عن ظاهره أوينسب إلي شيءآخر علي طريقة الوصف بحال المتعلق بأن يقال عرشه محمول أوأرضه تحت كذا أوجحيمه أسفل ونحو ذلك و إلافيفسد اللفظ لعدم الإذن الشرعي وأسماؤه توقيفية وأيضا هذااسم نقص كمامر والمعني لأنه يوجب نقصه وعجزه تعالي عن ذلك علوا كبيرا و هو في صفتك أي في وصفك إياه أنه لم يزل غضبانا علي الشيطان و علي أوليائه والحاصل أنه لمافهم من كلامه أن الملائكة الحاملين للعرش قديكونون قائمين و قديكونون ساجدين بطريان الغضب وضده وحمل الحديث علي ظاهره نبه ع علي خطائه إلزاما عليه بقدر فهمه بأنه لايصح ماذكرت إذ من غضبه تعالي ماعلم أنه لم يزل كغضبه علي إبليس فيلزم أن يكون حملة العرش منذ غضب علي إبليس إلي الآن سجدا غيرواقفين إلي مواقفهم فعلم أن ماذكرته وفهمته خطاء والحديث علي تقدير صحته محمول علي أن المراد بغضبه سبحانه إنزال العذاب وبوجدان الحملة ثقل العرش اطلاعهم عليه بظهور مقدماته وأسبابه وبسجودهم خضوعهم وخشوعهم له سبحانه خشية وخوفا من عذابه فإذاانتهي نزول العذاب وظهرت مقدمات رحمته اطمأنوا ورغبوا في طلب رحمته ثم بعدإلزامه ع بذلك شرع في الاستدلال علي تنزيهه سبحانه مما فهمه
صفحه : 17
فقال كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغير من حال إلي حال و هو من صفات المخلوقات والممكنات لم يزل بضم الزاي من زال يزول و ليس من الأفعال الناقصة ووجه الاستدلال بما ذكره ع قدمر مفصلا في كتاب التوحيد
10- الدّرّ المَنثُورُ، عَن أَبِي ذَرّ قَالَ سُئِلَ النّبِيّص عَنِ الكرُسيِّ فَقَالَ يَا أَبَا ذَرّ مَا السّمَاوَاتُ السّبعُ وَ الأَرَضُونَ السّبعُ عِندَ الكرُسيِّ إِلّا كَحَلقَةٍ مُلقَاةٍ بِأَرضِ فَلَاةٍ وَ إِنّ فَضلَ العَرشِ عَلَي الكرُسيِّ كَفَضلِ الفَلَاةِ عَلَي تِلكَ الحَلقَةِ
11- عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ ابنِ مَسعُودٍ قَالَا السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ فِي جَوفِ الكرُسيِّ وَ الكرُسيِّ بَينَ يدَيَِ العَرشِ
12- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ إِنّمَا سمُيَّ العَرشُ عَرشاً لِارتِفَاعِهِ
13- وَ عَن وَهبٍ قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي خَلَقَ العَرشَ وَ الكرُسيِّ مِن نُورِهِ وَ العَرشُ مُلتَصِقٌ باِلكرُسيِّ وَ المَلَائِكَةُ فِي جَوفِ الكرُسيِّ وَ حَولَ العَرشِ أَربَعَةُ أَنهَارٍ نَهَرٌ مِن نُورٍ يَتَلَألَأُ وَ نَهَرٌ مِن نَارٍ تَتَلَظّي وَ نَهَرٌ مِن ثَلجٍ أَبيَضَ تَلتَمِعُ مِنهُ الأَبصَارُ وَ نَهَرٌ مِن مَاءٍ وَ المَلَائِكَةُ قِيَامٌ فِي تِلكَ الأَنهَارِ يُسَبّحُونَ اللّهَ وَ لِلعَرشِ أَلسِنَةٌ بِعَدَدِ أَلسِنَةِ الخَلقِ كُلّهِم فَهُوَ يُسَبّحُ اللّهَ وَ يَذكُرُهُ بِتِلكَ الأَلسِنَةِ
14- وَ عَنِ الشعّبيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص العَرشُ مِن يَاقُوتَةٍ حَمرَاءَ وَ إِنّ مَلَكاً مِنَ المَلَائِكَةِ نَظَرَ إِلَيهِ وَ إِلَي عَظَمَتِهِ فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ أنَيّ قَد جَعَلتُ فِيكَ قُوّةَ سَبعِينَ أَلفَ مَلَكٍ لِكُلّ مَلَكٍ سَبعُونَ أَلفَ أَلفِ جَنَاحٍ فَطِر فَطَارَ المَلَكُ بِمَا فِيهِ مِنَ القُوّةِ وَ الأَجنِحَةِ مَا شَاءَ اللّهُ أَن يَطِيرَ فَوَقَفَ فَنَظَرَ فَكَأَنّهُ لَم يَرمِ
15- وَ عَن حَمّادٍ قَالَخَلَقَ اللّهُ العَرشَ مِن زُمُرّدَةٍ خَضرَاءَ وَ خَلَقَ لَهُ أَربَعَ قَوَائِمَ مِن يَاقُوتَةٍ حَمرَاءَ وَ خَلَقَ لَهُ أَلفَ لِسَانٍ وَ خَلَقَ فِي الأَرضِ أَلفَ أُمّةٍ كُلّ
صفحه : 18
أُمّةٍ تُسَبّحُ اللّهَ بِلِسَانٍ مِن أَلسُنِ العَرشِ
16- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ مَا يَقدِرُ قَدرَ العَرشِ إِلّا ألّذِي خَلَقَهُ وَ إِنّ السّمَاوَاتِ فِي خَلقِ الرّحمَنِ مِثلُ قُبّةٍ فِي صَحرَاءَ
17- وَ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ مَا أَخَذَتِ السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ مِنَ العَرشِ إِلّا كَمَا تَأخُذُ الحَلقَةُ مِن أَرضِ الفَلَاةِ
18- وَ عَن كَعبٍ قَالَ إِنّ السّمَاوَاتِ فِي العَرشِ كَالقِندِيلِ مُعَلّقٌ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ
19- وَ عَن أَبِي ذَرّ عَنِ النّبِيّص قَالَ مَا الكرُسيِّ فِي العَرشِ إِلّا كَحَلقَةٍ مِن حَدِيدٍ أُلقِيَت بَينَ ظهَريَ فَلَاةٍ مِنَ الأَرضِ
20- وَ عَن وَهبٍ قَالَ خَلَقَ اللّهُ العَرشَ وَ لِلعَرشِ سَبعُونَ أَلفَ سَاقٍ كُلّ سَاقٍ كَاستِدَارَةِ السّمَاءِ وَ الأَرضِ
21- وَ عَن جَابِرٍ أَنّ النّبِيّص قَالَ أُذِنَ لِي أَن أُحَدّثَ عَن مَلَكٍ مِن مَلَائِكَةِ اللّهِ مِن حَمَلَةِ العَرشِ مَا بَينَ شَحمَةِ أُذُنِهِ إِلَي عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبعِمِائَةِ عَامٍ
22- وَ عَن حَسّانَ بنِ عَطِيّةَ قَالَ حَمَلَةُ العَرشِ ثَمَانِيَةٌ أَقدَامُهُم مُثبَتَةٌ فِي الأَرضِ السّابِعَةِ وَ رُءُوسُهُم قَد جَاوَزَتِ السّمَاءَ السّابِعَةَ وَ قُرُونُهُم مِثلُ طُولِهِم عَلَيهَا العَرشُ
23- وَ عَن زَاذَانَ قَالَحَمَلَةُ العَرشِ أَرجُلُهُم فِي التّخُومِ لَا يَستَطِيعُونَ أَن
صفحه : 19
يَرفَعُوا أَبصَارَهُم مِن شُعَاعِ النّورِ
24- وَ عَن هَارُونَ بنِ رِئَابٍ قَالَ حَمَلَةُ العَرشِ ثَمَانِيَةٌ يَتَجَاوَبُونَ بِصَوتٍ رَخِيمٍ يَقُولُ أَربَعَةٌ مِنهُم سُبحَانَكَ وَ بِحَمدِكَ عَلَي حِلمِكَ بَعدَ عِلمِكَ وَ أَربَعَةٌ مِنهُم يَقُولُونَ سُبحَانَكَ وَ بِحَمدِكَ عَلَي عَفوِكَ بَعدَ قُدرَتِكَ
25- وَ عَن وَهبٍ قَالَ حَمَلَةُ العَرشِ الّذِينَ يَحمِلُونَهُ لِكُلّ مَلَكٍ مِنهُم أَربَعَةُ وُجُوهٍ وَ أَربَعَةُ أَجنِحَةٍ جَنَاحَانِ عَلَي وَجهِهِ مِن أَن يَنظُرَ إِلَي العَرشِ فَيَصعَقَ وَ جَنَاحَانِ يَطِيرُ بِهِمَا أَقدَامُهُم فِي الثّرَي وَ العَرشُ عَلَي أَكتَافِهِم لِكُلّ وَاحِدٍ مِنهُم وَجهُ ثَورٍ وَ وَجهُ أَسَدٍ وَ وَجهُ إِنسَانٍ وَ وَجهُ نَسرٍ وَ لَيسَ لَهُم كَلَامٌ إِلّا أَن يَقُولُوا قُدّوسٌ اللّهُ القوَيِّ مَلَأَت عَظَمَتُهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ
26- وَ عَن وَهبٍ قَالَ حَمَلَةُ العَرشِ اليَومَ أَربَعَةٌ فَإِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ أُيّدُوا بِأَربَعَةٍ آخَرِينَ مَلَكٌ مِنهُم فِي صُورَةِ إِنسَانٍ يَشفَعُ لبِنَيِ آدَمَ فِي أَرزَاقِهِم وَ مَلَكٌ فِي صُورَةِ نَسرٍ يَشفَعُ لِلطّيرِ فِي أَرزَاقِهِم وَ مَلَكٌ فِي صُورَةِ ثَورٍ يَشفَعُ لِلبَهَائِمِ فِي أَرزَاقِهَا وَ مَلَكٌ فِي صُورَةِ أَسَدٍ يَشفَعُ لِلسّبَاعِ فِي أَرزَاقِهَا فَلَمّا حَمَلُوا العَرشَ وَقَعُوا عَلَي رُكَبِهِم مِن عَظَمَةِ اللّهِ فَلُقّنُوا لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ فَاستَوَوا قِيَاماً عَلَي أَرجُلِهِم
27- وَ عَن مَيسَرَةَ قَالَ لَا تَستَطِيعُ المَلَائِكَةُالّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَ أَن يَنظُرُوا إِلَي مَا فَوقَهُم مِن شُعَاعِ النّورِ
صفحه : 20
28- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ حَمَلَةُ العَرشِ مَا بَينَ كَعبِ أَحَدِهِم إِلَي أَسفَلِ قَدَمَيهِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ ذَكَرَ أَنّ خُطوَةَ مَلَكِ المَوتِ مَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ
29- وَ عَن مَيسَرَةَ قَالَ حَمَلَةُ العَرشِ أَرجُلُهُم فِي الأَرضِ السّفلَي وَ رُءُوسُهُم قَد خَرَقَتِ العَرشَ وَ هُم خُشُوعٌ لَا يَرفَعُونَ طَرفَهُم وَ هُم أَشَدّ خَوفاً مِن أَهلِ السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ أَهلُ السّمَاءِ السّابِعَةِ أَشَدّ خَوفاً مِن أَهلِ السّمَاءِ التّيِ تَلِيهَا وَ التّيِ تَلِيهَا أَشَدّ خَوفاً مِنَ التّيِ تَلِيهَا
30- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِص خَرَجَ عَلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ مَا جَمَعَكُم فَقَالُوا اجتَمَعنَا نَذكُرُ رَبّنَا وَ نَتَفَكّرُ فِي عَظَمَتِهِ فَقَالَ لَن تُدرِكُوا التّفَكّرَ فِي عَظَمَتِهِ أَ لَا أُخبِرُكُم بِبَعضِ عَظَمَةِ رَبّكُم قِيلَ بَلَي يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ إِنّ مَلَكاً مِن حَمَلَةِ العَرشِ يُقَالُ لَهُ إِسرَافِيلُ زَاوِيَةٌ مِن زَوَايَا العَرشِ عَلَي كَاهِلِهِ قَدَمَاهُ فِي الأَرضِ السّابِعَةِ السّفلَي وَ رَأسُهُ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ العُليَا فِي مِثلِهِ مِن خَلِيقَةِ رَبّكُم تَبَارَكَ وَ تَعَالَي
31- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِوَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قَالَ يُقَالُ ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ مِنَ المَلَائِكَةِ لَا يَعلَمُ عِدّتَهُم إِلّا اللّهُ وَ يُقَالُ ثَمَانِيَةُ أَملَاكٍ رُءُوسُهُم تَحتَ العَرشِ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ أَقدَامُهُم فِي الأَرضِ السّفلَي وَ لَهُم قُرُونٌ كَقُرُونِ الوَعلَةِ مَا بَينَ أَصلِ قَرنِ أَحَدِهِم إِلَي مُنتَهَاهُ خَمسُمِائَةِ عَامٍ
32- وَ عَنِ الرّبِيعِ قَالَ ثَمَانِيَةٌ مِنَ المَلَائِكَةِ
صفحه : 21
33- وَ عَنِ ابنِ زَيدٍ قَالَ لَم يُسَمّ مِن حَمَلَةِ العَرشِ إِلّا إِسرَافِيلُ وَ مِيكَائِيلُ لَيسَ مِن حَمَلَةِ العَرشِ
34- وَ عَن كَعبٍ قَالَ لَبَنَانُ أَحَدِ الثّمَانِيَةِ تَحمِلُ العَرشَ يَومَ القِيَامَةِ
35- وَ عَن مَيسَرَةَ قَالَ ثَمَانِيَةٌ أَرجُلُهُم فِي التّخُومِ وَ رُءُوسُهُم عِندَ العَرشِ لَا يَستَطِيعُونَ أَن يَرفَعُوا أَبصَارَهُم مِن شُعَاعِ النّورِ
36- المهج ،[مهج الدعوات ] فِي دُعَاءٍ مرَويِّ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع يَا مَن خَافَتِ المَلَائِكَةُ مِن نُورِهِ المُتَوَقّدِ حَولَ كُرسِيّهِ وَ عَرشِهِ صَافّونَ مُسَبّحُونَ طَائِفُونَ خَاضِعُونَ مُذعِنُونَ الدّعَاءَ
37- الإِحتِجَاجُ، عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ سَأَلَ الزّندِيقُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ الكرُسيِّ أَ هُوَ أَعظَمُ أَمِ العَرشُ فَقَالَ ع كُلّ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ فِي جَوفِ الكرُسيِّ خَلَا عَرشِهِ فَإِنّهُ أَعظَمُ مِن أَن يُحِيطَ بِهِ الكرُسيِّ
38-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَن إِسحَاقَ بنِ الهَيثَمِ عَن سَعدِ بنِ طَرِيفٍ عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ أَنّ عَلِيّاً ع سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ قَالَ السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ وَ مَا فِيهِمَا مِن مَخلُوقٍ فِي جَوفِ الكرُسيِّ وَ لَهُ أَربَعَةُ أَملَاكٍ يَحمِلُونَهُ بِإِذنِ اللّهِ فَأَمّا مَلَكٌ مِنهُم فِي صُورَةِ الآدَمِيّينَ وَ هيَِ أَكرَمُ الصّوَرِ عَلَي اللّهِ وَ هُوَ يَدعُو اللّهَ وَ يَتَضَرّعُ إِلَيهِ وَ يَطلُبُ الشّفَاعَةَ وَ الرّزقَ لبِنَيِ آدَمَ وَ المَلَكُ الثاّنيِ فِي صُورَةِ الثّورِ وَ هُوَ سَيّدُ البَهَائِمِ وَ هُوَ يَطلُبُ إِلَي اللّهِ وَ يَتَضَرّعُ إِلَيهِ وَ يَطلُبُ الشّفَاعَةَ وَ الرّزقَ لِلبَهَائِمِ وَ المَلَكُ الثّالِثُ فِي صُورَةِ
صفحه : 22
النّسرِ وَ هُوَ سَيّدُ الطّيرِ وَ هُوَ يَطلُبُ إِلَي اللّهِ وَ يَتَضَرّعُ إِلَيهِ وَ يَطلُبُ الشّفَاعَةَ وَ الرّزقَ لِجَمِيعِ الطّيرِ وَ المَلَكُ الرّابِعُ فِي صُورَةِ الأَسَدِ وَ هُوَ سَيّدُ السّبَاعِ وَ هُوَ يَرغَبُ إِلَي اللّهِ وَ يَتَضَرّعُ إِلَيهِ وَ يَطلُبُ الشّفَاعَةَ وَ الرّزقَ لِجَمِيعِ السّبَاعِ وَ لَم يَكُن فِي هَذِهِ الصّوَرِ أَحسَنُ مِنَ الثّورِ وَ لَا أَشَدّ انتِصَاباً مِنهُ حَتّي اتّخَذَ المَلَأُ مِن بنَيِ إِسرَائِيلَ العِجلَ فَلَمّا عَكَفُوا عَلَيهِ وَ عَبَدُوهُ مِن دُونِ اللّهِ خَفَضَ المَلَكُ ألّذِي فِي صُورَةِ الثّورِ رَأسَهُ استِحيَاءً مِنَ اللّهِ أَن عُبِدَ مِن دُونِ اللّهِ شَيءٌ يُشبِهُهُ وَ تَخَوّفَ أَن يَنزِلَ بِهِ العَذَابُ ثُمّ قَالَ ع إِنّ الشّجَرَ لَم يَزَل حَصِيداً كُلّهُ حَتّي دعُيَِ لِلرّحمَنِ وَلَدٌ عَزّ الرّحمَنُ وَ جَلّ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فَكَادَتِالسّماواتُ يَتَفَطّرنَ مِنهُ وَ تَنشَقّ الأَرضُ وَ تَخِرّ الجِبالُ هَدّافَعِندَ ذَلِكَ اقشَعَرّ الشّجَرُ وَ صَارَ لَهُ شَوكٌ حذارا[حَذَراً] أَن يَنزِلَ بِهِ العَذَابُ فَمَا بَالُ قَومٍ غَيّرُوا سُنّةَ رَسُولِ اللّهِص وَ عَدَلُوا عَن وَصِيّهِ لَا يَخَافُونَ أَن يَنزِلَ بِهِمُ العَذَابُ ثُمّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَالّذِينَ بَدّلُوا نِعمَتَ اللّهِ كُفراً وَ أَحَلّوا قَومَهُم دارَ البَوارِ جَهَنّمَ يَصلَونَها وَ بِئسَ القَرارُ ثُمّ قَالَ نَحنُ وَ اللّهِ نِعمَةُ اللّهِ التّيِ أَنعَمَ اللّهُ بِهَا عَلَي عِبَادِهِ بِنَا فَازَ مَن فَازَ
بيان قدتحمل هؤلاء الحملة علي أرباب الأنواع التي قال بهاأفلاطون وأضرابه و مايظهر من صاحب الشريعة لايناسب ماذهبوا إليه بوجه كما لايخفي علي العارف بمصطلحات الفريقين
39-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ النّضرِ عَن مُوسَي بنِ بَكرٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِهِوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ تَعَالَيوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَالسّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ وَسِعنَ الكرُسيِّ أَمِ الكرُسيِّ وَسِعَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ قَالَ بَلِ الكرُسيِّ
صفحه : 23
وَسِعَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ العَرشُ وَ كُلّ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ فِي الكرُسيِّ
بيان لعل سؤال زرارة لاستعلام أن في قرآن أهل البيت كُرسِيّهُمنصوب أومرفوع و إلافعلي تقدير العلم بالرفع لايحسن هذاالسؤال لاسيما من مثل زرارة ويروي عن الشيخ البهائي ره أنه قال سألت عن ذلك والدي فأجاب ره بأن بناء السؤال علي قراءة وسع بضم الواو وسكون السين مصدرا مضافا و علي هذايتجه السؤال وإني تصفحت كتب التجويد فما ظفرت علي هذه القراءة إلا هذه الأيام رأيت كتابا في هذاالعلم مكتوبا بالخط الكوفي وكانت هذه القراءة فيه وكانت النسخة بخط مصنفه و قوله والعرش لعله منصوب بالعطف علي الأرض أومرفوع بالابتدائية فالمراد بالكرسي العلم أوبالعرش فيما ورد أنه محيط بالكرسي العلم وقيل العرش معطوف علي الكرسي أي والعرش أيضا وسع السماوات و الأرض فالمعني أن الكرسي والعرش كلا منهما وسع السماوات و الأرض فالمراد بكل شيءخلق الله كل ماخلق فيهما
40- التّوحِيدُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ الحَجّالِ عَن ثَعلَبَةَ بنِ مَيمُونٍ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَسِعَ كُرسِيّهُ إِلَي قَولِهِ وَ العَرشُ وَ كُلّ شَيءٍ فِي الكرُسيِّ
و منه عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الحسن بن الحسن بن أبان عن
صفحه : 24
الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابن بكير عن زرارة مثله العياشي، عن زرارة
مثله
41-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عُمَرَ اليمَاَنيِّ عَن أَبِي الطّفَيلِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَجَاءَ رَجُلٌ إِلَي أَبِي عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع فَقَالَ لَهُ إِنّ ابنَ عَبّاسٍ يَزعُمُ أَنّهُ يَعلَمُ كُلّ آيَةٍ نَزَلَت فِي القُرآنِ فِي أَيّ يَومٍ نَزَلَت وَ فِيمَن نَزَلَت فَقَالَ أَبِي ع سَلهُ فِيمَن نَزَلَتوَ مَن كانَ فِي هذِهِ أَعمي فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمي وَ أَضَلّ سَبِيلًا وَ فِيمَن نَزَلَتوَ لا يَنفَعُكُم نصُحيِ إِن أَرَدتُ أَن أَنصَحَ لَكُم إِن كانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغوِيَكُم وَ فِيمَن نَزَلَتيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوافَأَتَاهُ الرّجُلُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ وَدِدتُ أَنّ ألّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا واَجهَنَيِ بِهِ فَأَسأَلُهُ عَنِ العَرشِ مِمّ خَلَقَهُ اللّهُ وَ كَم هُوَ وَ كَيفَ هُوَ فَانصَرَفَ الرّجُلُ إِلَي أَبِي ع فَقَالَ أَبِي ع فَهَل أَجَابَكَ بِالآيَاتِ قَالَ لَا قَالَ أَبِي لَكِن أُجِيبُكَ فِيهَا بِعِلمٍ وَ نُورٍ غَيرَ المدُعّيِ وَ لَا المُنتَحَلِ أَمّا قَولُهُوَ مَن كانَ فِي هذِهِ أَعمي فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمي وَ أَضَلّ سَبِيلًافَفِيهِ نَزَلَت وَ فِي أَبِيهِ وَ أَمّا قَولُهُوَ لا يَنفَعُكُم نصُحيِ إِن أَرَدتُ أَن أَنصَحَ لَكُمففَيِ أَبِيهِ نَزَلَت وَ أَمّا الأُخرَي ففَيِ ابنِهِ نَزَلَت وَ فِينَا وَ لَم يَكُنِ الرّبَاطُ ألّذِي أُمِرنَا بِهِ وَ سَيَكُونُ ذَلِكَ مِن نَسلِنَا المُرَابِطُ وَ مِن نَسلِهِ المُرَابِطُ وَ أَمّا مَا سَأَلَ عَنهُ مِنَ العَرشِ مِمّ خَلَقَهُ اللّهُ فَإِنّ اللّهَ خَلَقَهُ أَربَاعاً لَم يَخلُق قَبلَهُ إِلّا ثَلَاثَةَ أَشيَاءَ الهَوَاءَ وَ القَلَمَ وَ النّورَ ثُمّ خَلَقَهُ مِن أَلوَانِ أَنوَارٍ مُختَلِفَةٍ مِن ذَلِكَ النّورِ نُورٍ أَخضَرَ مِنهُ اخضَرّتِ الخُضرَةُ
صفحه : 25
وَ نُورٍ أَصفَرَ مِنهُ اصفَرّتِ الصّفرَةُ وَ نُورٍ أَحمَرَ مِنهُ احمَرّتِ الحُمرَةُ وَ نُورٍ أَبيَضَ وَ هُوَ نُورُ الأَنوَارِ وَ مِنهُ ضَوءُ النّهَارِ ثُمّ جَعَلَهُ سَبعِينَ أَلفَ طَبَقٍ غِلَظٍ كُلّ طَبَقٍ كَأَوّلِ العَرشِ إِلَي أَسفَلِ السّافِلِينَ لَيسَ مِن ذَلِكَ طَبَقٌ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِ رَبّهِ وَ يُقَدّسُهُ بِأَصوَاتٍ مُختَلِفَةٍ وَ أَلسِنَةٍ غَيرِ مُشتَبِهَةٍ لَو أُذِنَ لِلِسَانٍ وَاحِدٍ فَأَسمَعَ شَيئاً مِمّا تَحتَهُ لَهُدِمَ الجِبَالُ وَ المَدَائِنُ وَ الحُصُونُ وَ كُشِفَ البِحَارُ وَ لَهَلَكَ مَا دُونَهُ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَركَانٍ يَحمِلُ كُلّ رُكنٍ مِنهَا مِنَ المَلَائِكَةِ مَا لَا يحُصيِ عَدَدَهُم إِلّا اللّهُ يُسَبّحُونَ بِاللّيلِ وَ النّهَارِلا يَفتُرُونَ وَ لَو أَحَسّ حِسّ شَيءٍ مِمّا فَوقَهُ مَا قَامَ لِذَلِكَ طَرفَةَ عَينٍ بَينَهُ وَ بَينَ الإِحسَاسِ حُجُبُ الجَبَرُوتِ وَ الكِبرِيَاءِ وَ العَظَمَةِ وَ القُدسِ وَ الرّحمَةِ وَ العِلمِ وَ لَيسَ وَرَاءَ هَذَا مَقَالٌ لَقَد طَمَعَ الحَائِرُ فِي غَيرِ مَطمَعٍ أَمَا إِنّ فِي صُلبِهِ وَدِيعَةً قَد ذُرِئَت لِنَارِ جَهَنّمَ فَيُخرِجُونَ أَقوَاماً مِن دِينِ اللّهِ وَ سَتُصبَغُ الأَرضُ بِدِمَاءِ أَفرَاخٍ مِن أَفرَاخِ آلِ مُحَمّدٍ تَنهَضُ تِلكَ الفِرَاخُ فِي غَيرِ وَقتٍ وَ تَطلُبُ غَيرَ مُدرَكٍ وَ يُرَابِطُ الّذِينَ آمَنُوا وَ يَصبِرُونَ وَ يُصَابِرُونَحَتّي يَحكُمَ اللّهُ بَينَنا وَ هُوَ خَيرُ الحاكِمِينَ
42- التّوحِيدُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن عَلِيّ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عُمَرَ اليمَاَنيِّ عَن أَبِي الطّفَيلِ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ العَرشَ أَربَاعاً وَ ذَكَرَ مِثلَهُ إِلَي قَولِهِ وَ لَيسَ بَعدَ هَذَا مَقَالٌ
الكشي، عن جعفر بن معروف عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسي
صفحه : 26
مثل مارواه علي بن ابراهيم إلي آخر الخبر وَ قَالَ أَيضاً حدَثّنَيِ عَلِيّ بنُ مُحَمّدِ بنِ قُتَيبَةَ عَنِ الفَضلِ بنِ شَاذَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي عُمَيرٍ قَالَ
جَاءَ رَجُلٌ إِلَي عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع وَ ذَكَرَ نَحوَهُ
الإختصاص ، عن جعفر بن الحسين عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن علي بن إسماعيل عن حمادمثله بيان غيرالمدعي أي بلا حقيقة والانتحال أن يدعي شعر غيره أو قوله لنفسه و في رواية الكشي بعد ذلك أماالأولتان فنزلتا في أبيه و أماالأخيرة فنزلت في أبي وفينا وكذا في الإختصاص و فيه بعده و لم يكن الرباط ألذي أمرنا به بعد و علي التقادير يدل علي أن العمي المذكور في الآية ليس عمي العين بل عمي القلب إذ العباس لم ينقل عماه بل عبد الله صار أعمي ففي ابنه نزلت لعل الظاهر ففي بنيه ويمكن أن يراد به الجنس أوأول من خرج منهم أي نزلت في المرابطة والانتظار ألذي أمرنا به في دولة ذريته الملعونة فقوله ع من نسله المرابط علي التهكم أوبزعمهم فإنهم كانوا يترقبون الدولة في زمن بني أمية أوالمراد المرابطة اللغوية لاالمذكورة في الآية ويحتمل أن يكون المراد بالمرابط الخارج بالسيف والمرابط من الأئمة القائم ع ومنهم أولهم أوكلهم و في القاموس ربطه شده والرباط ماربط به والمواظبة علي الأمر وملازمة ثغر العدو كالمرابطة والمرابطة أن يربط كل من الفريقين خيولهم في ثغره و كل معد لصاحبه فسمي المقام في الثغر رباطا و منه قوله تعالي وَ صابِرُوا وَ رابِطُواانتهي و لوأحس شيءمما فوقه لعل قوله مما فوقه مفعول أحس أي شيئا مما فوقه و في الإختصاص و لوأحس شيئا مما فوقه أي حاس أو كل من الملائكة الحاملين و في بعض النسخ و لوأحس حس شيء و في بعضها و لوأحس حس شيئا و هوأظهر بينه و بين الإحساس أي بين الملك أوالحاس و بين إحساس مافوقه
صفحه : 27
حجب الجبروت والكبرياء أي الصورية أوالمعنوية و ليس وراء هذامقال أي لايمكن وصف ماوراء هذه الحجب لقد طمع الحائر أي ابن عباس و في بعض النسخ الخائن و في بعضها الخاسر في غيرمطمع أي في أمر لاينفع طمعه فيه و هوفوق مرتبته .فيخرجون و في الكشي يستخرجون أقواما من دين الله أفواجا كمادخلوا فيه والمراد بالأفراخ السادات الذين خرجوا وقتلوا لأنهم خرجوا في غيروقت الخروج و عنداستقرار دولة المخالفين وتطلب غيرمدرك علي بناء المفعول أي ما لايمكن إدراكه و في الكشي غير ماتدرك و قدمرت الوجوه الكثيرة في تأويل الأنوار في كتاب التوحيد و في هذاالباب أيضا فلانعيدها هاهنا
43- التّفسِيرُ وَ المَلَكُ عَلي أَرجائِها وَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌ يَومَئِذٍ تُعرَضُونَ قَالَ حَمَلَةُ العَرشِ ثَمَانِيَةٌ لِكُلّ وَاحِدٍ ثَمَانِيَةُ أَعيُنٍ كُلّ عَينٍ طِبَاقُ الدّنيَا
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ حَمَلَةُ العَرشِ ثَمَانِيَةٌ أَربَعَةٌ مِنَ الأَوّلِينَ وَ أَربَعَةٌ مِنَ الآخِرِينَ فَأَمّا الأَربَعَةُ مِنَ الأَوّلِينَ فَنُوحٌ وَ اِبرَاهِيمُ وَ مُوسَي وَ عِيسَي ع وَ أَمّا الأَربَعَةُ مِنَ الآخِرِينَ فَمُحَمّدٌ وَ عَلِيّ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ وَ مَعنَييَحمِلُونَ العَرشَيعَنيِ العِلمَ
44-الخِصَالُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ الأصَبهَاَنيِّ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ عَن حَفصِ بنِ غِيَاثٍ قَالَ سَمِعتُ
صفحه : 28
أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ حَمَلَةَ العَرشِ ثَمَانِيَةٌ لِكُلّ وَاحِدٍ مِنهُم ثَمَانِيَةُ أَعيُنٍ كُلّ عَينٍ طِبَاقُ الدّنيَا
وَ مِنهُ عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ مُرسَلًا قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع إِنّ حَمَلَةَ العَرشِ أَحَدُهُم عَلَي صُورَةِ ابنِ آدَمَ يَستَرزِقُ اللّهَ لِوُلدِ آدَمَ وَ الثاّنيِ عَلَي صُورَةِ الدّيكِ يَستَرزِقُ اللّهَ لِلطّيرِ وَ الثّالِثُ عَلَي صُورَةِ الأَسَدِ يَستَرزِقُ اللّهَ لِلسّبَاعِ وَ الرّابِعُ عَلَي صُورَةِ الثّورِ يَستَرزِقُ اللّهَ لِلبَهَائِمِ وَ نَكَسَ الثّورُ رَأسَهُ مُنذُ عَبَدَ بَنُو إِسرَائِيلَ العِجلَ فَإِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ صَارُوا ثَمَانِيَةً
بيان يمكن أن يكون ألذي يسترزق للطير شبيها بالنسر والديك معا فلذا شبه بهما
45- التّوحِيدُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن صَفوَانَ عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الشّمسُ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ الكرُسيِّ وَ الكرُسيِّ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ العَرشِ وَ العَرشُ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ الحِجَابِ وَ الحِجَابُ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ السّترِ الخَبَرَ
46- التّوحِيدُ، وَ المعَاَنيِ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ المنِقرَيِّ عَن حَفصِ بنِ غِيَاثٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ قَالَ عِلمُهُ
47-المعَاَنيِ، عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ مُحَمّدٍ الحسَنَيِّ عَن أَحمَدَ بنِ عِيسَي بنِ أَبِي مَريَمَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ العرَزمَيِّ عَن عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ المنِقرَيِّ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ قَالَسَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ العَرشِ وَ الكرُسيِّ مَا هُمَا
صفحه : 29
فَقَالَ العَرشُ فِي وَجهٍ هُوَ جُملَةُ الخَلقِ وَ الكرُسيِّ وِعَاؤُهُ وَ فِي وَجهٍ آخَرَ هُوَ العِلمُ ألّذِي أَطلَعَ اللّهُ عَلَيهِ أَنبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ وَ حُجَجَهُ وَ الكرُسيِّ هُوَ العِلمُ ألّذِي لَم يُطلِع عَلَيهِ أَحَداً مِن أَنبِيَائِهِ وَ رُسُلِهِ وَ حُجَجِهِ ع
48- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ البغَداَديِّ عَن مُحَمّدِ بنِ جُمهُورٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن قَالَ فِي كُلّ يَومٍ مِن شَعبَانَ سَبعِينَ مَرّةً أَستَغفِرُ اللّهَ ألّذِيلا إِلهَ إِلّا هُوَ الرّحمنُ الرّحِيمُالحيَّ القَيّومُ وَ أَتُوبُ إِلَيهِ كُتِبَ فِي الأُفُقِ المُبِينِ قَالَ قُلتُ وَ مَا الأُفُقُ المُبِينُ قَالَ قَاعٌ بَينَ يدَيَِ العَرشِ فِيهِ أَنهَارٌ تَطّرِدُ فِيهِ مِنَ القِدحَانِ عَدَدَ النّجُومِ
49- التّوحِيدُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَن حَمّادٍ عَن ربِعيِّ عَنِ الفُضَيلِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ قَالَ يَا فُضَيلُ السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ وَ كُلّ شَيءٍ فِي الكرُسيِّ
50- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ فَقَالَ السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ وَ مَا بَينَهُمَا فِي الكرُسيِّ وَ العَرشُ هُوَ العِلمُ ألّذِي لَا يَقدِرُ أَحَدٌ قَدرَهُ
صفحه : 30
51- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الدّقّاقِ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الأسَدَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ البرَمكَيِّ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ عَن أَبِيهِ عَن حَنَانِ بنِ سَدِيرٍ قَالَسَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ العَرشِ وَ الكرُسيِّ فَقَالَ إِنّ لِلعَرشِ صِفَاتٍ كَثِيرَةً مُختَلِفَةً لَهُ فِي كُلّ سَبَبٍ وَ صُنعٍ فِي القُرآنِ صِفَةٌ عَلَي حِدَةٍ فَقَولُهُرَبّ العَرشِ العَظِيمِ يَقُولُ المُلكُ العَظِيمُ وَ قَولُهُالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي يَقُولُ عَلَي المُلكِ احتَوَي وَ هَذَا مُلكُ الكَيفُوفِيّةِ فِي الأَشيَاءِ ثُمّ العَرشُ فِي الوَصلِ مُفرَدٌ مِنَ الكرُسيِّ لِأَنّهُمَا بَابَانِ مِن أَكبَرِ أَبوَابِ الغُيُوبِ وَ هُمَا جَمِيعاً غَيبَانِ وَ هُمَا فِي الغَيبِ مَقرُونَانِ لِأَنّ الكرُسيِّ هُوَ البَابُ الظّاهِرُ مِنَ الغَيبِ ألّذِي مِنهُ مَطلَعُ البِدَعِ وَ مِنهَا الأَشيَاءُ كُلّهَا وَ العَرشُ هُوَ البَابُ البَاطِنُ ألّذِي يُوجَدُ فِيهِ عِلمُ الكَيفِ وَ الكَونِ وَ القَدرِ وَ الحَدّ وَ الأَينِ وَ المَشِيّةِ وَ صِفَةِ الإِرَادَةِ وَ عِلمُ الأَلفَاظِ وَ الحَرَكَاتِ وَ التّركِ وَ عِلمُ العَودِ وَ البَدَاءِ فَهُمَا فِي العِلمِ بَابَانِ مَقرُونَانِ لِأَنّ مُلكَ العَرشِ سِوَي مُلكِ الكرُسيِّ وَ عِلمَهُ أَغيَبُ مِن عِلمِ الكرُسيِّ فَمِن ذَلِكَ قَالَرَبّ العَرشِ العَظِيمِ أَي صِفَتُهُ أَعظَمُ مِن صِفَةِ الكرُسيِّ وَ هُمَا فِي ذَلِكَ مَقرُونَانِ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ فَلِمَ صَارَ فِي الفَضلِ جَارَ الكرُسيِّ قَالَ ع إِنّهُ صَارَ جَارَهُ لِأَنّ عِلمَ الكَيفُوفِيّةِ فِيهِ وَ فِيهِ الظّاهِرُ مِن أَبوَابِ البَدَاءِ وَ أَينِيّتِهَا وَ حَدّ رَتقِهَا وَ فَتقِهَا فَهَذَانِ جَارَانِ أَحَدُهُمَا حَمَلَ صَاحِبَهُ فِي الظّرفِ وَ بِمِثلِ صَرفِ العُلَمَاءِ وَ ليَستَدِلّوا عَلَي صِدقِ دَعوَاهُمَا لِأَنّهُيَختَصّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُوَ هُوَ القوَيِّ العَزِيزُفَمِنِ اختِلَافِ صِفَاتِ العَرشِ أَنّهُ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيرَبّ العَرشِرَبّ الوَحدَانِيّةِعَمّا يَصِفُونَ وَ قَومٌ وَصَفُوهُ بِيَدَينِ فَقَالُوايَدُ اللّهِ مَغلُولَةٌ وَ قَومٌ وَصَفُوهُ بِالرّجلَينِ فَقَالُوا وَضَعَ رِجلَهُ عَلَي صَخرَةِ بَيتِ المَقدِسِ فَمِنهَا ارتَقَي إِلَي السّمَاءِ وَ
صفحه : 31
وَصَفُوهُ بِالأَنَامِلِ فَقَالُوا إِنّ مُحَمّداًص قَالَ إنِيّ وَجَدتُ بَردَ أَنَامِلِهِ عَلَي قلَبيِ فَلِمِثلِ هَذِهِ الصّفَاتِ قَالَرَبّ العَرشِ عَمّا يَصِفُونَ يَقُولُ رَبّ المَثَلِ الأَعلَي عَمّا بِهِ مَثّلُوهُ وَ لِلّهِ المَثَلُ الأَعلَي ألّذِي لَا يُشبِهُهُ شَيءٌ وَ لَا يُوصَفُ وَ لَا يُتَوَهّمُ فَذَلِكَ المَثَلُ الأَعلَي وَ وَصَفَ الّذِينَ لَم يُؤتَوا مِنَ اللّهِ فَوَائِدَ العِلمِ فَوَصَفُوا رَبّهُم بِأَدنَي الأَمثَالِ وَ شَبّهُوهُ بِالمُتَشَابِهِ مِنهُم فِيمَا جَعَلُوا بِهِ فَلِذَلِكَ قَالَوَ ما أُوتِيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَلِيلًافَلَيسَ لَهُ شِبهٌ وَ لَا مِثلٌ وَ لَا عَدلٌ وَلَهُ الأَسماءُ الحُسنيالتّيِ لَا يُسَمّي بِهَا غَيرُهُ وَ هيَِ التّيِ وَصَفَهَا فِي الكِتَابِ فَقَالَفَادعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الّذِينَ يُلحِدُونَ فِي أَسمائِهِجَهلًا بِغَيرِ عِلمٍ فاَلذّيِ يُلحِدُ فِي أَسمَائِهِ جَهلًا بِغَيرِ عِلمٍ يُشرِكُ وَ هُوَ لَا يَعلَمُ وَ يَكفُرُ بِهِ وَ هُوَ يَظُنّ أَنّهُ يُحسِنُ فَلِذَلِكَ قَالَوَ ما يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللّهِ إِلّا وَ هُم مُشرِكُونَفَهُمُ الّذِينَ يُلحِدُونَ فِي أَسمَائِهِ بِغَيرِ عِلمٍ فَيَضَعُونَهَا غَيرَ مَوَاضِعِهَا يَا حَنَانُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَمَرَ أَن يُتّخَذَ قَومٌ أَولِيَاءَ فَهُمُ الّذِينَ أَعطَاهُمُ الفَضلَ وَ خَصّهُم بِمَا لَم يَخُصّ بِهِ غَيرَهُم فَأَرسَلَ مُحَمّداًص فَكَانَ الدّلِيلَ عَلَي اللّهِ بِإِذنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ حَتّي مَضَي دَلِيلًا هَادِياً فَقَامَ مِن بَعدِهِ وَصِيّهُ ع دَلِيلًا هَادِياً عَلَي مَا كَانَ هُوَ دَلّ عَلَيهِ مِن أَمرِ رَبّهِ مِن ظَاهِرِ عِلمِهِ ثُمّ الأَئِمّةُ الرّاشِدُونَ ع
بيان صفات كثيرة أي معان شتي وإطلاقات مختلفة ملك الكيفوفية في الأشياء أي كيفية ارتباطه سبحانه بمخلوقاته وتدبيره لها وعلمه بها ومباينته عنها ولذا وصف ذلك بالاستواء فليس بشيء أقرب من شيء ورحمته وعلمه وسعا كل شيء ويحتمل أن يكون المراد تدبير صفات الأشياء وكيفياتها وأوضاعها وأحوالها ولعله أظهر ثم العرش في الوصل مفرد أي إذاعطف أحدهما علي الآخر ووصل بينهما في الذكر فالعرش مفرد عن الكرسي ومباين له و في غير ذلك قديطلقان علي معني واحد كالعلم وهما جميعا غيبان أي مغيبان عن الحواس قوله ع لأن الكرسي هوالباب الظاهر يظهر منه مع غاية غموضه أن المراد
صفحه : 32
بالكرسي والعرش هنا نوعان من علمه سبحانه فالكرسي العلم المتعلق بأعيان الموجودات و منه يطلع ويظهر جميع الموجودات بحقائقها وأعيانها والأمور البديعة في السماوات و الأرض و مابينهما والعرش العلم المتعلق بكيفيات الأشياء ومقاديرها وأحوالها وبدئها وعودها ويمكن أن يكون أحدهما عبارة عن كتاب المحو والإثبات والآخر عن اللوح المحفوظ قوله ع لأن علم الكيفوفية أي أنهما إنما صارا جارين مقرونين لأن أحدهما عبارة عن العلم المتعلق بالأعيان والآخر عن العلم المتعلق بكيفيات تلك الأعيان فهما مقرونان و من تلك الجهة صح جعل كل منها ظرفا للآخر لأن الأعيان لماكانت محال للكيفيات فهي ظروفها وأوسع منها و لماكانت الكيفيات محيطة بالأعيان فكأنها ظرفها وأوسع منها وبهذا الوجه يمكن الجمع بين الأخبار ولعله أشير إلي هذابقوله أحدهما حمل صاحبه في الظرف بالظاء المعجمة أي بحسب الظرفية و في بعض النسخ بالمهملة أي حيث ينتهي طرف أحدهما بصاحبه إذاقرئ بالتحريك و إذاقرئ بالسكون فالمراد نظر القلب وبمثل صرف العلماء أي علماء أهل البيت ع عبروا عن هذه الأمور بالعبارات المتصرفة المتنوعة علي سبيل التمثيل والتشبيه فتارة عبروا عن العلم بالعرش وتارة بالكرسي وتارة جعلوا العرش وعاء الكرسي وتارة بالعكس وتارة أرادوا بالعرش والكرسي الجسمين العظيمين وإنما عبروا بالتمثيل ليستدلوا علي صدق دعواهما أي دعواهم لهما و ماينسبون إليهما ويبينون من غرائبهما وأسرارهما و في أكثر النسخ وليستدلوا فهو عطف علي مقدر أي لتفهيم أصناف الخلق وليستدلوا ولعل الأظهر دعواهم . قوله ع فمن اختلاف صفات العرش أي معانيه قال في سورة الأنبياءفَسُبحانَ اللّهِ رَبّ العَرشِ عَمّا يَصِفُونَفالمراد بالعرش هنا عرش الوحدانية إذ هي أنسب بمقام التنزيه عن الشريك إذ المذكور قبل ذلك أَمِ اتّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرضِ هُم يُنشِرُونَ لَو كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلّا اللّهُ لَفَسَدَتا فَسُبحانَ اللّهِ رَبّ العَرشِ عَمّا يَصِفُونَ و قال سبحانه في سورة الزخرف قُل إِن كانَ لِلرّحمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوّلُ العابِدِينَ
صفحه : 33
سُبحانَ رَبّ السّماواتِ وَ الأَرضِ رَبّ العَرشِ عَمّا يَصِفُونَ والمناسب هنا عرش التقدس والتنزه عن الأشباه والأمثال والأولاد فالعرش في كل مقام يراد به معني يعلمه الراسخون في العلم ثم إنه ظاهر الكلام يوهم أن الظرف في قوله عَمّا يَصِفُونَمتعلق بالعرش و هوبعيد بل الظاهر تعلقه بسبحان و علي ماقررنا عرفت أنه لاحاجة إلي ارتكاب ذلك ويدل الخبر علي أن خطاب وَ ما أُوتِيتُممتوجه إلي السائلين عن الروح وأضرابهم لا إلي النبي ص قوله ع من ظاهر علمه إنما خص بالظاهر لأن باطن علمه لايطيقه سائر الخلق سوي أوصيائه ع . واعلم أن هذاالخبر من المتشابهات وغوامض المخبيات والظاهر أنه وقع من الرواة والنساخ لعدم فهمهم معناه تصحيفات وتحريفات أيضا فلذا أجملت الكلام فيه و ماذكرته إنما هو علي سبيل الاحتمال و الله يعلم وحججه حقائق كلامهم ع
52- العيَاّشيِّ، عَنِ الأَصبَغِ قَالَ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَن قَولِ اللّهِوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ فَقَالَ إِنّ السّمَاءَ وَ الأَرضَ وَ مَا فِيهِمَا مِن خَلقٍ مَخلُوقٌ فِي جَوفِ الكرُسيِّ وَ لَهُ أَربَعَةُ أَملَاكٍ يَحمِلُونَهُ بِإِذنِ اللّهِ
53-تَفسِيرُ العسَكرَيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ لَمّا خَلَقَ العَرشَ خَلَقَ لَهُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ أَلفَ رُكنٍ وَ خَلَقَ عِندَ كُلّ رُكنٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ أَلفَ مَلَكٍ لَو أَذِنَ اللّهُ تَعَالَي لِأَصغَرِهِم فَالتَقَمَ السّمَاوَاتِ السّبعَ وَ الأَرَضِينَ السّبعَ مَا كَانَ ذَلِكَ بَينَ لَهَوَاتِهِ إِلّا كَالرّملَةِ فِي المَفَازَةِ الفَضفَاضَةِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ يَا عبِاَديِ احتَمِلُوا عرَشيِ هَذَا فَتَعَاطَوهُ فَلَم يُطِيقُوا حَملَهُ وَ لَا تَحرِيكَهُ فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مَعَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم وَاحِداً فَلَم يَقدِرُوا أَن يُزَعزِعُوهُ فَخَلَقَ اللّهُ مَعَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم عَشَرَةً فَلَم يَقدِرُوا أَن يُحَرّكُوهُ فَخَلَقَ اللّهُ بِعَدَدِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم مِثلَ جَمَاعَتِهِم فَلَم يَقدِرُوا أَن يُحَرّكُوهُ فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِجَمِيعِهِم خَلّوهُ عَلَيّ أُمسِكُهُ بقِدُرتَيِ فَخَلّوهُ فَأَمسَكَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِقُدرَتِهِ ثُمّ قَالَ لِثَمَانِيَةٍ مِنهُمُ احمِلُوهُ أَنتُم فَقَالُوا يَا رَبّنَا
صفحه : 34
لَم نُطِقهُ نَحنُ وَ هَذَا الخَلقُ الكَثِيرُ وَ الجَمّ الغَفِيرُ فَكَيفَ نُطِيقُهُ الآنَ دُونَهُم فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لأِنَيّ أَنَا اللّهُ المُقَرّبُ لِلبَعِيدِ وَ المُذَلّلُ لِلعَبِيدِ وَ المُخَفّفُ لِلشّدِيدِ وَ المُسَهّلُ لِلعَسِيرِ أَفعَلُ مَا أَشَاءُ وَ أَحكُمُ مَا أُرِيدُ أُعَلّمُكُم كَلِمَاتٍ تَقُولُونَهَا يَخِفّ بِهَا عَلَيكُم قَالُوا وَ مَا هيَِ قَالَ تَقُولُونَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ وَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِّ العَظِيمِ وَ صَلّي اللّهُ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِهِ الطّيّبِينَ فَقَالُوهَا فَحَمَلُوهُ وَ خَفّ عَلَي كَوَاهِلِهِم كَشَعرَةٍ نَابِتَةٍ عَلَي كَاهِلِ رَجُلٍ جَلدٍ قوَيِّ فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِسَائِرِ تِلكَ الأَملَاكِ خَلّوا عَلَي هَؤُلَاءِ الثّمَانِيَةِ عرَشيِ لِيَحمِلُوهُ وَ طُوفُوا أَنتُم حَولَهُ وَ سبَحّوُنيِ وَ مجَدّوُنيِ وَ قدَسّوُنيِ فَأَنَا اللّهُ القَادِرُ المُطلَقُ عَلَي مَا رَأَيتُم وَعَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ
بيان الفضفاضة الواسعة ذكره الجوهري و قال الجلد الصلابة والجلادة تقول منه جلد الرجل بالضم فهو جلد
54-رَوضَةُ الوَاعِظِينَ،رَوَي جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع أَنّهُ قَالَ فِي العَرشِ تِمثَالُ مَا خَلَقَ اللّهُ مِنَ البَرّ وَ البَحرِ قَالَ وَ هَذَا تَأوِيلُ قَولِهِوَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا عِندَنا خَزائِنُهُ وَ إِنّ بَينَ القَائِمَةِ مِن قَوَائِمِ العَرشِ وَ القَائِمَةِ الثّانِيَةِ خَفَقَانَ الطّيرِ المُسرِعِ مَسِيرَةَ أَلفِ عَامٍ وَ العَرشُ يُكسَي كُلّ يَومٍ سَبعِينَ أَلفَ لَونٍ مِنَ النّورِ لَا يَستَطِيعُ أَن يَنظُرَ إِلَيهِ خَلقٌ مِن خَلقِ اللّهِ وَ الأَشيَاءُ كُلّهَا فِي العَرشِ كَحَلقَةٍ فِي فَلَاةٍ وَ إِنّ لِلّهِ تَعَالَي مَلَكاً يُقَالُ لَهُ خرقائيل لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلفَ جَنَاحٍ مَا بَينَ الجَنَاحِ إِلَي الجَنَاحِ خَمسُمِائَةِ عَامٍ فَخَطَر لَهُ خَاطِرٌ هَل فَوقَ العَرشِ شَيءٌ فَزَادَهُ اللّهُ تَعَالَي مِثلَهَا أَجنِحَةً أُخرَي فَكَانَ لَهُ سِتّ وَ ثَلَاثُونَ أَلفَ جَنَاحٍ مَا بَينَ الجَنَاحِ إِلَي الجَنَاحِ خَمسُمِائَةِ عَامٍ ثُمّ أَوحَي اللّهُ إِلَيهِ أَيّهَا المَلَكُ طِر فَطَارَ مِقدَارَ عِشرِينَ أَلفَ عَامٍ لَم يَنَل رَأسَ قَائِمَةٍ مِن قَوَائِمِ العَرشِ ثُمّ ضَاعَفَ اللّهُ لَهُ فِي الجَنَاحِ وَ القُوّةِ
صفحه : 35
وَ أَمَرَهُ أَن يَطِيرَ فَطَارَ مِقدَارَ ثَلَاثِينَ أَلفَ عَامٍ لَم يَنَل أَيضاً فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ أَيّهَا المَلَكُ لَو طِرتَ إِلَي نَفخِ الصّورِ مَعَ أَجنِحَتِكَ وَ قُوّتِكَ لَم تَبلُغ إِلَي سَاقِ عرَشيِ فَقَالَ المَلَكُ سُبحَانَ ربَيَّ الأَعلَي فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّسَبّحِ اسمَ رَبّكَ الأَعلَي فَقَالَ النّبِيّص اجعَلُوهَا فِي سُجُودِكُم
55- وَ روُيَِ مِن طَرِيقِ المُخَالِفِينَ فِي قَولِهِوَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قَالَ ثَمَانِيَةُ صُفُوفٍ لَا يَعلَمُ عَدَدَهُم إِلّا اللّهُ لِكُلّ مَلَكٍ مِنهُم أَربَعَةُ وُجُوهٍ لَهُم قُرُونٌ كَقُرُونِ الوَعلَةِ مِن أُصُولِ القُرُونِ إِلَي مُنتَهَاهَا مَسِيرَةَ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ العَرشُ عَلَي قُرُونِهِم وَ أَقدَامُهُم فِي الأَرضِ السّفلَي وَ رُءُوسُهُم فِي السّمَاءِ العُليَا وَ دُونَ العَرشِ سَبعُونَ حِجَاباً مِن نُورٍ
بيان قال الجزري الوعول تيوس الجبل واحدها وعل بكسر العين و منه الحديث في تفسير قوله تعالي وَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌقيل هي ثمانية أوعال أي ملائكة علي صورة الأوعال
56- تَأوِيلُ الآيَاتِ الظّاهِرَةِ،نَقلًا مِن كِتَابِ مُحَمّدِ بنِ العَبّاسِ بنِ مَاهيَارَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَالِكٍ عَن أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ العلَوَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ حَاتِمٍ عَن هَارُونَ بنِ الجَهمِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ ع يَقُولُ فِي قَولِهِ تَعَالَيالّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَ وَ مَن حَولَهُ قَالَ يعَنيِ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ وَ نُوحاً وَ اِبرَاهِيمَ وَ مُوسَي وَ عِيسَي ع
57-الإِختِصَاصُ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَسَأَلَ ابنُ سَلَامٍ النّبِيّص فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ مَا السّتّةَ عَشَرَ وَ مَا الثّمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ سِتّةَ عَشَرَ صَفّاً مِنَ المَلَائِكَةِ حَافّينَ مِن حَولِ العَرشِ وَ ذَلِكَ قَولُهُحَافّينَ مِن حَولِ العَرشِ وَ أَمّا الثّمَانِيَةَ عَشَرَ فَثَمَانِيَةَ عَشَرَ حِجَاباً مِن نُورٍ مُعَلّقٍ بَينَ الكرُسيِّ وَ الحُجُبِ وَ لَو لَا ذَلِكَ لَذَابَت
صفحه : 36
صُمّ الجِبَالِ الشّوَامِخِ وَ احتَرَقَتِ الجِنّ وَ الإِنسُ مِن نُورِ اللّهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ
58- فِي بَعضِ الكُتُبِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع أَنّ فِي العَرشِ تِمثَالَ جَمِيعِ مَا خَلَقَ اللّهُ
59- المُتَهَجّدُ، فِي دُعَاءِ لَيلَةِ الجُمُعَةِ أللّهُمّ رَبّ النّورِ العَظِيمِ وَ رَبّ الكرُسيِّ الوَاسِعِ وَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ وَ رَبّ البَحرِ المَسجُورِ الدّعَاءَ
60- وَ فِي تَعقِيبِ صَلَاةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ ألّذِي خَلَقتَ بِهِ عَرشَكَ ألّذِي لَا يَعلَمُ مَا هُوَ إِلّا أَنتَ إِلَي قَولِهِ وَ أَسأَلُكَ يَا اللّهُ بِاسمِكَ ألّذِي تَضَعضَعَ بِهِ سُكّانُ سَمَاوَاتِكَ وَ استَقَرّ بِهِ عَرشُكَ إِلَي قَولِهِ وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ ألّذِي أَقَمتَ بِهِ عَرشَكَ وَ كُرسِيّكَ فِي الهَوَاءِ إِلَي قَولِهِ وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ ألّذِي دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرشِكَ فَاستَقَرّت أَقدَامُهُم وَ حَمّلتَهُم عَرشَكَ بِذَلِكَ الِاسمِ يَا اللّهُ ألّذِي لَا يَعلَمُهُ مَلَكٌ مُقَرّبٌ وَ لَا حَامِلُ عَرشِكَ وَ لَا كُرسِيّكَ إِلّا مَن عَلّمتَهُ ذَلِكَ
61- بَيَانُ التّنزِيلِ،لِابنِ شَهرَآشُوبَ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّ بَينَ القَائِمَةِ مِن قَوَائِمِ العَرشِ وَ القَائِمَةِ الثّانِيَةِ خَفَقَانَ الطّيرِ عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ
صفحه : 37
تحقيق وتوفيق اعلم أن ملوك الدنيا لما كان ظهورهم وإجراء أحكامهم علي رعيتهم إنما يكون عندصعودهم علي كرسي الملك وعروجهم علي عرش السلطنة ومنهما تظهر آثارهم وتتبين أسرارهم و الله سبحانه لتقدسه عن المكان لايوصف بمحل و لامقر و ليس له عرش و لاكرسي يستقر عليهما بل يطلقان علي أشياء من مخلوقاته أوصفاته الكمالية علي وجه المناسبة فالكرسي والعرش يطلقان علي معان أحدها جسمان عظيمان خلقهما الله تعالي فوق سبع سماوات وظاهر أكثر الأخبار أن العرش أرفع وأعظم من الكرسي ويلوح من بعضها العكس والحكماء يزعمون أن الكرسي هوالفلك الثامن والعرش هوالفلك التاسع وظواهر الأخبار تدل علي خلاف ذلك من كونهما مربعين ذاتي قوائم وأركان وربما يؤولان بالجهات والحدود والصفات التي بهااستحقا التعظيم والتكريم و لاحاجة لنا إلي هذه التكلفات وإنما سميا بالاسمين لبروز أحكامه وتقديراته من عندهما وإحاطة الكروبيين والمقربين وأرواح النبيين والأوصياء بهما وعروج من قربه من جنابه إليهما كما أن أوامر الملوك وأحكامهم وآثار سلطنتهم وعظمتهم تبدو منهما وتطيف مقربوا جنابهم وخواص ملكهم بهما وأيضا لماكانا أعظم مخلوقاته الجسمانية وفيهما من الأنوار العجيبة والآثار الغريبة ما ليس في غيرهما من الأجسام فدلالتهما علي وجوده وعلمه وقدرته وحكمته سبحانه أكثر من سائر الأجسام فلذا خصا بهذين الاسمين من بينهما وحملتهما في الدنيا جماعة من الملائكة كماعرفت و في الآخرة إما الملائكة أوأولو العزم من الأنبياء مع صفوة الأوصياء ع كماعرفت و
صفحه : 38
يمكن أن يكون نسبة الحمل إليهم مجازا لقيام العرش بهم في القيامة وكونهم الحكام عنده والمقربين لديه . وثانيها العلم كماعرفت إطلاقهما في كثير من الأخبار عليه و قدمر الفرق بينهما في خبر معاني الأخبار وغيره و ذلك أيضا لأن منشأ ظهوره سبحانه علي خلقه العلم والمعرفة و به يتجلي علي العباد فكأنه عرشه وكرسيه سبحانه وحملتهما نبينا وأئمتنا ع لأنهم خزان علم الله في سمائه وأرضه لاسيما مايتعلق بمعرفته سبحانه . وثالثها الملك و قدمر إطلاقهما عليه في خبر حنان والوجه مامر أيضا. ورابعها الجسم المحيط وجميع ما في جوفه أوجميع خلق الله كماذكره الصدوق ره ويستفاد من بعض الأخبار إذ ما من شيء في الأرض و لا في السماء و مافوقها إلا وهي من آيات وجوده وعلامات قدرته وآثار وجوده وفيضه وحكمته فجميع المخلوقات عرش عظمته وجلاله و بهاتجلي علي العارفين بصفات كماله و هذاأحد المعاني التي خطرت ببالي الفاتر في قولهم ع وارتفع فوق كل منظر فتدبر. وخامسها إطلاق العرش علي كل صفة من صفاته الكمالية والجلالية إذ كل منها مستقر لعظمته وجلاله و بهايظهر لعباده علي قدر قابليتهم ومعرفتهم فله عرش العلم وعرش القدرة وعرش الرحمانية وعرش الرحيمية وعرش الوحدانية وعرش التنزه كمامر في خبر حنان وغيره و قدأول الوالد ره الخبر ألذي ورد في تفسير قوله تعالي الرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي أن المعني استوي من كل شيءفليس شيءأقرب إليه من شيء أن المراد بالعرش هنا عرش الرحمانية والظرف حال أي الرب سبحانه حال كونه علي عرش الرحمانية استوي من كل شيءإذ بالنظر إلي الرحيمية التي هي عبارة عن الهدايات والرحمات الخاصة بالمؤمنين أقرب أوالمراد أنه تعالي بسبب صفة الرحمانية حال كونه علي عرش الملك والعظمة والجلال استوي نسبته إلي كل شيء وحينئذ فائدة التقييد بالحال نفي
صفحه : 39
توهم أن هذاالاستواء مما ينقص من عظمته وجلاله شيئا. وسادسها إطلاق العرش علي قلب الأنبياء والأوصياء ع وكمل المؤمنين فإن قلوبهم مستقر محبته ومعرفته سبحانه كَمَا روُيَِ أَنّ قَلبَ المُؤمِنِ عَرشُ الرّحمَنِ
وَ روُيَِ أَيضاً فِي الحَدِيثِ القدُسيِّ لَم يسَعَنيِ سمَاَئيِ وَ لَا أرَضيِ وَ وسَعِنَيِ قَلبُ عبَديِ المُؤمِنِ
ثم اعلم أن إطلاقهما علي بعض المعاني عندالتصريح به أوإقامة القرائن عليه لاينافي وجوب الإذعان بالمعني الأول ألذي هوالظاهر من أكثر الآيات والأخبار و الله المطلع علي الأسرار
1-التّوحِيدُ، وَ الخِصَالُ، عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ القَطّانِ عَن أَحمَدَ بنِ يَحيَي بنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَن بَكرِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن تَمِيمِ بنِ بُهلُولٍ عَن نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ المنِقرَيِّ عَن عَمرِو بنِ سَعدٍ عَن أَبِي مِخنَفٍ لُوطِ بنِ يَحيَي عَن أَبِي مَنصُورٍ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ قَالَسُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَنِ الحُجُبِ فَقَالَ أَوّلُ الحُجُبِ سَبعَةٌ غِلَظُ كُلّ حِجَابٍ مِنهَا مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ بَينَ كُلّ حِجَابَينِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ الحِجَابُ الثاّنيِ سَبعُونَ حِجَاباً بَينَ كُلّ حِجَابَينِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ
صفحه : 40
حَجَبَةُ كُلّ حِجَابٍ مِنهَا سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ قُوّةُ كُلّ مَلَكٍ مِنهُم قُوّةُ الثّقَلَينِ مِنهَا ظُلمَةٌ وَ مِنهَا نُورٌ وَ مِنهَا نَارٌ وَ مِنهَا دُخَانٌ وَ مِنهَا سَحَابٌ وَ مِنهَا بَرقٌ وَ مِنهَا رَعدٌ وَ مِنهَا ضَوءٌ وَ مِنهَا رَملٌ وَ مِنهَا جَبَلٌ وَ مِنهَا عَجَاجٌ وَ مِنهَا مَاءٌ وَ مِنهَا أَنهَارٌ وَ هيَِ حُجُبٌ مُختَلِفَةٌ غِلَظُ كُلّ حِجَابٍ مَسِيرَةُ سَبعِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ سُرَادِقَاتُ الجَلَالِ وَ هيَِ سِتّونَ سُرَادِقاً فِي كُلّ سُرَادِقٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ بَينَ كُلّ سُرَادِقٍ وَ سُرَادِقٍ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ ثُمّ سُرَادِقُ العِزّ ثُمّ سُرَادِقُ الكِبرِيَاءِ ثُمّ سُرَادِقُ العَظَمَةِ ثُمّ سُرَادِقُ القُدُسِ ثُمّ سُرَادِقُ الجَبَرُوتِ ثُمّ سُرَادِقُ الفَخرِ ثُمّ سُرَادِقُ النّورِ الأَبيَضِ ثُمّ سُرَادِقُ الوَحدَانِيّةِ وَ هُوَ مَسِيرَةُ سَبعِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ الحِجَابُ الأَعلَي وَ انقَضَي كَلَامُهُ ع وَ سَكَتَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَا بَقِيتُ لِيَومٍ لَا أَرَاكَ فِيهِ يَا أَبَا الحَسَنِ
قال الصدوق ره ليست هذه الحجب مضروبة علي الله تعالي عن ذلك لأنه لايوصف بمكان ولكنها مضروبة علي العظمة العليا من خلقه التي لايقادر قدرها غيره تبارك و تعالي .بيان قوله ع منها ظلمة لعل المراد من مطلق الحجب لا من الحجب المتقدمة كمايدل عليه قوله غلظ كل حجاب إلخ
2-المعَاَنيِ، وَ الخِصَالُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ المقُريِ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ الجرُجاَنيِّ عَن عَبدِ الصّمَدِ بنِ يَحيَي الواَسطِيِّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ المدَنَيِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُبَارَكِ عَنِ السّفيَانِ الثوّريِّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الصّادِقِ
صفحه : 41
عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ نُورَ مُحَمّدٍص قَبلَ أَن خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ العَرشَ وَ الكرُسيِّ وَ اللّوحَ وَ القَلَمَ وَ الجَنّةَ وَ النّارَ وَ قَبلَ أَن خَلَقَ آدَمَ وَ نُوحاً وَ اِبرَاهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ وَ إِسحَاقَ وَ يَعقُوبَ وَ مُوسَي وَ عِيسَي وَ دَاوُدَ وَ سُلَيمَانَ وَ كُلّ مَن قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي قَولِهِوَ وَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَ يَعقُوبَ إِلَي قَولِهِوَ هَدَيناهُم إِلي صِراطٍ مُستَقِيمٍ وَ قَبلَ أَن خَلَقَ الأَنبِيَاءَ كُلّهُم بِأَربَعِمِائَةِ أَلفٍ وَ أَربَعٍ وَ عِشرِينَ أَلفَ سَنَةٍ وَ خَلَقَ عَزّ وَ جَلّ مَعَهُ اثنيَ عَشَرَ حِجَاباً حِجَابَ القُدرَةِ وَ حِجَابَ العَظَمَةِ وَ حِجَابَ المِنّةِ وَ حِجَابَ الرّحمَةِ وَ حِجَابَ السّعَادَةِ وَ حِجَابَ الكَرَامَةِ وَ حِجَابَ المَنزِلَةِ وَ حِجَابَ الهِدَايَةِ وَ حِجَابَ النّبُوّةِ وَ حِجَابَ الرّفعَةِ وَ حِجَابَ الهَيبَةِ وَ حِجَابَ الشّفَاعَةِ ثُمّ حَبَسَ نُورَ مُحَمّدٍص فِي حِجَابِ القُدرَةِ اثنيَ عَشَرَ أَلفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ربَيَّ الأَعلَي وَ فِي حِجَابِ العَظَمَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَلفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ عَالِمِ السّرّ وَ أَخفَي وَ فِي حِجَابِ المِنّةِ عَشَرَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن هُوَ قَائِمٌ لَا يَلهُو وَ فِي حِجَابِ الرّحمَةِ تِسعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ الرّفِيعِ الأَعلَي وَ فِي حِجَابِ السّعَادَةِ ثَمَانِيَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن هُوَ دَائِمٌ لَا يَسهُو وَ فِي حِجَابِ الكَرَامَةِ سَبعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن هُوَ غنَيِّ لَا يَفتَقِرُ وَ فِي حِجَابِ المَنزِلَةِ سِتّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ربَيّ العلَيِّ الكَرِيمِ وَ فِي حِجَابِ الهِدَايَةِ خَمسَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ذيِ العَرشِ العَظِيمِ وَ فِي حِجَابِ النّبُوّةِ أَربَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَرَبّ العِزّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَ فِي حِجَابِ الرّفعَةِ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ذيِ المُلكِ
صفحه : 42
وَ المَلَكُوتِ وَ فِي حِجَابِ الهَيبَةِ ألَفيَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ اللّهِ وَ بِحَمدِهِ وَ فِي حِجَابِ الشّفَاعَةِ أَلفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ربَيَّ العَظِيمِ وَ بِحَمدِهِ ثُمّ أَظهَرَ عَزّ وَ جَلّ اسمَهُ عَلَي اللّوحِ فَكَانَ عَلَي اللّوحِ مُنَوّراً أَربَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ ثُمّ أَظهَرَهُ عَلَي العَرشِ فَكَانَ عَلَي سَاقِ العَرشِ مُثبَتاً سَبعَةَ آلَافِ سَنَةٍ إِلَي أَن وَضَعَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي صُلبِ آدَمَ ع إِلَي آخِرِ مَا مَرّ فِي المُجَلّدِ السّادِسِ
3- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص قَالَ جَبرَئِيلُ فِي لَيلَةِ المِعرَاجِ إِنّ بَينَ اللّهِ وَ بَينَ خَلقِهِ تِسعِينَ أَلفَ حِجَابٍ وَ أَقرَبُ الخَلقِ إِلَي اللّهِ أَنَا وَ إِسرَافِيلُ وَ بَينَنَا وَ بَينَهُ أَربَعَةُ حُجُبٍ حِجَابٌ مِن نُورٍ وَ حِجَابٌ مِن ظُلمَةٍ وَ حِجَابٌ مِنَ الغَمَامِ وَ حِجَابٌ مِن مَاءٍ الخَبَرَ
4-المَجَالِسُ لِلصّدُوقِ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَن أَبِيهِ عَن خَلَفِ بنِ حَمّادٍ عَن أَبِي الحَسَنِ العبَديِّ عَنِ الأَعمَشِ
صفحه : 43
عَن عَبَايَةَ بنِ ربِعيِّ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي ذِكرِ خَبَرِ المِعرَاجِ قَالَ فَعَبَرَ رَسُولُ اللّهِص حَتّي انتَهَي إِلَي الحُجُبِ وَ الحُجُبُ خَمسُمِائَةِ حِجَابٍ مِنَ الحِجَابِ إِلَي الحِجَابِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ الخَبَرَ
5- التّوحِيدُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن صَفوَانَ عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الشّمسُ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ الكرُسيِّ وَ الكرُسيِّ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ العَرشِ وَ العَرشُ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ الحِجَابِ وَ الحِجَابُ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ السّترِ الخَبَرَ
6- المُتَهَجّدُ، فِي تَعقِيبِ صَلَاةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ أَسأَلُكَ بِنُورِ اسمِكَ ألّذِي خَلَقتَ بِهِ نُورَ حِجَابِكَ النّورِ إِلَي قَولِهِ ع وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ الزكّيِّ الطّاهِرِ المَكتُوبِ فِي كُنهِ حُجُبِكَ المَخزُونِ فِي عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ عَلَي سِدرَةِ المُنتَهَي وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ المَكتُوبِ عَلَي سُرَادِقِ السّرَائِرِ إِلَي قَولِهِ بِاسمِكَ ألّذِي كَتَبتَهُ عَلَي حِجَابِ عَرشِكَ وَ بِكُلّ اسمٍ هُوَ لَكَ فِي اللّوحِ المَحفُوظِ
7- الإِقبَالُ، فِي تَعقِيبَاتِ نَوَافِلِ شَهرِ رَمَضَانَ روُيَِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أللّهُمّ إنِيّ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ المَكتُوبِ فِي سُرَادِقِ المَجدِ وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ المَكتُوبِ فِي سُرَادِقِ البَهَاءِ وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ المَكتُوبِ فِي سُرَادِقِ العَظَمَةِ وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ المَكتُوبِ فِي سُرَادِقِ الجَلَالِ وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ المَكتُوبِ فِي سُرَادِقِ العِزّةِ وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ المَكتُوبِ فِي سُرَادِقِ السّرَائِرِ السّابِقِ الفَائِقِ الحَسَنِ النّضِيرِ وَ رَبّ المَلَائِكَةِ الثّمَانِيَةِ وَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ الدّعَاءَ
8- الدّرّ المَنثُورُ،للِسيّوُطيِّ نَقلًا مِن عِدّةِ كُتُبٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ بَينَ السّمَاءِ السّابِعَةِ إِلَي كُرسِيّهِ سَبعَةُ آلَافِ نُورٍ
صفحه : 44
9- وَ عَن أَنَسٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ قَالَ جَبرَئِيلُ إِنّ بيَنيِ وَ بَينَ الرّبّ لَسَبعِينَ حِجَاباً مِن نَارٍ أَو نُورٍ لَو رَأَيتُ أَدنَاهَا لَاحتَرَقتُ
10- وَ عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ أَتَي النّبِيّص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ هَلِ احتَجَبَ اللّهُ مِن خَلقِهِ بشِيَءٍ غَيرِ السّمَاوَاتِ قَالَ نَعَم بَينَهُ وَ بَينَ المَلَائِكَةِ الّذِينَ حَولَ العَرشِ سَبعُونَ حِجَاباً مِن نُورٍ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن ظُلمَةٍ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن رَفَارِفِ الإِستَبرَقِ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن رَفَارِفِ السّندُسِ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن دُرّ أَبيَضَ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن دُرّ أَحمَرَ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن دُرّ أَصفَرَ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن دُرّ أَخضَرَ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن ضِيَاءٍ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن ثَلجٍ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن مَاءٍ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن بَردٍ وَ سَبعُونَ حِجَاباً مِن عَظَمَتِهِ التّيِ لَا تُوصَفُ قَالَ فأَخَبرِنيِ عَن مَلَكِ اللّهِ ألّذِي يَلِيهِ فَقَالَ النّبِيّص إِنّ المَلَكَ ألّذِي يَلِيهِ إِسرَافِيلُ ثُمّ جَبرَئِيلُ ثُمّ مِيكَائِيلُ ثُمّ مَلَكُ المَوتِ ع
11- وَ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ بَينَ المَلَائِكَةِ وَ بَينَ العَرشِ سَبعُونَ حِجَاباً حِجَاباً مِن نُورٍ وَ حِجَاباً مِن ظُلمَةٍ
12- وَ عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ وَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرٍو قَالَا قَالَ رَسُولُ اللّهِص دُونَ اللّهِ سَبعُونَ أَلفَ حِجَابٍ مِن نُورٍ وَ ظُلمَةٍ لَا يَسمَعُ مِن نَفسٍ[ مِن حِسّ]تِلكَ الحُجُبَ إِلّا زَهَقَت نَفسُهُ
13-شَرحُ النّهجِ،[نهج البلاغة]للِكيَدرُيِّ عَنِ النّبِيّص فِي حَدِيثِ المِعرَاجِ قَالَفَخَرَجتُ مِن سِدرَةِ المُنتَهَي حَتّي وَصَلتُ إِلَي حِجَابٍ مِن حُجُبِ العِزّةِ ثُمّ إِلَي حِجَابٍ آخَرَ حَتّي قَطَعتُ سَبعِينَ حِجَاباً وَ أَنَا عَلَي البُرَاقِ وَ بَينَ كُلّ حِجَابٍ وَ حِجَابٍ مَسِيرَةُ
صفحه : 45
خَمسِمِائَةِ سَنَةٍ إِلَي أَن قَالَ وَ رَأَيتُ فِي عِلّيّينَ بِحَاراً وَ أَنوَاراً وَ حُجُباً وَ غَيرَهَا لَو لَا تِلكَ لَاحتَرَقَ كُلّ مَا تَحتَ العَرشِ مِن نُورِ العَرشِ قَالَ وَ فِي الحَدِيثِ أَنّ جَبرَئِيلَ ع قَالَ لِلّهِ دُونَ العَرشِ سَبعُونَ حِجَاباً لَو دَنَونَا مِن أَحَدِهَا لَأَحرَقَتنَا سُبُحَاتُ وَجهِ رَبّنَا
فذلكة اعلم أنه قدتظافرت الأخبار العامية والخاصية في وجود الحجب والسرادقات وكثرتها و في القاموس السرادق ألذي يمد فوق صحن البيت والجمع سرادقات والبيت من الكرسف وبيت مسردق أعلاه وأسفله مشدود كله . و في النهاية السرادق كل ماأحاط بشيء من حائط أومضرب أوخباء انتهي وظاهر أكثر الأخبار أنها تحت العرش ويلوح من بعضها أنها فوقه و لاتنافي بينها وَ روُيَِ مِن طُرُقِ المُخَالِفِينَ عَنِ النّبِيّص أَنّ لِلّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي سَبعِينَ أَلفَ حِجَابٍ مِن نُورٍ وَ ظُلمَةٍ لَو كُشِفَت لَأَحرَقَت سُبُحَاتُ وَجهِهِ مَا دُونَهُ
و قال الجزري فيه أن جبرئيل قال لله دون العرش سبعون حجابا لودنونا من أحدها لأحرقتنا سبحات وجهه
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ حِجَابُهُ النّورُ أَوِ النّارُ لَو كَشَفَهُ لَأَحرَقَت سُبُحَاتُ وَجهِهِ كُلّ شَيءٍ أَدرَكَهُ بَصَرُهُ
سبحات الله جلاله وعظمته وهي في الأصل جمع سبحة وقيل أضواء وجهه وقيل سبحات الوجه محاسنه لأنك إذارأيت الحسن الوجه قلت سبحان الله وقيل معناه تنزيه له أي سبحان وجهه وقيل إن سبحات وجهه كلام معترض بين الفعل والمفعول أي لوكشفها لأحرقت كل شيءبصره كماتقول لودخل الملك البلد لقتل العياذ بالله كل من فيه وأقرب من هذاكله أن المعني لوانكشف من أنوار الله التي تحجب العباد عنه شيءلأهلك كل من وقع عليه ذلك النور كماخَرّ مُوسي صَعِقاً وتقطع الجبال دكا لماتجلي الله سبحانه و تعالي و قال النووي في شرح صحيح مسلم سبحات
صفحه : 46
بضم السين والباء أي نوره وأراد بالوجه الذات وبما انتهي إليه بصره جميع المخلوقات لأن بصره محيط بجميعها أي لوأزال المانع من رؤية أنواره لأحرق جلاله جميعهم . والتحقيق أن لتلك الأخبار ظهرا وبطنا وكلاهما حق فأما ظهرها فإنه سبحانه كماخلق العرش والكرسي مع عدم احتياجه إليهما كذلك خلق عندهما أستارا وحجبا وسرادقات وحشاها من أنواره الغريبة المخلوقة له ليظهر لمن يشاهدها من الملائكة وبعض النبيين ولمن يسمعها من غيرهم عظمة قدرته وجلال هيبته وسعة فيضه ورحمته ولعل اختلاف الأعداد باعتبار أن في بعض الإطلاقات اعتبرت الأنواع و في بعضها الأصناف و في بعضها الأشخاص أوضم بعضها إلي بعض في بعض التعبيرات أواكتفي بذكر بعضها في بعض الروايات و أمابطنها فلأن الحجب المانعة عن وصول الخلق إلي معرفة كنه ذاته وصفاته أمور كثيرة منها مايرجع إلي نقص المخلوق وقواه ومداركه بسبب الإمكان والافتقار والاحتياج والحدوث و مايتبع ذلك من جهات النقص والعجز وهي الحجب الظلمانية ومنها مايرجع إلي نوريته وتجرده وتقدسه ووجوب وجوده وكماله وعظمته وجلاله وسائر مايتبع ذلك وهي الحجب النورانية وارتفاع تلك الحجب بنوعيه محال فلو ارتفعت لم يبق بغير ذات الحق شيء أوالمراد بكشفها رفعها في الجملة بالتخلي عن الصفات الشهوانية والأخلاق الحيوانية والتخلق بالأخلاق الربانية بكثرة العبادات والرياضات والمجاهدات وممارسة العلوم الحقة فترتفع الحجب بينه و بين ربه سبحانه في الجملة فيحرق مايظهر عليهم من أنوار جلاله تعيناتهم وإراداتهم وشهواتهم فيرون بعين اليقين كماله سبحانه ونقصهم وبقاءه وفناءهم وذلهم وغناه وافتقارهم بل يرون وجودهم المستعار في جنب وجوده الكامل عدما وقدرتهم الناقصة في جنب قدرته الكاملة عجزا بل يتخلون عن إرادتهم وعلمهم وقدرتهم فيتصرف فيهم إرادته وقدرته وعلمه سبحانه فلايشاءون إِلّا أَن يَشاءَ اللّهُ و لايريدون سوي ماأراد الله ويتصرفون في الأشياء بقدرة الله فيحيون الموتي ويردون الشمس ويشقون القمر
كَمَا
صفحه : 47
قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا قَلَعتُ بَابَ خَيبَرَ بِقُوّةٍ جِسمَانِيّةٍ بَل بِقُوّةٍ رَبّانِيّةٍ
والمعني ألذي يمكن فهمه و لاينافي أصول الدين من الفناء في الله والبقاء بالله هو هذاالمعني وبعبارة أخري الحجب النورانية الموانع التي للعبد عن الوصول إلي قربه وغاية مايمكنه من معرفته سبحانه من جهة العبادات كالرئاء والعجب والسمعة والمراء وأشباهها والظلمانية مايحجبه من المعاصي عن الوصول إليه فإذاارتفعت تلك الحجب تجلي الله له في قلبه وأحرق محبة ماسواه حتي نفسه عن نفسه وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب الإيمان والكفر إن شاء الله تعالي و كل ذلك لايوجب عدم وجوب الإيمان بظواهرها إلابمعارضة نصوص صحيحة صريحة صارفة عنها وأول الإلحاد سلوك التأويل من غيردليل و الله الهادي إلي سواء السبيل
صفحه : 48
الآيات النجم وَ لَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخري عِندَ سِدرَةِ المُنتَهي عِندَها جَنّةُ المَأوي
صفحه : 49
إِذ يَغشَي السّدرَةَ ما يَغشيالمطففين كَلّا إِنّ كِتابَ الفُجّارِ لفَيِ سِجّينٍ وَ ما أَدراكَ ما سِجّينٌ إلي قوله تعالي كَلّا إِنّ كِتابَ الأَبرارِ لفَيِ عِلّيّينَ وَ ما أَدراكَ ما عِلّيّونَ كِتابٌ مَرقُومٌ يَشهَدُهُ المُقَرّبُونَتفسير قال الطبرسي ره وَ لَقَد رَآهُ أي جبرئيل في صورته التي خلق عليها نازلا من السماءنَزلَةً أُخري و ذلك أنه رآه مرتين علي صورته عِندَ سِدرَةِ المُنتَهيهي شجرة عن يمين العرش فوق السماء السابعة انتهي إليها علم كل ملك عن الكلبي ومقاتل وقيل إليها ينتهي مايعرج إلي السماء و مايهبط من فوقها من أمر الله عن ابن مسعود والضحاك وقيل إليها ينتهي أرواح الشهداء وقيل إليها ينتهي مايهبط به من فوقها فيقبض منها وإليها ينتهي مايعرج من الأرواح فيقبض منها والمنتهي موضع الانتهاء و هذه الشجرة حيث تنتهي إليه الملائكة فأضيفت إليه وقيل هي شجرة طوبي عن مقاتل والسدرة هي شجرة النبق عِندَها جَنّةُ المَأوي أي جنة المقام وهي جنة الخلد وهي في السماء السابعة وقيل في السماء السادسة وقيل هي الجنة التي كان أوي إليها آدم وتصير إليها أرواح الشهداء عن الجبائي وقتادة وقيل هي التي تصير إليها أهل الجنة عن الحسن وقيل هي التي يأوي إليها جبرئيل والملائكة عن عطاء عن ابن عباس إِذ يَغشَي السّدرَةَ ما يَغشيقيل يغشاها الملائكة أمثال الغربان حتي يقعن علي الشجرة عن الحسن ومقاتل وَ روُيَِ أَنّ النّبِيّص قَالَرَأَيتُ عَلَي كُلّ وَرَقَةٍ مِن أَورَاقِهَا مَلَكاً
صفحه : 50
قَائِماً يُسَبّحُ اللّهَ تَعَالَي
وقيل يغشاها من النور والبهاء و الحسن والصفاء ألذي يروق الأبصار ما ليس لوصفه منتهي عن الحسن وقيل يغشاها فراش من ذهب عن ابن عباس ومجاهد وكأنها ملائكة علي صورة الفراش يعبدون الله تعالي والمعني أنه رأي جبرئيل علي صورته في الحال التي يغشي فيهاالسدرة من أمر الله و من العجائب المنبهة علي كمال قدرة الله تعالي مايغشاها وإنما أبهم الأمر فيما يغشي لتعظيم ذلك وتفخيمه .إِنّ كِتابَ الفُجّارِ لفَيِ سِجّينٍيعني كتابهم ألذي فيه تثبت أعمالهم من الفجور والمعاصي عن الحسن وقيل معناه أنه كتب في كتابهم أنهم يكونون في سجين وهي في الأرض السابعة السفلي
عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ مُجَاهِدٍ وَ قَتَادَةَ وَ ضَحّاكٍ وَ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص سِجّينٌ أَسفَلَ سَبعِ أَرَضِينَ
و قال شمر بن عطية جاء ابن عباس إلي كعب الأحبار فقال أخبرني عن قول الله تعالي إِنّ كِتابَ الفُجّارِ لفَيِ سِجّينٍ قال إن روح الفاجر يصعد بها إلي السماء فتأبي السماء أن تقبلها ثم يهبط بها إلي الأرض فتأبي الأرض أن تقبلها فتدخل تحت سبع أرضين حتي ينتهي بها إلي سجين و هوموضع جند إبليس والمعني في الآية أن كتاب عملهم يوضع هناك وقيل إن سجين جب في جهنم مفتوح والفلق جب في جهنم مغطي رواه أبوهريرة عن النبي ص وقيل إن السجين اسم كتابهم و هوظاهر التلاوة أي ماكتبه الله علي الكفار بمعني أوجبه عليهم من الجزاء في هذاالكتاب المسمي سجينا و يكون لفظه من السجن ألذي هوالشدة عن أبي مسلم . و قال لفَيِ عِلّيّينَ أي مراتب عالية محفوفة بالجلالة وقيل في السماء السابعة و فيهاأرواح المؤمنين وقيل في سدرة المنتهي التي إليها ينتهي كل شيء من أمر الله تعالي وقيل عليون الجنة عن ابن عباس و قال الفراء في ارتفاع
صفحه : 51
بعدارتفاع لاغاية له وقيل هولوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيها عن ابن عباس في رواية أخري
وَ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ فِي عِلّيّينَ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ تَحتَ العَرشِ
و قال ابن عمر إن أهل عليين لينظرون إلي أهل الجنة من كذا فإذاأشرف رجل منهم أشرقت الجنة وقالوا قداطلع رجل من أهل عليين
1- العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ الحمِيرَيِّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مَالِكِ بنِ عَطِيّةَ عَن حَبِيبٍ السجّسِتاَنيِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّمَا سُمّيَت سِدرَةَ المُنتَهَي لِأَنّ أَعمَالَ أَهلِ الأَرضِ تَصعَدُ بِهَا المَلَائِكَةُ الحَفَظَةُ إِلَي مَحَلّ السّدرَةِ قَالَ وَ الحَفَظَةُ الكِرَامُ البَرَرَةُ دُونَ السّدرَةِ يَكتُبُونَ مَا يَرفَعُهُ إِلَيهِمُ المَلَائِكَةُ مِن أَعمَالِ العِبَادِ فِي الأَرضِ فيَنَتهَيِ بِهَا إِلَي مَحَلّ السّدرَةِ
المحاسن ، عن ابن محبوب مثله
2- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَمّا أسُريَِ بيِ إِلَي السّمَاءِ انتَهَيتُ إِلَي مَحَلّ سِدرَةِ المُنتَهَي وَ إِذَا الوَرَقَةُ مِنهَا تَظَلّ أُمّةً مِنَ الأُمَمِ فَكُنتُ مِن ربَيّ كَقَابِقَوسَينِ أَو أَدنيالخَبَرَ
3- وَ مِنهُ، قَالَ سِدرَةُ المُنتَهَي فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ جَنّةُ المَأوَي عِندَهَا
4- وَ مِنهُ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَالسّجّينُ الأَرضُ
صفحه : 52
السّابِعَةُ وَ عِلّيّونَ السّمَاءُ السّابِعَةُ
بيان قال في النهاية فيه إن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين كماترون الكوكب الدري في أفق السماء عليون اسم للسماء السابعة وقيل هواسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد وقيل أراد أعلي الأمكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله تعالي في الدار الآخرة ويعرب بالحروف والحركات كقنسرين وأشباهها علي أنها جمع أوواحد و قال سدرة المنتهي شجرة في أقصي الجنة إليها ينتهي علم الأولين والآخرين و لايتعداها
5- الدّرّ المَنثُورُ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ سَأَلَ كَعبُ الأَحبَارِ عَن قَولِهِكَلّا إِنّ كِتابَ الفُجّارِ لفَيِ سِجّينٍ قَالَ إِنّ رُوحَ الفَاجِرِ يُصعَدُ بِهَا إِلَي السّمَاءِ فَتَأبَي السّمَاءُ أَن تَقبَلَهَا فَيُهبَطُ بِهَا إِلَي الأَرضِ فَتَأبَي الأَرضُ أَن تَقبَلَهَا فَيُدخَلُ بِهَا تَحتَ سَبعِ أَرَضِينَ حَتّي ينَتهَيَِ بِهَا إِلَي سِجّينٍ وَ هُوَ مَوضِعُ جُندِ إِبلِيسَ فَيَخرُجُ لَهَا مِن تَحتِ جُندِ إِبلِيسَ رِقّ لِهَلَاكِهِ لِلحِسَابِ فَذَلِكَ قَولُهُوَ ما أَدراكَ ما سِجّينٌ كِتابٌ مَرقُومٌ وَ قَولُهُكَلّا إِنّ كِتابَ الأَبرارِ لفَيِ عِلّيّينَ قَالَ إِنّ رُوحَ المُؤمِنِ إِذَا قُبِضَت عُرِجَ بِهَا إِلَي السّمَاءِ فَتُفَتّحُ لَهَا أَبوَابُ السّمَاءِ وَ تَلَقّاهَا المَلَائِكَةُ بِالبُشرَي حَتّي يُنتَهَي بِهَا إِلَي العَرشِ وَ تَعرُجُ المَلَائِكَةُ فَيَخرُجُ لَهَا مِن تَحتِ العَرشِ رِقّ فَيُرقَمُ وَ يُختَمُ وَ يُوضَعُ تَحتَ العَرشِ لِمَعرِفَةِ النّجَاةِ لِحِسَابِ يَومِ الدّينِ وَ تَشهَدُ المَلَائِكَةُ المُقَرّبُونَ فَذَلِكَ قَولُهُوَ ما أَدراكَ ما عِلّيّونَ كِتابٌ مَرقُومٌ
صفحه : 53
6- وَ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ قَالَ التَقَي سَلمَانُ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَلَامٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِن مِتّ قبَليِ فاَلقنَيِ فأَخَبرِنيِ مَا صَنَعَ بِكَ رَبّكَ وَ إِن أَنَا مِتّ قَبلَكَ لَقِيتُكَ فَأَخبَرتُكَ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَلَامٍ كَيفَ هَذَا أَ وَ يَكُونُ هَذَا قَالَ نَعَم إِنّ أَروَاحَ المُؤمِنِينَ فِي بَرزَخٍ مِنَ الأَرضِ تَذهَبُ حَيثُ شَاءَت وَ نَفسَ الكَافِرِ فِي سِجّينٍ
7- وَ عَن قَتَادَةَ كَلّا إِنّ كِتابَ الأَبرارِ لفَيِ عِلّيّينَ قَالَ عِلّيّونَ فَوقَ السّمَاءِ السّابِعَةِ عِندَ قَائِمَةِ العَرشِ اليُمنَيكِتابٌ مَرقُومٌ قَالَ رُقِمَ لَهُم بِخَيرٍيَشهَدُهُ المُقَرّبُونَ قَالَ المُقَرّبُونَ مِن مَلَائِكَةِ اللّهِ
8- وَ عَنِ الضّحّاكِ قَالَ إِذَا قُبِضَ رُوحُ المُؤمِنِ عُرِجَ بِهِ إِلَي السّمَاءِ الدّنيَا فَيَنطَلِقُ مَعَهُ المُقَرّبُونَ إِلَي السّمَاءِ الثّانِيَةِ قَالَ الأَجلَحُ فَقُلتُ وَ مَا المُقَرّبُونَ قَالَ أَقرَبُهُم إِلَي السّمَاءِ الثّانِيَةِ ثُمّ الثّالِثَةِ ثُمّ الرّابِعَةِ ثُمّ الخَامِسَةِ ثُمّ السّادِسَةِ ثُمّ السّابِعَةِ حَتّي ينَتهَيَِ بِهِ إِلَي سِدرَةِ المُنتَهَي قَالَ الأَجلَحُ قُلتُ لِلضّحّاكِ وَ لِمَ تُسَمّي سِدرَةَ المُنتَهَي قَالَ لِأَنّهُ ينَتهَيِ إِلَيهِ كُلّ شَيءٍ مِن أَمرِ اللّهِ لَا يَعدُوهَا فَيَقُولُونَ رَبّ عَبدُكَ فُلَانٌ وَ هُوَ أَعلَمُ بِهِ مِنهُم فَيَبعَثُ إِلَيهِم بِصَكّ مَختُومٍ بِأَمنِهِ مِنَ العَذَابِ وَ ذَلِكَ قَولُهُكَلّا إِنّ كِتابَ الأَبرارِ لفَيِ عِلّيّينَ وَ ما أَدراكَ ما عِلّيّونَ كِتابٌ مَرقُومٌ يَشهَدُهُ المُقَرّبُونَ
9- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍسَأَلَ كَعباً عَن قَولِهِ تَعَالَيكَلّا إِنّ كِتابَ الأَبرارِ لفَيِ عِلّيّينَالآيَةَ قَالَ إِنّ المُؤمِنَ يَحضُرُهُ المَوتُ وَ يَحضُرُهُ رُسُلُ رَبّهِ فَلَا هُم يَستَطِيعُونَ أَن يُؤَخّرُوهُ سَاعَةً وَ لَا يُعَجّلُوهُ حَتّي تجَيِءَ سَاعَتُهُ فَإِذَا جَاءَت سَاعَتُهُ قَبَضُوا نَفسَهُ
صفحه : 54
فَدَفَعُوهُ إِلَي مَلَائِكَةِ الرّحمَةِ فَأَرَوهُ مَا شَاءَ اللّهُ أَن يُرُوهُ مِنَ الخَيرِ ثُمّ عَرَجُوا بِرُوحِهِ إِلَي السّمَاءِ فَيُشَيّعُهُ مِن كُلّ سَمَاءٍ مُقَرّبُوهَا حَتّي يَنتَهُوا بِهِ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ فَيَضَعُونَهُ بَينَ أَيدِيهِم لَا يَنتَظِرُونَ بِهِ صَلَاتَكُم عَلَيهِ فَيَقُولُونَ أللّهُمّ هَذَا عَبدُكَ فُلَانٌ قَبَضنَا نَفسَهُ فَيَدعُونَ لَهُ بِمَا شَاءَ اللّهُ أَن يَدعُوَ فَنَحنُ نُحِبّ أَن تُشهِدَنَا اليَومَ كِتَابَهُ فَيُنشَرُ كِتَابُهُ مِن تَحتِ العَرشِ فَيُثبِتُونَ اسمَهُ فِيهِ وَ هُم شُهُودٌ فَذَلِكَ قَولُهُكِتابٌ مَرقُومٌ يَشهَدُهُ المُقَرّبُونَ وَ سَأَلَهُ عَن قَولِهِإِنّ كِتابَ الفُجّارِ لفَيِ سِجّينٍالآيَةَ قَالَ إِنّ العَبدَ الكَافِرَ يَحضُرُهُ المَوتُ وَ يَحضُرُهُ رُسُلُ اللّهِ فَإِذَا جَاءَت سَاعَتُهُ قَبَضُوا نَفسَهُ فَدَفَعُوهُ إِلَي مَلَائِكَةِ العَذَابِ فَأَرَوهُ مَا شَاءَ اللّهُ أَن يُرُوهُ مِنَ الشّرّ ثُمّ هَبَطُوا بِهِ إِلَي الأَرضِ السّفلَي وَ هيَِ سِجّينٌ وَ هيَِ آخِرُ سُلطَانِ إِبلِيسَ فَأَثبَتُوا كِتَابَهُ فِيهَا
10- وَ عَن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ قَالَلَقِيتُ رَجُلًا مِن حِميَرٍ كَانَ عَلّامَةً يَقرَأُ الكُتُبَ فَقُلتُ لَهُ الأَرضُ التّيِ نَحنُ عَلَيهَا مَا مَكَانُهَا قَالَ هيَِ عَلَي صَخرَةٍ خَضرَاءَ تِلكَ الصّخرَةُ عَلَي كَفّ مَلَكٍ ذَلِكَ المَلَكُ قَائِمٌ عَلَي ظَهرِ حُوتٍ قُلتُ الأَرضُ الثّانِيَةُ مَن سُكّانُهَا قَالَ سَاكِنُهَا الرّيحُ العَقِيمُ لَمّا أَرَادَ اللّهُ أَن يُهلِكَ عَاداً أَوحَي إِلَي خَزَنَتِهَا أَنِ افتَحُوا عَلَيهِم مِنهَا بَاباً قَالُوا يَا رَبّنَا مِثلَ مَنخِرِ الثّورِ قَالَ إِذاً تَتَكَفّأَ الأَرضُ وَ مَن عَلَيهَا فَضُيّقَ ذَلِكَ حَتّي جُعِلَ مِثلَ حَلقَةِ الخَاتَمِ فَبَلَغَت مَا حَدّثَ اللّهُ قُلتُ الأَرضُ الثّالِثَةُ مَن سُكّانُهَا قَالَ فِيهَا حِجَارَةُ جَهَنّمَ قُلتُ الأَرضُ الرّابِعَةُ مَن سُكّانُهَا قَالَ فِيهَا كِبرِيتُ جَهَنّمَ قُلتُ الأَرضُ الخَامِسَةُ مَن
صفحه : 55
سُكّانُهَا قَالَ فِيهَا عَقَارِبُ جَهَنّمَ قُلتُ الأَرضُ السّادِسَةُ مَن سُكّانُهَا قَالَ فِيهَا حَيّاتُ جَهَنّمَ قُلتُ الأَرضُ السّابِعَةُ مَن سُكّانُهَا قَالَ تِلكَ سِجّينٌ فِيهَا إِبلِيسُ مَوثُوقٌ يَدٌ أَمَامَهُ وَ يَدٌ خَلفَهُ وَ رِجلٌ أَمَامَهُ وَ رِجلٌ خَلفَهُ كَانَ يؤُذيِ المَلَائِكَةَ فَاستَعدَت عَلَيهِ فَسُجِنَ هُنَالِكَ وَ لَهُ زَمَانٌ يُرسَلُ فِيهِ فَإِذَا أُرسِلَ لَم تَكُن فِتنَةُ النّاسِ بِأَعيَا عَلَيهِم مِن شَيءٍ
الآيات الطوروَ البَيتِ المَعمُورِتفسير قال الطبرسي البيت المعمور هوبيت في السماء الرابعة بحيال الكعبة تعمره الملائكة بما يكون منها فيه من العبادة عن ابن عباس ومجاهد وَ روُيَِ أَيضاً عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ وَ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ ثُمّ لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ أَبَداً
وَ عَنِ الزهّريِّ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ عَنِ النّبِيّص قَالَ البَيتُ المَعمُورُ فِي السّمَاءِ الدّنيَا وَ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ نَهَرٌ يُقَالُ لَهُ الحَيَوَانُ يَدخُلُ فِيهِ جَبرَئِيلُ كُلّ يَومٍ طَلَعَت فِيهِ الشّمسُ وَ إِذَا خَرَجَ انتَفَضَ انتِفَاضَةً جَرَت مِنهُ سَبعُونَ أَلفَ قَطرَةٍ يَخلُقُ اللّهُ مِن كُلّ قَطرَةٍ مَلَكاً يُؤمَرُونَ أَن يَأتُوا البَيتَ المَعمُورَ فَيُصَلّوا فِيهِ فَيَفعَلُونَ ثُمّ لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ أَبَداً
وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص البَيتُ ألّذِي فِي السّمَاءِ يُقَالُ لَهُ الضّرَاحُ وَ هُوَ بِفِنَاءِ البَيتِ الحَرَامِ لَو سَقَطَ سَقَطَ عَلَيهِ يَدخُلُهُ
صفحه : 56
كُلّ يَومٍ أَلفُ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ أَبَداً
وقيل البيت المعمور هوالكعبة البيت الحرام معمور بالحج والعمرة عن الحسن و هوأول مسجد وضع للعبادة في الأرض
1- مُحَاسَبَةُ النّفسِ،لِلسّيّدِ عَلِيّ بنِ طَاوُسٍ ره نَقلًا مِن كِتَابِ خُطَبِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع لِعَبدِ العَزِيزِ الجلَوُديِّ بِإِسنَادِهِ قَالَ سَأَلَ ابنُ الكَوّاءِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ البَيتِ المَعمُورِ وَ السّقفِ المَرفُوعِ قَالَ ع وَيلَكَ ذَلِكَ الضّرَاحُ بَيتٌ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ حِيَالَ الكَعبَةِ مِن لُؤلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فِيهِ كِتَابُ أَهلِ الجَنّةِ عَن يَمِينِ البَابِ يَكتُبُونَ أَعمَالَ أَهلِ الجَنّةِ وَ فِيهِ كِتَابُ أَهلِ النّارِ عَن يَسَارِ البَابِ يَكتُبُونَ أَعمَالَ أَهلِ النّارِ بِأَقلَامٍ سُودٍ فَإِذَا كَانَ مِقدَارَ العِشَاءِ ارتَفَعَ المَلَكَانِ فَيَسمَعُونَ مِنهُمَا مَا عَمِلَ الرّجُلُ فَذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَيهذا كِتابُنا يَنطِقُ عَلَيكُم بِالحَقّ إِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَ
بيان فيسمعون أي الملائكة الذين عن يمين الباب ويساره منهما أي من الملكين الكاتبين هذا كِتابُنا قال الطبرسي ره يعني ديوان الحفظة
صفحه : 57
يَنطِقُ عَلَيكُم بِالحَقّ أي يشهد عليكم بالحق والمعني يبينه بيانا شافيا حتي كأنه ناطق إِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَ أي نستكتب الحفظة ماكنتم تعملون في دار الدنيا والاستنساخ الأمر بالنسخ مثل الاستكتاب وقيل المراد بالكتاب اللوح المحفوظ يشهد بما قضي فيه من خير وشر و علي هذافيكون معني نستنسخ أن الحفظة تستنسخ الخزنة ما هومدون عندها من أعمال العباد و هوقول ابن عباس
2- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الوَشّاءِ عَن أَحمَدَ بنِ عَائِذٍ عَن أَبِي خَدِيجَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ لِمَ سمُيَّ البَيتُ العَتِيقَ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَنزَلَ الحَجَرَ الأَسوَدَ لآِدَمَ مِنَ الجَنّةِ وَ كَانَ البَيتُ دُرّةً بَيضَاءَ فَرَفَعَهُ اللّهُ إِلَي السّمَاءِ وَ بقَيَِ أُسّهُ فَهُوَ بِحِيَالِ هَذَا البَيتِ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ لَا يَرجِعُونَ إِلَيهِ أَبَداً فَأَمَرَ اللّهُ اِبرَاهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ بِبُنيَانِ البَيتِ عَلَي القَوَاعِدِ وَ إِنّمَا سمُيَّ البَيتُ العَتِيقَ لِأَنّهُ أُعتِقَ مِنَ الغَرَقِ
3-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ،وَ البَيتِ المَعمُورِ قَالَ هُوَ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ
صفحه : 58
وَ هُوَ الضّرَاحُ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ ثُمّ لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ أَبَداً
4- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن حَمدَانَ بنِ الحُسَينِ عَنِ الحُسَينِ بنِ الوَلِيدِ عَن أَبِي بَكرٍ عَن حَنَانِ بنِ سَدِيرٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ لِمَ صَارَ الطّوَافُ سَبعَةَ أَشوَاطٍ قَالَ لِأَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَالَ لِلمَلَائِكَةِإنِيّ جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةًفَرَدّوا عَلَي اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي وَ قَالُواأَ تَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها وَ يَسفِكُ الدّماءَ قَالَ اللّهُإنِيّ أَعلَمُ ما لا تَعلَمُونَ وَ كَانَ لَا يَحجُبُهُم عَن نُورِهِ فَحَجَبَهُم عَن نُورِهِ سَبعَةَ آلَافِ عَامٍ فَلَاذُوا بِالعَرشِ سَبعَةَ آلَافِ سَنَةٍ فَرَحِمَهُم وَ تَابَ عَلَيهِم وَ جَعَلَ لَهُمُ البَيتَ المَعمُورَ ألّذِي فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ فَجَعَلَهُ مَثَابَةً وَ أَمناً وَ وَضَعَ البَيتَ الحَرَامَ تَحتَ البَيتِ المَعمُورِ فَجَعَلَهُمَثابَةً لِلنّاسِ وَ أَمناًفَصَارَ الطّوَافُ سَبعَةَ أَشوَاطٍ وَاجِباً عَلَي العِبَادِ لِكُلّ أَلفِ سَنَةٍ شَوطاً وَاحِداً
5- العِلَلُ، فِي عِلَلِ ابنِ سِنَانٍ عَنِ الرّضَا ع عِلّةُ الطّوَافِ بِالبَيتِ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَالَ لِلمَلَائِكَةِإنِيّ جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها وَ يَسفِكُ الدّماءَفَرَدّوا عَلَي اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي هَذَا الجَوَابَ فَعَلِمُوا أَنّهُم أَذنَبُوا فَنَدِمُوا فَلَاذُوا بِالعَرشِ وَ استَغفَرُوا فَأَحَبّ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يَتَعَبّدَ بِمِثلِ ذَلِكَ العِبَادَ فَوَضَعَ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ بَيتاً بِحِذَاءِ العَرشِ يُسَمّي الضّرَاحَ ثُمّ وَضَعَ فِي السّمَاءِ الدّنيَا بَيتاً يُسَمّي البَيتَ المَعمُورَ بِحِذَاءِ الضّرَاحِ ثُمّ وَضَعَ البَيتَ بِحِذَاءِ البَيتِ المَعمُورِ ثُمّ أَمَرَ آدَمَ ع فَطَافَ بِهِ فَتَابَ اللّهُ عَلَيهِ فَجَرَي ذَلِكَ فِي وُلدِهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ
6-الكفَعمَيِّ وَ البرُسيِّ بِإِسنَادَيهِمَا عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع عَنِ النّبِيّص قَالَ قَالَ جَبرَئِيلُ وَ ألّذِي بَعَثَكَ بِالحَقّ نَبِيّاً
صفحه : 59
إِنّ اللّهَ تَعَالَي بَنَي فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ بَيتاً يُقَالُ لَهُ البَيتُ المَعمُورُ يَدخُلُهُ فِي كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ وَ يَخرُجُونَ مِنهُ وَ لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ الخَبَرَ
7- الدّرّ المَنثُورُ، قَالَ أَخرَجَ الأزَرقَيِّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع أَنّ رَجُلًا سَأَلَهُ مَا بَدءُ هَذَا الطّوَافِ بِهَذَا البَيتِ لِمَ كَانَ وَ حَيثُ كَانَ فَقَالَ أَمّا بَدءُ هَذَا الطّوَافِ بِهَذَا البَيتِ فَإِنّ اللّهَ قَالَلِلمَلائِكَةِ إنِيّ جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةًفَقَالَتِ المَلَائِكَةُ أَي رَبّ أَ خَلِيفَةً مِن غَيرِنَا مِمّنيُفسِدُ فِيها وَ يَسفِكُ الدّماءَ وَ يَتَحَاسَدُونَ وَ يَتَبَاغَضُونَ وَ يَتَبَاغَونَ أَي رَبّ اجعَل ذَلِكَ الخَلِيفَةَ مِنّا فَنَحنُ لَا نُفسِدُ فِيهَا وَ لَا نَسفِكُ الدّمَاءَ وَ لَا نَتَبَاغَضُ وَ لَا نَتَحَاسَدُ وَ لَا نَتَبَاغَيوَ نَحنُ نُسَبّحُ بِحَمدِكَ وَ نُقَدّسُ لَكَ وَ نُطِيعُكَ وَ لَا نَعصِيكَقالَ اللّهُ تَعَالَيإنِيّ أَعلَمُ ما لا تَعلَمُونَ قَالَ فَظَنّتِ المَلَائِكَةُ أَنّ مَا قَالُوا رَدّ عَلَي رَبّهِم عَزّ وَ جَلّ وَ أَنّهُ قَد غَضِبَ عَلَيهِم مِن قَولِهِم فَلَاذُوا بِالعَرشِ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ فَنَظَرَ اللّهُ إِلَيهِم فَنَزَلَتِ الرّحمَةُ عَلَيهِم فَوَضَعَ اللّهُ سُبحَانَهُ تَحتَ العَرشِ بَيتاً عَلَي أَربَعِ أَسَاطِينَ مِن زَبَرجَدٍ وَ غَشّاهُنّ بِيَاقُوتَةٍ حَمرَاءَ وَ سَمّي البَيتَ الضّرَاحَ ثُمّ قَالَ اللّهُ لِلمَلَائِكَةِ طُوفُوا بِهَذَا البَيتِ وَ دَعُوا العَرشَ فَطَافَتِ المَلَائِكَةُ بِالبَيتِ وَ تَرَكُوا العَرشَ فَصَارَ أَهوَنَ عَلَيهِم وَ هُوَ البَيتُ المَعمُورُ ألّذِي ذَكَرَهُ اللّهُ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ فِيهِ أَبَداً ثُمّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي بَعَثَ مَلَائِكَتَهُ فَقَالَ ابنُوا لِي بَيتاً فِي الأَرضِ بِمِثَالِهِ وَ قَدرِهِ فَأَمَرَ اللّهُ سُبحَانَهُ مَن فِي الأَرضِ مِن خَلقِهِ أَن يَطُوفُوا بِهَذَا البَيتِ كَمَا يَطُوفُ أَهلُ السّمَاءِ بِالبَيتِ المَعمُورِ
8- وَ عَن مُقَاتِلٍ يَرفَعُ الحَدِيثَ إِلَي النّبِيّص أَنّ آدَمَ قَالَ أَي رَبّ
صفحه : 60
أَعرِفُ شقِوتَيِ لَا أَرَي شَيئاً مِن نُورِكَ نَعبُدُ فَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيهِ البَيتَ المَعمُورَ عَلَي عَرضِ البَيتِ وَ مَوضِعِهِ مِن يَاقُوتِ الجَنّةِ وَ لَكِن طُولُهُ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ أَمَرَهُ أَن يَطُوفَ بِهِ فَأَذهَبَ عَنهُمُ الهَمّ ألّذِي كَانَ قَبلَ ذَلِكَ ثُمّ رَفَعَ عَلَي عَهدِ نُوحٍ ع
9- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص البَيتُ المَعمُورُ ألّذِي فِي السّمَاءِ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ فِيهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ حِذَاءَ الكَعبَةِ الحَرَامِ
و عن أنس مثله
10- وَ عَن أَبِي هُرَيرَةَ عَنِ النّبِيّص قَالَ فِي السّمَاءِ الدّنيَا بَيتٌ يُقَالُ لَهُ المَعمُورُ بِحِيَالِ الكَعبَةِ وَ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ نَهَرٌ يُقَالُ لَهُ الحَيَوَانُ يَدخُلُهُ جَبرَئِيلُ كُلّ يَومٍ فَيَنغَمِسُ انغِمَاسَةً ثُمّ يَخرُجُ فَيَنتَفِضُ انتِفَاضَةً يجَريِ مِنهُ سَبعُونَ أَلفَ قَطرَةٍ يَخلُقُ اللّهُ مِن كُلّ قَطرَةٍ مَلَكاً يُؤمَرُونَ أَن يَأتُوا البَيتَ المَعمُورَ فَيُصَلّونَ فَيَفعَلُونَ ثُمّ يَخرُجُونَ فَلَا يَعُودُونَ إِلَيهِ أَبَداً وَ يُوَلّي عَلَيهِم أَحَدُهُم يُؤمَرُ أَن يَقِفَ بِهِم فِي السّمَاءِ مَوقِفاً يُسَبّحُونَ اللّهَ فِيهِ إِلَي أَن تَقُومَ السّاعَةُ
11- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص البَيتُ المَعمُورُ فِي السّمَاءِ يُقَالُ لَهُ الضّرَاحُ عَلَي مِثلِ البَيتِ الحَرَامِ لَو سَقَطَ سَقَطَ عَلَيهِ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ لَم يَرَوهُ قَطّ وَ إِنّ لَهُ فِي السّمَاءِ حُرمَةً عَلَي قَدرِ حُرمَةِ مَكّةَ
صفحه : 61
12- وَ عَن خَالِدِ بنِ مُرّةَ أَنّ رَجُلًا قَالَ لعِلَيِّ ع مَا البَيتُ المَعمُورُ قَالَ بَيتٌ فِي السّمَاءِ يُقَالُ لَهُ الضّرَاحُ وَ هُوَ بِحِيَالِ الكَعبَةِ حُرمَتُهُ فِي السّمَاءِ كَحُرمَةِ البَيتِ فِي الأَرضِ يصُلَيّ فِيهِ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفاً مِنَ المَلَائِكَةِ لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ أَبَداً
13- وَ عَن أَبِي الطّفَيلِ أَنّ ابنَ الكَوّاءِ سَأَلَ عَلِيّاً ع عَنِ البَيتِ المَعمُورِ مَا هُوَ قَالَ ذَاكَ الضّرَاحُ بَيتٌ فَوقَ سَبعِ سَمَاوَاتٍ تَحتَ العَرشِ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ ثُمّ لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ
14- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ هُوَ بَيتٌ حِذَاءَ العَرشِ تَعمُرُهُ المَلَائِكَةُ يصُلَيّ فِيهِ كُلّ لَيلَةٍ سَبعُونَ أَلفاً مِنَ المَلَائِكَةِ ثُمّ لَا يَعُودُونَ إِلَيهِ
15- وَ عَنِ الضّحّاكِ قَالَ أُنزِلَ مِنَ الجَنّةِ وَ كَانَ يُعمَرُ بِمَكّةَ فَلَمّا كَانَ الغَرَقُ رَفَعَهُ اللّهُ فَهُوَ فِي السّمَاءِ السّادِسَةِ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ
بيان مقتضي الجمع بين الأخبار مع صحة جميعها القول بتحقق البيت في جميع تلك المواضع وسيأتي كثير من الأخبار المتعلقة بالباب في باب الملائكة
الآيات الأنعام وَ هُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ النّجُومَ لِتَهتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ البَرّ وَ البَحرِ قَد فَصّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَ
صفحه : 62
الأعراف إِنّ الّذِينَ كَذّبُوا بِآياتِنا وَ استَكبَرُوا عَنها لا تُفَتّحُ لَهُم أَبوابُ السّماءِالرعداللّهُ ألّذِي رَفَعَ السّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ يجَريِ لِأَجَلٍ مُسَمّي يُدَبّرُ الأَمرَ يُفَصّلُ الآياتِ لَعَلّكُم بِلِقاءِ رَبّكُم تُوقِنُونَالحجروَ لَو فَتَحنا عَلَيهِم باباً مِنَ السّماءِ فَظَلّوا فِيهِ يَعرُجُونَ إلي قوله تعالي وَ لَقَد جَعَلنا فِي السّماءِ بُرُوجاً وَ زَيّنّاها لِلنّاظِرِينَ وَ حَفِظناها مِن كُلّ شَيطانٍ رَجِيمٍ إِلّا مَنِ استَرَقَ السّمعَ فَأَتبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌالنحل خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ بِالحَقّ تَعالي عَمّا يُشرِكُونَ و قال وَ عَلاماتٍ وَ بِالنّجمِ هُم يَهتَدُونَطه تَنزِيلًا مِمّن خَلَقَ الأَرضَ وَ السّماواتِ العُليالأنبياءوَ جَعَلنَا السّماءَ سَقفاً مَحفُوظاً وَ هُم عَن آياتِها مُعرِضُونَ و قال تعالي يَومَ نطَويِ السّماءَ كطَيَّ السّجِلّ لِلكُتُبِالحج وَ يُمسِكُ السّماءَ أَن تَقَعَ عَلَي الأَرضِ إِلّا بِإِذنِهِالمؤمنون وَ لَقَد خَلَقنا فَوقَكُم سَبعَ طَرائِقَ وَ ما كُنّا عَنِ الخَلقِ غافِلِينَ
صفحه : 63
و قال تعالي قُل مَن رَبّ السّماواتِ السّبعِ وَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُل أَ فَلا تَتّقُونَالفرقان تَبارَكَ ألّذِي جَعَلَ فِي السّماءِ بُرُوجاً وَ جَعَلَ فِيها سِراجاً وَ قَمَراً مُنِيراًالعنكبوت خَلَقَ اللّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ بِالحَقّ إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلمُؤمِنِينَالروم وَ مِن آياتِهِ أَن تَقُومَ السّماءُ وَ الأَرضُ بِأَمرِهِلقمان خَلَقَ السّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَهاالصافات وَ رَبّ المَشارِقِ إِنّا زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِزِينَةٍ الكَواكِبِ وَ حِفظاً مِن كُلّ شَيطانٍ مارِدٍ إلي قوله تعالي فَأَتبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌالمؤمن اللّهُ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ قَراراً وَ السّماءَ بِناءًالسجدةثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ هيَِ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلأَرضِ ائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً قالَتا أَتَينا طائِعِينَ فَقَضاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ فِي يَومَينِ وَ أَوحي فِي كُلّ سَماءٍ أَمرَها وَ زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ وَ حِفظاً ذلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِق أَ فَلَم يَنظُرُوا إِلَي السّماءِ فَوقَهُم كَيفَ بَنَيناها وَ زَيّنّاها وَ ما لَها مِن فُرُوجٍالذاريات وَ السّماءِ ذاتِ الحُبُكِ و قال تعالي وَ فِي السّماءِ رِزقُكُم وَ
صفحه : 64
ما تُوعَدُونَ و قال وَ السّماءَ بَنَيناها بِأَيدٍ وَ إِنّا لَمُوسِعُونَالطوروَ السّقفِ المَرفُوعِ و قال تعالي يَومَ تَمُورُ السّماءُ مَوراًالنجم وَ النّجمِ إِذا هَوي و قال تعالي وَ أَنّهُ هُوَ رَبّ الشّعريالقمراقتَرَبَتِ السّاعَةُ وَ انشَقّ القَمَرُالرحمن الشّمسُ وَ القَمَرُ بِحُسبانٍ وَ النّجمُ وَ الشّجَرُ يَسجُدانِ وَ السّماءَ رَفَعَها و قال فَإِذَا انشَقّتِ السّماءُ فَكانَت وَردَةً كَالدّهانِالواقعةفَلا أُقسِمُ بِمَواقِعِ النّجُومِ وَ إِنّهُ لَقَسَمٌ لَو تَعلَمُونَ عَظِيمٌالملك ألّذِي خَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَري فِي خَلقِ الرّحمنِ مِن تَفاوُتٍ فَارجِعِ البَصَرَ هَل تَري مِن فُطُورٍ ثُمّ ارجِعِ البَصَرَ كَرّتَينِ يَنقَلِب إِلَيكَ البَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ وَ لَقَد زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ وَ جَعَلناها رُجُوماً لِلشّياطِينِ وَ أَعتَدنا لَهُم عَذابَ السّعِيرِالحاقةوَ انشَقّتِ السّماءُ فهَيَِ يَومَئِذٍ واهِيَةٌالمعارج يَومَ تَكُونُ السّماءُ كَالمُهلِ
صفحه : 65
نوح أَ لَم تَرَوا كَيفَ خَلَقَ اللّهُ سَبعَ سَماواتٍ طِباقاً وَ جَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُوراً وَ جَعَلَ الشّمسَ سِراجاًالجن وَ أَنّا لَمَسنَا السّماءَ فَوَجَدناها مُلِئَت حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً وَ أَنّا كُنّا نَقعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسّمعِ فَمَن يَستَمِعِ الآنَ يَجِد لَهُ شِهاباً رَصَداًالمرسلات فَإِذَا النّجُومُ طُمِسَت وَ إِذَا السّماءُ فُرِجَتالنبأوَ بَنَينا فَوقَكُم سَبعاً شِداداً وَ جَعَلنا سِراجاً وَهّاجاًالتكويروَ إِذَا السّماءُ كُشِطَت إلي قوله تعالي فَلا أُقسِمُ بِالخُنّسِ الجَوارِ الكُنّسِالإنفطارإِذَا السّماءُ انفَطَرَت وَ إِذَا الكَواكِبُ انتَثَرَتالإنشقاق إِذَا السّماءُ انشَقّت وَ أَذِنَت لِرَبّها وَ حُقّتالبروج وَ السّماءِ ذاتِ البُرُوجِالطارق وَ السّماءِ وَ الطّارِقِ وَ ما أَدراكَ مَا الطّارِقُ النّجمُ الثّاقِبُ إلي قوله تعالي وَ السّماءِ ذاتِ الرّجعِالغاشيةوَ إِلَي السّماءِ كَيفَ رُفِعَتالشمس وَ السّماءِ وَ ما بَناها
صفحه : 66
تفسيرجَعَلَ لَكُمُ النّجُومَ أي خلقها لمنافعكم لِتَهتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ البَرّ وَ البَحرِقيل أي في ظلمات الليل في البر والبحر وإضافتها إليهما للملابسة أو في مشتبهات الطرق سماها ظلمات علي الاستعارة و هوإفراد لبعض منافعها بالذكر بعد أن أجملها بقوله لَكُمُ وأولت النجوم في الأخبار بالأئمة الأخيار ع فإنهم الهداة في ظلمات الفتن والشبهات و لاينافي الظاهرقَد فَصّلنَا الآياتِبيناها فصلا فصلالِقَومٍ يَعلَمُونَفإنهم المنتفعون به .لا تُفَتّحُ لَهُم أَبوابُ السّماءِ أي لأدعيتهم وأعمالهم أولأرواحهم كماتفتح لأعمال المؤمنين وأرواحهم ويدل علي أن للسماء أبوابا وربما يحمل علي المجازبِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها قال الرازي في قوله تَرَونَهاأقوال الأول أنه كلام مستأنف والمعني رفع السماوات بغير عمد ثم قال ترونها أي وأنتم ترونها أنها مرفوعة بلا عماد الثاني قال الحسن في الآية تقديم وتأخير تقديره رفع السماوات ترونها بغير عمد الثالث أن قوله تَرَونَهاصفة للعمد والمعني بغير عمد مرئية أي للسماوات عمد ولكنا لانراها قالوا ولها عمد علي جبل قاف و هوجبل من زبرجد محيط بالدنيا ولكنكم لاترونه و هذاالتأويل في غاية السقوط لأنه تعالي إنما ذكر هذاالكلام ليكون حجة علي وجود الإله القادر و لو كان المراد ماذكروه ماتمت الحجة لأنه يقال إن السماوات لماكانت مستقرة علي جبل فأي دلالة تبقي فيها علي وجود الإله . وعندي فيه وجه آخر أحسن من الكل و هو أن العماد مايعتمد عليه و قددللنا علي أن هذه الأجسام إنما بقيت واقفة في الجو العالي بقدرة الله فحينئذ يكون عمدها هوقدرة الله تعالي فصح أن يقال رفع السماوات بغير عمد ترونها أي
صفحه : 67
لها عمد في الحقيقة إلا أن تلك العمد هي إمساك الله تعالي وحفظه وتدبيره وإبقاؤه إياها في الجو العالي وأنتم لاترون ذلك التدبير و لاتعرفون كيفية ذلك الإمساك انتهي . وأقول هذاالوجه الأخير ألذي يتبجح به ونسبه إلي نفسه أورده شيخنا الطبرسي ره في مجمع البيان راويا عن ابن عباس ومجاهد.وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ فيه أنواع من الدلالة علي وجود الإله الحق وحكمته وقدرته إذ أصل تلك الحركات السريعة واستمرارها وكونها علي أقدار مخصوصة وكون بعضها مشرقية وبعضها مغربية وبعضها مائلة إلي الشمال وبعضها مائلة إلي الجنوب مما يدل دلالة قطعية علي وجود قادر قاهر كامل في العلم والحكمة واللطف والرحمةكُلّ يجَريِ لِأَجَلٍ مُسَمّي قال الرازي فيه قولان الأول قال ابن عباس للشمس مائة وثمانون منزلا كل يوم لها منزل و ذلك في ستة أشهر ثم إنها تعود مرة أخري إلي واحد واحد منها في ستة أشهر مرة أخري وكذلك القمر له ثمانية وعشرون منزلا فالمراد بقوله كُلّ يجَريِ لِأَجَلٍ مُسَمّي هذا وتحقيقه أنه تعالي قدر لكل واحد من هذه الكواكب سيرا خاصا إلي جهة خاصة بمقدار خاص من السرعة والبطء ومتي كان الأمر كذلك لزم أن يكون لها بحسب كل لحظة ولمحة حال أخري ماكانت حاصلة قبل ذلك والثاني المراد كونهما متحركين إلي يوم القيامة و عندمجيء ذلك اليوم تنقطع هذه الحركات كقوله تعالي إِذَا الشّمسُ كُوّرَت وَ إِذَا النّجُومُ انكَدَرَت وإِذَا السّماءُ انشَقّت وإِذَا السّماءُ انفَطَرَتوَ جُمِعَ الشّمسُ وَ القَمَرُ
صفحه : 68
يُدَبّرُ الأَمرَ قال البيضاوي أي أمر ملكوته من الإيجاد والإعدام والإحياء والإماتة و غير ذلك يُفَصّلُ الآياتِينزلها ويبينها مفصلة أويحدث الدلائل بواحد بعدواحدلَعَلّكُم بِلِقاءِ رَبّكُم تُوقِنُونَلكي تتفكروا فيها وتتحققوا كمال قدرته فتعلموا أن من قدر علي خلق هذه الأشياء وتدبيرها قدر علي الإعادة والجزاء. قوله تعالي وَ لَو فَتَحنا عَلَيهِم باباًظاهره جواز الخرق علي الأفلاك و إن أمكن أن يكون من قبيل التعليق علي المحال وَ لَقَد جَعَلنا فِي السّماءِ بُرُوجاًأكثر المفسرين حملوه علي البروج الاثني عشر المعروفة وقيل هي الكواكب . قال الطبرسي ره أي منازل للشمس والقمروَ زَيّنّاها لِلنّاظِرِينَبالكواكب النيرة عن أبي عبد الله ع وقيل البروج النجوم عن ابن عباس و الحسن وقتادةوَ حَفِظناها أي السماءمِن كُلّ شَيطانٍ رَجِيمٍ أي مرجوم مرمي بالشهاب وقيل ملعون مشئوم وحفظ السماء من الشيطان بالمنع حتي لايدخلها و لايبلغ إلي موضع يتمكن فيه من استراق السمع بما أعد له من الشهاب إِلّا مَنِ استَرَقَ السّمعَالمراد بالسمع المسموع والمعني إلا من حاول أخذ مسموع من السماء في خفيةفَأَتبَعَهُ أي لحقه شِهابٌ مُبِينٌ أي شعلة نار ظاهر لأهل الأرض بين لمن رآه ونحن في رأي العين نري كأنهم يرمون بالنجوم والشهاب عمود من نور يضيء ضياء النار لشدة ضيائه وروي عن ابن عباس أنه قال كان في الجاهلية كهنة و مع كل واحد شيطان فكان يقعد من السماء مقاعد للسمع فيستمع من الملائكة ما هوكائن في الأرض فينزل ويخبر به الكاهن فيفشيه الكاهن إلي الناس فلما بعث الله عيسي ع منعوا من ثلاث سماوات و لمابعث محمداص منعوا من السماوات كلها وحرست السماء بالنجوم والشهاب من معجزات نبيناص لأنه لم ير
صفحه : 69
قبل زمانه وقيل إن الشهاب يقتل الشياطين وقيل لايقتلهم .خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ بِالحَقّ أي لأمر حق هوالعبادة والمعرفة أو علي مقدار وشكل وأوضاع وصفات مختلفة قدرها وخصصها بحكمته تَعالي عَمّا يُشرِكُونَمنها أومما يفتقر في وجوده أوبقائه إليها ومما لايقدر علي خلقها.وَ عَلاماتٍعطف علي قوله روَاسيَِ في قوله وَ أَلقي فِي الأَرضِ روَاسيَِ أي ألقي في الأرض وجعل فيهامعالم تستدل به السابلة من جبل ومنهل وريح ونحو ذلك وَ بِالنّجمِ هُم يَهتَدُونَبالليل في البراري والبحار والمراد بالنجم الجنس وقيل الثريا والفرقدان وبنات النعش والجدي قيل ولعل الضمير لقريش لأنهم كانوا كثير الأسفار للتجارة مشهورين بالاهتداء في مسايرهم بالنجوم و في كثير من الروايات أن العلامات الأئمة ع والنجم رسول الله ص وضمير هم راجع إلي العلامات باعتبار المعني والعلي جمع العليا تأنيث الأعلي أي السماوات الرفيعة العاليةوَ جَعَلنَا السّماءَ سَقفاً مَحفُوظاً أي عن الوقوع بقدرته أو عن الفساد والانحلال إلي الوقت المعلوم بمشيته أو عن استراق السمع بالشهب وَ هُم عَن آياتِها أي أحوالها الدالة علي وجود الصانع ووحدته وكمال قدرته وتناهي حكمته مُعرِضُونَ غيرمتفكرين .يَومَ نطَويِ السّماءَ قال الطبرسي ره المراد بالطيّ هنا هوالطيّ المعروف فإن الله سبحانه يطوي السماء بقدرته وقيل إن طي السماء ذهابها عن الحسن كطَيَّ السّجِلّ لِلكُتُبِالسجل صحيفة فيهاالكتب وقيل ملك يكتب أعمال العباد وقيل اسم كاتب كان للنبيص انتهي . وأقول تدل الآية علي حدوث السماوات وإمكان خرقها وزوالها وتغير أحوالها ردا علي الحكماء المنكرين لجميع ذلك .
صفحه : 70
أَن تَقَعَ عَلَي الأَرضِ قال البيضاوي من أن تقع أوكراهة أن تقع بأن خلقها علي صورة متداعية إلي الاستمساك إِلّا بِإِذنِهِ أي إلابمشيته و ذلك يوم القيامة و فيه رد لاستمساكها بذاتها فإنها مساوية لسائر الأجسام في الجسمية فتكون قابلة للميل الهابط قبول غيرها انتهي .سَبعَ طَرائِقَ قال الرازي أي سبع سماوات وإنما قيل طرائق لتطارقها بمعني كون بعضها فوق بعض يقال طارق الرجل نعليه إذاطبق نعلا علي نعل وطارق بين ثوبين إذالبس ثوبا علي ثوب هذاقول الخليل والزجاج و قال الزجاج هو قوله سَبعَ سَماواتٍ طِباقاً و قال علي بن عيسي سميت بذلك لأنها طرائق الملائكة في العروج والهبوط والطيران و قال آخرون لأنها طرائق الكواكب فيهامسيرها والوجه في إنعامه علينا بذلك أنه تعالي جعلها موضعا لأرزاقنا بإنزال الماء منها وجعلها مقرا للملائكة وأنها موضع الثواب ولأنها مكان إرسال الأنبياء ونزول الوحي و أما قوله وَ ما كُنّا عَنِ الخَلقِ غافِلِينَففيه وجوه أحدها ماكنا غافلين بل كنا للخلق حافظين من أن تسقط عليهم السبع الطرائق فتهلكهم وثانيها إنما خلقناها فوقهم لتنزل عليهم الأرزاق والبركات منها وثالثها أناخلقنا هذه الأشياء فدل خلقنا لها علي كمال قدرتنا ثم بين كمال العلم بقوله وَ ما كُنّا عَنِ الخَلقِ غافِلِينَيعني عن أعمالهم وأقوالهم وضمائرهم و ذلك يفيد نهاية الزجر ورابعها و ماكنا عن خلق السماوات غافلين بل نحن لها حافظون لئلا تخرج عن التقدير ألذي أردنا كونها عليه كقوله تعالي ما تَري فِي خَلقِ الرّحمنِ مِن تَفاوُتٍانتهي .
صفحه : 71
تَبارَكَ ألّذِي جَعَلَ فِي السّماءِ بُرُوجاً قال الرازي البروج هي القصور العالية سميت بروج الكواكب به لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها واشتقاق البرج من التبرج لظهوره و فيه قول آخر عن ابن عباس أن البروج هي الكواكب العظام والأول أولي والسراج الشمس انتهي بأمره أي بمحض إرادته وَ رَبّ المَشارِقِقيل أي مشارق الكواكب أومشارق الشمس في السنة وهي ثلاثمائة وستون يشرق كل يوم في واحد وبحسبها تختلف المغارب ولذلك اكتفي بذكرها مع أن الشروق أدل علي القدرة وأبلغ في النعمةإِنّا زَيّنّا السّماءَ الدّنيا أي القربي منكم بِزِينَةٍ الكَواكِبِ أي بزينة هي الكواكب بالإضافة البيانية أوالبدلية علي القراءتين وَ حِفظاًمنصوب بإضمار فعله أوالعطف علي زينة باعتبار المعني كأنه قال إنا خلقنا الكواكب زينة للسماءوَ حِفظاً مِن كُلّ شَيطانٍ مارِدٍخارج من الطاعة يرمي بالشهب .قَراراً أي مستقرا تستقرون عليه وَ السّماءَ بِناءً أي وجعل السماء بناء مرتفعا فوقها و لوجعلهما رتقا لماأمكن الخلق الانتفاع بما بينهماكَيفَ بَنَيناها أي رفعناها بلا عمدوَ زَيّنّاهابالكواكب وَ ما لَها مِن فُرُوجٍ أي فتوق كسائر الأبنية المبنية من الأحجار واللبنات بل خلقها ملساء متصلة أو ليس لها فروج ظاهرة مرئية فلاينافي الأبواب الكائنة فيها و قال الكسائي معناه ليس فيهاتفاوت واختلاف قال الرازي قالت الفلاسفة الآية دالة علي أن السماء لاتقبل الخرق وكذلك قالوا في قوله هَل تَري مِن فُطُورٍ و قوله سَبعاً شِداداً وتعسفوا فيه لأن قوله تعالي ما لَها مِن فُرُوجٍصريح في عدم ذلك والإخبار عن عدم شيء لا يكون إخبارا عن عدم إمكانه فإن من قال مالفلان مال لايدل علي نفي إمكانه ثم إنه تعالي بين خلاف قولهم بقوله وَ إِذَا السّماءُ فُرِجَت و قوله إِذَا السّماءُ انفَطَرَت و قوله فهَيَِ يَومَئِذٍ واهِيَةٌ في مقابلة قوله
صفحه : 72
سَبعاً شِداداً قال فَإِذَا انشَقّتِ السّماءُ فَكانَت وَردَةً كَالدّهانِ إلي غير ذلك والكل في الرد عليهم صريح و ماذكروه في الدلالة ليس بظاهر بل و ليس له دلالة خفية أيضا و أمادليلهم المعقول فأضعف وأسخف من تمسكهم بالمنقول .ذاتِ الحُبُكِ قال البيضاوي ذات الطرائق والمراد إما الطرائق المحسوسة التي هي مسير الكواكب أوالمعقولة التي يسلكها النظار ويتوصل بها إلي المعارف أوالنجوم فإن لها طرائق أوأنها تزينها كماتزين الموشي طرائق الوشي جمع حبيكة كطريقة وطرق أوحباك كمثال ومثل قال الطبرسي ره أي ذات الطرائق الحسنة لكنا لانري تلك الحبك لبعدها عنا وقيل ذات الخلق الحسن المستوي وقيل ذات الحسن والزينة عن علي ع انتهي . وأقول سيأتي تأويل آخر في الرواية عن الرضا ع .وَ فِي السّماءِ رِزقُكُم أي أسباب رزقكم أوتقديره وقيل المراد بالسماء السحاب وبالرزق المطر فإنه سبب الأقوات وَ ما تُوعَدُونَ من الثواب لأن الجنة فوق السماء السابعة أولأن الأعمال وثوابها مكتوبة مقدرة في السماءبِأَيدٍ أي بقوةوَ إِنّا لَمُوسِعُونَ أي لقادرون من الوسع بمعني الطاقة والموسع القادر علي الإنفاق أولموسعون السماء أو مابينها و بين الأرض أوالرزق وقيل أي قادرون علي خلق ما هوأعظم منهاوَ السّقفِ المَرفُوعِ هوالسماء عن علي ع يَومَ تَمُورُ السّماءُ مَوراً أي تدور دورانا وتضطرب وتموج وتتحرك وَ النّجمِالمراد جنس النجم أوالثريا فإنه غلب فيه وأول في بعض الأخبار بالرسول ص إِذا هَوي أي غرب أوانتثر يوم القيامة أوانقض
صفحه : 73
أوطلع فإنه يقال هوي هويا بالفتح إذاسقط علي الأرض أو إذانمي وارتفع و علي الأخير معراجه أونزوله ص وَ أَنّهُ هُوَ رَبّ الشّعريإنما خص بالذكر لأن خزاعة كانت تعبدها.وَ انشَقّ القَمَرُ قال الرازي المفسرون بأسرهم علي أن المراد أن القمر انشق وحصل فيه الانشقاق ودلت الأخبار الصحاح عليه وإمكانه لايشك فيه و قدأخبر عنه الصادق فيجب اعتقاد وقوعه وحديث امتناع الخرق والالتئام حديث اللئام و قدثبت جواز الخرق والتخريب علي السماوات انتهي الشّمسُ وَ القَمَرُ بِحُسبانٍ أي يجريان بحساب معلوم مقدر في بروجهما ومنازلهما ويتسق بذلك أمور الكائنات السفلية وتختلف الفصول والأوقات ويعلم السنون والحساب وَ النّجمُ وَ الشّجَرُالمشهور أن المراد بالنجم النبات ألذي ينجم أي يطلع من الأرض و لاساق له وبالشجر ألذي له ساق وقيل المراد بالنجم نجم السماءيَسجُدانِ أي ينقادان لله فيما يريد بهما طبعا انقياد الساجد من المكلفين طوعاوَ السّماءَ رَفَعَهاخلقها مرفوعة محلا ومرتبة فإنها منشأ أقضيته ومنزل أحكامه ومحل ملائكته .فَإِذَا انشَقّتِ السّماءُيعني يوم القيامةفَكانَت وَردَةً أي فصارت حمراء ثم تجريكَالدّهانِ و هوجمع الدهن عندانقضاء الأمر وقيل هي كالدهان التي تصب بعضها بألوان مختلفة وقيل الدهان الأديم الأحمرفَلا أُقسِمُقيل إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلي قسم أوفأقسم و لامزيدة للتأكيد أوفلأنا أقسم فحذف المبتدأ وأشبع فتحة لام الابتداءبِمَواقِعِ النّجُومِ أي بمساقطها وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة علي وجود مؤثر لايزول تأثيره أوبمنازلها ومجاريها وقيل النجوم نجوم القرآن ومواقعها أوقات نزولهاوَ إِنّهُ لَقَسَمٌ لَو تَعلَمُونَ عَظِيمٌ لما في المقسم به من الدلالة علي عظم القدرة وكمال الحكمة وفرط الرحمةطِباقاً أي مطابقة بعضها فوق بعض مصدر طابقت
صفحه : 74
النعل إذاخصفتها طبقا علي طبق وصف به أوطوبقت طباقا أوذات طباق جمع طبق كجبل وجبال وقيل أراد بالمطابقة المشابهة أي يشبه بعضها بعضا في الإحكام والإتقان ما تَري فِي خَلقِ الرّحمنِ مِن تَفاوُتٍ أي اختلاف وتناقض من طريق الحكمة بل تري أفعاله كلها سواء في الحكمة و إن كانت متفاوتة في الصور والهيئة وقيل معناه ماتري يا ابن آدم في خلق السماوات من عيب واعوجاج بل هي مستقيمة مستوية كلها مع عظمهافَارجِعِ البَصَرَ أي فرد البصر وأدرها في خلق الله واستقص في النظر مرة بعدأخري والتقدير انظر ثم ارجع النظر في السماء وقيل أي قدنظرت إليها مرارا فانظر إليها مرة أخري متأملا فيهالتعاين ماأخبرت به من تناسبها واستقامتها واستجماعها ماينبغي لهاهَل تَري مِن فُطُورٍ أي شقوق وفتوق وقيل من وهي وخلل ثُمّ ارجِعِ البَصَرَ كَرّتَينِ أي ثم كرر النظر مرتين لأن من نظر في الشيء كره بعدأخري بأن له ما لم يكن بائنا وقيل المراد بالتثنية التكرير والتكثير كما في لبيك وسعديك ولذلك أجاب الأمر بقوله يَنقَلِب إِلَيكَ البَصَرُ خاسِئاً أي بعيدا عن إصابة المطلوب كأنه طرد عنه طردا بالصغاروَ هُوَ حَسِيرٌكليل من طول المعاودة وكثرة المراجعةوَ لَقَد زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ أي بكواكب مضيئة إضاءة السراج . واعلم أن هاهنا إشكالا مشهورا و هو أنه اتفق أصحاب الهيئة علي أنه ليس في السماء الأولي سوي القمر وسائر السيارات كل في فلك والثوابت كلها في الثامن والآية الكريمة تدل علي أن كلها أوأكثرها في السماء الدنيا وأجيب عنه بوجوه .الأول أن النسبة إليها أنه لماكانت تري منها فكانت زينة لها كما أن السراج المرئي خلف الزجاج زينة لها أولأنه بحسب الحس لما كان يتوهم أنه فيهافكأنه زينة لها و هذاالوجه و إن كان أوفق بأصولهم إلا أنه متضمن لتكلف كثير في الآيات .الثاني ماذكره الرازي في تفسيره و هو أنه لايبعد وجود كرة تحت كرة
صفحه : 75
القمر وتكون في البطء مساوية لكرة الثوابت وتكون الكواكب المركوزة فيما يقارن القطبين مركوزة في هذه الكرة السفلية إذ لايبعد وجود كرتين مختلفتين بالصغر والكبر مع كونهما متشابهتين في الحركة و علي هذاالتقدير لايمتنع أن تكون هذه المصابيح مركوزة في السماء الدنيا فثبت أن مذهب الفلاسفة في هذاالباب ضعيف انتهي . وأقول جملة القول في ذلك أن الحكماء أثبتوا أفلاكا تسعة لأنهم وجدوا أولا لجميع الكواكب حركة سريعة من المشرق إلي المغرب وهي التي بهايتحقق طلوعها وغروبها و بهايتحقق الليل والنهار وهي المسماة بالحركة اليومية وبالحركة الأولي وبحركة الكل فأثبتوا لها فلكا واحدا يشتمل علي الجميع ثم وجدوا لكل واحد من الكواكب السبعة المعروفة بالسيارة
صفحه : 76
حركة من المغرب إلي المشرق مخالفة لحركة آخر منها في السرعة والبطء فأثبتوا لكل واحدة منها فلكا ثم وجدوا لجميع الكواكب التي غيرالسبعة حركة واحدة غربية بطيئة جدا فأثبتوا لها فلكا علي حدة فحصلت تسعة أفلاك لتسعة حركات وهي المسماة بالأفلاك الكلية و أماترتيب السيارات فالمشهور أن القمر في الفلك ألذي هوأقرب إلينا ثم عطارد ثم الزهرة ثم الشمس ثم المريخ ثم المشتري ثم زحل ثم فلك الثوابت ثم الأطلس ألذي هو غيرمكوكب و ماورد في لسان الشرع بلفظ السماوات ينزلونها علي أفلاك السيارات وبلفظ الكرسي علي فلك البروج و هوالثامن وبلفظ العرش علي التاسع واستدلوا علي الترتيب المذكور بأن زحل يكسف بعض الثوابت فيكون تحتها وينكسف بالمشتري فيكون فوقه والمشتري ينكسف بالمريخ فهو فوقه و هذه الثلاثة تسمي علوية و أماكون الشمس تحتها فلأن لها اختلاف منظر دون العلوية و أماالزهرة وعطارد فلاجزم بكونهما تحت الشمس أوفوقها إذ لايكسفها غيرالقمر و لايدرك كسفها لشيء من الكواكب لاحتراقها عندمقارنتها و لايعرف لهما اختلاف منظر أيضا لأنهما لايبعدان عن الشمس كثيرا و لايصلان إلي نصف النهار والآلة التي يعرف بهااختلاف المنظر
صفحه : 77
إنما تنصب في سطح دائرة نصف النهار فحكموا بكونهما تحت الشمس استحسانا لتكون متوسطة بين الستة بمنزلة شمسة القلادة وأيدوا ذلك بمناسبات أخر وذكر الشيخ وبعض من تقدمه أنه رأي الزهرة كشامة علي وجه الشمس وبعضهم ادعي أنه رآها وعطارد كشامتين عليها وسميا سفليين لذلك والزهرة منها فوق عطارد لانكسافها به والقمر تحت الكل لانكساف الكل به . و أماخصوص عدد التسعة فجزم الأكثر بأنه لاأقل منها والمحقق الطوسي ره جوز كونها ثمانية حيث قال في التذكرة وإسناد إحدي الحركتين الأوليين إلي المجموع لا إلي فلك خاص به لم يكن ممتنعا لكنهم لم يذهبوا إلي ذلك و قال صاحب التحفة إني سمعت من الأستاذ أن جواز إسناد إحدي الأوليين إلي المجموع لا إلي فلك خاص بهامعلل بجواز اتصال نفس بالثمانية وأخري بالثامنة وتكون دوائر البروج والمنطقتان مفروضة علي محدب الثامنة فقلت فعلي هذايمكن أن تكون الأفلاك الكلية سبعة فقط بأن تفرض الثوابت مركوزة في ممثل زحل ودوائر البروج علي محدبة متحركة بالحركة السريعة دون البطيئة وتتعلق نفس واحدة بمجموع السبعة وتحركه الحركة الأولي ونفس أخري تعلقت بممثل زحل وحده وتحركه الحركة البطيئة ونفس الثانية تعلقت بخارجه وتحركه الحركة الخاصة وباقي الأفلاك الستة علي حالها فاستحسنه وأثني علي انتهي . و قال المحقق الدواني يجوز أن تكون الأفلاك الكلية اثنين بأن تفرض الأفلاك الخارجة المراكز كلها سوي خارج القمر في ثخن ممثل واحد بحيث لاتكون السطوح التي يثبتونها بين الممثلات إلا بين ذلك الممثل وممثل القمر فتنحصر الأفلاك الكلية فيهما انتهي هذا هوالكلام في جانب القلة و أما في جانب الكثرة فلاقطع لاحتمال أن يكون كل من الثوابت أو كل طائفة منها في فلك علي حدة و أن يكون أفلاكا كثيرة غيرمكوكبة هذا ماذكروه في هذاالباب ولنرجع إلي مايناسب الكتاب فنقول .
صفحه : 78
يمكن أن يكون أكثر الكواكب الثابتة وهي التي لم تكن في ممر السيارات في فلك من الأفلاك الجزئية للقمر مساوية حركته لحركة الثوابت فإنهم أثبتوا كلا من تلك الأفلاك الجزئية لدواع دعتهم إلي ذلك مع أنه تلزمهم علي ذلك إشكالات لم يمكنهم حلها فلامانع من إثبات فلك آخر لتصحيح ما في الآيات والأخبار بحيث لايخالف قواعدهم المبنية علي الظن والتخمين وبالقيد المذكور لامانع من جهة الانكساف أيضا.الثالث ماخطر بالبال القاصر و هو أن يكون جميع الأفلاك الثمانية التي أثبتوها لجميع الكواكب فلكا واحدا مسمي بالسماء الدنيا وتكون غيرها ستة سماوات أخر غيرمكوكبة كماأنهم يثبتون لكل من الكواكب أفلاكا كثيرة جزئية ويعدون الكل فلكا واحدا كليا فلاينافي شيئا من أصولهم وإنما يخالف مصطلحهم و لاعبرة بمخالفة الاصطلاح و قدذهب بعض قدماء الحكماء أيضا إلي أن الثوابت في فلك القمر قال بليناس الحكيم في كتاب علل الأشياء هي سبعة أفلاك بعضها في جوف بعض وصارت الأفلاك في كل منها كوكب غيرفلك القمر فإن الكواكب تبددت فيه وتقطعت لاختلاطها بكثرة الرياح الصاعدة إليه من قرب الأرض و قال في موضع آخر و أماسماء الدنيا فإنها تبددت كواكبها من قبل حبكها وتدرجها فتقلبت الكواكب فصارت متعلقة بتلك الدرج و قال عندذكر الملائكة سكان فلك القمر من الروحانيين كثيرة رحمتهم قليلة شرورهم متعطفين علي الحيوان مصلحين للنبات دائبين في مسرة بني آدم متصلين بهم فلاتصالهم ربما ظهروا لهم وكلموهم بلا هيبة منهم بالرحمة لهم وبألفة وهم مسلطون علي السماء يحرسون السماء من شيطانك وولده أن يسترقوا السمع من الملائكة الأعلين الروحانيين المتصلين بفلك الشمس و إن الروحانيين الموكلين بالشمس إذاطلعت الشمس من مشرقها كان عندهم الأحداث التي تحدث في العالم في ذلك اليوم كله فشيطانك وولده يسترقون ماأوحي إلي أولئك الملائكة فالملائكة الذين في فلك القمر يجملون النجوم حتي يصير نارا ثم يرجمونهم بها
صفحه : 79
فيهربون منها إلي آخر ما قال .الرابع أن يكون المراد بالكواكب في الآية الكريمة الشهب المنقضة قريبا منها و لماكانت تري حسا علي سطح السماء فهي زينة لها وتؤيده تتمة الآية كماستعرف .الخامس أن يكون المراد بالدنيا الدنو من الناحية العليا والعرش الأعلي فالمراد بهاالفلك الثامن علي سياق قوله تعالي دَنا فَتَدَلّي فإن ترتيب الأفلاك قديبتدأ مما يلينا فيكون فلك القمر أولها وأدناها و قديبتدأ به من الجانب الأعلي ففلك الثوابت أول الأفلاك المكوكبة وأدناها من العرش ويرد عليه أن في لسان الشرع يعبر عنه بالكرسي كمامروَ جَعَلناها رُجُوماً لِلشّياطِينِ قال البيضاوي وجعلنا لها فائدة أخري هي رجم أعدائكم بانقضاض الشهب المسببة عنها وقيل معناها رجوما وظنونا لشياطين الإنس وهم المنجمون فالرجوم جمع رجم بالفتح و هومصدر سمي به مايرجم به وَ أَعتَدنا لَهُم عَذابَ السّعِيرِ في الآخرة بعدالإحراق بالشهب في الدنيا انتهي وأقول علي الاحتمال الرابع لاتحتاج إلي تكلف في ذلك .وَ انشَقّتِ السّماءُ قال الرازي لنزول الملائكةفهَيَِ يَومَئِذٍ واهِيَةٌ أي مسترخية ساقطة القوةكَالعِهنِ المَنفُوشِ بعد ماكانت محكمة شديدةكَالمُهلِقيل كدردي الزيت وقيل كعكر القطران سَبعَ سَماواتٍ طِباقاً قال الرازي هذايقتضي كون بعضها مطبقا علي البعض و هذايقتضي أن لا يكون هاهنا فرج فالملائكة كيف يسكنون والجواب أن الملائكة أرواح وأيضا
صفحه : 80
المراد من كونها طباقا كونها موازية لاأنها متماسةوَ جَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُوراً قال البيضاوي أي في السماوات و هو في السماء الدنيا وإنما نسب إليهن لمابينهن من الملابسةوَ جَعَلَ الشّمسَ سِراجاًمثلها به لأنها تزيل ظلمة الليل عن وجه الأرض كمايزيلها السراج عما حوله وَ أَنّا لَمَسنَا السّماءَ أي طلبنا بلوغ السماء أوخبرها واللمس مستعار من المس للطلب كالجس حَرَساً أي حراسا اسم جمع كالخدم شَدِيداًقويا وهم الملائكة الذين يمنعونهم عنهاوَ شُهُباًجمع شهاب و هوالمضيء المتولد من الناروَ أَنّا كُنّا نَقعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسّمعِ أي مقاعد خالية عن الحرس والشهب أوصالحة للرصد والاستماع ولِلسّمعِصلة لنقعد أوصفة لمقاعدشِهاباً رَصَداً أي شهابا راصدا له ولأجله يمنعه عن الاستماع بالرجم أوذوي شهاب راصدين علي أنه اسم جمع للراصد.طُمِسَت أي محقت وأذهب نورهافُرِجَت أي شقت سَبعاً شِداداً أي سبع سماوات أقوياء محكمات لايؤثر فيهامرور الدهوروَ جَعَلنا سِراجاً وَهّاجاًمتلألئا وقادا أوبالغا في الحرارة والمراد الشمس وَ إِذَا النّجُومُ انكَدَرَت أي انقضت أوأظلمت وَ إِذَا السّماءُ كُشِطَت أي قلعت وأزيلت كمايكشط الإهاب عن الذبيحةفَلا أُقسِمُ بِالخُنّسِ الجَوارِ الكُنّسِ قال الرازي فيه قولان الأول و هوالمشهور الظاهر أنها النجوم الخنس جمع خانس والخنوس الانقباض والاستخفاء تقول خنس بين القوم وانخنس والكنس جمع كانس وكانسة يقال كنس إذادخل الكناس و هومقر الوحش يقال كنست الظباء في كناسها وتكنست المرأة إذادخلت هودجها تشبه بالظبي إذادخل الكناس ثم اختلفوا في خنوس النجوم وكنوسها علي ثلاثة أوجه فالقول الأظهر أن ذلك إشارة إلي رجوع الكواكب الخمسة السيارة واستقامتها فرجوعها هوالخنوس وكنوسها اختفاؤها تحت ضوء الشمس و لاشك أن هذه حالة عجيبة و فيهاأسرار عظيمة
صفحه : 81
باهرة وَ القَولُ الثاّنيِ مَا روُيَِ عَن عَلِيّ ع وَ غَيرِهِ أَنّهَا هيَِ جَمِيعُ الكَوَاكِبِ
وخنوسها عبارة عن غيبوبتها عن البصر في النهار وكنوسها عن ظهورها للبصر في الليل أي تظهر في أماكنها كالوحش في كنسها والقول الثالث أن السبعة السيارة تختلف مطالعها ومغاربها علي ما قال تعالي بِرَبّ المَشارِقِ وَ المَغارِبِ و لاشك أن فيهامطلعا واحدا ومغربا واحدا هما أقرب المطالع والمغارب إلي سمت رأسنا ثم إنها تأخذ في التباعد من ذلك المطلع إلي سائر المطالع طول السنة ثم ترجع إليها فخنوسها عبارة عن تباعدها عن ذلك المطلع وكنوسها عبارة عن عودها إليه فعلي القول الأول يكون القسم واقعا بالخمسة المتحيرة و علي الثاني بجميع الكواكب و علي الثالث بالسبعة السيارة. والقول الثاني أنها بقر الوحش و قال ابن جبير هي الظباء و علي هذاالخنس من الخنس في الأنف و هوتقعير فيه فإن البقر والظباء أنوفها علي هذه الصفة والكنس جمع كانس وهي التي تدخل الكناس والقول هوالأول لأنه أنسب بما بعده ولأن محل قسم الله كلما كان أعظم وأعلي رتبة كان أولي انتهي . وأقول الخمسة المتحيرة هي ماخلا الشمس والقمر من السبعة السيارة وإنما سميت متحيرة لكونها في حركاتها الخاصة تارة مستقيمة تري متحركة من المغرب إلي المشرق وتارة واقفة وتارة راجعة كالمتحير في أمره ولذا أثبتوا لها تداوير لظنهم عدم الاختلاف في حركات فلك واحد. قوله تعالي إِذَا السّماءُ انفَطَرَت قال الرازي أي انشقت وَ إِذَا الكَواكِبُ انتَثَرَتإذ عندانتقاض تركيب السماء لابد من انتشار الكواكب علي تخوم الأرض والفلاسفة ينكرون إمكان الخرق والالتئام علي الأفلاك ودليلنا علي
صفحه : 82
إمكان ذلك أن الأجسام متماثلة في كونها أجساما فوجب أن يصح علي كل واحد منها مايصح علي الآخر وإنما قلنا إنها متماثلة لأنه يصح تقسيمها إلي السماويات والأرضيات ومورد التقسيم مشترك بين القسمين فالعلويات والسفليات مشتركة في أنها أجسام وإنما قلنا إنه متي كان كذلك وجب أن يصح علي العلويات مايصح علي السفليات لأن المتماثلات حكمها واحد فما صح حكمه علي كل واحد منها وجب أن يصح علي الباقي و قال في قوله سبحانه إِذَا السّماءُ انشَقّت قدمر شرحه في مواضع
وَ عَن عَلِيّ ع أَنّهَا تَنشَقّ مِنَ المَجَرّةِ
وَ أَذِنَت لِرَبّها أي استمعت له والمعني أنه لم يوجد في جرم السماء مايمنع من تأثير قدرة الله في شقها وتفريق أجزائها فكانت في قبول ذلك التأثير كالعبد الطائع ألذي إذاولي عليه الأمر من جهة المالك أنصت له وأذعن و لم يمتنع فكذلك قوله قالَتا أَتَينا طائِعِينَيدل علي نفوذ القدرة في الإيجاد والإبداع من غيرمانع أصلا كما أن قوله هاهناوَ أَذِنَت لِرَبّهايدل علي نفوذ القدرة في التفريق والإعدام والإفناء من غيرممانعة أصلا و أما قوله وَ حُقّتفهو من قولك هومحقوق بكذا وحقيق به يعني وهي حقيقة بأن تنقاد و لاتمتنع و ذلك لأنه جسم و كل جسم ممكن لذاته و كل ممكن لذاته فإن الوجود والعدم بالنسبة إليه علي السوية و كل ما كان كذلك فإن ترجيح عدمه علي وجوده لابد و أن يكون بتأثير واجب الوجود وترجيحه فيكون تأثير قدرته في إيجاده وإعدامه نافذا ساريا من غيرممانعة أصلا و أماالممكن فليس له إلاالقبول والاستعداد ومثل هذاالشيء حقيق به أن يكون قابلا للوجود تارة وللعدم أخري من واجب الوجود و قال
صفحه : 83
في قوله تعالي وَ السّماءِ ذاتِ البُرُوجِثلاثة أقوال أحدها أنها هي البروج الاثنا عشر وإنما حسن القسم بها لما فيها من عجيب الحكمة و ذلك لأن سير الشمس فيها و لاشك أن مصالح العالم السفلي مرتبطة بسير الشمس فدل ذلك علي أن لها صانعا حكيما وثانيها أن البروج هي منازل القمر وإنما حسن القسم بها لما في سير القمر وحركته من الآثار العجيبة وثالثها أن البروج هي عظام الكواكب سميت بروجا لظهورها انتهي . وأقول في بعض الأخبار تأويل السماء بسيد الأنبياءص والبروج بالأئمة الاثني عشر ع .وَ السّماءِ وَ الطّارِقِ قال الرازي أماالطارق فهو كل ماأتاك ليلا سواء كان كوكبا أوغيره وَ ما أَدراكَ مَا الطّارِقُ قال سفيان بن عيينة كل شيء في القرآن ما أَدراكَفقد أخبر الرسول ص به و كل شيء فيه ما يُدرِيكَ لم يخبر به كقوله وَ ما يُدرِيكَ لَعَلّ السّاعَةَ قَرِيبٌ ثم قال النّجمُ الثّاقِبُ أي هوطارق رفيع الشأن و هوالنجم ألذي يهتدي به في ظلمات البر والبحر ويوقف به علي أوقات الأمطار ووصف بكونه ثاقبا لوجوه أحدها أنه يثقب الظلام بضوء ينفذ فيه وثانيها أنه يطلع من المشرق نافذا في الهواء كالشيء ألذي يثقب الشيء وثالثها أنه ألذي يرمي به الشيطان فيثقبه أي ينفذ فيه ويحرقه ورابعها قال الفراء هوالنجم المرتفع علي النجوم والعرب تقول للطائر إذالحق ببطن السماء ارتفاعا قدثقب واختلفوا في النجم قال بعضهم أشير به إلي جماعة النجوم كماقيل إِنّ الإِنسانَ لفَيِ خُسرٍ و قال آخرون إنه نجم بعينه قال ابن زيد إنه الثريا و قال الفراء إنه زحل لأنه يثقب بنوره سمك سبع سماوات و قال آخرون إنه الشهب التي ترجم بهاالشياطين لقوله تعالي فَأَتبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ
صفحه : 84
وَ السّماءِ ذاتِ الرّجعِ قال الطبرسي ره أي ذات المطر عن أكثر المفسرين وقيل يعني بالرجع شمسها وقمرها ونجومها تغيب ثم تطلع وقيل رجع السماء إعطاؤها الخير ألذي يكون من جهتها حالا بعدحال علي مرور الأزمان فترجع بالغيث وأرزاق العباد و غير ذلك انتهي . وأقول لايبعد أن يكون إشارة إلي رجوع المتحيرة كماعرفت .وَ إِلَي السّماءِ كَيفَ رُفِعَت أي رفعا بعيد المدي بلا إمساك وبغير عمدوَ ما بَناها أي و من بناها.تذييل قال الرازي اعلم أن منافع النجوم كثيرة منها أنه زين الله السماء بها ومنها أنه يحصل بسببها في الليل قدر من الضوء ولذلك فإنه إذاتكاثفت السحاب في الليل عظمت الظلمة و ذلك بسبب أن السحاب يحجب أنوارها ومنها أنه يحصل بسببها تفاوت في أحوال الفصول الأربعة فإنها أجسام عظيمة نورانية فإذاقاربت الشمس كوكبا مسخنا في الصيف صار أقوي حرا وهي مثل نار تضم إلي نار أخري فإنه لاشك أنه يكون الأثر الحاصل من المجموع أقوي ومنها أنه تعالي جعلها علامات يهتدي بها في ظلمات البر والبحر علي ما قال تعالي وَ عَلاماتٍ وَ بِالنّجمِ هُم يَهتَدُونَ ومنها أنه تعالي جعلها رجوما للشياطين الذين يخرجون الناس من نور الإيمان إلي ظلمة الكفر يروي أن السبب في ذلك أن الجن كانت تسمع بخبر السماء فلما بعث محمدص حرست السماء ورصدت الشياطين فمن جاء منهم مسترقا للسمع رمي بشهاب فأحرقه لئلا ينزل به إلي الأرض فيلقيه إلي الناس فيخلط علي النبي أمره ويرتاب الناس بخبره و هذا هوالسبب في انقضاض الشهب فهذا هوالمراد من قوله تعالي وَ جَعَلناها رُجُوماً لِلشّياطِينِ و من الناس من طعن في هذا من وجوه .
صفحه : 85
أحدها أن انقضاض الكواكب مذكور في كتب قدماء الفلاسفة قالوا إن الأرض إذاسخنت بالشمس ارتفع منها بخار يابس فإذابلغ النار التي دون الفلك احترق بهافتلك الشعلة هي الشهاب . وثانيها أن هؤلاء الجن كيف يجوز أن يشاهدوا واحدا وألفا من جنسهم يسترقون السمع فيحترقون ثم إنه مع ذلك يعودون لمثل صفتهم فإن العاقل إذارأي الهلاك في شيءمرة ومرارا امتنع أن يعود إليه من غيرفائدة. وثالثها أنه يقال في ثخن السماء مسيرة خمسمائة عام فهؤلاء الجن إن نفذوا في جرم السماء وخرقوا اتصاله فهذا باطل لأنه تعالي نفي أن يكون فيهافطور علي ما قال فَارجِعِ البَصَرَ هَل تَري مِن فُطُورٍ و إن كانوا لاينفذون في جرم السماء فكيف يمكنهم أن يسمعوا أسرار الملائكة من ذلك البعد العظيم فلم لايسمعون كلام الملائكة حال كونهم في الأرض . ورابعها أن الملائكة إنما اطلعوا علي الأحوال المستقبلة إما لأنهم طالعوها من اللوح المحفوظ أولأنهم يتلقونها من وحي الله تعالي إليهم و علي التقديرين فلم لايمسكون عن ذكرها حتي لايتمكن الجن من الوقوف عليها. وخامسها أن الشياطين مخلوقون من النار والنار لاتحرق النار بل تقويها فكيف يحتمل أن يقال الشيطان زجر من استراق السمع بهذه الشهب . وسادسها أنه إن كان هذاالقذف لأجل النبوة فلم دام بعدوفاة الرسول ص . وسابعها أن هذه الرجوم إنما تحدث بالقرب من الأرض بدليل أنانشاهد حركاتها بالغة و لوكانت قريبة من الفلك لماشاهدنا حركاتها كما لم نشاهد
صفحه : 86
حركات الكواكب و إذاثبت أن هذه الشهب إنما تحدث بالقرب من الأرض فكيف يقال إنها تمنع الشياطين من الوصول إلي الفلك . وثامنها أن هؤلاء الشياطين لو كان يمكنهم أن ينقلوا أخبار الملائكة من المغيبات إلي الكهنة فلم لاينقلون أسرار المؤمنين إلي الكفار حتي يتوسل الكفار بواسطة وقوفهم علي أسرارهم إلي إلحاق الضرر بهم . وتاسعها لم لم يمنعهم الله ابتداء من الصعود إلي السماء حتي لايحتاج في دفعهم عن السماء إلي هذه الشهب . والجواب عن السؤال الأول أنا لاننكر أن هذه الشهب كانت موجودة قبل مبعث النبي ص و قديوجد بسبب آخر و هودفع الجن وزجرهم يُروَي أَنّهُ قِيلَ للِزهّريِّ أَ كَانَ يُرمَي فِي الجَاهِلِيّةِ قَالَ نَعَم قَالَ أَ فَرَأَيتَ قَولَهُ تَعَالَيأَنّا كُنّا نَقعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسّمعِ فَمَن يَستَمِعِ الآنَ يَجِد لَهُ شِهاباً رَصَداً قَالَ غَلُظَت وَ شُدّدَ أَمرُهَا حِينَ بُعِثَ النّبِيّص
. والجواب عن السؤال الثاني أنه إذاجاء القدر عمي البصر فإذاقضي الله علي طائفة منهم الحرق لطغيانها وضلالها قيض لها من الدواعي المطمعة في درك المقصود ماعندها يقدم علي العمل المفضي إلي الهلاك والبوار. والجواب عن السؤال الثالث أن البعد بين الأرض والسماء مسيرة خمسمائة عام فأما ثخن الفلك فلعله لا يكون عظيما. والجواب عن السؤال الرابع
مَا رَوَي الزهّريِّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَبَينَا رَسُولُ اللّهِص جَالِساً فِي نَفَرٍ مِن أَصحَابِهِ إِذ رمُيَِ بِنَجمٍ فَاستَنَارَ فَقَالَ مَا كُنتُم تَقُولُونَ فِي الجَاهِلِيّةِ إِذَا حَدَثَ مِثلُ هَذَا قَالُوا كُنّا نَقُولُ يُولَدُ عَظِيمٌ أَو يَمُوتُ عَظِيمٌ قَالَ النّبِيّص فَإِنّهَا لَا تُرمَي لِمَوتِ أَحَدٍ وَ لَا لِحَيَاتِهِ وَ لَكِنّ رَبّنَا تَعَالَي إِذَا قَضَي الأَمرَ فِي السّمَاءِ سَبّحَت حَمَلَةُ
صفحه : 87
العَرشِ ثُمّ سَبّحَ أَهلُ السّمَاءِ وَ سَبّحَ كُلّ سَمَاءٍ حَتّي ينَتهَيَِ التّسبِيحُ إِلَي هَذِهِ السّمَاءِ وَ يَستَخبِرُ أَهلُ السّمَاءِ حَمَلَةَ العَرشِ مَا ذَا قَالَ رَبّكُم فَيُخبِرُونَهُم وَ لَا يَزَالُ ينَتهَيِ ذَلِكَ الخَبَرُ مِن سَمَاءٍ إِلَي سَمَاءٍ إِلَي أَن ينَتهَيَِ الخَبَرُ إِلَي هَذِهِ السّمَاءِ وَ يَتَخَطّفُ الجِنّ فَيُرمَونَ فَمَا جَاءُوا بِهِ فَهُوَ حَقّ وَ لَكِنّهُم يَزِيدُونَ فِيهِ
. والجواب عن السؤال الخامس أن النار قدتكون أقوي من نار أخري فالأقوي تبطل الأضعف . والجواب عن السؤال السادس أنه إنما دام لأنه ص أخبر ببطلان الكهانة فلو لم يدم هذاالقذف لعادت الكهانة و ذلك يقدح في خبر الرسول ص عن بطلان الكهانة. والجواب عن السؤال السابع أن البعد علي مذهبنا غيرمانع من السماع فلعله تعالي أجري عادته بأنهم إذاوقعوا في تلك المواضع سمعوا كلام الملائكة. والجواب عن السؤال الثامن لعله تعالي أقدرهم علي استماع الغيوب عن الملائكة وأعجزهم عن إيصال أسرار المؤمنين إلي الكافرين . والجواب عن السؤال التاسع أنه تعالي يَفعَلُ ما يَشاءُ ويَحكُمُ ما يُرِيدُفهذا مايتعلق بهذا الباب علي سبيل الاختصار انتهي .
صفحه : 88
وأقول الأصوب في الجواب عن الثالث أن يقال قدظهر أن للسماء أبوابا يصعد منها الملائكة وصعد منها نبيناص وعيسي وإدريس ع بل أجساد سائر الأنبياء والأوصياء بعدوفاتهم علي قول و قدورد في الأخبار أن الجن كانوا يصعدون قبل عيسي ع إلي ماتحت العرش و بعدبعثته كانوا يصعدون إلي الرابعة و بعدبعثة النبي ص منعوا عن صعود السماء مطلقا بالشهب فصعودهم إما من أبوابها أولكونهم أجساما لطيفة يمكنهم النفوذ في جرمها ولعل المراد بالفطور فيها أن تري فيهاشقوق وثقب أوتنهدم وتنحل أجزاؤها فلاإشكال في ذلك
1- العِلَلُ، وَ العُيُونُ، وَ الخِصَالُ، فِي خَبَرِ الشاّميِّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ سَأَلَهُ مِمّ خُلِقَ السّمَاوَاتُ قَالَ مِن بُخَارِ المَاءِ وَ سَأَلَهُ عَن سَمَاءِ الدّنيَا مِمّا هيَِ قَالَ مِن مَوجٍ مَكفُوفٍ وَ سَأَلَهُ كَم طُولُ الكَوَاكِبِ وَ عَرضُهُ قَالَ اثنَا عَشَرَ فَرسَخاً فِي اثنيَ عَشَرَ فَرسَخاً وَ سَأَلَهُ عَن أَلوَانِ السّمَاوَاتِ السّبعِ وَ أَسمَائِهَا فَقَالَ لَهُ اسمُ السّمَاءِ الدّنيَا رَفِيعٌ وَ هيَِ مِن مَاءٍ وَ دُخَانٍ وَ اسمُ السّمَاءِ الثّانِيَةِ قَيدُومٌ وَ هيَِ عَلَي لَونِ النّحَاسِ وَ السّمَاءُ الثّالِثَةُ اسمُهَا المَارُومُ وَ هيَِ عَلَي لَونِ الشّبَهِ وَ السّمَاءُ الرّابِعَةُ اسمُهَا أرفلون وَ هيَِ عَلَي لَونِ الفِضّةِ وَ السّمَاءُ الخَامِسَةُ اسمُهَا هيعون وَ هيَِ عَلَي لَونِ الذّهَبِ وَ السّمَاءُ السّادِسَةُ اسمُهَا عَرُوسٌ وَ هيَِ يَاقُوتَةٌ خَضرَاءُ وَ السّمَاءُ السّابِعَةُ اسمُهَا عَجمَاءُ وَ هيَِ دُرّةٌ بَيضَاءُ الخَبَرَ
بيان من موج مكفوف أي من جسم مواج ممنوع من السيلان بقدرته سبحانه أوبأن أجمدها بعد ماكانت سيالة ويحتمل أن يكون كناية عن كونها مخلوقة من جسم لطيف قداستقر في محله و لاينزل و لايسيل أوموجها كناية عن تلألؤ الكواكب فيهابناء علي أنها فيها ويمكن أن يكون المقدار المذكور للكوكب لأصغر الكواكب التي في المجرة إذ المرصودة منها علي المشهور أكبر من ذلك بكثير بل ماسوي القمر والسفليين أكبر من الأرض بأضعافها و
صفحه : 89
قدأول بعض السالكين مسالك الفلاسفة اختلاف الألوان الوارد في هذاالخبر باختلاف أنواعها وطبائعها فإنهم يقولون ليس للسماوات لون كماستعرف إن شاء الله وذكر السيد الداماد ره لتقدير الكواكب تأويلا غريبا أوردته في مقام آخر و إن كانت أقوالهم في أمثال ذلك لم تورث إلاظنا
2- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَمّا أسُريَِ بيِ إِلَي السّمَاءِ رَأَيتُ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ بِحَاراً مِن نُورٍ يَتَلَألَأُ يَكَادُ تَلَألُؤُهَا يَخطَفُ بِالأَبصَارِ وَ فِيهَا بِحَارٌ مِن ظُلمَةٍ وَ بِحَارُ ثَلجٍ تَرعَدُ الخَبَرَ
بيان ترعد أي يظهر منها صوت الرعد أو علي بناء المجهول أي تضطرب
3- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الكلُيَنيِّ عَن عَلّانَ رَفَعَهُ قَالَ سَأَلَ يهَوُديِّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع لِمَ سُمّيَتِ السّمَاءُ سَمَاءً قَالَ لِأَنّهَا وَسمُ المَاءِ يعَنيِ مَعدِنَ المَاءِ الخَبَرَ
بيان فسر الوسم بالمعدن لأن معدن كل شيءعلامة حصوله ولعله مبني علي الاشتقاق الكبير لأن الوسم من معتل الفاء والسماء علي المشهور من معتل اللام من السمو و هوالرفعة أو هو علي القلب كما أن الاسم أيضا من السمو
4- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ النّضرِ عَن مُحَمّدِ بنِ مَروَانَ عَن جَرِيرٍ عَنِ الضّحّاكِ بنِ مُزَاحِمٍ قَالَ سُئِلَ عَلِيّ ع عَنِ الطّارِقِ قَالَ هُوَ أَحسَنُ نَجمٍ فِي السّمَاءِ وَ لَيسَ يَعرِفُهُ النّاسُ وَ إِنّمَا سمُيَّ الطّارِقَ لِأَنّهُ يَطرُقُ نُورُهُ سَمَاءً سَمَاءً إِلَي سَبعِ سَمَاوَاتٍ ثُمّ يَطرُقُ رَاجِعاً حَتّي يَرجِعَ إِلَي مَكَانِهِ
صفحه : 90
5- الإِحتِجَاجُ، عَنِ الأَصبَغِ قَالَ سَأَلَ ابنُ الكَوّاءِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ المَجَرّةِ التّيِ تَكُونُ فِي السّمَاءِ قَالَ هيَِ شَرَجُ السّمَاءِ وَ أَمَانٌ لِأَهلِ الأَرضِ مِنَ الغَرَقِ وَ مِنهُ أَغرَقَ اللّهُ قَومَ نُوحٍبِماءٍ مُنهَمِرٍالخَبَرَ
بيان الشرج اسم للمجرة ولعلهم شبهوها بالعري التي في الكيس والعيبة تشد بها أوبمجري الماء لأنها مجراه حقيقة كما في الخبر أولأنها شبيهة بالنهر في وسط الوادي قال الفيروزآبادي الشرج محركة العري ومنفسخ الوادي ومجرة السماء وانشقاق في القوس والشرج الفرقة ومسيل ماء من الجرة إلي السهل وشد الخريطة و قال الجوهري شرج العيبة بالتحريك عراها و قدأشرجت العيبة إذاداخلت بين أشراجها ومجرة السماء تسمي شرجا
6- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي خَبَرِ إِدرِيسَ ع أَنّهُ قَالَ مَلَكُ المَوتِ غِلَظُ السّمَاءِ الرّابِعَةِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ مِنَ السّمَاءِ الرّابِعَةِ إِلَي السّمَاءِ الثّالِثَةِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ مِنَ السّمَاءِ الثّالِثَةِ إِلَي الثّانِيَةِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ كُلّ سَمَاءٍ وَ مَا بَينَهُمَا كَذَلِكَ الخَبَرَ
7- العِلَلُ، فِي خَبَرِ يَزِيدَ بنِ سَلّامٍ أَنّهُ سَأَلَ النّبِيّص مَا بَالُ النّجُومِ تَستَبِينُ صِغَاراً وَ كِبَاراً وَ مِقدَارُ النّجُومِ كُلّهَا سَوَاءٌ قَالَ لِأَنّ بَينَهَا وَ بَينَ سَمَاءِ الدّنيَا بِحَاراً يَضرِبُ الرّيحُ أَموَاجَهَا فَلِذَلِكَ تَستَبِينُ صِغَاراً وَ كِبَاراً وَ مِقدَارُ النّجُومِ كُلّهَا سَوَاءٌ الخَبَرَ
صفحه : 91
بيان لعل غرض السائل السؤال عن علة كون النجم الواحد يري في بعض الأحيان أصغر و في بعضها أكبر مع أن مقداره في جميع الأحوال واحد كما أن كلا من الشمس والقمر إذا كان عندالأفق أوقريبا منه يري أكبر منه إذا كان في قريب سمت الرأس لكثرة الأبخرة وانعطاف الأشعة البصرية عندوصولها إلي الملإ الغليظ كما بين في علم المناظر ويحتمل أن تكون البحار كناية عن الأبخرة
8- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ وَ يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع هَذِهِ النّجُومُ التّيِ فِي السّمَاءِ مَدَائِنُ مِثلُ المَدَائِنِ التّيِ فِي الأَرضِ مَربُوطَةٌ كُلّ مَدِينَةٍ إِلَي عَمُودٍ مِن نُورٍ طُولُ ذَلِكَ العَمُودِ فِي السّمَاءِ مَسِيرَةُ مِائَتَينِ وَ خَمسِينَ سَنَةً
أقول سيجيء خبر الحسين بن خالد عن الرضا ع في باب صفة الأرضين
9- التّوحِيدُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأشَعرَيِّ عَنِ السيّاّريِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ حَمّادٍ عَن جَمِيلٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع هَل فِي السّمَاءِ بِحَارٌ قَالَ نَعَم أخَبرَنَيِ أَبِي عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ فِي السّمَاوَاتِ السّبعِ لَبِحَاراً عُمقُ أَحَدِهَا مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ الخَبَرَ
10- مُنتَخَبُ البَصَائِرِ، عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ عَن عَلِيّ بنِ الرّيّانِ عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ عَبدِ اللّهِ الدّهقَانِ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّ لِلّهِ خَلفَ هَذِهِ النّطَاقِ زَبَرجَدَةً خَضرَاءَ مِنهَا اخضَرّتِ السّمَاءُ قُلتُ وَ مَا النّطَاقُ قَالَ الحِجَابُ وَ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ وَرَاءَ ذَلِكَ سَبعُونَ أَلفَ عَالَمٍ أَكثَرَ مِن عَدَدِ الجِنّ وَ الإِنسِ وَ كُلّهُم يَلعَنُ فُلَاناً وَ فُلَاناً
11-إِرشَادُ المُفِيدِ،رَوَي أَبُو بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ أَنّهُ
صفحه : 92
قَالَ إِذَا قَامَ القَائِمُ ع سَارَ إِلَي الكُوفَةِ فَهَدَمَ بِهَا أَربَعَةَ مَسَاجِدَ وَ لَم يَبقَ مَسجِدٌ عَلَي أَهلِ الأَرضِ لَهُ شُرَفٌ إِلّا هَدَمَهَا وَ جَعَلَهَا جَمّاءَ وَ وَسّعَ الطّرِيقَ الأَعظَمَ وَ كَسّرَ كُلّ جَنَاحٍ خَارِجٍ عَنِ الطّرِيقِ وَ أَبطَلَ الكُنُفَ وَ المَيَازِيبَ إِلَي الطّرُقَاتِ وَ لَا يَترُكُ بِدعَةً إِلّا أَزَالَهَا وَ لَا سُنّةً إِلّا أَقَامَهَا وَ يَفتَتِحُ قُسطَنطَنِيّةَ وَ الصّينَ وَ جِبَالَ الدّيلَمِ فَيَمكُثُ عَلَي ذَلِكَ سَبعَ سِنِينَ مِقدَارُ كُلّ سَنَةٍ عَشرُ سِنِينَ مِن سِنِيكُم هَذِهِ ثُمّ يَفعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ قَالَ قُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ فَكَيفَ تَطُولُ السّنُونَ قَالَ يَأمُرُ اللّهُ تَعَالَي الفَلَكَ بِاللّبُوثِ وَ قِلّةِ الحَرَكَةِ فَتَطُولُ الأَيّامُ لِذَلِكَ وَ السّنُونَ قَالَ قُلتُ لَهُ إِنّهُم يَقُولُونَ إِنّ الفَلَكَ إِن تَغَيّرَ فَسَدَ قَالَ ذَلِكَ قَولُ الزّنَادِقَةِ فَأَمّا المُسلِمُونَ فَلَا سَبِيلَ لَهُم إِلَي ذَلِكَ وَ قَد شَقّ اللّهُ القَمَرَ لِنَبِيّهِص وَ رَدّ الشّمسَ مِن قَبلِهِ لِيُوشَعَ بنِ نُونٍ وَ أَخبَرَ بِطُولِ يَومِ القِيَامَةِ وَ أَنّهُكَأَلفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ
12- كِتَابُ النّجُومِ،رَوَي ابنُ جُمهُورٍ العمَيّّ فِي كِتَابِ الوَاحِدَةِ فِي أَوَائِلِ أَخبَارِ مَولَانَا الحَسَنِ بنِ عَلِيّ ع مِن خُطبَةٍ لَهُ فِي صِفَةِ النّجُومِ مَا هَذَا لَفظُهُ ثُمّ أَجرَي فِي السّمَاءِ مَصَابِيحَ ضَوؤُهَا فِي مَفتَحِهِ وَ حَارَثَهَا بِهَا وَ جَالَ شِهَابُهَا مِن نُجُومِهَا الدرّاَريِّ المُضِيئَةِ التّيِ لَو لَا ضَوؤُهَا مَا أُنفِذَت أَبصَارُ العِبَادِ فِي ظُلَمِ اللّيلِ المُظلِمِ بِأَهوَالِهِ المُدلَهِمّ بِحَنَادِسِهِ وَ جَعَلَ فِيهَا أَدِلّةً عَلَي مِنهَاجِ السّبُلِ لِمَا أَحوَجَ إِلَيهِ الخَلِيقَةُ مِنَ الِانتِقَالِ وَ التّحَوّلِ وَ الإِقبَالِ وَ الإِدبَارِ
13- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ الثقّفَيِّ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي عِمرَانَ الكنِديِّ قَالَسَأَلَ ابنُ الكَوّاءِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَن قَولِهِ تَعَالَيوَ السّماءِ ذاتِ الحُبُكِ قَالَ ذَاتِ الخَلقِ الحَسَنِ قَالَ فَمَا المَجَرّةُ قَالَ يَا وَيلَكَ سَل تَفَقّهاً وَ لَا تَسأَل
صفحه : 93
تَعَنّتاً يَا وَيلَكَ سَل عَمّا يَعنِيكَ قَالَ فَوَ اللّهِ إِنّ مَا سَأَلتُكَ عَنهُ ليَعَنيِنيِ قَالَ إِنّهَا شَرَجُ السّمَاءِ وَ مِنهَا فُتِحَتِ السّمَاءُبِماءٍ مُنهَمِرٍزَمَنَ الغَرَقِ عَلَي قَومِ نُوحٍ ع قَالَ فَكَم بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ قَالَ مَدّ البَصَرِ وَ دَعوَةٌ بِذِكرِ اللّهِ فَيَسمَعُ لَا نَقُولُ غَيرَ ذَلِكَ
بيان لانقول غير ذلك أي لانخبر الخلق بمقدار ذلك إذ لامصلحة لهم في ذلك فيدل علي أن التفكر في أمثال ذلك ممنوع منه و ليس كماتزعمه الفلاسفة أنها كمال النفس و لابد للإنسان في تحصيل السعادات الأبدية من النظر فيها
14- الغَارَاتُ،بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ قَالَ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع كَم بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ قَالَ مَدّ البَصَرِ وَ دَعوَةُ المَظلُومِ وَ سُئِلَ كَم بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ قَالَ يَومٌ طَرّادُ الشّمسِ وَ سُئِلَ عَنِ المَجَرّةِ فَقَالَ أَبوَابُ السّمَاءِ فَتَحَهَا اللّهُ عَلَي قَومِ نُوحٍ ثُمّ أَغلَقَهَا فَلَم يَفتَحهَا وَ سُئِلَ عَنِ القَوسِ فَقَالَ أَمَانُ الأَرضِ كُلّهَا مِنَ الغَرَقِ إِذَا رَأَوا ذَلِكَ فِي السّمَاءِ الخَبَرَ
بيان يوم طراد أي تام أوقصير أو يوم يجري فيه الشمس قال في القاموس الطريد من الأيام الطويل كالطراد والطريدان الليل والنهار وككتاب رمح قصير ومطاردة الأقران حمل بعضهم علي بعض وهم فرسان الطراد واطرد الأمر تبع بعضه بعضا وجري انتهي واعلم أن الحكماء اختلفوا في المجرة فقيل احتراق حدث من الشمس في تلك الدائرة في بعض الأزمان السالفة وأورد عليه أنه مخالف لقواعدهم التي منها عدم كون الشمس موصوفة بالحرارة
صفحه : 94
والإحراق ومنها عدم كون الفلك قابلا للتأثر وقيل بخار دخاني واقع في الهواء وأورد عليه بأنه لو كان كذلك لكان يختلف في الصيف والشتاء وقيل هي كواكب صغار متقاربة متشابكة لاتتمايز حسا بل هي لشدة تكاثفها وصغرها صارت كأنها لطخات سحابية و هذاأقرب الوجوه
15- العِلَلُ،لِمُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ مَعنَي السّمَاءِ أَنّهَا ارتَفَعَت أَي سَمَت مِنَ السّمُوّ وَ مَعنَي الأَرضِ أَنّهَا انخَفَضَت وَ كُلّ شَيءٍ انخَفَضَ فَهُوَ أَرضٌ
16- النهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع أللّهُمّ رَبّ السّقفِ المَرفُوعِ وَ الجَوّ المَكفُوفِ ألّذِي جَعَلتَهُ مَغِيضاً لِلّيلِ وَ النّهَارِ وَ مَجرًي لِلشّمسِ وَ القَمَرِ وَ مُختَلَفاً لِلنّجُومِ السّيّارَةِ وَ جَعَلتَ سُكّانَهُ سِبطاً مِن مَلَائِكَتِكَ لَا يَسأَمُونَ مِن عِبَادَتِكَ وَ رَبّ هَذِهِ الأَرضِ التّيِ جَعَلتَهَا قَرَاراً لِلأَنَامِ وَ مَدرَجاً لِلهَوَامّ وَ الأَنعَامِ وَ مَا لَا يُحصَي مِمّا يُرَي وَ مِمّا لَا يُرَي وَ رَبّ الجِبَالِ الروّاَسيِ التّيِ جَعَلتَهَا لِلأَرضِ أَوتَاداً وَ لِلخَلقِ اعتِمَاداً
بيان السقف المرفوع السماء والجو الهواء و ما بين السماء و الأرض وكفه أي جمعه وضم بعضه إلي بعض وفسر بعضهم الجو المكفوف بالسماء أيضا والظاهر أن المراد به هنا الهواء بين السماء و الأرض فإنه مكفوف بالسماء و قدورد في الدعاء وسد الهواء بالسماء وغاض الماء يغيض غيضا نضب وقل وكون السماء مغيضا لليل والنهار والشمس والقمر ظاهر لأنها فيهاتغيب و أماالجو المكفوف فإن فسر بالسماء فظاهر أيضا و إن فسر بالهواء فلكون آثارها تظهر فيه ويري بحسب الحس كذلك وقيل المراد به الهواء والفضاء بين السماوات فإنه مكفوف بها ويمكن حمله علي البعد الموجود أوالموهوم ألذي هومكان الفلك وكفها تحديدها وضبطها بالسماوات ويمكن جعل الموصول صفة لمجموع السقف والجو لاتصالهما بعدهما شيئا واحدا فإن المجموع محل لتلك الآثار والأجرام في الجملة ومختلفا للنجوم السيارة و قال ابن ميثم المراد بالجو السماء وكونه
صفحه : 95
مغيضا لليل والنهار لأن الفلك بحركته المستلزمة لحركة الشمس علي وجه الأرض يكون سببا لغيبوبة الليل و عن وجهها لغيبوبة النهار فكان كالمغيض لهما وقيل جعلته مغيضا أي غيضة لهما وهي في الأصل الأجمة كمايجتمع فيهاالماء فتسمي غيضة وينبت فيهاالشجر كأنه جعل الفلك كالغيضة والليل والنهار كالشجر النابت فيها و قال الكيدري في شرحه المغيض الموضع ألذي يغيض فيه الماء أي ينضب ويقل وجعل السماء والفلك مغيضا لليل والنهار مجازا أي ينقص الله الليل مرة والنهار أخري و إن زاد في الآخر و ذلك بحسب جريان الشمس و قال الجو المكفوف كأنه أراد الهواء المحدود ألذي ينتهي حده إلي السماء والجو ما بين السماء و الأرض كأنه كف أي منع من تجاوز حديه و قال أبوعمرو الجو مااتسع من الأودية و كل مستدير فهو كفة بالكسر كأنه أراد الهواء ألذي هو علي هيئة المستدير لأنه داخل الفلك الكروي الشكل أوأراد بالجو الفلك العريض الواسع وبالمكفوف ما كان عليه كفة من المجرة والنيرات فيكون من كفة الثوب أوأراد بالمكفوف الفلك المحكم الخلق الشديد المتبرئ عن الخلل والفطور من قولهم عيبة مكفوفة أي مشرجة مشدودة انتهي . والاختلاف التردد وحمله علي اختلاف الفصول بعيد والسبط بالكسر الأمة والقبيلة لايسأمون أي لايملون قرارا أي محل استقرار ودرج كقعد أي مشي والهوام الحشرات و قال ابن ميثم قال بعض العلماء من أراد أن يعرف حقيقة قوله ع مما يري ومما لايري فليوقد نارا صغيرة في فلاة في ليلة صيفية وينظر مايجتمع عليها من غرائب أنواع الحيوان العجيبة الخلق لم يشاهدها هو و لاغيره وأقول يحتمل أن يراد ما ليس من شأنه الرؤية لصغره أولطافته كالملك والجن والاعتماد الاتكاء والاتكال إذ الجبال مساكن لبعضهم ومنها تحصل منافعهم
17-النهج ،[نهج البلاغة] عَن نَوفٍ البكِاَليِّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ فِي خُطبَةٍ
صفحه : 96
فَمِن شَوَاهِدِ خَلقِهِ خَلقُ السّمَاوَاتِ مُوَطّدَاتٍ بِلَا عَمَدٍ قَائِمَاتٍ بِلَا سَنَدٍ دَعَاهُنّ فَأَجَبنَ طَائِعَاتٍ مُذعِنَاتٍ غَيرَ مُتَلَكّئَاتٍ وَ لَا مُبطِئَاتٍ وَ لَو لَا إِقرَارُهُنّ لَهُ بِالرّبُوبِيّةِ وَ إِذعَانُهُنّ بِالطّوَاعِيَةِ لَمَا جَعَلَهُنّ مَوضِعاً لِعَرشِهِ وَ لَا مَسكَناً لِمَلَائِكَتِهِ وَ لَا مَصعَداً لِلكَلِمِ الطّيّبِ وَ العَمَلِ الصّالِحِ مِن خَلقِهِ جَعَلَ نُجُومَهَا أَعلَاماً يَستَدِلّ بِهَا الحَيرَانُ فِي مُختَلِفِ فِجَاجِ الأَقطَارِ لَم يَمنَع ضَوءَ نُورِهَا ادلِهمَامُ سُجُفِ اللّيلِ المُظلِمِ وَ لَا استَطَاعَت جَلَابِيبُ سَوَادِ الحَنَادِسِ أَن تَرُدّ مَا شَاعَ فِي السّمَاوَاتِ مِن تَلَألُؤِ نُورِ القَمَرِ إِلَي آخِرِ الخُطبَةِ
توضيح المراد بشواهد الخلق آيات الإبداع وعلامات التدبير المحكم أو مايشهد من الخلق بوجوده سبحانه وتدبيره وعلمه أو ماحضر من خلقه أي ظهر وجوده بحيث لايمكن لأحد إنكاره من علامات التدبير ووطدت كوعدت أطدها طدة ووطدتها توطيدا إذاأثبتها بالوطء أوغيره حتي تتصلب وتوطيد السماوات إحكام خلقها وإقامتها في مقامها علي وفق الحكمة والعمد بالتحريك جمع عماد بالكسر و هو مايسند به أوجمع عمود والسند بالتحريك مااستندت إليه واتكأت من حائط وغيره والطائع المنقاد السلس وأذعن أي انقاد و لم يستعص وتلكأ أي توقف واعتل والطواعية كثمانية الطاعة ولعل المراد بالملائكة المقربون أوالأكثر لأن منهم من يسكن الهواء و الأرض والماء وصعود الكلم الطيب والعمل الصالح صعود الكتبة بصحائف أعمال العباد إلي السماوات و فيه إشارة إلي قوله سبحانه إِلَيهِ يَصعَدُ الكَلِمُ الطّيّبُ وَ العَمَلُ الصّالِحُ يَرفَعُهُ وإجابتهن إشارة إلي قوله تعالي ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ هيَِ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلأَرضِ ائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً قالَتا أَتَينا طائِعِينَ و قدمر الكلام في تأويل الآية وقيل هنا إقرارهن بالربوبية له راجع إلي شهادة حال الممكن للحاجة إلي الرب والانقياد لحكم
صفحه : 97
قدرته وظاهر أنه لو لاإمكانها وانفعالها عن قدرته وتدبيره لم يكن فيهاعرش و لم يكن مسكنا للملائكة و لامصعدا للكلم الطيب والعمل الصالح من الخلق انتهي . و أماتخصيصه ع السماوات بالطاعة مع اشتراك الأرض لها في ذلك في الآية فلعله لكونها أكثر طاعة لكون مادتها أقبل أولشرفها والعلم بالتحريك مايهتدي به والمختلف الاختلاف أي التردد أوموضعه أو هو من المخالفة والفج الطريق الواسع بين جبلين والقطر الجانب والناحية فالمعني يستدل بهاالحياري في التردد في فجاج الأقطار أو في اختلاف الفجاج الموجودة في الأقطار وذهاب كل منها إلي جهة غير مايذهب إليه الآخر كاختلاف القوم في الآراء والسجف بالكسر وبالفتح الستر والجلباب بالكسر ثوب واسع تغطي به المرأة ثيابها كالملحفة وقيل هوالخمار وقيل القميص والحندس كزبرج الشديد الظلمة وشاع الشيء يشيع أي ظهر وذاع وفشا وتلألأ القمر والبرق أي لمع
18- كِتَابُ المُثَنّي بنِ الوَلِيدِ الحَنّاطِ، عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَنِ السّمَاوَاتِ السّبعِ فَقَالَ سَبعُ سَمَاوَاتٍ لَيسَ مِنهَا سَمَاءٌ إِلّا وَ فِيهَا خَلقٌ وَ بَينَهَا وَ بَينَ الأُخرَي خَلقٌ حَتّي ينَتهَيَِ إِلَي السّابِعَةِ قُلتُ وَ الأَرضُ قَالَ سَبعٌ مِنهُنّ خَمسٌ فِيهِنّ خَلقٌ مِن خَلقِ الرّبّ وَ اثنَتَانِ هَوَاءٌ لَيسَ فِيهِمَا شَيءٌ
19- كِتَابُ زَيدٍ النرّسيِّ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا نَظَرتَ إِلَي السّمَاءِ فَقُل وَ ذَكَرَ الدّعَاءَ إِلَي قَولِهِ أللّهُمّ رَبّ السّقفِ المَرفُوعِ وَ البَحرِ المَكفُوفِ وَ الفُلكِ المَسجُورِ وَ النّجُومِ المُسَخّرَاتِ وَ رَبّ هُورِ بنِ
صفحه : 98
إِيسِيّةَ صَلّ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِ مُحَمّدٍ وَ عاَفنِيِ مِن كُلّ عَقرَبٍ وَ حَيّةٍ إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ قَالَ قُلتُ وَ مَا هُورُ بنُ إِيسِيّةَ قَالَ كَوكَبَةٌ فِي السّمَاءِ خَفِيّةٌ تَحتَ الوُسطَي مِنَ الثّلَاثِ الكَوَاكِبِ التّيِ فِي بَنَاتِ نَعشٍ المُتَفَرّقَاتِ ذَلِكَ أَمَانُ مَا قُلتُ
20- الدّرّ المَنثُورُ،نَقلًا مِن سَبعَةٍ مِن كُتُبِهِم عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ مَا بَينَ كُلّ سَمَاءَينِ خَمسُمِائَةِ عَامٍ وَ غِلَظُ كُلّ سَمَاءٍ وَ أَرضٍ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ مَا بَينَ السّمَاءِ السّابِعَةِ إِلَي الكرُسيِّ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ مَا بَينَ الكرُسيِّ وَ المَاءِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ العَرشُ عَلَي المَاءِ
21- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن صَالِحِ بنِ السنّديِّ عَن جَعفَرِ بنِ بَشِيرٍ عَن عَنبَسَةَ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ ذِكرُهُ إِذَا أَرَادَ فَنَاءَ دَولَةِ قَومٍ أَمَرَ الفَلَكَ فَأَسرَعَ السّيرَ فَكَانَت عَلَي مِقدَارِ مَا يُرِيدُ
بيان أمر الفلك لعله كناية عن تسبيب أسباب زوال دولتهم علي الاستعارة التمثيلية ويحتمل أن يكون لكل دولة فلك سوي الأفلاك المعروفة الحركات و قدقدر لدولتهم عدد من الدورات فإذاأراد الله إطالة مدتهم أمر بإبطائه في الحركة و إذاأراد سرعة فنائها أمر بإسراعه
22- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي هَاشِمٍ عَن عَنبَسَةَ بنِ بِجَادٍ العَابِدِ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ كُنّا عِندَهُ وَ ذَكَرُوا سُلطَانَ بنَيِ أُمَيّةَ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع لَا يَخرُجُ عَلَي هِشَامٍ أَحَدٌ إِلّا قَتَلَهُ قَالَ وَ ذَكَرَ مُلكَهُ عِشرِينَ سَنَةً قَالَ فَجَزِعنَا فَقَالَ مَا لَكُم إِذَا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يُهلِكَ سُلطَانَ قَومٍ أَمَرَ المَلَكَ فَأَسرَعَ بِسَيرِ الفَلَكِ فَقَدّرَ عَلَي مَا يُرِيدُ الخَبَرَ
23-تَوحِيدُ المُفَضّلِ، قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي النّجُومِ
صفحه : 99
وَ اختِلَافِ مَسِيرِهَا فَبَعضُهَا لَا تُفَارِقُ مَرَاكِزَهَا مِنَ الفَلَكِ وَ لَا تَسِيرُ إِلّا مُجتَمِعَةً وَ بَعضُهَا مُطلَقَةٌ تَنتَقِلُ فِي البُرُوجِ وَ تَفتَرِقُ فِي مَسِيرِهَا فَكُلّ وَاحِدٍ مِنهَا يَسِيرُ سَيرَينِ مُختَلِفَينِ أَحَدُهُمَا عَامّ مَعَ الفَلَكِ نَحوَ المَغرِبِ وَ الآخَرُ خَاصّ لِنَفسِهِ نَحوَ المَشرِقِ كَالنّملَةِ التّيِ تَدُورُ عَلَي الرّحَي فَالرّحَي تَدُورُ ذَاتَ اليَمِينِ وَ النّملَةُ تَدُورُ ذَاتَ الشّمَالِ وَ النّملَةُ فِي تِلكَ تَتَحَرّكُ حَركَتَينِ مُختَلِفَينِ إِحدَاهُمَا بِنَفسِهَا فَتَتَوَجّهُ أَمَامَهَا وَ الأُخرَي مُستَكرَهَةٌ مَعَ الرّحَي تَجذِبُهَا إِلَي خَلفِهَا فَاسأَلِ الزّاعِمِينَ أَنّ النّجُومَ صَارَت عَلَي مَا هيَِ عَلَيهِ بِالإِهمَالِ مِن غَيرِ عَمدٍ وَ لَا صَانِعٍ لَهَا مَا مَنَعَهَا أَن تَكُونَ كُلّهَا رَاتِبَةً أَو تَكُونَ كُلّهَا مُتَنَقّلَةً فَإِنّ الإِهمَالَ مَعنًي وَاحِدٌ فَكَيفَ صَارَ يأَتيِ بِحَرَكَتَينِ مُختَلِفَتَينِ عَلَي وَزنٍ وَ تَقدِيرٍ ففَيِ هَذَا بَيَانُ أَنّ مَسِيرَ الفَرِيقَينِ عَلَي مَا يَسِيرَانِ عَلَيهِ بِعَهدٍ وَ تَدبِيرٍ وَ حِكمَةٍ وَ تَقدِيرٍ وَ لَيسَ بِإِهمَالٍ كَمَا تَزعُمُهُ المُعَطّلَةُ فَإِن قَالَ قَائِلٌ وَ لِمَ صَارَ بَعضُ النّجُومِ رَاتِباً وَ بَعضُهَا مُتَنَقّلًا قُلنَا إِنّهَا لَو كَانَت كُلّهَا رَاتِبَةً لَبَطَلَتِ الدّلَالَاتُ التّيِ يُستَدَلّ بِهَا مِن تَنَقّلِ المُتَنَقّلَةِ وَ مَسِيرِهَا فِي كُلّ بُرجٍ مِنَ البُرُوجِ كَمَا قَد يُستَدَلّ عَلَي أَشيَاءَ مِمّا يُحدَثُ فِي العَالَمِ بِتَنَقّلِ الشّمسِ وَ النّجُومِ فِي مَنَازِلِهَا وَ لَو كَانَت كُلّهَا مُتَنَقّلَةً لَم يَكُن لِمَسِيرِهَا مَنَازِلُ تُعرَفُ وَ لَا رَسمٌ يُوقَفُ عَلَيهِ لِأَنّهُ إِنّمَا يُوقَفُ بِمَسِيرِ المُتَنَقّلَةِ مِنهَا لِتَنَقّلِهَا فِي البُرُوجِ الرّاتِبَةِ كَمَا يُستَدَلّ عَلَي سَيرِ السّائِرِ عَلَي الأَرضِ بِالمَنَازِلِ التّيِ يَجتَازُ عَلَيهَا وَ لَو كَانَ تَنَقّلُهَا بِحَالٍ وَاحِدَةٍ لَاختَلَطَ نِظَامُهَا وَ بَطَلَتِ المَآرِبُ فِيهَا وَ لَسَاغَ لِقَائِلٍ أَن يَقُولَ إِنّ كَينُونِيّتَها عَلَي حَالٍ وَاحِدَةٍ تُوجِبُ عَلَيهَا الإِهمَالَ مِنَ الجِهَةِ التّيِ وَصَفنَا ففَيِ اختِلَافِ سَيرِهَا وَ تَصَرّفِهَا وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ المَآرِبِ وَ المَصلَحَةِ أَبيَنُ دَلِيلٍ عَلَي العَمدِ وَ التّدبِيرِ فِيهَا فَكّر فِي هَذِهِ النّجُومِ التّيِ تَظهَرُ فِي بَعضِ السّنَةِ وَ تَحتَجِبُ فِي بَعضِهَا كَمِثلِ ثُرَيّا وَ الجَوزَاءِ وَ الشّعرَيَينِ وَ سُهَيلٍ فَإِنّهَا لَو كَانَت بِأَسرِهَا تَظهَرُ فِي وَقتٍ وَاحِدٍ لَم تَكُن لِوَاحِدٍ فِيهَا عَلَي حِيَالِهِ دَلَالَاتٌ يَعرِفُهَا النّاسُ وَ يَهتَدُونَ بِهَا لِبَعضِ أُمُورِهِم كَمَعرِفَتِهِمُ الآنَ بِمَا يَكُونُ مِن طُلُوعِ الثّورِ وَ الجَوزَاءِ إِذَا طَلَعَت وَ احتِجَابِهَا إِذَا احتَجَبَت
صفحه : 100
فَصَارَ ظُهُورُ كُلّ وَاحِدٍ وَ احتِجَابُهُ فِي وَقتٍ غَيرِ الوَقتِ الآخَرِ لِيَنتَفِعَ النّاسُ بِمَا يَدُلّ عَلَيهِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهَا عَلَي حِدَتِهِ وَ كَمَا جُعِلَتِ الثّرَيّا وَ أَشبَاهُهَا تَظهَرُ حِيناً وَ تَحجُبُ حِيناً لِضَربٍ مِنَ المَصلَحَةِ كَذَلِكَ جُعِلَت بَنَاتُ النّعشِ ظَاهِرَةً لَا تَغِيبُ لِضَربٍ آخَرَ مِنَ المَصلَحَةِ فَإِنّهَا بِمَنزِلَةِ الأَعلَامِ التّيِ يهَتدَيِ بِهَا النّاسُ فِي البَرّ وَ البَحرِ لِلطّرُقِ المَجهُولَةِ وَ ذَلِكَ أَنّهَا لَا تَغِيبُ وَ لَا تَتَوَارَي فَهُم يَنظُرُونَ إِلَيهَا مَتَي أَرَادُوا أَن يَهتَدُوا بِهَا إِلَي حَيثُ شَاءُوا وَ صَارَ الأَمرَانِ جَمِيعاً عَلَي اختِلَافِهِمَا مُوَجّهَينِ نَحوَ الإِربِ وَ المَصلَحَةِ وَ فِيهَا مَآرِبُ أُخرَي عَلَامَاتٌ وَ دَلَالَاتٌ عَلَي أَوقَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الأَعمَالِ كَالزّرَاعَةِ وَ الغِرَاسِ وَ السّفَرِ فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ أَشيَاءَ مِمّا يَحدُثُ فِي الأَزمِنَةِ مِنَ الأَمطَارِ وَ الرّيَاحِ وَ الحَرّ وَ البَردِ وَ بِهَا يهَتدَيِ السّائِرُونَ فِي ظُلمَةِ اللّيلِ لِقَطعِ القِفَارِ المُوحِشَةِ وَ اللّجَجِ الهَائِلَةِ مَعَ مَا فِي تَرَدّدِهَا فِي كَبَدِ السّمَاءِ مُقبِلَةً وَ مُدبِرَةً وَ مُشرِقَةً وَ مُغرِبَةً مِنَ العِبَرِ فَإِنّهَا تَسِيرُ أَسرَعَ السّيرِ وَ أَحَثّهُ أَ رَأَيتَ لَو كَانَتِ الشّمسُ وَ القَمَرُ وَ النّجُومُ بِالقُربِ مِنّا حَتّي يَتَبَيّنَ لَنَا سُرعَةُ سَيرِهَا بِكُنهِ مَا هيَِ عَلَيهِ أَ لَم تَكُن سَتَخطَفُ الأَبصَارَ بِوَهجِهَا وَ شُعَاعِهَا كاَلذّيِ يَحدُثُ أَحيَاناً مِنَ البُرُوقِ إِذَا تَوَالَت وَ اضطَرَبَت فِي الجَوّ وَ كَذَلِكَ أَيضاً لَو أَنّ أُنَاساً كَانُوا فِي قُبّةٍ مُكَلّلَةٍ بِمَصَابِيحَ تَدُورُ حَولَهُم دَوَرَاناً حَثِيثاً لَحَارَت أَبصَارُهُم حَتّي يَخِرّوا لِوُجُوهِهِم فَانظُر كَيفَ قُدّرَ أَن يَكُونَ مَسِيرُهَا فِي البُعدِ البَعِيدِ لِكَيلَا تَضُرّ فِي الأَبصَارِ وَ تُنكَأَ فِيهَا وَ بِأَسرَعِ السّرعَةِ لِكَيلَا تَتَخَلّفَ عَن مِقدَارِ الحَاجَةِ فِي مَسِيرِهَا وَ جُعِلَ فِيهَا جُزءٌ يَسِيرٌ مِنَ الضّوءِ لِيَسُدّ مَسَدّ الأَضوَاءِ إِذَا لَم يَكُن قَمَرٌ وَ يُمكِنُ فِيهِ الحَرَكَةُ إِذَا حُدِثَت ضَرُورَةٌ كَمَا قَد يَحدُثُ الحَادِثُ عَلَي المَرءِ فَيَحتَاجُ إِلَي التجّاَفيِ فِي جَوفِ اللّيلِ وَ إِن لَم يَكُن شَيءٌ مِنَ الضّوءِ يهَتدَيِ بِهِ لَم يَستَطِع أَن يَبرَحَ مَكَانَهُ فَتَأَمّلِ اللّطفَ وَ الحِكمَةَ فِي هَذَا التّقدِيرِ حِينَ جُعِلَ لِلظّلمَةِ دَولَةٌ وَ مُدّةٌ لِحَاجَةٍ إِلَيهَا وَ جُعِلَ خِلَالَهَا شَيءٌ مِنَ الضّوءِ لِلمَآرِبِ التّيِ وَصَفنَا فَكّر فِي هَذَا الفَلَكِ بِشَمسِهِ وَ قَمَرِهِ وَ نُجُومِهِ وَ بُرُوجِهِ تَدُورُ عَلَي العَالَمِ فِي هَذَا الدّوَرَانِ الدّائِمِ بِهَذَا التّقدِيرِ وَ الوَزنِ لِمَا فِي اختِلَافِ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ هَذِهِ الأَزمَانِ الأَربَعَةِ المُتَوَالِيَةِ عَلَي الأَرضِ وَ مَا عَلَيهَا مِن أَصنَافِ الحَيَوَانِ وَ النّبَاتِ مِن ضُرُوبِ المَصلَحَةِ كاَلذّيِ
صفحه : 101
بَيّنتُ وَ لَخّصتُ لَكَ آنِفاً وَ هَل يَخفَي عَلَي ذيِ لُبّ أَنّ هَذَا تَقدِيرٌ مُقَدّرٌ وَ صَوَابٌ وَ حِكمَةٌ مِن مُقَدّرٍ حَكِيمٍ فَإِن قَالَ قَائِلٌ إِنّ هَذَا شَيءٌ اتّفَقَ أَن يَكُونَ هَكَذَا فَمَا مَنَعَهُ أَن يَقُولَ مِثلَ هَذَا فِي دُولَابٍ تَرَاهُ يَدُورُ وَ يسَقيِ حَدِيقَةً فِيهَا شَجَرٌ وَ نَبَاتٌ فَتَرَي كُلّ شَيءٍ مِن آلَتِهِ مُقَدّراً بَعضُهُ يَلقَي بَعضاً عَلَي مَا فِيهِ صَلَاحُ تِلكَ الحَدِيقَةِ وَ مَا فِيهَا وَ بِمَ كَانَ يُثبِتُ هَذَا القَولَ لَو قَالَهُ وَ مَا تَرَي النّاسَ كَانُوا قَائِلِينَ لَهُ لَو سَمِعُوهُ مِنهُ فَيُنكِرُ أَن يَقُولَ فِي دُولَابِ خَشَبٍ مَصنُوعٍ بِحِيلَةٍ قَصِيرَةٍ لِمَصلَحَةِ قِطعَةٍ مِنَ الأَرضِ إِنّهُ كَانَ بِلَا صَانِعٍ وَ مُقَدّرٍ وَ يُقَدّرُ أَن يَقُولَ فِي هَذَا الدّولَابِ الأَعظَمِ المَخلُوقِ بِحِكمَةٍ يَقصُرُ عَنهَا أَذهَانُ البَشَرِ لِصَلَاحِ جَمِيعِ الأَرضِ وَ مَا عَلَيهَا إِنّهُ شَيءٌ اتّفَقَ أَن يَكُونَ بِلَا صَنعَةٍ وَ لَا تَقدِيرٍ لَوِ اعتَلّ هَذَا الفَلَكُ كَمَا تَعتَلّ الآلَاتُ التّيِ تُتّخَذُ لِلصّنَاعَاتِ وَ غَيرِهَا أَيّ شَيءٍ كَانَ عِندَ النّاسِ مِنَ الحِيلَةِ فِي إِصلَاحِهِ
بيان قوله ع لاتفارق مراكزها لعل المراد أنه ليس لها حركة بينة ظاهرة كما في السيارات أو لايختلف نسب بعضها إلي بعض بالقرب والبعد بأن تكون الجملة التالية مفسرة لها ويحتمل أن يكون المراد بمراكزها البروج التي تنسب إليها علي ما هوالمصطلح بين العرب من اعتبار محاذاة تلك الأشكال في الانتقال إلي البروج و إن انتقلت عن مواضعها و عليه ينبغي أن يحمل قوله ع وبعضها مطلقة ينتقل في البروج أو علي ماذكرنا سابقا من كون انتقالها في البروج ظاهرة بينة يعرفه كل أحد والأول أظهر كماسيظهر من كلامه ع . قوله ع فإن الإهمال معني واحد يحتمل أن يكون المراد أن الطبيعة أوالدهر اللذين يجعلونهما أصحاب الإهمال مؤثرين كل منهما أمر واحد غيرذي شعور وإرادة و لايمكن صدور الأمرين المختلفين عن مثل ذلك كمامر أوالمراد أن العقل يحكم بأن مثل هذين الأمرين المتسقين الجاريين علي قانون الحكمة لا يكون إلا من حكيم راعي فيهما دقائق الحكم أوالمراد أن الإهمال أي عدم الحاجة إلي العلة وترجح الأمر الممكن من غيرمرجح كماتزعمون أمر
صفحه : 102
واحد حاصل فيهما فلم صارت إحداهما راتبة والأخري متنقلة و لم لم يعكس الأمر والأول أظهر كما لايخفي قوله ع لبطلت الدلالات ظاهره كون الأوضاع النجومية علامات الحوادث قوله ع في البروج الراتبة يدل ظاهرا علي ماأشرنا إليه من أنه ع راعي في انتقال البروج محاذاة نفس الأشكال و إن أمكن أن يكون المراد بيان حكمة بطء الحركة ليصلح كون تلك الأشكال علامات للبروج و لوبقربها منها لكنه بعيد قوله ع والشعريين قال الجوهري الشعري الكوكب ألذي يطلع بعدالجوزاء وطلوعه في شدة الحر وهما الشعريان الشعري العبور التي في الجوزاء والشعري القميصاء التي في الذراع تزعم العرب أنهما أختا سهيل انتهي والقفار جمع قفر و هوالخلأ من الأرض وخطف البرق البصر ذهب به ووهج النار بالتسكين توقدها و قوله حثيثا أي مسرعا وتجافي أي لم يلزم مكانه وبرح مكانه زال عنه
24- المُتَهَجّدُ، فِي تَعقِيبِ صَلَاةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ أَسأَلُكَ بِاسمِكَ ألّذِي أَجرَيتَ بِهِ الفَلَكَ فَجَعَلتَهُ مَعَالِمَ شَمسِكَ وَ قَمَرِكَ وَ كَتَبتَ اسمَكَ عَلَيهِ
25- الدّرّ المَنثُورُ،للِسيّوُطيِّ نَقلًا مِن تِسعَةَ عَشَرَ مِن كُتُبِهِم عَنِ العَبّاسِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ قَالَ كُنّا عِندَ النّبِيّص فَقَالَ هَل تَدرُونَ كَم بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ قُلنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ بَينَهُمَا مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ مِن كُلّ سَمَاءٍ إِلَي سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ كُثُفُ كُلّ سَمَاءٍ خَمسُمِائَةِ سَنَةٍ وَ فَوقَ السّمَاءِ السّابِعَةِ بَحرٌ بَينَ أَعلَاهُ وَ أَسفَلِهِ كَمَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ ثُمّ فَوقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوعَالٍ بَينَ رُكَبِهِنّ وَ أَظلَافهِنِ كَمَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ ثُمّ فَوقَ ذَلِكَ العَرشُ بَينَ أَسفَلِهِ وَ أَعلَاهُ كَمَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ
26- وَ مِن عِدّةِ كُتُبٍ بِأَسَانِيدِهِم عَن أَبِي ذَرّ ره قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ غِلَظُ كُلّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ مَا
صفحه : 103
بَينَ السّمَاءِ إِلَي التّيِ تَلِيهَا مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ كَذَلِكَ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ الأَرَضُونَ مِثلُ ذَلِكَ وَ مَا بَينَ السّمَاءِ السّابِعَةِ إِلَي العَرشِ مِثلُ جَمِيعِ ذَلِكَ وَ لَو حَفَرتُم لِصَاحِبِكُم ثُمّ دَلَيتُمُوهُ لَوَجَدتُمُ اللّهَ ثَمّةَ يعَنيِ عِلمَهُ
27- وَ بِأَسَانِيدَ أُخرَي عَنِ النّبِيّص قَالَ كُنّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللّهِص فَمَرّت سَحَابَةٌ فَقَالَ أَ تَدرُونَ مَا هَذِهِ قَالُوا اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ هَذِهِ الغَيَابَةُ يَسُوقُهَا اللّهُ إِلَي أَهلِ بَلَدٍ لَا يَعبُدُونَهُ وَ لَا يَشكُرُونَهُ هَل تَدرُونَ مَا فَوقَ ذَلِكَ قَالُوا اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ فَإِنّ فَوقَ ذَلِكَ موج مكفوف وسقف محفوظ[مَوجاً مَكفُوفاً وَ سَقفاً مَحفُوظاً]هَل تَدرُونَ مَا فَوقَ ذَلِكَ قَالُوا اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ فَإِنّ فَوقَ ذَلِكَ سَمَاءً أُخرَي هَل تَدرُونَ كَم مَا بَينَهُمَا قَالُوا اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ فَإِنّ بَينَهُمَا مَسِيرَةَ خَمسِمِائَةِ عَامٍ حَتّي عَدّ سَبعَ سَمَاوَاتٍ بَينَ كُلّ سَمَاءَينِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ ثُمّ قَالَ هَل تَدرُونَ مَا فَوقَ ذَلِكَ قَالُوا اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ فَإِنّ فَوقَ ذَلِكَ العَرشَ فَهَل تَدرُونَ كَم مَا بَينَهُمَا قَالُوا اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ فَإِنّ بَينَ ذَلِكَ كَمَا بَينَ السّمَاءَينِ ثُمّ قَالَ هَل تَدرُونَ مَا هَذِهِ هَذِهِ أَرضٌ هَل تَدرُونَ مَا تَحتَهَا قَالُوا اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ أَرضٌ أُخرَي وَ بَينَهُمَا مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ حَتّي عَدّ سَبعَ أَرَضِينَ بَينَ كُلّ أَرَضِينَ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ
28- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ أَنّهُ نَظَرَ إِلَي السّمَاءِ فَقَالَ تَبَارَكَ اللّهُ مَا أَشَدّ بَيَاضَهَا وَ الثّانِيَةُ أَشَدّ بَيَاضاً مِنهَا ثُمّ كَذَلِكَ حَتّي بَلَغَ سَبعَ سَمَاوَاتٍ وَ خَلَقَ فَوقَ السّابِعَةِ المَاءَ وَ جَعَلَ فَوقَ المَاءِ العَرشَ وَ جَعَلَ فَوقَ السّمَاءِ الدّنيَا الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومَ وَ الرّجُومَ
29- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا هَذَا السّمَاءُ قَالَ هَذَا مَوجٌ مَكفُوفٌ عَنكُم
30- وَ عَنِ الرّبِيعِ بنِ أَنَسٍ قَالَالسّمَاءُ الدّنيَا مَوجٌ مَكفُوفٌ وَ الثّانِيَةُ مَرمَرَةٌ
صفحه : 104
بَيضَاءُ وَ الثّالِثَةُ حَدِيدٌ وَ الرّابِعَةُ نُحَاسٌ وَ الخَامِسَةُ فِضّةٌ وَ السّادِسَةُ ذَهَبٌ وَ السّابِعَةُ يَاقُوتَةٌ حَمرَاءُ وَ مَا فَوقَ ذَلِكَ صحَاَريِ مِن نُورٍ وَ مَا يَعلَمُ مَا فَوقَ ذَلِكَ إِلّا اللّهُ وَ مَلَكٌ مُوَكّلٌ بِالحُجُبِ يُقَالُ لَهُ ميطاطروش
31- وَ عَن سَلمَانَ الفاَرسِيِّ ره قَالَ السّمَاءُ الدّنيَا مِن زُمُرّدَةٍ خَضرَاءَ اسمُهَا رفيعا وَ الثّانِيَةُ مِن فِضّةٍ بَيضَاءَ وَ اسمُهَا أذقلون وَ الثّالِثَةُ مِن يَاقُوتَةٍ حَمرَاءَ وَ اسمُهَا قَيدُومٌ وَ الرّابِعَةُ مِن دُرّةٍ بَيضَاءَ وَ اسمُهَا ماعونا وَ الخَامِسَةُ مِن ذَهَبَةٍ حَمرَاءَ وَ اسمُهَا ديقا وَ السّادِسَةُ مِن يَاقُوتَةٍ صَفرَاءَ وَ اسمُهَا دفنا وَ السّابِعَةُ مِن نُورٍ وَ اسمُهَا عربيا
32- وَ عَن عَلِيّ ع قَالَ اسمُ السّمَاءِ الدّنيَا رَفِيعٌ وَ اسمُ السّابِعَةِ الضّرَاحُ
33- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ سَيّدُ السّمَاوَاتِ السّمَاءُ التّيِ فِيهَا العَرشُ وَ سَيّدُ الأَرَضِينَ الأَرضُ التّيِ أَنتُم عَلَيهَا
34- وَ عَنِ الشعّبيِّ قَالَ كَتَبَ ابنُ عَبّاسٍ إِلَي أَبِي الجَحدَرِ حِينَ سَأَلَهُ عَنِ السّمَاءِ مِن أَيّ شَيءٍ هيَِ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَنّ السّمَاءَ مِن مَوجٍ مَكفُوفٍ
35- وَ عَن حَبّةَ العرُنَيِّ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّاً ع ذَاتَ يَومِ يَحلِفُ وَ ألّذِي خَلَقَ السّمَاءَ مِن دُخَانٍ وَ مَاءٍ
36- وَ عَن كَعبٍ قَالَ السّمَاءُ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ اللّبَنِ
37- وَ عَن سُفيَانَ الثوّريِّ قَالَ تَحتَ الأَرَضِينَ صَخرَةٌ بَلَغَنَا أَنّ تِلكَ الصّخرَةَ مِنهَا خُضرَةُ السّمَاءِ
صفحه : 105
38- وَ عَن قَتَادَةَ فِي قَولِهِفَسَوّاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ قَالَ بَعضُهُنّ فَوقَ بَعضٍ بَينَ كُلّ سَمَاءَينِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ
39- وَ عَنِ ابنِ جُبَيرٍ قَالَ إِنّ هِرَقلَ كَتَبَ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ قَالَ إِن كَانَ بقَيَِ فِيهِم شَيءٌ مِنَ النّبُوّةِ فسَيَخُبرِوُنيِ عَمّا أَسأَلُهُم عَنهُ قَالَ وَ كَتَبَ إِلَيهِ يَسأَلُهُ عَنِ المَجَرّةِ وَ عَنِ القَوسِ وَ عَنِ البُقعَةِ التّيِ لَم تُصِبهَا الشّمسُ إِلّا سَاعَةً وَاحِدَةً قَالَ فَلَمّا أَتَي مُعَاوِيَةَ الكِتَابُ وَ الرّسُولُ قَالَ إِنّ هَذَا شَيءٌ مَا كُنتُ أَظُنّ أَن أُسأَلَ عَنهُ إِلَي يوَميِ هَذَا مَن لِهَذَا قَالُوا ابنُ عَبّاسٍ فَطَوَي مُعَاوِيَةُ كِتَابَ هِرَقلَ وَ بَعَثَ بِهِ إِلَي ابنِ عَبّاسٍ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَنّ القَوسَ أَمَانٌ لِأَهلِ الأَرضِ مِنَ الغَرَقِ وَ المَجَرّةَ بَابُ السّمَاءِ ألّذِي يُشَقّ مِنهُ وَ أَمّا البُقعَةُ التّيِ لَم تُصِبهَا الشّمسُ إِلّا سَاعَةً مِن نَهَارٍ فَالبَحرُ ألّذِي أُفرِجَ مِن بنَيِ إِسرَائِيلَ
40- وَ عَن أَبِي صَالِحٍ فِي قَولِهِكانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُما قَالَ كَانَتِ السّمَاءُ وَاحِدَةً فَفَتَقَ مِنهَا سَبعَ سَمَاوَاتٍ وَ كَانَتِ الأَرضُ وَاحِدَةً فَفَتَقَ مِنهَا سَبعَ أَرَضِينَ
41- وَ عَنِ الحَسَنِ وَ قَتَادَةَ قَالَا كَانَتَا جَمِيعاً فَفَصَلَ اللّهُ بَينَهُمَا بِهَذَا الهَوَاءِ
42- وَ عَنِ ابنِ جُبَيرٍ قَالَ كَانَتِ السّمَاوَاتُ وَ الأَرَضُونَ مُلتَزِقَتَينِ فَلَمّا رَفَعَ اللّهُ السّمَاءَ وَ أَبعَدَهَا مِنَ الأَرضِ فَكَانَ فَتقَهَا ألّذِي ذَكَرَ اللّهُ
43- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ السّماءِ ذاتِ الحُبُكِ قَالَ حُسنُهَا وَ استِوَاؤُهَا
44- وَ روُيَِ عَنهُ أَيضاً أَنّهُ قَالَ ذَاتِ البَهَاءِ وَ الجِمَالِ وَ إِنّ بُنيَانَهَا كَالبَرَدِ المُسَلسَلِ
صفحه : 106
45- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي عَنهُ ذَاتِ طَرَائِقَ وَ الخَلقِ الحَسَنِ
46- وَ عَن عَلِيّ ع قَالَ هيَِ السّمَاءُ السّابِعَةُ
47- وَ عَن عِكرِمَةَ ذَاتِ الخَلقِ الحَسَنِ مُحَبّكَةٍ بِالنّجُومِ
48- وَ عَن أَبِي الطّفَيلِ أَنّ ابنَ الكَوّاءِ سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلِيّاً ع عَنِ المَجَرّةِ فَقَالَ هيَِ شَجَرُ السّمَاءِ وَ مِنهَا فُتِحَت أَبوَابُ السّمَاءِ بِمَاءٍ مُنهَمِرٍ ثُمّ قَرَأَفَفَتَحنا أَبوابَ السّماءِ بِماءٍ مُنهَمِرٍ
49- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِفِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ قَالَ مُنتَهَي أَمرِهِ مِن أَسفَلِ الأَرَضِينَ إِلَي مُنتَهَي أَمرِهِ مِن فَوقِ سَبعِ سَمَاوَاتٍ مِقدَارُهُ خَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ وَيَومٍ كانَ مِقدارُهُ أَلفَ سَنَةٍيعَنيِ بِذَلِكَ يُنَزّلُ الأَمرَ مِنَ السّمَاءِ إِلَي الأَرضِ وَ مِنَ الأَرضِ إِلَي السّمَاءِ فِي يَومٍ وَاحِدٍ فَذَلِكَ مِقدَارُهُ أَلفُ سَنَةٍ لِأَنّ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ
50- وَ عَنهُ أَيضاً قَالَ غِلَظُ كُلّ أَرضٍ خَمسُمِائَةِ عَامٍ وَ بَينَ كُلّ أَرضٍ إِلَي أَرضٍ خَمسُمِائَةِ عَامٍ وَ مِنَ السّمَاءِ إِلَي السّمَاءِ خَمسُمِائَةِ عَامٍ وَ غِلَظُ كُلّ سَمَاءٍ خَمسُمِائَةِ عَامٍ فَذَلِكَ أَربَعَةَ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ وَ بَينَ السّمَاءِ وَ بَينَ العَرشِ مَسِيرَةُ سِتّةٍ وَ ثَلَاثِينَ أَلفَ عَامٍ فَذَلِكَ قَولُهُفِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ
51- وَ عَن وَهبٍ قَالَ مِقدَارُ مَا بَينَ أَسفَلِ الأَرضِ إِلَي العَرشِ خَمسُونَ أَلفَ سَنَةٍ
52- وَ عَنِ الحَسَنِ فِي قَولِهِسَبعَ سَماواتٍ طِباقاً قَالَ بَعضُهُنّ فَوقَ بَعضٍ
صفحه : 107
كُلّ سَمَاءٍ وَ أَرضٍ خَلقٌ وَ أَمرٌ
53- وَ عَن أَبِي ذَرّ قَالَ قَرَأَ رَسُولُ اللّهِص هَل أَتي عَلَي الإِنسانِ حَتّي خَتَمَهَا ثُمّ قَالَ إنِيّ أَرَي مَا لَا تَرَونَ وَ أَسمَعُ مَا لَا تَسمَعُونَ أَطّتِ السّمَاءُ وَ حَقّ لَهَا أَن تَئِطّ مَا فِيهَا مَوضِعُ أَربَعِ أَصَابِعَ إِلّا وَ فِيهِ مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبهَتَهُ سَاجِداً لِلّهِ وَ اللّهِ لَو تَعلَمُونَ مَا أَعلَمُ لَضَحِكتُم قَلِيلًا وَ لَبَكَيتُم كَثِيراً وَ مَا تَلَذّذتُم بِالنّسَاءِ عَلَي الفُرُشِ وَ لَخَرَجتُم إِلَي الصّعُدَاتِ تَجأَرُونَ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ
54- وَ عَن عَلِيّ ع قَالَ السّقفِ المَرفُوعِالسّمَاءُوَ البَحرِ المَسجُورِبَحرٌ فِي السّمَاءِ تَحتَ العَرشِ
بيان قال في النهاية الوعول والأوعال تيوس الجبل واحدها وعل بكسر العين و منه الحديث في تفسير قوله تعالي وَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌقيل ثمانية أوعال أي ملائكة علي صورة الأوعال انتهي قوله لوجدتم الله ثمة أي نسبته سبحانه إلي العرش وتحت الثري وجميع الأماكن متساوية من حيث عدم حصوله بذاته في شيءمنها وإحاطة علمه وقدرته بجميعها و قال الطيبي فيما رووا لودليتم بحبل إلي الأرض السفلي لهبط علي الله دليتم أي أرسلتم و علي الله أي علي علمه وقدرته وسلطانه و في النهاية الغيابة كل شيءأظل الإنسان فوق رأسه كالسحابة وغيرها انتهي موج مكفوف قال الطيبي أي ممنوع من الاسترسال حفظها الله أن تقع علي الأرض وهي معلقة بلا عمد كالموج المكفوف
55- الدّرّ المَنثُورُ، عَن عَلِيّ ع فِي قَولِهِفَلا أُقسِمُ بِالخُنّسِ قَالَ هيَِ الكَوَاكِبُ تُكنَسُ بِاللّيلِ وَ تُخنَسُ بِالنّهَارِ فَلَا تُرَي
صفحه : 108
56- وَ عَن عَلِيّ ع فِي قَولِهِفَلا أُقسِمُ بِالخُنّسِ قَالَ خَمسَةُ أَنجُمٍ زُحَلُ وَ عُطَارِدُ وَ المشُترَيِ وَ بَهرَامُ وَ الزّهَرَةُ لَيسَ فِي الكَوَاكِبِ شَيءٌ يَقطَعُ المَجَرّةَ غَيرُهَا
57- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ الخُنّسُ نُجُومٌ تجَريِ يَقطَعنَ المَجَرّةَ كَمَا يَقطَعُ الفَرَسُ
58- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِبِالخُنّسِ الجَوارِ الكُنّسِ قَالَ هيَِ النّجُومُ السّبعَةُ زُحَلُ وَ بَهرَامُ وَ عُطَارِدُ وَ المشُترَيِ وَ الزّهَرَةُ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ خُنُوسُهَا رُجُوعُهَا وَ كُنُوسُهَا تَغَيّبُهَا بِالنّهَارِ
59- وَ عَنِ الأَعمَشِ قَالَ كَانَ أَصحَابُ عَبدِ اللّهِ يَقُولُونَ فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ السّماءِ ذاتِ البُرُوجِذَاتُ القُصُورِ
60- وَ عَن أَبِي صَالِحٍ فِي قَولِهِذاتِ البُرُوجِ قَالَ النّجُومُ العِظَامُ
61- وَ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ أَنّ النّبِيّص سُئِلَ عَنِالسّماءِ ذاتِ البُرُوجِ فَقَالَ الكَوَاكِبُ وَ سُئِلَألّذِي جَعَلَ فِي السّماءِ بُرُوجاً فَقَالَ الكَوَاكِبُ قِيلَ فَبُرُوجٌ مُشَيَدّةٌ فَقَالَ القُصُورُ
62- وَ عَن قَتَادَةَ فِي قَولِهِوَ السّماءِ ذاتِ البُرُوجِ قَالَ بُرُوجُهَا نُجُومُهَاوَ اليَومِ المَوعُودِ قَالَ يَومُ القِيَامَةِوَ شاهِدٍ وَ مَشهُودٍ قَالَ يَومَانِ عَظِيمَانِ عَظّمَهُمَا اللّهُ مِن أَيّامِ الدّنيَا كُنّا نُحَدّثُ أَنّ الشّاهِدَ يَومُ القِيَامَةِ وَ أَنّ المَشهُودَ يَومُ عَرَفَةَ
63- وَ عَنِ الحَسَنِ فِي قَولِهِوَ السّماءِ ذاتِ البُرُوجِ قَالَ حُبِكَت بِالخَلقِ الحَسَنِ ثُمّ حُبِكَت بِالنّجُومِوَ اليَومِ المَوعُودِ قَالَ يَومُ القِيَامَةِ
صفحه : 109
64- وَ عَن مُجَاهِدٍ وَ السّماءِ ذاتِ البُرُوجِ قَالَ ذَاتُ النّجُومِوَ شاهِدٍ وَ مَشهُودٍ قَالَ الشّاهِدُ ابنُ آدَمَ وَ المَشهُودُ يَومُ القِيَامَةِ
فائدة اعلم أن أصحاب الهيئة قالوا بعدمقعر فلك القمر عن مركز العالم أحد وأربعون ألفا وتسعمائة وستة وثلاثون فرسخا و بعدمحدبه ألذي هومماس لمقعر فلك عطارد بزعمهم خمسة وثمانون ألف فرسخ وسبعمائة فرسخ وثلاث فراسخ و بعدمقعر فلك الزهرة مائتان وخمسة وسبعون ألف فرسخ وثلاثمائة وثمانون فرسخا و بعدمقعر فلك الشمس ألف ألف فرسخ وثمانمائة وثمان وأربعون ألف فرسخ وثمانمائة وخمسة وثمانون فرسخا و بعدمقعر فلك المريخ ألف ألف فرسخ وسبعة وعشرون ألف فرسخ وتسعمائة وأربع وثلاثون فرسخا و بعدمقعر فلك المشتري أربعة آلاف ألف فرسخ وسبعمائة وسبعون ألف فرسخ وستمائة واثنان وسبعون فرسخا و بعدمقعر فلك زحل ثلاثة وعشرون ألف ألف فرسخ وتسعمائة وأحد وتسعون ألف فرسخ ومائتان وخمسة عشر فرسخا و بعدمقعر فلك الثوابت ثلاثة وثلاثون ألف ألف فرسخ وخمسمائة ألف وتسعة آلاف فرسخ ومائة وثمانية وثمانون فرسخا و بعدمقعر الفلك الأعلي ثلاثة وثلاثون ألف ألف فرسخ وخمسمائة وأربعة وعشرون ألف فرسخ وستمائة وتسعة فراسخ و بعدمحدب الفلك الأعلي لايعلمه أحد إلاالرب تبارك و تعالي و من أوحي إليه وذكروا أن قطر القمر سبعمائة وأحد وثلاثون فرسخا وجرمه سدس سبع جرم الأرض وقيل جزء من تسعة وثلاثين جزء منها وقطر العطارد مائة وتسعة فراسخ وجرمه جزء من اثني عشر ألف جزء وسبعمائة وتسعة وستين جزء من جرم الأرض وقطر الزهرة تسعمائة فرسخ وخمسة وستون فرسخا وجرمه ثلث تسع جرم الأرض وقيل جزء من سبعة وثلاثين جزء من الأرض وقطر الشمس سبعة عشر ألف فرسخ وخمسمائة وثمانية وستون فرسخا وجرمه ثلاثمائة وثمانية وعشرون ضعف جرم الأرض وقيل مائة وستة وستون ضعفا وقطر المريخ ثلاثة آلاف
صفحه : 110
فرسخ وسبعمائة وخمسة وتسعون فرسخا وجرمه ثلاثة أضعاف جرم الأرض وقيل مثل الأرض ونصفها وقطر المشتري أربعة عشر ألف فرسخ وخمسمائة وستة وتسعون فرسخا وجرمه مائة وثمان وثمانون ضعفا من الأرض وقيل اثنان وثمانون ضعفا وربعا منها وقطر زحل أربعة عشر ألف فرسخ وأربعمائة وخمسة وثلاثون فرسخا وجرمه مائة واثنان وثمانون ضعفا من الأرض وقيل سبع وسبعون ضعفا والكواكب الغير المرصودة لايعلم عددها إلا الله تعالي وحججه ع و مارصدوا منها ألف واثنان وعشرون كوكبا فأعظمها علي ماذكره بعضهم ثمانية وتسعون ضعفا للأرض وسدسها وأصغرها عشرة أضعاف وثلث من الأرض و علي ماذكره آخرون أعظمها مائتان واثنان وعشرون ضعفا من الأرض وأصغرها ثلاثة وعشرون ضعفا منها ورتبوا أقدارها المختلفة في ست مراتب ينقص كل مرتبة عن صاحبتها في القطر بسدس فأولاها أعظمها و فيهاخمسة عشر كوكبا و في الثانية خمسة وأربعون و في الثالثة مائتان وثمانية و في الرابعة أربعمائة وأربعة وسبعون و في الخامسة مائتان وسبعة عشر و في السادسة تسعة وأربعون وأربعة عشر خارجة عن المراتب تسعة خفية تسمي مظلمة وخمسة سحابية كأنها قطعة غيم و قد
صفحه : 111
يزاد ثلاثة تسمي صفيرة ثم توهموا لتعريف هذه الكواكب صورا تكون هي عليها أوفيما بينها أوبقربها والصور ثمانية وأربعون إحدي وعشرون في الشمال واثنتا عشرة علي المنطقة وهي صور البروج المشهورة وخمس عشرة في الجنوب هذا ماذكروه واستنبطوه من قواعدهم و الله تعالي يعلم حقائق الأمور. و قال بعضهم يسير الفلك الأعظم بمقدار ما يقول أحد واحد ألفا وسبعمائة واثنين وثلاثين فرسخا من مقعره و الله تعالي يعلم مايسير من محدبه و هوأسرع الحركات وحركته من المشرق إلي المغرب ويتم في يوم بليلته دورا بالتقريب وقطباه يسميان بقطبي العالم ومنطقته تسمي بمعدل النهار وهي تقطع العالم بنصفين شمالي وجنوبي والصغار الموازية المرتسمة من تحرك النقاط عن جنبتيها تسمي بالمدارات اليومية وسائر الحركات الخاصة للكواكب من المغرب إلي المشرق علي توالي البروج وأبطؤها حركة فلك الثوابت ويوافقه جميع الممثلات ويقطع في كل خمسة وعشرين ألفا ومائتي سنة دورا ويقطع في كل سنة عشرة فراسخ و مع ذلك لاتري حركتها في قريب من خمسين سنة بل تري في تلك المدة كأنها ساكنة وقطباه يسميان بقطبي البروج ومنطقته بمنطقة البروج وفلك البروج وهي تقطع المعدل علي نقطتين تسميان بالاعتدالين الربيعي والخريفي وأبعد أجزائها عنه بالانقلابين الصيفي والشتوي وغاية هذين البعدين من الجانب الأقرب تسمي بالميل الكلي و هوبالرصد الجديد ثلاثة وعشرون جزء وثلاثون دقيقة وتنقسم منطقة البروج بهذه النقاط الأربع أرباعا قطع الشمس لكل منها أحد الفصول الأربعة ولها دوائر صغار كالأولي التي تسمي بمدارات العرض وتوهموا في كل ربع من تلك الأرباع نقطتين انقسم بهابثلاثة أقسام متساوية فحصلت البروج الاثنا عشر فالحمل والثور والجوزاء ربيعية والسرطان والأسد والسنبلة صيفية والميزان والعقرب والقوس خريفية والجدي والدلو والحوت شتوية فتحصل بالحركة الخاصة للشمس في هذه البروج الفصول الأربعة في كل سنة والقمر يقطع تلك البروج في سبعة وعشرين يوما وليلة وثلث
صفحه : 112
تقريبا والعطارد والزهرة يقطعانها في سنة تقريبا والمريخ يقطعها في سنة وعشرة أشهر وأحد وعشرين يوما وليلة واثنتين وعشرين ساعة وخمسين دقيقة والمشتري يقطعها في إحدي عشرة سنة وشهرين وثلاثة عشر يوما وليلة وإحدي عشرة ساعة وتسع دقائق و قال المحقق الطوسي ره في اثنتي عشرة سنة تقريبا وزحل يقطعها في ثلاثين سنة ويقال للشمس والقمر النيران ولزحل والمشتري العلويان ولعطارد والزهرة السفليان وللمشتري والزهرة السعدان ولزحل والمريخ النحسان . ثم إن القدماء قالوا كل واحد من أفلاك الكواكب السبعة يشتمل علي أفلاك أخر جزئية مفروزة عن كلها متحركة بحركة أخري غيرحركة الكل و ذلك لأنه يعرض لها في حركاتها السرعة والبطء والتوسط بينهما وكذا الوقوف والرجوع والاستقامة و قدتكون حركة بعضها متشابهة حول نقطة أي يحدث عندها في أزمنة متساوية زوايا متساوية وقسيا متساوية مع أنه يقرب منها تارة ويبعد عنها أخري إلي غير ذلك من الاختلافات فأثبتوا لفلك الشمس فلكا آخر شاملا للأرض مركزه خارج عن مركز العالم مائل إلي جانب من الفلك الكلي لها بحيث يماس محدب سطحيه السطح الأعلي من الفلك الكلي علي نقطة مشتركة بينهما تسمي الأوج ومقعر سطحيه السطح الأدني منه علي نقطة مشتركة تسمي الحضيض فيحصل بسبب ذلك جسمان متدرجا الثخن إلي غاية هي ضعف ما بين المركزين أحدهما حاو للفلك الخارج المركز والآخر محوي فيه رقة الحاوي مما يلي الأوج وغلظه مما يلي الحضيض ورقة المحوي وغلظه بالعكس يقال لكل منهما المتمم وجرم الشمس مركوز في ثخن الخارج عندمنتصف ما بين قطبيه مماس لسطحيه علي نقطتين وأفلاك كل من الكواكب العلوية والزهرة
صفحه : 113
كذلك إلا أن لها تداوير مركوزة في خوارجها كارتكاز الشمس وهي فيهايماس سطح كل سطح تدويره علي نقطة وكذلك فلك القمر إلا أن له فلكا آخر مركزه مركز العالم محيطا بالكل يسمي بالجوزهر و أماعطارد فمركز فلكه ألذي في ثخنه الخارج غيرمركز العالم ويسمي بالمدير و هو في ثخن فلكه الكلي ألذي مركزه مركز العالم كالخارج في ثخنه علي الرسم المذكور فله خارجان وأوجان وحضيضان وأربعة متممات وتسمي الأفلاك الكلية بالممثلات لمماثلتها لمنطقة البروج في المركز والحركة والمنطقة والقطبين وتسمي الخوارج المراكز كلها سوي المدير بالحوامل وتسمي البعد الأبعد في التداوير بالذروة والأقرب بالحضيض هذا ماذكره القدماء في ذلك و أماالمتأخرون فزادوا أفلاكا جزئية أخري لحل بعض ما لاينحل من مشكلات هذاالفن لم نتعرض لها و لالذكر جهات حركات هذه الأفلاك ومقاديرها وأقطابها ودوائرها ومناطقها المذكورة في كتب القوم لأنها لاتناسب هذاالكتاب و كل ماذكروه مبنية علي أوهام وخيالات يستقيم بعض الحركات بها وتحيروا في كثير منها و لايعلمها بحقيقتها إلاخالقها و من خصه بعلمها من الأنبياء والأوصياء ع
الآيات البقرةيَسئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلّةِ قُل هيَِ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الحَجّآل عمران تُولِجُ اللّيلَ فِي النّهارِ وَ تُولِجُ النّهارَ فِي اللّيلِ
صفحه : 114
الأنعام فالِقُ الإِصباحِ وَ جَعَلَ اللّيلَ سَكَناً وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ حُسباناً ذلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِالأعراف يغُشيِ اللّيلَ النّهارَ يَطلُبُهُ حَثِيثاً وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومَ مُسَخّراتٍ بِأَمرِهِيونس هُوَ ألّذِي جَعَلَ الشّمسَ ضِياءً وَ القَمَرَ نُوراً وَ قَدّرَهُ مَنازِلَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ ما خَلَقَ اللّهُ ذلِكَ إِلّا بِالحَقّ يُفَصّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَ إِنّ فِي اختِلافِ اللّيلِ وَ النّهارِ وَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتّقُونَ و قال تعالي هُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيلَ لِتَسكُنُوا فِيهِ وَ النّهارَ مُبصِراً إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَسمَعُونَالرعدوَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ يجَريِ لِأَجَلٍ مُسَمّي إلي قوله يغُشيِ اللّيلَ النّهارَ ابراهيم وَ سَخّرَ لَكُمُ الشّمسَ وَ القَمَرَ دائِبَينِ وَ سَخّرَ لَكُمُ اللّيلَ وَ النّهارَالنحل وَ سَخّرَ لَكُمُ اللّيلَ وَ النّهارَ وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومُ مُسَخّراتٌ بِأَمرِهِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَالإسراءوَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةً لِتَبتَغُوا فَضلًا مِن رَبّكُم وَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ وَ كُلّ شَيءٍ فَصّلناهُ تَفصِيلًا
صفحه : 115
الكهف حَتّي إِذا بَلَغَ مَغرِبَ الشّمسِ وَجَدَها تَغرُبُ فِي عَينٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِندَها قَوماً إلي قوله تعالي حَتّي إِذا بَلَغَ مَطلِعَ الشّمسِ وَجَدَها تَطلُعُ عَلي قَومٍ لَم نَجعَل لَهُم مِن دُونِها سِتراًالأنبياءوَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ اللّيلَ وَ النّهارَ وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَالحج ذلِكَ بِأَنّ اللّهَ يُولِجُ اللّيلَ فِي النّهارِ وَ يُولِجُ النّهارَ فِي اللّيلِ وَ أَنّ اللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌالمؤمنون وَ لَهُ اختِلافُ اللّيلِ وَ النّهارِ أَ فَلا تَعقِلُونَالنوريُقَلّبُ اللّهُ اللّيلَ وَ النّهارَ إِنّ فِي ذلِكَ لَعِبرَةً لأِوُليِ الأَبصارِالفرقان أَ لَم تَرَ إِلي رَبّكَ كَيفَ مَدّ الظّلّ وَ لَو شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمّ جَعَلنَا الشّمسَ عَلَيهِ دَلِيلًا ثُمّ قَبَضناهُ إِلَينا قَبضاً يَسِيراً وَ هُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيلَ لِباساً وَ النّومَ سُباتاً وَ جَعَلَ النّهارَ نُشُوراً و قال سبحانه تَبارَكَ ألّذِي جَعَلَ فِي السّماءِ بُرُوجاً وَ جَعَلَ فِيها سِراجاً وَ قَمَراً مُنِيراً وَ هُوَ ألّذِي جَعَلَ اللّيلَ وَ النّهارَ خِلفَةً لِمَن أَرادَ أَن يَذّكّرَ أَو أَرادَ شُكُوراًالنمل أَمّن يَهدِيكُم فِي ظُلُماتِ البَرّ وَ البَحرِ و قال تعالي أَ لَم يَرَوا أَنّا جَعَلنَا اللّيلَ لِيَسكُنُوا فِيهِ وَ النّهارَ مُبصِراً إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يُؤمِنُونَ
صفحه : 116
القصص قُل أَ رَأَيتُم إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيكُمُ اللّيلَ سَرمَداً إِلي يَومِ القِيامَةِ مَن إِلهٌ غَيرُ اللّهِ يَأتِيكُم بِضِياءٍ أَ فَلا تَسمَعُونَ قُل أَ رَأَيتُم إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيكُمُ النّهارَ سَرمَداً إِلي يَومِ القِيامَةِ مَن إِلهٌ غَيرُ اللّهِ يَأتِيكُم بِلَيلٍ تَسكُنُونَ فِيهِ أَ فَلا تُبصِرُونَ وَ مِن رَحمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللّيلَ وَ النّهارَ لِتَسكُنُوا فِيهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَالعنكبوت وَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ لَيَقُولُنّ اللّهُ فَأَنّي يُؤفَكُونَالروم وَ مِن آياتِهِ مَنامُكُم بِاللّيلِ وَ النّهارِ وَ ابتِغاؤُكُم مِن فَضلِهِلقمان أَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يُولِجُ اللّيلَ فِي النّهارِ وَ يُولِجُ النّهارَ فِي اللّيلِ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ يجَريِ إِلي أَجَلٍ مُسَمّي وَ أَنّ اللّهَ بِما تَعمَلُونَ خَبِيرٌفاطريُولِجُ اللّيلَ فِي النّهارِ وَ يُولِجُ النّهارَ فِي اللّيلِ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ يجَريِ لِأَجَلٍ مُسَمّي ذلِكُمُ اللّهُ رَبّكُم لَهُ المُلكُيس وَ آيَةٌ لَهُمُ اللّيلُ نَسلَخُ مِنهُ النّهارَ فَإِذا هُم مُظلِمُونَ وَ الشّمسُ تجَريِ لِمُستَقَرّ لَها ذلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ وَ القَمَرَ قَدّرناهُ مَنازِلَ حَتّي عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِ لَا الشّمسُ ينَبغَيِ لَها أَن تُدرِكَ القَمَرَ وَ لَا اللّيلُ سابِقُ النّهارِ وَ كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَالصافات وَ رَبّ المَشارِقِالزمرخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ بِالحَقّ يُكَوّرُ اللّيلَ عَلَي النّهارِ وَ يُكَوّرُ
صفحه : 117
النّهارَ عَلَي اللّيلِ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ يجَريِ لِأَجَلٍ مُسَمّي أَلا هُوَ العَزِيزُ الغَفّارُ
المؤمن اللّهُ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيلَ لِتَسكُنُوا فِيهِ وَ النّهارَ مُبصِراً إِنّ اللّهَ لَذُو فَضلٍ عَلَي النّاسِ وَ لكِنّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرُونَالسجدةوَ مِن آياتِهِ اللّيلُ وَ النّهارُ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ لا تَسجُدُوا لِلشّمسِ وَ لا لِلقَمَرِ وَ اسجُدُوا لِلّهِ ألّذِي خَلَقَهُنّ إِن كُنتُم إِيّاهُ تَعبُدُونَالرحمن الشّمسُ وَ القَمَرُ بِحُسبانٍ و قال تعالي رَبّ المَشرِقَينِ وَ رَبّ المَغرِبَينِ فبَأِيَّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِالحديديُولِجُ اللّيلَ فِي النّهارِ وَ يُولِجُ النّهارَ فِي اللّيلِالمعارج فَلا أُقسِمُ بِرَبّ المَشارِقِ وَ المَغارِبِنوح وَ جَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُوراً وَ جَعَلَ الشّمسَ سِراجاًالمدثركَلّا وَ القَمَرِ وَ اللّيلِ إِذ أَدبَرَ وَ الصّبحِ إِذا أَسفَرَ إِنّها لَإِحدَي الكُبَرِالنبأوَ جَعَلنا نَومَكُم سُباتاً وَ جَعَلنَا اللّيلَ لِباساً وَ جَعَلنَا النّهارَ مَعاشاً وَ بَنَينا فَوقَكُم سَبعاً شِداداً وَ جَعَلنا سِراجاً وَهّاجاً
صفحه : 118
التكويرإِذَا الشّمسُ كُوّرَت وَ إِذَا النّجُومُ انكَدَرَت إلي قوله تعالي وَ اللّيلِ إِذا عَسعَسَ وَ الصّبحِ إِذا تَنَفّسَالفجروَ الفَجرِ وَ لَيالٍ عَشرٍ وَ الشّفعِ وَ الوَترِ وَ اللّيلِ إِذا يَسرِالشمس وَ الشّمسِ وَ ضُحاها وَ القَمَرِ إِذا تَلاها وَ النّهارِ إِذا جَلّاها وَ اللّيلِ إِذا يَغشاهاالضحي وَ الضّحي وَ اللّيلِ إِذا سَجيالفلق قُل أَعُوذُ بِرَبّ الفَلَقِ مِن شَرّ ما خَلَقَ وَ مِن شَرّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ.تفسيريَسئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلّةِ قال البيضاوي سأله معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم فقالا مابال الهلال يبدو دقيقا كالخيط ثم يزيد حتي يستوي ثم لايزال ينقص حتي يعود كمابدأ فنزلت قُل هيَِ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الحَجّإنهم سألوا عن الحكمة في اختلاف حال القمر وتبدل أمره فأمره الله أن يجيب بأن الحكمة الظاهرة في ذلك أن يكون معالم للناس يواقتون بهاأمورهم ومعالم للعبادات الموقتة يعرف بهاأوقاتها وخصوصا الحج فإن الوقت مراعي فيه أداء وقضاء والمواقيت جمع ميقات من الوقت و قال في قوله تعالي تُولِجُ اللّيلَ فِي النّهارِإيلاج الليل والنهار إدخال أحدهما في الآخر بالتعقيب أوالزيادة والنقص . و قال في قوله تعالي فالِقُ الإِصباحِشاق عمود الصبح عن ظلمة الليل أو عن بياض النهار أوشاق ظلمة الإصباح و هوالغبش ألذي يليه والإصباح في الأصل مصدر
صفحه : 119
أصبح إذادخل في الصبح سمي به الصبح وقرئ بفتح الهمزة علي الجمع وجاعل الليل سكنا يسكن إليه التعب بالنهار لاستراحته فيه من سكن إليه إذااطمأن إليه استئناسا به أويسكن فيه الخلق من قوله لِتَسكُنُوا فِيهِ ونصبه بفعل دل عليه جاعل لا به فإنه في معني الماضي ويدل عليه قراءة الكوفيين وَ جَعَلَ اللّيلَحملا علي معني المعطوف عليه فإن فالق بمعني فلق فلذلك قرئ به أو به علي أن المراد منه جعل مستمر في الأزمنة المختلفة و علي هذايجوز أن يكون وَ الشّمسَ وَ القَمَرَعطفا علي محل الليل ويشهد له قراءتهما بالجر والأحسن نصبهما بجعل مقدر وقرئ بالرفع علي الابتداء والخبر محذوف أي مجعولان حُسباناً أي علي أدوار مختلفة تحسب بهاالأوقات ويكونان علمي الحساب و هومصدر حسب بالفتح كما أن الحسبان بالكسر مصدر حسب بالكسر وقيل جمع حساب كشهاب وشهبان ذلِكَإشارة إلي جعلهما حسبانا أي ذلك السير بالحساب المعلوم تَقدِيرُ العَزِيزِ ألذي قهرهما وسيرهما علي الوجه المخصوص العَلِيمِبتدبيرهما والأنفع من التداوير الممكنة لهما. و في قوله تعالي يغُشيِ اللّيلَ النّهارَيغطيه به و لم يذكر عكسه للعلم به أولأن اللفظ يحتملهما ولذلك قرئ يغشي الليل النهار بنصب الليل ورفع النهار وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب و أبوبكر عن عاصم بالتشديد و في الرعد للدلالة علي التكريريَطلُبُهُ حَثِيثاًيعقبه سريعا كالطالب له لايفصل بينهما شيء والحثيث فعيل من الحث و هوصفة مصدر محذوف أوحال من الفاعل بمعني حاثا أوالمفعول بمعني محثوثاوَ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومَ مُسَخّراتٍ بِأَمرِهِ أي بقضائه وتصريفه ونصبها بالعطف علي السماوات ونصب مسخرات علي الحال وقرأ ابن عامر كلها بالرفع علي الابتداء والخبر انتهي .
صفحه : 120
و قال الرازي في قوله سبحانه يَطلُبُهُ حَثِيثاًاعلم أنه سبحانه وصف هذه الحركة بالسرعة والشدة و ذلك هوالحق لأن تعاقب الليل والنهار إنما يحصل بحركة الفلك الأعظم وتلك الحركة أشد الحركات سرعة وأكملها شدة حتي أن الباحثين عن أحوال الموجودات قالوا الإنسان إذا كان في العدو الشديد الكامل فإلي أن يرفع رجله ويضعها يتحرك الفلك الأعظم ثلاثة آلاف ميل و إذا كان الأمر كذلك كانت تلك الحركة في غاية السرعة والشدة فلهذا السبب قال تعالي يَطلُبُهُ حَثِيثاً ثم قال في هذه الآية لطائف فالأولي أن الشمس لها نوعان من الحركة أحدهما حركتها بحسب ذاتها وهي إنما تتم في سنة كاملة وبسبب هذه الحركة تحصل السنة والثاني حركتها بسبب حركة الفلك الأعظم و هذه الحركة تتم في اليوم بليلته إذاعرفت هذافنقول الليل والنهار لايحصلان بسبب حركة الشمس بل بحركة السماء الأقصي التي يقال لها العرش ولهذا السبب لماذكر العرش بقوله ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِربط به قوله يغُشيِ اللّيلَ النّهارَتنبيها علي أن سبب حصول الليل والنهار هوحركة الفلك الأقصي لاحركة الشمس والقمر. والثانية أنه تعالي لماشرح كيفية تخليق السماوات قال فَقَضاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ فِي يَومَينِ وَ أَوحي فِي كُلّ سَماءٍ أَمرَهافدلت تلك الآية علي أنه سبحانه خص كل ذلك بلطيفة نورانية ربانية من عالم الأمر ثم قال بعده أَلا لَهُ الخَلقُ وَ الأَمرُ و هوإشارة إلي أن كل ماسوي الله إما من عالم الخلق أو من عالم الأمر أما ألذي هو من عالم الخلق فالخلق عبارة عن التقدير و كل ما كان جسما أوجسمانيا كان مخصوصا بمقدار معين فكان من عالم الخلق و كل ما كان بريئا عن الحجمية والمقدار كان من عالم الأرواح و من عالم الأمر فدل علي أنه سبحانه خص كل واحد من أجرام الأفلاك والكواكب التي هي من عالم الخلق بملك
صفحه : 121
من الملائكة وهم من عالم الأمر والأحاديث الصحيحة مطابقة لذلك وهي ماروي من الأخبار أن لله ملائكة يحركون الشمس والقمر عندالطلوع والغروب وكذا القول في سائر الكواكب وأيضا قوله سبحانه وَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌإشارة إلي أن الملائكة الذين يقومون بحفظ العرش ثمانية ثم إذادققت النظر قلت إن عالم الخلق في تسخير الله وعالم الأمر في تدبير الله واستيلاء الروحانيات علي الجسمانيات بتقدير الله فلهذا المعني قال أَلا لَهُ الخَلقُ وَ الأَمرُ ثم كون الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره يحتمل وجوها.أحدها أنا قددللنا أن الأجسام متماثلة ومتي كان كذلك كان اختصاص جسم الشمس بذلك النور المخصوص والضوء الباهر والتسخين الشديد والتدبيرات العجيبة في العالم العلوي والسفلي لابد و أن يكون لأجل أن الفاعل الحكيم والمقدر العليم خص ذلك الجسم بهذه الصفات فجسم كل واحد من الكواكب والنيرات كالمسخر في قبول تلك القوي والخواص عن قدرة المدبر الحكيم . وثانيها أن يقال إن لكل واحد من أجرام الشمس والقمر والكواكب سيرا خاصا بطيئا من المشرق إلي المغرب وسيرا آخر سريعا بسبب حركة الفلك الأعظم فالحق سبحانه خص جرم الفلك الأعظم بقوة زائدة علي أجرام سائر الأفلاك باعتبارها صارت مستولية عليها قادرة علي تحريكها علي سبيل القهر من المشرق إلي المغرب فأجرام الأفلاك والكواكب صارت كالمسخرة لهذا القهر والقسر.
صفحه : 122
أقول ثم ذكر وجوها أخري لاطائل تحتها وفيما نقل عنه أيضا مخالفات لأصول المسلمين ومناقشات لايخفي علي المتدبرين .هُوَ ألّذِي جَعَلَ الشّمسَ ضِياءً قال البيضاوي أي ذات ضياء و هومصدر كقيام أوجمع ضوء كسياط وسوط والياء فيه منقلبة عن الواو و عن ابن كثير ضئاء بهمزتين في كل القرآن علي القلب بتقديم اللام علي العين وَ القَمَرَ نُوراً أي ذا نور أوسمي نورا للمبالغة و هوأعم من الضوء وقيل مابالذات ضوء و مابالغرض نور و قدنبه سبحانه بذلك علي أنه خلق الشمس نيرة بذاتها والقمر نيرا بعرض مقابلة الشمس وَ قَدّرَهُ مَنازِلَالضمير لكل واحد أي قدر مسير كل واحد منهما منازل أوقدره ذا منازل أوللقمر وتخصيصه بالذكر لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشرع به ولذلك علله بقوله لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ أي حساب الأوقات من الأشهر والأيام في معاملاتكم وتصرفاتكم ما خَلَقَ اللّهُ ذلِكَ إِلّا بِالحَقّ إلامتلبسا بالحق مراعيا فيه مقتضي الحكمة البالغةيُفَصّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَفإنهم المنتفعون بالتأمل فيهاانتهي .إِنّ فِي اختِلافِ اللّيلِ وَ النّهارِ أي مجيء كل منهما خلف الآخر أواختلافهما بالزيادة والنقصان المستلزم لحصول الفصول الأربعةوَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ أي من الكواكب والملائكة والمواليد وأنواع الأرزاق والنعم لَآياتٍ أي دلالات علي وجود الصانع تعالي وعلمه وقدرته وحكمته ولطفه ورحمته لِقَومٍ يَتّقُونَالشرك والمعاصي فإنهم المنتفعون بهاهُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيلَ لِتَسكُنُوا فِيهِ أي لسكونكم وراحتكم وراحة قواكم من التعب
صفحه : 123
والكلال وَ النّهارَ مُبصِراً أي مضيئا تبصرون فيه ونسبة الإبصار إليه علي المجازلِقَومٍ يَسمَعُونَ أي الحجج سماع تدبر وتعقل وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ قال الرازي هذاالكلام اشتمل علي نوعين من الدلالة الأول الاستدلال علي وجود الصانع القادر بحركات هذه الأجرام و ذلك لأن الأجسام متماثلة فاختصاصها بالحركة الدائمة دون السكون لابد له من مخصص وأيضا أن كل واحدة من تلك الحركات مختصة بكيفية معينة من البطء والسرعة فلابد أيضا من مخصص وأيضا تقدير تلك الحركات بمقادير مخصوصة علي وجه تحصل عوداتها ودوراتها متساوية بحسب المدة حالة عجيبة فلابد فيه من مقدر وبعض تلك الحركات مشرقية وبعضها مغربية وبعضها مائلة إلي الشمال وبعضها إلي الجنوب و هذاأيضا لايتم إلابتدبير كامل وحكمة بالغة والنوع الثاني قوله كُلّ يجَريِ لِأَجَلٍ مُسَمّي و فيه قولان الأول قال ابن عباس للشمس مائة وثمانون منزلا كل يوم لها منزل و ذلك في ستة أشهر ثم إنها تعود مرة أخري إلي واحد واحد منها في ستة أشهر مرة أخري وكذلك القمر له ثمانية وعشرون منزلا فالمراد بقوله كُلّ يجَريِ لِأَجَلٍ مُسَمّي هذا. والثاني كونهما متحركين إلي يوم القيامة وعنده تنقطع تلك الحركات . و قال في قوله تعالي دائِبَينِمعني الدءوب في اللغة مرور الشيء في العمل علي عادة مطردة قال المفسرون معناه يدأبان في سيرهما وإنارتهما وتأثيرهما في إزالة الظلمة و في إصلاح النبات والحيوان فإن الشمس سلطان النهار والقمر سلطان الليل و لو لاالشمس لماحصلت الفصول الأربعة ولولاها لاختلت مصالح العالم بالكلية و قال في قوله وَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فيه قولان
صفحه : 124
الأول أن يكون المراد من الآيتين نفس الليل والنهار والمعني أنه تعالي جعلهما دليلين للخلق علي مصالح الدين والدنيا أما في الدين فلأن كل واحد منهما مضاد للآخر معاند له فكونهما متعاقبين علي الدوام من أقوي الدلائل علي أنهما غيرموجودين لذاتيهما بل لابد لهما من فاعل يدبرهما ويقدرهما بالمقادير المخصوصة و أما في الدنيا فلأن مصالح الدنيا لاتتم إلابالليل والنهار فلو لاالليل لماحصل السكون والراحة و لو لاالنهار لماحصل الكسب والتصرف في وجوه المعاش ثم قال تعالي فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِفعلي هذاالقول تكون الإضافة للتبيين والتقدير فمحونا الآية التي هي الليل وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة الثاني أن يكون المراد وجعلنا نيري الليل والنهار آيتين يريد الشمس والقمرفَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وهي القمر و في تفسير محو القمر قولان الأول المراد منه مايظهر في القمر من الزيادة والنقصان في النور فيبدو في أول الأمر في صورة الهلال ثم لايزال يتزايد نوره حتي يصير بدرا كاملا ثم يأخذ في الانتقاص قليلا قليلا و ذلك هوالمحو إلي أن يعود إلي المحاق والثاني أن المراد من محو القمر الكلف ألذي يظهر في وجهه يروي أن الشمس والقمر كانا سواء في النور والضوء فأرسل الله جبرئيل فأمر جناحه علي وجه القمر فطمس عنه الضوء ومعني المحو في اللغة إذهاب الأثر وأقول حمل المحو علي الوجه الأول أولي لقوله لِتَبتَغُوا فَضلًا مِن رَبّكُمالآية لأن المحو إنما يؤثر في ابتغاء فضل الله إذاحملناه علي زيادة نور القمر ونقصانه لأن بسبب حصول هذه الحالة تختلف أحوال نور القمر و أهل التجارب بينوا أن اختلاف أحوال القمر في مقادير النور له أثر عظيم في أحوال هذاالعالم ومصالحها مثل أحوال البحار في المد والجزر ومثل أحوال البحرانات علي مايذكره الأطباء في كتبهم وأيضا بسبب زيادة نور القمر ونقصانه تحصل الشهور وبسبب معاودة الشهور تحصل السنون العربية المبتنية علي رؤية الأهلة كما قال وَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ وأقول أيضا لوحملنا المحو علي
صفحه : 125
الكلف الحاصل في وجه القمر فهو أيضا برهان قاطع علي صحة قول المسلمين في المبدإ والمعاد أمادلالته علي صحة قولهم في المبدإ فلأن جرم القمر جرم بسيط عندالفلاسفة فوجب أن يكون متشابه الصفات فحصول الأحوال المختلفة الحاصلة بسبب المحو يدل علي أنه ليس بسبب الطبيعة بل لأجل أن الفاعل المختار خصص بعض أجزائه بالنور القوي وبعض أجزائه بالنور الضعيف و ذلك يدل علي أن مدبر العالم فاعل مختار لاموجب بالذات وآخر ماذكره الفلاسفة في الاعتذار عنه أنه ارتكز في وجه القمر أجسام قليلة الضوء مثل ارتكاز الكواكب في أجرام الأفلاك فلما كانت تلك الأجرام أقل ضوءا من جرم القمر لاجرم شوهدت تلك الأجرام في وجه القمر كالكلف في وجه الإنسان و هذا لايفيد مقصود الخصم لأن جرم القمر لما كان متشابه الأجزاء فلم ارتكزت تلك الأجرام الظلمانية في بعض أجزاء القمر دون سائر الأجزاء وبمثل هذاالطريق يتمسك في أحوال الكواكب و ذلك لأن الفلك جرم بسيط متشابه الأجزاء فلم يكن حصول جرم الكواكب في بعض جوانبه أولي من حصوله في سائر الجوانب و ذلك يدل علي أن اختصاص ذلك الكوكب بذلك الموضع المعين من الفلك لأجل تخصيص الفاعل المختار الحكيم . و أما قوله وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةًففيه وجهان الأول أن معني كونها مبصرة أي مضيئة و ذلك لأن الإضاءة سبب لحصول الإبصار فأطلق اسم الإبصار علي الإضاءة إطلاقا لاسم المسبب علي السبب والثاني قال أبوعبيدة يقال قدأبصر النهار إذاصار الناس يبصرون فيه كقوله رجل مخبث إذا كان أصحابه خبثاء و رجل مضغف إذا كان دوابه ضغافا فكذا قوله وَ النّهارَ مُبصِراً أي أهله بصراءلِتَبتَغُوا فَضلًا مِن رَبّكُم أي لتبصروا كيف تتصرفون في أعمالكم وَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَاعلم أن الحساب يبني علي أربع مراتب الساعات
صفحه : 126
والأيام والشهور والسنون فالعدد للسنين والحساب لمادون السنين وهي الشهور والأيام والساعات و بعد هذه المراتب الأربعة لايحصل إلاالتكرار كماأنهم رتبوا العدد علي أربع مراتب الآحاد والعشرات والمآت والألوف و ليس بعدها إلاالتكراروَ كُلّ شَيءٍ فَصّلناهُ تَفصِيلًا أي كل شيءبكم إليه حاجة في مصالح دينكم ودنياكم فصلنا وشرحنا و قال في قوله سبحانه وَجَدَها تَغرُبُ فِي عَينٍ حَمِئَةٍقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي و أبوبكر عن عاصم في عين حامية بالألف من غيرهمزة أي حارة وَ عَن أَبِي ذَرّ قَالَ كُنتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللّهِص عَلَي جَمَلٍ فَرَأَي الشّمسَ حِينَ غَابَت فَقَالَ أَ تدَريِ يَا أَبَا ذَرّ أَينَ تَغرُبُ هَذِهِ قُلتُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ فَإِنّهَا تَغرُبُ فِي عَينٍ حَامِئَةٍ
وهي قراءة ابن مسعود وطلحة و أبوعمرو والباقون حَمِئَةٍ وهي قراءة ابن عباس واتفق أن ابن عباس كان عندمعاوية فقرأ معاوية حامية فقال ابن عباس حَمِئَةٍ فقال معاوية لعبد الله بن عمر كيف تقرأ فقال كمايقرأ أمير المؤمنين ثم وجه إلي كعب الأحبار وسأله كيف تجد الشمس تغرب قال في ماء وطين كذلك نجده في التوراة والحمئة ما فيه حمأة سوداء واعلم أنه لاتنافي بين الحمئة والحامية فجائز أن يكون الماء جامعا للوصفين ثم اعلم أنه ثبت بالدليل أن الأرض كره و أن السماء محيطة بها و لاشك أن الشمس في الفلك وأيضا قال وَجَدَ عِندَها قَوماً ومعلوم أن جلوس القوم في قرن الشمس غيرموجود وأيضا فالشمس أكبر من الأرض مرات كثيرة فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض . إذاثبت هذافنقول في تأويله وجوه .الأول أن ذا القرنين لمابلغ موضعا ما في المغرب لم يبق بعده شيء من
صفحه : 127
العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في وهدة مظلمة و إن لم يكن كذلك في الحقيقة كما أن راكب البحر يري الشمس كأنها تغرب في البحر إذا لم ير الشط وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر ذكره الجبائي.الثاني أن بالجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بهافالناظر إلي الشمس يتخيل كأنها تغيب في تلك البحار و لاشك أن البحار الغربية قوية السخونة فهي حامية وهي أيضا حمئة لكثرة ما فيها من الباه وهي الحمأة السوداء فقوله تَغرُبُ فِي عَينٍ حَمِئَةٍإشارة إلي أن الجانب الغربي من الأرض قدأحاط البحر به و هوموضع شديد السخونة.الثالث قال أهل الأخبار إن الشمس تغرب في عين حمئة كثيرة الحاء والحمأة و هذا في غاية البعد و ذلك أنا إذارصدنا كسوفا قمريا ورأينا أهل المغرب قالوا حصل هذاالكسوف أول الليل رأينا أهل المشرق قالوا حصل في أول النهار فعلمنا أن ما هوأول الليل عند أهل المغرب فهو أول النهار عند أهل المشرق بل ذلك الوقت ألذي هوأول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد ووقت الظهر في بلد آخر ووقت الضحوة في بلد ثالث ووقت طلوع الشمس في بلد رابع ونصف الليل في بلد خامس و إذاكانت هذه الأحوال معلومة بعدالاستقراء والاختبار وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان ألذي يقال إنها تغيب في الطين والحمأة كلاما علي خلاف اليقين وكلام الله مبرأ عن البهمة فلم يبق إلا أن يضاف إلي التأويل ألذي ذكرنا والضمير في قوله عِندَهاعائد إلي الشمس لأن الإنسان لماتخيل أن الشمس تغرب هناك فكان سكان ذلك الموضع كأنهم سكنوا بالقرب من الشمس أوعائد إلي العين . و قال في قوله وَجَدَها تَطلُعُ أي وجد الشمس تطلع عَلي قَومٍ لَم نَجعَل
لَهُم مِن دُونِها سِتراً
فيه قولان الأول أنه شاطئ بحر لاجبل و لا شيءيمنع من وقوع شعاع الشمس عليهم فلهذا السبب إذاطلعت الشمس دخلوا في أسراب واغلة في الأرض أوغاصوا في الماء فيكون عندطلوع الشمس يتعذر عليهم التصرف في المعاش و عندغروبها يشتغلون بتحصيل مهمات المعاش وحالهم بالضد من أحوال سائر الخلق . والقول الثاني أن معناه لاثياب لهم ويكونون كسائر الحيوانات عراة أبدا و في كتب الهيئة أن حال أكثر الزنج كذلك وحال كل من سكن البلاد القريبة من خط الإستواء كذلك وذكر في كتب التفسير أن بعضهم قال سافرت حتي جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء القوم فقيل بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فبلغتهم و إذاأحدهم يفرش إحدي أذنيه ويلبس الأخري فلما قرب طلوع الشمس سمعت صوتا كهيئة الصلصلة فغشي علي ثم أفقت فلما طلعت الشمس إذاهي فوق الماء كهيئة الزيت فأدخلوا في سربالهم فلما ارتفع النهار جعلوا يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضج .كُلّ فِي فَلَكٍ أي كل منهما أو مع النجوم بقرينة الجمع في فلك واحد أو كل واحد منهما أومنها في فلك علي حدةيَسبَحُونَ أي يجرون قال الرازي لايجوز أن يقول كل في فلك يسبحون إلا ويدخل في الكلام مع الشمس والقمر النجوم ليثبت معني الجمع والكل ثم قال الفلك في كلام العرب كل شيءدائر وجمعه أفلاك واختلف العقلاء فيه فقال بعضهم الفلك ليس بجسم وإنما هومدار هذه النجوم و هوقول الضحاك و قال الأكثرون بل هي أجسام تدور النجوم عليها و هذاأقرب إلي ظاهر القرآن ثم اختلفوا في كيفيته فقال بعضهم الفلك موج مكفوف تجري الشمس والقمر والنجوم فيه و قال الكلبي ماء
صفحه : 129
مكفوف أي مجموع تجري فيه الكواكب واحتج بأن السباحة لاتكون إلا في الماء قلنا لانسلم فإنه يقال للفرس ألذي يمد يديه في الجري سابح و قال جمهور الفلاسفة وأصحاب الهيئة إنها أجرام صلبة لاخفيفة و لاثقيلة غيرقابلة للخرق والالتئام والنمو والذبول والحق أنه لاسبيل إلي معرفة السماوات إلابالخبر واختلف الناس في حركات الكواكب والوجوه الممكنة فيهاثلاثة فإنه إما أن يكون الفلك ساكنا والكواكب تتحرك فيه كحركة السمكة في الماء الراكد وإما أن يكون الفلك متحركا والكواكب تتحرك فيه أيضا إما مخالفا لجهة حركته أوموافقا لجهته إما بحركة مساوية لحركة الفلك في السرعة والبطء أومخالفة وإما أن يكون الفلك متحركا والكواكب ساكنة أماالرأي الأول فقالت الفلاسفة إنه باطل لأنه يوجب خرق الفلك و هومحال عندهم و أماالرأي الثاني فحركة الكواكب إن فرضت مخالفة لحركة الفلك فذاك أيضا يوجب الخرق و إن كانت حركتها إلي جهة حركة الفلك فإن كانت مخالفة لها في السرعة والبطء لزم الانخراق و إن استويا في الجهة والسرعة والبطء فالخرق أيضا لازم لأن الكواكب تتحرك بسبب حركته فتبقي حركته الذاتية زائدة فيلزم الخرق فلم يبق إلاالقسم الثالث و هو أن يكون الكواكب مغروزا في الفلك واقفا فيه والفلك يتحرك فيتحرك الكواكب بسبب حركة الفلك واعلم أن مدار هذاالكلام علي امتناع الخرق علي الأفلاك و هوباطل بل الحق أن الأقسام الثلاثة ممكنة و الله تعالي قادر علي كل الممكنات و ألذي يدل عليه لفظ القرآن أن تكون الأفلاك واقفة والكواكب تكون جارية فيها كماتسبح السمكة في الماء واحتج ابن سينا علي أن الكواكب أحياء ناطقة بقوله يَسبَحُونَ فإن الجمع بالواو والنون لا يكون إلاللعقلاء وبقوله تعالي وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ رَأَيتُهُم لِي ساجِدِينَ
صفحه : 130
والجواب إنما جعل واو الضمير للعقلاء للوصف بفعلهم و هوالسباحة. فإن قلت لكل واحد من القمرين فلك علي حدة فكيف قيل جميعهم يسبحون في فلك . قلت هذاكقوله كساهم الأمير حلة وقلدهم سيفا أي كل واحد منهم .وَ لَهُ اختِلافُ اللّيلِ وَ النّهارِ قال البيضاوي أي ويختص به تعاقبهما لايقدر عليه غيره فيكون ردا لنسبته إلي الشمس حقيقة أومجازا أولأمره وقضائه تعاقبهما أوانتقاص أحدهما وازدياد الآخر و في قوله سبحانه يُقَلّبُ اللّهُ اللّيلَ وَ النّهارَبالمعاقبة بينهما أوبنقص أحدهما وزيادة الآخر أوبتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور أو مايعم ذلك إِنّ فِي ذلِكَفيما تقدم ذكره لَعِبرَةً لأِوُليِ الأَبصارِلدلالته علي وجود الصانع القديم وكمال قدرته وإحاطة علمه ونفاذ مشيته وتنزهه عن الحاجة و مايفضي إليها لمن يرجع إلي بصيرة. قوله تعالي أَ لَم تَرَ إِلي رَبّكَأقول للعلماء في تأويل هذه الآية مسالك .الأول أ لم تنظر إلي صنع ربك كيف بسطه أو أ لم تنظر إلي الظل كيف بسطه ربك فغير النظم إشعارا بأن المعقول من هذاالكلام لوضوح برهانه و هودلالة حدوثه وتصرفه علي الوجه النافع بأسباب ممكنة علي أن ذلك فعل الصانع الحكيم كالمشاهد المرئي فكيف بالمحسوس منه أو أ لم ينته علمك إلي أن ربك كيف مد الظل و هوفيما بين طلوع الفجر والشمس و هوأطيب الأحوال فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس يسخن الهواء ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة فقال وَ ظِلّ مَمدُودٍوَ لَو شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أي ثابتا من السكني أو غير
صفحه : 131
متقلص من السكون بأن يجعل الشمس مقيمة علي وضع واحدثُمّ جَعَلنَا الشّمسَ عَلَيهِ دَلِيلًافإنه لايظهر للحس حتي تطلع فيقع ضوؤها علي بعض الأجرام إذ لايوجد و لايتفاوت إلابسبب حركتهاثُمّ قَبَضناهُ إِلَينا أي أزلناه بإيقاع الشعاع موقعه قَبضاً يَسِيراً أي قليلا قليلا حسب ماترتفع الشمس لتنتظم بذلك مصالح الكون ويتحصل به ما لايحصي من منافع الخلق و ثم في الموضعين لتفاضل الأمور أولتفاضل مبادئ أوقات ظهورها.الثاني أن المعني مد الظل لمابني السماء بلا نير ودحا الأرض تحتها وألقت عليها ظلها و لوشاء لجعله ثابتا علي تلك الحال ثم خلق الشمس عليه دليلا أي مسلطا عليهم مستتبعا إياه كمايستتبع الدليل المدلول أودليل الطريق من يهديه يتفاوت بحركتها ويتحول بتحولهاثُمّ قَبَضناهُ إِلَينا قَبضاً يَسِيراًشيئا فشيئا إلي أن ينتهي نقصانه أوقبضا سهلا عندقيام الساعة بقبض أسبابه من الأجرام المظلة والمظل عليها وهذان الوجهان ذكرهما البيضاوي وغيره من المفسرين الثالث أن يكون المراد بالظل الروح كمايطلق عالم الظلال علي عالم الأرواح لأنها تابعة للبدن كالظل أولكونها أجساما لطيفة أولتجردها إن قيل به وَ لَو شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناًبعدم تعلقها بالأجساد والمراد بالشمس شمس عالم الوجود و هوالرب تعالي لأنه دليل الممكنات إلي الوجود وسائر الكمالات وقبضه عبارة عن قبض الروح شيئا فشيئا إلي أن يموت الشخص و في قوله ثُمّ جَعَلنَا الشّمسَنوع التفاوت .الرابع أن يراد بالظل الأنبياء والأوصياء ع فإنهم ظلاله سبحانه لكونهم تابعين لإرادته متخلقين بأخلاقه وكونهم ظلال رحمته علي عباده وَ لَو شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أي لم يبعثهم إلي الخلق ثُمّ جَعَلنَا الشّمسَ أي شمس الوجودعَلَيهِ دَلِيلًا أي لهم دليلا هاديا لهم إلي كمالاتهم وقبضه جذبهم إلي عالم القدس .الخامس أن يكون المراد بالظلال الأعيان الثابتة والحقائق الإمكانية علي مذاق الصوفية ومدها عبارة عن الفيض الأقدس بزعمهم أي جعل الماهيات
صفحه : 132
ماهيات والشمس عبارة عن الفيض المقدس و هوإفاضة الوجود والقبض اليسير بزعمهم إشارة إلي تجدد الأمثال وإعدام كل شيء وإيجاده في كل آن و به أولوا قوله سبحانه بَل هُم فِي لَبسٍ مِن خَلقٍ جَدِيدٍأيضا وربما يحمل الظل علي عالم المثال كما هوذوق المتألهين من الحكماء و هذه احتمالات في هذه الآية التي هي من المتشابهات و مايعلم تأويلهاإِلّا اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي العِلمِ وفسر علي بن ابراهيم الظل بما بين طلوع الفجر إلي طلوع الشمس .وَ هُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيلَ لِباساً قال الطبرسي ره أي غطاء ساترا للأشياء بالظلام كاللباس ألذي يشتمل علي لابسه فالله سبحانه ألبسنا الليل وغشانا به لنسكن فيه ونستريح عن كد الأعمال وَ النّومَ سُباتاً أي راحة لأبدانكم وقطعا لأعمالكم قال الزجاج السبات أن ينقطع عن الحركة والروح في بدنه وَ جَعَلَ النّهارَ نُشُوراًلانتشار الروح باليقظة فيه مأخوذ من نشور البعث وقيل لأن الناس ينتشرون فيه لطلب حوائجهم ومعايشهم فالنشور بمعني التفرق لابتغاء الرزق عن ابن عباس .تَبارَكَتفاعل من البركة معناه عظمت بركاته وكثرت عن ابن عباس والبركة الكثرة من الخير وقيل معناه تقدس و جل بما لم يزل عليه من الصفات و لايزال كذلك فلايشاركه فيهاغيره وأصله من بروك الطير فكأنه قال ثبت ودام فيما لم يزل و لايزال عن جماعة من المفسرين وقيل معناه قام بكل بركة وجاء بكل بركةألّذِي جَعَلَ فِي السّماءِ بُرُوجاًيريد منازل النجوم السبعة السيارة وهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت وقيل هي النجوم الكبار وسميت بروجا لظهورهاوَ جَعَلَ فِيها سِراجاً أي وخلق
صفحه : 133
في السماء شمسا و من قرأ سرجا أراد الشمس والكواكب معهاوَ قَمَراً مُنِيراً أي مضيئا بالليل إذا لم تكن شمس وَ هُوَ ألّذِي جَعَلَ اللّيلَ وَ النّهارَ خِلفَةً أي يخلف كل واحد منهما صاحبه فيما يحتاج أن يعمل فيه فمن فاته عمل الليل استدركه بالنهار و من فاته عمل النهار استدركه بالليل و هو قوله لِمَن أَرادَ أَن يَذّكّرَ روُيَِ ذَلِكَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يُقضَي صَلَاةُ اللّيلِ بِالنّهَارِ
وقيل معناه أنه جعل كل واحد منهما مخالفا لصاحبه فجعل أحدهما أسود والآخر أبيض لِمَن أَرادَ أَن يَذّكّرَ أي يتفكر ويستدل بذلك علي أن لهما مدبرا ومصرفا لايشبههما و لايشبهانه فيوجه العبادة إليه أَو أَرادَ شُكُوراً أي أراد شكر نعمة ربه عليه فيهما و علي القول الأول فمعناه أراد النافلة بعدأداء الفريضة.أَمّن يَهدِيكُم فِي ظُلُماتِ البَرّ وَ البَحرِ قال البيضاوي بالنجوم وعلامات الأرض والظلمات ظلمات الليالي والإضافة إلي البر والبحر للملابسة أومشتبهات الطرق يقال طريقة ظلماء وعمياء للتي لامنار بها.لِيَسكُنُوا فِيهِبالنوم والقراروَ النّهارَ مُبصِراًأصله ليبصروا فيه فبولغ فيه بجعل الإبصار حالا من أحواله المجعول عليها بحيث لاينفك عنها.سَرمَداً أي دائما من السرد و هوالمتابعة والميم مزيدة كميم دلامص إِلي يَومِ القِيامَةِبإسكان الشمس تحت الأرض أوتحريكها حول الأفق الغائرمَن إِلهٌ غَيرُ اللّهِ يَأتِيكُم بِضِياءٍ كان حقه هل إله فذكر بمن علي زعمهم أن غيره آلهةأَ فَلا تَسمَعُونَسماع تدبر واستبصارإِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيكُمُ النّهارَ سَرمَداً
صفحه : 134
بإسكانها في وسط السماء أوتحريكها علي مدار فوق الأفق بِلَيلٍ تَسكُنُونَ فِيهِاستراحة عن متاعب الأشغال ولعله لم يصف الضياء بما يقابله لأن الضوء نعمة في ذاته مقصود بنفسه و لاكذلك الليل ولأن منافع الضوء أكثر مما يقابله ولذلك قرن به أَ فَلا تَسمَعُونَ وبالليل أَ فَلا تُبصِرُونَلأن استفادة العقل من السمع أكثر من استفادته من البصرلِتَسكُنُوا فِيهِ أي في الليل وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ أي بالنهار بأنواع المكاسب وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ أي ولكي تعرفوا نعمة الله في ذلك فتشكروه عليهاوَ لَئِن سَأَلتَهُمالمسئول عنهم أهل مكةلَيَقُولُنّ اللّهُ لماتقرر في العقول من وجوب انتهاء الممكنات إلي واحد واجب الوجود.وَ مِن آياتِهِ مَنامُكُم بِاللّيلِ وَ النّهارِ وَ ابتِغاؤُكُم مِن فَضلِهِمنامكم في الزمانين لاستراحة القوي النفسانية وقوة القوي الطبيعية وطلب معاشكم فيهما أومنامكم بالليل وابتغاؤكم بالنهار فلف وضم بين الزمانين والفعلين بعاطفين إشعارا بأن كلا من الزمانين و إن اختص بأحدهما فهو صالح للآخر عندالحاجة ويؤيده سائر الآيات الواردة فيه كُلّ يجَريِ أي كل من النيرين يجري في فلكه إِلي أَجَلٍ مُسَمّي أي إلي منتهي معلوم الشمس إلي آخر السنة والقمر إلي آخر الشهور وقيل إلي يوم القيامة. و قال في قوله لِأَجَلٍ مُسَمّيمدة دوره أومنتهاه أو يوم القيامةنَسلَخُ مِنهُ النّهارَ أي نزيله ونكشفه عن مكانه مستعار من سلخ الجلدفَإِذا هُم مُظلِمُونَ أي داخلون في الظلام .
صفحه : 135
أَقُولُ وَ فِي الكاَفيِ عَنِ البَاقِرِ ع يعَنيِ قُبِضَ مُحَمّدٌص وَ ظَهَرَتِ الظّلمَةُ فَلَم يُبصِرُوا فَضلَ أَهلِ بَيتِهِ
و هو من بطون الآية.وَ الشّمسُ تجَريِ لِمُستَقَرّ لَها أي لحد معين ينتهي إليه دورها فشبه بمستقر المسافر إذاقطع مسيره أولكبد السماء فإن حركتها فيه توجد إبطاء بل ورد في الرواية أن لها هناك ركودا أولاستقرار لها علي نهج مخصوص أولمنتهي مقدر لكل يوم من المشارق والمغارب فإن لها في دورها ثلاثمائة وستين مشرقا ومغربا يطلع كل يوم من مطلع ويغرب في مغرب ثم لاتعود إليهما إلي العام القابل أولمنقطع جريها عندخراب العالم قال الطبرسي روي عن السجاد والباقر والصادق ع و ابن عباس و ابن مسعود وعكرمة وعطاء لامستقر لها بنصب الراءذلِكَالجري علي هذاالتقدير المتضمن للحكم التي تكل الفطن عن إحصائهاتَقدِيرُ العَزِيزِالغالب بقدرته علي كل مقدورالعَلِيمِالمحيط علمه بكل معلوم .وَ القَمَرَ قَدّرناهُ مَنازِلَ أي قدرنا مسيره منازل أوسيره في منازل وهي ثمانية وعشرون الشرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة و
صفحه : 136
الهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك والغفر والزباني والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية وفرع الدلو المقدم وفرع الدلو المؤخر والرشاء و هوبطن الحوت ينزل كل ليلة في واحدة منها فإذا كان في آخر منازله و هو ألذي يكون فيه قبل الاجتماع دق واستقوس حَتّي عادَ كَالعُرجُونِ أي كالشمراخ المعوج القَدِيمِالعتيق
وَ عَنِ الرّضَا ع أَنّهُ يَصِيرُ كَذَلِكَ سِتّةَ أَشهُرٍ
وسيأتي مزيد تحقيق لذلك في باب السنين والشهور إن شاء الله .لَا الشّمسُ ينَبغَيِ لَها أي يصح ويتسهل لهاأَن تُدرِكَ القَمَرَ في سرعة سيره فإن ذلك يخل بتكون النبات وتعيش الحيوان أو في آثاره ومنافعه أومكانه بالنزول إلي محله وسلطانه فيطمس نوره وَ لَا اللّيلُ سابِقُ النّهارِبأن يسبقه فيفوته ولكن يعاقبه وقيل المراد بهما آيتاهما وهما نيران وبالسبق سبق القمر إلي سلطان الشمس فيكون عكسا للأول
وَ قَد مَرّ عَنِ الرّضَا ع بِرِوَايَةِ العيَاّشيِّ أَنّ المُرَادَ بِهِ أَنّ النّهَارَ خُلِقَ قَبلَ اللّيلِ
وسيأتي مايشعر بذلك أيضا.وَ كُلّ أي كلهم والتنوين عوض المضاف إليه والضمير للشموس والأقمار
صفحه : 137
فإن اختلاف الأحوال يوجب تعددا ما في الذات أو إلي الكواكب فإن ذكرهما مشعر بها و قدمر معني السباحةوَ رَبّ المَشارِقِ قال البيضاوي أي مشارق الكواكب أومشارق الشمس في السنة وهي ثلاثمائة وستون تشرق كل يوم في واحد وبحسبها تختلف المغارب ولذلك اكتفي بذكرها مع أن الشروق أدل علي القدرة وأبلغ في النعمة و ماقيل إنها مائة وثمانون إنما يصح لو لم تختلف أوقات الانتقال يُكَوّرُ اللّيلَ عَلَي النّهارِ وَ يُكَوّرُ النّهارَ عَلَي اللّيلِ أي يغشي كل واحد منهما الآخر كأنه يلف عليه لف اللباس باللابس أويغيبه به كمايغيب الملفوف باللفافة أويجعله كارا عليه كرورا متتابعا تتابع أكوار العمامةأَلا هُوَ العَزِيزُالقادر علي كل ممكن الغالب علي كل شيءالغَفّارُحيث لم يعاجل بالعقوبة وسلب ما في هذه الصنائع من الرحمة وعموم المنفعة.لِتَسكُنُوا فِيهِ أي لتستريحوا فيه بأن خلقه باردا مظلما ليؤدي إلي ضعف المحركات وهدوء الحواس وَ النّهارَ مُبصِراًيبصر فيه أو به وإسناد الإبصار إليه مجاز ومبالغة ولذلك عدل به عن التعليل إلي الحال .لا تَسجُدُوا لِلشّمسِ وَ لا لِلقَمَرِ قال الطبرسي ره و إن كان فيهما منافع كثيرة لأنهما ليسا بخالقين وَ اسجُدُوا لِلّهِ ألّذِي خَلَقَهُنّ وتأنيث الضمير لأن غير مايعقل يجمع علي لفظ التأنيث ولأنه في معني الآيات إِن كُنتُم إِيّاهُ تَعبُدُونَ أي إن كنتم تقصدون بعبادتكم الله كماتزعمون فاسجدوا لله دون غيره .الشّمسُ وَ القَمَرُ بِحُسبانٍ أي يجريان بحساب ومنازل لايعدوانها وهما يدلان علي عدد الشهور والسنين والأوقات عن ابن عباس وغيره فأضمر يجريان وحذفه لدلالة الكلام عليه وتحقيق معناه أنهما يجريان علي وتيرة واحدة وحساب بين
صفحه : 138
متفق علي الدوام لايقع فيه تفاوت فالشمس تقطع بروج الفلك في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما و شيء والقمر في ثمانية وعشرين يوما فيجريان أبدا علي هذاالوجه وإنما خصهما بالذكر لمافيهما من المنافع الكثيرة للناس من النور والضياء ومعرفة الليل والنهار ونضج الثمار إلي غير ذلك فذكرهما لبيان النعمة بهما علي الخلق رَبّ المَشرِقَينِ وَ رَبّ المَغرِبَينِ أي مشرق الشتاء والصيف ومغربيهما وقيل مشرقي الشمس والقمر ومغربيهماوَ جَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُوراًقيل فيه وجوه .أحدها أن المعني وجعل القمر نورا في السماوات و الأرض عن ابن عباس قال يضيء ظهره لمايليه من السماوات ويضيء وجهه لأهل الأرض وكذلك الشمس . وثانيها أن معني فيهن معهن يعني وجعل القمر معهن أي مع خلق السماوات نورا لأهل الأرض وثالثها أن معني فيهن في حيزهن و إن كان في واحدة منها كماتقول إن في هذه الدور لبئرا و إن كانت في واحدة منها لأن ما كان في إحداهن كان فيهن و كماتقول أتيت بني تميم وإنما أتيت بعضهم .وَ جَعَلَ الشّمسَ سِراجاً أي مصباحا تضيء لأهل الأرض فهي سراج العالم كما أن المصباح سراج الإنسان و قال ره في قوله تعالي كَلّا أي حقا وقيل معناه ليس الأمر علي مايتوهمونه وَ القَمَرِأقسم بالقمر لما فيه من الآيات العجيبة في طلوعه وغروبه ومسيره وزيادته ونقصانه وَ اللّيلِ إِذ أَدبَرَقرأ نافع وحمزة وحفص ويعقوب وخلف إِذبغير ألف أَدبَرَبالألف والباقون إذابالألف دبر بغير الألف فعلي الأول أقسم بالليل إذاولي وذهب يقال دبر وأدبر عن قتادة وقيل دبر إذاجاء بعدغيره وأدبر إذاولي مدبرا فعلي هذا يكون المعني في إذادبر إذاجاء الليل في أثر النهار و في إِذ أَدبَرَ إذاولي الليل فجاء
صفحه : 139
الصبح عقيبه و علي القول الأول فيهما لغتان معناهما ولي وانقضي وَ الصّبحِ إِذا أَسفَرَ أي أضاء وأنار وقيل معناه إذاكشف الظلام وأضاء الأشخاص و قال قوم التقدير في هذه الأقسام ورب هذه الأشياء لأن اليمين لا يكون إلابالله تعالي إِنّها أي السقر التي هي النورلَإِحدَي الكُبَرِ أي لإحدي العظائم والكبر جمع الكبري .وَ جَعَلنا نَومَكُم سُباتاً أي راحة ودعة لأجسادكم أوقطعا لأعمالكم وتصرفكم إذ ليس بموت علي الحقيقة و لامخرجا عن الحيوة والإدراك وَ جَعَلنَا اللّيلَ لِباساً أي غطاء وسترة يستر كل شيءبظلمته وسواده وَ جَعَلنَا النّهارَ مَعاشاً أي مطلب معاش ومبتغاه أووقت معاشكم لتتصرفوا في معايشكم وَ بَنَينا فَوقَكُم سَبعاً أي سبع سماوات شِداداًمحكمة أحكمنا صنعها وأوثقنا بناءهاوَ جَعَلنا سِراجاً وَهّاجاًيعني الشمس جعلها سبحانه سراجا للعالم وقادا متلألئا بالنور يستضيئون به قال مقاتل جعل فيه نورا وحرا والوهج مجمع النور والحر.إِذَا الشّمسُ كُوّرَت أي نهب ضوؤها ونورها فأظلمت واضمحلت عن ابن عباس وغيره وقيل ألقيت ورمي بها وقيل جمع ضوؤها ولفت كماتلف العمامة.وَ إِذَا النّجُومُ انكَدَرَت أي تساقطت وتناثرت يقال انكدر الطائر من الهواء إذاانقض وقيل تغيرت والأول أولي لقوله وَ إِذَا الكَواكِبُ انتَثَرَتوَ اللّيلِ إِذا عَسعَسَ أي إذاأدبر بظلامه عن علي ع وقيل أقبل بظلامه وقيل أظلم وَ الصّبحِ إِذا تَنَفّسَ أي إذاأسفر وأضاء والمعني امتد ضوؤه حتي يصير نهارا.وَ الفَجرِأقسم سبحانه بفجر النهار و هوانفجار الصبح كل يوم وقيل
صفحه : 140
فجر ذي الحجة وقيل فجر أول المحرم وقيل فجر يوم النحر وقيل أراد بالفجر النهاروَ لَيالٍ عَشرٍيعني العشر من ذي الحجة وقيل العشر الآخر من شهر رمضان وقيل عشر موسي للثلاثين ليلة التي أتمها الله بهاوَ اللّيلِ إِذا يَسرِأراد جنس الليالي أقسم بالليل إذامضي بظلامه وقيل إنما أضاف اليسر إليه لأن الليل يسير بمسير الشمس في الفلك وانتقالها من أفق إلي أفق وقيل إِذا يَسرِ إذاجاء وأقبل إلينا ويريد كل ليلة وقيل إنها ليلة المزدلفة و فيهايسري الحاج من عرفة إليها ويغدو منها إلي مني وأصل يسر يسري حذفت الياء اكتفاء بالكسرة تخفيفا ولرعاية الفواصل .وَ الشّمسِ وَ ضُحاهاأقسم سبحانه بالشمس لكثرة الانتفاع بها وبضحيها و هوامتداد ضوئها وانبساطه وقيل هوالنهار كله وقيل حرهاوَ القَمَرِ إِذا تَلاها أي تبعها فأخذ من ضوئها وسار خلفها قالوا و ذلك في النصف الأول من الشهر إذاغربت الشمس تلاها القمر في الإضاءة وخلفها في النور وقيل تلاها ليلة الهلال وهي أول ليلة من الشهر وقيل في الخامس عشر وقيل في الشهر كله فهو في النصف الأول يتلوها وتكون أمامه و هووراءها و في النصف الأخير يتلو غروبها بالطلوع وَ النّهارِ إِذا جَلّاها أي جلي الظلمة وكشفها أوأبرز الشمس وأظهرهاوَ اللّيلِ إِذا يَغشاها أي يغشي الشمس حتي تغيب فتظلم الآفاق ويلبسها سواده .أقول و قدمر تأويلها في الأخبار بأن الشمس رسول الله ص به أوضح الله للناس دينهم والقمر أمير المؤمنين ع تلا رسول الله ص ونفثه بالعلم نفثا والليل أئمة الجور الذين استبدوا بالأمر دون آل الرسول وجلسوا مجلسا كان آل الرسول أولي به منهم فغشوا دين الله بالظلم والجور والنهار الإمام من ذرية فاطمة
صفحه : 141
ع يسأل عن دين الله فيجليه لمن سأله و قدمر شرحها وبيانها.وَ الضّحي قال الطبرسي ره أقسم سبحانه بضوء النهار كله من قولهم ضحي فلان للشمس إذاظهر لها ويدل عليه قوله سبحانه في مقابلته وَ اللّيلِ إِذا سَجي أي سكن واستقر ظلامه وقيل المراد بالضحي أول ساعة من النهار وقيل صدر النهار وهي الساعة التي فيهاارتفاع الشمس واعتدال النهار في الحر والبرد والشتاء والصيف وقيل معناه ورب الضحي ورب الليل إذاسجي وقيل إِذا سَجي إذاأغطي بالظلمة كل شيء وقيل إذاأقبل ظلامه .بِرَبّ الفَلَقِ أي برب الصبح وخالقه ومدبره ومطلعه متي شاء علي مايري من الصلاح فيه مِن شَرّ ما خَلَقَ من الجن والإنس وسائر الحيوانات وإنما سمي الصبح فلقا لانفلاق عموده بالضياء عن الظلام وقيل الفلق المواليد وجب في جهنم وَ مِن شَرّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ أي و من شر الليل إذادخل بظلامه فالمراد من شر مايحدث في الليل من الشر والمكروه وإنما خص لأن الفساق يقدمون علي الفساد بالليل وكذلك الهوام والسباع تؤذي فيه أكثر
1-الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ وَ عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن أَبِي الصّبّاحِ الكنِاَنيِّ عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ لِلشّمسِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ بُرجاً كُلّ بُرجٍ مِنهَا مِثلُ جَزِيرَةٍ مِن جَزَائِرِ العَرَبِ فَتَنزِلُ كُلّ يَومٍ عَلَي بُرجٍ مِنهَا فَإِذَا غَابَتِ انتَهَت إِلَي حَدّ بُطنَانِ العَرشِ فَلَم تَزَل سَاجِدَةً إِلَي الغَدِ ثُمّ تُرَدّ إِلَي مَوضِعِ مَطلَعِهَا وَ مَعَهَا مَلَكَانِ يَهتِفَانِ مَعَهَا وَ إِنّ وَجهَهَا لِأَهلِ السّمَاءِ وَ قَفَاهَا لِأَهلِ الأَرضِ وَ لَو
صفحه : 142
كَانَ وَجهُهَا لِأَهلِ الأَرضِ لَأَحرَقَتِ الأَرضَ وَ مَن عَلَيهَا مِن شِدّةِ حَرّهَا وَ مَعنَي سُجُودِهَا مَا قَالَ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَيأَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يَسجُدُ لَهُ مَن فِي السّماواتِ وَ مَن فِي الأَرضِ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ وَ النّجُومُ وَ الجِبالُ وَ الشّجَرُ وَ الدّوَابّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ
توضيح ثلاثمائة وستين برجا لعل المراد بالبرج الدرجات التي تنتقل إليها بحركاتها الخاصة أوالمدارات التي تنتقل إلي واحد منها كل يوم فيكون هذاالعدد مبنيا علي ما هوالشائع بين الناس من تقدير السنة به و إن لم يكن مطابقا لشيء من حركتي الشمس والقمر مثل جزيرة من جزائر العرب أي نسبتها إلي الفلك نسبة جزيرة من الجزائر إلي الأرض أوالغرض التشبيه في أصل العظمة
صفحه : 143
لاخصوص المقدار والمقصود بيان سرعة حركتها و إن كانت بطيئة بالنسبة إلي الحركة اليومية قال الفيروزآبادي جزيرة العرب ماأحاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات أو ما بين عدن أبين إلي أطراف الشام طولا و من جدة إلي ريف العراق عرضا فإذاغابت أي بالحركة اليومية إلي حد بطنان العرش أي وسطه ولعل المراد وصولها إلي دائرة نصف النهار من تحت الأرض فإنها بحذاء أوساط العرش بالنسبة إلي أكثر المعمورة إذ ورد في الأخبار أن العرش محاذ للكعبة فلم تزل ساجدة أي مطيعة خاضعة منقادة جارية بأمره تعالي حتي ترد إلي مطلعها والمراد بمطلعها ماقدر أن تطلع منه في هذااليوم أو ماطلعت فيه في السنة السابقة في مثله و قوله ومعني سجودها يحتمل أن تكون من تتمة الخبر لبيان أنه ليس المراد بالسجود ما هوالمصطلح ولعل الأظهر أنه من كلام الكليني أوغيره من الرواة وسيأتي تفسير الآية في محله
2- الكاَفيِ، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي وَ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ جَمِيعاً عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مِهزَمٍ عَن رَجُلٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ الشّمسَ تَطلُعُ وَ مَعَهَا أَربَعَةُ أَملَاكٍ مَلَكٌ ينُاَديِ يَا صَاحِبَ الخَيرِ أَتِمّ وَ أَبشِر وَ مَلَكٌ ينُاَديِ يَا صَاحِبَ الشّرّ انزِع وَ أَقصِر وَ مَلَكٌ ينُاَديِ أَعطِ مُنفِقاً خَلَفاً وَ آتِ مُمسِكاً تَلَفاً وَ مَلَكٌ يَنضِحُهَا بِالمَاءِ وَ لَو لَا ذَلِكَ اشتَعَلَتِ الأَرضُ
بيان يحتمل أن يكون النضح بالماء كناية عن بث الأجزاء المائية في الهواء
صفحه : 144
بسبب الأنهار والبحار والآبار وغيرها فإنه لولاها لكان تأثير الحرارة في الهواء و الأرض والأبدان والأشجار والنباتات أكثر وأقول قال السيد الداماد في بعض زبره فِيمَا نَقَلَهُ رَهطٌ مِنَ المُفَسّرِينَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ مِمّا استَفَادَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فِي تَفسِيرِ قَولِهِ تَعَالَيكُلّ يجَريِ لِأَجَلٍ مُسَمّي إِنّ لِلشّمسِ مِائَةً وَ ثَمَانِينَ مَنزِلًا فِي مِائَةٍ وَ ثَمَانِينَ يَوماً ثُمّ إِنّهَا تَعُودُ مَرّةً أُخرَي إِلَي وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنهَا فِي أَمثَالِ تِلكَ الأَيّامِ وَ مَجمُوعُ تِلكَ الأَيّامِ سَنَةٌ
و قال علامتهم المفسر الأعرج النيسابوري في تفسيره إن صح هذا عنه فلعله أراد تصاعدها علي دائرة نصف النهار وتنازلها منها في أيام السنة أوأراد نزولها في فلكها الخارج المركز من الأوج إلي الحضيض ثم صعودها من الحضيض إلي الأوج فإن لها بحسب كل جزء من تلك الأجزاء في كل يوم من تلك الأيام تعديلا خاصا زائدا أوناقصا ونحن نقول ذلك تجشم وتكلف بل أراد بمنازلها في أيام السنة مداراتها اليومية بحسب أجزاء مدارها ألذي عليه طول السنة بحركتها الخاصة فإن ذلك المدار في سطح منطقة البروج مقاطعا لمنطقة معدل النهار علي نقطتي الاعتدالين و كل جزءين من أجزائه شماليين أوجنوبيين هما متساويا البعد عن إحدي نقطتي الانقلابين و بعدأحدهما عن إحدي نقطتي الاعتدالين كبعد الآخر عن الأخري فإنهما متحدان في المدار اليومي فالشمس بحسب كونها في أجزاء مدارها بحركتها الخاصة تعود بالحركة الشرقية في الربع الصيفي من أرباع السنة إلي مداراتها اليومية الربيعية و في الربع الشتوي إلي مداراتها اليومية الخريفية ففي النصف الشتوي والربيعي من السنة تعود إلي مداراتها الخريفية والصيفية و في النصف الصيفي والخريفي إلي مداراتها الربيعية والشتوية فاحفظ بذلك فإنه من بدائع الصنائع الإلهية
3-التّوحِيدُ، وَ المَجَالِسُ،لِلصّدُوقِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي بنِ المُتَوَكّلِ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الأسَدَيِّ عَن مُوسَي بنِ عِمرَانَ النخّعَيِّ عَنِ النوّفلَيِّ عَنِ السكّوُنيِّ عَن أَبِي نُعَيمٍ البلَخيِّ عَن مُقَاتِلِ بنِ حَيّانَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبزَي عَن
صفحه : 145
أَبِي ذَرّ الغفِاَريِّ قَالَ كُنتُ آخِذاً بِيَدِ النّبِيّص وَ نَحنُ نَتَمَاشَي جَمِيعاً فَمَا زِلنَا نَنظُرُ إِلَي الشّمسِ حَتّي غَابَت فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَينَ تَغِيبُ قَالَ فِي السّمَاءِ ثُمّ تَرفَعُ مِن سَمَاءٍ إِلَي سَمَاءٍ حَتّي تَرفَعَ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ العُليَا حَتّي تَكُونَ تَحتَ العَرشِ فَتَخِرّ سَاجِدَةً فَتَسجُدُ مَعَهَا المَلَائِكَةُ المُوَكّلُونَ بِهَا ثُمّ تَقُولُ يَا رَبّ مِن أَينَ تأَمرُنُيِ أَن أَطلُعَ أَ مِن مغَربِيِ أَم مِن مطَلعَيِ فَذَلِكَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّوَ الشّمسُ تجَريِ لِمُستَقَرّ لَها ذلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِيعَنيِ بِذَلِكَ صُنعَ الرّبّ العَزِيزِ فِي مُلكِهِ بِخَلقِهِ قَالَ فَيَأتِيهَا جَبرَئِيلُ بِحُلّةِ ضَوءٍ مِن نُورِ العَرشِ عَلَي مَقَادِيرِ سَاعَاتِ النّهَارِ فِي طُولِهِ فِي الصّيفِ أَو قِصَرِهِ فِي الشّتَاءِ أَو مَا بَينَ ذَلِكَ فِي الخَرِيفِ وَ الرّبِيعِ قَالَ فَتَلبَسُ تِلكَ الحُلّةَ كَمَا يَلبَسُ أَحَدُكُم ثِيَابَهُ ثُمّ تَنطَلِقُ بِهَا فِي جَوّ السّمَاءِ حَتّي تَطلُعَ مِن مَطلَعِهَا قَالَ النّبِيّص فكَأَنَيّ بِهَا قَد حُبِسَت مِقدَارَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ثُمّ لَا تُكسَي ضَوءً وَ تُؤمَرُ أَن تَطلُعَ مِن مَغرِبِهَا فَذَلِكَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّإِذَا الشّمسُ كُوّرَت وَ إِذَا النّجُومُ انكَدَرَت وَ القَمَرُ كَذَلِكَ مِن مَطلَعِهِ وَ مَجرَاهُ فِي أُفُقِ السّمَاءِ وَ مَغرِبِهِ وَ ارتِفَاعِهِ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ يَسجُدُ تَحتَ العَرشِ وَ جَبرَئِيلُ يَأتِيهِ بِالحُلّةِ مِن نُورِ الكرُسيِّ فَذَلِكَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّهُوَ ألّذِي جَعَلَ الشّمسَ ضِياءً وَ القَمَرَ نُوراً قَالَ أَبُو ذَرّ ره ثُمّ اعتَزَلتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِص فَصَلّينَا المَغرِبَ
صفحه : 146
بيان قديحمل أكثر ماورد في الخبر علي الاستعارة التمثيلية والمجاز الشائع في كلام العرب و الله يعلم حقائق الأمور
4-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ يَسَارٍ عَن مَعرُوفِ بنِ خَرّبُوذَ عَنِ الحَكَمِ بنِ المُستَنِيرِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ إِنّ مِنَ الآيَاتِ التّيِ قَدّرَهَا اللّهُ لِلنّاسِ مِمّا يَحتَاجُونَ إِلَيهِ البَحرَ ألّذِي خَلَقَهُ اللّهُ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ قَالَ وَ إِنّ اللّهَ قَدّرَ فِيهِ مجَاَريَِ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ النّجُومِ وَ الكَوَاكِبِ ثُمّ قَدّرَ ذَلكَ كُلّهُ عَلَي الفَلَكِ ثُمّ وَكّلَ بِالفَلَكِ مَلَكاً مَعَهُ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ فَهُم يُدِيرُونَ الفَلَكَ فَإِذَا أَدَارُوهُ دَارَتِ الشّمسُ وَ القَمَرُ وَ النّجُومُ وَ الكَوَاكِبُ مَعَهُ فَنَزَلَت فِي مَنَازِلِهَا
صفحه : 147
التّيِ قَدّرَهَا اللّهُ فِيهَا لِيَومِهَا وَ لَيلَتِهَا وَ إِذَا كَثُرَت ذُنُوبُ العِبَادِ وَ أَرَادَ اللّهُ أَن يَستَعتِبَهُم بِآيَةٍ مِن آيَاتِهِ أَمَرَ المَلَكَ المُوَكّلَ بِالفَلَكِ أَن يُزِيلَ الفَلَكَ ألّذِي عَلَيهِ مجَاَريِ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ النّجُومِ وَ الكَوَاكِبِ فَيَأمُرُ المَلَكُ أُولَئِكَ السّبعِينَ الأَلفَ المَلَكِ أَن يُزِيلُوا الفَلَكَ عَن مَجَارِيهِ قَالَ فَيُزِيلُونَهُ فَتَصِيرُ الشّمسُ فِي ذَلِكَ البَحرِ ألّذِي يجَريِ الفَلَكُ فِيهِ فَيَطمِسُ ضَوؤُهَا وَ يُغَيّرُ لَونُهَا فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يُعَظّمَ الآيَةَ طَمَسَتِ الشّمسُ فِي البَحرِ عَلَي مَا يُحِبّ اللّهُ أَن يُخَوّفَ خَلقَهُ بِالآيَةِ فَذَلِكَ عِندَ شِدّةِ انكِسَافِ الشّمسِ وَ كَذَلِكَ يُفعَلُ بِالقَمَرِ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يُخرِجَهُمَا وَ يَرُدّهُمَا إِلَي مَجرَاهُمَا أَمَرَ المَلَكَ المُوَكّلَ بِالفَلَكِ أَن يَرُدّ الشّمسَ إِلَي مَجرَاهَا فَيَرُدّ المَلَكُ الفَلَكَ إِلَي مَجرَاهُ فَتَخرُجُ مِنَ المَاءِ وَ هيَِ كَدِرَةٌ وَ القَمَرُ مِثلُ ذَلِكَ ثُمّ قَالَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع أَمَا إِنّهُ لَا يَفزَعُ لَهُمَا وَ لَا يَرهَبُ إِلّا مَن كَانَ مِن شِيعَتِنَا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَافزَعُوا إِلَي اللّهِ وَ رَاجِعُوا قَالَ وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الأَرضُ مَسِيرَةُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ الخَرَابُ مِنهَا مَسِيرَةُ أَربَعِمِائَةِ عَامٍ وَ العُمرَانُ مِنهَا مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ وَ الشّمسُ سِتّونَ فَرسَخاً فِي سِتّينَ فَرسَخاً وَ القَمَرُ
صفحه : 148
أَربَعُونَ فَرسَخاً فِي أَربَعِينَ فَرسَخاً بُطُونُهُمَا يُضِيئَانِ لِأَهلِ السّمَاءِ وَ ظُهُورُهُمَا لِأَهلِ الأَرضِ وَ الكَوَاكِبُ كَأَعظَمِ جَبَلٍ عَلَي الأَرضِ وَ خَلَقَ الشّمسَ قَبلَ القَمَرِ
وَ قَالَ سَلّامُ بنُ المُستَنِيرِ قُلتُ لأِبَيِ جَعفَرٍ ع لِمَ صَارَتِ الشّمسُ أَحَرّ مِنَ القَمَرِ قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ الشّمسَ مِن نُورِ النّارِ وَ صَفوِ المَاءِ طَبَقاً مِن هَذَا وَ طَبَقاً مِن هَذَا حَتّي إِذَا صَارَت سَبعَةَ أَطبَاقٍ أَلبَسَهَا لِبَاساً مِن نَارٍ فَمِن هُنَالِكَ صَارَت أَحَرّ مِنَ القَمَرِ قُلتُ فَالقَمَرُ قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ القَمَرَ مِن ضَوءِ نُورِ النّارِ وَ صَفوِ المَاءِ طَبَقاً مِن هَذَا وَ طَبَقاً مِن هَذَا حَتّي إِذَا صَارَت سَبعَةَ أَطبَاقٍ أَلبَسَهَا لِبَاساً مِن مَاءٍ فَمِن هُنَالِكَ صَارَ القَمَرُ أَبرَدَ مِنَ الشّمسِ
الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن مَعرُوفِ بنِ خَرّبُوذَ عَنِ الحَكَمِ بنِ المُستَورِدِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع مِثلَهُ إِلَي قَولِهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَافزَعُوا إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ ثُمّ ارجِعُوا إِلَيهِ
الفقيه ، عنه ع مرسلامثله
صفحه : 149
توضيح أن من الآيات كذا في الفقيه وبعض نسخ التفسير و في بعضها الأوقات والأول أصوب و في الكافي من الأقوات أي أسبابها قدر فيه أي في البحر أي عليه ومحاذيا له أوجعله بحيث يمكن أن يجري الكواكب فيه عندالحاجة و في الكتابين فيهافالمراد أيضا البحر بتأويل الآية ويمكن إرجاعه إلي الآيات أو إلي السماء وقدر ذلك أي الجريان كله علي الفلك أي الفلك الأعظم أوفلك الكوكب والأول أظهر و في الفقيه هكذا أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك عن مجاريه قال فيأمر الملك السبعين الألف الملك أن أزيلوا الفلك إلي قوله في ذلك البحر ألذي كان فيه الفلك وفيهما فإذاأراد الله أن يجليها ويردها إلي مجراها أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الفلك إلي مجراه فيرد الفلك وترجع الشمس إلي مجراها قال فتخرج و في الفقيه أماإنه لايفزع للآيتين و لايرهب إلا من كان من شيعتنا قوله ع أن يستعتبهم أي يطلب
صفحه : 150
عتباهم ورجوعهم أويحملهم علي مايوجب الرضا و في القاموس العتب الموجدة والغضب والعتبي الرضا واستعتبه أعطاه العتبي كأعتبه وطلب إليه العتبي ضدوَ إِن يَستَعتِبُوا فَما هُم مِنَ المُعتَبِينَ أي إن يستقيلوا ربهم لم يقلهم أي لم يردهم إلي الدنيا قوله فيطمس ضوؤها أي بعض ضوئها قوله طمست الشمس أي كلها أوأكثرها بحسب مايراه في تأديبهم من المصلحة قوله ع وهي كدرة أي بعد ماكانت كدرة أوتبقي فيهاكدورة قليلة بعدالخروج أيضا في زمان قليل قوله ع إلا من كان من شيعتنا لأنهم يؤمنون بهذا و أماأكثر الخلق الذين يسندونهما إلي حركات الأفلاك فلايرهبون لهما.تفصيل كلام لرفع أوهام اعلم أن الفلاسفة ذهبوا إلي أن جرم القمر مظلم كثيف صقيل يقبل من الشمس الضوء لكثافته وينعكس عنه لصقالته فيكون أبدا المضيء من جرمه الكري أكثر من النصف بقليل لكون جرمه أصغر من جرم الشمس و قدثبت في الأصول أنه إذاقبل الضوء كرة صغري من كرة أعظم منها كان المضيء من الصغري أعظم من نصفها وتفصل بين المضيء والمظلم دائرة قريبة من العظيمة تسمي دائرة النور وتفصل بين مايصل إليه نور البصر من جرم القمر و بين ما لايصل دائرة تسمي دائرة الرؤية وهي أيضا قريبة من العظيمة لماثبت في 24- من مناظر أقليدس أن مايري من الكرة يكون أصغر من نصفها وهاتان الدائرتان يمكن أن تتطابقا و قدتتفارقان إما متوازيتين أومتقاطعتين أو لاذا و لاذاك و قدتؤخذان عظيمتين إذ لاتفاوت في الحس بين كل منهما و بين العظيمة ويجعل مايقارب التطابق تطابقا فإذااجتمعت الشمس والقمر صار وجهه المضيء إليها والمظلم إلينا وتطابق الدائرتان و هوالمحاق فإذا بعدعنها يسيرا تقاطعت الدائرتان علي حواد ومنفرجات فإذا بعدمنها قريبا من اثنتي عشرة درجة يري من وجهه المضيء ماوقع منه بين الدائرتين في جهة الحادتين اللتين إلي صوب الشمس و هوالهلال و لاتزال هذه القطعة تتزايد بتزايد البعد عن الشمس والحواد تتعاظم
صفحه : 151
والمنفرجات تتصاغر حتي يصير التقاطع بين الدائرتين علي قوائم ويحصل التربيع فيري من الوجه المضيء نصفه و لايزال يتزايد المرئي من المضيء ويتعاظم انفراج الزاويتين الأولتين إلي وقت الاستقبال فتطابق الدائرتان مرة ثانية ويصير الوجه المضيء إلينا و إلي الشمس معا و هوالبدر ثم يقع التقارب فيعود تقاطع الدائرتين علي المختلفات أولا ثم علي قوائم ثانيا وحصل التربيع الثاني ثم يئول الحال إلي التطابق فيعود المحاق وهكذا إلي ماشاء الله سبحانه . والكسوف عندهم حالة تعرض للشمس من عدم الاستنارة والإنارة بالنسبة إلي الأبصار حين ما يكون من شأنها ذلك بسبب توسط القمر بينها و بين الأبصار و ذلك إذاوقع القمر علي الخط الخارج من البصر إلي الشمس ويسمي ذلك بالاجتماع المرئي و يكون لامحالة علي إحدي العقدتين الرأس أوالذنب أوبقربهما بحيث لا يكون للقمر عرض مرئي بقدر مجموع نصف قطرة وقطر الشمس فلامحالة يحول بين الشمس و بين البصر ويحجب بنصفه المظلم نورها من الناظرين بالكل و هوالكسوف الكلي أوالبعض فالجزئي ولكونه حالة تعرض للشمس لا في ذاتها بل بالنسبة إلي الأبصار جاز أن يتفق الكسوف بالنسبة إلي قوم دون قوم كما إذاسترت السراج بيدك بحيث يراه القوم و أنت لاتراه و أن يكون كليا لقوم جزئيا لآخرين أوجزئيا للكل لكن علي التفاوت و أما إذا كان عرض القمر المرئي بقدر نصف مجموع القطرين فيما بين جرم القمر ومخروط شعاع الشمس فلا يكون كسوف . و أماخسوف القمر فيكون عندهم عنداستقبال الشمس إذا كان علي إحدي العقدتين أوبقربها بحيث يكون عرضه أقل من مجموع نصف قطرة وقطر مخروط ظل الأرض انحجبت بالأرض عن نور الشمس فيري إن كان فوق الأرض علي ظلامه الأصلي كلا أوبعضا و ذلك هوالخسوف الكلي أوالجزئي و أما إذا كان عرضه عن منطقة البروج بقدر نصف القطرين فلاينخسف . إذاعرفت هذافالكلام في هذاالخبر علي وجوه الأول أن يقال إن هذه مقدمات حدسية ظنية فإنه يمكن أن تكون هذه الاختلافات لجهة أخري كما
صفحه : 152
قال ابن هيثم في اختلاف تشكلات القمر إنه يجوز أن يكون ذلك لأن القمر كرة مضيئة نصفها دون نصف وإنها تدور علي مركز نفسها بحركة متساوية لحركة فلكها فإذا كان نصفه المضيء إلينا فبدر أوالمظلم فمحاق وفيما بينهما يختلف قدر ماتراه من المضيء وأيضا يمكن أن يكون الفاعل المختار يحدث فيه نورا بحسب إرادته في بعض الأحيان و لايحدث في بعضها فالحكم ببطلان الخبر أوتأويله غيرمستقيم الثاني أنه يمكن أن يكون عندحدوث تلك الأسباب يقع المرور علي البحر أيضا و يكون له أيضا مدخل في ذلك وامتناع الخرق والالتئام علي الأفلاك وعدم جواز الحركة المستقيمة فيها وامتناع اختلاف حركاتها وأمثال ذلك لم يثبتوها إلابشبهات واهية وخرافات فاسدة لايخفي وهنها علي من تأمل بالإنصاف فيها مع أن القول بهايوجب نفي كثير من ضروريات الدين من المعراج ونزول الملائكة وعروجهم وخرق السماوات وطيها وانتشار الكواكب وانكسافها في القيامة إلي غير ذلك مما صرح به في القرآن المجيد والأخبار المتواترة.الثالث ماذكره الصدوق ره في الفقيه حيث قال إن ألذي يخبر به المنجمون فيتفق علي مايذكرونه ليس من هذاالكسوف في شيء وإنما يجب الفزع فيه إلي المساجد والصلاة لأنه آية تشبه آيات الساعة و قال الشهيد ره في الذكري في جملة فروع أوردها في أحكام صلاة الكسوف الرابع لوجامعت صلاة العيد بأن تجب بسبب الآيات المطلقة أوبالكسوفين نظرا إلي قدرة الله تعالي و إن لم يكن معتادا علي أنه قداشتهر أن الشمس كسفت يوم عاشوراء لماقتل الحسين ع كسفة بدت الكواكب فيهانصف النهار في مارواه البيهقي وغيره و قدقدمنا أن الشمس كسفت يوم مات ابراهيم بن النبي ص وروي الزبير بن بكار في كتاب الأنساب أنه توفي في العاشر من شهر ربيع الأول وروي الأصحاب
صفحه : 153
أن من علامات المهدي ع كسوف الشمس في النصف الأول من شهر رمضان إلي آخر ما قال . وأقول رأيت في كثير من كتب الخاصة والعامة وقوع الكسوف والخسوف في يوم عاشوراء وليلته وَ رَوَي الشّيخُ المُفِيدُ فِي الإِرشَادِ بِإِسنَادِهِ إِلَي الفَضلِ بنِ شَاذَانَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ عَن ثَعلَبَةَ الأزَديِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع آيَتَانِ تَكُونَانِ قَبلَ القَائِمِ ع كُسُوفُ الشّمسِ فِي النّصفِ مِن شَهرِ رَمَضَانَ وَ خُسُوفُ القَمَرِ فِي آخِرِهِ قَالَ قُلتُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ تَنكَسِفُ الشّمسُ فِي نِصفِ الشّهرِ وَ القَمَرُ فِي آخِرِهِ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع أَنَا أَعلَمُ بِمَا قُلتُ إِنّهُمَا آيَتَانِ لَم تَكُونَا مُنذُ هَبَطَ آدَمُ ع
وَ رَوَاهُ فِي الكاَفيِ عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ عَن ثَعلَبَةَ بنِ مَيمُونٍ عَن بَدرِ بنِ الخَلِيلِ الأزَديِّ قَالَ كُنتُ جَالِساً عِندَ أَبِي جَعفَرٍ ع فَقَالَ آيَتَانِ تَكُونَانِ قَبلَ قِيَامِ القَائِمِ ع لَم تَكُونَا مُنذُ هَبَطَ آدَمُ ع إِلَي الأَرضِ تَنكَسِفُ الشّمسُ فِي النّصفِ مِن شَهرِ رَمَضَانَ وَ القَمَرُ فِي آخِرِهِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ تَنكَسِفُ الشّمسُ فِي آخِرِ الشّهرِ وَ القَمَرُ فِي النّصفِ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إنِيّ أَعلَمُ مَا تَقُولُ وَ لَكِنّهُمَا آيَتَانِ لَم تَكُونَا مُنذُ هَبَطَ آدَمُ ع
والأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في سائر المجلدات لاسيما في الثالث عشر.الرابع ماأوله بعض المتفلسفين و هو أن المراد بالبحر في الكسوف ظل القمر و في الخسوف ظل الأرض علي الاستعارة ووجدت في بعض الكتب مناظرة لطيفة وقعت بين رجل من المدعين للإسلام يذكر هذاالتأويل للخبر و بين رجل من براهمة الهند قال له حين سمع ذلك التأويل منه لايخلو من أن يكون مراد
صفحه : 154
صاحب شريعتك ماذكرت أم لا فإن لم يكن مراده ذلك فالويل لك حيث اجترأت علي الله و عليه وحملت كلامه علي ما لم يرده وافتريت عليه و إن كان مراده ذلك فله غرض في التعبير بهذه العبارة ومصلحة في عدم التصريح بالمراد لقصور أفهام عامة الخلق عن فهم الحقائق فالويل لك أيضا حيث نقضت غرضه وأبطلت مصلحته وهتكت سره . وأقول هذاالكلام متين و إن كان قائله علي مانقل من الكافرين لأن عقول العباد قاصرة عن فهم الأسباب والمسببات وكيفية نزول الأنكال والعقوبات فإذاسمعوا المنجم يخبر بوقوع الكسوف أوالخسوف في الساعة الفلانية بمقتضي حركات الأفلاك لم يخافوا عند ذلك و لم يفزعوا إلي ربهم و لم يرتدعوا به عن معصيته و لم يعدوه من آثار غضب الله تعالي لأنهم لايعلمون أنه يمكن أن يكون الصانع القديم والقادر الحكيم لماخلق العالم وقدر الحركات وسبب الأسباب والمسببات وعلم بعلمه الكامل أحوالهم وأفعالهم في كل عصر وزمان و كل دهر وأوان وعلم مايستحقون من التحذير والتنذير قدر حركات الأفلاك علي وجه يطابق الخسوف والكسوف وغيرهما من الآيات بقدر مايستحقونه بحسب أحوالهم من الإنذارات والعقوبات و هذا باب دقيق يعجز عنه أفهام أكثر الخلق وبالجملة الحديث و إن كان خبرا واحدا غيرنقي السند لكن لايحسن الجرأة علي رده وينبغي التسليم له في الجملة و إن صعب علي العقل فهمه فإنه سبيل أرباب التسليم الثابتين علي الصراط المستقيم . قوله ع و الأرض مسيرة خمسمائة عام لعل المراد أنه إذاأراد إنسان أن يدور جميع الأرض ويطلع علي جميع بقاعه الظاهرة والغائرة لا يكون إلا في خمسمائة سنة وكذا المعمور و غيرالمعمور إذ لو كان المراد المسير علي عظيمة محيطة بالأرض يكون ذلك في قليل من السنين إن كانت مساحتهم المذكورة في كتبهم حقة لأنهم قالوا مساحة
صفحه : 155
محيط دائرة عظيمة تفرض علي الأرض ثمانية آلاف فرسخ فيمكن قطعه في ثلاث سنين تقريبا وكون الشمس ستون فرسخا لعله بالفراسخ السماوية أوالمراد أن نسبتها إلي فلكها كنسبة تلك الفراسخ إلي الأرض وكذا القمر أوالمراد به العدد الكثير عبر هكذا تقريبا إلي فهم السائل وكذا المراد بكون الكواكب كأعظم جبل أن نسبة كل منها إلي السماء كنسبة أعظم جبل إلي الأرض كل ذلك بناء علي صحة ماذكره أصحاب الهيئة و هو غيرمعلوم فإنهم عولوا في ذلك علي مساحات وأرصاد تصدي جماعة من الكفرة لتحقيقها وضبطها وخلق الشمس قبل القمر يدل علي حدوثهما و الله يعلم حقائق مخلوقاته و من عرفهم تلك من حججه ع
5- الكاَفيِ، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي النّوَارِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ جَعفَرٍ ع جُعِلتُ فِدَاكَ لأِيَّ شَيءٍ صَارَتِ الشّمسُ أَشَدّ حَرَارَةً مِنَ القَمَرِ فَقَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ الشّمسَ مِن نُورِ النّارِ وَ صَفوِ المَاءِ طَبَقاً مِن هَذَا وَ طَبَقاً مِن هَذَا حَتّي إِذَا كَانَت سَبعَةَ أَطبَاقٍ أَلبَسَهَا لِبَاساً مِن نَارٍ فَمِن ثَمّ صَارَت أَشَدّ حَرَارَةً مِنَ القَمَرِ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ وَ القَمَرُ قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي ذِكرُهُ خَلَقَ القَمَرَ مِن ضَوءِ نُورِ النّارِ وَ صَفوِ المَاءِ طَبَقاً مِن هَذَا وَ طَبَقاً مِن هَذَا حَتّي إِذَا كَانَت سَبعَةَ أَطبَاقٍ أَلبَسَهَا لِبَاساً مِن مَاءٍ فَمِن ثَمّ صَارَ القَمَرُ أَبرَدَ مِنَ الشّمسِ
العلل ، والخصال ، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن يحيي العطار عن محمد بن أحمدالأشعري عن عيسي بن محمد عن علي بن مهزيار عن علي بن حسان
صفحه : 156
عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم مثله توضيح قوله ع حتي إذاكانت سبعة أطباق يحتمل أن يكون المعني أن الطبقة السابعة فيها من نار فيكون حرارتها لجهتين لكون طبقات النار أكثر بواحدة وكون الطبقة العليا من النار ويحتمل أن يكون لباس النار طبقة ثامنة فتكون الحرارة للجهة الثانية فقط وكذا في القمر يحتمل الوجهين ثم إنه يحتمل أن يكون خلقهما من النار والماء الحقيقيين من صفوهما وألطفهما و أن يكون المراد جوهرين لطيفين مشابهين لهما في الكيفية و لم يثبت امتناع كون العنصريات في الفلكيات ببرهان و قددل الشرع علي وقوعه في مواضع شتي
6- الإِحتِجَاجُ،رَوَي القَاسِمُ بنُ مُعَاوِيَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ لَمّا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ القَمَرَ كَتَبَ عَلَيهِ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَ هُوَ السّوَادُ ألّذِي تَرَونَهُ
7-الخِصَالُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُوسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ الهسِنَجاَنيِّ عَن سَعدِ بنِ كَثِيرِ بنِ عُفَيرٍ عَنِ ابنِ لَهِيعَةَ وَ رُشَيدِ بنِ سَعدٍ عَن حَرِيزِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَبِي عَبدِ الرّحمَنِ الجبَلَيِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص فِي مَرَضِهِ
صفحه : 157
ألّذِي توُفُيَّ فِيهِ ادعُوا إلِيَّ أخَيِ قَالَ فَأَرسَلُوا إِلَي عَلِيّ ع فَدَخَلَ فَوَلّيَا وُجُوهَهُمَا إِلَي الحَائِطِ وَ رَدّا عَلَيهِمَا ثَوباً فَأَسَرّ إِلَيهِ وَ النّاسُ مُحتَوِشُونَ وَرَاءَ البَابِ فَخَرَجَ عَلِيّ ع فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ النّاسِ أَسَرّ إِلَيكَ نبَيِّ اللّهِ شَيئاً قَالَ نَعَم أَسَرّ إلِيَّ أَلفَ بَابٍ فِي كُلّ بَابٍ أَلفُ بَابٍ وَ قَالَ وَعَيتَهُ قَالَ نَعَم وَ عَقَلتُهُ فَقَالَ فَمَا السّوَادُ ألّذِي فِي القَمَرِ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَالَوَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةً قَالَ لَهُ الرّجُلُ عَقَلتَ يَا عَلِيّ
بيان فوليا أي النبي و علي ع ويقال احتوش القوم علي فلان أي جعلوه وسطهم ويقال وعاه أي حفظه والظاهر أن السؤال كان عن علة الكلف في القمر فأجاب ع بأنه إنما جعل فيه ذلك ليقل نوره ويحصل الفرق بينه و بين الشمس فيمتاز الليل من النهار كمايدل عليه خبر ابن سلام فالمحو في الآية تقليل نور القمر بإحداث الكلف فيه واعلم أنهم اختلفوا في سبب الكلف فقيل خيال لاحقيقة له وأورد عليه بأنه يستحيل عادة توافق جميع الناس في خيال واحد لاحقيقة له وقيل هوشبح ماينطبع فيه من السفليات من الجبال والبحار وغيرها وزيف بأنه لو كان كذلك لكان يختلف باختلاف القمر في قربه وبعده وانحرافه عما ينطبع فيه وقيل هوالسواد الكائن في الوجه الآخر وأورد عليه بأنه لو كان كذلك لم ير متفرقا وقيل و هوسحق النار للقمر وأجيب بأنه غيرمماس للنار لأنه مركوز في تدوير هو في ثخن حامل فبينه و بين النار بعدبعيد و لوفرض أنه في حضيض التدوير مع كونه في حضيض الحامل لم يتصور هناك مماسة إلابنقطة واحدة وأيضا فهو غيرقابل للتسخن عندهم فكيف ينسحق بها وقيل هوجزء منه لايقبل النور كسائر أجزائه القابلة له وأورد عليه أنه مخالف لماذهبوا إليه من بساطة الفلكيات فيبطل جميع قواعدهم المبنية علي بساطتها وقيل هووجه القمر فإنه مصور بصورة إنسان فله عينان وحاجبان وأنف وفم وأجيب بأنه
صفحه : 158
لافائدة في جعل هذه الأجزاء فيه وقيل هوأجسام سماوية مختلفة معه في تدويره غيرقابلة للإنارة حافظة لوضعها معه دائما و هذاأقرب الوجوه عندهم و كل ذلك قول بغير علم و لانعلم من ذلك إلا أنه سبحانه خلقه كذلك والبحث عن سببه لاطائل تحته وسنذكر وجوها أخر بعد ذلك إن شاء الله
8- العُيُونُ، وَ العِلَلُ، فِي خَبَرِ يَزِيدَ بنِ سَلّامٍ أَنّهُ سَأَلَ النّبِيّص مَا بَالُ الشّمسِ وَ القَمَرِ لَا يَستَوِيَانِ فِي الضّوءِ وَ النّورِ قَالَ لَمّا خَلَقَهُمَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَطَاعَا وَ لَم يَعصِيَا شَيئاً فَأَمَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ جَبرَئِيلَ أَن يَمحُوَ ضَوءَ القَمَرِ فَمَحَاهُ فَأَثّرَ المَحوُ فِي القَمَرِ خُطُوطاً سَودَاءَ وَ لَو أَنّ القَمَرَ تُرِكَ عَلَي حَالِهِ بِمَنزِلَةِ الشّمسِ لَم يُمحَ لَمَا عُرِفَ اللّيلُ مِنَ النّهَارِ وَ لَا النّهَارُ مِنَ اللّيلِ وَ لَا عَلِمَ الصّائِمُ كَم يَصُومُ وَ لَا عَرَفَ النّاسُ عَدَدَ السّنِينَ وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةً لِتَبتَغُوا فَضلًا مِن رَبّكُم وَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ لِمَ سمُيَّ اللّيلُ لَيلًا قَالَ لِأَنّهُ يُلَايِلُ الرّجَالَ مِنَ النّسَاءِ جَعَلَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أُلفَةً وَ لِبَاساً وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ جَعَلنَا اللّيلَ لِباساً وَ جَعَلنَا النّهارَ مَعاشاً قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ الخَبَرَ
بيان يظهر من الخبر أن الليل مشتق من الملايلة وهي بمعني المؤالفة والموافقة والمشهور عنداللغويين عكس ذلك قال الفيروزآبادي لايلته استجرته لليلة وعامله ملايلة كمياومة
9- العِلَلُ، وَ العُيُونُ، فِي خَبَرِ الشاّميِّ أَنّهُ سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَن طُولِ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ عَرضِهَا قَالَ تِسعُمِائَةِ فَرسَخٍ الخَبَرَ
صفحه : 159
10- الإِحتِجَاجُ، عَنِ الأَصبَغِ قَالَ سَأَلَ ابنُ الكَوّاءِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ المَحوِ ألّذِي يَكُونُ فِي القَمَرِ قَالَ ع اللّهُ أَكبَرُ اللّهُ أَكبَرُ رَجُلٌ أَعمَي يَسأَلُ عَن مَسأَلَةٍ عَميَاءَ أَ مَا سَمِعتَ اللّهَ تَعَالَي يَقُولُوَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةًالخَبَرَ
العياشي، عن أبي الطفيل مثله بيان عن مسألة عمياء أي غامضة مشتبهة يصعب فهمها
11- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِلَا الشّمسُ ينَبغَيِ لَها أَن تُدرِكَ القَمَرَ وَ لَا اللّيلُ سابِقُ النّهارِ وَ كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَ يَقُولُ الشّمسُ سُلطَانُ النّهَارِ وَ القَمَرُ سُلطَانُ اللّيلِ لَا ينَبغَيِ لِلشّمسِ أَن تَكُونَ مَعَ ضَوءِ القَمَرِ بِاللّيلِ وَ لَا يَسبِقُ اللّيلُ النّهَارَ يَقُولُ لَا يَذهَبُ اللّيلُ حَتّي يُدرِكَهُ النّهَارُوَ كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَ يَقُولُ يجَيِءُ وَرَاءَ الفَلَكِ بِالِاستِدَارَةِ
بيان يجيء وراء الفلك لعل المعني تابعا لسير الفلك فكأنه وراءه
12- العُيُونُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مَهزِيَارَ عَن أَخِيهِ عَلِيّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن حَمّادِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ أتُيَِ بِالشّمسِ وَ القَمَرِ فِي صُورَةِ ثَورَينِ عَقِيرَينِ فَيُقذَفَانِ بِهِمَا وَ بِمَن يَعبُدُهُمَا فِي النّارِ وَ ذَلِكَ أَنّهُمَا عُبِدَا فَرَضِيَا
بيان قال في النهاية في حديث كعب إن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار قيل لماوصفهما الله تعالي بالسباحة في قوله كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَ ثم أخبر أنه يجعلهما في النار يعذب بهما أهلها بحيث لايبرحانها صارا كأنهما زمنان
صفحه : 160
عقيران حكي ذلك أبو موسي و هو كماتراه و قال العقير المنحور لأنهم كانوا إذاأرادوا نحر البعير عقروه أي قطعوا إحدي قوائمه ثم نحروه
13- التّفسِيرُ، وَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةً قَالَ المَحوُ فِي القَمَرِ
14- الإِحتِجَاجُ، عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ سَأَلَ الزّندِيقُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ الشّمسِ أَينَ تَغِيبُ قَالَ إِنّ بَعضَ العُلَمَاءِ قَالُوا إِذَا انحَدَرَت أَسفَلَ القُبّةِ دَارَ بِهَا الفَلَكُ إِلَي بَطنِ السّمَاءِ صَاعِدَةً أَبَداً إِلَي أَن تَنحَطّ إِلَي مَوضِعِ مَطلَعِهَا يعَنيِ أَنّهَا تَغِيبُ فِي عَينٍ حَامِيَةٍ ثُمّ تَخرِقُ الأَرضَ رَاجِعَةً إِلَي مَوضِعِ مَطلَعِهَا فَتَحَيّرُ تَحتَ العَرشِ حَتّي يُؤذَنَ لَهَا بِالطّلُوعِ وَ يُسلَبُ نُورُهَا كُلّ يَومٍ وَ تَتَجَلّلُ نُوراً آخَرَ قَالَ فَخَلَقَ النّهَارَ قَبلَ اللّيلِ قَالَ نَعَم خَلَقَ النّهَارَ قَبلَ اللّيلِ وَ الشّمسَ قَبلَ القَمَرِ وَ الأَرضَ قَبلَ السّمَاءِ الخَبَرَ
بيان قوله ع صاعدة أشار ع بذلك إلي أن الشمس إذاغابت عندنا تطلع علي قوم آخرين فهي عندهم صاعدة إلي أن تصل إلي قمة الرأس عندهم وهي قمة القدم عندنا ثم تنحط عندهم إلي أن تصل إلي مشرقنا وتحيرها وإذنها لعلهما كنايتان عن أنها مسخرة للرب متحركة بقدرته إذاشاء حركها ومتي شاء سكنها ففي كل آن من آنات حركتها في مطلع قوم وطلوعها عليهم بإذنه وقدرته سبحانه و لوشاء لجعلها ساكنة و لما كان الباقي في البقاء محتاجا إلي المؤثر فهي في كل آن باعتبار إمكانها مسلوبة النور والصفات والوجود بحسب ذاتها وإنما تكتسب جميع ذلك من خالقها ومدبرها فهي في جميع الأوقات والأزمان
صفحه : 161
تحت عرش الرحمن وقدرته متحيرة في أمرها ساجدة خاضعة لربها تسأله بلسان إمكانها وافتقارها الإذن في طلوعها وغروبها وتكسي حلة من نوره تعالي والقائلون بتجدد الأمثال يمكنهم التمسك بأمثال هذاالخبر لكن علي ماحققناه لادلالة لها علي مذهبهم وإنما أومأت لك إلي بعض الأسرار ليمكنك فهم غوامض الأخبار و قدمر تحقيق خلق النهار قبل الليل في الباب الأول
15- التّوحِيدُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن صَفوَانَ عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الشّمسُ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ الكرُسيِّ وَ الكرُسيِّ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ العَرشِ وَ العَرشُ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ الحِجَابِ وَ الحِجَابُ جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءاً مِن نُورِ السّترِ الخَبَرَ
16- قِصَصُ الراّونَديِّ،بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ الحَجّالِ عَنِ العَلَاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ مُوسَي سَأَلَ رَبّهُ أَن يُعَلّمَهُ زَوَالَ الشّمسِ فَوَكّلَ اللّهُ بِهَا مَلَكاً فَقَالَ يَا مُوسَي قَد زَالَتِ الشّمسُ فَقَالَ مُوسَي مَتَي فَقَالَ حِينَ أَخبَرتُكَ وَ قَد سَارَت خَمسَمِائَةِ عَامٍ
17- العيَاّشيِّ، عَن أَبِي بَصِيرٍ عَنِ الصّادِقِ ع فِي قَولِهِ تَعَالَيفَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ قَالَ هُوَ السّوَادُ ألّذِي فِي جَوفِ القَمَرِ
18- وَ مِنهُ، عَن نَصرِ بنِ قَابُوسَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ السّوَادُ ألّذِي فِي القَمَرِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ
بيان يحتمل أن يكون المراد أن هذاالسواد لما كان من أعظم أسباب نظام العالم كمامر والعلة الغائية لخلق العالم ونظامه هوص فكأنه يدل عليه أو
صفحه : 162
أنه لمادل علي حكمة الصانع وعدم تفويته ما فيه صلاح الخلق ورسالته ص أعظم المصالح فهو يدل عليه مع أنه لاحاجة إلي هذه التكلفات ويمكن حمله علي الحقيقة
19- العيَاّشيِّ، عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع تَغرُبُ الشّمسُ فِي عَينٍ حَامِيَةٍ فِي بَحرٍ دُونَ المَدِينَةِ التّيِ تلَيِ المَغرِبَ يعَنيِ جَابَلقَا
20- كِتَابُ النّجُومِ،لِلسّيّدِ بنِ طَاوُسٍ بِأَسَانِيدِهِ إِلَي مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ النعّماَنيِّ فِي كِتَابِ الدّلَائِلِ عَن مُحَمّدِ بنِ هَمّامٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي بنِ عُبَيدٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَحمَدَ اليقَطيِنيِّ قَالَ حدَثّنَيِ ابنُ ذيِ العَلَمَينِ قَالَ كُنتُ وَاقِفاً بَينَ يدَيَ ذيِ الرّئَاسَتَينِ بِخُرَاسَانَ فِي مَجلِسِ المَأمُونِ وَ قَد حَضَرَهُ أَبُو الحَسَنِ الرّضَا ع فَجَرَي ذِكرُ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ أَيّهُمَا خُلِقَ قَبلُ فَخَاضُوا فِي ذَلِكَ وَ اختَلَفُوا ثُمّ إِنّ ذَا الرّئَاسَتَينِ سَأَلَ الرّضَا ع عَن ذَلِكَ وَ عَمّا عِندَهُ فِيهِ فَقَالَ لَهُ أَ تُحِبّ أَن أُعطِيَكَ الجَوَابَ مِن كِتَابِ اللّهِ أَو مِن حِسَابِكَ فَقَالَ أُرِيدُهُ أَوّلًا مِن جِهَةِ الحِسَابِ فَقَالَ أَ لَيسَ تَقُولُونَ إِنّ طَالِعَ الدّنيَا السّرَطَانُ وَ إِنّ الكَوَاكِبَ كَانَت فِي شَرَفِهَا قَالَ نَعَم قَالَ فَزُحَلُ فِي المِيزَانِ وَ المشُترَيِ فِي السّرَطَانِ وَ المِرّيخُ فِي الجدَيِ وَ الزّهَرَةُ فِي الحُوتِ وَ القَمَرُ فِي الثّورِ وَ الشّمسُ فِي وَسَطِ السّمَاءِ فِي الحَمَلِ وَ هَذَا لَا يَكُونُ إِلّا نَهَاراً قَالَ نَعَم فَمِن كِتَابِ اللّهِ قَالَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّلَا الشّمسُ ينَبغَيِ لَها أَن تُدرِكَ القَمَرَ وَ لَا اللّيلُ سابِقُ النّهارِ أَيِ النّهَارُ يَسبِقُهُ
قَالَ السّيّدُ وَ رُوّينَاهُ أَيضاً بِعِدّةِ أَسَانِيدَ عَنِ ابنِ جُمهُورٍ العمَيّّ وَ كَانَ عَالِماً فَاضِلًا فِي كِتَابِ الوَاحِدَةِ قَالَ وَ مِن مَسَائِلَ ذيِ الرّئَاسَتَينِ لِلرّضَا ع أَنّهُم تَذَاكَرُوا بَينَ يدَيَِ المَأمُونِ خَلقَ اللّيلِ وَ النّهَارِ فَبَعضٌ قَالَ خَلَقَ اللّهُ النّهَارَ قَبلَ اللّيلِ وَ بَعضٌ قَالَ خَلَقَ اللّيلَ قَبلَ النّهَارِ فَرَجَعُوا بِالسّؤَالِ إِلَي أَبِي الحَسَنِ ع فَقَالَ
صفحه : 163
إِنّ اللّهَ جَلّ ذِكرُهُ خَلَقَ النّهَارَ قَبلَ اللّيلِ وَ خَلَقَ الضّيَاءَ قَبلَ الظّلمَةِ فَإِن شِئتُم أَوجَدتُكُم مِنَ القُرآنِ وَ إِن شِئتُم أَوجَدتُكُم مِنَ النّجُومِ فَقَالَ ذُو الرّئَاسَتَينِ أَوجِدنَا مِنَ الجِهَتَينِ جَمِيعاً فَقَالَ أَمّا النّجُومُ فَقَد عَلِمتَ أَنّ طَالِعَ العَالَمِ السّرَطَانُ وَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلّا وَ الشّمسُ فِي بَيتِ شَرَفِهَا فِي نِصفِ النّهَارِ وَ أَمّا القُرآنُ أَ لَم تَسمَع إِلَي قَولِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيلَا الشّمسُ ينَبغَيِ لَها أَن تُدرِكَ القَمَرَالآيَةَ
21- وَ مِنهُ،نَقلًا مِن كِتَابِ ابنِ جُمهُورٍ أَيضاً بِإِسنَادِهِ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع لَمّا صَعِدَ المِنبَرَ وَ قَالَ سلَوُنيِ قَبلَ أَن تفَقدِوُنيِ قَالَ فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنِ السّوَادِ ألّذِي فِي القَمَرِ فَقَالَ ع أَعمَي سَأَلَ عَن عَميَاءَ أَ مَا سَمِعتَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُفَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةً وَ السّوَادُ ألّذِي تَرَاهُ فِي القَمَرِ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ مِن نُورِ عَرشِهِ شَمسَينِ فَأَمَرَ جَبرَئِيلَ فَأَمَرّ جَنَاحَهُ ألّذِي سَبَقَ مِن عِلمِ اللّهِ جَلّت عَظَمَتُهُ لَمّا أَرَادَ أَن يَكُونَ مِنِ اختِلَافِ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ عَدَدِ السّاعَاتِ وَ الأَيّامِ وَ الشّهُورِ وَ السّنِينَ وَ الدّهُورِ وَ الِارتِحَالِ وَ النّزُولِ وَ الإِقبَالِ وَ الإِدبَارِ وَ الحَجّ وَ العُمرَةِ وَ مَحَلّ الدّينِ وَ أَجرِ الأَجِيرِ وَ عَدَدِ أَيّامِ الحَبَلِ وَ المُطَلّقَةِ وَ المُتَوَفّي عَنهَا زَوجُهَا وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ
بيان ألذي أي علي ألذي سبق في علم الله أن يكون قمرا والظاهر أنه كان هكذا علي أحدهما للذي سبق
22-الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَخِيهِ إِسحَاقَ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ بَزِيعٍ عَنِ الرّضَا ع قَالَ قُلتُ لَهُ بلَغَنَيِ أَنّ يَومَ الجُمُعَةِ أَقصَرُ الأَيّامِ قَالَ كَذَلِكَ هُوَ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ كَيفَ ذَلِكَ قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي يَجمَعُ أَروَاحَ المُشرِكِينَ تَحتَ عَينِ الشّمسِ فَإِذَا رَكَدَتِ الشّمسُ عَذّبَ اللّهُ أَروَاحَ المُشرِكِينَ بِرُكُودِ الشّمسِ سَاعَةً فَإِذَا كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ لَا يَكُونُ لِلشّمسِ رُكُودٌ
صفحه : 164
رَفَعَ اللّهُ عَنهُمُ العَذَابَ لِفَضلِ يَومِ الجُمُعَةِ فَلَا يَكُونُ لِلشّمسِ رُكُودٌ
23- الإِختِصَاصُ، عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ العلَوَيِّ عَن أَحمَدَ بنِ زِيَادٍ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن أَبِي الصّبّاحِ الكنِاَنيِّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِأَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يَسجُدُ لَهُ مَن فِي السّماواتِ وَ مَن فِي الأَرضِ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ وَ النّجُومُ وَ الجِبالُ وَ الشّجَرُ وَ الدّوَابّالآيَةَ فَقَالَ إِنّ لِلشّمسِ أَربَعَ سَجَدَاتٍ كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ سَجدَةٌ إِذَا صَارَت فِي طُولِ السّمَاءِ قَبلَ أَن يَطلُعَ الفَجرُ قُلتُ بَلَي جُعِلتُ فِدَاكَ قَالَ ذَاكَ الفَجرُ الكَاذِبُ لِأَنّ الشّمسَ تَخرُجُ سَاجِدَةً وَ هيَِ فِي طَرَفِ الأَرضِ فَإِذَا ارتَفَعَت مِن سُجُودِهَا طَلَعَ الفَجرُ وَ دَخَلَ وَقتُ الصّلَاةِ وَ أَمّا السّجدَةُ الثّانِيَةُ فَإِنّهَا إِذَا صَارَت فِي وَسَطِ القُبّةِ وَ ارتَفَعَ النّهَارُ رَكَدَت قَبلَ الزّوَالِ فَإِذَا صَارَت بِحِذَاءِ العَرشِ رَكَدَت وَ سَجَدَت فَإِذَا ارتَفَعَت مِن سُجُودِهَا زَالَت عَن وَسَطِ القُبّةِ فَيَدخُلُ وَقتُ صَلَاةِ الزّوَالِ وَ أَمّا السّجدَةُ الثّالِثَةُ أَنّهَا إِذَا غَابَت مِنَ الأُفُقِ خَرّت سَاجِدَةً فَإِذَا ارتَفَعَت مِن سُجُودِهَا زَالَ اللّيلُ كَمَا أَنّهَا حِينَ زَالَت وَسَطَ السّمَاءِ دَخَلَ وَقتُ الزّوَالِ زَوَالِ النّهَارِ
بيان السجود في الآية بمعني غاية الخضوع والتذلل والانقياد سواء كان بالإرادة والاختيار أوبالقهر والاضطرار فالجمادات لما لم يكن لها اختيار وإرادة فهي كاملة في الانقياد والخضوع لماأراد الرب تعالي منها فهي علي الدوام في السجود
صفحه : 165
والانقياد للمعبود والتسبيح والتقديس له سبحانه بلسان الذل والإمكان والافتقار وكذا الحيوانات العجم و أماذوو العقول فلما كانوا ذوي إرادة واختيار فهم من جهة الإمكان والافتقار والانقياد للأمور التكوينية كالجمادات في السجود والتسبيح و من حيث الأمور الإرادية والتكليفية منقسمون بقسمين منهم الملائكة وهم جميعا معصومون ساجدون منقادون من تلك الجهة أيضا ولعل المراد بقوله مَن فِي السّماواتِ وَ مَن فِي الأَرضِهم و أما الناس فهم قسمان قسم مطيعون من تلك الجهة أيضا ومنهم عاصون من تلك الجهة و إن كانوا مطيعين من الجهة الأخري فلم يتأت منهم غاية مايمكن منهم من الانقياد فلذا قسمهم سبحانه إلي قسمين فقال وَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقّ عَلَيهِ العَذابُ فإذاحققت الآية هكذا لم تحتج إلي ماتكلفه المفسرون من التقديرات والتأويلات وسيأتي بعض ماذكروه في هذاالمقام و أماالخبر فلعله كان ثلاث سجدات أوسقط الرابع من النساخ ولعله بعدزوال الليل إلي وقت الطلوع أوقبل زوال الليل كما في النهار وإنما خص ع السجود بهذه الأوقات لأنه عند هذه الأوقات تظهر للناس انقيادها لله لأنها تتحول من حالة معروفة إلي حالة أخري ويظهر تغير تام في أوضاعها وأيضا أنها أوقات معينة يترصدها الناس لصلواتهم وصيامهم وسائر عباداتهم ومعاملاتهم وأيضا لما كان هبوطها وانحدارها وأفولها من علامات إمكانها وحدوثها كما قال الخليل ع لا أُحِبّ الآفِلِينَخص السجود بتلك الأحوال أوبما يشرف عليها و الله يعلم أسرار الآيات والأخبار وحججه الأبرار ع
24-الإِختِصَاصُ، قَالَ الصّادِقُ ع إِذَا كَانَ عِندَ غُرُوبِ الشّمسِ وَكّلَ اللّهُ بِهَا مَلَكاً ينُاَديِ أَيّهَا النّاسُ أَقبِلُوا عَلَي رَبّكُم فَإِنّ مَا قَلّ وَ كَفَي خَيرٌ مِمّا كَثُرَ
صفحه : 166
وَ أَلهَي وَ مَلَكٌ مُوَكّلٌ بِالشّمسِ عِندَ طُلُوعِهَا ينُاَديِ يَا ابنَ آدَمَ لِد لِلمَوتِ وَ ابنِ لِلخَرَابِ وَ اجمَع لِلفَنَاءِ
25- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ الثقّفَيِّ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عِمرَانَ الكنُدرُيِّ قَالَ سَأَلَ ابنُ الكَوّاءِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ السّوَادِ ألّذِي فِي جَوفِ القَمَرِ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُوَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِالسّوَادَ ألّذِي فِي جَوفِ القَمَرِ قَالَ فَكَم بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ قَالَ مَسِيرَةُ يَومٍ لِلشّمسِ تَطلُعُ مِن مَطلَعِهَا فتَأَتيِ مَغرِبَهَا مَن حَدّثَكَ غَيرَ ذَلِكَ كَذَبَكَ
26- العِلَلُ،لِمُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ قَالَ العَالِمُ ع عِلّةُ رَدّ الشّمسِ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ مَا طَلَعَت عَلَي أَهلِ الأَرضِ كُلّهِم أَنّهُ جَلّلَ اللّهُ السّمَاءَ بِالغَمَامِ إِلّا المَوضِعَ ألّذِي كَانَ فِيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ أَصحَابُهُ فَإِنّهُ جَلّاهُ حَتّي طَلَعَت عَلَيهِم قَالَ وَ العِلّةُ فِي قَصرِ يَومِ الجُمُعَةِ أَنّ اللّهَ يَجمَعُ الأَروَاحَ أَروَاحَ الكُفّارِ وَ المُشرِكِينَ فَيُعَذّبُهُم تَحتَ عَينِ الشّمسِ إِلّا يَومَ الجُمُعَةِ فَإِنّهُ لَيسَ لِلشّمسِ رُكُودٌ وَ لَا يُعَذّبُ الكُفّارَ لِفَضلِ يَومِ الجُمُعَةِ
27- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، فِي قَولِهِ تَعَالَيحَتّي عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِ قَالَ العُرجُونُ طَلعُ النّخلِ وَ هُوَ مِثلُ الهِلَالِ فِي أَوّلِ طُلُوعِهِ
قَالَ وَ حدَثّنَيِ أَبِي عَن دَاوُدَ بنِ مُحَمّدٍ النهّديِّ قَالَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ المكُاَريِ عَلَي أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع فَقَالَ لَهُ أَ بَلَغَ مِن قَدرِكَ أَن تدَعّيَِ مَا ادّعَي أَبُوكَ فَقَالَ لَهُ الرّضَا ع مَا لَكَ أَطفَأَ اللّهُ نُورَكَ وَ أَدخَلَ الفَقرَ بَيتَكَ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ اللّهَ أَوحَي إِلَي عِمرَانَ أنَيّ وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً فَوَهَبَ لَهُ مَريَمَ وَ وَهَبَ لِمَريَمَ عِيسَي فَعِيسَي مِن مَريَمَ وَ مَريَمُ مِن عِيسَي وَ مَريَمُ وَ عِيسَي وَاحِدٌ وَ أَنَا مِن أَبِي وَ أَبِي منِيّ وَ أَنَا وَ أَبِي شَيءٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ
صفحه : 167
أَبُو سَعِيدٍ فَأَسأَلُكَ عَن مَسأَلَةٍ قَالَ سَل وَ لَا إِخَالُكَ تَقبَلُ منِيّ وَ لَستَ مِن غنَمَيِ وَ لَكِن هَاتِهَا فَقَالَ لَهُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ عِندَ مَوتِهِ كُلّ مَملُوكٍ لَهُ قَدِيمٍ فَهُوَ حُرّ لِوَجهِ اللّهِ قَالَ نَعَم مَا كَانَ لِسِتّةِ أَشهُرٍ فَهُوَ قَدِيمٌ وَ هُوَ حُرّ لِأَنّ اللّهَ يَقُولُوَ القَمَرَ قَدّرناهُ مَنازِلَ حَتّي عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِفَمَا كَانَ لِسِتّةِ أَشهُرٍ فَهُوَ قَدِيمٌ وَ هُوَ حُرّ قَالَ فَخَرَجَ مِن عِندِهِ وَ افتَقَرَ وَ ذَهَبَ بَصَرُهُ ثُمّ مَاتَ لَعَنَهُ اللّهُ وَ لَيسَ عِندَهُ مَبِيتُ لَيلَةٍ
بيان هذاالتفسير للعرجون غريب لم أره في غير هذاالكتاب و لايناسب وصفه بالقديم أيضا و في القاموس الطلع من النخل شيءيخرج كأنه نعلان مطبقان أو مايبدو من ثمرته في أول ظهورها و أبوسعيد كان من الواقفة و كان ينكر إمامة الرضا ع وإطفاء النور كناية عن ذهاب العز أوذهاب نور البصر ولعل جوابه ع مبني علي أن الواقفة كانوا متمسكين بما روي عن الصادق ع أن القائم ع من ولدي فأجاب عن استدلالهم بأن ولد الولد أيضا ولد و لوسلم كونه مجازا فعلاقة المجاز هنا قوية للاتحاد في الكمالات والأنوار و في القاموس خال الشيء خيلولة ظنه وتقول في مستقبله إخاله بكسر الألف ويفتح في لغية قوله ولست من غنمي أي ممن يقول بإمامتي و من شيعتي و ليس عنده مبيت ليلة أي قوت ليلة
28-الفَقِيهُ،بِإِسنَادِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ أَنّهُ سَأَلَ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن رُكُودِ الشّمسِ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ مَا أَصغَرَ جُثّتَكَ وَ أَعضَلَ مَسأَلَتَكَ وَ إِنّكَ لَأَهلٌ لِلجَوَابِ إِنّ الشّمسَ إِذَا طَلَعَت جَذَبَهَا سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ بَعدَ أَن أَخَذَ بِكُلّ شُعَاعٍ مِنهَا خَمسَةُ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مِن بَينِ جَاذِبٍ وَ دَافِعٍ حَتّي إِذَا بَلَغَتِ الجَوّ وَ جَازَتِ
صفحه : 168
الكُوّةَ قَلَبَهَا مَلَكُ النّورِ ظَهرَ البَطنِ فَصَارَ مَا يلَيِ الأَرضَ إِلَي السّمَاءِ وَ بَلَغَ شُعَاعُهَا تُخُومَ الأَرضِ فَعِندَ ذَلِكَ نَادَتِ المَلَائِكَةُ سُبحَانَ اللّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَالحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَم يَتّخِذصَاحِبَةً وَ لَاوَلَداً وَ لَم يَكُن لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلكِ وَ لَم يَكُن لَهُ ولَيِّ مِنَ الذّلّ وَ كَبّرهُ تَكبِيراًفَقُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ أُحَافِظُ عَلَي هَذَا الكَلَامِ عِندَ زَوَالِ الشّمسِ فَقَالَ نَعَم حَافِظ عَلَيهِ كَمَا تُحَافِظُ عَلَي عَينِكَ فَإِذَا زَالَتِ الشّمسُ صَارَتِ المَلَائِكَةُ مِن وَرَائِهَا يُسَبّحُونَ اللّهَ فِي فَلَكِ الجَوّ إِلَي أَن تَغِيبَ
29- وَ سُئِلَ الصّادِقُ ع عَنِ الشّمسِ كَيفَ تَركُدُ كُلّ يَومٍ وَ لَا يَكُونُ لَهَا يَومَ الجُمُعَةِ رُكُودٌ قَالَ لِأَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ جَعَلَ يَومَ الجُمُعَةِ أَضيَقَ الأَيّامِ فَقِيلَ لَهُ وَ لِمَ جَعَلَهُ أَضيَقَ الأَيّامِ قَالَ لِأَنّهُ لَا يُعَذّبُ المُشرِكِينَ فِي ذَلِكَ اليَومِ لِحُرمَتِهِ عِندَهُ
بيان الركود السكون والثبات ماأصغر جثتك تعجب من أن الإنسان مع هذاالصغر يطلب فهم معاني الأمور ودقائقها أوتأديب له بأنه لاينبغي له أن يتكلف علم ما لم يؤمر بعلمه و قال في النهاية أصل العضل المنع والشدة يقال أعضل بي الأمر إذاضاقت عليك فيه الحيل و منه حديث عمر أعوذ بالله من كل معضلة ليس لها أبوحسن وروي معضلة أراد المسألة الصعبة أوالخطة الضيقة المخارج من الإعضال أوالتعضيل ويريد بأبي الحسن علي بن أبي طالب ع بعد أن أخذ ليس في بعض النسخ بعد أن و علي التقديرين يحتمل أن يكون خمسة آلاف من جملة السبعين أوغيرهم و إن كان الثاني علي
صفحه : 169
النسخة الأولي أظهر من بين جاذب ودافع علي الأول يكون المعني أن هؤلاء السبعين مرددون من بين جاذب يجذبها قدامها ودافع يدفعها من خلفها ومنقسمون إليهما أوالشمس كائنة بين جاذب ودافع من تلك السبعين فالمراد بالجذب أولا مايصير سببا للحركة أعم من أن يكون بالجذب أوالدفع أو يكون نسبة الجذب إلي الجميع علي المجاز و علي الثاني فالمعني أن الشمس واقعة بين جاذب من سبعين ألف ملك ودافع من خمسة آلاف و علي الوجهين يحتمل أن يكون المراد بحركة الجذب الحركة اليومية السريعة علي خلاف التوالي التابعة لحركة الفلك الأطلس التي يحصل اليوم والليل منها وبحركة الدفع حركة الفلك الرابع ألذي فيه الشمس علي توالي البروج وهي بطيئة تقطع بها في كل سنة دورة فالمعني أن الشمس إذاطلعت جذبها الملائكة السبعون ألفا إلي المغرب بالحركة اليومية مع أنه أخذ بكل شعاع منها أوبمكان كل شعاع منها خمسة آلاف من الملائكة تدفعها إلي جانب المشرق بالحركة الخاصة فتسير الشمس بقدر فضل ما بين الحركتين حتي إذابلغت الجو أي وسط السماء مجازا و في الأصل ما بين السماء و الأرض وجازت الكوة في بعض النسخ بدون التاء و في القاموس الكوة ويضم والكو الخرق في الحائط أوالتذكير للكبير والتأنيث للصغير والجمع كوي وكوا انتهي أي خرجت أشعة الشمس من الكوي المشرقية و ذلك عندقرب الزوال وربما يؤول الكوة بدائرة نصف النهار علي الاستعارة قلبها ملك النور ربما يؤول ذلك بأنه لماكانت الشمس صاعدة كان الجانب ألذي منها يلي المشرق تحت الجانب الغربي منها فإذاجازت نصف النهار وانحدرت صار الأمر بالعكس وصار ما كان يلي الأرض أي الجانب الشرقي إلي السماء أي إلي جهة الفوق فلذا نسب إليه القلب و لايخفي أنه علي هذايصير الكلام قليل الجدوي مع أن ظاهره غيرممتنع والتخوم جمع التخم و هومنتهي كل قرية وأرض ولعل المراد بفلك الجو جو الفلك أي ما بين السماء الرابعة والخامسة
صفحه : 170
ثم إنه يرد الإشكال علي هذه الأخبار من وجوه الأول أن ركود الشمس حقيقة مخالف لمايشهد به الحس من عدم التفاوت في أجزاء النهار وقطع قسي مدارات الشمس والثاني أن الشمس في كل آن في نصف النهار لقوم فيلزم سكون الشمس دائما الثالث أن التفاوت بين يوم الجمعة وغيره أيضا مما يشهد الحس بخلافه الرابع أن حرارة الشمس ليس باعتبار جرمه حتي يقع تعذيب أرواح المشركين بتقريبهم من عين الشمس بل باعتبار انعكاس الأشعة عن الأجسام الكثيفة ولذا كلما بعد عن الأرض كان تأثير الحرارة فيه أخف . ويمكن الجواب عن الأول والثالث بأنه يمكن أن يكون الركود قليلا لايظهر في الآلات التي تعرف بهاالساعات و لايمكن الحكم علي التواسع والعواشر وأقل منها علي اليقين وإنما مبناها علي التخمين و عن الثاني بأنه يمكن أن يكون المراد نصف نهار موضع خاص كمكة أوالمدينة أوقبة الأرض وأورد عليه بأنه يلزم أن يقع الركود في البلاد الآخر في الضحي أو في العصر و لايلتزمه أحد و عن الرابع بأنه يمكن أن يكون للشمس حرارتان حرارة من جهة الجرم وأخري من جهة الانعكاس و ماقيل من أن الفلكيات لاتقبل تلك الكيفيات لم يثبت بدليل قاطع وربما يؤول الركود بوجهين الأول أنه عندالقرب من نصف النهار يحس بحركة الشمس في غاية البطء فكأنه ساكن فأطلق الركود عليه مجازا أوبأنه يعدم الظل عندالزوال في بعض البلاد فلاحركة للظل حينئذ فركود الشمس ركود ظله و ماقيل من أن المراد ركود الظل بناء علي ماتقرر من أن بين كل حركتين مستقيمتين سكون فلابد من سكون بين زيادة الظل ونقصانه فلايخفي بعدحمل الركود علي مثل ذلك جدا مع أن نسبة الحركة إلي الظل مجاز بل هوإيجاد لبعض أجزاء الظل وإعدام له و علي تقدير كونه حقيقة فليست بحركة مستقيمة الثاني أنه لماكانت أيام الراحة عند الناس سريعة الانقضاء وأيام الشدة طويلة فيوم الجمعة عندالمشركين قصيرة لعدم تعذيبهم عند
صفحه : 171
زوال الشمس فيه وسائر الأيام طويلة عندهم لتعذيبهم عندزواله فالمراد بقول السائل في الخبر الثاني كيف تركد مامعني ركودها فأجاب ع بأن المراد هذاالركود والضيق المجازيان وربما يحمل ضيق الجمعة وقصره علي أن أعمال المؤمنين فيه كثيرة لايسع اليوم لها فكأنه لاتركد فيه الشمس و لايخفي بعد هذه الوجوه كلها والأولي في أمثال ذلك عدم الخوض فيها والتسليم لها بأي معني صدرت عنهم ع علي تقدير صحتها فإنها من متشابهات الأخبار ومعضلات الآثار و لايعلم تأويلهاإِلّا اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي العِلمِ
30- الفَقِيهُ،بِسَنَدِهِ الصّحِيحِ عَن حَرِيزِ بنِ عَبدِ اللّهِ أَنّهُ قَالَ كُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ إِنّ الشّمسَ تَنقَضّ ثُمّ تَركُدُ سَاعَةً مِن قَبلِ أَن تَزُولَ فَقَالَ إِنّهَا تُؤَامِرُ أَ تَزُولُ أَم لَا تَزُولُ
بيان انقضاض الطائر هويها ليقع و هذاأسرع ما يكون من طيرانه والمراد هنا سرعة حركة الشمس عندالصعود وركودها بطء حركتها والمؤامرة إما من الملائكة الموكلين بها أوهي استعارة تمثيلية شبهت حالة الشمس في سرعتها عندالصعود وركودها ثم إسراعها في الهبوط بمن أتي سلطانا قاهرا ثم أمره هل يذهب إلي حاجة أخري أم لا والغرض هنا ليس محض الاستعارة بل بيان أن جميع المخلوقات مقهورة بقهره سبحانه مسخرة لأمره و كل مايقع منها بتقديره وتدبيره تعالي
31-الفَقِيهُ، عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَوحَي إِلَي مُوسَي بنِ عِمرَانَ ع أَن أَخرِج عِظَامَ يُوسُفَ ع مِن مِصرَ وَ وَعَدَهُ طُلُوعَ القَمَرِ فَأَبطَأَ طُلُوعُ القَمَرِ عَلَيهِ فَسَأَلَ عَمّن يَعلَمُ مَوضِعَهُ فَقِيلَ لَهُ هَاهُنَا عَجُوزٌ تَعلَمُ عِلمَهُ فَبَعَثَ إِلَيهَا فأَتُيَِ بِعَجُوزٍ مُقعَدَةٍ عَميَاءَ فَقَالَ تَعرِفِينَ قَبرَ يُوسُفَ قَالَت نَعَم قَالَ فأَخَبرِيِنيِ بِمَوضِعِهِ قَالَت لَا أَفعَلُ حَتّي تعُطيِنَيِ خِصَالًا تُطلِقَ رجِليَّ وَ تُعِيدَ
صفحه : 172
إلِيَّ بصَرَيِ وَ تَرُدّ إلِيَّ شبَاَبيِ وَ تجَعلَنَيِ مَعَكَ فِي الجَنّةِ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَي مُوسَي ع فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِ إِنّمَا تعُطيِ عَلَيّ فَأَعطِهَا مَا سَأَلَت فَفَعَلَ فَدَلّتهُ عَلَي قَبرِ يُوسُفَ ع فَاستَخرَجَهُ مِن شَاطِئِ النّيلِ فِي صُندُوقٍ مَرمَرٍ فَلَمّا أَخرَجَهُ طَلَعَ القَمَرُ فَحَمَلَهُ إِلَي الشّامِ
أَقُولُ قَد مَرّ نَقلًا عَنِ العُيُونِ عَنِ الرّضَا ع أَنّهُ قَالَ احتَبَسَ القَمَرُ عَن بنَيِ إِسرَائِيلَ فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي مُوسَي ع أَن أَخرِج عِظَامَ يُوسُفَ مِن مِصرَ وَ وَعَدَهُ طُلُوعَ القَمَرِ إِذَا أَخرَجَ عِظَامَهُ فَسَأَلَ مُوسَي ع عَمّن يَعلَمُ مَوضِعَهُ وَ سَاقَ الخَبَرَ كَمَا مَرّ
بيان يدل ردا علي الفلاسفة علي جواز الاختلاف في حركة الفلكيات ومنعها عن الحركة بإذن خالق الأرضين والسماوات
32- المُتَهَجّدُ،رَوَي مُحَمّدُ بنُ إِسمَاعِيلَ بنِ بَزِيعٍ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ قُلتُ بلَغَنَيِ أَنّ يَومَ الجُمُعَةِ أَقصَرُ الأَيّامِ قَالَ كَذَلِكَ هُوَ قُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ كَيفَ ذَاكَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ اللّهَ يَجمَعُ أَروَاحَ المُشرِكِينَ تَحتَ عَينِ الشّمسِ فَإِذَا كَدَرَتِ الشّمسُ عُذّبَت أَروَاحُ المُشرِكِينَ بِرُكُودِ الشّمسِ فَإِذَا كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ رَفَعَ عَنهُمُ العَذَابَ لِفَضلِ يَومِ الجُمُعَةِ فَلَا يَكُونُ لِلشّمسِ رُكُودٌ
33-تَوحِيدُ المُفَضّلِ،فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي مَقَادِيرِ النّهَارِ وَ اللّيلِ كَيفَ وَقَعَت عَلَي مَا فِيهِ صَلَاحُ هَذَا الخَلقِ فَصَارَ مُنتَهَي كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا إِذَا امتَدّ إِلَي خَمسَ عَشرَةَ سَاعَةً لَا يُجَاوِزُ ذَلِكَ أَ فَرَأَيتَ لَو كَانَ النّهَارُ يَكُونُ مِقدَارُهُ مِائَةَ سَاعَةٍ أَو ماِئتَيَ سَاعَةٍ أَ لَم يَكُن فِي ذَلِكَ بَوَارُ كُلّ مَا فِي الأَرضِ مِن حَيَوَانٍ وَ نَبَاتٍ أَمّا الحَيَوَانُ فَكَانَ لَا يَهدَأُ وَ لَا يَقِرّ طُولَ هَذِهِ المُدّةِ وَ لَا البَهَائِمُ كَانَت تُمسِكُ عَنِ الرعّيِ لَو دَامَ لَهَا ضَوءُ النّهَارِ وَ لَا الإِنسَانُ كَانَ يَفتُرُ عَنِ العَمَلِ وَ الحَرَكَةِ وَ كَانَ ذَلِكَ سَيُهلِكُهَا
صفحه : 173
أَجمَعَ وَ يُؤَدّيهَا إِلَي التّلَفِ وَ أَمّا النّبَاتُ فَكَانَ يَطُولُ عَلَيهِ حَرّ النّهَارِ وَ وَهجُ الشّمسِ حَتّي يَجِفّ وَ يَحتَرِقَ وَ كَذَلِكَ اللّيلُ لَوِ امتَدّ مِقدَارُ هَذِهِ المُدّةِ كَانَ يَعُوقُ أَصنَافَ الحَيَوَانِ عَنِ الحَرَكَةِ وَ التّصَرّفِ فِي طَلَبِ المَعَاشِ حَتّي تَمُوتَ جُوعاً وَ تَخمُدُ الحَرَارَةُ الطّبِيعِيّةُ مِنَ النّبَاتِ حَتّي يَعفِنَ وَ يَفسُدَ كاَلذّيِ تَرَاهُ يَحدُثُ عَلَي النّبَاتِ إِذَا كَانَ فِي مَوضِعٍ لَا تَطلُعُ عَلَيهِ الشّمسُ اعتَبِر بِهَذَا الحَرّ وَ البَردِ كَيفَ يَتَعَاوَرَانِ العَالَمَ وَ يَتَصَرّفَانِ هَذَا التّصَرّفَ مِنَ الزّيَادَةِ وَ النّقصَانِ وَ الِاعتِدَالِ لِإِقَامَةِ هَذِهِ الأَزمِنَةِ الأَربَعَةِ مِنَ السّنَةِ وَ مَا فِيهِمَا مِنَ المَصَالِحِ ثُمّ هُمَا بَعدَ دِبَاغِ الأَبدَانِ التّيِ عَلَيهَا بَقَاؤُهُا وَ فِيهَا صَلَاحُهَا فَإِنّهُ لَو لَا الحَرّ وَ البَردُ وَ تَدَاوُلُهُمَا الأَبدَانَ لَفَسَدَت وَ أَخوَت وَ انتَكَثَت فَكّر فِي دُخُولِ أَحَدِهِمَا عَلَي الآخَرِ بِهَذَا التّدرِيجِ وَ التّرَسّلِ فَإِنّكَ تَرَي أَحَدَهُمَا يَنقُصُ شَيئاً بَعدَ شَيءٍ وَ الآخَرَ يَزِيدُ مِثلَ ذَلِكَ حَتّي ينَتهَيَِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا مُنتَهَاهُ فِي الزّيَادَةِ وَ النّقصَانِ وَ لَو كَانَ دُخُولُ أَحَدِهِمَا عَلَي الآخَرِ مُفَاجَأَةً لَأَضَرّ ذَلِكَ بِالأَبدَانِ وَ أَسقَمَهَا كَمَا أَنّ أَحَدَكُم لَو خَرَجَ مِن حَمّامٍ حَارّ إِلَي مَوضِعِ البُرُودَةِ لَضَرّهُ ذَلِكَ وَ أَسقَمَ بَدَنَهُ فَلِمَ جَعَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ هَذَا الرّسلَ فِي الحَرّ وَ البَردِ إِلّا لِلسّلَامَةِ مِن ضَرَرِ المُفَاجَأَةِ وَ لِمَ جَرَي الأَمرُ عَلَي مَا فِيهِ السّلَامَةُ مِن ضَرّ المُفَاجَأَةِ لَو لَا التّدبِيرُ فِي ذَلِكَ فَإِن زَعَمَ زَاعِمٌ أَنّ هَذَا التّرَسّلَ فِي دُخُولِ الحَرّ وَ البَردِ إِنّمَا يَكُونُ لِإِبطَاءِ مَسِيرِ الشّمسِ فِي الِارتِفَاعِ وَ الِانحِطَاطِ سُئِلَ عَنِ العِلّةِ فِي إِبطَاءِ مَسِيرِ الشّمسِ فِي ارتِفَاعِهَا وَ انحِطَاطِهَا فَإِنِ اعتَلّ فِي الإِبطَاءِ بِبُعدِ مَا بَينَ المَشرِقَينِ سُئِلَ عَنِ العِلّةِ فِي ذَلِكَ فَلَا تَزَالُ هَذِهِ المَسأَلَةُ تَرقَي مَعَهُ إِلَي حَيثُ رقَيَِ مِن هَذَا القَولِ حَتّي استَقَرّ عَلَي العَمدِ وَ التّدبِيرِ لَو لَا الحَرّ لَمَا كَانَتِ الثّمَارُ الجَاسِيَةُ المُرّةُ تَنضَجُ فَتَلِينُ وَ تَعذُبُ حَتّي يُتَفَكّهَ بِهَا رَطبَةً وَ يَابِسَةً وَ لَو لَا البَردُ لَمَا كَانَ الزّرعُ يُفرِخُ هَكَذَا وَ يَرِيعُ الرّيعَ الكَثِيرَ ألّذِي يَتّسِعُ لِلقُوتِ وَ مَا يُرَدّ فِي الأَرضِ لِلبَذرِ أَ فَلَا تَرَي مَا فِي الحَرّ وَ البَردِ
صفحه : 174
مِن عَظِيمِ الغِنَاءِ وَ المَنفَعَةِ وَ كِلَاهُمَا مَعَ غِنَائِهِ وَ المَنفَعَةِ فِيهِ يُؤلِمُ الأَبدَانَ وَ يَمَضّهَا وَ فِي ذَلِكَ عِبرَةٌ لِمَن فَكّرَ وَ دَلَالَةٌ عَلَي أَنّهُ مِن تَدبِيرِ الحَكِيمِ فِي مَصلَحَةِ العَالَمِ وَ مَا فِيهِ
توضيح قوله ع لايجاوز ذلك أي في معظم المعمورة و في المصباح خوت الدار خلت من أهلها وخوت الإبل تخوية خمصت بطونها و قال الفيروزآبادي خوت الدار تهدمت والنجوم خيا أمحلت فلم تمطر كأخوت وخوت و قال المنتكث المهزول و قال الترسل الرفق والتؤدة انتهي قوله ع ببعد ما بين المشرقين أي المشرق والمغرب كناية عن عظم الدائرة التي يقطع عليها البروج أومشرق الصيف والشتاء والأول أظهر قوله ع الجاسية أي الصلبة حتي يتفكه بها أي يتمتع بها والريع النماء والزيادة و قال الجوهري أمضني الجرح إمضاضا إذاأوجعك و فيه لغة أخري مضني الجرح و لم يعرفها الأصمعي
34-تَوحِيدُ المُفَضّلِ، قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع فَإِن قَالُوا فَلِمَ يَختَلِفُ فِيهِ أَي فِي ذَاتِهِ تَعَالَي وَ صِفَاتِهِ قِيلَ لَهُم لِقِصَرِ الأَفهَامِ عَن مَدَي عَظَمَتِهِ وَ تَعَدّيهَا أَقدَارَهَا فِي طَلَبِ مَعرِفَتِهِ وَ أَنّهَا تَرُومُ الإِحَاطَةَ بِهِ وَ هيَِ تَعجِزُ عَن ذَلِكَ وَ مَا دُونَهُ فَمِن ذَلِكَ هَذِهِ الشّمسُ التّيِ تَرَاهَا تَطلُعُ عَلَي العَالَمِ وَ لَا يُوقَفُ عَلَي حَقِيقَةِ أَمرِهَا وَ لِذَلِكَ كَثُرَتِ الأَقَاوِيلُ فِيهَا وَ اختَلَفَتِ الفَلَاسِفَةُ المَذكُورُونَ فِي وَصفِهَا فَقَالَ بَعضُهُم هُوَ فَلَكٌ أَجوَفُ مَملُوّ نَاراً لَهُ فَمٌ يَجِيشُ بِهَذَا الوَهجِ وَ الشّعَاعِ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ سَحَابَةٌ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ جِسمٌ زجُاَجيِّ يُقبِلُ نَارِيّةً فِي العَالَمِ وَ يُرسِلُ عَلَيهِ شُعَاعَهَا وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ صَفوٌ لَطِيفٌ يَنعَقِدُ مِن مَاءِ بَحرٍ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ أَجزَاءٌ كَثِيرَةٌ مُجتَمِعَةٌ مِنَ النّارِ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ مِن جَوهَرٍ خَامِسٍ سِوَي الجَوَاهِرِ الأَربَعِ ثُمّ اختَلَفُوا فِي شَكلِهَا فَقَالَ بَعضُهُم هيَِ بِمَنزِلَةِ صَفِيحَةٍ عَرِيضَةٍ وَ قَالَ آخَرُونَ هيَِ كَالكُرَةِ المُدَحرَجَةِ وَ كَذَلِكَ اختَلَفُوا فِي مِقدَارِهَا فَزَعَمَ بَعضُهُم أَنّهَا مِثلُ الأَرضِ
صفحه : 175
سَوَاءً وَ قَالَ آخَرُونَ بَل هيَِ أَقَلّ مِن ذَلِكَ وَ قَالَ آخَرُونَ بَل هيَِ أَعظَمُ مِنَ الجَزِيرَةِ العَظِيمَةِ وَ قَالَ أَصحَابُ الهَندَسَةِ هيَِ أَضعَافُ الأَرضِ مِائَةٌ وَ سَبعُونَ مَرّةً ففَيِ اختِلَافِ هَذِهِ الأَقَاوِيلِ مِنهُم فِي الشّمسِ دَلِيلٌ عَلَي أَنّهُم لَم يَقِفُوا عَلَي الحَقِيقَةِ مِن أَمرِهَا وَ إِذَا كَانَت هَذِهِ الشّمسُ التّيِ يَقَعُ عَلَيهَا البَصَرُ وَ يُدرِكُهَا الحِسّ قَد عَجَزَتِ العُقُولُ عَنِ الوُقُوفِ عَلَي حَقِيقَتِهَا فَكَيفَ مَا لَطُفَ عَنِ الحِسّ وَ استَتَرَ عَنِ الوَهمِ
بيان أقول لعل ماذكره ع من قول أصحاب الهندسة قول بعض قدمائهم مع أنه قريب من المشهور كماعرفت والاختلاف بين قدمائهم ومتأخريهم في أشباه ذلك كثير
35-تَوحِيدُ المُفَضّلِ، قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي طُلُوعِ الشّمسِ وَ غُرُوبِهَا لِإِقَامَةِ دوَلتَيَِ النّهَارِ وَ اللّيلِ فَلَو لَا طُلُوعُهَا لَبَطَلَ أَمرُ العَالَمِ كُلّهِ فَلَم يَكُنِ النّاسُ يَسعَونَ فِي مَعَايِشِهِم وَ يَتَصَرّفُونَ فِي أُمُورِهِم وَ الدّنيَا مُظلِمَةٌ عَلَيهِم وَ لَم يَكُونُوا يَتَهَنّئُونَ بِالعَيشِ مَعَ فَقدِهِم لَذّةَ النّورِ وَ رَوحَهُ وَ الإِربُ فِي طُلُوعِهَا ظَاهِرٌ مُستَغنٍ بِظُهُورِهِ عَنِ الإِطنَابِ فِي ذِكرِهِ وَ الزّيَادَةِ فِي شَرحِهِ بَل تَأَمّلِ المَنفَعَةَ فِي غُرُوبِهَا فَلَو لَا غُرُوبُهَا لَم يَكُن لِلنّاسِ هُدُوءٌ وَ لَا قَرَارٌ مَعَ عِظَمِ حَاجَتِهِم إِلَي الهُدُوءِ وَ الرّاحَةِ لِسُكُونِ أَبدَانِهِم وَ جُمُومِ حَوَاسّهِم وَ انبِعَاثِ القُوّةِ الهَاضِمَةِ لِهَضمِ الطّعَامِ وَ تَنفِيذِ الغِذَاءِ إِلَي الأَعضَاءِ ثُمّ كَانَ الحِرصُ سَيَحمِلُهُم مِن مُدَاوَمَةِ العَمَلِ وَ مُطَاوَلَتِهِ عَلَي مَا يَعظُمُ نِكَايَتُهُ فِي أَبدَانِهِم فَإِنّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ لَو لَا جُثُومُ هَذَا اللّيلِ لِظُلمَتِهِ عَلَيهِم لَم يَكُن لَهُم هُدُوءٌ وَ لَا قَرَارٌ حِرصاً عَلَي الكَسبِ وَ الجَمعِ وَ الِادّخَارِ ثُمّ كَانَتِ الأَرضُ تسَتحَميِ بِدَوَامِ الشّمسِ بِضِيَائِهَا وَ تحُميِ كُلّ مَا عَلَيهَا مِن حَيَوَانٍ وَ نَبَاتٍ فَقَدّرَهَا اللّهُ بِحِكمَتِهِ وَ تَدبِيرِهِ تَطلُعُ وَقتاً وَ تَغرُبُ وَقتاً بِمَنزِلَةِ سِرَاجٍ يُرفَعُ لِأَهلِ البَيتِ تَارَةً لِيَقضُوا حَوَائِجَهُم ثُمّ يَغِيبُ عَنهُم مِثلَ ذَلِكَ لِيَهدَءُوا وَ يَقِرّوا فَصَارَ
صفحه : 176
النّورُ وَ الظّلمَةُ مَعَ تَضَادّهِمَا مُنقَادَينِ مُتَظَاهِرَينِ عَلَي مَا فِيهِ صَلَاحُ العَالَمِ وَ قِوَامُهُ ثُمّ فَكّر بَعدَ هَذَا فِي ارتِفَاعِ الشّمسِ وَ انحِطَاطِهَا لِإِقَامَةِ هَذِهِ الأَزمِنَةِ الأَربَعَةِ مِنَ السّنَةِ وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ التّدبِيرِ وَ المَصلَحَةِ ففَيِ الشّتَاءِ تَعُودُ الحَرَارَةُ فِي الشّجَرِ وَ النّبَاتِ فَيَتَوَلّدُ فِيهِمَا مَوَادّ الثّمَارِ وَ يَستَكثِفُ الهَوَاءُ فَيَنشَأُ مِنهُ السّحَابُ وَ المَطَرُ وَ تَشتَدّ أَبدَانُ الحَيَوَانِ وَ تَقوَي وَ فِي الرّبِيعِ تَتَحَرّكُ وَ تَظهَرُ المَوَادّ المُتَوَلّدَةُ فِي الشّتَاءِ فَيَطلُعُ النّبَاتُ وَ تَنَوّرُ الأَشجَارُ وَ يَهِيجُ الحَيَوَانُ لِلسّفَادِ وَ فِي الصّيفِ يَحتَدِمُ الهَوَاءُ فَتَنضَجُ الثّمَارُ وَ تَتَحَلّلُ فُضُولُ الأَبدَانِ وَ يَجِفّ وَجهُ الأَرضِ فَتَهَيّأُ لِلبِنَاءِ وَ الأَعمَالِ وَ فِي الخَرِيفِ يَصفُو الهَوَاءُ وَ يَرتَفِعُ الأَمرَاضُ وَ تَصِحّ الأَبدَانُ وَ يَمتَدّ اللّيلُ وَ يُمكِنُ فِيهِ بَعضُ الأَعمَالِ لِطُولِهِ وَ يَطِيبُ الهَوَاءُ فِيهِ إِلَي مَصَالِحَ أُخرَي لَو تَقَصّيتُ لِذِكرِهَا لَطَالَ فِيهَا الكَلَامُ فَكّرِ الآنَ فِي تَنَقّلِ الشّمسِ فِي البُرُوجِ الاِثنيَ عَشَرَ لِإِقَامَةِ دَورِ السّنَةِ وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ التّدبِيرِ فَهُوَ الدّورُ ألّذِي تَصِحّ بِهِ الأَزمِنَةُ الأَربَعَةُ مِنَ السّنَةِ الشّتَاءُ وَ الرّبِيعُ وَ الصّيفُ وَ الخَرِيفُ وَ يَستَوفِيهَا عَلَي التّمَامِ وَ فِي هَذَا المِقدَارِ مِن دَوَرَانِ الشّمسِ تُدرِكُ الغَلّاتُ وَ الثّمَارُ وَ تنَتهَيِ إِلَي غَايَاتِهَا ثُمّ تَعُودُ فَيَستَأنِفُ النّشُوءُ وَ النّمُوّ أَ لَا تَرَي أَنّ السّنَةَ مِقدَارُ مَسِيرِ الشّمسِ مِنَ الحَمَلِ إِلَي الحَمَلِ فَبِالسّنَةِ وَ أَخَوَاتِهَا يُكَالُ الزّمَانُ مِن لَدُن خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي العَالَمَ إِلَي كُلّ وَقتٍ وَ عَصرٍ مِن غَابِرِ الأَيّامِ وَ بِهَا يَحسَبُ النّاسُ الأَعمَارَ وَ الأَوقَاتَ المُوَقّتَةَ لِلدّيُونِ وَ الإِجَارَاتِ وَ المُعَامَلَاتِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِن أُمُورِهِم وَ بِمَسِيرِ الشّمسِ تَكمُلُ السّنَةُ وَ يَقُومُ حِسَابُ الزّمَانِ عَلَي الصّحّةِ انظُر إِلَي شُرُوقِهَا عَلَي العَالَمِ كَيفَ دُبّرَ أَن يَكُونَ فَإِنّهَا لَو كَانَت تَبزُغُ فِي مَوضِعٍ مِنَ السّمَاءِ فَتَقِفُ لَا تَعدُوهُ لَمَا وَصَلَ شُعَاعُهَا وَ مَنفَعَتُهَا إِلَي كَثِيرٍ مِنَ الجِهَاتِ لِأَنّ الجِبَالَ وَ الجُدرَانَ كَانَت تَحجُبُهَا عَنهَا فَجُعِلَت تَطلُعُ فِي أَوّلِ النّهَارِ مِنَ المَشرِقِ فَتَشرُقُ عَلَي مَا قَابَلَهَا مِن وَجهِ المَغرِبِ ثُمّ لَا تَزَالُ تَدُورُ وَ تَغشَي جِهَةً بَعدَ جِهَةٍ حَتّي تنَتهَيَِ إِلَي المَغرِبِ فَتَشرُقَ عَلَي مَا استَتَرَ عَنهَا فِي أَوّلِ النّهَارِ فَلَا يَبقَي مَوضِعٌ مِنَ المَوَاضِعِ إِلّا أَخَذَ بِقِسطِهِ مِنَ المَنفَعَةِ مِنهَا وَ الإِربِ التّيِ قُدّرَت لَهُ وَ لَو تَخَلّفَت
صفحه : 177
مِقدَارَ عَامٍ أَو بَعضَ عَامٍ كَيفَ كَانَ يَكُونُ حَالُهُم بَل كَيفَ كَانَ يَكُونُ لَهُم مَعَ ذَلِكَ بَقَاءٌ أَ فَلَا يَرَي النّاسُ كَيفَ هَذِهِ الأُمُورُ الجَلِيلَةُ التّيِ لَم تَكُن عِندَهُم فِيهَا حِيلَةٌ فَصَارَ تجَريِ عَلَي مَجَارِيهَا لَا تَعتَلّ وَ لَا تَتَخَلّفُ عَن مَوَاقِيتِهَا لِصَلَاحِ العَالَمِ وَ مَا فِيهِ بَقَاؤُهُ استَدِلّ بِالقَمَرِ فَفِيهِ دَلَالَةٌ جَلِيلَةٌ تَستَعمِلُهَا العَامّةُ فِي مَعرِفَةِ الشّهُورِ وَ لَا يَقُومُ عَلَيهِ حِسَابُ السّنَةِ لِأَنّ دَورَهُ لَا يسَتوَفيِ الأَزمِنَةَ الأَربَعَةَ وَ نُشُوءَ الثّمَارِ وَ تَصَرّمَهَا وَ لِذَلِكَ صَارَت شُهُورُ القَمَرِ وَ سِنُوهُ تَتَخَلّفُ عَن شُهُورِ الشّمسِ وَ سِنِيهَا وَ صَارَ الشّهرُ مِن شُهُورِ القَمَرِ يَنتَقِلُ فَيَكُونُ مَرّةً بِالشّتَاءِ وَ مَرّةً بِالصّيفِ فَكّر فِي إِنَارَتِهِ فِي ظُلمَةِ اللّيلِ وَ الإِربِ فِي ذَلِكَ فَإِنّهُ مَعَ الحَاجَةِ إِلَي الظّلمَةِ لِهَدءِ الحَيَوَانِ وَ بَردِ الهَوَاءِ عَلَي النّبَاتِ لَم يَكُن صَلَاحٌ فِي أَن يَكُونَ اللّيلُ ظُلمَةً دَاجِيَةً لَا ضِيَاءَ فِيهَا فَلَا يُمكِنُ فِيهِ شَيءٌ مِنَ العَمَلِ لِأَنّهُ رُبّمَا احتَاجَ النّاسُ إِلَي العَمَلِ بِاللّيلِ لِضِيقِ الوَقتِ عَلَيهِم فِي تقَصَيّ الأَعمَالِ بِالنّهَارِ أَو لِشِدّةِ الحَرّ وَ إِفرَاطِهِ فَيَعمَلُ فِي ضَوءِ القَمَرِ أَعمَالًا شَتّي كَحَرثِ الأَرضِ وَ ضَربِ اللّبَنِ وَ قَطعِ الخَشَبِ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ فَجُعِلَ ضَوءُ القَمَرِ مَعُونَةً لِلنّاسِ عَلَي مَعَايِشِهِم إِذَا احتَاجُوا إِلَي ذَلِكَ وَ أُنساً لِلسّائِرِينَ وَ جُعِلَ طُلُوعُهُ فِي بَعضِ اللّيلِ دُونَ بَعضٍ وَ نُقِصَ مَعَ ذَلِكَ مِن نُورِ الشّمسِ وَ ضِيَائِهَا لِكَيلَا تَنبَسِطَ النّاسُ فِي العَمَلِ انبِسَاطَهُم بِالنّهَارِ وَ يَمتَنِعُوا مِنَ الهَدءِ وَ القَرَارِ فَيُهلِكَهُم ذَلِكَ وَ فِي تَصَرّفِ القَمَرِ خَاصّةً فِي مُهَلّهِ وَ مُحَاقِهِ وَ زِيَادَتِهِ وَ نُقصَانِهِ وَ كُسُوفِهِ مِنَ التّنبِيهِ عَلَي قُدرَةِ اللّهِ خَالِقِهِ المُصَرّفِ لَهُ هَذَا التّصرِيفَ لِصَلَاحِ العَالَمِ مَا يُعتَبَرُ فِيهِ المُعتَبِرُونَ
بيان الدولة بالفتح والضم انقلاب الزمان ودالت الأيام دارت و الله يداولها بين الناس وهدأ كمنع هدءا وهدوءا سكن ويقال نكيت في العدو نكاية إذاقتلت فيهم وجرحت وجثم الإنسان والطائر والنعام يجثم جثما
صفحه : 178
وجثوما لزم مكانه لم يبرح والمراد جثومهم في الليل والتظاهر التعاون ونور الشجر أي أخرج نوره وحدم النار شدة احتراقها والتقصي بلوغ أقصي الشيء ونهايته والغابر الباقي والماضي والمراد هنا الثاني وبزغت الشمس بزوغا شرقت أوالبزوغ ابتداء الطلوع و قال الجوهري اعتل عليه واعتله إذااعتاقه عن أمر انتهي وليلة داجية أي مظلمة
36- الصّحِيفَةُ السّجّادِيّةُ، صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَي مَن أَلهَمَهَا كَانَ مِن دُعَائِهِ ع إِذَا نَظَرَ إِلَي الهِلَالِ أَيّهَا الخَلقُ المُطِيعُ الدّائِبُ السّرِيعُ المُتَرَدّدُ فِي مَنَازِلِ التّقدِيرِ المُتَصَرّفُ فِي فَلَكِ التّدبِيرِ آمَنتُ بِمَن نَوّرَ بِكَ الظّلَمَ وَ أَوضَحَ بِكَ البُهَمَ وَ جَعَلَكَ آيَةً مِن آيَاتِ مُلكِهِ وَ عَلَامَةً مِن عَلَامَاتِ سُلطَانِهِ وَ امتَهَنَكَ بِالزّيَادَةِ وَ النّقصَانِ وَ الطّلُوعِ وَ الأُفُولِ وَ الإِنَارَةِ وَ الكُسُوفِ فِي كُلّ ذَلِكَ أَنتَ لَهُ مُطِيعٌ وَ إِلَي إِرَادَتِهِ سَرِيعٌ سُبحَانَهُ مَا أَعجَبَ مَا دَبّرَ فِي أَمرِكَ وَ أَلطَفَ مَا صَنَعَ فِي شَأنِكَ جَعَلَكَ مِفتَاحَ شَهرٍ حَادِثٍ لِأَمرٍ حَادِثٍ إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ
تنوير اعلم أن الهلال إنما سمي هلالا لجريان عادتهم برفع الأصوات عندرؤيته من الإهلال و هورفع الصوت و قداضطربوا في تحديد الوقت ألذي يسمي فيه بهذا الاسم فقال في الصحاح الهلال أول ليلة والثانية والثالثة ثم هوقمر وزاد صاحب القاموس فقال الهلال غرة القمر أولليلتين أو إلي ثلاث أو إلي سبع ولليلتين من آخر الشهر ست وعشرين وسبع وعشرين و في غير ذلك قمر و قال في مجمع البيان اختلفوا في أنه إلي كم يسمي هلالا ومتي يسمي قمرا فقال بعضهم يسمي هلالا لليلتين من الشهر ثم لايسمي هلالا إلي أن يعود في الشهر الثاني و قال آخرون يسمي هلالا ثلاث ليال ثم يسمي قمرا و قال آخرون يسمي هلالا حتي
صفحه : 179
يحجر وتحجيره أن يستدير بخط دقيق و هذاقول الأصمعي و قال بعضهم يسمي هلالا حتي يبهر ضوؤه سواد الليل ثم يقال قمر و هذا يكون في الليلة السابعة انتهي وقالوا إنما يسمي بعدالهلال قمرا لبياضه فإن الأقمر هوالأبيض وقيل لأنه يقمر الكواكب أي يغلبها بزيادة النور ويسمي في الليلة الرابعة عشر بدرا قال في الصحاح سمي بذلك لمبادرته الشمس في الطلوع كأنه يعجلها المغيب ويقال سمي لتمامه انتهي أي تشبيها له بالبدرة الكاملة وهي عشرة آلاف درهم قال الشيخ البهائي ره يمتد وقت الدعاء بامتداد وقت التسمية هلالا والأولي عدم تأخيره عن الأولي عملا بالمتيقن المتفق عليه لغة وعرفا فإن لم يتيسر فعن الثانية لقول أهل اللغة بالامتداد إليها فإن فاتت فعن الثالثة لقول كثير منهم بأنها آخر لياليه . و أما ماذكره صاحب القاموس وشيخنا أبو علي ره من إطلاق الهلال عليه إلي السابعة فهو خلاف المشهور لغة وعرفا وكأنه مجاز من قبيل إطلاقه عليه في الليلتين الأخيرتين ثم قال و لوقيل بامتداد ذلك إلي ثلاث ليال لم يكن بعيدا فلو نذر قراءة دعاء الهلال عندرؤيته وقلنا بالمجازية فيما فوق الثلاث لم تجب عليه القراءة برؤيته فيما فوقها حملا للمطلق علي الحقيقة وهل تشرع الظاهر نعم إن رآه في تتمة السبع رعاية لجانب الاحتياط فأما فيما فوقها فلالأنه تشريع و لورآه يوم الثلاثين فلاوجوب علي الظاهر لعدم تسميته حينئذ هلالا. قوله ع أيها الخلق المطيع الخلق في الأصل مصدر بمعني الإبداع والتقدير ثم استعمل بمعني المخلوق كالرزق بمعني المرزوق وإطاعته كناية عن تأتي كل ماأراده سبحانه فيه تشبيها بإطاعة العبد لمولاه الدائب السريع يقال دأب فلان في عمله أي جد وتعب وجاء في تفسير قوله تعالي وَ سَخّرَ لَكُمُ
صفحه : 180
الشّمسَ وَ القَمَرَ دائِبَينِ
أي مستمرين في عملهما علي عادة مقررة جارية قال الشيخ البهائي ره وصفه ع القمر بالسرعة ربما يعطي بحسب الظاهر أن يكون المراد سرعته باعتبار حركته الذاتية التي يدور بها علي نفسه وتحرك جميع الكواكب بهذه الحركة مما قال به جم غفير من أساطين الحكماء و هويقتضي كون المحو المرئي في وجه القمر شيئا غيرثابت في جرمه و إلالتبدل وضعه كماقاله سلطان المحققين في شرح الإشارات والأظهر أن ماوصفه به ع من السرعة إنما هوباعتبار حركته العرضية التي يتوسط فلكه فإن تلك الحركة علي تقدير وجودها غيرمحسوسة و لامعروفة والحمل علي المحسوس المتعارف أولي وسرعة حركة القمر بالنسبة إلي سائر الكواكب أماالثوابت فظاهر لكون حركتها من أبطإ الحركات حتي أن القدماء لم يدركوها و أماالسيارات فلأن زحل يتم الدورة في ثلاثين سنة والمشتري في اثنتي عشرة سنة والمريخ في سنة وعشرة أشهر ونصف وكلا من الشمس والزهرة وعطارد في قريب من سنة و أماالقمر فيتم الدورة في قريب من ثمانية وعشرين يوما و لايبعد أن يكون وصفه ع القمر بالسرعة باعتبار حركته المحسوسة علي أنها ذاتية له بناء علي تجويز كون بعض حركات السيارات في أفلاكها من قبيل حركة الحيتان في الماء كماذهب إليه جماعة ويؤيده ظاهر قوله تعالي كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَ ودعوي امتناع الخرق والالتئام علي الأفلاك لم تقترن بالثبوت و مالفقه الفلاسفة لإثباتها أوهن من بيت العنكبوت لابتنائه علي عدم قبول الفلك بأجزائها الحركة المستقيمة ودون ثبوته خرط القتاد والتنزيل الإلهي ألذي لا يَأتِيهِ الباطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَ لا مِن خَلفِهِناطق بانشقاقها و ماثبت من معراج نبيناص بجسده المقدس إلي السماء السابعة فصاعدا شاهد بانخراقها المتردد في منازل التقدير أي السائر في المنازل التي قدرها الله تعالي لها
صفحه : 181
إشارة إلي قوله تعالي وَ القَمَرَ قَدّرناهُ مَنازِلَ وهي المنازل الثمانية والعشرون التي يقطعها في كل شهر بحركته الخاصة فيري كل ليلة نازلا بقرب واحد منها قال نصير الملة والدين ره في التذكرة و أمامنازل القمر فهي من الكواكب القريبة من منطقة البروج جعلها العرب علامات الأقسام الثمانية والعشرين التي قسمت المنطقة بهالتكون مطابقة لعدد أيام دور القمر و قال الخفري في شرحه والمراد من المنزل المسافة التي يقطعها القمر في يوم بليلته ومنازل القمر عند أهل الهند سبعة وعشرون يوما بليلته وثلث فحذفوا الثلث لكونه أقل من النصف كما هوعادة أهل التنجيم و أما عندالعرب فهي ثمانية وعشرون لالأنهم تمموا الثلث واحدا كما قال البعض بل لأنه لما كان سنوهم لكونها باعتبار الأهلة مختلفة الأوائل لوقوعها في وسط الصيف تارة و في وسط الشتاء أخري احتاجوا إلي ضبط سنة الشمس لمعرفة فصول السنة حتي يشتغلوا في استقبال كل فصل منها بما يهمهم فيه فنظروا إلي القمر فوجدوه يعود إلي وضع له من الشمس في قريب من الثلاثين يوما ويختفي في آخر الشهر ليلتين أوأكثر أوأقل فأسقطوا يومين من الثلاثين فبقي ثمانية وعشرون و هوالزمان الواقع في الأغلب بين رؤيته بالعشيات في أول الشهر ورؤيته بالغدوات في آخره فقسموا دور الفلك عليه فكان كل منزل اثنتي عشرة درجة وإحدي وخمسين دقيقة تقريبا أي ستة أسباع درجة فنصيب كل برج منزلان وثلث ثم وجدوا الشمس تقطع كل منزل في ثلاثة عشر يوما بالتقريب فصار المنازل في ثلاثمائة وأربعة وستين يوما لكن عود الشمس إلي كل منزل إنما يكون في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما فزادوا يوما في أيام منازل غفر و قديحتاج إلي زيادة يومين للكبيسة حتي تصير أيامه خمسة عشر و يكون انقضاء أيام السنة الشمسية مع انقضاء أيام المنازل ورجوع الأمر إلي منزل جعل مبدأ ثم إنهم جعلوا علامات المنازل من الكواكب الظاهرة القريبة من المنطقة مما يقارب ممر القمر أويحاذيه فيري كل ليلة نازلا بقرب أحدها
صفحه : 182
فإن سترها يقال كفحه فكافحه أي واجهه فغلبه و لايتفاءل به و إن لم يستره يقال عدل القمر ويتفاءل به و إذاأسرع القمر في سيره فقد يخلي منزلا في الوسط و إذاأبطأ فقد يبقي ليلتين في منزل أول ليلتين في أوله وآخرهما في آخره و قديري في بعض الليالي بين منزلين و مايقال في المشهور إن الظاهر من المنازل في كل ليلة يكون أربعة عشر وكذا الخفي وإنه إذاطلع منزل غاب رقيبه و هوالخامس عشر من الطالع ظاهر الفساد لأنها ليست علي نفس المنطقة و لاأبعاد مابينهما متساوية ولهذا قد يكون الظاهر ستة عشر أوسبعة عشر. ويمكن أن يقال إن مرادهم من المنازل نفس المنازل لاعلاماتها وحينئذ يصح الحكمان المذكوران وبمثل ماذكر يعلم فساد ما هوالمشهور أيضا من أن ستة بروج ظاهرة وستة خفية فإنه أيضا إنما يصح بمقتضي الحساب في نفس البروج لابحسب صورها من الثوابت لأنها لاتقسم المنطقة علي سواء بحيث ينطبق أول صورة كل برج علي أوله وآخرها علي آخره ولعل مرادهم بذلك أن نصف البروج نفسها ظاهرة لا أن نصف صورها ظاهرة فيندفع الخلل عن هذاالقول أيضا والعرب تسمي خروج المنزل من ضياء الفجر طلوعه وغروب رقيبه وقت الصبح سقوطه وتسمي المنازل التي يكون طلوعها في مواسم المطر الأنواء ورقباءها إذاطلعت في غيرمواسم المطر البوارح والأربعة الشمالية التي أولها الشرطين وآخرها السماك شامية والباقية التي أولها الغفر وآخرها بطن الحوت يمانية انتهي . و قال الشيخ البهائي ره الظاهر أن مراده ع بتردد القمر في منازل التقدير عوده إليها في الشهر اللاحق بعدقطعه إياها في السابق فتكون كلمة في بمعني إلي ويمكن أن تبقي علي معناها الأصلي بجعل المنازل ظرفا للتردد فإن حركته التي يقطع بهاتلك المنازل لماكانت مركبة من شرقية وغربية جعل كأنه لتحركه فيهابالحركتين المختلفتين متردد يقدم رجل ويؤخر أخري
صفحه : 183
و أما علي رأي من يمنع جواز قيام الحركتين المختلفتين بالجسم ويري أن للنملة المتحركة بخلاف حركة الرحي سكونا حال حركتها فتشبيهه بالمتردد أظهر.المتصرف في فلك التدبير التصرف التقلب إشارة إلي أن تقلباته وتغيراته بتدبير الحكيم الخبير والفلك مجري الكواكب سمي به تشبيها بفلكة المغزل في الاستدارة والدوران قال أبوريحان إن العرب والفرس سلكوا في تسمية السماء مسلكا واحدا فإن العرب تسمي السماء فلكا تشبيها لها بفلكة الدولاب والفرس سموها بلغتهم آسمان تشبيها لها بالرحي فإن آس هوالرحي بلسانهم ومان دال علي التشبيه انتهي . و قال الشيخ البهائي ره المراد بفلك التدبير أقرب الأفلاك التسع إلي عالم العناصر أي الفلك ألذي يتدبر بعض مصالح عالم الكون والفساد و قدذكر بعض المفسرين في تفسير قوله تعالي فَالمُدَبّراتِ أَمراً أن المراد بهاالأفلاك و هوأحد الوجوه التي أوردها الطبرسي ره ويمكن أن يكون علي ضرب من المجاز كمايسمي مايقطع به الشيء قاطعا وربما يوجد في بعض النسخ المتصرف في فلك التدوير و هوصحيح أيضا و إن كانت النسخة الأولي أصح والمراد به رابع أفلاك القمر و هوالفلك الغير المحيط بالأرض المركوز هو فيه المتحرك أسفله علي توالي البروج وأعلاه بخلافه مخالفا لسائر تداوير السيارة كل يوم ثلاث عشرة درجة وثلاث دقائق وأربعا وخمسين ثانية و هومركوز في ثخن ثالث أفلاكه المسمي بالحامل المباعد مركزه عن مركز العالم بعشر درج المتحرك علي التوالي كل يوم أربعا وعشرين درجة واثنتين وعشرين دقيقة وثلاث وخمسين ثانية و هوواقع في ثخن ثاني أفلاكه المسمي بالمائل الموافق مركزه مركز العالم المماس مقعره بمحدب النار الفاضل عن الحامل الموافق له في ميل منطقته عن منطقة البروج بمتممين متدرجي الرقة إلي نقطتي الأوج والحضيض المتحرك علي خلاف التوالي كل يوم إحدي عشرة درجة وتسع دقائق وسبع
صفحه : 184
ثوان و هوواقع في جوف أول أفلاكه المسمي بالجوزهر الموافق مركزه مركز العالم ومنطقته منطقة البروج المماس محدبه مقعر ممثل عطارد المتحرك كالثاني كل يوم ثلاث دقائق وإحدي عشرة ثانية ثم قال و لايبعد أن تكون الإضافة في فلك التدبير من قبيل إضافة الظرف إلي المظروف كقولهم مجلس الحكم ودار القضاء أي الفلك ألذي هومكان التدبير ومحله نظرا إلي أن ملائكة سماء الدنيا يدبرون أمر العالم السفلي فيه أو إلي أن كلا من السيارات السبع يدبر في فلكها أمرا هي مسخرة له بأمر خالقها ومبدعها كماذكره جماعة من المفسرين في تفسير قوله تعالي فَالمُدَبّراتِ أَمراً ويمكن أن يراد بفلك التدبير مجموع الأفلاك الجزئية يتدبر بهاالأحوال المنسوبة إلي القمر بأسرها وينضبط بهاالأمور المتعلقة به بأجمعها حتي تشابه حامله حول مركز العالم ومحاذاة قطر تدويره نقطة سواه إلي غير ذلك وتلك الأفلاك الجزئية هي الأربعة السالفة مع مازيد عليها لحل ذينك الإشكالين و مع مالعله يحتاج إليه أيضا في انتظام بعض أموره وأحواله التي ربما لم يطلع عليها الراصدون في أرصادهم وإنما يطلع عليها المؤيدون بنور الإمامة والولاية وحينئذ يراد بالتدبير التدبير الصادر عن الفلك نفسه و يكون اللام فيه للعهد الخارجي أي التدبير الكامل ألذي ينتظم به جميع تلك الأمور و لايبعد أن يراد بفلك التدبير الفلك ألذي يدبره القمر نفسه نظرا إلي ماذهب إليه طائفة من أن كل واحد من السيارات السبع مدبر لفلكه كالقلب في بدن الحيوان قال سلطان المحققين في شرح الإشارات ذهب فريق إلي أن كل كوكب منها ينزل مع أفلاكه منزلة حيوان واحد ذي نفس واحدة تتعلق بالكوكب أول تعلقها وبأفلاكه بواسطة الكوكب كماتتعلق نفس الحيوان بقلبه أولا وبأعضائه الباقية بعد ذلك فالقوة المحركة منبعثة عن الكوكب ألذي هوكالقلب في أفلاكه التي هي كالجوارح والأعضاء الباقية انتهي كلامه زيد إكرامه ويمكن أن يكون هذا هومعني ماأثبته له ع من التصرف في الفلك
صفحه : 185
و الله أعلم بمقاصد أوليائه سلام الله عليهم أجمعين انتهي . وأقول يمكن أن يكون في الكلام استعارة كمايقال بيت العز ودار الشرف تشبيها للتدبير بفلك هومدبره و هذاالنوع من الكلام شائع عندالعرب والعجم ثم قال ره خطابه ع للقمر ونداؤه له ووصفه بالطاعة والجد والتعب والتردد في المنازل والتصرف في الفلك ربما يعطي بظاهره كونه ذا حياة وإدراك و لااستبعاد في ذلك نظرا إلي قدرة الله تعالي إلا أنه لم يثبت بدليل عقلي قاطع يشفي العليل أونقلي ساطع لايقبل التأويل نعم أمثال هذه الظواهر ربما تشعر به و قديستند في ذلك بظاهر قوله تعالي كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَ فإن الواو والنون لايستعملان حقيقة لغير العقلاء و قدأطبق الطبيعيون علي أن الأفلاك بأجمعها حية ناطقة عاشقة مطيعة لمبدعها وخالقها وأكثرهم علي أن غرضها من حركاتها نيل التشبه بجنابه والتقرب إليه جل شأنه وبعضهم علي أن حركاتها لورود الشوارق القدسية عليها آنا فآنا فهي من قبيل هزة الطرب والرقص الحاصل من شدة السرور والفرح وذهب جم غفير منهم إلي أنه لاميت في شيء من الكواكب أيضا حتي أثبتوا لكل واحد منها نفسا علي حدة تحركه حركة مستديرة علي نفسه و ابن سينا في الشفاء مال إلي هذاالقول ورجحه وحكم به في النمط الخامس من الإشارات و لو قال به قائل لم يكن مجازفا وكلام ابن سينا وأمثاله و إن لم يكن حجة يركن إليها الديانيون في أمثال هذه المطالب إلا أنه يصلح للتأييد و لم يرد في الشريعة المطهرة علي الصادع بهاأفضل الصلوات وأكمل التسليمات ماينافي هذاالقول و لاقام دليل عقلي علي بطلانه و إذاجاز أن يكون لمثل البعوضة والنملة فما دونهما حياة فأي مانع من أن يكون لتلك الأجرام الشريفة أيضا ذلك و قدذهب جماعة إلي أن لجميع الأشياء نفوسا مجردة ونطقا وجعلوا قوله تعالي وَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِمحمولا علي ظاهره و ليس غرضنا
صفحه : 186
من هذاالكلام ترجيح القول بحياة الأفلاك بل كسر سورة استبعاد المصرين علي إنكاره ورده وتسكين صولة المشنعين علي من قال به أوجوزه انتهي كلامه ره وأقول هذاالترجيح ألذي أبداه ره في لباس الاحتمال والتجويز مناف لسياق أكثر الآيات والأخبار الواردة في أحوال الكواكب والأفلاك ومسيرها وحركاتها والإشارات التي تمسك بهاظاهر من سياقها أنها من قبيل المجازات والاستعارات الشائعة في كلام البلغاء بل في أكثر المحاورات فإنهم يخاطبون الجمادات بخطاب العقلاء وغرضهم تفهيم غيرها كما في هذاالخطاب وخطاب شهر رمضان ووداعه وخطاب البيت والمخاطب فيهاحقيقة هو الله تعالي والغرض إظهار نعمه تعالي وشكره عليها و لم أر أحدا من المتكلمين من فرق المسلمين قال بذلك إلابعض المتأخرين الذين يقلدون الفلاسفة في عقائدهم ويوافقون المسلمين فيما لايضر بمقاصدهم قال السيد المرتضي ره في كتاب الغرر والدرر قددلت الدلالة الصحيحة الواضحة علي أن الفلك و ما فيه من شمس وقمر ونجوم غيرمتحرك لنفسه و لاطبعه علي مايهدي به القوم و أن الله تعالي هوالمحرك له والمتصرف باختياره فيه و قال ره في موضع آخر لاخلاف بين المسلمين في ارتفاع الحياة عن الفلك و مايشتمل عليه من الكواكب فإنها مسخرة مدبرة مصرفة و ذلك معلوم من دين رسول الله ص ضرورة كماسيأتي في باب النجوم .آمنت بمن نور بك الظلم وأوضح بك البهم وجعلك آية من آيات ملكه وعلامة من علامات سلطانه النور والضوء مترادفان لغة و قدتسمي تلك الكيفية إن كانت من ذات الشيء ضوءا و إن كانت مستفادة من غيره نورا و عليه جري قوله تعالي جَعَلَ الشّمسَ ضِياءً وَ القَمَرَ نُوراً والظلم جمع ظلمة وتجمع علي ظلمات أيضا وهي عدم الضوء عما من شأنه أن يكون مضيئا والبهم كصرد جمع بهمة بالضم وهي مايصعب علي الحاسة إدراكه إن كان محسوسا و علي الفهم إن
صفحه : 187
كان معقولا والآية العلامة والسلطان مصدر بمعني الغلبة والتسلط و قديجيء بمعني الحجة والدليل لتسلطه علي القلب وأخذه بعنانه قال البهائي ره لماافتتح ع الدعاء بخطاب القمر وذكر أوصافه أراد أن يذكر جملا أخري من أحواله ناقلا للكلام من أسلوب إلي آخر كما هودأب البلغاء من تلوين الكلام وجعل تلك الجمل مع تضمنها لخطاب القمر وذكر أحواله موشحة بذكر الله سبحانه والثناء عليه جل شأنه تحاشيا عن أن يتمادي به الكلام خاليا عن ذكر المفضل المنعام معبرا عن المنعم به جل شأنه بالموصول ليجعل الصلة مشعرة ببعض أحوال القمر ويعطف عليها الأحوال الأخر فتتلاءم جمل الكلام و لايخرج عن الغرض المسوق له من بيان تلك الأوصاف والأحوال واللام في الظلم للاستغراق أعني العرفي منه لاالحقيقي والمراد الظلم المتعارف تنويرها بالقمر من قبيل جمع الأمير الصاغة ويمكن جعله للعهد الخارجي والحق أن لام الاستغراق العرفي ليست شيئا وراء لام العهد الخارجي فإن المعروف بها هوحصة معينة من الجنس أيضا غايته أن التعيين فيهانشأ من العرف والتنكير في قوله آية يمكن أن يكون للنوعية كما في قوله تعالي وَ عَلي أَبصارِهِم غِشاوَةٌ والأظهر أن يجعل للتعظيم واحتمال التحقير ضعيف كما لايخفي ثم قال ره الباء في قوله ع نور بك الظلم إما للسببية أوللآلة ثم إن جعلنا الضوء عرضا قائما بالجسم كما هومذهب أكثر الحكماء ومختار سلطان المحققين ره في التجريد فالتركيب من قبيل سودت الشيء وبيضته أي صيرته متصفا بالسواد والبياض و إن جعلناه جسما كما هومذهب القدماء من أنه أجسام صغار شفافة تنفصل عن المضيء وتتصل بالمستضيء فالتركيب من قبيل لبنته وتمرته أي صيرته ذا لبن أوتمر و هذاالقول و إن كان مستبعدا بحسب الظاهر إلا أن إبطاله لايخلو
صفحه : 188
من إشكال كما أن إثباته كذلك ولعله ع أراد بالظلم في قوله نور بك الظلم الأهوية المظلمة لاالظلمات أنفسها فإنها لاتتصف بالنور وتجويز كونه ع أراد ذلك مبني علي أن الهواء تتكيف بالضوء و هومختلف فيه فالذين جعلوا اللون شرطا في التكيف بالضوء منعوا منه ويجوز أن يريد بالظلم الأجسام المظلمة سوي الهواء و هذاأحسن لاستغنائه عن تجشم الاستدلال علي قبول الهواء للضوء وسلامته عن شوب الخلاف ويمكن أن يكون مراده ع بتنوير الظلم إعدامها بإحداث الضوء في محالها و هذايبتني علي القول بأن الظلمة كيفية وجودية كماذهب إليه جماعة و هذاالرأي و إن كان الأكثر علي بطلانه إلا أن دلائلهم علي إبطاله ليست بتلك القوة فهو باق علي أصل الإمكان إلا أن يذود عنه قاطع البرهان فلو جوز مجوز احتمال كونه أحد محامل كلامه ع لم يكن في ذلك حرج . وامتهنك بالزيادة والنقصان والطلوع والأفول والإنارة والكسوف المهنة بفتح الميم وكسرها وإسكان الهاء الخدمة والذل والمشقة والماهن الخادم وامتهنه استعمله في المهنة وطلوع الكوكب ظهوره فوق الأفق أو من تحت شعاع الشمس وأفوله غروبه تحته والكسوف زوال الضوء عن الشمس أوالقمر للعارض المخصوص و قديفسر الكسوف بحجب القمر ضوء الشمس عنا أوحجب الأرض ضوء الشمس عنه و هوتفسير للشيء بسببه و قال جماعة من أهل اللغة الأحسن أن يقال في زوال ضوء الشمس كسوف و في زوال ضوء القمر خسوف فإن صح ماقالوه فلعله ع أراد بالكسوف زوال الضوء المشترك بين الشمس والقمر لاالمختص بالقمر و هوالخسوف ليكون خلاف الأحسن و لايخفي أن امتهان القمر حاصل بسبب كثف الشمس أيضا فإنه هوالساتر لها و لما كان شمول الكسوف للخسوف أشهر من العكس اختاره ع ثم قال أراد ع بالزيادة والنقصان زيادة نور القمر ونقصانه بحسب مايظهر للحس لا أن الزيادة والنقصان حاصلان له في الواقع لأن الأزيد من نصفه منير دائما كما بين في محله و أمازيادته في الاجتماع ونقصانه في الاستقبال كما هوشأن الكرة الصغيرة المستنيرة من الكبيرة
صفحه : 189
حالتي القرب والبعد فليس الكلام فيهما إنما الكلام في الزيادة والنقصان المسببين عن البعد والقرب المدركين بالحس وربما يتراءي لبعض الأفهام من ظاهر قوله ع وامتهنك بالزيادة والنقصان أن زيادة نور القمر ونقصانه المحسوسين واقعان بحسب الحقيقة وحاصلان في نفس الأمر كما هومعتقد كثير من الناس و هذا و إن كان ممكنا نظرا إلي قدرة الله تعالي علي أن يحدث في جرمه أول الشهر شيئا يسيرا من النور ويزيده علي التدريج إلي أن يصير بدرا ثم يسلبه عنه شيئا فشيئا إلي المحاق إلا أن حمل كلامه ع علي ما هومتفق عليه بين أساطين علماء الهيئة حتي عد من الحدسيات أليق وأولي وهم مع قطع النظر عما أوجب تحدسهم بذلك إنما اقتبسوا هذاالعلم من أصحاب الوحي سلام الله عليهم كشيث ع المدعو علي لسانهم بهرمس و قدنقل جماعة من المفسرين منهم الشيخ الطبرسي ره عندتفسير قوله تعالي وَ اذكُر فِي الكِتابِ إِدرِيسَالآية أن علم الهيئة كان معجزة له إلي آخر ماذكره في ذلك ثم قال ره لايخفي أن حكمهم بأن نور القمر مستفاد من الشمس ليس مستندا إلي مجرد مايشاهد من اختلاف تشكلاته النورية بقربه وبعده عن الشمس فإن هذاوحده لايوجب ذلك الحكم قطعا بل لابد مع ذلك من ضم أمور آخر كحصول الخسوف عندتوسط الأرض بينه و بين الشمس إلي غير ذلك من الأمارات التي يوجب اجتماعها ذلك الحكم لجواز أن يكون نصفه مضيئا من ذاته ونصفه مظلما ويدور علي نفسه كحركة فلكه فإذاتحرك بعدالمحاق يسيرا رأيناه هلالا ويزداد فنراه بدرا ثم يميل نصفه المظلم شيئا فشيئا إلي أن يئول إلي المحاق ثم أفاد ره لعلك تقول عندملاحظة قوله وامتهنك بالزيادة والنقصان أن حصول الامتهان للقمر بنقصان نوره ظاهر فما معني حصول الامتهان له بزيادة النور فأقول فيه وجهان الأول أنه كان أحد وجهيه مستنيرا بالشمس دائما وكانت زيادة نوره إنما هي
صفحه : 190
بحسب إحساسنا فقط و قدسخره الأمر الإلهي لأن يتحرك في النصف الأول من الشهر علي نهج لايزيد به المنير منه في كل ليلة إلاشيئا يسيرا لايستطيع أن يتخطاه و لايقدر علي أن يتعداه أثبت ع له الامتهان بسبب إذلاله وتسخيره للزيادة علي هذاالوجه المقرر والنهج الخاص و قدشبه بعضهم حال القمر في ظهور القدر المرئي منه شيئا فشيئا في النصف الأول من الشهر إلي أن يصير بدرا ثم استتاره شيئا فشيئا في النصف الثاني إلي أن يختفي بما إذاأمر السيد عبده بأن لايكشف النقاب عن وجهه للناظرين إلا علي التدريج شيئا فشيئا في مدة معينة و أنه متي انكشف وجهه بأجمعه فليبادر في الحال إلي ستره وإرخاء النقاب عليه شيئا فشيئا إلي أن يختفي بأجمعه عن الأبصار الوجه الثاني أن يكون مراده ع الامتهان بمجموع الزيادة والنقصان أعني التغير من حال إلي حال وعدم البقاء علي شكل واحد ولعل هذاالوجه أقرب و هوجار فيما نسبه ع إليه من الطلوع والأفول والإنارة والكسوف ويمكن أن يوجه امتهانه بالإنارة بوجه آخر و هو أن يراد بهاإعطاؤه النور للغير كوجه الأرض مثلا لااتصافه هوبالنور فإن الإنارة والإضاءة كماجاءا في اللغة لازمين جاءا متعديين أيضا فحينئذ ينبغي أن يراد بالكسوف كسفه للشمس ليتم المقابلة ويصير المعني امتهنك بأن تفيض النور علي الغير تارة وتسلبه عنه أخري و لوأريد المعني الشامل للخسوف أونفس الخسوف أيضا لم يكن فيه بعد و الله أعلم . ثم قال ره لماكانت الشمس ملازمة لمنطقة البروج وكانت أعظم من الأرض كان المستنير بأشعتها أعظم من نصفها والمظلم أقل وحصل مخروط مؤلف من قطعتين يرتسم إحداهما من الخطوط الشعاعية الواصلة بين الشمس وسطح الأرض ويسمي مخروط النور والمخروط العظيم والأخري من ظل الأرض وتسمي مخروط الظل والمخروط الصغير ويحيط به طبقة يشوبها ضوء مع بياض يسير ثم طبقة أخري يشوبها مع ضوء يسير حمرة و هذه الطبقات الثلاث تظهر للبصر في المشرق من طلوع الفجر إلي طلوع الشمس بهذا الترتيب وبعكسه بعدغروبها في المغرب وقاعدة
صفحه : 191
المخروط العظيم علي كرة الشمس منصفة بمنطقة البروج وسهمه في سطحها وينتهي رأسه في أفلاك الزهرة عندكون الشمس في الأوج وفيما دونه في مادونها وقاعدة المخروط الصغير صغيرة علي وجه الأرض هي الفصل المشترك بين المنير منها والمظلم وهذان المخروطان يتحركان علي سطح الأرض كأنهما جبلان شامخان يدوران حولها علي التبادل أحدهما أبيض ساطع والآخر أسود حالك عليه ملابس متلونة ويتحرك الأبيض من المشرق إلي المغرب و هوالنهار لمن هوتحته والأسود بالعكس و هوالليل لمن هوتحته فَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ و إذاتوهمنا سطحا كريا مركزه مركز العالم يمر بمركز القمر وبالمخروط الصغير فالدائرة الحادثة منه علي جرم القمر تسمي صفحة القمر والحادثة علي سطح المخروط دائرة الظل ومركزها علي منطقة البروج فإذاعرفت هذا فإذالاقي القمر مخروط الظل في الاستقبال ووقعت صفحته كلها أوبعضها في دائرة الظل انقطعت الأشعة الشمسية عنه كلا أوبعضا و هوالخسوف الكلي أوالجزئي ولكون غاية عرض القمر وهي خمسة أجزاء أعظم من مجموع نصفي قطري صفحته ودائرة الظل لم ينخسف في كل استقبال بل إذا كان عديم العرض أو كان عرضه و هو بعدمركزه عن مركز دائرة الظل أقل من نصفيهما إذ لو كان
صفحه : 192
مساويا لهما ماس القمر محيط دائرة الظل من خارج علي نقطة في جهة عرضه و لم ينخسف و إن كان أكثر فبطريق أولي أما إن كان العرض أقل من النصفين انخسف أقل من نصف قطره إن كان ذلك العرض أكثر من نصف قطر دائرة الظل ونصف قطره إن كان مساويا له لمرور دائرة الظل بمركز الصفحة حينئذ وأكثر منه إن كان أقل منه وأكثر من فضل نصف قطر دائرة الظل علي نصف قطر القمر وكله غيرماكث إن كان مساويا لفضل نصف قطر دائرة الظل علي نصف قطر القمر لمماسة القمر محيط الظل من داخل علي نقطة في جهة عرضه وماكثا بحسب مايقع في دائرة الظل إن كان أقل من هذاالفضل وغاية المكث إذا كان عديم العرض وأول الخسوف يشبه أثرا دخانيا ثم يزداد تراكما بازدياد توغل القمر في الظل فإن كان عرضه أقل من عشر دقائق كان لونه أسود حالكا و إلي عشرين فأسود ضاربا إلي خضرة و إلي ثلاثين فإلي حمرة و إلي أربعين فإلي صفرة و إلي خمسين فأغبر و إلي ستين فأشهب وابتداء الانجلاء من شرقي القمر كما أن ابتداء الخسوف كذلك ثم اعلم أن الأحوال المشهورة الحاصلة للقمر كثيرة فبعضها يشاركه فيه سائر الكواكب كالإنارة والطلوع والأفول ونحوها وهي كثيرة و لاحاجة داعية إلي ضبطها وبعضها أمور تختص به و لاتوجد في غيره من الكواكب و قداعتني أهل الهيئة بالبحث عنها وأشهرها ستة سرعة الحركة واختلاف تشكلاته النورية واكتسابه النور من الشمس وخسوفه بحيلولة الأرض بينها وحجبه لنورها بالكسف لها وتفاوت أجزاء صفحته في النور و هوالمسمي بالمحو و هذه الأحوال الستة يمكن فهمها من كلامه ع بعضها بالتصريح وبعضها بالتلويح أماسرعة حركته واختلاف تشكلاته فظاهر و أماكسفه الشمس وخسوفه فلما مر من حمل الكسوف في كلامه ع علي مايشمل الأمرين معا و أمااكتسابه النور من الشمس فلدلالة اختلاف التشكلات مع الخسوف عليه فهذه الأمور الخمسة يفهم من كلامه ع علي هذاالنهج وبقي الأمر السادس أعني تفاوت أجزائه في
صفحه : 193
النور فإن في إشعار كلامه ع به نوع خفاء ويمكن أن يومئ إليه قوله ع وامتهنك بالزيادة والنقصان فإن المراد زيادة النور ونقصانه و لامعني لتفاوت أجزائه في النور إلازيادته في بعض ونقصانه في بعض آخر كما لايخفي فقد تضمن كلامه ع مجموع تلك الأحوال الستة المختصة بالقمر و قدمر الكلام في الأربعة الأول منها وبقي الكلام في الأخيرتين فنقول أماالكسوف فهو ذهاب الضوء عن جرم الشمس في الحس كلا أوبعضا لستر القمر وجهها الموجه لنا كلا أوبعضا و ذلك عندكونهما بحيث يمر خط خارج من البصر بهما إما مع اتحاد موضعيهما المرئيين أو كان البعد بينهما أقل من مجموع نصفي قطريهما فلو تساويا ماسها و لاكسف و إن زاد الأول فبالأولي فإن وقع مركزاهما علي الخط المذكور كسفها كلها بلا مكث إن كان قطراهما متساويين حسا و مع مكث إن كان قطرها أصغر وبقي منها حلقة نورانية إن كان قطرها أعظم و إن لم يقعا علي ذلك الخط كسف منها بعضها أبدا إلا إذا كان قطره أعظم حسا فقد يكسفها حينئذ كلا وربما تبقي منها حلقة نورانية مختلفة الثخن أوقطعة نعلية إن كان قطره أصغر و لما كان الكسوف غيرعارض للشمس لذاتها بل بالقياس إلي رؤيتها بحسب كيفية توسط القمر بينها و بين الإبصار أمكن وقوعه في بقعة دون أخري مع كون الشمس فوق أفقهما وكونه في إحداهما كليا أوأكثر و في أخري جزئيا أوأقل وابتداء الكسوف من غربي الشمس كما أن ابتداء الانجلاء كذلك . ثم قال ره و أمامحو القمر وهي الظلمة المحسوسة في صفحته فأمره ملتبس والآراء فيه متشعبة والأقوال متخالفة وأذكر منها خمسة الأول أنها آثار وجهه المظلم تأدت إلي وجهه المضيء وأورد عليه أنه لو كان كذلك لكانت أطرافه أشد ظلمة وأوساطه أشد ضوء الثاني أنه أجرام مختلفة مركوزة مع القمر في تدويره غيرقابلة للإنارة بالتساوي و هومختار سلطان المحققين ره في التذكرة وأورد عليه أن مايتوسط بينه و بين الشمس من تلك الأجرام وكذا بيننا وبينه في كل زمان ووضع شيءآخر لتحرك التدوير علي نفسه فكيف يري دائما علي
صفحه : 194
نهج واحد غيرمختلف و قديعتذر له بأن التفاوت المذكور لايحس به في صفحة القمر لصغرها و بعدالمسافة الثالث أن الأشعة تنعكس إليه من البحر المحيط أوكرة البخار لصقالتهما انعكاسا بينا و لاتنعكس لذلك من سطح الربع المكشوف لخشونته فيكون المستنير من وجهه بالأشعة النافذة إليه علي الاستقامة والأشعة المنعكسة تبعا أضوأ من المستنير بالأشعة المستقيمة والمنعكسة من الربع المكشوف و هذامختار صاحب التحفة وأورد عليه أن ثبات الانعكاس دائما علي نهج واحد مع اختلاف أوضاع الأشياء المنعكس عنها من البخار والجبال في جانبي المشرق والمغرب مستحيل واعتذر له بما اعتذر لأستاذه ره الرابع أن سطح القمر لما كان صقيلا كالمرآة والناظر يري فيه صورة البحار والقدر المكشوف من الأرض و فيه عمارات وغياض وجبال و في البحار مراكب وجزائر مختلفة الأشكال وكلها تظهر للناظر أشباحها في صفحة القمر و لايميز بينها لبعدها و لايحس منها إلابخيال و كما لايري مواضع الأشباح في المرايا مضيئة فكذلك لاتري تلك المواضع فيه براقة أو أنه تري صورة العمارات والغياض والجبال مظلمة كماهي عليه في الليل وصورة البحار مضيئة أوبالعكس فإن صورتي الأرض والماء منطبعتان فيه كما أن الأرض لكثافتها تقبل ضوء الشمس أكثر مما يقبله الماء للطافته فكذا صورتاهما و هذاالوجه مختار الفاضل النيسابوري في شرح التذكرة ومال إليه أستاذنا المحقق البرجندي في شرح التذكرة أيضا والإيراد والاعتذار كماسبق الخامس أن أجراما صغيرة نيرة مركوزة في جرم الشمس أو في فلكها الخارج المركز بحيث تكون متوسطة دائما بين الشمس والقمر وهي مانعة من وقوع شعاع الشمس علي مواضع المحو من القمر وإنما قلنا نيرة لأنها لوكانت مظلمة فيري المحو علي وجه الشمس والمراد أنها نيرة نورا أقل من نور بقية أجزاء الشمس و هذاالوجه للمدقق الخفري وأقول فيه نظر فإن تلك الأجرام إن كانت صغيرة جدا تلاقت الخطوط الخارجة من حولها إلي القمر بالقرب منها و لم يصل ظلها إليه و إن كان لها مقدار يعتد به بحيث يصل ظلها إلي جرم القمر فوصوله إلي
صفحه : 195
سطح الأرض في بعض الأوقات كوقت الاستقبال أولي فكان ينبغي أن يظهر علي سطح الأرض كمايظهر ظل الغيم ونحوه و ليس فليس و الله أعلم بحقائق الأمور. ثم قال قدس الله لطيفه مامر من أن اكتساب النور من الشمس مختص بالقمر لايشاركه فيه غيره من الكواكب هوالمشهور و عليه الجمهور فإنهم مطبقون علي أن أنوار ماعداه من الكواكب ذاتية غيرمكتسبة من الشمس واستدلوا علي ذلك بأنها لواستفادت النور من الشمس لظهر فيه التشكلات البدرية والهلالية بالبعد والقرب منها كما في القمر هكذا أورده صاحب التحفة فيها و في نهاية الإدراك وأقول فيه نظر فإن القائل باستفادتها النور من الشمس ليس عليه أن يقول بأن المستضيء منها إنما هووجهها المقابل للشمس فقط ليلزمه اختلاف تشكلاته كالقمر بل له أن يقول بنفوذ الضوء في أعماقها كالقطعة من البلور مثلا إذاوقع عليها ضوء الشمس فإن الناظر إليها من جميع الجهات يبصرها مضيئة بأجمعها فتبصر. ثم إن صاحب التحفة أورد علي الدليل المذكور أن اختلاف التشكلات إنما يلزم في السفليين لا في بقية الكواكب التي فوق الشمس لكون وجهها المقابل لنا هوالمقابل للشمس بخلاف القمر فيمكن أن يستفيد النور منها و لايظهر فيهاالتشكلات الهلالية بالقرب من الشمس و مايقال من أنه يلزم انخسافها في مقابلات الشمس مدفوع بأن ظل الأرض لايصل إلي أفلاكها ثم إنه أجاب عن هذاالإيراد بأن تلك الكواكب إذاكانت علي سمت الرأس غيرقابلة للشمس و لامقارنة لها لم يكن وجهها المقابل لنا هوالمقابل لها بل بعضه ويلزم اختلاف التشكلات الهلالية ثم قال فإن قيل إنما لايري شيءمنها هلاليا لخفاء طرفيه لصغر حجم الكواكب في المنظر و هوظهوره من البعد المتفاوت مستديرا قلنا لو كان كذلك لرئي الكوكب في قرب الشمس أصغر منه في بعدها. هذاكلامه وأقول فيه نظر لأن للخصم أن يقول إنما يلزم ذلك لووقعت دائرة الرؤية فيهامقاطعة لدائرة النور و لم لايجوز أن لايقع أبدا إلاداخلها إما موازية لها إذا كان الكوكب علي سمت الرأس في مقابلة الشمس أو
صفحه : 196
غيرموازية إما مماسة لها كمالعله يتفق في التربيع أو غيرمماسة كما في غيره و لايندفع هذا إلا إذاثبت تقاطع الدائرتين علي سطح الكوكب كما في القمر ودون ثبوته خرط القتاد ويمكن تقرير النظر بوجه آخر بأن يقال قرب الكواكب من الشمس علي نحوين قرب كثير يوجب ظهور الصغر للحس وقرب قليل لايوجب ذلك والأول لا يكون إلا إذاكانت الشمس تحت الأفق و كان الكوكب قريبا من الأفق فلم لايجوز أن يكون الكوكب حال القرب أصغر لكن تراكم البخار جبر ذلك الصغر فلم ير أصغر لذلك ثم إن ألذي مازال يختلج بخاطري أن القول بعدم الفرق بين القمر وسائر الكواكب في أن أنوار الجميع مستفادة من الشمس غيربعيد عن الصواب و قدذهب إلي هذاجماعة من أساطين الحكماء ووافقهم الشيخ السهروردي حيث قال في الهياكل إن الشمس قاهر العنق رئيس السماء فاعل النهار صاحب العجائب عظيم الهيئة ألذي يعطي جميع الأجرام ضوءها و لايأخذ منها هذاكلامه و قدذهب الشيخ العارف محيي الدين أيضا إلي هذاالقول وصرح به في الفتوحات المكية ووافقه جمع من الصوفية و الله أعلم بحقائق الأشياء انتهي .سبحانه ماأعجب مادبر في أمرك وألطف ماصنع في شأنك سبحان مصدر كغفران بمعني التنزيه عن النقائص و لايستعمل إلامحذوف الفعل منصوبا علي المصدرية فسبحان الله معناه تنزيه الله كأنه قيل أسبحه سبحانا وأبرئه عما لايليق بعز جلاله براءة قال الشيخ الطبرسي ره إنه صار في الشرع علما
صفحه : 197
لأعلي مراتب التعظيم التي لايستحقها إلا هوسبحانه ولذلك لايجوز أن يستعمل في غيره تعالي و إن كان منزها عن النقائص و إلي كلامه هذاينظر ماقاله بعض الأعلام من أن التنزيه المستفاد من سبحان الله ثلاثة أنواع تنزيه الذات عن نقص الإمكان ألذي هومنبع السوء وتنزيه الصفات عن وصمة الحدوث بل عن كونها مغايرة للذات المقدسة وزائدة عليها وتنزيه الأفعال عن القبح والعبث بل عن كونها جالبة إليه تعالي نفعا أودافعة عنه سبحانه ضرا كأفعال العباد و ما في قوله ع ماأعجب إما موصولة أوموصوفة أواستفهامية علي الخلاف المشهور في ماالتعجبية وهي مبتدأة والماضي بعدها صلتها أوصفتها علي الأولين والخبر محذوف أي ألذي أو شيءصيره عجيبا أمر عظيم أوكونها هوالخبر علي الأخير و ما في مادبر مفعول أعجب وهي كالأولي علي الأولين والعائد المفعول محذوف والأمر والشأن مترادفان جعلك مفتاح شهر حادث لأمر حادث فصل هذه الجملة عما قبلها للاختلاف خبرا وإنشاء مع كون السابقة لامحل لها من الإعراب والشهر مأخوذ من الشهرة يقال شهرت الشيء شهرا أي أظهرته وكشفته وشهرت السيف أخرجته من الغلاف وتشبيهه الشهر في النفس بالبيت المقفول استعارة بالكناية وإثبات المفتاح له استعارة تخييلية و لايخفي لطافة تشبيه الهلال بالمفتاح والجار في قوله ع لأمر حادث يتعلق بحادث السابق أي حدوث ذلك الشهر وتجدده لأمر حادث مجدد ويجوز تعلقه بجعل وتنكير أمر للإبهام وعدم التعين أي أمر مبهم علينا حالة كماقالوه في قوله تعالي أَوِ اطرَحُوهُ أَرضاً يَخلُ لَكُم وَجهُ أَبِيكُم إن المراد أرضا منكورة مجهولة. وأقول يحتمل أن يكون المراد بالأمر الحادث مانيط بالشهور من المصالح الدينية كالحج والصوم والعدد وسائر العبادات المتعلقة بها والدنيوية كالمعاملات والديون وسائر الأمور المربوطة بها و قال الشيخ المتقدم ره جعله ع مدخول
صفحه : 198
ماالتعجبية فعلا دالا علي التعجب بجوهره ينبئ عن شدة تعجبه ع من حال القمر و مادبره الله سبحانه فيه و في أفلاكه بلطائف صنعه وحكمته وهكذا كل من هوأشد اطلاعا علي دقائق الحكم المودعة في مصنوعات الله سبحانه فهو أشد تعجبا منها وأكثر استعظاما لها ومعلوم أن مابلغ إليه علمه ع من عجائب صنعه جل وعلا ودقائق حكمته في خلق القمر ونضد أفلاكه وربطه ماربطه به من مصالح العالم السفلي و غير ذلك فوق مابلغ إليه علم أصحاب الإرصاد و من يحذو حذوهم من الحكماء الراسخين بأضعاف مضاعفة مع أن ألذي اطلع عليه هؤلاء من أحواله وكيفية أفلاكه و ماعرفوه مما يرتبط به من أمور هذاالعالم أمور كثيرة يحار فيهاذو اللب السليم قائلا ربنا ماخلقت هذاباطلا وتلك الأمور ثلاثة أنواع .الأول مايتعلق بكيفية أفلاكه وعددها ونضدها و مايلزمه من حركاتها من الخسوف واختلاف التشكلات وتشابه حركة حاملة حول مركز العالم لاحول مركزه ومحاذاة قطر تدويره نقطة سوي مركز العالم إلي غير ذلك مما هومشروح في كتب الهيئة.الثاني مايرتبط بنوره من التغيرات في بعض الأجسام العنصرية كزيادة الرطوبات في الأبدان بزيادته ونقصانها بنقصانه وحصول البحارين للأمراض وزيادة مياه البحار والينابيع زيادة بينة في كل يوم من النصف الأول من الشهر ثم أخذها في النقصان يوما فيوما في النصف الأخير منه وزيادة أدمغة الحيوانات وألبانها بزيادة النور ونقصانها بنقصانه وكذلك زيادة البقول والثمار نموا ونضجا عندزيادة نوره حتي أن المزاولين لها يسمعون صوتا من القثاء والقرع والبطيخ عندتمدده وقت زيادة النور وكإبلاء نور القمر الكتان وصبغه بعض الثمار إلي غير ذلك من الأمور التي تشهد به التجربة قالوا وإنما اختص القمر بزيادة مانيط به من أمثال هذه الأمور بين سائر الكواكب لأنه أقرب إلي عالم العناصر منها ولأنه مع قربه أسرع حركة فيمتزج نوره بأنوار جميع الكواكب ونوره أقوي من نورها فيشاركها شركة غالب عليها فيما نيط بنورها من المصالح بإذن خالقها ومبدعها جل شأنه الثالث مايتعلق به من السعادة والنحوسة و مايرتبط به من الأمور التي هو
صفحه : 199
علامة علي حصولها في هذاالعالم كماذكره الديانيون من المنجمين ووردت ببعضه الشريعة المطهرة علي الصادع بهاأفضل التسليمات كَمَا رَوَاهُ الكلُيَنيِّ ره عَنِ الصّادِقِ ع مَن سَافَرَ أَو تَزَوّجَ وَ القَمَرُ فِي العَقرَبِ لَم يَرَ الحُسنَي
وَ عَنِ الكَاظِمِ ع مَن تَزَوّجَ فِي مُحَاقِ الشّهرِ فَليُسَلّم لِسِقطِ الوَلَدِ
وَ كَمَا رَوَاهُ الشّيخُ عَنِ البَاقِرِ ع أَنّ النّبِيّص بَاتَ لَيلَةً عِندَ بَعضِ نِسَائِهِ فَانكَسَفَ القَمَرُ فِي تِلكَ اللّيلَةِ فَلَم يَكُن فِيهَا شَيءٌ فَقَالَت لَهُ زَوجَتُهُ يَا رَسُولَ اللّهِ بأِبَيِ أَنتَ وَ أمُيّ كُل هَذَا البُغضَ فَقَالَ لَهَا وَيحَكِ هَذَا الحَادِثُ فِي السّمَاءِ فَكَرِهتُ أَن أَتَلَذّذَ
و في آخر الحديث مايدل علي أن المجامع في تلك الليلة إن رزق من جماعه ولدا و قدسمع بهذا الحديث لايري مايحب .أقول تتمة الدعاء سيأتي شرحها في مقام آخر أنسب من هذاالمقام إن شاء الله تعالي
37-الصّحِيفَةُ السّجّادِيّةُ،صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَي مَن أَلهَمَهَا الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي خَلَقَ اللّيلَ وَ النّهَارَ بِقُوّتِهِ وَ مَيّزَ بَينَهُمَا بِقُدرَتِهِ وَ جَعَلَ لِكُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا حَدّاً مَحدُوداً وَ أَمَداً مَمدُوداً يُولِجُ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا فِي صَاحِبِهِ وَ يُولِجُ صَاحِبَهُ فِيهِ بِتَقدِيرٍ مِنهُ لِلعِبَادِ فِيمَا يَغذُوهُم بِهِ وَ يُنشِئُهُم عَلَيهِ فَخَلَقَ لَهُمُ اللّيلَ لِيَسكُنُوا فِيهِ مِن حَرَكَاتِ التّعَبِ وَ نَهَضَاتِ النّصَبِ وَ جَعَلَهُ لِبَاساً لِيَلبَسُوا مِن رَاحَتِهِ وَ مَنَامِهِ فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُم جَمَاماً وَ قُوّةً وَ لِيَنَالُوا بِهِ لَذّةً وَ شَهوَةً وَ خَلَقَ لَهُمُ النّهَارَ مُبصِراً لِيَبتَغُوا فِيهِ مِن فَضلِهِ وَ لِيَتَسَبّبُوا إِلَي رِزقِهِ وَ يَسرَحُوا فِي أَرضِهِ طَلَباً لِمَا فِيهِ نَيلُ العَاجِلِ مِن دُنيَاهُم وَ دَرَكُ الآجِلِ فِي أُخرَاهُم بِكُلّ ذَلِكَ يُصلِحُ شَأنَهُم وَ يَبلُو أَخبَارَهُم وَ يَنظُرُ كَيفَ هُم فِي أَوقَاتِ طَاعَتِهِ وَ مَنَازِلِ فُرُوضِهِ وَ مَوَاقِعِ أَحكَامِهِليِجَزيَِ الّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يجَزيَِ
صفحه : 200
الّذِينَ أَحسَنُوا بِالحُسنَي أللّهُمّ فَلَكَ الحَمدُ عَلَي مَا فَلَقتَ لَنَا مِنَ الإِصبَاحِ وَ مَتّعتَنَا بِهِ مِن ضَوءِ النّهَارِ وَ بَصّرتَنَا بِهِ مِن مَطَالِبِ الأَقوَاتِ وَ وَقَيتَنَا فِيهِ مِن طَوَارِقِ الآفَاتِ إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ
بيان خلق الليل والنهار بقوته الخلق يكون بمعني الإيجاد وبمعني التقدير و كل منهما هنا مناسب والجمع بينهما أيضا ممكن وخلقه تعالي الليل والنهار بخلقه الشمس مضيئة غاية الإضاءة بحيث يغلب نورها نور سائر الكواكب وبخلق الهواء مظلما في نفسه قابلا للإضاءة وبخلق الأرض كثيفة قابلة للإضاءة بحيث تنعكس منها الأشعة وجعل الشمس متحركة حول الأرض فبطلوعها أوظهور علامتها البينة يحصل النهار وبغروبها أوذهاب حمرتها المشرقية يحصل الليل وتقديم الليل لتقدمه شرعا وعرفا كماعرفت أولتقدم الظلمة علي النور لكونها عدمية أوشبيهة بالعدم أوللتأسي بالقرآن في أكثر مواضعه وميز بينهما بقدرته أي جعل كل واحد منهما ممتازا عن الآخر من حيث الصورة و من حيث الخواص والآثار وقيل معناه أن الله تعالي لماقدر لكل يوم وليلة من أيام السنة الشمسية ولياليها في كل بقعة من بقاع الأرض زمانا معينا لايزيد و لاينقص أبدا فلايدخل أحدهما في الآخر بأن يدخل الليل في النهار قبل تمامه وبالعكس فيمتاز كل واحد منهما عن الآخر أي لايختلط أحدهما بالآخر لكن يمكن استفادة هذاالمعني من الفقرة الآتية والقدرة صفة نفسانية من شأنها الإيجاد والإحداث بها علي وجه يتصور ممن قامت به الفعل بدلا عن الترك والترك بدلا عن الفعل والقوة تطلق علي القدرة و علي حالة يصح أن تصدر عن صاحبها أفعال شاقة و قدتطلق علي حالة تكون مصدرا لحدوث أمر أوسببا له كالقوي الناطقة والنامية والباصرة والسامعة وأمثالها والباء في الموضعين للاستعانة أوللملابسة وجعل لكل واحد منهما حدا محدودا وأمدا ممدودا حد الشيء منقطعه ومنتهاه والحد الحاجز بين الشيئين والمحدود المعين أوالمميز عن غيره والأمد يطلق علي الغاية و علي الزمان الممتد والممدود المبسوط الممتد و في بعض النسخ موقوتا
صفحه : 201
و هوقريب من المحدود والأظهر ممدودا وجعل الأمد بمعني الامتداد ليكون تأسيسا.يولج كل واحد منهما في صاحبه ويولج صاحبه فيه الإيلاج الإدخال و قدعرفت أن لإيلاج كل واحد منهما في الآخر معنيين أحدهما يرجع إلي مجيء الليل بعدالنهار ومجيء النهار بعدالليل وثانيهما يرجع إلي زيادة كل منهما ونقصان الآخر ويرد في خصوص هذه العبارة إشكال و هو أن الزيادة والنقص في كل منهما يستفاد من الفقرة الأولي فأي فائدة في الفقرة الثانية وأجيب عنه بوجوه الأول ماذكره الشيخ البهائي ره حيث قال مراده التنبيه علي أمر مستغرب و هوحصول الزيادة والنقصان معا في كل من الليل والنهار في وقت واحد و ذلك بحسب اختلاف البقاع كالشمالية عن خط الإستواء والجنوبية عنه سواء كانت مسكونة أو لا فإن صيف الشمالية شتاء الجنوبية وبالعكس فزيادة النهار ونقصانه واقعان في وقت واحد لكن في بقعتين وكذا زيادة الليل ونقصانه و لو لم يصرح ع بقوله ويولج صاحبه فيه لم يحصل التنبيه علي ذلك بل كان الظاهر من كلامه ع وقوع زيادة النهار في وقت ونقصانه في آخر وكذا الليل كما هومحسوس معروف بين الخاص والعام فالواو في قوله ويولج صاحبه فيه واو الحال بإضمار مبتدإ كما هوالمشهور بين النحاة انتهي وأقول إنما قدر المبتدأ لأن الجملة الحالية إذاكانت مضارعا مثبتا يكون بالضمير وحده فإذاأضمر المبتدأ تصير جملة اسمية والاسمية الحالية تكون بالواو والضمير أوبالواو وحدها وقيل لاحاجة إلي تكلف الحالية بل مع العطف أيضا يستقيم هذاالمعني فكأنه قال كمايولج نهار النصف الأول من السنة في لياليها وليالي النصف الثاني في نهارها يولج أيضا ليالي النصف الأول في نهارها ونهار النصف الثاني في لياليها و ذلك في الأفق المقابل لأنه يصير ثمة قوس الليل قوس النهار وبالعكس فالليل ألذي يلج عندنا في النهار هوبعينه نهار ثمة يلج في الليل و هذاالاعتبار أغرب وأبعد مما اعتبر أولا و هو أن البقاع الجنوبية أمرها
صفحه : 202
علي العكس باعتبار النصفين مطلقا من غيراعتبار كل يوم وليل بعينه انتهي . وأقول هذاالمعني إلي الحالية أحوج من الأول و إن كان يستقيم المعنيان بدونهما الثاني ماقيل إن الجملة الأولي تدل علي أن كلا منهما مولج في صاحبه والثانية علي أن كلا منهما مولج فيه صاحبه و هذامعني آخر غيرالأول و هو و إن كان لازما للأول إلا أن التصريح بما علم ضمنا للاهتمام والمبالغة أمر شائع ذائع خصوصا فيما كان أمرا عظيما فيه قوام العالم ونظامه فإن الليل والنهار من ضروريات مصالح هذاالعالم وآيتان دالتان علي وحدة الله سبحانه وكمال قدرته ولهذا كرر الله هذاالمعني في كتابه العزيز بلفظ الإيلاج وغيره الثالث أن يكون التكرار للإشعار بتكرر هذاالأمر واستمراره كمايقال لهذا المعني يفعل فلان ويفعل ويعطي ويعطي و هذاوجه وجيه الرابع ماقيل إن دلالة إيلاج كل منهما في صاحبه علي إيلاج صاحبه فيه من الخارج لا من اللفظ فإنا إذاعلمنا في الخارج أن ليس لليل صاحب إلاالنهار و لاللنهار صاحب إلاالليل علمنا من قوله يولج كل واحد منهما في صاحبه إيلاج الصاحب أيضا فيه و أمابالنسبة إلي اللفظ فلادلالة له أصلا فإنا إذاقلنا يولج الليل في صاحبه ويولج النهار في صاحبه و لم يعلم من الخارج أن صاحبهما ماذا فلايعلم إيلاج صاحبه فيه البتة ونحتاج إلي ذكره وترك العطف للاستئناف أوالحالية المقدرة والعدول إلي المضارع للدلالة علي الاستمرار التجددي.بتقدير منه للعباد الباء للسببية أوالملابسة والأول أظهر والتنكير للتفخيم فيما يغذوهم به الظرف متعلق بتقدير أي جعل الله الخلق والتمييز والإيلاج لتقدير عظيم في الشيء ألذي يغذوهم به كمامر أن تعاقب الليل والنهار واختلاف الفصول مما له مدخل عظيم في حصول الأغذية للعباد وينشئهم عليه عطف علي يغذوهم أي له مدخل في نشوئهم ونموهم كمامر ذكره فخلق لهم الليل الفاء للترتيب الذكري و هوعطف المفصل علي المجمل ليسكنوا فيه من حركات التعب ونهضات النصب الإضافتان من إضافة السبب إلي المسبب أي
صفحه : 203
من فوائد الليل أن يسكنوا أي يستقروا ويستريحوا من الحركات الواقعة في النهار لتحصيل المعاش وغيره الموجبة للتعب والنهضات بالتحريك جمع نهضة بسكون الهاء وهي المرة من نهض ينهض نهضا ونهوضا أي قام أي القيامات للأمور الشاقة والترددات البدنية والأشغال القلبية الواقعة في النهار التي هي سبب النصب بالتحريك أي الإعياء والعجز ويروي بهظات بالباء الموحدة والظاء المعجمة من بهظه الأمر أوالحمل كمنع أي غلبه وثقل عليه ولعلهما إشارتان إلي قوله تعالي وَ جَعَلَ اللّيلَ سَكَناً. وجعله لباسا ليلبسوا من راحته ومنامه إشارة إلي قوله تعالي وَ جَعَلنَا اللّيلَ لِباساً و قدمر تفسيره و قال الزمخشري أي يستركم عن العيون إذاأردتم هربا من عدو أوبياتا له أوإخفاء ما لاتحبون الاطلاع عليه من كثير من الأمور ويفهم منه معني آخر و هو أنه تعالي لماجعل الليل سببا لأن يلبس العباد لباس الراحة والنوم فكأنه لباس وشبه الراحة والمنام و هومصدر ميمي بمعني النوم باللباس من حيث إن كل واحد منهما يغشاهم ويشتمل عليهم كاللباس كما قال تعالي فَأَذاقَهَا اللّهُ لِباسَ الجُوعِ وَ الخَوفِ وإضافة الراحة والمنام إلي ضمير الليل للاختصاص بمعني اللام أي الراحة والمنام المختصين بالليل ويظهر من كلام ابن الحاجب أنه بمعني في وأنكره أكثر المحققين والظاهر أن من في قوله من راحته للتبعيض لبيان أنه لم يخلق الليل ليصرفوا جميعه في الاستراحة والمنام بل ليستريحوا في بعضه ويعبدوه في بعضه وقيل من للابتداء لأن اللبس يبتدأ من جهة الراحة كما قال تعالي يُحَلّونَ فِيها مِن أَساوِرَ مِن ذَهَبٍبأن يكون من راحته صفة لموصوف محذوف يدل عليه يلبسوا أي ليلبسوا ثوبا من راحته
صفحه : 204
أي الثوب ألذي هوراحته و لايخفي أن ماذكرنا أظهر فيكون عطف علي يلبسوا والتفريع بالفاء لبيان أن لبس الراحة والمنام سبب للجمام والقوة والجمام بالفتح الراحة بعدالتعب يقال جم الفرس جماما أي ذهب إعياؤه . ولينالوا به أي يصيبوا بلبس لباس الراحة لذة وهي إدراك الملائم من حيث إنه ملائم وشهوة وهي مصدر شهيه كرضي أي أحبه ورغب فيه كاشتهاه وتشهاه والحاصل ليصيبوا بسبب ذلك مايلتذون به ويشتهونه أوالمراد بهما الحاصل بالمصدر و لايبعد أن يكون المراد لذة النوم وشهوة الجماع ويحتمل التعميم فيهما وخلق لهم النهار عطف علي خلق لهم الليل مبصرا إسناد للفعل إلي الظرف ليبتغوا أي ليطلبوا فيه شيئا من فضل الله والمراد به نعم الله مطلقا لاالرزق فقط و إن فسر به قوله تعالي وَ ابتَغُوا مِن فَضلِ اللّهِلأن طلب الرزق مذكور بعد ذلك في قوله ع وليتسببوا إلي رزقه فذكره بعده من باب ذكر الخاص بعدالعام للاهتمام بشأنه أي ليتوصلوا ويطلبوا سببا من الأسباب المعهودة المشروعة إلي تحصيل رزقه أوليصيروا سببا وواسطة في تحصيله كما قال في مقام آخر تسببت بلطفك الأسباب . ويسرحوا في أرضه يقال سرحت الدابة كمنع سروحا سامت وسرحتها سرحا أسمتها ورعيتها يتعدي و لايتعدي والمراد هنا الأول .شبه ع سيرهم في الأرض سفرا وحضرا بلا عائق كيف شاءوا آكلين مااشتهوا وشاربين ماشاءوا بسير الدابة في الأرض وسومها طلبا مفعول له لقوله يسرحوا و ماقبله من الفعلين و ماقيل من أنه متعلق بخلق الليل وخلق النهار أي طلب الله تعالي من خلقهما فوائد لعباده فلايخفي بعده لما فيه نيل العاجل أي وصولهم إلي النفع العاجل أي الحاضر من دنياهم بيان للعاجل و في بعض النسخ في دنياهم فهو متعلق بالنيل والدرك اللحوق والوصول والآجل خلاف العاجل في أخراهم متعلق بالدرك أوصفة للآجل أي النفع الآجل الكائن في أخراهم و
صفحه : 205
الأخري تأنيث الآخر أي الدار الأخري غيرالدنيا أوالأخيرة بكل ذلك متعلق بيصلح و هوحال أي يصلح الله بكل من الليل والنهار وسائر الأمور المذكورة شأنهم هوبالهمز و قديخفف الأمر والحال أي أمورهم بحسب العاجل والآجل ويبلو أخبارهم قال الزمخشري في قوله تعالي وَ لَنَبلُوَنّكُم حَتّي نَعلَمَ المُجاهِدِينَ مِنكُم وَ الصّابِرِينَ وَ نَبلُوَا أَخبارَكُم أي مايحكي عنكم و مايخبر به من أعمالكم لنعلم حسنها من قبيحها لأن الخبر علي حسب المخبر عنه إن حسنا فحسن و إن قبيحا فقبيح انتهي ومعني يبلو يختبر أي يعاملهم معاملة المختبر. وينظر كيف هم في أوقات طاعته أي كيف يصنعون في الأوقات التي وقتها لطاعتهم هل يطيعون أويعصون ومنازل فروضه أي أوقات فروض الله تعالي التي فرضها علي العباد فالمراد المنازل التي ينزل فيهاالفروض أومنازل المكلف وهي منسوبة إلي الفروض لحصول الفرض عندها أو هو من إضافة المشبه به إلي المشبه كلجين الماء تشبيها للفروض بالمنازل التي ينزلها المسافر حيث إن المسافر في سفره ينتظر المنزل قبل وصوله إليه ويتشوق له و إذاوصل إليه يفرح به ويفعل فيه ماينبغي أن يفعل ويأنس به فينبغي للمكلف أن يكون بالنسبة إلي مافرض الله عليه كذلك و علي التقادير من قبيل ذكر الخاص بعدالعام للاهتمام إذ الطاعة أعم من الفرض بمعانيه ويحتمل أن يراد بأوقات الطاعة العبادات الموقتة وبمنازل الفروض غيرالموقتة أوبالعكس والأحكام أعم منهما لشمولها للخمسة و إن كان شمولها للمباح لايخلو من تكلف بأن يقال ينظر كيف هم فيه هل يعتقدونه مباحا أم يبتدعون تحريمه أو غير ذلك مع أنه يمكن جعل المباحات طاعات بالنيات كماسيأتي بيانه في محله والمراد بمواقع الأحكام الأمور التي تتعلق بها وهي أفعال المكلفين أوالأزمنة والأحوال التي تعرض فيهاليجزي الذين أساءوا متعلق بما قبله من الأفعال الثلاثة أي إنما فعل تلك الأمورليِجَزيَِ الّذِينَ أَساؤُا أي عملوا السيئةبِما عَمِلُوا أي بعقاب ماعملوا أوبمثل ماعملوا أوبسببه وَ يجَزيَِ
صفحه : 206
الّذِينَ أَحسَنُوا أي فعلوا الأعمال الحسنةبِالحُسنَي أي بالمثوبة الحسني أوبأحسن من أعمالهم وجزائها أوبسبب الفعلة الحسني فالباء في الموضعين إما للصلة أوللسببية فالظرفان متعلقان بالجزاء وتعلقهما بأساءوا وأحسنوا كماتوهم بعيد وأوسط التقادير الثلاثة المتقدمة أظهر لدلالته علي جزاء السيئة بالمثل والحسنة بأضعافها. أللهم أصله يا الله حذف حرف النداء وعوض عنه الميم المشددة فلك الحمد لماحمده سبحانه علي خلق مطلق الليل والنهار حمده تعالي علي خصوص اليوم ألذي هو فيه والنعم التي اشتمل عليها وتقديم الظرف للحصر علي مافلقت أي شققت لنا أي لانتفاعنا من الإصباح و هو في الأصل مصدر أصبح أي دخل في الصباح سمي به الصبح ومتعتنا به أي علي ماصيرتنا ذوي تمتع وانتفاع بسببه من ضوء النهار الإضافة بتقدير اللام أوبيانية وبصرتنا أي علي ماجعلتنا مبصرين له وبصراء به بسبب النهار من مطالب الأقوات بالإضافة البيانية أواللامية أي المواضع التي يطلب منها القوت والأعمال التي هي مظنة حصوله والقوت مايقوم به بدن الإنسان من الطعام ووقيتنا أي و علي ماوقيتنا وحفظتنا منه في ذلك الصبح من طوارق الآفات بالإضافة البيانية أوإضافة الصفة إلي الموصوف والطارق في الأصل من يأتي بالليل لاحتياجه إلي طرق الباب غالبا ويستعمل غالبا في الشرور الواقعة بالليل و قديعم بما يشمل مايقع بالنهار أيضا فالمراد هنا آفات البارحة أومطلقا ثم اعلم أن لفظة ماالظاهرة في الفقرة الأولي والمقدرة فيما بعدها من الجمل الثلاث موصولة وضمير به المذكور في الجملتين والمقدر في غيرهما عائد إليها و من في المواضع الأربعة لبيان الموصول ويمكن أن تكون مامصدرية في الجميع أو في سوي الأولي والضمائر راجعة إلي الإصباح أوفلقة فيكون من في قوله من مطالب بمعني الباء كما في قوله تعالي يَنظُرُونَ مِن طَرفٍ خفَيِّ ثم الحمد في الفقرة الثانية يشمل العميان أيضا فإنهم
صفحه : 207
يتمتعون بضوء النهار لاشتغال البصراء بالمهمات والحوائج و من جملتها حوائج الأضراء و أماالثالثة فإن كان التبصير فيها من إبصار العين فهو لغيرهم و إن كان من البصيرة فيشملهم و هذايؤيد حمله علي الأخير و أماشرح تتمة الدعاء فموضعه الفرائد الطريفة
38-الدّرّ المَنثُورُ، عَن عَبدِ اللّهِ بنُ مُغَفّلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ عِيسَي ابنَ مَريَمَ ع قَالَ يَا مَعشَرَ الحَوَارِيّينَ الصّلَاةَ جَامِعَةً فَخَرَجَ الحَوَارِيّونَ فِي هَيئَةِ العِبَادَةِ قَد تَضَمّرَتِ البُطُونُ وَ غَارَتِ العُيُونُ وَ اصفَرّتِ الأَلوَانُ فَسَارَ بِهِم عِيسَي ع إِلَي فَلَاةٍ مِنَ الأَرضِ فَقَامَ عَلَي رَأسِ جُرثُومَةٍ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ أَنشَأَ يَتلُو عَلَيهِم مِن آيَاتِ اللّهِ وَ حِكمَتِهِ فَقَالَ يَا مَعشَرَ الحَوَارِيّينَ اسمَعُوا مَا أَقُولُ لَكُم إنِيّ لَأَجِدُ فِي كِتَابِ اللّهِ المُنزَلِ ألّذِي أَنزَلَهُ اللّهُ فِي الإِنجِيلِ أَشيَاءَ مَعلُومَةً فَاعمَلُوا بِهَا قَالُوا يَا رُوحَ اللّهِ وَ مَا هيَِ قَالَ خَلَقَ اللّيلَ لِثَلَاثِ خِصَالٍ وَ خَلَقَ النّهَارَ لِسَبعِ خِصَالٍ فَمَن مَضَي عَلَيهِ اللّيلُ وَ النّهَارُ وَ هُوَ فِي غَيرِ هَذِهِ الخِصَالِ خَاصَمَهُ اللّيلُ وَ النّهَارُ يَومَ القِيَامَةِ فَخَصَمَاهُ خَلَقَ اللّيلَ لِتَسكُنَ فِيهِ العُرُوقُ الفَاتِرَةُ التّيِ أَتعَبتَهَا فِي نَهَارِكَ وَ تَستَغفِرَ لِذَنبِكَ ألّذِي كَسَبتَهُ بِالنّهَارِ ثُمّ لَا تَعُودُ فِيهِ وَ تَقنُتَ فِيهِ قُنُوتَ الصّابِرِينَ فَثُلُثٌ تَنَامُ وَ ثُلُثٌ تَقُومُ وَ ثُلُثٌ تَضَرّعُ إِلَي رَبّكَ فَهَذَا
صفحه : 208
مَا خَلَقَ لَهُ اللّيلَ وَ خَلَقَ النّهَارَ لتِؤُدَيَّ فِيهِ الصّلَاةَ المَفرُوضَةَ التّيِ عَنهَا تُسأَلُ وَ بِهَا تُخَاطَبُ وَ تَبِرّ وَالِدَيكَ وَ أَن تَضرِبَ فِي الأَرضِ تبَتغَيِ المَعِيشَةَ مَعِيشَةَ يَومِكَ وَ أَن تَعُودُوا فِيهِ وَلِيّاً لِلّهِ كَيمَا يَتَغَمّدَكُمُ اللّهِ بِرَحمَتِهِ وَ أَن تُشَيّعُوا فِيهِ جَنَازَةً كَيمَا تَنقَلِبُوا مَغفُوراً لَكُم وَ أَن تَأمُرُوا بِمَعرُوفٍ وَ أَن تَنهَوا عَن مُنكَرٍ فَهُوَ ذِروَةُ الإِيمَانِ وَ قِوَامُ الدّينِ وَ أَن تُجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ تُزَاحِمُوا اِبرَاهِيمَ خَلِيلَ الرّحمَنِ فِي قُبّتِهِ وَ مَن مَضَي عَلَيهِ اللّيلُ وَ النّهَارُ وَ هُوَ فِي غَيرِ هَذِهِ الخِصَالِ خَاصَمَهُ اللّيلُ وَ النّهَارُ يَومَ القِيَامَةِ فَخَصَمَاهُ عِندَ مَلِيكٍ مُقتَدِرٍ
بيان قال في النهاية فيه كانت في المسجد جراثيم أي كان فيهاأماكن مرتفعة عن الأرض مجتمعة من تراب أوطين
39- الدّرّ المَنثُورُ، عَنِ ابنِ مَسعُودٍ فِي قَولِهِ تَعَالَييَومَ يأَتيِ بَعضُ آياتِ رَبّكَ قَالَ طُلُوعُ الشّمسِ وَ القَمَرِ مِن مَغرِبِهِمَا مُقتَرِنَينِ كَالبَعِيرَينِ القَرِينَينِ ثُمّ قَرَأَوَ جُمِعَ الشّمسُ وَ القَمَرُ
40- وَ عَن حُذَيفَةَ قَالَ سَأَلتُ رَسُولَ اللّهِص فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا آيَةُ طُلُوعِ الشّمسِ مِن مَغرِبِهَا فَقَالَ تَطُولُ تِلكَ اللّيلَةُ حَتّي تَكُونَ قَدرَ لَيلَتَينِ فَيَقُومُ الّذِينَ كَانُوا يُصَلّونَ فِيهَا فَيَعمَلُونَ كَمَا كَانُوا يَعمَلُونَ وَ النّجُومُ مَكَانَهَا لَا تسَريِ ثُمّ يَأتُونَ فُرُشَهُم فَيَرقُدُونَ حَتّي تَكِلّ جُنُوبُهُم ثُمّ يَقُومُونَ فَيُصَلّونَ حَتّي يَتَطَاوَلَ عَلَيهِمُ اللّيلُ فَيَفزَعُ النّاسُ فَبَينَمَا هُم يَنتَظِرُونَ طُلُوعَ الشّمسِ مِن مَشرِقِهَا إِذَا هيَِ طَلَعَت مِن مَغرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النّاسُ آمَنُوا وَ لَا يَنفَعُهُم إِيمَانُهُم
وروي مثله عن قتادة
صفحه : 209
41- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ فِي رِوَايَتِهِ آيَةُ تِلكُمُ اللّيلَةِ أَن تَطُولَ كَقَدرِ ثَلَاثِ لَيَالٍ
42- وَ عَن أَبِي ذَرّ ره قَالَ كُنتُ رِدفَ رَسُولِ اللّهِص عَلَي حِمَارٍ عَلَيهِ بَرذَعَةٌ أَو قَطِيفَةٌ وَ ذَاكَ عِندَ غُرُوبِ الشّمسِ فَقَالَ يَا بَا ذَرّ أَ تدَريِ أَينَ تَغِيبُ هَذِهِ قُلتُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ فَإِنّهَا تَغرُبُ فِي عَينٍ حَامِئَةٍ تَنطَلِقُ حَتّي تَخِرّ لِرَبّهَا سَاجِدَةً تَحتَ العَرشِ فَإِذَا حَانَ خُرُوجُهَا أَذِنَ لَهَا فَتَخرُجُ فَتَطلُعُ فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يُطلِعَهَا مِن حَيثُ تَغرُبُ حَبَسَهَا فَتَقُولُ يَا رَبّ إِنّ مسَيِريِ بَعِيدٌ فَيَقُولُ لَهَا اطلعُيِ مِن حَيثُ غَرَبتِ فَذَلِكَ حِينَلا يَنفَعُ نَفساً إِيمانُها لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ
43- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَوفَي قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُلَيَأتِيَنّ عَلَي النّاسِ لَيلَةٌ بِقَدرِ ثَلَاثِ لَيَالٍ مِن لَيَالِيكُم هَذِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ يَعرِفُهَا المُصَلّونَ يَقُومُ أَحَدُكُم فَيَقرَأُ حِزبَهُ ثُمّ يَنَامُ ثُمّ يَقُومُ فَيَقرَأُ حِزبَهُ ثُمّ يَنَامُ ثُمّ يَقُومُ فَبَينَمَا هُم كَذَلِكَ إِذ مَاجَ النّاسُ بَعضُهُم فِي بَعضٍ فَقَالُوا مَا هَذَا فَيَفزَعُونَ إِلَي المَسَاجِدِ فَإِذَا هُم بِالشّمسِ قَد طَلَعَت مِن مَغرِبِهَا فَضَجّ النّاسُ ضَجّةً وَاحِدَةً حَتّي إِذَا صَارَت
صفحه : 210
فِي وَسَطِ السّمَاءِ رَجَعَت وَ طَلَعَت مِن مَطلَعِهَا وَ حِينَئِذٍلا يَنفَعُ نَفساً إِيمانُها
44- وَ عَن أَنَسٍ عَن رَسُولِ اللّهِص قَالَ إِنّ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومَ خُلِقنَ مِن نُورِ العَرشِ
45- وَ عَنِ السدّيّّ فِي قَولِهِ تَعَالَيهُوَ ألّذِي جَعَلَ الشّمسَ ضِياءً وَ القَمَرَ نُوراً قَالَ لَم يَجعَلِ الشّمسَ كَهَيئَةِ القَمَرِ لكِيَ يُعرَفَ اللّيلُ مِنَ النّهَارِ وَ هُوَ قَولُهُفَمَحَونا آيَةَ اللّيلِالآيَةَ
46- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ وُجُوهُهُمَا إِلَي السّمَاوَاتِ وَ أَقفِيَتُهُمَا إِلَي الأَرضِ
47- وَ عَن أَبِي ذَرّ ره قَالَ كُنتُ مَعَ النّبِيّص فِي المَسجِدِ عِندَ غُرُوبِ الشّمسِ فَقَالَ يَا بَا ذَرّ أَ تدَريِ أَينَ تَغرُبُ الشّمسُ قُلتُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ فَقَالَ إِنّهَا تَذهَبُ حَتّي تَسجُدَ تَحتَ العَرشِ فَتَستَأذِنُ فِي الرّجُوعِ فَيُؤذَنُ لَهَا فَذَلِكَ قَولُهُوَ الشّمسُ تجَريِ لِمُستَقَرّ لَها
48- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ كَانَ يَقرَأُ لَا مُستَقَرّ لَهَا
49- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍرَبّ المَشرِقَينِ وَ رَبّ المَغرِبَينِ قَالَ لِلشّمسِ مَطلِعٌ فِي الشّتَاءِ وَ مَغرِبٌ فِي الشّتَاءِ وَ مَطلِعٌ فِي الصّيفِ وَ مَغرِبٌ فِي الصّيفِ غَيرُ مَطلِعِهَا
صفحه : 211
فِي الشّتَاءِ وَ غَيرُ مَغرِبِهَا فِي الشّتَاءِ
50- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي عَنهُ قَالَ مَشرِقُ الفَجرِ وَ مَشرِقُ الشّمسِ وَ مَغرِبُ الشّمسِ وَ مَغرِبُ الشّفَقِ
51- وَ عَنهُ أَيضاً فِي قَولِهِ تَعَالَيفَلا أُقسِمُ بِرَبّ المَشارِقِ وَ المَغارِبِ قَالَ لِلشّمسِ كُلّ يَومٍ مَطلِعٌ تَطلُعُ فِيهِ وَ مَغرِبٌ تَغرُبُ فِيهِ غَيرُ مَطلِعِهَا بِالأَمسِ وَ غَيرُ مَغرِبِهَا بِالأَمسِ
52- وَ عَن عِكرِمَةَ قَالَ هيَِ المَنَازِلُ التّيِ تجَريِ فِيهَا الشّمسُ وَ القَمَرُ
53- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِوَ جَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُوراً قَالَ وَجهُهُ يضُيِءُ السّمَاوَاتِ وَ ظَهرُهُ يضُيِءُ الأَرضَ
54- وَ عَن شَهرِ بنِ حَوشَبٍ قَالَ اجتَمَعَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ العَاصِ وَ كَعبُ الأَحبَارِ وَ قَد كَانَ بَينَهُمَا بَعضُ العَتبِ فَتَعَاتَبَا فَذَهَبَ ذَلِكَ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرٍو لِلكَعبِ سلَنيِ عَمّا شِئتَ فَلَا تسَألَنُيِ عَن شَيءٍ إِلّا أَخبَرتُكَ بِتَصدِيقِ قوَليِ مِنَ القُرآنِ فَقَالَ لَهُ أَ رَأَيتَ ضَوءَ الشّمسِ وَ القَمَرِ أَ هُوَ فِي السّمَاوَاتِ السّبعِ كَمَا هُوَ فِي الأَرضِ قَالَ نَعَم أَ لَم تَرَوا إِلَي قَولِ اللّهِخَلَقَ اللّهُ سَبعَ سَماواتٍ طِباقاً وَ جَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُوراً
55- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ وَجهُهُ فِي السّمَاءِ إِلَي العَرشِ وَ قَفَاهُ إِلَي الأَرضِ
56- وَ عَن عِكرِمَةَ قَالَإِنّهُ يضُيِءُ نُورُ القَمَرِ فِيهِنّ كُلّهِنّ كَمَا لَو كَانَ سَبعُ
صفحه : 212
زُجَاجَاتٍ أَسفَلُ مِنهُنّ شِهَابٌ أَضَاءَ كُلّهُنّ فَكَذَلِكَ نُورُ القَمَرِ فِي السّمَاوَاتِ كُلّهِنّ لِصَفَائِهِنّ
57- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِوَ جَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُوراً قَالَ خَلَقَ فِيهِنّ حِينَ خَلَقَهُنّ ضِيَاءً لِأَهلِ الأَرضِ وَ لَيسَ فِي السّمَاءِ مِن ضَوئِهِ شَيءٌ
58- وَ عَن عَطَاءٍ فِي قَولِهِوَ جُمِعَ الشّمسُ وَ القَمَرُ قَالَ يُجمَعَانِ يَومَ القِيَامَةِ ثُمّ يُقذَفَانِ فَيَكُونُ نَارُ اللّهِ الكُبرَي
59- وَ عَنِ ابنِ جَرِيحٍ قَالَ كُوّرَا يَومَ القِيَامَةِ
60- العِلَلُ، وَ العُيُونُ، فِي خَبَرِ الشاّميِّ عَنِ الرّضَا ع أَنّهُ سَأَلَ رَجُلٌ مِن أَهلِ الشّامِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَن مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَن سَأَلَهُ عَن أَوّلِ مَا خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي قَالَ خَلَقَ النّورَ وَ سَأَلَهُ عَن طُولِ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ عَرضِهِمَا قَالَ تِسعُمِائَةِ فَرسَخٍ فِي تِسعِمِائَةِ فَرسَخٍ
بيان أقول تمامه في كتاب الإحتجاج و قال السيد الداماد ره بعدإيراد الخبر بتمامه إنما هذه السؤالات عن أشياء وجدها السائلون من أهل الكتاب في الكتب السماوية المنزلة علي أنبيائهم فامتحنوا بها أمير المؤمنين ع واختبروا بهاعلمه بالكتب الإلهية والصحف السماوية و قوله ع أول ماخلق الله النور المعني به الجوهر المفارق ألذي هوأول الأنوار العقلية كَمَا قَالَ سَيّدُنَا رَسُولُ اللّهِص أَوّلُ مَا خَلَقَ اللّهُ العَقلُ
و أما قوله ع تسعمائة فرسخ في تسعمائة فرسخ قال المعني به مكعب تسعمائة فرسخ أي سبعمائة ألف ألف فرسخ وتسعة وعشرون ألف ألف فرسخ المجتمع من ضرب تسعمائة فرسخ في تسعمائة فرسخ ثم ضرب تسعمائة فرسخ في مربعها الحاصل من ضربها في نفسها أي في ثمانمائة ألف فرسخ وعشرة
صفحه : 213
آلاف فرسخ و ألذي رامه بطول الشمس وعرضها المتساويين هومساحة جميع سطحها المستدير المحيط بجرمها وكذلك مايرام بطول القمر وعرضه وليعلم أن مانالته الحكماء التعليميون ببراهينهم وأرصادهم وحصلته العلماء الرياضيون بحسبهم وحسباناتهم في مقادير الأبعاد والأجرام قداختلف مذاهبهم فيه اختلافا كثيرا و ذلك إما لاختلالات في الآلات الرصدية أولخلل وزلل في نصبها في مناصبها اللائقة وإما لمسامحات قل ماتخلو عنها حسابات الحاسبين ومساهلات قل ماتعرو عنها أرصاد الراصدين فلذلك كله ما قداختلف أحكام الأرصاد و عز مايتفق رصدان متفقان وبالجملة فإذ قدأقرت الجماهير أن بحث الأوائل أوفي فاعلمن أن بطلميوس و من في طبقته من الأوائل وجدوا بأرصادهم حصة درجة واحدة من الدائرة العظمي تقع علي سطح الأرض اثنين وعشرين فرسخا وتسع فرسخ فحكموا أن ثلاثمائة وستين درجة وهي محيط الدائرة العظمي الأرضية ثمانية آلاف فرسخ و قد بين أرشميدس في مقالته في مساحة الدائرة أن محيط كل دائرة كمجموع ثلاثة أمثال قطرها وسبع قطرها علي التقريب فيكون مقدار قطر الأرض ألفين وخمسمائة فرسخ وخمسة وأربعين فرسخا ونصف فرسخ تقريبا و قد بين فيهاأيضا أن مسطح نصف القطر في نصف المحيط مساو لتكسير الدائرة فتستبين بقوة الخامس والعشرين من أولي كتاب الكرة والأسطوانة لأرشميدس أن السطح ألذي يحيط به قطر الكرة في المحيط أعظم دائرة تقع فيهامساو للسطح المحيط بالكرة فإذاضربت القطر في محيط الدائرة العظمي حصل تكسير سطح الأرض و هوعشرون ألف ألف فرسخ وثلاثمائة وثلاثة وستون ألف فرسخ وستمائة وستة وثلاثون فرسخا وأربعة أجزاء من أحد عشر جزءا من فرسخ ووجدوا قطر الأرض مثل قطر جرم القمر ثلاث مرات وخمسي مرة فيكون مقدار جرم قطر القمر سبعمائة فرسخ وسبعة وأربعين فرسخا بالتقريب فمحيط دائرة عظمي قمرية ألفان وثلاثمائة فرسخ وأحد وأربعون فرسخا ونصف فرسخ علي التقريب فمساحة جميع سطح القمر ألف ألف فرسخ وسبعمائة ألف فرسخ وثلاثة وأربعون ألف فرسخ وثمانمائة فرسخ وخمسة وأربعون فرسخا ووجدوا قطر
صفحه : 214
جرم الشمس خمسة أمثال ونصف مثل لقطر الأرض إذاكانوا وجدوا قطر الشمس بنسبته إلي قطر الأرض كمجموع ثمانية عشر جزءا وأربعة أخماس جزء بالنسبة إلي مجموع ثلاثة أجزاء وخمسي جزء وخرج لهم من بعدالقسمة خمسة ونصف فمقدار قطر الشمس أربعة عشر ألف فرسخ إلافرسخين ونصف فرسخ فمحيط دائرة عظمي علي جرم الشمس أربعة وأربعون ألف فرسخ تقريبا قريبا من التحقيق علي ذلك التقدير فمساحة سطح جرم الشمس بناء علي ذلك ستمائة ألف ألف فرسخ وستة عشر ألف ألف فرسخ ومجموع مساحة سطح الشمس والقمر جميعا ستمائة ألف ألف فرسخ وسبعة عشر ألف ألف فرسخ وسبعمائة ألف فرسخ وثلاثة وأربعون ألف فرسخ وثمانمائة فرسخ وخمسة وأربعون فرسخا واستخرجوا بحسبهم علي ما قداستحصلته أرصادهم أن من الأرض إلي بعدالشمس الأوسط ألف ألف فرسخ وسبعة وثلاثين ألف فرسخ وثلاثمائة فرسخ وأحدا وثمانين فرسخا بالتقريب و أن الشمس مائة وستة وستون مثلا وربع وثمن مثل للأرض وستة آلاف وستمائة وأربعة وأربعون مثلا للقمر و أن الأرض تسعة وثلاثون مثلا وربع مثل للقمر و قال قطب فلك التحصيل والتحقيق من العلماء المشهورية الجمهورية في طبيعيات كتاب درة التاج أن الحكيم الفاضل مؤيد الدين العرضي حقق الأمر تحقيقا لم يسبقه إليه أحد و لم يلحقه أحد وفيما نقل عنه أن جرم الشمس مائة وسبعة وستون مثلا لجرم الأرض وجرم الأرض أربعون مثلا لجرم القمر ثم إن هؤلاء الراصدين الحاسبين جعلوا البعد الأبعد لكل كوكب البعد الأقرب للكوكب ألذي فوقه و كان من الواجب أن يجعل بعدمحدب كل فلك بعدمقعر الفلك ألذي فوقه لكنهم لم يعتبروا أنصاف أقطار الكواكب وثخن جوزهر القمر و مايبقي من متمم عطارد بين أقرب أبعاده ومقعر فلكه إذ لم يكن غرضهم الأصلي إلاالاطلاع علي عظم هذه الأجرام الشريفة علي الإجمال ليعلم أن قدرة مبدعها جلت عظمته علي أقصي غايات الكمال لااستثبات معرفتها للذهن البشري علي طباق ما في العين فإن عقول الحكماء وأفهام العقلاء لاتصادف و لاتلقي إلاراجعة عن ذلك بخفي حنين
صفحه : 215
فلذلك تراهم يتساهلون كثيرا في الحساب مع أن إهمال ثانية واحدة يفضي إلي التبعيد بمراحل عن الصواب ولقد أورد عليهم أن المسافة علي ما في المجسطي و ما في مرتبته بين محدب الفلك المائل للقمر ومقعر فلك الشمس ليست تسع ثخني فلك الزهرة وعطارد فضلا من أن يسعهما ما بين محدب جوزهر القمر ومقعر فلك الشمس والحق أن ذلك إنما نشأ من المساهلة في الحساب بإهمال الكسور و مايسير مسيره ويجري مجراه فالراصد الفاضل الحاسب المهندس الكاشاني قدتشمر محل الإشكال في رسالة سلم السماء باستئناف الحساب علي سبيل الاستقصاء من غيرإهمال الثواني بل الثوالث وأورد قطر جرم القمر علي أنه سبعمائة وأحد وثلاثون فرسخا والصواب فيه ماأثبتناه وقطر الشمس سبعة عشر ألف وخمسمائة وثمانية وثلاثين فرسخا علي أنه سبعة أمثال قطر الأرض إلاعشر مثل تقريبا و ألذي يوجبه الاستقصاء أنه مثل قطر الأرض ست مرات وخمسة أسداس مرة ونصف عشر مرة وجرم القمر علي أنه كجزء من اثنين وأربعين جزءا وسدس جزء من الأرض والأحق فيه استبدال خمس مكان سدس وجرم الشمس علي أنها ثلاثمائة وستة وعشرون مثلا للأرض والأحق في ذلك وخمس مثل أيضا تقريبا و إذاعلم ذلك فليعلم أن ماقاله أمير المؤمنين ع في جواب سؤال الشامي إنما هو علي مطابقة الشائع المعتبر ألذي اعتبرته الأوائل من الحكماء اليونانيين ثم استمر شيوعا واستقر اعتبارا في العصور والدهور إلي هذه السنين الأخيرة لكنه لم يتساهل في الحساب و لم يهمل اعتبار الكسور فلعله ع اعتبر قطر الأرض أكثر مما هوالمشهور بشيء يسير أو أنه ع اعتبر قطر الشمس ستة أمثال قطر الأرض كثمانية عشر بالنسبة إلي خمسة وهم قداعتبروه بالنسبة إليه كثمانية عشر جزءا وأربعة أخماس جزء بالنسبة إلي ثلاثة أجزاء وخمسين جزءا وبالجملة علي ماقاله ع يجب أن يؤخذ قطر الشمس علي أنه خمسة عشر ألفا ومائتا فرسخ تقريبا ومحيط دائرة عظمي شمسية علي أنه سبعة وأربعون ألفا وسبعمائة فرسخ وأحد وسبعون فرسخا ونصف
صفحه : 216
فرسخ تقريبا ليس هو علي البعد من التحقيق فإذن يكون مجموع مضروب قطرها في محيط عظماها و هومساحة جميع سطحها ماآتيناك في مساحة جميع سطح القمر مساويا لمكعب تسعمائة فرسخ علي التقريب القريب من التحقيق جدا و الله سبحانه أعلم بأسرار كلام عبده ووليه وأخي رسوله ووصيه و باب علمه وعيبة حكمته و لورام رائم أن يتعرف سبيل الجواب علي الاستقصاء ألذي تولاه الراصد الحاسب الكاشي علي سبيل التقريب قيل له ألف في تسعمائة ثم في حاصل الضرب . وأقول ذهب بخفي حنين مثل سائر في خيبة الإنسان عما يرجوه و قال الجوهري قال ابن السكيت عن أبي اليقظان كان حنين رجلا شديدا ادعي علي أسد بن هاشم بن عبدمناف فأتي عبدالمطلب و عليه خفان أحمران فقال ياعم أنا ابن أسد بن هاشم فقال عبدالمطلب لا وثياب هاشم ماأعرف شمائل هاشم فيك فارجع فقالوا ذهب حنين بخفيه فصار مثلا و قال غيره هواسم إسكاف من أهل الحيرة ساومه أعرابي بخفين فلم يشتره فغاظه ذلك وعلق أحد الخفين في طريقه فتقدم فطرح الآخر وكمن له وجاء الأعرابي فرأي أحد الخفين فقال ماأشبه هذابخف حنين لو كان معه آخر لاشتريته فتقدم فرأي الخف الثاني مطروحا في الطريق فنزل وعقل بعيره ورجع إلي الأول فذهب الإسكاف براحلته وجاء إلي الحي بخفي حنين
صفحه : 217
الآيات الصافات فَنَظَرَ نَظرَةً فِي النّجُومِ فَقالَ إنِيّ سَقِيمٌتفسير استشكل السيد المرتضي ره في كتاب تنزيه الأنبياء في هذه الآية بوجهين أحدهما أنه حكي عن نبيه النظر في النجوم وعندكم أن ألذي يفعله المنجمون في ذلك ضلال والآخر قوله إنِيّ سَقِيمٌ و ذلك كذب ثم أجاب بوجوه .الأول أن ابراهيم ع كانت به علة تأتيه في أوقات مخصوصة فلما دعوه إلي الخروج معهم نظر إلي النجوم ليعرف منها قرب نوبة علته فقال إني سقيم وأراد أنه حضر وقت العلة وزمان نوبتها وشارفت الدخول فيها و قدتسمي العرب المشارف للشيء باسم الداخل فيه كما قال تعالي إِنّكَ مَيّتٌ وَ إِنّهُم مَيّتُونَ. فإن قيل لوأراد ماذكرتموه لقال فنظر إلي النجوم لأن لفظة في لاتستعمل إلافيمن ينظر كماينظر المنجم .قلنا حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض قال سبحانه وَ لَأُصَلّبَنّكُم فِي جُذُوعِ النّخلِ وإنما أراد علي جذوعها.الثاني أنه يجوز أن يكون الله أعلمه بالوحي أنه سيمتحنه بالمرض في وقت مستقبل و إن لم يكن قدجرت بذلك المرض عادته وجعل تعالي العلامة علي ذلك
صفحه : 218
ظاهرا له من قبل النجوم إما لطلوع نجم علي وجه مخصوص أواقترانه بآخر فلما نظر ابراهيم ع في الأمارة التي نصبت له من النجوم قال إني سقيم تصديقا لماأخبره الله تعالي .الثالث ماقاله قوم في ذلك إن من كان آخر أمره الموت فهو سقيم و هذالأن تشبيه الحياة المفضية إلي الموت بالسقم من أحسن التشبيه .الرابع أن يكون قوله إنِيّ سَقِيمٌمعناه أني سقيم القلب أوالرأي خوفا من إصرار قومه علي عبادة الأصنام وهي لاتسمع و لاتبصر و يكون قوله فَنَظَرَ نَظرَةً فِي النّجُومِ علي هذامعناه أنه نظر وفكر في أنها محدثة مدبرة مصرفة وعجب كيف يذهب علي العقلاء ذلك من حالها حين يعبدونها ويجوز أيضا أن يكون قوله فَنَظَرَ نَظرَةً فِي النّجُومِمعناه أنه شخص ببصره إلي السماء كمايفعل المفكر المتأمل فإنه ربما أطرق إلي الأرض وربما نظر إلي السماء استعانة علي فكره و قدقيل إن النجوم هاهنا نجوم النبت لأنه يقال لكل ماخرج من الأرض وغيرها وطلع أنه ناجم ونجم ويقال للجميع نجوم ويقولون نجم قرن الظبي ونجم ثدي المرأة و علي هذاالوجه يكون إنما نظر في حال الفكر والإطراق إلي الأرض فرأي مانجم منها وقيل أيضا إنه أراد بالنجوم مانجم له من رأيه وظهر له بعد أن لم يكن ظاهرا و هذا و إن كان يحتمله الكلام فالظاهر بخلافه لأن الإطلاق في قول القائل نجوم لايفهم من ظاهره إلانجوم السماء دون نجوم الأرض ونجوم الرأي و قال أبومسلم الأصفهاني إن معني قوله فَنَظَرَ نَظرَةً فِي النّجُومِأراد في القمر والشمس لماظن أنهما آلهة في حال مهلة النظر علي ماقصه الله تعالي من قصته في سورة الأنعام و لمااستدل بأفولها وغروبها علي أنها محدثة غيرقديمة و لاآلهة وأراد بقوله إنِيّ سَقِيمٌأني لست علي يقين من الأمر و لاشفاء من العلم و قديسمي الشك بأنه سقم كمايسمي العلم بأنه شفاء ثم اعترض عليه بأنه مخالف لسياق الآيات انتهي ملخص كلامه . وأقول يمكن أن يقال إن حرمة النظر في النجوم علي الأنبياء والأئمة
صفحه : 219
العالمين بهاحق العلم غيرمسلم وإنما يحرم علي غيرهم لعدم إحاطتهم بذلك ونقص علمهم كماستعرف عندشرح الأخبار
1-الإِحتِجَاجُ، عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ قَالَكُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع إِذ دَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن أَهلِ اليَمَنِ فَسَلّمَ عَلَيهِ فَرَدّ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ لَهُ مَرحَباً يَا سَعدُ فَقَالَ لَهُ الرّجُلُ بِهَذَا الِاسمِ سمَتّنيِ أمُيّ وَ مَا أَقَلّ مَن يعَرفِنُيِ بِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ يَا سَعدُ المَولَي فَقَالَ الرّجُلُ جُعِلتُ فِدَاكَ بِهَذَا كُنتُ أُلَقّبُ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَا خَيرَ فِي اللّقَبِ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَقُولُ فِي كِتَابِهِوَ لا تَنابَزُوا بِالأَلقابِ بِئسَ الِاسمُ الفُسُوقُ بَعدَ الإِيمانِ مَا صِنَاعَتُكَ يَا سَعدُ فَقَالَ جُعِلتُ فِدَاكَ إِنّا مِن أَهلِ بَيتٍ نَنظُرُ فِي النّجُومِ لَا يُقَالُ إِنّ بِاليَمَنِ أَحَداً أَعلَمَ بِالنّجُومِ مِنّا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَكَم ضَوءُ المشُترَيِ عَلَي ضَوءِ القَمَرِ دَرَجَةً فَقَالَ اليمَاَنيِّ لَا أدَريِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ فَكَم ضَوءُ المشُترَيِ عَلَي ضَوءِ عُطَارِدٍ دَرَجَةً فَقَالَ اليمَاَنيِّ لَا أدَريِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ فَمَا اسمُ النّجمِ ألّذِي إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ الإِبِلُ فَقَالَ اليمَاَنيِّ لَا أدَريِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ فَمَا اسمُ النّجمِ ألّذِي إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ البَقَرُ فَقَالَ اليمَاَنيِّ لَا أدَريِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ فَمَا اسمُ النّجمِ ألّذِي إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ الكِلَابُ فَقَالَ اليمَاَنيِّ لَا أدَريِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ فِي قَولِكَ لَا أدَريِ فَمَا زُحَلُ عِندَكُم فِي النّجُومِ فَقَالَ اليمَاَنيِّ نَجمٌ نَحسٌ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَا تَقُل هَذَا فَإِنّهُ نَجمُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ هُوَ نَجمُ الأَوصِيَاءِ ع وَ هُوَ النّجمُ الثّاقِبُ ألّذِي قَالَ اللّهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ اليمَاَنيِّ فَمَا مَعنَي الثّاقِبِ فَقَالَ إِنّ مَطلِعَهُ فِي
صفحه : 220
السّمَاءِ السّابِعَةِ فَإِنّهُ ثَقَبَ بِضَوئِهِ حَتّي أَضَاءَ فِي السّمَاءِ الدّنيَا فَمِن ثَمّ سَمّاهُ اللّهُ النّجمَ الثّاقِبَ ثُمّ قَالَ يَا أَخَا العَرَبِ عِندَكُم عَالِمٌ قَالَ اليمَاَنيِّ نَعَم جُعِلتُ فِدَاكَ إِنّ بِاليَمَنِ قَوماً لَيسُوا كَأَحَدٍ مِنَ النّاسِ فِي عِلمِهِم فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع وَ مَا يَبلُغُ مِن عِلمِ عَالِمِهِم قَالَ اليمَاَنيِّ إِنّ عَالِمَهُم لَيَزجُرُ الطّيرَ وَ يَقفُو الأَثَرَ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مَسِيرَةَ شَهرٍ لِلرّاكِبِ المُحِثّ المُجِدّ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَإِنّ عَالِمَ المَدِينَةِ أَعلَمُ مِن عَالِمِ اليَمَنِ قَالَ اليمَاَنيِّ وَ مَا يَبلُغُ مِن عِلمِ عَالِمِ المَدِينَةِ قَالَ ع إِنّ عِلمَ عَالِمِ المَدِينَةِ ينَتهَيِ إِلَي أَن لَا يَقفُوَ الأَثَرَ وَ لَا يَزجُرَ الطّيرَ وَ يَعلَمُ مَا فِي اللّحظَةِ الوَاحِدَةِ مَسِيرَةَ الشّمسِ تَقطَعُ اثنيَ عَشَرَ بُرجاً وَ اثنيَ عَشَرَ بَرّاً وَ اثنيَ عَشَرَ بَحراً وَ اثنيَ عَشَرَ عَالِماً فَقَالَ لَهُ اليمَاَنيِّ مَا ظَنَنتُ أَنّ أَحَداً يَعلَمُ هَذَا وَ مَا يدَريِ مَا كُنهُهُ قَالَ ثُمّ قَامَ اليمَاَنيِّ
إيضاح لاخير في اللقب أي في الألقاب الردية وذكره ع كان لبيان الإعجاز أوالمنهي عنه التنابز بهاأولا فأما بعدالاشتهار فلابأس للتعريف وغيره هاجت الإبل أي للسفاد قال الجوهري الهائج الفحل ألذي يشتهي الضراب انتهي وزجر الطير الحكم بصياحها وطيرانها علي الحوادث تفؤلا وتشؤما قال الجزري الزجر للطير هوالتيمن والتشؤم بها والتفؤل بطيرانها كالسانح والبارح و هونوع من الكهانة والعيافة انتهي والمراد بقفو الأثر إما ما كان شائعا عندالعرب من الاستدلال برؤية أثر القدم علي تعيين الذاهب و أنه إلي أين ذهب كمافعلوا ليلة الغار أوالاستدلال بالعلامات والآثار والأوضاع الفلكية علي الحوادث و قوله في ساعة واحدة مسيرة شهر أي يحكم في ساعة واحدة بتلك الأمور علي حدوث الحوادث في مسافة وناحية تكون مسيرة
صفحه : 221
شهر قوله ع إلي أن لايقفو الأثر أي لايحتاج في علمه بالحوادث إلي تلك الأمور بل يعلم في لحظة واحدة بما أعطاه الله من العلم مايقع فيما تطلع عليه الشمس وتقطعه وهي مقدار اثني عشر برجا في السماء في يوم أوأصل البروج في سنة واثني عشر نوعا من أنواع البراري وبحرا من أنواع البحور واثني عشر عالما من أصناف الخلق كمامر ومنها جابلقا وجابرسا فلفظة مازائدة ويحتمل أن يكون المراد يعلم مايحدث في اللحظة الواحدة في جميع تلك العوالم ويحتمل أن يكون يقطع بالياء أي يقطع العالم تلك العوالم بعلمه أوبطي الأرض كماسيأتي
2-الإِحتِجَاجُ، عَن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ قَالَاستَقبَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع دِهقَانٌ مِن دَهَاقِينِ الفُرسِ فَقَالَ لَهُ بَعدَ التّهنِئَةِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ تَنَاحَسَتِ النّجُومُ الطّالِعَاتُ وَ تَنَاحَسَتِ السّعُودُ بِالنّحُوسِ وَ إِذَا كَانَ مِثلُ هَذَا اليَومِ وَجَبَ عَلَي الحَكِيمِ الِاختِفَاءُ وَ يَومُكَ هَذَا يَومٌ صَعبٌ قَدِ انقَلَبَ فِيهِ كَوكَبَانِ وَ انقَدَحَ مِن بُرجِكَ النّيرَانُ وَ لَيسَ الحَربُ لَكَ بِمَكَانٍ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَيحَكَ يَا دِهقَانُ المُنبِئُ بِالآثَارِ المُحَذّرُ مِنَ الأَقدَارِ مَا قِصّةُ صَاحِبِ المِيزَانِ وَ قِصّةُ صَاحِبِ السّرَطَانِ وَ كَمِ المَطَالِعُ مِنَ الأَسَدِ وَ السّاعَاتِ مِنَ المُحَرّكَاتِ وَ كَم بَينَ السرّاَريِّ وَ الدرّاَريِّ قَالَ سَأَنظُرُ وَ أَومَأَ بِيَدِهِ إِلَي كُمّهِ وَ أَخرَجَ مِنهُ أُسطُرلَاباً يَنظُرُ فِيهِ فَتَبَسّمَ ع فَقَالَ أَ تدَريِ مَا حَدَثَ البَارِحَةَ وَقَعَ بَيتٌ بِالصّينِ وَ انفَرَجَ بُرجُ مَاجِينَ وَ سَقَطَ سُورُ سَرَاندِيبَ وَ انهَزَمَ بِطرِيقُ الرّومِ بِأَرمَنِيّةَ وَ فَقَدَ دَيّانُ اليَهُودِ بِأَيلَةَ وَ هَاجَ النّملُ بوِاَديِ النّملِ وَ هَلَكَ مَلِكُ إِفرِيقِيّةَ أَ كُنتَ عَالِماً بِهَذَا قَالَ لَا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَقَالَ البَارِحَةَ سَعِدَ سَبعُونَ أَلفَ عَالَمٍ وَ وُلِدَ فِي كُلّ عَالَمٍ سَبعُونَ أَلفاً وَ اللّيلَةَ يَمُوتُ مِثلُهُم وَ هَذَا مِنهُم وَ أَومَأَ بِيَدِهِ إِلَي سَعدِ بنِ مَسعَدَةَ الحاَرثِيِّ وَ كَانَ جَاسُوساً لِلخَوَارِجِ فِي عَسكَرِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَظَنّ المَلعُونُ أَنّهُ يَقُولُ خُذُوهُ فَأَخَذَ بِنَفسِهِ فَمَاتَ فَخَرّ الدّهقَانُ سَاجِداً فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَ لَم أَروِكَ مِن عَينِ التّوفِيقِ قَالَ بَلَي يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ
صفحه : 222
فَقَالَ أَنَا وَ صاَحبِيِ لَا شرَقيِّ وَ لَا غرَبيِّ نَحنُ نَاشِئَةُ القُطبِ وَ أَعلَامُ الفَلَكِ أَمّا قَولُكَ انقَدَحَ مِن بُرجِكَ النّيرَانُ فَكَانَ الوَاجِبُ أَن تَحكُمَ بِهِ لِي لَا عَلَيّ أَمّا نُورُهُ وَ ضِيَاؤُهُ فعَنِديِ وَ أَمّا حَرِيقُهُ وَ لَهَبُهُ فَذَهَبَ عنَيّ فَهَذِهِ مَسأَلَةٌ عَمِيقَةٌ احسُبهَا إِن كُنتَ حَاسِباً
بيان ماقصة صاحب الميزان أي الكواكب التي الآن في برج الميزان أوالكواكب المتعلقة بتلك البرج المناسبة لها وكذا صاحب السرطان وكم المطالع من الأسد أي كم طلع من ذلك البرج الآن والساعات أي كم مضي من الساعات من طلوع سائر المتحركات ولعل المراد بالسراري الكواكب الخفية تشبيها لها بالسرية والدراري الكواكب الكبيرة المضيئة أواصطلاحان في الكواكب لايعرفهما المنجمون والغرض أنه لو كان هذاالعلم حقا فإنما يمكن الحكم به بعدالإحاطة بجميع أوضاع الكواكب وأحوالها وخواصها في كل آن وزمان والمنجمون لم يرصدوا من الكواكب إلاأقلها ومناط أحكامهم أوضاع السيارات فقط مع عدم إحاطتهم بأحوال تلك أيضا ثم نبهه ع علي عدم إحاطته بذلك العلم أوعدم كفايته للعلم بالحوادث بجهله بكثير من الأمور الحادثة و في القاموس البطريق ككبريت القائد من قواد الروم تحت يده عشرة آلاف رجل انتهي وديان اليهود عالمهم و في بعض النسخ بالنون جمع دن و هوالحب العظيم وصاحبي أي النبي ص لاشرقي و لاغربي إيماء إلي قوله سبحانه لا شَرقِيّةٍ وَ لا غَربِيّةٍ والغرض لسنا كسائر الناس
صفحه : 223
حتي تحكم علينا بأحكامهم كالنجوم المنسوبة إلي العرب أو إلي الملوك أو إلي العلماء والأشراف فإنا فوق ذلك كله نحن ناشئة القطب أي الفرقة الناشئة المنسوبة إلي القطب أي حقيقة لثباتهم واستقرارهم في درجات العز والكمال أوكناية عن أنهم ع غيرمنسوبين إلي الفلك والكواكب بل هي منسوبة إليهم وسعادتها بسببهم وأنهم قطب الفلك إذ الفلك يدور ببركتهم وهم أعلام الفلك بهم يتزين ويتبرك ويسعد ثم ألزم ع عليه في قوله انقدح من برجك النيران بأن للنار جهتين جهة نور وجهة إحراق فنورها لنا وإحراقها علي عدونا ويحتمل أن يكون المراد به أن الله يدفع ضررها عنا بتوسلنا به تعالي وتوكلنا عليه فهذه مسألة عميقة أي كوننا ممتازين عن سائر الخلق في الأحكام أوكون النيران خيرا لنا وشرا لعدونا أو أن التوسل والدعاء يدفع النحوس والبلاء مسألة عميقة خارجة عن قانون نجومك وحسابك ويبطل جميع ماتظن من ذلك
3- الإِحتِجَاجُ، عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ سَأَلَ الزّندِيقُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ مَا تَقُولُ فِيمَن زَعَمَ أَنّ هَذَا التّدبِيرَ ألّذِي يَظهَرُ فِي هَذَا العَالَمِ تَدبِيرُ النّجُومِ السّبعَةِ قَالَ ع يَحتَاجُونَ إِلَي دَلِيلِ أَنّ هَذَا العَالَمَ الأَكبَرَ وَ العَالَمَ الأَصغَرَ مِن تَدبِيرِ النّجُومِ التّيِ تَسبَحُ فِي الفَلَكِ وَ تَدُورُ حَيثُ دَارَت مُتعِبَةً لَا تَفتُرُ وَ سَائِرَةً لَا تَقِفُ ثُمّ قَالَ وَ إِنّ كُلّ نَجمٍ مِنهَا مُوَكّلٌ مُدَبّرٌ فهَيَِ بِمَنزِلَةِ العَبِيدِ المَأمُورِينَ المَنهِيّينَ فَلَو كَانَت قَدِيمَةً أَزَلِيّةً لَم تَتَغَيّر مِن حَالٍ إِلَي حَالٍ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِي عِلمِ النّجُومِ قَالَ هُوَ عِلمٌ قَلّت مَنَافِعُهُ وَ كَثُرَت مَضَرّاتُهُ لِأَنّهُ لَا يُدفَعُ بِهِ المَقدُورُ وَ لَا يُتّقَي بِهِ المَحذُورُ إِن أَخبَرَ المُنَجّمُ بِالبَلَاءِ لَم يُنجِهِ التّحَرّزُ مِنَ القَضَاءِ وَ إِن أَخبَرَ هُوَ بِخَيرٍ لَم يَستَطِع تَعجِيلَهُ وَ إِن حَدَثَ بِهِ سُوءٌ لَم يُمكِنهُ صَرفُهُ وَ المُنَجّمُ يُضَادّ اللّهَ فِي عِلمِهِ بِزَعمِهِ أَنّهُ يَرُدّ قَضَاءَ اللّهِ عَن خَلقِهِ الخَبَرَ
4-مَجَالِسُ الصّدُوقِ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ مَاجِيلَوَيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ
صفحه : 224
عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ القرُشَيِّ عَن نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ عَن عُمَرَ بنِ سَعدٍ عَن يُوسُفَ بنِ يَزِيدَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَوفِ بنِ الأَحمَرِ قَالَ لَمّا أَرَادَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع المَسِيرَ إِلَي النّهرَوَانِ أَتَاهُ مُنَجّمٌ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَا تَسِر فِي هَذِهِ السّاعَةِ وَ سِر فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَمضِينَ مِنَ النّهَارِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ لِمَ ذَاكَ قَالَ لِأَنّكَ إِن سِرتَ فِي هَذِهِ السّاعَةِ أَصَابَكَ وَ أَصَابَ أَصحَابَكَ أَذًي وَ ضُرّ شَدِيدٌ وَ إِن سِرتَ فِي السّاعَةِ التّيِ أَمَرتُكَ ظَفِرتَ وَ ظَهَرتَ وَ أَصَبتَ كُلّ مَا طَلَبتَ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع تدَريِ مَا فِي بَطنِ هَذِهِ الدّابّةِ أَ ذَكَرٌ أَم أُنثَي قَالَ إِن حَسَبتُ عَلِمتُ قَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَن صَدّقَكَ عَلَي هَذَا القَولِ فَقَد كَذّبَ بِالقُرآنِ قَالَ اللّهُ تَعَالَيإِنّ اللّهَ عِندَهُ عِلمُ السّاعَةِ وَ يُنَزّلُ الغَيثَ وَ يَعلَمُ ما فِي الأَرحامِ وَ ما تدَريِ نَفسٌ ما ذا تَكسِبُ غَداً وَ ما تدَريِ نَفسٌ بأِيَّ أَرضٍ تَمُوتُ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ مَا كَانَ مُحَمّدٌص يدَعّيِ مَا ادّعَيتَ أَ تَزعُمُ أَنّكَ تهَديِ إِلَي السّاعَةِ التّيِ مَن سَارَ فِيهَا صُرِفَ عَنهُ السّوءُ وَ السّاعَةِ التّيِ مَن سَارَ فِيهَا حَاقَ بِهِ الضّرّ مَن صَدّقَكَ بِهَذَا استَغنَي بِقَولِكَ عَنِ الِاستِعَانَةِ بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي ذَلِكَ الوَجهِ وَ أَحوَجَ إِلَي الرّغبَةِ إِلَيكَ فِي دَفعِ المَكرُوهِ عَنهُ وَ ينَبغَيِ لَهُ أَن يُولِيَكَ الحَمدَ دُونَ رَبّهِ عَزّ وَ جَلّ فَمَن آمَنَ لَكَ بِهَذَا فَقَدِ اتّخَذَكَ مِن دُونِ اللّهِ نِدّاً وَ ضِدّاً ثُمّ قَالَ ع أللّهُمّ لَا طَيرَ إِلّا طَيرُكَ وَ لَا ضَيرَ إِلّا ضَيرُكَ وَ لَا خَيرَ إِلّا خَيرُكَ وَ لَا إِلَهَ غَيرُكَ بَل نُكَذّبُكَ وَ نُخَاِلُفَك وَ نَسِيرُ فِي السّاعَةِ التّيِ نَهَيتَ عَنهَا
بيان فقال له روي أن هذاالقائل كان عفيف بن قيس أخا الأشعث و كان يتعاطي علم النجوم ويقال ظفر بمطلوبه كفرح أي فاز أتزعم أي تقول وأكثر مايستعمل في الباطل والحديث ألذي لامستند له وحاق به الأمر أي لزمه ونزل به والضر بالضم سوء الحال من صدقك علي هذاالقول فقد كذب بالقرآن لادعائه العلم ألذي أخبر الله سبحانه أنه مختص به إذ ظاهر قوله تعالي عِندَهُالاختصاص فإن قيل فقد أخبر النبي ص والأئمة ع بالخمسة المذكورة في الآية في مواطن كثيرة فكيف ذلك قلنا المراد أنه لايعلمها أحد بغير
صفحه : 225
تعليمه سبحانه و ماأخبروه من ذلك فإنما كان بالوحي والإلهام أوالتعلم من النبي ص ألذي علمه بالوحي لايقال علم النجوم أيضا من هذاالقبيل لماسيأتي من الأخبار الدالة علي أن له أصلا و أنه مما علمه الله أنبياءه فكيف يكون تصديق المنجم تكذيبا للقرآن لأنا نقول ألذي سيظهر من الأخبار أن نوعا من هذاالعلم حق يعلمه الأنبياء والأوصياء ع و أما أن ما في أيدي الناس من ذلك فلا كماسنبينه . أن يوليك الحمد علي بناء الإفعال أوالتفعيل أي يقربك من الحمد من الولي بمعني القرب أو من قولهم ولاه الأمير عمل كذا أي قلده إياه أي يجعلك وليا للحمد وأهلا له أو من قولهم أوليته معروفا أي أنعمت عليه لاطير إلاطيرك الطير من الطيرة وهي التشؤم بالشيء أي لاتأثير للطيرة إلاطيرك أي قضاؤك وقدرك علي المشاكلة ويدل علي أن ضرر النجوم من جهة الطيرة والضير الضرر
5- الخِصَالُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَنِ العَبّاسِ بنِ مَعرُوفٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ فَضّالٍ عَن ظَرِيفِ بنِ نَاصِحٍ عَن أَبِي الحُصَينِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ سُئِلَ رَسُولُ اللّهِص عَنِ السّاعَةِ فَقَالَ عِندَ إِيمَانٍ بِالنّجُومِ وَ تَكذِيبٍ بِالقَدَرِ
بيان يومئ إلي أن الإيمان بالنجوم متضمن للتكذيب بالقدر
6-الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي الحُسَينِ الفاَرسِيِّ عَن سُلَيمَانَ بنِ جَعفَرٍ البصَريِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحُسَينِ بنِ
صفحه : 226
زَيدِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَبِيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَربَعَةٌ لَا تَزَالُ فِي أمُتّيِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ الفَخرُ بِالأَحسَابِ وَ الطّعنُ فِي الأَنسَابِ وَ الِاستِسقَاءُ بِالنّجُومِ وَ النّيَاحَةُ وَ إِنّ النّائِحَةَ إِذَا لَم تَتُب قَبلَ مَوتِهَا تَقُومُ يَومَ القِيَامَةِ وَ عَلَيهَا سِربَالٌ مِن قَطِرَانٍ وَ دِرعٌ مِن جَرَبٍ
بيان الاستسقاء بالنجوم اعتقاد أن للنجوم تأثيرا في نزول المطر
7- الخِصَالُ، عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدِ بنِ حَمزَةَ بنِ عُمَارَةَ عَن سَالِمِ بنِ سَالِمٍ وَ أَبِي عَرُوبَةَ مَعاً عَن أَبِي الخَطّابِ عَن هَارُونَ بنِ مُسلِمٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ الأنَصاَريِّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ ع قَالَ نَهَي رَسُولُ اللّهِص عَن خِصَالٍ إِلَي أَن قَالَ وَ عَنِ النّظَرِ فِي النّجُومِ
وَ مِنهُ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِّ عَن إِسحَاقَ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن نَصرِ بنِ قَابُوسَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ المُنَجّمُ مَلعُونٌ وَ الكَاهِنُ مَلعُونٌ وَ السّاحِرُ مَلعُونٌ وَ المُغَنّيَةُ مَلعُونَةٌ وَ مَن آوَاهَا وَ أَكَلَ كَسبَهَا مَلعُونٌ وَ قَالَ ع المُنَجّمُ كَالكَاهِنِ وَ الكَاهِنُ كَالسّاحِرِ وَ السّاحِرُ كَالكَافِرِ وَ الكَافِرُ فِي النّارِ
قال الصدوق ره المنجم الملعون هو ألذي يقول بقدم الفلك و لا يقول بمفلكه وخالقه عز و جل
8-البَصَائِرُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ الراّزيِّ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ مُوسَي
صفحه : 227
عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن عَمّهِ عَبدِ الصّمَدِ بنِ عَلِيّ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَي عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع فَقَالَ لَهُ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا مُنَجّمٌ قَالَ فَأَنتَ عَرّافٌ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيهِ ثُمّ قَالَ هَل أَدُلّكَ عَلَي رَجُلٍ قَد مَرّ مُذ دَخَلتَ عَلَينَا فِي أَربَعَةَ عَشَرَ عَالَماً كُلّ عَالَمٍ أَكبَرُ مِنَ الدّنيَا ثَلَاثَ مَرّاتٍ لَم يَتَحَرّك مِن مَكَانِهِ قَالَ مَن هُوَ قَالَ أَنَا وَ إِن شِئتَ أَنبَأتُكَ بِمَا أَكَلتَ وَ مَا ادّخَرتَ فِي بَيتِكَ
بيان قال في النهاية فيه من أتي عرافا أوكاهنا أراد بالعراف المنجم أوالحازي ألذي يدعي علم الغيب و قداستأثر الله به انتهي و قال الطيبي في شرح المشكاة هوقسم من الكهان يستدل علي معرفة المسروق والضالة بكلام أوفعل أوحالة
9-البَصَائِرُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن عَلِيّ بنِ سَعدَانَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ عَن عُمَيرِ بنِ أَبَانٍ الكلَبيِّ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ قَالَكُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع حَيثُ دَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن عُلَمَاءِ أَهلِ اليَمَنِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا يمَاَنيِّ أَ فِيكُم عُلَمَاءُ قَالَ نَعَم قَالَ فأَيَّ شَيءٍ يَبلُغُ مِن عِلمِ عُلَمَائِكُم قَالَ إِنّهُ لَيَسِيرُ فِي لَيلَةٍ وَاحِدَةٍ مَسِيرَةَ شَهرَينِ يَزجُرُ الطّيرَ وَ يَقفُو الآثَارَ فَقَالَ لَهُ فَعَالِمُ المَدِينَةِ أَعلَمُ مِن عَالِمِكُم قَالَ فأَيَّ شَيءٍ يَبلُغُ مِن عِلمِ عَالِمِكُم بِالمَدِينَةِ قَالَ إِنّهُ يَسِيرُ فِي صَبَاحٍ وَاحِدٍ مَسِيرَةَ سَنَةٍ كَالشّمسِ إِذَا أُمِرَت إِنّهَا اليَومَ غَيرُ مَأمُورَةٍ وَ لَكِن إِذَا أُمِرَت تَقطَعُ اثنيَ عَشَرَ شَمساً وَ اثنيَ عَشَرَ قَمَراً وَ اثنيَ عَشَرَ مَشرِقاً وَ اثنيَ
صفحه : 228
عَشَرَ مَغرِباً وَ اثنيَ عَشَرَ بَرّاً وَ اثنيَ عَشَرَ بَحراً وَ اثنيَ عَشَرَ عَالَماً قَالَ فَمَا بقَيَِ فِي يدَيَِ اليمَاَنيِّ فَمَا دَرَي مَا يَقُولُ وَ كَفّ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع
10- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبِي أَيّوبَ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ قَالَ كُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَدَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن أَهلِ اليَمَنِ فَقَالَ لَهُ يَا أَخَا أَهلِ اليَمَنِ عِندَكُم عُلَمَاءُ قَالَ نَعَم قَالَ فَمَا بَلَغَ مِن عِلمِ عَالِمِكُم قَالَ يَسِيرُ فِي لَيلَةٍ مَسِيرَةَ شَهرَينِ يَزجُرُ الطّيرَ وَ يَقفُو الأَثَرَ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع عَالِمُ المَدِينَةِ أَعلَمُ مِن عَالِمِكُم قَالَ فَمَا بَلَغَ مِن عِلمِ عَالِمِ المَدِينَةِ قَالَ يَسِيرُ فِي سَاعَةٍ مِنَ النّهَارِ مَسِيرَةَ الشّمسِ سَنَةً حَتّي يَقطَعَ اثنيَ عَشَرَ أَلفَ عَالَمٍ مِثلِ عَالَمِكُم هَذَا مَا يَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ خَلَقَ آدَمَ وَ لَا إِبلِيسَ قَالَ فَيَعرِفُونَكُم قَالَ نَعَم مَا افتَرَضَ عَلَيهِم إِلّا وَلَايَتَنَا وَ البَرَاءَةَ مِن عَدُوّنَا
11- المَحَاسِنُ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ أُذَينَةَ عَن سُفيَانَ بنِ عُمَرَ قَالَ كُنتُ أَنظُرُ فِي النّجُومِ فَأَعرِفُهَا وَ أَعرِفُ الطّالِعَ فيَدَخلُنُيِ مِن ذَلِكَ فَشَكَوتُ ذَلِكَ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ إِذَا وَقَعَ فِي نَفسِكَ شَيءٌ فَتَصَدّق عَلَي أَوّلِ مِسكِينٍ ثُمّ امضِ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَدفَعُ عَنكَ
بيان فيدخلني من ذلك أي هم أوحالة تمنعني عن التوجه إلي عمل لماأظن من نحوسة الساعة ويدل علي أن أثر نحس الكواكب والأوضاع أوتأثير التطير بهايزول بالصدقة
12-رِسَالَةُ الِاستِخَارَاتِ،لِلسّيّدِ بنِ طَاوُسٍ قَالَذَكَرَ الشّيخُ الفَاضِلُ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ فِي كِتَابٍ لَهُ فِي العَمَلِ مَا هَذَا لَفظُهُ دُعَاءُ الِاستِخَارَةِ عَنِ الصّادِقِ ع تَقُولُهُ
صفحه : 229
بَعدَ فَرَاغِكَ مِن صَلَاةِ الِاستِخَارَةِ تَقُولُ أللّهُمّ إِنّكَ خَلَقتَ أَقوَاماً يَلجَئُونَ إِلَي مَطَالِعِ النّجُومِ لِأَوقَاتِ حَرَكَاتِهِم وَ سُكُونِهِم وَ تَصَرّفِهِم وَ عَقدِهِم وَ خلَقَتنَيِ أَبرَأُ إِلَيكَ مِنَ اللّجَإِ إِلَيهَا وَ مِن طَلَبِ الِاختِيَارَاتِ بِهَا وَ أَتَيَقّنُ أَنّكَ لَم تُطلِع أَحَداً عَلَي غَيبِكَ فِي مَوَاقِعِهَا وَ لَم تُسَهّل لَهُ السّبِيلَ إِلَي تَحصِيلِ أَفَاعِيلِهَا وَ إِنّكَ قَادِرٌ عَلَي نَقلِهَا فِي مَدَارَاتِهَا فِي مَسِيرِهَا عَلَي السّعُودِ العَامّةِ وَ الخَاصّةِ إِلَي النّحُوسِ وَ مِنَ النّحُوسِ الشّامِلَةِ وَ المُفرَدَةِ إِلَي السّعُودِ لِأَنّكَ تَمحُو مَا تَشَاءُ وَ تُثبِتُ وَ عِندَكَ أَمّ الكِتَابِ وَ لِأَنّهَا خَلقٌ مِن خَلقِكَ وَ صَنعَةٌ مِن صَنِيعِكَ وَ مَا أَسعَدتَ مَنِ اعتَمَدَ عَلَي مَخلُوقٍ مِثلِهِ وَ استَمَدّ الِاختِيَارَ لِنَفسِهِ وَ هُم أُولَئِكَ وَ لَا أَشقَيتَ مَنِ اعتَمَدَ عَلَي الخَالِقِ ألّذِي أَنتَ هُوَ لَا إِلَهَ إِلّا أَنتَ وَحدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَ أَسأَلُكَ بِمَا تَملِكُهُ وَ تَقدِرُ عَلَيهِ وَ أَنتَ بِهِ ملَيِءٌ وَ عَنهُ غنَيِّ وَ إِلَيهِ غَيرُ مُحتَاجٍ وَ بِهِ غَيرُ مُكتَرِثٍ مِنَ الخِيَرَةِ الجَامِعَةِ لِلسّلَامَةِ وَ العَافِيَةِ وَ الغَنِيمَةِ لِعَبدِكَ إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ وَ قَد أَورَدنَاهُ فِي أَبوَابِ الِاستِخَارَاتِ
بيان وعقدهم أي عزمهم أوإيقاعهم العقود و في النهاية المليء بالهمز الثقة الغني و قدأولع الناس بترك الهمز وتشديد الياء و قال ماأكترث به أي ماأبالي
13-النّجُومُ،رُوّينَا بِإِسنَادِنَا إِلَي الشّيخِ السّعِيدِ مُحَمّدِ بنِ رُستُمَ بنِ جَرِيرٍ الطبّرَيِّ الإمِاَميِّ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ الجرَميِّ وَ مُحَمّدِ بنِ هَارُونَ التلّعّكُبرَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ مَحرُومٍ عَن أَحمَدَ بنِ القَاسِمِ عَن يَحيَي بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن عَلِيّ بنِ صَالِحِ بنِ حيَّ الكوُفيِّ عَن زِيَادِ بنِ المُنذِرِ عَن قَيسِ بنِ سَعدٍ قَالَكُنتُ كَثِيراً أُسَايِرُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع إِذَا سَارَ إِلَي وَجهٍ مِنَ الوُجُوهِ فَلَمّا قَصَدَ أَهلَ النّهرَوَانِ
صفحه : 230
وَ صِرنَا بِالمَدَائِنِ وَ كُنتُ يَومَئِذٍ مُسَايِراً لَهُ إِذ خَرَجَ إِلَيهِ قَومٌ مِن أَهلِ المَدَائِنِ مِن دَهَاقِينِهِم مَعَهُم بَرَاذِينُ قَد جَاءُوا بِهَا هَدِيّةً إِلَيهِ فَقَبِلَهَا وَ كَانَ فِيمَن تَلَقّاهُ دِهقَانٌ مِن دَهَاقِينِ المَدَائِنِ يُدعَي سرسفيلَ وَ كَانَتِ الفُرسُ تَحكُمُ بِرَأيِهِ فِيمَا مَضَي وَ تَرجِعُ إِلَي قَولِهِ فِيمَا سَلَفَ فَلَمّا بَصُرَ بِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لِتَرجِع عَمّا قَصَدتَ قَالَ وَ لِمَ ذَاكَ يَا دِهقَانُ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ تَنَاحَسَتِ النّجُومُ الطّوَالِعُ فَنَحُسَ أَصحَابُ السّعُودِ وَ سَعَدَ أَصحَابُ النّحُوسِ وَ لَزِمَ الحَكِيمُ فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ الِاستِخفَاءَ وَ الجُلُوسَ وَ إِنّ يَومَكَ هَذَا يَومٌ مُمِيتٌ قَدِ اقتَرَنَ فِيهِ كَوكَبَانِ قَتّالَانِ وَ شَرُفَ فِيهِ بَهرَامُ فِي بُرجِ المِيزَانِ وَ اتّقَدَت مِن بُرجِكَ النّيرَانُ وَ لَيسَ الحَربُ لَكَ بِمَكَانٍ فَتَبَسّمَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع ثُمّ قَالَ أَيّهَا الدّهقَانُ المُنبِئُ بِالأَخبَارِ وَ المُحَذّرُ مِنَ الأَقدَارِ مَا نَزَلَ البَارِحَةَ فِي آخِرِ المِيزَانِ وَ أَيّ نَجمٍ حَلّ فِي السّرَطَانِ قَالَ سَأَنظُرُ ذَلِكَ وَ استَخرَجَ مِن كُمّهِ أُسطُرلَاباً وَ تَقوِيماً قَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَنتَ مُسَيّرُ الجَارِيَاتِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنتَ تقَضيِ عَلَي الثّابِتَاتِ قَالَ لَا قَالَ فأَخَبرِنيِ عَن طُولِ الأَسَدِ وَ تَبَاعُدِهِ مِنَ المَطَالِعِ وَ المَرَاجِعِ وَ مَا الزّهَرَةُ مِنَ التّوَابِعِ وَ الجَوَامِعِ قَالَ لَا عِلمَ لِي بِذَلِكَ قَالَ فَمَا بَينَ السرّاَريِّ إِلَي الدرّاَريِّ وَ مَا بَينَ السّاعَاتِ إِلَي المعجرات [الفَجَرَاتِ] وَ كَم قَدرُ شُعَاعِ المبدرات [المَدَارَاتِ] وَ كَم تَحصُلُ الفَجرُ فِي الغَدَوَاتِ قَالَ لَا عِلمَ لِي بِذَلِكَ قَالَ فَهَل عَلِمتَ يَا دِهقَانُ أَنّ المَلِكَ اليَومَ انتَقَلَ مِن بَيتٍ إِلَي بَيتٍ بِالصّينِ وَ انقَلَبَ بُرجُ مَاجِينَ وَ احتَرَقَ دُورٌ بِالزّنجِ وَ طَفَحَ جُبّ سَرَاندِيبَ وَ تَهدِمُ حِصنُ الأَندُلُسِ وَ هَاجَ نَملُ الشّيحِ وَ انهَزَمَ مَرّاقُ الهنِديِّ وَ فَقَدَ دَيّانُ اليَهُودِ بِأَيلَةَ وَ هَدَمَ بِطرِيقُ الرّومِ بِرُومِيّةَ وَ عمَيَِ رَاعِبُ عَمّورِيّةَ وَ سَقَطَت شُرُفَاتُ القُسطَنطَنِيّةِ أَ فَعَالِمٌ أَنتَ بِهَذِهِ الحَوَادِثِ وَ مَا ألّذِي أَحدَثَهَا شَرقِيّهَا أَو غَربِيّهَا مِنَ الفَلَكِ قَالَ لَا عِلمَ لِي بِذَلِكَ
صفحه : 231
قَالَ وَ بأِيَّ الكَوَاكِبِ تقَضيِ فِي أَعلَي القُطبِ وَ بِأَيّهَا تَنَحّسَ مَن تَنَحّسَ قَالَ لَا عِلمَ لِي بِذَلِكَ قَالَ فَهَل عَلِمتَ أَنّهُ سَعَدَ اليَومَ اثنَانِ وَ سَبعُونَ عَالَماً فِي كُلّ عَالَمٍ سَبعُونَ عَالَماً مِنهُم فِي البَرّ وَ مِنهُم فِي البَحرِ وَ بَعضٌ فِي الجِبَالِ وَ بَعضٌ فِي الغِيَاضِ وَ بَعضٌ فِي العُمرَانِ وَ مَا ألّذِي أَسعَدَهُم قَالَ لَا عِلمَ لِي بِذَلِكَ قَالَ يَا دِهقَانُ أَظُنّكَ حَكَمتَ عَلَي اقتِرَانِ المشُترَيِ وَ زُحَلَ لَمّا استَنَارَا لَكَ فِي الغَسَقِ وَ ظَهَرَ تَلَألُؤُ شُعَاعِ المِرّيخِ وَ تَشرِيقُهُ فِي السّحَرِ وَ قَد سَارَ فَاتّصَلَ جِرمُهُ بِجِرمِ تَربِيعِ القَمَرِ وَ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَي استِحقَاقِ أَلفِ أَلفٍ مِنَ البَشَرِ كُلّهِم يُولَدُونَ اليَومَ وَ اللّيلَةَ وَ يَمُوتُ مِثلُهُم وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَي جَاسُوسٍ فِي عَسكَرِهِ لِمُعَاوِيَةَ فَقَالَ وَ يَمُوتُ هَذَا فَإِنّهُ مِنهُم فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ ظَنّ الرّجُلُ أَنّهُ قَالَ خُذُوهُ فَأَخَذَهُ شَيءٌ بِقَلبِهِ وَ تَكَسّرَت نَفسُهُ فِي صَدرِهِ فَمَاتَ لِوَقتِهِ فَقَالَ ع يَا دِهقَانُ أَ لَم أُرِكَ غِيَرَ التّقدِيرِ فِي غَايَةِ التّصوِيرِ قَالَ بَلَي يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ يَا دِهقَانُ أَنَا مُخبِرُكَ أنَيّ وَ صحَبيِ هَؤُلَاءِ لَا شَرقِيّونَ وَ لَا غَربِيّونَ إِنّمَا نَحنُ نَاشِئَةُ القُطبِ وَ مَا زَعَمتَ أَنّ البَارِحَةَ انقَدَحَ مِن برُجيَِ النّيرَانُ فَقَد كَانَ يَجِبُ أَن تَحكُمَ مَعَهُ لِي لِأَنّ نُورَهُ وَ ضِيَاءَهُ عنِديِ فَلَهبُهُ ذَاهِبٌ عنَيّ يَا دِهقَانُ هَذِهِ قَضِيّةُ عِيصٍ فَاحسُبهَا وَ وَلّدهَا إِن كُنتَ عَالِماً بِالأَكوَارِ وَ الأَدوَارِ
صفحه : 232
قَالَ لَو عَلِمتَ ذَلِكَ لَعَلِمتُ أَنّكَ تحُصيِ عُقُودَ القَصَبِ فِي هَذِهِ الأَجَمَةِ وَ مَضَي أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَهَزَمَ أَهلَ النّهرَوَانِ وَ قَتَلَهُم وَ عَادَ بِالغَنِيمَةِ وَ الظّفَرِ فَقَالَ الدّهقَانُ لَيسَ هَذَا العِلمُ بِمَا فِي أيَديِ أَهلِ زَمَانِنَا هَذَا عِلمٌ مَادّتُهُ مِنَ السّمَاءِ
14-أَقُولُ وَ رَوَي السّيّدُ الخَبَرَ أَيضاً عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ قَالَ لَمّا رَحَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مِن نَهرِ بِينٍ أَتَينَا النّهرَوَانَ وَ قَد قُطِعَ جِسرُهَا وَ سُمّرَت سُفُنُهَا فَنَزَلَ صَلّي اللّهُ عَلَي مُحَمّدٍ وَ عَلَيهِ وَ قَد سَرّحَ الجَيشَ إِلَي جِسرِ بورَانَ وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ وَ قَد شَكّ فِي قِتَالِ الخَوَارِجِ فَإِذَا بِرَجُلٍ يَركُضُ فَلَمّا رَأَي أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع قَالَ البُشرَي يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ لَهُ وَ مَا بُشرَاكَ قَالَ لَمّا بَلَغَ الخَوَارِجَ نُزُولُكَ البَارِحَةَ نَهرَ بِينٍ وَلّوا هَارِبِينَ قَالَ عَلِيّ ع أَنتَ رَأَيتَهُم حِينَ وَلّوا قَالَ نَعَم قَالَ عَلِيّ ع كَلّا وَ اللّهِ لَا عَبَرُوا النّهرَوَانَ وَ لَا تُجَاوِزُوا الأنثلات [الأُثَيلَاتِ] وَ لَا النّخَيلَاتِ حَتّي يَقتُلَهُمُ اللّهُ عَلَي يدَيِ عَهدٌ مَعهُودٌ وَ قَدَرٌ مَقدُورٌ وَ لَا يَقتُلُونَ مِنّا عَشَرَةً وَ لَا يَنجُو مِنهُم عَشَرَةٌ إِذ أَقبَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِنَ الفُرسِ يُقتَدَي بِرَأيِهِ فِي حِسَابِ النّجُومِ لِمَعرِفَتِهِ بِالطّوَالِعِ وَ المَرَاجِعِ وَ تَقوِيمِ القُطبِ فِي الفَلَكِ وَ مَعرِفَتِهِ بِالحِسَابِ وَ الضّربِ وَ الجَبرِ وَ المُقَابَلَةِ وَ تَارِيخِ السّندَآبَادِ وَ غَيرِ ذَلِكَ وَ هُوَ الدّهقَانُ فَلَمّا بَصُرَ بِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع نَزَلَ عَن فَرَسِهِ وَ سَلّمَ عَلَيهِ فَقَالَ لَهُ أَيّهَا الأَمِيرُ لِتَرجِعَنّ عَمّا قَصَدتَ إِلَيهِ وَ كَانَ اسمُ الدّهقَانِ سرسفيل سوار وَ كَانَ دِهقَاناً مِن دَهَاقِينِ المَدَائِنِ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ لِمَ يَا سرسفيل سوار قَالَ تَنَاحَسَتِ النّجُومُ الطّالِعَاتُ وَ تَبَاعَدَتِ النّجُومُ النّاحِسَاتُ وَ لَزِمَ الحَكِيمُ فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ الِاختِفَاءَ وَ القُعُودَ وَ يَومُكَ هَذَا مُمِيتٌ يقلب [تُغُلّبَ] فِيهِ رجمان [بُرجَانُ] وَ انكشفت [انكَسَفَ] فِيهِ المِيزَانُ وَ اقتَدَحَ مِن بُرجِكَ النّيرَانُ وَ لَيسَ الحَربُ لَكَ بِمَكَانٍ قَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أخَبرِنيِ يَا دِهقَانُ عَن قِصّةِ المِيزَانِ وَ فِي أَيّ مَجرًي كَانَ بُرجُ السّرَطَانِ قَالَ سَأَنظُرُ لَكَ فِي ذَلِكَ ثُمّ ضَرَبَ يَدَهُ إِلَي كُمّهِ فَأَخرَجَ مِنهَا زِيجاً وَ أُصطُرلَاباً فَتَبَسّمَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ
صفحه : 233
ع ثُمّ قَالَ لَهُ يَا دِهقَانُ أَنتَ مُسَيّرُ الثّابِتَاتِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنتَ تقَضيِ عَلَي الحَادِثَاتِ قَالَ لَا قَالَ لَهُ يَا دِهقَانُ فَمَا سَاعَةُ الأَسَدِ مِنَ الفَلَكِ وَ مَا لَهُ مِن المَطَالِعِ وَ المَرَاجِعِ وَ مَا الزّهَرَةُ مِنَ التّوَابِعِ وَ الجَوَامِعِ قَالَ لَا عِلمَ لِي أَيّهَا الأَمِيرُ قَالَ فَعَلَي أَيّ الكَوَاكِبِ تقَضيِ عَلَي القُطبِ وَ مَا هيَِ السّاعَاتُ المُتَحَرّكَاتُ وَ كَم قَدرُ السّاعَاتِ المُدَبّرَاتِ وَ كَم تَحصُلُ المُقَدّرَاتُ قَالَ لَا عِلمَ لِي بِذَلِكَ قَالَ لَهُ يَا دِهقَانُ إِن صَحّ لَكَ عِلمُكَ عَلِمتَ أَنّ البَارِحَةَ انقَلَبَ بَيتٌ فِي الصّينِ وَ انقَلَبَ بيتانسينُ وَ احتَرَقَت دُورُ الزّنجِ وَ انحَطَمَ مَنَارُ الهِندِ وَ طفع [طَفَحَ]جُبّ سَرَاندِيبَ وَ هَلَكَ مَلِكُ إِفرِيقِيَةَ وَ انقَضّ حِصنُ أَندُلُسَ وَ هَاجَ نَملُ الشّيحِ وَ فَقَدَ دَيّانُ اليَهُودِ وَ جُذِمَ شِطرَنجُ الروّميِّ بِأَرمَنِيّةَ وَ عَتَا عَبّ عَمّورِيّةَ وَ سَقَطَت شُرَافَاتُ القُسطَنطَنِيّةِ وَ هَاجَت سِبَاعُ البَحرِ وَاثِبَةً عَلَي أَهلِهَا وَ رَجَعَت رِجَالُ النّوبَةِ المَرَاجِيحُ وَ التَقَتِ الزّرّقُ مَعَ الفِيَلَةِ وَ طَارَ الوَحشُ إِلَي العلقين وَ هَاجَتِ الحِيتَانُ فِي الأخضرين وَ اضطَرَبَتِ الوُحُوشُ بالأنقلين أَ فَأَنتَ عَلِيمٌ بِهَذِهِ الحَوَادِثِ وَ مَا أَحدَثَهَا مِنَ الفَلَكِ شَرقِيّةً أَو غَربِيّةً وَ مِن أَيّ بُرجٍ سَعَدَ صَاحِبُ النّحسِ وَ أَيّ بُرجٍ انتَحَسَ صَاحِبُ السّعدِ قَالَ الدّهقَانُ لَا عِلمَ لِي بِذَلِكَ قَالَ فَهَل دَلّكَ عِلمُكَ أَنّ اليَومَ فِيهِ سَعَدَ سَبعُونَ عَالَماً فِي كُلّ عَالَمٍ سَبعُونَ أَلفَ عَالَمٍ مِنهُم فِي البَحرِ وَ مِنهُم فِي البَرّ وَ مِنهُم فِي الجِبَالِ وَ مِنهُم فِي السّهلِ وَ الغِيَاضِ وَ الخَرَابِ وَ العُمرَانِ فَأَبِن لَنَا مَا ألّذِي مِنَ الفَلَكِ أَسعَدَهُم قَالَ الدّهقَانُ لَا عِلمَ لِي بِذَلِكَ قَالَ لَهُ يَا دِهقَانُ أَظُنّكَ حَكَمتَ عَلَي اقتِرَانِ المشُترَيِ بِزُحَلَ حِينَ لَاحَا لَكَ فِي الغَسَقِ قَد شَارَفَهَا وَ اتّصَلَ جِرمُهُ بِجِرمِ القَمَرِ وَ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَي استِحقَاقِ أَلفِ أَلفٍ مِنَ البَشَرِ كُلّهُم مُولَدُونَ فِي يَومٍ وَاحِدٍ وَ مِائَةِ أَلفٍ مِنَ البَشَرِ كُلّهُم يَمُوتُونَ اللّيلَةَ وَ غَداً وَ هَذَا مِنهُم وَ أَومَأَ بِيَدِهِ إِلَي سَعدِ
صفحه : 234
بنِ مَسعُودٍ الحاَرثِيِّ وَ كَانَ فِي عَسكَرِهِ جَاسُوساً لِلخَوَارِجِ فَظَنّ أَنّ عَلِيّاً ع يَقُولُ خُذُوا هَذَا فَقَبَضَ عَلَي فُؤَادِهِ فَمَاتَ فِي وَقتِهِ فَقَالَ عَلِيّ ع لَم أُرِكَ عَينَ التّوفِيقِ أَنَا وَ أصَحاَبيِ هَؤُلَاءِ لَا شَرقِيّونَ وَ لَا غَربِيّونَ إِنّمَا نَحنُ نَاشِئَةُ القُطبِ وَ أَعلَامُ الفَلَكِ وَ أَمّا مَا زَعَمتَ أَنّ البَارِحَةَ اقتَدَحَ مِن برُجيَِ النّيرَانُ فَقَد يَجِبُ عَلَيكَ أَن تَحكُمَ بِهِ لِي لِأَنّ ضِيَاءَهُ وَ نُورَهُ عنِديِ وَ لَهَبَهُ وَ حَرِيقَهُ ذَاهِبٌ عنَيّ فَهَذِهِ قَضِيّةٌ عَمِيقَةٌ فَاحسُبهَا إِن كُنتَ حَاسِباً وَ اعرِفهَا إِن كُنتَ عَارِفاً بِالأَكوَارِ وَ الأَدوَارِ وَ لَو عَلِمتَ ذَلِكَ لَعَلِمتَ عَدَدَ كُلّ قَصَبَةٍ فِي هَذِهِ الأَجَمَةِ وَ كَانَت عَن يَمِينِهِ أَجَمَةُ قَصَبٍ فَتَشَهّدَ الدّهقَانُ وَ قَالَ يَا موَلاَيَ ألّذِي فَهّمَ اِبرَاهِيمَ وَ مُوسَي وَ عِيسَي وَ مُحَمّداً ع مُفَهّمُهُم مُفَهّمُكَهَا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَهُوَ وَ اللّهِ[فَهُوَ اللّهُ]المُشَارُ إِلَيهِ وَ لَا أَثَرَ بَعدَ عَينٍ مُدّ يَدَكَ فَأَنَا أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنّكَ الإِمَامُ وَ الوصَيِّ المُفتَرَضُ الطّاعَةِ
بيان أكثر السؤالات المذكورة في الرواية علي تقدير صحتها وضبطها مبنية علي اصطلاحات معرفتها مختصة بهم ع أوردها ع لبيان عجزه وجهله وعدم إحاطة علمه بما لابد منه في هذاالعلم وكم تحصل الفجر في الغدوات يحتمل أن يكون المراد به زمان ما بين طلوع الفجر إلي طلوع الشمس فإن ذلك يختلف في الفصول وطفح جب سرنديب أي امتلأ وارتفع و منه سكران طافح والشيح نبت معروف ويحتمل أن يكون المراد هنا الوادي ألذي هومنبته والعمورية ماء للنصاري يغمسون فيه أولادهم و ما ألذي أحدثها أي بزعمك شرقيها أي الكواكب لم أرك غيرالتقدير بكسر الغين وفتح الياء أي التغيرات الناشئة من تقديرات الله تعالي و في بعض النسخ عين التقدير أي أصله
صفحه : 235
هذه قضية عيص بالإضافة أي أصل في القاموس العيص بالكسر الأصل و في بعض النسخ عويصة أي صعبة شديدة وولدها بصيغة الأمر وتشديد اللام أي استنتج منها والعمورية مشددة الميم بلد بالروم ولعل المراد بالعب الماء العظيم وبعتوه طغيانه وكثرته والمراجيح الحلماء والزرق كسكر طائر صياد ذكره الفيروزآبادي و في حياة الحيوان طائر يصاد به بين الباز والباشق وقيل هوالباز الأبيض انتهي والفيلة بكسر الفاء وفتح الفاء جمع الفيل فهو الله أي مفهمك الله المشار إليه بالدلائل والآيات و لاأثر بعدعين أي لاأطلب الآثار والدلائل والأخبار علي حقيتك بعد ماعاينت .أقول و كان في الخبرين فيما عندنا من النسخ تصحيفات كثيرة تركناها كماوجدنا
15- النّجُومُ،رُوّيتُ بِعِدّةِ طُرُقٍ إِلَي يُونُسَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ فِي جَامِعِهِ الصّغِيرِ بِإِسنَادِهِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع جُعِلتُ فِدَاكَ أخَبرِنيِ عَن عِلمِ النّجُومِ مَا هُوَ فَقَالَ هُوَ عِلمٌ مِن عِلمِ الأَنبِيَاءِ قَالَ فَقُلتُ كَانَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع يَعلَمُهُ فَقَالَ كَانَ أَعلَمَ النّاسِ بِهِ
16- وَ مِنهُ،نَقلًا مِن أَصلٍ مِن أُصُولِ أَصحَابِنَا اسمُهُ كِتَابُ التّجَمّلِ بِإِسنَادِهِ عَن جَمِيلٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع عَمّن ذَكَرَهُ قَالَ كَانَ قَد عَلِمَ نُبُوّةَ نُوحٍ ع بِالنّجُومِ
بيان لعل من ذكره من باب الإرسال من أحد الرواة وضمير قال للإمام ع وعلم بصيغة المعلوم والمعني أنه ع أخبر بأن فلانا قدعلم نبوة نوح بالنجوم ويحتمل أن يكون الإرسال من الإمام وضمير قال عائدا إلي من ذكره وعلم علي بناء المجهول و علي الثاني ليس الإخبار من كلامه
صفحه : 236
ع والظاهر أنه من تصحيف النساخ و قوله عمن ذكره كان مقدما علي قوله عن أبي جعفر ع وعلم علي بناء المجهول
17- النّجُومُ،وَجَدتُ فِي كِتَابٍ عَتِيقٍ عَن عَطَاءٍ قَالَ قِيلَ لعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع هَل كَانَ لِلنّجُومِ أَصلٌ قَالَ نَعَم نبَيِّ مِنَ الأَنبِيَاءِ قَالَ لَهُ قَومُهُ إِنّا لَا نُؤمِنُ بِكَ حَتّي تُعَلّمَنَا بَدءَ الخَلقِ وَ آجَالَهُ فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي غَمَامَةٍ فَأَمطَرَتهُم وَ استَنقَعَ حَولَ الجَبَلِ مَاءٌ صَافٍ ثُمّ أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ النّجُومِ أَن تجَريَِ فِي ذَلِكَ المَاءِ ثُمّ أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي ذَلِكَ النّبِيّ أَن يرَتقَيَِ هُوَ وَ قَومُهُ عَلَي الجَبَلِ فَارتَقَوُا الجَبَلَ فَقَامُوا عَلَي المَاءِ حَتّي عَرَفُوا بَدءَ الخَلقِ وَ آجَالَهُ بمِجَاَريِ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ النّجُومِ وَ سَاعَاتِ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ كَانَ أَحَدُهُم يَعلَمُ مَتَي يَمُوتُ وَ مَتَي يَمرَضُ وَ مَن ذَا ألّذِي يُولَدُ لَهُ وَ مَن ذَا ألّذِي لَا يُولَدُ لَهُ فَبَقُوا كَذَلِكَ بُرهَةً مِن دَهرِهِم ثُمّ إِنّ دَاوُدَ ع قَاتَلَهُم عَلَي الكُفرِ فَأَخرَجُوا إِلَي دَاوُدَ فِي القِتَالِ مَن لَم يَحضُرهُ أَجَلُهُ وَ مَن حَضَرَ أَجَلُهُ خَلّفُوهُ فِي بُيُوتِهِم فَكَانَ يُقتَلُ مِن أَصحَابِ دَاوُدَ ع وَ لَا يُقتَلُ مِن هَؤُلَاءِ أَحَدٌ فَقَالَ دَاوُدُ ع رَبّ أُقَاتِلُ عَلَي طَاعَتِكَ وَ يُقَاتِلُ هَؤُلَاءِ عَلَي مَعصِيَتِكَ يُقتَلُ أصَحاَبيِ وَ لَا يُقتَلُ مِن هَؤُلَاءِ أَحَدٌ فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إنِيّ كُنتُ عَلّمتُهُم بَدءَ الخَلقِ وَ آجَالَهُ وَ إِنّمَا أَخرَجُوا إِلَيكَ مَن لَم يَحضُرهُ أَجَلُهُ وَ مَن حَضَرَ أَجَلُهُ خَلّفُوهُ فِي بُيُوتِهِم فَمِن ثَمّ يُقتَلُ مِن أَصحَابِكَ وَ لَا يُقتَلُ مِنهُم أَحَدٌ قَالَ دَاوُدُ ع يَا رَبّ عَلَي مَا ذَا عَلّمتَهُم قَالَ عَلَي مجَاَريِ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ النّجُومِ وَ سَاعَاتِ اللّيلِ وَ النّهَارِ قَالَ فَدَعَا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فَحَبَسَ الشّمسَ عَلَيهِم فَزَادَ النّهَارُ وَ اختَلَطَتِ الزّيَادَةُ بِاللّيلِ وَ النّهَارِ فَلَم يَعرِفُوا قَدرَ الزّيَادَةِ فَاختَلَطَ حِسَابُهُم وَ قَالَ عَلِيّ ع فَمِن ثَمّ كُرِهَ النّظَرُ فِي عِلمِ النّجُومِ
18-الدّرّ المَنثُورُ، قَالَقِيلَ لعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع هَل كَانَ لِلنّجُومِ أَصلٌ قَالَ نَعَم كَانَ نبَيِّ مِنَ الأَنبِيَاءِ يُقَالُ لَهُ يُوشَعُ بنُ نُونٍ فَقَالَ لَهُ قَومُهُ
صفحه : 237
وَ سَاقَ إِلَي قَولِهِ ثُمّ أَوحَي اللّهُ إِلَي يُوشَعَ بنِ نُونٍ أَن يرَتقَيَِ إِلَي آخِرِ الخَبَرِ
بيان أن تجري في ذلك الماء يمكن أن يكون المراد جريان عكس الكواكب فيهافيكون الماء كالزيج لهم لاستعلام مقدار الحركات أوخلق الله للكواكب أمثالا فأجراها في الماء علي قدر حركة أصلها في السماء أوصغرها وأنزلها وأجراها فيه و في القاموس البرهة ويضم الزمان الطويل أوأعم انتهي فمن ثم كره أي من أجل أن الحساب اختلط فلايمكنهم الحكم الواقعي علي الكواكب وحركاتها فيكذبون أو من جهة أنه يصير سببا لترك الأمور الضرورية بسبب علمهم بما يترتب عليه والخبر ضعيف عامي و فيه إشكال آخر و هوأنهم لوكانوا بحسب تقدير الله تعالي وأحكام النجوم من الخارجين فلم لم يخرجوا و لو لم يكونوا فلم يكن ترك خروجهم بسبب ذلك و هذا من المسائل الغامضة من فروع مسألة القضاء والقدر والعقل قاصر عن فهمها
19-النّجُومُ، وَ أَمّا دَلَالَةُ النّجُومِ عَلَي اِبرَاهِيمَ ع فَقَد رَوَي صَاحِبُ كِتَابِ التّجَمّلِ أَنّ آزَرَ أَبَا اِبرَاهِيمَ كَانَ مُنَجّماً لِنُمرُودَ وَ لَم يَكُن يَصدُرُ إِلّا عَن أَمرِهِ فَنَظَرَ لَيلَةً فِي النّجُومِ فَأَصبَحَ وَ هُوَ يَقُولُ لِنُمرُودَ لَقَد رَأَيتُ فِي النّجُومِ عَجَباً قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ رَأَيتُ مَولُوداً يُولَدُ فِي زَمَانِنَا يَكُونُ هَلَاكُنَا عَلَي يَدَيهِ وَ لَا يَلبَثُ إِلّا قَلِيلًا حَتّي يُحمَلَ بِهِ قَالَ فَتَعَجّبَ مِن ذَلِكَ ثُمّ قَالَ هَل حَمَلَت بِهِ النّسَاءُ بَعدُ قَالَ لَا فَحَجَبَ الرّجَالَ عَنِ النّسَاءِ وَ لَم يَدَعِ امرَأَةً إِلّا جَعَلَهَا فِي المَدِينَةِ وَ لَا يَخلُصُ إِلَيهَا بَعلُهَا قَالَ فَوَقَعَ آزَرُ عَلَي أَهلِهِ فَحَمَلَت بِإِبرَاهِيمَ فَظَنّ أَنّهُ صَاحِبُهُ فَأَرسَلَ إِلَي قَوَابِلِ ذَلِكَ الزّمَانِ وَ كُنّ أَعلَمَ النّاسِ بِالجَنِينِ وَ لَا يَكُونُ فِي الرّحِمِ شَيءٌ إِلّا عَرَفنَهُ وَ عَلِمنَ بِهِ فَنَظَرنَ فَأَلزَمَ مَا فِي الرّحِمِ الظّهرَ فَقُلنَ مَا نَرَي فِي
صفحه : 238
بَطنِهَا شَيئاً قَالَ وَ كَانَ مِمّا أوُتيَِ مِنَ العِلمِ أَنّ المَولُودَ سَيُحرَقُ بِالنّارِ وَ لَم يُؤتَ عِلماً أَنّ اللّهَ سَيُنجِيهِ مِنهَا
أقول ورويت هذاالحديث عن ابراهيم الخزاز عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع من أصل قرئ علي هارون بن موسي التلعكبري ره و قدروي هذاالحديث علي بن ابراهيم في كتاب تفسير القرآن بأبسط من هذه الرواية ورواه أيضا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في الجزء الأول من تاريخه ورواه أيضا سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب قصص الأنبياء ورواه الثعلبي في تفسيره وغيره من العلماء وممن أخبر المنجمون عن نبوته ورسالته موسي بن عمران ع و قدتضمنت كتب التواريخ وغيرها من المصنفات مايغني عن ذكر جميع الروايات فمن ذلك مارواه الثعلبي في كتاب العرائس في المجالس فقال إن فرعون رأي في منامه أن نارا قدأقبلت من بيت المقدس حتي اشتملت علي بيوت مصر فأحرقتها وأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل فدعا فرعون السحرة والكهنة والمعبرين والمنجمين وسألهم عن رؤياه فقالوا له إنه يولد في بني إسرائيل غلام يسلبك ملكك ويغلبك علي سلطانك ويخرجك وقومك من أرضك ويذل دينك و قدأظلك زمانه ألذي يولد فيه ثم ذكروا ولادة موسي ع و ماصنع فرعون في قتل ذكور الأولاد و ليس في ذكر ذلك هاهنا مايليق بالمراد وذكر حكم المنجمين بولادة موسي ع ونبوته الزمخشري في كتاب الكشاف وروي حديث دلالة النجوم علي ولادة موسي ع وهب بن منبه في الجزء الأول من كتاب المبتدإ بأبسط من رواية الثعلبي وذكر أبو جعفر بن بابويه في كتاب النبوة في باب سياقه حديث عيسي ابن مريم ع فقال ما هذالفظه وقدم عليها وفد من عظماء علماء المجوس زائرين معظمين لأمر ابنها وقالوا إنا قوم ننظر في النجوم فلما ولد
صفحه : 239
ابنك طلع بمولده نجم من نجوم الملك فنظرنا فيه فإذاملكه ملك نبوة لايزول عنه و لايفارقه حتي يرفعه إلي السماء فيجاور ربه عز و جل ماكانت الدنيا مكانها ثم يصير إلي ملك هوأطول وأبقي مما كان فيه فخرجنا من قبل المشرق حتي رفعنا إلي هذاالمكان فوجدنا النجم متطلعا عليه من فوقه فبذلك عرفنا موضعه و قدأهدينا له هدية جعلناها له قربانا لم يقرب مثله لأحد قط و ذلك أناوجدنا هذاالقربان يشبه أمره و هوالذهب والمر واللبان لأن الذهب سيد المتاع كله وكذلك ابنك هوسيد الناس ما كان حيا ولأن المر جبار الجراحات والجنون والعاهات كلها ولأن اللبان يبلغ دخانه السماء ولن يبلغها دخان شيءغيره وكذلك ابنك يرفعه الله عز و جل إلي السماء و ليس يرفع من أهل زمانه غيره
20- وَ وَجَدتُ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النّبُوّةِ،جَمعِ أَبِي القَاسِمِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ السكّوُنيِّ رَوَي عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ غَانِمٍ عَن هَنّادٍ عَن يُونُسَ عَن أَبِي إِسحَاقَ عَن صَالِحِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَسعَدَ عَنِ ابنِ مُسَيّبٍ عَن حَسّانَ بنِ ثَابِتٍ قَالَ إنِيّ وَ اللّهِ لَغُلَامٌ يَفعَاءُ ابنُ سَبعٍ أَو ثَمَانِ سِنِينَ أَعقِلُ كُلّ مَا سَمِعتُ إِذ سَمِعتُ يَهُودِيّاً وَ هُوَ عَلَي أَكَمَةِ يَثرِبَ يَصرُخُ يَا مَعشَرَ اليَهُودِ فَلَمّا اجتَمَعُوا قَالُوا وَيلَكَ مَا لَكَ قَالَ طَلَعَ نَجمُ أَحمَدَ ألّذِي يُبعَثُ بِهِ اللّيلَةَ وَ وَجَدتُ كِتَاباً عِندَنَا الآنَ اسمُهُ كِتَابُ اليَدِ الصيّنيِّ عَمِلَهُ كشينا مَلِكُ الهِندِ يَذكُرُ فِيهِ تَفصِيلَ دَلَالَةِ النّجُومِ عَلَي نُبُوّةِ نَبِيّنَا مُحَمّدٍص
صفحه : 240
أقول قدأوردنا ماذكره السيد من أمر هرقل وكسري واطلاعهما من جهة النجوم علي نبوة نبيناص في باب البشائر به و باب مولده . ثم قال و أمادلالة النجوم علي ظهور المسلمين علي ملوك الفرس فالأخبار يمكن أن يكون بهاكثيرة في التواريخ الكبيرة فمن ذلك ماذكره الطبري في تاريخه فقال و لماأمر يزدجرد رستم بالخروج من ساباط بعث إلي أخيه بنحو من الكتاب الأول زاد فيه فإن السمكة قدكدرت الماء و إن النعائم قدحبست وحسنت الزهرة فاعتدل الميزان وذهب بهرام و لاأري هؤلاء القوم إلاسيظهرون علينا وسيولون علي مايلينا و إن أشد مارأيت أن الملك قال لتسيرن إليهم أولأسيرن إليهم أنابنفسي و أناسائر إليهم قال و كان ألذي جرأ يزدجرد علي إرسال رستم غلام جابان منجم كسري و كان من أهل فرات بادقلي فأرسل إليه فقال ماتري في مسير رستم وحرب العرب فخافه علي الصدق فكذبه و كان رستم يعلم نحوا من علم ذلك المنجم فثقل عليه مسيره وخف علي الملك لماغره به و قال إني أحب أن تخبرني بشيء أراه أطمئن له إلي قولك فقال الغلام لدربا الهندي سلني مسألة فقال أيها الملك يقبل طائر فيقع علي إيوانك فيقع منه شيء في فيه هاهنا وخط دائرة فقال العبد صدق والطائر غراب و ألذي في فيه درهم وبلغ جابان أن الملك طلبه فأقبل حتي دخل عليه فسأله عما قال غلامه فحسبه فقال صدق و لم يصب هوعقعق و ألذي في فيه درهم فيقع منه علي هذاالمكان وكذب دربا ينزو الدرهم فيستقر هاهنا ودور دائرة أخري فما قاموا حتي وقع علي الشرافات عقعق فسقط منه درهم في الخط الأول فنزا فاستقر في الخط الآخر ونافر الهندي جابان حيث خطاه فأتي ببقرة نتوج فقال الهندي سخلتها غراء سوداء فقال جابان كذبت بل سوداء سفعاء فنحرت البقرة واستخرجت سخلتها فإذاذنبها أبيض فقال جابان من هاهنا أتي دربا وشجعاه علي إخراج رستم فأمضاه ثم قال الطبري مامعناه أن جابان كتب إلي من يشفق عليه من العسكر يأمره بالدخول مع العرب فيما يريدون وأخبره أن
صفحه : 241
ملك الفرس ذهب فقبل منه و كان الأمر كمااقتضاه دلالة النجوم من ظهور العرب علي الفرس .أقول ثم ذكر دلالة النجوم علي إمامة القائم ع وولادته علي ماأوردناه في باب ولادته ع .بيان قال في القاموس العقعق طائر أبلق بسواد وبياض صوته العين والقاف و قال أنتجت الفرس حان نتاجها فهي نتوج لامنتج و قال سفع الشيء أعلمه ووصمه والسفع بالضم السواد تضرب إلي الحمرة و في النهاية السفعة نوع من السواد مع لون آخر
21-الكاَفيِ، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِنَا عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَسبَاطٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ سَيَابَةَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع جُعِلتُ فِدَاكَ إِنّ النّاسَ يَقُولُونَ إِنّ النّجُومَ لَا يَحِلّ النّظَرُ فِيهَا وَ هُوَ يعُجبِنُيِ فَإِن كَانَت تُضِرّ بدِيِنيِ فَلَا حَاجَةَ لِي فِي شَيءٍ يُضِرّ بدِيِنيِ وَ إِن كَانَت لَا تُضِرّ بدِيِنيِ فَوَ اللّهِ إنِيّ لَأَشتَهِيهَا وَ أشَتهَيِ النّظَرَ فِيهَا فَقَالَ لَيسَ كَمَا يَقُولُونَ لَا تُضِرّ بِدِينِكَ ثُمّ قَالَ إِنّكُم تَنظُرُونَ فِي شَيءٍ مِنهَا كَثِيرُهُ لَا يُدرَكُ وَ قَلِيلُهُ لَا يُنتَفَعُ بِهِ تَحسُبُونَ عَلَي طَالِعِ القَمَرِ ثُمّ قَالَ أَ تدَريِ كَم بَينَ المشُترَيِ وَ الزّهَرَةِ مِن دَقِيقَةٍ قُلتُ لَا وَ اللّهِ قَالَ أَ فتَدَريِ كَم بَينَ الزّهَرَةِ وَ بَينَ القَمَرِ مِن دَقِيقَةٍ قُلتُ لَا وَ اللّهِ قَالَ أَ فتَدَريِ كَم بَينَ الشّمسِ وَ بَينَ السّكَينَةِ مِن دَقِيقَةٍ قُلتُ
صفحه : 242
لَا وَ اللّهِ مَا سَمِعتُهُ مِن أَحَدٍ مِنَ المُنَجّمِينَ قَطّ قَالَ أَ فتَدَريِ كَم بَينَ السّكَينَةِ وَ بَينَ اللّوحِ المَحفُوظِ مِن دَقِيقَةٍ قُلتُ لَا مَا سَمِعتُهُ مِن مُنَجّمٍ قَطّ قَالَ مَا بَينَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا إِلَي صَاحِبِهِ سِتّينَ أَو تِسعِينَ دَقِيقَةً شَكّ عَبدُ الرّحمَنِ ثُمّ قَالَ يَا عَبدَ الرّحمَنِ هَذَا حِسَابٌ إِذَا حَسَبَهُ الرّجُلُ وَ وَقَعَ عَلَيهِ عَرَفَ القَصَبَةَ التّيِ فِي وَسَطِ الأَجَمَةِ وَ عَدَدَ مَا عَن يَمِينِهَا وَ عَدَدَ مَا عَن يَسَارِهَا وَ عَدَدَ مَا خَلفَهَا وَ عَدَدَ مَا أَمَامَهَا حَتّي لَا يَخفَي عَلَيهِ مِن قَصَبِ الأَجَمَةِ وَاحِدَةٌ
النجوم ،بإسناده عن الكليني مثله ثم قال السيد وروي هذاالحديث أصحابنا في المصنفات والأصول
ورواه محمد بن أبي عبد الله في أماليه ورواه محمد بن يحيي أخو مقلس عن حماد بن عثمان بيان تحسبون علي طالع القمر يظهر منه أنه كان مدار أحكام هؤلاء علي حركات القمر وأوضاعه وكانوا لايلتفتون إلي أوضاع سائر الكواكب كم بين المشتري والزهرة أي بحسب الدرجات والأوضاع الحاصلة من الحركات أو بعدفلك أحدهما عن الآخر والأول أظهر و بين السكينة هواسم كوكب غيرمعروف عندالمنجمين له مدخل في الأحكام و في بعض النسخ السنبلة والأول أنسب بقوله ماسمعته من منجم
22-النّجُومُ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الكلُيَنيِّ فِي كِتَابِ تَعبِيرِ الرّؤيَا بِإِسنَادِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سام [بَسّامٍ] قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع قَومٌ يَقُولُونَ النّجُومُ أَصَحّ مِنَ الرّؤيَا وَ
صفحه : 243
ذَلِكَ كَانَت صَحِيحَةً حِينَ لَم يُرَدّ الشّمسُ عَلَي يُوشَعَ بنِ نُونٍ وَ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَلَمّا رَدّ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الشّمسَ عَلَيهِمَا ضَلّ فِيهَا عُلُومُ عُلَمَاءِ النّجُومِ
23- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلِ بنِ صَالِحٍ عَمّن أَخبَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سُئِلَ عَنِ النّجُومِ فَقَالَ مَا يَعلَمُهَا إِلّا أَهلُ بَيتٍ مِنَ العَرَبِ وَ أَهلُ بَيتٍ مِنَ الهِندِ
النّجُومُ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الكلُيَنيِّ مِثلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ أَولَادُ وصَيِّ إِدرِيسَ ع ثُمّ قَالَ وَ رَوَينَا هَذَا الحَدِيثَ بِإِسنَادِهِ إِلَي ابنِ أَبِي عُمَيرٍ مِن أَصلِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع
بيان أهل بيت من العرب أهل بيت النبي ص و لايدل علي جواز النظر فيه والعمل به بل علي خلافهما أدل لأن علم أكثر الخلق به ناقص فيكون حكمهم به قولا بغير علم
24-الكاَفيِ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ جَمِيعاً عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ الميِثمَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ خَطّابٍ الواَسطِيِّ عَن يُونُسَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن أَحمَدَ بنِ عُمَرَ الحلَبَيِّ عَن حَمّادٍ الأزَديِّ عَن هِشَامٍ الخَفّافِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع كَيفَ بَصَرُكَ بِالنّجُومِ قَالَ قُلتُ مَا خَلّفتُ بِالعِرَاقِ أَبصَرَ بِالنّجُومِ منِيّ فَقَالَ كَيفَ دَوَرَانُ الفَلَكِ عِندَكُم قَالَ فَأَخَذتُ قلَنَسوُتَيِ مِن رأَسيِ فَأَدَرتُهَا قَالَ فَقَالَ لِي إِن كَانَ الأَمرُ عَلَي مَا تَقُولُ فَمَا بَالُ بَنَاتِ نَعشٍ وَ الجدَيِ وَ الفَرقَدَينِ لَا يُرَونَ يَدُورُونَ يَوماً مِنَ الدّهرِ فِي القِبلَةِ قَالَ قُلتُ هَذَا وَ اللّهِ شَيءٌ لَا أَعرِفُهُ وَ لَا سَمِعتُ أَحَداً مِن أَهلِ الحِسَابِ يَذكُرُهُ فَقَالَ لِي كَمِ السّكَينَةُ مِنَ الزّهَرَةِ جُزءاً فِي ضَوئِهَا قَالَ قُلتُ هَذَا وَ اللّهِ نَجمٌ مَا سَمِعتُ بِهِ وَ لَا سَمِعتُ أَحَداً مِنَ النّاسِ يَذكُرُهُ قَالَ سُبحَانَ اللّهِ فَأَسقَطتُم نَجماً بِأَسرِهِ فَعَلَي مَا تَحسُبُونَ ثُمّ قَالَ فَكَمِ الزّهَرَةُ
صفحه : 244
مِنَ القَمَرِ جُزءاً فِي ضَوئِهِ قَالَ فَقُلتُ هَذَا شَيءٌ لَا يَعلَمُهُ إِلّا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ قَالَ فَكَمِ القَمَرُ جُزءاً مِنَ الشّمسِ فِي ضَوئِهَا قَالَ قُلتُ مَا أَعرِفُ هَذَا قَالَ صَدَقتَ ثُمّ قَالَ فَمَا بَالُ العَسكَرَينِ يَلتَقِيَانِ فِي هَذَا حَاسِبٌ وَ فِي هَذَا حَاسِبٌ فَيَحسُبُ هَذَا لِصَاحِبِهِ بِالظّفَرِ ثُمّ يَلتَقِيَانِ فَيَهزِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَأَينَ كَانَتِ النّجُومُ قَالَ فَقُلتُ لَا وَ اللّهِ مَا أَعلَمُ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ صَدَقتَ إِنّ أَصلَ الحِسَابِ حَقّ وَ لَكِن لَا يَعلَمُ ذَلِكَ إِلّا مَن عَلِمَ مَوَالِيدَ الخَلقِ كُلّهِم
بيان فأدرتها لعله زعم أن حركة الفلك في جميع المواضع رحوية مابال العسكرين هذادليل تام علي خطاء المنجمين فإن ملكين إذاتقابلا و كان لكل منهما منجم فإنهما يختاران لهما ساعة واحدة ويحكم كل منهما لصاحبه بالظفر مع أنه يظفر أحدهما وينهزم الآخر و ذلك لعدم إحاطتهم بارتباط النجوم بالأشخاص فإنه يمكن أن يكون لكل نجم مناسبة لشخص من الأشخاص يكون سعادته أوعلوه علامة لغلبته أويقال كما أن لتأثير الفواعل مدخلا في حدوث الحوادث فكذا لاستعداد القوابل مدخل فيه وهم علي تقدير إحاطة علمهم بالأول لم يحط علمهم بالثاني كماقاله ابن سينا وسيأتي تفصيله في قصة هاروت وماروت فقوله ع لايعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق يمكن أن يكون إشارة إلي الأول كما أن المنجمين يعتبرون طالع المولود في الأحكام أو إلي الثاني بأن يكون المراد بمواليدهم خصوصيات موادهم واستعداداتهم وقابلياتهم وأسباب ولادتهم و هذاعلم لايمكن الإحاطة به إلابالوحي أوالإلهام من الخالق الحكيم ويمكن أن يكون المراد به أن من أحاط بذلك العلم يعلم به جميع مواليد الخلق و لما لم يعلم المنجمون جميع ذلك ظهر أنهم لايحيطون به علما و علي التقادير ظاهره حقية هذاالعلم وعدم جواز النظر فيه لسائر الخلق لعدم إحاطتهم به وتضمنه القول بما لايعلم و الله يعلم
صفحه : 245
25- النّجُومُ،وَجَدتُ فِي كِتَابِ نَوَادِرِ الحِكمَةِ تَألِيفِ مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ يَحيَي بنِ عِمرَانَ بنِ عَبدِ اللّهِ القمُيّّ رَوَاهُ عَنِ الرّضَا ع قَالَ قَالَ أَبُو الحَسَنِ ع لِلحَسَنِ بنِ سَهلٍ كَيفَ حِسَابُكَ لِلنّجُومِ فَقَالَ مَا بقَيَِ مِنهَا شَيءٌ إِلّا وَ قَد تَعَلّمتُهُ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع كَم لِنُورِ الشّمسِ عَلَي نُورِ القَمَرِ فَضلُ دَرَجَةٍ وَ كَم لِنُورِ القَمَرِ عَلَي نُورِ المشُترَيِ فَضلُ دَرَجَةٍ وَ كَم لِنُورِ المشُترَيِ عَلَي نُورِ الزّهَرَةِ فَضلُ دَرَجَةٍ فَقَالَ لَا أدَريِ فَقَالَ لَيسَ فِي يَدِكَ شَيءٌ هَذَا أَيسَرُ
بيان أي هذاأيسر شيء من هذاالعلم
26- النّجُومُ،وَجَدتُ فِي كِتَابِ مَسَائِلِ الصّبّاحِ بنِ نَصرٍ الهنِديِّ لِمَولَانَا عَلِيّ بنِ مُوسَي الرّضَا ع رِوَايَةَ أَبِي العَبّاسِ بنِ نُوحٍ وَ أَبِي عَبدِ اللّهِ مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الصفّواَنيِّ مِن أَصلِ كِتَابٍ عَتِيقٍ لَنَا الآنَ رُبّمَا كَانَ قَد كُتِبَ فِي حَيَاتِهِمَا بِالإِسنَادِ المُتّصِلِ فِيهِ عَنِ الرّيّانِ بنِ الصّلتِ وَ ذَكَرَ اجتِمَاعَ العُلَمَاءِ بِحَضرَةِ المَأمُونِ وَ ظُهُورَ حُجّتِهِ ع عَلَي جَمِيعِ العُلَمَاءِ وَ حُضُورَ الصّبّاحِ بنِ نَصرٍ الهنِديِّ عِندَ مَولَانَا الرّضَا ع وَ سُؤَالَهُ عَن مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنهَا سُؤَالُهُ عَن عِلمِ النّجُومِ فَقَالَ ع مَا هَذَا لَفظُهُ هُوَ عِلمٌ فِي أَصلٍ صَحِيحٍ ذَكَرُوا أَنّ أَوّلّ مَن تَكَلّمَ فِي النّجُومِ إِدرِيسُ ع وَ كَانَ ذُو القَرنَينِ بِهَا مَاهِراً وَ أَصلُ هَذَا العِلمِ مِن عِندِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ يُقَالُ إِنّ اللّهَ بَعَثَ النّجمَ ألّذِي يُقَالُ لَهُ المشُترَيِ إِلَي الأَرضِ فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَأَتَي بَلَدَ العَجَمِ فَعَلّمَهُم فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فَلَم يَستَكمِلُوا ذَلِكَ فَأَتَي بَلَدَ الهِندِ فَعَلّمَ رَجُلًا مِنهُم فَمِن هُنَاكَ صَارَ عِلمُ النّجُومِ بِهَا وَ قَد قَالَ قَومٌ هُوَ عِلمٌ مِن عِلمِ الأَنبِيَاءِ خُصّوا بِهِ لِأَسبَابٍ شَتّي فَلَم يَستَدرِكِ المُنَجّمُونَ الدّقِيقَ مِنهَا فَشَابُوا الحَقّ بِالكَذِبِ
هذاآخر لفظ مولانا علي بن موسي الرضا ع في هذه الرواية الجليلة الإسناد و قوله ع حجة علي العباد و قوله ع ذكروا ويقال فإن عادته ع عندالتقية من المخالفين والعامة
صفحه : 246
يقول نحو هذاالكلام وتارة يقول كان أبي يقول وتارة روي عن رسول الله ص
بيان أقول يحتمل أن يكون تصحيحه ع وإثباته لعلم النجوم تقية لولوع المأمون بهذا العلم ورغبته إليه فلذا عبر ع بهذه العبارات و في أكثر الأعصار المنجمون مقربون عندالسلاطين و الناس يتقون منهم مع أنه غيرصريح في جواز التعليم والتعلم والعمل به
27- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مَالِكِ بنِ عَطِيّةَ عَن سُلَيمَانَ بنِ خَالِدٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ الحَرّ وَ البَردِ مِمّن يَكُونَانِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا أَيّوبَ إِنّ المِرّيخَ كَوكَبٌ حَارّ وَ زُحَلَ كَوكَبٌ بَارِدٌ فَإِذَا بَدَأَ المِرّيخُ فِي الِارتِفَاعِ انحَطّ زُحَلُ وَ ذَلِكَ فِي الرّبِيعِ فَلَا يَزَالَانِ كَذَلِكَ كُلّمَا ارتَفَعَ المِرّيخُ دَرَجَةً انحَطّ زُحَلُ دَرَجَةً ثَلَاثَةَ أَشهُرٍ حَتّي ينَتهَيَِ المِرّيخُ فِي الِارتِفَاعِ وَ ينَتهَيَِ زُحَلُ فِي الهُبُوطِ فَيَجلُوَ المِرّيخُ فَلِذَلِكَ يَشتَدّ الحَرّ فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الصّيفِ وَ أَوَانِ الخَرِيفِ بَدَأَ زُحَلُ فِي الِارتِفَاعِ وَ بَدَأَ المِرّيخُ فِي الهُبُوطِ فَلَا يَزَالَانِ كَذَلِكَ كُلّمَا ارتَفَعَ زُحَلُ دَرَجَةً انحَطّ المِرّيخُ دَرَجَةً حَتّي ينَتهَيَِ المِرّيخُ فِي الهُبُوطِ وَ ينَتهَيَِ زُحَلُ فِي الِارتِفَاعِ فَيَجلُوَ زُحَلُ وَ ذَلِكَ فِي أَوّلِ الشّتَاءِ وَ آخِرِ الصّيفِ فَلِذَلِكَ يَشتَدّ البَردُ وَ كُلّمَا ارتَفَعَ هَذَا هَبَطَ هَذَا وَ كُلّمَا هَبَطَ هَذَا ارتَفَعَ هَذَا فَإِذَا كَانَ فِي الصّيفِ يَومٌ بَارِدٌ فَالفِعلُ فِي ذَلِكَ لِلقَمَرِ وَ إِذَا كَانَ فِي الشّتَاءِ يَومٌ حَارّ فَالفِعلُ فِي ذَلِكَ لِلشّمسِ هَذَا تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ وَ أَنَا عَبدُ رَبّ العَالَمِينَ
صفحه : 247
بيان أشكل علي الناظرين في هذاالخبر حله من جهة أن حركتي زحل والمريخ الخاصتين غيرمتوافقتين و لامطابقتين لحركة الشمس والفصول الحاصلة منها بوجه ويخطر بالبال حل يمكن حمل الخبر عليه ليندفع الإشكال و هو أن يكون حرارة أحد الكوكبين وبرودة الآخر بالخاصية لابالكيفية من قبيل التأثيرات الناقصة التي تنسب إلي أوضاع الكواكب و يكون لكل منهما تدوير و يكون ارتفاع المريخ في تدويره إما مؤثرا ناقصا أوعلامة لزيادة الحرارة و يكون ارتفاعه عندانحطاط زحل بحركة تدويره وانحطاطه مؤثرا ناقصا أوعلامة لضعف البرودة فلذا يصير الهواء في الصيف حارا و في الشتاء بعكس ذلك و لم يدل دليل علي امتناعه كماأنهم يقولون في القمر إن قوته وارتفاعه مؤثر وعلامة لزيادة البرد والرطوبات و قدأثبتوا أفلاكا كثيرة جزئية لكل من السيارات لضبط الحركات و مع ذلك يرد عليهم ما لايمكنهم حله فلاضير في أن نثبت فلكا آخر لتصحيح الخبر المنسوب إلي الإمام ع . قوله فيجلو المريخ كذا في أكثر نسخ الكافي و هوإما من الجلاء بمعني الخروج والمفارقة عن المكان أي يأخذ في الارتفاع أو من الجلاء بمعني الوضوح والانكشاف و في بعض نسخه فيعلو في الموضعين و في كتاب النجوم فيلحق فيهما ولهما وجه قريب ولعل قوله ع و أنا عبدرب العالمين لحضور بعض الغلاة في ذلك المجلس قال ذلك ردا عليهم وقيل أول الكلام مبني علي زعم المنجمين من تأثير الكواكب ورد ذلك آخرا بقوله ع هذاتقدير العزيز العليم وحاصله أن المنجمين يعدون الشمس والمريخ حارين يابسين وزحل باردا يابسا والقمر باردا رطبا وغرضهم أن تأثيرها في السفليات كذلك وتخصيص المريخ وزحل بالذكر لكونهما من العلوية وهي أشرف عندهم والمراد بارتفاع مريخ وانحطاط زحل حسن حال الأول وسوء حال الثاني بزعمهم إذ الشمس من أول الحمل كلما ازداد ارتفاعا في الآفاق المائلة الشمالية اشتد حرارة الهواء فارتفع مانع تأثير المريخ وقوي تأثيره وضعف تأثير زحل وكذا العكس
صفحه : 248
28- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ آزَرَ أَبَا اِبرَاهِيمَ كَانَ مُنَجّماً لِنُمرُودَ وَ لَم يَكُن يَصدُرُ إِلّا عَن أَمرِهِ فَنَظَرَ لَيلَةً فِي النّجُومِ فَأَصبَحَ وَ هُوَ يَقُولُ لِنُمرُودَ لَقَد رَأَيتُ عَجَباً قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ رَأَيتُ مَولُوداً يُولَدُ فِي أَرضِنَا يَكُونُ هَلَاكُنَا عَلَي يَدَيهِ وَ لَا يَلبَثُ إِلّا قَلِيلًا حَتّي يُحمَلَ بِهِ قَالَ فَتَعَجّبَ مِن ذَلِكَ وَ قَالَ هَل حَمَلَت بِهِ النّسَاءُ قَالَ لَا قَالَ فَحَجَبَ النّسَاءَ عَنِ الرّجَالِ فَلَم يَدَعُوا امرَأَةً إِلّا جَعَلَهَا فِي المَدِينَةِ لَا يخلطن [ لَا يَخلُصُ إِلَيهَا]بَعلُهَا وَ وَقَعَ آزَرُ عَلَي أَهلِهِ وَ عَلِقَت بِإِبرَاهِيمَ ع فَظَنّ أَنّهُ صَاحِبُهُ فَأَرسَلُوا إِلَي نِسَاءٍ مِنَ القَوَابِلِ فِي ذَلِكَ الزّمَانِ لَا يَكُونُ فِي الرّحِمِ شَيءٌ إِلّا عَلِمنَ بِهِ فَنَظَرنَ فَأَلزَمَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مَا فِي الرّحِمِ الظّهرَ فَقُلنَ مَا نَرَي فِي بَطنِهَا شَيئاً وَ كَانَ فِيمَا أوُتيَِ مِنَ العِلمِ أَنّهُ سَيُحرَقُ فِي النّارِ وَ لَم يُؤتَ عِلمَ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي سَيُنجِيهِ مِنهَا الخَبَرَ
29-الكاَفيِ، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِنَا عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ المدَاَئنِيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ نَجماً فِي الفَلَكِ السّابِعِ فَخَلَقَهُ مِن مَاءٍ بَارِدٍ وَ سَائِرَ النّجُومِ السّتّةِ الجَارِيَاتِ مِن مَاءٍ حَارّ وَ هُوَ نَجمُ الأَنبِيَاءِ وَ الأَوصِيَاءِ وَ هُوَ نَجمُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع يَأمُرُ بِالخُرُوجِ مِنَ الدّنيَا وَ الزّهدِ فِيهَا وَ يَأمُرُ بِافتِرَاشِ التّرَابِ وَ تَوَسّدِ اللّبِنِ
صفحه : 249
وَ لِبَاسِ الخَشِنِ وَ أَكلِ الجَشِبِ وَ مَا خَلَقَ اللّهُ نَجماً أَقرَبَ إِلَي اللّهِ مِنهُ
بيان يدل الخبر علي أن المنجمين قدأخطئوا في طبائع الكواكب و من ينسبونه إليها و في سعدها ونحسها يأمر بالخروج من الدنيا لعل المراد أن من ينسب إليه هكذا حاله أو من كان هذاالكوكب طالع ولادته يكون كذلك أو أن المنسوبين إلي هذاالكوكب يأمرون بذلك .أقول فعلي الأول يمكن أن يقال لاتنافي بين ماذكره المنجمون و بين ماورد في الخبر لأن نحوسته بالنظر إلي أغراض أهل الدنيا و مايطلبون من عزالدنيا وفخرها وزخرفها وسعادته بالنظر إلي أغراض أهل الآخرة و مايطلبون من ترك الدنيا ولذاتها وشهواتها فتدبر
30- النّجُومُ،رَوَي مُعَاوِيَةُ بنُ حُكَيمٍ عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي الخثَعمَيِّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ النّجُومِ حَقّ هيَِ قَالَ لِي نَعَم فَقُلتُ لَهُ وَ فِي الأَرضِ مَن يَعلَمُهَا قَالَ نَعَم وَ فِي الأَرضِ مَن يَعلَمُهَا
قال السيد ورويناه بإسنادنا إلي محمد بن يحيي الخثعمي من غير كتاب معاوية بن حكيم ô‡ة
31- وَ رَوَينَا بِإِسنَادِنَا عَن مُعَاوِيَةَ بنِ حُكَيمٍ فِي كِتَابِ أَصلِهِ حَدِيثاً آخَرَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ فِي السّمَاءِ أَربَعَةُ نُجُومٍ مَا يَعلَمُهَا إِلّا أَهلُ بَيتٍ مِنَ العَرَبِ وَ أَهلُ بَيتٍ مِنَ الهِندِ يَعرِفُونَ مِنهَا نَجماً وَاحِداً فَبِذَلِكَ قَامَ حِسَابُهُم
32- المَنَاقِبُ،لِابنِ شَهرَآشُوبَ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ رَأَيتُ رَجُلًا يَسأَلُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ النّجُومِ فَلَمّا خَرَجَ مِن عِندِهِ قُلتُ لَهُ هَذَا عِلمٌ لَهُ أَصلٌ قَالَ نَعَم قُلتُ حدَثّنيِ عَنهُ قَالَ أُحَدّثُكَ عَنهُ بِالسّعدِ وَ لَا أُحَدّثُكَ بِالنّحسِ إِنّ اللّهَ جَلّ اسمُهُ فَرَضَ صَلَاةَ الفَجرِ لِأَوّلِ سَاعَةٍ فَهُوَ فَرضٌ وَ هيَِ سَعدٌ وَ فَرَضَ الظّهرَ لِسَبعِ سَاعَاتٍ وَ هُوَ فَرضٌ وَ هيَِ سَعدٌ وَ جَعَلَ العَصرَ لِتِسعِ سَاعَاتٍ وَ هُوَ فَرضٌ وَ هيَِ سَعدٌ وَ جَعَلَ المَغرِبَ لِأَوّلِ سَاعَةٍ مِنَ اللّيلِ وَ هُوَ فَرضٌ وَ هيَِ سَعدٌ وَ العَتَمَةَ لِثَلَاثِ سَاعَاتٍ وَ هُوَ فَرضٌ وَ هيَِ سَعدٌ
صفحه : 250
بيان لعل غرضه ع أن ذلك العلم له أصل لكن لاينبغي لك أن تطلب منه إلاقدر ماتعلم به أوقات الفرائض أوالمعني أن أوقات الفرائض لها سعادة لوقوع عبادة الله فيها
33- النّجُومُ،رَوَينَا بِأَسَانِيدَ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ الغضَاَئرِيِّ وَ نَقَلتُهُ مِن خَطّهِ مِنَ الجُزءِ الثاّنيِ مِن كِتَابِ الدّلَائِلِ تَألِيفِ عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ الحمِيرَيِّ بِإِسنَادِهِ عَن بَيّاعِ الساّبرِيِّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع إِنّ لِي فِي النّظرَةِ فِي النّجُومِ لَذّةً وَ هيَِ مَعِيبَةٌ عِندَ النّاسِ فَإِن كَانَ فِيهَا إِثمٌ تَرَكتُ ذَلِكَ وَ إِن لَم يَكُن فِيهَا إِثمٌ فَإِنّ لِي فِيهَا لَذّةً قَالَ فَقَالَ تَعُدّ الطّوَالِعَ قُلتُ نَعَم فَعَدَدتُهَا لَهُ فَقَالَ كَم تسَقيِ الشّمسُ القَمَرَ مِن نُورِهَا قُلتُ هَذَا شَيءٌ لَم أَسمَعهُ قَطّ وَ قَالَ وَ كَم تسَقيِ الزّهَرَةَ الشّمسُ مِن نُورِهَا قُلتُ وَ لَا هَذَا قَالَ فَكَم تُسقَي الشّمسُ مِنَ اللّوحِ المَحفُوظِ مِن نُورِهِ قُلتُ وَ هَذَا شَيءٌ مَا أَسمَعُهُ قَطّ قَالَ فَقَالَ هَذَا شَيءٌ إِذَا عَلِمَهُ الرّجُلُ عَرَفَ أَوسَطَ قَصَبَةٍ فِي الأَجَمَةِ ثُمّ قَالَ لَيسَ يَعلَمُ النّجُومَ إِلّا أَهلُ بَيتٍ مِن قُرَيشٍ وَ أَهلُ بَيتٍ مِنَ الهِندِ
34- وَ مِنهُ،وَجَدتُ فِي كِتَابٍ عَتِيقٍ اسمُهُ كِتَابُ التّجَمّلِ قَالَ أَبُو أَحمَدَ عَن حَفصِ بنِ البخَترَيِّ قَالَ ذَكَرتُ النّجُومَ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ مَا يَعلَمُهَا إِلّا أَهلُ بَيتٍ بِالهِندِ وَ أَهلُ بَيتٍ مِنَ العَرَبِ
35- وَ فِي الكِتَابِ المَذكُورِ،أَيضاً عَن مُحَمّدٍ وَ هَارُونَ ابنيَ أَبِي سَهلٍ وَ كَتَبَا إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّ أَبَانَا وَ جَدّنَا كَانَا يَنظُرَانِ فِي النّجُومِ فَهَل يَحِلّ النّظَرُ فِيهَا قَالَ نَعَم
36- وَ فِيهِ،أَيضاً أَنّهُمَا كَتَبَا إِلَيهِ نَحنُ وُلدُ بنَيِ نَوبَختَ المُنَجّمِ وَ قَد كُنّا كَتَبنَا إِلَيكَ هَل يَحِلّ النّظَرُ فِيهَا فَكَتَبتَ نَعَم وَ المُنَجّمُونَ يَختَلِفُون فِي صِفَةِ الفَلَكِ فَبَعضُهُم يَقُولُ إِنّ الفَلَكَ فِيهِ النّجُومُ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ مُعَلّقٌ بِالسّمَاءِ وَ هُوَ دُونَ السّمَاءِ وَ هُوَ ألّذِي يَدُورُ بِالنّجُومِ وَ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ السّمَاءِ فَإِنّهَا لَا تَتَحَرّكُ وَ لَا تَدُورُ وَ يَقُولُونَ دَوَرَانُ الفَلَكِ تَحتَ الأَرضِ وَ إِنّ الشّمسَ تَدُورُ مَعَ الفَلَكِ
صفحه : 251
تَحتَ الأَرضِ وَ تَغِيبُ فِي المَغرِبِ تَحتَ الأَرضِ وَ تَطلُعُ بِالغَدَاةِ مِنَ المَشرِقِ فَكَتَبَ نَعَم مَا لَم يَخرُج مِنَ التّوحِيدِ
37- وَ مِنَ الكِتَابِ المَذكُورِ، أَبُو مُحَمّدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِهِ تَعَالَيفِي يَومِ نَحسٍ مُستَمِرّ قَالَ كَانَ القَمَرُ مَنحُوساً بِزُحَلَ
بيان معلق بالسماء أي الفلك معلق بالسماء ولعل مرادهم بالسماء الفلك التاسع وبعدم حركتها أنها لاتتحرك بالحركات الخاصة للكواكب وقولهم دوران الفلك تحت الأرض يحتمل الخاصة واليومية والأعم وغرضهم أن الكواكب كماتتحرك تبعا للأفلاك فوق الأرض فكذا تتحرك تحتها وقولهم و إن الشمس تدور مع الفلك أي بالحركة اليومية هذا ماخطر بالبال في تأويله وظاهره أن الأفلاك غيرالسماوات ولعله كان ذلك مذهبا لجماعة كماذهب إليه الكراجكي حيث قال في كنز الفوائد اعلم أن الأرض علي هيئة الكرة والهواء يحيط بها من كل جهة والأفلاك تحيط بالجميع إحاطة استدارة وهي طبقات بعضها يحيط ببعض فمنها سبعة تختص بالنيرين والكواكب الخمسة التي تسمي المتحيرة فالنيران هما الشمس والقمر والخمسة هي زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد فلكل واحد منها فلك يختص به من هذه السبعة ففلك زحل أعلاها وفلك القمر أقربها من الأرض وفلك الشمس في وسطها و
صفحه : 252
تحت فلك زحل فلك المشتري ثم المريخ وفوق القمر فلك عطارد ثم فلك الزهرة ويحيط بهذه الأفلاك السبعة فلك الكواكب الثابتة وهي جميع مايري في السماء غير ماذكرنا ثم الفلك المحيط الأعظم المحرك جميع هذه الأفلاك ثم السماوات السبع تحيط بالأفلاك وهي مساكن الأملاك و من رفعه الله تعالي إلي سمائه من أنبيائه وحججه ع انتهي و هذاقول غريب لم أر به قائلا غيره ومخالفته لظاهر الآية أكثر من القول المشهور.فكتب نعم أي يحل النظر فيها ما لم يخرج من التوحيد أي ما لم ينته إلي القول بتأثير الكواكب وأنها شريكة في الخلق والتدبير للرب سبحانه والظاهر أن المراد بالنظر في النجوم هنا علم الهيئة والتفكر في كيفية دوران الكواكب والأفلاك وقدر حركاتها وأشباه ذلك لااستخراج الأحكام والإخبار عن الحوادث
36-النّجُومُ، مِن كِتَابِ نُزهَةِ الكِرَامِ وَ بُستَانِ العَوَامّ تَألِيفِ مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ السرّاَويِّ وَ هَذَا الكِتَابُ خَطّهُ بِالعَجَمِيّةِ تَكَلّفنَا مِن نَقلِهِ إِلَي العَرَبِيّةِ فَذَكَرَ فِي أَوَاخِرِ المُجَلّدِ الثاّنيِ مِنهُ مَا هَذَا لَفظُ مَن أَعرَبَهُ وَ روُيَِ أَنّ هَارُونَ الرّشِيدَ بَعَثَ إِلَي مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع فَأَحضَرَهُ فَلَمّا حَضَرَ عِندَهُ قَالَ إِنّ النّاسَ يَنسِبُونَكُم يَا بنَيِ فَاطِمَةَ إِلَي عِلمِ النّجُومِ وَ أَنّ مَعرِفَتَكُم بِهَا مَعرِفَةٌ جَيّدَةٌ وَ فُقَهَاءُ العَامّةِ يَقُولُونَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِذَا ذَكَرُوا فِي أصَحاَبيِ فَاسكُتُوا وَ إِذَا ذَكَرُوا القَدَرَ فَاسكُتُوا وَ إِذَا ذَكَرُوا النّجُومَ فَاسكُتُوا وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع كَانَ أَعلَمَ الخَلَائِقِ بِعِلمِ النّجُومِ وَ أَولَادُهُ وَ ذُرّيّتُهُ الّذِينَ تَقُولُ الشّيعَةُ بِإِمَامَتِهِم كَانُوا عَارِفِينَ بِهَا فَقَالَ لَهُ الكَاظِمُ ع هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَ إِسنَادُهُ مَطعُونٌ فِيهِ وَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَد مَدَحَ النّجُومَ وَ لَو لَا أَنّ النّجُومَ صَحِيحَةٌ مَا مَدَحَهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَ الأَنبِيَاءُ ع كَانُوا عَالِمِينَ بِهَا وَ قَد قَالَ اللّهُ تَعَالَي فِي حَقّ اِبرَاهِيمَ خَلِيلِ الرّحمَنِ ع وَ كَذلِكَ نرُيِ اِبراهِيمَ مَلَكُوتَ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ
صفحه : 253
وَ قَالَ فِي مَوضِعٍ آخَرَفَنَظَرَ نَظرَةً فِي النّجُومِ فَقالَ إنِيّ سَقِيمٌفَلَو لَم يَكُن عَالِماً بِعِلمِ النّجُومِ مَا نَظَرَ فِيهَا وَ مَا قَالَ إنِيّ سَقِيمٌ وَ إِدرِيسُ ع كَانَ أَعلَمَ أَهلِ زَمَانِهِ بِالنّجُومِ وَ اللّهُ تَعَالَي قَد أَقسَمَ بِمَوَاقِعِ النّجُومِوَ إِنّهُ لَقَسَمٌ لَو تَعلَمُونَ عَظِيمٌ وَ قَالَ فِي مَوضِعٍ آخَرَوَ النّازِعاتِ غَرقاً إِلَي قَولِهِفَالمُدَبّراتِ أَمراً وَ يعَنيِ بِذَلِكَ اثنيَ عَشَرَ بُرجاً وَ سَبعَةَ سَيّارَاتٍ وَ ألّذِي يَظهَرُ بِاللّيلِ وَ النّهَارِ بِأَمرِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ بَعدَ عِلمِ القُرآنِ مَا يَكُونُ أَشرَفَ مِن عِلمِ النّجُومِ وَ هُوَ عِلمُ الأَنبِيَاءِ وَ الأَوصِيَاءِ وَ وَرَثَةِ الأَنبِيَاءِ الّذِينَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ عَلاماتٍ وَ بِالنّجمِ هُم يَهتَدُونَ وَ نَحنُ نَعرِفُ هَذَا العِلمَ وَ مَا نَذكُرُهُ فَقَالَ لَهُ هَارُونُ بِاللّهِ عَلَيكَ يَا مُوسَي هَذَا العِلمُ لَا تُظهِرُوهُ عِندَ الجُهّالِ وَ عَوَامّ النّاسِ حَتّي لَا يُشَنّعُوا عَلَيكَ وَ نَفّسِ العَوَامّ بِهِ وَ غَطّ هَذَا العِلمَ وَ ارجِع إِلَي حَرَمِ جَدّكَ ثُمّ قَالَ لَهُ هَارُونُ وَ قَد بقَيَِ مَسأَلَةٌ أُخرَي بِاللّهِ عَلَيكَ أخَبرِنيِ بِهَا فَقَالَ لَهُ سَل فَقَالَ لَهُ بِحَقّ القَبرِ وَ المِنبَرِ وَ بِحَقّ قَرَابَتِكَ مِن رَسُولِ اللّهِص أخَبرِنيِ أَنتَ تَمُوتُ قبَليِ أَو أَنَا أَمُوتُ قَبلَكَ لِأَنّكَ تَعرِفُ هَذَا مِن عِلمِ النّجُومِ فَقَالَ لَهُ مُوسَي ع آمنِيّ حَتّي أُخبِرَكَ فَقَالَ لَكَ الأَمَانُ فَقَالَ أَنَا أَمُوتُ قَبلَكَ وَ مَا كَذَبتُ وَ لَا أَكذِبُ وَ وفَاَتيِ قَرِيبٌ
أقول تمامه في أبواب تاريخ موسي ع
37- وَ مِنهُ، قَالَ وَجَدتُ فِي كِتَابٍ عَتِيقٍ بِإِسنَادٍ مُتّصِلٍ إِلَي الوَلِيدِ بنِ جُمَيعٍ قَالَ إِنّ رَجُلًا سَأَلَهُ عِكرِمَةُ عَن حِسَابِ النّجُومِ فَجَعَلَ الرّجُلُ يَتَحَرّجُ أَن يُخبِرَهُ قَالَ عِكرِمَةُ سَمِعتُ ابنَ عَبّاسٍ يَقُولُ عِلمٌ عَجَزَ النّاسُ عَنهُ وَدِدتُ أنَيّ عَلِمتُهُ
38- وَ مِنهُ،نَقلًا مِن كِتَابِ رَبِيعِ الأَبرَارِ للِزمّخَشرَيِّ عَنِ الوَلِيدِ بنِ جُمَيعٍ قَالَ رَأَيتُ عِكرِمَةَ سَأَلَ رَجُلًا عَن عِلمِ النّجُومِ وَ الرّجُلُ يَتَحَرّجُ أَن يُخبِرَهُ فَقَالَ لَهُ عِكرَمَةُ سَمِعتُ ابنَ عَبّاسٍ يَقُولُ عِلمٌ عَجَزَ النّاسُ عَنهُ وَ لَوَدِدتُ أنَيّ عَلِمتُهُ
صفحه : 254
39- وَ أَيضاً فِيهِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ عِلمٌ مِن عِلمِ النّبُوّةِ وَ ليَتنَيِ كُنتُ أُحسِنُهُ
40- وَ مِنهُ، قَالَ رَوَيتُ عَن مُحَمّدِ بنِ النّجّارِ فِي المُجَلّدِ الحاَديِ وَ العِشرِينَ مِن تَذيِيلِهِ عَلَي تَارِيخِ الخَطِيبِ فِي تَرجَمَةِ عَلِيّ بنِ طِرَادٍ بِإِسنَادِهِ إِلَي عِكرِمَةَ قَالَ قِيلَ لِابنِ عَبّاسٍ إِنّ هَاهُنَا رَجُلًا يَهُودِيّاً يَتَكَهّنُ قَالَ فَبَعَثَ إِلَيهِ ابنُ عَبّاسٍ فَجَاءَ فَقَالَ يَا يهَوُديِّ بلَغَنَيِ أَنّكَ تُخبِرُ بِالغَيبِ فَقَالَ اليهَوُديِّ أَمّا الغَيبُ فَلَا يَعلَمُ إِلّا اللّهُ وَ لَكِن إِن شِئتَ أَخبَرتُكَ قَالَ هَاتِ قَالَ أَ لَكَ ابنُ عَشرِ سِنِينَ يَختَلِفُ إِلَي الكُتّابِ قَالَ نَعَم قَالَ فَإِنّهُ يأَتيِ غَداً مَحمُوماً مِنَ الكُتّابِ وَ يَمُوتُ يَومَ عَاشِرِهِ وَ أَمّا أَنتَ فَلَا تَخرُجُ مِنَ الدّنيَا حَتّي يَذهَبَ بَصَرُكَ قَالَ هَذَا أخَبرَتنَيِ عَنِ ابنيِ وَ عَن نفَسيِ فأَخَبرِنيِ عَن نَفسِكَ قَالَ أَمُوتُ رَأسَ السّنَةِ قَالَ عِكرِمَةُ فَجَاءَ ابنُ ابنِ عَبّاسٍ مِنَ الكُتّابِ مَحمُوماً وَ مَاتَ يَومَ عَاشِرِهِ فَلَمّا كَانَ رَأسُ السّنَةِ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ يَا عِكرِمَةُ انظُر مَا فَعَلَ اليهَوُديِّ فَأَتَيتُ أَهلَهُ فَقَالُوا مَاتَ أَمسِ فَمَا خَرَجَ ابنُ عَبّاسٍ مِنَ الدّنيَا حَتّي ذَهَبَ بَصَرُهُ
بيان الكتاب بضم الكاف وتشديد التاء الكتبة ويطلق علي المكتب تسمية للمحل باسم الحال
41- النّجُومُ،نَقلًا مِن كِتَابِ رَبِيعِ الأَبرَارِ عَن عَلِيّ ع مَنِ اقتَبَسَ عِلماً مِن عِلمِ النّجُومِ مِن حَمَلَةِ القُرآنِ ازدَادَ بِهِ إِيمَاناً وَ يَقِيناً ثُمّ تَلَاإِنّ فِي اختِلافِ اللّيلِ وَ النّهارِ
42- وَ قَالَ فِيهِ أَيضاً، عَن مَيمُونِ بنِ مِهرَانَ إِيّاكُم وَ التّكذِيبَ بِالنّجُومِ فَإِنّهُ عِلمٌ مِن عُلُومِ النّبُوّةِ
وَ فِيهِ أَيضاً عَن عَلِيّ ع يُكرَهُ أَن يُسَافِرَ الرّجُلُ أَو يَتَزَوّجَ فِي مُحَاقِ الشّهرِ وَ إِذَا كَانَ القَمَرُ فِي العَقرَبِ
43- وَ ذَكَرَ الخَطِيبُ فِي تَارِيخِ بَغدَادَ،حَدِيثاً أَسنَدَهُ إِلَي تَمِيمِ بنِ الحَارِثِ
صفحه : 255
عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ ع أَنّهُ يُكرَهُ أَن يَتَزَوّجَ الرّجُلُ أَو يُسَافِرَ إِذَا كَانَ القَمَرُ فِي مُحَاقِ الشّهرِ أَوِ العَقرَبِ
44- وَ فِي كِتَابِ رَبِيعِ الأَبرَارِ،فِيمَا رَوَاهُ عَن مَولَانَا عَلِيّ ع وَ يُروَي أَنّ رَجُلًا قَالَ إنِيّ أُرِيدُ الخُرُوجَ فِي تِجَارَةٍ لِي وَ ذَلِكَ فِي مُحَاقِ الشّهرِ فَقَالَ أَ تُرِيدُ أَن يَمحَقَ اللّهُ تِجَارَتَكَ تَستَقبِلُ هِلَالَ الشّهرِ بِالخُرُوجِ
45- وَ فِيهِ أَيضاً، كَانَ عُلَمَاءُ بنَيِ إِسرَائِيلَ يَستُرُونَ مِنَ العُلُومِ عِلمَينِ عِلمَ النّجُومِ وَ عِلمَ الطّبّ فَلَا يُعَلّمُونَهُمَا أَولَادَهُم لِحَاجَةِ المُلُوكِ إِلَيهِمَا لِئَلّا يَكُونَ سَبَباً فِي صُحبَةِ المُلُوكِ وَ الدّنُوّ مِنهُم فَيَضمَحِلّ دِينُهُم
46- وَ مِنهُ،رَوَي عَبدُ اللّهِ بنُ الصّلتِ فِي كِتَابِ التّوَاقِيعِ مِن أُصُولِ الأَخبَارِ قَالَحَمَلتُ الكِتَابَ وَ هُوَ ألّذِي نَقَلتُهُ مِنَ العِرَاقِ قَالَ كَتَبَ معقلة[مَصقَلَةُ] بنُ إِسحَاقَ إِلَي عَلِيّ بنِ جَعفَرٍ رُقعَةً يُعلِمُهُ فِيهَا أَنّ المُنَجّمَ كَتَبَ مِيلَادَهُ وَ وَقّتَ عُمُرَهُ وَقتاً وَ قَد قَارَبَ ذَلِكَ الوَقتَ وَ خَافَ عَلَي نَفسِهِ فَأَحَبّ أَن يَسأَلَهُ أَن يَدُلّهُ عَلَي عَمَلٍ يَعمَلُهُ يَتَقَرّبُ بِهِ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَأَوصَلَ عَلِيّ بنُ جَعفَرٍ رُقعَةً بِعَينِهَا كَتَبَهَا فَكَتَبَ إِلَيهِبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِمتَعّنَيَِ اللّهُ بِكَ قَرَأتُ رُقعَةَ فُلَانٍ فأَصَاَبنَيِ وَ اللّهِ مَا أخَرجَنَيِ إِلَي بَعضِ لَائِمَتِكَ سُبحَانَ اللّهِ أَنتَ تَعلَمُ حَالَهُ مِنّا حَقّاً وَ مِن طَاعَتِنَا وَ أُمُورِنَا فَمَا مَنَعَكَ مِن نَقلِ الخَبَرِ إِلَينَا لِنَستَقبِلَ الأَمرَ بِبَعضِ السّهُولَةِ أَو جَعَلتَهُ أَنّهُ رَأَي رُؤيَا فِي مَنَامِهِ أَوَ بَلَغَ سِنّ إِلَيهِ أَو أَنكَرَ شَيئاً مِن نَفسِهِ كَانَ يُدرِكُ بِهَا حَاجَتَهُ وَ كَانَ الأَمرُ يَخِفّ وُقُوعُهُ وَ يَسهُلُ خَطبُهُ وَ يَحتَسِبُ هَذِهِ الأُمُورَ عِندَ اللّهِ بِالأَمسِ نَذكُرُهُ فِي اللّفظَةِ بِأَن لَيسَ أَحَدٌ يَصلُحُ لَهَا غَيرُهُ وَ اعتِمَادُنَا عَلَيهِ عَلَي مَا تَعلَمُ نَحمَدُ اللّهَ كَثِيراً وَ نَسأَلُهُ الِاستِمتَاعَ بِنِعمَتِهِ وَ بِأَصلَحِ الموَاَليِ وَ أَحسَنِ الأَعوَانِ عَوناً وَ بِرَحمَتِهِ وَ مَغفِرَتِهِ مُر فُلَاناً لَا فَجَعَنَا اللّهُ بِهِ بِمَا يَقدِرُ عَلَيهِ مِنَ الصّيَامِ عَلَي
صفحه : 256
مَا أَصِفُ إِمّا كُلّ يَومٍ أَو يَوماً وَ يَوماً لَا أَو ثَلَاثَةً فِي الشّهرِ وَ لَا يَخلُو كُلّ يَومٍ أَو يَومَينِ مِن صَدَقَةٍ عَلَي سِتّينَ مِسكِيناً أَو مَا يُحَرّكُهُ عَلَيهِ النّيّةُ وَ مَا جَرَي وَ تَمّ وَ يَستَعمِلُ نَفسَهُ فِي صَلَاةِ اللّيلِ وَ النّهَارِ استِعمَالًا شَدِيداً وَ كَذَلِكَ فِي الِاستِغفَارِ وَ قِرَاءَةِ القُرآنِ وَ ذِكرِ اللّهِ تَعَالَي وَ الِاعتِرَافِ فِي القُنُوتِ بِذُنُوبِهِ وَ يَستَغفِرُ اللّهَ مِنهَا وَ يَجعَلُ أَبوَاباً فِي الصّدَقَةِ وَ العِتقِ عَن أَشيَاءَ يَسِمُهَا مِن ذُنُوبِهِ وَ يُخلِصُ نِيّتَهُ فِي اعتِقَادِ الحَقّ وَ يَصِلُ رَحِمَهُ وَ يَنشُرُ الخَيرَ فِيهَا وَ نَرجُو أَن يَنفَعَهُ مَكَانُهُ مِنّا وَ مَا وَهَبَ اللّهُ مِن رِضَانَا عَنهُ وَ حَمدِنَا إِيّاهُ فَلَقَد وَ اللّهِ ساَءنَيِ أَمرُهُ فَوقَ مَا أَصِفُ عَلَي أَنّهُ أَرجُو أَن يَزِيدَ اللّهُ فِي عُمُرِهِ وَ يُبطِلَ قَولَ المُنَجّمِ فَمَا أَطلَعَهُ اللّهُ عَلَي الغَيبِ وَ الحَمدُ لِلّهِ
و قدرأيت هذاالحديث في كتاب التوقيعات لعبد الله بن جعفرالحميري ره قدرواه عن أحمد بن محمد بن عيسي بإسناده إلي الكاظم ع .بيان النسخة كانت في هذه الرواية سقيمة جدا و لم نجدها في مكان آخر نصلحها به فتركناها كماكانت
47-النّجُومُ،رَوَي مُحَمّدُ بنُ خَالِدٍ البرَقيِّ فِي قِصَصِ الأَنبِيَاءِ فَقَالَ مَا هَذَا لَفظُهُ عَبدُ اللّهِ بنُ سِنَانٍ عَن عَمّارِ بنِ أَبِي مُعَاوِيَةَ قَالَ وَ فُتِحَت مَدَائِنُ الشّامِ عَلَي يَدِ يُوشَعَ بنِ نُونٍ حَتّي انتَهَي إِلَي البَلقَاءِ فَلَقُوا بِهَا رَجُلًا يُقَالُ لَهُ بَالِقٌ بِهِ سُمّيَتِ البَلقَاءُ فَجَعَلُوا يَخرُجُونَ يُقَاتِلُونَهُ لَا يُقتَلُ مِنهُم رَجُلٌ فَسَأَلَ ذَلِكَ فَقِيلَ إِنّ فِي مَدِينَتِهِ امرَأَةً مُنَجّمَةً تَستَقبِلُ الشّمسَ بِفَرجِهَا ثُمّ تَحسُبُ ثُمّ يُعرَضُ عَلَيهَا الخَيلُ فَلَا يَخرُجُ يَومَئِذٍ رَجُلٌ حَضَرَ أَجَلُهُ فَصَلّي يُوشَعُ بنُ نُونٍ رَكعَتَينِ وَ دَعَا رَبّهُ أَن يُؤَخّرَ الشّمسَ فَاضطَرَبَ عَلَيهَا الحِسَابُ فَقَالَت لِبَالِقٍ انظُر مَا يَعرِضُونَ عَلَيكَ فَأَعطِهِم فَإِنّ حسِاَبيِ قَدِ اختَلَطَ عَلَيّ قَالَ فتَصَفَحّيِ الخَيلَ فأَخَرجِيِ فَإِنّهُ
صفحه : 257
لَا يَكُونُ إِلّا بِقِتَالٍ قَالَ فَتَصَفّحَت وَ أَخرَجَت فَقَتَلُوا قَتلًا لَم يَقتُلهُ قَومٌ فَسَأَلُوا يُوشَعَ الصّلحَ فَأَبَي حَتّي يَدفَعَ إِلَيهِ المَرأَةَ فَأَبَي بَالِقٌ أَن يَدفَعَهَا فَقَالَت ادفعَنيِ إِلَيهِ فَصَالَحَهَا وَ دَفَعَهَا إِلَيهِ فَقَالَت هَل تَجِدُ فِيمَا أوُحيَِ إِلَي صَاحِبِكَ قَتلَ النّسَاءِ قَالَ لَا قَالَت أَ لَيسَ إِنّمَا تدَعوُنيِ إِلَي دِينِكَ قَالَ بَلَي قَالَت فإَنِيّ قَد دَخَلتُ فِي دِينِكَ هَذَا آخِرُ لَفظِهِ فِي حَدِيثِهِ
بيان تستقبل الشمس بفرجها أي تواجهها لتعلم مقدار حركتها و هذه العبارة شائعة وقعت في مواضع منها ماورد فيما يتشأم به المسافر والمرأة الشمطاء تلقي فرجها أي تواجهها
48- نَوَادِرُ الراّونَديِّ،بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ كَانَت أَرضٌ بيَنيِ وَ بَينَ رَجُلٍ فَأَرَادَ قِسمَتَهَا وَ كَانَ الرّجُلُ صَاحِبَ نُجُومٍ فَنَظَرَ إِلَي السّاعَةِ التّيِ فِيهَا السّعُودُ فَخَرَجَ فِيهَا وَ نَظَرَ إِلَي السّاعَةِ التّيِ فِيهَا النّحُوسُ فَبَعَثَ إِلَي أَبِي فَلَمّا اقتَسَمَا الأَرضَ خَرَجَ خَيرُ السّهمَينِ لأِبَيِ فَجَعَلَ صَاحِبُ النّجُومِ يَتَعَجّبُ فَقَالَ لَهُ أَبِي مَا لَكَ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ فَقَالَ لَهُ أَبِي فَهَلّا أَدُلّكَ عَلَي خَيرٍ مِمّا صَنَعتَ إِذَا أَصبَحتَ فَتَصَدّق بِصَدَقَةٍ تُذهِب عَنكَ نَحسَ ذَلِكَ اليَومِ وَ إِذَا أَمسَيتَ فَتَصَدّق بِصَدَقَةٍ تُذهِب عَنكَ نَحسَ تِلكَ اللّيلَةِ
49- دَعَوَاتُ الراّونَديِّ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَت أَرضٌ بَينَ أَبِي وَ بَينَ رَجُلٍ فَأَرَادَ قِسمَتَهَا وَ ذَكَرَ نَحوَهُ وَ قَالَ ع فِي عِلمِ النّجُومِ عِندَنَا مَعرِفَةُ المُؤمِنِ مِنَ الكَافِرِ
بيان لعله ع قال ذلك عندذكر علم النجوم لبيان إحاطة علمه بما يدعيه المنجمون وبغيره لا أنه ع كان يعرف ذلك من النجوم مع أنه يحمل ذلك أيضا لبيان قصور علمهم وعدم إحاطتهم به فإنهم لايدعون علم أمثال ذلك من جهة النجوم
50-الإِحتِجَاجُ، وَ النّهجُ،[نهج البلاغة] مِن كَلَامٍ لَهُقَالَهُ لِبَعضِ أَصحَابِهِ لَمّا عَزَمَ عَلَي
صفحه : 258
المَسِيرِ إِلَي الخَوَارِجِ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِن سِرتَ فِي هَذَا الوَقتِ خَشِيتُ أَن لَا تَظفَرَ بِمُرَادِكَ مِن طَرِيقِ عِلمِ النّجُومِ فَقَالَ ع أَ تَزعُمُ أَنّكَ تهَديِ إِلَي السّاعَةِ التّيِ مَن سَارَ فِيهَا صُرِفَ عَنهُ السّوءُ وَ تُخَوّفُ[ مِنَ]السّاعَةِ التّيِ مَن سَارَ فِيهَا حَاقَ بِهِ الضّرّ فَمَن صَدّقَكَ بِهَذَا فَقَد كَذّبَ القُرآنَ وَ استَغنَي عَنِ الِاستِعَانَةِ بِاللّهِ تَعَالَي فِي نَيلِ المَحبُوبِ وَ دَفعِ المَكرُوهِ وَ تبَتغَيِ فِي قَولِكَ لِلعَامِلِ بِأَمرِكَ أَن يُولِيَكَ الحَمدَ دُونَ رَبّهِ لِأَنّكَ بِزَعمِكَ أَنتَ هَدَيتَهُ إِلَي السّاعَةِ التّيِ نَالَ فِيهَا النّفعَ وَ أَمِنَ فِيهَا الضّرّ ثُمّ أَقبَلَ ع عَلَي النّاسِ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِيّاكُم وَ تَعَلّمَ النّجُومِ إِلّا مَا يُهتَدَي بِهِ فِي بَرّ أَو بَحرٍ فَإِنّهَا تَدعُو إِلَي الكِهَانَةِ المُنَجّمُ كَالكَاهِنِ وَ الكَاهِنُ كَالسّاحِرِ وَ السّاحِرُ كَالكَافِرِ وَ الكَافِرُ فِي النّارِ سِيرُوا عَلَي اسمِ اللّهِ وَ عَونِهِ
بيان فمن صدقك بهذا كأنه أسقط السيد من الرواية شيئا كما هودأبه و قدمر تمامه و علي ماتقدم هذاإشارة إلي علم ما في بطن الدابة و إن لم يكن سقط هنا شيءفيحتمل أن يكون إشارة إلي دعواه علم الساعتين المنافي لقوله عز و جل وَ ما تدَريِ نَفسٌ ما ذا تَكسِبُ غَداً ولقوله سبحانه قُل لا يَعلَمُ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ الغَيبَ إِلّا اللّهُ و قوله جل وعلاوَ عِندَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعلَمُها إِلّا هُوَ و ماأفاد مثل هذاالمعني ويمكن حمل الكلام علي وجه آخر و هو أن قول المنجم بأن صرف السوء ونزول الضر تابع للساعة سواء قال بأن الأوضاع العلوية مؤثرة تامة في السفليات و لايجوز تخلف الآثار عنها أو قال
صفحه : 259
بأنها مؤثرات ناقصة ولكن باقي المؤثرات أمور لايتطرق إليها التغير أو قال بأنها علامات تدل علي وقوع الحوادث حتما فهو مخالف لماثبت من الدين من أنه سبحانه يمحو مايشاء ويثبت و أنه يقبض ويبسط ويفعل مايشاء ويحكم مايريد و لم يفرغ من الأمر و هو تعالي كل يوم في شأن والظاهر من أحوال المنجمين السابقين وكلماتهم جلهم بل كلهم أنهم لايقولون بالتخلف وقوعا أوإمكانا فيكون تصديقهم مخالفا لتصديق القرآن و ماعلم من الدين والإيمان من هذاالوجه و لو كان منهم من يقول بجواز التخلف ووقوعه بقدرة الله واختياره و أنه تزول نحوسة الساعات بالتوكل والدعاء والتوسل والتصدق وينقلب السعد نحسا والنحس سعدا وبأن الحوادث لايعلم وقوعها إلا إذاعلم أن الله سبحانه لم تتعلق حكمته بتبديل أحكامها كان كلامه ع مخصوصا بمن لم يكن كذلك فالمراد بقوله صرف عنه السوء وحاق به الضر أي حتما قوله ع في قولك أي علي قولك أوبسبب قولك أوهي للظرفية المجازية إلا مايهتدي به إشارة إلي قوله سبحانه وَ هُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ النّجُومَ لِتَهتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ البَرّ وَ البَحرِ. والكهانة بالفتح مصدر قولك كهن بالضم أي صار كاهنا ويقال كهن يكهن كهانة مثل كتب يكتب كتابة إذاتكهن والحرفة الكهانة بالكسر وهي عمل يوجب طاعة بعض الجان له بحيث يأتيه بالأخبار الغائبة و هوقريب من السحر قيل قد كان في العرب كهنة كشق وسطيح وغيرهما فمنهم من يزعم أن له تابعا من الجن ورئيا يلقي إليه الأخبار ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها علي مواقعها من كلام من يسأله أوفعله أوحاله و هذايخصونه باسم العراف كالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما ودعوة علم النجوم إلي الكهانة إما لأنه ينجر أمر المنجم إلي الرغبة في تعلم الكهانة والتكسب به أوادعاء مايدعيه الكاهن والسحر قيل
صفحه : 260
هوكلام أوكتابة أورقية أوأقسام وعزائم ونحوها يحدث بسببها ضرر علي الغير و منه عقد الرجل عن زوجته وإلقاء البغضاء بين الناس و منه استخدام الملائكة والجن واستنزال الشياطين في كشف الغائبات وعلاج المصاب واستحضارهم وتلبسهم ببدن صبي أوامرأة وكشف الغائب علي لسانه انتهي والظاهر أنه لايختص بالضرر وسيأتي بعض تحقيقه في باب هاروت وماروت وتمام تحقيقه في باب الكبائر ووجه الشبه في تشبيه المنجم بالكاهن إما الاشتراك في الإخبار عن الغائبات أو في الكذب والإخبار بالظن والتخمين والاستناد إلي الأمارات الضعيفة والمناسبات السخيفة أو في العدول والانحراف عن سبيل الحق والتمسك في نيل المطالب ودرك المآرب بأسباب خارجة عن حدود الشريعة وصدهم عن التوسل إلي الله تعالي بالدعاء والصدقة وسائر أصناف الطاعة أو في البعد عن المغفرة والرحمة ويجري بعض هذه الوجوه في التشبيهين الأخيرين والمشبه به في التشبيهات أقوي ونتيجة الجميع دخول النار ويمكن أن يكون قوله والكافر في النار إشارة إلي وجه الشبه و إن كان بعيدا والمراد إما الخلود أوالدخول والأخير أظهر و إن كان تحققه في الكافر في ضمن الخلود. و قال ابن ميثم ره في شرح هذاالكلام منه ع اعلم أن ألذي يلوح من سر نهي الحكمة النبوية عن تعلم النجوم أمران أحدهما اشتغال متعلميها بها واعتماد كثير من الخلق السامعين لأحكامها فيما يرجون ويخافون عليه فيما يسنده إلي الكواكب والأوقات والاشتغال بالفزع إليه و إلي ملاحظة الكواكب عن الفزع إلي الله تعالي والغفلة عن الرجوع إليه فيما يهم من الأحوال و قدعلمت أن ذلك يضاد مطلوب الشارع إذ كان غرضه ليس إلادوام التفات الخلق إلي الله وتذكرهم لمعبودهم بدوام حاجتهم إليه الثاني أن الأحكام النجومية إخبارات عن أمور وهي تشبه الاطلاع علي الأمور الغيبية وأكثر الخلق من
صفحه : 261
العوام أوالنساء والصبيان لايميزون بينها و بين علم الغيب والإخبار به فكان تعلم تلك الأحكام والحكم بهاسببا لضلال كثير من الخلق وموهنا لاعتقاداتهم في المعجزات إذ الإخبار عن الكائنات منها وكذا في عظمة بارئهم ويشككهم في عموم صدق قوله تعالي قُل لا يَعلَمُ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ الغَيبَ إِلّا اللّهُوَ عِندَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعلَمُها إِلّا هُوَ و قوله إِنّ اللّهَ عِندَهُ عِلمُ السّاعَةِالآية فالمنجم إذاحكم لنفسه بأنه يصيب كذا فقد ادعي أن نفسه تعلم ماتكسب غدا وبأي أرض تموت و ذلك عين التكذيب للقرآن و كان هذين الوجهين هما المقتضيان لتحريم الكهانة والسحر والعزائم ونحوها و أمامطابقة لسان الشريعة للعقل في تكذيب هذه الأحكام فبيانها أن أهل النظر إما متكلمون فإما معتزلة أوأشعرية أماالمعتزلة فاعتمادهم في تكذيب المنجم علي أحد الأمرين أحدهما أن الشريعة كذبته وعندهم أن كل حكم شرعي فيشتمل علي وجه عقلي و إن لم يعلم عين ذلك الوجه والثاني مناقشة في ضبطه لأسباب ماأخبر عنه من كون أوفساد و أماالأشعرية فهم و إن قالوا لامؤثر في الوجود إلا الله تعالي وزعم بعضهم أنهم خلصوا بذلك من إسناد التأثيرات إلي الكواكب إلا أنه لامانع علي مذهبهم أن يجعل الله تعالي اتصال نجم بنجم أوحركته علامة علي كون كائن أوفساده و ذلك مما لايبطل علي المنجم قاعدة فيرجعون أيضا إلي بيان عدم إحاطته بأسباب كون ماأخبر عنه ومناقشته في ذلك و أماالحكماء فاعلم أنه قدثبت في أصولهم أن كل كائن فاسد في هذاالعالم فلابد له من أسباب أربعة فاعلي ومادي وصوري وغائي أماالسبب الفاعلي القريب فالحركات السماوية و ألذي هوأسبق منها فالمحرك لها إلي أن ينتهي إلي الجود الإلهي المعطي لكل قابل مايستحقه و أماسببه المادي فهو القابل لصورته وتنتهي القوابل إلي
صفحه : 262
القابل الأول و هومادة العناصر المشتركة بينها و أماالصوري فصورته التي تقبلها مادته و أماالغائي فهي التي لأجلها وجد أماالحركات السماوية فإن من الكائنات مايحتاج في كونه إلي دورة واحدة للفلك ومنها مايحتاج إلي بعض دورة ومنها مايحتاج إلي جملة من أدواره واتصالاته و أماالقوابل للكائنات فقد تقرر عندهم أيضا أن قبولها لكل كائن معين مشروط باستعداد معين له و ذلك الاستعداد يكون بحصول صورة سابقة عليه وهكذا قبل كل صورة صورة معدة لحصول الصورة بعدها و كل صورة منها أيضا يستند إلي الاتصالات والحركات الفلكية ولكل استعداد معين زمان معين وحركة معينة واتصال معين يخصه لايفي بدركها القوة البشرية إذاعرفت ذلك فنقول الأحكام النجومية إما أن تكون جزئية أوكلية أماالجزئية فأن يحكم مثلا بأن هذاالإنسان يكون من حاله كذا وكذا وظاهر أن مثل هذاالحكم لاسبيل له إلي معرفته إذ العلم به إنما هو من جهة أسبابه أماالفاعلية فأن يعلم أن الدورة المعينة أوالاتصال المعين سبب لملك هذا الرجل البلد المعين مثلا و أنه لاسبب فاعلي لذلك إلا هو والأول باطل لجواز أن يكون السبب غير ذلك الاتصال أو هو مع غيره أقصي ما في الباب أن يقال إنما كانت هذه الدورة و هذاالاتصال سببا لهذا الكائن لأنها كانت سببا لمثله في الوقت الفلاني لكن هذاأيضا باطل لأن كونها سببا للكائن السابق لايجب أن يكون لكونها مطلقا دورة واتصالا بل لعله أن يكون لخصوصية كونها تلك المعينة التي لاتعود بعينها فيما بعد وحينئذ لايمكن الاستدلال بحصولها علي كون حادث لأن المؤثرات المختلفة لايجب تشابه آثارها والثاني أيضا باطل لأن العقل يجزم بأنه لااطلاع له علي أنه لامقتضي لذلك الكائن من الأسباب الفاعلة إلاالاتصال المعين وكيف و قدثبت أن من الكائنات مايفتقر إلي أكثر من اتصال واحد ودورة واحدة أوأقل و أماالقابلية فأن يعلم أن المادة قداستعدت لقبول مثل هذاالكائن واستجمعت جميع شرائط قبوله الزمانية والمكانية والسماوية والأرضية وظاهر أن الإحاطة بذلك غيرممكنة للإنسان .
صفحه : 263
و أماأحكامهم الكلية فكان كمايقال كلما حصلت الدورة الفلانية كان كذا فالمنجم إنما يحكم بذلك الحكم عن جزئيات من الدورات تشابهت آثارها فظنها متكررة ولذلك يعدلون إذاحقق القول عليهم إلي دعوي التجربة و قدعلمت أن التجربة تعود إلي تكرر مشاهدات يضبطها الحس والعقل يحصل منها حكما كليا كحكمه بأن كل نار محرقة فإنه لماأمكن للعقل استثبات الإحراق بواسطة الحس أمكنه الجزم الكلي بذلك فأما التشكلات الفلكية والاتصالات الكوكبية المقتضية لكون ما يكون فليس شيءمنها يعود بعينه كماعلمت و إن جاز أن يكون تشكلات وعودات متقاربة الأحوال ومتشابهة إلا أنه لايمكن للإنسان ضبطها و لاالاطلاع علي مقدار مابينها من المشابهة والتفاوت و ذلك أن حساب المنجم مبني علي قسمة الزمان بالشهور والأيام والساعات والدرج والدقائق وأجزائها وتقسيم الحركة بإزائها ورفع بينهما نسبة عددية و كل هذه أمور غيرحقيقية وإنما تؤخذ علي سبيل التقريب أقصي ما في الباب أن التفاوت فيها لايظهر في المدد المتقاربة لكنه يشبه أن يظهر في المدد المتباعدة و مع ظهور التفاوت في الأسباب كيف يمكن دعوي التجربة وحصول العلم الكلي الثابت ألذي لايتغير باستمرار أثرها علي وتيرة واحدة ثم لوسلمنا أنه لايظهر تفاوت أصلا إلا أن العلم بعود تلك الدورة لايقتضي بمجرده العلم بعود الأثر السابق لتوقف العلم بذلك علي عود أمثال الأسباب الباقية للأثر السابق من الاستعداد وسائر أسبابه العلوية والسفلية و علي ضبطها فإن العلم التجربي إنما يحصل بعدحصرها ليعلم عودها وتكررها و كل ذلك مما لاسبيل للقوة البشرية إلي ضبطه فكيف يمكن دعوي التجربة. ثم قال واعلم أن ألذي ذكرناه ليس إلابيان أن الأصول التي يبني عليها الأحكاميون أحكامهم و مايخبرون به في المستقبل أصول غيرموثوق بها فلايجوز الاعتماد عليها في تلك الأحكام والجزم بها و هذا لاينافي كون تلك القواعد ممهدة بالتقريب كقسمة الزمان وحركة الفلك والسنة والشهر واليوم مأخوذا عنها
صفحه : 264
حساب يبني عليه مصالح إما دينية كمعرفة أوقات العبادات كالصوم والحج ونحوهما أودنيوية كآجال المدائنات وسائر المعاملات وكمعرفة الفصول الأربعة ليعمل في كل منها مايليق به من الحراثة والسفر وأسباب المعاش وكذلك معرفة قوانين تقريبية من أوضاع الكواكب وحركاتها يهتدي بقصدها و علي سمتها المسافرون في بر أوبحر فإن ذلك القدر منها غيرمحرم بل لعله من الأمور المستحبة لخلو المصالح المذكورة فيه عن وجوه المفاسد التي تشتمل عليها الأحكام كماسبق ولذلك امتن الله تعالي علي عباده بخلق الكواكب في قوله هُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ النّجُومَ لِتَهتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ البَرّ وَ البَحرِ و قوله لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ.أقول وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ هَذِهِ الرّوَايَةَ بِوَجهٍ آخَرَ أَبسَطَ مِمّا أَورَدَهُ السّيّدُ ره نَقلًا مِن كِتَابِ صِفّينَ لِابنِ دَيزِيلَ مُرسَلًا قَالَعَزَمَ عَلِيّ ع عَلَي الخُرُوجِ مِنَ الكُوفَةِ إِلَي الحَرُورِيّةِ وَ كَانَ فِي أَصحَابِهِ مُنَجّمٌ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَا تَسِر فِي هَذِهِ السّاعَةِ وَ سِر عَلَي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مَضَينَ مِنَ النّهَارِ فَإِنّكَ إِن سِرتَ فِي هَذِهِ السّاعَةِ أَصَابَكَ وَ أَصحَابَكَ أَذًي وَ ضُرّ شَدِيدٌ وَ إِن سِرتَ فِي السّاعَةِ التّيِ أَمَرتُكَ بِهَا ظَفِرتَ وَ ظَهَرتَ وَ أَصَبتَ مَا طَلَبتَ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع أَ تدَريِ مَا فِي بَطنِ فرَسَيِ هَذَا أَ ذَكَرٌ أَم أُنثَي قَالَ إِن حَسِبتُ عَلِمتُ فَقَالَ ع فَمَن صَدّقَكَ بِهَذَا فَقَد كَذّبَ بِالقُرآنِ قَالَ اللّهُ تَعَالَيإِنّ اللّهَ عِندَهُ عِلمُ السّاعَةِالآيَةَ ثُمّ قَالَ ع إِنّ مُحَمّداًص مَا كَانَ يدَعّيِ عِلمَ مَا ادّعَيتَ عِلمَهُ أَ تَزعُمُ أَنّكَ تهَديِ إِلَي السّاعَةِ التّيِ يُصِيبُ النّفعَ مَن سَارَ فِيهَا وَ تَصرِفُ عَنِ السّاعَةِ التّيِ يَحِيقُ السّوءُ بِمَن سَارَ فِيهَا فَمَن صَدّقَكَ بِهَذَا فَقَدِ استَغنَي عَنِ الِاستِعَانَةِ بِاللّهِ جَلّ وَ عَزّ فِي صَرفِ المَكرُوهِ عَنهُ وَ ينَبغَيِ لِلمُوقِنِ بِأَمرِكَ أَن يُولِيَكَ الحَمدَ دُونَ اللّهِ جَلّ جَلَالُهُ لِأَنّكَ
صفحه : 265
بِزَعمِكَ هَدَيتَهُ إِلَي السّاعَةِ التّيِ يُصِيبُ النّفعَ مَن سَارَ فِيهَا وَ صَرَفتَهُ عَنِ السّاعَةِ التّيِ يَحِيقُ السّوءُ بِمَن سَارَ فِيهَا فَمَن آمَنَ بِكَ فِي هَذَا لَم آمَن عَلَيهِ أَن يَكُونَ كَمَنِ اتّخَذَ مِن دُونِ اللّهِ ضِدّاً وَ نِدّاً أللّهُمّ لَا طَيرَ إِلّا طَيرُكَ وَ لَا ضَيرَ إِلّا ضَيرُكَ وَ لَا إِلَهَ غَيرُكَ ثُمّ قَالَ بَل نُخَالِفُ وَ نَسِيرُ فِي السّاعَةِ التّيِ نَهَيتَنَا ثُمّ أَقبَلَ عَلَي النّاسِ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِيّاكُم وَ التّعَلّمَ لِلنّجُومِ إِلّا مَا يُهتَدَي بِهِ فِي ظُلُمَاتِ البَرّ وَ البَحرِ إِنّمَا المُنَجّمُ كَالكَاهِنِ وَ الكَاهِنُ كَالكَافِرِ وَ الكَافِرُ فِي النّارِ أَمَا وَ اللّهِ إِن بلَغَنَيِ أَنّكَ تَعمَلُ بِالنّجُومِ لَأُخَلّدَنّكَ السّجنَ أَبَداً مَا بَقِيتُ وَ لَأُحَرّمَنّكَ العَطَاءَ مَا كَانَ لِي سُلطَانٌ ثُمّ سَارَ فِي السّاعَةِ التّيِ نَهَاهُ عَنهُ المُنَجّمُ فَظَفِرَ بِأَهلِ النّهرِ وَ ظَهَرَ عَلَيهِم ثُمّ قَالَ لَو سِرنَا فِي السّاعَةِ التّيِ أَمَرَنَا بِهَا المُنَجّمُ لَقَالَ النّاسُ سَارَ فِي السّاعَةِ التّيِ أَمَرَ بِهَا المُنَجّمُ وَ ظَفِرَ وَ ظَهَرَ أَمَا إِنّهُ مَا كَانَ لِمُحَمّدٍص مُنَجّمٌ وَ لَا لَنَا مِن بَعدِهِ حَتّي فَتَحَ اللّهُ عَلَينَا بِلَادَ كِسرَي وَ قَيصَرَ أَيّهَا النّاسُ تَوَكّلُوا عَلَي اللّهِ وَ ثِقُوا بِهِ فَإِنّهُ يكَفيِ مِمّن سِوَاهُ
. وأقول قال السيد الجليل علي بن طاوس ره في كتاب النجوم بعد ماأورد هذه الرواية نقلا من النهج إنني رأيت فيما وقفت عليه في كتاب عيون الجواهر تأليف أبي جعفر محمد بن بابويه ره حديث المنجم ألذي عرض لمولانا علي ع عندمسيره إلي النهروان مسندا عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي القرشي عن نصر بن مزاحم المقري عن عمر بن سعد عن يوسف بن يزيد عن عبد الله بن عوف بن الأحمر قال لماأراد أمير المؤمنين ع المسير إلي النهروان أتاه منجم ثم ذكر حديثه فأقول إن في هذاالحديث عدة رجال لايعمل علماء أهل البيت ع علي روايتهم ويمنع من يجوز العمل بأخبار الآحاد من العمل بأخبارهم وشهادتهم وفيهم عمر بن سعد بن أبي وقاص مقاتل الحسين ع فإن أخباره ورواياته مهجورة و لايلتفت عارف بحاله إلي مايرويه أويسند إليه ثم طعن في الرواية بأنها لوكانت صحيحة لكان ع قدحكم في هذا علي صاحبه ألذي قدشهد مصنف نهج البلاغة أنه من
صفحه : 266
أصحابه أيضا بأحكام الكفار إما بكونه مرتدا عن الفطرة فيقتله في الحال أوبرده عن غيرالفطرة فيتوبه أويمتنع من التوبة فيقتل لأن الرواية قدتضمنت أن المنجم كالكافر أو كان يجري عليه أحكام الكهنة أوالسحرة لأن الرواية تضمنت أنه كالكاهن والساحر و ماعرفنا إلي وقتنا هذا أنه حكم علي هذاالمنجم أحكام الكفار و لاالسحرة و لاالكهنة و لاأبعده و لاعزره بل قال سيروا علي اسم الله والمنجم من جملتهم لأنه صاحبه و هذايدلك علي تباعد الرواية من صحة النقل أو يكون لها تأويل غيرظاهرها موافق للعقل . ثم قال ومما نذكره من التنبيه علي بطلان ظاهر الرواية بتحريم علم النجوم قول الراوي فيها إن من صدقك فقد كذب القرآن واستغني عن الاستعانة بالله ونعلم أن الطلائع للحروب يدلون علي السلامة من هجوم الجيوش وكثير من النحوس ويبشرون بالسلامة و ماألزم من ذلك أن يوليهم الحمد دون ربهم . ثم إننا وجدنا في الدعوات الكثيرة التعوذ من أهل الكهانة والسحرة فلو كان المنجم مثلهم كان قدتضمن بعض الأدعية التعوذ منه و ماعرفنا في الأدعية التعوذ من النجوم والمنجم إلي وقتنا هذا و من التنبيه علي بطلان ظاهر هذه الرواية أن الدعوات تضمن كثير منها وغيرها من صفات النبي ص أنه لم يكن كاهنا و لاساحرا و ماوجدنا إلي الآن و لا كان عالما بالنجوم فلو كان المنجم كالكاهن والساحر ما كان يبعد أن يتضمنه بعض الروايات والدعوات في ذكر الصفات انتهي . وأقول أماقدحه في سند الرواية فهي من المشهورات بين الخاصة والعامة ولذا أورده السيد في النهج إذ دأبه فيه أن يروي ما كان مقبول الطرفين وضعف سند الرواية التي أورده الصدوق ره لايدل علي ضعف سائر الأسانيد وعمر بن سعد ألذي يروي عنه نصر بن مزاحم ليس الملعون ألذي كان محارب الحسين ع كمايظهر من كتابه كتاب الصفين ألذي عندنا فإن أكثر مارواه فيه رواه عن هذا الرجل و في كثير من المواضع عمرو مكان عمر و لم يكن الملعون من جملة
صفحه : 267
رواة الحديث وحملة الأخبار حتي يروي عنه هذه الأخبار الكثيرة وأيضا رواية نصر عنه بعيد جدا فإن نصرا كان من أصحاب الباقر ع والملعون لم يبق بعدشهادة الحسين ع إلاقليلا والشواهد علي كونه غيره كثيرة لاتخفي علي المتدرب في الأخبار العارف بأحوال الرجال و هذا من السيد ره غريب و أما قوله إنه ع لم يحكم بكفر المنجم فيرد عليه أن الظاهر من التشبيه بالكافر أنه ليس بكافر وإنما يدل علي اشتراكه معه في بعض الصفات لا في جميع الأحكام حتي يقتله في الحال أو بعدامتناعه من التوبة علي أنه ع لم يشبهه بالكافر بل بالمشبه بالكافر و أما قوله و لاأبعده و لاعزره ففيه أنه قدظهر مما رواه ابن أبي الحديد الإيعاد بالحبس المؤبد والتحريم من العطاء و لم يعلم أنه أصر المنجم علي العمل بالنجوم بعد ذلك حتي يستحق تعزيرا أونكالا وعدم اشتمال رواية السيد علي هذه الزيادة لايدل علي عدمها فإن عادة السيد الاقتصار علي مااختاره من كلامه ع بزعمه لااستيفاء النقل والرواية مع أن عدم النقل في مثل هذا لايدل علي العدم وكونه من أصحابه وبينهم لايدل علي كونه مرضيا فإن جيشه ع كان مشتملا علي كثير من الخوارج والمنافقين كالأشعث أخي هذاالمنجم علي ماذكره السيد وغيره أنه كان عفيف بن قيس أخا الأشعث رأس المنافقين ومثير أكثر الفتن و أماقياسه علي طلائع الحروب فالفرق بين الأمرين بين فإن مايهدي إليه الطلائع ونحوهم ليست أمورا يترتب عليها صرف السوء ونيل المحبوب حتما بل يتوقف علي اجتماع أمور كوجود الشرائط وارتفاع الموانع و كل ذلك لايتيسر الظفر بها إلابفضل مسبب الأسباب بخلاف ماادعاه المنجم من أن الظفر يترتب حتما علي الخروج في الساعة التي اختاره و أماعدم التعوذ من النجوم والمنجم فلأن المنجم إنما يعود ضرره إلي نفسه بخلاف الساحر والكاهن فإنه يترتب منهما ضرر كثير علي الناس مع أن الدعاء ألذي رواه السيد في كتاب الاستخارات وأوردناه في هذاالباب يتضمن البراءة إلي الله من اللجإ إلي العمل بالنجوم وطلب الاختيارات منها و أماعدم وصف النبي ص بأنه لم يكن منجما لأن الكفار إنما كانوا يصفونه
صفحه : 268
ص بالسحر والكهانة والشعر فورد براءته عنها ردا عليهم و لم يكونوا يصفونه بالنجوم مع أنه كان عالما بالحق من علم النجوم و كان من فضائله
51- المَكَارِمُ، فِي الحَدِيثِ أَنّهُ نَهَي عَنِ الحِجَامَةِ فِي الأَربِعَاءِ إِذَا كَانَتِ الشّمسُ فِي العَقرَبِ
52- الذّهَبِيّةُ، عَنِ الرّضَا ع اعلَم أَنّ جِمَاعَهُنّ وَ القَمَرُ فِي بُرجِ الحَمَلِ أَوِ الدّلوِ مِنَ البُرُوجِ أَفضَلُ وَ خَيرٌ مِن ذَلِكَ أَن يَكُونَ فِي بُرجِ الثّورِ لِكَونِهِ شَرَفَ القَمَرِ
بيان لعله قال ذلك موافقا لرأي المأمون و لمااشتهر في ذلك الزمان كماأشعر ع به في تلك الرسالة
53- المهج ،[مهج الدعوات ] فِي حِرزِ الجَوَادِ ع وَ ينَبغَيِ أَن لَا يَكُونَ طُلُوعُ القَمَرِ فِي بُرجِ العَقرَبِ
54- التّهذِيبُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ مَحبُوبٍ عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن عَلِيّ بنِ يَعقُوبَ الهاَشمِيِّ عَن مَروَانَ بنِ مُسلِمٍ عَنِ ابنِ أَبِي يَعفُورٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كُسُوفُ الشّمسِ أَشَدّ عَلَي النّاسِ وَ البَهَائِمِ
بيان هذامما يوهم أن لأحوالها وأوضاعها تأثيرا في بعض الأشياء ويمكن أن يكون المعني أنه علامة غضب الله عليهم أوأنهم يفزعون لذلك لحدوث الظلمة في غيروقتها
55- نَوَادِرُ عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ، عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدِ بنِ حُمرَانَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن سَافَرَ أَو تَزَوّجَ وَ القَمَرُ فِي العَقرَبِ لَم يَرَ الحُسنَي
الكافي، عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد عن علي بن أسباط عن ابراهيم بن حمران عن أبيه مثله بيان الظاهر أن المراد بكون القمر في العقرب هنا كونه محاذيا لكواكبه كما هودأب العرب في البوادي وغيرها إذ لم يكن عندهم ضوابط البروج والانتقالات
صفحه : 269
إليها والاستخراجات الشائعة في تلك الأزمان و لم يكن دأبهم ع إحالة الناس في الأحكام التي تحتاج إليها عامة الخلق علي ما لايعرفه إلاالآحاد من العلماء لاسيما إذا لم يكن شائعا في تلك الأزمنة عندالعلماء أيضا والكواكب الثابتة والأشكال التي سميت البروج بها قدانتقلت في زماننا عن البروج التي عينوها بمقدار برج تقريبا فالعقرب في مكان القوس فظهر أن ماوقع في الشريعة أيضا لايوافق قواعدهم المقررة عندهم
56-الخِصَالُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي بنِ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ السعّدآَباَديِّ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَن أَبِيهِ وَ غَيرِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ الصنّعاَنيِّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الفَضلِ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ قَالَكُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع إِذ دَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن أَهلِ اليَمَنِ فَسَلّمَ عَلَيهِ فَرَدّ عَلَيهِ السّلَامَ فَقَالَ لَهُ مَرحَباً بِكَ يَا سَعدُ فَقَالَ لَهُ الرّجُلُ بِهَذَا الِاسمِ سمَتّنيِ أمُيّ وَ مَا أَقَلّ مَن يعَرفِنُيِ بِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ يَا سَعدُ المَولَي فَقَالَ الرّجُلُ جُعِلتُ فِدَاكَ بِهَذَا كُنتُ أُلَقّبُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَا خَيرَ فِي اللّقَبِ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَقُولُ فِي كِتَابِهِوَ لا تَنابَزُوا بِالأَلقابِ بِئسَ الِاسمُ الفُسُوقُ بَعدَ الإِيمانِ مَا صَنعَتُكَ يَا سَعدُ فَقَالَ جُعِلتُ فِدَاكَ أَنَا مِن أَهلِ بَيتٍ نَنظُرُ فِي النّجُومِ لَا نَقُولُ إِنّ بِاليَمَنِ أَحَداً أَعلَمُ بِالنّجُومِ مِنّا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَأَسأَلُكَ فَقَالَ اليمَاَنيِّ سَل عَمّا أَحبَبتَ مِنَ النّجُومِ فإَنِيّ أُجِيبُكَ عَن ذَلِكَ بِعِلمٍ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع كَم ضَوءُ الشّمسِ عَلَي ضَوءِ القَمَرِ دَرَجَةً فَقَالَ اليمَاَنيِّ لَا أدَريِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ فَكَم ضَوءُ القَمَرِ عَلَي ضَوءِ الزّهَرَةِ دَرَجَةً فَقَالَ اليمَاَنيِّ لَا أدَريِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ فَكَم ضَوءُ المشُترَيِ عَلَي ضَوءِ عُطَارِدٍ دَرَجَةً فَقَالَ اليمَاَنيِّ لَا أدَريِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ فَمَا اسمُ النّجمِ ألّذِي
صفحه : 270
إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ البَقَرُ فَقَالَ اليمَاَنيُِ لَا أدَريِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع صَدَقتَ فِي قَولِكَ لَا أدَريِ فَمَا زُحَلُ عِندَكُم فِي النّجُومِ فَقَالَ اليمَاَنيِّ نَجمٌ نَحسٌ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مَه لَا تَقُولَنّ هَذَا فَإِنّهُ نَجمُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ هُوَ نَجمُ الأَوصِيَاءِ وَ هُوَ النّجمُ الثّاقِبُ ألّذِي قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي كِتَابِهِ قَالَ اليمَاَنيِّ فَمَا يعَنيِ بِالثّاقِبِ قَالَ إِنّ مَطلِعَهُ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ إِنّهُ ثَقَبَ بِضَوئِهِ حَتّي أَضَاءَ فِي السّمَاءِ الدّنيَا فَمِن ثَمّ سَمّاهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ النّجمَ الثّاقِبَ يَا أَخَا أَهلِ اليَمَنِ عِندَكُم عُلَمَاءُ فَقَالَ اليمَاَنيِّ نَعَم جُعِلتُ فِدَاكَ إِنّ بِاليَمَنِ قَوماً لَيسُوا كَأَحَدٍ مِنَ النّاسِ فِي عِلمِهِم فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع وَ مَا يَبلُغُ مِن عِلمِ عَالِمِهِم فَقَالَ لَهُ اليمَاَنيِّ إِنّ عَالِمَهُم لَيَزجُرُ الطّيرَ وَ يَقفُو الأَثَرَ فِي السّاعَةِ الوَاحِدَةِ مَسِيرَةَ شَهرٍ لِلرّاكِبِ المُجِدّ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ عِلمَ عَالِمِ المَدِينَةِ ينَتهَيِ إِلَي حَيثُ لَا يَقفُو الأَثَرَ وَ يَزجُرُ الطّيرَ وَ يَعلَمُ مَا فِي اللّحظَةِ الوَاحِدَةِ مَسِيرَةَ الشّمسِ تَقطَعُ اثنيَ عَشَرَ بُرجاً وَ اثنيَ عَشَرَ بَرّاً وَ اثنيَ عَشَرَ بَحراً وَ اثنيَ عَشَرَ عَالِماً قَالَ فَقَالَ لَهُ اليمَاَنيِّ جُعِلتُ فِدَاكَ مَا ظَنَنتُ أَنّ أَحَداً يَعلَمُ هَذَا أَو يدَريِ مَا كُنهُهُ ثُمّ قَامَ اليمَاَنيِّ فَخَرَجَ
النّجُومُ، قَالَ السّيّدُ ره وَجَدتُ فِي كِتَابٍ عَتِيقٍ تَألِيفِ عَلِيّ بنِ عَبدِ العَزِيزِ النيّساَبوُريِّ عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الفَضلِ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ وَ ذَكَرَ نَحوَهُ إِلّا أَنّ فِيهِ سَعِيدُ مَكَانَ سَعدُ فِي المَوَاضِعِ وَ المزُنَيِّ مَكَانَ المَولَي وَ فِيهِ فَمَا اسمُ النّجُومِ التّيِ إِذَا طَلَعَت هَاجَتِ الإِبِلُ قَالَ لَا أدَريِ قَالَ فَمَا اسمُ النّجمِ ألّذِي إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ الكِلَابُ قَالَ لَا أدَريِ قَالَ فَمَا اسمُ النّجمِ ألّذِي إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ البَقَرُ إِلَي آخِرِ الخَبَرِ
ثم قال السيد ره ورويت هذاالحديث بأسانيد إلي أبان من كتاب عبد الله بن القاسم الحضرمي
57-الكاَفيِ، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن عُثمَانَ
صفحه : 271
بنِ عِيسَي عَن أَبِي إِسحَاقَ الجرُجاَنيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ جَعَلَ لِمَن جَعَلَ لَهُ سُلطَاناً أَجَلًا وَ مُدّةً مِن لَيَالٍ وَ أَيّامٍ وَ سِنِينَ وَ شُهُورٍ فَإِن عَدَلُوا فِي النّاسِ أَمَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ صَاحِبَ الفَلَكِ أَن يُبطِئَ بِإِدَارَتِهِ فَطَالَت أَيّامُهُم وَ لَيَالِيهِم وَ سِنِينُهُم وَ شُهُورُهُم وَ إِن جَارُوا فِي النّاسِ وَ لَم يَعدِلُوا أَمَرَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي صَاحِبَ الفَلَكِ فَأَسرَعَ بِإِدَارَتِهِ فَقَصُرَت لَيَالِيهِم وَ أَيّامُهُم وَ سِنِينُهُم وَ شُهُورُهُم وَ قَد وَفَي لَهُ عَزّ وَ جَلّ بِعَدَدِ الليّاَليِ وَ الشّهُورِ
بيان قدمر الكلام في مثله
58- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن سَلَمَةَ بنِ الخَطّابِ وَ عِدّةٍ مِن أَصحَابِنَا عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن عَلِيّ بنِ عَطِيّةَ الزّيّاتِ عَن مُعَلّي بنِ خُنَيسٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ النّجُومِ أَ حَقّ هيَِ فَقَالَ نَعَم إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ بَعَثَ المشُترَيَِ إِلَي الأَرضِ فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَأَخَذَ رَجُلًا مِنَ العَجَمِ فَعَلّمَهُ النّجُومَ حَتّي ظَنّ أَنّهُ قَد بَلَغَ ثُمّ قَالَ لَهُ انظُر أَينَ المشُترَيِ فَقَالَ مَا أَرَاهُ فِي الفَلَكِ وَ مَا أدَريِ أَينَ هُوَ قَالَ فَنَحّاهُ وَ أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ مِنَ الهِندِ فَعَلّمَهُ حَتّي ظَنّ أَنّهُ قَد بَلَغَ وَ قَالَ انظُر إِلَي المشُترَيِ أَينَ هُوَ فَقَالَ إِنّ حسِاَبيِ لَيَدُلّ عَلَي أَنّكَ أَنتَ المشُترَيِ وَ قَالَ فَشَهِقَ شَهقَةً فَمَاتَ وَ وَرِثَ عِلمَهُ أَهلُهُ فَالعِلمُ هُنَاكَ
بيان في صورة رجل لعل المراد علي تقدير صحة الخبر أن الله تعالي
صفحه : 272
جعله في هذاالوقت ذا روح وحياة وعلم وبعثه إلي الأرض لئلا ينافي ماسيأتي من إجماع المسلمين علي عدم حياة الأجسام الفلكية وشعورها و أما أنه كيف صار صغيرا بحيث وسعه الأرض وحضر عند الرجل فيمكن أن يكون علي التكاثف أو علي إعدام بعض الأجزاء سوي الأجزاء الأصلية التي بهاتشخص الكوكب ثم إيجاد تلك الأجزاء وإعادتها كما أن الشخص تتبدل أجزاؤه من أول العمر إلي آخره وتشخصه محفوظ بالأجزاء الأصلية وورث علمه أهله أي كتبه و ماعلمهم قبل موته والخبر يدل علي أن لهذا العلم أصلا و لايدل علي جواز النظر فيه وتعليمه وتعلمه واستخراج الأحكام منه لسائر الخلق ولعله يكون فتنة كقصة هاروت وماروت
59- الفَقِيهُ،بِسَنَدِهِ الحَسَنِ عَن عَبدِ المَلِكِ بنِ أَعيَنَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع إنِيّ قَدِ ابتُلِيتُ بِهَذَا العِلمِ فَأُرِيدُ الحَاجَةَ فَإِذَا نَظَرتُ إِلَي الطّالِعِ وَ رَأَيتُ الطّالِعَ الشّرّ جَلَستُ وَ لَم أَذهَب فِيهَا وَ إِذَا رَأَيتُ الطّالِعَ الخَيرَ ذَهَبتُ فِي الحَاجَةِ فَقَالَ لِي تقَضيِ قُلتُ نَعَم قَالَ أَحرِق كُتُبَكَ
دعوات الراوندي، عن عبدالملك مثله بيان قوله تقضي علي بناء المعلوم أي تحكم بالحوادث وتخبر بالأمور الآتية أوالغائبة أوتحكم بأن للنجوم تأثيرا أو أن لذلك الطالع أثرا أو علي بناء المجهول أي إذاذهبت في الطالع الخير تقضي حاجتك وتعتقد ذلك والأول عندي أظهر و هذاخبر معتبر يدل علي أظهر الوجوه علي أن الإخبار بأحكام النجوم والاعتناء بسعادة النجوم والطوالع محرم يجب الاحتراز عنه
60-الفَقِيهُ،روُيَِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ أَنّهُ قَالَكُنتُ أَنظُرُ فِي النّجُومِ وَ أَعرِفُهَا وَ أَعرِفُ الطّالِعَ فيَدَخلُنُيِ مِن ذَلِكَ شَيءٌ فَشَكَوتُ ذَلِكَ إِلَي أَبِي الحَسَنِ مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع فَقَالَ إِذَا وَقَعَ فِي نَفسِكَ شَيءٌ فَتَصَدّق عَلَي أَوّلِ مِسكِينٍ ثُمّ امضِ فَإِنّ
صفحه : 273
اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَدفَعُ عَنكَ
النجوم ،نقلا من الفقيه عن ابن أبي عمير مثله ثم قال السيد ره وروينا هذاالحديث أيضا من كتاب التجمل عن محمد بن أذينة عن ابن أبي عمير
وذكر نحوه ثم قال لو لم يكن في الشيعة عارف بالنجوم إلا محمد بن أبي عمير لكان حجة في صحتها وإباحتها لأنه من خواص الأئمة والحجج في مذاهبها وروايتها بيان أقول روي هذاالخبر البرقي في المحاسن عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن سفيان بن عمر كمامر فظهر أن العارف بالنجوم لم يكن ابن أبي عمير بل رجلا مجهول الحال ووقع سقط من نسخ الفقيه و لوسلم فجوابه ع يدل علي أنه لما كان ابتلي بهذا العلم و كان في نفسه من ذلك شيءعلمه ع مايدفع ذلك من الصدقة كمايدفع به الطيرة التي لاأصل لها و لم يكن ابن أبي عمير رحمه الله معصوما حتي يكون فعله حجة
61- دَلَائِلُ الإِمَامَةِ،للِطبّرَيِّ وَ كِتَابُ النّجُومِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ البلَوَيِّ عَن عَمّارِ بنِ زَيدٍ المدَنَيِّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ سَعِيدٍ وَ مُحَمّدِ بنِ مِسعَرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ صَاحِبِ المغَاَزيِ عَن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ قَالَ مَرّت بِالحَسَنِ بنِ عَلِيّ ع بَقَرَةٌ فَقَالَ هَذِهِ حُبلَي بِعِجلَةٍ أُنثَي لَهَا غُرّةٌ فِي جَبهَتِهَا وَ رَأسُ ذَنَبِهَا أَبيَضُ فَانطَلَقنَا مَعَ القَصّابِ حَتّي ذَبَحَهَا فَوَجَدنَا العِجلَةَ كَمَا وَصَفَ عَلَي صُورَتِهَا فَقُلنَا لَهُ أَ وَ لَيسَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُوَ يَعلَمُ ما فِي الأَرحامِفَكَيفَ عَلِمتَ قَالَ إِنّا نَعلَمُ المَخزُونَ المَكتُومَ ألّذِي لَم يَطّلِع عَلَيهِ مَلَكٌ مُقَرّبٌ وَ لَا نبَيِّ مُرسَلٌ غَيرَ مُحَمّدٍ وَ ذُرّيّتِهِ ع
بيان يدل علي أنه ليس للمنجمين وأمثالهم علم بأمثال ذلك
62-الكاَفيِ،بِسَنَدٍ فِيهِ إِرسَالٌ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ بيَنيِ وَ بَينَ رَجُلٍ قِسمَةُ أَرضٍ وَ كَانَ الرّجُلُ صَاحِبَ نُجُومٍ وَ كَانَ يَتَوَخّي سَاعَةَ السّعُودِ فَيَخرُجُ
صفحه : 274
فِيهَا وَ أَخرُجُ أَنَا فِي سَاعَةِ النّحُوسِ فَاقتَسَمنَا فَخَرَجَ لِي خَيرُ القِسمَينِ فَضَرَبَ الرّجُلُ يَدَهُ اليُمنَي عَلَي اليُسرَي ثُمّ قَالَ مَا رَأَيتُ كَاليَومِ قَطّ قُلتُ وَيلَ الآخَرِ مَا ذَاكَ قَالَ إنِيّ صَاحِبُ النّجُومِ أَخرَجتُكَ فِي سَاعَةِ النّحُوسِ وَ خَرَجتُ أَنَا فِي سَاعَةِ السّعُودِ ثُمّ قَسَمنَا فَخَرَجَ لَكَ خَيرُ القِسمَينِ فَقُلتُ أَ لَا أُحَدّثُكَ بِحَدِيثٍ حدَثّنَيِ بِهِ أَبِي ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن سَرّهُ أَن يَدفَعَ اللّهُ عَنهُ نَحسَ يَومِهِ فَليَفتَتِح يَومَهُ بِصَدَقَةٍ يُذهِبُ اللّهُ بِهَا عَنهُ نَحسَ يَومِهِ وَ مَن أَحَبّ أَن يُذهِبَ اللّهُ عَنهُ نَحسَ لَيلَتِهِ فَليَفتَتِح لَيلَتَهُ بِصَدَقَةٍ يَدفَعُ اللّهُ عَنهُ نَحسَ لَيلَتِهِ وَ إنِيّ افتَتَحتُ خرُوُجيِ بِصَدَقَةٍ فَهَذَا خَيرٌ لَكَ مِنَ النّجُومِ
بيان يدل علي أنه لوكانت لها نحوسة فهي تندفع بالصدقة و أنه لاينبغي مراعاتها بل ينبغي التوسل في دفع أمثال ذلك بما ورد عن المعصومين ع من الدعاء والتصدق والتوكل وأمثاله
63- معَاَنيِ الأَخبَارِ، عَنِ القَطّانِ عَنِ ابنِ زَكَرِيّا عَنِ ابنِ حَبِيبٍ عَنِ ابنِ بُهلُولٍ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الفَضلِ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي خَالِدٍ الكاَبلُيِّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ الذّنُوبُ التّيِ تُظلِمُ الهَوَاءَ السّحرُ وَ الكِهَانَةُ وَ الإِيمَانُ بِالنّجُومِ وَ التّكذِيبُ بِالقَدَرِ الخَبَرَ
بيان ظلمة الهواء كناية عن التحير في الأمور أوشدة البلية وظهور آثار غضب الله في الجو
64- النّجُومُ،رَوَي الشّيخُ الفَاضِلُ أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ الثعّلبَيِّ فِي كِتَابِ العَرَائِسِ إِنّمَا سمُيَّ إِدرِيسَ لِكَثرَةِ دَرسِهِ لِلكُتُبِ وَ صُحُفِ آدَمَ وَ شَيثَ وَ كَانَ أَوّلَ مَن خَطّ بِالقَلَمِ وَ أَوّلَ مَن خَاطَ الثّيَابَ وَ لَبِسَ المَخِيطَ وَ أَوّلَ مَن نَظَرَ فِي عِلمِ النّجُومِ وَ الحِسَابِ
صفحه : 275
قال السيد ره وذكر علي بن المرتضي في كتاب ديوان النسب فيما حكاه عن التوراة أن إدريس ع أول من خط بالقلم وأول من حسب حساب النجوم قال ورأيت في رسالة أبي إسحاق الطرسوسي إلي عبد الله بن مالك في باب معرفة أصل العلم ما هذالفظه أن الله تبارك و تعالي أهبط آدم من الجنة وعرفه علم كل شيءفكان مما عرفه النجوم والطب قال ووجدت في كتاب المنتخب من طريق أصحابنا في دعاء كل يوم من رجب ومعلم إدريس عدد النجوم والحساب والسنين والشهور والأزمان وذكر عبد الله بن محمد بن طاهر في كتاب لطائف المعارف أول من أظهر علم النجوم ودل علي تركيب وقدر مسير الكواكب وكشف عن وجوه تأثيرها هرمس
65- الدّرّ المَنثُورُ، عَن قَتَادَةَ قَالَ إِنّ اللّهَ إِنّمَا جَعَلَ هَذِهِ النّجُومَ لِثَلَاثِ خِصَالٍ جَعَلَهَا زِينَةً لِلسّمَاءِ وَ جَعَلَهَا يُهتَدَي بِهَا وَ جَعَلَهَا رُجُوماً لِلشّيَاطِينِ فَمَن تَعَاطَي فِيهَا غَيرَ ذَلِكَ فَقَد فَالَ رَأيُهُ وَ أَخطَأَ حَظّهُ وَ أَضَاعَ نَصِيبَهُ وَ تَكَلّمَ[تَكَلّفَ] مَا لَا عِلمَ لَهُ بِهِ وَ إِنّ نَاساً جَهَلَةً بِأَمرِ اللّهِ قَد أَحدَثُوا فِي هَذِهِ النّجُومِ كِهَانَةً مَن أَعرَسَ بِنَجمِ كَذَا وَ كَذَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا وَ مَن سَافَرَ بِنَجمِ كَذَا وَ كَذَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا وَ لعَمَريِ مَا مِن نَجمٍ إِلّا يُولَدُ بِهِ الأَحمَرُ وَ الأَسوَدُ وَ الطّوِيلُ وَ القَصِيرُ وَ الحَسَنُ وَ الدّمِيمُ وَ لَو أَنّ أَحَداً عَلِمَ الغَيبَ لَعَلِمَهُ آدَمُ ألّذِي خَلَقَهُ اللّهُ بِيَدِهِ وَ أَسجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ عَلّمَهُ أَسمَاءَ كُلّ شَيءٍ
66- وَ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص تَعَلّمُوا مِنَ النّجُومِ مَا تَهتَدُونَ بِهِ فِي ظُلُمَاتِ البَرّ وَ البَحرِ ثُمّ انتَهُوا
67- وَ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ لَا بَأسَ أَن يَتَعَلّمَ الرّجُلُ مِنَ النّجُومِ مَا يهَتدَيِ بِهِ فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ يَتَعَلّمَ مَنَازِلَ القَمَرِ
68- وَ عَن حُمَيدٍ الشاّميِّ قَالَ النّجُومُ هيَِ عِلمُ آدَمَ ع
صفحه : 276
69- وَ عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ قَالَ سَمِعتُ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ قَالَ ذَلِكَ عِلمٌ ضَيّعَهُ النّاسُ النّجُومَ
70- وَ عَن عِكرِمَةَ أَنّهُ سَأَلَ رَجُلًا عَن حِسَابِ النّجُومِ وَ جَعَلَ الرّجُلُ يَتَحَرّجُ أَن يُخبِرَهُ فَقَالَ عِكرِمَةُ سَمِعتُ ابنَ عَبّاسٍ يَقُولُ عِلمٌ عَجَزَ النّاسُ عَنهُ وَدِدتُ أنَيّ عَلِمتُهُ قَالَ الخَطِيبُ مُرَادُهُ الضّربُ المُبَاحُ ألّذِي كَانَتِ العَرَبُ تَختَصّ بِهِ
71- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ حَفصٍ قَالَ خُصّتِ العَرَبُ بِخِصَالٍ بِالكِهَانَةِ وَ القِيَافَةِ وَ العِيَافَةِ وَ النّجُومِ وَ الحِسَابِ فَهَدَمَ الإِسلَامُ الكِهَانَةَ وَ ثَبَتَ الباَقيِ بَعدَ ذَلِكَ
72- وَ عَنِ القرُطيِّ قَالَ وَ اللّهِ مَا لِأَحَدٍ مِن أَهلِ الأَرضِ فِي السّمَاءِ مِن نَجمٍ وَ لَكِن يَتّبِعُونَ الكَهَنَةَ وَ يَتّخِذُونَ النّجُومَ عِلّةً
73- وَ عَن سَمُرَةَ بنِ جُندَبٍ أَنّهُ خَطَبَ فَذَكَرَ حَدِيثاً عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ نَاساً يَزعُمُونَ أَنّ كُسُوفَ الشّمسِ وَ كُسُوفَ هَذَا القَمَرِ وَ زَوَالَ هَذِهِ النّجُومِ عَن مَوَاضِعِهَا لِمَوتِ رِجَالٍ عُظَمَاءَ مِن أَهلِ الأَرضِ وَ إِنّهُم قَد كَذَبُوا وَ لَكِنّهَا آيَاتٌ مِن آيَاتِ اللّهِ يَعتَبِرُ بِهَا عِبَادَهُ لِيَنظُرَ مَا يَحدُثُ لَهُ مِنهُم تَوبَةٌ
74- وَ عَن عَلِيّ ع قَالَ نهَاَنيِ رَسُولُ اللّهِص عَنِ النّظَرِ فِي النّجُومِ وَ أمَرَنَيِ بِإِسبَاغِ الطّهُورِ
75- وَ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ نَهَي رَسُولُ اللّهِص عَنِ النّظَرِ فِي النّجُومِ
76- وَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا ذُكِرَ أصَحاَبيِ فَأَمسِكُوا
صفحه : 277
وَ إِذَا ذُكِرَ القَدَرُ فَأَمسِكُوا وَ إِذَا ذُكِرَتِ النّجُومُ فَأَمسِكُوا
77- وَ عَن أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَخَافُ عَلَي أمُتّيِ خَصلَتَينِ تَكذِيباً بِالقَدَرِ وَ تَصدِيقاً بِالنّجُومِ وَ فِي لَفظٍ وَ حَذقاً بِالنّجُومِ
78- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ النّبِيّص مَنِ اقتَبَسَ عِلماً مِنَ النّجُومِ اقتَبَسَ شُعبَةً مِنَ السّحرِ زَادَ مَا زَادَ
79- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ إِنّ قَوماً يَنظُرُونَ فِي النّجُومِ وَ يَحسُبُونَ أَبَا جَادٍ وَ مَا أَرَي لِلّذِينَ يَفعَلُونَ ذَلِكَ مِن خَلَاقٍ
80- وَ عَن مَيمُونِ بنِ مِهرَانَ قَالَ قُلتُ لِابنِ عَبّاسٍ أوَصنِيِ قَالَ أُوصِيكَ بِتَقوَي اللّهِ وَ إِيّاكَ وَ عِلمَ النّجُومِ فَإِنّهُ يَدعُو إِلَي الكِهَانَةِ
81- وَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ ع قَالَ لَمّا فَتَحَ اللّهُ عَلَي نَبِيّهِص خَيبَرَ دَعَا بِقَوسِهِ فَاتّكَأَ عَلَي سِيَتِهَا وَ حَمِدَ اللّهَ وَ ذَكَرَ مَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيهِ وَ نَصَرَهُ وَ نَهَي عَن خِصَالٍ عَن مَهرِ البغَيِّ وَ عَن خَاتَمِ الذّهَبِ وَ عَنِ المَيَاثِرِ الحُمرِ وَ عَن لُبسِ الثّيَابِ القسَيّّ وَ عَن ثَمَنِ الكَلبِ وَ عَن أَكلِ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهلِيّةِ وَ عَنِ الصّرفِ الذّهَبِ بِالذّهَبِ وَ الفِضّةِ بِالفِضّةِ وَ بَينَهُمَا فَضلٌ وَ عَنِ النّظَرِ فِي النّجُومِ
82- وَ عَن مَكحُولٍ قَالَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ لَا تَعَلّمِ النّجُومَ فَإِنّهَا تَدعُو إِلَي الكِهَانَةِ
83- وَ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ لَقَد طَهّرَ اللّهُ هَذِهِ الجَزِيرَةَ مِنَ الشّركِ مَا لَم تُضِلّهُمُ النّجُومُ
84- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ مُتَعَلّمَ حُرُوفِ أَبِي جَادٍ لَيَرَي فِي النّجُومِ لَيسَ لَهُ عِندَ اللّهِ خَلَاقٌ يَومَ القِيَامَةِ
صفحه : 278
بيان قال الفيروزآبادي فال رأيه أخطأ وضعف و قال عفت الطير أعيفها عيافة زجرتها و هو أن يعتبر بأسمائها ومساقطها وأنوائها فيتسعد أويتشأم والعائف المتكهن بالطير أوغيرها و في النهاية الميثرة من مراكب العجم تعمل من حرير أوديباج وتتخذ كالفراش الصغير وتحشي بقطن أوصوف يجعلها الراكب تحته علي الرحال فوق الجمال ويدخل فيه مياثر السروج و قال فيه أنه نهي عن لبس القسي هي ثياب من كتان مخلوط بحرير يؤتي بها من مصر نسبت إلي قرية علي ساحل البحر قريبا من تنيس يقال لها القس بفتح القاف وبعض أهل الحديث يكسرها وقيل أصل القسي القزي بالزاي منسوب إلي القز و هوضرب من الإبريسم فأبدل من الزاي سينا وقيل منسوب إلي القس و هوالصقيع لبياضه والصقيع الساقط من السماء بالليل كأنه ثلج .تذييل جليل وتفصيل جميل نذكر فيه أقوال بعض أجلاء أصحابنا رضوان الله عليهم في حكم النظر في علم النجوم والاعتقاد به والإخبار عن الحوادث بسببه ورعاية الساعات المسعودة والمنحوسة بزعمهم والقول بتأثيرها ثم نذكر ماظهر لنا من الأخبار السابقة في جميع ذلك . قال الشيخ السعيد المفيد ره في كتاب المقالات علي مانقل عنه السيد بن طاوس ره في كتاب فرج المهموم بمعرفة علم النجوم و إن لم نجد فيما عندنا من نسخه حيث قال أقول إن الشمس والقمر وسائر النجوم أجسام نارية لاحياة لها و لاموت و لاتميز خلقها الله تعالي لينتفع بهاعباده وجعلها زينة لسماواته وآيات من آياته كما قال سبحانه هُوَ ألّذِي جَعَلَ الشّمسَ ضِياءً وَ القَمَرَ نُوراً وَ قَدّرَهُ مَنازِلَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ ما خَلَقَ اللّهُ ذلِكَ إِلّا بِالحَقّ يُفَصّلُ
صفحه : 279
الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَ و قال تعالي وَ هُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ النّجُومَ لِتَهتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ البَرّ وَ البَحرِ قَد فَصّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَ و قال تعالي وَ عَلاماتٍ وَ بِالنّجمِ هُم يَهتَدُونَ و قال تعالي وَ زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَفأما الأحكام علي الكائنات بدلائلها أوالكلام علي مدلول حركاتها فإن العقل لايمنع منه ولسنا ندفع أن يكون الله تعالي أعلمه بعض أنبيائه وجعله علما له علي صدقه غير أنا لانقطع عليه و لانعتقد استمراره في الناس إلي هذه الغاية و أما مانجده من أحكام المنجمين في هذاالوقت وإصابة بعضهم فيه فإنه لاينكر أن يكون ذلك بضرب من التجربة وبدليل عادة و قدتختلف أحيانا ويخطئ المعتمد عليه كثيرا و لايصح إصابته فيه أبدا لأنه ليس بجار مجري دلائل العقول و لابراهين الكتاب وأخبار الرسول ص و هذامذهب جمهور متكلمي أهل العدل و إليه ذهب بنو نوبخت من الإمامية و أبوالقاسم و أبو علي من المعتزلة انتهي . و قال الشيخ محمد بن الحسين الكيدري في شرح نهج البلاغة في تهجين أحكام النجوم كيف يمكن أن يكون الإنسان يعرف الحوادث وأسبابها في الحال حتي
صفحه : 280
يعرف المسببات في المستقبل كما في الجزر والمد و من ادعي أنه يعرف أسباب الكائنات فمقدماته ليست برهانية وإنما هي تجربية أوشعرية أوخطابية مؤلفة من المشهورات في الظاهر أوالمقبولات والمظنونات و مع ذلك فلايمكنه أن يتعرض إلالجنس من أجناس الأسباب و هوتعرض بعض الأسباب العلوية و لايمكنه أن يتعرض لجميع الأسباب السماوية والقوابل و إذاتغيرت القوابل عن أحوالها تغير أثر الفاعل فيها فإن النار في الحطب اليابس مؤثرة تأثيرا لاتؤثر في الرماد وكذا معرفة بقائها علي استعداد القبول شرط ويمكن أن يكون للقوابل عوائق فلايعلم تلك الأسباب والمسببات إلا الله تعالي وأيضا فإن المنجم يحكم علي مفردات الكواكب و لايحكم علي جميعها ممتزجة و كما أن أحكام مفردات الترياق وسائر المعاجين غيرأحكام المركب ألذي حصلت له صورة نوعية كذلك حكم الكواكب المركوزة في الأفلاك غيرحكم أفرادها و إذا لم يمكن للمنجم الحكم إلا علي المفردات كان الحكم ناقصا غيرموثوق به ثم إنه ربما يحصل التوأمان في غشاء فيكشف عنهما فإذا فيه صبيان حيان و علي قوانين الأحكاميين يجب أن يكونا مثلين في الصورة والعمر والحركات حتي لايجوز أن يختلفا في شيء من الأشياء و لايجوز أن يسكت أحدهما في وقت كلام الآخر و لايقوم في وقت قعود الآخر و لاينام في وقت لاينام فيه الآخر و إذادخلا بيتا فيه باب ضيق فلايمكنهما الدخول فإنه لابد هاهنا من التقدم والتأخر و لايجوز أن يمس إنسان أحدهما دون الآخر و لايجوز أن يكون في التزويج امرأة أحدهما غيرامرأة الآخر و لا أن يكون مكان أحدهما غيرمكان الآخر في الأرض و هذامما لايخفي فساده وأيضا فإن الحكم الكلي عندأكثرهم يغلب الجزئي أ لاتري أن طالع ناحية أوبلد إذا كان فاسدا فإنه لايفيد عطية الكدخدا لإنسان فكيف يعتمد علي الطوالع والاختيارات مع نفي العلم بالكليات و من شنيع قولهم أنهم يقولون إذاولد للملك في حال ولد لسوقي ولد فإن الكواكب تدل لابن الملك بخلاف ماتدل لابن السوقي مع اتفاقهما في كمية العمر لأن هيلاجهما وكدخداهما
صفحه : 281
لايختلفان فإذاجاز أن تكون دلالة النجوم مختلفة في سعادة هذين الولدين فما أنكروا أن يكون مقادير أعمارهما أيضا مختلفة واختلفوا في تقويم الكواكب باختلاف الزيجات و لابرهان علي فساد بعضها وصواب بعضها فربما يوجد في تقويم الشمس من التفاوت خمس درج وتختلف درج الطوالع وبروج التحاويل بسبب ذلك فتفسد الأحكام . ثم أورد عليهم كثيرا من الاختلافات والتناقضات لانطيل الكلام بإيرادها. و قال الشيخ ابراهيم بن نوبخت في كتاب الياقوت قول المنجمين يبطله قدم الصانع واشتراط اختياره ويلزم عليهم أن لايستقر الفعل علي حال من الأحوال وقول أهل الطبائع يبطل بمثل ذلك . و قال العلامة ره في شرحه اختلف قول المنجمين علي قسمين أحدهما قول من قال إن الكواكب السبعة حية مختارة والثاني قول من قال إنها موجبة والقولان باطلان أماالأول فلأنها أجسام محدثة فلاتكون آلهة ولأنها محتاجة إلي محدث غيرجسم فلابد من القول بالصانع و أماالثاني فلأن الكوكب المعين كالمريخ مثلا إذا كان مقتضيا للحرب لزم دوام وقوع الهرج والمرج في العالم و أن لايستقر أفعالهم علي حال من الأحوال و لما كان ذلك باطلا كان ماذكروه باطلا و أماالقائلون بالطبائع الذين يسندون الأفعال إلي مجرد الطبيعة فيبطل قولهم بمثل ذلك أيضا فإن الطبيعة قوة جسمانية و كل جسم محدث فكل قوة حالة فهي محدثة تفتقر إلي محدث غيرطبيعته و إلالزم التسلسل فلابد من القول بالصانع سبحانه و تعالي و قال السيد الشريف المرتضي ره في كتاب الغرر والدرر في أجوبة
صفحه : 282
المسائل السلارية حين سئل ره ماالقول فيما يخبر به المنجمون من وقوع حوادث ويضيفون ذلك إلي تأثيرات النجوم و ماالمانع من أن تؤثر الكواكب علي حد تأثير الشمس الأدمة فينا و إن كان تأثير الكواكب مستحيلا فما المانع من أن تكون التأثيرات من فعل الله تعالي بمجري العادة عندطلوع هذه الكواكب أوانتقالها فلينعم ببيان ذلك فإن الأنفس إليه متشوقة وكيف تقول إن المنجمون حادسون مع أنه لايفسد من أقوالهم إلاالقليل حتي أنهم يخبرون بالكسوف ووقته ومقداره فلاتكون إلا علي ماأخبروا به فأي فرق بين إخبارهم بحصول هذاالتأثير في هذاالجسم و بين حصول تأثيرها في أجسامنا.الجواب اعلم أن المنجمين يذهبون إلي أن الكواكب تفعل في الأرض و من عليها أفعالا يسندونها إلي طباعها و مافيهم من أحد يذهب إلي أن الله تعالي أجري العادة بأن يفعل عندقرب بعضها من بعض أوبعده أفعالا من غير أن يكون للكواكب أنفسها تأثير في ذلك و من ادعي هذاالمذهب الآن منهم فهو قائل بخلاف ماذهبت القدماء في ذلك ومتجمل بهذا المذهب عند أهل الإسلام ومتقرب إليهم بإظهاره و ليس هذابقول لأحد ممن تقدم و كان ألذي كان يجوز أن يكون صحيحا و إن دل الدليل علي فساده لايذهبون إليه وإنما يذهبون إلي المحال ألذي لايمكن صحته و قدفرغ المتكلمون من الكلام في أن الكواكب لايجوز أن تكون فينا فاعلة وتكلمنا نحن أيضا في مواضع علي ذلك وبينا بطلان الطبائع الذين يهذون بذكرها وإضافة الأفعال إليها وبينا أن الفاعل لابد أن يكون حيا قادرا و قدعلمنا أن الكواكب ليست بهذه الصفة وكيف تفعل و مايصحح الأفعال مفقود فيها و قدسطر المتكلمون طرقا كثيرة في أنها ليست بحية و لاقادرة أكثرها معترض وأشف ماقيل في ذلك أن الحياة معلوم أن الحرارة الشديدة كحرارة النار تنفيها و لاتثبت معها ومعلوم أن حرارة الشمس أشد وأقوي من حرارة النار بكثير لأن ألذي يصل إلينا علي بعدالمسافة من حرارة الشمس بشعاعها يماثل أويزيد علي حرارة النار و ما كان بهذه الصفة من الحرارة
صفحه : 283
يستحيل كونه حيا وأقوي من ذلك كله في نفي كون الفلك و ما فيه من شمس وقمر وكوكب أحياء السمع والإجماع و أنه لاخلاف بين المسلمين في ارتفاع الحياة عن الفلك و مايشتمل عليه من الكواكب وأنها مسخرة مدبرة مصرفة و ذلك معلوم من دين رسول الله ص ضرورة و إذاقطعنا علي نفي الحياة والقدرة عن الكواكب فكيف تكون فاعلة و علي أننا قدسلمنا لهم استظهارا في الحجة أنها قادرة قلنا إن الجسم و إن كان قادرا فإنه لايجوز أن يفعل في غيره إلا علي سبيل التوليد و لابد من وصلة بين الفاعل والمفعول فيه والكواكب غيرمماسة لنا و لاوصلة بينها وبيننا فكيف تكون فاعلة فينا فإن ادعي أن الوصلة بيننا هي الهواء فالهواء أولا لايجوز أن يكون آلة في الحركات الشديدة وحمل الأثقال ثم لو كان الهواء آلة تحركنا بهاالكواكب لوجب أن نحس بذلك ونعلم أن الهواء يحركنا ويصرفنا كمانعلم في غيرنا من الأجسام إذاحركناه بآلة علي أن في الحوادث الحادثة فينا ما لايجوز أن يفعل بآلة و لايتولد عن سبب كالإرادات والاعتقادات وأشياء كثيرة فكيف فعلت الكواكب ذلك فينا وهي لاتصح أن يكون مخترعة للأفعال لأن الجسم لايجوز أن يكون قادرا إلابقدرة والقدرة لايجوز لأمر يرجع إلي نوعها أن تخترع بهاالأفعال فأما الأدمة فليس تؤثرها الشمس علي الحقيقة في وجوهنا وأبداننا وإنما الله تعالي هوالمؤثر لها وفاعلها بتوسط حرارة الشمس كما أنه تعالي هوالمحرق علي الحقيقة بحرارة النار والهاشم لمايهشمه الحجر بثقله وحرارة الشمس مسودة للأجساد من جهة معقولة مفهومة كما أن النار تحرق الأجسام علي وجه معقول فأي تأثير للكواكب فينا يجري هذاالمجري في تمييزه والعلم بصحته فليشر إليه فإن ذلك مما لاقدرة عليه .
صفحه : 284
ومما يمكن أن يعتمد في إبطال أن تكون الكواكب فاعلة فينا ومصرفة لنا أن ذلك يقتضي سقوط الأمر والنهي والذم عنا ونكون معذورين في كل إساءة تقع منا ونجنيها بأيدينا و غيرمشكورين علي شيء من الإحسان والإفضال و كل شيءنفسد به قول المجبرة فهو مفسد لهذا المذهب و أماالوجه الآخر و هو أن يكون الله تعالي أجري العادة بأن يفعل أفعالا مخصوصة عندطلوع الكوكب أوغروبه واتصاله أومفارقته و قدبينا أن ذلك ليس بمذهب المنجمين البتة وإنما يتجملون الآن بالتظاهر به و أنه قد كان جائزا أن يجري الله تعالي العادة بذلك لكن لاطريق إلي العلم بأن ذلك قدوقع وثبت و من أين لنا بأن الله تعالي قدأجري العادة بأن يكون زحل أوالمريخ إذا كان في درجة الطالع كان نحسا و أن المشتري إذا كان كذلك كان سعدا و أي سمع مقطوع به جاء بذلك و أي نبي خبر به واستفيد من جهته فإن عولوا في ذلك علي التجربة بأنا جربنا ذلك و من كان قبلنا فوجدناه علي هذه الصفة و إذا لم يكن موجبا وجب أن يكون معتادا قلنا و من سلم لكم صحة هذه التجربة وانتظامها واطرادها و قدرأينا خطاءكم أكثر من صوابكم فيها وصدقكم أقل من كذبكم فألا نسبتم الصحة إذااتفقت منكم إلي الاتفاق ألذي يقع من المخمن والمرجم فقد رأينا من يصيب من هؤلاء أكثر ممن يخطئ و هو علي غيرأصل معتمد و لاقاعدة صحيحة فإذاقلتم سبب خطاء المنجم زلل دخل عليه في أخذ الطالع أوتسير الكواكب قلنا و لم لاكانت إصابته سببها التخمين وإنما كان يصح لكم هذاالتأويل والتخريج لو كان علي صحة أحكام النجوم دليل قاطع هو غيرإصابة المنجم فأما إذا كان دليل صحة الأحكام الإصابة فألا كان دليل فسادها الخطاء فما أحدهما في المقابلة إلاكصاحبه . ومما أفحم به القائلون بصحة الأحكام و لم يتحصل منهم عنه جواب أن قيل لهم في شيءبعينه خذوا الطالع واحكموا هل يؤخذ أويترك فإن حكموا
صفحه : 285
إما بالأخذ أوالترك خولفوا وفعل خلاف ماخبروا به و قدأعضلتهم هذه المسألة واعتذروا عنها بأعذار ملفقة لايخفي علي عاقل سمعها بعدها من الصواب فقالوا في هذه المسألة يجب أن يكتب هذاالمبتلي بها مايريد أن يفعل أويخبر به غيره فإنا نخرج ما قدعزم عليه من أحد الأمرين و هذاالتعليل منهم باطل لأنه إذا كان النظر في النجوم يدل علي جميع الكائنات التي من جملتها مايختاره أحدنا من أخذ هذاالشيء أوتركه فأي فرق بين أن يطوي ذلك فلايخبر به و لايكتبه حتي يقول المنجم ماعنده و بين أن يخبره به ويكتبه قبل ذلك وإنما فزعوا إلي الكتابة و مايجري مجراها حتي لايخالف المنجم فيما يذكره ويحكم به من أخذ أوترك و لوكانت الأحكام صحيحة و فيهادلالة علي الكائنات لوجب أن يعرف المنجم مااختاره من أحد الأمرين علي كل حال و لونزلنا تحت حكمهم وكتبنا مانريد أن نفعله لماوجدنا إصابتهم في ذلك إلاأقل من خطائهم و لم يزيدوا فيه علي مايفعله المخمن المرجم من غيرنظر في طالع و لاغارب و لارجوع إلي أصل و إلافالبلوي بيننا وبينهم . و كان بعض الرؤساء بل الوزراء ممن كان فاضلا في الأدب والكتابة ومشغوفا بالنجوم عاملا عليها قال لي يوما و قدجري حديث يتعلق بأحكام النجوم ورأي من مخائلي التعجب ممن يتشاغل بذلك ويفني زمانه به أريد أن أسألك عن شيء في نفسي فقلت سل عما بدا لك قال أريد أن تعرفني هل بلغ بك التكذيب بأحكام النجوم إلي أن لاتختار يوما لسفر ولبس ثوب جديد وتوجه في حاجة فقلت قدبلغت إلي ذلك والحمد لله وزيادة عليه و ما في داري تقويم و لاأنظر فيه و مارأيت مع ذلك إلاخيرا ثم أقبلت عليه فقلت ندع مايدل علي بطلان أحكام النجوم مما يحتاج إلي ظن دقيق وروية طويلة وهاهنا شيءقريب لايخفي علي أحد ممن علت طبقته في الفهم أوانخفضت خبرني لوفرضنا جادة مسلوكة وطريقا يمشي فيه الناس ليلا ونهارا و في محجته آبار متقاربة و بين بعضها وبعض طريق يحتاج سالكه إلي تأمل وتوقف حتي يتخلص من السقوط في بعض
صفحه : 286
تلك الآبار هل يجوز أن تكون سلامة من يمشي في هذاالطريق من العميان كسلامة من يمشي فيه من البصراء و قدفرضنا أنه لايخلو طرفة عين من المشاة فيه بصراء وعميان وهل يجوز أن يكون عطب البصراء يقارب عطب العميان أوسلامة العميان مقاربة لسلامة البصراء فقال هذامما لايجوز بل الواجب أن تكون سلامة البصراء أكثر من سلامة العميان و لايجوز في مثل هذاالتقارب فقلت إذا كان هذامحالا فأحيلوا نظيره و ما لافرق بينه وبينه وأنتم تجيزون شبيه ماذكرنا وعديله لأن البصراء هم الذين يعرفون أحكام النجوم ويميزون سعدها ونحسها ويتوقون بهذه المعرفة مضار الزمان ويتخطونها ويعتمدون منافعه ويقصدونها ومثال العميان كل من لايحسن تعلم النجوم و لايلتفت إليه من الفهماء والفقهاء و أهل الديانات والعبادات ثم سائر العوام والأعراب والأكراد وهم أضعاف أضعاف من يراعي عدد النجوم ومثال الطريق ألذي فيه الآبار الزمان ألذي يمضي عليه الخلق أجمعون ومثال آباره مصائبه ونوائبه ومحنه و قد كان يجب لوصح العلم بالنجوم وأحكامها أن تكون سلامة المنجمين أكثر ومصائبهم أقل لأنهم يتوقون المحن لعلمهم بهاقبل كونها وتكون محن كل من ذكرناه من الطبقات الكثيرة أوفر وأظهر حتي تكون السلامة هي الطريفة الغريبة و قدعلمنا خلاف ذلك و أن السلامة أوالمحن في الجميع متقاربة غيرمتفاوتة فقال ربما اتفق مثل ذلك فقلت له فيجب أن نصدق من خبرنا في ذلك الطريق المسلوك ألذي فرضناه بأن سلامة العميان كسلامة البصراء ونقول لعل ذلك اتفق و بعد فإن الاتفاق لايستمر بل ينقطع و هذا ألذي ذكرناه مستمر غيرمنقطع فلم يكن عنده عذر صحيح ومما يفسد مذهب المنجمين ويدل علي أن مالعله يتفق لهم من الإصابة علي غيرأصل أنا قدشاهدنا جماعة من الزراقين الذين لايعرفون شيئا من علم النجوم و لانظروا قط في شيء منه يصيبون فيما يحكمون به إصابات مستطرفة و قد كان المعروف بالشعراني ألذي شاهدناه و هو لايحسن أن يأخذ الأسطرلاب للطالع و لا
صفحه : 287
نظر قط في زيج و لاتقويم غير أنه زكي حاضر الجواب فطن بالزرق معروف به كثير الإصابة وبلوغ الغاية فيما يخرجه من الأسرار ولقد اجتمع يوما بين يدي جماعة كانوا عندي وكنا قداعتزمنا جهة نقصدها لبعض الأغراض فسأله أحدنا عما نحن بصدده فابتدأه من غيرأخذ طالع و لانظر في تقويم فأخبرنا بالجهة التي أردنا قصدها ثم عدل إلي كل واحد من الجماعة فأخبره عن كثير من تفصيل أمره وأغراضه حتي قال لأحدهم و أنت من بين الجماعة قدوعدك واعد بشيء يوصله إليك وقلبك به متعلق و في كمك شيءمما يدل علي هذا و قدانقضت حاجتك وانتجزت وجذب يده إلي كمه فاستخرج ما فيه فاستحيا ذلك الرجل ووجم ومنع من الوقوف علي ما في كمه بجهده فلم ينفعه ذلك وأعان الحاضرون علي إخراج ما في كمه لماأحسوا بالإصابة من الزرق فأخرج من كمه رقاع كثيرة في جملتها صك علي دار الضرب بصلة من خليفة الوزارة في ذلك الوقت فعجبنا مما اتفق من إصابته مع بعده من صناعة النجوم و كان لنا صديق يقول أبدا من أدل دليل علي بطلان أحكام النجوم إصابة الشعراني. وجري يوما مع من يتعاطي علم النجوم هذاالحديث فقال عندالمنجمين أن السبب في إصابة من لايعلم شيئا من علم النجوم أن مولده و مايتولاه ويقتضيه كواكبه اقتضي له ذلك فقلت له لعل بطلميوس و كل عالم من عامة المنجمين
صفحه : 288
ومصيب في أحكامه عليها إنما سبب إصابته مولده و مايقتضيه كواكبه من غيرعلم و لافهم فلايجب أن يستدل بالإصابة علي العلم إذ كانت تقع من جاهل و يكون سببها المولد و إذاكانت الإصابة بالمواليد فالنظر في علم النجوم عبث ولعب لايحتاج إليه لأن المولد إن اقتضي الإصابة أوالخطاء فالتعلم لاينفع وتركه لايضر و هذه علة تسري إلي كل صنعة حتي يلزم أن يكون كل شاعر مفلق وصانع حاذق وناسج للديباج مونق لاعلم له بتلك الصناعة وإنما اتفقت الصنعة بغير علم لماتقتضيه كواكب مولده و مايلزم علي هذا من الجهالات لايحصي . واعلم أن التعب بعلم مراكز الكواكب وأبعادها وأشكالها وتسيراتها متي لم يكن ثمرته العلم بالأحكام والاطلاع علي الحوادث قبل كونها لامعني له و لاغرض فيه لأنه لافائدة في أن يعلم ذلك كله ويختص نفس العلم به و مايجري الاطلاع علي ذلك إذا لم تتعد المعرفة إلي العلم بالأحكام إلامجري العلم بعدد الحصي وكيل النوي ومعرفة أطوال الجبال وأوزانها و كما أن العناء في تعرف ذلك عبث وسفه لايجدي نفعا فكذلك العلم بشكل الفلك وتسيرات كواكبها وأبعادها والمعرفة بزمان قطع كل كوكب للفلك وتفاصيلها فيه و ماشقي القوم بهذا الشأن وأفنوا أعمارهم إلالتقديرهم أنه يفضي إلي معرفة الأحكام فلاتغتر بقول من يقول منهم إننا ننظر في ذلك لشرف نفوسنا بعلم الهيئة ولطيف ما فيها من الأعاجيب فإن ذلك تجمل منهم وتقرب إلي أهل الإسلام و لو لا أن غرضهم معرفة الأحكام لماتعنوا بشيء من ذلك كله و لاكانت فيه فائدة و لا منه عائدة و من أدل الدليل علي بطلان أحكام النجوم أنا قدعلمنا أن من جملة معجزات الأنبياء ع الإخبار عن الغيوب وعد ذلك خارقا للعادات كإحياء الميت وإبراء الأكمه والأبرص و لو كان العلم بما يحدث طريقا نجوميا لم يكن ماذكرناه معجزا و لاخارقا للعادات فكيف يشتبه علي مسلم بطلان أحكام النجوم و قدأجمع المسلمون قديما
صفحه : 289
وحديثا علي تكذيب المنجمين والشهادة بفساد مذاهبهم وبطلان أحكامهم ومعلوم من دين الرسول ص ضرورة التكذيب بما يدعيه المنجمون والإزراء عليهم والتعجيز لهم و في الروايات عنه ص من ذلك ما لايحصي كثرة وكذا عن علماء أهل بيته ع وخيار أصحابه فما زالوا يبرءون من مذاهب المنجمين ويعدونها ضلالا ومحالا و مااشتهر هذه الشهرة في دين الإسلام كيف يغتر بخلافه منتسب إلي الملة ومصل إلي القبلة فأما إصابتهم في الإخبار عن الكسوفات و مامضي في أثناء المسألة من طلب الفرق بين ذلك و بين سائر مايخبرون به من تأثيرات الكواكب في أجسامنا فالفرق بين الأمرين أن الكسوفات واقترانات الكواكب وانفصالها طريقة الحساب وتسير الكواكب و له أصول صحيحة وقواعد سديدة و ليس كذلك مايدعونه من تأثيرات الكواكب في الخير والشر والنفع والضر و لو لم يكن في الفرق بين الأمرين إلاالإصابة الدائمة المتصلة في الكسوفات و مايجري مجراها فلايكاد يبين فيهاخطاء البتة و إن الخطاء المعهود الدائم إنما هو في الأحكام الباقية حتي أن الصواب هوالعزيز فيها و مايتفق لعله فيها من الإصابة قديتفق من المخمن أكثر منه فحمل أحد الأمرين علي الآخر بهت وقلة دين انتهي كلامه ضاعف الله إنعامه . ونقل عنه السيد ابن طاووس ره أنه كتب في أجوبة بعض ماسئل عنه قلنا إن ألذي جاء بعلم النجوم من الأنبياء هوإدريس ع وإنما علم من جهته علي الحد ألذي ذكرناه ونعلم أنه لايجوز كونها دلالة إلا علي هذاالوجه فقط لأن الشيء إنما يدل علي هذاالحد أو علي الوجه ألذي يدل الدليل العقلي عليه و قدبينا تعذر ذلك في النجوم فلم يبق إلا ماذكرناه والقطع علي أن كيفية دلالتها معلوم الآن غيرممكن لأن شريعة إدريس ع و ماعلم من قبله كالمندرس فلانعلم الحال فيه فإن كان بعض تلك العلوم قدبقي محفوظا عندقوم
صفحه : 290
تناقلوه وتداولوه لم نمنع أن يكون معلوما لهم إذااتصل التواتر و إن لم يكن كذلك لم نمنع أن يكون العلم به و إن بطل وزال أن يكون أمارة يقتضي غالب الظن عندكثير منهم و هذا هوالأقرب فيما يتمسك به أهل النجوم لأنهم إذاتدبرت أحوالهم وجدتهم غيرواثقين بما يحكمون وإنما يتقدم أحدهم في ذلك العلم كتقدم الطبيب في الطب فكما أن علوم الطب مبنية علي الأمارات التي تقتضيها التجارب وغالب الظن فكذلك القول في علم النجوم إلا في أمور مخصوصة يمكن أن يعلم بضروب من الأخبار انتهي . و قال العلامة ره في كتاب منتهي المطلب التنجيم حرام وكذا تعلم النجوم مع اعتقاد أنها مؤثرة أو أن لها مدخلا في التأثير بالنفع والضرر وبالجملة كل من يعتقد ربط الحركات النفسانية والطبيعية بالحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية كافر وأخذ الأجرة علي ذلك حرام و أما من يتعلم النجوم فيعرف قدر سير الكواكب وبعده وأحواله من التربيع والكسف وغيرهما فإنه لابأس به ونحوه قال في التحرير والقواعد. و قال الشيخ الشهيد ره في قواعده كل من اعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم وموجدة ما فيه فلاريب أنه كافر و إن اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها و الله سبحانه هوالمؤثر الأعظم كمايقوله أهل العدل فهو مخطئ إذ لاحياة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلي و لانقلي وبعض الأشعرية يكفرون هذا كمايكفرون الأول وأوردوا علي أنفسهم عدم تكفير المعتزلة و كل من قال بفعل العبد وفرقوا بأن الإنسان وغيره من الحيوان يوجد فعله من أن التذلل ظاهر عليه فلايحصل منه اهتضام لجانب الربوبية بخلاف الكواكب فإنها غائبة عنه فربما أدي ذلك إلي اعتقاد استقلالها وفتح باب الكفر و أما مايقال من أن استناد الأفعال إليها كاستناد الإحراق إلي النار وغيرها من العاديات بمعني أن الله تعالي أجري عادته أنها إذاكانت علي شكل مخصوص أووضع مخصوص يفعل ماينسب إليها و يكون ربط المسببات بهاكربط مسببات الأدوية والأغذية بها
صفحه : 291
مجازا باعتبار الربط العادي لاالفعل الحقيقي فهذا لايكفر معتقده ولكنه مخطئ أيضا و إن كان أقل خطاء من الأول لأن وقوع هذه الآثار عندها ليس بدائم و لاأكثري. و قال ره في الدروس ويحرم اعتقاد تأثير النجوم مستقلة أوبالشركة والإخبار عن الكائنات بسببها أما لوأخبر بجريان العادة أن الله تعالي يفعل كذا عندكذا لم يحرم و إن كره علي أن العادة فيها لاتطرد إلافيما قل و أماعلم النجوم فقد حرمه بعض الأصحاب ولعله لما فيه من التعرض للمحظور من اعتقاد التأثير أولأن أحكامه تخمينية و أماعلم هيئة الأفلاك فليس حراما بل ربما كان مستحبا لما فيه من الاطلاع علي حكم الله وعظم قدرته . و قال المحقق الشيخ علي أجزل الله تشريفه التنجيم الإخبار عن أحكام النجوم باعتبار الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية التي مرجعها إلي القياس والتخمين إلي أن قال و قدورد عن صاحب الشرع النهي عن تعلم النجوم بأبلغ وجوهه إذاتقرر ذلك فاعلم أن التنجيم مع اعتقاد أن للنجوم تأثيرا في الموجودات السفلية و لو علي جهة المدخلية حرام وكذا تعلم النجوم علي هذاالوجه بل هذاالاعتقاد كفر في نفسه نعوذ بالله أماالتنجيم لا علي هذاالوجه مع التحرز عن الكذب فإنه جائز فقد ثبت كراهية التزويج وسفر الحج في العقرب و ذلك من هذاالقبيل نعم هومكروه و لاينجر إلي الاعتقاد الفاسد و قدورد النهي عنه مطلقا حسما للمادة. و قال الشيخ البهائي ره مايدعيه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفلية بالأجرام العلوية إن زعموا أن تلك الأجرام هي العلة المؤثرة في تلك الحوادث بالاستقلال أوأنها شريكة في التأثير فهذا لايحل للمسلم اعتقاده وعلم النجوم المبتني علي هذاكفر والعياذ بالله و علي هذاحمل ماورد في الحديث من التحذير عن علم النجوم والنهي عن اعتقاد صحته و إن قالوا إن اتصالات تلك
صفحه : 292
الأجرام و مايعرض لها من الأوضاع علامات علي بعض حوادث هذاالعالم مما يوجده الله سبحانه بقدرته وإرادته كما أن حركات النبض واختلافات أوضاعه علامات يستدل بهاالطبيب علي مايعرض للبدن من قرب الصحة أواشتداد المرض ونحو ذلك و كمايستدل باختلاج بعض الأعضاء علي بعض الأحوال المستقبلة فهذا لامانع منه و لاحرج في اعتقاده و ماروي من صحة علم النجوم وجواز نقله محمول علي هذاالمعني ثم قال ره الأمور التي يحكم بهاالمنجمون من الحوادث الاستقبالية أصول بعضها مأخوذة من أصحاب الوحي سلام الله عليهم وبعض الأصول يدعون فيهاالتجربة وبعضها مبتن علي أمور متشعبة لاتفي القوة البشرية في الأغلب بضبطها والإحاطة بها كَمَا يُومِئُ إِلَيهِ قَولُ الصّادِقِ ع كَثِيرُهُ لَا يُدرَكُ وَ قَلِيلُهُ لَا يُنتِجُ
فلذلك وجد الاختلاف في كلامهم وتطرق الخطاء إلي بعض أحكامهم و من اتفق له الجري علي الأصول الصحيحة صح كلامه وصدقت أحكامه لامحالة كمانطق به كلام الصادق ع في الرواية المذكورة قبيل هذاالفصل يعني رواية ابن سيابة ولكن هذاأمر عزيز المنال لايظفر به إلاالقليل و الله الهادي إلي سواء السبيل . ولابن سينا كلام في هذاالباب قال في فصل المبدإ والمعاد من إلهيات الشفاء لوأمكن إنسانا من الناس أن يعرف الحوادث التي في الأرض والسماء جميعا وطبائعها لفهم كيفية مايحدث في المستقبل و هذاالمنجم القائل بالأحكام مع أن أوضاعه الأولي ومقدماته ليست مستندة إلي برهان بل عسي أن يدعي فيهاالتجربة أوالوحي وربما حاول قياسات شعرية أوخطابية في إثباتها فإنه إنما يعول علي دلائل جنس واحد من أسباب الكائنات وهي التي في السماء علي أنه لايضمن الإحاطة بجميع الأحوال التي في السماء و لوضمن لنا في ذلك ووفي به لم يمكنه أن يجعلنا بحيث نقف علي وجود جميعها في كل وقت و إن كان جميعها من حيث فعله وطبعه معلوما عنده ثم قال في آخر كلامه فليس لنا إذن اعتماد علي أقوالهم و إن سلمنا
صفحه : 293
متبرعين أن جميع مايعطونا من مقدماتهم الحكمية صادقة انتهي . و قال الشيخ أبوالفتح محمد بن علي الكراجكي ره في كتاب كنز الفوائد في الرد علي من قال إن الشمس والقمر والنجوم علل موجبات كلاما طويل الذيل يرجع حاصله إلي أن هذه الكواكب والأوضاع إن كانت عللا للحوادث فما الحاجة إلي الاطلاع علي الأحكام وأخذ الطوالع عندالمواليد وعمل الزوائج وتحاويل السنين مع أن الإنسان لايقدر علي أن يزيد فيه في سعده و لا أن ينقص به من نحسه و ماأوجبه مولده فهو كائن لامغير له مع أنه إذاعلم حصول سعادة قبل وقوعها يكون قلق النفس منقسم الخاطر يستبعد قرب الساعات ويستطيل قصر الأوقات تشوقا إلي مايرد وتطلعا إلي ماوعد و في ذلك مايقطعه عن منافعه ويقصر به عن حركاته في مصالحه اتكالا علي مايأتيه وربما أخلف الوعد وتأخر السعد فليس جميع أحكامكم تصيب و لاالغلط منكم بعجيب فتصير المنفعة مضرة و أمامتوقع المنحسة فلاشك أنه قدتعجل الشدة رهبة من قدومها وعظم هلعه بهجومها و إن قلتم إن الإنسان يمكنه أن يحترز من المنحسة فيدفعها أوينقص منها فقد أبطلتم دعواكم أنها مدبرة. ثم قال و أناأخبرك بعد هذابطرق من بطلان أفعالهم ونكت من فساد استدلالهم اعلم أن تسمية البروج الاثني عشر بالحمل والثور والجوزاء وغيرها لاأصل لها و لاحقيقة وإنما وضعها الراصدون لهم فحصل متعارفا بينهم وكذلك جميع الصور التي عن جنبي منطقة البروج والجميع ثمان وأربعون صورة عندهم مشهورة وعلماؤهم معترفون بأن ترتيب هذه الصور وتشبيهها وقسمة الكواكب عليها وتسميتها صنعها حذاقهم الراصدون لها و قدذكر هذا أبو الحسين عبدالرحمن بن عمر الصوفي و هو من جملتهم و له مصنفات لم يعمل مثلها في عملهم وبينه في الجزء الأول من كتابه ألذي عمله في الصور و قدذكر رصد الأوائل منهم الكواكب وأنهم رتبوها في المقادير والعظم ست مراتب و بين أنهم الفاعلون لذلك و قال إنهم وجدوا من هذه الكواكب تسعمائة وسبعة عشر كوكبا ينتظم منها ثمانية
صفحه : 294
وأربعون صورة كل صورة منها تشتمل علي كواكبها وهي الصور التي أثبتها بطلميوس في المجسطي بعضها في النصف الشمالي من الكرة وبعضها علي منطقة البروج التي هي طريقة الشمس والقمر والكواكب السريعة السير وبعضها في النصف الجنوبي منها فسموا كل صورة منها باسم الشيء المشبه بهافبعضها علي صورة الإنسان مثل كوكبة الجوزاء وكوكبة الجاثي علي ركبتيه وكوكبة العواء وبعضها علي صورة الحيوانات البرية والبحرية مثل الحمل والثور والسرطان والأسد والعقرب والحوت والدب الأكبر والدب الأصغر وبعضها خارج عن شبه الإنسان وسائر الحيوانات مثل الإكليل والميزان وإنما فعلوا ذلك ليكون لكل كوكب اسم يعرف به متي أشاروا إليه لمعرفة أوقات الليل والطالع في كل وقت وأشياء عظيمة المنفعة انتهي . ثم قال الكراجكي و هودليل واضح علي أن الصور والأشكال والأسماء والألقاب ليست علي سبيل الواجب والاستحقاق وإنما هي اصطلاح واختيار و لوغيرت عن ذلك إلي تشبيه آخر لأمكن وجاز ثم إنهم بعد هذه الحال جعلوا كثيرا من الأحكام مستخرجا من هذه الصور والأشكال ومنتسبا إلي الأسماء الموضوعة والألقاب حتي كأنها علي ماذكروه بنحو واجب ودليل عقل ثبت فقالوا إن الحكم علي الكسوف علي ماحكاه ابن هنبثي عن بطلميوس أنه إذا كان البرج ألذي يقع فيه الكسوف من ذوات الأجنحة مثل العذراء والرامي والدجاجة والنسر و ماأشبهها كان الحادث في الطير ألذي يأكله الناس و إن كان في صورة الحيوان مثل السرطان والدلفين كان الحادث في الحيوانات البحرية أوالنهرية و في هذه فضيحة عظيمة أ مايعلم هؤلاء القوم أنهم الذين جعلوا ذوات الأجنحة بأجنحة والصور البحرية بحرية و أنه لو لا مافعلوه لم يكن شيءمما ذكروه فكيف صارت أفعالهم التي ابتدعوها وتشبيهاتهم التي وضعوها موجبة لأن يكون حكم
صفحه : 295
الكسوف مستخرجا منها وصادرا عنها و هذايؤدي إلي أنهم المدبرون للعالم إذ كانت أفعالهم سببا لماتوجبه الكوكب . ثم أورد ره كثيرا من هذه الإلزامات المسكتة عليهم ثم قال والصور عندهم لاتثبت في مواضعها و لاتستقر علي أقسامها وصورة الحمل التي يقولون إنها أول البروج قدسفل إلي مكان البرج الثاني والحمل في الحوت إذ الثوابت متحركة عندهم بحركة بطيئة خفية ولخفاء حركتها سموها الثابتة و إن وجدوها في الأرصاد مختلفة و قال الصوفي في كتاب الصور إن مواضع هذه الصور التي علي منطقة فلك البروج كانت منذ ثلاثة آلاف سنة في غير هذه الأقسام و إن صورة الحمل كانت في القسم الأول و كان يسمي الأول من البروج الثور والثاني الجوزاء والثالث السرطان و لماجددوا الأرصاد في أيام طيموخارس وجدوا صورة الحمل قدانتقلت إلي القسم الأول من الأقسام الاثني عشر ألذي هو بعدنقطة التقاطع غيروا أساميها فسموا القسم الأول الحمل والثاني الثور والثالث الجوزاء قال و لايخالفنا أحد في أن هذه الصور تنتقل حركاتها علي مر الدهور علي أماكنها حتي تصير صورة الحمل في القسم التاسع ألذي للميزان وصورة الميزان في القسم الأول ألذي للحمل فيسمي أول البروج الميزان والثاني العقرب ثم مر في كلامه موضحا عما ذكرناه من تنقلها الموجب لتغير أسماء بروجها وهم مجمعون علي أن الكوكبين المتقاربين المعروفين بالشرطين علي قرني الحمل وهما أول منازل القمر فيجب أن يكونا أول البروج الاثني عشر و من امتحنهما في وقتنا هذا و هو من سنة ثمان وعشرين وأربعمائة للهجرة الموافقة لسنة ألف وثلاثمائة وثمان وأربعين لذي القرنين وجد أحدهما في عشرين درجة من الحمل والأخري في إحدي وعشرين منه أعني من البرج الأول فأي برج من البروج الاثني عشر يبقي علي صورة واحدة وكيف يثبت الحكم لأول البروج بأنه دال علي الوحوش و علي كل ذي ظلف و قدانتقلت إليه أكثر صورة الحوت وكذلك حال جميع البروج .
صفحه : 296
ثم ذكر ره كثيرا من أغلاطهم واشتباهاتهم إلي أن قال و أناأذكر لك بعد هذامقالتنا في النجوم و مانعتقده فيهالتعرف الطريقة في ذلك فتعتمد عليها اعلم أيدك الله أن الشمس والقمر والنجوم أجسام محدثة من جنس أجسام العالم مؤتلفة من أجزاء تحلها الأعراض وليست بفاعلة في الحقيقة و لاناطقة و لاحية قادرة و قد قال شيخنا المفيد ره إنها أجسام نارية فأما حركتها فهي فعل الله تعالي فيها و هوالمحرك لها وهي من آياته الباهرة في خلقه وزينة لسمائه و فيهامنافع لعباده لاتحصي و بهايهتدي السائرون برا وبحرا قال الله تعالي وَ عَلاماتٍ وَ بِالنّجمِ هُم يَهتَدُونَ و فيهاللخلق مصالح لايعلمها إلا الله فأما التأثير المنسوب إليها فإنا لاندفع كون الشمس والقمر مؤثرين في العالم ونحن نعلم أن الأجسام و إن كان لايؤثر أحدها في الآخر إلا مع مماسة بينهما بأنفسهما أوبواسطة فإن للشمس والقمر شعاعا متصلا بالأرض و ماعليها يقوم مقام المماسة وتصح به التأثيرات الحادثة و من ذا ألذي ينكر تأثير الشمس والقمر و هوموجود مشاهد و إن كان تأثير الشمس أظهر للحس وأبين من تأثير القمر في الأزمان والبلدان والنبات والحيوان فأما غيرهما من الكواكب فلسنا نجد لها تأثيرا نحس و لانقطع علي وجوبه بالعقل و لا هوأيضا من الممتنع المستحيل بل من الجائز في العقول لأن لها شعاعا متصلا بالأرض و إن كان دون شعاع الشمس والقمر فغير منكر أن يكون لها تأثير يخفي عن الحس خارج عن أفعال الخلق فإن كان لها تأثير كمايقال كان تأثيرها مع تأثير الشمس والقمر في الحقيقة من أفعال الله عز و جل و ليس يصح إضافته إليها إلا علي وجه التوسع والتجوز كماتقول أحرقت النار وبرد الثلج وقطع السيف وشج الحجر و في الحقيقة أن النار أحرق بها والثلج برد بها وقطع أيضا بالسيف وشج بالحجر وكذلك قولنا أحمت الشمس الأرض ونفعت الزرع و في الحقيقة أن الله تعالي أحمي بها ونفع ومما يدل علي أن الله تعالي يستعمل شيئا بشيء قوله عز و جل أَ لَم تَرَ
صفحه : 297
أَنّ اللّهَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الأَرضِ ثُمّ يُخرِجُ بِهِ زَرعاً مُختَلِفاً أَلوانُهُ ثُمّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصفَرّا و قوله تعالي وَ هُوَ ألّذِي يُرسِلُ الرّياحَ بُشراً بَينَ يدَيَ رَحمَتِهِ حَتّي إِذا أَقَلّت سَحاباً ثِقالًا سُقناهُ لِبَلَدٍ مَيّتٍ فَأَنزَلنا بِهِ الماءَ فَأَخرَجنا بِهِ مِن كُلّ الثّمَراتِ كَذلِكَ نُخرِجُ المَوتي لَعَلّكُم تَذَكّرُونَ و ليس فيما ذكرناه رجوع إلي قول أصحاب الأحكام والإقرار بما أنكرناه عليهم في متقدم الكلام لأنا أنكرنا عليهم إضافتهم تأثيرات الشمس والقمر إليهما من دون الله سبحانه وقطعهم علي ماجوزناه من تأثيرات الكواكب بغير حجة عقلية و لاسمعية وإضافتهم إلي جميع الأفعال في الحقيقة مع دعواهم لها بالحياة والقدرة فأنكرنا عليهم أن يكون الشمس والقمر أو شيء من الكواكب فاعلا لأفعالنا أوتكون حركته شيئا موجبا لوقوع الأفعال عنا لشهادة العقل الصحيح بأن أفعالنا لوكانت مخترعة فينا أوكائنة عن سبب أوجبها من غيرنا لم تقع بحسب قصودنا وإراداتنا وكانت لافرق بينها و بين جميع مايفعل فينا من صحتنا وسقمنا وتأليف أجسامنا و في حصول الفرق دلالة علي اختصاصها بنا وبرهان واضح علي أنها حدثت عن قدرتنا و أنه لاسبب لها غيراختيارنا وأنكرنا عليهم قولهم إن الله لايفعل في العالم فعلا إلا والكواكب دالة عليه فإن كل شيءتدل عليه فلابد من كونه و هذاباطل لأنه لوثبت لها تأثير أودلالة فإن الله تعالي أجري بذلك العادة و ليس بمستحيل منه تغيير تلك العادة لمايراه من المصلحة و قديصرف الله تعالي السوء عن عبده بدعوة ويزيد في أجله بصلة رحم أوصدقة هذا ألذي ثبتت لنا عليه الأدلة و هوالموافق للشريعة و ليس هوبملائم لمايدعيه المنجمون والحمد لله وأنكرنا عليهم اعتمادهم في الأحكام علي أصول متناقضة ومقدمات مفتعلة ودعاو مظنونة و ليس لهم علي شيءمنها بينة فإن كان لهذا العلم أصل صحيح علي وجه يسوغ في العقل ويجوز فليس هومما في أيديهم و لا من جملة دعاويهم و قد قال شيخنا المفيد
صفحه : 298
رحمه الله إن الاستدلال بحركات النجوم علي كثير مما سيكون لايمنع العقل منه ولسنا نمنع أن يكون الله جل اسمه أعلمه بعض أنبيائه وجعله علما علي صدقه انتهي كلام الكراجكي ره و قال شيخ المتكلمين محمود بن علي الحمصي ره في ذكر علم النجوم إنا لانرد عليهم فيما يتعلق بالحساب في تسيير النجوم واتصالاتها التي يذكرونها فإن ذلك مما لايهمنا و لا هومما يقابل بإنكار ورد ثم قال ره في إنكار كون النجوم عللا موجبة يبطل ذلك بكل مايبطل به دعوة المجبرة بأننا غيرمختارين . ثم قال فإن قيل كيف تنكرون الأحكام و قدعلمنا أنهم يحكمون بالكسوف والخسوف ورؤية الأهلة و يكون الأمر علي مايحكمون في ذلك وكذلك يخبرون عن أمور مستقبلة تجري علي الإنسان وتجري تلك الأمور علي ماأخبروا عنها فمع وضوح الأمر فيما ذكرناه كيف تدفع الأحكام .قلنا إن أخبارهم عن الكسوف والخسوف ورؤية الأهلة فليس من الأحكام وإنما هو من باب الحساب إنما الحكم أن يقولوا إذا كان كسوف أوخسوف كان من الحوادث كذا وكذا. ثم قال فأما الأمور المستقبلة التي يخبرون عنها فأكثرها لاتقع علي مايخبرون عنه وإنما يقع قليل منه بالاتفاق ومثل ذلك يتفق لأصحاب الفال والزجر الذين لايعرفون النجوم بل للعواجز اللواتي يتفألن بالأحجار و ألذي قديخبر المصروع وكثير من ناقصي العقول عن أشياء فيتفق وقوع مايخبرون عنه انتهي . والسيد الجليل النبيل علي بن طاووس ره لأنس قليل له بهذا العلم عمل في ذلك رسالة وبالغ في الإنكار علي من اعتقد أن النجوم ذوات إرادة أوفاعلة أومؤثرة واستدل علي ذلك بدلائل كثيرة وأيده بكلام جم غفير من الأفاضل إلا أنه أنكر علي السيد الأجل المرتضي ره في تحريمه وذهب إلي أنه من العلوم المباحات و أن النجوم علامات ودلالات علي الحادثات لكن يجوز للقادر
صفحه : 299
الحكيم أن يغيرها بالبر والصدقة والدعاء و غير ذلك من الأسباب والدواعي علي وفق إرادته وحكمته وجوز تعليم علم النجوم وتعلمه والنظر فيه والعمل به إذا لم يعتقد أنها مؤثرة وحمل أخبار النهي والذم علي ما إذااعتقدت ذلك ثم ذكر ره تأييدا لصحة هذاالعلم أسماء جماعة من الشيعة كانوا عارفين به فقال إن جماعة من بني نوبخت كانوا علماء بالنجوم وقدوة في هذاالباب ووقفت علي عدة مصنفات لهم في النجوم وأنها دلالات علي الحادثات منهم الحسن بن موسي النوبختي و من علماء المنجمين من الشيعة أحمد بن محمد بن خالد البرقي وذكر النجاشي في كتبه كتاب النجوم ومنهم أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة فقد عد الشيخ والنجاشي من كتبه كتاب النجوم والشيخ النجاشي كان له تصنيف في النجوم و من المذكورين بعلم النجوم الجلودي البصري ومنهم علي بن محمد بن العدوي الشمشاطي فإنه ذكر النجاشي أن له رسالة في إبطال أحكام النجوم ومنهم علي بن محمد بن العباس فإن النجاشي ذكر في كتبه كتاب الرد علي المنجمين و كتاب الرد علي الفلاسفة ومنهم محمد بن أبي عمير واستند إلي الخبر السابق و قدعرفت ما فيه قال ومنهم محمد بن مسعود العياشي فإنه ذكر في تصانيفه كتاب النجوم ومنهم موسي بن الحسن بن عباس بن إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت قال النجاشي كان حسن المعرفة بالنجوم و له مصنفات فيه و كان مع ذلك حسن العبادة والدين ومنهم الفضل بن أبي سهل بن نوبخت وصل إلينا من تصانيفه مايدل علي قوة معرفته بالنجوم وَ ذَكَرَ عَنِ العُيُونِ مَا أَورَدتُهُ فِي أَبوَابِ تَارِيخِ الرّضَا ع مِن أَنّهُ أَخبَرَ المَأمُونَ بِخَطَاءِ المُنَجّمِينَ فِي السّاعَةِ التّيِ اختَارُوهَا لِوِلَايَةِ العَهدِ فَزَجَرَهُ المَأمُونُ وَ نَهَاهُ أَن يُخبِرَ بِهِ أَحَداً فَعَلِمَ أَنّهُ تَعَمّدَ ذَلِكَ
ومنهم السيد الفاضل علي بن أبي الحسن العلوي المعروف بابن الأعلم و كان صاحب الزيج ومنهم أبو الحسن النقيب الملقب أباقيراط ومنهم الشيخ الفاضل الشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي مصنف كتاب مروج الذهب ومنهم أبوالقاسم بن نافع من أصحابنا الشيعة ومنهم ابراهيم الفزاري صاحب القصيدة في النجوم و كان منجما للمنصور
صفحه : 300
ومنهم الشيخ الفاضل أحمد بن يوسف بن ابراهيم المصري كاتب آل طولون ومنهم الشيخ الفاضل محمد بن عبد الله بن عمر البازيار القمي تلميذ أبي معشر ومنهم الشيخ الفاضل أبو الحسين بن أبي الخضيب القمي ومنهم أبو جعفرالسقاء المنجم ذكره الشيخ في الرجال ومنهم محمد بن أحمد بن سليم الجعفي مصنف كتاب الفاخر ومنهم محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك المعروف بكشاجم ذكر ابن شهرآشوب أنه كان شاعرا منجما متكلما ومنهم العفيف بن قيس أخو الأشعث ذكره المبرد و قدمر أنه قيل هو ألذي أشار إلي أمير المؤمنين ع بترك قتال الخوارج في الساعة التي أراد. ثم قال ره وممن أدركته من علماء الشيعة العارفين بالنجوم وعرفت بعض إصاباته الفقيه العالم الزاهد الملقب خطير الدين محمود بن محمد وممن رأيته الشيخ الفاضل أبونصر الحسن بن علي القمي ثم عد ره من اشتهر بعلم النجوم وقيل إنه من الشيعة فقال منهم أحمد بن محمدالسجزي والشيخ الفاضل علي بن أحمدالعمراني والفاضل إسحاق بن يعقوب الكندي قال وممن اشتهر بالنجوم من بني العباس محمد بن عبدالعزيز الهاشمي و علي بن القاسم القصري و قال رحمه الله وجدت فيما وقفت عليه أن علي بن الحسين بن بابويه القمي كان ممن أخذ طالعه في النجوم و أن ميلاده بالسنبلة ثم قال السيد ره روي الشيخ في اختيار الكشي في بيان حال أبي خالد السجستاني حمدويه و ابراهيم عن محمد بن عثمان قال حدثنا أبوخالد السجستاني أنه لمامضي أبو الحسن ع وقف عليه ثم نظر في نجومه فزعم أنه قدمات فقطع علي موته وخالف أصحابه . ثم قال ره ففي هذه عدة فوائد منها أن هذا أبوخالد كان واقفيا يعتقد أن أبا الحسن موسي ع مامات فدله الله تعالي بعلم النجوم علي موته و قد كان هذاالعلم سبب هدايته ومنها أنه كان من أصحاب الكاظم ع و لم يبلغنا أنه أنكر عليه علم النجوم ومنها أنه لوعلم أبوخالد أن علم النجوم منكر عندإمامه لمااعتمد عليه في عقيدته ومنها اختيار جدي الطوسي لهذا الحديث وتصحيحه
صفحه : 301
و قدتقدم ثناؤه ره علي جماعة من العلماء بالنجوم ثم قال وممن اشتهر بعلمه من بني نوبخت عبد الله بن أبي سهل و من العلماء بالنجوم محمد بن إسحاق النديم كان منجما للعلوي المصري و من المذكورين بالتصنيف في علم النجوم حسن بن أحمد بن محمد بن عاصم المعروف بالعاصمي المحدث الكوفي ثقة سكن بغداد فمن كتبه الكتب النجومية ذكر ذلك ابن شهرآشوب في كتاب معالم العلماء وممن اشتهر بعلم النجوم من المنسوبين إلي مذهب الإمامية الفضل بن سهل وزير المأمون فروي محمد بن عبدوس الجمشاري وغيره مامعناه أنه لماوقع بين الأمين والمأمون ماوقع واضطربت خراسان وطلب جند المأمون أرزاقهم وتوجه علي بن عيسي بن ماهان من العراق لحرب المأمون وصعد المأمون إلي منظره للخوف علي نفسه من جنده ومعه الفضل و قدضاق عليه مجال التدبير وعزم علي مفارقة ما هو فيه أخذ الفضل طالعه ورفع أصطرلابا و قال ماتنزل من هذه المنزلة إلاخليفة غالبا لأخيك الأمين فلاتعجل و مازال يسكنه ويثبته حتي ورد عليهم في تلك الساعة رأس علي بن عيسي و قدقتله طاهر وثبت ملكه وزال ما كان يخافه وظفر بالأمان وروي خبر آخر أيضا مثل ذلك . ثم قال وممن كان عالما بالنجوم من المنسوبين إلي الشيعة الحسن بن سهل ثم ذكر ماأخرجنا من العيون في أبواب تاريخ الرضا ع من حديث الحمام وقتل الفضل فيه ثم قال رأيت في كتاب الوزراء جمع عبدالرحمن بن المبارك أنه ذكر محمد بن سعيد أنه وجد علي كتاب من كتب ذي الرئاستين بخطه هذه السنة الفلانية التي تكون فيهاالنكبة و إلي الله نرغب في دفعها و إن صح من حساب الفلك شيءفالأمر واقع فيها لامحالة ونسأل الله تعالي أن يختم لنا بخير بمنه و كان يعمل لذي الرئاستين تقويم في كل سنة فيوقع عليه هذا يوم يصلح لكذا ويجنب في هذااليوم كذا فلما كان في السنة التي قتل فيهاعرض عليه اليوم فجعل يوقع فيه مايصلح حتي انتهي إلي اليوم ألذي قتل فيه فقال أف لهذا اليوم ماأشره علي ورمي بالتقويم وروي عن أخت الفضل قالت دخل الفضل
صفحه : 302
إلي أمه في الليلة التي قتل في صبيحتها فقعد إلي جانبها وأقبل يعظها ويعزيها عن نفسه ويذكرها حوادث الدهر وتقضي أمور العباد ثم قبل صدرها وثديها وودعها وداع المفارق ثم قام فخرج و هوقلق منزعج لمادله عليه الحساب فجعل ينتقل من موضع إلي موضع و من مجلس إلي مجلس وامتنع عليه النوم فلما كان في السحر قام إلي الحمام وقدر أن يجعل غمه وحرارته وكربه هو ألذي دلت عليه النجوم وقدمت له بغلة فركبها و كان الحمام في آخر البستان فكبت به البغلة فسره ذلك وقدر أنها هي النكبة التي كان يتخوفها ثم مشي إلي الحمام و لم يزل حتي دخل الحمام فاغتسل فيه فقتل . قال و من المذكورين بعلم النجوم بوران بنت الحسن بن سهل وجدت في مجموع عتيق أن بوران كانت في المنزلة العليا بأصناف العلم لاسيما في النجوم فإنها برعت فيه وبلغت أقصي نهايته وكانت ترفع الأصطرلاب كل وقت وتنظر إلي مولد المعتصم فعثرت يوما يقطع عليه سببه خشب فقالت لوالدها الحسن انصرف إلي أمير المؤمنين وعرفه أن الجارية فلانة قدنظرت إلي المولد ورفعت الأصطرلاب فدل الحساب و الله أعلم أن قطعا يلحق أمير المؤمنين من خشب في الساعة الفلانية من يوم بعينه قال الحسن ياقرة العين ياسيدة الحرائر إن أمير المؤمنين قدتغير علينا وربما أصغي إلي شيخك بخلاف مايقتضيه وجه المشورة والنصيحة قالت ياأبت و ماعليك من نصيحة إمامك لأنه خطر بروح لاعوض منها فإن قبلها و إلاكنت قدأديت المفروض عليك قال فانصرف الحسن إلي المعتصم وعرفه ماقالت بوران قال المعتصم أيها الحسن أحسن الله جزاءها وجزاءك انصرف إليها وخصها عني بالسلام واسألها ثانيا واحضر عندي اليوم ألذي عينت عليه ولازمني حتي ينصرم اليوم ويذهب فلست أشاركك في هذه المشورة والتدبير أحدا من البشر قال فلما كان صباح ذلك اليوم دخل عليه الحسن فأمر المعتصم حتي خرج كل من في المجلس وخلا إليه وأشار عليه أن ينتقل عن المجلس السقفي إلي مجلس ابن أرخي لايوجد فيه وزن درهم واحد من الخشب
صفحه : 303
و مازال الحسن يحدثه والمعتصم يمازحه وينشطه حتي أظهر النهار وضربت نوبة الصلاة فقام المعتصم ليتوضأ فقال الحسن لاتخرج أمير المؤمنين عن هذاالمجلس و يكون الوضوء والصلاة و كل ماتريده فيه حتي ينصرم اليوم فجاء خادم ومعه المشط والسواك فقال الحسن للخادم امتشط بالمشط واستك بالسواك فامتنع و قال كيف أتناول آلة أمير المؤمنين قال المعتصم ويلك امتثل قول الحسن و لاتخالف ففعل فسقطت ثناياه وانتفخ دماغه وخر مغشيا عليه ورفع ميتا وقام الحسن ليخرج فاستدعاه المعتصم واحتضنه و لم يفارقه حتي قبل عينيه ورد علي بوران أملاكا وضياعا و كان ابن الزيات حلها عنها وذكر مثله برواية أخري وروي من كتاب الوزراء لمحمد بن عبدوس عن إسماعيل بن صبيح قال كنت أكتب يوما بين يدي يحيي بن خالد البرمكي فدخل عليه جعفر بن يحيي فلما رآه صاح وأعرض بوجهه عنه وقطب وكره رؤيته فلما انصرف قلت له أطال الله بقاءك تفعل هذابابنك وحاله عند أمير المؤمنين حالة لايقدم عليه ولدا و لاوليا فقال إليك عني أيها الرجل فو الله لا يكون هلاك أهل هذاالبيت إلابسببه فلما كان بعدمدة من ذلك دخل عليه أيضا جعفر و أنابحضرته ففعل مثل مافعل الأول وأكدت عليه القول فقال أدن مني الدواة فأدنيتها وكتب كلمات يسيرة في رقعة وختمها ودفعها إلي و قال بلي ليكن عندك فإذادخلت سنة سبع وثمانين ومائة ومضي فانظر فيها فلما كان في صفر أوقع الرشيد بهم فنظرت في الرقعة فكان الوقت ألذي ذكره قال إسماعيل و كان يحيي أعلم الناس بالنجوم وروي أيضا عن محمد بن عبدوس من كتاب الوزراء عن موسي بن نصر الوصيف عن أبيه قال غدوت إلي يحيي بن خالد في آخر أمرهم أريد عيادته من علة كان يجدها فوجدت في دهليزه بغلا مسرجا فدخلت إليه فكان يأنس بي ويفضي إلي بسره فوجدته مفكرا مهموما ورأيته مستخليا مشتغلا بحساب النجوم و هوينظر فيه فقلت له إني لمارأيت بغلا مسرجا سرني لأني قدرت انصراف العلة و إن عزمك الركوب ثم قدغمني ماأراه من همك قال فقال لي إن
صفحه : 304
لهذا البغل قصة إني رأيت البارحة في النوم كأني راكبه حتي وافيت رأس الجسر من الجانب الأيسر فوقفت فإذاصائح يصيح من الجانب الآخر شعر.
كأن لم يكن بين الحجون إلي الصفا | .أنيس و لم يسمر بمكة سامر. |
قال فضربت يدي علي قربوس السرج و قلت شعر.
بلي نحن كنا أهلها فأبادنا. | صروف الليالي والجدود العواثر. |
ثم انتبهت فلجأت إلي أخذ الطالع فأخذته وضربت الأمر ظهر البطن فوقفت علي أنه لابد من انقضاء مدتنا وزوال أمرنا قال فما كان يكاد يفرغ من كلامه حتي دخل عليه مسرور الخادم بخوان مغطاة و فيهارأس جعفر بن يحيي و قال له يقول لك أمير المؤمنين كيف رأيت نقمة الله في الفاجر فقال له يحيي قل له يا أمير المؤمنين أري أنك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك . ثم قال وممن رأيت ذكره في علماء النجوم و إن لم أعلم مذهبه ابراهيم بن السندي بن شاهك و كان منجما طبيبا متكلما و من العلماء بالنجوم عضد الدولة ابن بويه و كان منسوبا إلي التشيع ولعله كان يري مذهب الزيدية ومنهم الشيخ المعظم محمود بن علي الحمصي ره كماحكينا عنه ومنهم جابر بن حيان صاحب الصادق ع وذكره ابن النديم في رجال الشيعة وممن ذكر بعلم النجوم من الوزراء أبوأيوب سليمان بن مخلد المورياني وممن ظهر منه العمل علي النجوم البرامكة ذكر عبدالرحمن بن المبارك أن جعفرا لماعزم علي الانتقال إلي قصره ألذي بناه وجمع المنجمين لاختيار وقت ينتقل فيه فاختاروا له وقتا من الليل فلما حضر الوقت خرج علي حمار من الموضع ألذي ينزله إلي قصره والطرق خالية و الناس ساكنون فلما وصل إلي سوق يحيي رأي رجلا يقول شعر.
يدبر بالنجوم و ليس يدري. | ورب النجم يفعل مايريد. |
فاستوحش ووقف ودعا بالرجل فقال له أعد علي ما قلت فأعاده فقال ماأردت بهذا قال و الله ماأردت به معني من المعاني لكنه عرض لي وجاء علي لساني فأمر له بدنانير.
صفحه : 305
ثم ذكر ره إصابات كثيرة من المنجمين نقلا من كتبهم ونقل من كتاب ربيع الأبرار أن رجلا أدخل إصبعيه في حلقتي مقراض و قال للمنجم أيش تري في يدي فقال خاتمي حديد و قال فقدت في دار بعض الرؤساء مشربة فضة فوجه إلي ابن ماهان يسأله فقال المشربة سرقت نفسها فضحكت منه واغتاظ و قال هل في الدار جارية اسمها فضة أخذت الفضة فكان كما قال و قال سعي بمنجم فأمر بصلبه فقيل له هل رأيت هذا في نجومك فقال رأيت ارتفاعا ولكن لم أعلم أنه فوق خشبة. و قال و من الملوك المشهورين بعلم النجوم وتقريب أهله المأمون وذكر محمد بن إسحاق أنه كان سبب نقل كتب النجوم وأمثالها من بلاد الروم ونشرها بين المسلمين وذكر المسعودي في حديث وفاة المأمون قال فأمرنا بإحضار جماعة من أهل الموضع فسألهم ماتفسير النديون فقالوا تفسيره مد رجليك فلما سمع المأمون بذلك اضطرب وتطير بهذا الاسم و قال سلوهم مااسم هذاالموضع بالعربية قالوا اسمه بالعربية الرقة و كان فيما عمل من مولد المأمون أنه يموت بالرقة فلما سمع اسم الرقة عرف أنه الموضع ألذي ذكر في مولده و أنه لايموت إلابالرقة فمات به كمااقتضت دلالة النجوم في طالعه . وذكر محمد بن بابويه في دلائل النبوة أن بختنصر لمارأي رؤياه أحضر من جملة العلماء أصحاب النجوم وذكر التنوخي في كتابه قال حدثني الصوفي المنجم قال و كان أبو الحسين حاضرا وعضد الدولة يحدثني قال اعتللت علة صعبة أيس مني فيهاالطبيب وأيست من نفسي و كان تحويل سنتي تلك في النجوم رديا جدا نحسا موحشا ثم زادت العلة علي فأمرت أن يحجب الناس كلهم لايدخل إلي أحد بوجه و لاسبب إلاحاجب البويه في أوقات حتي منعت الطبيب عن الوصول ضجرا بهم بل بنفسي ويأسا من العافية فأقمت كذلك أياما ثلاثة وأربعة و أناأبكي في خلوتي علي نفسي إذ جاءني حاجب البويه فقال في الدار أبو الحسين الصوفي من الغداة يطلب الوصول و قداجتهدنا به في الانصراف بكل رفق وجميل
صفحه : 306
فما فعل و قال لابد من أن أصل و لم أحب أن أحدثه في الانصراف علي أي وجه كان إلابأمرك و قدعرفته بأنه قدرسم لي أن لايصل إليه أحد من خلق الله أجمعين فقال ألذي حضرت له بشارة و لايجوز أن يتأخر وقوفه عليها فعرفه هذاعني واستأذنه لي في الوصول إليه فقلت له بضعيف صوت وكلام خفيف يريد أن يقول لي قدبلغ الكوكب الفلاني الموضع الفلاني ويهدي إلي من هذاالجنس مايضيق به صدري ويزيد به همي و ماأقدر علي سماع كلامك فانصرف فخرج الحاجب ورجع إلي مستعجلا و قال إما أن يكون أبو الحسين الصوفي قدجن أومعه أمر عظيم فإني قدعرفته بما قال مولانا فقال ارجع إليه وقل له و الله لوأمرت بضرب عنقي ماانصرفت أوأصل إليك و و الله ماأكلمك في معني النجوم بكلمة واحدة فعجبت من ذلك عجبا شديدا مع علمي بعقل أبي الحسين و أنه مما لايخرق معي في شيء وتطلعت نفسي إلي مايقوله فقلت أدخله فلما دخل إلي قبل الأرض وبكي و قال أنت و الله في عافية لابأس عليك واليوم تبرأ ومعي معجزة في ذلك فقلت له ماهي فقال رأيت البارحة في منامي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع و الناس يهرعون إليه يسألونه حوائجهم و كان قدتقدمت إليه و قلت يا أمير المؤمنين أنا رجل غريب في هذاالبلد تركت نعمتي بالري وتجارتي وتعلقت بحب هذاالأمير ألذي أنامعه و قدبلغ إلي حد الإياس من العلة و قدأشفقت أن أهلك بهلاكه فادع الله تعالي بالعافية له فقال تعني فناخسرو بن الحسن بن بويه قلت نعم يا أمير المؤمنين فقال امض إليه غدا وقل له أنسيت ماأخبرتك به أمك عني في المنام ألذي رأته وهي حامل بك أ ليس قدأخبرتك بمدة عمرك وأنك ستعتل إذابلغت كذا وكذا سنة علة ييأس منها أطباؤك وأهلك ثم تبرأ منها و أنت تصلح من هذه العلة غدا وتبرأ وأري صلاحك أن تركب وتعاود عاداتك كلها في كذا وكذا يوما و لاقطع عليك قبل الأجل ألذي خبرتك به أمك عني قال لي عضد الدولة و قد
صفحه : 307
كنت أنسيت أن أمي قالت لي في المنام إذابلغت هذه السنة اعتللت العلة التي قدذكرتها حتي قال لي أبو الحسين الصوفي فحين سمعت الكلام حدثت لي في نفسي في الحال قوة لم يكن من قبل فقلت أقعدوني فجاء الغلمان فأمسكوني حتي جلست علي الفراش و قلت لأبي الحسين اجلس وأعد الحديث فقد قويت نفسي فأعاده فتولدت لي شهوة الطعام فاستدعيت الأطباء فأشاروا بتناول غذاء وصفوه عمل في الحال وأكلته و لم تنقض الحال في اليوم حتي بان لي في الصلاح أمر عظيم وأقبلت العافية فركبت وعاودت عاداتي في اليوم ألذي قال أبو الحسين في المنام أن أركب فيه و كان عضد الدولة يحدثني و أبو الحسين يقول كذا و الله كان وكذا قلت لمولانا وأعيد بالله ماأحسن حفظه وذكر ماجري حرفا بحرف ثم قال مافاتني في نفسي من هذاالمنام شيءكنت أشتهي الأشياء كنت أشتهي أن يكون فيه مثبتا وشيئا كنت أشتهي أن لا يكون فيه فقلت يبلغ الله مولانا آماله ويحدث له كل مايسر به ويصرف عنه كل ما لايؤثر كونه و لم أزد علي الدعاء فعلم غرضي و قال أما ألذي كنت أشتهي أن لا يكون فيه فهو أنه وقف علي أني أملك حلبا و لو كان عنده أني أملك شيئا مما تجاوز حلبا لقاله وكأني أخاف أن يكون هذاغاية حدي من تلك الناحية حتي أنه جاءني الخبر بأن سيف الدولة أظهر الدعوة لي بحلب وأعماله ودخل تحت طاعتي فذكرت المنام فتنغص علي لأجل هذاالاعتقاد و أما ألذي كنت أشتهي أن يكون فيه فهو أني أعلم من هذا ألذي يملك من ولدي ويستقل الملك علي يديه فدعوت له وقطعت الحديث بعدها بنحو سنتين و ماتجاوزت دعوته أعمال حلب بوجه و لاسبب . قال وَ رَوَي الحَاكِمُ النيّساَبوُريِّ فِي تَارِيخِهِ بِإِسنَادِهِ عَنِ النّبِيّص قَالَ بَعَثَ تُبّعٌ إِلَي مَكّةَ لِنَقلِ البَيتِ إِلَيهِ قَالَ فاَبتلُيَِ بِجَسَدِهِ فَقَالَ لِمُنَجّمِيهِ انظُرُوا فَنَظَرُوا فَقَالُوا لَعَلّكَ أَرَدتَ بَيتَ اللّهِ بشِيَءٍ قَالَ نَعَم أَرَدتُ أَن يُنقَلَ إلِيَّ قَالُوا إِذاً لَا يَكُونُ وَ لَكِنِ اكسُهُ وَ رُدّهُم مِن ذَلِكَ فَرَدّهُم عَن ذَلِكَ وَ كَسَاهُ فَبَرَأَ
انتهي
صفحه : 308
ماأردت إيراده من كلام السيد ره . وسأل السيد مهنان بن سنان العلامة ره ما يقول سيدنا فيما يقال إن كسوف الشمس بسبب حيلولة جرم القمر بينه و بين الشمس و إن سبب خسوف القمر حيلولة الأرض ويدل علي ذلك مايخبر به أهل التقويم فيطابق أخبارهم و إذا كان الأمر علي هذه الصورة فلم أمرنا بالخوف عند ذلك والفزع إلي الدعاء والصلاة في المساجد فأجاب ره استناد الكسوف والخسوف إلي ماذكره أدام الله أيامه مستند إلي الرصد و هوأمر ظني غيريقيني و لوسلم لم يضر في التكليف بالصلاة وسؤال الله في رد النور ويجوز أن يكون هذاالحادث سببا لتجدد حادث في الأرض من خير أوشر فجاز أن يكون العبادة رافعة لمانيط بذلك الحادث من الشر والخوف بسبب ذلك ثم سأل عن إخبار المنجمين وأصحاب الرمل بالأشياء المغيبة فأجاب بأن هذاكله تخمين لاحقيقة له و مايوافق قولهم من الحوادث فإنه يقع علي سبيل الاتفاق وعلم الرمل ينسب إلي إدريس ع و ليس بمحقق ولكنه جري لنا وقائع غريبة عجيبة وامتحانات طابقت حكمه لكن لايثمر ذلك علما محققا انتهي . وأقول إذاأحطت خبرا بما تلونا عليك من الأخبار والأقوال لايخفي عليك أن القول باستقلال النجوم في تأثيرها بل القول بكونها علة فاعلية بالإرادة والاختيار و إن توقف تأثيرها علي شرائط كفر ومخالفة لضرورة الدين والقول بالتأثير الناقص يحتمل وجهين الأول تأثيرها بالكيفية كحرارة الشمس وإضاءتها وسائر الكواكب وتبريد القمر فلاسبيل إلي إنكار ذلك لكن الكلام في أنها
صفحه : 309
مؤثرات أومعدات لتأثير الرب سبحانه أو أنه تعالي أجري العادة بخلق الحرارة أوالضوء عقيب محاذاة الشمس مثلا والأكثر علي الأخير والثاني كون حركاتها وأوضاعها ومقارناتها واتصالاتها مؤثرة ناقصة في خلق الحوادث علي أحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فلاريب أن القول به فسق وقول بما لايعلم و لادليل يدل عليه من عقل و لانقل بل ظواهر الآيات والأخبار خلافه والقول به جرأة علي الله . و أما أنه ينتهي إلي حد الكفر فيشكل الحكم به و إن لم يكن مستبعدا والكراجكي ره لم يفرق فيما مر بين هذاالوجه والوجه الأول وإنما النزاع في الثاني دون الأول و أماكونها أمارات وعلامات جعلها الله دلالة علي حدوث الحوادث في عالم الكون والفساد فغير بعيد عن السداد و قدعرفت أن كثيرا من الأخبار تدل علي ذلك وهي إما مفيدة للعلم العادي لكنه مخصوص ببعض الأنبياء والأئمة ع و من أخذها منهم لأن الطريق إلي العلم بعدم مايرفع دلالتها من وحي أوإلهام والإحاطة بجميع الشرائط والموانع والقوابل مختصة بهم أومفيدة للظن ووقوع مدلولاتها مشروط بتحقق شروط ورفع موانع و ما في أيدي الناس ليس ذلك العلم أصلا أوبعضه منه لكنه غيرمعلوم بخصوصه و لايفيد العلم قطعا وإفادته نوعا من الظن مشكوك فيه . و أماتعليمه وتعلمه والعمل به فأقسام منها استخراج التقاويم والإخبار بالأمور الخفية أوالمستقبلة وأخذ الطوالع والحكم بها علي الأعمار والأحوال والظاهر حرمة ذلك لشمول النهي له و ماورد أنها دلالات وعلامات لايدل علي التجويز لغير من أحاط علمه بجميع ذلك من المعصومين ع و مادل علي الجواز فأخبار أكثرها ضعيفة ويمكن حمل بعضها علي التقية بشيوع العمل بها في زمن خلفاء الجور والسلاطين في أكثر الأعصار وتقرب المنجمين عندهم وربما يومئ بعض الأخبار إليه ويمكن حمل أخبار النهي علي الكراهة الشديدة والجواز علي الإباحة أوحمل أخبار النهي علي ما إذااعتقد التأثير والجواز علي عدمه كمافعله السيد ابن طاووس ره وغيره لكن الأول أظهر وأحوط.
صفحه : 310
ومنها الاعتناء بالساعات المسعودة والمنحوسة واختيار الأولة لارتكاب الأعمال والشروع فيها والاحتراز عن الثانية و هذاأيضا يحتمل الكراهة والحرمة و ماورد من رعاية العقرب والمحاق في التزويج والسفر فلادلالة فيه علي العموم مع أنك قدعرفت أن اصطلاح البروج في الأخبار الظاهر أنه غيراصطلاح المنجمين و أماسعادة الكواكب والبروج ونحوستها فتحتمل الأخبار الواردة فيهاأمرين أحدهما أن يكون لها سعادة ونحوسة واقعية لكن ترتفع النحوسة بالتوكل والدعاء والصدقة والتوسل بالله تعالي ونحن إنما أمرنا بتلك الأمور لابرعاية الساعات وثانيهما أن يكون تأثيرها من جهة الطيرة لمااشتهر بين الناس من نحوسة تلك الساعات وإنما يتأثر بها من يتأثر من الطيرة ممن ضعف توكلهم واعتمادهم علي ربهم ولهم عقول ضعيفة ونفوس دنية يتأثرون بأدني شيء ويومئ إليه قَولُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع عِندَ خَبَرِ المُنَجّمِ أللّهُمّ لَا طَيرَ إِلّا طَيرُكَ
فعلي الوجهين الأولي لمن قويت نفسه وصدق في توكله علي ربه أن لايلتفت إلي أمثال ذلك ويتوسل بجنابه تعالي في جميع أموره ويطلب منه الخيرة
وَ قَد روُيَِ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّ الطّيَرَةَ عَلَي مَا تَجعَلُهَا إِن هَوّنتَهَا تَهَوّنَت وَ إِن شَدّدتَهَا تَشَدّدَت وَ إِن لَم تَجعَلهَا شَيئاً لَم تَكُن شَيئاً
وَ عَنهُ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ النّبِيّص أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي دَاوُدَ ع كَمَا لَا تَضِيقُ الشّمسُ عَلَي مَن جَلَسَ فِيهَا كَذَلِكَ لَا تَضِيقُ رحَمتَيِ عَلَي مَن دَخَلَ فِيهَا وَ كَمَا لَا تَضُرّ الطّيَرَةُ مَن لَا يَتَطَيّرُ مِنهَا كَذَلِكَ لَا يَنجُو مِنَ الفِتنَةِ المُتَطَيّرُونَ
وسيأتي القول فيها في الباب الآتي. ومنها تعليم هذاالعلم بوجهيه المتقدمين وتعلمه والنظر والتفكر فيه و هوأيضا يحتمل الحرمة والكراهة واحتمال الكراهة هنا أقوي مما سبق . ومنها علم الهيئة والنظر في هيئات الأفلاك وحركاتها وجوازه لايخلو من قوة إذا لم يعتقد فيه مايخالف الآيات والأخبار كتطابق الأفلاك و لم يجزم بما لابرهان عليه وإنما قال به علي سبيل الاحتمال و أما ماذكره الشهيد ره من استحباب النظر في علم الهيئة فإنما هو إذاثبتت مطابقة قواعده لماهي عليها في
صفحه : 311
نفس الأمر وعدم اشتماله علي قاعدة مخالفة لماظهر من الشريعة و إلافيكون بعضها داخلا في القول بغير علم أوفيما حرم اتباعه لمخالفة الشريعة و أماالآيات الدالة علي التفكر في خلق السماوات و الأرض فالظاهر أن المراد بهاالتفكر فيها من جهة دلالتها علي وجود الصانع وعلمه وقدرته وحكمته لا من جهة نضدها وترتيبها وكيفيات حركاتها و إن احتمل شمولها لها أيضا. ومنها الحكم بالكسوف والخسوف وأوائل الأهلة والمحاق وأشباه ذلك فالظاهر جوازه و إن كان الأحوط اجتناب ذلك أيضا فإن الأحكام الشرعية فيهامبتنية علي الرؤية لا علي أحكام المنجمين بذلك وبالجملة ينبغي للمتدين المتبع لأهل بيت العصمة ع المدعي لكونه شيعة لهم مقتديا لآثارهم أن لايتعرض لشيء من ذلك إلا في قليل منه يتعلق بمعرفة أوقات الصلوات وسائر العبادات وتعيين جهة القبلة وأشباه ذلك و لوكانت هذه العلوم والأعمال مما له مدخلية في صلاح الدين لأمر أئمتنا ع شيعتهم بذلك ورغبوهم فيها وحثوهم عليها وعلموهم قواعدها و لم ينقل من عادة أهل البيت ع وسيرتهم الرجوع إلي الساعات واستعلامها أوبيانها لشيعتهم واحترازهم عن ساعة بسبب أنها نحس بحسب النجوم بل كانوا يأمرونهم بالصدقة والدعاء والتضرع والتوسل إلي الله سبحانه في الاحتراز عن البلايا والآفات والمنحوسة من الساعات و في هذه الأزمان تركوا جميع ذلك واكتفوا بالرجوع إلي التقاويم وأصحاب النجوم واتكلوا عليها وأيضا لعلمهم بإخبار المنجمين بأوقات الكسوفات والخسوفات لايحصل لهم في وقوعها فزع و لايتضرعون إلي الله في رفعها ودفع شرها مع أنه يصير في أكثر الناس سببا للقول بتأثير النجوم وحياتها وتدبيرها في العالم أعاذنا الله وسائر المؤمنين من ذلك وإنما أطنبنا الكلام قليلا في هذاالمقام لكثرة ولوع الناس بهذا العلم والعمل به وتقربهم إلي الملوك بذلك فيوقعون الناس به في المهالك و الله العاصم من فتن المبتدعين والهادي إلي الحق واليقين
صفحه : 312
باب 11-آخر في النهي عن الاستمطار بالأنواء والطيرة والعدوي
الآيات النمل قالُوا اطّيّرنا بِكَ وَ بِمَن مَعَكَ قالَ طائِرُكُم عِندَ اللّهِ بَل أَنتُم قَومٌ تُفتَنُونَيس قالُوا إِنّا تَطَيّرنا بِكُم لَئِن لَم تَنتَهُوا لَنَرجُمَنّكُم وَ لَيَمَسّنّكُم مِنّا عَذابٌ أَلِيمٌ قالُوا طائِرُكُم مَعَكُم أَ إِن ذُكّرتُم بَل أَنتُم قَومٌ مُسرِفُونَالواقعةوَ تَجعَلُونَ رِزقَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَتفسيرقالُوا اطّيّرنا بِكَ وَ بِمَن مَعَكَ أي تشأمنا بكم إذ تتابعت علينا الشدائد من القحط وغيره ووقع بيننا الافتراق بما اخترعتم من دينكم قالَ طائِرُكُم أي سببكم ألذي جاء منه شركم عِندَ اللّهِ و هوقضاؤه وقدره أوأعمالكم السيئة المكتوبة عنده بَل أَنتُم قَومٌ تُفتَنُونَ أي تختبرون بتعاقب السراء والضراء و فيه دلالة علي أنه لاأصل للطيرة و أن مايقع من الخير والشر بقدر الله مترتبا علي الأعمال الحسنة والسيئة كما قال وَ ما أَصابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم قال صاحب الكشاف كان الرجل يخرج مسافرا فيمر بطير فيزجره و إن مر سانحا تيمن و إن مر بارحا تشأم فلما نسبوا الخير والشر إلي الطائر استعير لما كان سببا للخير والشر و هوقدر الله وقسمته .إِنّا تَطَيّرنا بِكُم قال البيضاوي تشأمنا بكم و ذلك لاستغرابهم ماادعوه
صفحه : 313
واستقباحهم له وتنفرهم عنه لَئِن لَم تَنتَهُوا عن مقالتكم هذه طائِرُكُم مَعَكُمسبب شومكم معكم و هوسوء عقيدتكم وأعمالكم أَ إِن ذُكّرتُموعظتم به وجواب الشرط محذوف مثل تطيرتم أوتوعدتم بالرجم والتعذيب بَل أَنتُم قَومٌ مُسرِفُونَقوم عادتكم الإسراف في العصيان فمن ثم جاءكم الشوم أو في الضلال ولذلك توعدتم وتشأمتم بمن يجب أن يكرم ويتبرك به .وَ تَجعَلُونَ رِزقَكُم قال الطبرسي ره أي وتجعلون حظكم من الخير ألذي هوكالرزق لكم أنكم تكذبون به وقيل وتجعلون شكر رزقكم التكذيب عن ابن عباس قال أصاب الناس عطش في بعض أسفاره فدعاص فسقوا فسمع رجلا يقول مطرنا بنوء كذا فنزلت الآية وقيل معناه وتجعلون حظكم من القرآن ألذي رزقكم الله التكذيب به عن الحسن وقرأه علي ع و ابن عباس ورويت عن النبي ص وتجعلون شكركم فالمعني تجعلون مكان الشكر ألذي يجب عليكم التكذيب و قد يكون المعني وتجعلون شكر رزقكم التكذيب قال ابن جني هو علي وتجعلون بدل شكركم
1-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ ثَابِتٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَمَاعَةَ وَ أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ القَزّازِ جَمِيعاً عَن صَالِحِ بنِ خَالِدٍ عَن ثَابِتِ بنِ شُرَيحٍ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن عَبدِ الأَعلَي الثعّلبَيِّ وَ لَا أرَاَنيِ إِلّا وَ قَد سَمِعتُهُ مِن عَبدِ الأَعلَي عَن أَبِي عَبدِ الرّحمَنِ السلّمَيِّ أَنّ عَلِيّاً ع قَرَأَ بِهِمُ الوَاقِعَةَ وَ تَجعَلُونَ شُكرَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ فَلَمّا انصَرَفَ قَالَ إنِيّ قَد عَرَفتُ أَنّهُ سَيَقُولُ قَائِلٌ لِمَ قَرَأَ هَكَذَا قِرَاءَتَهَا إنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقرَؤُهَا كَذَلِكَ وَ كَانُوا إِذَا مُطِرُوا قَالُوا مُطِرنَا
صفحه : 314
بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنزَلَ اللّهُ وَ تَجعَلُونَ شُكرَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ
2- وَ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِهِوَ تَجعَلُونَ رِزقَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ قَالَ بَل هيَِ وَ تَجعَلُونَ شُكرَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ
توضيح قوله و لاأراني كلام ثابت أي أظن أني سمعت الحديث من عبدالأعلي بغير توسط أبان و قال الجزري في النهاية فيه ثلاث من أمر الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة والأنواء و قدتكرر ذكر النوء والأنواء في الحديث و منه الحديث مطرنا بنوء كذا والأنواء هي ثمان وعشرون منزلة ينزل القمر في كل ليلة في منزلة منها و منه قوله تعالي وَ القَمَرَ قَدّرناهُ مَنازِلَيسقط في المغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر وتطلع أخري مقابلتها ذلك الوقت في المشرق فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر وينسبونه إليها فيقولون مطرنا بنوء كذا وإنما سمي نوءا لأنه إذاسقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق يقال ناء ينوء نوءا أي نهض وطلع وقيل أراد بالنواء الغروب و هو من الأضداد قال أبوعبيد لم نسمع في النوء أنه السقوط إلا في هذاالموضع وإنما غلظ النبي ص في أمر الأنواء لأن العرب كانت تنسب المطر إليها فأما من جعل المطر من فعل الله تعالي وأراد بقوله مطرنا بنوء كذا أي في وقت كذا و هو هذاالنواء الفلاني فإن ذلك جائز أي إن الله قدأجري العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات انتهي . و قال ابن العربي من انتظر المطر منها علي أنها فاعلة من دون الله أويجعل الله شريكا فيهافهو كافر و من انتظره منها علي إجراء العادة فلا شيء عليه و قال النووي لكنه يكره لأنه شعار الكفر وموهم له
صفحه : 315
3- معَاَنيِ الأَخبَارِ، عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ حُمرَانَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي جَعفَرٍ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ البَاقِرِ ع قَالَ ثَلَاثَةٌ مِن عَمَلِ الجَاهِلِيّةِ الفَخرُ بِالأَنسَابِ وَ الطّعنُ فِي الأَحسَابِ وَ الِاستِسقَاءُ بِالأَنوَاءِ
قال الصدوق ره أخبرني محمد بن هارون الزنجاني عن علي بن عبدالعزيز عن أبي عبيد أنه قال سمعت عدة من أهل العلم يقولون إن الأنواء ثمانية وعشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها من الصيف والشتاء والربيع والخريف يسقط منها في كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته وكلاهما معلوم مسمي وانقضاء هذه الثمانية والعشرين كلها مع انقضاء السنة ثم يرجع الأمر إلي النجم الأول مع استئناف السنة المقبلة وكانت العرب في الجاهلية إذاسقط منها نجم وطلع آخر قالوا لابد أن يكون عند ذلك رياح ومطر فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلي ذلك النجم ألذي يسقط حينئذ فيقولون مطرنا بنوء الثريا والدبران والسماك و ما كان من هذه النجوم فعلي هذافهذه هي الأنواء واحدها نوء وإنما سمي نوءا لأنه إذاسقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق بالطلوع و هوينوء نوءا و ذلك النهوض هوالنوء فسمي النجم به وكذلك كل ناهض ينتقل بإبطاء فإنه ينوء عندنهوضه قال الله تبارك و تعالي لَتَنُوأُ بِالعُصبَةِ أوُليِ القُوّةِ
4- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ هَارُونَ الزنّجاَنيِّ عَن عَلِيّ بنِ عَبدِ العَزِيزِ عَن
صفحه : 316
أَبِي عُبَيدٍ القَاسِمِ بنِ سَلّامٍ بِأَسَانِيدَ مُتّصِلَةٍ إِلَي النّبِيّص قَالَ نَهَيص عَن ذَبَائِحِ الجِنّ وَ ذَبَائِحُ الجِنّ أَن يشَترَيَِ الدّارَ أَو يَستَخرِجَ العَينَ أَو مَا أَشبَهَ ذَلِكَ فَيَذبَحَ لَهُ ذَبِيحَةً لِلطّيَرَةِ قَالَ أَبُو عُبَيدٍ مَعنَاهُ أَنّهُم كَانُوا يَتَطَيّرُونَ إِلَي هَذَا الفِعلِ مَخَافَةَ إِن لَم يَذبَحُوا أَو يُطعِمُوا أَن يُصِيبَهُم فِيهَا شَيءٌ مِنَ الجِنّ فَأَبطَلَ النّبِيّص هَذَا وَ نَهَي عَنهُ
5- وَ قَالَص لَا توردن [يُورِدَنّ]ذُو عَاهَةٍ عَلَي مُصِحّ يعَنيِ الرّجُلَ يُصِيبُ إِبِلَهُ الجَرَبُ أَوِ الدّاءُ فَقَالَ لَا تُورِدَنّهَا عَلَي مُصِحّ وَ هُوَ ألّذِي إِبِلُهُ وَ مَاشِيَتُهُ صِحَاحٌ بَرِيئَةٌ مِنَ العَاهَةِ
قال أبوعبيد وجهه عندي و الله أعلم أنه خاف أن ينزل بهذه الصحاح من الله عز و جل مانزل بتلك فيظن المصح أن تلك أعدتها فيأثم في ذلك
6- الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي الحُسَينِ الفاَرسِيِّ عَن سُلَيمَانَ بنِ جَعفَرٍ البصَريِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحُسَينِ بنِ زَيدِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَبِيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَربَعَةٌ لَا تَزَالُ فِي أمُتّيِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ الفَخرُ بِالأَحسَابِ وَ الطّعنُ فِي الأَنسَابِ وَ الِاستِسقَاءُ بِالنّجُومِ وَ النّيَاحَةُ الخَبَرَ
7- الخَرَائِجُ،روُيَِ أَنّهُ فِي وَقعَةِ تَبُوكَ أَصَابَ النّاسَ عَطَشٌ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ لَو دَعَوتَ اللّهَ لَسَقَانَا فَقَالَص لَو دَعَوتُ اللّهَ لَسُقِيتُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ ادعُ لَنَا لِيَسقِيَنَا فَدَعَا فَسَالَتِ الأَودِيَةُ فَإِذَا قَومٌ عَلَي شَفِيرِ الواَديِ يَقُولُونَ مُطِرنَا بِنَوءِ الذّرَاعِ وَ بِنَوءِ كَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَ لَا تَرَونَ فَقَالَ خَالِدٌ أَ لَا أَضرِبُ أَعنَاقَهُم فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص يَقُولُونَ هَكَذَا وَ هُم يَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ أَنزَلَهُ
صفحه : 317
بيان يدل علي حرمة هذاالقول أوالكراهة الشديدة و أنه لايصير سببا للكفر مع عدم الاعتقاد بكونها مؤثرة و أن هذاالاعتقاد كفر يوجب الارتداد واستحقاق القتل
8- العيَاّشيِّ، عَن يَعقُوبَ بنِ شُعَيبٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِهِ تَعَالَيوَ ما يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللّهِ إِلّا وَ هُم مُشرِكُونَ قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ نُمطَرُ بِنَوءِ كَذَا وَ بِنَوءِ كَذَا وَ مِنهَا أَنّهُم كَانُوا يَأتُونَ الكُهّانَ فَيُصَدّقُونَهُم بِمَا يَقُولُونَ
بيان قال الطبرسي ره في قوله تعالي وَ ما يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللّهِ إِلّا وَ هُم مُشرِكُونَاختلف في معناه علي أقوال أحدها أنهم مشركو قريش كانوا يقرون بالله خالقا ومحييا ومميتا ويعبدون الأصنام ويدعونها آلهة عن ابن عباس وثانيها أنها نزلت في مشركي العرب إذاسئلوا من خلق السماوات و الأرض وينزل القطر قالوا الله ثم هم يشركون كانوا يقولون في تلبيتهم لبيك لاشريك لك إلاشريك هو لك تملكه و ماملك وثالثها أنهم أهل الكتاب آمنوا بالله واليوم الآخر والتوراة والإنجيل ثم أشركوا بإنكار القرآن وإنكار نبوة نبيناص و هذاالقول مع ماتقدم رواه دارم بن قبيصة عن الرضا عن جده أبي عبد الله ع ورابعها أنهم المنافقون يظهرون الإيمان ويشركون في السر وخامسها أنهم المشبهة آمنوا في الجملة وأشركوا بالتفصيل عن ابن عباس أيضا وسادسها أن المراد بالإشراك شرك الطاعة لاشرك العبادة أطاعوا الشيطان في المعاصي التي يرتكبونها مما أوجب الله عليها النار فأشركوا بالله في طاعته و لم يشركوا في عبادته فيعبدون معه غيره عن أبي جعفر ع وَ روُيَِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَقَولُ الرّجُلِ لَو لَا فُلَانٌ لَهَلَكتُ وَ لَو لَا فُلَانٌ لَضَاعَ عيِاَليِ جَعلٌ لِلّهِ شَرِيكاً فِي مُلكِهِ يَرزُقُهُ وَ يَدفَعُ عَنهُ فَقِيلَ لَهُ لَو قَالَ لَو لَا أَن مَنّ اللّهُ عَلَيّ بِفُلَانٍ
صفحه : 318
لَهَلَكتُ قَالَ لَا بَأسَ بِهَذَا
وَ فِي رِوَايَةِ زُرَارَةَ وَ مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ وَ حُمرَانَ عَنهُمَا ع أَنّهُ شِركُ النّعَمِ
وَ رَوَي مُحَمّدُ بنُ الفُضَيلِ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ إِنّهُ شِركٌ لَا يَبلُغُ بِهِ الكُفرَ
انتهي وأقول ماورد في الخبر قريب من الوجه الأخير ويدل علي حرمة الاعتقاد بالنجوم والكهانة
9- الكاَفيِ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ النّضرِ بنِ قِروَاشٍ الجَمّالِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ الجِمَالِ يَكُونُ بِهَا الجَرَبُ أَعزِلُهَا مِن إبِلِيِ مَخَافَةَ أَن يُعدِيَهَا جَرَبُهَا وَ الدّابّةُ رُبّمَا صَفَرتُ لَهَا حَتّي تَشرَبَ المَاءَ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ أَعرَابِيّاً أَتَي رَسُولَ اللّهِص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنِيّ أُصِيبُ الشّاةَ وَ البَقَرَةَ وَ النّاقَةَ بِالثّمَنِ اليَسِيرِ وَ بِهَا جَرَبٌ فَأَكرَهُ شِرَاءَهَا مَخَافَةَ أَن يعُديَِ ذَلِكَ الجَرَبُ إبِلِيِ وَ غنَمَيِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص يَا أعَراَبيِّ فَمَن أَعدَي الأَوّلَ ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا عَدوَي وَ لَا طِيَرَةَ وَ لَا هَامَةَ وَ لَا شُؤمَ وَ لَا صَفَرَ وَ لَا رَضَاعَ بَعدَ فِصَالٍ وَ لَا تَعَرّبَ بَعدَ هِجرَةٍ وَ لَا صَمتَ يَوماً إِلَي اللّيلِ وَ لَا طَلَاقَ قَبلَ نِكَاحٍ وَ لَا عِتقَ قَبلَ مِلكٍ وَ لَا يُتمَ بَعدَ إِدرَاكٍ
إيضاح قوله ص لاعدوي قال في النهاية فيه لاعدوي و لاصفر العدوي اسم من الإعداء كالدعوي والتقوي من الادعاء والاتقاء يقال أعداه
صفحه : 319
الداء يعديه إعداء و هو أن يصيبه مثل مابصاحب الداء و ذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقي مخالطته بإبل أخري حذرا أن يتعدي إليها ما به من الجرب فيصيبها ماأصابه و قدأبطله الإسلام لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدي فأعلمهم النبي ص أنه ليس الأمر كذلك وإنما الله تعالي هو ألذي يمرض وينزل الداء ولهذا قال في بعض الأحاديث فمن أعدي البعير الأول أي من أين صار فيه الجرب انتهي . وأقول يمكن أن يكون المراد نفي استقلال العدوي بدون مدخلية مشيته تعالي بل مع الاستعاذة بالله يصرفه عنه فلاينافي الأمر بالفرار من المجذوم وأمثاله لعامة الناس الذين لضعف يقينهم لايستعيذون به تعالي وتتأثر نفوسهم بأمثاله . و قَد روُيَِ أَنّ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع أَكَلَ مَعَ المَجذُومِينَ وَ دَعَاهُم إِلَي طَعَامِهِ وَ شَارَكَهُم فِي الأَكلِ
مع أنه يمكن أن يكون من خصائصهم ع لأن الله يعصمهم عن الأمراض المشينة التي توجب نفرة الناس عنهم وقيل الجذام مستثني من هذه الكلية أي عدم العدوي و قال الطيبي في شرح المشكاة العدوي مجاوزة العلة أوالخلق إلي الغير و هوبزعم الطب في سبع الجذام والجرب والجدري والحصبة والبخر والرمد والأمراض الوبائية فأبطله الشرع أي لاتسري علته إلي شخص وقيل بل نفي استقلال تأثيره بل هومتعلق بمشية الله تعالي ولذا منع من مقاربته كمقاربة الجدار المائل والسفينة المعيبة وأجاب الأولون بأن النهي عنها للشفقة خشية أن يعتقد حقيته إن اتفق إصابة عاهته وأري هذاالقول أولي لما فيه من التوفيق بين الأحاديث والأصول الطبية التي ورد الشرع باعتبارها علي وجه لايناقض أصول التوحيد انتهي . و لاطيرة هذه أيضا مثل السابقة والمراد به النهي عن التطير والتشؤم بالأمور التي يحترز منها العوام أو لاتأثير للطيرة مطلقا أو علي وجه الاستقلال بل مع قوة النفس وعدم التأثر بها والتوكل علي الله تعالي يرتفع تأثيرها ويؤيد
صفحه : 320
الأخير ماسيأتي و ماورد في بعض الأخبار الدالة علي تأثيرها في الجملة و ماورد في بعض الأدعية من الاستعاذة منها قال الجزري في النهاية الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء و قدتسكن هي التشؤم بالشيء و هومصدر تطير يقال تطير طيرة كتخير خيرة و لم يجئ من المصادر هكذا غيرهما وأصله فيما يقال التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما فكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهي عنه وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع ودفع ضر
و منه الحديث ثَلَاثٌ لَا يَسلَمُ مِنهَا أَحَدٌ الطّيَرَةُ وَ الحَسَدُ وَ الظّنّ قِيلَ فَمَا نَصنَعُ قَالَ إِذَا تَطَيّرتَ فَامضِ وَ إِذَا حَسَدتَ فَلَا تَبغِ وَ إِذَا ظَنَنتَ فَلَا تُحَقّق.
و قال في قوله و لاهامة الهامة الرأس واسم طائر و هوالمراد في الحديث و ذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها وهي من طير الليل وقيل هي البومة وقيل إن العرب كانت تزعم أن روح القتيل ألذي لايدرك بثأره تصير هامة فتقول اسقوني اسقوني فإذاأدرك بثأره طارت وقيل كانوا يزعمون أن عظام الميت وقيل روحه تصير هامة ويسمونه الصدي فنفاه الإسلام ونهاهم عنه انتهي وقيل هي البومة إذاسقطت علي دار أحدهم رآها ناعية له أولبعض أهله و هوبتخفيف الميم علي المشهور وقيل بتشديدها. و قوله و لاشؤم هوكالتأكيد لماسبق قال الجزري فيه أيضا قال إن كان الشؤم في شيءففي ثلاث المرأة والدار والفرس أي إن كان مايكره ويخاف عاقبته ففي هذه الثلاث وتخصيصه لها لأنه لماأبطل مذهب العرب في التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوهما قال فإن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أوامرأة يكره صحبتها أوفرس يكره ارتباطها فليفارقها بأن ينتقل عن الدار ويطلق المرأة ويبيع الفرس وقيل إن شوم الدار ضيقها وسوء جارها وشوم
صفحه : 321
المرأة أن لاتلد وشوم الفرس أن لايغزي عليها والواو في الشؤم همزة ولكنها خففت فصارت واوا وغلب عليها التخفيف حتي لم ينطق بهامهموزة والشوم ضد اليمن يقال تشأمت بالشيء وتيمنت به انتهي وقيل شوم المرأة غلاء مهرها وسوء خلقها و قال الخطابي من العامة هومستثني من الطيرة أي هي منهية إلا في الثلاثة فليفارقها و قال الطيبي ليس هو من باب التطير بل إرشاد بأن من يكره واحدا من الثلاثة يفارقها ولذا جعل منه فرضا يقول إن يكن الطيرة انتهي . وأقول هذاالأخير أظهر وورد الخبر في أخبارنا أيضا كماسيأتي في كتاب النكاح إن شاء الله . و لاصفر قال في النهاية كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال له الصفر تصيب الإنسان إذاجاع وتؤذيه وأنها تعدي فأبطل الإسلام ذلك وقيل أراد به النسيء ألذي كانوا يفعلونه في الجاهلية و هوتأخير المحرم إلي صفر ويجعلون صفر هوالشهر الحرام فأبطله انتهي وقيل هوالشهر المعروف زعموا أنه تكثر فيه الدواهي والفتن فنفاه الشارع ويحتمل أن يكون المراد هنا النهي عن الصفير بقرينة أنه ع لم يذكر الجواب عنه و هوبعيد والظاهر أن الراوي ترك جواب الصفير ويظهر من بعض الأخبار كراهته . و لارضاع بعدفصال و في سائر الروايات بعدفطام أي لاحكم للرضاع بعدالزمان ألذي يجب فيه قطع اللبن عن الولد أي بعدالحولين فلاينشر الحرمة و لاتعرب بعدهجرة أي لايجوز اللحوق بالأعراب وترك الهجرة بعدها وعد في كثير من الأخبار من الكبائر و لاصمت يوما إلي الليل أي لايجوز التعبد بصوم الصمت ألذي كان في الأمم السابقة فإنه منسوخ في هذا
صفحه : 322
الشرع بدعة و لاطلاق قبل نكاح كأن يقول إذاتزوجت فلانة فهي طالق فلايتحقق هذاالطلاق وكذا قوله لاعتق قبل ملك . و لايتم بعدإدراك أي ترتفع أحكام اليتم من حجره وولاية الولي عليه وحرمة أكل ماله بغير إذن وليه وغيرها بعدبلوغه وستأتي تفاصيل تلك الأحكام في محالها إن شاء الله تعالي
10- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ النوّفلَيِّ عَنِ السكّوُنيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص كَفّارَةُ الطّيَرِ التّوَكّلُ
بيان أي التوكل علي الله يرفع ذنب ماخطر بالبال من التشؤم بالأشياء التي نهي عن التشؤم بها أو أنه يرفع تأثير ذلك كماترفع الكفارة تأثير الذنب قال الجزري و منه الحديث الطيرة شرك و مامنا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل هكذا جاء الحديث مقطوعا و لم يذكر المستثني أي إلا و قديعتريه التطير وتسبق إلي قلبه الكراهة فحذف اختصارا واعتمادا علي فهم السامع وإنما جعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعا أويدفع عنهم ضرا إذاعملوا بموجبه فكأنهم أشركوه مع الله تعالي في ذلك و قوله ولكن الله يذهبه بالتوكل معناه أنه إذاخطر له عارض التطير فتوكل علي الله تعالي وسلم إليه و لم يعمل بذلك الخاطر غفره الله تعالي له و لم يؤاخذه به
11- الكاَفيِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُغِيرَةِ عَن عَمرِو بنِ حُرَيثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع الطّيَرَةُ عَلَي مَا تَجعَلُهَا إِن هَوّنتَهَا تَهَوّنَت وَ إِن شَدّدتَهَا تَشَدّدَت وَ إِن لَم تَجعَلهَا شَيئاً لَم تَكُن شَيئاً
صفحه : 323
12- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبِي مَالِكٍ الحضَرمَيِّ عَن حَمزَةَ بنِ حُمرَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ ثَلَاثَةٌ لَم يَنجُ مِنهَا نبَيِّ فَمَن دُونَهُ التّفَكّرُ فِي الوَسوَسَةِ فِي الخَلقِ وَ الطّيَرَةُ وَ الحَسَدُ إِلّا أَنّ المُؤمِنَ لَا يَستَعمِلُ حَسَدَهُ
13- الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ وَ مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ جَمِيعاً عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ يَحيَي الأشَعرَيِّ بِإِسنَادِهِ يَرفَعُهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ ثَلَاثٌ لَم يَعرَ مِنهَا نبَيِّ فَمَن دُونَهُ الطّيَرَةُ وَ الحَسَدُ وَ التّفَكّرُ فِي الوَسوَسَةِ فِي الخَلقِ
قال الصدوق ره معني الطيرة في هذاالموضع هو أن يتطير منهم قومهم فأما هم ع فلايتطيرون و ذلك كما قال الله عز و جل عن قوم صالح قالُوا اطّيّرنا بِكَ وَ بِمَن مَعَكَ قالَ طائِرُكُم عِندَ اللّهِ و كما قال آخرون لأنبيائهم إِنّا تَطَيّرنا بِكُمالآية و أماالحسد في هذاالموضع هو أن يحسدوا لاأنهم يحسدون غيرهم و ذلك كما قال الله عز و جل أَم يَحسُدُونَ النّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ فَقَد آتَينا آلَ اِبراهِيمَ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ وَ آتَيناهُم مُلكاً عَظِيماً و أماالتفكر في الوسوسة في الخلق فهو بلواهم ع بأهل الوسوسة لا غير ذلك و ذلك كماحكي الله عن وليد بن المغيرة المخزوميإِنّهُ فَكّرَ وَ قَدّرَ فَقُتِلَ كَيفَ قَدّرَيعني قال للقرآن إِن هذا إِلّا سِحرٌ يُؤثَرُ إِن هذا إِلّا قَولُ البَشَرِ.بيان ماذكره الصدوق ره وجه متين في الخبر ألذي رواه في الخصال و أماسائر الأخبار المروية من طرق الخاصة والعامة المشتملة علي التتمات فهذا
صفحه : 324
الوجه لايجري فيها إلابتكلف كثير والظاهر أن المراد بالطيرة فيهاانفعال النفس عما يتشأم به أوتأثيرها واقعا وحصول مقتضاها والأول في المعصومين ع أظهر بأن يخطر ببالهم الشريفة ثم يدفعوا أثرها بالتوكل و هذا لاينافي العصمة و أماالحسد فظاهرها أن الحسد المركوز في الخاطر إذا لم يظهره الإنسان لم يكن معصية و لااستبعاد فيه فإنه في أكثر الخلق ليس باختيار ويمكن أن يراد به مايعم الغبطة و يكون هذه هي الحاصلة فيهم و أماالتفكر في الوسوسة في الخلق فيحتمل وجهين الأول أن يراد به التفكر فيما يحصل في نفس الإنسان في خالق الأشياء وكيفية خلقها ومنها ربط الحادث بالقديم وخلق أعمال العباد ومسألة القضاء والقدر والتفكر في الحكمة في خلق بعض الشرور في العالم كل ذلك من غيراستقرار في النفس وحصول شك بسببها كَمَا رَوَي الكلُيَنيِّ بِإِسنَادِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ حُمرَانَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ الوَسوَسَةِ فَقَالَ لَا شَيءَ فِيهَا تَقُولُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ
وَ بِإِسنَادِهِ عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ إِنّهُ يَقَعُ فِي قلَبيِ أَمرٌ عَظِيمٌ فَقَالَ قُل لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ فَقَالَ جَمِيلٌ فَكُلّمَا وَقَعَ فِي قلَبيِ شَيءٌ قُلتُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ فَذَهَبَ عنَيّ
وَ بِإِسنَادِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ هَلَكتُ فَقَالَ لَهُ أَتَاكَ الخَبِيثُ فَقَالَ لَكَ مَن خَلَقَكَ فَقُلتَ اللّهُ فَقَالَ لَكَ اللّهُ مَن خَلَقَهُ فَقَالَ إيِ وَ ألّذِي بَعَثَكَ بِالحَقّ لَكَانَ كَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص ذَاكَ وَ اللّهِ مَحضُ الإِيمَانِ
قَالَ ابنُ أَبِي عُمَيرٍ فَحَدّثتُ بِذَلِكَ عَبدَ الرّحمَنِ بنَ الحَجّاجِ فَقَالَ حدَثّنَيِ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَنّ رَسُولَ اللّهِص إِنّمَا عَنَي بِقَولِهِ هَذَا وَ اللّهِ مَحضُ الإِيمَانِ خَوفَهُ أَن يَكُونَ قَد هَلَكَ حَيثُ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ فِي قَلبِهِ
وَ قَد رَوَتِ العَامّةُ
صفحه : 325
فِي صِحَاحِهِم أَنّهُ سُئِلَ النّبِيّص عَنِ الوَسوَسَةِ فَقَالَ تِلكَ مَحضُ الإِيمَانِ
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي يأَتيِ الشّيطَانُ أَحَدَكُم فَيَقُولُ مَن خَلَقَ كَذَا وَ كَذَا حَتّي يَقُولَ مَن خَلَقَ رَبّكَ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَليَستَعِذ بِاللّهِ وَ ليَنتَهِ
الثاني أن المراد بالخلق المخلوقات وبالتفكر فيهم بالوسوسة التفكر وحديث النفس بعيوبهم وتفتيش أحوالهم ويؤيد هذاالوجه مارواه الجزري في النهاية ونقلناه آنفا
14- الخِصَالُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن حَرِيزِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص رُفِعَ عَن أمُتّيِ تِسعَةٌ الخَطَاءُ وَ النّسيَانُ وَ مَا أُكرِهُوا عَلَيهِ وَ مَا لَا يَعلَمُونَ وَ مَا لَا يُطِيقُونَ وَ مَا اضطُرّوا إِلَيهِ وَ الحَسَدُ وَ الطّيَرَةُ وَ التّفَكّرُ فِي الوَسوَسَةِ فِي الخَلقِ مَا لَم يَنطِق بِشَفَةٍ
الفقيه ، عن النبي ص مرسلا مثله بيان لعل قوله ص ما لم ينطق بشفة قيد للثلاثة الأخيرة و قدمر شرح الخبر بتمامه في كتاب العدل
15-الكاَفيِ، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن بَكرِ بنِ صَالِحٍ عَن سُلَيمَانَ الجعَفرَيِّ عَن أَبِي الحَسَنِ مُوسَي ع قَالَالشّؤمُ لِلمُسَافِرِ فِي طَرِيقِهِ خَمسَةُ أَشيَاءَ الغُرَابُ النائق [النّاعِقُ] عَن يَمِينِهِ وَ النّاشِرُ لِذَنَبِهِ وَ الذّئبُ العاَويِ ألّذِي يعَويِ فِي وَجهِ الرّجُلِ وَ هُوَ مُقعٍ عَلَي ذَنَبِهِ ثُمّ يَرتَفِعُ ثُمّ يَنخَفِضُ ثَلَاثاً وَ الظبّيُ السّانِحُ عَن يَمِينٍ إِلَي شِمَالٍ وَ البُومَةُ الصّارِخَةُ وَ المَرأَةُ الشّمطَاءُ تُلقَي
صفحه : 326
فَرجُهَا وَ الأَتَانُ العَضبَاءُ يعَنيِ الجَدعَاءَ فَمَن أَوجَسَ فِي نَفسِهِ مِنهُنّ شَيئاً فَليَقُل اعتَصَمتُ بِكَ يَا رَبّ مِن شَرّ مَا أَجِدُ فِي نفَسيِ فَيُعصَمُ مِن ذَلِكَ
الخِصَالُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ مِثلَهُ إِلَي قَولِهِ مِن شَرّ مَا أَجِدُ فِي نفَسيِ فاَعصمِنيِ مِن ذَلِكَ
بيان الشؤم للمسافر أي مايتشأم به الناس وربما تؤثر بتأثر النفس بها ويدفع ضررها بالتوكل والدعاء المذكور في الخبر وغيره كمامر في الطيرة قوله ع خمسة كذا في الخصال والمحاسن وأكثر نسخ الفقيه و في بعضها سبعة و في بعضها ستة و في الفقيه والكلب الناشر و في الخصال كالكافي والناشر فيكون نوعا آخر لشؤم الغراب و في المحاسن بدون الواو أيضا فيكون صفة أخري للغراب فقد ظهر أن الظاهر علي بعض النسخ ستة و علي بعضها سبعة فالخمسة إما من تصحيف النساخ أومبني علي عد الثلاثة المصوتة واحدة أوعد الكلب والذئب واحدا لأنهما من السباع والغراب والبوم واحدا لأنهما من الطير ويمكن عطف المرأة علي بعض النسخ والأتان علي بعضها علي الخمسة فيكون إفراد الخمسة لشهرتها بينهم أولزيادة شؤمها. قوله ع و هومقع يقال أقعي الكلب إذاجلس علي استه مفترشا رجليه وناصبا يديه والظاهر رجوع ضميري يرتفع وينخفض إلي الذئب ويقال إن هذادأبه غالبا إذالقي إنسانا يفعل ذلك لإثارة الغبار في وجهه وقيل هما يرجعان إلي صوته أو إلي ذنبه و لايخفي بعدهما قوله ع والظبي السانح قال في النهاية البارح ضد السانح فالسانح مامر من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلي يمينك والعرب تتيمن بذلك لأنه أمكن للرمي والصيد والبارح مامر من يمينك إلي يسارك والعرب تتطير به لأنه لايمكنك أن
صفحه : 327
ترميه حتي تنحرف ونحوه قال الجوهري وغيره فالمراد بالسانح هنا المعني اللغوي من قولهم سنح له أي عرض له وظهر و قال الكفعمي ره منهم من يتيمن بالبارح ويتشأم بالسانح كأهل الحجاز و أماالنجديون فهم علي العكس من ذلك . والمرأة الشمطاء قال الجوهري الشمط بياض شعر الرأس يخالط سواده و الرجل أشمط والمرأة شمطاء و قوله تلقي فرجها الظاهر عندي أنه كناية عن استقبالها إياك ومجيئها من قبل وجهك فإن فرجها من قدامها و قال الفاضل أمين الدين الأسترآبادي ره الظاهر أن المراد من قوله تلقاء فرجها أن تستقبلك بفرج خمارها فتعرف أنها شمطاء و قال غيره ممن لقيته يحتمل أن يكون المراد افتراشها علي الأرض من الإلقاء أوكناية عن كونها زانية ويحتمل أن يكون تتلقي فحذفت إحدي التاءين فالمراد مواجهتها لفرجها بأن تكون جالسة بحيث يواجه الشخص فرجها و لايخفي بعدتلك الوجوه وركاكتها والأتان العضباء المقطوعة الأذن ولذا فسرها بالجدعاء لئلا يتوهم أن المراد المشقوقة الأذن قال الجوهري ناقة عضباء أي مشقوقة الأذن و قال الفيروزآبادي العضباء الناقة المشقوقة الأذن و من آذان الخيل ألذي جاوز القطع ربعها و قال الجدع كالمنع قطع الأنف أوالأذن أواليد أوالشفة
16-الدّرّ المَنثُورُ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ مُطِرَ النّاسُ عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ النّبِيّص أَصبَحَ مِنَ النّاسِ شَاكِرٌ وَ مِنهُم كَافِرٌ قَالُوا هَذِهِ رَحمَةٌ وَضَعَهَا اللّهُ وَ قَالَ بَعضُهُم لَقَد صَدَقَ نَوءُ كَذَا فَنَزَلَت هَذِهِ الآيَةُفَلا
صفحه : 328
أُقسِمُ بِمَواقِعِ النّجُومِ حَتّي يَبلُغَوَ تَجعَلُونَ رِزقَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ
17- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ كَانَ يَقرَأُ وَ تَجعَلُونَ شُكرَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ قَالَ يعَنيِ الأَنوَاءَ وَ مَا مُطِرَ قَومٌ إِلّا أَصبَحَ بَعضُهُم كَافِراً وَ كَانُوا يَقُولُونَ مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنزَلَ اللّهُوَ تَجعَلُونَ رِزقَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ
18- وَ عَن أَبِي خُدرَةَ قَالَ نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنَ الأَنصَارِ فِي غَزوَةِ تَبُوكَ وَ نَزَلُوا الحِجرَ فَأَمَرَهُم رَسُولُ اللّهِص أَن لَا يَحمِلُوا مِن مَائِهَا شَيئاً ثُمّ ارتَحَلَ ثُمّ نَزَلَ مَنزِلًا آخَرَ وَ لَيسَ مَعَهُم مَاءٌ فَشَكَوا ذَلِكَ إِلَي النّبِيّص فَقَامَ فَصَلّي رَكعَتَينِ ثُمّ دَعَا فَأَرسَلَ اللّهُ سَحَابَةً فَأَمطَرَت عَلَيهِم حَتّي استَقَوا مِنهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ لِآخَرَ مِن قَومِهِ يُتّهَمُ بِالنّفَاقِ وَيحَكَ قَد تَرَي مَا دَعَا النّبِيّص فَأَمطَرَ اللّهُ عَلَينَا السّمَاءَ فَقَالَ إِنّمَا مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنزَلَ اللّهُوَ تَجعَلُونَ رِزقَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ
19- وَ عَن عَلِيّ ع عَنِ النّبِيّص فِي قَولِهِوَ تَجعَلُونَ رِزقَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ قَالَ شُكرَكُم تَقُولُونَ مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا وَ بِنَجمِ كَذَا وَ كَذَا
20- وَ عَن أَبِي عَبدِ الرّحمَنِ السلّمَيِّ قَالَ قَرَأَ عَلِيّ الوَاقِعَةَ فِي الفَجرِ فَقَالَ وَ تَجعَلُونَ شُكرَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ فَلَمّا انصَرَفَ قَالَ إنِيّ قَد عَرَفتُ أَنّهُ سَيَقُولُ قَائِلٌ لِمَ قَرَأَهَا هَكَذَا إنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقرَؤُهَا كَذَلِكَ كَانُوا إِذَا أُمطِرُوا قَالُوا مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنزَلَ اللّهُ وَ تَجعَلُونَ شُكرَكُم أَنّكُم إِذَا مُطِرتُم بِهِ تُكَذّبُونَ
صفحه : 329
21- وَ عَن قَتَادَةَ وَ تَجعَلُونَ رِزقَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ قَالَ أَمّا الحَسَنُ فَقَالَ بِئسَ مَا أَخَذَ القَومُ لِأَنفُسِهِم لَم يُرزَقُوا مِن كِتَابِ اللّهِ إِلّا التّكذِيبَ قَالَ وَ ذَكَرَ لَنَا أَنّ النّاسَ أُمحِلُوا عَلَي عَهدِ نبَيِّ اللّهِص فَقَالُوا يَا نبَيِّ اللّهِ لَوِ استَقَيتَ لَنَا فَقَالَ عَسَي قَومٌ إِن سُقُوا أَن يَقُولُوا سُقِينَا بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا فَاستَسقَي نبَيِّ اللّهِص لَهُم فَمُطِرُوا فَقَالَ رَجُلٌ إِنّهُ قَد كَانَ بقَيَِ مِنَ الأَنوَاءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنزَلَ اللّهُوَ تَجعَلُونَ رِزقَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ
22- وَ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِّ قَالَ قَالَ النّبِيّص لَو أَمسَكَ اللّهُ المَطَرَ عَنِ النّاسِ سَبعَ سِنِينَ ثُمّ أَرسَلَهُ لَأَصبَحَت طَائِفَةٌ كَافِرِينَ قَالُوا هَذِهِ بِنَوءِ الدّبَرَانِ
23- وَ عَن زَيدِ بنِ خَالِدٍ الجهُنَيِّ قَالَ صَلّي بِنَا رَسُولُ اللّهِص صَلَاةَ الصّبحِ مِنَ الحُدَيبِيَةِ فِي أَثَرِ سَمَاءٍ فَلَمّا سَلّمَ أَقبَلَ عَلَينَا فَقَالَ أَ لَم تَسمَعُوا مَا قَالَ رَبّكُم فِي هَذِهِ الآيَةِ مَا أَنعَمتُ عَلَي عبِاَديِ نِعمَةً إِلّا أَصبَحَ فَرِيقٌ مِنهُم بِهَا كَافِرِينَ فَأَمّا مَن آمَنَ بيِ وَ حمَدِنَيِ عَلَي سقُياَيَ فَذَلِكَ ألّذِي آمَنَ بيِ وَ كَفَرَ بِالكَوكَبِ وَ مَن قَالَ مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا فَذَلِكَ ألّذِي آمَنَ بِالكَوكَبِ وَ كَفَرَ بيِ
24- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ النّبِيّص قَالَ يَوماً لِأَصحَابِهِ هَل تَدرُونَ مَا ذَا قَالَ رَبّكُم قَالُوا اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ إِنّهُ يَقُولُ إِنّ الّذِينَ يَقُولُونَ نُستَقَي بِنَجمِ كَذَا وَ كَذَا فَقَد كَفَرَ بِاللّهِ وَ آمَنَ بِذَلِكَ النّجمِ وَ الّذِينَ يَقُولُونَ سَقَانَا اللّهُ فَقَد آمَنَ بِاللّهِ وَ كَفَرَ بِذَلِكَ النّجمِ
صفحه : 330
25- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سخير أَنّ سُلَيمَانَ بنَ عَبدِ المَلِكِ دَعَاهُ فَقَالَ لَو تَعَلّمتَ عِلمَ النّجُومِ فَازدَدتَ إِلَي عِلمِكَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَي أمُتّيِ التّصدِيقُ بِالنّجُومِ وَ التّكذِيبُ بِالقَدَرِ وَ ظُلمُ الأُمّةِ
26- وَ عَن جَابِرٍ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ أَخَافُ عَلَي أمُتّيِ ثَلَاثاً استِسقَاءً بِالأَنوَاءِ وَ حَيفَ السّلطَانِ وَ تَكذِيباً بِالقَدَرِ
27- وَ عَن مُعَاوِيَةَ الليّثيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَكُونُ النّاسُ مُجدِبِينَ فَيُنزِلُ اللّهُ عَلَيهِم رِزقاً مِن رِزقِهِ فَيُصبِحُونَ مُشرِكِينَ قِيلَ لَهُ كَيفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ يَقُولُونَ مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا
28- وَ عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ اللّهَ لَيُصَبّحُ القَومَ بِالنّعمَةِ أَو يُمَسّيهِم بِهَا فَيُصبِحُ بِهَا قَومٌ كَافِرِينَ يَقُولُونَ مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا
29- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ مَا مُطِرَ قَومٌ إِلّا أَصبَحَ بَعضُهُم كَافِراً يَقُولُونَ مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَ كَذَا وَ قَرَأَ ابنُ عَبّاسٍ وَ تَجعَلُونَ شُكرَكُم أَنّكُم تُكَذّبُونَ
باب 21- مايتعلق بالنجوم ويناسب أحكامها من كتاب دانيال ع وغيره
1-قِصَصُ الراّونَديِّ،بِإِسنَادِهِ عَنِ الصّدُوقِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ الصوّفيِّ عَن حَمزَةَ بنِ القَاسِمِ العبَاّسيِّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَالِكٍ الفزَاَريِّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ الزّيّاتِ عَن عَمرِو بنِ عُثمَانَ الخَزّازِ عَن عَبدِ اللّهِ الفَضلِ الهاَشمِيِّ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ كَانَ فِي كِتَابِ دَانِيَالَ ع أَنّهُ إِذَا كَانَ أَوّلُ يَومٍ مِنَ المُحَرّمِ يَومَ السّبتِ فَإِنّهُ يَكُونُ الشّتَاءُ شَدِيدَ البَردِ كَثِيرَ الرّيحِ يَكثُرُ فِيهِ الجَلِيدُ وَ تَغلُو
صفحه : 331
فِيهِ الحِنطَةُ وَ تقع [يَقَعُ] فِيهِ الوَبَاءُ وَ مَوتُ الصّبيَانِ وَ يكثر[تَكثُرُ]الحُمّي فِي تِلكَ السّنَةِ وَ يَقِلّ العَسَلُ وَ تكسر[تَكثُرُ]الكَمأَةُ وَ يَسلَمُ الزّرعُ مِنَ الآفَاتِ وَ يُصِيبُ بَعضَ الأَشجَارِ آفَةٌ وَ بَعضَ الكُرُومِ وَ تُخصِبُ السّنَةُ وَ يَقَعُ بِالرّومِ المَوَتَانُ وَ يَغزُوهُمُ العَرَبُ وَ يَكثُرُ فِيهِمُ السبّيُ وَ الغَنَائِمُ فِي أيَديِ العَرَبِ وَ يَكُونُ الغَلَبَةُ فِي جَمِيعِ المَوَاضِعِ لِلسّلطَانِ بِمَشِيّةِ اللّهِ وَ إِذَا كَانَ يَومُ الأَحَدِ أَوّلَ المُحَرّمِ فَإِنّهُ يَكُونُ الشّتَاءُ صَالِحاً وَ يَكثُرُ المَطَرُ وَ يُصِيبُ بَعضَ الأَشجَارِ وَ الزّرعِ آفَةٌ وَ يَكُونُ أَوجَاعٌ مُختَلِفَةٌ وَ مَوتٌ شَدِيدٌ وَ يَقِلّ العَسَلُ وَ يَكثُرُ فِي الهَوَاءِ الوَبَاءُ وَ المَوَتَانُ وَ يَكُونُ فِي آخِرِ السّنَةِ بَعضُ الغَلَاءِ فِي الطّعَامِ وَ يَكُونُ الغَلَبَةُ لِلسّلطَانِ فِي آخِرِهِ وَ إِذَا كَانَ يَومُ الإِثنَينِ أَوّلَ المُحَرّمِ فَإِنّهُ يَكُونُ الشّتَاءُ صَالِحاً وَ يَكُونُ فِي الصّيفِ حَرّ شَدِيدٌ وَ يَكثُرُ المَطَرُ فِي أَيّامِهِ وَ يَكثُرُ البَقَرُ وَ الغَنَمُ وَ يَكثُرُ العَسَلُ وَ يَرخُصُ الطّعَامُ وَ الأَسعَارُ فِي بُلدَانِ الجِبَالِ وَ يَكثُرُ الفَوَاكِهُ فِيهَا وَ يَكُونُ مَوتُ النّسَاءِ وَ فِي آخِرِ السّنَةِ يَخرُجُ خاَرجِيِّ عَلَي السّلطَانِ بنِوَاَحيِ المَشرِقِ وَ يُصِيبُ بَعضَ فَارِسَ غَمّ وَ يَكثُرُ الزّكَامُ فِي أَرضِ الجَبَلِ وَ إِذَا كَانَ يَومُ الثّلَاثَاءِ أَوّلَ المُحَرّمِ فَإِنّهُ يَكُونُ الشّتَاءُ شَدِيدَ البَردِ وَ يَكثُرُ الثّلجُ وَ الجَمَدُ بِأَرضِ الجَبَلِ وَ نَاحِيَةِ المَشرِقِ وَ يَكثُرُ الغَنَمُ وَ العَسَلُ وَ يُصِيبُ بَعضَ الأَشجَارِ وَ الكُرُومِ آفَةٌ وَ يَكُونُ بِنَاحِيَةِ المَغرِبِ وَ الشّامِ آفَةٌ مِن حَدَثٍ يَحدُثُ فِي السّمَاءِ يَمُوتُ فِيهِ خَلقٌ وَ يَخرُجُ عَلَي السّلطَانِ خاَرجِيِّ قوَيِّ وَ تَكُونُ الغَلَبَةُ لِلسّلطَانِ وَ يَكُونُ فِي أَرضِ فَارِسَ فِي بَعضِ الغَلّاتِ آفَةٌ وَ تَغلُو الأَسعَارُ بِهَا فِي آخِرِ السّنَةِ وَ إِذَا كَانَ يَومُ الأَربِعَاءِ أَوّلَ المُحَرّمِ فَإِنّ الشّتَاءَ يَكُونُ وَسَطاً وَ يَكُونُ المَطَرُ فِي القَيظِ صَالِحاً نَافِعاً مُبَارَكاً وَ تَكثُرُ الثّمَارُ وَ الغَلّاتُ بِالجِبَالِ كُلّهَا وَ نَاحِيَةِ جَمِيعِ المَشرِقِ إِلّا أَنّهُ يَقَعُ المَوتُ فِي الرّجَالِ فِي آخِرِ السّنَةِ وَ يُصِيبُ النّاسَ بِأَرضِ بَابِلَ وَ بِالجَبَلِ آفَةٌ وَ يَرخُصُ الأَسعَارُ وَ تَسكُنُ مَملَكَةُ العَرَبِ فِي تِلكَ السّنَةِ وَ يَكُونُ الغَلَبَةُ لِلسّلطَانِ وَ إِذَا كَانَ يَومُ الخَمِيسِ أَوّلَ المُحَرّمِ فَإِنّهُ يَكُونُ الشّتَاءُ لَيّناً وَ يَكثُرُ القَمحُ وَ الفَوَاكِهُ وَ العَسَلُ بِجَمِيعِ نوَاَحيِ المَشرِقِ وَ تَكثُرُ الحُمّي فِي أَوّلِ السّنَةِ وَ فِي آخِرِهِ وَ بِجَمِيعِ أَرضِ بَابِلَ فِي آخِرِ السّنَةِ وَ يَكُونُ لِلرّومِ عَلَي المُسلِمِينَ غَلَبَةٌ ثُمّ تَظهَرُ
صفحه : 332
العَرَبُ عَلَيهِم بِنَاحِيَةِ المَغرِبِ وَ يَقَعُ بِأَرضِ السّندِ حُرُوبٌ وَ الظّفَرُ لِمُلُوكِ العَرَبِ وَ إِذَا كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ أَوّلَ المُحَرّمِ فَإِنّهُ يَكُونُ الشّتَاءُ بِلَا بَردٍ وَ يَقِلّ المَطَرُ وَ الأَودِيَةُ وَ المِيَاهُ وَ تَقِلّ الغَلّاتُ بِنَاحِيَةِ الجِبَالِ مِائَةَ فَرسَخٍ فِي مِائَةِ فَرسَخٍ وَ يَكثُرُ المَوتُ فِي جَمِيعِ النّاسِ وَ يَغلُو الأَسعَارُ بِنَاحِيَةِ المَغرِبِ وَ يُصِيبُ بَعضَ الأَشجَارِ آفَةٌ وَ يَكُونُ لِلرّومِ عَلَي الفُرسِ كَرّةٌ شَدِيدَةٌ
في علامات كسوف الشمس في الاثني عشر شهرا
إِذَا انكَسَفَتِ الشّمسُ فِي المُحَرّمِ فَإِنّ السّنَةَ تَكُونُ خَصِيبَةً إِلّا أَنّهُ يُصِيبُ النّاسَ أَوجَاعٌ فِي آخِرِهَا وَ أَمرَاضٌ وَ يَكُونُ مِنَ السّلطَانِ ظَفَرٌ وَ يَكُونُ زَلزَلَةٌ بَعدَهَا سَلَامَةٌ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي صَفَرٍ فَإِنّهُ يَكُونُ فَزَعٌ وَ جُوعٌ فِي نَاحِيَةِ المَغرِبِ وَ يَكُونُ قِتَالٌ فِي المَغرِبِ كَثِيرٌ ثُمّ يَقَعُ الصّلحُ فِي الرّبِيعِ وَ الظّفَرُ لِلسّلطَانِ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي رَبِيعٍ الأَوّلِ فَإِنّهُ يَكُونُ بَينَ النّاسِ صُلحٌ وَ يَقِلّ الِاختِلَافُ وَ الظّفَرُ لِلسّلطَانِ بِالمَغرِبِ وَ يَعِزّ البَقَرُ وَ الغَنَمُ وَ يَتّسِعُ فِي آخِرِ السّنَةِ وَ يَقَعُ الوَبَاءُ فِي الإِبِلِ بِالبَدوِ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي شَهرِ رَبِيعٍ الآخِرِ فَإِنّهُ يَكُونُ بَينَ النّاسِ اختِلَافٌ كَثِيرٌ وَ يُقتَلُ مِنهُم خَلقٌ عَظِيمٌ وَ يَخرُجُ خاَرجِيِّ عَلَي المَلِكِ وَ يَكُونُ فَزَعٌ وَ قِتَالٌ وَ يَكثُرُ المَوتُ فِي النّاسِ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي جُمَادَي الأُولَي فَإِنّهُ تَكُونُ السّعَةُ فِي جَمِيعِ النّاسِ بِنَاحِيَةِ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ يَكُونُ لِلسّلطَانِ إِلَي الرّعِيّةِ نَظَرٌ وَ يُحسِنُ السّلطَانُ إِلَي أَهلِ مَملَكَتِهِ وَ يرُاَعيِ جَانِبَهُم وَ إِذَا انكَسَفَت فِي جُمَادَي الآخِرَةِ فَإِنّهُ يَمُوتُ رَجُلٌ عَظِيمٌ بِالمَغرِبِ وَ يَقَعُ بِبِلَادِ مِصرَ قِتَالٌ وَ حُرُوبٌ شَدِيدَةٌ وَ يَكُونُ بِبِلَادِ المَغرِبِ غَلَاءٌ فِي آخِرِ السّنَةِ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي رَجَبٍ فَإِنّهُ تُعمَرُ الأَرضُ وَ يَكُونُ أَمطَارٌ كَثِيرَةٌ بِالجِبَالِ وَ بِنَاحِيَةِ المَشرِقِ وَ يَكُونُ جَرَادٌ بِنَاحِيَةِ فَارِسَ وَ لَا يَضُرّهُم ذَلِكَ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي شَعبَانَ يَكُونُ سَلَامَةٌ فِي جَمِيعِ النّاسِ مِنَ السّلطَانِ وَ يَكُونُ لِلسّلطَانِ ظَفَرٌ عَلَي أَعدَائِهِ بِالمَغرِبِ وَ يَقَعُ وَبَاءٌ فِي الجِبَالِ فِي آخِرِ السّنَةِ وَ يَكُونُ عَاقِبَتُهُ إِلَي سَلَامَةٍ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي شَهرِ رَمَضَانَ كَانَ جُملَةُ النّاسِ يُطِيعُونَ
صفحه : 333
عَظِيمَ فَارِسَ وَ يَكُونُ لِلرّومِ عَلَي العَرَبِ كَرّةٌ شَدِيدَةٌ ثُمّ يَكُونُ عَلَي الرّومِ وَ يُسبَي مِنهُم وَ يُغنَمُ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي الشّوّالِ فَإِنّهُ يَكُونُ فِي أَرضِ الهِندِ وَ الزّنجِ قِتَالٌ شَدِيدٌ وَ يَكثُرُ نَبَاتُ الأَرضِ بِالمَشرِقِ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي ذيِ القَعدَةِ فَإِنّهُ يَكُونُ مَطَرٌ كَثِيرٌ مُتَوَاتِرٌ وَ يَقَعُ خَرَابٌ بِنَاحِيَةِ فَارِسَ وَ إِذَا انكَسَفَت فِي ذيِ الحِجّةِ فَإِنّهُ يَكُونُ فِيهِ رِيَاحٌ كَثِيرَةٌ وَ يَنقُصُ الأَشجَارُ وَ يَقَعُ بِالأَرضِ مِنَ المَغرِبِ سَبُعٌ وَ خَرَابٌ فِي كُلّ أَرضٍ مِن نَاحِيَةِ المَغرِبِ وَ يَنقُصُ الطّعَامُ وَ يَغلُو عَلَيهِم وَ يَخرُجُ خاَرجِيِّ عَلَي المَلِكِ وَ يُصِيبُهُ مِنهُ شِدّةٌ وَ يَقِلّ طَعَامُ أَهلِ فَارِسَ ثُمّ يَرخُصُ فِي العَامِ الثاّنيِ
في علامات خسوف القمر طول السنة
إِذَا انكَسَفَ القَمَرُ فِي المُحَرّمِ فَإِنّهُ يَمُوتُ فِي المَغرِبِ رَجُلٌ عَظِيمٌ وَ يَنتَقِصُ الفَاكِهَةُ بِالجِبَالِ وَ يَقَعُ فِي النّاسِ حَكّةٌ وَ يَكثُرُ الرّمَدُ بِأَرضِ بَابِلَ وَ يَقَعُ المَوتُ وَ يَغلُو أَسعَارُهَا وَ يَخرُجُ خاَرجِيِّ عَلَي السّلطَانِ وَ الظّفَرُ لِلسّلطَانِ وَ يَقتُلُهُم وَ إِذَا انكَسَفَ فِي صَفَرٍ فَإِنّهُ يَكُونُ جُوعٌ وَ مَرَضٌ بِبَابِلَ وَ بِلَادِهَا حَتّي يُتَخَوّفَ عَلَي النّاسِ ثُمّ تَكُونُ أَمطَارٌ كَثِيرَةٌ فَيَحسُنُ نَبَاتُ الأَرضِ وَ حَالُ النّاسِ وَ يَكُونُ بِالجِبَالِ فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ فَإِنّهُ يَقَعُ بِالمَغرِبِ قِتَالٌ وَ يُصِيبُ النّاسَ يَرَقَانٌ وَ يَكثُرُ فَاكِهَةُ البِلَادِ بِنَاحِيَةِ مَاهَ وَ يَقَعُ الدّودُ فِي البُقُولِ بِالجِبَالِ وَ يَقَعُ خَرَابٌ كَثِيرَةٌ بِمَاهَ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي شَهرِ رَبِيعٍ الآخِرِ فَإِنّهُ يَكثُرُ الأَندَاءُ بِالجِبَالِ وَ يَكثُرُ الخَصبُ وَ المِيَاهُ وَ تَكُونُ السّنَةُ مُبَارَكَةً وَ يَكُونُ لِلسّلطَانِ الظّفَرُ بِالمَغرِبِ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي جُمَادَي الأُولَي فَإِنّهُ تُهَرَاقُ دِمَاءٌ كَثِيرَةٌ بِالبَدوِ وَ يُصِيبُ عَظِيمَ الشّامِ بَلِيّةٌ شَدِيدَةٌ وَ يَخرُجُ خاَرجِيِّ عَلَي السّلطَانِ وَ الظّفَرُ لِلسّلطَانِ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي جُمَادَي الآخِرَةِ فَإِنّهُ تَقِلّ الأَمطَارُ وَ المِيَاهُ بِنَينَوَي وَ يَقَعُ فِيهَا جَزَعٌ شَدِيدٌ وَ غَلَاءٌ وَ يُصِيبُ مَلِكَ بَابِلَ إِلَي المَغرِبِ بَلَاءٌ عَظِيمٌ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي رَجَبٍ فَإِنّهُ يَكُونُ بِالمَغرِبِ مَوتٌ وَ جُوعٌ وَ يَكُونُ بِأَرضِ بَابِلَ أَمطَارٌ وَ يَكثُرُ وَجَعُ الأَنفِ وَ العَينِ فِي الأَمصَارِ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي شَعبَانَ فَإِنّ المَلِكَ يُقتَلُ أَو يَمُوتُ وَ يَملِكُ ابنُهُ وَ
صفحه : 334
يَغلُو الأَسعَارُ وَ يَكثُرُ جُوعُ النّاسِ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي شَهرِ رَمَضَانَ يَكُونُ بِالجَبَلِ بَردٌ شَدِيدٌ وَ ثَلجٌ وَ مَطَرٌ وَ كَثُرَتِ المِيَاهُ وَ يَقَعُ بِأَرضِ فَارِسَ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ وَ يَقَعُ بِأَرضِ مَاهَ مَوتٌ كَثِيرٌ بِالصّبيَانِ وَ النّسَاءِ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي شَوّالٍ فَإِنّ المَلِكَ يَغلِبُ عَلَي أَعدَائِهِ وَ يَكُونُ فِي النّاسِ شَرّ وَ بَلِيّةٌ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي ذيِ القَعدَةِ فَإِنّهُ تُفتَحُ المَدَائِنُ الشّدَادُ وَ تَظهَرُ الكُنُوزُ فِي بَعضِ الأَرَضِينَ وَ الجِبَالِ وَ إِذَا انكَسَفَ فِي ذيِ الحِجّةِ فَإِنّهُ يَمُوتُ رَجُلٌ عَظِيمٌ بِالمَغرِبِ وَ يدَعّيِ فَاجِرٌ المُلكَ
قال الراوندي ره وجميع ذلك إن صحت الروايات عن دانيال النبي ع يجري مجري الملاحم والحوادث في الدنيا وعلاماتها وَ قَد قَالَ النّبِيّص إِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَومٍ خَيراً أَمطَرَهُم بِاللّيلِ وَ شَمّسَهُم بِالنّهَارِ وَ قَالَص إِذَا غَضِبَ اللّهُ عَلَي أُمّةٍ وَ لَم يُنزِل بِهَا العَذَابَ غَلَت أَسعَارُهَا وَ قَصُرَت أَعمَارُهَا وَ لَم تَربَح تِجَارَتُهَا وَ لَم تَزكُ ثِمَارُهَا وَ لَم تَغزُر أَنهَارُهَا وَ حُبِسَ عَنهَا أَمطَارُهَا وَ سُلّطَ عَلَيهَا أَشرَارُهَا وَ قَالَص إِذَا مُنِعَتِ الزّكَاةُ هَلَكَتِ المَاشِيَةُ وَ إِذَا جَارَ الحُكّامُ أُمسِكَ القَطرُ مِنَ السّمَاءِ وَ إِذَا خُفِرَتِ الذّمّةُ نُصِرَ المُشرِكُونَ عَلَي المُسلِمِينَ
وأمثلة ذلك كثيرة و الله أعلم بحقيقة ذلك .بيان قال في القاموس الجليد مايسقط علي الأرض من الندي فيجمد و قال الكم ء نبات معروف والجمع أكمؤ وكمأة أوهي اسم للجمع أوهي للواحد والكم ء للجمع أوهي تكون واحدة وجمعا و قال بلاد الجبل مدن بين آذربيجان وعراق العرب وخوزستان وفارس و قال الماه قصبة البلد والماهان الدينور ونهاوند أحدهما ماهة الكوفة والآخر ماهة البصرة.
صفحه : 335
أقول وجدت في بعض الكتب القديمة أخبارا طويلة في الملاحم والأحكام تركتها لعدم الاعتماد علي أسانيدها و إن كان مرويا بعضها عن الصادق ع وبعضها عن دانيال ع
2-الإِختِصَاصُ،اعلَم إِذَا قُرِنَتِ الزّهَرَةُ مَعَ المِرّيخِ فِي بُرجٍ وَاحِدٍ هَلَكَ مَلِكُ الرّومِ أَو يَكُونُ بِالرّومِ مُصِيبَاتٌ عَظِيمَةٌ أَو بَلَايَا وَ إِذَا قُرِنَت مَعَ زُحَلَ كَانَ فِي العَامّةِ شِدّةٌ وَ ضِيقٌ وَ إِذَا قُرِنَتِ الزّهَرَةُ[ مَعَ]المشُترَيِ أَصَابَ النّاسَ رَخَاءٌ مِنَ العَيشِ وَ إِذَا قُرِنَتِ الزّهَرَةُ[ مَعَ]عُطَارِدٍ يَكُونُ إِهرَاقُ الدّمَاءِ وَ فَتحٌ عَظِيمٌ وَ إِذَا قُرِنَ بَهرَامُ[ مَعَ]زُحَلَ فِي بُرجٍ وَاحِدٍ مَلَكَ مَلِكٌ حَدِيثٌ فِي أَرضِ ذَلِكَ البُرجِ وَ إِذَا اجتَمَعَ بَهرَامُ وَ المشُترَيِ مَاتَ مَلِكٌ عَظِيمُ الشّأنِ وَ إِذَا اجتَمَعَ زُحَلُ وَ عُطَارِدٌ وَقَعَ فِي التّجّارِ الخَوفُ وَ الحُزنُ وَ كَذَلِكَ فِي أَهلِ الأَدَبِ وَ إِذَا اجتَمَعَ زُحَلُ وَ المشُترَيِ فِي بُرجٍ وَاحِدٍ تَغَيّرَتِ الدّنيَا فِي سَائِرِ الأَحوَالِ وَ يَتَغَيّرُ أُمُورُ النّاسِ وَ تَخرُجُ الخَوَارِجُ مِنَ النوّاَحيِ كُلّهَا وَ خَاصّةً مِنَ الجِيلَانِ وَ الدّيلَمِ وَ الأَكرَادِ وَ يَقتُلُونَ النّاسَ قِتَالًا شَدِيداً وَ يَشتَدّ الأَمرُ عَلَيهِم مِنَ الخَوفِ وَ الحُزنِ وَ تَرتَفِعُ السّفِلَةُ شَأنُهُم وَ تَغَيّرُ طَبَائِعُ النّاسِ كُلّهِم وَ يَذهَبُ عَنهُمُ الحَيَاءُ وَ الإِنسَانِيّةُ وَ يَزِيدُ فِيهِم كَثرَةُ الفَسَادِ خَاصّةً فِي النّسَاءِ وَ إِسقَاطُ الوَالِدَاتِ أَولَادَ الحَرَامِ وَ إِهرَاقُ الدّمَاءِ وَ القَتلُ وَ الجُوعُ وَ إِذَا اجتَمَعَ المشُترَيِ وَ العُطَارِدُ أَصَابَ الأَرضَ طَاعُونٌ وَ يَقَعُ فِيمَا بَينَ النّاسِ العَدَاوَةُ وَ البُغضُ وَ إِذَا رَكِبَ القَمَرُ فَوقَ زُحَلَ ذَهَبَ مُلكُ مَلِكٍ وَ إِذَا اجتَمَعَ بَهرَامُ وَ عُطَارِدٌ فِي العَقرَبِ فَذَلِكَ آيَةُ قَتلِ مَلِكِ بَابِلَ وَ إِذَا اجتَمَعَ المشُترَيِ وَ الزّهَرَةُ فِي العَقرَبِ فَذَلِكَ آيَةُ فَزَعٍ وَ مَرَضٍ بِأَرضِ بَابِلَ وَ إِذَا اجتَمَعَ الشّمسُ وَ
صفحه : 336
زُحَلُ فِي العَقرَبِ فِي شَولَةِ العَقرَبِ فَذَلِكَ آيَةُ اختِلَافِ الرّومِ وَ قَتلِ مَلِكِهِم وَ إِذَا اجتَمَعَ المِرّيخُ وَ عُطَارِدٌ فِي شَولَةِ العَقرَبِ فَذَلِكَ خَرَابُ بَيتِ مَلِكِ بَابِلَ وَ إِذَا اجتَمَعَتِ الشّمسُ وَ القَمَرُ فِي شَولَةِ العَقرَبِ وَ بَهرَامُ فِي سَرَطَانَ فَإِنِ استَطَعتَ أَن تَتّخِذَ سَرَباً لِتَدخُلَ فِيهِ فَافعَل وَ إِذَا اجتَمَعَتِ الزّهَرَةُ وَ المشُترَيِ فَإِنّ النّسَاءَ يَخشَينَ أَزوَاجَهُنّ عَدَاوَةً وَ إِذَا نَزَلَ كِيوَانُ الطّرفَةَ أَوِ الدّبَرَانَ وَقَعَ الطّاعُونُ بِالعِرَاقِ وَ مَاتَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ وَ إِذَا نَزَلَ الطّرفَةَ عَلَي آخِرِهِ يَكُونُ فِي أَرضِ العِرَاقِ قِتَالٌ وَ فِتنَةٌ وَ إِذَا نَزَلَ النّثرَةَ بُدّلَت أَعمَالُ العِرَاقِ وَ لَقُوا بَلَاءً وَ شِدّةً وَ إِذَا نَزَلَ كِيوَانُ الغَفرَ يَكُونُ بِأَرضِ العِرَاقِ قِتَالٌ وَ فِتنَةٌ وَ إِذَا نَزَلَ كِيوَانُ جَبهَةَ وَقَعَ المَوتُ فِي البَقَرِ وَ السّبَاعِ وَ الوَحشِ وَ إِذَا نَزَلَ كِيوَانُ وَ المشُترَيِ الإِكلِيلَ وَ القَلبَ وَ الشّولَةَ يَقَعُ فِي المَشرِقِ وَ المَغرِبِ طَاعُونٌ شَدِيدٌ وَ يَمُوتُ مِنَ النّاسِ أُنَاسٌ كَثِيرٌ وَ يَقَعُ الفَسَادُ وَ البَلَايَا فِي الأَرضِ كُلّهَا وَ يَكُونُ بَلَايَا عَلَيهِم كُلّهَا فِي النّاسِ وَ يُقتَلُ المُلُوكُ وَ العُلَمَاءُ وَ تَرتَفِعُ سَفِلَةٌ مِنَ النّاسِ وَ اعلَم أَنّ مَعَ الشّمسِ كَوَاكِبَ لَهَا أَذنَابٌ بَعضُهَا فَوقَ بَعضِ نَفَرٍ فَإِذَا بَدَا كَوكَبٌ مِنهَا فِي بُرجٍ مِنَ البُرُوجِ وَقَعَ فِي أَرضِ ذَلِكَ البُرجِ شَرّ وَ بَلَاءٌ وَ فِتنَةٌ وَ خَلعُ المُلُوكِ وَ إِذَا رَأَيتَ كَوكَباً أَحمَرَ لَا تَعرِفُهُ وَ لَيسَ عَلَي مجَاَريِ النّجُومِ يَنتَقِلُ فِي السّمَاءِ مِن مَكَانٍ إِلَي مَكَانٍ يُشبِهُ العَمُودَ وَ لَيسَ بِهِ فَإِنّ ذَلِكَ آيَةُ الحَربِ وَ البَلَايَا وَ قَتلِ العُظَمَاءِ وَ كَثرَةِ الشّرُورِ وَ الهُمُومِ وَ الآشُوبِ فِي النّاسِ
أقول و كان في أصل الكتاب هكذا قوبل ونسخ من خط ابن الحسن بن شادان رحمه الله .بيان لماذكر الشيخ المفيد ره هذه الأحكام في الإختصاص أوردته و لم يستنده إلي رواية وأخذه من كتب أصحاب علم النجوم بعيد
صفحه : 337
أبواب الأزمنة وأنواعها وسعادتها ونحوستها وسائر أحوالها
الآيات التوبةإِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ اثنا عَشَرَ شَهراً فِي كِتابِ اللّهِ يَومَ خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيّمُ فَلا تَظلِمُوا فِيهِنّ أَنفُسَكُم إلي قوله تعالي إِنّمَا النسّيِءُ زِيادَةٌ فِي الكُفرِ يُضَلّ بِهِ الّذِينَ كَفَرُوا يُحِلّونَهُ عاماً وَ يُحَرّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدّةَ ما حَرّمَ اللّهُ فَيُحِلّوا ما حَرّمَ اللّهُ زُيّنَ لَهُم سُوءُ أَعمالِهِم وَ اللّهُ لا يهَديِ القَومَ الكافِرِينَتفسيرإِنّ عِدّةَ الشّهُورِ قال الرازي اعلم أن السنة عندالعرب عبارة عن اثني عشر شهرا من الشهور القمرية والدليل عليه هذه الآية وأيضا قوله هُوَ ألّذِي جَعَلَ الشّمسَ ضِياءً وَ القَمَرَ نُوراً وَ قَدّرَهُ مَنازِلَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَفجعل تقدير القمر بالمنازل علة للسنين و ذلك إنما يصح إذاكانت السنة معلقة بسير القمر وأيضا قال تعالي يَسئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلّةِ قُل هيَِ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الحَجّ و عندسائر الطوائف عن المدة التي تدور الشمس فيهادورة تامة والسنة القمرية أقل من الشمسية بمقدار معلوم وبسبب ذلك النقصان تنتقل
صفحه : 338
الشهور القمرية من فصل إلي فصل فيكون الحج واقعا في الشتاء مرة و في الصيف أخري و كان يشق عليهم الأمر بهذا السبب وأيضا إذاحضروا الحج حضروا للتجارة وربما كان ذلك الوقت غيرموافق لحضور التجار من الأطراف و كان يخل بأسباب تجاراتهم بهذا السبب فلهذا السبب أقدموا علي عمل الكبيسة علي ما هومعلوم في علم الزيجات واعتبروا السنة الشمسية و عند ذلك بقي زمان الحج مختصا بوقت معين فهو أخف لمصلحتهم وانتفعوا بتجاراتهم ومصالحهم فهذا النسيء و إن صار سببا لحصول المصالح الدنيوية إلا أنه لزم منه تغير حكم الله تعالي لأنه لماخص الحج بأشهر معلومة علي التعيين و كان بسبب النسيء يقع في سائر الشهور فتغير حكم الله لتكليفه والحاصل أنهم لرعاية مصالحهم في الدنيا سعوا في تغيير أحكام الله وإبطال تكليفه فلهذا استوجبوا الذم العظيم في هذه الآية قال النيسابوري قال المفسرون إنهم كانوا أصحاب حروب وغارات و كان يشق عليهم مكث ثلاثة أشهر متوالية من غيرقتل وغارة فإذااتفق لهم في شهر منها أو في المحرم حرب أوغارة أخروا تحريم ذلك الشهر إلي شهر آخر قال الواحدي وأكثر العلماء علي أن هذاالتأخير كان من المحرم إلي صفر ويروي أنه حدث ذلك في كنانة لأنهم كانوا فقراء محاويج إلي الغارة و كان جنادة بن عوف الكناني مطاعا في قومه و كان يقوم علي جمل في الموسم فيقول بأعلي صوته إن آلهتكم قدأحلت لكم المحرم فأحلوه ثم يقوم في القابل فيقول إن آلهتكم قدحرمت عليكم المحرم فحرموه والأكثرون علي أنهم كانوا يحرمون من جملة شهور العام أربعة أشهر و ذلك قوله لِيُواطِؤُا عِدّةَ ما حَرّمَ اللّهُ أي ليوافقوا العدة التي هي الأربعة و لايخالفوا و لم يعلموا أنهم خالفوا ترك القتال ووجوب التخصيص و ذلك قوله تعالي فَيُحِلّوا ما حَرّمَ اللّهُ أي من القتال وترك الاختصاص
صفحه : 339
قال ابن عباس إنهم ماأحلوا شهرا من الأشهر الحرم إلاحرموا مكانه شهرا آخر من الحلال و لم يحرموا شهرا من الحلال إلاأحلوا مكانه شهرا آخر من الحرام لأجل أن تكون عدة الحرام أربعة مطابقة لماذكره الله تعالي وللآية تفسير آخر و هو أن يكون المراد بالنسيء كبس بعض السنين القمرية بشهر حتي يلتحق بالسنة الشمسية و ذلك أن السنة القمرية أعني اثني عشر شهرا قمريا هي ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وخمس وسدس يوم علي ماعرف من علم النجوم وعمل الزيجات والسنة الشمسية وهي عبارة عن عود الشمس من أية نقطة تفرض من الفلك إليها بحركتها الخاصة ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم إلاكسرا قليلا فالسنة القمرية أقل من السنة الشمسية بعشرة أيام وإحدي وعشرين ساعة وخمس ساعة تقريبا وبسبب هذاالنقصان تنتقل الشهور القمرية من فصل إلي فصل فيكون الحج واقعا في الشتاء مرة و في الصيف أخري وكذا في الربيع والخريف و كان يشق الأمر عليهم إذ ربما كان وقت الحج غيرموافق لحضور التجار من الأطراف فكان تختل أسباب تجاراتهم ومعايشهم فلهذا السبب أقدموا علي عمل الكبيسة بحيث يقع الحج دائما عنداعتدال الهواء وإدراك الثمرات والغلات و ذلك بقرب حلول الشمس نقطة الاعتدال الخريفي فكبسوا تسع عشرة سنة قمرية بسبعة أشهر قمرية حتي صارت تسع عشرة سنة شمسية فزادوا في السنة الثانية شهرا ثم في الخامسة ثم في السابعة ثم في العاشرة ثم في الثالثة عشر ثم في السادسة عشر ثم في الثامنة عشر و قدتعلموا هذه الصنعة من اليهود والنصاري فإنهم يفعلون هكذا لأجل أعيادهم فالشهر الزائد هوالكبيس وسمي بالنسيء لأنه المؤخر والزائد مؤخر عن مكانه و هذاالتفسير يطابق ماروي أنه ص خطب في حجة الوداع و كان في جملة ماخطب به إلا أن الزمان قداستدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض السنة اثني عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر بين جمادي وشعبان والمعني رجعت الأشهر إلي ما
صفحه : 340
كانت عليه وعاد الحج في ذي الحجة وبطل النسيء ألذي كان في الجاهلية و قدوافقت حجة الوداع ذا الحجة في نفس الأمر وكانت حجة أبي بكر قبلها في ذي القعدة التي سموها ذا الحجة وإنما لزم العتب عليهم في هذاالتفسير لأنهم إذاحكموا علي بعض السنين بأنها ثلاثة عشر شهرا كان مخالفا لحكم الله بأن عدة الشهور اثنا عشر شهرا أي لاأزيد و لاأنقص و إليه الإشارة بقوله ذلِكَ الدّينُ القَيّمُ علي هذاالتفسير ويلزمهم أيضا مالزمهم في التفسير الأول من تغيير أشهر الحرم عن أماكنها فتكون الإشارة إلي المجموع انتهي و قال الطبرسي ره إِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ أي عدد شهور السنة في حكم الله وتقديره اثنا عَشَرَ شَهراً وإنما تعبد الله المسلمين أن يجعلوا سنتهم علي اثني عشر شهرا ليوافق ذلك عدد الأهلة ومنازل القمر دون مادان به أهل الكتاب والشهر مأخوذ من شهرة الأمر لحاجة الناس إليه في معاملاتهم ومحل ديونهم وحجهم وصومهم و غير ذلك من مصالحهم المتعلقة بالشهور و قوله فِي كِتابِ اللّهِمعناه ماكتب الله في اللوح المحفوظ و في الكتب المنزلة علي أنبيائه وقيل في القرآن وقيل في حكمه وقضائه عن أبي مسلم و قوله يَومَ خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَمتصل بقوله عِندَ اللّهِ والعامل فيهاالاستقرار وإنما قال ذلك لأنه يوم خلق السماوات و الأرض أجري فيهاالشمس والقمر وبمسيرهما تكون الشهور والأيام وبهما تعرف الشهورمِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌثلاثة منها سرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد و هورجب ومعني حرم أنه يحرم انتهاك المحارم فيهاأكثر مما يحرم في غيرها وكانت العرب تعظمها حتي لو أن رجلا لقي قاتل أبيه فيها لم يهجه لحرمتها وإنما جعل الله بعض هذه الشهور أعظم حرمة من بعض لماعلم من المصلحة في الكف عن الظلم فيهالعظم منزلتها ولأنه ربما
صفحه : 341
أدي ذلك إلي ترك الظلم أصلا لانطفاء النائرة وانكسار الحمية في تلك المدة فإن الأشياء تجر إلي أشكالها. وشهور السنة المحرم سمي بذلك لتحريم القتال فيه وصفر سمي بذلك لأن مكة تصفر من الناس فيه أي تخلو وقيل لأنه وقع وباء فيه فاصفرت وجوههم و قال أبوعبيد سمي بذلك لأنه صفرت فيه أوطابهم عن اللبن وشهرا ربيع سميا بذلك لإنبات الأرض وإمراعها فيهما وقيل لارتباع القوم أي إقامتهم والجماديان سميتا بذلك لجمود الماء فيهما ورجب سمي بذلك لأنهم كانوا يرجبونه ويعظمونه يقال رجبته ورجبته بالتخفيف والتشديد وقيل سمي بذلك لترك القتال فيه من قولهم رجل أرجب إذا كان أقطع لايمكنه العمل وَ روُيَِ عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ إِنّ فِي الجَنّةِ نَهَراً يُقَالُ لَهُ رَجَبٌ مَاؤُهُ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ الثّلجِ وَ أَحلَي مِنَ العَسَلِ مَن صَامَ يَوماً مِن رَجَبٍ شَرِبَ مِنهُ
وشعبان سمي بذلك لتشعب القبائل فيه
عَن أَبِي عَمرٍو وَ رَوَي زِيَادُ بنُ مَيمُونٍ أَنّ النّبِيّص قَالَ إِنّمَا سمُيَّ شَعبَانَ لِأَنّهُ يَشّعّبُ فِيهِ خَيرٌ كَثِيرٌ لِرَمَضَانَ
وشهر رمضان سمي بذلك لأنه يرمض الذنوب وقيل سمي بذلك لشدة الحر وقيل إن رمضان من أسماء الله تعالي وشوال سمي بذلك لأن القبائل كانت تشول فيه أي تبرح عن أمكنتها وقيل لشولان الناقة أذنابها فيه وذو القعدة سمي بذلك لقعودهم فيه عن القتال وذو الحجة لقضاء الحج فيه .ذلِكَ الدّينُ القَيّمُ أي ذلك الحساب المستقيم الصحيح لا ماكانت العرب تفعله من النسيء وقيل معناه ذلك الحساب المستقيم الحق وقيل معناه
صفحه : 342
ذلك الدين تعبد به فهو اللازم فَلا تَظلِمُوا فِيهِنّ أي في هذه الأشهر كلها عن ابن عباس وقيل في هذه الأشهر الحرم أَنفُسَكُمبترك أوامر الله وارتكاب نواهيه و إذاعاد الضمير إلي جميع الشهور فإنه يكون نهيا عن الظلم في جميع العمر و إذاعاد إلي الأشهر الحرم ففائدة التخصيص أن الطاعة فيهاأعظم ثوابا والمعصية أعظم عقابا و ذلك حكم الله في جميع الأوقات الشريفة والبقاع المقدسة انتهي .أقول ويحتمل أن يكون المراد فلاتظلموا أنفسكم في أمرهن بهتك حرمتهن و قال الطبرسي ره قال مجاهد كان المشركون يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين وكذلك في الشهور حتي وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة ثم حج النبي ص في العام القابل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة فلذلك
قَالَ النّبِيّص فِي خُطبَتِهِ أَلَا إِنّ الزّمَانَ قَدِ استَدَارَ كَهَيئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ الخَبَرَ
أرادص بذلك أن الأشهر الحرم رجعت إلي مواضعها وعاد الحج إلي ذي الحجة وبطل النسيء.يُضَلّ بِهِ الّذِينَ كَفَرُوا قال البيضاوي أي ضلالا زائدا وقرأ حمزة والكسائي وحفص يضل علي البناء للمفعول يُحِلّونَهُ عاماً أي يحلون النسيء من الأشهر الحرم سنة ويحرمون مكانه شهرا آخروَ يُحَرّمُونَهُ عاماًفيتركونه علي حرمته لِيُواطِؤُا عِدّةَ ما حَرّمَ اللّهُ أي ليوافقوا عدة الأربعة المحرمة واللام متعلقة بيحرمونه أوبما دل عليه مجموع الفعلين فَيُحِلّوا ما حَرّمَ اللّهُبمواطاة العدة وحدها من غيرمراعاة الوقت انتهي .
صفحه : 343
وأقول لماكانت معرفة الأخبار المذكورة في هذاالباب وغيره متوقفة علي معرفة الشهور والسنين ومصطلحاتهما قدمنا شيئا من ذلك فنقول لمااحتاجوا في تقدير الحوادث إلي تركيب الأيام و كان أشهر الأجرام السماوية الشمس ثم القمر و كان دورة كل منهما إنما تحصل في أيام متعددة كانا متعينين بالطبع لاعتبار التركيب فصار القمر أصلا في الشهر والشمس أصلا في السنة ثم إن الظاهر من حال القمر ليس دوره في نفسه بل باعتبار تشكلاته النورية فلذلك كان الشهر مأخوذا منها وهي إنما تكون بحسب أوضاعه مع الشمس ويتم دوره إذاصار فضل حركة القمر علي حركة الشمس الحقيقيين دورا والعلم به متعذر لأنهما إذااجتمعا مثلا بمقوميهما وعاد القمر بمقومه إلي موضع الاجتماع فقد سارت الشمس قوسا فإذاقطع القمر تلك القوس فقد سارت قوسا أخري و مع تعذره مختلف لاختلاف حركتيهما بمقوميهما فلا يكون ذلك الفضل أمرا منضبطا فمستعملو الشهر القمري من أهل الظاهر منهم من يأخذونه من يوم الاجتماع إلي يومه وهم اليهود والترك ومنهم من ليلة رؤية الهلال إلي ليلتها وهم المسلمون أو من تشكل آخر إلي مثله بحسب مايصطلحون عليه واعتبار الاستهلال أولي لأنه أبين أوضاعه من الشمس وأقربها إلي الإدراك مع أن القمر في هذاالموضع كالموجود بعدالعدم والمولود الخارج من الظلم لكن لما لم يكن لرؤية الأهلة حد لايتعداه لاختلافها باختلاف المساكن وحدة الأبصار إلي غير ذلك لم يلتفت إليها إلا في الأحكام الشرعية المبتنية علي الأمور الظاهرة ومستعملوه من أهل الحساب يأخذون الدور من الفضل بين الحركتين الوسطيتين فيجدونه في تسعة وعشرين يوما ونصف يوم ودقيقة واحدة وخمسين ثانية إذاجزئ يوما بليلته بستين دقيقة و كل دقيقة بستين ثانية و هذا هوالشهر القمري الاصطلاحي المبني علي اعتبار سير الوسط في السيرين و إذاضرب عدد أيامه في اثني عشر عدد أشهر السنة خرج
صفحه : 344
أيام السنة القمرية الاصطلاحية و هوثلاثمائة وأربع وخمسون يوما وخمس وسدس يوم وهي ناقصة عن أيام السنة الشمسية بعشرة أيام وعشرين ساعة ونصف ساعة مستوية بالتقريب فيأخذون لشهر ثلاثين يوما ولشهر آخر تسعة وعشرين يوما و ذلك لأنهم اصطلحوا علي أخذ الكسر الزائد علي النصف صحيحا فأخذوا المحرم ألذي هوأول شهور السنة القمرية ثلاثين يوما لكون الكسر أزيد من النصف فصار صفر تسعة وعشرين لذهاب النصف عنه بما احتسب في المحرم فلم يبق إلاضعف فضل الكسر الزائد علي النصف أعني ثلاث دقائق وأربعين ثانية و هو غيرملتفت إليه لقصوره عن النصف وصار أول الربيعين ثلاثين يوما وثانيهما تسعة وعشرين و علي هذاالترتيب إلي آخر السنة فصار ذو الحجة تسعة وعشرين يوما وخمس وسدس يوم وهما اثنتان وعشرون دقيقة لأنها الحاصلة من ضرب مازاد في الكسر علي النصف و هودقيقة واحدة وخمسون ثانية في اثني عشر عدد الشهور و إذافعل بشهور السنة الثانية مثل مافعل بشهور الأولي اجتمع لذي الحجة في الثانية مثل مامر فيصير الجميع أربعا وأربعين دقيقة و هوزائد علي النصف فيؤخذ ذو الحجة في السنة الثانية ثلاثين يوما ويذهب في السنة الثالثة من الكسر اللازم بعد كل سنة ست عشرة دقيقة بما اعتبر في السنة السابقة وتبقي ست دقائق فتنضم إلي الكسر اللازم من السنة الرابعة فيصير المجموع ثماني وعشرين دقيقة و هوأقل من النصف فإذاانضم إلي كسر السنة الخامسة صار مجموعهما خمسين دقيقة و هوأكثر من النصف فيجعل ذو الحجة في هذه السنة ثلاثين يوما ويذهب من الكسر اللازم في السنة السادسة عشر دقائق وتبقي اثنتا عشرة دقيقة فينضم إلي كسر السنة السابعة ويصير المجموع أربعا وثلاثين دقيقة فيؤخذ ذو الحجة فيهاثلاثين يوما و علي هذاالقياس يؤخذ ذو الحجة ثلاثين يوما في السنة العاشرة والثالثة عشرة والسادسة
صفحه : 345
عشرة والثامنة عشرة والحادية والعشرين والرابعة والعشرين والسادسة والعشرين والتاسعة والعشرين و من لم يعتبر في اعتبار الكسر مجاوزة النصف بل يكتفي بالوصول إليه يجعل ذا الحجة في السنة الخامسة عشرة ثلاثين يوما بدل السادسة عشرة و علي التقديرين إذاأخذ ذو الحجة في السنة التاسع والعشرين ثلاثين يوما بقي عليهم لتمام يوم اثنتان وعشرون دقيقة فينجبر بالكسر اللازم في السنة الثلاثين ويتم عدد أيام الشهور بلا كسر في كل ثلاثين سنة ثم يستأنف والسبب في ذلك أن الكسر اللازم في سنة واحدة اثنتان وعشرون دقيقة كمامر ونسبته إلي ستين بالخمس والسدس وهما إنما يصحان من ثلاثين فثلاثون خمس يوم ستة أيام وثلاثون سدس يوم خمسة أيام والمجموع أحد عشر يوما وتسمي هذه الأيام كبائس فسنوا الكبس علي ترتيب بهزيجهح كادوط أوبهزيجوح كادوط علي القولين المتقدمين هذا هوالمشهور في الكبس وذكر شراح التذكرة نوعين آخرين من الكبس الأول مايفعله اليهود والترك فإنهم كانوا يردون السنين القمرية إلي السنين الشمسية بكبس القمرية في كل سنة أوثلاث بشهر والثاني ماتفعله العرب في الجاهلية من النسيء و هوأنهم كانوا يستعملون شهور الأهلة وكانوا حجهم الواقع في عاشر ذي الحجة كمارسمه ابراهيم ع دائرا في الفصول كما في زماننا هذافأرادوا وقوعه دائما في زمان إدراك الغلات والفواكه واعتدال الهواء أعني أوائل الخريف ليسهل عليهم السفر وقضاء المناسك فكان يقوم في الموسم عنداجتماع العرب خطيب يحمد الله ويثني عليه و يقول إني أزيد لكم في هذه السنة شهرا وهكذا أفعل في كل ثلاث سنين
صفحه : 346
حتي يأتي حجكم في وقت يسهل فيه مسافرتكم فيوافقونه علي ذلك فكان يجعل المحرم كبسا ويؤخر اسمه إلي صفر واسم صفر إلي ربيع الأول وهكذا إلي آخر السنة فكان يقع الحج في السنة القابلة في عاشر محرم و هوذو الحجة عندهم لأنهم لماسموا صفر بالمحرم وجعلوه أول السنة صار المحرم الآتي ذا الحجة وآخر السنة ويقع في السنة محرمان أحدهما رأس السنة والآخر النسيء ويصير شهورها ثلاثة عشر و علي هذايبقي الحج في المحرم ثلاث سنين متوالية ثم ينتقل إلي صفر ويبقي فيه كذلك إلي آخر الأشهر ففي كل ست وثلاثين سنة قمرية تكون كبيستهم اثنا عشر شهرا قمريا وقيل كانوا يكبسون أربعا وعشرين سنة باثني عشر شهرا و هذا هوالكبس المشهور في الجاهلية و إن كان الأول أقرب إلي مرادهم وبالجملة إذاانقضي سنتان أوثلاث وانتهت النوبة إلي الكبيس قام فيهم خطيب و قال إنما جعلنا اسم الشهر الفلاني من السنة الداخلة للذي بعده وحيث كانوا يزيدون النسيء علي جميع الشهور بالنوبة حتي يكون لهم في سنة محرمان و في أخري صفران فإذااتفق أن يتكرر في السنة شهر من الأربعة الحرم نبأهم الخطيب بتكريره وحرم عليهم واحدا منهما بحسب ماتقتضيه مصلحتهم و لماانتهي النوبة في أيام النبي ص إلي ذي الحجة وتم دور النسيء علي الشهور كلها حج في السنة العاشرة من الهجرة بوقوع الحج فيها في عاشر ذي الحجة و قال ألا إن الزمان قداستدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض يعني به رجوع الحج وأسماء الشهور إلي الوضع الأول ثم تلا قوله تعالي إِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ اثنا عَشَرَ شَهراً إلي آخر الآية انتهي و أماالسنة الشمسية فمأخوذة من عود الشمس إلي موضعها من فلك البروج المقتضي لعود حال السنة بحسب الفصول ويحصل ذلك في ثلاث مائة وخمسة وستين يوما وربع يوم إلاكسرا كماذكره في التذكرة والكسر عندبطلميوس جزء واحد من ثلاث مائة جزء من يوم ويتم في أيام السنة المذكورة من الشهور القمرية
صفحه : 347
الوسطية اثني عشر شهرا وأحد عشر يوما إلاسبع دقائق واثنتي عشرة ثانية و هذه المدة أعني اثني عشر شهرا قمريا وسطيا تسمي سنة قمرية اصطلاحية ومستعملو السنة الشمسية لهم طرق الأولي طريقة قدماء المنجمين فإنهم يأخذون السنة من يوم تحل الشمس فيه نقطة بعينها كالاعتدال الربيعي إلي مثل ذلك اليوم ويأخذون شهورها من الأيام التي تحل فيهاأمثال تلك النقطة من البروج فإن كانت النقطة التي هي مبدأ السنة الموافق لمبدإ الشهر الأول أول برج كأول الحمل كانت أمثالها أوائل البروج الباقية و إن كانت عاشرة برج مثلا كانت أمثالها عواشر البروج الثانية الفرس القديم و ليس فيهاكسور وكبائس وسنتهم ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وشهورهم ثلاثون ثلاثون ويزيدون الخمسة في آخرها ويسمونها الخمسة المسترقة و هذه أسماء شهورهم فروردين ماه أرديبهشت ماه خرداد ماه تير ماه مرداد ماه شهريور ماه مهر ماه آبان ماه آذر ماه دي ماه بهمن ماه إسفندارمذ ماه و كان في العهد القديم لهذا التاريخ كبيسة وأنهم كانوا يجمعون الأرباع الزائدة ويؤخرونها إلي عشرين ومائة سنة وكانوا يزيدون لذلك شهرا في سنة الإحدي والعشرين والمائة فتصير هذه السنة ثلاثة عشر شهرا ولهم في ذلك تفصيل من دور الكبس و غير ذلك أعرضنا عن ذكرها و كان مبدأ هذاالتاريخ من زمان جمشيد أوكيومرث واستمر إلي زمان يزدجرد فلما انتهي ملكهم تركوا الكبس و كان بعض المنجمين يزيدون الخمسة المسترقة بعدآبان ماه وبعضهم بعدإسفندارمذ ماه ففي كل أربع سنين أوخمس سنين تتقدم هذه السنة علي السنة الشمسية بيوم الثالثة التاريخ الملكي و هومنسوب إلي السلطان جلال الدين ملك شاه والسبب في وضعه أنه اجتمع في حضرته ثمانية من الحكماء منهم الخيام فوضعوا تاريخا مبدؤه نزول الشمس أول الحمل وأول السنة يوم تكون الشمس في نصف نهاره في الحمل سموه بالنيروز السلطاني فسنوه شمسية حقيقية وكذا شهوره إذااعتبرت بحلول الشمس في أوائل البروج كمافعله بعض
صفحه : 348
المنجمين و إذاأخذت ثلاثين ثلاثين وألحقت الكسر بآخر السنة وكبس الكسر في كل أربع سنين أوخمس بيوم ليوافق أول السنة دائما نزول الشمس الحمل كمافعله أكثر المنجمين كانت اصطلاحية وأسماء شهورها أسماء شهور الفرس القديم المتقدم و عليه بناء التقاويم الآن الرابعة التاريخ الرومي مبدؤه بعداثنتي عشرة سنة شمسية من وفاة الإسكندر بن فيلقوس الرومي وسنوه شمسية اصطلاحية هي ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع تام وكذا شهورهم اصطلاحية شمسية وأسماء شهورهم وعددها هكذا تشرين الأول لاتشرين الآخر ل كانون الأول لاكانون الآخر لاشباط كح آذار لانيسان ل أيار لاحزيران ل تموز لاآب لاأيلول ل ومستعملو هذاالتاريخ يعدون أربعة منها ثلاثين وهي تشرين الآخر ونيسان وحزيران وأيلول والسبعة البقية غيرشباط أحدا وثلاثين وشباط في ثلاث سنين متوالية ثمانية وعشرين و في الرابعة وهي سنة الكبيسة تسعة وعشرين فالسنة عندهم ثلاثمائة وخمسة وستون وربع كامل مع أن السنة الشمسية أقل من ذلك عندهم لكسر في الربع كماعرفت ووجدوا الكسر مختلفا في أرصادهم ففي رصد التباني ثلاث عشرة دقيقة وثلاثة أخماس دقيقة و في رصد المغربي اثنتا عشرة دقيقة و علي رصد مراغة إحدي عشرة دقيقة و علي رصد بعض المتأخرين تسع دقائق وثلاثة أخماس دقيقة و علي رصد بطلميوس أربع دقائق وأربعة أخماس دقيقة والفرس من زمان جمشيد أوقبله والروم من عهد إسكندر أوبعده كانوا يعتبرون الكسر ربعا تاما موافقا لرصد أبرخس فالشهور الرومية مبنية علي هذاالاعتبار و هذاالرصد و علي ماوجده سائر أصحاب الأرصاد فلايوافق هذه السنة الشمسية وبمرور الأزمان تدور شهورها في الفصول و قال بعضهم في كل ثلاثين سنة تقريبا تتأخر سنتهم عن مبدإ السنة الشمسية بيوم وأول سنتهم و هوتشرين الأول في هذه الأزمان يوافق تاسع عشر الميزان وأول نيسان في الدرجة الثالثة والعشرين من الحمل
صفحه : 349
واعلم أن كثيرا من الأمور الشرعية منوطة بهذه الشهور من الأحوال والأعمال والآداب كالمطر في نيسان وآدابه و لايعلم أن الشارع بناه علي الفصول أو علي الشهور ولعل الأول أظهر فيشكل اعتبار الشهور في تلك الأزمان إذ لعلهم أرادوا تعيين أوقات الفصول فعينوها بهذه الشهور لموافقتها لتلك الأوقات في تلك الأزمان لكن في بعض الأعمال التي في وقتها اتساع يمكن رعاية الاحتياط بحسب التفاوت بين الزمانين وإيقاعها في الوقت المشترك و ما لم يكن فيه اتساع بعلمها في اليومين معا. ثم إن انقسام السنة الشمسية عندالروم إلي هذه الشهور الاثني عشر التي بعضها ثمانية وعشرون وبعضها ثلاثون وبعضها أحد وثلاثون إنما هومحض اصطلاح منهم لم يذكر أحد من المحصلين له وجها أونكتة و ماتوهم بعض المشاهير من أنه مبني علي اختلاف مدة قطع الشمس كلا من البروج الاثني عشر ظاهر البطلان فإن الحمل والثور عندهم أحد وثلاثون والجوزاء اثنان وثلاثون والسرطان والأسد والسنبلة أحد وثلاثون والميزان والعقرب ثلاثون والقوس والجدي تسعة وعشرون والدلو والحوت ثلاثون وظاهر أن الأمر في الشهور الرومية ليس علي طبقها كيف وكانون الأول ألذي اعتبروه أحدا وثلاثين هو بين القوس والجدي و كل منهما تسعة وعشرون . ثم اعلم أن التاريخ تعيين يوم ظهر فيه أمر شائع كملة أودولة أوحدث فيه أمر هائل كطوفان أوزلزلة أوحرب عظيم لمعرفة مابينه و بين أوقات الحوادث ولضبط مايجب تعيين وقته في مستقبل الزمان و قدمرت الإشارة إلي تاريخ الروم والفرس والشائع المستعمل في زماننا تاريخ الهجرة وسبب وضعه علي مانقل أنه دفع إلي عمر صك محله شعبان فقال أي شعبان هو هذا ألذي نحن فيه أو ألذي يأتينا أو أن أبا موسي كتب إليه أنه يأتينا من قبلك كتب لانعرف كيف نعمل فيها قدقرأنا صكا محله شعبان فما ندري أي الشعبانين هوالماضي أوالآتي فجمع الصحابة واستشارهم فيما يضبط به الأوقات فقال له الهرمزان ملك الأهواز
صفحه : 350
و قدأسلم علي يديه حين أسر وحمل إليه إن للعجم حسابا يسمونه ماهروز وأسنده إلي من غلب عليهم من الأكاسرة و بين كيفية استعماله فعربوا ماهروز بمورخ وجعلوا مصدره التاريخ فقال ابن الخطاب ضعوا للناس تاريخا نضبط به أوقاتهم فقال بعض الحاضرين من مسلمي اليهود لنا حساب مثله نسنده إلي إسكندر فما ارتضاه الصحابة واتفقوا علي أن يجعل مبدؤه هجرة النبي ص إذ بهاظهرت دولة الإسلام وكانت الهجرة يوم الثلاثاء لثمان خلون من شهر ربيع الأول وأول هذه السنة أعني المحرم كان يوم الخميس بحسب الأمر الأوسط و علي قول أهل الحديث و يوم الجمعة بحسب الرؤية وحساب الاجتماعات فعمل عليه في أكثر الأزياج إلازيج المعتبر فإنه عمل علي يوم الخميس و كان اتفاقهم علي ذلك في سنة سبع عشرة من الهجرة ومبادئ شهور تلك السنة علي الرؤية و قدتكون تامة وأكثر المتوالية منها أربعة و قدتكون ناقصة وأكثر المتوالية منها ثلاثة. واعلم أن القوم تمسكوا في اختيار واقعة الهجرة بمبدإ التواريخ الإسلامية علي سائر الوقائع المعروفة كالمبعث والمولد بوجوه ضعيفة كقولهم إن المبعث غيرمعلوم والمولد مختلف فيه و لايخفي وهنه فإنه لوأريد بذلك عدم اتفاقهم في شيءمنهما علي يوم معين من شهر معين فظاهر أن أمر الهجرة أيضا كذلك كمابيناه في محله مع أن العلم باليوم والشهر لامدخل له في المطلوب و هوظاهر و إن أريد به اختلافهم في خصوص سنتيهما فكلا فإنه لاخلاف فيه في زماننا فضلا عن أوائل الإسلام وكذا الوجوه الأخري التي ذكروها في هذاالباب ولقد عثرت علي خبر يصلح مرجحا ومخصصا لذلك قل من تفطن به وَ هُوَ مَا وَرَدَ فِي خَبَرِ الصّحِيفَةِ الشّرِيفَةِ السّجّادِيّةِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَي مَن أُلهِمَهَا حَيثُ قَالَ الصّادِقُ ع إِنّ أَبِي حدَثّنَيِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن عَلِيّ ع أَنّ رَسُولَ اللّهِص أَخَذَتهُ نَعسَةٌ وَ هُوَ عَلَي مِنبَرِهِ فَرَأَي فِي مَنَامِهِ رِجَالًا يَنزُونَ عَلَي مِنبَرِهِ نَزوَ القِرَدَةِ يَرُدّونَ النّاسَ عَلَي أَعقَابِهِمُ القَهقَرَي فَاستَوَي رَسُولُ اللّهِص جَالِساً وَ الحُزنُ يُعرَفُ فِي
صفحه : 351
وَجهِهِ فَأَتَاهُ جَبرَئِيلُ ع بِهَذِهِ الآيَةِوَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِالآيَةَ يعَنيِ بنَيِ أُمَيّةَ قَالَ يَا جَبرَئِيلُ أَ عَلَي عهَديِ يَكُونُونَ وَ فِي زمَنَيِ قَالَ لَا وَ لَكِن تَدُورُ رَحَي الإِسلَامِ مِن مُهَاجَرِكَ فَتَلبَثُ بِذَلِكَ عَشراً ثُمّ تَدُورُ رَحَي الإِسلامِ عَلَي رَأسِ خَمسٍ وَ ثَلَاثِينَ مِن مُهَاجَرِكَ فَتَلبَثُ بِذَلِكَ خَمساً
إلي آخر الخبر فيدل علي أن جعل مبدإ التاريخ من الهجرة مأخوذ من جبرئيل ع ومستند إلي الوحي السماوي ومنسوب إلي الخبر النبوي و هذايؤيد ماروي أن أمير المؤمنين ع أشار عليهم بذلك في زمن عمر عندتحيرهم والعلة الواقعية في ذلك يمكن أن تكون ماذكر من أنها مبدأ ظهور غلبة الإسلام والمسلمين ومفتتح ظهور شرائع الدين وتخلص المؤمنين من أسر المشركين وسائر ماجري بعدالهجرة من تأسيس قواعد الدين المبين . ولنشر هاهنا إلي فوائد.الفائدة الأولي أنه قدوردت أخبار كثيرة تدل علي أن عدد أيام السنة ثلاثمائة وستون كالأخبار الواردة في عدد الطواف المستحبة وكخبر الاختزال وغيرها وهي لاتوافق شيئا من المصطلحات المتقدمة و لاالسنين الشمسية و لاالقمرية ويمكن توجيهه بوجوه الأول أن يكون المراد بهاالسنة الإلهية كمامرت الإشارة إليه في الباب الأول الثاني أن يكون المراد به السنة الأولي من خلق الدنيا بضم الستة المصروفة في خلق الدنيا إلي السنة القمرية الثالث أن يكون مبنيا علي بعض مصطلحات القدماء قال أبوريحان البيروني في تاريخه سمعت أن الملوك البيشدادية من الفرس وهم الذين ملكوا الدنيا بحذافيرها كانوا يعملون السنة ثلاثمائة وستين يوما كل شهر منها ثلاثون يوما بلا زيادة ونقصان وأنهم كانوا يكبسون في كل ست سنين بشهر ويسمونها كبيسة و في كل مائة وعشرين سنة شهرين أحدهما بسبب الخمسة أيام والثاني بسبب ربع اليوم وأنهم كانوا يعظمون تلك السنة ويسمونها المباركة ويشتغلون فيهابالعبادات و
صفحه : 352
المصالح ثم قال بعدذكر نسيء العرب وكبس أهل الكتاب وغيرهم و قدحكي أبو محمدالتائب الآملي في كتاب الغرة عن يعقوب بن طارق أن الهند تستعمل أربعة أنواع من المدد أحدها من عودة الشمس من نقطة من فلك البروج إليها بعينها وهي سنة الشمس والثانية طلوعها ثلاثمائة وستين مرة وتسمي السنة الوسطي لأنها أكثر من سنة القمر وأقل من سنة الشمس والثالثة عودة القمر من الشرطين وهما رأس الحمل إليهما اثنتي عشرة مرة وهي سنة القمر المستعملة.الفائدة الثانية قال الرازي في قوله تعالي وَ لَبِثُوا فِي كَهفِهِم ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ ازدَادُوا تِسعاً فإن قالوا لم لم يقل ثلاثمائة وتسع سنين و ماالفائدة في قوله وَ ازدَادُوا تِسعاًقلنا قال بعضهم كانت المدة ثلاثمائة سنة من السنين الشمسية وثلاثمائة وتسع سنين من القمرية و هذامشكل لأنه لايصح بالحساب هذاالقول
وَ رَوَي الطبّرسِيِّ ره وَ غَيرُهُ أَنّ يَهُودِيّاً سَأَلَ عَلِيّاً ع عَن مُدّةِ لَبثِهِم فَأَخبَرَ ع بِمَا فِي القُرآنِ فَقَالَ إِنّا نَجِدُ فِي كِتَابِنَا ثَلَاثَمِائَةٍ فَقَالَ ع ذَلِكَ بسِنِيِ الشّمسِ وَ هَذَا بسِنِيِ القَمَرِ
وتفصيل القول في ذلك أنه يمكن تقرير الإشكال الوارد علي هذاالتفسير ألذي أومأ إليه الرازي بوجهين أحدهما أن أيام السنة القمرية في مدة ثلاثمائة وتسع سنين إذاقسمت علي ثلاثمائة تخرج حصة كل سنة شمسية ثلاثمائة وأربعة وستين يوما وثلثا وعشرين ساعة مستوية وستا وخمسين دقيقة وثماني وثلاثين ثانية وأربع وعشرين ثالثة و لايوافق ذلك شيئا من الأرصاد المتداولة بل ناقص عن الجميع وثانيهما أن التفاوت المضبوط بين السنتين في مدة ثلاثمائة سنة يزيد علي تسع سنين علي جميع الأرصاد فإنه علي رصد التباني مع أن مقتضاه أقل من سائر الأرصاد يبلغ إلي عشرة أيام وعشرين ساعة وست وأربعين دقيقة و
صفحه : 353
أربع وعشرين ثانية و إذاضرب هذاالمقدار من الزمان في ثلاثمائة وقسم الحاصل علي مقدار السنة القمرية يزيد الخارج علي تسع سنين قمرية بأربعة وسبعين يوما وأربع ساعات وثمان وأربعين دقيقة فكيف علي سائر الأرصاد حتي أنه علي رصد أبرخس المبني عليه حساب الروم والفرس من قديم الأيام بل المعروف بين جميع الطوائف في صدر الإسلام يزيد علي تسع سنين بسبعة وسبعين يوما وثماني وأربعين دقيقة فلاتستقيم الموافقة المستفادة من التفسير المذكور والرواية المنقولة و قديجاب بأن عدم الاعتناء بالكسور القليلة في جنب آحاد الصحاح تارة بإسقاطها سيما إذا لم تبلغ النصف وتارة بإكمالها أي عدها تامة سيما إذاجاوزت النصف وكذا بالآحاد القليلة في جنب العشرات والعشرات القليلة في جنب المآت وهكذا أمر شائع وعرف عام في المحاورات الحسابية يبتني عليه كثير من القرآن والحديث كماسنشير إليه في حديث الصباح بن سيابة فلابأس أن يخبر تعالي بأن مدة لبث أصحاب الكهف ثلاثمائة سنة بالشمسية أوثلاثمائة وتسع سنين بالقمرية وكانت ناقصة عن الأولي حقيقة بمثل تلك الأيام القلائل أوكانت مطابقة لها وكانت زائدة علي الثانية حقيقة بمثلها أو كان في الأول نقصان و في الثانية زيادة يصير المجموع مساويا لمثل تلك الأيام فإن في رعاية مطابقة العرف في تلك المحاورات لمندوحة عن كذبها حتي أنه يمكن أن يقيد عرفا أمثال ذلك بأنه كذلك بلا زيادة و لانقصان اعتمادا علي أن تحقق الزيادة والنقصان في عرف الحسابيين إنما هوبالصحاح أو ما في حكمها دون أمثال تلك الكسور. وأقول قدمر في المجلد التاسع في باب علم أمير المؤمنين ع بعض القول في ذلك .الفائدة الثالثة قدورد في الأخبار بناء كثير من الأمور الشرعية من الصوم وغيره علي عد شهر من الشهور القمرية تاما وشهرا ناقصا كعد الخمسة من شهر آخر مثله أوالستة في سنة الكبيسة وسيأتي بيانها وبسط القول فيها في كتاب الصيام إن شاء الله تعالي و عليه يبني ماروي أن يوم الأضحي يوم الصوم و يوم
صفحه : 354
عاشوراء يوم الفطر لكنه إنما يستقيم في سنة الكبيسة فإنه إذا كان أول شهر رمضان يوم السبت مثلا كان أول شوال يوم الإثنين لأنه من الشهور التامة وأول ذي القعدة يوم الثلاثاء وأول ذي الحجة يوم الخميس فالأضحي يوم السبت موافقا ليوم الصوم وذو الحجة لما كان من الشهور الناقصة في غيرسنة الكبيسة فالجمعة أول المحرم فعاشوراء يوم الأحد و هو لايوافق يوم الفطر و في الكبيسة يوافقه لإتمام ذي الحجة فيها ويمكن أن يكون مبنيا علي الغالب أو علي ما إذاغمت الأهلة كماعمل بهاجماعة من الأصحاب علي هذاالوجه أو علي استحباب صوم يوم الشك فإن هذاالحساب متقدم علي الرؤية غالبا و ماقيل في الخبر الأخير من أن المعني أن العارفين يوم صومهم يوم عيدهم و يوم فطرهم يوم تعزيتهم فهو مما تضحك منه الثكلي وسيأتي مزيد تحقيقه في محله الأنسب و قال أبوريحان في تاريخه يبتدءون بالشهر من عندرؤية الهلال وكذلك شرع في الإسلام كما قال الله تعالي يَسئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلّةِ قُل هيَِ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الحَجّ ثم نبتت نابتة ونجمت ناجمة ونبغت فرقة جاهلية فنظروا إلي أخذهم بالتأويل وميلهم إلي اليهود والنصاري فإن لهم جداول وحسابات يستخرجون بهاشهورهم ويعرفون منها صيامهم والمسلمون مضطرون إلي رؤية الهلال ووحدوهم شاكين فيه مختلفين مقلدين بعضهم بعضا بعداستفراغهم أقصي الوسع في تأمل مواضعه وتفحص مواقعه ثم رجعوا إلي أصحاب الهيئة فألفوا زيجاتهم وكتبهم مفتتحة بمعرفة أوائل مايراد من شهور العرب بصنوف الحسابات وأنواع الجداول فظنوا أنها معمولة لرؤية الأهلة وأخذوا بعضها ونسبوه إلي جعفرالصادق ع و أنه سر من أسرار النبوة وتلك الحسابات مبنية علي حركات النيرين الوسطي دون المعدلة ومعمولة علي عد سنة القمر ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وخمس وسدس و أن ستة أشهر من السنة تامة وستة ناقصة و أن كل ناقص منها فهو تال لتام علي ماعمل عليه في الزيجات فلما قصدوا استخراج أول الصوم وأول الفطر بهاخرجت
صفحه : 355
قبل الواجب بيوم في أغلب الأحوال فأولوا قول النبي ص صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته بأن معناه صوموا ألذي يري الهلال في عشيته كمايقال تهيئوا لاستقباله فيقدم التهيؤ علي الاستقبال قالوا و إن شهر رمضان لاينقص من ثلاثين فأما أصحاب الهيئة و من تأمل الحال بعناية شديدة فإنهم يعلمون أن رؤية الهلال غيرمطرد علي سنن واحد لاختلاف حركة القمر المرئية بطيئة وسريعة وقربه من الأرض وبعده وصعوده في الشمال والجنوب وهبوطه فيهما وحدوث كل واحد من هذه الأحوال له في كل نقطة من فلك البروج ثم بعد ذلك لمايعرض من سرعة غروب بعض القطع من فلك البروج وبطء بعض وتغير ذلك علي اختلاف عروض البلدان واختلاف الأهوية إما بالإضافة إلي البلاد الصافية الهواء بالطبع والكدرة المختلطة بالبخارات دائما والمغبرة في الأغلب وإما بالإضافة إلي الأزمنة إذاغلظ في بعضها ورق في بعض وتفاوت قوي بصر الناظرين إليه في الحدة والكلال و إن ذلك كله علي اختلاف بصنوف الاقترانات كائنة في كل أول شهرين رمضان وشوال علي أشكال غيرمعدودة وأحوال غيرمحدودة فيكون لذلك رمضان ناقصا مرة وتاما أخري و إن ذلك كله يفتن بتزايد عروض البلدان وتناقصها فيكون الشهر تاما في البلدان الشمالية مثلا وناقصا هوبعينه في الجنوبية منها وبالعكس ثم لايجري ذلك فيها علي نظم واحد بل لايتفق فيهاأيضا حالة واحدة بعينها لشهر واحد مرارا متوالية و غيرمتوالية فلو صح عملهم مثلا بتلك الجداول واتفق مع رؤية الهلال أوتقدمه يوما واحدا كماأصلوا لاحتاجوا إلي إفرادها لكل عرض علي أن اختلاف الرؤية ليس متولدا من جهة العرض فقط بل لاختلاف أطوال البلدان فيهاأوفر نصيب فإذن لايمكن ماذكروه من تمام شهر رمضان أبدا ووقوع أوله وآخره في جميع المعمورة من الأرض متفقا كمايخرجه الجدول ألذي يستعملونه فأما قولهم إن مقتضي الخبر المأثور تقديم الصوم والفطر علي الرؤية فباطل و ذلك أن حرف اللام يقع علي المستأنف كماذكروه ويقع علي الماضي كمايقال كتب لكذا مضي من الشهر
صفحه : 356
أي من عندمضي كذا فلاتتقدم الكتبة الماضي من الشهر و هذا هومقتضي الخبر دون الأول أَ لَا تَرَي إِلَي مَا روُيَِ عَنهُص أَنّهُ قَالَ نَحنُ قَومٌ أُمّيّونَ لَا نَكتُبُ وَ لَا نَحسُبُ الشّهرَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ كَانَ يُشِيرُ فِي كُلّ وَاحِدَةٍ مِنهَا بِأَصَابِعِهِ العَشرِ يعَنيِ تَامّاً ثَلَاثِينَ يَوماً ثُمّ أَعَادَ فَقَالَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ خَنَسَ إِبهَامَهُ فِي الثّالِثَةِ يعَنيِ نَاقِصَةً تِسعَةً وَ عِشرِينَ يَوماً
فنص ص نصا لايخفي علي أحد أن الشهر يكون تاما مرة و يكون ناقصا أخري و أن الحكم جار عليه بالرؤية عليه دون الحساب بقوله لانكتب و لانحسب فإن قالوا عني أن كل شهر تام فإن تاليه ناقص كمايحسبه مستخرجو التواريخ كذبهم العيان إن لم ينكروه وعرف تمويههم الصغير والكبير فيما ارتكبوه علي أن تتمة الخبر الأول يفصح باستحالة ماادعوه
وَ هُوَ قَولُهُص صُومُوا لِرُؤيَتِهِ وَ أَفطِرُوا لِرُؤيَتِهِ فَإِن غُمّ عَلَيكُم فَعُدّوا شَعبَانَ ثَلَاثِينَ يَوماً
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي فَإِن حَالَ بَينَكُم وَ بَينَ رُؤيَتِهِ سَحَابٌ أَو قَتَامٌ فَأَكمِلُوا العِدّةَ ثَلَاثِينَ
و ذلك أنه إذاعرف أن الهلال يري إما بجدولهم وحسابهم أوبما يستخرجه أصحاب الزيجات وقدم الصوم أوالفطر علي رؤيته لم يحتج إلي إتمام شعبان ثلاثين أوإكمال شهر رمضان ثلاثين إذاانطبقت الآفاق بسحاب أوغبار و لو كان أيضا شهر رمضان تاما أبدا ثم عرف أوله لاستغني به عن الرؤية لشوال مع ماروي في كتب الشيعة الزيدية أن الناس صاموا شهر رمضان علي عهد أمير المؤمنين ع ثمانية وعشرين يوما فأمرهم بقضاء يوم واحد فقضوه وإنما اتفق ذلك لتوالي شهر شعبان وشهر رمضان عليهم ناقصين معا و كان حال بينهم و بين الرؤية لرأس شهر رمضان حائل فأكملوا العدة وتبين الأمر في آخره
وَ روُيَِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ يُصِيبُ شَهرَ رَمَضَانَ مَا يُصِيبُ سَائِرَ الشّهُورِ مِنَ الزّيَادَةِ وَ النّقصَانِ
وَ روُيَِ عَنهُ أَيضاً أَنّهُ قَالَ إِذَا حَفِظتُم شَعبَانَ وَ غُمّ عَلَيكُم فَعُدّوا ثَلَاثِينَ وَ صُومُوا
وَ روُيَِ عَنهُ ع أَيضاً أَنّهُ سُئِلَ عَنِ الأَهِلّةِ فَقَالَ هيَِ الشّهُورُ فَإِذَا رَأَيتَ الهِلَالَ فَصُم وَ إِذَا رَأَيتَهُ فَأَفطِر
فَأَمّا مَا روُيَِ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ إِذَا رَأَيتَ هِلَالَ رَجَبٍ فَعُدّ تِسعَةً وَ خَمسِينَ يَوماً ثُمّ صُم
صفحه : 357
وَ مَا رَوَوا عَنهُ أَنّهُ قَالَ إِذَا رَأَيتَ هِلَالَ شَهرِ رَمَضَانَ لِرُؤيَتِهِ فَعُدّ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ أَربَعَةً وَ خَمسِينَ يَوماً ثُمّ صُم فِي القَابِلِ فَإِنّ اللّهَ خَلَقَ السّنَةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ يَوماً فَاستَثنَي مِنهَا سِتّةَ أَيّامٍ فِيهَا خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فَلَيسَت فِي العَدَدِ
فلو صحت الرواية عنه لكان إخباره عن ذلك علي أنه أكثري الوجود في بقعة واحدة لا أنه مطرد في جميع البقاع كماذكرنا و أماتعليل الأيام الستة بهذه العلة فتعليل ركيك يكذب الرواية وتبطل له صحتها و قدقرأت فيما قرأت من الأخبار أن أبا جعفر محمد بن سليمان عامل الكوفة من جهة المنصور حبس عبدالكريم بن أبي العوجاء و هوخال معن بن زائدة و كان من المانوية فكثر شفعاؤه بمدينة السلام وألحوا علي المنصور حتي كتب إلي محمدبالكف عنه و كان عبدالكريم يتوقع ورود الكتاب في معناه فقال لأبي الجبار و كان منقطعا إليه إن أخرني الأمير ثلاثة أيام فله مائة ألف درهم فأعلم أبوالجبار محمدا فقال ذكرتنيه وكنت نسيته فإذاانصرفت من الجمعة فاذكرنيه فلما انصرف ذكره إياه فدعا به فأمر بضرب عنقه فلما أيقن أنه مقتول قال أما و الله لئن قتلتموني لقد وضعت أربعة آلاف حديث أحرم فيهاالحلال وأحل به الحرام ولقد فطرتكم في يوم صومكم وصومتكم في يوم فطركم ثم ضربت عنقه وورد الكتاب في معناه بعدة و ماأحق هذا الرجل الملحد بأن يكون متولي هذاالتأويل ألذي ذهبوا إليه وأصله انتهي وتمام القول فيه في كتاب الصوم الفائدة الرابعة اعلم أن ماذكروه من أن مدة الشهر القمري تسعة وعشرون يوما واثنتا عشرة ساعة وأربع وأربعون دقيقة إنما هوباعتبار وضع القمر بالنسبة إلي الشمس إلي حصول مثل ذلك الوضع له فكان قدر مسير الشمس في هذاالزمان منضما إلي قدر دورته من نقطة معينة إليها و أماباعتباره في نفسه فإنه يتم دوره في مدة سبعة وعشرين يوما وثلث يوم فالتفاوت بين الاعتبارين بيومين وأربع ساعات وأربع وأربعين دقيقة فلمداره بالاعتبار الأخير حدود ينزل في كل ليلة في أحدها إلي أن يرجع إلي الأول منها فهي حقيقة اثنان وثمانون منزلا
صفحه : 358
في ثلاث دورات له لمكان الكسر المذكور ولكن الناس تسامحوا فيه واصطلحوا علي تقسيم كل دورة له إما إلي سبعة وعشرين منزلا كمااصطلح عليه أهل الهند إسقاطا للكسر وإما إلي ثمانية وعشرين كمااصطلح عليه العرب إتماما له وعلموها بالكواكب القريبة منها و قدمر ذكرها ونظموها بالفارسية علي الترتيب هكذا.
اسما منازل قمر نزد عرب | شرطين وبطين است وثريا دبران |
هقعه هنعه ذراع ونثره پس طرف | جبهه زبره صرفه وعوا پس از آن |
پس سماك وغفر وزبانا اكليل | قلب وشوله نعائم وبلده بدان |
سعد ذابح سعد بلع سعد سعود | باشد پس سعد اخبيه چارمشان |
از فرع مقدم به مؤخر چه رسيد | آنگه برشاء شد كه باشد پايان . |
فلأجل التفاوت المذكور بين الاعتبارين إذافرضنا القمر بدرا في منزل معين في شهر معين فبعد إتمام دورة منه إليه يكون فيه بعينه في الشهر التالي ناقصا عن البدرية بحسب ذلك التفاوت وهكذا يزيد النقصان المذكور بعد كل دورة حتي يبلغ بعدست دورات في المنزل المذكور بعدتمام الشهر السادس إلي مرتبة الهلالية وقس عليه عكسه فيبلغ بعدإتمام ست دورات أخر فيه إلي البدرية فعلي أي حالة يري في منزل معين يري فيه بعدست دورات علي الحالة المقابلة لها و بعداثنتي عشرة دورة علي الحالة الموافقة لها وهكذا دائما. فإذاتمهد هذافنقول قدعرفت ماذكره بعض المفسرين في قوله تعالي وَ القَمَرَ قَدّرناهُ مَنازِلَ حَتّي عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِ ويرجع حاصله إلي أن القمر من أول ظهوره بالعشيات مستهلا إلي آخر رؤيته بالغدوات مستنيرا يسير جميع المنازل و في آخرها يشبه بالعرجون القديم فيما يعرضه بسبب مرور الزمان
صفحه : 359
كالدقة والانحناء قال الطبرسي ره في جامع الجوامع والمعني قدرنا مسيره منازل وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل كل ليلة في واحد منها لايتخطاه و لايتقاصر منها علي تقدير مستوحَتّي عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِ و هوعود العذق ألذي تقادم عهده حتي يبس وتقوس وقيل إنه يصير كذلك في ستة أشهر قال الزجاج هوفعلون من الانعراج و هوالانعطاف والقديم يدق وينحني ويصغر فشبه القمر به من ثلاثة أوجه انتهي و قال الزمخشري بعدتفسير الآية بنحو مما مر وقيل أقل مدة الموصوف بالقدم الحول فلو أن رجلا قال كل مملوك لي قديم فهو حر أوكتب ذلك في وصيته عتق له من مضي له حول أوأكثر انتهي وَ رَوَي عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ وَ الطبّرسِيِّ رَحِمَهُمَا اللّهُ وَ غَيرُهُمَا أَنّهُ دَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ المكُاَريِ عَلَي أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع فَقَالَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ عِندَ مَوتِهِ كُلّ مَملُوكٍ لِي قَدِيمٍ فَهُوَ حُرّ لِوَجهِ اللّهِ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع مَا مَلَكَهُ لِسِتّةِ أَشهُرٍ فَهُوَ قَدِيمٌ وَ هُوَ حُرّ قَالَ وَ كَيفَ صَارَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنّ اللّهَ يَقُولُوَ القَمَرَ قَدّرناهُ مَنازِلَ حَتّي عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِسَمّاهُ اللّهِ قَدِيماً وَ يَعُودُ كَذَلِكَ لِسِتّةِ أَشهُرٍ
الخبر و في الكافي هكذا قال نعم إن الله يقول في كتابه حَتّي عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِفما كان من مماليكه أتي له ستة أشهر فهو حر.فظهر من سياق مانقلناه من التفسير والحديث أن بين العامة والخاصة في المسألة المذكورة من العتق موضع وفاق هو أن حكمها مستنبط من الآية المذكورة وموضع خلاف هو أن العامة لم يجاوز نظرهم عما فيها من توصيف العرجون بالقديم فظنوا بمحض زعمهم أن ثبوت هذاالوصف له بعد أن يحول الحول فحكموا في المسألة علي طبقه و أن الخاصة عرفوا بتفريع إمامهم الحكم فيهابستة أشهر علي
صفحه : 360
الآية أنه الحق الموافق لماتضمنه الكتاب فاكتفوا به لعدم احتياجهم معه إلي تعرف وجه استنباطه منها إذ لهم ع طرق في استخراج الأحكام والوقائع من الكلام المجيد لاسبيل لنا إلي معرفتها لكن ذكر بعض المحققين هنا وجها دقيقا نورده هاهنا و هو أن عبارةحَتّي عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِالمذكورة من الآية في الحديث للاحتجاج عليه مشتملة علي عدة ألفاظ فابتداؤها المتكفل للدلالة علي اعتبار انتهاء لماصوره تعالي فيها من سير القمر بالمطابقة متضمن للدلالة علي اعتبار ابتداء له أيضا بالالتزام وذكر العود يدل علي اتحادهما بمعني أن مااعتبره من منازله في هذاالسير للابتداء اعتبر هوبعينه للانتهاء وتقييده في ضمن التشبيه بكونه هلالا في خصوص حال العود يدل علي اعتبار كونه بدرا مقابلا لها في حال البدء المقابل له كمايتبادر من لفظ القمر أيضا سيما مع مقابلة الشمس من الطرفين والنكتة حينئذ في اعتبار هذاالترتيب في البدء والعود دون العكس أظهر من الشمس ثم توصيف المشبه به بالقدم يدل علي اعتبار هذاالوصف أيضا في جملة وجوه الشبه بل هوأحق بالاعتبار لاختصاصه بالذكر وكونه مناطا لسائر الوجوه كقولهم فلان كالبدر المنير أوكالأسد الغضبان فمجمل ماأوجز في تلك الكلمات التامات إنما يري من حال سير القمر في منازله المقدرة له من أنه في أي منزل كان بدرا فيه في وقت يصير فيه بعينه هلالا شبيها بالعرجون القديم بعددورات معدودة في أزمنة محدودة علي تدريج خاص ونظام معين لايتغير و لايتبدل و لايزيد و لاينقص وهكذا حاله في جميع الأزمان من عجائب الآيات وغرائب التدبيرات فبذلك التصوير والتشبيه مع ماعرفت مما مهدناه من أن صيرورته هلالا في منزل كان فيه بدرا يتم بتمام الشهر السادس وحينئذ بتعرضه للصفات المعتبرة في المشبه به و من جملتها القدم تعرف أن الشيء إذاأتي له ستة أشهر صار موصوفا بالقدم و هذا هوالمطلوب . فإن قيل مدة ستة دورات ناقصة عن ستة أشهر كماعرفت .قلنا قدمر أنه شاع في عرف أهل الحساب عد مازاد علي النصف من الكسور
صفحه : 361
كاملا والنقصان هنا أقل من نصف شهر كما لايخفي . وربما يؤيد هذاالوجه بأن الخبر علي مارواه علي بن ابراهيم ظاهره وصف القمر بالقديم إذ الظاهر رجوع الضمير في سماه إلي القمر بقرينة قوله ويعود كذلك . وأقول هذاوجه لطيف مشتمل علي دقائق جليلة لكنه في غاية البعد والتكلف و الله يعلم حقائق كلامه و من خصه بمزيد الفضل من إنعامه .الفائدة الخامسة اعلم أن أصحابنا اتفقوا علي أن ولادة نبيناص كانت في شهر ربيع الأول إما في السابع عشر منه كما هوالمشهور أو في الثاني عشر كمااختاره الكليني ره و هوالمشهور بين المخالفين وذكر الكليني وغيره أن الحمل به ص كان في أيام التشريق فيلزم أن يكون مدة حمله ص إما ثلاثة أشهر أوسنة وثلاثة أشهر مع أن الأصحاب اتفقوا علي أنه لا يكون الحمل أقل من ستة أشهر و لاأكثر من سنة و لم يذكر أحد من العلماء أن ذلك من خصائصه ص والجواب أن ذلك مبني علي النسيء ألذي حققناه في صدر الباب وذكروا للنسيء ثلاثة معان أومأنا إلي بعضها الأول أنهم كبسوا تسع عشرة سنة تامة قمرية حتي صارت تسع عشرة سنة تامة شمسية علي ترتيب بهزيجوح فدور النسيء علي هذاالوجه تسع عشرة سنة تامة قمرية مكبوسة بسبعة أشهر تامة قمرية لأن تسعة عشر منه وسبعة أشهر تامتين قمريتين تسع عشرة سنة تامة شمسية والشهر الزائد و هوالكبس يسمي النسيء لأنه المؤخر عن مكانه لأن المحرم لوسمي بذي الحجة صار صفر محرما فتأخر المحرم إلي مكان صفر والسنة التي يزيدون الشهر فيهاهي السنة الكبيسة أي المدخولة المزيدة فيها من الكبس بمعني الطم الثاني أنهم كانوا يكبسون في كل ثلاث سنين شهرا فدور النسيء ست وثلاثون سنة تامة قمرية مكبوسة باثني عشر شهرا قمريا كذلك الثالث أنهم كانوا يكبسون في كل سنتين شهرا فدور النسيء علي هذاالوجه أربع وعشرون سنة تامة قمرية مكبوسة باثني عشر شهرا تاما قمريا و هذاالوجه أشهر
صفحه : 362
موافقا لماذكره الطبرسي وغيره وبالجملة أنهم كانوا يزيدون في بعض السنين شهرا ويتركون بعضها بحاله فبعض سنيهم اثنا عشر شهرا وبعضها ثلاثة عشر شهرا والزيادة دائما تكون في آخر السنة التي ينتقل الحج بعدها من شهر إلي آخر لأن من شهر إلي مثله اثني عشر شهرا و منه إلي مايليه ثلاثة عشر شهرا والنسيء المشهور مبني علي الأخير وربما يبني علي الأول والثاني أيضا فنقول علي الوجه الثالث المشهور لماتبين أن الولادة في الربيع الأول إما في السابع عشر أو في الثاني عشر والوفاة إما في الثاني عشر منه كمااختاره الكليني ره وفقا للمشهور بين العامة أو في الثامن والعشرين من الشهر قبله أعني صفر كما هوالمشهور عندالإمامية والمشهور أن مدة حياته الشريفةص ثلاث وستون سنة تامة قمرية تحقيقا علي الأول وتقريبا علي الثاني فمن جمادي الأخري المؤخر عن ولادته ص بثلاثة أشهر إلي ذي الحجة من حجة الوداع المقدم علي وفاته ص بمثله اثنتان وستون سنة تامة قمرية وستة أشهر و هوستون سنة تامة نسيئية لأن ستين سنة نسيئية زائدة علي ستين سنة تامة قمرية بثلاثين شهرا لأن كل سنتين تامتين نسيئتين زائدة علي سنتين تامتين قمريتين بشهر باعتبار انتقال الحج من شهر إلي آخر كماعرفت وثلاثون شهرا سنتان وستة أشهر فظهر أن من جمادي الثانية التي في خلال عام مولده إلي حجة الوداع ستون سنة تامة نسيئية وظهر أن الحج وقع في خلال عام مولده في جمادي الثانية إذ المفروض أن مبدأ كل سنة من السنين التامة النسيئية الحج الواقع في شهر ومنتهاها الحج الآخر الواقع في هذاالشهر أو في الشهر الآخر بعده فمبدأ الستين السنة النسيئية جمادي الثانية ومنتهاه ذو الحجة حجة الوداع فالستون السنة محصورة بين حجتين إحداهما المبدأ والأخري المنتهي فالحجج الواقعة في هذه المدة إحدي وستون حجة لأن كل سنة تامة نسيئية محصورة بين حجتين و كل حجة بداية سنة تامة نسيئية ونهاية سنة أخري إلاحجة الوداع لأن النسيء انقطع عنده فهي نهاية سنة ستين النسيئية فقط والحجة الواقعة في خلال عام مولده هي الحجة الأولي الواقعة فيهالأن حجة الوداع كانت أولي حجة وقعت
صفحه : 363
في ذي الحجة كمامر والواقعة قبلها في الشهر السابقة كانت في ذي القعدة فالشهر الزائد في آخر سنة الستين والمزيد فيهاشهر سنة الستين لاالتي قبلها وكذا كل شفع من السنين النسيئية هي التي زيد في آخرها شهر و قدمر أن الزيادة تكون باعتبار انتقال الحج من شهر إلي آخر فلو كانت الحجة الواقعة في جمادي الثانية في خلال عام مولده ص هي الحجة الثانية لزم أن تكون الحجة الواقعة بعدها التي هي مبدأ السنة الثانية من السنين النسيئية ومنتهي السنة الأولي قدوقعت في رجب لأن المفروض عدم وقوع أزيد من حجتين في شهر و أن تكون الزيادة في السنة الأولي لا في الثانية و في الوتر من السنين التامة النسيئية لا في الشفع و أن تكون حجة الوداع الحجة الثانية الواقعة في ذي الحجة لاالأولي و هوخلاف المنقول والمروي فظهر أن الحجة الواقعة في جمادي الثانية في خلال عام مولده ص كانت الحجة الأولي فالحمل به ص في أيام التشريق في السنة السابقة في جمادي الأولي فمدة الحمل عشرة أشهر بلا زيادة و لانقصان أوبزيادة يوم أوبنقصانه علي ماذهب إليه الكليني وبزيادة أيام علي المشهور من أن يوم الولادة السابع عشر و قدمر بعض القول منا في ذلك في المجلد السادس في باب ولادته ص و قدذكرنا هنا جملة من القول في الاختلاف الواقع في يوم مولده ص ولنذكر هنا أيضا بعض القول فيه لماانتهي الكلام إليه فإن الحديث ذو شجون فاعلم أنه لاخلاف في أن يوم الولادة الشريفة من أيام ربيع الأول في عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وخمسين سنة وإنما الخلاف في أنه أي يوم من الشهر المذكور ولكن علماء الإمامية رضوان الله عليهم متفقون علي كونه غيرخارج من الثاني عشر والسابع عشر فالمشهور السابع عشر قال الشيخ المفيد ره في المقنعة ولدص بمكة يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل وصدع بالرسالة في يوم السابع والعشرين من رجب و له يومئذ أربعون سنة انتهي . ونحو ذلك قال شيخ الطائفة وغيرهما من العلماء والمحدثين إلاثقة الإسلام في
صفحه : 364
الكافي حيث قال ولد النبي ص لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول في عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال وروي أيضا عندطلوع الفجر قبل أن يبعث بأربعين سنة و هوموافق لما هوالمشهور بين العامة في الحرمين زاد الله في شرفهما وغيرهما من بلاد المخالفين و هذاالقول مع ندرته بيننا قدأيد بوجوه .الأول أن وفاته ص كانت في يوم الإثنين بالاتفاق وكانت إما لليلتين بقيتا من شهر صفر كما هوالمشهور بين الشيعة أو في الثاني عشر من ربيع الأول كما في الكافي و هوأيضا مشهور بين المخالفين و علي كل تقدير يكون لامحالة غرة ربيع الأول في السنة الحادية عشر من هجرته الموافقة لوفاته ص مطابقة ليوم الخميس ويلزم منه بالبرهان الحسابي أن يكون غرة ربيع الأول في سنة المولد يوم الإثنين أو يوم الثلاثاء إذ بين غرتي هذين الربيعين ثلاث وستون سنة قمرية بلا زيادة و لانقصان لعدم الخلاف في مدة عمره ص ثلاث وعشرون أوأربع وعشرون منها ذات كبيسة والباقية خالية عنها والترديد باعتبار عدم العلم بمبدإ الكبائس و بعدطرح الأسبوعات التامة من كل سنة يبقي من ذوات الكبائس خمسة أيام و من غيرها أربعة أيام و هذاظاهر فيجتمع من بقايا أسبوعات تلك السنين مائتان وخمسة وسبعون أوستة وسبعون يوما والباقي منها بعدطرح سبعة سبعة اثنان أوثلاثة فيلزم من ذلك أن تكون غرة ربيع المولد يوما من الأسبوع مقدما علي يوم غرة ربيع الوفاة باثنين أوثلاثة و كان هذا يوم الخميس فكان ذلك يوم الإثنين أوالثلاثاء كماذكرنا وكونه يوم الثلاثاء ساقط بالاتفاق لعدم إمكان مطابقة الثاني عشر و لاالسابع عشر علي تقديره ليوم الجمعة فتعين يوم الإثنين فيصادفه الثاني عشر دون السابع عشر و هوالمطلوب . والثاني أن وفاة العسكري وانتقال الأمر إلي صاحب الزمان ع باتفاق الكليني والمفيد رضي الله عنهما في الكافي والإرشاد كان في يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين من الهجرة فكانت غرة الشهر المذكور أيضا
صفحه : 365
و ما بين غرة هذاالربيع وربيع المولد ثلاثمائة واثنتا عشرة سنة كاملة فيظهر بالحساب المتقدم أن بقايا أسبوعات أيام تلك السنين أربعة أوخمسة أيام فتكون غرة ربيع المولد مقدما علي الجمعة بمثلها فيكون يوم الإثنين أو يوم الأحد والثاني ساقط بالاتفاق والأول مستلزم للمطلوب . والثالث أن غرة محرم الحرام لسنة الهجرة مضبوطة عند أهل الهيئة والحساب بأنها كانت يوم الخميس بحسب الحساب و يوم الجمعة باعتبار رؤية الهلال كما هومذكور في التحفة والزيج الجديد وكذا غرة رجب المرجب سنة المبعث مضبوط بأنها كانت يوم الإثنين كمايظهر مما رواه الشيخ في المصباح من أن المبعث كان في يوم السبت و لم أطلع علي خلاف فيه فيستفاد من هذين الضبطين أيضا دليلان آخران علي هذاالمطلوب . والرابع ذكر بعض الأفاضل ره أن غرة ربيع الأول فيما نحن فيه من الزمان سنة ثمان وثمانين وألف من الهجرة كانت يوم الثلاثاء بلا اشتباه و قدمضي حينئذ من غرة ربيع المولد ألف ومائة وأربعون سنة و من المقررات الحسابية المعلومة لأهل الخبرة أن في كل مائتين وعشر سنين يعود وضع أيام الأسابيع مع أيام الشهور العربية إلي ما كان ففي ألف وخمسين سنة يتم العود المذكور خمس مرات فيكفي لنا النظر في تتمتها وهي تسعون سنة ثلاث وثلاثون منها ذات كبيسة وسبع وخمسون بلا كبيسة و قدعرفت أن الباقي من الأسبوعات كل من الأولي خمسة و من الثانية أربعة فمجموع البقايا ثلاثمائة وثلاث وتسعون يوما و إذاطرحناه سبعة سبعة يبقي واحد فظهر أن غرة ربيع المولد مقدم علي غرة ربيعنا بيوم و هذا كان يوم الثلاثاء فذلك كان يوم الإثنين و هويستلزم المطلوب كمامر. ثم قال ره فإن قيل ذكر الشيخ في المصباح وغيره رواية مشتملة علي تفسير المولد بالسابع عشر قلنا لكونها منافية لمقتضي هذه الدلائل الحسابية الغير المشكوك فيهابل معارضة لمارواه أيضا في المصباح من موافقة المبعث يوم
صفحه : 366
السبت لعدم إمكان اجتماعهما علي مامر ينبغي حملها علي أن لا يكون التفسير المذكور من كلام الإمام بل من كلام بعض الرواة لإزالة الإبهام عنها علي حسب اعتقاده ومثل ذلك ليس بعزيز في الروايات . ثم إذاأتقنت هذاالمسلك يتبين لك الحق بمعونته في كثير مما وقع الخلاف فيه فمن ذلك أن الأمة بعداتفاقهم علي وقوع هجرة نبيناص من مكة إلي المدينة في السنة الرابعة عشر من المبعث اختلفوا في شهرها ويومها بالنسبة إلي الشهر وبالنسبة إلي الأسبوع فقيل يوم الإثنين السادس والعشرون من صفر وقيل ليلة الإثنين السابع والعشرون منه وقيل يوم الخميس أول ربيع الأول وقيل يوم الثلاثاء ثامنه وقيل يوم الإثنين بدون ذكر شهرها وقيل أول ربيع الأول بدون ذكر يومه وقيل الرابع منه وقيل العاشر منه كذلك فهذه أقوال ثمانية و لماعرفنا مامر من مطابقة غرة المحرم سنة الهجرة ليوم الخميس أوالجمعة واطلعنا علي سائر التواريخ المعلومة و من جملتها أن غرة ربيع المولد يوم الإثنين و أن بينها و بين غرة ربيع الهجرة ثلاثا وخمسين سنة ووجدناها مشتملة علي أسابيع تامة بلا كسر ومستلزمة لموافقة غرتيهما يوما حصل لنا بتلك المعارف العلم بتهافت القولين الأولين لعدم موافقة السادس والعشرين و لاالسابع والعشرين من صفر ليوم الإثنين وكذا بتهافت القول الثالث والرابع لعدم مطابقة أول ربيع الأول للخميس و لاالثامن منه للثلاثاء ثم نعلم بارتفاع احتمال الثلاثاء والخميس من البين تعين يوم الإثنين موافقا لليوم الخامس المروي عن ابن عباس بل عن رسول الله ص ثم بتعينه بطلان القولين الأخيرين لتنافيهما ثم ببطلانهما تعين أول ربيع الأول موافقا للقول السادس المنقول عن الشيخ المفيد ره فتبين لنا أن هجرته ص كانت في يوم الإثنين أول ربيع الأول والحمد لله . ثم بعد هذاالتحقيق إذانظرنا في تاريخ وصوله ص إلي المدينة واختلاف القوم فيه فقيل لهلال ربيع الأول وقيل لليلتين خلتا منه وقيل لاثنتا عشرة مضت منه عرفنا بطلان القولين الأولين من طريق العادة فتعين القول الأخير
صفحه : 367
ألذي ذهب إليه المفيد ره في حدائق الرياض و قدنقل ابن الجوزي في تلقيحه عن ابن سعد أنه هوالمجمع عليه ثم بتعينه عرفنا أن مانقله ابن الجوزي عن ابن عباس وغيره وادعي صاحب روضة الصفا اتفاق أئمة الأخبار عليه من مصادفة يوم وصوله ص إلي المدينة ليوم الإثنين لاعبرة به لعدم إمكان اتفاق الأول والثاني عشر من شهر في يوم فيكون وصوله ص يوم الجمعة فظهر أيضا فساد مانقله عن عروة أنه مكث بقبا ثلاث ليال ثم ركب يوم الجمعة فالمعتمد هو مانقله عن الزهري أنه ص نزل في بيت عمرو بن عوف بقبا فأقام به بضعة عشرة ليلة فإنه موافق لِمَا رَوَاهُ الكلُيَنيِّ فِي الرّوضَةِ بِإِسنَادِهِ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع فِي ذِكرِ إِسلَامِ عَلِيّ ع وَ مَوضِعُ الحَاجَةِ مِنهُ قَولُهُ ع حَتّي هَاجَرَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَدِينَةِ وَ خَلّفَ عَلِيّاً ع فِي أُمُورٍ لَم يَكُن يَقُومُ بِهَا أَحَدٌ غَيرُهُ وَ كَانَ خُرُوجُ رَسُولِ اللّهِص مِن مَكّةَ فِي أَوّلِ يَومٍ مِن رَبِيعٍ الأَوّلِ وَ ذَلِكَ يَومُ الخَمِيسِ مِن سَنَةِ ثَلَاثَ عَشرَةَ مِنَ المَبعَثِ وَ قَدِمَ المَدِينَةَ لاِثنتَيَ عَشرَةَ لَيلَةً خَلَت مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ مَعَ زَوَالِ الشّمسِ فَنَزَلَ بِقُبَا فَصَلّي الظّهرَ رَكعَتَينِ وَ العَصرَ رَكعَتَينِ ثُمّ لَم يَزَل مُقِيماً يَنتَظِرُ عَلِيّاً ع يصُلَيّ الخَمسَ صَلَوَاتٍ رَكعَتَينِ رَكعَتَينِ وَ كَانَ نَازِلًا عَلَي عَمرِو بنِ عَوفٍ فَأَقَامَ عِندَهُم بِضعَةَ عَشَرَ يَوماً يَقُولُونَ لَهُ أَ تُقِيمُ عِندَنَا فَنَتّخِذَ لَكَ مَنزِلًا وَ مَسجِداً فَيَقُولُ لَا إنِيّ أَنتَظِرُ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَ قَد أَمَرتُهُ أَن يلَحقَنَيِ وَ لَستُ مُستَوطِناً مَنزِلًا حَتّي يَقدَمَ عَلِيّ وَ مَا أَسرَعَهُ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي فَقَدِمَ عَلِيّ ع وَ النّبِيّص فِي بَيتِ عَمرِو بنِ عَوفٍ فَنَزَلَ مَعَهُ ثُمّ إِنّ رَسُولَ اللّهِص لَمّا قَدِمَ عَلِيّ ع تَحَوّلَ مِن قُبَا إِلَي بنَيِ سَالِمِ بنِ عَوفٍ وَ عَلِيّ ع مَعَهُ يَومَ الجُمُعَةِ مَعَ طُلُوعِ الشّمسِ فَخَطّ لَهُم مَسجِداً وَ نَصَبَ قِبلَتَهُ فَصَلّي بِهِم فِيهِ الجُمُعَةَ رَكعَتَينِ وَ خَطَبَ خُطبَتَينِ ثُمّ رَاحَ مِن يَومِهِ إِلَي المَدِينَةِ عَلَي نَاقَتِهِ التّيِ كَانَ قَدِمَ عَلَيهَا وَ عَلِيّ مَعَهُ لَا يُفَارِقُهُ يمَشيِ بِمَشيِهِ
الحديث . و لايخفي أن فيه إشكالين أحدهما في قوله و ذلك يوم الخميس لماعرفت
صفحه : 368
أن أول ربيع الأول في سنة الهجرة يوم الإثنين والآخر في قوله من سنة ثلاث عشرة من المبعث لماعرفت أيضا من الاتفاق علي كونه في السنة الرابعة عشر منه ويمكن توجيه الأول بأن ذلك ليس إشارة إلي أول يوم و لا إلي خروج رسول الله ص كمايتبادر إلي الأذهان بل إلي التخليف المذكور قبلهما ولعل هذاأقرب إلي ذلك لفظا لكونه أبعد ومعني لمانقل أنه ص توقف بعدخروجه من مكة في الغار المشهور ثلاثة أيام و كان علي ع يصل إليه فيه سرا فالظاهر أن تخليفه فيما أوصي إليه من أموره كان عندارتحاله عنه فتدبر وتوجيه الثاني بأن الاتفاق علي كونها في الرابعة عشر مبني علي أن المبعث كان في رجب ومبدأ السنة عندالعرب هوالمحرم فما بعدالمحرم إلي رجب من جملة السنة الثالثة عشر من المبعث و إن كان معدودا عندهم من الرابعة عشر باعتبار مبدإ السنة فهما متوافقان معني والمخالفة إنما هي في اللفظ فقط و من ذلك اختلاف القوم بعداتفاقهم علي وقوع نص غدير خم في ثامن عشر ذي الحجة من السنة العاشرة الهجرية في خصوص يوم الأسبوعي فنقل عن ابن مردويه و عن أخطب خوارزم مرويا عن أبي سعيد الخدري أنه كان يوم الخميس و قال بعض الشيعة إنه كان يوم الجمعة و مانقل في حبيب السير من اتفاق المورخين علي أن يوم عرفة في حجة الوداع كان مطابقا ليوم الجمعة مقتض للقول منهم بكونه يوم الأحد
وَ كَذَا مَا يُتَوَهّمُ مِمّا فِي كِتَابِ الحُجّةِ مِنَ الكاَفيِ فِي أَثنَاءِ رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع حَيثُ قَالَ بَعدَ بَيَانِ نُزُولِ الصّلَاةِ وَ الزّكَاةِ وَ الصّومِ وَ الحَجّ ثُمّ نَزَلَتِ الوَلَايَةُ وَ إِنّمَا أَتَاهُ ذَلِكَ يَومَ الجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ أَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّاليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُمالحَدِيثَ
وكونه توهما لأنه لايصح أن يكون المراد بلفظ عرفة هاهنا يوم عرفة لمكان الباء و لاالموقف لالأن اسمه عرفات وإطلاق عرفة عليه شبيه بمولد كما في الصحاح والقاموس فإنها مستعملة فيه في كثير من روايات
صفحه : 369
كتاب الحج من الكافي والفقيه بل لظاهر الروايات عن أهل البيت ع بأن نزولها ما بين مكة والمدينة بعدالانصراف من حجة الوداع موافقا لمانقل في مجمع البيان عن الربيع بن أنس إما قبل وصوله إلي غدير خم كماروي في تفسير علي بن ابراهيم عن أبي جعفر ع وإما بعده كماروي في مجمع البيان وغيره عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع موافقا لمارواه المخالفون عن أبي سعيد الخدري ووجه الجمع حمل النزول في الأول علي تمهيد ماينزل أو في الثاني علي إقامة مانزل بالتبليغ فلو كان هذااللفظ هاهنا من كلام الإمام ع لاحتمل أن يكون عرفة بالضم إذ هي كما في القاموس اسم لثلاثة عشر موضعا فلايبعد أن يكون أحدها قريبا من غدير خم هذا ولكن التحقيق أن ليس شيء من هذه الأيام الثلاثة موافقا للتواريخ المضبوطة المعلومة مع اختلافها بالنسبة إليه قربا وبعدا فإن أقربها منه غرة صفر في السنة الحادية عشرة من الهجرة سنة وفاة النبي ص وهي كماظهر مما مر كانت مطابقة للثلاثاء فكانت غرة المحرم فيهاموافقة للأحد أوالإثنين فكانت غرة ذي الحجة من السنة السابقة العاشرة من الهجرة غيرخارجة عن الجمعة والسبت والأحد فكانت الثامن عشر منه لايخلو من الإثنين والثلاثاء والأربعاء و إن أبعدها عنه غرة ذي الحجة من سنة سبع وثمانين وألف قبيل مانحن فيه من الزمان وهي كانت يوم الخميس بحسب الحساب والرؤية جميعا بلا اشتباه وغرة ذي الحجة من السنة العاشرة مقدمة عليها بألف وسبع وسبعين سنة تامة فبطريق الحساب ألذي مر بيانه يكون الباقي منها بعدطرح أسبوعاتها ستة فتكون مطابقة للجمعة فكان ثامن عشرة مصادفا ليوم الإثنين فيدل كل من هذين التاريخين المعلومين علي خلاف كل من الأقوال الثلاثة ويدل علي تعين رابع هو يوم الإثنين ويطابقه أيضا ماضبط ابن الجوزي في التلقيح من أن قتل عثمان كان في يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين فإن مابينهما خمس وعشرون سنة كاملة والباقي بعدطرح أسبوعاتها أربعة فإذا كان هذا يوم الجمعة فكان ذلك مقدما عليه بأربعة أيام فكان يوم الإثنين ويوافقه أيضا
صفحه : 370
ماذكره الطبري في تاريخه من أن أول جمعة صلي علي ع بالناس وخطب بهم بعدقتل عثمان كان مطابقا للخامس والعشرين من ذي الحجة كما لايخفي . فإن قلت الصدوق ره
قَالَ فِي الفَقِيهِ وَ روُيَِ أَنّهُ مَا طَلَعَتِ الشّمسُ فِي يَومٍ أَفضَلَ مِن يَومِ الجُمُعَةِ وَ كَانَ اليَومُ ألّذِي نَصَبَ فِيهِ رَسُولُ اللّهِص أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع بِغَدِيرِ خُمّ يَومَ الجُمُعَةِ
الحديث قلنا أولا أن دأبه ره في هذاالكتاب أن يذكر ما لم يعتمد عليه من الروايات بهذا السياق . وثانيا أن قوله و كان اليوم ألذي إلي آخره يجوز أن يكون من عبارة الراوي أو من عبارته علي طبق طريقته في هذاالكتاب من إدراج كلامه كثيرا بين الأحاديث بدون علامة فاصلة بينهما ويؤيدهما أن مثل صدر هذاالحديث مروي في التهذيب والكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع بدون هذه التتمة و في الكافي أيضا عن ابراهيم بن أبي البلاد عن بعض أصحابه عن أبي جعفر أو أبي عبد الله ع مع تتمة أخري . وثالثا أنه يمكن أن يوجه فيحمل اليوم ألذي نصب فيه علي علي اليوم ألذي نزل فيه الأمر بالنصب المذكور أو علي اليوم المقدر فيه ذلك و هو يوم الميثاق أويقال أفاد ع أحد هذين المعنيين بلفظ آخر فنقله بعض الرواة بهذا اللفظ علي طبق وهمه فيطابق علي الأول مامر من رواية أبي الجارود و علي الثاني ماروي في الباب المذكور من الكافي والتهذيب
عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ كَيفَ سُمّيَتِ الجُمُعَةُ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ جَمَعَ فِيهَا خَلقَهُ لِوَلَايَةِ مُحَمّدٍص وَ وَصِيّهِ فِي المِيثَاقِ فَسَمّاهُ يَومَ الجُمُعَةِ لِجَمعِهِ فِيهِ خَلقَهُ
الحديث فتأمل .
صفحه : 371
و من ذلك أنهم بعداتفاقهم علي وقوع الواقعة العظمي بكربلاء في العاشر من المحرم سنة إحدي وستين من الهجرة اختلفوا في يومه الأسبوعي فقيل كان يوم الجمعة وقيل يوم السبت وقيل يوم الإثنين والتواريخ المعلومة المضبوطة لاتوافق شيئا منها فإن أقربها إلي يوم الغدير في السنة العاشرة وكونها مطابقة للإثنين علي مامر مستلزم لعدم خروج غرة المحرم في الحادية عشر عن السبت والأحد و ما بين المحرمين خمسون سنة تامة والباقي من أسبوعاتها واحد ويحتمل اثنين أيضا من جهة زيادة الكبائس لوفرضنا مثلا مبدأ الخمسين المذكور مطابقا لخامس الثلاثين المعتبر فيهاالكبائس لإحدي عشرة كما لايخفي علي أهل الخبرة فيلزم أن يكون غرة المحرم في سنة إحدي وستين مؤخرة عن السبت أوالأحد بواحد أواثنين فيكون موافقا للأحد أوالإثنين أوالثلاثاء فعاشره لايخرج عن الثلاثاء والأربعاء والخميس وأبعد التواريخ المذكورة عنها غرة المحرم فيما نحن فيه من السنة الثامنة والثمانين بعدالألف وهي كماثبت بالحساب والرؤية جميعا بلا اشتباه كانت يوم الجمعة و ما بين ذينك المحرمين ألف وسبع وعشرون سنة فإذاأسقطنا عنها ثمانمائة وأربعين أربع دورات تامة كل منها مائتان وعشر سنين علي مامر وجهه يبقي مائة وسبع وثمانون سنة والباقي من أسبوعاتها خمسة مع احتمال أربعة أيضا من جهة نقصان الكبائس لوفرضنا مثلا مبدأ المدة المذكورة مطابقا لثالث الثلاثين المذكور فيلزم أن يكون غرة ذلك المحرم مقدمة علي غرة محرم سنتنا بخمسة أوأربعة فكانت يوم الأحد أوالإثنين فعاشره لايخرج عن الثلاثاء والأربعاء وسائر التواريخ المعلومة أيضا دالة علي مثل مادل عليه هذان التاريخان من حال الأقوال المذكورة بالنسبة إلي القواعد الحسابية. فإن قلت القول الأخير مضبوط في الكافي والثاني في إرشاد المفيد علي التعيين والثلاثة في مقنعته علي الترديد وبالجملة القدر المشترك بينها هومما اتفق عليه الشيخان الجليلان .قلنا اتفاقهما بل نقل كل منهما مقبول ما لم يظهر في خلافه ما لايعتريه الشك
صفحه : 372
والشبهة و أما مع ذلك فالعذر واضح و باب التأويل مفتوح و الله أعلم بحقائق الأمور. و من ذلك أن ابن إدريس ره في سرائره بعدذكر فضيلة أيام ذي الحجة و ماوقع فيها قال و في اليوم السادس والعشرين منه سنة ثلاث وعشرين من الهجرة طعن عمر بن الخطاب فينبغي للإنسان أن يصوم هذه الأيام فإن فيهافضلا كثيرا وثوابا جزيلا و قدتلبس علي بعض أصحابنا يوم قبض عمر بن الخطاب فيظن أنه اليوم التاسع من ربيع الأول و هذاخطأ من قائله بإجماع أهل التواريخ والسير و قدحقق ذلك شيخنا المفيد في كتاب التواريخ وذهب إلي مانقلناه انتهي . ثم إن صاحب كتاب أنيس العابدين علي طبق الكفعمي في ذكر أعمال أيام ربيع الأول قال وتاسعه روي فيه صاحب مسار الشيعة أن من أنفق شيئا غفر له ويستحب فيه إطعام الإخوان وتطييبهم والتوسعة في النفقة ولبس الجديد والشكر والعبادة و هو يوم نفي الهموم وروي أنه ليس فيه صوم وجمهور الشيعة يزعمون أن فيه قتل عمر بن الخطاب و ليس بصحيح ثم ذكر مضمون السرائر و كتاب التواريخ ثم قال وإنما قتل عمر يوم الإثنين لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة نص علي ذلك صاحب الغرة وصاحب المعجم وصاحب الطبقات وصاحب كتاب مسار الشيعة و ابن طاوس بل الإجماع حاصل من الشيعة والسنة علي ذلك انتهي . و فيه أن اليوم المذكور من ذي الحجة من السنة المذكورة لايمكن كونه موافقا ليوم الإثنين بل الضوابط الحسابية علي نحو مامر تدل علي أنه غيرخارج عن الثلاثاء والأربعاء فالقول بهما مشتمل علي التهافت .أقول أكثر ذلك ذكره بعض أفاضل المدققين ممن كان في عصرنا ره ولقد دقق وأفاد وأحسن وأجاد لكن بعض المقدمات المذكورة مبتنية علي أقوال بعض العلماء تبع فيهابعضهم بعضا أخذا من بعض المورخين فعدها من الإجماعيات و ليس من الإجماع في شيء فلايمكن القدح بها في الأخبار المعتبرة
صفحه : 373
وبعضها متفرعة علي ماظهر لهم من الأرصاد المختلفة في الكسور والكبائس مع أن حسابهم مبني علي الأمر الأوسط في القمر و قدتتقدم الرؤية عليه بيومين وتتأخر بيومين لمامر أنه قدتتوالي أربعة من الشهور تامة و قدتتوالي ثلاثة من الشهور ناقصة مع أنه قديمكن تأخر أول الشهور وتأخره بأكثر من ذلك لمانع غيم أوغيره فيمكن أن يكون ماورد في الأخبار مبنيا علي حكم ظاهر الشرع لا علي قوانين الهيئة و مع ذلك كله يصلح أن يكون مرجحا لبعض الأقوال والأخبار المختلفة ولذا أطلنا الكلام بذكرها وسنعيد القول في كل منها في بابه إن شاء الله تعالي و قدمر الكلام في بعضها و الله الموفق للحق والصواب
1- مُهَجُ الدّعَوَاتِ،رَوَينَا مِن كِتَابِ عَبدِ اللّهِ بنِ حَمّادٍ الأنَصاَريِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ ذُكِرَ عِندَهُ حَزِيرَانُ فَقَالَ هُوَ الشّهرُ ألّذِي دَعَا فِيهِ مُوسَي عَلَي بنَيِ إِسرَائِيلَ فَمَاتَ فِي يَومٍ وَ لَيلَةٍ مِن بنَيِ إِسرَائِيلَ ثَلَاثُمِائَةِ أَلفٍ مِنَ النّاسِ
2- وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِنَ الكِتَابِ المَذكُورِ عَنهُ ع قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ الشّهُورَ وَ خَلَقَ حَزِيرَانَ وَ جَعَلَ الآجَالَ فِيهِ مُتَقَارِبَةً
بيان تقارب الآجال كناية عن كثرة الموت إما لأن أجل بعضهم يقرب من بعض أولأن أجل كل منهم يقرب من ابتدائه و في القاموس إذاتقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب المراد آخر الزمان واقتراب الساعة لأن الشيء إذاقل تقاصرت أطرافه
3- الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِّ عَن أَبِيهِ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَنِ الصّبّاحِ بنِ سَيَابَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ الشّهُورَ اثنيَ عَشَرَ شَهراً وَ هيَِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتّونَ يَوماً فَحَجَرَ مِنهَا سِتّةَ أَيّامٍ خَلَقَ فِيهَا السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ فَمِن ثَمّ تَقَاصَرَتِ الشّهُورُ
صفحه : 374
العلل ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حماد مثله العياشي، عن الصباح
مثله
4- الفَقِيهُ،بِإِسنَادِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ بَزِيعٍ عَن مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ عَن شُعَيبٍ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ إِنّ النّاسَ يَروُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص مَا صَامَ مِن شَهرِ رَمَضَانَ تِسعَةً وَ عِشرِينَ يَوماً أَكثَرَ مِمّا صَامَ ثَلَاثِينَ قَالَ كَذَبُوا مَا صَامَ رَسُولُ اللّهِص إِلّا تَامّاً وَ لَا تَكُونُ الفَرَائِضُ نَاقِصَةً إِنّ اللّهَ تَعَالَي خَلَقَ السّنَةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ يَوماً وَ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ فَحَجَرَهَا مِن ثَلَاثِمِائَةٍ وَ سِتّينَ يَوماً فَالسّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ أَربَعَةٌ وَ خَمسُونَ يَوماً وَ شَهرُ رَمَضَانَ ثَلَاثُونَ يَوماً لِقَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ لِتُكمِلُوا العِدّةَ وَ الكَامِلُ تَامّ وَ شَوّالٌ تِسعَةٌ وَ عِشرُونَ يَوماً وَ ذُو القَعدَةِ ثَلَاثُونَ يَوماً لِقَولِ اللّهِ تَعَالَيوَ واعَدنا مُوسي ثَلاثِينَ لَيلَةًفَالشّهرُ هَكَذَا ثُمّ هَكَذَا أَي شَهرٌ تَامّ وَ شَهرٌ نَاقِصٌ وَ شَهرُ رَمَضَانَ لَا يَنقُصُ أَبَداً وَ شَعبَانُ لَا يَتِمّ أَبَداً
توضيح قدعرفت سابقا أن السنة القمرية تزيد علي ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما بثمان ساعات وثمان وأربعين دقيقة علي ما هوالمضبوط بالأرصاد فما في الخبر مبني علي ماتعارف من إسقاط الكسر الناقص عن النصف في الحساب مساهلة فإن كان ثلاث مائة وستون بلا كسر فالستة المختزلة ناقصة منها أيضا بالقدر المذكور و إلافيحتمل تمامها
5- التّهذِيبُ، فِي الصّحِيحِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ سُئِلَ عَنِ الأَهِلّةِ فَقَالَ هيَِ أَهِلّةُ الشّهُورِ فَإِذَا رَأَيتَ الهِلَالَ فَصُم وَ إِذَا رَأَيتَهُ فَأَفطِر
و منه بإسناده عن عبد الله بن سنان عنه ع مثله
صفحه : 375
المقنعة، عن ابن مسكان عن أبي بصير عن الصادق ع
مثله بيان عن الأهلة أي المذكورة في قوله تعالي يَسئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلّةِفاستدل ع بالآية علي أن المدار في الأحكام الشرعية علي الرؤية كما قال الشيخ ره في التهذيب المعتبر في تعرف أوائل الشهور بالأهلة دون العدد علي مايذهب إليه قوم من شذاذ المسلمين و ألذي يدل علي ذلك قول الله عز و جل يَسئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلّةِ قُل هيَِ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الحَجّفبين الله تعالي أنه جعل هذه الأهلة معتبرة في تعرف هذه الأوقات و لو كان الأمر علي مايذهب إليه أصحاب العدد لماكانت الأهلة مراعاة في تعرف هذه الأوقات إذ كانوا يرجعون إلي العدد دون غيره و هذاخلاف التنزيل والهلال إنما سمي هلالا لارتفاع الأصوات عندمشاهدتها بالذكر لها والإشارة إليها بالتكبير أيضا والتهليل عندرؤيتها و منه قيل استهل الصبي إذاظهر صوته بالصياح عندالولادة وسمي الشهر شهرا لاشتهاره بالهلال فمن زعم أن العدد للأيام والحساب للشهور والسنين يغني في علامات الشهور عن الأهلة أبطل معني سمات الأهلة والشهور الموضوعة في لسان العرب علي ماذكرناه انتهي . وأقول يمكن المناقشة في بعض ماذكره ره وسنذكرها في محلها إن شاء الله
6- التّهذِيبُ، فِي الصّحِيحِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي قَالَ كَتَبَ إِلَيهِ أَبُو عُمَرَ أخَبرِنيِ يَا موَلاَيَ أَنّهُ رُبّمَا أَشكَلَ عَلَينَا هِلَالُ شَهرِ رَمَضَانَ فَلَا نَرَاهُ وَ نَرَي السّمَاءَ لَيسَت[ فِيهَا]عِلّةٌ فَيُفطِرُ النّاسُ وَ نُفطِرُ مَعَهُم وَ يَقُولُ قَومٌ مِنَ الحُسّابِ قِبَلَنَا إِنّهُ يُرَي تِلكَ اللّيلَةِ بِعَينِهَا بِمِصرَ وَ إِفرِيقِيَةَ وَ الأُندُلُسِ فَهَل يَجُوزُ يَا موَلاَيَ مَا قَالَ الحُسّابُ فِي هَذَا البَابِ حَتّي يَختَلِفَ الفَرضُ عَلَي أَهلِ الأَمصَارِ فَيَكُونَ صَومُهُم خِلَافَ صَومِنَا وَ فِطرُهُم خِلَافَ فِطرِنَا فَوَقّعَ ع لَا تَصُومَنّ الشّكّ أَفطِر لِرُؤيَتِهِ وَ صُم لِرُؤيَتِهِ
بيان يظهر من كلامه ع أن المدار علي الرؤية واختلاف الفرض إن
صفحه : 376
وقع الاختلاف في الرؤية غيرضائر
7- الإِقبَالُ،رَوَينَا بِإِسنَادِنَا إِلَي عَلِيّ بنِ فَضّالٍ مِن كِتَابِ الصّيَامِ بِإِسنَادِهِ إِلَي ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ شَهرُ رَمَضَانَ رَأسُ السّنَةِ
8- الفَقِيهُ، عَنِ العَبدِ الصّالِحِ ع قَالَ ادعُ بِهَذَا الدّعَاءِ فِي شَهرِ رَمَضَانَ مُستَقبِلَ دُخُولِ السّنَةِ وَ ذَكَرَ أَنّ مَن دَعَا بِهِ مُحتَسِباً مُخلِصاً لَم تُصِبهُ فِي تِلكَ السّنَةِ فِتنَةٌ وَ لَا آفَةٌ وَ ذَكَرَ الدّعَاءَ
9- الكاَفيِ، وَ التّهذِيبُ،بِسَنَدٍ فِيهِ جَهَالَةٌ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ اثنا عَشَرَ شَهراً فِي كِتابِ اللّهِ يَومَ خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَفَغُرّةُ الشّهُورِ شَهرُ اللّهِ شَهرُ رَمَضَانَ وَ قَلبُ شَهرِ رَمَضَانَ لَيلَةُ القَدرِ وَ نُزّلَ القُرآنُ فِي أَوّلِ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضَانَ فَاستَقبِلِ الشّهرَ بِالقُرآنِ
تبيين فغرة الشهور أي أولها قال في النهاية غرة كل شيءأوله . و قدورد في الأخبار أن أول السنة شهر رمضان أوالمراد بهاأفضلها وأكملها كما قال في النهاية كل شيءترفع قيمته فهو غرة والغرة أيضا البياض فيحتمل ذلك أيضا أي منور بالأنوار المعنوية والأول أظهر والمشهور بين العرب أن أول سنتهم المحرم و هذه الأمور تختلف باختلاف الاعتبارات فيمكن أن يكون أول السنة الشرعية شهر رمضان ولهذا ابتدأ الشيخ به في المصباحين وأول السنة العرفية المحرم وأول سنة التقديرات ليلة القدر وأول سنة جواز الأكل والشرب شهر شوال كماروي الصدوق في العلل بإسناده إلي الفضل بن شاذان في علة صلاة العيد لأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب لأن
صفحه : 377
أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان و قال في علة اختصاص شهر رمضان بالصوم و فيه ليلة القدر التي هيخَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ وفِيها يُفرَقُ كُلّ أَمرٍ حَكِيمٍ و هورأس السنة ويقدر فيها ما يكون في السنة من خير أوشر أومضرة أومنفعة أورزق أوأجل ولذلك سميت ليلة القدر. و قال السيد ابن طاوس ره في كتاب الإقبال واعلم أني وجدت الروايات مختلفات في أنه هل أول السنة المحرم أوشهر رمضان لكنني رأيت من عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرين وكثيرا من تصانيف علمائهم الماضين أن أول السنة شهر رمضان علي التعيين ولعل شهر الصيام أول العام في عبادات الإسلام والمحرم أول السنة في غير ذلك من التواريخ ومهام الأنام لأن الله جل جلاله عظم شهر رمضان فقال جل جلاله شَهرُ رَمَضانَ ألّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُديً لِلنّاسِ وَ بَيّناتٍ مِنَ الهُدي وَ الفُرقانِفلسان حال هذاالتعظيم كالشاهد لشهر رمضان بالتقديم ولأنه لم يجر لشهر من شهور السنة ذكر باسمه في القرآن وتعظيم أمره إلالهذا الشهر شهر الصيام و هذاالاختصاص بذكره كأنه ينبه و الله أعلم علي تقديم أمره ولأنه إذا كان أول السنة شهر الصيام و فيه ما قداختص به من العبادات التي ليست في غيره من الشهور والأيام فكأن الإنسان قداستقبل أول السنة بذلك الاستعداد والاجتهاد فيرجي أن يكون باقي السنة جاريا علي السداد والمراد وظاهر دلائل المعقول وكثير من المنقول أن ابتداءات الدخول في الأعمال هي أوقات التأهب والاستظهار لأوساطها وأواخرها علي كل حال ولأن فيه ليلة القدر التي يكتب فيهامقدار الآجال وإطلاق الآمال و ذلك منبه علي أن شهر الصيام هوأول السنة فكأنه فتح للعباد في أول دخولها
صفحه : 378
أن يطلبوا أطول آجالهم وبلوغ آمالهم ليدركوا آخرها ويحمدوا مواردها ومصادرها وَ رَوَي مُحَمّدُ بنُ يَعقُوبَ وَ ابنُ بَابَوَيهِ فِي كِتَابَيهِمَا وَ اللّفظُ لِابنِ يَعقُوبَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَيلَةُ القَدرِ هيَِ أَوّلُ السّنَةِ وَ هيَِ آخِرُهَا
ولأن الإخبار بأن شهر رمضان أول السنة أبعد من التقية وأقرب إلي مراد العترة النبوية وحسبك شاهدا وتنبيها وآكدا ماتضمنه الأدعية المنقولة في أول شهر رمضان بأنه أول السنة علي التعيين والبيان
10- الخِصَالُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ مَاجِيلَوَيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّإِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ اثنا عَشَرَ شَهراً فِي كِتابِ اللّهِ يَومَ خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ قَالَ المُحَرّمُ وَ صَفَرٌ وَ رَبِيعٌ الأَوّلُ وَ رَبِيعٌ الآخِرُ وَ جُمَادَي الأُولَي وَ جُمَادَي الآخِرَةُ وَ رَجَبٌ وَ شَعبَانُ وَ شَهرُ رَمَضَانَ وَ شَوّالٌ وَ ذُو القَعدَةِ وَ ذُو الحِجّةِ مِنهَا أَربَعَةٌ حُرُمٌ عِشرُونَ مِن ذيِ الحِجّةِ وَ المُحَرّمُ وَ صَفَرٌ وَ شَهرُ رَبِيعٍ الأَوّلِ وَ عَشرٌ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الآخِرِ
بيان الشهور المذكورة في هذاالخبر هي أشهر السياحة التي قال الله عز و جل فَسِيحُوا فِي الأَرضِ أَربَعَةَ أَشهُرٍ والمشهور أن ابتداءها يوم النحر إلي العاشر من ربيع الآخر وقيل من أول الشوال إلي آخر المحرم لأن الآية نزلت في شوال وقيل لعشر من ذي القعدة إلي عشر من ربيع الأول لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك الشهر و علي التقادير هي غيرالأشهر الحرم وكانت مختصة بتلك السنة فهذا إما اصطلاح آخر للأشهر الحرم غيرالمشهور أوسقط من الخبر شيء ولعله أظهر
صفحه : 379
11- الخِصَالُ، فِي خُطبَةِ النّبِيّص فِي أَيّامِ التّشرِيقِ أَيّهَا النّاسُ إِنّ الزّمَانَ قَدِ استَدَارَ فَهُوَ اليَومَ كَهَيئَةِ يَومِ خَلَقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ وَإِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ اثنا عَشَرَ شَهراً فِي كِتابِ اللّهِ يَومَ خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌرَجَبُ مُضَرَ ألّذِي بَينَ جُمَادَي وَ شَعبَانَ وَ ذُو القَعدَةِ وَ ذُو الحِجّةِ وَ المُحَرّمُفَلا تَظلِمُوا فِيهِنّ أَنفُسَكُم فَإِنّ النسّيِءَزِيادَةٌ فِي الكُفرِ يُضَلّ بِهِ الّذِينَ كَفَرُوا يُحِلّونَهُ عاماً وَ يُحَرّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدّةَ ما حَرّمَ اللّهُفَكَانُوا يُحَرّمُونَ المُحَرّمَ عَاماً وَ يَستَحِلّونَ صَفَرَ وَ يُحَرّمُونَ صَفَرَ عَاماً وَ يَستَحِلّونَ المُحَرّمَ
بيان قال في النهاية يقال رجب فلان مولاه أي عظمه و منه سمي شهر رجب لأنه كان يعظم و منه الحديث رجب مضر ألذي بين جمادي وشعبان أضاف رجب إلي مضر لأنهم كانوا يعظمونه خلاف غيرهم وكأنهم اختصوا به و قوله بين جمادي وشعبان تأكيد للبيان وإيضاح لأنهم كانوا ينسئونه ويؤخرونه من شهر إلي شهر فيتحول عن موضعه المختص به فبين لهم أنه الشهر ألذي بين جمادي وشعبان لا ماكانوا يسمونه علي حساب النسيء
12- الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ بنِ يَقطِينٍ عَن بَكرِ بنِ عَلِيّ بنِ عَبدِ العَزِيزِ عَن أَبِيهِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ السّنَةِ كَم يَوماً هيَِ قَالَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتّونَ يَوماً مِنهَا سِتّةُ أَيّامٍ خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِيهَا الدّنيَا فَطُرِحَت مِن أَصلِ السّنَةِ فَصَارَت السّنَةُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ أَربَعَةً وَ خمسون [خَمسِينَ]يَوماً يُستَحَبّ أَن يَطُوفَ الرّجُلُ فِي مُقَامِهِ بِمَكّةَ عَدَدَ أَيّامِ السّنَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ أُسبُوعاً فَإِن لَم يَقدِر عَلَي ذَلِكَ طَافَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ شَوطاً
13- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبَانٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن فَضَالَةَ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يُستَحَبّ أَن تَطُوفَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ أُسبُوعاً عَدَدَ أَيّامِ السّنَةِ فَإِن لَم تَستَطِع فَمَا قَدَرتَ عَلَيهِ مِنَ الطّوَافِ
صفحه : 380
14- العِلَلُ، عَن أَبِي الهَيثَمِ عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الصّائِغِ عَن سَعِيدِ بنِ مَنصُورٍ عَن سُفيَانَ عَنِ الزهّريِّ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا اشتَدّ الحَرّ فَأَبرِدُوا بِالصّلَاةِ فَإِنّ الحَرّ مِن فَيحِ جَهَنّمَ وَ اشتَكَتِ النّارُ إِلَي رَبّهَا فَأَذِنَ لَهَا فِي نَفَسَينِ نَفَسٍ فِي الشّتَاءِ وَ نَفَسٍ فِي الصّيفِ فَشِدّةُ مَا يَجِدُونَ مِنَ الحَرّ مِن فَيحِهَا وَ مَا يَجِدُونَ مِنَ البَردِ مِن زَمهَرِيرِهَا
بيان الخبر عامي ضعيف و قال في النهاية فيه شدة الحر من فيح جهنم الفيح سطوع الحر وفورانه ويقال بالواو وفاحت القدر تفوح وتفيح إذاغلت و قدأخرجه مخرج التشبيه والتمثيل أي كأنه نار جهنم في حرها انتهي و قال الطيبي فأذن لها في نفسين يبين أن المراد به الحقيقة لاالمجاز و قال الكرماني في شرح البخاري هوعلة لشرعية الإبراد فإن شدته يسلب الخشوع أولأنه وقت غضب الله لاينجع فيه الطلب بالمناجاة إلا من أذن له انتهي وأقول سيأتي تمام القول فيه في كتاب الصلاة إن شاء الله
15- العيَاّشيِّ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍفَالسّنَةُ تَنقُصُ سِتّةَ أَيّامٍ
أقول وسيأتي فضائل الشهور وخواصها في الأبواب المناسبة لها في عرض الكتاب إن شاء الله تعالي .فائدة قال أبوريحان فأما العرب فإن شهورهم اثنا عشر أولها المحرم و قدقيل في علل أسامي هذه الشهور أقاويل منها أنه قيل في تسمية المحرم أنه
صفحه : 381
لكونه من جملة الحرم وصفر لامتيازهم من فرقة تسمي صفرية وشهري ربيع للزهر والأنوار وتواتر الأندية والأمطار و هونسبة إلي طبع الفصل ألذي نسميه نحن الخريف وكانوا يسمونه ربيعا وشهري جمادي لجمود الماء ورجب لاعتمادهم الحركة فيه لا من جهة القتال والرجبة العماد و منه قيل عذق مرجب وشعبان لتشعب القبائل فيه وشهر رمضان للحجارة ترمض فيه من شدة الحر وشوال لارتفاع الحر وإدباره وذو القعدة للزومهم منازلهم وذو الحجة لحجهم فيه وتوجد للشهور العربية أسامي أخر قد كان أوائلهم يدعونها بها وهي هذه المؤتمر ناجر خوان صوان حنتم زباء الأصم عادل نافق واغل هواع برك و قدتوجد هذه الأسماء مخالفة لماأوردناه ومختلفة الترتيب كمانظمها أحد الشعراء.
بمؤتمر وناجرة بدأنا | وبالخوان يتبعه الصوان |
وبالزباء بايدة تليه | يعود أصم صم به الشنآن |
وواغلة وناتلة جميعا | وعادلة فهم غرر حسان |
ورنة بعدها برك فتمت | شهور الحول يعقدها البنان . |
ومعاني هذه الأسماء علي ماذكر في كتب اللغة أماالمؤتمر فمعناه أن يأتمر بكل شيءمما تأتي به السنة من أقضيتها و أماناجر فهو من النجر و هوشدة الحر و أماخوان فهو علي مثال فعال من الخيانة وكذلك صوان علي مثال فعال من الصيانة و هذه المعاني كانت اتفقت لهم عندأول التسمية و أماالزباء فهي الداهية العظيمة المتكاثفة سمي لكثرة القتال فيه وتكاثفه و أماالبائد فهو أيضا من القتال إذ كان يبيد فيه كثير من الناس وجري المثل بذلك العجب كل العجب بين جمادي ورجب وكانوا يستعجلون فيه ويتوخون بلوغ ما كان لهم من الثأر والغارات قبل دخول رجب و هوشهر حرام و أماالأصم فلأنهم كانوا يكفون عن القتال فلايسمع فيه صوت سلاح و أماالواغل فهو الداخل علي شراب و لم يدعوه و ذلك لهجومه علي شهر رمضان و كان يكثر في شهر رمضان شربهم للخمر لأن مايتلوه
صفحه : 382
هي شهور الحج و أماناتل فهو مكيال للخمر سمي به لإفراطهم في الشرب وكثرة استعمالهم لذلك المكيال و أماالعادل فهو من العدل لأنه من أشهر الحج وكانوا يشتغلون فيه عن الباطل و أماالرنة فلأن الأنعام كانت ترن فيه لقرب النحر و أمابرك فهو لبروك الإبل إذاأحضرت المنحر وأحسن من النظم ألذي ذكرنا نظم الصاحب إسماعيل بن عباد لها وهي هذه شعر.
أردت شهور العرب في جاهلية | فخذها علي سرد المحرم تشترك |
فمؤتمر يأتي و من بعدناجر | وخوان مع صوان يجمع في شرك |
حنين وزبا والأصم وعادل | ونافق مع وغل ورنة مع برك |
انتهي . وأقول في القاموس ناجر رجب أوصفر و كل شهر من شهور الصيف و قال الخوان كشداد ويضم شهر ربيع الأول و قال زبا كربي بلا لام جمادي الآخرة و قال حنين كأمير وسكيت وباللام فيهما اسمان لجمادي الأولي والآخرة. ثم قال أبوريحان ذكر محمد بن دريد في كتاب الوشاح أن ثمود كانوا يسمون الشهور بأسماء أخر وهي هذه موجب و هوالمحرم ثم موجر ثم مولد ثم ملزم ثم مصدر ثم هوبر ثم هوبل ثم موها ثم ديمر ثم دابر ثم حيفل ثم مسبل قال وإنهم كانوا يبتدءون من ديمر و هوشهر رمضان و لم تكن العرب تسمي أيامهم بأسامي مفردة كماسمتها الفرس غيرأنهم أفردوا لكل ثلاث ليال من كل شهر من شهورهم أسماء علي حدة مستخرجا من حال القمر وضوئه فيها فإذاابتدءوا من أول الشهر فثلاث غرر جمع غرة وغرة كل شيءأوله وقيل لأن الهلال فيهايري كالغرة ثم ثلاث نفل من قولهم تنفل إذاابتدأ بالعطية من غيروجوب وبعضهم سمي هذه الثلاث الثانية شهب ثم ثلاث تسع لأن آخر ليلة منها هي التاسعة وسمي بعضهم هذه الثلاث الثالثة البهر لأنه تبهر ظلمة الليل فيها ثم ثلاث عشر لأن أولها العاشرة ثم ثلاث بيض لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها إلي آخرها ثم ثلاث درع
صفحه : 383
لاسوداد أوائلها تشبيها بالشاة الدرعاء والأصل هوالتشبيه بالدرع الملبوس لأن لون رأس لابسه يخالف لون سائر بدنه ثم ثلاث ظلم لإظلامها في أكثر أوقاتها ثم ثلاث حنادس وقيل لها أيضا دهم لسوادها ثم ثلاث آدئ لأنها بقايا وقيل إن ذلك من سير الإبل و هويقدم إحدي يديه ثم يتبعها الأخري عجلا ثم ثلاث محاق لانمحاق القمر والشهر وخصوا من الشهر ليالي بأسماء مفردة كآخر ليلة منه فإنها تسمي السرار لاستسرار القمر وتسمي الفحمة أيضا لعدم الضوء فيها ويقال لها البراء لتبرؤ الشمس فيها. وكآخر الشهر فإنهم يسمونه النحيرة لأنه ينحر فيه أي يكون في نحره وكالليلة الثالثة عشر فإنها تسمي السواء والرابعة عشر ليلة البدر لامتلاء القمر فيها وتمام ضوئه و كل شيء قدتم فقد بدر كماقيل للعشرة آلاف درهم بدرة لأنها تمام العدد ومنتهاه بالوضع لابالطبع