صفحه : 1

الجزء الرابع والخمسون

كتاب السماء والعالم

بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ و به ثقتي‌ الحمد لله خالق الأرضين والسماوات وسامك المسموكات وداحي‌ المدحوات ومخرج عباده إلي النور من الظلمات مزوج الآباء العلوية أمهات السفليات ومثمر المواليد من أرحام الأسطقسات ومظهر الأنواع المتوالدة والمتولدة من مشايم القابليات والصلاة علي أشرف الخلائق والبريات وعين أعيان المكونات وأفضل نتائج الآباء والأمهات محمدالمصطفي و أهل بيته الأقدسين الذين بهم جرت جميع النعم علي الكائنات وبنورهم يهتدي إلي مناهج السعادات وبذكر شفاعتهم يشفي غليل صدور أرباب الجرائم والسيئات . أما بعدفيقول أفقر العباد إلي عفو ربه الغافر محمد بن محمدتقي‌ المدعو بباقر رزقهما الله السعادة في اليوم الآخر وثبت أقدامهما في المزالق والمعاثر هذا هوالمجلد الرابع عشر من كتاب بحار الأنوار المسمي بكتاب السماء والعالم لاشتماله علي كشف الغطاء عن غوامض أسرار الآيات والروايات المتعلقة بخلق اللوح والقلم والعرش والكرسي‌ والحجب والسرادقات والسماوات وأصناف الملائكة والكواكب والنجوم وصفاتها وأحكامها وآثارها والأرضين والعناصر والمواليد من


صفحه : 2

المعادن والنباتات والحيوانات وخواصها وحلها وحرمتها وصيدها وذبحها ومنافع الأدوية والثمار والحشائش والعقاقير وخواصها وفوائدها وأحوال الإنسان والنفس والروح وتشريح الأبدان وعلم الطب وأحوال البقاع والبلدان والأصقاع وسائر مايتعلق بتلك الأعيان و هذامما لم يسبقني‌ إليه أحد من علمائنا والمخالفين وأرجو بفضله سبحانه أن يكون مما تقر به أعين المؤمنين ويسخن عيون المنافقين والملحدين وأستمد المعونة في ذلك من ربي‌ جل شأنه ثم من موالي‌ الأكرمين وحَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُ

أبواب كليات أحوال العالم و مايتعلق بالسماويات

باب 1-حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور

الآيات البقرةهُوَ ألّذِي خَلَقَ لَكُم ما فِي الأَرضِ جَمِيعاً ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ فَسَوّاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلّ شَيءٍ عَلِيمٌالأنعام الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ جَعَلَ الظّلُماتِ وَ النّورَالأعراف إِنّ رَبّكُمُ اللّهُ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ


صفحه : 3

يونس إِنّ رَبّكُمُ اللّهُ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ يُدَبّرُ الأَمرَهودوَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ لِيَبلُوَكُم أَيّكُم أَحسَنُ عَمَلًاالكهف ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ لا خَلقَ أَنفُسِهِم وَ ما كُنتُ مُتّخِذَ المُضِلّينَ عَضُداًالأنبياءأَ وَ لَم يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّ السّماواتِ وَ الأَرضَ كانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُما وَ جَعَلنا مِنَ الماءِ كُلّ شَيءٍ حيَ‌ّ أَ فَلا يُؤمِنُونَالفرقان ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ ما بَينَهُما فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ الرّحمنُ فَسئَل بِهِ خَبِيراًالتنزيل اللّهُ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ ما بَينَهُما فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِفصلت قُل أَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ وَ تَجعَلُونَ لَهُ أَنداداً ذلِكَ رَبّ العالَمِينَ وَ جَعَلَ فِيها روَاسيِ‌َ مِن فَوقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها فِي أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ هيِ‌َ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلأَرضِ ائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً قالَتا أَتَينا طائِعِينَ فَقَضاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ فِي يَومَينِ وَ أَوحي فِي كُلّ سَماءٍ أَمرَها وَ زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ وَ حِفظاً ذلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ.


صفحه : 4

ق وَ لَقَد خَلَقنَا السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ ما بَينَهُما فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ ما مَسّنا مِن لُغُوبٍ.الحديدهُوَ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِالنازعات أَ أَنتُم أَشَدّ خَلقاً أَمِ السّماءُ بَناها رَفَعَ سَمكَها فَسَوّاها وَ أَغطَشَ لَيلَها وَ أَخرَجَ ضُحاها وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاها أَخرَجَ مِنها ماءَها وَ مَرعاها وَ الجِبالَ أَرساها مَتاعاً لَكُم وَ لِأَنعامِكُمالأعلي سَبّحِ اسمَ رَبّكَ الأَعلَي ألّذِي خَلَقَ فَسَوّي وَ ألّذِي قَدّرَ فَهَدي.تفسيرهُوَ ألّذِي خَلَقَ لَكُم ما فِي الأَرضِ جَمِيعاًامتنان علي العباد بخلق مايتوقف عليه بقاؤهم ويتم به معاشهم ومعني لَكُملأجلكم وانتفاعكم في دنياكم باستعمالكم بها في مصالح أبدانكم بوسط أو غيروسط و في دينكم بالاستدلال والاعتبار والتعرف بما يلائمها من لذات الآخرة وآلامها و هذامما يستدل به علي إباحة جميع الأشياء إلا ماأخرجه الدليل و مايعم كل ما في الأرض لا الأرض إلا إذاأريد به جهة السفل كمايراد بالسماء جهة العلوجَمِيعاًحال عن الموصول الثاني‌ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ أي قصد إليها بإرادته من قولهم استوي إليه


صفحه : 5

إذاقصده قصدا مستويا من غير أن يلوي‌ علي شيء وقيل استوي أي استولي وملك قال الشاعر


قداستوي بشر علي العراق   من غيرسيف ودم مهراق .

والمراد بالسماء الأجرام العلوية أوجهات العلو كماقيل .فَسَوّاهُنّ أي عدلهن وخلقهن مصونة من العوج والفطور وقيل هن ضمير السماء إن فسرت بالأجرام لأنها جمع أو في معني الجمع و إلافمبهم يفسره مابعده كقولهم ربه رجلاسَبعَ سَماواتٍبدل أوتفسير والسبع لاينافي‌ التسع التي‌ أثبتوها أصحاب الأرصاد إذ الثامن والتاسع مسميان في لسان الشرع بالكرسي‌ والعرش وَ هُوَ بِكُلّ شَيءٍ عَلِيمٌقيل فيه تعليل كأنه قال ولكونه عالما بتلك الأشياء كلها خلق ماخلق علي هذاالنمط الأكمل والوجه الأنفع والاستدلال بأن من كان فعله علي هذاالنسق العجيب والترتيب الأنيق كان عليما وتدل الآية علي حدوث السماوات بل الأرض أيضا كماسيأتي‌ بيانه .الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَأخبر بأنه تعالي حقيق بالحمد


صفحه : 6

ونبه علي أنه المستحق له علي هذه النعم الجسام حمد أو لم يحمد ليكون حجة علي الذين هُم بِرَبّهِم يَعدِلُونَ وجمع السماوات دون الأرض وهي‌ مثلهن لأن طبقاتها مختلفة بالذات متفاوتة الآثار والحركات وقدمها لشرفها وعلو مكانهاوَ جَعَلَ الظّلُماتِ وَ النّورَ أي أنشأهما والفرق بين خلق وجعل ألذي له مفعول واحد أن خلق فيه معني التقدير وجعل فيه معني التضمين ولذلك عبر عن إحداث النور والظلمة بالجعل تنبيها علي أنهما لايقومان بأنفسهما كمازعمت الثنوية وجمع الظلمات لكثرة أسبابها والأجرام الحاملة لها أولأن المراد بالظلمة الضلال وبالنور الهدي والهدي واحد والضلال متعدد وتقديمها لتقدم الأعدام علي الملكات .فِي سِتّةِ أَيّامٍالمشهور أن المراد بالأيام هنا مقدار أيام الدنيا وروي‌ عن ابن عباس أنها من أيام الآخرة كل يوم منهاأَلفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ.أقول وبمثل هذاالخبر لايمكن صرف الآية عن ظاهرها ثم إنه سبحانه إنما خلق في هذه المدة مع أنه كان قادرا علي خلقها في طرفة عين إما لعبرة من خلقها من الملائكة إذ الاعتبار في التدريج أكثر كماورد في الخبر أوليعلم بذلك أنها صادرة من قادر مختار عالم بالمصالح ووجوه الأحكام إذ لوحصلت من مطبوع أوموجب لحصلت في حالة واحدة أوليعلم الناس التأني‌ في الأمور وعدم الاستعجال فيها كَمَا روُيِ‌َ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ لَو شَاءَ أَن يَخلُقَهَا فِي أَقَلّ مِن لَمحِ البَصَرِ لَخَلَقَ وَ لَكِنّهُ جَعَلَ الأَنَاءَ وَ المُدَارَاةَ مِثَالًا لِأُمَنَائِهِ وَ إِيجَاباً لِلحُجّةِ عَلَي خَلقِهِ

. وأورد هنا إشكال و هو أن اليوم إنما يحصل بحركة الشمس وطلوعها وغروبها فما معني اليوم هاهنا ويمكن أن يجاب بوجوه .الأول أن مناط تمايز الأيام وتقدرها إنما هوحركة الفلك الأعلي دون السماوات السبع والمخلوق في الأيام المتمايزة إنما هوالسماوات السبع و


صفحه : 7

الأرض و مابينهما دون مافوقهما و لايلزم من ذلك الخلأ لتقدم الماء ألذي خلق منه الجميع علي الجميع .الثاني‌ أن المراد بالأيام الأوقات كقوله تعالي وَ مَن يُوَلّهِم يَومَئِذٍ دُبُرَهُ.الثالث أن المراد في مقدار ستة أيام ومرجع الجميع إلي واحد إذ قبل وجود الشمس لايتصور يوم حقيقة فالمراد إما مقدار من الزمان مطلقا أومقدار حركة الشمس هذاالقدر و علي التقديرين إما مبني‌ علي كون الزمان أمرا موهوما منتزعا من بقائه سبحانه أو من أول الأجسام المخلوقة كالماء أو من الأرواح المخلوقة قبل الأجسام علي القول به أو من الملائكة كما هوظاهر الخبر الآتي‌ وإما بالقول بخلق فلك متحرك قبل ذلك بناء علي القول بوجود الزمان و أنه مقدار حركة الفلك فإن التجدد والتقضي‌ والتصرم ألذي هومنشأ تحقق الزمان عندهم في الجميع متصور.


صفحه : 8

و قال بعض الصوفية للزمان المادي‌ زمان مجرد كالنفس للجسد وللمكان


صفحه : 9

المادي‌ مكان مجرد وهما عارضان للمجردات و لايمكن فهمه وخارج عن طور العقل كسائر خيالاتهم وأقوالهم . و علي أي حال هذه الآية و ماسيأتي‌ من أشباهها تدل علي حدوث السماوات و الأرض و مابينهما لأن الحادث في اليوم الأخير مثلا مسبوق بخمسة أيام فيكون متناهي‌ البقاء منقطع الوجود في جهة الماضي‌ والموجود في اليوم الأول زمان وجوده أزيد علي الأخير بقدر متناه فالجميع متناهي‌ الوجود حادث فيرد علي الحكماء كون الزمان أيضا حادثا متناهيا لأنه عندهم مقدار حركة الفلك و أما ماذكره الرازي‌ في تفسيره من أن المراد بستة أيام ستة أحوال و ذلك لأن السماء و الأرض و مابينهما ثلاثة أشياء ولكل واحد منهما ذات وصفة فنظرا إلي خلقة ذات السماء حالة و إلي خلقة صفاتها أخري ونظرا إلي خلقة ذات الأرض و إلي صفاتها كذلك ونظرا إلي ذوات مابينها و إلي صفاتها أخري فهي‌ ستة أشياء في ستة أحوال وإنما ذكر الأيام لأن الإنسان إذارأي إلي الخلق رآه فعلا والفعل ظرفه الزمان والأيام أشهر الأزمنة و إلافقبل السماوات لم يكن ليل و لانهار و هذامثل ما يقول القائل لغيره إن يوما ولدت فيه كان يوما مباركا و قديجوز أن يكون ولد ذلك ليلا و لايخرج عن مراده لأن المراد الزمان ألذي هوظرف


صفحه : 10

ولادته فهو تكلف بعيد مستغني عنه و ماذكرنا أقرب إلي لفظ الآية الكريمة وأوفق بالمراد وسيأتي‌ معاني‌ العرش واستوي عليه .وَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ قال البيضاوي‌ أي قبل خلقهما لم يكن حائل بينهما لا أنه كان موضوعا علي متن الماء واستدل به علي إمكان الخلاء و أن الماء أول حادث بعدالعرش من أجرام هذاالعالم وقيل كان الماء علي متن الريح و الله أعلم بذلك انتهي و قال الطبرسي‌ و في هذادلالة علي أن العرش والماء كانا موجودين قبل خلق السماوات و الأرض و كان الماء قائما بقدرة الله علي غيرموضع قرار بل كان الله يمسكه بكمال قدرته و في ذلك أعظم الاعتبار لأهل الإنكار وقيل المراد بقوله عَرشُهُبناؤه يدل عليه وَ مِمّا يَعرِشُونَ أي يبنون فالمعني و كان بناؤه علي الماء فإن البناء علي الماء أبدع وأعجب عن أبي مسلم انتهي . و قال الرازي‌ في تفسيره قال كعب خلق الله تعالي ياقوتة خضراء ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد ثم خلق الريح فجعل الماء علي متنها ثم وضع العرش علي الماء قال أبوبكر الأصم ومعني قوله وَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِكقولهم السماء علي الأرض و ليس ذلك علي سبيل كون أحدهما ملتصقا بالآخر وكيف كانت الواقعة يدل علي أن العرش والماء كانا قبل السماوات و الأرض قالت المعتزلة و في الآية دلالة علي وجود الملائكة قبل خلقهما لأنه لايجوز أن


صفحه : 11

يخلق ذلك و لاأحد ينتفع بالعرش والماء انتهي . و في بعض الأخبار أن المراد حمل علمه ودينه الماء وربما يؤول من قال بالهيولي الماء بها.لِيَبلُوَكُم أَيّكُم أَحسَنُ عَمَلًا أي خلقهن لحكمة بالغة وهي‌ أن يجعلها مساكن لعباده وينعم عليهم فيهابفنون النعم ويكلفهم ويعرضهم لثواب الآخرة و لماأشبه ذلك اختبار المختبر قال لِيَبلُوَكُم أي ليفعل بكم مايفعل المبتلي‌ لأحوالكم كيف تعملون وَ عَنِ الصّادِقِ ع لَيسَ يعَنيِ‌ أَكثَرُكُم عَمَلًا وَ لَكِن أَصوَبُكُم عَمَلًا وَ إِنّمَا الإِصَابَةُ خَشيَةُ اللّهِ وَ النّيّةُ الصّادِقَةُ

.ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السّماواتِ وَ الأَرضِ قال الطبرسي‌ ره أي ماأحضرت إبليس وذريته خلق السماوات و الأرض و لاخلق أنفسهم مستعينا بهم علي ذلك و لااستعنت ببعضهم علي خلق بعض و هذاإخبار عن كمال قدرته واستغنائه عن الأنصار والأعوان ويدل عليه قوله وَ ما كُنتُ مُتّخِذَ المُضِلّينَ عَضُداً أي الشياطين الذين يضلون الناس أعوانا يعضدونني‌ عليه وكثيرا مايستعمل العضد بمعني العون وقيل المعني أنكم اتبعتم الشياطين كمايتبع من يكون عنده علم لاينال إلا من جهته و أنا ماأطلعتهم علي خلق السماوات و لا علي خلق أنفسهم و لم أعطهم العلم بأنه كيف يخلق الأشياء فمن أين يتبعونهم وقيل معناه ماأحضرت مشركي‌ العرب وهؤلاء الكفار خلق السماوات و الأرض و لابعضهم خلق بعض بل لم يكونوا موجودين فخلقتهم فمن أين قالوا إن الملائكة بنات الله و من أين ادعوا ذلك انتهي . وزاد الرازي‌ وجهين آخرين أحدهما أن الضمير عائد إلي الكفار


صفحه : 12

الذين قالوا له ص إن لم تطرد عن مجلسك هؤلاء الفقراء فلانؤمن بك فكأنه تعالي قال إن هؤلاء الذين أتوا بهذا الاقتراح الفاسد والتعنت الباطل ماكانوا شركائي‌ في خلق العالم وتدبير الدنيا والآخرة بل هم كسائر الخلق فلم أقدموا علي هذاالاقتراح ونظيره إن من اقترح عليك اقتراحات عظيمة فإنك تقول له لست بسلطان البلد و لاوزير الملك حتي نقبل منك هذه الاقتراحات . وثانيهما أن يكون المراد هؤلاء الكفار أيضا و يكون المعني أنتم جاهلون بما جري به القلم من أحوال السعادة والشقاوة فكيف يمكنكم أن تحكموا لأنفسكم بالرفعة والكمال والعلو ولغيركم بالذل والدناءة انتهي .

وَ رَوَي العيَاّشيِ‌ّ عَنِ البَاقِرِ ع أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ أللّهُمّ أَعِزّ الإِسلَامَ بِعُمَرَ بنِ الخَطّابِ أَو بأِبَيِ‌ جَهلِ بنِ هِشَامٍ فَأَنزَلَ اللّهُ هَذِهِ الآيَةَ بِعَينِهِمَا

وَ فِي الكاَفيِ‌، عَنِ الجَوَادِ ع أَنّ اللّهَ تَعَالَي لَم يَزَل مُتَفَرّداً بِوَحدَانِيّتِهِ ثُمّ خَلَقَ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ فَمَكَثُوا أَلفَ دَهرٍ ثُمّ خَلَقَ جَمِيعَ الأَشيَاءِ فَأَشهَدَهُم خَلقَهَا وَ أَجرَي طَاعَتَهُم عَلَيهَا وَ فَوّضَ أَمرَهَا إِلَيهِم الخَبَرَ

و هذاالخبر صريح في حدوث جميع أجزاء العالم .أَ وَ لَم يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا قال الطبرسي‌ ره استفهام يراد به التقريع والمعني أ و لم يعلموا أن الله سبحانه ألذي يفعل هذه الأشياء و لايقدر عليها غيره فهو الإله المستحق للعبادة دون غيره أَنّ السّماواتِ وَ الأَرضَ كانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُماتقديرها كانتا ذواتي‌ رتق والمعني كانتا ملتزقتين منسدتين ففصلنا


صفحه : 13

بينهما بالهواء عن ابن عباس وغيره وقيل كانت السماوات مرتتقة مطبقة ففتقناها سبع سماوات وكانت الأرض كذلك ففتقناها سبع أرضين عن مجاهد والسدي‌ وقيل كانت السماء رتقا لاتمطر و الأرض رتقا لاتنبت ففتقنا السماء بالمطر و الأرض بالنبات عن عكرمة وعطية و ابن زيد و هوالمروي‌ عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع انتهي . و قال الرازي‌ الرؤية إما بمعني الإبصار أوالعلم والأول مشكل لأن القوم مارأوهما ولقوله تعالي ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السّماواتِ وَ الأَرضِ والثاني‌ أيضا مشكل لأن الأجسام قابلة للرتق والفتق في أنفسها فالحكم عليها بالرتق أولا وبالفتق ثانيا لاسبيل إليه إلاالسمع والمناظرة مع الكفار المنكرين للرسالة فكيف يجوز مثل هذاالاستدلال ودفع الإشكال بعداختيار الثاني‌ بوجوه .أحدها أنانثبت نبوة محمدص بسائر المعجزات ثم نستدل بقوله ثم نجعلهما دليلا علي حصول المصالح في العالم وانتفاء الفساد عنه وثانيها أن نحمل الرتق والفتق علي إمكانهما والعقل يدل عليه لأن الأجسام يصح عليها الاجتماع والافتراق فاختصاصها بالاجتماع دون الافتراق أوبالعكس يستدعي‌ مخصصا وثالثها أن اليهود والنصاري كانوا عالمين بذلك فإنه جاء في التوراة أن الله تعالي خلق جوهرة ثم نظر إليها بعين الهيبة فصارت ماء ثم خلق السماوات و الأرض وفتق بينهما و كان بين عبدة الأوثان و بين اليهود نوع صداقة بسبب الاشتراك في عداوة محمدص فاحتج الله تعالي عليهم بهذه الحجة بناء علي أنهم يقبلون قول اليهود في ذلك . ثم قال اختلف المفسرون في المراد من الرتق والفتق علي أقوال أحدها وذكر الوجه الأول من وجوه الطبرسي‌ ثم قال هذاالقول يوجب أن خلق


صفحه : 14

الأرض مقدم علي خلق السماء لأنه تعالي لمافصل بينهما ترك الأرض حيث هي‌ وأصعد الأجزاء السماوية قال كعب خلق الله السماوات والأرضين ملتصقتين ثم خلق ريحا توسطهما ففتقتا بها ثم ذكر الثاني‌ والثالث ورجح الثالث بقوله تعالي وَ السّماءِ ذاتِ الرّجعِ وَ الأَرضِ ذاتِ الصّدعِ وبقوله سبحانه وَ جَعَلنا مِنَ الماءِ كُلّ شَيءٍ حيَ‌ّ ثم قال ورابعها قول أبي مسلم الأصفهاني‌ قال يجوز أن يراد بالفتق الإيجاد والإظهار كقوله فاطِرِ السّماواتِ وَ الأَرضِفأخبر عن الإيجاد بلفظ الفتق و عن الحال قبل الإيجاد بلفظ الرتق .أقول وتحقيقه أن العدم نفي‌ محض فليس فيه ذوات متميزة وأعيان متباينة بل كأنه أمر واحد متصل متشابه فإذاوجدت الحقائق فعند الوجود والتكوين يتميز بعضها عن بعض فبهذا الطريق جعل الرتق مجازا عن العدم والفتق عن الوجود. وخامسها أن الليل سابق علي النهار بقوله وَ آيَةٌ لَهُمُ اللّيلُ نَسلَخُ مِنهُ النّهارَفكانت السماوات و الأرض مظلمة ففتقهما الله بإظهار النهار المبصرة انتهي . وأقول سيأتي‌ في الأخبار مايؤيد الوجه الثالث ويومئ بعض خطب أمير المؤمنين ع إلي الثاني‌ كماستعرف

وَ رَوَي الكلُيَنيِ‌ّ فِي الرّوضَةِ عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ


صفحه : 15

قَالَ سَأَلَ نَافِعٌ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّأَ وَ لَم يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّ السّماواتِ وَ الأَرضَ كانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُما قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَهبَطَ آدَمَ إِلَي الأَرضِ وَ كَانَتِ السّمَاوَاتُ رَتقاً لَا تَمطُرُ شَيئاً وَ كَانَتِ الأَرضُ رَتقاً لَا تُنبِتُ شَيئاً فَلَمّا تَابَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي آدَمَ ع أَمَرَ السّمَاءَ فَتَقَطّرَت بِالغَمَامِ ثُمّ أَمَرَهَا فَأَرخَت عزالاها[عَزَالِيَهَا] ثُمّ أَمَرَ الأَرضَ فَأَنبَتَتِ الأَشجَارَ وَ أَثمَرَتِ الثّمَارَ وَ تَفَهّقَت بِالأَنهَارِ فَكَانَ ذَلِكَ رَتقَهَا وَ هَذَا فَتقَهَا فَقَالَ نَافِعٌ صَدَقتَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ إِلَي آخِرِ الخَبَرِ

و هذايدل علي الثالث .وَ جَعَلنا مِنَ الماءِ كُلّ شَيءٍ حيَ‌ّ قال الطبرسي‌ أي وأحيينا بالماء ألذي ننزله من السماء كل شيءحي‌ وقيل وخلقنا من النطفة كل مخلوق والأول أصح

وَ رَوَي العيَاّشيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُلوَانَ قَالَ سُئِلَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع عَن طَعمِ المَاءِ فَقَالَ سَل تَفَقّهاً وَ لَا تَسأَل تَعَنّتاً طَعمُ المَاءِ طَعمُ الحَيَاةِ قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُوَ جَعَلنا مِنَ الماءِ كُلّ شَيءٍ حيَ‌ّ

وقيل معناه وجعلنا من الماء حياة كل ذي‌ روح ونماء كل نام فيدخل فيه الحيوان والنبات والأشجار عن أبي مسلم .أَ فَلا يُؤمِنُونَ أي أ فلايصدقون بالقرآن وبما يشاهدون من الدليل والبرهان الرّحمنُقيل خبر للذي‌ إن جعلته مبتدأ ولمحذوف إن جعلته صفة


صفحه : 16

للحي‌ أوبدل من المستكن في استَوي وقر‌ئ بالجر صفة للحي‌فَسئَل بِهِ خَبِيراً أي فاسأل عما ذكر من الخلق والاستواء عالما يخبرك بحقيقته و هو الله تعالي أوجبرئيل أو من وجده في الكتب المتقدمة ليصدقك فيه وقيل الضمير للرحمن والمعني إن أنكروا إطلاقه علي الله فاسأل عنه من يخبرك من أهل الكتاب ليعرفوا مايرادفه في كتبهم و علي هذايجوز أن يكون الرحمن مبتدأ والخبر مابعده والسؤال كمايعدي بعن لتضمنه معني التفتيش يعدي بالباء لتضمنه معني الاعتناء وقيل إنه صلة خبيراقُل أَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ قال البيضاوي‌ أي مقدار يومين أوبنوبتين وخلق في كل نوبة ماخلق في أسرع ما يكون ولعل المراد بالأرض ما في جهة السفل من الأجرام البسيطة و من خلقها في يومين أنه خلق لها أصلا مشتركا ثم خلق لها صورا صارت لها أنواعا وكفرهم به إلحادهم في ذاته وصفاته وَ تَجعَلُونَ لَهُ أَنداداً و لايصح أن يكون له ندذلِكَ ألذي خلق الأرض في يومين رَبّ العالَمِينَخالق جميع ماوجد من الممكنات ومربيهاوَ جَعَلَ فِيها روَاسيِ‌َاستئناف غيرمعطوف علي خلق للفصل بما هوخارج عن الصلةمِن فَوقِهامرتفعة عليها ليظهر للنظار ما فيها من وجوه الاستبصار وتكون منافعها معرضة للطلاب .أقول و قال الرازي‌ إذ لوجعلت تحتها لأوهم ذلك أنها أساطين تمسكها فجعلها فوقها ليري الإنسان أن الأرض والجبال أثقال علي أثقال وكلها مفتقرة إلي ممسك وحافظ و ليس ذلك إلا الله سبحانه .وَ بارَكَ فِيها قال البيضاوي‌ أي وأكثر خيرها بأن خلق فيهاأنواع النبات والحيوانات وَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها أي أقوات أهلها بأن عين لكل نوع مايصلحه ويعيش به أوأقواتا تنشأ منها بأن خص حدوث كل قوت بقطر من


صفحه : 17

أقطارها وقر‌ئ وَ قَسّمَ فِيهَا أَقوَاتَهَافِي أَربَعَةِ أَيّامٍ أي في تتمة أربعة أيام كقولك سرت من البصرة إلي بغداد في عشر و إلي الكوفة في خمس عشرة ولعله قال ذلك و لم يقل في يومين للإشعار باتصالهما لليومين الأولين والتصريح علي الفذلكة.أقول و قديحمل علي أن المراد أربعة أوقات وهي‌ التي‌ يخرج الله فيهاأقوات العالم من الناس والبهائم والطير وحشرات الأرض و ما في البر والبحر من الخلق من الثمار والنبات والشجر و ما يكون فيه معاش الحيوان كله وهي‌ الربيع والصيف والخريف والشتاء و لايخفي بعده عن السياق .سَواءً أي استوت سواء بمعني استواء والجملة صفة أيام ويدل عليه قراءة يعقوب بالجر وقيل حال من الضمير في أَقواتَها أو في فِيها وقر‌ئ بالرفع علي هي‌ سواء للسائلين متعلق بمحذوف تقديره هذاالحصر للسائلين عن مدة خلق الأرض و ما فيها أوبمقدر أي قدر فيهاالأقوات للطالبين .ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِقصد نحوها من قولهم استوي إلي مكان كذا إذاتوجه إليه توجها لايلوي‌ علي غيره وَ هيِ‌َ دُخانٌ قال البيضاوي‌ أي أمر ظلماني‌ ولعله أراد به مادتها والأجزاء المتصغرة التي‌ ركبت منها و قال الطبرسي‌ قال ابن عباس كانت بخار الأرض وقيل معناه ثم استوي أمره إلي السماء و قال الرازي‌ وذكر صاحب الأثر أنه كان عرش الله علي الماء


صفحه : 18

منذ خلق السماوات و الأرض فأحدث الله في ذلك الماء سخونة فارتفع منه زبد ودخان فبقي‌ علي وجه الماء فخلق الله تعالي فيه اليبوسة وأحدث منه الأرض و أماالدخان فارتفع وعلا فخلق الله منه السماوات واعلم أن هذه القصة غيرموجودة في القرآن فإن دل عليها دليل صحيح قبلت و إلا فلا و هذه القصة مذكورة في أول الكتاب ألذي تزعم اليهود أنه التوراة و فيه أنه تعالي خلق السماء من أجزاء مظلمة و هذا هوالمعقول لأنا قددللنا في المعقولات علي أن الظلمة ليست كيفية وجودية بل هي‌ عبارة عن عدم النور فالله سبحانه لماخلق الأجزاء التي‌ لاتتجزي فقبل أن يخلق فيهاكيفية الضوء كانت مظلمة عديمة النور ثم إذ ركبها وجعلها سماوات وكواكب وشمسا وقمرا وأحدث صفة الضوء فيهافحينئذ صارت مستنيرة فثبت أن تلك الأجزاء حين قصد الله تعالي أن يخلق منها السماوات والشمس والقمر كانت مظلمة فصح تسميتها بالدخان لأنه لامعني للدخان إلاأجزاء متفرقة غيرمتواصلة عديمة النور.فَقالَ لَها وَ لِلأَرضِ ائتِيا قال البيضاوي‌ أي بما خلقت فيكما من التأثير والتأثر وأبرزا ماأودعتكما من الأوضاع المختلفة والكائنات المتنوعة أوائتيا في الوجود علي أن الخلق السابق بمعني التقدير أوالترتيب للرتبة أوالإخبار أوإتيان السماء بحدوثها وإتيان الأرض أن تصير مدحوة أوليأت كل منكما الأخري في حدوث ماأريد توليده منكما ويؤيده قراءة آتيا من المؤاتاة أي


صفحه : 19

ليوافق كل واحدة منكما أختها فيما أردت منكماطَوعاً أَو كَرهاًشئتما ذلك أوأبيتما أوالمراد إظهار كمال قدرته ووجوب وقوع مراده لاإثبات الطوع والكره لهما وهما مصدران وقعا موقع الحال قالَتا أَتَينا طائِعِينَ أي منقادين بالذات والأظهر أن المراد تصوير تأثير قدرته فيهما وتأثرهما بالذات عنها وتمثيلها بأمر المطاع وإجابة المطيع الطائع كقوله كُن فَيَكُونُ و ماقيل إنه تعالي خاطبهما وأقدرهما علي الجواب إنما يتصور علي الوجه الأول والأخير وإنما قال طائِعِينَ علي المعني باعتبار كونهما مخاطبتين كقوله تعالي ساجِدِينَ. و قال الطبرسي‌ قدس سره قال ابن عباس أتت السماء بما فيها من الشمس والقمر والنجوم وأتت الأرض بما فيها من الأنهار والأشجار والثمار و ليس هناك أمر بالقول حقيقة و لاجواب لذلك القول بل أخبر سبحانه عن اختراعه السماوات و الأرض وإنشائه لهما من غيرتعذر و لاكلفة و لامشقة بمنزلة مايقال افعل فيفعل من غيرتلبث و لاتوقف و لاتأن فعبر عن ذلك بالأمر والطاعة و هوكقوله إِنّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ وإنما قال أَتَينا طائِعِينَ و لم يقل طائعتين لأن المعني أتينا بمن فينا من العقلاء فغلب حكم العقلاء وقيل إنه لماخوطبن خطاب من يعقل جمعن جمع من يعقل كما قال وَ كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَ.فَقَضاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ قال البيضاوي‌ أي فخلقهن خلقا إبداعيا وأتقن


صفحه : 20

أمرهن والضمير للسماء علي المعني أومبهم وسَبعَ سَماواتٍحال علي الأول وتمييز علي الثاني‌فِي يَومَينِقيل خلق السماوات يوم الخميس والشمس والقمر والنجوم يوم الجمعةوَ أَوحي فِي كُلّ سَماءٍ أَمرَهاشأنها و مايتأتي منها بأن حملها عليه اختيارا أوطبعا وقيل أوحي إلي أهلها بأوامره وَ زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ فإن الكواكب كلها تري كأنها تتلألأ عليهاوَ حِفظاً أي وحفظناها من الآفات أو من المسترقة حفظا وقيل مفعول له علي المعني كأنه قال خصصنا السماء الدنيا بمصابيح زينة وحفظاذلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِالبالغ في القدرة والعلم .وَ ما مَسّنا مِن لُغُوبٍ قال الطبرسي‌ أي تعب ونصب أكذب الله تعالي بهذا اليهود فإنهم قالوا استراح الله يوم السبت فلذلك لانعمل فيه شيئا. و قال الرازي‌ في تفسيره قال بعض المفسرين المراد من الآية الرد علي اليهود حيث قالوا بدأ الله خلق العالم يوم الأحد وفرغ منه في ستة أيام آخرها يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستوي علي عرشه فقال تعالي وَ ما مَسّنا مِن لُغُوبٍرادا عليهم والظاهر أن المراد الرد علي المشرك أي ماتعبنا بالخلق الأول حتي لانقدر علي الإعادة ثانيا و أما ماقاله اليهود ونقلوه من التوراة فهو إما تحريف منهم أو لم يعلموا تأويله و ذلك لأن الأحد والإثنين أزمنة متميزة بعضها عن بعض فلو كان خلق السماوات ابتداء يوم الأحد لكان الزمان متحققا قبل الأجسام والزمان لاينفك عن الأجسام فيكون قبل الأجسام أجسام أخر


صفحه : 21

فيلزم القول بقدم العالم و هومذهب الفلاسفة انتهي . وأقول تعيين تلك الأيام موجودة في الأخبار المعتبرة كماستعرف و ماتوهم من لزوم قدم العالم خطأ كماعرفت سابقا أنه يمكن تصحيحه بوجوه متعددة شيءمنها لايستلزم ذلك و أماتعيين الأيام فيمكن أن تقدر الأزمنة بحيث تكون بعدخلق الشمس وحركة الأفلاك وتعيين الأيام تلك الأزمان الماضية موافقة لهذه الأيام الستة بحيث إذاكانت الشمس متحركة فيهاكانت تلك الأيام بعينها فتأمل .أَ أَنتُم أَشَدّ خَلقاً قال البيضاوي‌ أي أصعب خلقاأَمِ السّماءُ ثم بين كيف خلقها و قال بَناها ثم بين البناء فقال رَفَعَ سَمكَها أي جعل مقدار ارتفاعها من الأرض أوثخنها الذاهب في العلو رفيعافَسَوّاها أي فعدلها أوجعلها مستوية أوفتممها بما به يتم كمالها من الكواكب والتداوير وغيرها من قولهم سوي فلان أمره إذاأصلحه وَ أَغطَشَ لَيلَها أي أظلمه منقول من غطش الليل إذاأظلم وأضاف إليها لأنه يحدث بحركتهاوَ أَخرَجَ ضُحاها أي وأبرز ضوء شمسها كقوله تعالي وَ الشّمسِ وَ ضُحاهايريد النهاروَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاهابسطها ومهدها للسكني أَخرَجَ مِنها ماءَهابتفجير العيون وَ مَرعاها أي ورعيها و هو في الأصل لمواضع الرعي‌ وتجريد الجملة عن العاطف لأنها حال بإضمار قد أوبيان للدحووَ الجِبالَ أَرساها أي أثبتهامَتاعاً لَكُم وَ لِأَنعامِكُمتمتيعا لكم ولمواشيكم .


صفحه : 22

ألّذِي خَلَقَ فَسَوّي أي خلق كل شيءفسوي خلقه بأن جعل له ما به يتأتي كماله ويتم معاشه وَ ألّذِي قَدّرَ أي قدر أجناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالهافَهَديفوجهه إلي أفعاله طبعا أواختيارا بخلق الميول والإلهامات ونصب الدلائل وإنزال الآيات

تحقيق في دفع شبهة

اعلم أن بعض الملاحدة أوردوا تناقضا بين آيات سورتي‌ البقرة والسجدة و بين آيات سورة النازعات حيث زعموا أن الأولة تدل علي تقدم خلق الأرض علي السماء والأخيرة علي العكس وأجيب عنه بوجوه .أحدها أن خلق الأرض قبل السماء إلا أن دحوها متأخر عن خلق السماء واستشكل بوجهين الأول أن الأرض جسم عظيم فامتنع انفكاك خلقها عن التدحية فإذاكانت التدحية متأخرة عن خلق السماء كان خلقها لامحالة أيضا متأخرا عن خلق السماء. والثاني‌ أن الآية الأولي تدل علي أن خلق الأرض وخلق كل ما فيهامقدم علي خلق السماء وخلق الأشياء في الأرض لا يكون إلا بعد ماكانت مدحوة وأجيب عن الأول بأنا لانسلم امتناع انفكاك خلق الأرض عن دحوها والمناقشة في إطلاق خلق الأرض علي إيجادها غيرمدحوة مناقشة لفظية و عن الثاني‌ بأن قوله تعالي وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاهايقتضي‌ تقدم خلق السماء علي دحو الأرض و لايقتضي‌ تقدم تسوية السماء علي دحو الأرض فجاز أن تكون تسوية السماء متأخرة عن دحو الأرض فيكون خلق الأرض قبل السماء وخلق السماء قبل دحو الأرض ودحو الأرض قبل تسوية السماء فارتفع التنافي‌ ويرد عليه أن الآية الثالثة تقتضي‌ تقدم تسوية السماء علي دحو الأرض والثانية تقتضي‌ تقدم خلق الأرض بما فيها علي تسويتها سبع سماوات وخلق ما في الأرض قبل دحوها مستبعد ويمكن أن يجاب بأن المراد بالخلق في الأولي التقدير و هوشائع في العرف واللغة أوبأن المراد بخلق ما في الأرض خلق موادها كما أن خلق


صفحه : 23

الأرض قبل دحوها عبارة عن مثل ذلك فتكون تسوية السماء متقدمة علي دحو الأرض كما هوظاهر الآية الثالثة أوبأن يفرق بين تسويتها المذكورة في الثالثة و بين تسويتها سبع سماوات كما في الأولي وحينئذ فتسويتها مطلقا متقدمة علي دحو الأرض وتسويتها سبعا متأخرة عنه ولعل هذاأوفق في الجمع أوبأن يقال الفاء في قوله تعالي فَسَوّاهابمعني ثم والمشار إليه بذلك في قوله تعالي وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاها هوبناء السماء وخلقها لامجموع ماذكر قبله أوبأن يقال كلمة ثم في الأولي للترتيب الذكري‌ وتقديم خلق ما في الأرض في معرض الامتنان لمزيد الاختصاص فيكون خلق ما في الأرض بعددحوها كما هوالظاهر وتسوية السماء متقدمة عليه و علي دحو الأرض كما هوظاهر الآية الثالثة لكن هذا لايخلو من نوع منافرة لظاهر الآية الثانية و قدأوردنا بعض التوجيهات لها في شرح بعض الأخبار الآتية. و قال البيضاوي‌ كلمة ثم في آيتي‌ البقرة والسجدة لتفاوت ما بين الخلقين وفضل خلق السماء علي خلق الأرض كقوله تعالي ثُمّ كانَ مِنَ الّذِينَ آمَنُوا لاللتراخي‌ في المدة فإنه يخالف ظاهر قوله تعالي وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاهافإنه يدل علي تأخر دحو الأرض المتقدم علي خلق ما فيها عن خلق السماء وتسويتها إلا أن يستأنف بدحيها مقدرا لنصب الأرض فعلا آخر دل عليه أَ أَنتُم أَشَدّ خَلقاًمثل تعرف الأرض وتدبر أمرها بعد ذلك لكنه خلاف الظاهر انتهي . والوجه الثاني‌ مما قدأجيب به عن أصل الإشكال أن يقال كلمة بعد في الآية الثالثة ليست للتأخر الزماني‌ إنما هو علي جهة تعداد النعم والإذكار


صفحه : 24

لها كما يقول القائل أ ليس قدأعطيتك وفعلت بك كذا وكذا و بعد ذلك خلطتك وربما يكون بعض ماتقدم في اللفظ متأخرا بحسب الزمان لأنه لم يكن الغرض الإخبار عن الأوقات والأزمنة بل المراد ذكر النعم والتنبيه عليها وربما اقتضت الحال إيراد الكلام علي هذاالوجه . والثالث ماذكره الرازي‌ و هو أن لا يكون معني دَحاهامجرد البسط بل يكون المراد أنه بسطها بسطا مهيأ لنبات الأقوات و هذا هو ألذي بينه بقوله أَخرَجَ مِنها ماءَها وَ مَرعاها و ذلك لأن الاستعداد لايحصل للأرض إلا بعدوجود السماء فإن الأرض كالأم والسماء كالأب و ما لم يحصلا لم يتولد أولاد المعادن والنبات والحيوان . والرابع ماذكره أيضا و هو أن يكون قوله وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ أي مع ذلك كقوله عُتُلّ بَعدَ ذلِكَ زَنِيمٍ أي مع ذلك وكقولك للرجل أنت كذا وكذا ثم أنت بعدها كذا لاتريد الترتيب و قال تعالي فَكّ رَقَبَةٍ إلي قوله ثُمّ كانَ مِنَ الّذِينَ آمَنُوا والمعني و كان و هذاتقرير مانقل عن ابن عباس وغيره قالوا في قوله وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاها أي مع مياده دحاها.أقول و هذاقريب من الثاني‌ ثم المشهور أن خلق الأرض قبل خلق السماء و هوالأظهر وقيل بالعكس نقل الواحدي‌ في البسيط عن مقاتل أنه قال خلق الله السماء قبل الأرض وتأويل قوله ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ ثم كان قداستوي وَ هيِ‌َ دُخانٌقبل أن يخلق الأرض فأضمر فيه كان كما قال تعالي قالُوا إِن يَسرِق فَقَد سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِن قَبلُمعناه إن يكن سرق . و قال الرازي‌ المختار عندي‌ أن يقال خلق السماء مقدم علي خلق الأرض


صفحه : 25

بقي‌ أن يقال كيف تأويل هذه الآية يعني‌ آية السجدة فنقول الخلق ليس عبارة عن التكوين والإيجاد والدليل عليه قوله تعالي إِنّ مَثَلَ عِيسي عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمّ قالَ لَهُ كُن فَيَكُونُفلو كان الخلق عبارة عن الإيجاد والتكوين لصار معني الآية أوجده من تراب ثم قال له كن فيكون و هذامحال لأنه يلزم أنه تعالي قد قال لشي‌ء وجد كن و إذاثبت هذافنقول قوله خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِمعناه أنه قضي بحدوثها في يومين وقضاء الله بأنه سيحدث كذا في مدة كذا لايقتضي‌ حدوث ذلك الشي‌ء في الحال فقضاء الله بحدوث الأرض في يومين مقدم علي إحداث السماء و لايلزم منه تقدم إحداث الأرض علي إحداث السماء انتهي و لايخفي ما فيه وستطلع علي حقيقة الأمر في ضمن شرح الأخبار إن شاء الله تعالي

الأخبار

1- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي خُطبَةٍ لَهُ المَعرُوفُ مِن غَيرِ رُؤيَةٍ وَ الخَالِقُ مِن غَيرِ رَوِيّةٍ ألّذِي لَم يَزَل قَائِماً دَائِماً إِذ لَا سَمَاءٌ ذَاتُ أَبرَاجٍ وَ لَا حُجُبٌ ذَاتُ أَرتَاجٍ وَ لَا لَيلٌ دَاجٍ وَ لَا بَحرٌ سَاجٍ وَ لَا جَبَلٌ ذُو فِجَاجٍ وَ لَا فَجّ ذُو اعوِجَاجٍ وَ لَا أَرضٌ ذَاتُ مِهَادٍ وَ لَا خَلقٌ ذُو اعتِمَادٍ ذَلِكَ مُبتَدِعُ الخَلقِ وَ وَارِثُهُ وَ إِلَهُ الخَلقِ وَ رَازِقُهُ

بيان من غيرروية أي تفكر لأنه يستلزم الجهل السابق وحدوث أمر فيه لم يكن والاستكمال بعدالنقص ألذي لم يزل قائما أي بذاته أوبأحوال الخلق و قدمر مرارا دائما أي باقيا بذاته من غيرعلة ذات أبراج أي بروج أوكواكب نيرة والحجب جمع الحجاب والمراد هنا ماسيأتي‌ من الحجب النورانية التي‌ تحت العرش أوالسماوات عبر عنها بلفظين والأرتاج في بعض


صفحه : 26

النسخ بكسر الهمزة مصدر أرتج الباب أي أغلقه و في بعضها بالفتح جمع رتج بالتحريك أورتاج بالكسر والأول الباب العظيم والثاني‌ الباب المغلق أو ألذي عليه باب صغير والداجي‌ المظلم والساجي‌ الساكن والفجاج جمع الفج بالفتح و هوالطريق الواسع بين الجبلين والمهاد بالكسر الفراش واعتمدت علي الشي‌ء اتكأت عليه و كل حي‌ يعتمد علي رجله في المشي‌ و علي غيرها ويمكن أن يراد به القوة والتصرف وأبدعت الشي‌ء وابتدعته أي استخرجته وأحدثته والابتداع الخلق علي غيرمثال ووراثة أي الباقي‌ بعدفنائهم والمالك لماملكوا ظاهرا و لايخفي صراحته في حدوث العالم

2- النهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع الأَوّلِ قَبلَ كُلّ أَوّلٍ وَ الآخِرِ بَعدَ كُلّ آخِرٍ

بيان الغرض إثبات الأولية والآخرية الحقيقيتين له سبحانه وظاهر الأول حدوث ماسواه واستدل بالثاني‌ علي ماذهب إليه كثير من المتكلمين من انعدام العالم بأسره قبل قيام الساعة ويمكن أن يكون الآخرية باعتبار أن كل ماعداه في التغير والتحول من حال إلي حال كماورد في الرواية وقيل أوليته بحسب الخارج وآخريته بحسب الذهن أوالآخر في سلسلة الافتقار لاحتياج الكل إليه سبحانه


صفحه : 27

3- النهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع الحَمدُ لِلّهِ الدّالّ عَلَي وُجُودِهِ بِخَلقِهِ وَ بِمُحدَثِ خَلقِهِ عَلَي أَزَلِيّتِهِ

وَ مِنهُ قَالَ ع الحَمدُ لِلّهِ خَالِقِ العِبَادِ وَ سَاطِحِ المِهَادِ وَ مُسِيلِ الوِهَادِ وَ مُخصِبِ النّجَادِ لَيسَ لِأَوّلِيّتِهِ ابتِدَاءٌ وَ لَا لِأَزَلِيّتِهِ انقِضَاءٌ هُوَ الأَوّلُ لَم يَزَل وَ الباَقيِ‌ بِلَا أَجَلٍ إِلَي قَولِهِ ع قَبلَ كُلّ غَايَةٍ وَ مُدّةٍ وَ كُلّ إِحصَاءٍ وَ عِدّةٍ إِلَي قَولِهِ ع لَم يَخلُقِ الأَشيَاءَ مِن أُصُولٍ أَزَلِيّةٍ وَ لَا مِن أَوَائِلَ أَبَدِيّةٍ بَل خَلَقَ مَا خَلَقَ فَأَقَامَ حَدّهُ وَ صَوّرَ مَا صَوّرَ فَأَحسَنَ صُورَتَهُ


صفحه : 28

بيان الساطح الباسط والمسيل المجري والوهاد جمع وهدة وهي‌ الأرض المنخفضة وأخصب الله الأرض أي جعلها كثيرة العشب والكلأ والنجاد بالكسر جمع نجد بالفتح و هوالمرتفع من الأرض و لالأزليته انقضاء أي في جانب الأبد أي أزليته أزلية مقرونة بالأبدية ويمكن أن يكون إشارة إلي أن الأزلية تستلزم الأبدية إذ ماثبت قدمه امتنع عدمه أو في جانب الأزل إذارجع الوهم إليه و لايخفي دلالة تلك الفقرات علي اختصاص الأزلية به وحدوث ماسواه إذ ذكر الصفات المشتركة بينه و بين خلقه لايناسب مقام المدح . ثم صرح ع بذلك بقوله لم يخلق الأشياء من أصول أزلية ردا علي مازعمته الحكماء من الهيولي القديمة ونحو ذلك والأبد بالتحريك الدهر والدائم والقديم الأزلي‌ كماذكره في القاموس وقيل الزمان الطويل ألذي ليس بمحدود والظاهر أنه تأكيد وتفسير للفقرة الأولي ويحتمل أن يكون المراد الأمثلة التي‌ يخلق الله تعالي الأشياء علي حذوها و في بعض النسخ بدية والبدي‌ كرضي‌ الأول من أوائل سابقة علي إيجادها


صفحه : 29

4- شَرحُ النّهجِ للِكيَدرُيِ‌ّ،وَرَدَ فِي الخَبَرِ أَنّ اللّهَ تَعَالَي لَمّا أَرَادَ خَلقَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ خَلَقَ جَوهَراً أَخضَرَ ثُمّ ذَوّبَهُ فَصَارَ مَاءً مُضطَرِباً ثُمّ أَخرَجَ مِنهُ بُخَاراً كَالدّخَانِ فَخَلَقَ مِنهُ السّمَاءَ كَمَا قَالَثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ هيِ‌َ دُخانٌ ثُمّ فَتَقَ تِلكَ السّمَاءَ فَجَعَلَهَا سَبعاً ثُمّ جَعَلَ مِن ذَلِكَ المَاءِ زَبَداً فَخَلَقَ مِنهُ أَرضَ مَكّةَ ثُمّ بَسَطَ الأَرضَ كُلّهَا مِن تَحتِ الكَعبَةِ وَ لِذَلِكَ تُسَمّي مَكّةُ أُمّ القُرَي لِأَنّهَا أَصلُ جَمِيعِ الأَرضِ ثُمّ شَقّ مِن تِلكَ الأَرضِ سَبعَ أَرَضِينَ وَ جَعَلَ بَينَ كُلّ سَمَاءٍ وَ سَمَاءٍ مَسِيرَةَ خَمسِمِائَةِ عَامٍ وَ كَذَلِكَ بَينَ كُلّ أَرضٍ وَ أَرضٍ وَ كَذَلِكَ بَينَ هَذِهِ السّمَاءِ وَ هَذِهِ الأَرضِ ثُمّ بَعَثَ مَلَكاً مِن تَحتِ العَرشِ حَتّي نَقَلَ الأَرضَ عَلَي مَنكِبِهِ وَ عُنُقِهِ وَ مَدّ اليَدَينِ فَبَلَغَت إِحدَاهُمَا إِلَي المَشرِقِ وَ الأُخرَي إِلَي المَغرِبِ ثُمّ بَعَثَ لِقَرَارِ قَدَمِ ذَلِكَ المَلَكِ بَقَرَةً مِنَ الجَنّةِ كَانَ لَهَا أَربَعُونَ أَلفَ قَرنٍ وَ أَربَعُونَ أَلفَ رِجلٍ وَ يَدٍ وَ بَعَثَ يَاقُوتاً مِنَ الفِردَوسِ الأَعلَي حَتّي يُوضَعَ بَينَ سَنَامِ تِلكَ البَقَرَةِ وَ أُذُنِهَا فَاستَقَرّ قَدَمَا ذَلِكَ المَلَكِ عَلَي السّنَامِ وَ اليَاقُوتِ وَ إِنّ قُرُونَ تِلكَ البَقَرَةِ لَمُرتَفِعَةٌ مِن أَقطَارِ الأَرضِ إِلَي تَحتِ العَرشِ وَ إِنّ مَنَاخِرَ أُنُوفِهَا بِإِزَاءِ الأَرضِ فَإِذَا تَنَفّسَتِ البَقَرَةُ مَدّ البَحرُ وَ إِذَا قَبَضَت أَنفَاسَهَا جَزَرَ البَحرُ مِن ذَلِكَ ثُمّ خَلَقَ لِقَرَارِ قَوَائِمِ تِلكَ البَقَرَةِ صَخرَةً وَ هيِ‌َ التّيِ‌ حَكَي اللّهُ عَن لُقمَانَ فِي قَولِهِفَتَكُن فِي صَخرَةٍفَيَزِيدُ مِقدَارُ سَعَةِ تِلكَ الصّخرَةِ سَبعَ مَرّاتٍ عَلَي مِقدَارِ سَبعِ سَمَاوَاتٍ وَ سَبعِ أَرَضِينَ ثُمّ خَلَقَ حُوتاً وَ هُوَ ألّذِي أَقسَمَ اللّهُ فَقَالَن وَ القَلَمِ وَ النّونُ الحُوتُ وَ أَمَرَ تَعَالَي بِوَضعِ تِلكَ الصّخرَةِ عَلَي ظَهرِ ذَلِكَ الحُوتِ وَ جَعَلَ ذَلِكَ الحُوتَ فِي المَاءِ وَ أَمسَكَ المَاءَ عَلَي الرّيحِ وَ يَحفَظُ اللّهُ الرّيحَ بِقُدرَتِهِ

5- النّهجُ،[نهج البلاغة] وَ الإِحتِجَاجُ، فِي خُطبَةٍ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع الدّالّ عَلَي قِدَمِهِ بِحُدُوثِ خَلقِهِ وَ بِحُدُوثِ خَلقِهِ عَلَي وُجُودِهِ إِلَي قَولِهِ ع مُستَشهِدٌ بِحُدُوثِ الأَشيَاءِ عَلَي أَزَلِيّتِهِ


صفحه : 30

6- وَ فِي خُطبَةٍ أُخرَي مَشهُورَةٍ لَا تَصحَبُهُ الأَوقَاتُ وَ لَا تَرفِدُهُ الأَدَوَاتُ سَبَقَ الأَوقَاتَ كَونُهُ وَ العَدَمَ وُجُودُهُ وَ الِابتِدَاءَ أَزَلُهُ إِلَي قَولِهِ ع لَا يجَريِ‌ عَلَيهِ السّكُونُ وَ الحَرَكَةُ وَ كَيفَ يجَريِ‌ عَلَيهِ مَا هُوَ أَجرَاهُ وَ يَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ أَبدَاهُ وَ يَحدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَت ذَاتُهُ وَ لَتَجَزّأَ كُنهُهُ وَ لَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعنَاهُ إِلَي قَولِهِ ع يَقُولُ لَمّا أَرَادَ كَونَهُ كُن فَيَكُونُ لَا بِصَوتٍ يَقرَعُ وَ لَا نِدَاءٍ يُسمَعُ وَ إِنّمَا كَلَامُهُ سُبحَانَهُ فِعلٌ مِنهُ أَنشَأَهُ وَ مَثّلَهُ لَم يَكُن مِن قَبلِ ذَلِكَ كَائِناً وَ لَو كَانَ قَدِيماً لَكَانَ إِلَهاً ثَانِياً لَا يُقَالُ كَانَ بَعدَ أَن لَم يَكُن فتَجَريِ‌َ عَلَيهِ الصّفَاتُ المُحدَثَاتُ وَ لَا يَكُونُ بَينَهَا وَ بَينَهُ فَصلٌ وَ لَا لَهُ عَلَيهَا فَضلٌ فيَسَتوَيِ‌َ الصّانِعُ وَ المَصنُوعُ وَ يَتَكَافَأَ المُبتَدِعُ وَ البَدِيعُ خَلَقَ الخَلَائِقَ عَلَي غَيرِ مِثَالٍ خَلَا مِن غَيرِهِ وَ لَم يَستَعِن عَلَي خَلقِهَا بِأَحَدٍ مِن خَلقِهِ وَ أَنشَأَ الأَرضَ فَأَمسَكَهَا مِن غَيرِ اشتِغَالٍ وَ أَرسَاهَا عَلَي غَيرِ قَرَارٍ وَ أَقَامَهَا بِغَيرِ قَوَائِمَ وَ رَفَعَهَا بِغَيرِ دَعَائِمَ وَ حَصّنَهَا مِنَ الأَوَدِ وَ الِاعوِجَاجِ وَ مَنَعَهَا مِنَ التّهَافُتِ وَ الِانفِرَاجِ أَرسَي أَوتَادَهَا وَ ضَرَبَ أَسدَادَهَا وَ استَفَاضَ عُيُونَهَا وَ خَدّ أَودِيَتَهَا فَلَم يَهِن مَا بَنَاهُ وَ لَا ضَعُفَ مَا قَوّاهُ إِلَي قَولِهِ ع هُوَ المفُنيِ‌ لَهَا بَعدَ وُجُودِهَا حَتّي يَصِيرَ مَوجُودُهَا كَمَفقُودِهَا وَ لَيسَ فَنَاءُ الدّنيَا بَعدَ ابتِدَائِهَا بِأَعجَبَ مِن إِنشَائِهَا وَ اختِرَاعِهَا إِلَي قَولِهِ ع وَ إِنّهُ سُبحَانَهُ يَعُودُ بَعدَ فَنَاءِ الدّنيَا وَحدَهُ لَا شَيءَ مَعَهُ كَمَا كَانَ قَبلَ ابتِدَائِهَا كَذَلِكَ يَكُونُ بَعدَ فَنَائِهَا بِلَا وَقتٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ لَا حِينٍ وَ لَا زَمَانٍ عُدِمَت عِندَ ذَلِكَ الآجَالُ وَ الأَوقَاتُ وَ زَالَتِ السّنُونَ وَ السّاعَاتُ فَلَا شَيءَ إِلّا الوَاحِدُ القَهّارُ ألّذِي إِلَيهِ مَصِيرُ جَمِيعِ الأُمُورِ بِلَا قُدرَةٍ مِنهَا كَانَ ابتِدَاءُ خَلقِهَا وَ بِغَيرِ امتِنَاعٍ مِنهَا كَانَ فَنَاؤُهَا وَ لَو قَدَرَت عَلَي الِامتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا لَم يَتَكَاءَدهُ صُنعُ شَيءٍ


صفحه : 31

مِنهَا إِذ صَنَعَهُ وَ لَم يَؤُدهُ مِنهَا خَلقُ مَا بَرَأَهُ وَ خَلَقَهُ وَ لَم يُكَوّنهَا لِتَشدِيدِ سُلطَانٍ وَ لَا لِخَوفٍ مِن زَوَالٍ وَ نُقصَانٍ وَ لَا لِلِاستِعَانَةِ بِهَا عَلَي نِدّ مُكَاثِرٍ وَ لَا لِلِاحتِرَازِ بِهَا مِن ضِدّ مُثَاوِرٍ وَ لَا لِلِازدِيَادِ بِهَا فِي مُلكِهِ وَ لَا لِمُكَاثَرَةِ شَرِيكٍ فِي شِركِهِ وَ لَا لِوَحشَةٍ كَانَت مِنهُ فَأَرَادَ أَن يَستَأنِسَ إِلَيهَا ثُمّ هُوَ يُفنِيهَا بَعدَ تَكوِينِهَا لَا لِسَأمٍ دَخَلَ عَلَيهِ فِي تَصرِيفِهَا وَ تَدبِيرِهَا وَ لَا لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَيهِ وَ لَا لِثِقَلِ شَيءٍ مِنهَا عَلَيهِ لَم يُمِلّهُ طُولُ بَقَائِهَا فَيَدعُوَهُ إِلَي سُرعَةِ إِفنَائِهَا لَكِنّهُ سُبحَانَهُ دَبّرَهَا بِلُطفِهِ وَ أَمسَكَهَا بِأَمرِهِ وَ أَتقَنَهَا بِقُدرَتِهِ ثُمّ يُعِيدُهَا بَعدَ الفَنَاءِ مِن غَيرِ حَاجَةٍ مِنهُ إِلَيهَا وَ لَا استِعَانَةٍ بشِيَ‌ءٍ مِنهَا عَلَيهَا وَ لَا لِانصِرَافٍ مِن حَالِ وَحشَةٍ إِلَي حَالِ استِئنَاسٍ وَ لَا مِن حَالِ جَهلٍ وَ عَمًي إِلَي عِلمٍ وَ التِمَاسٍ وَ لَا مِن فَقرٍ وَ حَاجَةٍ إِلَي غِنًي وَ كَثرَةٍ وَ لَا مِن ذُلّ وَ ضَعَةٍ إِلَي عِزّ وَ قُدرَةٍ

إيضاح الدال علي قدمه بحدوث خلقه فيه وفيما بعده دلالة علي أن علة الفاقة إلي المؤثر الحدوث و أنه لايعقل التأثير في الأزلي‌ القديم وكذا


صفحه : 32

قوله مستشهد بحدوث الأشياء علي أزليته . لاتصحبه الأوقات يحتمل وجهين أحدهما نفي‌ المصاحبة علي الدوام بل وجوده سابق علي الأزمان كالزمانيات كما قال سبق الأوقات كونه وثانيهما نفي‌ الزمانية عنه سبحانه مطلقا كماذهب إليه الحكماء من أن الزمان نسبة المتغير إلي المتغير و لا يكون فيما لاتغير فيه أصلا فالمراد بسبق كونه علي الأوقات عدم لحوقها له وامتناع مقارنته سبحانه لها وربما يؤيد ذلك بقوله ع وكيف يجري‌ عليه ما هوأجراه فإنه ع استدل علي عدم جريان السكون والحركة عليه بأنه موجدهما فلايكونان من صفاته الكمالية لأن الفعل لا يكون كمالا للفاعل واتصافه بهما لا علي وجه الكمال يوجب التغير أوالنقص و هذاجار في الزمان أيضا. وكذا قوله ويعود فيه ما هوأبداه أي أظهره فقيل المعني أنه سبحانه أظهر الحركة والسكون فكانا متأخرين عنه ذاتا فلو كانا من صفاته لزم أن يعود المتأخر ويصير متقدما لأن صفاته سبحانه عين ذاته فلايجوز خلوه عنها في مرتبة الإظهار والإيجاد ويحدث فيه ما هوأحدثه لأن الشي‌ء لا يكون فاعلا وقابلا لشي‌ء واحد أو لمامر من لزوم الاستكمال بغيره والنقص في ذاته .


صفحه : 33

إذالتفاوتت ذاته أي حصل الاختلاف والتغير في ذاته ولتجزأ كنهه أي كانت حقيقته ذات أجزاء وأبعاض لأن الحركة والسكون مستلزمان للتحيز المستلزم للجسمية أولكان فيه ما به بالقوة و ما به بالفعل ولامتنع من الأزل معناه أي ذاته المقصودة من أسمائه الحسني والامتناع من الأزل للجسمية وحدوث ما لاينفك عن الحركة والسكون لابصوت يقرع أي يقرع الأسماع والقرع الدق و في بعض النسخ علي بناء المجهول أي يحصل من قرع شيء. ومثله أي أقامه وقيل البار‌ئ تعالي مثل القرآن لجبرئيل ع بالكتابة في اللوح ويقال مثلته بين يدي‌ أي أحضرته فلما كان الله تعالي فعل القرآن واضحا بينا كأن قدمثله للمكلفين انتهي والظاهر أن المراد أن قوله كن فيكون ليس المراد به الكلام الحقيقي‌ ألذي له صوت بل كناية عن تعلق الإرادة وتمثيل لحصول الأشياء بمحض إرادته بلا تأخر و لاتوقف علي أمر. و لو كان قديما لكان إلها ثانيا هذاصريح في أن الإمكان لايجامع القدم و أن الإيجاد إنما يكون لما هومسبوق بالعدم فالقول بتعدد القدماء مع القول بإمكان بعضها قول بالنقيضين فتجري‌ علي المعلوم و في بعض النسخ علي المجهول عليه الصفات المحدثات في أكثر النسخ الصفات معرفة باللام فالمحدثات صفة له و في بعضها بدون اللام علي الإضافة و هوأنسب أي لو كان محدثا لجرت عليه صفات الأجسام المحدثة فلم يكن بينه وبينها فرق . والفصل القطع والحاجز بين الشيئين والمبتدع في بعض النسخ علي صيغة الفاعل و في بعضها علي صيغة المفعول فعلي الأول البديع بمعني المبدع علي بناء المفعول و علي الثاني‌ بمعني المبدع علي بناء الفاعل . علي غيرمثال خلا أي مضي وسبق من غيراشتغال أي لم يشغله إمساكها


صفحه : 34

عن غيره من الأمور وأرساها أي أثبتها علي غيرقرار أي مقر يتمكن عليه بل قامت بأمره لا علي شيءبغير قوائم أي لاكدابة تقوم بقوائمها والدعامة بالكسر عماد البيت ألذي يقوم عليه وحصنه تحصينا أي جعله منيعا والأود بالتحريك الاعوجاج والعطف للتفسير والتهافت التساقط قطعة قطعة أوتادها أي جبالها التي‌ هي‌ للأرض بمنزلة الأوتاد وضرب أسدادها السد بالفتح وبالضم الجبل والحاجز بين الشيئين وقيل بالضم ما كان مخلوقا لله تعالي وبالفتح ما كان من فعلنا وضرب الأسداد نصبها يقال ضربت الخيمة أي نصبتها أوتعيينها كضرب الخراج ولعل المعني خلق الجبال فيها والأنهار التي‌ هي‌ كالحدود لها ليتميز بعضها عن بعض علي حسب اقتضاء الحكمة الكاملة و قال الجوهري‌ السد أيضا واحد السدود وهي‌ السحائب السود عن أبي زيد. واستفاض عيونها أي جعلها فائضة جارية وخد أوديتها أي شقها و منه الأخدود أي الحفرات المستطيلة في الأرض حتي يصير موجودها كمفقودها لعل المراد بالمفقود ما لم يوجد أصلا أي حتي يصير كأن لم يكن ويحتمل أن تكون الكاف زائدة و قوله ع كما كان قبل ابتدائها إلي آخر الكلام صريح في حدوث ماسوي الله تعالي وظاهره نفي‌ الزمان أيضا قبل العالم وعدم زمانيته سبحانه إلي أن يحمل علي الأزمنة المعينة من الليالي‌ والأيام والشهور والسنين ويدل علي فناء جميع أجزاء الدنيا بعدالوجود و هذاأيضا ينافي‌ القدم لأنهم أطبقوا علي أن ماثبت قدمه امتنع عدمه وأقاموا عليه البراهين العقلية. لم يتكاءده في أكثر النسخ علي صيغة التفاعل و في بعضها علي صيغة التفعل وكلاهما بمعني نفي‌ المشقة و في بعض النسخ لم يتكاره علي صيغة التفاعل من الكره يقال فعل الأمر علي تكره وتكاره أي علي تسخط وعدم الرضا به والغرض أنه سبحانه لم يكن مجبورا مكرها في خلق الأشياء.


صفحه : 35

وآده الأمر يؤده أثقله وبرأه أي خلقه وتشديد السلطان إحكام السلطنة وحفظها عن تطرق الخلل فيها والند بالكسر المثل قالوا و لا يكون الند إلامخالفا والمكاثرة المغالبة بالكثرة والضد بالكسر النظير والكفو وقيل مثل الشي‌ء وخلافه و هو من الأضداد والثور بالفتح الهيجان والوثب وثاوره أي واثبه والشرك بالكسر الاسم من شركته كعلمت في البيع والميراث شركه و في النسخ في شركة بالتاء موضع الضمير والاستئناس اتخاذ الأنيس ضد الاستيحاش والسأم بالتحريك الملال والتصريف التغيير وتحويل الشي‌ء من حال إلي حال و من وجه إلي وجه والثقل بالكسر كما في بعض النسخ وكعنب كما في بعضها ضد الخفة و لم يمله علي صيغة الإفعال أي لم يجعله سئما و في بعض النسخ و لايمله وذكر السرعة لأن الإفناء لايستدعي‌ زمانا طويلا إذا كان عن قدرة كاملة أولأنه إذا كان عن ملالة من البقاء يكون بسرعة. وأتقنها أحكمها والالتماس الطلب والمراد طلب علم مجهول والضعة بالفتح كما في النسخ وبالكسر انحطاط الدرجة ضد الرفعة والضمير في قوله ع يعيدها راجع إلي الدنيا كالضمائر السابقة وجوز بعض شارحي‌ النهج عودها إلي الأمور في قوله ع إليه مصير جميع الأمور و علي أي حال ظاهره انعدام جميع المخلوقات حتي الأرواح والملائكة ثم عودها فيدل علي جواز إعادة المعدوم و قدسبق الكلام فيه في المجلد الثالث

7-التّوحِيدُ، وَ العُيُونُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَن أَبِي سُمَينَةَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الخرُاَساَنيِ‌ّ عَنِ الرّضَا ع قَالَ هُوَ أَيّنَ


صفحه : 36

الأَينَ كَانَ وَ لَا أَينَ وَ هُوَ كَيّفَ الكَيفَ كَانَ وَ لَا كَيفَ الخَبَرَ

8- الإِحتِجَاجُ، عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي قَالَ سأَلَنَيِ‌ أَبُو قُرّةَ المُحَدّثُ أَن أُدخِلَهُ إِلَي أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع فَاستَأذَنتُهُ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ وَ سَأَلَهُ عَن مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أخَبرِنيِ‌ جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ عَن كَلَامِ اللّهِ لِمُوسَي وَ سَاقَ الكَلَامَ إِلَي أَن قَالَ فَمَا تَقُولُ فِي الكُتُبِ فَقَالَ التّورَاةُ وَ الإِنجِيلُ وَ الزّبُورُ وَ الفُرقَانُ وَ كُلّ كِتَابٍ أُنزِلَ كَانَ كَلَامَ اللّهِ أَنزَلَهُ لِلعَالَمِينَ نُوراً وَ هُدًي وَ هيِ‌َ كُلّهَا مُحدَثَةٌ وَ هيِ‌َ غَيرُ اللّهِ فَقَالَ أَبُو قُرّةَ فَهَل يَفنَي فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع أَجمَعَ المُسلِمُونَ عَلَي أَنّ مَا سِوَي اللّهِ فَانٍ وَ مَا سِوَي اللّهِ فِعلُ اللّهِ وَ التّورَاةُ وَ الإِنجِيلُ وَ الزّبُورُ وَ الفُرقَانُ فِعلُ اللّهِ أَ لَم تَسمَعِ النّاسَ يَقُولُونَ رَبّ القُرآنِ وَ أَنّ القُرآنَ يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ يَا رَبّ هَذَا فُلَانٌ وَ هُوَ أَعرَفُ بِهِ قَد أَظمَأتُ نَهَارَهُ وَ أَسهَرتُ لَيلَهُ فشَفَعّنيِ‌ فِيهِ وَ كَذَلِكَ التّورَاةُ وَ الإِنجِيلُ وَ الزّبُورُ كُلّهَا مُحدَثَةٌ مَربُوبَةٌ أَحدَثَهَا مَنلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌهُدًيلِقَومٍ يَعقِلُونَفَمَن زَعَمَ أَنّهُنّ لَم يَزَلنَ فَقَد أَظهَرَ أَنّ اللّهَ لَيسَ بِأَوّلِ قَدِيمٍ وَ لَا وَاحِدٍ وَ أَنّ الكَلَامَ لَم يَزَل مَعَهُ وَ لَيسَ لَهُ بَدءٌ وَ لَيسَ بِإِلَهٍ

بيان و ليس له بدء أي ليس للكلام علة لأن القديم لا يكون مصنوعا و ليس بإله أي والحال أنه ليس بإله فكيف لم يحتج إلي الصانع أوالصانع يلزم أن لا يكون إلها لوجود الشريك معه في القدم و في بعض النسخ و ليس بإله له أي يلزم أن لا يكون الله إلها للكلام لكونه معه دائما

9-المهج ،[مهج الدعوات ]بِإِسنَادِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ غَالِبٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي حَبِيبَةَ وَ خَلِيلِ بنِ سَالِمٍ عَنِ الحَارِثِ بنِ عُمَيرٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَعلَمّنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص هَذَا الدّعَاءَ وَ ذَكَرَ لَهُ فَضلًا كَثِيراً الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ المَلِكُ الحَقّ المُبِينُ المُدَبّرُ بِلَا وَزِيرٍ وَ لَا خَلقٍ مِن عِبَادِهِ يَستَشِيرُ الأَوّلُ غَيرُ مَصرُوفٍ وَ الباَقيِ‌ بَعدَ فَنَاءِ الخَلقِ العَظِيمُ الرّبُوبِيّةُ نُورُ


صفحه : 37

السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ وَ فَاطِرُهُمَا وَ مُبتَدِعُهُمَا بِغَيرِ عَمَدٍ خَلَقَهُمَا فَاستَقَرّتِ الأَرَضُونَ بِأَوتَادِهَا فَوقَ المَاءِ ثُمّ عَلَا رَبّنَا فِيالسّماواتِ العُلي الرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي لَهُ ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ وَ ما بَينَهُما وَ ما تَحتَ الثّري إِلَي قَولِهِ أَنتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنتَ كُنتَ إِذ لَم تَكُن سَمَاءٌ مَبنِيّةٌ وَ لَا أَرضٌ مَدحِيّةٌ وَ لَا شَمسٌ مُضِيئَةٌ وَ لَا لَيلٌ مُظلِمٌ وَ لَا نَهَارٌ مضُيِ‌ءٌ وَ لَا بَحرٌ لجُيّ‌ّ وَ لَا جَبَلٌ رَاسٍ وَ لَا نَجمٌ سَارٍ وَ لَا قَمَرٌ مُنِيرٌ وَ لَا رِيحٌ تَهُبّ وَ لَا سَحَابٌ يَسكُبُ وَ لَا بَرقٌ يَلمَعُ وَ لَا رُوحٌ تَتَنَفّسُ وَ لَا طَائِرٌ يَطِيرُ وَ لَا نَارٌ تَتَوَقّدُ وَ لَا مَاءٌ يَطّرِدُ كُنتَ قَبلَ كُلّ شَيءٍ وَ كَوّنتَ كُلّ شَيءٍ وَ ابتَدَعتَ كُلّ شَيءٍ إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ

10- وَ مِنهُ،بِأَسَانِيدَ ذَكَرَهَا إِلَي ابنِ عَبّاسٍ وَ عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فِي الدّعَاءِ اليمَاَنيِ‌ّ المَعرُوفِ وَ أَنتَ الجَبّارُ القُدّوسُ ألّذِي لَم تَزَل أَزَلِيّاً دَائِماً فِي الغُيُوبِ وَحدَكَ لَيسَ فِيهَا غَيرُكَ وَ لَم يَكُن لَهَا سِوَاكَ

11- وَ مِنهُ، فِي دُعَاءٍ عَلّمَهُ جَبرَئِيلُ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِمَا الأَوّلُ وَ الآخِرُ وَ الكَائِنُ قَبلَ كُلّ شَيءٍ وَ المُكَوّنُ لِكُلّ شَيءٍ وَ الكَائِنُ بَعدَ فَنَاءِ كُلّ شَيءٍ

12- التّوحِيدُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن سُلَيمَانَ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ قَالَ الرّضَا ع المَشِيّةُ مِن صِفَاتِ الأَفعَالِ فَمَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ لَم يَزَل مُرِيداً شَائِياً فَلَيسَ بِمُوَحّدٍ

بيان لعل الشرك باعتبار أنه إذاكانت الإرادة والمشية أزليتين فالمراد والمشي‌ء أيضا يكونان أزليين و لايعقل التأثير في القديم فيكون إلها ثانيا كمامر مرارا أوأنهما لما لم يكونا عين الذات فكونهما دائما معه سبحانه يوجب إلهين


صفحه : 38

آخرين بتقريب مامر ويؤيد الأول مَا رَوَاهُ فِي التّوحِيدِ أَيضاً عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ لَم يَزَلِ اللّهُ مُرِيداً فَقَالَ إِنّ المُرِيدَ لَا يَكُونُ إِلّا لِمُرَادٍ مَعَهُ بَل لَم يَزَل عَالِماً قَادِراً ثُمّ أَرَادَ

13- التّوحِيدُ،بِإِسنَادِهِ عَن سَلمَانَ قَالَ سَأَلَ الجَاثَلِيقُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع أخَبرِنيِ‌ عَنِ الرّبّ أَ فِي الدّنيَا هُوَ أَو فِي الآخِرَةِ قَالَ عَلِيّ ع لَم يَزَل رَبّنَا قَبلَ الدّنيَا هُوَ مُدَبّرُ الدّنيَا وَ عَالِمٌ بِالآخِرَةِ

14- وَ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي كَانَ قَبلَ أَن يَكُونَ كَانَ لَم يُوجَد لِوَصفِهِ كَانَ ثُمّ قَالَ كَانَ إِذ لَم يَكُن شَيءٌ وَ لَم يَنطِق فِيهِ نَاطِقٌ فَكَانَ إِذ لَا كَانَ

15-النهج ،[نهج البلاغة] مِن خُطبَةٍ لَهُ ع وَ كَانَ مِنِ اقتِدَارِ جَبَرُوتِهِ وَ بَدِيعِ لَطَائِفِ صَنعَتِهِ أَن جَعَلَ مِن مَاءِ البَحرِ الزّاخِرِ المُتَرَاكِمِ المُتَقَاصِفِ يَبَساً جَامِداً ثُمّ فَطَرَ مِنهُ أَطبَاقاً فَفَتَقَهَا سَبعَ سَمَاوَاتٍ بَعدَ ارتِتَاقِهَا فَاستَمسَكَت بِأَمرِهِ وَ قَامَت عَلَي حَدّهِ يَحمِلُهَا الأَخضَرُ المُثعَنجِرُ وَ القَمقَامُ المُسَخّرُ قَد ذَلّ لِأَمرِهِ وَ أَذعَنَ لِهَيبَتِهِ وَ وَقَفَ الجاَريِ‌ مِنهُ لِخَشيَتِهِ وَ جَبَلَ جَلَامِيدَهَا وَ نُشُوزَ مُتُونِهَا وَ أَطوَادَهَا فَأَرسَاهَا


صفحه : 39

فِي مَرَاسِيهَا وَ أَلزَمَهَا قَرَارَتَهَا فَمَضَت رُءُوسُهَا فِي الهَوَاءِ وَ رَسَت أُصُولُهَا فِي المَاءِ فَأَنهَدَ جِبَالَهَا عَن سُهُولِهَا وَ أَسَاخَ قَوَاعِدَهَا فِي مُتُونِ أَقطَارِهَا وَ مَوَاضِعِ أَنصَابِهَا فَأَشهَقَ قِلَالَهَا وَ أَطَالَ أَنشَازَهَا وَ جَعَلَهَا لِلأَرضِ عِمَاداً وَ أَرَزّهَا فِيهَا أَوتَاداً فَسَكَنَت عَلَي حَرَكَتِهَا مِن أَن تَمِيدَ بِأَهلِهَا أَو تَسِيخَ بِحِملِهَا أَو تَزُولَ عَن مَوَاضِعِهَا فَسُبحَانَ مَن أَمسَكَهَا بَعدَ مَوَجَانِ مِيَاهِهَا وَ أَجمَدَهَا بَعدَ رُطُوبَةِ أَكنَافِهَا فَجَعَلَهَا لِخَلقِهِ مِهَاداً وَ بَسَطَهَا لَهُم فِرَاشاً فَوقَ بَحرٍ لجُيّ‌ّ رَاكِدٍ لَا يجَريِ‌ وَ قَائِمٍ لَا يسَريِ‌ تُكَركِرُهُ الرّيَاحُ العَوَاصِفُ وَ تَمخُضُهُ الغَمَامُ الذّوَارِفُإِنّ فِي ذلِكَ لَعِبرَةً لِمَن يَخشي

بيان الاقتدار علي الشي‌ء القدرة عليه والجبروت فعلوت من الجبر و هوالقهر والبديع بمعني المبدع بالفتح واللطيف الدقيق وزخر البحر كمنع أي تملأ وارتفع والمتراكم المجتمع بعضه فوق بعض وتقاصف البحر تزاحمت أمواجه و قال ابن أبي الحديد اليبس بالتحريك المكان يكون رطبا ثم يبس قال الله تعالي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا واليبس بالسكون اليابس خلقة يقال حطب يبس وهكذا يقول أهل اللغة و فيه كلام لأن الحطب ليس يابسا خلقة بل كان رطبا من قبل والأصوب أن يقال لاتكون هذه اللفظة محركة إلا في المكان خاصة انتهي والجامد ضد الذائب والمراد باليبس الجامد الأرض والفطر بالفتح الخلق والإنشاء والأطباق بالفتح جمع طبق بالتحريك و هوغطاء كل شيء والطبق أيضا من كل شيء ماساواه و قوله ع ففتقها إشارة إلي قوله تعالي أَ وَ لَم يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّ السّماواتِ وَ الأَرضَ كانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُما و قدمرت الوجوه في تفسيرها و هذامما يؤيد بعضها فتذكر ويدل علي حدوث السماوات وكونها أولي‌ طبقات منفصلة في الحقيقة متصلة في الصورة


صفحه : 40

بعضها فوق بعض ففتقها وفرقها وباعد بعضها عن بعض فحصلت سبع سماوات متميزات بينها أفضية للملائكة. والاستمساك الاحتباس والاعتصام والغرض عدم تفرقها كان بعضها معتصم ببعض وقيامها علي حده كناية عن وقوفها علي ماحده لها من المكان والمقدار والشكل والهيئة والنهايات والطبائع وعدم خروجها عن تلك والضمير في حده راجع إلي الله أو إلي اليبس . و قال الكيدري‌ والأخضر الماء والعرب تصفه بالخضرة والمثعنجر علي صيغة اسم الفاعل كما في النسخ السائل من ماء أودمع وبفتح الجيم وسط البحر و ليس في البحر مايشبهه ذكره الفيروزآبادي‌ و قال الجزري‌ في حديث علي ع يحملها الأخضر المثعنجر هوأكثر موضع في البحر ماء والميم والنون زائدتان و مِنهُ حَدِيثُ ابنِ عَبّاسٍ فَإِذَا علِميِ‌ بِالقُرآنِ فِي عِلمِ عَلِيّ كَالقَرَارَةِ فِي المُثعَنجِرِ

القرارة الغدير الصغير. والقمقام بالفتح كما في النسخ و قديضم البحر و يكون بمعني السيد والأمر العظيم والعدد الكثير والمسخر في بعض النسخ بالخاء المعجمة و في بعضها بالجيم في القاموس سجر النهر ملأه وتسجير الماء تفجيره والضمير في قوله ع منه راجع إلي ماء البحر أو إلي اليبس الجامد فيكون الدخان ألذي خلق منه السماوات مرتفعا منه و في استمسكت إلي الأطباق أو إلي مايرجع إليه الضمير في يحملها و هواليبس الجامد والتأنيث لأن المراد به الأرض . وأذعن له أي خضع وانقاد والجاري‌ منه أي السائل بالطبع فوقوفه عدم جريانه طبعا بإرادته سبحانه أوالسائل منه قبل إرادته وأمره بالجمود ويحتمل


صفحه : 41

أن تكون الضمائر في ذل وأذعن ووقف راجعة إلي الأخضر أوالقمقام و هوأنسب بتذكير الضمير والجريان . وجبل كنصر وضرب أي خلق والجلمد بالفتح والجلمود بالضم الحجر العظيم الصلب والنشز بالفتح المكان المرتفع والجمع نشوز بالضم والمتن ماصلب من الأرض وارتفع والطود بالفتح الجبل أوالعظيم منه والضمائر راجعة إلي الأرض المعبر عنها باليبس الجامد وأرساها أي أثبتها في مراسيها أي في مواضعها المعينة بمقتضي الحكم الإلهية والقرارة موضع القرار ورست أي ثبتت و في بعض النسخ رسبت يقال رسب كنصر إذاذهب إلي أسفل و إذاثبت ويقال نهد ثدي‌ الجارية كمنع ونصر أي كعب وأشرف والسهل من الأرض ضد الحزن وساخت قوائمه في الأرض تسوخ وتسيخ أي دخلت فيها وغابت وأساخها غيبها وقواعد البيت أساسه والقطر بالضم الناحية أي غيب قواعد الجبال في متون نواحي‌ الأرض وقيل أي في جوانب أقطارها والنصب بالفتح ويحرك العلم المنصوب وبالضم وبضمتين كل ماجعل علما و كل ما عبد من دون الله والمراد بالأنصاب الجبال وبمواضعها الأمكنة الصالحة للجبال بمقتضي الحكمة والقلال بالكسر جمع قلة بالضم وهي‌ أعلي الجبل أوأعلي كل شيء والشاهق المرتفع أي جعل قلالها مرتفعة وإطالة الأنشاز مؤكدة لها والعماد بالكسر الخشبة التي‌ يقوم عليها البيت والأبنية الرفيعة والظاهر أن المراد بجعلها للأرض عمادا مايستفاد من الفقرة التالية وقيل المراد جعلها مواضع رفيعة في الأرض وأرز بتقديم المهملة كنصر وضرب وعلم أي ثبت وأرز بتشديد المعجمة أي أثبت و في أكثر النسخ بالتخفيف وفتح العين و في بعضها بالتشديد قال في النهاية في كلام علي ع أرزها فيهاأوتادا أي أثبتها إن كانت الزاي‌ مخففة فهي‌ من أرزت الشجرة تأرز إذاأثبت في الأرض و إن كانت مشددة فهي‌ من أرزت الجرادة إذاأدخلت ذنبها في الأرض لتلقي‌ فيهابيضها ورززت الشي‌ء في الأرض رزا أثبتته فيها وحينئذ تكون الهمزة زائدة


صفحه : 42

انتهي وقيل وروي‌ آرز بالمد من قولهم شجرة آرزة أي ثابتة في الأرض .فسكنت علي حركتها أي حال حركتها التي‌ هي‌ من شأنها لأنها محمولة علي سائل متموج كماقيل أو علي أثر حركتها بتموج الماء من أن تميد أي تتحرك وتضطرب أوتسيخ بحملها أي تغوص بالماء مع ماعليها قال ابن أبي الحديد لوتحركت الأرض فإما أن تتحرك علي مركزها أو لا والأول هوالمراد بقوله ع تميد بأهلها والثاني‌ ينقسم إلي أن تنزل إلي تحت و هوالمراد بقوله ع تسيخ بحملها و أن لاتنزل إلي تحت و هوالمراد بقوله تزول عن مواضعها انتهي . ويحتمل أن يراد بقوله ع تميد بأهلها تحركها واضطرابها بدون الغوص في الماء كما يكون عندالزلزلة وبسوخها بحملها حركتها علي وجه يغوص أهلها في الماء سواء كانت علي المركز أم لافتكون الباء للتعدية وبزوالها عن مواضعها خراب قطعاتها بالرياح والسيول أوبتفرق القطعات وانفصال بعضها عن بعض فإن الجبال كالعروق السارية فيهاتضبطها عن التفرق كماسيأتي‌ ويؤيده إيراد المواضع بلفظ الجمع . وصيغة فعلان بالتحريك في المصدر تدل علي الاضطراب والتقلب والتنقل كالميدان والنزوان والخفقان ولعل المراد بهذا الموجان ما كان غامرا للأرض أوأكثرها وإمساكها بخلق الجبال التي‌ تقدم في الكلام ورطوبة أكنافها أي جوانبها لميدانها قبل خلق الجبال والمهاد بالكسر الفراش والموضع يهيأ للصبي‌ ويوطأ والفراش مايبسط واللجة بالضم معظم الماء وركد كنصر أي ثبت وسكن وسري عرق الشجر كرمي أي دب تحت الأرض . و قال الجوهري‌ الكركرة تصريف الرياح السحاب إذاجمعته بعدتفرق و قال باتت تكركره الجنوب وأصله تكرره من التكرير وكركرته عني‌


صفحه : 43

أي دفعته ورددته . والرياح العواصف الشديدة الهبوب ومخض اللبن يمخضه مثلثة أي أخذ زبده و في النسخ الفتح والضم والغمام جمع غمامة وهي‌ السحابة البيضاء أوالأعم وذرف الدمع كضرب أي سال وذرف عينه أي سال دمعها وذرف العين دمعها أي أسالها و من يخشي العلماء كما قال سبحانه إِنّما يَخشَي اللّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ ويحتمل أن يكون التخصيص لأجل أن عدم الخشية يوجب عدم المبالاة بالعبر والالتفات إليها

16- العِلَلُ،بِإِسنَادِهِ عَن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ اللّهَ خلَقَنَيِ‌ وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ ع قَبلَ أَن يَخلُقَ الدّنيَا بِسَبعَةِ آلَافِ عَامٍ قُلتُ فَأَينَ كُنتُم يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ قُدّامَ العَرشِ نُسَبّحُ اللّهَ وَ نُحَمّدُهُ وَ نُقَدّسُهُ وَ نُمَجّدُهُ قُلتُ عَلَي أَيّ مِثَالٍ قَالَ أَشبَاحِ نُورٍ الخَبَرَ

17-التّوحِيدُ، وَ العُيُونُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَمرٍو الكَاتِبِ عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ القلُزمُيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي زِيَادٍ الجدَيّ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العلَوَيِ‌ّ عَنِ الرّضَا ع فِي خُطبَتِهِ الطّوِيلَةِ قَالَ أَوّلُ عِبَادَةِ اللّهِ مَعرِفَتُهُ وَ أَصلُ مَعرِفَةِ اللّهِ تَوحِيدُهُ وَ نِظَامُ تَوحِيدِ اللّهِ نفَي‌ُ الصّفَاتِ عَنهُ لِشَهَادَةِ العُقُولِ أَنّ كُلّ صِفَةٍ وَ مَوصُوفٍ مَخلُوقٌ وَ شَهَادَةِ كُلّ مَخلُوقٍ أَنّ لَهُ خَالِقاً لَيسَ بِصِفَةٍ وَ لَا مَوصُوفٍ وَ شَهَادَةِ كُلّ صِفَةٍ وَ مَوصُوفٍ بِالِاقتِرَانِ وَ شَهَادَةِ الِاقتِرَانِ بِالحَدَثِ وَ شَهَادَةِ الحَدَثِ بِالِامتِنَاعِ مِنَ الأَزَلِ المُمتَنِعِ مِنَ الحَدَثِ إِلَي قَولِهِ سَبَقَ الأَوقَاتَ كَونُهُ وَ العَدَمَ وُجُودُهُ وَ الِابتِدَاءَ أَزَلُهُ إِلَي قَولِهِ فَفَرّقَ بِهَا بَينَ قَبلٍ وَ بَعدٍ لِيُعلَمَ أَن لَا قَبلَ لَهُ وَ لَا بَعدَ إِلَي قَولِهِ مُخبِرَةً بِتَوقِيتِهَا أَن لَا وَقتَ لِمُوَقّتِهَا إِلَي قَولِهِ لَهُ مَعنَي الرّبُوبِيّةِ إِذ لَا مَربُوبَ وَ حَقِيقَةُ الإِلَهِيّةِ إِذ لَا مَألُوهَ وَ مَعنَي العَالِمِ إِذ لَا مَعلُومَ وَ مَعنَي الخَالِقِ إِذ


صفحه : 44

لَا مَخلُوقَ وَ تَأوِيلُ السّمعِ وَ لَا مَسمُوعَ لَيسَ مُنذُ خَلَقَ استَحَقّ مَعنَي الخَالِقِ وَ لَا بِإِحدَاثِهِ البَرَايَا استَفَادَ مَعنَي البرائية[البَارِئِيّةِ]كَيفَ وَ لَا تَغِيبُهُ مُذ وَ لَا تُدنِيهِ قَد وَ لَا تَحجُبُهُ لَعَلّ وَ لَا يُوَقّتُهُ مَتَي وَ لَا تَشمَلُهُ حِينٌ وَ لَا تُقَارِنُهُ مَعَ إِلَي قَولِهِ فَكُلّ مَا فِي الخَلقِ لَا يُوجَدُ فِي خَالِقِهِ وَ كُلّ مَا يُمكِنُ فِيهِ يَمتَنِعُ مِن صَانِعِهِ لَا تجَريِ‌ عَلَيهِ الحَرَكَةُ وَ السّكُونُ وَ كَيفَ يجَريِ‌ عَلَيهِ مَا هُوَ أَجرَاهُ أَو يَعُودُ إِلَيهِ مَا هُوَ ابتَدَاهُ إِذاً لَتَفَاوَتَت ذَاتُهُ وَ لَتَجَزّأَ كُنهُهُ وَ لَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعنَاهُ إِلَي قَولِهِ لَيسَ فِي مُحَالِ القَولِ حُجّةٌ وَ لَا فِي المَسأَلَةِ عَنهُ جَوَابٌ وَ لَا فِي مَعنَاهُ لِلّهِ تَعظِيمٌ وَ لَا فِي إِبَانَتِهِ عَنِ الخَلقِ ضَيمٌ إِلّا بِامتِنَاعِ الأزَلَيِ‌ّ أَن يُثَنّي وَ لِمَا لَا بَدءَ لَهُ أَن يَبدَأَ إِلَي آخِرِ الخُطبَةِ

الإِحتِجَاجُ،مُرسَلَةً مِثلَهُ

مَجَالِسُ ابنِ الشّيخِ، عَن أَبِيهِ عَنِ المُفِيدِ عَنِ الحَسَنِ بنِ حَمزَةَ العلَوَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن مَروَكِ بنِ عُبَيدٍ


صفحه : 45

عَن مُحَمّدِ بنِ زَيدٍ الطبّرَيِ‌ّ عَنِ الرّضَا ع مِثلَهُ

مَجَالِسُ المُفِيدِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ حَمزَةَ مِثلَهُ

بيان قدمر شرح الخطبة في كتاب التوحيد و قددلت علي تنافي‌ الحدوث أي المعلولية والأزلية وتأويل الأزلية بوجوب الوجود مع بعده يجعل الكلام خاليا عن الفائدة ودلالة سائر الفقرات ظاهرة كمافصلناه سابقا وظاهر أكثر الفقرات نفي‌ الزمانية عنه سبحانه وكذا قوله ع إلابالامتناع الأزلي‌ أن يثني يدل علي امتناع تعدد القدماء وكذا الفقرة التالية لها

18- التّوحِيدُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَنِ الصّفّارِ وَ سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي وَ الهَيثَمِ بنِ أَبِي مَسرُوقٍ وَ مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ كُلّهِم عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن عَمرِو بنِ أَبِي المِقدَامِ عَن إِسحَاقَ بنِ غَالِبٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص فِي بَعضِ خُطَبِهِ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي كَانَ فِي أَزَلِيّتِهِ وَحدَانِيّاً إِلَي قَولِهِ ابتَدَأَ مَا ابتَدَعَ وَ أَنشَأَ مَا خَلَقَ عَلَي غَيرِ مِثَالٍ كَانَ سَبَقَ لشِيَ‌ءٍ مِمّا خَلَقَ رَبّنَا القَدِيمُ بِلُطفِ رُبُوبِيّتِهِ وَ بِعِلمِ خُبرِهِ فَتَقَ وَ بِإِحكَامِ قُدرَتِهِ خَلَقَ جَمِيعَ مَا خَلَقَ الخَبَرَ

19- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الدّقّاقِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ الكوُفيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ عِمرَانَ عَنِ الحُسَينِ بنِ يَزِيدَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الحَكَمِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَرِيرٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع أَنّهُ كَانَ يَقُولُ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي كَانَ قَبلَ أَن يَكُونَ كَانَ لَم يُوجَد لِوَصفِهِ كَانَ بَل كَانَ أَوّلًا كَائِناً لَم يُكَوّنهُ مُكَوّنٌ جَلّ ثَنَاؤُهُ بَل كَوّنَ الأَشيَاءَ قَبلَ كَونِهَا فَكَانَت كَمَا كَوّنَهَا عَلِمَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ كَانَ إِذ لَم يَكُن شَيءٌ وَ لَم يَنطِق فِيهِ نَاطِقٌ فَكَانَ إِذ لَا كَانَ


صفحه : 46

20- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن أَحمَدَ بنِ بِشرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ جُمهُورٍ العمَيّ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ فِي الرّبُوبِيّةِ العُظمَي وَ الإِلَهِيّةِ الكُبرَي لَا يُكَوّنُ الشيّ‌ءَ لَا مِن شَيءٍ إِلّا اللّهُ وَ لَا يَنقُلُ الشيّ‌ءَ مِن جَوهَرِيّتِهِ إِلَي جَوهَرٍ آخَرَ إِلّا اللّهُ وَ لَا يَنقُلُ الشيّ‌ءَ مِنَ الوُجُودِ إِلَي العَدَمِ إِلّا اللّهُ

21- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ الطاّلقَاَنيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ العدَوَيِ‌ّ عَنِ الهَيثَمِ عَبدِ اللّهِ الرمّاّنيِ‌ّ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ خَطَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع النّاسَ فِي مَسجِدِ الكُوفَةِ فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا مِن شَيءٍ كَانَ وَ لَا مِن شَيءٍ كَوّنَ مَا كَانَ مُستَشهَدٌ بِحُدُوثِ الأَشيَاءِ عَلَي أَزَلِيّتِهِ وَ بِفُطُورِهَا عَلَي قِدمَتِهِ الخُطبَةَ

22- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مَنصُورِ بنِ حَازِمٍ قَالَ قُلتُ أَ رَأَيتَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ أَ لَيسَ كَانَ فِي عِلمِ اللّهِ تَعَالَي قَالَ فَقَالَ بَلَي قَبلَ أَن يَخلُقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ

23- وَ مِنهُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأشَعرَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ إِسمَاعِيلَ وَ اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ جَمِيعاً عَن صَفوَانَ عَن مَنصُورِ بنِ حَازِمٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع هَل يَكُونُ اليَومَ شَيءٌ لَم يَكُن فِي عِلمِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ قَالَ لَا بَل كَانَ فِي عِلمِهِ قَبلَ أَن يُنشِئَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ


صفحه : 47

24- وَ مِنهُ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الوَهّابِ عَن أَحمَدَ بنِ الفَضلِ عَن مَنصُورِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ بَشّارٍ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ إِنّ اللّهَ العَالِمُ بِالأَشيَاءِ قَبلَ كَونِ الأَشيَاءِ إِلَي قَولِهِ فَلَم يَزَلِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عِلمُهُ سَابِقاً لِلأَشيَاءِ قَدِيماً قَبلَ أَن يَخلُقَهَا فَتَبَارَكَ رَبّنَا وَ تَعَالَي عُلُوّاً كَبِيراً خَلَقَ الأَشيَاءَ وَ عِلمُهُ بِهَا سَابِقٌ لَهَا كَمَا شَاءَ كَذَلِكَ لَم يَزَل رَبّنَا عَلِيماً سَمِيعاً بَصِيراً

25- وَ بِهَذَا الإِسنَادِ عَن عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن صَفوَانَ عَنِ ابنِ مُسكَانَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَنِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَ كَانَ يَعلَمُ المَكَانَ قَبلَ أَن يَخلُقَ المَكَانَ أَم عَلِمَهُ عِندَ مَا خَلَقَهُ وَ بَعدَ مَا خَلَقَهُ فَقَالَ تَعَالَي اللّهُ بَل لَم يَزَل عَالِماً بِالمَكَانِ قَبلَ تَكوِينِهِ كَعِلمِهِ بِهِ بَعدَ مَا كَوّنَهُ وَ كَذَلِكَ عِلمُهُ بِجَمِيعِ الأَشيَاءِ كَعِلمِهِ بِالمَكَانِ

26- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الدّقّاقِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ البرَمكَيِ‌ّ عَنِ الفَضلِ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ قَالَ قُلتُ لِلرّضَا ع إِنّ قَوماً يَقُولُونَ إِنّهُ عَزّ وَ جَلّ لَم يَزَل عَالِماً بِعِلمٍ وَ قَادِراً بِقُدرَةٍ وَ حَيّاً بِحَيَاةٍ وَ قَدِيماً بِقِدَمٍ وَ سَمِيعاً بِسَمعٍ وَ بَصِيراً بِبَصَرٍ فَقَالَ ع مَن قَالَ ذَلِكَ وَ دَانَ بِهِ فَقَدِ اتّخَذَ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخرَي وَ لَيسَ مِن وَلَايَتِنَا عَلَي شَيءٍ

27-العُيُونُ، وَ التّوحِيدُ، عَن جَعفَرِ بنِ عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الفَقِيهِ القمُيّ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ صَدَقَةَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ العَزِيزِ الأنَصاَريِ‌ّ قَالَ حدَثّنَيِ‌ مَن سَمِعَ الحَسَنَ بنَ مُحَمّدٍ النوّفلَيِ‌ّ قَالَ قَالَ عِمرَانُ الصاّبيِ‌ لِلرّضَا ع أخَبرِنيِ‌


صفحه : 48

عَنِ الكَائِنِ الأَوّلِ وَ عَمّا خَلَقَ قَالَ ع سَأَلتَ فَافهَم أَمّا الوَاحِدُ فَلَم يَزَل وَاحِداً كَائِناً لَا شَيءَ مَعَهُ بِلَا حُدُودٍ وَ لَا أَعرَاضٍ وَ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ ثُمّ خَلَقَ خَلقاً مُبتَدِعاً مُختَلِفاً بِأَعرَاضٍ وَ حُدُودٍ مُختَلِفَةٍ لَا فِي شَيءٍ أَقَامَهُ وَ لَا فِي شَيءٍ حَدّهُ وَ لَا عَلَي شَيءٍ حَذَاهُ وَ مَثّلَهُ لَهُ فَجَعَلَ مِن بَعدِ ذَلِكَ الخَلقِ صَفوَةً وَ غَيرَ صَفوَةٍ وَ اختِلَافاً وَ ائتِلَافاً وَ أَلوَاناً وَ ذَوقاً وَ طَعماً لَا لِحَاجَةٍ كَانَت مِنهُ إِلَي ذَلِكَ وَ لَا لِفَضلِ مَنزِلَةٍ لَم يَبلُغهَا إِلّا بِهِ وَ لَا رَأَي لِنَفسِهِ فِيمَا خَلَقَ زِيَادَةً وَ لَا نَقصاً تَعقِلُ هَذَا يَا عِمرَانُ قَالَ نَعَم وَ اللّهِ يَا سيَدّيِ‌ قَالَ ع وَ اعلَم يَا عِمرَانُ أَنّهُ لَو كَانَ خَلَقَ مَا خَلَقَ لِحَاجَةٍ لَم يَخلُق إِلّا مَن يَستَعِينُ بِهِ عَلَي حَاجَتِهِ وَ لَكَانَ ينَبغَيِ‌ أَن يَخلُقَ أَضعَافَ مَا خَلَقَ لِأَنّ الأَعوَانَ كُلّمَا كَثُرُوا كَانَ صَاحِبُهُم أَقوَي وَ الحَاجَةُ يَا عِمرَانُ لَا تَسَعُهَا لِأَنّهُ لَم يُحدِث مِنَ الخَلقِ شَيئاً إِلّا حَدَثَت فِيهِ حَاجَةٌ أُخرَي وَ لِذَلِكَ أَقُولُ


صفحه : 49

لَم يَخلُقِ الخَلقَ لِحَاجَةٍ وَ لَكِن نَقّلَ بِالخَلقِ بِالحَوَائِجِ بَعضَهُم إِلَي بَعضٍ وَ فَضّلَ بَعضَهُم عَلَي بَعضٍ بِلَا حَاجَةٍ مِنهُ إِلَي مَن فَضّلَ وَ لَا نَقِمَةٍ مِنهُ عَلَي مَن أَذَلّ فَلِهَذَا خَلَقَ قَالَ عِمرَانُ يَا سيَدّيِ‌ أَ لَا تخُبرِنُيِ‌ عَن حُدُودِ خَلقِهِ كَيفَ هيِ‌َ وَ مَا مَعَانِيهَا وَ عَلَي كَم نَوعٍ تَكُونُ قَالَ قَد سَأَلتَ فَافهَم إِنّ حُدُودَ خَلقِهِ عَلَي سِتّةِ أَنوَاعٍ مَلمُوسٍ وَ مَوزُونٍ وَ مَنظُورٍ إِلَيهِ وَ مَا لَا وَزنَ لَهُ وَ مَا لَا ذَوقَ لَهُ وَ هُوَ الرّوحُ وَ مِنهَا مَنظُورٌ إِلَيهِ وَ لَيسَ لَهُ وَزنٌ وَ لَا لَمسٌ وَ لَا حِسّ وَ لَا لَونٌ وَ التّقدِيرُ وَ الأَعرَاضُ وَ الصّوَرُ وَ الطّولُ وَ العَرضُ وَ مِنهَا العَمَلُ وَ الحَرَكَاتُ التّيِ‌ تَصنَعُ الأَشيَاءَ وَ تَعمَلُهَا وَ تُغَيّرُهَا مِن حَالٍ إِلَي حَالٍ وَ تَزِيدُهَا وَ تَنقُصُهَا وَ أَمّا الأَعمَالُ وَ الحَرَكَاتُ فَإِنّهَا تَنطَلِقُ لِأَنّهُ لَا وَقتَ لَهَا أَكثَرَ مِن قَدرِ مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الشيّ‌ءِ انطَلَقَ بِالحَرَكَةِ وَ بقَيِ‌َ الأَثَرُ وَ يجَريِ‌ مَجرَي الكَلَامِ ألّذِي يَذهَبُ وَ يَبقَي أَثَرُهُ قَالَ لَهُ عِمرَانُ يَا سيَدّيِ‌ أَ لَا تخُبرِنُيِ‌ عَنِ الخَالِقِ إِذَا كَانَ وَاحِداً لَا شَيءَ غَيرُهُ وَ لَا شَيءَ مَعَهُ أَ لَيسَ قَد تَغَيّرَ بِخَلقِهِ الخَلقَ قَالَ لَهُ الرّضَا ع لَم يَتَغَيّر عَزّ وَ جَلّ بِخَلقِ الخَلقِ وَ لَكِنّ الخَلقَ يَتَغَيّرُ بِتَغيِيرِهِ قَالَ عِمرَانُ يَا سيَدّيِ‌ أَ لَا تخُبرِنُيِ‌ عَنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ هَل يُوَحّدُ بِحَقِيقَةٍ أَو يُوَحّدُ بِوَصفٍ قَالَ ع إِنّ اللّهَ المَبدَأَ[المبُد‌ِئَ]الوَاحِدَ الكَائِنَ الأَوّلَ لَم يَزَل وَاحِداً لَا شَيءَ مَعَهُ فَرداً لَا ثاَنيِ‌َ مَعَهُ لَا مَعلُوماً وَ لَا مَجهُولًا وَ لَا مُحكَماً وَ لَا مُتَشَابِهاً وَ لَا


صفحه : 50

مَذكُوراً وَ لَا مَنسِيّاً وَ لَا شَيئاً يَقَعُ عَلَيهِ اسمُ شَيءٍ مِنَ الأَشيَاءِ وَ لَا مِن وَقتٍ كَانَ وَ لَا إِلَي وَقتٍ يَكُونُ وَ لَا بشِيَ‌ءٍ قَامَ وَ لَا إِلَي شَيءٍ يَقُومُ وَ لَا إِلَي شَيءٍ استَنَدَ وَ لَا فِي شَيءٍ استَكَنّ وَ ذَلِكَ كُلّهُ قَبلَ الخَلقِ إِذ لَا شَيءَ غَيرُهُ وَ مَا أَوقَعَت عَلَيهِ مِنَ الكُلّ فهَيِ‌َ صِفَاتٌ مُحدَثَةٌ وَ تَرجَمَةٌ يَفهَمُ بِهَا مَن فَهِمَ وَ اعلَم أَنّ الإِبدَاعَ وَ المَشِيّةَ وَ الإِرَادَةَ مَعنَاهَا وَاحِدٌ وَ أَسمَاؤُهَا ثَلَاثَةٌ وَ كَانَ أَوّلُ إِبدَاعِهِ وَ إِرَادَتِهِ وَ مَشِيّتِهِ الحُرُوفَ التّيِ‌ جَعَلَهَا أَصلًا لِكُلّ شَيءٍ وَ دَلِيلًا عَلَي كُلّ مُدرَكٍ وَ فَاصِلًا لِكُلّ مُشكِلٍ وَ بِتِلكَ الحُرُوفِ تَفرِيقُ كُلّ شَيءٍ مِنِ اسمِ حَقّ أَو بَاطِلٍ أَو فِعلٍ أَو مَفعُولٍ أَو مَعنًي أَو غَيرِ مَعنًي وَ عَلَيهَا اجتَمَعَتِ الأُمُورُ كُلّهَا وَ لَم يَجعَل لِلحُرُوفِ فِي إِبدَاعِهِ لَهَا مَعنًي أَو غَيرَ مَعنًي وَ عَلَيهَا اجتَمَعَتِ الأُمُورُ كُلّهَا وَ لَم يَجعَل لِلحُرُوفِ فِي إِبدَاعِهِ لَهَا مَعنًي غَيرَ أَنفُسِهَا بِتَنَاهٍ وَ لَا وُجُودَ لَهَا لِأَنّهَا مُبدَعَةٌ بِالإِبدَاعِ وَ النّورُ فِي هَذَا الوَضعِ أَوّلُ فِعلِ اللّهِ ألّذِي هُوَنُورُ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ الحُرُوفُ هيِ‌َ المَفعُولُ بِذَلِكَ الفِعلِ وَ هيِ‌َ الحُرُوفُ التّيِ‌ عَلَيهَا الكَلَامُ وَ العِبَارَاتُ كُلّهَا مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ عَلّمَهَا خَلقَهُ وَ هيِ‌َ ثَلَاثَةٌ وَ ثَلَاثُونَ حَرفاً فَمِنهَا ثَمَانِيَةٌ وَ عِشرُونَ حَرفاً تَدُلّ عَلَي اللّغَاتِ العَرَبِيّةِ وَ مِنَ الثّمَانِيَةِ وَ العِشرِينَ اثنَانِ وَ عِشرُونَ حَرفاً تَدُلّ عَلَي اللّغَاتِ السّريَانِيّةِ وَ العِبرَانِيّةِ وَ مِنهَا خَمسَةُ أَحرُفٍ مُتَحَرّفَةٌ فِي سَائِرِ اللّغَاتِ مِنَ العَجَمِ لِأَقَالِيمِ اللّغَاتِ كُلّهَا وَ هيِ‌َ خَمسَةُ أَحرُفٍ تَحَرّفَت مِنَ الثّمَانِيَةِ وَ العِشرِينَ الحُرُوفِ مِنَ اللّغَاتِ فَصَارَتِ الحُرُوفُ ثَلَاثَةً وَ ثَلَاثِينَ حَرفاً فَأَمّا الخَمسَةُ المُختَلِفَةُ فَبِحُجَجٍ لَا يَجُوزُ ذِكرُهَا أَكثَرَ مِمّا ذَكَرنَاهُ ثُمّ جَعَلَ الحُرُوفَ


صفحه : 51

بَعدَ إِحصَائِهَا وَ إِحكَامِ عِدّتِهَا فِعلًا مِنهُ كَقَولِهِ عَزّ وَ جَلّكُن فَيَكُونُ وَ كُن مِنهُ صُنعٌ وَ مَا يَكُونُ بِهِ المَصنُوعُ فَالخَلقُ الأَوّلُ مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ الإِبدَاعُ لَا وَزنَ لَهُ وَ لَا حَرَكَةَ وَ لَا سَمعَ وَ لَا لَونَ وَ لَا حِسّ وَ الخَلقُ الثاّنيِ‌ الحُرُوفُ لَا وَزنَ لَهَا وَ لَا لَونَ وَ هيِ‌َ مَسمُوعَةٌ مَوصُوفَةٌ غَيرُ مَنظُورٍ إِلَيهَا وَ الخَلقُ الثّالِثُ مَا كَانَ مِنَ الأَنوَاعِ كُلّهَا مَحسُوساً مَلمُوساً ذَا ذَوقٍ مَنظُوراً إِلَيهِ وَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي سَابِقٌ لِلإِبدَاعِ لِأَنّهُ لَيسَ قَبلَهُ عَزّ وَ جَلّ شَيءٌ وَ لَا كَانَ مَعَهُ شَيءٌ وَ الإِبدَاعُ سَابِقٌ لِلحُرُوفِ وَ الحُرُوفُ لَا تَدُلّ عَلَي غَيرِ أَنفُسِهَا قَالَ المَأمُونُ وَ كَيفَ لَا تَدُلّ عَلَي غَيرِ أَنفُسِهَا قَالَ الرّضَا ع لِأَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَا يَجمَعُ مِنهَا شَيئاً لِغَيرِ مَعنًي أَبَداً فَإِذَا أَلّفَ مِنهَا أَحرُفاً أَربَعَةً أَو خَمسَةً أَو سِتّةً أَو أَكثَرَ مِن ذَلِكَ أَو أَقَلّ لَم يُؤَلّفهَا لِغَيرِ مَعنًي وَ لَم يَكُ إِلّا لِمَعنًي مُحدَثٍ لَم يَكُن قَبلَ ذَلِكَ شَيئاً قَالَ عِمرَانُ فَكَيفَ لَنَا مَعرِفَةُ ذَلِكَ قَالَ الرّضَا ع أَمّا المَعرِفَةُ فَوَجهُ ذَلِكَ وَ بَيَانُهُ أَنّكَ تَذكُرُ الحُرُوفَ إِذَا لَم تُرِد بِهَا غَيرَ نَفسِهَا ذَكَرتَهَا فَرداً فَقُلتَ أب ت ث ج ح خ حَتّي تأَتيِ‌َ عَلَي آخِرِهَا فَلَم تَجِد لَهَا مَعنًي غَيرَ أَنفُسِهَا فَإِذَا أَلّفتَهَا وَ جَمَعتَ مِنهَا أَحرُفاً وَ جَعَلتَهَا اسماً وَ صِفَةً لِمَعنَي مَا طَلَبتَ وَ وَجهِ مَا عَنَيتَ كَانَت دَلِيلَةً عَلَي مَعَانِيهَا دَاعِيَةً إِلَي المَوصُوفِ بِهَا أَ فَهِمتَهُ قَالَ نَعَم ثُمّ قَالَ يَا سيَدّيِ‌ أَ لَا تخُبرِنُيِ‌ عَنِ الإِبدَاعِ أَ خَلقٌ هُوَ أَم غَيرُ خَلقٍ قَالَ الرّضَا ع بَل خَلقٌ سَاكِنٌ لَا يُدرَكُ بِالسّكُونِ وَ إِنّمَا صَارَ خَلقاً لِأَنّهُ شَيءٌ مُحدَثٌ وَ اللّهُ ألّذِي أَحدَثَهُ فَصَارَ


صفحه : 52

خَلقاً لَهُ وَ إِنّمَا هُوَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَ خَلقُهُ لَا ثَالِثَ بَينَهُمَا وَ لَا ثَالِثَ غَيرُهُمَا فَمَا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَم يَعدُ أَن يَكُونَ خَلقَهُ وَ قَد يَكُونُ الخَلقُ سَاكِناً وَ مُتَحَرّكاً وَ مُختَلِفاً وَ مُؤتَلِفاً وَ مَعلُوماً وَ مُتَشَابِهاً وَ كُلّ مَا وَقَعَ عَلَيهِ حَدّ فَهُوَ خَلقُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ اعلَم أَنّ كُلّ مَا أَوجَدَتكَ الحَوَاسّ فَهُوَ مَعنًي مُدرَكٌ لِلحَوَاسّ وَ كُلّ حَاسّةٍ تَدُلّ عَلَي مَا جَعَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهَا فِي إِدرَاكِهَا وَ الفَهمَ مِنَ القَلبِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ كُلّهِ وَ اعلَم أَنّ الوَاحِدَ ألّذِي هُوَ قَائِمٌ بِغَيرِ تَقدِيرٍ وَ لَا تَحدِيدٍ خَلَقَ خَلقاً مُقَدّراً بِتَحدِيدٍ وَ تَقدِيرٍ وَ كَانَ ألّذِي خَلَقَ خَلقَينِ اثنَينِ التّقدِيرَ وَ المُقَدّرَ وَ لَيسَ فِي وَاحِدٍ مِنهُمَا لَونٌ وَ لَا وَزنٌ وَ لَا ذَوقٌ فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا يُدرَكُ بِالآخَرِ وَ جَعَلَهُمَا مُدرَكَينِ بِنَفسِهِمَا وَ لَم يَخلُق شَيئاً فَرداً قَائِماً بِنَفسِهِ دُونَ غَيرِهِ للِذّيِ‌ أَرَادَ مِنَ الدّلَالَةِ عَلَي نَفسِهِ وَ إِثبَاتِ وُجُودِهِ فَاللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فَردٌ وَاحِدٌ لَا ثاَنيِ‌َ مَعَهُ يُقِيمُهُ وَ لَا يَعضُدُهُ وَ لَا يَكُنّهُ وَ الخَلقُ يُمسِكُ بَعضُهُ بَعضاً بِإِذنِ اللّهِ وَ مَشِيّتِهِ وَ إِنّمَا اختَلَفَ النّاسُ فِي هَذَا البَابِ حَتّي تَاهُوا وَ تَحَيّرُوا وَ طَلَبُوا الخَلَاصَ مِنَ الظّلمَةِ بِالظّلمَةِ فِي وَصفِهِمُ اللّهَ بِصِفَةِ أَنفُسِهِم فَازدَادُوا مِنَ الحَقّ بُعداً وَ لَو وَصَفُوا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ بِصِفَاتِهِ وَ وَصَفُوا المَخلُوقِينَ بِصِفَاتِهِم لَقَالُوا بِالفَهمِ وَ اليَقِينِ وَ لَمَا اختَلَفُوا فَلَمّا طَلَبُوا مِن ذَلِكَ مَا تَحَيّرُوا فِيهِ ارتَبَكُواوَ اللّهُ يهَديِ‌ مَن يَشاءُ إِلي صِراطٍ مُستَقِيمٍتَمَامَ الخَبَرِ

بيان لا في شيءأقامه أي في مادة قديمة كمازعمته الفلاسفة ومثله


صفحه : 53

له أي مثل أولا ذلك الشي‌ء للشي‌ء الكائن ثم خلق الكائن علي حذوه كما هوشأن المخلوقين ويحتمل أن يكون ضمير له راجعا إلي الصانع تعالي والحاجة ياعمران لايسعها أي لايسع خلق الحاجة و لايدفعها لأن كل من خلق لو كان علي وجه الاحتجاج لكان يحتاج لحفظه وتربيته ورزقه ودفع الشرور عنه إلي أضعافه وهكذا علي ستة أنواع لعل الأول ما يكون ملموسا وموزونا ومنظورا إليه . والثاني‌ ما لاتكون له تلك الأوصاف كالروح وإنما عبر عنه بما لاذوق له اكتفاء ببعض صفاته و في بعض النسخ و ما لالون له و هوالروح و هوأظهر للمقابلة. والثالث ما يكون منظورا إليه و لا يكون ملموسا و لامحسوسا و لاموزونا و لالون له كالهواء والسماء فالمراد بكونه منظورا إليه أنه يظهر للنظر بآثاره و قديري و لالون له بالذات أويراد به الجن والملك وأشباههما والظاهر أن قوله و لالون زيد من النساخ . والرابع التقدير ويدخل فيه الصور والطول والعرض . والخامس الأعراض القارة المدركة بالحواس كاللون والضوء و هو ألذي عبر عنه بالأعراض . والسادس الأعراض غيرالقارة كالأعمال والحركات التي‌ تذهب هي‌ وتبقي آثارها ويمكن تصوير التقسيم بوجوه أخر تركناها لمن تفكر فيه .هل يوحد بحقيقة بالحاء المهملة المشددة أي هل يتأتي توحيده مع تعقل كنه حقيقته أوإنما يوحد مع تعقله بوجه من وجوهه وصفة من صفاته و في بعض النسخ بالجيم من الوجدان أي يعرف و هوأظهر فأجاب ع بأنه سبحانه يعرف بالوجوه التي‌ هي‌ محدثة في أذهاننا وهي‌ مغايرة لحقيقته تعالي و ماذكره أولا لبيان أنه قديم أزلي‌ والقديم يخالف المحدثات في الحقيقة و كل شيءغيره فهو حادث و قوله ع لامعلوما تفصيل وتعميم للثاني‌ أي ليس معه غيره لامعلوم و لامجهول والمراد بالمحكم مايعلم حقيقته وبالمتشابه ضده ويحتمل أن يكون إشارة إلي نفي‌ قول من قال بقدم القرآن فإن المحكم والمتشابه


صفحه : 54

يطلق علي آياته و لم يجعل للحروف في إبداعه لها معني أي إنما خلق الحروف المفردة التي‌ ليس لها موضوع غيرأنفسها و لم يجعل لها وضعا و لامعني ينتهي‌ إليه ويوجد ويعرف بذلك الحرف ويحتمل أن يكون المراد بالمعني الصفة أي أول ماخلقها كان غيرموصوف بمعني وصفة ينتهي‌ إليها ويوجد لأنها كانت مبدعة بمحض الإبداع و لم يكن هناك شيء غيرالإبداع والحروف حتي يكون معني للحروف أوصفة لها والمراد بالنور الوجود إذ به تظهر الأشياء كماتظهر الموجودات للحس بالنور والإبداع هوالإيجاد وبالإيجاد تصير الأشياء موجودة فالإبداع هوالتأثير والحروف هي‌ الأثر موجودة بالتأثير وبعبارة أخري الحروف محل التأثير وعبر عنه بالمفعول والفعل والأثر هوالوجود.فأما الخمسة المختلفة فبحجج كذا في أكثر النسخ أي إنما حدثت بأسباب وعلل من انحراف لهجات الخلق واختلاف منطقهم لاينبغي‌ ذكرها و في بعضها فبحح بالحاءين من البحة وهي‌ الغلظة في الصوت والأظهر أنه ع ذكر تلك الحروف فاشتبه علي الرواة وصحفوها فالخمسة الگاف في قولهم بگو أي تكلم والچيم المنقوطة بثلاث نقاط كما في قولهم چه ميگوئي وال[9F]اء في قولهم [9F]اله والپاء في قولهم پياده وپياله والتاء في الهندية ثم ركب الحروف وأوجد الأشياء وجعلها فعلا منه كما قال إِنّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُفكن صنع وإيجاد للأشياء و مايوجد به هوالمصنوع فأول صادر عنه تعالي هوالإيجاد و هومعني لاوزن له و لاحركة و ليس بمسموع و لاملون و لامحسوس والخلق الثاني‌ يعني‌ الحروف غيرموزون و لاملون لكنها مسموعة موصوفة و لايمكن إبصارها والخلق الثالث و هو ماوجد بهذه الحروف من السماوات والأرضين وغيرهما هي‌ محسوسة ملموسة مذوقة مبصرة فالله مقدم بوجوده


صفحه : 55

علي الإبداع ألذي هوالخلق الأول لأنه ليس شيءقبله حتي يسبقه أيضا إبداع و لا كان شيءدائما معه والإبداع متقدم علي الحروف لوجودها به ومعني كون الحروف غيردالة علي معني غيرنفسها هو أن الحروف المفردة إنما وضعت للتركيب و ليس لها معني تدل عليه إلا بعدالتركيب قوله ع بل خلق ساكن أي نسبة وإضافة بين العلة والمعلول فكأنه ساكن فيهما أوعرض قائم بمحل لايمكنه مفارقته و قوله لايدركه بالسكون أي أمر إضافي‌ اعتباري‌ ينتزعه العقل و لايشار إليه في الخارج و لايدرك بالحواس و إن كان مايتعلق به من المحسوسات وإنما قلنا إنه خلق لأن هذه النسبة والتأثير غيره تعالي و هومحدث و لايمكن نفي‌ الوجود عنه رأسا لأنه شيءحادث بعد أن لم يكن فله خروج عن كتم العدم ودخول في نحو من أنحاء الوجود و كل محدث معلول فلايتوهم أنه خلق يحتاج إلي تأثير آخر وهكذا حتي يلزم التسلسل بل ليس في الحقيقة إلاالرب ومخلوقه ألذي أوجده والإيجاد معني صار سببا لوجود المعلول بتأثيره تعالي فكل شيءخلقه الله لم يعد و لم يتجاوز أن يصدق عليه إن الله خلقه فهذا هومعني الإبداع لا غير و هذاالمعني يقع عليه حد و كل مايقع عليه حد فهو خلق الله أويقال أشار بقوله و الله ألذي أحدثه إلي رفع توهم أنه مع كونه موجودا حادثا لايجوز أن يستند إليه تعالي لأنه حينئذ يجب أن يتعلق به إبداع آخر وهكذا إلي غيرنهاية واستناد كل من هذه السلسلة موقوف علي استناد سابقة فلايحصل إلا بعدتحقق الأمور الغير المتناهية و هومحال فكذا الموقوف عليه فأثبت ع أولا استناده إليه تعالي من جهة أن الحادث بتبعية حادث آخر في مرتبته من محدث لايتصور أن يكون مستندا إلي غيره ثم أيده ثانيا بنفي‌ ثالث بينهما صالح لأن يستند إليه كما هوالمفروض ثم أكده ثالثا بنفي‌ ثالث صالح لذلك مطلقا بناء علي أن الكلام في مطلق الإبداع و من أفراده الإبداع الأول ألذي لايتصور تقدم شيء عليه سوي الله تعالي فسائر


صفحه : 56

أفراده كذلك لعدم الفرق ضرورة ثم أوثقه رابعا بدفع توهم بعيد هو أن يكون مستندا إليه و لا يكون مخلوقا له بالإشارة إلي أن الاستناد و كل مايعبر به عن هذاالمعني يرجع إلي معني الخلق فلايمكن أن يكون خلقه فتجاوز عن كونه مخلوقا له ثم أحكمه خامسا بدفع شبهة لزوم التسلسل بالفرق بين حقائق الموجودات وتفاوت مراتبها في المقتضيات وعدم جواز قياس بعضها علي بعض في جميع الحالات ليسهل به التصديق بجواز أن يكون حكم الموجودات الرابطية مخالفا لحكم الموجودات الحقيقية فلايلزم من ثبوت إبداع لها ثبوته للرابطية أيضا كمااشتهر أن الإرادة ليس لها إرادة أخري فلايلزم التسلسل ويمكن أن يحمل علي الإشارة إلي دفع مثل هذاالتسلسل باعتبار الفرق المذكور مَا روُيِ‌َ فِي الكاَفيِ‌ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ خَلَقَ اللّهُ المَشِيّةَ بِنَفسِهَا ثُمّ خَلَقَ الأَشيَاءَ بِالمَشِيّةِ

ثم أفاد ع سادسا ضابطة وعلامة لمعرفة خلقه تعالي تتميما للمقصود وتأكيدا لصحته بأن كل مالوجوده حد لم يكن قبله موجودا فلابد له من أن يكون مخلوقا له تعالي لثبوت الإمكان ولزوم الاحتياج . قوله ع و كان ألذي خلق خلقين اثنين لعله إشارة إلي الخلق الأول وهي‌ الحروف ففي‌ خلقتها يخلق شيئان حرف وتحديد وتقدير قائم به و ليس شيء من الحروف والعرض القائم به ذا لون ووزن وذوق وجعل أحدهما يدرك بالآخر أي الحروف تعرف بالحدود القائمة بهافيعرف بأنه شيءمحدود والمعني أنه لو لم يكن محدودا لم يكن مدركا بالحواس وجعل الحرف وحده كليهما مدركين بنفسهما لابآثارهما فإن الأمور المحسوسة إنما تدرك بأنفسها لابآثارها و لم يخلق شيئا فردا عن الحدود والتقديرات قائما بنفسه دون غيره أي من غير أن يخلق معه غيره كالحدود لأنه أراد أن يكون حروفا وأصواتا دالة علي نفسه وإثبات وجوده و ما يكون دالا علي المعاني‌ هاديا للناس إلي المعرفة لا يكون


صفحه : 57

إلامحسوسا و كل محسوس يكون محدودا والمعني أنه أراد أن يكون محدودا ليدل بكونه علي هذه الحالة علي إمكانه وافتقاره إلي الصانع فيكون بوجوده بنفسه دالا علي الصانع لاباعتبار مدلوله ويحتمل أن يكون المراد بالتقدير أولا الإبداع أيضا والمحدث إنما يدرك ويظهر بالإبداع و في كل خلق يحدث شيئان مبدع وإبداع متعلق به لكن في تطبيق مابعده عليه يحتاج إلي نوع عناية تظهر بالتأمل الصادق و قدسبق الخبر بتمامه مع شرحه في المجلد الرابع وإنما أوردنا هنا مايناسب المقام

28- العُيُونُ، وَ التّوحِيدُ،بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدٍ النوّفلَيِ‌ّ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ يَذكُرُ فِيهِ مُنَاظَرَةَ الرّضَا ع مَعَ سُلَيمَانَ المرَوزَيِ‌ّ قَالَ سُلَيمَانُ فَإِنّهُ لَم يَزَل مُرِيداً قَالَ ع يَا سُلَيمَانُ فَإِرَادَتُهُ غَيرُهُ قَالَ نَعَم قَالَ فَقَد أَثبَتّ مَعَهُ شَيئاً غَيرَهُ لَم يَزَل قَالَ سُلَيمَانُ مَا أَثبَتّ فَقَالَ ع هيِ‌َ مُحدَثَةٌ يَا سُلَيمَانُ فَإِنّ الشيّ‌ءَ إِذَا لَم يَكُن أَزَلِيّاً كَانَ مُحدَثاً وَ إِذَا لَم يَكُن مُحدَثاً كَانَ أَزَلِيّاً وَ جَرَي المُنَاظَرَةُ إِلَي أَن قَالَ ع أَ لَا تخُبرِنُيِ‌ عَنِ الإِرَادَةِ فِعلٌ هيِ‌َ أَم غَيرُ فِعلٍ قَالَ بَل هيِ‌َ فِعلٌ قَالَ فهَيِ‌َ مُحدَثَةٌ لِأَنّ الفِعلَ كُلّهُ مُحدَثٌ قَالَ لَيسَت بِفِعلٍ قَالَ فَمَعَهُ غَيرُهُ لَم يَزَل قَالَ سُلَيمَانُ إِنّهَا مَصنُوعَةٌ قَالَ فهَيِ‌َ مُحدَثَةٌ وَ سَاقَ الكَلَامَ إِلَي أَن قَالَ قَالَ سُلَيمَانُ إِنّمَا عَنَيتُ أَنّهَا فِعلٌ مِنَ اللّهِ لَم يَزَل قَالَ ع أَ لَا تَعلَمُ أَنّ مَا لَم يَزَل لَا يَكُونُ مَفعُولًا وَ قَدِيماً حَدِيثاً فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَم يُحِر جَوَاباً ثُمّ أَعَادَ الكَلَامَ إِلَي أَن قَالَ ع إِنّ مَا لَم يَزَل لَا يَكُونُ مَفعُولًا قَالَ سُلَيمَانُ لَيسَ الأَشيَاءُ إِرَادَةً وَ لَم يُرِد شَيئاً قَالَ ع وُسوِستَ يَا سُلَيمَانُ فَقَد فَعَلَ وَ خَلَقَ مَا لَم يُرِد خَلقَهُ وَ فِعلَهُ وَ هَذِهِ صِفَةُ مَا لَا يدَريِ‌ مَا فَعَلَ تَعَالَي اللّهُ عَن ذَلِكَ ثُمّ أَعَادَ الكَلَامَ إِلَي أَن قَالَ ع فَالإِرَادَةُ مُحدَثَةٌ وَ إِلّا فَمَعَهُ غَيرُهُ

الإحتجاج ،مرسلامثله


صفحه : 58

حكم ع في هذاالخبر مرارا بأنه لا يكون قديم سوي الله و أنه لايعقل التأثير بالإرادة والاختيار في شيء لم يزل معه

29- العُيُونُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ الهاَشمِيِ‌ّ عَن فُرَاتِ بنِ اِبرَاهِيمَ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ عَلِيّ الهمَداَنيِ‌ّ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَبدِ اللّهِ البخُاَريِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن عَبدِ السّلَامِ بنِ صَالِحٍ الهرَوَيِ‌ّ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَروَاحُنَا فَأَنطَقَهَا بِتَوحِيدِهِ وَ تَحمِيدِهِ ثُمّ خَلَقَ المَلَائِكَةَ الخَبَرَ

30-الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ


صفحه : 59

قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ اللّهَ خَلَقَ الخَيرَ يَومَ الأَحَدِ وَ مَا كَانَ لِيَخلُقَ الشّرّ قَبلَ الخَيرِ وَ فِي يَومِ الأَحَدِ وَ الإِثنَينِ خَلَقَ الأَرَضِينَ وَ خَلَقَ أَقوَاتَهَا فِي يَومِ الثّلَاثَاءِ وَ خَلَقَ السّمَاوَاتِ فِي يَومِ الأَربِعَاءِ وَ يَومِ الخَمِيسِ وَ خَلَقَ أَقوَاتَهَا يَومَ الجُمُعَةِ وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ ما بَينَهُما فِي سِتّةِ أَيّامٍ

العيَاّشيِ‌ّ، عَنِ ابنِ سِنَانٍ مِثلَهُ إِلّا أَنّ فِيهِ وَ خَلَقَ يَومَ الأَربِعَاءِ السّمَاوَاتِ وَ خَلَقَ يَومَ الخَمِيسِ أَقوَاتَهَا وَ الجُمُعَةِ وَ ذَلِكَ قَولُهُخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍفَلِذَلِكَ أَمسَكَتِ اليَهُودُ يَومَ السّبتِ

بيان و ما كان ليخلق الشر قبل الخير لعل الغرض أنه سبحانه ابتدأ خلق الجميع يوم الأحد إذ خيريته تعالي تقتضي‌ أن لايقدم خلق الشر علي خلق الخير وابتداء خلق الخير كان يوم الأحد فلم يخلق قبله شيءأصلا ثم اعلم أن مدلول هذاالخبر ينافي‌ مامر من الآيات الكريمة وظواهرها من جهتين الأولي أن ظاهر الآية أن خلق أقوات الأرض وتقديرها كان في يومين والخبر يدل علي أنه خلق أقوات الأرض في يوم وأقوات السماء في يوم والثانية أن ظاهر الآية تقدم يومي‌ خلق الأقوات علي يومي‌ خلق السماوات والخبر يدل علي تأخر أحد يومي‌ خلق الأقوات عنهما ويمكن أن يجاب عن الأولي بأن المراد بخلق أقوات السماء خلق أسباب أقوات أهل الأرض الكائنة في السماء من المطر والثلج والألواح التي‌ يقدر فيهاالأقوات والملائكة الموكلين بها ويؤيده أن ليس لأهل السماء قوت وطعام وشراب ففي‌ يوم واحد قدر الأسباب الأرضية لأقوات أهل الأرض و في يوم آخر قدر الأسباب السماوية لها و في الآية نسبهما إلي الأرض لكونهما


صفحه : 60

لأهلها و في الخبر فصل ذلك لبيان اختلاف موضع التقديرين و عن الثانية بنحو مما ذكره البيضاوي‌ بأن لاتكون لفظة ثم للترتيب والتراخي‌ في المدة. و من غرائب ماسنح لي أني‌ لماكتبت شرح هذاالخبر اضطجعت فرأيت فيما يري النائم إني‌ أتفكر في هذه الآية فخطر ببالي‌ في تلك الحالة أنه يحتمل أن يكون المراد بأربعة أيام تمامها لاتتمتها و يكون خلق السماوات أيضا من جملة تقدير أرزاق أهل الأرض فإنها من جملة الأسباب ومحال بعض الأسباب كالملائكة العاملة والألواح المنقوشة والشمس والقمر والنجوم المؤثرة بكيفياتها كالحرارة والبرودة في الثمار والنباتات وتكون لفظة ثم في قوله تعالي ثُمّ استَويللترتيب في الأخبار لتفصيل ذلك الإجمال بأن يومين من تلك الأربعة كانا مصروفين في خلق السماوات والآخرين في خلق سائر الأسباب و لو لا أنه سنح لي في هذه الحال لم أجسر علي إثبات هذاالاحتمال و إن لم يقصر عما ذكره المفسرون و به يندفع الإشكالان و أمارواية العياشي‌ فالظاهر أن فيهاتصحيفا وتحريفا و لاتستقيم علي وجه

31-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ،قُللَهُم يَا مُحَمّدُأَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ وَ مَعنَي يَومَينِ أَي وَقتَينِ ابتِدَاءُ الخَلقِ وَ انقِضَاؤُهُوَ جَعَلَ فِيها روَاسيِ‌َ مِن فَوقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها أَي لَا تَزُولُ وَ تَبقَيفِي أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَيعَنيِ‌ فِي أَربَعَةِ أَوقَاتٍ وَ هيِ‌َ التّيِ‌ يُخرِجُ اللّهُ فِيهَا أَقوَاتَ العَالَمِ مِنَ النّاسِ وَ البَهَائِمِ وَ الطّيرِ وَ حَشَرَاتِ الأَرضِ وَ مَا فِي البَرّ وَ البَحرِ مِنَ الخَلقِ وَ الثّمَارِ وَ النّبَاتِ وَ الشّجَرِ وَ مَا يَكُونُ فِيهِ مَعَايِشُ الحَيَوَانِ كُلّهِ وَ هُوَ الرّبِيعُ وَ الصّيفُ وَ الخَرِيفُ وَ الشّتَاءُ ففَيِ‌ الشّتَاءِ يُرسِلُ اللّهُ الرّيَاحَ وَ الأَمطَارَ وَ الأَندَاءَ وَ الطّلُولَ مِنَ السّمَاءِ فَيُلقِحُ الشّجَرَ وَ يسَقيِ‌ الأَرضَ وَ الشّجَرَ وَ هُوَ وَقتٌ بَارِدٌ ثُمّ يجَيِ‌ءُ بَعدَهُ الرّبِيعُ وَ هُوَ


صفحه : 61

وَقتٌ مُعتَدِلٌ حَارّ وَ بَارِدٌ فَيُخرِجُ الشّجَرُ ثِمَارَهُ وَ الأَرضُ نَبَاتَهَا فَيَكُونُ أَخضَرَ ضَعِيفاً ثُمّ يجَيِ‌ءُ مِن بَعدِهِ وَقتُ الصّيفِ وَ هُوَ حَارّ فَيَنضَجُ الثّمَارُ وَ يُصلَبُ الحُبُوبُ التّيِ‌ هيِ‌َ أَقوَاتُ العِبَادِ وَ جَمِيعِ الحَيَوَانِ ثُمّ يجَيِ‌ءُ مِن بَعدِهِ وَقتُ الخَرِيفِ فَيُطَيّبُهُ وَ يُبَرّدُهُ وَ لَو كَانَ الوَقتُ كُلّهُ شَيئاً وَاحِداً لَم يَخرُجِ النّبَاتُ مِنَ الأَرضِ لِأَنّهُ لَو كَانَ الوَقتُ كُلّهُ رَبِيعاً لَم تَنضَجِ الثّمَارُ وَ لَم تَبلُغِ الحُبُوبُ وَ لَو كَانَ الوَقتُ كُلّهُ صَيفاً لَاحتَرَقَ كُلّ شَيءٍ فِي الأَرضِ وَ لَم يَكُن لِلحَيَوَانِ مَعَاشٌ وَ لَا قُوتٌ وَ لَو كَانَ الوَقتُ كُلّهُ خَرِيفاً لَم يَتَقَدّمهُ شَيءٌ مِن هَذِهِ الأَوقَاتِ لَم يَكُن شَيءٌ يَتَقَوّتُ بِهِ العَالَمُ فَجَعَلَ اللّهُ هَذِهِ الأَقوَاتَ فِي هَذِهِ الأَربَعَةِ الأَوقَاتِ فِي الشّتَاءِ وَ الرّبِيعِ وَ الصّيفِ وَ الخَرِيفِ وَ قَامَ بِهِ العَالَمُ وَ استَوَي وَ بقَيِ‌َ وَ سَمّي اللّهُ هَذِهِ الأَوقَاتَ أَيّاماًسَواءً لِلسّائِلِينَيعَنيِ‌ المُحتَاجِينَ لِأَنّ كُلّ مُحتَاجٍ سَائِلٌ وَ فِي العَالَمِ مِن خَلقِ اللّهِ مَن لَا يَسأَلُ وَ لَا يَقدِرُ عَلَيهِ مِنَ الحَيَوَانِ كَثِيرٌ فَهُم سَائِلُونَ وَ إِن لَم يَسأَلُوا وَ قَولُهُثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ أَي دَبّرَ وَ خَلَقَ وَ قَد سُئِلَ أَبُو الحَسَنِ الرّضَا ع عَمّن كَلّمَ اللّهَ لَا مِنَ الجِنّ وَ لَا مِنَ الإِنسِ فَقَالَ السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ فِي قَولِهِائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً قالَتا أَتَينا طائِعِينَفَقَضاهُنّ أَي خَلَقَهُنّسَبعَ سَماواتٍ فِي يَومَينِيعَنيِ‌ فِي وَقتَينِ ابتِدَاءً وَ انقِضَاءًوَ أَوحي فِي كُلّ سَماءٍ أَمرَهافَهَذَا وحَي‌ُ تَقدِيرٍ وَ تَدبِيرٍ

بيان هذاالتأويل للآية أقرب مما مر ولعله من بطون الآية و لاينافي‌ ظاهرها قوله أي لاتزول وتبقي أي المراد بالتقدير التقدير الدائمي‌ ويحتمل أن يكون تفسيربارَكَ فِيها قوله و إن لم يسألوا أي هم سائلون بلسان افتقارهم واضطرارهم الرب سبحانه بسمع فيضه وفضله ورحمانيته ولسان الحال أبلغ من لسان المقال


صفحه : 62

32- التّوحِيدُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الدّقّاقِ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ رَفَعَ الحَدِيثَ إِلَي ابنِ أَبِي العَوجَاءِ حِينَ كَلّمَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع عَادَ إِلَيهِ فِي اليَومِ الثاّنيِ‌ ثُمّ فِي اليَومِ الثّالِثِ فَقَالَ مَا الدّلِيلُ عَلَي حُدُوثِ الأَجسَامِ فَقَالَ إنِيّ‌ مَا وَجَدتُ شَيئاً صَغِيراً وَ لَا كَبِيراً إِلّا وَ إِذَا ضُمّ إِلَيهِ مِثلُهُ صَارَ أَكبَرَ وَ فِي ذَلِكَ زَوَالٌ وَ انتِقَالٌ عَنِ الحَالَةِ الأُولَي وَ لَو كَانَ قَدِيماً مَا زَالَ وَ لَا حَالَ لِأَنّ ألّذِي يَزُولُ وَ يَحُولُ يَجُوزُ أَن يُوجَدَ وَ يَبطُلَ فَيَكُونُ بِوُجُودِهِ بَعدَ عَدَمِهِ دُخُولٌ فِي الحَدَثِ وَ فِي كَونِهِ فِي الأَزَلِ دُخُولُهُ فِي القِدَمِ وَ لَن تَجتَمِعَ صِفَةُ الأَزَلِ وَ العَدَمِ فِي شَيءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ عَبدُ الكَرِيمِ هَبكَ عَلِمتُ فِي جرَي‌ِ الحَالَتَينِ وَ الزّمَانَينِ مَا ذَكَرتَ وَ استَدلَلتَ عَلَي حُدُوثِهِا فَلَو بَقِيَتِ الأَشيَاءُ عَلَي صِغَرِهَا مِن أَينَ كَانَ لَكَ أَن تَستَدِلّ عَلَي حَدَثِهَا فَقَالَ العَالِمُ ع إِنّمَا نَتَكَلّمُ عَلَي هَذَا العَالَمِ المَصنُوعِ فَلَو رَفَعنَاهُ وَ وَضَعنَا عَالَماً آخَرَ كَانَ لَا شَيءَ أَدَلّ عَلَي الحَدَثِ مِن رَفعِنَا إِيّاهُ وَ وَضعِنَا غَيرَهُ وَ لَكِن أُجِيبُكَ مِن حَيثُ قَدَرتَ أَن تُلزِمَنَا وَ نَقُولُ إِنّ الأَشيَاءَ لَو دَامَت عَلَي صِغَرِهَا لَكَانَ فِي الوَهمِ أَنّهُ مَتَي مَا ضُمّ شَيءٌ إِلَي مِثلِهِ كَانَ أَكبَرَ وَ فِي جَوَازِ التّغيِيرِ عَلَيهِ خُرُوجُهُ مِنَ القِدَمِ كَمَا أَنّ فِي تَغيِيرِهِ دُخُولُهُ فِي الحَدَثِ لَيسَ لَكَ وَرَاءَهُ شَيءٌ يَا عَبدَ الكَرِيمِ فَانقَطَعَ وَ خزَيِ‌َ

الكافي‌، والإحتجاج ،مرفوعا مثله وَ فِي الإِحتِجَاجِ

وَ لَن تَجتَمِعَ صِفَةُ الحُدُوثِ وَ القِدَمِ فِي شَيءٍ

بيان قدمر الخبر بطوله وشرحه في كتاب التوحيد و فيه إجمال ويحتمل أن يراد فيه بكل من الحدوث والقدم الذاتي‌ أوالزماني‌ فإن كان المراد الأول كان الغرض


صفحه : 63

إثبات أن الأجسام ممكنة الوجود مصنوعة معلولة تحتاج إلي صانع يصنعها ويوجدها و علي الثاني‌ يكون مبنيا علي ماسبق في الأخبار الكثيرة أن كل قديم لا يكون إلاواجبا بالذات والمعلول لا يكون إلاحادثا بالزمان و هوأظهر وهكذا فهمه الصدوق وأورده في باب حدوث العالم وعقبه بالدلائل المشهورة عندالمتكلمين علي الحدوث وقيل حاصل استدلاله ع إما راجع إلي دليل المتكلمين من أن عدم الانفكاك من الحوادث يستلزم الحدوث وإما إلي أنه لايخلو إما أن يكون بعض تلك الأحوال الزائلة المتغيرة قديما أو يكون كلها حوادث وهما محالان أماالأول فلما تقرر عندهم أن ماثبت قدمه امتنع عدمه و أماالثاني‌ فلاستحالة التسلسل في الأمور المتعاقبة والأول أظهر

33- الكاَفيِ‌، عَن أَحمَدَ بنِ مِهرَانَ عَن عَبدِ العَظِيمِ الحسَنَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ عَن خَلَفِ بنِ حَمّادٍ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن مَالِكٍ الجهُنَيِ‌ّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّأَ وَ لَم يَرَ الإِنسانُ أَنّا خَلَقناهُوَ لَم يَكُ شَيئاً قَالَ فَقَالَ لَا مُقَدّراً وَ لَا مُكَوّناً قَالَ وَ سَأَلتُهُ عَن قَولِهِ عَزّ وَ جَلّهَل أَتي عَلَي الإِنسانِ حِينٌ مِنَ الدّهرِ لَم يَكُن شَيئاً مَذكُوراً قَالَ كَانَ مُقَدّراً غَيرَ مَذكُورٍ


صفحه : 64

بيان يدل ظاهرا علي حدوث نوع الإنسان

34- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، سُمّيَت مَكّةُ أُمّ القُرَي لِأَنّهَا أَوّلُ بُقعَةٍ خَلَقَهَا اللّهُ مِنَ الأَرضِ لِقَولِهِإِنّ أَوّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ للَذّيِ‌ بِبَكّةَ مُبارَكاً

35- العِلَلُ، وَ العُيُونُ، سَأَلَ الشاّميِ‌ّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع لِمَ سُمّيَت مَكّةُ أُمّ القُرَي قَالَ ع لِأَنّ الأَرضَ دُحِيَت مِن تَحتِهَا وَ سَأَلَ عَن أَوّلِ بُقعَةٍ بُسِطَت مِنَ الأَرضِ أَيّامَ الطّوفَانِ فَقَالَ لَهُ مَوضِعُ الكَعبَةِ وَ كَانَت زَبَرجَدَةً خَضرَاءَ

بيان لعل المراد بأيام الطوفان أيام تموج الماء واضطرابه قبل خلق الأرض

36- إِرشَادُ القُلُوبِ، سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لِمَ سُمّيَت مَكّةُ قَالَ لِأَنّ اللّهَ مَكّ الأَرضَ مِن تَحتِهَا أَي دَحَاهَا

37- مَجَالِسُ الصّدُوقِ، وَ التّوحِيدُ، وَ كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ، وَ الإِحتِجَاجُ،بِأَسَانِيدِهِم فِي مُنَاظَرَةِ الصّادِقِ ع لِابنِ أَبِي العَوجَاءِ قَالَ ع هَذَا بَيتٌ استَعبَدَ اللّهُ بِهِ خَلقَهُ إِلَي قَولِهِ خَلَقَهُ اللّهُ قَبلَ دَحوِ الأَرضِ بأِلَفيَ‌ عَامٍ

38- العِلَلُ، وَ العُيُونُ، فِي عِلَلِ ابنِ سِنَانٍ عَنِ الرّضَا ع عِلّةُ وَضعِ البَيتِ وَسَطَ الأَرضِ أَنّهُ المَوضِعُ ألّذِي مِن تَحتِهِ دُحِيَتِ الأَرضُ وَ كُلّ رِيحٍ تَهُبّ فِي الدّنيَا فَإِنّهَا تَخرُجُ مِن تَحتِ الرّكنِ الشاّميِ‌ّ وَ هيِ‌َ أَوّلُ بُقعَةٍ وُضِعَت فِي الأَرضِ لِأَنّهَا الوَسَطُ لِيَكُونَ الفَرضُ لِأَهلِ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً

39-العِلَلُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي وَ أَحمَدَ بنِ


صفحه : 65

إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن مَروَانَ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّ خَلقَ البَيتِ قَبلَ الأَرضِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ الأَرضَ مِن بَعدِهِ فَدَحَاهَا مِن تَحتِهِ

الكافي‌، عن محمد بن يحيي عن محمد بن أحمد عن الحسن بن علي عن عدة من أصحابنا عن الثمالي‌ مثله

40- العيَاّشيِ‌ّ، عَنِ الحلَبَيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّهُ وُجِدَ فِي حَجَرٍ مِن حَجَرَاتِ البَيتِ مَكتُوباً إنِيّ‌ أَنَا اللّهُ ذُو بَكّةَ خَلَقتُهَا يَومَ خَلَقتُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ يَومَ خَلَقتُ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ حَفَفتُهُمَا بِسَبعَةِ أَملَاكٍ حَفِيفاً

41- الكاَفيِ‌، عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي وَ مُحَمّدِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَن عَلِيّ بنِ الحَدِيدِ عَن مُرَازِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَا مُحَمّدُ إنِيّ‌ خَلَقتُكَ وَ عَلِيّاً نُوراً يعَنيِ‌ رُوحاً بِلَا بَدَنٍ قَبلَ أَن أَخلُقَ سمَاَواَتيِ‌ وَ أرَضيِ‌ وَ عرَشيِ‌ وَ بحَريِ‌ الخَبَرَ

42- وَ عَنهُ عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ قَالَكُنتُ عِندَ أَبِي جَعفَرٍ الثاّنيِ‌ ع فَأَجرَيتُ اختِلَافَ الشّيعَةِ فَقَالَ


صفحه : 66

يَا مُحَمّدُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَم يَزَل مُتَفَرّداً بِوَحدَانِيّتِهِ ثُمّ خَلَقَ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم أَجمَعِينَ فَمَكَثُوا أَلفَ دَهرٍ ثُمّ خَلَقَ جَمِيعَ الأَشيَاءِ فَأَشهَدَهُم خَلقَهَا وَ أَجرَي طَاعَتَهُم عَلَيهَا الحَدِيثَ

بيان لم يزل متفردا بوحدانيته أي متفردا بأنه متوحد لا شيءمعه أوالباء للسببية أي متفردا بسبب أنه كان واحدا من جميع الوجوه و ما كان كذلك فهو واجب بالذات فيجوز عليه القدم بخلاف غيره فإن القدم ينافي‌ التكثر والإمكان ألذي هولازمه فأشهدهم خلقها أي كانوا حاضرين عندخلقها عالمين بكيفيته ولذا قال تعالي في شأن إبليس وذريته وأتباعه ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ لا خَلقَ أَنفُسِهِم بعد قوله أَ فَتَتّخِذُونَهُ وَ ذُرّيّتَهُ أَولِياءَ مِن دوُنيِ‌إشارة إلي أن المستحق للولاية والمتابعة من كان شاهدا خلق الأشياء عالما بحقائقها وكيفياتها وصفاتها والغيوب الكامنة فيها والمستنبطة منها

43-التّوحِيدُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الدّقّاقِ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الأسَدَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ البرَمكَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ عَن أَبِي سُمَينَةَ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ أَبَانٍ عَن زَيدِ بنِ جُبَيرٍ عَن جَابِرٍ الجعُفيِ‌ّ قَالَجَاءَ رَجُلٌ مِن عُلَمَاءِ أَهلِ الشّامِ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ ع فَقَالَ جِئتُ أَسأَلُكَ عَن مَسأَلَةٍ لَم أَجِد أَحَداً يُفَسّرُهَا لِي وَ قَد سَأَلتُ ثَلَاثَةَ أَصنَافٍ مِنَ النّاسِ فَقَالَ كُلّ صِنفٍ غَيرَ مَا قَالَ الآخَرُ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع وَ مَا ذَلِكَ فَقَالَ أَسأَلُكَ مَا أَوّلُ مَا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن خَلقِهِ فَإِنّ بَعضَ مَن سَأَلتُهُ قَالَ القُدرَةُ وَ قَالَ بَعضُهُمُ العِلمُ وَ قَالَ بَعضُهُمُ الرّوحُ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع مَا قَالُوا شَيئاً أُخبِرُكَ أَنّ اللّهَ عَلَا ذِكرُهُ كَانَ وَ لَا شَيءَ غَيرُهُ عَزِيزاً وَ لَا


صفحه : 67

عِزّ لِأَنّهُ كَانَ قَبلَ عِزّهِ وَ ذَلِكَ قَولُهُسُبحانَ رَبّكَ رَبّ العِزّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَ كَانَ خَالِقاً وَ لَا مَخلُوقَ فَأَوّلُ شَيءٍ خَلَقَهُ مِن خَلقِهِ الشيّ‌ءُ ألّذِي جَمِيعُ الأَشيَاءِ مِنهُ وَ هُوَ المَاءُ فَقَالَ السّائِلُ فاَلشيّ‌ءَ خَلَقَهُ مِن شَيءٍ أَو مِن لَا شَيءَ فَقَالَ خَلَقَ الشيّ‌ءَ لَا مِن شَيءٍ كَانَ قَبلَهُ وَ لَو خَلَقَ الشيّ‌ءَ مِن شَيءٍ إِذاً لَم يَكُن لَهُ انقِطَاعٌ أَبَداً وَ لَم يَزَلِ اللّهُ إِذاً وَ مَعَهُ شَيءٌ وَ لَكِن كَانَ اللّهُ وَ لَا شَيءَ مَعَهُ فَخَلَقَ الشيّ‌ءَ ألّذِي جَمِيعُ الأَشيَاءِ مِنهُ وَ هُوَ المَاءُ

بيان قوله فإن بعض من سألته قال القدرة لعل هذاالقائل زعم أن صفاته تعالي زائدة علي ذاته مخلوقة له كماذهب إليه جماعة من العامة وسيأتي‌ برواية الكليني‌ القدر فلعله توهم أن تقديره تعالي جوهر أو يكون مراده بالقدرة اللوح ألذي أثبت الله تعالي فيه تقديرات الأمور وكذا القول بأن أول المخلوقات العلم مبني‌ علي القول بمخلوقية الصفات و في الكافي‌ مكانه القلم و هوموافق لبعض ماسيأتي‌ من الأخبار وسنذكر وجه الجمع بينها و بين غيرها قوله ع لأنه كان قبل عزه لعل المراد أنه كان غالبا وعزيزا قبل أن يظهر عزه وغلبته علي الأشياء بخلقها ولذا قال رَبّ العِزّةِإذ فعلية العزة وظهورها مسبب عنه والمعني و لا عزلغيره فالمراد بالعزة في الآية عزة المخلوقات و في الكافي‌ و لاأحد كان قبل عزه و ذلك قوله أي لم يكن أحد قبل عزه يكون عزه به واستدل عليه بقوله رَبّ العِزّةِإذ هويدل علي أنه سبحانه سبب كل


صفحه : 68

عزة فلو كان عزه بغيره كان ذلك الغيررَبّ العِزّةِ و هذاالخبر نص صريح في الحدوث و لايقبل التأويل بوجه

44-الإِحتِجَاجُ، وَ تَفسِيرُ الإِمَامِ أَبِي مُحَمّدٍ العسَكرَيِ‌ّ، عَن آبَائِهِ ع قَالَاحتَجّ رَسُولُ اللّهِص عَلَي الدّهرِيّةِ فَقَالَ مَا ألّذِي دَعَاكُم إِلَي القَولِ بِأَنّ الأَشيَاءَ لَا بَدءَ لَهَا وَ هيِ‌َ دَائِمَةٌ لَم تَزَل وَ لَا تَزَالُ فَقَالُوا لِأَنّا لَا نَحكُمُ إِلّا بِمَا شَاهَدنَا وَ لَم نَجِد لِلأَشيَاءِ حَدَثاً فَحَكَمنَا بِأَنّهَا لَم تَزَل وَ لَم نَجِد لَهَا انقِضَاءً وَ فَنَاءً فَحَكَمنَا بِأَنّهَا لَا تَزَالُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَ فَوَجَدتُم لَهَا قِدَماً أَم وَجَدتُم لَهَا بَقَاءً أَبَداً فَإِن قُلتُم إِنّكُم وَجَدتُم ذَلِكَ أَ نَهَضتُم لِأَنفُسِكُم أَنّكُم لَم تَزَالُوا عَلَي هَيئَتِكُم وَ عُقُولِكُم بِلَا نِهَايَةٍ وَ لَا تَزَالُونَ كَذَلِكَ وَ لَئِن قُلتُم هَذَا دَفَعتُمُ العِيَانَ وَ كَذّبَكُمُ العَالَمُونَ الّذِينَ يُشَاهِدُونَكُم قَالُوا بَل لَم نُشَاهِد لَهَا قِدَماً وَ لَا بَقَاءً أَبَدَ الآبِدِينَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص فَلِمَ صِرتُم بِأَن تَحكُمُوا بِالبَقَاءِ وَ القِدَمِ لِأَنّكُم لَم تُشَاهِدُوا حُدُوثَهَا وَ انقِضَاءَهَا أَولَي مِن تَارِكِ التّمَيّزِ لَهَا مِثلُكُم يَحكُمُ لَهَا بِالحُدُوثِ وَ الِانقِضَاءِ وَ الِانقِطَاعِ لِأَنّهُ لَم يُشَاهِد لَهَا قِدَماً وَ لَا بَقَاءً أَبَدَ الأَبَدِ أَ وَ لَستُم تُشَاهِدُونَ اللّيلَ وَ النّهَارَ وَ أَحَدُهُمَا بَعدَ الآخَرِ فَقَالُوا نَعَم فَقَالَ أَ تَرَونَهُمَا لَم يَزَالَا وَ لَا يَزَالَانِ فَقَالُوا نَعَم فَقَالَ أَ فَيَجُوزُ عِندَكُمُ اجتِمَاعُ اللّيلِ وَ النّهَارِ فَقَالُوا لَا فَقَالَص فَإِذَن يَنقَطِعُ أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ فَيَسبِقُ أَحَدُهُمَا وَ يَكُونُ الثاّنيِ‌ جَارِياً بَعدَهُ قَالُوا كَذَلِكَ هُوَ فَقَالَ قَد حَكَمتُم بِحُدُوثِ مَا تَقَدّمَ مِن لَيلٍ وَ نَهَارٍ وَ لَم تُشَاهِدُوهُمَا فَلَا تُنكِرُوا اللّهَ قَدرَهُ ثُمّ قَالَص أَ تَقُولُونَ مَا قَبلَكُم مِنَ اللّيلِ وَ النّهَارِ مُتَنَاهٍ أَم غَيرُ مُتَنَاهٍ فَإِن قُلتُم إِنّهُ غَيرُ مُتَنَاهٍ فَقَد وَصَلَ إِلَيكُم آخِرٌ بِلَا نِهَايَةٍ لِأَوّلِهِ وَ إِن قُلتُم إِنّهُ مُتَنَاهٍ فَقَد كَانَ وَ لَا شَيءَ مِنهُمَا قَالُوا


صفحه : 69

نَعَم قَالَ لَهُم أَ قُلتُم إِنّ العَالَمَ قَدِيمٌ لَيسَ بِمُحدَثٍ وَ أَنتُم عَارِفُونَ بِمَعنَي مَا أَقرَرتُم بِهِ وَ بِمَعنَي مَا جَحَدتُمُوهُ قَالُوا نَعَم قَالَ رَسُولُ اللّهِص فَهَذَا ألّذِي نُشَاهِدُهُ مِنَ الأَشيَاءِ بَعضُهَا إِلَي بَعضٍ يَفتَقِرُ لِأَنّهُ لَا قِوَامَ لِلبَعضِ إِلّا بِمَا يَتّصِلُ إِلَيهِ كَمَا تَرَي البِنَاءَ مُحتَاجاً بَعضُ أَجزَائِهِ إِلَي بَعضٍ وَ إِلّا لَم يَتّسِق وَ لَم يَستَحكِم وَ كَذَلِكَ سَائِرُ مَا نَرَي قَالَ فَإِن كَانَ هَذَا المُحتَاجُ بَعضُهُ إِلَي بَعضٍ لِقُوّتِهِ وَ تَمَامِهِ هُوَ القَدِيمَ فأَخَبرِوُنيِ‌ أَن لَو كَانَ مُحدَثاً كَيفَ كَانَ يَكُونُ وَ كَيفَ إِذاً كَانَت تَكُونُ صِفَتُهُ قَالَ فَبُهِتُوا وَ عَلِمُوا أَنّهُم لَا يَجِدُونَ لِلمُحدَثِ صِفَةً يَصِفُونَهُ بِهَا إِلّا وَ هيِ‌َ مَوجُودَةٌ فِي هَذَا ألّذِي زَعَمُوا أَنّهُ قَدِيمٌ فَوَجَمُوا وَ قَالُوا سَنَنظُرُ فِي أَمرِنَا الخَبَرَ

بيان ذهبت الدهرية إلي أن العالم قديم زماني‌ وقالوا إن الأشياء دائمة الوجود لم تزل و لاتزال بل بعضهم أنكروا الحوادث اليومية أيضا وذهبوا إلي الكمون والبروز لتصحيح قدم الحوادث اليومية وأنكروا وجود ما لم تدركه الحواس الخمس ولذا أنكروا وجود الصانع لعدم إدراك الحواس له تعالي وقالوا وجود الموجودات من الطبائع المتعاقبة لا إلي نهاية إذاتقرر هذافاعلم أن الظاهر أن المطلوب أولا إثبات الحدوث الزماني‌ فإن الظاهر من البدء البدء الزماني‌ ويؤيده قوله وهي‌ دائمة لم تزل و لاتزال . و قوله أفوجدتم إلي قوله أتقولون ماقبلكم من الليل والنهار إبطال


صفحه : 70

إنكارهم وجود ما لاتدركه الحواس وإثبات لوجود الإيمان بالغيب عندقيام البرهان و ذلك لأنهم يحكمون بالقدم وبتقدم الليل والنهار في الأزمنة الماضية وعدم اجتماعهما فيها مع أنهم لم يشاهدوا شيئا من ذلك فيلزمهم أن يعترفوا بوجود مايغيب عن حواسهم ويحتمل أن يكون إلي قوله أ ولستم تشاهدون الليل والنهار إثباتا للحدوث الزماني‌ جدلا بأنهم كمايحكمون بالقدم لعدم مشاهدة الحدوث يلزمهم أن يحكموا بالحدوث لأنهم لم يشاهدوا القدم والبقية لإثبات الإيمان بالغيب أوالبقية لإثبات الحدوث بالدليل المشهور عندالمتكلمين من عدم الانفكاك عن الحوادث أو أن الحكم بحدوث كل ليل ونهار يكفي‌ لاحتياجها إلي الصانع و لاينفع قدم الطبيعة و من قوله أتقولون ماقبلكم إلي قوله ع أقلتم إثبات لانقطاع الليل والنهار من جهة الماضي‌ لاستحالة ما لانهاية له و هوانقطاع الزمان ويلزم منه انقطاع الحركات وحدوث الأجسام والأعراض القائمة بها و من قوله أقلتم إثبات لإمكان العالم المستلزم لوجود الصانع تعالي شأنه . ويحتمل أن يكون ص تدرج في الاحتجاج فنزلهم أولا عن مرتبة الإنكار إلي الشك ثم أخذ في الاحتجاج فمن قوله أتقولون إلي آخر الكلام يحتمل أن يكون دليلا واحدا حاصله أنه لايخلو من أن يكون الزمان متناهيا أو غيرمتناه و علي الأول لابد للأشياء لحدوثها من صانع فقوله فقد كان و لا شيءمنهما أي كان الصانع قبل وجود شيءمنهما ثم أبطل الثاني‌ بأنكم إنما حكمتم بقدمها لئلا يحتاج إلي صانع والعقل يحكم بأن مايوجب الحكم في الحادث بالحاجة إلي الصانع يحكم في القديم أيضا ويحتمل أن يكون إلي آخر الكلام دليلين و قدفصلنا الكلام فيه في المجلد الرابع فلانعيد هنا ودلالته علي الحدوث علي كل الوجوه ظاهرة

45-تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ،وَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ وَ ذَلِكَ فِي مَبدَإِ الخَلقِ أَنّ الرّبّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ


صفحه : 71

الهَوَاءَ ثُمّ خَلَقَ القَلَمَ فَأَمَرَهُ أَن يجَريِ‌َ فَقَالَ يَا رَبّ بِمَا أجَريِ‌ فَقَالَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ ثُمّ خَلَقَ الظّلمَةَ مِنَ الهَوَاءِ وَ خَلَقَ النّورَ مِنَ الهَوَاءِ وَ خَلَقَ المَاءَ مِنَ الهَوَاءِ وَ خَلَقَ العَرشَ مِنَ الهَوَاءِ وَ خَلَقَ العَقِيمَ مِنَ الهَوَاءِ وَ هُوَ الرّيحُ الشّدِيدَةُ وَ خَلَقَ النّارَ مِنَ الهَوَاءِ وَ خَلَقَ الخَلقَ كُلّهُم مِن هَذِهِ السّتّةِ التّيِ‌ خُلِقَت مِنَ الهَوَاءِ فَسَلّطَ العَقِيمَ عَلَي المَاءِ فَضَرَبَتهُ فَأَكثَرَتِ المَوجَ وَ الزّبَدَ وَ جَعَلَ يَثُورُ دُخَانُهُ فِي الهَوَاءِ فَلَمّا بَلَغَ الوَقتُ ألّذِي أَرَادَ قَالَ لِلزّبَدِ اجمُد فَجَمَدَ فَقَالَ لِلمَوجِ اجمُد فَجَمَدَ فَجَعَلَ الزّبَدَ أَرضاً وَ جَعَلَ المَوجَ جِبِالًا روَاَسيِ‌َ لِلأَرضِ فَلَمّا أَجمَدَهُمَا قَالَ لِلرّوحِ وَ القُدرَةِ سَوّيَا عرَشيِ‌ عَلَي السّمَاءِ فَسَوّيَا عَرشَهُ عَلَي السّمَاءِ وَ قَالَ لِلدّخَانِ اجمُد فَجَمَدَ ثُمّ قَالَ لَهُ ازفِر فَزَفَرَ فَنَادَاهَا وَ الأَرضَ جَمِيعاًائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً قالَتا أَتَينا طائِعِينَ فَقَضاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ فِي يَومَينِوَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ فَلَمّا أَخَذَ فِي رِزقِ خَلقِهِ خَلَقَ السّمَاءَ وَ جَنّاتِهَا وَ المَلَائِكَةَ يَومَ الخَمِيسِ وَ خَلَقَ الأَرضَ يَومَ الأَحَدِ وَ خَلَقَ دَوَابّ البَرّ وَ البَحرِ يَومَ الإِثنَينِ وَ هُمَا اليَومَانِ اللّذَانِ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّأَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ وَ خَلَقَ الشّجَرَ وَ نَبَاتَ الأَرضِ وَ أَنهَارَهَا وَ مَا فِيهَا وَ الهَوَامّ فِي يَومِ الثّلَاثَاءِ وَ خَلَقَ الجَانّ وَ هُوَ أَبُو الجِنّ يَومَ السّبتِ وَ خَلَقَ الطّيرَ فِي يَومِ الأَربِعَاءِ وَ خَلَقَ آدَمَ فِي سِتّ سَاعَاتٍ مِن يَومِ الجُمُعَةِ ففَيِ‌ هَذِهِ السّتّةِ أَيّامٍخَلَقَ اللّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ ما بَينَهُما

بيان يوم السبت ليس في بعض النسخ و هوأظهر و علي تقديره و إن كان خلاف المشهور يمكن أن لا يكون الجمعة محسوبا في الستة لتأخره عن خلق العالم أو لم يحسب خلق الجان من خلق العالم بأن المراد بالعالم مايشاهد ويري و يكون ذكر الملائكة استطرادا لشرفهم أو يكون بناء الحساب علي التلفيق بأن يكون ابتداء الخلق من ظهر يوم السبت وانتهاؤه عندظهر يوم الجمعة فيكون ستة


صفحه : 72

أيام علي حساب أهل النجوم ويؤيده قوله في ست ساعات و علي التقادير لايخلو عن غرابة وسيأتي‌ بعض القول في ذلك

46-التّفسِيرُ، عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن سَيفِ بنِ عَمِيرَةَ عَن أَبِي بَكرٍ الحضَرمَيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَخَرَجَ هِشَامُ بنُ عَبدِ المَلِكِ حَاجّاً وَ مَعَهُ الأَبرَشُ الكلَبيِ‌ّ فَلَقِيَا أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فِي المَسجِدِ الحَرَامِ فَقَالَ هِشَامٌ لِلأَبرَشِ تَعرِفُ هَذَا قَالَ لَا قَالَ هَذَا ألّذِي تَزعُمُ الشّيعَةُ أَنّهُ نبَيِ‌ّ مِن كَثرَةِ عِلمِهِ فَقَالَ الأَبرَشُ لَأَسأَلَنّهُ عَن مَسأَلَةٍ لَا يجُيِبنُيِ‌ فِيهَا إِلّا نبَيِ‌ّ أَو وصَيِ‌ّ نبَيِ‌ّ فَقَالَ هِشَامٌ لِلأَبرَشِ وَدِدتُ أَنّكَ فَعَلتَ ذَلِكَ فلَقَيِ‌َ الأَبرَشُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ أخَبرِنيِ‌ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّأَ وَ لَم يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّ السّماواتِ وَ الأَرضَ كانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُمافَمَا كَانَ رَتقُهُمَا وَ مَا كَانَ فَتقُهُمَا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا أَبرَشُ هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفسَهُكانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ وَ المَاءُ عَلَي الهَوَاءِ وَ الهَوَاءُ لَا يُحَدّ وَ لَم يَكُن يَومَئِذٍ خَلقٌ غَيرُهُمَا وَ المَاءُ يَومَئِذٍ عَذبٌ فُرَاتٌ فَلَمّا أَرَادَ أَن يَخلُقَ الأَرضَ أَمَرَ الرّيَاحَ فَضَرَبَتِ المَاءَ حَتّي صَارَ مَوجاً ثُمّ أَزبَدَ فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً فَجَمَعَهُ فِي مَوضِعِ البَيتِ ثُمّ جَعَلَهُ جَبَلًا مِن زَبَدٍ ثُمّ دَحَي الأَرضَ مِن تَحتِهِ فَقَالَ اللّهُ تَعَالَيإِنّ أَوّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ للَذّيِ‌ بِبَكّةَ مُبارَكاً ثُمّ مَكَثَ الرّبّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي مَا شَاءَ فَلَمّا أَرَادَ أَن يَخلُقَ السّمَاءَ أَمَرَ الرّيَاحَ فَضَرَبَتِ البُحُورَ حَتّي أَزبَدَتهَا فَخَرَجَ مِن ذَلِكَ المَوجُ وَ الزّبَدُ مِن وَسَطِهِ دُخَانٌ سَاطِعٌ مِن غَيرِ نَارٍ فَخَلَقَ مِنهُ السّمَاءَ فَجَعَلَ فِيهَا البُرُوجَ وَ النّجُومَ وَ مَنَازِلَ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ أَجرَاهَا فِي الفَلَكِ وَ كَانَتِ السّمَاءُ خَضرَاءَ عَلَي لَونِ المَاءِ العَذبِ الأَخضَرِ وَ كَانَتِ الأَرضُ خَضرَاءَ عَلَي لَونِ المَاءِ


صفحه : 73

وَ كَانَتَا مَرتُوقَتَينِ لَيسَ لَهُمَا أَبوَابٌ وَ لَم يَكُن لِلأَرضِ أَبوَابٌ وَ هُوَ النّبتُ وَ لَم تُمطِرِ السّمَاءُ عَلَيهَا فَتُنبِتَ فَفَتَقَ السّمَاءَ بِالمَطَرِ وَ فَتَقَ الأَرضَ بِالنّبَاتِ وَ ذَلِكَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّأَ وَ لَم يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّ السّماواتِ وَ الأَرضَ كانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُما فَقَالَ الأَبرَشُ وَ اللّهِ مَا حدَثّنَيِ‌ بِمِثلِ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ قَطّ أَعِد عَلَيّ فَأَعَادَ عَلَيهِ وَ كَانَ الأَبرَشُ مُلحِداً فَقَالَ وَ أَنَا أَشهَدُ أَنّكَ ابنُ نبَيِ‌ّ ثَلَاثَ مَرّاتٍ

47- وَ مِنهُ، إِنّ رَبّكُمُ اللّهُ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ قَالَ فِي سِتّةِ أَوقَاتٍثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ أَي عَلَا عَلَي العَرشِ

بيان تأويل الأيام بالأوقات إما لعدم خلق الليل والنهار بعدفأول اليوم بمقداره أوالمراد باليوم النوبة والمرة فيكون خلق كل منها في أسرع الأزمنة وعبر عنه باليوم مجازا كماقيل

48- العُيُونُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَمرِو بنِ عَلِيّ البصَريِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الوَاعِظِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ بنِ عَامِرٍ الطاّئيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ كَانَ عَلِيّ ع فِي جَامِعِ الكُوفَةِ إِذ قَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ مِن أَهلِ الشّامِ فَقَالَ أخَبرِنيِ‌ عَن أَوّلِ مَا خَلَقَ اللّهُ قَالَ خَلَقَ النّورَ قَالَ فَمِمّ خُلِقَتِ السّمَاوَاتُ قَالَ مِن بُخَارِ المَاءِ قَالَ فَمِمّ خُلِقَتِ الأَرضُ قَالَ مِن زَبَدِ المَاءِ قَالَ فَمِمّ خُلِقَتِ الجِبَالُ قَالَ مِنَ الأَموَاجِ الخَبَرَ


صفحه : 74

بيان يمكن أن يكون المراد بالنور نور النبي والأئمة ع كماورد في أكثر الأخبار

49- التّوحِيدُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الدّقّاقِ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَنِ العَلّانِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع أَنّهُ قَالَ اعلَم عَلّمَكَ اللّهُ الخَيرَ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَدِيمٌ وَ القِدَمُ صِفَةٌ دَلّتِ العَاقِلَ عَلَي أَنّهُ لَا شَيءَ قَبلَهُ وَ لَا شَيءَ مَعَهُ فِي دَيمُومَتِهِ فَقَد بَانَ لَنَا بِإِقرَارِ العَامّةِ مُعجِزَةُ الصّفَةِ أَنّهُ لَا شَيءَ قَبلَ اللّهِ وَ لَا شَيءَ مَعَ اللّهِ فِي بَقَائِهِ وَ بَطَلَ قَولُ مَن زَعَمَ أَنّهُ كَانَ قَبلَهُ أَو كَانَ مَعَهُ شَيءٌ وَ ذَلِكَ أَنّهُ لَو كَانَ مَعَهُ شَيءٌ فِي بَقَائِهِ لَم يَجُز أَن يَكُونَ خَالِقاً لَهُ لِأَنّهُ لَم يَزَل مَعَهُ فَكَيفَ يَكُونُ خَالِقاً لِمَن لَم يَزَل مَعَهُ وَ لَو كَانَ قَبلَهُ شَيءٌ كَانَ الأَوّلَ ذَلِكَ الشيّ‌ءُ لَا هَذَا وَ كَانَ الأَوّلُ أَولَي بِأَن يَكُونَ خَالِقاً للِثاّنيِ‌

الكافي‌، عن علي بن محمدمرسلا عن أبي الحسن الرضا ع مثله بيان هذاالخبر صريح في الحدوث ومعلل و قدمر شرحه في كتاب التوحيد

50-التّوحِيدُ، وَ العُيُونُ، عَن تَمِيمِ بنِ عَبدِ اللّهِ القرُشَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ


صفحه : 75

عَلِيّ الأنَصاَريِ‌ّ عَن أَبِي الصّلتِ الهرَوَيِ‌ّ قَالَسَأَلَ المَأمُونُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بنَ مُوسَي الرّضَا ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ لِيَبلُوَكُم أَيّكُم أَحسَنُ عَمَلًا فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ العَرشَ وَ المَاءَ وَ المَلَائِكَةَ قَبلَ خَلقِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ تَستَدِلّ بِأَنفُسِهَا وَ بِالعَرشِ وَ المَاءِ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ ثُمّ جَعَلَ عَرشَهُ عَلَي المَاءِ لِيُظهِرَ بِذَلِكَ قُدرَتَهُ لِلمَلَائِكَةِ فَتَعلَمَ أَنّهُ عَلَي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ ثُمّ رَفَعَ العَرشَ بِقُدرَتِهِ وَ نَقَلَهُ فَجَعَلَهُ فَوقَ السّمَاوَاتِ السّبعِ ثُمّ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ هُوَ مُستَولٍ عَلَي عَرشِهِ وَ كَانَ قَادِراً عَلَي أَن يَخلُقَهَا فِي طَرفَةِ عَينٍ وَ لَكِنّهُ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَهَا فِي سِتّةِ أَيّامٍ لِيُظهِرَ لِلمَلَائِكَةِ مَا يَخلُقُهُ مِنهَا شَيئاً بَعدَ شَيءٍ فَتَستَدِلّ بِحُدُوثِ مَا يَحدُثُ عَلَي اللّهِ تَعَالَي ذِكرُهُ مَرّةً بَعدَ مَرّةٍ وَ لَم يَخلُقِ اللّهُ العَرشَ لِحَاجَةٍ بِهِ إِلَيهِ لِأَنّهُ غنَيِ‌ّ عَنِ العَرشِ وَ عَن جَمِيعِ مَا خَلَقَ لَا يُوصَفُ بِالكَونِ عَلَي العَرشِ لِأَنّهُ لَيسَ بِجِسمٍ تَعَالَي عَن صِفَةِ خَلقِهِ عُلُوّاً كَبِيراً وَ أَمّا قَولُهُ عَزّ وَ جَلّلِيَبلُوَكُم أَيّكُم أَحسَنُ عَمَلًافَإِنّهُ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ خَلقَهُ لِيَبلُوَهُم بِتَكلِيفِ طَاعَتِهِ وَ عِبَادَتِهِ لَا عَلَي سَبِيلِ الِامتِحَانِ وَ التّجرِبَةِ لِأَنّهُ لَم يَزَل عَلِيماً بِكُلّ شَيءٍ


صفحه : 76

فَقَالَ المَأمُونُ فَرّجتَ عنَيّ‌ يَا أَبَا الحَسَنِ فَرّجَ اللّهُ عَنكَ

51- العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ السيّاّريِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ مِهرَانَ الكوُفيِ‌ّ عَن حَنَانِ بنِ سَدِيرٍ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي إِسحَاقَ الليّثيِ‌ّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعفَرٍ ع يَا اِبرَاهِيمُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَم يَزَل عَالِماً خَلَقَ الأَشيَاءَ لَا مِن شَيءٍ وَ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ الأَشيَاءَ مِن شَيءٍ فَقَد كَفَرَ لِأَنّهُ لَو كَانَ ذَلِكَ الشيّ‌ءُ ألّذِي خَلَقَ مِنهُ الأَشيَاءَ قَدِيماً مَعَهُ فِي أَزَلِيّتِهِ وَ هُوِيّتِهِ كَانَ ذَلِكَ أَزَلِيّاً بَل خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الأَشيَاءَ كُلّهَا لَا مِن شَيءٍ فَكَانَ مِمّا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَرضاً طَيّبَةً ثُمّ فَجّرَ مِنهَا مَاءً عَذباً زُلَالًا فَعَرَضَ عَلَيهِ وَلَايَتَنَا أَهلَ البَيتِ فَقَبِلَهَا فَأَجرَي ذَلِكَ المَاءَ عَلَيهَا سَبعَةَ أَيّامٍ حَتّي طَبّقَهَا وَ عَمّهَا ثُمّ نَضَبَ ذَلِكَ المَاءُ عَنهَا فَأَخَذَ مِن صَفوَةِ ذَلِكَ الطّينِ طِيناً فَجَعَلَهُ طِينَ الأَئِمّةِ ع ثُمّ أَخَذَ ثَقَلَ ذَلِكَ الطّينِ فَخَلَقَ مِنهُ شِيعَتَنَا الخَبَرَ

52-العِلَلُ، فِي خَبَرِ ابنِ سَلَامٍ قَالَأخَبرِنيِ‌ عَن أَوّلِ يَومٍ خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ قَالَ النّبِيّص يَومُ الأَحَدِ قَالَ وَ لِمَ سمُيّ‌َ يَومَ الأَحَدِ قَالَ لِأَنّهُ وَاحِدٌ مَحدُودٌ قَالَ فَالإِثنَينِ قَالَ هُوَ اليَومُ الثاّنيِ‌ مِنَ الدّنيَا قَالَ فَالثّلَاثَاءَ قَالَ الثّالِثُ مِنَ الدّنيَا قَالَ فَالأَربِعَاءَ قَالَ اليَومُ الرّابِعُ مِنَ الدّنيَا قَالَ فَالخَمِيسَ قَالَ هُوَ يَومٌ خَامِسٌ مِنَ الدّنيَا وَ هُوَ يَومٌ أَنِيسٌ لُعِنَ فِيهِ إِبلِيسُ وَ رُفِعَ فِيهِ إِدرِيسُ قَالَ فَالجُمُعَةَ


صفحه : 77

قَالَ هُوَيَومٌ مَجمُوعٌ لَهُ النّاسُ وَ ذلِكَ يَومٌ مَشهُودٌ وَ يَومُشاهِدٍ وَ مَشهُودٍ قَالَ فَالسّبتَ قَالَ يَومٌ مَسبُوتٌ وَ ذَلِكَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّ فِي القُرآنِوَ لَقَد خَلَقنَا السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ ما بَينَهُما فِي سِتّةِ أَيّامٍفَمِنَ الأَحَدِ إِلَي الجُمُعَةِ سِتّةُ أَيّامٍ وَ السّبتُ مُعَطّلٌ الخَبَرَ

بيان قال في القاموس السبت الراحة والقطع و قال في النهاية قيل سمي‌ يوم السبت لأن الله تعالي خلق العالم في ستة أيام آخرها الجمعة وانقطع العمل فسمي‌ يوم السابع يوم السبت

53-الإِحتِجَاجُ، عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَسَأَلَ الزّندِيقُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ مِن أَيّ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ الأَشيَاءَ قَالَ ع مِن لَا شَيءَ قَالَ فَكَيفَ يجَيِ‌ءُ مِن لَا شَيءَ شَيءٌ قَالَ ع إِنّ الأَشيَاءَ لَا تَخلُو أَن تَكُونَ خُلِقَت مِن شَيءٍ أَو مِن غَيرِ شَيءٍ فَإِن كَانَ خُلِقَت مِن شَيءٍ كَانَ مَعَهُ فَإِنّ ذَلِكَ الشيّ‌ءَ قَدِيمٌ وَ القَدِيمُ لَا يَكُونُ حَدِيثاً وَ لَا يَفنَي وَ لَا يَتَغَيّرُ وَ لَا يَخلُو ذَلِكَ الشيّ‌ءُ مِن أَن يَكُونَ جَوهَراً وَاحِداً وَ لَوناً وَاحِداً فَمِن أَينَ جَاءَت هَذِهِ الأَلوَانُ المُختَلِفَةُ وَ الجَوَاهِرُ الكَثِيرَةُ المَوجُودَةُ فِي هَذَا العَالَمِ مِن ضُرُوبٍ شَتّي وَ مِن أَينَ جَاءَ المَوتُ إِن كَانَ الشيّ‌ءُ ألّذِي أُنشِئَت مِنهُ الأَشيَاءُ حَيّاً وَ مِن أَينَ جَاءَتِ الحَيَاةُ إِن كَانَ ذَلِكَ الشيّ‌ءُ مَيّتاً وَ لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِن حيَ‌ّ وَ مَيّتٍ قَدِيمَينِ لَم يَزَالَا لِأَنّ الحيَ‌ّ لَا يجَيِ‌ءُ مِنهُ مَيّتٌ وَ هُوَ لَم يَزَل حَيّاً وَ لَا يَجُوزُ أَيضاً أَن يَكُونَ المَيّتُ قَدِيماً لَم يَزَل بِمَا نَسَبُوا مِنَ المَوتِ لِأَنّ المَيّتَ لَا قُدرَةَ لَهُ فَلَا بَقَاءَ قَالَ فَمِن أَينَ قَالُوا إِنّ الأَشيَاءَ أَزَلِيّةٌ قَالَ هَذِهِ مَقَالَةُ قَومٍ جَحَدُوا مُدَبّرَ الأَشيَاءِ فَكَذّبُوا الرّسُلَ وَ مَقَالَتَهُم وَ الأَنبِيَاءَ وَ مَا أَنبَئُوا عَنهُ


صفحه : 78

وَ سَمّوا كُتُبَهُم أَسَاطِيرَ الأَوّلِينَ وَ وَضَعُوا لِأَنفُسِهِم دِيناً بِرَأيِهِم وَ استِحسَانِهِم إِنّ الأَشيَاءَ تَدُلّ عَلَي حُدُوثِهِا مِن دَوَرَانِ الفَلَكِ بِمَا فِيهِ وَ هيِ‌َ سَبعَةُ أَفلَاكٍ وَ تَحَرّكِ الأَرضِ وَ مَن عَلَيهَا وَ انقِلَابِ الأَزمِنَةِ وَ اختِلَافِ الوَقتِ وَ الحَوَادِثِ التّيِ‌ تَحدُثُ فِي العَالَمِ مِن زِيَادَةٍ وَ نُقصَانٍ وَ مَوتٍ وَ بَلَاءٍ وَ اضطِرَارِ النّفسِ إِلَي القَرَارِ بِأَنّ لَهَا صَانِعاً وَ مُدَبّراً أَ مَا تَرَي الحُلوَ يَصِيرُ حَامِضاً وَ العَذبَ مُرّاً وَ الجَدِيدَ بَالِياً وَ كُلّ إِلَي تَغَيّرٍ وَ فَنَاءٍ وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي أَن قَالَ قَالَ الزّندِيقُ وَ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ لَم يَزَل وَ مَعَهُ طِينَةٌ مُؤذِيَةٌ فَلَم يَستَطِعِ التفّصَيّ‌َ مِنهَا إِلّا بِامتِزَاجِهِ بِهَا وَ دُخُولِهِ فِيهَا فَمِن تِلكَ الطّينَةِ خَلَقَ الأَشيَاءَ قَالَ ع سُبحَانَ اللّهِ مَا أَعجَزَ إِلَهاً يُوصَفُ بِالقُدرَةِ لَا يَستَطِيعُ التفّصَيّ‌َ مِنَ الطّينَةِ إِن كَانَتِ الطّينَةُ حَيّةً أَزَلِيّةً فَكَانَا إِلَهَينِ قَدِيمَينِ فَامتَزَجَا وَ دَبّرَا العَالَمَ مِن أَنفُسِهِمَا فَإِن كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمِن أَينَ جَاءَ المَوتُ وَ الفَنَاءُ وَ إِن كَانَتِ الطّينَةُ مَيّتَةً فَلَا بَقَاءَ لِلمَيّتِ مَعَ الأزَلَيِ‌ّ القَدِيمِ وَ المَيّتُ لَا يجَيِ‌ءُ مِنهُ حيَ‌ّ هَذِهِ مَقَالَةُ الدّيَصَانِيّةِ أَشَدّ الزّنَادِقَةِ قَولًا ثُمّ قَالَ ع فِي مَوَاضِعَ مِن هَذَا الخَبَرِ لَو كَانَت قَدِيمَةً أَزَلِيّةً لَم تَتَغَيّر مِن حَالٍ إِلَي حَالٍ وَ إِنّ الأزَلَيِ‌ّ لَا تُغَيّرُهُ الأَيّامُ وَ لَا يأَتيِ‌ عَلَيهِ الفَنَاءُ

بيان والقديم لا يكون حديثا أي ما يكون وجوده أزليا لا يكون محدثا معلولا فيكون الواجب الوجود بذاته فلايعتريه التغير والفناء و قدنسب إلي بعض الحكماء أنه قال المبدع الأول هومبدع الصور فقط دون الهيولي فإنها


صفحه : 79

لم تزل مع المبدع فأنكر عليه سائر الحكماء وقالوا إن الهيولي لوكانت أزلية قديمة لماقبلت الصور و لماتغيرت من حال إلي حال و لماقبلت فعل غيرها إذ الأزلي‌ لايتغير. و قوله ع فمن أين جاءت هذه الألوان المختلفة لعله مبني‌ علي مازعموا من أن كل حادث لابد له من منشإ ومبدإ يشاكله ويناسبه في الذات والصفات فألزمه ع بحسب معتقده أوالمراد أن الاحتياج إلي المادة إن كان لعجز الصانع تعالي عن إحداث شيء لم يكن فلابد من وجود الأشياء بصفاتها في المادة حتي يخرجها منها و هذامحال لاستلزامه كون المادة ذات حقائق متباينة واتصافها بصفات متضادة و إن قلتم إنها مشتملة علي بعضها فقد حكمتم بإحداث بعضها من غيرمادة فليكن الجميع كذلك و إن قلتم إن جوهر المادة يتبدل جواهر أخر وأعراضها أعراضا أخري فقد حكمتم بفناء ما هوأزلي‌ و هذامحال وبحدوث شيءآخر من غير شيء و هومستلزم للمطلوب . و أما ماذكره ع في الحياة والموت فيرجع إلي ماذكرنا وملخصه أنه إما أن تكون مادة الكل حية بذاتها أوميتة بذاتها أوتكون الأشياء من أصلين أحدهما حي‌ بذاته والآخر ميت و هذاأيضا يحتمل وجهين أحدهما أن يكون كل شيءمأخوذا من كل من الحي‌ والميت والثاني‌ أن يكون الحي‌ مأخوذا من الحي‌ والميت من الميت فأبطل ع الأول بأنه لوحصل الميت بذاته عن الحي‌ بذاته يلزم زوال الحياة الأزلية من هذاالجزء من المادة و قدمر امتناعه أوتبدل الحقيقة ألذي يحكم العقل ضرورة بامتناعه و لوقيل بإعدام الحي‌ وإنشاء الميت فيلزم المفسدة الأولي مع الإقرار بالمدعي و هوحدوث الشي‌ء لا من شيء وبهذا يبطل الثاني‌ وكذا الثالث لأن الجزء الحي‌ من المادة يجري‌ فيه ماسبق إذاحصل منه ميت وأشار إليه بقوله لأن الحي‌ لايجي‌ء منه ميت وأشار


صفحه : 80

إلي الرابع بقوله و لايجوز أن يكون الميت قديما و به يبطل الثاني‌ والثالث أيضا وتقريره أن الأزلي‌ لابد أن يكون واجب الوجود بذاته كاملا بذاته لشهادة العقول بأن الاحتياج والنقص من شواهد الإمكان المحوج إلي المؤثر والموجد فلا يكون الأزلي‌ ميتا وربما يحمل الحي‌ في هذاالخبر علي الموجود والميت علي الاعتباري‌ المعدوم والظاهر أن أكثر الكلام مبني‌ علي مقدمات موضوعة مسلمة عندالخصم و قدمر الخبر بتمامه وشرحه في الجملة في المجلد الرابع

54- التّوحِيدُ، عَن أَبِيهِ وَ ابنِ عُبدُوسٍ عَن أَبِي قُتَيبَةَ عَنِ الفَضلِ بنِ شَاذَانَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ قَالَ قَالَ مُوسَي بنُ جَعفَرٍ ع هُوَ الأَوّلُ ألّذِي لَا شَيءَ قَبلَهُ وَ الآخِرُ ألّذِي لَا شَيءَ بَعدَهُ وَ هُوَ القَدِيمُ وَ مَا سِوَاهُ مَخلُوقٌ مُحدَثٌ تَعَالَي عَن صِفَاتِ المَخلُوقِينَ عُلُوّاً كَبِيراً

55- وَ مِنهُ، عَنِ الفَضلِ بنِ عَبّاسٍ الكنِديِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سَهلٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ البلَوَيِ‌ّ عَن عُمَارَةَ بنِ زَيدٍ عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ العَلَاءِ عَن صَالِحِ بنِ سُبَيعٍ عَن عَمرِو بنِ مُحَمّدِ بنِ صَعصَعَةَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَوسٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فِي خُطبَةٍ طَوِيلَةٍ لَم يَخلُقِ الأَشيَاءَ مِن أُصُولٍ أَزَلِيّةٍ وَ لَا مِن أَوَائِلَ كَانَت قَبلَهُ بَدِيّةٍ بَل خَلَقَ مَا خَلَقَ وَ أَتقَنَ خَلقَهُ وَ صَوّرَ مَا صَوّرَ فَأَحسَنَ صُورَتَهُ الخَبَرَ

56- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَنِ


صفحه : 81

الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبَانٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أُورَمَةَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الحَكَمِ بنِ ظُهَيرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جُوَينٍ العبَديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ كَانَ يَقُولُ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي كَانَ إِذ لَم يَكُن شَيءٌ غَيرُهُ وَ كَوّنَ الأَشيَاءَ فَكَانَت كَمَا كَوّنَهَا وَ عَلِمَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ

57- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي بنِ المُتَوَكّلِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ قَالَ كَتَبَ أَبُو جَعفَرٍ ع فِي دُعَاءٍ يَا ذَا ألّذِي كَانَ قَبلَ كُلّ شَيءٍ ثُمّ خَلَقَ كُلّ شَيءٍ الخَبَرَ

58- وَ مِنهُ، عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّقرِ بنِ دُلَفَ عَن أَبِي الحَسَنِ الثّالِثِ ع قَالَ يَا ابنَ دُلَفَ إِنّ الجِسمَ مُحدَثٌ وَ اللّهُ مُحدِثُهُ وَ مُجَسّمُهُ الخَبَرَ

59- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الصيّرفَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ حَمّادٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي كَلَامٍ يَصِفُ فِيهِ الباَر‌ِئَ تَعَالَي كَذَلِكَ لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ أَبَدَ الآبِدِينَ وَ كَذَلِكَ كَانَ إِذ لَم تَكُن أَرضٌ وَ لَا سَمَاءٌ وَ لَا لَيلٌ وَ لَا نَهَارٌ وَ لَا شَمسٌ وَ لَا قَمَرٌ وَ لَا نُجُومٌ وَ لَا سَحَابٌ


صفحه : 82

وَ لَا مَطَرٌ وَ لَا رِيَاحٌ ثُمّ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَحَبّ أَن يَخلُقَ خَلقاً يُعَظّمُونَ عَظَمَتَهُ وَ يُكَبّرُونَ كِبرِيَاءَهُ وَ يُجِلّونَ جَلَالَهُ فَقَالَ كُونَا ظِلّينِ فَكَانَا

أقول تمام الخبر في باب جوامع التوحيد

60- وَ مِنهُ، عَن مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ النّضرِ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي كَانَ وَ لَا شَيءَ غَيرُهُ الخَبَرَ

61- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ كَانَ وَ لَا شَيءَ غَيرُهُ وَ لَم يَزَلِ اللّهُ عَالِماً بِمَا كَوّنَ فَعِلمُهُ بِهِ قَبلَ كَونِهِ كَعِلمِهِ بِهِ بَعدَ مَا كَوّنَهُ

62- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الدّقّاقِ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الأسَدَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ بِشرٍ عَن أَبِي هَاشِمٍ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَكُنتُ عِندَ أَبِي جَعفَرٍ الثاّنيِ‌ ع فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ أخَبرِنيِ‌ عَنِ الرّبّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَهُ أَسمَاءٌ وَ صِفَاتٌ فِي كِتَابِهِ فَأَسمَاؤُهُ وَ صِفَاتُهُ هيِ‌َ هُوَ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّ لِهَذَا الكَلَامِ وَجهَينِ إِن كُنتَ تَقُولُ هيِ‌َ هُوَ أَنّهُ ذُو عَدَدٍ وَ كَثرَةٍ فَتَعَالَي اللّهُ عَن ذَلِكَ وَ إِن كُنتَ تَقُولُ لَم تَزَل هَذِهِ الصّفَاتُ وَ الأَسمَاءُ فَإِنّ لَم تَزَل يَحتَمِلُ مَعنَيَينِ فَإِن قُلتَ لَم تَزَل


صفحه : 83

عِندَهُ فِي عِلمِهِ وَ هُوَ مُستَحِقّهَا فَنَعَم وَ إِن كُنتَ تَقُولُ لَم تَزَل تَصوِيرُهَا وَ هِجَاؤُهَا وَ تَقطِيعُ حُرُوفِهَا فَمَعَاذَ اللّهِ أَن يَكُونَ مَعَهُ شَيءٌ غَيرُهُ بَل كَانَ اللّهُ وَ لَا خَلقَ ثُمّ خَلَقَهَا وَسِيلَةً بَينَهُ وَ بَينَ خَلقِهِ يَتَضَرّعُونَ بِهَا إِلَيهِ وَ يَعبُدُونَهُ وَ هيِ‌َ ذِكرُهُ وَ كَانَ اللّهُ سُبحَانَهُ وَ لَا ذِكرَ وَ المَذكُورُ بِالذّكرِ هُوَ اللّهُ القَدِيمُ ألّذِي لَم يَزَل وَ الأَسمَاءُ وَ الصّفَاتُ مَخلُوقَاتٌ وَ المعَنيِ‌ّ بِهَا هُوَ اللّهُ الخَبَرَ

الإحتجاج ، عن الجعفري‌ مثله الكافي‌، عن محمد بن أبي عبد الله رفعه إلي أبي هاشم الجعفري‌

مثله أقول قدمر شرحه في كتاب التوحيد ودلالته علي المدعي صريحة

63- التّوحِيدُ، وَ الكاَفيِ‌، روُيِ‌َ أَنّهُ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَينَ كَانَ رَبّنَا قَبلَ أَن يَخلُقَ سَمَاءً وَ أَرضاً فَقَالَ ع أَينَ سُؤَالٌ عَن مَكَانٍ وَ كَانَ اللّهُ وَ لَا مَكَانَ

64- الإِحتِجَاجُ، سُئِلَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ ع عَنِ التّوحِيدِ فَقِيلَ لَم يَزَلِ اللّهُ وَحدَهُ لَا شَيءَ مَعَهُ ثُمّ خَلَقَ الأَشيَاءَ بَدِيعاً وَ اختَارَ لِنَفسِهِ أَحسَنَ الأَسمَاءِ أَو لَم تَزَلِ الأَسمَاءُ وَ الحُرُوفُ مَعَهُ قَدِيمَةً فَكَتَبَ لَم يَزَلِ اللّهُ مَوجُوداً ثُمّ كَوّنَ مَا أَرَادَ الخَبَرَ

65-التّوحِيدُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الدّقّاقِ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ رَفَعَهُ قَالَسَأَلَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ مَا الدّلِيلُ عَلَي حُدُوثِ الأَجسَامِ فَقَالَ إنِيّ‌ مَا وَجَدتُ شَيئاً صَغِيراً وَ لَا كَبِيراً إِلّا وَ إِذَا ضُمّ إِلَيهِ مِثلُهُ صَارَ أَكبَرَ وَ فِي ذَلِكَ


صفحه : 84

زَوَالٌ وَ انتِقَالٌ عَنِ الحَالَةِ الأُولَي وَ لَو كَانَ قَدِيماً مَا زَالَ وَ لَا حَالَ لِأَنّ ألّذِي يَزُولُ وَ يَحُولُ يَجُوزُ أَن يُوجَدَ وَ يَبطُلَ فَيَكُونُ بِوُجُودِهِ بَعدَ عَدَمِهِ دُخُولٌ فِي الحَدَثِ وَ فِي كَونِهِ فِي الأُولَي دُخُولُهُ فِي العَدَمِ وَ لَن تَجتَمِعَ صِفَةُ الأَزَلِ وَ العَدَمِ فِي شَيءٍ وَاحِدٍ الخَبَرَ

66- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَنِ العَبّاسِ بنِ مَعرُوفٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي نَجرَانَ عَن حَمّادِ بنِ عُثمَانَ عَن عَبدِ الرّحِيمِ قَالَ كَتَبتُ عَلَي يدَيَ‌ عَبدِ المَلِكِ بنِ أَعيَنَ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع جُعِلتُ فِدَاكَ اختَلَفَ النّاسُ فِي القُرآنِ فَزَعَمَ قَومٌ أَنّ القُرآنَ كَلَامُ اللّهِ غَيرُ مَخلُوقٍ وَ قَالَ آخَرُونَ كَلَامُ اللّهِ مَخلُوقٌ فَكَتَبَ ع القُرآنُ كَلَامُ اللّهِ مُحدَثٌ غَيرُ مَخلُوقٍ وَ غَيرُ أزَلَيِ‌ّ مَعَ اللّهِ تَعَالَي ذِكرُهُ وَ تَعَالَي عَن ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً كَانَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَ لَا شَيءَ غَيرَ اللّهِ مَعرُوفٌ وَ لَا مَجهُولٌ وَ كَانَ عَزّ وَ جَلّ وَ لَا مُتَكَلّمَ وَ لَا مُرِيدَ وَ لَا مُتَحَرّكَ وَ لَا فَاعِلَ جَلّ وَ عَزّ رَبّنَا فَجَمِيعُ هَذِهِ الصّفَاتِ مُحدَثَةٌ عِندَ حُدُوثِ الفِعلِ مِنهُ عَزّ وَ جَلّ رَبّنَا وَ القُرآنُ كَلَامُ اللّهِ غَيرُ مَخلُوقٍ فِيهِ خَبَرُ مَن كَانَ قَبلَكُم وَ خَبَرُ مَا يَكُونُ بَعدَكُم أُنزِلَ مِن عِندِ اللّهِ عَلَي مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِص

قال الصدوق رحمه الله معني قوله ع غيرمخلوق غيرمكذوب و لايعني‌ به أنه غيرمحدث لأنه قد قال محدث غيرمخلوق و غيرأزلي‌ مع الله تعالي ذكره وإنما منعنا من إطلاق المخلوق عليه لأن المخلوق في اللغة قد يكون مكذوبا


صفحه : 85

ويقال كلام مخلوق أي مكذوب قال الله تبارك و تعالي إِنّما تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ أَوثاناً وَ تَخلُقُونَ إِفكاً أي كذبا.أقول الظاهر أن فيه نوعا من التقية أوالاتقاء لامتناع المخالفين من إطلاق هذااللفظ علي القرآن أشد الامتناع

67- قِصَصُ الراّونَديِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ إِلَي الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ وَ ابنِ الوَلِيدِ مَعاً عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَمرِو بنِ أَبِي المِقدَامِ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ اللّهَ لَمّا خَلَقَ الأَرَضِينَ خَلَقَهَا قَبلَ السّمَاوَاتِ

أقول تمامه في باب العوالم

68- البَصَائِرُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ وَ عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن سَدِيرٍ قَالَ سَأَلَ حُمرَانُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيبَدِيعُ السّماواتِ وَ الأَرضِ قَالَ ع إِنّ اللّهَ ابتَدَعَ الأَشيَاءَ كُلّهَا عَلَي غَيرِ مِثَالٍ كَانَ وَ ابتَدَعَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ لَم يَكُن قَبلَهُنّ سَمَاوَاتٌ وَ لَا أَرَضُونَ أَ مَا تَسمَعُ لِقَولِهِ تَعَالَيكانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ

العياشي‌، عن حمران مثله

69-ثَوَابُ الأَعمَالِ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي العَلَاءِ عَن أَبِي خَالِدٍ الصّيقَلِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فَوّضَ الأَمرَ إِلَي مَلَكٍ مِنَ المَلَائِكَةِ فَخَلَقَ سَبعَ سَمَاوَاتٍ وَ سَبعَ أَرَضِينَ وَ أَشيَاءَ فَلَمّا رَأَي الأَشيَاءَ قَدِ انقَادَت لَهُ قَالَ مَن مثِليِ‌ فَأَرسَلَ اللّهُ


صفحه : 86

عَزّ وَ جَلّ نُوَيرَةً مِن نَارٍ قَالَ وَ مَا نُوَيرَةٌ مِن نَارٍ قَالَ نَارٌ بِمِثلِ أَنمُلَةٍ قَالَ فَاستَقبَلَهَا بِجَمِيعِ مَا خَلَقَ فَتَخَلّلَت لِذَلِكَ حَتّي وَصَلَت إِلَيهِ لَمّا أَن أدخله [دَخَلَهُ]العُجبُ

المحاسن ، عن أبيه عن ابن سنان مثله

70- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي كَانَ وَ لَيسَ شَيءٌ غَيرُهُ نُوراً لَا ظَلَامَ فِيهِ وَ صِدقاً لَا كَذِبَ فِيهِ وَ عِلماً لَا جَهلَ فِيهِ وَ حَيَاةً لَا مَوتَ فِيهِ وَ كَذَلِكَ لَا يَزَالُ أَبَداً

71- العيَاّشيِ‌ّ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ كَانَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي كَمَا وَصَفَ نَفسَهُ وَ كَانَ عَرشُهُ عَلَي المَاءِ وَ المَاءُ عَلَي الهَوَاءِ وَ الهَوَاءُ لَا يجَريِ‌ وَ لَم يَكُن غَيرُ المَاءِ خَلقٌ وَ المَاءُ يَومَئِذٍ عَذبٌ فُرَاتٌ فَلَمّا أَرَادَ اللّهُ أَن يَخلُقَ الأَرضَ أَمَرَ الرّيَاحَ الأَربَعَ فَضَرَبنَ المَاءَ حَتّي صَارَ مَوجاً ثُمّ أَزبَدَ زَبَدَةً وَاحِدَةً فَجَمَعَهُ فِي مَوضِعِ البَيتِ فَأَمَرَ اللّهُ فَصَارَ جَبَلًا مِن زَبَدٍ ثُمّ دَحَي الأَرضَ مِن تَحتِهِ ثُمّ قَالَإِنّ أَوّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ للَذّيِ‌ بِبَكّةَ مُبارَكاً وَ هُديً لِلعالَمِينَ

72- وَ مِنهُ، عَن عِيسَي بنِ أَبِي حَمزَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع


صفحه : 87

جُعِلتُ فِدَاكَ إِنّ النّاسَ يَزعُمُونَ أَنّ الدّنيَا عُمُرَهَا سَبعَةُ آلَافِ سَنَةٍ فَقَالَ لَيسَ كَمَا يَقُولُونَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ لَهَا خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ فَتَرَكَهَا قَاعاً قَفراً خَاوِيَةً عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ بَدَا لِلّهِ بَدَاءٌ فَخَلَقَ فِيهَا خَلقاً لَيسَ مِنَ الجِنّ وَ لَا مِنَ المَلَائِكَةِ وَ لَا مِنَ الإِنسِ وَ قَدّرَ لَهُم عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ فَلَمّا قَرُبَت آجَالُهُم أَفسَدُوا فِيهَا فَدَمّرَ اللّهُ عَلَيهِم تَدمِيراً ثُمّ تَرَكَهَا قَاعاً قَفراً خَاوِيَةً عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ خَلَقَ فِيهَا الجِنّ وَ قَدّرَ لَهُم عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ فِيهَا فَلَمّا قَرُبَت آجَالُهُم أَفسَدُوا فِيهَا وَ سَفَكُوا الدّمَاءَ وَ هُوَ قَولُ المَلَائِكَةِأَ تَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها وَ يَسفِكُ الدّماءَ كَمَا سَفَكَت بَنُو الجَانّ فَأَهلَكَهُمُ اللّهُ ثُمّ بَدَا لِلّهِ فَخَلَقَ آدَمَ وَ قَرّرَ لَهُ عَشَرَةَ آلَافٍ وَ قَد مَضَي مِن ذَلِكَ سَبعَةُ آلَافِ عَامٍ وَ مِائَتَانِ وَ أَنتُم فِي آخِرِ الزّمَانِ

73-تَفسِيرُ الإِمَامِ، قَالَ ع قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع قَالَ رَسُولُ اللّهِص فِي قَولِهِ عَزّ وَ جَلّألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِراشاً إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَمّا خَلَقَ المَاءَ فَجَعَلَ عَرشَهُ عَلَيهِ قَبلَ أَن يَخلُقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ ذَلِكَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّهُوَ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِيعَنيِ‌ وَ كَانَ عَرشُهُ عَلَي المَاءِ قَبلَ أَن يَخلُقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فَأَرسَلَ اللّهُ


صفحه : 88

الرّيَاحَ عَلَي المَاءِ فَتَفَجّرَ المَاءُ مِن أَموَاجِهِ فَارتَفَعَ عَنهُ الدّخَانُ وَ عَلَا فَوقَ الزّبَدِ فَخَلَقَ مِن دُخَانِهِ السّمَاوَاتِ السّبعَ فَخَلَقَ مِن زَبَدِهِ الأَرَضِينَ السّبعَ فَبَسَطَ الأَرضَ عَلَي المَاءِ وَ جَعَلَ المَاءَ عَلَي الصّفَا وَ الصّفَا عَلَي الحُوتِ وَ الحُوتَ عَلَي الثّورِ وَ الثّورَ عَلَي الصّخرَةِ التّيِ‌ ذَكَرَهَا لُقمَانُ لِابنِهِ فَقَالَيا بنُيَ‌ّ إِنّها إِن تَكُ مِثقالَ حَبّةٍ مِن خَردَلٍ فَتَكُن فِي صَخرَةٍ أَو فِي السّماواتِ أَو فِي الأَرضِ يَأتِ بِهَا وَ الصّخرَةَ عَلَي الثّرَي وَ لَا يَعلَمُ مَا تَحتَ الثّرَي إِلّا اللّهُ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ الأَرضَ دَحَاهَا مِن تَحتِ الكَعبَةِ ثُمّ بَسَطَهَا عَلَي المَاءِ فَأَحَاطَت بِكُلّ شَيءٍ فَفَخَرَتِ الأَرضُ وَ قَالَت أَحَطتُ بِكُلّ شَيءٍ فَمَن يغَلبِنُيِ‌ وَ كَانَ فِي كُلّ أُذُنٍ مِن آذَانِ الحُوتِ سِلسِلَةٌ مِن ذَهَبٍ مَقرُونَةَ الطّرَفِ بِالعَرشِ فَأَمَرَ اللّهُ الحُوتَ فَتَحَرّكَت فَتَكَفّأَتِ الأَرضُ بِأَهلِهَا كَمَا تَكَفّأُ السّفِينَةُ عَلَي مَتنِ المَاءِ قَدِ اشتَدّت أَموَاجُهُ وَ لَم تَستَطِعِ الأَرضُ الِامتِنَاعَ فَفَخَرَ الحُوتُ وَ قَالَ غَلَبتُ الأَرضَ التّيِ‌ أَحَاطَت بِكُلّ شَيءٍ فَمَن يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الجِبَالَ فَأَرسَاهَا وَ ثَقّلَ الأَرضَ بِهَا فَلَم يَستَطِعِ الحُوتُ أَن يَتَحَرّكَ فَفَخَرَتِ الجِبَالُ وَ قَالَت غَلَبتُ الحُوتَ ألّذِي غَلَبَ الأَرضَ فَمَن يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الحَدِيدَ فَقُطِعَت بِهِ الجِبَالُ وَ لَم يَكُن عِندَهَا دِفَاعٌ وَ لَا امتِنَاعٌ فَفَخَرَ الحَدِيدُ وَ قَالَ غَلَبتُ الجِبَالَ التّيِ‌ غَلَبَتِ الحُوتَ فَمَن يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ النّارَ فَأَلَانَتِ الحَدِيدَ وَ فَرّقَت أَجزَاءَهُ وَ لَم يَكُن عِندَ الحَدِيدِ دِفَاعٌ وَ لَا امتِنَاعٌ فَفَخَرَتِ النّارُ وَ قَالَت غَلَبتُ الحَدِيدَ ألّذِي غَلَبَ الجِبَالَ فَمَن يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ المَاءَ فَأَطفَأَ النّارَ وَ لَم يَكُن عِندَهَا دِفَاعٌ وَ لَا امتِنَاعٌ فَفَخَرَ المَاءُ وَ قَالَ غَلَبتُ النّارَ التّيِ‌ غَلَبَتِ الحَدِيدَ فَمَن يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الرّيحَ فَأَيبَسَتِ المَاءَ فَفَخَرَتِ الرّيحُ وَ قَالَت غَلَبتُ المَاءَ ألّذِي غَلَبَ النّارَ فَمَن يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الإِنسَانَ فَصَرَفَ الرّيَاحَ عَن مَجَارِيهَا بِالبُنيَانِ فَفَخَرَ الإِنسَانُ وَ قَالَ غَلَبتُ الرّيحَ التّيِ‌


صفحه : 89

غَلَبَتِ المَاءَ فَمَن يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مَلَكَ المَوتِ فَأَمَاتَ الإِنسَانَ فَفَخَرَ مَلَكُ المَوتِ وَ قَالَ غَلَبتُ الإِنسَانَ ألّذِي غَلَبَ الرّيحَ فَمَن يغَلبِنُيِ‌ فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَنَا القَهّارُ الغَلّابُ الوَهّابُ أَغلِبُكَ وَ أَغلِبُ كُلّ شَيءٍ فَذَلِكَ قَولُهُإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلّهُ

74- العيَاّشيِ‌ّ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍفَالسّنَةُ تَنقُصُ سِتّةَ أَيّامِ

بيان لعل المعني أن مقتضي ظاهر الحال كان تساوي‌ الشهور وكون كلها ثلاثين يوما فأسقط الله الستة عن الشهور وجعل حركة القمر بحيث تصير السنة القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما ولذا تطلق السنة في عرف الشرع وعرف العرب علي الثلاثمائة والستين مع أنه لايوافق حركة الشمس و لاحركة القمر و الله يعلم

75- العيَاّشيِ‌ّ، عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ جَلّ ذِكرُهُ وَ تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ خَلَقَ الأَرضَ قَبلَ السّمَاءِثُمّ استَوي عَلَي العَرشِلِتَدبِيرِ الأُمُورِ

وَ مِنهُ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ كَانَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي كَمَا وَصَفَ نَفسَهُوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ وَ المَاءُ عَلَي الهَوَاءِ وَ الهَوَاءُ لَا يجَريِ‌

76- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عِمرَانَ العجِليِ‌ّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع أَيّ شَيءٍ كَانَ مَوضِعُ البَيتِ حَيثُ كَانَ المَاءُ فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ قَالَ كَانَت مَهَاةً بَيضَاءَ يعَنيِ‌ دُرّةً

77- المَنَاقِبُ، سَأَلَ ضِبَاعٌ الهنِديِ‌ّ مَا أَصلُ المَاءِ قَالَ ع أَصلُ المَاءِ مِن خَشيَةِ اللّهِ

بيان أي خشية الله صار سببا لذوبان الدرة وصيرورتها ماء كماسيأتي‌


صفحه : 90

78- تَنبِيهُ الخَاطِرِ،لِلوَرّامِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي أَوّلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ خَلَقَ نُوراً ابتَدَعَهُ مِن غَيرِ شَيءٍ ثُمّ خَلَقَ مِنهُ ظُلمَةً وَ كَانَ قَدِيراً أَن يَخلُقَ الظّلمَةَ لَا مِن شَيءٍ كَمَا خَلَقَ النّورَ مِن غَيرِ شَيءٍ ثُمّ خَلَقَ مِنَ الظّلمَةِ نُوراً وَ خَلَقَ مِنَ النّورِ يَاقُوتَةً غِلَظُهَا كَغِلَظِ سَبعِ سَمَاوَاتٍ وَ سَبعِ أَرَضِينَ ثُمّ زَجَرَ اليَاقُوتَةَ فَمَاعَت لِهَيبَتِهِ فَصَارَت مَاءً مُرتَعِداً وَ لَا يَزَالُ مُرتَعِداً إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ خَلَقَ عَرشَهُ مِن نُورِهِ وَ جَعَلَهُ عَلَي المَاءِ وَ لِلعَرشِ عَشَرَةُ آلَافِ لِسَانٍ يُسَبّحُ اللّهَ كُلّ لِسَانٍ مِنهَا بِعَشَرَةِ آلَافِ لُغَةٍ لَيسَ فِيهَا لُغَةٌ تُشبِهُ الأُخرَي وَ كَانَ العَرشُ عَلَي المَاءِ مِن دُونِ حُجُبِ الضّبَابِ

79-تَفسِيرُ الفُرَاتِ، عَن عُبَيدِ بنِ كَثِيرٍ مُعَنعَناً عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَشَهِدتُ أَبِي عِندَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ وَ عِندَهُ كَعبُ الأَحبَارِ وَ كَانَ رَجُلًا قَد قَرَأَ التّورَاةَ وَ كُتُبَ الأَنبِيَاءِ ع فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا كَعبُ مَن كَانَ أَعلَمَ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ بَعدَ مُوسَي بنِ عِمرَانَ ع قَالَ كَانَ أَعلَمُ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ بَعدَ مُوسَي بنِ عِمرَانَ يُوشَعَ بنَ نُونٍ وَ كَانَ وصَيِ‌ّ مُوسَي بنِ عِمرَانَ بَعدَهُ وَ كَذَلِكَ كُلّ نبَيِ‌ّ خَلَا مِن بَعدِ مُوسَي بنِ عِمرَانَ كَانَ لَهُ وصَيِ‌ّ يَقُومُ فِي أُمّتِهِ مِن بَعدِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَمَن وصَيِ‌ّ نَبِيّنَا وَ عَالِمُنَا أَبُو بَكرٍ قَالَ وَ عَلِيّ سَاكِتٌ لَا يَتَكَلّمُ فَقَالَ كَعبٌ مَهلًا فَإِنّ السّكُوتَ عَن هَذَا أَفضَلُ كَانَ أَبُو بَكرٍ رَجُلًا خَطَا بِالصّلَاحِ فَقَدّمَهُ المُسلِمُونَ لِصَلَاحِهِ وَ لَم يَكُن بوِصَيِ‌ّ فَإِنّ مُوسَي بنَ عِمرَانَ لَمّا توُفُيّ‌َ أَوصَي إِلَي


صفحه : 91

يُوشَعَ بنِ نُونٍ فَقَبِلَهُ طَائِفَةٌ مِن بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ وَ أَنكَرَت فَضلَهُ طَائِفَةٌ وَ هيِ‌َ التّيِ‌ ذَكَرَ اللّهُ تَعَالَي فِي القُرآنِفَآمَنَت طائِفَةٌ مِن بنَيِ‌ إِسرائِيلَ وَ كَفَرَت طائِفَةٌ فَأَيّدنَا الّذِينَ آمَنُوا عَلي عَدُوّهِم فَأَصبَحُوا ظاهِرِينَ وَ كَذَلِكَ الأَنبِيَاءُ السّالِفَةُ وَ الأُمَمُ الخَالِيَةُ لَم يَكُن نبَيِ‌ّ إِلّا وَ قَد كَانَ لَهُ وصَيِ‌ّ يَحسُدُهُ قَومُهُ وَ يَدفَعُونَ فَضلَهُ فَقَالَ وَيحَكَ يَا كَعبُ فَمَن تَرَي وصَيِ‌ّ نَبِيّنَا قَالَ كَعبٌ مَعرُوفٌ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الأَنبِيَاءِ وَ الكُتُبِ المُنزَلَةِ مِنَ السّمَاءِ عَلِيّ أَخُو النّبِيّ العرَبَيِ‌ّ ع يُعِينُهُ عَلَي أَمرِهِ وَ يُوَازِرُهُ عَلَي مَن نَاوَاهُ وَ لَهُ زَوجَةٌ مُبَارَكَةٌ وَ لَهُ مِنهَا ابنَانِ يَقتُلُهُمَا أُمّتُهُ مِن بَعدِهِ وَ يَحسُدُونَ وَصِيّهُ كَمَا حَسَدَتِ الأُمَمُ أَوصِيَاءَ أَنبِيَائِهَا فَيَدفَعُونَهُ عَن حَقّهِ وَ يَقتُلُونَ مِن وُلدِهِ بَعدَهُ كَحَسَدِ الأُمَمِ المَاضِيَةِ وَ قَالَ فَأُفحِمَ عِندَهَا وَ قَالَ يَا كَعبُ لَئِن صَدَقتَ فِي كِتَابِ اللّهِ المُنزَلِ قَلِيلًا فَقَد كَذَبتَ كَثِيراً فَقَالَ كَعبٌ وَ اللّهِ مَا كَذَبتُ فِي كِتَابِ اللّهِ قَطّ وَ لَكِن سأَلَتنَيِ‌ عَن أَمرٍ لَم يَكُن لِي بُدّ مِن تَفسِيرِهِ وَ الجَوَابِ فِيهِ فإَنِيّ‌ لَأَعلَمُ أَنّ أَعلَمَ هَذِهِ الأُمّةِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع بَعدَ نَبِيّهَا لأِنَيّ‌ لَم أَسأَلهُ عَن شَيءٍ إِلّا وَجَدتُ عِندَهُ كلما[عِلماً]تُصَدّقُهُ بِهِ التّورَاةُ وَ جَمِيعُ كُتُبِ الأَنبِيَاءِ ع فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اسكُت يَا ابنَ اليهَوُديِ‌ّ فَوَ اللّهِ إِنّكَ لَكَثِيرُ التّخَرّصِ بِكَذِبٍ فَقَالَ كَعبٌ وَ اللّهِ مَا عَلِمتُ أنَيّ‌ كَذَبتُ فِي شَيءٍ مِن


صفحه : 92

كِتَابِ اللّهِ مُنذُ جَرَي لِلّهِ عَلَيّ الحُكمُ وَ لَئِن شِئتَ لَأُلقِيَنّ عَلَيكَ شَيئاً مِن عِلمِ التّورَاةِ فَإِن فَهِمتَهُ فَأَنتَ أَعلَمُ مِنهُ وَ إِن فَهِمَ فَهُوَ أَعلَمُ مِنكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ هَاتِ بَعضَ هَنَاتِكَ فَقَالَ كَعبٌ أخَبرِنيِ‌ عَن قَولِ اللّهِوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِفَأَينَ كَانَتِ الأَرضُ وَ أَينَ كَانَتِ السّمَاءُ وَ أَينَ كَانَ جَمِيعُ خَلقِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَ مَن يَعلَمُ غَيبَ اللّهِ مِنّا إِلّا مَا سَمِعَهُ رَجُلٌ مِن نَبِيّنَا قَالَ وَ لَكِن إِخَالُ أَبَا حَسَنٍ لَو سُئِلَ عَن ذَلِكَ لَشَرَحَهُ بِمِثلِ مَا قَرَأنَاهُ فِي التّورَاةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَدُونَكَ إِذاً اختَلَفَ المَجلِسُ قَالَ فَلَمّا دَخَلَ عَلِيّ ع عَلَي عُمَرَ وَ أَصحَابِهِ أَرَادُوا إِسقَاطَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَ كَعبٌ يَا أَبَا الحَسَنِ أخَبرِنيِ‌ عَن قَولِ اللّهِ تَعَالَي فِي كِتَابِهِوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ لِيَبلُوَكُم أَيّكُم أَحسَنُ عَمَلًا قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع نَعَم كَانَ عَرشُهُ عَلَي المَاءِ حِينَ لَا أَرضٌ مَدحِيّةٌ وَ لَا سَمَاءٌ مَبنِيّةٌ وَ لَا صَوتٌ يُسمَعُ وَ لَا عَينٌ تَنبُعُ وَ لَا مَلَكٌ مُقَرّبٌ وَ لَا نبَيِ‌ّ مُرسَلٌ وَ لَا نَجمٌ يسَريِ‌ وَ لَا قَمَرٌ يجَريِ‌ وَ لَا شَمسٌ تضُيِ‌ءُ وَ عَرشُهُ عَلَي المَاءِ غَيرُ مُستَوحِشٍ إِلَي أَحَدٍ مِن خَلقِهِ يُمَجّدُ نَفسَهُ وَ يُقَدّسُهَا كَمَا شَاءَ أَن يَكُونَ كَانَ ثُمّ بَدَا لَهُ أَن يَخلُقَ الخَلقَ فَضَرَبَ بِأَموَاجِ البُحُورِ فَثَارَ مِنهَا مِثلُ الدّخَانِ كَأَعظَمِ مَا يَكُونُ مِن خَلقِ اللّهِ فَبَنَي بِهَا سَمَاءً رَتقاً ثُمّ دَحَا الأَرضَ مِن مَوضِعِ الكَعبَةِ وَ هيِ‌َ وَسَطُ الأَرضِ فَطَبَقَت إِلَي البِحَارِ ثُمّ فَتَقَهَا بِالبُنيَانِ وَ جَعَلَهَا سَبعاً بَعدَ إِذ كَانَت وَاحِدَةًثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ هيِ‌َ دُخانٌ مِن ذَلِكَ المَاءِ ألّذِي أَنشَأَهُ مِن تِلكَ البُحُورِ فَجَعَلَهَا سَبعاً طِبَاقاً بِكَلِمَتِهِ التّيِ‌ لَا يَعلَمُهَا غَيرُهُ وَ جَعَلَ فِي كُلّ سَمَاءٍ سَاكِناً مِنَ المَلَائِكَةِ خَلَقَهُم مَعصُومِينَ مِن نُورٍ مِن بُحُورٍ عَذَبَةٍ وَ هُوَ بَحرُ الرّحمَةِ وَ جَعَلَ طَعَامَهُمُ التّسبِيحَ وَ التّهلِيلَ وَ التّقدِيسَ فَلَمّا قَضَي أَمرَهُ


صفحه : 93

وَ خَلقَهُ استَوَي عَلَي مُلكِهِ فَمُدِحَ كَمَا ينَبغَيِ‌ لَهُ أَن يُحمَدَ ثُمّ قَدّرَ مُلكَهُ فَجَعَلَ فِي كُلّ سَمَاءٍ شُهُباً مُعَلّقَةً كَوَاكِبَ كَتَعلِيقِ القَنَادِيلِ مِنَ المَسَاجِدِ لَا يُحصِيهَا غَيرُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي وَ النّجمُ مِن نُجُومِ السّمَاءِ كَأَكبَرِ مَدِينَةٍ فِي الأَرضِ ثُمّ خَلَقَ الشّمسَ وَ القَمَرَ فَجَعَلَهُمَا شَمسَينِ فَلَو تَرَكَهُمَا تَبَارَكَ وَ تَعَالَي كَمَا كَانَ ابتَدَأَهُمَا فِي أَوّلِ مَرّةٍ لَم يُعرَف خِلقَةُ اللّيلِ مِنَ النّهَارِ وَ لَا عُرِفَ الشّهرُ وَ لَا السّنَةُ وَ لَا عُرِفَ الشّتَاءُ مِنَ الصّيفِ وَ لَا عُرِفَ الرّبِيعُ مِنَ الخَرِيفِ وَ لَا عَلِمَ أَصحَابُ الدّينِ مَتَي يَحُلّ دَينُهُم وَ لَا عَلِمَ العَامِلُ مَتَي يَتَصَرّفُ فِي مَعِيشَتِهِ وَ مَتَي يَسكُنُ لِرَاحَةِ بَدَنِهِ فَكَانَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لِرَأفَتِهِ بِعِبَادِهِ نَظَرَ لَهُم فَبَعَثَ جَبرَئِيلَ ع إِلَي إِحدَي الشّمسَينِ فَمَسَحَ بِهَا جَنَاحَهُ فَأَذهَبَ مِنهَا الشّعَاعَ وَ النّورَ وَ تَرَكَ فِيهَا الضّوءَ فَذَلِكَ قَولُهُوَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةً لِتَبتَغُوا فَضلًا مِن رَبّكُم وَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ وَ كُلّ شَيءٍ فَصّلناهُ تَفصِيلًا وَ جَعَلَهُمَا يَجرِيَانِ فِي الفَلَكِ وَ الفَلَكُ بَحرٌ فِيمَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ مُستَطِيلٌ فِي السّمَاءِ استِطَالَتُهُ ثَلَاثَةُ فَرَاسِخَ يجَريِ‌ فِي غَمرَةِ الشّمسِ وَ القَمَرِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا عَلَي عَجَلَةٍ يَقُودُهُمَا ثَلَاثُمِائَةِ مَلَكٍ بِيَدِ كُلّ مَلَكٍ مِنهَا عُروَةٌ يَجُرّونَهَا فِي غَمرَةِ ذَلِكَ البَحرِ لَهُم زَجَلٌ بِالتّهلِيلِ وَ التّسبِيحِ وَ التّقدِيسِ لَو بَرَزَ وَاحِدٌ مِنهُمَا مِن غَمرِ ذَلِكَ البَحرِ لَاحتَرَقَ كُلّ شَيءٍ عَلَي وَجهِ الأَرضِ حَتّي الجِبَالُ وَ الصّخُورُ وَ مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيءٍ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ اللّيلَ وَ النّهَارَ وَ النّجُومَ وَ الفَلَكَ وَ جَعَلَ الأَرَضِينَ عَلَي ظَهرِ حُوتٍ أَثقَلَهَا فَاضطَرَبَت فَأَثبَتَهَا بِالجِبَالِ فَلَمّا استَكمَلَ خَلقَ مَا فِي السّمَاوَاتِ


صفحه : 94

وَ الأَرضُ يَومَئِذٍ خَالِيَةٌ لَيسَ فِيهَا أَحَدٌ قَالَ لِلمَلَائِكَةِإنِيّ‌ جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها وَ يَسفِكُ الدّماءَ وَ نَحنُ نُسَبّحُ بِحَمدِكَ وَ نُقَدّسُ لَكَ قالَ إنِيّ‌ أَعلَمُ ما لا تَعلَمُونَفَبَعَثَ اللّهُ جَبرَئِيلَ ع فَأَخَذَ مِن أَدِيمِ الأَرضِ قَبضَةً فَعَجَنَهُ بِالمَاءِ العَذبِ وَ المَالِحِ وَ رَكّبَ فِيهِ الطّبَائِعَ قَبلَ أَن يَنفُخَ فِيهِ الرّوحَ فَخَلَقَهُ مِن أَدِيمِ الأَرضِ فَلِذَلِكَ سمُيّ‌َ آدَمَ لِأَنّهُ لَمّا عُجِنَ بِالمَاءِ استَأدَمَ فَطَرَحَهُ فِي الجَبلِ كَالجَبلِ العَظِيمِ وَ كَانَ إِبلِيسُ يَومَئِذٍ خَازِناً عَلَي السّمَاءِ الخَامِسَةِ يَدخُلُ فِي مَنخِرِ آدَمَ ثُمّ يَخرُجُ مِن دُبُرِهِ ثُمّ يَضرِبُ بِيَدِهِ عَلَي بَطنِهِ فَيَقُولُ لأِيَ‌ّ أَمرٍ خُلِقتَ لَئِن جُعِلتَ فوَقيِ‌ لَا أَطَعتُكَ وَ إِن جُعِلتَ أَسفَلَ منِيّ‌ لَا أُعِينُكَ فَمَكَثَ فِي الجَنّةِ أَلفَ سَنَةٍ مَا بَينَ خَلقِهِ إِلَي أَن يُنفَخَ فِيهِ الرّوحُ فَخَلَقَهُ مِن مَاءٍ وَ طِينٍ وَ نُورٍ وَ ظُلمَةٍ وَ رِيحٍ وَ نُورٍ مِن نُورِ اللّهِ فَأَمّا النّورُ فَيُورِثُهُ الإِيمَانَ وَ أَمّا الظّلمَةُ فَيُورِثُهُ الكُفرَ وَ الضّلَالَةَ وَ أَمّا الطّينُ فَيُورِثُهُ الرّعدَةَ وَ الضّعفَ وَ الِاقشِعرَارَ عِندَ إِصَابَةِ المَاءِ فَيُنعَتُ بِهِ عَلَي أَربَعِ الطّبَائِعِ عَلَي الدّمِ وَ البَلغَمِ وَ المِرَارِ وَ الرّيحِ فَذَلِكَ قَولُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيأَ وَ لا يَذكُرُ الإِنسانُ أَنّا خَلَقناهُ مِن قَبلُ وَ لَم يَكُ شَيئاً قَالَ فَقَالَ كَعبٌ يَا عُمَرُ بِاللّهِ أَ تَعلَمُ كَعِلمِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَا فَقَالَ كَعبٌ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع وصَيِ‌ّ الأَنبِيَاءِ وَ مُحَمّدٌ خَاتَمُ الأَنبِيَاءِ ع وَ عَلِيّ خَاتَمُ الأَوصِيَاءِ وَ لَيسَ عَلَي الأَرضِ اليَومَ مَنفُوسَةٌ إِلّا وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ أَعلَمُ مِنهُ وَ اللّهِ مَا ذَكَرَ مِن خَلقِ الإِنسِ وَ الجِنّ وَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ المَلَائِكَةِ شَيئاً إِلّا وَ قَد قَرَأتُهُ فِي التّورَاةِ كَمَا قَرَأَ قَالَ فَمَا رئُيِ‌َ عُمَرُ غَضِبَ قَطّ مِثلَ غَضَبِهِ ذَلِكَ اليَومَ

بيان الخرص الكذب والقول بالظن والتخرص الافتراء بعض


صفحه : 95

هناتك أي شرورك أوكلماتك العجيبة ولكن إخال بكسر الهمزة و قدتفتح أي أظن ثم فتقها بالبنيان لعل المراد جعل الفرج بين قطعاتها فصارت كالبنيان أوجعل فيهاالبناء والعمارة فقسمت بالأقاليم علي قول والجبل بالفتح الساحة و كان في الخبر تصحيفات و هومشتمل علي رموز ولعلنا نتكلم في بعض أجزائه في موضع يناسبه

80- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن سَهلٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ عَن دَاوُدَ الرقّيّ‌ّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ فَقَالَ مَا يَقُولُونَ قُلتُ يَقُولُونَ إِنّ العَرشَ كَانَ عَلَي المَاءِ وَ الرّبّ فَوقَهُ فَقَالَ كَذَبُوا مَن زَعَمَ هَذَا فَقَد صَيّرَ اللّهَ مَحمُولًا وَ وَصَفَهُ بِصِفَةِ المَخلُوقِ وَ لَزِمَهُ أَنّ الشيّ‌ءَ ألّذِي يَحمِلُهُ أَقوَي مِنهُ قُلتُ بَيّن لِي جُعِلتُ فِدَاكَ فَقَالَ إِنّ اللّهَ حَمّلَ دِينَهُ وَ عِلمَهُ المَاءَ قَبلَ أَن تَكُونَ أَرضٌ أَو سَمَاءٌ أَو جِنّ أَو إِنسٌ أَو شَمسٌ أَو قَمَرٌ فَلَمّا أَرَادَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ نَثَرَهُم بَينَ يَدَيهِ فَقَالَ لَهُم مَن رَبّكُم فَأَوّلُ مَن نَطَقَ رَسُولُ اللّهِص وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَ الأَئِمّةُ ع فَقَالُوا أَنتَ رَبّنَا فَحَمّلَهُمُ العِلمَ وَ الدّينَ ثُمّ قَالَ لِلمَلَائِكَةِ هَؤُلَاءِ حَمَلَةُ ديِنيِ‌ وَ علِميِ‌ وَ أمُنَاَئيِ‌ فِي خلَقيِ‌ وَ هُمُ المَسئُولُونَ ثُمّ قَالَ لبِنَيِ‌ آدَمَ أَقِرّوا لِلّهِ بِالرّبُوبِيّةِ وَ لِهَؤُلَاءِ النّفَرِ بِالوَلَايَةِ وَ الطّاعَةِ فَقَالُوا نَعَم رَبّنَا أَقرَرنَا فَقَالَ اللّهُ لِلمَلَائِكَةِ اشهَدُوا فَقَالَتِ المَلَائِكَةُ شَهِدنَا عَلَي أَن لَا يَقُولُوا غَداًإِنّا كُنّا عَن هذا غافِلِينَ أَو يَقُولُواإِنّما أَشرَكَ آباؤُنا مِن قَبلُ وَ كُنّا ذُرّيّةً مِن بَعدِهِم أَ فَتُهلِكُنا بِما فَعَلَ المُبطِلُونَ يَا دَاوُدُ وَلَايَتُنَا مُؤَكّدَةٌ عَلَيهِم فِي المِيثَاقِ

التوحيد، عن علي بن أحمدالدقاق عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي‌ عن


صفحه : 96

محمد بن إسماعيل البرمكي‌ عن جزعان بن نصر الكندي‌ عن سهل مثله بيان ظاهره أن الله سبحانه أعطي الماء حالة صار قابلا لحمل دينه وعلمه ويحتمل أن يكون المعني أنه لما كان الماء أول المخلوقات و كان الله تعالي جعله قابلا لأن يخرج منه خلقا يكونون قابلين لعلمه ودينه و كان يهيئ أسباب خروجهم منه فكأنه حمل دينه وعلمه الماء و من يسلك مسلك الحكماء قديؤول الماء بالعقل و قديؤوله بالهيولي ونحن من ذلك بمعزل بفضله تعالي

81-الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ دَاوُدَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَطِيّةَ قَالَجَاءَ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ ع رَجُلٌ مِن أَهلِ الشّامِ مِن عُلَمَائِهِم فَقَالَ يَا أَبَا جَعفَرٍ جِئتُ أَسأَلُكَ عَن مَسأَلَةٍ قَد أَعيَت عَلَيّ أَن أَجِدَ أَحَداً يُفَسّرُهَا وَ قَد سَأَلتُ عَنهَا ثَلَاثَةَ أَصنَافٍ مِنَ النّاسِ فَقَالَ كُلّ صِنفٍ مِنهُم شَيئاً غَيرَ ألّذِي قَالَ الصّنفُ الآخَرُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعفَرٍ ع مَا ذَاكَ قَالَ فإَنِيّ‌ أَسأَلُكَ عَن أَوّلِ مَا خَلَقَ اللّهُ مِن خَلقِهِ فَإِنّ بَعضَ مَن سَأَلتُهُ قَالَ القَدَرُ وَ قَالَ بَعضُهُمُ القَلَمُ وَ قَالَ بَعضُهُمُ الرّوحُ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ مَا قَالُوا شَيئاً أُخبِرُكَ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي كَانَ وَ لَا شَيءَ غَيرُهُ وَ كَانَ عَزِيزاً وَ لَا أَحَدَ كَانَ قَبلَ عِزّهِ وَ ذَلِكَ قَولُهُسُبحانَ رَبّكَ رَبّ العِزّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَ كَانَ الخَالِقُ قَبلَ المَخلُوقِ وَ لَو كَانَ أَوّلُ مَا خَلَقَ مِن خَلقِهِ الشيّ‌ءَ مِنَ الشيّ‌ءِ إِذاً لَم يَكُن لَهُ انقِطَاعٌ أَبَداً وَ لَم يَزَلِ اللّهُ إِذاً وَ مَعَهُ شَيءٌ لَيسَ هُوَ يَتَقَدّمُهُ وَ لَكِنّهُ كَانَ إِذ لَا شَيءَ غَيرُهُ وَ خَلَقَ الشيّ‌ءَ ألّذِي جَمِيعُ


صفحه : 97

الأَشيَاءِ مِنهُ وَ هُوَ المَاءُ ألّذِي خَلَقَ الأَشيَاءَ مِنهُ فَجَعَلَ نَسَبَ كُلّ شَيءٍ إِلَي المَاءِ وَ لَم يَجعَل لِلمَاءِ نَسَباً يُضَافُ إِلَيهِ وَ خَلَقَ الرّيحَ مِنَ المَاءِ ثُمّ سَلّطَ الرّيحَ عَلَي المَاءِ فَشَقّقَتِ الرّيحُ مَتنَ المَاءِ حَتّي ثَارَ مِنَ المَاءِ زَبَدٌ عَلَي قَدرِ مَا شَاءَ أَن يَثُورَ فَخَلَقَ مِن ذَلِكَ الزّبَدِ أَرضاً بَيضَاءَ نَقِيّةً لَيسَ فِيهَا صَدعٌ وَ لَا ثَقبٌ وَ لَا صُعُودٌ وَ لَا هُبُوطٌ وَ لَا شَجَرَةٌ ثُمّ طَوَاهَا فَوَضَعَهَا فَوقَ المَاءِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ النّارَ مِنَ المَاءِ فَشَقّقَتِ النّارُ مَتنَ المَاءِ حَتّي ثَارَ مِنَ المَاءِ دُخَانٌ عَلَي قَدرِ مَا شَاءَ اللّهُ أَن يَثُورَ فَخَلَقَ مِن ذَلِكَ الدّخَانِ سَمَاءً صَافِيَةً نَقِيّةً لَيسَ فِيهَا صَدعٌ وَ لَا نَقبٌ وَ ذَلِكَ قَولُهُأَمِ السّماءُ بَناها رَفَعَ سَمكَها فَسَوّاها وَ أَغطَشَ لَيلَها وَ أَخرَجَ ضُحاها قَالَ وَ لَا شَمسٌ وَ لَا قَمَرٌ وَ لَا نُجُومٌ وَ لَا سَحَابٌ ثُمّ طَوَاهَا فَوَضَعَهَا فَوقَ الأَرضِ ثُمّ نَسَبَ الخَلِيقَتَينِ فَرَفَعَ السّمَاءَ قَبلَ الأَرضِ فَذَلِكَ قَولُهُ عَزّ ذِكرُهُوَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاها يَقُولُ بَسَطَهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ الشاّميِ‌ّ يَا أَبَا جَعفَرٍ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّأَ وَ لَم يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّ السّماواتِ وَ الأَرضَ كانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُما فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعفَرٍ ع فَلَعَلّكَ تَزعُمُ أَنّهُمَا كَانَتَا رَتقاً مُلتَزِقَتَينِ مُلتَصِقَتَينِ فَفُتِقَت إِحدَاهُمَا مِنَ الأُخرَي فَقَالَ نَعَم فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع استَغفِر رَبّكَ فَإِنّ قَولَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّكانَتا رَتقاً يَقُولُ كَانَتِ السّمَاءُ رَتقاً لَا تُنزِلُ المَطَرَ وَ كَانَتِ الأَرضُ رَتقاً لَا تُنبِتُ الحَبّ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي الخَلقَوَ بَثّ فِيها مِن كُلّ دَابّةٍفَفَتَقَ السّمَاءَ بِالمَطَرِ وَ الأَرضَ بِنَبَاتِ الحَبّ فَقَالَ الشاّميِ‌ّ أَشهَدُ أَنّكَ مِن وُلدِ الأَنبِيَاءِ وَ أَنّ عِلمَكَ عِلمُهُم

توضيح قوله ع و لو كان أول ماخلق أي لو كان كماتزعمه الحكماء كل حادث مسبوقا بمادة فلايتحقق شيء يكون أول الأشياء من الحوادث فيلزم وجود قديم سوي الله تعالي و هومحال فجعل نسب كل شيء إلي الماء أي


صفحه : 98

بأن خلق جميعها منه لابقوله وَ جَعَلنا مِنَ الماءِ كُلّ شَيءٍ حيَ‌ّلأنه ظاهرا مختص بذوي‌ الحياة إلا أن يقال المراد بكل شيءهنا أيضا ذوو الحياة أويقال انتساب ذوي‌ الحياة إليه مستلزم لانتساب غيرهم أيضا من العناصر لأنها جزء الحيوان ثم نسب الخليقتين أي رتبهما في الوضع وجعل إحداهما فوق الأخري أو بين نسبة خلقهما في كتابه بقوله وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاهافبين أن دحو الأرض بعدرفع السماء

82- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ العَلَاءِ بنِ رَزِينٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ وَ الحَجّالِ عَنِ العَلَاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعفَرٍ ع كَانَ كُلّ شَيءٍ مَاءًوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِفَأَمَرَ اللّهُ جَلّ وَ عَزّ المَاءَ فَاضطَرَمَ نَاراً ثُمّ أَمَرَ النّارَ فَخَمَدَت فَارتَفَعَ مِن خُمُودِهَا دُخَانٌ فَخَلَقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ مِن ذَلِكَ الدّخَانِ وَ خَلَقَ الأَرضَ مِنَ الرّمَادِ ثُمّ اختَصَمَ المَاءُ وَ النّارُ وَ الرّيحُ فَقَالَ المَاءُ أَنَا جُندُ اللّهِ الأَكبَرُ وَ قَالَ الرّيحُ أَنَا جُندُ اللّهِ الأَكبَرُ وَ قَالَتِ النّارُ أَنَا جُندُ اللّهِ الأَكبَرُ فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي الرّيحِ أَنتِ جنُديِ‌َ الأَكبَرُ

بيان وخلق الأرض من الرماد لعل المراد بقية الأرض التي‌ حصلت بعدالدحو ويحتمل أيضا أن يكون الزبد المذكور في الأخبار الأخر مادة بعيدة للأرض بأن يكون الرماد تكون من الزبد و من الرماد تكونت الأرض أو يكون الرماد أحد أجزاء الأرض مزج بالزبد فجمد الزبد بذلك المزج وتصلب

83- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ الأَحوَلِ عَن سَلّامِ بنِ المُستَنِيرِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ الجَنّةَ قَبلَ أَن يَخلُقَ النّارَ وَ خَلَقَ الطّاعَةَ قَبلَ أَن يَخلُقَ المَعصِيَةَ وَ خَلَقَ الرّحمَةَ قَبلَ الغَضَبِ وَ خَلَقَ الخَيرَ قَبلَ الشّرّ وَ خَلَقَ الأَرضَ قَبلَ السّمَاءِ وَ خَلَقَ الحَيَاةَ قَبلَ المَوتِ وَ خَلَقَ الشّمسَ قَبلَ القَمَرِ وَ خَلَقَ النّورَ قَبلَ أَن يَخلُقَ الظّلمَةَ


صفحه : 99

بيان لعل المراد بخلق الطاعة تقديرها بل الظاهر في الأكثر ذلك والخلق بمعني التقدير شائع والمراد بخلق الشر خلق مايترتب عليه شر ظاهرا و إن كان خيره غالبا ووجوده صلاحا

84-الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن هَارُونَ بنِ مُسلِمٍ عَن مَسعَدَةَ بنِ صَدَقَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ النّبِيّص مَا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ خَلقاً إِلّا وَ قَد أَمّرَ عَلَيهِ آخَرَ يَغلِبُهُ فِيهِ وَ ذَلِكَ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَمّا خَلَقَ السّحَابَ السّفلَي فَخَرَت وَ زَخَرَت وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ الأَرضَ فَسَطَحَهَا عَلَي ظَهرِهَا فَذَلّت ثُمّ إِنّ الأَرضَ فَخَرَت وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ الجِبَالَ فَأَثبَتَهَا عَلَي ظَهرِهَا أَوتَاداً مِن أَن تَمِيدَ بِمَا عَلَيهَا فَذَلّتِ الأَرضُ وَ استَقَرّت ثُمّ إِنّ الجِبَالَ فَخَرَت عَلَي الأَرضِ فَشَمَخَت وَ استَطَالَت وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ الحَدِيدَ فَقَطَعَهَا فَقَرّتِ الجِبَالُ وَ ذَلّت ثُمّ إِنّ الحَدِيدَ فَخَرَ عَلَي الجِبَالِ وَ قَالَ أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ النّارَ فَأَذَابَتِ الحَدِيدَ فَذَلّ الحَدِيدُ ثُمّ إِنّ النّارَ زَفَرَت وَ شَهَقَت وَ فَخَرَت وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ المَاءَ فَأَطفَأَهَا فَذَلّتِ النّارُ ثُمّ إِنّ المَاءَ فَخَرَ وَ زَخَرَ وَ قَالَ أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ الرّيحَ فَحَرّكَت أَموَاجَهُ وَ أَثَارَت مَا فِي قَعرِهِ وَ حَبَسَتهُ عَن مَجَارِيهِ فَذَلّ المَاءُ ثُمّ إِنّ الرّيحَ فَخَرَت وَ عَصَفَت وَ لَوّحَت أَذيَالَهَا وَ قَالَت أَيّ شَيءٍ يغَلبِنُيِ‌ فَخَلَقَ الإِنسَانَ فَبَنَي وَ احتَالَ وَ اتّخَذَ مَا يَستَتِرُ بِهِ مِنَ الرّيحِ وَ غَيرِهَا فَذَلّتِ الرّيحُ ثُمّ إِنّ الإِنسَانَ طَغَي وَ قَالَ مَن أَشَدّ منِيّ‌ قُوّةً فَخَلَقَ اللّهُ لَهُ المَوتَ فَقَهَرَهُ فَذَلّ الإِنسَانُ ثُمّ إِنّ المَوتَ فَخَرَ فِي نَفسِهِ فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَا تَفخَر فإَنِيّ‌ ذَابِحُكَ بَينَ الفَرِيقَينِ أَهلِ الجَنّةِ وَ أَهلِ النّارِ ثُمّ لَا أُحيِيكَ أَبَداً فَتُرجَي وَ تُخَافُ وَ قَالَ أَيضاً وَ الحِلمُ يَغلِبُ الغَضَبَ


صفحه : 100

وَ الرّحمَةُ تَغلِبُ السّخَطَ وَ الصّدَقَةُ تَغلِبُ الخَطِيئَةَ ثُمّ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع وَ مَا أَشبَهَ هَذَا مِمّا يَغلِبُ غَيرَهُ

إيضاح في القاموس زخر البحر كمنع زخرا وزخورا وتزخر طما وتملأ والوادي‌ مد جدا وارتفع والنبات طال و الرجل بما عنده فخر انتهي والظاهر أن هذه الجمل جرت علي سبيل الاستعارة التمثيلية لبيان أن سوي الحق تعالي مقهور مغلوب عن غيره و الله سبحانه هوالغالب القاهر لجميع ماسواه و أنه سبحانه بحكمته دفع في الدنيا عادية كل شيءبشي‌ء ليستقيم للناس التعيش فيها والميل الحركة والاضطراب . و قال الجوهري‌ الزفير اغتراق النفس للشدة والزفير أول صوت الحمار والشهيق آخره و قال الفيروزآبادي‌ زفر النار سمع لتوقدها صوت قوله ع إن الماء فخر لعل المراد بالماء هاهنا المياه التي‌ استكنت في الأرض وخلقت علي وجهها ولذا قيد الماء في أول الخبر بالبحار السفلي وغلبة الأرض إنما هي‌ عليها دون المياه الظاهرة فلاينافي‌ تأخر خلق هذاالماء عن كثير من الأشياء تقدم خلق أصل الماء وحقيقته علي غيره من سائر الأشياء. قوله وعصفت أي اشتدت ولوحت أذيالها أي رفعتها وحركتها تبخترا وتكبرا و هذا من أحسن الاستعارات فترجي أوتخاف أي لاأحييك فتكون حياتك رجاء لأهل النار وخوفا لأهل الجنة وذبح الموت لعل المراد به ذبح شيءيسمي بهذا الاسم ليعرف الفريقان رفع الموت عنهما عيانا إن لم نقل بتجسم الأعراض في تلك النشأة ويحتمل أن يكون هذاأيضا علي الاستعارة التمثيلية


صفحه : 101

85- الإِختِصَاصُ، قَالَ يُونُسُ بنُ عَبدِ الرّحمَنِ يَوماً لِمُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع أَينَ كَانَ رَبّكَ حَيثُ لَا سَمَاءٌ مَبنِيّةٌ وَ لَا أَرضٌ مَدحِيّةٌ قَالَ كَانَ نُوراً فِي نُورٍ وَ نُوراً عَلَي نُورٍ خَلَقَ مِن ذَلِكَ النّورِ مَاءً مُنكَدِراً فَخَلَقَ مِن ذَلِكَ المَاءِ ظُلمَةً فَكَانَ عَرشُهُ عَلَي تِلكَ الظّلمَةِ قَالَ إِنّمَا سَأَلتُكَ عَنِ المَكَانِ قَالَ كُلّ مَا قُلتُ أَينَ فَأَينَ هُوَ المَكَانُ قَالَ وَصَفتَ فَأَجَدتَ إِنّمَا سَأَلتُكَ عَنِ المَكَانِ المَوجُودِ المَعرُوفِ قَالَ كَانَ فِي عِلمِهِ لِعِلمِهِ فَقَصُرَ عِلمُ العُلَمَاءِ عِندَ عِلمِهِ قَالَ إِنّمَا سَأَلتُكَ عَنِ المَكَانِ قَالَ يَا لُكَعُ أَ لَيسَ قَد أَجَبتُكَ أَنّهُ كَانَ فِي عِلمِهِ لِعِلمِهِ فَقَصُرَ عِلمُ العُلَمَاءِ عِندَ عِلمِهِ

86-سَعدُ السّعُودِ،لِلسّيّدِ بنِ طَاوُسٍ قَالَوَجَدتُ فِي صُحُفِ إِدرِيسَ ع مِن نُسخَةٍ عَتِيقَةٍ أَوّلُ يَومٍ خَلَقَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ يَومُ الأَحَدِ ثُمّ كَانَ صَبَاحُ يَومِ الإِثنَينِ فَجَمَعَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ البِحَارَ حَولَ الأَرضِ وَ جَعَلَهَا أَربَعَةَ بِحَارٍ الفُرَاتَ وَ النّيلَ وَ سَيحَانَ وَ جَيحَانَ ثُمّ كَانَ مَسَاءُ لَيلَةِ الثّلَاثَاءِ فَجَاءَ اللّيلُ بِظُلمَتِهِ وَ وَحشَتِهِ ثُمّ كَانَ صَبَاحُ يَومِ الثّلَاثَاءِ فَخَلَقَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ شَرَحَ ذَلِكَ وَ مَا بَعدَهُ شَرحاً طَوِيلًا وَ قَالَ ثُمّ كَانَ مَسَاءُ لَيلَةِ الأَربِعَاءِ فَخَلَقَ اللّهُ أَلفَ أَلفِ صِنفٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مِنهُم عَلَي خَلقِ الغَمَامِ وَ مِنهُم عَلَي خَلقِ النّارِ مُتَفَاوِتِينَ فِي الخَلقِ وَ الأَجنَاسِ ثُمّ كَانَ صَبَاحُ يَومِ الأَربِعَاءِ فَخَلَقَ اللّهُ مِنَ المَاءِ أَصنَافَ البَهَائِمِ وَ الطّيرِ وَ جَعَلَ لَهُنّ رِزقاً فِي الأَرضِ وَ خَلَقَ النّارَ العِظَامَ وَ أَجنَاسَ الهَوَامّ ثُمّ كَانَ مَسَاءُ لَيلَةِ الخَمِيسِ فَمَيّزَ اللّهُ سِبَاعَ الدّوَابّ وَ سِبَاعَ الطّيرِ ثُمّ كَانَ صَبَاحُ يَومِ الخَمِيسِ فَخَلَقَ اللّهُ ثَمَانَ جِنَانٍ وَ جَعَلَ كُلّ بَابِ وَاحِدَةٍ مِنهُنّ إِلَي بَعضٍ ثُمّ كَانَ مَسَاءُ لَيلَةِ الجُمُعَةِ فَخَلَقَ اللّهُ النّورَ الزّهرَاءَ وَ فَتَحَ اللّهُ مِائَةَ بَابِ رَحمَةٍ فِي كُلّ بَابٍ جُزءٌ مِنَ الرّحمَةِ وَ وَكّلَ بِكُلّ بَابٍ أَلفاً مِن مَلَائِكَةِ الرّحمَةِ وَ جَعَلَ رَئِيسَهُم كُلّهِم مِيكَائِيلَ فَجَعَلَ آخِرَهَا بَاباً لِجَمِيعِ الخَلَائِقِ يَتَرَاحَمُونَ بِهِ بَينَهُم ثُمّ كَانَ صَبَاحُ يَومِ الجُمُعَةِ فَتَحَ اللّهُ أَبوَابَ السّمَاءِ بِالغَيثِ وَ أَهَبّ الرّيَاحَ


صفحه : 102

وَ أَنشَأَ السّحَابَ وَ أَرسَلَ مَلَائِكَةَ الرّحمَةِ لِلأَرضِ تَأمُرُ السّحَابَ تُمطِرُ عَلَي الأَرضِ وَ زَهَرَتِ الأَرضُ بِنَبَاتِهَا وَ ازدَادَت حُسناً وَ بَهجَةً وَ غشَيِ‌َ المَلَائِكَةَ النّورُ وَ سَمّي اللّهُ يَومَ الجُمُعَةِ لِذَلِكَ يَومَ أَزهَرَ وَ يَومَ المَزِيدِ وَ قَالَ اللّهُ قَد جَعَلتُ يَومَ الجُمُعَةِ أَكرَمَ الأَيّامِ كُلّهَا وَ أَحَبّهَا إلِيَ‌ّ ثُمّ ذَكَرَ شَرحاً جَلِيلًا بَعدَ ذَلِكَ ثُمّ قَالَ إِنّ الأَرضَ عَرّفَهَا اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ أَنّهُ يَخلُقُ مِنهَا خَلقاً فَمِنهُم مَن يُطِيعُهُ وَ مِنهُم مَن يَعصِيهِ فَاقشَعَرّتِ الأَرضُ وَ استَعفَتِ اللّهَ وَ سَأَلَتهُ أَن لَا يَأخُذَ مِنهَا مَن يَعصِيهِ وَ يُدخِلَهُ النّارَ وَ إِنّ جَبرَئِيلَ أَتَاهَا لِيَأخُذَ عَنهَا طِينَةَ آدَمَ فَسَأَلَتهُ بِعِزّةِ اللّهِ أَن لَا يَأخُذَ مِنهَا شَيئاً حَتّي تَتَضَرّعَ إِلَي اللّهِ تَعَالَي وَ تَضَرّعَت فَأَمَرَهُ اللّهُ تَعَالَي بِالِانصِرَافِ عَنهَا فَأَمَرَ اللّهُ مِيكَائِيلَ ع فَاقشَعَرّت وَ سَأَلَت وَ تَضَرّعَت فَأَمَرَهُ اللّهُ تَعَالَي بِالِانصِرَافِ عَنهَا فَأَمَرَ اللّهُ تَعَالَي إِسرَافِيلَ بِذَلِكَ فَاقشَعَرّت وَ سَأَلَت وَ تَضَرّعَت فَأَمَرَهُ اللّهُ تَعَالَي بِالِانصِرَافِ عَنهَا فَأَمَرَ عِزرَائِيلَ فَاقشَعَرّت وَ سَأَلَت وَ تَضَرّعَت فَقَالَ قَد أمَرَنَيِ‌ ربَيّ‌ بِأَمرٍ أَنَا مَاضٍ لَهُ سَرّكِ ذَاكِ أَم سَاءَكِ فَقَبَضَ مِنهَا كَمَا أَمَرَهُ اللّهُ ثُمّ صَعِدَ بِهَا إِلَي مَوقِفِهِ فَقَالَ اللّهُ لَهُ كَمَا وُلّيتَ قَبضَهَا مِنَ الأَرضِ وَ هيِ‌َ كَارِهَةٌ كَذَلِكَ تلَيِ‌ قَبضَ أَروَاحِ كُلّ مَن عَلَيهَا وَ كُلّ مَا قَضَيتُ عَلَيهِ المَوتَ مِنَ اليَومِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَلَمّا غَابَت شَمسُ يَومِ الجُمُعَةِ خَلَقَ اللّهُ النّعَاسَ فَغَشّاهُ دَوَابّ الأَرضِ وَ جَعَلَ النّومَ سُبَاتاً وَ سَمّي اللّيلَةَ لِذَلِكَ لَيلَةَ السّبتِ وَ قَالَ أَنَا اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنَا خَالِقُ كُلّ شَيءٍ خَلَقتُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَوَ ما بَينَهُما وَ ما تَحتَ الثّري فِي سِتّةِ أَيّامٍ مِن شَهرِ نَيسَانَ وَ هُوَ أَوّلُ شَهرٍ مِن شُهُورِ الدّنيَا وَ جَعَلتُ اللّيلَ وَ النّهَارَ وَ جَعَلتُ النّهَارَ نُشُوراً وَ مَعَاشاً وَ جَعَلتُ اللّيلَ لِبَاساً وَ سَكَناً ثُمّ كَانَ صَبَاحُ يَومِ السّبتِ فَمَيّزَ اللّهُ لُغَاتِ الكَلَامِ فَسَبّحَ جَمِيعُ الخَلَائِقِ لِعِزّةِ اللّهِ جَلّ جَلَالُهُ فَتَمّ خَلقُ اللّهِ وَ تَمّ أَمرُهُ فِي اللّيلِ وَ النّهَارِ ثُمّ كَانَ صَبَاحُ يَومِ الأَحَدِ الثاّنيِ‌ اليَومِ الثّامِنِ مِنَ الدّنيَا فَأَمَرَ اللّهُ مَلَكاً فَعَجَنَ طِينَةَ آدَمَ فَخَلَطَ بَعضَهَا بِبَعضٍ ثُمّ خَمّرَهَا


صفحه : 103

أَربَعِينَ سَنَةً ثُمّ جَعَلَهَا لَازِباً ثُمّ جَعَلَهَا حَمَأً مَسنُوناً أَربَعِينَ سَنَةً ثُمّ جَعَلَهَا صَلصَالًا كَالفَخّارِ أَربَعِينَ سَنَةً ثُمّ قَالَ لِلمَلَائِكَةِ بَعدَ عِشرِينَ وَ مِائَةِ سَنَةٍ مُذ خُمّرَ طِينَةُ آدَمَإنِيّ‌ خالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ فَإِذا سَوّيتُهُ وَ نَفَختُ فِيهِ مِن روُحيِ‌ فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَفَقَالُوا نَعَم فَقَالَ فِي الصّحُفِ مَا هَذَا لَفظُهُ فَخَلَقَ اللّهُ آدَمَ عَلَي صُورَتِهِ التّيِ‌ صَوّرَهَا فِي اللّوحِ المَحفُوظِ يَقُولُ عَلِيّ بنُ مُوسَي بنِ طَاوُسٍ فَأَسقَطَ بَعضُ المُسلِمِينَ بَعضَ هَذَا الكَلَامِ وَ قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَي صُورَتِهِ فَاعتَقَدَ التّجسِيمَ فَاحتَاجَ المُسلِمُونَ إِلَي تَأوِيلَاتِ الحَدِيثِ وَ لَو نَقَلَهُ بِتَمَامِهِ استغُنيِ‌َ عَنِ التّأوِيلِ بِتَصدِيقٍ وَ شَهِدَ العَقلُ المُستَقِيمُ وَ قَالَ فِي الصّحُفِ ثُمّ جَعَلَهَا جَسَداً مُلقًي عَلَي طَرِيقِ المَلَائِكَةِ ألّذِي تَصعَدُ فِيهِ إِلَي السّمَاءِ أَربَعِينَ سَنَةً ثُمّ ذَكَرَ تَنَاسُلَ الجِنّ وَ فَسَادَهُم وَ هَرَبَ إِبلِيسَ مِنهُم إِلَي اللّهِ وَ سُؤَالَهُ أَن يَكُونَ مَعَ المَلَائِكَةِ وَ إِجَابَةَ سُؤَالِهِ وَ مَا وَقَعَ مِنَ الجِنّ حَتّي أَمَرَ اللّهُ إِبلِيسَ أَن يَنزِلَ مَعَ المَلَائِكَةِ لِطَردِ الجِنّ فَنَزَلَ وَ طَرَدَهُم عَنِ الأَرضِ التّيِ‌ أَفسَدُوا فِيهَا وَ شَرَحَ كَيفِيّةَ خَلقِ الرّوحِ فِي أَعضَاءِ آدَمَ وَ استِوَائِهِ جَالِساً وَ أَمَرَ اللّهُ المَلَائِكَةَ بِالسّجُودِ فَسَجَدُوا لَهُ إِلّا إِبلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنّ فَلَم يَسجُد لَهُ فَعَطَسَ آدَمُ فَقَالَ اللّهُ يَا آدَمُ قُلِالحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ فَقَالَالحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ قَالَ اللّهُ يَرحَمُكَ اللّهُ لِهَذَا خَلَقتُكَ لتِوُحَدّنَيِ‌ وَ تعَبدُنَيِ‌ وَ تحُمَدّنَيِ‌ وَ تُؤمِنَ بيِ‌ وَ لَا تَكفُرَ بيِ‌ وَ لَا تُشرِكَ بيِ‌ شَيئاً

87-أَقُولُ قَد مَرّ تَمَامُهُ فِي كِتَابِ النّبُوّةِ وَ كِتَابِ الغَيبَةِ وَ وَجَدتُ فِي بَعضِ الكُتُبِ عَنِ الصّادِقِ ع فِي كَلَامٍ لَهُفَالزَم مَا أَجمَعَ عَلَيهِ أَهلُ الصّفَاءِ وَ النّقَاءِ مِن أُصُولِ الدّينِ وَ حَقَائِقِ اليَقِينِ وَ الرّضَا وَ التّسلِيمِ وَ لَا تَدخُل فِي اختِلَافِ الخَلقِ فَيَصعُبَ عَلَيكَ وَ قَدِ اجتَمَعَتِ الأُمّةُ المُختَارَةُ بِأَنّ اللّهَ وَاحِدٌلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَ أَنّهُ


صفحه : 104

عَدَلَ فِي حُكمِهِ وَيَفعَلُ ما يَشاءُ وَيَحكُمُ ما يُرِيدُ وَ لَا يُقَالُ لَهُ فِي شَيءٍ مِن صِفَتِهِ لِمَ وَ لَا كَانَ وَ لَا يَكُونُ شَيءٌ إِلّا بِمَشِيّتِهِ وَ أَنّهُ قَادِرٌ عَلَي مَا يَشَاءُ صَادِقٌ فِي وَعدِهِ وَ وَعِيدِهِ وَ أَنّ القُرآنَ كَلَامُهُ وَ أَنّهُ كَانَ قَبلَ الكَونِ وَ المَكَانِ وَ الزّمَانِ وَ أَنّ إِحدَاثَهُ وَ إِفنَاءَهُ غَيرَهُ سَوَاءٌ مَا ازدَادَ هُوَ بِإِحدَاثِهِ عِلماً وَ لَا يَنقُصُ بِفَنَائِهِ مُلكُهُ عَزّ سُلطَانُهُ وَ جَلّ سُبحَانَهُ فَمَن أَورَدَ عَلَيكَ مَا يَنقُضُ هَذَا الأَصلَ فَلَا تَقبَلهُ الخَبَرَ

88- الأَخبَارُ المُسَلسَلَاتُ،لِجَعفَرِ بنِ أَحمَدَ القمُيّ‌ّ قَالَ حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ وَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ عَتّابُ بنُ مُحَمّدِ بنِ عَتّابٍ أَبُو القَاسِمِ قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ عَمّارٍ بِبَغدَادَ وَ قَالَ لَنَا شَبّكَ بيِدَيِ‌ مُحَمّدُ بنُ هَمّامٍ العرِاَقيِ‌ّ قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ إِسمَاعِيلُ بنُ اِبرَاهِيمَ قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ عَبدُ الكَرِيمِ بنُ هِشَامٍ قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ اِبرَاهِيمُ بنُ أَبِي يَحيَي قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ صَفوَانُ بنُ سُلَيمَانَ قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ أَيّوبُ بنُ خَالِدٍ قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ عُبَيدُ اللّهِ بنُ رَافِعٍ قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ أَبُو هُرَيرَةَ قَالَ شَبّكَ بيِدَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص وَ قَالَ خَلَقَ اللّهُ الأَرضَ يَومَ السّبتِ وَ الجِبَالَ يَومَ الأَحَدِ وَ البَحرَ يَومَ الإِثنَينِ وَ المَكرُوهَ يَومَ الثّلَاثَاءِ وَ النّورَ يَومَ الأَربِعَاءِ وَ الدّوَابّ يَومَ الخَمِيسِ وَ آدَمَ يَومَ الجُمُعَةِ

أقول الحديث ضعيف مخالف للمشهور وسائر الأخبار فلايعول عليه

89- كِتَابُ زَيدٍ النرّسيِ‌ّ، عَن عُبَيدِ بنِ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع إِذَا أَمَاتَ اللّهُ أَهلَ الأَرضِ لَبِثَ مِثلَ مَا كَانَ الخَلقُ وَ مِثلَ مَا أَمَاتَهُم وَ أَضعَافَ ذَلِكَ ثُمّ


صفحه : 105

أَمَاتَ أَهلَ السّمَاءِ الدّنيَا ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ مَا أَمَاتَ أَهلَ الأَرضِ وَ السّمَاءِ الدّنيَا وَ أَضعَافَ ذَلِكَ ثُمّ أَمَاتَ أَهلَ السّمَاءِ الثّانِيَةِ ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ مَا أَمَاتَ أَهلَ الأَرضِ وَ السّمَاءِ الدّنيَا وَ السّمَاءِ الثّانِيَةِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ ثُمّ أَمَاتَ أَهلَ السّمَاءِ الثّالِثَةِ ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ مَا أَمَاتَ أَهلَ الأَرضِ وَ السّمَاءِ الدّنيَا وَ السّمَاءِ الثّانِيَةِ وَ السّمَاءِ الثّالِثَةِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ ثُمّ أَمَاتَ أَهلَ السّمَاءِ الرّابِعَةِ ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ مَا أَمَاتَ أَهلَ الأَرضِ وَ أَهلَ السّمَاءِ الدّنيَا وَ السّمَاءِ الثّانِيَةِ وَ السّمَاءِ الثّالِثَةِ وَ السّمَاءِ الرّابِعَةِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ ثُمّ أَمَاتَ أَهلَ السّمَاءِ الخَامِسَةِ ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الأَرضَ وَ مِثلَ مَا أَمَاتَ أَهلَ الأَرضِ وَ أَهلَ السّمَاءِ الدّنيَا وَ الثّانِيَةِ وَ الثّالِثَةِ وَ الرّابِعَةِ وَ الخَامِسَةِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ ثُمّ أَمَاتَ أَهلَ السّمَاءِ السّادِسَةِ ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ مَا أَمَاتَ أَهلَ الأَرضِ وَ أَهلَ السّمَاءِ الدّنيَا وَ الثّانِيَةِ وَ الثّالِثَةِ وَ الرّابِعَةِ وَ الخَامِسَةِ وَ السّادِسَةِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ ثُمّ أَمَاتَ أَهلَ السّمَاءِ السّابِعَةِ ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ مَا أَمَاتَ أَهلَ الأَرضِ وَ أَهلَ السّمَاوَاتِ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ ثُمّ أَمَاتَ مِيكَائِيلَ ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ ذَلِكَ كُلّهِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ كُلّهِ ثُمّ أَمَاتَ جَبرَئِيلَ ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ ذَلِكَ كُلّهِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ كُلّهِ ثُمّ أَمَاتَ إِسرَافِيلَ ثُمّ لَبِثَ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ ذَلِكَ كُلّهِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ كُلّهِ ثُمّ أَمَاتَ مَلَكَ المَوتِ قَالَ ثُمّ يَقُولُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لِمَنِ المُلكُ اليَومَ فَيَرُدّ عَلَي نَفسِهِ لِلّهِ الوَاحِدِ القَهّارِ أَينَ الجَبّارُونَ أَينَ الّذِينَ ادّعَوا معَيِ‌ إِلَهاً أَينَ المُتَكَبّرُونَ وَ نَحوَ هَذَا ثُمّ يَلبَثُ مِثلَ مَا خَلَقَ الخَلقَ وَ مِثلَ ذَلِكَ كُلّهِ وَ أَضعَافَ ذَلِكَ ثُمّ يَبعَثُ الخَلقَ أَو يَنفُخُ فِي الصّورِ قَالَ عُبَيدُ بنُ زُرَارَةَ فَقُلتُ إِنّ هَذَا الأَمرَ كَائِنٌ طَوّلتَ ذَلِكَ فَقَالَ أَ رَأَيتَ مَا كَانَ قَبلَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ أَطوَلُ أَو ذَا قَالَ قُلتُ ذَا قَالَ فَهَل عَلِمتَ بِهِ قَالَ قُلتُ لَا قَالَ فَكَذَلِكَ هَذَا

بيان الخبر صريح في الحدوث و قوله قلت ذا الظاهر أنه إشارة إلي المدة


صفحه : 106

قبل خلق الخلق ويدل علي الزمان الموهوم

90-النهج ،[نهج البلاغة]رَوَي مَسعَدَةُ بنُ صَدَقَةَ عَنِ الصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع أَنّهُ قَالَخَطَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ ع بِهَذِهِ الخُطبَةِ عَلَي مِنبَرِ الكُوفَةِ وَ ذَلِكَ أَنّ رَجُلًا أَتَاهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ صِف لَنَا رَبّنَا لِنَزدَادَ لَهُ حُبّاً وَ بِهِ مَعرِفَةً فَغَضِبَ ع وَ نَادَي الصّلَاةُ جَامِعَةً فَاجتَمَعَ النّاسُ عَلَيهِ حَتّي غَصّ المَسجِدُ بِأَهلِهِ فَصَعِدَ المِنبَرَ وَ هُوَ مُغضَبٌ مُتَغَيّرُ اللّونِ فَحَمِدَ اللّهَ سُبحَانَهُ وَ صَلّي عَلَي النّبِيّص ثُمّ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا يَفِرُهُ المَنعُ وَ لَا يُكدِيهِ الإِعطَاءُ وَ الجُودُ إِذ كُلّ مُعطٍ مُنتَقِصٌ سِوَاهُ وَ كُلّ مَانِعٍ مَذمُومٌ مَا خَلَاهُ وَ هُوَ المَنّانُ بِفَوَائِدِ النّعَمِ وَ عَوَائِدِ المَزِيدِ وَ القِسَمِ عِيَالُهُ الخَلَائِقُ ضَمِنَ أَرزَاقَهُم وَ قَدّرَ أَقوَاتَهُم وَ نَهَجَ سَبِيلَ الرّاغِبِينَ إِلَيهِ وَ الطّالِبِينَ مَا لَدَيهِ وَ لَيسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجوَدَ مِنهُ بِمَا لَم يُسأَل الأَوّلُ ألّذِي لَم يَكُن لَهُ قَبلٌ فَيَكُونَ شَيءٌ قَبلَهُ وَ الآخِرُ ألّذِي لَيسَ لَهُ بَعدٌ فَيَكُونَ شَيءٌ بَعدَهُ وَ الرّادِعُ أنَاَسيِ‌ّ الأَبصَارِ عَن أَن تَنَالَهُ أَو تُدرِكَهُ مَا اختَلَفَ عَلَيهِ دَهرٌ فَتَختَلِفَ مِنهُ الحَالُ وَ لَا كَانَ فِي مَكَانٍ فَيَجُوزَ عَلَيهِ الِانتِقَالُ وَ لَو وَهَبَ مَا تَنَفّسَت عَنهُ مَعَادِنُ الجِبَالِ وَ ضَحِكَت عَنهُ أَصدَافُ البِحَارِ مِن فِلِزّ اللّجَينِ وَ العِقيَانِ وَ نُثَارَةِ الدّرّ وَ حَصِيدِ المَرجَانِ مَا أَثّرَ ذَلِكَ فِي جُودِهِ وَ لَا أَنفَدَ سَعَةَ مَا عِندَهُ وَ لَكَانَ عِندَهُ مِن ذَخَائِرِ


صفحه : 107

الإِنعَامِ مَا لَا تُنفِدُهُ مَطَالِبُ الأَنَامِ لِأَنّهُ الجَوَادُ ألّذِي لَا يَغِيضُهُ سُؤَالُ السّائِلِينَ وَ لَا يُبخِلُهُ إِلحَاحُ المُلِحّينَ فَانظُر أَيّهَا السّائِلُ فَمَا دَلّكَ القُرآنُ عَلَيهِ مِن صِفَتِهِ فَأتَمّ بِهِ وَ استَضِئ بِنُورِ هِدَايَتِهِ وَ مَا كَلّفَكَ الشّيطَانُ عِلمَهُ مِمّا لَيسَ فِي الكِتَابِ عَلَيكَ فَرضُهُ وَ لَا فِي سُنّةِ النّبِيّ وَ أَئِمّةِ الهُدَي أَثَرُهُ فَكِل عِلمَهُ إِلَي اللّهِ سُبحَانَهُ فَإِنّ ذَلِكَ مُنتَهَي حَقّ اللّهِ عَلَيكَ وَ اعلَم أَنّ الرّاسِخِينَ فِي العِلمِ هُمُ الّذِينَ أَغنَاهُم عَنِ اقتِحَامِ السّدَدِ المَضرُوبَةِ دُونَ الغُيُوبِ الإِقرَارُ بِجُملَةِ مَا جَهِلُوا تَفسِيرَهُ مِنَ الغَيبِ المَحجُوبِ فَمَدَحَ اللّهُ تَعَالَي اعتِرَافَهُم بِالعَجزِ عَن تَنَاوُلِ مَا لَم يُحِيطُوا بِهِ عِلماً وَ سَمّي تَركَهُمُ التّعَمّقَ فِيمَا لَم يُكَلّفهُمُ البَحثَ عَن كُنهِهِ رُسُوخاً فَاقتَصِر عَلَي ذَلِكَ فَلَا تُقَدّر عَظَمَةَ اللّهِ سُبحَانَهُ عَلَي قَدرِ عَقلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ هُوَ القَادِرُ ألّذِي إِذَا ارتَمَتِ الأَوهَامُ لِتُدرِكَ مُنقَطَعَ قُدرَتِهِ وَ حَاوَلَ الفِكرُ المُبَرّأُ مِن خَطَرِ الوَسَاوِسِ أَن يَقَعَ عَلَيهِ مِن عَمِيقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِهِ وَ تَوَلّهَتِ القُلُوبُ إِلَيهِ لتِجَريِ‌َ فِي كَيفِيّةِ صِفَاتِهِ وَ غَمَضَت مَدَاخِلُ العُقُولِ فِي حَيثُ لَا تَبلُغُهُ الصّفَاتُ لِتَنَالَ عِلمَ ذَاتِهِ رَدَعَهَا وَ هيِ‌َ تَجُوبُ مهَاَويِ‌َ سُدَفِ الغُيُوبِ مُتَخَلّصَةً إِلَيهِ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي فَرَجَعَت إِذ جُبِهَت مُعتَرِفَةً بِأَنّهُ لَا يُنَالُ بِجَورِ الِاعتِسَافِ كُنهُ مَعرِفَتِهِ وَ لَا تَخطُرُ بِبَالِ أوُليِ‌ الرّوَايَاتِ خَاطِرَةٌ مِن تَقدِيرِ جَلَالِ عِزّتِه ألّذِي ابتَدَعَ الخَلقَ عَلَي غَيرِ مِثَالٍ امتَثَلَهُ وَ لَا مِقدَارٍ احتَذَي عَلَيهِ مِن خَالِقٍ مَعبُودٍ كَانَ قَبلَهُ وَ أَرَانَا مِن مَلَكُوتِ قُدرَتِهِ وَ عَجَائِبِ مَا نَطَقَت بِهِ آثَارُ حِكمَتِهِ وَ اعتِرَافِ الحَاجَةِ مِنَ الخَلقِ إِلَي أَن يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوّتِهِ مَا دَلّنَا بِاضطِرَارِ قِيَامِ الحُجّةِ عَلَي مَعرِفَتِهِ وَ ظَهَرَت فِي البَدَائِعِ التّيِ‌ أَحدَثَهَا آثَارُ صَنعَتِهِ وَ أَعلَامُ حِكمَتِهِ فَصَارَ كُلّ مَا خَلَقَ حُجّةً لَهُ وَ دَلِيلًا عَلَيهِ وَ إِن كَانَ خَلقاً صَامِتاً فَحُجّتُهُ بِالتّدبِيرِ نَاطِقَةٌ وَ دَلَالَتُهُ عَلَي المُبدِعِ قَائِمَةٌ فَأَشهَدُ أَنّ مَن شَبّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعضَاءِ خَلقِكَ وَ تَلَاحُمِ حِقَاقِ


صفحه : 108

مَفَاصِلِهِمُ المُحتَجِبَةِ لِتَدبِيرِ حِكمَتِكَ لَم يَعقِد غَيبَ ضَمِيرِهِ عَلَي مَعرِفَتِكَ وَ لَم يُبَاشِر قَلبَهُ اليَقِينُ بِأَنّهُ لَا نِدّ لَكَ وَ كَأَنّهُ لَم يَسمَع تَبَرّؤَ التّابِعِينَ مِنَ المَتبُوعِينَ إِذ يَقُولُونَتَاللّهِ إِن كُنّا لفَيِ‌ ضَلالٍ مُبِينٍ إِذ نُسَوّيكُم بِرَبّ العالَمِينَكَذَبَ العَادِلُونَ بِكَ إِذ شَبّهُوكَ بِأَصنَامِهِم وَ نَحَلُوكَ حِليَةَ المَخلُوقِينَ بِأَوهَامِهِم وَ جَزّءُوكَ تَجزِئَةَ المُجَسّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِم وَ قَدّرُوكَ عَلَي الخِلقَةِ المُختَلِفَةِ القُوَي بِقَرَائِحِ عُقُولِهِم فَأَشهَدُ أَنّ مَن سَاوَاكَ بشِيَ‌ءٍ مِن خَلقِكَ فَقَد عَدَلَ بِكَ وَ العَادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزّلَت بِهِ مُحكَمَاتُ آيَاتِكَ وَ نَطَقَت بِهِ عَنهُ شَوَاهِدُ حُجَجِ بَيّنَاتِكَ وَ أَنّكَ أَنتَ اللّهُ ألّذِي لَم يَتَنَاهَ فِي العُقُولِ فَيَكُونَ فِي مَهَبّ فِكرِهَا مُكَيّفاً وَ لَا فِي رَوِيّاتِ خَوَاطِرِهَا مَحدُوداً مُصَرّفاً

وَ مِنهَا قَدّرَ مَا خَلَقَ فَأَحكَمَ تَقدِيرَهُ وَ دَبّرَهُ فَأَلطَفَ تَدبِيرَهُ وَ وَجّهَهُ لِوِجهَتِهِ فَلَم يَتَعَدّ حُدُودَ مَنزِلَتِهِ فَلَم يَقصُر دُونَ الِانتِهَاءِ إِلَي غَايَتِهِ وَ لَم يَستَصعِب إِذ أُمِرَ باِلمضُيِ‌ّ عَلَي إِرَادَتِهِ وَ كَيفَ وَ إِنّمَا صَدَرَتِ الأُمُورُ عَن مَشِيّتِهِ المُنشِئُ أَصنَافَ الأَشيَاءِ بِلَا رَوِيّةِ فِكرٍ آلَ إِلَيهَا وَ لَا قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ أَضمَرَ عَلَيهَا وَ لَا تَجرِبَةٍ أَفَادَهَا مِن حَوَادِثِ الدّهُورِ وَ لَا شَرِيكٍ أَعَانَهُ عَلَي ابتِدَاعِ عَجَائِبِ الأُمُورِ فَتَمّ خَلقُهُ وَ أَذعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَي دَعوَتِهِ وَ لَم يَعتَرِض دُونَهُ رَيثُ المُبطِئِ وَ لَا أَنَاةُ المُتَلَكّئِ فَأَقَامَ مِنَ الأَشيَاءِ أَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا وَ لَاءَمَ بِقُدرَتِهِ بَينَ مُتَضَادّهَا وَ وَصَلَ أَسبَابَ قَرَائِنِهَا وَ فَرّقَهَا أَجنَاساً مُختَلِفَاتٍ فِي الحُدُودِ وَ الأَقدَارِ وَ الغَرَائِزِ وَ الهَيئَاتِ بَدَايَا خَلَائِقَ أَحكَمَ صُنعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَي مَا أَرَادَ وَ ابتَدَعَهَا

مِنهَا فِي صِفَةِ السّمَاءِ وَ نَظَمَ بِلَا تَعلِيقٍ رَهَوَاتِ فُرَجِهَا وَ لَاحَمَ صُدُوعَ انفِرَاجِهَا وَ شَجّ بَينَهَا وَ بَينَ أَزوَاجِهَا وَ ذَلّلَ لِلهَابِطِينَ بِأَمرِهِ وَ الصّاعِدِينَ بِأَعمَالِ خَلقِهِ حُزُونَةَ مِعرَاجِهَا وَ نَادَاهَا بَعدَ إِذ هيِ‌َ دُخَانٌ فَالتَحَمَت عُرَي أَشرَاجِهَا وَ فَتَقَ


صفحه : 109

بَعدَ الِارتِتَاقِ صَوَامِتَ أَبوَابِهَا وَ أَقَامَ رَصَداً مِنَ الشّهُبِ الثّوَاقِبِ عَلَي نِقَابِهَا وَ أَمسَكَهَا مِن أَن تَمُورَ فِي خَرقِ الهَوَاءِ بَائِدَةً[رَائِدَةً][بِأَيدِهِ] وَ أَمَرَهَا أَن تَقِفَ مُستَسلِمَةً لِأَمرِهِ وَ جَعَلَ شَمسَهَا آيَةً مُبصِرَةً لِنَهَارِهَا وَ قَمَرَهَا آيَةً مَمحُوّةً مِن لَيلِهَا وَ أَجرَاهُمَا فِي مَنَاقِلِ مَجرَاهُمَا وَ قَدّرَ مَسِيرَهُمَا فِي مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا لِيُمَيّزَ بَينَ اللّيلِ وَ النّهَارِ بِهِمَا وَ لِيُعلَمَ عَدَدُ السّنِينَ وَ الحِسَابُ بِمَقَادِيرِهَا ثُمّ عَلّقَ فِي جَوّهَا فَلَكَهَا وَ نَاطَ بِهَا زِينَتَهَا مِن خَفِيّاتِ دَرَارِيّهَا وَ مَصَابِيحِ كَوَاكِبِهَا وَ رَمَي مسُترَقِيِ‌ السّمعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا وَ أَجرَاهَا عَلَي إِذلَالِ تَسخِيرِهَا مِن ثَبَاتِ ثَابِتِهَا وَ مَسِيرِ سَائِرِهَا وَ هُبُوطِهَا وَ صُعُودِهَا وَ نُحُوسِهَا وَ سُعُودِهَا

مِنهَا فِي صِفَةِ المَلَائِكَةِ ع ثُمّ خَلَقَ سُبحَانَهُ لِإِسكَانِ سَمَاوَاتِهِ وَ عِمَارَةِ الصّفِيحِ الأَعلَي مِن مَلَكُوتِهِ خَلقاً بَدِيعاً مِن مَلَائِكَتِهِ مَلَأَ بِهِم فُرُوجَ فِجَاجِهَا وَ حَشَا بِهِم فُتُوقَ أَجوَائِهَا وَ بَينَ فَجَوَاتِ تِلكَ الفُرُوجِ زَجَلُ المُسَبّحِينَ مِنهُم فِي حَظَائِرِ القُدُسِ وَ سُتُرَاتِ الحُجُبِ وَ سُرَادِقَاتِ المَجدِ وَ وَرَاءَ ذَلِكَ الرّجِيجِ ألّذِي تَستَكّ مِنهُ الأَسمَاعُ سُبُحَاتُ نُورٍ تَردَعُ الأَبصَارَ عَن بُلُوغِهَا فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَي حُدُودِهَا أَنشَأَهُم عَلَي صُوَرٍ مُختَلِفَاتٍ وَ أَقدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍأوُليِ‌ أَجنِحَةٍتُسَبّحُ جَلَالَ عِزّتِهِ لَا يَنتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي الخَلقِ مِن صُنعِهِ وَ لَا يَدّعُونَ أَنّهُم يَخلُقُونَ شَيئاً مَعَهُ مِمّا انفَرَدَ بِهِبَل عِبادٌ مُكرَمُونَ لا يَسبِقُونَهُ بِالقَولِ وَ هُم بِأَمرِهِ يَعمَلُونَجَعَلَهُمُ فِيمَا هُنَالِكَ أَهلَ الأَمَانَةِ عَلَي وَحيِهِ وَ حَمّلَهُم إِلَي المُرسَلِينَ وَدَائِعَ أَمرِهِ وَ نَهيِهِ وَ عَصَمَهُم مِن رَيبِ الشّبُهَاتِ فَمَا مِنهُم زَائِغٌ عَن سَبِيلِ مَرضَاتِهِ وَ أَمَدّهُم بِفَوَائِدِ المَعُونَةِ وَ أَشعَرَ قُلُوبَهُم تَوَاضُعَ إِخبَاتِ السّكِينَةِ وَ فَتَحَ لَهُم أَبوَاباً ذُلُلًا إِلَي تَمَاجِيدِهِ وَ نَصَبَ لَهُم مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَي


صفحه : 110

أَعلَامِ تَوحِيدِهِ لَم تُثقِلهُم مُؤصِرَاتُ الآثَامِ وَ لَم تَرتَحِلهُم عُقَبُ الليّاَليِ‌ وَ الأَيّامِ وَ لَم تَرمِ الشّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا عَزِيمَةَ إِيمَانِهِم وَ لَم تَعتَرِكِ الظّنُونُ عَلَي مَعَاقِدِ يَقِينِهِم وَ لَا قَدَحَت قَادِحَةُ الإِحَنِ فِيمَا بَينَهُم وَ لَا سَلَبَتهُمُ الحَيرَةُ مَا لَاقَ مِن مَعرِفَتِهِ بِضَمَائِرِهِم وَ سَكَنَ بِعَظَمَتِهِ وَ هَيبَةِ جَلَالِهِ فِي أَثنَاءِ صُدُورِهِم وَ لَم تَطمَع فِيهِمُ الوَسَاوِسُ فَتَقتَرِعَ بِرَينِهَا عَلَي فِكرِهِم مِنهُم مَن هُوَ فِي خَلقِ الغَمَامِ الدّلّحِ وَ فِي عِظَمِ الجِبَالِ الشّمّخِ وَ فِي قُترَةِ الظّلَامِ الأَيهَمِ وَ مِنهُم مَن قَد خَرَقَت أَقدَامُهُم تُخُومَ الأَرضِ السّفلَي فهَيِ‌َ كَرَايَاتٍ بِيضٍ قَد نَفَذَت فِي مَخَارِقِ الهَوَاءِ وَ تَحتَهَا رِيحٌ هَفّافَةٌ تَحبِسُهَا عَلَي حَيثُ انتَهَت مِنَ الحُدُودِ المُتَنَاهِيَةِ قَدِ استَفرَغَتهُم أَشغَالُ عِبَادَتِهِ وَ وَسّلَت[وَصَلَت]حَقَائِقُ الإِيمَانِ بَينَهُم وَ بَينَ مَعرِفَتِهِ وَ قَطَعَهُمُ الإِيقَانُ بِهِ إِلَي الوَلَهِ إِلَيهِ وَ لَم تُجَاوِز رَغَبَاتُهُم مَا عِندَهُ إِلَي مَا عِندَ غَيرِهِ قَد ذَاقُوا حَلَاوَةَ مَعرِفَتِهِ وَ شَرِبُوا مِن كَأسِ الرّوِيّةِ مِن مَحَبّتِهِ وَ تَمَكّنَت مِن سُوَيدَاءِ قُلُوبِهِم وَشِيجَةُ خِيفَتِهِ فَحَنَوا بِطُولِ الطّاعَةِ اعتِدَالَ ظُهُورِهِم وَ لَم يُنفِد طُولُ الرّغبَةِ إِلَيهِ مَادّةَ تَضَرّعِهِم وَ لَا أَطلَقَ عَنهُم عَظِيمُ الزّلفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهِم وَ لَم يَتَوَلّهُمُ الإِعجَابُ فَيَستَكثِرُوا مَا سَلَفَ مِنهُم وَ لَا تَرَكَت لَهُمُ استِكَانَةُ الإِجلَالِ نَصِيباً فِي تَعظِيمِ حَسَنَاتِهِم وَ لَم تَجرِ الفَتَرَاتُ فِيهِم عَلَي طُولِ دُءُوبِهِم وَ لَم تَغِض رَغَبَاتُهُم فَيُخَالِفُوا عَن رَجَاءِ رَبّهِم وَ لَم تَجِفّ لِطُولِ المُنَاجَاةِ أَسَلَاتُ أَلسِنَتِهِم وَ لَا مَلَكَتهُمُ الأَشغَالُ فَتَنقَطِعَ بِهَمسِ الخَيرِ إِلَيهِ أَصوَاتُهُم وَ لَم تَختَلِف


صفحه : 111

فِي مَقَاوِمِ الطّاعَةِ مَنَاكِبُهُم وَ لَم يَثنُوا إِلَي رَاحَةِ التّقصِيرِ فِي أَمرِهِ رِقَابَهُم وَ لَا تَعدُوا عَلَي عَزِيمَةِ جِدّهِم بَلَادَةُ الغَفَلَاتِ وَ لَا تَنتَضِلُ فِي هِمَمِهِم خَدَائِعُ الشّهَوَاتِ قَدِ اتّخَذُوا ذَا العَرشِ ذَخِيرَةً لِيَومِ فَاقَتِهِم وَ يَمّمُوهُ عِندَ انقِطَاعِ الخَلقِ إِلَي المَخلُوقِينَ بِرَغبَتِهِم لَا يَقطَعُونَ أَمَدَ غَايَةِ عِبَادَتِهِ وَ لَا يَرجِعُ بِهِمُ الِاستِهتَارُ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ إِلّا إِلَي مَوَادّ مِن قُلُوبِهِم غَيرِ مُنقَطِعَةٍ مِن رَجَائِهِ وَ مَخَافَتِهِ لَم تَنقَطِع أَسبَابُ الشّفَقَةِ مِنهُم فَيَنُوا فِي جِدّهِم وَ لَم تَأسِرهُمُ الأَطمَاعُ فَيُؤثِرُوا وَشِيكَ السعّي‌ِ عَلَي اجتِهَادِهِم وَ لَم يَستَعظِمُوا مَا مَضَي مِن أَعمَالِهِم وَ لَوِ استَعظَمُوا ذَلِكَ لَنَسَخَ الرّجَاءُ مِنهُم شَفَقَاتِ وَجَلِهِم وَ لَم يَختَلِفُوا فِي رَبّهِم بِاستِحوَاذِ الشّيطَانِ عَلَيهِم وَ لَم يُفَرّقهُم سُوءُ التّقَاطُعِ وَ لَا تَوَلّاهُم غِلّ التّحَاسُدِ وَ لَا شَعّبَتهُم مَصَارِفُ الرّيَبِ وَ لَا اقتَسَمَتهُم أَخيَافُ الهِمَمِ فَهُم أُسَرَاءُ إِيمَانٍ لَم يَفُكّهُم مِن رِبقَتِهِ زَيغٌ وَ لَا عُدُولٌ وَ لَا وَنًي وَ لَا فُتُورٌ وَ لَيسَ فِي أَطبَاقِ السّمَاوَاتِ مَوضِعُ إِهَابٍ إِلّا وَ عَلَيهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَو سَاعٍ حَافِدٌ يَزدَادُونَ عَلَي طُولِ الطّاعَةِ بِرَبّهِم عِلماً وَ تَزدَادُ عِزّةُ رَبّهِم فِي قُلُوبِهِم عِظَماً

وَ مِنهَا فِي صِفَةِ الأَرضِ وَ دَحوِهَا عَلَي المَاءِكَبَسَ الأَرضَ عَلَي مَورِ أَموَاجٍ مُستَفحِلَةٍ وَ لُجَجِ بِحَارٍ زَاخِرَةٍ تَلتَطِمُ أوَاَذيِ‌ّ أَموَاجِهَا وَ تَصطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثبَاجِهَا وَ تَرغُو زَبَداً كَالفُحُولِ عِندَ هِيَاجِهَا فَخَضَعَ جِمَاحُ المَاءِ المُتَلَاطِمِ لِثِقَلِ حَملِهَا وَ سَكَنَ هَيجُ ارتِمَائِهِ إِذ وَطِئَتهُ بِكَلكَلِهَا وَ ذَلّ مُستَخذِياً إِذ تَمَعّكَت عَلَيهِ بِكَوَاهِلِهَا فَأَصبَحَ بَعدَ اصطِخَابِ أَموَاجِهِ سَاجِياً مَقهُوراً وَ فِي حَكَمَةِ الذّلّ مُنقَاداً أَسِيراً وَ سَكَنَتِ الأَرضُ مَدحُوّةً فِي لُجّةِ تَيّارِهِ وَ رَدّت مِن نَخوَةِ بَأوِهِ وَ اعتِلَائِهِ وَ شُمُوخِ أَنفِهِ وَ سُمُوّ غُلَوَائِهِ وَ كَعَمَتهُ عَلَي كِظّةِ جِريَتِهِ فَهَمَدَ بَعدَ نَزَقَاتِهِ وَ لَبَدَ بَعدَ زَيَفَانِ وَثَبَاتِهِ فَلَمّا سَكَنَ هَيجُ المَاءِ مِن تَحتِ أَكنَافِهَا وَ حَمَلَ شَوَاهِقَ الجِبَالِ البُذّخِ


صفحه : 112

عَلَي أَكنَافِهَا[أَكتَافِهَا]فَجّرَ يَنَابِيعَ العُيُونِ مِن عَرَانِينِ أُنُوفِهَا وَ فَرّقَهَا فِي سُهُوبِ بِيدِهَا وَ أَخَادِيدِهَا وَ عَدّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرّاسِيَاتِ مِن جَلَامِيدِهَا وَ ذَوَاتِ الشّنَاخِيبِ الشّمّ مِن صَيَاخِيدِهَا فَسَكَنَت مِنَ المَيَدَانِ بِرُسُوبِ الجِبَالِ فِي قِطَعِ أَدِيمِهَا وَ تَغَلغُلِهَا مُتَسَرّبَةً فِي جَوبَاتِ خَيَاشِيمِهَا وَ رُكُوبِهَا أَعنَاقَ سُهُولِ الأَرَضِينَ وَ جَرَاثِيمِهَا وَ فَسَحَ بَينَ الجَوّ وَ بَينَهَا وَ أَعَدّ الهَوَاءَ مُتَنَسّماً لِسَاكِنِهَا وَ أَخرَجَ إِلَيهَا أَهلَهَا عَلَي تَمَامِ مَرَافِقِهَا ثُمّ لَم يَدَع جُرُزَ الأَرضِ التّيِ‌ تَقصُرُ مِيَاهُ العُيُونِ عَن رَوَابِيهَا وَ لَا تَجِدُ جَدَاوِلُ الأَنهَارِ ذَرِيعَةً إِلَي بُلُوغِهَا حَتّي أَنشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تحُييِ‌ مَوَاتَهَا وَ تَستَخرِجُ نَبَاتَهَا أَلّفَ غَمَامَهَا بَعدَ افتِرَاقِ لُمَعِهِ وَ تَبَايُنِ قَزَعِهِ حَتّي إِذَا تَمَخّضَت لُجّةُ المُزنِ فِيهِ وَ التَمَعَ بَرقُهُ فِي كُفَفِهِ وَ لَم يَنَم وَمِيضُهُ فِي كَنَهوَرِ رَبَابِهِ وَ مُتَرَاكِمِ سَحَابِهِ أَرسَلَهُ سَحّاً مُتَدَارِكاً قَد أَسَفّ هَيدَبُهُ تمر به [تَمرِيهِ]الجَنُوبُ دِرَرَ أَهَاضِيبِهِ وَ دُفَعَ شَآبِيبِهِ فَلَمّا أَلقَتِ السّحَابُ بَركَ بِوَانَيهَا[بَوَانِيهَا] وَ بَعَاعَ مَا استَقَلّت بِهِ مِنَ العب [العبِ ءِ]المَحمُولِ عَلَيهَا أَخرَجَ بِهِ مِن هَوَامِلِ[هَوَامِدِ] الأَرضِ النّبَاتَ وَ مِن زُعرِ الجِبَالِ الأَعشَابَ فهَيِ‌َ تَبهَجُ بِزِينَةِ رِيَاضِهَا وَ تزَدهَيِ‌ بِمَا أُلبِسَتهُ مِن رَبطِ[رَيطِ]أَزَاهِيرِهَا وَ حِليَةِ مَا شُمّطَت بِهِ مِن نَاضِرِ أَنوَارِهَا وَ جَعَلَ ذَلِكَ بَلَاغاً لِلأَنَامِ وَ رِزقاً لِلأَنعَامِ وَ خَرَقَ الفِجَاجَ فِي آفَاقِهَا وَ أَقَامَ المَنَارَ لِلسّالِكِينَ عَلَي جَوَادّ طُرُقِهَا فَلَمّا مَهّدَ أَرضَهُ وَ أَنفَذَ أَمرَهُ اختَارَ آدَمَ ع خِيَرَةً مِن خَلقِهِ وَ جَعَلَهُ أَوّلَ جِبِلّتِهِ وَ أَسكَنَ جَنّتَهُ وَ أَرغَدَ فِيهَا أُكُلَهُ وَ أَوعَزَ إِلَيهِ فِيمَا نَهَاهُ عَنهُ وَ أَعلَمَهُ أَنّ فِي الإِقدَامِ عَلَيهِ التّعَرّضَ لِمَعصِيَتِهِ وَ المُخَاطَرَةَ بِمَنزِلَتِهِ فَأَقدَمَ عَلَي مَا نَهَاهُ عَنهُ مُوَافَاةً لِسَابِقِ عِلمِهِ فَأَهبَطَهُ بَعدَ التّوبَةِ لِيَعمُرَ أَرضَهُ بِنَسلِهِ وَ لِيُقِيمَ الحُجّةَ بِهِ عَلَي عِبَادِهِ وَ لَم يُخلِهِم بَعدَ أَن قَبَضَهُ مِمّا يُؤَكّدُ عَلَيهِم حُجّةَ رُبُوبِيّتِهِ وَ يَصِلُ بَينَهُم وَ بَينَ مَعرِفَتِهِ بَل تَعَاهَدَهُم بِالحُجَجِ عَلَي أَلسُنِ الخِيَرَةِ


صفحه : 113

مِن أَنبِيَائِهِ وَ متُحَمَلّيِ‌ وَدَائِعِ رِسَالَاتِهِ قَرناً فَقَرناً حَتّي تَمّت بِنَبِيّنَا مُحَمّدٍص حُجّتُهُ وَ بَلَغَ المَقطَعَ عُذرُهُ وَ نُذُرُهُ وَ قَدّرَ الأَرزَاقَ فَكَثّرَهَا وَ قَلّلَهَا وَ قَسّمَهَا عَلَي الضّيقِ وَ السّعَةِ فَعَدَلَ فِيهَا ليِبَتلَيِ‌َ مَن أَرَادَ بِمَيسُورِهَا وَ مَعسُورِهَا وَ لِيَختَبِرَ بِذَلِكَ الشّكرَ وَ الصّبرَ مِن غَنِيّهَا وَ فَقِيرِهَا ثُمّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِيلَ فَاقَتِهَا وَ بِسَلَامَتِهَا طَوَارِقَ آفَتِهَا وَ بِفُرَجِ أَفرَاحِهَا غُصَصَ أَترَاحِهَا وَ خَلَقَ الآجَالَ فَأَطَالَهَا وَ قَصّرَهَا وَ قَدّمَهَا وَ أَخّرَهَا وَ وَصَلَ بِالمَوتِ أَسبَابَهَا وَ جَعَلَهُ خَالِجاً لِأَشطَانِهَا وَ قَاطِعاً لِمَرَائِرِ قرانها[أَقرَانِهَا]عَالِمُ السّرّ مِن ضَمَائِرِ المُضمِرِينَ وَ نَجوَي المُتَخَافِتِينَ وَ خَوَاطِرِ رَجمِ الظّنُونِ وَ عُقَدِ عَزِيمَاتِ اليَقِينِ وَ مَسَارِقِ إِيمَاضِ الجُفُونِ وَ مَا ضَمِنَتهُ أَكنَافُ[أَكنَانُ]القُلُوبِ وَ غَيَابَاتُ الغُيُوبِ وَ مَا أَصغَت لِاستِرَاقِهِ مَصَائِخُ الأَسمَاعِ وَ مَصَايِفُ الذّرّ وَ مشَاَتيِ‌ الهَوَامّ وَ رَجعِ الحَنِينِ مِنَ المُولَهَاتِ وَ هَمسِ الأَقدَامِ وَ مُنفَسَحِ الثّمَرَةِ مِن وَلَائِجِ غُلُفِ الأَكمَامِ وَ مُنقَمَعِ الوُحُوشِ مِن غِيرَانِ الجِبَالِ وَ أَودِيَتِهَا وَ مُختَبَإِ البَعُوضِ بَينَ سُوقِ الأَشجَارِ وَ أَلحِيَتِهَا وَ مَغرِزِ الأَورَاقِ مِنَ الأَفنَانِ وَ مَحَطّ الأَمشَاجِ مِن مَسَارِبِ الأَصلَابِ وَ نَاشِئَةِ الغُيُومِ وَ مُتَلَاحِمِهَا وَ دُرُورِ قَطرِ السّحَابِ وَ مُتَرَاكِمِهَا وَ مَا تسَفيِ‌ الأَعَاصِيرُ بِذُيُولِهَا وَ تَعفُو الأَمطَارُ بِسُيُولِهَا وَ عَومِ نبات [بَنَاتِ] الأَرضِ فِي كُثبَانِ الرّمَالِ وَ مُستَقَرّ ذَوَاتِ الأَجنِحَةِ بِذُرَي شَنَاخِيبِ الجِبَالِ وَ تَغرِيدِ ذَوَاتِ المَنطِقِ فِي دَيَاجِيرِ الأَوكَارِ وَ مَا أَوعَتهُ الأَصدَافُ وَ حَضَنَت عَلَيهِ أَموَاجُ البِحَارِ وَ مَا غَشِيَتهُ سُدفَةُ لَيلٍ أَو ذَرّ عَلَيهِ شَارِقُ نَهَارٍ وَ مَا اعتَقَبَت عَلَيهِ أَطبَاقُ الدّيَاجِيرِ وَ سُبُحَاتُ النّورِ وَ أَثَرِ كُلّ خُطوَةٍ وَ حِسّ كُلّ حَرَكَةٍ وَ رَجعِ كُلّ كَلِمَةٍ وَ تَحرِيكِ كُلّ شَفَةٍ وَ مُستَقَرّ كُلّ نَسَمَةٍ وَ مِثقَالِ كُلّ ذَرّةٍ وَ هَمَاهِمِ كُلّ نَفسٍ هَامّةٍ وَ مَا عَلَيهَا مِن ثَمَرِ شَجَرَةٍ أَو سَاقِطِ وَرَقَةٍ أَو قَرَارَةِ نُطفَةٍ أَو نُقَاعَةِ دَمٍ وَ مُضغَةٍ أَو نَاشِئَةِ خَلقٍ وَ سُلَالَةٍ لَم تَلحَقهُ فِي ذَلِكَ كُلفَةٌ وَ لَا اعتَرَضَتهُ فِي حِفظِ


صفحه : 114

مَا ابتَدَعَ مِن خَلقِهِ عَارِضَةٌ وَ لَا اعتَوَرَتهُ فِي تَنفِيذِ الأُمُورِ وَ تَدَابِيرِ المَخلُوقِينَ مَلَالَةٌ وَ لَا فَترَةٌ بَل نَفَذَ فِيهِم عِلمُهُ وَ أَحصَاهُم عَدّهُ وَ وَسِعَهُم عَدلُهُ وَ غَمَرَهُم فَضلُهُ مَعَ تَقصِيرِهِم عَن كُنهِ مَا هُوَ أَهلُهُ أللّهُمّ أَنتَ أَهلُ الوَصفِ الجَمِيلِ وَ التّعَدّدِ الكَثِيرِ إِن تُؤَمّل فَخَيرُ مَأمُولٍ وَ إِن تُرجَ فَخَيرُ مَرجُوّ أللّهُمّ وَ قَد بَسَطتَ لِي لِسَاناً فِيمَا لَا أَمدَحُ بِهِ غَيرَكَ وَ لَا أثُنيِ‌ بِهِ عَلَي أَحَدٍ سِوَاكَ وَ لَا أُوَجّهُهُ إِلَي مَعَادِنِ الخَيبَةِ وَ مَوَاضِعِ الرّيبَةِ وَ عَدَلتَ بلِسِاَنيِ‌ عَن مَدَائِحِ الآدَمِيّينَ وَ الثّنَاءِ عَلَي المَربُوبِينَ المَخلُوقِينَ أللّهُمّ وَ لِكُلّ مُثنٍ عَلَي مَن أَثنَي عَلَيهِ مَثُوبَةٌ مِن جَزَاءٍ أَو عَارِفَةٌ مِن عَطَاءٍ وَ قَد رَجَوتُكَ دَلِيلًا عَلَي ذَخَائِرِ الرّحمَةِ وَ كُنُوزِ المَغفِرَةِ أللّهُمّ وَ هَذَا مَقَامُ مَن أَفرَدَكَ بِالتّوحِيدِ ألّذِي هُوَ لَكَ وَ لَم يَرَ مُستَحِقّاً لِهَذِهِ المَحَامِدِ وَ المَمَادِحِ غَيرَكَ وَ بيِ‌ فَاقَةٌ إِلَيكَ لَا يَجبُرُ مَسكَنَتَهَا إِلّا فَضلُكَ وَ لَا يَنعَشُ مِن خَلّتِهَا إِلّا مَنّكَ وَ جُودُكَ فَهَب لَنَا فِي هَذَا المَقَامِ رِضَاكَ وَ أَغنِنَا عَن مَدّ الأيَديِ‌ إِلَي مَن سِوَاكَإِنّكَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ

التوحيد، عن علي بن أحمدالدقاق عن محمد بن جعفرالأسدي‌ عن محمد بن إسماعيل البرمكي‌ عن علي بن العباس عن إسماعيل بن مهران عن إسماعيل بن الحق الجهني‌ عن فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله ع مثله مع اختصار و قدمر في كتاب التوحيد


صفحه : 115

بيان قدمضي شرح أكثر أجزاء هذه الخطبة في كتاب التوحيد ولعل غضبه ع لعلمه بأن غرض السائل وصفه سبحانه بصفات الأجسام أولأنه سأل بيان كنه حقيقته سبحانه أووصفه بصفات أرفع وأبلغ مما نطق به الكتاب والآثار لزعمه أنه لايكفي‌ في معرفته سبحانه ويؤيد كلا من الوجوه بعض الفقرات وجامعةً منصوبة علي الحالية أي عليكم الصلاةُ علي رفع الصلاة كماحكي‌ أواحضروا الصلاةَ علي نصبها جامعةً لكل الناس وربما يقرأ برفعهما علي الابتداء والخبرية و هذاالنداء كان شائعا في الخطوب الجليلة و إن كان أصله للصلاة. لايفره أي لايكثره المنع أي ترك العطاء و لايكديه الإعطاء أي لايجعله قليل الخير مبطئا فيه يقال كدت الأرض إذاأبطأ نباتها وأكدي


صفحه : 116

فلان الأرض إذاجعلها كادية أو لاترده كثرة العطاء عن عادته فيه من قولهم أكديت الرجل عن الشي‌ء أي رددته عنه ذكره الجوهري‌ و قال الكدية الأرض الصلبة وأكدي الحافر إذابلغ الكدية فلايمكنه أن يحفر وأكدي الرجل إذاقل خيره وانتقص يكون متعديا ولازما كنقص و هذا في النسخ علي بناء المفعول والتعليل بالجملتين باللف والنشر المرتب أوالمشوش لمطابقة الإعطاء والمنع في كل منهما و علي التقديرين التعليل في الأولي ظاهر والفقرة الثانية ليست في نسخ التوحيد و هوالصواب و علي تقديرها ففي‌ أصل الجملة والتعليل بهامعا إشكال أماالأول فلأنه إن أريد بالمنع ما كان مستحسنا أوالأعم فكيف يصح الحكم بكونه مذموما و إن أريد به ما لم يكن مستحسنا فلايستقيم الاستثناء. ويمكن أن يجاب باختيار الثاني‌ من الأول أي الأعم ويقال المراد بالمذموم من أمكن أن يلحقه الذم فيصير حاصل الكلام أن كل مانع غيره يمكن أن يلحقه الذم بخلافه سبحانه فإنه لايحتمل أن يلحقه بالمنع ذم أويقال المانع لايصدق علي غيره تعالي إلا إذابخل بما افترض عليه و إذاأطلق عليه سبحانه يراد به مقابل المعطي‌ والمراد بالعنوان المعني الشامل لهما وَ يَدُلّ عَلَيهِ مَا مَرّ مَروِيّاً عَنِ الرّضَا ع

أَنّهُ سُئِلَ عَنِ الجَوَادِ فَقَالَ ع إِنّ لِكَلَامِكَ وَجهَينِ فَإِن كُنتَ تَسأَلُ عَنِ المَخلُوقِ فَإِنّ الجَوَادَ هُوَ ألّذِي يؤُدَيّ‌ مَا افتَرَضَ اللّهُ سُبحَانَهُ عَلَيهِ وَ البَخِيلَ هُوَ ألّذِي يَبخَلُ بِمَا افتَرَضَ اللّهُ عَلَيهِ وَ إِن أَرَدتَ الخَالِقَ فَهُوَ الجَوَادُ إِن أَعطَي وَ هُوَ الجَوَادُ إِن مَنَعَ لِأَنّهُ إِن أَعطَي عَبداً أَعطَاهُ مَا لَيسَ لَهُ وَ إِن مَنَعَهُ مَنَعَهُ مَا لَيسَ لَهُ

. و أماالثاني‌ فيحتمل أن تكون جملة مستقلة غيرداخلة تحت التعليل مسوقة لرفع توهم ينشأ من التعليل بعدم الانتقاص بالإعطاء فإن لمتوهم أن يقول إذا لم ينقص من خزائنه شيءبالإعطاء فيجب أن لايتصف بالمنع أصلا و لواتصف به لكان مذموما مع أن من أسمائه تعالي المانع فرد ذلك الوهم بأن منعه سبحانه


صفحه : 117

ليس للانتقاص بالإعطاء بل لقبح الإعطاء وعدم اقتضاء المصلحة له ومثل ذلك المنع لايستتبع الذم واستحقاقه و لوحملت علي التعليل فيمكن أن يكون من قبيل الاستدلال بعدم المعلول علي عدم العلة فإن الوفور بالمنع أوإكداء الإعطاء علة للبخل التابع للخوف من الفاقة و هوعلة لترتب الذم من حيث إنه نقص أولاقتضائه المنع ورد السائل ونفي‌ الذم يدل علي عدم الوفور أوالإكداء المدعي في الجملتين المتقدمتين .المنان بفوائد النعم المن يكون بمعني الإنعام وبمعني تعديد النعم والأول هنا أظهر وربما يحمل علي الثاني‌ فإن منه سبحانه حسن و إن كان في المخلوق صفة ذم والفائدة الزيادة تحصل للإنسان من مال أوغيره والعائد المعروف والعطف وقيل عوائد المزيد والقسم معتادهما والمزيد الزيادة ولعل المراد به ما لايتوهم فيه استحقاق العبد والقسم جمع القسمة وهي‌ الاسم من قسمه كضربه وقسمه بالتشديد أي جزأه وعيال الرجال بالكسر أهل بيته و من يمونهم جمع عيل وجمعه عيائل .ضمن أرزاقهم أي كفلها وقدر أقواتهم أي جعل لكل منهم من القوت قدرا تقتضيه الحكمة والمصلحة ونهج سبيل الراغبين إليه نهجت الطريق أبنته وأوضحته ونهج السبيل لصلاح المعاد كما أن ضمان الأرزاق لصلاح المعاش ويحتمل الأعم ليس بما سئل إلخ عدم الفرق بينهما بالنظر إلي الجود لاينافي‌ الحث علي السؤال لأنه من معدات السائل لاستحقاق الإنعام لأن نسبته سبحانه إلي الخلق علي السواء و إن استحق السائل ما لايستحقه غيره بخلاف المخلوقين فإن السؤال يهيج جودهم بالطبع مع قطع النظر عن الاستعداد.الأول ألذي لم يكن له قبل فيكون شيءقبله قيل وجوده سبحانه ليس بزماني‌ فلايطلق عليه القبلية والبعدية كمايطلق علي الزمانيات فمعناه الأول


صفحه : 118

ألذي لايصدق عليه القبلية ليمكن أن يكون شيء ماقبله والآخر ألذي لايصدق عليه البعدية الزمانية ليمكن أن يكون شيء مابعده و قديحمل علي وجه آخر و هو أنه لم يكن سبقه عدم فيقال إنه مسبوق بشي‌ء من الأشياء إما المؤثر فيه أوالزمان المقدم عليه وإنه ليس بذات يمكن فناؤها وعدمها فيكون بعده شيء من الأشياء إما الزمان أوغيره ويمكن أن يكون المراد بالقبل الزمان المتقدم سواء كان أمرا موجودا أوموهوما وبالشي‌ء موجودا من الموجودات أي ليس قبله زمان حتي يتصور تقدم موجود عليه وكذا بقاء موجود بعده والرادع أناسي‌ الأبصار عن أن تناله أوتدركه الأناسي‌ بالتشديد جمع إنسان وإنسان العين المثال ألذي يري في السواد و لايجمع علي أناس كمايجمع الإنسان بمعني البشر عليه وقيل الأناسي‌ جمع إنسان العين مشدد والآخر يشدد ويخفف وقر‌ئ أناسي‌ كثيرا بالتخفيف وردعها أي منعها كناية عن عدم إمكان إحساسها له لأنه سبحانه ليس بجسم و لاجسماني‌ و لا في جهة ونلت الشي‌ء أصبته وأدركته أي تبعته فلحقته والمراد بالنيل الإدراك التام وبالإدراك غيره ويحتمل العكس و أن يكون العطف لتغاير اللفظين أو يكون إشارة إلي جهتين لامتناع الرؤية فالنيل إشارة إلي استلزام كونه ذا جهة وجسمانيا والإدراك إلي أنه يستلزم وجود كنه ذاته في الأذهان و هوممتنع كماأشرنا إليه في كتاب التوحيد. مااختلف عليه دهر ظاهره نفي‌ الزمانية عنه تعالي ويحتمل أن يراد به جريانه علي خلاف مراده أحيانا و علي وفق إرادته أحيانا حتي يلحقه مايلحق الخلق من الشدة والرخاء والنعم والبؤس والصحة والسقم ونحو ذلك . و لووهب ماتنفست استعار التنفس هنا لإبراز المعادن مايخرج منهما كمايخرج الهواء من تنفس الحيوان وضحكت عنه أي تفتحت وانشقت حتي ظهر ويقال للطلع حين تنشق الضحك بفتح الضاد و قدمر بيان لطف تلك التشبيهات . والفلز بكسر الفاء واللام وتشديد الزاي‌ الجواهر المعدنية كالذهب و


صفحه : 119

الفضة و في الصحاح ماينقيه الكير مما يذاب من جواهر الأرض واللجين مصغرا الفضة والعقيان بالكسر الذهب الخالص ونثرت الشي‌ء كنصرت رميته متفرقا ونثارة الدر بالضم ماتناثر منه والدر جمع درة وهي‌ اللؤلؤة العظيمة أومطلقا وحصد الزرع قطعه بالمنجل والحصيد المحصود والمراد بالمرجان إما صغار اللؤلؤ ووصفه بالحصيد لعله يناسب ماتذكره التجار أن الصدف كثيرا مايغرز عرقه في أرض البحر فيحصده الغواصون ولذا قيل إنه حيوان يشبه النبات و قال بعض شارحي‌ النهج كأن المراد المتبدد من المرجان كمايتبدد الحب المحصود ويجوز أن يعني المحكم من قولهم شيءمستحصد أي مستحكم قال ويروي وحصباء المرجان والحصباء الحصي و قال قوم هوالبسد يعني‌ الحجر الأحمر وأنفده أي أفناه وذخائر الإنعام مابقي‌ عنده من نعمه الجسام بعدالعطايا المفروضة والمطالب جمع المطلب بمعني المصدر لايغيضه جاء متعديا كماجاء لازما و لايبخله أي لايجعله بخيلا ويقال أيضا بخله تبخيلا إذارماه بالبخل وروي‌ علي صيغة الإفعال أي لايجده بخيلا والتعليل بقوله لأنه الجواد إما للجملة الشرطية بتواليها فالوجه في التعليل بنفي‌ التبخيل ظاهر إذ لوأثر العطاء المفروض في جوده لبخله الإلحاح فإنه في الحقيقة منع التأثير في الجود فنفيه يدل علي نفيه وإما لبقاء ما لاينفده المطالب فوجه التعليل أن العادة قدجرت بلحوق البخل لمن ينفد ماعنده بالطلب و إن أمكن عقلا عدمه بأن يسمح بكل ماعنده فنفي‌ التبخيل يدل علي نفي‌ الإنفاد.


صفحه : 120

فانظر أيها السائل إلخ الايتمام الاقتداء والأثر بالتحريك نقل الحديث وروايته ووكل الأمر إليه وكلا ووكولا سلمه وتركه ويدل علي المنع من الخوض في صفاته سبحانه و من البحث عما لم يرد منها في الكتاب والسنة. واعلم أن الراسخين في العلم إلي آخره الراسخ في العلم الثابت فيه واقتحم المنزل أي دخله بغتة و من غيرروية والسدد جمع سدة وهي‌ باب الدار وضرب الباب نصبه ودون الشي‌ء ماقرب منه قبل الوصول إليه والمتعمق في الأمر ألذي يبالغ فيه ويطلب أقصي غايته وقدر الشي‌ء مبلغه وتقديره أن تجعل له قدرا وتقيسه بشي‌ء والمعني لاتقس عظمة الله بمقياس عقلك ومقداره والظاهر أن المراد بإقرار الراسخين في العلم ومدحهم ماتضمنه قوله سبحانه فَأَمّا الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنهُ إلي قوله وَ ما يَذّكّرُ إِلّا أُولُوا الأَلبابِفإقرارهم قولهم آمَنّا بِهِ كُلّ مِن عِندِ رَبّنا ومدح الله تعالي إياهم ذكر كلامهم المتضمن للإيمان والتسليم في مقام المدح أوتسمية ترك تعمقهم رسوخا في العلم فالعطف في قوله وسمي للتفسير أوالإشارة إلي أنهم أولو الألباب بقوله وَ ما يَذّكّرُ إِلّا أُولُوا الأَلبابِ وحينئذ فالمراد بالمتشابه مايشمل كنه ذاته وصفاته سبحانه مما استأثر الله بعلمه و علي هذافمحل الوقف في الآيةإِلّا اللّهُ كما هوالمشهور بين المفسرين والقراء فتفيد اختصاص علم المتشابه به سبحانه و قوله وَ الرّاسِخُونَمبتدأ ويَقُولُونَخبره و هوبظاهره مناف


صفحه : 121

لمادلت عليه الأخبار المستفيضة من أنهم ع يعلمون ماتشابه من القرآن كمامر في كتاب الإمامة و علي هذافالوقف علي العِلمِ و إليه ذهب أيضا جماعة من المفسرين فقوله يَقُولُونَحال من الراسخين أواستئناف موضح لحالهم ويمكن الجمع بينها بوجوه الأول أن يكون ماذكره ع هنا مبنيا علي مااشتهر بين المخالفين إلزاما عليهم .الثاني‌ أن يكون للآية ظهر وبطن أحدها أن يكون المراد بالمتشابه مثل العلم بكنه الواجب و مااستأثر الله عز و جل بعلمه من صفاته وكنه ذاته وأمثال ذلك مما تفرد سبحانه بعلمه و إليه يشير ظاهر هذاالكلام وثانيهما أن يراد به ماعلم الراسخون في العلم تأويله و إليه أشير في سائر الأخبار فيكون القار‌ئ مخيرا في الوقف علي كل من الموضعين الثالث ماقيل إنه يمكن حمل حكاية قول الراسخين علي اعترافهم وتسليمهم قبل أن يعلمهم الله تأويل ماتشابه من القرآن فكأنه سبحانه بين أنهم لماآمنوا بجملة ماأنزل من المحكمات والمتشابهات و لم يتبعوا ماتشابه منه كالذين في قلوبهم زيغ بالتعلق بالظاهر أوبتأويل باطل فآتاهم الله علم التأويل وضمهم إلي نفسه في الاستثناء والاستئناف في قوة رفع الاستبعاد عن مشاركتهم له تعالي في ذلك العلم وبيان أنهم إنما استحقوا إفاضة ذلك العلم باعترافهم بالجهل وقصورهم عن الإحاطة بالمتشابهات من تلقاء أنفسهم و إن علموا التأويل بتعليم إلهي‌ وَ قَد وَرَدَ عَنهُ ع أَنّهُ لَمّا أَخبَرَ بِبَعضِ الغُيُوبِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أُعطِيتَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عِلمَ الغَيبِ فَقَالَ ع لَيسَ هُوَ بِعِلمِ غَيبٍ وَ إِنّمَا هُوَ تَعَلّمٌ مِن ذيِ‌ عِلمٍ

و قدمر بعض الكلام فيه في كتاب التوحيد. إذاارتمت يقال ارتمي القوم إذاتراموا بالنبال والأوهام خطرات القلب و في اصطلاح المتكلمين إحدي القوي الباطنة شبه ع جولان الأفكار وتعارضها بالترامي‌ والمنقطع موضع الانقطاع ويحتمل المصدر وحاولت


صفحه : 122

الشي‌ء أردته والخطر بالتسكين مصدر خطر له خاطر أي عرض في قلبه وروي‌ من خطرات الوساوس والوسوسة حديث النفس والشيطان بما لاخير فيه و لانفع والاسم الوسواس . والملكوت العز والسلطان وتولهت إليه أي اشتد عشقها وحنت إليه والوله بالتحريك التحير وذهاب العقل من حزن أوفرح لتجري‌ في كيفية صفاته أي لتجد مجري ومسلكا في ذلك وغمض الشي‌ء بالفتح والضم أي خفي‌ مأخذه والغامض من الكلام خلاف الواضح ومداخل العقول طرق الفكر وفاعل تنال ضمير العقول أي إذادقت وغمضت طرق العقول ووصلت إلي حد لاتبلغ الصفات لدقة تلك الطرق وخفائها أو إذادقت وانتهت العقول إلي أنها لاتعتبر مع ملاحظة الحق صفة من صفاته كماقيل طالبة بذلك أن تصل إلي علم ذاته و في بعض النسخ علم ذلك والأول أظهر.ردعها الردع الرد والكف والجملة جزاء للشرط السابق والضمير المنصوب راجع إلي الأوهام أوغيرها مما سبق وهي‌ تجوب أي تقطع والواو للحال والمهاوي‌ جمع مهواة وهي‌ الحفرة أو ما بين الجبلين والمراد هنا المهلكة والسدف جمع سدفة وهي‌ القطعة من الليل المظلم ويطلق علي الضياء أيضا وخلصته تخليصا نحيته فتخلص فقوله متخلصة إليه أي متوجهة إليه بكليتها متنحية عن غيره وجبهه كمنعه أي ضرب جبهته فرده والجور العدول عن الطريق والاعتساف قطع المسافة علي غيرجادة معلومة والمراد بجور اعتسافها شدة جولانها في ذلك المسلك ألذي لاجادة له و لايفضي‌ إلي المقصود والخاطرة المنفية ما يكون مطابقا للواقع .


صفحه : 123

ألذي ابتدع الخلق الابتداء الإنشاء والإحداث ومثال الشي‌ء بالكسر صورته وصفته ومقداره وامتثله أي تبعه و لم يتجاوز عنه واحتذي عليه أي اقتدي به و قوله من خالق متعلق بمحذوف و هوصفة لمقدار أولمثال أيضا كناشئ والمراد بنفي‌ امتثال المثال أنه لم يمثل لنفسه مثالا قبل شروعه في خلق العالم ليخلق العالم علي هيئته وبنفي‌ احتذاء المقدار أنه لم يقتد بخالق كان قبله فالظرف صفة للمقدار فقط ويحتمل أن يكون الثاني‌ كالتأكيد للأول فالظرف صفة للمثال والمقدار معا و يكون المراد بالأول نفي‌ الاقتداء بالغير في التصوير وبالثاني‌ في التقدير أو يكون المراد بالمثال مايرتسم في الخيال من صورة المصنوع وهيئته و لم يكن علي حذو فعل فاعل آخر لتنزهه عن الصور والخواطر فالظرف صفة لمقدار ووصف الخالق بالمعبود لأنه من لوازمه أولأنه لو كان كذلك لكان هوالمعبود. والمساك بالكسر مايمسك به و فيه دلالة علي احتياج الباقي‌ في بقائه إلي المؤثر و قوله مادلنا مفعول ثان لأرانا واضطرار قيام الحجة عبارة عن إفادتها العلم القطعي‌ بعدتحقق الشروط وارتفاع الموانع والظرف في قوله علي معرفته متعلق بقوله دلنا وأعلام الحكمة مايدل عليها والضمير في قوله فحجته يحتمل عوده إلي الخلق الصامت كالضمير في دلالته أو إلي الله سبحانه فأشهد و في بعض النسخ بالواو بتباين المشبه به في الحقيقة هوالخلق وإنما أدخل الباء علي التباين تنبيها علي وجه الخطإ في التشبيه والتلاحم التلاصق والحقاق بالكسر جمع حقة بالضم وهي‌ في الأصل وعاء من خشب وحقاق المفاصل النقر التي‌ ترتكز فيهاالعظام واحتجابها استتارها بالجلد واللحم و قوله لتدبير متعلق بالمحتجبة أي المستورة للتدبير ألذي اقتضته الحكمة قيل و من حكمة احتجابها أنها لوخلقت ظاهرة ليبست رباطاتها فيتعذر تصرف الحيوان وكانت معرضة للآفات أوبالتباين والتلاحم . و قال بعض شارحي‌ النهج و من روي


صفحه : 124

المحتجة أراد أنها كالمستدل علي التدبير الحكمي‌ من لدنه سبحانه والعقد الشد وفاعل الفعل الموصول المشبه وغيب منصوب علي المفعولية و هو كل ماغاب والضمير اسم من أضمرت في نفسي‌ شيئا أوإضافة الغيب إلي الضمير من إضافة الصفة إلي الموصوف والمراد بغيب الضمير حقيقة عقيدته وباطنها لا مايظهره منها لغيره أويظهر له بحسب توهمه و في بعض النسخ لم يعتقد علي صيغة المجهول وغيب بالرفع والمباشرة لمس البشرة والفاعل اليقين و في بعض النسخ قلبه بالرفع علي أنه الفاعل واليقين بالنصب والأول الأظهر والند المثل و إن في الآية مخففة من المثقلة ويظهر من كلامه ع أن التسوية في الآية يشمل هذاالتشبيه و لايخص التسوية في استحقاق العبادة كذب العادلون بك أي المسوون بك غيرك ونحلوك أي أعطوك حلية المخلوقين أي صفاتهم والتعبير بالنحلة والحلية لزعم هؤلاء أنها كمال له عز و جل وجزءوك أي أثبتوا لك أجزاء وخواطرهم مايخطر ببالهم من الأوهام الفاسدة وقدروك علي الخلقة أي جعلوا لك قدرا في العظمة المعنوية كقدر الخلق فأثبتوا لك صفاتهم وقرائح عقولهم مايستنبطونه بآرائهم والقريحة في الأصل أول مايستنبط من البئر ومحكمات الآيات نصوص الكتاب وشواهد الحجج الأدلة العقلية ونطقها دلالتها القطعية أوالشواهد الهداة المبينون للحجج التي‌ هي‌ الأدلة وكأنه ضمن النطق معني الكشف فعدي‌ بعن وإضافة الحجج إلي البينات للمبالغة. لم يتناه في العقول أي لم تقدرك العقول بالنهاية والكنه بحيث لاتكون لك صفة وراء ماأدركته أو لم تحط بك العقول فتكون محدودا متناهيا فيها ومهب الفكر هبوبها ولعله ع شبه الحركات الفكرية بهبوب الرياح والأفكار بما تجمعها وتذروها من الحشائش إشعارا بضعفها وسفالة مايحصل منها


صفحه : 125

وقيل التناهي‌ في العقل هو أن يدرك العقل الشي‌ء مرسما في القوي الجزئية وهي‌ مهاب الفكر التي‌ ترتسم فيهاالصور وتزول كالريح الهابة تمر بشي‌ء وقيل مهاب الفكر جهاتها ورويات الخواطر مايخطر بالبال بالنظر والفكر والمحدود المحاط بالحدود والمراد بالحدود مايلزم الإحاطة التامة أوالصفات والكيفيات التي‌ لايتعداها المعلوم والمصرف القابل للتغير والحركة أوالمحكوم عليه بالتجزئة والتحليل والتركيب .قدر ماخلق فأحكم تقديره أي جعل لكل شيءمقدارا مخصوصا بحسب الحكمة أوهيأ كل شيء لماأراد منه من الخصائص والأفعال أوقدره للبقاء إلي أجل معلوم فأحكم أي أتقن والتدبير في الأمر النظر إلي ماتئول إليه عاقبته فألطف تدبيره أي أعمل فيه تدبيرات دقيقة لطيفة أوكانت تدبيراته مقرونة باللطف والرفق والرحمة علي عباده ووجهه لوجهته أي جعل كلا منها مهيأة وميسرة لماخلق له كالحبوب للأكل والدواب للركوب و كل صنف من الإنسان لأمر من الأمور المصلحة للنظام ويحتمل أن يكون إشارة إلي أمكنتها والأول أعم وأظهر والوجهة بالكسر الناحية و كل أمر استقبلته وقصر السهم عن الهدف إذا لم يبلغه وقصرت عن الشي‌ء أي عجزت عنه واستصعب الأمر علينا أي صعب والصعب غيرالمنقاد ومضي الشي‌ء مضيا ومضوا أي نفذ و لم يمتنع وصدر كعقد رجع وانصرف كرجوع الشاربة عن الماء والمسافرين عن مقصدهم و لماكانت الأمور لإمكانها محتاجة في الوجود إلي مشيته فكأنما توجهت إليها فرجعت فائزة بمقصدها والمشية الإرادة وأصلها المشيئة بالهمز.آل إليها أي رجع والغريزة الطبيعة وقريحة الغريزة مايستنبطه الذهن وقيل قوة الفكر للعقل أضمر عليها أي أخفاه في نفسه محتويا عليها والتجربة الاختبار مرة بعدأخري ويقال أفدته مالا أي أعطيته


صفحه : 126

وأفدت منه مالا أخذته وحكي الجوهري‌ عن أبي زيد أفدت المال أعطيته غيري‌ وأفدته استفدته وابتداع الخلائق إحداثها فتم خلقه يمكن أن يراد بالخلق المعني المصدري‌ و يكون الضمير راجعا إليه سبحانه كالضمير في طاعته ودعوته أو إلي ماخلق المذكور سابقا و علي الأول يكون في أذعن وأجاب راجعين إلي الخلق علي الاستخدام أو إلي ماخلق ويمكن أن يراد به المخلوق وتمام مخلوقاته بإفاضته عليها مايليق بها وتستعد له وإذعان ماخلق لطاعته وإجابته إلي دعوته إما بمعني استعداده لماخلق له أوتهيئه لنفوذ تقديراته وإرادته سبحانه فيه و فيه إشارة إلي قوله تعالي أَتَينا طائِعِينَ وربما تحمل أمثالها علي ظاهره بناء علي أن لكل مخلوق شعورا كما هوظاهر قوله تعالي وَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبّحُ بِحَمدِهِ. واعترض الشي‌ء دون الشي‌ء أي حال بينه وبينه ودونه أي قبل الوصول إليه والضمير في دونه أيضا راجع إليه سبحانه ويحتمل أن يكون راجعا إلي مصدر أذعن وأجاب والريث البطوء والأناة كفتاه الاسم من تأني في الأمر أي تمكث و لم يعجل وتلكأ توقف وأبطأ.فأقام من الأشياء أودها الأود بالتحريك الاعوجاج وإقامته إعداد كل شيء لماينبغي‌ له أودفع المفاسد التي‌ تقتضيها الأشياء لوخليت وطباعها ونهج أي أوضح وحد الشي‌ء منتهاه وأصل الحد المنع والفصل بين الشيئين ونهج الحدود قيل إيضاحه لكل شيءغايته وتيسيرها له أوالمعني جعل لكل شخص ونوع مشخصا ومميزا واضحا يمتاز به عن غيره فإن من أعاظم المصالح وأعزها


صفحه : 127

امتياز الأنواع والأشخاص بعضها عن بعض أقول ويحتمل أن يكون المراد بالحدود حدود أمكنتها كمكان العناصر فإن لكل منها حدا لاتتجاوزه ولعله أنسب بما بعده . ولاءم أي جمع بين متضاداتها كجمع العناصر المتباينة في الكيفيات والصفات لحصول المزاج وكالألفة بين الروح والبدن . ووصل أسباب قرائنها السبب في الأصل الحبل ويقال لكل مايتوصل به إلي شيء والقرينة فعيلة بمعني مفعولة وقرائن الأشياء مااقترن منها بعضها ببعض ووصل أسبابها ملزوم لاتصالها و قال ابن ميثم القرائن النفوس المقرونة بالأبدان واعتدال المزاج بسبب بقاء الروح أي وصل أسباب أنفسها بتعديل أمزجتها والمراد بالأجناس هنا أعم مما هومصطلح المنطقيين وكذا المراد بالحدود غير ما هوالمعروف عندهم و إن كان المقام لايأباهما. والغرائز الطبائع والقوي النفسانية والبدايا جمع بداية وهي‌ الحالة العجيبة يقال أبدأ الرجل إذاأتي بالأمر المعجب والبديئة أيضا الحالة المبتدأة المبتكرة أي عجائب مخلوقات أومخلوقات مبتدأة بلا اقتفاء مثال و هوخبر مبتدأ محذوف أي هي‌ بدايا والفطر الابتداء والاختراع والابتداع كالتفسير له ونظم أي جمع وألف بلا تعليق أي من غير أن يعلق بعضها ببعض بخيط أونحوه ورهوات فرجها الرهوة المكان المرتفع والمنخفض أيضا فنظمها تسويتها و قال في النهاية في حديث علي ونظم رهوات فرجها أي المواضع المنفتحة منها و هومأخوذ من قولهم رها رجليه رهوا أي فتح و فيه دلالة علي أن السماء كانت ذات فرج وصدوع فنظمها سبحانه و هومناسب لمامر من أن مادتها الدخان المرتفع من الماء إذ مثل ذلك تكون قطعا وذات فرج


صفحه : 128

وأول بعض الشارحين بتباين أجزاء المركب لو لاالتركيب والتأليف أوبالفواصل التي‌ كانت بين السماوات لو لا أن الصانع خلقها أكرا متماسة وإنما اضطره إلي ذلك الاعتقاد بقواعد الفلاسفة وتقليدهم . وملاحمة الصدوع إلصاق الأجزاء ذوات الصدوع بعضها ببعض وإضافة الصدوع إلي الانفراج من إضافة الخاص إلي العام ووشج بالتشديد أي شبك والضمير في بينها راجع إلي مايرجع إليه الضمائر السابقة. و قال ابن ميثم المراد بأزواجها نفوسها التي‌ هي‌ الملائكة السماوية بمعني قرائنها و كل قرين زوج أي ربط مابينها و بين نفوسها بقبول كل جرم سماوي‌ لنفسها التي‌ لايقبلها غيره . وأقول القول بكون السماوات حيوانات ذوات نفوس مخالف للمشهور بين أهل الإسلام بل نقل السيد المرتضي رضي‌ الله عنه إجماع المسلمين علي أن الأفلاك لاشعور لها و لاإرادة بل هي‌ أجسام جمادية يحركها خالقها ويمكن أن يراد


صفحه : 129

بالأزواج الملائكة الموكلون بها أوالقاطنون فيها أوالمراد أشباهها من الكواكب والأفلاك الجزئية ويمكن حمل الفقرات السابقة أيضا علي هذين الوجهين الأخيرين ويمكن أن يكون المراد بأزواجها أشباهها في الجسمية والإمكان من الأرضيات ويناسب ماجري علي الألسن من تشبيه العلويات بالآباء والسفليات بالأمهات . وذلل للهابطين يقال ذلل البعير أي جعله ذلولا و هوضد الصعب ألذي لاينقاد من الذل بالكسر و هواللين والحزونة خلاف السهولة والمعراج السلم والمصعد ونداء السماء إشارة إلي مامر من قوله سبحانه فَقالَ لَها وَ لِلأَرضِ ائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً.فالتحمت عري أشراجها التحمت أي التزقت والتأمت وعري العيبة هي‌ الحلق التي‌ تضم بعضها إلي بعض وتشد وتقفل والشرج بفتحتين عري العيبة والجمع أشراج وقيل قدتطلق الأشراج علي حروف العيبة التي‌ تخاط ولعل هذاالالتحام كناية عن تمام خلقها وفيضان الصور السماوية عليها. وفتق بعدالارتتاق صوامت أبوابها فتق الثوب فتقا نقضت خياطته حتي انفصل بعضه عن بعض ورتقت الفتق رتقا أي سددته فارتتق والأبواب الصامتة والمصمتة المغلقة منها وفتق صوامت الأبواب إما كناية عن إيجاد الأبواب فيها وخرقها بعد ماكانت رتقا لا باب فيها أوفتح الأبواب المخلوقة فيهاحين إيجادها و هذه الأبواب هي‌ التي‌ منها عروج الملائكة وهبوطها وصعود أعمال العباد وأدعيتهم


صفحه : 130

وأرواحهم كما قال تعالي لا تُفَتّحُ لَهُم أَبوابُ السّماءِ والتي‌ تنزل منها الأمطار كماأشار إليه بقوله فَفَتَحنا أَبوابَ السّماءِ بِماءٍ مُنهَمِرٍ. وأقام رصدا هوبالتحريك جمع راصد كخدم وخادم أواسم جمع كماقيل و يكون مصدرا كالرصد بالفتح والراصد القاعد علي الطريق منتظرا لغيره للاستلاب أوالمنع والمرصاد الطريق والمكان يرصد فيه العدو وأرصدت له أعددت والثواقب التي‌ تثقب الشياطين أوالهواء أويثقب الجو بضوئها والنقاب بالكسر جمع نقب بالفتح و هوالثقب والخرق والمراد إقامة الشهب الثواقب لطرد الشياطين عن استراق السمع كماأشار إليه سبحانه بقوله وَ أَنّا كُنّا نَقعُدُ مِنها مَقاعِدَ لِلسّمعِ فَمَن يَستَمِعِ الآنَ يَجِد لَهُ شِهاباً رَصَداً و لاصراحة فيه بكون ذلك المنع مقارنا لإيجاد السماء حتي ينافي‌ مادل علي حدوثها ويحتمل تخلل الرخصة بين المنعين أيضا. وأمسكها من أن تمور أي تموج وتضطرب والخرق يكون بمعني الثقب في الحائط والشق في الثوب وغيره و هو في الأصل مصدر خرقته إذاقطعته ومزقته و يكون بمعني القفر و الأرض الواسعة تنخرق فيهاالرياح أي تهب وتشتد والهواء يقال للجسم ألذي هوأحد العناصر ويقال لكل خال هواء كما قال سبحانه وَ أَفئِدَتُهُم هَواءٌ أي خالية من العقل أوالخير والمراد بالمور في خرق الهواء أماالحركة الطبيعية أوالقسرية في الفواصل التي‌ تحدث بحركتها في الجسم ألذي هوأحد العناصر إذ لادليل علي انحصاره في ألذي بين السماء و الأرض أوحركتها في المكان الخالي‌ الموهوم أوالموجود طبعا أوقسرا أوحركة أجزائها فيما بين السماء


صفحه : 131

و الأرض والأيد بالفتح القوة والظرف متعلق بالإمساك والاستسلام الانقياد ويحتمل أن يكون الأمر كناية عن تعلق الإرادة كمامر.آية مبصرة الآية العلامة والمبصر المدرك بالبصر وفسرت المبصرة في قوله تعالي وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةًبالبينة الواضحة وبالمضيئة التي‌ يبصر بها وبالمبصرة للناس من أبصرته فبصر وبالمبصر أهله كقولهم أجبن الرجل إذا كان أهله جبناء والمحو إذهاب الأثر وطمس النور وفسر محو القمر بكونه مظلما في نفسه غيرمضي‌ء بذاته كالشمس وبنقصان نوره بالنظر إلي الشمس وبنقصان نوره شيئا فشيئا إلي المحاق . وَ روُيِ‌َ أَنّ ابنَ الكَوّاءِ سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَنِ اللّطخَةِ التّيِ‌ فِي وَجهِ القَمَرِ فَقَالَ ذَاكَ مَحوُ آيَةِ اللّيلِ

ويمكن أن يكون لها مدخل في نقصان ضوء القمر من ليلها قيل من لابتداء الغاية أولبيان الجنس ويتعلق بممحوة أويجعل وقيل أراد من آيات ليلها. والمنقل في الأصل الطريق في الجبل والمدرج المسلك ودرج أي مشي والدرج بالتحريك الطريق ودرجيهما في بعض النسخ علي لفظ التثنية و في بعضها مفرد ومناقلهما ومدارجهما منازلهما وبروجهما والظاهر أن التمييز والعلم غايتان لمجموع الأفعال السابقة فيكون إشارة إلي قوله تعالي وَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةً لِتَبتَغُوا فَضلًا مِن رَبّكُم وَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ و إلي قوله عز و جل هُوَ ألّذِي جَعَلَ الشّمسَ ضِياءً وَ القَمَرَ نُوراً وَ قَدّرَهُ مَنازِلَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ ويحتمل


صفحه : 132

أن يكون التمييز غاية للأول والعلم غاية للأخير أوالأخيرين فيكون نشرا علي ترتيب اللف وظاهر كلامه ع تفسير الآيتين المفردتين في الآية الأولي بالشمس والقمر لابالليل والنهار و إن كان المراد بالآيتين أولا الليل والنهار وقيل المراد جعلناهما ذوي‌ آيتين فتكون الشمس والقمر مقصودين بهما في الموضعين والمراد بالحساب حساب الأعمار والآجال التي‌ يحتاج إليه الناس في أمور دينهم ودنياهم ومقاديرهما مقادير سيرهما وتفاوت أحوالهما. ثم علق في جوها فلكها الظاهر أن كلمة ثم هنا للترتيب الذكري‌ ولعل المعني أنه أقر فلكها في مكانه من الجو بقدرته و لاينافي‌ نفي‌ التعليق في نظم الأجزاء كماسبق والجو الفضاء الواسع أو ما بين السماء و الأرض والفلك بالتحريك مدار النجوم وقيل أراد بالفلك دائرة معدل النهار وقيل أراد به الجنس و هوأجسامها المستديرة التي‌ يصدق عليها هذاالاسم وقيل الفلك هنا عبارة عن السماء الدنيا فيكون علي وفق قوله سبحانه إِنّا زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِزِينَةٍ الكَواكِبِ والتوجيه مشترك و علي المشهور من عدم كون جميعها في السماء الدنيا لعل الأظهر أن يراد بالفلك ماارتكز فيه كوكب يتحرك بحركته وبالجو الفضاء الواسع الموهوم أوالموجود ألذي هومكان الفلك ووجه إضافته إليها واضح فإن الفلك من جملتها وكذا إضافة الفلك إليها ويحتمل حينئذ أن يراد بفلكها المحيط المحرك لجملتها ويمكن علي طريقة الاستخدام أوبدونه أن يراد بضمير السماء ألذي أحاط بجميع ماارتكزت فيه الكواكب المدير لها فكون فلكها في جوها ظاهر أويراد بالسماء الأفلاك الكلية وبالفلك الأفلاك الجزئية الواقعة في جوفها و في بعض النسخ علق في جوها فلكا بدون الضمير و هويناسب كون الكواكب كلها في فلك واحد. وناط أي علق والدراري‌ جمع دري‌ و هوالمضي‌ء وكأنه نسب إلي


صفحه : 133

الدر تشبيها به لصفائه و قال الفراء الكوكب الدري‌ عندالعرب هوالعظيم المقدار وقيل هوأحد الكواكب السبعة السيارة و في النهاية الكواكب الخمسة السيارة و لايخفي أن وصف الدراري‌ بالخفيات ينافي‌ القولين ظاهرا واستراق السمع الاستماع مختفيا بثواقب شهبها أي بشهبها الثاقبة تلميحا إلي قوله سبحانه إِلّا مَنِ استَرَقَ السّمعَ فَأَتبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ و قوله إِلّا مَن خَطِفَ الخَطفَةَ فَأَتبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ والأذلال جمع ذل بالكسر يقال أمور الله جارية أذلالها بالنصب و علي أذلالها أي مجاريها ويقال دعه علي أذلاله أي علي حاله وثبات الثوابت بالنسبة إلي سير السيارات والمراد بالهبوط إما مقابل الشرف كما هومصطلح المنجمين أوالتوجه إلي حضيض الحامل أوالتدبير أوالتوجه إلي الغروب فإنه الهبوط حسا ويقابله الصعود والنحوس ضد السعود ثم خلق الظاهر أن كلمة ثم هنا للترتيب الحقيقي‌ وسيأتي‌ بعض الأخبار الدالة علي تقدم خلق الملائكة علي السماوات ويمكن الجمع بالتخصيص هاهنا بسكان السماوات الذين لايفارقونها وعمارة المنزل جعله آهلا ضد الخراب ألذي لا أهل له والصفيح السطح ووجه كل شيءعريض والصفيح أيضا اسم من أسماء السماء والمراد هنا سطح كل سماء ويقابله الصفيح الأسفل و هو الأرض أوفوق السماء السابعة أوفوق الكرسي‌ والملكوت كرهبوت العز والسلطان والفروج الأماكن الخالية والفج الطريق الواسع بين الجبلين وحشوت الوسادة بالقطن جعلتها مملوة منه والفتق الشق والجو الفضاء الواسع و ما بين السماء و الأرض و هذاالكلام صريح في عدم تلاصق السماوات و في تجسم الملائكة و أن ما بين السماوات مملوة منهم و به تندفع شبهة لزوم الخلإ كماستعرف والفجوة الفرجة والموضع المتسع بين الشيئين وزجل المسبحين صوتهم


صفحه : 134

الرفيع العالي‌ والحظيرة في الأصل الموضع ألذي يحاط عليه لتأوي‌ إليه الغنم والإبل يقيها الحر والبرد والريح والقدس بالضم وبضمتين الطهر اسم ومصدر والسترات بضمتين جمع سترة بالضم و هو مايستتر به كالستارة والحجاب مااحتجب به والسرادق ألذي يمد فوق صحن البيت من الكرسف والمجد الشرف والعظمة والرجيج الزلزلة والاضطراب و منه رجيج البحر.تستك منه الأسماع أي تصم وفسروا السبحات بالنور والبهاء والجلال والعظمة وقيل سبحات الوجه محاسنه لأنك إذارأيت الوجه الحسن قلت سبحان الله ولعل المراد بهاالأنوار التي‌ تحجب بهاالأبصار ويعبر عنها بالحجب وردعه كمنعه كفه ورده والخاسئ من الكلاب وغيرها المبعد لايترك أن يدنو من الناس يقال خسأت الكلب أي طردته وأبعدته والضمير في حدودها راجع إلي السحاب وقيل أي تقف الأبصار حيث تنتهي‌ قوتها لأن قوتها متناهية فإذابلغت حدودها وقفت .أولي‌ أجنحة تسبح جلال عزته إشارة إلي قوله تعالي أوُليِ‌ أَجنِحَةٍ مَثني وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ وتسبح في أكثر النسخ بالتشديد من التسبيح و هوالتنزيه والتقديس من النقائص والجلال العظمة والعزة القوة والشدة والغلبة والجملة صفة لأولي‌ أجنحة و في بعض النسخ تسبح بالتخفيف من السباحة وخلال بالخاء المعجمة المكسورة و هووسط الشي‌ء أوجمع خلل بالتحريك و هوالفرجة بين الشيئين و في بعضها خلال بحار عزته ولعل المراد بسباحتهم سيرهم في أطباق السماوات وفوقها أوعروجهم ونزولهم لأداء الرسالات وغيرها أوسيرهم في مراتب القرب بالعبادة والتسبيح . لاينتحلون انتحل الشي‌ء وتنحله إذاادعاه لنفسه و هولغيره أي لايدعون الربوبية لأنفسهم كمايدعيها البشر لهم ولأنفسهم فتكون هذه الفقرة


صفحه : 135

لنفي‌ ادعاء الاستبداد والثانية لنفي‌ ادعاء المشاركة أوالأولي لنفي‌ ادعائهم الخالقية فيما لهم مدخل في وجوده بأمره تعالي والثانية لنفي‌ ذلك فيما خلقه الله سبحانه بمجرد أمره وإرادته مكرمون بالتخفيف من الإكرام وقر‌ئ بالتشديد من التكريم واللام في قوله بالقول عوض عن المضاف إليه أي لايسبقون الله بقولهم بل هم تابع لقوله سبحانه كما أن علمهم تابع لأمره .جعلهم فيما هنالك لعله مخصوص ببعض الملائكة كما قال عز و جل اللّهُ يصَطفَيِ‌ مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلًا ويكفي‌ للنسبة إلي الجميع كون بعضهم كذلك و ماهنالك عبارة عن مراتب الملائكة أوالأشغال والأمور المفوضة إليهم أو عن أربابها وأصحابها و في قوله حملهم تضمين معني البعث أوالإرسال ونحوه وعصمهم هذايشمل جميعهم والريب الشك أوالتهمة والزيغ العدول عن الحق والمرضاة ضد السخط والإمداد الإعانة والتقوية والفائدة مااستفدته من طريفة مال أوعلم أوغيرهما والمعونة مفعلة بضم العين من استعان به فأعانه وقيل الميم أصلية مأخوذة من الماعون ولعل المعني تأييدهم بأسباب الطاعات والقربات والمعارف والألطاف الصارفة لهم عن المعاصي‌. وأشعر قلوبهم أي ألزمهم مأخوذ من الشعار و هو مايلبس تحت الدثار وقيل من الشعور بمعني الإدراك يقال أشعره الأمر و به أي أعلمه والتواضع التخاشع والتذلل وأخبت الرجل خضع لله وخشع قلبه والسكينة الطمأنينة والوقار والرزانة والمهابة والحاصل عدم انفكاكهم عن الخوف والخشوع والذلل بضمتين جمع ذلول ضد الصعب ومجده أثني عليه وعظمه والجمع للدلالة علي الأنواع وفتح الأبواب كناية عن إلهامها وتسهيلها عليهم لعدم معارضة


صفحه : 136

شيطان أونفس أمارة بالسوء بل خلقهم خلقة يلتذون بها كماورد أن شرابهم التسبيح وطعامهم التقديس والمنار جمع المنارة وهي‌ العلامة وأصله النور ولذا أنثت الواضحة والأعلام جمع علم بالتحريك و هوالجبل الطويل أو مايعلم به الشي‌ء ونصب المنار لهم علي الأعلام عبارة عن غاية ظهورها لعدم معارضته الشكوك والشبهات التي‌ تكون للبشر ولوفور الدلائل لهم لقربهم من ساحة عزه وملكوته ومشاهدتهم مايخفي علينا من آثار ملكه وجبروته والمؤصرات المثقلات وعدمها لعصمتهم وعدم خلق الشهوات فيهم . ورحل البعير وارتحله حط عليه الرحل و هومركب للبعير و في الحديث ارتحلني‌ ابني‌ الحسن أي جعلني‌ كالراحلة وركب علي ظهري‌ والارتحال أيضا الإزعاج والإشخاص والعقبة بالضم النوبة والجمع عقب كغرفة وغرف والعقبة الليل والنهار لأنهما يتعاقبان قيل أي لم يؤثر فيهم ارتحال الليالي‌ والأيام كمايؤثر ارتحال الإنسان البعير في ظهره حملا علي الوجه الأول و علي الثاني‌ فالمعني لم يزعجهم تعاقب الليالي‌ والأيام و لم يوجب رحيلهم عن دارهم والغرض تنزيههم عما يعرض للبشر من ضعف القوي أوالقرب من الموت بكرور الأزمنة والنوازع في بعض النسخ بالعين المهملة من نزع في القوس إذاجذبها ومدها ونوازع الشكوك الشبهات وقيل أي شهواتها والنازعة المحركة و في بعضها بالغين المعجمة كما في النهاية من نزغ الشيطان بين القوم أي أفسد ويقال نزغه الشيطان أي وسوس إليه والعزيمة ماوكدت رأيك وعزمك عليه والمعترك موضع القتال والاعتراك الازدحام والظن يكون بمعني الاعتقاد الراجح غيرالجازم وبمعني الشك ويطلق علي مايشملهما ولعل الأخير هنا أظهر ومعقد الشي‌ء موضع شده يقال عقدت الحبل والبيع والعهد و يكون مصدرا والحاصل نفي‌ تطرق الشبه والشكوك إلي عقائدهم اليقينية.


صفحه : 137

و لاقدحت يقال قدح بالزند كمنع أي رام الإيراء به و هواستخراج النار وربما يحمل علي القدح بمعني الطعن و هوبعيد والإحن جمع إحنة وهي‌ الحقد والغضب أي لايثير الغضب والعداوات الكامنة فتنة فيما بينهم والحيرة عدم الاهتداء إلي وجه الصواب ولاق الشي‌ء بغيره أي لزق و منه الليقة للصوق المداد بها والغرض نفي‌ الحيرة عنهم في عقائدهم ويحتمل أن يكون المراد بالحيرة الوله لشدة الحب وكمال المعرفة كماسيأتي‌ و في الصحيفة السجادية و لايغفلون عن الوله إليك فالمعني أن شدة ولههم لاتوجب نقصا في معرفتهم وغفلة عن ملاحظة العظمة والجلال كما في البشر وأثناء الشي‌ء تضاعيفه وجاء في أثناء الأمر أي في خلاله جمع ثني بالكسر.فتقترع في بعض النسخ بالقاف من الاقتراع بمعني ضرب القرعة والاختبار فالغرض نفي‌ تناوب الوساوس وتواردها عليهم و في بعضها بالفاء من فرعه أي علاه والأول أنسب بالطمع والرين بالنون كما في بعض النسخ الطبع والدنس والتغطية وران ذنبه علي قلبه رينا أي غلب و في بعضها بالباء الموحدة والفكرة إعمال النظر في الشي‌ء منهم أي من مطلق الملائكة والغمام والغمائم جمع الغمامة وهي‌ السحابة والدلح جمع الدالح و هوالثقيل من السحاب لكثرة مائه والدلح أن يمشي‌ البعير بالحمل و قدأثقله والشامخ من الجبال المرتفع العالي‌ والقترة بالضم بيت الصائد ألذي يتستر به عندتصيده من جص ونحوه ويجمع علي قتر مثل غرفة وغرف ويطلق علي حلقة الدرع والكوة النافذة والظلام ذهاب النور والأيهم ألذي لايهتدي فيه و منه فلاة يهماء قيل هذاالنوع من الملائكة خزان المطر وزواجر السحاب ولعله شامل لمشبعي‌ الثلج والبرد والهابطين مع قطر المطر إذانزل و إن كان السحاب مكانهم قبل النزول والموكلون


صفحه : 138

بالجبال للحفظ وسائر المصالح والساكنون في الظلمات لهداية الخلق وحفظهم أو غير ذلك . وأقول يحتمل أن يكون المراد تشبيههم في لطافة الجسم بالسحاب و في عظم الخلقة بالجبال و في السواد بالظلمة بل هوعندي‌ أظهر. وتخوم الأرض بضم التاء معالمها وحدودها وهي‌ جمع تخوم بالضم أيضا وقيل واحدها تخم بالضم والفتح وقيل التخم حد الأرض والجمع تخوم نحو فلس وفلوس و قال ابن الأعرابي‌ و ابن السكيت الواحد تخوم والجمع تخم مثل رسول ورسل و في النسخ بالضم والراية علم الجيش ومخارق المواضع التي‌ تمكنت فيهاتلك الرايات بخرق الهواء والريح الهفافة الطيبة الساكنة وقيل أي ليست بمضطربة فتموج تلك الرايات بل هي‌ ساكنة تحبسها حيث انتهت . و قداستفرغتهم أشغال عبادته أي جعلتهم فارغين عن غيرها وحقائق الإيمان العقائد اليقينية التي‌ تحق أن تسمي إيمانا أوالبراهين الموجبة له و في بعض النسخ وسلت بالسين المشددة يقال وسل إلي الله توسيلا وتوسل أي عمل عملا تقرب به إليه وقطعهم الإيقان به أي صرفهم عما سوي الوله ووجههم إليه و هو في الأصل التحير من شدة الوجد أوذهاب العقل والمراد عدم الالتفات إلي غيره سبحانه والرغبة الإرادة والسؤال والطلب والحرص علي الشي‌ء والطمع فيه والمعني أن رغباتهم وطلباتهم مقصورة علي ماعنده سبحانه من قربه وثوابه وكرامته ولعل الضمائر في تلك الفقرات راجعة إلي مطلق الملائكة كالفقرات الآتية والباء في قوله ع بالكأس إما للاستعانة أوبمعني من وربما يضمن في الشرب معني الالتذاذ ليتعدي بالياء والكأس الإناء يشرب فيه أو مادام الشراب فيه وهي‌ مؤنثة والروية المروية التي‌ تزيل العطش وسويداء القلب وسوداؤه حبته والوشيجة في الأصل عرق الشجرة يقال وشجت


صفحه : 139

العروق والأغصان أي اشتبكت وحنيت الشي‌ء أي عطفته وأنفد الشي‌ء أفناه ومادة التضرع مايدعو إليه وأطلق عن الأسير إذاحل أسره والربقة بالكسر في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أويدها تمسكها وعدم نفاد مادة التضرع فيهم لعدم تطرق النقص إلي علمهم بعظمة الله وبحاجتهم إليه وعدم الشواغل لهم عن ذلك وعدم انتهاء مراتب العرفان والقرب الداعيين لهم إلي التضرع والعبادة و مع ذلك لايتطرق الضعف إلي قواهم فبقدر صعودهم في مدارج الطاعة يزاد قربهم وكلما ازداد قربهم تضاعف علمهم بعظمته سبحانه كماسيأتي‌ الإشارة إليه ويقال تولاه أي اتخذه وليا وتولي الأمر أي تقلده وعدم تولي‌ الإعجاب كناية عن عدم الاستيلاء والإعجاب استعظام مايعده الإنسان فضيلة لنفسه ويقال أعجب زيد بنفسه علي البناء للمفعول إذاترفع وسر بفضائله وأعجبني‌ حسن زيد إذاعجبت منه واستكثره عده كثيرا و ماسلف منهم طاعاتهم السالفة والاستكانة الذل والخضوع واستكانة الإجلال خضوعهم الناشئ عن ملاحظة جلال الله وعظمته والفترة مرة من الفتور و هوالسكون بعدحدة واللين بعدشدة ودأب في أمره كمنع دءوبا جد وتعب وغاض الماء غيضا ومغاضا قل ونقص والمناجاة المخاطبة سرا وأسلة اللسان طرفه ومستدقه والهمس الصوت الخفي‌ والجوار كغراب رفع الصوت بالدعاء والتضرع أي ليست لهم أشغال خارجة عن العبادة فتكون لأجلها أصواتهم المرتفعة خافية ساكنة و في بعض النسخ بهمس الخير و في بعضها بهمس الحنين وتوجيههما لايخلو من تكلف ومقاوم الطاعة صفوف العبادة جمع مقام وعدم اختلاف المناكب عبارة عن عدم تقدم بعضهم علي بعض أوعدم انحرافهم وثنيت الشي‌ء ثنيا عطفته أثناه أي كفه وثنيته أيضا صرفته إلي حاجته وراحة التقصير الراحة الحاصلة بإقلال العبادة أوتركها بعدالتعب وعدا عليه أي قهره وظلمه والتبلد ضد التجلد والتحير وبلد الرجل بلادة فهو بليد أي غيرذكي‌ و لافطن وانتضل القوم


صفحه : 140

وتناضلوا إذارموا للسبق والهمة ماهم به من أمر ليفعل وخدائع الشهوات وساوسها الصارفة عن العبادة وانتضالها تواردها وتتابعها والفاقة الفقر والحاجة و يوم فاقتهم يوم قبض أرواحهم كمايظهر من بعض الأخبار و لايبعد أن يكون لهم نوع من الثواب علي طاعتهم بازدياد القرب وإفاضة المعارف وذكره سبحانه لهم وتعظيمه إياهم و غير ذلك فيكون إشارة إلي يوم جزائهم ويمموه أي قصدوه والانقطاع إلي أحد صرف الوجه عن غيره والتوجه إليه والضمير في رغبتهم إما راجع إلي الملائكة كضمير فاقتهم أو إلي الخلق أوإليهما علي التنازع . والأمد المنتهي و قد يكون بمعني امتداد المسافة ويرجع يكون لازما ومتعديا تقول رجع زيد ورجعته أنا واهتر فلان بكذا واستهتر فهو مهتر به ومستهتر علي بناء المفعول أي مولع به لايتحدث بغيره و لايفعل غيره والمادة الزيادة المتصلة و كل ماأعنت به قوما في حرب أوغيره فهو مادة لهم ولعل المراد هنا بهاالمعين والمقوي‌ وكلمة من في قوله من قلوبهم ابتدائية أي إلي مواد ناشئة من قلوبهم غيرمنقطعة و في قوله من رجائه بيانية فالمراد الخوف والرجاء الباعثان لهم علي لزوم الطاعة ويحتمل أن تكون الأولي بيانية أوابتدائية والثانية صلة للانقطاع والغرض إثبات دوام خوفهم ورجائهم الواجبين لعدم انفكاكهم عن الطاعة بل لزيادتها كمايشعر به لفظ المواد والسبب كل مايتوصل به إلي غيره والشفقة الخوف والوني الضعف والفتور و لم تأسرهم أي لم تجعلهم أسراء والإيثار الاختيار والوشيك القريب والسريع والمعني ليسوا مأمورين في ربقة الطمع حتي يختاروا السعي‌ القريب في تحصيل المطموع في الدنيا الفانية علي اجتهادهم الطويل في تحصيل السعادة الباقية كما هوشأن البشر. واستعظام العمل العجب المنهي‌ عنه ونسخ الشي‌ء إزالته وإبطاله وتغييره


صفحه : 141

والمراد بالرجاء هنا ماتجاوز الحد المطلوب منه ويعبر عنه بالاغترار وشفقات الوجل تارات الخوف ومراته لم يختلفوا في ربهم أي في الإثبات والنفي‌ أو في التعيين أو في الصفات كالتجرد والتجسم وكيفية العلم و غير ذلك وقيل أي في استحقاق كمال العبادة ويقال استحوذ عليه أي استولي و هومما جاء علي الأصل من غيرإعلال والتقاطع التعادي‌ وترك البر والإحسان وتوليت الأمر أي قمت به وتوليت فلانا اتخذته وليا أي محبا وناصرا والغل الحقد والشعبة من كل شيءالطائفة منهم وشعبتهم أي فرقتهم و في بعض النسخ تشعبتهم علي التفعل والأول أظهر والريب جمع ريبة بالكسر و هوالشك أو هو مع التهمة ومصارفها وجوهها وطرقها من الأمور الباطلة التي‌ تنصرف إليها الأذهان عن الشبه أووجوه انصراف الأذهان عن الحق بالشبه أوالشكوك والشبه أنفسها واقتسموا المال بينهم أي تقاسموه وأخياف الهمم مختلفها وأصله من الخيف بالتحريك و هوزرقة إحدي العينين وسواد الأخري في الفرس وغيره و منه قيل لإخوة الأم أخياف لأن آباءهم شتي والهمة بالكسر ماعزمت عليه لتفعله وقيل أول العزم والغرض نفي‌ الاختلاف بينهم والتعادي‌ والتفرق بعروض الشكوك واختلاف العزائم أونفي‌ الاختلاف عنهم وبيان أنهم فرقة واحدة لبراءتهم عن الريبة واختلاف الهمم . والزيغ الجور والعدول عن الحق و في التفريع دلالة علي أن الصفات السابقة من فروع الإيمان أولوازمه والطبق محركة في الأصل الشي‌ء علي مقدار الشي‌ء مطبقا له من جميع جوانبه كالغطاء له و منه الحمي المطبقة والجنون المطبق والسماوات أطباق لأن كل سماء طبق لماتحتها والإهاب ككتاب الجلد والحافد المسرع والخفيف في العمل ويجمع علي حفد بالتحريك ويطلق علي الخدم لإسراعهم في الخدمة والعزة القوة والغلبة والعظم كعنب خلاف الصغر مصدر عظم و في بعض النسخ بالضم و هواسم من تعظم


صفحه : 142

أي تكبر ودحوها علي الماء أي بسطها وكبس الرجل رأسه في قميصه إذاأدخله فيه وكبس البئر والنهر طمهما بالتراب وملأهما قال بعض شارحي‌ النهج كبس الأرض أي أدخلها الماء بقوة واعتماد شديد ومور الأمواج أي تحركها واضطرابها واستفحل الأمر أي تفاقم واشتد وقيل أمواج مستفحلة أي هائجة هيجان الفحول وقيل أي صائلة واللجة بالضم معظم الماء و منه بحر لجي‌ وزخر البحر مد وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه واللطم ضرب الخد بالكف مفتوحة والتطمت الأمواج وتلاطمت ضرب بعضها بعضا والأذي بالمد والتشديد الموج الشديد والجمع أواذي‌ والصفق الضرب يسمع له صوت والصفق الرد واصطفقت الأمواج أي ضرب بعضها بعضا وردها والتقاذف الترامي‌ بقوة والثبج بتقديم الثاء المثلثة علي الباء الموحدة وثبج البحر بالتحريك معظمه ووسطه وقيل أصله ما بين الكاهل إلي الظهر والمراد أعالي‌ الأمواج والرغاء بالضم صوت الإبل والزبد بالتحريك ألذي يعلو السيل وقيل زبدا منصوب بمقدر أي ترغو قاذفة زبدا. وأقول الظاهر أن ترغو من الرغوة مثلثة وهي‌ الزبد يعلو الشي‌ء عندغليانه يقال رغي اللبن أي صارت له رغوة ففيه تجريد و لاينافيه التشبيه بالفحل والفحل الذكر من كل حيوان وأكثر مايستعمل في الإبل وهاج الفحل ثار واشتهي الضراب وخضع أي ذل وجماح الماء غليانه من جمح الفرس إذاغلب فارسه و لم يملكه وهيج الماء ثورانه وفورته والارتماء الترامي‌ والتقاذف وارتماء الماء تلاطمه وأصل الوطء الدوس بالقدم والكلكل الصدر وذل أي صار ذليلا أوذلولا ضد الصعب و في بعض النسخ كل أي عرض له الكلال من كل السيف إذا لم يقطع والمستخذي‌ بغير همز كما في النسخ الخاضع والمنقاد و قديهمز علي الأصل وتمعكت مستعار من تمعكت الدابة أي تمرغت في التراب والكاهل ما بين الكتفين فأصبح بعداصطخاب أمواجه ساجيا الاصطخاب افتعال من الصخب و هوكثرة الصياح واضطراب الأصوات والساجي‌ الساكن والحكمة محركة


صفحه : 143

حديدة في اللجام وتكون علي حنك الفرس تمنعه عن مخالفة راكبه . ثم إنه أورد هنا إشكال و هو أن كلامه ع يشعر بأن هيجان الماء وغليانه وموجه سكن بوضع الأرض عليه و هذاخلاف مانشاهده ويقتضيه العقل لأن الماء الساكن إذاجعل فيه جسم ثقيل اضطرب وتموج وصعد علوا فكيف الماء المتموج يسكن بطرح الجسم الثقيل فيه . وأجيب بأن الماء إذا كان تموجه من قبل ريح هائجة جاز أن يسكن هيجانه بجسم يحول بينه و بين تلك الريح ولذلك إذاجعلنا في الإناء ماء وروحنا بمروحة فإنه يتحرك فإن جعلنا علي سطح الماء جسما يملأ حافات الإناء وروحناه بالمروحة فإن الماء لايتحرك لأن ذلك الجسم قدحال بين الهواء المجتلب بالمروحة و بين سطح الماء فمن الجائز أن يكون الماء في الأول هائجا لأجل ريح محركة له فإذاوضعت الأرض عليه حال بين سطح الماء و بين تلك الريح وسيأتي‌ في كلامه ع ذكر هذه الريح حيث قال اعتقم مهبها إلي آخر ماسيأتي‌ والأولي أن يقال إن غرضه ع ليس نفي‌ التموج مطلقا بل نفي‌ التموج الشديد ألذي كان للماء إذ حمله سبحانه علي متن الريح العاصفة والزعزع القاصفة بقدرته الكاملة وأنشأ ريحا لمخضه مخض السقاء فكانت كرة الماء تندفق من جميع الجوانب وترد الريح أوله علي آخره وساجيه علي مائره كماسيأتي‌ في كلامه ع ثم لماكبس الأرض بحيث لم يحط الماء بجميعها فلاريب في انقطاع الهبوب والتمويج من ذلك الجانب المماس للأرض من الماء وأيضا لمامنعت الأرض سيلان الماء من ذلك الجانب إذ ليست الأرض كالهواء المنفتق المتحرك ألذي كان ينتهي‌ إليه ذلك الحد من الماء كان ذلك أيضا من أسباب ضعف التموج وقلة التلاطم وأيضا لماتفرقت كرة الماء في أطراف الأرض ومال الماء بطبعه إلي المواضع المنخفضة من الأرض وصار البحر الواحد المجتمع بحارا متعددة و إن اتصل بعضها ببعض وأحاطت السواحل بأطراف


صفحه : 144

البحار بحيث منعت الهبوب إلا من جهة السطح الظاهر سكنت الفورة الشديدة بذلك التفرق وقلة التعمق وانقطاع الهبوب فكل ذلك من أسباب السكون ألذي أشار إليه ع . وأقول مما يبين ذلك أنه إذافرضنا حوضا يكون فرسخا في فرسخ وقدرنا بناء عمارة عظيمة في وسطه فلاريب في أنه يقل بذلك أمواجه وكلما وصل موج من جانب من الجوانب إليه يرتدع ويرجع ثم إن هذه الوجوه إنما تبدي‌ جريا علي قواعد الطبيعيين وخيالاتهم الواهية و إلافبعد ماذكره ع لاحاجة لنا إلي إبداء وجه بل يمكن أن يكون لخلق الأرض وكبسها في الماء نوع آخر من التأثير في سكونه لاتحيط به عقولنا الضعيفة. و قال ابن ميثم مقتضي الكلام أن الله تعالي خلق الماء قبل الأرض وسكن بهامستفحل أمواجه و هذامما شهد به البرهان العقلي‌ فإن الماء لما كان حاويا لأكثر الأرض كان سطحه الباطن المماس لسطحه الظاهر مكانا لها وظاهر أن للمكان تقدما طبيعيا باعتبار ما علي المتمكن فيه و إن كان اللفظ يعطي‌ تقدم خلق الماء علي خلق الأرض تقدما زمانيا كما هوالمقبول عندالسامعين انتهي . و لايخفي بعدأمثال تلك التأويلات الباردة في تلك العبارات الظاهرة الدلالة علي التقدم والحدوث الزمانيين كماستعرف إن شاء الله تعالي . وسكنت الأرض مدحوة أي مبسوطة و لاينافي‌ الكروية وقيل هو من الدحو بمعني القذف والرمي‌ واللجة معظم الماء كمامر والتيار الموج وقيل أعظم الموج ولجته أعمقه والنخوة الافتخار والتعظم والأنفة والحمية والبأو الرفعة والتعظم والكبر والاعتلاء التيه والترفع وشمخ بأنفه أي تكبر من شمخ الجبل إذاارتفع والسمو العلو وغلواء الشباب أوله وشرته والغرض بيان سكون الأرض في الماء المتلاطم ومنعها إياه عن تموجه وهيجانه وكعمت البعير أي شددت فمه إذاهاج بالكعام ككتاب و هو شيءيجعل في فيه والكظة بالكسر مايعتري‌ الممتلئ من الطعام والجرية


صفحه : 145

بالكسر حالة الجريان أومصدر وكظة الجرية مايشاهد من الماء الكثير في جريانه من الثقل وهمدت الريح سكنت وهمود النار خمودها ونزق الفرس كسمع ونصر وضرب نزقا ونزوقا نزا ووثب والنزقات دفعاته ونزق الغدير امتلأ إلي رأسه و علي هذافالهمود بمعني الغور والأول أظهر والزيفان بالتحريك التبختر في المشي‌ من زاف البعير يزيف إذاتبختر و في بعض النسخ ولبد بعدزيفان وثباته يقال لبد بالأرض كنصر إذالزمها وأقام و منه اللبد ككتف لمن لايبرح منزله و لايطلب معاشا ويروي ولبد بعدزفيان بتقديم الفاء علي الياء و هوشدة هبوب الريح يقال زفت الريح السحاب إذاطردته والزفيان بالفتح القوس السريعة الإرسال للسهم والوثبة الطفرة وهيج الماء ثورانه وفورته وأكنافها أي جوانبها ونواحيها وشواهق الجبال عواليها والباذخ العالي‌ والينبوع ماانفجر من الأرض من الماء ولعله اعتبر فيه الجريان بالفعل فيكون من إضافة الخاص إلي العام أوالتكرير للمبالغة وقيل الينبوع الجدول الكثير الماء فلايحتاج إلي تكلف وعرنين الأنف أوله تحت مجتمع الحاجبين والظاهر أن ضمير أنوفها راجع إلي الأرض كالضمائر السابقة واللاحقة واستعار لفظ العرنين والأنف لأعالي‌ رءوس الجبال وإنما خص الجبال بتفجر العيون منها لأن العيون أكثر مايتفجر من الجبال والأماكن المرتفعة وأثر القدرة فيهاأظهر ونفعها أتم والسهب الفلاة البعيدة الأكناف والأطراف والبيد بالكسر جمع بيداء وهي‌ الفلاة التي‌ يبيد سالكها أي يهلكه والأخاديد جمع أخدود و هوالشق في الأرض والمراد بأخاديدها مجاري‌ الأنهار ولعل تعديل الحركات بالراسيات أي الجبال الثابتات جعلها عديلا للحركات بحيث لاتغلبه أسباب الحركة فيستفاد سكونها فالباء صلة لاسببية أوالمعني سوي الحركات في الجهات أي جعل الميول متساوية بالجبال فسكنت لعدم المرجح فالباء سببية ويحتمل أن يكون المراد أنه جعلها بالجبال بحيث قدتتحرك للزلازل و قد لاتتحرك و لم يجعل الحركة


صفحه : 146

غالبة علي السكون مع احتمال كونها دائما متحركة بحركة ضعيفة غيرمحسوسة و من ذهب إلي استناد الحركة السريعة إلي الأرض لايحتاج إلي تكلف والجلاميد جمع جلمد وجلمود أي الصخور والشناخيب جمع شنخوب بالضم أي رءوس الجبال العالية والشم المرتفعة العالية والصياخيد جمع صيخود وهي‌ الصخرة الشديدة والميدان بالتحريك التحرك والاضطراب ورسب في الماء كنصر وكرم رسوبا ذهب سفلا وجبل راسب أي ثابت والقطع كعنب جمع قطعة بالكسر وهي‌ الطائفة من الشي‌ء ويروي بسكون الطاء و هوطنفسة الرحل قيل كأنه جعل الأرض ناقة وجعل لها قطعا وجعل الجبال في ذلك القطع والأديم الجلد المدبوغ وأديم السماء و الأرض ماظهر منهما ورسوب الجبال في قطع أديمها دخولها في أعماقها. والتغلغل الدخول والسرب بالتحريك بيت في الأرض لامنفذ له يقال تسرب الوحش وانسرب في جحره أي دخل والجوبة الحفرة والفرجة والخيشوم أقصي الأنف والسهل من الأرض ضد الحزن وجرثومة الشي‌ء بالضم أصله وقيل التراب المجتمع في أصول الشجر و هوأنسب ولعل المراد بجراثيمها المواضع المرتفعة منها ومفاد الكلام أن الأرض كانت متحركة مضطربة قبل خلق الجبال فسكنت بها وظاهره أن لنفوذ الجبال في أعماق الأرض وظهورها وارتفاعها عن الأرض كليهما مدخلا في سكونها و قدمر بعض القول في ذلك في كتاب التوحيد وسيأتي‌ بعضه في الأبواب الآتية إن شاء الله . وفسح له كمنع أي وسع ولعل في الكلام تقدير مضاف أي بين منتهي الجو وبينها أوالمراد بالجو منتهاه أعني‌ السطح المقعر للسماء والمتنسم موضع التنسم و هوطلب النسيم واستنشاقه وفائدته ترويح القلب حتي لايتأذي بغلبة الحرارة ومرافق الدار مايستعين به أهلها ويحتاج إليه في التعيش وإخراج أهل الأرض علي تمام مرافقها إيجادهم وإسكانهم فيها بعدتهيئة مايصلحهم بمعاشهم والتزود إلي معادهم والجرز بضمتين الأرض التي‌ لانبات بها و لاماء و


صفحه : 147

الرابية ماارتفع من الأرض وكذلك الربوة بالضم والجدول كجعفر النهر الصغير والذريعة الوسيلة وناشئة السحاب أول ماينشأ منه أي يبتد‌ئ ظهوره ويقال نشأت السحاب إذاارتفعت والغمام جمع الغمامة بالفتح فيهما وهي‌ السحابة البيضاء واللمع كصرد جمع لمعة بالضم وهي‌ في الأصل قطعة من النبت إذاأخذت في اليبس كأنها تلمع وتضي‌ء من بين سائر البقاع والقزع جمع قزعة بالتحريك فيهما وهي‌ القطعة من الغيم وتباين القزع تباعدها والمخض بالفتح تحريك السقاء ألذي فيه اللبن ليخرج زبده وتمخضت أي تحركت واللجة معظم الماء والمزن جمع المزنة بالضم فيهما وهي‌ الغيم وقيل السحابة البيضاء وضمير فيه راجع إلي المزن أي تحركت فيه اللجة المستودعة فيه واستعدت للنزول والتمع البرق ولمع أي أضاء وكففه حواشيه وجوانبه وطرف كل شيءكفة بالضم و عن الأصمعي‌ كل مااستطال كحاشية الثوب والرمل فهو كفة بالضم و كل مااستدار ككفة الميزان فهو كفة بالكسر ويجوز فيه الفتح ووميض البرق لمعانه و لم ينم أي لم ينقطع و لم يفتر والكنهور كسفرجل قطع من السحاب كالجبال وقيل المتراكم منه والرباب كسحاب الأبيض منه وقيل السحاب ألذي تراه كأنه دون السحاب و قد يكون أسود و قد يكون أبيض جمع ربابة والمتراكم والمرتكم المجتمع وقيل الميم بدل من الباء كأنه ركب بعضه بعضا والسح الصب والسيلان من فوق والمتدارك من الدرك بالتحريك و هواللحاق يقال تدارك القوم إذالحق آخرهم أولهم وأسف الطائر إذادنا من الأرض وهيدبه ماتهدب منه أي تدلي كماتتدلي هدب العين ومري الناقة يمريها أي مسح ضرعها حتي در لبنها


صفحه : 148

وعدي‌ هاهنا إلي مفعولين وروي‌ تمري بدون الضمير والجنوب بالفتح الريح مهبها من مطلع سهيل إلي مطلع الثريا وهي‌ أدر للمطر والدرر كعنب جمع درة بالكسر أي الصب والاندفاق وقيل الدرر الدار كقوله تعالي قَيّماً أي قائما والهضب المطر ويجمع علي أهضاب ثم علي أهاضيب كقول وأقوال وأقاويل والدفعة من المطر بالضم ماانصب مرة والشآبيب جمع شؤبوب و هو ماينزل من المطر دفعة بشدة والبرك الصدر والبواني‌ قوائم الناقة وأركان البنية و قال بعض شراح النهج بوانيها بفتح النون تثنية بوان علي فعال بكسر الفاء وهي‌ عمود الخيمة والجمع بون و من روي بوانيها أراد لواصقها من قولهم قوس بانية إذاالتصقت بالوتر والرواية الأولي أصح انتهي و في النسخ القديمة المصححة علي صيغة الجمع و في النهاية فسر البواني‌ علي أركان البنية و في القاموس بقوائم الناقة و علي التقادير الإضافة لأدني ملابسة و في الكلام تشبيه السحاب بالناقة المحمول عليها والخيمة التي‌ جر عمودها والبعاع كسحاب ثقل السحاب من المطر واستقلت أي نهضت وارتفعت واستقلت به حملته ورفعته والعب ء الحمل والثقل بكسر الجميع والهوامد من الأرض التي‌ لانبات بها والزعر بالتحريك قلة الشعر في الرأس يقال رجل أزعر والأزعر الموضع القليل النبات والجمع زعر بالضم كأحمر وحمر والمراد هاهنا القليلة النبات من الجبال تشبيها بالرءوس القليلة الشعر والعشب بالضم الكلأ الرطب وبهج كمنع وفرح وسر و قال بعض الشراح من رواه بضم الهاء أراد يحسن ويملح من البهجة أي الحسن والروضة من العشب الموضع ألذي يستنقع فيه الماء واستراض الماء أي استنقع وتزدهي‌ أي تتكبر وتفتخر افتعال من الزهو و هوالكبر والفخر والريط جمع ريطة بالفتح فيهما كل ملاءة ليست بلفقين أي قطعتين كلها نسج واحد وقطعة واحدة وقيل كل ثوب رقيق لين والأزاهير جمع أزهار جمع زهرة بالفتح وهي‌ النبات ونوره وقيل الأصفر


صفحه : 149

منه وأصل الزهرة الحسن والبهجة والحلية بالكسر مايتزين به من مصوغ الذهب والفضة والمعدنيات ماسمطت به أي أعلقت علي بناء المجهول من التفعيل و في بعض النسخ الصحيحة بالشين المعجمة والشميط من النبات ماخالط سواده النور الأبيض وأصله الشمط بالتحريك و هوبياض الرأس يخالط سواده والنضارة الحسن والطراوة والنور بالفتح الزهر أوالأبيض منه والبلاغ بالفتح مايتبلغ به ويتوسل إلي الشي‌ء المطلوب والفج الطريق الواسع بين الجبلين والفجاج جمعه وخرقها خلقها علي الهيئة المخصوصة والآفاق النواحي‌ والمنار جمع منارة وهي‌ العلامة والمراد هاهنا مايهتدي‌ به السالكون من الجبال والتلال أوالنجوم والأول هنا أظهر والجادة وسط الطريق ومعظمه ومهد الشي‌ء وسعه وبسطه ومهد الأمر سواه وأصلحه ولعل المراد هنا إتمام خلق الأرض علي ماتقتضيه المصلحة في نظام أمور ساكنيها وقيل يحتمل أن يراد بتمهيد الأرض جعلها مهادا أي فراشا كما قال جل وعلاأَ لَم نَجعَلِ الأَرضَ مِهاداً أوجعلها مهدا أي مستقرا كالمهد للصبي‌ كما قال سبحانه ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ مَهداً. وإنفاذ الأمر إمضاؤه وإجراؤه والخيرة كعنبة المختار والجبلة بكسر الجيم والباء وتشديد اللام الخلقة والطبيعة وقيل في قوله تعالي وَ الجِبِلّةَ الأَوّلِينَ أي ذوي‌ الجبلة ويحتمل أن يكون من قبيل الخلق بمعني المخلوق وقيل الجبلة الجماعة من الناس والمراد بأول الجبلة أول شخص من نوع الإنسان ردا علي من قال بقدم الأنواع المتوالدة وأرغد الله عيشه أي


صفحه : 150

جعله واسعا طيبا والأكل بضمتين الرزق والحظ قال الله تعالي وَ كُلا مِنها رَغَداً حَيثُ شِئتُما وأوعزت إلي فلان في فعل أوترك أي تقدمت والمراد النهي‌ عن الأكل من الشجرة وخاطر بنفسه وماله أي أشفاهما علي خطر وألقاهما في مهلكة والضمير في منزلته راجع إلي آدم ويحتمل رجوعه إليه سبحانه كضمير معصيته علي الظاهر. قوله ع موافاة قال ابن أبي الحديد لايجوز أن ينتصب لأنه مفعول له ليكون عذرا وعلة للفعل بل علي المصدرية المحضة كأنه قال فوافي بالمعصية موافاة وطابق بهاسابق العلم مطابقة فأهبطه بعدالتوبة هوصريح في أن الإهباط كان بعدالتوبة فما يظهر من كثير من الآيات والأخبار من عكس ذلك لعله محمول علي التوبة الكاملة أو علي القبول ويقال بتأخره عن التوبة و قدتقدم تأويل تلك المعصية وأضرابها في المجلد الخامس .مما يؤكد عليهم لعل التعبير بلفظ التأكيد لكون معرفة الرب سبحانه فطرية أولوضوح آيات الصنع في الدلالة علي الخالق جل ذكره أوللأمرين و قال في المغرب تعهد الضيعة وتعاهدها أتاها وأصلحها وحقيقته جدد العهد بها والقرن أهل كل زمان مأخوذ من الاقتران فكأنه المقدار ألذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم فقيل أربعون سنة وقيل ثمانون سنة وقيل مائة و قال الزجاج ألذي عندي‌ و الله أعلم أن القرن أهل كل مدة كان فيهانبي‌ أوطبقة من أهل العلم سواء قلت السنون أوكثرت ومقطع الشي‌ء آخره كأنه قطع من هناك وعذر الله ما بين للمكلفين من الأعذار في عقوبته لهم إن عصوه ونذره ماأنذرهم به من الحوادث و من أنذره علي لسانه من الرسل كذا قيل وقيل هما مصدران بمعني الإعذار والإنذار والمراد ختم الرسالة بنبيناص . وقدر الأرزاق لما كان المتبادر من القسمة البسط علي التساوي‌ بين ما


صفحه : 151

أراده بذكر الكثير والقليل ثم لما كان ذلك موهما للجور دفع الوهم بذكر العدل ونبه علي وجه الحكمة بذكر الابتلاء والاختبار وروي‌ فعدل بالتشديد والتعديل التقويم والمآل واحد والابتلاء الامتحان والميسور والمعسور مصدران بمعني العسر واليسر كالمفتون بمعني الفتنة ويمتنع عندسيبويه مجي‌ء المصدر علي مفعول قال الميسور الزمان ألذي يوسر فيه والاختبار فيه سبحانه صورته وغنيها وفقيرها نشر علي ترتيب اللف علي الظاهر والضمير فيهما إلي الأرزاق و في الإضافة توسع ويحتمل عوده إلي الأشخاص المفهوم من المقام أو إلي الدنيا أو إلي الأرض ولعل إحداهما أنسب ببعض الضمائر الآتية. والعقابيل جمع عقبول وعقبولة بالضم وهي‌ قروح صغار تخرج بالشفة غب الحمي وبقايا المرض و في تشبيه الفاقة وهي‌ الفقر والحاجة وآثارها بالعقابيل من اللطف ما لايخفي لكونها مما يقبح في المنظر وتخرج في العضو ألذي لايتيسر سترها عن الناس وتشتمل علي فوائد خفية وكذلك الفقر و مايتبعه وأيضا تكون غالبا بعدالتلذذ بالنعم وطوارق الآفات متجددات المصائب و مايأتي‌ منها بغتة من الطروق و هوالإتيان بالليل والفرج جمع فرجة وهي‌ التفصي‌ من الهم وفرجة الحائط أيضا والفرح السرور والنشاط والغصة بالضم مااعترض في الحلق والنزح بالتحريك الهم والهلاك والانقطاع أيضا والأجل محركة مدة الشي‌ء وغاية الوقت في الموت وحلول الدين وتعليق الإطالة والتقصير علي الأول واضح و أماالتقديم والتأخير فيمكن أن يكون باعتبار أن لكل مدة غاية وحينئذ يرجع التقديم إلي التقصير والإطالة إلي التأخير و يكون العطف للتفسير تأكيدا ويحتمل أن يكون المراد بالتقديم جعل بعض الأعمار سابقا علي بعض وتقديم بعض الأمم علي بعض مثلا فيكون تأسيسا ويمكن أن يراد بتقديم الآجال قطع بعض الأعمار لبعض الأسباب كقطع الرحم مثلا كماورد في الأخبار وبتأخيرها


صفحه : 152

مدها لبعض الأسباب فيعود الضمير في قدمها وأخرها إلي الآجال بالمعني الثاني‌ علي وجه الاستخدام أونوع من التجوز في التعليق كمامر والسبب في الأصل الحبل يتوسل به إلي الماء ونحوه ثم توسعوا فيه واتصال أسباب الآجال أي أسباب انقضائها أوأسباب نفسها علي المعني الثاني‌ بالموت واضح ويحتمل أن تكون الأسباب عبارة عن الآجال بالمعني الأول . وخالجا أي جاذبا والشطن بالتحريك الحبل وأشطان الآجال التي‌ يجذبها الموت هي‌ الأعمار شبهت بالأشطان لطولها وامتدادها والمرائر جمع مرير ومريرة وهي‌ الحبال المفتولة علي أكثر من طاق ذكره في النهاية وقيل الحبال الشديدة الفتل وقيل الطول الدقاق منها والأقران جمع قرن بالتحريك و هو في الأصل حبل يجمع به البعيران ولعل المراد بمرائر أقران الآجال الأعمار التي‌ يرجي امتدادها لقوة المزاج والبنية ونحو ذلك وكلمة من في قوله من ضمائر المضمرين بيانية والضمائر الصور الذهنية المكنونة في المدارك والنجوي اسم يقام مقام المصدر و هوالمسارة والخواطر مايخطر في القلب من تدبير أمر ونحو ذلك ورجم الظنون كل مايسبق إليه الظن من غيربرهان أومسارعته والحديث المرجم ألذي لايدري أحق هوأم باطل وعقدة كل شيءبالضم الموضع ألذي عقد منه وأحكم ومسارق العيون النظرات الخفية كأنها تسترق النظر لإخفائها وأومضت المرأة إذاسارقت النظر وأومض البرق إذالمع خفيفا و لم يعترض في نواحي‌ الغيم والجفن بالفتح غطاء العين من أعلي وأسفل وجمعه جفون وأجفن وأجفان والمقصود إحاطة علمه سبحانه بكل معلوم جزئي‌ وكلي‌ ردا علي من قصر علمه علي البعض كالكليات والأكنان والأكنة جمع الكن بالكسر و هواسم لكل مايستتر فيه الإنسان لدفع الحر والبرد من الأبنية ونحوها وستر


صفحه : 153

كل شيء ووقاؤه كما قال تعالي وَ جَعَلَ لَكُم مِنَ الجِبالِ أَكناناً و قال ابن أبي الحديد ويروي أكنة القلوب وهي‌ غلفها وأغطيتها و قال الله تعالي وَ جَعَلنا عَلي قُلُوبِهِم أَكِنّةً أَن يَفقَهُوهُ. وغيابة البئر قعره وأصغي أي استمع وأصغي إليه أي مال بسمعه نحوه واستراق السمع الاستماع في خفية وصاخ وأصاخ له أي استمع ومصائخ الأسماع خروقها التي‌ يستمع بها والذر صغار النمل ومصايفها المواضع التي‌ تصيف فيها أي تقيم فيهابالصيف ومشاتي‌ الهوام مواضع إقامتها بالشتاء والهامة كل ذات سم يقتل و ما لايقتل فهو السامة كالعقرب و قديقع الهوام علي مايدب من الحيوان كالحشرات والحنين شدة البكاء وصوت الطرب عن حزن أوفرح ورجعه ترجيعه وترديده وقيل أصل الحنين ترجيع الناقة صوتها أثر ولدها والمولهات النوق و كل أنثي حيل بينها و بين أولادها و في بعض النسخ الموالهات وأصل الوله زوال العقل والتحير من شدة الوجد والهمس أخفي ما يكون من صوت القدم أو كل صوت خفي‌ والمنفسح موضع السعة ومنفسح الثمرة موضع نموها في الأكمام ويروي متفسخ بالخاء المعجمة وتشديد السين والتاء مصدرا من تفسخت الثمرة إذاانقطعت والوليجة الدخيلة والبطانة. و قال ابن أبي الحديد الولائج المواضع الساترة والواحد وليجة وهي‌ كالكهف يستتر فيهاالمارة من مطر أوغيره والغلف بضمة وبضمتين جمع غلاف ككتاب ويوجد في النسخ علي الوجهين والكم بالكسر وعاء الطلع وغطاء النور وجمعه أكمام وأكمة وكمام وكلمة من علي ما في الأصل بيانية أوتبعيضية و علي الرواية صلة أوبيانية والمنقمع علي زنة المفعول من باب الانفعال موضع


صفحه : 154

الاختفاء كما في أكثر النسخ و في بعضها من باب التفعل بمعناه والغيران جمع غار و هو ماينحت في الجبل شبه المغارة فإذااتسع قيل كهف وقيل الغار الجحر يأوي‌ إليه الوحش أو كل مطمئن في الأرض أوالمنخفض من الجبل . والبعوض البق وقيل صغارها والواحدة بهاء ومختبأ البعوض موضع اختفائه والسوق جمع ساق والألحية جمع اللحاء ككساء و هوقشر الشجر وغرزه في الأرض كضربه أدخله وثبته ومغرز الأوراق موضع وصلها والأفنان جمع فنن بالتحريك و هوالغصن والحط الحدر من علو إلي سفل والأمشاج قيل مفرد وقيل جمع مشج بالفتح أوبالتحريك أومشيج علي فعيل أي المختلط قيل في قوله تعالي مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ أي أخلاط من الطبائع من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وقيل من الأجزاء المختلفة في الاستعداد وقيل أمشاج أي أطوار طورا نطفة وطورا علقة وهكذا وقيل أي أخلاط من ماء الرجل وماء المرأة وسيأتي‌ الكلام فيه وكلامه ع يؤيد بعض الوجوه الأولة كما لايخفي . والمسارب المواضع التي‌ ينسرب فيه المني‌ أي يسيل أوينسرب فيهاالمني‌ أي يختفي‌ من قولهم انسرب الوحشي‌ إذادخل في جحره واختفي أومجاري‌ المني‌ من السرب بمعني الطريق والمراد أوعيتها من الأصلاب أومجاريها وتفسير المسارب بالأخلاط التي‌ يتولد منها المني‌ كمااحتمله ابن ميثم بعيد والمراد بمحط الأمشاج مقر النطفة من الرحم أو من الأصلاب علي بعض الوجوه في المسارب فتكون كلمة من تبعيضية ولعل الأول أظهر. والناشئة من السحاب أول ماينشأ منه و لم يتكامل اجتماعه أوالمرتفع منه ومتلاحم الغيوم ماالتصق منها بعضها ببعض والدرور السيلان والقطر بالفتح


صفحه : 155

المطر والواحدة قطرة والسحائب جمع سحابة ومتراكمها المجتمع المتكاثف منها و في بعض النسخ وتراكمها. وسفت الريح التراب تسفيه أي ذرته ورمت به أوحملته والأعاصير جمع الإعصار و هوبالكسر الريح التي‌ تهب صاعدا من الأرض نحو السماء كالعمود وقيل التي‌ فيهانار وقيل التي‌ فيهاالعصار و هوالغبار الشديد وذيولها أطرافها التي‌ تجرها علي الأرض ولطف الاستعارة ظاهر وعفت الريح الأثر إذاطمسته ومحته وعفي‌ الأثر إذاانمحي يتعدي و لايتعدي والعوم السباحة وسير السفينة والإبل وبنات الأرض بتقديم الباء علي ما في أكثر النسخ الحشرات والهوام التي‌ تكون في الرمال وغيرها كاللحكة والعصابة وغيرهما وحركتها في الرمال لعدم استقرارها تشبه السباحة و في بعض النسخ بتقديم النون فالمراد حركة عروقها في الرمال كأرجل السابحين وأيديهم في الماء والكثبان بالضم جمع الكثيب و هوالتل من الرمل والمستقر موضع الاستقرار ويحتمل المصدر. وذروة الشي‌ء بالضم والكسر أعلاه وغرد الطائر كفرح وغرد تغريدا رفع صوته وطرب به وذوات المنطق من الطيور ما له صوت وغناء كان غيره أبكم لايقدر علي المنطق والدياجير جمع ديجور و هوالظلام والمظلم والإضافة علي الثاني‌ من إضافة الخاص إلي العام والوكر بالفتح عش الطائر و ماأوعته الأصداف أي ماحفظته وجمعته من اللئالئ والحضن بالكسر مادون الإبط إلي الكشح أوالصدر أوالعضدان و مابينهما وحضن الصبي‌ كنصر جعله في حضنه و ماحضنته الأمواج العنبر والمسك وغيرهما و ماغشيته أي غطته والسدفة بالضم الظلمة وذرت الشمس أي طلعت وشرقت الشمس وأشرقت أي أضاءت و مااعتقبت أي تعاقبت وجاءت واحدة بعدأخري والأطباق جمع طبق بالتحريك و هوغطاء كل شيء وتارات الظلمة تستر الأشياء كالأغطية وسبحات النور مرآته وسبحات وجه


صفحه : 156

الله أنواره . و قال ابن أبي الحديد ليس يعني‌ بالسبحات هاهنا مايعني‌ به في قوله سبحات وجه ربنا لأنه هناك بمعني الجلالة وهاهنا بمعني مايسبح عليه النور أي يجري‌ من سبح الفرس و هوجريه والمتعاقبان النور والظلمة أي ماتغطيه ظلمة بعدنور ونور بعدظلمة ويحتمل أن يراد تعاقب أفراد كل منهما وأثر القدم علامته التي‌ تبقي في الأرض والخطوة المشية والحس الصوت الخفي‌ ورجع الكلمة ماترجع به من الكلام إلي نفسك وتردده في فكرك أوجواب الكلمة أوترديد الصوت وترجيعه عندالتلفظ بالكلمة أوإرجاع النفس للتلفظ بكلمة بعدالوقف علي كلمة والرجع يكون لازما ومتعديا والنسمة محركة الإنسان أو كل دابة فيهاروح ومستقر النسمة إما الصلب أوالرحم أوالقبر أومكانه في الدنيا أو في الآخرة أوالأعم ومثقال الذرة وزنها لاالمثقال المعروف كما قال تعالي إِنّ اللّهَ لا يَظلِمُ مِثقالَ ذَرّةٍ والهمهمة الصوت الخفي‌ أوترديد الصوت في الحلق أوتردد الصوت في الصدر من الهم كل نفس هامة أي ذات همة تعزم علي أمر والوصف للتعميم و ماعليها أي علي الأرض بقرينة المقام كقوله تعالي كُلّ مَن عَلَيها فانٍ والنطفة ماء الرجل والماء الصافي‌ قل أوكثر ويطلق علي قليل ماء في دلو أوقربة والأول أظهر في المقام وقرارتها موضعها ألذي تستقر فيه وأصل القرارة المطمئن من الأرض يستقر فيه ماء المطر وجمعها القرار ونقاعة كل شيءبالضم الماء ألذي ينقع فيه . و قال الشراح النقاعة نقرة يجتمع فيهاالدم والمضغة بالضم القطعة من اللحم قدر مايمضغ وناشئة الخلق الصورة ينشئها سبحانه في البدن أوالروح التي‌ ينفخها فيه والسلالة بالضم مااستل واستخرج من شيء و في الكلام إشارة إلي قوله سبحانه وَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ إلي قوله ثُمّ أَنشَأناهُ خَلقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ


صفحه : 157

ثم الغرض من ذكره هذه الأشياء التنصيص علي عموم علمه سبحانه مع الإشارة إلي أصناف خلقه وأنواع بريته وعجائب ربوبيته فإن الدليل علي علمه بهاخلقه لها وحفظه وتربيته لكل منها وإظهار بدائع الحكمة في كل صفة من أوصافها وحال من أحوالها كما قال سبحانه أَ لا يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَ هُوَ اللّطِيفُ الخَبِيرُ. لم يلحقه في ذلك المشار إليه إما العلم بالجزئيات المذكورة وإما خلق الإشارة المذكورة قبل تفصيل المعلومات أو فيهاأيضا كماقلنا إن الغرض ليس محض تعلق العلق بهاكلفة أي مشقة و لااعترضته أي منعته والعارضة مايستقبلك من شيءيمنعك عن مسيرك و لااعتورته قيل اعتورته أحاطت به و في اللغة اعتوروا الشي‌ء أي تداولوه وتناوبوه و في تنفيذ الأمور أي إجرائها وإمضائها والتدبير النظر في عاقبة الأمر أوالفعل عن روية والمراد هنا إمضاء الأمور علي وفق المصلحة والعلم بالعواقب والملالة السأمة والضجر وفتر عن العمل انكسر حدته ولان بعدشدته بل نفذ فيهم علمه أي أحاط علمه بظواهرهم وبواطنهم و في بعض النسخ نفذهم علي الحذف والإيصال والعد مصدر عددته و في بعض النسخ عدده وغمرهم أي غطاهم وسترهم وشملهم فضله وكنه الشي‌ء نهايته وحقيقته والوصف الجميل ذكر الفضائل والتعداد بالفتح مصدر للمبالغة والتكثير و قال الكوفيون أصله التفعيل ألذي يفيد المبالغة قلبت ياؤه ألفا وبالكسر شاذ والأمل ضد اليأس وخير خبر مبتدإ محذوف وكذلك أكرم والبسط النشر والتوسيع وكلمة في إما زائدة أوللظرفية المجازية والمفعول محذوف أي بسطت لي القدرة أوالكلام فيما لاأمدح به غيرك والغرض شكره سبحانه علي فضيلة البلاغة والعلم به سبحانه ومدائحه والتوفيق علي قصر المدح علي الله جل شأنه والخيبة الحرمان والمخلوقون هم معادنها لأن عطاياهم قليلة فانية مع أنهم لايعطون غالبا وهم مواضع الريبة أي التهمة والشك لعدم الوثوق بإعطائهم وعدم الاعتماد عليهم في رعاية مصلحة في المنع و الله سبحانه لايمنع إلالمصلحة


صفحه : 158

تعود إلي السائل ويدخر مع ذلك له أضعاف ماسأل في الدار الباقية. والمثوبة الثواب والجزاء المكافأة علي الشي‌ء والعارفة الإحسان دليلا علي ذخائر الرحمة أي هاديا إلي أسبابها بالتوفيق والتأييد وذخائر الرحمة عظائم العطايا وأصل الذخيرة المختار من كل شيء أو مايعده الرجل ليوم حاجته و هذامقام اسم مكان ويحتمل المصدر والمحمدة بفتح العين وكسرها مصدر حمده كسمعه والفاقة الفقر والجبر في الأصل إصلاح العظم المكسور والمسكنة الخضوع والذلة وقلة المال وسوء الحال ونعشه رفعه والخلة بالفتح الفقر والحاجة وضميرا مسكنتها وخلتها راجعان إلي الفاقة و في الإضافة توسع والمن العطاء ومد الأيدي‌ كناية عن الطلب وإظهار الحاجة والقدير مبالغة في القادر. وإنما بسطنا الكلام بعض البسط في شرح هذه الخطبة لكونها من جلائل الخطب وذكرنا جميعها لذلك ولكون أكثرها متعلقا بمطالب هذاالمجلد وتفريقها علي الأبواب كان يوجب تفويت نظام البلاغة وكمالها كمافوت السيد ره كثيرا من فوائد الخطبة باختصارها واختيارها و أمادلالتها علي حدوث السماء و الأرض والملائكة و غير ذلك فغير خفي‌ علي المتأمل فيها

91-الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ مَعمَرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَيّوبَ الأشَعرَيِ‌ّ عَن عَمرٍو الأوَزاَعيِ‌ّ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ


صفحه : 159

عَن أَبِي الهَيثَمِ بنِ التّيّهَانِ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع خَطَبَ النّاسَ بِالمَدِينَةِ فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ كَانَ حَيّاً بِلَا كَيفٍ وَ لَم يَكُن لَهُ كَانَ إِلَي قَولِهِ وَ لَا قوَيِ‌َ بَعدَ مَا كَوّنَ شَيئاً وَ لَا كَانَ ضَعِيفاً قَبلَ أَن يُكَوّنَ شَيئاً وَ لَا كَانَ مُستَوحِشاً قَبلَ أَن يَبتَدِعَ شَيئاً وَ لَا يُشبِهُ شَيئاً وَ لَا كَانَ خِلواً مِنَ المُلكِ قَبلَ إِنشَائِهِ وَ لَا يَكُونُ خِلواً مِنهُ بَعدَ ذَهَابِهِ كَانَ إِلَهاً حَيّاً بِلَا حَيَاةٍ وَ مَالِكاً قَبلَ أَن يَكُونَ يُنشِئُ شَيئاً وَ مَالِكاً بَعدَ إِنشَائِهِ لِلكَونِ

و منه عن محمد بن يحيي عن أحمد بن موسي عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر ع مثله التوحيد، عن أحمد بن محمد بن يحيي عن أبيه

مثله بيان و لم يكن له كان ظاهره نفي‌ الزمان عنه تعالي و إن احتمل أن يكون كان اسما بمعني الكون علي لغة من يقلب الواو والياء الساكنين أيضا مع انفتاح ماقبلهما ألفا ثم لايخفي دلالة سائر الفقرات علي حدوث ماسواه سبحانه قوله و لا كان خلوا من الملك قبل إنشائه الملك يكون بمعني السلطنة وبمعني المملكة فيحتمل أن يكون المراد عندذكره أولا و عندإرجاع الضمير إليه ثانيا هوالمعني الأول أو في الأول الأول و في الثاني‌ الثاني‌ علي طريقة الاستخدام و يكون الضمير راجعا إلي الله بالإضافة إلي الفاعل و لايلائم الأخير الفقرة التالية

92-الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مُحَمّدِ بنِ


صفحه : 160

النّعمَانِ أَو غَيرِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الخُطبَةَ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع يَومَ الجُمُعَةِ الحَمدُ لِلّهِ أَهلِ الحَمدِ وَ وَلِيّهِ وَ مُنتَهَي الحَمدِ وَ مَحَلّهِ البدَيِ‌ءِ البَدِيعِ إِلَي قَولِهِ ألّذِي كَانَ فِي أَوّلِيّتِهِ مُتَقَادِماً وَ فِي دَيمُومِيّتِهِ مُتَسَيطِراً خَضَعَ الخَلَائِقُ لِوَحدَانِيّتِهِ وَ رُبُوبِيّتِهِ وَ قَدِيمِ أَزَلِيّتِهِ وَ دَانُوا لِدَوَامِ أَبَدِيّتِهِ

بيان المتسيطر المتسلط

93- الكاَفيِ‌، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ عَن أَبِي الحَسَنِ الموَصلِيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ جَاءَ حِبرٌ مِنَ الأَحبَارِ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَتَي كَانَ رَبّكَ فَقَالَ لَهُ ثَكِلَتكَ أُمّكَ وَ مَتَي لَم يَكُن حَتّي يُقَالَ مَتَي كَانَ كَانَ ربَيّ‌ قَبلَ القَبلِ بِلَا قَبلٍ وَ بَعدَ البَعدِ بِلَا بَعدٍ وَ لَا غَايَةٍ وَ لَا مُنتَهَي لِغَايَتِهِ انقَطَعَتِ الغَايَاتُ عِندَهُ فَهُوَ مُنتَهَي كُلّ غَايَةٍ

94- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ رَفَعَهُ عَن زُرَارَةَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع كَانَ اللّهُ وَ لَا شَيءَ قَالَ نَعَم كَانَ وَ لَا شَيءَ قُلتُ فَأَينَ كَانَ يَكُونُ قَالَ وَ كَانَ مُتّكِئاً فَاستَوَي جَالِساً وَ قَالَ أَحَلتَ يَا زُرَارَةُ وَ سَأَلتَ عَنِ المَكَانِ إِذ لَا مَكَانَ


صفحه : 161

بيان أحلت أي تكلمت بالمحال

95- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن مُحَمّدِ بنِ زَيدٍ قَالَ جِئتُ إِلَي الرّضَا ع أَسأَلُهُ عَنِ التّوحِيدِ فَأَملَي عَلَيّ الحَمدُ لِلّهِ فَاطِرِ الأَشيَاءِ إِنشَاءً وَ مُبتَدِعِهَا ابتِدَاءً بِقُدرَتِهِ وَ حِكمَتِهِ لَا مِن شَيءٍ فَيَبطُلَ الِاختِرَاعُ وَ لَا لِعِلّةٍ فَلَا يَصِحّ الِابتِدَاعُ الخَبَرَ

العلل ، عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيي العطار عن سهل مثله التوحيد، عن محمد بن الحسن عن الصفار عن سهل

مثله

96- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ الطيّاَلسِيِ‌ّ عَن صَفوَانَ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ لَم يَزَلِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ رَبّنَا وَ العِلمُ ذَاتُهُ وَ لَا مَعلُومَ وَ السّمعُ ذَاتُهُ وَ لَا مَسمُوعَ وَ البَصَرُ ذَاتُهُ وَ لَا مُبصَرَ وَ القُدرَةُ ذَاتُهُ وَ لَا مَقدُورَ فَلَمّا أَحدَثَ الأَشيَاءَ وَقَعَ العِلمُ مِنهُ عَلَي المَعلُومِ وَ السّمعُ عَلَي المَسمُوعِ وَ البَصَرُ عَلَي المُبصَرِ وَ القُدرَةُ عَلَي المَقدُورِ قَالَ قُلتُ فَلَم يَزَلِ اللّهُ مُتَحَرّكاً قَالَ فَقَالَ تَعَالَي اللّهُ عَن ذَلِكَ إِنّ الحَرَكَةَ صِفَةٌ مُحدَثَةٌ بِالفِعلِ قَالَ قُلتُ فَلَم يَزَلِ اللّهُ مُتَكَلّماً قَالَ فَقَالَ إِنّ الكَلَامَ صِفَةٌ مُحدَثَةٌ لَيسَت بِأَزَلِيّةٍ كَانَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَ لَا مُتَكَلّمَ

التوحيد، عن محمد بن علي ماجيلويه عن علي بن ابراهيم مثله

97-الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن


صفحه : 162

هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ كَانَ اللّهُ وَ لَا شَيءَ غَيرُهُ وَ لَم يَزَل عَالِماً فَعِلمُهُ بِهِ قَبلَ كَونِهِ كَعِلمِهِ بِهِ بَعدَ كَونِهِ

98- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن أَيّوبَ بنِ نُوحٍ أَنّهُ كَتَبَ إِلَي أَبِي الحَسَنِ ع يَسأَلُهُ عَنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ أَ كَانَ يَعلَمُ الأَشيَاءَ قَبلَ أَن خَلَقَ الأَشيَاءَ وَ كَوّنَهَا أَو لَم يَعلَم ذَلِكَ حَتّي خَلَقَهَا وَ أَرَادَ خَلقَهَا وَ تَكوِينَهَا فَعَلِمَ مَا خَلَقَ عِندَ مَا خَلَقَ وَ مَا كَوّنَ عِندَ مَا كَوّنَ فَوَقّعَ بِخَطّهِ ع لَم يَزَلِ اللّهُ عَالِماً بِالأَشيَاءِ قَبلَ أَن يَخلُقَ الأَشيَاءَ كَعِلمِهِ بِالأَشيَاءِ بَعدَ مَا خَلَقَ الأَشيَاءَ

التوحيد، عن أحمد بن محمد بن يحيي عن أبيه مثله

99- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ حَمزَةَ قَالَ كَتَبتُ إِلَي الرّجُلِ ع أَسأَلُهُ أَنّ مَوَالِيَكَ اختَلَفُوا فِي العِلمِ فَقَالَ بَعضُهُم لَم يَزَلِ اللّهُ عَالِماً قَبلَ فِعلِ الأَشيَاءِ وَ قَالَ بَعضُهُم لَا نَقُولُ لَم يَزَل عَالِماً لِأَنّ مَعنَي يَعلَمُ يَفعَلُ فَإِن أَثبَتنَا العِلمَ فَقَد أَثبَتنَا فِي الأَزَلِ مَعَهُ شَيئاً فَإِن رَأَيتَ جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ أَن تعُلَمّنَيِ‌ مِن ذَلِكَ مَا أَقِفُ عَلَيهِ وَ لَا أَجُوزُهُ فَكَتَبَ ع بِخَطّهِ لَم يَزَلِ اللّهُ تَعَالَي عَالِماً تَبَارَكَ وَ تَعَالَي ذِكرُهُ

بيان قدمر شرح هذاالخبر ويدل زائدا علي ماسبق في الأخبار علي أنه كان معلوما عندالأصحاب أنه لايجوز أن يكون شيء مع الله في الأزل و لماتوهموا


صفحه : 163

أن العلم يستلزم حصول صورة نفوا العلم في الأزل لئلا يكون معه تعالي غيره قياسا علي الشاهد فلم يتعرض ع لإبطال توهمهم وأثبت العلم القديم له تعالي وبالجملة هذه الأخبار صريحة في أن المخلوقات كلها مسبوقة بعدم يعلمها سبحانه في حال عدمها

100- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَبدِ الصّمَدِ بنِ بَشِيرٍ عَن فُضَيلٍ سُكّرَةَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع جُعِلتُ فِدَاكَ إِن رَأَيتَ أَن تعُلَمّنَيِ‌ هَل كَانَ اللّهُ جَلّ وَجهُهُ يَعلَمُ قَبلَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ أَنّهُ وَحدَهُ فَقَدِ اختَلَفَ مَوَالِيكَ فَقَالَ بَعضُهُم قَد كَانَ يَعلَمُ قَبلَ أَن يَخلُقَ شَيئاً مِن خَلقِهِ وَ قَالَ بَعضُهُم إِنّمَا مَعنَي يَعلَمُ يَفعَلُ فَهُوَ اليَومَ يَعلَمُ أَنّهُ لَا غَيرُهُ قَبلَ فِعلِ الأَشيَاءِ فَقَالُوا إِن أَثبَتنَا أَنّهُ لَم يَزَل عَالِماً بِأَنّهُ لَا غَيرُهُ فَقَد أَثبَتنَا مَعَهُ غَيرَهُ فِي أَزَلِيّتِهِ فَإِن رَأَيتَ يَا سيَدّيِ‌ أَن تعُلَمّنَيِ‌ مَا لَا أَعدُوهُ إِلَي غَيرِهِ فَكَتَبَ مَا زَالَ اللّهُ عَالِماً تَبَارَكَ وَ تَعَالَي ذِكرُهُ

التوحيد، عن أحمد بن محمد بن يحيي العطار عن أبيه مثله

101- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ النّضرِ بنِ سُوَيدٍ عَن عَاصِمِ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَم يَزَلِ اللّهُ مُرِيداً قَالَ إِنّ المُرِيدَ لَا يَكُونُ إِلّا لِمُرَادٍ مَعَهُ لَم يَزَلِ اللّهُ عَالِماً قَادِراً ثُمّ أَرَادَ

102- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ وَ مُوسَي بنِ عَمرٍو وَ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ عُثمَانَ عَنِ ابنِ سِنَانٍ قَالَسَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ


صفحه : 164

الرّضَا ع هَل كَانَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَارِفاً بِنَفسِهِ قَبلَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ قَالَ نَعَم قُلتُ يَرَاهَا وَ يَسمَعُهَا قَالَ مَا كَانَ مُحتَاجاً إِلَي ذَلِكَ لِأَنّهُ لَم يَكُن يَسأَلُهَا وَ لَا يَطلُبُ مِنهَا هُوَ نَفسُهُ وَ نَفسُهُ هُوَ قُدرَتُهُ نَافِذَةٌ فَلَيسَ يَحتَاجُ أَن يسُمَيّ‌َ نَفسَهُ لَكِنِ اختَارَ لِنَفسِهِ أَسمَاءً لِغَيرِهِ يَدعُوهُ بِهَا الخَبَرَ

التوحيد، والعيون ، ومعاني‌ الأخبار، عن أبيه عن أحمد بن إدريس مثله

103- الكاَفيِ‌، مُحَمّدُ بنُ يَحيَي وَ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ جَمِيعاً رَفَعَاهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع قَامَ خَطِيباً فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ الوَاحِدِ الأَحَدِ الصّمَدِ المُتَفَرّدِ ألّذِي لَا مِن شَيءٍ كَانَ وَ لَا مِن شَيءٍ خَلَقَ مَا كَانَ إِلَي قَولِهِ وَ لَم يَتَكَأّدهُ صُنعُ شَيءٍ كَانَ إِنّمَا قَالَ لِمَا شَاءَ كُن فَكَانَ ابتَدَعَ مَا خَلَقَ بِلَا مِثَالٍ سَبَقَ وَ لَا تَعَبٍ وَ لَا نَصَبٍ وَ كُلّ صَانِعِ شَيءٍ فَمِن شَيءٍ صَنَعَ وَ اللّهُ لَا مِن شَيءٍ صَنَعَ مَا خَلَقَ وَ كُلّ عَالِمٍ فَمِن بَعدِ جَهلٍ تَعَلّمَ وَ اللّهُ لَم يَجهَل وَ لَم يَتَعَلّم أَحَاطَ بِالأَشيَاءِ عِلماً قَبلَ كَونِهَا فَلَم يَزدَد بِكَونِهَا عِلماً عِلمُهُ قَبلَ أَن يُكَوّنَهَا كَعِلمِهِ بِهَا بَعدَ تَكوِينِهَا إِلَي قَولِهِ الوَاحِدُ الأَحَدُ الصّمَدُ المُبِيدُ لِلأَبَدِ وَ الوَارِثُ لِلأَمَدِ ألّذِي لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ وَحدَانِيّاً أَزَلِيّاً قَبلَ بَدءِ الدّهُورِ وَ بَعدَ صُرُوفِ الأُمُورِ الخَبَرَ

ثم قال الكليني‌ ره هذه الخطبة من مشهورات خطبه ع حتي لقد ابتذلها


صفحه : 165

العامة وهي‌ كافية لمن طلب علم التوحيد إذاتدبرها وفهم ما فيها إلي أن قال أ لاترون إلي قوله لا من شيء كان و لا من شيءخلق ما كان فنفي بقوله لا من شيء كان معني الحدوث وكيف أوقع علي ماخلقه صفة الخلق والاختراع بلا أصل و لامثال نفيا لقول من قال إن الأشياء كلها محدثة بعضها من بعض وإبطالا لقول الثنوية الذين زعموا أنه لايحدث شيئا إلا من أصل و لايدبر إلاباحتذاء المثال فدفع ع بقوله لا من شيءخلق ما كان جميع حجج الثنوية وشبههم لأن أكثر ماتعتمد الثنوية في حدوث العالم أن يقولوا لايخلو من أن يكون الخالق خلق الأشياء من شيء أو من لا شيءفقولهم من شيءخطأ وقولهم من لا شيءمناقضة وإحالة لأن من يوجب شيئا و لا شيءينفيه فأخرج أمير المؤمنين ع هذه اللفظة علي أبلغ الألفاظ وأصحها و قال ع لا من شيءخلق ما كان فنفي من إذ كانت توجب شيئا ونفي الشي‌ء إذ كان كل شيءمخلوقا محدثا لا من أصل أحدثه الخالق كماقالت الثنوية إنه خلق من أصل قديم فلا يكون تدبير إلاباحتذاء مثال التوحيد، عن علي بن أحمدالدقاق عن محمدالأسدي‌ و أحمد بن يحيي بن زكريا القطان عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبيه عن أبي معاوية عن الحصين بن عبدالرحمن عن أبيه و عن أحمد بن محمد بن الصقر عن محمد بن العباس بن بسام عن سعيد بن محمدالبصري‌ عن عمرة بنت أوس عن الحصين بن عبدالرحمن عن أبيه عن الصادق ع عن آبائه ع مثله

104-الكاَفيِ‌، وَ عَنهُ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ رَفَعَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لِذِعلِبٍ إِنّ ربَيّ‌ لَطِيفُ اللّطَافَةِ لَا يُوصَفُ بِاللّطفِ قَبلَ كُلّ شَيءٍ لَا يُقَالُ شَيءٌ قَبلَهُ إِلَي قَولِهِ لَا تَحوِيهِ الأَمَاكِنُ وَ لَا تَضَمّنُهُ الأَوقَاتُ إِلَي قَولِهِ


صفحه : 166

سَبَقَ الأَوقَاتَ كَونُهُ وَ العَدَمَ وُجُودُهُ وَ الِابتِدَاءَ أَزَلُهُ إِلَي قَولِهِ فَفَرّقَ بَينَ قَبلٍ وَ بَعدٍ لِيُعلَمَ أَن لَا قَبلَ لَهُ وَ لَا بَعدَ لَهُ وَ شَاهَدَهُ بِغَرَائِزِهَا أَن لَا غَرِيزَةَ لِمُغرِزِهَا مُخبِرَةً بِتَوقِيتِهَا أَن لَا وَقتَ لِمُوَقّتِهَا حَجَبَ بَعضَهَا عَن بَعضٍ لِيُعلَمَ أَن لَا حِجَابَ بَينَهُ وَ بَينَ خَلقِهِ كَانَ رَبّاً إِذ لَا مَربُوبَ وَ إِلَهاً إِذ لَا مَألُوهَ وَ عَالِماً إِذ لَا مَعلُومَ وَ سَمِيعاً إِذ لَا مَسمُوعَ

بيان ظاهر قوله ع ففرق بين قبل و بعد أنه سبحانه ليس بزماني‌ أصلا ويحتمل أن يكون المعني جعل حدوث كل شيءمنوطا بوقت ليعلم أنه لاابتداء لوجوده أوجعل الأشياء بعضها علة لبعض ليعلم أن لاعلة له وهما بعيدان والأخير أبعد وكذا قوله أن لاوقت لموقتها ظاهره نفي‌ الزمان و إن احتمل الوجه الثاني‌ وكذا قوله أولا لاتضمنه الأوقات يدل علي ذلك و إن احتمل أن يراد به لم يكن قبله وبعده زمان فيكون قدتضمنه و قدمر الكلام في قوله سبق الأوقات كونه ودلالة سائر الفقرات علي حدوث ماسواه سبحانه ظاهرة

105- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن شَبَابٍ الصيّرفَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ سَيفِ بنِ عَمِيرَةَ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ قُتَيبَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ خَطَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع النّاسَ بِالكُوفَةِ فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ المُلهِمِ عِبَادَهُ حَمدَهُ وَ فَاطِرِهِم عَلَي مَعرِفَةِ رُبُوبِيّتِهِ الدّالّ عَلَي وُجُودِهِ بِخَلقِهِ وَ بِحُدُوثِ خَلقِهِ عَلَي أَزَلِهِ إِلَي قَولِهِ وَ لَا أَمَدَ لِكَونِهِ وَ لَا غَايَةَ لِبَقَائِهِ

106- قَالَ وَ رَوَاهُ مُحَمّدُ بنُ الحُسَينِ عَن صَالِحِ بنِ حَمزَةَ عَن فَتحِ بنِ عَبدِ اللّهِ مَولَي بنَيِ‌ هَاشِمٍ قَالَكَتَبتُ إِلَي أَبِي اِبرَاهِيمَ ع أَسأَلُهُ عَن شَيءٍ مِنَ التّوحِيدِ فَكَتَبَ إلِيَ‌ّ بِخَطّهِ الحَمدُ لِلّهِ المُلهِمِ عِبَادَهُ حَمدَهُ وَ ذَكَرَ مِثلَ مَا رَوَاهُ سَهلٌ إِلَي قَولِهِ أَوّلُ الدّيَانَةِ مَعرِفَتُهُ وَ كَمَالُ مَعرِفَتِهِ تَوحِيدُهُ وَ كَمَالُ تَوحِيدِهِ نفَي‌ُ الصّفَاتِ عَنهُ بِشَهَادَةِ كُلّ صِفَةٍ أَنّهَا غَيرُ المَوصُوفِ وَ شَهَادَةِ المَوصُوفِ أَنّهُ غَيرُ الصّفَةِ وَ شَهَادَتِهِمَا جَمِيعاً بِالتّثنِيَةِ المُمتَنِعِ مِنهُ الأَزَلُ إِلَي قَولِهِ عَالِمٌ إِذ لَا مَعلُومَ وَ خَالِقٌ إِذ لَا مَخلُوقَ


صفحه : 167

وَ رَبّ إِذ لَا مَربُوبَ وَ كَذَلِكَ يُوصَفُ رَبّنَا وَ فَوقَ مَا يَصِفُهُ الوَاصِفُونَ

التوحيد، عن علي بن أحمدالدقاق عن محمد بن جعفرالأسدي‌ عن محمد بن إسماعيل البرمكي‌ عن علي بن عباس عن جعفر بن محمدالأشعري‌ عن فتح بن يزيد الجرجاني‌ عن الرضا ع مثله

107-الكاَفيِ‌، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ النّضرِ وَ غَيرِهِ عَمّن ذَكَرَهُ عَن عَمرِو بنِ ثَابِتٍ عَن رَجُلٍ سَمّاهُ عَن أَبِي إِسحَاقَ السبّيِعيِ‌ّ عَنِ الحَارِثِ الأَعوَرِ قَالَخَطَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا يَمُوتُ وَ لَا تنَقضَيِ‌ عَجَائِبُهُ لِأَنّهُكُلّ يَومٍ هُوَ فِي شَأنٍ مِن إِحدَاثِ بَدِيعٍ لَم يَكُن إِلَي قَولِهِ لَيسَت لَهُ فِي أَوّلِيّتِهِ نِهَايَةٌ وَ لَا لِآخِرِيّتِهِ حَدّ وَ لَا غَايَةٌ ألّذِي لَم يَسبِقهُ وَقتٌ وَ لَم يَتَقَدّمهُ زَمَانٌ إِلَي قَولِهِ الأَوّلِ قَبلَ كُلّ شَيءٍ وَ لَا قَبلَ لَهُ وَ الآخِرِ بَعدَ كُلّ شَيءٍ وَ لَا بَعدَ لَهُ إِلَي قَولِهِ أَتقَنَ مَا أَرَادَ خَلقَهُ مِنَ الأَشبَاحِ كُلّهَا لَا بِمِثَالٍ سَبَقَ إِلَيهِ وَ لَا لُغُوبٍ دَخَلَ عَلَيهِ فِي خَلقِ مَا خَلَقَ لَدَيهِ ابتَدَأَ مَا


صفحه : 168

أَرَادَ ابتِدَاءَهُ وَ أَنشَأَ مَا أَرَادَ إِنشَاءَهُ عَلَي مَا أَرَادَ مِنَ الثّقَلَينِ لِيَعرِفُوا بِذَلِكَ رُبُوبِيّتَهُ الخُطبَةَ

التوحيد، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن خالد مثله

108- تَفسِيرُ الفُرَاتِ، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الفزَاَريِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن قَبِيصَةَ الجعُفيِ‌ّ قَالَ دَخَلتُ عَلَي الصّادِقِ ع وَ عِندَهُ جَمَاعَةٌ فَسَلّمتُ وَ جَلَستُ وَ قُلتُ أَينَ كُنتُم قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ سَمَاءً مَبنِيّةً وَ أَرضاً مَدحِيّةً أَو ظُلمَةً أَو نُوراً قَالَ يَا قَبِيصَةُ كُنّا أَشبَاحَ نُورٍ حَولَ العَرشِ نُسَبّحُ اللّهَ قَبلَ أَن يُخلَقَ آدَمُ بِخَمسَةَ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ الخَبَرَ

109- كِتَابُ تَأوِيلِ الآيَاتِ،نُقِلَ مِن كِتَابِ المِعرَاجِ لِلصّدُوقِ ره بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يُخَاطِبُ عَلِيّاً ع يَا عَلِيّ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي كَانَ وَ لَا شَيءَ مَعَهُ فخَلَقَنَيِ‌ وَ خَلَقَكَ زَوجَينِ مِن نُورِ جَلَالِهِ فَكُنّا أَمَامَ عَرشِ رَبّ العَالَمِينَ نُسَبّحُ اللّهَ وَ نُقَدّسُهُ وَ نُحَمّدُهُ وَ نُهَلّلُهُ وَ ذَلِكَ قَبلَ أَن يَخلُقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ الخَبَرَ

110- كِتَابُ المُقتَضَبِ، عَن سَلمَانَ الفاَرسِيِ‌ّ ره قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا سَلمَانُ خلَقَنَيِ‌َ اللّهُ مِن صَفَاءِ نُورِهِ فدَعَاَنيِ‌ فَأَطَعتُهُ فَخَلَقَ مِن نوُريِ‌ عَلِيّاً فَدَعَاهُ فَأَطَاعَهُ فَخَلَقَ مِن نوُريِ‌ وَ نُورِ عَلِيّ فَاطِمَةَ فَدَعَاهَا فَأَطَاعَتهُ فَخَلَقَ منِيّ‌ وَ مِن


صفحه : 169

عَلِيّ وَ مِن فَاطِمَةَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ فَدَعَاهُمَا فَأَطَاعَاهُ ثُمّ خَلَقَ مِن نُورِ الحُسَينِ تِسعَةَ أَئِمّةٍ فَدَعَاهُم فَأَطَاعُوهُ قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ سَمَاءً مَبنِيّةً أَو أَرضاً مَدحِيّةً أَو هَوَاءً أَو مَاءً أَو مَلَكاً أَو بَشَراً وَ كُنّا بِعِلمِهِ أَنوَاراً نُسَبّحُهُ وَ نَسمَعُ لَهُ وَ نُطِيعُ الخَبَرَ

الإختصاص ،بإسناده إلي سلمان مثله

111- كِتَابُ رِيَاضِ الجِنَانِ،لِفَضلِ اللّهِ الفاَرسِيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خَلَقَنَا اللّهُ نَحنُ حَيثُ لَا سَمَاءٌ مَبنِيّةٌ وَ لَا أَرضٌ مَدحِيّةٌ وَ لَا عَرشٌ وَ لَا جَنّةٌ وَ لَا نَارٌ كُنّا نُسَبّحُهُ الخَبَرَ

112- وَ بِإِسنَادِهِ إِلَي جَابِرٍ الجعُفيِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ يَا جَابِرُ كَانَ اللّهُ وَ لَا شَيءٌ غَيرُهُ وَ لَا مَعلُومٌ وَ لَا مَجهُولٌ فَأَوّلُ مَا ابتَدَأَ مِن خَلقٍ خَلَقَهُ أَن خَلَقَ مُحَمّداًص وَ خَلَقَنَا أَهلَ البَيتِ مَعَهُ مِن نُورِ عَظَمَتِهِ فَأَوقَفَنَا أَظِلّةً خَضرَاءَ بَينَ يَدَيهِ حَيثُ لَا سَمَاءٌ وَ لَا أَرضٌ وَ لَا مَكَانٌ وَ لَا لَيلٌ وَ لَا نَهَارٌ وَ لَا شَمسٌ وَ لَا قَمَرٌ يَفصِلُ نُورُنَا مِن نُورِ رَبّنَا كَشُعَاعِ الشّمسِ مِنَ الشّمسِ نُسَبّحُ اللّهَ وَ نُقَدّسُهُ وَ نُحَمّدُهُ وَ نَعبُدُهُ حَقّ عِبَادَتِهِ ثُمّ بَدَا لِلّهِ أَن يَخلُقَ المَكَانَ فَخَلَقَهُ وَ كَتَبَ عَلَي المَكَانِ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَ وَصِيّهُ بِهِ أَيّدتُهُ وَ نَصَرتُهُ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ العَرشَ فَكَتَبَ عَلَي سُرَادِقَاتِ العَرشِ مِثلَ ذَلِكَ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ فَكَتَبَ عَلَي أَطرَافِهَا مِثلَ ذَلِكَ ثُمّ خَلَقَ الجَنّةَ وَ النّارَ فَكَتَبَ عَلَيهِمَا مِثلَ ذَلِكَ ثُمّ خَلَقَ المَلَائِكَةَ فَأَسكَنَهُمُ السّمَاءَ ثُمّ خَلَقَ الهَوَاءَ فَكَتَبَ عَلَيهِ مِثلَ ذَلِكَ ثُمّ خَلَقَ الجِنّ فَأَسكَنَهُمُ الهَوَاءَ ثُمّ خَلَقَ الأَرضَ فَكَتَبَ عَلَي أَطرَافِهَا مِثلَ ذَلِكَ فَبِذَلِكَ يَا جَابِرُ قَامَتِ السّمَاوَاتُ بِغَيرِ عَمَدٍ وَ ثَبَتَتِ الأَرضُ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ آدَمَ مِن أَدِيمِ الأَرضِ ثُمّ سَاقَ الحَدِيثَ الطّوِيلَ إِلَي قَولِهِ فَنَحنُ أَوّلُ خَلقِ اللّهِ وَ أَوّلُ خَلقٍ عَبَدَ اللّهَ وَ سَبّحَهُ وَ نَحنُ سَبَبُ الخَلقِ وَ سَبَبُ تَسبِيحِهِم وَ عِبَادَتِهِم مِنَ المَلَائِكَةِ وَ الآدَمِيّينَ تَمَامَ الخَبَرِ


صفحه : 170

113- وَ بِإِسنَادِهِ عَنِ المُفَضّلِ أَنّهُ سَأَلَ الصّادِقَ ع مَا كُنتُم قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ قَالَ كُنّا أَنوَاراً حَولَ العَرشِ نُسَبّحُ اللّهَ وَ نُقَدّسُهُ حَتّي خَلَقَ اللّهُ سُبحَانَهُ المَلَائِكَةَ الخَبَرَ

114- وَ عَن أَحمَدَ بنِ حَنبَلٍ عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَ كُنتُ أَنَا وَ عَلِيّ نُوراً بَينَ يدَيَ‌ِ الرّحمَنِ قَبلَ أَن يَخلُقَ عَرشَهُ بِأَربَعَةَ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ

115- وَ بِإِسنَادِهِ إِلَي الصّدُوقِ وَ بِإِسنَادِهِ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ المُبَارَكِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ اللّهَ خَلَقَ نُورَ مُحَمّدٍص قَبلَ المَخلُوقَاتِ بِأَربَعَةَ عَشَرَ أَلفَ سَنَةٍ وَ خَلَقَ مَعَهُ اثنيَ‌ عَشَرَ حِجَاباً

116- وَ بِإِسنَادِهِ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ قَالَ قُلتُ لِرَسُولِ اللّهِص أَوّلُ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي مَا هُوَ فَقَالَ نُورُ نَبِيّكَ يَا جَابِرُ خَلَقَهُ اللّهُ ثُمّ خَلَقَ مِنهُ كُلّ خَيرٍ الخَبَرَ بِطُولِهِ

117- وَ عَن جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَوّلُ مَا خَلَقَ اللّهُ نوُريِ‌ فَفَتَقَ مِنهُ نُورَ عَلِيّ ثُمّ خَلَقَ العَرشَ وَ اللّوحَ وَ الشّمسَ وَ ضَوءَ النّهَارِ وَ نُورَ الأَبصَارِ وَ العَقلَ وَ المَعرِفَةَ الخَبَرَ


صفحه : 171

118- كِتَابُ الوَصِيّةِ للِمسَعوُديِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ خَطَبَ فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي تَوَحّدَ بِصُنعِ الأَشيَاءِ وَ فَطَرَ أَجنَاسَ البَرَايَا عَلَي غَيرِ أَصلٍ وَ لَا مِثَالٍ سَبَقَهُ فِي إِنشَائِهَا وَ لَا أَعَانَهُ مُعِينٌ عَلَي ابتِدَائِهَا بَلِ ابتَدَعَهَا بِلُطفِ قُدرَتِهِ فَامتَثَلَت بِمَشِيّتِهِ خَاضِعَةً ذَلِيلَةً مُستَحدِثَةً لِأَمرِهِ الوَاحِدِ الأَحَدِ الدّائِمِ بِغَيرِ حَدّ وَ لَا أَمَدٍ وَ لَا زَوَالٍ وَ لَا نَفَادٍ وَ كَذَلِكَ لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ لَا تُغَيّرُهُ الأَزمِنَةُ وَ لَا تُحِيطُ بِهِ الأَمكِنَةُ وَ لَا تَبلُغُ صِفَاتِهِ الأَلسِنَةُ وَ لَا يَأخُذُهُ نَومٌ وَ لَا سِنَةٌ لَم تَرَهُ العُيُونُ فَتُخبِرَ عَنهُ بِرُؤيَةٍ وَ لَم تَهجُم عَلَيهِ العُقُولُ فَتَوَهّمَ كُنهَ صِفَتِهِ وَ لَم تَدرِ كَيفَ هُوَ إِلّا بِمَا أَخبَرَ عَن نَفسِهِ لَيسَ لِقَضَائِهِ مَرَدّ وَ لَا لِقَولِهِ مُكَذّبٌ ابتَدَعَ الأَشيَاءَ بِغَيرِ تَفَكّرٍ وَ لَا مُعِينٍ وَ لَا ظَهِيرٍ وَ لَا وَزِيرٍ فَطَرَهَا بِقُدرَتِهِ وَ صَيّرَهَا إِلَي مَشِيّتِهِ فَصَاغَ أَشبَاحَهَا وَ بَرَأَ أَروَاحَهَا وَ استَنبَطَ أَجنَاسَهَا خَلقاً مَبرُوءاً مَذرُوءاً فِي أَقطَارِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ لَم يَأتِ بشِيَ‌ءٍ عَلَي غَيرِ مَا أَرَادَ أَن يأَتيِ‌َ عَلَيهِ ليِرُيِ‌َ عِبَادَهُ آيَاتِ جَلَالِهِ وَ آلَائِهِ فَسُبحَانَهُ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ الوَاحِدُ القَهّارُ وَ صَلّي اللّهُ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ تَسلِيماً أللّهُمّ فَمَن جَهِلَ فَضلَ مُحَمّدٍص فإَنِيّ‌ مُقِرّ بِأَنّكَ لَا سَطَحتَ أَرضاً وَ لَا بَرَأتَ خَلقاً حَتّي أَحكَمتَ خَلقَهُ مِن نُورٍ سَبَقتَ بِهِ السّلَالَةَ وَ أَنشَأتَ لَهُ آدَمَ جَزماً فأدعته [فَأَودَعتَهُ] مِنهُ قَرَاراً مَكِيناً وَ مُستَودَعاً مَأمُوناً إِلَي آخِرِ الخُطبَةِ الطّوِيلَةِ

119-الكاَفيِ‌، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ أُذَينَةَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ


صفحه : 172

المَشِيّةُ مُحدَثَةٌ

بيان إذاكانت المشية محدثة وجميع الأشياء موجودة بالمشية فهي‌ أولي بالحدوث

120- المُتَهَجّدُ، فِي دُعَاءِ يَومِ الأَحَدِ أَنتَ اللّهُ الحيَ‌ّ الأَوّلُ الكَائِنُ قَبلَ جَمِيعِ الأُمُورِ وَ المُكَوّنُ لَهَا بِقُدرَتِكَ وَ العَالِمُ بِمَصَادِرِهَا كَيفَ تَكُونُ أَنتَ ألّذِي سَمَوتَ بِعَرشِكَ فِي الهَوَاءِ لِعُلُوّ مَكَانِكَ وَ سَدَدتَ الأَبصَارَ عَنهُ بِتَلَألُؤِ نُورِكَ وَ احتَجَبتَ عَنهُم بِعَظِيمِ مُلكِكَ وَ تَوَحّدتَ فَوقَ عَرشِكَ بِقَهرِكَ وَ سُلطَانِكَ ثُمّ دَعَوتَ السّمَاوَاتِ إِلَي طَاعَةِ أَمرِكَ فَأَجَبنَ مُذعِنَاتٍ إِلَي دَعوَتِكَ وَ استَقَرّت عَلَي غَيرِ عَمَدٍ مِن خِيفَتِكَ وَ زَيّنتَهَا لِلنّاظِرِينَ وَ أَسكَنتَهَا العِبَادَ المُسَبّحِينَ وَ فَتَقتَ الأَرَضِينَ فَسَطَحتَهَا لِمَن فِيهَا مِهَاداً وَ أَرسَيتَهَا بِالجِبَالِ أَوتَاداً فَرَسَخَ سَخَنُهَا فِي الثّرَي وَ عَلَت ذُرَاهَا فِي الهَوَاءِ فَاستَقَرّت عَلَي الروّاَسيِ‌ الشّامِخَاتِ وَ زَيّنتَهَا بِالنّبَاتِ وَ خَفّفتَ عَنهَا بِالأَحيَاءِ وَ الأَموَاتِ إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ

121- وَ فِي دُعَاءِ لَيلَةِ الإِثنَينِ وَ عَلَوتَ بِعَرشِكَ عَلَي العَالَمِينَ وَ أَعمَرتَ سَمَاوَاتِكَ بِالمَلَائِكَةِ المُقَرّبِينَ وَ عَلّمتَ تَسبِيحَكَ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ وَ انقَادَت لَكَ الدّنيَا وَ الآخِرَةُ بِأَزِمّتِهَا وَ حَفِظتَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ بِمَقَالِيدِهِمَا وَ أَذعَنَت لَكَ بِالطّاعَةِ وَ مَن فَوقِهَا وَ أَبَت حَملَ الأَمَانَةِ مِن شَفَقَتِهَا وَ قَامَت بِكَلِمَاتِكَ فِي قَرَارِهَا وَ استَقَامَ


صفحه : 173

البَحرَانِ مَكَانَهُمَا وَ اختَلَفَ اللّيلُ وَ النّهَارُ كَمَا أَمَرتَهُمَا وَ أَحصَيتَ كُلّ شَيءٍ مِنهُمَا عَدَداً وَ أَحَطتَ بِهِمَا عِلماً خَالِقَ الخَلقِ وَ مُصطَفِيَهُ وَ مُهَيمِنَهُ وَ مُنشِئَهُ وَ بَارِئَهُ وَ ذَارِئَهُ أَنتَ كُنتَ وَحدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَهاً وَاحِداً وَ كَانَ عَرشُكَ عَلَي المَاءِ مِن قَبلِ أَن تَكُونَ أَرضٌ وَ لَا سَمَاءٌ وَ لَا شَيءٌ مِمّا خَلَقتَ فِيهِمَا بِعِزّتِكَ كُنتَ تُدعَي بَدِيعاً مُبتَدِعاً كَينُوناً كَائِناً مُكَوّناً كَمَا سَمّيتَ نَفسَكَ ابتَدَأتَ الخَلقَ بِعَظَمَتِكَ وَ دَبّرتَ أُمُورَهُم بِعِلمِكَ إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ

122- وَ فِي دُعَاءِ لَيلَةِ الثّلَاثَاءِ يَجُولُ حَولَ أَركَانِ عَرشِكَ النّورُ وَ الوَقَارُ مِن قَبلِ أَن تَخلُقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ كَانَ عَرشُكَ عَلَي المَاءِ وَ كُرسِيّكَ يَتَوَقّدُ نُوراً وَ سُرَادِقُكَ سُرَادِقُ النّورِ وَ العَظَمَةِ وَ الإِكلِيلُ المُحِيطُ بِهِ هَيكَلُ السّلطَانِ وَ العِزّةِ وَ المِدحَةِ لَا إِلَهَ إِلّا أَنتَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ

123- وَ فِي دُعَاءِ لَيلَةِ الخَمِيسِ خَلَقتَ خَلقَكَ فَكُلّ مَشِيّتِكَ أَتَتكَ بِلَا لُغُوبٍ وَ كَانَ عَرشُكَ عَلَي المَاءِ وَ الظّلمَةُ عَلَي الهَوَاءِ وَ المَلَائِكَةُ يَحمِلُونَ عَرشَكَ عَرشَ النّورِ وَ الكَرَامَةِ يُسَبّحُونَ بِحَمدِكَ إِلَي قَولِهِ كُنتَ قَبلَ جَمِيعِ خَلقِكَ

124- الإِقبَالُ، فِي دُعَاءِ لَيلَةِ إِحدَي وَ عِشرِينَ مِن شَهرِ رَمَضَانَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُدَبّرُ الأُمُورِ وَ مُصَرّفُ الدّهُورِ وَ خَالِقُ الأَشيَاءِ جَمِيعاً بِحِكمَتِهِ دَالّةً عَلَي أَزَلِيّتِهِ وَ قِدَمِهِ الدّعَاءَ

125- وَ فِي وَدَاعِ شَهرِ رَمَضَانَ نَقلًا مِن كُتُبِ الدّعَوَاتِ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا يُدرِكُ العُلَمَاءُ عِلمَهُ إِلَي قَولِهِ خَلَقَ خَلقَهُ مِن غَيرِ أَصلٍ وَ لَا مِثَالٍ بِلَا تَعَبٍ وَ لَا نَصَبٍ وَ لَا تَعلِيمٍ وَ رَفَعَ السّمَاوَاتِ المَوطُودَاتِ بِلَا أَصحَابٍ وَ لَا أَعوَانٍ وَ بَسَطَ الأَرضَ عَلَي المَاءِ بِغَيرِ


صفحه : 174

أَركَانٍ عَلِمَ بِغَيرِ تَعلِيمٍ وَ خَلَقَ بِلَا مِثَالٍ عِلمُهُ بِخَلقِهِ قَبلَ أَن يُكَوّنَهُم كَعِلمِهِ بِهِم بَعدَ تَكوِينِهِ لَهُم إِلَي قَولِهِ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي كَانَ إِذ لَم تَكُن أَرضٌ مَدحِيّةٌ وَ لَا سَمَاءٌ مَبنِيّةٌ وَ لَا جِبَالٌ مُرسِيَةٌ وَ لَا شَمسٌ تجَريِ‌ وَ لَا قَمَرٌ يسَريِ‌ وَ لَا لَيلٌ يُدجَي وَ لَا نَهَارٌ يُضحَي إِلَي آخِرِ الدّعَاءِ

126- وَ بِإِسنَادِهِ عَنِ التلّعّكُبرَيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ إِلَي أيامن [إِيَاسِ] بنِ سَلَمَةَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي دُعَاءِ يَومِ عَرَفَةَ أَنتَ الكَائِنُ قَبلَ كُلّ شَيءٍ وَ المُكَوّنُ لِكُلّ شَيءٍ إِلَي قَولِهِ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِيكانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِحِينَ لَا شَمسٌ تضُيِ‌ءُ وَ لَا قَمَرٌ يسَريِ‌ وَ لَا بَحرٌ يجَريِ‌ وَ لَا رِيَاحٌ تذَريِ‌ وَ لَا سَمَاءٌ مَبنِيّةٌ وَ لَا أَرضٌ مَدحِيّةٌ وَ لَا لَيلٌ يُجَنّ وَ لَا نَهَارٌ يُكَنّ وَ لَا عَينٌ تَنبُعُ وَ لَا صَوتٌ يُسمَعُ وَ لَا جَبَلٌ مُرسَي وَ لَا سَحَابٌ مُنشَأٌ وَ لَا إِنسٌ مَبرُوءٌ وَ لَا جِنّ مَذرُوءٌ وَ لَا مَلَكٌ كَرِيمٌ وَ لَا شَيطَانٌ رَجِيمٌ وَ لَا ظِلّ مَمدُودٌ وَ لَا شَيءٌ مَعدُودٌ

وَ فِي دُعَاءٍ آخَرَ لِيَومِ عَرَفَةَ وَ لَكَ الحَمدُ قَبلَ أَن تَخلُقَ شَيئاً مِن خَلقِكَ وَ عَلَي بَدءِ مَا خَلَقتَ إِلَي انقِضَاءِ خَلقِكَ

127- وَ فِي دُعَاءِ الأَضحَي بِرِوَايَةٍ مُرسَلَةٍ وَ أَنتَ البَدِيعُ قَبلَ كُلّ شَيءٍ

بيان و لانهار يكن بضم الياء وكسر الكاف أي يدعو إلي الكن لحرارة الشمس في الصحاح كننت الشي‌ء سترته وصنته من الشمس أوبفتح الكاف أي يستر بظلمة الليل أوبفتح الياء وكسر الكاف أي يستر الناس بضوئه كأنه لباس لهم لإحاطته بهم والكنة بالكسر البياض أيضا أوبتخفيف النون من الوكن و هوالسير الشديد أو من وكن الطائر ببيضه يكنه أي حضنه و لايخلو أكثرها من بعد


صفحه : 175

128- البَلَدُ الأَمِينُ، مِن أَدعِيَةِ الأُسبُوعِ لِلسّجّادِ ع الحَمدُ لِلّهِ الأَوّلِ قَبلَ الأَشيَاءِ وَ الأَحيَاءِ

129- وَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا مِن شَيءٍ كَانَ وَ لَا مِن شَيءٍ كَوّنَ مَا كَانَ مُستَشهَداً بِحُدُوثِ الأَشيَاءِ عَلَي أَزَلِيّتِهِ وَ بِفُطُورِهَا عَلَي قِدمَتِهِ كَفَي بِإِتقَانِ الصّنعِ لَهُ آيَةً وَ بِحُدُوثِ الفِطَرِ عَلَيهِ قِدمَةً

130- وَ فِي دُعَاءِ لَيلَةِ السّبتِ الأَوّلُ الكَائِنُ وَ لَم يَكُن شَيءٌ مِن خَلقِكَ أَو يُعَايَنُ شَيءٌ مِن مُلكِكَ إِلَي قَولِهِ خَلَقتَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فِرَاشاً وَ بِنَاءً فَسَوّيتَ السّمَاءَ مَنزِلًا رَضِيتَهُ لِجَلَالِكَ وَ وَقَارِكَ وَ عِزّتِكَ وَ سُلطَانِكَ ثُمّ جَعَلتَ فِيهَا كُرسِيّكَ وَ عَرشَكَ إِلَي قَولِهِ وَ أَنتَ اللّهُ الحيَ‌ّ قَبلَ كُلّ شَيءٍ وَ القَدِيمُ قَبلَ كُلّ قَدِيمٍ

131- المهج ،[مهج الدعوات ] وَ البَلَدُ، عَنِ الكَاظِمِ ع كُنتَ إِذ لَم تَكُن شَيءٌ وَ كَانَ عَرشُكَ عَلَي المَاءِ إِذ لَا سَمَاءٌ مَبنِيّةٌ وَ لَا أَرضٌ مَدحِيّةٌ وَ لَا شَمسٌ تضُيِ‌ءُ وَ لَا قَمَرٌ يجَريِ‌ وَ لَا كَوكَبٌ درُيّ‌ّ وَ لَا نَجمٌ يسَريِ‌ وَ لَا سَحَابَةٌ مُنشَأَةٌ وَ لَا دين [دُنيَا]مَعلُومَةٌ وَ لَا آخِرَةٌ مَفهُومَةٌ وَ تَبقَي وَحدَكَ كَمَا كُنتَ وَحدَكَ عَلِمتَ مَا كَانَ قَبلَ أَن يَكُونَ

132- الخِصَالُ، وَ معَاَنيِ‌ الأَخبَارِ،بِإِسنَادِهِ المُتّصِلِ إِلَي سُفيَانَ الثوّريِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ نُورَ مُحَمّدٍ قَبلَ أَن يَخلُقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ العَرشَ وَ الكرُسيِ‌ّ وَ اللّوحَ وَ القَلَمَ وَ الجَنّةَ وَ النّارَ وَ قَبلَ أَن يَخلُقَ آدَمَ وَ نُوحاً وَ اِبرَاهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ وَ إِسحَاقَ وَ يَعقُوبَ وَ مُوسَي وَ عِيسَي وَ دَاوُدَ وَ سُلَيمَانَ وَ قَبلَ أَن يَخلُقَ الأَنبِيَاءَ كُلّهُم بِأَربَعِمِائَةِ أَلفِ سَنَةٍ وَ أَربَعٍ وَ عِشرِينَ أَلفَ سَنَةٍ إِلَي آخِرِ الخَبَرِ

133-العِلَلُ،لِلصّدُوقِ بِإِسنَادِهِ إِلَي مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ اللّهَ خلَقَنَيِ‌ وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ قَبلَ أَن يَخلُقَ الدّنيَا بِسَبعَةِ


صفحه : 176

آلَافِ عَامٍ قُلتُ فَأَينَ كُنتُم يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ قُدّامَ العَرشِ نُسَبّحُ اللّهَ وَ نُحَمّدُهُ وَ نُقَدّسُهُ وَ نُمَجّدُهُ قُلتُ عَلَي أَيّ مِثَالٍ قَالَ أَشبَاحِ نُورٍ الخَبَرَ

134- تَفسِيرُ فُرَاتِ بنِ اِبرَاهِيمَ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي ذَرّ ره فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ فِي وَصفِ المِعرَاجِ سَاقَهُ إِلَي أَن قَالَ قُلتُ يَا مَلَائِكَةَ ربَيّ‌ هَل تَعرِفُونّا حَقّ مَعرِفَتِنَا فَقَالُوا يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ وَ كَيفَ لَا نَعرِفُكُم وَ أَنتُم أَوّلُ مَا خَلَقَ اللّهُ خَلَقَكُم أَشبَاحَ نُورٍ مِن نُورِهِ وَ جَعَلَ لَكُم مَقَاعِدَ فِي مَلَكُوتِ سُلطَانِهِ وَ عَرشُهُ عَلَي المَاءِ قَبلَ أَن تَكُونَ السّمَاءُ مَبنِيّةً وَ الأَرضُ مَدحِيّةً ثُمّخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ رَفَعَ العَرشَ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ فَاستَوَي عَلَي عَرشِهِ وَ أَنتُم أَمَامَ عَرشِهِ تُسَبّحُونَ وَ تُقَدّسُونَ وَ تُكَبّرُونَ ثُمّ خَلَقَ المَلَائِكَةَ مِن بَدوِ مَا أَرَادَ مِن أَنوَارٍ شَتّي الخَبَرَ

135-النهج ،[نهج البلاغة]فَمِن خُطبَةٍ لَهُ ع يَذكُرُ فِيهِ ابتِدَاءَ خَلقِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ خَلقَ آدَمَ ع الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا يَبلُغُ مِدحَتَهُ القَائِلُونَ وَ لَا يحُصيِ‌ نِعَمَهُ العَادّونَ وَ لَا يؤُدَيّ‌ حَقّهُ المُجتَهِدُونَ ألّذِي لَا يُدرِكُهُ بُعدُ الهِمَمِ وَ لَا يَنَالُهُ غَوصُ الفِتَنِ ألّذِي لَيسَ لِصِفَتِهِ حَدّ مَحدُودٌ وَ لَا نَعتٌ مَوجُودٌ وَ لَا وَقتٌ مَعدُودٌ وَ لَا أَجَلٌ مَمدُودٌ فَطَرَ الخَلَائِقَ بِقُدرَتِهِ وَ نَشَرَ الرّيَاحَ بِرَحمَتِهِ وَ وَتّدَ بِالصّخُورِ مَيَدَانَ أَرضِهِ أَوّلُ الدّينِ مَعرِفَتُهُ وَ كَمَالُ مَعرِفَتِهِ التّصدِيقُ بِهِ وَ كَمَالُ التّصدِيقِ بِهِ تَوحِيدُهُ وَ كَمَالُ تَوحِيدِهِ الإِخلَاصُ لَهُ وَ كَمَالُ الإِخلَاصِ لَهُ نفَي‌ُ الصّفَاتِ عَنهُ لِشَهَادَةِ كُلّ صِفَةٍ أَنّهَا غَيرُ المَوصُوفِ وَ شَهَادَةِ كُلّ مَوصُوفٍ أَنّهُ غَيرُ الصّفَةِ فَمَن وَصَفَ اللّهَ سُبحَانَهُ فَقَد قَرَنَهُ وَ مَن قَرَنَهُ فَقَد ثَنّاهُ وَ مَن ثَنّاهُ فَقَد جَزّأَهُ وَ مَن جَزّأَهُ فَقَد جَهِلَهُ وَ مَن


صفحه : 177

أَشَارَ إِلَيهِ فَقَد حَدّهُ وَ مَن حَدّهُ فَقَد عَدّهُ وَ مَن قَالَ فِيمَ فَقَد ضَمّنَهُ وَ مَن قَالَ عَلَامَ فَقَد أَخلَي مِنهُ كَائِنٌ لَا عَن حَدَثٍ مَوجُودٌ لَا عَن عَدَمٍ مَعَ كُلّ شَيءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وَ غَيرُ كُلّ شَيءٍ لَا بِمُزَايَلَةٍ فَاعِلٌ لَا بِمَعنَي الحَرَكَاتِ وَ الآلَةِ بَصِيرٌ إِذ لَا مَنظُورَ إِلَيهِ مِن خَلقِهِ مُتَوَحّدٌ إِذ لَا سَكَنَ يَستَأنِسُ بِهِ وَ لَا يَستَوحِشُ لِفَقدِهِ أَنشَأَ الخَلقَ إِنشَاءً وَ ابتَدَأَهُ ابتِدَاءً بِلَا رَوِيّةٍ أَجَالَهَا وَ لَا تَجرِبَةٍ استَفَادَهَا وَ لَا حَرَكَةٍ أَحدَثَهَا وَ لَا هَمَامَةِ نَفسٍ اضطَرَبَ فِيهَا أَحَالَ الأَشيَاءَ لِأَوقَاتِهَا وَ لَاءَمَ بَينَ مُختَلِفَاتِهَا وَ غَرّزَ غَرَائِزَهَا وَ أَلزَمَهَا أَشبَاحَهَا عَالِماً بِهَا قَبلَ ابتِدَائِهَا وَ مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وَ انتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَ أَحنَائِهَا ثُمّ أَنشَأَ سُبحَانَهُ فَتقَ الأَجوَاءِ وَ شَقّ الأَرجَاءِ وَ سَكَائِكَ الهَوَاءِ فَأَجرَي فِيهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَيّارُهُ مُتَرَاكِماً زَخّارُهُ حَمَلَهُ عَلَي مَتنِ الرّيحِ العَاصِفَةِ وَ الزّعزَعِ القَاصِفَةِ فَأَمَرَهَا بِرَدّهِ وَ سَلّطَهَا عَلَي شَدّهِ وَ قَرَنَهَا عَلَي حَدّهِ الهَوَاءُ مِن تَحتِهَا فَتِيقٌ وَ المَاءُ مِن فَوقِهَا دَفِيقٌ ثُمّ أَنشَأَ سُبحَانَهُ رِيحاً اعتَقَمَ مَهَبّهَا وَ أَدَامَ مُرَبّهَا وَ أَعصَفَ مَجرَاهَا وَ أَبعَدَ مَنشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصفِيقِ المَاءِ الزّخّارِ وَ إِثَارَةِ مَوجِ البِحَارِ فَمَخَضَتهُ مَخضَ السّقَاءِ وَ عَصَفَت بِهِ عَصفَهَا بِالفَضَاءِ تَرُدّ أَوّلَهُ عَلَي آخِرِهِ وَ سَاجِيَهُ عَلَي مَائِرِهِ حَتّي عَبّ عُبَابُهُ وَ رَمَي بِالزّبَدِ رُكَامُهُ فَرَفَعَهُ فِي هَوَاءٍ مُنفَتِقٍ وَ جَوّ مُنفَهِقٍ فَسَوّي مِنهُ سَبعَ سَمَاوَاتٍ جَعَلَ سُفلَاهُنّ مَوجاً مَكفُوفاً وَ عُليَاهُنّ سَقفاً مَحفُوظاً وَ سَمكاً مَرفُوعاً بِغَيرِ عَمَدٍ يَدعَمُهَا وَ لَا دِسَارٍ يَنتَظِمُهَا ثُمّ زَيّنَهَا بِزِينَةِ الكَوَاكِبِ وَ ضِيَاءِ الثّوَاقِبِ فَأَجرَي فِيهَا سِرَاجاً مُستَطِيراً وَ قَمَراً مُنِيراً فِي فَلَكٍ دَائِرٍ وَ سَقفٍ سَائِرٍ وَ رَقِيمٍ مَائِرٍ ثُمّ فَتَقَ مَا بَينَ السّمَاوَاتِ العُلَي فَمَلَأَهُنّ أَطوَاراً مِن مَلَائِكَتِهِ مِنهُم سُجُودٌ لَا يَركَعُونَ وَ رُكُوعٌ لَا يَنتَصِبُونَ وَ صَافّونَ لَا يَتَزَايَلُونَ وَ مُسَبّحُونَ لَا يَسأَمُونَ لَا يَغشَاهُم نَومُ العُيُونِ وَ لَا سَهوُ العُقُولِ وَ لَا فَترَةُ الأَبدَانِ وَ لَا غَفلَةُ النّسيَانِ


صفحه : 178

وَ مِنهُم أُمَنَاءُ عَلَي وَحيِهِ وَ أَلسِنَةٌ إِلَي رُسُلِهِ وَ مُختَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمرِهِ وَ مِنهُمُ الحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَ السّدَنَةُ لِأَبوَابِ جِنَانِهِ وَ مِنهُمُ الثّابِتَةُ فِي الأَرَضِينَ السّفلَي أَقدَامُهُم وَ المَارِقَةُ مِنَ السّمَاءِ العُليَا أَعنَاقُهُم وَ الخَارِجَةُ مِنَ الأَقطَارِ أَركَانُهُم وَ المُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ العَرشِ أَكتَافُهُم نَاكِسَةٌ دُونَهُم أَبصَارُهُم مُتَلَفّعُونَ تَحتَهُ بِأَجنِحَتِهِم مَضرُوبَةٌ بَينَهُم وَ بَينَ مَن دُونَهُم حُجُبُ العِزّةِ وَ أَستَارُ القُدرَةِ لَا يَتَوَهّمُونَ رَبّهُم بِالتّصوِيرِ وَ لَا يُجرُونَ عَلَيهِ صِفَاتِ المَصنُوعِينَ وَ لَا يَحُدّونَهُ بِالأَمَاكِنِ وَ لَا يُشِيرُونَ إِلَيهِ بِالنّظَائِرِ

مطالب السئول ،لابن طلحةمثله بأدني تغيير إيضاح قدمضي شرح أكثر فقرات هذه الخطبة في كتاب التوحيد ونشير هنا إلي بعض مايناسب المقام المدحة بالكسر الحالة التي‌ تكون المادح عليها في مدحه والإضافة للاختصاص الخاص أي المدحة اللائقة بعزة جلاله ولعل المراد عجز جميع القائلين و إن اجتمعوا والاجتهاد السعي‌ البليغ في العبادة وظاهر قوله و لاوقت معدود و لاأجل ممدود نفي‌ الزمان مطلقا عنه تعالي كالمكان ويمكن حملهما علي الأزمنة المعدودة المتناهية ولعل الأول للماضي‌ والثاني‌ للمستقبل والفطر الابتداء والاختراع وأصله الشق ونشر الرياح بسطها و كل ماجاء في القرآن بلفظ الرياح فهو للرحمة و ماورد في العذاب فهو بلفظ المفرد ولعله إشارة إلي قلة العذاب وسعة الرحمة ويمكن أن يراد بالرحمة هذاالمطر كما قال سبحانه وَ هُوَ ألّذِي يُرسِلُ الرّياحَ بُشراً بَينَ يدَيَ‌ رَحمَتِهِ وقر‌ئ بالباء والنون وقيل زعمت العرب أن السحاب لاتلقح إلا من رياح مختلفة فيمكن أن يكون المراد بالنشر ذلك و قال الفراء النشر من الرياح الطيبة اللينة التي‌ تنشئ السحاب


صفحه : 179

والتعميم أولي لأن رياح الرحمة كثيرة منها اللواقح ومهيجة السحب الماطرة والحابسة لها بين السماء و الأرض والعاصرة لها حتي تمطر والمجرية للجواري‌ في البحار وغيرها ووتد الشي‌ء بالتخفيف أي جعله محكما مثبتا بالوتد والصخور جمع الصخرة وهي‌ الحجر العظيم الصلب والميدان بالتحريك التحرك والاضطراب و قدمر تحقيق ذلك وسيأتي‌ بعضه . وكمال الإخلاص له نفي‌ الصفات عنه لعل مناسبة الإخلاص لنفي‌ الصفات أن الإخلاص في العبادة بالنظر إلي عامة الخلق هو أن لايقصدوا في عبادتهم غيره تعالي من المخلوقين وبالنظر إلي الخواص أن يعرفوا الله بحسب وسعهم وطاقتهم بالوحدانية ثم يعبدونه فمن عبد الله وحده بزعمه وزعم أن له صفات زائدة فلم يعبد إلها واحدا بل آلهة كثيرة بل لم يعبد الله أصلا كَمَا مَرّ فِي الخَبَرِ

مَن عَبَدَ الِاسمَ دُونَ المَعنَي فَقَد كَفَرَ وَ مَن عَبَدَ الِاسمَ وَ المَعنَي فَقَد أَشرَكَ وَ مَن عَبَدَ المَعنَي بِإِيقَاعِ الأَسمَاءِ عَلَيهِ بِصِفَاتِهِ التّيِ‌ وَصَفَ بِهَا نَفسَهُ فَعَقَدَ عَلَيهِ قَلبَهُ وَ نَطَقَ بِهِ لِسَانُهُ فِي سِرّ أَمرِهِ وَ عَلَانِيَتِهِ فَأُولَئِكَ أَصحَابُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ حَقّاً

. و قال ابن ميثم المراد بالمعرفة المعرفة التامة التي‌ هي‌ غاية العارف في مراتب السلوك وأوليتها في العقل لكونها علة غائية و بين الترتيب بأن المعرفة تزاد بالعبادة وتلقي‌ الأوامر بالقبول فيستعد السالك أولا بسببها للتصديق بوجوده يقينا ثم لتوحيده ثم للإخلاص له ثم لنفي‌ ماعداه عنه فيغرق في تيار بحار العظمة و كل مرتبة كمال لماقبلها إلي أن تتم المعرفة المطلوبة له بحسب ما في وسعه وبكمال المعرفة يتم الدين وينتهي‌ السفر إلي الله تعالي و ماذكرنا أنسب كما لايخفي .كائن لا عن حدوث موجود لا عن عدم ظاهره الاختصاص به سبحانه وحدوث ماسواه وكذا قوله ع متوحد إذ لاسكن يستأنس به يدل علي حدوث العالم والإنشاء الخلق والفرق بينه و بين الابتداء بأن الإنشاء كالخلق أعم


صفحه : 180

من الابتداء قال تعالي خَلَقَ الإِنسانَ مِن صَلصالٍ والابتداء الخلق من غيرسبق مادة ومثال و إن لم يفهم هذاالفرق من اللغة لحسن التقابل حينئذ و إن أمكن التأكيد وهمامة النفس اهتمامها بالأمور وقصدها إليها والاضطراب الحركة والحركة في الهمامة الانتقال من رأي‌ إلي رأي‌ أو من قصد أمر إلي قصد أمر آخر بحصول صورة و في بعض النسخ و لاهمة نفس بالكسر.أحال الأشياء لأوقاتها في أكثر النسخ بالحاء المهملة إما من الإحالة بمعني التحويل أي نقل كلا منها إلي وقتها فاللام بمعني إلي والتعليل كماقيل بعيد وإما من قولهم حال في متن فرسه أي وثب فعدي‌ بالهمزة أي أقر الأشياء في أوقاتها كمن أحال غيره علي فرسه كماقيل و لايخفي بعده ولعله بمعني الحوالة المعروفة أظهر و في بعض النسخ الصحيحة بالجيم كأنه سبحانه حرك الأشياء ورددها في العدم حتي حضر وقتها و في الإحتجاج أجل بالجيم المشددة أي أخر ولاءم بين مختلفاتها أي جعلها ملتئمة مؤتلفة كماألف بين العناصر المتخالفة في الطباع و بين النفوس والأبدان وغرز غرائزها وألزمها أسناخها الغريزة الخلق والطبيعة والسنخ بكسر السين وسكون النون الأصل و في بعض النسخ أشباحها جمع الشبح محركة أي أشخاصها وتغريز الغرائز إيجادها أوتخصيص كل بغريزة خاصة لها أو من تغريز العود في الأرض ليثمر علي ماقيل والضمير المنصوب في ألزمها راجع إلي الأشياء كالسوابق والمعني جعلها بحيث لايفارقها أصولها أوجعل الأشخاص لازمة للكليات علي النسخة الأخيرة أوراجع إلي الغرائز أي جعل كل ذي‌ غريزة أو كل شخص بحيث لاتفارقه غريزته غالبا أومطلقا عالما بهاقبل ابتدائها العامل في عالما و مابعدها إما ألزم أوالأفعال


صفحه : 181

الثلاثة الأخيرة علي الترتيب أوالأربعة أوالعامل في الجميع قوله أنشأ وابتدأ بقرينة قوله قبل ابتدائها.محيطا بحدودها وانتهائها لعل المراد بالحدود الأطراف والتشخصات أوالحدود الذهنية وبالانتهاء الانتهاء اللازم للمحدود أوانقطاع الوجود عارفا بقرائنها أي مايقترن بها علي وجه التركيب أوالمجاورة أوالعروض وأحنائها هي‌ جمع حنو أي الجانب وأحناء الوادي‌ معاطفه ويدل علي جواز إطلاق العارف عليه سبحانه ومنعه بعضهم ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء وشق الأرجاء وسكائك الهواء الفتق بالفتح الشق والجو ما بين السماء و الأرض وقيل الفضاء الواسع والأرجاء جمع الرجا مقصورا وهي‌ الناحية والسكاك والسكاكة بضمهما الهواء الملاقي‌ عنان السماء و قال في النهاية السكاك والسكاكة الجو و هو ما بين السماء و الأرض

وَ مِنهُ حَدِيثُ عَلِيّ ع شَقّ الأَرجَاءِ وَ سَكَائِكَ الهَوَاءِ

وسكائك جمع سكاكة كذؤابة وذوائب والهواء بالمد ما بين السماء و الأرض ويقال كل خال هواء و منه قوله تعالي وَ أَفئِدَتُهُم هَواءٌ وكلمة ثم هنا إما للترتيب الذكري‌ والتدرج في الكلام يكون لوجوه منها الانتقال من الإجمال إلي التفصيل ومنها الاهتمام بتقديم المؤخر أوالمقارن لوجه آخر ويستعمل الفاء أيضا كذلك كمامر مرارا وإما بمعني الواو المفيدة لمطلق الجمع كماقيل في قوله تعالي ثُمّ اهتَدي و علي التقديرين لاينافي‌ كون الماء أول المخلوقات كماسيأتي‌ والمراد بفتق الأجواء إيجاد الأجسام في الأمكنة الخالية بناء علي وجود المكان بمعني البعد وجواز الخلاء أوالمراد


صفحه : 182

بالجو البعد الموهوم أوأحد العناصر بناء علي تقدم خلق الهواء كما هوالظاهر مما سنورده من تفسير علي بن ابراهيم و هذاالكلام لاتصريح فيه بالصادر الأول وسيأتي‌ الكلام فيه إن شاء الله و قوله وشق الأرجاء كالتفسير لفتق الأجواء أوالمراد بالأرجاء الأمكنة والأفضية وبالأجواء عنصر الهواء و قوله وسكائك الهواء بالنصب كما في كثير من النسخ معطوف علي فتق الأجواء أي أنشأ سبحانه سكائك الهواء والجر كما في بعض النسخ أظهر عطفا علي الأجواء أي أنشأ فتق سكائك الهواء قال ابن ميثم فإن قلت إن الأجواء والأرجاء وسكائك الهواء أمور عدمية فكيف تصح نسبتها إلي الإنشاء عن القدرة قلت إن هذه الأشياء عبارة عن الخلاء والأحياز والخلاف في أن الخلاء والحيز والمكان هل هي‌ أمور وجودية أوعدمية مشهور فإن كانت وجودية كانت نسبتها إلي القدرة ظاهرة و يكون معني فتقها وشقها شق العدم عنها و إن كانت عدمية كان معني فتقها وشقها ونسبتها إلي القدرة تقديرها وجعلها أحيازا للماء ومقرا لها لأنه لما كان تميزها عن مطلق الهواء والخلاء بإيجاد الله فيهاالماء صار تعينها بسبب قدرته تعالي فتصح نسبتها إلي إنشائه فكان سبحانه شقها وفتقها بحصول الجسم فيها.

وَ روُيِ‌َ أَنّ زُرَارَةَ وَ هِشَاماً اختَلَفَا فِي الهَوَاءِ أَ هُوَ مَخلُوقٌ أَم لَا فَرَفَعَ بَعضُ موَاَليِ‌ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع إِلَيهِ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ إنِيّ‌ مُتَحَيّرٌ وَ أَرَي أَصحَابَنَا يَختَلِفُونَ فِيهِ فَقَالَ ع لَيسَ هَذَا بِخِلَافٍ يؤُدَيّ‌ إِلَي الكُفرِ وَ الضّلَالِ

. واعلم أنه ع إنما أعرض عن بيان ذلك لأن أولياء الله الموكلين بإيضاح سبله وتثبيت خلقه علي صراطه المستقيم لايلتفتون بالذات إلا إلي أحد أمرين أحدهما مايؤدي‌ إلي الهدي أداء ظاهرا واضحا والثاني‌ مايصرف عن الضلال ويرد إلي سواء السبيل . وبيان أن الهواء مخلوق أو غيرمخلوق لايفيد كثير فائدة في أمر المعاد فلا يكون الجهل به مما يضر في ذلك فكان تركه والاشتغال بما هوأهم منه أولي .


صفحه : 183

فأجري فيهاماء متلاطما تياره متراكما زخاره اللطم في الأصل الضرب علي الوجه بباطن الراحة وتلاطمت الأمواج ضرب بعضها بعضا كأنه يلطمه والتيار موج البحر ولجته وتراكم الشي‌ء اجتمع وزخر البحر مد وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه أي أنه سبحانه خلق الماء المتلاطم الزخار في الأمواج وخلاه وطبعه أولا فجري في الهواء ثم أمر الريح برده وشده كمايدل عليه قوله ع بعد ذلك حتي تظهر قدرته .حمله علي متن الريح العاصفة والزعزع القاصفة المتن من كل شيء ماظهر منه والمتن من الأرض ماارتفع منه وصلب وعصفت الريح اشتد هبوبها والزعزعة تحريك الشي‌ء ليقلعه ويزيله وريح زعزع وزعازع أي يزعزع الأشياء وقصفه كضربه قصفا كسره وقصف الرعد وغيره اشتد صوته أي جعل الريح حال قصفها حاملة له فكان متحركا بحركتها أوجعل الريح التي‌ من شأنها العصف والقصف و هذه الريح غيرالهواء المذكور أولا كماسيأتي‌

فِي قَولِ الصّادِقِ ع فِي جَوَابِ الزّندِيقِ الرّيحُ عَلَي الهَوَاءِ وَ الهَوَاءُ تُمسِكُهُ القُدرَةُ

فيمكن أن تكون مقدمة في الخلق عليه أومتأخرة عنه أومقارنة له ويمكن أن يكون المراد بها ماتحرك منه كما هوالمشهور.فأمرها برده وسلطها علي شده وقرنها إلي حده أي أمر الريح أن تحفظ الماء وترده بالمنع عن الجري‌ ألذي سبقت الإشارة إليه بقوله فأجري فيهاماء فكان قبل الرد قدخلي‌ وطبعه أي عن الجري‌ ألذي يقتضيه طبعه وقواها علي ضبطه كالشي‌ء المشدود وجعلها مقرونة إلي انتهائه محيطة به ولعل المراد بالأمر هنا الأمر التكويني‌ كما في قوله كُن فَيَكُونُ و قوله كُونُوا قِرَدَةً


صفحه : 184

قال الكيدري‌ قوله فأمرها مجاز لأن الحكيم لايأمر الجماد به الهواء من تحتها فتيق والماء من فوقها دفيق أي الهواء ألذي هومحل الريح مفتوق أي مفتوح منبسط من تحت الريح الحاملة للماء والماء دفيق من فوقها أي مصبوب مندفق والغرض أنه سبحانه بقدرته ضبط الماء المصبوب بالريح الحاملة له كماضبط الريح بالهواء المنبسط و هوموضع العجب . ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها وأدام مربها الظاهر أن هذه الريح غير ماجعلها الله محلا للماء بل هي‌ مخلوقة من الماء كماسيأتي‌ في الرواية والاعتقام أن تحفر البئر فإذاقربت من الماء احتفرت بئرا صغيرا بقدر ماتجد طعم الماء فإن كان عذبا حفرت بقيتها و يكون اعتقم بمعني صار عقيما و منه الرّيحَ العَقِيمَ و في العين الاعتقام الدخول في الأمر و قال ابن ميثم تبعا للكيدري‌ الاعتقام الشد والعقد و لم نجده في كتب اللغة والمهب مصدر بمعني الهبوب أواسم مكان و علي الأول في الإسناد توسع ورب يأتي‌ بمعني جمع وزاد ولزم وأقام قيل المعني أن الله تعالي أرسلها بمقدار مخصوص تقتضيه الحكمة و لم يرسلها مطلقا بل جعل مهبها ضيقا كمايحتفر البئر الصغير في الكبير وقيل المعني جعلها عقيمة لاتلقح و هذاإنما يصح لو كان الاعتقام بهذا المعني متعديا أو كان مهبها مرفوعا و في النسخ منصوب وقيل وروي‌ أعقم فيصح ويحتمل أن يكون بمعني شد مهبها وعقده علي ماتقتضيه الحكمة والمصلحة وقيل علي تقدير كون اعتقم بالتاء المراد أنه أخلي مهبها من العوائق و أنه أرسلها بحيث لايعرف مهبها من مربها و هو كماتري ومعني إدامة مربها جعلها ملازمة لتحريك الماء وإدامة هبوبها و في بعض النسخ مدبها بالدال أي جريها. وأعصف مجراها أي جريانها أوأسند إلي المحل مجازا وأبعد منشأها أي أنشأها من مبدإ بعيد ولعله أدخل في شدتها والمنشأ في بعض النسخ بالهمزة علي الأصل و في بعضها بالألف للازدواج فأمرها بتصفيق الماء الزخار الصفق الضرب ألذي يسمع له صوت والتصفيق أيضا كذلك لكن مع شدة وإثارة


صفحه : 185

موج البحار أي تهييجه فمخضته مخض السقاء المخض تحريك السقاء ألذي فيه اللبن ليخرج زبده عصفها بالفضاء أي عصفا شديدا لأن العصف بالفضاء يكون أشد لعدم المانع والساجي‌ الساكن والمائر المتحرك يقال مار الشي‌ء مورا أي تحرك وجاء وذهب و به فسر قوله تعالي يَومَ تَمُورُ السّماءُ مَوراً و قال الضحاك أي تموج موجا والعباب بالضم معظم الماء وكثرته وارتفاعه وعب عبابه أي ارتفع وعب النبت إذاطال وركام الماء بالضم ماتراكم منه واجتمع بعضه فوق بعض .فرفعه في هواء منفتق أي رفع الله ذلك الزبد بأن جعل بعضه دخانا في هواء مفتوق مفتوح بخلق ماخلق سابقا أوبرفع ذلك الدخان و في جو منفهق والانفهاق الاتساع والانفتاح قال ابن ميثم إن القرآن الكريم نطق بأن السماء تكونت من الدخان وكلامه ع ناطق بأنها تكونت من الزبد و ماورد في الخبر أن ذلك الزبد هو ألذي تكونت منه الأرض فلابد من بيان وجه الجمع بين هذه الإشارات فنقول وجه الجمع بين كلامه ع و بين لفظ القرآن الكريم ماذكره الباقر ع و هو قوله فخرج من ذلك الموج والزبد دخان ساطع من وسطه من غيرنار فخلق منه السماء و لاشك أن القرآن الكريم لايريد بلفظ الدخان حقيقته لأن ذلك إنما يكون عن النار واتفق المفسرون علي أن هذاالدخان لم يكن عن نار بل عن تنفس الماء وتبخيره بسبب تموجه فهو إذااستعارة للبخار الصاعد من الماء و إذا كان كذلك فنقول إن كلامه ع مطابق للفظ القرآن الكريم و ذلك أن الزبد بخار يتصاعد علي وجه الماء عن حرارة حركته إلا أنه مادامت الكثافة غالبة عليه و هوباق علي وجه الماء لم ينفصل فإنه يخص باسم الزبد و مالطف وغلب عليه الأجزاء الهوائية فانفصل خص باسم البخار و إذا كان الزبد بخارا والبخار هوالمراد بالدخان في القرآن الكريم كان مقصده


صفحه : 186

ومقصد القرآن واحدا فكان البخار المنفصل هو ألذي تكونت عنه الأرض و هوالزبد و أماوجه المشابهة بين الدخان والبخار ألذي صحت لأجله استعارة لفظه له فهو أمران أحدهما حسي‌ و هوالصورة المشاهدة من الدخان والبخار حتي لايكاد يفرق بينهما في الحس البصري‌ والثاني‌ معنوي‌ و هوكون البخار أجزاء مائية خالطت الهواء بسبب لطافتها عن حرارة الحركة كما أن الدخان كذلك ولكن عن حرارة النار فإن الدخان أيضا أجزاء مائية انفصلت عن جرم المحترق بسبب لطافتها عن حر النار فكان الاختلاف بينهما ليس إلابالسبب فلذلك صح استعارة اسم أحدهما للآخر وبالله التوفيق .جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا الكف المنع والسقف معروف و قال الجوهري‌ وغيره السقف اسم للسماء والمعروف هاهنا أنسب وسمك البيت سقفه وسمك الله السماء سمكا رفعها والمسموكات السماوات أي جعل السماء السفلي موجا ممنوعا من السيلان إما بإمساكه بقدرته أوبأن خلق تحته وحوله جسما جامدا يمنعه عن الانتشار والسيلان أوبأن أجمدها بعد ماكانت سيالة وظاهر هذاالكلام وغيره من الأخبار اختصاص الحكم بالسماء الدنيا قال الكيدري‌ رحمه الله شبه السماء الدنيا بالموج لصفائها وارتفاعها أوأراد أنها كانت في الأول موجا ثم عقدها والمكفوف الممنوع من السقوط و قال ابن ميثم شبهها بالموج في الارتفاع واللون الموهوم وقيل شبهت به لارتعاد الكواكب حسا ولعل المراد بحفظ العليا إمساكها عن النقص والهدم والسقوط والخرق إلابأمره سبحانه و قال أكثر الشارحين أي عن الشياطين و هو لايناسب العليا بل السفلي ويناسب أن يكون المراد بقوله تعالي وَ جَعَلنَا السّماءَ سَقفاً مَحفُوظاًالسماء العليا ويخطر بالبال وجه آخر و هو أن يكون المراد أنه تعالي جعل الجهة السفلي من كل من السماوات مواجة متحركة واقعا


صفحه : 187

أو في النظر والجهة العليا منها سقفا محفوظا تستقر عليه الملائكة و لايمكن للشياطين خرقها فيكون ضمير زينها وسائر الضمائر راجعة إلي المجموع فيناسب الآية المتقدمة و هو قوله سبحانه وَ حِفظاً مِن كُلّ شَيطانٍ مارِدٍ و قديمر بالخاطر وجه آخر يناسب قواعد الهيئة و هو أنه ع شبه السماء الدنيا بالموج المكفوف لكون الحركة الخاصة للقمر أسرع من جميع الكواكب فكأنه دائما في الموج و مع ذلك لاتسقط ووصف العليا بالمحفوظية لأنه أبطأها بالحركة الخاصة فكأنها محفوظة ثابتة و علي الطريقة السابقة يمكن أن يكون المراد بالسفلي من كل منها خوارج مراكزها وتداويرها وبالعليا منها ممثلاتها فالأول مواجة لسرعة حركتها والبواقي‌ محفوظة لبطئها لكن هذان الوجهان بعيدان عن لسان الشرع ومقاصد أهله والوجه الأول مما أبدعنا لايخلو من قوة ولطافة.بغير عمد يدعمها و لادسار ينظمها العمد بالتحريك جمع كثرة لعمود البيت وكذا العمد بضمتين وجمع القلة أعمدة و قال الخليل في العين العمد بضمتين جمع عماد والأعمدة جمع عمود من حديد أوخشب ويظهر من تذكير الفعل أنه من أسماء الجمع والدعم بالفتح أن يميل الشي‌ء فتدعمه بدعام كماتدعم عروش الكرم ونحوه ليصير له مساكا والدعامة الخشبة التي‌ يدعم بها و في أكثر النسخ علي بناء المجرد مفتوحة العين و هوأظهر و في بعضها يدعمها بتشديد الدال علي بناء الافتعال من الادعام بمعني الاتكاء والدسار بالكسر المسمار وجمعه دسر ونظم اللؤلؤ جمعه في السلك و في بعض النسخ ينتظمها و هوأيضا جاء متعديا والضميران المنصوبان راجعان إلي السماوات أو إلي العليا أو إلي السفلي بقرينة قوله ثم زينها بزينة الكواكب حيث إن الظاهر إرجاع الضمير فيه إلي السفلي ليكون أوفق بقوله تعالي إِنّا زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِزِينَةٍ الكَواكِبِلكنه بعيد لفظا وإرجاع الضمير إلي


صفحه : 188

الجميع أظهر وتزيين البعض تزيين للجميع و هذامما يقرب الوجه ألذي ذكرنا أولا والزينة إما مصدر أواسم مايزان به كالليقة لمايلاق به أي يصلح به المداد قال في الكشاف قوله تعالي بِزِينَةٍ الكَواكِبِيحتملهما فعلي الأول إما من إضافة المصدر إلي الفاعل بأن تكون الكواكب مزينة للأفلاك أو إلي المفعول بأن زين الله الكواكب وحسنها لأنها إنما زينت السماء لحسنها في أنفسها و علي الثاني‌ فأضافتها إلي الكواكب بيانية وتنوين الزينة كماقرئت الآية به ليس موجودا في النسخ وزينة الكواكب للسماء إما لضوئها أوللأشكال الحاصلة منها كالثريا والجوزاء ونحوهما أوباختلاف أوضاعها بحركتها أولرؤية الناس إياها مضيئة في الليلة الظلماء أوللجميع و قوله تعالي بِمَصابِيحَ في موضع آخر مما يؤيد بعض الوجوه وسيأتي‌ القول في محال الكواكب في محله . وضياء الثواقب المراد بهاإما الكواكب فيكون كالتفسير لزينة الكواكب والكواكب ثواقب أي مضيئة كأنها تثقب الظلمة بضوئها أوالشهب التي‌ ترمي بهاالشياطين فتثقب الهواء بحركتها والظلمة بنورها فأجري فيهاسراجا مستطيرا وقمرا منيرا و في بعض النسخ وأجري بالواو والمراد بالسراج الشمس كما قال تعالي سِراجاً وَ قَمَراً مُنِيراًقيل لما كان الليل عبارة عن ظل الأرض وكانت الشمس سببا لزواله كان شبيها بالسراج في ارتفاع الظلمة به والمستطير المنتشر الضوء واستطار تفرق وسطح وأنار الشي‌ء واستنار أي أضاء وقيل مابالذات من النور ضوء و مابالعرض نور كما قال سبحانه هُوَ ألّذِي جَعَلَ الشّمسَ ضِياءً وَ القَمَرَ نُوراً وقيل لأن النور أضعف من الضوء والاحتمالات


صفحه : 189

في الضمائر السابقة جارية هنا و إن كان الأظهر عندالأكثر رجوعه إلي السفلي . في فلك دائر الظرف إما بدل عن فيهافيفيد حركة السفلي أوالعليا أوالجميع علي تقادير إرجاع الضمير بالحركة اليومية أوالخاصة أوالأعم وإما في موضع حال عن المنصوبين فيمكن أن يكون المراد بالفلك الدائر الأفلاك الجزئية والفلك بالتحريك كل شيءدائر و منه فلكة المغزل بالتسكين ويقال فلك ثدي‌ المرأة تفليكا إذااستدار. وسقف سائر ورقيم مائر الرقيم في الأصل الكتاب فعيل بمعني مفعول قال ابن الأثير منه حديث علي رضي‌ الله عنه في صفة السماء سقف سائر ورقيم مائر يريد به وشي‌ السماء بالنجوم والمائر المتحرك و ليس هذابالمور ألذي قال الله تعالي يَومَ تَمُورُ السّماءُ مَوراً وهاتان الفقرتان أيضا تدلان علي حركة السماء لكن لاتنافي‌ حركة الكواكب بنفسها أيضا كما هوظاهر الآية. ثم فتق ما بين السماوات العلي فملأهن أطوارا من ملائكته الظاهر أن كلمة ثم للترتيب المعنوي‌ فيكون فتق السماوات بعدخلق الشمس والقمر بل بعدجعلها سبعا وخلق الكواكب فيه ويحتمل أن يكون للترتيب الذكري‌ والظاهر أن المراد بفتقها فصل بعضها عن بعض فيؤيد بعض محتملات الآية كماأشرنا إليه سابقا ويدل علي بطلان ماذهبت الفلاسفة إليه من تماس الأفلاك وعدم الفصل بينها بهواء ونحوه والأطوار جمع طور بالفتح و هو في الأصل التارة قال الله تعالي وَ قَد خَلَقَكُم أَطواراًقيل أي طورا نطفة وطورا علقة وطورا مضغة وقيل أي حالا بعدحال وقيل أي خلقكم مختلفين في الصفات أغنياء وفقراء وزمني وأصحاء ولعل الأخير هنا أنسب و لوكانت


صفحه : 190

الملائكة مخلوقة قبل السماوات كما هوظاهر بعض الأخبار الآتية فقبل فتقها كانوا في مكان آخر يعلمه الله .منهم سجود لايركعون وركوع لاينتصبون وصافون لايتزايلون ومسبحون لايسأمون السجود والركوع هنا جمع ساجد وراكع وفاعل الصفة يجمع علي فعول إذاجاء مصدره عليه أيضا والانتصاب القيام والصف ترتيب الجمع علي خط كالصف في الصلاة والحرب و قال أبوعبيدة كل شيء بين السماء و الأرض لم يضم قطريه فهو صاف و منه قوله تعالي وَ الطّيرُ صَافّاتٍ أي نشرت أجنحتها وبالوجهين فسر قوله تعالي وَ الصّافّاتِ صَفّا والتزايل التباين والتفارق والسأمة الملالة والضجر. لايغشاهم نوم العيون و لاسهو العقول و لافترة الأبدان و لاغفلة النسيان غشيه كعلمه إذاجاءه أي لايعرضهم والفترة الانكسار والضعف وظاهر الكلام اختصاص الأوصاف بهذا الصنف ويمكن أن يكون التخصيص بهاجميعا أوببعضها لأمر آخر غيرالاختصاص ومنهم أمناء علي وحيه الوحي‌ في الأصل أن يلقي‌ الإنسان إلي صاحبه شيئا بالاستتار والإخفاء و يكون بمعني الكتابة والإشارة والرسالة وألسنة إلي رسله أي رسلا إليهم كما قال تعالي اللّهُ يصَطفَيِ‌ مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلًا ومختلفون بقضائه أي مقتضياته كمايأتون به في ليلة القدر وغيرها وأمره أي أحكامه أوالأمور المقدرة كما قال تعالي بِإِذنِ رَبّهِم مِن كُلّ أَمرٍفالأحكام داخلة في السابقتين ويمكن تخصيص الأخير بغير الوحي‌


صفحه : 191

أي يختلفون لتمشية قضائه وأمره وتسبيب أسبابهما. ومنهم الحفظة لعباده لعل المراد غيرالحافظين عليهم الذين ذكرهم الله في قوله وَ إِنّ عَلَيكُم لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَبل من ذكرهم بقوله سبحانه لَهُ مُعَقّباتٌ مِن بَينِ يَدَيهِ وَ مِن خَلفِهِ يَحفَظُونَهُ مِن أَمرِ اللّهِ ويمكن أن يكون المراد في كلامه الكاتبين للأعمال بتقدير مضاف وربما يفهم من بعض الأخبار اتحاد الصنفين والسدنة لأبواب الجنان هم المتولون لأمور الجنان وفتح أبوابها وأغلاقها وأصل السدانة في الكعبة وبيت الأصنام . ومنهم الثابتة في الأرضين السفلي أقدامهم و في بعض النسخ في الأرض أقدامهم و هوأظهر والجمع علي الأول إما باعتبار القطعات والبقاع أولأن كلا من الأرضين السبع موضع قدم بعضهم والوصف علي الأول بالقياس علي سائر الطبقات و علي الثاني‌ بالقياس إلي السماء والمارقة أي الخارجة يقال مرق السهم من الرمية إذاخرج من الجانب الآخر من السماء العليا أي السابعة أعناقهم والخارجة من الأقطار أي من جوانب الأرض أوجوانب السماء أركانهم أي جوارحهم فهذا بيان لضخامتهم وعرضهم والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم لعل المراد بالمناسبة القرب والشباهة في العظم ويمكن أن يراد بهاالتماس فالمراد بهم حملة العرش ناكسة دونه أي دون العرش أبصارهم والناكس المطأطئ رأسه و في إسناده إلي الأبصار دلالة علي عدم التفاتهم في النكس يمينا وشمالا متلفعون تحته بأجنحتهم اللفاع ثوب يجلل به الجسد كله كساء كان أوغيره وتلفع بالثوب إذااشتمل به و بين من دونهم أي سائر الملائكة أوالبشر أوالجن أوالأعم و في بعض النسخ ناكسة ومضروبة ومتلفعين بنصب الجميع .


صفحه : 192

لايتوهمون ربهم بالتصوير أي بأن يثبتوا لله صورة والغرض تقديس الملائكة عن إثباتهم لوازم الجسمية والإمكان له سبحانه والتعريض والتوبيخ للمشبهين من البشر والنظائر جمع نظيرة وهي‌ المثل والشبه في الأشكال والأخلاق والأفعال والنظير المثل في كل شيء و في بعض النسخ بالنواظر أي بالأبصار أي لايجوزون عليه الرؤية و في بعضها بالمواطن أي الأمكنة

136- النهج ،[نهج البلاغة] فِي وَصِيّةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع لِلحَسَنِ ع قَالَ وَ لَكِنّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفسَهُ وَ لَا يُضَادّهُ فِي مُلكِهِ أَحَدٌ وَ لَا يَزُولُ أَبَداً وَ لَم يَزَل أَوّلًا قَبلَ الأَشيَاءِ بِلَا أَوّلِيّةٍ وَ آخِراً بَعدَ الأَشيَاءِ بِلَا نِهَايَةٍ

137- تَأوِيلُ الآيَاتِ الظّاهِرَةِ،نَقلًا مِن كِتَابِ الوَاحِدَةِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبدِ اللّهِ الكوُفيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ البجَلَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَحَدٌ وَاحِدٌ تَفَرّدَ فِي وَحدَانِيّتِهِ ثُمّ تَكَلّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَت نُوراً ثُمّ خَلَقَ بِذَلِكَ النّورِ مُحَمّداًص وَ خلَقَنَيِ‌ وَ ذرُيّتّيِ‌ ثُمّ تَكَلّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَت رُوحاً فَأَسكَنَهُ اللّهُ فِي ذَلِكَ النّورِ وَ أَسكَنَهُ فِي أَبدَانِنَا فَنَحنُ رُوحُ اللّهِ وَ كَلِمَاتُهُ وَ بِنَا احتَجَبَ عَن خَلقِهِ فَمَا زِلنَا فِي ظُلّةٍ خَضرَاءَ حَيثُ لَا شَمسٌ وَ لَا قَمَرٌ وَ لَا لَيلٌ وَ لَا نَهَارٌ وَ لَا عَينٌ تَطرِفُ نَعبُدُهُ وَ نُقَدّسُهُ وَ نُمَجّدُهُ وَ نُسَبّحُهُ قَبلَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ الخَبَرَ

138-مِصبَاحُ الأَنوَارِ،بِإِسنَادِهِ عَن أَنَسٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ إِنّ اللّهَ خلَقَنَيِ‌ وَ خَلَقَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ قَبلَ أَن يَخلُقَ آدَمَ حِينَ لَا سَمَاءٌ مَبنِيّةٌ وَ لَا أَرضٌ مَدحِيّةٌ وَ لَا ظُلمَةٌ وَ لَا نُورٌ وَ لَا شَمسٌ وَ لَا قَمَرٌ وَ لَا نَارٌ فَقَالَ العَبّاسُ


صفحه : 193

فَكَيفَ كَانَ بَدءُ خَلقِكُم يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ يَا عَمّ لَمّا أَرَادَ اللّهُ أَن يَخلُقَنَا تَكَلّمَ بِكَلِمَةٍ فَخَلَقَ مِنهَا نُوراً ثُمّ تَكَلّمَ بِكَلِمَةٍ أُخرَي فَخَلَقَ مِنهَا رُوحاً ثُمّ خَلَطَ النّورَ بِالرّوحِ فخَلَقَنَيِ‌ وَ خَلَقَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ فَكُنّا نُسَبّحُهُ حِينَ لَا تَسبِيحَ وَ نُقَدّسُهُ حِينَ لَا تَقدِيسَ فَلَمّا أَرَادَ اللّهُ تَعَالَي أَن يُنشِئَ خَلقَهُ فَتَقَ نوُريِ‌ فَخَلَقَ مِنهُ العَرشَ فَالعَرشُ مِن نوُريِ‌ وَ نوُريِ‌ مِن نُورِ اللّهِ وَ نوُريِ‌ أَفضَلُ مِنَ العَرشِ ثُمّ فَتَقَ نُورَ أخَيِ‌ عَلِيّ فَخَلَقَ مِنهُ المَلَائِكَةَ فَالمَلَائِكَةُ مِن نُورِ عَلِيّ وَ نُورُ عَلِيّ مِن نُورِ اللّهِ وَ عَلِيّ أَفضَلُ مِنَ المَلَائِكَةِ ثُمّ فَتَقَ نُورَ ابنتَيِ‌ فَخَلَقَ مِنهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فَالسّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ مِن نُورِ ابنتَيِ‌ فَاطِمَةَ وَ نُورُ ابنتَيِ‌ فَاطِمَةَ مِن نُورِ اللّهِ وَ ابنتَيِ‌ فَاطِمَةُ أَفضَلُ مِنَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ ثُمّ فَتَقَ نُورَ ولَدَيِ‌َ الحَسَنِ وَ خَلَقَ مِنهُ الشّمسَ وَ القَمَرَ فَالشّمسُ وَ القَمَرُ مِن نُورِ ولَدَيِ‌َ الحَسَنِ وَ نُورُ الحَسَنِ مِن نُورِ اللّهِ وَ الحَسَنُ أَفضَلُ مِنَ الشّمسِ وَ القَمَرِ ثُمّ فَتَقَ نُورَ ولَدَيِ‌َ الحُسَينِ فَخَلَقَ مِنهُ الجَنّةَ وَ الحُورَ العِينَ فَالجَنّةُ وَ الحُورُ العِينُ مِن نُورِ ولَدَيِ‌َ الحُسَينِ وَ نُورُ ولَدَيِ‌َ الحُسَينِ مِن نُورِ اللّهِ وَ ولَدَيِ‌َ الحُسَينُ أَفضَلُ مِن نُورِ الجَنّةِ وَ الحُورِ العِينِ الخَبَرَ

139-الكاَفيِ‌، عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن حُسَينِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي وَ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن عَلِيّ بنِ حَدِيدٍ عَن مُرَازِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَا مُحَمّدُ إنِيّ‌ خَلَقتُكَ وَ عَلِيّاً نُوراً يعَنيِ‌ رُوحاً بِلَا بَدَنٍ قَبلَ أَن أَخلُقَ سمَاَواَتيِ‌ وَ أرَضيِ‌ وَ عرَشيِ‌ وَ بحَريِ‌ فَلَم تَزَل تهُلَلّنُيِ‌ وَ تمُجَدّنُيِ‌ ثُمّ


صفحه : 194

جَمَعتُ رُوحَيكُمَا فَجَعَلتُهُمَا وَاحِدَةً فَكَانَت تمُجَدّنُيِ‌ وَ تقُدَسّنُيِ‌ وَ تهُلَلّنُيِ‌ ثُمّ قَسَمتُهَا ثِنتَينِ وَ قَسَمتُ الثّنتَينِ ثِنتَينِ فَصَارَت أَربَعَةً مُحَمّدٌ وَاحِدٌ وَ عَلِيّ وَاحِدٌ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ ثِنتَانِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ فَاطِمَةَ مِن نُورٍ ابتَدَأَهَا رُوحاً بِلَا بَدَنٍ ثُمّ مَسَحَنَا بِيَمِينِهِ فَأَفضَي نُورَهُ فِينَا

بيان بلا بدن أي أصلا أوبلا بدن عنصري‌ بل بدن مثالي‌ وظاهره تجسم الروح وربما يؤول الخلق هنا بالتقدير قبل أن أخلق بحسب الزمان الموهوم وقيل بحسب الرتبة تهللني‌ بلسان الجسد المثالي‌ أوبلسان الحال ثم جمعت روحيكما كأن المراد جعل مادة بدنهما في صلب آدم ع فكانت تمجدني‌ أي بنفسها أوبتوسط الطينات المقدسات ثم قسمتها ثنتين أي في عبدالمطلب إلي عبد الله و أبي طالب ثم قسم الثنتين بعدانتقالها إلي علي وفاطمة ثنتين أي في الحسنين كماتدل عليه أخبار كثيرة و قال بعض المحدثين من الأمور المعلومة أن جعل المجردين واحدا ممتنع وكذلك قسمة المجرد فينبغي‌ حمل الروح هنا علي آلة جسمانية نورانية منزهة عن الكثافة البدنية و قال بعض الأفاضل المراد بخلق الروحين بلا بدن خلقهما مجردين وبجمعهما وجعلهما واحدة جمعهما في بدن مثالي‌ نوراني‌ لاهوتي‌ وبتقسيمهما تفريقهما وجعل كل واحد منهما في بدن شهودي‌ جسماني‌ واستحالة تعلق الروحين ببدن


صفحه : 195

واحد إنما هي‌ في الأبدان الشهودية لا في الأبدان المثالية اللاهوتية انتهي . وإطلاق المسح واليمين هنا علي الاستعارة إذ مريد اللطف بغيره يمسحه بيمينه أواليمين كناية عن الرحمة كماحققنا في قولهم ع والخير في يديك أنه يمكن أن يكون المعني أن النفع والضر الصادرين منك كليهما حكمة ومصلحة ورحمة فالنفع منسوب إلي اليمين والضر إلي الشمال فأفضي نوره فينا أي أوصله إلينا أووصل إلينا وقيل اتسع فينا قال في المصباح الفضاء بالمد المكان الواسع وفضا المكان فضوا من باب قعد اتسع فهو فضاء وأفضي الرجل بيده إلي الأرض مسها بباطن راحته قال ابن فارس وغيره وأفضي إلي امرأة باشرها وجامعها وأفضيت إلي الشي‌ء وصلت إليه والسر أعلمته به انتهي والنور العلم وسائر الكمالات

140-الكاَفيِ‌، عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ قَالَكُنتُ عِندَ أَبِي جَعفَرٍ الثاّنيِ‌ ع فَأَجرَيتُ اختِلَافَ الشّيعَةِ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَم يَزَل مُتَفَرّداً بِوَحدَانِيّتِهِ ثُمّ خَلَقَ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ فَمَكَثُوا أَلفَ دَهرٍ ثُمّ خَلَقَ جَمِيعَ الأَشيَاءِ فَأَشهَدَهُم خَلقَهَا وَ أَجرَي طَاعَتَهُم عَلَيهَا


صفحه : 196

وَ فَوّضَ أُمُورَهَا إِلَيهِم فَهُم يُحِلّونَ مَا يَشَاءُونَ وَ يُحَرّمُونَ مَا يَشَاءُونَ وَ لَن يَشَاءُواإِلّا أَن يَشاءَ اللّهُتَبَارَكَ وَ تَعَالَي ثُمّ قَالَ يَا مُحَمّدُ هَذِهِ الدّيَانَةُ التّيِ‌ مَن تَقَدّمَهَا مَرَقَ وَ مَن تَخَلّفَ عَنهَا مَحَقَ وَ مَن لَزِمَهَا لَحِقَ خُذهَا إِلَيكَ يَا مُحَمّدُ

141- وَ مِنهُ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن عَلِيّ بنِ حَمّادٍ عَنِ المُفَضّلِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع كَيفَ كُنتُم حَيثُ كُنتُم فِي الأَظِلّةِ فَقَالَ يَا مُفَضّلُ كُنّا عِندَ رَبّنَا لَيسَ عِندَهُ أَحَدٌ غَيرُنَا فِي ظُلّةٍ خَضرَاءَ نُسَبّحُهُ وَ نُقَدّسُهُ وَ نُهَلّلُهُ وَ نُمَجّدُهُ وَ لَا مِن مَلَكٍ مُقَرّبٍ وَ لَا ذيِ‌ رُوحٍ غَيرِنَا حَتّي بَدَا لَهُ فِي خَلقِ الأَشيَاءِ فَخَلَقَ مَا شَاءَ كَيفَ شَاءَ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ غَيرِهِم ثُمّ أَنهَي عِلمَ ذَلِكَ إِلَينَا

بيان في الأظلة أي في عالم الأرواح أوالمثال أوالذر كنا عندربنا أي مقربين لديه سبحانه بالقرب المعنوي‌ أوكنا في علمه وملحوظين بعنايته في ظلة خضراء الظلة بالضم مايستظل به و شيءكالصفة يستتر به من الحر والبرد ذكره الفيروزآبادي‌ وكأن المراد ظلال العرش قبل خلق السماوات و الأرض وقيل أي في نور أخضر والمراد تعلقهم بذلك العالم لاكونهم فيه ويحتمل أن يكون كناية عن معرفة الرب سبحانه كماسيأتي‌ في باب العرش إن شاء الله أي كانوا مغمورين في أنوار معرفته تعالي مشعوفين به إذ لم يكن موجود غيره وغيرهم حتي بدا له في خلق الأشياء أي أراد خلقه ثم أنهي أي أبلغ وأوصل علم ذلك أي حقائق تلك المخلوقات وأحكامها إلينا

142-الكاَفيِ‌، عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ الصّغِيرِ عَن مُحَمّدِ


صفحه : 197

بنِ اِبرَاهِيمَ الجعَفرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ كَانَ إِذ لَا كَانَ فَخَلَقَ الكَانَ وَ المَكَانَ وَ خَلَقَ نُورَ الأَنوَارِ ألّذِي نُوّرَت مِنهُ الأَنوَارُ وَ أَجرَي فِيهِ مِن نُورِهِ ألّذِي نُوّرَت مِنهُ الأَنوَارُ وَ هُوَ النّورُ ألّذِي خَلَقَ مِنهُ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً فَلَم يَزَالَا نُورَينِ أَوّلَينِ إِذ لَا شَيءَ كَوّنَ قَبلَهُمَا فَلَم يَزَالَا يَجرِيَانِ طَاهِرَينِ مُطَهّرَينِ فِي الأَصلَابِ الطّاهِرَةِ حَتّي افتَرَقَا فِي أَطهَرِ طَاهِرِينَ فِي عَبدِ اللّهِ وَ أَبِي طَالِبٍ

بيان إذ لا كان يعني‌ لم يكن شيء من الممكنات وكأنه مصدر بمعني الكائن كالقيل والقال ولعل المراد بنور الأنوار أولا نور النبي ص إذ هومنور أرواح الخلائق بالعلوم والكمالات والهدايات والمعارف بل سبب لوجود الموجودات وعلة غائية لها وأجري فيه أي في نور الأنوار من نوره ألذي نورت منه الأنوار أي نور ذاته سبحانه من إفاضاته وهداياته التي‌ نورت منها الأنوار كلها حتي نور الأنوار المذكور أولا و هوالنور أي نور الأنوار المذكور أولا إذ لا شيءكون قبلهما أي قبل نورهما ألذي خلقا منه أوسوي ذلك النور أولا شيء من ذوات الأرواح أطهر طاهرين أي في زمانهما

143-الكاَفيِ‌، عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن جَابِرِ بنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعفَرٍ ع يَا جَابِرُ إِنّ اللّهَ أَوّلَ مَا خَلَقَ خَلَقَ مُحَمّداً


صفحه : 198

وَ عِترَتَهُ الهُدَاةَ المُهتَدِينَ فَكَانُوا أَشبَاحَ نُورٍ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ قُلتُ وَ مَا الأَشبَاحُ قَالَ ظِلّ النّورِ أَبدَانٌ نُورَانِيّةٌ بِلَا أَروَاحٍ وَ كَانَ مُؤَيّداً بِنُورٍ وَاحِدٍ وَ هيِ‌َ رُوحُ القُدُسِ فَبِهِ كَانَ يَعبُدُ اللّهَ وَ عِترَتُهُ وَ لِذَلِكَ خَلَقَهُم حُلَمَاءَ عُلَمَاءَ بَرَرَةً أَصفِيَاءَ يَعبُدُونَ اللّهَ بِالصّلَاةِ وَ الصّومِ وَ السّجُودِ وَ التّسبِيحِ وَ التّهلِيلِ وَ يُصَلّونَ الصّلَوَاتِ وَ يَحُجّونَ وَ يَصُومُونَ

أقول قدمضي شرح تلك الأخبار و مايضاهيها في المجلد السادس والسابع والتاسع والأخبار الدالة علي أن أول الموجودات أرواحهم ع كثيرة ويمكن الاستدلال بها علي حدوث الجميع بانضمام ماسيأتي‌ من الأخبار الدالة علي أن الفاصلة بين خلق الأرواح والأجساد بزمان متناه إذ الزائد علي المتناهي‌ بزمان متناه يكون لامحالة متناهيا

144- وَ قَالَ أَبُو الحَسَنِ البكَريِ‌ّ أُستَاذُ الشّهِيدِ الثاّنيِ‌ ره فِي كِتَابِ الأَنوَارِ روُيِ‌َ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ أَنّهُ قَالَ كَانَ اللّهُ وَ لَا شَيءَ مَعَهُ فَأَوّلُ مَا خَلَقَ نُورُ حَبِيبِهِ مُحَمّدٍص قَبلَ خَلقِ المَاءِ وَ العَرشِ وَ الكرُسيِ‌ّ وَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ اللّوحِ وَ القَلَمِ وَ الجَنّةِ وَ النّارِ وَ المَلَائِكَةِ وَ آدَمَ وَ حَوّاءَ بِأَربَعَةٍ وَ عِشرِينَ وَ أَربَعِمِائَةِ أَلفِ عَامٍ فَلَمّا خَلَقَ


صفحه : 199

اللّهُ تَعَالَي نُورَ نَبِيّنَا مُحَمّدٍص بقَيِ‌َ أَلفَ عَامٍ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَاقِفاً يُسَبّحُهُ وَ يُحَمّدُهُ وَ الحَقّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَنظُرُ إِلَيهِ وَ يَقُولُ يَا عبَديِ‌ أَنتَ المُرَادُ وَ المُرِيدُ وَ أَنتَ خيِرَتَيِ‌ مِن خلَقيِ‌ وَ عزِتّيِ‌ وَ جلَاَليِ‌ لَولَاكَ مَا خَلَقتُ الأَفلَاكَ مَن أَحَبّكَ أَحبَبتُهُ وَ مَن أَبغَضَكَ أَبغَضتُهُ فَتَلَألَأَ نُورُهُ وَ ارتَفَعَ شُعَاعُهُ فَخَلَقَ اللّهُ مِنهُ اثنيَ‌ عَشَرَ حِجَاباً أَوّلُهَا حِجَابُ القُدرَةِ ثُمّ حِجَابُ العَظَمَةِ ثُمّ حِجَابُ العِزّةِ ثُمّ حِجَابُ الهَيبَةِ ثُمّ حِجَابُ الجَبَرُوتِ ثُمّ حِجَابُ الرّحمَةِ ثُمّ حِجَابُ النّبُوّةِ ثُمّ حِجَابُ الكِبرِيَاءِ ثُمّ حِجَابُ المَنزِلَةِ ثُمّ حِجَابُ الرّفعَةِ ثُمّ حِجَابُ السّعَادَةِ ثُمّ حِجَابُ الشّفَاعَةِ ثُمّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي أَمَرَ نُورَ رَسُولِ اللّهِص أَن يَدخُلَ فِي حِجَابِ القُدرَةِ فَدَخَلَ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ العلَيِ‌ّ الأَعلَي وَ بقَيِ‌َ عَلَي ذَلِكَ اثنيَ‌ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ أَمَرَهُ أَن يَدخُلَ فِي حِجَابِ العَظَمَةِ فَدَخَلَ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ عَالِمِ السّرّ وَ أَخفَي أَحَدَ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ العِزّةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ المَلِكِ المَنّانِ عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الهَيبَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن هُوَ غنَيِ‌ّ لَا يَفتَقِرُ تِسعَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الجَبَرُوتِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ الكَرِيمِ الأَكرَمِ ثَمَانِيَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الرّحمَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ سَبعَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ النّبُوّةِ وَ هُوَ يَقُولُسُبحانَ رَبّكَ رَبّ العِزّةِ عَمّا يَصِفُونَسِتّةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الكِبرِيَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ العَظِيمِ الأَعظَمِ خَمسَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ المَنزِلَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ العَلِيمِ الكَرِيمِ أَربَعَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الرّفعَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ذيِ‌ المُلكِ وَ المَلَكُوتِ ثَلَاثَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ السّعَادَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن يُزِيلُ الأَشيَاءَ وَ لَا يَزُولُ ألَفيَ‌ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الشّفَاعَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ اللّهِ وَ بِحَمدِهِ سُبحَانَ اللّهِ العَظِيمِ أَلفَ عَامٍ قَالَ الإِمَامُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع ثُمّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي خَلَقَ مِن نُورِ مُحَمّدٍص عِشرِينَ بَحراً مِن نُورٍ فِي كُلّ بَحرٍ عُلُومٌ لَا يَعلَمُهَا إِلّا اللّهُ تَعَالَي


صفحه : 200

ثُمّ قَالَ لِنُورِ مُحَمّدٍص انزِل فِي بَحرِ العِزّ فَنَزَلَ ثُمّ فِي بَحرِ الصّبرِ ثُمّ فِي بَحرِ الخُشُوعِ ثُمّ فِي بَحرِ التّوَاضُعِ ثُمّ فِي بَحرِ الرّضَا ثُمّ فِي بَحرِ الوَفَاءِ ثُمّ فِي بَحرِ الحِلمِ ثُمّ فِي بَحرِ التّقَي ثُمّ فِي بَحرِ الخَشيَةِ ثُمّ فِي بَحرِ الإِنَابَةِ ثُمّ فِي بَحرِ العَمَلِ ثُمّ فِي بَحرِ المَزِيدِ ثُمّ فِي بَحرِ الهُدَي ثُمّ فِي بَحرِ الصّيَانَةِ ثُمّ فِي بَحرِ الحَيَاءِ حَتّي تَقَلّبَ فِي عِشرِينَ بَحراً فَلَمّا خَرَجَ مِن آخِرِ الأَبحُرِ قَالَ اللّهُ تَعَالَي يَا حبَيِبيِ‌ وَ يَا سَيّدَ رسُلُيِ‌ وَ يَا أَوّلَ مخَلوُقاَتيِ‌ وَ يَا آخِرَ رسُلُيِ‌ أَنتَ الشّفِيعُ يَومَ المَحشَرِ فَخَرّ النّورُ سَاجِداً ثُمّ قَالَ فَقَطَرَت مِنهُ قَطَرَاتٌ كَانَ عَدَدُهَا مِائَةَ أَلفٍ وَ أَربَعَةً وَ عِشرِينَ أَلفَ قَطرَةٍ فَخَلَقَ اللّهُ تَعَالَي مِن كُلّ قَطرَةٍ مِن نُورِهِ نَبِيّاً مِنَ الأَنبِيَاءِ فَلَمّا تَكَامَلَتِ الأَنوَارُ صَارَت تَطُوفُ حَولَ نُورِ مُحَمّدٍص كَمَا تَطُوفُ الحُجّاجُ حَولَ بَيتِ اللّهِ الحَرَامِ وَ هُم يُسَبّحُونَ اللّهَ وَ يُحَمّدُونَهُ وَ يَقُولُونَ سُبحَانَ مَن هُوَ عَالِمٌ لَا يَجهَلُ سُبحَانَ مَن هُوَ عَلِيمٌ لَا يَعجَلُ سُبحَانَ مَن هُوَ غنَيِ‌ّ لَا يَفتَقِرُ فَنَادَاهُمُ اللّهُ تَعَالَي تَعرِفُونَ مَن أَنَا فَسَبَقَ نُورُ مُحَمّدٍص قَبلَ الأَنوَارِ وَ نَادَي أَنتَ اللّهُ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا أَنتَ وَحدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ رَبّ الأَربَابِ وَ مَلِكُ المُلُوكِ فَإِذَا بِالنّدَاءِ مِن قِبَلِ الحَقّ أَنتَ صفَيِيّ‌ وَ أَنتَ حبَيِبيِ‌ وَ أَنتَ خَيرُ خلَقيِ‌ أُمّتُكَ خَيرُ أُمّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ ثُمّ خَلَقَ مِن نُورِ مُحَمّدٍص جَوهَرَةً وَ قَسَمَهَا قِسمَينِ فَنَظَرَ إِلَي القِسمِ الأَوّلِ بِعَينِ الهَيبَةِ فَصَارَ مَاءً عَذباً وَ نَظَرَ إِلَي القِسمِ الثاّنيِ‌ بِعَينِ الشّفَقَةِ فَخَلَقَ مِنهُ العَرشَ فَاستَوَي عَلَي وَجهِ المَاءِ فَخَلَقَ الكرُسيِ‌ّ مِن نُورِ العَرشِ وَ خَلَقَ مِن نُورِ الكرُسيِ‌ّ اللّوحَ وَ خَلَقَ مِن نُورِ اللّوحِ القَلَمَ وَ قَالَ لَهُ اكتُب توَحيِديِ‌ فبَقَيِ‌َ القَلَمُ أَلفَ عَامٍ سَكرَانَ مِن كَلَامِ اللّهِ تَعَالَي فَلَمّا أَفَاقَ قَالَ اكتُب قَالَ يَا رَبّ وَ مَا أَكتُبُ قَالَ اكتُب لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ فَلَمّا سَمِعَ القَلَمُ اسمَ مُحَمّدٍص خَرّ سَاجِداً وَ قَالَ سُبحَانَ الوَاحِدِ القَهّارِ سُبحَانَ العَظِيمِ الأَعظَمِ ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ السّجُودِ


صفحه : 201

وَ كَتَبَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ ثُمّ قَالَ يَا رَبّ وَ مَن مُحَمّدٌ ألّذِي قَرَنتَ اسمَهُ بِاسمِكَ وَ ذِكرَهُ بِذِكرِكَ قَالَ اللّهُ تَعَالَي لَهُ يَا قَلَمُ فَلَولَاهُ مَا خَلَقتُكَ وَ لَا خَلَقتُ خلَقيِ‌ إِلّا لِأَجلِهِ فَهُوَ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ سِرَاجٌ مُنِيرٌ وَ شَفِيعٌ وَ حَبِيبٌ فَعِندَ ذَلِكَ انشَقّ القَلَمُ مِن حَلَاوَةِ ذِكرِ مُحَمّدٍ ثُمّ قَالَ القَلَمُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ اللّهُ تَعَالَي وَ عَلَيكَ السّلَامُ منِيّ‌ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَلِأَجلِ هَذَا صَارَ السّلَامُ سُنّةً وَ الرّدّ فَرِيضَةً ثُمّ قَالَ اللّهُ تَعَالَي اكتُب قضَاَئيِ‌ وَ قدَرَيِ‌ وَ مَا أَنَا خَالِقُهُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ مَلَائِكَةً يُصَلّونَ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِ مُحَمّدٍ وَ يَستَغفِرُونَ لِأُمّتِهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي مِن نُورِ مُحَمّدٍص الجَنّةَ وَ زَيّنَهَا بِأَربَعَةِ أَشيَاءَ التّعظِيمِ وَ الجَلَالَةِ وَ السّخَاءِ وَ الأَمَانَةِ وَ جَعَلَهَا لِأَولِيَائِهِ وَ أَهلِ طَاعَتِهِ ثُمّ نَظَرَ إِلَي باَقيِ‌ الجَوهَرَةِ بِعَينِ الهَيبَةِ فَذَابَت فَخَلَقَ مِن دُخَانِهَا السّمَاوَاتِ وَ مِن زَبَدِهَا الأَرَضِينَ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي الأَرضَ صَارَت تَمُوجُ بِأَهلِهَا كَالسّفِينَةِ فَخَلَقَ اللّهُ الجِبَالَ فَأَرسَاهَا بِهَا ثُمّ خَلَقَ مَلَكاً مِن أَعظَمِ مَا يَكُونُ فِي القُوّةِ فَدَخَلَ تَحتَ الأَرضِ ثُمّ لَم يَكُن لقِدَمَيَ‌ِ المَلَكِ قَرَارٌ فَخَلَقَ اللّهُ صَخرَةً عَظِيمَةً وَ جَعَلَهَا تَحتَ قدَمَيَ‌ِ المَلَكِ ثُمّ لَم يَكُن لِلصّخرَةِ قَرَارٌ فَخَلَقَ لَهَا ثَوراً عَظِيماً لَم يَقدِر أَحَدٌ يَنظُرُ إِلَيهِ لِعِظَمِ خِلقَتِهِ وَ بَرِيقِ عُيُونِهِ حَتّي لَو وُضِعَتِ البِحَارُ كُلّهَا فِي إِحدَي مَنخِرَيهِ مَا كَانَت إِلّا كَخَردَلَةٍ مُلقَاةٍ فِي أَرضِ فَلَاةٍ فَدَخَلَ الثّورُ تَحتَ الصّخرَةِ وَ حَمَلَهَا عَلَي ظَهرِهِ وَ قُرُونِهِ وَ اسمُ ذَلِكَ الثّورِ لهوتا ثُمّ لَم يَكُن لِذَلِكَ الثّورِ قَرَارٌ فَخَلَقَ اللّهُ لَهُ حُوتاً عَظِيماً وَ اسمُ ذَلِكَ الحُوتِ بهموت فَدَخَلَ الحُوتُ تَحتَ قدَمَيَ‌ِ الثّورِ فَاستَقَرّ الثّورُ عَلَي ظَهرِ الحُوتِ فَالأَرضُ كُلّهَا عَلَي كَاهِلِ المَلَكِ وَ المَلَكُ عَلَي الصّخرَةِ وَ الصّخرَةُ عَلَي الثّورِ وَ الثّورُ عَلَي الحُوتِ وَ الحُوتُ عَلَي المَاءِ وَ المَاءُ عَلَي الهَوَاءِ وَ الهَوَاءُ عَلَي الظّلمَةِ ثُمّ انقَطَعَ عِلمُ الخَلَائِقِ عَمّا تَحتَ الظّلمَةِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي العَرشَ مِن ضِيَاءَينِ أَحَدُهُمَا الفَضلُ وَ الثاّنيِ‌ العَدلُ ثُمّ أَمَرَ الضّيَاءَينِ فَانتَفَسَا بِنَفَسَينِ فَخَلَقَ مِنهُمَا أَربَعَةَ أَشيَاءَ العَقلَ وَ الحِلمَ وَ العِلمَ وَ السّخَاءَ


صفحه : 202

ثُمّ خَلَقَ مِنَ العَقلِ الخَوفَ وَ خَلَقَ مِنَ العِلمِ الرّضَا وَ مِنَ الحِلمِ المَوَدّةَ وَ مِنَ السّخَاءِ المَحَبّةَ ثُمّ عَجَنَ هَذِهِ الأَشيَاءَ فِي طِينَةِ مُحَمّدٍص ثُمّ خَلَقَ مِن بَعدِهِم أَروَاحَ المُؤمِنِينَ مِن أُمّةِ مُحَمّدٍص ثُمّ خَلَقَ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومَ وَ اللّيلَ وَ النّهَارَ وَ الضّيَاءَ وَ الظّلَامَ وَ سَائِرَ المَلَائِكَةِ مِن نُورِ مُحَمّدٍص فَلَمّا تَكَامَلَتِ الأَنوَارُ سَكَنَ نُورُ مُحَمّدٍص تَحتَ العَرشِ ثَلَاثَةً وَ سَبعِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ انتَقَلَ نُورُهُ إِلَي الجَنّةِ فبَقَيِ‌َ سَبعِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ انتَقَلَ إِلَي سِدرَةِ المُنتَهَي فبَقَيِ‌َ سَبعِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ انتَقَلَ نُورُهُ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ السّادِسَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الخَامِسَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الرّابِعَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الثّالِثَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الثّانِيَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الدّنيَا فبَقَيِ‌َ نُورُهُ فِي السّمَاءِ الدّنيَا إِلَي أَن أَرَادَ اللّهُ أَن يَخلُقَ آدَمَ ع إِلَي آخِرِ مَا مَرّ فِي المُجَلّدِ السّادِسِ

145- كِتَابُ أَبِي سَعِيدٍ عَبّادٍ العصُفرُيِ‌ّ، عَن عَمرِو بنِ أَبِي المِقدَامِ عَن أَبِي حَمزَةَ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع يَقُولُ إِنّ اللّهَ خَلَقَ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً وَ أَحَدَ عَشَرَ مِن وُلدِهِ مِن نُورِ عَظَمَتِهِ فَأَقَامَهُم أَشبَاحاً فِي ضِيَاءِ نُورِهِ يَعبُدُونَهُ قَبلَ خَلقِ الخَلقِ يُسَبّحُونَ اللّهَ وَ يُقَدّسُونَهُ وَ هُمُ الأَئِمّةُ مِن وُلدِ رَسُولِ اللّهِص

146- وَ مِنهُ، عَن عَمرٍو عَن أَبِيهِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَخَلَقَ اللّهُ أَرضَ كَربَلَاءَ قَبلَ أَن يَخلُقَ أَرضَ الكَعبَةِ بِأَربَعَةٍ وَ عِشرِينَ أَلفَ عَامٍ وَ قَدّسَهَا وَ بَارَكَ عَلَيهَا فَمَا زَالَت قَبلَ خَلقِ اللّهِ الخَلقَ مُقَدّسَةً مُبَارَكَةً وَ لَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتّي يَجعَلَهَا اللّهُ


صفحه : 203

أَفضَلَ أَرضٍ فِي الجَنّةِ وَ أَفضَلَ مَنزِلٍ وَ مَسكَنٍ يُسكِنُ اللّهُ فِيهِ أَولِيَاءَهُ فِي الجَنّةِ

و منه عن رجل عن أبي الجارود عن علي بن الحسين ع مثله

147- الكاَفيِ‌، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عِمرَانَ العجِليِ‌ّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع أَيّ شَيءٍ كَانَ مَوضِعُ البَيتِ حَيثُ كَانَ المَاءُ فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ قَالَ كَانَت مَهَاةً بَيضَاءَ يعَنيِ‌ دُرّةً

بيان قال الجوهري‌ المهاة بالفتح البلور

148- الكاَفيِ‌، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن مَنصُورِ بنِ العَبّاسِ عَن صَالِحٍ اللفّاَئفِيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ دَحَا الأَرضَ مِن تَحتِ الكَعبَةِ إِلَي مِنًي ثُمّ دَحَاهَا مِن مِنًي إِلَي عَرَفَاتٍ ثُمّ دَحَاهَا مِن عَرَفَاتٍ إِلَي مِنًي فَالأَرضُ مِن عَرَفَاتٍ وَ عَرَفَاتٌ مِن مِنًي وَ مِنًي مِنَ الكَعبَةِ

بيان قوله ثم دحاها من عرفات إلي مني أي دحا السطح الظاهر من الأرض من عرفات إلي منتهاها ثم ردها من تحت الأرض لحصول الكروية إلي مني و لم يذكر ع كيفية إتمامه لظهوره أوالمعني أنه ردها من جهة التحت إلي الجانب الآخر ثم إلي الكعبة ثم تمم أطراف الكرة من جهة الفوق إلي مني ليتم كلها و أما ماتكلف بعض أفاضل المعاصرين حيث قرأ مني أخيرا بفتح الميم بمعني قدر أي إلي آخر ماقدره الله من منتهي الأرض فلايخفي عليك بعده


صفحه : 204

149- الكاَفيِ‌، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن سَيفِ بنِ عَمِيرَةَ عَن أَبِي زُرَارَةَ التمّيِميِ‌ّ عَن أَبِي حَسّانَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ لَمّا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يَخلُقَ الأَرضَ أَمَرَ الرّيَاحَ فَضَرَبنَ وَجهَ المَاءِ حَتّي صَارَ مَوجاً ثُمّ أَزبَدَ فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً فَجَمَعَهُ فِي مَوضِعِ البَيتِ ثُمّ جَعَلَهُ جَبَلًا مِن زَبَدٍ ثُمّ دَحَا الأَرضَ مِن تَحتِهِ وَ هُوَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّإِنّ أَوّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ للَذّيِ‌ بِبَكّةَ مُبارَكاً

ورواه أيضا عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي‌ عن أبي عبد الله ع مثله

150- الدّرّ المَنثُورُ،للِسيّوُطيِ‌ّ بِأَسَانِيدَ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ خَلَقَ اللّهُ الأَرضَ قَبلَ السّمَاءِ فَلَمّا خَلَقَ الأَرضَ ثَارَ مِنهَا دُخَانٌ فَذَلِكَ قَولُهُثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ فَسَوّاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ يَقُولُ خَلَقَ سَبعَ سَمَاوَاتٍ بَعضُهُنّ فَوقَ بَعضٍ وَ سَبعَ أَرَضِينَ بَعضُهُنّ تَحتَ بَعضٍ

151- وَ مِنهُ،أَيضاً بِعِدّةِ طُرُقٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ ابنِ مَسعُودٍ وَ نَاسٍ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص فِي قَولِهِ تَعَالَيهُوَ ألّذِي خَلَقَ لَكُم ما فِي الأَرضِ جَمِيعاً ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ فَسَوّاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ قَالَ إِنّ اللّهَكانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ وَ لَم يَخلُق شَيئاً قَبلَ المَاءِ فَلَمّا أَرَادَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ أَخرَجَ مِنَ المَاءِ دُخَاناً فَارتَفَعَ فَوقَ المَاءِ فَسَمَي عَلَيهِ فَسَمّاهُ سَمَاءً ثُمّ أَيبَسَ المَاءَ فَجَعَلَهُ أَرضاً وَاحِدَةً ثُمّ فَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبعَ أَرَضِينَ فِي يَومَينِ فِي الأَحَدِ وَ الإِثنَينِ فَجَعَلَ الأَرضَ عَلَي الحُوتِ


صفحه : 205

وَ هُوَ ألّذِي ذَكَرَهُ فِي قَولِهِن وَ القَلَمِ وَ الحُوتَ فِي المَاءِ عَلَي صَفَاةٍ وَ الصّفَاةَ عَلَي مَلَكٍ وَ المَلَكَ عَلَي صَخرَةٍ وَ الصّخرَةَ عَلَي الرّيحِ وَ هيِ‌َ الصّخرَةُ التّيِ‌ ذَكَرَهَا لُقمَانُ لَيسَت فِي السّمَاءِ وَ لَا فِي الأَرضِ فَتَحَرّكَ الحُوتُ فَاضطَرَبَ فَتَزَلزَلَتِ الأَرضُ فَأَرسَي عَلَيهَا الجِبَالَ فَقَرّت فَذَلِكَ قَولُهُوَ جَعَلَ لَها روَاسيِ‌َأَن تَمِيدَ بِكُم وَ خَلَقَ الجِبَالَ فِيهَا وَ أَقوَاتَ أَهلِهَا وَ شَجَرَهَا وَ مَا ينَبغَيِ‌ لَهَا فِي يَومَينِ فِي الثّلَاثَاءِ وَ الأَربِعَاءِ وَ ذَلِكَ قَولُهُأَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ إِلَي قَولِهِوَ بارَكَ فِيها يَقُولُ أَنبَتَ فِيهَا شَجَرَهَاوَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها وَ أَهلَهَافِي أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ يَقُولُ مَن سَأَلَ فَهَكَذَا الأَمرُثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ هيِ‌َ دُخانٌفَكَانَ ذَلِكَ الدّخَانُ مِن تَنَفّسِ المَاءِ حِينَ تَنَفّسَ فَجَعَلَهَا سَمَاءً وَاحِدَةً ثُمّ فَتَقَهَا فَجَعَلَهَاسَبعَ سَماواتٍ فِي يَومَينِ فِي الخَمِيسِ وَ الجُمُعَةِ لِأَنّهُ جَمَعَ فِيهِ خَلقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِوَ أَوحي فِي كُلّ سَماءٍ أَمرَها قَالَ خَلَقَ فِي كُلّ سَمَاءٍ خَلقَهَا مِنَ المَلَائِكَةِ وَ الخَلقِ ألّذِي فِيهَا مِنَ البِحَارِ وَ الجِبَالِ البَرَدِ مَا لَا يُعلَمُ ثُمّ زَيّنَ السّمَاءَ الدّنيَا بِالكَوَاكِبِ فَجَعَلَهَا زِينَةً وَ حِفظاً مِنَ الشّيَاطِينِ فَلَمّا فَرَغَ مِن خَلقِ مَا أَحَبّاستَوي عَلَي العَرشِ

152- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَيثُمّ استَوي إِلَي السّماءِيعَنيِ‌ صَعِدَ أَمرُهُ إِلَي السّمَاءِفَسَوّاهُنّيعَنيِ‌ خَلَقَسَبعَ سَماواتٍ قَالَ أَجرَي النّارَ عَلَي المَاءِ فَبَخَرَ البَحرُ فَصَعِدَ فِي الهَوَاءِ فَجَعَلَ السّمَاوَاتِ مِنهُ


صفحه : 206

153- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرٍو قَالَ لَمّا أَرَادَ اللّهُ أَن يَخلُقَ الأَشيَاءَ إِذكانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ وَ إِذ لَا أَرضَ وَ لَا سَمَاءَ خَلَقَ الرّيحَ فَسَلّطَهَا عَلَي المَاءِ حَتّي اضطَرَبَت أَموَاجُهُ وَ أَثَارَ رُكَامُهُ فَأَخرَجَ مِنَ المَاءِ دُخَاناً وَ طِيناً وَ زَبَداً فَأَمَرَ الدّخَانَ فَعَلَا وَ سَمَا وَ نَمَا فَخَلَقَ مِنهُ السّمَاوَاتِ وَ خَلَقَ مِنَ الطّينِ الأَرَضِينَ وَ خَلَقَ مِنَ الزّبَدِ الجِبَالَ

154- وَ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ أَخَذَ النّبِيّص بيِدَيِ‌ فَقَالَ خَلَقَ اللّهُ التّربَةَ يَومَ السّبتِ وَ خَلَقَ فِيهَا الجِبَالَ يَومَ الأَحَدِ وَ خَلَقَ الشّجَرَ يَومَ الإِثنَينِ وَ خَلَقَ المَكرُوهَ يَومَ الثّلَاثَاءِ وَ خَلَقَ النّورَ يَومَ الأَربِعَاءِ وَ بَثّ فِيهَا الدّوَابّ يَومَ الخَمِيسِ وَ خَلَقَ آدَمَ يَومَ الجُمُعَةِ بَعدَ العَصرِ

155- وَ عَنِ النّبِيّص قَالَ دُحِيَتِ الأَرضُ مِن مَكّةَ وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ تَطُوفُ بِالبَيتِ وَ هيِ‌َ أَوّلُ مَن طَافَ بِهِ وَ هيِ‌َ الأَرضُ التّيِ‌ قَالَ اللّهُإنِيّ‌ جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً

156- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ وَضَعَ البَيتَ عَلَي المَاءِ عَلَي أَربَعَةِ أَركَانٍ قَبلَ أَن يَخلُقَ الدّنيَا بأِلَفيَ‌ عَامٍ ثُمّ دُحِيَتِ الأَرضُ مِن تَحتِ البَيتِ

157- وَ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ خَلَقَ اللّهُ مَوضِعَ البَيتِ الحَرَامِ مِن قَبلِ أَن يَخلُقَ شَيئاً مِنَ الأَرضِ بأِلَفيَ‌ سَنَةٍ وَ أَركَانُهُ فِي الأَرضِ السّابِعَةِ

158- وَ عَن كَعبِ الأَحبَارِ قَالَكَانَتِ الكَعبَةُ غُثَاءً عَلَي المَاءِ قَبلَ أَن يَخلُقَ


صفحه : 207

اللّهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ بِأَربَعِينَ سَنَةً وَ مِنهَا دُحِيَتِ الأَرضُ

159- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ لَمّا كَانَ العَرشُ عَلَي المَاءِ قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ بَعَثَ اللّهُ رِيحاً هَفّافَةً فَصَفَقَتِ الرّيحُ المَاءَ فَأَبرَزَت عَن خَشَفَةٍ فِي مَوضِعِ البَيتِ كَأَنّهَا قُبّةٌ فَدَحَا اللّهُ الأَرضَ مِن تَحتِهَا فَمَادَت ثُمّ مَادَت فَأَوتَدَهَا اللّهُ بِالجِبَالِ فَكَانَ أَوّلَ جَبَلٍ وُضِعَ فِيهَا أَبُو قُبَيسٍ فَلِذَلِكَ سُمّيَت أُمّ القُرَي

160- وَ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ بَدَأَ اللّهُ بِخَلقِ العَرشِ وَ المَاءِ وَ الهَوَاءِ وَ خُلِقَتِ الأَرضُ مِنَ المَاءِ وَ كَانَ بَدءُ الخَلقِ يَومَ الأَحَدِ وَ جَمعُ الخَلقِ يَومَ الجُمُعَةِ وَ تَهَوّدَتِ اليَهُودُ يَومَ السّبتِ وَ يَومٌ مِنَ السّتّةِ أَيّامٍكَأَلفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ

161- وَ عَن عِكرِمَةَ قَالَ إِنّ اللّهَ بَدَأَ خَلقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ مَا بَينَهُمَا يَومَ الأَحَدِثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ يَومَ الجُمُعَةِ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ فَخَلَقَ فِي سَاعَةٍ مِنهَا الشّمُوسَ كيَ‌ يَرغَبَ النّاسُ إِلَي رَبّهِم فِي الدّعَاءِ وَ المَسأَلَةِ

162- وَ كَتَبَ يَزِيدُ بنُ مُسلِمٍ إِلَي جَابِرِ بنِ يَزِيدَ يَسأَلُهُ عَن بَدءِ الخَلقِ قَالَ العَرشُ وَ المَاءُ وَ القَلَمُ وَ اللّهُ أَعلَمُ

163- وَ عَن عِمرَانَ بنِ الحُصَينِ عَنِ النّبِيّص قَالَ كَانَ اللّهُ قَبلَ كُلّ شَيءٍوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ وَ كَتَبَ فِي اللّوحِ المَحفُوظِ ذِكرَ كُلّ شَيءٍ الخَبَرَ

164- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرِو بنِ العَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ قَدّرَ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبلَ أَن يَخلُقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ بِخَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ وَعَرشُهُ عَلَي الماءِ


صفحه : 208

165- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ سُئِلَ عَن قَولِهِ تَعَالَيوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ عَلَي أَيّ شَيءٍ كَانَ المَاءُ قَالَ عَلَي مَتنِ الرّيحِ

166- وَ عَن مُجَاهِدٍ فِي قَولِهِوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِقَبلَ أَن يَخلُقَ شَيئاً

167- وَ عَنِ الرّبِيعِ بنِ أَنَسٍ قَالَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ فَلَمّا خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ قَسّمَ ذَلِكَ المَاءَ قِسمَينِ فَجَعَلَ نِصفاً تَحتَ العَرشِ وَ هُوَ البَحرُ المَسجُورُ فَلَا تَقطُرُ مِنهُ قَطرَةٌ حَتّي يُنفَخَ فِي الصّورِ فَيَنزِلَ

168- وَ عَن عِكرِمَةَ قَالَ سُئِلَ ابنُ عَبّاسٍ عَنِ اللّيلِ كَانَ قَبلُ أَمِ النّهَارُ قَالَ اللّيلُ ثُمّ قَرَأَأَنّ السّماواتِ وَ الأَرضَ كانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُمافَهَل تَعلَمُونَ كَانَ بَينَهُمَا إِلّا ظُلمَةٌ

169- وَ عَنِ النّبِيّص فِي قَولِهِوَ جَعَلنا مِنَ الماءِ كُلّ شَيءٍ حيَ‌ّ قَالَ كُلّ شَيءٍ خَلَقَ مِنَ المَاءِ

170- وَ عَن وَهبٍ قَالَ قَالَ عُزَيرٌرَبّ أَمَرتَ المَاءَ فَجَمَدَ فِي وَسَطِ الهَوَاءِ فَجَعَلتَ مِنهُ سَبعاً وَ سَمّيتَهُ السّمَاوَاتِ ثُمّ أَمَرتَ المَاءَ يَنفَتِقُ عَنِ التّرَابِ وَ أَمَرتَ التّرَابَ أَن يَتَمَيّزَ مِنَ المَاءِ فَكَانَ كَذَلِكَ فَسَمّيتَ جَمِيعَ ذَلِكَ الأَرَضِينَ وَ جَمِيعَ المَاءِ البِحَارَ ثُمّ خَلَقتَ مِنَ المَاءِ أَعمَي أَعيُنٍ بَصّرتَهُ وَ مِنهَا أَصَمّ آذَانٍ أَسمَعتَهُ وَ مِنهَا مَيّتَ أَنفُسٍ أَحيَيتَهُ خَلَقتَ ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنهَا مَا عَيشُهُ المَاءُ وَ مِنهَا مَا لَا صَبرَ لَهُ عَلَي المَاءِ خَلقاً مُختَلِفاً فِي الأَجسَامِ وَ الأَلوَانِ جَنّستَهُ أَجنَاساً وَ زَوّجتَهُ أَزوَاجاً وَ خَلَقتَ أَصنَافاً وَ أَلهَمتَهُ ألّذِي خَلَقتَهُ ثُمّ خَلَقتَ مِنَ التّرَابِ وَ المَاءِ دَوَابّ الأَرضِ وَ مَاشِيَتَهَا وَ سِبَاعَهَافَمِنهُم مَن يمَشيِ‌ عَلي بَطنِهِ وَ مِنهُم مَن يمَشيِ‌ عَلي رِجلَينِ وَ مِنهُم مَن يمَشيِ‌ عَلي أَربَعٍ وَ مِنهُمُ العَظِيمُ وَ الصّغِيرُ ثُمّ زَرَعتَ فِي


صفحه : 209

أَرضِكَ كُلّ نَبَاتٍ فِيهَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَ تُرَابٍ وَاحِدٍ وَ تُسقَي بِمَاءٍ وَاحِدٍ فَجَاءَ عَلَي مَشِيئَتِكَ مُختَلِفاً أُكُلُهُ وَ لَونُهُ وَ رِيحُهُ وَ طَعمُهُ مِنهُ الحُلوُ وَ مِنهُ الحَامِضُ وَ المُرّ وَ الطّيّبُ رِيحُهُ وَ المُنتِنُ وَ القَبِيحُ وَ الحَسَنُ وَ قَالَ عُزَيرٌ يَا رَبّ إِنّمَا نَحنُ خَلقُكَ وَ عَمَلُ يَدِكَ خَلَقتَ أَجسَادَنَا فِي أَرحَامِ أُمّهَاتِنَا وَ صَوّرتَنَا كَيفَ تَشَاءُ بِقُدرَتِكَ جَعَلتَ لَنَا أَركَاناً وَ جَعَلتَ فِيهَا عِظَاماً وَ شَقَقتَ لَنَا أَسمَاعاً وَ أَبصَاراً ثُمّ جَعَلتَ لَهَا فِي تِلكَ الظّلمَةِ نُوراً وَ فِي ذَلِكَ الضّيقِ سَعَةً وَ فِي ذَلِكَ الغَمّ رُوحاً ثُمّ هَيّأتَ لَهَا مِن فَضلِكَ رِزقاً يُقَوّيهِ عَلَي مَشِيئَتِكَ ثُمّ وَعَظتَهُ بِكِتَابِكَ وَ حِكمَتِكَ ثُمّ قَضَيتَ عَلَيهِ المَوتَ لَا مَحَالَةَ ثُمّ أَنتَ تُعِيدُهُ كَمَا بَدَأتَهُ قَالَ عُزَيرٌ أللّهُمّ بِكَلِمَتِكَ خَلَقتَ جَمِيعَ خَلقِكَ فَأَتَي عَلَي مَشِيّتِكَ لَم تَأَنّ فِي ذَلِكَ مَئُونَةً وَ لَم تَنصَب فِيهِ نَصَباً كَانَ عَرشُكَ عَلَي المَاءِ وَ الظّلمَةُ عَلَي الهَوَاءِ وَ المَلَائِكَةُ يَحمِلُونَ عَرشَكَ وَ يُسَبّحُونَ بِحَمدِكَ وَ الخَلقُ مُطِيعٌ لَكَ خَاشِعٌ مِن خَوفِكَ لَا يُرَي فِيهِ نُورٌ إِلّا نُورُكَ وَ لَا يُسمَعُ فِيهِ صَوتٌ إِلّا سمعك [صَوتُكَ] ثُمّ فَتَحتَ خِزَانَةَ النّورِ وَ طَرِيقَ الظّلمَةِ فَكَانَا لَيلًا وَ نَهَاراً يَختَلِفَانِ بِأَمرِكَ

172- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ اليَهُودَ أَتَتِ النّبِيّص فَسَأَلَتهُ عَن خَلقِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ فَقَالَ خَلَقَ اللّهُ الأَرضَ يَومَ الأَحَدِ وَ الإِثنَينِ وَ خَلَقَ الجِبَالَ وَ مَا فِيهِنّ مِن مَنَافِعَ يَومَ الثّلَاثَاءِ وَ خَلَقَ يَومَ الأَربِعَاءِ الشّجَرَ وَ المَاءَ وَ المَدَائِنَ وَ العُمرَانَ وَ الخَرَابَ فَهَذِهِ أَربَعَةٌ فَقَالَ تَعَالَيقُل أَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ إِلَي قَولِهِفِي أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ وَ خَلَقَ يَومَ الخَمِيسِ السّمَاءَ وَ خَلَقَ يَومَ الجُمُعَةِ النّجُومَ وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ المَلَائِكَةَ إِلَي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ بَقِينَ مِنهُ


صفحه : 210

فَخَلَقَ فِي أَوّلِ سَاعَةٍ مِن هَذِهِ الثّلَاثِ الآجَالَ حِينَ يَمُوتُ مَن مَاتَ وَ فِي الثّانِيَةِ أَلقَي الآفَةَ عَلَي كُلّ شَيءٍ مِمّا يُنتَفَعُ بِهِ وَ فِي الثّالِثَةِ خَلَقَ آدَمَ وَ أَسكَنَهُ الجَنّةَ وَ أَمَرَ إِبلِيسَ بِالسّجُودِ لَهُ وَ أَخرَجَهُ مِنهَا فِي آخِرِ سَاعَةٍ قَالَتِ اليَهُودُ ثُمّ مَا ذَا يَا مُحَمّدُ قَالَثُمّ استَوي عَلَي العَرشِقَالُوا قَد أَصَبتَ لَو أَتمَمتَ قَالُوا ثُمّ استَرَاحَ فَغَضِبَ النّبِيّص غَضَباً شَدِيداً فَنَزَلَوَ لَقَد خَلَقنَا السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ ما بَينَهُما فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ ما مَسّنا مِن لُغُوبٍ فَاصبِر عَلي ما يَقُولُونَ

173- وَ عَنِ ابنِ جَرِيحٍ فِي قَولِهِوَ بارَكَ فِيها قَالَ كُلّ شَيءٍ فِيهِ مَنفَعَةٌ لِابنِ آدَمَ فَهُوَ مُبَارَكٌ

174- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِوَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها قَالَ شَقّ الأَنهَارَ وَ غَرَسَ الأَشجَارَ وَ وَضَعَ الجِبَالَ وَ أَجرَي البِحَارَ وَ جَعَلَ فِي هَذِهِ مَا لَيسَ فِي هَذِهِ وَ فِي هَذِهِ مَا لَيسَ فِي هَذِهِ

175- وَ عَن عِكرِمَةَ فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها قَالَ قَدّرَ فِي كُلّ أَرضٍ شَيئاً لَا يَصلُحُ فِي غَيرِهَا

176- وَ عَنِ ابنِ جُبَيرٍ قَالَ مَعَاشَهَا

177- وَ عَنِ الحَسَنِ قَالَ أَرزَاقَهَا

178- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَخَلَقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ مِن دُخَانٍ ثُمّ ابتَدَأَ خَلقَ الأَرضِ يَومَ الأَحَدِ وَ يَومَ الإِثنَينِ وَ ذَلِكَ قَولُهُأَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ ثُمّ قَدّرَ فِيهَا أَقوَاتَهَا فِي يَومِ الثّلَاثَاءِ وَ يَومِ الأَربِعَاءِ فَذَلِكَ قَولُهُوَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها فِي أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ هيِ‌َ دُخانٌفَسَمَكَهَا وَ زَيّنَهَا بِالنّجُومِ وَ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ أَجرَاهُمَا فِي فَلَكِهِمَا وَ خَلَقَ فِيهَا مَا شَاءَ مِن


صفحه : 211

خَلقِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ فِي يَومِ الخَمِيسِ وَ يَومِ الجُمُعَةِ وَ خَلَقَ الجَنّةَ فِي يَومِ الجُمُعَةِ وَ خَلَقَ آدَمَ يَومَ الجُمُعَةِ فَذَلِكَ قَولُ اللّهِخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ سَبَتَ كُلّ شَيءٍ يَومَ السّبتِ فَعَظّمَتِ اليَهُودُ يَومَ السّبتِ لِأَنّهُ سَبَتَ فِيهِ كُلّ شَيءٍ وَ عَظّمَتِ النّصَارَي يَومَ الأَحَدِ لِأَنّهُ ابتَدَأَ فِيهِ خَلقَ كُلّ شَيءٍ وَ عَظّمَ المُسلِمُونَ يَومَ الجُمُعَةِ لِأَنّ اللّهَ فَرَغَ فِيهِ مِن خَلقِهِ وَ خَلَقَ فِي الجَنّةِ رَحمَتَهُ وَ خَلَقَ فِيهِ آدَمَ وَ فِيهِ هَبَطَ مِنَ الجَنّةِ إِلَي الأَرضِ وَ فِيهِ قُبِلَت فِي الأَرضِ تَوبَتُهُ وَ هُوَ أَعظَمُهَا

179- وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سَلّامٍ قَالَ إِنّ اللّهَ ابتَدَأَ الخَلقَ وَ خَلَقَ الأَرَضِينَ يَومَ الأَحَدِ وَ الإِثنَينِ وَ خَلَقَ الأَقوَاتَ وَ الروّاَسيِ‌َ فِي يَومِ الثّلَاثَاءِ وَ الأَربِعَاءِ وَ خَلَقَ السّمَاوَاتِ فِي الخَمِيسِ وَ الجُمُعَةِ إِلَي صَلَاةِ العَصرِ وَ خَلَقَ فِيهَا آدَمَ فِي تِلكَ السّاعَةِ التّيِ‌ لَا يُوَافِقُهَا عَبدٌ فِي صَلَاةٍ يَدعُو رَبّهُ إِلّا استَجَابَ لَهُ فهَيِ‌َ مَا بَينَ صَلَاةِ العَصرِ إِلَي أَن تَغِيبَ الشّمسُ

180- وَ عَن عِكرِمَةَ أَنّ اليَهُودَ قَالُوا للِنبّيِ‌ّص مَا يَومُ الأَحَدِ قَالَ فِيهِ خَلَقَ اللّهُ الأَرضَ وَ كَبَسَهَا قَالُوا الإِثنَينِ قَالَ خَلَقَ فِيهِ وَ فِي الثّلَاثَاءِ الجِبَالَ وَ المَاءَ وَ كَذَا وَ كَذَا وَ مَا شَاءَ اللّهُ قَالُوا فَيَومُ الأَربِعَاءِ قَالَ الأَقوَاتَ قَالُوا فَيَومُ الخَمِيسِ قَالَ فِيهِ خَلَقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ قَالُوا يَومُ الجُمُعَةِ قَالَ خَلَقَ فِي سَاعَتَينِ المَلَائِكَةَ وَ فِي سَاعَتَينِ الجَنّةَ وَ النّارَ وَ فِي سَاعَتَينِ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ الكَوَاكِبَ وَ فِي سَاعَتَينِ اللّيلَ وَ النّهَارَ قَالُوا السّبتُ وَ ذَكَرُوا الرّاحَةَ فَقَالَ سُبحَانَ اللّهِ فَأَنزَلَ اللّهُوَ لَقَد خَلَقنَا السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ ما بَينَهُما فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ ما مَسّنا مِن لُغُوبٍ

و عن ابن عباس أيضا نحوه


صفحه : 212

181- وَ عَنِ ابنِ عُمَرَ عَنِ النّبِيّص قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي فَرَغَ مِن خَلقِهِ فِي سِتّةِ أَيّامِ أَوّلُهُنّ يَومُ الأَحَدِ وَ الإِثنَينِ وَ الثّلَاثَاءِ وَ الأَربِعَاءِ وَ الخَمِيسِ وَ الجُمُعَةِ

182- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَيفَقالَ لَها وَ لِلأَرضِ ائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً قَالَ قَالَ لِلسّمَاءِ أخَرجِيِ‌ شَمسَكِ وَ قَمَرَكِ وَ نُجُومَكِ وَ لِلأَرضِ شقَقّيِ‌ أَنهَارَكِ وَ أخَرجِيِ‌ ثِمَارَكِ فَقَالَتَا أَتَينَا طَائِعَينِ

183- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ رَجُلًا قَالَ لَهُ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللّهِ تُخَالِفُ إِحدَاهُمَا الأُخرَي فَقَالَ إِنّمَا أَتَيتُ مِن قِبَلِ رَأيِكَ اقرَأ قَالَقُل أَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ حَتّي بَلَغَثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ قَولُهُوَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاها قَالَ خَلَقَ اللّهُ الأَرضَ قَبلَ أَن يَخلُقَ السّمَاءَ ثُمّ خَلَقَ السّمَاءَ ثُمّ دَحَا الأَرضَ بَعدَ مَا خَلَقَ السّمَاءَ وَ إِنّمَا قَولُهُدَحاهابَسَطَهَا

بيان في النهاية فيه كانت الكعبة خشعة علي الماء فدحيت منها الأرض الخشعة أكمة لاطئة بالأرض والجمع خشع قيل هو ماغلبت عليه السهولة أي ليس بحجر و لاطين ويروي خشفة بالخاء والفاء و قال الخطابي‌ الخشفة واحدة الخشف وهي‌ الحجارة تنبت في الأرض نباتا

184-مُرُوجُ الذّهَبِ،للِمسَعوُديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ إِنّ اللّهَ حِينَ شَاءَ تَقدِيرَ الخَلِيقَةِ وَ ذَرءَ البَرِيّةِ وَ إِبدَاعَ المُبدَعَاتِ نَصَبَ الخَلقَ فِي صُوَرٍ كَالهَبَاءِ قَبلَ دَحوِ الأَرضِ وَ رَفَعَ السّمَاءَ وَ هُوَ فِي


صفحه : 213

انفِرَادِ مَلَكُوتِهِ وَ تَوَحّدِ جَبَرُوتِهِ فَأَتَاحَ نُوراً مِن نُورِهِ فَلَمَعَ وَ قَبَساً مِن ضِيَائِهِ فَسَطَعَ ثُمّ اجتَمَعَ النّورُ فِي وَسَطِ تِلكَ الصّوَرِ الخَفِيّةِ فَوَافَقَ ذَلِكَ صُورَةَ نَبِيّنَا مُحَمّدٍص فَقَالَ اللّهُ عَزّ مِن قَائِلٍ أَنتَ المُختَارُ المُنتَخَبُ وَ عِندَكَ أَستَودِعُ نوُريِ‌ وَ كُنُوزَ هدِاَيتَيِ‌ وَ مِن أَجلِكَ أُسَطّحُ البَطحَاءَ وَ أَرفَعُ السّمَاءَ وَ أَمزِجُ المَاءَ وَ أَجعَلُ الثّوَابَ وَ العَذَابَ وَ الجَنّةَ وَ النّارَ وَ أَنصِبُ أَهلَ بَيتِكَ بِالهِدَايَةِ وَ أُوتِيهِم مِن مَكنُونِ علِميِ‌ مَا لَا يَخفَي عَلَيهِم دَقِيقٌ وَ لَا يَغِيبُهُم خفَيِ‌ّ وَ أَجعَلُهُم حُجّةً عَلَي برَيِتّيِ‌ وَ المُنَبّهِينَ عَلَي علِميِ‌ وَ وحَداَنيِتّيِ‌ ثُمّ أَخَذَ اللّهُ سُبحَانَهُ الشّهَادَةَ لِلرّبُوبِيّةِ وَ الإِخلَاصَ لِلوَحدَانِيّةِ فَبَعدَ أَخذِ مَا أَخَذَ مِن ذَلِكَ شَاءَ بِبَصَائِرِ الخَلقِ انتِخَابَ مُحَمّدٍ وَ أَرَاهُم أَنّ الهِدَايَةَ مَعَهُ وَ النّورَ لَهُ وَ الإِمَامَةَ فِي أَهلِهِ تَقدِيماً لِسُنّةِ العَدلِ وَ لِيَكُونَ الإِعذَارُ مُتَقَدّماً ثُمّ أَخفَي اللّهُ الخَلِيقَةَ فِي غَيبِهِ وَ غَيّبَهَا فِي مَكنُونِ عِلمِهِ ثُمّ نَصَبَ العَوَالِمَ وَ بَسَطَ الزّمَانَ وَ مَرَجَ المَاءَ وَ أَثَارَ الزّبَدَ وَ أَهَاجَ الدّخَانَ فَطَفَا عَرشُهُ عَلَي المَاءِ وَ سَطَحَ الأَرضَ عَلَي ظَهرِ المَاءِ ثُمّ استَجَابَهُمَا إِلَي الطّاعَةِ فَأَذعَنَتَا بِالِاستِجَابَةِ ثُمّ أَنشَأَ المَلَائِكَةَ مِن أَنوَارِ نُبُوّةٍ قَدِ ابتَدَعَهَا وَ أَنوَارٍ اختَرَعَهَا وَ قَرَنَ بِتَوحِيدِهِ نُبُوّةَ نَبِيّهِ مُحَمّدٍص فَشَهَرَت نُبُوّتُهُ فِي السّمَاءِ قَبلَ بِعثَتِهِ


صفحه : 214

فِي الأَرضِ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ آدَمَ أَبَانَ لَهُ فَضلَهُ لِلمَلَائِكَةِ وَ أَرَاهُم مَا خَصّهُ بِهِ مِن سَابِقِ العِلمِ مِن حَيثُ عَرّفَهُمُ عِندَ استِنبَائِهِ إِيّاهُ أَسمَاءَ الأَشيَاءِ فَجَعَلَ اللّهُ آدَمَ مِحرَاباً وَ كَعبَةً وَ قِبلَةً أَسجَدَ إِلَيهَا الأَنوَارَ وَ الرّوحَانِيّينَ وَ الأَبرَارَ ثُمّ نَبّهَ آدَمَ عَلَي مُستَودَعِهِ وَ كَشَفَ لَهُ خَطَرَ مَا ائتَمَنَهُ عَلَي أَن سَمّاهُ إِمَاماً عِندَ المَلَائِكَةِ فَكَانَ حَظّ آدَمَ مِنَ الخَبَرِ إِنبَاءَهُ وَ نُطقَهُ بِمُستَودَعِ نُورِنَا وَ لَم يَزَلِ اللّهُ تَعَالَي يَخبَأُ النّورَ تَحتَ الزّمَانِ إِلَي أَن فَصَلَ مُحَمّداًص فِي طَاهِرِ القَنَوَاتِ فَدَعَا النّاسَ ظَاهِراً وَ بَاطِناً وَ نَدَبَهُم سِرّاً وَ إِعلَاناً وَ استَدعَي التّنبِيهَ عَلَي العَهدِ ألّذِي قَدّمَهُ إِلَي الذّرّ قَبلَ النّسلِ وَ مَن وَافَقَهُ قَبَسَ مِن مِصبَاحِ النّورِ المُتَقَدّمِ اهتَدَي إِلَي سِرّهِ وَ استَبَانَ وَاضِحَ أَمرِهِ وَ مَن أَلبَسَتهُ الغَفلَةُ استَحَقّ السّخطَةَ لَم يَهتَدِ إِلَي ذَلِكَ ثُمّ انتَقَلَ النّورُ إِلَي غَرَائِزِنَا وَ لَمَعَ مَعَ أَئِمّتِنَا فَنَحنُ أَنوَارُ السّمَاءِ وَ أَنوَارُ الأَرضِ فِينَا النّجَاةُ وَ مِنّا مَكنُونُ العِلمِ وَ إِلَينَا مَصِيرُ الأُمُورِ وَ بِنَا تَقطَعُ الحُجَجُ وَ مِنّا خَاتَمُ الأَئِمّةِ وَ مُنقِذُ الأُمّةِ وَ غَايَةُ النّورِ وَ مَصدَرُ الأُمُورِ فَنَحنُ أَفضَلُ المَخلُوقِينَ وَ أَكمَلُ المَوجُودِينَ وَ حُجَجُ رَبّ العَالَمِينَ فَلتَهنَأِ النّعمَةَ مَن تَمَسّكَ بِوَلَايَتِنَا وَ قَبَضَ عُروَتَنَا

بيان أمزج الماء أي أخلطه بغيره فأخلق منه المركبات ويمكن أن يكون بالراء المهملة كقوله تعالي مَرَجَ البَحرَينِ أي حلاهما[خلاهما]ببصائر الخلق أي لأن


صفحه : 215

يجعلهم ذوي‌ بصائر أوملتبسا ببصائرهم وعلمهم والقنوات جمع قناة و قال الجوهري‌ قناة الظهر التي‌ تنتظم الفقار انتهي والإبلاس بمعني الحيرة أواليأس لازم واستعمل هنا متعديا والظاهر أن فيه تصحيفا كما في كثير من الفقرات الأخر

185- الكاَفيِ‌، عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ الدّنيَا فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ اختَزَلَهَا عَن أَيّامِ السّنَةِ فَالسّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ أَربَعٌ وَ خَمسُونَ يَوماً شَعبَانُ لَا يَتِمّ أَبَداً وَ رَمَضَانُ لَا يَنقُصُ وَ اللّهِ أَبَداً وَ لَا تَكُونُ فَرِيضَةٌ نَاقِصَةً إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُوَ لِتُكمِلُوا العِدّةَ وَ شَوّالٌ تِسعَةٌ وَ عِشرُونَ يَوماً وَ ذُو القَعدَةِ ثَلَاثُونَ يَوماً لِقَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ واعَدنا مُوسي ثَلاثِينَ لَيلَةً وَ أَتمَمناها بِعَشرٍ فَتَمّ مِيقاتُ رَبّهِ أَربَعِينَ لَيلَةً وَ ذُو الحِجّةِ تِسعَةٌ وَ عِشرُونَ يَوماً وَ المُحَرّمُ ثَلَاثُونَ يَوماً ثُمّ الشّهُورُ بَعدَ ذَلِكَ شَهرٌ تَامّ وَ شَهرٌ نَاقِصٌ الخَبَرَ

186-الفَقِيهُ،بِإِسنَادِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ بنِ شُعَيبٍ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ إِنّ النّاسَ يَروُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص مَا صَامَ مِن شَهرِ رَمَضَانَ تِسعَةً وَ عِشرِينَ يَوماً أَكثَرُ مِمّا صَامَ ثَلَاثِينَ قَالَ كَذَبُوا مَا صَامَ رَسُولُ اللّهِص إِلّا تَامّاً وَ لَا تَكُونُ الفَرَائِضُ نَاقِصَةً إِنّ اللّهَ خَلَقَ السّنَةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ يَوماً وَ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ فَحَجَزَهَا مِن ثَلَاثِمِائَةٍ وَ سِتّينَ يَوماً فَالسّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ أَربَعَةٌ وَ خَمسُونَ يَوماً وَ شَهرُ رَمَضَانَ ثَلَاثُونَ يَوماً لِقَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ لِتُكمِلُوا العِدّةَ وَ الكَامِلُ تَامّ وَ شَوّالٌ تِسعَةٌ وَ عِشرُونَ يَوماً وَ ذُو القَعدَةِ ثَلَاثُونَ يَوماً لِقَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ واعَدنا مُوسي ثَلاثِينَ لَيلَةًفَالشّهرُ هَكَذَا ثُمّ هَكَذَا أَي


صفحه : 216

شَهرٌ تَامّ وَ شَهرٌ نَاقِصٌ وَ شَهرُ رَمَضَانَ لَا يَنقُصُ أَبَداً وَ شَعبَانُ لَا يَتِمّ أَبَداً

تبيين قال بعض المحققين في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم ماحاصله أن أفعاله سبحانه مبنية علي الحكم والمصالح و أن حكمته اقتضت أن تكون أفعاله بالنسبة إلي مخلوقاته علي قسمين قسم يصدر عنه في كل آن إرادة دفعية بدون توقفه علي مادة أومدة وقسم لايصدر عنه إلا بعدمدة أجري عادته بحصول استعداد مادته له في تلك المدة علي سبيل التدريج و أن خلق الماء ألذي جعله مادة لسائر الأجسام والجسمانيات و مايشبهه من القسم الأول وخلق السماوات والأرضين و ما في حكمهما من القسم الثاني‌ و هذاحكم أطبق عليه جميع المليين وكثير من قدماء الفلاسفة فما ذكره المفسرون من أن معني خلق السماوات و الأرض إبداعهما لا من شيء ليس بشي‌ء ويدل عليه خطب أمير المؤمنين ع وغيرها ثم إن القسم الثاني‌ يستدعي‌ بالنسبة إلي كل مخلوق قدرا معينا من الزمان كمايرشد إليه تتبع الأزمنة المعينة التي‌ جرت عادته تعالي أن يخلق فيهاأصناف النباتات من موادها العنصرية وأنواع الحيوانات من مواد نطفها في أرحام أمهاتها فعلي ذلك خلق السماوات و الأرض من مادتها التي‌ هي‌ الماء بعدخصوص القدر المذكور من الزمان إنما هو من هذاالقبيل و أماخصوص الحكمة الداعية إلي إجراء عادته بخلق تلك الأمور من موادها علي التدريج ثم تقدير قدر خاص وزمان محدود لكل منها فلامطمع في معرفته فإنه من أسرار القضاء والقدر التي‌ لايمكن أن يحيط بهاعقل البشر ولذلك كتم عنا بل عن بعض المقربين والمرسلين بل سد علينا وعليهم باب الفحص والتفتيش بالنهي‌ الصريح الدال عليه كثير من القرآن والخبر. ثم إن اليوم عبارة عن زمان تمام دورة للشمس بحركتها السريعة العادية الموسومة باليومية فكيف يتصور أن يكون خلق السماوات الحاملة للشمس وغيرها من الكواكب في عدة من الزمان المذكور وهل لا يكون تكون الدائر في زمان


صفحه : 217

دورته مستلزما للدور المستحيل بالضرورة فقد ذكر ابن العربي‌ فيما سماه بالفتوحات إن اليوم وزمان دورة للفلك الأطلس فلا يكون منوطا بالشمس و لابالسماوات السبع إنما المنوط بهاالليل والنهار وهما غيراليوم و فيه أنه اصطلاح مبني‌ علي أصول الفلسفة تأبي عنه اللغة والعرف المبني‌ عليهما لسان الشريعة ولظهور ذلك أطبق المفسرون علي تأويله إما بحمل تلك الأيام علي زمان مساو لقدر زمانها وإما بحملها علي أوقات أومرات متعددة بعدتها حتي يكون معني خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِمثلا خلقها في مرتين مرة خلق أصلها ومرة تمييز بعض أجزائها عن بعض وكذلك في السماوات وغيرها و لايخفي أن شيئا من التأويلين و لاسيما الثاني‌ لايلائم تعيين خصوص يوم من أيام الأسبوع لخلق كل منها في الروايات و ذلك ظاهر جدا وأيضا يستبعد العقل جدا أن لايمكن خلق الإنسان مثلا من نطفته عادة في أقل من ستة أشهر و يكون خلق السماوات و الأرض و مابينهما في ستة أيام مع أن الحال كما قال تعالي لَخَلقُ السّماواتِ وَ الأَرضِ أَكبَرُ مِن خَلقِ النّاسِ وَ لكِنّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمُونَ وأيضا إخباره تعالي بخصوص قدر زمان لابد له من نكتة أقل ما في الباب أن يكون من جهة قلته أوكثرته دخيلا في المطلوب و لايناسب شيءمنهما هاهنا إذ لو كان لأجل معرفة العباد أنه تعالي قادر علي خلق مثل السماوات و الأرض في هذه المدة القليلة فمعلوم أن ذلك ليس له


صفحه : 218

وقع في هذاالمطلوب بعدالإخبار بأمثال أن أمره إِذا أَرادَ شَيئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ و لو كان للامتنان عليهم بأن خلقه في تلك المدة المديدة كان لأجل تدبير مايحتاجون إليه في أمور معاشهم ومعادهم فظاهر أن قدر ستة أيام لايصلح لهذا المقصود فالوجه أن يفسر اليوم هاهنا والعلم عند الله وأهله بما فسره الله تعالي تارة بقوله وَ إِنّ يَوماً عِندَ رَبّكَ كَأَلفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ وتارة بقوله فِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ أَلفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ وأخري بقوله فِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ فإن القرآن يفسر بعضه بعضا و قديعبر عن الأول باليوم الرباني‌ و عن الثاني‌ بيوم الله فعلي كل تقدير يكون ملائما لمانسب من خلق كل منها إلي يوم من الأسبوع في الروايات ويتم مايقصر عنه عندحمله علي اليوم الدنيوي‌ من معني الامتنان المقصود له تعالي في كثير من أمثال تلك الآيات ولعل حمله علي الأول فيما نحن فيه أنسب وأقرب فتصويره علي ذلك أن كل امتداد سواء كان قار الذات كالجسم أو غيرقار الذات كالزمان ينبغي‌ أن يقدر له أجزاء ولكل جزء منه أجزاء وهكذا إلي مايحتاج التعبير عن قدر معين منها للتفهيم بدون كلفة و ذلك كتقدير الفلك بالبروج والمنازل والدرجات وتقدير الزمان بالسنين والشهور والأيام والساعات و علي هذا لا بعد في أن الحكمة الإلهية كانت اقتضت أن يقدر للزمان المتقدم علي زمان الدنيا بل للزمان المتأخر عن زمانها أيضا بأمثال ماقدره لزمانها من السنين إلي الساعات لكن مع رعاية نوع مناسبة لهذه الأجزاء إلي المقدر بهافكما أن المناسب لزمان الدنيا أن يكون كل يوم منه بقدر دورة للشمس يجوز أن يكون المناسب للزمان المتقدم أن يكون كل يوم منه بقدر ألف سنة من زمان الدنيا وللزمان المتأخر أن يكون مساويا لخمسين ألف سنة منه فيكون ماأخبرنا به في الآيتين الأوليين حال الزمان المتقدم و في


صفحه : 219

الثالثة حال الزمان المتأخر فلا بعدفيما يلوح من بعض الإشارات المأثورة من أنه تعالي كان قدر للزمان المتقدم أسابيع وسمي الأول من أيامها بالأحد والثاني‌ بالإثنين وهكذا إلي السبت وكذلك قدر له شهورا تامة كل منها ثلاثون يوما سمي أولها بالمحرم أورمضان علي اختلاف الروايات في أول شهور السنة وثانيها بصفر أوشوال وهكذا إلي ذي‌ الحجة أوشعبان و علي كل تقدير كان المجموع سنة كاملة موافقة لثلاثمائة وستين يوما ثم جعل أيام أسابيعنا وشهورنا موافقة لأيام تلك الأسابيع والشهور في المبدإ والعدة والتسمية و قديساعد عليه ما في سورة التوبة من قوله تعالي إِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ اثنا عَشَرَ شَهراً فِي كِتابِ اللّهِ يَومَ خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌفتستقيم بذلك أمثال ماروي‌ أنه تعالي خلق الأرض والسماء في يوم الأحد أوخلق الملائكة في يوم الجمعة فلايتوجه إشكال وجوب تأخر أصل اليوم فضلا عن خصوص الأحد عن خلق السماوات و الأرض و لاإشكال لزوم خلق الملائكة فيما تأخر عن المتأخر عنه من السماوات و الأرض علي مامر في حديث الرضا ع وتستقيم به أيضا أمثال ماروي‌ أن دحو الأرض كان في ليلة خمس وعشرين من ذي‌ القعدة بدون استبعاد وانقباض للعقل من جهة أن تقدم امتياز تلك الشهور بعضها عن بعض وانضباطها بتلك الأسامي‌ علي دحو الأرض و مايتبعه من خلق الإنس بل الجن أيضا خلاف العادة. ثم إنه يلوح مما ذكره صاحب الملل والنحل بقوله قداجتمعت اليهود علي أن الله تعالي لمافرغ من خلق الأرض استوي علي عرشه مستلقيا علي قفاه واضعا إحدي رجليه علي الأخري فقالت فرقة منهم إن الستة الأيام هي‌ الستة آلاف سنة فإِنّ يَوماً عِندَ رَبّكَ كَأَلفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ وبالسير القمري‌ و ذلك مامضي من لدن آدم ع إلي يومنا هذا و به يتم الخلق ثم إذابلغ الخلق إلي النهاية ابتدأ الأمر و من ابتداء الأمر يكون الاستواء علي العرش والفراغ من


صفحه : 220

الخلق و ليس ذلك أمرا كان ومضي بل هو في المستقبل إذاعددنا الأيام بالألوف انتهي إن بعضا من الكتب السماوية كالتوراة كان متضمنا للإشارة إلي أن المراد بالأيام المخلوقة فيهاالسماوات و الأرض هوالأيام الربانية ولكن اليهود لم يتفطنوا بكونها سابقة علي زمان الدنيا وتعمدوا في تحريفها عن موضعها بتطبيقها علي بعض أزمنة الدنيا تصحيحا لماسولته لهم أنفسهم من أن شريعة موسي ع هي‌ أول أوامره وشروعه في التكليف حتي لايلزمهم الإقرار بنسخ شريعة سابقة مستلزم لإمكان وقوع مثله علي شريعتهم أيضا فافهم ويظهر مما ذكره محمد بن جرير الطبري‌ في أول تاريخه أن حمل تلك الأيام علي الأيام الربانية أمر مقرر بين أهل الإسلام أيضا من قديم الأيام فإذاتأملت في مدارج ماصورناه وبيناه يظهر لك أن السماوات و الأرض و مابينهما المعبر عنها بالدنيا بمنزلة شخص مخلوق من نطفة هي‌ الماء علي طبق حصول استعداداته بالتدريج كماجرت به عادته تعالي في مدة مديدة هي‌ علي حسابنا ستة آلاف سنة قمرية موافقة لستة أيام من الأيام الربانية فبعد تمام هذه المدة التي‌ هي‌ بمنزلة زمان الحمل لها تولدت كاملة بطالع السرطان والكواكب في شرفها وحينئذ أخذت الشمس والقمر في حركتهما المقدرة لهما المنوطة بهما الليل والنهار و ذلك كان في يوم الجمعة كمامر وجهه و كان أيضا سادس شهر محرم الحرام أورمضان المبارك عند مامضت ثلاث ساعات واثنتا عشرة دقيقة من نهاره و لاينافي‌ ذلك ما وَرَدَ فِي حَدِيثِ الرّضَا ع أَنّهُ كَانَتِ الشّمسُ عِندَ كَينُونَتِهَا فِي وَسَطِ السّمَاءِ

لأنه ع في صدد تصوير وضع نهار أيام الدنيا حينئذ لاالأيام الربانية و مانحن فيه مبني‌ عليها فلايلزم الموافقة هذا هومبدأ عمر الدنيا و أمامبدأ خلقها من نطفتها فمقدم عليه بقدر ماعرفت من زمان حملها فكان مبدأ أول يوم الأحد من تلك الأيام غرة أحد الشهرين و لاشك بما نصب لنا من الدلالات اليقينية أن لها أمدا ممدودا وأجلا محدودا ويقرب احتمال أنه تعالي كان قدر لجملة زمانها من مبدإ خلقها إلي حلول أجلها سنة كاملة من السنين الربانية فجعل ستة أيام منها بإزاء خلقها والباقية


صفحه : 221

وهي‌ ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما بإزاء عمرها وإنها كمامر مساوية لثلاثمائة وأربعة وخمسين ألف سنة من السنين القمرية الدنيوية يلوح ذلك من جملة روايات وعدة إشارات من الصادقين ع .منها

مَا روُيِ‌َ عَن رَسُولِ اللّهِص فِي فَضلِ الجِهَادِ وَ تَوَابِعِهِ أَنّ رِبَاطَ يَومٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ خَيرٌ مِن عِبَادَةِ الرّجُلِ فِي أَهلِهِ سَنَةً ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ يَوماً كُلّ يَومٍ أَلفَ سَنَةٍ

فإن الذكي‌ يتفطن من الخصوصية المذكورة فيهالكل من السنة واليوم بأن المراد بهما غيرالسنة واليوم الدنيويين إذ لاسنة في الدنيا بهذا العدد من الأيام فإنه لايوافق شيئا من الشمسية والقمرية المعتبرتين فيها و لا يوم من أيام الدنيا موافقا لذلك الامتداد من الزمان فيظن أن هذاالتعبير كناية عن نهاية مايتصور للرجل من العبادة و هوتمام زمان الدنيا. ومنها مارواه الصدوق في الفقيه والكليني‌ في الكافي‌ ثم أورد الروايتين فقال وجه دلالة الحديثين علي ماذكرنا أن السنة الأولي فيه وهي‌ المختزلة عنها الأيام الستة يجب أن تحمل علي السنة الربانية لأن شيئا من السنة الشمسية والقمرية الدنيويتين لم يخلق ثلاثمائة وستين يوما كماتقرر في موضعه ولأنه لوحملت علي الدنيوية فإما أن تحمل الأيام الستة أيضا علي الأيام الدنيوية فغاية مايلزم من اختزالها عنها أن تكون السنة الأولي من سني‌ عمر الدنيا ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما فلايلزم هذاالنقصان في جميع السنين وإما أن تحمل علي الأيام الربانية فلايتصور الاختزال المذكور حينئذ فإن يوما من تلك الأيام كألف سنة من تلك السنين فتحقق أن المراد بتلك السنة السنة الربانية علي وفق مابينا أن المراد بالأيام الستة الأيام الربانية و أماالسنة الثانية في الحديثين فيجب أن تحمل علي السنة الدنيوية المستتبعة لنقصان بعض شهورها و هوظاهر فعلي هذا مايفهم منه من تفرع النقصان في تلك السنة وشهورها علي الاختزال المذكور يدل علي أنه لو لم يختزل الأيام الستة المذكورة عن رأس السنة الربانية المذكورة بل وقع خلق الدنيا في زمان خارج عن تلك السنة متصل بهالكانت أيام السنة الدنيوية


صفحه : 222

ثلاثمائة وستين وكذا يدل علي أن الأيام المختزلة لوكانت عشرة مثلا لكانت أيام السنة الدنيوية ثلاثمائة وخمسين و علي هذاالقياس فيظهر بذلك أنه مبني‌ علي أن الحكمة الإلهية اقتضت مساواة الأيام الباقية بعدالاختزال من السنة الربانية مع أيام كل سنة من السنين الدنيوية فيتفطن الذكي‌ من لزوم تلك السماوات بين هاتين الأيامين أنهما منسوبتان إلي شيءواحد فكما أن أيام السنة الدنيوية منسوبة إلي الدنيا ومحسوبة من عمرها كذلك الأيام الباقية المذكورة منسوبة إليها لأجل عمرها ويؤيده انتساب الأيام السنة المختزلة أيضا إليها لأجل خلقها فتبين من مدارج ماقررنا سر هذاالاختزال وكونه علي النحو المذكور أيضا فإنه لو لم يقع أووقع لا علي النحو المذكور لكان يزيد ألف سنة من سني‌ الدنيا علي يوم من الأيام الربانية أوينقص عنها و هوخلاف ماأخبرنا الله تعالي به من مساواتهما المبنية علي حكمته ومصلحته بلا شبهة. ثم ليعلم أن كون السنة الدنيوية القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما مبني‌ علي ماتعارف من إسقاط الكسر الناقص عن النصف في الحساب مساهلة فلاينافي‌ كونها في الحقيقة زائدة عليه بثماني‌ ساعات مستوية وثمان وأربعين دقيقة علي ما هوالمضبوط بالأرصاد فعلي ذلك تكون بقية السنة الربانية التي‌ بإزاء عمر الدنيا أيضا زائدة بمثل تلك الساعات والدقائق بحكم المساواة المذكورة فيلزم من هذه الجهة أن يكون أيام الستة المختزلة لخلق الدنيا ناقصة عنها أيضا بالقدر المذكور لئلا يلزم زيادة مجموعهما علي ثلاثمائة وستين و قدأشرنا في تصوير زمان حمل الدنيا إلي هذه الدقيقة فتذكر.انتهي كلامه رفع الله مقامه ولقد أحسن وأجاد وحقق وأفاد في إبداء هذاالوجه الوجيه مع تأيده بما ذكر وبغيره من الأخبار المتقدمة عن مجاهد وغيره وبما رواه الصدوق ره في الفقيه وغيره في علة الصلوات الخمس

عَنِ النّبِيّص حَيثُ قَالَ وَ أَمّا صَلَاةُ المَغرِبِ فهَيِ‌َ السّاعَةُ التّيِ‌ تَابَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِيهَا


صفحه : 223

عَلَي آدَمَ وَ كَانَ بَينَ مَا أَكَلَ مِنَ الشّجَرَةِ وَ بَينَ مَا تَابَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهِ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ مِن أَيّامِ الدّنيَا وَ فِي أَيّامِ الآخِرَةِ يَومٌ كَأَلفِ سَنَةٍ مَا بَينَ العَصرِ إِلَي العِشَاءِ

و قدأوردت مثله بأسانيد في المجلد الخامس وبما رواه السيوطي‌ في الدر المنثور عن عكرمة قال سأل رجل ابن عباس ماهؤلاء الآيات فِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ ويُدَبّرُ الأَمرَ مِنَ السّماءِ إِلَي الأَرضِ ثُمّ يَعرُجُ إِلَيهِ فِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ أَلفَ سَنَةٍ ويَستَعجِلُونَكَ بِالعَذابِ وَ لَن يُخلِفَ اللّهُ وَعدَهُ وَ إِنّ يَوماً عِندَ رَبّكَ كَأَلفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ قال يوم القيامة حساب خمسين ألف سنة وخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ كل يوم ألف سنة ويُدَبّرُ الأَمرَ مِنَ السّماءِ إِلَي الأَرضِ ثُمّ يَعرُجُ إِلَيهِ فِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ أَلفَ سَنَةٍ و ذلك مقدار السير. و عن عكرمةفِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ قال هي‌ الدنيا أولها إلي آخرها يوم مقداره خمسون ألف سنة لكن فيما زيف به بعض الوجوه الأخر نظر إذ بناء تحقيقه علي تحقق الزمان الموهوم قبل خلق العالم و إن كان تقديره وقسمته بالأيام والساعات فيمكن أن يقال بعدخلق الكواكب وحركاتها وتعيين الليالي‌ والأيام والشهور والأسابيع يمكن الرجوع القهقري وتعيين جميع ذلك في الأزمنة الماضية تقديرا وتكلف التقدير مشترك بين الوجهين مع أن هذاالوجه أوفق بظواهر أكثر الآيات والأخبار و أما أن الستة الأيام لا يكون مبالغة في جانب القلة إذاحملت علي أيام الدنيا فليس كذلك بل في خلق السماوات و الأرض مع وفور عظمتهما واشتمالهما علي أنواع الحكم الدقيقة والمصالح الأنيقة مما يدل علي غاية القدرة والعلم والحكمة و أما أنه كان يمكن خلقهما في أقل من ذلك الزمان فبين الرضا ع الحكمة في ذلك فلعله سبحانه جمع بين الأمرين أي عدم الخلق دفعة وقلة الزمان رعاية للأمرين معا وسائر ماذكره قدس سره إما محض


صفحه : 224

استبعاد أومقايسة بعض المخلوقات ببعض وكلاهما مما لاوقع له في هذاالمقام . و أماالاختزال فيمكن أن يكون غرضه ع الإشارة إلي علة شيوع هذاالاصطلاح أي إطلاق السنة في عرف الشرع والعرف العام علي ثلاثمائة وستين مع أنها لاتوافق السنة الشمسية و لاالقمرية بأنها مطابقة للسنة الأولي من خلق العالم إذاحسبت من ابتداء الخلق و أماالسنة القمرية فهي‌ مبنية علي حركة القمر بعدوجوده والستة المتقدمة المصروفة في خلق العالم مختزلة منها وسيأتي‌ لذلك مزيد تحقيق في محله إن شاء الله تعالي . ثم اعلم أنه قدتكلم كثير من الناس من الفرق المتشتتة في قدر زمان عمر الدنيا فأكثر اليهود بل سائر أهل الكتاب مالوا إلي تقليله بأمور خطابية لاترتضيها العقول السليمة وجمهور الهنود بالغوا في تكثيره بخيالات حسابية تتنفر عنها الطبائع المستقيمة و أمامشاهير قدماء الحكماء وجماهير عظماء الأحكاميين فقد توسطوا في ذلك ولكن تفرقوا إلي أقوال شتي وحكي أبومعشر البلخي‌ في كتابه المسمي بسر الأسرار عن بعض أهل هند أن الدور الأصغر ثلاثمائة وستون سنة والأوسط ثلاثة آلاف وستمائة سنة والأكبر ثلاثمائة وستون ألف سنة ولعل المراد بالدور الأكبر زمان عمر الدنيا وبالسنة السنة الشمسية فيطابق مااعتمد عليه جمع من أعلام المنجمين من قول حكماء فارس وبابل أن سني‌ عمر العالم ثلاثمائة وستون ألف سنة شمسية كل سنة ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وخمس عشرة دقيقة واثنتان وثلاثون ثانية وأربع وعشرون ثالثة ومستندهم في ذلك علي نقل أبومعشر من أهل فارس أن الكواكب السبعة في أول خلق الدنيا كانت مجتمعة في أول الحمل و يكون اجتماعها في آخر زمان بقائها في آخر الحوت وزمان مابينهما ثلاثمائة وستون ألف سنة من تلك السنين و أمامستندهم في الاجتماع المذكور علي نحو ماتصوروه في المقامين فغير معلوم . ثم اعلم أن هذه الخيالات والروايات و إن لم يكن مبتنية علي أصل متين


صفحه : 225

لكنها مما يرفع استبعادات الأوهام عن الأخبار الواردة في الرجعة وطول امتداداتها فإنها أيضا داخلة في زمان عمر الدنيا فإذاحسبت تلك الأزمان مع ماورد في بعض الأخبار من أزمنة كون غيرآدم وأولاده في الأرض يصير قريبا مما ذكر بعض هؤلاء الجماعة وبالجملة كل من الأمرين مما يصلح أن يصير سببا لرفع الاستبعاد عن الآخر ثم إن بعض المتصدين لحل هذاالخبر سلك مسلكا أوحش وأغرب حيث قال السنة في العرف تطلق علي الشمسية التي‌ هي‌ عبارة عن عود الشمس بحركتها الخاصة لها إلي الوضع ألذي فرض أولا كأول الحمل مثلا ألذي يتساوي عندحلولها فيه زمان الليل والنهار تقريبا بعد أن كان الليل أطول في معظم المعمورة و علي القمرية التي‌ هي‌ عبارة عن عود القمر إلي وضعه المفروض أولا مع الشمس في سمت الحركة اثنتا عشرة مرة كل مرة تسمي شهرا و قدعلم بالتجربة والرصد أن زمان الأولي يكون ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وكسرا من يوم وزمان الثانية ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وكسرا و لوفرض فارض كون الشمس أسرع حركة بحيث تتم دورتها في ثلاثمائة وستين بلا زيادة ونقصان والقمر بحاله يكون مقدار السنة القمرية أيضا ثلاثمائة وستين يوما كل شهر ثلاثون يوما كما لايخفي علي المحاسب وحينئذ لم يكن اختلاف بين السنة القمرية والشمسية لكن قدجعل الله سبحانه زمان الشمسية أكثر من ذلك بقريب من ستة أيام وزمان القمرية أنقص بنحو ذلك لمصالح تعود إلي مخلوقاته في السماوات والأرضين ينتظم بهاالنظام الأكمل ألذي لايعلم كنهه إلا هوفلعل هذا هوالمراد من جعل السنة ثلاثمائة وستين وحجز الستة الأيام عنها بل لاينقبض العقل من أن يكون المراد بخلق السماوات و الأرض في ستة أيام ذلك أعني‌ علي اختلاف نظام لحركة السماويات خصوصا النيرين اللذين قدرت بهما الشهور والأعوام والليالي‌ والأيام و غير ذلك من مصالح الأنام قدر ذلك الاختلاف ستة أيام في كل سنة فليتفكر جدا في ذلك انتهي .


صفحه : 226

وأورد عليه بوجوه الأول أن كون سرعة الشمس علي الوجه المذكور مستلزمة لكون السنة القمرية أيضا ثلاثمائة وستين يوما إنما يكون حقا إذا كان زيادة أيام الشمسية علي ثلاثمائة وستين موافقة لنقصان أيام القمرية عنه حقيقة و ليس كذلك فإن الأول لايزيد علي خمسة أيام وربع يوم في شيء من الأرصاد المتداولة والثاني‌ يزيد علي خمسة أيام وخمسة أثمان يوم بالاتفاق فأقل ما به التفاوت يزيد علي تسع ساعات فالصواب أن تفرض سرعتها بقدر نصف التفاوت بين زماني‌ السنتين حتي يتساويا ويرتفع التفاوت عما بينهما بالكلية كما هوالمقصور و مايلزم حينئذ من عدم بلوغ شيءمنهما إلي السنتين حقيقة بل يكون أقل منه بنحو خمس ساعات فالأمر فيه سهل فإنه لاينافي‌ إطلاق الستين عليه عرفا.الثاني‌ أن كون السنة ثلاثمائة وستين يوما في الحديث إخبار عن الواقع سواء حمل الخلق علي معني الإيجاد أوالتقدير و علي ماذكره أمر فرضي‌ لاوقوع له أصلا.الثالث أن المراد بالأيام المختزلة عن أيام السنة إذا كان هذه الأيام فكيف يتصور أن يكون بعضها لأجل الأرض وبعضها لأجل السماء كمايظهر من بعض الآيات بل غاية مايتصور أن يكون لها مدخل في النظام المقصود بالنسبة إلي الجميع .الرابع أن هذاالمعني لهذه الأيام لايوافق شيئا من الروايات الدالة علي تعيين يوم من أيام الأسبوع لخلق كل من المخلوقات المذكورة

187-مَجمَعُ البَيَانِ،نَقلًا مِن تَفسِيرِ العيَاّشيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَنِ الأَشعَثِ بنِ حَاتِمٍ قَالَكُنتُ بِخُرَاسَانَ حَيثُ اجتَمَعَ الرّضَا ع وَ الفَضلُ بنُ سَهلٍ وَ المَأمُونُ فِي الإِيوَانِ الحيِريِ‌ّ بِمَروَ فَوُضِعَتِ المَائِدَةُ فَقَالَ الرّضَا ع إِنّ رَجُلًا مِن بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ سأَلَنَيِ‌ بِالمَدِينَةِ فَقَالَ النّهَارُ خُلِقَ قَبلُ أَمِ اللّيلُ فَمَا عِندَكُم قَالَ فَأَدَارُوا الكَلَامَ وَ لَم يَكُن عِندَهُم فِي ذَلِكَ شَيءٌ فَقَالَ الفَضلُ لِلرّضَا ع أَخبِرنَا بِهَا أَصلَحَكَ اللّهُ قَالَ نَعَم مِنَ القُرآنِ أَم مِنَ الحِسَابِ قَالَ لَهُ الفَضلُ مِن جِهَةِ


صفحه : 227

الحِسَابِ فَقَالَ قَد عَلِمتَ يَا فَضلُ أَنّ طَالِعَ الدّنيَا السّرَطَانُ وَ الكَوَاكِبُ فِي مَوَاضِعِ شَرَفِهَا فَزُحَلُ فِي المِيزَانِ وَ المشُترَيِ‌ فِي السّرَطَانِ وَ الشّمسُ فِي الحَمَلِ وَ القَمَرُ فِي الثّورِ وَ ذَلِكَ يَدُلّ عَلَي كَينُونَةِ الشّمسِ فِي الحَمَلِ مِنَ العَاشِرِ مِنَ الطّالِعِ فِي وَسَطِ السّمَاءِ فَالنّهَارُ خُلِقَ قَبلَ اللّيلِ وَ أَمّا فِي القُرآنِ فَهُوَ فِي قَولِهِ تَعَالَيلَا الشّمسُ ينَبغَيِ‌ لَها أَن تُدرِكَ القَمَرَ وَ لَا اللّيلُ سابِقُ النّهارِ أَي قَد سَبَقَهُ النّهَارُ

كتاب النجوم ،للسيد بن طاوس بأسانيده عن محمد بن ابراهيم النعماني‌ عن محمد بن همام عن محمد بن موسي بن عبيد عن ابراهيم بن أحمداليقطيني‌ عن ابن ذي‌ العلمين مثله وبأسانيده إلي كتاب الواحدة لابن جمهور العمي‌ بإسناده

مثله تحقيق وتوضيح اعلم أنه أورد علي هذاالخبر إشكالات الأول أن الظلمة التي‌ تحصل منها الليل عدم النور ألذي يحصل منه النهار وعدم الحادث مقدم علي وجوده . والجواب أن الظلمة ليست عدما مطلقا بل عدم ملكة إذ هي‌ عدم النور عما من شأنه أن يكون نيرا ومثله يمكن أن يكون مقدما ومؤخرا والحاصل هنا أن أول خلق العالم هل كان نهارا أم ليلا.الثاني‌ أن عندخلق الشمس لابد أن يكون في بعض الأرض ليلا و في بعضها نهارا فلاتقدم لأحدهما علي الآخر. والجواب أن السؤال عن معظم المعمورة هل كان الزمان فيهاليلا أم نهارا فلاينافي‌ وجود الليل فيما يقاطرها.الثالث ماالمراد بطالع الدنيا فإن كل نقطة من نقاط الأرض لها طالع و


صفحه : 228

كل نقطة من نقاط منطقة البروج طالع أفق من الآفاق . والجواب أنه يمكن أن يكون المراد بطالع الدنيا طالع قبة الأرض أي موضع من الربع المسكون في وسط خط الإستواء يكون طوله من جانب المغرب علي المشهور أوالمشرق علي رأي‌ أهل الهند تسعين درجة و قدتطلق علي موضع من الأرض يكون طوله نصف طول المعمورة منها أعني‌ تسعين درجة وعرضه نصف أرض المعمورة منها أي ثلاثا وثلاثين درجة تخمينا و من خواص القبة أنه إذاوصلت الشمس فيها إلي نصف النهار كانت طالعة علي جميع بقاع الربع المسكون نهارا فظهرت النكتة في التخصيص ويمكن أن يكون الطالع هنا بالقياس إلي الكعبة لأنها وسط الأرض خلقا وشرعا وشرفا.الرابع كون الكواكب في مواضع شرفها لايستقيم علي قواعد المنجمين واصطلاحاتهم إذ عطارد شرفه عندهم في السنبلة وشرف الشمس في الحمل و لايبعد عطارد عن الشمس بهذا المقدار ولقد خبط الطبري‌ وغيره في ذلك فحكموا بكون عطارد أيضا حينئذ في الدرجة الخامسة عشر من السنبلة نقلا من جماهير الحكماء. والجواب أنه ع يمكن أن يكون بني ذلك علي ما هوالمقرر عنده لا مازعمه المنجمون في شرف عطارد أويقال إن عطارد مستثني من ذلك وأحال ذلك علي ما هوالمعلوم عندهم أويقال المراد بالكواكب الأربعة المفصلة اعتمادا علي ذكرها بعده .الخامس أن المقرر في كتب الأحكام في بحث القرانات أن السبعة كانت مجتمعة في أول الحمل و لوفرض أنهم أخطئوا في ذلك كان علي الفضل وسائر الحضار المتدربين في صنعة النجوم أن يسألوا عن ذلك ويراجعوا فيه و لم ينقل منهم ذلك . والجواب أنهم ليسوا متفقين في ذلك كمايظهر من الطبري‌ وغيره فلعل


صفحه : 229

الفضل وغيره ممن حضر المجلس كان يسلك هذاالمسلك وربما يقال لعل الراوي‌ سها أوخبط في فهم كلامه ع و كان ماقاله ع هو أن الكواكب كانت مع الشمس في شرفها والضمير في شرفها كان للشمس لاللكواكب فاشتبه عليه وزعم أن الضمير للكواكب ففصل كماتري . وأقول علي ماذكرنا لاحاجة إلي تحريف الحديث ونسبة السهو إلي الراوي‌ و ماذكروه ليس مستندا إلي حجة وأكثر أقاويلهم في أمثال ذلك مستندة إلي أوهام فاسدة وخيالات واهية كما لايخفي علي من تتبع زبرهم . قال أبوريحان فيما عندنا من تاريخه في سياق ذكر ذلك وبكل واحد من الأدوار تجتمع الكواكب في أول الحمل بدءا وعودا ولكنه في أوقات مختلفة فلو حكم علي أن الكواكب مخلوقة في أول الحمل في ذلك الوقت أو علي أن اجتماعها فيه هوأول العالم أوآخره لتعرف دعواه تلك عن البينة و إن كان داخلا في الإمكان ولكن مثل هذه القضايا لاتقبل إلابحجة واضحة أومخبر عن الأوائل والمبادي‌ موثوق بقوله متقرر في النفس صحة اتصال الوحي‌ والتأييد به فإن


صفحه : 230

من الممكن أن تكون هذه الأجسام متفرقة غيرمجتمعة وقت إبداع المبدع لها وإحداثه إياها ولها هذه الحركات التي‌ أوجب الحساب اجتماعها في نقطة واحدة في تلك المدة انتهي .السادس أن الاستدلال بالآية لايتم إذ يمكن أن يحمل قوله تعالي وَ لَا اللّيلُ سابِقُ النّهارِ علي أن الليل لايأتي‌ قبل وقته المقرر وزمانه المقدر كما أن الشمس لاتطلع قبل أوانها و كل من الليل والنهار لايأتي‌ أحدهما قبل تمام الآخر كماسيأتي‌ بيانه في تفسير الآية. والجواب أنه ع بني الاستدلال علي ماعلم من مراده تعالي في الآية و كان ع عندهم مأمونا مصدقا في ذلك .السابع أن ماتقدم نقلا من السيوطي‌ عن ابن عباس ينافي‌ ذلك حيث حكم بتقدم الليل علي النهار و ماينقل عن التوراة موافقا لذلك أيضا ينافيه . والجواب أن حديث ابن عباس لايعارض به كلام الإمام ع المنقول من الأصول المعتبرة وكذا نقل التوراة لم يثبت و لوثبت فأكثرها محرفة لايعتمد عليها وربما يجاب بأن حدوث النور إنما هو بعدالظلمة فالظلمة مقدمة علي النور لكن طالع خلق الدنيا يعني‌ طالع دحو الأرض كان هوالسرطان والشمس حينئذ في الحمل في العاشر علي ماذكره الإمام ع فأول الأوقات في دحو الأرض هوالظهر ولذا سميت صلاة الظهر بالصلاة الأولي كماسميت بالوسطي أيضا عندكثير من العلماء وإنما فسر طالع الدنيا بطالع دحو الأرض لأن خلق الأرض مقدم علي خلق السماء لكن دحوها مؤخر جمعا بين الآيات انتهي . وأقول يمكن حمله علي ابتداء خلق الكواكب فإن حصول النهار إنما هوعنده والحاصل أنه تم خلق أجزاء الدنيا حين كون السرطان علي الأفق الشرقي‌ بالنسبة إلي قبة الأرض فإذارجعت علي توالي‌ البروج وعددت ستة من تحت الأرض وثلاثة من فوقها كان العاشر و هوالحمل علي سمت الرأس فإذاكانت الشمس فيه يكون


صفحه : 231

بالنسبة إلي أكثر المعمورة نهارا كماعرفت فالنهار في أول الخلق بالنسبة إلي المعمورة التي‌ هي‌ مسكن أشرف الخلق مقدم علي الليل ثم إنه يحتمل أن يكون ذكر هذه المصطلحات التي‌ لم تجر عادتهم ع بذكرها وإجراء الكلام علي قواعد النجوم التي‌ نفوها وزيفوها كماستعلم إن شاء الله إلزاما علي الفضل المشهور في تلك الصناعة وإظهارا لعلمهم ع بجميع العلوم والاصطلاحات و قديقال إن تلك الكواكب لماكانت في ابتداء خلق العالم في مواضع مخصوصة مضبوطة عند أهل العلم أخذا عن الأنبياء والحجج ع فبعد ماأخذ المنجمون بعض ذلك عنهم زعموا أنها لتلك الخصوصية كانت أحسن مواضع تلك الكواكب فسموها شرفا لها ثم سموا المواضع التي‌ تقابلها هبوطا لها توهما منهم أنها عندكونها فيهاهابطة من تلك المنزلة والشرف جدا و أما مافات منهم أخذه عن أهل العلم كموضع عطارد مثلا عينوه من عندأنفسهم بخيالات شعرية مذكورة في كتبهم . ثم إن بعض الناس توهموا أن هذاالحديث مؤيد لكون اليوم من الزوال إلي مثله كمااعتبره المنجمون لسهولة الحساب و لايخفي وهنه علي أولي‌ الألباب و بعداللتيا والتي‌ فدلالة الحديث علي حدوث أكثر مايزعمه الحكماء قديما من أجزاء العالم بين لايحتاج إلي البيان

188- كِتَابُ المُحتَضَرِ،لِلحَسَنِ بنِ سُلَيمَانَ مِمّا رَوَاهُ مِن كِتَابِ الخُطَبِ لِعَبدِ العَزِيزِ بنِ يَحيَي الجلَوُديِ‌ّ قَالَخَطَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ سلَوُنيِ‌ فإَنِيّ‌ لَا أُسأَلُ عَن شَيءٍ دُونَ العَرشِ إِلّا أَجَبتُ فِيهِ لَا يَقُولُهَا بعَديِ‌ إِلّا جَاهِلٌ مُدّعٍ أَو كَذّابٌ مُفتَرٍ فَقَامَ رَجُلٌ مِن جَانِبِ مَسجِدِهِ فِي عُنُقِهِ كِتَابٌ كَأَنّهُ مُصحَفٌ وَ هُوَ رَجُلٌ آدَمُ ضَربٌ طِوَالٌ جَعدُ الشّعرِ كَأَنّهُ مِن مُهَوّدَةِ العَرَبِ فَقَالَ رَافِعاً صَوتَهُ لعِلَيِ‌ّ أَيّهَا المدُعّيِ‌ مَا لَا يَعلَمُ وَ المُقَلّدُ مَا لَا يَفهَمُ أَنَا السّائِلُ فَأَجِب فَوَثَبَ بِهِ أَصحَابُ عَلِيّ وَ شِيعَتُهُ مِن كُلّ نَاحِيَةٍ فَهَمّوا بِهِ فَنَهَرَهُم عَلِيّ ع فَقَالَ لَهُم دَعُوهُ وَ لَا تَعجَلُوهُ فَإِنّ الطّيشَ


صفحه : 232

لَا تَقُومُ بِهِ حُجَجُ اللّهِ وَ لَا بِهِ تَظهَرُ بَرَاهِينُ اللّهِ ثُمّ التَفَتَ إِلَي الرّجُلِ وَ قَالَ لَهُ سَل بِكُلّ لِسَانِكَ وَ مَا فِي جَوَانِحِكَ فإَنِيّ‌ أُجِيبُكَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي لَا تَعتَلِجُ عَلَيهِ الشّكُوكُ وَ لَا يُهَيّجُهُ وَسَنٌ فَقَالَ الرّجُلُ كَم بَينَ المَغرِبِ وَ المَشرِقِ قَالَ عَلِيّ ع مَسَافَةُ الهَوَاءِ قَالَ وَ مَا مَسَافَةُ الهَوَاءِ قَالَ عَلِيّ ع دَوَرَانُ الفَلَكِ قَالَ الرّجُلُ وَ مَا قَدرُ دَوَرَانِ الفَلَكِ قَالَ مَسِيرَةُ يَومٍ لِلشّمسِ قَالَ الرّجُلُ صَدَقتَ قَالَ فَمَتَي القِيَامَةُ قَالَ عَلَي قَدرِ قُصُورِ المَنِيّةِ وَ بُلُوغِ الأَجَلِ قَالَ الرّجُلُ صَدَقتَ فَكَم عُمُرُ الدّنيَا قَالَ عَلِيّ يُقَالُ سَبعَةُ آلَافٍ ثُمّ لَا تَحدِيدَ قَالَ الرّجُلُ صَدَقتَ فَأَينَ بَكّةُ مِن مَكّةَ قَالَ عَلِيّ مَكّةُ مِن أَكنَافِ الحَرَمِ وَ بَكّةُ مَوضِعُ البَيتِ قَالَ فَلِمَ سُمّيَت مَكّةُ مَكّةَ قَالَ لِأَنّ اللّهَ مَكّ الأَرضَ مِن تَحتِهَا قَالَ فَلِمَ سُمّيَت بَكّةَ قَالَ لِأَنّهَا بَكّت رِقَابَ الجَبّارِينَ وَ عُيُونَ المُذنِبِينَ قَالَ صَدَقتَ وَ أَينَ كَانَ اللّهُ قَبلَ أَن يَخلُقَ عَرشَهُ قَالَ عَلِيّ سُبحَانَ مَن لَا تُدرِكُ كُنهَ صِفَتِهِ حَمَلَةُ العَرشِ عَلَي قُربِ زُمَرَاتِهِم مِن كرَاَسيِ‌ّ كَرَامَتِهِ وَ لَا المَلَائِكَةُ المُقَرّبُونَ مِن أَنوَارِ سُبُحَاتِ جَلَالِهِ وَيحَكَ لَا يُقَالُ أَينَ وَ لَا ثَمّ وَ لَا فِيمَ وَ لَا لِمَ وَ لَا أَنّي وَ لَا حَيثُ وَ لَا كَيفَ قَالَ الرّجُلُ صَدَقتَ فَكَم مِقدَارُ مَا لَبّثَ اللّهُ عَرشَهُ عَلَي المَاءِ مِن قَبلِ أَن يَخلُقَ الأَرضَ وَ السّمَاءَ قَالَ أَ تُحسِنُ أَن تَحسُبَ قَالَ نَعَم قَالَ لَعَلّكَ لَا تُحسِنُ قَالَ بَلَي إنِيّ‌ لَأُحسِنُ أَن أَحسُبَ قَالَ عَلِيّ أَ فَرَأَيتَ لَو كَانَ صُبّ خَردَلٌ فِي الأَرضِ حَتّي سَدّ الهَوَاءَ وَ مَا بَينَ الأَرضِ وَ السّمَاءِ ثُمّ أُذِنَ لِمِثلِكَ عَلَي ضَعفِكَ أَن تَنقُلَهُ حَبّةً حَبّةً مِن مِقدَارِ المَشرِقِ إِلَي المَغرِبِ ثُمّ مُدّ فِي عُمُرِكَ وَ أُعطِيتَ القُوّةَ عَلَي ذَلِكَ حَتّي تَنقُلَهُ وَ أَحصَيتَهُ لَكَانَ ذَلِكَ أَيسَرَ مِن إِحصَاءِ عَدَدِ أَعوَامِ مَا لَبِثَ عَرشُهُ عَلَي المَاءِ مِن قَبلِ أَن يَخلُقَ الأَرضَ وَ السّمَاءَ وَ إِنّمَا وَصَفتُ لَكَ بِبَعضِ عُشرِ عَشِيرِ العَشِيرِ مِن جُزءِ مِائَةِ أَلفِ جُزءٍ وَ أَستَغفِرُ اللّهَ مِنَ القَلِيلِ فِي التّحدِيدِ قَالَ فَحَرّكَ الرّجُلُ رَأسَهُ وَ شَهِدَ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ

بيان والضرب بسكون الراء الرجل الخفيف اللحم علي مسافة


صفحه : 233

الهواء هذه التبهيمات في الأجوبة للتنبيه علي عدم تكلف ما لم يؤمر الناس بعلمه و أنه لافائدة للإنسان في علم حقائق الموجودات ومقاديرها كماتضيع الفلاسفة فيهاأعمارهم علي قرب زمراتهم أي جماعاتهم .

تفهيم وتتميم نفعه عميم بعون الله الواهب الكريم .

اعلم أن المقصود الأصلي‌ من هذاالباب أعني‌ حدوث العالم لما كان من أعظم الأصول الإسلامية لاسيما الفرقة الناجية الإمامية و كان في قديم الزمان لاينسب القول بالقدم إلا إلي الدهرية والملاحدة والفلاسفة المنكرين لجميع الأديان ولذا لم يورد الكليني‌ ره وبعض المحدثين لذلك بابا مفردا في كتبهم بل أوردوا في باب حدوث العالم أخبار إثبات الصانع تعالي اتكالا علي أن بعدالإقرار بالحق جل وعلا لامجال للقول بالقدم لاتفاق أرباب الملل عليه .


صفحه : 234

و في قريب من عصرنا لماولع الناس بمطالعة كتب المتفلسفين ورغبوا عن الخوض في الكتاب والسنة وأخبار أئمة الدين وصار بعدالعهد عن أعصارهم ع سببا لهجر آثارهم وطمس أنوارهم واختلطت الحقائق الشرعية بالمصطلحات الفلسفية صارت هذه المسألة معترك الآراء ومصطدم الأهواء فمال كثير من المتسمين بالعلم المنتحلين للدين إلي شبهات المضلين وروجوها بين المسلمين فضلوا وأضلوا وطعنوا علي اتباع الشريعة حتي ملوا وقلوا. حتي أن بعض المعاصرين منهم يمضغون بألسنتهم ويسودون الأوراق بأقلامهم أن ليس في الحدوث إلاخبر واحد هو كان الله و لم يكن معه شيء ثم يؤولونه بما يوافق آراءهم الفاسدة فلذا أوردت في هذاالباب أكثر الآيات والأخبار المزيحة للشك والارتياب وقفيتها بمقاصد أنيقة ومباحث دقيقة تأتي‌ بنيان شبههم من قواعدها وتهزم جنود شكوكهم من مراصدها تشييدا لقواعد الدين وتجنبا من مساخط رب العالمين كما

روُيِ‌َ عَن سَيّدِ المُرسَلِينَص إِذَا ظَهَرَتِ البِدَعُ فِي أمُتّيِ‌ فَليُظهِرِ العَالِمُ عِلمَهُ وَ إِلّا فَعَلَيهِلَعنَةُ اللّهِ وَ المَلائِكَةِ وَ النّاسِ أَجمَعِينَ

المقصد الأول في بيان معاني‌ الحدوث والقدم

المشهور أن للحدوث معنيين الذاتي‌ والزماني‌ والمستفاد من كلام الشيخ أن معني الحدوث هوالمسبوقية بالعدم إما بالذات لابالزمان و هوالحدوث الذاتي‌ وإما بالزمان و هوالحدوث الزماني‌ و هوالمتبادر من لفظ الحدوث


صفحه : 235

إذ المتبادر منه أنه لم يكن موجودا فوجد. وأورد عليه أن تقدم العدم علي الوجود بالذات لامعني له إذ التقدم بالذات مخصوص عندهم بالتقدم بالعلية فتقدم العدم بالعلية علي الوجود يستلزم اجتماع النقيضين .


صفحه : 236

و قال المحقق الطوسي‌ ره الحدوث هوالمسبوقية بالغير و ذلك الغير إن كان هوالعلة فهو الحدوث الذاتي‌ و إن كان عدما فهو الحدوث الزماني‌. ويرد عليه أيضا مايرد علي الأول لأن ذات المعلول يصدق عليها أنها ليست بموجودة في مرتبة ذات العلة ثم وجد المعلول بعد ذلك السلب لوجوب تقدم وجود العلة علي وجود المعلول و لايتصور في تقدم سلب وجود المعلول علي وجوده إلاالتقدم الذاتي‌ المنحصر في التقدم بالعلية فيعود الإشكال وللقوم في هذاالمقام اعتراضات وأجوبة لايناسب مقصودنا من هذاالكتاب إيرادها وأكثرها مذكورة في حواشي‌ المحقق الدواني‌ وغيره علي الشرح الجديد للتجريد وبالجملة إطلاق الحدوث عليه محض اصطلاح لهم لايساعده لغة و لاعرف وإنما مرجعه الأحقية أو إلي ترتب وجود المعلول علي وجود العلة إذ العقل يحكم بأنه وجد فوجد. وأثبت السيد الداماد ره قسما ثالثا و هوالحدوث الدهري‌ حيث قال إن أنحاء العدم للممكن ثلاثة الأول العدم ألذي هوالليس المطلق في مرتبة الذات و هولكل ممكن موجود حين وجوده الثاني‌ العدم المتكمم و هولكل حادث زماني‌ قبل زمان وجوده الثالث العدم الصريح الدهري‌ قبل الوجود قبلية غيرمتكممة و ليس شيء من العدمين الأولين هوالعدم المقابل للوجود أماالأول فلأنه يجامع الوجود في الواقع ويسبقه بحسب الذات سبقا ذاتيا و أماالثاني‌ فلأنه ممايز لزمان الوجود و من شرائط التناقض في الزمانيات وحدة الزمان فإذاإنما المقابل للوجود العدم الصريح ألذي لايتصور فيه حد وحد ولن يتميز فيه حال وحال ثم حقق في ذلك تحقيقا طويلا وحاصل كلامه أن أثبت للموجودات وعاءين آخرين سوي الزمان و هوالدهر والسرمد و قال نسبة المتغير إلي المتغير ظرفها الزمان ونسبة الثابت إلي المتغير ظرفها الدهر ونسبة الثابت إلي الثابت ظرفها السرمد. ونقل علي ذلك شواهد كثيرة من الحكماء فمن ذلك قول الشيخ في التعليقات حيث قال


صفحه : 237

تعليق العقل يدرك ثلاثة أكوان أحدها الكون في الزمان و هومتي الأشياء المتغيرة التي‌ يكون لها مبدأ ومنتهي و يكون مبدؤه غيرمنتهاه بل يكون مقتضيا و يكون دائما في السيلان و في تقضي‌ حال وتجدد حال الثاني‌ كون مع الزمان ويسمي الدهر و هذاالكون محيط بالزمان و هوكون الفلك مع الزمان والزمان في ذلك الكون لأنه ينشأ من حركة الفلك و هونسبة الثابت إلي المتغير إلا أن الوهم لايمكنه إدراكه لأنه رأي كل شيء في زمان ورأي كل شيءيدخله كان و يكون والماضي‌ والحاضر والمستقبل ورأي لكل شيءمتي إما ماضيا أوحاضرا أومستقبلا الثالث كون الثابت مع الثابت ويسمي السرمد و هومحيط بالدهر.تعليق الوهم يثبت لكل شيءمتي ومحال أن يكون للزمان نفسه متي .تعليق ما يكون في الشي‌ء فإنه يكون محاطا بذلك الشي‌ء فهو يتغير بتغير ذلك الشي‌ء فالشي‌ء ألذي يكون في الزمان يتغير بتغير الزمان ويلحقه جميع أعراض الزمان ويتغير عليه أوقاته فيكون هذاالوقت ألذي يكون مثلا مبدأ كونه أومبدأ فعله غير ذلك الوقت ألذي هوآخره لأن زمانه يفوت ويلحق و ما يكون مع الشي‌ء فلايتغير بتغيره و لاتتناوله أعراضه تعليق الدهر وعاء الزمان لأنه محيط به . و بين في الشفاء أيضا هذاالمعني ثم قال و لايتوهم في الدهر و لا في السرمد امتداد و إلالكان مقدارا للحركة ثم الزمان كمعلول الدهر والدهر كمعلول السرمد و قال أيضا في الشفاء إنه لا يكون في الزمان إلاالحركات والمتحركات أماالحركة فذلك لها من تلقاء جوهرها و أماالمتحرك فمن تلقاء الحركة و أماسائر الأمور فإنها ليست في زمان و إن كانت مع الزمان فإن العالم مع الخردلة وليست في الخردلة إلي آخر ما قال واستحسن ذلك المحقق الطوسي‌ ره والسيد الشريف وغيرهما. واعلم أن مانحن بصدد إثباته لايتوقف علي تحقيق هذه الأمور فإن ألذي


صفحه : 238

ثبت بإجماع أهل الملل والنصوص المتواترة هو أن جميع ماسوي الحق تعالي أزمنة وجوده في جانب الأزل متناهية و في وجوده ابتداء والأزلية وعدم انتهاء الوجود مخصوص بالرب سبحانه سواء كان قبل الحوادث زمان موهوم أودهر كماستعرف إن شاء الله تعالي .

المقصد الثاني‌ في تحقيق الأقوال في ذلك

اعلم أنه لاخلاف بين المسلمين بل جميع أرباب الملل في أن ماسوي الرب سبحانه وصفاته الكمالية كله حادث بالمعني ألذي ذكرنا ولوجوده ابتداء بل عد من ضروريات الدين قال السيد الداماد في القبسات عليه إجماع جميع الأنبياء والأوصياء. و قال صاحب الملل والنحل في كتاب نهاية الأقدام وصححه المحقق الطوسي‌ ره مذهب أهل الحق من الملل كلها أن العالم محدث مخلوق له أول أحدثه البار‌ئ تعالي وأبدعه بعد أن لم يكن و كان الله و لم يكن معه شيء


صفحه : 239

ووافقهم علي ذلك جمع من أساطين الحكمة وقدماء الفلاسفة مثل ثاليس وانكساغورس وانكسيمايس من أهل ملطية ومثل فيثاغورس وأنباذقلس وسقراط وأفلاطون من أهل آثينية ويونان وجماعة من الشعراء والأوائل والنساك وإنما القول بقدم العالم وأزلية الحركات بعدإثبات الصانع والقول بالعلة الأولي إنما ظهر بعدأرسطاطاليس لأنه خالف القدماء صريحا وأبدع هذه المقالة علي قياسات ظنها حجة وبرهانا وصرح القول فيه من كان من تلامذته مثل الإسكندر الأفروديسي‌ وثامسطيوس وفرفوريوس وصنف برقلس المنتسب إلي أفلاطون في هذه المسألة كتابا أورد فيه هذه الشبه . و قال السيد الداماد ره من النقل الذائع الصحيح المتواتر أن أفلاطون والستة الباقين من الأساطين وغيرهم من القدماء علي حدوث عالمي‌ الأمر والخلق بجميع أجزائه وأرسطو وتلامذته علي قدمه انتهي لكن الظاهر أنه كان مذهب أفلاطون حدوث الزمانيات فقط لاشتهار القول بقدم النفوس والبعد المجرد عنه و قال السيد ره في القبسات القول بقدم العالم نوع شرك و قال في


صفحه : 240

موضع آخر منه أنه إلحاد. و قال الصدوق ره في كتاب التوحيد الدليل علي أن الله عز و جل عالم قادر حي‌ لنفسه لابعلم وقدرة وحياة هوغيره أنه لو كان عالما بعلم لم يخل علمه من أحد أمرين إما أن يكون قديما أوحادثا فإن كان حادثا فهو جل ثناؤه قبل حدوث العلم غيرعالم و هذا من صفات النقص و كل منقوص محدث بما قدمناه و إن كان قديما يجب أن يكون غير الله عز و جل قديما و هذاكفر بالإجماع و قال ره في سياق إبطال مذاهب الثنوية فأما ماذهب إليه ماني‌ و ابن ديصان من خرافاتهما في الامتزاج ودانت به المجوس من حماقاتها في أهرمن ففاسد بما به يفسد قدم الأجسام و قدعقد في هذاالكتاب بابا لإثبات الحدوث وأورد فيه الدلائل المشهورة التي‌ سنشير إلي بعضها و لم نوردها مخافة الإطناب والتكرار و قال فيما قال لأن المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن والقديم هوالموجود لم يزل و قال في آخر الكلام هذه أدلة التوحيد الموافقة للكتاب والآثار الصحيحة عن النبي والأئمة ع . و قال السيد المرتضي نقلا عن شيخه المفيد رفع الله شأنهما في الرد علي أبي هاشم في القول بالحال فقال في أثناء كلامه وكره أن يثبت الحال شيئا فتكون موجودة أومعدومة ومتي كانت موجودة لزمه علي أصله وأصولنا جميعا أنها لاتخلو من القدم أوالحدوث و ليس يمكنه الإخبار عنها بالقدم ليخرج بذلك عن التوحيد ويصير بذلك أسوأ حالا من أصحاب الصفات وساق الكلام إلي أن قال والقول بالهيولي وقدم الطينة أعذر من هؤلاء القوم إن كان لهم عذر و لاعذر للجميع فيما


صفحه : 241

ارتكبوا من الضلال لأنهم يقولون إن الهيولي هوأصل العالم وإنه لم يزل قديما و الله تعالي محدث كمايحدث الصائغ من السبيكة خاتما والناسج من الغزل ثوبا والنجار من الشجر لوحا إلي آخر مارد عليهم . ونقل العلامة ره في المختلف عن الشيخ المفيد كلاما يدل علي أن القول بالقدم ليس من مذاهب المليين حيث قال و أماالصابئون فمنفردون بمذاهبهم ممن عددناه لأن جمهورهم توحد الصانع في الأزل ومنهم من يجعل معه هيولي في القدم صنع منها العالم فكانت عندهم الأصل ويعتقدون في الفلك و ما فيه الحياة والنطق و أنه المدبر لما في هذاالعالم والدال عليه وعظموا الكواكب وعبدوها من دون الله عز و جل وسماها بعضهم ملائكة وجعلها بعضهم آلهة وبنوا لها بيوتا للعبادات وهؤلاء علي طريق القياس إلي مشركي‌ العرب وعباد الأوثان أقرب من المجوس إلي آخر ما قال مما يؤيد ماذكرنا. وشيخ الطائفة قدس الله لطيفه عقد في كتاب الاقتصاد فصلا في أن الله تعالي واحد لاثاني‌ له في القدم وأقام الدلائل علي ذلك إلي أن قال فإذاثبت ذلك بطل إثبات قديمين و إذابطل وجود قديمين بطل قول الثنوية القائلين بالنور والظلمة وبطل قول المجوس القائلين بالله والشيطان وبطل قول النصاري القائلين بالتثليث علي أن قول الثنوية يبطل من حيث دللنا علي حدوث الأجسام وأثبت حدوث


صفحه : 242

الأجسام بالدلائل المشهورة عندالمتكلمين . والسيد المرتضي ره في كتاب الغرر أورد دلائل علي إبطال القول بالهيولي القديمة. و قال الشيخ المحقق أبوالفتح الكراجكي‌ تلميذ السيد المرتضي قدس الله نفسهما في كتاب كنز الفوائد اعلم أيدك الله أن من الملاحدة فريقا يثبتون الحوادث ومحدثها ويقولون إنه لاأول لوجودها و لاابتداء لها ويزعمون أن الله سبحانه لم يزل يفعل و لايزال كذلك و أن أفعاله لاأول لها و لاآخر فقد خالفونا في قولهم إن الأفعال لاأول لها إذ كنا نعتقد أن الله تعالي ابتدأها و أنه موجود قبلها ووافقونا بقولهم إنه لاآخر لها لأنهم و إن ذهبوا في ذلك إلي بقاء الدنيا علي ماهي‌ عليه واستمرار الأفعال فيها وإنه لاآخر لها فإنا نذهب في دوام الأفعال إلي وجه آخر و هوتقضي‌ أمر الدنيا وانتقال الحكم إلي الآخرة واستمرار الأفعال فيها من نعيم أهل الجنة ألذي لاينقطع عن


صفحه : 243

أهلها وعذاب النار ألذي لاينقضي‌ عن المخلدين فيهافأفعال الله عز و جل من هذاالوجه لاآخر لها وهؤلاء أيدك الله هم الدهرية القائلون بأن الدهر سرمدي‌ لاأول له و لاآخر و أن كل حركة تحرك بهاالفلك فقد تحرك قبلها بحركة قبلها حركة من غيرنهاية وسيتحرك بعدها بحركة بعدها حركة لا إلي غاية و أنه لا يوم إلا و قد كان قبله ليلة و لاليلة إلا و قد كان قبلها يوم و لاإنسان تكون إلا من نطفة و لانطفة تكونت إلا من إنسان و لاطائر إلا من بيضة و لابيضة إلا من طائر و لاشجرة إلا من حبة و لاحبة إلا من شجرة و أن هذه الحوادث لم تزل تتعاقب و لاتزال كذلك ليس للماضي‌ منها بداية و لاللمستقبل منها نهاية وهي‌ مع ذلك صنعة لصانع لم يتقدمها وحكمة من حكيم لم يوجد قبلها و أن الصنعة والصانع قديمان لم يزالا تعالي الله ألذي لاقديم سواه و له الحمد علي ماأسداه من معرفة الحق وأولاه و أنابعون الله أورد لك طرفا من الأدلة علي بطلان ماادعاه الملحدون وفساد ماانتحله الدهريون .أقول ثم أورد رحمه الله أدلة شافية وأجوبة وافية وتحقيقات متينة وإلزامات رزينة سيأتي‌ بعضها في محله و لم نوردها هنا لأنا سنذكرها بوجه أخصر ثم ذكر مناظرته مع بعض القائلين بالقدم و أنه كتب ذلك إلي الشريف المرتضي ره وذكر الجواب ألذي أورده السيد في ذلك فمن أراد الاطلاع علي جميع ذلك فليرجع إلي ذلك الكتاب . و قال السيد المرتضي ره في جواب سؤال ورد عليه في آية التطهير قال السائل و إذاكانت أشباحهم قديمة وهم في الأصل طاهرون فأي‌ رجس أذهب عنهم فقال السيد في تضاعيف جوابه و أماالقول بأن أشباحهم ع قديمة فهو منكر لايطلق والقديم في الحقيقة هو الله تعالي الواحد ألذي لم يزل و كل ماسواه محدث مصنوع مبتدأ له أول إلي آخر ما قال ره . ثم قال مسألة اعترض فلسفي‌ فقال إذاقلتم إن الله وحده لا شيء كان معه فالأشياء المحدثة من أي شيءكانت فقلنا لهم مبتدعة لا من شيء فقال أحدثها معا أو في


صفحه : 244

زمان بعدزمان فقال فإن قلتم معا فأوجدناكم أنها لم تكن معا وأنها أحدثت شيئا بعد شيء و إن قلتم أحدثها في زمان بعدزمان فقد صار له شريك . والجواب عن ذلك أن الله تعالي لم يزل واحدا لا شيءمعه و لاثاني‌ له وابتدأ ماأحدثه من غيرزمان و ليس يجب إذاأحدث بعدالأول حوادث أن يحدثها في زمان و لوجعل لها زمانا لماوجب بذلك قدم الزمان إذ الزمان حركات الفلك و مايقوم مقامها مما هومقدارها في التوقيت فمن أين يجب عند هذاالفيلسوف أن يكون الزمان قديما إذا لم يوجد الأشياء ضربة واحدة لو لا أنه لايعقل معني الزمان إلي آخر ماأفاد في هذاالمقام . و قال المحقق الطوسي‌ طيب الله روحه القدوسي‌ في التجريد و لاقديم سوي الله تعالي و قال فيه وجود العالم بعدعدمه ينفي‌ الإيجاب و قال ره


صفحه : 245

في كتاب الفصول أصل قدثبت أن وجود الممكن من غيره فحال إيجاده لا يكون موجودا لاستحالة إيجاد الموجود فيكون معدوما فوجود الممكن مسبوق بعدمه و هذاالوجود يسمي حدوثا والموجود محدثا فكل ماسوي الواجب من الموجودات محدث واستحالة الحوادث لا إلي أول كمايقوله الفلسفي‌ لايحتاج إلي بيان طائل


صفحه : 246

بعدثبوت إمكانها المقتضي‌ لحدوثها. ثم قال مقدمة كل مؤثر إما أن يكون أثره تابعا للقدرة والداعي‌ أو لا يكون بل يكون مقتضي ذاته والأول يسمي قادرا والثاني‌ موجبا وأثر القادر مسبوق بالعدم لأن الداعي‌ لايدعو إلا إلي المعدوم وأثر الموجب يقارنه في الزمان إذ لوتأخر عنه لكان وجوده في زمان دون آخر فإن لم يتوقف علي أمر غير مافرض مؤثرا تاما كان ترجيحا من غيرمرجح و إن توقف لم يكن المؤثر تاما و قدفرض تاما و هذاخلف ثم قال نتيجة الواجب المؤثر في الممكنات قادر إذ لو كان موجبا لكانت الممكنات قديمة واللازم باطل لماتقدم فالملزوم مثله . وسئل السيد مهنان بن سنان العلامة الحلي‌ ره في جملة مسائله ما يقول سيدنا في المثبتين الذين قالوا إن الجواهر والأعراض ليست بفعل الفاعل و إن


صفحه : 247

الجوهر جوهر في العدم كما هوجوهر في الوجود فهل يكون هذاالاعتقاد الفاسد موجبا لتكفيرهم وعدم قبول إيمانهم وأفعالهم الصالحة وقبول شهادتهم ومناكحتهم أم لا يكون موجبا لشي‌ء من ذلك و أي شيء يكون حكمهم في الدنيا فأجاب ره بأنه لاشك في رداءة هذه المقالة وبطلان كلها لكن لاتوجب تكفيرهم و لاعدم قبول إيمانهم وأفعالهم الصالحة و لارد شهادتهم و لاتحريم مناكحتهم وحكمهم في الدنيا والآخرة حكم المؤمنين لأن الموجب للتكفير هواعتقاد قدم الجوهر وهم لايقولون بذلك لأن القديم يشترط فيه الوجود وهم لايقولون بوجوده في الأزل لكن حصلت لهم شبهة في الفرق بين الوجود والثبوت وجعلوا الثبوت أعم من الوجود وأكثر مشايخ المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة مثبتون فكيف يجوز تكفيرهم . ثم قال السيد ره ما يقول سيدنا فيمن يعتقد التوحيد والعدل ولكنه يقول بقدم العالم ما يكون حكمه في الدنيا والآخرة فأجاب ره من اعتقد قدم العالم فهو كافر بلا خلاف لأن الفارق بين المسلم والكافر ذلك وحكمه في الآخرة حكم باقي‌ الكفار بالإجماع والشيخ الجليل أبوالصلاح الحلبي‌ صرح في تقريب المعارف بالحدوث وأقام الدلائل عليه وكذا السيد الكبير ابن زهرة في كتاب غنية النزوع أورد الدلائل علي ذلك و قال النوبختي‌ ره في كتاب الياقوت الأجسام حادثة لأنها إذااختصت بجهة فهي‌ إما للنفس ويلزم منه عدم الانتقال أولغيره و هوإما موجب أومختار والمختار قولنا والموجب يبطل ببطلان التسلسل ولأنها لاتخلو من


صفحه : 248

الأعراض الحادثة لعدمها المعلوم والقديم لايعدم لأنه واجب الوجود إذ لو كان وجوده جائزا لكان إما بالمختار و قدفرضناه قديما أوبالموجب ويلزم منه استمرار الوجود فالمقصود أيضا حاصل . و قال العلامة ره في شرحه هذه المسألة من أعظم المسائل في هذاالعلم ومدار مسائله كلها عليها وهي‌ المعركة العظيمة بين المسلمين وخصومهم واعلم أن الناس اختلفوا في ذلك اختلافا عظيما وضبط أقوالهم أن العالم إما محدث الذات والصفات و هوقول المسلمين كافة والنصاري واليهود والمجوس وإما أن يكون قديم الذات والصفات و هوقول أرسطو وثاوفرطيس وثاميطوس و أبي نصر و أبي علي بن سينا فإنهم جعلوا السماوات قديمة بذاتها وصفاتها إلاالحركات والأوضاع فإنها قديمة بنوعها بمعني أن كل حادث مسبوق بمثله إلي ما لايتناهي وإما أن يكون قديم الذات محدث الصفات و هومذهب انكساغورس وفيثاغورس وسقراط والثنوية ولهم اختلافات كثيرة لاتليق بهذا المختصر وإما أن يكون محدث الذات قديم الصفات و ذلك مما لم يقل به أحد لاستحالته وتوقف جالينوس في الجميع .أقول ثم ساق ره الكلام في الدلائل المذكورة في المتن و قال ره في شرح التجريد مثل ذلك ونسب القول بالحدوث إلي جميع أرباب الملل و قال ره في كتاب نهاية المرام في علم الكلام قداتفق المسلمون كافة علي نفي‌ قديم غير الله تعالي و غيرصفاته وذهبت الإمامية إلي أن القديم هو الله تعالي لا غير و قال فيه أيضا القسمة العقلية منحصرة في أقسام أربعة.الأول أن يكون العالم محدث الذات والصفات و هومذهب المسلمين وغيرهم من أرباب الملل وبعض قدماء الحكماء.الثاني‌ أن يكون قديم الذات والصفات و هوقول أرسطو وجماعة من القدماء و من المتأخرين قول أبي نصر الفارابي‌ والرئيس قالوا السماوات قديمة بذواتها وصفاتها إلاالحركات والأوضاع فإنها قديمة بنوعها لابشخصها والعناصر الهيولي


صفحه : 249

منها قديمة بشخصها وصورها الجسمية قديمة بنوعها لابشخصها والصور النوعية قديمة بجنسها لابنوعها و لابشخصها.الثالث أن يكون قديم الذات محدثة الصفات و هوقول من تقدم أرسطو بالزمان كثاليس الملطي‌ وانكساغورس وفيثاغورس وسقراط وجميع الثنوية كالمانوية والديصانية والمرقوبية والماهانية ثم هؤلاء افترقوا فرقتين فذهب بعضهم إلي أن تلك الذات القديمة كانت جسما ثم اختلف هؤلاء فزعم ثاليس أنه الماء لأنه قابل لكل الصور وزعم أنه إذاانجمد صار أرضا و إذالطف صار هواء و من صفق الماء تكونت النار و من النار تكون الدخان و من الدخان تكونت السماء ويقال أنه أخذه من التوراة لأنه جاء في السفر الأول منه أن الله تعالي خلق جوهرا فنظر نظر الهيبة فذابت أجزاؤه فصارت ماء ثم ارتفع بخار كالدخان فخلق منه السماوات وظهر علي وجه الماء زبد فخلق منه الأرض ثم أرساها بالجبال . و أماانكسيمايس فإنه زعم أن ذلك الجسم هوالهواء والنار تكونت من لطافته والماء و الأرض من كثافته وتكونت الأشياء عنها بالتلطيف و قال آخرون إنه البخار وتكون الهواء والنار عنه بالتلطيف والماء و الأرض بالتكثيف وذهب أنوفليطيس أنه النار وكونت الأشياء عنها بالتكاثف وحكي‌ أيضا أنه زعم أن الأشياء إنما انتظمت بالبخت وجوهر البخت هونظر عقلي‌ ينفذ في الجوهر الكلي‌ و أماانكساغورس فإنه قال ذلك الجسم هوالخليط ألذي لانهاية له و هوأجسام غيرمتناهية و فيه من كل نوع أجزاء صغيرة مثلا فيه أجزاء علي طبيعة الخبز وأجزاء علي طبيعة اللحم فإذااجتمع من تلك الأجزاء شيءكثير فصار بحيث يحس ويري ظن أنه حدث و هذاالقائل بني مذهبه علي إنكار المزاج والاستحالة و قال بالكمون والظهور وزعم بعض هؤلاء أن ذلك الخليط كان ساكنا في الأزل ثم إن الله تعالي حركه فتكون منه هذاالعالم . وذهب ذيمقراطيس إلي أن أصل العالم أجزاء كثيرة كرية الشكل قابلة للقسمة الوهمية دون


صفحه : 250

القسمة الانفكاكية متحركة لذاتها حركات دائمة ثم اتفق في تلك الأجزاء أن تصادمت علي وجه خاص فحصل من تصادمها علي ذلك الوجه هذاالعالم علي هذاالشكل فحدثت السماوات والعناصر ثم حدثت من الحركات السماوية امتزاجات هذه العناصر ومنها هذه المركبات ونقل الشيخ في الشفاء عنه أنه قال إن هذه الأجزاء إنما تتخالف بالشكل و إن جوهرها جوهر واحد بالطبع وإنما تصدر عنها أفعال مختلفة لأجل الأشكال المختلفة وقالت الثنوية أصل العالم هوالنور والظلمة والفرقة الثانية الذين قالوا أصل العالم ليس بجسم وهم فريقان .الأول الجرمانية وهم الذين أثبتوا القدماء الخمسة البار‌ئ تعالي والنفس والهيولي والدهر والخلاء قالوا البار‌ئ تعالي في غاية التمام في العلم والحكمة لايعرض له سهو و لاغفلة ويفيض عنه العقل كفيض النور عن القرص و هويعلم الأشياء علما تاما و أماالنفس فإنه يفيض عنه الحياة فيض النور عن القرص لكنها جاهلة لاتعلم الأشياء ما لم تمارسها و كان البار‌ئ تعالي عالما بأن النفس تستميل إلي التعلق بالهيولي وتعشقها وتطلب اللذة الجسمية وتكره مفارقة الأجساد وتنسي نفسها و لما كان من شأن البار‌ئ تعالي الحكمة التامة عمد إلي الهيولي بعدتعلق النفس بهافركبها ضروبا من التركيب مثل السماوات والعناصر وركب أجسام الحيوانات علي الوجه الأكمل و ألذي بقي‌ فيها من الفساد غيرممكن الزوال . ثم إن الله تعالي أفاض علي النفس عقلا وإدراكا وصار ذلك سببا لتذكرها عالمها وسببا لعلمها بأنها لاتنفك عن الآلام مادامت في العالم الهيولاني‌ و إذاعرفت النفس هذا وعرفت أن لها في عالمها اللذات الخالية عن الألم اشتاقت إلي ذلك العالم وعرجت بعدالمفارقة وبقيت هناك أبد الآباد في نهاية البهجة والسعادة قالوا وبهذا الطريق زالت الشبهات الدائرة بين الفلاسفة القائلين بالقدم و بين المتكلمين القائلين بالحدث .الفريق الثاني‌ أصحاب فيثاغورس وهم الذين قالوا المباد‌ئ هي‌ الأعداد المتولدة من الوحدات لأن قوام المركبات بالبسائط وهي‌ أمور كل واحد منها واحد في نفسه ثم تلك الأمور إما أن تكون لها جهات وراء كونها وحدات أو لا


صفحه : 251

يكون فإن كان الأول كانت مركبة لأن هناك تلك الماهية مع تلك الوحدة وكلامنا ليس في المركبات بل في مبادئها و إن كان الثاني‌ كان مجرد وحدات وهي‌ لابد و أن تكون مستقلة بأنفسها و إلالكانت مفتقرة إلي الغير فيكون ذلك الغير أقدم منها وكلامنا في المباد‌ئ المطلقة و هذاخلف فإذن الوحدات أمور قائمة بأنفسها فإن عرض الوضع للوحدة صارت نقطة و إن اجتمعت نقطتان حصل الخط فإن اجتمع خطان حصل السطح فإن اجتمع سطحان حصل الجسم فظهر أن مبدأ الأجسام الوحدات ونقل أيضا عنه أن الوحدة تنقسم إلي وحدة بالذات غيرمستفادة من الغير و هو ألذي لاتقابلها الكثرة و هوالمبدأ الأول و إلي وحدة مستفادة من الغير وهي‌ مبدأ الكثرة وليست بداخلة فيهابل يقابلها الكثرة ثم يتألف منها الأعداد وهي‌ مباد‌ئ الموجودات وإنما اختلف الموجودات في طبائعها لاختلاف الأعداد بخواصها.الرابع أن يكون العالم قديم الصفات محدث الذات و هومحال لم يقل به أحد لقضاء الضرورة ببطلانه و أماجالينوس فإنه كان متوقفا في الكل انتهي . وإنما أوردنا هذه المذاهب السخيفة ليعلم أن أساطين الحكماء تمسكوا بهذه الخرافات وتفوهوا بها ويتبعهم أصحابهم ويعظمونهم و إذاسمعوا من أصحاب الشريعة شيئا مما أخذوه من كتاب الله وكلام سيد المرسلين والأئمة الراشدين ع ينكرون ويستهزءون قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّي يُؤفَكُونَ.


صفحه : 252

و قال المحقق الدواني‌ في أنموذجه و قدخالف في الحدوث الفلاسفة أهل الملل الثلاث فإن أهلها مجمعون علي حدوثه بل لم يشذ من الحكم بحدوثه من أهل الملل مطلقا إلابعض المجوس و أماالفلاسفة فالمشهور أنهم مجمعون علي قدمه علي التفصيل الآتي‌ ونقل عن أفلاطون القول بحدوثه و قدأوله بعضهم بالحدوث الذاتي‌ ثم قال فنقول ذهب أهل الملل الثلاث إلي أن العالم ماسوي الله تعالي وصفاته من الجواهر والأعراض حادث أي كائن بعد أن لم يكن بعدية حقيقة لابالذات فقط بمعني أنها في حد ذاتها لاتستحق الوجود فوجودها متأخر عن عدمها بحسب الذات كماتقوله الفلاسفة ويسمونه الحدوث الذاتي‌ علي ما في تقرير هذاالحدوث علي وجه يظهر به تأخر الوجود عن العدم من بحث دقيق أوردناه في حاشية شرح التجريد. وذهب جمهور الفلاسفة إلي أن العقول والأجرام الفلكية ونفوسها قديمة ومطلق حركاتها وأوضاعها وتخيلاتها أيضا قديمة فإنها لم تخل قط عن حركة ووضع وتخيل لجزئيات الحركة وبعضهم يثبتون لها بسبب استخراج الأوضاع الممكنة من القوة إلي الفعل وحدوث مناسبة لها بمبدئها الكامل من جميع الوجوه كمالات تفيض علي نفوسها من المباد‌ئ لكن محققيهم علي ماذكره أبونصر و أبو علي في تعليقاتهما نقلا عن أرسطاطاليس ذهبوا إلي أن المطلوب لها نفس الحركة و بهايتم التشبه بمبادئها فإنها بالفعل من حيث الذات وسائر الصفات إلا مايتعلق بالحركة من الأوضاع الجزئية فإنها لاتحتمل الثبات بالشخص فاستحفظ نوعها تتميما للتشبه بالمباد‌ئ التي‌ هي‌ بالفعل من جميع الوجوه و لما كان التشبه لازما للحركة جعلها الغاية المطلوبة باعتبار اللازم


صفحه : 253

والعنصريات بموادها ومطلق صورها الجسمية والنوعية ومطلق أعراضها قديمة عندهم لأن مذهبهم أنه بالفك تنعدم الصورة الواحدة وتحدث الاثنتان وباتصال المنفصل تنعدم الاثنتان وتحدث واحدة نعم الإشراقيون منهم علي بقاء الصورة الجسمية مع طريان الانفصال والاتصال و أماالنفوس الناطقة الإنسانية فبعضهم قائل بقدمها وربما ينقل عن أفلاطون و هذامخالف لماينقل عنه من حدوث العالم والمشاءون منهم ومعظم من عداهم علي حدوثها و قال نحوا من ذلك في كتاب شرح العقائد العضدية و قال فيه المتبادر من الحدوث الوجود بعد أن لم يكن بعدية زمانية والحدوث الذاتي‌ مجرد اصطلاح من الفلاسفة و قال والمخالف في هذاالحكم الفلاسفة فإن أرسطاطاليس وأتباعه ذهبوا إلي قدم العقول والنفوس الفلكية والأجسام الفلكية بموادها وصورها الجسمية والنوعية وأشكالها وأضوائها والعنصريات بموادها ومطلق صورها الجسمية لاأشخاصها وصورها النوعية قيل بجنسها فإن صور خصوصيات أنواعها لايجب أن تكون قديمة والظاهر من كلامهم قدمها بأنواعها ثم قال ونقل عن جالينوس التوقف ولذلك لم يعد من الفلاسفة لتوقفه فيما هو من أصول الحكمة عندهم انتهي . ولنكتف بما أوردنا من كلام القوم في ذلك وإيراد جميعها أوأكثرها يوجب تطويلا بلا طائل ويستنبط مما أوردنا أحد الدلائل علي الحدوث فإنه ثبت بنقل المخالف والمؤالف اتفاق جميع أرباب الملل مع تباين أهوائهم وتضاد آرائهم علي هذاالأمر وكلهم يدعون وصول ذلك عن صاحب الشرع إليهم و هذامما يورث العلم العادي‌ بكون ذلك صادرا عن صاحب الشريعة مأخوذا عنه و ليس هذامثل سائر الإجماعات المنقولة التي‌ لايعلم المراد منها وتنتهي‌ إلي واحد وتبعه الآخرون و لايخفي الفرق بينهما علي ذي‌ مسكة من العقل والإنصاف


صفحه : 254

المقصد الثالث في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص

فأقول إذاأمعنت النظر فيما قدمناه وسلكت مسلك الإنصاف ونزلت عن مطية التعنت والاعتساف حصل لك القطع من الآيات المتظافرة والأخبار المتواترة الواردة بأساليب مختلفة وعبارات متفننة من اشتمالها علي بيانات شافية وأدلة وافية بالحدوث بالمعني ألذي أسلفناه و من تتبع كلام العرب وموارد استعمالاتهم وكتب اللغة يعلم أن الإيجاد والإحداث والخلق والفطر والإبداع والاختراع والصنع والإبداء لاتطلق إلا علي الإيجاد بعدالعدم . قال المحقق الطوسي‌ ره في شرح الإشارات إن أهل اللغة فسروا الفعل بإحداث شيء و قال أيضا الصنع إيجاد شيءمسبوق بالعدم و في اللغة الإبداع الإحداث و منه البدعة لمحدثات الأمور وفسروا الخلق بإبداع شيءبلا مثال سابق و قال ابن سينا في رسالة الحدود الإبداع اسم مشترك لمفهومين أحدهما تأييس شيء لا عن شيء و لابواسطة شيء والمفهوم الثاني‌ أن يكون للشي‌ء وجود مطلق عن سبب بلا متوسط و له في ذاته أن يكون موجودا و قدأفقد ألذي في ذاته إفقادا تاما. ونقل في الملل والنحل عن ثاليس الملطي‌ أنه قال الإبداع هوتأييس ما ليس بأيس فإذا كان مؤيس الأيسات فالتأييس لا من شيءمتقادم انتهي . و من تتبع الآيات والأخبار لايبقي له ريب في ذلك كقوله لا من شيءفيبطل الاختراع و لالعلة فلايصح الابتداع مع أنه قدوقع التصريح بالحدوث بالمعني المعهود في أكثر النصوص المتقدمة بحيث لايقبل التأويل وبانضمام الجميع بعضها مع بعض يحصل القطع بالمراد ولذا ورد أكثر المطالب الأصولية الاعتقادية كالمعاد الجسماني‌ وإمامة أمير المؤمنين ع وأمثالهما في كلام صاحب الشريعة بعبارات مختلفة وأساليب شتي ليحصل الجزم بالمراد من جميعها مع أنها


صفحه : 255

اشتملت علي أدلة مجملة من تأمل فيهايحصل له القطع بالمقصود أ لاتري إلي قولهم ع في مواضع لو كان الكلام قديما لكان إلها ثانيا وقولهم وكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه إشارة إلي أن الجعل لايتصور للقديم لأن تأثير العلة إما إفاضة أصل الوجود وإما إفادة بقاء الوجود واستمرار الجعل الأول والأول هي‌ العلة الموجدة والثاني‌ هي‌ المبقية والموجود الدائمي‌ محال أن تكون له علة موجدة كماتحكم به الفطرة السليمة سواء كان بالاختيار أوبالإيجاب لكن الأول أوضح وأظهر. ومما ينبه عليه أن في الحوادث المشاهدة في الآن الأول تأثير العلة هوإفاضة أصل الوجود و في كل آن بعده من آنات زمان الوجود تأثير العلة هوإبقاء الوجود واستمرار الجعل الأول و لو كان ممكن دائمي‌ الوجود فكل آن يفرض من آنات زمان وجوده الغير المتناهي‌ في طرف الماضي‌ فهو آن البقاء واستمرار الوجود و لايتحقق آن إفاضة أصل الوجود فجميع زمان الوجود هوزمان البقاء و لايتحقق آن و لازمان للإيجاد وأصل الوجود قطعا.فنقول في توجيه الملازمة في الخبر الأول لو كان الكلام ألذي هوفعله تعالي قديما دائمي‌ الوجود لزم أن لايحتاج إلي علة أصلا أماالموجدة فلما مر و أماالمبقية فلأنها فرع الموجدة فلو انتفي الأول انتفي الثاني‌ بطريق أولي والمستغني‌ عن العلة أصلا هوالواجب الوجود فيكون إلها ثانيا و هوخلاف المفروض أيضا لأن المفروض أنه كلام الواجب وفعله سبحانه ومثله يجري‌ في الخبر الثاني‌.

وَ يُؤَيّدُهُ مَا روُيِ‌َ فِي الكاَفيِ‌ وَ غَيرِهِ فِي حَدِيثِ الفُرجَةِ عَنِ الصّادِقِ ع حَيثُ قَالَ لِلزّندِيقِ ثُمّ يَلزَمُكَ إِنِ ادّعَيتَ اثنَينِ فُرجَةٌ مَا بَينَهُمَا حَتّي يَكُونَا اثنَينِ فَصَارَتِ الفُرجَةُ ثَالِثاً بَينَهُمَا قَدِيماً مَعَهُمَا فَيَلزَمُكَ ثَلَاثَةٌ الخَبَرَ

حيث حكم علي الفرجة


صفحه : 256

من جهة القدم بكونه إلها ثالثا واجب الوجود. إذاتقرر هذافاعلم أن علة الحاجة إلي المؤثر حينئذ يمكن أن تكون هي‌ الإمكان لأن مصداق مفهوم الإمكان حينئذ منحصر في الحوادث والفرد المفروض أنه قديم لايصدق عليه الإمكان في نفس الأمر بل من أفراد الممتنع لاستلزامه التسلسل المستحيل مطلقا كماسيجي‌ء والممتنع بالذات قد يكون مركبا كالمجموع المركب من الضدين والنقيضين ويمكن أن تكون علة الحاجة إلي المؤثر هي‌ الحدوث أوالإمكان بشرط الحدوث و قدذهب إلي كل منها جماعة وأحد الأخيرين هوالظاهر من أكثر الأخبار كماأومأنا إليه في بعضها ومنها حديث الرضا ع في علة خلق السماوات و الأرض في ستة أيام . ويدل عليه

مَا روُيِ‌َ عَنِ الرّضَا ع أَنّهُ دَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ مَا الدّلِيلُ عَلَي حُدُوثِ العَالَمِ قَالَ إِنّكَ لَم تَكُن ثُمّ كُنتَ وَ قَد عَلِمتَ أَنّكَ لَم تُكَوّن نَفسَكَ وَ لَا كَوّنَكَ مَن هُوَ مِثلُكَ

فإن الظاهر أن مراد السائل من حدوث العالم إثبات الصانع بناء علي التلازم بينهما بقرينة الجواب واستدل ع بوجود المخاطب بعدعدمه أي حدوثه الزماني‌ علي الصانع تعالي . و من الدلائل علي الحدوث مايدل علي أوليته تعالي فإن الأولية


صفحه : 257

مفسرة بأنه سبحانه قبل كل شيء. ومنها الآيات والأخبار الدالة علي فناء جميع الموجودات و قدمر بعضها هنا وبعضها في المجلد الثالث و ذلك بضم مقدمة مسلمة عندالقائلين بالقدم وهي‌ أن ماثبت قدمه امتنع عدمه .

وَ قَد روُيِ‌َ فِي الإِحتِجَاجِ فِي حَدِيثِ الزّندِيقِ ألّذِي سَأَلَ الصّادِقَ ع عَن مَسَائِلَ أَنّهُ قَالَ فَيَتَلَاشَي الرّوحُ بَعدَ خُرُوجِهِ عَن قَالَبِهِ أَم هُوَ بَاقٍ قَالَ ع بَل بَاقٍ إِلَي وَقتِ يُنفَخُ فِي الصّورِ فَعِندَ ذَلِكَ تَبطُلُ الأَشيَاءُ وَ تَفنَي فَلَا حِسّ يَبقَي وَ لَا مَحسُوسٌ ثُمّ أُعِيدَتِ الأَشيَاءُ كَمَا بَدَأَهَا يُدَبّرُهَا وَ ذَلِكَ أَربَعُمِائَةِ سَنَةٍ يَثبُتُ فِيهَا الخَلقُ وَ ذَلِكَ بَينَ النّفخَتَينِ

ويدل علي حدوث السماوات الآيات والأخبار الدالة علي انشقاقها وانفطارها وطيها وانتشار الكواكب منها بما مر من التقريب و قدمضي جميع ذلك في المجلد الثالث . ومنها الآيات والأخبار الدالة علي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام


صفحه : 258

لأن الحادث في اليوم الأخير مسبوق بخمسة أيام فيكون منقطع الوجود في الماضي‌ والموجود في اليوم الأول زمان وجوده أزيد علي زمان الأخير بقدر متناه فالجميع متناهي‌ الوجود حادث فيكون الزمان الموجود ألذي يثبتونه أيضا متناهيا لأنه عندهم مقدار حركة الفلك و قدمر تأويل الأيام وكيفية تقديرها في تفسير الآيات . و إذاأحطت خبرا بما نقلنا من الآيات والأخبار المتواترة الصريحة فهل يجتر‌ئ عاقل استشم رائحة من الدين أن يعرض عن جميع ذلك وينبذها وراء ظهره تقليدا للفلاسفة واتكالا علي شبهاتهم الكاسدة ومذاهبهم الفاسدة وستعرف أنها أوهن من بيت العنكبوت بفضل الحي‌ ألذي لايموت . قال المحقق الدواني‌ في أنموذجه بعد ماتكلم في شبهاتهم لايذهب عليك أنه إذاظهر الخلل في دلائل قدم العالم وثبت بالتواتر وإخبار الأنبياء الذين هم أصول البرايا وإجماع أهل الملل علي ذلك و قدنطق به الوحي‌ الإلهي‌ علي وجه لايقبل التأويل إلابوجه بعيد تتنفر عنه الطبائع السليمة والأذهان المستقيمة فلامحيص عن اتباع الأنبياء في ذلك والأخذ بقولهم كيف وأساطين الفلاسفة ينسبون أنفسهم إليهم وينسبون أصول مقالاتهم علي مايزعمون أنها مأخوذة منهم فإذن تقليد هؤلاء الأعاظم الذين اصطفاهم الله تعالي وبعثهم لتكميل العباد والإرشاد إلي صلاح المعاش والمعاد و قدأذعن لكلامهم الفلاسفة أولي وأحري من تقليد الفلاسفة الذين هم معترفون برجحان الأنبياء ع عليهم ويتبركون بالانتساب إليهم و من العجب العجاب أن بعض المتفلسفة يتمادون في غيهم ويقولون إن كلام الأنبياء مؤول و لم يريدوا به ظاهره مع أنانعلم أنه قدنطق القرآن المجيد في أكثر المطالب


صفحه : 259

الاعتقادية بوجه لايقبل التأويل أصلا كما قال الإمام الرازي‌ لايمكن الجمع بين الإيمان بما جاء به النبي ص وإنكار الحشر الجسماني‌ فإنه قدورد من القرآن المجيد التصريح به بحيث لايقبل التأويل أصلا. وأقول لايمكن الجمع بين قدم العالم والحشر الجسماني‌ أيضا لأن النفوس الناطقة لوكانت غيرمتناهية علي ما هومقتضي القول بقدم العالم امتنع الحشر الجسماني‌ عليهم لأنه لابد في حشرهم جميعا من أبدان غيرمتناهية وأمكنة غيرمتناهية و قدثبت أن الأبعاد متناهية ثم التأويلات التي‌ يتمحلونها في كلام الأنبياء عسي أن يتأتي مثلها في كلام الفلاسفة بل أكثر تلك التأويلات من قبيل المكابرات للسوفسطائية فإنا نعلم قطعا أن المراد من هذه الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة هي‌ معانيها المتعارفة عند أهل اللسان فإنا كما لانشك في أن من يخاطبنا بالاستفسار عن مسألة الجزء ألذي لايتجزأ لايريد بذلك الاستفسار عن حال زيد مثلا في قيامه وقعوده كذلك لانشك في أن المراد بقوله تعالي قالَ مَن يحُي‌ِ العِظامَ وَ هيِ‌َ رَمِيمٌ قُل يُحيِيهَا ألّذِي أَنشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ وَ هُوَ بِكُلّ خَلقٍ عَلِيمٌ هو هذه المعاني‌ الظاهرة لامعني آخر من أحوال المعاد الروحاني‌ ألذي يقول به الفلاسفة وبالجملة فنصوص الكتاب يجب الحمل علي ظاهرها والتجاوز عن هذاالنهج غي‌ وضلال والتزامه طريق أهل الكمال انتهي . ولقد أحسن وأجاد لكن مايظهر من كلامه من أن النصوص الواردة في الحدوث قابلة للتأويل البعيد ليس كذلك بل إن كان بعضها قابلا فالمجموع يفيد القطع بالمقصود ولعله إنما قال ذلك لعدم اطلاعه علي نصوص أئمة الهدي ع أولعدم اعتقاده بها كما هوظاهر حاله و إن أشعر بالتدين بالحق في بعض المواضع . و أمامنافاة القول بالقدم مع الحشر الجسماني‌ فإنما يتم لوذهبوا إلي عدم تناهي‌


صفحه : 260

عدد النفوس ووجوب تعلق كل واحدة بالأبدان لا علي سبيل التناسخ كماذهب إليه أرسطو و من تأخر عنه أما لوقيل بقدمها وحدوث تعلقها بالأبدان كماذهب إليه أفلاطون و من تبعه فإنه ذهب إلي قدم النفس وحدها وحدوث سائر العالم وتناهي‌ الأبدان أوقيل بجواز تعلق نفس واحدة بأبدان كثيرة غيرمتناهية علي سبيل التناسخ و أن في المعاد يرجع النفس مع بدن واحد فلايتم أصلا.نعم القول بقدم النفوس البشرية بالنوع وحدوثها بحدوث الأبدان علي سبيل التعاقب وعدم تناهيها كماذهب إليه المشاءون علي مانقل عنهم المتأخرون مما لايجتمع مع التصديق بما جاء به النبي ص بل الأنبياء ع من وجوه أخر أيضا.الأول التصديق بوجود آدم وحواء علي مانطق به القرآن والسنة المتواترة مشروحا.الثاني‌ أنهم ذهبوا إلي قدم هيولي العناصر بالشخص وتعاقب صور غيرمتناهية عليها فلابد لهم من القول بتكون أبدان غيرمتناهية من حصص تلك الهيولي وتعلق صور نفوس غيرمتناهية بكل حصة منها وعندهم أيضا أنه لايمكن اجتماع صورتين في حصة من تلك الهيولي دفعة فيلزمهم اجتماع نفوس غيرمتناهية في بدن واحد إن اعترفوا بالمعاد الجسماني‌ إلي غير ذلك من المفاسد تركناها روما للاختصار.

المقصد الرابع في ذكر نبذ من الدلائل العقلية علي هذاالمقصد و إن كان خارجا عن مقصود الكتاب تشييدا لهذا المقصد من كل باب و إن أفضي إلي بعض الإطناب

و هومشتمل علي مطالب .المطلب الأول في إبطال التسلسل مطلقا و هومفتقر إلي تمهيد مقدمات .


صفحه : 261

الأولي ماذكره السيد ره في القبسات و هو أن الحكم المستوعب الشمول لكل واحد إذاصح علي جميع تقادير الوجود لكل من الآحاد منفردا كان عن غيره أوملحوظا علي الاجتماع كان سحب ذيله علي المجموع الجملي‌ أيضا من غيرامتراء و إن اختص بكل واحد واحد بشرط الانفراد كان حكم الجملة غيرحكم الآحاد.فإنه إذا كان سلسلة فرد منها أبيض فالجملة أيضا أبيض و إذا كان لكل جزء مقدار فللكل أيضا كذلك إلي غير ذلك من الأمثلة المنبهة علي المطلب و إذا كان فرد متناهيا لم يلزم أن يكون المجموع متناهيا و إذا كان كل جزء من الأجزاء لايتجزأ غيرمنقسم لا يكون الكل غيرمنقسم و إذا كان كل فرد من أفراد السلسلة واجبا بالذات لايلزم أن تكون الجملة واجبا بالذات لأن في تلك للانفراد مدخلا وتأثيرا.الثانية ماأشار إليه المحقق الدواني‌ وغيره وهي‌ أن العقل قديحكم علي الإجمال حكما كليا بالبديهة أوالحدس علي كل فرد و علي كل جملة سواء كانت متناهية أو غيرمتناهية و إن كان لولاحظ التفصيل ابتداء توقف في بعض الأفراد والجمل كمايحكم العقل مجملا بأن كل موجد يجب أن يتقدم علي الموجد من غيرتفصيل بين موجد نفسه وموجد غيره ثم يثبت به أن الماهية لايجوز أن تكون علة لوجودها و هذاجار في جميع كبريات الشكل الأول بالنسبة إلي الأصغر انتهي . وبهذا يمكن تتميم البرهان السلمي‌ بأن كل بعد من الأبعاد المفروضة فيه يجب أن يوجد فيما فوقه فكذا الكل الغير المتناهي‌.الثالثة اعلم أن من النسب والإضافات ماهي‌ فرع اعتبار العقل وانتزاعه


صفحه : 262

حتي لو لم يعتبرها العقل لم يتحقق في نفس الأمر أصلا و ذلك إنما يكون إذا كان الموصوف أوالاتصاف والنسبة والإضافة اعتباريا محضا يتوقف تحققه علي اعتبار العقل وفرضه و منه العدد إذا كان معروضه غيرموجود فإن العدد عرض لايتحقق إلابتحقق معروضه و هوالمعدود و منه وجود الوجود ولزوم اللزوم وهكذا لأن الموصوف والمنتزع عنه فيهما لايتحقق إلا بعدالانتزاع وتوجه العقل إليه قصدا وبالذات فإن الموصوف لايتحقق إلابهذا و منه النسب الاعتبارية المحضة والانطباقات الحاصلة بين آحاد السلسلتين إذاكانت باعتبار هذه الوجوه كانت اعتبارية محضة تنقطع بانقطاع الاعتبار و من الاتصافات والنسب ماليست كذلك و لايتوقف علي اعتبار وفرض بل هي‌ متحققة في الواقع بدون فرض فارض مثل لوازم الماهية والاتصافات الخارجية والنفس الأمرية فإنا نجزم بديهة أن العدد موصوف بالزوجية أوالفردية والسماء موصوفة بالفوقية بالنسبة إلي الأرض والأب بالأبوة والابن بالبنوة و إن لم يفرض العقل بل انتزاع العقل تابع لما هومتحقق في الواقع و إلاصح انتزاع كل أمر من كل شيء والمنبهات عليه كثيرة لاتخفي فظهر أن انتزاع العقل وصحة حكمه تابع وفرع للواقع و ليس لفرض العقل مدخل في صحة هذه الأمور وتحققها و هذاالقدر كاف في دفع الاعتراضات الواردة علي البراهين الآتية ولنشرع في إيراد البراهين علي وجه الاختصار و إن كانت مذكورة في كتب القوم .الأول برهان التطبيق و هوأم البراهين و له تقريرات .الأول لوتسلسلت أمور مترتبة إلي غيرنهاية بأي‌ وجه من وجوه الترتيب


صفحه : 263

اتفق كالترتيب الوضعي‌ والطبعي‌ أوبالعلية أوبالزمان وسواء كانت عددا أوزمانا أو كماقارا أومعدودا أوحركة أوحوادث متعاقبة فنفرض من حد معين منها علي سبيل التصاعد مثلا سلسلة غيرمتناهية و من ألذي من فوق الأخير أيضا سلسلة أخري و لاشك في أنه يتحقق هناك جملتان إحداهما جزء للأخري و لا في أن الأول من إحداهما منطبق علي الأول من الأخري والثاني‌ علي الثاني‌ في نفس الأمر وهكذا حتي يستغرق التطبيق كل فرد فرد بحيث لايشذ فرد فإن كان في الواقع بإزاء كل واحد من الناقصة واحد من الزائدة لزم تساوي‌ الكل والجزء و هومحال أو لا يكون فقد وجد في الزائدة جزء لا يكون بإزائه من الناقصة شيءفتتناهي الناقصة أولا ويلزم تناهي‌ الزائدة أيضا لأن زيادتها بقدر متناه هو ما بين المبدأين و قدفرضناهما غيرمتناهيين و هذاخلف . واعلم أنه لاحاجة في التطبيق إلي جذب السلسلة الناقصة أورفع التامة وتحريكهما عن موضعهما حتي تحصل نسبة المحاذاة بين آحاد أجزاء السلسلتين ويحصل التطبيق باعتبار هذه النسبة بل النسب الكثيرة في الواقع متحققة بين كل واحد من آحاد إحدي السلسلتين مع آحاد السلسلة الأخري بلا تعمل من العقل فإنه للأول من السلسلة التامة نسبة إلي الأول من الناقصة و هوالخامس من السلسلة الأولي بعدإسقاط أربعة من أولها وللثاني‌ من الأولي إلي السادس من الثانية وللثالث من الأولي إلي السابع من الثانية تلك النسبة بعينها وهكذا في جميع آحاد السلسلتين علي التوالي‌ حتي يستغرق وكذا الأول من السلسلتين موصوف بالأولية والثاني‌ بالثانوية والثالث بالثالثية وهكذا وباعتبار كل من تلك النسب والمعاني‌ تنطبق السلسلتان في الواقع كل جزء علي نظيره علي التوالي‌ و لما كان أول الناقصة منطبقا علي أول الزائدة وتاليها علي تاليها وهكذا علي التوالي‌ كل علي نظيره حتي يستغرق الكل و لايمكن فوات جزء من البين لترتب الجملتين واتساقهما فلابد أن يتحقق في الزائدة جزء لايوجد في الناقصة نظيره و إلالتساوي الجزء والكل


صفحه : 264

فيلزم انقطاع الناقصة وزيادة الزائدة بقدر متناه . واعترض علي هذاالدليل بالنقض بمراتب العدد و كل متناه بمعني لايقف كأجزاء الجسم ومثل اللزوم ولزوم اللزوم وهكذا والإمكان ونظائرهما فإن الدليل يجري‌ فيها. والجواب أن غيرالمتناهي‌ اللايقفي‌ يستحيل وجود جميع أفراده بالفعل لاستحالة وجود غيرالمتناهي‌ بل لأن حقيقة اللايقفية تقتضي‌ ذلك فإنه لوخرج جميع أفرادها إلي الفعل و لوكانت غيرمتناهية يقف مافرضنا أنه لايقف ويلزم في أجزاء الجسم الجزء ألذي لايتجزأ و في المراتب العددية أن لايتصور فوقه عدد آخر و هوخلاف البديهة بل مفهوم الجميع ومفهوم اللايقف متنافيان كماقرروه في موضعه . إذاتقرر هذافنقول لعله يكون وجود جميع الأفراد خارجا وذهنا مستحيلا نعم يمكن ملاحظتها إجمالا في ضمن الوصف العنواني‌ فلايجري‌ فيه البرهان وإنما يتم النقض لوثبت أن جميع مراتب الأعداد المستحيلة الخروج إلي الفعل موجودة مفصلا مرتبا في الواقع . و إن أورد النقض بتحققها في علمه سبحانه فالجواب أن علمه سبحانه مجهول الكيفية لاتمكن الإحاطة به و أنه مخالف بالنوع لعلومنا وإنما يتم النقض لوثبت تحقق جميع شرائط البرهان في علمه تعالي و في المعلومات باعتبار تحققه في هذاالنحو من العلم و هوممنوع و في خبر سليمان المروزي‌ في البداء إيماء إلي حل هذه الشبهة لمن فهمه و قدمر في المجلد الثاني‌ والرابع .الثاني‌ لوكانت الأمور الغير المتناهية ممكنة لأمكن وقوع كل واحد من إحدي السلسلتين بإزاء واحد من الأخري علي سبيل الاستغراق إلي آخر الدليل و هذاالتقرير جار في غيرالمرتبة أيضا لكنه في المرتبة المتسقة أظهر ومنع الإمكان الذاتي‌ مكابرة وكيف يتوقف الذكي‌ في أن القادر ألذي أوجده أولا مرتبا يمكنه أن يوجده مرة أخري مرتبا منطبقا و أن يرتب الغير المرتبة


صفحه : 265

وإنكاره تحكم ومنعه مكابرة.الثالث ماقرره المحقق الطوسي‌ وهذبه الفاضل الدواني‌ و لايرد عليه الشي‌ء من الإيرادات المشهورة و يكون الانطباق فيه انطباقا برهانيا لامجال لتشكيك الوهم فيه وتقع فيه الزيادة والنقصان في الجهة التي‌ فرض فيهاعدم التناهي‌ و هو أن يقال تلك السلسلة المرتبة علل ومعلولات بلا نهاية في جانب التصاعد مثلا و ماخلا المعلول الأخير علل غيرمتناهية باعتبار ومعلولات غيرمتناهية باعتبار فالمعلول الأخير مبدأ لسلسلة المعلولية و ألذي فوقه مبدأ لسلسلة العلية فإذافرضنا تطبيقهما بحيث ينطبق كل معلول علي علته وجب أن تزيد سلسلة المعلولية علي سلسلة العلية بواحد من جانب التصاعد ضرورة أن كل علة فرضت لها معلولية وهي‌ بهذا الاعتبار داخلة في سلسلة المعلول والمعلول الأخير داخل في جانب المبدإ في سلسلة المعلول دون العلة فلما لم تكن تلك الزائدة بعدالتطبيق من جانب المبدإ كانت في الجانب الآخر لامحالة لامتناع كونها في الوسط لاتساق النظام فيلزم الانقطاع و أن يوجد معلول بدون علة سابقة عليه تأمل فإنه دقيق ويجري‌ هذاالدليل في غيرسلسلة العلل والمعلولية من الجمل المترتبة فإن كل جملة فإن آحادها موصوفة في الواقع بالسابقية والمسبوقية بأي‌ نوع كان من السبق وبغيرها من النسب الواقعية المتضايفة البرهان الثاني‌ برهان التضايف وتقريره لوتسلسلت العلل إلي غيرنهاية لزم زيادة عدد المعلولية علي عدد العلية والتالي‌ باطل بيان الملازمة أن آحاد السلسلة ماعدا المعلول الأخير لها عليه ومعلولية فيتكافي عددهما ويتساوي فيما سواه وبقيت معلولية المعلول الأخير زائدا فيزيد عدد المعلوليات الحاصلة في السلسلة علي عدد العليات الواقعة فيهابواحد و هذاالدليل يجري‌ في كل سلسلة يتحقق فيهاالإضافة في كل فرد منها في الواقع لابحسب اختراع العقل وجريانه في المقادير المتصلة مشكل فإن إثبات إضافة في كل حد من الحدود المفروضة فيها في الواقع


صفحه : 266

مشكل أللهم إلا أن يقال كل جزء من أجزاء المقدار المتصل متصف في الواقع لابمجرد الفرض بصفات حقيقية يتصف باعتبارها بالتقدم والتأخر بحسب الوضع وهما متضايفان حقيقيان ويؤيد ذلك أنهم قدصرحوا بأن أجزاء الأجسام موجودة في الواقع بوجود الكل وليست القسمة إيجاد للجزءين من كتم العدم بل تمييز وتعيين حد بين الجزءين الموجودين فيه و فيه أنه يلزم انتهاء أجزاء الجسم ويلزم الجزء ألذي لايتجزأ ثم اعلم أن هذاالبرهان في التسلسل في أحد الجانبين فقط ظاهر و أما في التسلسل في الجانبين فقد يتوهم عدم جريانه فيه ودفعه أنا إذاأخذنا معلولا معينا ثم تصاعدنا أوتسافلنا يجب أن يكون المتضايفان الواقعان في تلك السلسلة متساويين ويتم الدليل ضرورة أن مضايف العلية الواقعة في تلك القطعة هوالمعلولية الواقعة فيها لا مايقع فيما تحت القطعة من الأفراد مثلا إذا كان زيد علة لعمرو وعمرو لبكر فمضايف معلولية عمرو هوعلية زيد لا غيربل الاثنان منها علي التوالي‌ متضايفان تتحقق بينهما إضافة شخصية لاتتحقق في غيرهما فالمضايف للمعلول الأخير المأخوذ في تلك القطعة هي‌ علية القرينة التي‌ فوقها لا غيرفافهم والاعتراضات الواردة علي هذاالدليل من اعتبارية المتضايفين وغيرها مدفوعة بما مهدنا من المقدمات بعدالتأمل فلانطيل الكلام بالتعرض لدفعها.البرهان الثالث ماأبداه بعض الأزكياء من المعاصرين وسماه برهان العدد والمعدود و هوعندي‌ متين وتقريره أنه لوتحققت أمور غيرمتناهية سواء كانت مجتمعة في الوجود أو لا وسواء كانت مترتبة أم لاتحقق لها عدد لأن حقيقة العدد هي‌ مجموع الوحدات و لاريب في تحقق الوحدات وتحقق مجموعها في السلسلة فتعرض العدد للجملة لامحالة إذ لاحقيقة للعدد إلامبلغ تكرار الوحدات ويظهر من التأمل في المقدمات ذلك المطلوب أيضا كما لايخفي و كل مرتبة يمكن فرضها من مراتب الأعداد علي سبيل الاستغراق الشمولي‌ فهي‌ متناهية لأنه يمكن فرض مرتبة أخري فوقها و إلالزم أن تقف مراتب العدد و هوخلاف


صفحه : 267

البديهة بل هي‌ محصورة بين حاصرين أحدهما الوحدة والآخر تلك المرتبة المفروضة أخيرا فالمعدود أيضا و هومجموع السلسلة الغير المتناهية أيضا متناهية لأنه لايمكن أن يعرض للمجموع بحيث لايشذ منه فرد إلامرتبة واحدة من مراتب العدد من جهة واحدة و كل مرتبة يمكن فرضها فهي‌ متناهية كمامر نعم لوأمكن فرض جميع المراتب اللايقفية للعدد وأمكن تصور خروج جميع المراتب اللايقفية إلي الفعل وأمكن عروض أكثر من مرتبة واحدة للعدد للجملة الواحدة من جهة واحدة أمكن عروض العدد الغير المتناهي‌ لهذه الجملة لكنه محال لأنه لايمكن أخذ المجموع من الأمور اللايقفية و لايتصور خروج الجميع إلي الفعل و لو علي سبيل التعاقب و إلالزم أن يقف و هذاخلف و قدالتزمه النظام في أجزاء الجسم بل نقول مفهوم اللايقفية ومفهوم المجموع متنافيان كماقرر في محله . و هذاالبرهان واضح المقدمات يجري‌ في المجتمعة والمتعاقبة والمترتبة و غيرالمترتبة بلا تأمل وكذا جريان برهاني‌ التطبيق والتضايف ظاهر بعدالرجوع في المقدمات الممهدة والنظر الجميل في التقريرات السابقة وذهب المحقق الطوسي‌ ره في التجريد إلي جريان التطبيق والتضايف فيها و قال في نقد المحصل بعدتزييف أدلة المتكلمين علي إبطال التسلسل في المتعاقبة فهذا حاصل كلامهم في هذاالموضع و أناأقول إن كل حادث موصوف بكونه سابقا علي مابعده ولاحقا بما قبله والاعتباران مختلفان فإذااعتبرنا الحوادث الماضية المبتدئة من الآن تارة من حيث كل واحد منهما سابق وتارة من حيث هوبعينه لاحق كانت السوابق واللواحق المتباينتان بالاعتبار متطابقتين في الوجود لانحتاج في تطابقهما إلي توهم تطبيق و مع ذلك يجب كون السوابق أكثر من اللواحق في الجانب ألذي وقع النزاع فيه فإذن اللواحق متناهية في الماضي‌ لوجوب انقطاعها قبل انقطاع السوابق والسوابق زائدة عليها بمقدار متناه فتكون متناهية أيضا انتهي . واعترض عليه بأن في التطبيق لابد من وجود الآحاد علي نحو التعدد والامتياز أما في الخارج فليس و أما في الذهن فكذلك لعجز الذهن عن ذلك و


صفحه : 268

كذا لايمكن للعقل تحصيل الامتياز ووجود كل واحد في الأوقات السابقة علي زمان التطبيق لايفيد لأنه يرجع إلي تطبيق المعدوم فإن الوجود ضروري‌ عندالتطبيق وأيضا لابد في الانطباق من وجود مجموع الآحاد و ذلك المجموع لايمكن وجودها لأن ذلك المجموع لم يكن موجودا قبل الحادث الأخير وبعده لم يبق شيء منه موجودا والقول بوجودها في مجموع الأوقات علي سبيل التدريج كالحركة القطعية يدفعه أن وجود الكل في جميع الأوقات علي هذاالنحو يستلزم وجود الكل بدون شيء من أجزائه و فيه بحث إذ يكفي‌ لوجود هذاالكل وجود أجزائه في أجزاء زمان الكل انتهي . والتحقيق أن الموجود قديوجد في ظرف الزمان و هوالدفعيات و قديوجد في نفس الزمان و هوالتدريجيات والأمر التدريجي‌ مجموعها موجودة في مجموع زمان وجودها علي سبيل الانطباق و ليس المجموع موجودا في أبعاض الزمان و لا في آن من الآنات فإن سئل الحركة في اليوم هل هي‌ موجودة في آن من آنات اليوم المفروض أو شيء من ساعاته فالجواب أنها ليست بموجودة أصلا بل في مجموع اليومين و قد بين ذلك بوجه شاف في مظانه وانطباق الحوادث المتعاقبة الزمانية بعضها علي بعض من قبيل الثاني‌ فالتطبيق موجود في كل زمان لا في آن فآن والانطباق حكمه حكم المنطبقين كانطباق الحركة علي الزمان وانطباق الحركة علي المسافة و هذاظاهر أ لاتري أن الكرة المدحرجة علي سطح مستو تنطبق دائرة من محيط الكرة علي المسافة جزما وانطباقها لايمكن أن يكون في آن لأنه لايمكن التماس بين المستدير والمستوي‌ إلابنقطة فظهر أن انطباقهما تدريجي‌ في كل الزمان أ و لاتعلم أن الحركة والزمان متطابقان تدريجا في كل زمان الحركة و لو لم ينطبق الزمان علي الحركة لم يكن مقدارا لها سواء كانا موجودين في الخارج أو لا.


صفحه : 269

ويمكن الجواب أيضا علي القول بعدم وجود الزمانيات بأنه لاشك أن الآحاد المتعاقبة من إحدي السلسلتين منطبقة في الواقع علي آحاد السلسلة الأخري اللتين كانتا هما معا في الوجود في أزمنة وجودهما و إن لم يكونا موجودين حال حكمنا ووجودهما حال الحكم غيرلازم في جريان البرهان بل وجودهما حين الانطباق و ليس من قبيل تطبيق المعدوم علي المعدوم بل من قبيل الحكم بانطباق المعدوم في حال الحكم علي المعدوم الموجودين معا في حال الانطباق و ذلك مثل سائر الأحكام الصادقة علي الأمور الماضية. وقيل أيضا إن التطبيق يتوقف علي الترتيب و هويتوقف علي تحقق أوصاف ونسب وإضافات يسلكها في سلك الترتيب و في المتعاقبة لايوجد ذلك فإن فيما عدا الحادث الأخير لايوجد شيء من طرفي‌ النسبة و في الحادث الأخير لايوجد إلاطرف واحد فلايتحقق النسبة أيضا ضرورة أنها فرع المنتسبين . فإن قلت لعل الاتصاف في الذهن كماقالوا في اتصاف أجزاء الزمان بالتقدم والتأخر. قلت لماكانت الحوادث لانهاية لها فلايمكن التفصيل في الأذهان والمباد‌ئ العالية والوجود الإجمالي‌ غيركاف لعدم الامتياز فيه انتهي . والجواب أنه يجزم العقل بأن حوادث زمان الطوفان في الخارج قبل حوادث زمان البعثة وقبل الحادث اليومي‌ بلا ريب و لايتفرع علي اعتبار العقل كيف وهم معترفون بأن الحادث المتقدم علة معدة للحادث المتأخر بالعلية والمعلولية الخارجية فإن العلة ما لم توجد في الخارج من حيث إنها علة لم يوجد المعلول في الخارج وهما متضايفان فظهر أن النسبة بالعلية والمعلولية متحققة بين المعلول والعلة المعدة ووجودها السابق وعدمها علة فتحققت النسبة بين


صفحه : 270

المعدوم والموجود والحق أن طرفي‌ النسبة لايمكن أن يكونا معدومين بالعدم المطلق و إذاتحققا نوع تحقق لم يجتمعا في الوجود فإن العقل يجوز تحقق النسبة بينهما و لم ينقبض عنه و من تصور حقيقة وجود الأعراض التدريجية تصور كيفية النسبة بين أجزائها المتعاقبة وقل استبعاده وأذعن بها. ثم إن النسبة بالتقدم والتأخر بين أجزاء الزمان في الواقع من غيرفرعية و لااعتبار العقل وتصوره واتصافها بالصفات الثبوتية والحكم بالأحكام النفس الأمرية بل الخارجية المستلزمة لثبوت المثبت له في الواقع مما لايشك فيه أحد و ليس من الأحكام المتفرعة علي اعتبار العقل الحاصلة بعدفرضه و ليس بحاصل بالفعل إلا بعدالفرض فإنه لو كان كذلك لكان حكم العقل بأن هذاالجزء متقدم وذاك متأخر في الخارج من الأحكام الكاذبة لأنه في الخارج ليس كذلك في الحقيقة أ لاتري أنه يصح الحكم علي الدورات الغير المتناهية من الحركة والزمان بالتقدم والتأخر والقسمة والانتزاع الإجمالي‌ غيركاف لاتصاف كل جزء جزء بالتقدم والتأخر والتفصيل يعجز عنه العقل عندهم فكيف تكون هذه الاتصافات بعدفرض الأجزاء كماذهبوا إليه . و قدذهب بعض المحققين في جواب شك من قال لم اتصف هذاالجزء من الزمان بالتأخر وذاك بالتقدم إلي أن هذه الاتصافات مستندة إلي هويات


صفحه : 271

الأجزاء وتشخصاتها الحاصلة لها فكما أنه لايصح السؤال بأن زيدا لم صار زيدا وعمرا عمرا لايصح السؤال بأنه لم صار أمس أمس واليوم اليوم وذهبوا أيضا إلي أن اختلاف أجزاء الفلك بالقطب والمنطقة مستند إلي هوية الأجزاء ليس بفرض فارض بل موجودة فيه حقيقة لكن الأجزاء وهوياتها موجودة بوجود الكل بوجود واحد و كما أن أجزاء الجسم وتشخصاتها موجودة بوجود الجسم وبوجود قار كذلك أجزاء الزمان والحركة موجودة بوجود الكل بوجود تدريجي‌ بلا تفاوت والمناقشة في هذه ناشئة من عدم تصور الوجود التدريجي‌ كماينبغي‌ فلاينافي‌ اتصال الزمان والحركة إذاكانت موجودة بوجود واحد فإن هذاالنوع من الاختلاف لايستلزم القسمة بالفعل والانفصال بعدالاتحاد بوجود الكل . ثم إنهم قاطبة صرحوا بأن الصفة لايجب تحققها في ظرف الاتصاف والمحكوم به لايجب وجوده في الحكم مع أنه نسبة وذهبوا أيضا إلي تساوي‌ نسبة الممكن إلي طرفي‌ الوجود والعدم و إلي صحة الاتصاف بنحو العمي من الأمور العدمية في الخارج إلي غير ذلك من النظائر و لايخفي أنه يمكن إجراء جميع


صفحه : 272

ماذكرنا في جريان هذاالدليل في المتعاقبة في جريان سائر البراهين فيها فلانطيل الكلام بالتعرض لخصوص كل منها.البرهان الرابع ماأورده الشيخ الكراجكي‌ في الكنز بعد ماأورد برهان التطبيق بوجه مختصر أنيق قال دليل آخر علي تناهي‌ مامضي و هو أنه قدمضت أيام وليالي‌ وقفنا اليوم عندآخرها فلايخلو أن تكون الأيام أكثر عددا من الليالي‌ أوالليالي‌ من الأيام أويكونا في العدد سواء فإن كانت الأيام أكثر من الليالي‌ تناهي الليالي‌ لأنها أقل منها واقتضي ذلك تناهي‌ الأيام أيضا لبطلان اتصالها قبل الليالي‌ بغير ليالي‌ بينها فوجب علي هذاالوجه تناهيهما معا و إن كانت الليالي‌ أكثر من الأيام كان الحكم فيهما نظير ماقدمنا من تناهي‌ الأول فتتناهي الأيام لزيادة الليالي‌ عليها ويقتضي‌ ذلك تناهي‌ الليالي‌ أيضا لمامر فيلزم تناهيهما معا و إن كانت الأيام والليالي‌ في العدد سواء كانا بمجموعهما أكثر عددا من أحدهما بانفراده و هذايشهد بتناهيهما إذ لو كان كل واحد منهما في نفسه غيرمتناه ماتصورت العقول عددا أكثر منه و قدعلمنا أن الأيام مع الليالي‌ جميعا أكثر عددا من أحدهما و هذاموضح عن تناهيهما وبهذا الدليل نعلم أيضا تناهي‌ جميع مامضي من الحركات والسكنات و من الاجتماعات والافتراقات و من الطيور والبيض والشجر والحب و مايجري‌ مجري ذلك انتهي ثم اعلم أنه يمكن إبطال ماادعوه من التسلسل في الأمور المتعاقبة بل في غيرالمرتبة أيضا بوجوه أخري نذكر بعضها.الأول أنهم قالوا بالحوادث الغير المتناهية التي‌ كل سابق منها علة معدة للاحق علي سبيل الاستغراق و أن إيجاد الواجب تعالي لكل منها مشروط بالسابق تحقيقا للإعداد وتصحيحا لارتباط الحادث بالقديم و أنه تعالي ليس بموجب تام لواحد منها إذاتقرر هذافنقول لوتسلسلت المعدات علي ماذهبوا إليه لا إلي نهاية لزم أن يكون وجوب كل واحد منها وجوبا شرطيا بمعني أنه يجب كل


صفحه : 273

منها بشرط وجوب سابقة و لاينتهي‌ إلي الوجوب القطعي‌ البت ألذي يكون تعالي موجبا له لذاته بدون شرط لأنه عندهم أنه تعالي ليس بموجب تام لكل واحد من المعدات بل الحوادث مطلقا وتأثيره تعالي في كل منها موقوف علي تأثيره في معد سابق عليه لا إلي نهاية فوجوب كل منها وجوب شرطي‌ لايجب حتي يجب سابقه والوجوب الشرطي‌ غيركاف لتحقق واحد منها فإنه بمنزلة قضايا شرطية غيرمتناهية مقدم كل لاحق تال لسابقه فإنه ما لم ينته إلي وضع مقدم لم ينتج شيئا و لوتوقف تأثير الواجب في كل حادث وإيجاده إياه علي إيجاد حادث آخر و لم تجب لذاتها تلك الإيجادات لكان يجوز للواجب ترك إيجاد الحوادث بالكلية و ما لم يمتنع هذاالاحتمال في نفس الأمر لم يجب واحد منها في الواقع لأن وجوب كل حادث إنما هوبشرط إيجاد حادث آخر وهكذا الكلام في ترك الإيجاد رأسا و ما لم يمتنع جميع أنحاء ارتفاعاته وعدماته في الواقع لم يجب وجوده . وتوهم بعضهم أنه لايمكن ارتفاعه ارتفاع جميع الحوادث لاستلزامه ارتفاع الطبيعة القديمة المستندة بلا شرط إلي الواجب تعالي شأنه و هومردود بأنه لايعقل استناد


صفحه : 274

الطبيعة بلا شرط إلي الواجب جل شأنه لأن الطبيعة عندهم إذاكانت ذاتية لماتحتها فإنما هي‌ مجعولة بجعل ماهي‌ ذاتية له جعلا واحدا و لايمكن تعلق جعل علي حدة بالطبيعة الكلية قطعا وجعل كل فرد من أفراد الطبيعة عندهم إنما هوبشرط سبق معد نعم لوتحقق تأثير منفرد في الطبيعة وراء التأثير في الأفراد لوجب أن يكون التأثير من الواجب فيهاإما ابتداء أوبواسطة قديمة وتأثير الواجب في القديم بلا واسطة وشرط أوبواسطة قديمة إنما هومنشأ استحالة انعدام القديم عندهم فظهر أن سلسلة الحوادث يجب أن تنتهي‌ إلي حادث يجب وجوده عن الواجب بلا شرط معد فتنقطع سلسلة الحوادث به لأنه لايجوز تقدم شرط أومعد من الحوادث عليه وكذا يمكن إجراء كثير من براهين إثبات الواجب التي‌ لايتوقف علي إبطال الدور والتسلسل هنا بأدني تصرف لايخفي علي الفطن اللبيب فإن تأثير الواجب تعالي عندهم في كل حادث يتوقف علي معد ووجود الواجب مع عدم المعد في حكم قوة فرض عدمه تعالي والعياذ بالله في عدم التأثير والعلة التامة عندهم هوالواجب مع المعد ومجموع المركب من الواجب والممكن ممكن فالعلل التامة لجميع الحوادث الغير المتناهية ممكنات فكما لاينفع التزام التسلسل في مسألة إثبات الواجب لاينفع التزامه هنا أيضا إذ الأدلة الدالة علي إثبات الواجب بدون التمسك بإبطال التسلسل يجري‌ هنا أيضا بأدني تفاوت .الثاني‌ أن نقول علي تقدير تسلسل الحوادث علي سبيل التعاقب يلزم أن يتقدم علي كل حادث من الحوادث علي سبيل الاستغراق عدم أزلي‌ لحادث حادث والحادث الأول والثاني‌ يجتمعان في العدم إذ يوجد في الواقع مرتبة من المراتب


صفحه : 275

كانا معدومين فيها واجتمع معهما عدم الحادث الثالث ضرورة أن عدم كل حادث أزلي‌ و أن عدم الحادث المتأخر و إن كان أطول امتدادا من الحادث المتقدم إلا أن الكل متحقق في ظرف الزمان إذ طبيعة الزمان أزلية عندهم والأعدام كلها أزلية فلابد من اجتماعها قطعا في زمان ما ويجتمع مع هذه الأعدام الثلاث عدم الحادث الرابع وهكذا علي ترتيب الآحاد علي التوالي‌ فإما أن يستغرق هذاالاجتماع إعدام جميع الآحاد فيكون جميع الحوادث معدوما في مرتبة ما من المراتب الواقعية فتأخر جميع الحوادث عن تلك المرتبة الواقعية و يكون الجميع معدوما في تلك المرتبة فيكون لها مبدأ وانقطاع و هوالمطلوب و إن لم يستغرق فينتهي‌ إلي حادث معين لايجتمع عدمه مع عدم ماقبله من الحوادث إما لأن هذاالحادث لايسبقه عدمه فيكون قديما بالشخص وإما لأن الحادث ألذي قبله لايسبقه عدم أزلي‌ فيكون ذلك قديما ضرورة أنه لوتقدمهما عدم أزلي‌ يجب اجتماعهما مع ماتأخر عنهما فتنقطع سلسلة الحوادث علي أي تقدير. لايقال كل جملة متناهية يجتمع في العدم ويتحقق عدم سابق علي الجميع و أماجملة الحوادث الغير المتناهية فلا.لأنا نقول قدبينا أن هذاالحكم مستغرق لجميع الآحاد علي التوالي‌ و قدمر في المقدمات الممهدة أن أمثال هذه الأحكام علي كل فرد تسري‌ إلي الجملة فلامجال لهذا التوهم .


صفحه : 276

و لك أن تقول هاهنا سلسلتان إحداهما سلسلة وجودات الحوادث والأخري سلسلة عدماتها فإذاأخذنا مجموع الوجودات بحيث لايشذ عنها فرد وكذا العدمات فلاشك أن جملة العدمات بحيث لايشذ فرد متقدمة علي جملة الوجودات لتقدم كل فرد منها علي نظيره وعديله ومثل هذاالحكم يسري‌ من الآحاد إلي الجملة ولأن جملة العدمات لما كان كل فرد منها أزليا وجملة الحوادث حادثة وتقدم الأزلي‌ علي الحادث ضرورية و لاشبهة في إمكان أخذ المجموع بحيث لايشذ فإنه ليس من قبيل الجملة اللايقفية التي‌ لايمكن فيهاأخذ المجموع بحيث لايشذ و قدأخذوا جملة الممكنات في دليل إثبات الواجب فيكون ممكنا فلا يكون في تلك المرتبة شيء من الحوادث و هوالانقطاع . ولنا أيضا أن نقول يتقدم علي كل حادث عدم أزلي‌ هوعدم لهذا الحادث وينعدم معه جميع مابعده من الحوادث التي‌ هومعد لها وسبق هذاالعدم يستوعب جميع آحاد سلسلة الحوادث وحكم الآحاد يسري‌ إلي الجملة فيلزم عدم مجموع الحوادث رأسا وانقطاعها أونقول مجموع الحوادث واحد شخصي‌ لأن كل جزء منه واحد شخصي‌ وحادث أيضا لأن جميع أجزائه حادث فيلزم الانقطاع ونقول أيضا السلسلة المذكورة معدات عندهم والمعد يعتبر وجوده وعدمه في المعلول المتأخر وكلاهما سابق عليه فنأخذ سلسلة العدمات اللاحقة السابقة علي وجود المعلولات ونقول إما أن يستغرق سبق كل فرد من العدمات لكل فرد من وجودات الحوادث النظير علي النظير فيلزم تقدم جملة سلسلة العدمات إذاأخذنا بحيث لايشذ منها شيء علي سلسلة وجودات الحوادث و هويستلزم الانقطاع وتقدم عدم اللاحق علي الموجود و هذاخلف و إن لم يستغرق فينتهي‌ إلي فرد لايسبقه عدم المعد فتنقطع سلسلة المعدات . و علي هذه التقريرات لايتوجه ماقيل إن الأزل ليس وقتا محدودا تجتمع فيه العدمات وغيرها بل مرجعه إلي أن قبل كل حادث حادث إلي غيرنهاية


صفحه : 277

وهكذا عدم الحوادث و لامحذور فيه لأن اجتماع العدم الأزلي‌ الغير المتناهي‌ في الماضي‌ في زمان مع عدم تناهي‌ الزمان عندهم مع مثله بالغا مابلغ سواء كانت الأعدام متناهية أم لابديهي‌ و لايلزمنا تعيين زمان معين للأزل وكذا ماقيل و إن تحقق في الأزل عدم الحوادث لكنه عدم كل حادث مقرون بوجود حادث تقدم علي ذلك الحادث أبدا فلايتحقق وقت ينتهي‌ فيه جميع الموجودات ويبقي صرف العدم و هذا مع أنه مدفوع بما قررنا لوتم فهو فساد آخر نشأ من عدم تناهي‌ الحوادث إذ جميع المفاسد التي‌ ذكرنا إنما نشأت من الحوادث إلي غيرنهاية. ويمكن أن يقال أيضا إن الحادث اليومي‌ مسبوق بعدم معده وبعدم معد معده وهكذا إلي غيرنهاية وعدم المعد البعيد بواسطة أطول امتدادا من عدم المعد القريب والمعد البعيد بواسطتين أطول منهما والمعد الأبعد بثلاث وسائط أطول من الثلاثة وكلما تمتد سلسلة المعدات تتزايد امتداد الأعدام اللاحقة للمعدات فلو ذهبت السلسلة إلي غيرنهاية لزم أن يمتد العدم اللاحق لا إلي نهاية مع أنه عدم لاحق مسبوق بوجود المعد واستحالته ظاهرة و هذابرهان لطيف قوي‌ لايرد عليه مايرد علي برهان السلم لأن جميع الأعدام الغير المتناهية جزء للعلة التامة للحادث اليومي‌ مجتمعة ووجودات المعدات متحققة في الواقع متمايزة بخلاف برهان السلم لأن ازدياد الانفراج هنا علي سبيل اللايقف وموقوف علي فرض النقاط في الساقين .الثالث قال بعض المحققين إن الأمور الغير المتناهية مطلقا يستلزم الأمور الغير المتناهية المترتبة ويلزم منه تناهي‌ النفوس وحدوثها علي بعض الوجوه كماسلف بيانه أن المجموع متوقف علي المجموع إذاأسقط منه واحد و ذلك المجموع علي مجموع أقل منه بواحد وهكذا إلي غيرنهاية فيجري‌ التطبيق والتضايف بين المجموعات الغير المتناهية إذ هي‌ أمور موجودة مترتبة.


صفحه : 278

المقصد الخامس في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة علي ألسنة المنافقين والمشككين القاطعين لطريق الطالبين للحق واليقين

و فيه مراصد.المرصد الأول قالوا إذالاحظنا الواجب تعالي شأنه في طرف وجميع ماعداه بحيث لايشذ منها شيء في طرف آخر فحينئذ إما أن يكون الواجب سبحانه علة تامة لشي‌ء ما أو لا وبعبارة أخري جميع ما لابد منه في وجود شيء ماسواء كان ذلك الشي‌ء الإرادة الزائدة أوغيرها إما ذاته تعالي أو لا و علي الأول يكون ذلك الشي‌ء معه دائما في الأزل لاستحالة تخلف المعلول عن العلة التامة و علي الثاني‌ يستحيل وجود شيء ماأبدا لاستحالة التغير في ذاته تعالي وبعبارة أخري وبوجه أبسط و هو أن يقال ذات الواجب تعالي إما أن يستجمع جميع شرائط التأثير في الأزل أو لا و علي الأول يلزم قدم الأول بالضرورة لامتناع التخلف عن الموجب التام و علي الثاني‌ توقف وجود الأثر و هوالعالم علي شرط حادث وننقل الكلام إليه حتي يلزم التسلسل . أما علي سبيل الاجتماع و هوباطل بما مر وأيضا نقول إذاأخذنا مجموع تلك الشروط بحيث لايشذ عنها شرط فإما أن يتوقف وجودها علي شرط آخر غيرذات الواجب تعالي خارج عن مجموع الشروط فلم يكن مافرضناه جميعا جميعا و هذاخلف أو لايتوقف فيكون الذات وحده مستقلا بإيجاد ذلك المجموع فأما أن يكون اجتماعها في آن حدوث الأثر فيلزم إما حدوث الواجب بالذات وإما تخلف الشروط عن موجبها التام وكلاهما محالان أو يكون اجتماعها في الأزل فيلزم قدم أشخاص غيرمتناهية من العالم هي‌ الشروط بل والمشروط وجوده بهاأيضا و إلالزم تخلف المشروط عن موجبه التام و هوالواجب مع جميعها إذ المفروض عدم شرط خارج عن المجموع أو علي سبيل تعاقب تلك الشروط إما في الحدوث


صفحه : 279

مع اجتماعها في البقاء فتجتمع في آن الحدوث أمور غيرمتناهية مترتبة موجودة وتجري‌ فيهابراهين إبطال التسلسل بالاتفاق علي أنه يلزم حينئذ قدم نوع الفعل وطبيعته و هومطلوب في الجملة وإما علي سبيل تعاقبها حدوثا وبقاء بأن لايجتمع اثنان منها في الوجود في زمان و لا في آن فتكون طبيعة العالم قديمة محفوظة بتعاقب تلك الأفراد الغير المتناهية وتلك الأمور إنما يكون تعاقبها علي مادة قديمة فيلزم أيضا قدم شخص هوالمادة ولكونها لاتنفك عن الصورة يكون الجسم قديما أيضا أويقال لايجوز وجود الشرائط علي التعاقب أيضا فإن الفاعل لماتوقف تأثيره في كل من الشرائط علي شرط آخر فهو في حد ذاته متساوي‌ النسبة إلي طرفي‌ الإيجاد وتركه فيتساوي فرض وجوده بحيث لايوجد منه شيء من تلك الشروط أصلا وفرض وجوده موجدا له فلايترجح أحد الطرفين علي الآخر إلالأمر خارج وننقل الكلام إليه حتي يظهر أنه يجب أن يكون بين البار‌ئ تعالي والحوادث توسط أمر واحد ذاتا تتكثر إضافاته ونسبه فيكون قديما بالذات وحادثا بالإضافة و هوالحركة فأوجبوا وجود حركة قديمة بل وجود جسم قديم هوالمتحرك بتلك الحركة وادعوا أنها حركة الفلك الأعظم فيكون قديما وكذا ما في جوفه لامتناع الخلاء ولأن الحركة الواحدة البسيطة كما لاتختلف ذاتها لاتختلف إعداداتها للمادة الواحدة لتشابه أجزائها في الحقيقة وأثبتوا حركات مختلفة وأفلاكا كثيرة يحصل من اجتماعها واختلافها سرعة وبطء وجهة وأوضاع مختلفة من المقارنات والمقابلات والتربيعات والتسديسات والتثليثات و غير ذلك فتنتظم بهاسلسلة الحوادث عندهم . و هذه الشبهة بتلك التقريرات أقوي شكوكهم وللتفصي‌ عنها طرق الطريق الأول ما هوالمشهور بين المتكلمين و هو أن يقال إنهم يقولون بقدم العالم لزعمهم لزوم توسط أمر ذي‌ جهتي‌ استمرار وتجدد بين الحادث اليومي‌ والقديم لئلا يلزم التخلف عن العلة التامة ونحن نقول إنه الزمان و لايلزم القدم لكونه أمرا اعتباريا انتزاعيا وأدلة وجوده مدخولة و لانقول بانتزاعه من


صفحه : 280

موجود ممكن حتي يلزم القدم أيضا بل هومنتزع من بقائه تعالي فكما أنهم يصححون ربط الحادث بالقديم بالحركة والزمان كذلك نصححه أيضا بالزمان وكون الزمان مقدار حركة الفلك ممنوع بل نعلم بديهة أنه إذا لم يتحرك الفلك مثلا يتوهم هذاالامتداد المسمي بالزمان والقول بأنه لعله من بديهة الوهم لايصغي إليه . ثم إن الزمان و إن كان وهميا فمعلوم أنه ليس وهميا اختراعيا بل وهميا نفس أمري‌ ومثل هذاالوهمي‌ يصح أن يكون منشأ للأمور الموجودة في الخارج لابأن يكون فاعلا لها بل دخيلا فيها مع أن محققي‌ الفلاسفة وافقونا علي كون الزمان الممتد المتصل أمرا انتزاعيا مرتسما في الخيال وخالفونا فيما هومنشأ لانتزاعه فقالوا بوجود أمر قديم سرمدي‌ في الخارج لاامتداد له و لاتقدر واعتقدوا أن له جهتي‌ استمرار وتنقل كالحركة التوسطية وسموه بالآن السيال وزعموا أن ذلك الأمر يفعل باستمراره وسيلانه في الخيال أمرا ممتدا متصلا غيرقار الأجزاء في الوجود


صفحه : 281

الفرضي‌ الخارجي‌ أو في حدوث الارتسام كالحركة بمعني القطع وسموه بالزمان بمعني القطع كل ذلك من غيرضرورة و لابرهان يدل علي ذلك الأمر البسيط في الخارج فإن الشيخ لم يزد في الشفاء علي تحرير الدعوي وإعادته بعبارات متكررة في فصول شتي و لانقل عن السابقين عليه دليل في هذاالباب واقتفي المقلدون أثرهم بحسن الظن بهم وليت شعري‌ إذاقنعوا بالتقليد فلم لم يقلدوا من قلدهم الله تقليده وتصديقه علي أن العقل المستقيم ينقبض عن وجود ذلك الأمر في الخارج بل يمكن إبطاله أيضا بوجوه ليس هذامقام إيرادها مع أنه علي هذاالقول يرد عليهم مايرد علينا. و ماقيل من أن الزمان الموهوم لاتمايز بين أجزائه وطلب الترجيح فيما بينها غيرمعقول مدفوع بما مر من أنه و إن لم يكن موجودا لكنه من الأمور الواقعية التي‌ يحكم العقل عليها بتلك الأحكام حكما واقعيا مع أنه لو كان وهميا محضا لايترتب عليه حكم لايتحقق التخلف أيضا إذا لم يتخلل زمان بين العلة وأول المعلولات أصلا حتي يسأل عن الترجيح بين أجزائه فيلزم الترجيح بلا مرجح والامتداد المتوهم محض اختراع الوهم حينئذ. وحاصل الجواب حينئذ أنانختار أنه ليس في الأزل مستجمعا لشرائط التأثير قوله توقف علي شرط حادث قلنا هوتمام قطعة من الزمان يتوقف عليها وجود العالم ويرتبط به الحادث بالقديم علي نحو ماالتزمه الفلاسفة في الحركة إلا أن توسيط الحركة يستدعي‌ قدم الحركة التوسطية السرمدية بل قدم المتحرك بهابل سائر الأجسام علي ماعرفت و في هذاالمسلك لايلزم شيء من ذلك لأن الزمان و إن كان من الأمور المتحققة في نفس الأمر لكنه ليس من الموجودات الخارجية و لامما ينتزع من حركة أوجسم حتي يلزم من تحققه في الأزل قدمه أوقدم منشإ انتزاعه بل إنما ينتزع من ذات الأول تعالي و ماقيل من أن حقيقة الزمان هي‌ التقضي‌ والاستمرار الممتد فلو كان انتزاعيا لكان منتزعا مما يناسبه ويشابه مهيته كالحركة القطعية التي‌ هي‌ أمر تدريجي‌ متصل غيرقار


صفحه : 282

ووجود الواجب سبحانه أمر ثابت لايتصور فيه شائبة تدريج وانقسام فأي‌ مناسبة بينه و بين ماينتزع منه فجوابه أن ماادعيت من لزوم تحقق المناسبة بين كل انتزاعي‌ ومنشإ انتزاعه حكم غير بين و لامبين ولئن سلمنا لزومه فهو لاينحصر فيما نفهمه من الزمان من معني التجدد والاتصال ولعله تتحقق مناسبة مابينهما من جهة أخري خفية عن إدراكنا وعدم الوجدان لايعطي‌ العدم أ لاتري أن أكثر الانتزاعيات كالزوجية والفردية والفوقية والتحتية وغيرها ينتزع من محالها و لايحكم وجداننا بتحقق مناسبات تفصيلية بين كل منتزع و ماينتزع منه و ذلك إما لعدم لزوم تحققها في الواقع أولعدم اطلاعنا علي تفاصيلها وأيا ما كان فليكن الأمر فيما نحن بصدده كذلك علي أنه يرد مثل ذلك علي الفلاسفة أيضا إذ الزمان والحركة بمعني القطع منتزعان عندهم من الآن السيال والحركة التوسطية مع مباينتهما فيما ذكره المورد من الأوصاف .


صفحه : 283

وكذا ماقيل من أن اتصافه تعالي بالبقاء يتوقف علي تحقق زمان إذ المفهوم منه وجود أمر في آن مسبوق بوجود ذلك الأمر في آن آخر يتقدمه فلو كان الزمان منتزعا من الذات المتصفة بالبقاء لزم الدور مدفوع بأن هذه العبارة صدرت منهم مسامحة واتكالا علي وضوح الأمر بل المنشأ لانتزاع الزمان هووجوده سبحانه ألذي يمتنع عليه طريان العدم بمدخلية هذاالوصف وظاهر أن هذاالوصف ثابت له سبحانه في ذاته من غيرتوقف علي اعتبار بقاء أوزمان أو غير ذلك لأن هذاالوصف من لوازم الوجود الذاتي‌ ألذي هوعين ذاته أوأمر لايحتاج ثبوته للذات إلي أمر سوي الذات ومجرد الاستلزام بين الوصف المذكور والبقاء غيركاف فيما المعترض بصدده كما لايخفي فإن انتزاع البقاء بالمعني المذكور عن الذات متأخر عن ثبوت هذاالوصف بل عن انتزاع الزمان أيضا. وأورد عليه أيضا أنه لو كان منتزعا منه سبحانه لكان صفة له كما هوشأن سائر ماينتزع منه كالعلم والإرادة والقدرة والخلق و غير ذلك من المعاني‌ المصدرية والتالي‌ باطل لأنه سبحانه لايتصف بالزمان لابالحمل مواطاة و هوظاهر و لااشتقاقا لأنه ليس بزماني‌ كما أنه ليس بمكاني‌ كماتشهد به العقول السليمة والنصوص الواردة عن الصادقين ع . وأجيب عنه أولا بأنا لانسلم أن كل ماينتزع من شيءيجب أن يكون صفة له لأن مناط كون شيءصفة لشي‌ء هووجود العلاقة الناعتية بينهما وكون انتزاع شيء من شيءمطلقا مستلزما لوجود تلك العلاقة غير بين و لامبين و من تصدي له فعليه البيان و أماثانيا فلأنا لوسلمنا ذلك نقول ماورد من النصوص من أنه ليس بزماني‌ و لامكاني‌ معناه أنه كما لايحيط به مكان حتي يكون ظرفا له مشتملا عليه كذلك لايحيط به زمان حتي يتقدم عليه جزء من ذلك الزمان أويتأخر عنه جزء آخر منه فيكون وجوده مقارنا لحد خاص من الزمان مسبوقا بحد آخر منه خال عن وجوده فيكون ذلك الحد ماضيا بالنسبة إلي وجوده الحق


صفحه : 284

وسابقا علي حد آخر كذلك حتي يكون مستقبلا بالقياس إليه و أمامقارنة الحق القديم للزمان وتحققه معه في نفس الأمر من الأزل إلي الأبد فلاشك في صحته ووقوعه ويكفي‌ في اتصافه تعالي بالزماني‌ تحقق المعني الثاني‌ و ليس لمفهوم لفظ الزماني‌ لغة و لااصطلاحا اختصاص بما يقارنه الزمان علي النحو الأول و أمااتصافه سبحانه بالمكاني‌ فإنه إنما منع لأنه لم يتحقق المقارنة بين ذاته تعالي و بين المكان بشي‌ء من المعنيين لابمعني إحاطة المكان به و لابمعني مقارنة وجوده لوجوده أزلا وأبدا و لاشك أن اتصافه سبحانه بالزماني‌ بهذا المعني مما لاينكره العقل و لاالنقل بل ماورد في النصوص من توصيفه بالباقي‌ والدائم والسرمدي‌ والأزلي‌ والأبدي‌ مما يشهد بصدقه ويؤذن بأن النصوص الدالة علي نفي‌ اتصافه بالزماني‌ إنما المراد بهانفي‌ إحاطة الزمان بوجوده الحق علي ما هوشأنه مع المتغيرات الحادثة في حد منه دون حد أو أنه لايتقدر وجوده سبحانه بالليل والنهار والشهور والسنين .الطريق الثاني‌ بناء الجواب علي عدم كونه سبحانه زمانيا كماأومأنا إليه سابقا و عليه شواهد كثيرة من الأخبار أشرنا إلي بعضها في مواضعها و قدمر كثير منها في كتاب التوحيد نحو

مَا رَوَاهُ الصّدُوقُ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا يُوصَفُ بِزَمَانٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ لَا حَرَكَةٍ وَ لَا انتِقَالٍ وَ لَا سُكُونٍ بَل هُوَ خَالِقُ الزّمَانِ وَ المَكَانِ وَ الحَرَكَةِ وَ السّكُونِ تَعَالَي عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً

وَ مَا رَوَاهُ عَن أَبِي اِبرَاهِيمَ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَم يَزَل بِلَا زَمَانٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ هُوَ


صفحه : 285

الآنَ كَمَا كَانَ الخَبَرَ

وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ عَنهُ إِنّ اللّهَ لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ وَ لَا يجَريِ‌ عَلَيهِ زَمَانٌ

وَ فِي الكاَفيِ‌ وَ غَيرِهِ فِي أَخبَارٍ كَثِيرَةٍ وَ اللّهُ لَا يُوصَفُ بِخَلقِهِ

وَ روُيِ‌َ عَن سَيّدِ الشّهَدَاءِ ع فِي بَعضِ خُطَبِهِ لَيسَ عَنِ الدّهرِ قِدَمُهُ

.إذ الظاهر أن المراد أن قدمه سبحانه ليس قدما زمانيا ينشأ من مقارنة الزمان أبدا و قدمر

قَولُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع ألّذِي لَيسَ لَهُ وَقتٌ مَحدُودٌ وَ لَا أَجَلٌ مَمدُودٌ وَ لَا نَعتٌ مَحدُودٌ

وَ فِي النّهجِ لَم يَسبِق لَهُ حَالٌ حَالًا فَيَكُونَ أَوّلًا قَبلَ أَن يَكُونَ آخِراً وَ يَكُونَ ظَاهِراً قَبلَ أَن يَكُونَ بَاطِناً

قَولُهُ ع لَا تَصحَبُهُ الأَوقَاتُ وَ قَولُهُ ع مَا اختَلَفَ عَلَيهِ دَهرٌ فَيَختَلِفَ مِنهُ الحَالُ وَ قَولُهُ ع لَيسَ لِصِفَتِهِ حَدّ مَحدُودٌ وَ لَا نَعتٌ مَوجُودٌ وَ لَا وَقتٌ مَعدُودٌ وَ لَا أَجَلٌ مَمدُودٌ

وَ فِي التّوحِيدِ عَنِ الكَاظِمِ ع أَنّ اللّهَ لَا يُوصَفُ بِزَمَانٍ وَ لَا مَكَانٍ

وَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع لَم يَختَلِف عَلَيهِ حُقبُ الليّاَليِ‌ وَ الأَيّامِ

وَ عَنهُ ع لَا يَزَالُ وَحدَانِيّاً أَزَلِيّاً قَبلَ بَدوِ الدّهُورِ وَ بَعدَ صَرفِ الأُمُورِ

وَ قَد مَرّ أَيضاً قَولُهُ ع إِنّهُ يَعُودُ بَعدَ فَنَاءِ الدّنيَا وَحدَهُ لَا شَيءَ مَعَهُ كَمَا كَانَ قَبلَ ابتِدَائِهَا كَذَلِكَ يَكُونُ بَعدَ فَنَائِهَا بِلَا وَقتٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ لَا حِينٍ وَ لَا زَمَانٍ

وَ قَد مَرّ أَيضاً فِي حَدِيثِ ذِعلِبٍ لَا تَضمَنُهُ الأَوقَاتُ إِلَي قَولِهِ مُخبِرَةً بِتَوقِيتِهَا أَن لَا وَقتَ لِمُوَقّتِهَا وَ فِي خُطبَةٍ أُخرَي سَبَقَ الأَوقَاتَ كَونُهُ وَ الِابتِدَاءَ أَزَلُهُ إِلَي قَولِهِ كَيفَ يجَريِ‌ عَلَيهِ مَا هُوَ أَجرَاهُ وَ فِي خُطبَةٍ أُخرَي لَا يُقَالُ لَهُ مَتَي وَ لَا يُضرَبُ لَهُ أَمَدٌ بِحَتّي

وَ قَد مَرّ فِي خُطبَةِ الرّضَا ع لَا تَصحَبُهُ الأَوقَاتُ إِلَي قَولِهِ فَفَرّقَ بِهَا بَينَ قَبلٍ وَ بَعدٍ لِيُعلَمَ أَن لَا قَبلَ لَهُ وَ لَا بَعدَ إِلَي قَولِهِ مُخبِرَةً بِتَوقِيتِهَا أَن لَا وَقتَ لِمُوَقّتِهَا إِلَي قَولِهِ وَ لَا تُوَقّتُهُ مَتَي وَ لَا تَشمَلُهُ حِينَ وَ لَا تُقَارِنُهُ مَعَ إِلَي قَولِهِ فَكُلّ مَا فِي الخَلقِ لَا يُوجَدُ فِي خَالِقِهِ وَ كُلّ مَا يُمكِنُ فِيهِ يَمتَنِعُ مِن صَانِعِهِ وَ لَا تجَريِ‌ عَلَيهِ الحَرَكَةُ وَ السّكُونُ وَ كَيفَ يجَريِ‌ عَلَيهِ مَا هُوَ أَجرَاهُ وَ يَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ ابتَدَأَهُ

وَ عَنِ البَاقِرِ ع لَم يَكُن لَهُ كَانَ

وأمثال هذه كثيرة قدمر أكثرها وظاهر الجميع بل صريح بعضها نفي‌ كونه سبحانه زمانيا وكذا يدل


صفحه : 286

علي ذلك ماينفي‌ عنه سبحانه المقادير فإن الظاهر أن الزمان أيضا من المقادير وكذا مايدل علي استحالة التغير وتجدد الحال عليه تعالي فما يدل علي خلاف ذلك مثل قوله تعالي كُلّ يَومٍ هُوَ فِي شَأنٍ و قوله خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وأمثال ذلك مما مر بعضها فيمكن حملها علي ضيق العبارة فإن أهل اللغة لايفهمون التجرد من الزمان ووضعوا الألفاظ للمعاني‌ المتعارفة بينهم وإما لتفهيم عامة الناس فإن تصور التجرد عن الزمان صعب يحتاج إلي لطف قريحة وإما أن يكون من قبيل قوله تعالي هُوَ مَعَكُم أَينَ ما كُنتُم و يكون المعية مع الزمان كالمعية مع المكان بل المكانيات وإما أن يقال المنفي‌ عنه تعالي هوالزمان بالذات والمثبت هوالزمان بالعرض كمايفهم من كلام السيد الشريف في معني السرمد وإما أن يكون من قبيل نفي‌ الزمان وإثبات الثمرة كما في سائر الصفات فإن الآلة منتفية وثمرة السمع والبصر وغيرهما ثابتة وكذا مبدأ اشتقاق الرحمة والغضب واللطف وغيرها منتفية وثمراتها ثابتة فالزمان منفي‌ عنه تعالي وثمرته ثابتة من توصيف أفعاله سبحانه بأوصاف الزمانيات من التعاقب والترتيب ووقوعه في اليوم دون أمس إلي غير ذلك إما في الأفعال في أنفسها أوبالنسبة إلينا بلا تغير في ذاته تعالي وتجدد وتصرم بالنسبة إليه سبحانه وكون بعضها بالفعل وبعضها بالقوة له تعالي و لااستبعاد فيه فإن جميع الأمور الإلهية غريبة عجيبة لاتدركها الأبصار و لايخطر ببال أولي‌ الرويات خاطرة من تقدير جلاله و لايصل إليه ألباب البشر بالتفكير بل ترجع خاسئة حسيرة ونهاية علم الراسخين


صفحه : 287

في العلم الاعتراف بالعجز عن إدراك حقيقتها وكيفيتها فليس لدوامه سبحانه امتداد وطول يمكن انطباقه علي الزمان حقيقة كبقاء الممكنات المنطبقة علي قطعة من الزمان بل الله تعالي فوق مايصفه الواصفون ولَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ. ويؤيد بعض هذه الوجوه

مَا رَوَاهُ الكلُيَنيِ‌ّ وَ الصّدُوقُ فِي الكاَفيِ‌ وَ المَجَالِسِ بِإِسنَادِهِمَا عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ فِي خُطبَةِ الوَسِيلَةِ إِن قِيلَ كَانَ فَعَلَي تَأوِيلِ أَزَلِيّةِ الوُجُودِ وَ إِن قِيلَ لَم يَزَل فَعَلَي تَأوِيلِ نفَي‌ِ العَدَمِ

وَ فِي الكاَفيِ‌ فِي خُطبَةٍ لَهُ ع أَزَلُهُ نُهيَةٌ لِمَجَاوِلِ الأَفكَارِ وَ دَوَامُهُ رَدعٌ لِطَامِحَاتِ العُقُولِ قَد حَسَرَ كُنهُهُ نَوَافِذَ الأَبصَارِ وَ قَمَعَ وُجُودُهُ جَوَائِلَ الأَوهَامِ

والنهية بضم النون وسكون الهاء اسم من نهاه ضد أمره والمجاول جمع مجول بفتح الميم و هومكان الجولان أوزمانه والجوائل جمع جائلة من الجولان . واعلم أن عقل العقلاء في هذه المسألة متحير فكثير من المحققين أثبتوا له سبحانه زمانا وقالوا إنه موهوم انتزاعي‌ نفس أمري‌ ينتزع من بقائه سبحانه كماعرفت وأكثر الحكماء والمحققين ذهبوا إلي استحالة عروض الزمان ومتي للواجب تعالي وللعقول المجردة في الذات والفعل التي‌ كمالاتها بالفعل علي زعم الحكماء و قال أرسطو في أثولوجيا الشي‌ء الزمان لا يكون إلا في الزمان ألذي وافق أن يكون فيه فأما الفاعل الأول فقد كان لأنه ليس هناك زمان فإن الشي‌ء الملاقي‌ في الزمان المستقبل قائم هناك فلامحالة أنه هناك يكون موجودا قائما كماسيكون في المستقبل فالأشياء إذن عندالبار‌ئ جل ذكره كاملة تامة زمانية كانت أو غيرزمانية وهي‌ عنده دائما وكذلك كانت عنده أولا كماتكون عنده أخيرا و قال الأشياء هناك دائم لايتغير بل علي حال واحد.


صفحه : 288

و قال أيضا لاينبغي‌ لسامع قول الفيلسوف يعني‌ شيخه أفلاطون أن ينظر إلي لفظه فيتوهم عليه أنه قال إن البار‌ئ خلق الخلق في زمان فإنه إنما اضطر الأولون إلي ذكر زمان في بدء الخلق لأنهم أرادوا وصف كون الأشياء فاضطروا أن يدخلوا الزمان في وصفهم الكون و في وصف الخليقة التي‌ لم تكن في زمان البتة لأن المرء إذاأراد أن يبين العلة اضطر إلي ذكر الزمان لأنه لابد للعلة أن تكون قبل المعلول فيتوهم المتوهم أن القبلية هي‌ الزمان و ليس ذلك كذلك انتهي . وقيل ولعله لهذا الوجه وقعت الألفاظ الموهمة للزمان في كلام الشارع .أقول وكذلك صرح الشيخ بأنه تعالي ليس بزماني‌ في تعليقاته والشفاء كمامر بعض كلماته والفارابي‌ في الفصوص والتعليقات وشيخ الإشراق والعلامة الشيرازي‌ وشارح التلويحات وفخر الدين الرازي‌ والمحقق الدواني‌. و قال المحقق الطوسي‌ ره في نقد المحصل و أماالبار‌ئ تعالي و كل ما هوعلة الزمان أوشرط وجوده فلا يكون في الزمان و لامعه إلا في التوهم حيث يقيسها الوهم إلي الزمانيات والعقل كمايأبي عن إطلاق التقدم المكاني‌ كذلك يأبي عن إطلاق التقدم الزماني‌ بل ينبغي‌ أن يقال إن للبار‌ئ تعالي تقدما خارجا عن القسمين و إن كان الوهم عاجزا عن فهمه و قال أيضا في جواب الأسئلة القونوية لمانفوا عنه الكون في المكان جعلوا نسبة جميع الأماكن إليه نسبة واحدة متساوية و لمانفوا عنه الكون في الزمان جعلوا نسبة جميع الأزمنة حالها وماضيها ومستقبلها إليه نسبة واحدة متساوية. و قال ره في شرح رسالة العلم أزليته تعالي إثبات سابقية له علي غيره ونفي‌ المسبوقية عنه و من تعرض للزمان أوالدهر أوالسرمد في بيان الأزلية فقد ساوق معه غيره في الوجود انتهي واعلم أن تسليم الحكماء لهذا الأصل بل تجويز العقل علي


صفحه : 289

سبيل الاحتمال كاف لحل بعض شبهاتهم علي الحدوث وقيل ومما يدل من جهة العقل علي استحالة عروض الزمان له تعالي أن الزمان حقيقته تجدد شيء وتقضي‌ شيء وتصرمه و هذاظاهر عندالعقل ومبين مشروحا في الكتب وتجدد شيء وانقضاء شيءآخر محال علي الله تعالي كمايدل عليه العقل والنقل انتهي . و إذاتمهد هذا مع مانقلنا سالفا من تحقيق الدهر والسرمد نقول في دفع شبههم علي تقدير الحدوث لانسلم لزوم التخلف عن العلة التامة وإنما يتصور التخلف لوكانت العلة زمانية ووجدت العلة في زمان و لم يوجد المعلول معه في ذلك الزمان وهنا لعل العلة أوالعلة والمعلول كليهما لم يكونا زمانيين أماالعلة فقد مر و أماالمعلول فالكلام في الصادر الأول وهناك لم يوجد زمان وزماني‌ أصلا و لا شيء إلاالواحد القهار وبالجملة إذاكانت العلة والمعلول كلاهما زمانيين يجب أن يجمعهما آن أوزمان و إلا فلا ونظيره التخلف المكاني‌ فإنه لوكانا مكانيين يتصور الاجتماع والافتراق والمماسة واللامماسة و أما إذا لم يكن أحدهما أوكلاهما مكانيين لم يتصور أمثال هذه الأمور وكذا إنما يتصور الترجيح بلا مرجح إذا كان تحقق زمان وقع أمر في جزء منه دون جزء وصدر المعلول من العلة مرة و لم يصدر مرة أخري وقبل خالق العالم الزمان والزمانيات معدومة مطلقا ونفي‌ صرف لايجري‌ فيه أمثال هذه الأوهام الكاذبة المخترعة الناشئة من الألفة بالزمان والمكان ولعله يذهب بعض الأوهام إلي أن العالم لم وجد في المكان ألذي فيه الآن و لم يوجد فوقه أوتحته أوغيرهما من الجهات إلي غير ذلك من الأوهام والخيالات الواهية والواجب جل شأنه مقدس عن أمثال هذه الأمور و لايبلغ إلي كنه عظمته وجلاله عقل عاقل وذهن ذاهن و لايحوم حول كبريائه فكر مخلوق و ماقيل إنا نجزم بأن بعض الأمور مقدم علي بعض و أن بعضها مع بعض و لو لم يكن الامتداد كذلك بل و لو لم يكن فلك و لاحركة و لاليل و لانهار فممنوع ومثل هذا مايقال في الامتداد المكاني‌ إنا نجزم بتقدم بعض الحدود علي البعض بالتقدم والتأخر الوضعي‌ والرتبي‌ و لو لم يكن جسم ومتمكن و به يثبتون البعد الموهوم الغير المتناهي‌ ألذي هوالخلاء ولعل توهم هذين الامتدادين مما يحكم به الوهم


صفحه : 290

علي الإلف والعادة و لاأصل لهما أصلا فصاحب هذاالمسلك يقول بأن الزمان والحركات وسلسلة الحوادث كلها متناهية في طرف الماضي‌ و أن جميع الممكنات ينتهي‌ في جهة الماضي‌ في الخارج إلي عدم مطلق و لا شيءبحت لاامتداد فيه و لاتكمم و لاتدريج و لاقارية و لاسيلان وقبل ابتداء الموجودات لا شيء إلاالواحد القهار و قوله ينتهي‌ الموجودات إلي عدم مطلق وكذا قوله قبل ابتداء الموجودات لا شيءمحض من ضيق العبارة و لاتتصور القبلية والانتهاء إلي العدم حقيقة ونظير تناهي‌ الزمان والامتداد الغير القار تناهي‌ المكان والأبعاد القارة فإن الأبعاد القارة والأمكنة تنتهي‌ إلي العدم المطلق للأبعاد والجسمانيات و لايتصور وراء آخر الأجسام بعد و لافضاء لا بعدموجود و لاموهوم حتي أنه لومد أحد يده فيه لايتحرك يده و لايلج فيه لالوجود جسم لايمكن خرقه و لالمصادم يمنعها بل للعدم المطلق للبعد والفضاء

وَ قَد روُيِ‌َ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ بَعدَ عَدّ أَجسَامِ العَالَمِ وَ لَا وَرَاءَ ذَلِكَ سَعَةٌ وَ لَا ضِيقٌ وَ لَا شَيءٌ يُتَوَهّمُ

فكذا الحال في انقطاع الزمان وجميع الموجودات الممكنة في جهة الماضي‌ لايتصور فيه امتداد أصلا لاموجود كمازعم الحكماء و لاموهوم كماتوهمه المتكلمون فلايمكن فيه حركات كمااستدل به الحكماء علي عدم تناهي‌ الزمان بل لا شيءمطلق وعدم صرف و لماألف الناس بالأبعاد القارة وجسم خلف جسم تعسر تصور عدمه علي بعض المتكلمين وذهب إلي الأبعاد الموهومة الغير المتناهية و قال بالخلاء وكذا لماشاهدوا موجودا قبل موجود وزمانا قبل زمان صعب عليهم تصور اللاشي‌ء المحض فذهب طائفة من الحكماء إلي لاتناهي‌ الزمان الموجود وطائفة من المتكلمين إلي لاتناهي‌ الزمان الموهوم ولكن تصور اللازمان المطلق أصعب من تصور اللامكان ويحتاج إلي زيادة دقة ولطف قريحة. وأقول و هذاالجواب في غاية المتانة واختاره السيد المرتضي والشيخ الكراجكي‌ وغيرهما قال السيد في جواب شبهة القائل بالقدم في تضاعيف كلامه غير أن الصانع القديم يجب أن تتقدم صنعته بما إذاقدرناه أوقاتا وأزمانا كانت


صفحه : 291

غيرمتناهية و لامحصورة فدل علي أنه لا يقول بقدم الزمان بل يقدره ويفرضه و قدمضي تصريحه رضي‌ الله عنه بحدوث الزمان و أنه سبحانه ابتدأ ماأحدثه من غيرزمان و أن الزمان مقدار حركة الفلك في المقصد الثاني‌. و قال الكراجكي‌ اعلم أن الملحدة لما لم تجد حيلة تدفع بهاوجوب تقدم الصانع علي الصنعة قالت إنه متقدم عليها تقدم رتبة لاتقدم زمان فيجب أن نطالبهم بمعني تقدم الرتبة و قدسمعنا قوما منهم يقولون إن معني ذلك أنه الفعال فيها والمدبر لها فسألناهم هل يدافع ذلك عنها حقيقة الحدث فعادوا إلي الكلام الأول من أن كل واحد من أجزاء الصنعة محدث فأعدنا عليهم ماسلف حتي لزمهم الإقرار بحدث الكل وطالبناهم بحقيقة المحدث والقديم فلم يجدوا مهربا من القول بتقدم القديم في الوجود علي المحدث التقدم المفهوم المعلوم ألذي يكون أحدهما به موجودا والآخر معدوما ولسنا نقول إن هذاالتقدم موجب للزمان لأن الزمان أحد الأفعال و الله تعالي متقدم لجميع الأفعال و ليس أيضا من شرط التقدم والتأخر في الوجود أن يكون ذلك في زمان لأن الزمان نفسه قديتقدم بعضه علي بعض و لايقال إن ذلك مقتض لزمان آخر والكلام في هذاالموضع جليل و من فهم الحق فيه سقطت عنه شبه كثيرة. و قال ره بعدإيراد جواب السيد عن شبهة القائل بالقدم وجميع ماتضمنه من إطلاق القول بأن بين القديم وأول المحدثات أوقاتا لاأول لها فإنما المراد به تقدير أوقات دون أن يكون القصد أوقاتا في الحقيقة لأن الأوقات أفعال و قدثبت أن للأفعال أولا فلو قلنا إن بين القديم وأول الأفعال أوقاتا في الحقيقة لناقضناه ودخلنا في مذهب خصمنا نعوذ بالله من القول بهذا ثم قال و قال بعض أهل العلم لاينبغي‌ أن نقول بين القديم و بين المحدث لأن هذه اللفظة إنما تقع بين شيئين محدودين والقديم لاأول له والواجب أن نقول إن وجود القديم لم يكن عن عدم وساق الكلام إلي أن قال ولسنا نريد بذلك


صفحه : 292

أنه كان قبل أن فعل مدة يزيد امتدادها لأن هذا هوالحدوث والتجدد و هومعني الزمان والحركة فإن قال قائل إنه لايثبت في الأوهام إلا هذاالامتداد قيل له ليس بحيث يجب إذاثبت في الوهم أن يكون صحيحا أ ليس عندكم أنه ليس خارج العالم خلاء و ذلك غيرمتوهم وساق إلي أن قال ثم يقال لهم أرأيتم لو قال لكم قائل ليس يثبت في وهمي‌ موجود ليس في جهة فيجب أن يكون البار‌ئ جل و عز في جهة أ ليس يكون الجواب أن يقال إنما يثبت ذلك في الوهم متي فرضتموه جسما فأما متي فرضتموه غيرجسم و لامتحيز فإنه لايثبت ذلك في الوهم فهكذا يكون جوابنا لكم قال ثم قال هذاالمتكلم فإن قالوا إذا لم تثبتوا مدة مديدة قبل الفعل فقد قلتم إن البار‌ئ سبحانه لم يتقدم فعله قيل بل نقول إنه يتقدم علي معني أن وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله وقولنا ثم يترتب علي عدم الفعل لاغيره .أقول وتكلم في ذلك كثيرا إلي أن قال و هذه الطريقة التي‌ حكيتها هي‌ عندي‌ قاطعة لمادة الشبهة كافية في إثبات الحجة علي المدل بها وهي‌ مطابقة لاختيار أبي القاسم البلخي‌ لأنه لايطلق القول بأن بين القديم وأول المحدثات مدة و يقول إنه قبلها بمعني أنه كان موجودا ثم وجدت و هومعني ماذكره هذاالمتكلم في قوله إن وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله فهو علي هذاالوجه قبل أفعاله ثم قال واعلم أيدك الله أن العبارات في هذه المواضع تضيق عن المعاني‌ وتدعو الضرورة إلي النطق بما عهد ووجد في الشاهد و إن لم يكن المراد حقيقته في المتعارف ويجوز ذلك إذا كان مؤديا لحقيقة المعني إلي النفس كقولنا قبل و بعد و كان و ثم فليس المعهود في الشاهد استعمال هذه الألفاظ إلا في الأوقات والمدد فإذاقلنا إن الله تعالي كان قبل خلقه ثم أوجد خلقه فليس هذاالتقديم والتأخير مفيدا لأوقات ومدد و قديتقدم الأوقات بعضها علي بعض بأنفسها من غير أن يكون لها أوقات أخر وكذلك مايطلق به اللفظ من قولنا إن وجود الله قبل


صفحه : 293

وجود خلقه فليس الوجود في الحقيقة معني غيرالموجود وإنما هواتساع في القول والمعني مفهوم معقول انتهي . و قال الشيخ المفيد ره في كتاب المقالات الوقت هو ماجعله الموقت وقتا للشي‌ء و ليس هوبحادث مخصوص والزمان اسم يقع علي حركات الفلك فلذلك لم يكن الفعل محتاجا في وجوده إلي وقت و لازمان و علي هذاالقول سائر الموحدين انتهي . وإنما أوردت كلام هؤلاء الأجلاء لئلا يتوهم أن هذاالقول مستحدث مخالف لمذهب الإمامية و لم يقل به القدماء بل الظاهر من كلام أكثر القدماء ذلك و الله يعلم حقيقة الحال .الطريق الثالث أن إمكان وجود المعلول معتبر و هو من شرائط قبول المعلول للوجود لا من شرائط تمامية الفاعل في التأثير لكونه من متممات ذات المعلول المفتقر إلي المؤثر ويجوز أن يكون بعض أنحاء الوجود بالنسبة إلي مهية واحدة ممكنا دائما وبعض آخر ممتنعا بالذات دائما كما بين في محله ومثل هذا لايستلزم تغييرا أصلا لا من طرف العلة و لا من طرف المعلول حتي نطلب له سببا بل أبدا هذاالنحو من الوجود ممكن وذاك ممتنع إذاتقرر هذافنقول لعل الوجود الدائمي‌ لاتقبله الماهية الممكنة أصلا و قدمر من الأخبار والمؤيدات العقلية مايؤكده وسيظهر تأييد آخر من جواب النقض علي دليلهم وبالجملة يجب عليهم إثبات أن الممكن يقبل الوجود الأزلي‌ حتي يتم دليلهم ودونه خرط القتاد.الطريق الرابع النقض بالحوادث اليومية فإنا نقول لو كان الواجب


صفحه : 294

تعالي في طرف وجميع ماعداه بحيث لايشذ منها شيء في طرف آخر فإما أن يكون ذاته تعالي وحده علة تامة لشي‌ء ما أو لا يكون و علي الأول يلزم قدم شيء ما و علي الثاني‌ يلزم أن لايوجد شيءأبدا ثم نأخذ الصادر الأول معه تعالي ونقول الواجب مع هذاالصادر إما أن يكونا علة تامة لشي‌ء مامما عداهما أو لا ويلزم قدم الصادر الثاني‌ وهكذا في الصادر الثالث والرابع حتي ينتهي‌ إلي الحادث اليومي‌ و لاينفعهم توسط الزمان والحركة والاستعداد. قال المحقق الدواني‌ في بحث إعادة المعدوم إذااقتضي ذات الشي‌ء في الأزل وجوده فيما لايزال يلزم كونه موجودا في الأزل فيما لايزال ويلزم اجتماع أجزاء الزمان انتهي وتفصيله أنه إذاأخذنا من العلة الأولي ثم لاحظنا الأشياء علي سبيل التنازل فلابد من أن تنتهي‌ نوبة الإيجاد إلي الزمان والحركة لأنهما من جملة الممكنات فلابد من أن يكونا في سلسلة المعلولات و لاشك في أن كل مرتبة منها علة تامة للاحقها وقديمة عندهم فعلة الزمان والحركة تامة مستقلة بلا مشاركة حادث أصلا فيلزم انقطاعهما واجتماع أجزائهما وقدم جميع الحوادث لأن العلة إذاكانت علة لجميع أجزائهما فظاهر و أما إذا لم تكن بل تكون علة لجزء مامنهما ثم يكون ذلك الجزء معدا لجزء آخر وهكذا فلأن ذلك الجزء و إن كان قصيرا جدا فهو قابل للقسمة إلي أجزاء بعضها متقدم وبعضها متأخر فيلزم اجتماع أجزاء هذاالجزء فيلزم من اجتماع هذاالجزء اجتماع أجزاء الجزء ألذي يليه وهكذا و أنت خبير بأن الأخذ من الحادث اليومي‌ علي سبيل التصاعد والقول بأن كل سابق معد للاحقه إلي غيرنهاية تدليس محض . وتمسك بعضهم لدفع هذاالإشكال بالحركة التوسطية والآن السيال لأنهما ذات جهتين الاستمرار والتجدد فمن جهة الاستمرار صدرتا عن القديم و من جهة التجدد صارتا واسطتين في صدور الحادث عن القديم و فيه أنه لوتم هذا


صفحه : 295

لزم إمكان حدوث جميع أجزاء العالم بهذا الوجه فلايلزم القدم الشخصي‌ في شيء من أجزاء العالم و هوخلاف مذهبهم مع أنه لنا أن ننقل الكلام إلي جهة التجدد فإن كانت موجودة في الواقع فيعود الكلام السابق بعينه و إذا لم تكن موجودة فلايمكن أن يصير واسطة. و قال الغزالي‌ ردا لجوابهم إن هذه الحركة مبدأ للحوادث إما من حيث إنها مستمرة أو من حيث إنها متجددة فإن كان من حيث إنها مستمرة فكيف صدر من مستمر متشابه الأجزاء شيء في بعض الأحوال دون بعض و إن كانت من حيث إنها متجددة فما سبب تجددها في أنفسها فتحتاج إلي سبب آخر ويتسلسل واعترض عليه بأن هذاالتسلسل عندهم جائز لعدم وجوب اجتماع الآحاد هاهنا. و قال المحقق الدواني‌ في شرح العقائد في دفعه إن التجدد عبارة عن انقضاء شيء وحدوث شيءآخر فإذاعدم جزء من الحركة فلابد لعدمه من علة حادثة وتلك العلة إما أمر موجود أوعدم أمر أوبعضها موجود وبعضها عدم أمر موجود و علي الأول ننقل الكلام إلي علة ذلك الأمر وهكذا حتي يلزم التسلسل في الأمور الموجودة المجتمعة المترتبة و علي الثاني‌ فيكون ذلك العدم عدم جزء من أجزاء علة وجوده ضرورة أن ما لا يكون وجوده علة لوجود أمر لا يكون عدمه علة لعدمه فيلزم التسلسل في الموجودات التي‌ هذه الأعدام أعدام لها و علي الثالث لابد أن يكون أحد القسمين من الأمور الموجودة وتلك الأعدام أوكلاهما غيرمتناه و علي الوجهين يلزم التسلسل في الأمور الموجودة المترتبة المجتمعة والحاصل أنه يلزم التسلسل في الأمور الموجودة المترتبة المجتمعة إما في حال وجوده السابق أوحال عدمه اللاحق لأن عدمه إن كان بسبب أمر موجود أوعدمه بسبب عدم يستلزم حدوث أمر موجود كعدم عدم المانع المستلزم لوجود المانع يلزم التسلسل في الموجودات المترتبة المجتمعة الحادثة في حال عدمه و إن كان بسبب عدم أمر موجود لايستلزم أمرا موجودا لزم التسلسل المذكور وقت وجود ذلك


صفحه : 296

الحادث وقس عليه الشق الثالث . فإن قلت علي تقدير أن يكون عدم كل جزء مستندا إلي عدم عدم المانع المستلزم لوجود المانع لايلزم الترتيب بين تلك الموانع حتي يلزم التسلسل المستحيل بل لايلزم اجتماع تلك الموانع في الوجود أيضا لجواز أن يكون حدوثها و لو في آن كافيا في انتفاء ماهي‌ مانعة عنه . قلت تلك الموانع متعاقبة في الحدوث فإن اجتمعت في الوجود لزم التسلسل المستحيل لأن آحادها مترتبة في الحدوث وبحسب الزمان ومجتمعة في الوجود فيجري‌ فيه التطبيق و لايقدح فيه عدم ترتبها بحسب الذات كما لايخفي علي ذي‌ فطرة سليمة فإنا نأخذ السلسلة المبتدأة من الحادث في اليوم ونطبقها علي السلسلة المبتدأة من الحادث بالأمس ونسوق البرهان و إن لم تجتمع في الوجود نقلنا الكلام إلي علة عدمها حتي يلزم التسلسل المستحيل في الموجودات الحادثة وقت عدمها أووقت وجودها فإن علة عدم كل مانع إما عدم عدم المانع المستلزم لوجود المانع أوعدم جزء من أجزاء علته و علي الأول يلزم وجود الموانع المترتبة في الحدوث الغير المتناهية و علي الثاني‌ يلزم أن يكون تحقق ذلك المانع موقوفا علي أمور موجودة غيرمتناهية مترتبة فيلزم التسلسل المستحيل في أسباب وجوده انتهي . و أنت خبير بأنه علي سبيل المماشاة مع الحكماء و إلافقد بيناه و بين هونفسه أيضا ببعض الوجوه التي‌ ذكرنا أن التسلسل مطلقا محال سواء كانت متعاقبة أومجتمعة فظهر أن لامخلص للحكماء إلابالتزام أن إمكان نحو الوجود معتبر في جانب المعلول و لايضر في تمامية العلة فلما استحال اجتماع أجزاء الحركة والزمان لكونهما غيرقارين وقع التخلف وصارا واسطتين بين العلة القديمة والمعلول الحادث و هوبعينه الجواب عن أصل الدليل والحاصل أنهم بأي‌ وجه يسندون الحادث إلي القديم فلنا أن نسند جميع العالم إلي الواجب تعالي بلا فرق . و قديقرر النقض بعبارة أخري وهي‌ أنه يرد علي ماقرروه من كون


صفحه : 297

الحادث اليومي‌ مرتبطا بالأزلي‌ بسبب توسط أمر شخصي‌ له جهتا استمرار وتجدد و هوالحركة التوسطية السرمدية إذ هي‌ باعتبار استمرارها تصدر عن القديم وباعتبار تجدد ذاتها تكون سببا للحادث أنه حينئذ تكون العلة التامة لوجود الحادث أمرا تدريجيا واقعا في زمان غيرمتناه من جانب الأزل و يكون الحادث ألذي هومعلوله موجودا في الآن ألذي هوطرف لذلك الزمان و ما هذا إلاتخلفا للمعلول عن علته التامة إذ لامعني للتخلف إلاكون ظرف وجود المعلول مغايرا لظرف وجود العلة فقد وقعوا فيما هربوا عنه من لزوم التخلف . وأجيب عنه بأن التخلف المستحيل هو مااستلزم الترجيح بلا مرجح و ذلك إنما يتصور بأن يتخلل زمان بين وجود العلة ووجود معلوله إذ حينئذ يتوجه السؤال بأنه لم لم يوجد المعلول في جزء آخر من ذلك الزمان المتخلل ووجد في الحد ألذي وجد فيه مع أن الإيجاب الحاصل من العلة متساوي‌ النسبة إلي الزمانين وفيما نحن فيه ليس كذلك إذ لم يتخلل بين وجودي‌ العلة والمعلول زمان بل كان وجود المعلول في آن هوطرف لزمان وجود العلة وحينئذ لم يتوجه لابأن يقال لم لم يوجد المعلول في حد آخر غير ماوجد فيه بكون ذلك الحد بعدزمان وجود العلة لانتفاء زمان متخلل يفرض فيه حد بينهما و لابأن يقال لم لم يوجد المعلول في آن قبل الآن ألذي هوالطرف من آنات زمان وجود العلة إذ في شيء من تلك الآنات لم تخرج العلة التدريجية بتمامها من القوة إلي الفعل ووجود المعلول يتوقف علي تمامها قيل وبهذا الجواب و إن اندفع المحذور المذكور فيما إذا كان المعلول آنيا وعلته زمانية لكن لاتنحسم مادة الإشكال في المعلول ألذي هوتدريجي‌ بيان ذلك أن الواسطة التدريجية التي‌ قرروها مشتملة علي أجزاء تحليلية وقطعات يحكم العقل علي كل منها بالكون بعد أن لم يكن فلابد فيها من القول بكون كل سابقة من القطعات شرطا لوجود اللاحقة حتي يصح ارتباطها بالقديم وكون تلك القطعات غيرموجودة علي سبيل الجزئية بالفعل لايقدح فيما قلنا كماتشهد


صفحه : 298

به الفطرة السليمة علي أن كتب الفلاسفة مملوءة بما يصرح بذلك و لاشك أن الجواب المذكور لاينفع بدفع التخلف هاهنا إذ يتوجه أن يقال إن القطعة السابقة إذاوجدت بتمامها في مجموع زمان وكانت تمامها علة موجبة للاحقه فلم لم توجد اللاحقة في الآن ألذي هوطرف لذلك الزمان أو لم يقع في نفس الزمان ألذي هوظرف لوجود علتها حتي تكون القطعتان من الحركة التي‌ إحداهما علة والأخري معلولة متطابقتين في الزمان متوافقتين في الأخذ والترك فإنه كما أن العلة زمانية الوجود فكذلك معلولها و كما أن العلة لم تخرج من القوة إلي الفعل في شيء من الآنات المفروضة في زمان وجوده فكذلك المعلول فكما أنه إذاانقضي مجموع ذلك الزمان تم وجود العلة في مجموعها صح كون مجموعها كذلك بلا تقدم للعلة علي المعلول بالزمان و إذا لم يقع المعلول كذلك بل وجد في مجموع زمان آخر يتصل بالأول لم يكن ذلك إلاتخلفا. والجواب بأنه لووجدت القطعة اللاحقة علي أحد الوجهين اللذين ذكرتهما لزم كون الحركة قار الذات وماهية الحركة لاتحتمل هذاالنحو من الوجود فلم يكن مافرضته حركة حركة وبأن الاحتمال الثاني‌ يستلزم اجتماع المثلين في محل واحد هوالمتحرك و هومحال علي ما بين في محله .مدفوع بأن مايدفع التخلف المستحيل ألذي حقيقته تحقق ظرفين في نفس الأمر يتصور وجود المعلول في كل منهما و يكون تمامية العلة وشرائطها وإيجابها متحققة فيهما بلا تفاوت و يكون مع ذلك وجود المعلول واقعا في أحدهما علي سبيل الترجيح من غيرمرجح هوالجواب إما بانحصار الظرف في واحد كالمعلول الآني‌ الواقع في طرف زمان العلة أوببيان مرجح مختص بأحد الطرفين حتي تكون العلة في أحدهما لم تتم و لم توجب بعد وتمت في الآخر واستجمعت شرائط التأثير فخص وجود المعلول بالثاني‌ ليس إلا. و لاشك في أن الجوابين المذكورين لايفيدان شيئا من هاتين الإفادتين


صفحه : 299

بل ليس حاصلهما إلا أن عدم وقوع تخلف المحال لمااستلزم محالا آخر هواجتماع المثلين أوانقلاب ماهية الحركة فلامحالة وقع التخلف و أنت خبير بأن استلزام عدم التخلف للمحالين المذكورين لايصير رافعا لوصف الاستحالة عن التخلف الممتنع في بداهة العقول و لامجوزا لوقوعه بل حاصل هذاالكلام في الحقيقة ليس إلامغالطة ألزمت كون الواقع ظرفا لأحد المحالات إما المحالين المذكورين أوالتخلف و لامحيص عن هذاالإشكال إلابأن يقال القطعة اللاحقة كماتوقف وجودها علي السابقة توقف علي أمر آخر هوالأجزاء التحليلية المفروضة في نفس اللاحقة كهذا النصف وذاك النصف منها وبذلك يظهر أنه لايمكن وجود اللاحقة في نفس زمان السابقة لتوقف اللاحقة حينئذ علي أجزاء لم يشرع بعد في الخروج من القوة إلي الفعل أصلا و فيه بعدكلام والأصل ماقدمناه من أن عذر الاستحالة مشترك كماعرفت و هذاالوجه الأخير أيضا يمكن إجراؤه في الزمان الموهوم كماعرفت .الطريق الخامس ماذكره المحقق الدواني‌ و هواختيار أنه لم يكن جميع ما لابد منه في وجوده متحققا في الأزل إذ من جملته تعلق الإرادة بوجوده في الأزل و لم تتعلق الإرادة بوجوده في الأزل بل بوجوده فيما لايزال من الأوقات الآتية لحكمة ومصلحة و لايرد أن التعلق الأزلي‌ بوجوده إما أن يكون متمما للعلة أم لا و علي الأول يلزم وجوده في الأزل لامتناع التخلف و علي الثاني‌ يحتاج المعلول إلي أمر آخر سوي هذاالتعلق و هوخلاف المفروض علي أناننقل الكلام إلي هذاالأمر لأنا نقول القدرة تؤثر علي وفق الإرادة و قدتعلقت الإرادة بوجوده في وقت معين فلايوجد إلا فيه . فإن قيل لابد من اختيار أحد شقي‌ الترديد ألذي أوردناه .قلنا إن أردتم أنه متمم لعلة وجوده في الأزل فنختار أنه ليس كذلك و إن أردتم أنه متمم لعلة وجوده فيما لايزال فنختار أنه كذلك و لايلزم أزليته و لااحتياجه إلي أمر آخر كما أن الفاعل المختار إذاأراد إيجاد جسم ما علي


صفحه : 300

صفة معينة كالطول مثلا أوالقصر يوجد المعلول بهذه الصفة فكذا هاهنا لماتعلق إرادة الفاعل المختار بوجود الحادث لم يتصور إلاكونه حادثا والحاصل أن المعلول إنما يوجد بإرادة الفاعل المختار علي النحو ألذي تعلق به إرادته سواء كان مقارنا لوجوده أومتأخرا عنه . و قديقال إن الأزل فوق الزمان ومعني كون الشي‌ء أزليا أن يكون سابقا علي الزمان فالواجب تعالي لما كان متعاليا عن الزمان لايوصف بكونه في الزمان كما لايوصف بكونه في المكان فلا شيءغيره في الأزل وإنما يوجد مايوجد حسب ماتعلقت به الإرادة الأزلية من تخصيصها الأزلي‌ بأوقاتها والزمان من جملة الممكنات و قدتعلقت الإرادة الأزلية بوجوده المتناهي‌ و ليس الله تعالي متقدما عليه بالزمان إذ الواجب تعالي ليس بزماني‌ حتي يقال أنه متقدم علي غيره بالزمان . فإن قيل لاشبهة في أن الإرادة القديمة بذاتها ليست كافية في وجود الممكن و علي فرض أن تكون كافية يلزم قدم الممكن فلابد من تعلقها وحينئذ لايخلو هذاالتعلق من أن يكون حادثا أوقديما و علي الأول يلزم التسلسل لأنا ننقل الكلام إلي سبب هذاالتعلق حتي يلزم التسلسل و علي الثاني‌ قدم الممكن ألذي تعلقت به الإرادة.فقد أجيب عنه تارة بأن التعلق أمر عدمي‌ فلايحتاج إلي أمر يخصصه بوقت دون وقت ولئن سلم فالتسلسل في الأمور الاعتبارية وهي‌ التعلقات غيرممتنع و أنت تعلم أن اختصاص كل صفة سواء كانت وجودية أوعدمية بوقت يحتاج إلي مخصص بالبديهة و أماالتسلسل في التعلقات بأن يكون مخصص تعلق الإرادة بذلك الوقت تعلق الإرادة بتعلق الإرادة في ذلك الوقت وهكذا حتي تكون إرادة وجود الممكن في ذلك الوقت لأنه أراد إرادة وجوده في ذلك الوقت وأراد إرادة إرادة وجوده في ذلك الوقت لأنه أراد إرادة تلك الإرادة وهكذا فيتسلسل تعلقات الإرادة من جانب المبدأ وينتهي‌ من الجانب الآخر إلي إرادة ذلك الممكن وحينئذ تكون


صفحه : 301

الحال كماتقول به الفلاسفة من تعاقب الاستعدادات الغير المتناهية حتي ينتهي‌ إلي الاستعداد القريب ألذي يلي‌ المعلول فقد قيل عليه أنه باطل مع قطع النظر عن جريان التطبيق فيه لأنه يلزم انحصار الأمور الغير المتناهية بين حاصرين وهما نفس الإرادة وتعلقها ألذي يلي‌ الممكن .أقول و أنت تعلم أنه لاانحصار هنا بين حاصرين أصلا بل ذات الإرادة محفوظة في جميع المراتب وتتوارد عليها تعلقات مترتبة غيرمتناهية علي نحو تعاقب الاستعدادات الغير المتناهية علي المادة فليست الإرادة و لاالمريد طرف السلسلة كماليست المادة طرف السلسلة فالقول بالانحصار هنا وهم ظاهر الفساد و إن ظهر عن بعض من يعقد عليه الأنامل بالاعتقاد انتهي . وأورد عليه إيرادات لاطائل في إيرادها وهي‌ مع أجوبتها مذكورة في كتب القوم .الطريق السادس ماذكره المحقق الطوسي‌ ره في التجريد و هو أن التخلف عن العلة التامة إنما يستحيل إذاأمكن وجود ظرفين يمكن تحقق المعلول في كل منهما و مع ذلك خص وجود المعلول بالأخير منهما من غيرتفاوت في أجزاء العلة وشرائط إيجابها بالنسبة إلي الوقتين وهاهنا ليس كذلك إذ الوقت من جملة أجزاء العالم فلاوقت قبل حدوث العالم حتي يسأل عن حدود ذلك الوقت و أنه لم لم يقع المعلول في تلك الحدود ووقع فيما وقع فيه و لما كان هذاالوجه بعدالتحقيق يرجع مآله إلي ماحررنا في الطريق الثاني‌ لم نتعرض لبسط القول فيه .المرصد الثاني‌ دفع شبهة أخري لهم وهي‌ أن العالم ممكن وإمكان وجوده أزلي‌ إذ لو كان ممتنعا في الأزل وصار ممكنا لزم الانقلاب المحال و إذاأمكن وجوده في الأزل والبار‌ئ تعالي قادر كامل في تأثيره جواد محض لايفيد إلا ماينبغي‌ لالعوض و لالغرض فما أوجد العالم إلالجوده ألذي هومقتضي ذاته فوجب أن يوجد العالم أزلا


صفحه : 302

والجواب أن يقال ماأردت بقولك والبار‌ئ تعالي قادر كامل في تأثيره إن أردت أنه لانقص في ذاته وصفاته الكمالية كقدرته وعلمه وإرادته و في اقتضاء ذاته القديمة إفاضة الخير والجود فذلك مسلم و لايلزم منه وجوب إيجاد العالم أزلا لجواز توقف الإيجاد علي شرط يقتضيه العلم بالأصلح و إن أردت به أن الفاعل في الأزل مستجمع لشرائط التأثير فهو ممنوع والسند مامر والحاصل أن مقتضي كونه كاملا جوادا في ذاته أن لاينفك عن ذاته إفادة ماينبغي‌ و لانسلم أن وجود العالم في الأزل كذلك إذ ماينبغي‌ عبارة عما هوأصلح بالنظام بحسب علمه القديم والأصلح إنما هووجود العالم فيما لايزال . و قال بعض المحققين في الجواب عن هذه الشبهة إنها مبنية علي استلزام أزلية الإمكان إمكان الأزلية و هوممنوع فإن معني الأول استمرار إمكان الشي‌ء وجواز وجوده ومعني الثاني‌ جواز أن يوجد الشي‌ء وجودا مستمرا أزلا وأبدا وظاهر أن استلزام الأول للثاني‌ ليس مما لايطلب له دليل واستدل عليه بأنه إذااستمر الإمكان أزلا لم يكن في ذاته مانع من الوجود في شيء من أجزاء الأزل فعدم منعه أمر مستمر في جميع أجزاء الأزل فإذانظر إلي ذاته جاز له الاتصاف بالوجود في كل جزء منها لابدلا فقط بل ومعا أيضا و هوإمكان اتصافه بالوجود المستمر الأزلي‌ فأزلية الإمكان استلزمت إمكان الأزلية و فيه نظر إذ قوله ومعا أيضا ممنوع بل و قوله جاز له الاتصاف بالوجود في كل جزء منها أيضا ممنوع فإن الآنيات يمتنع وجودها في الزمان وأيضا ماذكره منقوض بالحركة التوسطية الآخذة من مبدإ معين فإنها ممكنة أزلا و لايمكن لها الوجود أزلا لوجود مبدإ لها فرضا انتهي . وأقول ويظهر من أجوبة سائر الشبه أجوبة أخري لهذه الشبهة تركناها للمتأمل الفطن المرصد الثالث دفع الشبهة التي‌ أوردها صاحب المحاكمات وهي‌ أنه لايجوز أن يكون فعله تعالي معدوما ثم يوجد إذ العدم الصريح لاتمييز فيه حتي


صفحه : 303

يكون إمساك الفاعل من إيجاده في بعض الأحوال أولي من إيجاده في بعض و حتي يكون الصدور من الفاعل في بعض الأحوال أولي من صدوره في بعض بل لو كان صدوره واجبا كان في جميع الأحوال أولا صدوره كان في جميع الأحوال فيلزم إما قدم الفعل أوعدمه بالمرة و هذابالحقيقة رد علي من قال إنما حدث في الوقت لأنه كان أصلح لوجوده أو كان ممكنا فيه وتقييد العدم بالصريح احتراز عن العدم الحادث المسبوق بالمادة انتهي كلامه . والجواب أنه لاشك أن جميع المعلولات قديمها وحديثها معدوم مطلق في مرتبة وجود العلة فكيف تعلق الجعل بالممكنات دون الممتنعات وكيف تعلق بالقديم و هومعدوم مطلق في هذه المرتبة وكيف تعلق الجعل بالقديم و لم يتعلق بالحوادث إلا بعدمدة غيرمتناهية فالحق أن التميز العلمي‌ في علمه تعالي كاف في الجميع و إن كانت في الخارج معدومة صرفة فهو سبحانه يعلم في ذاته الجميع ممكنها وممتنعها مطلقا أو علي بعض أنحاء الوجود ويريد ماأراد منها علي الوجه ألذي تقتضيه الحكمة والمصلحة وتؤثر القدرة علي وفق الإرادة فيوجد العالم علي النظام ألذي وجد بلا تغير في ذاته وصفاته الذاتية وإنما التغير والتفاوت فيما عداه بالإمكان والامتناع والتقدم والتأخر والصغر والكبر إلي غير ذلك من وجوه التفاوت و لايمكن للعقول إدراك كنه تأثيراته وإيجاداته تعالي شأنه كمايستفاد من الخطب والأخبار المأثورة عن الأئمة الأطهار ع والسؤال بأنه لم لم يخلق العالم قبل هذا أو بعدذاك أوفوق الفضاء ألذي هوالآن فيه أوتحته أويمينه أويساره أوقدامه أوخلفه أوأصغر أوأكبر أوالمواد بحيث تقبل الاستعدادات علي نحو آخر فهو من هذر السؤال و قدظهر الفرق بين أزلية الإمكان وإمكان الأزلية و أن الإمكان الذاتي‌ من متممات ذات المعلول المحتاج و من مصححات المعلولية ومكملات الاحتياج إلي العلة علي سبيل لوازم الماهية المعلولية وذاتياتها و ليس ملحوظا في طرف العلة التامة المفتقرة إليها و قدمر مايمكن استنباط أجوبة أخري منه لهذه الشبهة فتفطن .


صفحه : 304

المرصد الرابع دفع شبهة أخري لهم وهي‌ أن الزمان لو كان حادثا لكان معدوما قبل وجوده قبلية انفكاكية لايجامع بحسبها القبل البعد في الواقع و هذه القبلية معروضها بالذات أجزاء الزمان بعضها بالنسبة إلي بعض و لايوصف بها ماعدا الزمان إلابالعرض من جهة مقارنة الزمان فإذن يلزم وجود الزمان علي تقدير عدمه و هذاخلف ويمكن بمثل هذاالبيان إثبات امتناع العدم اللاحق علي الزمان فثبت سرمديته . ومما ينبه أن هذاالبيان مغالطة هو أن الزمان إما أن يكون مستندا إلي الواجب بلا واسطة فيكون هوالصادر الأول و هوخلاف معتقدهم وإما أن يكون بواسطة علة ممكنة و لاشك أن هذه العلة ممكنة لذاتها وبالنسبة إلي الزمان ألذي هومعلولها لأن بالمعلول لاتجب العلة و لايصير منشأ لوجوب علته فظهر أن علة الزمان ممكنة بالذات وبالنسبة إلي الزمان أيضا وعدم الممكن بالوصف المذكور لايلزم من فرضه محال أصلا فإذافرضنا انعدام علة الزمان فإما أن يبقي الزمان موجودا بلا علة مبقية و هومحال لأن علة الحاجة إلي المؤثر عندهم هوإمكان المعلول وحده وإما أن ينعدم الزمان أيضا و هومحال عندهم واقتضاه هذاالدليل فإن مذهبهم أن العدم بعدالوجود محال بالذات علي الزمان وإنما الممكن بالنظر إلي الزمان هوالعدم رأسا وابتداء و أماالعدم بعدالوجود فلايجوزونه ويصرحون بامتناعه بالذات . والجواب عن أصل الدليل أنا لانسلم أن العدم الصرف ألذي صورناه قبل العالم يمكن أن يتصف بشي‌ء كيف و هونفي‌ صرف و لا شيءمحض في الواقع نعم بعدوجود العالم وتحقق الموجودات ربما يمكن سريان بعض هذه الأحكام إلي العدم و لوسلم فلانسلم أن منشأ استحالة اجتماعه مع الوجود اللاحق هواتصافه بالسبق بل يجوز أن يكون لأنهما متقابلان بالإيجاب والسلب ولأجل هذاالتقابل لايجتمعان و لوسلم فلانسلم أن مثل هذاالسبق لايعرض إلاللزمان ودون إثباته خرط القتاد وغاية مالزم من دليلهم علي تقدير تسليمه أن هذاالنوع


صفحه : 305

من السبق يعرض للزمان بالذات و أماإثبات أنه لايعرض لغير الزمان إلابواسطة فلاسبيل لهم إليه . والمشهور بين المتكلمين في جواب هذاالدليل إثبات قسم آخر للسبق سموه بالسبق بالذات و هو في مقام المنع حسن و إن أريد إثباته فمشكل قال المحقق الطوسي‌ ره في قواعد العقائد التقدم يكون بالذات كتقدم الموجد علي مايوجد أوبالطبع كتقدم الواحد علي الاثنين أوبالزمان كتقدم الماضي‌ علي الحاضر أوبالشرف كتقدم العالم علي المتعلم أوبالوضع كتقدم الأقرب إلي مبدإ علي الأبعد والمتكلمون يزيدون علي ذلك التقدم بالرتبة كتقدم الأمس علي اليوم . و قال الرازي‌ في الأربعين إنا نثبت نوعا آخر من التقدم وراء هذه الأقسام الخمسة والدليل عليه أناببديهة العقل نعلم أن الأمس متقدم علي اليوم و ليس تقدما بالعلية و لابالذات و لابالشرف و لابالمكان و لايمكن أن يكون تقدما بالزمان و إلالزم أن يكون ذلك الزمان حاصلا في زمان آخر ثم الكلام في الزمان الثاني‌ كما في الأول فيفضي‌ إلي أن تحصل أزمنة لانهاية لها دفعة واحدة و يكون كل منها ظرفا للآخر و ذلك محال فهو تقدم خارج عن هذه الأقسام فنقول تقدم عدم العالم علي وجوده وتقدم وجود الله علي وجود العالم يكون علي هذاالوجه ويزول الإشكال انتهي . وأقول لهم شبهة واهية أخري يظهر جوابها للمتأمل فيما أوردناه و أنت بعد ماأحطت خبرا بما حققناه وتركت تقليد السادة والكبراء والتمسك بالشكوك والأهواء لاأظنك تستريب في قوة دلائل الحدوث وضعف شبه القدم و لو لم تكن أقوي فلاريب في أنها متعارضة فلو كانت متكافئة أيضا كيف تجتر‌ئ علي مخالفة الكتب السماوية والأخبار المتواترة النبوية والآثار المتظافرة المأثورة عن الأئمة الهادية والعترة الطاهرة الذين هم معادن الحكمة والوحي‌


صفحه : 306

والإلهام وبعثهم الله لتكميل الأنعام لشبه واهية اعترف مبدؤها بضعفها حيث قال الشيخ وأرسطو إنها مسألة جدلية الطرفين فيا إخوان الدين وخلان اليقين إن لم يغلب علي قلوبكم الرين فافتحوا العين وارفعوا العناد من البين وانظروا بأبصار مكحولة بالإنصاف مشفية من رمد التعصب والاعتساف فتكونوا في أصول الدين من أصحاب اليقين وتدخلوا في حزب الأنبياء والأوصياء والصديقين و لاتعتمدوا علي أصولكم و لاتتكلموا علي عقولكم لاسيما في المقاصد الدينية والمطالب الإلهية فإن بديهة العقل كثيرا ماتشتبه ببديهة الوهم والمألوفات الطبيعية بالأمور اليقينية والمنطق لايفي‌ بتصحيح مواد الأقيسة وزن أفكارك بميزان الشرع المبين ومقياس الدين المتين و ماتحقق صدوره عن الأئمة الراسخين صلوات الله عليهم أجمعين لئلا تكون من الهالكين .

تكملة

اعلم أن العلماء اختلفوا في أول المخلوقات واختلف الأخبار أيضا في ذلك فالحكماء يقولون أول المخلوقات العقل الأول ثم العقل الأول خلق العقل الثاني‌ والفلك الأول وهكذا إلي أن انتهي إلي العقل العاشر فهو خلق الفلك التاسع وهيولي العناصر وجماعة منهم يقول بأن تلك العقول وسائط لإيجاده تعالي و لامؤثر في الوجود إلا الله و كل ذلك مخالف لماظهر وتبين من الآيات والأخبار وأجمع عليه المليون .


صفحه : 307

و أماغيرهم فقيل أولها الماء كمايدل عليه أكثر الأخبار المتقدمة ونقلنا ذلك سابقا عن ثاليس الملطي‌ ورأيت في كتاب علل الأشياء المنسوب إلي بليناس الحكيم أنه قال إن الخالق تبارك و تعالي كان قبل الخلق وأراد أن يخلق الخلق فقال ليكن كذا وكذا فكانت هذه الكلمة علة الخلق وسائر المخلوقات معلول وكلام الله عز و جل أعلي وأعظم وأجل من أن يكون شيئا تدركه الحواس لأنه ليس بطبيعة و لاجوهر و لاحار و لابارد و لارطب و لايابس ثم قال بعده إن أول ماحدث بعدكلام الله تعالي الفعل فدل بالفعل علي الحركة ودل بالحركة علي الحرارة ثم لمانقصت الحرارة جاء السكون عندفنائها فدل بالسكون علي البرد ثم ذكر بعد ذلك أن طبائع العناصر الأربعة أنما كانت من هاتين القوتين أعني‌ الحر والبرد قال و ذلك أن الحرارة حدث منها اللين و من البرودة اليبس فكانت أربع قوي مفردات فامتزج بعضها ببعض فحدث من امتزاجها الطبائع وكانت هذه الكيفيات قائمة


صفحه : 308

بأنفسها غيرمركبة فمن امتزاج الحرارة واليبس حصلت النار و من الرطوبة والبرد حدث الماء و من الحرارة والرطوبة حدث الهواء و من امتزاج البرد واليبس حصلت الأرض ثم قال إن الحرارة لماحركت طبيعة الماء و الأرض تحرك الماء للطفه عن ثقل الأرض وانقلب ماأصابه من الحر فصار بخارا لطيفا هوائيا رقيقا روحانيا و هوأول دخان طلع من أسفل الماء وامتزج بالهواء فسما إلي العلو لخفته ولطافته وبلغ الغاية في صعوده علي قدر قوته ونفرته من الحرارة ثم وقف فكان منه الفلك الأعلي و هوفلك زحل ثم حركت النار الماء أيضا فطلع منه دخان هوأقل لطفا مما صعد أولا وأضعف فلما صار بخارا سما إلي العلو بجوهره ولطافته و لم يبلغ فلك زحل لقلة لطافته عما قبله فكان منه الفلك الثاني‌ و هوفلك المشتري‌ وهكذا بين طلوع الدخان مرة مرة وتكون الأفلاك الخمسة الباقية عنه ثم قال والأفلاك السبعة بعضها في جوف بعض و بين كل فلكين منها هواء واسع مملوء أجزاء لاتتحرك . ونقل صاحب الملل والنحل عن فلوطرخيس أيضا من الحكماء القدماء أنه قال أصل المركبات هوالماء فإذاتخلخل صافيا وجدت النار و إذاتخلخل و فيه بعض الثقل صار هواء و إذاتكاثف تكاثفا مبسوطا بالغا صار أرضا و قدمر نقلا من التوراة أن مبدأ الخلق جوهر خلقه الله ثم نظر إليه نظر الهيبة فذابت أجزاؤه فصارت ماء إلي آخر مامر وقريب منه مارواه العامة عن كعب أنه قال إن الله خلق ياقوتة خضراء ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد ثم خلق الريح فجعل الماء علي متنها ثم وضع العرش علي الماء كما قال تعالي وَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ وقيل أول المخلوقات الهواء كمادل عليه ماذكره علي بن ابراهيم في تفسيره والظاهر أنه أخذ من خبر لكن لاتعارض به الأخبار الكثيرة المسندة و مع صحته يمكن الجمع بحمل أولية الماء علي التقدم الإضافي‌ بالنسبة إلي الأجسام المشاهدة المحسوسة التي‌ يدركها جميع الخلق فإن الهواء ليس منها و


صفحه : 309

لذا أنكر وجوده جماعة. وقيل أول المخلوقات النار كمامر و قدمر في بعض الأخبار أن أول ماخلق الله النور و في بعضها نور النبي ص و في بعضها نوره مع أنوار الأئمة ع و

فِي بَعضِ الأَخبَارِ العَامّيّةِ عَنِ النّبِيّص أَوَلّ مَا خَلَقَ اللّهُ روُحيِ‌

فيمكن أن يكون المراد بالجميع واحدا و يكون خلق الأرواح قبل خلق الماء وسائر الأجسام وتكون أولية الماء بالنسبة إلي العناصر والأفلاك فإن بعض الأخبار يدل علي تقدم خلق الملائكة علي خلق العناصر والأفلاك كمامر ودلت الأخبار الكثيرة علي تقدم خلق أرواحهم وأنوارهم ع علي كل شيء.

وَ رَوَي الكلُيَنيِ‌ّ وَ غَيرُهُ بِأَسَانِيدِهِمُ الكَثِيرَةِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ العَقلَ وَ هُوَ أَوّلُ خَلقٍ مِنَ الرّوحَانِيّينَ عَن يَمِينِ العَرشِ مِن نُورِهِ الخَبَرَ

و هذا لايدل علي تقدم العقل علي جميع الموجودات بل علي خلق الروحانيين ويمكن أن يكون خلقها متأخرا عن خلق الماء والهواء و أماخبر أول ماخلق الله العقل فلم أجده في طرقنا وإنما هو في طرق العامة و علي تقديره يمكن أن يراد به نفس الرسول ص لأنه أحد إطلاقات العقل علي أنه يمكن حمل العقل علي التقدير في بعض تلك الأخبار كما هوأحد معانيه وكذا حديث أول ماخلق الله القلم يمكن حمله علي الأولية الإضافية بالنسبة إلي جنسه من الملائكة أوبعض المخلوقات كمايدل عليه خبر عبدالرحيم القصير الآتي‌ في بابه .

فائدة جليلة

اعلم أنه أورد إشكال في آيات سورة السجدة حيث ظاهرها كون خلق السماوات و الأرض و مابينهما في ثمانية أيام مع أن سائر الآيات تدل علي خلقها في ستة أيام والثاني‌ ظاهر والأول لأنه قال سبحانه أولاخَلَقَ الأَرضَ

فِي يَومَينِ و قال بعده وَ جَعَلَ فِيها روَاسيِ‌َ مِن فَوقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها فِي أَربَعَةِ أَيّامٍ و قال بعد ذلك فَقَضاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ فِي يَومَينِفيصير المجموع ثمانية ويمكن التفصي‌ عن ذلك بوجوه .الأول مامر و هوالمشهور بين المفسرين أن المراد بقوله أَربَعَةِ أَيّامٍ في تتمة أربعة أيام بأن يكون خلق الأرض في يومين منها وتقدير الأقوات فيها أو هو مع جعل الرواسي‌ من فوقها والبركة فيها في يومين آخرين ويؤيده كثير من الأخبار المتقدمة.الثاني‌ ماذكره بعض الأفاضل ممن كان في عصرنا ره في شرحه علي الكافي‌ أن أربعة أيام مخصوصة بخلق ما علي الأرض أولها بخلق الرواسي‌ والثاني‌ بخلق البركة والثالث والرابع بخلق الأقوات التي‌ هي‌ عبارة عن خلق الماء والمرعي المذكورين في سورة النازعات بقوله تعالي أَخرَجَ مِنها ماءَها وَ مَرعاها و أن اليومين اللذين خلق فيهما الأرض متحدان مع ماخلق فيهما السماوات إلا أن الخلق في اليوم الأول متعلق بأصل السماوات و الأرض و في اليوم الثاني‌ بتمييز بعض أجزائهما عن بعض فيصدق أن السماوات مخلوقة في يومين و الأرض في يومين و لاتزيد أيام خلق المجموع علي الستة.الثالث ماذكرناه في تأويل خبر الكافي‌ بأن يكون يوما خلق السماوات داخلين في الأربعة فتذكر.الرابع ماذكره بعض المحققين من المعاصرين و هو أن يكون الأيام الأربعة بل اليومان الأخيران أيضا في سورة السجدة غيرالأيام الستة التي‌ في سائر السور ويؤيده تغيير الأسلوب بإيراد لفظ الخلق في سائر الآيات ولفظ الجعل والبركة والتقدير والقضاء سبعا في السجدة ويؤيده لفظما بَينَهُما في آيات سور الفرقان والتنزيل وق فإنه سواء كان خلق الأرض وبعض ماعليها في أربعة


صفحه : 311

أيام وخلق السماوات في يومين أوخلق ما علي الأرض فِي أَربَعَةِ أَيّامٍ وخلق السماوات و الأرض في يومين كما في التأويلين السابقين لايبقي لخلق ما بين السماوات و الأرض كالهواء و ما فيها من كائنات الجو وقت فينبغي‌ أن يحمل علي أن خلق السماوات في يومين وخلق الأرض في يومين غيرهما وخلق مابينهما في يومين غيرالأربعة فيبلغ ستة كما هوظاهر الآيات فتتم في هذه الستة ماذكره تعالي في سورة النازعات بقوله أَ أَنتُم أَشَدّ خَلقاً أَمِ السّماءُ بَناها رَفَعَ سَمكَها فَسَوّاها وَ أَغطَشَ لَيلَها وَ أَخرَجَ ضُحاهافيكون كل ماذكره فيهامتصلا به بقوله وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاها أَخرَجَ مِنها ماءَها وَ مَرعاها وَ الجِبالَ أَرساها في يوم آخر أوأيام أخر غيرالستة المذكورة ويؤيده ماروي‌ أن دحو الأرض كان بعدخلقها بألفي‌ سنة فعلي ذلك لايبعد أن يكون خلق ماسوي المذكورات كتقدير الأقوات وسائر المخلوقات التي‌ لاتعد و لاتحصي في أيام أخر كيف و ما في السماوات كالملائكة و ما في تحت الأرض كالصخرة والديك والحوت وغيرها المذكورات في حديث زينب العطارة غيرالسماوات و الأرض و مابينهما كمايرشد إليه التسبيح المأثور المشهور سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع و مافيهن و مابينهن و ماتحتهن فيكون خلقها في غيرالستة المذكورة فلاحاجة إلي تكلف لإدخال زمان تقدير الأقوات وجعل الرواسي‌ مثلا في زمان خلق السماوات و الأرض و مابينهما حتي لايزيد زمان خلق المجموع علي ستة أيام و أماالروايات التي‌ أريد بهاالتأويل فحملها علي أن يكون المراد بهاالتعيين النوعي‌ في أيام خلق كل من المذكورات فيها فلاينافي‌ أن يكون خلق الأشجار مثلا في أربعاء والمياه في أربعاء أخري وكذا خلق الشمس والقمر مثلا في جمعة و كل من النجوم والملائكة وآدم ع في جمعات أخر فلايلزم الاتحاد الشخصي‌ و لاالتوالي‌ في تلك الأيام كيف و لو لم تحمل علي ذلك لماأمكن الجمع بينها و بين


صفحه : 312

مامر من الرضا ع من أن خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات و الأرض وكذا بينها و بين ما لاريب فيه لأحد من أن خلق الملائكة والجان قبل خلق آدم ع بدهور طويلة. و أماالمنظومة المشهورة المنسوبة إلي أمير المؤمنين ع من قوله


لنعم اليوم يوم السبت حقا   لصيد إن أردت بلا امتراء

و في الأحد البناء لأن فيه   تبدي الله في خلق السماء.

حيث صرح فيهابأن خلق السماء في يوم الأحد فيمكن أن يجمع بينها و بين الروايات الدالة علي أن خلقها في يوم الخميس بكون أصل خلقها في أحد ذينك اليومين وتمييز بعضها عن بعض في اليوم الآخر ومما يلائم هذاالجمع وقوع السماء بلفظ المفرد في المنظومة وبلفظ الجمع في الروايات وإدراج لفظ الابتداء في المنظومة دون الروايات فيسهل بما ذكرنا طريق الجمع بين الروايات المتعارضة الظواهر في هذاالباب . ولنختم الكلام بذكر أقوال بعض من يعول علي قوله من قدماء المؤرخين ليعلم اتفاق جميع فرق المسلمين علي الحدوث قال المسعودي‌ ره و كان من علماء الإمامية في كتاب مروج الذهب اتفق أهل الملة جميعا من أهل الإسلام علي أن الله خلق الأشياء علي غيرمثال وابتدعها من غيرأصل ثم

روُيِ‌َ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ غَيرِهِ أَنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ المَاءُ فَكَانَ عَرشُهُ عَلَيهِ فَلَمّا أَرَادَ أَن يَخلُقَ السّمَاءَ أَخرَجَ مِنَ المَاءِ دُخَاناً فَارتَفَعَ فَوقَ المَاءِ فسَمُيّ‌َ السّمَاءَ ثُمّ أَيبَسَ المَاءَ فَجَعَلَهُ أَرضاً وَاحِدَةً ثُمّ فَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبعَ أَرَضِينَ فِي يَومَينِ فِي الأَحَدِ وَ الإِثنَينِ وَ خَلَقَ الأَرضَ عَلَي حُوتٍ وَ الحُوتُ هُوَ ألّذِي ذَكَرَهُ اللّهُ فِي كِتَابِهِن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ وَ الحُوتُ وَ المَاءُ عَلَي الصّفَا وَ الصّفَا عَلَي ظَهرِ مَلَكٍ وَ المَلَكُ عَلَي صَخرَةٍ وَ الصّخرَةُ عَلَي الرّيحِ وَ هيِ‌َ الصّخرَةُ التّيِ‌ فِي القُرآنِفَتَكُن فِي صَخرَةٍفَاضطَرَبَ الحُوتُ فَتَزَلزَلَتِ الأَرضُ فَأَرسَي اللّهُ عَلَيهَا الجِبَالَ فَقَرّت كَمَا قَالَ تَعَالَيأَن تَمِيدَ بِكُم وَ خَلَقَ الجِبَالَ فِيهَا وَ خَلَقَ أَقوَاتَ أَهلِهَا وَ شَجَرَهَا وَ مَا ينَبغَيِ‌ لَهَا فِي


صفحه : 313

يَومَينِ فِي يَومِ الثّلَاثَاءِ وَ يَومِ الأَربِعَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَيأَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ إِلَي قَولِهِثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ هيِ‌َ دُخانٌفَكَانَ ذَلِكَ الدّخَانُ مِن نَفسِ المَاءِ حِينَ تَنَفّسَ فَجَعَلَهَا سَمَاءً وَاحِدَةً ثُمّ فَتَقَهَا وَ جَعَلَهَا سَبعاً فِي يَومَينِ فِي يَومِ الخَمِيسِ وَ يَومِ الجُمُعَةِ وَ إِنّمَا سمُيّ‌َ بِالجُمُعَةِ لِأَنّهُ جُمِعَ فِيهِ خَلقُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ ثُمّ قَالَ تَعَالَيوَ أَوحي فِي كُلّ سَماءٍ أَمرَها أَي وَ جَعَلَ فِي كُلّ سَمَاءٍ خَلقَهَا مِنَ المَلَائِكَةِ وَ البِحَارِ وَ جِبَالِ البَرَدِ

ثم قال و ماذكرنا من الأخبار عن بدء الخليقة هو ماجاءت به الشريعة ونقله الخلف عن السلف والباقي‌ عن الماضي‌ عبرنا عنهم علي مانقل إلينا من ألفاظهم ووجدنا في كتبهم من شهادة الدلائل بحدوث العالم وإيضاحها بكونه و لم نعرض لوصف قول من وافق ذلك وانقاد إليه من الملل القائلين بالحدوث و لاالرد علي من سواهم ممن خالف ذلك و قال بالقدم لذكرنا ذلك فيما سلف من كتبنا وتقدم من تصانيفنا انتهي . و قدذكر أبوريحان البيروني‌ في تاريخه مدة عمر الدنيا وابتداء وجودها عن جماعة من المنجمين والحكماء وقطع لها بالابتداء واستدل عليه فلانطيل الكلام بإيرادها. و قال ابن الأثير في الكامل

صَحّ فِي الخَبَرِ عَن رَسُولِ اللّهِص فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ عِبَادَةُ بنُ الصّامِتِ أَنّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ اللّهُ القَلَمُ فَقَالَ لَهُ اكتُب فَجَرَي فِي تِلكَ السّاعَةِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ

وروي‌ نحو ذلك عن ابن عباس و قال محمد بن إسحاق أول ماخلق الله تعالي النور والظلمة فجعل الظلمة ليلا أسود وجعل النهار نورا مضيئا والأول أصح و

عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي كَانَ عَرشُهُ قَبلَ أَن يَخلُقَ شَيئاً فَكَانَ أَوَلّ مَا خَلَقَ القَلَمَ فَجَرَي بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ قَالَ ثُمّ خَلَقَ بَعدَ القَلَمِ الغَمَامَ وَ قِيلَ ثُمّ اللّوحَ ثُمّ الغَمَامَ


صفحه : 314

ثم اختلف فيما خلق بعدالغمام فروي الضحاك عن ابن عباس أول ماخلق الله العرش فاستوي عليه و قال آخرون خلق الله الماء قبل العرش ثم خلق العرش فوضعه علي الماء و هوقول أبي صالح عن ابن عباس وقول ابن مسعود ووهب بن منبه وقيل إن ألذي خلق بعدالقلم الكرسي‌ ثم العرش ثم الهواء ثم الظلمات ثم الماء فوضع عرشه عليه و قال وقول من قال إن الماء خلق قبل العرش أولي بالصواب لحديث ابن أبي رزين عن النبي ص و قدقيل إن الماء كان علي متن الريح حين خلق العرش قاله ابن جبير عن ابن عباس فإن كان كذلك فقد خلقا قبل العرش و قال ضمرة إن الله خلق القلم قبل أن يخلق شيئا بألف عام واختلفوا أيضا في اليوم ألذي ابتدأ الله فيه خلق السماوات و الأرض فقال عبد الله بن سلام وكعب والضحاك ومجاهد ابتدأ الخلق يوم الأحد و قال محمد بن إسحاق ابتدأ الخلق يوم السبت وكذلك قال أبوهريرة واختلفوا أيضا فيما خلق في كل يوم فقال ابن سلام إن الله تعالي بدأ الخلق يوم الأحد فخلق الأرضين يوم الأحد والإثنين وخلق الأقوات والرواسي‌ في الثلاثاء والأربعاء وخلق السماوات في الخميس والجمعة وفرغ في آخر ساعة من الجمعة فخلق


صفحه : 315

فيهاآدم ع فتلك الساعة التي‌ تقوم فيهاالساعة ومثله قال ابن مسعود و ابن عباس من رواية أبي صالح عنه إلاأنهما لم يذكرا خلق آدم و لاالساعة و قال ابن عباس من رواية علي بن أبي طلحة عنه إن الله خلق الأرض بأقواتها من غير أن يدحوهاثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ فَسَوّاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ ثم دحا الأرض بعد ذلك فذلك قوله وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاها و هذاالقول عندي‌ هوالصواب . و قال ابن عباس أيضا من رواية عكرمة عنه إن الله وضع البيت علي الماء علي أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي‌ عام ثم دحيت الأرض من تحت البيت . ومثله قال ابن عمر و

رَوَاهُ السدّيّ‌ّ عَن أَبِي الصّالِحِ وَ عَن أَبِي مَالِكٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ أَبِي مُرّةَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ فِي قَولِهِ تَعَالَيهُوَ ألّذِي خَلَقَ لَكُم ما فِي الأَرضِ جَمِيعاً ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّكانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ وَ لَم يَخلُق شَيئاً غَيرَ مَا خَلَقَ قَبلَ المَاءِ فَلَمّا أَرَادَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ أَخرَجَ مِنَ المَاءِ دُخَاناً فَارتَفَعَ فَوقَ المَاءِ فَسَمَا عَلَيهِ فَسَمّاهُ سَمَاءً ثُمّ أَيبَسَ المَاءَ فَجَعَلَهُ أَرضاً وَاحِدَةً ثُمّ فَتَقَهَا فَجَعَلَ سَبعَ أَرَضِينَ فِي يَومَينِ يَومَ الأُحُدِ وَ يَومَ الإِثنَينِ فَخَلَقَ الأَرضَ عَلَي حُوتٍ وَ الحُوتُ النّونُ ألّذِي ذَكَرَهُ اللّهُ فِي القُرآنِن وَ القَلَمِ وَ الحُوتُ فِي المَاءِ وَ المَاءُ عَلَي ظَهرِ صَفَاةٍ وَ الصّفَاةُ عَلَي ظَهرِ مَلَكٍ وَ المَلَكُ عَلَي صَخرَةٍ وَ الصّخرَةُ فِي الرّيحِ وَ هيِ‌َ الصّخرَةُ التّيِ‌ ذَكَرَهَا لُقمَانُ لَيسَت فِي السّمَاءِ وَ لَا فِي الأَرضِ فَتَحَرّكَ الحُوتُ وَ اضطَرَبَت وَ تَزَلزَلَتِ الأَرضُ فَأَرسَي عَلَيهَا الجِبَالَ فَقَرّت وَ الجِبَالُ تَفخَرُ عَلَي الأَرضِ فَذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَيوَ جَعَلَ فِيها روَاسيِ‌َ

وَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ وَ الضّحّاكُ وَ مُجَاهِدٌ وَ كَعبٌ وَ غَيرُهُم كُلّ يَومٍ مِن هَذِهِ الأَيّامِ السّتّةِ التّيِ‌ خَلَقَ اللّهُ فِيهَا السّمَاءَ وَ الأَرضَ كَأَلفِ سَنَةٍ

انتهي . وكلام سائر المؤرخين جار هذاالمجري و لاجدوي في إيرادها


صفحه : 316

باب 2-العوالم و من كان في الأرض قبل خلق آدم ع و من يكون فيها بعدانقضاء القيامة وأحوال جابلقا وجابرسا

الآيات الفاتحةرَبّ العالَمِينَالأعراف وَ مِن قَومِ مُوسي أُمّةٌ يَهدُونَ بِالحَقّ وَ بِهِ يَعدِلُونَ و قال تعالي وَ مِمّن خَلَقنا أُمّةٌ يَهدُونَ بِالحَقّ وَ بِهِ يَعدِلُونَ.تفسير جمع العالمين يومئ إلي تعدد العوالم كماسيأتي‌ و إن أول بأن الجمعية باعتبار ماتحته من الأجناس المختلفةوَ مِن قَومِ مُوسي أُمّةٌ قال الطبرسي‌ ره أي جماعةيَهدُونَ بِالحَقّ أي يدعون إلي الحق ويرشدون إليه وَ بِهِ يَعدِلُونَ أي وبالحق يحكمون ويعدلون في حكمهم واختلف في هذه الأمة من هم علي أقوال .أحدها أنهم قوم من وراء الصين بينهم و بين الصين واد جار من الرمل لم يغيروا و لم يبدلوا عن ابن عباس والسدي‌ والربيع والضحاك وعطاء و هوالمروي‌ عن أبي جعفر ع قالوا و ليس لأحد منهم مال دون صاحبه يمطرون بالليل ويضحون بالنهار ويزرعون لايصل إليهم منا أحد و لامنهم إلينا وهم علي الحق . قال ابن جريح بلغني‌ أن بني‌ إسرائيل لماقتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا اثني‌ عشر سبطا تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله أن يفرق بينهم وبينهم ففتح الله لهم نفقا من الأرض فساروا فيه سنة ونصف سنة حتي خرجوا من وراء الصين فهم هناك حنفاء مسلمين يستقبلون قبلتنا وقيل إن جبرئيل


صفحه : 317

انطلق بالنبي‌ ليلة المعراج إليهم فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة فآمنوا به وصدقوه وأمرهم أن يقيموا مكانهم ويتركوا السبت وأمرهم بالصلاة والزكاة و لم يكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا قال ابن عباس و ذلك قوله وَ قُلنا مِن بَعدِهِ لبِنَيِ‌ إِسرائِيلَ اسكُنُوا الأَرضَ فَإِذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ جِئنا بِكُم لَفِيفاًيعني‌ عيسي ابن مريم يخرجون معه وروي أصحابنا أنهم يخرجون مع قائم آل محمدص وروي‌ أن ذا القرنين رآهم فقال لوأمرت بالمقام لسرني‌ أن أقيم بين أظهركم . وثانيها أنهم قوم من بني‌ إسرائيل تمسكوا بالحق وبشريعة موسي ع في وقت ضلالة القوم وقتلهم أنبياءهم و كان ذلك قبل نسخ شريعتهم بشريعة عيسي ع فيكون تقدير الآية و من قوم موسي أمة كانوا يهدون بالحق عن الجبائي‌. وثالثها أنهم الذين آمنوا بالنبي‌ص مثل عبد الله بن سلام و ابن صوريا وغيرهما وَ فِي حَدِيثِ أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ وَ الحَكَمِ بنِ ظَهِيرٍ أَنّ مُوسَي لَمّا أَخَذَ الأَلوَاحَ قَالَ رَبّ إنِيّ‌ أَجِدُ فِي الأَلوَاحِ أُمّةً هيِ‌َ خَيرُ أُمّةٍأُخرِجَت لِلنّاسِيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَ يَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ فَاجعَلهُم أمُتّيِ‌ قَالَ تِلكَ أُمّةُ أَحمَدَ قَالَ رَبّ إنِيّ‌ أَجِدُ فِي الأَلوَاحِ أُمّةً هُمُ الآخِرُونَ فِي الخَلقِ السّابِقُونَ فِي دُخُولِ الجَنّةِ فَاجعَلهُم أمُتّيِ‌ قَالَ تِلكَ أُمّةُ أَحمَدَ قَالَ رَبّ إنِيّ‌ أَجِدُ فِي الأَلوَاحِ أَنّهُ كُتُبُهُم فِي صُدُورِهِم يَقرَءُونَهَا فَاجعَلهُم أمُتّيِ‌ قَالَ تِلكَ أُمّةُ أَحمَدَ قَالَ رَبّ إنِيّ‌ أَجِدُ فِي الأَلوَاحِ أُمّةً إِذَا هَمّ أَحَدُهُم بِحَسَنَةٍ ثُمّ لَم يَعمَلهَا كُتِبَت لَهُ حَسَنَةٌ وَ إِن عَمِلَهَا كُتِبَت لَهُ عَشرُ أَمثَالِهَا وَ إِن هَمّ بِسَيّئَةٍ وَ لَم يَعمَلهَا لَم تُكتَب عَلَيهِ وَ إِن عَمِلَهَا كُتِبَت عَلَيهِ سَيّئَةٌ وَاحِدَةٌ فَاجعَلهُم أمُتّيِ‌ قَالَ تِلكَ أُمّةُ أَحمَدَ قَالَ رَبّ إنِيّ‌ أَجِدُ فِي


صفحه : 318

الأَلوَاحِ أُمّةً يُؤمِنُونَ بِالكِتَابِ الأَوّلِ وَ الكِتَابِ الآخِرِ وَ يُقَاتِلُونَ الأَعوَرَ الكَذّابَ فَاجعَلهُم أمُتّيِ‌ قَالَ تِلكَ أُمّةُ أَحمَدَ قَالَ رَبّ إنِيّ‌ أَجِدُ فِي الأَلوَاحِ أُمّةً هُمُ الشّافِعُونَ وَ هُمُ المَشفُوعُ لَهُم فَاجعَلهُم أمُتّيِ‌ قَالَ تِلكَ أُمّةُ أَحمَدَ قَالَ مُوسَي ع رَبّ اجعلَنيِ‌ مِن أُمّةِ أَحمَدَ

. قال أبوحمزة فأعطي‌ موسي آيتين لم يعطوها يعني‌ أمة أحمد قال الله يا مُوسي إنِيّ‌ اصطَفَيتُكَ عَلَي النّاسِ برِسِالاتيِ‌ وَ بكِلَاميِ‌ قال وَ مِن قَومِ مُوسي أُمّةٌ يَهدُونَ بِالحَقّ وَ بِهِ يَعدِلُونَ قال فرضي‌ موسي كل الرضا.

وَ فِي حَدِيثِ غَيرِ أَبِي حَمزَةَ قَالَ إِنّ النّبِيّص لَمّا قَرَأَوَ مِمّن خَلَقنا أُمّةٌ يَهدُونَ بِالحَقّ وَ بِهِ يَعدِلُونَ قَالَ هَذِهِ لَكُم وَ قَد أعُطيِ‌َ قَومُ مُوسَي مِثلَهَا انتَهَي

. و أماالآية الثانية فالمشهور أنها لهذه الأمة ودلت الأخبار الكثيرة علي أن المراد بهم الأئمة وشيعتهم كمامر في كتاب الإمامة

وَ قَالَ الطبّرسِيِ‌ّ ره قَالَ الرّبِيعُ بنُ أَنَسٍ قَرَأَ النّبِيّص هَذِهِ الآيَةَ فَقَالَ إِنّ مِن أمُتّيِ‌ قَوماً عَلَي الحَقّ حَتّي يَنزِلَ عِيسَي ابنُ مَريَمَ

وَ رَوَي العيَاّشيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ وَ ألّذِي نفَسيِ‌ بِيَدِهِ لَتَفتَرِقَنّ هَذِهِ الأُمّةُ عَلَي ثَلَاثٍ وَ سَبعِينَ فِرقَةً كُلّهَا فِي النّارِ إِلّا فِرقَةٌ وَاحِدَةٌوَ مِمّن خَلَقنا أُمّةٌ يَهدُونَ بِالحَقّ وَ بِهِ يَعدِلُونَفَهَذِهِ التّيِ‌ تَنجُو

وَ روُيِ‌َ عَن أَبِي جَعفَرٍ وَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهَما قَالَا نَحنُ هُم انتَهَي

قَالَ الراّزيِ‌ّ فِي تَفسِيرِهِ روُيِ‌َ أَنّ بنَيِ‌ آدَمَ عُشرُ الجِنّ وَ الجِنّ وَ بَنُو آدَمَ عُشرُ حَيَوَانَاتِ البَرّ وَ هَؤُلَاءِ كُلّهُم عُشرُ الطّيُورِ وَ هَؤُلَاءِ كُلّهُم عُشرُ


صفحه : 319

حَيَوَانَاتِ البَحرِ وَ هَؤُلَاءِ كُلّهُم عُشرُ مَلَائِكَةِ الأَرضِ المُوَكّلِينَ بِهَا وَ كُلّ هَؤُلَاءِ عُشرُ مَلَائِكَةِ السّمَاءِ الدّنيَا وَ كُلّ هَؤُلَاءِ عُشرُ مَلَائِكَةِ السّمَاءِ الثّانِيَةِ وَ عَلَي هَذَا التّرتِيبِ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ ثُمّ الكُلّ فِي مُقَابَلَةِ مَلَائِكَةِ الكرُسيِ‌ّ نَزرٌ قَلِيلٌ ثُمّ كُلّ هَؤُلَاءِ عُشرُ مَلَائِكَةِ سُرَادِقِ وَاحِدٍ مِن سُرَادِقَاتِ العَرشِ التّيِ‌ عَدَدُهَا سِتّمِائَةِ أَلفٍ طُولُ كُلّ سُرَادِقٍ وَ عَرضُهُ وَ سَمكُهُ إِذَا قُوبِلَت بِهِ السّمَاوَاتُ وَ الأَرَضُونَ وَ مَا فِيهِمَا وَ مَا بَينَهُمَا فَإِنّهَا كُلّهَا تَكُونُ شَيئاً يَسِيراً وَ قَدراً صَغِيراً وَ مَا مِن مِقدَارِ مَوضِعِ قَدَمٍ إِلّا وَ فِيهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَو رَاكِعٌ أَو قَائِمٌ لَهُم زَجَلٌ بِالتّسبِيحِ وَ التّقدِيسِ ثُمّ كُلّ هَؤُلَاءِ فِي مُقَابَلَةِ المَلَائِكَةِ الّذِينَ يَحُومُونَ حَولَ العَرشِ كَالقَطرَةِ فِي البَحرِ وَ لَا يَعرِفُ عَدَدَهُم إِلّا اللّهُ ثُمّ مَعَ هَؤُلَاءِ مَلَائِكَةُ اللّوحِ الّذِينَ هُم أَشيَاعُ إِسرَافِيلَ ع وَ المَلَائِكَةُ الّذِينَ هُم جُنُودُ جَبرَئِيلَ ع وَ هُم كُلّهُم سَامِعُونَ مُطِيعُونَ لَا يَفتُرُونَ مُشتَغِلُونَ بِعِبَادَتِهِ سُبحَانَهُ رِطَابُ الأَلسِنَةِ بِذِكرِهِ وَ تَعظِيمِهِ يَتَسَابَقُونَ فِي ذَلِكَ مُنذُ خَلَقَهُم لَا يَستَكبِرُونَ عَن عِبَادَتِهِ آنَاءَ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ لَا يَسأَمُونَ لَا تُحصَي أَجنَاسُهُم وَ لَا مُدّةُ أَعمَارِهِم وَ لَا كَيفِيّةُ عِبَادَاتِهِم وَ هَذَا تَحقِيقُ حَقِيقَةِ مَلَكُوتِهِ جَلّ جَلَالُهُ عَلَي مَا قَالَوَ ما يَعلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلّا هُوَ

1-الخِصَالُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي الخَطّابِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ هِلَالٍ عَنِ العَلَاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ ع يَقُولُلَقَد خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي الأَرضِ مُنذُ خَلَقَهَا سَبعَةَ عَالَمِينَ لَيسَ هُم مِن وُلدِ آدَمَ خَلَقَهُم مِن أَدِيمِ الأَرضِ فَأَسكَنَهُم فِيهَا


صفحه : 320

وَاحِداً بَعدَ وَاحِدٍ مَعَ عَالَمِهِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ آدَمَ أَبَا البَشَرِ وَ خَلَقَ ذُرّيّتَهُ مِنهُ وَ لَا وَ اللّهِ مَا خَلَتِ الجَنّةُ مِن أَروَاحِ المُؤمِنِينَ مُنذُ خَلَقَهَا وَ لَا خَلَتِ النّارُ مِن أَروَاحِ الكُفّارِ وَ العُصَاةِ مُنذُ خَلَقَهَا عَزّ وَ جَلّ لَعَلّكُم تَرَونَ أَنّهُ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ وَ صَيّرَ اللّهُ أَبدَانَ أَهلِ الجَنّةِ مَعَ أَروَاحِهِم فِي الجَنّةِ وَ صَيّرَ أَبدَانَ أَهلِ النّارِ مَعَ أَروَاحِهِم فِي النّارِ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا يُعبَدُ فِي بِلَادِهِ وَ لَا يَخلُقُ خَلقاً يَعبُدُونَهُ وَ يُوَحّدُونَهُ بَلَي وَ اللّهِ لَيَخلُقَنّ اللّهُ خَلقاً مِن غَيرِ فُحُولَةٍ وَ لَا إِنَاثٍ يَعبُدُونَهُ وَ يُوَحّدُونَهُ وَ يُعَظّمُونَهُ وَ يَخلُقُ لَهُم أَرضاً تَحمِلُهُم وَ سَمَاءً تُظِلّهُم أَ لَيسَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُيَومَ تُبَدّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَ السّماواتُ وَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّأَ فَعَيِينا بِالخَلقِ الأَوّلِ بَل هُم فِي لَبسٍ مِن خَلقٍ جَدِيدٍ

العياشي‌، عن محمد مثله

2- الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبدِ الصّمَدِ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي عُثمَانَ قَالَ حَدّثَنَا العبِاَديِ‌ّ بنُ عَبدِ الخَالِقِ عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ اثنيَ‌ عَشَرَ أَلفَ عَالَمٍ كُلّ عَالَمٍ مِنهُم أَكبَرُ مِن سَبعِ سَمَاوَاتٍ وَ سَبعِ أَرَضِينَ مَا يَرَي عَالَمٌ مِنهُم أَنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ عَالَماً غَيرَهُم وَ إنِيّ‌ الحُجّةُ عَلَيهِمُ


صفحه : 321

منتخب البصائر،لسعد بن عبد الله عن الحسن بن عبدالصمد إلي آخر السند و عن محمد بن سنان عن المفضل عنه ع

مثله

3- التّوحِيدُ، وَ الخِصَالُ، عَن أَبِيهِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرِ بنِ يَزِيدَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّأَ فَعَيِينا بِالخَلقِ الأَوّلِ بَل هُم فِي لَبسٍ مِن خَلقٍ جَدِيدٍ فَقَالَ يَا جَابِرُ تَأوِيلُ ذَلِكَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ إِذَا أَفنَي هَذَا الخَلقَ وَ هَذَا العَالَمَ وَ سَكَنَ أَهلُ الجَنّةِ الجَنّةَ وَ أَهلُ النّارِ النّارَ جَدّدَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَالَماً غَيرَ هَذَا العَالَمِ وَ جَدّدَ عَالَماً مِن غَيرِ فُحُولَةٍ وَ لَا إِنَاثٍ يَعبُدُونَهُ وَ يُوَحّدُونَهُ وَ يَخلُقُ لَهُم أَرضاً غَيرَ هَذِهِ الأَرضِ تَحمِلُهُم وَ سَمَاءً غَيرَ هَذِهِ السّمَاءِ تُظِلّهُم لَعَلّكَ تَرَي أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ إِنّمَا خَلَقَ هَذَا العَالَمَ الوَاحِدَ أَو تَرَي أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَم يَخلُق بَشَراً غَيرَكُم بَلَي وَ اللّهِ لَقَد خَلَقَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَلفَ أَلفِ عَالَمٍ وَ أَلفَ أَلفِ آدَمٍ وَ أَنتَ فِي آخِرِ تِلكَ العَوَالِمِ وَ أُولَئِكَ الآدَمِيّينَ

بيان قوله عز و جل أَ فَعَيِينا بِالخَلقِ الأَوّلِالمشهور أن هذه الآية لإثبات البعث و هوالمراد بالخلق الجديد قال الطبرسي‌ ره أي أفعجزنا حين خلقناهم أولا و لم يكونوا شيئا فكيف نعجز عن بعثهم وإعادتهم بَل هُم فِي لَبسٍ أي في ضلال وشك من إعادة الخلق جديد. والصوفية حملوه علي تجدد الأمثال ألذي قالوا به مخالفين لسائر العقلاء والمتدينين ولعل التأويل الوارد في الخبر من بطون الآية والجمع بينه و بين ما


صفحه : 322

سبق يمكن بأن يكون الأول محمولا علي الأجناس و هذا علي أنواع العوالم و علي أي حال هذه الأخبار تدل علي حدوث العالم لا علي قدمه كماتوهمه بعض القائلين به إذ الزمان المعدود بالكثرة لايصير غيرمتناه

4- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن سَعِيدِ بنِ مُحَمّدٍ عَن بَكرِ بنِ سَهلٍ عَن عَبدِ الغنَيِ‌ّ بنِ سَعِيدٍ عَن مُوسَي بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَنِ ابنِ جَرِيجٍ عَن عَطَاءٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِرَبّ العالَمِينَ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ ثَلَاثَمِائَةِ عَالَمٍ وَ بِضعَةَ عَشَرَ عَالَماً خَلفَ قَافٍ وَ خَلفَ البِحَارِ السّبعَةِ لَم يَعصُوا اللّهَ طَرفَةَ عَينٍ قَطّ وَ لَم يَعرِفُوا آدَمَ وَ لَا وُلدَهُ كُلّ عَالَمٍ مِنهُم يَزِيدُ مِن ثَلَاثِمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِثلَ آدَمَ وَ مَا وَلَدَ فَذَلِكَ قَولُهُإِلّا أَن يَشاءَ اللّهُ رَبّ العالَمِينَ

5-قِصَصُ الراّونَديِ‌ّ،بِإِسنَادِهِ إِلَي الصّدُوقِ عَن أَبِيهِ وَ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الوَلِيدِ مَعاً عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن عَمرِو بنِ أَبِي المِقدَامِ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَسُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع هَل كَانَ فِي الأَرضِ خَلقٌ مِن خَلقِ اللّهِ تَعَالَي يَعبُدُونَ اللّهَ قَبلَ آدَمَ وَ ذُرّيّتِهِ فَقَالَ نَعَم قَد كَانَ فِي السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ خَلقٌ مِن خَلقِ اللّهِ يُقَدّسُونَ اللّهَ وَ يُسَبّحُونَهُ وَ يُعَظّمُونَهُ بِاللّيلِ وَ النّهَارِلا يَفتُرُونَ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَمّا خَلَقَ الأَرَضِينَ خَلَقَهَا قَبلَ السّمَاوَاتِ ثُمّ خَلَقَ المَلَائِكَةَ رُوحَانِيّينَ لَهُم أَجنِحَةٌ يَطِيرُونَ بِهَا حَيثُ يَشَاءُ اللّهُ فَأَسكَنَهُم فِيمَا بَينَ أَطبَاقِ السّمَاوَاتِ يُقَدّسُونَهُ اللّيلَ وَ النّهَارَ وَ اصطَفَي مِنهُم إِسرَافِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ جَبرَئِيلَ ثُمّ خَلَقَ عَزّ وَ جَلّ فِي الأَرضِ الجِنّ رُوحَانِيّينَ لَهُم أَجنِحَةٌ فَخَلَقَهُم دُونَ خَلقِ المَلَائِكَةِ وَ حَفِظَهُم أَن يَبلُغُوا مَبلَغَ المَلَائِكَةِ فِي الطّيَرَانِ وَ غَيرِ ذَلِكَ فَأَسكَنَهُم فِيمَا بَينَ أَطبَاقِ الأَرَضِينَ السّبعِ وَ فَوقَهُنّ يُقَدّسُونَ اللّهَاللّيلَ وَ النّهارَ لا يَفتُرُونَ ثُمّ خَلَقَ خَلقاً دُونَهُم لَهُم أَبدَانٌ وَ أَروَاحٌ بِغَيرِ أَجنِحَةٍ يَأكُلُونَ وَ يَشرَبُونَ


صفحه : 323

نَسنَاسٌ أَشبَاهُ خَلقِهِم وَ لَيسُوا بِإِنسٍ وَ أَسكَنَهُم أَوسَاطَ الأَرضِ عَلَي ظَهرِ الأَرضِ مَعَ الجِنّ يُقَدّسُونَ اللّهَاللّيلَ وَ النّهارَ لا يَفتُرُونَ قَالَ وَ كَانَ الجِنّ تَطِيرُ فِي السّمَاءِ فَتَلقَي المَلَائِكَةَ فِي السّمَاوَاتِ فَيُسَلّمُونَ عَلَيهِم وَ يَزُورُونَهُم وَ يَستَرِيحُونَ إِلَيهِم وَ يَتَعَلّمُونَ مِنهُمُ الخَبَرَ ثُمّ إِنّ طَائِفَةً مِنَ الجِنّ وَ النّسنَاسِ الّذِينَ خَلَقَهُمُ اللّهُ وَ أَسكَنَهُم أَوسَاطَ الأَرضِ مَعَ الجِنّ تَمَرّدُوا وَ عَتَوا عَن أَمرِ اللّهِ فَمَرَحُوا وَ بَغَوا فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقّ وَ عَلَا بَعضُهُم عَلَي بَعضٍ فِي العُتُوّ عَلَي اللّهِ تَعَالَي حَتّي سَفَكُوا الدّمَاءَ فِيمَا بَينَهُم وَ أَظهَرُوا الفَسَادَ وَ جَحَدُوا رُبُوبِيّةَ اللّهِ تَعَالَي قَالَ وَ أَقَامَتِ الطّائِفَةُ المُطِيعُونَ مِنَ الجِنّ عَلَي رِضوَانِ اللّهِ وَ طَاعَتِهِ وَ بَايَنُوا الطّائِفَتَينِ مِنَ الجِنّ وَ النّسنَاسِ الّذِينَ عَتَوا عَن أَمرِ اللّهِ تَعَالَي قَالَ فَحَطّ اللّهُ أَجنِحَةَ الطّائِفَةِ مِنَ الجِنّ الّذِينَ عَتَوا عَن أَمرِ اللّهِ وَ تَمَرّدُوا فَكَانُوا لَا يَقدِرُونَ عَلَي الطّيَرَانِ إِلَي السّمَاءِ وَ إِلَي مُلَاقَاةِ المَلَائِكَةِ لَمّا ارتَكَبُوا مِنَ الذّنُوبِ وَ المعَاَصيِ‌ قَالَ وَ كَانَتِ الطّائِفَةُ المُطِيعَةُ لِأَمرِ اللّهِ مِنَ الجِنّ تَطِيرُ إِلَي السّمَاءِ اللّيلَ وَ النّهَارَ عَلَي مَا كَانَت عَلَيهِ وَ كَانَ إِبلِيسُ وَ اسمُهُ الحَارِثُ يُظهِرُ لِلمَلَائِكَةِ أَنّهُ مِنَ الطّائِفَةِ المُطِيعَةِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي خَلقاً عَلَي خِلَافِ خَلقِ المَلَائِكَةِ وَ عَلَي خِلَافِ خَلقِ الجِنّ وَ عَلَي خِلَافِ خَلقِ النّسنَاسِ يَدِبّونَ كَمَا يَدِبّ الهَوَامّ فِي الأَرضِ يَأكُلُونَ وَ يَشرَبُونَ كَمَا تَأكُلُ الأَنعَامُ مِن مرَاَعيِ‌ الأَرضِ كُلّهُم ذُكرَانٌ لَيسَ فِيهِم إِنَاثٌ لَم يَجعَلِ اللّهُ فِيهِم شَهوَةَ النّسَاءِ وَ لَا حُبّ الأَولَادِ وَ لَا الحِرصَ وَ لَا طُولَ الأَمَلِ وَ لَا لَذّةَ عَيشٍ لَا يُلبِسُهُمُ اللّيلُ وَ لَا يَغشَاهُمُ النّهَارُ وَ لَيسُوا بِبَهَائِمَ وَ لَا هَوَامّ لِبَاسُهُم وَرَقُ الشّجَرِ وَ شُربُهُم مِنَ العُيُونِ الغِزَارِ وَ الأَدوِيَةِ الكِبَارِ ثُمّ أَرَادَ اللّهُ أَن يُفَرّقَهُم فِرقَتَينِ فَجَعَلَ فِرقَةً خَلفَ مَطلِعِ الشّمسِ مِن وَرَاءِ البَحرِ فَكَوّنَ لَهُم مَدِينَةً أَنشَأَهَا تُسَمّي جَابَرسَا طُولُهَا اثنَا عَشَرَ أَلفَ فَرسَخٍ فِي اثنيَ‌ عَشَرَ أَلفَ فَرسَخٍ وَ كَوّنَ عَلَيهَا سُوراً مِن حَدِيدٍ يَقطَعُ الأَرضَ إِلَي السّمَاءِ ثُمّ أَسكَنَهُم فِيهَا وَ أَسكَنَ الفِرقَةَ الأُخرَي خَلفَ مَغرِبِ الشّمسِ مِن وَرَاءِ البَحرِ وَ كَوّنَ لَهُم مَدِينَةً أَنشَأَهَا تُسَمّي جَابَلقَا


صفحه : 324

طُولُهَا اثنَا عَشَرَ أَلفَ فَرسَخٍ فِي اثنيَ‌ عَشَرَ أَلفَ فَرسَخٍ وَ كَوّنَ لَهُم سُوراً مِن حَدِيدٍ يَقطَعُ إِلَي السّمَاءِ فَأَسكَنَ الفِرقَةَ الأُخرَي فِيهَا لَا يَعلَمُ أَهلُ جَابَرسَا بِمَوضِعِ أَهلِ جَابَلقَا وَ لَا يَعلَمُ أَهلُ جَابَلقَا بِمَوضِعِ أَهلِ جَابَرسَا وَ لَا يَعلَمُ بِهِم أَهلُ أَوسَاطِ الأَرضِ مِنَ الجِنّ وَ النّسنَاسِ فَكَانَتِ الشّمسُ تَطلُعُ عَلَي أَهلِ أَوسَاطِ الأَرَضِينَ مِنَ الجِنّ وَ النّسنَاسِ فَيَنتَفِعُونَ بِحَرّهَا وَ يَستَضِيئُونَ بِنُورِهَا ثُمّ تَغرُبُ فِي عَينٍ حَمِئَةٍ فَلَا يَعلَمُ بِهَا أَهلُ جَابَلقَا إِذَا غَرَبَت وَ لَا يَعلَمُ بِهَا أَهلُ جَابَرسَا إِذَا طَلَعَت لِأَنّهَا تَطلُعُ مِن دُونِ جَابَرسَا وَ تَغرُبُ مِن دُونِ جَابَلقَا فَقِيلَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَكَيفَ يُبصِرُونَ وَ يَحيَونَ وَ كَيفَ يَأكُلُونَ وَ يَشرَبُونَ وَ لَيسَ تَطلُعُ الشّمسُ عَلَيهِم فَقَالَ إِنّهُم يَستَضِيئُونَ بِنُورِ اللّهِ فَهُم فِي أَشَدّ ضَوءٍ مِن نُورِ الشّمسِ وَ لَا يَرَونَ أَنّ اللّهَ تَعَالَي خَلَقَ شَمساً وَ لَا قَمَراً وَ لَا نُجُوماً وَ لَا كَوَاكِبَ وَ لَا يَعرِفُونَ شَيئاً غَيرَهُ فَقِيلَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَأَينَ إِبلِيسُ عَنهُم قَالَ لَا يَعرِفُونَ إِبلِيسَ وَ لَا سَمِعُوا بِذِكرِهِ لَا يَعرِفُونَ إِلّا اللّهَ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَم يَكتَسِب أَحَدٌ مِنهُم قَطّ خَطِيئَةً وَ لَم يَقتَرِف إِثماً لَا يَسقُمُونَ وَ لَا يَهرَمُونَ وَ لَا يَمُوتُونَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ يَعبُدُونَ اللّهَلا يَفتُرُونَاللّيلُ وَ النّهَارُ عِندَهُم سَوَاءٌ وَ قَالَ إِنّ اللّهَ أَحَبّ أَن يَخلُقَ خَلقاً وَ ذَلِكَ بَعدَ مَا مَضَي لِلجِنّ وَ النّسنَاسِ سَبعَةُ آلَافِ سَنَةٍ فَلَمّا كَانَ مِن خَلقِ اللّهِ أَن يَخلُقَ آدَمَ للِذّيِ‌ أَرَادَ مِنَ التّدبِيرِ وَ التّقدِيرِ فِيمَا هُوَ مُكَوّنُهُ فِي السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ كَشَطَ عَن أَطبَاقِ السّمَاوَاتِ ثُمّ قَالَ لِلمَلَائِكَةِ انظُرُوا إِلَي أَهلِ الأَرضِ مِن خلَقيِ‌ مِنَ الجِنّ وَ النّسنَاسِ هَل تَرضَونَ أَعمَالَهُم وَ طَاعَتَهُم لِي فَاطّلَعَت وَ رَأَوا مَا يَعمَلُونَ فِيهَا مِنَ المعَاَصيِ‌ وَ سَفكِ الدّمَاءِ وَ الفَسَادِ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقّ أَعظَمُوا ذَلِكَ وَ غَضِبُوا لِلّهِ وَ أَسِفُوا عَلَي أَهلِ الأَرضِ وَ لَم يَملِكُوا غَضَبَهُم وَ قَالُوا يَا رَبّنَا أَنتَ العَزِيزُ الجَبّارُ القَاهِرُ العَظِيمُ الشّأنِ وَ هَؤُلَاءِ كُلّهُم خَلقُكَ الضّعِيفُ الذّلِيلُ فِي أَرضِكَ كُلّهُم يَتَقَلّبُونَ فِي قَبضَتِكَ وَ يَعِيشُونَ بِرِزقِكَ وَ يَتَمَتّعُونَ بِعَافِيَتِكَ وَ هُم يَعصُونَكَ


صفحه : 325

بِمِثلِ هَذِهِ الذّنُوبِ العِظَامِ لَا تَغضَبُ وَ لَا تَنتَقِمُ مِنهُم لِنَفسِكَ بِمَا تَسمَعُ مِنهُم وَ تَرَي وَ قَد عَظُمَ ذَلِكَ عَلَينَا وَ أَكبَرنَاهُ فِيكَ قَالَ فَلَمّا سَمِعَ اللّهُ تَعَالَي مَقَالَةَ المَلَائِكَةِ قَالَإنِيّ‌ جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةًفَيَكُونُ حجُتّيِ‌ عَلَي خلَقيِ‌ فِي أرَضيِ‌ فَقَالَتِ المَلَائِكَةُ سُبحَانَكَ رَبّنَاأَ تَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها وَ يَسفِكُ الدّماءَ وَ نَحنُ نُسَبّحُ بِحَمدِكَ وَ نُقَدّسُ لَكَ فَقَالَ اللّهُ تَعَالَي يَا ملَاَئكِتَيِ‌إنِيّ‌ أَعلَمُ ما لا تَعلَمُونَإنِيّ‌ أَخلُقُ خَلقاً بيِدَيِ‌ وَ أَجعَلُ مِن ذُرّيّتِهِ أَنبِيَاءَ وَ مُرسَلِينَ وَ عِبَاداً صَالِحِينَ وَ أَئِمّةً مُهتَدِينَ وَ أَجعَلُهُم خلُفَاَئيِ‌ عَلَي خلَقيِ‌ فِي أرَضيِ‌ يَنهَونَهُم عَن معَصيِتَيِ‌ وَ يُنذِرُونَهُم مِن عذَاَبيِ‌ وَ يَهدُونَهُم إِلَي طاَعتَيِ‌ وَ يَسلُكُونَ بِهِم طَرِيقَ سبَيِليِ‌ أَجعَلُهُم حُجّةً لِي عُذراً أَو نُذراً وَ أنَفيِ‌ الشّيَاطِينَ مِن أرَضيِ‌ وَ أُطَهّرُهَا مِنهُم فَأُسكِنُهُم فِي الهَوَاءِ وَ أَقطَارِ الأَرضِ وَ فِي الفيَاَفيِ‌ فَلَا يَرَاهُم خلَقيِ‌ وَ لَا يَرَونَ شَخصَهُم وَ لَا يُجَالِسُونَهُم وَ لَا يُخَالِطُونَهُم وَ لَا يُؤَاكِلُونَهُم وَ لَا يُشَارِبُونَهُم وَ أُنَفّرُ مَرَدَةَ الجِنّ العُصَاةِ مِن نَسلِ برَيِتّيِ‌ وَ خلَقيِ‌ وَ خيِرَتَيِ‌ فَلَا يُجَاوِرُونَ خلَقيِ‌ وَ أَجعَلُ بَينَ خلَقيِ‌ وَ بَينَ الجَانّ حِجَاباً فَلَا يَرَي خلَقيِ‌ شَخصَ الجِنّ وَ لَا يُجَالِسُونَهُم وَ لَا يُشَارِبُونَهُم وَ لَا يَتَهَجّمُونَ تَهَجّمَهُم وَ مَن عصَاَنيِ‌ مِن نَسلِ خلَقيِ‌َ ألّذِي عَظّمتُهُ وَ اصطَفَيتُهُ لغِيَبيِ‌ أُسكِنُهُم مَسَاكِنَ العُصَاةِ وَ أُورِدُهُم مَورِدَهُم وَ لَا أبُاَليِ‌ فَقَالَتِ المَلَائِكَةُلا عِلمَ لَنا إِلّا ما عَلّمتَنا إِنّكَ أَنتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ فَقَالَ لِلمَلَائِكَةِإنِيّ‌ خالِقٌ بَشَراً مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنُونٍ فَإِذا سَوّيتُهُ وَ نَفَختُ فِيهِ مِن روُحيِ‌ فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ قَالَ وَ كَانَ ذَلِكَ مِنَ اللّهِ تَقدِمَةً لِلمَلَائِكَةِ قَبلَ أَن يَخلُقَهُ احتِجَاجاً مِنهُ عَلَيهِم وَ مَا كَانَ اللّهُ لِيُغَيّرَ مَا بِقَومٍ إِلّا بَعدَ الحُجّةِ عُذراً أَو نُذراً فَأَمَرَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي مَلَكاً مِنَ المَلَائِكَةِ فَاغتَرَفَ غُرفَةً بِيَمِينِهِ فَصَلصَلَهَا فِي كَفّهِ فَجَمَدَت فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِنكَ أَخلُقُ

إيضاح أشباه خلقهم أي بالإنس أوبعضهم ببعض أوبالإضافة أي أشباه خلق الجن فمرحوا بالحاء المهملة يقال مرح كفرح أي أشر وبطر


صفحه : 326

واختال ونشط تبخترا أوبالجيم والمرج بالتحريك الفساد والقلق والاختلاط والاضطراب والفعل كفرح أيضا لايلبسهم الليل لعل المعني أنهم لم يكونوا يحتاجون في الليل إلي ستر و في النهار إلي غشاء وستر أوأنهم لما لم تطلع عليهم الشمس لاليل عندهم و لانهار ويظهر من هذاالخبر أن جابلقا وجابرسا خارجان من هذاالعالم خلق السماء الرابعة بل السابعة علي المشهور وأهلهما صنف من الملائكة أوشبيه بهم واختصر الراوندي‌ الخبر وتمامه مر بسند آخر في المجلد الخامس

6-البَصَائِرُ، عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن رِجَالِهِ عَن أَبِي


صفحه : 327

عَبدِ اللّهِ ع يَرفَعُ الحَدِيثَ إِلَي الحَسَنِ بنِ عَلِيّ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ لِلّهِ مَدِينَتَينِ إِحدَاهُمَا بِالمَشرِقِ وَ الأُخرَي بِالمَغرِبِ عَلَيهِمَا سُورَانِ مِن حَدِيدٍ وَ عَلَي كُلّ مَدِينَةٍ أَلفُ أَلفِ مِصرَاعٍ مِن ذَهَبٍ وَ فِيهَا سَبعِينَ أَلفَ أَلفِ لُغَةٍ يَتَكَلّمُ كُلّ لُغَةً بِخِلَافِ لُغَةِ صَاحِبِهِ وَ أَنَا أَعرِفُ جَمِيعَ اللّغَاتِ وَ مَا فِيهِمَا وَ مَا بَينَهُمَا وَ مَا عَلَيهِمَا حُجّةٌ غيَريِ‌ وَ الحُسَينِ أخَيِ‌

و منه عن أحمد بن الحسين عن أبيه بهذا الإسناد مثله

7- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ المُثَنّي عَن أَبِيهِ عَن عُثمَانَ بنِ زَيدٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَسَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ كَذلِكَ نرُيِ‌ اِبراهِيمَ مَلَكُوتَ السّماواتِ وَ الأَرضِ قَالَ فَكُنتُ مُطرِقاً إِلَي الأَرضِ فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَي فَوقٍ ثُمّ قَالَ لِيَ ارفَع رَأسَكَ فَرَفَعتُ رأَسيِ‌ فَنَظَرتُ إِلَي السّقفِ قَدِ انفَجَرَ حَتّي خَلَصَ بصَرَيِ‌ إِلَي نُورٍ سَاطِعٍ حَارَ بصَرَيِ‌ دُونَهُ قَالَ ثُمّ قَالَ لِي رَأَي اِبرَاهِيمُ مَلَكُوتَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ هَكَذَا قَالَ لِي أَطرِق فَأَطرَقتُ ثُمّ قَالَ لِيَ ارفَع رَأسَكَ فَرَفَعتُ رأَسيِ‌ فَإِذَا السّقفُ عَلَي حَالِهِ قَالَ ثُمّ أَخَذَ بيِدَيِ‌ وَ قَامَ وَ أخَرجَنَيِ‌ مِنَ البَيتِ ألّذِي كُنتُ فِيهِ وَ أدَخلَنَيِ‌ بَيتاً آخَرَ فَخَلَعَ ثِيَابَهُ التّيِ‌ كَانَت عَلَيهِ وَ لَبِسَ ثِيَاباً غَيرَهَا ثُمّ قَالَ لِي غُضّ بَصَرَكَ فَغَضَضتُ بصَرَيِ‌ وَ قَالَ لِي لَا تَفتَح عَينَكَ فَلَبِثتُ سَاعَةً ثُمّ قَالَ لِي أَ تدَريِ‌ أَينَ أَنتَ قُلتُ لَا جُعِلتُ فِدَاكَ فَقَالَ لِي فِي الظّلمَةِ التّيِ‌ سَلَكَهَا ذُو القَرنَينِ فَقُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ أَ تَأذَنُ لِي أَن أَفتَحَ عيَنيِ‌ فَقَالَ لِيَ افتَح فَإِنّكَ لَا تَرَي شَيئاً فَفَتَحتُ عيَنيِ‌ فَإِذَا أَنَا فِي ظُلمَةٍ لَا أُبصِرُ فِيهَا مَوضِعَ قدَمَيِ‌ ثُمّ سَارَ قَلِيلًا وَ وَقَفَ فَقَالَ لِي هَل تدَريِ‌ أَينَ أَنتَ قُلتُ لَا قَالَ أَنتَ وَاقِفٌ عَلَي عَينِ الحَيَاةِ التّيِ‌ شَرِبَ مِنهَا الخَضِرُ وَ خَرَجنَا مِن ذَلِكَ العَالَمِ إِلَي عَالَمٍ آخَرَ فَسَلَكنَا فِيهِ فَرَأَينَا كَهَيئَةِ عَالَمِنَا فِي بِنَائِهِ وَ مَسَاكِنِهِ وَ أَهلِهِ ثُمّ خَرَجنَا إِلَي عَالَمٍ ثَالِثٍ كَهَيئَةِ الأَوّلِ


صفحه : 328

وَ الثاّنيِ‌ حَتّي وَرَدنَا خَمسَةَ عَوَالِمَ قَالَ ثُمّ قَالَ هَذِهِ مَلَكُوتُ الأَرضِ وَ لَم يَرَهَا اِبرَاهِيمُ وَ إِنّمَا رَأَي مَلَكُوتَ السّمَاوَاتِ وَ هيِ‌َ اثنَا عَشَرَ عَالَماً كُلّ عَالَمٍ كَهَيئَةِ مَا رَأَيتَ كُلّمَا مَضَي مِنّا إِمَامٌ سَكَنَ أَحَدَ هَذِهِ العَوَالِمَ حَتّي يَكُونَ آخِرُهُمُ القَائِمَ فِي عَالَمِنَا ألّذِي نَحنُ سَاكِنُوهُ قَالَ ثُمّ قَالَ لِي غُضّ بَصَرَكَ فَغَضَضتُ بصَرَيِ‌ ثُمّ أَخَذَ بيِدَيِ‌ فَإِذَا نَحنُ فِي البَيتِ ألّذِي خَرَجنَا مِنهُ فَنَزَعَ تِلكَ الثّيَابَ وَ لَبِسَ الثّيَابَ التّيِ‌ كَانَت عَلَيهِ وَ عُدنَا إِلَي مَجلِسِنَا فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ كَم مَضَي مِنَ النّهَارِ قَالَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ

بيان و لم يرها ابراهيم أي كلها أو في وقت الاحتجاج علي قومه ورآها بعدا وكأن في قراءتهم ع و الأرض بالنصب

8- البَصَائِرُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَالِكٍ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ كُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَرَكَضَ بِرِجلِهِ الأَرضَ فَإِذَا بَحرٌ فِيهِ سُفُنٌ مِن فِضّةٍ فَرَكِبَ وَ رَكِبتُ مَعَهُ حَتّي انتَهَي إِلَي مَوضِعٍ فِيهِ خِيَامٌ مِن فِضّةٍ فَدَخَلَهَا ثُمّ خَرَجَ فَقَالَ رَأَيتَ الخَيمَةَ التّيِ‌ دَخَلتُهَا أَوّلًا فَقُلتُ نَعَم قَالَ تِلكَ خَيمَةُ رَسُولِ اللّهِص وَ الأُخرَي خَيمَةُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ الثّالِثَةُ خَيمَةُ فَاطِمَةَ وَ الرّابِعَةُ خَيمَةُ خَدِيجَةَ وَ الخَامِسَةُ خَيمَةُ الحَسَنِ وَ السّادِسَةُ خَيمَةُ الحُسَينِ وَ السّابِعَةُ خَيمَةُ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ وَ الثّامِنَةُ خَيمَةُ أَبِي وَ التّاسِعَةُ خيَمتَيِ‌ وَ لَيسَ أَحَدٌ مِنّا يَمُوتُ إِلّا وَ لَهُ خَيمَةٌ يَسكُنُ فِيهَا

9- وَ مِنهُ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ الحَجّالِ عَنِ الحَسَنِ بنِ الحُسَينِ اللؤّلؤُيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن سَدِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع يَا أَبَا الفَضلِ إنِيّ‌ لَأَعرِفُ رَجُلًا مِنَ المَدِينَةِ أُخِذَ قَبلَ مَطلِعِ الشّمسِ وَ قَبلَ غُرُوبِهَا إِلَي الفِئَةِ التّيِ‌ قَالَ اللّهُوَ مِن قَومِ مُوسي أُمّةٌ يَهدُونَ بِالحَقّ وَ بِهِ يَعدِلُونَلِمُشَاجَرَةٍ كَانَت فِيمَا بَينَهُم فَأَصلَحَ بَينَهُم

10- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ مُوسَي عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ


صفحه : 329

عَن عَمّهِ عَبدِ الصّمَدِ بنِ عَلِيّ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَي عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع فَقَالَ لَهُ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا مُنَجّمٌ قَالَ فَأَنتَ عَرّافٌ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيهِ ثُمّ قَالَ هَل أَدُلّكَ عَلَي رَجُلٍ قَدِمَ مُذ دَخَلتَ عَلَينَا فِي أَربَعَةَ عَشَرَ عَالَماً كُلّ عَالَمٍ أَكبَرُ مِنَ الدّنيَا ثَلَاثَ مَرّاتٍ لَم يَتَحَرّك مِن مَكَانِهِ قَالَ مَن هُوَ قَالَ أَنَا وَ إِن شِئتَ أَنبَأتُكَ بِمَا أَكَلتَ وَ ادّخَرتَ فِي بَيتِكَ

11- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن بَعضِ رِجَالِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ إِنّ لِلّهِ بَلدَةً خَلفَ المَغرِبِ يُقَالُ لَهَا جَابَلقَا وَ فِي جَابَلقَا سَبعُونَ أَلفَ أُمّةٍ لَيسَ مِنهَا أُمّةٌ إِلّا مِثلَ هَذِهِ الأُمّةِ فَمَا عَصَوُا اللّهَ طَرفَةَ عَينٍ فَمَا يَعمَلُونَ عَمَلًا وَ لَا يَقُولُونَ قَولًا إِلّا الدّعَاءَ عَلَي الأَوّلَينِ وَ البَرَاءَةَ مِنهُمَا وَ الوَلَايَةَ لِأَهلِ بَيتِ رَسُولِ اللّهِص

12- وَ مِنهُ، عَن يَعقُوبَ بنِ إِسحَاقَ بنِ اِبرَاهِيمَ الجرَيِريِ‌ّ عَن أَبِي عِمرَانَ الأرَمنَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ الجَارُودِ عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ مِن وَرَاءِ أَرضِكُم هَذِهِ أَرضاً بَيضَاءَ ضَوؤُهَا مِنهَا فِيهَا خَلقٌ يَعبُدُونَ اللّهَ لَا يُشرِكُونَ بِهِ شَيئاً يَتَبَرّءُونَ مِن فُلَانٍ وَ فُلَانٍ

13- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُوسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ مُوسَي الخَشّابِ عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن عَبدِ الرّحِيمِ بنِ كَثِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ مِن وَرَاءِ عَينِ شَمسِكُم هَذِهِ أَربَعِينَ عَينَ شَمسٍ فِيهَا خَلقٌ كَثِيرٌ وَ إِنّ مِن وَرَاءِ قَمَرِكُم أَربَعِينَ قَمَراً فِيهَا خَلقٌ كَثِيرٌ لَا يَدرُونَ أَنّ اللّهَ خَلَقَ آدَمَ أَم لَم يَخلُقهُ أُلهِمُوا إِلهَاماً لَعنَةَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ

14- وَ مِنهُ، عَن سَلَمَةَ بنِ الخَطّابِ عَن سُلَيمَانَ بنِ سَمَاعَةَ وَ عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ عَن سَمَاعَةَ يَرفَعُهُ إِلَي الحَسَنِ وَ أَبِي الجَارُودِ وَ ذَكَرَاهُ عَن أَبِي سَعِيدٍ الهمَداَنيِ‌ّ قَالَ قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ ع إِنّ لِلّهِ مَدِينَةً فِي المَشرِقِ وَ مَدِينَةً فِي المَغرِبِ عَلَي كُلّ وَاحِدٍ سُورٌ مِن حَدِيدٍ فِي كُلّ سُورٍ سَبعُونَ أَلفَ مِصرَاعٍ يَدخُلُ


صفحه : 330

مِن كُلّ مِصرَاعٍ سَبعُونَ أَلفَ لُغَةِ آدمَيِ‌ّ لَيسَ مِنهَا لُغَةٌ إِلّا مُخَالِفُ الأُخرَي وَ مَا مِنهَا لُغَةٌ إِلّا وَ قَد عَلِمنَاهَا وَ مَا فِيهِمَا وَ مَا بَينَهُمَا ابنُ نبَيِ‌ّ غيَريِ‌ وَ غَيرُ أخَيِ‌ وَ أَنَا الحُجّةُ عَلَيهِم

15- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ عَن عَلِيّ بنِ الزّيّاتِ عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ عَبدِ اللّهِ الدّهقَانِ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّ لِلّهِ خَلفَ هَذَا النّطَاقِ زَبَرجَدَةً خَضرَاءَ فَمِن خُضرَتِهَا اخضَرّتِ السّمَاءُ قَالَ قُلتُ وَ مَا النّطَاقُ قَالَ الحِجَابُ وَ لِلّهِ وَرَاءَ ذَلِكَ سَبعُونَ أَلفَ عَالَمٍ أَكثَرَ مِن عَدَدِ الإِنسِ وَ الجِنّ وَ كُلّهُم يَلعَنُ فُلَاناً وَ فُلَاناً

بيان لعل المراد بالنطاق الجبال المحسوسة لنا وبالزبرجدة جبل قاف أوالمراد بالنطاق ذلك الجبل والزبرجدة خلفه ويحتمل علي بعدالسماء قال في النهاية في حديث العباس يمدح النبي ص . حتي احتوي بيتك المهيمن من .خندف علياء تحتها النطق .النطق جمع نطاق وهي‌ أعراض من جبال بعضها فوق بعض أي نواح وأوساط منها شبهت بالنطق التي‌ تشد بهاأوساط الناس انتهي و في بعض الكتب النطاف بالفاء جمع نطفة وهي‌ الماء الصافي‌ أي خلف البحار فتفسيرها بالحجاب لأنها موانع من الوصول إلي ماوراءها لكنه بعيد.أقول أوردنا أخبارا كثيرة من هذاالباب في كتاب الحجة في باب أنهم الحجة علي جميع العوالم

16-جَامِعُ الأَخبَارِ، قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ مُوسَي سَأَلَ رَبّهُ عَزّ وَ جَلّ


صفحه : 331

أَن يُعَرّفَهُ بَدءَ الدّنيَا مُنذُ كَم خُلِقَت فَأَوحَي اللّهُ تَعَالَي إِلَي مُوسَي تسَألَنُيِ‌ عَن غَوَامِضِ علِميِ‌ فَقَالَ يَا رَبّ أُحِبّ أَن أَعلَمَ ذَلِكَ فَقَالَ يَا مُوسَي خَلَقتُ الدّنيَا مُنذُ مِائَةِ أَلفِ أَلفِ عَامٍ عَشرَ مَرّاتٍ وَ كَانَت خَرَاباً خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ بَدَأتُ فِي عِمَارَتِهَا فَعَمَرتُهَا خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ خَلَقتُ فِيهَا خَلقاً عَلَي مِثَالِ البَقَرِ يَأكُلُونَ رزِقيِ‌ وَ يَعبُدُونَ غيَريِ‌ خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ أَمَتّهُم كُلّهُم فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمّ خَرّبتُ الدّنيَا خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ بَدَأتُ فِي عِمَارَتِهَا فَمَكَثَت عَامِرَةً خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ خَلَقتُ فِيهَا بَحراً فَمَكَثَ البَحرُ خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ لَا شَيءٌ مَجّاجاً مِنَ الدّنيَا يَشرَبُ ثُمّ خَلَقتُ دَابّةً وَ سَلّطتُهَا عَلَي ذَلِكَ البَحرِ فَشَرِبَتهُ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ ثُمّ خَلَقتُ خَلقاً أَصغَرَ مِنَ الزّنبُورِ وَ أَكبَرَ مِنَ البَقّ فَسَلّطتُ ذَلِكَ الخَلقَ عَلَي هَذِهِ الدّابّةِ فَلَدَغَهَا وَ قَتَلَهَا فَمَكَثَتِ الدّنيَا خَرَاباً خَمسِينَ أَلفَ عاما[عَامٍ] ثُمّ بَدَأتُ فِي عِمَارَتِهَا فَمَكَثَت خَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ ثُمّ جَعَلتُ الدّنيَا كُلّهَا آجَامَ القَصَبِ وَ خَلَقتُ السّلَاحِفَ وَ سَلّطتُهَا عَلَيهَا فَأَكَلَتهَا حَتّي لَم يَبقَ شَيءٌ ثُمّ أَهلَكتُهَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَكَثَتِ الدّنيَا خَرَاباً خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ بَدَأتُ فِي عِمَارَتِهَا فَمَكَثَت عَامِرَةً خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ خَلَقتُ ثَلَاثِينَ آدم [آدَماً]ثَلَاثِينَ أَلفَ سَنَةٍ مِن آدَمٍ إِلَي آدَمٍ أَلفُ سَنَةٍ فَأَفنَيتُهُم كُلّهُم بقِضَاَئيِ‌ وَ قدَرَيِ‌ ثُمّ خَلَقتُ فِيهَا خَمسِينَ أَلفَ أَلفِ مَدِينَةٍ مِنَ الفِضّةِ البَيضَاءِ وَ خَلَقتُ فِي كُلّ مَدِينَةٍ مِائَةَ أَلفِ أَلفِ قَصرٍ مِنَ الذّهَبِ الأَحمَرِ فَمَلَأتُ المُدُنَ خَردَلًا عِندَ الهَوَاءِ يَومَئِذٍ أَلَذّ مِنَ الشّهدِ وَ أَحلَي مِنَ العَسَلِ وَ أَبيَضَ مِنَ الثّلجِ ثُمّ خَلَقتُ طَيراً وَاحِداً أَعمَي وَ جَعَلتُ طَعَامَهُ فِي كُلّ أَلفِ سَنَةٍ حَبّةً مِنَ الخَردَلِ أَكَلَهَا حَتّي فَنِيَت ثُمّ خَرّبتُهَا فَمَكَثَت خَرَاباً خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ بَدَأتُ فِي عِمَارَتِهَا فَمَكَثَت عَامِرَةً خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ خَلَقتُ أَبَاكَ آدَمَ ع بيِدَيِ‌ يَومَ الجُمُعَةِ وَقتَ الظّهرِ وَ لَم أَخلُق مِنَ الطّينِ غَيرَهُ وَ أَخرَجتُ مِن صُلبِهِ النّبِيّ مُحَمّداً

بيان هذه من روايات المخالفين أوردها صاحب الجامع فأوردتها و لم أعتمد عليها


صفحه : 332

17- كِتَابُ مُنتَخَبِ البَصَائِرِ، وَ كِتَابُ المُحتَضَرِ، عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي وَ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي اليقَطيِنيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن فَضَالَةَ عَنِ القَاسِمِ بنِ بُرَيدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَسَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن مِيرَاثِ العِلمِ مَا مَبلَغُهُ أَ جَوَامِعُ مَا هُوَ مِن هَذَا العِلمِ أَم تَفسِيرُ كُلّ شَيءٍ مِن هَذِهِ الأُمُورِ التّيِ‌ نَتَكَلّمُ فِيهَا فَقَالَ إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ مَدِينَتَينِ مَدِينَةً بِالمَشرِقِ وَ مَدِينَةً بِالمَغرِبِ فِيهِمَا قَومٌ لَا يَعرِفُونَ إِبلِيسَ وَ لَا يَعلَمُونَ بِخَلقِ إِبلِيسَ نَلقَاهُم فِي كُلّ حِينٍ فَيَسأَلُونّا عَمّا يَحتَاجُونَ إِلَيهِ وَ يَسأَلُونّا عَنِ الدّعَاءِ فَنُعَلّمُهُم وَ يَسأَلُونّا عَن قَائِمِنَا مَتَي يَظهَرُ وَ فِيهِم عِبَادَةٌ وَ اجتِهَادٌ شَدِيدٌ وَ لِمَدِينَتِهِم أَبوَابٌ مَا بَينَ المِصرَاعِ إِلَي المِصرَاعِ مِائَةُ فَرسَخٍ لَهُم تَقدِيسٌ وَ تَمجِيدٌ وَ دُعَاءٌ وَ اجتِهَادٌ شَدِيدٌ لَو رَأَيتُمُوهُم لَاحتَقَرتُم عَمَلَكُم يصُلَيّ‌ الرّجُلُ مِنهُم شَهراً لَا يَرفَعُ رَأسَهُ مِن سَجدَتِهِ طَعَامُهُمُ التّسبِيحُ وَ لِبَاسُهُمُ الوَرَقُ وَ وُجُوهُهُم مُشرِقَةٌ بِالنّورِ إِذَا رَأَوا مِنّا وَاحِداً لَحَسُوهُ وَ اجتَمَعُوا إِلَيهِ وَ أَخَذُوا مِن أَثَرِهِ مِنَ الأَرضِ يَتَبَرّكُونَ بِهِ لَهُم دوَيِ‌ّ إِذَا صَلّوا كَأَشَدّ مِن دوَيِ‌ّ الرّيحِ العَاصِفِ مِنهُم جَمَاعَةٌ لَم يَضَعُوا السّلَاحَ مُنذُ كَانُوا يَنتَظِرُونَ قَائِمَنَا يَدعُونَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَن يُرِيَهُم إِيّاهُ وَ عُمُرُ أَحَدِهِم أَلفُ سَنَةٍ إِذَا رَأَيتَهُم رَأَيتَ الخُشُوعَ وَ الِاستِكَانَةَ وَ طَلَبَ مَا يُقَرّبُهُم إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ إِذَا احتَبَسنَا عَنهُم ظَنّوا أَنّ ذَلِكَ مِن سَخَطٍ يَتَعَاهَدُونَ أَوقَاتَنَا التّيِ‌ نَأتِيهِم


صفحه : 333

فِيهَالا يَسأَمُونَ وَلا يَفتُرُونَيَتلُونَ كِتَابَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ كَمَا عَلّمنَاهُم وَ إِنّ فِيمَا نُعَلّمُهُم مَا لَو تلُيِ‌َ عَلَي النّاسِ لَكَفَرُوا بِهِ وَ لَأَنكَرُوهُ يَسأَلُونّا عَنِ الشيّ‌ءِ إِذَا وَرَدَ عَلَيهِم مِنَ القُرآنِ لَا يَعرِفُونَهُ فَإِذَا أَخبَرنَاهُم بِهِ انشَرَحَت صُدُورُهُم لِمَا يَستَمِعُونَ مِنّا وَ سَأَلُوا لَنَا طُولَ البَقَاءِ وَ أَن لَا يَفقِدُونَا وَ يَعلَمُونَ أَنّ المِنّةَ مِنَ اللّهِ عَلَيهِم فِيمَا نُعَلّمُهُم عَظِيمَةٌ وَ لَهُم خَرجَةٌ مَعَ الإِمَامِ إِذَا قَامَ يَسبِقُونَ فِيهَا أَصحَابَ السّلَاحِ وَ يَدعُونَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَن يَجعَلَهُم مِمّن يَنتَصِرُ بِهِم لِدِينِهِ فِيهِم كُهُولٌ وَ شُبّانٌ إِذَا رَأَي شَابّ مِنهُمُ الكَهلَ جَلَسَ بَينَ يَدَيهِ جِلسَةَ العَبدِ لَا يَقُومُ حَتّي يَأمُرَهُ لَهُم طَرِيقٌ هُم أَعلَمُ بِهِ مِنَ الخَلقِ إِلَي حَيثُ يُرِيدُ الإِمَامُ ع فَإِذَا أَمَرَهُمُ الإِمَامُ بِأَمرٍ قَامُوا عَلَيهِ أَبَداً حَتّي يَكُونَ هُوَ ألّذِي يَأمُرُهُم بِغَيرِهِ لَو أَنّهُم وَرَدُوا عَلَي مَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ مِنَ الخَلقِ لَأَفنَوهُم فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَختَلّ فِيهِمُ الحَدِيدُ لَهُم سُيُوفٌ مِن حَدِيدٍ غَيرِ هَذَا الحَدِيدِ لَو ضَرَبَ أَحَدُهُم بِسَيفِهِ جَبَلًا لَقَدّهُ حَتّي يَفصِلَهُ وَ يَغزُو بِهِمُ الإِمَامُ ع الهِندَ وَ الدّيلَمَ وَ الكُردَ وَ الرّومَ وَ بَربَرَ وَ فَارِسَ وَ بَينَ جَابَرسَا إِلَي جَابَلقَا وَ هُمَا مَدِينَتَانِ وَاحِدَةٌ بِالمَشرِقِ وَ وَاحِدَةٌ بِالمَغرِبِ لَا يَأتُونَ عَلَي أَهلِ دِينٍ إِلّا دَعَوهُم إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ إِلَي الإِسلَامِ وَ الإِقرَارِ بِمُحَمّدٍص وَ التّوحِيدِ وَ وَلَايَتِنَا أَهلَ البَيتِ فَمَن أَجَابَ مِنهُم وَ دَخَلَ فِي الإِسلَامِ تَرَكُوهُ وَ أَمّرُوا عَلَيهِ أَمِيراً مِنهُم وَ مَن لَم يُجِب وَ لَم يُقِرّ بِمُحَمّدٍص وَ لَم يُقِرّ بِالإِسلَامِ وَ لَم يُسلِم قَتَلُوهُ حَتّي لَا يَبقَي بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ مَا دُونَ الجَبَلِ أَحَدٌ إِلّا آمَنَ

18- البَصَائِرُ،لِلصّفّارِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن أَحمَدَ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن عَمّارٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الحُسَينِ عَن بِسطَامَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بُكَيرٍ عَن عُمَرَ بنِ يَزِيدَ عَن هِشَامٍ الجوَاَليِقيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ لِلّهِ مَدِينَةً خَلفَ البَحرِ سَعَتُهَا مَسِيرَةُ أَربَعِينَ يَوماً لِلشّمسِ فِيهَا قَومٌ لَم يَعصُوا اللّهَ قَطّ وَ لَا يَعرِفُونَ إِبلِيسَ إِلَي آخِرِ الخَبَرِ

بيان كان حديث محمد بن مسلم حديثان سقط من الراوي‌ أوالناسخ آخر


صفحه : 334

الأول وأول الثاني‌ وَ آخِرُ الأَوّلِ مَا تَقَدّمَ بِهَذَا السّنَدِ فِي كِتَابِ الإِمَامَةِ حَيثُ قَالَ مِن هَذِهِ الأُمُورِ التّيِ‌ يَتَكَلّمُ فِيهَا النّاسُ مِنَ الطّلَاقِ وَ الفَرَائِضِ فَقَالَ إِنّ عَلِيّاً ع كَتَبَ العِلمَ كُلّهُ القَضَاءَ وَ الفَرَائِضَ فَلَو ظَهَرَ أَمرُنَا فَلَم يَكُن شَيءٌ إِلّا وَ فِيهِ سُنّةٌ نَمضِيهَا

وصدر الثاني‌ ماذكرناه برواية الصفار. واللحس أخذ الشي‌ء باللسان ولعل المراد به هنا بيان اهتمامهم في أخذ العلم كأنهم يريدون أن يأخذوا جميع علمه كما أن من يلحس القصعة يأخذ جميع ما فيه و في بعض النسخ لحبسوه أي للاستفادة قوله لايختل فيهم الحديد أي لاينفذ إما افتعال من قولهم اختله بالرمح أي نفذه وانتظمه وتخلله به طعنة أثر أخري أو من الختل بمعني الخديعة مجازا و في بعض النسخ لايحتك من الحك أي لايعمل فيهم شيئا قليلا و في بعضها لايحيك بالياء من حاك السيف أي أثر و هوأظهر والمراد بالجبل هوالمحيط بالدنيا

19- مُنتَخَبُ البَصَائِرِ، عَن سَعدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ الصّمَدِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبِي الهَيثَمِ خَالِدٍ الأرَمنَيِ‌ّ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ مَدِينَةً بِالمَشرِقِ اسمُهَا جَابَلقَا لَهَا اثنَا عَشَرَ أَلفَ بَابٍ مِن ذَهَبٍ بَينَ كُلّ بَابٍ إِلَي صَاحِبِهِ مَسِيرَةُ فَرسَخٍ عَلَي كُلّ بَابٍ بُرجٌ فِيهِ اثنَا عَشَرَ أَلفَ مُقَاتِلٍ يَهلُبُونَ الخَيلَ وَ يَشحَذُونَ السّيُوفَ وَ السّلَاحَ يَنتَظِرُونَ قِيَامَ قَائِمِنَا وَ إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ بِالمَغرِبِ مَدِينَةً يُقَالُ لَهَا جَابَرسَا لَهَا اثنَا عَشَرَ أَلفَ بَابٍ مِن ذَهَبٍ بَينَ كُلّ بَابٍ إِلَي صَاحِبِهِ مَسِيرَةُ فَرسَخٍ عَلَي كُلّ بَابٍ بُرجٌ فِيهِ اثنَا عَشَرَ أَلفَ مُقَاتِلٍ يَهلُبُونَ الخَيلَ وَ يَشحَذُونَ السّلَاحَ وَ السّيُوفَ يَنتَظِرُونَ قَائِمَنَا وَ أَنَا الحُجّةُ عَلَيهِم

بيان الهلب بالضم ماغلظ من شعر أوشعر الذنب وهَلَبَهُ نتف هُلبَهُ كَهَلّبَهُ ويقال شحذ السكين كمنع أي أحدها كأشحذها

20-الكاَفيِ‌، عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ


صفحه : 335

عَنِ العَبّاسِ بنِ العَلَاءِ عَن مُجَاهِدٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَنِ الخَلقِ فَقَالَ خَلَقَ اللّهُ أَلفاً وَ مِائَتَينِ فِي البَرّ وَ أَلفاً وَ مِائَتَينِ فِي البَحرِ وَ أَجنَاسُ بنَيِ‌ آدَمَ سَبعُونَ جِنساً وَ النّاسُ وُلدُ آدَمَ مَا خَلَا يَأجُوجَ وَ مَأجُوجَ

21- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الوَشّاءِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي حَمزَةَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعفَرٍ ع لَيلَةً وَ أَنَا عِندَهُ وَ نَظَرَ إِلَي السّمَاءِ فَقَالَ يَا أَبَا حَمزَةَ هَذِهِ قُبّةُ أَبِينَا آدَمَ ع وَ إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ سِوَاهَا تِسعاً وَ ثَلَاثِينَ قُبّةً فِيهَا خَلقٌ مَا عَصَوُا اللّهَ طَرفَةَ عَينٍ

22- وَ مِنهُ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِي يَحيَي الواَسطِيِ‌ّ عَن عَجلَانَ بنِ صَالِحٍ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ هَذِهِ قُبّةُ آدَمَ قَالَ نَعَم وَ لِلّهِ قِبَابٌ كَثِيرَةٌ أَلَا إِنّ خَلفَ مَغرِبِكُم هَذَا تِسعَةٌ وَ ثَلَاثُونَ مَغرِباً أَرضاً بَيضَاءَ مَملُوّةً خَلقاً يَستَضِيئُونَ بِنُورِهِ لَم يَعصُوا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ طَرفَةَ عَينٍ مَا يَدرُونَ خُلِقَ آدَمُ أَم لَم يُخلَق يَبرَءُونَ مِن فُلَانٍ وَ فُلَانٍ

23-الخَرَائِجُ،بِإِسنَادِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي بنِ عُبَيدٍ عَن زَكَرِيّا المُؤمِنِ عَن حَسّانَ الجَمّالِ عَن أَبِي دَاوُدَ السبّيِعيِ‌ّ عَن بُرَيدَةَ الأسَلمَيِ‌ّ عَن رَسُولِ اللّهِ


صفحه : 336

ص أَنّهُ قَالَ يَا عَلِيّ إِنّ اللّهَ أَشهَدَكَ معَيِ‌ سَبعَةَ مَوَاطِنَ فَذَكَرَهَا حَتّي المَوطِنَ الثاّنيِ‌َ فَقَالَ أتَاَنيِ‌ جَبرَئِيلُ فَأَسرَي بيِ‌ إِلَي السّمَاءِ فَقَالَ أَينَ أَخُوكَ فَقُلتُ أَودَعتُهُ خلَفيِ‌ فَقَالَ ادعُ اللّهَ أَن يَأتِيَكَ بِهِ فَدَعَوتُ اللّهَ فَإِذَا أَنتَ معَيِ‌ وَ كُشِطَ لِي عَنِ السّمَاوَاتِ السّبعِ وَ الأَرَضِينَ السّبعِ حَتّي رَأَيتُ سُكّانَهَا وَ عُمّارَهَا وَ مَوضِعَ كُلّ مَلَكٍ فِيهَا فَلَم أَرَ مِن ذَلِكَ شَيئاً إِلّا وَ قَد رَأَيتُهُ

24- أَقُولُ رَوَي البرُسيِ‌ّ فِي مَشَارِقِ الأَنوَارِ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً وَ الطّيّبِينَ مِن ذُرّيّتِهِمَا مِن نُورِ عَظَمَتِهِ وَ أَقَامَهُم أَشبَاحاً قَبلَ المَخلُوقَاتِ ثُمّ قَالَ أَ تَظُنّ أَنّ اللّهَ لَم يَخلُق خَلقاً سِوَاكُم بَلَي وَ اللّهِ لَقَد خَلَقَ اللّهُ أَلفَ أَلفِ آدَمٍ وَ أَلفَ أَلفِ عَالَمٍ وَ أَنتَ وَ اللّهِ فِي آخِرِ تِلكَ العَوَالِمِ

25- وَ روُيِ‌َ مِن كِتَابِ الوَاحِدَةِ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّ لِلّهِ مَدِينَتَينِ إِحدَاهُمَا بِالمَغرِبِ وَ الأُخرَي بِالمَشرِقِ يُقَالُ لَهُمَا جَابَلقَا وَ جَابَرسَا طُولُ كُلّ مَدِينَةٍ مِنهُمَا اثنَا عَشَرَ أَلفَ فَرسَخٍ فِي كُلّ فَرسَخٍ بَابٌ يَدخُلُونَ فِي كُلّ يَومٍ مِن كُلّ بَابٍ سَبعُونَ أَلفاً وَ يَخرُجُ مِنهَا مِثلُ ذَلِكَ وَ لَا يَعُودُونَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ لَا يَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ خَلَقَ آدَمَ وَ لَا إِبلِيسَ وَ لَا شَمسَ وَ لَا قَمَرَ هُم وَ اللّهِ أَطوَعُ لَنَا مِنكُم يَأتُونّا بِالفَاكِهَةِ فِي غَيرِ أَوَانِهَا مُوَكّلَينِ بِلَعنَةِ فِرعَونَ وَ هَامَانَ وَ قَارُونَ

26- وَ روُيِ‌َ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ مِن وَرَاءِ قَافٍ عَالَماً لَا يَصِلُ إِلَيهِ أَحَدٌ غيَريِ‌ وَ أَنَا المُحِيطُ بِمَا وَرَاءَهُ وَ علِميِ‌ بِهِ كعَلِميِ‌ بِدُنيَاكُم هَذِهِ وَ أَنَا الحَفِيظُ الشّهِيدُ عَلَيهَا وَ لَو أَرَدتُ أَن أَجُوبُ الدّنيَا بِأَسرِهَا وَ السّمَاوَاتِ السّبعَ وَ الأَرَضِينَ فِي أَقَلّ مِن طَرفَةِ عَينٍ لَفَعَلتُ لِمَا عنِديِ‌ مِنَ الِاسمِ الأَعظَمِ وَ أَنَا الآيَةُ العُظمَي وَ المُعجِزُ البَاهِرُ

27- وَ روُيِ‌َ أَيضاً قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع ذَاتَ يَومٍ آهِ لَو أَجِدُ لَهُ حَمَلَةً قَالَ فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ فِي عُنُقِهِ كِتَابٌ فَقَالَ رَافِعاً صَوتَهُ أَيّهَا المدُعّيِ‌ مَا لَا يَعلَمُ وَ المُتَقَلّدُ مَا لَا يَفهَمُ إنِيّ‌ سَائِلُكَ فَأَجِب قَالَ فَوَثَبَ إِلَيهِ أَصحَابُ عَلِيّ ع لِيَقتُلُوهُ فَقَالَ


صفحه : 337

لَهُم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع دَعُوهُ لِأَنّ حُجَجَ اللّهِ لَا تَقُومُ بِالطّيشِ وَ لَا بِالبَاطِلِ تَظهَرُ بَرَاهِينُ اللّهِ ثُمّ التَفَتَ إِلَي الرّجُلِ وَ قَالَ سَل بِكُلّ لِسَانِكَ فإَنِيّ‌ مُجِيبٌ إِن شَاءَ اللّهُ فَقَالَ كَم بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ فَقَالَ مَسَافَةُ الهَوَاءِ قَالَ فَكَم مَسَافَةُ الهَوَاءِ قَالَ دَوَرَانُ الفَلَكِ فَقَالَ كَم دَوَرَانُ الفَلَكِ قَالَ مَسِيرَةُ يَومٍ لِلشّمسِ قَالَ الرّجُلُ صَدَقتَ فَمَتَي القِيَامَةُ قَالَ عِندَ حُضُورِ المَنِيّةِ وَ بُلُوغِ الأَجَلِ قَالَ صَدَقتَ فَكَم عُمُرُ الدّنيَا قَالَ يُقَالُ سَبعَةُ آلَافٍ ثُمّ لَا تَحدِيدَ قَالَ صَدَقتَ فَأَينَ مَكّةُ مِن بَكّةَ قَالَ مَكّةُ أَكنَافُ الحَرَمِ وَ بَكّةُ مَكَانُ البَيتِ قَالَ وَ لِمَ سُمّيَت مَكّةُ مَكّةَ قَالَ لِأَنّ اللّهَ مَكّ الأَرضَ مِن تَحتِهَا أَي دَحَاهَا قَالَ فَلِمَ سُمّيَت بَكّةَ قَالَ لِأَنّهَا بَكّت عُيُونَ الجَبّارِينَ وَ المُذنِبِينَ قَالَ صَدَقتَ قَالَ وَ أَينَ كَانَ اللّهُ قَبلَ خَلقِ عَرشِهِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع سُبحَانَ مَن لَا يُدرِكُ كُنهَ صِفَتِهِ حَمَلَةُ عَرشِهِ عَلَي قُربِ زُمَرَاتِهِم مِن كرَاَسيِ‌ّ كَرَامَتِهِ وَ لَا المَلَائِكَةُ المُقَرّبُونَ مِن أَنوَارِ سُبُحَاتِ جَلَالِهِ وَيحَكَ لَا يُقَالُ لِمَ وَ لَا كَيفَ وَ لَا أَينَ وَ لَا مَتَي وَ لَا بِمَ وَ لَا مِمّ وَ لَا حَيثُ وَ لَا أَنّي فَقَالَ الرّجُلُ صَدَقتَ فَكَم مِقدَارُ مَا لَبّثَ العَرشَ عَلَي المَاءِ قَبلَ خَلقِ الأَرضِ وَ السّمَاءِ فَقَالَ أَ تُحسِنُ أَن تَحسُبَ فَقَالَ نَعَم فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَ فَرَأَيتَ لَو صُبّت فِي الأَرضِ خَردَلٌ حَتّي سَدّ الهَوَاءَ وَ مَلَأَ مَا بَينَ الأَرضِ وَ السّمَاءِ ثُمّ أُذِنَ لَكَ عَلَي ضَعفِكَ أَن تَنقُلَهُ حَبّةً حَبّةً مِنَ المَشرِقِ إِلَي المَغرِبِ ثُمّ مُدّ لَكَ فِي العُمُرِ حَتّي نَقَلتَهُ وَ أَحصَيتَهُ لَكَانَ ذَلِكَ أَيسَرُ مِن إِحصَاءِ مَا لَبّثَ العَرشَ عَلَي المَاءِ قَبلَ خَلقِ الأَرضِ وَ السّمَاءِ وَ إِنّمَا وَصَفتُ لَكَ جُزءاً مِن عُشرِ عَشِيرِ مَا لَبّثَ العَرشَ عَلَي المَاءِ قَبلَ خَلقِ الأَرضِ وَ السّمَاءِ وَ إِنّمَا وَصَفتُ لَكَ جُزءاً مِن عُشرِ عَشِيرٍ مِن جُزءٍ مِن مِائَةِ أَلفِ جُزءٍ وَ أَستَغفِرُ اللّهَ مِنَ التّقلِيلِ فِي التّحدِيدِ قَالَ فَحَرّكَ الرّجُلُ


صفحه : 338

رَأسَهُ وَ قَالَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ

28- المُحتَضَرُ،بِإِسنَادِهِ قَالَ خَطَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ سلَوُنيِ‌ فإَنِيّ‌ لَا أُسأَلُ عَن شَيءٍ دُونَ العَرشِ إِلّا أَجَبتُ فِيهِ لَا يَقُولُهَا بعَديِ‌ إِلّا جَاهِلٌ مُدّعٍ أَو كَذّابٌ مُفتَرٍ فَقَامَ رَجُلٌ ثُمّ ذَكَرَ نَحوَهُ

29- وَ قَالَ البرُسيِ‌ّ رَوَي الراّزيِ‌ّ فِي كِتَابِهِ المُسَمّي بِمَفَاتِيحِ الغَيبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَيلَةَ أسُريِ‌َ بيِ‌ إِلَي السّمَاءِ رَأَيتُ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ مَيَادِينَ كَمَيَادِينِ أَرضِكُم هَذِهِ وَ رَأَيتُ أَفوَاجاً مِنَ المَلَائِكَةِ يَطِيرُونَ لَا يَقِفُ هَؤُلَاءِ لِهَؤُلَاءِ وَ لَا هَؤُلَاءِ لِهَؤُلَاءِ قَالَ فَقُلتُ لِجَبرَئِيلَ مَن هَؤُلَاءِ فَقَالَ لَا أَعلَمُ فَقُلتُ مِن أَينَ جَاءُوا فَقَالَ لَا أَعلَمُ فَقُلتُ وَ أَينَ يَمضُونَ فَقَالَ لَا أَعلَمُ فَقُلتُ سَلهُم فَقَالَ لَا أَقدِرُ وَ لَكِن سَلهُم أَنتَ يَا حَبِيبَ اللّهِ قَالَ فَاعتَرَضتُ مَلَكاً مِنهُم فَقُلتُ لَهُ مَا اسمُكَ فَقَالَ كَيكَائِيلُ فَقُلتُ مِن أَينَ أَتَيتَ فَقَالَ لَا أَعلَمُ فَقُلتُ وَ أَينَ تمَضيِ‌ فَقَالَ لَا أَعلَمُ فَقُلتُ وَ كَم لَكَ فِي السّيرِ فَقَالَ لَا أَعلَمُ غَيرَ أنَيّ‌ يَا حَبِيبَ اللّهِ أَعلَمُ أَنّ اللّهَ سُبحَانَهُ يَخلُقُ فِي كُلّ أَلفِ سَنَةٍ كَوكَباً وَ قَد رَأَيتُ سِتّةَ آلَافِ كَوكَبٍ خُلِقنَ وَ أَنَا فِي السّيرِ

30- النّجُومُ، قَالَ ذَكَرَ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ مُؤَلّفُ كِتَابِ الأَنبِيَاءِ وَ الأَوصِيَاءِ روُيِ‌َ أَنّ رَجُلًا أَتَي عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع وَ عِندَهُ أَصحَابُهُ فَقَالَ لَهُ مِمّنِ الرّجُلُ قَالَ أَنَا مُنَجّمٌ قَائِفٌ عَرّافٌ فَنَظَرَ إِلَيهِ ثُمّ قَالَ هَل أَدُلّكَ عَلَي رَجُلٍ قَد مَرّ مُنذُ يَومَ دَخَلتَ عَلَينَا فِي أَربَعَةِ آلَافِ عَالَمٍ قَالَ مَن هُوَ قَالَ أَمّا الرّجُلُ فَلَا أَذكُرُهُ وَ لَكِن إِن شِئتَ أَخبَرتُكَ بِمَا أَكَلتَ وَ ادّخَرتَ فِي بَيتِكَ قَالَ نبَئّنيِ‌ قَالَ أَكَلتَ فِي هَذَا اليَومِ حَيساً فَأَمّا فِي بَيتِكَ فَعِشرُونَ دِينَاراً مِنهَا ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَازِنَةٌ فَقَالَ لَهُ الرّجُلُ أَشهَدُ أَنّكَ الحُجّةُ العُظمَي وَالمَثَلُ الأَعلي وَ كَلِمَةُ التّقوَي فَقَالَ لَهُ وَ أَنتَ صِدّيقٌ امتَحَنَ اللّهُ قَلبَكَ بِالإِيمَانِ وَ أَثبَتَ

بيان أراد بالرجل نفسه ع والحيس تمر ينزع نواه ويدق مع أقط ويعجنان بالسمن ثم يدلك باليد حتي يبقي كالتريد والوازنة الكاملة الوزن أو


صفحه : 339

الصحيحة الوزن التي‌ توزن بهاغيرها قال في المصباح المنير وزن الشي‌ء نفسه ثقل فهو وازن

31-أَقُولُ وَجَدتُ فِي كِتَابٍ مِن كُتُبِ قُدَمَاءِ الأَصحَابِ فِي نَوَادِرِ المُعجِزَاتِ بِإِسنَادِهِ إِلَي الصّدُوقِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الصّفّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ زَكَرِيّا عَن أَبِي المُعَافَا عَن وَكِيعٍ عَن زَاذَانَ عَن سَلمَانَ قَالَكُنّا مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ نَحنُ نَذكُرُ شَيئاً مِن مُعجِزَاتِ الأَنبِيَاءِ فَقُلتُ لَهُ يَا سيَدّيِ‌ أُحِبّ أَن ترُيِنَيِ‌ نَاقَةَ ثَمُودَ وَ شَيئاً مِن مُعجِزَاتِكَ قَالَ أَفعَلُ ثُمّ وَثَبَ فَدَخَلَ مَنزِلَهُ وَ خَرَجَ إلِيَ‌ّ وَ تَحتَهُ فَرَسٌ أَدهَمُ وَ عَلَيهِ قَبَاءٌ أَبيَضُ وَ قَلَنسُوَةٌ بَيضَاءُ وَ نَادَي يَا قَنبَرُ أَخرِج إلِيَ‌ّ ذَلِكَ الفَرَسَ فَأَخرَجَ فَرَساً أَغَرّ أَدهَمَ فَقَالَ لِيَ اركَب يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ قَالَ سَلمَانُ فَرَكِبتُهُ فَإِذَا لَهُ جَنَاحَانِ مُلتَصِقَانِ إِلَي جَنبِهِ فَصَاحَ بِهِ الإِمَامُ فَتَحَلّقَ فِي الهَوَاءِ وَ كُنتُ أَسمَعُ خَفِيقَ أَجنِحَةِ المَلَائِكَةِ تَحتَ العَرشِ ثُمّ خَطَرنَا عَلَي سَاحِلِ بَحرٍ عَجّاجٍ مُغطَمِطِ الأَموَاجِ فَنَظَرَ إِلَيهِ الإِمَامُ شَزراً فَسَكَنَ البَحرُ فَقُلتُ يَا سيَدّيِ‌ سَكَنَ البَحرُ مِن غَلَيَانِهِ مِن نَظَرِكَ إِلَيهِ فَقَالَ يَا سَلمَانُ حسَبِنَيِ‌ أنَيّ‌ آمُرُ فِيهِ بِأَمرٍ ثُمّ قَبَضَ عَلَي يدَيِ‌ وَ سَارَ عَلَي وَجهِ المَاءِ وَ الفَرَسَانِ يَتبَعَانِنَا لَا يَقُودُهُمَا أَحَدٌ فَوَ اللّهِ مَا ابتَلّت أَقدَامُنَا وَ لَا حَوَافِرُ الخَيلِ فَعَبَرنَا ذَلِكَ البَحرَ وَ وَقَعنَا إِلَي جَزِيرَةٍ كَثِيرَةِ الأَشجَارِ وَ الأَثمَارِ وَ الأَطيَارِ وَ الأَنهَارِ وَ إِذَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ بِلَا ثَمَرٍ بَل وَردٍ وَ زَهرٍ فَهَزّهَا بِقَضِيبٍ كَانَ فِي يَدِهِ فَانشَقّت وَ خَرَجَ مِنهَا نَاقَةٌ طُولُهَا ثَمَانُونَ ذِرَاعاً وَ عَرضُهَا أَربَعُونَ ذِرَاعاً خَلفَهَا فَصِيلٌ فَقَالَ لِيَ ادنُ مِنهَا وَ اشرَب مِن لَبَنِهَا فَدَنَوتُ وَ شَرِبتُ حَتّي رَوِيتُ وَ كَانَ أَعذَبَ مِنَ الشّهدِ وَ أَليَنَ مِنَ الزّبدِ وَ قَدِ اكتَفَيتُ قَالَ هَذَا حَسَنٌ قُلتُ حَسَنٌ يَا سيَدّيِ‌ قَالَ تُرِيدُ أَن أُرِيَكَ أَحسَنَ مِنهَا فَقُلتُ نَعَم يَا سيَدّيِ‌ قَالَ يَا سَلمَانُ نَادِ اخرجُيِ‌ يَا حَسنَاءُ فَنَادَيتُ فَخَرَجَت نَاقَةٌ طُولُهَا مِائَةٌ وَ عِشرُونَ ذِرَاعاً وَ عَرضُهَا سِتّونَ ذِرَاعاً مِنَ اليَاقُوتِ الأَحمَرِ وَ زِمَامُهَا مِنَ اليَاقُوتِ الأَصفَرِ وَ جَنبُهَا الأَيمَنُ مِنَ الذّهَبِ وَ جَنبُهَا الأَيسَرُ مِنَ الفِضّةِ وَ ضَرعُهَا مِنَ اللّؤلُؤِ الرّطبِ فَقَالَ يَا سَلمَانُ


صفحه : 340

اشرَب مِن لَبَنِهَا قَالَ سَلمَانُ فَالتَقَمتُ الضّرعَ فَإِذَا هيِ‌َ تَحلُبُ عَسَلًا صَافِياً مَحضاً فَقُلتُ يَا سيَدّيِ‌ هَذِهِ لِمَن قَالَ هَذِهِ لَكَ وَ لِسَائِرِ الشّيعَةِ مِن أوَليِاَئيِ‌ ثُمّ قَالَ لَهَا ارجعِيِ‌ فَرَجَعَت مِنَ الوَقتِ وَ سَارَ بيِ‌ فِي تِلكَ الجَزِيرَةِ حَتّي وَرَدَ بيِ‌ إِلَي شَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ وَ فِي أَصلِهَا مَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَيهَا طَعَامٌ تَفُوحُ مِنهُ رَائِحَةُ المِسكِ وَ إِذَا بِطَائِرٍ فِي صُورَةِ النّسرِ العَظِيمِ قَالَ فَوَثَبَ ذَلِكَ الطّيرُ فَسَلّمَ عَلَيهِ وَ رَجَعَ إِلَي مَوضِعِهِ فَقُلتُ يَا سيَدّيِ‌ مَا هَذِهِ المَائِدَةُ قَالَ هَذِهِ مَائِدَةٌ مَنصُوبَةٌ فِي هَذَا المَوضِعِ لِلشّيعَةِ مِن موَاَليِ‌ّ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَقُلتُ مَا هَذَا الطّائِرُ فَقَالَ مَلَكٌ مُوَكّلٌ بِهَا فَقُلتُ وَحدَهُ يَا سيَدّيِ‌ فَقَالَ يَجتَازُ بِهِ الخَضِرُ فِي كُلّ يَومٍ مَرّةً ثُمّ قَبَضَ عَلَي يدَيِ‌ فَسَارَ بيِ‌ إِلَي بَحرٍ ثَانٍ فَعَبَرنَا وَ إِذَا بِجَزِيرَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهَا قَصرٌ لَبِنَةٌ مِنَ الذّهَبِ وَ لَبِنَةٌ مِنَ الفِضّةِ البَيضَاءِ وَ شُرَفُهُ العَقِيقُ الأَصفَرُ وَ عَلَي كُلّ رُكنٍ مِنَ القَصرِ سَبعُونَ صِنفاً مِنَ المَلَائِكَةِ فَجَلَسَ الإِمَامُ عَلَي ذَلِكَ الرّكنِ وَ أَقبَلَتِ المَلَائِكَةُ تأَتيِ‌ وَ تُسَلّمُ عَلَيهِ ثُمّ أَذِنَ لَهُم فَرَجَعُوا إِلَي مَوَاضِعِهِم قَالَ سَلمَانُ ثُمّ دَخَلَ ع إِلَي القَصرِ فَإِذَا فِيهِ أَشجَارٌ وَ أَنهَارٌ وَ أَطيَارٌ وَ أَلوَانُ النّبَاتِ فَجَعَلَ الإِمَامُ يمَشيِ‌ فِيهِ حَتّي وَصَلَ إِلَي آخِرِهِ فَوَقَفَ عَلَي بِركَةٍ كَانَت فِي البُستَانِ ثُمّ صَعِدَ إِلَي سَطحِهِ فَإِذَا كرَاَسيِ‌ّ مِنَ الذّهَبِ الأَحمَرِ فَجَلَسَ عَلَيهِ وَ أَشرَفنَا مِنهُ فَإِذَا بَحرٌ أَسوَدُ يُغَطمِطُ بِأَموَاجِهِ كَالجِبَالِ الرّاسِيَاتِ فَنَظَرَ إِلَيهِ شَزراً فَسَكَنَ مِن غَلَيَانِهِ حَتّي كَانَ كَالمَذِيبِ فَقُلتُ يَا سيَدّيِ‌ سَكَنَ البَحرُ مِن غَلَيَانِهِ لَمّا نَظَرتَ إِلَيهِ قَالَ حسَبِنَيِ‌ أنَيّ‌ آمُرُ فِيهِ بِأَمرٍ أَ تدَريِ‌ يَا سَلمَانُ أَيّ بَحرٍ هَذَا فَقُلتُ لَا يَا سيَدّيِ‌ فَقَالَ هَذَا البَحرُ ألّذِي غَرِقَ فِيهِ فِرعَونُ وَ قَومُهُ إِنّ المَدِينَةَ حُمِلَت عَلَي مَعَاقِلِ جَنَاحِ جَبرَئِيلَ ثُمّ رَمَي بِهَا فِي هَذَا البَحرِ فَهَوِيَت لَا تَبلُغُ قَرَارَهُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَقُلتُ يَا سيَدّيِ‌ هَل سِرنَا فَرسَخَينِ فَقَالَ يَا سَلمَانُ لَقَد سِرتَ خَمسِينَ أَلفَ فَرسَخٍ وَ دُرتَ حَولَ الدّنيَا عِشرِينَ مَرّةً فَقُلتُ يَا سيَدّيِ‌ فَكَيفَ هَذَا فَقَالَ يَا سَلمَانُ إِذَا كَانَ ذُو القَرنَينِ طَافَ


صفحه : 341

شَرقَهَا وَ غَربَهَا وَ بَلَغَ إِلَي سَدّ يَأجُوجَ وَ مَأجُوجَ فَأَنّي يَتَعَذّرُ عَلَيّ وَ أَنَا أَخُو سَيّدِ المُرسَلِينَ وَ أَمِينُ رَبّ العَالَمِينَ وَ حُجّتُهُ عَلَي خَلقِهِ أَجمَعِينَ يَا سَلمَانُ أَ مَا قَرَأتَ قَولَ اللّهِ تَعَالَي حَيثُ قَالَعالِمُ الغَيبِ فَلا يُظهِرُ عَلي غَيبِهِ أَحَداً إِلّا مَنِ ارتَضي مِن رَسُولٍفَقُلتُ بَلَي يَا سيَدّيِ‌ فَقَالَ يَا سَلمَانُ أَنَا المرُتضَيِ‌ مِنَ الرّسُولِ ألّذِي أَظهَرَهُ عَلَي غَيبِهِ أَنَا العَالِمُ الربّاّنيِ‌ّ أَنَا ألّذِي هَوّنَ اللّهُ عَلَيّ الشّدَائِدَ وَ طَوَي لِيَ البَعِيدَ قَالَ سَلمَانُ فَسَمِعتُ صَائِحاً يَصِيحُ فِي السّمَاءِ نَسمَعُ الصّوتَ وَ لَا نَرَي الشّخصَ يَقُولُ صَدَقتَ صَدَقتَ أَنتَ الصّادِقُ المُصَدّقُ ثُمّ وَثَبَ فَرَكِبَ الفَرَسَ وَ رَكِبتُ مَعَهُ وَ صَاحَ بِهِ فَتَحَلّقَ فِي الهَوَاءِ ثُمّ حَضَرنَا بِأَرضِ الكُوفَةِ هَذَا وَ مَا مَضَي مِنَ اللّيلِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ فَقَالَ يَا سَلمَانُ الوَيلُ ثُمّ الوَيلُ عَلَي مَن لَا يَعرِفُنَا حَقّ مَعرِفَتِنَا وَ أَنكَرَ وَلَايَتَنَا يَا سَلمَانُ أَيّمَا أَفضَلُ مُحَمّدٌ أَم سُلَيمَانُ بنُ دَاوُدَ قُلتُ بَل مُحَمّدٌ فَقَالَ يَا سَلمَانُ فَهَذَا آصَفُ بنُ بَرخِيَا قَدَرَ أَن يَحمِلَ عَرشَ بِلقِيسَ مِنَ اليَمَنِ إِلَي بَيتِ المَقدِسِ فِي طَرفَةِ عَينٍ وَ عِندَهُ عِلمُ الكِتَابِ وَ لَا أَفعَلُ ذَلِكَ وَ عنِديِ‌ عِلمُ مِائَةِ أَلفِ كِتَابٍ وَ أَربَعَةٍ وَ عِشرِينَ أَلفَ كِتَابٍ أَنزَلَ مِنهَا عَلَي شَيثِ بنِ آدَمَ خَمسِينَ صَحِيفَةً وَ عَلَي إِدرِيسَ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً وَ عَلَي اِبرَاهِيمَ عِشرِينَ صَحِيفَةً وَ التّورَاةَ وَ الإِنجِيلَ وَ الزّبُورَ فَقُلتُ صَدَقتَ يَا سيَدّيِ‌ قَالَ الإِمَامُ ع اعلَم يَا سَلمَانُ أَنّ الشّاكّ فِي أُمُورِنَا وَ عُلُومِنَا كاَلممُترَيِ‌ فِي مَعرِفَتِنَا وَ حُقُوقِنَا وَ قَد فَرَضَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَلَايَتَنَا فِي كِتَابِهِ وَ بَيّنَ فِيهِ مَا أَوجَبَ العَمَلَ بِهِ وَ هُوَ غَيرُ مَكشُوفٍ

بيان قال في النهاية كان يخطر في مشيته أي يتمايل ويمشي‌ مشية المعجب انتهي والغطمطة اضطراب أمواج البحر والشزر نظر الغضبان بمؤخر العين وأقول الخبر في غاية الغرابة و لاأعتمد عليه لعدم كونه مأخوذا من أصل معتبر و إن نسب إلي الصدوق ره


صفحه : 342

32- البَصَائِرُ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن عَلِيّ بنِ سَعدَانَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ عَن عُمَرَ بنِ أَبَانٍ الكلَبيِ‌ّ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ قَالَ كُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع حَيثُ دَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن عُلَمَاءِ أَهلِ اليَمَنِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ يَا يمَاَنيِ‌ّ أَ فِيكُم عُلَمَاءُ قَالَ نَعَم قَالَ فأَيَ‌ّ شَيءٍ يَبلُغُ مِن عِلمِ عُلَمَائِكُم قَالَ إِنّهُ لَيَسِيرُ فِي لَيلَةٍ وَاحِدَةٍ مَسِيرَةَ شَهرَينِ يَزجُرُ الطّيرَ وَ يَقفُو الآثَارَ فَقَالَ لَهُ فَعَالِمُ المَدِينَةِ أَعلَمُ مِن عَالِمِكُم قَالَ فأَيَ‌ّ شَيءٍ يَبلُغُ مِن عِلمِ عَالِمِكُم بِالمَدِينَةِ قَالَ إِنّهُ يَسِيرُ فِي صَبَاحٍ وَاحِدٍ مَسِيرَ سَنَةٍ كَالشّمسِ إِذَا أُمِرَت إِنّهَا اليَومَ غَيرُ مَأمُورَةٍ وَ لَكِن إِذَا أُمِرَت تَقطَعُ اثنيَ‌ عَشَرَ شَمساً وَ اثنيَ‌ عَشَرَ قَمَراً وَ اثنيَ‌ عَشَرَ مَشرِقاً وَ اثنيَ‌ عَشَرَ مَغرِباً وَ اثنيَ‌ عَشَرَ بَرّاً وَ اثنيَ‌ عَشَرَ بَحراً وَ اثنيَ‌ عَشَرَ عَالَماً قَالَ فَمَا بقَيِ‌َ فِي يدَيَ‌ِ اليمَاَنيِ‌ّ فَمَا دَرَي مَا يَقُولُ وَ كَفّ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع

بيان لعل المراد بسير اليماني‌ مسيرة شهرين الحكم بحسب النجوم في ليلة واحدة علي قدر مسيرة شهرين من البلاد وأهلها ويؤيده أن في الاحتجاج هكذا إن عالمهم ليزجر الطير ويقفو الأثر في ساعة واحدة مسيرة شهر للراكب المحث ولعل المراد بقفو الأثر الحكم بأوضاع النجوم وحركاتها وبزجر الطير ما كان بين العرب من الاستدلال بحركات الطيور وأصواتها علي الحوادث

33-البَصَائِرُ، عَنِ الحُسَينِ بنِ أَحمَدَ عَن سَلَمَةَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ


صفحه : 343

بَقّاحٍ عَنِ ابنِ جَبَلَةَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ لِي حَوضٌ مَا بَينَ بُصرَي إِلَي صَنعَاءَ أَ تُحِبّ أَن تَرَاهُ قُلتُ نَعَم جُعِلتُ فِدَاكَ قَالَ فَأَخَذَ بيِدَيِ‌ وَ أخَرجَنَيِ‌ إِلَي ظَهرِ المَدِينَةِ ثُمّ ضَرَبَ بِرِجلِهِ فَنَظَرتُ إِلَي نَهَرٍ يجَريِ‌ لَا يُدرَكُ حَافَتَاهُ إِلّا المَوضِعُ ألّذِي أَنَا فِيهِ قَائِمٌ فَإِنّهُ شَبِيهٌ بِالجَزِيرَةِ فَكُنتُ أَنَا وَ هُوَ وُقُوفاً فَنَظَرتُ إِلَي نَهَرٍ جَانِبُهُ مَاءٌ أَبيَضُ مِنَ الثّلجِ وَ مِن جَانِبِهِ هَذَا لَبَنٌ أَبيَضُ مِنَ الثّلجِ وَ فِي وسط[وَسَطِهِ]خَمرٌ أَحسَنُ مِنَ اليَاقُوتِ فَمَا رَأَيتُ شَيئاً أَحسَنَ مِن تِلكَ الخَمرِ بَينَ اللّبَنِ وَ المَاءِ فَقُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ مِن أَينَ يَخرُجُ هَذَا وَ مَا مَجرَاهُ فَقَالَ هَذِهِ العُيُونُ التّيِ‌ ذَكَرَهَا اللّهُ فِي كِتَابِهِ أَنهَارٌ فِي الجَنّةِ عَينٌ مِن مَاءٍ وَ عَينٌ مِن لَبَنٍ وَ عَينٌ مِن خَمرٍ تجَريِ‌ فِي هَذَا النّهَرِ وَ رَأَيتُ حَافَتَهُ عَلَيهِ شَجَرٌ فِيهِنّ حُورٌ مُعَلّقَاتٌ بِرُءُوسِهِنّ شَعرٌ مَا رَأَيتُ شَيئاً أَحسَنَ مِنهُنّ وَ بِأَيدِيهِنّ آنِيَةٌ مَا رَأَيتُ آنِيَةً أَحسَنَ مِنهَا لَيسَت مِن آنِيَةِ الدّنيَا فَدَنَا مِن إِحدَاهُنّ فَأَومَأَ بِيَدِهِ لِتَسقِيَهُ فَنَظَرتُ إِلَيهَا وَ قَد مَالَت لِتَغرِفَ مِنَ النّهَرِ فَمَالَ الشّجَرُ مَعَهَا فَاغتَرَفَت فَمَالَتِ الشّجَرَةُ مَعَهَا ثُمّ نَاوَلَتهُ فنَاَولَنَيِ‌ فَشَرِبتُ فَمَا رَأَيتُ شَرَاباً كَانَ أَليَنَ مِنهُ وَ لَا أَلَذّ مِنهُ وَ كَانَت رَائِحَتُهُ رَائِحَةَ المِسكِ فَنَظَرتُ فِي الكَأسِ فَإِذَا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَلوَانٍ مِنَ الشّرَابِ فَقُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ مَا رَأَيتُ كَاليَومِ قَطّ وَ لَا كُنتُ أَرَي أَنّ الأَمرَ هَكَذَا فَقَالَ لِي هَذَا أَقَلّ مَا أَعَدّهُ اللّهُ لِشِيعَتِنَا إِنّ المُؤمِنَ إِذَا توُفُيّ‌َ صَارَت رُوحُهُ إِلَي هَذَا النّهَرِ وَ رَعَت فِي رِيَاضِهِ وَ شَرِبَت مِن شَرَابِهِ وَ إِنّ عَدُوّنَا إِذَا توُفُيّ‌َ صَارَت رُوحُهُ إِلَي واَديِ‌ بَرَهُوتَ فَأُخلِدَت فِي عَذَابِهِ وَ أُطعِمَت مِن زَقّومِهِ وَ أُسقِيَت مِن حَمِيمِهِ فَاستَعِيذُوا بِاللّهِ مِن ذَلِكَ الواَديِ‌

34- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي خَالِدٍ وَ أَبِي سَلّامٍ عَن


صفحه : 344

سَورَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ أَمَا إِنّ ذَا القَرنَينِ قَد خُيّرَ بَينَ السّحَابَينِ فَاختَارَ الذّلُولَ ذُخِرَ لِصَاحِبِكُمُ الصّعبُ قَالَ قُلتُ وَ مَا الصّعبُ قَالَ مَا كَانَ مِن سَحَابٍ فِيهِ رَعدٌ وَ صَاعِقَةٌ أَو بَرقٌ فَصَاحِبُكُم يَركَبُهُ أَمَا إِنّهُ سَيَركَبُ السّحَابَ وَ يَرقَي فِي الأَسبَابِ أَسبَابِ السّمَاوَاتِ السّبعِ وَ الأَرَضِينَ السّبعِ خَمسٌ عَوَامِرُ وَ اثنَتَانِ خَرَابَانِ

35- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن سَمَاعَةَ بنِ مِهرَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ عَلِيّاً ع مَلِكَ مَا فِي الأَرضِ وَ مَا تَحتَهَا فَعُرِضَت لَهُ السّحَابَانِ الصّعبُ وَ الذّلُولُ فَاختَارَ الصّعبَ وَ كَانَ فِي الصّعبِ مَلِكَ مَا تَحتَ الأَرضِ وَ فِي الذّلُولِ مَلِكَ مَا فَوقَ الأَرضِ وَ اختَارَ الصّعبَ عَلَي الذّلُولَ فَدَارَت بِهِ سَبعَ أَرَضِينَ فَوُجِدَ ثَلَاثٌ خَرَابٌ وَ أَربَعٌ عَوَامِرُ

36- مِن بَعضِ مُؤَلّفَاتِ القُدَمَاءِ مِنَ القاَضيِ‌ أَبِي الحَسَنِ الطبّرَيِ‌ّ عَن سَعِيدِ بنِ يُونُسَ المقَدسِيِ‌ّ عَنِ المُبَارَكِ عَن خَالِصِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ عَن وَهبٍ الجَمّالِ عَن عَبدِ المُنعِمِ بنِ سَلَمَةَ عَن وَهبٍ الراّئدِيِ‌ّ عَن يُونُسَ بنِ مَيسَرَةَ عَنِ الشّيخِ المُعتَمِرِ الرقّيّ‌ّ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ مِيثَمٍ التّمّارِ قَالَكُنتُ بَينَ يدَيَ‌ موَلاَي‌َ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع إِذ دَخَلَ غُلَامٌ وَ جَلَسَ فِي وَسطِ المُسلِمِينَ فَلَمّا فَرَغَ مِنَ الأَحكَامِ نَهَضَ إِلَيهِ الغُلَامُ وَ قَالَ يَا أَبَا تُرَابٍ أَنَا إِلَيكَ رَسُولٌ جِئتُكَ بِرِسَالَةٍ تُزَعزِعُ لَهَا الجِبَالُ مِن رَجُلٍ حَفِظَ كِتَابَ اللّهِ مِن أَوّلِهِ إِلَي آخِرِهِ وَ عَلِمَ عِلمَ القَضَايَا وَ الأَحكَامَ وَ هُوَ أَبلَغُ مِنكَ فِي الكَلَامِ وَ أَحَقّ مِنكَ بِهَذَا المَقَامِ فَاستَعِدّ لِلجَوَابِ وَ لَا تُزَخرِفِ المَقَالَ فَلَاحَ الغَضَبُ فِي وَجهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ قَالَ لِعَمّارٍ اركَب جَمَلَكَ وَ طُف فِي قَبَائِلِ الكُوفَةِ وَ قُل لَهُم أَجِيبُوا عَلِيّاً لِيَعرِفُوا الحَقّ مِنَ البَاطِلَ


صفحه : 345

وَ الحَلَالَ وَ الحَرَامَ وَ الصّحّةَ وَ السّقمَ فَرَكِبَ عَمّارٌ فَمَا كَانَ إِلّا هُنَيهَةً حَتّي رَأَيتُ العَرَبَ كَمَا قَالَ اللّهُ تَعَالَيإِن كانَت إِلّا صَيحَةً واحِدَةًفَإِذا هُم مِنَ الأَجداثِ إِلي رَبّهِم يَنسِلُونَفَضَاقَ جَامِعُ الكُوفَةِ وَ تَكَاثَفَ النّاسُ تَكَاثُفَ الجَرَادِ عَلَي الزّرعِ الغَضّ فِي أَوَانِهِ وَ نَهَضَ العَالِمُ الأَروَعُ وَ البَطَلُ الأَنزَعُ وَ رقَيِ‌َ فِي المِنبَرِ وَ رَاقَي ثُمّ تَنَحنَحَ فَسَكَتَ جَمِيعُ مَن فِي الجَامِعِ فَقَالَ رَحِمَ اللّهُ مَن سَمِعَ فَوَعَي أَيّهَا النّاسُ مَن يَزعُمُ أَنّهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَ اللّهِ لَا يَكُونُ الإِمَامُ إِمَاماً حَتّي يحُييِ‌َ المَوتَي أَو يُنزِلَ مِنَ السّمَاءِ مَطَراً أَو يأَتيِ‌َ بِمَا يُشَاكِلُ ذَلِكَ مِمّا يَعجِزُ عَنهُ غَيرُهُ وَ فِيكُم مَن يَعلَمُ أنَيّ‌ الآيَةُ البَاقِيَةُ وَ الكَلِمَةُ التّامّةُ وَ الحُجّةُ البَالِغَةُ وَ لَقَد أَرسَلَ إلِيَ‌ّ مُعَاوِيَةُ جَاهِلًا مِن جَاهِلِيّةِ العَرَبِ عَجرَفَ فِي مَقَالِهِ وَ أَنتُم تَعلَمُونَ لَو شِئتُ لَطَحَنتُ عِظَامَهُ طَحناً وَ نَسَفتُ الأَرضَ مِن تَحتِهِ نَسفاً وَ خَسَفتُهَا عَلَيهِ خَسفاً إِلّا أَنّ احتِمَالَ الجَاهِلِ صَدَقَةٌ ثُمّ حَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ صَلّي عَلَي النّبِيّص وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَي الجَوّ فَدَمدَمَ وَ أَقبَلَت غَمَامَةٌ وَ عَلَت سَحَابَةٌ وَ سَمِعنَا مِنهَا نِدَاءً يَقُولُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ يَا سَيّدَ الوَصِيّينَ وَ يَا إِمَامَ المُتّقِينَ وَ يَا غِيَاثَ المُستَغِيثِينَ وَ يَا كَنزَ المَسَاكِينِ وَ مَعدِنَ الرّاغِبِينَ وَ أَشَارَ إِلَي السّحَابَةِ فَدَنَت قَالَ مِيثَمٌ فَرَأَيتُ النّاسَ كُلّهُم قَد أَخَذَتهُمُ السّكرَةُ فَرَفَعَ رِجلَهُ وَ رَكِبَ السّحَابَةَ وَ قَالَ لِعَمّارٍ اركَب معَيِ‌ وَ قُلبِسمِ اللّهِ مَجراها وَ مُرساهافَرَكِبَ عَمّارٌ وَ غَابَا عَن أَعيُنِنَا فَلَمّا كَانَ بَعدَ سَاعَةٍ أَقبَلَت سَحَابَةٌ حَتّي أَظَلّت جَامِعَ الكُوفَةِ فَالتَفَتّ فَإِذَا موَلاَي‌َ جَالِسٌ عَلَي دَكّةِ القَضَاءِ وَ عَمّارٌ بَينَ يَدَيهِ وَ النّاسُ حَافّونَ بِهِ ثُمّ قَامَ وَ صَعِدَ المِنبَرَ وَ أَخَذَ بِالخُطبَةِ المَعرُوفَةِ بِالشّقشِقِيّةِ فَلَمّا فَرَغَ اضطَرَبَ النّاسُ وَ قَالُوا فِيهِ أَقَاوِيلَ مُختَلِفَةً فَمِنهُم مَن زَادَهُ اللّهُ إِيمَاناً وَ يَقِيناً وَ مِنهُم مَن زَادَهُ كُفراً وَ طُغيَاناً قَالَ عَمّارٌ قَد طَارَت بِنَا السّحَابَةُ فِي الجَوّ فَمَا كَانَ هُنَيهَةً حَتّي أَشرَفنَا عَلَي بَلَدٍ كَبِيرٍ حَوَالَيهَا أَشجَارٌ وَ أَنهَارٌ فَنَزَلَت بِنَا السّحَابَةُ وَ إِذَا نَحنُ فِي مَدِينَةٍ كَبِيرَةٍ وَ


صفحه : 346

النّاسُ يَتَكَلّمُونَ بِكَلَامٍ غَيرِ العَرَبِيّةِ فَاجتَمَعُوا عَلَيهِ وَ لَاذُوا بِهِ فَوَعَظَهُم وَ أَنذَرَهُم بِمِثلِ كَلَامِهِم ثُمّ قَالَ يَا عَمّارُ اركَب فَفَعَلتُ مَا أمَرَنَيِ‌ فَأَدرَكنَا جَامِعَ الكُوفَةِ ثُمّ قَالَ لِي يَا عَمّارُ تَعرِفُ البَلدَةَ التّيِ‌ كُنتَ فِيهَا قُلتُ اللّهُ أَعلَمُ وَ رَسُولُهُ وَ وَلِيّهُ قَالَ كُنّا فِي الجَزِيرَةِ السّابِعَةِ مِنَ الصّينِ أَخطُبُ كَمَا رأَيَتنَيِ‌ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَرسَلَ رَسُولَهُ إِلَي كَافّةِ النّاسِ وَ عَلَيهِ أَن يَدعُوَهُم وَ يهَديِ‌َ المُؤمِنِينَ مِنهُم إِلَي الصّرَاطِ المُستَقِيمِ وَ اشكُر مَا أَولَيتُكَ مِن نِعمَةٍ وَ اكتُم مِن غَيرِ أَهلِهِ فَإِنّ لِلّهِ تَعَالَي أَلطَافاً خَفِيّةً فِي خَلقِهِ لَا يَعلَمُهَا إِلّا هُوَ وَ مَنِ ارتَضَي مِن رَسُولٍ ثُمّ قَالُوا أَعطَاكَ اللّهُ هَذِهِ القُدرَةَ البَاهِرَةَ وَ أَنتَ تَستَنهِضُ النّاسَ لِقِتَالِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَعَبّدَهُم بِمُجَاهَدَةِ الكُفّارِ وَ المُنَافِقِينَ وَ النّاكِثِينَ وَ القَاسِطِينَ وَ المَارِقِينَ وَ اللّهِ لَو شِئتُ لَمَدَدتُ يدَيِ‌ هَذِهِ القَصِيرَةَ فِي أَرضِكُم هَذِهِ الطّوِيلَةِ وَ ضَرَبتُ بِهَا صَدرَ مُعَاوِيَةَ بِالشّامِ وَ أَجذِبُ بِهَا مِن شَارِبِهِ أَو قَالَ مِن لِحيَتِهِ فَمَدّ يَدَهُ وَ رَدّهَا وَ فِيهَا شَعَرَاتٌ كَثِيرَةٌ فَتَعَجّبُوا مِن ذَلِكَ ثُمّ وَصَلَ الخَبَرُ بَعدَ مُدّةٍ أَنّ مُعَاوِيَةَ سَقَطَ مِن سَرِيرِهِ فِي اليَومِ ألّذِي كَانَ ع مَدّ يَدَهُ وَ غشُيِ‌َ عَلَيهِ ثُمّ أَفَاقَ وَ افتُقِدَ مِن شَارِبِهِ وَ لِحيَتِهِ شَعَرَاتٌ

بيان الأروع من الرجال ألذي يعجبك حسنه والعجرفة الخرق وقلة المبالاة ويقال دمدم عليه أي كلمه مغضبا

37- كِتَابُ الحُسَينِ بنِ عُثمَانَ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ تَقُولُ الجَنّةُ يَا رَبّ مَلَأتَ النّارَ كَمَا وَعَدتَهَا فاَملأَنيِ‌ كَمَا وعَدَتنَيِ‌ قَالَ فَيَخلُقُ اللّهُ خَلقاً يَومَئِذٍ فَيُدخِلُهُمُ الجَنّةَ ثُمّ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع طُوبَي لَهُم لَم يَرَوا أَهوَالَ الدّنيَا وَ لَا غُمُومَهَا

38-الدّرّ المَنثُورُ، عَنِ ابنِ جُرَيجٍ فِي قَولِهِوَ مِن قَومِ مُوسي أُمّةٌالآيَةَ قَالَ بلَغَنَيِ‌ أَنّ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ لَمّا قَتَلُوا أَنبِيَاءَهُم وَ كَفَرُوا وَ كَانُوا اثنيَ‌ عَشَرَ سِبطاً تَبَرّأَ سِبطٌ مِنهُم مِمّا صَنَعُوا وَ اعتَذَرُوا وَ سَأَلُوا اللّهَ أَن يُفَرّقَ بَينَهُم وَ بَينَهُم فَفَتَحَ اللّهُ لَهُم نَفَقاً فِي الأَرضِ فَسَارُوا فِيهِ حَتّي خَرَجُوا مِن وَرَاءِ الصّينِ فَهُم هُنَالِكَ حُنَفَاءَ مُسلِمِينَ يَستَقبِلُونَ قِبلَتَنَا قَالَ ابنُ جُرَيجٍ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَذَلِكَ قَولُهُوَ قُلنا مِن بَعدِهِ لبِنَيِ‌ إِسرائِيلَ


صفحه : 347

اسكُنُوا الأَرضَ فَإِذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ جِئنا بِكُم لَفِيفاً وَ وَعدُ الآخِرَةِ عِيسَي ابنُ مَريَمَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ سَارُوا فِي السّرَبِ سَنَةً وَ نِصفاً

39- وَ عَن مُقَاتِلٍ قَالَ إِنّ مِمّا فَضّلَ اللّهُ بِهِ مُحَمّداًص أَنّهُ عَايَنَ لَيلَةَ المِعرَاجِ قَومَ مُوسَي الّذِينَ مِن وَرَاءِ الصّينِ وَ ذَلِكَ أَنّ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ حِينَ عَمِلُوا باِلمعَاَصيِ‌ وَ قَتَلُوا الّذِينَ يَأمُرُونَ بِالقِسطِ مِنَ النّاسِ دَعَوا رَبّهُم وَ هُم بِالأَرضِ المُقَدّسَةِ فَقَالُوا أللّهُمّ أَخرِجنَا مِن بَينِ أَظهُرِهِم فَاستَجَابَ لَهُم فَجَعَلَ سَرَباً فِي الأَرضِ فَدَخَلُوا عَلَيهِ وَ جَعَلَ مَعَهُم نَهَراً يجَريِ‌ وَ جَعَلَ لَهُم مِصبَاحاً مِن نُورٍ مِن بَينِ أَيدِيهِم فَسَارُوا فِيهِ سَنَةً وَ نِصفاً وَ ذَلِكَ مِن بَيتِ المَقدِسِ إِلَي مَجلِسِهِمُ ألّذِي هُم فِيهِ فَأَخرَجَهُمُ اللّهُ إِلَي الأَرضِ تَجتَمِعُ فِيهَا الهَوَامّ وَ البَهَائِمُ وَ السّبَاعُ مُختَلِطِينَ بِهَا لَيسَت فِيهَا ذُنُوبٌ وَ لَا مَعَاصٍ فَأَتَاهُمُ النّبِيّص تِلكَ اللّيلَةَ وَ مَعَهُ جَبرَئِيلُ فَآمَنُوا بِهِ وَ صَدّقُوهُ وَ عَلّمَهُمُ الصّلَاةَ وَ قَالُوا إِنّ مُوسَي قَد بَشّرَهُم بِهِ

40- وَ عَنِ السدّيّ‌ّ فِي قَولِهِوَ مِن قَومِ مُوسي أُمّةٌ يَهدُونَ بِالحَقّ وَ بِهِ يَعدِلُونَ قَالَ بَينَكُم وَ بَينَهُم نَهَرٌ مِن سَهلٍ يعَنيِ‌ مِن رَملٍ يجَريِ‌

41- وَ عَن صَفوَانَ بنِ عَمرٍو قَالَ هُمُ الّذِينَ قَالَ اللّهُوَ مِن قَومِ مُوسي أُمّةٌ يَهدُونَ بِالحَقّيعَنيِ‌ سِبطاً مِن أَسبَاطِ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ يَومَ المَلحَمَةِ العُظمَي يَنصُرُونَ الإِسلَامَ وَ أَهلَهُ

42- وَ عَنِ الشعّبيِ‌ّ قَالَ إِنّ لِلّهِ عِبَاداً مِن وَرَاءِ الأَندُلُسِ لَا يَرَونَ أَنّ اللّهَ عَصَاهُ مَخلُوقٌ رَضرَاضُهُمُ الدّرّ وَ اليَاقُوتُ وَ جِبَالُهُمُ الذّهَبُ وَ الفِضّةُ لَا يَزرَعُونَ وَ لَا يَحصُدُونَ وَ لَا يَعمَلُونَ عَمَلًا لَهُم شَجَرٌ عَلَي أَبوَابِهِم لَهَا أَورَاقٌ عِرَاضٌ هيِ‌َ لَبُوسُهُم


صفحه : 348

وَ لَهُم شَجَرٌ عَلَي أَبوَابِهِم لَهَا ثَمَرٌ فَمِنهَا يَأكُلُونَ

43- وَ عَن بَعضِ أَئِمّةِ الكُوفَةِ قَالَ قَامَ نَاسٌ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص فَقَصَدَ نَحوَهُم فَسَكَتُوا فَقَالَ مَا كُنتُم تَقُولُونَ قَالُوا نَظَرنَا إِلَي الشّمسِ فَتَفَكّرنَا فِيهَا مِن أَينَ تجَيِ‌ءُ وَ أَينَ تَذهَبُ وَ تَفَكّرنَا فِي خَلقِ اللّهِ فَقَالَ كَذَلِكَ فَافعَلُوا وَ تَفَكّرُوا فِي خَلقِ اللّهِ وَ لَا تَفَكّرُوا فِي اللّهِ فَإِنّ لِلّهِ تَعَالَي وَرَاءَ المَغرِبِ أَرضاً بَيضَاءَ بَيَاضُهَا وَ نُورُهَا مَسِيرَةَ الشّمسِ أَربَعِينَ يَوماً فِيهَا خَلقٌ مِن خَلقِ اللّهِ لَم يَعصُوا اللّهَ طَرفَةَ عَينٍ قِيلَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ مِن وُلدِ آدَمَ هُم قَالَ مَا يَدرُونَ خُلِقَ آدَمُ أَم لَم يُخلَق قِيلَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ فَأَينَ إِبلِيسُ عَنهُم قَالَ مَا يَدرُونَ خُلِقَ إِبلِيسُ أَم لَم يُخلَق

44- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ دَخَلَ عَلَينَا رَسُولُ اللّهِص وَ نَحنُ فِي المَسجِدِ حَلَقٌ حَلَقٌ فَقَالَ لَنَا فِيمَ أَنتُم قُلنَا نَتَفَكّرُ فِي الشّمسِ كَيفَ طَلَعَت وَ كَيفَ غَرَبَت قَالَ أَحسَنتُم كُونُوا هَكَذَا تَفَكّرُوا فِي المَخلُوقِ وَ لَا تَفَكّرُوا فِي الخَالِقِ فَإِنّ اللّهَ خَلَقَ مَا شَاءَ لِمَا شَاءَ وَ تَعَجّبُونَ مِن ذَلِكَ إِنّ مِن وَرَاءِ قَافٍ سَبعَ بِحَارٍ كُلّ بِحَارٍ خَمسُمِائَةِ عَامٍ وَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ سَبعُ أَرَضِينَ يضُيِ‌ءُ نُورُهَا لِأَهلِهَا وَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ سَبعِينَ أَلفَ أُمّةٍ خُلِقُوا عَلَي أَمثَالِ الطّيرِ هُوَ وَ فَرخُهُ فِي الهَوَاءِ لَا يَفتُرُونَ عَن تَسبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ وَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ سَبعِينَ أَلفَ أُمّةٍ خُلِقُوا مِن رِيحٍ فَطَعَامُهُم رِيحٌ وَ شَرَابُهُم رِيحٌ وَ ثِيَابُهُم مِن رِيحٍ وَ آنِيَتُهُم مِن رِيحٍ وَ دَوَابّهُم مِن رِيحٍ لَا تَستَقِرّ حَوَافِرُ دَوَابّهِم إِلَي الأَرضِ إِلَي قِيَامِ السّاعَةِ أَعيُنُهُم فِي صُدُورِهِم يَنَامُ أَحَدُهُم نَومَةً وَاحِدَةً يَنتَبِهُ وَ رِزقُهُ عِندَ رَأسِهِ وَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ ظِلّ العَرشِ وَ فِي ظِلّ العَرشِ سَبعُونَ أَلفَ أُمّةٍ مَا يَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ خَلَقَ آدَمَ وَ لَا وُلدَ آدَمَ وَ لَا إِبلِيسَ وَ لَا وُلدَ إِبلِيسَ وَ هُوَ قَولُهُوَ يَخلُقُ ما لا تَعلَمُونَ

45- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ الأَرضَ وَضَعَها لِلأَنامِ قَالَ الأَنَامُ الخَلقُ وَ هُم أَلفُ أُمّةٍ سِتّمِائَةٍ فِي البَحرِ وَ أَربَعُمِائَةٍ فِي البَرّ


صفحه : 349

أقول أوردت أخبارا كثيرة من هذاالباب في المجلد السابع في باب أنهم الحجة علي جميع العوالم وجميع المخلوقات

46- وَ رَوَي الكفَعمَيِ‌ّ وَ البرُسيِ‌ّ فِي فَضلِ الدّعَاءِ المَعرُوفِ بِالجَوشَنِ الكَبِيرِ بِإِسنَادَيهِمَا عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ لَهُ جَبرَئِيلُ وَ ألّذِي بَعَثَكَ بِالحَقّ نَبِيّاً إِنّ خَلفَ المَغرِبِ أَرضاً بَيضَاءَ فِيهَا خَلقٌ مِن خَلقِ اللّهِ يَعبُدُونَهُ وَ لَا يَعصُونَهُ وَ قَد تَمَزّقَت لُحُومُهُم وَ وُجُوهُهُم مِنَ البُكَاءِ فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِم لِمَ تَبكُونَ وَ لَم تعَصوُنيِ‌ طَرفَةَ عَينٍ قَالَ نَخشَي أَن يَغضَبَ اللّهُ عَلَينَا وَ يُعَذّبَنَا بِالنّارِ قَالَ عَلِيّ ع قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ لَيسَ هُنَاكَ إِبلِيسُ أَو أَحَدٌ مِن بنَيِ‌ آدَمَ فَقَالَ وَ ألّذِي بعَثَنَيِ‌ بِالحَقّ نَبِيّاً مَا يَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ خَلَقَ آدَمَ وَ لَا إِبلِيسَ وَ لَا يحُصيِ‌ عَدَدَهُم إِلّا اللّهُ وَ مَسِيرُ الشّمسِ فِي بِلَادِهِم أَربَعُونَ يَوماً لَا يَأكُلُونَ وَ لَا يَشرَبُونَ الخَبَرَ

تذنيب

اعلم أن الأخبار الواردة في هذاالباب غريبة وبعضها غيرمعتبرة الأسانيد كروايات البرسي‌ وجامع الأخبار والمأخوذ من الكتاب القديم وبعضها معتبرة مأخوذة من أصول القدماء و ليس ماتتضمنها بعيدا من قدرة الله تعالي


صفحه : 350

وجابلقا وجابرسا ذكرهما اللغويون علي وجه آخر قال الفيروزآبادي‌ جابلص بفتح الباء واللام أوسكونها بلد بالمغرب و ليس وراءه إنسي‌


صفحه : 351

وجابلق بلد بالمشرق انتهي ويقال إن فيهما أو في إحداهما أصحاب القائم ع والصوفية والمتألهون من الحكماء أولوا أكثر هذه الأخبار بعالم المثال قال شارح المقاصد ذهب بعض المتألهين من الحكماء ونسب إلي القدماء أن بين عالمي‌ المحسوس والمعقول واسطة تسمي عالم المثل ليس في تجرد المجردات و لا في مخالطة الماديات و فيه لكل موجود من المجردات والأجسام والأعراض والحركات والسكنات والأوضاع والهيئات والطعوم والروائح مثال قائم بذاته معلق لا في مادة ومحل يظهر للحس بمعونة مظهر كالمرآة والخيال والماء والهواء ونحو ذلك و قدينتقل من مظهر إلي مظهر و قديبطل كما إذافسدت المرآة والخيال أوزالت المقابلة أوالتخيل وبالجملة هوعالم عظيم الفسحة غيرمتناه يحذو حذو العالم الحسي‌ في دوام حركة أفلاكه المثالية وقبول عناصره ومركباته آثار حركات أفلاكه وإشراقات العالم العقلي‌ و هذا ما قال الأقدمون أن في الوجود عالما مقداريا غيرالعالم الحسي‌ لايتناهي عجائبه و لاتحصي مدنه و من جملة تلك المدن جابلقا وجابرسا وهما مدينتان عظيمتان لكل منهما ألف باب لايحصي ما فيها من الخلائق و من هذاعالم يكون فيه الملائكة


صفحه : 352

والجن والشياطين والغيلان لكونها من قبيل المثل أوالنفوس الناطقة المفارقة الظاهرة فيها و به يظهر المجردات في صور مختلفة بالحسن والقبح واللطافة والكثافة و غير ذلك بحسب استعداد القابل والفاعل و عليه بنوا أمر المعاد الجسماني‌ فإن البدن المثالي‌ ألذي يتصرف فيه النفس حكمه حكم البدن الحسي‌ في أن له جميع الحواس الظاهرة والباطنة فيلتذ ويتألم باللذات والآلام الجسمانية وأيضا تكون من الصور المعلقة نورانية فيهانعيم السعداء وظلمانية فيهاعذاب الأشقياء وكذا أمر المنامات وكثير من الإدراكات فإن جميع مايري في المنام أوالتخيل في اليقظة بل نشاهد في الأمراض و عندغلبة الخوف ونحو ذلك من الصور المقدارية التي‌ لاتحقق لها في عالم الحس كلها من عالم المثل وكذا كثير من الغرائب وخوارق العادات كمايحكي عن بعض الأولياء أنه مع إقامته ببلدته كان من حاضري‌ المسجد الحرام أيام الحج و أنه ظهر من بعض جدران البيت أوخرج من بيت مسدود الأبواب والكواء و أنه أحضر بعض الأشخاص والثمار أو غير ذلك من مسافة بعيدة جدا في زمان قريبة إلي غير ذلك والقائلون بهذا العالم منهم من يدعي‌ ثبوته بالمكاشفة والتجارب الصحيحة ومنهم من يحتج بأن مايشاهد من تلك الصور الجزئية ليست عدما صرفا و لا من عالم الماديات و هوظاهر و لا من عالم العقل لكونها ذوات مقدار و لامرتسمة في الأجزاء الدماغية لامتناع ارتسام الكبير في الصغير و لماكانت الدعوي عالية والشبه واهيه كماسبق لم يلتفت إليه المحققون من الحكماء والمتكلمين انتهي . ونقل بعضهم عن المعلم الأول في الرد علي من قال إن العالم الجسماني‌ أكثر من واحد و قدقالت متألهو الحكماء كهرمس وأنباذقلس وفيثاغورس وأفلاطون وغيرهم من الأفاضل القدماء إن في الوجود عوالم أخري ذوات مقادير غير هذاالعالم ألذي نحن فيه و غيرالنفس والعقل و فيهاالعجائب والغرائب و فيها من البلاد والعباد والأنهار والبحار والأشجار والصور المليحة والقبيحة


صفحه : 353

ما لايتناهي ويقع هذاالعالم في الإقليم الثامن ألذي فيه جابلقا وجابرسا و هوإقليم ذات العجائب وهي‌ في وسط ترتيب العوالم ولهذا العالم أفقان الأول و هوألطف من الفلك الأقصي ألذي نحن فيه و هويقع من إدراك الحواس والأفق الأعلي يلي‌ النفس الناطقة و هوأكثف منها والطبقات المختلفة الأنواع من اللطيفة والكثيفة والمتلذذة والمبهجة والمولمة والمزعجة لايتناهي بينهما و لابد لك من المرور عليه و قديشاهد هذاالعالم بعض الكهنة والسحرة و أهل العلوم الروحانية فعليك بالإيمان بها وإياك والإنكار. و قال أرسطو في أثولوجيا من وراء هذاالعالم سماء وأرض وبحر وحيوان ونبات وناس سماويون و كل من في هذاالعالم الجسماني‌ و ليس هناك شيءأرضي‌ والروحانيون ألذي هناك ملائمون للإنس ألذي هناك لاينفر بعضهم عن بعض و كل واحد لاينفر عن صاحبه و لايضاده بل يستريح إليه . و قال صاحب الفتوحات في كل خلق الله تعالي عوالم يُسَبّحُونَ اللّيلَ وَ النّهارَ لا يَفتُرُونَ وخلق الله من جملة عوالمها عالما علي صورنا إذاأبصرها العارف يشاهد نفسه فيها و قدأشار إلي ذلك عبد الله بن عباس فيما روي‌ عنه في حديث هذه الكعبة وأنها بيت واحد من أربعة عشر بيتا و أن في كل أرض من الأرضين السبع خلقا مثلنا حتي أن فيهم ابن عباس مثلي‌ وصدقت هذه الرواية عند أهل الكشف و كل منها حي‌ ناطق وهي‌ باقية لاتفني و لاتتبدل و إذادخلها العارفون إنما يدخلون بأرواحهم لابأجسامهم فيتركون هياكلهم في هذه الأرض الدنيا ويتجردون و فيهامدائن لاتحصي وبعضها تسمي مدائن النور لايدخلها من العارفين إلا كل مصطفي مختار و كل حديث وآية وردت عندنا مما صرفها العقل من ظاهرها وجدناها علي ظاهرها في هذه الأرض و كل جسد يتشكل فيه الروحاني‌ من ملك وجن و كل صورة يري الإنسان فيهانفسه في النوم فمن أجساد هذه الأرض انتهي .


صفحه : 354

وأقول ماأشبه هذه المزخرفات بالخرافات والخيالات الواهية والأوهام الفاسدة و لايتوقف تصحيح شيءمما ذكروه علي القول بهذا المذهب السخيف وبسط القول فيه يؤدي‌ إلي الإطناب و أماالأجساد المثالية التي‌ قلنا بهافليس من هذاالقبيل كماعرفت تحقيقه في المجلد الثالث وأكثر أخبار هذاالباب يمكن حملها علي ظواهرها إذ لم يدر أحد سوي الأنبياء والأوصياء ماحول جميع العوالم حتي يحكم بعدمها و ماقاله الحكماء والرياضيون في ذلك فهو علي الخرص والتخمين و الله الهادي‌ إلي الحق المبين

تنبيه

قديستدل علي ثبوت عالم المثال

بِمَا رَوَاهُ الشّيخُ البهَاَئيِ‌ّ ره فِي كِتَابِ مِفتَاحِ الفَلَاحِ عِندَ تَأوِيلِ مَا وَرَدَ فِي دُعَاءِ التّعقِيبِ يَا مَن أَظهَرَ الجَمِيلَ وَ سَتَرَ القَبِيحَ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ مَا مِن مُؤمِنٍ إِلّا وَ لَهُ مِثَالٌ فِي العَرشِ فَإِذَا اشتَغَلَ بِالرّكُوعِ وَ السّجُودِ وَ نَحوِهِمَا فَعَلَ مِثَالُهُ مِثلَ فِعلِهِ فَعِندَ ذَلِكَ تَرَاهُ المَلَائِكَةُ عِندَ العَرشِ وَ يُصَلّونَ وَ يَستَغفِرُونَ لَهُ وَ إِذَا اشتَغَلَ العَبدُ بِمَعصِيَةٍ أَرخَي اللّهُ تَعَالَي عَلَي مِثَالِهِ سِتراً لِئَلّا تَطّلِعَ المَلَائِكَةُ عَلَيهَا فَهَذَا تَأوِيلُ يَا مَن أَظهَرَ الجَمِيلَ وَ سَتَرَ القَبِيحَ

انتهي . وأقول و إن أمكن تأويله علي ماذكروه لكن ليس فيه دلالة علي الخصوصيات التي‌ أثبتوها و لا علي عمومها في كل شيء وكذا الكلام فيما ورد من كون صورة أمير المؤمنين والحسنين ع ورؤية الرسول ص وآدم ع أشباح الأئمة ع عن يمين العرش وأمثال ذلك كثيرة والكلام في الجميع واحد ونحن لاننكر وجود الأجسام المثالية وتعلق الأرواح بها بعدالموت بل نثبتها لدلالة الأحاديث المعتبرة الصريحة عليها بل لايبعد عندي‌ وجودها قبل الموت أيضا فتتعلق


صفحه : 355

بهاالأرواح في حال النوم وشبهه من الأحوال التي‌ يضعف تعلقها بالأجساد الأصلية فيسير بها في عوالم الملك والملكوت و لاأستبعد في الأرواح القوية تعلقها بالأجساد المثالية الكثيرة وتصرفها في جميعها في حالة واحدة فلايستبعد حضورهم في آن واحد عندجمع كثير من المحتضرين وغيرهم لكن علي وجه لاينافي‌ القواعد العقلية والقوانين الشرعية و هذاالمقام لايسع لبسط القول فيها وبعض العقول القاصرة عن درك الحقائق الخفية ربما لم يحتملها فلذا طويناها علي غرها و الله الموفق لنيل غوامض الدقائق وسرها

باب 3- أنه لم سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة

1- العِلَلُ، عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ بِإِسنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ أَتَي عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع يهَوُديِ‌ّ فَسَأَلَهُ عَن مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا يَسأَلُهُ لِمَ سُمّيَتِ الدّنيَا دُنيَا وَ لِمَ سُمّيَتِ الآخِرَةُ آخِرَةً فَقَالَ ع إِنّمَا سُمّيَتِ الدّنيَا دُنيَا لِأَنّهَا أَدنَي مِن كُلّ شَيءٍ وَ سُمّيَتِ الآخِرَةُ آخِرَةً لِأَنّ فِيهَا الجَزَاءَ وَ الثّوَابَ


صفحه : 356

2- وَ مِنهُ، فِيمَا سَأَلَ يَزِيدُ بنُ سَلّامٍ النّبِيّص سَأَلَهُ عَنِ الدّنيَا لِمَ سُمّيَتِ الدّنيَا قَالَ لِأَنّ الدّنيَا دَنِيّةٌ خُلِقَت مِن دُونِ الآخِرَةِ وَ لَو خُلِقَت مَعَ الآخِرَةِ لَم يَفنَ أَهلُهَا كَمَا لَا يَفنَي أَهلُ الآخِرَةِ قَالَ فأَخَبرِنيِ‌ لِمَ سُمّيَتِ الآخِرَةُ آخِرَةً قَالَ لِأَنّهَا مُتَأَخّرَةٌ تجَيِ‌ءُ مِن بَعدِ الدّنيَا لَا تُوصَفُ سِنِينُهَا وَ لَا تُحصَي أَيّامُهَا وَ لَا يَمُوتُ سُكّانُهَا الخَبَرَ

بيان قوله في الخبر الأول لأنها أدني من كل شيء أي أقرب بحسب المكان أوبحسب الزمان أوأخس وأرذل علي وفق الخبر الثاني‌ و قوله لأن فيهاالجزاء لعله بيان لملزوم العلة أي لما كان فيهاالجزاء والجزاء متأخر عن العمل فلذا جعلت بعدالدنيا وسميت بذلك قال الله عز و جل يَأخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَدنييعني‌ الدنيا من الدنو بمعني القرب و قال سبحانه وَ لَنُذِيقَنّهُم مِنَ العَذابِ الأَدني وبالجملة الأدني والدنيا يصرفان علي وجوه فتارة يعبر به عن الأقل فيقابل بالأكثر والأكبر وتارة عن الأرذل والأحقر فيقابل بالأعلي والأفضل وتارة عن الأقرب فيقابل بالأقصي وتارة عن الأولي فيقابل بالآخرة وبجميع ذلك ورد التنزيل علي بعض الوجوه و قال الجزري‌ الدنيا اسم لهذه الحياة لبعد الآخرة عنها


صفحه : 357

باب 4-القلم واللوح المحفوظ والكتاب المبين والإمام المبين وأم الكتاب

الآيات هودوَ ما مِن دَابّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَي اللّهِ رِزقُها وَ يَعلَمُ مُستَقَرّها وَ مُستَودَعَها كُلّ فِي كِتابٍ مُبِينٍطه قالَ عِلمُها عِندَ ربَيّ‌ فِي كِتابٍ لا يَضِلّ ربَيّ‌ وَ لا يَنسيالحج أَ لَم تَعلَم أَنّ اللّهَ يَعلَمُ ما فِي السّماءِ وَ الأَرضِ إِنّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنّ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيرٌالنمل وَ ما مِن غائِبَةٍ فِي السّماءِ وَ الأَرضِ إِلّا فِي كِتابٍ مُبِينٍسبألا يَعزُبُ عَنهُ مِثقالُ ذَرّةٍ فِي السّماواتِ وَ لا فِي الأَرضِ وَ لا أَصغَرُ مِن ذلِكَ وَ لا أَكبَرُ إِلّا فِي كِتابٍ مُبِينٍفاطروَ ما يُعَمّرُ مِن مُعَمّرٍ وَ لا يُنقَصُ مِن عُمُرِهِ إِلّا فِي كِتابٍ إِنّ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيرٌيس وَ كُلّ شَيءٍ أَحصَيناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍالزخرف وَ إِنّهُ فِي أُمّ الكِتابِ لَدَينا لعَلَيِ‌ّ حَكِيمٌ


صفحه : 358

ق وَ عِندَنا كِتابٌ حَفِيظٌ.الطوروَ كِتابٍ مَسطُورٍ فِي رَقّ مَنشُورٍالحديد 22-ما أَصابَ مِن مُصِيبَةٍ فِي الأَرضِ وَ لا فِي أَنفُسِكُم إِلّا فِي كِتابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها إِنّ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيرٌ لِكَيلا تَأسَوا عَلي ما فاتَكُم وَ لا تَفرَحُوا بِما آتاكُمالقلم ن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَالنبأوَ كُلّ شَيءٍ أَحصَيناهُ كِتاباًالبروج بَل هُوَ قُرآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوحٍ مَحفُوظٍ.تفسير قال الطبرسي‌ ره كُلّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ هذاإخبار منه سبحانه أن جميع ذلك مكتوب في كتاب ظاهر و هواللوح المحفوظ وإنما أثبت ذلك مع أنه عالم لذاته لايعزب عن علمه شيء من مخلوقاته لما فيه من اللطف للملائكة أولمن يخبر بذلك . و قال ره في قوله سبحانه عِلمُها عِندَ ربَيّ‌ أي أعمالهم محفوظة عند الله يجازيهم بها والتقدير علم أعمالهم عندربي‌فِي كِتابٍيعني‌ اللوح المحفوظ والمعني أن أعمالهم مكتوبة مثبتة عليهم وقيل المراد بالكتاب ماتكتبه الملائكةلا يَضِلّ ربَيّ‌ أي لايذهب عليه شيء وقيل أي لايخطئ ربي‌وَ لا يَنسي من النسيان أوبمعني الترك . و قال الرازي‌ في قوله تعالي إِنّ ذلِكَ فِي كِتابٍ في الكتاب قولان أحدهما و هوقول أبي مسلم إن معني الكتاب الحفظ والضبط والشد يقال كتبت


صفحه : 359

المزادة إذاخرزتها فحفظت بذلك ما فيها ومعني الكتاب بين الناس حفظ مايتعاملون به فالمراد من قوله إِنّ ذلِكَ فِي كِتابٍ أنه محفوظ عنده . والثاني‌ و هوقول الجمهور إن كل مايحدثه الله في السماوات و الأرض كتبه في اللوح المحفوظ و هذاأولي لأن القول الأول و إن كان صحيحا نظرا إلي الاشتقاق ولكن الواجب حمل اللفظ علي المتعارف ومعلوم أن الكتاب هو ماتكتب فيه الأمور فكان حمله عليه أولي فإن قيل يوهم ذلك أن علمه مستفاد من الكتاب وأيضا فأي‌ فائدة في ذلك الكتاب فالجواب عن الأول أن كتبه تلك الأشياء في ذلك الكتاب مع كونها مطابقة للموجودات من أدل الدلائل علي أنه سبحانه غني‌ في علمه عن ذلك الكتاب و عن الثاني‌ أن الملائكة ينظرون فيه ثم يرون الحوادث داخلة في الوجود علي وفقه فصار ذلك دليلا لهم زائدا علي كونه سبحانه عالما بكل المعلومات و أما قوله إِنّ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيرٌفمعناه أن كتبه جملة الحوادث مع أنها من الغيب مما يتعذر علي الخلق لكنها بحيث متي أرادها الله تعالي كانت يعبر عن ذلك بأنه يسير و إن كان هذاالوصف لايستعمل إلافينا من حيث تسهل وتصعب علينا الأمور ويتعالي الله عن ذلك . و قال الطبرسي‌ ره في قوله سبحانه وَ ما مِن غائِبَةٍ أي خصلة غائبةفِي السّماءِ وَ الأَرضِيعني‌ جميع ماأخفاه عن خلقه وغيبه عنهم إِلّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي إلا و هومبين في اللوح المحفوظ.لا يَعزُبُ عَنهُ أي لايفوته إِلّا فِي كِتابٍ مُبِينٍيعني‌ اللوح المحفوظ


صفحه : 360

و في قوله وَ ما يُعَمّرُ مِن مُعَمّرٍ أي لايمد في عمر معمروَ لا يُنقَصُ مِن عُمُرِهِ أي من عمر ذلك المعمر بانقضاء الأوقات عليه وقيل معناه و لاينقص من عمر غير ذلك المعمر وقيل هو مايعلمه الله إن فلانا لوأطاع لبقي‌ إلي وقت كذا و إذاعصي نقص عمره فلايبقي إِلّا فِي كِتابٍ أي إلا و ذلك مثبت في اللوح المحفوظ و قال وَ كُلّ شَيءٍ أَحصَيناهُ أي أحصينا وعددنا كل شيء من الحوادث في كتاب ظاهر و هواللوح المحفوظ وقيل أراد به صحائف الأعمال .أقول و قدورد في كثير من الأخبار أن المراد بالإمام المبين أمير المؤمنين ع كمامر.وَ إِنّهُ أي القرآن فِي أُمّ الكِتابِ في اللوح المحفوظ فإنه أصل الكتب السماويةلَدَينا لعَلَيِ‌ّرفيع الشأن حَكِيمٌذو حكمة بالغة كذا قيل و في كثير من الأخبار أن الضمير راجع إلي أمير المؤمنين ع والمراد بأم الكتاب السورة الفاتحة فإنه ع مكتوب فيها في قوله تعالي اهدِنَا الصّراطَ المُستَقِيمَقالوا الصراط المستقيم هو أمير المؤمنين ع ومعرفته وطريقته .وَ عِندَنا كِتابٌ حَفِيظٌ قال الطبرسي‌ ره أي حافظ لعدتهم وأسمائهم و هواللوح المحفوظ وقيل أي محفوظ عن البلي والدروس و هو كتاب الحفظة.وَ كِتابٍ مَسطُورٍ أي مكتوب فِي رَقّ مَنشُورٍ و هوالكتاب ألذي كتبه الله لملائكته في السماء يقرءون فيه ما كان و ما يكون وقيل هوالقرآن مكتوب عند الله في اللوح و هوالرق المنشور وقيل هوصحائف الأعمال وقيل هوالتوراة وقيل إنه القرآن يكتبه المؤمنون في رق وينشرونه لقراءته والرق مايكتب فيه .


صفحه : 361

و في قوله تعالي ما أَصابَ مِن مُصِيبَةٍ فِي الأَرضِمثل قحط المطر وقلة النبات ونقص الثمرات وَ لا فِي أَنفُسِكُم من الأمراض والثكل بالأولادإِلّا فِي كِتابٍ أي إلا و هومثبت في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الأنفس لِكَيلا تَأسَوا عَلي ما فاتَكُم أي فعلنا ذلك لكي‌ لاتحزنوا علي مايفوتكم من نعم الدنياوَ لا تَفرَحُوا بِما آتاكُم أي بما أعطاكم الله منها و ألذي يوجب نفي‌ الأسي والفرح من هذين أن الإنسان إذاعلم أن مافات منها ضمن الله تعالي العوض عليه في الآخرة فلاينبغي‌ أن يحزن لذلك و إذاعلم أن ماناله منها كلف الشكر عليه والحقوق الواجبة فيه فلاينبغي‌ أن يفرح به وأيضا إذاعلم أن شيئا منها لايبقي فلاينبغي‌ أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي‌ تدوم و لاتبيد. و قال البيضاوي‌مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها أي نخلقها والضمير للمصيبة أوللأرض أوللأنفس و قال في قوله لِكَيلا تَأسَوا فإن من علم أن الكل مقدر هان عليه الأمر و فيه إشعار بأن فواتها يلحقها إذاخليت وطباعها و أماحصولها وبقاؤها فلابد لهما من سبب يوجدها ويبقيها والمراد منه نفي‌ الأسي المانع من التسليم لأمر الله والفرح الموجب للبطر والاختيال ولذلك عقبه بقوله وَ اللّهُ لا يُحِبّ كُلّ مُختالٍ فَخُورٍانتهي . و قال الطبرسي‌ ره اختلف في معني نون فقيل هواسم من أسماء السورة وقيل هوالحوت ألذي عليه الأرضون عن ابن عباس وغيره وقيل هوحرف من حروف الرحمن في رواية أخري عن ابن عباس وقيل هوالدواة عن الحسن وغيره وقيل هولوح من نور وَ روُيِ‌َ مَرفُوعاً إِلَي النّبِيّص أَنّهُ قَالَ هُوَ نَهَرٌ فِي الجَنّةِ قَالَ اللّهُ لَهُ كُن مِدَاداً فَجَمَدَ وَ كَانَ أَبيَضَ مِنَ اللّبَنِ وَ أَحلَي مِنَ الشّهدِ ثُمّ قَالَ لِلقَلَمِ اكتُب فَكَتَبَ القَلَمُ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ


صفحه : 362

عن أبي جعفرالباقر ع . وقيل المراد به الحوت في البحر و هو من آيات الله تعالي إذ خلقه من الماء فإذافارق الماء مات كما أن حيوان البر إذاخالط الماء مات والقلم هو ألذي يكتب به أقسم الله تعالي به لمنافع الخلق إذ هوأحد لساني‌ الإنسان يؤدي‌ عنه ما في جنانه ويبلغ البعيد عنه مايبلغ القريب بلسانه و به يحفظ أحكام الدين و به تستقيم أمور العالمين و قدقيل إن البيان بيانان بيان اللسان وبيان البنان وبيان اللسان تدرسه الأعوام وبيان الأقلام باق علي مر الأيام وَ ما يَسطُرُونَ و ماتكتبه الملائكة مما يوحي إليهم و مايكتبونه من أعمال بني‌ آدم وقيل مامصدرية انتهي . و قال الرازي‌ والقلم فيه وجهان أحدهما أن المقسم به هو هذاالجنس و هوواقع علي كل قلم في السماء و في الأرض كما قال وَ رَبّكَ الأَكرَمُ ألّذِي عَلّمَ بِالقَلَمِالثاني‌ أن المقسم به هوالقلم المعهود و ألذي جاء في الخبر أول ماخلق الله القلم قال ابن عباس أول ماخلق الله القلم ثم قال اكتب ما هوكائن إلي يوم القيامة قال و هوقلم من نور طوله كما بين السماء و الأرض وروي مجاهد عنه قال إن أول ماخلق الله القلم فقال اكتب القدر فكتب ما هوكائن إلي يوم القيامة وإنما يجري‌ الناس علي أمر قدفرغ منه قال القاضي‌ هذاالخبر يجب حمله علي المجاز لأن القلم ألذي هوآلة مخصوصة في الكتابة لايجوز أن يكون حيا عاقلا فيؤمر وينهي فإن الجمع بين كونه حيوانا مكلفا و بين كونه آلة الكتابة محال قال بل المراد أنه تعالي أجراه بكل ما يكون و هوكقوله فَإِذا قَضي أَمراً فَإِنّما يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُفإنه ليس هناك أمر


صفحه : 363

و لاتكليف بل هومجرد نفاذ القدرة في المقدور من غيرمنازعة و لامدافعة و من الناس من زعم أن القلم المذكور هاهنا هوالعقل و أنه شيءكالأصل لجميع المخلوقات قالوا والدليل عليه أنه روي‌ في الأخبار أنه أول ماخلق الله و في خبر آخر أن أول ماخلق الله العقل و في خبر آخر أول ماخلق الله جوهرة فنظر إليها بعين الهيبة فذابت إلي آخر مامر قالوا فهذه الأخبار مجموعها تدل علي أن العقل والقلم وتلك الجوهرة التي‌ هي‌ أصل المخلوقات شيءواحد و إلالتناقض انتهي .أقول ويمكن الجمع بوجوه أخري كمامر.وَ كُلّ شَيءٍ أَحصَيناهُ كِتاباً قال البيضاوي‌ كتابا مصدر لأحصيناه فإن الإحصاء والكتبة مشاركان في معني الضبط أولفعله المقدر أوحال بمعني مكتوبا في اللوح أوصحف الحفظة.فِي لَوحٍ مَحفُوظٍ قال الرازي‌ أي محفوظ عن أن يمسه إلاالمطهرون أو عن اطلاع الخلق عليه سوي الملائكة المقربين أو عن يجري‌ فيه تغيير وتبديل ثم قال قال بعض المتكلمين إن اللوح شيءيلوح للملائكة فيقرءونه فلما كانت الأخبار والآثار واردة بذلك وجب التصديق به انتهي . وأقول ماورد في الكتاب والسنة من أمثال ذلك لايجوز تأويله والتصرف فيه بمحض استبعاد الوهم بلا برهان وحجة ونص معارض يدعو إلي ذلك و ماورد في بعض الأخبار أن اللوح والقلم ملكان لاينافي‌ ظاهره كما لايخفي ويظهر من الأخبار أن لله عز و جل لوحين اللوح المحفوظ و هو لايتغير ولوح المحو والإثبات و فيه يكون البداء كمامر تحقيقه في بابه ويومئ إليه قوله سبحانه


صفحه : 364

يَمحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثبِتُ وَ عِندَهُ أُمّ الكِتابِ. وذكر الرازي‌ في المحو والإثبات وجوها إلي أن قال الثامن أنه في الأرزاق والمحن والمصائب يثبتها في الكتاب ثم يزيلها بالدعاء والصدقة ثم قال و أماأُمّ الكِتابِفالمراد أصل الكتاب والعرب تسمي‌ كل مايجري‌ مجري الأصل أما و منه أم الرأس للدماغ وأم القري لمكة فكذلك أم الكتاب هو ألذي يكون أصلا لجميع الكتب و فيه قولان الأول أن أم الكتاب هواللوح المحفوظ وجميع حوادث العالم العلوي‌ والسفلي‌ مثبت فيه

عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ كَانَ اللّهُ وَ لَا شَيءَ ثُمّ خَلَقَ اللّوحَ وَ أَثبَتَ فِيهِ جَمِيعَ أَحوَالِ الخَلقِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

و علي هذاالتقدير عند الله كتابان أحدهما الكتاب ألذي تكتبه الملائكة علي الخلق و ذلك الكتاب محل المحو والإثبات والكتاب الثاني‌ اللوح المحفوظ و هوالكتاب المشتمل علي تعيين نفس جميع الأحوال العلوية والسفلية و هوالباقي‌

رَوَي أَبُو الدّردَاءِ عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ بَقِينَ مِنَ اللّيلِ يَنظُرُ فِي الكِتَابِ ألّذِي لَا يَنظُرُ فِيهِ أَحَدٌ غَيرُهُ فَيَمحُو مَا يَشَاءُ وَ يُثبِتُ مَا يَشَاءُ

. والقول الثاني‌ أن أم الكتاب هوعلم الله فإنه تعالي عالم بجميع المعلومات من الموجودات والمعدومات والمعلومات و إن تغيرت إلا أن علم الله تعالي بهاباق منزه عن التغيير فالمراد بأم الكتاب هوذاك انتهي . و قال الطبرسي‌ ره في تضاعيف الأقوال في ذلك الرابع أنه عام في كل شيءفيمحو من الرزق ويزيد فيه و من الأجل ويمحو السعادة والشقاوة وروي عكرمة


صفحه : 365

عن ابن عباس قال هما كتابان كتاب سوي أم الكتاب يمحو الله منه مايشاء ويثبت وأم الكتاب لايغير منه شيء ورواه عمران بن حصين عن النبي ص ثم قال وأم الكتاب هواللوح المحفوظ ألذي لايغير و لايبدل لأن الكتب المنزلة انتسخت منه فالمحو والإثبات إنما يقع في الكتب المنتسخة لا في أصل الكتاب عن أكثر المفسرين وقيل سمي‌ أم الكتاب لأنه الأصل ألذي كتب فيه أولا سيكون كذا وكذا لكل ما يكون فإذاوقع كتب أنه قد كان ماقيل إنه سيكون والوجه في ذلك ما فيه من المصلحة والاعتبار لمن تفكر فيه من الملائكة الذين يشاهدونه إذاقابلوا ما يكون بما هومكتوب فيه وعلموا أن مايحدث علي كثرته قدأحصاه الله وعلمه قبل أن يكون مع أن ذلك أهول في الصدور وأعظم في النفوس حتي كان من تصوره وتفكر فيه مشاهد له انتهي . واعلم أن للحكماء في تلك الأبواب خرافات تنتهي‌ إلي المحالات ثم إلي الزندقة والخروج عن مذاهب أرباب الديانات وردوا في لباس التأويل أكثر الآيات والروايات و إن زعموا تطبيقها عليها بأنواع التمحلات فبعضهم يقول القلم هوالعقل الأول وجميع صور الأشياء حاصلة فيه علي وجه بسيط عقلي‌ مقدس عن شائبة كثرة وتفصيل و هوصورة القضاء الإلهي‌ و هوبهذا الاعتبار يسمي بأم الكتاب و منه ينتقش في ألواح النفوس الكلية السماوية كماينتسخ بالقلم في اللوح صور معلومة مضبوطة منوطة بعللها وأسبابها علي وجه كلي‌ و هوقدره تعالي و من هذه النفوس الكلية ينتقش في قواها المنطبعة الخيالية نقوش جزئية متشكلة بأشكال وهيئات معينة علي طبق مايظهر في الخارج و هذاالعالم هولوح القدر كما أن عالم النفوس الكلية هولوح القضاء و كل منهما بهذا الاعتبار كتاب مبين إلا أن الأول محفوظ من المحو والإثبات والثاني‌ كتاب المحو والإثبات و فيه يكون البداء لأن القوي المنطبعة الفلكية لم تحط بتفاصيل ماسيقع من الأمور دفعة واحدة لعدم تناهيها بل إنما ينتقش فيهاالحوادث شيئا فشيئا و


صفحه : 366

جملة فجملة مع أسبابها وعللها علي نهج مستمر ونظام مستقر فإن مايحدث في عالم الكون والفساد إنما هو من لوازم حركات الأفلاك ونتائج بركاتها فمتي يعلم أن كلما كان كذا كان كذا ومهما حصل العلم بأسباب حدوث أمر ما في هذاالعالم حكمت بوقوعه فيه فينتقش فيها ذلك الحكم وربما تأخر بعض الأسباب الموجب لوقوع الحادث علي خلاف مايوجبه بقية الأسباب لو لا ذلك السبب و لم يحصل لها العلم بذلك السبب بعدلعدم اطلاعها علي سبب ذلك السبب ثم لماجاء أوانه واطلعت عليه حكمت بخلاف الحكم الأول يمحو عنها نقش الحكم السابق ويثبت الحكم الآخر و لما كان أسباب هذاالتخيل ينتهي‌ إليه سبحانه نسب البداء إليها مع إحاطة علمه سبحانه بالكليات والجزئيات جميعا أزلا وأبدا

1- تَفسِيرُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَوّلُ مَا خَلَقَ اللّهُ القَلَمُ فَقَالَ لَهُ اكتُب فَكَتَبَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

2- وَ مِنهُ، فِي قَولِهِبَل هُوَ قُرآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوحٍ مَحفُوظٍ قَالَ اللّوحُ المَحفُوظُ لَهُ طَرَفَانِ طَرَفٌ عَلَي يَمِينِ العَرشِ وَ طَرَفٌ عَلَي جَبهَةِ إِسرَافِيلَ فَإِذَا تَكَلّمَ الرّبّ جَلّ ذِكرُهُ باِلوحَي‌ِ ضَرَبَ اللّوحُ جَبِينَ إِسرَافِيلَ فَنَظَرَ فِي اللّوحِ فيَوُحيِ‌ بِمَا فِي اللّوحِ إِلَي جَبرَئِيلَ

3- وَ مِنهُ، عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن عَبدِ الرّحِيمِ القَصِيرِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَسَأَلتُهُ عَنن وَ القَلَمِ قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ القَلَمَ مِن شَجَرَةٍ فِي الجَنّةِ يُقَالُ لَهَا الخُلدُ ثُمّ قَالَ لِنَهَرٍ فِي الجَنّةِ كُن مِدَاداً فَجَمَدَ النّهَرُ وَ كَانَ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ الثّلجِ وَ أَحلَي مِنَ الشّهدِ ثُمّ قَالَ لِلقَلَمِ اكتُب قَالَ يَا رَبّ مَا أَكتُبُ قَالَ اكتُب مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَكَتَبَ القَلَمُ فِي رَقّ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ الفِضّةِ وَ أَصفَي مِنَ اليَاقُوتِ ثُمّ طَوَاهُ فَجَعَلَهُ فِي رُكنِ العَرشِ ثُمّ خَتَمَ عَلَي


صفحه : 367

فَمِ القَلَمِ فَلَم يَنطِق بَعدُ وَ لَا يَنطِقُ أَبَداً فَهُوَ الكِتَابُ المَكنُونُ ألّذِي مِنهُ النّسَخُ كُلّهَا أَ وَ لَستُم عَرَباً فَكَيفَ لَا تَعرِفُونَ مَعنَي الكَلَامِ وَ أَحَدُكُم يَقُولُ لِصَاحِبِهِ انسَخ ذَلِكَ الكِتَابَ أَ وَ لَيسَ إِنّمَا يُنسَخُ مِن كِتَابٍ آخَرَ مِنَ الأَصلِ وَ هُوَ قَولُهُإِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَ

بيان هذايدل علي أن أولية خلق القلم إضافية لسبق خلق الجنة عليه

4-العِلَلُ، قَالَ حَدّثَنَا عَلِيّ بنُ حبَشَيِ‌ّ بنِ قوُنيِ‌ّ فِيمَا كَتَبَ إلِيَ‌ّ عَن حُمَيدِ بنِ زِيَادٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن مُحَمّدِ بنِ سَلَمَةَ عَن يَحيَي بنِ أَبِي العَلَاءِ الراّزيِ‌ّ أَنّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ جُعِلتُ فِدَاكَ أخَبرِنيِ‌ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ وَ أخَبرِنيِ‌ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ لِإِبلِيسَفَإِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ وَ أخَبرِنيِ‌ عَن هَذَا البَيتِ كَيفَ صَارَ فَرِيضَةً عَلَي الخَلقِ أَن يَأتُوهُ قَالَ فَالتَفَتَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِلَيهِ وَ قَالَ مَا سأَلَنَيِ‌ عَن مَسأَلَتِكَ أَحَدٌ قَطّ قَبلَكَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَمّا قَالَ لِلمَلَائِكَةِإنِيّ‌ جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةًضَجّتِ المَلَائِكَةُ مِن ذَلِكَ وَ قَالُوا يَا رَبّ إِن كُنتَ لَا بُدّ جَاعِلًا فِي أَرضِكَ خَلِيفَةً فَاجعَلهُ مِنّا مَن يَعمَلُ فِي خَلقِكَ بِطَاعَتِكَ فَرَدّ عَلَيهِمإنِيّ‌


صفحه : 368

أَعلَمُ ما لا تَعلَمُونَفَظَنّتِ المَلَائِكَةُ أَنّ ذَلِكَ سَخَطٌ مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهِم فَلَاذُوا بِالعَرشِ يَطُوفُونَ بِهِ فَأَمَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهُم بِبَيتٍ مِن مَرمَرٍ سَقفُهُ يَاقُوتَةٌ حَمرَاءُ وَ أَسَاطِينُهُ الزّبَرجَدُ يَدخُلُهُ كُلّ يَومٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ لَا يَدخُلُونَهُ بَعدَ ذَلِكَإِلي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ قَالَ وَ يَومُ الوَقتِ المَعلُومِيَومَ يُنفَخُ فِي الصّورِنَفخَةٌ واحِدَةٌفَيَمُوتُ إِبلِيسُ مَا بَينَ النّفخَةِ الأُولَي وَ الثّانِيَةِ وَ أَمّان فَكَانَ نَهَراً فِي الجَنّةِ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ الثّلجِ وَ أَحلَي مِنَ العَسَلِ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهُ كُن مِدَاداً فَكَانَ مِدَاداً ثُمّ أَخَذَ شَجَرَةً فَغَرَسَهَا بِيَدِهِ ثُمّ قَالَ وَ اليَدُ القُوّةُ وَ لَيسَ بِحَيثُ تَذهَبُ إِلَيهِ المُشَبّهَةُ ثُمّ قَالَ لَهَا كوُنيِ‌ قَلَماً ثُمّ قَالَ لَهُ اكتُب فَقَالَ يَا رَبّ وَ مَا أَكتُبُ قَالَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمّ خَتَمَ عَلَيهِ وَ قَالَ لَا تَنطِقَنّ إِلَي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ

5- معَاَنيِ‌ الأَخبَارِ، عَن مُحَمّدِ بنِ هَارُونَ الزنّجاَنيِ‌ّ عَن مُعَاذِ بنِ المُثَنّي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَسمَاءٍ عَن جُوَيرَةَ[جُوَيرِيَةَ] عَن سُفيَانَ الثوّريِ‌ّ قَالَ سَأَلتُ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ ع عَنن فَقَالَ هُوَ نَهَرٌ فِي الجَنّةِ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ اجمُد فَجَمَدَ فَصَارَ مِدَاداً ثُمّ قَالَ عَزّ وَ جَلّ لِلقَلَمِ اكتُب فَسَطَرَ القَلَمُ فِي اللّوحِ المَحفُوظِ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَالمِدَادُ مِدَادٌ مِن نُورٍ وَ القَلَمُ قَلَمٌ مِن نُورٍ وَ اللّوحُ لَوحٌ مِن نُورٍ قَالَ سُفيَانُ فَقُلتُ لَهُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ بَيّن لِي أَمرَ اللّوحِ وَ القَلَمِ وَ المِدَادِ فَضلَ بَيَانٍ وَ علَمّنيِ‌ مِمّا عَلّمَكَ اللّهُ فَقَالَ يَا ابنَ سَعِيدٍ لَو لَا أَنّكَ أَهلٌ لِلجَوَابِ مَا أَجَبتُكَ فَنُونٌ مَلَكٌ يؤُدَيّ‌ إِلَي القَلَمِ وَ هُوَ مَلَكٌ وَ القَلَمُ يؤُدَيّ‌ إِلَي اللّوحِ وَ هُوَ مَلَكٌ وَ اللّوحُ يؤُدَيّ‌ إِلَي إِسرَافِيلَ وَ إِسرَافِيلُ يؤُدَيّ‌ إِلَي مِيكَائِيلَ وَ مِيكَائِيلُ يؤُدَيّ‌ إِلَي جَبرَئِيلَ وَ جَبرَئِيلُ يؤُدَيّ‌ إِلَي الأَنبِيَاءِ وَ الرّسُلِ قَالَ ثُمّ قَالَ لِي قُم يَا سُفيَانُ فَلَا آمَنُ عَلَيكَ

6- وَ مِنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ القَطّانِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ مُحَمّدٍ الحسَنَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ عِيسَي بنِ أَبِي مَريَمَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ العرَزمَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ المنِقرَيِ‌ّ


صفحه : 369

عَن اِبرَاهِيمَ الكرَخيِ‌ّ قَالَ سَأَلتُ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ ع عَنِ اللّوحِ وَ القَلَمِ فَقَالَ هُمَا مَلَكَانِ

7- العيَاّشيِ‌ّ، عَن مُحَمّدِ بنِ مَروَانَ عَنِ الصّادِقِ عَن أَبِيهِ ع فِي قَولِهِ تَعَالَين وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ قَالَن نَهَرٌ فِي الجَنّةِ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ اللّبَنِ قَالَ فَأَمَرَ اللّهُ القَلَمَ فَجَرَي بِمَا هُوَ كَائِنٌ وَ مَا يَكُونُ فَهُوَ بَينَ يَدَيهِ مَوضُوعٌ مَا شَاءَ مِنهُ زَادَ فِيهِ وَ مَا شَاءَ نَقَصَ مِنهُ وَ مَا شَاءَ كَانَ وَ مَا شَاءَ لَا يَكُونُ

أقول تمامه في باب الطواف

8- الإِختِصَاصُ، سَأَلَ ابنُ سَلَامٍ النّبِيّص عَنن وَ القَلَمِ قَالَ النّونُ اللّوحُ المَحفُوظُ وَ القَلَمُ نُورٌ سَاطِعٌ وَ ذَلِكَ قَولُهُن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ‌ مَا طُولُهُ وَ مَا عَرضُهُ وَ مَا مِدَادُهُ وَ أَينَ مَجرَاهُ قَالَ طُولُ القَلَمِ خَمسُمِائَةِ سَنَةٍ وَ عَرضُهُ مَسِيرَةَ ثَمَانِينَ سَنَةٍ لَهُ ثَمَانُونَ سِنّاً يَخرُجُ المِدَادُ مِن بَينِ أَسنَانِهِ يجَريِ‌ فِي اللّوحِ المَحفُوظِ بِأَمرِ اللّهِ وَ سُلطَانِهِ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ فأَخَبرِنيِ‌ عَنِ اللّوحِ المَحفُوظِ مِمّا هُوَ قَالَ مِن زُمُرّدَةٍ خَضرَاءَ أَجوَافُهُ اللّؤلُؤُ بِطَانَتُهُ الرّحمَةُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ قَالَ فأَخَبرِنيِ‌ كَم لَحظَةً لِرَبّ العَالَمِينَ فِي اللّوحِ المَحفُوظِ فِي كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ قَالَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتّونَ لَحظَةً

9-العِلَلُ، عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي العَطّارِ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبَانٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أُورَمَةَ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ دَاوُدَ اليعَقوُبيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُقَاتِلٍ عَمّن سَمِعَ زُرَارَةَ يَقُولُسُئِلَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع عَن بَدءِ النّسلِ مِن آدَمَ فَقَالَ فِيمَا قَالَ لَم يَختَلِف فُقَهَاءُ أَهلِ الحِجَازِ وَ لَا فُقَهَاءُ أَهلِ العِرَاقِ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَمَرَ القَلَمَ فَجَرَي عَلَي اللّوحِ المَحفُوظِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ قَبلَ خَلقِ آدَمَ بأِلَفيَ‌ عَامٍ وَ أَنّ كُتُبَ اللّهِ كُلّهَا فِيمَا جَرَي فِيهِ القَلَمُ هَذِهِ الكُتُبُ المَشهُورَةُ فِي هَذَا العَالَمِ التّورَاةُ وَ الإِنجِيلُ وَ الزّبُورُ وَ القُرآنُ أَنزَلَهَا اللّهُ مِنَ اللّوحِ


صفحه : 370

المَحفُوظِ عَلَي رُسُلِهِ الخَبَرَ

10- عَقَائِدُ الصّدُوقِ، اعتِقَادُنَا فِي اللّوحِ وَ القَلَمِ أَنّهُمَا مَلَكَانِ

أقول قال الشيخ المفيد ره اللوح كتاب الله كتب فيه ما يكون إلي يوم القيامة و هو قوله تعالي وَ لَقَد كَتَبنا فِي الزّبُورِ مِن بَعدِ الذّكرِ أَنّ الأَرضَ يَرِثُها عبِاديِ‌َ الصّالِحُونَفاللوح هوالذكر والقلم هوالشي‌ء ألذي أحدث الله به الكتاب في اللوح وجعل اللوح أصلا لتعرف الملائكة منه ما يكون فإذاأراد الله تعالي أن يطلع الملائكة علي غيب له أويرسلهم إلي الأنبياء بذلك أمرهم بالاطلاع في اللوح فحفظوا منه مايؤدونه إلي من أرسلوا إليه وعرفوا منه مايعملون ولقد جاءت بذلك آثار عن النبي ص و عن الأئمة ع فأما من ذهب إلي أن اللوح والقلم ملكان فقد أبعد بذلك ونأي عن الحق إذ الملائكة لاتسمي ألواحا و لاأقلاما و لايعرف في اللغة اسم ملك و لابشر لوح و لاقلم .بيان الصدوق ره تبع فيما ذكره الرواية فلااعتراض عليه مع أنه لاتنافي‌ بين ماذكر المفيد و بين ذلك إذ يمكن كونهما ملكين و مع ذلك يكون أحدهما آلة النقش والآخر منقوشا فيه ويحتمل أيضا أن يكون المراد بكونهما ملكين كون حامليهما ملكين مجازا ولعل الإيمان بمثل ذلك علي الإجمال أسلم من الخطإ والضلال

11- العَقَائِدُ لِلصّدُوقِ، اعتِقَادُنَا فِي نُزُولِ الوحَي‌ِ مِن عِندِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ أَنّ بَينَ عيَنيَ‌ إِسرَافِيلَ لَوحاً فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ سُبحَانَهُ أَن يَتَكَلّمَ باِلوحَي‌ِ ضَرَبَ اللّهُ ذَلِكَ اللّوحَ جَبِينَ إِسرَافِيلَ فَيَنظُرُ فِيهِ فَيَقرَأُ مَا فِيهِ فَيُلقِيهِ إِلَي مِيكَائِيلَ وَ يُلقِيهِ مِيكَائِيلُ إِلَي جَبرَئِيلَ فَيُلقِيهِ جَبرَئِيلُ إِلَي الأَنبِيَاءِ

12-الدّرّ المَنثُورُ، عَن أَبِي نُعَيمٍ فِي الحِليَةِ عَن عَلِيّ ع مَرفُوعاً قَالَالكرُسيِ‌ّ لُؤلُؤٌ وَ القَلَمُ لُؤلُؤٌ وَ طُولُ القَلَمِ سَبعُمِائَةِ سَنَةٍ وَ طُولُ الكرُسيِ‌ّ حَيثُ لَا


صفحه : 371

يَعلَمُهُ إِلّا العَالِمُونَ

13- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيءٍ القَلَمُ فَأَمَرَهُ أَن يَكتُبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ الكِتَابُ عِندَهُ ثُمّ قَرَأَوَ إِنّهُ فِي أُمّ الكِتابِ لَدَينا لعَلَيِ‌ّ حَكِيمٌ

14- وَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ كُنتُ مَعَ أَبِي مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا جَعفَرٍ مَا بَدءُ خَلقِ هَذَا الرّكنِ فَقَالَ إِنّ اللّهَ لَمّا خَلَقَ الخَلقَ قَالَ لبِنَيِ‌ آدَمَأَ لَستُ بِرَبّكُم قالُوا بَليفَأَقَرّوا وَ أَجرَي نَهَراً أَحلَي مِنَ العَسَلِ وَ أَليَنَ مِنَ الزّبدِ ثُمّ أَمَرَ القَلَمَ فَاستَمَدّ مِن ذَلِكَ النّهَرِ فَكَتَبَ إِقرَارَهُم وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ أَلقَمَ ذَلِكَ الكِتَابَ هَذَا الحَجَرَ فَهَذَا الِاستِلَامُ ألّذِي تَرَي إِنّمَا هُوَ بَيعَةٌ عَلَي إِقرَارِهِمُ ألّذِي كَانُوا أَقَرّوا بِهِ

15- وَ عَن أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ اللّهَ كَتَبَ كِتَاباً قَبلَ أَن يَخلُقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ هُوَ عِندَهُ فَوقَ العَرشِ الخَلقُ مُنتَهُونَ إِلَي مَا فِي ذَلِكَ الكِتَابِ وَ تَصدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللّهِوَ إِنّهُ فِي أُمّ الكِتابِ لَدَينا لعَلَيِ‌ّ حَكِيمٌ

16- وَ عَنِ ابنِ سَابِطٍ قَالَ فِي أُمّ الكِتَابِ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ وُكّلَ بِمَا فِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ المَلَائِكَةِ يَحفَظُونَ فَوُكّلَ جَبرَئِيلُ باِلوحَي‌ِ يَنزِلُ بِهِ إِلَي الرّسُلِ وَ بِالهَلَاكِ إِذَا أَرَادَ أَن يُهلِكَ قَوماً كَانَ صَاحِبَ ذَلِكَ وَ وُكّلَ أَيضاً بِالنّصرِ فِي الحُرُوبِ إِذَا أَرَادَ اللّهُ أَن يَنصُرَ وَ وُكّلَ مِيكَائِيلُ بِالقَطرِ أَن يَحفَظَهُ وَ وُكّلَ بِنَبَاتِ الأَرضِ أَن يَحفَظَهُ وَ وُكّلَ مَلَكُ المَوتِ بِقَبضِ الأَنفُسِ فَإِذَا ذَهَبَتِ الدّنيَا جَمَعَ بَينَ حِفظِهِم وَ حِفظِ أُمّ الكِتَابِ فَوَجَدَهُمَا سَوَاءً


صفحه : 372

17- وَ عَنِ ابنِ جُرَيجٍ فِي قَولِهِوَ إِنّهُ فِي أُمّ الكِتابِ قَالَ الذّكرُ الحَكِيمُ فِيهِ كُلّ شَيءٍ كَانَ وَ كُلّ شَيءٍ يَكُونُ وَ مَا نَزَلَ مِن كِتَابٍ فَمِنهُ

18- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ سُئِلَ عَن هَذِهِ الآيَةِإِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَ فَقَالَ إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ اللّهُ القَلَمُ ثُمّ خَلَقَ النّونَ وَ هيِ‌َ الدّوَاةُ ثُمّ خَلَقَ الأَلوَاحَ فَكَتَبَ الدّنيَا وَ مَا يَكُونُ فِيهَا حَتّي تَفنَي مِن خَلقٍ مَخلُوقٍ وَ عَمَلٍ مَعمُولٍ مِن بِرّ أَو فُجُورٍ وَ مَا كَانَ مِن رِزقٍ حَلَالٍ أَو حَرَامٍ وَ مَا كَانَ مِن رَطبٍ وَ يَابِسٍ ثُمّ أَلزَمَ كُلّ شَيءٍ مِن ذَلِكَ شَأنَهُ دُخُولُهُ فِي الدّنيَا مَتَي وَ بَقَاؤُهُ فِيهَا كَم وَ إِلَي كَم يَفنَي ثُمّ وَكّلَ بِذَلِكَ الكِتَابِ المَلَائِكَةَ وَ وَكّلَ بِالخَلقِ مَلَائِكَةً فتَأَتيِ‌ مَلَائِكَةُ الخَلقِ إِلَي مَلَائِكَةِ ذَلِكَ الكِتَابِ فَيَنسَخُونَ مَا يَكُونُ فِي كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ مَقسُومٌ عَلَي مَا وُكّلُوا بِهِ ثُمّ يَأتُونَ إِلَي النّاسِ فَيَحفَظُونَهُم بِأَمرِ اللّهِ وَ يَستَبقُونَهُم إِلَي مَا فِي أَيدِيهِم مِن تِلكَ النّسَخِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا كُنّا نَرَي هَذَا أَ تَكتُبُ المَلَائِكَةُ فِي كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ أَ لَستُم قَوماً عَرَباًإِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَهَل يُستَنسَخُ الشيّ‌ءُ إِلّا مِن كِتَابٍ

19- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ عَنِ النّبِيّص فِي قَولِهِإِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَ قَالَ هيِ‌َ أَعمَالُ أَهلِ الدّنيَا الحَسَنَاتُ وَ السّيّئَاتُ تَنزِلُ مِنَ السّمَاءِ كُلّ غَدَاةٍ وَ عَشِيّةٍ مَا يُصِيبُ الإِنسَانُ فِي ذَلِكَ اليَومِ أَوِ اللّيلَةِ ألّذِي يُقتَلُ وَ ألّذِي يُغرَقُ وَ ألّذِي يَقَعُ مِن فَوقِ بَيتٍ وَ ألّذِي يَتَرَدّي مِن فَوقِ جَبَلٍ وَ ألّذِي يَقَعُ فِي بِئرٍ وَ ألّذِي يُحرَقُ بِالنّارِ فَيَحفَظُونَ عَلَيهِ ذَلِكَ كُلّهُ فَإِذَا كَانَ العشَيِ‌ّ صَعِدُوا بِهِ إِلَي السّمَاءِ فَيَجِدُونَهُ كَمَا فِي السّمَاءِ مَكتُوباً فِي الذّكرِ الحَكِيمِ

وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَكَتَبَ فِي الذّكرِ عِندَهُ كُلّ شَيءٍ هُوَ كَائِنٌ ثُمّ بَعَثَ


صفحه : 373

الحَفَظَةَ عَلَي آدَمَ وَ ذُرّيّتِهِ فَالحَفَظَةُ يَنسَخُونَ مِنَ الذّكرِ مَا يَعمَلُ العِبَادُ ثُمّ قَرَأَهذا كِتابُنا يَنطِقُ عَلَيكُم بِالحَقّ إِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَ

20- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ اللّهَ جَلّ ذِكرُهُ خَلَقَ العَرشَ فَاستَوَي عَلَيهِ ثُمّ خَلَقَ القَلَمَ فَأَمَرَهُ ليِجَريِ‌َ بِأَمرِهِ وَ عِظَمُ القَلَمِ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ فَقَالَ القَلَمُ بِمَا أجَريِ‌ يَا رَبّ قَالَ بِمَا أَنَا خَالِقٌ وَ كَائِنٌ فِي خلَقيِ‌ مِن قَطرٍ أَو نَبَاتٍ أَو نَفسٍ أَو أَثَرٍ يعَنيِ‌ بِهِ العَمَلَ أَو رِزقٍ أَو أَجَلٍ فَجَرَي القَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَأَثبَتَهُ اللّهُ فِي الكِتَابِ المَكنُونِ عِندَهُ تَحتَ العَرشِ وَ أَمّا قَولُهُإِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَ فَإِنّ اللّهَ وَكّلَ مَلَائِكَةً يَستَنسِخُونَ مِن ذَلِكَ الكِتَابِ كُلّ عَامٍ فِي رَمَضَانَ لَيلَةَ القَدرِ مَا يَكُونُ فِي الأَرضِ مِن حَدَثٍ إِلَي مِثلِهَا مِنَ السّنَةِ المُقبِلَةِ فَيُعَارِضُونَ بِهِ حَفَظَةَ اللّهِ مِنَ العِبَادِ كُلّ عَشِيّةِ خَمِيسٍ فَيَجِدُونَ مَا رَفَعَ الحَفَظَةُ مُوَافِقاً لِمَا فِي كِتَابِهِم ذَلِكَ لَيسَ فِيهِ زِيَادَةٌ وَ لَا نُقصَانٌ وَ أَمّا قَولُهُإِنّا كُلّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ فَإِنّ اللّهَ خَلَقَ لِكُلّ شَيءٍ مَا يُشَاكِلُهُ مِن خَلقِهِ وَ مَا يُصلِحُهُ مِن رِزقِهِ وَ خَلَقَ البَعِيرَ خَلقاً لَا يَصلُحُ شَيءٌ مِن خَلقِهِ عَلَي غَيرِهِ مِنَ الدّوَابّ وَ كَذَلِكَ كُلّ شَيءٍ مِنَ الدّوَابّ وَ خَلَقَ لِدَوَابّ البَرّ وَ طَيرِهَا مِنَ الرّزقِ مَا يُصلِحُهَا فِي البَرّ وَ خَلَقَ لِدَوَابّ البَحرِ وَ طَيرِهَا مِنَ الرّزقِ مَا يُصلِحُهَا فِي البَحرِ فَلِذَلِكَ قَولُهُإِنّا كُلّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ

21- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ أَوّلُ مَا خَلَقَ اللّهُ القَلَمُ فَتَصَوّرَ قَلَماً مِن نُورٍ فَقِيلَ لَهُ اجرِ فِي اللّوحِ المَحفُوظِ قَالَ يَا رَبّ بِمَا ذَا قَالَ بِمَا يَكُونُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ الخَلقَ وَكّلَ بِالخَلقِ حَفَظَةً يَحفَظُونَ عَلَيهِم أَعمَالَهُم فَلَمّا قَامَتِ القِيَامَةُ عُرِضَت عَلَيهِم أَعمَالُهُم وَ قِيلَهذا كِتابُنا يَنطِقُ عَلَيكُم بِالحَقّ إِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَعُرِضَ بِالكِتَابَينِ فَكَانَا سَوَاءً


صفحه : 374

22- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَيكُلّ يَومٍ هُوَ فِي شَأنٍ قَالَ إِنّ مِمّا خَلَقَ اللّهُ لَوحاً مَحفُوظاً مِن دُرّةٍ بَيضَاءَ دَفّتَاهُ مِن يَاقُوتَةٍ حَمرَاءَ قَلَمُهُ نُورٌ وَ كِتَابُهُ نُورٌ وَ عَرضُهُ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ يَنظُرُ فِيهِ كُلّ يَومٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ نَظرَةً يَخلُقُ فِي كُلّ نَظرَةٍ وَ يَرزُقُ وَ يحُييِ‌ وَ يُمِيتُ وَ يُعِزّ وَ يُذِلّ وَ يَفُكّ وَ يَفعَلُ مَا يَشَاءُ فَذَلِكَ قَولُهُكُلّ يَومٍ هُوَ فِي شَأنٍ

23- وَ عَنِ الرّبِيعِ بنِ أَنَسٍ فِي قَولِهِ تَعَالَيإِنّهُ لَقُرآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكنُونٍ قَالَ القُرآنُ الكَرِيمُ هُوَ القُرآنُ وَ الكِتَابُ المَكنُونُ هُوَ اللّوحُ المَحفُوظُلا يَمَسّهُ إِلّا المُطَهّرُونَ قَالَ المَلَائِكَةُ هُمُ المُطَهّرُونَ مِنَ الذّنُوبِ

24- وَ عَن عُبَادَةَ بنِ الصّامِتِ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ اللّهُ القَلَمُ فَقَالَ لَهُ اكتُب فَجَرَي بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي الأَبَدِ

25- وَ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ قُرّةَ عَن أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص ن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ قَالَ لَوحٌ مِن نُورٍ وَ قَلَمٌ مِن نُورٍ يجَريِ‌ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

26- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ النّونَ وَ هيِ‌َ الدّوَاةُ وَ خَلَقَ القَلَمَ فَقَالَ اكتُب قَالَ وَ مَا أَكتُبُ قَالَ اكتُب مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

وَ عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص النّونُ اللّوحُ المَحفُوظُ وَ القَلَمُ مِن نُورٍ سَاطِعٍ

27- وَ عَنِ النّبِيّص قَالَ إِنّ أَوّلَ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ القَلَمُ ثُمّ خَلَقَ النّونَ وَ هيِ‌َ الدّوَاةُ ثُمّ قَالَ لَهُ اكتُب قَالَ وَ مَا أَكتُبُ قَالَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي


صفحه : 375

يَومِ القِيَامَةِ مِن عَمَلٍ أَو أَثَرٍ أَو رِزقٍ أَو أَجَلٍ فَكَتَبَ مَا يَكُونُ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ ذَلِكَ قَولُهُن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ ثُمّ خَتَمَ عَلَي فَمِ القَلَمِ فَلَم يَنطِق وَ لَا يَنطِقُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ العَقلَ فَقَالَ وَ عزِتّيِ‌ لَأُكَمّلَنّكَ فِيمَن أَحبَبتُ وَ لَأَنقُصَنّكَ فِيمَن أَبغَضتُ

28- وَ عَن قَتَادَةَ وَ الحَسَنِ قَالَ النّونُ الدّوَاةُ

29- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي الآيَةِ قَالَ خَلَقَ اللّهُ القَلَمَ فَقَالَ اجرِ فَجَرَي بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ خَلَقَ الحُوتَ وَ هيِ‌َ النّونُ فَكَبَسَ عَلَيهَا الأَرضَ ثُمّ قَالَن وَ القَلَمِ وَ ما يَسطُرُونَ

30- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِلَوحٍ مَحفُوظٍ قَالَ أُخبِرتُ أَنّهُ لَوحٌ وَاحِدٌ فِيهِ الذّكرُ وَ أَنّ ذَلِكَ اللّوحَ مِن نُورٍ وَ أَنّهُ مَسِيرَةَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ

31- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ خَلَقَ اللّهُ اللّوحَ المَحفُوظَ كَمَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ فَقَالَ لِلقَلَمِ قَبلَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ اكتُب علِميِ‌ فِي خلَقيِ‌ فَجَرَي بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

32- وَ عَن أَنَسٍ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ لِلّهِ لَوحاً مِن زَبَرجَدَةٍ خَضرَاءَ جَعَلَهُ تَحتَ العَرشِ وَ كَتَبَ فِيهِ إنِيّ‌ أَنَا اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنَا خَلَقتُ بَضعَةَ عَشَرَ وَ ثَلَاثَمِائَةِ خَلقٍ مَن جَاءَ مَعَ شَهَادَةِ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ أُدخِلَ الجَنّةَ

33- وَ عَن أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ بَينَ يدَيَ‌ِ الرّحمَنِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَلَوحاً فِيهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ خَمسَ عَشرَةَ شَرِيعَةً يَقُولُ الرّحمَنُ وَ عزِتّيِ‌ وَ جلَاَليِ‌ لَا يجَيِئنُيِ‌ عَبدٌ مِن عبِاَديِ‌ لَا يُشرِكُ بيِ‌ شَيئاً فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنكُنّ إِلّا أَدخَلتُهُ الجَنّةَ


صفحه : 376

34- وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خَلَقَ اللّهُ لَوحاً مِن دُرّةٍ بَيضَاءَ دَفّتَاهُ مِن زَبَرجَدَةٍ خَضرَاءَ كِتَابُهُ مِن نُورٍ يَلحَظُ إِلَيهِ فِي كُلّ يَومٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتّينَ لَحظَةً يحُييِ‌ وَ يُمِيتُ وَ يَخلُقُ وَ يَرزُقُ وَ يُعِزّ وَ يُذِلّ وَ يَفعَلُ مَا يَشَاءُ


صفحه : 377

باسمه تعالي إلي هنا تم الجزء الأول من المجلد الرابع عشر كتاب السماء والعالم من بحار الأنوار و هوالجزء السابع والخمسون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة البهية و قدقابلناه علي النسخة التي‌ صححها الفاضل الخبير الشيخ محمدتقي‌ اليزدي‌ بما فيها من التعليق والتنميق و الله ولي‌ التوفيق