صفحه : 7
364-ج ،[الإحتجاج ]روُيَِ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ لَمّا قُتِلَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ ارتَعَدَت فَرَائِصُ خَلقٍ كَثِيرٍ وَ قَالُوا قَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص عَمّارٌ تَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ فَدَخَلَ عَمرُو بنُ العَاصِ عَلَي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَد هَاجَ النّاسُ وَ اضطَرَبُوا قَالَ لِمَا ذَا قَالَ قُتِلَ عَمّارٌ قَالَ فَمَا ذَا قَالَ أَ لَيسَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص تَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ دُحِضتَ فِي قَولِكَ أَ نَحنُ قَتَلنَاهُ إِنّمَا قَتَلَهُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ لَمّا أَلقَاهُ بَينَ رِمَاحِنَا فَاتّصَلَ ذَلِكَ بعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَ فَإِذًا رَسُولُ اللّهِ
صفحه : 8
ص هُوَ ألّذِي قَتَلَ حَمزَةَ وَ أَلقَاهُ بَينَ رِمَاحِ المُشرِكِينَ
365- لي ،[الأمالي للصدوق ] ابنُ مُوسَي عَنِ الأسَدَيِّ عَنِ النخّعَيِّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الحَكَمِ عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ عَن مَسعُودٍ الملُاَئيِّ عَن حَبّةَ العرُنَيِّ قَالَ أَبصَرَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرٍو رَجُلَينِ يَختَصِمَانِ فِي رَأسِ عَمّارٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ يَقُولُ هَذَا أَنَا قَتَلتُهُ وَ يَقُولُ هَذَا أَنَا قَتَلتُهُ فَقَالَ ابنُ عَمرٍو يَختَصِمَانِ أَيّهُمَا يَدخُلُ النّارَ أَوّلًا ثُمّ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ قَاتِلُهُ وَ سَالِبُهُ فِي النّارِ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُ اللّهُ فَقَالَ مَا نَحنُ قَتَلنَاهُ وَ إِنّمَا قَتَلَهُ مَن جَاءَ بِهِ قَالَ الصّدُوقُ رَحِمَهُ اللّهُ يَلزَمُهُ عَلَي هَذَا أَن يَكُونَ النّبِيّص قَاتِلَ حَمزَةَ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ وَ قَاتِلَ الشّهَدَاءِ مَعَهُ لِأَنّهُص هُوَ ألّذِي جَاءَ بِهِم
366- لي ،[الأمالي للصدوق ] وَ بِهَذَا الإِسنَادِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الحَكَمِ عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ مُوسَي عَن سَعدِ بنِ أَوسٍ عَن بِلَالِ بنِ يَحيَي العبَسيِّ قَالَ لَمّا قُتِلَ عُثمَانُ
صفحه : 9
أَتَوا حُذَيفَةَ فَقَالُوا يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ قُتِلَ هَذَا الرّجُلُ وَ قَدِ اختَلَفَ النّاسُ فَمَا تَقُولُ قَالَ أَمّا إِذَا أَتَيتُم فأَجَلسِوُنيِ قَالَ فَأَسنَدُوهُ إِلَي صَدرِ رَجُلٍ مِنهُم فَقَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ أَبُو اليَقظَانِ عَلَي الفِطرَةِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ لَن يَدَعَهَا حَتّي يَمُوتَ
367- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ المقُريِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن عِيسَي بنِ مِهرَانَ عَنِ الفَضلِ بنِ دُكَينٍ عَن مُوسَي بنِ قَيسٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ أَسبَاطٍ قَالَسَمِعتُ عَمّارَ بنَ يَاسِرٍ رَحِمَهُ اللّهُ يَقُولُ عِندَ تَوَجّهِهِ إِلَي صِفّينَ أللّهُمّ لَو أَعلَمُ أَنّهُ أَرضَي لَكَ أَن أرَميَِ بنِفَسيِ مِن فَوقِ هَذَا الجَبَلِ لَرَمَيتُ بِهَا وَ لَو أَعلَمُ أَنّهُ أَرضَي لَكَ أَن أُوقِدَ لنِفَسيِ نَاراً فَأُوقَعَ فِيهَا لَفَعَلتُ وَ إنِيّ لَا أُقَاتِلُ الشّامَ إِلّا وَ أَنَا أُرِيدُ بِذَلِكَ وَجهَكَ وَ أَنَا أَرجُو أَن لَا تخُيَبّنَيِ وَ أَنَا
صفحه : 10
أُرِيدُ وَجهَكَ الكَرِيمَ
368- ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ]الصّدُوقُ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ الشّحّامِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ عَن عُمَرَ الأوَديِّ عَن سُفيَانَ عَن حَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ عَن أَبِي البخَترَيِّ قَالَ قَالَ عَمّارٌ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ يَومَ صِفّينَ ائتوُنيِ بِشَربَةِ لَبَنٍ فأَتُيَِ فَشَرِبَ ثُمّ قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ آخِرَ شَربَةٍ تَشرَبُهَا مِنَ الدّنيَا شَربَةُ لَبَنٍ ثُمّ تَقَدّمَ فَقُتِلَ فَلَمّا قُتِلَ أَخَذَ خُزَيمَةُ بنُ ثَابِتٍ بِسَيفِهِ فَقَاتَلَ وَ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ يَقتُلُ عَمّاراً الفِئَةُ البَاغِيَةُ وَ قَاتِلُهُ فِي النّارِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَا نَحنُ قَتَلنَاهُ إِنّمَا قَتَلَهُ مَن جَاءَ بِهِ
369- يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيَِ عَن أُمّ سَلَمَةَ قَالَت كَانَ عَمّارٌ يَنقُلُ اللّبِنَ بِمَسجِدِ رَسُولِ اللّهِص وَ كَانَص يَمسَحُ التّرَابَ عَن صَدرِهِ وَ يَقُولُ تَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ
370-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]كثر أصحاب الحديث علي شريك وطالبوه بأنه يحدثهم بقول النبي ص تقتلك الفئة الباغية فغضب و قال أتدرون أن لافخر لعلي أن يقتل معه عمار إنما الفخر لعمار أن يقتل مع علي ع
371-كش ،[رجال الكشي] ابنُ قُتَيبَةَ عَنِ الفَضلِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن حُمرَانَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قُلتُ مَا تَقُولُ فِي عَمّارٍ قَالَ رَحِمَ اللّهُ عَمّاراً كَرّرَ هَذَا ثَلَاثاً قَاتَلَ مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ قُتِلَ
صفحه : 11
شَهِيداً قَالَ قُلتُ فِي نفَسيِ مَا تَكُونُ مَنزِلَةٌ أَعظَمَ مِن هَذِهِ المَنزِلَةِ فَالتَفَتَ إلِيَّ فَقَالَ لَعَلّكَ تَقُولُ مِثلُ الثّلَاثَةِ هَيهَاتَ هَيهَاتَ قَالَ قُلتُ وَ مَا عِلمُهُ أَنّهُ يُقتَلُ فِي ذَلِكَ اليَومِ قَالَ إِنّهُ لَمّا رَأَي الحَربَ لَا يَزدَادُ إِلّا شِدّةً وَ القَتلَ لَا يَزدَادُ إِلّا كَثرَةً تَرَكَ الصّفّ وَ جَاءَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ هُوَ هُوَ قَالَ ارجِع إِلَي صَفّكَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ ارجِع إِلَي صَفّكَ فَلَمّا أَن كَانَ فِي الثّالِثَةِ قَالَ لَهُ نَعَم فَرَجَعَ إِلَي صَفّهِ وَ هُوَ يَقُولُ
اليَومَ أَلقَي الأَحِبّةَ | مُحَمّداً وَ حِزبَهُ |
بيان الثلاثة سلمان و أبوذر ومقداد رضي الله عنهم قوله هو هو أي هذاوقت الوعد ألذي وعدت من الشهادة
372- كش ،[رجال الكشي]خَلَفُ بنُ مُحَمّدٍ عَن عُبَيدِ بنِ مَحمُودٍ عَن هَاشِمِ بنِ القَاسِمِ عَن شُعبَةَ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ سَمِعتُ قَيسَ بنَ أَبِي حَازِمٍ قَالَ قَالَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ ادفنِوُنيِ فِي ثيِاَبيِ فإَنِيّ مُخَاصِمٌ
توضيح أي إني أريد أن أخاصم قاتلي عند الله فلاتسلبوني ثيابي لتكون لي شاهدا وحجة أو هوكناية عن الشهادة بالحق فإنه يلزمه المخاصمة أي إني شهيد حقيقة وحكمه أن يدفن بثيابه
373- كش ،[رجال الكشي]خَلَفٌ عَن عُبَيدِ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي نُعَيمٍ عَن سُفيَانَ عَن حَبِيبٍ عَن أَبِي البخَترَيِّ قَالَ أتُيَِ عَمّارٌ يَومَئِذٍ بِلَبَنٍ فَضَحِكَ ثُمّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِص آخِرُ شَرَابٍ تَشرَبُهُ مِنَ الدّنيَا مَذقَةٌ مِن لَبَنٍ حَتّي تَمُوتَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنّهُ قَالَ آخِرُ زَادِكَ مِنَ الدّنيَا ضَيَاحٌ مِن لَبَنٍ
صفحه : 12
توضيح المذقة بالفتح والضم اللبن الممذوق أي المخلوط بالماء قال في النهاية المذق المزج والخلط يقال مذقت اللبن فهو مذيق إذاخلطته بالماء والمذقة الشربة من اللبن الممذوق والضياح بالفتح أيضا اللبن الرقيق الممزوج بالماء
374- كش ،[رجال الكشي]خَلَفٌ عَنِ الفَتحِ بنِ عَمرٍو الوَرّاقِ عَن يَزِيدَ بنِ هَارُونَ عَنِ العَوّامِ بنِ حَوشَبٍ عَن أَسوَدَ بنِ مَسعَدَةَ عَن حَنظَلَةَ بنِ خُوَيلِدٍ قَالَ إنِيّ لَجَالِسٌ عِندَ مُعَاوِيَةَ إِذ أَتَاهُ رَجُلَانِ يَختَصِمَانِ فِي رَأسِ عَمّارٍ يَقُولُ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا أَنَا قَتَلتُهُ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرٍو لِيَطِب بِهِ أَحَدُكُم نَفساً لِصَاحِبِهِ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ تَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَا تغُنيِ عَنّا بِجُنُونِكَ يَا ابنَ عَمرٍو فَمَا بَالُكَ مَعَنَا قَالَ إنِيّ مَعَكُم وَ لَستُ أُقَاتِلُ إِنّ أَبِي شكَاَنيِ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ أَطِع أَبَاكَ مَا دَامَ حَيّاً وَ لَا تَعصِهِ فإَنِيّ مَعَكُم وَ لَستُ أُقَاتِلُ
بيان قال في النهاية يقال أغن عني شرك أي اصرفه وكفه
375- كشف ،[كشف الغمة] فِي هَذَا الحَربِ قُتِلَ أَبُو اليَقظَانِ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ وَ قَد تَظَاهَرَتِ الرّوَايَاتُ أَنّ النّبِيّص قَالَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ جِلدَةُ بَينِ عيَنيَّ تَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ
وَ فِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن أُمّ سَلَمَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ
صفحه : 13
لِعَمّارٍ يَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ
قَالَ ابنُ الأَثِيرِ وَ خَرَجَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ عَلَي النّاسِ فَقَالَ أللّهُمّ إِنّكَ تَعلَمُ أنَيّ لَو أَعلَمُ أَنّ رِضَاكَ فِي أَن أَقذِفَ بنِفَسيِ فِي هَذَا البَحرِ لَفَعَلتُهُ أللّهُمّ إِنّكَ تَعلَمُ لَو أنَيّ أَعلَمُ أَنّ رِضَاكَ فِي أَن أَضَعَ ظُبَةَ سيَفيِ فِي بطَنيِ ثُمّ أنَحنَيَِ عَلَيهَا حَتّي تَخرُجَ مِن ظهَريِ لَفَعَلتُ وَ إنِيّ لَا أَعلَمُ اليَومَ عَمَلًا أَرضَي لَكَ مِن جِهَادِ هَؤُلَاءِ الفَاسِقِينَ وَ لَو أَعلَمُ عَمَلًا هُوَ أَرضَي لَكَ مِنهُ لَفَعَلتُهُ وَ اللّهِ إنِيّ لَأَرَي قَوماً لَيَضرِبُنّكُم ضَرباً يَرتَابُ مِنهُ المُبطِلُونَ وَ اللّهِ لَو ضَرَبُونَا حَتّي بَلّغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمنَا أَنّا عَلَي الحَقّ وَ أَنّهُم عَلَي البَاطِلِ ثُمّ قَالَ مَن يبَتغَيِ رِضوَانَ رَبّهِ فلا[ لَا]يَرجِعُ إِلَي مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ فَأَتَاهُ عِصَابَةٌ فَقَالَ اقصِدُوا بِنَا هَؤُلَاءِ القَومَ الّذِينَ يَطلُبُونَ بِدَمِ عُثمَانَ وَ اللّهِ مَا أَرَادُوا الطّلَبَ بِدَمِهِ وَ لَكِنّهُم ذَاقُوا الدّنيَا وَ استَحقَبُوهَا وَ عَلِمُوا أَنّ الحَقّ إِذَا لَزِمَهُم حَالَ بَينَهُم وَ بَينَ مَا يَتَمَرّغُونَ فِيهِ مِنهَا وَ لَم يَكُن لَهُم سَابِقَةٌ يَستَحِقّونَ بِهَا طَاعَةَ النّاسِ وَ الوَلَايَةَ عَلَيهِم فَخَدَعُوا أَتبَاعَهُم بِأَن قَالُوا إِمَامُنَا قُتِلَ مَظلُوماً لِيَكُونُوا بِذَلِكَ جَبَابِرَةً وَ مُلُوكاً فَبَلَغُوا مَا تَرَونَ وَ لَو لَا هَذِهِ الشّبهَةُ مَا تَبِعَهُم رَجُلَانِ مِنَ النّاسِ أللّهُمّ إِن تَنصُرنَا فَطَالَ مَا نَصَرتَ وَ إِن تَجعَل لَهُمُ الأَمرَ فَادّخِر لَهُم بِمَا أَحدَثُوا فِي عِبَادِكَ العَذَابَ الأَلِيمَ ثُمّ مَضَي وَ مَعَهُ العِصَابَةُ فَكَانَ لَا يَمُرّ بِوَادٍ مِن أَودِيَةِ صِفّينَ إِلّا تَبِعَهُ مَن كَانَ هُنَاكَ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص ثُمّ جَاءَ إِلَي هَاشِمِ بنِ عُتبَةَ بنِ أَبِي الوَقّاصِ وَ هُوَ المِرقَالُ وَ كَانَ صَاحِبَ رَايَةِ عَلِيّ ع فَقَالَ يَا هَاشِمُ أَ عَوَراً وَ جُبناً لَا خَيرَ فِي أَعوَرَ لَا يَغشَي
صفحه : 14
النّاسَ اركَب يَا هَاشِمُ فَرَكِبَ وَ مَضَي مَعَهُ وَ هُوَ يَقُولُ
أَعوَرُ يبَغيِ أَهلَهُ مَحَلّا | قَد عَالَجَ الحَيَاةَ حَتّي مَلّا |
وَ عَمّارٌ يَقُولُ تَقَدّم يَا هَاشِمُ الجَنّةُ تَحتَ ظِلَالِ السّيُوفِ وَ المَوتُ تَحتَ أَطرَافِ الأَسَلِ وَ قَد فُتّحَت أَبوَابُ السّمَاءِ وَ زُيّنَتِ الحُورُ العِينُ
اليَومَ أَلقَي الأَحِبّةَ | مُحَمّداً وَ حِزبَهُ |
وَ تَقَدّمَ حَتّي دَنَا مِن عَمرِو بنِ العَاصِ فَقَالَ يَا عَمرُو بِعتَ دِينَكَ بِمِصرَ تَبّاً لَكَ تَبّاً لَكَ فَقَالَ لَا وَ لَكِن أَطلُبُ بِدَمِ عُثمَانَ قَالَ لَهُ هَيهَاتَ أَشهَدُ عَلَي علِميِ فِيكَ أَنّكَ لَا تَطلُبُ بشِيَءٍ مِن فِعلِكَ وَجهَ اللّهِ تَعَالَي وَ إِنّكَ إِن لَم تُقتَلِ اليَومَ تَمُت غَداً فَانظُر إِذَا أعُطيَِ النّاسُ عَلَي قَدرِ نِيّاتِهِم مَا نِيّتُكَ لِغَدٍ فَإِنّكَ صَاحِبُ هَذِهِ الرّايَةِ ثَلَاثاً مَعَ رَسُولِ اللّهِص وَ هَذِهِ الرّابِعَةُ مَا هيَِ بِأَبَرّ وَ لَا أَتقَي ثُمّ قَاتَلَ عَمّارٌ وَ لَم يَرجِع وَ قُتِلَ قَالَ حَبّةُ بنُ جُوَينٍ العرُنَيِّ قُلتُ لِحُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ حَدّثنَا فَإِنّا نَخَافُ الفِتَنَ فَقَالَ عَلَيكُم بِالفِئَةِ التّيِ فِيهَا ابنُ سُمَيّةَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ يَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ النّاكِبَةُ عَنِ الطّرِيقِ وَ إِنّ آخِرَ رِزقِهِ ضَيَاحٌ مِن لَبَنٍ قَالَ حَبّةُ فَشَهِدتُهُ يَومَ قُتِلَ يَقُولُ ائتوُنيِ بِآخِرِ رِزقٍ لِي مِنَ الدّنيَا فأَتُيَِ بِضَيَاحٍ مِن لَبَنٍ فِي قَدَحٍ أُروِحَ بِحَلقَةٍ حَمرَاءَ فَمَا أَخطَأَ حُذَيفَةُ مِقيَاسَ شَعرَةٍ فَقَالَ
اليَومَ أَلقَي الأَحِبّةَ | مُحَمّداً وَ حِزبَهُ |
وَ قَالَ وَ اللّهِ لَو ضَرَبُونَا حَتّي بَلّغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمتُ أَنّنَا عَلَي الحَقّ وَ أَنّهُم عَلَي البَاطِلِ ثُمّ قُتِلَ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ قِيلَ قَتَلَهُ أَبُو العَادِيَةِ وَ اجتَزّ رَأسَهُ ابنُ جوي السكّسكَيِّ وَ كَانَ ذُو الكَلَاعِ سَمِعَ عَمرَو بنَ العَاصِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لِعَمّارِ بنِ يَاسِرٍ تَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ وَ آخِرُ شَربَةٍ تَشرَبُهَا ضَيَاحٌ مِن لَبَنٍ
صفحه : 15
وَ نُقِلتُ مِن مَنَاقِبِ الخوُارزَميِّ قَالَ شَهِدَ خُزَيمَةُ بنُ ثَابِتٍ الأنَصاَريِّ الجَمَلَ وَ هُوَ لَا يَسُلّ سَيفاً وَ صِفّينَ وَ قَالَ لَا أصُلَيّ أَبَداً خَلفَ إِمَامٍ حَتّي يُقتَلَ عَمّارٌ فَأَنظُرَ مَن يَقتُلُهُ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ تَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ قَالَ فَلَمّا قُتِلَ عَمّارٌ قَالَ خُزَيمَةُ قَد حَانَت لِيَ الصّلَاةُ ثُمّ اقتَرَبَ فَقَاتَلَ حَتّي قُتِلَ وَ كَانَ ألّذِي قَتَلَ عَمّاراً أَبُو عَادِيَةَ المرُيّّ طَعَنَهُ بِرُمحٍ فَسَقَطَ وَ كَانَ يَومَئِذٍ يُقَاتِلُ وَ هُوَ ابنُ أَربَعٍ وَ تِسعِينَ سَنَةً فَلَمّا وَقَعَ أَكَبّ عَلَيهِ رَجُلٌ فَاجتَزّ رَأسَهُ فَأَقبَلَا يَختَصِمَانِ كِلَاهُمَا يَقُولُ أَنَا قَتَلتُهُ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ وَ اللّهِ إِن يَختَصِمَانِ إِلّا فِي النّارِ فَسَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ فَقَالَ لِعَمرٍو وَ مَا رَأَيتُ مِثلَ مَا صَنَعتَ قَومٌ بَذَلُوا أَنفُسَهُم دُونَنَا تَقُولُ لَهُمَا إِنّكُمَا تَختَصِمَانِ فِي النّارِ فَقَالَ عَمرٌو هُوَ وَ اللّهِ ذَلِكَ وَ إِنّكَ لَتَعلَمُهُ وَ لَوَدِدتُ أنَيّ مِتّ قَبلَ هَذَا بِعِشرِينَ سَنَةً
وَ بِالإِسنَادِ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِّ قَالَكُنّا نُعَمّرُ المَسجِدَ وَ كُنّا نَحمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَ عَمّارٌ لَبِنَتَينِ لَبِنَتَينِ فَرَآهُ النّبِيّص فَجَعَلَ يَنفُضُ التّرَابَ عَن رَأسِ عَمّارٍ وَ يَقُولُ يَا عَمّارُ أَ لَا تَحمِلُ كَمَا يَحمِلُ أَصحَابُكَ قَالَ إنِيّ أُرِيدُ الأَجرَ مِنَ اللّهِ تَعَالَي قَالَ فَجَعَلَ يَنفُضُ التّرَابَ عَنهُ وَ يَقُولُ وَيحَكَ تَقتُلُكَ
صفحه : 16
الفِئَةُ البَاغِيَةُ تَدعُوهُم إِلَي الجَنّةِ وَ يَدعُونَكَ إِلَي النّارِ وَ قَالَ عَمّارٌ أَعُوذُ بِالرّحمَنِ أَظُنّهُ قَالَ مِنَ الفِتَنِ
قال أحمد بن الحسين البيهقي و هذاصحيح علي شرط البخاري
وَ قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ العَاصِ لِأَبِيهِ عَمرٍو حِينَ قُتِلَ عَمّارٌ أَ قَتَلتُم عَمّاراً وَ قَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا قَالَ فَقَالَ عَمرٌو لِمُعَاوِيَةَ أَ تَسمَعُ مَا يَقُولُ عَبدُ اللّهِ فَقَالَ إِنّمَا قَتَلَهُ مَن جَاءَ بِهِ وَ سَمِعَهُ أَهلُ الشّامِ فَقَالُوا إِنّمَا قَتَلَهُ مَن جَاءَ بِهِ فَبَلَغَت عَلِيّاً ع فَقَالَ إِذاً يَكُونُ النّبِيّص قَاتِلَ حَمزَةَ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ لِأَنّهُ جَاءَ بِهِ
وَ نُقِلتُ عَن مُسنَدِ أَحمَدَ بنِ حَنبَلٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحَارِثِ قَالَ إنِيّ لَأَسِيرُ مَعَ مُعَاوِيَةَ فِي مُنصَرَفِهِ مِن صِفّينَ بَينَهُ وَ بَينَ عَمرِو بنِ العَاصِ قَالَ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرٍو يَا أَبَتِ أَ مَا سَمِعتَ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ لِعَمّارٍ وَيحَكَ يَا ابنَ سُمَيّةَ تَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ قَالَ فَقَالَ عَمرٌو لِمُعَاوِيَةَ أَ لَا تَسمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَا يَزَالُ يَأتِينَا بِهَنَةٍ أَ نَحنُ قَتَلنَاهُ إِنّمَا قَتَلَهُ الّذِينَ جَاءُوا بِهِ
وَ مِن مُسنَدِ أَحمَدَ أَيضاً عَن مُحَمّدِ بنِ عُمَارَةَ بنِ خُزَيمَةَ بنِ ثَابِتٍ قَالَ مَا زَالَ جدَيّ كَافَأَ سِلَاحَهُ يَومَ الجَمَلِ حَتّي قُتِلَ عَمّارٌ بِصِفّينَ فَسَلّ سَيفَهُ فَقَاتَلَ حَتّي قُتِلَ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ يَقتُلُ عَمّاراً الفِئَةُ البَاغِيَةُ
وَ مِنَ المُسنَدِ عَن عَلِيّ ع أَنّ عَمّاراً استَأذَنَ عَلَي النّبِيّص فَقَالَ الطّيّبُ المُطَيّبُ ائذَن لَهُ
وَ مِنَ المَنَاقِبِ عَن عَلقَمَةَ وَ الأَسوَدِ قَالَاأَتَينَا أَبَا أَيّوبَ الأنَصاَريِّ فَقُلنَا
صفحه : 17
يَا أَبَا أَيّوبَ إِنّ اللّهَ أَكرَمَكَ بِنَبِيّهِص إِذ أَوحَي إِلَي رَاحِلَتِهِ فَبَرَكَت عَلَي بَابِكَ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص ضَيفاً لَكَ فَضِيلَةٌ فَضّلَكَ اللّهُ بِهَا أَخبِرنَا عَن مَخرَجِكَ مَعَ عَلِيّ قَالَ فإَنِيّ أُقسِمُ لَكُمَا أَنّهُ كَانَ رَسُولُ اللّهِ فِي هَذَا البَيتِ ألّذِي أَنتُمَا فِيهِ وَ لَيسَ فِي البَيتِ غَيرُ رَسُولِ اللّهِ وَ عَلِيّ جَالِسٌ عَن يَمِينِهِ وَ أَنَا عَن يَسَارِهِ وَ أَنَسٌ قَائِمٌ بَينَ يَدَيهِ إِذ تَحَرّكَ البَابُ فَقَالَ ع انظُر مَن بِالبَابِ فَخَرَجَ أَنَسٌ وَ قَالَ هَذَا عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ فَقَالَ افتَح لِعَمّارٍ الطّيّبِ المُطَيّبِ فَفَتَحَ أَنَسٌ وَ دَخَلَ عَمّارٌ فَسَلّمَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَرَحّبَ بِهِ وَ قَالَ إِنّهُ سَتَكُونُ بعَديِ فِي أمُتّيِ هَنَاتٌ حَتّي يَختَلِفَ السّيفُ فِيمَا بَينَهُم وَ حَتّي يَقتُلَ بَعضُهُم بَعضاً وَ حَتّي يَبرَأَ بَعضُهُم مِن بَعضٍ فَإِذَا رَأَيتَ ذَلِكَ فَعَلَيكَ بِهَذَا الأَصلَعِ عَن يمَيِنيِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ إِن سَلَكَ النّاسُ كُلّهُم وَادِياً وَ سَلَكَ عَلِيّ وَادِياً فَاسلُك واَديَِ عَلِيّ وَ خَلّ عَنِ النّاسِ إِنّ عَلِيّاً لَا يَرُدّكَ عَن هُدًي وَ لَا يَدُلّكَ عَلَي رَدًي يَا عَمّارُ طَاعَةُ عَلِيّ طاَعتَيِ وَ طاَعتَيِ طَاعَةُ اللّهِ
توضيح قوله ع جلدة بين عيني و في بعض الروايات جلدة ما بين عيني وأنفي و علي التقديرين كناية عن غاية الاختصاص وشدة الاتصال . و قال في النهاية في حديث عمار لوضربونا حتي يبلغوا بنا سعفات هجر السعفات جمع سعفة بالتحريك وهي أغصان النخيل وقيل إذايبست سميت سعفة فإذاكانت رطبة فهي شطبة وإنما خص هجر للمباعدة في المسافة ولأنها موصوفة بكثرة النخل وهجر اسم بلد معروف بالبحرين . و في القاموس احتقبه واستحقبه ادخره و في الصحاح احتقبه واستحقبه بمعني أي احتمله و منه قيل احتقب فلان الإثم كأنه جمعه واحتقبه من خلفه . و في النهاية العوار بالفتح و قديضم العيب وقيل إنهم يقولون للرديء من كل شيء من الأمور والأخلاق أعور و كل عيب وخلل في شيءفهو عورة والأسل محركة الرماح قوله أظنه أي قال الخدري أظن أن عمارا قال
صفحه : 18
أعوذ بالرحمن من الفتن . و في النهاية فيه ستكون هنات وهنات أي شرور وفساد يقال في فلان هنات أي خصال شر و لايقال في الخير وواحدها هنت و قديجمع علي هنوات وقيل واحدها هنة تأنيث هن و هوكناية عن كل اسم جنس
376-نص ،[كفاية الأثر] أَبُو المُفَضّلِ الشيّباَنيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ حَفصٍ عَن عَبّادِ بنِ يَعقُوبَ عَن عَلِيّ بنِ هَاشِمٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن أَبِي عُبَيدَةَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَمّارٍ قَالَكُنتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِص فِي بَعضِ غَزَوَاتِهِ وَ قَتَلَ عَلِيّ ع أَصحَابَ الأَلوِيَةِ وَ فَرّقَ جَمعَهُم وَ قَتَلَ عَمرَو بنَ عَبدِ اللّهِ الجمُحَيِّ وَ قَتَلَ شَيبَةَ بنَ نَافِعٍ أَتَيتُ رَسُولَ اللّهِص فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ عَلِيّاً قَد جَاهَدَ فِي اللّهِ حَقّ جِهَادِهِ فَقَالَ لِأَنّهُ منِيّ وَ أَنَا مِنهُ وَارِثُ علِميِ وَ قاَضيِ ديَنيِ وَ مُنجِزُ وعَديِ وَ الخَلِيفَةُ بعَديِ وَ لَولَاهُ لَم يُعرَفِ المُؤمِنُ المَحضُ بعَديِ حَربُهُ حرَبيِ وَ حرَبيِ حَربُ اللّهِ وَ سِلمُهُ سلِميِ وَ سلِميِ سِلمُ اللّهِ أَلَا إِنّهُ أَبُو سبِطيَّ وَ الأَئِمّةِ بعَديِ مِن صُلبِهِ يُخرِجُ اللّهُ تَعَالَي الأَئِمّةَ الرّاشِدِينَ وَ مِنهُم مهَديِّ هَذِهِ الأُمّةِ فَقُلتُ بأِبَيِ أَنتَ وَ أمُيّ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا هَذَا المهَديِّ قَالَ يَا عَمّارُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي عَهِدَ إلِيَّ أَنّهُ يُخرِجُ مِن صُلبِ الحُسَينِ أَئِمّةً تِسعَةً وَ التّاسِعُ مِن وُلدِهِ يَغِيبُ عَنهُم وَ ذَلِكَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّقُل أَ رَأَيتُم إِن أَصبَحَ ماؤُكُم غَوراً فَمَن يَأتِيكُم بِماءٍ مَعِينٍ يَكُونُ لَهُ غَيبَةٌ طَوِيلَةٌ يَرجِعُ عَنهَا قَومٌ وَ يُثبِتُ عَلَيهَا آخَرُونَ فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الزّمَانِ يَخرُجُ فَيَملَأُ الدّنيَا قِسطاً وَ عَدلًا وَ يُقَاتِلُ عَلَي التّأوِيلِ كَمَا قَاتَلتُ عَلَي التّنزِيلِ وَ هُوَ سمَيِيّ وَ أَشبَهُ النّاسِ بيِ يَا عَمّارُ سَيَكُونُ بعَديِ فِتنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتّبِع عَلِيّاً وَ حِزبَهُ فَإِنّهُ مَعَ الحَقّ وَ الحَقّ مَعَهُ
صفحه : 19
يَا عَمّارُ إِنّكَ سَتُقَاتِلُ بعَديِ مَعَ عَلِيّ صِنفَينِ النّاكِثِينَ وَ القَاسِطِينَ ثُمّ يَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ لَيسَ ذَلِكَ عَلَي رِضَا اللّهِ وَ رِضَاكَ قَالَ نَعَم عَلَي رِضَا اللّهِ وَ رضِاَيَ وَ يَكُونُ آخِرُ زَادِكَ شَربَةً مِن لَبَنٍ تَشرَبُهُ فَلَمّا كَانَ يَومُ صِفّينَ خَرَجَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ يَا أَخَا رَسُولِ اللّهِ أَ تَأذَنُ لِي فِي القِتَالِ قَالَ مَهلًا رَحِمَكَ اللّهُ فَلَمّا كَانَ بَعدَ سَاعَةٍ أَعَادَ عَلَيهِ الكَلَامَ فَأَجَابَهُ بِمِثلِهِ فَأَعَادَهُ ثَالِثاً فَبَكَي أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَنَظَرَ إِلَيهِ عَمّارٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِنّهُ اليَومُ ألّذِي وَصَفَ لِي رَسُولُ اللّهِص فَنَزَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ عَن بَغلَتِهِ وَ عَانَقَ عَمّاراً وَ وَدّعَهُ ثُمّ قَالَ يَا أَبَا اليَقظَانِ جَزَاكَ اللّهُ عَنِ اللّهِ وَ عَن نَبِيّكَ خَيراً فَنِعمَ الأَخُ كُنتَ وَ نِعمَ الصّاحِبُ كُنتَ ثُمّ بَكَي ع وَ بَكَي عَمّارٌ ثُمّ قَالَ وَ اللّهِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا تَبِعتُكَ إِلّا بِبَصِيرَةٍ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ يَومَ حُنَينٍ يَا عَمّارُ سَتَكُونُ بعَديِ فِتنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتّبِع عَلِيّاً وَ حِزبَهُ فَإِنّهُ مَعَ الحَقّ وَ الحَقّ مَعَهُ وَ سَتُقَاتِلُ بعَديَِ النّاكِثِينَ وَ القَاسِطِينَ فَجَزَاكَ اللّهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَنِ الإِسلَامِ أَفضَلَ الجَزَاءِ فَلَقَد أَدّيتَ وَ بَلّغتَ وَ نَصَحتَ ثُمّ رَكِبَ وَ رَكِبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع ثُمّ بَرَزَ إِلَي القِتَالِ ثُمّ دَعَا بِشَربَةٍ مِن مَاءٍ فَقِيلَ مَا مَعَنَا مَاءٌ فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ فَأَسقَاهُ شَربَةً مِن لَبَنٍ فَشَرِبَهُ ثُمّ قَالَ هَكَذَا عَهِدَ إلِيَّ رَسُولُ اللّهِص أَن يَكُونَ آخِرُ زاَديِ مِنَ الدّنيَا شَربَةً مِنَ اللّبَنِ ثُمّ حَمَلَ عَلَي القَومِ فَقَتَلَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نَفساً فَخَرَجَ إِلَيهِ رَجُلَانِ مِن أَهلِ الشّامِ فَطَعَنَاهُ فَقُتِلَ رَحِمَهُ اللّهُ فَلَمّا كَانَ اللّيلُ طَافَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ فِي القَتلَي فَوَجَدَ عَمّاراً مُلقًي فَجَعَلَ رَأسَهُ عَلَي فَخِذِهِ ثُمّ بَكَي ع وَ أَنشَأَ يَقُولُ
أَيَا مَوتُ كَم هَذَا التّفَرّقُ عَنوَةً | فَلَستَ تبُقَيّ لِي خَلِيلَ خَلِيلٍ |
أَرَاكَ بَصِيراً بِالّذِينَ أُحِبّهُم | كَأَنّكَ تمَضيِ نَحوَهُم بِدَلِيلٍ |
صفحه : 20
بيان الشعر في الديوان هكذا.
أَلَا أَيّهَا المَوتُ ألّذِي لَيسَ تاَركِيِ. | أرَحِنيِ فَقَد أَفنَيتَ كُلّ خَلِيلٍ. |
أَرَاكَ مُضِرّاً بِالّذِينَ أُحِبّهُم | كَأَنّكَ تَنحُو نَحوَهُم بِدَلِيلٍ. |
وَ رَوَي الشّارِحُ عَنِ ابنِ أَعثَمَ أَنّ عَمّاراً رضَيَِ اللّهُ عَنهُ لَمّا بَرَزَ يَومَ صِفّينَ قَالَ أَيّهَا النّاسُ هَل مِن رَائِحٍ إِلَي اللّهِ تَطلُبُ الجَنّةَ تَحتَ ظِلَالِ الأَسِنّةِ
اليَومَ أَلقَي الأَحِبّةَ | مُحَمّداً وَ حِزبَهُ |
فَطَعَنَهُ ابنُ جَونٍ فِي صَدرِهِ فَرَجَعَ وَ قَالَ اسقوُنيِ شَربَةً مِن مَاءٍ فَأَتَاهُ رَاشِدٌ مَولَاهُ بِلَبَنٍ فَلَمّا رَآهُ كَبّرَ وَ قَالَ هَذَا مَا أخَبرَنَيِ بِهِ حبَيِبيِ رَسُولُ اللّهِص بِأَنّ آخِرَ زاَديِ مِنَ الدّنيَا ضَيَاحٌ مِن لَبَنٍ فَلَمّا شَرِبَ خَرَجَ مِن مَكَانِ الجَرحِ وَ سَقَطَ وَ توُفُيَّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فَأَتَاهُ عَلِيّ ع وَ قَالَإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ إِنّ امرَأً لَم يَدخُل عَلَيهِ مُصِيبَةٌ مِن قَتلِ عَمّارٍ فَمَا هُوَ فِي الإِسلَامِ مِن شَيءٍ ثُمّ صَلّي عَلَيهِ وَ قَرَأَ هَاتَينِ البَيتَينِ
377-ختص ،[الإختصاص ] عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي القَاسِمِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن نَصرِ بنِ أَحمَدَ عَن أَبِي مِخنَفٍ لُوطِ بنِ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ عَن صَالِحِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ قَالَحدَثّنَيِ شَيخٌ مِن أَسلَمَ شَهِدَ صِفّينَ مَعَ القَومِ قَالَ وَ اللّهِ إِنّ النّاسَ عَلَي سَكَنَاتِهِم فَمَا رَاعَنَا إِلّا صَوتُ عَمّارِ بنِ يَاسِرٍ حِينَ اعتَدَلَتِ الشّمسُ أَو كَادَت تَعتَدِلُ وَ هُوَ يَقُولُ أَيّهَا النّاسُ مَن رَائِحٌ إِلَي الجَنّةِ كَالظّمآنِ يَرَي المَاءَ مَا الجَنّةُ إِلّا تَحتَ أَطرَافِ العوَاَليِ اليَومَ أَلقَي الأَحِبّةَ مُحَمّداً وَ حِزبَهُ يَا مَعشَرَ المُسلِمِينَ اصدُقُوا اللّهَ فِيهِم فَإِنّهُم وَ اللّهِ أَبنَاءُ الأَحزَابِ دَخَلُوا فِي هَذَا الدّينِ كَارِهِينَ حِينَ أَذَلّتهُم حَدّ السّيُوفِ وَ خَرَجُوا مِنهُ طَائِعِينَ حَتّي أَمكَنَتهُمُ الفُرصَةُ
صفحه : 21
وَ كَانَ يَومَئِذٍ ابنَ تِسعِينَ سَنَةً قَالَ فَوَ اللّهِ مَا كَانَ إِلّا الإِلجَامُ وَ الإِسرَاجُ وَ قَالَ عَمّارٌ حِينَ نَظَرَ إِلَي رَايَةِ عَمرِو بنِ العَاصِ إِنّ هَذِهِ الرّايَةَ قَد قَاتَلَتنَا ثَلَاثَ عَرَكَاتٍ وَ مَا هيَِ بِأَرشَدِهِنّ ثُمّ حَمَلَ وَ هُوَ يَقُولُ
نَحنُ ضَرَبنَاكُم عَلَي تَنزِيلِهِ | فَاليَومَ نَضرِبُكُم عَلَي تَأوِيلِهِ |
ضَرباً يُزِيلُ الهَامَ عَن مَقِيلِهِ | وَ يُذهِلُ الخَلِيلَ عَن خَلِيلِهِ |
أَو يَرجِعَ الحَقّ إِلَي سَبِيلِهِ | يَا رَبّ إنِيّ مُؤمِنٌ بِقِيلِهِ |
ثُمّ استَسقَي عَمّارٌ وَ اشتَدّ ظَمَاؤُهُ فَأَتَتهُ امرَأَةٌ طَوِيلَةُ اليَدَينِ مَا أدَريِ أَ عُسّ مَعَهَا أَم إِدَاوَةٌ فِيهَا ضَيَاحٌ مِن لَبَنٍ فَشَرِبَهُ وَ قَالَ الجَنّةُ تَحتَ الأَسِنّةِ اليَومَ أَلقَي الأَحِبّةَ مُحَمّداً وَ حِزبَهُ وَ اللّهِ لَو هَزَمُونَا حَتّي يَبلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمنَا أَنّا عَلَي الحَقّ وَ أَنّهُم عَلَي البَاطِلِ ثُمّ حَمَلَ وَ حَمَلَ عَلَيهِ ابنُ جُوَينٍ السكّسكَيِّ وَ أَبُو العَادِيَةِ الفزَاَريِّ فَأَمّا أَبُو العَادِيَةِ فَطَعَنَهُ وَ أَمّا ابنُ جُوَينٍ اجتَزّ رَأسَهُ لَعَنَهُمَا اللّهُ
إيضاح العالية أعلي الرمح والجمع العوالي و في الصحاح لقيته عركة بالتسكين أي مرة ولقيته عركات أي مرات
378-مد،[العمدة] مِن صَحِيحِ مُسلِمٍ بِأَسَانِيدَ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِّ قَالَ B
صفحه : 22
أخَبرَنَيِ مَن هُوَ خَيرٌ منِيّ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ لِعَمّارٍ حِينَ جَعَلَ يَحفِرُ الخَندَقَ وَ جَعَلَ يَمسَحُ رَأسَهُ وَ يَقُولُ أَبشِر ابنَ سُمَيّةَ يَقتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيَةٌ
وَ بِأَسَانِيدَ أَيضاً عَن أُمّ سَلَمَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ لِعَمّارٍ تَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ
وَ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنهَا قَالَت قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَقتُلُ عَمّاراً الفِئَةُ البَاغِيَةُ
وَ مِنَ الجَمعِ بَينَ الصّحِيحَينِ للِحمُيَديِّ الحَدِيثُ السّادِسَ عَشَرَ مِن إِفرَادِ البخُاَريِّ مِنَ الصّحِيحِ عَن عِكرِمَةَ قَالَ قَالَ لِيَ ابنُ عَبّاسٍ وَ لِابنِهِ عَلِيّ انطَلِقَا إِلَي أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِّ وَ اسمَعَا مِن حَدِيثِهِ فَانطَلَقنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ لَهُ يُصلِحُهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَ احتَبَي ثُمّ أَنشَأَ يُحَدّثُنَا حَتّي أَتَي عَلَي ذِكرِ بِنَاءِ المَسجِدِ فَقَالَ كُنّا نَحمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَ عَمّارٌ اثنَتَينِ اثنَتَينِ فَرَآهُ النّبِيّص فَجَعَلَ يَنفُضُ التّرَابَ عَنهُ وَ يَقُولُ وَيحَ عَمّارٍ يَدعُوهُم إِلَي الجَنّةِ وَ يَدعُونَهُ إِلَي النّارِ وَ كَانَ يَقُولُ عَمّارٌ أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الفِتَنِ
ثُمّ ذَكَرَ الخَبَرَ بِسَنَدٍ آخَرَ عَن عِكرِمَةَ مِثلَهُ
ثم قال قال الحميدي و في هذاالحديث زيادة مشهورة لم يذكرها البخاري أصلا في طريق هذاالحديث ولعلها لم تقع إليه أووقعت فحذفها لغرض قصده
وَ أَخرَجَهُ أَبُو بَكرٍ البرَقاَنيِّ وَ أَبُو بَكرٍ الإسِماَعيِليِّ قَبلَهُ وَ فِي هَذَا الحَدِيثِ عِندَهُمَا أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَوَيحَ عَمّارٍ تَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ
صفحه : 23
وَ يَدعُوهُم إِلَي الجَنّةِ وَ يَدعُونَهُ إِلَي النّارِ
قال أبومسعود الدمشقي في كتابه لم يذكر البخاري هذه الزيادة وهي في حديث عبد الله بن المختار وخالد بن عبد الله الواسطي ويزيد بن زريع ومحبوب بن الحسن وشعبة كلهم عن خالد الحذاء وروي إسحاق عن عبدالوهاب هكذا قال و أماحديث عبدالوهاب ألذي أخرجه البخاري من دون تلك الزيادة فلم يقع إلينا من غيرحديث البخاري هذاآخر معني ماقاله أبومسعود أقول قال ابن الأثير في مادة ويح ويس من كتاب النهاية فيه قَالَ لِعَمّارٍ وَيحَ ابنِ سُمَيّةَ تَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ
ويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لايستحقها و قديقال بمعني المدح والتعجب وهي منصوبة علي المصدر و قدترفع وتضاف و لاتضاف يقال ويح زيد وويحا له وويح له . ثم قال و فيه قال لعمار ويس ابن سمية و في رواية ياويس ابن سمية ويس كلمة تقال لمن يرحم ويرفق به مثل ويح وحكمها حكمها
379- كش ،[رجال الكشي] جَعفَرُ بنُ مَعرُوفٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن جَعفَرِ بنِ بَشِيرٍ عَن حُسَينِ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ أَقوَاماً يَزعُمُونَ أَنّ عَلِيّاً صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ لَم يَكُن إِمَاماً حَتّي أَشهَرَ سَيفَهُ قَالَ خَابَ إِذَن عَمّارٌ وَ خُزَيمَةُ بنُ ثَابِتٍ وَ صَاحِبُكَ أَبُو عَمرَةَ وَ قَد خَرَجَ يَومَئِذٍ صَائِماً بَينَ الفِئَتَينِ بِأَسهُمٍ فَرَمَي بِهَا قُربَي يَتَقَرّبُ بِهَا إِلَي اللّهِ حَتّي قُتِلَ يعَنيِ عَمّاراً
بيان لعل المعني أنهم ماكانوا يعتقدون إمامته ع قبل أن
صفحه : 24
يشهر سيفه فيكونوا من الخائبين بتلك العقيدة ولعل التخصيص لأنهم كانوا أعرف بهذا الوصف عندالسائل من غيرهم والظاهر أن الزاعمين هم الزيدية المشترطون في الإمامة الخروج بالسيف . قوله ع صائما يمكن أن يكون صائما ابتداء ثم اضطر إلي شرب اللبن أوشربه تصديقا لقول النبي ص . و قال السيد الداماد قدس سره صائما أي قائما واقفا ثابتا للقتال من الصوم بمعني القيام والوقوف يقال صام الفرس صوما أي قام علي غيراعتلاف وصام النهار صوما إذاقام قائم الظهيرة واعتدل والصوم ركود الريح ومصام الفرس ومصامته موقفه والصوم أيضا الثبات والدوام والسكون و ماصائم ودائم وقائم وساكن بمعني . والباء في بأسهم للملابسة والمصاحبة أوخرج بين الفئتين و كان صائما بالصيام الشرعي والباء أيضا للملابسة أو من الصوم بمعني البيعة أي خرج مبايعا علي بذل المهجة في سبيل الله أوخرج بين صفي الفئتين داميا بأسهم من قولهم صام النعام أي رمي بذرقه و هوصومه فالباء للصلة أوالدعامة فقد جاء الصوم بهذه المعاني كلها في الصحاح وأساس البلاغة والمعرب والمغرب والقاموس والنهاية انتهي .أقول قدمضي كثير من أخبار هذاالباب في باب فضائل عمار و في باب مطاعن عثمان
380- كِتَابُ صِفّينَ،لِنَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ عَن سُفيَانَ الثوّريِّ وَ قَيسِ بنِ
صفحه : 25
الرّبِيعِ عَن أَبِي إِسحَاقَ عَن هَانِئِ بنِ هَانِئٍ عَن عَلِيّ ع قَالَ جَاءَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ يَستَأذِنُ عَلَي النّبِيّص فَقَالَ ائذَنُوا لَهُ مَرحَباً بِالطّيّبِ المُطَيّبِ
وَ عَن سُفيَانَ بنِ سَعِيدٍ عَن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ عَن مُجَاهِدٍ عَنِ النّبِيّص حِينَ رَآهُم يَحمِلُونَ الحِجَارَةَ حِجَارَةَ المَسجِدِ فَقَالَ مَا لَهُم وَ لِعَمّارٍ يَدعُوهُم إِلَي الجَنّةِ وَ يَدعُونَهُ إِلَي النّارِ وَ ذَاكَ دَأبُ الأَشقِيَاءِ الفُجّارِ
وَ عَن سُفيَانَ عَنِ الأَعمَشِ عَن أَبِي عَمّارٍ عَن عَمرِو بنِ شُرَحبِيلَ عَن رَجُلٍ مِن أَصحَابِ النّبِيّص قَالَ لَقَد مُلِئَ عَمّارٌ إِيمَاناً إِلَي مُشَاشِهِ
وَ عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ عَن أَبِي رَبِيعَةَ الإيِاَديِّ عَنِ الحَسَنِ عَن أَنَسٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ إِنّ الجَنّةَ لَتَشتَاقُ إِلَي ثَلَاثَةٍ عَلِيّ وَ عَمّارٍ وَ سَلمَانَ
وَ عَن عَبدِ العَزِيزِ بنِ سِيَاهٍ عَن حَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ لَمّا بنُيَِ المَسجِدُ جَعَلَ عَمّارٌ يَحمِلُ حَجَرَينِ حَجَرَينِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص يَا أَبَا اليَقظَانِ لَا تَشُقّ عَلَي نَفسِكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنِيّ أُحِبّ أَن أَعمَلَ فِي هَذَا المَسجِدِ قَالَ ثُمّ مَسَحَ ظَهرَهُ ثُمّ قَالَ إِنّكَ مِن أَهلِ الجَنّةِ تَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ
وَ عَن حَفصِ بنِ عِمرَانَ الأَزرَقِ البرُجمُيِّ عَن نَافِعِ بنِ عُمَرَ الجمُحَيِّ عَنِ ابنِ أَبِي مَلِيكَةَ قَالَ قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ العَاصِ لِأَبِيهِ لَو لَا أَنّ رَسُولَ اللّهِص أَمَرَ بِطَوَاعِيَتِكَ مَا سِرتُ هَذَا المَسِيرَ أَ مَا سَمِعتَ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ لِعَمّارٍ تَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ
وَ عَن حَفصِ بنِ عِمرَانَ البرُجمُيِّ عَن عَطَاءِ بنِ السّائِبِ عَن أَبِي البخَترَيِّ قَالَ أُصِيبَ أُوَيسٌ القرَنَيِّ مَعَ عَلِيّ بِصِفّينَ
صفحه : 26
وَ عَن عُمَرَ بنِ سَعدٍ عَن مَالِكِ بنِ أَعيَنَ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ الجهُنَيِّ أَنّ عَمّارَ بنَ يَاسِرٍ نَادَي يَومَئِذٍ أَينَ مَن يبَغيِ رِضوَانَ رَبّهِ وَ لَا يَئُوبُ إِلَي مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ قَالَ فَأَتَتهُ عِصَابَةٌ مِنَ النّاسِ فَقَالَ يَا أَيّهَا النّاسُ اقصِدُوا بِنَا نَحوَ هَؤُلَاءِ القَومِ الّذِينَ يَبغُونَ دَمَ عُثمَانَ وَ يَزعُمُونَ أَنّهُ قُتِلَ مَظلُوماً وَ اللّهِ إِن كَانَ إِلّا ظَالِماً لِنَفسِهِ الحَاكِمَ بِغَيرِ مَا أَنزَلَ اللّهُ وَ دَفَعَ عَلِيّ الرّايَةَ إِلَي هَاشِمِ بنِ عُتبَةَ وَ كَانَ عَلَيهِ دِرعَانِ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع كَهَيئَةِ المَازِحِ أَيَا هَاشِمُ أَ مَا تَخشَي عَلَي نَفسِكَ أَن تَكُونَ أَعوَرَ جَبَاناً قَالَ سَتَعلَمُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ اللّهِ لَأُلَفّنّ بَينَ جَمَاجِمِ القَومِ لَفّ رَجُلٍ ينَويِ الآخِرَةَ فَأَخَذَ رُمحاً فَهَزّهُ فَانكَسَرَ ثُمّ أَخَذَ آخَرَ فَوَجَدَهُ جَاسِياً فَأَلقَاهُ ثُمّ دَعَا بِرُمحٍ لَيّنٍ فَشَدّ بِهِ لِوَاءَهُ وَ لَمّا دَفَعَ عَلِيّ ع الرّايَةَ إِلَي هَاشِمٍ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِن بَكرِ بنِ وَائِلٍ مِن أَصحَابِ هَاشِمٍ اقدَم مَا لَكَ يَا هَاشِمُ قَدِ انتَفَخَ سَحرُكَ عَوراً وَ جُبناً قَالَ مَن هَذَا قَالُوا فُلَانٌ قَالَ أَهلُهَا وَ خَيرٌ مِنهَا إِذَا رأَيَتنَيِ صُرِعتُ فَخُذهَا ثُمّ قَالَ لِأَصحَابِهِ شُدّوا شُسُوعَ نِعَالِكُم وَ شُدّوا أُزُرَكُم فَإِذَا رأَيَتمُوُنيِ قَد هَزَزتُ الرّايَةَ ثَلَاثاً فَاعلَمُوا أَنّ أَحَداً مِنكُم لَا يسَبقِنُيِ إِلَيهَا ثُمّ نَظَرَ هَاشِمٌ إِلَي عَسكَرِ مُعَاوِيَةَ فَرَأَي جَمعاً عَظِيماً فَقَالَ مَن أُولَئِكَ قَالُوا أَصحَابُ ذيِ الكَلَاعِ ثُمّ نَظَرَ فَرَأَي جُنداً آخَرَ فَقَالَ مَن أُولَئِكَ قَالُوا جُندُ أَهلِ المَدِينَةِ قُرَيشٍ قَالَ قوَميِ لَا حَاجَةَ لِي فِي قِتَالِهِم قَالَ مَن عِندَ هَذِهِ القُبّةِ البَيضَاءِ قِيلَ مُعَاوِيَةُ وَ جُندُهُ فَحَمَلَ حِينَئِذٍ يُرقِلُ إِرقَالًا
وَ عَن عَبدِ العَزِيزِ بنِ سِيَاهٍ عَن حَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ لَمّا كَانَ قِتَالُ صِفّينَ وَ الرّايَةُ مَعَ هَاشِمٍ بنِ عُتبَةَ جَعَلَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ يَتَنَاوَلُهُ بِالرّمحِ وَ يَقُولُ اقدَم يَا أَعوَرُ لَا خَيرَ فِي أَعوَرَ لَا يأَتيِ الفَزَعَ قَالَ فَجَعَلَ يسَتحَييِ مِن عَمّارٍ وَ كَانَ عَالِماً بِالحَربِ فَيَتَقَدّمُ فَيَركُزُ الرّايَةَ إِذَا
صفحه : 27
سَامَت إِلَيهِ الصّفُوفُ قَالَ عَمّارٌ اقدَم يَا أَعوَرُ لَا خَيرَ فِي أَعوَرَ لَا يأَتيِ الفَزَعَ فَجَعَلَ عَمرُو بنُ العَاصِ يَقُولُ إنِيّ لَأَرَي لِصَاحِبِ الرّايَةِ السّودَاءِ عَمَلًا لَئِن دَامَ عَلَي هَذَا لَتَفنَيَنّ العَرَبُ اليَومَ فَاقتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيداً وَ جَعَلَ عَمّارٌ يَقُولُ صَبراً عِبَادَ اللّهِ الجَنّةُ فِي ظِلَالِ البِيضِ قَالَ وَ كَانَت عَلَامَةُ أَهلِ العِرَاقِ بِصِفّينَ الصّوفَ الأَبيَضَ قَد جَعَلُوهُ فِي رُءُوسِهِم وَ عَلَي أَكتَافِهِم وَ شِعَارُهُم يَا اللّهُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا رَحِيمُ وَ كَانَت عَلَامَةُ أَهلِ الشّامِ خِرَقاً بِيضاً قَد جَعَلُوهَا عَلَي رُءُوسِهِم وَ أَكتَافِهِم وَ كَانَ شِعَارُهُم نَحنُ عِبَادُ اللّهِ حَقّاً يَا لَثَارَاتِ عُثمَانَ قَالَ فَاجتَلَدُوا بِالسّيُوفِ وَ عُمُدِ الحَدِيدِ فَمَا تَحَاجَزنَا حَتّي حَجَزَ بينا[بَينَنَا]سَوَادُ اللّيلِ وَ مَا يري [نَرَي]رَجُلًا مِنّا وَ لَا مِنهُم مُوَلّياً فَلَمّا أَصبَحُوا وَ ذَلِكَ اليَومُ الثّلَاثَاءُ خَرَجَ النّاسُ إِلَي مَصَافّهِم فَقَالَ أَبُو نُوحٍ فَكُنتُ فِي خَيلِ عَلِيّ ع فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مِن أَهلِ الشّامِ يَقُولُ مَن يدَلُنّيِ عَلَي الحمِيرَيِّ أَبِي نُوحٍ قَالَ قُلتُ فَقَد وَجَدتَهُ فَمَن أَنتَ قَالَ أَنَا ذُو الكَلَاعِ سِر إلِيَّ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ مُعَاذَ اللّهِ أَن أَسِيرَ إِلَيكَ إِلّا فِي كَتِيبَةٍ قَالَ ذُو الكَلَاعِ سِر فَلَكَ ذِمّةُ اللّهِ وَ ذِمّةُ رَسُولِهِ وَ ذِمّةُ ذيِ الكَلَاعِ حَتّي تَرجِعَ إِلَي خَيلِكَ فَإِنّمَا أُرِيدُ بِذَلِكَ أَن أَسأَلَكَ عَن أَمرٍ فِيكُم تَمَارَينَا فِيهِ فَسَارَا حَتّي التَقَيَا فَقَالَ ذُو الكَلَاعِ إِنّمَا دَعَوتُكَ أُحَدّثُكَ حَدِيثاً حَدّثَنَا عَمرُو بنُ العَاصِ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ قَالَ أَبُو نُوحٍ وَ مَا هُوَ قَالَ حَدّثَنَا عَمرُو بنُ العَاصِ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ يلَتقَيِ أَهلُ الشّامِ وَ أَهلُ العِرَاقِ وَ فِي إِحدَي الكَتِيبَتَينِ الحَقّ وَ إِمَامُ الهُدَي وَ مَعَهُ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ قَالَ أَبُو نُوحٍ لِعَمرٍو[ وَ] اللّهِ إِنّهُ لَفِينَا قَالَ أَ جَادّ هُوَ عَلَي قِتَالِنَا قَالَ أَبُو نُوحٍ نَعَم وَ رَبّ الكَعبَةِ لَهُوَ أَشَدّ عَلَي قِتَالِكُم منِيّ فَقَالَ ذُو الكَلَاعِ هَل تَستَطِيعُ أَن تأَتيَِ معَيِ صَفّ أَهلِ الشّامِ فَأَنَا لَكَ جَارٍ مِنهُم حَتّي تَلقَي عَمرَو بنَ العَاصِ فَتُخبِرَهُ عَن عَمّارٍ وَ جِدّهِ فِي قِتَالِنَا لَعَلّهُ
صفحه : 28
يَكُونُ صُلحاً بَينَ هَذَينِ الجُندَينِ فَقَالَ لَهُ أَبُو نُوحٍ إِنّكَ رَجُلٌ غَادِرٌ وَ أَنتَ فِي قَومٍ غَدُورٍ وَ إِن لَم تَكُن تُرِيدُ الغَدرَ أَغدَرُوكَ وَ إنِيّ أَن أَمُوتَ أَحَبّ إلِيَّ مِن أَن أَدخُلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَ أَدخُلَ فِي دِينِهِ وَ أَمرِهِ فَقَالَ ذُو الكَلَاعِ أَنَا جَارٍ لَكَ مِن ذَلِكَ أَن لَا تُقتَلَ وَ لَا تُسلَبَ وَ لَا تُكرَهَ عَلَي بَيعَةٍ وَ لَا تُحبَسَ عَن جُندِكَ وَ إِنّمَا هيَِ كَلِمَةٌ تُبلِغُهَا عَمراً لَعَلّ اللّهَ أَن يُصلِحَ بَينَ هَذَينِ الجُندَينِ وَ يَضَعَ عَنهُمُ الحَربَ وَ السّلَاحَ فَسَارَ مَعَهُ حَتّي أَتَي عَمرَو بنَ العَاصِ وَ هُوَ عِندَ مُعَاوِيَةَ وَ حَولَهُ النّاسُ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو يُحَرّضُ النّاسَ فَلَمّا وَقَفَا عَلَي القَومِ قَالَ ذُو الكَلَاعِ لِعَمرٍو يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ هَل لَكَ فِي رَجُلٍ نَاصِحٍ لَبِيبٍ شَفِيقٍ يُخبِرُكَ عَن عَمّارِ بنِ يَاسِرٍ وَ لَا يَكذِبُكَ قَالَ عَمرٌو مَن هَذَا مَعَكَ قَالَ هَذَا ابنُ عمَيّ وَ هُوَ مِن أَهلِ الكُوفَةِ فَقَالَ لَهُ عَمرٌو إنِيّ لَأَرَي عَلَيكَ سِيمَاءَ أَبِي تُرَابٍ قَالَ أَبُو نُوحٍ عَلَيّ سِيمَاءُ مُحَمّدٍص وَ أَصحَابِهِ وَ عَلَيكَ سِيمَاءُ أَبِي جَهلٍ وَ سِيمَاءُ فِرعَونَ فَقَامَ أَبُو الأَعوَرِ فَسَلّ سَيفَهُ ثُمّ قَالَ لَا أَرَي هَذَا الكَذّابَ يُشَاتِمُنَا بَينَ أَظهُرِنَا وَ عَلَيهِ سِيمَاءُ أَبِي تُرَابٍ فَقَالَ ذُو الكَلَاعِ أُقسِمُ بِاللّهِ لَئِن بَسَطتَ يَدَكَ إِلَيهِ لَأَحطِمَنّ أَنفَكَ بِالسّيفِ ابنُ عمَيّ وَ جاَريِ عَقَدتُ لَهُ ذمِتّيِ وَ جِئتُ بِهِ إِلَيكُم لِيُخبِرَكُم عَمّا تَمَارَيتُم فِيهِ فَقَالَ لَهُ عَمرٌو أُذَكّرُكَ بِاللّهِ يَا أَبَا نُوحٍ إِلّا مَا صَدَقتَ أَ فِيكُم عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو نُوحٍ مَا أَنَا بِمُخبِرِكَ عَنهُ حَتّي تخُبرِنَيِ لِمَ تَسأَلُ عَنهُ فَإِنّ مَعَنَا مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص غَيرَهُ وَ كُلّهُم جَادّ عَلَي قِتَالِكُم قَالَ عَمرٌو سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ إِنّ عَمّاراً تَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ وَ إِنّهُ لَيسَ ينَبغَيِ لِعَمّارٍ أَن يُفَارِقَ الحَقّ وَ لَن تَأكُلَ النّارُ مِنهُ شَيئاً فَقَالَ أَبُو نُوحٍ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ اللّهُ أَكبَرُ وَ اللّهِ إِنّهُ لَفِينَا جَادّ عَلَي قِتَالِكُم فَقَالَ عَمرٌو وَ اللّهِ إِنّهُ لَجَادّ عَلَي قِتَالِنَا قَالَ نَعَم وَ اللّهِ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ لَقَد حدَثّنَيِ يَومَ الجَمَلِ أَنّا سَنَظهَرُ عَلَيهِم وَ لَقَد حدَثّنَيِ أَمسِ أَن لَو ضَرَبُونَا حَتّي
صفحه : 29
يَبلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمنَا أَنّا عَلَي الحَقّ وَ أَنّهُم عَلَي بَاطِلٍ وَ لَكَانَت قَتلَانَا فِي الجَنّةِ وَ قَتلَاهُم فِي النّارِ فَقَالَ لَهُ عَمرٌو هَل تَستَطِيعُ أَن تَجمَعَ بَينَهُ وَ بيَنيِ قَالَ نَعَم فَلَمّا أَرَادَ أَن يُبلِغَهُ أَصحَابَهُ رَكِبَ عَمرُو بنُ العَاصِ وَ ابنَاهُ وَ عُتبَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ وَ ذُو الكَلَاعِ وَ أَبُو الأَعوَرِ السلّمَيِّ وَ حَوشَبٌ وَ الوَلِيدُ بنُ أَبِي مُعَيطٍ فَانطَلَقُوا حَتّي أَتَوا خُيُولَهُم وَ سَارَ أَبُو نُوحٍ وَ مَعَهُ شُرَحبِيلُ بنُ ذيِ الكَلَاعِ حَتّي انتَهَي إِلَي أَصحَابِهِ فَذَهَبَ أَبُو نُوحٍ إِلَي عَمّارٍ فَوَجَدَهُ قَاعِداً مَعَ أَصحَابِهِ مَعَ ابنيَ بُدَيلٍ وَ هَاشِمٍ وَ الأَشتَرِ وَ جَارِيَةِ بنِ المُثَنّي وَ خَالِدِ بنِ المُعَمّرِ وَ عَبدِ اللّهِ بنِ حَجلٍ وَ عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ إِنّهُ دعَاَنيِ ذُو الكَلَاعِ وَ هُوَ ذُو رَحِمٍ فَذَكَرَ مَا جَرَي بَينَهُ وَ بَينَهُم وَ قَالَ أخَبرَنَيِ عَمرُو بنُ العَاصِ أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ عَمّارٌ تَقتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ فَقَالَ عَمّارٌ صَدَقَ وَ لَيَضُرّ بِهِ مَا سَمِعَ وَ لَا يَنفَعُهُ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ إِنّهُ يُرِيدُ أَن يَلقَاكَ فَقَالَ عَمّارٌ لِأَصحَابِهِ اركَبُوا قَالَ وَ نَحنُ اثنَا عَشَرَ رَجُلًا بِعَمّارٍ فَسِرنَا حَتّي لَقِينَاهُم ثُمّ بَعَثنَا إِلَيهِم فَارِساً مِن عَبدِ القَيسِ يُسَمّي عَوفَ بنَ بِشرٍ فَذَهَبَ حَتّي كَانَ قَرِيباً مِنَ القَومِ ثُمّ نَادَي أَينَ عَمرُو بنُ العَاصِ قَالُوا هَاهُنَا فَأَخبَرَهُ بِمَكَانِ عَمّارٍ وَ خَيلِهِ فَقَالَ عَمرٌو فَليَسِر إِلَينَا فَقَالَ عَوفٌ إنِيّ أَخَافُ غَدَرَاتِكَ ثُمّ جَرَي بَينَهُمَا كَلِمَاتٌ تَرَكتُهَا إِلَي أَن قَالَ أَقبَلَ عَمّارٌ مَعَ أَصحَابِهِ فَتَوَاقَفَا فَقَالَ عَمرٌو يَا أَبَا اليَقظَانِ أُذَكّرُكَ اللّهَ إِلّا كَفَفتَ سِلَاحَ أَهلِ هَذَا العَسكَرِ وَ حَقَنتَ دِمَاءَهُم فَعَلَامَ تُقَاتِلُنَا أَ وَ لَسنَا نَعبُدُ إِلَهاً وَاحِداً وَ نصُلَيّ[ إِلَي]قِبلَتِكُم وَ نَدعُو دَعَوتَكُم وَ نَقرَأُ كِتَابَكُم وَ نُؤمِنُ بِرَسُولِكُم قَالَ الحَمدُ
صفحه : 30
لِلّهِ ألّذِي أَخرَجَهَا مِن فِيكَ أَنّهَا لِي وَ لأِصَحاَبيِ القِبلَةُ وَ الدّينُ وَ عِبَادَةُ الرّحمَنِ وَ النّبِيّ وَ الكِتَابُ مِن دُونِكَ وَ دُونِ أَصحَابِكَ وَ جَعَلَكَ ضَالّا مُضِلّا لَا تَعلَمُ هَادٍ أَنتَ أَم ضَالّ وَ جَعَلَكَ أَعمَي وَ سَأُخبِرُكَ عَلَي مَا قَاتَلتُكَ عَلَيهِ أَنتَ وَ أَصحَابَكَ أمَرَنَيِ رَسُولُ اللّهِص أَن أُقَاتِلَ النّاكِثِينَ فَفَعَلتُ وَ أمَرَنَيِ أَن أُقَاتِلَ القَاسِطِينَ فَأَنتُم هُم وَ أَمّا المَارِقُونَ فَمَا أدَريِ أُدرِكُهُم أَم لَا أَيّهَا الأَبتَرُ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ لعِلَيِّ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ وَ أَنَا مَولَي اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ عَلِيّ بَعدَهُ وَ لَيسَ لَكَ مَولًي فَقَالَ لَهُ عَمرٌو فَمَا تَرَي فِي قَتلِ عُثمَانَ قَالَ فَتَحَ لَكُم بَابَ كُلّ سُوءٍ قَالَ عَمرٌو فعَلَيِّ قَتَلَهُ قَالَ عَمّارٌ بَلِ اللّهُ رَبّ عَلِيّ قَتَلَهُ وَ عَلِيّ مَعَهُ قَالَ عَمرٌو أَ كُنتَ فِيمَن قَتَلَهُ قَالَ أَنَا مَعَ مَن قَتَلَهُ وَ أَنَا اليَومَ أُقَاتِلُ مَعَهُ قَالَ فَلِمَ قَتَلتُمُوهُ قَالَ أَرَادَ أَن يُغَيّرَ دِينَنَا فَقَتَلنَاهُ قَالَ عَمرٌو أَ لَا تَستَمِعُونَ قَدِ اعتَرَفَ بِقَتلِ إِمَامِكُم قَالَ عَمّارٌ وَ قَد قَالَهَا فِرعَونُ قَبلَكَأَ لا تَستَمِعُونَفَقَامَ أَهلُ الشّامِ وَ لَهُم زَجَلٌ فَرَكِبُوا خُيُولَهُم وَ رَجَعُوا فَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ مَا كَانَ بَينَهُم فَقَالَ لَهُ هَلَكَتِ العَرَبُ إِن أَخَذَتهُم خِفّةُ العَبدِ الأَسوَدِ يعَنيِ عَمّاراً وَ خَرَجَ عَمّارٌ إِلَي القِتَالِ وَ صَفّتِ الخُيُولُ بَعضُهَا لِبَعضٍ وَ زَحَفَ النّاسُ وَ عَلَي عَمّارٍ دِرعٌ وَ هُوَ يَقُولُ أَيّهَا النّاسُ الرّوَاحُ إِلَي الجَنّةِ فَاقتَتَلَ النّاسُ قِتَالًا شَدِيداً لَم يَسمَعِ النّاسُ بِمِثلِهِ وَ كَثُرَتِ القَتلَي حَتّي أَن كَانَ الرّجُلُ لَيَشُدّ طُنُبَ فُسطَاطِهِ بِيَدِ الرّجُلِ أَو بِرِجلِهِ فَقَالَ الأَشعَثُ لَقَد رَأَيتُ أَخبِيَةَ صِفّينَ وَ أَروِقَتَهُم وَ مَا مِنهَا خِبَاءٌ وَ لَا رِوَاقٌ وَ لَا بِنَاءٌ وَ لَا فُسطَاطٌ إِلّا مَربُوطاً بِيَدِ رَجُلٍ أَو رِجلِهِ وَ جَعَلَ أَبُو سَمّاكٍ الأسَدَيِّ يَأخُذُ إِدَاوَةً مِن مَاءٍ وَ شَفرَةَ حَدِيدٍ فَيَطُوفُ فِي القَتلَي فَإِذَا رَأَي رَجُلًا جَرِيحاً وَ بِهِ رَمَقٌ أَقعَدَهُ وَ سَأَلَهُ مِن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع
صفحه : 31
فَإِن قَالَ عَلِيّ غَسَلَ عَنهُ الدّمَ وَ سَقَاهُ مِنَ المَاءِ وَ إِن سَكَتَ وَجَأَهُ بِسِكّينٍ حَتّي يَمُوتَ قَالَ فَكَانَ يُسَمّي المُخَضخِضَ
وَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَنِ الشعّبيِّ عَنِ الأَحنَفِ بنِ قَيسٍ قَالَ وَ اللّهِ إنِيّ إِلَي جَانِبِ عَمّارٍ فَتَقَدّمنَا حَتّي إِذَا دَنَونَا مِن هَاشِمِ بنِ عُتبَةَ قَالَ لَهُ عَمّارٌ احمِل فِدَاكَ أَبِي وَ أمُيّ وَ نَظَرَ عَمّارٌ إِلَي رِقّةٍ فِي المَيمَنَةِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ رَحِمَكَ اللّهُ يَا عَمّارُ إِنّكَ رَجُلٌ تَأخُذُكَ خِفّةٌ فِي الحَربِ وَ إنِيّ إِنّمَا أَزحَفُ بِاللّوَاءِ زَحفاً وَ أَرجُو أَن أَنَالَ بِذَلِكَ حاَجتَيِ وَ إنِيّ إِن خَفَفتُ لَم آمَنِ الهَلَكَةَ وَ قَد قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمرٍو وَيحَكَ يَا عَمرُو إِنّ اللّوَاءَ مَعَ هَاشِمٍ كَأَنّهُ يُرقِلُ بِهِ إِرقَالًا وَ إِن زَحَفَ بِهِ زَحفاً إِنّهُ لَليَومُ الأَطوَلُ لِأَهلِ الشّامِ فَلَم يَزَل بِهِ عَمّارٌ حَتّي حَمَلَ فَبَصُرَ بِهِ مُعَاوِيَةُ فَوَجّهَ إِلَيهِ جُملَةَ أَصحَابِهِ وَ مَن بَرَزَ بِالنّاسِ مِنهُم فِي نَاحِيَتِهِ وَ كَانَ فِي ذَلِكَ الجَمعِ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرٍو وَ مَعَهُ سَيفَانِ قَد تَقَلّدَ بِوَاحِدٍ وَ هُوَ يَضرِبُ بِالآخَرِ وَ أَطَافَت بِهِ خَيلُ عَلِيّ فَقَالَ عَمرٌو يَا اللّهُ يَا رَحمَانُ ابنيِ ابنيِ وَ كَانَ يَقُولُ مُعَاوِيَةُ اصبِر اصبِر فَإِنّهُ لَا بَأسَ عَلَيهِ قَالَ عَمرٌو لَو كَانَ يَزِيدُ إِذاً لَصَبَرتَ وَ لَم يَزَل حُمَاةُ أَهلِ الشّامِ يَذُبّونَ عَنهُ حَتّي نَجَا هَارِباً عَلَي فَرَسِهِ وَ مَن مَعَهُ وَ أُصِيبَ هَاشِمٌ فِي المَعرِكَةِ قَالَ وَ قَالَ عَمّارٌ حِينَ نَظَرَ إِلَي رَايَةِ عَمرِو بنِ العَاصِ وَ اللّهِ إِنّ هَذِهِ الرّايَةَ قَد قَاتَلتُهَا ثَلَاثَ عَرَكَاتٍ وَ مَا هَذِهِ بِأَرشَدِهِنّ وَ سَاقَ الحَدِيثَ نَحوَ رِوَايَةِ الإِختِصَاصِ إِلَي قَولِهِ فَأَمّا أَبُو العَادِيَةِ فَطَعَنَهُ وَ أَمّا ابنُ جُوَينٍ فَإِنّهُ اجتَزّ رَأسَهُ فَقَالَ ذُو الكَلَاعِ لِعَمرٍو وَيحَكَ مَا هَذَا قَالَ عَمرٌو إِنّهُ سَيَرجِعُ إِلَينَا وَ ذَلِكَ قَبلَ أَن يُصَابَ عَمّارٌ فَأُصِيبَ عَمّارٌ مَعَ عَلِيّ وَ أُصِيبَ ذُو الكَلَاعِ مَعَ مُعَاوِيَةَ
صفحه : 32
فَقَالَ عَمرٌو وَ اللّهِ يَا مُعَاوِيَةُ مَا أدَريِ بِقَتلِ أَيّهِمَا أَنَا أَشَدّ فَرَحاً وَ اللّهِ لَو بقَيَِ ذُو الكَلَاعِ حَتّي يُقتَلَ عَمّارٌ لَمَالَ بِعَامّةِ قَومِهِ وَ لَأَفسَدَ عَلَينَا جُندَنَا قَالَ فَكَانَ لَا يَزَالُ رَجُلٌ يجَيِءُ فَيَقُولُ أَنَا قَتَلتُ عَمّاراً فَيَقُولُ لَهُ عَمرٌو فَمَا سَمِعتُمُوهُ يَقُولُ فَيَخلِطُونَ حَتّي أَقبَلَ ابنُ جُوَينٍ فَقَالَ أَنَا قَتَلتُ عَمّاراً فَقَالَ لَهُ عَمرٌو فَمَا كَانَ آخِرَ مَنطِقِهِ قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ اليَومَ أَلقَي الأَحِبّةَ مُحَمّداً وَ حِزبَهُ فَقَالَ لَهُ عَمرٌو صَدَقتَ أَنتَ صَاحِبُهُ أَمَا وَ اللّهِ مَا ظَفِرتَ بِذَلِكَ وَ لَكِن أَسخَطتَ رَبّكَ
وَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن إِسمَاعِيلَ السدّيّّ عَن عَبدِ خَيرٍ الهمَداَنيِّ قَالَ نَظَرتُ إِلَي عَمّارِ بنِ يَاسِرٍ رمُيَِ رَميَةً فأَغُميَِ عَلَيهِ وَ لَم يُصَلّ الظّهرَ وَ العَصرَ وَ لَا المَغرِبَ وَ لَا العِشَاءَ وَ لَا الفَجرَ ثُمّ أَفَاقَ فَقَضَاهُنّ جَمِيعاً يَبدَأُ بِأَوّلِ شَيءٍ فَاتَهُ ثُمّ التّيِ تَلِيهَا
وَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَنِ السدّيّّ عَنِ ابنِ حُرَيثٍ قَالَ أَقبَلَ غُلَامٌ لِعَمّارِ بنِ يَاسِرٍ اسمُهُ رَاشِدٌ يَحمِلُ شَربَةً مِن لَبَنٍ فَقَالَ عَمّارٌ أَمَا إنِيّ سَمِعتُ خلَيِليِ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ آخِرَ زَادِكَ مِنَ الدّنيَا شَربَةُ لَبَنٍ
وَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَنِ السدّيّّ عَن يَعقُوبَ بنِ الأَوسَطِ قَالَ احتَجّ رَجُلَانِ بِصِفّينَ فِي سَلبِ عَمّارِ بنِ يَاسِرٍ وَ فِي قَتلِهِ فَأَتَيَا عَبدَ اللّهِ بنَ عَمرِو بنِ العَاصِ فَقَالَ لَهُمَا وَيحَكُمَا اخرُجَا عنَيّ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ وَلِعَت قُرَيشٌ بِعَمّارٍ مَا لَهُم وَ لِعَمّارٍ يَدعُوهُم إِلَي الجَنّةِ وَ يَدعُونَهُ إِلَي النّارِ قَاتِلُهُ وَ سَالِبُهُ فِي النّارِ قَالَ فبَلَغَنَيِ أَنّ مُعَاوِيَةَ قَالَ إِنّمَا قَتَلَهُ مَن أَخرَجَهُ يَخدَعُ بِذَلِكَ طَغَامَ أَهلِ الشّامِ
وَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي الزّبَيرِ عَن حُذَيفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ ابنَ سُمَيّةَ لَم يُخَيّر بَينَ أَمرَينِ قَطّ إِلّا اختَارَ
صفحه : 33
أَشَدّهُمَا
وَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ قَالَ حَمَلَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ وَ هُوَ يَقُولُ
كَلّا وَ رَبّ البَيتِ لَا أَبرَحُ أجَيِ | حَتّي أَمُوتَ أَو أَرَي مَا أشَتهَيِ |
أَنَا مَعَ الحَقّ أُقَاتِلُ مَعَ عَلِيّ | صِهرِ النّبِيّ ذيِ الأَمَانَاتِ الوفَيِّ |
إِلَي آخِرِ الأَبيَاتِ قَالَ فَضَرَبُوا أَهلَ الشّامِ حَتّي اضطَرّوهُم إِلَي الفُرَاتِ قَالَ وَ مَشَي عَبدُ اللّهِ بنُ سُوَيدٍ سَيّدُ جُرَشَ إِلَي ذيِ الكَلَاعِ فَقَالَ لَهُ لِمَ جَمَعتَ بَينَ الرّجُلَينِ قَالَ لِحَدِيثٍ سَمِعتُهُ مِن عَمرٍو ذَكَرَ أَنّهُ سَمِعَهُ مِن رَسُولِ اللّهِص وَ هُوَ يَقُولُ لِعَمّارِ بنِ يَاسِرٍ تَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ فَخَرَجَ عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ العبَسيِّ وَ كَانَ مِن عُبّادِ أَهلِ زَمَانِهِ لَيلًا فَأَصبَحَ فِي عَسكَرِ عَلِيّ ع فَحَدّثَ النّاسَ بِقَولِ عَمرٍو فِي عَمّارٍ فَلَمّا سَمِعَ مُعَاوِيَةُ هَذَا القَولَ بَعَثَ إِلَي عَمرٍو فَقَالَ أَفسَدتَ عَلَيّ أَهلَ الشّامِ أَ كُلّ مَا سَمِعتَهُ مِن رَسُولِ اللّهِص تَقُولُهُ فَقَالَ عَمرٌو قُلتُهَا وَ لَستُ وَ اللّهِ أَعلَمُ الغَيبَ وَ لَا أدَريِ أَنّ صِفّينَ تَكُونُ وَ عَمّارٌ خَصمُنَا وَ قَد رَوَيتَ أَنتَ فِيهِ مِثلَ ألّذِي رَوَيتُ فِيهِ فَاسأَل أَهلَ الشّامِ فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ وَ تَنَمّرَ لِعَمرٍو وَ مَنَعَهُ خَيرَهُ فَقَالَ عَمرٌو لَا خَيرَ لِي فِي جِوَارِ مُعَاوِيَةَ إِن تَجَلّت هَذِهِ الحَربُ عَنّا وَ كَانَ عَمرٌو حمَيِّ الأَنفِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ
صفحه : 34
تعُاَتبِنُيِ أَن قُلتُ شَيئاً سَمِعتُهُ | وَ قَد قُلتَ لَو أنَصفَتنَيِ مِثلَهُ قبَليِ |
وَ مَا كَانَ لِي عِلمٌ بِصِفّينَ أَنّهَا | تَكُونُ وَ عَمّارٌ يَحُثّ عَلَي قتَليِ |
فَلَو كَانَ لِي بِالغَيبِ عِلمٌ كَتَمتُهَا | وَ كَابَدتُ أَقوَاماً مَرَاجِلُهُم تغَليِ |
إِلَي آخِرِ الأَبيَاتِ ثُمّ أَجَابَهُ مُعَاوِيَةُ بِأَبيَاتٍ تَشتَمِلُ عَلَي الِاعتِذَارِ فَأَتَاهُ عَمرٌو وَ أَعتَبَهُ وَ صَارَ أَمرُهُمَا وَاحِداً ثُمّ إِنّ عَلِيّاً ع دَعَا هَاشِمَ بنَ عُتبَةَ وَ مَعَهُ لِوَاؤُهُ وَ كَانَ أَعوَرَ وَ قَالَ حَتّي مَتَي تَأكُلُ الخُبزَ وَ تَشرَبُ المَاءَ فَقَالَ هَاشِمٌ لَأُجَهّزَنّ أَن لَا أَرجِعَ إِلَيكَ أَبَداً قَالَ عَلِيّ ع إِنّ بِإِزَائِكَ ذَا الكَلَاعِ وَ عِندَهُ المَوتُ الأَحمَرُ فَتَقَدّمَ هَاشِمٌ وَ تَعَرّضَ لَهُ صَاحِبُ لِوَاءِ ذيِ الكَلَاعِ فَاختَلَفَا طَعنَتَينِ فَطَعَنَهُ هَاشِمٌ فَقَتَلَهُ وَ كَثُرَتِ القَتلَي فَحَمَلَ ذُو الكَلَاعِ فَاجتَلَدَ النّاسُ فَقُتِلَا جَمِيعاً وَ أَخَذَ ابنُ هَاشِمٍ اللّوَاءَ فَأُسِرَ أَسراً فأَتُيَِ بِمُعَاوِيَةَ[ بِهِ مُعَاوِيَةَ] فَلَمّا دَخَلَ عَلَيهِ وَ عِندَهُ عَمرُو بنُ العَاصِ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ هَذَا المُختَالُ بنُ المِرقَالِ فَدُونَكَ الضّبّ اللّاحِظَ فَإِنّ العَصَا مِنَ العُصَيّةِ وَ إِنّمَا تَلِدُ الحَيّةُ حَيّةً وَ جَزَاءُ السّيّئَةِ سَيّئَةٌ فَقَالَ لَهُ ابنُ هَاشِمٍ مَا أَنَا بِأَوّلِ رَجُلٍ خَذَلَهُ قَومُهُ وَ أَدرَكَهُ يَومُهُ قَالَ مُعَاوِيَةُ تِلكَ ضَغَائِنُ صِفّينَ وَ مَا جَنَي عَلَيكَ أَبُوكَ فَقَالَ عَمرٌو يَا أَمِيرَ
صفحه : 35
المُؤمِنِينَ أمَكنِيّ مِنهُ فَأَشخَبَ أَودَاجَهُ عَلَي أَثبَاجِهِ فَقَالَ لَهُ ابنُ هَاشِمٍ أَ فَلَا كَانَ هَذَا يَا ابنَ العَاصِ حِينَ أَدعُوكَ إِلَي البِرَازِ وَ قَدِ ابتَلّت أَقدَامُ الرّجَالِ مِن نَقعِ الجِريَالِ إِذ تَضَايَقَت بِكَ المَسَالِكُ وَ أَشرَفتَ فِيهَا عَلَي المَهَالِكِ وَ ايمُ اللّهِ لَو لَا مَكَانُكَ مِنهُ لَنَشَبَت لَكَ منِيّ خَافِيَةٌ أَرمِيكَ مِن خِلَالِهَا بِأَحَدّ مِن وَقعِ الأثَاَفيِّ فَإِنّكَ لَا تَزَالُ تُكثِرُ فِي دَهشِكَ وَ تَخبِطُ فِي مَرسِكَ تَخَبّطَ العَشوَاءِ فِي اللّيلَةِ الحَندَسِ الظّلمَاءِ قَالَ فَأَعجَبَ مُعَاوِيَةَ مَا سَمِعَ مِن كَلَامِ ابنِ هَاشِمٍ فَأَمَرَ بِهِ إِلَي السّجنِ وَ كَفّ عَن قَتلِهِ
وَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَنِ السدّيّّ عَن عَبدِ خَيرٍ قَالَ لَمّا صُرِعَ هَاشِمٌ مَرّ عَلَيهِ رَجُلٌ وَ هُوَ صَرِيعٌ بَينَ القَتلَي فَقَالَ لَهُ أقَرِئ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ السّلَامَ وَ رَحمَةَ اللّهِ وَ قُل لَهُ أَنشُدُكَ اللّهَ إِلّا أَصبَحتَ وَ قَد رَبَطتَ مَقَاوِدَ خَيلِكَ بِأَرجُلِ القَتلَي فَإِنّ الدّبرَةَ تُصبِحُ غَداً لِمَن غَلَبَ عَلَي القَتلَي فَأَخبَرَ الرّجُلُ عَلِيّاً بِذَلِكَ فَسَارَ عَلِيّ ع فِي بَعضِ اللّيلِ حَتّي جَعَلَ القَتلَي خَلفَ ظَهرِهِ وَ كَانَتِ الدّبرَةُ لَهُ عَلَيهِم
وَ عَن عَمرِو بنِ سَعدٍ عَن رَجُلٍ عَن أَبِي سَلَمَةَ أَنّ هَاشِمَ بنَ عُتبَةَ دَعَا فِي
صفحه : 36
النّاسِ عِندَ المَسَاءِ أَلَا مَن كَانَ يُرِيدُ اللّهَ وَ الدّارَ الآخِرَةَ فَليُقبِل إلِيَّ فَأَقبَلَ إِلَيهِ نَاسٌ فَشَدّ فِي عِصَابَةٍ مِن أَصحَابِهِ عَلَي أَهلِ الشّامِ مِرَاراً فَلَيسَ مِن وَجهٍ يَحمِلُ عَلَيهِ إِلّا صَبَرُوا لَهُ وَ قُوتِلَ فِيهِ قِتَالًا شَدِيداً فَقَالَ لِأَصحَابِهِ لَا يَهُولَنّكُم مَا تَرَونَ مِن صَبرِهِم فَوَ اللّهِ مَا تَرَونَ مِنهُم إِلّا حَمِيّةَ العَرَبِ وَ صَبرَهَا تَحتَ رَايَاتِهَا وَ عِندَ مَرَاكِزِهَا وَ إِنّهُم لَعَلَي الضّلَالِ وَ إِنّكُم لَعَلَي الحَقّ يَا قَومِ اصبِرُوا وَ صَابِرُوا وَ اجتَمِعُوا وَ اصبِرُوا وَ امشُوا بِنَا إِلَي عَدُوّنَا عَلَي تُؤَدَةٍ رُوَيداً وَ اذكُرُوا اللّهَ وَ لَا يُسَلّمَنّ رَجُلٌ أَخَاهُ وَ لَا تُكثِرُوا الِالتِفَاتَ وَ اصمِدُوا صَمدَهُم وَ جَالِدُوهُم مُحتَسِبِينَحَتّي يَحكُمَ اللّهُ بَينَنا وَ هُوَ خَيرُ الحاكِمِينَ فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَمَضَي فِي عِصَابَةٍ مِنَ القُرّاءِ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيداً هُوَ وَ أَصحَابُهُ حَتّي رَأَي بَعضَ مَا يُسَرّونَ بِهِ إِذ خَرَجَ عَلَيهِم فَتًي شَابّ وَ شَدّ يَضرِبُ بِسَيفِهِ وَ يَلعَنُ وَ يَشتِمُ وَ يُكثِرُ الكَلَامَ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ إِنّ هَذَا الكَلَامَ بَعدَهُ الخِصَامُ وَ إِنّ هَذَا القِتَالَ بَعدَهُ الحِسَابُ فَاتّقِ اللّهَ فَإِنّكَ رَاجِعٌ إِلَي رَبّكَ فَسَائِلُكَ عَن هَذَا المَوقِفِ وَ مَا أَرَدتَ بِهِ قَالَ فإَنِيّ أُقَاتِلُكُم لِأَنّ صَاحِبَكُم لَا يصُلَيّ كَمَا ذُكِرَ لِي وَ أَنّكُم لَا تُصَلّونَ وَ أُقَاتِلُكُم لِأَنّ صَاحِبَكُم قَتَلَ خَلِيفَتَنَا وَ أَنتُم وَازَرتُمُوهُ عَلَي قَتلِهِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ وَ مَا أَنتَ وَ ابنَ عَفّانَ إِنّمَا قَتَلَهُ أَصحَابُ مُحَمّدٍ وَ قُرّاءُ النّاسِ حِينَ أَحدَثَ أَحدَاثاً وَ خَالَفَ حُكمَ الكِتَابِ وَ أَصحَابُ مُحَمّدٍ هُم أَصحَابُ الدّينِ وَ أَولَي بِالنّظَرِ فِي أُمُورِ المُسلِمِينَ وَ مَا أَظُنّ أَنّ أَمرَ هَذِهِ الأُمّةِ وَ لَا أَمرَ هَذَا الدّينِ عَنَاكَ طَرفَةَ عَينٍ قَطّ قَالَ الفَتَي أَجَل وَ اللّهِ لَا أَكذِبُ فَإِنّ الكَذِبَ يَضُرّ وَ لَا يَنفَعُ وَ يَشِينُ وَ لَا يَزِينُ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ إِنّ هَذَا الأَمرَ لَا عِلمَ لَكَ بِهِ فَخَلّهِ وَ أَهلَ العِلمِ بِهِ قَالَ أَظُنّكَ وَ اللّهِ قَد نصَحَتنَيِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ وَ أَمّا قَولُكَ فَإِنّ صَاحِبَنَا لَا يصُلَيّ فَهُوَ أَوّلُ مَن صَلّي لِلّهِ مَعَ رَسُولِهِص وَ أَفقَهُهُ فِي دِينِ اللّهِ وَ أَولَاهُ بِرَسُولِ اللّهِ وَ أَمّا مَن تَرَي مَعَهُ فَكُلّهُم قاَرِئُ الكِتَابِ لَا يَنَامُ اللّيلَ تَهَجّداً فَلَا يَغرُركَ عَن دِينِكَ الأَشقِيَاءُ المَغرُورُونَ قَالَ الفَتَي يَا عَبدَ اللّهِ إنِيّ لَأَظُنّكَ امرَأً صَالِحاً أخَبرِنيِ هَل تَجِدُ لِي مِن تَوبَةٍ قَالَ نَعَم تُب إِلَي اللّهِ يَتُب عَلَيكَ قَالَ فَذَهَبَ الفَتَي رَاجِعاً فَقَالَ رَجُلٌ
صفحه : 37
مِن أَهلِ الشّامِ خَدَعَكَ العرِاَقيِّ قَالَ لَا وَ لَكِن نصَحَنَيِ وَ قَاتَلَ هَاشِمٌ هُوَ وَ أَصحَابُهُ قِتَالًا شَدِيداً حَتّي قَتَلَ تِسعَةَ نَفَرٍ أَو عَشَرَةً وَ حَمَلَ عَلَيهِ الحَارِثُ بنُ المُنذِرِ فَطَعَنَهُ فَسَقَطَ وَ بَعَثَ إِلَيهِ عَلِيّ ع أَن قَدّم لِوَاءَكَ فَقَالَ لِلرّسُولِ انظُر إِلَي بطَنيِ فَإِذَا هُوَ قَدِ انشَقّ فَأَخَذَ الرّايَةَ رَجُلٌ مِن بَكرِ بنِ وَائِلٍ وَ رَفَعَ هَاشِمٌ رَأسَهُ فَإِذَا هُوَ بِعُبَيدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ قَتِيلًا إِلَي جَانِبِهِ فَجَثَا حَتّي دَنَا مِنهُ فَعَضّ عَلَي ثَديِهِ حَتّي تَبَيّنَت فِيهِ أَنيَابُهُ ثُمّ مَاتَ هَاشِمٌ وَ هُوَ عَلَي صَدرِ عُبَيدِ اللّهِ وَ ضُرِبَ البكَريِّ فَوَقَعَ فَأَبصَرَ عُبَيدَ اللّهِ فَعَضّ عَلَي ثَديِهِ الآخَرِ وَ مَاتَ أَيضاً فَوُجِدَا جَمِيعاً مَاتَا عَلَي صَدرِ عُبَيدِ اللّهِ وَ لَمّا قُتِلَ هَاشِمٌ جَزِعَ النّاسُ عَلَيهِ جَزَعاً شَدِيداً وَ أُصِيبَ مَعَهُ عِصَابَةٌ مِن أَسلَمَ مِنَ القُرّاءِ فَمَرّ عَلَيهِم عَلِيّ ع وَ هُم قَتلَي حَولَهُ فَقَالَ
جَزَي اللّهُ خَيراً عُصبَةً أَسلَمِيّةً | صَبَاحَ الوُجُوهِ صُرِعُوا حَولَ هَاشِمٍ |
يَزِيدُ وَ عَبدُ اللّهِ بِشرٌ وَ مَعبَدٌ | وَ سُفيَانُ وَ ابنَا هَاشِمٍ ذيِ المَكَارِمِ |
وَ عُروَةُ لَا يَبعُدُ ثَنَاهُ وَ ذِكرُهُ | إِذَا اختَرَطَ البِيضُ الخِفَافُ الصّوَارِمُ |
ثُمّ قَامَ عَبدُ اللّهِ بنُ هَاشِمٍ وَ أَخَذَ الرّايَةَ ثُمّ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي قَولِهِ فَأَمَرَهُم عَلِيّ ع بِالغُدُوّ إِلَي القَومِ فَغَادَاهُم إِلَي القِتَالِ فَانهَزَمَ أَهلُ الشّامِ وَ قَد غَلَبَ أَهلُ العِرَاقِ عَلَي قَتلَي أَهلِ حِمصٍ وَ غَلَبَ أَهلُ الشّامِ عَلَي قَتلَي أَهلِ العَالِيَةِ وَ انهَزَمَ عُتبَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ حَتّي أَتَي الشّامَ ثُمّ إِنّ عَلِيّاً ع أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَي فِي النّاسِ أَنِ اخرُجُوا إِلَي مَصَافّكُم فَخَرَجَ النّاسُ إِلَي مَصَافّهِم وَ اقتَتَلَ النّاسُ إِلَي قَرِيبٍ مِن ثُلُثِ اللّيلِ
بيان قال الجوهري الإرقال ضرب من الجنب وناقة مرقل ومرقال إذاكانت كثيرة الإرقال والمرقال لقب هاشم بن عتبة الزهري لأن عليا ع دفع إليه الراية يوم صفين فكان يرقل بهاإرقالا قوله سامت إليه الصفوف في
صفحه : 38
أكثر النسخ بالسين المهملة من قولهم سامت الإبل والريح إذامرت واستمرت أو من قولهم سامت الطير علي الشيء أي حامت ودامت و في بعضها بالمعجمة من شاممته أي قاربته قوله فدونك الضب شبهه بالضب لبيان كثرة حقده وشدة عداوته قال الجوهري في المثل أعق من ضب لأنه ربما أكل حسوله والضب الحقد تقول أضب فلان علي غل في قلبه أي أضمره و رجل خب ضب أي جربز مراوغ و قال في المثل العصا من العصية أي بعض الأمر من بعض و قال الزمخشري في المستقصي العصا من العصية هي فرس جزيمة والعصية أمها يضرب في مناسبة الشيء سنخه وكانتا كريمتين ويروي العصا من العصية والأفعي بنت حية والمعني أن العود الكبير ينشأ من الصغير ألذي غرس أولا يضرب للشيء الجليل ألذي يكون في بدئه حقيرا انتهي . والثبج بالتحريك ما بين الكاهل إلي الظهر و قال الجوهري النقع محبس الماء وكذلك مااجتمع في البئر منه والمنقع الموضع يستنقع فيه الماء واستنقع الماء في الغدير أي اجتمع وثبت واستنقع الشيء في الماء علي ما لم يسم فاعله و قال الجريال صبغ أحمر عن الأصمعي وجريال الذهب حمرته والجريال الخمر وجربال الخمر لونها وهنا كناية عن الدم قوله بأحد من وقع الأثافي لعل المراد بالأثافي هنا السمة التي تكوي بها قال الجوهري المثفاة سمة كالأثافي و في الأثافي مثل آخر مشهور قال في المستقصي في الأمثال رماه الله بثالثة الأثافي يعمد إلي قطعة من الجبل فيضم إليها حجران ثم ينصب عليها القدر والمراد بثالثتها تلك القطعة وهي مثل لأكبر الشر وأفظعه وقيل معناه أنه رماه بالأثافي أثفية بعدأثفية حتي رماه الله بالثالثة فلم يبق غاية والمراد أنه رماه بالشر كله قوله تكثر في دهشك أي تكثر الكلام في تحيرك وخوفك و في بعض النسخ بالسين المهملة و هوالنبت لم يبق عليه لون الخضرة والمكان السهل ليس برمل و لاتراب والمرسة الحبل والجمع مرس و في بعض الروايات تكثر في هوسك وتخبط في دهسك وتنشب في مرسك والهوس شدة الأكل والسوق اللين والمشي ألذي يعتمد فيه صاحبه علي الأرض والإفساد والدوران أوبالتحريك طرف من الجنون
صفحه : 39
381- لي ،[الأمالي للصدوق ]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي الصّلتِ الهرَوَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ يُوسُفَ الفرِياَبيِّ عَن سُفيَانَ عَنِ الأوَزاَعيِّ عَن يَحيَي بنِ أَبِي كَثِيرٍ عَن حَبِيبِ بنِ الجَهمِ قَالَ لَمّا دَخَلَ بِنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع إِلَي بِلَادِ صِفّينَ نَزَلَ بِقَريَةٍ يُقَالُ لَهَا صَندَودَاءُ ثُمّ أَمَرَنَا فَعَبَرنَا عَنهَا ثُمّ عَرّسَ بِنَا فِي أَرضِ بَلقَعٍ فَقَامَ إِلَيهِ مَالِكُ بنُ الحَارِثِ الأَشتَرُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَ تُنزِلُ النّاسَ عَلَي غَيرِ مَاءٍ فَقَالَ يَا مَالِكُ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ سَيَسقِينَا فِي هَذَا المَكَانِ مَاءً أَعذَبَ مِنَ الشّهدِ وَ أَليَنَ مِنَ الزّبدِ الزّلَالِ وَ أَبرَدَ مِنَ الثّلجِ وَ أَصفَي مِنَ اليَاقُوتِ فَتَعَجّبنَا وَ لَا عَجَبَ مِن قَولِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع ثُمّ أَقبَلَ يَجُرّ رِدَاءَهُ وَ بِيَدِهِ سَيفُهُ حَتّي وَقَفَ عَلَي أَرضٍ بَلقَعٍ فَقَالَ يَا مَالِكُ احتَفِر أَنتَ وَ أَصحَابُكَ فَقَالَ مَالِكٌ فَاحتَفَرنَا فَإِذَا نَحنُ بِصَخرَةٍ سَودَاءَ عَظِيمَةٍ فِيهَا حَلقَةٌ تَبرُقُ كَاللّجَينِ فَقَالَ لَنَا رُومُوهَا فَرُمنَاهَا بِأَجمَعِنَا وَ نَحنُ مِائَةُ رَجُلٍ فَلَم نَستَطِع أَن نُزِيلَهَا عَن مَوضِعِهَا فَدَنَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع رَافِعاً يَدَهُ إِلَي السّمَاءِ يَدعُو وَ هُوَ يَقُولُ
صفحه : 40
طاب طاب مربا بما لم طبيوثا بوثه شتميا كوبا جاحا نوثا توديثا برحوثا آمِينَ آمِينَ رَبّ العَالَمِينَ رَبّ مُوسَي وَ هَارُونَ ثُمّ اجتَذَبَهَا فَرَمَاهَا عَنِ العَينِ أَربَعِينَ ذِرَاعاً قَالَ مَالِكُ بنُ الحَارِثِ الأَشتَرُ فَظَهَرَ لَنَا مَاءٌ أَعذَبُ مِنَ الشّهدِ وَ أَبرَدُ مِنَ الثّلجِ وَ أَصفَي مِنَ اليَاقُوتِ فَشَرِبنَا وَ سُقِينَا ثُمّ رَدّ الصّخرَةَ وَ أَمَرَنَا أَن نَحثُوَ عَلَيهَا التّرَابَ ثُمّ ارتَحَلَ وَ سِرنَا فَمَا سِرنَا إِلّا غَيرَ بَعِيدٍ قَالَ مَن مِنكُم يَعرِفُ مَوضِعَ العَينِ فَقُلنَا كُلّنَا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَرَجَعنَا فَطَلَبنَا العَينَ فخَفَيَِ مَكَانُهَا عَلَينَا أَشَدّ خَفَاءٍ فَظَنَنّا أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع قَد رَهَقَهُ العَطَشُ فَأَومَأنَا بِأَطرَافِنَا فَإِذَا نَحنُ بِصَومَعَةِ رَاهِبٍ فَدَنَونَا مِنهَا فَإِذَا نَحنُ بِرَاهِبٍ قَد سَقَطَت حَاجِبَاهُ عَلَي عَينَيهِ مِنَ الكِبَرِ فَقُلنَا يَا رَاهِبُ أَ عِندَكَ مَاءٌ نسَقيِ مِنهُ صَاحِبَنَا قَالَ عنِديِ مَاءٌ قَدِ استَعذَبتُهُ مُنذُ يَومَينِ فَأَنزَلَ إِلَينَا مَاءً مُرّاً خَشِناً فَقُلنَا هَذَا قَدِ استَعذَبتَهُ مُنذُ يَومَينِ فَكَيفَ وَ لَو شَرِبتَ مِنَ المَاءِ ألّذِي سَقَانَا مِنهُ صَاحِبُنَا وَ حَدّثنَاهُ بِالأَمرِ فَقَالَ صَاحِبُكُم هَذَا نبَيِّ قُلنَا لَا وَ لَكِنّهُ وصَيِّ نبَيِّ فَنَزَلَ إِلَينَا بَعدَ وَحشَتِهِ مِنّا وَ قَالَ انطَلِقُوا بيِ إِلَي صَاحِبِكُم فَانطَلَقنَا بِهِ فَلَمّا بَصُرَ بِهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع قَالَ شَمعُونُ قَالَ الرّاهِبُ نَعَم شَمعُونُ هَذَا اسمٌ سمَتّنيِ بِهِ أمُيّ مَا اطّلَعَ عَلَيهِ أَحَدٌ إِلّا اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي ثُمّ أَنتَ فَكَيفَ عَرَفتَهُ فَأَتِمّ حَتّي أُتِمّهُ لَكَ قَالَ وَ مَا تَشَاءُ يَا شَمعُونُ قَالَ هَذَا العَينَ وَ اسمَهُ قَالَ هَذَا العَينُ رَاحُومَا وَ هُوَ مِنَ الجَنّةِ شَرِبَ مِنهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَصِيّاً وَ أَنَا آخِرُ الوَصِيّينَ شَرِبتُ مِنهُ قَالَ الرّاهِبُ هَكَذَا وَجَدتُ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الإِنجِيلِ وَ أَنَا أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ وَ أَنّكَ وصَيِّ مُحَمّدٍص ثُمّ رَحَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ الرّاهِبُ يَقدُمُهُ حَتّي نَزَلَ بِصِفّينَ وَ نَزَلَ مَعَهُ بِعَابِدَينِ وَ التَقَي الصّفّانِ فَكَانَ أَوّلُ مَن أَصَابَتهُ الشّهَادَةُ الرّاهِبَ فَنَزَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ عَينَاهُ تَهمِلَانِ وَ هُوَ يَقُولُ المَرءُ مَعَ مَن أَحَبّ الرّاهِبُ مَعَنَا يَومَ القِيَامَةِ رفَيِقيِ فِي الجَنّةِ
بيان البلقع والبلقعة الأرض القفر التي لاماء بها
صفحه : 41
382- يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيَِ عَن زَاذَانَ وَ جَمَاعَةٍ مِن أَصحَابِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالُوا كُنّا مَعَهُ بِصِفّينَ فَلَمّا أَن صَافّ مُعَاوِيَةُ أَتَاهُ رَجُلٌ مِن مَيمَنَتِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فِي مَيمَنَتِكَ خَلَلٌ فَقَالَ ارجِع إِلَي مُقَامِكَ فَرَجَعَ ثُمّ أَقبَلَ ثَانِيَةً فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فِي مَيمَنَتِكَ خَلَلٌ فَقَالَ ارجِع إِلَي مُقَامِكَ فَرَجَعَ ثُمّ أَتَاهُ ثَالِثَةً كَأَنّ الأَرضَ لَا تَحمِلُهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فِي مَيمَنَتِكَ خَلَلٌ فَقَالَ ع قِف فَوَقَفَ فَقَالَ ع عَلَيّ بِمَالِكٍ الأَشتَرِ فَأَتَاهُ مَالِكٌ فَقَالَ ع يَا مَالِكُ قَالَ لَبّيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ تَرَي مَيسَرَةَ مُعَاوِيَةَ قَالَ نَعَم قَالَ تَرَي صَاحِبَ الفَرَسِ المُعَلّمِ قَالَ نَعَم قَالَ ألّذِي عَلَيهِ القَبَاءُ الأَحمَرُ قَالَ نَعَم قَالَ انطَلِق فأَتنِيِ بِرَأسِهِ فَخَرَجَ مَالِكٌ فَدَنَا مِنهُ وَ ضَرَبَهُ فَسَقَطَ رَأسُهُ ثُمّ تَنَاوَلَهُ فَأَقبَلَ بِهِ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ فَأَلقَاهُ بَينَ يَدَيهِ فَأَقبَلَ عَلِيّ ع عَلَي الرّجُلِ فَقَالَ نَشَدتُكَ اللّهَ هَل كُنتَ إِذ نَظَرتَ إِلَي هَذَا فَرَأَيتَهُ وَ حُلِيّهُ وَ هُوَ مَلَأَ قَلبَكَ فَرَأَيتَ الخَلَلَ فِي أَصحَابِكَ قَالَ أللّهُمّ نَعَم فَأَقبَلَ عَلِيّ عَلَينَا وَ نَحنُ حَولَهُ فَقَالَ أخَبرَنَيِ بِهَذَا وَ اللّهِ رَسُولُ اللّهِ أَ فَتَرَونَهُ بقَيَِ بَعدَ هَذَا شَيءٌ ثُمّ قَالَ لِلرّجُلِ ارجِع إِلَي مُقَامِكَ
383-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيَِ عَن أَبِي سَعِيدٍ عَقِيصَا قَالَخَرَجنَا مَعَ عَلِيّ ع نُرِيدُ صِفّينَ فَمَرَرنَا بِكَربَلَاءَ فَقَالَ هَذَا مَوضِعُ الحُسَينِ ع وَ أَصحَابِهِ ثُمّ سِرنَا حَتّي انتَهَينَا إِلَي رَاهِبٍ فِي صَومَعَتِهِ وَ تَقَطّعَ النّاسُ مِنَ العَطَشِ وَ شَكَوا إِلَي عَلِيّ ع ذَلِكَ وَ أَنّهُ قَد أَخَذَ بِهِم طَرِيقاً لَا مَاءَ فِيهِ مِنَ البَرّ
صفحه : 42
وَ تَرَكَ طَرِيقَ الفُرَاتِ فَدَنَا مِنَ الرّاهِبِ فَهَتَفَ بِهِ وَ أَشرَفَ إِلَيهِ قَالَ أَ قُربَ صَومَعَتِكَ مَاءٌ قَالَ لَا فَثَنّي رَأسَ بَغلَتِهِ فَنَزَلَ فِي مَوضِعٍ فِيهِ رَملٌ وَ أَمَرَ النّاسَ أَن يَحفِرُوا الرّملَ فَحَفَرُوا فَأَصَابُوا تَحتَهُ صَخرَةً بَيضَاءَ فَاجتَمَعَ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ فَلَم يُحَرّكُوهَا فَقَالَ ع تَنَحّوا فإَنِيّ صَاحِبُهَا ثُمّ أَدخَلَ يَدَهُ اليُمنَي تَحتَ الصّخرَةِ فَقَلَعَهَا مِن مَوضِعِهَا حَتّي رَآهَا النّاسُ عَلَي كَفّهِ فَوَضَعَهَا نَاحِيَةً فَإِذَا تَحتَهَا عَينُ مَاءٍ أَرَقّ مِنَ الزّلَالِ وَ أَعذَبُ مِنَ الفُرَاتِ فَشَرِبَ النّاسُ وَ استَقَوا وَ تَزَوّدُوا ثُمّ رَدّ الصّخرَةَ إِلَي مَوضِعِهَا وَ جَعَلَ الرّملَ كَمَا كَانَ وَ جَاءَ الرّاهِبُ فَأَسلَمَ وَ قَالَ إِنّ أَبِي أخَبرَنَيِ عَن جَدّهِ وَ كَانَ مِن حوَاَريِّ عِيسَي أَنّ تَحتَ هَذَا الرّملِ عَينُ مَاءٍ وَ أَنّهُ لَا يَستَنبِطُهَا إِلّا نبَيِّ أَو وصَيِّ نبَيِّ وَ قَالَ لعِلَيِّ ع أَ تَأذَنُ لِي أَن أَصحَبَكَ فِي وَجهِكَ هَذَا قَالَ ع الزمَنيِ وَ دَعَا لَهُ فَفَعَلَ فَلَمّا كَانَ لَيلَةُ الهَرِيرِ قُتِلَ الرّاهِبُ فَدَفَنَهُ بِيَدِهِ وَ قَالَ ع لكَأَنَيّ أَنظُرُ إِلَيهِ وَ إِلَي مَنزِلِهِ فِي الجَنّةِ وَ دَرَجَتِهِ التّيِ أَكرَمَهُ اللّهُ بِهَا
384- يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيَِ أَنّهُ لَمّا طَالَ المُقَامُ بِصِفّينَ شَكَوا إِلَيهِ نَفَادَ الزّادِ وَ العَلَفِ بِحَيثُ لَم يَجِد أَحَدٌ مِن أَصحَابِهِ شَيئاً يُؤكَلُ فَقَالَ ع طِيبُوا نَفساً فَإِنّ غَداً يَصِلُ إِلَيكُم مَا يَكفِيكُم فَلَمّا أَصبَحُوا وَ تَقَاضَوهُ صَعِدَ ع عَلَي تَلّ كَانَ هُنَاكَ وَ دَعَا بِدُعَاءٍ سَأَلَ اللّهَ أَن يُطعِمَهُم وَ يَعلِفَ دَوَابّهُم ثُمّ نَزَلَ وَ رَجَعَ إِلَي مَكَانِهِ فَمَا استَقَرّ إِلّا وَ قَد أَقبَلَتِ العِيرُ بَعدَ العِيرِ عَلَيهَا اللّحمَانُ وَ التّمرُ وَ الدّقِيقُ وَ المِيَرُ بِحَيثُ امتَلَأَت بِهَا البرَاَريِ وَ فَرّغَ أَصحَابُ الجِمَالِ جَمِيعَ الأَحمَالِ مِنَ الأَطعِمَةِ وَ جَمِيعَ مَا مَعَهُم مِن عَلَفِ الدّوَابّ وَ غَيرِهَا مِنَ الثّيَابِ وَ جِلَالِ الدّوَابّ وَ جَمِيعَ مَا يَحتَاجُونَ إِلَيهِ حَتّي الخَيطَ وَ المَخِيطَ ثُمّ انصَرَفُوا وَ لَم يَدرِ أَحَدٌ مِن أَيّ البِقَاعِ وَرَدُوا مِنَ الإِنسِ أَم مِنَ الجِنّ وَ تَعَجّبَ النّاسُ مِن ذَلِكَ
385-يج ،[الخرائج والجرائح ]رَوَي عَلِيّ بنُ حَسّانَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَخَرَجَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يُرِيدُ صِفّينَ فَلَمّا عَبَرَ الفُرَاتَ وَ قَرُبَ مِنَ الجَبَلِ وَ حَضَرَ وَقتُ صَلَاةِ العَصرِ أَمعَنَ بَعِيداً ثُمّ تَوَضّأَ فَأَذّنَ فَلَمّا فَرَغَ مِنَ الأَذَانِ انفَلَقَ الجَبَلُ عَن هَامَةٍ بَيضَاءَ وَ لِحيَةٍ وَ وَجهٍ أَبيَضَ فَقَالَ
صفحه : 43
السّلَامُ عَلَيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ مَرحَباً بوِصَيِّ خَاتَمِ النّبِيّينَ وَ قَائِدِ الغُرّ المُحَجّلِينَ وَ سَيّدِ الوَصِيّينَ فَقَالَ عَلِيّ ع وَ عَلَيكَ السّلَامُ يَا أخَيِ شَمعُونَ بنَ حَمّونَ الصّفَا وصَيِّ رُوحِ القُدُسِ عِيسَي ابنِ مَريَمَ كَيفَ حَالُكَ قَالَ بِخَيرٍ يَرحَمُكَ اللّهُ أَنَا مُنتَظِرٌ نُزُولَ رُوحِ القُدُسِ فَاصبِر يَا أخَيِ عَلَي مَا أَنتَ عَلَيهِ مِنَ الأَذَي فَاصبِر يَا أخَيِ حَتّي تَلقَي الحَبِيبَ غَداً فَلَم أَعلَم أَحَداً أَحسَنَ بَلَاءً فِي اللّهِ مِنكُم وَ لَا أَعظَمَ ثَوَاباً وَ لَا أَرفَعَ مَكَاناً وَ قَد رَأَيتُ مَا لقَيَِ أَصحَابُكَ بِالأَمسِ مِن بنَيِ إِسرَائِيلَ فَإِنّهُم نُشِرُوا بِالمَنَاشِيرِ وَ صُلِبُوا عَلَي الخُشُبِ فَلَو تَعلَمُ تِلكَ الوُجُوهُ المَارِقَةُ المُفَارِقَةُ لَكَ مَا أَعَدّ اللّهُ لَهَا مِن عَذَابِ النّارِ وَ السّخَطِ وَ النّكَالِ لَأَقصَرَت وَ لَو تَعلَمُ هَذِهِ الوُجُوهُ المُتَمَنّيَةُ بِكَ مَا لَهَا مِنَ الثّوَابِ فِي طَاعَتِكَ لَتَمَنّت أَن تُقرَضَ بِالمَقَارِيضِ وَ عَلَيكَ السّلَامُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ وَ التَأَمَ عَلَيهِ الجَبَلُ وَ خَرَجَ عَلِيّ ع إِلَي القِتَالِ فَسَأَلَهُ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ وَ مَالِكٌ الأَشتَرُ وَ هَاشِمُ بنُ عُتبَةَ بنِ أَبِي وَقّاصٍ وَ أَبُو أَيّوبَ الأنَصاَريِّ وَ قَيسُ بنُ سَعدٍ الأنَصاَريِّ وَ عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخزُاَعيِّ وَ عُبَادَةُ بنُ الصّامِتِ عَنِ الرّجُلِ فَأَخبَرَهُم أَنّهُ شَمعُونُ بنُ حَمّونَ الصّفَا وَ كَانُوا قَد سَمِعُوا كَلَامَهُمَا فَازدَادُوا بَصِيرَةً فِي المُجَاهَدَةِ مَعَهُ وَ قَالَ عُبَادَةُ بنُ الصّامِتِ وَ أَبُو أَيّوبَ بِأُمّهَاتِنَا وَ آبَائِنَا نَفدِيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَوَ اللّهِ لَنَنصُرَنّكَ كَمَا نَصَرنَا أَخَاكَ رَسُولَ اللّهِ وَ اللّهِ مَا تَأَخّرَ عَنكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ إِلّا شقَيِّ فَدَعَا لَهُمَا بِالخَيرِ
386- جا،[المجالس للمفيد] عَلِيّ بنُ بِلَالٍ عَن عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ الأصَفهَاَنيِّ عَنِ الثقّفَيِّ عَن إِسمَاعِيلَ[ بنِ]يَسَارٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مِلحٍ عَن عَبدِ الوَهّابِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِي صَادِقٍ عَن مُزَاحِمِ بنِ عَبدِ الوَارِثِ عَن مُحَمّدِ بنِ زَكَرِيّا عَن شُعَيبِ بنِ وَاقِدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سَهلٍ عَن أَبِيهِ عَن قَيسٍ مَولَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع مِثلَهُ
387-شي،[تفسير العياشي] عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ جُندَبٍ قَالَ لَمّا أَقبَلَ النّاسُ مَعَ أَمِيرِ
صفحه : 44
المُؤمِنِينَ ع مِن صِفّينَ أَقبَلنَا مَعَهُ فَأَخَذَ طَرِيقاً غَيرَ طَرِيقِنَا ألّذِي أَقبَلنَا فِيهِ حَتّي إِذَا جُزنَا النّخَيلَةَ وَ رَأَينَا أَبيَاتَ الكُوفَةِ إِذَا شَيخٌ جَالِسٌ فِي ظِلّ بَيتٍ عَلَي وَجهِهِ أَثَرُ المَرَضِ فَأَقبَلَ إِلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَ نَحنُ مَعَهُ حَتّي سَلّمَ عَلَيهِ وَ سَلّمنَا مَعَهُ فَرَدّ رَدّاً حَسَناً فَظَنَنّا أَنّهُ قَد عَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا لِي أَرَي وَجهَكَ مُنكَسِراً مِصفَاراً فَمِمّ ذَاكَ أَ مِن مَرَضٍ فَقَالَ نَعَم فَقَالَ لَعَلّكَ كَرِهتَهُ فَقَالَ مَا أُحِبّ أَنّهُ يعَترَيِنيِ وَ لَكِن أَحتَسِبُ الخَيرَ فِيمَا أصَاَبنَيِ قَالَ فَأَبشِر بِرَحمَةِ اللّهِ وَ غُفرَانِ ذَنبِكَ فَمَن أَنتَ يَا عَبدَ اللّهِ قَالَ أَنَا صَالِحُ بنُ سُلَيمٍ قَالَ مِمّن قَالَ أَمّا الأَصلُ فَمِن سَلَامَانِ بنِ طيَّ وَ أَمّا الجِوَارُ وَ الدّعوَةُ فَمِن بنَيِ سُلَيمِ بنِ مَنصُورٍ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا أَحسَنَ اسمَكَ وَ اسمَ أَبِيكَ وَ اسمَ أَجدَادِكَ وَ اسمَ مَنِ اعتَزَيتَ إِلَيهِ فَهَل شَهِدتَ مَعَنَا غَزَاتَنَا هَذِهِ فَقَالَ لَا وَ لَقَد أَرَدتُهَا وَ لَكِن مَا تَرَي فِيّ مِن لَجَبِ الحُمّي خذَلَنَيِ عَنهَا فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَلَيسَ عَلَي الضّعَفاءِ وَ لا عَلَي
صفحه : 45
المَرضي وَ لا عَلَي الّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَي آخِرِ الآيَةِ مِن سُورَةِ البَرَاءَةِ ثُمّ قَالَ فخَبَرّنيِ مَا قَولُ النّاسِ فِيمَا بَينَنَا وَ بَينَ أَهلِ الشّامِ قَالَ مِنهُمُ المَسرُورُ وَ المَحبُورُ فِيمَا كَانَ بَينَكَ وَ بَينَهُم وَ هُم أَغَشّ النّاسِ لَكَ فَقَالَ لَهُ صَدَقتَ قَالَ وَ مِنهُمُ الكَاسِفُ الآسِفُ لِمَا كَانَ مِن ذَلِكَ وَ أُولَئِكَ نُصَحَاءُ النّاسِ لَكَ فَقَالَ لَهُ صَدَقتَ جَعَلَ اللّهُ مَا كَانَ مِن شَكوَاكَ حَطّاً لِسَيّئَاتِكَ فَإِنّ المَرَضَ لَا أَجرَ فِيهِ وَ لَكِن لَا يَدَعُ عَلَي العَبدِ ذَنباً إِلّا حَطّهُ وَ إِنّمَا الأَجرُ فِي القَولِ بِاللّسَانِ وَ العَمَلِ بِاليَدِ وَ الرّجلِ وَ إِنّ اللّهَ لَيُدخِلُ بِصِدقِ النّيّةِ وَ السّرِيرَةِ الصّالِحَةِ عَالَماً جَمّاً مِن عِبَادِهِ الجَنّةَ
بيان قال الجوهري حبرني هذاالأمر أي سرني و قال رجل كاسف البال أي سيئ الحال وكاسف الوجه أي عابس والجم الكثير
388- يل ،[الفضائل لابن شاذان ]فض ،[ كتاب الروضة]بِالإِسنَادِ يَرفَعُهُ إِلَي عَمّارِ بنِ يَاسِرٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ قَالَ لَمّا سَارَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع إِلَي صِفّينَ وَقَفَ بِالفُرَاتِ وَ قَالَ لِأَصحَابِهِ أَينَ المَخَاضُ فَقَالُوا أَنتَ أَعلَمُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَقَالَ لِبَعضِ أَصحَابِهِ امضِ إِلَي هَذَا التّلّ وَ نَادِ يَا جلند[جُلَندَي]أَينَ المَخَاضُ قَالَ فَصَارَ حَتّي وصلت تل [وَصَلَ إِلَي التّلّ] وَ نَادَي يَا جلند[جُلَندَي]فَأَجَابَهُ مِن تَحتِ الأَرضِ خَلقٌ كَثِيرٌ قَالَ فَبُهِتَ وَ لَم يَعلَم مَا يَصنَعُ فَأَتَي إِلَي الإِمَامِ وَ قَالَ يَا موَلاَيَ جاَوبَنَيِ خَلقٌ كَثِيرٌ فَقَالَ يَا قَنبَرُ امضِ وَ قُل يَا جلند[جُلَندَي] بنَ كِركِرَ أَينَ المَخَاضُ قَالَ فَكَلّمَهُ وَاحِدٌ وَ قَالَ وَيلَكُم مَن عَرَفَ اسميِ وَ اسمَ أَبِي وَ أَنَا فِي هَذَا المَكَانِ وَ قَد بقَيَِ قِحفُ رأَسيِ عَظمَ نَخِرٍ رَمِيمٍ[عَظماً نَخِراً رَمِيماً] وَ لِي ثَلَاثُ آلَافِ سَنَةٍ مَا يَعلَمُ المَخَاضَ هُوَ وَ اللّهِ أَعلَمُ منِيّ يَا وَيلَكُم مَا أَعمَي قُلُوبَكُم وَ أَضعَفَ نُفُوسَكُم وَيلَكُم امضُوا إِلَيهِ وَ اتّبِعُوهُ فَأَينَ خَاضَ خُوضُوا مَعَهُ فَإِنّهُ أَشرَفُ الخَلقِ بَعدَ رَسُولِ اللّهِص
صفحه : 46
بيان مخاض الماء الموضع ألذي يجوز الناس فيه مشاة وركبانا
389- يل ،[الفضائل لابن شاذان ]فض ،[ كتاب الروضة]بِالإِسنَادِ يَرفَعُهُ إِلَي ابنِ عَبّاسٍ قَالَ أَقبَلنَا مَعَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع مِن صِفّينَ فَعَطِشَ الجَيشُ وَ لَم يَكُن بِتِلكَ الأَرضِ مَاءٌ فَشَكَوا ذَلِكَ إِلَي وَارِثِ عِلمِ النّبُوّةِ فَجَعَلَ يَدُورُ فِي تِلكَ الأَرضِ إِلَي أَنِ استَبطَنَ البَرّ فَرَأَي صَخرَةً عَظِيمَةً فَوَقَفَ عَلَيهَا وَ قَالَ السّلَامُ عَلَيكِ أَيّتُهَا الصّخرَةُ فَقَالَتِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا وَارِثَ عِلمِ النّبُوّةِ فَقَالَ لَهَا أَينَ المَاءُ قَالَ تحَتيِ يَا وصَيِّ مُحَمّدٍص قَالَ فَأَخبَرَ النّاسَ بِمَا قَالَتِ الصّخرَةُ لَهُ قَالَ فَانكَبّوا إِلَيهَا بِمِائَةِ نَفَرٍ فَعَجَزُوا أَن يُحَرّكُوهَا فَعِندَ ذَلِكَ قَالَ ع إِلَيكُم عَنهَا ثُمّ إِنّهُ ع وَقَفَ عَلَيهَا وَ حَرّكَ شَفَتَيهِ وَ دَفَعَهَا بِيَدِهِ فَانقَلَبَت كَلَمحِ البَصَرِ وَ إِذَا تَحتَهَا عَينُ مَاءٍ أَحلَي مِنَ العَسَلِ وَ أَبرَدُ مِنَ الثّلجِ فَسَقَوُا المُسلِمِينَ وَ سَقَوا خُيُولَهُم وَ أَكثَرُوا مِنَ المَاءِ ثُمّ إِنّهُ ع أَقبَلَ إِلَي الصّخرَةِ وَ قَالَ لَهَا عوُديِ إِلَي مَوضِعِكِ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَجَعَلَت تَدُورُ عَلَي وَجهِ الأَرضِ كَالكُرَةِ فِي المَيَدَانِ حَتّي أَطبَقَت عَلَي العَينِ ثُمّ رَجَعُوا وَ رَحَلُوا عَنهَا
390- يج ،[الخرائج والجرائح ] عَن أَبِي هَاشِمٍ الجعَفرَيِّ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ لَمّا فَرَغَ عَلِيّ ع مِن صِفّينَ وَقَفَ عَلَي شَاطِئِ الفُرَاتِ وَ قَالَ أَيّهَا الواَديِ مَن أَنَا فَاضطَرَبَ وَ تَشَقّقَت أَموَاجُهُ وَ قَد نَظَرَ النّاسُ فَسَمِعُوا مِنَ الفُرَاتِ صَوتاً أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِص وَ أَنّ عَلِيّاً أَمِيرَ المُؤمِنِينَ حُجّةُ اللّهِ عَلَي خَلقِهِ
391-يج ،[الخرائج والجرائح ] عَن عَبدِ اللّهِ بنِ السكّسكَيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع أَنّ عَلِيّاً ع لَمّا قَدِمَ مِن صِفّينَ وَقَفَ عَلَي شَاطِئِ الفُرَاتِ ثُمّ انتَزَعَ سَهماً مِن كِنَانَتِهِ ثُمّ أَخرَجَ مِنهَا قَضِيباً أَصفَرَ فَضَرَبَ بِهِ الفُرَاتَ وَ قَالَ
صفحه : 47
انفجَرِيِ فَانفَجَرَت اثنَتَا عَشرَةَ عَيناً كُلّ عَينٍ كَالطّودِ وَ النّاسُ يَنظُرُونَ إِلَيهِ ثُمّ تَكَلّمَ بِكَلَامٍ لَم يَفهَمُوهُ فَأَقبَلَتِ الحِيتَانُ رَافِعَةً رُءُوسَهَا بِالتّهلِيلِ وَ التّكبِيرِ وَ قَالَتِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا حُجّةَ اللّهِ عَلَي خَلقِهِ فِي أَرضِهِ وَ يَا عَينَ اللّهِ فِي عِبَادِهِ خَذَلَكَ قَومُكَ بِصِفّينَ كَمَا خَذَلَ هَارُونَ بنَ عِمرَانَ قَومُهُ فَقَالَ لَهُم أَ سَمِعتُم قَالُوا نَعَم قَالَ فَهَذِهِ آيَةٌ لِي عَلَيكُم وَ قَد أَشهَدتُكُم عَلَيهِ
392- يج ،[الخرائج والجرائح ] عَن عَبدِ الوَاحِدِ بنِ زَيدٍ قَالَ كُنتُ حَاجّاً إِلَي بَيتِ اللّهِ فَبَينَا أَنَا فِي الطّوَافِ إِذ رَأَيتُ جَارِيَتَينِ عِندَ الرّكنِ اليمَاَنيِّ تَقُولُ إِحدَاهُمَا لِلأُخرَي لَا وَ حَقّ المُنتَجَبِ لِلوَصِيّةِ وَ القَاسِمِ بِالسّوِيّةِ وَ العَادِلِ فِي القَضِيّةِ بَعلِ فَاطِمَةَ الزّكِيّةِ الرّضِيّةِ المَرضِيّةِ مَا كَانَ كَذَا فَقُلتُ مَن هَذَا المَنعُوتُ فَقَالَت هَذَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَمُ الأَعلَامِ وَ بَابُ الأَحكَامِ قَسِيمُ الجَنّةِ وَ النّارِ ربَاّنيِّ الأُمّةِ قُلتُ مِن أَينَ تَعرِفِينَهُ قَالَت كَيفَ لَا أَعرِفُهُ وَ قَد قُتِلَ أَبِي بَينَ يَدَيهِ بِصِفّينَ وَ لَقَد دَخَلَ عَلَي أمُيّ لَمّا رَجَعَ فَقَالَ يَا أُمّ الأَيتَامِ كَيفَ أَصبَحتِ قَالَت بِخَيرٍ ثُمّ أخَرجَتَنيِ وَ أخُتيِ هَذِهِ إِلَيهِ وَ كَانَ قَد ركَبِتَنيِ مِنَ الجدُرَيِّ مَا ذَهَبَ بِهِ بصَرَيِ فَلَمّا نَظَرَ ع إلِيَّ تَأَوّهَ وَ قَالَ
مَا إِن تَأَوّهتُ مِن شَيءٍ رُزِئتُ بِهِ | كَمَا تَأَوّهتُ لِلأَطفَالِ فِي الصّغَرِ |
قَد مَاتَ وَالِدُهُم مَن كَانَ يَكفُلُهُم | فِي النّائِبَاتِ وَ فِي الأَسفَارِ وَ الحَضَرِ |
ثُمّ أَمَرّ يَدَهُ المُبَارَكَةَ عَلَي وجَهيِ فَانفَتَحَت عيَنيِ لوِقَتيِ وَ ساَعتَيِ فَوَ اللّهِ إنِيّ لَأَنظُرُ إِلَي الجَمَلِ الشّارِدِ فِي اللّيلَةِ المُظلِمَةِ بِبَرَكَتِهِ ع
صفحه : 49
393- لي ،[الأمالي للصدوق ]القَطّانُ عَنِ ابنِ زَكَرِيّا عَنِ ابنِ حَبِيبٍ عَن عَلِيّ بنِ زِيَادٍ عَنِ الهَيثَمِ بنِ عدَيِّ عَنِ الأَعمَشِ عَن يُونُسَ بنِ أَبِي إِسحَاقَ قَالَ حَدّثَنَا أَبُو الصّقرِ عَن عدَيِّ بنِ أَرطَاةَ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ يَوماً لِعَمرِو بنِ العَاصِ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ أَيّنَا أَدهَي قَالَ عَمرٌو أَنَا لِلبَدِيهَةِ وَ أَنتَ لِلرّوِيّةِ قَالَ مُعَاوِيَةُ قَضَيتَ لِي عَلَي نَفسِكَ وَ أَنَا أَدهَي مِنكَ فِي البَدِيهَةِ قَالَ عَمرٌو فَأَينَ كَانَ دَهَاؤُكَ يَومَ رَفَعتُ المَصَاحِفَ قَالَ بِهَا غلَبَتنَيِ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ أَ فَلَا أَسأَلُكَ عَن شَيءٍ تصَدقُنُيِ فِيهِ قَالَ وَ اللّهِ إِنّ الكَذِبَ لَقَبِيحٌ فَاسأَل عَمّا بَدَا لَكَ أَصدُقكَ فَقَالَ هَل غشَشَتنَيِ مُنذُ نصَحَتنَيِ قَالَ لَا قَالَ بَلَي وَ اللّهِ لَقَد غشَشَتنَيِ أَمَا إنِيّ لَا أَقُولُ فِي كُلّ المَوَاطِنِ وَ لَكِن فِي مَوطِنٍ وَاحِدٍ قَالَ وَ أَيّ مَوطِنٍ قَالَ يَومَ دعَاَنيِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ لِلمُبَارَزَةِ فَاستَشَرتُكَ فَقُلتُ مَا تَرَي يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ فَقُلتَ كُفوٌ كَرِيمٌ فَأَشَرتَ عَلَيّ بِمُبَارَزَتِهِ وَ أَنتَ تَعلَمُ مَن هُوَ فَعَلِمتُ أَنّكَ غشَشَتنَيِ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ دَعَاكَ رَجُلٌ إِلَي مُبَارَزَةٍ عَظِيمُ الشّرَفِ جَلِيلُ الخَطَرِ وَ كُنتَ مِن مُبَارَزَتِهِ
صفحه : 50
عَلَي إِحدَي الحسنين [الحُسنَيَينِ]إِمّا أَن تَقتُلَهُ فَتَكُونَ قَد قَتَلتَ قِتَالَ الأَقرَانِ وَ تَزدَادُ بِهِ شَرَفاً إِلَي شَرَفِكَ وَ تَخلُو بِمُلكِكَ وَ إِمّا أَن تُعَجّلَ إِلَي مُرَافَقَةِالشّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً قَالَ مُعَاوِيَةُ هَذِهِ شَرّ مِنَ الأُولَي وَ اللّهِ إنِيّ لَأَعلَمُ أنَيّ لَو قَتَلتُهُ دَخَلتُ النّارَ وَ لَو قتَلَنَيِ دَخَلتُ النّارَ قَالَ لَهُ عَمرٌو فَمَا حَمَلَكَ عَلَي قِتَالِهِ قَالَ المُلكُ عَقِيمٌ وَ لَن يَسمَعَهَا منِيّ أَحَدٌ بَعدَكَ
394- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَن مُحَمّدِ بنِ عِمرَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ عَنِ الوَلِيدِ بنِ مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ عَن أَبِيهِ قَالَ استَأذَنَ عَمرُو بنُ العَاصِ عَلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ فَلَمّا دَخَلَ عَلَيهِ استَضحَكَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ لَهُ عَمرٌو مَا أَضحَكَكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَدَامَ اللّهُ سُرُورَكَ قَالَ ذَكَرتُ ابنَ أَبِي طَالِبٍ وَ قَد غَشِيَكَ بِسَيفِهِ فَاتّقَيتَهُ وَ وَلّيتَ فَقَالَ أَ تُشمِتُ بيِ يَا مُعَاوِيَةُ فَأَعجَبُ مِن هَذَا يَومٌ دَعَاكَ إِلَي البِرَازِ فَالتَمَعَ لَونُكَ وَ أَطّت أَضلَاعُكَ وَ انتَفَخَ سَحرُكَ وَ اللّهِ لَو بَارَزتَهُ لَأَوجَعَ قَذَالَكَ وَ أَيتَمَ عِيَالَكَ وَ بَزّكَ سُلطَانَكَ وَ أَنشَأَ عَمرٌو يَقُولُ
معُاَويَِ لَا تُشمِت بِفَارِسِ بُهمَةٍ | لقَيَِ فَارِساً لَا تَعتَلِيهِ الفَوَارِسُ |
معُاَويَِ لَو أَبصَرتَ فِي الحَربِ مُقبِلًا | أَبَا حَسَنٍ تهَويِ عَلَيكَ الوَسَاوِسُ |
وَ أَيقَنتَ أَنّ المَوتَ حَقّ وَ أَنّهُ | لِنَفسِكَ إِن لَم تُمعِنِ الرّكضَ خَالِسٌ |
دَعَاكَ فَصُمّت دُونَهُ الأُذُنُ إِذ دَعَا | وَ نَفسُكَ قَد ضَاقَت عَلَيهَا الأَمَالِسُ |
أَ تُشمِتُ بيِ أَن ناَلنَيِ حَدّ رُمحِهِ | وَ عضَضّنَيِ نَابٌ مِنَ الحَربِ نَاهِسٌ |
فأَيَّ امرِئٍ لَاقَاهُ لَم يَلقَ شِلوَهُ | بِمُعتَرَكٍ تُسفَي عَلَيهِ الرّوَامِسُ |
أَبَي اللّهُ إِلّا أَنّهُ لَيثُ غَابَةٍ | أَبُو أَشبَلَ تُهدَي إِلَيهِ الفَرَائِسُ |
فَإِن كُنتَ فِي شَكّ فَأَرهِج عَجَاجَةً | وَ إِلّا فَتِلكَ التّرّهَاتُ البَسَابِسُ |
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَهلًا يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ وَ لَا كُلّ هَذَا قَالَ أَنتَ استَدعَيتَهُ
بيان استضحك لعله مبالغة في الضحك أوأراد أن يضحك عمرا
صفحه : 51
والتمع لونه ذهب وتغير وأط الرجل ونحوه يئط أطيطا صوت ويقال للجبان انتفخ سحرك أي رئتك وبزه سلبه . و قال الجوهري البهمة بالضم الفارس ألذي لايدري من أين يؤتي من شدة بأسه ويقال أيضا للجيش بهمة و منه قولهم فلان فارس بهمة وليث غابة. و في القاموس الإمليس وبهاء الفلاة ليس بهانبات والجمع أماليس وأمالس شاذ و قال نهس اللحم كمنع وسمع أخذ بمقدم أسنانه ونتفه و قال الشلو بالكسر العضو والجسد من كل شيءكالشلا و كل مسلوح أكل منه شيء وبقيت منه بقية و قال الروامس الرياح الدوافن للآبار و قال أرهج أثار الغبار و قال العجاج الغبار و قال الترهة كقبرة الباطل و قال الترهات البسابس وبالإضافة الباطل
395-كشف ،[كشف الغمة] لَمّا عَزَمَ مُعَاوِيَةُ عَلَي قِتَالِ عَلِيّ ع شَاوَرَ فِيهِ ثِقَاتِهِ وَ أَهلَ وُدّهِ فَقَالُوا هَذَا أَمرٌ عَظِيمٌ لَا يَتِمّ إِلّا بِعَمرِو بنِ العَاصِ فَإِنّهُ قَرِيعُ زَمَانِهِ فِي الدّهَاءِ وَ المَكرِ وَ قُلُوبُ أَهلِ الشّامِ مَائِلَةٌ إِلَيهِ وَ هُوَ يَخدَعُ وَ لَا يُخدَعُ فَقَالَ صَدَقتُم وَ لَكِنّهُ يُحِبّ عَلِيّاً فَأَخَافُ أَن يَمتَنِعَ فَقَالُوا رَغّبهُ بِالمَالِ وَ أَعطِهِ مِصرَ فَكَتَبَ إِلَيهِ مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ خَلِيفَةِ عُثمَانَ بنِ عَفّانَ إِمَامِ المُسلِمِينَ وَ خَلِيفَةِ رَسُولِ رَبّ العَالَمِينَ ذيِ النّورَينِ خَتَنِ المُصطَفَي عَلَي ابنَتَيهِ وَ صَاحِبِ جَيشِ العُسرَةِ وَ بِئرِ رُومَةَ المَعدُومِ النّاصِرِ الكَثِيرِ الخَاذِلِ المَحصُورِ فِي مَنزِلِهِ المَقتُولِ عَطَشاً وَ ظُلماً فِي مِحرَابِهِ المُعَذّبِ بِأَسيَافِ الفَسَقَةِ إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ صَاحِبِ رَسُولِ اللّهِص وَ ثِقَتِهِ وَ أَمِيرِ عَسكَرِهِ بِذَاتِ السّلَاسِلِ المُعَظّمِ رَأيُهُ المُفَخّمِ تَدبِيرُهُ أَمّا بَعدُ فَلَن يَخفَي عَلَيكَ احتِرَاقُ قُلُوبِ المُؤمِنِينَ وَ فَجعَتُهُم بِقَتلِ عُثمَانَ وَ مَا ارتَكَبَهُ جَارُهُ بَغياً وَ حَسَداً وَ امتِنَاعُهُ عَن نُصرَتِهِ وَ خِذلَانُهُ إِيّاهُ حَتّي قُتِلَ فِي مِحرَابِهِ فَيَا لَهَا
صفحه : 52
مُصِيبَةً عَمّتِ النّاسَ وَ فَرَضَت عَلَيهِم طَلَبَ دَمِهِ مِن قَتَلَتِهِ وَ أَنَا أَدعُوكَ إِلَي الحَظّ الأَجزَلِ مِنَ الثّوَابِ وَ النّصِيبِ الأَوفَرِ مِن حُسنِ المَآبِ بِقِتَالِ مَن آوَي قَتَلَةَ عُثمَانَ فَكَتَبَ إِلَيهِ عَمرُو بنُ العَاصِ مِن عَمرِو بنِ العَاصِ صَاحِبِ رَسُولِ اللّهِص إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَمّا بَعدُ فَقَد وَصَلَ كِتَابُكَ فَقَرَأتُهُ وَ فَهِمتُهُ فَأَمّا مَا دعَوَتنَيِ إِلَيهِ مِن قِتَالِ عَلِيّ فَقَد دعَوَتنَيِ وَ اللّهِ إِلَي خَلعِ رِبقَةِ الإِسلَامِ مِن عنُقُيِ وَ التّهَوّرِ فِي الضّلَالَةِ مَعَكَ وَ إعِاَنتَيِ إِيّاكَ عَلَي البَاطِلِ وَ اختَرَاطِ السّيفِ فِي وَجهِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هُوَ أَخُو رَسُولِ اللّهِص وَ وَصِيّهُ وَ وَارِثُهُ وَ قاَضيِ دَينِهِ وَ مُنجِزُ وَعدِهِ وَ زَوجُ ابنَتِهِ سَيّدَةِ نِسَاءِ العَالَمِينَ وَ أَبُو السّبطَينِ سيَدّيَ شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ وَ أَمّا قَولُكَ إِنّكَ خَلِيفَةُ عُثمَانَ صَدَقتَ وَ لَكِن تَبَيّنَ اليَومَ عَزلُكَ مِن خِلَافَتِهِ وَ قَد بُويِعَ لِغَيرِهِ فَزَالَت خِلَافَتُكَ وَ أَمّا مَا عظَمّتنَيِ بِهِ وَ نسَبَتنَيِ إِلَيهِ مِن صُحبَةِ رَسُولِ اللّهِص وَ أنَيّ صَاحِبُ جَيشِهِ فَلَا أَغتَرّ بِالتّزكِيَةِ وَ لَا أَمِيلُ بِهَا عَنِ المِلّةِ وَ أَمّا مَا نَسَبتَ أَبَا الحَسَنِ أَخَا رَسُولِ اللّهِص وَ وَصِيّهُ إِلَي البغَيِ وَ الحَسَدِ لِعُثمَانَ وَ سَمّيتَ الصّحَابَةَ فَسَقَةً وَ زَعَمتَ أَنّهُ أَشلَاهُم عَلَي قَتلِهِ فَهَذَا كَذِبٌ وَ غَوَايَةٌ وَيحَكَ يَا مُعَاوِيَةُ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ أَبَا الحَسَنِ بَذَلَ نَفسَهُ بَينَ يدَيَ رَسُولِ اللّهِص وَ بَاتَ عَلَي فِرَاشِهِ وَ هُوَ صَاحِبُ السّبقِ إِلَي الإِسلَامِ وَ الهِجرَةِ وَ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللّهِص هُوَ منِيّ وَ أَنَا مِنهُ وَ هُوَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي إِلّا أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ وَ قَالَ فِيهِ يَومَ الغَدِيرِ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ وَ انصُر مَن نَصَرَهُ وَ اخذُل مَن خَذَلَهُ وَ قَالَ فِيهِ يَومَ خَيبَرَ لَأُعطِيَنّ الرّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يُحِبّهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ
صفحه : 53
وَ قَالَ فِيهِ يَومَ الطّيرِ أللّهُمّ ائتنِيِ بِأَحَبّ خَلقِكَ إِلَيكَ فَلَمّا دَخَلَ قَالَ وَ إلِيَّ وَ إلِيَّ وَ قَالَ فِيهِ يَومَ النّضِيرِ عَلِيّ إِمَامُ البَرَرَةِ وَ قَاتِلُ الفَجَرَةِ مَنصُورٌ مَن نَصَرَهُ مَخذُولٌ مَن خَذَلَهُ وَ قَالَ فِيهِ عَلِيّ وَلِيّكُم بعَديِ وَ أَكّدَ القَولَ عَلَيّ وَ عَلَيكَ وَ عَلَي جَمِيعِ المُسلِمِينَ وَ قَالَ إنِيّ مُخلِفٌ فِيكُمُ الثّقَلَينِ كِتَابَ اللّهِ وَ عتِرتَيِ وَ قَالَ أَنَا مَدِينَةُ العِلمِ وَ عَلِيّ بَابُهَا وَ قَد عَلِمتَ يَا مُعَاوِيَةُ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الآيَاتِ المَتلُوّاتِ فِي فَضَائِلِهِ التّيِ لَا يَشرَكُهُ فِيهَا أَحَدٌ كَقَولِهِ تَعَالَييُوفُونَ بِالنّذرِ وَ كَقَولِهِإِنّما وَلِيّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ كَقَولِهِأَ فَمَن كانَ عَلي بَيّنَةٍ مِن رَبّهِ وَ يَتلُوهُ شاهِدٌ مِنهُ وَ كَقَولِهِرِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيهِ وَ كَقَولِهِقُل لا أَسئَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلّا المَوَدّةَ فِي القُربي وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَ مَا تَرضَي أَن يَكُونَ سِلمُكَ سلِميِ وَ حَربُكَ حرَبيِ وَ تَكُونَ أخَيِ وَ ولَيِيّ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ يَا أَبَا الحَسَنِ مَن أَحَبّكَ فَقَد أحَبَنّيِ وَ مَن أَبغَضَكَ فَقَد أبَغضَنَيِ وَ مَن أَحَبّكَ أَدخَلَهُ اللّهُ الجَنّةَ وَ مَن أَبغَضَكَ أَدخَلَهُ اللّهُ النّارَ وَ كِتَابُكَ يَا مُعَاوِيَةُ ألّذِي هَذَا جَوَابُهُ لَيسَ مِمّا يَنخَدِعُ بِهِ مَن لَهُ عَقلٌ وَ دِينٌ وَ السّلَامُ فَكَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ يُعرِضُ عَلَيهِ الأَموَالَ وَ الوِلَايَاتِ وَ كَتَبَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ
جَهِلتَ وَ لَم تَعلَم مَحَلّكَ عِندَنَا | فَأَرسَلتَ شَيئاً مِن خِطَابٍ وَ مَا تدَريِ |
فَثِق باِلذّيِ عنِديِ لَكَ اليَومَ آنِفاً | مِنَ العِزّ وَ الإِكرَامِ وَ الجَاهِ وَ النّصرِ |
فَأَكتُبُ عَهداً تَرتَضِيهِ مُؤَكّداً | وَ أَشفَعُهُ بِالبَذلِ منِيّ وَ بِالبِرّ |
فَكَتَبَ إِلَيهِ عَمرٌو بِأَبيَاتٍ لَيسَ بِالشّعرِ الجَيّدِ يَطلُبُ فِيهَا مِصرَ وَ أَوّلُهَا
صفحه : 54
أَبَي القَلبُ منِيّ أَن أُخَادَعَ بِالمَكرِ | بِقَتلِ ابنِ عَفّانَ أُجَرّ إِلَي الكُفرِ |
فَكَتَبَ لَهُ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ وَ أَنفَذَهُ إِلَيهِ فَفَكّرَ عَمرٌو وَ لَم يَدرِ مَا يَصنَعُ وَ ذَهَبَ عَنهُ النّومُ فَقَالَ
تَطَاوَلَ ليَليِ بِالهُمُومِ الطّوَارِقِ | وَ صَافَحتُ مِن دهَريِ وُجُوهَ البَوَائِقِ |
أَ أَخدَعُهُ وَ الخَدعُ منِيّ سَجِيّةٌ | أَم أُعطِيهِ مِن نفَسيِ نَصِيحَةَ وَامِقٍ |
أَم أَقعُدُ فِي بيَتيِ وَ فِي ذَاكَ رَاحَةٌ | لِشَيخٍ يَخَافُ المَوتَ فِي كُلّ شَارِقٍ |
فَلَمّا أَصبَحَ دَعَا مَولَاهُ وَردَانَ وَ كَانَ عَاقِلًا فَشَاوَرَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ وَردَانُ إِنّ مَعَ عَلِيّ آخِرَةً وَ لَا دُنيَا مَعَهُ وَ هيَِ التّيِ تَبقَي لَكَ وَ تَبقَي فِيهَا وَ إِنّ مَعَ مُعَاوِيَةَ دُنيَا وَ لَا آخِرَةَ مَعَهُ وَ هيَِ التّيِ لَا تَبقَي عَلَي أَحَدٍ فَاختَر مَا شِئتَ فَتَبَسّمَ عَمرٌو وَ قَالَ
يَا قَاتَلَ اللّهُ وَردَاناً وَ فِطنَتَهُ | لَقَد أَصَابَ ألّذِي فِي القَلبِ وَردَانُ |
لَمّا تَعَرّضَتِ الدّنيَا عَرَضتُ لَهَا | بِحِرصِ نفَسيِ وَ فِي الأَطبَاعِ إِدهَانٌ |
نَفسٌ تَعُفّ وَ أُخرَي الحِرصُ يَغلِبُهَا | وَ المَرءُ يَأكُلُ نَتناً وَ هُوَ غَرثَانٌ |
أَمّا عَلِيّ فَدِينٌ لَيسَ يَشرَكُهُ | دُنيَا وَ ذَاكَ لَهُ دُنيَا وَ سُلطَانٌ |
فَاختَرتُ مِن طمَعَيِ دُنيَا عَلَي بصَرَيِ | وَ مَا معَيِ باِلذّيِ أَختَارُ بُرهَانٌ |
إنِيّ لَأَعرِفُ مَا فِيهَا وَ أُبصِرُهُ | وَ فِيّ أَيضاً لِمَا أَهوَاهُ أَلوَانٌ |
لَكِنّ نفَسيِ تُحِبّ العَيشَ فِي شَرَفٍ | وَ لَيسَ يَرضَي بِذُلّ العَيشِ إِنسَانٌ |
ثُمّ إِنّ عَمراً رَحَلَ إِلَي مُعَاوِيَةَ فَمَنَعَهُ ابنُهُ عَبدُ اللّهِ وَ وَردَانُ فَلَم يَمتَنِع فَلَمّا بَلَغَ مَفرِقَ الطّرِيقَينِ الشّامِ وَ العِرَاقِ قَالَ لَهُ وَردَانُ طَرِيقُ العِرَاقِ طَرِيقُ الآخِرَةِ وَ طَرِيقُ الشّامِ طَرِيقُ الدّنيَا فَأَيّهُمَا تَسلُكُ قَالَ طَرِيقَ الشّامِ
تَوضِيحٌ قَالَ الجوَهرَيِّ القَرِيعُ الفَحلُ وَ السّيّدُ يُقَالُ فُلَانٌ قَرِيعُ دَهرِهِ وَ قَرِيعُكَ ألّذِي يُقَارِعُكَ.
صفحه : 55
وَ قَالَ فِي النّهَايَةِ فِيهِ ذِكرُ بِئرِ رُومَةَ هيَِ بِضَمّ الرّاءِ اسمُ بِئرٍ بِالمَدِينَةِ اشتَرَاهَا عُثمَانُ وَ سَبّلَهَا وَ فِي القَامُوسِ أَشلَي دَابّتَهُ أَرَاهَا المِخلَاةَ لِتَأتِيَهُ وَ النّاقَةَ دَعَاهَا لِلحَلبِ وَ الوَامِقُ المُحِبّ وَ الشّارِقُ الشّمسُ وَ شَرِقَتِ الشّمسُ طَلَعَت وَ الغَرثَانُ الجَائِعُ
396- نهج ،[نهج البلاغة] وَ لَم يُبَايِع حَتّي شَرَطَ أَن يُؤتِيَهُ عَلَي البَيعَةِ ثَمَناً فَلَا ظَفِرَت يَدُ المُبَايِعِ[البَائِعِ] وَ خَزِيَت أَمَانَةُ المُبتَاعِ فَخُذُوا لِلحَربِ أُهبَتَهَا وَ أَعِدّوا لَهَا عُدّتَهَا فَقَد شَبّ لَظَاهَا وَ عَلَا سَنَاهَا وَ استَشعِرُوا الصّبرَ فَإِنّهُ أَدعَي إِلَي النّصرِ
بيان قوله عليه السلام و لم يبايع قال الشارحون إشارة إلي مااشتهر من أن أمير المؤمنين ع لمانزل بالكوفة بعدفراغه من البصرة كتب إلي معاوية كتابا يدعوه إلي البيعة فدعا قوما من أهل الشام إلي الطلب بدم عثمان فأجابوه وأشار إليه أخوه بالاستعانة بعمرو بن العاص فلما قدم عليه وعرف حاجته إليه تباعد عنه وجعل يمدح عليا ع في وجهه حتي رضي معاوية أن يعطيه المصر فبايعه فذلك معني قوله ع أن يؤتيه علي البيعة ثمنا ثم أردف ذلك بالدعاء علي البائع لدينه و هوعمرو بعدم الظفر في الحرب أوبالثمن أوبشيء مما يأمله وألحقه بالتوبيخ للمبتاع و هومعاوية بذكر هوان أمانته عليه وهي بلاد المسلمين وأموالهم . ويحتمل أن يكون إسناد الخزي إلي الأمانة إسنادا مجازيا. وذهب بعض الشارحين إلي أن المراد بالبائع معاوية وبالمبتاع عمرو و هوضعيف لأن الثمن إذا كان مصرا فالمبتاع هومعاوية كذا ذكره ابن ميثم . و قال ابن أبي الحديد في أكثر النسخ فلاظفرت يد المبايع بميم المفاعلة والظاهر مارويناه .
صفحه : 56
قوله ع فقد شب لظاها أي أوقدت نارها وأثيرت وروي بالبناء للفاعل أي ارتفع لهبها والسنا بالقصر الضوء.أقول قال ابن أبي الحديد روي ابن قتيبة في كتاب عيون الأخبار قال رأي عمرو بن العاص معاوية يوما فضحك فقال مم تضحك يا أمير المؤمنين أضحك الله سنك قال أضحك من حضور ذهنك حين إبدائك سوأتك يوم ابن أبي طالب ع و الله لقد وجدته منانا و لوشاء أن يقتلك لقتلك فقال عمرو يا أمير المؤمنين أما و الله إني لعن يمينك حين دعاك إلي البراز فاحولت عيناك وانتفخ سحرك وبدا منك ماأكره ذكره فمن نفسك أضحك أوفدع
صفحه : 57
398-نهج ،[نهج البلاغة]ج ،[الإحتجاج ]احتِجَاجُهُ ع عَلَي مُعَاوِيَةَ فِي جَوَابِ كِتَابٍ كَتَبَهُ إِلَيهِ وَ فِي غَيرِهِ مِنَ المَوَاضِعِ وَ هُوَ مِن أَحسَنِ الحِجَاجِ وَ أَصوَبِهِ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَيِ كِتَابُكَ تَذكُرُ اصطِفَاءَ اللّهِ تَعَالَي مُحَمّداًص لِدِينِهِ وَ تَأيِيدَهُ إِيّاهُ بِمَن أَيّدَهُ مِن أَصحَابِهِ فَلَقَد خَبّأَ لَنَا الدّهرُ مِنكَ عَجَباً إِذ طَفِقتَ تُخبِرُنَا بِبَلَاءِ اللّهِ عِندَنَا وَ نِعمَتِهِ عَلَينَا فِي نَبِيّنَا فَكُنتَ فِي ذَلِكَ كَنَاقِلِ التّمرِ إِلَي هَجَرَ أَو داَعيِ مُسَدّدِهِ إِلَي النّضَالِ
صفحه : 58
وَ زَعَمتَ أَنّ أَفضَلَ النّاسِ فِي الإِسلَامِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَذَكَرتَ أَمراً إِن تَمّ اعتَزَلَكَ كُلّهُ وَ إِن نَقَصَ لَم يَلحَقكَ ثَلمُهُ وَ مَا أَنتَ وَ الفَاضِلَ وَ المَفضُولَ وَ السّائِسَ وَ المَسُوسَ وَ مَا لِلطّلَقَاءِ وَ أَبنَاءِ الطّلَقَاءِ وَ التّميِيزَ بَينَ المُهَاجِرِينَ الأَوّلِينَ وَ تَرتِيبَ دَرَجَاتِهِم وَ تَعرِيفَ طَبَقَاتِهِم هَيهَاتَ لَقَد حَنّ قِدحٌ لَيسَ مِنهَا فَطَفِقَ يَحكُمُ فِيهَا مَن عَلَيهِ الحُكمُ لَهَا أَ لَا تَربَعُ أَيّهَا الإِنسَانُ عَلَي ظَلعِكَ وَ تَعرِفُ قُصُورَ ذَرعِكَ وَ تَتَأَخّرُ حَيثُ أَخّرَكَ القَدَرُ فَمَا عَلَيكَ غَلَبَةُ المَغلُوبِ وَ لَا لَكَ ظَفَرُ الظّافِرِ وَ إِنّكَ لَذَهّابٌ فِي التّيهِ رَوّاغٌ عَنِ القَصدِ أَ لَا تَرَي غَيرَ مُخبِرٍ لَكَ وَ لَكِن بِنِعمَةِ اللّهِ أُحَدّثُ أَنّ قَوماً استُشهِدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ لِكُلّ فَضلٌ حَتّي إِذَا استُشهِدَ شَهِيدُنَا قِيلَ سَيّدُ الشّهَدَاءِ وَ خَصّهُ رَسُولُ اللّهِص بِسَبعِينَ تَكبِيرَةً عِندَ صَلَاتِهِ عَلَيهِ أَ وَ لَا تَرَي أَنّ قَوماً قُطّعَت أَيدِيهِم فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لِكُلّ فَضلٌ حَتّي إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا كَمَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِم قِيلَ الطّيّارُ فِي الجَنّةِ وَ ذُو الجَنَاحَينِ وَ لَو لَا مَا نَهَي اللّهُ عَنهُ مِن تَزكِيَةِ المَرءِ نَفسَهُ لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمّةً تَعرِفُهَا قُلُوبُ المُؤمِنِينَ وَ لَا تَمُجّهَا آذَانُ السّامِعِينَ فَدَع عَنكَ مَن مَالَت بِهِ الرّمِيّةُ فَإِنّا صَنَائِعُ رَبّنَا وَ النّاسُ بَعدُ صَنَائِعُ لَنَا لَم يَمنَعنَا قَدِيمُ عِزّنَا وَ عاَديِّ طَولِنَا عَلَي قَومِكَ أَن خَلَطنَاكُم بِأَنفُسِنَا فَنَكَحنَا وَ أَنكَحنَا فِعلَ الأَكفَاءِ وَ لَستُم هُنَاكَ وَ أَنّي يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَ مِنّا النّبِيّ وَ مِنكُمُ المُكَذّبُ وَ مِنّا أَسَدُ اللّهِ وَ مِنكُم أَسَدُ الأَحلَافِ وَ مِنّا سَيّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ وَ مِنكُم صِبيَةُ النّارِ وَ مِنّا خَيرُ نِسَاءِ العَالَمِينَ وَ مِنكُم حَمّالَةُ الحَطَبِ فِي كَثِيرٍ مِمّا لَنَا وَ عَلَيكُم فَإِسلَامُنَا مَا قَد سُمِعَ وَ جَاهِلِيّتُكُم مَا لَا تُدفَعُ وَ كِتَابُ اللّهِ يَجمَعُ لَنَا مَا شَذّ عَنّا وَ هُوَ قَولُهُ تَعَالَيوَ أُولُوا الأَرحامِ بَعضُهُم أَولي بِبَعضٍ فِي كِتابِ اللّهِ
صفحه : 59
وَ قَولُهُ تَعَالَيإِنّ أَولَي النّاسِ بِإِبراهِيمَ لَلّذِينَ اتّبَعُوهُ وَ هذَا النّبِيّ وَ الّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ ولَيِّ المُؤمِنِينَفَنَحنُ مَرّةً أَولَي بِالقَرَابَةِ وَ تَارَةً أَولَي بِالطّاعَةِ وَ لَمّا احتَجّ المُهَاجِرُونَ عَلَي الأَنصَارِ يَومَ السّقِيفَةِ بِرَسُولِ اللّهِص فَلَجُوا عَلَيهِم فَإِن يَكُنِ الفَلَجُ بِهِ فَالحَقّ لَنَا دُونَكُم وَ إِن يَكُن بِغَيرِهِ فَالأَنصَارُ عَلَي دَعوَاهُم وَ زَعَمتَ أنَيّ لِكُلّ الخُلَفَاءِ حَسَدتُ وَ عَلَي كُلّهِم بَغَيتُ فَإِن يَكُن ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيسَ الجِنَايَةُ عَلَيكَ فَيَكُونَ العُذرُ إِلَيكَ
َ تِلكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنكَ عَارُهَا |
وَ قُلتَ إنِيّ كُنتُ أُقَادُ كَمَا يُقَادُ الجَمَلُ المَخشُوشُ حَتّي أُبَايِعَ وَ لَعَمرُ اللّهِ لَقَد أَرَدتَ أَن تَذُمّ فَمَدَحتَ وَ أَن تَفضَحَ فَافتَضَحتَ وَ مَا عَلَي المُسلِمِ مِن غَضَاضَةٍ فِي أَن يَكُونَ مَظلُوماً مَا لَم يَكُن شَاكّاً فِي دِينِهِ وَ لَا مُرتَاباً بِيَقِينِهِ وَ هَذِهِ حجُتّيِ إِلَي غَيرِكَ قَصدُهَا وَ لكَنِيّ أَطلَقتُ لَكَ مِنهَا بِقَدرِ مَا سَنَحَ مِن ذِكرِهَا ثُمّ ذَكَرتَ مَا كَانَ مِن أمَريِ وَ أَمرِ عُثمَانَ فَلَكَ أَن تُجَابَ عَن هَذِهِ لِرَحِمِكَ مِنهُ فَأَيّنَا كَانَ أَعدَي لَهُ وَ أَهدَي إِلَي مَقَاتِلِهِ أَ مَن بَذَلَ لَهُ نُصرَتَهُ فَاستَقعَدَهُ وَ استَكَفّهُ أَم مَنِ استَنصَرَهُ فَتَرَاخَي عَنهُ وَ بَثّ المَنُونَ إِلَيهِ حَتّي أَتَي قَدَرُهُ عَلَيهِ كَلّا وَ اللّهِ لَقَد عَلِمَاللّهُ المُعَوّقِينَ مِنكُم وَ القائِلِينَ لِإِخوانِهِم هَلُمّ إِلَينا وَ لا يَأتُونَ البَأسَ إِلّا قَلِيلًا وَ مَا كُنتُ لِأَعتَذِرَ مِن أنَيّ كُنتُ أَنقِمُ عَلَيهِ أَحدَاثاً فَإِن كَانَ الذّنبُ إِلَيهِ إرِشاَديِ وَ هدِاَيتَيِ لَهُ فَرُبّ مَلُومٍ لَا ذَنبَ لَهُ
َ قَد يَستَفِيدُ الظّنّةَ المُتَنَصّحُ |
وَ مَا أَرَدتُإِلّا الإِصلاحَ مَا استَطَعتُ وَ ما توَفيِقيِ إِلّا بِاللّهِ عَلَيهِ تَوَكّلتُ وَ إِلَيهِ أُنِيبُ
صفحه : 60
وَ ذَكَرتَ أَنّهُ لَيسَ لِي وَ لأِصَحاَبيِ عِندَكَ إِلّا السّيفُ فَلَقَد أَضحَكتَ بَعدَ استِعبَارٍ مَتَي أَلفَيتَ بنَيِ عَبدِ المُطّلِبِ عَنِ الأَعدَاءِ نَاكِلِينَ وَ بِالسّيُوفِ مُخَوّفِينَ
َالبَث قَلِيلًا يَلحَقِ الهَيجَا حَمَلٌ |
فَسَيَطلُبُكَ مَن تَطلُبُ وَ يَقرُبُ مِنكَ مَا تَستَبعِدُ وَ أَنَا مُرقِلٌ نَحوَكَ فِي جَحفَلٍمِنَ المُهاجِرِينَ وَ الأَنصارِ وَ التّابِعِينَ بِإِحسَانٍ شَدِيدٍ زِحَامُهُم سَاطِعٍ قَتَامُهُم مُتَسَربِلِينَ سَرَابِيلَ المَوتِ أَحَبّ اللّقَاءِ إِلَيهِم لِقَاءُ رَبّهِم قَد صَحِبَتهُم ذُرّيّةٌ بَدرِيّةٌ وَ سُيُوفٌ هَاشِمِيّةٌ قَد عَرَفتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا فِي أَخِيكَ وَ خَالِكَ وَ جَدّكَ وَ أَهلِكَوَ ما هيَِ مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ
بيان قال ابن أبي الحديد بعدإيراد هذاالكتاب سألت النقيب أبا جعفريحيي بن أبي زيد قلت أري هذاالجواب منطبقا علي كتاب معاوية ألذي بعثه مع أبي مسلم الخولاني إلي علي ع فإن كان هذا هوالجواب فالجواب ألذي ذكره أرباب السيرة وأورده نصر بن مزاحم في كتاب صفين إذن غيرصحيح و إن كان ذاك الجواب فهذا الجواب إذن غيرصحيح و لاثابت . فقال لي بل كلاهما ثابت مروي وكلاهما كلام أمير المؤمنين ع وألفاظه ثم أمرني أن أكتب مايمليه علي فكتبته . قال رحمه الله كان معاوية يتسقط عليا ع ويبغي عليه ماعساه أن يذكره من حال أبي بكر وعمر وأنهما غصباه حقه و لايزال يكيده بالكتاب يكتبه والرسالة يبعثها يطلب غرته لينفث بما في صدره من حال أبي بكر وعمر إما مكاتبة أومراسلة فيجعل ذلك حجة عليه عند أهل الشام ويضيفه إلي ماقدره في أنفسهم من ذنوبه كمازعم فكان غمصه عندهم بأنه قتل عثمان أومالأ علي قتله و أنه قتل طلحة والزبير وأسر عائشة وأراق دماء أهل البصرة
صفحه : 61
وبقيت خصلة واحدة و هو أن يثبت عندهم أنه يبرأ من أبي بكر وعمر وينسبهما إلي الظلم ومخالفة الرسول في أمر الخلافة وأنهما وثبا عليها غلبة وغصباه إياها فكانت هذه تكون الطامة الكبري وليست مقتصرة علي إفساد أهل الشام عليه بل و أهل العراق الذين هم جنده وبطانته وأنصاره لأنهم كانوا يعتقدون إمامة الشيخين إلاالقليل الشاذ من خواص الشيعة. فلما كتب ذلك الكتاب مع أبي مسلم الخولاني قصد أن يغضب عليا ويحرجه ويحوجه إذاقرأ ذكر أبي بكر و أنه أفضل المسلمين إلي أن يرهن خطه في الجواب بكلمة تقتضي طعنا في أبي بكر فكان الجواب مجمجما غير بين ليس فيه تصريح بالتظليم لهما و لاالتصريح ببراءتهما وتارة يترحم عليهما وتارة يقول أخذا حقي و قدتركته لهما.فأشار عمرو بن العاص علي معاوية أن يكتب كتابا ثانيا مناسبا للكتاب الأول ليستفزا فيه عليا ع ويستخفاه ويحمله الغضب منه أن يكتب كلاما يتعلقان به في تقبيح حاله وتهجين مذهبه و قال له عمرو إن عليا ع رجل نزق تياه مااستطعمت منه الكلام بمثل تقريظ أبي بكر وعمر فاكتب إليه ثانيا فكتب كتابا أنفذه إليه مع أبي أمامة الباهلي و هو من الصحابة بعد أن عزم علي بعثه مع أبي الدرداء ونسخة الكتاب . من عبد الله معاوية بن أبي سفيان إلي علي بن أبي طالب أما بعد فإن الله تعالي جده اصطفي محمداص لرسالته واختصه بوحيه وتأدية شريعته فأنقذ به من العماية وهدي به من الغواية ثم قبضه إليه رشيدا حميدا قد
صفحه : 62
بلغ الشرع ومحق الشرك وأخمد نار الإفك فأحسن الله جزاءه وضاعف عليه نعمه وآلاءه . ثم إن الله سبحانه اختص محمداص بأصحاب أيدوه وآزروه ونصروه وكانوا كما قال الله سبحانه لهم أَشِدّاءُ عَلَي الكُفّارِ رُحَماءُ بَينَهُمفكان أفضلهم مرتبة وأعلاهم عند الله والمسلمين منزلة الخليفة الأول ألذي جمع الكلمة و لم الدعوة وقاتل أهل الردة ثم الخليفة الثاني ألذي فتح الفتوح ومصر الأمصار وأذل رقاب المشركين ثم الخليفة الثالث المظلوم ألذي نشر الملة وطبق الآفاق بالكلمة الحنيفية. فلما استوثق الإسلام وضرب بجرانه عدوت عليه فبغيته الغوائل ونصبت له المكايد وضربت له بطن الأمر وظهره ودسست عليه وأغريت به وقعدت حيث استنصرك عن نصرته وسألك أن تدركه قبل أن يمزق فما أدركته . و ما يوم المسلمين منك بواحد لقد حسدت أبابكر والتويت عليه ورمت إفساد أمره وقعدت في بيتك عنه واستغويت عصابة من الناس حتي تأخروا عن بيعته . ثم كرهت خلافة عمر وحسدته واستطلت مدته وسررت بقتله وأظهرت الشماتة بمصابه حتي إنك حاولت قتل ولده لأنه قتل قاتل أبيه . ثم لم تكن أشد حسدا منك لابن عمك عثمان نشرت مقابحه وطويت محاسنه وطعنت في فقهه ثم في دينه ثم في سيرته ثم في عقله وأغريت به السفهاء من أصحابك وشيعتك حتي قتلوه بمحضر منك لاتدفع عنه بلسان و لايد. و ما من هؤلاء إلا من بغيت عليه وتلكأت في بيعته حتي حملت إليه قهرا تساق بخزائم الاقتسار كمايساق الفحل المخشوش ثم نهضت الآن
صفحه : 63
تطلب الخلافة وقتلة عثمان خلصاؤك وسجراؤك والمحدقون بك وتلك من أماني النفوس وضلالات الأهواء.فدع اللجاج والعنت جانبا وادفع إلينا قتلة عثمان وأعد الأمر شوري بين المسلمين ليتفقوا علي من هولله رضا فلابيعة لك في أعناقها و لاطاعة لك علينا و لاعتبي لك عندنا و ليس لك ولأصحابك عندي إلاالسيف و ألذي لاإله إلا هولأطلبن قتلة عثمان أين كانوا وحيث كانوا حتي أقتلهم أوتلحق روحي بالله .فأما ما لاتزال تمت به من سابقتك وجهادك فإني وجدت الله سبحانه يقول يَمُنّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَمُوا قُل لا تَمُنّوا عَلَيّ إِسلامَكُم بَلِ اللّهُ يَمُنّ عَلَيكُم أَن هَداكُم لِلإِيمانِ إِن كُنتُم صادِقِينَ و لونظرت في حال نفسك لوجدتها أشد الأنفس امتنانا علي الله بعملها و إذا كان الامتنان علي السائل يبطل أجر الصدقة فالامتنان علي الله يبطل أجر الجهاد ويجعله كصَفوانٍ عَلَيهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلداً لا يَقدِرُونَ عَلي شَيءٍ مِمّا كَسَبُوا وَ اللّهُ لا يهَديِ القَومَ الكافِرِينَ. قال النقيب أبو جعفر فلما وصل هذاالكتاب إلي علي ع مع أبي أمامة الباهلي كلم أباأمامة بنحو مما كلم به أبامسلم الخولاني وكتب معه هذاالجواب . قال النقيب و في كتاب معاوية هذاذكر لفظة الجمل المخشوش أوالفحل المخشوش لا في الكتاب الواصل مع أبي مسلم و ليس في ذلك هذه اللفظة وإنما فيه حسدت الخلفاء وبغيت عليهم عرفنا ذلك من نظرك الشزر وقولك
صفحه : 64
الهجر وتنفسك الصعداء وإبطاؤك عن الخلفاء قال وإنما كثير من الناس لايعرفون الكتابين والمشهور عندهم كتاب أبي مسلم فيجعلون هذه اللفظة فيه والصحيح أنها في كتاب أبي أمامة أ لاتراها عادت في الجواب و لوكانت في كتاب أبي مسلم لعادت في جوابه .انتهي كلام النقيب أبي جعفرأقول إنما أوردت هذاالكتاب علي كاتبه وممليه أشد العذاب ليتضح الجواب وليظهر لكل عاقل كفر هذاالمنافق المرتاب . قوله ع فلقد خبأ لنا الدهر قال في النهاية خبأت الشيء خبئا إذاأخفيته والخب ء كل شيءغائب مستور ولعل المعني أن الدهر أخفي لنا من أحوالك شيئا عجبا لم نكن نظن ذلك حتي ظهر منك . ويحتمل أن يكون علي سبيل التجريد أي أنت أعجب الأشياء في الدهر كنت مخفيا فظهرت من قبيل لقيني منه أسد قال ابن ميثم ووجه العجب أنه أخبر أهل بيت النبي ص بحاله و ماأنعم الله به عليه مع علمهم البالغ بحاله وكونهم أولي بالإخبار عنها وضرب له في ذلك مثلين وأصل المثل الأول أن رجلا قدم من هجر إلي البصرة بمال اشتري به شيئا للربح فلم يجد فيهاأكسد من التمر فاشتري بماله تمرا وحمله إلي هجر وادخره في البيوت ينتظر به السعر فلم يزدد إلارخصا حتي فسد جميعه وتلف ما له فضرب مثلا لمن يحمل الشيء إلي معدنه لينتفع به فيه وهجر معروفة بكثرة التمر حتي أنه ربما يبلغ سعر خمسين جلة بدينار ووزن الجلة مائة رطل فذلك خمسة آلاف رطل و لم يسمع ذلك في غيرها من البلاد. والثاني أنه شبهه بداعي مسدده وأستاده في الرمي إلي المراماة ومسدده أولي بأن يدعوه إلي ذلك . قوله ع إن تم اعتزلك كله أي تباعد عنك والمعني ذكرت أمرا إن تم لم ينفعك و إن نقص لم يضرك بل لاتعلق له بك أصلا والثلمة
صفحه : 65
الخلل في الحائط وغيره والسياسة القيام علي الشيء بما يصلحه و ليس في هذاالكلام شهادة منه ع علي فضل الخلفاء لماعرفت من المصلحة في هذاالإجمال . و قال في النهاية أصل الحنين ترجيع الناقة صوتها أثر ولدها و منه كتاب علي ع إلي معاوية و أماقولك كيت وكيت فقد حن قدح ليس منها هومثل يضرب لرجل ينتمي إلي نسب ليس منه أويدعي ما ليس منه في شيء والقدح بالكسر أحد سهام الميسر فإذا كان من غيرجوهر أخواته ثم حركها المفيض بهاخرج له صوت يخالف أصواتها يعرف به . قال الزمخشري في المستقصي القداح التي يضرب بهاتكون من نبع فربما ضاع منها قدح فنحيت علي مثاله من غرب أوغيره آخر بالعجلة فإذااحتك معها صوت صوتا لايشابه أصواتها فيقال ذلك ثم ضربه عمر لعقبة بن أبي معيط حين أمر النبي ص بضرب عنقه يوم بدر فقال اقتل من بين قريش أراد عمر أنك لست من قريش . وقيل في بني الحنان وهم بطن من بلحرث إن جدهم ألقي قدحا في قداح قوم يضربون بالمسير و كان يضرب لهم رجل أعمي فلما وقع قدحه في يده قال حن قدح ليس منها فلقب الحنان لذلك يضرب لمنتحل نسبا أوفضلا انتهي . قوله ع يحكم فيها أي في هذه القصة أوالقضية من كان الحكم لها عليه لا له . ويجوز إرجاع الضمير إلي الطبقات . و قال ابن ميثم يضرب لمن يحكم علي قوم وفيهم و هو من أراد لهم و ليس للحكم بأهل بل هم أولي منه به . و قال الجوهري يقال اربع علي نفسك واربع علي ظلعك أي ارفق بنفسك وكف يقال ظلعت الأرض بأهلها أي ضاقت بهم من كثرتهم ويقال
صفحه : 66
ارق علي ظلعك أي اربع علي نفسك و لاتحمل عليها أكثر مما تطيق . و قال في النهاية فيه أنه لايربع علي ظلعك الظلع بالسكون العرج والمعني لايقيم عليك في حال ضعفك وربع في المكان إذاأقام به . و في الصحاح أصل الذراع هوبسط اليد ويقال ضقت بالأمر ذرعا إذا لم تطقه و لم تقو عليه . و قال ابن ميثم قوله ع حيث أخره القدر إشارة إلي مرتبته النازلة التي جري القدر بها أن تكون نازلة عن مراتب السابقين و قدأمره بالتأخر فيها والوقوف عندها. قوله ع في التيه أي في الضلال والتحير أو في التكبر. قال في النهاية تاه يتيه تيها إذاتحير وضل و إذاتكبر والرواغ الميال . والقصد المعتدل ألذي لايميل إلي طرفي الإفراط والتفريط. قوله ع غيرمخبر أي أتكلم بكلامي هذا لالإخباري إياك بل للتحدث بنعمته سبحانه إما لأن معاوية غيرقابل للخطاب والإخبار بهذا الكلام والمقام مقام تحقيره أولأنه كان عالما به أولأنه يتراءي من مثل هذاالكلام وإخبار الخصم به المفاخرة بذكر تلك الفضائل فدفع ذلك التوهم بقوله لكن بنعمة الله أحدث و ما بعدلكن بهذا الاحتمال أنسب و إن كان قوله ع لك بالأول ألصق . قوله ع قيل سيد الشهداء قال ابن أبي الحديد أي في حياة النبي ص لأن عليا ع مات شهيدا و لاخلاف في أنه أفضل من حمزة و جعفر وغيرهما بل هوسيد المسلمين .
صفحه : 67
قوله بسبعين تكبيرة قال ابن ميثم أي في أربع عشرة صلاة و ذلك أنه كلما كبر عليه خمسا حضرت جماعة أخري من الملائكة فصلي بهم عليه أيضا و ذلك من خصائص حمزة رضي الله عنه . قوله ع لذكر ذاكر يعني نفسه وإنما نكره و لم يأت بالألف واللام و لم ينسبه إلي نفسه لئلا يصرح بتزكية نفسه واستعار لفظ المج لكراهية النفس لبعض مايكرر سماعه وإعراضها عنه فإنها تصير كالقاذف له من الأذن كمايقذف الماج الماء من فيه كذا قيل والظاهر أنه كناية عن أنها لوضوحها لايمكن لأحد إنكارها فغير المؤمنين و إن ثقل عليهم سماعها فلايمكنهم إنكارها. قوله ع فدع عنك إلخ الرمية الصيد يرمي يقال بئس الرمية الأرنب أي بئس الشيء مما يرمي الأرنب والمعني دع ذكر من مال إلي الدنيا وأمالته إليها وأمالته عن الطريق المستقيم فإن شأن الصيد الخروج عن الطريق وهي إشارة إلي الخلفاء والكلام في بيان التفاضل سابقا ولاحقا. و قال ابن أبي الحديد هذه إشارة إلي عثمان لا إلي أبي بكر وعمر و هذامما لايسمن و لايغني من جوع مع أن المذكور في كتاب معاوية لم يكن عثمان وحده كماعرفت . و قال ابن ميثم رحمه الله أي فدع عنك أصحاب الأغراض الفاسدة و لاتلتفت إلي مايقولون في حقنا كعمرو بن العاص ويحتمل أن يكون الإشارة إلي نفسه علي طريقة قولهم إياك أعني واسمعي ياجارة. واستعار لفظ الرمية وكني بها عن الأمور التي تقصدها النفوس وترميها بقصودها انتهي . و لايخفي بعده وأبعد منه ماذكره الكيدري حيث قال أراد أنه مطعون في نسبه وحسبه و أنه أزاله عن مقام التفاخر والتنافر مطاعن شهرت فيه انتهي .
صفحه : 68
وكأنه حمل الرمية علي السهام المرمية. قوله ع فإنا صنائع ربنا هذاكلام مشتمل علي أسرار عجيبة من غرائب شأنهم التي تعجز عنها العقول ولنتكلم علي مايمكننا إظهاره والخوض فيه فنقول صنيعة الملك من يصطنعه ويرفع قدره و منه قوله تعالي وَ اصطَنَعتُكَ لنِفَسيِ أي اخترتك وأخذتك صنيعتي لتنصرف عن إرادتي ومحبتي فالمعني أنه ليس لأحد من البشر علينا نعمة بل الله تعالي أنعم علينا فليس بيننا وبينه واسطة و الناس بأسرهم صنائعنا فنحن الوسائط بينهم و بين الله سبحانه . ويحتمل أن يريد بالناس بعض الناس أي المختار من الناس نصطنعه ونرفع قدره . و قال ابن أبي الحديد هذامقام جليل ظاهره ماسمعت وباطنه أنهم عبيد الله و الناس عبيدهم . و قال ابن ميثم لفظ الصنائع في الموضعين مجاز من قبيل إطلاق اسم المقبول علي القابل والحال علي المحل يقال فلان صنيعة فلان إذااختصه لموضع نعمته والنعمة الجزيلة التي اختصهم الله بهاهي نعمة الرسالة و مايستلزمه من الشرف والفضل حتي كان الناس عيالاتهم فيها. قوله ع وعادي طولنا قال الجوهري عاد قبيلة وهم قوم هود ع و شيءعادي أي قديم كأنه منسوب إلي عاد. و قال ابن أبي الحديد الطول الفضل و قال الأفعال الجميلة كماتكون عادية بطول المدة تكون عادية بكثرة المناقب والمآثر والمفاخر و إن كانت المدة قصيرة و لايراد بالقديم قديم الزمان بل من قولهم لفلان قديم أثر أي سابقة حسنة وإنما جعلنا اللفظ مجازا لأن بني هاشم وبني أمية لم يفترقا في الشرف إلامنذ نشأ هاشم بن عبدمناف ثم لم تكن المدة بين نشإ هاشم وإظهار محمدص الدعوة إلانحو تسعين سنة انتهي .
صفحه : 69
وأقول قدظهر لك مما سبق أن بني أمية لم يكن لهم نسب صحيح ليشاركوا في الحسب آباءه مع أن قديم عزهم لم ينحصر في النسب بل أنوارهم ع أول المخلوقات و من بدء خلق أنوارهم إلي خلق أجسادهم وظهور آثارهم كانوا معروفين بالعز والشرف والكمالات في الأرضين والسماوات يخبر بفضلهم كل سلف خلفا ورفع الله ذكرهم في كل أمة عزا وشرفا. و قوله ع فعل الأكفاء منصوب علي المصدر بفعل مقدر المكذب أبوسفيان وقيل أبوجهل وأسد الله حمزة رضي الله عنه وأرضاه وأسد الأحلاف هوأسد بن عبدالعزي و قال في القاموس الحلف بالكسر العهد بين القوم والصداقة والصديق يحلف لصاحبه أن لايغدر به والجمع أحلاف . والأحلاف في قول زهير أسد وغطفان لأنهم تحالفوا علي
صفحه : 70
التناصر والأحلاف قوم من ثقيف و في قريش ست قبائل عبدالدار وكعب وجمح وسهم ومخزوم وعدي لأنهم لماأرادت بنو عبدمناف أخذ ما في أيدي عبدالدار من الحجابة والسقاية وأبت عبدالدار عقد كل قوم علي أمرهم حلفا مؤكدا علي أن لايتخاذلوا فأخرجت بنو عبدمناف جفنة مملوءة طيبا فوضعتها لأحلافهم وهم أسد وزهرة وتيم عندالكعبة فغمسوا أيديهم فيها وتعاهدوا وتعاقدت بنو عبدالدار وحلفاؤها حلفا آخر مؤكدا فسموا الأحلاف انتهي ونحوه قال في النهاية إلا أنه قال بعد قوله فغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا فسموا المطيبين . وصبية النار إشارة إلي الكلمة التي قالها النبي ص لعقبة بن أبي معيط حين قتله صبرا يوم بدر و قال كالمستعطف له ص من للصبية يا محمد قال النار. وحَمّالَةَ الحَطَبِهي أم جميل بنت حرب بن أمية امرأة أبي لهب . و قوله ع في كثير متعلق بمحذوف أي هذا ألذي ذكرنا داخل في كثير مما يتضمن ماينفعنا ويضركم . قوله ع وجاهليتنا أي شرفنا وفضلنا في الجاهلية لايدفعه أحد و في بعض النسخ وجاهليتكم ولعله أظهر. ووجه الاستدلال بالآية الأولي ظاهر لأنه ع كان أولي الأرحام برسول الله ص وأقربهم إليه وكذا الثانية لأنه كان أقرب الخلق إلي اتباع رسول الله ص وأول من آمن به وصدقه . و قال الجوهري الفلج الظفر والفوز و قدفلج الرجل علي خصمه يفلج فلجا والاسم الفلج بالضم . قوله ع وتلك شكاة قال الجوهري يقال هذاأمر ظاهر عنك عاره أي زائل قال الشاعر.
وعيرها الواشون إني أحبها | وتلك شكاة ظاهر عنك عارها. |
صفحه : 71
و قال شكوت فلانا شكاة إذاأخبرت بسوء فعله . و قال ابن ميثم البيت لأبي ذويب و هومثل يضرب لمن ينكر أمرا ليس منه في شيء و لايلزمه دفعه . والخشاش بالكسر ألذي يدخل في عظم أنف البعير وخششت البعير إذاجعلت في أنفه الخشاش والغضاضة بالفتح المذلة والمنقصة. قوله ع و هذه حجتي إلي غيرك لعل المعني لست أنت المقصود بهالحقارتك كقوله ع غيرمخبر لك أولعلمي بأنك لاتقبل حججي و لاتؤمن بها أولأنك عالم بها و لافائدة في إخبار العالم بل قصدي بذكرها إلي غيرك من السامعين لعله يؤمن بها من أنكرها ويطمئن بهاقلب من آمن بها. و قال ابن ميثم أي لست أنت المقصود بهاإذ لست من هذاالأمر في شيءبل القصد منها غيرك أي الذين ظلموا وإنما ذكرت منها بقدر مادعت الحاجة إليه وسنح لي أن أذكره في جوابك . قوله ع فلك أن تجاب أي هذه ليست مثل السابقة التي لم يكن لك السؤال فيهالأنك من بني أمية وبينك وبينه رحم . و قوله ع فأينا ابتداء تقرير الجواب والأعدي من العداوة أو من العدوان والأول أصوب وأهدي إلي مقاتله أي لوجوه قتله ومواضعه من الآراء والحيل أم من بذل أراد به نفسه المقدسة فإنه لمااشتد الحصار علي عثمان بعث ع إليه وعرض عليه نصرته فقال عثمان لاأحتاج إلي نصرتك ولكن اقعد وكف شرك و ذلك لأن عثمان كان متهما له ع بالدخول في أمره وأراد ع بقوله من استنصره معاوية و ذلك أنه بعث عثمان حال حصاره إلي الشام مستصرخا بمعاوية فلم يزل يتراخي عنه ويؤخر الخروج إلي أن قتل لطمعه في الأمر وذكر القدر ونسبة القتل إليه هاهنا مناسب لتبريه من دمه والبث
صفحه : 72
النشر والمنون الدهر والمنية أي نشر إليه نوائب الدهر وأسباب المنية و قوله ع و الله لقد علم الله اقتباس من قوله تعالي قَد يَعلَمُ اللّهُ المُعَوّقِينَ مِنكُم قال الطبرسي رحمه الله هم الذين كانوا يعوقون غيرهم عن الجهاد مع رسول الله ص والتعويق التثبيطوَ القائِلِينَ لِإِخوانِهِميعني اليهود قالوا لإخوانهم المنافقين هَلُمّ إِلَينا أي تعالوا وأقبلوا إلينا ودعوا محمداص وقيل القائلون هم المنافقون قالوا لإخوانهم من ضعفة المسلمين لاتحاربوا وخلوا محمداص فإنا نخاف عليكم الهلاك وَ لا يَأتُونَ البَأسَ أي لايحضرون القتال والبأس الحرب وأصله الشدةإِلّا قَلِيلًا إلاكارهين يكون قلوبهم مع المشركين . ولعل الغرض من الاقتباس أنه سبحانه عاب المعوقين والقائلين فالمتراخي مقصر علي تقدير وجوب الحضور كمازعمته . ويحتمل أن يكون غرضه واقعا تعويقه عن نصره ع و إن أوهم ظاهره نصر عثمان . و قال الجوهري نقمت علي الرجل أنقم بالكسر إذاعتبت عليه . و قال ابن ميثم في قوله ع فرب ملوم لاذنب له و أنا ذلك الملوم و هومثل لأكثم بن صيفي يضرب لمن قدظهر للناس منه أمر أنكروه عليه وهم لايعرفون حجته وعذره فيه و قوله و قديستفيد إلخ يضرب مثلا لمن يبالغ في النصيحة حتي يتهم أنه غاش وصدر البيت
كم سقت في آثاركم من نصيحة |
. و قال في الصحاح والقاموس المتنصح من تشبه بالنصحاء و هذاالمعني و إن كان محتملا في كلامه ع علي وجه بعيد لكن الظاهر أنه ليس غرضا للشاعر والظاهر ماذكره الخليل في العين حيث قال التنصح كثرة النصيحة قال أكثم بن صيفي إياكم وكثرة التنصح فإنه يورث التهمة انتهي والظنة التهمة.
صفحه : 73
قوله ع فلقد أضحكت بعداستعبار قال الجوهري عبرت عينه واستعبرت أي دمعت والعبران الباكي. و قال ابن ميثم أي أتيت بشيء عجيب بالغ في الغرابة فإن الضحك بعدالبكاء إنما يكون لتعجب بالغ و ذلك كالمثل في معرض الاستهزاء به . وقيل معناه لقد أضحكت من سمع منك هذاتعجبا بعدبكائه علي الدين لتصرفك فيه وألفيت الشيء وجدته قوله ع فالبث قليلا قال ابن ميثم مثل يضرب للوعيد بالحرب وأصله أن حمل بن بدر رجل من قشير أغير علي إبل له في الجاهلية في حرب داحس والغبراء فاستنقذها و قال
لبث قليلا يلحق الهيجاء حمل | ماأحسن الموت إذ الموت نزل . |
وقيل أصله أن مالك بن زهير توعد حمل بن بدر فقال حمل لبث قليلا البيت فأرسل مثلا ثم أتي وقتل مالكا فظفر أخوه قيس بن زهير به وبأخيه حذيفة فقتلهما و قال
شفيت النفس من حمل بن بدر | وسيفي من حذيفة قدشفاني. |
و قال الزمخشري في المستقصي تمام البيت
اأحسن الموت إذاحان الأجل . |
و قال قالوا في حمل هواسم رجل شجاع يستظهر به في الحرب و لايبعد أن يراد به حمل بن بدر صاحب الغبراء يضربه من ناصره وراءه انتهي . ثم اعلم أن حملا في بعض النسخ بالحاء المهملة و في بعضها بالجيم . و قال الفيروزآبادي أرقل أسرع والإرقال ضرب من الخبب والجحفل بتقديم الجيم علي الحاء الجيش والقتام الغبار وسطع الغبار والرائحة والصبح ارتفع والسربال القميص وسرابيل الموت إنما كناية عن الدروع والأحوال والهيئات التي وطنوا نفوسهم علي القتل فيهافكأنها أكفانهم
صفحه : 74
و قوله ع ذرية بدرية أي أولاد البدريين . و قدمر أن أخاه أي معاوية حنظلة وخاله الوليد وجده عتبة أبوأمه
398- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَن مُحَمّدِ بنِ عِمرَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي عَن هِشَامٍ عَن أَبِي مِخنَفٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَاصِمٍ عَن جَبرِ بنِ نَوفٍ قَالَ لَمّا أَرَادَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي الشّامِ اجتَمَعَ إِلَيهِ وُجُوهُ أَصحَابِهِ فَقَالُوا لَو كَتَبتَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ أَصحَابِهِ قَبلَ مَسِيرِنَا إِلَيهِم كِتَاباً تَدعُوهُم إِلَي الحَقّ وَ تَأمُرُهُم بِمَا لَهُم فِيهِ مِنَ الحَظّ كَانَتِ الحُجّةُ تَزدَادُ عَلَيهِم قُوّةً فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لِعُبَيدِ اللّهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبِهِ اكتُببِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ وَ مَن قِبَلَهُ مِنَ النّاسِ سَلَامٌ عَلَيكُم فإَنِيّ أَحمَدُ إِلَيكُمُ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ لِلّهِ عِبَاداً آمَنُوا بِالتّنزِيلِ وَ عَرَفُوا التّأوِيلَ وَ فَقُهُوا فِي الدّينِ وَ بَيّنَ اللّهُ فَضلَهُم فِي القُرآنِ الحَكِيمِ وَ أَنتَ يَا مُعَاوِيَةُ وَ أَبُوكَ وَ أَهلُكَ فِي ذَلِكَ الزّمَانِ أَعدَاءُ الرّسُولِ مُكَذّبُونَ بِالكِتَابِ مُجتَمِعُونَ عَلَي حَربِ المُسلِمِينَ مَن لَقِيتَهُم مِنهُم حَبَستُمُوهُ أَو عَذّبتُمُوهُ أَو قَتَلتُمُوهُ حَتّي إِذَا أَرَادَ اللّهُ تَعَالَي إِعزَازَ دِينِهِ وَ إِظهَارَ رَسُولِهِ دَخَلَتِ العَرَبُ فِي دِينِهِ أَفوَاجاً وَ أَسلَمَت هَذِهِ الأُمّةُ طَوعاً وَ كَرهاً فَكُنتُم مِمّن دَخَلَ فِي هَذَا الدّينِ إِمّا رَغبَةً وَ إِمّا رَهبَةً فَلَيسَ ينَبغَيِ لَكُم أَن تُنَازِعُوا أَهلَ السّبقِ وَ مَن فَازَ بِالفَضلِ فَإِنّهُ مَن نَازَعَهُ مِنكُم فَبِحَوبٍ وَ ظُلمٍ فَلَا ينَبغَيِ لِمَن كَانَ لَهُ قَلبٌ أَن يَجهَلَ قَدرَهُ وَ لَا يَعدُوَ طَورَهُ وَ لَا يشَفيَِ نَفسَهُ بِالتِمَاسِ مَا لَيسَ لَهُ
صفحه : 75
إِنّ أَولَي النّاسِ بِهَذَا الأَمرِ قَدِيماً وَ حَدِيثاً أَقرَبُهُم بِرَسُولِ اللّهِص وَ أَعلَمُهُم بِالكِتَابِ وَ أَقدَمُهُم فِي الدّينِ وَ أَفضَلُهُم جِهَاداً وَ أَوّلُهُم إِيمَاناً وَ أَشَدّهُم اطّلَاعاً بِمَا تَجهَلُهُ الرّعِيّةُ عَن أَمرِهَا فَاتّقُوا اللّهَ ألّذِي إِلَيهِ تُرجَعُونَوَ لا تَلبِسُوا الحَقّ بِالباطِلِلِتُدحِضُوا بِهِ الحَقّ وَ اعلَمُوا أَنّ خِيَارَ عِبَادِ اللّهِ الّذِينَ يَعمَلُونَ بِمَا يَعلَمُونَ وَ أَنّ شَرّهُمُ الجُهَلَاءُ الّذِينَ يُنَازِعُونَ بِالجَهلِ أَهلَ العِلمِ أَلَا وَ إنِيّ أَدعُوكُم إِلَي كِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِص وَ حَقنِ دِمَاءِ هَذِهِ الأُمّةِ فَإِن قَبِلتُم أَصَبتُم رُشدَكُم وَ هُدِيتُم لَحظَكُم وَ إِن أَبَيتُم إِلّا الفُرقَةَ وَ شَقّ عَصَا هَذِهِ الأُمّةِ لَم تَزدَادُوا مِنَ اللّهِ إِلّا بُعداً وَ لَم يَزدَد عَلَيكُم إِلّا سَخَطاً وَ السّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ أَمّا بَعدُ فَإِنّهُ
لَيسَ بيَنيِ وَ بَينَ عَمرٍو عِتَابٌ | غَيرَ طَعنِ الكُلَي وَ حَزّ الرّقَابِ |
فَلَمّا وَقَفَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَلَي جَوَابِهِ بِذَلِكَ قَالَإِنّكَ لا تهَديِ مَن أَحبَبتَ وَ لَكِنّ اللّهَيهَديِ مَن يَشاءُ إِلي صِراطٍ مُستَقِيمٍ
بيان الحز بالحاء المهملة وبالجيم المعجمة القطع
399- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَنِ الكَاتِبِ عَنِ الأَجلَحِ عَن حَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ عَن ثَعلَبَةَ بنِ يَزِيدَ الحمِاّنيِّ قَالَكَتَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ أَنزَلَ إِلَينَا كِتَابَهُ وَ لَم يَدَعنَا فِي شُبهَةٍ وَ لَا عُذرَ لِمَن رَكِبَ ذَنباً بِجَهَالَةٍ وَ التّوبَةُ مَبسُوطَةٌوَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخري وَ أَنتَ مِمّن شَرَعَ الخِلَافَ مُتَمَادِياً فِي غَمرَةِ الأَمَلِ مُختَلِفَ السّرّ وَ العَلَانِيَةِ رَغبَةً فِي العَاجِلِ وَ تَكذِيباً بَعدُ فِي الآجِلِ وَ كَأَنّكَ قَد تَذَكّرتَ مَا مَضَي مِنكَ فَلَم تَجِد إِلَي الرّجُوعِ سَبِيلًا وَ كَتَبَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ ألّذِي أَعجَبَكَ مِمّا بَارَيتَ مِنَ الدّنيَا وَ وَثِقتَ بِهِ مِنهَا مُنقَلَبٌ عَنكَ فَلَا تَطمَئِنّ إِلَي الدّنيَا
صفحه : 76
فَإِنّهَا غَرّارَةٌ وَ لَوِ اعتَبَرتَ بِمَا مَضَي حَذَرتَ مَا بقَيَِ وَ انتَفَعتَ مِنهَا بِمَا وُعِظتَ بِهِ وَ لَكِنّكَ تَبِعتَ هَوَاكَ وَ آثَرتَهُ وَ لَو لَا ذَلِكَ لَم تُؤثِر عَلَي مَا دَعَونَاكَ إِلَيهِ غَيرَهُ لِأَنّا أَعظَمُ رَجَاءً وَ أَولَي بِالحُجّةِ وَ السّلَامُ وَ كَتَبَ ع إِلَي أُمَرَاءِ الأَجنَادِ مِن عَبدِ اللّهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ إِلَي أَصحَابِ المَسَالِحِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ حَقّاً عَلَي الواَليِ أَن لَا يُغَيّرَهُ عَن رَعِيّتِهِ فَضلٌ نَالَهُ وَ لَا مَرتَبَةٌ اختَصّ بِهَا وَ أَن يَزِيدَهُ مَا قَسَمَ اللّهُ لَهُ دُنُوّاً مِن عِبَادِهِ وَ عَطفاً عَلَيهِم أَلَا وَ إِنّ لَكُم عنِديِ أَن لَا أَحجُبَنّ دُونَكُم سِرّاً إِلّا فِي حَربٍ وَ لَا أطَويَِ دُونَكُم أَمراً إِلّا فِي حُكمٍ وَ لَا أُؤَخّرَ لَكُم حَقّاً عَن مَحَلّهِ وَ أَن تَكُونُوا عنِديِ فِي الحَقّ سَوَاءً فَإِذَا فَعَلتُ ذَلِكَ وَجَبَت لِي عَلَيكُمُ البَيعَةُ وَ لَزِمَتكُمُ الطّاعَةُ وَ أَن لَا تَنكُصُوا عَن دَعوَةٍ وَ لَا تُفَرّطُوا فِي صَلَاحٍ وَ أَن تَخُوضُوا الغَمَرَاتِ إِلَي الحَقّ فَإِن أَنتُم لَم تَسمَعُوا لِي عَلَي ذَلِكَ لَم يَكُن أَحَدٌ أَهوَنَ عَلَيّ مِمّن خاَلفَنَيِ فِيهِ ثُمّ أُحِلّ لَكُم فِيهِ عُقُوبَتَهُ وَ لَا تَجِدُوا عنِديِ فِيهَا رُخصَةً فَخُذُوا هَذَا مِن أُمَرَائِكُم وَ أَعطُوا مِن أَنفُسِكُم هَذَا يَصلُح أَمرُكُم وَ السّلَامُ
بيان قال الجوهري فلان يباري فلانا أي يعارضه ويفعل مثل فعله وفلان يباري الريح سخاء أي يعارضها خيرا وبركة.أقول وسيأتي الكتاب الأخير برواية النهج بتغيير ما
400-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ أَنّهُ باَيعَنَيِ القَومُ الّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثمَانَ عَلَي مَا بَايَعُوهُم عَلَيهِ فَلَم يَكُن لِلشّاهِدِ أَن يَختَارَ وَ لَا لِلغَائِبِ أَن يَرُدّ وَ إِنّمَا الشّورَي لِلمُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ فَإِنِ اجتَمَعُوا عَلَي
صفحه : 77
رَجُلٍ وَ سَمّوهُ إِمَاماً كَانَ ذَلِكَ لِلّهِ رِضًي فَإِن خَرَجَ مِن أَمرِهِم خَارِجٌ بِطَعنٍ أَو بِدعَةٍ رَدّوهُ إِلَي مَا خَرَجَ مِنهُ فَإِن أَبَي قَاتَلُوهُ عَلَي اتّبَاعِهِ غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ وَ وَلّاهُ اللّهُ مَا تَوَلّي وَ لعَمَريِ يَا مُعَاوِيَةُ لَئِن نَظَرتَ بِعَقلِكَ دُونَ هَوَاكَ لتَجَدِنُيِ أَبرَأَ النّاسِ مِن دَمِ عُثمَانَ وَ لَتَعلَمَنّ أنَيّ كُنتُ فِي عُزلَةٍ عَنهُ إِلّا أَن تَتَجَنّي فَتَجَنّ مَا بَدَا لَكَ وَ السّلَامُ
تنبيه لعل هذا منه ع إلزام لمعاوية بالإجماع ألذي أثبتوا به خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعدم تمسكه ع بالنص لعدم التفاتهم إليه في أول العهد مع عدم تطاول الأيام فكيف مع بعدالعهد و قوله ع إنما الشوري إلخ أي الشوري ألذي تعتقدونه وتحتجون به و لاحاجة إلي حمل الكلام علي التقية كمانقله ابن أبي الحديد من أصحابنا الإمامية قوله ع كان ذلك لله رضا أي بزعمهم والعزلة الاسم من الاعتزال والتجني أن يدعي عليك ذنب لم تفعله . و قال ابن ميثم رحمه الله هذاالفصل من كتاب كتبه إلي معاوية مع جرير بن عبد الله البجلي حين نزعه من همدان وصدره أما بعد فإن بيعتي يامعاوية لزمتك و أنت بالشام لأنه بايعني القوم . ثم يتلو قوله وولاه الله ماتولي تمام الآية. ويتصل بها أن قال و إن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي و كان نقضهما كردتهما فجاهدتهما علي ذلك حَتّي جاءَ الحَقّ وَ ظَهَرَ أَمرُ اللّهِ وَ هُم كارِهُونَفادخل يامعاوية فيما دخل فيه المسلمون فإن أحب الأمور إلي فيك العافية إلا أن تتعرض للبلاء فإن تعرضت له قاتلتك واستعنت بالله عليك . و قدأكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه الناس ثم حاكم القوم إلي أحملك وإياهم علي كتاب الله . و أماهاتيك التي تريدها فهي خدعة الصبي عن اللبن .
صفحه : 78
ثم يتصل به قوله ولعمري إلي قوله مابدا لك ثم يتصل به واعلم أنك من الطلقاء الذين لاتحل لهم الخلافة و لايعرض فيهم الشوري و قدأرسلت إليك و إلي من قبلك جرير بن عبد الله و هو من أهل الإيمان والهجرة فبايع ولا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ
وَ قَالَ رَحِمَهُ اللّهُ وَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَمّا بَعدُ فَلَو كُنتَ عَلَي مَا كَانَ عَلَيهِ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ إِذَن مَا قَاتَلتُكَ وَ لَا استَحلَلتُ ذَلِكَ وَ لَكِنّهُ إِنّمَا أَفسَدَ عَلَيكَ بيَعتَيِ خَطِيئَتُكَ فِي عُثمَانَ بنِ عَفّانَ وَ إِنّمَا كَانَ أَهلُ الحِجَازِ الحُكّامَ عَلَي النّاسِ حِينَ كَانَ الحَقّ فِيهِم فَلَمّا تَرَكُوهُ صَارَ أَهلُ الشّامِ الحُكّامَ عَلَي أَهلِ الحِجَازِ وَ غَيرِهِم مِنَ النّاسِ وَ لعَمَريِ مَا حُجّتُكَ عَلَي أَهلِ الشّامِ كَحُجّتِكَ عَلَي أَهلِ البَصرَةِ وَ لَا حُجّتُكَ عَلَيّ كَحُجّتِكَ عَلَي طَلحَةَ وَ الزّبَيرِ لِأَنّ أَهلَ البَصرَةِ قَد كَانُوا بَايَعُوكَ وَ لَم يُبَايِعكَ أَهلُ الشّامِ وَ إِنّ طَلحَةَ وَ الزّبَيرَ بَايَعَاكَ وَ لَم أُبَايِعكَ وَ أَمّا فَضلُكَ فِي الإِسلَامِ وَ قَرَابَتُكَ مِن رَسُولِ اللّهِص وَ مَوضِعُكَ مِن بنَيِ هَاشِمٍ فَلَستُ أَدفَعُهُ وَ السّلَامُ فَكَتَبَ ع فِي جَوَابِهِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ صَخرٍ أَمّا بَعدُ فَإِنّهُ أتَاَنيِ كِتَابُكَ كِتَابُ امرِئٍ لَيسَ لَهُ بَصَرٌ يَهدِيهِ وَ لَا قَائِدٌ يُرشِدُهُ قَد دَعَاهُ الهَوَي فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ الضّلَالُ فَاتّبَعَهُ فَهَجَرَ لَاغِطاً وَ ضَلّ خَابِطاً زَعَمتَ أَنّهُ إِنّمَا أَفسَدَ عَلَيّ بَيعَتَكَ خطَيِئتَيِ فِي عُثمَانَ وَ لعَمَريِ مَا كُنتُ إِلّا رَجُلًا مِنَ المُهَاجِرِينَ أَورَدتُ كَمَا أَورَدُوا وَ أَصدَرتُ كَمَا أَصدَرُوا وَ مَا كَانَ اللّهُ لِيَجعَلَهُم عَلَي ضَلَالٍ وَ لَا يَضرِبَهُم بِعَمًي وَ أَمّا مَا زَعَمتَ أَنّ أَهلَ الشّامِ الحُكّامُ عَلَي أَهلِ الحِجَازِ فَهَاتِ رَجُلَينِ مِن قُرَيشِ الشّامِ يُقبَلَانِ فِي الشّورَي أَو تَحِلّ لَهُمَا الخِلَافَةُ فَإِن زَعَمتَ ذَلِكَ كَذّبَكَ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ وَ إِلّا فَأَنَا آتِيكَ بِهِمَا مِن قُرَيشِ الحِجَازِ وَ أَمّا مَا مَيّزتَ بَينَ أَهلِ الشّامِ وَ أَهلِ البَصرَةِ وَ بَينَكَ وَ بَينَ طَلحَةَ وَ الزّبَيرِ فلَعَمَريِ مَا الأَمرُ فِي ذَلِكَ إِلّا وَاحِدٌ لِأَنّهَا بَيعَةٌ عَامّةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُثَنّي فِيهَا النّظَرُ وَ لَا
صفحه : 79
يُستَأنَفُ فِيهَا الخِيَارُ وَ الخَارِجُ مِنهَا طَاعِنٌ وَ المرُوَيّ فِيهَا مُدَاهِنٌ وَ أَمّا فضَليِ فِي الإِسلَامِ وَ قرَاَبتَيِ مِنَ الرّسُولِ وَ شرَفَيِ فِي بنَيِ هَاشِمٍ فَلَوِ استَطَعتَ دَفعَهُ لَفَعَلتَ وَ السّلَامُ فَلَمّا وَصَلَ هَذَا الكِتَابُ إِلَي مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيهِ أَمّا بَعدُ فَاتّقِ اللّهَ يَا عَلِيّ وَ دَعِ الحَسَدَ فَإِنّهُ طَالَ مَا لَم يَنتَفِع بِهِ أَهلُهُ وَ لَا تُفسِد سَابِقَةَ قَدِيمِكَ بِشَرّ مِن حَدِيثِكَ فَإِنّ الأَعمَالَ بِخَوَاتِيمِهَا وَ لَا تُلحِدَنّ بِبَاطِلٍ فِي حَقّ مَن لَا حَقّ لَكَ فِي حَقّهِ فَإِنّكَ إِن تَفعَل ذَلِكَ لَا تُضلِل إِلّا نَفسَكَ وَ لَا تَمحَق إِلّا عَمَلَكَ وَ لعَمَريِ إِنّ مَا مَضَي لَكَ مِنَ السّوَابِقِ الحَسَنَةِ لَحَقِيقَةٌ أَن تَرُدّكَ وَ تَردَعَكَ عَمّا اجتَرَأتَ عَلَيهِ مِن سَفكِ الدّمَاءِ وَ إِجلَاءِ أَهلِ الحَقّ عَنِ الحِلّ وَ الحَرَامِ فَاقرَأ سُورَةَ الفَلَقِ وَ تَعَوّذ بِاللّهِ مِن شَرّ مَا خَلَقَ وَ مِن شَرّ نَفسِكَ الحَاسِدِ إِذَا حَسَدَ قَفَلَ اللّهُ بِقَلبِكَ وَ أَخَذَ بِنَاصِيَتِكَ وَ عَجّلَ تَوفِيقَكَ فإَنِيّ أَسعَدُ النّاسِ بِذَلِكَ وَ السّلَامُ فَكَتَبَ ع أَمّا بَعدُ فَقَد أتَتَنيِ مِنكَ مَوعِظَةٌ مُوَصّلَةٌ وَ رِسَالَةٌ مُحَبّرَةٌ نَمّقتَهَا بِضَلَالِكَ وَ أَمضَيتَهَا بِسُوءِ رَأيِكَ وَ كِتَابٌ لَيسَ بِبَعِيدِ الشّبَهِ مِنكَ حَمَلَكَ عَلَي الوُثُوبِ عَلَي مَا لَيسَ لَكَ فِيهِ حَقّ وَ لَو لَا علِميِ بِكَ وَ مَا قَد سَبَقَ مِن رَسُولِ اللّهِص فِيكَ مِمّا لَا مَرَدّ لَهُ دُونَ إِنفَاذِهِ إِذَن لَوَعَظتُكَ وَ لَكِن عظِتَيِ لَا تَنفَعُ مَن حَقّت عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذَابِ وَ لَم يَخَفِ العِقَابَ وَ لَا يَرجُو لِلّهِ وَقَاراً وَ لَم يَخَف لَهُ حَذَاراً فَشَأنَكَ وَ مَا أَنتَ عَلَيهِ مِنَ الضّلَالَةِ وَ الحَيرَةِ وَ الجَهَالَةِ تَجِدِ اللّهَ فِي ذَلِكَ بِالمِرصَادِ مِن دُنيَاكَ المُنقَطِعَةِ وَ تَمَنّيكَ الأَبَاطِيلَ وَ قَد عَلِمتَ مَا قَالَ النّبِيّص فِيكَ وَ فِي أُمّكَ وَ أَبِيكَ وَ السّلَامُ
.بيان أقول قدروي السيد رضي الله عنه في النهج بعض الكتابين
صفحه : 80
الذين أوردهما ابن ميثم وخلطهما. قوله ع فهجر أي هذي واللغط بالتحريك الصوت والجلبة ذكره الجوهري و قال خبط البعير فهو خابط إذامشي ضالا فخبط بيديه كل مايلقاه و لايتوقي شيئا وخبطه ضربه باليد و منه قيل خبط عشواء أي الناقة التي في بصرها ضعف . قوله ع طاعن قال ابن ميثم أي في صحتها فهو طاعن في دين الله فيجب قتاله حتي يرجع إليها ورويت في الأمر نظرت فيه وفكرت أي الشاك فيهامداهن والمداهنة نوع من النفاق . قوله ع موصلة قال ابن أبي الحديد أي مجموعة الألفاظ من هاهنا وهاهنا و ذلك عيب في الكتابة والخطابة و قال حبرت الشيء تحبيرا حسنته وزينته أي المزينة الألفاظ يشير ع إلي أنه قد كان يظهر عليها أثر التكلف والتصنع . و قال الجوهري نمق الكتاب ينمقه بالضم أي كتبه ونمقه تنميقا زينه بالكتابة.
وَ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ النّهجِكَتَبَ مُعَاوِيَةُ فِي أَثنَاءِ حَربِ صِفّينَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مِن عَبدِ اللّهِ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ تَعَالَي يَقُولُ فِي مُحكَمِ كِتَابِهِوَ لَقَد أوُحيَِ إِلَيكَ وَ إِلَي الّذِينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنّ مِنَ الخاسِرِينَ وَ إنِيّ أُحَذّرُكَ اللّهَ أَن تُحبِطَ عَمَلَكَ وَ سَابِقَتَكَ بِشَقّ عَصَا هَذِهِ الأُمّةِ وَ تَفرِيقِ جَمَاعَتِهَا فَاتّقِ اللّهَ وَ اذكُر مَوقِفَ القِيَامَةِ وَ اقلَع عَمّا أَسرَفتَ فِيهِ مِنَ
صفحه : 81
الخَوضِ فِي دِمَاءِ المُسلِمِينَ وَ إنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ لَو تَمَالَأَ أَهلُ صَنعَاءَ وَ عَدَنٍ عَلَي قَتلِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنَ المُسلِمِينَ لَأَكَبّهُمُ اللّهُ عَلَي مَنَاخِرِهِم فِي النّارِ فَكَيفَ يَكُونُ حَالُ مَن قَتَلَ أَعلَامَ المُسلِمِينَ وَ سَادَاتِ المُهَاجِرِينَ بَلهَ مَا طَحَنَت رَحَي حَربِهِ مِن أَهلِ القُرآنِ وَ ذوَيِ العِبَادَةِ وَ الإِيمَانِ مِن شَيخٍ كَبِيرٍ وَ شَابّ غَرِيرٍ كُلّهُم بِاللّهِ تَعَالَي مُؤمِنٌ وَ لَهُ مُخلِصٌ وَ بِرَسُولِهِ مُقِرّ عَارِفٌ فَإِن كُنتَ أَبَا حَسَنٍ إِنّمَا تُحَارِبُ عَلَي الإِمرَةِ وَ الخِلَافَةِ فلَعَمَريِ لَو صَحّت خِلَافَتُكَ لَكُنتَ قَرِيباً مِن أَن تُعذَرَ فِي حَربِ المُسلِمِينَ وَ لَكِنّهَا لَم تَصِحّ لَكَ وَ أَنّي بِصِحّتِهَا وَ أَهلُ الشّامِ لَم يَدخُلُوا فِيهَا وَ لَم يَرتَضُوا بِهَا فَخِفِ اللّهَ وَ سَطَوَاتِهِ وَ اتّقِ بَأسَ اللّهِ وَ نَكَالَهُ وَ اغمِد سَيفَكَ عَنِ النّاسِ فَقَد وَ اللّهِ أَكَلَتهُمُ الحَربُ فَلَم يَبقَ مِنهُم إِلّا كَالثّمَدِ فِي قَرَارَةِ الغَدِيرِ وَ اللّهُ المُستَعَانُ فَكَتَبَ عَلِيّ ع إِلَيهِ جَوَاباً عَن كِتَابِهِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَمّا بَعدُ فَقَد أتَتَنيِ مِنكَ مَوعِظَةٌ مُوَصّلَةٌ وَ رِسَالَةٌ مُحَبّرَةٌ نَمّقتَهَا بِضَلَالِكَ وَ أَمضَيتَهَا بِسُوءِ رَأيِكَ وَ كِتَابُ امرِئٍ لَيسَ لَهُ بَصَرٌ يَهدِيهِ وَ لَا قَائِدٌ يُرشِدُهُ دَعَاهُ الهَوَي فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ الضّلَالُ فَاتّبَعَهُ فَهَجَرَ لَاغِطاً وَ ضَلّ خَابِطاً فَأَمّا أَمرُكَ لِي بِالتّقوَي فَأَرجُو أَن أَكُونَ مِن أَهلِهَا وَ أَستَعِيذُ بِاللّهِ مِن أَن أَكُونَ مِنَ الّذِينَ إِذَا أُمِرُوا بِهَا أَخَذَتهُمُالعِزّةُ بِالإِثمِ وَ أَمّا تَحذِيرُكَ إيِاّيَ أَن يَحبَطَ عمَلَيِ وَ ساَبقِتَيِ فِي الإِسلَامِ فلَعَمَريِ لَو كُنتُ الباَغيَِ عَلَيكَ لَكَانَ لَكَ أَن تحُذَرّنَيِ ذَلِكَ وَ لكَنِيّ وَجَدتُ اللّهَ تَعَالَي يَقُولُفَقاتِلُوا التّيِ تبَغيِ حَتّي تفَيِءَ إِلي أَمرِ اللّهِفَنَظَرنَا إِلَي الفِئَتَينِ فَأَمّا الفِئَةُ البَاغِيَةُ فَوَجَدنَاهَا الفِئَةَ التّيِ أَنتَ فِيهَا لِأَنّ بيَعتَيِ بِالمَدِينَةِ لَزِمَتكَ وَ أَنتَ بِالشّامِ كَمَا لَزِمَتكَ بَيعَةُ عُثمَانَ بِالمَدِينَةِ وَ أَنتَ أَمِيرٌ لِعُمَرَ عَلَي الشّامِ وَ كَمَا لَزِمَت يَزِيدَ أَخَاكَ بَيعَةُ عُمَرَ بِالمَدِينَةِ وَ هُوَ أَمِيرٌ لأِبَيِ بَكرٍ عَلَي الشّامِ وَ أَمّا شَقّ عَصَا هَذِهِ الأُمّةِ فَأَنَا أَحَقّ أَن أَنهَاكَ عَنهُ
صفحه : 82
فَأَمّا تَخوِيفُكَ لِي مِن قَتلِ أَهلِ البغَيِ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص أمَرَنَيِ بِقِتَالِهِم وَ قَتلِهِم وَ قَالَ لِأَصحَابِهِ إِنّ فِيكُم مَن يُقَاتِلُ عَلَي تَأوِيلِ القُرآنِ كَمَا قَاتَلتُ عَلَي تَنزِيلِهِ وَ أَشَارَ إلِيَّ وَ أَنَا أَولَي مَنِ اتّبَعَ أَمرَهُ وَ أَمّا قَولُكَ إِنّ بيَعتَيِ لَم تَصِحّ لِأَنّ أَهلَ الشّامِ لَم يَدخُلُوا فِيهَا فَإِنّمَا هيَِ بَيعَةٌ وَاحِدَةٌ تَلزَمُ الحَاضِرَ وَ الغَائِبَ لَا يُستَثنَي فِيهَا النّظَرُ وَ لَا يُستَأنَفُ فِيهَا الخِيَارُ وَ الخَارِجُ مِنهَا طَاعِنٌ وَ المرُوَيّ فِيهَا مُدَاهِنٌ فَاربَع عَلَي ظَلعِكَ وَ انزِع سِربَالَ غَيّكَ وَ اترُك مَا لَا جَدوَي لَهُ عَلَيكَ فَإِنّهُ لَيسَ لَكَ عنِديِ إِلّا السّيفُ حَتّي تفَيِءَ إِلَي أَمرِ اللّهِ صَاغِراً وَ تَدخُلَ فِي البَيعَةِ رَاغِماً وَ السّلَامُ
.بيان قال الجوهري بله كلمة مبنية علي الفتح مثل كيف ومعناها دع ويقال معناها سوي و في الحديث أعددت لعبادي الصالحين ما لاعين رأت و لاأذن سمعت و لاخطر علي قلب بشر بله مااطلعتهم عليه
398- وَ قَالَ ابنُ مِيثَمٍكَتَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَيِ كِتَابُكَ تَذكُرُ مشُاَغبَتَيِ وَ تَستَقبِحُ موُاَربَتَيِ وَ تزَعمُنُيِ مُتَجَبّراً وَ عَن حَقّ اللّهِ مُقَصّراً فَسُبحَانَ اللّهِ كَيفَ تَستَجِيزُ الغِيبَةَ وَ تَستَحسِنُ العَضِيهَةَ إنِيّ لَم أُشَاغِب إِلّا فِي أَمرٍ بِمَعرُوفٍ أَو نهَيٍ عَن مُنكَرٍ وَ لَم أَتَجَبّر إِلّا عَلَي بَاغٍ مَارِقٍ أَو مُلحِدٍ مُنَافِقٍ وَ لَم آخُذ فِي ذَلِكَ إِلّا بِقَولِ اللّهِ سُبحَانَهُلا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ يُوادّونَ مَن حَادّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَو كانُوا آباءَهُم أَو أَبناءَهُم وَ أَمّا التّقصِيرُ فِي حَقّ اللّهِ فَمَعَاذَ اللّهِ وَ إِنّمَا المُقَصّرُ فِي حَقّ اللّهِ جَلّ ثَنَاؤُهُ مَن
صفحه : 83
عَطّلَ الحُقُوقَ المُؤَكّدَةَ وَ رَكِنَ إِلَي الأَهوَاءِ المُبتَدَعَةِ وَ أَخلَدَ إِلَي الضّلَالَةِ المُحَيّرَةِ وَ مِنَ العَجَبِ أَن تَصِفَ يَا مُعَاوِيَةُ الإِحسَانَ وَ تُخَالِفَ البُرهَانَ وَ تَنكُثَ الوَثَائِقَ التّيِ هيَِ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ طَلِبَةٌ وَ عَلَي عِبَادِهِ حُجّةٌ مَعَ نَبذِ الإِسلَامِ وَ تَضيِيعِ الأَحكَامِ وَ طَمسِ الأَعلَامِ وَ الجرَيِ فِي الهَوَي وَ التّهَوّسِ فِي الرّدَي فَاتّقِ اللّهَ فِيمَا لَدَيكَ وَ انظُر فِي حَقّهِ عَلَيكَ وَ ارجِع إِلَي مَعرِفَةِ مَا لَا تُعذَرُ بِجَهَالَتِهِ فَإِنّ لِلطّاعَةِ أَعلَاماً وَاضِحَةً وَ سُبُلًا نَيّرَةً وَ مَحَجّةً نَهجَةً وَ غَايَةً مُطّلَبَةً يَرِدُهَا الأَكيَاسُ وَ تُخَالِفُهَا الأَنكَاسُ مَن نَكَبَ عَنهَا جَارَ عَنِ الحَقّ وَ خَبَطَ فِي التّيهِ وَ غَيّرَ اللّهُ نِعمَتَهُ وَ أَحَلّ بِهِ نَقِمَتَهُ فَنَفسَكَ نَفسَكَ فَقَد بَيّنَ اللّهُ لَكَ سَبِيلَكَ وَ حَيثُ تَنَاهَت بِكَ أُمُورُكَ فَقَد أَجرَيتَ إِلَي غَايَةِ خُسرٍ وَ مَحَلّةِ كُفرٍ وَ إِنّ نَفسَكَ قَد أَوحَلَتكَ شَرّاً وَ أَقحَمَتكَ غَيّاً وَ أَورَدَتكَ المَهَالِكَ وَ أَوعَرَت عَلَيكَ المَسَالِكَ وَ مِن ذَلِكَ الكِتَابُ وَ إِنّ لِلنّاسِ جَمَاعَةً يَدُ اللّهِ عَلَيهَا وَ غَضَبُ اللّهِ عَلَي مَن خَالَفَهَا فَنَفسَكَ نَفسَكَ قَبلَ حُلُولِ رَمسِكَ فَإِنّكَ إِلَي اللّهِ رَاجِعٌ وَ إِلَي حَشرِهِ مُهطِعٌ وَ سَيَبهَظُكَ كَربُهُ وَ يَحُلّ بِكَ غَمّهُ فِي يَومِ لَا يغُنيِ النّادِمَ نَدَمُهُ وَ لَا يُقبَلُ مِنَ المُعتَذِرِ عُذرُهُيَومَ لا يغُنيِ مَولًي عَن مَولًي شَيئاً وَ لا هُم يُنصَرُونَ
399- نهج ،[نهج البلاغة] فَاتّقِ اللّهَ فِيمَا لَدَيكَ إِلَي قَولِهِ وَ أَوعَرَت عَلَيكَ المَسَالِكُ
توضيح قال الفيروزآبادي الشغب تهييج الشر كالتشغيب وشغبهم وبهم وعليهم كمنع وفرح هيج الشر عليهم وشاغبه شاره و قال المواربة المداهاة والمخاتلة و في أكثر النسخ موازرتي أي موازرتي عليك والعضيهة الإفك والبهتان وركن إليه كعلم مال وأخلدت إلي فلان أي ركنت إليه وأخلد بالمكان أقام والطمس إخفاء الأثر. و قال الجوهري الهوس الطوفان بالليل والهوس شدة الأكل والهوس السوق اللين يقال هست الإبل فهاست أي ترعي وتسير والهوس
صفحه : 84
بالتحريك طرف من الجنون . قوله ع فيما لديك أي من مال المسلمين وفيئهم أو في نعمة عليك ومعرفة ما لايعذر بجهالته معرفة الإمام وطاعته والأعلام الأئمة أوالأدلة والنهج الطريق الواضح . والمطلبة النسخ المصححة متفقة علي تشديد الطاء قال الجوهري طلبت الشيء طلبا وكذا اطلبته علي افتعلته والتطلب الطلب مرة بعدأخري انتهي والمعني غاية من شأنها أن تطلب ويطلبها العقلاء ويكشف عنه قوله ع يردها الأكياس . وقرأ ابن أبي الحديد بتخفيف الطاء و قال أي مساعفة لطالبها يقال طلب فلان مني كذا فاطلبته أي أسعفته به . والأنكاس جمع نكس بالكسر و هو الرجل الضعيف ذكره الجوهري والجزري و قال ابن أبي الحديد و ابن ميثم الدني من الرجال ونكب عن الطريق عدل والخبط المشي علي غيراستقامة قوله ع تناهت بك يقال تناهي أي بلغ والباء للتعدية أي بين الله لك سبيلك وغايتك التي توصلك إليها أعمالك أوالمعني قف حيث تناهت بك أمورك كقولهم حيث أنت وقولهم مكانك فلا يكون معطوفا و لامتصلا بقوله فقد بين الله لك سبيلك . قوله ع فقد أجريت هو من إجراء الخيل للمسابقة و قال في الصحاح وحل الرجل وقع في الوحل وأوحله غيره والاقتحام الدخول في الأمر بشدة ويقال جبل وعر ومطلب وعر أي صعب حزن والرمس بالفتح القبر والمهطع المسرع وبهظه الأمر أثقله
400- وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ وَ ابنُ مِيثَمٍ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع كَتَبَ إِلَي
صفحه : 85
مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ الدّنيَا دَارُ تِجَارَةٍ رِبحُهَا أَو خُسرُهَا الآخِرَةُ فَالسّعِيدُ مَن كَانَت بِضَاعَتُهُ فِيهَا الأَعمَالَ الصّالِحَةَ وَ مَن رَأَي الدّنيَا بِعَينِهَا وَ قَدّرَهَا بِقَدرِهَا وَ إنِيّ لَأَعِظُكَ مَعَ علِميِ بِسَابِقِ العِلمِ فِيكَ مِمّا لَا مَرَدّ لَهُ دُونَ نَفَاذِهِ وَ لَكِنّ اللّهَ تَعَالَي أَخَذَ عَلَي العُلَمَاءِ أَن يُؤَدّوا الأَمَانَةَ وَ أَن يَنصِحُوا الغوَيِّ وَ الرّشِيدَ فَاتّقِ اللّهَ وَ لَا تَكُن مِمّن لَا يَرجُو لِلّهِ وَقَاراً وَ مَن حَقّت عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذَابِ فَإِنّ اللّهَ بِالمِرصَادِ وَ إِنّ دُنيَاكَ سَتُدبِرُ عَنكَ وَ سَتَعُودُ حَسرَةً عَلَيكَ فَانتَبِه مِنَ الغيَّ وَ الضّلَالِ عَلَي كِبَرِ سِنّكَ وَ فَنَاءِ عُمُرِكَ فَإِنّ حَالَكَ اليَومَ كَحَالِ الثّوبِ المَهِيلِ ألّذِي لَا يَصلُحُ مِن جَانِبٍ إِلّا فَسُدَ مِن آخَرَ وَ قَد أَردَيتَ جِيلًا مِنَ النّاسِ كَثِيراً خَدَعتَهُم بِغَيّكَ وَ أَلقَيتَهُم فِي مَوجِ بَحرِكَ تَغشَاهُمُ الظّلُمَاتُ وَ تَتَلَاطَمُ بِهِمُ الشّبُهَاتُ فَجَارُوا عَن وِجهَتِهِم وَ نَكَصُوا عَلَي أَعقَابِهِم وَ تَوَلّوا عَلَي أَدبَارِهِم وَ عَوّلُوا عَلَي أَحسَابِهِم إِلّا مَن فَاءَ مِن أَهلِ البَصَائِرِ فَإِنّهُم فَارَقُوكَ بَعدَ مَعرِفَتِكَ وَ هَرَبُوا إِلَي اللّهِ مِن مُوَازَرَتِكَ إِذ حَمَلتَهُم عَلَي الصّعبِ وَ عَدَلتَ بِهِم عَنِ القَصدِ فَاتّقِ اللّهَ يَا مُعَاوِيَةُ فِي نَفسِكَ وَ جَاذِبِ الشّيطَانَ قِيَادَكَ فَإِنّ الدّنيَا مُنقَطِعَةٌ عَنكَ وَ الآخِرَةَ قَرِيبٌ مِنكَ وَ السّلَامُ
401- قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ قَالَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ المدَاَئنِيِّفَكَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَمّا بَعدُ فَقَد وَقَفتُ عَلَي كِتَابِكَ وَ قَد أَبَيتَ عَلَي الغيَّ إِلّا تَمَادِياً وَ إنِيّ لَعَالِمٌ أَنّ ألّذِي يَدعُوكَ إِلَي ذَاكَ مَصرَعُكَ ألّذِي لَا بُدّ لَكَ مِنهُ وَ إِن كُنتَ مُوَائِلًا فَازدَد غَيّاً إِلَي غَيّكَ فَطَالَ مَا خَفّ عَقلُكَ وَ مَنّيتَ نَفسَكَ مَا لَيسَ لَكَ وَ التَوَيتَ عَلَي مَن هُوَ خَيرٌ مِنكَ ثُمّ كَانَتِ العَافِيَةُ لِغَيرِكَ وَ احتَمَلتَ الوِزرَ بِمَا أَحَاطَ بِكَ مِن خَطِيئَتِكَ وَ السّلَامُ
صفحه : 86
قَالَ فَكَتَبَ عَلِيّ ع إِلَيهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ مَا أَتَيتَ بِهِ مِن ضَلَالِكَ لَيسَ بِبَعِيدِ الشّبَهِ مِمّا أَتَي بِهِ أَهلُكَ وَ قَومُكَ الّذِينَ حَمَلَهُمُ الكُفرُ وَ تمَنَيّ الأَبَاطِيلِ عَلَي حَسَدِ مُحَمّدٍص حَتّي صُرِعُوا مَصَارِعَهُم حَيثُ عَلِمتَ لَم يَمنَعُوا حَرِيماً وَ لَم يَدفَعُوا عَظِيماً وَ أَنَا صَاحِبُهُم فِي تِلكَ المَوَاطِنِ الصاّليِ بِحَربِهِم وَ الفَالّ لِحَدّهِم وَ القَاتِلُ لِرُءُوسِهِم وَ رُءُوسِ الضّلَالَةِ وَ المُتبِعُ إِن شَاءَ اللّهُ خَلَفَهُم بِسَلَفِهِم فَبِئسَ الخَلَفُ خَلَفٌ اتّبَعَ سَلَفاً وَ مَحَلّهُ مَحَطّةُ النّارِ وَ السّلَامُ فَكَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ أَمّا بَعدُ فَقَد طَالَ فِي الغيَّ مَا استَمرَرتَ إِدرَاجَكَ كَمَا طَالَ مَا تَمَادَي عَنِ الحَربِ نُكُوصُكَ وَ إِبطَاؤُكَ تَتَوَعّدُ وَعِيدَ الأَسَدِ وَ تَرُوغُ رَوَغَانَ الثّعلَبِ فَحَتّامَ تَحِيدُ عَنِ اللّقَاءِ وَ مُبَاشَرَةِ اللّيُوثِ الضّارِيَةِ وَ الأفَاَعيِ المُقَاتِلَةِ فَلَا تَستَبعِدَنّهَا فَكُلّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ إِن شَاءَ اللّهُ وَ السّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيهِ عَلِيّ ع أَمّا بَعدُ فَمَا أَعجَبَ مَا يأَتيِنيِ مِنكَ وَ مَا أعَلمَنَيِ بِمَا أَنتَ صَائِرٌ إِلَيهِ وَ لَيسَ إبِطاَئيِ عَنكَ إِلّا تَرَقّباً لِمَا أَنتَ لَهُ مُكَذّبٌ وَ أَنَا لَهُ مُصَدّقُ وَ كأَنَيّ بِكَ غَداً تَضِجّ مِنَ الحَربِ ضَجِيجَ الجِمَالِ مِنَ الأَثقَالِ وَ ستَدَعوُنيِ أَنتَ وَ أَصحَابُكَ إِلَي كِتَابٍ تُعَظّمُونَهُ بِأَلسِنَتِكُم وَ تَجحَدُونَهُ بِقُلُوبِكُم وَ السّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ أَمّا بَعدُ فدَعَنيِ مِن أَسَاطِيرِكَ وَ اكفُف عنَيّ مِن أَحَادِيثِكَ وَ اقصُر عَن تَقَوّلِكَ عَلَي رَسُولِ اللّهِ وَ افتِرَائِكَ مِنَ الكَذِبِ مَا لَم يَقُل وَ غُرُورِ مَن مَعَكَ وَ الخِدَاعِ لَهُم فَقَدِ استَغوَيتَهُم وَ يُوشِكُ أَمرُكَ أَن يَنكَشِفَ لَهُم فَيَعتَزِلُوكَ وَ يَعلَمُوا أَنّ مَا جِئتَ بِهِ بَاطِلٌ مُضمَحِلّ وَ السّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيهِ عَلِيّ ع أَمّا بَعدُ فَطَالَ مَا دَعَوتَ أَنتَ وَ أَولِيَاؤُكَ أَولِيَاءُ الشّيطَانِ الرّجِيمِ الحَقّ أَسَاطِيرَ الأَوّلِينَ وَ نَبَذتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُم وَ جَهَدتُم فِي إِطفَاءِ نُورِ اللّهِ بِأَيدِيكُم وَ أَفوَاهِكُموَ اللّهُ مُتِمّ نُورِهِ وَ لَو كَرِهَ الكافِرُونَ
صفحه : 87
وَ لعَمَريِ لَيُتِمّنّ النّورَ عَلَي كُرهِكَ وَ لَيُنفِذَنّ العِلمَ بِصِغَارِكَ وَ لَتُجَازَيَنّ بِعَمَلِكَ فَعِث فِي دُنيَاكَ المُنقَطِعَةِ عَنكَ مَا طَابَ لَكَ فَكَأَنّكَ بِأَجَلِكَ قَدِ انقَضَي وَ عَمَلِكَ قَد هَوَي ثُمّ تَصِيرُ إِلَي لَظًي لَم يَظلِمكَ اللّهُ شَيئاًوَ ما رَبّكَ بِظَلّامٍ لِلعَبِيدِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ أَمّا بَعدُ فَمَا أَعظَمَ الرّينَ عَلَي قَلبِكَ وَ الغِطَاءَ عَلَي بَصَرِكَ الشّرّ مِن شِيمَتِكَ إِلَي آخِرِ مَا مَرّ بِرِوَايَةٍ أُخرَي قَالَ فَكَتَبَ إِلَيهِ عَلِيّ ع أَمّا بَعدُ فَإِنّ مَسَاوِيَكَ مَعَ عِلمِ اللّهِ فِيكَ حَالَت بَينَكَ وَ بَينَ أَن يَصلُحَ أَمرُكَ أَو أَن يرَعوَيَِ قَلبُكَ يَا ابنَ الصّخرِ اللّعِينِ زَعَمتَ أَن يَزِنَ الجِبَالُ حِلمَكَ وَ يَفصِلَ بَينَ أَهلِ الشّكّ عِلمُكَ وَ أَنتَ الجِلفُ المُنَافِقُ الأَغلَفُ القَلبِ القَلِيلُ العَقلِ الجَبَانُ الرّذلُ فَإِن كُنتَ صَادِقاً فِيمَا تَسطُرُ وَ يُعِينُكَ عَلَيهِ أَخُو بنَيِ سَهمٍ فَدَعِ النّاسَ جَانِباً وَ ابرُز لِمَا دعَوَتنَيِ إِلَيهِ مِنَ الحَربِ وَ الصّبرِ عَلَي الضّربِ وَ أَعفِ الفَرِيقَينِ مِنَ القِتَالِ لِتَعلَمَ أَيّنَا المَرِينُ عَلَي قَلبِهِ المُغَطّي عَلَي بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو الحَسَنِ قَاتِلُ جَدّكَ وَ أَخِيكَ وَ خَالِكَ وَ مَا أَنتَ مِنهُم بِبَعِيدٍ وَ السّلَامُ
إيضاح أقول روي السيد رضي الله عنه في النهج الكتاب الأول من قوله ع وأرديت جيلا إلي آخر هذاالكتاب . قوله ع و من رأي عطف علي من كانت أي السعيد من يري الدنيا بعينها أي يعرفها بحقيقتها أويراها بالعين التي بهاتعرف وهي عين البصيرة ويعلم ماهي عليه من التغير والزوال وإنها خلقت لغيرها ليقدرها بمقدارها ويجعلها في نظره لماخلقت له . قوله ع ممن لايرجو لله وقارا أي لايتوقع لله عظمة فيعبده
صفحه : 88
ويطيعه والوقار الاسم من التوقير و هوالتعظيم . وقيل الرجاء هاهنا بمعني الخوف والمهيل المتداعي في التمزق و منه رمل مهيل أي ينهال ويسيل وأرديت أي أهلكت والجيل الصنف وروي بالباء الموحدة و هوالخلق وتغشاهم أي تأتيهم وتحيط بهم وحاروا عدلوا وتحيروا ونكصوا أي رجعوا وعولوا علي أحسابهم أي اعتمدوا علي نخوة الجاهلية وتعصبهم ورجعوا عن الدين إلا من فاء أي رجع والموازرة المعاونة والصعب مقابله الذلول كناية عن الباطل لاقتحامه بصاحبه في المهالك والقياد بالكسر حبل يقاد به الدابة ووائل منه علي فاعل طلب النجاة ذكره الجوهري و قال صليت اللحم وغيره أصليه صليا إذاشويته ويقال أيضا صليت الرجل نارا إذاأدخلته النار وجعلته يصلاها وصلي فلان النار بالكسر احترق وصلي بالأمر قاسي حره وشدته و قال فللت الجيش هزمته ويقال فله فانفل أي كسره فانكسر. قوله ع ومحله محطه الضمير الأول راجع إلي الخلف والثاني إلي السلف والنار بدل أوعطف بيان لقوله محطه ولعل الأصوب محله ومحطه فالضميران للسلف ودرج الرجل مشي وأدرجت الكتاب طويته وقولهم خل درج الضب أي طريقه والجمع الأدراج وراغ مال قوله ع لما أنت به مكذب أي ماأخبرني به النبي ص من وقت الحرب وشرائطه أوإتمام الحجة واتباع أمره تعالي في ذلك ونزول الملائكة للنصرة وبكل ذلك كان لعنه الله مكذبا قوله ع فعث من عاث يعيث إذاأفسد و في بعض النسخ فعش .أقول قال ابن أبي الحديد بعدإيراد تلك الكتب قلت وأعجب وأطرف ماجاء به الدهر و إن كانت عجائبه وبدائعه جمة أن يفضي الأمر بعلي ع إلي أن يصير معاوية ندا له ونظيرا مماثلا يتعارضان الكتاب والجواب ويتساويان فيما يواجه به أحدهما صاحبه و لا يقول له علي ع كلمة إلا قال له مثلها وأخشن منها فليت محمداص كان
صفحه : 89
مشاهد ذلك ليري عيانا لاخبرا أن الدعوة التي قام بها وقاسي أعظم المشاق في تحملها وكابد الأهوال في الذب عنها وضرب بالسيوف عليها لمامهد دولتها وشيد أركانها وملأ الآفاق بهاخلصت صفوا عفوا لأعدائه الذين كذبوه لمادعا إليها وأخرجوه عن أوطانه لماحض عليها وأدموا وجهه وقتلوا عمه وأهله فكأنه كان يسعي لهم ويدأب لراحتهم كما قال أبوسفيان في أيام عثمان و قدمر بقبر حمزة فضربه برجله و قال يا أباعمارة إن الأمر ألذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس في يد غلماننا اليوم يتلعبون به ثم آل الأمر إلي أن يفاخر معاوية عليا كمايتفاخر الأكفاء والنظراء
402- وَ قَالَ فِي مَوضِعٍ آخَرَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَيهِ ع مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَمّا بَعدُ فَإِنّا بنَيِ عَبدِ مَنَافٍ لَم نَزَل نُنزَعُ مِن قَلِيبٍ وَاحِدٍ وَ نجَريِ فِي حَلبَةٍ وَاحِدَةٍ وَ لَيسَ لِبَعضِنَا عَلَي بَعضٍ فَضلٌ وَ لَا لِقَائِمِنَا عَلَي قَاعِدِنَا فَخرٌ كَلِمَتُنَا مُؤتَلِفَةٌ وَ أُلفَتُنَا جَامِعَةٌ وَ دَارُنَا وَاحِدَةٌ وَ يَجمَعُنَا كَرَمُ العِرقِ وَ يَحوِينَا شَرَفُ الفَخَارِ وَ يَحنُو قَوِيّنَا عَلَي ضَعِيفِنَا وَ يوُاَسيِ غَنِيّنَا فَقِيرَنَا قَد خَلَصَت قُلُوبُنَا مِن دَغَلِ الحَسَدِ وَ طَهُرَت أَنفُسُنَا مِن خُبثِ السّجِيّةِ فَلَم نَزَل كَذَلِكَ حَتّي كَانَ مِنكَ مِنَ الإِدّهَانِ فِي أَمرِ ابنِ عَمّكَ وَ الحَسَدِ لَهُ وَ تَضرِيبِ النّاسِ عَلَيهِ حَتّي قُتِلَ بِمَشهَدٍ مِنكَ لَا تَدفَعُ عَنهُ بِلِسَانٍ وَ لَا يَدٍ فَلَيتَكَ أَظهَرتَ نَصرَهُ حَيثُ أَشهَرتَ خَترَهُ فَكُنتَ كَالمُتَعَلّقِ بَينَ النّاسِ بِعُذرٍ وَ إِن ضَعُفَ وَ المتُبَرَّئِ مِن دَمِهِ بِدَفعٍ وَ إِن وَهَنَ وَ لَكِنّكَ جَلَستَ فِي دَارِكَ تَدُسّ إِلَيهِ الدوّاَهيَِ وَ تُرسِلُ عَلَيهِ الأفَاَعيَِ حَتّي إِذَا قَضَيتَ وَطرَكَ مِنهُ أَظهَرتَ شَمَاتَةً وَ أَبدَيتَ طَلَاقَةً وَ حَسَرتَ
صفحه : 90
لِلأَمرِ عَن سَاعِدِكَ وَ شَمّرتَ عَن سَاقِكَ وَ دَعَوتَ إِلَي نَفسِكَ وَ أَكرَهتَ أَعيَانَ المُسلِمِينَ عَلَي بَيعَتِكَ ثُمّ كَانَ مِنكَ بَعدَ مَا كَانَ مِن قَتلِكَ شيَخيَِ المُسلِمِينَ أَبِي مُحَمّدٍ طَلحَةَ وَ أَبِي عَبدِ اللّهِ الزّبَيرَ وَ هُمَا مِنَ المَوعُودِينَ بِالجَنّةِ وَ المُبَشّرُ قَاتِلُ أَحَدِهِمَا بِنَارِ الآخِرَةِ هَذَا إِلَي تَشرِيدِكَ بِأُمّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ وَ إِحلَالِهَا مَحَلّ الهَوَانِ مُبتَذِلَةً بَينَ أيَديِ الأَعرَابِ وَ فَسَقَةِ أَهلِ الكُوفَةِ فَمِن بَينِ مُنتَهِرٍ لَهَا وَ بَينَ شَامِتٍ بِهَا وَ بَينَ سَاخِرٍ مِنهَا أَ تَرَي ابنَ عَمّكَ كَانَ بِهَذَا لَو رَآهُ رَاضِياً أَم كَانَ يَكُونُ عَلَيكَ سَاخِطاً وَ لَكَ عَنهُ زَاجِراً أَن تؤُذيَِ فِي أَهلِهِ وَ تُشَرّدَ بِحَلِيلَتِهِ وَ تَسفِكَ دِمَاءَ أَهلِ مِلّتِهِ ثُمّ تَركُكَ دَارَ الهِجرَةِ التّيِ قَالَ رَسُولُ اللّهِص عَنهَا إِنّ المَدِينَةَ لتَنَفيِ خَبَثَهَا كَمَا ينَفيِ الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ فلَعَمَريِ لَقَد صَحّ وَعدُهُ وَ صَدَقَ قَولُهُ وَ لَقَد نَفَت خَبَثَهَا وَ طَرَدَت مِنهَا مَن لَيسَ بِأَهلٍ أَن يَستَوطِنَهَا فَأَقَمتَ بَينَ المِصرَينِ وَ بَعُدتَ عَن بَرَكَةِ الحَرَمَينِ وَ رَضِيتَ بِالكُوفَةِ بَدَلًا مِنَ المَدِينَةِ وَ بِمُجَاوَرَةِ الخَوَرنَقِ وَ الحَيرَةِ عِوَضاً عَن مُجَاوَرَةِ قَبرِ خَاتَمِ النّبُوّةِ وَ مِن قَبلِ ذَلِكَ مَا عَنَيتَ خلَيِفتَيَ رَسُولِ اللّهِص أَيّامَ حَيَاتِهِمَا فَقَعَدتَ عَنهُمَا وَ التَوَيتَ عَلَيهِمَا وَ امتَنَعتَ مِن بَيعَتِهِمَا وَ رُمتَ أَمراً لَم يَرَكَ اللّهُ تَعَالَي لَهُ أَهلًا وَ رَقِيتَ سُلّماً وَعراً وَ حَاوَلتَ مَقَاماً دَحضاً وَ ادّعَيتَ مَا لَم تَجِد عَلَيهِ نَاصِراً وَ لعَمَريِ لَو وُلّيتَهَا حِينَئِذٍ لَمَا ازدَدتَ إِلّا فَسَاداً وَ اضطِرَاباً وَ لَا أَعقَبَت وَلَايَتُكَهَا إِلّا انتِشَاراً وَ ارتِدَاداً لِأَنّكَ الشّامِخُ بِأَنفِهِ الذّاهِبُ بِنَفسِهِ المُستَطِيلُ عَلَي النّاسِ بِلِسَانِهِ وَ يَدِهِ وَ هَا أَنَا السّائِرُ إِلَيكَ فِي جَمعٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ تَحُفّهُم سُيُوفٌ شَامِيّةٌ وَ رِمَاحٌ قَحطَانِيّةٌ حَتّي يُحَاكِمُوكَ إِلَي اللّهِ فَانظُر لِنَفسِكَ وَ المُسلِمِينَ وَ ادفَع إلِيَّ قَتَلَةَ عُثمَانَ فَإِنّهُم خَاصّتُكَ وَ خُلَصَاؤُكَ وَ المُحدِقُونَ بِكَ فَإِن أَبَيتَ إِلّا سُلُوكَ سَبِيلِ اللّجَاجِ وَ الإِصرَارَ عَلَي الغيَّ وَ الضّلَالِ فَاعلَم أَنّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَت فِيكَ وَ فِي أَهلِ العِرَاقِ مَعَكَضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا قَريَةً كانَت آمِنَةً مُطمَئِنّةً يَأتِيها رِزقُها رَغَداً مِن كُلّ مَكانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللّهِ فَأَذاقَهَا اللّهُ لِباسَ الجُوعِ وَ الخَوفِ بِما كانُوا يَصنَعُونَفَأَجَابَ عَلِيّ ع كِتَابَهُ بِمَا رَوَاهُ السّيّدُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فِي النّهجِ
صفحه : 91
وَ الطبّرسِيِّ رَحِمَهُ اللّهُ فِي الإِحتِجَاجِ وَ اللّفظُ لِلسّيّدِ قَالَ وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ جَوَاباً عَن كِتَابٍ مِنهُ أَمّا بَعدُ فَإِنّا كُنّا نَحنُ وَ أَنتُم عَلَي مَا ذَكَرتَ مِنَ الأُلفَةِ وَ الجَمَاعَةِ فَفَرّقَ بَينَنَا وَ بَينَكُم أَمسِ أَنّا آمَنّا وَ كَفَرتُم وَ اليَومَ أَنّا استَقَمنَا وَ فُتِنتُم وَ مَا أَسلَمَ مُسلِمُكُم إِلّا كَرهاً وَ بَعدَ أَن كَانَ أَنفُ الإِسلَامِ كُلّهُ لِرَسُولِ اللّهِص حِزباً وَ ذَكَرتَ أنَيّ قَتَلتُ طَلحَةَ وَ الزّبَيرَ وَ شَرّدتُ بِعَائِشَةَ وَ نَزَلتُ بَينَ المِصرَينِ وَ ذَلِكَ أَمرٌ غِبتَ عَنهُ فَلَا الجِنَايَةُ عَلَيكَ وَ لَا العُذرُ فِيهِ إِلَيكَ وَ ذَكَرتَ أَنّكَ زاَئرِيِ فِي المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ وَ قَدِ انقَطَعَتِ الهِجرَةُ يَومَ أُسِرَ أَخُوكَ فَإِن كَانَ فِيكَ عَجَلٌ فَاستَرفِه فإَنِيّ إِن أَزُركَ فَذَلِكَ جَدِيرٌ أَن يَكُونَ اللّهُ إِنّمَا بعَثَنَيِ لِلنّقِمَةِ مِنكَ وَ إِن تزَرُنيِ فَكَمَا قَالَ أَخُو بنَيِ أَسَدٍ
مُستَقبِلِينَ رِيَاحَ الصّيفِ تَضرِبُهُم | بِحَاصِبٍ بَينَ أَغوَارٍ وَ جُلمُودٍ |
وَ عنِديَِ السّيفُ ألّذِي أَعضَضتُهُ بِجَدّكَ وَ خَالِكَ وَ أَخِيكَ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَ إِنّكَ وَ اللّهِ مَا عَلِمتُ الأَغلَفُ القَلبِ المُقَارِبُ العَقلِ وَ الأَولَي أَن يُقَالَ لَكَ إِنّكَ رَقِيتَ سُلّماً أَطلَعَكَ مَطلِعَ سَوءٍ عَلَيكَ لَا لَكَ لِأَنّكَ نَشَدتَ غَيرَ ضَالّتِكَ وَ رَعَيتَ غَيرَ سَائِمَتِكَ وَ طَلَبتَ أَمراً لَستَ مِن أَهلِهِ وَ لَا فِي مَعدِنِهِ فَمَا أَبعَدَ قَولَكَ مِن فِعلِكَ وَ قَرِيبٌ مَا أَشبَهتَ مِن أَعمَامٍ وَ أَخوَالٍ حَمَلَتهُمُ الشّقَاوَةُ وَ تمَنَيّ البَاطِلِ عَلَي الجُحُودِ بِمُحَمّدٍص فَصُرِعُوا مَصَارِعَهُم حَيثُ عَلِمتَ لَم يَدفَعُوا عَظِيماً وَ لَم يَمنَعُوا حَرِيماً بِوَقعِ سُيُوفٍ مَا خَلَا مِنهَا الوَغَي وَ لَم تُمَاشِهَا الهُوَينَا وَ قَد أَكثَرتَ فِي قَتَلَةِ عُثمَانَ فَادخُل فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النّاسُ ثُمّ حَاكِمِ القَومَ إلِيَّ أَحمِلكَ وَ إِيّاهُم عَلَي كِتَابِ اللّهِ وَ أَمّا تِلكَ التّيِ تُرِيدُ فَإِنّهَا خُدعَةُ الصبّيِّ عَنِ
صفحه : 92
اللّبَنِ فِي أَوّلِ الفِصَالِ وَ السّلَامُ لِأَهلِهِ
تبيين قوله ع كنا نحن وأنتم أي قبل البعثة أنااستقمنا أي علي منهاج الحق و بعد أن كان أنف الإسلام كله لرسول الله ص حزبا في أكثر النسخ بالزاء بعدالحاء المهملة المكسورة و في بعضها بالراء المهملة بعدالحاء المفتوحة وكذلك كان في نسخة ابن أبي الحديد قال أي بعد أن كان أنف الإسلام محاربا لرسول الله ص وأنف كل شيءأوله و كان أبوسفيان وأهله من بني عبدشمس من أشد الناس علي رسول الله ص في أول الهجرة إلي فتح مكة انتهي . والأظهر ما في أكثر النسخ كما كان في نسخة ابن ميثم قال أي بعد أن اشتد الإسلام وصار للرسول ص حزب قوي من الأشراف واستعار لفظ الأنف لهم باعتبار كونهم أعزاء أهله انتهي أوباعتبار أنهم مقدمون علي غيرهم فإنهم السّابِقُونَ الأَوّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ وَ الأَنصارِفيكون هذاالكلام كالدليل علي كون إسلامهم عن كره وإجبار فلاعليك في الاحتجاج فلاالجناية عليك و هوأظهر. و قال ابن أبي الحديد أجمل ع في الجواب والجواب المفصل أن طلحة والزبير قتلا أنفسهما ببيعتهما ونكثهما و لواستقاما علي الطريقة لسلما و من قتله الحق فدمه هدر. و أماالوعد لهما بالجنة فمشروط بسلامة العاقبة والكلام في سلامتها. و أما قوله بشر قاتل ابن صفية بالنار فقد اختلف فيه فقال قوم من علماء الحديث وأرباب السيرة هوكلام علي غيرمرفوع وقوم منهم جعلوه مرفوعا و علي كل حال فهو حق لأن ابن جرموز قتله موليا خارجا من الصف وقاتل من هذه حاله فاسق مستحق للنار. و أماعائشة فأي ذنب لأمير المؤمنين ع في ذلك و لوأقامت في
صفحه : 93
منزلها لم تبتذل بين الأعراب و أهل الكوفة. علي أن عليا ع أكرمها وصانها وعظم من شأنها و لوكانت فعلت بعمر مافعلت به ثم ظفر بهالقتلها ومزقها إربا إربا ولكن عليا ع كان حليما كريما. و أما قوله لوعاش رسول الله ص إلي آخره فلعلي ع أن يقلب الكلام عليه و يقول أفتراه لوعاش أ كان رضي لحليلته أن تؤذي أخاه ووصيه . وأيضا أتراه لوعاش أ كان رضي لك يا ابن أبي سفيان أن تنازع عليا الخلافة وتفرق جماعة هذه الأمة. وأيضا أتراه لوعاش أ كان رضي لطلحة والزبير أن يبايعا ثم ينكثا لابسبب بل قالوا جئنا نطلب الدراهم فقد قيل لنا إن بالبصرة مالا كثيرا.فأما قوله ثم تركك دار الهجرة فلاعيب عليه إذاانتقضت عليه أطراف الإسلام بالبغي والفساد أن يخرج من المدينة إليها ويهذب أهلها و ليس كل من خرج من المدينة كان خبيثا فقد خرج عنها عمرو مرارا إلي الشام . ثم لعلي ع أن يقول و أنت يامعاوية قدنفتك المدينة أيضا فأنت إذن خبيث وكذلك طلحة والزبير وعائشة الذين تتعصب لهم وتحتج علي الناس بهم . و قدخرج عن المدينة الصالحون كابن مسعود و أبي ذر وغيرهما وماتوا في بلاد نائية عنها. و أما قوله بعدت عن بركة الحرمين فكلام إقناعي ضعيف والواجب علي الإمام أن يقدم الأهم فالأهم من مصالح الإسلام وتقديم قتال أهل البغي علي المقام في الحرمين أولي . و أما ماذكره من خذلان عثمان وشماتته به وإكراه الناس علي البيعة فكله
صفحه : 94
دعوي والأمر بخلافها. و أما قوله التويت علي أبي بكر وعمر وقعدت عنهما وحاولت الخلافة فإن عليا ع لم يكن يجحد ذلك و لاينكره و لاريب أنه كان يدعي الأمر بعدوفاة رسول الله ص لنفسه علي الجملة إما للنص كماتقوله الشيعة أولأمر آخر كمايقوله أصحابنا.فأما قوله لووليتها حينئذ لفسد الأمر واضطرب الإسلام فهذا علم غيب لايعلمه إلا الله ولعله لووليها حينئذ لاستقام الأمر فإنه ماوقع الاضطراب عندولايته بعدعثمان إلالأن أمره هان عندهم بتأخره عن الخلافة وتقديم غيره عليه فصغر شأنه في النفوس وقرر من تقدمه في قلوب الناس أنه لايصلح لها كل الصلوح و لو كان وليها ابتداء و هو علي تلك الجلالة التي كان عليها أيام حياة رسول الله ص وتلك المنزلة الرفيعة والاختصاص ألذي كان له لكان الأمر غير ألذي رأيناه . و أما قوله لأنك الشامخ فقد أسرف في وصفه بما وصفه به و لاشك أنه ع كان عنده زهو ولكن لاهكذا و كان ع مع زهوه ألطف الناس خلقا انتهي كلامه . وأقول علي أصولنا لايستحق الملعون الجواب بما قدظهر من كفره ونفاقه من كل باب و هو ع كان أعلم بما يأتي به من الحق والصواب و لاريب أن الحق يئوب معه حيث آب . قوله و قدانقطعت الهجرة قال ابن ميثم لماأوهم كلامه أنه من المهاجرين أكذبه بقوله و قدانقطعت الهجرة يوم أسر أبوك أي حين الفتح و ذلك أن معاوية وأباه وجماعة من أهله إنما أظهروا الإسلام بعدالفتح و قد قال ص لاهجرة بعدالفتح وسمي ع أخذ العباس لأبي سفيان إلي رسول الله ص غيرمختار وعرضه علي القتل أسرا. وروي يوم أسر أخوك و قد كان أسر أخوه عمرو بن أبي سفيان يوم
صفحه : 95
بدر فعلي هذه الرواية يكون الكلام في معرض التذكرة له بأن من شأنه وشأن أهله أن يؤسروا و لايسلموا فكيف يدعون مع ذلك الهجرة فإن الهجرة بهذا الاعتبار منقطعة عنهم و لا يكون يوم أسر ظرفا لانقطاع الهجرة لأن الهجرة إنما انقطعت بعدالفتح انتهي و لايخفي ما فيه من التكلف والبعد. و قال ابن أبي الحديد يوم أسر أخوك يعني يزيد بن أبي سفيان أسر يوم الفتح في باب الخندمة و كان خرج في نفر من قريش يحاربون ويمنعون من دخول مكة فقتل منهم قوم وأسر يزيد بن أبي سفيان أسره خالد بن الوليد فخلصه أبوسفيان منه وأدخله داره فآمن لأن رسول الله ص قال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن . قوله فاسترفه أي اطلب الرفاهية علي نفسك في ذلك فإنك إنما تستعجل إلي مايضرك أو لاترهق نفسك بالعجل فإني أزورك إن لم تزرني فكما قال أخو بني أسد. قال ابن أبي الحديد كنت أسمع قديما أن هذاالبيت من شعر بشر بن أبي خازم الأسدي والآن فقد تصفحت شعره فلم أجده و لاوقفت بعد علي قائله . وريح حاصب تحمل الحصباء وهي صغار الحصا و إذاكانت بين أغوار وهي ماسفل من الأرض وكانت مع ذاك ريح صيف كانت أعظم مشقة وأشد ضررا علي من تلاقيه .فأما قوله وجلمود يمكن أن يكون عطفا علي حاصب و أن يكون عطفا علي أغوار أي بين أغوار من الأرض وحرة و ذلك أشد لأذاها لماتكتسبه الحرة من لفح السموم ووهجها والوجه الأول أليق انتهي . و قال الجوهري الجلمد والجلمود الصخر و قال أعضضته بسيفي أي ضربته به وعض الرجل بصاحبه يعض عضيضا أي لزمه . و قال ابن أبي الحديد أعضضته أي جعلته معضوضا برءوس أهلك به وأكثر مايأتي أفعلت أن تجعله فاعلا وهنا من المقلوب أي عضضت رءوس أهلك به .
صفحه : 96
و قال ابن ميثم قوله عضضته يروي بالضاد المعجمة أي جعلته عاضا لهم وألزمته بهم ويروي أغصصته بالغين المعجمة والصادين المهملتين تقول أغصصت السيف بفلان أي جعلته يغص به المضروب هو ألذي يغص بالسيف أي لايكاد يسيغه . و قدمر مرارا أن مراده ع من قوله الجد جد معاوية عتبة بن ربيعة والخال الوليد والأخ حنظلة قتلهم ع يوم بدر. قوله ع ماعلمت كلمة ماموصولة وهي بصلتها خبر أن والأغلف بيان للموصول . ويحتمل أن يكون المعني مادمت علمتك واطلعت عليك وجدتك كذلك . وقيل مامصدرية والأغلف القلب من لابصيرة له كان قلبه في غلاف والمقارب العقل في أكثر النسخ بصيغة الفاعل وكذا صححه الشارحان . و قال الجوهري شيءمقارب بكسر الراء بين الجيد والرديء و لانقل مقارب بفتح الراء. و في بعض النسخ المصححة بالفتح فيحتمل أن يكون بالمعني المذكور أيضا. و قال في القاموس شيءمقارب بكسر الراء بين الجيد والرديء أودين مقارب بالكسر ومتاع مقارب بالفتح انتهي . أوأريد به العقل ألذي قاربه الشيطان ومسه أي أنت ألذي تخبطه الشيطان من المس قوله والأولي أن يقال لك جواب لقوله ورقيت سلما و في القاموس طلع الجبل علاه كطلع بالكسر عليك لا لك أي هذاالمطلع أوالارتقاء وبال عليك غيرنافع لك ماأبعد قولك أي دعواك أنك أمير المؤمنين وخليفة المسلمين من فعلك و هوالخروج باغيا علي الإمام المفترض الطاعة وشق عصا المسلمين مع ماترتكبه من المنكرات والفسوق كلبس الحرير والمنسوج بالذهب و غير ذلك كماذكره ابن أبي الحديد وقريب ماأشبهت مامصدرية أي قريب شبهك بأعمامك وأخوالك من بني أمية
صفحه : 97
الذين حاربوا رسول الله ص بوقع سيوف متعلق بصرعوا و ماخلا صفة لسيوف والوغي بالتحريك الجلبة والأصوات و منه قيل للحرب وغي لما فيها من الصوت والجلبة و لم تماشها الهوينا أي لم يلحق ضربنا ووقعها هون و لاسهولة و لم يجر معها وروي و لم يتماسها بالسين المهملة أي لم يخالطها شيء من ذلك والهوينا موصوفها محذوفة كالضربة والحالة ونحوها. و أماتلك التي تريد أي طلبك قتلة عثمان
403- وَ قَالَ ابنُ مِيثَمٍ وَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِكَتَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ الدّنيَا حُلوَةٌ خُضرَةٌ ذَاتُ زِينَةٍ وَ بَهجَةٍ لَم يُصَب إِلَيهَا أَحَدٌ إِلّا وَ شَغَلَتهُ بِزِينَتِهَا عَمّا هُوَ أَنفَعُ لَهُ مِنهَا وَ بِالآخِرَةِ أُمِرنَا وَ عَلَيهَا حُثِثنَا فَدَع يَا مُعَاوِيَةُ مَا يَفنَي وَ اعمَل لِمَا يَبقَي وَ احذَرِ المَوتَ ألّذِي إِلَيهِ مَصِيرُكَ وَ الحِسَابَ ألّذِي إِلَيهِ عَاقِبَتُكَ وَ اعلَم أَنّ اللّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبدٍ خَيراً حَالَ بَينَهُ وَ بَينَ مَا يَكرَهُ وَ وَفّقَهُ لِطَاعَتِهِ وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبدٍ شَرّاً أَغرَاهُ بِالدّنيَا وَ أَنسَاهُ الآخِرَةَ وَ بَسَطَ لَهُ أَمَلَهُ وَ عَاقَهُ عَمّا فِيهِ صَلَاحُهُ وَ قَد وصَلَنَيِ كِتَابُكَ فَوَجَدتُكَ ترَميِ غَيرَ غَرَضِكَ وَ تُنشِدُ غَيرَ ضَالّتِكَ وَ تَخبِطُ فِي عَمَايَةٍ وَ تَتِيهُ فِي ضَلَالَةٍ وَ تَعتَصِمُ بِغَيرِ حُجّةٍ وَ تَلُوذُ بِأَضعَفِ شُبهَةٍ فَأَمّا سُؤَالُكَ إلِيَّ المُتَارَكَةَ وَ الإِقرَارَ لَكَ عَلَي الشّامِ فَلَو كُنتَ فَاعِلًا ذَلِكَ اليَومَ لَفَعَلتُهُ أَمسِ وَ أَمّا قَولُكَ إِنّ عُمَرَ وَلّاكَهَا فَقَد عَزَلَ عُمَرُ مَن كَانَ وَلّاهُ صَاحِبُهُ وَ عَزَلَ عُثمَانُ مَن كَانَ عُمَرُ وَلّاهُ وَ لَم يُنصَب لِلنّاسِ إِمَامٌ إِلّا لِيَرَي مِن صَلَاحِ الأُمّةِ مَا قَد كَانَ ظَهَرَ لِمَن كَانَ قَبلَهُ أَو خفَيَِ عَنهُم غَيّهُ وَ الأَمرُ يَحدُثُ بَعدَ الأَمرِ وَ لِكُلّ
صفحه : 98
وَالٍ رأَيٌ وَ اجتِهَادٌ فَسُبحَانَ اللّهِ مَا أَشَدّ لُزُومَكَ لِلأَهوَاءِ المُبتَدَعَةِ وَ الحَيرَةِ المُتّبَعَةِ مَعَ تَضيِيعِ الحَقَائِقِ وَ إِطرَاحِ الوَثَائِقِ التّيِ هيَِ لِلّهِ طَلِبَةٌ وَ عَلَي عِبَادِهِ حُجّةٌ فَأَمّا إِكثَارُكَ الحِجَاجَ فِي عُثمَانَ وَ قَتَلَتِهِ فَإِنّكَ إِنّمَا نَصَرتَ عُثمَانَ حَيثُ كَانَ النّصرُ لَكَ وَ خَذَلتَهُ حَيثُ كَانَ النّصرُ لَهُ وَ السّلَامُ
404-ج ،[الإحتجاج ] مِن كِتَابٍ لَهُ ع فَسُبحَانَ اللّهِ إِلَي قَولِهِ وَ السّلَامُ بيان الحقائق هي مايحق للرجل أن يحميه كمايقال حامي الحقيقة وقيل هي الأمور التي ينبغي أن يعتقدها من خلافته ع ووجوب طاعته ووثائق الله عهوده المطلوبة له وهي علي عباده حجة يوم القيامة. و قال ابن أبي الحديد و أما قوله ع إنما نصرت عثمان إلخ فقد روي البلاذري أنه لماأرسل عثمان إلي معاوية يستمده بعث يزيد بن أسد القسري جد خالد بن عبد الله أميرالعراق و قال إذاأتيت ذا خشب فأقم بها و لاتتجاوزها و لاتقل الشاهد يري ما لايري الغائب فإني أناالشاهد و أنت الغائب . قال فأقام القسري بذي خشب حتي قتل عثمان فاستقدمه حينئذ معاوية فعاد إلي الشام بالجيش ألذي كان أرسل معه وإنما صنع ذلك معاوية ليقتل عثمان فيدعو إلي نفسه .
صفحه : 99
وكتب معاوية إلي ابن عباس عندصلح الحسن ع كتابا يدعوه فيه إلي بيعته و يقول له فيه ولعمري لوقتلتك بعثمان رجوت أن يكون ذلك لله رضا و أن يكون رأيا صوابا فإنك من الساعين عليه والخاذلين له والسافكين دمه و ماجري بيني وبينك صلح فيمنعك مني و لابيدك أمان .فكتب إليه ابن عباس جوابا طويلا يقول فيه و أماقولك إني من الساعين علي عثمان والخاذلين له والسافكين دمه فأقسم بالله لأنت المتربص بعثمان والمحب لهلاكه والحابس الناس قبلك عنه علي بصيرة من أمره ولقد أتاك كتابه وصريخه يستغيث بك ويستصرخ فما حفلت حتي بعثت به معذرا بأخرة و أنت تعلم أنهم لن يدركوه حتي يقتل فقتل كماكنت أردت ثم علمت بعد ذلك أن الناس لن يعدلوا بيننا وبينك فطفقت تنعي عثمان وتلزمنا دمه وتقول قتل عثمان مظلوما فإن يك قتل مظلوما فأنت أظلم الظالمين ثم لم تزل مصوبا ومصعدا وجاثما ورابضا تستغوي الجهال وتنازعنا حقنا بالسفهاء حتي أدركت ماطلبت وَ إِن أدَريِ لَعَلّهُ فِتنَةٌ لَكُم وَ مَتاعٌ إِلي حِينٍ.بيان بعثت به أي بالجيش أوالصريخ معذرا بالتشديد و هوالمقصر و من يبدي عذرا و ليس بمحق بأخرة أي بتأخير وتسويف أوآخرا حيث لاينفع قال الجوهري بعته بأخرة بكسر الخاء وقصر الألف أي بنسئة وجاء فلان بأخرة بفتح الخاء أي أخيرا. و في النهاية فيه فصعد في النظر وصوبه أي نظر إلي أعلاي وأسفلي يتأملني انتهي . وجثم الطائر تلبد بالأرض وربوض الغنم والكلب مثل بروك الإبل وجثوم الطير فتارة شبهه بالطيور الخاطفة وتارة بالكلاب الضارية الصائدة
405- وَ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ رَوَي نَصرُ بنُ مُزَاحِمٍ أَنّهُ كَتَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ
صفحه : 100
ع إِلَي مُعَاوِيَةَ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ سَلَامٌعَلي مَنِ اتّبَعَ الهُديفإَنِيّ أَحمَدُ إِلَيكَ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِنّكَ قَد رَأَيتَ مُرُورَ الدّنيَا وَ انقِضَاءَهَا وَ تَصَرّمَهَا وَ تَصَرّفَهَا بِأَهلِهَا فِيمَا مَضَي مِنهَا وَ خَيرُ مَا اكتَسَبتَ مِمّا بقَيَِ مِنَ الدّنيَا مَا أَصَابَ العِبَادُ الصّالِحُونَ فِيمَا مَضَي مِنهَا مِنَ التّقوَي وَ مَن يَقِسِ الدّنيَا بِالآخِرَةِ يَجِد بَينَهُمَا بَوناً بَعِيداً وَ اعلَم يَا مُعَاوِيَةُ أَنّكَ قَدِ ادّعَيتَ أَمراً لَستَ مِن أَهلِهِ لَا فِي القَدِيمِ وَ لَا فِي الحَدِيثِ وَ لَا فِي البَقِيّةِ وَ لَستَ تَقُولُ فِيهِ بِأَمرٍ بَيّنٍ يُعرَفُ لَهُ أَثَرٌ وَ لَا عَلَيكَ مِنهُ شَاهِدٌ وَ لَستَ مُتَعَلّقاً بِآيَةٍ مِن كِتَابِ اللّهِ وَ لَا عَهدٍ مِن رَسُولِ اللّهِ فَكَيفَ أَنتَ صَانِعٌ إِذَا تَقَشّعَت عَنكَ غَيَابَةُ مَا أَنتَ فِيهِ مِن دُنيَا قَد فُتِنتَ بِزِينَتِهَا وَ رَكَنتَ إِلَي لَذّتِهَا وَ خَلّا بَينَكَ وَ بَينَ عَدُوّكَ فِيهَا عَدُوّ كَلِبٌ مُضِلّ جَاهِدٌ مَلِيحٌ مُلِحّ مَعَ مَا قَد ثَبَتَ فِي نَفسِكَ مِن حُبّهَا دَعَتكَ فَأَجَبتَهَا وَ قَادَتكَ فَاتّبَعتَهَا وَ أَمَرَتكَ فَأَطَعتَهَا فَاقعَس عَن هَذَا الأَمرِ وَ خُذ أُهبَةَ الحِسَابِ فَإِنّهُ يُوشِكُ أَن يَقِفَكَ وَاقِفٌ عَلَي مَا لَا يَجُنّكَ بِهِ مِجَنّ وَ مَتَي كُنتُم يَا مُعَاوِيَةُ سَاسَةَ الرّعِيّةِ أَو وُلَاةً لِأَمرِ هَذِهِ الأُمّةِ بِلَا قَدَمٍ حَسَنٍ وَ لَا شَرَفٍ تَلِيدٍ عَلَي قَومِكُم فَاستَيقِظ مِن سِنَتِكَ وَ ارجِع إِلَي خَالِقِكَ وَ شَمّر لِمَا سَيَنزِلُ بِكَ وَ لَا تُمَكّن عَدُوّكَ الشّيطَانَ مِن بُغيَتِهِ فِيكَ مَعَ أنَيّ أَعرِفُ أَنّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ صَادِقَانِ نَعُوذُ بِاللّهِ مِن لُزُومِ سَابِقِ الشّقَاءِ وَ إِن لَا تَفعَل فإَنِيّ أُعَلّمُكَ مَا أَغفَلتَ مِن نَفسِكَ إِنّكَ مُترَفٌ قَد أَخَذَ مِنكَ الشّيطَانُ مَأخَذَهُ فَجَرَي مِنكَ مَجرَي الدّمِ فِي العُرُوقِ وَ لَستَ مِن أَئِمّةِ هَذِهِ الأُمّةِ وَ لَا مِن رُعَاتِهَا وَ اعلَم أَنّ هَذَا الأَمرَ لَو كَانَ إِلَي النّاسِ أَو بِأَيدِيهِم لَحَسَدُونَاهُ وَ لَامتَنّوا عَلَينَا بِهِ
صفحه : 101
وَ لَكِنّهُ قَضَاءٌ مِمّن مَنَحَنَاهُ وَ اختَصّنَا بِهِ عَلَي لِسَانِ نَبِيّهِ الصّادِقِ المُصَدّقِ لَا أَفلَحَ مَن شَكّ بَعدَ العِرفَانِ وَ البَيّنَةِ رَبّ احكُم بَينَنَا وَ بَينَ عَدُوّنَا بِالحَقّ وَ أَنتَ خَيرُ الحَاكِمِينَ قَالَ نَصرٌ فَكَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ بِالجَوَابِ مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَمّا بَعدُ فَدَعِ الحَسَدَ فَإِنّكَ طَالَ مَا لَم تَنتَفِع بِهِ إِلَي آخِرِ مَا مَرّ بِرِوَايَةِ ابنِ مِيثَمٍ رَحِمَهُ اللّهُ
أَقُولُ وَجَدتُ فِي كِتَابِ صِفّينَ لِنَصرٍ مِثلَهُ
وَ رَوَي ابنُ مِيثَمٍ رَحِمَهُ اللّهُ كِتَابَهُ ع نَحواً مِمّا مَرّ
406- وَ ذَكَرَ السّيّدُ الرضّيِّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فِي النّهجِ بَعضَهُ فَلنَذكُرهُ لِلِاختِلَافِ الكَثِيرِ بَينَهُمَا قَالَ وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَيهِ أَيضاً وَ كَيفَ أَنتَ صَانِعٌ إِذَا تَكَشّفَت عَنكَ جَلَابِيبُ مَا أَنتَ فِيهِ مِن دُنيَا قَد تَبَهّجَت بِزِينَتِهَا وَ خَدَعَت بِلَذّتِهَا دَعَتكَ فَأَجَبتَهَا وَ قَادَتكَ فَاتّبَعتَهَا وَ أَمَرَتكَ فَأَطَعتَهَا وَ إِنّهُ يُوشِكُ أَن يَقِفَكَ وَاقِفٌ عَلَي مَا لَا يُنجِيكَ مِنهُ مِجَنّ فَاقعَس عَن هَذَا الأَمرِ وَ خُذ أُهبَةَ الحِسَابِ وَ شَمّر لِمَا قَد نَزَلَ بِكَ وَ لَا تُمَكّنِ الغُوَاةَ مِن سَمعِكَ وَ إِن لَا تَفعَل أُعَلّمكَ مَا أَغفَلتَ مِن نَفسِكَ فَإِنّكَ مُترَفٌ قَد أَخَذَ الشّيطَانُ مِنكَ مَأخَذَهُ وَ بَلَغَ فِيكَ أَمَلَهُ وَ جَرَي مِنكَ مَجرَي الرّوحِ وَ الدّمِ وَ مَتَي كُنتُم يَا مُعَاوِيَةُ سَاسَةَ الرّعِيّةِ وَ وُلَاةَ أَمرِ الأُمّةِ بِغَيرِ قَدَمٍ سَابِقٍ وَ لَا شَرَفٍ بَاسِقٍ وَ نَعُوذُ بِاللّهِ مِن لَوَازِمِ سَابِقِ الشّقَاءِ وَ أُحَذّرُكَ أَن تَكُونَ مُتَمَادِياً فِي غِرّةِ الأُمنِيّةِ مُختَلِفَ العَلَانِيَةِ وَ السّرِيرَةِ وَ قَد دَعَوتَ إِلَي الحَربِ فَدَعِ النّاسَ جَانِباً وَ اخرُج إلِيَّ وَ أَعفِ الفَرِيقَينِ عَنِ القِتَالِ لِتَعلَمَ أَيّنَا المَرِينُ عَلَي قَلبِهِ وَ المُغَطّي عَلَي بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو الحَسَنِ قَاتِلُ جَدّكَ
صفحه : 102
وَ خَالِكَ وَ أَخِيكَ شَدخاً يَومَ بَدرٍ وَ ذَلِكَ السّيفُ معَيِ وَ بِذَلِكَ القَلبِ أَلقَي عدَوُيّ مَا استَبدَلتُ دِيناً وَ لَا استَحدَثتُ نَبِيّاً وَ إنِيّ لَعَلَي المِنهَاجِ ألّذِي تَرَكتُمُوهُ طَائِعِينَ وَ دَخَلتُم فِيهِ مُكرَهِينَ وَ زَعَمتَ أَنّكَ جِئتَ ثَائِراً بِعُثمَانَ وَ لَقَد عَلِمتَ حَيثُ وَقَعَ دَمُ عُثمَانَ فَاطلُبهُ مِن هُنَاكَ إِن كُنتَ طَالِباً فكَأَنَيّ قَد رَأَيتُكَ تَضِجّ مِنَ الحَربِ إِذَا عَضّتكَ ضَجِيجَ الجِمَالِ بِالأَثقَالِ وَ كأَنَيّ بِجَمَاعَتِكَ تدَعوُنيِ جَزَعاً مِنَ الضّربِ المُتَتَابِعِ وَ القَضَاءِ الوَاقِعِ وَ مَصَارِعَ بَعدَ مَصَارِعَ إِلَي كِتَابِ اللّهِ وَ هيَِ كَافِرَةٌ جَاحِدَةٌ أَو مُبَايِعَةٌ حَائِدَةٌ
بيان وإني أحمدإليك الله أي أحمد الله منهيا إليك قال في النهاية في كتابه عليه الصلاة و السلام أما بعدفإني أحمدإليك الله أي أحمده معك فأقام إلي مقام مع وقيل معناه أحمدإليك نعمة الله بتحديثك إياها. و قال الجوهري قشعت الريح السحاب أي كشفته فانقشع وتقشع وأقشع أيضا. و في القاموس غيابة كل شيءسترك منه و منه غيابات الجب وغيبان الشجر. والجلابيب جمع جلباب وهي الملحفة في الأصل فاستعير لغيرها من الثياب . قوله ع قدتبهجت أي صار ذات بهجة وحسن أوتكلفت البهجة. و قال الجوهري ألاح بسيفه لمع به وألاحه أهلكه . قوله أن يقفك واقف وقف جاء لازما ومتعديا واستعمل هنا متعديا ويقال أيضا وقفه علي ذنبه أي أطلعه عليه والواقف هوالرب تعالي عندالحساب أو هو ع في الدنيا أو عندمخاصمة القيامة وقيل أي الموت والمجن بكسر الميم وفتح الجيم الترس والتليد القديم وقعس عن الأمر تأخر عنه والأهبة بالضم الاستعداد لما قدنزل بك أي الابتلاء بسوء العاقبة أوالحرب أوالموت أوالقتل و مابعده تنزيلا لما لابد من وقوعه منزلة الواقع وتقول أغفلت الشيء إذا
صفحه : 103
تركته علي ذكر منك وتغافلت عنه ومفعول أغفلت ضمير ما و من نفسك بيان ذلك الضمير وتفسير له .كذا ذكره ابن ميثم وقيل الظرف متعلق بالإغفال علي تضمين معني الصرف والإبعاد. والأظهر عندي أن من للتبعيض و هوحال عن الضمير أي من صفات نفسك وأحوالها وأترفته النعمة أطغته . قوله ع مأخذه أي تناولك تناوله الكامل المعروف أوأخذ منك الموضع ألذي يمكنه وينفعه أخذه ويروي بالجمع . و قال الفيروزآبادي في مادة سوس من كتاب القاموس سست الرعية سياسة أمرتها ونهيتها. وسابق الشقاء ماسبق في القضاء والتمادي تفاعل من المدي و هوالغاية والغرة الغفلة والأمنية طمع النفس . و قال الجوهري الرين الطبع والدنس يقال ران علي قلبه ذنبه غلب والشدخ كسر الشيء الأجوف . قوله ع ولقد علمت حيث وقع أي إن كنت تطلب ثارك عند من أجلب وحاصر فالذي فعل ذلك طلحة والزبير فاطلب ثارك من بني تيم وبني أسد بن عبدالعزي و إن كنت تطلبه ممن خذل فاطلبه من نفسك فإنك خذلته وكنت قادرا علي أن تمده بالرجال فخذلته وقعدت عنه بعد أن استغاث بك .كذا ذكره ابن أبي الحديد والضجيج الصياح عندالمكروه والمشقة والجزع أي كأني شاهد لجزعك من الحرب إذاعضتك الحرب وأصل العض اللزوم و منه العض بالأسنان أي إذالزمتك وأثرت فيك شدتها تضج كمايضج الجمل بثقل حمله ومصارع بعدمصارع أي من سقوط علي الأرض بعدسقوط وهي كافرة أي جماعتك والكافرة الجاحدة أصحابه الذين لم يبايعوا والمبايعة الحائدة هم الذين بايعوه ثم عدلوا إليه من قولهم حاد
صفحه : 104
عن الشيء إذاعدل ومال و هذا من إخباره ع بالغائبات و هو من المعجزات الباهرات
407- وَ قَالَ ابنُ مِيثَمٍ رَحِمَهُ اللّهُ روُيَِ أَنّ مُعَاوِيَةَ استَشَارَ بِعَمرِو بنِ العَاصِ فِي أَن يَكتُبَ إِلَي عَلِيّ ع كِتَاباً يَسأَلُهُ فِيهِ لِصُلحٍ فَضَحِكَ عَمرٌو وَ قَالَ أَينَ أَنتَ يَا مُعَاوِيَةُ مِن خُدعَةِ عَلِيّ قَالَ أَ لَسنَا بنَيِ عَبدِ مَنَافٍ قَالَ بَلَي وَ لَكِن لَهُمُ النّبُوّةُ دُونَكَ وَ إِن شِئتَ أَن تَكتُبَ فَاكتُب فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَيهِ مَعَ رَجُلٍ مِنَ السّكَاسِكِ يُقَالُ لَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ عُقبَةَ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ أَظُنّكَ لَو عَلِمتَ أَنّ الحَربَ تَبلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَت وَ عَلِمنَا لَم يَجُنّهَا بَعضُنَا عَلَي بَعضٍ وَ إِنّا وَ إِن كُنّا قَد غُلِبنَا عَلَي عُقُولِنَا فَقَد بقَيَِ لَنَا مِنهَا مَا نَندَمُ بِهِ عَلَي مَا مَضَي وَ نُصلِحُ مَا بقَيَِ وَ قَد كُنتُ سَأَلتُكَ الشّامَ عَلَي أَن لَا يلَزمَنَيِ لَكَ طَاعَةٌ وَ لَا بَيعَةٌ فَأَبَيتَ ذَلِكَ عَلَيّ فأَعَطاَنيِ اللّهُ مَا مَنَعتَ وَ أَنَا أَدعُوكَ اليَومَ إِلَي مَا دَعَوتُكَ إِلَيهِ أَمسِ فَإِنّكَ لَا تَرجُو مِنَ البَقَاءِ إِلّا مَا أَرجُو وَ لَا أَخَافُ مِنَ القَتلِ إِلّا مَا تَخَافُ وَ قَد وَ اللّهِ رَقّتِ الأَجنَادُ وَ ذَهَبَتِ الرّجَالُ وَ أَكَلَتِ الحَربُ العَرَبَ إِلّا حُشَاشَاتِ أَنفُسٍ بَقِيَت وَ إِنّا فِي الحَربِ وَ الرّجَالَ سَوَاءٌ وَ نَحنُ بَنُو عَبدِ مَنَافٍ وَ لَيسَ لِبَعضِنَا عَلَي بَعضٍ فَضلٌ إِلّا فَضلٌ لَا يَستَذِلّ بِهِ عَزِيزٌ وَ لَا يَستَرِقّ بِهِ حُرّ وَ السّلَامُ فَلَمّا قَرَأَ عَلِيّ ع كِتَابَهُ تَعَجّبَ مِنهُ وَ مِن كِتَابِهِ ثُمّ دَعَا عُبَيدَ اللّهِ بنَ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبَهُ وَ قَالَ لَهُ اكتُب إِلَيهِ أَمّا بَعدُ فَقَد جاَءنَيِ كِتَابُكَ تَذكُرُ أَنّكَ لَو عَلِمتَ وَ عَلِمنَا أَنّ الحَربَ تَبلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَت لَم يَجُنّهَا بَعضُنَا عَلَي بَعضٍ وَ إِنّا وَ إِيّاكَ فِي غَايَةٍ لَم نَبلُغهَا بَعدُ وَ إنِيّ لَو قُتِلتُ فِي ذَاتِ اللّهِ وَ حَيِيتُ ثُمّ قُتِلتُ ثُمّ حَيِيتُ سَبعِينَ مَرّةً لَم أَرجِع عَنِ الشّدّةِ فِي ذَاتِ اللّهِ وَ الجِهَادِ لِأَعدَاءِ اللّهِ
صفحه : 105
وَ أَمّا قَولُكَ إِنّهُ قَد بقَيَِ مِن عُقُولِنَا مَا نَندَمُ بِهِ عَلَي مَا مَضَي فإَنِيّ مَا نَقَضتُ عقَليِ وَ لَا نَدِمتُ عَلَي فعِليِ وَ أَمّا طَلَبُكَ إلِيَّ الشّامَ فإَنِيّ لَم أَكُن لِأُعطِيَكَ اليَومَ مَا مَنَعتُكَ أَمسِ وَ أَمّا قَولُكَ إِنّ الحَربَ قَد أَكَلَتِ العَرَبَ إِلّا حُشَاشَةَ أَنفُسٍ بَقِيَت أَلَا وَ مَن أَكَلَهُ الحَقّ فَإِلَي الجَنّةِ وَ مَن أَكَلَهُ البَاطِلُ فَإِلَي النّارِ وَ أَمّا استِوَاؤُنَا فِي الخَوفِ وَ الرّجَاءِ فَلَستَ بِأَمضَي عَلَي الشّكّ منِيّ عَلَي اليَقِينِ وَ لَيسَ أَهلُ الشّامِ بِأَحرَصَ عَلَي الدّنيَا مِن أَهلِ العِرَاقِ عَلَي الآخِرَةِ وَ أَمّا قَولُكَ إِنّا بَنُو عَبدِ مَنَافٍ لَيسَ لِبَعضِنَا عَلَي بَعضٍ فَضلٌ فلَعَمَريِ إِنّا بَنُو أَبٍ وَاحِدٍ وَ لَكِن لَيسَ أُمَيّةُ كَهَاشِمٍ وَ لَا حَربٌ كَعَبدِ المُطّلِبِ وَ لَا أَبُو سُفيَانَ كأَبَيِ طَالِبٍ وَ لَا المُهَاجِرُ كَالطّلِيقِ وَ لَا الصّرِيحُ كَاللّصِيقِ وَ لَا المُحِقّ كَالمُبطِلِ وَ لَا المُؤمِنُ كَالمُدغِلِ وَ لَبِئسَ الخَلَفُ خَلَفٌ يَتبَعُ سَلَفاً هَوَي فِي نَارِ جَهَنّمَ وَ فِي أَيدِينَا بَعدُ فَضلُ النّبُوّةِ التّيِ أَذلَلنَا بِهَا العَزِيزَ وَ نَعَشنَا بِهَا الذّلِيلَ وَ لَمّا أَدخَلَ اللّهُ العَرَبَ فِي دِينِهِ أَفوَاجاً وَ أَسلَمَت لَهُ هَذِهِ الأُمّةُ طَوعاً وَ كَرهاً كُنتُم مِمّن دَخَلَ فِي الدّينِ إِمّا رَغبَةً وَ إِمّا رَهبَةً عَلَي حِينَ فَازَ أَهلُ السّبقِ بِسَبقِهِم وَ ذَهَبَ المُهَاجِرُونَ الأَوّلُونَ بِفَضلِهِم فَلَا تَجعَلَنّ لِلشّيطَانِ فِيكَ نَصِيباً وَ لَا عَلَي نَفسِكَ سَبِيلًا وَ السّلَامُ
توضيح أقول روي الكتاب والجواب ابن أبي الحديد وبعض الجواب السيد رضي الله عنه في النهج و أناجمعت بين الروايات . قال ابن أبي الحديد يقال طلب إلي فلان كذا والتقدير طلب كذا راغبا
صفحه : 106
إلي فلان والحشاشات جمع حشاشة وهي بقية الروح في المريض . قوله ع فلست بأمضي قال ابن ميثم أي بل أناأمضي لأني علي بصيرة ويقين وحينئذ تبطل المساواة التي ادعاها معاوية انتهي . وأقول لعله لما كان غرضه لعنه الله تخويفه ع ببقية الجنود والرجال لكي يرتدع ع عن الحرب أجابه ع بأنك إذا لم تنزع عن الحرب مع شكك في حصول ماتطلبه من الدنيا فكيف أترك أناالحرب مع يقيني بما أطلبه من الآخرة. و في النهج و أماقولك إنا بنو عبدمناف فكذلك نحن ولكن ليس أمية كهاشم و قال ابن أبي الحديد الترتيب يقتضي أن يجعل هاشما بإزاء عبدشمس لأنه أخوه في قعدد وكلاهما ولد عبدمناف لصلبه و أن يكون أمية بإزاء عبدالمطلب و أن يكون حرب بإزاء أبي طالب و أبوسفيان بإزاء أمير المؤمنين ع و لما كان في صفين بإزاء معاوية جعل هاشما بإزاء أمية بن عبدشمس . و لم يقل و لا أناكأنت لأنه قبيح أن يقال ذلك كما لايقال السيف أمضي من العصا بل قبيح به أن يقولها مع أحد من المسلمين كافة نعم قديقولها لاتصريحا بل تعريضا لأنه يرفع نفسه عن أن يقيسها بأحد وهاهنا قدعرض بذلك في قوله و لاالمهاجر كالطليق لأن معاوية كان من الطلقاء لأن كل من دخل عليه رسول الله ص في فتح مكة عنوة بالسيف فملكه ثم من عليه عن إسلام أو عن غيرإسلام فهو من الطلقاء فممن لم يسلم كصفوان بن أمية و من أسلم ظاهرا كمعاوية بن أبي سفيان وكذلك كل من أسر في الحرب ثم أطلق بفداء أوبغير فداء فهو طليق . و أما قوله و لاالصريح كاللصيق أي الصريح في الإسلام ألذي أسلم
صفحه : 107
اعتقادا وإخلاصا ليس كاللصيق ألذي أسلم خوفا من السيف أورغبة في الدنيا انتهي ملخص كلامه . والظاهر أن قوله كاللصيق إشارة إلي ما هوالمشهور في نسب معاوية كماسيأتي و قدبسط الكلام في ذلك في موضع آخر من هذاالشرح وتجاهل هنا حفظا لناموس معاوية. و قدذكر بعض علمائنا في رسالة في الإمامة أن أمية لم يكن من صلب عبدشمس وإنما هو عبد من الروم فاستلحقه عبدشمس ونسبه إلي نفسه وكانت العرب في الجاهلية إذا كان لأحدهم عبد وأراد أن ينسبه إلي نفسه أعتقه وزوجه كريمة من العرب فيلحق بنسبه قال وبمثل ذلك نسب العَوّامُ أبوالزبير إلي خويلد فبنو أمية قاطبة ليسوا من قريش وإنما لحقوا ولصقوا بهم قال ويصدق ذلك قول أمير المؤمنين ع جوابا عن كتابه وادعائه إنا بنو عبدمناف ليس المهاجر كالطليق و لاالصريح كاللصيق و لم يستطع معاوية إنكار ذلك انتهي . و قال في النهاية المدغل أي المنافق من أدغلت في هذاالأمر إذاأدخلت فيه مايفسده و قال هوي يهوي هويا إذاهبط و قال نعشه الله ينعشه نعشا إذارفعه . قوله ع علي حين قال ابن أبي الحديد قال قوم من النحاة حين هنا مبني علي الفتح و قال قوم منصوب لإضافته إلي الفعل . قوله ع لاتجعلن أي لاتستمر علي تلك الحال و إلافقد كان للشيطان فيك أوفر نصيب . و قال ابن أبي الحديد ذكر نصر بن مزاحم في كتاب صفين أن هذاالكتاب كتبه علي ع إلي معاوية قبل ليلة الهرير بيومين أوثلاثة ثم قال فلما أتي معاوية كتاب علي ع كتمه عمرو بن العاص أياما ثم
صفحه : 108
دعاه فأقرأه إياه فشمت به عمرو و لم يكن أحد من قريش أشد إعظاما لعلي من عمرو بن العاص منذ يوم لقيه وصفح عنه
408- وَ قَالَ فِي مَوضِعٍ آخَرَ رَوَي نَصرُ بنُ مُزَاحِمٍ فِي كِتَابِ صِفّينَ عَن عُمَرَ بنِ سَعدٍ عَن أَبِي رَوقٍ قَالَجَاءَ أَبُو مُسلِمٍ الخوَلاَنيِّ فِي نَاسٍ مِن قُرّاءِ أَهلِ الشّامِ إِلَي مُعَاوِيَةَ قَبلَ مَسِيرِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع إِلَي صِفّينَ فَقَالُوا لَهُ يَا مُعَاوِيَةُ عَلَامَ تُقَاتِلُ عَلِيّاً ع وَ لَيسَ لَكَ مِثلُ صُحبَتِهِ وَ لَا مِثلُ هِجرَتِهِ وَ لَا قَرَابَتِهِ وَ لَا سَابِقَتِهِ فَقَالَ إنِيّ لَا أدَعّيِ أَنّ لِي فِي الإِسلَامِ مِثلَ صُحبَتِهِ وَ لَا مِثلَ هِجرَتِهِ وَ لَا قَرَابَتِهِ وَ لَكِن خبَرّوُنيِ عَنكُم أَ لَستُم تَعلَمُونَ أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ مَظلُوماً قَالُوا بَلَي قَالَ فَليَدفَع إِلَينَا قَتَلَتَهُ لِنَقتُلَهُم بِهِ وَ لَا قِتَالَ بَينَنَا وَ بَينَهُ قَالُوا فَاكتُب إِلَيهِ كِتَاباً يَأتِهِ بِهِ بَعضُنَا فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ مَعَ أَبِي مُسلِمٍ الخوَلاَنيِّ مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ سَلَامٌ عَلَيكَ فإَنِيّ أَحمَدُ إِلَيكَ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ اصطَفَي مُحَمّداً بِعِلمِهِ وَ جَعَلَهُ الأَمِينَ عَلَي وَحيِهِ وَ الرّسُولَ إِلَي خَلقِهِ وَ اجتَبَي لَهُ مِنَ المُسلِمِينَ أَعوَاناً أَيّدَهُ اللّهُ بِهِم فَكَانُوا فِي مَنَازِلِهِم عِندَهُ عَلَي قَدرِ فَضَائِلِهِم فِي الإِسلَامِ فَكَانَ أَفضَلُهُم فِي الإِسلَامِ وَ أَنصَحُهُم لِلّهِ وَ رَسُولِهِ الخَلِيفَةَ مِن بَعدِهِ ثُمّ خَلِيفَةَ خَلِيفَتِهِ مِن بَعدِ خَلِيفَتِهِ ثُمّ الثّالِثَ الخَلِيفَةَ المَظلُومَ عُثمَانَ فَكُلّهُم حَسَدتَ وَ عَلَي كُلّهِم بَغَيتَ عَرَفنَا ذَلِكَ فِي نَظَرِكَ الشّزرِ وَ قَولِكَ الهَجرِ فِي تَنَفّسِكَ الصّعَدَاءِ وَ فِي إِبطَائِكَ عَنِ الخُلَفَاءِ تُقَادُ إِلَي كُلّ مِنهُم كَمَا يُقَادُ الفَحلُ المَخشُوشُ حَتّي تُبَايِعَ وَ أَنتَ كَارِهٌ
صفحه : 109
ثُمّ لَم تَكُن لِأَحَدٍ مِنهُم بِأَعظَمَ حَسَداً مِنكَ لِابنِ عَمّكَ عُثمَانَ وَ كَانَ أَحَقّهُم أَن لَا تَفعَلَ ذَلِكَ بِهِ فِي قَرَابَتِهِ وَ صِهرِهِ فَقَطَعتَ رَحِمَهُ وَ قَبّحتَ مَحَاسِنَهُ وَ أَلّبتَ النّاسَ عَلَيهِ وَ بَطَنتَ وَ ظَهَرتَ حَتّي ضَرَبتَ إِلَيهِ آبَاطَ الإِبِلِ وَ قَيّدتَ إِلَيهِ الخَيلَ العِرَابَ وَ حُمِلَ عَلَيهِ السّلَاحُ فِي حَرَمِ رَسُولِ اللّهِص فَقُتِلَ مَعَكَ فِي المَحَلّةِ وَ أَنتَ تَسمَعُ فِي دَارِهِ الهَائِعَةَ لَا تَردَعُ الظّنّ وَ التّهَمَةَ عَن نَفسِكَ فِيهِ بِقَولٍ وَ لَا عَمَلٍ وَ أُقسِمُ قَسَماً صَادِقاً لَو قُمتَ فِيمَا كَانَ مِن أَمرِهِ مَقَاماً وَاحِداً تُنَهنِهُ النّاسَ عَنهُ مَا عَدَلَ بِكَ مَن قِبَلَنَا مِنَ النّاسِ أَحَداً وَ لمَحُيَِ ذَلِكَ عِندَهُم مَا كَانُوا يَعرِفُونَكَ بِهِ مِنَ المُجَانَبَةِ لِعُثمَانَ وَ البغَيِ عَلَيهِ وَ أُخرَي أَنتَ بِهَا عِندَ أَنصَارِ عُثمَانَ ظَنِينٌ إِيوَاؤُكَ قَتَلَةَ عُثمَانَ فَهُم عَضُدُكَ وَ أَنصَارُكَ وَ يَدُكَ وَ بِطَانَتُكَ وَ قَد ذُكِرَ لِي أَنّكَ تَتَنَصّلُ مِن دَمِهِ فَإِن كُنتَ صَادِقاً أَمكِنّا مِن قَتَلَتِهِ لِنَقتُلَهُم بِهِ وَ نَحنُ مِن أَسرَعِ النّاسِ إِلَيكَ وَ إِلّا فَإِنّهُ لَيسَ لَكَ وَ لِأَصحَابِكَ إِلّا السّيفُ وَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ لَنَطلُبَنّ قَتَلَةَ عُثمَانَ فِي الجِبَالِ وَ الرّمَالِ وَ البَرّ وَ البَحرِ حَتّي يَقتُلَهُمُ اللّهُ أَو لتحلفن [لَتَلحَقَنّ]أَروَاحُنَا بِاللّهِ وَ السّلَامُ قَالَ نَصرٌ فَلَمّا قَدِمَ أَبُو مُسلِمٍ عَلَي عَلِيّ ع بِهَذَا الكِتَابِ قَامَ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ فَإِنّكَ قَد قُمتَ بِأَمرٍ وُلّيتَهُ وَ وَ اللّهِ مَا أُحِبّ أَنّهُ لِغَيرِكَ إِن أَعطَيتَ الحَقّ مِن نَفسِكَ أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ مُسلِماً مُحَرّماً مَظلُوماً فَادفَع إِلَينَا قَتَلَتَهُ وَ أَنتَ أَمِيرُنَا فَإِن خَالَفَكَ مِنَ النّاسِ أَحَدٌ كَانَت أَيدِينَا لَكَ نَاصِرَةً وَ أَلسِنَتُنَا لَكَ شَاهِدَةً وَ كُنتَ ذَا عُذرٍ وَ حُجّةٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع اغدُ عَلَيّ غَداً فَخُذ جَوَابَ كِتَابِكَ فَانصَرَفَ ثُمّ رَجَعَ مِن غَدٍ لِيَأخُذَ كِتَابَهُ فَوَجَدَ النّاسَ قَد بَلَغَهُمُ ألّذِي جَاءَ فِيهِ فَلَبِسَتِ الشّيعَةُ أَسلِحَتَهَا ثُمّ غَدَوا فَمَلَئُوا المَسجِدَ فَنَادَوا كُلّنَا قَتَلَ عُثمَانَ وَ أَكثَرُوا مِنَ النّدَاءِ بِذَلِكَ وَ أَذِنَ لأِبَيِ مُسلِمٍ فَدَخَلَ فَدَفَعَ إِلَيهِ عَلِيّ ع جَوَابَ كِتَابِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ أَبُو مُسلِمٍ لَقَد رَأَيتُ قَوماً مَا لَكَ مَعَهُم أَمرٌ قَالَ وَ مَا ذَاكَ قَالَ بَلَغَ القَومَ أَنّكَ تُرِيدُ أَن تَدفَعَ إِلَينَا قَتَلَةَ عُثمَانَ فَضَجّوا وَ اجتَمَعُوا وَ لَبِسُوا السّلَاحَ وَ زَعَمُوا أَنّهُم كُلّهُم قَتَلَةُ عُثمَانَ فَقَالَ ع وَ اللّهِ مَا أَرَدتُ أَن أَدفَعَهُم
صفحه : 110
إِلَيكُم طَرفَةَ عَينٍ قَطّ لَقَد ضَرَبتُ هَذَا الأَمرَ أَنفَهُ وَ عَينَهُ فَمَا رَأَيتُهُ ينَبغَيِ لِي أَن أَدفَعَهُم إِلَيكَ وَ لَا إِلَي غَيرِكَ فَخَرَجَ أَبُو مُسلِمٍ بِالكِتَابِ وَ هُوَ يَقُولُ الآنَ طَابَ الضّرَابُ وَ كَانَ جَوَابُ عَلِيّ ع مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ أَخَا خَولَانَ قَدِمَ عَلَيّ بِكِتَابٍ مِنكَ تَذكُرُ فِيهِ مُحَمّداًص وَ مَا أَنعَمَ اللّهُ بِهِ عَلَيهِ مِنَ الهُدَي وَ الوحَيِ فَالحَمدُ لِلّهِ ألّذِي صَدَقَ الوَعدَ وَ أَيّدَهُ بِالنّصرِ وَ مَكّنَ لَهُ فِي البِلَادِ وَ أَظهَرَ عَلَي أَهلِ العَدَاوَةِ وَ الشّنَآنِ مِن قَومِهِ الّذِينَ وَثَبُوا عَلَيهِ وَ شَنَفُوا لَهُ وَ أَظهَرُوا تَكذِيبَهُ وَ بَارَزُوهُ بِالعَدَاوَةِ وَ ظَاهَرُوا عَلَي إِخرَاجِهِ وَ عَلَي إِخرَاجِ أَصحَابِهِ وَ أَهلِهِ وَ أَلّبُوا عَلَيهِ العَرَبَ وَ جَامَعُوهُم عَلَي حَربِهِ وَ جَهَدُوا فِي أَمرِهِ كُلّ الجَهدِ وَ قَلّبُوا لَهُ الأُمُورَحَتّي جاءَ الحَقّ وَ ظَهَرَ أَمرُ اللّهِ وَ هُم كارِهُونَفَكَانَ أَشَدّ النّاسِ عَلَيهِ تَألِيباً وَ تَحرِيضاً أُسرَتَهُ وَ الأَدنَي فَالأَدنَي مِن قَومِهِ إِلّا مَن عَصَمَهُ اللّهُ مِنهُم يَا ابنَ هِندٍ فَلَقَد خَبّأَ لَنَا الدّهرُ مِنكَ عَجَباً وَ لَقَد قَدِمتَ فَأَفحَشتَ إِذ طَفِقتَ تُخبِرُنَا عَن بَلَاءِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فِي نَبِيّهِ مُحَمّدٍص وَ فِينَا فَكُنتَ فِي ذَلِكَ كَجَالِبِ التّمرِ إِلَي هَجَرَ أَو كدَاَعيِ مُسَدّدِهِ إِلَي النّضَالِ وَ ذَكَرتَ أَنّ اللّهَ تَعَالَي اجتَبَي لَهُ مِنَ المُسلِمِينَ أَعوَاناً أَيّدَهُ اللّهُ بِهِم فَكَانُوا فِي مَنَازِلِهِم عِندَهُ عَلَي قَدرِ فَضَائِلِهِم فِي الإِسلَامِ فَكَانَ أَفضَلُهُم كَمَا زَعَمتَ فِي الإِسلَامِ وَ أَنصَحُهُم لِلّهِ وَ لِرَسُولِهِ الخَلِيفَةَ الصّدّيقَ وَ خَلِيفَةَ الخَلِيفَةِ الفَارُوقَ وَ لعَمَريِ ذَكَرتَ أَمراً إِن تَمّ اعتَزَلَكَ كُلّهُ وَ إِن نَقَصَ لَم يَلحَقكَ ثَلمُهُ وَ مَا أَنتَ وَ الصّدّيقَ فَالصّدّيقُ مَن صَدّقَ بِحَقّنَا وَ أَبطَلَ بَاطِلَ عَدُوّنَا وَ مَا أَنتَ وَ الفَارُوقَ فَالفَارُوقُ مَن فَرّقَ بَينَنَا وَ بَينَ أَعدَائِنَا
صفحه : 111
وَ ذَكَرتَ أَنّ عُثمَانَ كَانَ فِي الفَضلِ تَالِيَا فَإِن يَكُن عُثمَانُ مُحسِناً فَسَيَجزِيهِ اللّهُ بِإِحسَانِهِ وَ إِن يَكُن مُسِيئاً فَسَيَلقَي رَبّاً غَفُوراً لَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنبٌ أَن يَغفِرَهُ وَ لعَمَريِ إنِيّ لَأَرجُو إِذَا أَعطَي اللّهُ النّاسَ عَلَي قَدرِ فَضَائِلِهِم فِي الإِسلَامِ وَ نَصِيحَتِهِم لِلّهِ وَ لِرَسُولِهِ أَن يَكُونَ نَصِيبُنَا فِي ذَلِكَ الأَوفَرَ إِنّ مُحَمّداًص لَمّا دَعَا إِلَي الإِيمَانِ بِاللّهِ وَ التّوحِيدِ لَهُ كُنّا أَهلَ البَيتِ أَوّلَ مَن آمَنَ بِهِ وَ صَدّقَهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ فَلَبِثنَا أَحوَالًا كَامِلَةً مُجَرّمَةً تَامّةً وَ مَا يَعبُدُ اللّهَ فِي رَبعٍ سَاكِنٍ مِنَ العَرَبِ غَيرُنَا فَأَرَادَ قَومُنَا قَتلَ نَبِيّنَا وَ اجتِيَاحَ أَصلِنَا وَ هَمّوا بِنَا الهُمُومَ وَ فَعَلُوا بِنَا الأَفَاعِيلَ
صفحه : 112
وَ مَنَعُونَا المِيرَةَ وَ أَمسَكُوا عَنّا العَذبَ وَ أَحلَسُونَا الخَوفَ وَ جَعَلُوا عَلَينَا الإِرصَادَ وَ العُيُونَ وَ اضطَرّونَا إِلَي جَبَلٍ وَعِرٍ وَ أَوقَدُوا لَنَا نَارَ الحَربِ وَ كَتَبُوا عَلَينَا بَينَهُم كِتَاباً لَا يُؤَاكِلُونَنَا وَ لَا يُشَارِبُونَنَا وَ لَا يُنَاكِحُونَنَا وَ لَا يُبَايِعُونَنَا وَ لَا نَأمَنُ فِيهِم حَتّي نَدفَعَ إِلَيهِم مُحَمّداًص فَيَقتُلُوهُ وَ يُمَثّلُوا بِهِ فَلَم نَكُن نَأمَنُ فِيهِم إِلّا مِن مَوسِمٍ إِلَي مَوسِمٍ فَعَزَمَ اللّهُ لَنَا عَلَي مَنعِهِ وَ الذّبّ عَن حَوزَتِهِ وَ الرّميَاءَ مِن وَرَاءِ جَمرَتِهِ وَ القِيَامَ بِأَسيَافِنَا دُونَهُ فِي سَاعَاتِ الخَوفِ بِاللّيلِ وَ النّهَارِ فَمُؤمِنُنَا يَرجُو بِذَلِكَ الثّوَابَ وَ كَافِرُنَا يحُاَميِ بِهِ عَنِ الأَصلِ وَ أَمّا مَن أَسلَمَ مِن قُرَيشٍ بَعدُ فَإِنّهُم مِمّا نَحنُ فِيهِ أَخلِيَاءُ فَمِنهُمُ الحَلِيفُ المَمنُوعُ وَ مِنهُم ذُو العَشِيرَةِ التّيِ تُدَافِعُ عَنهُ فَلَا يَبغِيهِ أَحَدٌ مِثلَ مَا بَغَانَا بِهِ قَومُنَا مِنَ التّلَفِ فَهُم مِنَ القَتلِ بِمَكَانِ نَجوَةٍ وَ أَمنٍ فَكَانَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللّهُ أَن يَكُونَ ثُمّ أَمَرَ اللّهُ تَعَالَي رَسُولَهُ بِالهِجرَةِ وَ أَذِنَ لَهُ بَعدَ ذَلِكَ فِي قِتَالِ المُشرِكِينَ فَكَانَ إِذَا احمَرّ البَأسُ وَ دُعِيَت نَزَالِ أَقَامَ أَهلَ بَيتِهِ فَاستَقدَمُوا فَوَقَي أَصحَابَهُ بِهِم حَدّ الأَسِنّةِ وَ السّيُوفِ فَقُتِلَ عُبَيدَةُ يَومَ بَدرٍ وَ حَمزَةُ يَومَ أُحُدٍ وَ جَعفَرٌ وَ زَيدٌ يَومَ مُؤتَةَ وَ أَرَادَ مَن لَو شِئتُ ذَكَرتُ اسمَهُ مِثلَ ألّذِي أَرَادُوا مِنَ الشّهَادَةِ مَعَ النّبِيّص غَيرَ مَرّةٍ إِلّا أَنّ آجَالَهُم عُجّلَت وَ مَنِيّتَهُ أُخّرَت وَ اللّهُ ولَيِّ الإِحسَانِ إِلَيهِم وَ المِنّةُ عَلَيهِم بِمَا قَد أَسلَفُوا مِنَ الصّالِحَاتِ فَمَا سَمِعتُ بِأَحَدٍ وَ لَا رَأَيتُهُ هُوَ أَنصَحُ لِلّهِ فِي طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ لَا أَطوَعُ لِنَبِيّهِ فِي طَاعَةِ رَبّهِ وَ لَا أَصبَرُ عَلَي اللّأوَاءِ وَ الضّرّاءِ وَ حِينَ البَأسِ وَ مَوَاطِنَ المَكرُوهِ مَعَ النّبِيّص مِن هَؤُلَاءِ النّفَرِ الّذِينَ سَمّيتُ لَكَ وَ فِي المُهَاجِرِينَ خَيرٌ كَثِيرٌ تَعرِفُهُ جَزَاهُمُ اللّهُ خَيراً بِأَحسَنِ أَعمَالِهِم وَ ذَكَرتَ حسَدَيَِ الخُلَفَاءَ وَ إبِطاَئيِ عَنهُم وَ بغَييِ عَلَيهِم فَأَمّا البغَيُ عَلَيهِم فَمَعَاذَ اللّهِ أَن يَكُونَ
صفحه : 113
وَ أَمّا الإِبطَاءُ عَنهُم وَ الكَرَاهِيَةُ لِأَمرِهِم فَلَستُ أَعتَذِرُ إِلَي النّاسِ مِن ذَلِكَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي ذِكرُهُ لَمّا قَبَضَ نَبِيّهُص قَالَت قُرَيشٌ مِنّا أَمِيرٌ وَ قَالَتِ الأَنصَارُ مِنّا أَمِيرٌ فَقَالَت قُرَيشٌ مِنّا مُحَمّدٌ فَنَحنُ أَحَقّ بِالأَمرِ فَعَرَفَت ذَلِكَ الأَنصَارُ فَسَلّمَت لَهُمُ الوِلَايَةَ وَ السّلطَانَ فَإِذَا استَحَقّوهَا بِمُحَمّدٍ دُونَ الأَنصَارِ فَإِنّ أَولَي النّاسِ بِمُحَمّدٍ أَحَقّ بِهِ مِنهُم وَ إِلّا فَإِنّ الأَنصَارَ أَعظَمُ العَرَبِ فِيهَا نَصِيباً فَلَا أدَريِ أصَحاَبيِ سَلِمُوا مِن أَن يَكُونُوا حقَيّ أَخَذُوا أَوِ الأَنصَارُ ظُلِمُوا بَل عَرَفتَ أَنّ حقَيّ هُوَ المَأخُوذُ وَ قَد تَرَكتُهُ لَهُم تَجَاوَزَ اللّهُ عَنهُم وَ أَمّا مَا ذَكَرتَ مِن أَمرِ عُثمَانَ وَ قطَيِعتَيِ رَحِمَهُ وَ تأَليِبيِ عَلَيهِ فَإِنّ عُثمَانَ عَمِلَ مَا قَد بَلَغَكَ فَصَنَعَ النّاسُ بِهِ مَا رَأَيتَ وَ إِنّكَ لَتَعلَمُ أنَيّ قَد كُنتُ فِي عُزلَةٍ عَنهُ إِلّا أَن تَتَجَنّي فَتَجَنّ مَا بَدَا لَكَ وَ أَمّا مَا ذَكَرتَ مِن أَمرِ قَتَلَةِ عُثمَانَ فإَنِيّ نَظَرتُ فِي هَذَا الأَمرِ وَ ضَرَبتُ أَنفَهُ وَ عَينَهُ فَلَم أَرَ دَفعَهُم إِلَيكَ وَ لَا إِلَي غَيرِكَ وَ لعَمَريِ لَئِن لَم تَنزِع عَن غَيّكَ وَ شِقَاقِكَ لَتَعرِفَنّهُم عَن قَلِيلٍ يَطلُبُونَكَ لَا يُكَلّفُونَكَ أَن تَطلُبَهُم فِي بَرّ وَ لَا بَحرٍ وَ لَا سَهلٍ وَ لَا جَبَلٍ وَ قَد كَانَ أَبُوكَ قَد أتَاَنيِ حِينَ وَلّي النّاسُ أَبَا بَكرٍ فَقَالَ أَنتَ أَحَقّ بِمَقَامِ مُحَمّدٍ وَ أَولَي النّاسِ بِهَذَا الأَمرِ وَ أَنَا زَعِيمٌ لَكَ بِذَلِكَ عَلَي مَن خَالَفَ عَلَيكَ ابسُط يَدَكَ أُبَايِعكَ فَلَم أَفعَل وَ أَنتَ تَعلَمُ أَنّ أَبَاكَ قَد كَانَ قَالَ ذَلِكَ وَ أَرَادَهُ حَتّي كُنتُ أَنَا ألّذِي أَبَيتُ عَلَيهِ لِقُربِ عَهدِ النّاسِ بِالكُفرِ وَ مَخَافَةِ الفُرقَةِ بَينَ أَهلِ الإِسلَامِ فَأَبُوكَ كَانَ أَعرَفَ بحِقَيّ مِنكَ فَإِن تَعرِف مِن حقَيّ مَا كَانَ أَبُوكَ يَعرِفُ تُصِب رُشدَكَ وَ إِن لَم تَفعَل فسَيَغُنيِ اللّهُ عَنكَ وَ السّلَامُ
توضيح وجدت الكتاب والجواب في أصل كتاب نصر.
صفحه : 114
و قال في القاموس شزره و إليه يشزره نظر منه في أحد شقيه أو هونظر فيه إعراض أونظر الغضبان بمؤخر العين أوالنظر عن يمين وشمال . و قال في النهاية الخشاش عويد يجعل في أنف البعير يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده و منه حديث جابر فانقادت معه الشجرة كالبعير المخشوش هو ألذي جعل في أنفه الخشاش انتهي . وضرب آباط الإبل كناية عن ركوبها والسير عليها وإيجافها والهائعة الصوت تفزع منه وتخافه من عدو ونهنهه عن الأمر زجره وتنصل إليه من الجناية خرج وتبرأ. و في النهاية شنفوا له أي أبغضوه و قال الجوهري ألبت الجيش جمعته وتألبوا تجمعوا والتأليب التحريض و هوالحث علي القتال و قال هجر اسم بلد و في المثل كمبضع التمر إلي هجر و قال في بضع أبضعت الشيء واستبضعته أي جعلته بضاعة و في المثل كمستبضع تمر إلي هجر و ذلك أن هجر معدن التمر. قوله ع أوكداعي مسدده أي كمن يدعو من يعلمه الرمي إلي المناضلة أي المراماة قال الجوهري التسديد التوفيق للسداد و هوالصواب والقصد من القول والعمل إلي أن قال و قداستد الشيء أي استقام و قال
أعلمه الرماية كل يوم . | فلما استد ساعده رماني. |
و قال حول مجرم وسنة مجرمة أي تامة انتهي والاجتياح الاستيصال . قوله ع ومنعونا الميرة وأمسكوا عنا العذب و في النهج ومنعونا العذب و قال ابن أبي الحديد العذب هنا العيش العذب لاالماء العذب علي أنه قدنقل أنهم منعوا أيام الحصار في شعب بني هاشم من الماء العذب . قوله ع وأحلسونا الخوف أي ألزموناه والحلس كساء رقيق
صفحه : 115
يكون تحت برذعة البعير وأحلاس البيوت مايبسط تحت حر الثياب و لما كان حلس البعير وحلس البيت ملازما لهما قال وأحلسونا الخوف . قوله ع إلي جبل وعر أي غليظ حزن يصعب الصعود إليه و هذامثل ضربه لصعوبة مقامهم ويحتمل الحقيقة لأن الشعب ألذي حصروا فيه مضيق بين جبلين . و في النهج فعزم الله لنا عن الذب عن حوزته والرمي من وراء حرمته مؤمننا يبغي بذلك الأجر قوله ع فعزم الله لنا أي وفقنا لذلك وجعلنا عازمين وقيل أراد لنا الإرادة اللازمة منه واختار لنا أن نذب عن حوزة الإسلام وحوزة الملك بيضته والذب المنع والدفع والحرمة ما لايحل انتهاكه والرمي من وراء الحرمة كناية عن المحافظة والمحاماة. والوراء إما بمعني الأمام أوكناية عن الحماية الخفية أولأن الوراء مظنة أن يؤتي منه غفلة والضميران في حوزته وحرمته راجعان إلي النبي ص أو إلي الله تعالي فإن حرمته حرمة الله ورميا بكسر الراء والميم المشددة وتشديد الياء مبالغة في الرمي قال الجوهري وكانت بينهم رميا ثم صاروا إلي حجيزي و قال الجمرة كل قبيل انضموا فصاروا يدا واحدة و لم يخالفوا غيرهم فهي جمرة قوله ع يحامي عن الأصل أي يدافع عن محمدص حمية ومحافظة علي النسب . و في النهج بعد ذلك و من أسلم من قريش خلو مما نحن فيه بحلف يمنعه أوعشيرة تقوم دونه فهو من القتل بمكان أمن و كان رسول الله ص إذااحمر البأس وأحجم الناس قدم أهل بيته فوقي بهم أصحابه حر السيوف والأسنة فقتل عبيدة بن الحرث يوم بدر وقتل حمزة يوم أحد وقتل جعفر يوم مؤتة وأراد من لوشئت ذكرت اسمه مثل ألذي أرادوا من الشهادة ولكن آجالهم عجلت ومنيته أخرت . و قال ابن ميثم الواو في قوله و من أسلم للحال أي والحال أن من أسلم من قريش عدا بني هاشم وبني عبدالمطلب خالين مما نحن فيه من
صفحه : 116
البلاء آمنين من الخوف أوالقتل فمنهم من كان له حلف وعهد مع المشركين يمنعه ومنهم من كان له عشيرة تحفظه . قوله ع إذااحمر البأس قال السيد الرضي في النهج هذاكناية عن اشتداد الأمر و قدقيل في ذلك أقوال أحسنها أنه شبه حمي الحرب بالنار التي تجمع الحرارة والحمرة بفعلها ولونها. ومما يؤيد ذلك قول النبي ص الآن حمي الوطيس والوطيس مستوقد النار. وأحجم الناس أي نكصوا وتأخروا وأراد بقوله من لوشئت ذكرت اسمه نفسه ع .أقول ذكر الرضي رضي الله عنه هكذا المكتوب بإسقاط كثير وزاد في آخره بعض الفقرات من مكتوب آخر سيأتي في محله ورواه ابن ميثم أيضا نحوا مما روينا عن ابن أبي الحديد ووجدناه في مواضع أخر فجمعنا بين الروايات
409-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ جَعَلَ الدّنيَا لِمَا بَعدَهَا وَ ابتَلَي فِيهَا أَهلَهَا لِيَعلَمَ أَيّهُم أَحسَنُ عَمَلًا وَ لَسنَا لِلدّنيَا خُلِقنَا وَ لَا باِلسعّيِ فِيهَا أُمِرنَا وَ إِنّمَا وُضِعنَا فِيهَا لِنُبتَلَي بِهَا وَ قَدِ ابتلَاَنيِ بِكَ وَ ابتَلَاكَ بيِ فَجَعَلَ أَحَدَنَا حُجّةً عَلَي الآخَرِ فَعَدَوتَ عَلَي طَلَبِ الدّنيَا بِتَأوِيلِ القُرآنِ فطَلَبَتنَيِ بِمَا لَم تَجنِ يدَيِ وَ لَا لسِاَنيِ وَ عَصَبتَهُ أَنتَ وَ أَهلُ الشّامِ بيِ وَ أَلّبَ عَالِمُكُم جَاهِلَكُم وَ قَائِمُكُم قَاعِدَكُم فَاتّقِ اللّهَ فِي نَفسِكَ
صفحه : 117
وَ نَازِعِ الشّيطَانَ قِيَادَكَ وَ اصرِف إِلَي الآخِرَةِ وَجهَكَ فهَيَِ طَرِيقُنَا وَ طَرِيقُكَ وَ احذَر أَن يُصِيبَكَ اللّهُ مِنهُ بِعَاجِلِ قَارِعَةٍ تَمَسّ الأَصلَ وَ تَقطَعُ الدّابِرَ فإَنِيّ أوُليِ بِاللّهِ أَلِيّةً غَيرَ فَاجِرَةٍ لَئِن جمَعَتَنيِ وَ إِيّاكَ جَوَامِعُ الأَقدَارِ لَا أَزَالُ بِبَاحَتِكَحَتّي يَحكُمَ اللّهُ بَينَنا وَ هُوَ خَيرُ الحاكِمِينَ
توضيح قوله ع بالسعي فيها أي لها و في تحصيلها وقيل أي ماأمرنا بالسعي فيهالها و قدابتلاني بك أي بأن أمرني بنهيك عن المنكر والجهاد معك وابتلاك بي بأن فرض عليك طاعتي فجعل أحدنا أي نفسه ع و في الإجمال أنواع البلاغة كما لايخفي فعدوت علي طلب الدنيا أي وثبت عليها واختلستها وقيل علي هاهنا متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام أي تعديت وظلمت مصرا علي طلب الدنيا وتأويل القرآن ما كان يموه به معاوية علي أهل الشام و يقول لهم أناولي عثمان و قال تعالي مَن قُتِلَ مَظلُوماً فَقَد جَعَلنا لِوَلِيّهِ سُلطاناً ثم يعدهم الظفر والدولة علي أهل العراق بقوله تعالي فَلا يُسرِف فِي القَتلِ إِنّهُ كانَ مَنصُوراً وعصبته أي ألزمتنيه كماتلزم العصابة و قال الفيروزآبادي العصب الشد وألب عالمكم التأليب التحريض . و قال ابن ميثم أي عالمكم بحالي وقائمكم بجهادي ومنازعتي. قوله ع في نفسك أي في أمرها أوبينك و بين الله . والقياد مايقاد به الدابة ومنازعته جذبه وعدم الانقياد له . واحذر أن يصيبك الله منه قال ابن أبي الحديد الضمير في منه راجع إلي الله تعالي و من لابتداء الغاية.
صفحه : 118
و قال القطب الراوندي أي من البهتان ألذي أتيته و من للتعليل أي من أجله و هوبعيد و قال الفيروزآبادي القارعة الشديدة من شدائد الدهر وهي الداهية يقال قرعتهم قوارع الدهر.تمس الأصل قال ابن أبي الحديد أي تقطعه و منه ماء ممسوس أي يقطع الغلة انتهي . و فيه نظر إذ المس بمعني القطع لم يذكره أحد من أهل اللغة و أماالماء الممسوس فهو الماء بين العذب والمالح كماذكره الجوهري أو ألذي نالته الأيدي كماذكره الخليل في العين والفيروزآبادي أوالماء ألذي يمس الغلة فيشفيها و كل ماشفي الغليل والعذب الصافي كماذكره هو. والظاهر أنه من المس بالمعني المعروف أي احذر داهية تصيب أصلك كمايقال أصابه داء أوبلاء فيكون أصابه الأصل كناية عن الاستيصال كالفقرة التالية والدابر العقب والنسل والتابع وآخر كل شيءفإني أولي أي أحلف والاسم منه الألية جوامع الأقدار قال ابن أبي الحديد من إضافة الصفة إلي الموصوف للتأكيد و قال باحة الدار وسطهاحَتّي يَحكُمَ اللّهُ بَينَنا أي بالظفر والنصر
410-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ أَمّا بَعدُ فَقَد آنَ لَكَ أَن تَنتَفِعَ بِاللّمحِ البَاصِرِ مِن عِيَانِ الأُمُورِ فَقَد سَلَكتَ مَدَارِجَ أَسلَافِكَ بِادّعَائِكَ الأَبَاطِيلَ وَ اقتِحَامِكَ غُرُورَ المَينِ وَ الأَكَاذِيبِ وَ بِانتِحَالِكَ مَا قَد عَلَا عَنكَ وَ ابتِزَازِكَ لِمَا اختُزِنَ دُونَكَ فِرَاراً مِنَ الحَقّ وَ جُحُوداً لِمَا هُوَ أَلزَمُ لَكَ مِن لَحمِكَ وَ دَمِكَ مِمّا قَد وَعَاهُ سَمعُكَ وَ مُلِئَ بِهِ صَدرُكَفَما ذا بَعدَ الحَقّ إِلّا الضّلالُ وَ بَعدَ البَيَانِ إِلّا اللّبسُ فَاحذَرِ الشّبهَةَ وَ اشتِمَالَهَا عَلَي لُبسَتِهَا فَإِنّ الفِتنَةَ طَالَ مَا أَغدَفَت جَلَابِيبَهَا
صفحه : 119
وَ أَغشَتِ الأَبصَارَ ظُلمَتُهَا وَ قَد أتَاَنيِ كِتَابٌ مِنكَ ذُو أَفَانِينَ مِنَ القَولِ ضَعُفَت قُوَاهَا عَنِ السّلمِ وَ أَسَاطِيرَ لَم يَحُكهَا مِنكَ عِلمٌ وَ لَا حِلمٌ أَصبَحتَ مِنهَا كَالخَائِضِ فِي الدّهَاسِ وَ الخَابِطِ فِي الدّيمَاسِ وَ تَرَقّيتَ إِلَي مَرقَبَةٍ بَعِيدَةِ المَرَامِ نَازِحَةِ الأَعلَامِ يَقصُرُ دُونَهَا الأَنُوقُ وَ يُحَاذَي بِهَا العَيّوقُ وَ حَاشَ لِلّهِ أَن تلَيَِ لِلمُسلِمِينَ بعَديِ صَدَراً أَو وِرداً أَو أجُريَِ لَكَ عَلَي أَحَدٍ مِنهُم عَقداً أَو عَهداً فَمِنَ الآنَ فَتَدَارَك نَفسَكَ وَ انظُر لَهَا فَإِنّكَ إِن فَرّطتَ حَتّي يَنهَدَ إِلَيكَ عِبَادُ اللّهِ أُرتِجَت عَلَيكَ الأُمُورُ وَ مُنِعتَ أَمراً هُوَ مِنكَ اليَومَ مَقبُولٌ وَ السّلَامُ
بيان قال ابن أبي الحديد هذاالكتاب هوجواب كتاب وصل من معاوية إليه بعدقتل علي ع الخوارج و فيه تلويح بما كان يقوله من قبل أن رسول الله ص وعدني بقتال طائفة أخري غيرأصحاب الجمل وصفين وإنه سماهم المارقين فلما واقفهم في النهروان وقتلهم في يوم واحد وهم عشرة آلاف فارس أحب أن يذكر معاوية بما كان يقوله من قبل ويعد به أصحابه وخواصه فقال له قدآن لك أي قرب وحان أن تنتفع بما عاينت وشاهدت معاينة من صدق القول ألذي كنت أقوله للناس ويبلغك وتستهزئ به و قال يقال قدرأيته لمحا باصرا أي نظرا بتحديق شديد ومخرجه مخرج رجل لابن وتامر أي ذو لبن وتمر فمعني باصر أي ذو بصر وعيان الأمور معاينتها أي قرب أن تنتفع بما تعلمه يقينا من استحقاقي للخلافة وبراءتي من كل شبهة. و قال ابن ميثم وصف اللمح بالباصر مبالغة في الإبصار كقولهم ليل أليل والمدرج المسلك و قال ابن أبي الحديد الأباطيل جمع باطل علي غيرالقياس وإقحامك أي إلقائك نفسك بلا روية في غرور المين و هوالكذب وبانتحالك أي ادعائك كذبا ما قدعلا عنك أي لم تبلغه ولست أهلا له
صفحه : 120
وابتزازك أي استلابك لمااختزن دونك أي منعك الله منه من إمرة المسلمين وبيت مالهم من قولهم اختزن المال أي أحرزه فرارا أي فعلت ذلك كله فرارا من الحق لما هوألزم لك يعني من فرض طاعتي عليك . قال ابن ميثم لأنهما دائما في التغير والتبدل بخلاف وجوب الطاعة فإنه أمر لازم انتهي . ويمكن أن يقال لأنك تفارقهما و لاتفارقه والظاهر أن ذلك مجاز عن شدة اللزوم مما قدوعاه سمعك أي من النص وكلمة ما في ماذا استفهامية أونافية علي لبستها في بعض النسخ بالضم و في بعضها بالكسر قال في النهاية اللبسة بالكسر الهيئة والحالة و قال ابن أبي الحديد اللبسة بالضم يقال في الأمر لبسة أي اشتباه و ليس بواضح ويجوز أن يكون اشتمالها مصدرا مضافا إلي معاوية أي اشتمالك إياها علي اللبسة أي ادراعك إياها وتقمصك بها علي ما فيها من الإبهام والاشتباه ويجوز أن يكون مصدرا مضافا إلي ضمير الشبهة فقط أي احذر الشبهة واحتوائها علي اللبسة التي فيها. و قال أغدفت المرأة قناعها أي أرسلته علي وجهها وأغشت الأبصار أي جعلتها غشاء وسترا للأبصار و في بعض النسخ بالعين المهملة و هوسوء البصر بالليل أوالعمي فالظلمة مرفوعة بالفاعلية.ذو أفانين أي أساليب مختلفة لايناسب بعضها بعضا.ضعفت قواها عن السلم قال ابن ميثم أي ليس لها قوة أن يوجب صلحا. و قال ابن أبي الحديد أي عن الإسلام أي لم تصدر تلك الأفانين المختلفة عن مسلم و كان كتب إليه أن يفرده بالشام و أن يوليه العهد من بعده و أن لايكلفه الحضور عنده وقرأ أبوعمروادخُلُوا فِي السّلمِ كَافّةً و قال ليس المعني بهذا الصلح بل الإسلام والإيمان لا غير. و قال الأساطير الأباطيل واحدها أسطورة وإسطارة بالكسر وحوك الكلام صنعته ونظمه والحلم العقل أوالأناة.
صفحه : 121
و قال ابن ميثم لأن الكتاب كان فيه خشونة وتهور و ذلك ينافي الحلم وينافي غرضه من الصلح . و قال الجوهري الدهس والدهاس مثل اللبث واللباث المكان السهل اللين لايبلغ أن يكون رملا و ليس هوبتراب و لاطين ولونه الدهسة. و قال الديماس السرب المظلم تحت الأرض والسرب البيت في الأرض تقول السرب الوحشي في سربه والغرض عدم استقامة القول والمرقبة الموضع العالي أي دعوي الخلافة والمرام المقصد وبعده كناية عن الرفعة ونزوح الأعلام كناية عن صعوبة الوصول إليها و في الصحاح نزحت الدار نزوحا بعدت و قال الأنوق علي فعول طائر و هوالرحمة و في المثل أغر من بيض الأنوق لأنها تحرزه فلاتكاد يظفر بهالأن أوكارها في رءوس الجبال والأماكن البعيدة وهي تحمق مع ذلك انتهي . قوله ع وحاش لله أصله حاشا لله أي معاذ الله و هوفعل ماض علي صيغة المفاعلة مأخوذ من الحشي أي الناحية وفاعله أن تلي و قال الزجاج حاش لله براءة لله . والصدر بالتحريك رجوع الشاربة عن الماء كالورد بالكسر الإشراف علي الماء. قوله ع فتدارك نفسك أي تدبر آخر أمرك و قوله ع حتي أي ينهض قوله ع أرتجت عليك أي أغلقت
411-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابِهِ ع أَمّا بَعدُ فإَنِيّ عَلَي التّرَدّدِ فِي جَوَابِكَ وَ الِاستِمَاعِ إِلَي كِتَابِكَ لَمُوَهّنٌ رأَييِ وَ مُخَطّئٌ فرِاَستَيِ وَ إِنّكَ إِذ تحُاَولِنُيِ الأُمُورَ وَ ترُاَجعِنُيِ السّطُورَ كَالمُستَثقِلِ النّائِمِ تَكذِبُهُ أَحلَامُهُ أَوِ المُتَحَيّرِ القَائِمِ بَهَظَهُ مَقَامُهُ لَا يدَريِ أَ لَهُ مَا يأَتيِ أَم عَلَيهِ
صفحه : 122
وَ لَستَ بِهِ غَيرَ أَنّهُ بِكَ شَبِيهٌ وَ أُقسِمُ بِاللّهِ إِنّهُ لَو لَا بَعضُ الِاستِبقَاءِ لَوَصَلَت إِلَيكَ منِيّ نَوَازِعُ تَقرَعُ العَظمَ وَ تَهلِسُ اللّحمَ وَ اعلَم أَنّ الشّيطَانَ قَد ثَبّطَكَ عَن أَن تُرَاجِعَ أَحسَنَ أُمُورِكَ وَ تَأذَنَ لِمَقَالِ نَصِيحَتِكَ وَ السّلَامُ
بيان قوله ع فإني علي التردد قال ابن أبي الحديد ليس معناه التوقف بل التردد والتكرار أي أنالائم نفسي علي أني أكرر تارة بعدتارة أجوبتك عما تكتبه وأجعلك نظيرا لي أكتب وتجيبني وتكتب وأجيبك وإنما كان ينبغي أن يكون جواب مثلك السكوت . قوله ع لموهن رأيي أي أعده واهنا ضعيفا والغرض المبالغة في عدم استحقاقه للجواب و إلافلم يكن فعله ع إلاحقا وصوابا. قوله ع وإنك إذ تحاولني الأمور الظاهر من كلام الشارحين أنهما حملا المحاولة علي معني القصد والإرادة وحينئذ يحتاج إلي تقدير حرف الجر. ويحتمل أن يكون مفاعلة من حال بمعني حجز ومنع أي تمانعني الأمور وتراجعني السطور أي بالسطور كالمستثقل النائم قال ابن أبي الحديد أي كالنائم يري أحلاما كاذبة أوكمن قام بين يدي سلطان أو بين قوم عقلاء ليعتذر عن أمر أوليخطب لأمر في نفسه قدبهظه مقامه ذلك أي أثقله فهو لايدري هل ينطق بكلام هو له أم عليه فيتحير انتهي . و في قوله ع إنه بك شبيه إيذان بأن معاوية أقوي في ذلك ويقال استبقيت من الشيء أي تركت بعضه واستبقاه أي استحياه ويحتمل أن يكون من أبقيت عليه أي رحمته نوازع تقرع العظم قال ابن أبي الحديد روي نوازع جمع نازعة أي جاذبة قالعة ويروي قوارع بالقاف والراء ويروي تهلس اللحم تلهس بتقديم اللام فأما تهلس بكسر اللام فالمعني تذيبه حتي يصير كبدن به الهلاس و هوالسل و أماتلهس فهو بمعني تلحس
صفحه : 123
أبدلت الحاء هاء و هو من لحست كذا بلساني بالكسر ألحسته أي تأتي علي اللحم حتي تلحسه لحسا لأن الشيء إنما يلحس إذاذهب وبقي أثره . ويروي وتنهس بالنون والسين المهملة والنهس والنهش بالمهملة والمعجمة هوأخذ اللحم بمقدم الأسنان . و أمابعض الاستبقاء ألذي أشار إليه فقال ابن ميثم لو لابعض المصالح لوصلت إليك مني قوارع وأراد شدائد الحرب . و قال ابن أبي الحديد الإمامية تقول إن النبي ص فوض إليه أمر نسائه بعدموته وجعل إليه أن يقطع عصمة أيتهن شاء إذارأي ذلك و له من الصحابة جماعة يشهدون له بذلك فقد كان قادرا علي أن يقطع عصمة أم حبيبة ويبيح نكاحها للرجال عقوبة لها ولمعاوية فإنها كانت تبغض عليا ع كمايبغضه أخوها و لوفعل ذلك لانتهس لحمه و قدرووا عن رجالهم أنه تهدد عائشة بضرب من ذلك قال و أماأصحابنا فيقولون قد كان معه من الصحابة قوم كثيرون سمعوا من رسول الله ص يلعن معاوية بعدإسلامه و يقول إنه منافق كافر وإنه من أهل النار والأخبار في ذلك مشهورة فلو شاء أن يحمل إلي أهل الشام خطوطهم وشهاداتهم بذلك وأسمعهم قوله مشافهة لفعل ولكن رأي العدول عن ذلك مصلحة لأمر يعلمه هو ع . و قال أبوزيد البصري إنما أبقي عليه لأنه خاف أن يفعل معاوية كفعله ع فيقول لعمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة وبسر بن أرطاة وأمثالهم ارووا أنتم عن النبي ص أنه كان يقول في علي ع أمثال ذلك انتهي . و قال الجوهري ثبطه عن الأمر تثبيطا شغله عنه و قال أذن له إذنا استمع
412- وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ مِن كِتَابِ أَبِي العَبّاسِ يَعقُوبَ بنِ أَبِي أَحمَدَ
صفحه : 124
الصيّمرَيِّ أَنّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَمّا بَعدُ فَإِنّكَ المَطبُوعُ عَلَي قَلبِكَ المُغَطّي عَلَي بَصَرِكَ الشّرّ مِن شِيمَتِكَ وَ العُتُوّ مِن خَلِيقَتِكَ فَشَمّر لِلحَربِ وَ اصبِر لِلضّربِ فَوَ اللّهِ لَيَرجِعَنّ الأَمرُ إِلَي مَا عَلِمتَوَ العاقِبَةُ لِلمُتّقِينَهَيهَاتَ هَيهَاتَ أَخطَأَكَ مَا تَمَنّي وَ هَوَي قَلبُكَ فِيمَا هَوَي فَاربَع عَلَي ظَلعِكَ وَ قِس شِبرَكَ بِفَترِكَ تَعلَم أَينَ حَالُكَ مِن حَالِ مَن يَزِنُ الجِبَالَ حِلمُهُ وَ يَفصِلُ بَينَ أَهلِ الشّكّ عِلمُهُ وَ السّلَامُ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَمّا بَعدُ يَا ابنَ الصّخرِ يَا ابنَ اللّعِينِ يَزِنُ الجِبَالَ فِيمَا زَعَمتَ حِلمُكَ وَ يَفصِلُ بَينَ أَهلِ الجَهلِ عِلمُكَ وَ أَنتَ الجَاهِلُ القَلِيلُ الفِقهِ المُتَفَاوِتُ العَقلِ الشّارِدُ عَنِ الدّينِ وَ قُلتَ فَشَمّر لِلحَربِ وَ اصبِر لِلضّربِ فَإِن كُنتَ صَادِقاً فِيمَا تَزعُمُ وَ يُعِينُكَ عَلَيهِ ابنُ النّابِغَةِ فَدَعِ النّاسَ جَانِباً وَ أَعفِ الفَرِيقَينِ مِنَ القِتَالِ وَ ابرُز إلِيَّ لِتَعلَمَ أَيّنَا المَرِينُ عَلَي قَلبِهِ المُغَطّي عَلَي بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو الحَسَنِ حَقّاً قَاتِلُ أَخِيكَ وَ خَالِكَ وَ جَدّكَ شَدخاً يَومَ بَدرٍ وَ ذَلِكَ السّيفُ بيِدَيِ وَ بِذَلِكَ القَلبِ أَلقَي عدَوُيّ
ثم قال الشدخ كسر الشيء الأجوف يقال شدخت رأسه فانشدخ . وهؤلاء الثلاثة حنظلة بن أبي سفيان والوليد بن عتبة وأبوه عتبة بن ربيعة فحنظلة أخوه والوليد خاله وعتبة جده و قدقتلوا في غزاة بدر
413- أَمّا بَعدُ فَمَا أَعجَبَ مَا يأَتيِنيِ مِنكَ وَ مَا أعَلمَنَيِ بِمَنزِلَتِكَ التّيِ أَنتَ إِلَيهَا صَائِرٌ وَ نَحوَهَا سَائِرٌ وَ لَيسَ إبِطاَئيِ عَنكَ إِلّا لِوَقتٍ أَنَا بِهِ مُصَدّقٌ وَ أَنتَ بِهِ مُكَذّبٌ فكَأَنَيّ أَرَاكَ وَ أَنتَ تَضِجّ مِنَ الحَربِ وَ إِخوَانُكَ يدَعوُننَيِ خَوفاً مِنَ السّيفِ
صفحه : 125
إِلَي كِتَابٍ هُم بِهِ كَافِرُونَ وَ لَهُ جَاحِدُونَ ثُمّ قَالَ وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ
414- قَالَ وَ كَتَبَ أَيضاً ع أَمّا بَعدُ فَطَالَ مَا دَعَوتَ أَنتَ وَ أَولِيَاؤُكَ أَولِيَاءُ الشّيطَانِ الحَقّ أَسَاطِيرَ وَ نَبَذتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُم وَ حَاوَلتُم إِطفَاءَهُ بِأَفوَاهِكُموَ يَأبَي اللّهُ إِلّا أَن يُتِمّ نُورَهُ وَ لَو كَرِهَ الكافِرُونَ وَ لعَمَريِ لَيُنفِذَنّ العِلمَ فِيكَ وَ لَيُتِمّنّ النّورَ بِصِغَرِكَ وَ قَمأَتِكَ وَ لَتُخسَأَنّ طَرِيداً مَدحُوراً أَو قَتِيلًا مَثبُوراً وَ لَتُجزَيَنّ بِعَمَلِكَ حَيثُ لَا نَاصِرَ لَكَ وَ لَا مصرح [مُصرِخَ]عِندَكَ وَ قَد أَسهَبتَ فِي ذِكرِ عُثمَانَ وَ لعَمَريِ مَا قَتَلَهُ غَيرُكَ وَ لَا خَذَلَهُ سِوَاكَ وَ لَقَد تَرَبّصتَ بِهِ الدّوَائِرَ وَ تَمَنّيتَ لَهُ الأمَاَنيِّ طَمَعاً فِيمَا ظَهَرَ مِنكَ وَ دَلّ عَلَيهِ فِعلُكَ وَ إنِيّ لَأَرجُو أَن أَلحَقَكَ بِهِ عَلَي أَعظَمَ مِن ذَنبِهِ وَ أَكبَرَ مِن خَطِيئَتِهِ فَأَنَا ابنُ عَبدِ المُطّلِبِ صَاحِبُ السّيفِ وَ إِنّ قَائِمَهُ لفَيِ يدَيِ وَ قَد عَلِمتَ مَن قَتَلتُ بِهِ مِن صَنَادِيدِ بنَيِ عَبدِ شَمسٍ وَ فَرَاعِنَةِ بنَيِ سَهمٍ وَ جُمَحَ وَ مَخزُومٍ وَ أَيتَمتُ أَبنَاءَهُم وَ أَيّمتُ نِسَاءَهُم وَ أُذَكّرُكَ مَا لَستَ لَهُ نَاسِياً يَومَ قَتَلتُ أَخَاكَ حَنظَلَةَ وَ جَرَرتُ بِرِجلِهِ إِلَي القَلِيبِ وَ أَسَرتُ أَخَاكَ عَمراً فَجَعَلتُ عُنُقَهُ بَينَ سَاقَيهِ رِبَاطاً وَ طَلَبتُكَ فَفَرَرتَ وَ لَكَ حُصَاصٌ فَلَو لَا أنَيّ لَا أُتبِعُ فَارّاً لَجَعَلتُكَ ثَالِثَهُمَا وَ أَنَا أوُليِ لَكَ بِاللّهِ أَلِيّةَ بَرّةٍ غَيرِ فَاجِرَةٍ لَئِن جمَعَتَنيِ وَ إِيّاكَ جَوَامِعُ الأَقدَارِ لَأَترُكَنّكَ مَثَلًا يَتَمَثّلُ بِهِ النّاسُ أَبَداً وَ لَأُجَعجِعَنّ بِكَ فِي مَنَاخِكَ حَتّي يَحكُمَ اللّهُ بيَنيِ وَ بَينَكَوَ هُوَ خَيرُ الحاكِمِينَ وَ لَئِن أَنسَأَ اللّهُ فِي أجَلَيِ قَلِيلًا لَأُغزِيَنّكَ سَرَاةَ المُسلِمِينَ وَ لَأَنهَدَنّ إِلَيكَ فِي جَحفَلٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ ثُمّ لَا أَقبَلُ لَكَ مَعذِرَةً وَ لَا شَفَاعَةً وَ لَا أُجِيبُكَ
صفحه : 126
إِلَي طَلَبٍ وَ سُؤَالٍ وَ لَتَرجِعَنّ إِلَي تَحَيّرِكَ وَ تَرَدّدِكَ وَ تَلَدّدِكَ فَقَد شَاهَدتَ وَ أَبصَرتَ وَ رَأَيتَ سُحُبَ المَوتِ كَيفَ هَطَلَت عَلَيكَ بِصَيّبِهَا حَتّي اعتَصَمتَ بِكِتَابٍ أَنتَ وَ أَبُوكَ أَوّلُ مَن كَفَرَ بِهِ وَ كَذّبَ بِنُزُولِهِ وَ لَقَد كُنتُ تَفَرّستُهَا وَ آذَنتُكَ أَنتَ فَاعِلُهَا وَ قَد مَضَي مِنهَا مَا مَضَي وَ انقَضَي مِن كَيدِكَ فِيهَا مَا انقَضَي وَ أَنَا سَائِرٌ نَحوَكَ عَلَي أَثَرِ هَذَا الكِتَابِ فَاختَر لِنَفسِكَ وَ انظُر لَهَا وَ تَدَارَكهَا فَإِنّكَ إِن فَرّطتَ وَ استَمرَرتَ عَلَي غَيّكَ وَ غُلَوَائِكَ حَتّي يَنهَدَ إِلَيكَ عِبَادُ اللّهِ أُرتِجَت عَلَيكَ الأُمُورُ وَ مُنِعتَ أَمراً هُوَ اليَومَ مِنكَ مَقبُولٌ يَا ابنَ حَربٍ إِنّ لَجَاجَكَ فِي مُنَازَعَةِ الأَمرِ أَهلَهُ مِن سِفَاهِ الرأّيِ فَلَا يَطمَعَنّكَ أَهلُ الضّلَالِ وَ لَا يُوبِقَنّكَ سَفَهُ رأَيِ الجُهّالِ فَوَ ألّذِي نَفسُ عَلِيّ بِيَدِهِ لَئِن بَرَقَت فِي وَجهِكَ بَارِقَةٌ مِن ذيِ الفَقَارِ لَتَصعَقَنّ صَعقَةً لَا تُفِيقُ مِنهَا حَتّي يُنفَخَ فِي الصّورِ النّفخَةَ التّيِ يَئِستَ مِنهَاكَما يَئِسَ الكُفّارُ مِن أَصحابِ القُبُورِ
توضيح قال ابن الأثير في النهاية في حديث أبي هريرة إذاسمع الشيطان الأذان ولي و له حصاص الحصاص شدة العدو وحدته وقيل هو أن يمصع بذنبه ويصر بأذنيه ويعدو وقيل هوالضراط و قال جعجع القوم إذاأناخوا بالجعجاع وهي الأرض الجعجاع أيضا الموضع الضيق الخشن و منه كتاب عبيد الله بن زياد وجعجع بحسين وأصحابه أي ضيق عليهم المكان . و قال في القاموس الجعجاع الأرض عامة والحرب ومناخ سوء لايقر فيه صاحبه والفحل الشديد الرغاء والجعجعة صوت الرحي ونحر الجزور وأصوات الجمال إذااجتمعت وبروك البعير وتبريكه والحبس والقعود علي غيرطمأنينة وتجعجع ضرب بنفسه الأرض من وجع . و في النهاية السري النفيس الشريف وقيل السخي ذو المروءة والجمع سراة بالفتح علي غيرقياس وتضم السين . و في قوله ع لأغزينك كأنه علي الحذف والإيصال و في
صفحه : 127
بعض النسخ بالزاي من أغزاه إذاحمله علي الغزو. و في القاموس الجحفل كجعفر الجيش الكثير. قوله ع فقد شاهدت يدل علي أنه كان الكتاب بعدالرجوع عن صفين عندإرادة العود إليه والغلواء بضم الغين وفتح اللام و قدتسكن الغلو وشرة الشباب وأوله . و قال الجوهري أرتجت الباب أغلقته وأرتج علي القارئ علي ما لم يسم فاعله إذا لم يقدر علي القراءة كأنه أطبق عليه كمايرتج الباب و لاتقل ارتج عليه بالتشديد
415-كَنزُ الفَوَائِدِ للِكرَاَجكُيِّ،نُسخَةُ كِتَابِ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَمّا بَعدُ فَإِنّ الهَوَي يُضِلّ مَنِ اتّبَعَهُ وَ الحِرصَ يُتعِبُ الطّالِبَ المَحرُومَ وَ أَحمَدُ العَاقِبَتَينِ مَا هدُيَِ إِلَي سَبِيلٍ وَ مِنَ العَجَبِ العَجِيبِ ذَامّ مَادِحٌ أَو زَاهِدٌ رَاغِبٌ وَ مُتَوَكّلٌ حَرِيصٌ كَلَاماً ضَرَبتُهُ لَكَ مَثَلًا لِتَدَبّرَ حِكمَتَهُ بِجَمعِ الفَهمِ وَ مُبَايَنَةِ الهَوَي وَ مُنَاصَحَةِ النّفسِ فلَعَمَريِ يَا ابنَ أَبِي طَالِبٍ لَو لَا الرّحِمُ التّيِ عطَفَتَنيِ عَلَيكَ وَ السّابِقَةُ التّيِ سَلَفَت لَكَ لَقَد كَانَ اختَطَفَكَ بَعضُ عُقبَانِ أَهلِ الشّامِ فَصَعِدَ بِكَ فِي الهَوَاءِ ثُمّ قَذَفَكَ عَلَي دَكَادِكِ شَوَامِخِ الأَبصَارِ فَأُلفِيتَ كَسَحِيقِ الفِهرِ عَلَي مِسَنّ الصّلَابَةِ لَا يَجِدُ الذّرّ فِيكَ مُرتَقًي وَ لَقَد عَزَمتُ عَزمَةَ مَن لَا تَعطِفُهُ رِقّةٌ إِن لَا تَذَر وَ لَا تُبَايِن مَا قَرّبتَ بِهِ أَمَلَكَ وَ طَالَ لَهُ طَلَبُكَ لَأُورِدَنّكَ مَورِداً تَستَمِرّ مَدَاقّهُ إِن فَسُحَ لَكَ فِي الحَيَاةِ بَل نَظُنّكَ قَبلَ ذَلِكَ مِنَ الهَالِكِينَ وَ بِئسَ الرأّيُ رأَيٌ يُورِدُ أَهلَهُ المَهَالِكَ وَ يُمَنّيهِمُ العَطَبَ إِلَي حِينَ لَاتَ مَنَاصٍ وَ قَد قُذِفَ بِالحَقّ عَلَي البَاطِلِوَ ظَهَرَ أَمرُ اللّهِ وَ هُم
صفحه : 128
كارِهُونَ وَ لِلّهِالحُجّةُ البالِغَةُ وَ المِنّةُ الظّاهِرَةُ وَ السّلَامُ جَوَابُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَيهِ مِن عَبدِ اللّهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَمّا بَعدُ فَقَد أتَاَنيِ كِتَابُكَ بِتَنوِيقِ المَقَالِ وَ ضَربِ الأَمثَالِ وَ انتِحَالِ الأَعمَالِ تَصِفُ الحِكمَةَ وَ لَستَ مِن أَهلِهَا وَ تَذكُرُ التّقوَي وَ أَنتَ عَلَي ضِدّهَا قَدِ اتّبَعتَ هَوَاكَ فَحَادَ بِكَ عَنِ المَحَجّةِ وَ لَحِجَ بِكَ عَن سَوَاءِ السّبِيلِ فَأَنتَ تَسحَبُ أَذيَالَ لَذّاتِ الفِتَنِ وَ تَخبِطُ فِي زَهرَةِ الدّنيَا كَأَنّكَ لَستَ تُوقِنُ بِأَوبَةِ البَعثِ وَ لَا بِرَجعَةِ المُنقَلَبِ قَد عَقَدتَ التّاجَ وَ لَبِستَ الخَزّ وَ افتَرَشتَ الدّيبَاجَ سُنّةً هِرَقلِيّةً وَ مُلكاً فَارِسِيّاً ثُمّ لَم يَقنَعكَ ذَلِكَ حَتّي يبَلغُنُيِ أَنّكَ تَعقِدُ الأَمرَ مِن بَعدِكَ لِغَيرِكَ فَيَملِكُ دُونَكَ وَ تُحَاسِبُ دُونَهُ وَ لعَمَريِ لَئِن فَعَلتَ ذَلِكَ فَمَا وَرِثَتِ الضّلَالَةُ عَن كَلَالَةٍ وَ إِنّكَ لَابنُ مَن كَانَ يبَغيِ عَلَي أَهلِ الدّينِ وَ يَحسُدُ المُسلِمِينَ وَ ذَكَرتَ رَحِماً عَطَفَتكَ عَلَيّ فَأُقسِمُ بِاللّهِ الأَعَزّ الأَجَلّ أَن لَو نَازَعَكَ هَذَا الأَمرَ فِي حَيَاتِكَ مَن أَنتَ تُمَهّدُهُ لَهُ بَعدَ وَفَاتِكَ لَقَطَعتَ حَبلَهُ وَ لَبَتَتّ أَسبَابَهُ وَ أَمّا تَهدِيدُكَ لِي بِالمَشَارِبِ الوَبِيئَةِ وَ المَوَارِدِ المُهلِكَةِ فَأَنَا عَبدُ اللّهِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ أَبرِز إلِيَّ صَفحَتَكَ كَلّا وَ رَبّ البَيتِ مَا أَنتَ أَبِي عُذرٍ عِندَ القِتَالِ وَ لَا عِندَ مُنَافَحَةِ الأَبطَالِ وَ كأَنَيّ بِكَ لَو شَهِدتَ الحَربَ وَ قَد قَامَت عَلَي سَاقٍ وَ كَشَرَت عَن مَنظَرٍ كَرِيهٍ وَ الأَروَاحُ تُختَطَفُ اختِطَافَ الباَزيِّ زَغَبَ القَطَا لَصِرتَ كَالمُولَهَةِ الحَيرَانَةِ تَضرِبُهَا العَبرَةُ بِالصّدَمَةِ لَا تَعرِفُ أَعلَي الواَديِ عَن أَسفَلِهِ فَدَع عَنكَ مَا لَستَ مِن أَهلِهِ فَإِنّ وَقعَ الحُسَامِ غَيرُ تَشقِيقِ الكَلَامِ فَكَم عَسكَرٍ قَد شَهِدتُهُ وَ قَرنٍ نَازَلتُهُ وَ رَأَيتُ اصطِكَاكَ قُرَيشٍ بَينَ يدَيَ رَسُولِ اللّهِص إِذَا أَنتَ وَ أَبُوكَ وَ مَن هُوَ أَعلَي مِنكُمَا لِي تَبَعٌ وَ أَنتَ اليَومَ تهُدَدّنُيِ
صفحه : 129
فَأُقسِمُ بِاللّهِ أَن لَو تبُديِ الأَيّامُ عَن صَفحَتِكَ لَنَشَبَ فِيكَ مِخلَبُ لَيثٍ هَصُورٍ لَا يَفُوتُهُ فَرِيسَتُهُ بِالمُرَاوَغَةِ كَيفَ وَ أَنّي لَكَ بِذَلِكَ وَ أَنتَ قَعِيدَةُ بِنتِ البِكرِ المُخَدّرَةِ يَفزَعُهَا صَوتُ الرّعدِ وَ أَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ألّذِي لَا أُهَدّدُ بِالقِتَالِ وَ لَا أُخَوّفُ بِالنّزَالِ فَإِن شِئتَ يَا مُعَاوِيَةُ فَابرُز وَ السّلَامُ فَلَمّا وَصَلَ هَذَا الجَوَابُ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ جَمَعَ جَمَاعَةً مِن أَصحَابِهِ وَ فِيهِم عَمرُو بنُ العَاصِ فَقَرَأَهُ عَلَيهِم فَقَالَ لَهُ عَمرٌو قَد أَنصَفَكَ الرّجُلُ كَم رَجُلٍ أَحسَنَ فِي اللّهِ قَد قُتِلَ بَينَكُمَا ابرُز إِلَيهِ فَقَالَ لَهُ أَبَا عَبدِ اللّهِ أَخطَأَت استُكَ الحُفرَةَ أَنَا أَبرُزُ إِلَيهِ مَعَ علِميِ أَنّهُ مَا بَرَزَ إِلَيهِ أَحَدٌ إِلّا وَ قَتَلَهُ لَا وَ اللّهِ وَ لكَنِيّ سَأُبرِزُكَ إِلَيهِ
416-نُسخَةُ كِتَابٍ آخَرَ مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَمّا بَعدُ فَإِنّا لَو عَلِمنَا أَنّ الحَربَ تَبلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَت لَم يَجُنّهَا بَعضُنَا عَلَي بَعضٍ وَ إِن كُنّا قَد غُلِبنَا عَلَي عُقُولِنَا فَقَد بقَيَِ لَنَا مِنهَا مَا نَرُمّ بِهِ مَا مَضَي وَ نُصلِحُ مَا بقَيَِ وَ قَد كُنتُ سَأَلتُكَ الشّامَ عَلَي أَن لَا تلَزمَنَيِ لَكَ طَاعَةٌ فَأَبَيتَ ذَلِكَ عَلَيّ وَ أَنَا أَدعُوكَ اليَومَ إِلَي مَا دَعَوتُكَ إِلَيهِ أَمسِ فَإِنّكَ لَا تَرجُو مِنَ البَقَاءِ إِلّا مَا أَرجُو وَ لَا تَخَافُ مِنَ الفَنَاءِ إِلّا مَا أَخَافُ وَ قَد وَ اللّهِ رَقّتِ الأَجنَادُ وَ ذَهَبَتِ الرّجَالُ وَ نَحنُ جَمِيعاً بَنُو عَبدِ مَنَافٍ لَيسَ لِبَعضِنَا فَضلٌ عَلَي بَعضٍ يُستَذَلّ بِهِ عَزِيزٌ وَ لَا يُستَرَقّ بِهِ حُرّ جَوَابُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مِن عَبدِ اللّهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ
صفحه : 130
أَمّا بَعدُ فَقَد جَاءَ فِي كِتَابِكَ تَذكُرُ أَنّكَ لَو عَلِمتَ أَنّ الحَربَ تَبلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَت لَم يَجُنّهَا بَعضُنَا عَلَي بَعضٍ وَ إِنّا وَ إِيّاكَ نَلتَمِسُ غَايَةً مِنهَا لَم نَبلُغهَا بَعدُ وَ أَمّا طَلَبُكَ إلِيَّ الشّامَ فإَنِيّ لَم أَكُن لِأُعطِيَكَ اليَومَ مَا مَنَعتُكَ أَمسِ وَ أَمّا استِوَاؤُنَا فِي الخَوفِ وَ الرّجَاءِ فَلَستَ بِأَمضَي عَلَي الشّكّ منِيّ عَلَي اليَقِينِ وَ لَا أَهلُ الشّامِ عَلَي الدّنيَا بِأَحرَصَ مِن أَهلِ العِرَاقِ عَلَي الآخِرَةِ وَ أَمّا قَولُكَ إِنّا بَنُو عَبدِ مَنَافٍ فَكَذَلِكَ نَحنُ وَ لَكِن لَيسَ أُمَيّةُ كَهَاشِمٍ وَ لَا حَربٌ كَعَبدِ المُطّلِبِ وَ لَا أَبُو سُفيَانَ كأَبَيِ طَالِبٍ وَ لَا الطّلِيقُ كَالمُهَاجِرِ وَ لَا المُبطِلُ كَالمُحِقّ وَ فِي أَيدِينَا فَضلُ النّبُوّةِ التّيِ قَتَلنَا بِهَا العَزِيزَ وَ بِعنَا بِهَا الحُرّ وَ السّلَامُ
توضيح الدكادك جمع الدكداك و هو من الرمل ماالتبد منه بالأرض و لم يرتفع والأبصار كأنه جمع البصر بالضم و هوالجانب وحرف كل شيء. قوله كسحيق الفهر أي كالشيء ألذي سحقه الفهر. و في القاموس الفهر بالكسر الحجر قدرما يدق به الجوز أو مايملأ الكف و قال الصلاية مدق الطيب انتهي . ولعل المراد بمسنها وسطها كمسان الطريق والمسن بالكسر حجر يحد عليه السكين . و في القاموس المنوق كمعظم المذلل من الجمال و من النخل الملقح والنواق رائض الأمور ومصلحها والنوقة الحذاقة في كل شيء وتنوق في مطعمه وملبسه تجود وبالغ و قال لحج السيف كفرح نشب في الغمد ومكان لحج ككتف ضيق والملحج الملجأ ولحجه كمنعه ضربه و إليه لجأ.فما ورثت الضلالة أي لم تأخذ هذه الضلالة من بعيد في النسب بل أخذت من أبيك . قال الجوهري الكلالة ألذي لاولد له ووالد والعرب تقول لم يرثه
صفحه : 131
كلالة أي لم يرثه عن عرض بل عن قرب واستحقاق قال الفرزدق ورثتم قناة الملك غيركلالة. عن ابني مناف عبدشمس وهاشم . والوبيئة فعلية من الوباء و هوالطاعون أوالمرض العام يقال أرض وبيئة أي كثيرة الوباء و قديخفف فيشدد ما أنت بأبي عذر أي لابتدائي بالقتال يقال فلان أبوعذرها إذا كان هو ألذي افترعها وافتضها وقولهم ما أنت بذي عذر هذاالكلام أي لست بأول من افتضه . و لايبعد أن يكون بالغين المعجمة والدال المهملة قال الجوهري رجل ثبت الغدر أي ثابت في قتال وكلام والمنافحة المدافعة والمضاربة وقرب كل من القرنين إلي الآخر بحيث يصل إليه نفحه أي ريحه ونفسه . و قال الجوهري كشر البعير عن نابه أي كشف عنه والكشر التبسم و قال الزغب الشعيرات الصفر علي ريش الفرخ والفراخ زغب و قال يقال شقق الكلام إذاأخرجه أحسن مخرج والهصر بالكسر والهصور الأسد وراغ الرجل والثعلب روغا وروغانا مال وحاد عن الشيء وقعيدة الرجل امرأته والخدر ستر يمد للجارية في ناحية البيت وبالفتح إلزام البنت الخدر كالإخدار والتخدير وهي مخدورة ومخدرة ومخدرة
417- كَنزُ الفَوَائِدِ، كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع افتِخَاراً فَقَالَ ع أَ عَلَيّ يَفتَخِرُ ابنُ آكِلَةِ الأَكبَادِ ثُمّ قَالَ لِعُبَيدِ اللّهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ اكتُب
مُحَمّدٌ النّبِيّ أخَيِ وَ صنِويِ | وَ حَمزَةُ سَيّدُ الشّهَدَاءِ عمَيّ |
وَ جَعفَرٌ ألّذِي يضُحيِ وَ يمُسيِ | يَطِيرُ مَعَ المَلَائِكَةِ ابنُ أمُيّ |
وَ بِنتُ مُحَمّدٍ سكَنَيِ وَ عرِسيِ | مُسَاطٌ لَحمُهَا بدِمَيِ وَ لحَميِ |
صفحه : 132
وَ سِبطَا أَحمَدَ ابناَيَ مِنهَا | فَأَيّكُم لَهُ سَهمٌ كسَهَميِ |
سَبَقتُكُم إِلَي الإِسلَامِ طُرّاً | غُلَاماً مَا بَلَغتُ أَوَانَ حلُميِ |
وَ أَوجَبَ لِي الوَلَاءَ مَعاً عَلَيكُم | خلَيِليِ يَومَ دَوحِ غَدِيرِ خمُيّ |
أَقُولُ ذَكَرَهَا فِي الدّيوَانِ مَعَ زِيَادَةٍ وَ تَغيِيرٍ هَكَذَا
وَ أَوجَبَ لِي وَلَايَتَهُ عَلَيكُم | رَسُولُ اللّهِ يَومَ غَدِيرِ خُمّ |
وَ أوَصاَنيِ النّبِيّ عَلَي اختِيَارٍ | لِأُمّتِهِ رِضًي مِنكُم بحِكُميِ |
أَلَا مَن شَاءَ فَليُؤمِن بِهَذَا | وَ إِلّا فَليَمُت كَمَداً بِغَمّ |
أَنَا البَطَلُ ألّذِي لَم تُنكِرُوهُ | لِيَومِ كَرِيهَةٍ وَ لِيَومِ سلِميِ |
بيان السكن بالتحريك كل ماسكنت إليه والعرس بالكسر امرأة الرجل والسوط خلط الشيء بعضه ببعض وسوطه أي خلطه والدوح جمع الدوحة وهي الشجرة العظيمة والكمد بالتحريك الحزن المكتوم
418- ج ،[الإحتجاج ]رَوَي أَبُو عُبَيدَةَ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّ لِي فَضَائِلَ كَثِيرَةً كَانَ أَبِي سَيّداً فِي الجَاهِلِيّةِ وَ صِرتُ مَلِكاً فِي الإِسلَامِ وَ أَنَا صِهرُ رَسُولِ اللّهِص وَ خَالُ المُؤمِنِينَ وَ كَاتِبُ الوحَيِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَ بِالفَضَائِلِ يبَغيِ عَلَيّ ابنُ آكِلَةِ الأَكبَادِ اكتُب إِلَيهِ يَا غُلَامُ مُحَمّدٌ النّبِيّ أخَيِ وَ صهِريِ وَ سَاقَ الأَبيَاتَ إِلَي قَولِهِ
سَبَقتُكُم إِلَي الإِسلَامِ طُرّاً | مُقِرّاً باِلنبّيِّ فِي بَطنِ أمُيّ |
وَ صَلّيتُ الصّلَاةَ وَ كُنتُ طِفلًا | صَغِيراً مَا بَلَغتُ أَوَانَ حلُميِ |
صفحه : 133
وَ سَاقَ الأَبيَاتَ إِلَي قَولِهِ
فَوَيلٌ ثُمّ وَيلٌ ثُمّ وَيلٌ | لِمَن يَلقَي الإِلَهَ غَداً بظِلُميِ |
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ اخفُوا هَذَا الكِتَابَ لَا يَقرَؤُهُ أَهلُ الشّامِ فَيَمِيلُوا إِلَي ابنِ أَبِي طَالِبٍ
419- كِتَابُ صِفّينَ لِنَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ كَتَبَ عَلِيّ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ
أَصبَحتَ منِيّ يَا ابنَ حَربٍ جَاهِلًا | إِن لَم نُرَامِ مِنكُمُ الكَوَاهِلَا |
بِالحَقّ وَ الحَقّ يُزِيلُ البَاطِلَا | هَذَا لَكَ العَامَ وَ عَاماً قَابِلًا |
420- كِتَابُ الغَارَاتِ لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ، قَالَ روُيَِ أَنّ عَلِيّاً ع كَتَبَ إِلَي مُعَاوِيَةَ مِن عَبدِ اللّهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ بَعدُ فَإِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي ذَا الجَلَالِ وَ الإِكرَامِ خَلَقَ الخَلقَ وَ اختَارَ خِيَرَةً مِن خَلقِهِ وَ اصطَفَي صَفوَةً مِن عِبَادِهِيَخلُقُ ما يَشاءُ وَ يَختارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبحانَ اللّهِ وَ تَعالي عَمّا يُشرِكُونَفَأَمَرَ الأَمرَ وَ شَرَعَ الدّينَ وَ قَسَمَ القَسمَ عَلَي ذَلِكَ وَ هُوَ فَاعِلُهُ وَ جَاعِلُهُ وَ هُوَ الخَالِقُ وَ هُوَ المصُطفَيِ وَ هُوَ المُشَرّعُ وَ هُوَ القَاسِمُ وَ هُوَ الفَاعِلُ لِمَا يَشَاءَ لَهُ الخَلقُ وَ لَهُ الأَمرُ وَ لَهُ الخِيَرَةُ وَ المَشِيئَةُ وَ الإِرَادَةُ وَ القُدرَةُ وَ المُلكُ وَ السّلطَانُ أَرسَلَ رَسُولَهُ خِيَرَتَهُ وَ صَفوَتَهُ بِالهُدَي وَ دِينِ الحَقّ وَ أَنزَلَ عَلَيهِ كِتَابَهُ فِيهِ تِبيَانُ كُلّ شَيءٍ مِن شَرَائِعِ دِينِهِ فَبَيّنَهُ لِقَومٍ يَعلَمُونَ وَ فِيهِ فَرَضَ الفَرَائِضَ وَ قَسّمَ فِيهِ سِهَاماً أَحَلّ بَعضَهَا لِبَعضٍ وَ حَرّمَ بَعضَهَا لِبَعضٍ بَيّنهَا يَا مُعَاوِيَةُ إِن كُنتَ تَعلَمُ الحُجّةَ وَ ضَرَبَ أَمثَالًا لَا يَعلَمُهَا إِلّا العَالِمُونَ فَأَنَا سَائِلُكَ عَنهَا أَو بَعضِهَا إِن كُنتَ تَعلَمُ وَ اتّخَذَ الحُجّةَ بِأَربَعَةِ أَشيَاءَ عَلَي العَالَمِينَ فَمَا هيَِ يَا مُعَاوِيَةُ وَ لِمَن هيَِ وَ اعلَم أَنّهُنّ حُجّةٌ لَنَا أَهلَ البَيتِ عَلَي مَن
صفحه : 134
خَالَفَنَا وَ نَازَعَنَا وَ فَارَقَنَا وَ بَغَي عَلَينَا وَ المُستَعَانُ اللّهُعَلَيهِ تَوَكّلتُ وَ عَلَيهِ فَليَتَوَكّلِ المُتَوَكّلُونَ وَ كَانَ جُملَةُ تَبلِيغِهِ رِسَالَةَ رَبّهِ فِيمَا أَمَرَهُ وَ شَرَعَ وَ فَرَضَ وَ قَسَمَ جُملَةُ الدّينِ يَقُولُ اللّهُأَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرّسُولَ وَ أوُليِ الأَمرِ مِنكُمهيَِ لَنَا أَهلَ البَيتِ لَيسَت لَكُم ثُمّ نَهَي عَنِ المُنَازَعَةِ وَ الفُرقَةِ وَ أَمَرَ بِالتّسلِيمِ وَ الجَمَاعَةِ فَكُنتُم أَنتُمُ القَومَ الّذِينَ أَقرَرتُم لِلّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَبَدَا لَكُم فَأَخبَرَكُمُ اللّهُ أَنّ مُحَمّداً لَم يَكُأَبا أَحَدٍ مِن رِجالِكُم وَ لكِن رَسُولَ اللّهِ وَ خاتَمَ النّبِيّينَ وَ قَالَ عَزّ وَ جَلّأَ فَإِن ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلي أَعقابِكُمفَأَنتَ وَ شُرَكَاؤُكَ يَا مُعَاوِيَةُ القَومُ الّذِينَ انقَلَبُوا عَلَي أَعقَابِهِم وَ ارتَدّوا وَ نَقَضُوا الأَمرَ وَ العَهدَ فِيمَا عَاهَدُوا اللّهَ وَ نَكَثُوا البَيعَةَ وَ لَم يَضُرّوا اللّهَ شَيئاً أَ لَم تَعلَم يَا مُعَاوِيَةُ أَنّ الأَئِمّةَ مِنّا لَيسَت مِنكُم وَ قَد أَخبَرَكُمُ اللّهُ أَنّ أوُليِ الأَمرِ هُمُ المُستَنبِطُو العِلمِ وَ أَخبَرَكُم أَنّ الأَمرَ ألّذِي تَختَلِفُونَ فِيهِ يُرَدّ إِلَي اللّهِ وَ إِلَي الرّسُولِ وَ إِلَي أوُليِ الأَمرِ المسُتنَبطِيِ العِلمِ فَمَن أَوفَي بِمَا عَاهَدَ اللّهُ عَلَيهِ يَجِدِ اللّهَ مُوفِياً بِعَهدِهِ يَقُولُ اللّهُأَوفُوا بعِهَديِ أُوفِ بِعَهدِكُم وَ إيِاّيَ فَارهَبُونِ وَ قَالَ عَزّ وَ جَلّأَم يَحسُدُونَ النّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ فَقَد آتَينا آلَ اِبراهِيمَ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ وَ آتَيناهُم مُلكاً عَظِيماً وَ قَالَ لِلنّاسِ بَعدَهُمفَمِنهُم مَن آمَنَ بِهِ وَ مِنهُم مَن صَدّ عَنهُفَتَبَوّأ مَقعَدَكَ مِن جَهَنّمَوَ كَفي بِجَهَنّمَ سَعِيراً وَ نَحنُ آلُ اِبرَاهِيمَ المَحسُودُونَ وَ أَنتَ الحَاسِدُ لَنَا
صفحه : 135
خَلَقَ اللّهُ آدَمَ بِيَدِهِوَ نَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ وَ أَسجَدَ لَهُ المَلَائِكَةَ وَ عَلّمَهُ الأَسمَاءَ كُلّهَا وَ اصطَفَاهُ عَلَي العَالَمِينَ فَحَسَدَهُ الشّيطَانُفَكانَ مِنَ الغاوِينَ وَ نُوحاً حَسَدَهُ قَومُهُ إِذ قَالُواما هذا إِلّا بَشَرٌ مِثلُكُم يُرِيدُ أَن يَتَفَضّلَ عَلَيكُم ذَلِكَ حَسَدٌ مِنهُم لِنُوحٍ أَن يُقِرّوا لَهُ بِالفَضلِ وَ هُوَ بَشَرٌ وَ مِن بَعدِهِ حَسَدُوا هُوداً إِذ يَقُولُ قَومُهُما هذا إِلّا بَشَرٌ مِثلُكُم يَأكُلُ مِمّا تَأكُلُونَ مِنهُ وَ يَشرَبُ مِمّا تَشرَبُونَ وَ لَئِن أَطَعتُم بَشَراً مِثلَكُم إِنّكُم إِذاً لَخاسِرُونَقَالُوا ذَلِكَ حَسَداً أَن يُفَضّلَ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَختَصّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُ وَ مِن قَبلِ ذَلِكَ ابنُ آدَمَ قَابِيلُ قَتَلَ هَابِيلَ حَسَداً فَكَانَ مِنَ الخَاسِرِينَ وَ طَائِفَةٌ مِن بنَيِ إِسرَائِيلَإِذ قالُوا لنِبَيِّ لَهُمُ ابعَث لَنا مَلِكاً نُقاتِل فِي سَبِيلِ اللّهِ فَلَمّا بَعَثَ اللّهُ لَهُم طَالُوتَ مَلِكاً حَسَدُوهُ وَقالُوا أَنّي يَكُونُ لَهُ المُلكُ عَلَينا وَ زَعَمُوا أَنّهُم أَحَقّ بِالمُلكِ مِنهُ كُلّ ذَلِكَنَقُصّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ ما قَد سَبَقَ وَ عِندَنَا تَفسِيرُهُ وَ عِندَنَا تَأوِيلُهُوَ قَد خابَ مَنِ افتَري وَ نَعرِفُ فِيكُم شِبهَهُ وَ أَمثَالَهُوَ ما تغُنيِ الآياتُ وَ النّذُرُ عَن قَومٍ لا يُؤمِنُونَفَكَانَ نَبِيّنَاص فَلَمّا جاءَهُم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِحَسَداً مِن عِندِ أَنفُسِهِمأَن يُنَزّلَ اللّهُ مِن فَضلِهِ عَلي مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِحَسَداً مِنَ القَومِ عَلَي تَفضِيلِ بَعضِنَا عَلَي بَعضٍ أَلَا وَ نَحنُ أَهلُ البَيتِ آلُ اِبرَاهِيمَ المَحسُودُونَ حُسِدنَا كَمَا حُسِدَ آبَاؤُنَا مِن قَبلِنَا سُنّةً وَ مَثَلًا وَ قَالَ اللّهُوَ آلَ اِبراهِيمَ وَآلَ لُوطٍ وَآلَ عِمرانَ وَآلِ يَعقُوبَ وَآلُ
صفحه : 136
مُوسي وَ آلُ هارُونَ
وَآلَ داوُدَفَنَحنُ آلُ نَبِيّنَا مُحَمّدٍص أَ لَم تَعلَم يَا مُعَاوِيَةُإِنّ أَولَي النّاسِ بِإِبراهِيمَ لَلّذِينَ اتّبَعُوهُ وَ هذَا النّبِيّ وَ الّذِينَ آمَنُوا وَ نَحنُ أُولُو الأَرحَامِ قَالَ اللّهُ تَعَالَيالنّبِيّ أَولي بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم وَ أَزواجُهُ أُمّهاتُهُم وَ أُولُوا الأَرحامِ بَعضُهُم أَولي بِبَعضٍ فِي كِتابِ اللّهِنَحنُ أَهلُ بَيتٍ اختَارَنَا اللّهُ وَ اصطَفَانَا وَ جَعَلَ النّبُوّةَ فِينَا وَ الكِتَابَ لَنَا وَ الحِكمَةَ وَ العِلمَ وَ الإِيمَانَ وَ بَيتَ اللّهِ وَ مَسكَنَ إِسمَاعِيلَ وَ مَقَامَ اِبرَاهِيمَ فَالمُلكُ لَنَا وَيلَكَ يَا مُعَاوِيَةُ
صفحه : 137
وَ نَحنُ أَولَي بِإِبرَاهِيمَ وَ نَحنُ آلُهُ وَ آلُ عِمرَانَ وَ أَولَي بِعِمرَانَ وَ آلُ لُوطٍ وَ نَحنُ أَولَي بِلُوطٍ وَ آلُ يَعقُوبَ وَ نَحنُ أَولَي بِيَعقُوبَ وَ آلُ مُوسَي وَ آلُ هَارُونَ وَ آلُ دَاوُدَ وَ أَولَي بِهِم وَ آلُ مُحَمّدٍ أَولَي بِهِ وَ نَحنُ أَهلُ البَيتِ الّذِينَ أَذهَبَ اللّهُ عَنهُمُ الرّجسَ وَ طَهّرَهُم تَطهِيراً وَ لِكُلّ نبَيِّ دَعوَةٌ فِي خَاصّةِ نَفسِهِ وَ ذُرّيّتِهِ وَ أَهلِهِ وَ لِكُلّ نبَيِّ وَصِيّةٌ فِي آلِهِ أَ لَم تَعلَم أَنّ اِبرَاهِيمَ أَوصَي بِابنِهِ يَعقُوبَ وَ يَعقُوبَ أَوصَي بَنِيهِ إِذ حَضَرَهُ المَوتُ وَ أَنّ مُحَمّداً أَوصَي إِلَي آلِهِ سُنّةَ اِبرَاهِيمَ وَ النّبِيّينَ اقتِدَاءً بِهِم كَمَا أَمَرَهُ اللّهُ لَيسَ لَكَ مِنهُم وَ لَا مِنهُ سُنّةٌ فِي النّبِيّينَ وَ فِي هَذِهِ الذّرّيّةِ التّيِ بَعضُهَا مِن بَعضٍ قَالَ اللّهُ لِإِبرَاهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ وَ هُمَا يَرفَعَانِ القَوَاعِدَ مِنَ البَيتِرَبّنا وَ اجعَلنا مُسلِمَينِ لَكَ وَ مِن ذُرّيّتِنا أُمّةً مُسلِمَةً لَكَفَنَحنُ الأُمّةُ المُسلِمَةُ وَ قَالَارَبّنا وَ ابعَث فِيهِم رَسُولًا مِنهُم يَتلُوا عَلَيهِم آياتِكَفَنَحنُ أَهلُ هَذِهِ الدّعوَةِ وَ رَسُولُ اللّهِ مِنّا وَ نَحنُ مِنهُ بَعضُنَا مِن بَعضٍ وَ بَعضُنَا أَولَي بِبَعضِ فِي الوَلَايَةِ وَ المِيرَاثِذُرّيّةً بَعضُها مِن بَعضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَ عَلَينَا نَزَلَ الكِتَابُ وَ فِينَا بُعِثَ الرّسُولُ وَ عَلَينَا تُلِيَتِ الآيَاتُ وَ نَحنُ المُنتَحِلُونَ لِلكِتَابِ وَ الشّهَدَاءُ عَلَيهِ وَ الدّعَاةُ إِلَيهِ وَ القُوّامُ بِهِفبَأِيَّ حَدِيثٍ بَعدَهُ يُؤمِنُونَ أَ فَغَيرَ اللّهِ يَا مُعَاوِيَةُ تبَغيِ رَبّاً أَم غَيرَ كِتَابِهِ كِتَاباً أَم غَيرَ الكَعبَةِ بَيتِ اللّهِ وَ مَسكَنِ إِسمَاعِيلَ وَ مَقَامِ أَبِينَا اِبرَاهِيمَ تبَغيِ قِبلَةً أَم غَيرَ مِلّتِهِ تبَغيِ
صفحه : 138
دِيناً أَم غَيرَ اللّهِ تبَغيِ مَلِكاً فَقَد جَعَلَ اللّهُ ذَلِكَ فِينَا فَقَد أَبدَيتَ عَدَاوَتَكَ لَنَا وَ حَسَدَكَ وَ بُغضَكَ وَ نَقضَكَ عَهدَ اللّهِ وَ تَحرِيفَكَ آيَاتِ اللّهِ وَ تَبدِيلَكَ قَولَ اللّهِ قَالَ اللّهُ لِإِبرَاهِيمَإِنّ اللّهَ اصطَفي لَكُمُ الدّينَ أَ فَتَرغَبُ عَن مِلّتِهِ وَ قَدِ اصطَفَاهُ اللّهُ فِي الدّنيَا وَ هُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الصّالِحِينَ أَم غَيرَ الحَكَمِ تبَغيِ حَكَماً أَم غَيرَ المُستَحفِظِ مِنّا تبَغيِ إِمَاماً الإِمَامَةُ لِإِبرَاهِيمَ وَ ذُرّيّتِهِ وَ المُؤمِنُونَ تَبَعٌ لَهُم لَا يَرغَبُونَ عَن مِلّتِهِ قَالَفَمَن تبَعِنَيِ فَإِنّهُ منِيّأَدعُوكَ يَا مُعَاوِيَةُ إِلَي اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ كِتَابِهِ وَ ولَيِّ أَمرِهِ الحَكِيمِ مِن آلِ اِبرَاهِيمَ وَ إِلَي ألّذِي أَقرَرتَ بِهِ زَعَمتَ إِلَي اللّهِ وَ الوَفَاءِ بِعَهدِهِوَ مِيثاقَهُ ألّذِي واثَقَكُم بِهِ إِذ قُلتُم سَمِعنا وَ أَطَعناوَ لا تَكُونُوا كَالّذِينَ تَفَرّقُوا وَ اختَلَفُوامِن بَعدِ ما جاءَهُمُ العِلمُ بَغياً بَينَهُموَ لا تَكُونُوا كاَلتّيِ نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوّةٍ أَنكاثاً تَتّخِذُونَ أَيمانَكُم دَخَلًا بَينَكُم أَن تَكُونَ أُمّةٌ هيَِ أَربي مِن أُمّةٍفَنَحنُ الأُمّةُ الأَربَي فَلا تَكُونُوا كَالّذِينَ قالُوا سَمِعنا وَ هُم لا يَسمَعُونَاتّبِعنَا وَ اقتَدِ بِنَا فَإِنّ ذَلِكَ لَنَا آلَ اِبرَاهِيمَ عَلَي العَالَمِينَ مُفتَرَضٌ فَإِنّ الأَفئِدَةَ مِنَ المُؤمِنِينَ وَ المُسلِمِينَ تهَويِ إِلَينَا وَ ذَلِكَ دَعوَةُ المَرءِ المُسلِمِ فَهَل
صفحه : 139
تَنقِمُ مِنّا إِلّا أَن آمَنّابِاللّهِ وَ مَا أُنزِلَ إِلَينَا وَ اقتَدَينَا وَ اتّبَعنَا مِلّةَ اِبرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِهِ فَكَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ قَدِ انتَهَي إلِيَّ كِتَابُكَ فَأَكثَرتَ فِيهِ ذِكرَ اِبرَاهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ وَ آدَمَ وَ نُوحٍ وَ النّبِيّينَ وَ ذِكرَ مُحَمّدٍ وَ قَرَابَتَكُم مِنهُ وَ مَنزِلَتَكُم وَ حَقّكَ وَ لَم تَرضَ بِقَرَابَتِكَ مِن مُحَمّدٍ حَتّي انتَسَبتَ إِلَي جَمِيعِ النّبِيّينَ أَلَا وَ إِنّمَا كَانَ مُحَمّدٌ رَسُولًا مِنَ الرّسُلِ إِلَي النّاسِ كَافّةً فَبَلّغَ رِسَالَاتِ رَبّهِ لَا يَملِكُ شَيئاً غَيرَهُ أَلَا وَ إِنّ اللّهَ ذَكَرَ قَوماًجَعَلُوا بَينَهُ وَ بَينَ الجِنّةِ نَسَباً وَ قَد خِفتُ عَلَيكَ أَن تُضَارِعَهُم أَلَا وَ إِنّ اللّهَ أَنزَلَ فِي كِتَابِهِ أَنّهُ لَم يَكُ يَتّخِذُ وَلَداًوَ لَم يَكُن لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلكِ وَ لَا ولَيِّ مِنَ الذّلّ فَأَخبِرنَا مَا فَضلُ قَرَابَتِكَ وَ مَا فَضلُ حَقّكَ وَ أَينَ وَجَدتَ اسمَكَ فِي كِتَابِ اللّهِ وَ مُلكَكَ وَ إِمَامَتَكَ وَ فَضلَكَ أَلَا وَ إِنّمَا نقَتدَيِ بِمَن كَانَ قَبلَنَا مِنَ الأَئِمّةِ وَ الخُلَفَاءِ الّذِينَ اقتَدَيتَ بِهِم فَكُنتَ كَمَنِ اختَارَ وَ رضَيَِ وَ لَسنَا مِنكُم قُتِلَ خَلِيفَتُنَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عُثمَانُ بنُ عَفّانَ وَ قَالَ اللّهُوَ مَن قُتِلَ مَظلُوماً فَقَد جَعَلنا لِوَلِيّهِ سُلطاناًفَنَحنُ أَولَي بِعُثمَانَ وَ ذُرّيّتِهِ وَ أَنتُم أَخَذتُمُوهُ عَلَي رِضًي مِن أَنفُسِكُم جَعَلتُمُوهُ خَلِيفَةً وَ سَمِعتُم لَهُ وَ أَطَعتُم فَأَجَابَهُ عَلِيّ ع أَمّا ألّذِي عيَرّتنَيِ بِهِ يَا مُعَاوِيَةُ مِن كتِاَبيِ وَ كَثرَةِ ذِكرِ آباَئيِ اِبرَاهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ وَ النّبِيّينَ فَإِنّهُ مَن أَحَبّ آبَاءَهُ أَكثَرَ ذِكرَهُم فَذِكرُهُم حُبّ اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَنَا أُعَيّرُكَ بِبُغضِهِم فَإِنّ بُغضَهُم بُغضُ اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أُعَيّرُكَ بِحُبّكَ آبَاءَكَ وَ كَثرَةِ ذِكرِهِم فَإِنّ حُبّهُم كُفرٌ
صفحه : 140
وَ أَمّا ألّذِي أَنكَرتَ مِن نسَبَيِ مِن اِبرَاهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ وَ قرَاَبتَيِ مِن مُحَمّدٍص وَ فضَليِ وَ حقَيّ وَ ملُكيِ وَ إمِاَمتَيِ فَإِنّكَ لَم تَزَل مُنكِراً لِذَلِكَ لَم يُؤمِن بِهِ قَلبُكَ أَلَا وَ إِنّا أَهلَ البَيتَ كَذَلِكَ لَا يُحِبّنَا كَافِرٌ وَ لَا يُبغِضُنَا مُؤمِنٌ وَ ألّذِي أَنكَرتَ مِن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفَقَد آتَينا آلَ اِبراهِيمَ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ وَ آتَيناهُم مُلكاً عَظِيماًفَأَنكَرتَ أَن تَكُونَ فِينَا فَقَد قَالَ اللّهُالنّبِيّ أَولي بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم وَ أَزواجُهُ أُمّهاتُهُم وَ أُولُوا الأَرحامِ بَعضُهُم أَولي بِبَعضٍ فِي كِتابِ اللّهِ وَ نَحنُ أَولَي بِهِ وَ ألّذِي أَنكَرتَ مِن إِمَامَةِ مُحَمّدٍص وَ زَعَمتَ أَنّهُ كَانَ رَسُولًا وَ لَم يَكُن إِمَاماً فَإِنّ إِنكَارَكَ عَلَي جَمِيعِ النّبِيّينَ الأَئِمّةِ وَ لَكِنّا نَشهَدُ أَنّهُ كَانَ رَسُولًا نَبِيّاً إِمَاماًص وَ لِسَانُكَ دَلِيلٌ عَلَي مَا فِي قَلبِكَ وَ قَالَ اللّهُ تَعَالَيأَم حَسِبَ الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ أَن لَن يُخرِجَ اللّهُ أَضغانَهُم وَ لَو نَشاءُ لَأَرَيناكَهُم فَلَعَرَفتَهُم بِسِيماهُم وَ لَتَعرِفَنّهُم فِي لَحنِ القَولِ وَ اللّهُ يَعلَمُ أَعمالَكُمأَلَا وَ قَد عَرَفنَاكَ قَبلَ اليَومِ وَ عَدَاوَتَكَ وَ حَسَدَكَ وَ مَا فِي قَلبِكَ مِنَ المَرَضِ ألّذِي أَخرَجَهُ اللّهُ وَ ألّذِي أَنكَرتَ مِن قرَاَبتَيِ وَ حقَيّ فَإِنّ سَهمَنَا وَ حَقّنَا فِي كِتَابِ اللّهِ قِسمَةٌ لَنَا مَعَ نَبِيّنَا فَقَالَوَ اعلَمُوا أَنّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرّسُولِ وَ لذِيِ القُربي وَ قَالَفَآتِ ذَا القُربي حَقّهُ وَ لَيسَ وَجَدتَ سَهمَنَا مَعَ سَهمِ اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ سَهمَكَ مَعَ الأَبعَدِينَ لَا سَهمَ لَكَ إِن فَارَقتَهُ فَقَد أَثبَتَ اللّهُ سَهمَنَا وَ أَسقَطَ سَهمَكَ بِفِرَاقِكَ وَ أَنكَرتَ إمِاَمتَيِ وَ ملُكيِ فَهَل تَجِدُ فِي كِتَابِ اللّهِ قَولَهُ لِآلِ اِبرَاهِيمَ وَ اصطَفَاهُم عَلَي العَالَمِينَ فَهُوَ فَضّلَنَا عَلَي العَالَمِينَ وَ تَزعُمُ أَنّكَ لَستَ مِنَ العَالَمِينَ أَو تَزعُمُ أَنّا لَسنَا مِن آلِ اِبرَاهِيمَ فَإِن أَنكَرتَ ذَلِكَ لَنَا فَقَد أَنكَرتَ مُحَمّداًص فَهُوَ مِنّا وَ نَحنُ مِنهُ فَإِنِ استَطَعتَ أَن تُفَرّقَ بَينَنَا وَ بَينَ اِبرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ إِسمَاعِيلَ وَ مُحَمّدٍ وَ آلِهِ فِي كِتَابِ اللّهِ فَافعَل
صفحه : 141
بيان قوله ع جملة الدين كان يحتمل الجيم والحاء المهملة فعلي الأول لعله بدل أوعطف بيان أوتأكيد لقوله جملة تبليغه و قوله يقول الله بتأويل المصدر خبر ويمكن أن يقرأ بقول الله بالباء الموحدة و علي الثاني جملة الدين خبر. قوله ع إن أولي الأمر إشارة إلي قوله سبحانه وَ لَو رَدّوهُ إِلَي الرّسُولِ وَ إِلي أوُليِ الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم. قوله ع دعوة المرء المسلم لعل المراد به ابراهيم ع حيث قال رَبّنا إنِيّ أَسكَنتُ مِن ذرُيّتّيِ بِوادٍ غَيرِ ذيِ زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرّمِ رَبّنا لِيُقِيمُوا الصّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تهَويِ إِلَيهِم. وإنما عبر هكذا للإشارة إلي أن قائله أحد الذين مر ذكرهما حيث قالاوَ اجعَلنا مُسلِمَينِ لَكَالآية. قوله ع واصطفاهم إشارة إلي قوله سبحانه إِنّ اللّهَ اصطَفي آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ اِبراهِيمَ وَ آلَ عِمرانَ عَلَي العالَمِينَ
421- كِتَابُ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ، مِن عَينِهِ بِالإِسنَادِ عَن أَبَانٍ عَنهُ قَالَ وَ حدَثّنَيِ أَيضاً عُمَرُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ وَ زَعَمَ أَبُو هُرَيرَةَ العبَديِّ أَنّهُ سَمِعَهُ عَن عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ إِنّ مُعَاوِيَةَ دَعَا أَبَا الدّردَاءِ وَ نَحنُ مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع بِصِفّينَ وَ دَعَا أَبَا هُرَيرَةَ فَقَالَ لَهُمَا انطَلِقَا إِلَي عَلِيّ ع فَأَقرِئَاهُ منِيّ السّلَامَ وَ قُولَا لَهُ وَ اللّهِ إنِيّ لَأَعلَمُ أَنّكَ أَولَي النّاسِ بِالخِلَافَةِ وَ أَحَقّ بِهَا منِيّ لِأَنّكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأَوّلِينَ وَ أَنَا مِنَ الطّلَقَاءِ وَ لَيسَ لِي مِثلُ سَابِقَتِكَ فِي الإِسلَامِ وَ قَرَابَتِكَ مِن رَسُولِ اللّهِص وَ عِلمِكَ بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ السّلَامُ وَ لَقَد بَايَعَكَ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ بَعدَ مَا تَشَاوَرُوا قَبلَ ثَلَاثَةِ أَيّامٍ ثُمّ
صفحه : 142
أَتَوكَ فَبَايَعُوكَ طَائِعِينَ غَيرَ مُكرَهِينَ وَ كَانَ أَوّلُ مَن بَايَعَكَ طَلحَةَ وَ الزّبَيرَ ثُمّ نَكَثَا بَيعَتَكَ ظُلماً وَ طَلَبَا مَا لَيسَ لَهُمَا وَ بلَغَنَيِ أَنّكَ تَعتَذِرُ مِن قَتلِ عُثمَانَ وَ تَتَبَرّأُ مِن دَمِهِ وَ تَزعُمُ أَنّهُ قُتِلَ وَ أَنتَ قَاعِدٌ فِي بَيتِكَ وَ أَنّكَ قَد قُلتَ حِينَ قُتِلَ أللّهُمّ لَم أَرضَ وَ لَم أُمَالِئ وَ قُلتَ لَهُ يَومَ الجَمَلِ حِينَ نَادَوا يَا لَثَارَاتِ عُثمَانَ قُلتَ كَبّت قَتَلَةُ عُثمَانَ اليَومَ لِوَجهِهِم إِلَي النّارِ أَ نَحنُ قَتَلنَاهُ إِنّمَا قَتَلَهُ هُمَا وَ صَاحِبَتُهُمَا وَ أَمَرُوا بِقَتلِهِ وَ أَنَا قَاعِدٌ فِي بيَتيِ وَ أَنَا ابنُ عَمّ عُثمَانَ وَ المُطَالِبُ بِدَمِهِ فَإِن كَانَ الأَمرُ كَمَا قُلتَ فَأَمكِنّا مِن قَتَلَةِ عُثمَانَ وَ ادفَعهُم إِلَينَا نَقتُلهُم بِابنِ عَمّنَا وَ نُبَايِعكَ وَ نُسَلّم إِلَيكَ الأَمرَ هَذِهِ وَاحِدَةٌ وَ أَمّا الثّانِيَةُ فَقَد أنَبأَتَنيِ عيُوُنيِ وَ أتَتَنيِ الكُتُبُ عَن أَولِيَاءِ عُثمَانَ مِمّن هُوَ مَعَكَ يُقَاتِلُ وَ تَحسَبُ أَنّهُ عَلَي رَأيِكَ وَ رَاضٍ بِأَمرِكَ وَ هَوَاهُ مَعَنَا وَ قَلبُهُ عِندَنَا وَ جَسَدُهُ مَعَكَ وأَنّكَ تُظهِرُ وَلَايَةَ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ تَتَرَحّمُ عَلَيهِمَا وَ تَكُفّ عَن عُثمَانَ وَ لَا تَذكُرُهُ وَ لَا تَتَرَحّمُ عَلَيهِ وَ لَا تَلعَنُهُ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي وَ لَا تَسُبّهُ وَ لَا تَتَبَرّأُ مِنهُ وَ بلَغَنَيِ أَنّكَ إِذَا خَلَوتَ بِبِطَانَتِكَ الخَبِيثَةِ وَ شِيعَتِكَ وَ خَاصّتِكَ الضّالّةِ المُغِيرَةِ الكَاذِبَةِ تَبَرّأتَ عِندَهُم مِن أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثمَانَ وَ لَعَنتَهُم وَ ادّعَيتَ أَنّكَ وصَيِّ رَسُولِ اللّهِ فِي أُمّتِهِ وَ خَلِيفَتُهُ فِيهِم وَ أَنّ اللّهَ تَعَالَي جَلّ اسمُهُ فَرَضَ عَلَي المُؤمِنِينَ طَاعَتَكَ وَ أَمَرَ بِوَلَايَتِكَ فِي كِتَابِهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِص وَ أَنّهُ أَمَرَ مُحَمّداً أَن يَقُومَ بِذَلِكَ فِي أُمّتِهِ وَ أَنّهُ أَنزَلَ عَلَيهِيا أَيّهَا الرّسُولُ بَلّغ ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبّكَ وَ إِن لَم تَفعَل فَما بَلّغتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النّاسِفَجَمَعَ قُرَيشاً وَ الأَنصَارَ وَ بنَيِ أُمَيّةَ بِغَدِيرِ خُمّ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي فَجَمَعَ أُمّتَهُ بِغَدِيرِ خُمّ فَبَلّغَ مَا أُمِرَ بِهِ فِيكَ عَنِ اللّهِ وَ أَمَرَ أَن يُبَلّغَ الشّاهِدُ الغَائِبَ وَ أَخبَرَهُم أَنّكَ أَولَي بِهِم مِن أَنفُسِهِم وَ أَنّكَ مِنهُ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي وَ بلَغَنَيِ أَنّكَ لَا تَخطُبُ خُطبَةً إِلّا قُلتَ قَبلَ أَن تَنزِلَ عَن مِنبَرِكَ وَ اللّهِ إنِيّ
صفحه : 143
لَأَولَي بِالنّاسِ وَ مَا زِلتُ مَظلُوماً مُنذُ قُبِضَ رَسُولُ اللّهِص وَ اللّهِ لَئِن كَانَ مَا بلَغَنَيِ عَنكَ حَقّاً فَلَظُلمُ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ إِيّاكَ أَعظَمُ مِن ظُلمِ عُثمَانَ لِأَنّهُ بلَغَنَيِ أَنّكَ تَقُولُ لَقَد قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ وَ نَحنُ شُهُودٌ فَانطَلَقَ عُمَرُ وَ بَايَعَ أَبَا بَكرٍ وَ مَا استَأمَرَكَ وَ لَا شَاوَرَكَ وَ لَقَد خَاصَمَ الرّجُلَانِ الأَنصَارَ بِحَقّكَ وَ حُجّتِكَ وَ قَرَابَتِكَ مِن رَسُولِ اللّهِص وَ لَو سَلّمَا لَكَ الأَمرَ وَ بَايَعَاكَ كَانَ عُثمَانُ أَسرَعَ النّاسِ إِلَي ذَلِكَ لِقَرَابَتِكَ مِنهُ وَ حَقّكَ عَلَيهِ لِأَنّهُ ابنُ عَمّكَ وَ ابنُ عَمّتِكَ ثُمّ عَمَدَ أَبُو بَكرٍ فَرَدّهَا إِلَي عُمَرَ عِندَ مَوتِهِ مَا شَاوَرَكَ وَ لَا استَأمَرَكَ حِينَ استَخلَفَهُ وَ بَايَعَ لَهُ ثُمّ جَعَلَكَ عُمَرُ فِي الشّورَي بَينَ سِتّةٍ مِنكُم وَ أَخرَجَ مِنهَا جَمِيعَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ وَ غَيرَهُم فَوَلّيتُمُ ابنَ عَوفٍ أَمرَكُم فِي اليَومِ الثّالِثِ حِينَ رَأَيتُمُ النّاسَ قَدِ اجتَمَعُوا وَ اختَرَطُوا سُيُوفَهُم وَ حَلَفُوا بِاللّهِ لَئِن غَابَتِ الشّمسُ وَ لَم تَختَارُوا أَحَدَكُم لَنَضرِبَنّ أَعنَاقَكُم وَ لَنُنفِذُ فِيكُم أَمرَ عُمَرَ وَ وَصِيّتَهُ فَوَلّيتُم أَمرَكُم ابنَ عَوفٍ فَبَايَعَ عُثمَانَ وَ بَايَعتُمُوهُ ثُمّ حُصِرَ عُثمَانُ فَاستَنصَرَكُم فَلَم تَنصُرُوهُ وَ دَعَاكُم فَلَم تُجِيبُوهُ وَ بَيعَتُهُ فِي أَعنَاقِكُم وَ أَنتُم يَا مَعشَرَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ حُضُورٌ شُهُودٌ فَخَلّيتُم بَينَهُ وَ بَينَ أَهلِ مِصرَ فَخَلّيتُم حَتّي قَتَلُوهُ وَ أَعَانَهُم طَوَائِفُ مِنكُم عَلَي قَتلِهِ وَ خَذَلَهُ عَامّتُكُم فَصِرتُم فِي أَمرِهِ بَينَ قَاتِلٍ وَ آمِرٍ وَ خَاذِلٍ ثُمّ بَايَعَكَ النّاسُ وَ أَنتَ أَحَقّ بِهَا منِيّ فأَمَكنِيّ مِن قَتَلَةِ عُثمَانَ حَتّي أَقتُلَهُم وَ أُسَلّمَ الأَمرَ لَكَ وَ أُبَايِعَكَ أَنَا وَ جَمِيعُ مَن قبِلَيِ مِن أَهلِ الشّامِ فَلَمّا قَرَأَ عَلِيّ ع كِتَابَ مُعَاوِيَةَ وَ بَلّغَهُ أَبُو الدّردَاءِ رِسَالَتَهُ وَ مَقَالَتَهُ قَالَ عَلِيّ ع لأِبَيِ الدّردَاءِ قَد أبَلغَتمُاَنيِ مَا أَرسَلَكُمَا بِهِ مُعَاوِيَةُ فَاسمَعَا منِيّ ثُمّ أَبلِغَاهُ عنَيّ وَ قُولَا لَهُ إِنّ عُثمَانَ بنَ عَفّانَ لَا يَعدُو أَن يَكُونَ أَحَدَ رَجُلَينِ إِمّا إِمَامَ هُدًي حَرَامَ
صفحه : 144
الدّمِ وَاجِبَ النّصرَةِ لَا تَحِلّ مَعصِيَتُهُ وَ لَا يَسَعُ الأُمّةَ خِذلَانُهُ أَو إِمَامَ ضَلَالَةٍ حَلَالَ الدّمِ لَا تَحِلّ وَلَايَتُهُ وَ لَا نُصرَتُهُ فَلَا يَخلُو مِن إِحدَي الخَصلَتَينِ وَ الوَاجِبُ فِي حُكمِ اللّهِ وَ حُكمِ الإِسلَامِ عَلَي المُسلِمِينَ بَعدَ مَا يَمُوتُ إِمَامُهُم أَو يُقتَلُ ضَالّا كَانَ أَو مُهتَدِياً مَظلُوماً كَانَ أَو ظَالِماً حَلَالَ الدّمِ أَو حَرَامَ الدّمِ أَن لَا يَعمَلُوا عَمَلًا وَ لَا يُحدِثُوا حَدَثاً وَ لَا يُقَدّمُوا يَداً وَ لَا رِجلًا وَ لَا يَبدَءُوا بشِيَءٍ قَبلَ أَن يَختَارُوا لِأَنفُسِهِم إِمَاماً يَجمَعُ أَمرَهُم عَفِيفاً عَالِماً وَرِعاً عَارِفاً بِالقَضَاءِ وَ السّنّةِ يَجمَعُ أَمرَهُم وَ يَحكُمُ بَينَهُم وَ يَأخُذُ لِلمَظلُومِ مِنَ الظّالِمِ وَ يَحفَظُ أَطرَافَهُم وَ يجَبيِ فَيئَهُم وَ يُقِيمُ حُجّتَهُم وَ جُمعَتَهُم وَ يجَبيِ صَدَقَاتِهِم ثُمّ يَحتَكِمُونَ إِلَيهِ فِي إِمَامِهِمُ المَقتُولِ ظُلماً لِيَحكُمَ بَينَهُم بِالحَقّ فَإِن كَانَ إِمَامُهُم قُتِلَ مَظلُوماً حَكَمَ لِأَولِيَائِهِ بِدَمِهِ وَ إِن كَانَ قُتِلَ ظَالِماً أُنظِرَ كَيفَ كَانَ الحُكمُ فِي هَذَا وَ إِنّ أَوّلَ مَا ينَبغَيِ لِلمُسلِمِينَ أَن يَفعَلُوهُ أَن يَختَارُوا إِمَاماً يَجمَعُ أَمرَهُم إِن كَانَتِ الخِيَرَةُ لَهُم وَ يُتَابِعُوهُ وَ يُطِيعُوهُ وَ إِن كَانَتِ الخِيَرَةُ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ إِلَي رَسُولِهِ فَإِنّ اللّهَ قَد كَفَاهُمُ النّظَرَ فِي ذَلِكَ وَ الِاختِيَارَ وَ رَسُولُ اللّهِص قَد رضَيَِ لَهُم إِمَاماً وَ أَمَرَهُم بِطَاعَتِهِ وَ اتّبَاعِهِ وَ قَد باَيعَنَيِ النّاسُ بَعدَ قَتلِ عُثمَانَ وَ باَيعَنَيِ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ بَعدَ مَا تَشَاوَرُوا بيِ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ وَ هُمُ الّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثمَانَ وَ عَقَدُوا إِمَامَتَهُم ولَيَِ بِذَلِكَ أَهلُ بَدرٍ وَ السّابِقَةُ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ غَيرَ أَنّهُم بَايَعُوهُم قَبلُ عَلَي غَيرِ مَشُورَةٍ مِنَ العَامّةِ وَ إِنّ بيَعتَيِ كَانَت بِمَشُورَةٍ مِنَ العَامّةِ فَإِن كَانَ اللّهُ جَلّ اسمُهُ جَعَلَ الِاختِيَارَ إِلَي الأُمّةِ وَ هُمُ الّذِينَ يَختَارُونَ وَ يَنظُرُونَ لِأَنفُسِهِم وَ اختِيَارُهُم لِأَنفُسِهِم وَ نَظَرُهُم لَهَا خَيرٌ لَهُم مِنِ اختِيَارِ اللّهِ وَ رَسُولِهِ لَهُم وَ كَانَ مَنِ اختَارُوهُ وَ بَايَعُوهُ بَيعَتُهُ بَيعَةُ هُدًي وَ كَانَ إِمَاماً وَاجِباً عَلَي النّاسِ طَاعَتُهُ وَ نُصرَتُهُ فَقَد تَشَاوَرُوا فِيّ وَ اختاَروُنيِ بِإِجمَاعٍ مِنهُم وَ إِن كَانَ اللّهُ جَلّ وَ عَزّ هُوَ ألّذِي يَختَارُ وَ لَهُ الخِيَرَةُ فَقَدِ اختاَرنَيِ لِلأُمّةِ وَ استخَلفَنَيِ عَلَيهِم وَ أَمَرَهُم بطِاَعتَيِ وَ نصُرتَيِ فِي كِتَابِهِ المُنزَلِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِص فَذَلِكَ أَقوَي بحِجُتّيِ وَ أَوجَبُ بحِقَيّ
صفحه : 145
وَ لَو أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ عَلَي عَهدِ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ أَ كَانَ لِمُعَاوِيَةَ قِتَالُهُمَا وَ الخُرُوجُ عَلَيهِمَا لِلطّلَبِ قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ وَ أَبُو الدّردَاءِ لَا قَالَ عَلِيّ ع فَكَذَلِكَ أَنَا فَإِن قَالَ مُعَاوِيَةُ نَعَم فَقُولَا لَهُ إِذَاً يَجُوزَ لِكُلّ مَن ظُلِمَ بِمَظلِمَةٍ أَو قُتِلَ لَهُ قتيلا[قَتِيلٌ] أَن يَشُقّ عَصَا المُسلِمِينَ وَ يُفَرّقَ جَمَاعَتَهُم وَ يَدعُوَ إِلَي نَفسِهِ مَعَ أَنّ وُلدَ عُثمَانَ أَولَي بِطَلَبِ دَمِ أَبِيهِم مِن مُعَاوِيَةَ قَالَ فَسَكَتَ أَبُو الدّردَاءِ وَ أَبُو هُرَيرَةَ وَ قَالَا قَد أَنصَفتَ مِن نَفسِكَ قَالَ عَلِيّ ع وَ لعَمَريِ لَقَد أنَصفَنَيِ مُعَاوِيَةُ إِن تَمّ عَلَي قَولِهِ وَ صَدّقَ مَا أعَطاَنيِ فَهَؤُلَاءِ بَنُو عُثمَانَ رِجَالٌ قَد أَدرَكُوا لَيسُوا بِأَطفَالٍ وَ لَا مَولَي عَلَيهِم فَليَأتُوا أَجمَعُ بَينَهُم وَ بَينَ قَتَلَةِ أَبِيهِم فَإِن عَجَزُوا عَن حُجّتِهِم فَليَشهَدُوا لِمُعَاوِيَةَ بِأَنّهُ وَلِيّهُم وَ وَكِيلُهُم فِي خُصُومَتِهِم وَ ليَقعُدُوا هُم وَ خُصَمَاؤُهُم بَينَ يدَيَّ مَقعَدَ الخُصُومِ إِلَي الإِمَامِ وَ الواَليِ الّذِينَ يُقِرّونَ بِحُكمِهِ وَ يُنفِذُونَ قَضَاءَهُ فَأَنظُرُ فِي حُجّتِهِم وَ حُجّةِ خُصَمَائِهِم فَإِن كَانَ أَبُوهُم قُتِلَ ظَالِماً وَ كَانَ حَلَالَ الدّمِ أَبطَلتُ دَمَهُ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي أَهدَرتُ دَمَهُ وَ إِن كَانَ أَبُوهُم قُتِلَ مَظلُوماً حَرَامَ الدّمِ أَقَدتُهُم مِن قَاتِلِ أَبِيهِم فَإِن شَاءُوا قَتَلُوا وَ إِن شَاءُوا عَفَوا وَ إِن شَاءُوا قَبِلُوا الدّيَةَ وَ هَؤُلَاءِ قَتَلَةُ عُثمَانَ فِي عسَكرَيِ يُقِرّونَ بِقَتلِهِ وَ يَرضَونَ بحِكُميِ عَلَيهِم فلَيأَتنِيِ وُلدُ عُثمَانَ وَ مُعَاوِيَةُ إِن كَانَ وَلِيّهُم وَ وَكِيلَهُم فَليُخَاصِمُوا قَتَلَتَهُ وَ ليُحَاكِمُوهُم حَتّي أَحكُمَ بَينَهُم بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِص وَ إِن كَانَ مُعَاوِيَةُ إِنّمَا يَتَجَنّي وَ يَطلُبُ الأَعَالِيلَ وَ الأَبَاطِيلَ فَليَتَجَنّ مَا بَدَا لَهُ فَسَوفَ يُعِينُ اللّهُ عَلَيهِ قَالَ أَبُو الدّردَاءِ وَ أَبُو هُرَيرَةَ قَد وَ اللّهِ أَنصَفتَ مِن نَفسِكَ وَ زِدتَ عَلَي النّصَفَةِ وَ أَزَحتَ عِلّتَهُ وَ قَطَعتَ حُجّتَهُ وَ جِئتَ بِحُجّةٍ قَوِيّةٍ صَادِقَةٍ مَا عَلَيهَا لَونٌ ثُمّ خَرَجَ أَبُو هُرَيرَةَ وَ أَبُو الدّردَاءِ فَإِذَا نَحوٌ مِن عِشرِينَ أَلفَ رَجُلٍ مُقَنّعِينَ فِي الحَدِيدِ فَقَالُوا نَحنُ قَتَلَةُ عُثمَانَ مُقِرّونَ رَاضُونَ بِحُكمِ عَلِيّ ع عَلَينَا وَ لَنَا فَليَأتِنَا أَولِيَاءُ عُثمَانَ فَليُحَاكِمُونَا إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فِي دَمِ أَبِيهِم وَ إِن وَجَبَ عَلَينَا القَوَدُ أَوِ الدّيَةُ اصطَبَرنَا لِحُكمِهِ وَ سَلّمنَا فَقَالَا قَد
صفحه : 146
أَنصَفتُم وَ لَا يَحِلّ لعِلَيِّ ع دَفعُكُم وَ لَا قَتلُكُم حَتّي يُحَاكِمُوكُم إِلَيهِ فَيَحكُمَ بَينَكُم وَ بَينَ أَصحَابِكُم بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِص وَ انطَلَقَ أَبُو الدّردَاءِ وَ أَبُو هُرَيرَةَ حَتّي قَدِمَا عَلَي مُعَاوِيَةَ فَأَخبَرَاهُ بِمَا قَالَ عَلِيّ ع وَ مَا قَالَ قَتَلَةُ عُثمَانَ وَ مَا قَالَ أَبُو النّعمَانِ بنُ صمان فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَمَا رَدّ عَلَيكُمَا فِي تَرَحّمِهِ عَلَي أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ كَفّهِ عَنِ التّرَحّمِ عَلَي عُثمَانَ وَ بَرَاءَتِهِ مِنهُ فِي السّرّ وَ مَا يدَعّيِ مِنِ استِخلَافِ رَسُولِ اللّهِص إِيّاهُ وَ أَنّهُ لَم يَزَل مَظلُوماً مُنذُ قُبِضَ رَسُولُ اللّهِص قَالَا بَلَي قَد تَرَحّمَ عَلَي أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثمَانَ عِندَنَا وَ نَحنُ نَسمَعُ ثُمّ قَالَ لَنَا فَمَا يَقُولُ إِن كَانَ اللّهُ جَعَلَ الخِيَارَ إِلَي الأُمّةِ فَكَانُوا هُمُ الّذِينَ يَختَارُونَ وَ يَنظُرُونَ لِأَنفُسِهِم وَ كَانَ اختِيَارُهُم لِأَنفُسِهِم وَ نَظَرُهُم لَهَا خَيراً لَهُم وَ أَرشَدَ مِنِ اختِيَارِ اللّهِ وَ اختِيَارِ رَسُولِ اللّهِص فَقَدِ اختاَروُنيِ وَ باَيعَوُنيِ فبَيَعتَيِ بَيعَةُ هُدًي وَ أَنَا إِمَامٌ وَاجِبٌ عَلَي النّاسِ نصُرتَيِ لِأَنّهُم قَد تَشَاوَرُوا فِيّ وَ اختاَروُنيِ وَ إِن كَانَ اختِيَارُ اللّهِ وَ اختِيَارُ رَسُولِهِ خَيراً لَهُم وَ أَرشَدَ مِنِ اختِيَارِهِم لِأَنفُسِهِم وَ نَظَرِهِم لَهَا فَقَدِ اختاَرنَيِ اللّهُ وَ رَسُولُهُ لِلأُمّةِ وَ استخَلفَاَنيِ عَلَيهِم وَ أَمَرَاهُم بنِصُرتَيِ وَ طاَعتَيِ فِي كِتَابِ اللّهِ المُنزَلِ عَلَي لِسَانِ نَبِيّهِ المُرسَلِ وَ ذَلِكَ أَقوَي بحِجُتّيِ وَ أَوجَبُ لحِقَيّ ثُمّ صَعِدَ المِنبَرَ فِي عَسكَرِهِ وَ جَمَعَ النّاسَ وَ مَن بِحَضرَتِهِ مِنَ النوّاَحيِ وَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارَ ثُمّ حَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ مَعَاشِرَ النّاسِ إِنّ منَاَقبِيِ أَكثَرُ مِن أَن تُحصَي وَ بَعدَ مَا أَنزَلَ اللّهُ فِي كِتَابِهِ مِن ذَلِكَ وَ مَا قَالَ رَسُولُ اللّهِ إنِيّ سَأُنَبّئُكُم عَن خِصَالٍ سَبعَةٍ قَالَهَا رَسُولُ اللّهِ أكَتفَيِ بِهَا مِن جَمِيعِ منَاَقبِيِ وَ فضَليِ أَ تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ فَضّلَ فِي كِتَابِهِ النّاطِقِ السّابِقَ إِلَي الإِسلَامِ فِي غَيرِ آيَةٍ مِن كِتَابِهِ عَلَي المَسبُوقِ وَ أَنّهُ لَم يسَبقِنيِ إِلَي اللّهِ وَ رَسُولِهِ أَحَدٌ مِنَ الأُمّةِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم
صفحه : 147
قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ أَ تَعلَمُونَ مَا سُئِلَ رَسُولُ اللّهِص عَن قَولِهِالسّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ المُقَرّبُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنزَلَهَا اللّهُ فِي الأَنبِيَاءِ وَ أَوصِيَائِهِم وَ أَنَا أَفضَلُ أَنبِيَاءِ اللّهِ وَ رُسُلِهِ وَ وصَيِيّ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع أَفضَلُ الأَوصِيَاءِ فَقَامَ نَحوٌ مِن سَبعِينَ بَدرِيّاً جُلّهُم مِنَ الأَنصَارِ وَ بَقِيّتُهُم مِنَ المُهَاجِرِينَ مِنهُم أَبُو الهَيثَمِ بنُ التّيّهَانِ وَ خَالِدُ بنُ زَيدٍ أَبُو أَيّوبَ الأنَصاَريِّ وَ فِي المُهَاجِرِينَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ فَقَالُوا نَشهَدُ أَنّا قَد سَمِعنَا رَسُولَ اللّهِص قَالَ ذَلِكَ قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ فِي قَولِ اللّهِيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرّسُولَ وَ أوُليِ الأَمرِ مِنكُم وَ قَولِهِإِنّما وَلِيّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاةَ وَ يُؤتُونَ الزّكاةَ وَ هُم راكِعُونَالآيَةَ ثُمّ قَالَوَ لَم يَتّخِذُوا مِن دُونِ اللّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا المُؤمِنِينَ وَلِيجَةً فَقَالَ النّاسُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ خَاصّ لِبَعضِ المُؤمِنِينَ أَم عَامّ لِجَمِيعِهِم فَأَمَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ رَسُولَهُ أَن يُعَلّمَهُم وَ أَن يُفَسّرَ لَهُم مِنَ الوَلَايَةِ مَا فَسّرَ لَهُم مِن صَلَاتِهِم وَ صِيَامِهِم وَ زَكَاتِهِم وَ حَجّهِم فنَصَبَنَيِ لِلنّاسِ بِغَدِيرِ خُمّ وَ قَالَ إِنّ اللّهَ أرَسلَنَيِ بِرِسَالَةٍ ضَاقَ بِهَا صدَريِ وَ ظَنَنتُ أَنّ النّاسَ مكُذَبّيِ بِهَا فأَوَعدَنَيِ لَأُبَلّغَنّهَا أَو يعُذَبّنَيِ قُم يَا عَلِيّ ثُمّ نَادَي بِأَعلَي صَوتِهِ بَعدَ أَن أَمَرَ بِلَالًا أَن ينُاَديَِ بِالصّلَاةِ جَامِعَةً فَصَلّي بِهِمُ الظّهرَ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ موَلاَيَ وَ أَنَا مَولَي المُؤمِنِينَ وَ أَنَا أَولَي بِهِم مِن أَنفُسِهِم مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ وَ انصُر
صفحه : 148
مَن نَصَرَهُ وَ اخذُل مَن خَذَلَهُ فَقَامَ إِلَيهِ سَلمَانُ الفاَرسِيِّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَلَاؤُهُ فِيمَا ذَا فَقَالَ وَلَاؤُهُ كوَلَاَيتَيِ مَن كُنتُ أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ فعَلَيِّ أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ وَ أَنزَلَ اللّهُاليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَ أَتمَمتُ عَلَيكُم نعِمتَيِ وَ رَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِيناً فَقَالَ سَلمَانُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ نَزَلَت هَذِهِ الآيَاتُ فِي عَلِيّ خَاصّةً فَقَالَ فِيهِ وَ فِي أوَصيِاَئيِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَقَالَ سَلمَانُ يَا رَسُولَ اللّهِص بَيّنهُم لَنَا فَقَالَ عَلِيّ ع أخَيِ وَ وزَيِريِ وَ وصَيِيّ وَ صنِويِ وَ واَرثِيِ وَ خلَيِفتَيِ فِي أمُتّيِ وَ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ بعَديِ وَ أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً مِن وُلدِهِ الحَسَنُ ثُمّ الحُسَينُ ع ثُمّ تِسعَةٌ مِن وُلدِ الحُسَينِ ع وَاحِدٌ بَعدَ وَاحِدٍ القُرآنُ مَعَهُم وَ هُم مَعَ القُرآنِ لَا يُفَارِقُونَهُ حَتّي يَرِدُوا عَلَيّ الحَوضَ فَقَامَ اثنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ البَدرِيّيّنَ فَقَالُوا نَشهَدُ أَنّا سَمِعنَا ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِص كَمَا قُلتَ سَوَاءً لَم تَزِد حَرفاً وَ لَم تَنقُص حَرفاً وَ قَالَ بَقِيّةُ السّبعِينَ قَد سَمِعنَا ذَلِكَ وَ لَم نَحفَظهُ كُلّهُ وَ هَؤُلَاءِ الِاثنَا عَشَرَ خِيَارُنَا وَ أَفضَلُنَا فَقَالَ صَدَقتُم لَيسَ كُلّ النّاسِ يَحفَظُ بَعضُهُم أَحفَظُ مِن بَعضٍ فَقَامَ مِنَ الاِثنيَ عَشَرَ أَربَعَةٌ أَبُو الهَيثَمِ بنُ التّيّهَانِ وَ أَبُو أَيّوبَ وَ عَمّارٌ وَ خُزَيمَةُ بنُ ثَابِتٍ ذُو الشّهَادَتَينِ فَقَالُوا نَشهَدُ أَنّا قَد سَمِعنَا قَولَ رَسُولِ اللّهِص وَ حَفِظنَا أَنّهُ قَالَ يَومَئِذٍ وَ هُوَ قَائِمٌ وَ عَلِيّ ع قَائِمٌ إِلَي جَانِبِهِ أَيّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ أَن أَنصِبَ لَكُم إِمَاماً يَكُونُ وصَيِيّ فِيكُم وَ خلَيِفتَيِ فِي أمُتّيِ وَ فِي أَهلِ بيَتيِ مِن بعَديِ وَ ألّذِي فَرَضَ اللّهُ عَلَي المُؤمِنِينَ فِي كِتَابِهِ طَاعَتَهُ وَ أَمَرَكُم فِيهِ بِوَلَايَتِهِ فَرَاجَعتُ ربَيّ خَشيَةَ طَعنِ أَهلِ النّفَاقِ وَ تَكذِيبِهِم فأَوَعدَنَيِ لَأُبَلّغُهَا أَو ليَعُذَبّنُيِ أَيّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ أَمَرَكُم فِي كِتَابِهِ بِالصّلَاةِ وَ قَد بَيّنتُهَا لَكُم وَ سَنَنتُهَا وَ الزّكَاةِ وَ الصّومِ وَ الحَجّ فَبَيّنتُهَا وَ فَسّرتُهَا لَكُم وَ أَمَرَكُم فِي كِتَابِهِ بِالوَلَايَةِ وَ إنِيّ أُشهِدُكُم أَيّهَا النّاسُ أَنّهَا خَاصّةٌ لعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ الأَوصِيَاءِ مِن ولُديِ وَ وُلدِ أخَيِ وَ وصَيِيّ عَلِيّ أَوّلُهُم ثُمّ الحَسَنُ ثُمّ الحُسَينُ ثُمّ تِسعَةٌ مِن وُلدِ الحُسَينِ ع
صفحه : 149
لَا يُفَارِقُونَ الكِتَابَ حَتّي يَرِدُوا عَلَيّ الحَوضَ أَيّهَا النّاسُ إنِيّ قَد أَعلَمتُكُم مَفزَعَكُم وَ إِمَامَكُم بعَديِ وَ دَلِيلَكُم وَ هَادِيَكُم وَ هُوَ أخَيِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هُوَ فِيكُم بمِنَزلِتَيِ فَقَلّدُوهُ دِينَكُم وَ أَطِيعُوهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِكُم فَإِنّ عِندَهُ جَمِيعَ مَا علَمّنَيِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَ أمَرَنَيِ اللّهُ أَن أُعَلّمَهُ إِيّاكُم وَ أُعَلّمَكُم أَنّهُ عِندَهُ فَاسأَلُوهُ وَ تَعَلّمُوا مِنهُ وَ مِن أَوصِيَائِهِ بَعدَهُ وَ لَا تُعَلّمُوهُم وَ لَا تَتَقَدّمُوهُم وَ لَا تَتَخَلّفُوا عَنهُم فَإِنّهُم مَعَ الحَقّ وَ الحَقّ مَعَهُم لَا يُزَايِلُونَهُ وَ لَا يُزَايِلُهُم ثُمّ قَالَ عَلِيّ ع لأِبَيِ الدّردَاءِ وَ أَبِي هُرَيرَةَ وَ مَن حَولَهُ يَا أَيّهَا النّاسُ أَ تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَنزَلَ فِي كِتَابِهِإِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهّرَكُم تَطهِيراًفجَمَعَنَيِ رَسُولُ[ اللّهِ]ص وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ فِي كِسَاءٍ وَ قَالَ أللّهُمّ هَؤُلَاءِ[أحَبِتّيِ] وَ عتِرتَيِ وَ حاَمتّيِ وَ أَهلُ بيَتيِ فَأَذهِب عَنهُمُ الرّجسَ وَ طَهّرهُم تَطهِيراً فَقَالَت أُمّ سَلَمَةَ وَ أَنَا فَقَالَ إِنّكِ إِلَي خَيرٍ وَ إِنّمَا أُنزِلَت فِيّ وَ فِي أخَيِ عَلِيّ وَ ابنتَيِ فَاطِمَةَ وَ ابنيَّ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم خَاصّةً لَيسَ مَعَنَا غَيرُنَا وَ فِي تِسعَةٍ مِن وُلدِ الحُسَينِ مِن بعَديِ فَقَامَ كُلّهُم فَقَالُوا نَشهَدُ أَنّ أُمّ سَلَمَةَ حَدّثَتنَا بِذَلِكَ فَسَأَلنَا عَن ذَلِكَ رَسُولَ اللّهِص فَحَدّثَنَا بِهِ كَمَا حَدّثَتنَا أُمّ سَلَمَةَ ثُمّ قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ هَل تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ جَلّ اسمُهُ أَنزَلَيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ فَقَالَ سَلمَانُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ عَامّةٌ أَم خَاصّةٌ فَقَالَ أَمّا المَأمُورُونَ فَعَامّةٌ لِأَنّ جَمَاعَةَ المُؤمِنِينَ أُمِرُوا بِذَلِكَ وَ أَمّا الصّادِقُونَ فَخَاصّةٌ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ أوَصيِاَئيِ مِن بَعدِهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ قُلتُ لِرَسُولِ اللّهِص فِي غَزوَةِ تَبُوكَ يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَ خلَفّتنَيِ فَقَالَ إِنّ المَدِينَةَ لَا تَصلُحُ إِلّا بيِ أَو بِكَ وَ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي إِلّا النّبُوّةَ فَإِنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ
صفحه : 150
فَقَامَ رِجَالٌ مِمّن مَعَهُ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ فَقَالُوا نَشهَدُ أَنّا سَمِعنَا ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِص فِي غَزوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ أَنزَلَ فِي سُورَةِ الحَجّيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَ اسجُدُوا وَ اعبُدُوا رَبّكُم إِلَي آخِرِ السّورَةِ فَقَامَ سَلمَانُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ مَن هَؤُلَاءِ الّذِينَ أَنتَ عَلَيهِم شَهِيدٌ وَ هُم شُهَدَاءُ عَلَي النّاسِ الّذِينَ اجتَبَاهُمُ اللّهُ وَ مَا جَعَلَ عَلَيهِم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ مِلّةَ أَبِيهِم اِبرَاهِيمَ قَالَ عَنَي بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إِنسَاناً أَنَا وَ أخَيِ وَ أَحَدَ عَشَرَ مِن ولُديِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَامَ خَطِيباً وَ لَم يَخطُب بَعدَهَا وَ قَالَ إنِيّ قَد تَرَكتُ فِيكُم أَيّهَا النّاسُ أَمرَينِ لَن تَضِلّوا مَا تَمَسّكتُم بِهِمَا كِتَابَ اللّهِ وَ أَهلَ بيَتيِ فَإِنّهُ قَد عَهِدَ إلِيَّ اللّطِيفُ الخَبِيرُ أَنّهُمَا لَن يَفتَرِقَا حَتّي يَرِدَا عَلَيّ الحَوضَ فَقَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَد شَهِدنَا ذَلِكَ كُلّهُ فَقَالَ حسَبيَِ اللّهُ فَقَامَ الِاثنَا عَشَرَ فَقَالُوا نَشهَدُ أَنّ رَسُولَ اللّهِص حِينَ خَطَبَ فِي اليَومِ ألّذِي قُبِضَ فِيهِ قَامَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ شِبهَ المُغضَبِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ كُلّ أَهلِ بَيتِكَ فَقَالَ لَا وَ لَكِن أوَصيِاَئيِ مِنهُم عَلِيّ أخَيِ وَ وزَيِريِ وَ واَرثِيِ وَ خلَيِفتَيِ فِي أمُتّيِ وَ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ بعَديِ هَذَا أَوّلُهُم وَ آخِرُهُم ثُمّ وصَيِيّ ابنيِ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَي الحَسَنِ ثُمّ وَصِيّهُ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَي الحُسَينِ ثُمّ وصَيِيّ ابنيِ وَ سمَيِّ أخَيِ ثُمّ وَصِيّهُ سمَيِيّ ثُمّ سَبعَةٌ مِن وُلدِهِ وَاحِدٌ بَعدَ وَاحِدٍ حَتّي يَرِدُوا عَلَيّ الحَوضَ شُهَدَاءَ لِلّهِ فِي أَرضِهِ وَ حُجَجَهُ عَلَي خَلقِهِ مَن أَطَاعَهُم أَطَاعَ اللّهَ وَ مَن عَصَاهُم عَصَي اللّهَ فَقَامَ السّبعُونَ البَدرِيّونَ وَ نَحوُهُم مِنَ الآخَرِينَ فَقَالُوا أَدرَكنَا وَ مَا كُنّا نَسِينَا نَشهَدُ أَنّا قَد سَمِعنَا ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِ
صفحه : 151
فَلَم يَدَع ع شَيئاً إِلّا نَاشَدَهُم فِيهِ حَتّي أَتَي عَلَي آخِرِ مَنَاقِبِهِ وَ مَا قَالَ رَسُولُ اللّهِص فِيهِ كُلّ ذَلِكَ يُصَدّقُونَهُ وَ يَشهَدُونَ أَنّهُ حَقّ فَلَمّا حَدّثَ أَبُو الدّردَاءِ وَ أَبُو هُرَيرَةَ مُعَاوِيَةَ بِكُلّ ذَلِكَ وَ بِمَا رَدّ عَلَيهِ النّاسُ وَجَمَ مِن ذَلِكَ وَ قَالَ يَا أَبَا الدّردَاءِ وَ يَا أَبَا هُرَيرَةَ لَئِن كَانَ مَا تحُدَثّاَنيّ عَنهُ حَقّاً لَقَد هَلَكَ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ غَيرَهُ وَ غَيرَ أَهلِ بَيتِهِ وَ شِيعَتِهِ ثُمّ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع لَئِن كَانَ مَا قُلتَ وَ ادّعَيتَ وَ استَشهَدتَ عَلَيهِ أَصحَابَكَ حَقّاً لَقَد هَلَكَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثمَانُ وَ جَمِيعُ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ غَيرَكَ وَ غَيرَ أَهلِ بَيتِكَ وَ شِيعَتِكَ وَ قَد بلَغَنَيِ تَرَحّمُكَ عَلَيهِم وَ استِغفَارُكَ لَهُم وَ إِنّهُم لَعَلَي وَجهَينِ مَا لَهَا ثَالِثٌ إِمّا تَقِيّةٌ إِن أَنتَ تَبَرّأتَ مِنهُم خِفتَ أَن يَتَفَرّقَ عَنكَ أَهلُ عَسكَرِكَ الّذِينَ تقُاَتلِنُيِ بِهِم وَ إِن كَانَ ألّذِي ادّعَيتَ بَاطِلًا وَ كَذِباً فَقَد جاَءنَيِ بَعضُ مَن تَثِقُ بِهِ مِن خَاصّتِكَ بِأَنّكَ تَقُولُ لِشِيعَتِكَ وَ بِطَانَتِكَ بِطَانَةِ السّوءِ إنِيّ قَد سَمّيتُ ثَلَاثَةً مِن بنَيِّ أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثمَانَ فَإِذَا سمَعِتمُوُنيِ أَتَرَحّمُ عَلَي أَحَدٍ مِن أَئِمّةِ الضّلَالَةِ فَإِنّمَا أعَنيِ بِذَلِكَ بنَيِّ وَ الدّلِيلُ عَلَي ذَلِكَ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي عَلَي صِدقِ مَا أتَوَنيِ بِهِ وَ رَقّوهُ إلِيَّ أَن قَد رَأَينَاكَ بِأَعيُنِنَا فَلَا نَحتَاجُ أَن نَسأَلَ عَن ذَلِكَ غَيرَنَا وَ إِلّا فَلِمَ حَمَلتَ امرَأَتَكَ فَاطِمَةَ عَلَي حِمَارٍ وَ أَخَذتَ بِيَدِ ابنَيكَ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ إِذ بُويِعَ أَبُو بَكرٍ فَلَم تَدَع أَحَداً مِن أَهلِ بَدرٍ وَ السّابِقَةِ إِلّا وَ قَد دَعَوتَهُم وَ استَنفَرتَهُم عَلَيهِ فَلَم تَجِد مِنهُم إِنسَاناً غَيرَ أَربَعَةٍ سَلمَانُ وَ أَبُو ذَرّ وَ المِقدَادُ وَ الزّبَيرُ لعَمَريِ لَو كُنتَ مُحِقّاً لَأَجَابُوكَ وَ سَاعَدُوكَ وَ نَصَرُوكَ وَ لَكِنِ ادّعَيتَ بَاطِلًا وَ مَا لَا يُقِرّونَ بِهِ وَ سَمِعَتكَ أذُنُاَيَ وَ أَنتَ تَقُولُ لأِبَيِ سُفيَانَ حِينَ قَالَ لَكَ غَلَبَكَ عَلَيهِ أَذَلّ أَحيَاءِ قُرَيشٍ تَيمٌ وَ عدَيِّ وَ دَعَاكَ إِلَي أَن يَنصُرَكَ فَقُلتَ لَو وَجَدتُ أَعوَاناً أَربَعِينَ رَجُلًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ مِن أَهلِ السّابِقَةِ لَنَاهَضتُ الرّجُلَ فَإِنّا لَم نَجِد غَيرَ أَربَعَةِ رَهطٍ بَايَعَت مُكرَهاً قَالَ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَمّا بَعدُ فَقَد قَرَأتُ كِتَابَكَ فَكَثُرَ مَا يعُجبِنُيِ مِمّا خَطّت فِيهِ يَدُكَ وَ أَطنَبتَ
صفحه : 152
فِيهِ مِن كَلَامِكَ وَ مِنَ البَلَاءِ العَظِيمِ وَ الخَطبِ الجَلِيلِ عَلَي هَذِهِ الأُمّةِ أَن يَكُونَ مِثلُكَ يَتَكَلّمُ أَو يَنظُرُ فِي عَامّةِ أَمرِهِم أَو خَاصّتِهِ وَ أَنتَ مَن تَعلَمُ وَ ابنُ مَن قَد عَلِمتَ وَ أَنَا مَن قَد عَلِمتَ وَ ابنُ مَن تَعلَمُ وَ سَأُجِيبُكَ فِيمَا قَد كَتَبتَ بِجَوَابٍ لَا أَظُنّكَ تَعقِلُهُ أَنتَ وَ لَا وَزِيرُكَ ابنُ النّابِغَةِ عَمرٌو المُوَافِقُ لَكَ كَمَا وَافَقَ شَنّ طَبَقَةَ[طَبَقَه]فَإِنّهُ هُوَ ألّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا الكِتَابِ وَ زَيّنَهُ لَكَ أَو حَضَرَكُمَا فِيهِ إِبلِيسُ وَ مَرَدَةُ أَصحَابِهِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي وَ مَرَدَةُ أَبَالِسَتِهِ وَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص قَد كَانَ خبَرّنَيِ أَنّهُ رَأَي عَلَي مِنبَرِهِ اثنيَ عَشَرَ رَجُلًا أَئِمّةَ ضَلَالَةٍ مِن قُرَيشٍ يَصعَدُونَ عَلَي مِنبَرِ رَسُولِ اللّهِص وَ يَنزِلُونَ عَلَي صُورَةِ القُرُودِ يَرُدّونَ أُمّتَهُ عَلَي أَدبَارِهِم عَنِ الصّرَاطِ المُستَقِيمِ أللّهُمّ وَ قَد خبَرّنَيِ بِأَسمَائِهِم رَجُلًا رَجُلًا وَ كَم يَملِكُ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم وَاحِدٌ بَعدَ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ مِنهُم مِن بنَيِ أُمَيّةَ وَ رَجُلَينِ مِن حَيّينِ مُختَلِفَينِ مِن قُرَيشٍ عَلَيهِمَا مِثلُ أَوزَارِ الأُمّةِ جَمِيعاً إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ مِثلُ جَمِيعِ عَذَابِهِم فَلَيسَ دَمٌ يُهَرَاقُ فِي غَيرِ حَقّهِ وَ لَا فَرجٌ يُغشَي وَ لَا حُكمٌ بِغَيرِ حَقّ إِلّا كَانَ عَلَيهِمَا وِزرُهُ وَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّ بنَيِ أَبِي العَاصِ إِذَا بَلَغُوا ثَلَاثِينَ رَجُلًا جَعَلُوا كِتَابَ اللّهِ دَخَلًا وَ عِبَادَ اللّهِ خَوَلًا وَ مَالَ اللّهِ دُوَلًا وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا أخَيِ إِنّكَ لَستَ كمَثِليِ إِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ أَن أَصدَعَ بِالحَقّ وَ أخَبرَنَيِ أَنّهُ يعَصمِنُيِ
صفحه : 153
مِنَ النّاسِ فأَمَرَنَيِ أَن أُجَاهِدَ وَ لَو بنِفَسيِ فَقَالَفَقاتِل فِي سَبِيلِ اللّهِ لا تُكَلّفُ إِلّا نَفسَكَ وَ قَالَحَرّضِ المُؤمِنِينَ عَلَي القِتالِ وَ قَد مَكَثتُ بِمَكّةَ مَا مَكَثتُ لَم أُومَر بِقِتَالٍ ثُمّ أمَرَنَيِ بِالقِتَالِ لِأَنّهُ لَا يُعرَفُ الدّينُ إِلّا بيِ وَ لَا الشّرَائِعُ وَ لَا السّنَنُ وَ الأَحكَامُ وَ الحُدُودُ وَ الحَلَالُ وَ الحَرَامُ وَ إِنّ النّاسَ يَدَعُونَ بعَديِ مَا أَمَرَهُمُ اللّهُ بِهِ وَ مَا أَمَرَهُم فِيكَ مِن وَلَايَتِكَ وَ مَا أَظهَرتُ مِن مَحَبّتِكَ مُتَعَمّدِينَ غَيرَ جَاهِلِينَ مُخَالِفَةً لِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيكَ فَإِن وَجَدتَ أَعوَاناً عَلَيهِم فَجَاهِدهُم فَإِن لَم تَجِد أَعوَاناً فَاكفُف يَدَكَ وَ احقِن دَمَكَ فَإِنّكَ إِن نَابَذتَهُم قَتَلُوكَ وَ إِن تَابَعُوكَ وَ أَطَاعُوكَ فَاحمِلهُم عَلَي الحَقّ وَ إِلّا فَادعُ النّاسَ فَإِنِ استَجَابُوا لَكَ وَ وَازَرُوكَ فَنَابِذهُم وَ جَاهِدهُم وَ إِن لَم تَجِد أَعوَاناً فَاكفُف يَدَكَ وَ احقِن دَمَكَ وَ اعلَم أَنّكَ إِن دَعَوتَهُم لَم يَستَجِيبُوا لَكَ فَلَا تَدَعَنّ عَن أَن تَجعَلَ الحُجّةَ عَلَيهِم إِنّكَ يَا أخَيِ لَستَ مثِليِ إنِيّ قَد أَقَمتُ حُجّتَكَ وَ أَظهَرتُ لَهُم مَا أَنزَلَ اللّهُ فِيكَ وَ إِنّهُ لَم يُعلَم أنَيّ رَسُولُ اللّهِ وَ أَنّ حقَيّ وَ طاَعتَيِ وَاجِبَانِ حَتّي أَظهَرتُ ذَلِكَ وَ أَمّا أَنتَ فإَنِيّ كُنتُ قَد أَظهَرتُ حُجّتَكَ وَ قُمتُ بِأَمرِكَ فَإِن سَكَتّ عَنهُم لَم تَأثَم غَيرَ أَنّهُ أُحِبّ أَن تَدعُوَهُم وَ إِن لَم يَستَجِيبُوا لَكَ وَ لَم يَقبَلُوا مِنكَ وَ تَظَاهَرَت عَلَيكَ ظَلَمَةُ قُرَيشٍ فَدَعهُم فإَنِيّ أَخَافُ عَلَيكَ إِن نَاهَضتَ القَومَ وَ نَابَذتَهُم وَ جَاهَدتَهُم مِن غَيرِ أَن يَكُونَ مَعَكَ فِئَةٌ تَقوَي بِهِم أَن يَقتُلُوكَ وَ التّقِيّةُ مِن دِينِ اللّهِ وَ لَا دِينَ لِمَن لَا تَقِيّةَ لَهُ وَ إِنّ اللّهَ قَضَي الِاختِلَافَ وَ الفُرقَةَ عَلَي هَذِهِ الأُمّةِ وَ لَو شَاءَ لَجَمَعَهُم عَلَي الهُدَي وَ لَم يَختَلِف اثنَانِ مِنهَا وَ لَا مِن خَلقِهِ وَ لَم يُتَنَازَع فِي شَيءٍ مِن أَمرِهِ وَ لَم يَجحَدِ المَفضُولُ ذَا الفَضلِ فَضلَهُ وَ لَو شَاءَ عَجّلَ مِنهُ النّقِمَةَ وَ كَانَ مِنهُ التّغيِيرُ حِينَ يُكَذّبُ الظّالِمُ وَ يَعلَمُ الحَقّ أَينَ مَصِيرُهُ وَ اللّهُ جَعَلَ الدّنيَا دَارَ الأَعمَالِ وَ جَعَلَ الآخِرَةَ دَارَ الثّوَابِ وَ العِقَابِليِجَزيَِ الّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يجَزيَِ الّذِينَ أَحسَنُوا بِالحُسنَيفَقُلتُ شُكراً لِلّهِ عَلَي نَعمَائِهِ وَ صَبراً عَلَي بَلَائِهِ وَ تَسلِيماً وَ رِضًي بِقَضَائِهِ ثُمّ قَالَ يَا أخَيِ أَبشِر فَإِنّ حَيَاتَكَ وَ مَوتَكَ معَيِ وَ أَنتَ أخَيِ وَ أَنتَ
صفحه : 154
وصَيِيّ وَ أَنتَ وزَيِريِ وَ أَنتَ واَرثِيِ وَ أَنتَ تُقَاتِلُ عَلَي سنُتّيِ وَ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ إِذِ استَضعَفَهُ أَهلُهُ وَ تَظَاهَرُوا عَلَيهِ وَ كَادُوا يَقتُلُونَهُ فَاصبِر لِظُلمِ قُرَيشٍ إِيّاكَ وَ تَظَاهُرِهِم عَلَيكَ فَإِنّهَا ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ قَومٍ لَهُم أَحقَادُ بَدرٍ وَ تُرَاثُ أُحُدٍ وَ إِنّ مُوسَي أَمَرَ هَارُونَ حِينَ استَخلَفَهُ فِي قَومِهِ إِن ضَلّوا فَوَجَدَ أَعوَاناً أَن يُجَاهِدَهُم بِهِم فَإِن لَم يَجِد أَعوَاناً أَن يَكُفّ يَدَهُ وَ يَحقِنَ دَمَهُ وَ لَا يُفَرّقَ بَينَهُم فَافعَل أَنتَ كَذَلِكَ إِن وَجَدتَ عَلَيهِم أَعوَاناً فَجَاهِدهُم وَ إِن لَم تَجِد أَعوَاناً فَاكفُف يَدَكَ وَ احقِن دَمَكَ فَإِنّكَ إِن نَابَذتَهُم قَتَلُوكَ وَ اعلَم أَنّكَ إِن لَم تَكُفّ يَدَكَ وَ تَحقِن دَمَكَ إِذَن لَم تَجِد أَعوَاناً تَخَوّفتُ عَلَيكَ أَن يَرجِعَ النّاسُ إِلَي عِبَادَةِ الأَصنَامِ وَ الجُحُودِ بأِنَيّ رَسُولُ اللّهِ فَاستَظهِر بِالحُجّةِ عَلَيهِم وَ دَعهُم لِيَهلِكَ النّاصِبُونَ لَكَ وَ البَاغُونَ عَلَيكَ وَ يَسلَمَ العَامّةُ وَ الخَاصّةُ فَإِذَا وَجَدتَ يَوماً أَعوَاناً عَلَي إِقَامَةِ كِتَابِ اللّهِ وَ السّنّةِ فَقَاتِل عَلَي تَأوِيلِ القُرآنِ كَمَا قَاتَلتَ عَلَي تَنزِيلِهِ فَإِنّمَا يَهلِكُ مِنَ الأُمّةِ مَن نَصَبَ لَكَ أَو لِأَحَدٍ مِن أَوصِيَائِكَ وَ عَادَي وَ جَحَدَ وَ دَانَ بِخِلَافِ مَا أَنتُم عَلَيهِ وَ لعَمَريِ يَا مُعَاوِيَةُ لَو تَرَحّمتُ عَلَيكَ وَ عَلَي طَلحَةَ وَ الزّبَيرِ كَانَ ترَحَمّيِ عَلَيكُم وَ استغِفاَريِ لَكُم لَعنَةً عَلَيكُم وَ عَذَاباً وَ مَا أَنتَ وَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ بِأَعظَمَ جُرماً وَ لَا أَصغَرَ ذَنباً وَ لَا أَهوَنَ بِدعَةً وَ ضَلَالَةً مِنَ الذين [اللّذَينِ]أَسّسَا لَكَ وَ لِصَاحِبِكَ ألّذِي تَطلُبُ بِدَمِهِ وَ وَطّئَا لَكُمَا ظُلمَنَا أَهلَ البَيتِ وَ حَمَلَاكُم عَلَي رِقَابِنَا قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيأَ لَم تَرَ إِلَي الّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتابِ يُؤمِنُونَ بِالجِبتِ وَ الطّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهدي مِنَ الّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا أُولئِكَ الّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَ مَن يَلعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَم لَهُم نَصِيبٌ مِنَ المُلكِ فَإِذاً لا يُؤتُونَ النّاسَ نَقِيراً أَم يَحسُدُونَ النّاسَ عَلي ما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِفَنَحنُ النّاسُ وَ نَحنُ المَحسُودُونَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّفَقَد آتَينا
صفحه : 155
آلَ اِبراهِيمَ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ وَ آتَيناهُم مُلكاً عَظِيماً
فَالمُلكُ العَظِيمُ أَن جَعَلَ مِنهُم أَئِمّةً مَن أَطَاعَهُم أَطَاعَ اللّهَ وَ مَن عَصَاهُم عَصَي اللّهَ وَ الكِتَابُ وَ الحِكمَةُ وَ النّبُوّةُ فَلِمَ يُقِرّونَ بِذَلِكَ فِي آلِ اِبرَاهِيمَ وَ يُنكِرُونَهُ فِي آلِ مُحَمّدٍص يَا مُعَاوِيَةُ فَإِن تَكفُر بِهَا أَنتَ وَ صَاحِبُكَ وَ مَن قِبَلَكَ مِن طَغَامِ أَهلِ الشّامِ وَ اليَمَنِ وَ الأَعرَابِ أَعرَابِ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ جُفَاةِ الأُمّةِ فَقَد وَكّلَ اللّهُبِها قَوماً لَيسُوا بِها بِكافِرِينَ يَا مُعَاوِيَةُ إِنّ القُرآنَ حَقّ وَ نُورٌ وَ هُدًي وَ رَحمَةٌ وَ شِفَاءٌ لِلمُؤمِنِينَوَ الّذِينَ لا يُؤمِنُونَ فِي آذانِهِم وَقرٌ وَ هُوَ عَلَيهِم عَمًي يَا مُعَاوِيَةُ إِنّ اللّهَ لَم يَدَع صِنفاً مِن أَصنَافِ الضّلَالَةِ وَ الدّعَاةِ إِلَي النّارِ إِلّا وَ قَد رَدّ عَلَيهِم وَ احتَجّ عَلَيهِم فِي القُرآنِ وَ نَهَي عَنِ اتّبَاعِهِم وَ أَنزَلَ فِيهِم قُرآناً نَاطِقاً عِلمُهُ مِن عِلمِهِ وَ جَهلُهُ مِن جَهلِهِ إنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ لَيسَ مِنَ القُرآنِ آيَةٌ إِلّا وَ لَهَا ظَهرٌ وَ بَطنٌ وَ مَا مِن حَرفٍ إِلّا وَ لَهُ تَأوِيلٌوَ ما يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلّا اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي العِلمِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي وَ مَا مِنهُ حَرفٌ إِلّا وَ لَهُ حَدّ مُطّلِعٌ عَلَي ظَهرِ القُرآنِ وَ بَطنِهِ وَ تَأوِيلِهِوَ ما يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلّا اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي العِلمِالرّاسِخُونَ فِي العِلمِ نَحنُ آلَ مُحَمّدٍ وَ أَمَرَ اللّهُ سَائِرَ الأُمّةِ أَن يَقُولُواآمَنّا بِهِ كُلّ مِن عِندِ رَبّنا وَ ما يَذّكّرُ إِلّا أُولُوا الأَلبابِ وَ أَن يُسَلّمُوا إِلَينَا وَ يَرُدّوا الأَمرَ إِلَينَا وَ قَد قَالَ اللّهُوَ لَو رَدّوهُ إِلَي الرّسُولِ وَ إِلي أوُليِ الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُمهُمُ الّذِينَ يُسأَلُونَ عَنهُ وَ يَطلُبُونَهُ
صفحه : 156
وَ لعَمَريِ لَو أَنّ النّاسَ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللّهِص سَلّمُوا لَنَا وَ اتّبَعُونَا وَ قَلّدُونَا أُمُورَهُملَأَكَلُوا مِن فَوقِهِم وَ مِن تَحتِ أَرجُلِهِم وَ لَمَا طَمِعتَ أَنتَ يَا مُعَاوِيَةُ فَمَا فَاتَهُم مِنّا أَكثَرُ مِمّا فَاتَنَا مِنهُم وَ لَقَد أَنزَلَ اللّهُ فِيّ وَ فِيكَ آيَاتٌ مِن سُورَةٍ خَاصّةٍ الأُمّةُ يُؤَوّلُونَهَا عَلَي الظّاهِرِ وَ لَا يَعلَمُونَ مَا البَاطِنُ وَ هيَِ فِي سُورَةِ الحَاقّةِفَأَمّا مَن أوُتيَِ كِتابَهُ بِيَمِينِهِوَ أَمّا مَن أوُتيَِ كِتابَهُ بِشِمالِهِ وَ ذَلِكَ أَنّهُ يُدعَي بِكُلّ إِمَامِ ضَلَالَةٍ وَ إِمَامِ هُدًي وَ مَعَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا أَصحَابُهُ الّذِينَ بَايَعُوهُ فَيُدعَي بيِ وَ بِكَ يَا مُعَاوِيَةُ وَ أَنتَ صَاحِبُ السّلسِلَةِ ألّذِي يَقُولُيا ليَتنَيِ لَم أُوتَ كِتابِيَه وَ لَم أَدرِ ما حِسابِيَهسَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ ذَلِكَ وَ كَذَلِكَ كُلّ إِمَامِ ضَلَالَةٍ كَانَ قَبلَكَ أَو يَكُونُ بَعدَكَ لَهُ مِثلُ ذَلِكَ مِن خزِيِ اللّهِ وَ عَذَابِهِ وَ نَزَلَ فِيكُم قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ وَ ذَلِكَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ رَأَي اثنيَ عَشَرَ إِمَاماً مِن أَئِمّةِ الضّلَالَةِ عَلَي مِنبَرِهِ يَرُدّونَ النّاسَ عَلَي أَدبَارِهِمُ القَهقَرَي رَجُلَانِ مِن قُرَيشٍ وَ عَشَرَةٌ مِن بنَيِ أُمَيّةَ أَوّلُ العَشَرَةِ صَاحِبُكَ ألّذِي تَطلُبُ بِدَمِهِ وَ أَنتَ وَ ابنُكَ وَ سَبعَةٌ مِن وُلدِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ أَوّلُهُم مَروَانُ وَ قَد لَعَنَهُ رَسُولُ اللّهِص وَ طَرَدَهُ وَ مَا وَلَدَ حِينَ أُسمِعَ
صفحه : 157
نَبِيّنَا رَسُولُ اللّهِص إِنّا أَهلُ بَيتٍ اختَارَ اللّهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَي الدّنيَا وَ لَم يَرضَ لَنَا الدّنيَا ثَوَاباً وَ قَد سَمِعتَ رَسُولَ اللّهِ أَنتَ وَ وَزِيرُكَ وَ صُوَيحِبُكَ يَقُولُ إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي العَاصِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا اتّخَذُوا كِتَابَ اللّهِ دَخَلًا وَ عِبَادَ اللّهِ خَوَلًا وَ مَالَ اللّهِ دُوَلًا يَا مُعَاوِيَةُ إِنّ نبَيِّ اللّهِ زَكَرِيّا نُشِرَ بِالمِنشَارِ وَ يَحيَي ذُبِحَ وَ قَتَلَهُ قَومُهُ وَ هُوَ يَدعُوهُم إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ ذَلِكَ لِهَوَانِ الدّنيَا عَلَي اللّهِ إِنّ أَولِيَاءَ الشّيطَانِ قَد حَارَبُوا أَولِيَاءَ الرّحمَنِ قَالَ اللّهُإِنّ الّذِينَ يَكفُرُونَ بِآياتِ اللّهِ وَ يَقتُلُونَ النّبِيّينَ بِغَيرِ حَقّ وَ يَقتُلُونَ الّذِينَ يَأمُرُونَ بِالقِسطِ مِنَ النّاسِ فَبَشّرهُم بِعَذابٍ أَلِيمٍ يَا مُعَاوِيَةُ إِنّ رَسُولَ اللّهِ قَد أخَبرَنَيِ أَنّ أُمّتَهُ سَيَخضِبُونَ لحِيتَيِ مِن دَمِ رأَسيِ وَ أنَيّ مُستَشهَدٌ وَ ستَلَيِ الأُمّةَ مِن بعَديِ وَ أَنّكَ سَتَقتُلُ ابنيَِ الحَسَنَ غَدراً بِالسّمّ وَ أَنّ ابنَكَ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللّهُ سَيَقتُلُ ابنيَِ الحُسَينَ يلَيِ ذَلِكَ مِنهُ ابنُ زَانِيَةٍ وَ أَنّ الأُمّةَ سَيَلِيهَا مِن بَعدِكَ سَبعَةٌ مِن وُلدِ أَبِي العَاصِ وَ وُلدِ مَروَانَ بنِ الحَكَمِ وَ خَمسَةٌ مِن وُلدِهِ تكلمه [تُكمِلُهُ]اثنَا عَشَرَ إِمَاماً قَد رَآهُم رَسُولُ اللّهِ يَتَوَاثَبُونَ عَلَي مِنبَرِهِ تَوَاثُبَ القِرَدَةِ يَرُدّونَ أُمّتَهُ عَن دِينِ اللّهِ عَلَي أَدبَارِهِمُ القَهقَرَي وَ أَنّهُم أَشَدّ النّاسِ عَذَاباً يَومَ القِيَامَةِ وَ أَنّ اللّهَ سَيُخرِجُ الخِلَافَةَ مِنهُم بِرَايَاتٍ سُودٍ تُقبِلُ مِنَ المَشرِقِ يُذِلّهُمُ اللّهُ بِهِم وَ يَقتُلُهُم تَحتَ كُلّ حَجَرٍ وَ أَنّ رَجُلًا مِن وُلدِكَ مَيشُومٌ وَ مَلعُونٌ جِلفٌ جَافٍ مَنكُوسُ القَلبِ فَظّ غَلِيظٌ قَاسٍ قَد نَزَعَ اللّهُ مِن قَلبِهِ الرّأفَةَ وَ الرّحمَةَ أَخوَالُهُ مِن كَلبٍ كأَنَيّ أَنظُرُ إِلَيهِ وَ لَو شِئتُ لَسَمّيتُهُ وَ وَصَفتُهُ وَ ابنُ كَم هُوَ فَيَبعَثُ جَيشاً إِلَي المَدِينَةِ فَيَدخُلُونَهَا فَيُسرِفُونَ فِيهَا فِي القَتلِ وَ الفَوَاحِشِ وَ يَهرُبُ مِنهُم رَجُلٌ مِن ولُديِ زكَيِّ تقَيِّ ألّذِي يَملَأُ الأَرضَ عَدلًا وَ قِسطاً كَمَا مُلِئَت ظُلماً وَ جَوراً وَ إنِيّ لَأَعرِفُ اسمَهُ وَ ابنَ كَم هُوَ يَومَئِذٍ وَ عَلَامَتَهُ وَ هُوَ مِن وُلدِ ابنيَِ الحُسَينِ ع ألّذِي يَقتُلُهُ ابنُكَ يَزِيدُ وَ هُوَ الثّائِرُ بِدَمِ أَبِيهِ فَيَهرُبُ إِلَي مَكّةَ وَ يَقتُلُ صَاحِبُ ذَلِكَ الجَيشِ رَجُلًا مِن ولُديِ زَكِيّاً بَرِيئاً عِندَ أَحجَارِ الزّيتِ ثُمّ يَصِيرُ ذَلِكَ الجَيشُ إِلَي مَكّةَ وَ إنِيّ لَأَعلَمُ اسمَ أَمِيرِهِم وَ عِدّتَهُم وَ أَسمَاءَهُم وَ سِمَاتِ
صفحه : 158
خُيُولِهِم فَإِذَا دَخَلُوا البَيدَاءَ وَ استَوَت بِهِمُ الأَرضُ خُسِفَ بِهِم قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ لَو تَري إِذ فَزِعُوا فَلا فَوتَ وَ أُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ قَالَ مِن تَحتِ أَقدَامِهِم فَلَا يَبقَي مِن ذَلِكَ الجَيشِ أَحَدٌ غَيرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ يُقَلّبُ اللّهُ وَجهَهُ مِن قِبَلِ قَفَاهُ وَ يَبعَثُ اللّهُ للِمهَديِّ أَقوَاماً يُجمَعُونَ مِن أَطرَافِ الأَرضِ قَزَعٌ كَقَزَعِ الخَرِيفِ وَ اللّهِ إنِيّ لَأَعرِفُ أَسمَاءَهُم وَ اسمَ أَمِيرِهِم وَ مُنَاخَ رِكَابِهِم فَيَدخُلُ المهَديِّ الكَعبَةَ وَ يبَكيِ وَ يَتَضَرّعُ قَالَ جَلّ وَ عَزّأَمّن يُجِيبُ المُضطَرّ إِذا دَعاهُ وَ يَكشِفُ السّوءَ وَ يَجعَلُكُم خُلَفاءَ الأَرضِ هَذَا لَنَا خَاصّةً أَهلَ البَيتَ أَمَا وَ اللّهِ يَا مُعَاوِيَةُ لَقَد كَتَبتُ إِلَيكَ هَذَا الكِتَابَ وَ إنِيّ لَأَعلَمُ أَنّكَ لَا تَنتَفِعُ بِهِ وَ أَنّكَ سَتَفرَحُ إِذَا أَخبَرتُكَ أَنّكَ ستَلَيِ الأَمرَ وَ ابنُكَ بَعدَكَ لِأَنّ الآخِرَةَ لَيسَت مِن بَالِكَ وَ إِنّكَ بِالآخِرَةِ لَمِنَ الكَافِرِينَ وَ سَتَندَمُ كَمَا نَدِمَ مَن أَسّسَ هَذَا الأَمرَ لَكَ وَ حَمَلَكَ عَلَي رِقَابِنَا حِينَ لَم تَنفَعهُ النّدَامَةُ وَ مِمّا دعَاَنيِ إِلَي الكِتَابِ بِمَا كَتَبتُ بِهِ أنَيّ أَمَرتُ كاَتبِيِ أَن يَنسَخَ ذَلِكَ لشِيِعتَيِ وَ أصَحاَبيِ لَعَلّ اللّهَ أَن يَنفَعَهُم بِذَلِكَ أَو يَقرَأَهُ وَاحِدٌ مِن قِبَلِكَ فَخَرَجَ اللّهُ بِهِ مِنَ الضّلَالَةِ إِلَي الهُدَي وَ مِن ظُلمِكَ وَ ظُلمِ أَصحَابِكَ وَ فِتنَتِكُم وَ أَحبَبتُ أَن أَحتَجّ عَلَيكَ فَكَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ هَنِيئاً لَكَ يَا أَبَا الحَسَنِ تَمَلّكُ الآخِرَةِ وَ هَنِيئاً لَنَا تَمَلّكُ الدّنيَا
بيان قال الجوهري مالأته علي الأمر ممالاة ساعدته عليه وشايعته و في الحديث ماقتلت عثمان و لامالأت علي قتله و قال القود القصاص وأقدت القاتل بالقتيل أي قتلته به يقال أقاده السلطان من أخيه واستقدت الحاكم أي سألته أن يقيد القاتل بالقتيل و قال زاح الشيء بعد وذهب ماعليها لون اللون الدقل و هوأردأ التمر أي ماذكرت في حجتك كلها قوية ليس فيهاكلام شعيف تشبيها بهذا النوع من التمر و قال الجوهري قولهم وافق شن طَبَقَه قال ابن السكيت هوشن بن أفصي بن عبدالقيس وطبق
صفحه : 159
حي من إياد وكانت شن لايقام لها فواقعتها طبق فانتصفت منها فقيل وافق شن طَبَقَه وافقه فاعتنقه انتهي . وسيأتي الكلام فيه و في أجزاء الخبر
422- ني،[الغيبة للنعماني] ابنُ عُقدَةَ وَ مُحَمّدُ بنُ هَمّامٍ وَ عَبدُ العَزِيزِ وَ عَبدُ الوَاحِدِ ابنَا عَبدِ اللّهِ بنِ يُونُسَ عَن رِجَالِهِم عَن عَبدِ الرّزّاقِ بنِ هَمّامٍ عَن مَعمَرِ بنِ رَاشِدٍ عَن أَبَانِ بنِ أَبِي عَيّاشٍ وَ أَخبَرَنَا بِهِ مِن غَيرِ هَذِهِ الطّرُقِ هَارُونُ بنُ مُحَمّدٍ عَن أَحمَدَ بنِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ جَعفَرِ بنِ المُعَلّي الهمَداَنيِّ عَن عَمرِو بنِ جَامِعِ بنِ عَمرٍو الكنِديِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُبَارَكِ شَيخٍ لَنَا كوُفيِّ ثِقَةٍ عَن عَبدِ الرّزّاقِ بنِ هَمّامٍ عَن مَعمَرٍ عَن أَبِي عَيّاشٍ عَن سُلَيمٍ وَ ذَكَرَ أَبَانٌ أَنّهُ سَمِعَهُ أَيضاً عَن عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ مَعمَرٌ وَ ذَكَرَ اِبرَاهِيمُ العبَديِّ أَنّهُ أَيضاً سَمِعَهُ عَن عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ عَن سُلَيمٍ أَنّ مُعَاوِيَةَ لَمّا دَعَا أَبَا الدّردَاءِ وَ أَبَا هُرَيرَةَ وَ نَحنُ مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ فِي صِفّينَ فَحَمّلَهُمَا الرّسَالَةَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ أَدّيَاهَا إِلَيهِ قَالَ قَد بلَغّتمُاَنيِ مَا أَرسَلَكُمَا بِهِ مُعَاوِيَةُ فَاستَمِعَا منِيّ وَ أَبلِغَاهُ عنَيّ كَمَا بلَغّتمُاَنيِ قَالَا نَعَم فَأَجَابَهُ عَلِيّ ع الجَوَابَ بِطُولِهِ حَتّي انتَهَي إِلَي ذِكرِ نَصبِ رَسُولِ اللّهِص إِيّاهُ بِغَدِيرِ خُمّ وَ سَاقَ الحَدِيثَ نَحواً مِمّا رَوَينَا مِن كِتَابِ سُلَيمٍ إِلَي قَولِهِ فَانطَلَقَ أَبُو الدّردَاءِ وَ أَبُو هُرَيرَةَ فَحَدّثَا مُعَاوِيَةَ بِكُلّ مَا قَالَ عَلِيّ ع وَ استَشهَدَ عَلَيهِ وَ مَا رَدّ عَلَيهِ النّاسُ وَ شَهِدُوا بِهِ
صفحه : 161
423- فس ،[تفسير القمي] وَ إِمّا تَخافَنّ مِن قَومٍ خِيانَةً فَانبِذ إِلَيهِم عَلي سَواءٍنَزَلَت فِي مُعَاوِيَةَ لَمّا خَانَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع
بيان لعل المراد أن أمير المؤمنين عمل بهذا الحكم في معاوية قال البيضاوي ووَ إِمّا تَخافَنّ مِن قَومٍمعاهدين خيانة نقض عهد تلوح لك فَانبِذ إِلَيهِمفاطرح إليهم عهدهم عَلي سَواءٍ علي عدل أوطريق قصد في العداوة و لاتناجزهم الحرب فإنه يكون خيانة منك أو علي سواء في الخوف أوالعلم بنقض العهد
424- قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]المحاضرات عَنِ الرّاغِبِ أَنّهُ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَا يَمُوتُ ابنُ هِندٍ حَتّي يُعَلّقَ الصّلِيبَ فِي عُنُقِهِ
وَ قَد رَوَاهُ الأَحنَفُ بنُ قَيسٍ وَ ابنُ شِهَابٍ الزهّريِّ وَ الأَعثَمُ الكوُفيِّ وَ أَبُو حَيّانَ التوّحيِديِّ وَ أَبُو الثّلّاجِ فِي جَمَاعَةٍ
صفحه : 162
فَكَانَ كَمَا قَالَ ع
425- فس ،[تفسير القمي] وَ مَن يَعصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فِي وَلَايَةِ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِفَإِنّ لَهُ نارَ جَهَنّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَالَ النّبِيّص يَا عَلِيّ أَنتَ قَسِيمُ النّارِ تَقُولُ هَذَا لِي وَ هَذَا لَكَ قَالُوا فَمَتَي يَكُونُ مَتَي مَا تَعِدُنَا يَا مُحَمّدُ مِن أَمرِ عَلِيّ وَ النّارِ فَأَنزَلَ اللّهُ تَعَالَيحَتّي إِذا رَأَوا ما يُوعَدُونَيعَنيِ المَوتَ وَ القِيَامَةَفَسَيَعلَمُونَيعَنيِ فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ مُعَاوِيَةَ وَ عَمرَو بنَ العَاصِ وَ أَصحَابَ الضّغَائِنِ مِن قُرَيشٍمَن أَضعَفُ ناصِراً وَ أَقَلّ عَدَداً
426- فس ،[تفسير القمي] مُحَمّدُ بنُ جَعفَرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن زِيَادٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ فِي قَولِهِوَ أَنّا لا ندَريِ أَ شَرّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرضِ أَم أَرادَ بِهِم رَبّهُم رَشَداً فَقَالَ لَا بَل وَ اللّهِ شَرّ أُرِيدَ بِهِم حِينَ بَايَعُوا مُعَاوِيَةَ وَ تَرَكُوا الحَسَنَ بنَ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِمَا
427-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِإِسنَادِ التمّيِميِّ عَنِ الرّضَا ع عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ قَالَلَقَد عَلِمَ المُستَحفِظُونَ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص
صفحه : 163
أَنّ أَهلَ صِفّينَ قَد لَعَنَهُمُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي لِسَانِ نَبِيّهِص وَ قَد خابَ مَنِ افتَري
428- فس ،[تفسير القمي] فَلا صَدّقَ وَ لا صَلّيفَإِنّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنّ رَسُولَ اللّهِص دَعَا إِلَي بَيعَةِ عَلِيّ يَومَ غَدِيرِ خُمّ فَلَمّا بَلّغَ النّاسَ وَ أَخبَرَهُم فِي عَلِيّ مَا أَرَادَ اللّهُ أَن يُخبِرَهُم بِهِ رَجَعُوا النّاسُ فَاتّكَأَ مُعَاوِيَةُ عَلَي المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ وَ أَبِي مُوسَي الأشَعرَيِّ ثُمّ أَقبَلَ يَتَمَطّي نَحوَ أَهلِهِ وَ يَقُولُ وَ اللّهِ مَا نُقِرّ لعِلَيِّ بِالوَلَايَةِ أَبَداً وَ لَا نُصَدّقُ مُحَمّداً مَقَالَتَهُ فِيهِ فَأَنزَلَ اللّهُ جَلّ ذِكرُهُفَلا صَدّقَ وَ لا صَلّي وَ لكِن كَذّبَ وَ تَوَلّي ثُمّ ذَهَبَ إِلي أَهلِهِ يَتَمَطّي أَولي لَكَ فَأَوليوَعِيداً لِلفَاسِقِ فَصَعِدَ رَسُولُ اللّهِ المِنبَرَ وَ هُوَ يُرِيدُ البَرَاءَةَ مِنهُ فَأَنزَلَ اللّهُلا تُحَرّك بِهِ لِسانَكَ لِتَعجَلَ بِهِفَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِص وَ لَم يُسَمّهِ
بيان فَلا صَدّقَ من الصدق أوالتصديق يَتَمَطّي أي يتبختر افتخارا بذلك أَولي لَكَويل لك
429-فس ،[تفسير القمي]دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ المَسجِدَ وَ فِيهِ عَمرُو بنُ العَاصِ وَ الحَكَمُ بنُ
صفحه : 164
أَبِي العَاصِ فَقَالَ عَمرٌو يَا أَبَا الأَبتَرِ وَ كَانَ الرّجُلُ فِي الجَاهِلِيّةِ إِذَا لَم يَكُن لَهُ وَلَدٌ يُسَمّي أَبتَرَ ثُمّ قَالَ عَمرٌو وَ إنِيّ لَأَشنَأُ مُحَمّداً أَي أُبغِضُهُ فَأَنزَلَ اللّهُ عَلَي رَسُولِهِص إِنّ شانِئَكَ أَي مُبغِضَكَ عَمرَو بنَ العَاصِهُوَ الأَبتَرُيعَنيِ لَا دِينَ لَهُ وَ لَا نَسَبَ
430- يب ،[تهذيب الأحكام ] ابنُ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ عُلوَانَ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ ع أَنّ رَسُولَ اللّهِص نَهَي أَهلَ مَكّةَ أَن يُؤَاجِرُوا دُورَهُم وَ أَن يُغلِقُوا عَلَيهَا أَبوَاباً وَ قَالَسَواءً العاكِفُ فِيهِ وَ البادِ قَالَ وَ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثمَانُ وَ عَلِيّ ع حَتّي كَانَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ
431- مع ،[معاني الأخبار]المُكَتّبُ عَنِ ابنِ زَكَرِيّا عَنِ ابنِ حَبِيبٍ عَن نَصرِ بنِ عُبَيدٍ عَن نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ عَن عَبدِ الغَفّارِ بنِ القَاسِمِ عَنِ الأَعمَشِ عَن عدَيِّ بنِ ثَابِتٍ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قَالَ أَقبَلَ أَبُو سُفيَانَ وَ مُعَاوِيَةُ يَتبَعُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أللّهُمّ العَنِ التّابِعَ وَ المَتبُوعَ أللّهُمّ عَلَيكَ بِالأُقَيعِسِ قَالَ ابنُ البَرَاءِ لِأَبِيهِ مَنِ الأُقَيعِسُ قَالَ مُعَاوِيَةُ
432- كِتَابُ صِفّينَ، مِثلَهُ
صفحه : 165
قال الصدوق رضي الله عنه الأقيعس تصغير الأقعس و هوالملتوي العنق والقعاس التواء يأخذ في العنق من ريح كأنما يكسره إلي ماوراءه والأقعس العزيز الممتنع ويقال عزأقعس والقوعس الغليظ العنق الشديد الظهر من كل شيء والقعوس الشيخ الكبير والقعس نقيض الحدب والفعل قعس يقعس قعسا والجمع قعساوات وقعس والقعساء من النملة الرافعة صدرها وذنبها والاقعنساس شدة والتقاعس هو من تقاعس فلان إذا لم ينفذ و لم يمض لماكلف ومقاعس حي من تميم
433- مع ،[معاني الأخبار] ابنُ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ وَ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ مَعاً عَنِ الأشَعرَيِّ عَنِ السيّاّريِّ عَنِ الحَكَمِ بنِ سَالِمٍ عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّا وَ آلَ أَبِي سُفيَانَ أَهلُ بَيتَينِ تَعَادَينَا فِي اللّهِ قُلنَا صَدَقَ اللّهُ وَ قَالُوا كَذَبَ اللّهُ قَاتَلَ أَبُو سُفيَانَ رَسُولَ اللّهِص وَ قَاتَلَ مُعَاوِيَةُ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَ قَاتَلَ يَزِيدُ بنُ مُعَاوِيَةَ الحُسَينَ بنَ عَلِيّ ع وَ السفّياَنيِّ يُقَاتِلُ القَائِمَ ع
434-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] كِتَابُ أَحمَدَ بنِ عَبدِ اللّهِ المُؤَذّنِ عَن أَبِي مُعَاوِيَةَ الصّرِيرِ عَنِ الأَعمَشِ عَن سمُيَّ عَن أَبِي صَالِحٍ عَن أَبِي هُرَيرَةَ وَ ابنِ عَبّاسٍ وَ فِي تَفسِيرِ ابنِ جُرَيجٍ عَن عَطَاءٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِأَ لَيسَ اللّهُ بِأَحكَمِ الحاكِمِينَ وَ قَد
صفحه : 166
دَخَلَتِ الرّوَايَاتُ بَعضُهَا فِي بَعضٍ أَنّ النّبِيّص انتَبَهَ مِن نَومِهِ فِي بَيتِ أُمّ هَانِئٍ فَزِعاً فَسَأَلَتهُ عَن ذَلِكَ فَقَالَ يَا أُمّ هَانِئٍ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ عَرَضَ عَلَيّ فِي منَاَميِ القِيَامَةَ وَ أَهوَالَهَا وَ الجَنّةَ وَ نَعِيمَهَا وَ النّارَ وَ مَا فِيهَا وَ عَذَابَهَا فَأَطلَعتُ فِي النّارِ فَإِذَا أَنَا بِمُعَاوِيَةَ وَ عَمرِو بنِ العَاصِ قَائِمَينِ فِي حَرّ جَهَنّمَ تَرضَخُ رُءُوسَهُمَا الزّبَانِيَةُ بِحِجَارَةٍ مِن جَمرِ جَهَنّمَ يَقُولُونَ لَهُمَا هَل آمَنتُمَا بِوَلَايَةِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَيَخرُجُ عَلِيّ مِن حِجَابِ العَظَمَةِ ضَاحِكاً مُستَبشِراً وَ ينُاَديِ حُكِمَ لِي وَ رَبّ الكَعبَةِ فَذَلِكَ قَولُهُأَ لَيسَ اللّهُ بِأَحكَمِ الحاكِمِينَفَيُبعَثُ الخَبِيثُ إِلَي النّارِ وَ يَقُومُ عَلِيّ فِي المَوقِفِ يَشفَعُ فِي أَصحَابِهِ وَ أَهلِ بَيتِهِ وَ شِيعَتِهِ
435- مع ،[معاني الأخبار] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ الحمِيرَيِّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ الثمّاَليِّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللّهِص وَ مُعَاوِيَةُ يَكتُبُ بَينَ يَدَيهِ وَ أَهوَي بِيَدِهِ إِلَي خَاصِرَتِهِ بِالسّيفِ مَن أَدرَكَ هَذَا يَوماً أَمِيراً فَليَبقُر خَاصِرَتَهُ بِالسّيفِ فَرَآهُ رَجُلٌ مِمّن سَمِعَ ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِص يَوماً وَ هُوَ يَخطُبُ بِالشّامِ عَلَي النّاسِ فَاختَرَطَ سَيفَهُ ثُمّ مَشَي إِلَيهِ فَحَالَ النّاسُ بَينَهُ وَ بَينَهُ فَقَالُوا يَا عَبدَ اللّهِ مَا لَكَ فَقَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ مَن أَدرَكَ هَذَا يَوماً أَمِيراً فَليَبقُر خَاصِرَتَهُ بِالسّيفِ قَالَ فَقَالُوا أَ تدَريِ مَنِ استَعمَلَهُ قَالَ لَا قَالُوا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عُمَرُ فَقَالَ الرّجُلُ سمع [سَمعاً] وَ طَاعَةً لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ
بيان بقره كمنعه شقه ووسعه
436-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] الحُسَينُ بنُ أَحمَدَ البيَهقَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي الصوّليِّ عَن أَحمَدَ بنِ
صفحه : 167
مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ عَن أَبِيهِ قَالَ حَلَفَ رَجُلٌ بِخُرَاسَانَ بِالطّلَاقِ أَنّ مُعَاوِيَةَ لَيسَ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص أَيّامَ كَانَ الرّضَا ع بِهَا فَأَفتَي الفُقَهَاءُ بِطَلَاقِهَا فَسُئِلَ الرّضَا ع فَأَفتَي أَنّهَا لَا تُطَلّقُ فَكَتَبَ الفُقَهَاءُ رُقعَةً أَنفَذُوهَا إِلَيهِ وَ قَالُوا لَهُ مِن أَينَ قُلتَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِص أَنّهَا لَم تُطَلّق فَوَقّعَ ع فِي رُقعَتِهِم قُلتُ هَذَا مِن رِوَايَتِكُم عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِّ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ لِمُسلِمَةِ الفَتحِ وَ قَد كَثُرُوا عَلَيهِ أَنتُم خَيرٌ وَ أصَحاَبيِ خَيرٌ وَ لَا هِجرَةَ بَعدَ الفَتحِ فَأَبطَلَ الهِجرَةَ وَ لَم يَجعَل هَؤُلَاءِ أَصحَاباً لَهُ فَرَجَعُوا إِلَي قَولِهِ
437- ل ،[الخصال ] ابنُ مُوسَي عَنِ ابنِ زَكَرِيّا عَنِ ابنِ حَبِيبٍ عَن نُصَيرِ بنِ عُبَيدٍ عَن نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ عَن يَحيَي بنِ يَعلَي عَن يَحيَي بنِ سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ عَن أَبِيهِ عَن سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعدِ عَن أَبِي حَربِ بنِ أَبِي الأَسوَدِ عَن رَجُلٍ مِن أَهلِ الشّامِ عَن أَبِيهِ قَالَ سَمِعتُ النّبِيّص يَقُولُ مِن شَرّ خَلقِ اللّهِ خَمسَةٌ إِبلِيسُ وَ ابنُ آدَمَ ألّذِي قَتَلَ أَخَاهُ وَ فِرعَونُ ذُو الأَوتَادِ وَ رَجُلٌ مِن بنَيِ إِسرَائِيلَ رَدّهُم عَن دِينِهِم وَ رَجُلٌ مِن هذا[ هَذِهِ]الأُمّةِ يُبَايَعُ عَلَي كُفرٍ عِندَ بَابِ لُدّ قَالَ ثُمّ قَالَ إنِيّ لَمّا رَأَيتُ مُعَاوِيَةَ يُبَايَعُ عِندَ لُدّ ذَكَرتُ قَولَ رَسُولِ اللّهِص فَلَحِقتُ بعِلَيِّ فَكُنتُ مَعَهُ
438- كِتَابُ صِفّينَ،لِنَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ عَن يَحيَي بنِ يَعلَي مِثلَهُ
بيان قال الفيروزآبادي لد بالضم قرية بفلسطين يقتل عيسي ع الدجال عندبابها
439-ير،[بصائر الدرجات ] الحَسَنُ بنُ عَلِيّ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَامِرٍ عَن أَبَانٍ عَن بَشِيرٍ النّبّالِ
صفحه : 168
عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُ قَالَ كُنتُ خَلفَ أَبِي وَ هُوَ عَلَي بَغلَتِهِ فَنَفَرَت بَغلَتُهُ فَإِذَا رَجُلٌ شَيخٌ فِي عُنُقِهِ سِلسِلَةٌ وَ رَجُلٌ يَتبَعُهُ فَقَالَ يَا عَلِيّ بنَ الحُسَينِ اسقنِيِ اسقنِيِ فَقَالَ الرّجُلُ لَا تَسقِهِ لَا سَقَاهُ اللّهُ قَالَ وَ كَانَ الشّيخُ مُعَاوِيَةَ
440- ختص ،[الإختصاص ]أَيّوبُ بنُ نُوحٍ وَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ المُغِيرَةِ عَنِ العَبّاسِ مِثلَهُ
441- ير،[بصائر الدرجات ] مُحَمّدُ بنُ الحُسَينِ عَن مُوسَي بنِ سَعدَانَ عَنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي العَلَاءِ عَن هَارُونَ بنِ خَارِجَةَ عَن يَحيَي بنِ أُمّ الطّوِيلِ قَالَ صَحِبتُ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع فِي المَدِينَةِ إِلَي مَكّةَ وَ هُوَ عَلَي بَغلَتِهِ وَ أَنَا عَلَي رَاحِلَةٍ فَجُزنَا واَديَِ ضَجنَانَ فَإِذَا نَحنُ بِرَجُلٍ أَسوَدَ فِي رَقَبَتِهِ سِلسِلَةٌ قَالَ وَ هُوَ يَقُولُ يَا عَلِيّ بنَ الحُسَينِ اسقنِيِ سَقَاكَ اللّهُ قَالَ فَقَالَ عَلِيّ فَوَضَعَ رَأسَهُ عَلَي صَدرِهِ ثُمّ حَرّكَ دَابّتَهُ قَالَ فَالتَفَتّ فَإِذَا رَجُلٌ يَجذِبُهُ وَ هُوَ يَقُولُ لَا تَسقِهِ لَا سَقَاهُ اللّهُ قَالَ فَحَرّكتُ راَحلِتَيِ فَلَحِقتُ بعِلَيِّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ فَقَالَ لِي أَيّ شَيءٍ رَأَيتَ فَأَخبَرتُهُ فَقَالَ ذَاكَ مُعَاوِيَةُ
442-حة،[فرحة الغري] مُحَمّدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ الذّيّابِ عَنِ الحَسَنِ بنِ إِسحَاقَ بنِ مَوهُوبٍ عَن مُحَمّدِ بنِ القاَضيِ عَبدِ اللّهِ عَنِ المُبَارَكِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ الوَاحِدِ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عُقبَةَ عَن سُلَيمَانَ بنِ الرّبِيعِ عَن نَصرِ بنِ
صفحه : 169
مُزَاحِمٍ التمّيِميِّ فِي كِتَابِ صِفّينَ قَالَ كَانَ مُعَاوِيَةُ إِذَا قَنَتَ لَعَنَ عَلِيّاً ع وَ ابنَ عَبّاسٍ وَ قَيسَ بنَ سَعدٍ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ ع وَ لَم يُنكَر ذَلِكَ عَلَيهِ إِمّا خَوفاً مِن مُؤمِنٍ أَوِ اعتِقَاداً مِن جَاهِلٍ وَ كَانَ خَالِدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ يَزِيدَ بنِ أَسَدِ بنِ كَرِيزِ بنِ عَامِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ شَمسِ بنِ عَمعَمَةَ بنِ حَرِيزِ بنِ شَقّ بنِ مُصعَبِ بنِ يَشكُرَ بنِ دَهمِ بنِ أَفرَكِ بنِ بَدِيرِ بنِ قَسرٍ القسَريِّ يَقُولُ عَلَي المِنبَرِ العَنُوا عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ فَإِنّهُ لُصّ بنُ لُصّ بِضَمّ اللّامِ فَقَامَ إِلَيهِ أعَراَبيِّ فَقَالَ وَ اللّهِ مَا أَعلَمُ مِن أَيّ شَيءٍ أَعجَبُ مِن سَبّكَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ أَم مِن مَعرِفَتِكَ بِالعَرَبِيّةِ
443-كشف ،[كشف الغمة] مِن كِتَابِ المُوَفّقِيّاتِ لِلزّبَيرِ بنِ بَكّارٍ الزبّيَريِّ عَن رِجَالِهِ قَالَ قَالَ مُطَرّفُ بنُ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَوَفَدتُ مَعَ أَبِي المُغِيرَةِ عَلَي مُعَاوِيَةَ وَ كَانَ أَبِي يَأتِيهِ فَيَتَحَدّثُ مَعَهُ ثُمّ يَنصَرِفُ إلِيَّ فَيَذكُرُ مُعَاوِيَةَ وَ يَذكُرُ عَقلَهُ وَ يُعجَبُ بِمَا يَرَي مِنهُ إِذ جَاءَ ذَاتَ لَيلَةٍ فَأَمسَكَ عَنِ العَشَاءِ وَ رَأَيتُهُ مُغتَمّاً فَانتَظَرتُهُ سَاعَةً وَ ظَنَنتُ أَنّهُ لشِيَءٍ حَدَثَ فِينَا وَ فِي عَمَلِنَا فَقُلتُ مَا لِي أَرَاكَ مُغتَمّاً مُنذُ اللّيلَةِ فَقَالَ يَا بنُيَّ جِئتُ مِن عِندِ أَخبَثِ النّاسِ قُلتُ وَ مَا ذَاكَ قَالَ قُلتُ لَهُ وَ خَلَوتُ بِهِ إِنّكَ قَد بَلَغتَ سِنّاً فَلَو أَظهَرتَ عَدلًا وَ بَسَطتَ خَيراً فَإِنّكَ قَد كَبِرتَ وَ لَو نَظَرتَ إِلَي إِخوَتِكَ مِن بنَيِ هَاشِمٍ فَوَصَلتَ أَرحَامَهُم فَوَ اللّهِ مَا عِندَهُمُ اليَومَ شَيءٌ تَخَافُهُ فَقَالَ هَيهَاتَ هَيهَاتَ مَلِكَ أَخُو تَيمٍ فَعَدَلَ وَ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَوَ اللّهِ مَا عَدَا أَن هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكرُهُ إِلّا أَن يَقُولَ قَائِلٌ أَبُو بَكرٍ ثُمّ مَلِكَ أَخُو بنَيِ عدَيِّ فَاجتَهَدَ وَ شَمّرَ عَشرَ سِنِينَ فَوَ اللّهِ مَا عَدَا أَن هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكرُهُ إِلّا أَن يَقُولَ قَائِلٌ عُمَرُ ثُمّ مَلِكَ عُثمَانُ فَهَلَكَ رَجُلٌ لَم يَكُن أَحَدٌ فِي مِثلِ نَسَبِهِ وَ فَعَلَ مَا فَعَلَ وَ عُمِلَ بِهِ مَا عُمِلَ فَوَ اللّهِ مَا عَدَا أَن هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكرُهُ وَ ذِكرُ مَا فُعِلَ بِهِ وَ إِنّ أَخَا بنَيِ
صفحه : 170
هَاشِمٍ يُصَاحُ بِهِ فِي كُلّ يَومٍ خَمسَ مَرّاتٍ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ فأَيَّ عَمَلٍ يَبقَي بَعدَ هَذَا لَا أُمّ لَكَ لَا وَ اللّهِ إِلّا دَفناً دَفناً
بيان أي أقتلهم وأدفنهم دفنا أوأدفن وأخفي ذكرهم وفضائلهم و هوأظهر
444- كنز،[كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة] عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسكَانَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُ قَالَ نَزَلَت سُورَةُ الحَاقّةِ فِي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ فِي مُعَاوِيَةَ عَلَيهِ مِنَ اللّهِ جَزَاءُ مَا عَمِلَهُ
445- وَ يُؤَيّدُهُ مَا رَوَاهُ مُحَمّدُ بنُ عَبّاسٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَحمَدَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن رَجُلٍ عَنِ الحلَبَيِّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّفَأَمّا مَن أوُتيَِ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ إِلَي آخِرِ الآيَاتِ فَهُوَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَوَ أَمّا مَن أوُتيَِ كِتابَهُ بِشِمالِهِفاَلشاّميِّ
446- وَ روُيَِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ أَنّ مُعَاوِيَةَ صَاحِبُ السّلسِلَةِ وَ هُوَ فِرعَونُ هَذِهِ الأُمّةِ
447- كا،[الكافي] أَحمَدُ بنُ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ لَهُ مَا العَقلُ قَالَ مَا عُبِدَ بِهِ الرّحمَنُ وَ اكتُسِبَ بِهِ الجِنَانُ قَالَ قُلتُ فاَلذّيِ كَانَ فِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ تِلكَ النّكرَاءُ تِلكَ الشّيطَنَةُ وَ هيَِ شَبِيهَةٌ بِالعَقلِ
448-كا،[الكافي]العِدّةُ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي
صفحه : 171
العَلَاءِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ مُعَاوِيَةَ أَوّلُ مَن عَلّقَ عَلَي بَابِهِ مِصرَاعَينِ بِمَكّةَ فَمَنَعَ حَاجّ بَيتِ اللّهِ مَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّسَواءً العاكِفُ فِيهِ وَ البادِ وَ كَانَ النّاسُ إِذَا قَدِمُوا مَكّةَ نَزَلَ الباَديِ عَلَي الحَاضِرِ حَتّي يقَضيَِ حَجّهُ وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ صَاحِبَ السّلسِلَةِ التّيِ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّفِي سِلسِلَةٍ ذَرعُها سَبعُونَ ذِراعاً فَاسلُكُوهُ إِنّهُ كانَ لا يُؤمِنُ بِاللّهِ العَظِيمِ وَ كَانَ فِرعَونَ هَذِهِ الأُمّةِ
449- كا،[الكافي] الحُسَينُ بنُ مُحَمّدٍ عَن مُعَلّي بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الوَشّاءِ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن يَحيَي بنِ أَبِي العَلَاءِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع عَن أَبِيهِ ع قَالَ لَم يَكُن لِدُورِ مَكّةَ أَبوَابٌ وَ كَانَ أَهلُ البُلدَانِ يَأتُونَ بِقُطوَانِهِم فَيَدخُلُونَ فَيَضرِبُونَ بِهَا وَ كَانَ أَوّلُ مَن بَوّبَهَا مُعَاوِيَةَ
أقول سيأتي أخبار كثيرة في كتاب الحج في أن أول من ابتدع ذلك معاوية
450- يب ،[تهذيب الأحكام ] الحُسَينُ بنُ سَعِيدٍ عَن فَضَالَةَ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ أَوّلَ مَن خَطَبَ وَ هُوَ جَالِسٌ مُعَاوِيَةُ وَ استَأذَنَ النّاسَ فِي ذَلِكَ مِن وَجَعٍ كَانَ فِي رُكبَتَيهِ وَ كَانَ يَخطُبُ خُطبَةً وَ هُوَ جَالِسٌ وَ خُطبَةً وَ هُوَ قَائِمٌ ثُمّ يَجلِسُ بَينَهُمَا
451-د،[العدد القوية] كَانَ مُعَاوِيَةُ يَكتُبُ فِيمَا يَنزِلُ بِهِ يَسأَلُ لَهُ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ
صفحه : 172
ع عَن ذَلِكَ فَلَمّا بَلَغَهُ قَتلُهُ قَالَ ذَهَبَ الفِقهُ وَ العِلمُ بِمَوتِ ابنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ عُتبَةُ لَا يَسمَعُ هَذَا أَهلُ الشّامِ فَقَالَ دعَنيِ عَنكَ
452- ختص ،[الإختصاص ] هَلَكَ مُعَاوِيَةُ وَ هُوَ ابنُ ثمَاَنيَِ وَ سَبعِينَ سَنَةً وَ ولَيَِ الأَمرَ عِشرِينَ سَنَةً
453- ختص ،[الإختصاص ] ابنُ عِيسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَبِي البِلَادِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي المُغِيرَةِ قَالَ نَزَلَ أَبُو جَعفَرٍ ع بِضَجنَانَ فَقَالَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ لَا غَفَرَ اللّهُ لَكَ فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ قَالَ أَ تَدرُونَ لِمَن قُلتُ أَو قَالَ لَهُ بَعضُ أَصحَابِنَا فَقَالَ مَرّ بيِ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ يَجُرّ سِلسِلَةً قَد أَدلَعَ لِسَانَهُ يسَألَنُيِ أَن أَستَغفِرَ لَهُ ثُمّ قَالَ إِنّهُ يُقَالُ إِنّهُ وَادٍ مِن أَودِيَةِ جَهَنّمَ
أقول قدأوردنا مثله بأسانيد في باب أحوال البرزخ و باب معجزات الباقر ع
454-كا،[الكافي] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ لَمّا كَانَ سَنَةُ إِحدَي وَ أَربَعِينَ أَرَادَ مُعَاوِيَةُ الحَجّ فَأَرسَلَ نَجّاراً وَ أَرسَلَ بِالآلَةِ وَ كَتَبَ إِلَي صَاحِبِ المَدِينَةِ أَن يَقلَعَ مِنبَرَ رَسُولِ اللّهِص وَ يَجعَلُوهُ عَلَي قَدرِ مِنبَرِهِ بِالشّامِ فَلَمّا نَهَضُوا لِيَقلَعُوهُ انكَسَفَتِ الشّمسُ وَ زُلزِلَتِ الأَرضُ فَكَفّوا
صفحه : 173
وَ كَتَبُوا بِذَلِكَ إِلَي مُعَاوِيَةَ فَكَتَبَ إِلَيهِم يَعزِمُ عَلَيهِم لِمَا فَعَلُوهُ فَفَعَلُوا فَمِنبَرُ رَسُولِ اللّهِص المَدخَلُ ألّذِي رَأَيتَ
455- تَقرِيبٌ، قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ أَرَادَ مُعَاوِيَةُ فِي سَنَةِ خَمسِينَ مِنَ الهِجرَةِ أَن يَنقُلَ مِنبَرَ رَسُولِ اللّهِص مِنَ المَدِينَةِ إِلَي الشّامِ وَ قَالَ لَا نَترُكُ مِنبَرَ النّبِيّص وَ عَصَاهُ فِي المَدِينَةِ وَ هُم قَتَلَةُ عُثمَانَ وَ طَلَبَ العَصَا وَ هيَِ عِندَ سَعدٍ القرُظَيِّ فَحَرّكَ المِنبَرَ فَكَسَفَتِ الشّمسُ حَتّي رُئِيَتِ النّجُومُ بَادِيَةً فَأَعظَمَ النّاسُ ذَلِكَ فَتَرَكَهُ وَ قِيلَ أَتَاهُ جَابِرٌ وَ أَبُو هُرَيرَةَ فَقَالَا لَا يَصلُحُ أَن يُخرَجَ مِنبَرُ رَسُولِ اللّهِص مِن مَوضِعٍ وَضَعَهُ فِيهِ وَ تَنَقّلَ عَصَاهُ إِلَي الشّامِ فَتَرَكَهُ وَ زَادَ فِيهِ سِتّ دَرَجَاتِ وَ اعتَذَرَ مِمّا صَنَعَ
أقول يظهر من الخبر أن هذااعتذار من القوم له
456- كِتَابُ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ عَن أَبَانٍ عَن سُلَيمٍ وَ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَاقَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجّاً فِي خِلَافَتِهِ المَدِينَةَ بَعدَ مَا قُتِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ
صفحه : 174
عَلَيهِ وَ صَالَحَ الحَسَنُ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي بَعدَ مَا مَاتَ الحَسَنُ ع وَ استَقبَلَهُ أَهلُ المَدِينَةِ فَنَظَرَ فَإِذَا ألّذِي استَقبَلَهُ مِن قُرَيشٍ أَكثَرُ مِنَ الأَنصَارِ فَسَأَلَ عَن ذَلِكَ فَقِيلَ إِنّهُم يَحتَاجُونَ لَيسَت لَهُم دَوَابّ فَالتَفَتَ مُعَاوِيَةُ إِلَي قَيسِ بنِ سَعدِ بنِ عُبَادَةَ فَقَالَ يَا مَعشَرَ الأَنصَارِ مَا لَكُم لَا تسَتقَبلِوُنيّ مَعَ إِخوَانِكُم مِن قُرَيشٍ فَقَالَ قَيسٌ وَ كَانَ سَيّدَ الأَنصَارِ وَ ابنَ سَيّدِهِم أَقعَدَنَا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَن لَم يَكُن لَنَا دَوَابّ قَالَ مُعَاوِيَةُ فَأَينَ النّوَاضِحُ فَقَالَ قَيسٌ أَفنَينَاهَا يَومَ بَدرٍ وَ يَومَ أُحُدٍ وَ مَا بَعدَهُمَا فِي مَشَاهِدِ رَسُولِ اللّهِ حِينَ ضَرَبنَاكَ وَ أَبَاكَ عَلَي الإِسلَامِ حَتّيظَهَرَ أَمرُ اللّهِ وَ أَنتُم كَارِهُونَ قَالَ مُعَاوِيَةُ أللّهُمّ غَفراً قَالَ قَيسٌ أَمَا إِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ سَتَرَونَ بعَديِ أَثَرَةً ثُمّ قَالَ يَا مُعَاوِيَةُ تُعَيّرُنَا بِنَوَاضِحِنَا وَ اللّهِ لَقَد لَقِينَاكُم عَلَيهَا يَومَ بَدرٍ وَ أَنتُم جَاهِدُونَ عَلَي إِطفَاءِ نُورِ اللّهِ وَ أَن يَكُونَ كَلِمَةُ الشّيطَانِ هيَِ العُليَا ثُمّ دَخَلتَ أَنتَ وَ أَبُوكَ كَرهاً فِي الإِسلَامِ ألّذِي ضَرَبنَاكُم عَلَيهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَأَنّكَ تَمُنّ عَلَينَا بِنُصرَتِكُم إِيّانَا فَلِلّهِ وَ لِقُرَيشٍ بِذَلِكَ المَنّ وَ الطّولُ أَ لَستُم تَمُنّونَ عَلَينَا يَا مَعشَرَ الأَنصَارِ بِنُصرَتِكُم رَسُولَ اللّهِ وَ هُوَ مِن قُرَيشٍ وَ هُوَ ابنُ عَمّنَا وَ مِنّا فَلَنَا المَنّ وَ الطّولُ أَن جَعَلَكُمُ اللّهُ أَنصَارَنَا وَ أَتبَاعَنَا فَهَدَاكُم بِنَا فَقَالَ قَيسٌ إِنّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمّداًص رَحمَةً لِلعَالَمِينَ فَبَعَثَهُ إِلَي النّاسِ كَافّةً وَ إِلَي الجِنّ وَ الإِنسِ وَ الأَحمَرِ وَ الأَسوَدِ وَ الأَبيَضِ اختَارَهُ لِنُبُوّتِهِ وَ اختَصّهُ بِرِسَالَتِهِ فَكَانَ أَوّلُ مَن صَدّقَهُ وَ آمَنَ بِهِ ابنَ عَمّهِ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَ أَبُو طَالِبٍ يَذُبّ عَنهُ وَ يَمنَعُهُ وَ يَحُولُ بَينَ كُفّارِ قُرَيشٍ وَ بَينَ أَن يَردَعُوهُ وَ يُؤذُوهُ وَ أَمَرَ أَن يُبَلّغَ رِسَالَةَ رَبّهِ فَلَم يَزَل مَمنُوعاً مِنَ الضّيمِ وَ الأَذَي حَتّي مَاتَ عَمّهُ أَبُو طَالِبٍ وَ أَمَرَ ابنَهُ بِمُوَازَرَتِهِ فَوَازَرَهُ وَ نَصَرَهُ وَ جَعَلَ نَفسَهُ دُونَهُ فِي كُلّ شَدِيدَةٍ وَ كُلّ ضِيقٍ وَ كُلّ خَوفٍ وَ اختَصّ اللّهُ بِذَلِكَ عَلِيّاً ع مِن بَينِ قُرَيشٍ وَ أَكرَمَهُ مِن بَينِ جَمِيعِ العَرَبِ وَ العَجَمِ فَجَمَعَ رَسُولُ اللّهِص جَمِيعَ بنَيِ عَبدِ المُطّلِبِ فِيهِم أَبُو طَالِبٍ وَ أَبُو لَهَبٍ وَ هُم يَومَئِذٍ أَربَعُونَ رَجُلًا فَدَعَاهُم رَسُولُ اللّهِص وَ خَادِمُهُ عَلِيّ ع وَ رَسُولُ اللّهِص
صفحه : 175
فِي حَجرِ عَمّهِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَيّكُم يَنتَدِبُ أَن يَكُونَ أخَيِ وَ وزَيِريِ وَ وصَيِيّ وَ خلَيِفتَيِ فِي أمُتّيِ وَ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ مِن بعَديِ فَأَمسَكَ القَومُ حَتّي أَعَادَهَا ثَلَاثاً فَقَالَ عَلِيّ ع أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ فَوَضَعَ رَأسَهُ فِي حَجرِهِ وَ تَفَلَ فِي فِيهِ وَ قَالَ أللّهُمّ املَأ جَوفَهُ عِلماً وَ فَهماً وَ حُكماً ثُمّ قَالَ لأِبَيِ طَالِبٍ يَا أَبَا طَالِبٍ اسمَعِ الآنَ لِابنِكَ وَ أَطِع فَقَد جَعَلَهُ اللّهُ مِن نَبِيّهِ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي وَ آخَيص بَينَ عَلِيّ وَ بَينَ نَفسِهِ فَلَم يَدَع قَيسٌ شَيئاً مِن مَنَاقِبِهِ إِلّا ذَكَرَهَا وَ احتَجّ بِهَا وَ قَالَ مِنهُم جَعفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ الطّيّارُ فِي الجَنّةِ بِجَنَاحَينِ اختَصّهُ اللّهُ بِذَلِكَ مِن بَينِ النّاسِ وَ مِنهُم حَمزَةُ سَيّدُ الشّهَدَاءِ وَ مِنهُم فَاطِمَةُ سَيّدَةُ نِسَاءِ أَهلِ الجَنّةِ فَإِذَا وَضَعتَ مِن قُرَيشٍ رَسُولَ اللّهِص وَ أَهلَ بَيتِهِ وَ عِترَتَهُ الطّيّبِينَ فَنَحنُ وَ اللّهِ خَيرٌ مِنكُم يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ وَ أَحَبّ إِلَي اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِلَي أَهلِ بَيتِهِ مِنكُم لَقَد قُبِضَ رَسُولُ اللّهِص فَاجتَمَعَتِ الأَنصَارُ إِلَي أَبِي ثُمّ قَالُوا نُبَايِعُ سَعداً فَجَاءَت قُرَيشٌ فَخَاصَمُونَا بِحَقّهِ وَ قَرَابَتِهِ فَمَا يَعدُو قُرَيشٌ أَن يَكُونُوا ظَلَمُوا الأَنصَارَ أَو ظَلَمُوا آلَ مُحَمّدٍ وَ لعَمَريِ مَا لِأَحَدٍ مِنَ الأَنصَارِ وَ لَا لِقُرَيشٍ وَ لَا لِأَحَدٍ مِنَ العَرَبِ وَ العَجَمِ فِي الخِلَافَةِ حَقّ مَعَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ وُلدِهِ مِن بَعدِهِ فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ يَا ابنَ سَعدٍ عَمّن أَخَذتَ هَذَا وَ عَمّن رَوَيتَهُ وَ عَمّن سَمِعتَهُ أَبُوكَ أَخبَرَكَ بِذَلِكَ وَ عَنهُ أَخَذتَهُ فَقَالَ قَيسٌ سَمِعتُهُ وَ أَخَذتُهُ مِمّن هُوَ خَيرٌ مِن أَبِي وَ أَعظَمُ عَلَيّ حَقّاً مِن أَبِي قَالَ مَن قَالَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَالِمُ هَذِهِ الأُمّةِ وَ صِدّيقُهَا ألّذِي أَنزَلَ اللّهُ فِيهِقُل كَفي بِاللّهِ شَهِيداً بيَنيِ وَ بَينَكُم وَ مَن عِندَهُ عِلمُ الكِتابِفَلَم يَدَع قَيسٌ آيَةً نَزَلَت فِي عَلِيّ ع إِلّا ذَكَرَهَا قَالَ مُعَاوِيَةُ فَإِنّ صِدّيقَهَا أَبُو بَكرٍ وَ فَارُوقَهَا عُمَرُ وَ ألّذِيعِندَهُ عِلمُ الكِتابِ عَبدُ اللّهِ بنُ سَلَامٍ قَالَ قَيسٌ أَحَقّ بِهَذِهِ الأَسمَاءِ وَ أَولَي بِهَا ألّذِي أَنزَلَ اللّهُ فِيهِأَ فَمَن كانَ عَلي بَيّنَةٍ مِن
صفحه : 176
رَبّهِ وَ يَتلُوهُ شاهِدٌ مِنهُ
وَ ألّذِي نَصَبَهُ رَسُولُ اللّهِص بِغَدِيرِ خُمّ فَقَالَ مَن كُنتُ مَولَاهُ أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ فعَلَيِّ أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ وَ قَالَ فِي غَزوَةِ تَبُوكَ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي إِلّا أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ يَومَئِذٍ بِالمَدِينَةِ فَعِندَ ذَلِكَ نَادَي مُنَادِيَهُ وَ كَتَبَ بِذَلِكَ نُسخَةً إِلَي عُمّالِهِ أَلَا بَرِئَتِ الذّمّةُ مِمّن رَوَي حَدِيثاً فِي مَنَاقِبِ عَلِيّ وَ أَهلِ بَيتِهِ وَ قَامَتِ الخُطبَةُ فِي كُلّ مَكَانٍ عَلَي المَنَابِرِ بِلَعنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ البَرَاءَةِ مِنهُ وَ الوَقِيعَةِ فِي أَهلِ بَيتِهِ وَ اللّعنَةِ لَهُم بِمَا لَيسَ فِيهِم ع
صفحه : 178
ثُمّ إِنّ مُعَاوِيَةَ مَرّ بِحَلقَةٍ مِن قُرَيشٍ فَلَمّا رَأَوهُ قَامُوا إِلَيهِ غَيرَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ فَقَالَ لَهُ يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا مَنَعَكَ مِنَ القِيَامِ كَمَا قَامَ أَصحَابُكَ إِلّا لِمَوجِدَةٍ عَلَيّ بقِتِاَليِ إِيّاكُم يَومَ صِفّينَ يَا ابنَ عَبّاسٍ إِنّ ابنَ عمَيّ عُثمَانَ قُتِلَ مَظلُوماً قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَعُمَرُ بنُ الخَطّابِ قَد قُتِلَ أَيضاً مَظلُوماً قَالَ فَتُسَلّمُ
صفحه : 179
الأَمرَ إِلَي وُلدِهِ وَ هَذَا ابنُهُ قَالَ إِنّ عُمَرَ قَتَلَهُ مُشرِكٌ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَمَن قَتَلَ عُثمَانَ قَالَ قَتَلَهُ المُسلِمُونَ قَالَ فَذَلِكَ أَدحَضُ لِحُجّتِكَ وَ أَحَلّ لِدَمِهِ إِن كَانَ المُسلِمُونَ قَتَلُوهُ وَ خَذَلُوهُ فَلَيسَ إِلّا بِحَقّ قَالَ فَإِنّا قَد كَتَبنَا فِي الآفَاقِ نَنهَي عَن ذِكرِ مَنَاقِبِ عَلِيّ وَ أَهلِ بَيتِهِ فَكُفّ لِسَانَكَ يَا ابنَ عَبّاسٍ وَ اربَع عَلَي نَفسِكَ قَالَ فَتَنهَانَا عَن قِرَاءَةِ القُرآنِ قَالَ لَا قَالَ فَتَنهَانَا عَن تَأوِيلِهِ قَالَ نَعَم قَالَ فَنَقرَؤُهُ وَ لَا نَسأَلُ عَن مَا عَنَي اللّهُ بِهِ قَالَ نَعَم قَالَ فَأَيّمَا أَوجَبُ عَلَينَا قِرَاءَتُهُ أَوِ العَمَلُ بِهِ قَالَ العَمَلُ بِهِ قَالَ فَكَيفَ نَعمَلُ بِهِ حَتّي نَعلَمَ مَا عَنَي اللّهُ بِمَا أَنزَلَ عَلَينَا قَالَ يُسأَلُ عَن ذَلِكَ مَن يَتَأَوّلُهُ عَلَي غَيرِ مَا تَتَأَوّلُهُ أَنتَ وَ أَهلُ بَيتِكَ قَالَ إِنّمَا أُنزِلَ القُرآنُ عَلَي أَهلِ بيَتيِ فَأَسأَلُ عَنهُ آلَ أَبِي سُفيَانَ وَ آلَ أَبِي مُعَيطٍ وَ اليَهُودَ وَ النّصَارَي وَ المَجُوسَ قَالَ فَقَد عدَلَتنَيِ بِهَؤُلَاءِ قَالَ لعَمَريِ مَا أَعدِلُكَ بِهِم إِلّا إِذَا نَهَيتَ الأُمّةَ أَن يَعبُدُوا اللّهَ بِالقُرآنِ وَ بِمَا فِيهِ مِن أَمرٍ أَو نهَيٍ أَو حَلَالٍ أَو حَرَامٍ أَو نَاسِخٍ أَو مَنسُوخٍ أَو عَامّ أَو خَاصّ أَو مُحكَمٍ أَو مُتَشَابِهٍ وَ إِن لَم تَسأَلِ الأُمّةُ عَن ذَلِكَ هَلَكُوا وَ اختَلَفُوا وَ تَاهُوا قَالَ مُعَاوِيَةُ فَاقرَءُوا القُرآنَ وَ لَا تَروُوا شَيئاً مِمّا أَنزَلَ اللّهُ فِيكُم وَ مِمّا قَالَ رَسُولُ اللّهِ وَ اروُوا مَا سِوَي ذَلِكَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ قَالَ اللّهُ تَعَالَي فِي القُرآنِيُرِيدُونَ أَن يُطفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفواهِهِم وَ يَأبَي اللّهُ إِلّا أَن يُتِمّ نُورَهُ وَ لَو كَرِهَ الكافِرُونَ قَالَ مُعَاوِيَةُ يَا ابنَ عَبّاسٍ اكفنِيِ نَفسَكَ وَ كُفّ عنَيّ لِسَانَكَ وَ إِن كُنتَ لَا بُدّ فَاعِلًا فَليَكُن سِرّاً فَلَا تُسمِعهُ أَحَداً عَلَانِيَةً ثُمّ رَجَعَ إِلَي مَنزِلِهِ فَبَعَثَ إِلَيهِ بِخَمسِينَ أَلفَ دِرهَمٍ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي مِائَةَ أَلفِ دِرهَمٍ ثُمّ اشتَدّ البَلَاءُ بِالأَمصَارِ كُلّهَا عَلَي شِيعَةِ عَلِيّ وَ أَهلِ بَيتِهِ وَ كَانَ أَشَدّ النّاسِ بَلِيّةً أَهلُ الكُوفَةِ لِكَثرَةِ مَن بِهَا مِنَ الشّيعَةِ وَ استَعمَلَ عَلَيهَا زِيَاداً ضَمّهَا إِلَيهِ مَعَ البَصرَةِ وَ جَمَعَ لَهُ العِرَاقَينِ وَ كَانَ يُتبِعُ الشّيعَةَ وَ هُوَ بِهِم عَالِمٌ لِأَنّهُ كَانَ مِنهُم قَد عَرَفَهُم وَ سَمِعَ كَلَامَهُم أَوّلَ شَيءٍ فَقَتَلَهُم تَحتَ كُلّ كَوكَبٍ وَ تَحتَ كُلّ حَجَرٍ وَ مَدَرٍ وَ أَخَافَهُم وَ قَطَعَ الأيَديَِ وَ الأَرجُلَ مِنهُم وَ صَلَبَهُم عَلَي جُذُوعِ النّخلِ وَ سَمَلَ أَعيُنَهُم وَ طَرَدَهُم وَ شَرّدَهُم حَتّي انتَزَحُوا عَنِ العِرَاقِ فَلَم يَبقَ بِهَا أَحَدٌ مِنهُم إِلّا مَقتُولٌ أَو مَصلُوبٌ أَو طَرِيدٌ أَو هَارِبٌ
صفحه : 180
وَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي عُمّالِهِ وَ وُلَاتِهِ فِي جَمِيعِ الأَرَضِينَ وَ الأَمصَارِ أَن لَا يُجِيزُوا لِأَحَدٍ مِن شِيعَةِ عَلِيّ وَ لَا مِن أَهلِ بَيتِهِ وَ لَا مِن أَهلِ وَلَايَتِهِ الّذِينَ يَروُونَ فَضلَهُ وَ يَتَحَدّثُونَ بِمَنَاقِبِهِ شَهَادَةً وَ كَتَبَ إِلَي عُمّالِهِ انظُرُوا مَن قِبَلَكُم مِن شِيعَةِ عُثمَانَ وَ مُحِبّيهِ وَ أَهلِ بَيتِهِ وَ أَهلِ وَلَايَتِهِ الّذِينَ يَروُونَ فَضلَهُ وَ يَتَحَدّثُونَ بِمَنَاقِبِهِ فَادنُوا مَجَالِسَهُم وَ أَكرِمُوهُم وَ قَرّبُوهُم وَ شَرّفُوهُم وَ اكتُبُوا إلِيَّ بِمَا يرَويِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم فِيهِ بِاسمِهِ وَ اسمِ أَبِيهِ وَ مِمّن هُوَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ حَتّي أَكثَرُوا فِي عُثمَانَ الحَدِيثَ وَ بَعَثَ إِلَيهِم بِالصّلَاتِ وَ الكِسَي وَ أَكثَرَ لَهُمُ القَطَائِعَ مِنَ العَرَبِ وَ الموَاَليِ فَكَثُرُوا فِي كُلّ مِصرٍ وَ تَنَافَسُوا فِي المَنَازِلِ وَ الضّيَاعِ وَ اتّسَعَت عَلَيهِمُ الدّنيَا فَلَم يَكُن أَحَدٌ يأَتيِ عَامِلَ مِصرٍ مِنَ الأَمصَارِ وَ لَا قَريَةٍ فيَرَويِ فِي عُثمَانَ مَنقَبَةً أَو يَذكُرُ لَهُ فَضِيلَةً إِلّا كُتِبَ اسمُهُ وَ قُرّبَ وَ شُفّعَ فَمَكَثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللّهُ ثُمّ كَتَبَ إِلَي عُمّالِهِ أَنّ الحَدِيثَ قَد كَثُرَ فِي عُثمَانَ وَ فَشَا فِي كُلّ مِصرٍ وَ مِن كُلّ نَاحِيَةٍ فَإِذَا جَاءَكُم كتِاَبيِ هَذَا فَادعُوهُم إِلَي الرّوَايَةِ فِي أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ فَإِنّ فَضلَهُمَا وَ سَوَابِقَهُمَا أَحَبّ إلِيَّ وَ أَقَرّ لعِيَنيِ وَ أَدحَضُ لِحُجّةِ أَهلِ هَذَا البَيتِ وَ أَشَدّ عَلَيهِم مِن مَنَاقِبِ عُثمَانَ وَ فَضلِهِ فَقَرَأَ كُلّ قَاضٍ وَ أَمِيرٍ مِن وُلَاتِهِ كِتَابَهُ عَلَي النّاسِ وَ أَخَذَ النّاسُ فِي الرّوَايَاتِ فِيهِم وَ فِي مَنَاقِبِهِم ثُمّ كَتَبَ نُسخَةً جَمَعَ فِيهَا جَمِيعَ مَا روُيَِ فِيهِم مِنَ المَنَاقِبِ وَ الفَضَائِلِ وَ أَنفَذَهُمَا إِلَي عُمّالِهِ وَ أَمَرَهُم بِقِرَاءَتِهَا عَلَي المَنَابِرِ فِي كُلّ كُورَةٍ وَ فِي كُلّ مَسجِدٍ وَ أَمَرَهُم أَن يُنفِذُوا إِلَي معُلَمّيِ الكَتَاتِيبِ أَن يُعَلّمُوهَا صِبيَانَهُم حَتّي يَروُوهَا وَ يَتَعَلّمُوهَا كَمَا يَتَعَلّمُونَ القُرآنَ حَتّي عَلّمُوهَا بَنَاتِهِم وَ نِسَاءَهُم وَ خَدَمَهُم وَ حَشَمَهُم فَلَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللّهُ ثُمّ كَتَبَ إِلَي عمال [عُمّالِهِ]نُسخَةً وَاحِدَةً إِلَي جَمِيعِ البُلدَانِ انظُرُوا مَن قَامَت عَلَيهِ البَيّنَةُ أَنّهُ يُحِبّ عَلِيّاً وَ أَهلَ بَيتِهِ فَامحُوهُ مِنَ الدّيوَانِ وَ لَا تُجِيزُوا لَهُ شَهَادَةً ثُمّ كَتَبَ كِتَاباً آخَرَ مَنِ اتّهَمتُمُوهُ وَ لَم تُقَم عَلَيهِ بَيّنَةٌ فَاقتُلُوهُ فَقَتَلُوهُم عَلَي التّهَمِ وَ الظّنّ وَ الشّبَهِ تَحتَ كُلّ كَوكَبٍ حَتّي لَقَد كَانَ الرّجُلُ يَسقُطُ بِالكَلِمَةِ فَيُضرَبُ عُنُقُهُ وَ لَم يَكُن ذَلِكَ البَلَاءُ فِي بَلَدٍ أَكبَرَ وَ لَا أَشَدّ مِنهُ بِالعِرَاقِ وَ لَا سِيّمَا
صفحه : 181
بِالكُوفَةِ حَتّي إِنّ الرّجُلَ مِن شِيعَةِ عَلِيّ وَ مِمّن بقَيَِ مِن أَصحَابِهِ بِالمَدِينَةِ وَ غَيرِهَا لَيَأتِيهِ مَن يَثِقُ بِهِ فَيَدخُلُ بَيتَهُ ثُمّ يُلقَي عَلَيهِ سِترٌ فَيَخَافُ مِن خَادِمِهِ وَ مَملُوكِهِ فَلَا يُحَدّثُهُ حَتّي يَأخُذَ عَلَيهِ الأَيمَانَ المُغَلّظَةَ لَيَكتُمَنّ عَلَيهِ وَ جُعِلَ الأَمرُ لَا يَزدَادُ إِلّا شِدّةً وَ كَثُرَ عِندَهُم عَدُوّهُم وَ أَظهَرُوا أَحَادِيثَهُمُ الكَاذِبَةَ فِي أَصحَابِهِم مِنَ الزّورِ وَ البُهتَانِ فَيَنشَأُ النّاسُ عَلَي ذَلِكَ وَ لَا يَتَعَلّمُونَ إِلّا مِنهُم وَ مَضَي عَلَي ذَلِكَ قُضَاتُهُم وَ وُلَاتُهُم وَ فُقَهَاؤُهُم وَ كَانَ أَعظَمَ النّاسِ فِي ذَلِكَ بَلَاءً وَ فِتنَةً القُرّاءُ المُرَاءُونَ المُتَصَنّعُونَ الّذِينَ يُظهِرُونَ لَهُمُ الحُزنَ وَ الخُشُوعَ وَ النّسُكَ وَ يَكذِبُونَ وَ يُعَلّمُونَ الأَحَادِيثَ لِيَحظَوا بِذَلِكَ عِندَ وُلَاتِهِم وَ يَدنُوا لِذَلِكَ مَجَالِسَهُم وَ يُصِيبُوا بِذَلِكَ الأَموَالَ وَ القَطَائِعَ وَ المَنَازِلَ حَتّي صَارَت أَحَادِيثُهُم تِلكَ وَ رِوَايَاتُهُم فِي أيَديِ مَن يَحسَبُ أَنّهَا حَقّ وَ أَنّهَا صِدقٌ فَرَوَوهَا وَ قَبِلُوهَا وَ تَعَلّمُوهَا وَ عَلّمُوهَا وَ أَحَبّوا عَلَيهَا وَ أَبغَضُوا وَ صَارَت بأِيَديِ النّاسِ المُتَدَيّنِينَ الّذِينَ لَا يَستَحِلّونَ الكَذِبَ وَ يُبغِضُونَ عَلَيهِ أَهلَهُ فَقَبِلُوهَا وَ هُم يَرَونَ أَنّهَا حَقّ وَ لَو عَلِمُوا أَنّهَا بَاطِلٌ لَم يَروُوهَا وَ لَم يَتَدَيّنُوا بِهَا فَصَارَ الحَقّ فِي ذَلِكَ الزّمَانِ بَاطِلًا وَ البَاطِلُ حَقّاً وَ الصّدقُ كَذِباً وَ الكَذِبُ صِدقاً وَ قَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَتَشمَلَنّكُم فِتنَةٌ يَربُوا فِيهَا الوَلِيدُ وَ يَنشَأُ فِيهَا الكَبِيرُ تجَريِ النّاسُ عَلَيهَا وَ يَتّخِذُونَهَا سُنّةً فَإِذَا غُيّرَ مِنهَا شَيءٌ قَالُوا أَتَي النّاسُ مُنكَراً غُيّرَتِ السّنّةُ فَلَمّا مَاتَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ ع لَم يَزَلِ الفِتنَةُ وَ البَلَاءُ يُعَظّمَانِ وَ يَشتَدّانِ فَلَم يَبقَ ولَيِّ لِلّهِ إِلّا خَائِفاً عَلَي دَمِهِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي إِلّا خَائِفاً عَلَي دَمِهِ أَنّهُ مَقتُولٌ وَ إِلّا طَرِيداً وَ لَم يَبقَ عَدُوّ لِلّهِ إِلّا مُظهِراً الحُجّةَ غَيرَ مُستَتِرٍ بِبِدعَتِهِ وَ ضَلَالَتِهِ فَلَمّا كَانَ قَبلَ مَوتِ مُعَاوِيَةَ بِسَنَةٍ حَجّ الحُسَينُ بنُ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ فَجَمَعَ الحُسَينُ ع بنَيِ هَاشِمٍ رِجَالَهُم وَ نِسَاءَهُم وَ مَوَالِيَهُم وَ مَن حَجّ مِنهُم وَ مِنَ الأَنصَارِ مِمّن يَعرِفُهُ الحُسَينُ وَ أَهلُ
صفحه : 182
بَيتِهِ ثُمّ أَرسَلَ رُسُلًا لَا تَدَعُوا أَحَداً مِمّن حَجّ العَامَ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص المَعرُوفِينَ بِالصّلَاحِ وَ النّسُكِ إِلّا اجمَعُوهُم لِي فَاجتَمَعَ إِلَيهِ بِمِنًي أَكثَرُ مِن سَبعِمِائَةِ رَجُلٍ وَ هُم فِي سُرَادِقِهِ عَامّتُهُم مِنَ التّابِعِينَ وَ نَحوٌ مِن ماِئتَيَ رَجُلٍ مِن أَصحَابِ النّبِيّص فَقَامَ فِيهِم خَطِيباً فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ هَذَا الطّاغِيَةَ قَد فَعَلَ بِنَا وَ بِشِيعَتِنَا مَا قَد رَأَيتُم وَ عَلِمتُم وَ شَهِدتُم وَ إنِيّ أُرِيدُ أَن أَسأَلَكُم عَن شَيءٍ فَإِن صَدَقتُ فصَدَقّوُنيِ وَ إِن كَذَبتُ فكَذَبّوُنيِ وَ أَسأَلُكُم بِحَقّ اللّهِ عَلَيكُم وَ حَقّ رَسُولِهِص وَ قرَاَبتَيِ مِن نَبِيّكُم عَلَيهِ وَ آلِهِ السّلَامُ لَمّا سَتَرتُم مقَاَميِ هَذَا وَ وَصَفتُم مقَاَلتَيِ وَ دَعَوتُم أَجمَعِينَ فِي أَمصَارِكُم مِن قَبَائِلِكُم مَن أَمِنتُم مِنَ النّاسِ
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي بَعدَ قَولِهِ فكَذَبّوُنيِ اسمَعُوا مقَاَلتَيِ وَ اكتُبُوا قوَليِ ثُمّ ارجِعُوا إِلَي أَمصَارِكُم وَ قَبَائِلِكُم فَمَن أَمِنتُم مِنَ النّاسِ وَ وَثِقتُم بِهِ فَادعُوهُم إِلَي مَا تَعلَمُونَ مِن حَقّنَا فإَنِيّ أَتَخَوّفُ أَن يَدرُسَ هَذَا الأَمرُ وَ يَذهَبَ الحَقّ وَ يُغلَبَوَ اللّهُ مُتِمّ نُورِهِ وَ لَو كَرِهَ الكافِرُونَ وَ مَا تَرَكَ شَيئاً مِمّا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِم مِنَ القُرآنِ إِلّا تَلَاهُ وَ فَسّرَهُ وَ لَا شَيئاً مِمّا قَالَهُ رَسُولُ اللّهِص فِي أَبِيهِ وَ أَخِيهِ وَ أُمّهِ وَ فِي نَفسِهِ وَ أَهلِ بَيتِهِ إِلّا رَوَاهُ وَ كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ أَصحَابُهُ أللّهُمّ نَعَم وَ قَد سَمِعنَاهُ وَ شَهِدنَاهُ وَ يَقُولُ التّابِعُ أللّهُمّ قَد حدَثّنَيِ بِهِ مَن أُصَدّقُهُ وَ أَءتَمِنُهُ مِنَ الصّحَابَةِ فَقَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ إِلّا حَدّثتُم بِهِ مَن تَثِقُونَ بِهِ وَ بِدِينِهِ
قَالَ سُلَيمٌفَكَانَ فِيمَا نَاشَدَهُمُ الحُسَينُ ع وَ ذَكَرَهُم أَن قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع كَانَ أَخَا رَسُولِ اللّهِ حِينَ آخَي بَينَ أَصحَابِهِ فَآخَي بَينَهُ وَ بَينَ نَفسِهِ وَ قَالَ أَنتَ أخَيِ وَ أَنَا أَخُوكَ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ هَل تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص اشتَرَي مَوضِعَ
صفحه : 183
مَسجِدِهِ وَ مَنَازِلِهِ فَابتَنَاهُ ثُمّ ابتَنَي فِيهِ عَشَرَةَ مَنَازِلَ تِسعَةً لَهُ وَ جَعَلَ عَاشِرَهَا فِي وَسَطِهَا لأِبَيِ ثُمّ سَدّ كُلّ بَابٍ شَارِعٍ إِلَي المَسجِدِ غَيرَ بَابِهِ فَتَكَلّمَ فِي ذَلِكَ مَن تَكَلّمَ فَقَالَ مَا أَنَا سَدَدتُ أَبوَابَكُم وَ فَتَحتُ بَابَهُ وَ لَكِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ بِسَدّ أَبوَابِكُم وَ فَتحِ بَابِهِ ثُمّ نَهَي النّاسَ أَن يَنَامُوا فِي المَسجِدِ غَيرَهُ وَ كَانَ يُجنِبُ فِي المَسجِدِ وَ مَنزِلُهُ فِي مَنزِلِ رَسُولِ اللّهِص فَوُلِدَ لِرَسُولِ اللّهِص فِيهِ أَولَادٌ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَ فَتَعلَمُونَ أَنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ حَرِصَ عَلَي كُوّةٍ قَدرَ عَينِهِ يَدَعُهَا مِن مَنزِلِهِ إِلَي المَسجِدِ فَأَبَي عَلَيهِ ثُمّ خَطَبَ فَقَالَ إِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ أَن أبَنيَِ مَسجِداً طَاهِراً لَا يَسكُنُهُ غيَريِ وَ غَيرُ أخَيِ وَ ابنَيهِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص نَصَبَهُ يَومَ غَدِيرِ خُمّ فَنَادَي لَهُ بِالوَلَايَةِ وَ قَالَ لِيُبَلّغِ الشّاهِدُ الغَائِبَ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ لَهُ فِي غَزوَةِ تَبُوكَ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي وَ أَنتَ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ بعَديِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص حِينَ دَعَا النّصَارَي مِن أَهلِ نَجرَانَ إِلَي المُبَاهَلَةِ لَم يَأتِ إِلّا بِهِ وَ بِصَاحِبَتِهِ وَ ابنَيهِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ أَ تَعلَمُونَ أَنّهُ دَفَعَ إِلَيهِ اللّوَاءَ يَومَ خَيبَرَ ثُمّ قَالَ لَأَدفَعُهَا إِلَي رَجُلٍ يُحِبّهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ يُحِبّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ كَرّارٍ غَيرِ فَرّارٍ يَفتَحُهَا اللّهُ عَلَي يَدَيهِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص بَعَثَهُ بِبَرَاءَةَ وَ قَالَ لَا يُبَلّغُ عنَيّ إِلّا أَنَا أَو رَجُلٌ منِيّ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص لَم يَنزِل بِهِ شَدِيدَةٌ قَطّ إِلّا قَدّمَهُ لَهَا ثِقَةً بِهِ وَ أَنّهُ لَم يَدَعهُ بِاسمِهِ قَطّ إِلّا يَقُولُ يَا أخَيِ وَ ادعُوا إلِيَّ أخَيِ
صفحه : 184
قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَ فَتَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَضَي بَينَهُ وَ بَينَ جَعفَرٍ وَ زَيدٍ فَقَالَ يَا عَلِيّ أَنتَ منِيّ وَ أَنَا مِنكَ وَ أَنتَ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ بعَديِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّهُ كَانَت لَهُ مِن رَسُولِ اللّهِص كُلّ يَومٍ خَلوَةٌ وَ كُلّ لَيلَةٍ دَخلَةٌ إِذَا سَأَلَهُ أَعطَاهُ وَ إِذَا سَكَتَ ابتَدَأَهُ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص فَضّلَهُ عَلَي جَعفَرٍ وَ حَمزَةَ حِينَ قَالَ لِفَاطِمَةَ زَوّجتُكِ خَيرَ أَهلِ بيَتيِ أَقدَمَهُم سِلماً وَ أَعظَمَهُم حِلماً وَ أَكبَرَهُم عِلماً قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ أَنَا سَيّدُ وُلدِ آدَمَ وَ أخَيِ عَلِيّ سَيّدُ العَرَبِ وَ فَاطِمَةُ سَيّدَةُ نِسَاءِ أَهلِ الجَنّةِ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ ابناَيَ سَيّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص أَمَرَهُ بِغُسلِهِ وَ أَخبَرَهُ أَنّ جَبرَئِيلَ ع يُعِينُهُ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ فِي آخِرِ خُطبَةٍ خَطَبَهَا إنِيّ قَد تَرَكتُ فِيكُمُ الثّقَلَينِ كِتَابَ اللّهِ وَ أَهلَ بيَتيِ فَتَمَسّكُوا بِهِمَا لَن تَضِلّوا قَالُوا أللّهُمّ نَعَم فَلَم يَدَع شَيئاً أَنزَلَهُ اللّهُ فِي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع خَاصّةً وَ فِي أَهلِ بَيتِهِ مِنَ القُرآنِ وَ لَا عَلَي لِسَانِ نَبِيّهِص إِلّا نَاشَدَهُم فِيهِ فَيَقُولُ الصّحَابَةُ أللّهُمّ نَعَم قَد سَمِعنَا وَ يَقُولُ التّابِعُ أللّهُمّ نَعَم قَد حَدّثَنِيهِ مَن أَثِقُ بِهِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ثُمّ قَد نَاشَدَهُم أَنّهُم قَد سَمِعُوهُ يَقُولُ مَن زَعَمَ أَنّهُ يحُبِنّيِ وَ يُبغِضُ عَلِيّاً فَقَد كَذَبَ لَيسَ يحُبِنّيِ وَ يُبغِضُ عَلِيّاً فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ كَيفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنّهُ منِيّ وَ أَنَا مِنهُ مَن أَحَبّهُ فَقَد أحَبَنّيِ وَ مَن أَبغَضَهُ فَقَد أبَغضَنَيِ وَ مَن أبَغضَنَيِ فَقَد أَبغَضَ اللّهَ فَقَالُوا أللّهُمّ نَعَم قَد سَمِعنَا
صفحه : 185
وَ تَفَرّقُوا عَلَي ذَلِكَ
بيان قوله أللهم غفرا أي أللهم اغفر لي غفرا أو أللهم افتتاح للكلام والخطاب لقيس أي اغفر ماوقع مني أواستر معايبي. و قال ابن الأثير في النهاية فيه قال للأنصار إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا الأثرة بفتح الهمزة والثاء الاسم من آثر يؤثر إيثارا إذاأعطي أراد أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء والاستيثار الانفراد بالشيء. و قال الجوهري سمل العين فقأها يقال سملت عينه تسمل إذافقأت بحديدة محماة و قال نزحت الدار بعدت وبلد نازح وقوم منازيح و قدنزح بفلان إذا بعد عن دياره غيبة بعيدة وتقول أنت بمنتزح من كذا أي بعيد منه . قوله ع فولد لرسول الله ص أي ولد له أولاد من فاطمة كانوا أولادا لرسول الله ص
457- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي] ابنُ الصّلتِ عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَن أَحمَدَ بنِ القَاسِمِ عَن عَبّادٍ عَن عَلِيّ بنِ عَابِسٍ عَن حُصَينٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مَعقِلٍ عَن عَلِيّ ع أَنّهُ قَنَتَ فِي الصّبحِ فَلَعَنَ مُعَاوِيَةَ وَ عَمرَو بنَ العَاصِ وَ أَبَا مُوسَي وَ أَبَا الأَعوَرِ وَ أَصحَابَهُم
458- كِتَابُ صِفّينَ،لِنَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ عَن أَبِي عَبدِ الرّحمَنِ عَن
صفحه : 186
يُونُسَ بنِ الأَرقَمِ عَن عَوفٍ عَن عَبدِ اللّهِ عَن عَمرِو بنِ هِندٍ البجَلَيِّ عَن أَبِيهِ قَالَ فَلَمّا نَظَرَ عَلِيّ ع إِلَي رَايَاتِ مُعَاوِيَةَ وَ أَهلِ الشّامِ قَالَ وَ ألّذِي فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ مَا أَسلَمُوا وَ لَكِنِ استَسلَمُوا وَ أَسَرّوا الكُفرَ فَلَمّا وَجَدُوا عَلَيهِ أَعوَاناً رَجَعُوا إِلَي عَدَاوَتِهِم مِنّا إِلّا أَنّهُم لَم يَدَعُوا الصّلَاةَ
459- وَ عَن عَبدِ العَزِيزِ بنِ سِيَاهٍ عَن حَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ لَمّا كَانَ قِتَالُ صِفّينَ قَالَ رَجُلٌ لِعَمّارٍ يَا أَبَا اليَقظَانِ أَ لَم يَقُل رَسُولُ اللّهِ قَاتِلُوا النّاسَ حَتّي يُسلِمُوا فَإِذَا أَسلَمُوا عَصَمُوا منِيّ دِمَاءَهُم وَ أَموَالَهُم قَالَ بَلَي وَ لَكِن وَ اللّهِ مَا أَسلَمُوا وَ لَكِنِ استَسلَمُوا وَ أَسَرّوا الكُفرَ حَتّي وَجَدُوا عَلَيهِ أَعوَاناً
460- وَ بِالإِسنَادِ عَن حَبِيبٍ عَن مُنذِرٍ الثوّريِّ قَالَ قَالَ مُحَمّدُ بنُ الحَنَفِيّةِ لَمّا أَتَاهُم رَسُولُ اللّهِص مِن أَعلَي الواَديِ وَ مِن أَسفَلِهِ وَ مَلَئُوا الأَودِيَةَ كَتَائِبَ يعَنيِ يَومَ فَتحِ مَكّةَ استَسلَمُوا حَتّي وَجَدُوا أَعوَاناً
461- وَ عَنِ الحَكَمِ بنِ ظُهَيرٍ عَن إِسمَاعِيلَ عَنِ الحَسَنِ وَ أَيضاً عَنِ الحَكَمِ عَن عَاصِمِ بنِ أَبِي النّجُودِ عَن زِرّ بنِ حُبَيشٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا رَأَيتُم مُعَاوِيَةَ بنَ أَبِي سُفيَانَ يَخطُبُ عَلَي منِبرَيِ فَاضرِبُوا عُنُقَهُ قَالَ الحَسَنُ فَمَا فَعَلُوا وَ لَا أَفلَحُوا
462- وَ عَن عَمرِو بنِ ثَابِتٍ عَن إِسمَاعِيلَ عَنِ الحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا رَأَيتُم مُعَاوِيَةَ يَخطُبُ عَلَي منِبرَيِ فَاقتُلُوهُ
صفحه : 187
قَالَ فحَدَثّنَيِ بَعضُهُم قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخدُريِّ فَلَم نَفعَل وَ لَم نُفلِح
463- وَ عَن يَحيَي بنِ يَعلَي عَنِ الأَعمَشِ عَن خَيثَمَةَ قَالَ قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ إِنّ مُعَاوِيَةَ فِي تَابُوتٍفِي الدّركِ الأَسفَلِ مِنَ النّارِ وَ لَو لَا كَلِمَةُ فِرعَونَأَنَا رَبّكُمُ الأَعلي مَا كَانَ أَحَدٌ أَسفَلَ مِن مُعَاوِيَةَ
464- وَ عَن جَعفَرٍ الأَحمَرِ عَن لَيثٍ عَن مُجَاهِدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَمُوتُ مُعَاوِيَةُ عَلَي غَيرِ مِلّةِ الإِسلَامِ
465- وَ عَن جَعفَرٍ عَن لَيثٍ عَن مُحَارِبِ بنِ زِيَادٍ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَمُوتُ مُعَاوِيَةُ عَلَي غَيرِ ملِتّيِ
466- وَ عَن قَيسِ بنِ الرّبِيعِ وَ سُلَيمَانَ بنِ قَرمٍ عَنِ الأَعمَشِ عَن اِبرَاهِيمَ التيّميِّ عَنِ الحَارِثِ بنِ سُوَيدٍ عَن عَلِيّ ع قَالَرَأَيتُ النّبِيّص
صفحه : 188
فِي النّومِ فَشَكَوتُ إِلَيهِ مَا لَقِيتُ مِن أُمّتِهِ مِنَ الأَوَدِ وَ اللّدَدِ فَقَالَ انظُر فَإِذَا عَمرُو بنُ العَاصِ وَ مُعَاوِيَةُ مُعَلّقَينِ مُنَكّسَينِ تُشدَخُ رُءُوسُهُمَا بِالصّخرِ
467- وَ عَن يَحيَي بنِ يَعلَي عَن عَبدِ الجَبّارِ بنِ عَبّاسٍ عَن عَمّارٍ الدهّنيِّ عَن أَبِي المُثَنّي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ قَالَ مَا بَينَ تَابُوتِ مُعَاوِيَةَ وَ تَابُوتِ فِرعَونَ إِلّا دَرَجَةٌ وَ مَا انخَفَضَت تِلكَ الدّرَجَةُ إِلّا لِأَنّهُ قَالَأَنَا رَبّكُمُ الأَعلي
468- وَ عَن أَبِي عَبدِ الرّحمَنِ عَنِ العَلَاءِ بنِ يَزِيدَ القرُشَيِّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ دَخَلَ زَيدُ بنُ أَرقَمَ عَلَي مُعَاوِيَةَ فَإِذَا عَمرُو بنُ العَاصِ جَالِسٌ مَعَهُ عَلَي السّرِيرِ فَلَمّا رَأَي ذَلِكَ زَيدٌ جَاءَ حَتّي رَمَي بِنَفسِهِ بَينَهُمَا فَقَالَ لَهُ عَمرُو بنُ العَاصِ أَ مَا وَجَدتَ لَكَ مَجلِساً إِلّا أَن تَقطَعَ بيَنيِ وَ بَينَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ فَقَالَ زَيدٌ إِنّ رَسُولَ اللّهِص غَزَا غَزوَةً وَ أَنتُمَا مَعَهُ فَرَآكُمَا مُجتَمِعَينِ فَنَظَرَ إِلَيكُمَا نَظَراً شَدِيداً ثُمّ رَآكُمَا اليَومَ الثاّنيَِ وَ اليَومَ الثّالِثَ كُلّ ذَلِكَ يُدِيمُ النّظَرَ إِلَيكُمَا فَقَالَ فِي اليَومِ الثّالِثِ إِذَا رَأَيتُم مُعَاوِيَةَ وَ عَمرَو بنَ العَاصِ مُجتَمِعَينِ فَفَرّقُوا بَينَهُمَا فَإِنّهُمَا لَن يَجتَمِعَا عَلَي خَيرٍ
469- وَ عَن مُحَمّدِ بنِ فُضَيلٍ عَن يَزِيدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ عَمرِو بنِ
صفحه : 189
الأَحوَصِ قَالَ أخَبرَنَيِ أَبُو هِلَالٍ أَنّهُ سَمِعَ أَبَا بَرزَةَ الأسَلمَيِّ أَنّهُم كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللّهِص فَسَمِعُوا غِنَاءً فَتَشَرّفُوا لَهُ فَقَامَ رَجُلٌ فَاستَمَعَ لَهُ وَ ذَلِكَ قَبلَ أَن تُحَرّمَ الخَمرُ فَأَتَاهُم ثُمّ رَجَعَ فَقَالَ هُمَا مُعَاوِيَةُ وَ عَمرُو بنُ العَاصِ يُجِيبُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ وَ هُوَ يَقُولُ
لَا يَزَالُ حوَاَريِّ تَلُوحُ عِظَامُهُ | زَوَي الحَربُ عَنهُ أَن يُجَنّ فَيُقبَرَا |
فَرَفَعَ رَسُولُ اللّهِ يَدَيهِ فَقَالَ أللّهُمّ اركُسهُم فِي الفِتنَةِ رَكساً أللّهُمّ دُعّهُم إِلَي النّارِ دَعّاً
470- وَ عَن مُحَمّدِ بنِ فُضَيلٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِّ عَن سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعدِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ قَالَ إِنّ تَابُوتَ مُعَاوِيَةَ فِي النّارِ فَوقَ تَابُوتِ فِرعَونَ وَ ذَلِكَ بِأَنّ فِرعَونَ قَالَأَنَا رَبّكُمُ الأَعلي
471- وَ عَن شَرِيكٍ عَن لَيثٍ عَن طَاوُسٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ قَالَأَتَيتُ النّبِيّ
صفحه : 190
ص فَسَمِعتُهُ يَقُولُ يَطلُعُ عَلَيكُم مِن هَذَا الفَجّ رَجُلٌ يَمُوتُ حِينَ يَمُوتُ وَ هُوَ عَلَي غَيرِ سنُتّيِ فَشَقّ ذَلِكَ عَلَيّ وَ تَرَكتُ أَبِي يَلبَسُ ثِيَابَهُ وَ يجَيِءُ فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ
472- وَ عَن تَلِيدِ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الأَعمَشِ عَن عَلِيّ بنِ الأَقمَرِ قَالَ وَفَدنَا عَلَي مُعَاوِيَةَ وَ قَضَينَا حَوَائِجَنَا ثُمّ قُلنَا لَو مَرَرنَا بِرَجُلٍ قَد شَهِدَ رَسُولَ اللّهِص وَ عَايَنَهُ فَأَتَينَا عَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ فَقُلنَا يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللّهِ حَدّثنَا مَا شَهِدتَ وَ رَأَيتَ قَالَ إِنّ هَذَا أَرسَلَ إلِيَّ يعَنيِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَئِن بلَغَنَيِ أَنّكَ تُحَدّثُ لَأَضرِبَنّ عُنُقَكَ فَجَثَوتُ عَلَي ركُبتَيَّ بَينَ يَدَيهِ ثُمّ قُلتُ وَدِدتُ أَنّ أَحَدّ سَيفٍ فِي جُندِكَ عَلَي عنُقُيِ فَقَالَ وَ اللّهِ مَا كُنتُ لِأُقَاتِلَكَ وَ لَا أَقتُلَكَ وَ ايمُ اللّهِ مَا يمَنعَنُيِ أَن أُحَدّثَكُم مَا سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص قَالَ فِيهِ رَأَيتُ رَسُولَ اللّهِص أَرسَلَ إِلَيهِ يَدعُوهُ وَ كَانَ يَكتُبُ بَينَ يَدَيهِ فَجَاءَ الرّسُولُ فَقَالَ هُوَ يَأكُلُ فَأَعَادَ عَلَيهِ الرّسُولُ الثّالِثَةَ فَقَالَ هُوَ يَأكُلُ فَقَالَ لَا أَشبَعَ اللّهُ بَطنَهُ فَهَل تَرَونَهُ يَشبَعُ
473- قَالَ وَ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ مِن فَجّ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِص وَ إِلَي أَبِي سُفيَانَ وَ هُوَ رَاكِبٌ وَ مُعَاوِيَةُ وَ أَخُوهُ أَحَدُهُمَا قَائِدٌ وَ الآخَرُ سَائِقٌ فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِم رَسُولُ اللّهِص قَالَ أللّهُمّ العَنِ القَائِدَ وَ السّائِقَ وَ الرّاكِبَ قُلنَا أَنتَ سَمِعتَ مِن رَسُولِ اللّهِص قَالَ نَعَم وَ إِلّا فَصَمّتَا أذُنُاَيَ كَمَا عَمِيَتَا عيَناَيَ
صفحه : 191
474- وَ عَن عَبدِ العَزِيزِ بنِ الخَطّابِ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي الأَسوَدِ عَن إِسمَاعِيلَ عَنِ الحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا رَأَيتُم مُعَاوِيَةَ عَلَي منِبرَيِ يَخطُبُ فَاقتُلُوهُ
475-أَقُولُ قَالَ عَبدُ الحَمِيدِ بنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ نَهجِ البَلَاغَةِ،رَوَي أَبُو الحَسَنِ عَلِيّ بنُ مُحَمّدِ بنِ أَبِي سَيفٍ المدَاَئنِيِّ فِي كِتَابِ الأَحدَاثِ قَالَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ نُسخَةً وَاحِدَةً إِلَي عُمّالِهِ بَعدَ عَامِ الجَمَاعَةِ أَن بَرِئَتِ الذّمّةُ مِمّن رَوَي شَيئاً مِن فَضلِ أَبِي تُرَابٍ وَ أَهلِ بَيتِهِ فَقَامَتِ الخُطَبَاءُ فِي كُلّ كُورَةٍ وَ عَلَي كُلّ مِنبَرٍ يَلعَنُونَ عَلِيّاً وَ يَبرَءُونَ مِنهُ وَ يَقَعُونَ فِيهِ وَ فِي أَهلِ بَيتِهِ وَ سَاقَ الخَبَرُ نَحواً مِمّا مَرّ إِلَي أَن قَالَ
صفحه : 193
فَلَم يَزَلِ الأَمرُ كَذَلِكَ حَتّي مَاتَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ ع فَازدَادَ البَلَاءُ وَ الفِتنَةُ فَلَم يَبقَ أَحَدٌ مِن هَذَا القَبِيلِ إِلّا خَائِفٌ عَلَي دَمِهِ أَو طَرِيدٌ فِي الأَرضِ ثُمّ تَفَاقَمَ الأَمرُ بَعدَ قَتلِ الحُسَينِ ع وَ ولَيَِ عَبدُ المَلِكِ بنُ مَروَانَ فَاشتَدّ الأَمرُ عَلَي الشّيعَةِ وَ وَلّي عَلَيهِمُ الحَجّاجَ بنَ يُوسُفَ فَتَقَرّبَ إِلَيهِ أَهلُ النّسُكِ وَ الصّلَاحِ وَ الدّينِ بِبُغضِ عَلِيّ ع وَ مُوَالَاةِ أَعدَائِهِ وَ مُوَالَاةِ مَن يدَعّيِ مِنَ النّاسِ أَنّهُم أَيضاً أَعدَاؤُهُ فَأَكثَرُوا فِي الرّوَايَةِ فِي فَضلِهِم وَ سَوَابِقِهِم وَ مَنَاقِبِهِم وَ أَكثَرُوا مِنَ النّقصِ مِن عَلِيّ ع وَ عَيبِهِ وَ الطّعنِ فِيهِ وَ الشّنَآنِ لَهُ حَتّي إِنّ إِنسَاناً وَقَفَ لِلحَجّاجِ وَ يُقَالُ إِنّهُ جَدّ الأصَمعَيِّ عَبدِ المَلِكِ بنِ قَرِيبٍ فَصَاحَ بِهِ أَيّهَا الأَمِيرُ إِنّ أهَليِ عقَوّنيِ وَ سمَوّنيِ عَلِيّاً وَ إنِيّ فَقِيرٌ بَائِسٌ وَ أَنَا إِلَي صِلَةِ الأَمِيرِ مُحتَاجٌ فَتَضَاحَكَ لَهُ الحَجّاجُ وَ قَالَ لِلُطفِ مَا تَوَسّلتَ بِهِ قَد
صفحه : 194
وَلّيتُكَ مَوضِعَ كَذَا
و قدروي ابن عرفة المعروف بنفطويه و هو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تاريخه مايناسب هذاالخبر و قال إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنف بني هاشم
476-مد،[العمدة] مِنَ الجَمعِ بَينَ الصّحَاحِ السّتّةِ لِرَزِينٍ العبَدرَيِّ مِن صَحِيحِ النسّاَئيِّ بِإِسنَادِهِ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ قَالَمَرَرتُ عَلَي أَبِي ذَرّ بِالرّبَذَةِ فَقُلتُ مَا أَنزَلَكَ بِهَذِهِ الأَرضِ قَالَ كُنّا بِالشّامِ فَقَرَأتُوَ الّذِينَ يَكنِزُونَ الذّهَبَ وَ الفِضّةَ وَ لا يُنفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِالآيَةَ قَالَ مُعَاوِيَةُ مَا هَذِهِ فِينَا مَا هَذِهِ إِلّا فِي أَهلِ الكِتَابِ فَقُلتُ إِنّهَا فِينَا وَ فِيهِم فَكَانَ بيَنيِ وَ بَينَهُم فِي هَذَا الكَلَامِ
صفحه : 195
فَوَصَلَ ذَلِكَ إِلَي عُثمَانَ فَكَتَبَ إلِيَّ إِن شِئتَ تَنَحّيتَ عَنهُ فَذَلِكَ ألّذِي أنَزلَنَيِ هُنَا
477- وَ مِنَ الجَمعِ بَينَ الصّحِيحَينِ للِحمُيَديِّ مِن إِفرَادِ مُسلِمٍ بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ كُنتُ أَلعَبُ مَعَ الصّبيَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللّهِص فَتَوَارَيتُ خَلفَ بَابٍ فَجَاءَ فحَطَأَنَيِ حَطأَةً وَ قَالَ اذهَب فَادعُ لِي مُعَاوِيَةَ قَالَ فَجِئتُ فَقُلتُ هُوَ يَأكُلُ ثُمّ قَالَ اذهَب فَادعُ لِي مُعَاوِيَةَ قَالَ فَجِئتُ فَقُلتُ هُوَ يَأكُلُ فَقَالَ لَا أَشبَعَ اللّهُ بَطنَهُ
478- أَقُولُ رَوَاهُ فِي الإِستِيعَابِ،بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ
479- وروي العلامة قدس سره في كشف الحق نقلا عن صحيح مسلم مثله ثم قال قال الحسن بن مثني قلت مامعني حطأني قال وقذني وقذة وأقول قال في مادة حطا من النهاية في حديث ابن عباس قال أخذ النبي بقفاي فحطاني حطوة قال الهروي هكذا جاء به الراوي غيرمهموز و قال قال ابن الأعرابي الحطو تحريك الشيء مزعزعا و قال رواه شمر بالهمزة يقال حطأه يحطؤه حطأ إذادفعه بكفه وقيل لا يكون الحطأة إلاضربة
صفحه : 196
بالكف بين الكتفين انتهي
480- وَ روُيَِ فِي المُستَدرَكِ مِنَ الفِردَوسِ بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَوّلُ مَن يَختَصِمُ مِن هَذِهِ الأُمّةِ بَينَ يدَيَِ الرّبّ عَزّ وَ جَلّ عَلِيّ ع وَ مُعَاوِيَةُ
481- كِتَابُ عَبّادٍ العصُفرُيِّ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي العبَسيِّ عَن بِلَالِ بنِ يَحيَي عَن حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا رَأَيتُم مُعَاوِيَةَ بنَ أَبِي سُفيَانَ عَلَي المِنبَرِ فَاضرِبُوهُ بِالسّيفِ وَ إِذَا رَأَيتُمُ الحَكَمَ بنَ أَبِي العَاصِ وَ لَو تَحتَ أَستَارِ الكَعبَةِ فَاقتُلُوهُ الخَبَرَ
482- كِتَابُ مُحَمّدِ بنِ المُثَنّي عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ شُرَيحٍ عَن ذَرِيحٍ المحُاَربِيِّ
صفحه : 197
قَالَ قَالَ الحَارِثُ بنُ المُغِيرَةِ النضّريِّ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع إِنّ أَبَا مَعقِلٍ المزُنَيِّ حدَثّنَيِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ صَلّي بِالنّاسِ المَغرِبَ فَقَنَتَ فِي الرّكعَةِ الثّانِيَةِ وَ لَعَنَ مُعَاوِيَةَ وَ عَمرَو بنَ العَاصِ وَ أَبَا مُوسَي الأشَعرَيِّ وَ أَبَا الأَعوَرِ السلّمَيِّ قَالَ الشّيخُ ع صَدَقَ فَالعَنهُم
483- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع وَ اللّهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدهَي منِيّ وَ لَكِنّهُ يَغدِرُ وَ يَفجُرُ وَ لَو لَا كَرَاهِيَةُ الغَدرِ كُنتُ مِن أَدهَي النّاسِ وَ لَكِن كُلّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وَ كُلّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ وَ لِكُلّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعرَفُ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ وَ اللّهِ مَا أُستَغفَلُ بِالمَكِيدَةِ وَ لَا أُستَغمَزُ بِالشّدِيدَةِ
بيان قوله بأدهي مني الدهاء بالفتح الفطنة وجودة الرأي ويقال رجل داهية و هو ألذي لم يغلب عليه أحد في تدابير أمور الدنيا. و قال ابن أبي الحديد الغدرة بضم الفاء وفتح العين الكثير الغدر والكفرة والفجرة الكثير الكفر والفجور و كل ما كان علي هذاالبناء فهو الفاعل فإن سكنت العين فهو المفعول تقول رجل ضحكة أي يضحك وضحكة أي يضحك منه ويروي غدرة وفجرة وكفرة علي فعلة للمرة الواحدة. و قال ابن ميثم قال بعض الشارحين وجه لزوم الكفر هنالك أن الغدر علي وجه استباحة ذلك واستحلاله كما هوالمشهور من حال ابن العاص ومعاوية في استباحة ماعلم تحريمه ضرورة وجحده هوالكفر ويحتمل أن يريد كفر نعم الله وسترها بإظهار معصيته كما هوالمفهوم منه لغة.أقول إطلاق الكفر علي ارتكاب الكبائر واجتناب الفرائض شائع في الأخبار. قوله ع ماأستغفل أي لايمكن للخصم أن يجعلني غافلا بكيده بل
صفحه : 198
أعلم مقصوده لكني قدأعرض عنه للمصلحة وأحكم بظاهر الأمر رعاية للشريعة أو لاتجوز المكيدة علي كماتجوز علي ذوي الغفلة و لاأستغمز الغمز العصر باليد والكبس أي لاألين بالخطب الشديد بل أصبر عليه ويروي بالراء المهملة أي لاأستجهل بشدائد المكاره 484- كشف الحق ،للعلامة قدس الله روحه قال روي صاحب كتاب الهاوية أن معاوية قتل أربعين ألفا من المهاجرين والأنصار وأولادهم 485-أقول قال مؤلف إلزام النواصب والعلامة رحمه الله في كشف الحق ،روي أبوالمنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي في كتاب المثالب
كان معاوية لعمارة بن الوليد المخزومي ولمسافر بن أبي عمرو ولأبي سفيان ولرجل آخر سماه وكانت هند أمه من المغلمات و كان أحب الرجال إليها السودان وكانت إذاولدت أسود دفنته وكانت حمامة إحدي جدات معاوية لها راية في ذي المجازقالا وذكر أبوسعيد إسماعيل بن علي السمعاني الحنفي من علماء أهل السنة في مثالب بني أمية والشيخ أبوالفتوح جعفر بن محمدالهمداني من علمائهم في كتاب بهجة المستفيد أن مسافر بن عمرو بن أمية بن عبدشمس كان ذا جمال وسخاء فعشق هندا وجامعها سفاحا واشتهر ذلك في قريش فلما حملت وظهر السفاح هرب مسافر من أبيها إلي الحيرة و كان سلطان العرب عمرو بن هند وطلب أبوها عتبة أباسفيان ووعده بمال جزيل وزوجه هندا فوضعت بعدثلاثة أشهر معاوية ثم ورد أبوسفيان علي عمرو بن هند فسأله مسافر عن حال هند فقال إني تزوجتها فمرض ومات 486- و قال العلامة رحمه الله في كشف الحق ،ادعي معاوية أخوة زياد
صفحه : 199
و كان له مدع يقال له أبوعبيدة عبدبني علاج من ثقيف فأقدم معاوية علي تكذيب ذلك الرجل مع أن زيادا ولد علي فراشه وادعي معاوية أن أباسفيان زني بوالدة زياد وهي عندزوجها المذكور و إن زيادا من أبي سفيان انتهي .
487- و قال العلامة الشيرازي في نزهة القلوب ،أولاد الزنا نجب لأن الرجل يزني بشهوته ونشاطه فيخرج الولد كاملا و ما يكون من الحلال فمن تصنع الرجل إلي المرأة ولهذا كان عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان من دهاة الناس ثم ساق الكلام في بيان نسبهما علي ماسيأتي من كتاب ربيع الأبرار ثم زاد علي ذلك و قال ومنهم زياد ابن أبيه و فيه يقول الشاعر
ألا أبلغ معاوية بن حرب | مغلغلة من الرجل اليماني |
أتغضب أن يقال أبوك عف | وترضي أن يكون أبوك زان |
488- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ عَن يُوسُفَ بنِ كُلَيبٍ المسَعوُديِّ عَنِ الحَسَنِ بنِ حَمّادٍ الطاّئيِّ عَن عَبدِ الصّمَدِ الباَرقِيِّ قَالَقَدِمَ عَقِيلٌ عَلَي عَلِيّ ع وَ هُوَ جَالِسٌ فِي صَحنِ مَسجِدِ الكُوفَةِ فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ رَحمَةُ اللّهِ قَالَ وَ عَلَيكَ السّلَامُ يَا أَبَا يَزِيدَ ثُمّ التَفَتَ إِلَي الحَسَنِ بنِ عَلِيّ ع فَقَالَ قُم وَ أَنزِل عَمّكَ فَذَهَبَ بِهِ وَ أَنزَلَهُ وَ عَادَ إِلَيهِ فَقَالَ لَهُ اشتَرِ لَهُ قَمِيصاً جَدِيداً وَ رِدَاءً جَدِيداً وَ إِزَاراً جَدِيداً وَ نَعلًا جَدِيداً فَغَدَا عَلَي عَلِيّ ع فِي الثّيَابِ فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ وَ عَلَيكَ السّلَامُ يَا أَبَا يَزِيدَ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا أَرَاكَ أَصَبتَ مِنَ الدّنيَا شَيئاً إِلّا هَذِهِ الحَصبَاءَ قَالَ يَا أَبَا يَزِيدَ يَخرُجُ عطَاَئيِ فَأُعطِيكَاهُ فَارتَحَلَ عَن عَلِيّ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ فَلَمّا سَمِعَ بِهِ مُعَاوِيَةُ نَصَبَ
صفحه : 200
كَرَاسِيّهُ وَ أَجلَسَ جُلَسَاءَهُ فَوَرَدَ عَلَيهِ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلفِ دِرهَمٍ فَقَبَضَهَا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ أخَبرِنيِ عَنِ العَسكَرَينِ قَالَ مَرَرتُ بِعَسكَرِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَإِذَا لَيلٌ كَلَيلِ النّبِيّص وَ نَهَارٌ كَنَهَارِ النّبِيّ إِلّا أَنّ رَسُولَ اللّهِص لَيسَ فِي القَومِ وَ مَرَرتُ بِعَسكَرِكَ فاَستقَبلَنَيِ قَومٌ مِنَ المُنَافِقِينَ مِمّن نَفَرَ بِرَسُولِ اللّهِص لَيلَةَ العَقَبَةِ فَقَالَ مَن هَذَا ألّذِي عَن يَمِينِكَ يَا مُعَاوِيَةُ قَالَ هَذَا عَمرُو بنُ العَاصِ قَالَ هَذَا ألّذِي اختَصَمَ فِيهِ سِتّةُ نَفَرٍ فَغَلَبَ عَلَيهِ جَزّارُهَا فَمَنِ الآخَرُ قَالَ الضّحّاكُ بنُ قَيسٍ الفهِريِّ قَالَ أَمَا وَ اللّهِ لَقَد كَانَ أَبُوهُ جَيّدَ الأَخذِ خَسِيسَ النّفسِ فَمَن هَذَا الآخَرُ قَالَ أَبُو مُوسَي الأشَعرَيِّ قَالَ هَذَا ابنُ المَرَاقَةِ فَلَمّا رَأَي مُعَاوِيَةُ أَنّهُ قَد أَغضَبَ جُلَسَاءَهُ قَالَ يَا أَبَا يَزِيدَ مَا تَقُولُ فِيّ قَالَ دَع عَنكَ قَالَ لَتَقُولَنّ قَالَ أَ تَعرِفُ حَمَامَةَ قَالَ وَ مَن حَمَامَةُ قَالَ أَخبَرتُكَ وَ مَضَي عَقِيلٌ فَأَرسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَي النّسّابَةِ فَقَالَ أخَبرِنيِ مَن حَمَامَةُ قَالَ أعَطنِيِ الأَمَانَ عَلَي نفَسيِ وَ أهَليِ فَأَعطَاهُ قَالَ حَمَامَةُ جَدّتُكَ وَ كَانَت بَغِيّةً فِي الجَاهِلِيّةِ لَهَا رَايَةٌ تُؤتَي
قال الشيخ قال أبوبكر بن زبين هي أم أم أبي سفيان 489- و قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة معاوية هو أبو عبدالرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبدشمس بن عبدمناف وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبدشمس بن عبدمناف و أبوسفيان هو ألذي قاد قريشا في حروبها إلي النبي ص وكانت هند
صفحه : 201
تذكر في مكة بفجور وعهر و قال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار، كان معاوية يعزي إلي أربعة إلي مسافر بن أبي عمرو و إلي عمارة بن الوليد بن المغيرة و إلي العباس بن عبدالمطلب و إلي الصباح مغن كان لعمارة بن الوليد قال و كان أبوسفيان دميما قصيرا و كان الصباح عسيفا لأبي سفيان شابا وسيما فدعته هند إلي نفسها فغشيها وقالوا إن عتبة بن أبي سفيان من الصباح أيضا وقالوا إنها كرهت أن تضعه في منزلها فخرجت إلي أجياد فوضعته هناك و في هذاالمعني يقول حسان أيام المهاجاة بين المسلمين والمشركين في حياة رسول الله ص قبل عام الفتح
لمن الصبي بجانب البطحاء | في الترب ملقي غيرذي مهد |
نجلت به بيضاء آنسه | من عبدشمس صلته الخد |
قال ابن أبي الحديد وولي معاوية اثنتين وأربعين سنة منها اثنتان وعشرون سنة ولي فيهاإمارة الشام مذ مات أخوه يزيد بن أبي سفيان بعدخمس سنين من خلافة عمر إلي أن قتل أمير المؤمنين ع في سنة أربعين ومنها عشرون سنة خليفة إلي أن مات في سنة ستين و كان أحد كُتّاب رسول الله ص واختلف في كتابته له كيف كانت فالذي عليه المحققون من أهل السيرة أن الوحي كان يكتبه علي ع وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم و إن حنظلة بن الربيع ومعاوية بن أبي سفيان كانا يكتبان له إلي الملوك و إلي رؤساء القبائل ويكتبان حوائجه بين يديه ويكتبان مايجبي من أموال الصدقات مايقسم له في أربابها و كان معاوية علي أس الدهر مبغضا لعلي ع شديد الانحراف عنه وكيف لايبغضه و قدقتل أخاه حنظلة يوم بدر وخاله الوليد بن عتبة وشرك عمه حمزة في جده و هوعتبة أو في عمه و هوشيبة علي اختلاف الرواية وقتل من بني عمه من بني عبدشمس نفرا كثيرا من أعيانهم وأماثلهم ثم
صفحه : 202
جاءت الطامة الكبري واقعة عثمان فنسبها كلها إليه بشبهة إمساكه عنه وانضواء كثير من قتلته إليه فتأكدت البغضة وثارت الأحقاد وتذكرت تلك التراث الأولي حتي أفضي الأمر إلي ماأفضي إليه و قد كان معاوية مع عظم قدر علي ع في النفوس واعتراف العرب بشجاعته و أنه البطل ألذي لايقام له يتهدده وعثمان بعدحي بالحرب والمنابذة ويراسله من الشام رسائل خشنة ثم قال ومعاوية مطعون في دينه عندشيوخنا يرمي بالزندقة و قدذكرنا في نقض السفيانية علي شيخنا أبي عثمان الجاحظ مارواه أصحابنا في كتبهم الكلامية عنه من الإلحاد والتعرض لرسول الله ص و ماتظاهر به من الجبر والإرجاء و لو لم يكن شيء من ذلك لكان في محاربته الإمام مايكفي في فساد حاله لاسيما علي قواعد أصحابنا وكونهم بالكبيرة الواحدة يقطعون علي المصير إلي النار والخلود فيها إن لم يكفرها التوبة و قال في موضع آخر معاوية عندأصحابنا مطعون في دينه منسوب إلي الإلحاد قدطعن فيه شيخنا أبو عبد الله البصري في كتاب نقض السفيانية علي الجاحظ وروي عنه أخبارا تدل علي ذلك
490- رَوَي ذَلِكَ أَحمَدُ بنُ أَبِي طَاهِرٍ فِي كِتَابِ أَخبَارِ المُلُوكِ أَنّ مُعَاوِيَةَ سَمِعَ المُؤَذّنَ يَقُولُ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ فَقَالَهَا فَقَالَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ فَقَالَ لِلّهِ أَبُوكَ يَا ابنَ عَبدِ اللّهِ لَقَد كُنتَ عاَليِ الهِمّةِ مَا رَضِيتَ لِنَفسِكَ إِلّا أَن تَقرُنَ اسمَكَ بِاسمِ رَبّ العَالَمِينَ
491- قَالَ وَ رَوَي نَصرُ بنُ مُزَاحِمٍ عَنِ الحَكَمِ بنِ ظُهَيرٍ عَن إِسمَاعِيلَ عَنِ
صفحه : 203
الحَسَنِ قَالَ وَ حَدّثَنَا الحَكَمُ أَيضاً عَن عَاصِمِ بنِ أَبِي النّجُودِ عَن زِرّ بنِ حُبَيشٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا رَأَيتُم مُعَاوِيَةَ بنَ أَبِي سُفيَانَ يَخطُبُ عَلَي منِبرَيِ فَاضرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ الحَسَنُ فَوَ اللّهِ مَا فَعَلُوا وَ لَا أَفلَحُوا
492- وَ رَوَي أَيضاً فِي مَوضِعٍ آخَرَ مِن تَارِيخِ مُحَمّدِ بنِ جَرِيرٍ الطبّرَيِّ أَنّهُ قَالَ فِي هَذِهِ السّنَةِ[284]عَزَمَ المُعتَضِدُ عَلَي لَعنِ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ عَلَي المَنَابِرِ وَ أَمَرَ بِإِنشَاءِ كِتَابٍ يُقرَأُ عَلَي النّاسِ فَخَوّفَهُ عُبَيدُ اللّهِ بنُ سُلَيمَانَ اضطِرَابَ العَامّةِ وَ أَنّهُ لَا يَأمَنُ أَن تَكُونَ فِتنَةٌ فَلَم يَلتَفِت إِلَيهِ فَكَانَ أَوّلُ شَيءٍ بَدَأَ بِهِ المُعتَضِدُ مِن ذَلِكَ التّقدِيمَ إِلَي العَامّةِ بِلُزُومِ أَعمَالِهِم وَ تَركِ الِاجتِمَاعِ وَ العَصَبِيّةِ وَ الشّهَادَاتِ عِندَ السّلطَانِ إِلّا أَن يُسأَلُوا وَ مَنَعَ القُصّاصَ عَنِ القُعُودِ عَلَي الطّرُقَاتِ وَ أُنشِئَ هَذَا الكِتَابُ وَ عُمِلَت مِنهُ نُسَخٌ قُرِئَت بِالجَانِبَينِ مِن مَدِينَةِ السّلَامِ فِي الأَربَاعِ وَ المَحَالّ وَ الأَسوَاقِ فِي يَومِ الأَربِعَاءِ لِسِتّ بَقِينَ مِنهَا وَ مُنِعَ القُصّاصُ مِنَ القُعُودِ فِي الجَانِبَينِ وَ مُنِعَ أَهلُ الحِلَقِ فِي الفُتيَا أَو غَيرُهُم مِنَ القُعُودِ فِي المَسجِدَينِ
صفحه : 204
وَ نوُديَِ فِي المَسجِدِ الجَامِعِ بنِهَيِ النّاسِ عَنِ الِاجتِمَاعِ عَلَي قَاصّ أَو غَيرِهِ وَ مُنِعَ القُصّاصُ وَ أَهلُ الحِلَقِ مِنَ القُعُودِ وَ نوُديَِ إِنّ الذّمّةَ قَد بَرِئَت مِمّنِ اجتَمَعَ مِنَ النّاسِ فِي مُنَاظَرَةٍ وَ جَدَلٍ وَ تَقَدّمَ إِلَي الشّرّابِ الّذِينَ يُسقَونَ المَاءَ فِي الجَامِعِينَ أَن لَا يَتَرَحّمُوا عَلَي مُعَاوِيَةَ وَ لَا يَذكُرُوهُ بِخَيرٍ وَ كَانَت عَادَتُهُم جَارِيَةً بِالتّرَحّمِ وَ تَحَدّثَ النّاسُ أَنّ الكِتَابَ ألّذِي قَد أَمَرَ المُعتَضِدُ بِإِنشَائِهِ بِلَعنِ مُعَاوِيَةَ يُقرَأُ بَعدَ صَلَاةِ الجُمُعَةِ عَلَي المِنبَرِ فَلَمّا صَلّي النّاسُ الجُمُعَةَ بَادَرُوا إِلَي المَقصُورَةِ لِيَسمَعُوا قِرَاءَةَ الكِتَابِ فَلَم يُقرَأ وَ قِيلَ إِنّ عُبَيدَ اللّهِ بنَ سُلَيمَانَ صَرَفَهُ عَن قِرَاءَتِهِ وَ إِنّهُ أَحضَرَ يُوسُفَ بنَ
صفحه : 205
يَعقُوبَ القاَضيَِ وَ أَمَرَهُ أَن يَعمَلَ الحِيلَةَ فِي إِبطَالِ مَا عَزَمَ المُعتَضِدُ عَلَيهِ فَمَضَي يُوسُفُ فَكَلّمَ المُعتَضِدَ فِي ذَلِكَ وَ قَالَ لَهُ إنِيّ أَخَافُ أَن تَضطَرِبَ العَامّةُ وَ يَكُونَ مِنهَا عِندَ سَمَاعِهَا هَذَا الكِتَابَ حَرَكَةٌ فَقَالَ إِن تَحَرّكَتِ العَامّةُ أَو نَطَقَت وَضَعتُ السّيفَ فِيهَا فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَمَا تَصنَعُ بِالطّالِبِيّينَ الّذِينَ يَخرُجُونَ فِي كُلّ نَاحِيَةٍ وَ يَمِيلُ إِلَيهِم خَلقٌ كَثِيرٌ لِقَرَابَتِهِم مِن رَسُولِ اللّهِ وَ مَا فِي هَذَا الكِتَابِ مِن إِطرَائِهِم أَو كَمَا قَالَ وَ إِذَا سَمِعَ النّاسُ هَذَا كَانُوا إِلَيهِم أَميَلَ وَ كَانُوا هُم أَبسَطَ أَلسِنَةً وَ أَثبَتَ حُجّةً مِنهُمُ اليَومَ فَأَمسَكَ المُعتَضِدُ فَلَم يَرُدّ عَلَيهِ جَوَاباً وَ لَم يَأمُر بَعدَ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ بشِيَءٍ وَ كَانَ مِن جُملَةِ الكِتَابِ بَعدَ أَن قَدّمَ حَمدَ اللّهِ وَ الثّنَاءَ عَلَيهِ وَ الصّلَاةَ عَلَي رَسُولِهِص أَمّا بَعدُ فَقَدِ انتَهَي إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ مَا عَلَيهِ جَمَاعَةُ العَامّةِ مِن شُبهَةٍ قَد دَخَلَتهُم فِي أَديَانِهِم وَ فَسَادٍ قَد لَحِقَهُم فِي مُعتَقَدِهِم وَ عَصَبِيّةٍ قَد غَلَبَت عَلَيهَا أَهوَاؤُهُم وَ نَطَقَت بِهَا أَلسِنَتُهُم عَلَي غَيرِ مَعرِفَةٍ وَ لَا رَوِيّةٍ قَد قَلّدُوا فِيهَا قَادَةَ الضّلَالَةِ بِلَا بَيّنَةٍ وَ لَا بَصِيرَةٍ وَ خَالَفُوا السّنَنَ المُتّبَعَةَ إِلَي الأَهوَاءِ المُبتَدَعَةِ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ مَن أَضَلّ مِمّنِ اتّبَعَ هَواهُ بِغَيرِ هُديً مِنَ اللّهِ إِنّ اللّهَ لا يهَديِ القَومَ الظّالِمِينَخُرُوجاً عَنِ الجَمَاعَةِ وَ مُسَارَعَةً
صفحه : 206
إِلَي الفِتنَةِ وَ إِيثَاراً لِلفُرقَةِ وَ تَشتِيتاً لِلكَلِمَةِ وَ إِظهَاراً لِمُوَالَاةِ مَن قَطَعَ اللّهُ عَنهُ المُوَالَاةَ وَ بَتَرَ مِنهُ العِصمَةَ وَ أَخرَجَهُ مِنَ المِلّةِ وَ أَوجَبَ عَلَيهِ اللّعنَةَ وَ تَعظِيماً لِمَن صَغّرَ اللّهُ حَقّهُ وَ أَوهَنَ أَمرَهُ وَ أَضعَفَ رُكنَهُ مِن بنَيِ أُمَيّةَ الشّجَرَةِ المَلعُونَةِ وَ مُخَالَفَةً لِمَنِ استَنقَذَهُمُ اللّهُ بِهِ مِنَ الهَلَكَةِ وَ أَسبَغَ عَلَيهِم بِهِ النّعمَةَ مِن أَهلِ بَيتِ البَرَكَةِ وَ الرّحمَةِوَ اللّهُ يَختَصّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِفَأَعظَمَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا انتَهَي إِلَيهِ مِن ذَلِكَ وَ رَأَي تَركَ إِنكَارِهِ حَرَجاً عَلَيهِ فِي الدّينِ وَ فَسَاداً لِمَن قَلّدَهُ اللّهُ أَمرَهُ مِنَ المُسلِمِينَ وَ إِهمَالًا لِمَا أَوجَبَهُ اللّهُ عَلَيهِ مِن تَقوِيمِ المُخَالِفِينَ وَ تَبصِيرِ الجَاهِلِينَ وَ إِقَامَةِ الحُجّةِ عَلَي الشّاكّينَ وَ بَسطِ اليَدِ عَنِ المُعَانِدِينَ وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ يُخبِرُكُم مَعَاشِرَ المُسلِمِينَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ ثَنَاؤُهُ لَمّا ابتَعَثَ مُحَمّداًص بِدِينِهِ وَ أَمَرَهُ أَن يَصدَعَ بِأَمرِهِ بَدَأَ بِأَهلِهِ وَ عَشِيرَتِهِ فَدَعَاهُم إِلَي رَبّهِ وَ أَنذَرَهُم وَ بَشّرَهُم وَ نَصَحَ لَهُم وَ أَرشَدَهُم وَ كَانَ مَنِ استَجَابَ لَهُ وَ صَدّقَ قَولَهُ وَ اتّبَعَ أَمرَهُ نَفَرٌ يَسِيرٌ مِن بنَيِ أَبِيهِ مِن بَينِ مُؤمِنٍ بِمَا أَتَي بِهِ مِن رَبّهِ وَ نَاصِرٍ لِكَلِمَتِهِ وَ إِن لَم يَتّبِع دِينَهُ إِعزَازاً لَهُ وَ إِشفَاقاً عَلَيهِ فَمُؤمِنُهُم مُجَاهِدٌ بِبَصِيرَتِهِ وَ كَافِرُهُم مُجَاهِدٌ بِنُصرَتِهِ وَ حَمِيّتِهِ يَدفَعُونَ مَن نَابَذَهُ وَ يَقهَرُونَ مَن عَابَهُ وَ عَانَدَهُ وَ يَتَوَثّقُونَ لَهُ مِمّن كَانَفَهُ وَ عَاضَدَهُ وَ يُبَايِعُونَ لَهُ مَن سَمِحَ لَهُ بِنُصرَتِهِ وَ يَتَجَسّسُونَ أَخبَارَ أَعدَائِهِ وَ يَكِيدُونَ لَهُ بِظَهرِ الغَيبِ كَمَا يَكِيدُونَ لَهُ برِأَيِ العَينِ حَتّي بَلَغَ المَدَي وَ حَانَ وَقتُ الِاهتِدَاءِ فَدَخَلُوا فِي دِينِ اللّهِ وَ طَاعَتِهِ وَ تَصدِيقِ رَسُولِهِ وَ الإِيمَانِ بِهِ بِأَثبَتِ بَصِيرَةٍ وَ أَحسَنِ هُدًي وَ رَغبَةٍ فَجَعَلَهُمُ اللّهُ أَهلَ بَيتِ الرّحمَةِ أَهلَ بَيتِهِ الّذِينَ أَذهَبَ عَنهُمُ الرّجسَ وَ طَهّرَهُم تَطهِيراً مَعدِنَ الحِكمَةِ وَ وَرَثَةَ النّبُوّةِ وَ مَوضِعَ الخِلَافَةِ أَوجَبَ اللّهُ لَهُمُ الفَضِيلَةَ وَ أَلزَمَ العِبَادَ لَهُمُ الطّاعَةَ
صفحه : 207
وَ كَانَ مِمّن عَانَدَهُ وَ كَذّبَهُ وَ حَارَبَهُ مِن عَشِيرَتِهِ العَدَدُ الكَثِيرُ وَ السّوَادُ الأَعظَمُ يَتَلَقّونَهُ بِالضّرَرِ وَ التّثرِيبِ وَ يَقصِدُونَهُ بِالأَذَي وَ التّخوِيفِ وَ يُنَابِذُونَهُ بِالعَدَاوَةِ وَ يَنصِبُونَ لَهُ المُحَارَبَةَ وَ يَصُدّونَ عَن قَصدِهِ وَ يَنَالُونَ بِالتّعذِيبِ مَنِ اتّبَعَهُ وَ كَانَ أَشَدّهُم فِي ذَلِكَ عَدَاوَةً وَ أَعظَمُهُم لَهُ مُخَالَفَةً أَوّلَهُم فِي كُلّ حَربٍ وَ مُنَاصَبَةٍ وَ رَأسَهُم فِي كُلّ إِجلَابٍ وَ فِتنَةٍ لَا تُرفَعُ عَنِ الإِسلَامِ رَايَةٌ إِلّا كَانَ صَاحِبُهَا وَ قَائِدُهَا وَ رَئِيسُهَا أَبَا سُفيَانَ بنَ حَربٍ صَاحِبَ أُحُدٍ وَ الخَندَقِ وَ غَيرِهِمَا وَ أَشيَاعَهُ مِن بنَيِ أُمَيّةَ المَلعُونِينَ فِي كِتَابِ اللّهِ ثُمّ المَلعُونِينَ عَلَي لِسَانِ رَسُولِ اللّهِص فِي مَوَاطِنَ عِدّةٍ لِسَابِقِ عِلمِ اللّهِ فِيهِم وَ ماَضيِ حُكمِهِ فِي أَمرِهِم وَ كُفرِهِم وَ نِفَاقِهِم فَلَم يَزَل لَعَنَهُ اللّهُ يُحَارِبُ مُجَاهِداً وَ يُدَافِعُ مُكَايِداً وَ يَجلِبُ مُنَابِذاً حَتّي قَهَرَهُ السّيفُ وَ عَلَا أَمرُ اللّهِوَ هُم كارِهُونَفَتَعَوّذَ بِالإِسلَامِ غَيرَ مَنطُوّ عَلَيهِ وَ أَسَرّ الكُفرَ غَيرَ مُقلِعٍ عَنهُ فَقَبِلَهُ وَ قَبِلَ وُلدُهُ عَلَي عِلمٍ مِنهُ بِحَالِهِ وَ حَالِهِم ثُمّ أَنزَلَ اللّهُ تَعَالَي كِتَاباً فِيمَا أَنزَلَهُ عَلَي رَسُولِهِ يَذكُرُ فِيهِ شَأنَهُم وَ هُوَ
صفحه : 208
قَولُهُوَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ وَ لَا خِلَافَ بَينَ أَحَدٍ أَنّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَرَادَ بِهَا بنَيِ أُمَيّةَ وَ مِمّا وَرَدَ مِن ذَلِكَ فِي السّنّةِ وَ رَوَاهُ ثِقَاتُ الأُمّةِ قَولُ رَسُولِ اللّهِص فِيهِ وَ قَد رَآهُ مُقبِلًا عَلَي حِمَارٍ وَ مُعَاوِيَةُ يَقُودُهُ وَ يَزِيدُ يَسُوقُهُ لَعَنَ اللّهُ الرّاكِبَ وَ القَائِدَ وَ السّائِقَ وَ مِنهُ مَا رَوَتهُ الرّوَاةُ عَنهُ مِن قَولِهِ يَومَ بَيعَةِ عُثمَانَ تَلَقّفُوهَا يَا بنَيِ عَبدِ شَمسٍ تَلَقّفَ الكُرَةِ فَوَ اللّهِ مَا مِن جَنّةٍ وَ لَا نَارٍ وَ هَذَا كُفرٌ صُرَاحٌ يَلحَقُهُ اللّعنَةُ مِنَ اللّهِ كَمَا لَحِقَتِالّذِينَ كَفَرُوا مِن بنَيِ إِسرائِيلَ عَلي لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَي ابنِ مَريَمَ ذلِكَ بِما عَصَوا وَ كانُوا يَعتَدُونَ وَ مِنهُ مَا يُروَي مِن وُقُوفِهِ عَلَي ثَنِيّةِ أُحُدٍ بَعدَ ذَهَابِ بَصَرِهِ وَ قَولِهِ لِقَائِدِهِ هُنَالِكَ دَمَينَا مُحَمّداً وَ قَتَلنَا أَصحَابَهُ وَ مِنهَا الكَلِمَةُ التّيِ قَالَهَا لِلعَبّاسِ قَبلَ الفَتحِ وَ قَد عُرِضَت عَلَيهِ الجُنُودُ لَقَد أَصبَحَ مُلكُ ابنِ أَخِيكَ عَظِيماً فَقَالَ لَهُ العَبّاسُ وَيحَكَ إِنّهُ لَيسَ بِمُلكٍ إِنّهَا النّبُوّةُ وَ مِنهُ قَولُهُ يَومَ الفَتحِ وَ قَد رَأَي بِلَالًا عَلَي ظَهرِ الكَعبَةِ يُؤَذّنُ وَ يَقُولُ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِص لَقَد أَسعَدَ اللّهُ عُتبَةَ بنَ رَبِيعَةَ إِذ لَم يَشهَد هَذَا المَشهَدَ
صفحه : 209
وَ مِنهَا الرّؤيَا التّيِ رَآهَا رَسُولُ اللّهِص فَوَجَمَ لَهَا قَالُوا فَمَا رئُيَِ بَعدَهَا ضَاحِكاً رَأَي نَفَراً مِن بنَيِ أُمَيّةَ يَنزُونَ عَلَي مِنبَرِهِ نَزوَ القِرَدَةِ وَ مِنهَا طَردُ رَسُولِ اللّهِص الحَكَمَ بنَ أَبِي العَاصِ لِمُحَاكَاتِهِ إِيّاهُ فِي مِشيَتِهِ وَ أَلحَقَهُ اللّهُ بِدَعوَةِ رَسُولِ اللّهِص آفَةً بَاقِيَةً حِينَ التَفَتَ إِلَيهِ فَرَآهُ يَتَخَلّجُ يَحكِيهِ فَقَالَ كُن كَمَا أَنتَ فبَقَيَِ عَلَي ذَلِكَ سَائِرَ عُمُرِهِ هَذَا إِلَي مَا كَانَ مِن مَروَانَ ابنِهِ وَ افتِتَاحِهِ أَوّلَ فِتنَةٍ كَانَت فِي الإِسلَامِ وَ احتِقَابِهِ كُلّ دَمٍ حَرَامٍ سُفِكَ فِيهَا أَو أُرِيقَ بَعدَهَا وَ مِنهَا مَا أَنزَلَ اللّهُ تَعَالَي عَلَي نَبِيّهِص لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍقَالُوا مُلكُ بنَيِ أُمَيّةَ وَ مِنهَا أَنّ رَسُولَ اللّهِص دَعَا مُعَاوِيَةَ لِيَكتُبَ بَينَ يَدَيهِ فَدَافَعَ بِأَمرِهِ وَ اعتَلّ بِطَعَامِهِ فَقَالَص لَا أَشبَعَ اللّهُ بَطنَهُ فبَقَيَِ لَا يَشبَعُ وَ يَقُولُ وَ اللّهِ مَا أَترُكُ الطّعَامَ شِبَعاً وَ لَكِن إِعيَاءً وَ مِنهَا أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ يَطلُعُ مِن هَذَا الفَجّ رَجُلٌ مِن أمُتّيِ يَحشُرُ عَلَي غَيرِ ملِتّيِ فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ وَ مِنهَا أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِذَا رَأَيتُم مُعَاوِيَةَ عَلَي منِبرَيِ فَاقتُلُوهُ
صفحه : 210
وَ مِنهَا الحَدِيثُ المَشهُورُ المَرفُوعُ أَنّهُص قَالَ إِنّ مُعَاوِيَةَ فِي تَابُوتٍ مِن نَارٍ فِي أَسفَلِ دَركٍ مِن جَهَنّمَ ينُاَديِ يَا حَنّانُ يَا مَنّانُ فَيُقَالُ لَهُآلآنَ وَ قَد عَصَيتَ قَبلُ وَ كُنتَ مِنَ المُفسِدِينَ وَ مِنهَا انتِزَاؤُهُ بِالمُحَارَبَةِ لِأَفضَلِ المُسلِمِينَ فِي الإِسلَامِ مَكَاناً وَ أَقدَمِهِم إِلَيهِ سَبقاً وَ أَحسَنِهِم فِيهِ أَثَراً وَ ذِكراً عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ يُنَازِعُهُ حَقّهُ بِبَاطِلِهِ وَ يُجَاهِدُ أَنصَارَهُ بِضُلّالِهِ وَ أَعوَانِهِ وَ يُحَاوِلُ مَا لَم يَزَل هُوَ وَ أَبُوهُ يُحَاوِلَانِهِ مِن إِطفَاءِ نُورِ اللّهِ وَ جُحُودِ دِينِهِوَ يَأبَي اللّهُ إِلّا أَن يُتِمّ نُورَهُ وَ لَو كَرِهَ الكافِرُونَيسَتهَويِ أَهلَ الجَهَالَةِ وَ يُمَوّهُ لِأَهلِ الغَبَاوَةِ بِمَكرِهِ وَ بَغيِهِ الذين [اللّذَينِ]قَدّمَ رَسُولُ اللّهِص الخَبَرَ عَنهُمَا فَقَالَ لِعَمّارِ بنِ يَاسِرٍ تَقتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ تَدعُوهُم إِلَي الجَنّةِ وَ يَدعُونَكَ إِلَي النّارِ مُؤثِراً لِلعَاجِلَةِ كَافِراً بِالآجِلَةِ خَارِجاً مِن طَرِيقَةِ الإِسلَامِ مُستَحِلّا لِلدّمِ الحَرَامِ حَتّي سُفِكَ فِي فِتنَتِهِ وَ عَلَي سَبِيلِ غَوَايَتِهِ وَ ضَلَالَتِهِ دِمَاءٌ مَا لَا يُحصَي عَدَدُهُ مِن خِيَارِ المُسلِمِينَ الذّابّينَ عَن دِينِ اللّهِ وَ النّاصِرِينَ لِحَقّهِ مُجَاهِداً فِي عَدَاوَةِ اللّهِ مُجتَهِداً فِي أَن يُعصَي اللّهُ فَلَا يُطَاعَ وَ تَبطُلَ أَحكَامُهُ فَلَا تُقَامَ وَ يُخَالَفَ دِينُهُ فَلَا يُدَانَ وَ أَن تَعلُوَ كَلِمَةُ الضّلَالِ وَ تَرتَفِعَ دَعوَةُ البَاطِلِوَ كَلِمَةُ اللّهِ هيَِ العُليا وَ دِينُهُ المَنصُورُ وَ حُكمُهُ النّافِذُ وَ أَمرُهُ الغَالِبُ وَ كَيدُ مَن عَادَاهُ وَ حَادّهُ المَغلُوبُ الدّاحِضُ حَتّي احتَمَلَ أَوزَارَ تِلكَ الحُرُوبِ وَ مَا اتّبَعَهَا وَ تَطَوّقَ تِلكَ الدّمَاءَ وَ مَا سُفِكَ بَعدَهَا وَ سَنّ سُنَنَ الفَسَادِ التّيِ عَلَيهِ إِثمُهَا وَ إِثمُ مَن عَمِلَ بِهَا وَ أَبَاحَ المَحَارِمَ لِمَنِ ارتَكَبَهَا وَ مَنَعَ الحُقُوقَ أَهلَهَا وَ غَرّتهُ الآمَالُ وَ استَدرَجَهُ الإِمهَالُ وَ كَانَ مِمّا أَوجَبَ اللّهُ عَلَيهِ بِهِ اللّعنَةَ قَتلُهُ مَن قَتَلَ صَبراً مِن خِيَارِ
صفحه : 211
الصّحَابَةِ وَ التّابِعِينَ وَ أَهلِ الفَضلِ وَ الدّينِ مِثلِ عَمرِو بنِ الحَمِقِ الخزُاَعيِّ وَ حُجرِ بنِ عدَيِّ الكنِديِّ فِيمَن قَتَلَ مِن أَمثَالِهِم عَلَي أَن يَكُونَ لَهُ العِزّةُ وَ المُلكُ وَ الغَلَبَةُ ثُمّ ادّعَاؤُهُ زِيَادَ بنَ سُمَيّةَ أَخاً وَ نِسبَتُهُ إِيّاهُ إِلَي أَبِيهِ وَ اللّهُ تَعَالَي يَقُولُادعُوهُم لِآبائِهِم هُوَ أَقسَطُ عِندَ اللّهِ وَ رَسُولُهُ يَقُولُ مَلعُونٌ مَنِ ادّعَي إِلَي غَيرِ أَبِيهِ أَوِ انتَمَي إِلَي غَيرِ مَوَالِيهِ وَ قَالَ الوَلَدُ لِلفِرَاشِ وَ لِلعَاهِرِ الحَجَرُ فَخَالَفَ حُكمَ اللّهِ تَعَالَي وَ رَسُولِهِ جِهَاراً وَ جَعَلَ الوَلَدَ لِغَيرِ الفِرَاشِ وَ الحَجَرَ لِغَيرِ العَاهِرِ فَأَحَلّ بِهَذِهِ الدّعوَةِ مِن مَحَارِمِ اللّهِ وَ رَسُولِهِ فِي أُمّ حَبِيبَةَ أُمّ المُؤمِنِينَ وَ فِي غَيرِهَا مِنَ النّسَاءِ مِن شُعُورٍ وَ وُجُوهٍ قَد حَرّمَهَا اللّهُ وَ أَثبَتَ بِهَا مِن قرُبيِّ قَد أَبعَدَهَا اللّهُ مَا لَم يَدخُلِ الدّينَ خَلَلٌ مِثلُهُ وَ لَم يَنَلِ الإِسلَامُ تَبدِيلًا يُشبِهُهُ وَ مِن ذَلِكَ إِيثَارُهُ لِخِلَافَةِ اللّهِ عَلَي عِبَادِهِ ابنَهُ يَزِيدَ السّكّيرَ الخِمّيرَ صَاحِبَ الدّيَكَةِ وَ الفُهُودِ وَ القِرَدَةِ وَ أَخذُ البَيعَةِ لَهُ عَلَي خِيَارِ المُسلِمِينَ بِالقَهرِ وَ السّطوَةِ وَ التّوَعّدِ وَ الإِخَافَةِ وَ التّهدِيدِ وَ الرّهبَةِ وَ هُوَ يَعلَمُ سَفَهَهُ وَ يَطّلِعُ عَلَي رَهقِهِ وَ خُبثِهِ وَ يُعَايِنُ سَكَرَاتِهِ وَ فَعَلَاتِهِ وَ فُجُورَهُ وَ كُفرَهُ فَلَمّا تَمَكّنَ قَاتَلَهُ اللّهُ فِيمَا تَمَكّنَ مِنهُ طَلَبَ بِثَأرَاتِ المُشرِكِينَ وَ طَوَائِلِهِم عِندَ المُسلِمِينَ فَأَوقَعَ بِأَهلِ المَدِينَةِ فِي وَقعَةِ الحَرّةِ
صفحه : 212
الوَقعَةَ التّيِ لَم يَكُن فِي الإِسلَامِ أَشنَعُ مِنهَا وَ لَا أَفحَشُ فَشَفَي عِندَ نَفسِهِ غَلِيلَهُ وَ ظَنّ أَنّهُ قَدِ انتَقَمَ مِن أَولِيَاءِ اللّهِ وَ بَلَغَ الثّأرَ لِأَعدَاءِ اللّهِ فَقَالَ مُجَاهِراً بِكُفرِهِ وَ مُظهِراً لِشِركِهِ
لَيتَ أشَياَخيِ بِبَدرٍ شَهِدُوا | جَزَعَ الخَزرَجِ مِن وَقعِ الأَسَلِ |
قَولَ مَن لَا يَرجِعُ إِلَي اللّهِ وَ لَا إِلَي دِينِهِ وَ لَا إِلَي كِتَابِهِ وَ لَا إِلَي رَسُولِهِ وَ لَا يُؤمِنُ بِاللّهِ وَ بِمَا جَاءَ مِن عِندِهِ ثُمّ مِن أَغلَظِ مَا انتَهَكَ وَ أَعظَمِ مَا اجتَرَمَ سَفكُهُ دَمَ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِمَا مَعَ مَوقِعِهِ مِن رَسُولِ اللّهِص وَ مَكَانِهِ وَ مَنزِلَتِهِ مِنَ الدّينِ وَ الفَضلِ وَ الشّهَادَةِ لَهُ وَ لِأَخِيهِ بِسِيَادَةِ شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ اجتِرَاءً عَلَي اللّهِ وَ كُفراً بِدِينِهِ وَ عَدَاوَةً لِرَسُولِهِ وَ مُجَاهَرَةً لِعِترَتِهِ وَ استِهَانَةً لِحُرمَتِهِ كَأَنّمَا يَقتُلُ لَعَنَهُ اللّهُ قَوماً مِن كَفَرَةِ التّركِ وَ الدّيلَمِ لَا يَخَافُ مِنَ اللّهِ نَقِمَةً وَ لَا يُرَاقِبُ مِنهُ سَطوَةً فَبَتَرَ اللّهُ عُمُرَهُ وَ اجتَثّ أَصلَهُ وَ فَرعَهُ وَ سَلَبَهُ مَا تَحتَ يَدِهِ وَ أَعَدّ لَهُ مِن عَذَابِهِ وَ عُقُوبَتِهِ مَا استَحَقّهُ مِنَ اللّهِ بِمَعصِيَتِهِ هَذَا إِلَي مَا كَانَ مِن بنَيِ مَروَانَ مِن تَبدِيلِ كِتَابِ اللّهِ وَ تَعطِيلِ أَحكَامِ اللّهِ وَ اتّخَاذِ مَالِ اللّهِ بَينَهُم دُوَلًا وَ هَدمِ بَيتِ اللّهِ وَ استِحلَالِ حَرَامِهِ وَ نَصبِهِمُ المَجَانِيقَ عَلَيهِ وَ رَميِهِم بِالنّيرَانِ إِلَيهِ لَا يَألُونَ إِحرَاقاً وَ إِخرَاباً وَ لِمَا حَرّمَ اللّهُ مِنهُ استِبَاحَةً وَ انتِهَاكاً وَ لِمَن لَجَأَ إِلَيهِ قَتلًا وَ تَنكِيلًا وَ لِمَن آمَنَهُ اللّهُ بِهِ إِخَافَةً وَ تَشرِيداً حَتّي إِذَا حَقّت عَلَيهِم كَلِمَةُ العَذَابِ وَ استَحَقّوا مِنَ اللّهِ الِانتِقَامَ وَ مَلَئُوا الأَرضَ بِالجَورِ وَ العُدوَانِ وَ عَمّوا عِبَادَ اللّهِ بِالظّلمِ وَ الِاقتِسَارِ وَ حَلّت عَلَيهِمُ السّخَطُ وَ نَزَلَت بِهِم مِنَ اللّهِ السّطوَةُ أَتَاحَ اللّهُ لَهُم مِن عِترَةِ نَبِيّهِ وَ أَهلِ وِرَاثَتِهِ وَ مَنِ استَخلَصَهُ مِنهُم لِخِلَافَتِهِ مِثلَ مَا أَتَاحَ مِن أَسلَافِهِمُ المُؤمِنِينَ وَ آبَائِهِمُ المُجَاهِدِينَ لِأَوَائِلِهِمُ الكَافِرِينَ فَسَفَكَ اللّهُ دِمَاءَهُم مُرتَدّينَ كَمَا سَفَكَ بِآبَائِهِم دِمَاءَ آبَائِهِم مُشرِكِينَ وَ قَطَعَ اللّهُ دَابِرَالّذِينَ ظَلَمُوا وَ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ إِنّمَا أَمَرَ لِيُطَاعَ وَ مَثّلَ لِيُتَمَثّلَ وَ حَكَمَ لِيُفعَلَ قَالَ سُبحَانَهُإِنّ اللّهَ لَعَنَ الكافِرِينَ وَ أَعَدّ لَهُم سَعِيراً وَ قَالَ
صفحه : 213
أُولئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَ يَلعَنُهُمُ اللّاعِنُونَفَالعَنُوا أَيّهَا النّاسُ مَن لَعَنَهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ فَارِقُوا مَن لَا تَنَالُونَ القُربَةَ مِنَ اللّهِ إِلّا بِمُفَارَقَتِهِ أللّهُمّ العَن أَبَا سُفيَانَ بنَ أُمَيّةَ وَ مُعَاوِيَةَ ابنَهُ وَ يَزِيدَ بنَ مُعَاوِيَةَ وَ مَروَانَ بنَ الحَكَمِ وَ وُلدَهُ وَ وُلدَ وُلدِهِ أللّهُمّ العَن أَئِمّةَ الكُفرِ وَ قَادَةَ الضّلَالِ وَ أَعدَاءَ الدّينِ وَ مجُاَهدِيِ الرّسُولِ وَ معُطَلّيِ الأَحكَامِ وَ مبُدَلّيِ الكِتَابِ وَ منُتهَكِيِ الدّمِ الحَرَامِ أللّهُمّ إِنّا نَبرَأُ إِلَيكَ مِن مُوَالَاةِ أَعدَائِكَ وَ مِنَ الإِغمَاضِ لِأَهلِ مَعصِيَتِكَ كَمَا قُلتَلا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ يُوادّونَ مَن حَادّ اللّهَ وَ رَسُولَهُأَيّهَا النّاسُ اعرِفُوا الحَقّ تَعرِفُوا أَهلَهُ وَ تَأَمّلُوا سُبُلَ الضّلَالَةِ تَعرِفُوا سَابِلَهَا فَقِفُوا عِندَ مَا وَقّفَكُمُ اللّهُ عَلَيهِم وَ أَنفِذُوا لِمَا أَمَرَكُمُ اللّهُ بِهِ وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ يَستَعصِمُ بِاللّهِ لَكُم وَ يَسأَلُهُ تَوفِيقَكُم وَ يَرغَبُ إِلَيهِ فِي هِدَايَتِكُم وَ اللّهُ حَسبُهُ وَ عَلَيهِ تَوَكّلُهُ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِّ العَظِيمِ
صفحه : 214
وَ قَالَ فِي مَوضِعٍ آخَرَ إِنّ مُعَاوِيَةَ أَمَرَ النّاسَ بِالعِرَاقِ وَ الشّامِ وَ غَيرِهِمَا بِسَبّ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ البَرَاءَةِ مِنهُ وَ خَطَبَ بِذَلِكَ عَلَي مَنَابِرِ الإِسلَامِ وَ صَارَ ذَلِكَ سُنّةً فِي أَيّامِ بنَيِ أُمَيّةَ إِلَي أَن قَامَ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ فَأَزَالَهُ
وَ قَالَ الجَاحِظُ إِنّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ خُطبَةِ الجُمُعَةِ أللّهُمّ إِنّ أَبَا تُرَابٍ أَلحَدَ فِي دِينِكَ وَ صَدّ عَن سَبِيلِكَ فَالعَنهُ لَعناً وَبِيلًا وَ عَذّبهُ عَذَاباً أَلِيماً وَ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَي الآفَاقِ فَكَانَت هَذِهِ الكَلِمَاتُ يُنَادَي بِهَا عَلَي المَنَابِرِ إِلَي خِلَافَةِ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ وَ ذَكَر المُبَرّدُ فِي الكَامِلِ أَنّ خَالِدَ بنَ عَبدِ اللّهِ القسَريِّ لَمّا كَانَ أَمِيرَ العِرَاقِ فِي خِلَافَةِ هِشَامٍ كَانَ يَلعَنُ عَلِيّاً ع عَلَي المِنبَرِ وَ ذَكَرَ الجَاحِظُ أَنّ قَوماً مِن بنَيِ أُمَيّةَ قَالُوا لِمُعَاوِيَةَ إِنّكَ قَد بَلَغتَ مَا أَمّلتَ فَلَو كَفَفتَ عَن لَعنِ هَذَا الرّجُلِ فَقَالَ لَا وَ اللّهِ حَتّي يَربُوَ عَلَيهِ الصّغِيرُ وَ يَهرَمَ عَلَيهِ الكَبِيرُ وَ لَا يَذكُرَ لَهُ ذَاكِرٌ فَضلًا وَ أَرَادَ زِيَادٌ أَن يَعرِضَ عَلَي أَهلِ الكُوفَةِ البَرَاءَةَ مِن عَلِيّ وَ لَعنَهُ وَ أَن يَقتُلَ كُلّ مَنِ امتَنَعَ مِن ذَلِكَ وَ يُخَرّبَ مَنزِلَهُ فَضَرَبَهُ اللّهُ ذَلِكَ اليَومَ بِالطّاعُونِ فَمَاتَ بَعدَ ثَلَاثَةِ أَيّامٍ وَ ذَلِكَ فِي أَيّامِ مُعَاوِيَةَ
صفحه : 215
قَالَ وَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ الإسِكاَفيِّ وَ روُيَِ أَنّ مُعَاوِيَةَ بَذَلَ لِسَمُرَةَ بنِ جُندَبٍ مِائَةَ أَلفِ دِرهَمٍ حَتّي يرَويَِ أَنّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَت فِي عَلِيّ ع وَ مِنَ النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ فِي الحَياةِ الدّنيا وَ يُشهِدُ اللّهَ عَلي ما فِي قَلبِهِ وَ هُوَ أَلَدّ الخِصامِ وَ إِذا تَوَلّي سَعي فِي الأَرضِ لِيُفسِدَ فِيها وَ يُهلِكَ الحَرثَ وَ النّسلَ وَ اللّهُ لا يُحِبّ الفَسادَ وَ أَنّ الآيَةَ الثّانِيَةَ نَزَلَت فِي ابنِ مُلجَمٍ وَ هيَِوَ مِنَ النّاسِ مَن يشَريِ نَفسَهُ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللّهِفَلَم يَقبَل فَبَذَلَ لَهُ ماِئتَيَ أَلفِ دِرهَمٍ فَلَم يَقبَل فَبَذَلَ لَهُ ثَلَاثَمِائَةِ أَلفٍ فَلَم يَقبَل فَبَذَلَ أَربَعَمِائَةٍ فَقَبِلَ وَ رَوَي ذَلِكَ
وَ قَالَ إِنّ مُعَاوِيَةَ وَضَعَ قَوماً مِنَ الصّحَابَةِ وَ قَوماً مِنَ التّابِعِينَ عَلَي رِوَايَةِ أَخبَارٍ قَبِيحَةٍ فِي عَلِيّ ع فَاختَلَفُوا مَا أَرضَاهُ مِنهُم أَبُو هُرَيرَةَ وَ عَمرُو بنُ العَاصِ وَ المُغِيرَةُ بنُ شُعبَةَ وَ مِنَ التّابِعِينَ عُروَةُ بنُ الزّبَيرِ
قَالَ وَ قَد روُيَِ عَن عَلِيّ ع أَنّهُ قَالَ أَكذَبُ النّاسِ عَلَي رَسُولِ اللّهِص أَبُو هُرَيرَةَ الدوّسيِّ
قَالَ وَ قَد رَوَي الواَقدِيِّ أَنّ مُعَاوِيَةَ لَمّا عَادَ مِنَ العِرَاقِ إِلَي الشّامِ خَطَبَ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّكَ ستَلَيِ الخِلَافَةَ مِن بعَديِ فَاختَرِ الأَرضَ المُقَدّسَةَ فَإِنّ فِيهَا الأَبدَالَ وَ قَدِ اختَرتُكُم فَالعَنُوا أَبَا تُرَابٍ فَلَعَنُوهُ
قَالَ وَ رَوَي شَيخُنَا أَبُو عَبدِ اللّهِ البصَريِّ المُتَكَلّمُ عَن نَصرِ بنِ عَاصِمٍ الليّثيِّ عَن أَبِيهِ قَالَأَتَينَا مَسجِدَ رَسُولِ اللّهِص وَ النّاسُ
صفحه : 216
يَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللّهِ مِن غَضَبِ اللّهِ وَ غَضَبِ رَسُولِهِ فَقُلتُ مَا هَذَا قَالُوا مُعَاوِيَةُ قَامَ السّاعَةَ فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي سُفيَانَ فَخَرَجَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لَعَنَ اللّهُ التّابِعَ وَ المَتبُوعَ رُبّ يَومٍ لأِمُتّيِ مِن مُعَاوِيَةَ ذيِ الأَستَاهِ قَالُوا يعَنيِ كَبِيرَ العَجُزِ
صفحه : 217
قَالَ وَ رَوَي العَلَاءُ بنُ جَرِيرٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ لِمُعَاوِيَةَ لَتَتّخِذَنّ يَا مُعَاوِيَةُ البِدعَةَ سُنّةً وَ القَبِيحَ حَسَناً أَكلُكَ كَثِيرٌ وَ ظُلمُكَ عَظِيمٌ
قَالَ وَ رَوَي الحَارِثُ بنُ حَصِيرَةَ عَن أَبِي صَادِقٍ عَن رَبِيعَةَ بنِ نَاجِذٍ قَالَ قَالَ عَلِيّ ع نَحنُ وَ آلُ أَبِي سُفيَانَ قَومٌ تَعَادَوا فِي اللّهِ وَ الأَمرُ يَعُودُ كَمَا بَدَأَ
قَالَ وَ روُيَِ عَن عُمَرَ بنِ مُرّةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ بنِ سَلَمَةَ عَن عَلِيّ ع قَالَ رَأَيتُ اللّيلَةَ رَسُولَ اللّهِص فَشَكَوتُ إِلَيهِ فَقَالَ هَذِهِ جَهَنّمُ فَانظُر مَن فِيهَا فَإِذَا مُعَاوِيَةُ وَ عَمرُو بنُ العَاصِ مُعَلّقَينِ بِأَرجُلِهِم مُنَكّسَينِ تُرضَخُ رُءُوسُهُمَا بِالحِجَارَةِ أَو قَالَ تُشدَخُ
قَالَ وَ رَوَي صَاحِبُ كِتَابِ الغَارَاتِ عَنِ الأَعمَشِ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ يَقُولُ سَيَظهَرُ عَلَي النّاسِ رَجُلٌ مِن أمُتّيِ عَظِيمُ السّرّةِ وَاسِعُ البُلعُومِ يَأكُلُ وَ لَا يَشبَعُ يَحمِلُ وِزرَ الثّقَلَينِ يَطلُبُ الإِمَارَةَ يَوماً فَإِذَا أَدرَكتُمُوهُ فَابقُرُوا بَطنَهُ قَالَ وَ كَانَ فِي يَدِ رَسُولِ اللّهِص قَضِيبٌ قَد وَضَعَ طَرَفَهُ فِي بَطنِ مُعَاوِيَةَ
توضيح الواجم ألذي اشتد حزنه وأمسك عن الكلام وتخلج المفلوج في مشيته بالخاء المعجمة ثم الجيم أي تفكك وتمايل والسابلة أبناء السبيل . قوله ع الأمر ويعود كمابدا أي يقع الحرب بيني وبينهم كماوقع بين النبي وبينهم أويعودون إلي الكفر أوإشارة إلي السفياني و قال الجوهري السرم يعني بالضم مخرج الثفل و هوطرف المعي المستقيم كلمة مولدة
507- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن مُحَمّدِ بنِ هَارُونَ بنِ حُمَيدٍ عَن
صفحه : 218
جَرِيرِ بنِ أَشعَثَ بنِ إِسحَاقَ عَن جَعفَرِ بنِ أَبِي المُغِيرَةِ عَن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَكُنتُ عِندَ مُعَاوِيَةَ وَ قَد نَزَلَ بذِيِ طُوًي فَجَاءَهُ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ فَسَلّمَ عَلَيهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا أَهلَ الشّامِ هَذَا سَعدٌ وَ هُوَ صِدّيقٌ لعِلَيِّ قَالَ فَطَأطَأَ القَومُ رُءُوسَهُم وَ سَبّوا عَلِيّاً ع فَبَكَي سَعدٌ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ مَا ألّذِي أَبكَاكَ قَالَ وَ لِمَ لَا أبَكيِ لِرَجُلٍ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص يُسَبّ عِندَكَ وَ لَا أَستَطِيعُ أَن أُغَيّرَ وَ قَد كَانَ فِي عَلِيّ خِصَالٌ لَأَن تَكُونَ فِيّ وَاحِدَةٌ مِنهُنّ أَحَبّ إلِيَّ مِنَ الدّنيَا وَ مَا فِيهَا أَحَدُهَا أَنّ رَجُلًا كَانَ بِاليَمَنِ فَجَفَاهُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَ لَأَشكُوَنّكَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَدِمَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَسَأَلَهُ عَن عَلِيّ ع فَثَنّي عَلَيهِ فَقَالَ أَنشُدُكَ بِاللّهِ ألّذِي أَنزَلَ عَلَيّ الكِتَابَ وَ اختصَنّيِ بِالرّسَالَةِ أَ عَن سَخَطٍ تَقُولُ مَا تَقُولُ فِي عَلِيّ ع قَالَ نَعَم يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ أَ لَا تَعلَمُ أنَيّ أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم قَالَ بَلَي قَالَ فَمَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ وَ الثّانِيَةُ أَنّهُ بَعَثَ يَومَ خَيبَرَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ إِلَي القِتَالِ فَهُزِمَ وَ أَصحَابُهُ فَقَالَص لَأُعطِيَنّ الرّايَةَ غَداً إِنسَاناً يُحِبّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يُحِبّهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ فَغَدَا المُسلِمُونَ وَ عَلِيّ أَرمَدُ فَدَعَاهُ فَقَالَ خُذِ الرّايَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ عيَنيِ كَمَا تَرَي فَتَفَلَ فِيهَا فَقَامَ فَأَخَذَ الرّايَةَ ثُمّ مَضَي بِهَا حَتّي فَتَحَ اللّهُ عَلَيهِ وَ الثّالِثَةُ أَنّهُ خَلّفَهُ فِي بَعضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ عَلِيّ ع يَا رَسُولَ اللّهُ خلَفّتنَيِ مَعَ النّسَاءِ وَ الصّبيَانِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَ مَا تَرضَي أَن تَكُونَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي إِلّا أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ
صفحه : 219
وَ الرّابِعَةُ سَدّ الأَبوَابَ فِي المَسجِدِ إِلّا بَابَ عَلِيّ وَ الخَامِسَةُ نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُإِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهّرَكُم تَطهِيراًفَدَعَا النّبِيّص عَلِيّاً وَ حَسَناً وَ حُسَيناً وَ فَاطِمَةَ ع فَقَالَ أللّهُمّ هَؤُلَاءِ أهَليِ فَأَذهِب عَنهُمُ الرّجسَ وَ طَهّرهُم تَطهِيراً
بيان الثناء بتقديم المثلثة يطلق علي المدح والذم و في الأول أغلب وبتقديم النون بالعكس
508- كنز،[كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة]الكرَاَجكُيِّ بَلَغَ الحُسَينَ بنَ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ كَلَامُ نَافِعِ بنِ جُبَيرٍ فِي مُعَاوِيَةَ وَ قَولُهُ إِنّهُ كَانَ يُسكِتُهُ الحِلمُ وَ يُنطِقُهُ العِلمُ فَقَالَ ع بَل كَانَ يُنطِقُهُ البَطَرُ وَ يُسكِتُهُ الحَصَرُ
بيان الحصر بالتحريك العي
صفحه : 221
509- ج ،[الإحتجاج ] قَالَ ع فِي عَمرٍو جَوَاباً عَمّا قَالَ فِيهِ عَجَباً لِابنِ النّابِغَةِ يَزعُمُ لِأَهلِ الشّامِ أَنّ فِيّ دُعَابَةً وَ أنَيّ امرُؤٌ تِلعَابَةٌ أُعَارِسُ[أُعَافِسُ] وَ أُمَارِسُ لَقَد قَالَ بَاطِلًا وَ نَطَقَ آثِماً أَمَا وَ شَرّ القَولِ الكَذِبُ إِنّهُ يَقُولُ فَيَكذِبُ وَ يَعِدُ فَيُخلِفُ وَ يَسأَلُ فَيُلحِفُ وَ يُسأَلُ فَيَبخَلُ وَ يَخُونُ العَهدَ وَ يَقطَعُ الإِلّ فَإِذَا كَانَ عِندَ الحَربِ فأَيَّ زَاجِرٍ وَ آمِرٍ هُوَ مَا لَم تَأخُذِ السّيُوفُ مَآخِذَهَا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ أَكبَرُ مَكِيدَتِهِ أَن يَمنَحَ القَومَ سَبّتَهُ أَم وَ اللّهِ إنِيّ ليَمَنعَنُيِ مِنَ اللّعِبِ ذِكرُ المَوتِ وَ إِنّهُ لَيَمنَعُهُ عَن قَولِ الحَقّ نِسيَانُ الآخِرَةِ إِنّهُ لَم يُبَايِع مُعَاوِيَةَ حَتّي شَرَطَ لَهُ أَن يُؤتِيَهُ أَتِيّةً وَ يَرضَخَ عَلَي تَركِ الدّينِ لَهُ رَضِيخَةً
510- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع فِي ذِكرِ عَمرِو بنِ العَاصِ عَجَباً لِابنِ النّابِغَةِ وَ ذَكَرَ نَحوَهُ
صفحه : 222
بيان نبغ الشيء ظهر قال بعض الشارحين سميت أم عمرو النابغة لشهرتها بالفجور وتظاهرها به وسيأتي وصف نسبه لعنه الله . وزعم كنصر زعما مثلثة أي قال حقا أوباطلا وأكثر مايستعمل في الباطل و مايشك فيه والدعابة بالضم المزاح والمراد هنا الدعابة الخارجة عن الاعتدال . وَ روُيَِ أَنّهُ كَانَ يَقُولُ لِأَهلِ الشّامِ إِنّمَا أَخّرنَا عَلِيّاً لِأَنّ فِيهِ هَزلًا لَا جِدّ مَعَهُ وَ تَبِعَ فِي ذَلِكَ أَثَرَ عُمَرَ حَيثُ قَالَ يَومَ الشّورَي لَمّا أَرَادَ صَرفَ الأَمرِ عَنهُ ع لِلّهِ أَنتَ لَو لَا أَنّ فِيكَ دُعَابَةً
. و رجل تلعابة بالكسر أي كثير اللعب والمعافسة والعفاس بالكسر الملاعبة و في بعض نسخ كتاب الإحتجاج أعاوس [أعارس ]مكان أعافس ولعله من أعرس الرجل إذادخل بامرأته عندبنائها و قديطلق علي الجماع والممارسة المزاولة قال ابن الأثير في مادة مرس من كتاب النهاية و قديطلق علي الملاعبة و منه حديث علي زعم أنني كنت أعافس وأمارس أي ألاعب النساء. وأَلحَفَ أي أَلَحّ وإِلّ بالكسر العهد والقرابة والحلف والجار ذكره الفيروزآبادي في مادة أَلّ من كتاب القاموس والمراد بقطع الإِلّ هنا قطع الرحم أوتضييع الحليف والجار. والمآخذ علي لفظ الجمع و في بعض النسخ علي المفرد. وكلمة كان الأولي تامة والإشارة إلي أخذ السيوف مآخذها و هوالتحام الحرب ومخالطة السيوف وأكبر بالباء الموحدة و هوأظهر مما في بعض النسخ من المثلثة. والمكيدة المكر والحيلة ويمنح كيمنع أي يعطي والسّبّةُ الاست أي العجز أوحلقة الدبر والمراد بإعطاء القوم سبته ماذكره أرباب السير ويضرب به المثل من كشفه سوأته شاغرا برجليه لمالقيه أمير المؤمنين ع في بعض أيام صفين و قداختلطت الصفوف واشتعل نار الحرب فحمل ع عليه فألقي نفسه عن فرسه رافعا رجليه كاشفا عورته فانصرف عنه لافتا وجهه و في ذلك قال أبوفراس
و لاخير في دفع الأذي بمذلة. | كماردها يوما بسوأته عمرو |
. والأتية العطية والرضخ العطاء القليل والمراد بالأتية والرضيخة ولاية مصر
صفحه : 223
ولعل التعبير عنها بالرضيخة لقلتها بالنسبة إلي ترك الدين
511- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَن مُحَمّدِ بنِ عِمرَانَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن أَحمَدَ بنِ سَعِيدٍ عَنِ الزّبَيرِ بنِ بَكّارٍ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ قَالَ كَانَ عَمرُو بنُ العَاصِ يَقُولُ إِنّ فِي عَلِيّ دُعَابَةً فَبَلَغَ ذَلِكَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ زَعَمَ ابنُ النّابِغَةَ أنَيّ تِلعَابَةٌ مَزّاحَةٌ ذُو دُعَابَةٍ أُعَافِسُ وَ أُمَارِسُ هَيهَاتَ يَمنَعُ مِنَ العِفَاسِ وَ المِرَاسِ ذِكرُ المَوتِ وَ خَوفُ البَعثِ وَ الحِسَابِ وَ مَن كَانَ لَهُ قَلبٌ ففَيِ هَذَا عَن هَذَا لَهُ وَاعِظٌ وَ زَاجِرٌ أَمَا وَ شَرّ القَولِ الكَذِبُ إِنّهُ لَيُحَدّثُ فَيَكذِبُ وَ يَعِدُ فَيُخلِفُ فَإِذَا كَانَ يَومُ البَأسِ فأَيَّ زَاجِرٍ وَ آمِرٍ هُوَ مَا لَم يَأخُذِ السّيُوفُ هَامَ الرّجَالِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَعظَمُ مَكِيدَتِهِ فِي نَفسِهِ أَن يَمنَحَ القَومَ استَهُ
512- كِتَابُ،الغَارَاتِ لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ قَالَ بَلَغَ عَلِيّاً ع أَنّ ابنَ العَاصِ يَنتَقِصُهُ عِندَ أَهلِ الشّامِ فَصَعِدَ المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ يَا عَجَباً عَجَباً لَا ينَقضَيِ لِابنِ النّابِغَةِ يَزعُمُ لِأَهلِ الشّامِ إِلَي آخِرِ الكَلَامِ وَ جَمَعَ بَينَ الرّوَايَتَينِ
صفحه : 224
513- كِتَابُ،سُلَيمِ بنِ قَيسٍ الهلِاَليِّ عَن أَبَانِ بنِ أَبِي عَيّاشٍ عَن سُلَيمٍ قَالَ إِنّ عَمرَو بنَ العَاصِ خَطَبَ بِالشّامِ فَقَالَ بعَثَنَيِ رَسُولُ اللّهِص عَلَي جَيشٍ فِيهِ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ فَظَنَنتُ أَنّهُ إِنّمَا بعَثَنَيِ لكِرَاَمتَيِ عَلَيهِ فَلَمّا قَدِمتُ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَيّ النّاسِ أَحَبّ إِلَيكَ فَقَالَ عَائِشَةُ فَقُلتُ مِنَ الرّجَالِ قَالَ أَبُوهَا أَيّهَا النّاسُ وَ هَذَا عَلِيّ يَطعَنُ عَلَي أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثمَانَ وَ قَد سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ إِنّ اللّهَ ضَرَبَ بِالحَقّ عَلَي لِسَانِ عُمَرَ وَ قَلبِهِ وَ قَالَ فِي عُثمَانَ إِنّ المَلَائِكَةَ لتَسَتحَييِ مِن عُثمَانَ وَ قَد سَمِعتُ عَلِيّاً وَ إِلّا فَصَمّتَا يعَنيِ أُذُنَيهِ يرَويِ عَلَي عَهدِ عُمَرَ أَنّ نبَيِّ اللّهِ نَظَرَ إِلَي أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ مُقبِلَينِ فَقَالَ يَا عَلِيّ هَذَانِ سَيّدَا كُهُولِ أَهلِ الجَنّةِ مِنَ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ مَا خَلَا النّبِيّينَ مِنهُم وَ المُرسَلِينَ وَ لَا تُحَدّثهُمَا بِذَلِكَ فَيَهلِكَا فَقَامَ عَلِيّ ع فَقَالَ العَجَبُ لِطُغَاةِ أَهلِ الشّامِ حَيثُ يَقبَلُونَ قَولَ عَمرٍو وَ يُصَدّقُونَهُ وَ قَد بَلَغَ مِن حَدِيثِهِ وَ كَذِبِهِ وَ قِلّةِ وَرَعِهِ أَن يَكذِبَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ قَد لَعَنَهُ سَبعِينَ لَعنَةً وَ لَعَنَ صَاحِبَهُ ألّذِي يَدعُو إِلَيهِ فِي غَيرِ مَوطِنٍ وَ ذَلِكَ أَنّهُ هَجَا رَسُولَ اللّهِص بِقَصِيدَةٍ سَبعِينَ بَيتاً فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أللّهُمّ إنِيّ لَا أَقُولُ الشّعرَ وَ لَا أُحِلّهُ فَالعَنهُ أَنتَ وَ مَلَائِكَتُكَ بِكُلّ بَيتٍ لَعنَةً تَترَي عَلَي عَقِبِهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ لَمّا مَاتَ اِبرَاهِيمُ بنُ رَسُولِ اللّهِص قَامَ فَقَالَ إِنّ مُحَمّداً قَد صَارَ أَبتَرَ لَا عَقِبَ لَهُ وَ إنِيّ لَأَشنَأُ النّاسِ لَهُ وَ أَقوَلُهُم فِيهِ سُوءاً فَأَنزَلَ اللّهُإِنّ شانِئَكَ هُوَ الأَبتَرُيعَنيِ أَبتَرَ مِنَ الإِيمَانِ وَ مِن كُلّ خَيرِ مَا لَقِيتُ مِن هَذِهِ الأُمّةِ مِن كَذّابِيهَا وَ مُنَافِقِيهَا لكَأَنَيّ بِالقُرّاءِ الضّعَفَةِ المُتَهَجّدِينَ رَوَوا حَدِيثَهُ وَ صَدّقُوهُ فِيهِ وَ احتَجّوا عَلَينَا أَهلَ البَيتَ بِكَذِبِهِ إِنّا نَقُولُ خَيرُ هَذِهِ الأُمّةِ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ وَ لَو شِئتُ لَسَمّيتُ الثّالِثَ وَ اللّهِ مَا أَرَادَ بِقَولِهِ فِي عَائِشَةَ وَ أَبِيهَا إِلّا رِضَا مُعَاوِيَةَ بِسَخَطِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ لَقَدِ استَرضَاهُ بِسَخَطِ اللّهِ
صفحه : 225
وَ أَمّا حَدِيثُهُ ألّذِي يَزعُمُ أَنّهُ سَمِعَهُ منِيّ فَلَا وَ ألّذِي فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ إِنّهُ لَيَعلَمُ أَنّهُ قَد كَذَبَ عَلَيّ يَقِيناً وَ أَنّ اللّهَ لَم يَسمَعهُ منِيّ سِرّاً وَ لَا جَهراً أللّهُمّ العَن عَمراً وَ العَن مُعَاوِيَةَ بِصَدّهِمَا عَن سَبِيلِكَ وَ كَذِبِهِمَا عَلَي كِتَابِكَ وَ استِخفَافِهِمَا بِنَبِيّكَص وَ كَذِبِهِمَا عَلَيهِ وَ عَلَيّ
514- أَقُولُ، قَالَ ابنُ مِيثَمٍ رَحِمَهُ اللّهُ كَتَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي الأَبتَرِ بنِ الأَبتَرِ عَمرِو بنِ العَاصِ شَانِئِ مُحَمّدٍ وَ آلِ مُحَمّدٍ فِي الجَاهِلِيّةِ وَ الإِسلَامِ سَلَامٌعَلي مَنِ اتّبَعَ الهُدي أَمّا بَعدُ فَإِنّكَ تَرَكتَ مُرُوّتَكَ لاِمرِئٍ فَاسِقٍ مَهتُوكٍ سِترُهُ يَشِينُ الكَرِيمَ بِمَجلِسِهِ وَ يُسَفّهُ الحَلِيمَ بِخِلطَتِهِ فَصَارَ قَلبُكَ لِقَلبِهِ تَبَعاً كَمَا وَافَقَ شَنّ طَبَقَةَ[طَبَقَه]فَسَلَبَكَ دِينَكَ وَ أَمَانَتَكَ وَ دُنيَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ كَانَ عِلمُ اللّهِ بَالِغاً فِيكَ فَصِرتَ كَالذّئبِ يَتبَعُ الضّرغَامَ إِذَا مَا اللّيلُ دَجَا أَوِ الصّبحُ أَتَي يَلتَمِسُ فَاضِلَ سُؤرِهِ وَ حَوَايَا فَرِيسَتِهِ وَ لَكِن لَا نَجَاةَ مِنَ القَدَرِ وَ لَو بِالحَقّ أَخَذتَ لَأَدرَكتَ مَا رَجَوتَ وَ قَد رَشَدَ مَن كَانَ الحَقّ قَائِدَهُ فَإِن يُمَكّنِ اللّهُ مِنكَ وَ مِنِ ابنِ آكِلَةِ الأَكبَادِ أُلحِقكُمَا بِمَن قَتَلَهُ اللّهُ مِن ظَلَمَةِ قُرَيشٍ عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِص وَ إِن تُعجِزَا أَو تَبقَيَا بعَديِ فَاللّهُ حَسبُكُمَا وَ كَفَي بِانتِقَامِهِ انتِقَاماً وَ بِعِقَابِهِ عِقَاباً وَ السّلَامُ
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ مِثلَهُ عَن نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ مِن كِتَابِ صِفّينَ
515-ج ،[الإحتجاج ]نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ
صفحه : 226
فَإِنّكَ جَعَلتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنيَا امرِئٍ ظَاهِرٍ غَيّهُ مَهتُوكٍ سِترُهُ يَشِينُ الكَرِيمَ بِمَجلِسِهِ وَ يُسَفّهُ الحَلِيمَ بِخِلطَتِهِ فَاتّبَعتَ أَثَرَهُ وَ طَلَبتَ فَضلَهُ اتّبَاعَ الكَلبِ لِلضّرغَامِ يَلُوذُ إِلَي مَخَالِبِهِ وَ يَنتَظِرُ مَا يُلقَي إِلَيهِ مِن فَضلِ فَرِيسَتِهِ فَأَذهَبتَ دُنيَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ لَو بِالحَقّ أَخَذتَ أَدرَكتَ مَا طَلَبتَ فَإِن يُمَكّنِ اللّهُ مِنكَ وَ مِنِ ابنِ أَبِي سُفيَانَ أَجزِكُمَا بِمَا قَدّمتُمَا وَ إِن تُعجِزَا وَ تَبقَيَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرّ لَكُمَا وَ السّلَامُ
بيان إلي الأبتر إشارة إلي قوله تعالي إِنّ شانِئَكَ هُوَ الأَبتَرُفإنه نزل فيه . قال ابن أبي الحديد أماغي معاوية فلاريب في ظهور ضلاله وبغيه . و أمامهتوك ستره فإنه كان كثير الهزل والخلاعة صاحب جلساء وسمار ومعاوية لم يتوقر و لم يلزم قانون الرئاسة إلامنذ خرج علي أمير المؤمنين واحتاج إلي الناموس والسكينة و إلافقد كان في أيام عثمان شديد التهتك موسوما بكل قبيح و كان في أيام عمر يستر نفسه قليلا منه إلا أنه كان يلبس الحرير ويشرب في آنية الذهب والفضة ويركب البغلات ذوات السروج المحلاة بها وعليها جلال الديباج والوشي و كان حينئذ شابا عنده نزق الصبا وأشر الشبيبة وسكر السلطان والإمرة ونقل الناس عنه في كتب السيرة أنه كان يشرب الخمر في أيام عثمان بالشام فأما بعدوفاة أمير المؤمنين ع واستقرار الأمر له فقد اختلف فيه فقيل إنه شرب الخمر في سر وقيل لم يشرب و لاخلاف في أنه سمع الغناء وطرب عليه وأعطي ووصل عليه أيضا. و أما قوله يشين الكريم بمجلسه ويسفه الحليم بخلطته فالأمر كذلك لأنه لم يكن في مجلسه إلاشتم بني هاشم وقذفهم والتعرض بذكر الإسلام والطعن عليه و إن أظهر الانتماء إليه .
صفحه : 227
قوله ع كماوافق شن طَبَقَةَ[طَبَقَه] قال في مجمع الأمثال قال الشرقي بن القطامي كان رجل من دهاة العرب وعقلائهم يقال له شن فقال و الله لأطوفن حتي أجد امرأة مثلي فأتزوجها فبينما هو في بعض مسير إذارافقه رجل في الطريق فسأله شن أين تريد فقال موضع كذا وكذا يريد القرية التي يقصدها شن فرافقه حتي إذاأخذا في مسيرهما قال شن أتحملني أم أحملك فقال له الرجل ياجاهل أناراكب و أنت راكب فكيف أحملك أم تحملني.فسكت عنه شن فسارا حتي إذاقربا من القرية إذاهما بزرع قداستحصد فقال أتري هذاالزرع أكل أم لا فقال له الرجل ياجاهل تري نبتا مستحصدا فتقول أكل أم لافسكت عنه شن حتي إذادخلا القرية لقيتهما جنازة فقال شن أتري صاحب هذاالنعش حيا أم ميتا فقال الرجل مارأيت أجهل منك جنازة تسأل عنها أميت صاحبهما أم حي فسكت عنه شن فأراد مفارقته فأبي الرجل أن يتركه حتي يسير به إلي منزله فمضي معه . و كان للرجل بنت يقال لها طَبَقَةُ فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها بمرافقته إياه وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه فقالت ياأبت ما هذابجاهل أما قوله أتحملني أم أحملك فأراد أتحدثني أم أحدثك حتي نقطع طريقنا. و أما قوله أتري هذاالزرع أكل أم لافإنما أراد هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا. و أما قوله في الجنازة فأراد هل ترك عقبا يحيا بهم ذكره أم لا.فخرج الرجل فقعد مع شن فحادثه ساعة ثم قال أتحب أن أفسر لك ماسألتني عنه قال نعم ففسره فقال شن ما هذا من كلامك فأخبرني من صاحبه فقال ابنة لي فخطبها إليه فزوجه وحملها إلي أهله فلما رأوها قالوا وافق شن طَبَقَةَ[طَبَقَه]فذهبت مثلا يضرب للمتوافقين . و قال الأصمعي هم قوم كان لهم وعاء أدم فتشنن فجعلوا له طبقا فوافقه
صفحه : 228
فقيل وافق شن طَبَقَه[طَبَقَةَ]. وهكذا رواه أبوعبيدة في كتابه وفسره . و قال ابن الكلبي طبقة قبيلة من إياد كانت لاتطاق فوقعت بهاشن ابن أقصي بن عبدالقيس فانتصفت منها وأصابت فيهافضربتا مثلا للمتفقين في الشدة وغيرها قال الشاعر
لقيت شن إياد بالقنا. | طبقا وافق شن طَبَقَةَ[BA]طَبَقَه]. |
فزاد المتأخرون فيه وافقه فاعتنقه انتهي . و قال الجوهري أني يأني أنيا وأني وأناء أي حان وأني تأنية أيضا أدرك . و في بعض النسخ بالتاء. والحوايا الأمعاء و هوجمع حوية. قوله ع أدركت أي من الدنيا بقدر كفايتك أو من الآخرة. قوله ع فإن يمكن الله المفعول محذوف أي يمكنني. قوله ع و إن تعجزا أي غلبتما علي فالمفعول محذوف أيضا. ولنذكر هنا نسب هذاالأبتر لعنه الله وصاحبه الأكفر وبعض مثالبه ومثالب أبيه .اعلم أن العاص بن وائل أباه كان من المستهزءين برسول الله ص والكاشفين له بالعداوة والأذي و فيه و في أصحابه نزل إِنّا كَفَيناكَ المُستَهزِئِينَ ولقب في الإسلام بالأبتر لقوله سيموت هذاالأبتر غدا فينقطع ذكره يعني رسول الله ص و كان يشتم رسول الله ص ويضع في طريقه الحجارة ليعثر بها إذاخرج ليلا للطواف و هوأحد القوم الذين روعوا زينب بنة رسول الله ص في هودجها حتي أجهضت جنينا ميتا فلما بلغه ص لعنهم .
صفحه : 229
وعمرو هجا رسول الله ص هجاء كثيرا و كان يعلمه صبيان مكة فينشدونه ويصيحون برسول الله ص إذامر بهم رافعين أصواتهم بالهجاء في وجهه فقال رسول الله ص و هويصلي بالحجر أللهم إن عمرو بن العاص هجاني ولست بشاعر فالعنه بعدد ماهجاني.رواه عبدالحميد بن أبي الحديد عن الواقدي وغيره من أهل الحديث
516- قَالَ وَ رَوَي أَهلُ الحَدِيثِ أَنّ النّضرَ بنَ الحَارِثِ وَ عُقبَةَ بنَ أَبِي مُعَيطٍ وَ عَمرَو بنَ العَاصِ عَمَدُوا إِلَي سَلَي جَمَلٍ فَرَفَعُوهُ بَينَهُم وَ وَضَعُوهُ عَلَي رَأسِ رَسُولِ اللّهِص وَ هُوَ سَاجِدٌ بِفِنَاءِ الكَعبَةِ فَسَالَ عَلَيهِ فَصَبَرَ وَ لَم يَرفَع رَأسَهُ وَ بَكَي فِي سُجُودِهِ وَ دَعَا عَلَيهِم فَجَاءَتِ ابنَتُهُ فَاطِمَةُ ع وَ هيَِ بَاكِيَةٌ فَرَفَعَتهُ عَنهُ فَأَلقَتهُ وَ قَامَت عَلَي رَأسِهِ وَ هيَِ بَاكِيَةٌ فَرَفَعَ رَأسَهُ وَ قَالَ أللّهُمّ عَلَيكَ بِقُرَيشٍ قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمّ قَالَ رَافِعاً صَوتَهُ إنِيّ مَظلُومٌ فَانتَصِر قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمّ قَامَ فَدَخَلَ مَنزِلَهُ وَ ذَلِكَ بَعدَ وَفَاةِ عَمّهِ أَبِي طَالِبٍ بِشَهرَينِ
قَالَ وَ لِشِدّةِ عَدَاوَةِ عَمرِو بنِ العَاصِ لِرَسُولِ اللّهِص أَرسَلَهُ أَهلُ مَكّةَ إِلَي النجّاَشيِّ لِيَطرُدَ أَصحَابَ رَسُولِ اللّهِص عَن بِلَادِهِ مُهَاجِرَةَ حَبَشَةَ وَ لِيَقتُلَ جَعفَرَ بنَ أَبِي طَالِبٍ عِندَهُ إِن أَمكَنَهُ فَكَانَ مِنهُ فِي أَمرِ جَعفَرٍ هُنَاكَ مَا هُوَ مَشهُورٌ فِي السّيَرِ وَ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ ذَكَرَ الزمّخَشرَيِّ فِي كِتَابِ رَبِيعِ الأَبرَارِ قَالَ كَانَتِ النّابِغَةُ أُمّ عَمرِو بنِ العَاصِ أَمَةً لِرَجُلٍ مِن عَنَزَةَ فَسُبِيَت فَاشتَرَاهَا عَبدُ اللّهِ بنُ جُذعَانَ التيّميِّ بِمَكّةَ فَكَانَت بَغِيّاً ثُمّ أَعتَقَهَا فَوَقَعَ عَلَيهَا أَبُو لَهَبِ بنُ عَبدِ
صفحه : 230
المُطّلِبِ وَ أُمَيّةُ بنُ خَلَفٍ الجمُحَيِّ وَ هِشَامُ بنُ المُغِيرَةِ المخَزوُميِّ وَ أَبُو سُفيَانَ بنُ حَربٍ وَ العَاصُ بنُ وَائِلٍ السهّميِّ فِي طُهرٍ وَاحِدٍ فَوَلَدَت عَمراً فَادّعَاهُ كُلّهُم فَحُكّمَت أُمّهُ فِيهِ فَقَالَت هُوَ مِنَ العَاصِ بنِ وَائِلٍ وَ ذَلِكَ لِأَنّ العَاصَ بنَ وَائِلٍ كَانَ يُنفِقُ عَلَيهَا كَثِيراً قَالُوا وَ كَانَ أَشبَهَ بأِبَيِ سُفيَانَ قَالَ وَ رَوَي أَبُو عُبَيدَةَ مَعمَرُ بنُ المُثَنّي فِي كِتَابِ الأَنسَابِ أَنّ عَمراً اختَصَمَ فِيهِ يَومَ وِلَادَتِهِ رَجُلَانِ أَبُو سُفيَانَ بنُ حَربٍ وَ العَاصُ بنُ وَائِلٍ فَقِيلَ لِتَحكُم أُمّهُ فَقَالَت أُمّهُ إِنّهُ مِنَ العَاصِ بنِ وَائِلٍ فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ أَمَا إنِيّ لَا أَشُكّ أنَيّ وَضَعتُهُ فِي رَحِمِ أُمّهِ فَأَبَت إِلّا العَاصَ فَقِيلَ لَهَا أَبُو سُفيَانَ أَشرَفُ نَسَباً فَقَالَت إِنّ العَاصَ بنَ وَائِلٍ كَثِيرُ النّفَقَةِ عَلَيّ وَ أَبُو سُفيَانَ شَحِيحٌ ففَيِ ذَلِكَ يَقُولُ حَسّانُ بنُ ثَابِتٍ لِعَمرِو بنِ العَاصِ حَيثُ هَجَاهُ مُكَافِئاً لَهُ عَن هَجَاءِ رَسُولِ اللّهِص
أَبُوكَ أَبُو سُفيَانَ لَا شَكّ قَد بَدَت | لَنَا فِيكَ مِنهُ بَيّنَاتُ الدّلَائِلِ |
فَفَاخِر بِهِ إِمّا فَخَرتَ فَلَا تَكُن | تُفَاخِرُ بِالعَاصِ الهَجِينِ بنِ وَائِلٍ |
وَ إِنّ التّيِ فِي ذَاكَ يَا عَمرُو حُكّمَت | فَقَالَت رَجَاءً عِندَ ذَاكَ لِنَائِلٍ |
مِنَ العَاصِ عَمرٌو تُخبِرُ النّاسَ كُلّمَا | تَجَمّعَتِ الأَقوَامُ عِندَ المَحَافِلِ |
وَ رَوَي ابنُ عَبدِ البِرّ فِي الإِستِيعَابِ عَنِ ابنِ الكلَبيِّ فِي كِتَابِهِ فِي أَخبَارِ صِفّينَ أَنّ بُسرَ بنَ أَرطَاةَ بَارَزَ عَلِيّاً ع يَومَ صِفّينَ فَطَعَنَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَانكَشَفَ لَهُ فَكَفّ عَنهُ كَمَا عَرَضَ لَهُ مِثلُ ذَلِكَ مَعَ عَمرِو بنِ العَاصِ قَالَ وَ لَهُم فِيهَا أَشعَارٌ مَذكُورَةٌ فِي مَوضِعِهَا مِن ذَلِكَ الكِتَابِ مِنهَا فِيمَا ذَكَرَ ابنُ الكلَبيِّ وَ المدَاَئنِيِّ قَولَ الحَارِثِ بنِ النّضرِ السهّميِّ
أَ فِي كُلّ يَومٍ فَارِسٌ لَيسَ ينَتهَيِ | وَ عَورَتُهُ وَسطَ العَجَاجَةِ بَادِيَةٌ |
يَكُفّ لَهَا عَنهُ عَلِيّ سِنَانَهُ | وَ يَضحَكُ مِنهُ فِي الخَلَاءِ مُعَاوِيَةُ |
صفحه : 231
بَدَت أَمسِ مِن عَمرٍو فَقَنّعَ رَأسَهُ | وَ عَورَةُ بُسرٍ مِثلُهَا حَذوَ حَاذِيَةٍ |
فَقُولَا لِعَمرٍو ثُمّ بُسرٍ أَ لَا انظُرَا | سَبِيلَكُمَا لَا تَلقَيَا اللّيثَ ثَانِيَةً |
وَ لَا تَحمَدَا إِلّا الحَيَا وَ خُصَاكُمَا | هُمَا كَانَتَا وَ اللّهِ لِلنّفسِ وَاقِيَةٌ |
وَ لَولَاهُمَا لَم تَنجُوَا مِن سِنَانِهِ | وَ تِلكَ بِمَا فِيهَا عَنِ العَودِ نَاهِيَةٌ |
مَتَي تَلقَيَا الخَيلَ المَشِيخَةَ صُحبَةً | وَ فِيهَا عَلِيّ فَاترُكَا الخَيلَ نَاحِيَةً |
وَ كُونَا بَعِيداً حَيثُ لَا يَبلُغُ القَنَا | نُحُورَكُمَا إِنّ التّجَارِبَ كَافِيَةٌ |
وَ روُيَِ أَنّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِبُسرٍ بَعدَ ذَلِكَ وَ كَانَ يَضحَكُ لَا عَلَيكَ يَا بُسرُ ارفَع طَرفَكَ وَ لَا تسَتحَيِ فَلَكَ بِعَمرٍو أُسوَةٌ وَ قَد أَرَاكَ اللّهُ مِنهُ وَ أَرَاهُ مِنكَ فَصَاحَ فَتًي مِن أَهلِ الكُوفَةِ وَيلَكُم يَا أَهلَ الشّامِ أَ مَا تَستَحيُونَ لَقَد عَلّمَكُم عَمرٌو كَشفَ الأَستَارِ ثُمّ أَنشَدَ الأَبيَاتَ
وَ روُيَِ أَنّهُ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمرٍو يَوماً بَعدَ استِقرَارِ خِلَافَتِهِ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ لَا أَرَاكَ إِلّا وَ يغَلبِنُيِ الضّحِكُ قَالَ بِمَا ذَا قَالَ أَذكُرُ يَومَ حَمَلَ عَلَيكَ أَبُو تُرَابٍ فِي صِفّينَ فَأَزرَيتَ نَفسَكَ فَرَقاً مِن شَبَا سِنَانِهِ وَ كَشَفتَ سَوأَتَكَ لَهُ فَقَالَ عَمرٌو أَنَا مِنكَ أَشَدّ ضَحِكاً إنِيّ لَأَذكُرُ يَومَ دَعَاكَ إِلَي البِرَازِ فَانتَفَخَ سَحرُكَ وَ رَبَا لِسَانُكَ فِي فَمِكَ وَ غَصَصتَ بِرِيقِكَ وَ ارتَعَدَت فَرَائِصُكَ وَ بَدَا مِنكَ مَا أَكرَهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بَعدَ مَا جَرَي بَينَهُمَا الجُبنُ وَ الفِرَارُ مِن عَلِيّ لَا عَارَ عَلَي أَحَدٍ فِيهِمَا وَ كَانَ بُسرٌ مِمّن يَضحَكُ مِن عَمرٍو فَلَمّا عَلِمَ أَنّهُ لَا مَحِيصَ حَذَا حَذوَهُ وَ صَارَ مَضحَكَةً لَهُ أَيضاً
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ عَنِ البلَاذرُيِّ فِي كِتَابِ أَنسَابِ الأَشرَافِ قَالَقَامَ عَمرُو بنُ العَاصِ بِالمَوسِمِ فَأَطرَي مُعَاوِيَةَ وَ بنَيِ أُمَيّةَ وَ تَنَاوَلَ بنَيِ هَاشِمٍ وَ ذَكَرَ مَشَاهِدَهُ بِصِفّينَ وَ يَومِ أَبِي مُوسَي فَقَامَ إِلَيهِ ابنُ عَبّاسٍ فَقَالَ يَا عَمرُو إِنّكَ بِعتَ دِينَكَ مِن مُعَاوِيَةَ فَأَعطَيتَهُ مَا فِي يَدِكَ وَ مَنّاكَ مَا فِي يَدِ غَيرِهِ فَكَانَ ألّذِي أَخَذَ مِنكَ فَوقَ ألّذِي أَعطَاكَ وَ كَانَ ألّذِي أَخَذتَ مِنهُ دُونَ ألّذِي أَعطَيتَهُ وَ كُلّ رَاضٍ بِمَا
صفحه : 232
أَخَذَ وَ أَعطَي فَلَمّا صَارَت مِصرُ فِي يَدِكَ تَتَبّعَكَ بِالنّقضِ عَلَيكَ وَ التّعَقّبِ لِأَمرِكَ ثُمّ بِالعَزلِ لَكَ حَتّي لَو أَنّ نَفسَكَ فِي يَدِكَ لَأَرسَلتَهَا وَ ذَكَرتَ يَومَكَ مَعَ أَبِي مُوسَي فَلَا أَرَاكَ فَخَرتَ إِلّا بِالغَدرِ وَ لَا مَنَنتَ إِلّا بِالفُجُورِ وَ الغِشّ وَ ذَكَرتَ مَشَاهِدَكَ بِصِفّينَ فَوَ اللّهِ مَا ثَقُلَت عَلَينَا وَطأَتُكَ وَ لَا نَكَأَت فِينَا جُرأَتُكَ وَ لَقَد كُنتَ فِيهَا طَوِيلَ اللّسَانِ قَصِيرَ البَنَانِ آخِرَ الحَربِ إِذَا أَقبَلَت وَ أَوّلَهَا إِذَا أَدبَرَت لَكَ يَدَانِ يَدٌ لَا تَقبِضُهَا عَن شَرّ وَ يَدٌ لَا تَبسُطُهَا إِلَي خَيرٍ وَ وَجهَانِ وَجهٌ مُونِسٌ وَ وَجهٌ مُوحِشٌ وَ لعَمَريِ مَن بَاعَ دِينَهُ بِدُنيَا غَيرِهِ لحَرَيِّ حُزنُهُ عَلَي مَا بَاعَ وَ أَمَا إِنّ لَكَ بَيَاناً وَ لَكِن فِيكَ خَطَلٌ وَ إِنّ لَكَ لَرَأياً وَ لَكِن فِيكَ فَشَلٌ وَ إِنّ أَصغَرَ عَيبٍ فِيكَ لَأَعظَمُ عَيبٍ فِي غَيرِكَ
صفحه : 233
517-فس ،[تفسير القمي] الحُسَينُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ السكّيَنيِّ عَن أَبِي سَعِيدٍ البجَلَيِّ عَن عَبدِ المَلِكِ بنِ هَارُونَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم قَالَ لَمّا بَلَغَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع أَمرُ مُعَاوِيَةَ وَ أَنّهُ فِي مِائَةِ أَلفٍ قَالَ مِن أَيّ القَومِ قَالُوا مِن أَهلِ الشّامِ قَالَ ع لَا تَقُولُوا مِن أَهلِ الشّامِ وَ لَكِن قُولُوا مِن أَهلِ الشّومِ وَ هُم مِن أَبنَاءِ مِصرَ لُعِنُواعَلي لِسانِ داوُدَفَجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ وَ الخَنازِيرَ ثُمّ كَتَبَ إِلَي مُعَاوِيَةَ لَا تَقتُلِ النّاسَ بيَنيِ وَ بَينَكَ وَ لَكِن هَلُمّ إِلَي المُبَارَزَةِ فَإِن أَنَا قَتَلتُكَ فَإِلَي النّارِ أَنتَ وَ يَستَرِيحُ النّاسُ مِنكَ وَ مِن ضَلَالَتِكَ وَ إِن قتَلَتنَيِ فَأَنَا إِلَي الجَنّةِ وَ يُغمَدُ عَنكَ السّيفُ ألّذِي لَا يسَعَنُيِ غِمدُهُ حَتّي أَرُدّ مَكرَكَ وَ بِدعَتَكَ وَ أَنَا ألّذِي ذَكَرَ اللّهُ اسمَهُ فِي التّورَاةِ وَ الإِنجِيلِ بِمُوَازَرَةِ رَسُولِ اللّهِص وَ أَنَا أَوّلُ مَن بَايَعَ رَسُولَ اللّهِص تَحتَ الشّجَرَةِ فِي قَولِهِ تَعَالَيلَقَد رضَيَِ اللّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبايِعُونَكَ تَحتَ الشّجَرَةِ فَلَمّا قَرَأَ مُعَاوِيَةُ كِتَابَهُ وَ عِندَهُ جُلَسَاؤُهُ قَالُوا قَد وَ اللّهِ لَقَد أَنصَفَكَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَ اللّهِ مَا أَنصَفَنِي وَ اللّهِ لَأَرمِيَنّهُ بِمِائَةِ أَلفِ سَيفٍ مِن أَهلِ الشّامِ مِن قَبلِ أَن يَصِلَ إلِيَّ وَ وَ اللّهِ مَا أَنَا مِن جَالِهِ وَ لَقَد سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ وَ اللّهِ يَا عَلِيّ لَو بَارَزَكَ أَهلُ الشّرقِ وَ الغَربِ لَقَتَلتَهُم أَجمَعِينَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ القَومِ مَا يَحمِلُكَ يَا مُعَاوِيَةُ عَلَي قِتَالِ مَن تَعلَمُ وَ تُخبِرُ
صفحه : 234
فِيهِ عَن رَسُولِ اللّهِ بِمَا تُخبِرُ مَا أَنتَ وَ نَحنُ فِي قِتَالِهِ إِلّا عَلَي الضّلَالَةِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ إِنّمَا هَذَا بَلَاغٌ مِنَ اللّهِ وَ مَا استَطَعتُ وَ اللّهِ مَا أَستَطِيعُ أَنَا وَ أصَحاَبيِ رَدّ ذَلِكَ حَتّي يَكُونَ مَا هُوَ كَائِنٌ قَالَ وَ بَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرّومِ وَ أُخبِرَ أَنّ رَجُلَينِ قَد خَرَجَا يَطلُبَانِ المُلكَ فَسَأَلَ مِن أَينَ خَرَجَا فَقِيلَ لَهُ رَجُلٌ بِالكُوفَةِ وَ رَجُلٌ بِالشّامِ قَالَ فَأَمَرَ المَلِكُ وُزَرَاءَهُ فَقَالَ تَخَلّلُوا هَل تُصِيبُونَ مِن تُجّارِ العَرَبِ مَن يَصِفُهُمَا لِي فأَتُيَِ بِرَجُلَينِ مِن تُجّارِ الشّامِ وَ رَجُلَينِ مِن تُجّارِ مَكّةَ فَسَأَلَهُم عَن صِفَتِهِمَا فَوَصَفُوهُمَا لَهُ ثُمّ قَالَ لِخُزّانِ بُيُوتِ خَزَائِنِهِ أَخرِجُوا إلِيَّ الأَصنَامَ فَأَخرَجُوهَا فَنَظَرَ إِلَيهَا فَقَالَ الشاّميِّ ضَالّ وَ الكوُفيِّ هَادٍ ثُمّ كَتَبَ إِلَي مُعَاوِيَةَ أَنِ ابعَث إلِيَّ أَعلَمَ أَهلِ بَيتِكَ وَ كَتَبَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنِ ابعَث إلِيَّ أَعلَمَ أَهلِ بَيتِكَ فَأَسمَعَ مِنهُمَا ثُمّ أَنظُرَ فِي الإِنجِيلِ كِتَابِنَا ثُمّ أُخبِرَكُمَا مَن أَحَقّ بِهَذَا الأَمرِ وَ خشَيَِ عَلَي مُلكِهِ فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ يَزِيدَ ابنَهُ وَ بَعَثَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ الحَسَنَ ابنَهُ ع فَلَمّا دَخَلَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللّهُ عَلَي المَلِكِ أَخَذَ بِيَدِهِ وَ قَبّلَهَا ثُمّ قَبّلَ رَأسَهُ ثُمّ دَخَلَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِمَا فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَم يجَعلَنيِ يَهُودِيّاً وَ لَا نَصرَانِيّاً وَ لَا مَجُوسِيّاً وَ لَا عَابِداً لِلشّمسِ وَ القَمَرِ وَ لَا الصّنَمِ وَ البَقَرِ وَ جعَلَنَيِ حَنِيفاً مُسلِماً وَ لَم يجَعلَنيِ مِنَ المُشرِكِينَ تَبَارَكَ اللّهُ رَبّ العَرشِ العَظِيمِوَ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ ثُمّ جَلَسَ لَا يَرفَعُ بَصَرَهُ فَلَمّا نَظَرَ مَلِكُ الرّومِ إِلَي الرّجُلَينِ أَخرَجَهُمَا ثُمّ فَرّقَ بَينَهُمَا ثُمّ بَعَثَ إِلَي يَزِيدَ فَأَحضَرَهُ ثُمّ أَخرَجَ مِن خَزَائِنِهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ صُندُوقاً فِيهَا تَمَاثِيلُ الأَنبِيَاءِ وَ قَد زُيّنَت بِزِينَةِ كُلّ نبَيِّ مُرسَلٍ فَأَخرَجَ صَنَماً فَعَرَضَهُ عَلَي يَزِيدَ فَلَم يَعرِفهُ ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ صَنَمٌ صَنَمٌ فَلَا يَعرِفُ مِنهَا شَيئاً وَ لَا يُجِيبُ مِنهَا بشِيَءٍ ثُمّ سَأَلَهُ عَن أَرزَاقِ الخَلَائِقِ وَ عَن أَروَاحِ المُؤمِنِينَ أَينَ تَجتَمِعُ وَ عَن أَروَاحِ الكُفّارِ أَينَ تَكُونُ إِذَا مَاتُوا فَلَم يَعرِف مِن ذَلِكَ شَيئاً
صفحه : 235
ثُمّ دَعَا المَلِكُ الحَسَنَ بنَ عَلِيّ ع فَقَالَ إِنّمَا بَدَأتُ بِيَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ كيَ يَعلَمَ أَنّكَ تَعلَمُ مَا لَا يَعلَمُ وَ يَعلَمُ أَبُوكَ مَا لَا يَعلَمُ أَبُوهُ فَقَد وُصِفَ لِي أَبُوكَ وَ أَبُوهُ وَ نَظَرتُ فِي الإِنجِيلِ فَرَأَيتُ فِيهِ مُحَمّداً رَسُولَ اللّهِص وَ الوَزِيرَ عَلِيّاً ع وَ نَظَرتُ فِي الأَوصِيَاءِ فَرَأَيتُ فِيهَا أَبَاكَ وصَيِّ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ لَهُ الحَسَنُ سلَنيِ عَمّا بَدَا لَكَ فِيمَا تَجِدُهُ فِي الإِنجِيلِ وَ عَمّا فِي التّورَاةِ وَ عَمّا فِي القُرآنِ أُخبِركَ بِهِ إِن شَاءَ اللّهُ فَدَعَا المَلِكُ بِالأَصنَامِ فَأَوّلُ صَنَمٍ عُرِضَ عَلَيهِ فِي صِفَةِ القَمَرِ فَقَالَ لَهُ الحَسَنُ ع فَهَذِهِ صِفَةُ آدَمَ أَبِي البَشَرِ ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ آخَرُ فِي صِفَةِ الشّمسِ فَقَالَ الحَسَنُ ع هَذِهِ صِفَةُ حَوّاءَ أُمّ البَشَرِ ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ آخَرُ فِي صِفَةٍ حَسَنَةٍ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ شَيثِ بنِ آدَمَ وَ كَانَ أَوّلَ مَن بُعِثَ وَ بَلَغَ عُمُرُهُ فِي الدّنيَا أَلفَ سَنَةٍ وَ أَربَعِينَ عَاماً ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ نُوحٍ صَاحِبُ السّفِينَةِ وَ كَانَ عُمُرُهُ أَلفاً وَ أَربَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ لَبِثَ فِي قَومِهِأَلفَ سَنَةٍ إِلّا خَمسِينَ عاماً ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ اِبرَاهِيمَ ع عَرِيضُ الصّدرِ طَوِيلُ الجَبهَةِ ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ صَنَمٌ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ إِسرَائِيلَ وَ هُوَ يَعقُوبُ ثُمّ أُخرِجَ إِلَيهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ إِسمَاعِيلَ ثُمّ أُخرِجَ إِلَيهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ يُوسُفَ بنِ يَعقُوبَ بنِ إِسحَاقَ بنِ اِبرَاهِيمَ ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ مُوسَي بنِ عِمرَانَ وَ كَانَ عُمُرُهُ مِائَتَينِ وَ أَربَعِينَ سَنَةً وَ كَانَ بَينَهُ وَ بَينَ اِبرَاهِيمَ خَمسُمِائَةِ عَامٍ ثُمّ أُخرِجَ إِلَيهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ دَاوُدَ صَاحِبِ الحَربِ ثُمّ أُخرِجَ إِلَيهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ شُعَيبٍ ثُمّ زَكَرِيّا ثُمّ يَحيَي ثُمّ عِيسَي بنِ مَريَمَ رُوحِ اللّهِ وَ كَلِمَتِهِ وَ كَانَ عُمُرُهُ فِي الدّنيَا ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمّ رَفَعَهُ اللّهُ إِلَي السّمَاءِ وَ يَهبِطُ إِلَي الأَرضِ بِدِمَشقَ وَ هُوَ ألّذِي يَقتُلُ الدّجّالَ ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ صَنَمٌ صَنَمٌ فَيُخبِرُ بِاسمِ نبَيِّ نبَيِّ ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ الأَوصِيَاءُ وَ الوُزَرَاءُ فَكَانَ يُخبِرُ بِاسمِ وصَيِّ وصَيِّ وَ وَزِيرٍ وَزِيرٍ ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ أَصنَامٌ بِصِفَةِ المُلُوكِ فَقَالَ الحَسَنُ ع
صفحه : 236
هَذِهِ أَصنَامٌ لَم نَجِد صِفَتَهَا فِي التّورَاةِ وَ لَا فِي الإِنجِيلِ وَ لَا فِي الزّبُورِ وَ لَا فِي القُرآنِ فَلَعَلّهَا مِن صِفَةِ المُلُوكِ فَقَالَ المَلِكُ أَشهَدُ عَلَيكُم يَا أَهلَ بَيتِ مُحَمّدٍ أَنّكُم قَد أُعطِيتُم عِلمَ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ وَ عِلمَ التّورَاةِ وَ الإِنجِيلِ وَ الزّبُورِ وَ صُحُفِ اِبرَاهِيمَ وَ أَلوَاحِ مُوسَي ثُمّ عُرِضَ عَلَيهِ صَنَمٌ يَلُوحُ فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِ بَكَي بُكَاءً شَدِيداً فَقَالَ لَهُ المَلِكُ مَا يُبكِيكَ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ جدَيّ مُحَمّدٍص كَثّ اللّحيَةِ عَرِيضُ الصّدرِ طَوِيلُ العُنُقِ عَرِيضُ الجَبهَةِ أَقنَي الأَنفِ أَفلَجُ الأَسنَانِ حَسَنُ الوَجهِ قَطَطُ الشّعرِ طَيّبُ الرّيحِ حَسَنُ الكَلَامِ فَصِيحُ اللّسَانِ كَانَ يَأمُرُ بِالمَعرُوفِ وَ يَنهَي عَنِ المُنكَرِ بَلَغَ عُمُرُهُ ثَلَاثاً وَ سِتّينَ سَنَةً وَ لَم يُخَلّف بَعدَهُ إِلّا خاتم [خَاتَماً]مَكتُوبٌ عَلَيهِ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِص وَ كَانَ يَتَخَتّمُ فِي يَمِينِهِ وَ خَلّفَ سَيفَهُ ذو[ذَا]الفَقَارِ وَ قَضِيبَهُ وَ جُبّةَ صُوفٍ وَ كِسَاءَ صُوفٍ كَانَ يَتَسَروَلُ بِهِ لَم يَقطَعهُ وَ لَم يَخُطّهُ حَتّي لَحِقَ بِاللّهِ فَقَالَ المَلِكُ إِنّا نَجِدُ فِي الإِنجِيلِ أَنّهُ يَكُونُ لَهُ مَا يَتَصَدّقُ بِهِ عَلَي سِبطَيهِ فَهَل كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الحَسَنُ ع قَد كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ المَلِكُ فبَقَيَِ لَكُم ذَلِكَ فَقَالَ لَا قَالَ المَلِكُ لَهَذِهِ أَوّلُ فِتنَةٍ مِن هَذِهِ الأُمّةِ غَلَبَا أَبَاكُمَا ثُمّ عَلَي مِلكِ نَبِيّكُم وَ اختِيَارُهُم عَلَي ذُرّيّةِ نَبِيّهِم مِنكُمُ القَائِمُ بِالحَقّ وَ الآمِرُ بِالمَعرُوفِ وَ الناّهيِ عَنِ المُنكَرِ قَالَ ثُمّ سَأَلَ المَلِكُ الحَسَنَ ع عَن سَبعَةِ أَشيَاءَ خَلَقَهَا اللّهُ لَم تَركُض فِي رَحِمٍ فَقَالَ الحَسَنُ أَوّلُ هَذَا آدَمُ ثُمّ حَوّاءُ ثُمّ كَبشُ اِبرَاهِيمَ ثُمّ نَاقَةُ اللّهِ ثُمّ إِبلِيسُ المَلعُونُ ثُمّ الحَيّةُ ثُمّ الغُرَابُ ألّذِي ذَكَرَهُ اللّهُ فِي القُرآنِ قَالَ ثُمّ سَأَلَهُ عَن أَرزَاقِ الخَلَائِقِ فَقَالَ الحَسَنُ ع أَرزَاقُ الخَلَائِقِ فِي السّمَاءِ الرّابِعَةِ تَنزِلُ بِقَدَرٍ وَ تُبسَطُ بِقَدَرٍ ثُمّ سَأَلَهُ عَن أَروَاحِ المُؤمِنِينَ أَينَ يَكُونُونَ إِذَا مَاتُوا قَالَ تَجتَمِعُ عِندَ صَخرَةِ بَيتِ المَقدِسِ فِي كُلّ لَيلَةِ الجُمُعَةِ وَ هُوَ عَرشُ اللّهِ الأَدنَي مِنهَا يَبسُطُ اللّهُ
صفحه : 237
الأَرضَ وَ إِلَيهَا يَطوِيهَا وَ إِلَيهِ المَحشَرُ وَ مِنهَا استَوَي رَبّنَا إِلَي السّمَاءِ وَ المَلَائِكَةُ ثُمّ سَأَلَهُ عَن أَروَاحِ الكُفّارِ أَينَ تَجتَمِعُ قَالَ تَجتَمِعُ فِي واَديِ حَضرَمَوتَ وَرَاءَ مَدِينَةِ اليَمَنِ ثُمّ يَبعَثُ اللّهُ نَاراً مِنَ المَشرِقِ وَ نَاراً مِنَ المَغرِبِ وَ يُتبِعُهَا بِرِيحَينِ شَدِيدَتَينِ فَيَحشُرُ النّاسَ عِندَ صَخرَةِ بَيتِ المَقدِسِ فَيَحشُرُ أَهلَ الجَنّةِ عَن يَمِينِ الصّخرَةِ وَ يُزلِفُ المُتّقِينَ وَ تَصِيرُ جَهَنّمُ عَن يَسَارِ الصّخرَةِ فِي تُخُومِ الأَرَضِينَ السّابِعَةِ وَ فِيهَا الفَلَقُ وَ السّجّينُ فَيُعرَفُ الخَلَائِقُ مِن عِندِ الصّخرَةِ فَمَن وَجَبَت لَهُ الجَنّةُ دَخَلَهَا وَ مَن وَجَبَت لَهُ النّارُ دَخَلَهَا وَ ذَلِكَ قَولُهُفَرِيقٌ فِي الجَنّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السّعِيرِ فَلَمّا أَخبَرَ الحَسَنُ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ بِصِفَةِ مَا عُرِضَ عَلَيهِ مِنَ الأَصنَامِ وَ تَفسِيرِ مَا سَأَلَهُ التَفَتَ المَلِكُ إِلَي يَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُ اللّهُ وَ قَالَ شَعَرتَ أَنّ ذَلِكَ عِلمٌ لَا يَعلَمُهُ إِلّا نبَيِّ مُرسَلٌ أَو وصَيِّ مُوَازِرٌ قَد أَكرَمَهُ اللّهُ بِمُوَازَرَةِ نَبِيّهِص أَو عِترَةُ نبَيِّ مُصطَفًي وَ غَيرُهُ المعُاَديِ فَقَد طَبَعَ اللّهُ عَلَي قَلبِهِ وَ آثَرَ دُنيَاهُ عَلَي آخِرَتِهِ وَ هَوَاهُ عَلَي دِينِهِ وَ هُوَ مِنَ الظّالِمِينَ قَالَ فَسَكَتَ يَزِيدُ وَ خَمَدَ قَالَ فَأَحسَنَ المَلِكُ جَائِزَةَ الحَسَنِ وَ أَكرَمَهُ وَ قَالَ لَهُ ادعُ رَبّكَ حَتّي يرَزقُنَيِ دِينَ نَبِيّكَ فَإِنّ حَلَاوَةَ المُلكِ قَد حَالَت بيَنيِ وَ بَينَ ذَلِكَ وَ أَظُنّهُ سَمّاً مُردِياً وَ عَذَاباً أَلِيماً قَالَ فَرَجَعَ يَزِيدُ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ كَتَبَ إِلَيهِ المَلِكُ أَنّهُ يُقَالُ مَن آتَاهُ اللّهُ العِلمَ بَعدَ نَبِيّكُم وَ حَكَمَ بِالتّورَاةِ وَ مَا فِيهَا وَ الإِنجِيلِ وَ مَا فِيهِ وَ الزّبُورِ وَ مَا فِيهِ وَ الفُرقَانِ وَ مَا فِيهِ فَالحَقّ وَ الخِلَافَةُ لَهُ وَ كَتَبَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنّ الحَقّ وَ الخِلَافَةَ لَكَ وَ بَيتُ النّبُوّةِ[فِيكَ] وَ فِي وُلدِكَ فَقَاتِل مَن قَاتَلَكَ يُعَذّبهُ اللّهُ بِيَدِكَ ثُمّ يُخَلّدهُ فِي نَارِ جَهَنّمَ فَإِنّ مَن قَاتَلَكَ نَجِدُهُ فِي الإِنجِيلِ أَنّ عَلَيهِ لَعنَةَ اللّهِ وَ المَلَائِكَةِ وَ النّاسِ أَجمَعِينَ وَ عَلَيهِ
صفحه : 238
لَعنَةُ أَهلِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ
بيان تخللوا أي ادخلوا في خلال الناس وتجسسوا قال الجوهري تخللت القوم إذادخلت بين خللهم وخلالهم و قوله ع و كان أول من بعث أي من أولاد آدم . قوله ع أول هذا أي بحسب الرتبة أوالأولوية إضافية. و ثم في بعضها أيضا للترتيب الرتبي لاالزماني كإبليس . ولعل المراد بالحية الحية التي أدخلت إبليس الجنة وذكر الغراب المخصوص ووصفه بعدم الركض في الرحم لأنه لم يكن غرابا حقيقة و كان بصورته أوأطلق الرحم علي مايعم البيضة تغليبا قوله ع منها يبسط الله الأرض أي عندخراب الدنيا منها يأخذ في خراب العمارات وتسيير الجبال وإليها ينتهي إفناء الأرض وإذهابها بعدالحشر أوهما بمعني الماضي أي منها بسط الأرض في بدو الخلق وإليها رجع البسط فيكون إضافيا بالنسبة إلي ماسوي الكعبة أوأجاب ع موافقا لما في كتبهم ويحتمل أن يكون الطي كناية عن حشر الناس إليها فيكون مابعده تفسيرا له واستواء الرب كناية عن عروج الملائكة منها إلي تنظيم أمور السماء أوالأخذ بعدالفراغ منها في خلق السماء
518-ف ،[تحف العقول ]بَعَثَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا مُتَنَكّراً يَسأَلُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَن مَسَائِلَ سَأَلَهُ عَنهَا مَلِكُ الرّومِ فَلَمّا دَخَلَ الكُوفَةَ وَ خَاطَبَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع أَنكَرَهُ فَقَرّرَهُ فَاعتَرَفَ لَهُ بِالحَالِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع قَاتَلَ اللّهُ ابنَ آكِلَةِ الأَكبَادِ مَا أَضَلّهُ وَ أَضَلّ مَن مَعَهُ قَاتَلَهُ اللّهُ لَقَد أَعتَقَ جَارِيَةً مَا أَحسَنَ أَن يَتَزَوّجَهَا حَكَمَ اللّهُ بيَنيِ وَ بَينَ هَذِهِ الأُمّةِ قَطَعُوا رحَمِيِ وَ صَغّرُوا عَظِيمَ منَزلِتَيِ وَ أَضَاعُوا أيَاّميِ وَ دَعَا بِالحَسَنِ وَ الحُسَينِ وَ مُحَمّدٍ فَدُعُوا فَقَالَ يَا أَخَا أَهلِ الشّامِ هَذَانِ ابنَا رَسُولِ اللّهِص وَ هَذَا ابنيِ فَاسأَل أَيّهُم أَحبَبتَ فَقَالَ الشاّميِّ
صفحه : 239
أَسأَلُ هَذَا يعَنيِ الحَسَنَ ثُمّ قَالَ كَم بَينَ الحَقّ وَ البَاطِلِ وَ كَم بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ كَم بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ عَن هَذَا المَحوِ ألّذِي فِي القَمَرِ وَ عَن قَوسِ قُزَحَ وَ عَن هَذِهِ المَجَرّةِ وَ عَن أَوّلِ شَيءٍ انتَضَحَ عَلَي وَجهِ الأَرضِ وَ عَن أَوّلِ شَيءٍ اهتَزّ عَلَيهَا وَ عَنِ العَينِ التّيِ تأَويِ إِلَيهَا أَروَاحُ المُؤمِنِينَ وَ عَنِ العَينِ التّيِ تأَويِ إِلَيهَا أَروَاحُ المُشرِكِينَ وَ عَنِ المُؤَنّثِ وَ عَن عَشَرَةِ أَشيَاءَ بَعضُهَا أَشَدّ مِن بَعضٍ فَقَالَ الحَسَنُ ع يَا أَخَا أَهلِ الشّامِ بَينَ الحَقّ وَ البَاطِلِ أَربَعُ أَصَابِعَ مَا رَأَيتَ بِعَينَيكَ فَهُوَ الحَقّ وَ قَد تَسمَعُ بِأُذُنَيكَ بَاطِلًا كَثِيراً وَ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ دَعوَةُ المَظلُومِ وَ مَدّ البَصَرِ فَمَن قَالَ غَيرَ هَذَا فَكَذّبهُ وَ بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ يَومٌ مُطّرِدٌ لِلشّمسِ تَنظُرُ إِلَي الشّمسِ حِينَ تَطلُعُ وَ تَنظُرُ إِلَيهَا حِينَ تَغرُبُ فَمَن قَالَ غَيرَ هَذَا فَكَذّبهُ وَ أَمّا هَذِهِ المَجَرّةُ فهَيَِ أَشرَاجُ السّمَاءِ مِنهَا مَهبِطُ المَاءِ المُنهَمِرِ عَلَي قَومِ نُوحٍ وَ أَمّا قَوسُ قُزَحَ فَلَا تَقُل قُزَحُ فَإِنّ قُزَحَ شَيطَانٌ وَ لَكِنّهَا قَوسُ اللّهِ وَ أَمَانٌ مِنَ الغَرَقِ وَ أَمّا المَحوُ ألّذِي فِي القَمَرِ فَإِنّ ضَوءَ القَمَرِ كَانَ مِثلَ ضَوءِ الشّمسِ فَمَحَاهُ اللّهُ وَ قَالَ فِي كِتَابِهِفَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةً وَ أَمّا أَوّلُ شَيءٍ انتَضَحَ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَهُوَ واَديِ دَلَسٍ وَ أَمّا أَوّلُ شَيءٍ اهتَزّ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فهَيَِ النّخلَةُ وَ أَمّا العَينُ التّيِ تأَويِ إِلَيهَا أَروَاحُ المُؤمِنِينَ فهَيَِ عَينٌ يُقَالُ لَهَا سَلمَي وَ أَمّا العَينُ التّيِ تأَويِ إِلَيهَا أَروَاحُ الكَافِرِينَ فهَيَِ عَينٌ يُقَالُ لَهَا بَرَهُوتُ وَ أَمّا المُؤَنّثُ فَإِنسَانٌ لَا يُدرَي امرَأَةٌ هُوَ أَم رَجُلٌ فَيُنتَظَرُ بِهِ الحُلُمُ فَإِن كَانَتِ امرَأَةً بَانَ ثَديَاهَا وَ إِن كَانَ رَجُلًا خَرَجَت لِحيَتُهُ وَ إِلّا قِيلَ لَهُ يَبُولُ عَلَي الحَائِطِ فَإِن أَصَابَ الحَائِطَ بَولُهُ فَهُوَ رَجُلٌ وَ إِن نَكَصَ كَمَا يَنكُصُ بَولُ البَعِيرِ فهَيَِ امرَأَةٌ
صفحه : 240
وَ أَمّا عَشَرَةُ أَشيَاءَ بَعضُهَا أَشَدّ مِن بَعضٍ فَأَشَدّ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ الحَجَرُ وَ أَشَدّ مِنَ الحَجَرِ الحَدِيدُ وَ أَشَدّ مِنَ الحَدِيدِ النّارُ وَ أَشَدّ مِنَ النّارِ المَاءُ وَ أَشَدّ مِنَ المَاءِ السّحَابُ وَ أَشَدّ مِنَ السّحَابِ الرّيحُ وَ أَشَدّ مِنَ الرّيحِ المَلَكُ وَ أَشَدّ مِنَ المَلَكِ مَلَكُ المَوتِ وَ أَشَدّ مِن مَلَكِ المَوتِ المَوتُ وَ أَشَدّ مِنَ المَوتِ أَمرُ اللّهِ قَالَ الشاّميِّ أَشهَدُ أَنّكَ ابنُ رَسُولِ اللّهِص وَ أَنّ عَلِيّاً ع وصَيِّ مُحَمّدٍ ثُمّ كَتَبَ هَذَا الجَوَابَ وَ مَضَي بِهِ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ أَنفَذَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَي ابنِ الأَصفَرِ فَلَمّا أَتَاهُ قَالَ أَشهَدُ أَنّ هَذَا لَيسَ مِن عِندِ مُعَاوِيةَ وَ لَا هُوَ إِلّا مِن عِندِ مَعدِنِ النّبُوّةِ
توضيح قوله ع فمن قال غير هذا أي برأيه و قال الجوهري اطرد الشيء تبع بعضه بعضا وجري تقول اطرد الأمر إذااستقام . والأنهار تطرد أي تجري انتهي ولعل المراد يوم تام أو في أي وقت وفصل كان . و في القاموس الشرج محركة العري ومنفسح الوادي ومجرة السماء والشرج مسيل من الحرة إلي السهل والجمع شراج وأشد من الملك أي الملك الموكل بالرياح
صفحه : 241
519-جا،[المجالس للمفيد] الحُسَينُ بنُ مُحَمّدٍ التّمّارُ عَن مُحَمّدِ بنِ القَاسِمِ الأنَباَريِّ عَن أَحمَدَ بنِ يَحيَي عَنِ ابنِ الأعَراَبيِّ عَن حَبِيبِ بنِ بَشّارٍ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ عَاصِمٍ عَنِ الشعّبيِّ قَالَ لَمّا وَفَدَ شَدّادُ بنُ أَوسٍ عَلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَكرَمَهُ وَ أَحسَنَ قَبُولَهُ وَ لَم يُعتِبهُ عَلَي شَيءٍ كَانَ مِنهُ وَ وَعَدَهُ وَ مَنّاهُ ثُمّ إِنّهُ حَضَرَ فِي يَومِ حَفلٍ فَقَالَ لَهُ يَا شَدّادُ قُم فِي النّاسِ وَ اذكُر عَلِيّاً وَ عِبهُ لِأَعرِفَ بِذَلِكَ نِيّتَكَ فِي موَدَتّيِ فَقَالَ لَهُ شَدّادٌ أعَفنِيِ مِن ذَلِكَ فَإِنّ عَلِيّاً قَد لَحِقَ بِرَبّهِ وَ جوُزيَِ بِعَمَلِهِ وَ كُفِيتَ مَا كَانَ يُهِمّكَ مِنهُ وَ انقَادَت لَكَ الأُمُورُ عَلَي إِيثَارِكَ فَلَا تَلتَمِس مِنَ النّاسِ مَا لَا يَلِيقُ بِحِلمِكَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ لَتَقُومَنّ بِمَا أَمَرتُكَ بِهِ وَ إِلّا فَالرّيبُ فِيكَ وَاقِعٌ فَقَامَ شَدّادٌ فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي افتَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَي عِبَادِهِ وَ جَعَلَ رِضَاهُ عِندَ أَهلِ التّقوَي آثَرَ مِن رِضَا خَلقِهِ عَلَي ذَاكَ مَضَي أَوّلُهُم وَ عَلَيهِ يمَضيِ آخِرُهُم
صفحه : 242
أَيّهَا النّاسُ إِنّ الآخِرَةَ وَعدٌ صَادِقٌ يَحكُمُ فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ وَ إِنّ الدّنيَا أَجَلٌ حَاضِرٌ يَأكُلُ مِنهَا البَرّ وَ الفَاجِرُ وَ إِنّ السّامِعَ المُطِيعَ لِلّهِ لَا حُجّةَ عَلَيهِ وَ إِنّ السّامِعَ العاَصيَِ لَا حُجّةَ لَهُ وَ إِنّ اللّهَ إِذَا أَرَادَ بِالعِبَادِ خَيراً عَمّلَ عَلَيهِم صُلَحَاءَهُم وَ قَضّي بَينَهُم فُقَهَاءَهُم وَ جَعَلَ المَالَ فِي أَسخِيَائِهِم وَ إِذَا أَرَادَ بِهِم شَرّاً عَمّلَ عَلَيهِم سُفَهَاءَهُم وَ قَضّي بَينَهُم جُهَلَاءَهُم وَ جَعَلَ المَالَ عِندَ بُخَلَائِهِم وَ إِنّ مِن صَلَاحِ الوُلَاةِ أَن يَصلُحَ قُرَنَاؤُهَا وَ نَصَحَكَ يَا مُعَاوِيَةُ مَن أَسخَطَكَ بِالحَقّ وَ غَشّكَ مَن أَرضَاكَ بِالبَاطِلِ وَ قَد نَصَحتُكَ بِمَا قَدّمتَ وَ مَا كُنتُ أَغُشّكَ بِخِلَافِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ اجلِس يَا شَدّادُ فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ إنِيّ قَد أَمَرتُ لَكَ بِمَالٍ يُغنِيكَ أَ لَستَ مِنَ السّمَحَاءِ الّذِينَ جَعَلَ اللّهُ المَالَ عِندَهُم لِصَلَاحِ خَلقِهِ فَقَالَ لَهُ شَدّادٌ إِن كَانَ مَا عِندَكَ مِنَ المَالِ هُوَ لَكَ دُونَ مَالِ المُسلِمِينَ فَعَمَدتَ جَمعَهُ مَخَافَةَ تَفَرّقِهِ فَأَصَبتَهُ حَلَالًا وَ أَنفَقتَهُ حَلَالًا فَنَعَم وَ إِن كَانَ مِمّا شَارَكَكَ فِيهِ المُسلِمُونَ فَاحتَجَبتَهُ دُونَهُم فَأَصَبتَهُ اقتِرَافاً وَ أَنفَقتَهُ إِسرَافاً فَإِنّ اللّهَ جَلّ اسمُهُ يَقُولُإِنّ المُبَذّرِينَ كانُوا إِخوانَ الشّياطِينِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ أَظُنّكَ قَد خُولِطتَ يَا شَدّادُ أَعطُوهُ مَا أَطلَقنَاهُ لَهُ لِيَخرُجَ إِلَي أَهلِهِ قَبلَ أَن يَغلِبَهُ مَرَضُهُ فَنَهَضَ شَدّادٌ وَ هُوَ يَقُولُ المَغلُوبُ عَلَي عَقلِهِ بِهَوَاهُ سوِاَيَ وَ ارتَحَلَ وَ لَم يَأخُذ مِن مُعَاوِيَةَ شَيئاً
بيان في يوم حفل أي يوم اجتمع فيه الناس عنده يقال حفل القوم حفلا اجتمعوا والمجلس كثر أهله
520-كش ،[رجال الكشي]نَصرُ بنُ الصّبّاحِ عَن إِسحَاقَ بنِ مُحَمّدٍ البصَريِّ عَن أَمِيرِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ كَانَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ يَقُولُ إِنّ المَحَامِدَةَ تَأبَي أَن يُعصَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ قُلتُ وَ مَنِ المَحَامِدَةُ قَالَ مُحَمّدُ بنُ جَعفَرٍ وَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ وَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي حُذَيفَةَ وَ مُحَمّدُ بنُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع
صفحه : 243
أَمّا مُحَمّدُ بنُ أَبِي حُذَيفَةَ هُوَ ابنُ عُتبَةَ بنِ رَبِيعَةَ وَ هُوَ ابنُ خَالِ مُعَاوِيَةَ
وَ أخَبرَنَيِ بَعضُ رُوَاةِ العَامّةِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ قَالَ حدَثّنَيِ رَجُلٌ مِن أَهلِ الشّامِ قَالَ كَانَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي حُذَيفَةَ بنِ عُتبَةَ بنِ رَبِيعَةَ مَعَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ مِن أَنصَارِهِ وَ أَشيَاعِهِ وَ كَانَ ابنَ خَالِ مُعَاوِيَةَ وَ كَانَ رَجُلًا مِن خِيَارِ المُسلِمِينَ فَلَمّا توُفُيَّ عَلِيّ ع أَخَذَهُ مُعَاوِيَةُ وَ أَرَادَ قَتلَهُ فَحَبَسَهُ فِي السّجنِ دَهراً ثُمّ قَالَ مُعَاوِيَةُ ذَاتَ يَومٍ أَ لَا نُرسِلُ إِلَي هَذَا السّفِيهِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي حُذَيفَةَ فَنُبَكّتَهُ[فَنُنَكّتَهُ] وَ نُخبِرَهُ بِضَلَالِهِ وَ نَأمُرَهُ أَن يَقُومَ فَيَسُبّ عَلِيّاً قَالُوا نَعَم فَبَعَثَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ فَأَخرَجَهُ مِنَ السّجنِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ يَا مُحَمّدَ بنَ أَبِي حُذَيفَةَ أَ لَم يَأنِ لَكَ أَن تُبصِرَ مَا كُنتَ عَلَيهِ مِنَ الضّلَالَةِ بِنُصرَتِكَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ الكَذّابَ أَ لَم تَعلَم أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ مَظلُوماً وَ أَنّ عَائِشَةَ وَ طَلحَةَ وَ الزّبَيرَ خَرَجُوا يَطلُبُونَ بِدَمِهِ وَ أَنّ عَلِيّاً هُوَ ألّذِي دَسّ فِي قَتلِهِ وَ نَحنُ اليَومَ نَطلُبُ بِدَمِهِ قَالَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي حُذَيفَةَ إِنّكَ لَتَعلَمُ أنَيّ أَمَسّ القَومِ بِكَ رَحِماً وَ أَعرَفُهُم بِكَ قَالَ أَجَل قَالَ فَوَ اللّهِ ألّذِي لَا إِلَهَ غَيرُهُ مَا أَعلَمُ أَحَداً شَرِكَ فِي دَمِ عُثمَانَ وَ أَلّبَ النّاسَ عَلَيهِ غَيرَكَ لَمّا استَعمَلَكَ وَ مَن كَانَ مِثلَكَ فَسَأَلَهُ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ أَن يَعزِلَكَ فَأَبَي فَفَعَلُوا بِهِ مَا بَلَغَكَ وَ وَ اللّهِ مَا أَحَدٌ شَرِكَ فِي قَتلِهِ بَدئاً وَ أَخِيراً إِلّا طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ وَ عَائِشَةُ فَهُمُ الّذِينَ شَهِدُوا عَلَيهِ بِالعَظِيمَةِ وَ أَلّبُوا عَلَيهِ النّاسَ وَ شَرِكَهُم فِي ذَلِكَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَوفٍ وَ ابنُ مَسعُودٍ وَ عَمّارٌ وَ الأَنصَارُ جَمِيعاً قَالَ قَد كَانَ ذَلِكَ إيِ وَ اللّهِ إنِيّ لَأَشهَدُ أَنّكَ مُنذُ عَرَفتُكَ فِي الجَاهِلِيّةِ وَ الإِسلَامِ لَعَلَي خُلُقٍ وَاحِدٍ مَا زَادَ الإِسلَامُ فِيكَ قَلِيلًا وَ لَا كَثِيراً وَ إِنّ عَلَامَةَ ذَلِكَ فِيكَ لَبَيّنَةٌ تلَوُمنُيِ عَلَي حبُيّ عَلِيّاً خَرَجَ مَعَ عَلِيّ كُلّ صَوّامٍ قَوّامٍ مهُاَجرِيِّ وَ أنَصاَريِّ كَمَا خَرَجَ مَعَكَ أَبنَاءُ المُنَافِقِينَ وَ الطّلَقَاءِ وَ العُتَقَاءِ خَدَعتَهُم عَن دِينِهِم وَ خَدَعُوكَ عَن دُنيَاكَ وَ اللّهِ يَا مُعَاوِيَةُ مَا خفَيَِ عَلَيكَ مَا صَنَعتَ وَ مَا خفَيَِ عَلَيهِم مَا صَنَعُوا إِذ أَحَلّوا أَنفُسَهُم سَخَطَ اللّهِ فِي طَاعَتِكَ وَ اللّهِ لَا أَزَالُ أُحِبّ عَلِيّاً لِلّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ أُبغِضُكَ فِي اللّهِ وَ فِي رَسُولِهِ أَبَداً مَا بَقِيتُ
صفحه : 244
قَالَ مُعَاوِيَةُ وَ إنِيّ أَرَاكَ عَلَي ضَلَالِكَ بَعدُ رُدّوهُ إِلَي السّجنِ فَرَدّوهُ فَمَاتَ فِي السّجنِ
بيان فنبكته التبكيت التقريع والتأنيب وبكته بالحجة أي غلبه و في بعض النسخ فننكبه علي التفعيل من نكب عن الطريق أي عدل أو علي بناء المجرد أي نجعله منكوبا والنكبة إصابة النوائب و في بعض النسخ فنبكيه من الإبكاء و هوتصحيف
521- كش ،[رجال الكشي] مُحَمّدُ بنُ مَسعُودٍ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي عَلِيّ الخزُاَعيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ العَطّارِ عَن عَمرِو بنِ عَبدِ الغَفّارِ عَن أَبِي بَكرِ بنِ أَبِي عَيّاشٍ عَن عَاصِمِ بنِ أَبِي النّجُودِ عَمّن شَهِدَ ذَلِكَ أَنّ مُعَاوِيَةَ حِينَ قَدِمَ الكُوفَةَ وَ دَخَلَ عَلَيهِ رِجَالٌ مِن أَصحَابِ عَلِيّ ع وَ كَانَ الحَسَنُ ع قَد أَخَذَ الأَمَانَ لِرِجَالٍ مِنهُم مُسَمّينَ بِأَسمَائِهِم وَ أَسمَاءِ آبَائِهِم وَ كَانَ مِنهُم صَعصَعَةُ فَلَمّا دَخَلَ عَلَيهِ صَعصَعَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِصَعصَعَةَ أَمَا وَ اللّهِ إنِيّ كُنتُ لَأُبغِضُ أَن تَدخُلَ فِي أمَاَنيِ قَالَ وَ أَنَا وَ اللّهِ أُبغِضُ أَن أُسَمّيَكَ بِهَذَا الِاسمِ ثُمّ سَلّمَ عَلَيهِ بِالخِلَافَةِ قَالَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ إِن كُنتَ صَادِقاً فَاصعَدِ المِنبَرَ فَالعَن عَلِيّاً قَالَ فَصَعِدَ المِنبَرَ وَ حَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ أَتَيتُكُم مِن عِندِ رَجُلٍ قَدّمَ شَرّهُ وَ أَخّرَ خَيرَهُ وَ إِنّهُ أمَرَنَيِ أَن أَلعَنَ عَلِيّاً فَالعَنُوهُ لَعَنَهُ اللّهُ فَضَجّ أَهلُ المَسجِدِ بِآمِينَ فَلَمّا رَجَعَ إِلَيهِ فَأَخبَرَهُ بِمَا قَالَ قَالَ لَا وَ اللّهِ مَا عَنَيتَ غيَريِ ارجِع حَتّي تُسَمّيَهُ بِاسمِهِ فَرَجَعَ وَ صَعِدَ المِنبَرَ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أمَرَنَيِ أَن أَلعَنَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع فَالعَنُوا مَن لَعَنَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فَضَجّوا بِآمِينَ قَالَ فَلَمّا خُبّرَ مُعَاوِيَةُ قَالَ لَا وَ اللّهِ مَا عَنَي غيَريِ أَخرِجُوهُ لَا يسُاَكنِيِّ فِي بَلَدٍ فَأَخرَجُوهُ
بيان لعله أراد أمير المؤمنين أميرهم حقا عليا ع فإنه ع كان أمر أصحابه باللعن إذاخافوا القتل أوأراد أميرهم المسلط عليهم
صفحه : 245
جورا و قوله فالعنوا من لعن أوهم أن المراد فالعنوا من لعنه الأمير وبينه بأنه علي ومقصوده ظاهر
522-كش ،[رجال الكشي]روُيَِ أَنّ الأَحنَفَ بنَ قَيسٍ وَفَدَ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ جَارِيَةَ بنَ قُدَامَةَ وَ الحَبّابَ بنَ يَزِيدَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلأَحنَفِ أَنتَ الساّعيِ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عُثمَانَ وَ خَاذِلُ أُمّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ وَ الوَارِدُ المَاءَ عَلَي عَلِيّ بِصِفّينَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مِن ذَاكَ مَا أَعرِفُ وَ مِنهُ مَا أُنكِرُ أَمّا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عُثمَانُ فَأَنتُم مَعشَرُ قُرَيشٍ حَضَرتُمُوهُ بِالمَدِينَةِ وَ الدّارُ مِنّا عَنهُ نَازِحَةٌ وَ قَد حَضَرَهُ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ بِمَعزِلٍ وَ كُنتُم بَينَ خَاذِلٍ وَ قَاتِلٍ وَ أَمّا عَائِشَةُ فإَنِيّ خَذَلتُهَا فِي طُولِ بَاعٍ وَ رُحبِ سِربٍ وَ ذَلِكَ أنَيّ لَم أَجِد فِي كِتَابِ اللّهِ إِلّا أَن تَقِرّ فِي بَيتِهَا وَ أَمّا ورُوُديَِ المَاءَ بِصِفّينَ فإَنِيّ وَرَدتُ حِينَ أَرَدتَ أَن تَقطَعَ رِقَابَنَا عَطَشاً فَقَامَ مُعَاوِيَةُ وَ تَفَرّقَ النّاسُ ثُمّ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ لِلأَحنَفِ بِخَمسِينَ أَلفَ دِرهَمٍ وَ لِأَصحَابِهِ بِصِلَةٍ فَقَالَ لِلأَحنَفِ حِينَ وَدّعَهُ حَاجَتُكَ قَالَ تُدِرّ عَلَي النّاسِ عَطِيّاتِهِم وَ أَرزَاقَهُم وَ إِن سَأَلتَ المَدَدَ أَتَاكَ مِنّا رِجَالٌ سَلِيمَةُ الطّاعَةِ شَدِيدَةُ النّكَايَةِ وَ قِيلَ إِنّهُ كَانَ يَرَي رأَيَ العَلَوِيّةِ وَ وَصَلَ الحَبّابَ بِثَلَاثِينَ أَلفَ دِرهَمٍ وَ كَانَ يَرَي رأَيَ الأُمَوِيّةِ فَصَارَ الحَبّابُ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ تعُطيِ الأَحنَفَ وَ رَأيُهُ رَأيُهُ خَمسِينَ أَلفَ دِرهَمٍ وَ تعُطيِنيِ وَ رأَييِ رأَييِ ثَلَاثِينَ أَلفَ دِرهَمٍ فَقَالَ يَا حَبّابُ إنِيّ اشتَرَيتُ بِهَا دِينَهُ
صفحه : 246
فَقَالَ الحَبّابُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ تشَترَيِ منِيّ أَيضاً ديِنيِ فَأَتَمّهَا وَ أَلحَقَهُ بِالأَحنَفِ فَلَم يَأتِ عَلَي الحَبّابِ أُسبُوعٌ حَتّي مَاتَ وَ رُدّ المَالُ بِعَينِهِ إِلَي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ الفَرَزدَقُ يرَثيِ الحَبّابَ
أَ تَأكُلُ مِيرَاثَ الحَبّابِ ظُلَامَةً | وَ مِيرَاثُ حَربٍ جَامِدٌ لَكَ ذَائِبُهُ |
أَبُوكَ وَ عمَيّ يَا مُعَاوِيَةُ أَورَثَا | تُرَاثاً فَيَختَارُ التّرَاثَ أَقَارِبُهُ |
وَ لَو كَانَ هَذَا الدّينُ فِي جَاهِلِيّةٍ | عَرَفتَ مَنِ المَولَي القَلِيلُ جَلَائِبُهُ |
وَ لَو كَانَ هَذَا الأَمرُ فِي غَيرِ مُلكِكُم | لَأَدّيتَهُ أَو غَصّ بِالمَاءِ شَارِبُهُ |
فَكَم مِن أَبٍ لِي يَا مُعَاوِيَةُ لَم يَكُن | أَبُوكَ ألّذِي مِن عَبدِ شَمسٍ يُقَارِبُهُ |
إيضاح قوله في طول باع قال السيد الداماد رحمه الله الباع قدر مد اليدين و مابينهما من البدن وبسط اليد بالمال وطول الباع كناية عن المقدرة والميسرة والاقتدار والشوكة قاله الزمخشري في الفائق والأساس والفيروزآبادي و ابن الأثير في القاموس والنهاية و قال في الصحاح الرحب بالضم السعة تقول فلان رحب الصدر والرحب بالفتح الواسع تقول منه بلد رحب و قال السرب بالفتح الإبل والسرب أيضا الطريق وفلان آمن في سربه بالكسر أي في نفسه وفلان واسع السرب أي رخي البال . و في المغرب السرب بالفتح في قولهم خلي سربه أي طريقه و منه قوله إذا كان مخلي السرب أي موسعا عليه غيرمضيق عليه .يعني أني لم أخذلها وهي محتاجة إلي الانتصار بل خذلتها وهي في طول باع ورحب سرب أي في مندوحة وفسحة عن القتال وتجهيز الجيش بأن تقر في بيتها موقرة مكرمة رحبة الصدر رخية البال واسعة السرب لأنها لم تكن مأمورة بالمسير إلي البصرة وتجهيز الجيش والمطالبة بدم عثمان ومقاتلة علي بن أبي طالب علي ذلك و لامضطرة إلي شيء من ذلك بل كانت في سعة عن ذلك كله و مع ذلك فإنها كانت في طول باع من الشوكة والقدرة واجتماع الجيوش وكثرة الأعوان والأنصار والعدد والعدد.
صفحه : 247
وأيضا خذلتها لأني لم أجد في كتاب الله تعالي إلا أن تقر في بيتها إذ قال عز من قائل وَ قَرنَ فِي بُيُوتِكُنّأقول ويحتمل أن يكون في طول باع ورحب سرب حالا عن الفاعل أي لم يكن علي حرج في ذلك كمايومئ إليه آخر كلامه رحمه الله . و قوله جامد لك ذائبه لعله كناية عن أنه محفوظ لك لم يبطل منه شيءمما كان في معرض البطلان والضياع و لم يتعد إلي الغير. والجلائب جمع جليبة و هو ماجلب و عبدجليب مجلوب وامرأة جليب من جلبي وجلائب أي عرفت من المولي القليل الأموال والعبيد أنا أو أنت . قوله أوغص بالماء شاربه غص بفتح العين المعجمة وإهمال الصاد المشددة وشاربه بالرفع علي الفاعلية والباء في قوله بالماء للتعدية. و قال ابن الأثير في النهاية يقال غصصت بالماء أغص غصصا فأنا غاص وغصان إذاشرقت به أووقف في حلقك فلم تكد تسيغه والمعني لو كان هذاالأمر ألذي وقع في غيرسلطنتكم لأديت فاعل هذاالفعل و لم يكن يقدر أن يبلغه لضعفه
523-يل ،[الفضائل لابن شاذان ] قَالَ جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُكُنتُ أَنَا وَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ بِالشّامِ فَبَينَا نَحنُ ذَاتَ يَومٍ إِذ نَظَرنَا إِلَي شَيخٍ وَ هُوَ مُقبِلٌ مِن صَدرِ البَرّيّةِ مِن نَاحِيَةِ العِرَاقِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ عَرّجُوا بِنَا إِلَي هَذَا الشّيخِ لِنَسأَلَهُ مِن أَينَ أَقبَلَ وَ إِلَي أَينَ يُرِيدُ وَ كَانَ مَعَ مُعَاوِيَةَ أَبُو الأَعوَرِ السلّمَيِّ وَ وَلَدَا مُعَاوِيَةَ خَالِدٌ وَ يَزِيدُ وَ عَمرُو بنُ العَاصِ قَالَ فَعَرّجنَا إِلَيهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ مِن أَينَ أَقبَلتَ يَا شَيخُ وَ إِلَي أَينَ تُرِيدُ فَلَم يُجِبهُ الشّيخُ فَقَالَ لَهُ عَمرُو بنُ العَاصِ لِمَا لَا تُجِيبُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَقَالَ الشّيخُ إِنّ اللّهَ جَعَلَ التّحِيّةَ غَيرَ هَذِهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ صَدَقتَ يَا شَيخُ أَصَبتَ وَ أَخطَأنَا وَ أَحسَنتَ وَ أَسَأنَا السّلَامُ عَلَيكَ يَا شَيخُ فَقَالَ
صفحه : 248
الشّيخُ وَ عَلَيكَ السّلَامُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَا اسمُكَ يَا شَيخُ فَقَالَ اسميِ جَبَلٌ وَ كَانَ ذَلِكَ الشّيخُ طَاعِناً فِي السّنّ بِيَدِهِ شَيءٌ مِنَ الحَدِيدِ وَ وَسَطُهُ مَشدُودٌ بِشَرِيطٍ مِن لِيفِ المُقلِ وَ فِي رِجلَيهِ نَعلَانِ مِن لِيفِ المُقلِ وَ عَلَيهِ كِسَاءٌ قَد سَقَطَ لِحَامُهُ وَ بقَيَِ سَدَانُهُ وَ قَد بَانَت شَرَاسِيفُ خَدّيهِ وَ قَد غَطّت حَوَاجِبُهُ عَلَي عَينَيهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا شَيخُ مِن أَينَ أَقبَلتَ وَ إِلَي أَينَ تُرِيدُ قَالَ أَتَيتُ مِنَ العِرَاقِ أُرِيدُ بَيتَ المَقدِسِ قَالَ مُعَاوِيَةُ كَيفَ تَرَكتَ العِرَاقَ قَالَ عَلَي الخَيرِ وَ البَرَكَةِ وَ النّفَاقِ قَالَ لَعَلّكَ أَتَيتَ مِنَ الكُوفَةِ مِنَ الغرَيِّ قَالَ الشّيخُ وَ مَا الغرَيِّ قَالَ مُعَاوِيَةُ ألّذِي فِيهِ أَبُو تُرَابٍ قَالَ الشّيخُ مَن تعَنيِ بِذَلِكَ وَ مَن أَبُو تُرَابٍ قَالَ ابنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَهُ الشّيخُ أَرغَمَ اللّهُ أَنفَكَ وَ رَضّ اللّهُ فَاكَ وَ لَعَنَ اللّهُ أُمّكَ وَ أَبَاكَ وَ لِمَ لَا تَقُولُ الإِمَامُ العَادِلُ وَ الغَيثُ الهَاطِلُ يَعسُوبُ الدّينِ وَ قَاتِلُ المُشرِكِينَ وَ القَاسِطِينَ وَ المَارِقِينَ وَ سَيفُ اللّهِ المَسلُولُ ابنُ عَمّ الرّسُولِ وَ زَوجُ البَتُولِ تَاجُ الفُقَهَاءِ وَ كَنزُ الفُقَرَاءِ وَ خَامِسُ أَهلِ العَبَاءِ وَ اللّيثُ الغَالِبُ أَبُو الحَسَنَينِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ الصّلَاةُ وَ السّلَامُ فَعِندَهَا قَالَ مُعَاوِيَةُ يَا شَيخُ إنِيّ أَرَي لَحمَكَ وَ دَمَكَ قَد خَالَطَ لَحمَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ دَمِهِ حَتّي لَو مَاتَ عَلِيّ مَا أَنتَ فَاعِلٌ قَالَ لَا أَتّهِمُ فِي فَقدِهِ ربَيّ وَ أُجَلّلُ فِي بُعدِهِ حزُنيِ وَ أَعلَمُ أَنّ اللّهَ لَا يُمِيتُ سيَدّيِ وَ إمِاَميِ حَتّي يَجعَلَ مِن وُلدِهِ حُجّةً قَائِمَةً إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَقَالَ يَا شَيخُ هَل تَرَكتَ مِن بَعدِكَ أَمراً تَفتَخِرُ بِهِ قَالَ تَرَكتُ الفَرَسَ الأَشقَرَ وَ الحَجَرَ وَ المَدَرَ وَ المِنهَاجَ لِمَن أَرَادَ المِعرَاجَ قَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ لَعَلّهُ لَا يَعرِفُكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَسَأَلَهُ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ يَا شَيخُ أَ تعَرفِنُيِ قَالَ الشّيخُ وَ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ أَنَا الشّجَرَةُ الزّكِيّةُ وَ الفُرُوعُ العَلِيّةُ سَيّدُ بنَيِ أُمَيّةَ فَقَالَ لَهُ الشّيخُ بَل أَنتَ اللّعِينُ عَلَي لِسَانِ نَبِيّهِ وَ فِي كِتَابِهِ المُبِينِ إِنّ اللّهَ قَالَ
صفحه : 249
وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ وَ الشّجَرَةُ الخَبِيثَةُ وَ العُرُوقُ المُجتَثّةُ الخَسِيسَةُ ألّذِي ظَلَمَ نَفسَهُ وَ رَبّهُ وَ قَالَ فِيهِ نَبِيّهُ الخِلَافَةُ مُحَرّمَةٌ عَلَي ابنِ أَبِي سُفيَانَ الزّنِيمِ بنِ الزّنِيمِ ابنِ آكِلَةِ الأَكبَادِ الفاَشيِ ظُلمُهُ فِي العِبَادِ فَعِندَهَا اغتَاظَ مُعَاوِيَةُ وَ حَنَقَ عَلَيهِ فَرَدّ يَدَهُ إِلَي قَائِمِ سَيفِهِ وَ هَمّ بِقَتلِ الشّيخِ ثُمّ قَالَ لَو لَا أَنّ العَفوَ حَسَنٌ لَأَخَذتُ رَأسَكَ ثُمّ قَالَ أَ رَأَيتَ لَو كُنتُ فَاعِلًا ذَلِكَ قَالَ الشّيخُ إِذَن وَ اللّهِ أَفُوزُ بِالسّعَادَةِ وَ تَفُوزُ أَنتَ بِالشّقَاوَةِ وَ قَد قَتَلَ مَن هُوَ أَشَرّ مِنكَ مَن هُوَ خَيرٌ منِيّ وَ عُثمَانُ شَرّ مِنكَ قَالَ مُعَاوِيَةُ يَا شَيخُ هَل كُنتَ حَاضِراً يَومَ الدّارِ قَالَ وَ مَا يَومُ الدّارِ قَالَ مُعَاوِيَةُ يَومَ قَتَلَ عَلِيّ عُثمَانَ فَقَالَ الشّيخُ تَاللّهِ مَا قَتَلَهُ وَ لَو فَعَلَ ذَلِكَ لَعَلَاهُ بِأَسيَافٍ حِدَادٍ وَ سَوَاعِدَ شِدَادٍ وَ كَانَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُطِيعاً لِلّهِ وَ لِرَسُولِهِ قَالَ مُعَاوِيَةُ يَا شَيخُ هَل حَضَرتَ يَومَ صِفّينَ قَالَ وَ مَا غِبتُ عَنهَا قَالَ كَيفَ كُنتَ فِيهَا قَالَ الشّيخُ أَيتَمتُ مِنكَ أَطفَالًا وَ أَرمَلتُ مِنكَ إِخوَاناً وَ كُنتُ كَاللّيثِ أَضرِبُ بِالسّيفِ تَارَةً وَ بِالرّمحِ أُخرَي قَالَ مُعَاوِيَةُ هَل ضرَبَتنَيِ بشِيَءٍ قَطّ قَالَ الشّيخُ ضَرَبتُكَ بِثَلَاثَةٍ وَ سَبعِينَ سَهماً فَأَنَا صَاحِبُ السّهمَينِ اللّذَينِ وَقَعَا فِي بُردَتِكَ وَ صَاحِبُ السّهمَينِ اللّذَينِ وَقَعَا فِي مَسجَدِكَ وَ صَاحِبُ السّهمَينِ اللّذَينِ وَقَعَا فِي عَضُدِكَ وَ لَو كَشَفتَ الآنَ لَأَرَيتُكَ مَكَانَهُمَا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا شَيخُ هَل حَضَرتَ يَومَ الجَمَلِ قَالَ وَ مَا يَومُ الجَمَلِ قَالَ مُعَاوِيَةُ يَومَ قَاتَلَت عَائِشَةُ عَلِيّاً قَالَ وَ مَا غِبتُ عَنهَا قَالَ مُعَاوِيَةُ يَا شَيخُ الحَقّ كَانَ مَعَ عَلِيّ أَم مَعَ عَائِشَةَ قَالَ الشّيخُ بَل مَعَ عَلِيّ قَالَ مُعَاوِيَةُ أَ لَم يَقُلِ اللّهُوَ أَزواجُهُ أُمّهاتُهُم وَ قَالَ النّبِيّص لَهَا أُمّ المُؤمِنِينَ قَالَ الشّيخُ أَ لَم يَقُلِ اللّهُ تَعَالَي يَا نِسَاءَ النّبِيّوَ قَرنَ فِي بُيُوتِكُنّ وَ لا تَبَرّجنَ تَبَرّجَ الجاهِلِيّةِ الأُولي وَ قَالَ النّبِيّص أَنتَ يَا عَلِيّ خلَيِفتَيِ عَلَي نسِواَنيِ وَ أهَليِ وَ طَلَاقُهُنّ بِيَدِكَ أَ فَتَرَي فِي ذَلِكَ مَعَهَا حَقّ حَتّي سَفَكَت دِمَاءَ المُسلِمِينَ وَ أَذهَبَت أَموَالَهُم فَلَعنَةُ اللّهِ عَلَي القَومِ الظّالِمِينَ وَ هُمَا كَامرَأَةِ
صفحه : 250
نُوحٍ فِي النّارِ وَ لَبِئسَ مَثوَي الكَافِرِينَ قَالَ مُعَاوِيَةُ يَا شَيخُ مَا جَعَلتَ لَنَا شَيئاً نَحتَجّ بِهِ عَلَيكَ فَمَتَي ظُلِمَتِ الأُمّةُ وَ طُفِيَت عَنهُم قَنَادِيلُ الرّحمَةِ قَالَ لَمّا صِرتَ أَمِيرَهَا وَ عَمرُو بنُ العَاصِ وَزِيرَهَا قَالَ فَاستَلقَي مُعَاوِيَةُ عَلَي قَفَاهُ مِنَ الضّحِكِ وَ هُوَ عَلَي ظَهرِ فَرَسِهِ فَقَالَ يَا شَيخُ هَل مِن شَيءٍ نَقطَعُ بِهِ لِسَانَكَ قَالَ وَ مَا ذَا قَالَ عِشرُونَ نَاقَةً حَمرَاءَ مَحمِلُهُ عَسَلًا وَ بُرّاً وَ سَمناً وَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرهَمٍ تُنفِقُهَا عَلَي عِيَالِكَ وَ تَستَعِينُ بِهَا عَلَي زَمَانِكَ قَالَ الشّيخُ لَستُ أَقبَلُهَا قَالَ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ الشّيخُ لأِنَيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ دِرهَمٌ حَلَالٌ خَيرٌ مِن أَلفِ دِرهَمٍ حَرَامٍ قَالَ مُعَاوِيَةُ لَئِن أَقَمتَ فِي دِمَشقَ لَأَضرِبَنّ عُنُقَكَ قَالَ مَا أَنَا مُقِيمٌ مَعَكَ فِيهَا قَالَ مُعَاوِيَةُ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ الشّيخُ لِأَنّ اللّهَ تَعَالَي يَقُولُوَ لا تَركَنُوا إِلَي الّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسّكُمُ النّارُ وَ ما لَكُم مِن دُونِ اللّهِ مِن أَولِياءَ ثُمّ لا تُنصَرُونَ وَ أَنتَ أَوّلُ ظَالِمٍ وَ آخِرُ ظَالِمٍ ثُمّ تَوَجّهَ الشّيخُ إِلَي بَيتِ المَقدِسِ
توضيح قال الجوهري التعريج علي الشيء الإقامة عليه يقال عرج فلان علي المنزل إذاحبس مطيته عليه وأقام وانعرج الشيء انعطف
524-يَلِ فض ،[ كتاب الروضة]قِيلَدَخَلَ ضِرَارٌ صَاحِبُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ بَعدَ وَفَاتِهِ ع فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ يَا ضِرَارُ صِف لِي عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَ أَخلَاقَهُ المَرضِيّةَ قَالَ ضِرَارٌ كَانَ
صفحه : 251
وَ اللّهِ بَعِيدَ المُدَي شَدِيدَ القُوَي يَنفَجِرُ الإِيمَانُ مِن جَوَانِبِهِ وَ تَنطِقُ الحِكمَةُ مِن لِسَانِهِ يَقُولُ حَقّاً وَ يَحكُمُ فَصلًا فَأُقسِمُ لَقَد شَاهَدتُهُ لَيلَةً فِي مِحرَابِهِ وَ قَد أَرخَي اللّيلُ سُدُولَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ يصُلَيّ قَابِضاً عَلَي لَمّتِهِ يَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السّلِيمِ وَ يَئِنّ أَنِينَ الحَزِينِ وَ يَقُولُ يَا دُنيَا أَ بيِ تَعَرّضتِ وَ إلِيَّ تَشَوّفتِ[تَشَوّقتِ]غرُيّ غيَريِ لَا حَانَ حِينُكِ أَجَلُكِ قَصِيرٌ وَ عَيشُكِ حَقِيرٌ وَ قَلِيلُكِ حِسَابٌ وَ كَثِيرُكِ عِقَابٌ فَقَد طَلّقتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجعَةَ لِي إِلَيكِ آهِ مِن بُعدِ الطّرِيقِ وَ قِلّةِ الزّادِ قَالَ مُعَاوِيَةُ كَانَ وَ اللّهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ كَذَلِكَ وَ كَيفَ حُزنُكَ عَلَيهِ قَالَ حُزنُ امرَأَةٍ ذُبِحَ وَلَدُهَا فِي حَجرِهَا قَالَ فَلَمّا سَمِعَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ بَكَي وَ بَكَي الحَاضِرُونَ
بيان المدي الغاية أي كان ذا همة عالية يتوجه إلي تحصيل معالي الأمور و مايعسر تحصيله علي أكثر الخلق . ويقال نطف الماء ينطف وينطف إذاقطر قليلا قليلا والسدل جمع السديل و هو مايسيل ويرخي علي الهودج ويقال سلمته الحية أي لدغته والسليم اللديغ وقيل إنما سمي سليما تفؤلا بالسلامة. ويقال هويتململ علي فراشه إذا لم يستقر من الوجع والاستفهام عن تعرضها وتشوفها استفهام إنكار لذلك منها واستحقار لها واستبعاد لموافقته إياها علي ماتريد وتشوف إلي الخير تطلع و من السطح تطاول ونظر وأشرف و في بعض النسخ بالقاف تشوقت غري غيري أي خداعك وغرورك لايدخل علي و ليس المراد الأمر بغرور غيره . و قال الجوهري حان له أن يفعل كذا يحين حينا أي آن وحان حينه أي قرب وقته انتهي و هذادعاء عليها أي لاقرب وقت انخداعي بك وغرورك لي
525-كشف ،[كشف الغمة]حَضَرَ جَمَاعَةٌ عِندَ مُعَاوِيَةَ وَ عِندَهُ عدَيِّ بنُ حَاتِمٍ وَ كَانَ
صفحه : 252
فِيهِم عَبدُ اللّهِ بنُ الزّبَيرِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ذَرنَا نُكَلّم عَدِيّاً فَقَد زَعَمُوا أَنّ عِندَهُ جَوَاباً فَقَالَ إنِيّ أُحَذّرُكُمُوهُ فَقَالُوا لَا عَلَيكَ دَعنَا وَ إِيّاهُ فَقَالَ لَهُ ابنُ الزّبَيرِ يَا أَبَا طَرِيفٍ مَتَي فُقِئَت عَينُكَ قَالَ يَومَ فَرّ أَبُوكَ وَ قُتِلَ شَرّ قَتلَةٍ وَ ضَرَبَكَ الأَشتَرُ عَلَي استِكَ فَوَقَعتَ هَارِباً مِنَ الزّحفِ وَ أَنشَدَ
أَمَا وَ أَبِي يَا ابنَ الزّبَيرِ لَو أنَنّيِ | لَقِيتُكَ يَومَ الزّحفِ مَا رُمتَ لِي سَخَطاً |
وَ كَانَ أَبِي فِي طيَّءٍ وَ أَبُو أَبِي | صَحِيحَينِ لَم تَنزِع عُرُوقُهُمَا القِبطَا |
وَ لَو رُمتَ شتَميِ عِندَ عَدلٍ قَضَاؤُهُ | لَرُمتُ بِهِ يَا ابنَ الزّبَيرِ مَدَي شَحطاً |
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ قَد كُنتُ حَذّرتُكُمُوهُ فَأَبَيتُم
بيان قال الجوهري الشحط البعد يقال شحط المزار أي بعد وتشحط المقتول بدمه أي اضطرب فيه
526-كَشفُ الحَقّ،لِلعَلّامَةِ رَحِمَهُ اللّهُ رَوَي الجُمهُورُ أَنّ أَروَي بِنتَ الحَارِثِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ دَخَلَت عَلَي مُعَاوِيَةَ فِي خِلَافَتِهِ بِالشّامِ وَ هيَِ يَومَئِذٍ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ فَلَمّا رَآهَا قَالَ مَرحَباً بِكِ يَا خَالَةُ قَالَت كَيفَ أَنتَ يَا ابنَ أخُتيِ لَقَد كَفَرتَ النّعمَةَ وَ أَسَأتَ لِابنِ عَمّكَ الصّحبَةَ وَ تَسَمّيتَ بِغَيرِ اسمِكَ وَ أَخَذتَ غَيرَ حَقّكَ بِلَا بَلَاءٍ كَانَ مِنكَ وَ لَا مِن أَبِيكَ بَعدَ أَن كَفَرتُم بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمّدٌص فَأَتعَسَ اللّهُ مِنكُمُ الجُدُودَ حَتّي رَدّ اللّهُ الحَقّ إِلَي أَهلِهِ وَ كَانَت كَلِمَةُ اللّهِ هيَِ العُليَا وَ نَبِيّنَا هُوَ المَنصُورُ عَلَي كُلّ مَن نَاوَاهُوَ لَو كَرِهَ المُشرِكُونَفَكُنّا أَهلَ البَيتِ أَعظَمَ النّاسِ فِي هَذَا الدّينِ بَلَاءً وَ عَن أَهلِهِ غَنَاءً وَ قَدراً حَتّي قَبَضَ اللّهُ نَبِيّهُ مَغفُوراً ذَنبُهُ مَرفُوعَةً مَنزِلَتُهُ شَرِيفاً عَنِ اللّهِ مَرضِيّاً فَوَثَبَ عَلَينَا بَعدَهُ تَيمٌ
صفحه : 253
وَ عدَيِّ وَ بَنُو أُمَيّةَ فَأَنتَ تهَتدَيِ بِهُدَاهُم وَ تَقصِدُ لِقَصدِهِم فَصِرنَا بِحَمدِ اللّهِ فِيكُم أَهلَ البَيتِ بِمَنزِلَةِ قَومِ مُوسَي فِي آلِ فِرعَونَ يُذَبّحُونَ أَبنَاءَهُم وَ يَستَحيُونَ نِسَاءَهُم وَ صَارَ سَيّدُنَا مِنكُم بَعدَ نَبِيّنَا بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي حَيثُ يَقُولُ يَاابنَ أُمّ إِنّ القَومَ استضَعفَوُنيِ وَ كادُوا يقَتلُوُننَيِفَلَم يُجمَع بَعدَ رَسُولِ اللّهِص [لَنَا]شَملٌ وَ لَم يُسَهّل[لَنَا]وَعثٌ وَ غَايَتُنَا الجَنّةُ وَ غَايَتُكُمُ النّارُ فَقَالَ لَهَا عَمرُو بنُ العَاصِ أَيّتُهَا العَجُوزُ الضّالّةُ اقصرِيِ مِن قَولِكِ وَ غضُيّ مِن طَرفِكِ قَالَت وَ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا عَمرُو بنُ العَاصِ قَالَت يَا ابنَ النّابِغَةِ اربَع عَلَي ظَلعِكَ وَ أغض [أَهِن]لِسَانَ نَفسِكَ مَا أَنتَ مِن قُرَيشٍ فِي لُبَابِ حَسَبِهَا وَ لَا صَحِيحِ نَسَبِهَا وَ لَقَدِ ادّعَاكَ خَمسَةٌ مِن قُرَيشٍ كُلّهُم يَزعُمُ أَنّكَ ابنُهُ وَ لَطَالَ مَا رَأَيتُ أُمّكَ أَيّامَ مِنًي بِمَكّةَ تَكسِبُ الخَطِيئَةَ وَ تَتّزِنُ الدّرَاهِمَ مِن كُلّ عَبدٍ عَاهِرٍ هَائِجٍ وَ تَسَافَحُ عَبِيدَنَا فَأَنتَ بِهِم أَليَقُ وَ هُم بِكَ أَشبَهُ مِنكَ تُقرَعُ بَينَهُم
527-كشف ،[كشف الغمة] مِن كِتَابِ المُوَفّقِيّاتِ لِلزّبَيرِ بنِ بَكّارٍ الزبّيَريِّ حَدّثَ عَن رِجَالِهِ قَالَدَخَلَ مِحفَنُ بنُ أَبِي مِحفَنٍ الضبّيّّ عَلَي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ يَا مُعَاوِيَةُ جِئتُكَ مِن عِندِ أَلأَمِ العَرَبِ وَ أَعيَا العَرَبِ وَ أَجبَنِ العَرَبِ وَ أَبخَلِ العَرَبِ قَالَ وَ مَن هُوَ يَا أَخَا بنَيِ تَمِيمٍ قَالَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ مُعَاوِيَةُ اسمَعُوا يَا أَهلَ الشّامِ مَا يَقُولُ أَخَاكُمُ العرِاَقيِّ فَابتَدَرُوهُ أَيّهُم يُنزِلُهُ عَلَيهِ وَ يُكرِمُهُ فَلَمّا تَصَدّعَ النّاسُ عَنهُ قَالَ لَهُ كَيفَ قُلتَ فَأَعَادَ عَلَيهِ فَقَالَ لَهُ وَيحَكَ يَا جَاهِلُ كَيفَ يَكُونُ أَلأَمَ العَرَبِ وَ أَبُوهُ أَبُو طَالِبٍ وَ جَدّهُ عَبدُ المُطّلِبِ وَ امرَأَتُهُ
صفحه : 254
فَاطِمَةُ بِنتُ رَسُولِ اللّهِص وَ أَنّي يَكُونُ أَبخَلَ العَرَبِ فَوَ اللّهِ لَو كَانَ لَهُ بَيتَانِ بَيتُ تِبنٍ وَ بَيتُ تِبرٍ لَأَنفَدَ تِبرَهُ قَبلَ تِبنِهِ وَ أَنّي يَكُونُ أَجبَنَ العَرَبِ فَوَ اللّهِ مَا التَقَت فِئَتَانِ قَطّ إِلّا كَانَ فَارِسَهُم غَيرَ مُدَافَعٍ وَ أَنّي يَكُونُ أَعيَا العَرَبِ فَوَ اللّهِ مَا سَنّ البَلَاغَةَ لِقُرَيشٍ غَيرُهُ وَ لَمّا قَامَت أُمّ مِحفَنٍ عَنهُ أَلأَمَ وَ أَبخَلَ وَ أَجبَنَ وَ أَعيَا لِبُظرِ أُمّهِ فَوَ اللّهِ لَو لَا مَا تَعلَمُ لَضَرَبتُ ألّذِي فِيهِ عَينَاكَ فَإِيّاكَ عَلَيكَ لَعنَةُ اللّهِ وَ العَودَ إِلَي مِثلِ هَذَا قَالَ وَ اللّهِ أَنتَ أَظلَمُ منِيّ فَعَلَي أَيّ شَيءٍ قَاتَلتَهُ وَ هَذَا مَحَلّهُ قَالَ عَلَي خاَتمَيِ هَذَا حَتّي يَجُوزَ بِهِ أمَريِ قَالَ فَحَسبُكَ ذَلِكَ عِوَضاً مِن سَخَطِ اللّهِ وَ أَلِيمِ عَذَابِهِ قَالَ لَا يَا ابنَ مِحفَنٍ وَ لكَنِيّ أَعرِفُ مِنَ اللّهِ مَا جَهِلتَ حَيثُ يَقُولُوَ رحَمتَيِ وَسِعَت كُلّ شَيءٍ
528- وَ حَدّثَ الزّبَيرُ عَن رِجَالِهِ قَالَقَدِمَ ابنُ عَبّاسٍ عَلَي مُعَاوِيَةَ وَ كَانَ يَلبَسُ أَدنَي ثِيَابِهِ وَ يَخفِضُ مِن شَأنِهِ لِمَعرِفَتِهِ أَنّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَكرَهُ إِظهَارَهُ لِشَأنِهِ وَ جَاءَ الخَبَرُ إِلَي مُعَاوِيَةَ بِمَوتِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ ع فَسَجَدَ شُكراً لِلّهِ تَعَالَي وَ بَانَ السّرُورُ فِي وَجهِهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ الزّبَيرُ ذَكَرتُ مِنهُ مَوضِعَ الحَاجَةِ إِلَيهِ وَ أَذِنَ لِلنّاسِ وَ أَذِنَ لِابنِ عَبّاسٍ بَعدَهُم فَدَخَلَ فَاستَدنَاهُ وَ كَانَ قَد عَرَفَ بِسَجدَتِهِ فَقَالَ لَهُ أَ تدَريِ مَا حَدَثَ بِأَهلِكَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنّ أَبَا مُحَمّدٍ رَحِمَهُ اللّهُ توُفُيَّ فَعَظّمَ اللّهُ أَجرَكَ فَقَالَإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ عِندَ اللّهِ
صفحه : 255
نَحتَسِبُ المُصِيبَةَ بِرَسُولِ اللّهِص وَ عِندَ اللّهِ نَحتَسِبُ مُصِيبَتَنَا بِالحَسَنِ رَحِمَهُ اللّهُ إِنّهُ قَد بلَغَتَنيِ سَجدَتُكَ فَلَا أَظُنّ ذَلِكَ إِلّا لِوَفَاتِهِ وَ اللّهِ لَا يَسُدّ جَسَدُهُ حُفرَتَكَ وَ لَا يَزِيدُ انقِضَاءُ أَجَلِهِ فِي عُمُرِكَ وَ لَطَالَ مَا رُزِينَا بِأَعظَمَ مِنَ الحَسَنِ ثُمّ جَبَرَ اللّهُ قَالَ مُعَاوِيَةُ كَم كَانَ أَتَي لَهُ قَالَ شَأنُهُ أَعظَمُ مِن أَن يُجهَلَ مَولِدُهُ قَالَ أَحسَبُهُ تَرَكَ صِبيَةً صِغَاراً قَالَ كُلّنَا كَانَ صَغِيراً فَكَبِرَ ثُمّ قَالَ أَصبَحتَ سَيّدَ أَهلِكَ قَالَ أَمّا مَا أَبقَي اللّهُ أَبَا عَبدِ اللّهِ الحُسَينَ بنَ عَلِيّ فَلَا ثُمّ قَامَ وَ عَينُهُ تَدمَعُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلّهِ دَرّهُ لَا وَ اللّهِ مَا هَيّجَنَا قَطّ إِلّا وَجَدنَاهُ سَيّداً وَ دَخَلَ ابنُ عَبّاسٍ عَلَي مُعَاوِيَةَ بَعدَ انقِضَاءِ العَزَاءِ فَقَالَ يَا أَبَا العَبّاسِ أَ مَا تدَريِ مَا حَدَثَ فِي أَهلِكَ قَالَ لَا قَالَ هَلَكَ أُسَامَةُ بنُ زَيدٍ فَعَظّمَ اللّهُ أَجرَكَ قَالَإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَرَحِمَ اللّهُ أُسَامَةَ وَ خَرَجَ وَ أَتَاهُ بَعدَ أَيّامٍ وَ قَد عَزَمَ عَلَي مُحَاقّتِهِ فَصَلّي فِي الجَامِعِ يَومَ الجُمُعَةِ وَ اجتَمَعَ النّاسُ عَلَيهِ يَسأَلُونَهُ عَنِ الحَلَالِ وَ الحَرَامِ وَ الفِقهِ وَ التّفسِيرِ وَ أَحوَالِ الإِسلَامِ وَ الجَاهِلِيّةِ وَ افتَقَدَ مُعَاوِيَةُ النّاسَ فَقِيلَ إِنّهُم مَشغُولُونَ بِابنِ عَبّاسٍ وَ لَو شَاءَ أَن يَضرِبُوا مَعَهُ بِمِائَةِ أَلفِ سَيفٍ قَبلَ اللّيلِ لَفَعَلَ فَقَالَ نَحنُ أَظلَمُ مِنهُ حَبَسنَاهُ عَن أَهلِهِ وَ مَنَعنَاهُ حَاجَتَهُ وَ نَعَينَا إِلَيهِ أَحِبّتَهُ انطَلِقُوا فَادعُوهُ فَأَتَاهُ الحَاجِبُ فَدَعَاهُ فَقَالَ إِنّا بَنُو عَبدِ مَنَافٍ إِذَا حَضَرَتِ الصّلَاةُ لَم نَقُم حَتّي نصُلَيَّ أصُلَيّ إِن شَاءَ اللّهُ وَ آتِيهِ فَرَجَعَ وَ صَلّي ابنُ عَبّاسٍ العَصرَ وَ أَتَاهُ فَقَالَ حَاجَتُكَ فَمَا سَأَلَهُ حَاجَةً إِلّا قَضَاهَا وَ قَالَ أَقسَمتُ عَلَيكَ لَمّا دَخَلتَ بَيتَ المَالِ فَأَخَذتَ حَاجَتَكَ وَ إِنّمَا أَرَادَ أَن يُعَرّفَ أَهلَ الشّامِ مَيلَ ابنِ عَبّاسٍ إِلَي الدّنيَا فَعَرَفَ مَا يُرِيدُهُ فَقَالَ إِنّ ذَلِكَ لَيسَ لِي وَ لَا لَكَ فَإِن أَذِنتَ أَن أعُطيَِ كُلّ ذيِ حَقّ حَقّهُ فَعَلتُ قَالَ أَقسَمتُ عَلَيكَ إِلّا دَخَلتَ فَأَخَذتَ حَاجَتَكَ فَدَخَلَ فَأَخَذَ بُرنُسَ خَزّ أَحمَرَ
صفحه : 256
يُقَالُ إِنّهُ كَانَ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع ثُمّ خَرَجَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ بَقِيَت لِي حَاجَةٌ قَالَ مَا هيَِ قَالَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ قَد عَرَفتَ فَضلَهُ وَ سَابِقَتَهُ وَ قَرَابَتَهُ وَ قَد كَفَاكَهُ المَوتُ أُحِبّ أَن لَا يُشتَمَ عَلَي مَنَابِرِكُم قَالَ هَيهَاتَ يَا ابنَ عَبّاسٍ هَذَا أَمرُ دِينٍ أَ لَيسَ أَ لَيسَ وَ فَعَلَ وَ فَعَلَ فَعَدّدَ مَا بَينَهُ وَ بَينَ عَلِيّ ع فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ أَولَي لَكَ يَا مُعَاوِيَةُ وَ المَوعِدُ القِيَامَةُ وَلِكُلّ نَبَإٍ مُستَقَرّ وَ سَوفَ تَعلَمُونَ وَ تَوَجّهَ إِلَي المَدِينَةِ
529- وَ حَدّثَ الزّبَيرُ عَن رِجَالِهِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ مُعَاوِيَةَ أَقبَلَ عَلَيهِ وَ عَلَي بنَيِ هَاشِمٍ فَقَالَ إِنّكُم تُرِيدُونَ أَن تَستَحِقّوا الخِلَافَةَ كَمَا استَحقَقتُمُ النّبُوّةَ وَ لَا يَجتَمِعَانِ لِأَحَدٍ حُجّتُكُم فِي الخِلَافَةِ شُبهَةٌ عَلَي النّاسِ تَقُولُونَ نَحنُ أَهلُ بَيتِ النّبِيّص فَمَا بَالُ خِلَافَةِ النّبِيّ فِي غَيرِنَا وَ هَذِهِ شُبهَةٌ لِأَنّهَا تُشبِهُ الحَقّ فَأَمّا الخِلَافَةُ فَتَنقَلِبُ فِي أَحيَاءِ قُرَيشٍ بِرِضَي العَامّةِ وَ شُورَي الخَاصّةِ فَلَم يَقُلِ النّاسُ لَيتَ بنَيِ هَاشِمٍ وَلُونَا وَ لَو أَنّ بنَيِ هَاشِمٍ وَلُونَا لَكَانَ خَيراً لَنَا فِي دُنيَانَا وَ آخِرَتِنَا فَلَا هُم حَيثُ اجتَمَعُوا عَلَي غَيرِكُم تَمَنّوكُم وَ لَو زَهِدتُم فِيهَا أَمسِ لَم تُقَاتِلُوا عَلَيهَا اليَومَ وَ أَمّا مَا زَعَمتُم أَنّ لَكُم مَلِكاً هَاشِمِيّاً وَ مَهدِيّاً قَائِماً فاَلمهَديِّ عِيسَي بنُ مَريَمَ ع وَ هَذَا الأَمرُ فِي أَيدِينَا حَتّي نُسَلّمَهُ إِلَيهِ وَ لعَمَريِ لَئِن مَلَكتُمُوهَا مَا رَائِحَةُ عَادٍ وَ صَاعِقَةُ ثَمُودَ بِأَهلَكَ لِلقَومِ مِنكُم ثُمّ سَكَتَ فَقَالَ لَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ أَمّا قَولُكَ إِنّا نَستَحِقّ الخِلَافَةَ بِالنّبُوّةِ فَإِذَا لَم نَستَحِقّهَا بِهَا فَبِمَ نَستَحِقّهَا وَ أَمّا قَولُكَ إِنّ الخِلَافَةَ وَ النّبُوّةَ لَا تَجتَمِعَانِ لِأَحَدٍ فَأَينَ قَولُ اللّهِ تَعَالَيفَقَد آتَينا آلَ اِبراهِيمَ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ وَ آتَيناهُم مُلكاً عَظِيماً
صفحه : 257
فَالكِتَابُ النّبُوّةُ وَ الحِكمَةُ السّنّةُ وَ المُلكُ الخِلَافَةُ وَ نَحنُ آلُ اِبرَاهِيمَ أَمرُ اللّهِ فِينَا وَ فِيهِم وَاحِدٌ وَ السّنّةُ لَنَا وَ لَهُم جَارِيَةٌ وَ أَمّا قَولُكَ إِنّ حُجّتَنَا مُشتَبِهَةٌ فَوَ اللّهِ لهَيَِ أَضوَأُ مِنَ الشّمسِ وَ أَنوَرُ مِن نُورِ القَمَرِ وَ إِنّكَ لَتَعلَمُ ذَلِكَ وَ لَكِن ثَنّي عِطفَكَ وَ صَعّرَكَ قَتلُنَا أَخَاكَ وَ جَدّكَ وَ أَخَاهُ وَ خَالَكَ فَلَا تَبكِ عَلَي أَعظَمِ حَائِلَةٍ وَ أَروَاحِ أَهلِ النّارِ وَ لَا تَغضَبَنّ لِدِمَاءٍ أَحَلّهَا الشّركُ وَ وَضَعَهَا فَأَمّا تَركُ النّاسِ أَن يَجتَمِعُوا عَلَينَا فَمَا حُرِمُوا مِنّا أَعظَمُ مِمّا حُرِمنَا مِنهُم وَ أَمّا قَولُكَ إِنّا زَعَمنَا أَنّ لَنَا مَلِكاً مَهدِيّاً فَالزّعمُ فِي كِتَابِ اللّهِ شِركٌ قَالَ تَعَالَيزَعَمَ الّذِينَ كَفَرُوا أَن لَن يُبعَثُوا وَ كُلّ يَشهَدُ أَنّ لَنَا مَلِكاً وَ لَو لَم يَبقَ مِنَ الدّنيَا إِلّا يَومٌ وَاحِدٌ لَبَعَثَ اللّهُ لِأَمرِهِ مِنّا مَن يَملَأُ الأَرضَ عَدلًا وَ قِسطاً كَمَا مُلِئَت ظُلماً وَ جَوراً لَا تَملِكُونَ يَوماً وَاحِداً إِلّا مَلَكنَا يَومَينِ وَ لَا شَهراً إِلّا مَلَكنَا شَهرَينِ وَ لَا حَولًا إِلّا مَلَكنَا حَولَينِ وَ أَمّا قَولُكَ إِنّ المهَديِّ عِيسَي بنُ مَريَمَ فَإِنّمَا يَنزِلُ عِيسَي عَلَي الدّجّالِ فَإِذَا رَآهُ يَذُوبُ كَمَا تَذُوبُ الشّحمَةُ وَ الإِمَامُ مِنّا رَجُلٌ يصُلَيّ خَلفَهُ عِيسَي بنُ مَريَمَ وَ لَو شِئتَ سَمّيتُهُ وَ أَمّا رِيحُ عَادٍ وَ صَاعِقَةُ ثَمُودَ فَإِنّهُمَا كَانَا عَذَاباً وَ مُلكُنَا وَ الحَمدُ لِلّهِ رَحمَةٌ
530- وَ حَدّثَ الزّبَيرُ قَالَ حَجّ مُعَاوِيَةُ فَجَلَسَ إِلَي ابنِ عَبّاسٍ فَأَعرَضَ عَنهُ ابنُ عَبّاسٍ فَقَالَ لِمَ تُعرِضُ عنَيّ فَوَ اللّهِ إِنّكَ لَتَعلَمُ أنَيّ أَحَقّ بِالخِلَافَةِ مِنِ ابنِ عَمّكَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ لِمَ ذَاكَ لِأَنّهُ كَانَ مُسلِماً وَ كُنتَ كَافِراً قَالَ لَا وَ لَكِنِ ابنُ عمَيّ عُثمَانُ قُتِلَ مَظلُوماً قَالَ ابنُ عَبّاسٍ وَ عُمَرُ قُتِلَ مَظلُوماً قَالَ إِنّ عُمَرَ قَتَلَهُ كَافِرٌ وَ إِنّ عُثمَانَ قَتَلَهُ المُسلِمُونَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ ذَاكَ أَدحَضُ لِحُجّتِكَ فَأَسكَتَ مُعَاوِيَةُ
531- وَ مِن كِتَابِ مَعَالِمِ العِترَةِ،للِجنَاَبذِيِّ عَن ذَكوَانَ مَولَي مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ
صفحه : 258
مُعَاوِيَةُ لَا أَعلَمَنّ أَحَداً سَمّي هَذَينِ الغُلَامَينِ ابنيَ رَسُولِ اللّهِ إِلّا فَعَلتُ وَ فَعَلتُ وَ لَكِن قُولُوا ابنيَ عَلِيّ قَالَ ذَكوَانُ فَلَمّا كَانَ بَعدَ ذَلِكَ أمَرَنَيِ أَن أَكتُبَ بَنِيهِ فِي الشّرَفِ قَالَ فَكَتَبتُ بَنِيهِ وَ بنَيِ بَنِيهِ وَ تَرَكتُ بنَيِ بَنَاتِهِ ثُمّ أَتَيتُهُ بِالكِتَابِ فَنَظَرَ فِيهِ فَقَالَ وَيحَكَ لَقَد أَغفَلتَ كُبرَ بنَيِّ فَقُلتُ مَن قَالَ أَمّا بَنُو فُلَانَةَ لِابنَتِهِ بنَيِّ أَمّا بَنُو فُلَانَةَ بنَيِّ لِابنَتِهِ قَالَ قُلتُ اللّهَ أَ يَكُونُ بَنُو بَنَاتِكَ بَنِيكَ وَ لَا يَكُونُ بَنُو فَاطِمَةَ بنَيِ رَسُولِ اللّهِص قَالَ مَا لَكَ قَاتَلَكَ اللّهُ لَا يَسمَعَنّ هَذَا أَحَدٌ مِنكَ
توضيح قال ابن الأثير في النهاية البظر بفتح الباء الهنة التي تقطعها الخافضة من فرج المرأة عندالختان وإنما ذكرها هنا للاستخفاف به وبنسبه واللام للتعليل و ماقامت عنه أنه كناية عنه نفسه أ ليس أ ليس أي عدد ماصدر عنه ع بالنسبة إليه فقال أ ليس فعل كذا و أ ليس فعل كذا وكذا قوله وفعل وفعل و قال الجوهري أولي لك تهديد ووعيد و قال الأصمعي أي قاربه مايهلكه أي نزل به و قال عطفا الرجل جانباه وثني فلان عني عطفه إذاأعرض عنك و قال الصعر الميل في الخد خاصة و قدصعر خده وصاعر أي أماله من الكبر و منه قوله تعالي وَ لا تُصَعّر خَدّكَ لِلنّاسِ. قوله علي أعظم حائلة أي متغيرة بالية ووضعها أي جعلها وضيعة غيرمحترمة و في الصحاح كبر الشيء معظمه وقولهم هوكبر قومه بالضم أي هوأقعدهم في النسب
531-بشا،[بشارة المصطفي ] مُحَمّدُ بنُ أَحمَدَ بنِ شَهرَيَارَ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الخزُاَعيِّ
صفحه : 259
عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ بُنَانٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدٍ السكّوُنيِّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَسرُوقٍ عَن مُحَمّدِ بنِ دِينَارٍ الضبّيّّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ ضَحّاكٍ عَن هِشَامِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ قَالَ اجتَمَعَ الطّرِمّاحُ وَ هِشَامٌ المرُاَديِّ وَ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ الحمِيرَيِّ عِندَ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ فَأَخرَجَ بَدرَةً فَوَضَعَهَا بَينَ يَدَيهِ ثُمّ قَالَ يَا مَعشَرَ شُعَرَاءِ العَرَبِ قُولُوا قَولَكُم فِي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَ لَا تَقُولُوا إِلّا الحَقّ وَ أَنَا نفَيِّ مِن صَخرِ بنِ حَربٍ إِن أَعطَيتُ هَذِهِ البَدرَةَ إِلّا مَن قَالَ الحَقّ فِي عَلِيّ فَقَامَ الطّرِمّاحُ فَتَكَلّمَ وَ قَالَ فِي عَلِيّ وَ وَقَعَ فِيهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ اجلِس فَقَد عَرَفَ اللّهُ نِيّتَكَ وَ رَأَي مَكَانَكَ ثُمّ قَامَ هِشَامٌ المرُاَديِّ فَقَالَ أَيضاً وَ وَقَعَ فِيهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ اجلِس مَعَ صَاحِبِكَ فَقَد عَرَفَ اللّهُ مَكَانَكُمَا فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ لِمُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الحمِيرَيِّ وَ كَانَ خَاصّاً بِهِ تَكَلّم وَ لَا تَقُل إِلّا الحَقّ ثُمّ قَالَ يَا مُعَاوِيَةُ قَد آلَيتَ أَلّا تعُطيَِ هَذِهِ البَدرَةَ إِلّا قَائِلَ الحَقّ فِي عَلِيّ قَالَ نَعَم أَنَا نفَيِّ مِن صَخرِ بنِ حَربٍ إِن أَعطَيتُهَا مِنهُم إِلّا مَن قَالَ الحَقّ فِي عَلِيّ فَقَامَ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَتَكَلّمَ ثُمّ قَالَ
بِحَقّ مُحَمّدٍ قُولُوا بِحَقّ | فَإِنّ الإِفكَ مِن شِيَمِ اللّئَامِ |
أَ بَعدَ مُحَمّدٍ بأِبَيِ وَ أمُيّ | رَسُولَ اللّهِ ذيِ الشّرَفِ التّمَامِ |
أَ لَيسَ عَلِيّ أَفضَلَ خَلقِ ربَيّ | وَ أَشرَفَ عِندَ تَحصِيلِ الأَنَامِ |
وَلَايَتُهُ هيَِ الإِيمَانُ حَقّاً | فذَرَنيِ مِن أَبَاطِيلِ الكَلَامِ |
وَ طَاعَةُ رَبّنَا فِيهَا وَ فِيهَا | شِفَاءٌ لِلقُلُوبِ مِنَ السّقَامِ |
عَلِيّ إِمَامُنَا بأِبَيِ وَ أمُيّ | أَبُو الحَسَنِ المُطَهّرُ مِن حَرَامٍ |
إِمَامُ هُدًي آتَاهُ اللّهُ عِلماً | بِهِ عُرِفَ الحَلَالُ مِنَ الحَرَامِ |
وَ لَو أنَيّ قَتَلتُ النّفسَ حُبّاً | لَهُ مَا كَانَ فِيهَا مِن أَثَامٍ |
يَحُلّ النّارَ قَومٌ يُبغِضُوهُ | وَ إِن صَامُوا وَ صَلّوا أَلفَ عَامٍ |
صفحه : 260
فَلَا وَ اللّهِ مَا تَزكُو صَلَاةٌ | بِغَيرِ وَلَايَةِ العَدلِ الإِمَامِ |
أَمِيرَ المُؤمِنِينَ بِكَ اعتمِاَديِ | وَ بِالغُرَرِ المَيَامِينِ اعتصِاَميِ |
بَرِئتُ مِنَ ألّذِي عَادَي عَلِيّاً | وَ حَارَبَهُ مِن أَولَادِ الحَرَامِ |
تَنَاسَوا نَصبَهُ فِي يَومِ خُمّ | مِنَ الباَرِئِ وَ مِن خَيرِ الأَنَامِ |
بِرَغمِ الأَنفِ مَن يَشنَأُ كلَاَميِ | عَلِيّ فَضلُهُ كَالبَحرِ طَامٍ |
وَ أَبرَأُ مِن أُنَاسٍ أَخّرُوهُ | وَ كَانَ هُوَ المُقَدّمَ بِالمَقَامِ |
عَلِيّ هَزّمَ الأَبطَالَ لَمّا | رَأَوا فِي كَفّهِ مَاحَ الحُسَامِ |
عَلَي آلِ النّبِيّ صَلَاةُ ربَيّ | صَلَاةً بِالكَمَالِ وَ بِالتّمَامِ |
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ أَنتَ أَصدَقُهُم قَولًا فَخُذ هَذِهِ البَدرَةَ
بيان قال في القاموس ابن نفي كغني نفاه أبوه و قال طمي الماء علا وطمي البحر امتلأ
532- يف ،[الطرائف ]ذَكَرَ ابنُ عَبدِ رَبّهِ فِي كِتَابِ العِقدِ فِي قِصّةِ دَارَمِيّةَ الحَجُونِيّةِ أَنّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهَا أَ تَدرِينَ لِمَ بَعَثتُ إِلَيكِ قَالَت لَا يَعلَمُ الغَيبَ إِلّا اللّهُ قَالَ بَعَثتُ إِلَيكِ لِأَسأَلَكِ عَلَامَ أَحبَبتِ عَلِيّاً وَ أبَغضَتيِنيِ وَ وَالَيتِهِ وَ عاَديَتيِنيِ قَالَت لَهُ أَ تعُفيِنيِ قَالَ لَا أُعفِيكِ قَالَت أَمّا إِذَا أَبَيتَ فإَنِيّ أَحبَبتُ عَلِيّاً عَلَي عَدلِهِ فِي الرّعِيّةِ وَ قِسمَتِهِ بِالسّوِيّةِ وَ أُبغِضُكَ عَلَي قِتَالِكَ مَن هُوَ أَولَي مِنكَ بِالأَمرِ وَ طَلَبِكَ مَا لَيسَ لَكَ بِحَقّ وَ وَالَيتُ عَلِيّاً عَلَي مَا عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص مِنَ الوَلَايَةِ وَ عَلَي حُبّهِ لِلمَسَاكِينِ وَ إِعظَامِهِ لِأَهلِ الدّينِ وَ عَادَيتُكَ عَلَي سَفكِ الدّمَاءِ وَ جَورِكَ فِي القَضَاءِ وَ حُكمِكَ بِالهَوَي
533- وَ مِنَ الكِتَابِ المَذكُورِ فِي وُفُودِ أَروَي بِنتِ الحَارِثِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ عَلَي مُعَاوِيَةَ أَنّهُ قَالَ لَهَا كَيفَ كُنتِ بَعدَنَا فَقَالَت بِخَيرٍ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَقَد كَفَرتَ النّعمَةَ وَ أَسَأتَ لِابنِ عَمّكَ الصّحبَةَ وَ تَسَمّيتَ بِغَيرِ اسمِكَ وَ أَخَذتَ غَيرَ
صفحه : 261
حَقّكَ مِن غَيرِ دَينٍ كَانَ مِنكَ وَ لَا مِن آبَائِكَ وَ لَا سَابِقَةٍ لَكَ فِي الإِسلَامِ بَعدَ أَن كَفَرتُم بِرَسُولِ اللّهِص فَأَتعَسَ اللّهُ مِنكُمُ الجُدُودَ وَ أَصعَرَ مِنكُمُ الخُدُودَ وَ رَدّ الحَقّ إِلَي أَهلِهِوَ لَو كَرِهَ المُشرِكُونَ وَ كَانَت كَلِمَتُنَا هيَِ العُليَا وَ نَبِيّنَا هُوَ المَنصُورُ فَوَلِيتُم عَلَينَا بَعدُ فَأَصبَحتُم تَحتَجّونَ عَلَي سَائِرِ النّاسِ بِقَرَابَتِكُم مِن رَسُولِ اللّهِص وَ نَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِنكُم وَ أَولَي بِهَذَا مِنكُم وَ كُنّا فِيكُم بِمَنزِلَةِ بنَيِ إِسرَائِيلَ فِي آلِ فِرعَونَ وَ كَانَ عَلِيّ بَعدَ نَبِيّنَا مُحَمّدٍص بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي فَغَايَتُنَا الجَنّةُ وَ غَايَتُكُمُ النّارُ
بيان أتعسه أهلكه والجدود جمع الجد و هوالبخت
534- أَقُولُ وَجَدتُ فِي كِتَابِ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ الهلِاَليِّ عَن أَبَانِ بنِ أَبِي عَيّاشٍ عَنهُ أَنّهُ قَالَ دَعَا مُعَاوِيَةُ قُرّاءَ أَهلِ الشّامِ وَ قُضَاتَهُم فَأَعطَاهُمُ الأَموَالَ وَ بَثّهُم فِي نوَاَحيِ الشّامِ وَ مَدَائِنِهَا يَروُونَ الرّوَايَاتِ الكَاذِبَةَ وَ يَضَعُونَ لَهُمُ الأُصُولَ البَاطِلَةَ وَ يُخبِرُونَهُم بِأَنّ عَلِيّاً قَتَلَ عُثمَانَ وَ يَتَبَرّأُ مِن أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ أَنّ مُعَاوِيَةَ يَطلُبُ بِدَمِ عُثمَانَ وَ مَعَهُ أَبَانُ بنُ عُثمَانَ وَ وُلدُ عُثمَانَ حَتّي استَمَالُوا أَهلَ الشّامِ وَ اجتَمَعَت كَلِمَتُهُم وَ لَم يَزَل مُعَاوِيَةُ عَلَي ذَلِكَ عِشرِينَ سَنَةً ذَلِكَ عَمَلُهُ فِي جَمِيعِ أَعمَالِهِ حَتّي قَدِمَ عَلَيهِ طُغَاةُ أَهلِ الشّامِ وَ أَعوَانُ البَاطِلِ المُنتَزِلُونَ[المُنزِلُونَ] لَهُ بِالطّعَامِ وَ الشّرَابِ يُعطِيهِمُ الأَموَالَ وَ يَقطَعُهُمُ القَطَائِعَ حَتّي نَشَأَ عَلَيهِ الصّغِيرُ وَ هَرِمَ عَلَيهِ الكَبِيرُ وَ هَاجَرَ عَلَيهِ الأعَراَبيِّ وَ تَرَكَ أَهلُ الشّامِ لَعنَ الشّيطَانِ وَ قَالُوا لُعِنَ عَلِيّ وَ قَاتِلُ عُثمَانَ فَاستَقَرّ عَلَي ذَلِكَ جَهَلَةُ الأُمّةِ وَ أَتبَاعُ أَئِمّةِ الضّلَالَةِ وَ الدّعَاةِ إِلَي النّارِ فَحَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُوَ لَو شاءَ اللّهُ لَجَمَعَهُم عَلَي الهُدي وَ لَكِنّ اللّهَيَفعَلُ ما يَشاءُ
أَبَانٌ عَن سُلَيمٍ قَالَ كَانَ لِزِيَادِ بنِ سُمَيّةَ كَاتِبٌ يَتَشَيّعُ وَ كَانَ لِي صَدِيقاً فأَقَرأَنَيِ كِتَاباً كَتَبَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَي زِيَادٍ جَوَابَ كِتَابِهِ إِلَيهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّكَ كَتَبتَ إلِيَّ تسَألَنُيِ عَنِ العَرَبِ مَن أُكرِمُ مِنهُم وَ مَن أُهِينُ وَ مَن
صفحه : 262
أُقَرّبُ وَ مَن أُبَعّدُ وَ مَن آمَنُ مِنهُم وَ مَن أَحذَرُ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي وَ مَن أُومِنُ مِنهُم وَ مَن أُخِيفُ وَ أَنَا يَا أخَيِ أَعلَمُ النّاسِ بِالعَرَبِ انظُر إِلَي هَذَا الحيَّ مِنَ اليَمَنِ فَأَكرِمهُم فِي العَلَانِيَةِ وَ أَهِنهُم فِي السّرّ فإَنِيّ كَذَلِكَ أَصنَعُ بِهِم أُكرِمُهُم فِي مَجَالِسِهِم وَ أُهِينُهُم فِي الخَلَاءِ إِنّهُم أَسوَأُ النّاسِ عنِديِ حَالًا وَ يَكُونُ فَضلُكَ وَ عَطَاؤُكَ لِغَيرِهِم سِرّاً مِنهُم وَ انظُر إِلَي رَبِيعَةَ بنِ نِزَارٍ فَأَكرِم أُمَرَاءَهُم وَ أَهِن عَامّتَهُم فَإِنّ عَامّتَهُم تَبَعٌ لِأَشرَافِهِم وَ سَادَاتِهِم وَ انظُر إِلَي مُضَرَ فَاضرِب بَعضَهَا بِبَعضٍ فَإِنّ فِيهِم غِلظَةً وَ كِبراً وَ نَخوَةً شَدِيدَةً فَإِنّكَ إِذَا فَعَلتَ ذَلِكَ وَ ضَرَبتَ بَعضَهُم بِبَعضٍ كَفَاكَ بَعضُهُم بَعضاً وَ لَا تَرضَ بِالقَولِ مِنهُم دُونَ الفِعلِ وَ لَا بِالظّنّ دُونَ اليَقِينِ وَ انظُر إِلَي الموَاَليِ وَ مَن أَسلَمَ مِنَ الأَعَاجِمِ فَخُذهُم بِسُنّةِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ فَإِنّ فِي ذَلِكَ خِزيَهُم وَ ذُلّهُم أَن يَنكِحَ[تَنكِحَ]العَرَبُ فِيهِم وَ لَا ينكحونهم [يُنكِحُوهُم] وَ أَن يرثوهم [تَرِثَهُمُ]العَرَبُ وَ لَا يَرِثُوا العَرَبَ وَ أَن تَقصُرَ بِهِم فِي عَطَائِهِم وَ أَرزَاقِهِم وَ أَن يُقَدّمُوا فِي المغَاَزيِ يُصلِحُونَ الطّرِيقَ وَ يَقطَعُونَ الشّجَرَ وَ لَا يَؤُمّ أَحَدٌ مِنهُمُ العَرَبَ فِي صَلَاةٍ وَ لَا يَتَقَدّم أَحَدٌ مِنهُم فِي الصّفّ الأَوّلِ إِذَا أُحضِرَتِ العَرَبُ إِلّا أَن يُتِمّ الصّفّ وَ لَا تُوَلّ أَحَداً مِنهُم ثَغراً مِن ثُغُورِ المُسلِمِينَ وَ لَا مِصراً مِن أَمصَارِهِم وَ لَا يلَيِ أَحَدٌ مِنهُم قَضَاءَ المُسلِمِينَ وَ لَا أَحكَامَهُم فَإِنّ هَذِهِ سُنّةُ عُمَرَ فِيهِم وَ سِيرَتُهُ جَزَاهُ عَن أُمّةِ مُحَمّدٍ وَ عَن بنَيِ أُمَيّةَ خَاصّةً أَفضَلَ الجَزَاءِ فلَعَمَريِ لَو لَا مَا صَنَعَ هُوَ وَ صَاحِبُهُ وَ قُوّتُهُمَا وَ صَلَابَتُهُمَا فِي دِينِ اللّهِ لَكُنّا وَ جَمِيعَ هَذِهِ الأُمّةِ لبِنَيِ هَاشِمٍ الموَاَليَِ وَ لَتَوَارَثُوا الخِلَافَةَ وَاحِداً بَعدَ وَاحِدٍ كَمَا يَتَوَارَثُ أَهلُ كِسرَي وَ قَيصَرَ وَ لَكِنّ اللّهَ جَلّ وَ عَزّ أَخرَجَهَا مِن بنَيِ هَاشِمٍ وَ صَيّرَهَا إِلَي بنَيِ تَيمِ بنِ مُرّةَ ثُمّ خَرَجَت إِلَي عدَيِّ بنِ كَعبٍ وَ لَيسَ فِي قُرَيشٍ حَيّانِ أَذَلّ مِنهُمَا وَ لَا أَنذَلَ فَأُطمِعنَا فِيهَا وَ كُنّا أَحَقّ بِهَا مِنهُمَا وَ مِن عَقِبِهِمَا لِأَنّ فِينَا الثّروَةَ وَ العِزّ وَ نَحنُ أَقرَبُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فِي الرّحِمِ مِنهُمَا ثُمّ نَالَهَا صَاحِبُنَا عُثمَانُ بِشُورَي وَ رِضًا مِنَ العَامّةِ بَعدَ شُورَي ثَلَاثَةِ أَيّامٍ مِنَ السّتّةِ وَ نَالَهَا مَن نَالَهَا قَبلَهُ بِغَيرِ شُورَي
صفحه : 263
فَلَمّا قُتِلَ صَاحِبُنَا عُثمَانُ مَظلُوماً نِلنَاهَا بِهِ لِأَنّمَن قُتِلَ مَظلُوماً فَقَدجَعَلَ اللّهُلِوَلِيّهِ سُلطاناً وَ لعَمَريِ يَا أخَيِ لَو كَانَ عُمَرُ سَنّ دِيَةَ العَبدِ نِصفَ دِيَةِ المَولَي لَكَانَ أَقرَبَ إِلَي التّقوَي وَ لَو وَجَدتُ السّبِيلَ إِلَي ذَلِكَ وَ رَجَوتُ أَن تَقبَلَهُ العَامّةُ لَفَعَلتُ وَ لكَنِيّ قَرِيبُ عَهدٍ بِحَربٍ فَأَتَخَوّفُ فُرقَةَ النّاسِ وَ اختِلَافَهُم عَلَيّ وَ بِحَسبِكَ مَا سَنّهُ عُمَرُ فِيهِم وَ هُوَ خزِيٌ لَهُم وَ ذُلّ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي يَا أخَيِ لَو أَنّ عُمَرَ سَنّ دِيَةَ الموَاَليِ عَلَي النّصفِ مِن دِيَةِ العرَبَيِّ فَذَلِكَ أَقرَبُ لِلتّقوَي لِمَا كَانَ لِلعَرَبِ فَضلٌ عَلَي العَجَمِ فَإِذَا جَاءَكَ كتِاَبيِ هَذَا فَأَذِلّ العَجَمَ وَ أَهِنهُم وَ أَقصِهِم وَ لَا تَستَعِن بِأَحَدٍ مِنهُم وَ لَا تَقضِ لَهُم حَاجَةً فَوَ اللّهِ إِنّكَ لَابنُ أَبِي سُفيَانَ خَرَجتَ مِن صُلبِهِ وَ قَد كُنتَ حدَثّتنَيِ وَ أَنتَ يَا أخَيِ عنِديِ صَدُوقٌ أَنّكَ قَرَأتَ كِتَابَ عُمَرَ إِلَي الأشَعرَيِّ بِالبَصرَةِ وَ كُنتَ يَومَئِذٍ كَاتِبَهُ وَ هُوَ عَامِلٌ بِالبَصرَةِ وَ أَنتَ أَنذَلُ النّاسِ عِندَهُ وَ أَنتَ يَومَئِذٍ ذَلِيلُ النّفسِ تَحسَبُ أَنّكَ مَولًي لِثَقِيفٍ وَ لَو كُنتَ تَعلَمُ يَومَئِذٍ يَقِيناً كَيَقِينِكَ اليَومَ أَنّكَ ابنُ أَبِي سُفيَانَ لَأَعظَمتَ نَفسَكَ وَ أَنَفتَ أَن تَكُونَ كَاتِباً لدِعَيِّ الأَشعَرِيّينَ وَ أَنتَ تَعلَمُ وَ نَحنُ نَعلَمُ يَقِيناً أَنّ أَبَا سُفيَانَ كَانَ يَحذُو حَذوَ أُمَيّةَ بنِ عَبدِ شَمسٍ وَ حدَثّنَيِ ابنُ أَبِي المُعَيطِ أَنّكَ أَخبَرتَهُ أَنّكَ قَرَأتَ كِتَابَ عُمَرَ إِلَي أَبِي مُوسَي الأشَعرَيِّ وَ بَعَثَ إِلَيهِ بِحَبلٍ طُولُهُ خَمسَةُ أَشبَارٍ وَ قَالَ لَهُ أَعرِض مَن قِبَلَكَ مِن أَهلِ البَصرَةِ فَمَن وَجَدتَ مِنَ الموَاَليِ وَ مَن أَسلَمَ مِنَ الأَعَاجِمِ قَد بَلَغَ خَمسَةَ أَشبَارِ فَقَدّمهُ فَاضرِب عُنُقَهُ فَشَاوَرَكَ أَبُو مُوسَي فِي ذَلِكَ فَنَهَيتَهُ وَ أَمَرتَهُ أَن يُرَاجِعَ فَرَاجَعَهُ وَ ذَهَبتَ أَنتَ بِالكِتَابِ إِلَي عُمَرَ وَ إِنّمَا صَنَعتَ مَا صَنَعتَ تَعَصّباً للِموَاَليِ وَ أَنتَ يَومَئِذٍ تَحسَبُ أَنّكَ ابنُ عَبدِ ثَقِيفٍ فَلَم تَزَل تَلتَمِسُ حَتّي رَدَدتَهُ عَن رَأيِهِ وَ خَوّفتَهُ فُرقَةَ النّاسِ فَرَجَعَ وَ قُلتَ لَهُ يَومَئِذٍ وَ قَد عَادَيتَ أَهلَ هَذَا البَيتِ أَخَافُ أَن يَثُورُوا إِلَي عَلِيّ فَيَنهَضَ بِهِم فَيُزِيلَ مُلكَكَ فَكَفّ عَن ذَلِكَ وَ مَا أَعلَمُ يَا أخَيِ
صفحه : 264
وُلِدَ مَولُودٌ مِن أَبِي سُفيَانَ أَعظَمَ شُؤماً عَلَيهِم مِنكَ حِينَ رَدَدتَ عُمَرَ عَن رَأيِهِ وَ نَهَيتَهُ عَنهُ وَ خبَرّنَيِ أَنّ ألّذِي صَرَفتَ بِهِ عَن رَأيِهِ فِي قَتلِهِم أَنّكَ قُلتَ إِنّكَ سَمِعتَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع يَقُولُ لَتَضرِبَنّكُمُ الأَعَاجِمُ عَلَي هَذَا الدّينِ عَوداً كَمَا ضَرَبتُمُوهُم عَلَيهِ بَدءاً وَ قَالَ لَيَملَأَنّ اللّهُ أَيدِيَكُم مِنَ الأَعَاجِمِ وَ لَيَصِيرُنّ أَسَداً لَا يَفِرّونَ فَلَيَضرِبُنّ أَعنَاقَكُم وَ لَيَغلِبُنّكُم عَلَي فَيئِكُم فَقَالَ لَكَ وَ قَد سَمِعَ ذَلِكَ مِن عَلِيّ يَروِيهِ عَن رَسُولِ اللّهِص فَذَلِكَ ألّذِي دعَاَنيِ إِلَي الكِتَابِ إِلَي صَاحِبِكَ فِي قَتلِهِم وَ قَد كُنتُ عَزَمتُ عَلَي أَن أَكتُبَ إِلَي عمُاّليِ فِي سَائِرِ الأَمصَارِ فَقُلتَ لِعُمَرَ لَا تَفعَل يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فإَنِيّ لَستُ آمَنُ أَن يَدعُوَهُم عَلِيّ ع إِلَي نُصرَتِهِ وَ هُم كَثِيرٌ وَ قَد عَلِمتَ شَجَاعَةَ عَلِيّ وَ أَهلِ بَيتِهِ وَ عَدَاوَتَهُ لَكَ وَ لِصَاحِبِكَ فَرَدَدتَهُ عَن ذَلِكَ فأَخَبرَتنَيِ أَنّكَ لَم تَرُدّهُ عَن ذَلِكَ إِلّا عَصَبِيّةً وَ أَنّكَ لَم تَرجِع عَن رَأيِهِ جُبناً وَ حدَثّتنَيِ أَنّكَ ذَكَرتَ ذَلِكَ لعِلَيِّ فِي إِمَارَةِ عُثمَانَ فَأَخبَرَكَ أَنّ أَصحَابَ الرّايَاتِ السّودِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي وَ خبَرّتنَيِ أَنّكَ سَمِعتَ عَلِيّاً فِي إِمَارَةِ عُثمَانَ يَقُولُ إِنّ أَصحَابَ الرّايَاتِ السّودِ التّيِ تُقبِلُ مِن خُرَاسَانَ هُمُ الأَعَاجِمُ وَ أَنّهُمُ الّذِينَ يَغلِبُونَ بنَيِ أُمَيّةَ عَلَي مُلكِهِم وَ يَقتُلُونَهُم تَحتَ كُلّ كَوكَبٍ فَلَو كُنتَ يَا أخَيِ لَم تَرُدّ عُمَرَ عَن ذَلِكَ لَجَرَت سُنّةً وَ لَاستَأصَلَهُمُ اللّهُ وَ قَطَعَ أَصلَهُم وَ إِذَن لَانتَسَت بِهِ الخُلَفَاءُ بَعدَهُ حَتّي لَا يَبقَي مِنهُم شَعرٌ وَ لَا ظُفُرٌ وَ لَا نَافِخُ نَارٍ فَإِنّهُم آفَةُ الدّينِ فَمَا أَكثَرَ مَا قَد سَنّ عُمَرُ فِي هَذِهِ الأُمّةِ بِخِلَافِ سُنّةِ رَسُولِ اللّهِص فَتَابَعَهُ النّاسُ عَلَيهَا وَ أَخَذُوا بِهَا فَتَكُونُ هَذِهِ مِثلَ وَاحِدَةٍ مِنهُنّ فَمِنهُنّ تَحوِيلُهُ المَقَامَ عَنِ المَوضِعِ ألّذِي وَضَعَهُ فِيهِ رَسُولُ اللّهِص
صفحه : 265
وَ صَاعُ رَسُولِ اللّهِص وَ مُدّهُ وَ حِينَ غَيّرَهُ وَ زَادَ فِيهِ وَ نَهيُهُ الجُنُبَ عَنِ التّيَمّمِ وَ أَشيَاءُ كَثِيرَةٌ شَتّي أَكثَرُ مِن أَلفِ بَابٍ أَعظَمُهَا وَ أَحَبّهَا إِلَينَا وَ أَقَرّهَا لِأَعيُنِنَا زَيلُهُ الخِلَافَةَ عَن بنَيِ هَاشِمٍ وَ عَن أَهلِهَا وَ مَعدِنِهَا لِأَنّهَا لَا تَصلُحُ إِلّا لَهُم وَ لَا تَصلُحُ الأَرضُ إِلّا بِهِم فَإِذَا قَرَأتَ كتِاَبيِ هَذَا فَاكتُم مَا فِيهِ وَ مَزّقهُ قَالَ فَلَمّا قَرَأَ زِيَادٌ الكِتَابَ ضَرَبَ بِهِ الأَرضَ ثُمّ أَقبَلَ إلِيَّ فَقَالَ ويَليِ مِمّا خَرَجتُ وَ فِيمَا دَخَلتُ كُنتُ مِن شِيعَةِ آلِ مُحَمّدٍ فَدَخَلتُ فِي شِيعَةِ آلِ الشّيطَانِ وَ حِزبِهِ وَ فِي شِيعَتِهِ مَن يَكتُبُ مِثلَ هَذَا الكِتَابِ إِنّمَا وَ اللّهِ مثَلَيِ كَمَثَلِ إِبلِيسَ أَبَي أَن يَسجُدَ لآِدَمَ كِبراً وَ كُفراً وَ حَسَداً قَالَ سُلَيمٌ فَلَم أُمسِ حَتّي نَسَختُ كِتَابَهُ فَلَمّا كَانَ اللّيلُ دَعَا بِالكِتَابِ فَمَزّقَهُ وَ قَالَ لَا يَطّلِعَنّ أَحَدٌ مِنَ النّاسِ عَلَي مَا فِي هَذَا الكِتَابِ وَ لَم يَعلَم أنَيّ نَسَختُهُ
وَ وَجَدتُ أَيضاً فِي الكِتَابِ المَذكُورِ بِرِوَايَةِ أَبَانٍ عَن سُلَيمٍ أَنّهُ قَالَ حدَثّنَيِ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَكُنتُ عِندَ مُعَاوِيَةَ وَ مَعَنَا الحَسَنُ وَ الحُسَينُ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِمَا وَ عِندَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ فَالتَفَتَ إلِيَّ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ يَا عَبدَ اللّهِ مَا أَشَدّ تَعظِيمَكَ لِلحَسَنِ وَ الحُسَينِ وَ مَا هُمَا بِخَيرٍ مِنكَ وَ لَا أَبُوهُمَا خَيرٌ مِن أَبِيكَ وَ لَو لَا أَنّ فَاطِمَةَ بِنتُ رَسُولِ اللّهِص لَقُلتُ مَا أُمّكَ أَسمَاءُ بِنتُ عُمَيسٍ بِدُونِهَا فَقُلتُ وَ اللّهِ إِنّكَ لَقَلِيلُ العِلمِ بِهِمَا وَ بِأَبِيهِمَا وَ أُمّهِمَا بَل وَ اللّهِ لَهُمَا خَيرٌ منِيّ وَ أَبُوهُمَا خَيرٌ مِن أَبِي وَ أُمّهُمَا خَيرٌ مِن أمُيّ يَا مُعَاوِيَةُ إِنّكَ لَغَافِلٌ عَمّا سَمِعتُهُ أَنَا مِن رَسُولِ اللّهِص يَقُولُ فِيهِمَا وَ فِي أَبِيهِمَا وَ أُمّهِمَا مِمّا قَد حَفِظتُهُ وَ وَعَيتُهُ وَ رَوَيتُهُ قَالَ هَاتِ يَا ابنَ جَعفَرٍ فَوَ اللّهِ مَا أَنتَ بِكَذّابٍ وَ لَا مُتّهَمٍ فَقُلتُ إِنّهُ أَعظَمُ مِمّا فِي نَفسِكَ قَالَ وَ إِن كَانَ أَعظَمَ مِن أُحُدٍ وَ حِرَاءٍ جَمِيعاً فَلَستُ أبُاَليِ
صفحه : 266
إِذَا قَتَلَ اللّهُ صَاحِبَكَ وَ فَرّقَ جَمعَكُم وَ صَارَ الأَمرُ فِي أَهلِهِ فَحَدّثنَا فَمَا نبُاَليِ مَا قُلتُم وَ لَا يَضُرّنَا مَا عَدّدتُم قُلتُ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص وَ سُئِلَ عَن هَذِهِ الآيَةِوَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ فَقَالَ إنِيّ رَأَيتُ اثنيَ عَشَرَ رَجُلًا مِن أَئِمّةِ الضّلَالِ يَصعَدُونَ منِبرَيِ وَ يَنزِلُونَ يَرُدّونَ أمُتّيِ عَلَي أَدبَارِهِمُ القَهقَرَي فِيهِم رَجُلَينِ مِن حَيّينِ مِن قُرَيشٍ مُختَلِفَينِ وَ ثَلَاثَةٌ مِن بنَيِ أُمَيّةَ وَ سَبعَةٌ مِن وُلدِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ وَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّ بنَيِ أَبِي العَاصِ إِذَا بَلَغُوا خَمسَةَ عَشَرَ رَجُلًا جَعَلُوا كِتَابَ اللّهِ دَخَلًا وَ عِبَادَ اللّهِ خَوَلًا يَا مُعَاوِيَةُ إنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ عَلَي المِنبَرِ وَ أَنَا بَينَ يَدَيهِ وَ عمرو[عُمَرُ] بنُ أَبِي سَلَمَةَ وَ أُسَامَةُ بنُ زَيدٍ وَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ وَ سَلمَانُ الفاَرسِيِّ وَ أَبُو ذَرّ الغفِاَريِّ وَ المِقدَادُ وَ الزّبَيرُ بنُ العَوّامِ وَ هُوَ يَقُولُ أَ لَستُ أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم فَقُلنَا بَلَي يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ مَن كُنتُ مَولَاهُ فَهَذَا مَولَاهُ أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَي مَنكِبِ عَلِيّ ع أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ أَيّهَا النّاسُ أَنَا أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم لَيسَ لَهُم معَيِ أَمرٌ وَ عَلِيّ مِن بعَديِ أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم لَيسَ لَهُم مَعَهُ أَمرٌ ثُمّ ابنيَِ الحَسَنُ أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم لَيسَ لَهُم مَعَهُ أَمرٌ ثُمّ أَعَادَ فَقَالَ يَا أَيّهَا النّاسُ إِذَا أَنَا استُشهِدتُ فعَلَيِّ أَولَي بِكُم مِن أَنفُسِكُم فَإِذَا استُشهِدَ عَلِيّ فاَبنيَِ الحَسَنُ أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِنهُم بِأَنفُسِهِم وَ إِذَا استُشهِدَ الحَسَنُ فاَبنيَِ الحُسَينُ أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِنهُم بِأَنفُسِهِم فَإِذَا استُشهِدَ الحُسَينُ فاَبنيِ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِنهُم بِأَنفُسِهِم لَيسَ لَهُم مَعَهُ أَمرٌ ثُمّ أَقبَلَ إِلَي عَلِيّ فَقَالَ يَا عَلِيّ إِنّكَ سَتُدرِكُهُ فَأَقرِئهُ منِيّ السّلَامَ فَإِذَا استُشهِدَ فاَبنيِ مُحَمّدٌ أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِنهُم بِأَنفُسِهِم وَ سَتُدرِكُهُ أَنتَ يَا حُسَينُ فَأَقرِئهُ منِيّ السّلَامَ ثُمّ يَكُونُ فِي عَقِبِ مُحَمّدٍ رِجَالٌ وَاحِدٌ بَعدَ وَاحِدٍ وَ لَيسَ مِنهُم أَحَدٌ إِلّا وَ هُوَ أَولَي بِالمُؤمِنِينَ مِنهُم بِأَنفُسِهِم لَيسَ لَهُم مَعَهُ أَمرٌ كُلّهُم هَادُونَ
صفحه : 267
مُهتَدُونَ فَقَامَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هُوَ يبَكيِ فَقَالَ بأِبَيِ أَنتَ وَ أمُيّ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ تُقتَلُ قَالَ نَعَم أَهلِكُ شَهِيداً بِالسّمّ وَ تُقتَلُ أَنتَ بِالسّيفِ وَ تُخضَبُ لِحيَتُكَ مِن دَمِ رَأسِكَ وَ يُقتَلُ ابنيَِ الحَسَنُ بِالسّمّ وَ يُقتَلُ ابنيَِ الحُسَينُ بِالسّيفِ يَقتُلُهُ طَاغٍ ابنُ طَاغٍ دعَيِّ بنُ دعَيِّ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا ابنَ جَعفَرٍ لَقَد تَكَلّمتَ بِعَظِيمٍ وَ لَئِن كَانَ مَا تَقُولُ حَقّاً لَقَد هَلَكَت أُمّةُ مُحَمّدٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ غَيرَكُم أَهلَ البَيتِ وَ أَولِيَائِكُم وَ أَنصَارِكُم فَقُلتُ وَ اللّهِ إِنّ ألّذِي قُلتُ بحق [حَقّ]سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ اللّهِص قَالَ مُعَاوِيَةُ يَا حَسَنُ وَ يَا حُسَينُ وَ يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا يَقُولُ ابنُ جَعفَرٍ فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ إِن كُنتَ لَا تُؤمِنُ باِلذّيِ قَالَ فَأَرسِل إِلَي الّذِينَ سَمّاهُم فَاسأَلهُم عَن ذَلِكَ فَأَرسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَي عمرو[عُمَرَ] بنِ أَبِي سَلَمَةَ وَ إِلَي أُسَامَةَ بنِ زَيدٍ فَسَأَلَهُمَا فَشَهِدَا أَنّ ألّذِي قَالَ ابنُ جَعفَرٍ قَد سَمِعنَاهُ مِن رَسُولِ اللّهِص كَمَا سَمِعَهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا ابنَ جَعفَرٍ قَد سَمِعنَا فِي الحَسَنِ وَ الحُسَينِ وَ أَبِيهِمَا فَمَا سَمِعتَ فِي أُمّهِمَا وَ مُعَاوِيَةُ كاَلمسُتهَزِئِ وَ المُنكِرِ فَقُلتُ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ لَيسَ فِي جَنّةِ عَدنٍ مَنزِلٌ أَشرَفَ وَ لَا أَفضَلَ وَ لَا أَقرَبَ إِلَي عَرشِ ربَيّ مِن منَزلِيِ وَ معَيِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِن أَهلِ بيَتيِ أَوّلُهُم أخَيِ عَلِيّ وَ ابنتَيِ فَاطِمَةُ وَ ابناَيَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ وَ تِسعَةٌ مِن وُلدِ الحُسَينِ الّذِينَ أَذهَبَ اللّهُ عَنهُمُ الرّجسَ وَ طَهّرَهُم تَطهِيراً هُدَاةٌ مُهتَدُونَ أَنَا المُبَلّغُ عَنِ اللّهِ وَ هُمُ المُبَلّغُونَ عنَيّ وَ هُم حُجَجُ اللّهِ عَلَي خَلقِهِ وَ شُهَدَاؤُهُ فِي أَرضِهِ وَ خُزّانُهُ عَلَي عِلمِهِ وَ مَعَادِنُ حِكَمِهِ مَن أَطَاعَهُم أَطَاعَ اللّهَ وَ مَن عَصَاهُم فَقَد عَصَي اللّهَ لَا تَبقَي الأَرضُ طَرفَةَ عَينٍ إِلّا بِبَقَائِهِم وَ لَا تَصلُحُ إِلّا بِهِم يُخبِرُونَ الأُمّةَ بِأَمرِ دِينِهِم حَلَالِهِم وَ حَرَامِهِم يَدُلّونَهُم عَلَي رِضَي رَبّهِم وَ يَنهَونَهُم عَن سَخَطِهِ بِأَمرٍ وَاحِدٍ وَ نهَيٍ وَاحِدٍ لَيسَ
صفحه : 268
فِيهِم اختِلَافٌ وَ لَا فُرقَةٌ وَ لَا تَنَازُعٌ يَأخُذُ آخِرُهُم عَن أَوّلِهِم إمِلاَئيِ وَ خَطّ أخَيِ عَلِيّ بِيَدِهِ يَتَوَارَثُونَهُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ أَهلُ الأَرضِ كُلّهُم فِي غَمرَةٍ وَ غَفلَةٍ وَ تِيهَةٍ وَ حَيرَةٍ غَيرَهُم وَ غَيرَ شِيعَتِهِم وَ أَولِيَائِهِم لَا يَحتَاجُونَ إِلَي أَحَدٍ مِنَ الأُمّةِ فِي شَيءٍ مِن أَمرِ دِينِهِم وَ الأُمّةُ تَحتَاجُ إِلَيهِم هُمُ الّذِينَ عَنَي اللّهُ فِي كِتَابِهِ وَ قَرَنَ طَاعَتَهُم بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِ اللّهِص فَقَالَأَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرّسُولَ وَ أوُليِ الأَمرِ مِنكُمفَأَقبَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَي الحَسَنِ وَ الحُسَينِ وَ ابنِ عَبّاسٍ وَ الفَضلِ بنِ عَبّاسٍ وَ عمرو[عُمَرَ] بنِ أَبِي سَلَمَةَ وَ أُسَامَةَ بنِ زَيدٍ فَقَالَ كُلّكُم عَلَي مَا قَالَ ابنُ جَعفَرٍ قَالُوا نَعَم قَالَ يَا بنَيِ عَبدِ المُطّلِبِ إِنّكُم لَتَدّعُونَ أَمراً عَظِيماً وَ تَحتَجّونَ بِحُجَجٍ قَوِيّةٍ إِن كَانَت حَقّاً وَ إِنّكُم لَتُضمِرُونَ عَلَي أَمرٍ تُسِرّونَهُ وَ النّاسُ عَنهُ فِي غَفلَةٍ عَميَاءُ وَ إِن كَانَ مَا تَقُولُونَ حَقّاً لَقَد هَلَكَتِ الأُمّةُ وَ ارتَدّت عَن دِينِهَا وَ تَرَكَت عَهدَ نَبِيّهَاص غَيرَكُم أَهلَ البَيتِ وَ مَن قَالَ بِقَولِكُم فَأُولَئِكَ فِي النّاسِ قَلِيلٌ فَقُلتُ يَا مُعَاوِيَةُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَقُولُوَ قَلِيلٌ مِن عبِاديَِ الشّكُورُ وَ يَقُولُوَ ما أَكثَرُ النّاسِ وَ لَو حَرَصتَ بِمُؤمِنِينَ وَ يَقُولُإِلّا الّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ قَلِيلٌ ما هُم وَ يَقُولُ لِنُوحٍوَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلّا قَلِيلٌ يَا مُعَاوِيَةُ المُؤمِنُونَ فِي النّاسِ قَلِيلٌ فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ يَا مُعَاوِيَةُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَقُولُ فِي كِتَابِهِوَ قَلِيلٌ ما هُم وَ يَقُولُ لِنُوحٍوَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلّا قَلِيلٌ وَ يَقُولُوَ ما أَكثَرُ النّاسِ وَ لَو حَرَصتَ بِمُؤمِنِينَ يَا مُعَاوِيَةُ المُؤمِنُونَ فِي النّاسِ قَلِيلٌ وَ إِنّ أَمرَ بنَيِ إِسرَائِيلَ أَعجَبُ حَيثُ قَالَتِ السّحَرَةُ لِفِرعَونَفَاقضِ ما أَنتَ قاضٍ إِنّما تقَضيِ هذِهِ الحَياةَ الدّنيا إِنّا آمَنّا بِرَبّنافَآمَنُوا بِمُوسَي وَ صَدّقُوهُ وَ تَابَعُوهُ فَسَارَ بِهِم وَ بِمَن تَبِعَهُ مِن بنَيِ إِسرَائِيلَ فَأَقطَعَهُمُ البَحرَ وَ أَرَاهُمُ الأَعَاجِيبَ وَ هُم مُصَدّقُونَ بِهِ وَ بِالتّورَاةِ مُقِرّونَ لَهُ بِدِينِهِ فَمَرّ بِهِم عَلَي قَومٍ يَعبُدُونَ أَصنَاماً لَهُم فَقالُوا يا مُوسَي اجعَل لَنا إِلهاً كَما لَهُم آلِهَةٌ ثُمّ اتّخَذُوا العِجلَ فَعَكَفُوا عَلَيهِ جَمِيعاً غَيرَ هَارُونَ وَ أَهلِ بَيتِهِ وَ قَالَ لَهُمُ الساّمرِيِّهذا إِلهُكُم وَ إِلهُ مُوسي وَ قَالَ لَهُم بَعدَ ذَلِكَادخُلُوا الأَرضَ المُقَدّسَةَ التّيِ
صفحه : 269
كَتَبَ اللّهُ لَكُم
فَكَانَ مِن جَوَابِهِم مَا قَصّ اللّهُ فِي كِتَابِهِإِنّ فِيها قَوماً جَبّارِينَ وَ إِنّا لَن نَدخُلَها حَتّي يَخرُجُوا مِنها فَإِن يَخرُجُوا مِنها فَإِنّا داخِلُونَ قَالَ مُوسَيرَبّ إنِيّ لا أَملِكُ إِلّا نفَسيِ وَ أخَيِ فَافرُق بَينَنا وَ بَينَ القَومِ الفاسِقِينَفَاحتَذَت هَذِهِ الأُمّةُ ذَلِكَ المِثَالَ سَوَاءً وَ قَد كَانَت لَهُم فَضَائِلُ وَ سَوَابِقُ مَعَ رَسُولِ اللّهِص وَ مَنَازِلُ بَينَهُ قَرِيبَةٌ مِنهُ مُقِرّينَ بِدِينِ مُحَمّدٍ وَ القُرآنِ حَتّي فَارَقَهُم نَبِيّهُمص فَاختَلَفُوا وَ تَفَرّقُوا وَ تَحَاسَدُوا وَ خَالَفُوا إِمَامَهُم وَ وَلِيّهُم حَتّي لَم يَبقَ مِنهُم عَلَي مَا عَاهَدُوا عَلَيهِ نَبِيّهُم غَيرَ صَاحِبِنَا ألّذِي هُوَ مِن نَبِيّنَا بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي وَ نَفَرٍ قَلِيلٍ اتّقَوُا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ عَلَي دِينِهِم وَ إِيمَانِهِم وَ رَجَعَ الآخَرُونَ القَهقَرَي عَلَي أَدبَارِهِم كَمَا فَعَلَ أَصحَابُ مُوسَي ع بِاتّخَاذِهِمُ العِجلَ وَ عِبَادَتِهِم إِيّاهُ وَ زَعمِهِم أَنّهُ رَبّهُم وَ إِجمَاعِهِم عَلَيهِ غَيرَ هَارُونَ وَ وُلدِهِ وَ نَفَرٍ قَلِيلٍ مِن أَهلِ بَيتِهِ وَ نَبِيّنَاص قَد نَصَبَ لِأُمّتِهِ أَفضَلَ النّاسِ وَ أَولَاهُم وَ خَيرَهُم ثُمّ الأَئِمّةَ وَاحِداً بَعدَ وَاحِدٍ بِغَدِيرِ خُمّ وَ فِي غَيرِ مَوطِنٍ وَ احتَجّ عَلَيهِم بِهِ وَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِم وَ أَخبَرَهُم أَنّ أَوّلَهُم عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ مِنهُ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي وَ أَنّهُ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ مِن بَعدِهِ وَ أَنّهُ مَن كَانَ هُوَ وَلِيّهُ وَ مَن أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ فعَلَيِّ أَولَي بِهِ وَ أَنّهُ خَلِيفَتُهُ فِيهِم وَ وَصِيّهُ وَ أَنّ مَن أَطَاعَهُ أَطَاعَ اللّهَ وَ مَن عَصَاهُ عَصَي اللّهَ وَ مَن وَالَاهُ وَالَي اللّهَ وَ مَن عَادَاهُ عَادَي اللّهَ فَأَنكَرُوهُ وَ جَهِلُوهُ وَ تَوَلّوا غَيرَهُ يَا مُعَاوِيَةُ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ حِينَ بَعَثَ إِلَي مُؤتَةَ أَمّرَ عَلَيهِم جَعفَرَ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع ثُمّ قَالَ إِن هَلَكَ جَعفَرٌ فَزِيدُ بنُ حَارِثَةَ فَإِن هَلَكَ زَيدٌ فَعَبدُ اللّهِ بنُ رَوَاحَةَ وَ لَم يَرضَ لَهُم أَن يَختَارُوا لِأَنفُسِهِم أَ فَكَانَ يَترُكُ أُمّتَهُ وَ لَا بَيّنَ لَهُم خَلِيفَتَهُ فِيهِم بَعدَهُ بَلَي وَ اللّهِ مَا تَرَكَهُم فِي عَمًي وَ لَا شُبهَةٍ بَل رَكِبَ القَومُ مَا رَكِبُوا بَعدَ نَبِيّهِم وَ كَذّبُوا عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَهَلَكُوا وَ هَلَكَ مَن شَايَعَهُم وَ ضَلّ مَن تَابَعَهُم فَبُعداً لِلقَومِ الظّالِمِينَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا ابنَ عَبّاسٍ إِنّكَ لَتَتَفَوّهُ بِعَظِيمٍ وَ الِاجتِمَاعُ عِندَنَا خَيرٌ مِنَ
صفحه : 270
الِاختِلَافِ وَ قَد عَلِمتَ أَنّ الأُمّةَ لَم تَستَقِم عَلَي صَاحِبِكَ فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ إنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ مَا اختَلَفَت أُمّةٌ بَعدَ نَبِيّهَا إِلّا ظَهَرَ أَهلُ بَاطِلِهَا عَلَي أَهلِ حَقّهَا وَ إِنّ هَذِهِ الأُمّةَ اجتَمَعَت عَلَي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ لَيسَ بَينَهَا اختِلَافٌ وَ لَا مُنَازَعَةٌ وَ لَا فُرقَةٌ شَهَادَةُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِص وَ الصّلَوَاتُ الخَمسُ وَ صَومُ شَهرِ رَمَضَانَ وَ حِجّ البَيتِ وَ أَشيَاءُ كَثِيرَةٌ مِن طَاعَةِ اللّهِ وَ نهَيِ اللّهِ مِثلِ تَحرِيمِ الزّنَا وَ السّرِقَةِ وَ قَطعِ الأَرحَامِ وَ الكَذِبِ وَ الخِيَانَةِ وَ اختَلَفَت فِي شَيئَينِ أَحَدُهُمَا اقتَتَلَت عَلَيهِ وَ تَفَرّقَت فِيهِ وَ صَارَت فِرَقاً يَلعَنُ بَعضُهَا بَعضاً وَ يَبرَأُ بَعضُهَا مِن بَعضٍ وَ الثاّنيِ لَم تَقتَتِل عَلَيهِ وَ لَم تَتَفَرّق فِيهِ وَ وَسّعَ بَعضُهُم فِيهِ لِبَعضٍ وَ هُوَ كِتَابُ اللّهِ وَ سُنّةُ نَبِيّهِص وَ مَا يَحدُثُ زَعَمَت أَنّهُ لَيسَ فِي كِتَابِ اللّهِ وَ لَا سُنّةِ نَبِيّهِص وَ أَمّا ألّذِي اختَلَفَت فِيهِ وَ تَفَرّقَت وَ تَبَرّأَت بَعضُهَا مِن بَعضٍ فَالمُلكُ وَ الخِلَافَةُ زَعَمَت أَنّهَا أَحَقّ بِهَا مِن أَهلِ بَيتِ نبَيِّ اللّهِص فَمَن أَخَذَ بِمَا لَيسَ بَينَ أَهلِ القِبلَةِ اختِلَافٌ وَ رَدّ عِلمَ مَا اختَلَفُوا فِيهِ إِلَي اللّهِ سَلِمَ وَ نَجَا مِنَ النّارِ وَ لَم يَسأَلهُ اللّهُ عَمّا أَشكَلَ عَلَيهِ مِنَ الخَصلَتَينِ اللّتَينِ اختُلِفَ فِيهِمَا وَ مَن وَفّقَهُ اللّهُ وَ مَنّ عَلَيهِ وَ نَوّرَ قَلبَهُ وَ عَرّفَهُ وُلَاةَ الأَمرِ وَ مَعدِنَ العِلمِ أَينَ هُوَ فَعَرَفَ ذَلِكَ كَانَ سَعِيداً وَ لِلّهِ وَلِيّاً وَ كَانَ نبَيِّ اللّهِص يَقُولُ رَحِمَ اللّهُ عَبداً قَالَ حَقّاً فَغَنِمَ أَو سَكَتَ فَلَم يَتَكَلّم فَالأَئِمّةُ مِن أَهلِ بَيتِ النّبُوّةِ وَ مَعدِنِ الرّسَالَةِ وَ مُنزَلِ الكِتَابِ وَ مَهبِطِ الوحَيِ وَ مُختَلَفِ المَلَائِكَةِ لَا تَصلُحُ إِلّا فِيهَا لِأَنّ اللّهَ خَصّهَا بِهَا وَ جَعَلَهَا أَهلَهَا فِي كِتَابِهِ وَ عَلَي لِسَانِ نَبِيّهِص فَالعِلمُ فِيهِم وَ هُم أَهلُهُ وَ هُوَ عِندَهُم كُلّهُ بِحَذَافِيرِهِ بَاطِنِهِ وَ ظَاهِرِهِ وَ مُحكَمِهِ وَ مُتَشَابِهِهِ وَ نَاسِخِهِ وَ مَنسُوخِهِ يَا مُعَاوِيَةُ إِنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ أرَسلَنَيِ فِي إِمرَتِهِ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أنَيّ أُرِيدُ أَن أَكتُبَ القُرآنَ فِي مُصحَفٍ فَابعَث إِلَينَا مَا كَتَبتَ مِنَ القُرآنِ فَقَالَ تَضرِبُ وَ اللّهِ عنُقُيِ قَبلَ أَن تَصِلَ إِلَيهِ قُلتُ وَ لِمَ قَالَ إِنّ اللّهَ يَقُولُلا يَمَسّهُ إِلّا المُطَهّرُونَيعَنيِ لَا يَنَالُهُ كُلّهُ إِلّا المُطَهّرُونَ إِيّانَا نَحنُ عَنَي الّذِينَ أَذهَبَ اللّهُ عَنّا الرّجسَ وَ طَهّرَنَا تَطهِيراً وَ قَالَأَورَثنَا الكِتابَ الّذِينَ اصطَفَينا مِن عِبادِنافَنَحنُ الّذِينَ اصطَفَانَا اللّهُ مِن عِبَادِهِ وَ نَحنُ صَفوَةُ اللّهِ وَ لَنَا ضَرَبَ الأَمثَالَ وَ عَلَينَا نَزَلَ الوحَيُ
صفحه : 271
فَغَضِبَ عُمَرُ وَ قَالَ إِنّ ابنَ أَبِي طَالِبٍ يَحسَبُ أَنّهُ لَيسَ عِندَ أَحَدٍ عِلمٌ غَيرَهُ فَمَن كَانَ يَقرَأُ مِنَ القُرآنِ شَيئاً فَليَأتِنَا بِهِ فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَجُلٌ بِقُرآنٍ يَقرَؤُهُ وَ مَعَهُ آخَرُ كَتَبَهُ وَ إِلّا لَم يَكتُبهُ فَمَن قَالَ يَا مُعَاوِيَةُ إِنّهُ ضَاعَ مِنَ القُرآنِ شَيءٌ فَقَد كَذَبَ هُوَ عِندَ أَهلِهِ مَجمُوعٌ ثُمّ أَمَرَ عُمَرُ قُضَاتَهُ وَ وُلَاتَهُ فَقَالَ اجتَهِدُوا آرَاءَكُم وَ اتّبِعُوا مَا تَرَونَ أَنّهُ الحَقّ فَلَم يَزَل هُوَ وَ بَعضُ وُلَاتِهِ قَد وَقَعُوا فِي عَظِيمَةٍ فَكَانَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع يُخبِرُهُم بِمَا يَحتَجّ بِهِ عَلَيهِم وَ كَانَ عُمّالُهُ وَ قُضَاتُهُ يَحكُمُونَ فِي شَيءٍ وَاحِدٍ بِقَضَايَا مُختَلِفَةٍ فَيُجِيزُهَا لَهُم لِأَنّ اللّهَ لَم يُؤتِهِ الحِكمَةَ وَ فَصلَ الخِطَابِ وَ زَعَمَ كُلّ صِنفٍ مِن أَهلِ القِبلَةِ أَنّهُم مَعدِنُ العِلمِ وَ الخِلَافَةِ دُونَهُم فَبِاللّهِ نَستَعِينُ عَلَي مَن جَحَدَهُم حَقّهُم وَ سَنّ لِلنّاسِ مَا يَحتَجّ بِهِ مِثلُكَ عَلَيهِم ثُمّ قَامُوا فَخَرَجُوا
بيان قوله ع واختلف في شيئين كذا في أصل الكتاب و في كتاب الإحتجاج واختلفوا في سنن اقتتلوا فيها وصاروا فرقا يلعن بعضها بعضا وهي الولاية.فأما علي ما في الأصل فالشيء الآخر إما القرآن كماذكره بعد أوالبراءة من خلفاء الجور ولعنهم وتركه للمصلحة والتقية. و قوله فمن أخذ المراد بهم المستضعفون فإنهم إذاأخذوا بالمجمع عليه من ولاية الأئمة ومحبتهم و لم يتبرءوا من أعدائهم لاختلاف الأمة فيه و لم يقولوا بإمامة الأئمة لذلك و لم يكن لهم قوة في العلم والعقل يمكنهم معرفة ذلك كان يحتمل نجاتهم في الآخرة. ويؤيده أنه روي في الإحتجاج في سياق هذه الرواية من كلام الحسن ع وروي هذه الكلمات أيضا عنه ع أنه قال إنما الناس ثلاثة مؤمن يعرف حقنا ويسلم لنا ويأتم بنا فذلك ناج محب لله و لي . وناصب لنا العداوة يتبرأ منا ويلعننا ويستحل دماءنا ويجحد حقنا ويدين
صفحه : 272
الله بالبراءة منا فهذا كافر مشرك فاسق وإنما كفر وأشرك من حيث لايعلم كماسبوا الله بغير علم كذلك كثيرا يشرك بالله بغير علم . و رجل أخذ بما لم يختلف فيه ورد علم ماأشكل عليه إلي الله مع ولايتنا و لايأتم بنا و لايعادينا ويعرف حقنا فنحن نرجو أن يغفر الله له ويدخله الجنة فهذا مسلم ضعيف انتهي . و قدأوردت الخبر برواية الإحتجاج في موضع آخر يناسبه وإنما كررنا للاختلاف
535- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ عَن أَبِيهِ عَن ربِعيِّ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ الجَارُودِ عَن أَبِيهِ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِخَالِدِ بنِ مَعمَرٍ عَلَي مَا أَحبَبتَ عَلِيّاً قَالَ عَلَي ثَلَاثِ خِصَالٍ عَلَي حِلمِهِ إِذَا غَضِبَ وَ عَلَي صِدقِهِ إِذَا قَالَ وَ عَلَي عَدلِهِ إِذَا ولَيَِ
536- كا،[الكافي]يب ،[تهذيب الأحكام ]حَبِيبُ بنُ الحَسَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن بَشّارٍ عَن زَيدٍ الشّحّامِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أُخِذَ نَبّاشٌ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لِأَصحَابِهِ مَا تَرَونَ فَقَالُوا نُعَاقِبُهُ فنَخُلَيّ سَبِيلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ مَا هَكَذَا فَعَلَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ فَمَا فَعَلَ قَالَ فَقَالَ يُقطَعُ النّبّاشُ وَ قَالَ هُوَ سَارِقٌ وَ هَتّاكُ المَوتَي
537- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ رَفَعَهُ قَالَ إِنّ
صفحه : 273
النجّاَشيِّ الشّاعِرَ شَرِبَ الخَمرَ فِي شَهرِ رَمَضَانَ فَحَدّهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ أَقَامَهُ فِي سَرَاوِيلَ فَضَرَبَهُ ثَمَانِينَ ثُمّ زَادَهُ عِشرِينَ سَوطاً وَ قَالَ هَذَا لِجُرأَتِكَ عَلَي رَبّكَ وَ إِفطَارِكَ فِي شَهرِ رَمَضَانَ فَغَضِبَ وَ لَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ طَارِقُ بنُ عَبدِ اللّهِ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا كُنّا نَرَي أَنّ أَهلَ المَعصِيَةِ وَ الطّاعَةِ وَ أَهلَ الفُرقَةِ وَ الجَمَاعَةِ عِندَ وُلَاةِ العَدلِ وَ مَعَادِنِ الفَضلِ سِيّانِ فِي الجَزَاءِ حَتّي رَأَيتُ مَا كَانَ مِن صَنِيعِكَ بأِخَيِ الحَارِثِ فَأَوغَرتَ صُدُورَنَا وَ شَتّتّ أُمُورَنَا وَ حَمّلتَنَا عَلَي الجَادّةِ التّيِ كُنّا نَرَي أَنّ سَبِيلَ مَن رَكِبَهَا النّارُ فَقَالَ عَلِيّ ع وَ إِنّها لَكَبِيرَةٌ إِلّا عَلَي الخاشِعِينَ يَا أَخَا بنَيِ نَهدٍ فَهَل هُوَ إِلّا رَجُلٌ مِنَ المُسلِمِينَ انتَهَكَ حُرمَةً مِن حُرَمِ اللّهِ فَأَقَمنَا عَلَيهِ حَدّاً كَانَ كَفّارَتَهُ إِنّ اللّهَ تَعَالَي يَقُولُ فِي كِتَابِهِوَ لا يَجرِمَنّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلي أَلّا تَعدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أَقرَبُ لِلتّقويفَخَرَجَ طَارِقٌ وَ لَقِيَهُ الأَشتَرُ فَقَالَ لَهُ أَنتَ القَائِلُ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ أَوغَرتَ صُدُورَنَا وَ شَتّتّ أُمُورَنَا قَالَ طَارِقٌ أَنَا قَائِلُهَا قَالَ الأَشتَرُ وَ اللّهِ مَا ذَلِكَ كَمَا قُلتَ وَ إِنّ صُدُورَنَا لَهُ لَسَامِعَةٌ وَ إِنّ أُمُورَنَا لَهُ لَجَامِعَةٌ قَالَ فَغَضِبَ طَارِقٌ وَ قَالَ سَتَعلَمُ يَا أَشتَرُ أَنّهُ غَيرُ مَا قُلتَ فَلَمّا جَنّهُ اللّيلُ هَمَسَ هُوَ وَ النجّاَشيِّ وَ ذَهَبَا إِلَي مُعَاوِيَةَ فَلَمّا دَخَلَا عَلَيهِ نَظَرَ مُعَاوِيَةُ إِلَي طَارِقٍ وَ قَالَ مَرحَباً بِالمُوَرّقِ غُصنَهُ وَ المُعَرّقِ أَصلَهُ المُسَوّدِ غَيرِ المُسَوّدِ مِن رَجُلٍ كَانَت مِنهُ هَفوَةٌ وَ نَبوَةٌ بِاتّبَاعِهِ صَاحِبَ الفِتنَةِ وَ رَأسَ الضّلَالَةِ إِلَي آخِرِ مَا قَالَ لَعَنَهُ اللّهُ فَقَالَ طَارِقٌ يَا مُعَاوِيَةُ إِنّ المَحمُودَ عَلَي كُلّ حَالٍ رَبّ عَلَا فَوقَ عِبَادِهِ فَهُم
صفحه : 274
بِمَنظَرٍ وَ مَسمَعٍ مِنهُ بَعَثَ فِيهِم رَسُولًا مِنهُم لَم يَكُن يَتلُو مِن قَبلِهِ كِتَاباً وَ لَا يَخُطّهُ بِيَمِينِهِإِذاً لَارتابَ المُبطِلُونَفَعَلَيهِ السّلَامُ مِن رَسُولٍكانَ بِالمُؤمِنِينَ رَحِيماً أَمّا بَعدُ فَإِنّا كُنّا نُوضَعُ فِي رجال مِن أَصحَابِ النّبِيّص مُرشِدِينَ مَنَاراً لِلهُدَي وَ مَعلَماً لِلدّينِ سَلَفاً لِخَلَفٍ مُهتَدِينَ وَ خَلَفاً لِسَلَفٍ مُهتَدِينَ أَهلَ دِينٍ لَا دُنيَا وَ أَهلَ الآخِرَةِ كُلّ الخَيرِ فِيهِم أَهلَ بُيُوتَاتٍ وَ شَرَفٍ لَيسُوا بِنَاكِثِينَ وَ لَا قَاسِطِينَ فَلَم تَكُ رَغبَةُ مَن رَغِبَ عَنهُم وَ عَن صُحبِتِهِم إِلّا لِمَرَارَةِ الحَقّ حَيثُ جَرّعُوهَا وَ لِوُعُورَتِهِ حَيثُ سَلَكُوهَا غَلَبَت عَلَيهِم دُنيَا مُؤثَرَةٌ وَ هَوًي مُتّبَعٌ وَ كَانَ أَمرُ اللّهِ قَدَراً مَقدُوراً وَ قَد فَارَقَ الإِسلَامَ قَبلَنَا جَبَلَةُ بنُ الأَيهَمِ فِرَاراً مِنَ الضّيمِ وَ أَنفاً مِنَ الذّلّةِ فَلَا تَفخَر يَا مُعَاوِيَةُ أَن قَد شَدَدنَا إِلَيكَ الرّحَالَ وَ أَوضَعنَا نَحوَكَ الرّكَابَ فَتَعلَمُ وَ تُنكِرُ ثُمّ أَجلَسَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَي سَرِيرِهِ وَ دَعَا لَهُ بِمُقَطّعَاتٍ وَ بُرُودٍ يَضَعُهَا عَلَيهِ ثُمّ أَقبَلَ عَلَيهِ بِوَجهِهِ يُحَدّثُهُ حَتّي قَامَ فَلَمّا قَامَ خَرَجَ طَارِقٌ فَأَقبَلَ عَلَيهِ عَمرُو بنُ مُرّةَ وَ عَمرُو بنُ صيَفيِّ يَلُومَانِهِ فِي خُطبَتِهِ إِيّاهُ وَ فِيمَا عَرَضَ لِمُعَاوِيَةَ فَقَالَ طَارِقٌ لَهُمَا وَ اللّهِ مَا قُمتُ حَتّي كَانَ بَطنُ الأَرضِ أَحَبّ إلِيَّ مِن ظَهرِهَا عِندَ إِظهَارِ مَا أُظهِرُ مِنَ البغَيِ وَ العَيبِ وَ النّقصِ لِأَصحَابِ مُحَمّدٍص وَ لِمَن هُوَ خَيرٌ مِنهُ فِي العَاجِلَةِ وَ الآجِلَةِ وَ لَقَد قُمتُ مَقَاماً عِندَهُ أَوجَبَ اللّهُ عَلَيّ فِيهِ أَن لَا أَقُولَ إِلّا حَقّاً فَبَلَغَ عَلِيّاً مَقَالَةُ طَارِقٍ فَقَالَ لَو قُتِلَ أَخُو بنَيِ نَهدٍ لَقُتِلَ شَهِيداً وَ زَعَمَ بَعضُ النّاسِ أَنّ طَارِقَ بنَ عَبدِ اللّهِ رَجَعَ إِلَي عَلِيّ ع وَ مَعَهُ النجّاَشيِّ
538-كَنزُ الفَوَائِدِ،للِكرَاَجكُيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ طَالِبٍ
صفحه : 275
البلَدَيِّ عَن أَبِي المُفَضّلِ الشيّباَنيِّ عَن مَنصُورِ بنِ الحَسَنِ عَن مُحَمّدِ بنِ زَكَرِيّا بنِ دِينَارٍ عَنِ العَبّاسِ بنِ بَكّارٍ عَن عَبدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَمرٍو الأسَدَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ السّائِبِ عَن أَبِي صَالِحٍ مَولَي أُمّ هَانِئٍ قَالَدَخَلَ ضِرَارُ بنُ ضَمرَةَ الكنِاَنيِّ عَلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ يَوماً فَقَالَ لَهُ يَا ضِرَارُ صِف لِي عَلِيّاً فَقَالَ أَ وَ تعُفيِنيِ مِن ذَلِكَ قَالَ لَا أَعفُوكَ قَالَ أَمّا إِذ لَا بُدّ فَإِنّهُ كَانَ وَ اللّهِ بَعِيدَ المُدَي شَدِيدَ القُوَي يَقُولُ فَصلًا وَ يَحكُمُ عَدلًا يَتَفَجّرُ العِلمُ مِن جَوَانِبِهِ وَ تَنطِقُ الحِكمَةُ عَلَي لِسَانِهِ يَستَوحِشُ مِنَ الدّنيَا وَ زَهرَتِهَا وَ يَأنَسُ بِاللّيلِ وَ ظُلمَتِهِ كَانَ وَ اللّهِ غَزِيرَ الدّمعَةِ طَوِيلَ الفِكرَةِ يُقَلّبُ كَفّهُ وَ يُخَاطِبُ نَفسَهُ يُعجِبُهُ مِنَ اللّبَاسِ مَا قَصُرَ وَ مِنَ الطّعَامِ مَا جَشَبَ كَانَ وَ اللّهِ مَعَنَا كَأَحَدِنَا يُدنِينَا إِذَا أَتَينَاهُ وَ يُجِيبُنَا إِذَا سَأَلنَاهُ وَ كَانَ مَعَ دُنُوّهِ لَنَا وَ قُربِهِ مِنّا لَا نُكَلّمُهُ هَيبَةً لَهُ فَإِن تَبَسّمَ فَعَن مِثلِ اللّؤلُؤِ النّظِيمِ يُعَظّمُ أَهلَ الدّينِ وَ يُحِبّ المَسَاكِينَ لَا يَطمَعُ القوَيِّ فِي بَاطِلِهِ وَ لَا يَيأَسُ الضّعِيفُ عَن عَدلِهِ أَشهَدُ بِاللّهِ لَرَأَيتُهُ فِي بَعضِ مَوَاقِفِهِ وَ قَد أَرخَي اللّيلُ سُدُولَهُ وَ غَارَت نُجُومُهُ مُمَاثِلًا فِي مِحرَابِهِ قَابِضاً عَلَي لِحيَتِهِ يَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السّلِيمِ وَ يبَكيِ بُكَاءَ الحَزِينِ وَ كأَنَيّ أَسمَعُهُ وَ هُوَ يَقُولُ يَا دُنيَا يَا دُنيَا أَ بيِ تَعَرّضتِ أَم إلِيَّ تَشَوّقتِ هَيهَاتَ هَيهَاتَ غرُيّ غيَريِ لَا حَانَ حِينُكِ قَد أَبَتّكِ ثَلَاثاً عُمُرُكِ قَصِيرٌ وَ خَيرُكِ حَقِيرٌ وَ خَطَرُكِ غَيرُ كَبِيرٍ آهِ آهِ مِن قِلّةِ الزّادِ وَ بُعدِ السّفَرِ وَ وَحشَةِ الطّرِيقِ فَوَكَفَت دُمُوعُ مُعَاوِيَةَ عَلَي لِحيَتِهِ وَ جَعَلَ يَستَقبِلُهَا بِكُمّهِ وَ اختَنَقَ القَومُ جَمِيعاً بِالبُكَاءِ وَ قَالَ هَكَذَا كَانَ أَبُو الحَسَنِ يَرحَمُهُ اللّهُ فَكَيفَ وَجدُكَ عَلَيهِ يَا ضِرَارُ فَقَالَ وَجدَ أُمّ وَاحِدٍ ذُبِحَ وَاحِدُهَا فِي حَجرِهَا فهَيَِ لَا يَرقَي دَمعُهَا وَ لَا يَسكُنُ حُزنُهَا
صفحه : 276
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَكِنّ هَؤُلَاءِ لَو فقَدَوُنيِ لَمَا قَالُوا وَ لَا وَجَدُوا بيِ شَيئاً مِن هَذَا ثُمّ التَفَتَ إِلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ بِاللّهِ لَوِ اجتَمَعتُم بِأَسرِكُم هَل كُنتُم تُؤَدّونَ عنَيّ مَا أَدّاهُ هَذَا الغُلَامُ عَن صَاحِبِهِ فَيُقَالُ إِنّهُ قَالَ لَهُ عَمرُو بنُ العَاصِ الصّحَابَةُ عَلَي قَدرِ الصّاحِبِ
539- وَ قَالَ أَيضاً فِيهِ روُيَِ أَنّ مُعَاوِيَةَ بنَ أَبِي سُفيَانَ قَالَ إنِيّ أُحِبّ أَن أَلقَي رَجُلًا قَد أَتَت عَلَيهِ سِنّ وَ قَد رَأَي النّاسَ يُخبِرُنَا عَمّا رَأَي فَقِيلَ لَهُ هَذَا رَجُلٌ بِحَضرَمَوتَ فَأَرسَلَ إِلَيهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ مَا اسمُكَ فَقَالَ أَمَدٌ قَالَ ابنُ مَن قَالَ ابنُ لَبَدٍ قَالَ مَا أَتَي عَلَيكَ مِنَ السّنِينَ قَالَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتّونَ سَنَةً قَالَ كَذَبتَ ثُمّ تَشَاغَلَ عَنهُ مُعَاوِيَةُ ثُمّ أَقبَلَ عَلَيهِ بَعدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ مَا اسمُكَ قَالَ أَمَدٌ قَالَ ابنُ مَن قَالَ ابنُ لَبَدٍ قَالَ مَا أَتَي عَلَيكَ مِنَ السّنِينَ قَالَ سِتّونَ وَ ثَلَاثُمِائَةٍ قَالَ أَخبِرنَا عَمّا رَأَيتَ مِنَ الأَزمَانِ المَاضِيَةِ إِلَي زَمَانِنَا هَذَا مِن ذَاكَ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ كَيفَ تَسأَلُ مَن يَكذِبُ قَالَ إنِيّ مَا كَذّبتُكَ وَ لَكِن أَحبَبتَ أَعلَمُ كَيفَ عَقلُكَ قَالَ يَومٌ شَبِيهُ يَومٍ وَ لَيلَةٌ شَبِيهَةٌ بِلَيلَةٍ يَمُوتُ مَيّتٌ وَ يُولَدُ مَولُودٌ وَ لَو لَا مَن يَمُوتُ لَم تَسَعهُمُ الأَرضُ وَ لَو لَا مَن يُولَدُ لَم يَبقَ أَحَدٌ عَلَي وَجهِ الأَرضِ قَالَ فأَخَبرِنيِ هَل رَأَيتَ هَاشِماً قَالَ نَعَم رَأَيتُ رَجُلًا طِوَالًا حَسَنَ الوَجهِ يُقَالُ إِنّ بَينَ عَينَيهِ بَرَكَةٌ أَو غُرّةُ بَرَكَةٍ قَالَ فَهَل رَأَيتَ أُمَيّةَ قَالَ نَعَم رَأَيتُ رَجُلًا قَصِيراً أَعمَي يُقَالُ إِنّ فِي وَجهِهِ أَشَراً أَو شَوباً قَالَ فَهَل رَأَيتَ مُحَمّداً قَالَ مَن مُحَمّدٌ قَالَ رَسُولُ اللّهِص قَالَ وَيحَكَ أَ فَلَا فَخّمتَهُ كَمَا فَخّمَهُ اللّهُ فَقُلتَ رَسُولُ اللّهِص قَالَ فأَخَبرِنيِ مَا كَانَت صِنَاعَتُكَ قَالَ كُنتُ رَجُلًا تَاجِراً قَالَ فَمَا بَلَغتَ فِي تِجَارَتِكَ قَالَ كُنتُ لَا أَستُرُ عَيباً وَ لَا أَرُدّ رِبحاً قَالَ مُعَاوِيَةُ سلَنيِ قَالَ أَسأَلُكَ أَن تدُخلِنَيِ الجَنّةَ قَالَ لَيسَ ذَلِكَ بيِدَيِ وَ لَا أَقدِرُ عَلَيهِ قَالَ فَأَسأَلُكَ أَن تَرُدّ عَلَيّ شبَاَبيِ قَالَ لَيسَ ذَلِكَ بيِدَيِ وَ لَا أَقدِرُ عَلَيهِ قَالَ فَلَا أَرَي عِندَكَ شَيئاً مِن أَمرِ الدّنيَا وَ لَا أَمرِ الآخِرَةِ فرَدُنّيِ مِن حَيثُ جِئتُ قَالَ أَمّا هَذَا فَنَعَم ثُمّ أَقبَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَي جُلَسَائِهِ فَقَالَ لَقَد أَصبَحَ
صفحه : 277
هَذَا زَاهِداً فِيمَا أَنتُم فِيهِ رَاغِبُونَ
540- وَ روُيَِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مَوهَبٍ عَن بَعضِ أَشيَاخِهِ أَنّ مَسجِدَ الرّملَةِ لَمّا حُفِرَ أَسَاسُهُ فِي دَهرِ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ انتَهَي بِهِمُ الحَفرُ إِلَي صَخرَةٍ فَقَلَعُوهَا فَإِذَا تَحتَهَا شَابّ دَهِينُ الرّأسِ مُوَفّرُ الشّعرِ قَائِمٌ مُستَقبِلُ القِبلَةِ فَكَلّمُوهُ فَلَم يُكَلّمهُم فَكُتِبَ بِذَلِكَ إِلَي مُعَاوِيَةَ قَالَ فَخَرَجنَا بِالكِتَابِ فِي خَمسَةٍ فَأَتَينَا مُعَاوِيَةَ فَأَخبَرنَاهُ بِذَلِكَ وَ رَفَعنَا إِلَيهِ الكِتَابَ فَأَمَرَ أَن تُرَدّ الصّخرَةُ عَلَي حَالِهِ كَمَا كَانَ
541- وَ حَدّثَهُم غَيرُ وَاحِدٍ أَنّهُ لَمّا أَجرَي مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ القَنَاةَ التّيِ فِي أُحُدٍ أَمَرَ بِقُبُورِ الشّهَدَاءِ فَنُبِشَت فَضَرَبَ رَجُلٌ بِمِعوَلِهِ فَأَصَابَ إِبهَامَ حَمزَةَ رِضوَانُ اللّهِ عَلَيهِ فَبَجَسَ الدّمُ مِن إِبهَامِهِ فَأُخرِجَ رَطباً ينَثنَيِ وَ أُخرِجَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ حِزَامٍ وَ عَمرُو بنُ الجَمُوحِ وَ كَانَا قُتِلَا يَومَ أُحُدٍ وَ هُم رِطَابٌ يَنثَنُونَ بَعدَ أَربَعِينَ سَنَةً فَدُفِنَا فِي قَبرٍ وَاحِدٍ وَ كَانَ عَمرُو بنُ الجَمُوحِ أَعرَجَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخدُريِّ إِنّهُ لشَيَءٌ لَا آمُرُ بَعدَهُ بِمَعرُوفٍ وَ لَا أَنهَي عَن مُنكَرٍ
542- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ الثقّفَيِّ قَالَبَلَغَنَا أَنّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِهَيثَمِ بنِ الأَسوَدِ وَ كَانَ عُثمَانِيّاً وَ كَانَتِ امرَأَتُهُ عَلَوِيّةَ الرأّيِ تُحِبّ عَلِيّاً وَ تَكتُبُ بِأَخبَارِ مُعَاوِيَةَ فِي أَعِنّةِ الخَيلِ فَتَدفَعُهَا بِعَسكَرِهِ ع فِي صِفّينَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا هَيثَمُ أَهلُ العِرَاقِ كَانُوا أَنصَحَ لعِلَيِّ أَم أَهلُ الشّامِ لِي قَالَ أَهلُ العِرَاقِ قَبلَ أَن يُضرَبُوا بِالبَلَاءِ كَانُوا أَنصَحَ لِصَاحِبِهِم مِن أَهلِ الشّامِ قَالَ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنّ القَومَ نَاصَحُوا عَلِيّاً ع عَلَي الدّينِ وَ نَاصَحَكَ أَهلُ الشّامِ عَلَي الدّنيَا وَ أَهلُ الدّينِ أَصبَرُ وَ هُم أَهلُ بَصِيرَةٍ وَ نَصرٍ وَ أَهلُ الدّنيَا أَهلُ يَأسٍ وَ طَمَعٍ ثُمّ وَ اللّهِ مَا لَبِثَ أَهلُ العِرَاقِ أَن نَبَذُوا الدّينَ وَرَاءَ ظُهُورِهِم وَ نَظَرُوا إِلَي الدّنيَا التّيِ فِي يَدِكَ فَمَا أَصَابَهَا مِنهُم إِلّا ألّذِي لَحِقَ
صفحه : 278
بِكَ قَالَ مُعَاوِيَةُ فَمَا مَنَعَ الأَشعَثَ بنَ قَيسٍ أَن يَطلُبَ مَا قِبَلَنَا قَالَ أَكرَمَ نَفسَهُ أَن يَكُونَ رَأساً فِي العَارِ وَ ذَنَباً فِي الطّمَعِ قَالَ هَل كَانَتِ امرَأَتُكَ تَكتُبُ بِالأَخبَارِ إِلَي عَلِيّ ع فِي أَعِنّةِ الخَيلِ فَتُبَاعُ قَالَ نَعَم
543- وَ عَن مُحَارِبِ بنِ سَاعِدِةَ الإيِاَديِّ قَالَكُنتُ عِندَ مُعَاوِيَةَ وَ عِندَهُ أَهلُ الشّامِ لَيسَ فِيهِم غَيرُهُم إِذ قَالَ يَا أَهلَ الشّامِ قَد عَرَفتُم حبُيّ لَكُم وَ سيِرتَيِ فِيكُم وَ قَد بَلَغَكُم صَنِيعُ عَلِيّ بِالعِرَاقِ وَ تَسوِيَتُهُ بَينَ الشّرِيفِ وَ بَينَ مَن لَا يُعرَفُ قَدرُهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنهُم لَا يَهُدّ اللّهُ رُكنَكَ وَ لَا يَعدِمُكَ وُلدُكَ وَ لَا يُرِينَا فَقدُكَ قَالَ فَمَا تَقُولُونَ فِي أَبِي تُرَابٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنهُم مَا أَرَادَ وَ مُعَاوِيَةُ سَاكِتٌ وَ عِندَهُ عَمرُو بنُ العَاصِ وَ مَروَانُ بنُ الحَكَمِ فَتَذَاكَرَا عَلِيّاً ع بِغَيرِ الحَقّ فَوَثَبَ رَجُلٌ مِن آخِرِ المَجلِسِ مِن أَهلِ الكُوفَةِ دَخَلَ مَعَ القَومِ فَقَالَ يَا مُعَاوِيَةُ تَسأَلُ أَقوَاماًفِي طُغيانِهِم يَعمَهُونَ وَ اختَارُوا الدّنيَا عَلَي الآخِرَةِ وَ اللّهِ لَو سَأَلتَهُم عَنِ السّنّةِ مَا أَقَامُوهَا فَكَيفَ يَعرِفُونَ عَلِيّاً وَ فَضلَهُ أَقبِل عَلَيّ أُخبِركَ ثُمّ لَا تَقدِرُ أَن تُنكِرَ أَنتَ وَ لَا مَن عَن يَمِينِكَ يعَنيِ عَمراً هُوَ وَ اللّهِ الرّفِيعُ جَارُهُ الطّوِيلُ عِمَادُهُ دَمّرَ اللّهُ بِهِ الفَسَادَ وَ بَارَ بِهِ الشّركُ وَ وَضَعَ بِهِ الشّيطَانَ وَ أَولِيَاءَهُ وَ ضَعضَعَ بِهِ الجَورَ وَ أَظهَرَ بِهِ العَدلَ وَ نَطَقَ زَعِيمُ الدّينِ وَ أَطَابَ المَورِدَ وَ أَضحَي الداّجيَِ وَ انتَصَرَ بِهِ المَظلُومُ وَ هَدَمَ بِهِ بُنيَانَ النّفَاقِ وَ انتَقَمَ بِهِ مِنَ الظّالِمِينَ وَ أَعَزّ بِهِ المُسلِمِينَ كَرِيحِ رَحمَةٍ أَثَارَت سَحَاباً مُتَفَرّقاً بَعضَهَا إِلَي بَعضٍ حَتّي التَحَمَ وَ استَحكَمَفَاستَغلَظَ فَاستَوي ثُمّ تَجَاوَبَت نَوَاتِقُهُ وَ تَلَألَأَت بَوَارِقُهُ وَ استَرعَدَ خَرِيرُ مَائِهِ فَأَسقَي وَ أَروَي عَطشَانَهُ وَ تَدَاعَت جِنَانُهُ وَ استَقَلّت بِهِ أَركَانُهُ وَ استَكثَرَت وَابِلُهُ وَ دَامَ رُزَازُهُ وَ تَتَابَعَ مَهطُولُهُ فَرَوِيَتِ البِلَادُ وَ اخضَرّت وَ أَزهَرَت ذَلِكَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ سَيّدُ العَرَبِ إِمَامُ الأُمّةِ وَ أَفضَلُهَا وَ أَعلَمُهَا وَ أَجمَلُهَا وَ أَحكَمُهَا أَوضَحَ لِلنّاسِ سِيرَةَ الهُدَي بَعدَ السعّيِ فِي الرّدَي وَ هُوَ وَ اللّهِ إِذَا اشتَبَهَتِ الأُمُورُ وَ هَابَ الجَسُورُ وَ احمَرّتِ الحَدَقُ وَ انبَعَثَ القَلَقُ وَ أَبرَقَتِ البَوَاتِرُ استَربَطَ عِندَ ذَلِكَ جَأشُهُ وَ عَرَفَ بَأسَهُ وَ لَاذَ بِهِ الجَبَانُ الهَلُوعُ فَنَفّسَ كُربَتَهُ وَ حمَيَِ حِمَايَتَهُ مُستَغنٍ بِرَأيِهِ عَن مَشُورَةِ ذوَيِ الأَلبَابِ برِأَيٍ صَلِيبٍ وَ حِلمٍ أَرِيبٍ مُجِيبٌ لِلصّوَابِ مُصِيبٌ فَأَسكَتَ القَومُ جَمِيعاً وَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بِإِخرَاجِهِ فَأُخرِجَ وَ هُوَ يَقُولُقُل جاءَ الحَقّ وَ زَهَقَ
صفحه : 279
الباطِلُ إِنّ الباطِلَ كانَ زَهُوقاً وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ تُعجِبُهُ الفَصَاحَةُ وَ يصُغيِ لِلمُتَكَلّمِ حَتّي يَفرُغَ مِن كَلَامِهِ
بيان قال الجوهري نتقت الغرب من البئر أي جذبته ونتقت المرأة أي كثر ولدها. و في القاموس الناتق الفاتق والرافع والباسط و من الزناد الواري و من النوق التي تسرع الحمل و من الخيل ألذي ينفض راكبه انتهي . والأكثر مناسب كمايظهر بعدالتأمل . والخرير صوت الماء وتداعي القوم اجتمعوا ورزت السماء صوتت من المطر و كان المهطول بمعني الهاطل أي المطر المتتابع أوالضعيف الدائم والأريب العاقل وأرب الدهر اشتد
544-كشف ،[كشف الغمة] مِن كِتَابِ لُطفِ التّدبِيرِ لِمُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الخَطِيبِ قَالَحكُيَِ أَنّ مُعَاوِيَةَ بنَ أَبِي سُفيَانَ قَالَ لِجُلَسَائِهِ بَعدَ الحُكُومَةِ كَيفَ لَنَا أَن نَعلَمَ مَا تَئُولُ إِلَيهِ العَاقِبَةُ فِي أَمرِنَا قَالَ جُلَسَاؤُهُ مَا نَعلَمُ لِذَلِكَ وَجهاً قَالَ فَأَنَا أَستَخرِجُ عِلمَ ذَلِكَ مِن عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ فَإِنّهُ لَا يَقُولُ البَاطِلَ فَدَعَا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ مِن ثِقَاتِهِ وَ قَالَ لَهُمُ امضُوا حَتّي تَصِيرُوا جَمِيعاً مِنَ الكُوفَةِ عَلَي مَرحَلَةٍ ثُمّ تَوَاطَئُوا عَلَي أَن تنَعوَنيِ بِالكُوفَةِ وَ ليَكُن حَدِيثُكُم وَاحِداً فِي ذِكرِ العِلّةِ وَ اليَومِ وَ الوَقتِ وَ مَوضِعِ القَبرِ وَ مَن تَوَلّي الصّلَاةَ عَلَيهِ وَ غَيرِ ذَلِكَ حَتّي لَا تَختَلِفُوا فِي شَيءٍ ثُمّ ليَدخُل أَحَدُكُم فَليُخبِر بوِفَاَتيِ ثُمّ ليَدخُلِ الثاّنيِ فَيُخبِرُ بِمِثلِهِ ثُمّ
صفحه : 280
ليَدخُلِ الثّالِثُ فَيُخبِرُ بِمِثلِ خَبَرِ صَاحِبَيهِ وَ انظُرُوا مَا يَقُولُ عَلِيّ فَخَرَجُوا كَمَا أَمَرَهُم مُعَاوِيَةُ ثُمّ دَخَلَ أَحَدُهُم وَ هُوَ رَاكِبٌ مُغِذّ شَاحِبٌ فَقَالَ لَهُ النّاسُ بِالكُوفَةِ مِن أَينَ جِئتَ قَالَ مِنَ الشّامِ قَالُوا لَهُ مَا الخَبَرُ قَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ فَأَتَوا عَلِيّاً ع فَقَالُوا جَاءَ رَجُلٌ رَاكِبٌ مِنَ الشّامِ يُخبِرُ مِن مَوتِ مُعَاوِيَةَ فَلَم يَحفِل عَلِيّ بِذَلِكَ ثُمّ دَخَلَ الآخَرُ مِنَ الغَدِ وَ هُوَ مُغِذّ فَقَالَ لَهُ النّاسُ مَا الخَبَرُ فَقَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَ خَبّرَ بِمِثلِ مَا خَبّرَ صَاحِبُهُ فَأَتَوا عَلِيّاً ع فَقَالُوا رَجُلٌ رَاكِبٌ يُخبِرُ بِمَوتِ مُعَاوِيَةَ بِمِثلِ مَا أَخبَرَ صَاحِبُهُ وَ لَم يَختَلِف كَلَامُهُمَا فَأَمسَكَ عَلِيّ ع ثُمّ دَخَلَ الآخَرُ فِي اليَومِ الثّالِثِ فَقَالَ النّاسُ مَا وَرَاءَكَ قَالَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ فَسَأَلُوهُ عَمّا شَاهَدَ فَلَم يُخَالِف قَولَ صَاحِبَيهِ فَأَتَوا عَلِيّاً ع فَقَالُوا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ صَحّ هَذَا الخَبَرُ هَذَا رَاكِبٌ ثَالِثٌ قَد خَبّرَ بِمِثلِ خَبَرِ صَاحِبَيهِ فَلَمّا كَثُرُوا عَلَيهِ قَالَ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ كَلّا أَو تُخضَبَ هَذِهِ مِن هَذِهِ يعَنيِ لِحيَتَهُ مِن هَامَتِهِ وَ يَتَلَاعَبُ بِهَا ابنُ آكِلَةِ الأَكبَادِ فَرَجَعَ الخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَي مُعَاوِيَةَ
بيان الإغذاذ في السير الإسراع الشاحب المتغير أي كان عليه لون السفر قوله ع ويتلاعب بها أي بالخلافة والرئاسة
545-إِرشَادُ القُلُوبِ،بِإِسنَادِهِ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ البَاقِرِ ع قَالَبَينَمَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَتَجَهّزُ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ يُحَرّضُ النّاسَ عَلَي قِتَالِهِ إِذِ اختَصَمَ إِلَيهِ رَجُلَانِ فِي فِعلٍ فَعَجّلَ أَحَدُهُمَا فِي الكَلَامِ وَ زَادَ فِيهِ فَالتَفَتَ إِلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ قَالَ لَهُ اخسَأ فَإِذَا رَأسُهُ رَأسُ الكَلبِ فَبُهِتَ مَن حَولَهُ وَ أَقبَلَ الرّجُلُ بِإِصبَعِهِ المُسَبّحَةِ يَتَضَرّعُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ يَسأَلُهُ الإِقَالَةَ فَنَظَرَ إِلَيهِ وَ حَرّكَ شَفَتَيهِ فَعَادَ كَمَا كَانَ خَلقاً سَوِيّاً فَوَثَبَ إِلَيهِ بَعضُ أَصحَابِهِ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ هَذِهِ القُدرَةُ لَكَ كَمَا رَأَينَا وَ أَنتَ تُجَهّزُ
صفحه : 281
إِلَي مُعَاوِيَةَ فَمَا بَالُكَ لَا تَكفِينَاهُ بِبَعضِ مَا أَعطَاكَ اللّهُ مِن هَذِهِ القُدرَةِ فَأَطرَقَ قَلِيلًا وَ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَيهِم وَ قَالَ وَ ألّذِي فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ لَو شِئتُ أَن أَضرِبَ برِجِليِ هَذِهِ القَصِيرَةِ فِي طُولِ هَذِهِ الفيَاَفيِ وَ الفَلَوَاتِ وَ الجِبَالِ وَ الأَودِيَةِ حَتّي أَضرِبَ بِهَا صَدرَ مُعَاوِيَةَ عَلَي سَرِيرِهِ فَأَقلِبَهُ عَلَي أُمّ رَأسِهِ لَفَعَلتُ وَ لَو أَقسَمتُ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ أَن أوُتيَِ بِهِ قَبلَ أَن أَقُومُ مِن مجَلسِيِ هَذَا وَ قَبلَ أَن يَرتَدّ إِلَي أَحَدٍ مِنكُم طَرفُهُ لَفَعَلتُ وَ لَكِنّا كَمَا وَصَفَ اللّهُ تَعَالَي فِي كِتَابِهِعِبادٌ مُكرَمُونَ لا يَسبِقُونَهُ بِالقَولِ وَ هُم بِأَمرِهِ يَعمَلُونَ
بيان قال الجوهري خسأت الكلب خسأ طردته وخسأ الكلب نفسه يتعدي و لايتعدي
546-إِرشَادُ القُلُوبِ،بِإِسنَادِهِ إِلَي مِيثَمٍ التّمّارِ قَالَخَطَبَ بِنَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي جَامِعِ الكُوفَةِ فَأَطَالَ فِي خُطبَتِهِ وَ أَعجَبَ النّاسَ تَطوِيلُهَا وَ حُسنُ وَعظِهَا وَ تَرغِيبُهَا وَ تَرهِيبُهَا وَ إِذ دَخَلَ نَذِيرٌ مِن نَاحِيَةِ الأَنبَارِ مُستَغِيثاً يَقُولُ اللّهَ اللّهَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فِي رَعِيّتِكَ وَ شِيعَتِكَ هَذِهِ خَيلُ مُعَاوِيَةَ قَد شَنّت عَلَينَا الغَارَةَ فِي سَوَادِ الفُرَاتِ مَا بَينَ هِيتَ وَ الأَنبَارِ فَقَطَعَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الخُطبَةَ وَ قَالَ وَيحَكَ بَعضُ خَيلِ مُعَاوِيَةَ قَد دَخَلَ الدّسكَرَةَ التّيِ تلَيِ جُدرَانَ الأَنبَارِ فَقَتَلُوا فِيهَا سَبعَ نِسوَةٍ وَ سَبعَةً مِنَ الأَطفَالِ ذُكرَاناً وَ سَبعَةً إِنَاثاً وَ شَهَرُوا بِهِم وَ وَطَئُوهُم بِحَوَافِرِ الخَيلِ وَ قَالُوا هَذِهِ مُرَاغَمَةً لأِبَيِ تُرَابٍ فَقَامَ اِبرَاهِيمُ بنُ الحَسَنِ الأزَديِّ بَينَ يدَيَِ المِنبَرِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ هَذِهِ القُدرَةُ التّيِ رَأَيتَ بِهَا وَ أَنتَ عَلَي مِنبَرِكَ أَنّ فِي دَارِكَ خَيلُ مُعَاوِيَةَ بنِ آكِلَةِ الأَكبَادِ وَ مَا فَعَلَ بِشِيعَتِكَ وَ لَم يَعلَم بِهَا هَذَا فَلِمَ تغُضيِ عَن مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ وَيحَكَ يَا اِبرَاهِيمُلِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَ يَحيي مَن حيَّ عَن بَيّنَةٍفَصَاحَ النّاسُ مِن جَوَانِبِ المَسجِدِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَإِلَي مَتَي يَهلِكُ مَن هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَ يَحيَا مَن حيَّ عَن بَيّنَةٍ وَ شِيعَتُكَ تَهلِكُ فَقَالَ لَهُم
صفحه : 282
ليِقَضيَِ اللّهُ أَمراً كانَ مَفعُولًافَصَاحَ زَيدُ بنُ كَثِيرٍ المرُاَديِّ وَ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ تَقُولُ بِالأَمسِ وَ أَنتَ تُجَهّزُ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ تُحَرّضُنَا عَلَي قِتَالِهِ وَ يَحتَكِمُ إِلَيكَ الرّجُلَانِ فِي الفِعلِ فَتَعَجّلَ عَلَيكَ أَحَدُهُمَا فِي الكَلَامِ فَتَجعَلُ رَأسَهُ رَأسَ الكَلبِ فَيَستَجِيرُ بِكِ فَتَرُدّهُ بَشَراً سَوِيّاً وَ نَقُولُ لَكَ مَا بَالُ هَذِهِ القُدرَةِ لَا تَبلُغُ مُعَاوِيَةَ فَتَكفِيَنَا شَرّهُ فَتَقُولُ لَنَا وَ فَالِقِ الحَبّةِ وَ باَرِئِ النّسَمَةِ لَو شِئتُ أَن أَضرِبَ برِجِليِ هَذِهِ القَصِيرَةِ صَدرَ مُعَاوِيَةَ فَأَقلِبَهُ عَلَي أُمّ رَأسِهِ لَفَعَلتُ فَمَا بَالُكَ لَا تَفعَلُ مَا تُرِيدُ إِلّا أَن تُضَعّفَ نُفُوسَنَا فَنَشُكّ فِيكَ فَنَدخُلَ النّارَ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَأَفعَلَنّ ذَلِكَ وَ لَأَعجِلَنّهُ عَلَي ابنِ هِندٍ فَمَدّ رِجلَهُ عَلَي مِنبَرِهِ فَخَرَجَت عَن أَبوَابِ المَسجِدِ وَ رَدّهَا إِلَي فَخِذِهِ وَ قَالَ مَعَاشِرَ النّاسِ أَقِيمُوا تَارِيخَ الوَقتِ وَ أَعلِمُوهُ فَقَد ضَرَبتُ برِجِليِ هَذِهِ السّاعَةَ صَدرَ مُعَاوِيَةَ فَقَلّبتُهُ عَن سَرِيرِهِ عَلَي أُمّ رَأسِهِ فَظَنّ أَنّهُ قَد أُحِيطَ بِهِ فَصَاحَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَأَينَ النّظِرَةُ فَرَدَدتُ رجِليِ عَنهُ وَ تَوَقّعَ النّاسُ وُرُودَ الخَبَرِ مِنَ الشّامِ وَ عَلِمُوا أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَا يَقُولُ إِلّا حَقّاً فَوَرَدَتِ الأَخبَارُ وَ الكُتُبُ بِتَارِيخِ تِلكَ السّاعَةِ بِعَينِهَا مِن ذَلِكَ اليَومِ بِعَينِهِ أَنّ رِجلًا جَاءَت مِن نَاحِيَةِ الكُوفَةِ مَمدُودَةً مُتّصِلَةً فَدَخَلَت مِن إِيوَانِ مُعَاوِيَةَ وَ النّاسُ يَنظُرُونَ حَتّي ضَرَبَت صَدرَهُ فَقَلّبَتهُ عَن سَرِيرِهِ عَلَي أُمّ رَأسِهِ فَصَاحَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ أَينَ النّظِرَةُ وَ رُدّت تِلكَ الرّجلُ عَنهُ وَ عَلِمَ النّاسُ مَا قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع حَقّاً
بيان قال الفيروزآبادي أغضي أدني الجفون و علي الشيء سكت
547-بشا،[بشارة المصطفي ] الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ بنِ بَابَوَيهِ عَن عَمّهِ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن
صفحه : 283
أَبِيهِ الحُسَينِ بنِ الحُسَينِ عَن عَمّهِ أَبِي جَعفَرِ بنِ بَابَوَيهِ عَنِ الطاّلقَاَنيِّ عَنِ الجلَوُديِّ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ مُحَمّدٍ عَن رَجَاءِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَخَطَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع بِالكُوفَةِ عِندَ مُنصَرَفِهِ مِن نَهرَوَانَ وَ بَلَغَهُ أَنّ مُعَاوِيَةَ يَسُبّهُ وَ يَعِيبُهُ وَ يَقتُلُ أَصحَابَهُ فَقَامَ خَطِيباً فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ صَلّي عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ ذَكَرَ مَا أَنعَمَ اللّهُ عَلَي نَبِيّهِ وَ عَلَيهِ ثُمّ قَالَ لَو لَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللّهِ مَا ذَكَرتُ مَا أَنَا ذَاكِرُهُ فِي مقَاَميِ هَذَا يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ أَمّا بِنِعمَةِ رَبّكَ فَحَدّث أللّهُمّ لَكَ الحَمدُ عَلَي نِعَمِكَ التّيِ لَا تُحصَي وَ فَضلِكَ ألّذِي لَا يُنسَي أَيّهَا النّاسُ إِنّهُ بلَغَنَيِ مَا بلَغَنَيِ وَ إنِيّ أرَاَنيِ قَدِ اقتَرَبَ أجَلَيِ وَ كأَنَيّ بِكُم وَ قَد جَهِلتُم أمَريِ وَ إنِيّ تَارِكٌ فِيكُم مَا تَرَكَهُ رَسُولُ اللّهِص كِتَابَ اللّهِ وَ عتِرتَيِ وَ هيَِ عِترَةُ الهاَديِ إِلَي النّجَاةِ خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَ سَيّدِ النّجَبَاءِ وَ النّبِيّ المُصطَفَي يَا أَيّهَا النّاسُ لَعَلّكُم لَا تَسمَعُونَ قَائِلًا يَقُولُ مِثلَ قوَليِ بعَديِ إِلّا مُفتَرِياً أَنَا أَخُو رَسُولِ اللّهِ وَ ابنُ عَمّهِ وَ سَيفُ نَقِمَتِهِ وَ عِمَادُ نُصرَتِهِ وَ بَأسُهُ وَ شِدّتُهُ أَنَا رَحَي جَهَنّمَ الدّائِرَةُ وَ أَضرَاسُهَا الطّاحِنَةُ أَنَا مُؤتِمُ البَنِينَ وَ البَنَاتِ وَ قَابِضُ الأَروَاحِ وَ بَأسُ اللّهِ ألّذِي لَا يَرُدّهُ عَنِ القَومِ المُجرِمِينَ أَنَا مُجَدّلُ الأَبطَالِ وَ قَاتِلُ الفُرسَانِ وَ مُبِيرُ مَن كَفَرَ بِالرّحمَنِ وَ صِهرُ خَيرِ الأَنَامِ أَنَا سَيّدُ الأَوصِيَاءِ وَ وصَيِّ خَيرِ الأَنبِيَاءِ أَنَا بَابُ مَدِينَةِ العِلمِ وَ خَازِنُ عِلمِ رَسُولِ اللّهِص وَ وَارِثُهُ أَنَا زَوجُ البَتُولِ سَيّدَةِ نِسَاءِ العَالَمِينَ فَاطِمَةَ التّقِيّةِ الزّكِيّةِ البَرّةِ المَهدِيّةِ حَبِيبَةِ حَبِيبِ اللّهِ وَ خَيرِ بَنَاتِهِ وَ سُلَالَتِهِ وَ رَيحَانَةِ رَسُولِ اللّهِص سِبطَاهُ خَيرُ الأَسبَاطِ وَ ولَدَاَيَ خَيرُ الأَولَادِ هَل أَحَدٌ يُنكِرُ مَا أَقُولُ أَينَ مُسلِمُو أَهلِ الكِتَابِ أَنَا اسميِ فِي الإِنجِيلِ إِليَا وَ فِي التّورَاةِ بريها وَ فِي الزّبُورِ أري وَ عِندَ الهِندِ كلبن وَ عِندَ الرّومِ بطريسا وَ عِندَ الفُرسِ جبير وَ عِندَ التّركِ تيبر وَ عِندَ الزّنجِ خبير وَ عِندَ الكَهَنَةِ بوي وَ عِندَ الحَبَشَةِ تبريك وَ عِندَ أمُيّ حَيدَرَةُ وَ عِندَ ظئِريِ مَيمُونٌ وَ عِندَ العَرَبِ عَلِيّ وَ عِندَ الأَرمَنِ فريق وَ عِندَ أَبِي زُهَيرٌ
صفحه : 284
أَلَا وَ إنِيّ مَخصُوصٌ فِي القُرآنِ بِأَسمَاءٍ احذَرُوا أَن تَغلِبُوا عَلَيهَا فَتَضِلّوا فِي دِينِكُم يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ أَنَا ذَلِكَ الصّادِقُ وَ أَنَا المُؤَذّنُ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ وَ قَالَ اللّهُ تَعَالَيفَأَذّنَ مُؤَذّنٌ بَينَهُم أَن لَعنَةُ اللّهِ عَلَي الظّالِمِينَ أَنَا ذَلِكَ المُؤَذّنُ وَ قَالَوَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَنَا ذَلِكَ الأَذَانُ وَ أَنَا المُحسِنُ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ إِنّ اللّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ وَ أَنَا ذُو القَلبِ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّإِنّ فِي ذلِكَ لَذِكري لِمَن كانَ لَهُ قَلبٌ وَ أَنَا الذّاكِرُ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّالّذِينَ يَذكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلي جُنُوبِهِم وَ نَحنُ أَصحَابُ الأَعرَافِ أَنَا وَ عمَيّ وَ أخَيِ وَ ابنُ عمَيّ وَ اللّهِ فَالِقِ الحَبّةِ وَ النّوَي لَا يَلِجُ النّارَ لَنَا مُحِبّ وَ لَا يَدخُلُ الجَنّةَ لَنَا مُبغِضٌ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ عَلَي الأَعرافِ رِجالٌ يَعرِفُونَ كُلّا بِسِيماهُم وَ أَنَا الصّهرُ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهراً وَ أَنَا الأُذُنُ الوَاعِيَةُ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ وَ أَنَا السّالِمُ لِرَسُولِ اللّهِص يَقُولُ اللّهُوَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ وَ مِن ولُديِ مهَديِّ هَذِهِ الأُمّةِ أَلَا وَ قَد جَعَلتُ مِحنَتَكُم ببِغُضيِ يُعرَفُ المُنَافِقُونَ وَ بمِحَبَتّيِ امتُحِنَ المُؤمِنُونَ هَذَا عَهدُ النّبِيّ الأمُيّّ أَلَا إِنّهُ لَا يُحِبّكُم إِلّا مُؤمِنٌ وَ لَا يُبغِضُكُم إِلّا مُنَافِقٌ
صفحه : 285
وَ أَنَا صَاحِبُ لِوَاءِ رَسُولِ اللّهِ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ وَ رَسُولُ اللّهِ فرَطَيِ وَ أَنَا فَرَطُ شيِعتَيِ وَ اللّهِ لَا عَطِشَ محُبِيّ وَ لَا خَافَ ولَيِيّ أَنَا ولَيِّ المُؤمِنِينَ وَ اللّهُ ولَيِيّ وَ حَسِبَ محُبِيّ أَن يُحِبّوا مَا أَحَبّ اللّهُ وَ حَسِبَ مبُغضِيِ أَن يُبغِضُوا مَن أَحَبّ اللّهُ أَلَا وَ إِنّهُ بلَغَنَيِ أَنّ مُعَاوِيَةَ سبَنّيِ وَ لعَنَنَيِ أللّهُمّ اشدُد وَطأَتَكَ عَلَيهِ وَ أَنزِلِ اللّعنَةَ عَلَي المُستَحِقّ آمِينَ رَبّ العَالَمِينَ رَبّ إِسمَاعِيلَ وَ بَاعِثَ اِبرَاهِيمَ إِنّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ثُمّ نَزَلَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ عَن أَعوَادِهِ فَمَا عَادَ إِلَيهَا حَتّي قَتَلَهُ ابنُ مُلجَمٍ لَعَنَهُ اللّهُ
548- كا،[الكافي] عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ مَولًي لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع سَأَلَهُ مَالًا فَقَالَ يَخرُجُ عطَاَئيِ فَأُقَاسِمُكَهُ فَقَالَ لَا أكَتفَيِ وَ خَرَجَ إِلَي مُعَاوِيَةَ فَوَصَلَهُ فَكَتَبَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع يُخبِرُهُ بِمَا أَصَابَ مِنَ المَالِ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَمّا بَعدُ فَإِنّ مَا فِي يَدِكَ مِنَ المَالِ قَد كَانَ لَهُ أَهلٌ قَبلَكَ وَ هُوَ صَائِرٌ إِلَي أَهلٍ بَعدَكَ وَ إِنّمَا لَكَ مِنهُ مَا مَهّدتَ لِنَفسِكَ فَآثِر نَفسَكَ عَلَي إِصلَاحِ وُلدِكَ فَإِنّمَا أَنتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَينِ إِمّا رَجُلٍ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ وَ إِمّا رَجُلٍ عَمِلَ فِيهِ بِمَعصِيَةِ اللّهِ فشَقَيَِ بِمَا جَمَعتَ لَهُ وَ لَيسَ مِن هَذَينِ أَحَدٌ بِأَهلٍ أَن تُؤثِرَهُ عَلَي نَفسِكَ وَ لَا تُبَرّدَ لَهُ عَلَي ظَهرِكَ فَارجُ لِمَن مَضَي رَحمَةَ اللّهِ وَ ثِق لِمَن بقَيَِ بِرِزقِ اللّهِ
بيان قال في النهاية برد لي علي فلان حق أي ثبت
549-ختص ،[الإختصاص ]كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ
صفحه : 286
بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ أَمّا بَعدُ يَا عَلِيّ لَأَضرِبَنّكَ بِشِهَابٍ قَاطِعٍ لَا يُذَكّيهِ الرّيحُ وَ لَا يُطفِيهِ المَاءُ إِذَا اهتَزّ وَقَعَ وَ إِذَا وَقَعَ نَقَبَ وَ السّلَامُ فَلَمّا قَرَأَ عَلِيّ ع كِتَابَهُ دَعَا بِدَوَاةٍ وَ قِرطَاسٍ ثُمّ كَتَبَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ أَمّا بَعدُ يَا مُعَاوِيَةُ فَقَد كَذَبتَ أَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ أَنَا أَبُو الحَسَنِ وَ الحُسَينِ قَاتِلُ جَدّكَ وَ عَمّكَ وَ خَالِكَ وَ أَبِيكَ وَ أَنَا ألّذِي أَفنَيتُ قَومَكَ فِي يَومِ بَدرٍ وَ يَومِ فَتحٍ وَ يَومِ أُحُدٍ وَ ذَلِكَ السّيفُ بيِدَيِ يَحمِلُهُ ساَعدِيِ بِجُرأَةِ قلَبيِ كَمَا خَلّفَهُ النّبِيّص بِكَفّ الوصَيِّ لَم أَستَبدِل بِاللّهِ رَبّاً وَ بِمُحَمّدٍ نَبِيّاً وَ بِالسّيفِ بَدَلًا وَ السّلَامُ عَلَي مَنِ اتّبَعَ الهُدَي ثُمّ طَوَي الكِتَابَ وَ دَعَا الطّرِمّاحَ بنَ عدَيِّ الطاّئيِّ وَ كَانَ رَجُلًا مُفَوّهاً طِوَالًا فَقَالَ لَهُ خُذ كتِاَبيِ هَذَا فَانطَلِق بِهِ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ رُدّ جَوَابَهُ فَأَخَذَ الطّرِمّاحُ الكِتَابَ وَ دَعَا بِعِمَامَةٍ فَلَبِسَهَا فَوقَ قَلَنسُوَتِهِ ثُمّ رَكِبَ جَمَلًا بَازِلًا فَتِيقاً مُشرِفاً عَالِياً فِي الهَوَاءِ فَسَارَ حَتّي نَزَلَ مَدِينَةَ دِمَشقَ فَسَأَلَ عَن قُوّادِ مُعَاوِيَةَ فَقِيلَ لَهُ مَن تُرِيدُ مِنهُم فَقَالَ أُرِيدُ جَروَلًا وَ جَهضَماً وَ صَلَادَةً وَ قِلَادَةً وَ سَوَادَةً وَ صَاعِقَةً وَ أَبَا المَنَايَا وَ أَبَا الحُتُوفِ وَ أَبَا الأَعوَرِ السلّمَيِّ وَ عَمرَو بنَ العَاصِ وَ شِمرَ بنَ ذيِ الجَوشَنِ وَ الهدَيَ بنَ مُحَمّدِ بنِ الأَشعَثِ الكنِديِّ فَقِيلَ إِنّهُم مُجتَمِعُونَ عِندَ بَابِ الخَضرَاءِ فَنَزَلَ وَ عَقَلَ بَعِيرَهُ وَ تَرَكَهُم حَتّي اجتَمَعُوا فَرَكِبَ إِلَيهِم فَلَمّا بَصُرُوا بِهِ قَامُوا إِلَيهِ يَهزَءُونَ بِهِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنهُم يَا أعَراَبيِّ عِندَكَ خَبَرٌ مِنَ السّمَاءِ قَالَ نَعَم جَبرَائِيلُ فِي السّمَاءِ وَ مَلَكُ المَوتِ فِي الهَوَاءِ وَ عَلِيّ فِي القَفَاءِ فَقَالَ لَهُ يَا أعَراَبيِّ مِن أَينَ أَقبَلتَ قَالَ مِن عِندِ التقّيِّ النقّيِّ إِلَي المُنَافِقِ الردّيِّ قَالَ لَهُ يَا أعَراَبيِّ فَمَا تَنزِلُ إِلَي الأَرضِ حَتّي نُشَاوِرَكَ قَالَ وَ اللّهِ مَا فِي مُشَاوَرَتِكُم بَرَكَةٌ وَ لَا مثِليِ يُشَاوِرُ أَمثَالَكُم قَالُوا يَا أعَراَبيِّ فَإِنّا نَكتُبُ إِلَي يَزِيدَ بِخَبَرِكَ وَ كَانَ يَزِيدُ يَومَئِذٍ ولَيِّ عَهدِهِم فَكَتَبُوا إِلَيهِ أَمّا بَعدُ يَا يَزِيدُ فَقَد قَدِمَ عَلَينَا مِن عِندِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أعَراَبيِّ لَهُ لِسَانٌ يَقُولُ فَمَا يَمَلّ وَ يُكثِرُ فَلَا يَكِلّ وَ السّلَامُ فَلَمّا قَرَأَ يَزِيدُ الكِتَابَ أَمَرَ أَن يُهَوّلَ عَلَيهِ وَ أَن يُقَامَ لَهُ سِمَاطَانِ بِالبَابِ بِأَيدِيهِم أَعمِدَةُ الحَدِيدِ فَلَمّا تَوَسّطَهُمُ الطّرِمّاحُ قَالَ مَن هَؤُلَاءِ كَأَنّهُم زَبَانِيَةُ مَالِكٍ فِي ضِيقِ المَسَالِكِ
صفحه : 287
عِندَ تِلكَ الهَوَالِكِ قَالُوا اسكُت هَؤُلَاءِ أُعِدّوا لِيَزِيدَ فَلَم يَلبَث أَن خَرَجَ يَزِيدُ فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِ قَالَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا أعَراَبيِّ قَالَ اللّهُالسّلامُ المُؤمِنُ المُهَيمِنُ عَلَي وَلَدِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ قَالَ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ يَقرَأُ عَلَيكَ السّلَامَ قَالَ سَلَامُهُ معَيِ مِنَ الكُوفَةِ قَالَ إِنّهُ يَعرِضُ عَلَيكَ الحَوَائِجَ قَالَ أَمّا أَوّلُ حاَجتَيِ إِلَيهِ فَنَزعُ رُوحِهِ مِن بَينِ جَنبَيهِ وَ أَن يَقُومَ مِن مَجلِسِهِ حَتّي يَجلِسَ فِيهِ مَن هُوَ أَحَقّ بِهِ وَ أَولَي مِنهُ قَالَ لَهُ يَا أعَراَبيِّ فَإِنّا نَدخُلُ عَلَيهِ فَمَا فِيكَ حِيلَةٌ قَالَ لِذَلِكَ قَدِمتُ فَاستَأذَنَ لَهُ عَلَي أَبِيهِ فَلَمّا دَخَلَ عَلَي مُعَاوِيَةَ وَ نَظَرَ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ السّرِيرِ قَالَ السّلَامُ عَلَيكَ أَيّهَا المَلِكُ قَالَ وَ مَا مَنَعَكَ أَن تَقُولَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ نَحنُ المُؤمِنُونَ فَمَن أَمّرَكَ عَلَينَا فَقَالَ ناَولِنيِ كِتَابَكَ قَالَ إنِيّ لَأَكرَهُ أَن أَطَأَ بِسَاطَكَ قَالَ فَنَاوِلهُ وزَيِريِ قَالَ خَانَ الوَزِيرُ وَ ظَلَمَ الأَمِيرُ قَالَ فَنَاوِلهُ غلُاَميِ قَالَ غُلَامُ سَوءٍ اشتَرَاهُ مَولَاهُ مِن غَيرِ حِلّ وَ استَخدَمَهُ فِي غَيرِ طَاعَةِ اللّهِ قَالَ فَمَا الحِيلَةُ يَا أعَراَبيِّ قَالَ مَا يَحتَالُ مُؤمِنٌ مثِليِ لِمُنَافِقٍ مِثلِكَ قُم صَاغِراً فَخُذهُ فَقَامَ مُعَاوِيَةُ صَاغِراً فَتَنَاوَلَ مِنهُ ثُمّ فَضّهُ وَ قَرَأَهُ ثُمّ قَالَ يَا أعَراَبيِّ كَيفَ خَلّفتَ عَلِيّاً قَالَ خَلّفتُهُ وَ اللّهِ جَلَداً حَرِباً ضَابِطاً كَرِيماً شُجَاعاً جَوَاداً لَم يَلقَ جَيشاً إِلّا هَزَمَهُ وَ لَا قَرناً إِلّا أَردَأَهُ وَ لَا قَصراً إِلّا هَدَمَهُ قَالَ فَكَيفَ خَلّفتَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ قَالَ خَلّفتُهُمَا صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِمَا صَحِيحَينِ فَصِيحَينِ كَرِيمَينِ شُجَاعَينِ جَوَادَينِ شَابّينِ طَرِيّينِ يَصلُحَانِ لِلدّنيَا وَ الآخِرَةِ قَالَ فَكَيفَ خَلّفتَ أَصحَابَ عَلِيّ قَالَ خَلّفتُهُم وَ عَلِيّ بَينَهُم كَالبَدرِ وَ هُم كَالنّجُومِ إِن أَمَرَهُمُ ابتَدَرُوا وَ إِن نَهَاهُمُ ارتَدَعُوا فَقَالَ لَهُ يَا أعَراَبيِّ مَا أَظُنّ بِبَابِ عَلِيّ أَحَداً أَعلَمَ مِنكَ قَالَ وَيلَكَ استَغفِر رَبّكَ وَ صُم سَنَةً كَفّارَةً لِمَا قُلتَ كَيفَ لَو رَأَيتَ الفُصَحَاءَ الأُدَبَاءَ النّطَقَاءَ وَ وَقَعتَ فِي بَحرِ عُلُومِهِم غَرِقتَ يَا شقَيِّ قَالَ الوَيلُ لِأُمّكِ قَالَ بَل طُوبَي لَهَا وَلَدَت مُؤمِناً يَغمِزُ مُنَافِقاً مِثلَكَ قَالَ لَهُ يَا أعَراَبيِّ هَل لَكَ فِي جَائِزَةٍ قَالَ أَرَي استِنقَاصَ رُوحِكَ فَكَيفَ لَا أَرَي استِنقَاصَ مَالِكَ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلفِ دِرهَمٍ فَقَالَ أَزِيدُكَ يَا أعَراَبيِّ قَالَ أَسدِ يَداً سُد أَبَداً فَأَمَرَ لَهُ
صفحه : 288
بِمِائَةِ أَلفٍ أُخرَي فَقَالَ ثَلّثهَا فَإِنّ اللّهَ فَردٌ ثُمّ ثَلّثَهَا فَقَالَ الآنَ مَا تَقُولُ قَالَ أَحمَدُ اللّهَ وَ أَذُمّكَ قَالَ وَ لِمَ وَيلَكَ قَالَ لِأَنّهُ لَم يَكُن لَكَ وَ لَا لِأَبِيكَ مِيرَاثاً إِنّمَا هُوَ مِن بَيتِ مَالِ المُسلِمِينَ أَعطَيتَنِيهِ ثُمّ أَقبَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَي كَاتِبِهِ فَقَالَ اكتُب للِأعَراَبيِّ جَوَاباً فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ فَكَتَبَ أَمّا بَعدُ يَا عَلِيّ فَلَأُوَجّهَنّ إِلَيكَ بِأَربَعِينَ حِملًا مِن خَردَلٍ مَعَ كُلّ خَردَلَةٍ أَلفُ مُقَاتِلٍ يَشرَبُونَ الدّجلَةَ وَ يَسقُونَ الفُرَاتَ فَلَمّا نَظَرَ الطّرِمّاحُ إِلَي مَا كَتَبَ بِهِ الكَاتِبُ أَقبَلَ عَلَي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ سَوأَةٌ لَكَ يَا مُعَاوِيَةُ فَلَا أدَريِ أَيّكُمَا أَقَلّ حَيَاءً أَنتَ أَم كَاتِبُكَ وَيلَكَ لَو جَمَعَتِ الجِنّ وَ الإِنسُ وَ أَهلُ الزّبُورِ وَ الفُرقَانِ كَانُوا لَا يَقُولُونَ بِمَا قُلتَ قَالَ مَا كَتَبَهُ عَن أمَريِ قَالَ إِن لَم يَكُن كَتَبَهُ عَن أَمرِكَ فَقَدِ استَضعَفَكَ فِي سُلطَانِكَ وَ إِن كَانَ كَتَبَهُ بِأَمرِكَ فَقَدِ استَحيَيتُ لَكَ مِنَ الكَذِبِ أَ مِن أَيّهِمَا تَعتَذِرُ وَ مِن أَيّهِمَا تَعتَبِرُ أَمَا إِنّ لعِلَيِّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ دِيكاً أَشتَرَ جَيّداً أَخضَرَ يَلتَقِطُ الخَردَلَ بِجَيشِهِ فَيَجمَعُهُ فِي حَوصَلَتِهِ قَالَ وَ مَن ذَلِكَ يَا أعَراَبيِّ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بنُ الحَارِثِ الأَشتَرُ ثُمّ أَخَذَ الكِتَابَ وَ الجَائِزَةَ وَ انطَلَقَ بِهِ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَأَقبَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ نَرَي لَو وَجّهتُكُم بِأَجمَعِكُم فِي كُلّ مَا وَجّهَ بِهِ صَاحِبُهُ مَا كُنتُم تُؤَدّونَ عنَيّ عُشرَ عَشِيرِ مَا أَدّي هَذَا عَن صَاحِبِهِ
بيان الطرماح بكسر الطاء والراء وتشديد الميم و قال الجوهري فاه بالكلام علي زنة قال وتفوه لفظ به والمفوه المنطيق و قال بزل البعير فطرنا به أي انشق فهو بازل ذكرا كان أوأنثي و ذلك في السنة التاسعة وربما بزل في السنة الثامنة و قال يقال جمل فتيق إذاانفتق سمنا و في بعض النسخ بالنون قال الجوهري الفنيق الفحل المكرم و قال الجرول الحجارة. والجهضم الضخم الهامة المستدير الوجه والأسد والصلد والصلب الأملس ويحتمل أن تكون تلك أسامي خدمه و أن يكون قال ذلك نبزا واستهزاء والسماط بالكسر الصف من الناس والنخل والجلد الصلابة والجلادة تقول منه
صفحه : 289
جلد الرجل بالضم فهو جلد ذكره الجوهري و قال حرب الرجل بالكسر اشتد غضبه و رجل حرب وأسد حرب أسد يدا سد أبدا أي أعط نعمة تكون أبدا سيدا للقوم والأجيد الحسن العنق أوطويله والأعسر هو ألذي يعمل باليد اليسري ويقال إنه أشد شيءرميا
550-أَقُولُ وَجَدتُ الرّوَايَةَ بِخَطّ بَعضِ الأَفَاضِلِ بِاختِلَافٍ مَا فَأَحبَبتُ إِيرَادَهَا عَلَي هَذَا الوَجهِ أَيضاً قَالَ قَالَ الشّيخُ الأَدِيبُ أَبُو بَكرِ بنُ عَبدِ العَزِيزِ البسُتيِّ بِالأَسَانِيدِ الصّحَاحِ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع لَمّا رَجَعَ مِن وَقعَةِ الجَمَلِ كَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن عَبدِ اللّهِ وَ ابنِ عَبدِ اللّهِ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَمّا بَعدُ فَقَدِ اتّبَعتَ مَا يَضُرّكَ وَ تَرَكتَ مَا يَنفَعُكَ وَ خَالَفتَ كِتَابَ اللّهِ وَ سُنّةَ رَسُولِهِص وَ قَدِ انتَهَي إلِيَّ مَا فَعَلتَ بحِوَاَريِّ رَسُولِ اللّهِص طَلحَةَ وَ الزّبَيرِ وَ أُمّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ فَوَ اللّهِ لَأَرمِيَنّكَ بِشِهَابٍ لَا تُطفِيهِ المِيَاهُ وَ لَا تُزَعزِعُهُ الرّيَاحُ إِذَا وَقَعَ وَقَبَ وَ إِذَا وَقَبَ ثَقَبَ وَ إِذَا ثَقَبَ نَقَبَ وَ إِذَا نَقَبَ التَهَبَ فَلَا تَغُرّنّكَ الجُيُوشُ وَ استَعِدّ لِلحَربِ فإَنِيّ مُلَاقِيكَ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَكَ بِهَا وَ السّلَامُ فَلَمّا وَصَلَ الكِتَابُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَكّهُ وَ قَرَأَهُ وَ دَعَا بِدَوَاةٍ وَ قِرطَاسٍ وَ كَتَبَ إِلَيهِبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن عَبدِ اللّهِ وَ ابنِ عَبدِهِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أخَيِ رَسُولِ اللّهِ وَ ابنِ عَمّهِ وَ وَصِيّهِ وَ مُغَسّلِهِ وَ مُكَفّنِهِ وَ قاَضيِ دَينِهِ وَ زَوجِ ابنَتِهِ البَتُولِ وَ أَبِي سِبطَيهِ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ أَفنَيتُ قَومَكَ يَومَ بَدرٍ وَ قَتَلتُ عَمّكَ وَ خَالَكَ وَ جَدّكَ وَ السّيفُ ألّذِي قَتَلتُهُم بِهِ معَيِ يَحمِلُهُ ساَعدِيِ بِثَبَاتٍ مِن صدَريِ وَ قُوّةٍ مِن بدَنَيِ وَ نُصرَةٍ مِن ربَيّ كَمَا جَعَلَهُ النّبِيّص فِي كفَيّ فَوَ اللّهِ مَا اختَرتُ عَلَي اللّهِ رَبّاً وَ لَا عَلَي الإِسلَامِ دِيناً وَ لَا عَلَي مُحَمّدٍ نَبِيّاً وَ لَا عَلَي السّيفِ بَدَلًا فَبَالِغ مِن رَأيِكَ فَاجتَهِد وَ لَا تَقصُر فَقَدِ استَحوَذَ عَلَيكَ الشّيطَانُ وَ استَفَزّكَ الجَهلُ وَ الطّغيَانُ
صفحه : 290
وَ سَيَعلَمُ الّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَوَ السّلامُ عَلي مَنِ اتّبَعَ الهُدي وَ خشَيَِ عَوَاقِبَ الرّدَي ثُمّ طَوَي الكِتَابَ وَ خَتَمَهُ وَ دَعَا رَجُلًا مِن أَصحَابِهِ يُقَالُ لَهُ الطّرِمّاحُ بنُ عدَيِّ بنِ حَاتِمٍ الطاّئيِّ وَ كَانَ رَجُلًا جَسِيماً طَوِيلًا أَدِيباً لَبِيباً فَصِيحاً لَسِناً مُتَكَلّماً لَا يَكِلّ لِسَانُهُ وَ لَا يَعيَا عَنِ الجَوَابِ فَعَمّمَهُ بِعِمَامَتِهِ وَ دَعَا لَهُ بِجَمَلٍ بَازِلٍ وَثِيقٍ فَائِقٍ أَحمَرَ فَسَوّي رَاحِلَتَهُ وَ وَجّهَهُ إِلَي دِمَشقَ فَقَالَ لَهُ يَا طِرِمّاحُ انطَلِق بكِتِاَبيِ هَذَا إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ وَ خُذِ الجَوَابَ فَأَخَذَ الطّرِمّاحُ الكِتَابَ وَ كَوّرَ بِعِمَامَتِهِ وَ رَكِبَ مَطِيّتَهُ وَ انطَلَقَ حَتّي دَخَلَ دِمَشقَ فَسَأَلَ عَن دَارِ الإِمَارَةِ فَلَمّا وَصَلَ إِلَي البَابِ قَالَ لَهُ الحُجّابُ مَن بُغيَتُكَ قَالَ أُرِيدُ أَصحَابَ الأَمِيرِ أَوّلًا ثُمّ الأَمِيرَ ثَانِياً فَقَالُوا لَهُ مَن تُرِيدُ مِنهُم قَالَ أُرِيدُ جَعشَماً وَ جَروَلًا وَ مُجَاشِعاً وَ بَاقِعاً وَ كَانَ أَرَادَ أَبَا الأَعوَرِ السلّمَيِّ وَ أَبَا هُرَيرَةَ الدوّسيِّ وَ عَمرَو بنَ العَاصِ وَ مَروَانَ بنَ الحَكَمِ فَقَالُوا هُم بِبَابِ الخَضرَاءِ يَتَنَزّهُونَ فِي بُستَانٍ فَانطَلَقَ وَ سَارَ حَتّي أَشرَفَ عَلَي ذَلِكَ المَوضِعِ فَإِذَا قَومٌ بِبَابِهِ فَقَالُوا جَاءَنَا أعَراَبيِّ بدَوَيِّ دُوَينٌ إِلَي السّمَاءِ تَعَالَوا نسَتهَزِئُ بِهِ فَلَمّا وَقَفَ عَلَيهِم قَالُوا يَا أعَراَبيِّ هَل عِندَكَ مِنَ السّمَاءِ خَبَرٌ فَقَالَ بَلَي اللّهُ تَعَالَي فِي السّمَاءِ وَ مَلَكُ المَوتِ فِي الهَوَاءِ وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فِي القَفَاءِ فَاستَعِدّوا لِمَا يَنزِلُ عَلَيكُم مِنَ البَلَاءِ يَا أَهلَ الشّقَاوَةِ وَ الشّقَاءِ قَالُوا مِن أَينَ أَقبَلتَ قَالَ مِن عِندَ حُرّ تقَيِّ نقَيِّ زكَيِّ مُؤمِنٍ رضَيِّ مرَضيِّ فَقَالُوا وَ أَيّ شَيءٍ تُرِيدُ فَقَالَ أُرِيدُ هَذَا الدعّيِّ الردّيِّ المُنَافِقَ المرُديَِ ألّذِي تَزعُمُونَ أَنّهُ أَمِيرُكُم فَعَلِمُوا أَنّهُ رَسُولُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ فَقَالُوا هُوَ فِي هَذَا الوَقتِ مَشغُولٌ قَالَ بِمَا ذَا بِوَعدٍ أَو وَعِيدٍ قَالُوا لَا وَ لَكِنّهُ يُشَاوِرُ أَصحَابَهُ فِيمَا يُلقِيهِ غَداً قَالَ فَسُحقاً لَهُ وَ بُعداً فَكَتَبُوا إِلَي مُعَاوِيَةَ بِخَبَرِهِ أَمّا بَعدُ فَقَد وَرَدَ مِن عِندِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ أعَراَبيِّ بدَوَيِّ فَصِيحٌ لَسِنٌ طَلِقٌ ذَلِقٌ يَتَكَلّمُ فَلَا يَكِلّ وَ يُطِيلُ فَلَا يَمَلّ فَأَعِدّ لِكَلَامِهِ جَوَاباً بَالِغاً وَ لَا تَكُن عَنهُ غَافِلًا وَ لَا سَاهِياً وَ السّلَامُ
صفحه : 291
فَلَمّا عَلِمَ الطّرِمّاحُ بِذَلِكَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَ نَزَلَ عَنهَا وَ عَقَلَهَا وَ جَلَسَ مَعَ القَومِ الّذِينَ يَتَحَدّثُونَ فَلَمّا بَلَغَ الخَبَرُ إِلَي مُعَاوِيَةَ أَمَرَ ابنَهُ يَزِيدَ أَن يَخرُجَ وَ يَضرِبَ المَصَافّ عَلَي بَابِ دَارِهِ فَخَرَجَ يَزِيدُ وَ كَانَ عَلَي وَجهِهِ أَثَرُ ضَربَةٍ فَإِذَا تَكَلّمَ كَانَ جَهِيرَ الصّوتِ فَأَمَرَ بِضَربِ المَصَافّ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ قَالُوا لِلطّرِمّاحِ هَل لَكَ أَن تَدخُلَ عَلَي بَابِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ فَقَالَ لِهَذَا جِئتُ وَ بِهِ أُمِرتُ فَقَامَ إِلَيهِ وَ مَشَي فَلَمّا رَأَي أَصحَابَ المَصَافّ وَ عَلَيهِم ثِيَابٌ سُودٌ فَقَالَ مَن هَؤُلَاءِ القَومُ كَأَنّهُم زَبَانِيَةٌ لِمَالِكٍ عَلَي ضِيقِ المَسَالِكِ فَلَمّا دَنَا مِن يَزِيدَ نَظَرَ إِلَيهِ فَقَالَ مَن هَذَا المَيشُومُ بنُ المَيشُومِ الوَاسِعُ الحُلقُومِ المَضرُوبُ عَلَي الخُرطُومِ فَقَالُوا مَه يَا أعَراَبيِّ ابنُ المَلِكِ يَزِيدُ فَقَالَ وَ مَن يَزِيدُ لَا زَادَ اللّهُ مُزَادَهُ وَ لَا بَلَغَهُ مُرَادَهُ وَ مَن أَبُوهُ كَانَا قُدُماً غَائِصَينِ فِي بَحرِ الجَلَافَةِ وَ اليَومَ استَوَيَا عَلَي سَرِيرِ الخِلَافَةِ فَسَمِعَ يَزِيدُ ذَلِكَ وَ استَشَاطَ وَ هَمّ بِقَتلِهِ غَضَباً ثُمّ كَرِهَ أَن يُحدِثَ دُونَ إِذنِ أَبِيهِ فَلَم يَقتُلهُ خَوفاً مِنهُ وَ كَظَمَ غَيظَهُ وَ خَبّأَ نَارَهُ وَ سَلّمَ عَلَيهِ فَقَالَ يَا أعَراَبيِّ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ يَقرَأُ عَلَيكَ السّلَامَ فَقَالَ سَلَامُهُ معَيِ مِنَ الكُوفَةِ فَقَالَ يَزِيدُ سلَنيِ عَمّا شِئتَ فَقَد أمَرَنَيِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ بِقَضَاءِ حَاجَتِكَ فَقَالَ حاَجتَيِ إِلَيهِ أَن يَقُومَ مِن مَقَامِهِ حَتّي يَجلِسَ مَن هُوَ أَولَي مِنهُ بِهَذَا الأَمرِ قَالَ فَمَا ذَا تُرِيدُ آنِفاً قَالَ الدّخُولَ عَلَيهِ فَأَمَرَ بِرَفعِ الحِجَابِ وَ أَدخَلَهُ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ صَوَاحِبِهِ فَلَمّا دَخَلَ الطّرِمّاحُ وَ هُوَ مُتَنَعّلٌ قَالُوا لَهُ اخلَع نَعلَيكَ فَالتَفَتَ يَمِيناً وَ شِمَالًا ثُمّ قَالَ هَذَا رَبّ الوَادِ المُقَدّسِ فَأَخلَعَ نعَليَّ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ مُعَاوِيَةُ قَاعِدٌ عَلَي السّرِيرِ مَعَ قَوَاعِدِهِ وَ خَاصّتِهِ وَ مَثُلَ بَينَ يَدَيهِ خَدَمُهُ فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكَ أَيّهَا المَلِكُ العاَصيِ فَقَرُبَ إِلَيهِ عَمرُو بنُ العَاصِ فَقَالَ وَيحَكَ يَا أعَراَبيِّ مَا مَنَعَكَ أَن تَدعُوَهُ بِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ فَقَالَ الأعَراَبيِّ ثَكِلَتكَ أُمّكَ يَا أَحمَقُ نَحنُ المُؤمِنُونَ فَمَن أَمّرَهُ عَلَينَا بِالخِلَافَةِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَا مَعَكَ يَا أعَراَبيِّ فَقَالَ كِتَابٌ مَختُومٌ مِن إِمَامٍ مَعصُومٍ فَقَالَ نَاوِلنِيهِ قَالَ أَكرَهُ أَن أَطَأَ بِسَاطَكَ قَالَ نَاوِلهُ وزَيِريِ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَي
صفحه : 292
عَمرِو بنِ العَاصِ فَقَالَ هَيهَاتَ هَيهَاتَ ظَلَمَ الأَمِيرُ وَ خَانَ الوَزِيرُ فَقَالَ نَاوِلهُ ولَدَيِ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَي يَزِيدَ فَقَالَ مَا نَرضَي بِإِبلِيسَ فَكَيفَ بِأَولَادهِ فَقَالَ نَاوِلهُ ممَلوُكيِ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَي غُلَامٍ لَهُ قَائِمٍ عَلَي رَأسِهِ فَقَالَ الأعَراَبيِّ مَملُوكٌ اشتَرَيتَهُ مِن غَيرِ حِلّ وَ تَستَعمِلُهُ فِي غَيرِ حَقّ قَالَ وَيحَكَ يَا أعَراَبيِّ فَمَا الحِيلَةُ وَ كَيفَ نَأخُذُ الكِتَابَ فَقَالَ الأعَراَبيِّ أَن تَقُومَ مِن مَقَامِكَ وَ تَأخُذَهُ بِيَدِكَ عَلَي غَيرِ كُرهٍ مِنكَ فَإِنّهُ كِتَابُ رَجُلٍ كَرِيمٍ وَ سَيّدٍ عَلِيمٍ وَ حِبرٍ حَلِيمٍ بِالمُؤمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَلَمّا سَمِعَ مِنهُ مُعَاوِيَةُ وَثَبَ مِن مَكَانِهِ وَ أَخَذَ مِنهُ الكِتَابَ بِغَضَبٍ وَ فَكّهَ وَ قَرَأَهُ وَ وَضَعَهُ تَحتَ رُكبَتَيهِ ثُمّ قَالَ كَيفَ خَلّفتَ أَبَا الحَسَنِ وَ الحُسَينِ قَالَ خَلّفتُهُ بِحَمدِ اللّهِ كَالبَدرِ الطّالِعِ حَوَالَيهِ أَصحَابُهُ كَالنّجُومِ الثّوَاقِبِ اللّوَامِعِ إِذَا أَمَرَهُم بِأَمرٍ ابتَدَرُوا إِلَيهِ وَ إِذَا نَهَاهُم عَن شَيءٍ لَم يَتَجَاسَرُوا عَلَيهِ وَ هُوَ مِن بَأسِهِ يَا مُعَاوِيَةُ فِي تَجَلّدِ بَطَلٍ شُجَاعٍ سَيّدٍ سَمَيدَعٍ إِن لقَيَِ جَيشاً هَزَمَهُ وَ أَردَاهُ وَ إِن لقَيَِ قَرناً سَلَبَهُ وَ أَفنَاهُ وَ إِن لقَيَِ عَدُوّاً قَتَلَهُ وَ جَزَاهُ قَالَ مُعَاوِيَةُ كَيفَ خَلّفتَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ قَالَ خَلّفتُهُمَا بِحَمدِ اللّهِ شَابّينِ نَقِيّينِ تَقِيّينِ زَكِيّينِ عَفِيفَينِ صَحِيحَينِ سَيّدَينِ طَيّبَينِ فَاضِلَينِ عَاقِلَينِ عَالِمَينِ مُصلِحَينِ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ فَسَكَتَ مُعَاوِيَةُ سَاعَةً فَقَالَ مَا أَفصَحَكَ يَا أعَراَبيِّ قَالَ لَو بَلَغتَ بَابَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع لَوَجَدتَ الأُدَبَاءَ الفُصَحَاءَ البُلَغَاءَ الفُقَهَاءَ النّجَبَاءَ الأَتقِيَاءَ الأَصفِيَاءَ وَ لَرَأَيتَ رِجَالًا سِيمَاهُم فِي وُجُوهِهِم مِن أَثَرِ السّجُودِ حَتّي إِذَا استَعَرتَ نَارَ الوَغَي قَذَفُوا بِأَنفُسِهِم فِي تِلكَ الشّعَلِ لَابِسِينَ القُلُوبَ عَلَي مَدَارِعِهِم قَائِمِينَ لَيلَهُم صَائِمِينَ نَهَارَهُم لَا تَأخُذُهُم فِي اللّهِ وَ لَا فِي ولَيِّ اللّهِ عَلِيّ لَومَةُ لَائِمٍ فَإِذَا أَنتَ يَا مُعَاوِيَةُ رَأَيتَهُم عَلَي هَذِهِ الحَالِ غَرِقتَ فِي بَحرٍ عَمِيقٍ لَا تَنجُو مِن لُجّتِهِ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ لِمُعَاوِيَةَ سِرّاً هَذَا رَجُلٌ أعَراَبيِّ بدَوَيِّ لَو أَرضَيتَهُ بِالمَالِ لَتَكَلّمَ فِيكَ بِخَيرٍ
صفحه : 293
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا أعَراَبيِّ مَا تَقُولُ فِي الجَائِزَةِ أَ تَأخُذُهَا منِيّ أَم لَا قَالَ بَل آخُذُهَا فَوَ اللّهِ أَنَا أُرِيدُ استِقبَاضَ رُوحِكَ مِن جَسَدِكَ فَكَيفَ بِاستِقبَاضِ مَالِكَ مِن خِزَانَتِكَ فَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرهَمٍ ثُمّ قَالَ أَ تُحِبّ أَن أَزِيدَكَ قَالَ زِد فَإِنّكَ لَا تُعطِيهِ مِن مَالِ أَبِيكَ وَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي ولَيِّ مَن يَزِيدُ قَالَ أَعطُوهُ عِشرِينَ أَلفاً قَالَ الطّرِمّاحُ اجعَلهَا وَتراً فَإِنّ اللّهَ تَعَالَي هُوَ الوَترُ وَ يُحِبّ الوَترَ قَالَ أَعطُوهُ ثَلَاثِينَ أَلفاً فَمَدّ الطّرِمّاحُ بَصَرَهُ إِلَي إِيرَادِهِ فَأَبطَأَ عَلَيهِ سَاعَةً فَقَالَ يَا مَلِكُ تسَتهَزِئُ بيِ عَلَي فِرَاشِكَ فَقَالَ لِمَا ذَا يَا أعَراَبيِّ قَالَ إِنّكَ أَمَرتَ لِي بِجَائِزَةٍ لَا أَرَاهَا وَ لَا تَرَاهَا فَإِنّهَا بِمَنزِلَةِ الرّيحِ التّيِ تَهُبّ مِن قُلَلِ الجِبَالِ فَأَحضَرَ المَالَ وَ وَضَعَ بَينَ يدَيَِ الطّرِمّاحِ فَلَمّا قَبَضَ المَالَ سَكَتَ وَ لَم يَتَكَلّم بشِيَءٍ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ يَا أعَراَبيِّ كَيفَ تَرَي جَائِزَةَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ فَقَالَ الأعَراَبيِّ هَذَا مَالُ المُسلِمِينَ مِن خِزَانَةِ رَبّ العَالَمِينَ أَخَذَهُ عَبدٌ مِن عِبَادِ اللّهِ الصّالِحِينَ فَالتَفَتَ مُعَاوِيَةُ إِلَي كَاتِبِهِ وَ قَالَ اكتُب جَوَابَهُ فَوَ اللّهِ لَقَد أَظلَمَتِ الدّنيَا عَلَيّ وَ مَا لِي طَاقَةٌ فَأَخَذَ الكَاتِبُ القِرطَاسَ فَكَتَبَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن عَبدِ اللّهِ وَ ابنِ عَبدِهِ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ أُوَجّهُ إِلَيكَ جُنداً مِن جُنُودِ الشّامِ مُقَدّمَتُهُ بِالكُوفَةِ وَ سَاقَتُهُ بِسَاحِلِ البَحرِ وَ لَأَرمِيَنّكَ بِأَلفِ حِملٍ مِن خَردَلٍ تَحتَ كُلّ خَردَلٍ أَلفُ مُقَاتِلٍ فَإِن أَطفَأتَ نَارَ الفِتنَةِ وَ سَلّمتَ إِلَينَا قَتَلَةَ عُثمَانَ وَ إِلّا فَلَا تَقُل غَالَ ابنُ أَبِي سُفيَانَ وَ لَا يَغُرّنّكَ شَجَاعَةُ أَهلِ العِرَاقِ وَ اتّفَاقُهُم فَإِنّ اتّفَاقَهُم نِفَاقٌ فَمَثَلُهُم كَمَثَلِ الحِمَارِ النّاهِقِ يَمِيلُونَ مَعَ كُلّ نَاعِقٍ وَ السّلَامُ فَلَمّا نَظَرَ الطّرِمّاحُ إِلَي مَا يَخرُجُ تَحتَ قَلَمِهِ قَالَ سُبحَانَ اللّهِ لَا أدَريِ أَيّكُمَا أَكذَبُ أَنتَ بِادّعَائِكَ أَم كَاتِبُكَ فِيمَا كَتَبَ لَوِ اجتَمَعَ أَهلُ الشّرقِ وَ الغَربِ مِنَ الجِنّ وَ الإِنسِ لَم يَقدِرُوا بِهِ عَلَي ذَلِكَ فَنَظَرَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ وَ اللّهِ لَقَد كَتَبَ مِن غَيرِ أمَريِ فَقَالَ إِن كُنتَ لَم تَأمُرهُ فَقَدِ استَضعَفَكَ وَ إِن كُنتَ أَمَرتَهُ فَقَدِ استَفضَحَكَ
صفحه : 294
أَو قَالَ إِن كَتَبَ مِن تِلقَاءِ نَفسِهِ فَقَد خَانَكَ وَ إِن أَمَرتَهُ بِذَلِكَ فَأَنتُمَا خَائِنَانِ كَاذِبَانِ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ ثُمّ قَالَ الطّرِمّاحُ يَا مُعَاوِيَةُ أَظُنّكَ تُهَدّدُ البَطّ بِالشّطّ فَدَعِ الوَعِيدَ فَمَا وَعِيدُكَ ضَائِرٌ أَ طَنِينُ أَجنِحَةِ الذّبَابِ يَضِيرُ وَ اللّهِ إِنّ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع لَدِيكاً عَلِيّ الصّوتِ عَظِيمَ المِنقَارِ يَلتَقِطُ الجَيشَ بِخَيشُومِهِ وَ يَصرِفُهُ إِلَي قَانِصَتِهِ وَ يَحُطّهُ إِلَي حَوصَلَتِهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَ اللّهِ كَذَلِكَ هُوَ مَالِكُ بنُ[الحَارِثِ]الأَشتَرُ النخّعَيِّ ثُمّ قَالَ ارجِع بِسَلَامٍ منِيّ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي خُذِ المَالَ وَ الكِتَابَ وَ انصَرِف فَجَزَاكَ اللّهُ عَن صَاحِبِكَ خَيراً فَأَخَذَ الطّرِمّاحُ الكِتَابَ وَ حَمَلَ المَالَ وَ خَرَجَ مِن عِندِهِ وَ رَكِبَ مَطِيّتَهُ وَ سَارَ ثُمّ التَفَتَ مُعَاوِيَةُ إِلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ لَو أَعطَيتُ جَمِيعَ مَا أَملِكُ لِرَجُلٍ مِنكُم لَم يُؤَدّ عنَيّ عُشرَ عَشِيرِ مَا أَدّي هَذَا الأعَراَبيِّ عَن صَاحِبِهِ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ لَو أَنّ لَكَ قَرَابَةً كَقَرَابَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ كَانَ مَعَكَ الحَقّ كَمَا هُوَ مَعَهُ لَأَدّينَا عَنكَ أَفضَلَ مِن ذَلِكَ أَضعَافاً مُضَاعَفَةً فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَضّ اللّهُ فَاكَ وَ قَطَعَ شَفَتَيكَ وَ اللّهِ لَكَلَامُكَ عَلَيّ أَشَدّ مِن كَلَامِ الأعَراَبيِّ وَ لَقَد ضَاقَت عَلَيّ الدّنيَا بِحَذَافِيرِهَا
توضيح الزعزعة تحريك الرياح لشجرة ونحوها ذكره الفيروزآبادي و قال وقب الظلام دخل والشمس وقبا ووقوبا غابت والوثيق المحكم والمصاف جمع المصف و هوموضع الصف والسميدع بفتح السين والميم بعدها مثناة تحتانية السيد الكريم الشريف السخي الموطأ الأكتاف والشجاع و في الصحاح ضاره يضوره ويضيره ضورا وضيرا أي ضره
551-أَقُولُ نُقِلَ مِن خَطّ الشّهِيدِ قُدّسَ سِرّهُ أَنّهُ قَالَ قَالَ
صفحه : 295
مُعَاوِيَةُ لأِبَيِ المُرَقّعِ الهمَداَنيِّ اشتِم عَلِيّاً قَالَ بَل أَشتِمُ شَاتِمَهُ وَ ظَالِمَهُ قَالَ أَ هُوَ مَولَاكَ قَالَ وَ مَولَاكَ إِن كُنتَ مِنَ المُسلِمِينَ قَالَ فَادعُ عَلَيهِ قَالَ بَل أَدعُو عَلَي مَن هُوَ دُونَهُ قَالَ مَا تَقُولُ فِي قَاتِلِهِ قَالَ هُوَ فِي النّارِ مَعَ مَن سَرّهُ ذَلِكَ قَالَ مَن قَومُكَ قَالَ الزّرّقُ مِن هَمدَانَ الّذِينَ أَسحَبُوكَ يَومَ صِفّينَ
552- وَ مِن خَطّهِ أَيضاً قَالَ رَوَي أَبُو عُمَرَ الزّاهِدُ فِي كِتَابِ فَائِتِ الجَمهَرَةِ أَنّ رَجُلًا سَأَلَ مُعَاوِيَةَ يَومَ صِفّينَ عَن مَسأَلَةٍ فَقَالَ لَهُ سَل عَلِيّاً فَإِنّهُ أَعلَمُ منِيّ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرّجُلُ جَوَابُكَ أَحَبّ إلِيَّ مِن جَوَابِهِ فَقَالَ لَهُ لَقَد كَرِهتَ رَجُلًا رَأَيتُ رَسُولَ اللّهِص يَغُرّهُ بِالعِلمِ غَرّاً وَ لَقَد رَأَيتُ عُمَرَ إِذَا أَشكَلَ عَلَيهِ الشيّءُ قَالَ أَ هَاهُنَا أَبُو الحَسَنِ قُم لَا أَقَامَ اللّهُ رِجلَيكَ وَ مَحَا اسمَهُ مِنَ الدّيوَانِ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَكُنتُ جَالِساً عِندَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَجَاءَنَا الرّجُلُ وَ قَد سَبَقَهُ خَبَرُهُ إِلَينَا فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَد جِئتُكَ مُستَأمِناً فَقَالَ لَهُ أَنتَ صَاحِبُ الكَلَامِ أَنتَ تُعَرّفُ مُعَاوِيَةَ مَن أَنَا فَكَيفَ رَأَيتَ جَوَابَ المُنَافِقِ قُم لَا أَقَامَ اللّهُ رِجلَيكَ فبَقَيَِ مُذَبذَباً
وذكر ابن النديم في الفهرست أن هذا أباعمر كان نهاية في النصب والميل علي علي ع
صفحه : 297
و قدمر بعض ذلك فيما مضي من قصص صفين
553- قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ قَالَ نَصرٌ رَوَي عُمَرُ بنُ سَعدٍ عَن مُجَالِدٍ عَنِ الشعّبيِّ عَن زِيَادِ بنِ النّضرِ أَنّ عَلِيّاً ع بَعَثَ أَربَعَمِائَةٍ عَلَيهِم شُرَيحُ بنُ هَانِئٍ وَ مَعَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ يصُلَيّ بِهِم وَ مَعَهُم أَبُو مُوسَي الأشَعرَيِّ وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ عَمرَو بنَ العَاصِ فِي أَربَعِمِائَةٍ ثُمّ إِنّهُم خَلّوا بَينَ الحَكَمَينِ فَكَانَ رأَيُ عَبدِ اللّهِ بنِ قَيسٍ فِي عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ وَ كَانَ يَقُولُ وَ اللّهِ إِنِ استَطَعتُ لَأُحيِيَنّ سُنّةَ عُمَرَ
قَالَ نَصرٌ وَ فِي حَدِيثِ مُحَمّدِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَنِ الجرُجاَنيِّ قَالَ لَمّا أَرَادَ أَبُو مُوسَي المَسِيرَ قَامَ إِلَيهِ شُرَيحُ بنُ هَانِئٍ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَ قَالَ يَا أَبَا مُوسَي إِنّكَ قَد نُصِبتَ لِأَمرٍ عَظِيمٍ لَا يُجبَرُ صَدعُهُ وَ لَا يُستَقَالُ فِتنَتُهُ وَ مَهمَا تَقُل مِن شَيءٍ عَلَيكَ أَو لَكَ تُثبِت حَقّهُ وَ تَرَي صِحّتَهُ وَ إِن كَانَ بَاطِلًا وَ إِنّهُ لَا بَقَاءَ لِأَهلِ العِرَاقِ إِن
صفحه : 298
مَلِكَهُم مُعَاوِيَةُ وَ لَا بَأسَ عَلَي أَهلِ الشّامِ إِن مَلِكَهُم عَلِيّ وَ قَد كَانَت مِنكَ تَثبِيطَةٌ أَيّامَ الكُوفَةِ وَ الجَمَلِ وَ إِن تُشَفّعهَا بِمِثلِهَا يَكُنِ الظّنّ بِكَ يَقِيناً وَ الرّجَاءُ مِنكَ يَأساً فَقَالَ أَبُو مُوسَي مَا ينَبغَيِ لِقَومٍ اتهّمَوُنيِ أَن يرُسلِوُنيِ لِأَدفَعَ عَنهُم بَاطِلًا أَو أَجُرّ إِلَيهِم حَقّاً
وَ رَوَي المدَاَئنِيِّ فِي كِتَابِ صِفّينَ قَالَ لَمّا اجتَمَعَ أَهلُ العِرَاقِ عَلَي طَلَبِ أَبِي مُوسَي وَ أَحضَرُوهُ لِلتّحكِيمِ عَلَي كُرهٍ مِن عَلِيّ ع لَهُ أَتَاهُ عَبدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ وَ عِندَهُ وُجُوهُ النّاسِ وَ الأَشرَافِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُوسَي إِنّ النّاسَ لَم يَرضَوا بِكَ وَ لَم يَجتَمِعُوا عَلَيكَ لِفَضلٍ لَا تُشَارَكُ فِيهِ وَ مَا أَكثَرَ أَشبَاهَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ المُتَقَدّمِينَ قَبلَكَ وَ لَكِنّ أَهلَ العِرَاقِ أَبَوا إِلّا أَن يَكُونَ الحَكَمُ يَمَانِيّاً وَ رَأَوا أَنّ مُعظَمَ أَهلِ الشّامِ يَمَانٍ وَ ايمُ اللّهِ إنِيّ لَأَظُنّ ذَلِكَ شَرّاً لَكَ وَ لَنَا فَإِنّهُ قَد ضُمّ إِلَيكَ دَاهِيَةُ العَرَبِ وَ لَيسَ فِي مُعَاوِيَةَ خَلّةٌ يَستَحِقّ بِهَا الخِلَافَةَ فَإِن تَقذِف بِحَقّكَ عَلَي بَاطِلِهِ تُدرِك حَاجَتَكَ مِنهُ وَ إِن يَطمَع بَاطِلُهُ فِي حَقّكَ يُدرِك حَاجَتَهُ مِنكَ وَ اعلَم يَا أَبَا مُوسَي أَنّ مُعَاوِيَةَ طَلِيقُ الإِسلَامِ وَ أَنّ أَبَاهُ رَأسُ الأَحزَابِ وَ أَنّهُ يدَعّيِ الخِلَافَةَ مِن غَيرِ مَشُورَةٍ وَ لَا بَيعَةٍ فَإِن زَعَمَ لَكَ أَنّ عُمَرَ وَ عُثمَانَ استَعمَلَاهُ فَلَقَد صَدَقَ استَعمَلَهُ عُمَرُ وَ هُوَ الواَليِ عَلَيهِ بِمَنزِلَةِ الطّبِيبِ يَحمِيهِ مَا يشَتهَيِ وَ يُؤجِرُهُ مَا يَكرَهُ ثُمّ استَعمَلَهُ عُثمَانُ برِأَيِ عُمَرَ وَ مَا أَكثَرَ مَا استَعمَلَا مِمّن لَم يَدّعِ الخِلَافَةَ وَ اعلَم أَنّ لِعَمرٍو مَعَ كُلّ شَيءٍ يَسُرّكَ خَبِيئاً يَسُوؤُكَ وَ مَهمَا نَسِيتَ فَلَا تَنسَ أَنّ عَلِيّاً ع بَايَعَهُ القَومُ الّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثمَانَ وَ أَنّهَا بَيعَةُ هُدًي وَ أَنّهُ لَم يُقَاتِل إِلّا العَاصِينَ وَ النّاكِثِينَ فَقَالَ أَبُو مُوسَي رَحِمَكَ اللّهُ وَ اللّهِ مَا لِي إِمَامٌ غَيرُ عَلِيّ وَ إنِيّ لَوَاقِفٌ عِندَ مَا رَأَي وَ إِنّ حَقّ اللّهِ أَحَبّ إلِيَّ مِن رِضَا مُعَاوِيَةَ وَ أَهلِ الشّامِ وَ مَا أَنتَ وَ أَنَا إِلّا بِاللّهِ
وَ رَوَي البلَاذرُيِّ فِي كِتَابِ أَنسَابِ الأَشرَافِ قَالَقِيلَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ
صفحه : 299
العَبّاسِ مَا مَنَعَ عَلِيّاً أَن يَبعَثَكَ مَعَ عَمرٍو يَومَ التّحكِيمِ قَالَ مَنَعَهُ حَاجِزُ القَدَرِ وَ مِحنَةُ الِابتِلَاءِ وَ قِصَرُ المُدّةِ أَمَا وَ اللّهِ لَو كُنتُ لَقَعَدتُ عَلَي مَدَارِجِ أَنفَاسِهِ نَاقِضاً مَا أَبرَمَ وَ مُبرِماً مَا نَقَضَ أَطِيرُ إِذَا أَسَفَ وَ أَسِفُ إِذَا طَارَ وَ لَكِن سَبَقَ قَدَرٌ وَ بقَيَِ أَسَفٌ وَ مَعَ اليَومِ غَدٌ وَ الآخِرَةُ خَيرٌ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ
قَالَ نَصرٌ وَ فِي حَدِيثِ عَمرِو بنِ شِمرٍ قَالَ أَقبَلَ أَبُو مُوسَي إِلَي عَمرٍو فَقَالَ يَا عَمرُو هَل لَكَ فِي أَمرٍ هُوَ لِلأُمّةِ صَلَاحٌ وَ لِصُلَحَاءِ النّاسِ رِضًا نوُلَيّ هَذَا الأَمرَ عَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ ألّذِي لَم يَدخُل فِي شَيءٍ مِن هَذِهِ الفِتنَةِ وَ لَا فِي هَذِهِ الفُرقَةِ قَالَ وَ كَانَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ العَاصِ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ الزّبَيرِ قَرِيبَينِ يَسمَعَانِ الكَلَامَ فَقَالَ عَمرٌو فَأَينَ أَنتَ يَا أَبَا مُوسَي عَن مُعَاوِيَةَ فَأَبَي عَلَيهِ أَبُو مُوسَي فَقَالَ عَمرٌو أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ مَظلُوماً وَ مُعَاوِيَةَ ولَيِّ عُثمَانَ وَ قَد قَالَ اللّهُوَ مَن قُتِلَ مَظلُوماً فَقَد جَعَلنا لِوَلِيّهِ سُلطاناً[33-الإِسرَاءُ] ثُمّ إِنّ بَيتَ مُعَاوِيَةَ فِي قُرَيشٍ مَا قَد عَلِمتَ وَ هُوَ أَخُو أُمّ حَبِيبَةَ أُمّ المُؤمِنِينَ وَ زَوجِ النّبِيّص وَ قَد صَحِبَهُ وَ هُوَ أَحَدُ الصّحَابَةِ ثُمّ عَرَضَ لَهُ بِالسّلطَانِ فَقَالَ لَهُ إِن هُوَ ولَيَِ الأَمرَ أَكرَمَكَ كَرَامَةً لَم يُكرِمكَ أَحَدٌ قَطّ بِمِثلِهَا فَقَالَ أَبُو مُوسَي اتّقِ اللّهَ يَا عَمرُو فَإِنّ هَذَا الأَمرَ لَيسَ عَلَي الشّرَفِ إِنّمَا هُوَ لِأَهلِ الدّينِ وَ الفَضلِ مَعَ أنَيّ لَو كُنتُ أَعطَيتُهُ أَفضَلَ قُرَيشٍ شَرَفاً لَأَعطَيتُهُ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَ أَمّا قَولُكَ إِنّهُ ولَيِّ عُثمَانَ فإَنِيّ لَم أَكُن أُوَلّيهِ إِيّاهُ لِنِسبَةٍ مِن عُثمَانَ وَ أَدَعُ المُهَاجِرِينَ الأَوّلِينَ وَ أَمّا تَعرِيضُكَ لِي بِالإِمرَةِ وَ السّلطَانِ فَوَ اللّهِ لَو خَرَجَ لِي مِن سُلطَانِهِ مَا وَلِيتُهُ وَ لَا كُنتُ أرَتشَيِ فِي اللّهِ وَ لَكِنّكَ إِن شِئتَ أَحيَينَا سُنّةَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ
وَ روُيَِ أَنّهُ كَانَ يَقُولُ غَيرَ مَرّةٍ وَ اللّهِ إِنِ استَطَعتُ لَأُحيِيَنّ اسمَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ
صفحه : 300
فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ إِن كُنتَ إِنّمَا تُرِيدُ أَن تُبَايِعَ ابنَ عُمَرَ لِدِينِهِ فَمَا يَمنَعُكَ مِنِ ابنيِ عَبدِ اللّهِ وَ أَنتَ تَعرِفُ فَضلَهُ وَ صَلَاحَهُ فَقَالَ إِنّ ابنَكَ لَرَجُلُ صِدقٍ وَ لَكِنّكَ قَد غَمَستَهُ فِي هَذِهِ الفِتنَةِ
قَالَ نَصرٌ وَ روُيَِ عَنِ النّضرِ بنِ صَالِحٍ قَالَ كُنتُ مَعَ شُرَيحِ بنِ هَانِئٍ فِي غَزوَةِ سِجِستَانَ فحَدَثّنَيِ أَنّ عَلِيّاً ع أَوصَاهُ بِكَلِمَاتٍ إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ وَ قَالَ لَهُ قُل لِعَمرٍو إِذَا لَقِيتَهُ إِنّ عَلِيّاً يَقُولُ لَكَ إِنّ أَفضَلَ الخَلقِ عِندَ اللّهِ مَن كَانَ العَمَلُ بِالحَقّ أَحَبّ إِلَيهِ وَ إِن نَقَصَهُ وَ إِنّ أَبعَدَ الخَلقِ مِنَ اللّهِ مَن كَانَ العَمَلُ بِالبَاطِلِ أَحَبّ إِلَيهِ وَ إِنّ زَادَهُ وَ اللّهِ يَا عَمرُو إِنّكَ لَتَعلَمُ أَينَ مَوضِعُ الحَقّ فَلِمَ تَتَجَاهَلُ أَ بِأَن أُوتِيتَ طَمَعاً يَسِيراً صِرتَ لِلّهِ وَ لِأَولِيَائِهِ عَدُوّاً فَكَانَ مَا أُوتِيتَ قَد زَالَ عَنكَ فَلا تَكُن لِلخائِنِينَ خَصِيماً وَ لَا لِلظّالِمِينَ ظَهِيراً أَمَا إنِيّ أَعلَمُ أَنّ يَومَكَ ألّذِي أَنتَ فِيهِ نَادِمٌ هُوَ يَومُ وَفَاتِكَ وَ سَوفَ تَتَمَنّي أَنّكَ لَم تُظهِر لِي عَدَاوَةً وَ لَم تَأخُذ عَلَي حُكمِ اللّهِ رِشوَةً قَالَ شُرَيحٌ فَأَبلَغتُهُ ذَلِكَ يَومَ لَقِيتُهُ فَتَمَعّرَ وَجهُهُ وَ قَالَ مَتَي كُنتُ قَابِلًا مَشُورَةَ عَلِيّ أَو مُنِيباً إِلَي رَأيِهِ أَو مُعتَدّاً بِأَمرِهِ فَقُلتُ وَ مَا يَمنَعُكَ يَا ابنَ النّابِغَةِ أَن تَقبَلَ مِن مَولَاكَ وَ سَيّدِ المُسلِمِينَ بَعدَ نَبِيّهِم مَشُورَتَهُ لَقَد كَانَ مَن هُوَ خَيرٌ مِنكَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ يَستَشِيرَانِهِ وَ يَعمَلَانِ بِرَأيِهِ فَقَالَ إِنّ مثِليِ لَا يُكَلّمُ مِثلَكَ فَقُلتُ بأِيَّ أَبَوَيكَ تَرغَبُ عَن كلَاَميِ بِأَبِيكَ الوَشِيظِ أَم بِأُمّكَ النّابِغَةِ فَقَامَ مِن مَكَانِهِ وَ قُمتُ
قَالَ نَصرٌ وَ رَوَي أَبُو جَنَابٍ الكلَبيِّ أَنّ عَمراً وَ أَبَا مُوسَي لَمّا التَقَيَا بِدَومَةَ الجَندَلِ أَخَذَ عَمرٌو يُقَدّمُ أَبَا مُوسَي فِي الكَلَامِ وَ يَقُولُ إِنّكَ صَحِبتَ رَسُولَ اللّهِص قبَليِ وَ أَنتَ أَكبَرُ منِيّ سِنّاً فَتَكَلّم أَنتَ ثُمّ أَتَكَلّمُ أَنَا فَجَعَلَ ذَلِكَ سُنّةً وَ عَادَةً بَينَهُمَا وَ إِنّمَا كَانَ مَكراً وَ خَدِيعَةً وَ اغتِرَاراً لَهُ بِأَن يُقَدّمَهُ فَيَبدَأَ بِخَلعِ عَلِيّ ثُمّ يَرَي رَأيَهُ
قَالَ ابنُ دَيزِيلَ فِي كِتَابِ صِفّينَأَعطَاهُ عَمرٌو صَدرَ المَجلِسِ وَ كَانَ لَا يَتَكَلّمُ قَبلَهُ وَ أَعطَاهُ التّقَدّمَ فِي الصّلَاةِ وَ فِي الطّعَامِ لَا يَأكُلُ حَتّي يَأكُلَ وَ إِذَا
صفحه : 301
خَاطَبَهُ فَإِنّمَا يُخَاطِبُهُ بِأَجَلّ الأَسمَاءِ وَ يَقُولُ لَهُ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللّهِ حَتّي اطمَأَنّ إِلَيهِ وَ ظَنّ أَنّهُ لَا يَغُشّهُ فَلَمّا انمَخَضَتِ الزّبدَةُ بَينَهُمَا قَالَ لَهُ عَمرٌو أخَبرِنيِ مَا رَأيُكَ يَا أَبَا مُوسَي قَالَ أَرَي أَن أَخلَعَ هَذَينِ الرّجُلَينِ وَ نَجعَلَ الأَمرَ شُورَي بَينَ المُسلِمِينَ يَختَارُونَ مَن يَشَاءُونَ فَقَالَ عَمرٌو الرأّيُ وَ اللّهِ مَا رَأَيتَ فَأَقبَلَا إِلَي النّاسِ وَ هُم مُجتَمِعُونَ فَتَكَلّمَ أَبُو مُوسَي فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ إِنّ رأَييِ وَ رأَيَ عَمرٍو قَدِ اتّفَقَ عَلَي أَمرٍ نَرجُو أَن يُصلِحَ اللّهُ بِهِ شَأنَ هَذِهِ الأُمّةِ فَقَالَ عَمرٌو صَدَقَ ثُمّ قَالَ لَهُ تَقَدّم يَا أَبَا مُوسَي فَتَكَلّم فَقَامَ أَبُو مُوسَي لِيَتَكَلّمَ فَدَعَاهُ ابنُ عَبّاسٍ فَقَالَ وَيحَكَ وَ اللّهِ إنِيّ لَأَظُنّهُ خَدَعَكَ إِن كُنتُمَا قَدِ اتّفَقتُمَا عَلَي أَمرٍ فَقَدّمهُ قَبلَكَ لِيَتَكَلّمَ بِهِ ثُمّ تَكَلّم أَنتَ بَعدَهُ فَإِنّهُ رَجُلٌ غَدّارٌ وَ لَا آمَنُ أَن يَكُونَ أَعطَاكَ الرّضَا فِيمَا بَينَكَ وَ بَينَهُ فَإِذَا قُمتَ بِهِ فِي النّاسِ خَالَفَكَ وَ كَانَ أَبُو مُوسَي رَجُلًا مُغفِلًا فَقَالَ أَيهاً عَنكَ إِنّا قَدِ اتّفَقنَا فَتَقَدّمَ أَبُو مُوسَي فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّا قَد نَظَرنَا فِي أَمرِ هَذِهِ الأُمّةِ فَلَم نَرَ شَيئاً هُوَ أَصلَحُ لِأَمرِ هَؤُلَاءِ وَ لَا أَلَمّ لِشُعثِهَا مِن أَن لَا يُبَيّنَ أُمُورَهَا وَ قَدِ اجتَمَعَ رأَييِ وَ رأَيُ صاَحبِيِ عَلَي خَلعِ عَلِيّ وَ مُعَاوِيَةَ وَ أَن يَستَقبِلَ هَذَا الأَمرُ فَيَكُونَ شُورَي بَينَ المُسلِمِينَ يُوَلّونَ أُمُورَهُم مَن أَحَبّوا وَ إنِيّ قَد خَلَعتُ عَلِيّاً وَ مُعَاوِيَةَ فَاستَقبِلُوا أُمُورَكُم وَ وَلّوا مَن رَأَيتُمُوهُ لِهَذَا الأَمرِ أَهلًا ثُمّ تَنَحّي فَقَامَ عَمرُو بنُ العَاصِ فِي مَقَامِهِ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ إِنّ هَذَا قَد قَالَ مَا سَمِعتُم وَ خَلَعَ صَاحِبَهُ وَ أَنَا أَخلَعُ صَاحِبَهُ كَمَا خَلَعَهُ وَ أُثبِتُ صاَحبِيِ مُعَاوِيَةَ فِي الخِلَافَةِ فَإِنّهُ ولَيِّ عُثمَانَ وَ الطّالِبُ بِدَمِهِ وَ أَحَقّ النّاسِ بِمَقَامِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَي مَا لَكَ لَا وَفّقَكَ اللّهُ قَد غَدَرتَ وَ فَجَرتَ إِنّمَا مَثَلُكَ
صفحه : 302
كَمَثَلِ الكَلبِ إِن تَحمِل عَلَيهِ يَلهَث وَ إِنتَترُكهُ يَلهَث فَقَالَ لَهُ عَمرٌو إِنّمَا مَثَلُكَكَمَثَلِ الحِمارِ يَحمِلُ أَسفاراً وَ حَمَلَ شُرَيحُ بنُ هَانِئٍ عَلَي عَمرٍو فَقَنّعَهُ بِالسّوطِ وَ حَمَلَ ابنٌ لِعَمرٍو عَلَي شُرَيحٍ فَقَنّعَهُ بِالسّوطِ وَ قَامَ النّاسُ فَحَجَزُوا بَينَهُمَا فَكَانَ شُرَيحٌ بَعدَ ذَلِكَ يَقُولُ مَا نَدِمتُ عَلَي شَيءٍ ندَاَمتَيِ أَن لَا أَكُونَ ضَرَبتُ عَمراً بِالسّيفِ بَدَلَ السّوطِ لَكِن أَتَي الدّهرُ بِمَا أَتَي بِهِ وَ التَمَسَ أَصحَابُ عَلِيّ ع أَبَا مُوسَي فَرَكِبَ نَاقَتَهُ وَ لَحِقَ بِمَكّةَ فَكَانَ ابنُ عَبّاسٍ يَقُولُ قَبّحَ اللّهُ أَبَا مُوسَي لَقَد حَذّرتُهُ وَ هَدَيتُهُ إِلَي الرأّيِ فَمَا عَقَلَ وَ كَانَ أَبُو مُوسَي يَقُولُ لَقَد حذَرّنَيِ ابنُ عَبّاسٍ غُدَرَةَ الفَاسِقِ وَ لَكِنِ اطمَأنَنتُ إِلَيهِ وَ ظَنَنتُ أَنّهُ لَا يُؤثِرُ شَيئاً عَلَي نَصِيحَةِ الأُمّةِ
قَالَ نَصرٌ وَ رَجَعَ عَمرٌو إِلَي مَنزِلِهِ مِن دُومَةِ الجَندَلِ فَكَتَبَ إِلَي مُعَاوِيَةَ
أَتَتكَ الخِلَافَةُ مَزفُوفَةً | هَنِيئاً مَرِيئاً تَقَرّ العُيُونَا |
تُزَفّ إِلَيكَ زِفَافَ العَرُوسِ | بِأَهوَنَ مِن طَعنِكَ الدّارَ عَيناً |
إِلَي آخِرِ الأَبيَاتِ فَقَامَ سَعِيدُ بنُ قَيسٍ الهمَداَنيِّ وَ قَالَ وَ اللّهِ لَوِ اجتَمَعتُمَا عَلَي الهُدَي مَا زِدتُمَا عَلَي مَا نَحنُ الآنَ عَلَيهِ وَ مَا ضَلَالُكُمَا بِلَازِمٍ لَنَا وَ مَا رَجَعتُمَا إِلّا بِمَا بَدَأتُمَا بِهِ وَ إِنّا اليَومَ لَعَلَي مَا كُنّا عَلَيهِ أَمسِ وَ قَامَ كُردُوسُ بنُ هَانِئٍ مُغضَباً وَ أَنشَدَ أَبيَاتاً فِي الرّضَا بِخِلَافَةِ عَلِيّ ع وَ إِنكَارِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَ حُكمِ الحَكَمَينِ وَ تَكَلّمَ جَمَاعَةٌ أُخرَي بِمِثلِ ذَلِكَ قَالَ نَصرٌ وَ كَانَ عَلِيّ ع لَمّا سَمِعَ مَا خَدَعَ بِهِ عَمرٌو أَبَا مُوسَي غَمّهُ ذَلِكَ وَ سَاءَهُ وَ خَطَبَ النّاسَ وَ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ وَ إِن أَتَي الدّهرُ بِالخَطبِ الفَادِحِ وَ الحَدَثِ الجَلِيلِ إِلَي آخِرِ مَا سيَأَتيِ بِرِوَايَةِ السّيّدِ الرضّيِّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ وَ قَالَ
صفحه : 303
أَلَا إِنّ هَذَينِ الرّجُلَينِ الذين [اللّذَينِ]اختَرتُمُوهُمَا قَد نَبَذَا حُكمَ الكِتَابِ وَ أَحيَيَا مَا أَمَاتَ وَ اتّبَعَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا هَوَاهُ وَ حَكَمَ بِغَيرِ حُجّةٍ وَ لَا بَيّنَةٍ وَ لَا سُنّةٍ مَاضِيَةٍ وَ اختَلَفَا فِيمَا حَكَمَا فَكِلَاهُمَا لَم يُرشِدِ اللّهُ فَاستَعِدّوا لِلجِهَادِ وَ تَأَهّبُوا لِلمَسِيرِ وَ أَصبِحُوا فِي مُعَسكَرِكُم يَومَ كَذَا
قَالَ نَصرٌ فَكَانَ عَلِيّ ع بَعدَ الحُكُومَةِ إِذَا صَلّي الغَدَاةَ وَ المَغرِبَ وَ فَرَغَ مِنَ الصّلَاةِ وَ سَلّمَ قَالَ أللّهُمّ العَن مُعَاوِيَةَ وَ عَمراً وَ أَبَا مُوسَي وَ حَبِيبَ بنَ مَسلَمَةَ وَ عَبدَ الرّحمَنِ بنَ خَالِدٍ وَ الضّحّاكَ بنَ قَيسٍ وَ الوَلِيدَ بنَ عُقبَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَكَانَ إِذَا صَلّي لَعَنَ عَلِيّاً وَ حَسَناً وَ حُسَيناً وَ ابنَ عَبّاسٍ وَ قَيسَ بنَ سَعدِ بنِ عُبَادَةَ وَ الأَشتَرَ وَ زَادَ ابنُ دَيزِيلَ فِي أَصحَابِ مُعَاوِيَةَ أَبَا الأَعوَرِ السلّمَيِّ
وَ رَوَي ابنُ دَيزِيلَ أَيضاً أَنّ أَبَا مُوسَي كَتَبَ مِن مَكّةَ إِلَي عَلِيّ ع أَمّا بَعدُ فإَنِيّ قَد بلَغَنَيِ أَنّكَ تلَعنَنُيِ فِي الصّلَاةِ وَ يُؤَمّنُ خَلفَكَ الجَاهِلُونَ وَ إنِيّ أَقُولُ كَمَا قَالَ مُوسَي ع رَبّ بِما أَنعَمتَ عَلَيّ فَلَن أَكُونَ ظَهِيراً لِلمُجرِمِينَ
بيان قال في القاموس الدهاء النكر وجودة الرأي والأدب و رجل داه وده وداهية و قال في النهاية أسف الطائر إذادنا من الأرض وأسف الرجل للأمر إذاقاربه و في الصحاح تمعر لونه عندالغضب تغير و في القاموس الوشيظ كأمير الأتباع والخدم والأجلاف ولفيف من الناس ليس أصلهم واحدا وهم وشيظة في قومهم حشوفهم و قال غفل عنه غفولا تركه وسها عنه كأغفله والمغفل كمعظم من لافطنة له و قال أيها بالفتح وبالنصب أمر بالسكوت و قال قنع رأسه بالسوط غشاه بها.
صفحه : 304
أقول رجعنا إلي كتاب نصر فوجدنا ماأخرجه ابن أبي الحديد موافقا له في المعني
554- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع أَجَابَ بِهِ أَبَا مُوسَي الأشَعرَيِّ عَن كِتَابٍ كَتَبَهُ إِلَيهِ مِنَ المَكَانِ ألّذِي اتّعَدُوا فِيهِ لِلحُكُومَةِ وَ ذَكَرَ هَذَا الكِتَابَ سَعِيدُ بنُ يَحيَي الأمُوَيِّ فِي كِتَابِ المغَاَزيِ فَإِنّ النّاسَ قَد تَغَيّرَ كَثِيرٌ مِنهُم عَن كَثِيرٍ مِن حَظّهِم فَمَالُوا مَعَ الدّنيَا وَ نَطَقُوا بِالهَوَي وَ إنِيّ نَزَلتُ مِن هَذَا الأَمرِ مَنزِلًا مُعجِباً اجتَمَعَ بِهِ أَقوَامٌ أَعجَبَتهُم أَنفُسُهُم فإَنِيّ أدُاَويِ مِنهُم قَرحاً أَخَافُ أَن يَعُودَ عَلَقاً وَ لَيسَ رَجُلٌ فَاعلَم أَحرَصَ عَلَي جَمَاعَةِ أُمّةِ مُحَمّدٍص وَ أُلفَتِهَا منِيّ أبَتغَيِ بِذَلِكَ حُسنَ الثّوَابِ وَ كَرَمَ المَآبِ وَ سأَفَيِ باِلذّيِ وَأَيتُ عَلَي نفَسيِ وَ إِن تَغَيّرتَ عَن صَالِحِ مَا فاَرقَتنَيِ عَلَيهِ فَإِنّ الشقّيِّ مَن حُرِمَ نَفعَ مَا أوُتيَِ مِنَ العَقلِ وَ التّجرِبَةِ وَ إنِيّ لَأَعبَدُ أَن يَقُولَ قَائِلٌ بِبَاطِلٍ وَ أَن أُفسِدَ أَمراً قَد أَصلَحَهُ اللّهُ فَدَع مَا لَا تَعرِفُ فَإِنّ شِرَارَ النّاسِ طَائِرُونَ إِلَيكَ بِأَقَاوِيلِ السّوءِ وَ السّلَامُ
قوله ع من حظهم أي من الآخرة. و قوله ع منزلا قال ابن أبي الحديد أي يعجب من رآه أي يجعله متعجبا منه و هذاالكلام شكوي من أصحابه ونصاره من أهل العراق فإنه كان اختلافهم عليه واضطرابهم شديدا جدا. والمنزل والنزول هاهنا مجاز واستعارة والمعني أني حصلت في هذاالأمر ألذي حصلت فيه علي حال معجبة لمن تأملها. و قال الجوهري العجيب الأمر يتعجب منه وعجبت من كذا وتعجبت بمعني وأعجبني هذاالشيء لحسنه و قدأعجب فلان بنفسه فهو معجب بنفسه
صفحه : 305
وبرأيه والاسم العجب بالضم انتهي .فإني أداوي منهم قرحا قال ابن ميثم استعار لفظ القرح لمافسد من حاله باجتماعهم علي التحكيم ولفظ المداواة لاجتهاده في إصلاحهم وروي أداري وكذلك استعار لفظ العلق و هوالدم الغليظ لمايخاف من تفاقم أمرهم و قوله فاعلم اعتراض حسن بين ليس وخبرها بالذي وأيت أي وعدت وضمنت من شرط الصلح علي ماوقع عليه عن صالح مافارقتني عليه أي من وجوب الحكم بكتاب الله وعدم اتباع الهوي والاغترار بمقارنة الأشرار. و قال ابن أبي الحديد يجوز أن يكون قوله ع و إن تغيرت من جملة قوله ع فيما بعد فإن الشقي كماتقول إن خالفتني فإن الشقي من يخالف الحق لكن تعلقه بالسابق أحسن لأنه أدخل في مدح أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كأنه يقول أناأفي و إن كنت لاتفي والضد يظهر حسن الضد وإني لأعبد أي إني لآنف من أن يقول غيري قولا باطلا فكيف لاآنف ذلك أنا من نفسي. و قال الجوهري قال أبوزيد العبد بالتحريك الغضب والأنف والاسم العبدة مثل الأنفة و قد عبد أي أنف فدع ما لاتعرف أي لاتبن أمرك إلا علي اليقين فإن شرار الناس أي لاتصغ إلي أقوال الوشاة فإن الكذب يخالط أقوالهم كثيرا فلاتصدق ماعساه يبلغك عني فإنهم سراع إلي أقاويل السوء
555- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَن عَلِيّ بنِ مَالِكٍ النحّويِّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الحسَنَيِّ عَن عِيسَي بنِ مِهرَانَ عَن يَحيَي بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن شَرِيكٍ عَن عِمرَانَ بنِ طُفَيلٍ عَن أَبِي نَجَبَةَ قَالَسَمِعتُ عَمّارَ بنَ يَاسِرٍ رَحِمَهُ اللّهُ يُعَاتِبُ أَبَا مُوسَي الأشَعرَيِّ
صفحه : 306
وَ يُوَبّخُهُ عَلَي تَأَخّرِهِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قُعُودِهِ عَنِ الدّخُولِ فِي بَيعَتِهِ وَ يَقُولُ لَهُ يَا أَبَا مُوسَي مَا ألّذِي أَخّرَكَ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَوَ اللّهِ لَئِن شَكَكتَ فِيهِ لَتَخرُجَنّ عَنِ الإِسلَامِ وَ أَبُو مُوسَي يَقُولُ لَهُ لَا تَفعَل وَ دَع عِتَابَكَ لِي فَإِنّمَا أَنَا أَخُوكَ فَقَالَ لَهُ عَمّارٌ رَحِمَهُ اللّهُ مَا أَنَا لَكَ بِأَخٍ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَلعَنُكَ لَيلَةَ العَقَبَةِ وَ قَد هَمَمتَ مَعَ القَومِ بِمَا هَمَمتَ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَي أَ فَلَيسَ قَدِ استَغفَرَ لِي قَالَ عَمّارٌ قَد سَمِعتُ اللّعنَ وَ لَم أَسمَعِ الِاستِغفَارَ
556- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامِهِ ع لَمّا اضطَرَبَ عَلَيهِ أَصحَابُهُ فِي أَمرِ الحُكُومَةِ أَيّهَا النّاسُ إِنّهُ لَم يَزَل أمَريِ مَعَكُم عَلَي مَا أُحِبّ حَتّي نَهَكَتكُمُ الحَربُ وَ قَد وَ اللّهِ أَخَذَت مِنكُم وَ تَرَكَت وَ هيَِ لِعَدُوّكُم أَنهَكُ وَ لَقَد كُنتُ أَمسِ أَمِيراً فَأَصبَحتُ اليَومَ مَأمُوراً وَ كُنتُ أَمسِ نَاهِياً فَأَصبَحتُ اليَومَ مَنهِيّاً وَ قَد أَحبَبتُمُ البَقَاءَ وَ لَيسَ لِي أَن أَحمِلَكُم عَلَي مَا تَكرَهُونَ
توضيح قال الجوهري نَهَكتُ الثوب بالفتح نَهكاً لبسته حتي خلق ونهكت من الطعام بالغت في أكله ونَهَكَتهُ الحمي إذاأجهدته وأضنته ونقضت لحمه و فيه لغة أخري نَهِكَتهُ الحمي تَنهَكُهُ نَهَكاً ونَهكَةً. قوله ع وتركت أي لم يستأصلكم بل فيكم بعدبقية وهي لعدوكم أنهك لأن القتل في أهل الشام كان أشد استحرارا والوهن كان فيهم أظهر. قوله ع و ليس لي أن أحملكم أي لاقدرة لي عليه و إن كان يجب عليكم إطاعتي
557-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي أَهلِ الأَمصَارِ يَقُصّ فِيهِ
صفحه : 307
مَا جَرَي بَينَهُ وَ بَينَ أَهلِ صِفّينَ وَ كَانَ بَدءُ أَمرِنَا أَنّا التَقَينَا وَ القَومُ مِن أَهلِ الشّامِ وَ الظّاهِرُ أَنّ رَبّنَا وَاحِدٌ وَ نَبِيّنَا وَاحِدٌ وَ دَعوَتَنَا فِي الإِسلَامِ وَاحِدَةٌ لَا نَستَزِيدُهُم فِي الإِيمَانِ بِاللّهِ وَ التّصدِيقِ لِرَسُولِهِص وَ لَا يَستَزِيدُونَنَا الأَمرُ وَاحِدٌ إِلّا مَا اختَلَفنَا فِيهِ مِن دَمِ عُثمَانَ وَ نَحنُ مِنهُ بَرَاءٌ فَقُلنَا تَعَالَوا ندُاَويِ مَا لَا يُدرَكُ اليَومَ بِإِطفَاءِ النّائِرَةِ وَ تَسكِينِ العَامّةِ حَتّي يَشتَدّ الأَمرُ وَ يَستَجمِعَ فَنَقوَي عَلَي وَضعِ الحَقّ فِي مَوَاضِعِهِ فَقَالُوا بَل نُدَاوِيهِ بِالمُكَابَرَةِ فَأَبَوا حَتّي جَنَحَتِ الحَربُ وَ رَكَدَت وَ وَقَدَت نِيرَانُهَا وَ حَمِشَت فَلَمّا ضَرّسَتنَا وَ إِيّاهُم وَ وَضَعَت مَخَالِبَهَا فِينَا وَ فِيهِم أَجَابُوا عِندَ ذَلِكَ إِلَي ألّذِي دَعَونَاهُم إِلَيهِ فَأَجَبنَاهُم إِلَي مَا دَعَوا وَ سَارَعنَاهُم إِلَي مَا طَلَبُوا حَتّي استَبَانَت عَلَيهِمُ الحُجّةُ وَ انقَطَعَت مِنهُمُ المَعذِرَةُ فَمَن تَمّ عَلَي ذَلِكَ مِنهُم فَهُوَ ألّذِي أَنقَذَهُ اللّهُ مِنَ الهَلَكَةِ وَ مَن لَجّ وَ تَمَادَي فَهُوَ الرّاكِسُ ألّذِي رَانَ اللّهُ عَلَي قَلبِهِ وَ صَارَت دَائِرَةُ السّوءِ عَلَي رَأسِهِ
توضيح قوله ع والقوم عطف علي الضمير في التقينا قوله ع والظاهر أن ربنا واحد قال ابن أبي الحديد لم يحكم لأهل صفين بالإسلام بل بظاهره . و لانستزيدهم أي لانطلب منهم زيادة في الإيمان في الظاهر حتي يشتد الأمر أي يستحكم بأن يتمهد قواعد الخلافة. و قال الجوهري جنوح الليل إقباله وركدت أي دامت وثبتت ووقدت كوعدت أي اشتعلت وحمشت أي استقرت وثبتت وروي واستحمشت و هوأصح ذكره ابن أبي الحديد و قال و من رواها بالسين المهملة أراد اشتدت وصلبت .
صفحه : 308
و قال الجوهري أحمشت القدر أشبعت وقودها و قال الأحمس الشديد الصلب و قدحمس بالكسر. فلما ضرستنا أي عضتنا بأضراسها ويقال ضرسهم الدهر أي اشتد عليهم والضرس العض بالأضراس ولعل التشديد هاهنا للمبالغة ويقال ضرسته الحرب أي جربته وأحكمته وأنقذت فلانا من الشر واستنقذته وتنقذته وانتقذته خلصته فنقذ كفرح والركس رد الشيء مقلوبا وران الله علي قلبه أي طبع وختم و قال الطبرسي في مجمع البيان الدائرة هي الراجعة بخير أوشر ودائرة السّوءِ العذاب والهلاك . و قال ابن أبي الحديد السّوءُ المصدر والسّوءُ الاسم والدوائر أيضا الدواهي
558- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ إِنّ البغَيَ وَ الزّورَ يُوتِغَانِ المَرءَ فِي دِينِهِ وَ دُنيَاهُ وَ يُبدِيَانِ خَلَلَهُ عِندَ مَن يَعِيبُهُ وَ قَد عَلِمتُ أَنّكَ غَيرُ مُدرِكٍ مَا قَد قضُيَِ فَوَاتُهُ وَ قَد رَامَ أَقوَامٌ أَمراً بِغَيرِ الحَقّ فَتَأَوّلُوا[فَتَأَلّوا] عَلَي اللّهِ فَأَكذَبَهُم فَاحذَر يَوماً يَغتَبِطُ فِيهِ مَن أَحمَدَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ وَ يَندَمُ مَن أَمكَنَ الشّيطَانَ مِن قِيَادِهِ فَلَم يُجَاذِبهُ وَ قَد دَعَوتَنَا إِلَي حُكمِ القُرآنِ وَ لَستَ مِن أَهلِهِ وَ لَسنَا إِيّاكَ أَجَبنَا وَ لَكِن أَجَبنَا القُرآنَ إِلَي حُكمِهِ
بيان يوتغان أي يهلكان و في بعض النسخ يذيعان أي يظهران سره ويفضحانه و قال الجوهري الخلل فساد في الأمر. قوله ع فتأولوا قال الراوندي معناه قدطلب قوم أمر هذه
صفحه : 309
الأمة فتأولوا القرآن كقوله تعالي وَ أوُليِ الأَمرِ مِنكُمفسموا من نصبوه من الأمراء أولي الأمر متحكمين علي الله فأكذبهم الله بكونهم ظالمين بغاة و لا يكون الوالي من قبل الله كذلك . و قال ابن ميثم بغوا علي سلطان الله وهي الخلافة الحقة فجعلوا لخروجهم وبغيهم تأويلا و هوالطلب بدم عثمان ونحوه من الشبه الباطلة فأكذبهم الله بنصره عليهم ورد مقتضي شبههم والإكذاب كما يكون بالقول يكون بالفعل . و قال ابن أبي الحديد في بعض النسخ فتأولوا علي الله أي حلفوا أي من أقسم تجبرا واقتدارا لأفعلن كذا أكذبه الله و لم يبلغه أمله وروي تأولوا علي الله أي حرفوا الكلام عن مواضعه وتعلقوا بشبهة في تأويل القرآن انتصارا لمذاهبهم فأكذبهم الله بأن ظهر للعقلاء فساد تأويلاتهم والأول أصح . قوله ع يغتبط فيه أي يتمني مثل حاله من أحمدعاقبة عمله أي وجدها محمودة وقياد الدابة ماتقاد به . و قال ابن ميثم كتب ع هذاالكتاب بعدالتحكيم أو عندإجابته للتحكيم
559-شا،[الإرشاد] مِن كَلَامِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِحِينَ رَجَعَ أَصحَابُهُ عَنِ القِتَالِ بِصِفّينَ لَمّا اغتَرّهُم مُعَاوِيَةُ بِرَفعِ المَصَاحِفِ فَانصَرَفُوا عَنِ الحَربِ لَقَد فَعَلتُم فَعلَةً ضَعضَعَت مِنَ الإِسلَامِ قُوَاهُ وَ أَسقَطَت مُنّتَهُ وَ أَورَثَت وَهناً وَ ذِلّةً لَمّا كُنتُمُ الأَعلَينَ وَ خَافَ عَدُوّكُم الِاجتِيَاحَ وَ استَحَرّ بِهِمُ القَتلُ وَ وَجَدُوا أَلَمَ الجَرَاحِ رَفَعُوا المَصَاحِفَ وَ دَعَوكُم إِلَي مَا فِيهَا لِيَفثَئُوكُم عَنهَا وَ يَقطَعُوا الحَربَ فِيمَا بَينَكُم وَ بَينَهُم وَ يَتَرَبّصُوا بِكُم رَيبَ المَنُونِ خَدِيعَةً وَ مَكِيدَةً فَمَا أَنتُم
صفحه : 310
إِن جَامَعتُمُوهُم عَلَي مَا أَحَبّوا وَ أَعطَيتُمُوهُمُ ألّذِي سَأَلُوا إِلّا مَغرُورِينَ وَ ايمُ اللّهِ مَا أَظُنّكُم بَعدَهَا موُاَفقِيِ رُشدٍ وَ لَا مصُيِبيِ حَزمٍ
بيان المنة بالضم القوة واستحر القتل اشتد ذكرهما الجوهري و قال فَثَأتُ القدر سكنت غليانها بالماء وفَثَأتُ الرجل عني إذاكسرته بقول أوغيره وسكنت غضبه وريب المنون حوادث الدهر والمنون الموت أيضا
560- شا،[الإرشاد] وَ مِن كَلَامِهِ ع بَعدَ كَتبِ صَحِيفَةِ المُوَادَعَةِ وَ التّحكِيمِ وَ قَدِ اختَلَفَ عَلَيهِ أَهلُ العِرَاقِ عَلَي ذَلِكَ فَقَالَ وَ اللّهِ مَا رَضِيتُ وَ لَا أَحبَبتُ أَن تَرضَوا فَإِذَا أَبَيتُم إِلّا أَن تَرضَوا فَقَد رَضِيتُ وَ إِذَا رَضِيتُ فَلَا يَصلُحُ الرّجُوعُ بَعدَ الرّضَا وَ لَا التّبدِيلُ بَعدَ الإِقرَارِ إِلّا أَن يُعصَي اللّهُ بِنَقضِ العَهدِ وَ يَتَعَدّي كِتَابَهُ بِحَلّ العَقدِ فَقَاتِلُوا حِينَئِذٍ مَن تَرَكَ أَمرَ اللّهِ وَ أَمّا ألّذِي أَنكَرتُم عَلَي الأَشتَرِ مِن تَركِهِ أمَريِ بِخَطّ يَدِهِ فِي الكِتَابِ وَ خِلَافِهِ مَا أَنَا عَلَيهِ فَلَيسَ مِن أُولَئِكَ وَ لَا أَخَافُهُ عَلَي ذَلِكَ وَ لَيتَ فِيكُم مِثلَهُ اثنَينِ بَل لَيتَ فِيكُم مِثلَهُ وَاحِداً يَرَي فِي عَدُوّكُم مَا يَرَي إِذَن لَخَفّت عَلَيّ مَئُونَتُكُم وَ رَجَوتُ أَن يَستَقِيمَ لِي بَعضُ أَوَدِكُم وَ قَد نَهَيتُكُم عَمّا أَتَيتُم وَ عصَيَتمُوُنيِ فَكُنتُ أَنَا وَ أَنتُم كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ
وَ هَل أَنَا إِلّا مِن غَزِيّةَ إِن غَوَت | غَوَيتُ وَ إِن تَرشُد غَزِيّةُ أَرشُد |
بيان قال الجوهري غزية قبيلة قال دريد بن الصمة وذكر البيت
صفحه : 311
561- يج ،[الخرائج والجرائح ]شا،[الإرشاد] قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عِندَ مَا رَفَعَ أَهلُ الشّامِ المَصَاحِفَ وَ شَكّ فَرِيقٌ مِن أَصحَابِهِ وَ لَجَئُوا إِلَي المُسَالَمَةِ وَ دَعَوهُ إِلَيهَا وَيلَكُم إِنّ هَذِهِ خَدِيعَةٌ وَ مَا يُرِيدُ القَومُ القُرآنَ لِأَنّهُم لَيسُوا بِأَهلِ قُرآنٍ فَاتّقُوا اللّهَ وَ امضُوا عَلَي بَصَائِرِكُم فِي قِتَالِهِم فَإِن لَم تَفعَلُوا تَفَرّقَت بِكُمُ السّبُلُ وَ نَدِمتُم حَيثُ لَا تَنفَعُكُمُ النّدَامَةُ وَ كَانَ الأَمرُ كَمَا قَالَ وَ كَفَرَ القَومُ بَعدَ التّحكِيمِ وَ نَدِمُوا عَلَي مَا فَرَطَ مِنهُم فِي الإِجَابَةِ إِلَيهِ وَ تَفَرّقَ بِهِمُ السّبُلُ وَ كَانَ عَاقِبَتُهُمُ الدّمَارَ
562-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]روي في معني قوله تعالي وَ مِنَ النّاسِ مَن يَعبُدُ اللّهَ عَلي حَرفٍ أنه كان أبو موسي وعمرو
وَ رَوَي ابنُ مَردَوَيهِ بِأَسَانِيدِهِ عَن سُوَيدِ بنِ غَفلَةً أَنّهُ قَالَكُنتُ مَعَ أَبِي مُوسَي عَلَي شَاطِئِ الفُرَاتِ فَقَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ إِنّ بنَيِ إِسرَائِيلَ اختَلَفُوا فَلَم يَزَلِ الِاختِلَافُ بَينَهُم حَتّي بَعَثُوا حَكَمَينِ ضَالّينِ ضَالّ مَنِ اتّبَعَهُمَا وَ لَا تَنفَكّ أُمُورُكُم تَختَلِفُ حَتّي تَبعَثُوا حَكَمَينِ يَضِلّانِ وَ يَضِلّ مَن تَبِعَهُمَا قَالَ سُوَيدٌ فَقُلتُ أُعِيذُكَ بِاللّهِ أَن تَكُونَ أَحَدَهُمَا قَالَ فَخَلَعَ قَمِيصَهُ
صفحه : 312
وَ قَالَ برَأّنَيِ اللّهُ مِن ذَلِكَ كَمَا برَأّنَيِ مِن قمَيِصيِ وَ لَمّا جَرَي لَيلَةُ الهَرِيرِ صَاحُوا يَا مُعَاوِيَةُ هَلَكَتِ العَرَبُ فَقَالَ يَا عَمرُو أَ نَفِرّ أَو نَستَأمِنُ قَالَ لَنَرفَعُ المَصَاحِفَ عَلَي الرّمَاحِ وَ نَقرَأُأَ لَم تَرَ إِلَي الّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتابِ يُدعَونَ إِلي كِتابِ اللّهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم ثُمّ يَتَوَلّي فَرِيقٌ مِنهُم وَ هُم مُعرِضُونَ فَإِن قَبِلُوا حُكمَ القُرآنِ رَفَعنَا الحَربَ وَ رَافَعنَا بِهِم إِلَي أَجَلٍ وَ إِن أَبَي بَعضُهُم إِلّا القِتَالَ فَلَلنَا شَوكَتَهُم وَ يَقَعُ بَينَهُمُ الفُرقَةُ وَ أَمَرَ بِالنّدَاءِ وَ أَن يُصرَخَ فِيهِم فَلَسنَا وَ لَستُم مِنَ المُشرِكِينَ وَ لَا المُجمِعِينَ عَلَي الرّدّةِ فَإِن تَقبَلُوهَا فَفِيهَا البَقَاءُ لِلفِرقَتَينِ وَ لِلبَلدَةِ وَ إِن تَدفَعُوهَا فَفِيهَا الفَنَاءُ وَ كُلّ بَلَاءٍ إِلَي مُدّةٍ فَقَالَ مِسعَرُ بنُ فدَكَيِّ وَ زَيدُ بنُ حُصَينٍ الطاّئيِّ وَ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ الكنِديِّ أَجِبِ القَومَ إِلَي كِتَابِ اللّهِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَيحَكُم وَ اللّهِ إِنّهُم مَا رَفَعُوا المَصَاحِفَ إِلّا خَدِيعَةً وَ مَكِيدَةً حِينَ عَلَوتُمُوهُم وَ قَالَ خَالِدُ بنُ مَعمَرٍ السدّوُسيِّ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَحَبّ الأُمُورِ إِلَينَا مَا كُفِينَا مَئُونَتَهُ وَ أَنشَدَ رِفَاعَةُ بنُ شَدّادٍ البجَلَيِّ
وَ إِن حَكَمُوا بِالعَدلِ كَانَت سَلَامَةً | وَ إِلّا أَثَرنَاهَا بِيَومٍ قُمَاطِرٍ |
فَقَصَدَ إِلَيهِ عِشرُونَ أَلفَ رَجُلٍ يَقُولُونَ يَا عَلِيّ أَجِب إِلَي كِتَابِ اللّهِ إِذَا دُعِيتَ إِلَيهِ وَ إِلّا دَفَعنَاكَ بِرُمّتِكَ إِلَي القَومِ أَو نَفعَلُ بِكَ مَا فَعَلنَا بِعُثمَانَ قَالَ فَاحفَظُوا عنَيّ مقَاَلتَيِ فإَنِيّ آمُرُكُم بِالقِتَالِ فَإِن تعَصوُنيِ فَافعَلُوا مَا بَدَا لَكُم قَالُوا فَابعَث إِلَي الأَشتَرِ لِيَأتِيَكَ فَبَعَثَ إِلَيهِ يَزِيدَ بنَ هَانِئٍ السبّيِعيِّ يَدعُوهُ فَقَالَ الأَشتَرُ إنِيّ قَد رَجَوتُ أَن يَفتَحَ اللّهُ لِي لَا تعَجلَنيِ وَ شَدّدَ فِي القِتَالِ فَقَالُوا حَرّضتَهُ فِي الحَربِ فَابعَث إِلَيهِ بِعَزِيمَتِكَ لِيَأتِيَكَ وَ إِلّا وَ اللّهِ اعتَزَلنَاكَ فَقَالَ عَلِيّ ع يَا يَزِيدُ عُد إِلَيهِ فَقُل لَهُ عُد إِلَينَا فَإِنّ الفِتنَةَ قَد وَقَعَت فَسَارَ إِلَيهِ يَزِيدُ وَ أَبلَغَهُ مَقَالَ عَلِيّ ع فَأَقبَلَ الأَشتَرُ وَ هُوَ يَقُولُ
صفحه : 313
لِأَهلِ العِرَاقِ يَا أَهلَ الذّلّ وَ الوَهنِ أَ حِينَ عَلَوتُمُ القَومَ وَ عَلِمُوا أَنّكُم لَهُم قَاهِرُونَ فَرَفَعُوا لَكُمُ المَصَاحِفَ خَدِيعَةً وَ مَكراً فَقَالُوا قَاتَلنَاهُم فِي اللّهِ وَ نَترُكُ قِتَالَهُمُ الآنَ فِي اللّهِ فَقَالَ أمَهلِوُنيِ سَاعَةً فإَنِيّ أَحسَستُ بِالفَتحِ وَ أَيقَنتُ بِالظّفَرِ قَالُوا لَا قَالَ أمَهلِوُنيِ عَدوَةَ فرَسَيِ قَالُوا إِنّا لَسنَا نُطِيعُكَ وَ لَا لِصَاحِبِكَ وَ نَحنُ نَرَي المَصَاحِفَ عَلَي رُءُوسِ الرّمَاحِ نُدعَي إِلَيهَا فَقَالَ خُدِعتُم وَ اللّهِ فَانخَدَعتُم وَ دُعِيتُم إِلَي وَضعِ الحَربِ فَأَجَبتُم فَقَامَ جَمَاعَةٌ مِن بَكرِ بنِ وَائِلٍ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِن أَجَبتَ القَومَ أَجَبنَا وَ إِن أَبَيتَ أَبَينَا فَقَالَ ع نَحنُ أَحَقّ مَن أَجَابَ إِلَي كِتَابِ اللّهِ وَ إِنّ مُعَاوِيَةَ وَ عَمراً وَ ابنَ أَبِي مُعَيطٍ وَ حَبِيبَ بنَ مَسلَمَةَ وَ ابنَ أَبِي سَرحٍ وَ الضّحّاكَ بنَ قَيسٍ لَيسُوا بِأَصحَابِ دِينٍ وَ قُرآنٍ أَنَا أَعرَفُ بِهِم مِنكُم قَد صَحِبتُهُم أَطفَالًا وَ رِجَالًا فِي كَلَامٍ لَهُ فَقَالَ أَهلُ الشّامِ فَإِنّا قَدِ اختَرنَا عَمراً فَقَالَ الأَشعَثُ وَ ابنُ الكَوّاءِ وَ مِسعَرٌ الفدَكَيِّ وَ زَيدٌ الطاّئيِّ نَحنُ اختَرنَا أَبَا مُوسَي فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ فَإِنّكُم قَد عصَيَتمُوُنيِ فِي أَوّلِ الأَمرِ فَلَا تعَصوُنيِ الآنَ فَقَالُوا إِنّهُ قَد كَانَ يُحَذّرُنَا مِمّا وَقَعنَا فِيهِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ إِنّهُ لَيسَ بِثِقَةٍ قَد فاَرقَنَيِ وَ قَد خَذّلَ النّاسَ عنَيّ ثُمّ هَرَبَ منِيّ حَتّي آمَنتُهُ بَعدَ شَهرٍ وَ لَكِنّ هَذَا ابنُ عَبّاسٍ أُوَلّيهِ ذَلِكَ قَالُوا وَ اللّهِ مَا نبُاَليِ أَنتَ كُنتَ أَمِ ابنُ عَبّاسٍ قَالَ فَالأَشتَرُ قَالَ الأَشعَثُ وَ هَل سَعّرَ الحَربَ غَيرُ الأَشتَرِ وَ هَل نَحنُ إِلّا فِي حُكمِ الأَشتَرِ قَالَ الأَعمَشُ حدَثّنَيِ مَن رَأَي عَلِيّاً ع يَومَ صِفّينَ يُصَفّقُ بِيَدَيهِ وَ يَقُولُ يَا عَجَباً أُعصَي وَ يُطَاعُ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ قَد أَبَيتُم إِلّا أَبَا مُوسَي قَالُوا نَعَم قَالَ فَاصنَعُوا مَا بَدَا لَكُم أللّهُمّ إنِيّ أَبرَأُ إِلَيكَ مِن صَنِيعِهِم
صفحه : 314
وَ قَالَ الأَحنَفُ إِذَا اختَرتُم أَبَا مُوسَي فَادفَئُوا ظَهرَهُ فَقَالَ خُرَيمُ بنُ فَاتِكٍ الأسَدَيِّ
لَو كَانَ لِلقَومِ رأَيٌ يَرشُدُونَ بِهِ | أَهلُ العِرَاقِ رَمَوكُم بِابنِ عَبّاسٍ |
لَكِن رَمَوكُم بِشَيخٍ مِن ذوَيِ يَمَنٍ | لَم يَدرِ مَا ضَربُ أَسدَاسٍ وَ أَخمَاسٍ |
فَلَمّا اجتَمَعُوا كَانَ كَاتِبُ عَلِيّ ع عُبَيدَ اللّهِ بنَ أَبِي رَافِعٍ وَ كَاتِبُ مُعَاوِيَةَ عُمَيرَ بنَ عَبّادٍ الكلَبيِّ فَكَتَبَ عُبَيدُ اللّهِ هَذَا مَا تَقَاضَي عَلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ فَقَالَ عَمرٌو اكتُبُوا اسمَهُ وَ اسمَ أَبِيهِ هُوَ أَمِيرُكُم فَأَمّا أَمِيرُنَا فَلَا فَقَالَ الأَحنَفُ لَا تَمحُ اسمَ إِمَارَةِ المُؤمِنِينَ فَقَالَ عَلِيّ ع اللّهُ أَكبَرُ سُنّةٌ بِسُنّةٍ وَ مَثَلٌ بِمَثَلٍ وَ إنِيّ لَكَاتِبُ يَومِ الحُدَيبِيَةِ
وَ رَوَي أَحمَدُ فِي المُسنَدِ أَنّ النّبِيّص أَمَرَ أَن يُكتَبَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ فَقَالَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو هَذَا كِتَابٌ بَينَنَا وَ بَينَكَ فَافتَحهُ بِمَا نَعرِفُهُ وَ اكتُب بِاسمِكَ أللّهُمّ فَأَمَرَ بِمَحوِ ذَلِكَ وَ كَتَبَ بِاسمِكَ أللّهُمّ هَذَا مَا اصطَلَحَ عَلَيهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو وَ أَهلُ مَكّةَ فَقَالَ سُهَيلٌ لَو أَجَبتُكَ إِلَي هَذَا لَأَقرَرتُ لَكَ بِالنّبُوّةِ فَقَالَ امحُهَا يَا عَلِيّ فَجَعَلَ يَتَلَكّأُ وَ يَأبَي فَمَحَاهَا النّبِيّص وَ كَتَبَ هَذَا مَا اصطَلَحَ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ وَ أَهلُ مَكّةَ يَقُولُ اللّهُ فِي كِتَابِهِلَقَد كانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ
وَ رَوَي مُحَمّدُ بنُ إِسحَاقَ عَن بُرَيدَةَ بنِ سُفيَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ كَعبٍ أَنّ النّبِيّص قَالَ لعِلَيِّ فَإِنّ لَكَ مِثلَهَا تُعطِيهَا وَ أَنتَ مُضطَهِدٌ
بيان و إلاأثرناها أي هيجنا الحرب من أثار الغبار بيوم قماطر بضم القاف أي في يوم شديد قال الجوهري يوم قماطر وقمطرير أي شديد
563-كش ،[رجال الكشي]رَوَت بَعضُ العَامّةِ عَنِ الحَسَنِ البصَريِّ قَالَ حدَثّنَيِ
صفحه : 315
الأَحنَفُ أَنّ عَلِيّاً ع كَانَ يَأذَنُ لبِنَيِ هَاشِمٍ وَ كَانَ يَأذَنُ لِي مَعَهُم قَالَ فَلَمّا كَتَبَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ إِن كُنتَ تُرِيدُ الصّلحَ فَامحُ عَنكَ اسمَ الخِلَافَةِ فَاستَشَارَ بنَيِ هَاشِمٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنهُم انزَح هَذَا الِاسمَ ألّذِي نَزَحَهُ اللّهُ قَالَ فَإِنّ كُفّارَ قُرَيشٍ لَمّا كَانَ بَينَ رَسُولِ اللّهِص وَ بَينَهُم مَا كَانَ وَ كَتَبَ هَذَا مَا قَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ أَهلَ مَكّةَ كَرِهُوا ذَلِكَ وَ قَالُوا لَو نَعلَمُ إِنّكَ لَرَسُولُ اللّهِ مَا مَنَعنَاكَ أَن تَطُوفَ بِالبَيتِ قَالَ فَكَيفَ إِذَن قَالُوا اكتُب هَذَا مَا قَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ أَهلَ مَكّةَ فرَضَيَِ قَالَ الأَحنَفُ فَقُلتُ لِذَلِكَ الرّجُلِ كَلِمَةٌ فِيهَا غِلظَةٌ وَ قُلتُ لعِلَيِّ أَيّهَا الرّجُلُ وَ اللّهِ مَا لَكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللّهِ إِنّا مَا حَابَينَاكَ فِي بَيعَتِنَا وَ لَو نَعلَمُ أَحَداً فِي الأَرضِ اليَومَ أَحَقّ بِهَذَا الأَمرِ مِنكَ لَبَايَعنَاهُ وَ لَقَاتَلنَاكَ مَعَهُ أُقسِمُ بِاللّهِ إِن مَحَوتَ عَنكَ هَذَا الِاسمَ ألّذِي دَعَوتَ النّاسَ إِلَيهِ وَ بَايَعتَهُم عَلَيهِ لَا نَرجِعُ إِلَيهِ أَبَداً
بيان انزح هذاالاسم من باب الإفعال أي بعد أو علي بناء المجرد من نزح البئر يقال نزحتني أي أنفدت ماعندي ولعله كان هذاالقبيح من القول للتضجر من اضطراب الأمر. وقراءته بصيغة الماضي علي الاستفهام الإنكاري فيكون المرفوع في الأول والمنصوب في الثاني راجعين إلي معاوية بعيدة. ويمكن أن يكون بالباء الموحدة والراء المهملة أي عظمه وأكرمه أوبالياء والجيم أي أظهره فيكون غلظة الأحنف علي القائل الثاني
صفحه : 316
564- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَن مُحَمّدِ بنِ عِمرَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي السرّيِّ عَن هِشَامٍ عَن أَبِي مِخنَفٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ جُندَبٍ عَن أَبِيهِ قَالَ لَمّا وَقَعَ الِاتّفَاقُ عَلَي كَتبِ القِصّةِ بَينَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ بَينَ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ حَضَرَ عَمرُو بنُ العَاصِ فِي رِجَالٍ مِن أَهلِ الشّامِ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ فِي رِجَالٍ مِن أَهلِ العِرَاقِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لِلكَاتِبٍ اكتُب هَذَا مَا تَقَاضَي عَلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ اكتُب اسمَهُ وَ اسمَ أَبِيهِ وَ لَا تُسَمّهِ بِإِمرَةِ المُؤمِنِينَ فَإِنّمَا هُوَ أَمِيرُ هَؤُلَاءِ وَ لَيسَ هُوَ بِأَمِيرِنَا فَقَالَ الأَحنَفُ بنُ قَيسٍ لَا تَمحُ هَذَا الِاسمَ فإَنِيّ أَتَخَوّفُ إِن مَحَوتَهُ لَا يَرجِعُ إِلَيكَ أَبَداً فَامتَنَعَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مِن مَحوِهِ فَتَرَاجَعَ الخِطَابُ فِيهِ مَلِيّاً مِنَ النّهَارِ فَقَالَ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ امحُ هَذَا الِاسمَ نَزَحَهُ اللّهُ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع اللّهُ أَكبَرُ سُنّةٌ بِسُنّةٍ وَ مَثَلٌ بِمَثَلٍ وَ اللّهِ إنِيّ لَكَاتِبُ رَسُولِ اللّهِص يَومَ الحُدَيبِيَةِ وَ قَد أَملَي عَلَيّ هَذَا مَا قَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو فَقَالَ لَهُ سُهَيلٌ امحُ رَسُولَ اللّهِ فَإِنّا لَا نُقِرّ لَكَ بِذَلِكَ وَ لَا نَشهَدُ لَكَ بِهِ اكتُب اسمَكَ وَ اسمَ أَبِيكَ فَامتَنَعتُ مِن مَحوِهِ فَقَالَ النّبِيّص امحُهُ يَا عَلِيّ وَ سَتُدعَي فِي مِثلِهَا فَتُجِيِبُ وَ أَنتَ عَلَي مَضَضٍ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ سُبحَانَ اللّهِ وَ مِثلُ هَذَا يُشبِهُ بِذَلِكَ وَ نَحنُ مُؤمِنُونَ وَ أُولَئِكَ كَانُوا كُفّاراً فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَا ابنَ النّابِغَةِ وَ مَتَي لَم تَكُن لِلفَاسِقِينَ
صفحه : 317
وَلِيّاً وَ لِلمُسلِمِينَ عُدُوّاً وَ هَل تُشبِهُ إِلّا أُمّكَ التّيِ دَفَعَت بِكَ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ لَا جَرَمَ لَا يَجمَعُ بيَنيِ وَ بَينَكَ مَجلِسٌ أَبَداً فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ اللّهِ إنِيّ لَأَرجُو أَن يُطَهّرَ اللّهُ مجَلسِيِ مِنكَ وَ مِن أَشبَاهِكَ ثُمّ كَتَبَ الكِتَابَ وَ انصَرَفَ النّاسُ
565- فس ،[تفسير القمي] فِي قِصّةِ الحُدَيبِيَةِ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا عَلِيّ إِنّكَ أَبَيتَ أَن تَمحُوَ اسميِ مِنَ النّبُوّةِ فَوَ ألّذِي بعَثَنَيِ بِالحَقّ نَبِيّاً لَتُجِيبَنّ أَبنَاءَهُم إِلَي مِثلِهَا وَ أَنتَ مَضِيضٌ مُضطَهَدٌ فَلَمّا كَانَ يَومُ صِفّينَ وَ رَضُوا بِالحَكَمَينِ كَتَبَ هَذَا مَا اصطَلَحَ عَلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ لَو عَلِمنَا أَنّكَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ مَا حَارَبنَاكَ وَ لَكِنِ اكتُب هَذَا مَا اصطَلَحَ عَلَيهِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ صَدَقَ اللّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ أخَبرَنَيِ رَسُولُ اللّهِص بِذَلِكَ
بيان المضض وجع المصيبة
566-ل ،[الخصال ]فِيمَا أَجَابَ بِهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع اليهَوُديِّ السّائِلَ عَمّا فِيهِ مِن خِصَالِ الأَوصِيَاءِ قَالَ ع وَ أَمّا السّادِسَةُ يَا أَخَا اليَهُودِ فَتَحكِيمُهُم وَ مُحَارَبَةُ ابنِ آكِلَةِ الأَكبَادِ وَ هُوَ طَلِيقُ بنُ طَلِيقٍ مُعَانِدٌ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلمُؤمِنِينَ مُنذُ بَعَثَ اللّهُ مُحَمّداًص إِلَي أَن فَتَحَ اللّهُ عَلَيهِ مَكّةَ عَنوَةً فَأُخِذَت بَيعَتُهُ وَ بَيعَةُ أَبِيهِ لِي مَعَهُ فِي ذَلِكَ اليَومِ وَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ بَعدَهُ وَ أَبُوهُ بِالأَمسِ أَوّلُ مَن سَلّمَ عَلَيّ بِإِمرَةِ المُؤمِنِينَ وَ جَعَلَ يحَثُنّيِ عَلَي النّهُوضِ فِي أَخذِ حقَيّ مِنَ المَاضِينَ قبَليِ يُجَدّدُ لِي بَيعَتَهُ كُلّمَا أتَاَنيِ وَ أَعجَبُ العَجَبِ أَنّهُ لَمّا رَأَي ربَيّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَد رَدّ إلِيَّ حقَيّ وَ أَقَرّهُ فِي مَعدِنِهِ وَ انقَطَعَ طَمَعُهُ أَن يَصِيرَ فِي دِينِ اللّهِ رَابِعاً وَ فِي أَمَانَةٍ حَمَلنَاهَا حَاكِماً كَرّ عَلَي
صفحه : 318
العاَصيِ بنِ العَاصِ فَاستَمَالَهُ فَمَالَ إِلَيهِ ثُمّ أَقبَلَ بِهِ بَعدَ إِذ أَطمَعَهُ مِصرَ وَ حَرَامٌ عَلَيهِ أَن يَأخُذَ مِنَ الفيَءِ دُونَ قِسمِهِ دِرهَماً وَ حَرَامٌ عَلَي الراّعيِ إِيصَالُ دِرهَمٍ إِلَيهِ فَوقَ حَقّهِ فَأَقبَلَ يَخبِطُ البِلَادَ بِالظّلمِ وَ يَطَؤُهَا بِالغَشمِ فَمَن بَايَعَهُ أَرضَاهُ وَ مَن خَالَفَهُ نَاوَاهُ ثُمّ تَوَجّهَ إلِيَّ نَاكِثاً عَلَينَا مُغَيّراً فِي البِلَادِ شَرقاً وَ غَرباً وَ يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ الأَنبَاءُ تأَتيِنيِ وَ الأَخبَارُ تَرِدُ عَلَيّ بِذَلِكَ فأَتَاَنيِ أَعوَرُ ثَقِيفٍ فَأَشَارَ عَلَيّ أَن أُوَلّيَهُ البِلَادَ التّيِ هُوَ بِهَا لِأُدَارِيَهُ بِمَا أُوَلّيهِ عَنهَا وَ فِي ألّذِي أَشَارَ بِهِ الرأّيَ فِي أَمرِ الدّنيَا لَو وَجَدتُ عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي تَولِيَتِهِ لِي مَخرَجاً وَ أَصَبتُ لنِفَسيِ فِي ذَلِكَ عُذراً فَأَعمَلتُ الرأّيَ فِي ذَلِكَ وَ شَاوَرتُ مَن أَثِقُ بِنَصِيحَتِهِ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ لِرَسُولِهِص وَ لِي وَ لِلمُؤمِنِينَ فَكَانَ رَأيُهُ فِي ابنِ آكِلَةِ الأَكبَادِ كرَأَييِ ينَهاَنيِ عَن تَولِيَتِهِ وَ يحُذَرّنُيِ أَن أُدخِلَ فِي أَمرِ المُسلِمِينَ يَدَهُ وَ لَم يَكُنِ اللّهُ ليِرَاَنيِ أَتّخِذُ المُضِلّينَ عَضُداً فَوَجّهتُ إِلَيهِ أَخَا بَجِيلَةَ مَرّةً وَ أَخَا الأَشعَرِيّينَ مَرّةً كِلَاهُمَا رَكَنَ إِلَي الدّنيَا وَ تَابَعَ هَوَاهُ فِيمَا أَرضَاهُ فَلَمّا لَم أَرَهُ يَزدَادُ فِيمَا انتَهَكَ مِن مَحَارِمِ اللّهِ إِلّا تَمَادِياً شَاوَرتُ مَن معَيِ مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍص البَدرِيّينَ وَ الّذِينَ ارتَضَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَمرَهُم وَ رضَيَِ عَنهُم بَعدَ بَيعَتِهِم وَ غَيرَهُم مِن صُلَحَاءِ المُسلِمِينَ وَ التّابِعِينَ فَكُلّ يُوَافِقُ رَأيُهُ رأَييِ فِي غَزوِهِ وَ مُحَارَبَتِهِ وَ مَنعِهِ مِمّا نَالَت مَعَهُ يَدُهُ وَ إنِيّ نَهَضتُ إِلَيهِ بأِصَحاَبيِ أُنفِذُ إِلَيهِ مِن كُلّ مَوضِعٍ كتُبُيِ وَ أُوَجّهُ إِلَيهِ رسُلُيِ وَ أَدعُوهُ إِلَي الرّجُوعِ عَمّا هُوَ فِيهِ وَ الدّخُولِ فِيمَا فِيهِ النّاسُ معَيِ فَكَتَبَ إلِيَّ يَتَحَكّمُ عَلَيّ وَ يَتَمَنّي عَلَيّ الأمَاَنيِّ وَ يَشتَرِطُ عَلَيّ شُرُوطاً لَا يَرضَاهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَ رَسُولُهُ وَ لَا المُسلِمُونَ وَ يَشتَرِطُ فِي بَعضِهَا أَن أَدفَعَ إِلَيهِ أَقوَاماً مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍص أَبرَاراً فِيهِم عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ وَ أَينَ مِثلُ عَمّارٍ وَ اللّهِ لَقَد رَأَيتُنَا مَعَ النّبِيّص مَا يَعُدّ مِنّا خَمسَةً إِلّا كَانَ سَادِسَهُم وَ لَا أَربَعَةً إِلّا كَانَ خَامِسَهُم اشتَرَطَ دَفعَهُم إِلَيهِ لِيَقتُلَهُم وَ يُصَلّبَهُم وَ انتَحَلَ دَمَ عُثمَانَ وَ لَعَمرُ اللّهِ مَا أَلّبَ عَلَي عُثمَانَ وَ لَا جَمَعَ النّاسَ عَلَي قَتلِهِ إِلّا هُوَ وَ أَشبَاهُهُ مِن
صفحه : 319
أَهلِ بَيتِهِ أَغصَانُ الشّجَرَةِ المَلعُونَةِ فِي القُرآنِ فَلَمّا لَم أُجِب إِلَي مَا اشتَرَطَ مِن ذَلِكَ كَرّ مُستَعلِياً فِي نَفسِهِ بِطُغيَانِهِ وَ بَغيِهِ بِحَمِيرٍ لَا عُقُولَ لَهُم وَ لَا بَصَائِرَ فَمَوّهَ لَهُم أَمراً فَاتّبَعُوهُ وَ أَعطَاهُم مِنَ الدّنيَا مَا أَمَالَهُم بِهِ إِلَيهِ فَنَاجَزنَاهُم وَ حَاكَمنَاهُم إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ بَعدَ الإِعذَارِ وَ الإِنذَارِ فَلَمّا لَم يَزِدهُ ذَلِكَ إِلّا تَمَادِياً وَ بَغياً لَقِينَاهُ بِعَادَةِ اللّهِ التّيِ عَوّدَنَا مِنَ النّصرِ عَلَي أَعدَائِهِ وَ عَدُوّنَا وَ رَايَةُ رَسُولِ اللّهِ بِأَيدِينَا لَم يَزَلِ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَفُلّ حِزبَ الشّيطَانِ بِهَا حَتّي يقَضيَِ المَوتَ عَلَيهِ وَ هُوَ مُعَلّمُ رَايَاتِ أَبِيهِ التّيِ لَم أَزَل أُقَاتِلُهَا مَعَ رَسُولِ اللّهِص فِي كُلّ المَوَاطِنِ فَلَم يَجِد مِنَ المَوتِ مَنجًي إِلّا الهَرَبَ فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَ قَلّبَ رَايَتَهُ وَ لَا يدَريِ كَيفَ يَحتَالُ فَاستَعَانَ برِأَيِ ابنِ العَاصِ فَأَشَارَ عَلَيهِ بِإِظهَارِ المَصَاحِفِ وَ رَفعِهَا عَلَي الأَعلَامِ وَ الدّعَاءِ إِلَي مَا فِيهَا وَ قَالَ إِنّ ابنَ أَبِي طَالِبٍ وَ حِزبَهُ أَهلُ بَصَائِرَ وَ رَحمَةٍ وَ بُقيَا وَ قَد دَعَوكَ إِلَي كِتَابِ اللّهِ أَوّلًا وَ هُم مُجِيبُوكَ إِلَيهِ آخِراً فَأَطَاعَهُ فِيمَا أَشَارَ بِهِ عَلَيهِ إِذ رَأَي أَنّهُ لَا مَنجَا لَهُ مِنَ القَتلِ أَو الهَرَبِ غَيرُهُ فَرَفَعَ المَصَاحِفَ يَدعُو إِلَي مَا فِيهَا بِزَعمِهِ فَمَالَت إِلَي المَصَاحِفِ قُلُوبُ مَن بقَيَِ مِن أصَحاَبيِ بَعدَ فَنَاءِ خِيَارِهِم وَ جَهدِهِم فِي جِهَادِ أَعدَاءِ اللّهِ وَ أَعدَائِهِم عَلَي بَصَائِرِهِم فَظَنّوا أَنّ ابنَ آكِلَةِ الأَكبَادِ لَهُ الوَفَاءُ بِمَا دَعَا إِلَيهِ فَأَصغَوا إِلَي دَعوَتِهِ وَ أَقبَلُوا بِأَجمَعِهِم فِي إِجَابَتِهِ فَأَعلَمتُهُم أَنّ ذَلِكَ مِنهُ مَكرٌ وَ مِنِ ابنِ العَاصِ مَعَهُ وَ أَنّهُمَا إِلَي النّكثِ أَقرَبُ مِنهُمَا إِلَي الوَفَاءِ فَلَم يَقبَلُوا قوَليِ وَ لَم يُطِيعُوا أمَريِ وَ أَبَوا إِلّا إِجَابَتَهُ كَرِهتُ أَم هَوِيتُ شِئتُ أَو أَبَيتُ حَتّي أَخَذَ بَعضُهُم يَقُولُ لِبَعضٍ إِن لَم يَفعَل فَأَلحِقُوهُ بِابنِ عَفّانَ أَوِ ادفَعُوهُ إِلَي ابنِ هِندٍ بِرُمّتِهِ فَجَهَدتُ عَلِمَ اللّهُ جهَديِ وَ لَم أَدَع عِلّةً فِي نفَسيِ إِلّا بَلّغتُهَا فِي أَن يخُلوُنيِ وَ رأَييِ فَلَم يَفعَلُوا وَ رَاوَدتُهُم عَلَي الصّبرِ عَلَي مِقدَارِ فُوَاقِ النّاقَةِ أَو رَكضَةِ الفَرَسِ فَلَم يُجِيبُوا مَا خَلَا هَذَا الشّيخَ وَ أَومَأَ بِيَدِهِ إِلَي الأَشتَرِ وَ عُصبَةً مِن أَهلِ بيَتيِ فَوَ اللّهِ مَا منَعَنَيِ أَن أمَضيَِ عَلَي بصَيِرتَيِ إِلّا مَخَافَةَ أَن يُقتَلَ هَذَانِ
صفحه : 320
وَ أَومَأَ بِيَدِهِ إِلَي الحَسَنِ وَ الحُسَينِ فَيَنقَطِعَ نَسلُ رَسُولِ اللّهِص وَ ذُرّيّتِهِ مِن أُمّتِهِ وَ مَخَافَةَ أَن يُقتَلَ هَذَا وَ هَذَا وَ أَومَأَ بِيَدِهِ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ وَ مُحَمّدِ بنِ الحَنَفِيّةِ رضَيَِ اللّهُ عَنهُمَا فإَنِيّ أَعلَمُ لَو لَا مكَاَنيِ لَم يَقِفَا ذَلِكَ المَوقِفَ فَلِذَلِكَ صَبَرتُ عَلَي مَا أَرَادَ القَومُ مَعَ مَا سَبَقَ فِيهِ مِن عِلمِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَلَمّا رَفَعنَا عَنِ القَومِ سُيُوفَنَا تَحَكّمُوا فِي الأُمُورِ وَ تَخَيّرُوا الأَحكَامَ وَ الآرَاءَ وَ تَرَكُوا المَصَاحِفَ وَ مَا دَعَوا إِلَيهِ مِن حُكمِ القُرآنِ وَ مَا كُنتُ أَحكُمُ فِي دِينِ اللّهِ أَحَداً إِذ كَانَ التّحكِيمُ فِي ذَلِكَ الخَطَأُ ألّذِي لَا شَكّ فِيهِ وَ لَا امتِرَاءَ فَلَمّا أَبَوا إِلّا ذَلِكَ أَرَدتُ أَن أَحكُمَ رَجُلًا مِن أَهلِ بيَتيِ أَو رَجُلًا مِمّن أَرضَي رَأيَهُ وَ عَقلَهُ وَ أَثِقُ بِنَصِيحَتِهِ وَ مَوَدّتِهِ وَ دِينِهِ وَ أَقبَلتُ لَا أسُمَيّ أَحَداً إِلّا امتَنَعَ مِنهُ ابنُ هِندٍ وَ لَا أَدعُوهُ إِلَي شَيءٍ مِنَ الحَقّ إِلّا أَدبَرَ عَنهُ وَ أَقبَلَ ابنُ هِندٍ يَسُومُنَا عَسَفاً وَ مَا ذَاكَ إِلّا بِاتّبَاعِ أصَحاَبيِ لَهُ عَلَي ذَلِكَ فَلَمّا أَبَوا إِلّا غلَبَتَيِ عَلَي التّحكِيمِ تَبَرّأتُ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مِنهُم وَ فَوّضتُ ذَلِكَ إِلَيهِم فَقَلّدُوهُ امرَأً فَخَدَعَهُ ابنُ العَاصِ خَدِيعَةً ظَهَرَت فِي شَرقِ الأَرضِ وَ غَربِهَا وَ أَظهَرَ المَخدُوعُ عَلَيهَا نَدَماً
بيان قوله ع و في أمانة حملناها إشارة إلي أن الأمانة في قوله تعالي إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَهي الخلافة كمامر وسيأتي وكونه حاكما أن
صفحه : 321
يكون بمشورته وكون الأمر شوري كما كان يظهر كثيرا وخبط البعير الأرض بيده خبطا ضربها و منه قيل خبط عشواء وهي الناقة التي في بصرها ضعف تخبط إذامشت لاتتوقي شيئا والغشم الظلم ويقال أبقيت علي فلان إذارعيت عليه ورحمته والاسم منه البُقيَا قاله الجوهري و قال الرمة قطعة من الحبل بالية و منه قولهم دفع إليه الشيء برمته وأصله أن رجلا دفع إلي رجل بعيرا بحبل في عنقه فقيل ذلك لكل من دفع شيئا بجملته ويقال سامه خسفا أي أورده عليه والعسف الأخذ علي غيرالطريق والظلم
567- كِتَابُ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ، قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لِلحَكَمَينِ حِينَ بَعَثَهُمَا احكُمَا بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ وَ إِن كَانَ فِيهِمَا حَزّ حلَقيِ فَإِنّهُ مَن قَادَهَا إِلَي هَؤُلَاءِ فَإِنّ نِيّتَهُم أَخبَثُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي فَلَقِيَهُ صِدّيقٌ لَهُ مِنَ الأَنصَارِ فَقَالَ مَا هَذَا الِانتِشَارُ ألّذِي بلَغَنَيِ عَنكَ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ الأُمّةِ أَضبَطَ لِلأَمرِ مِنكَ فَمَا هَذَا الِاختِلَافُ وَ الِانتِشَارُ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع أَنَا صَاحِبُكَ ألّذِي تَعرِفُ إِلّا أنَيّ قَد بُلِيتُ بِأَخَابِثَ مِن خَلقِ اللّهِ أُرِيدُهُم عَلَي الأَمرِ فَيَأبَونَ فَإِن تَابَعتُهُم عَلَي مَا يُرِيدُونَ تَفَرّقُوا عنَيّ
بيان الحز بالحاء المهملة القطع والقرض فإنه من قادها أي الخلافة
568-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن خُطبَةٍ لَهُ ع بَعدَ التّحكِيمِ الحَمدُ لِلّهِ وَ إِن أَتَي الدّهرُ بِالخَطبِ الفَادِحِ وَ الحَدَثِ الجَلِيلِ وَ أَشهَدُ أَن
صفحه : 322
لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَيسَ مَعَهُ إِلَهٌ غَيرُهُ وَ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُص أَمّا بَعدُ فَإِنّ مَعصِيَةَ النّاصِحِ الشّفِيقِ العَالِمِ المُجَرّبِ تُورِثُ الحَسرَةَ وَ تُعقِبُ النّدَامَةَ وَ قَد كُنتُ أَمَرتُكُم فِي هَذِهِ الحُكُومَةِ أمَريِ وَ نَخَلتُ لَكُم مَخزُونَ رأَييِ لَو كَانَ يُطَاعُ لِقَصِيرٍ أَمرٌ فَأَبَيتُم عَلَيّ إِبَاءَ المُخَالِفِينَ الجُفَاةِ وَ المُنَابِذِينَ العُصَاةِ حَتّي ارتَابَ النّاصِحُ بِنُصحِهِ وَ ضَنّ الزّندُ بِقَدحِهِ فَكُنتُ وَ إِيّاكُم كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ
أَمَرتُكُم أمَريِ بِمُنعَرَجِ اللّوَي | فَلَم تَستَبِينُوا النّصحَ إِلّا ضُحَي الغَدِ |
بيان الخطب الأمر العظيم والفادح الثقيل . و قال الجوهري المجرب ألذي قدجربته الأمور وأحكمته فإن كسرت الراء جعلته فاعلا إلا أن العرب تكلمت به بالفتح قوله ع ونخلت أي أخلصت وصفيت من نخلت الدقيق بالمنخل قوله ع لو كان يطاع يطاع هومثل يضرب لمن خالف ناصحه وأصل المثل أن قصيرا كان مولي لجذيمة بن الأبرش بعض ملوك العرب و قد كان جذيمة قتل أباالزبا ملكة الجزيرة فبعث إليه ليتزوج بهاخدعة وسألته القدوم عليها فأجابها إلي ذلك وخرج في ألف فارس وخلف باقي جنوده مع ابن أخته و قد كان قصيرا أشار عليه بأن لايتوجه إليها فلم يقبل فلما قرب الجزيرة استقبلته جنود الزبا بالعدة و لم ير منهم إكراما له فأشار عليه قصير بالرجوع و قال من شأن النساء الغدر فلم يقبل فلما دخل عليها قتلته فعندها قال قصير لايطاع لقصير أمر فصار مثلا لكل ناصح عصي. و قال ابن ميثم و قديتوهم أن جواب لوهاهنا مقدم والحق أن جوابها محذوف والتقدير إني أمرتكم ونصحت لكم فلو أطعتموني لفعلتم ماأمرتكم به . قوله ع فأبيتم إلي آخره في تقدير استثناء لنقيض التالي وتقديره لكنكم أبيتم علي إباء المخالفين انتهي .
صفحه : 323
ولعل الأنسب علي تقدير الجواب أن يقال لوأطعتموني لماأصابتكم حسرة وندامة أولكان حسنا ونحوهما ويحتمل أن يكون لوللتمني فلايحتاج إلي تقدير جواب علي بعض الأقوال . و قال في القاموس الانتباذ التنحي وتحيز كل من الفريقين في الحرب كالمنابذة. قوله ع حتي ارتاب الناصح لعله محمول علي المبالغة أي لو كان ناصح غيري لارتاب . قوله ع وضن الزند بقدحه الزند العود ألذي يقدح به النار قيل هومثل يضرب لمن يبخل بفوائده إذا لم يجد لها قابلا عارفا بحقها. وأخو هوازن هوالدريد بن الصمة والبيت من قصيدة له في الحماسة وقصته أن أخاه عبد الله بن الصمة غزا بني بكر بن هوازن فغنم منهم واستاق إبلهم فلما كان بمنعرج اللوي قال و الله لاأبرح حتي أنحر النقيعة وهي ماينحر من النهب قبل القسمة فقال أخوه لاتفعل فإن القوم في طلبك وأبي عليه وأقام ونحر النقيعة وبات فلما أصبح هجم القوم عليه وطعن عبد الله بن الصمة فاستغاث بأخيه دريد فنهنه عنه القوم حتي طعن هوأيضا وصرع وقتل عبد الله وحال الليل بين القوم فنجا دريد بعدطعنات وجراح فأنشد القصيدة ومطابقة المثل للمضرب ظاهرة
569-أَقُولُ وَجَدتُ فِي بَعضِ نُسَخِ نَهجِ البَلَاغَةِ، مِن خُطبَةٍ لَهُ ع فِي شَأنِ الحَكَمَينِ وَ ذَمّ أَهلِ الشّامِ جُفَاةٌ طَغَامٌ عَبِيدٌ أَقزَامٌ جُمِعُوا مِن كُلّ أَوبٍ وَ تُلُقّطُوا مِن كُلّ شَوبٍ مِمّن ينَبغَيِ أَن يُفَقّهَ وَ يُؤَدّبَ وَ يُعَلّمَ وَ يُدَرّبَ وَ يُوَلّي عَلَيهِ وَ يُؤخَذَ عَلَي يَدَيهِ لَيسُوا مِنَالمُهاجِرِينَ وَ الأَنصارِ وَ لَا مِنَالّذِينَ تَبَوّؤُا الدّارَ
صفحه : 324
أَلَا وَ إِنّ القَومَ اختَارُوا لِأَنفُسِهِم أَقرَبَ القَومِ مِمّا يُحِبّونَ وَ إِنّكُمُ اختَرتُم لِأَنفُسِكُم أَقرَبَ القَومِ مِمّا تَكرَهُونَ وَ إِنّمَا عَهدُكُم بِعَبدِ اللّهِ بنِ قَيسٍ بِالأَمسِ يَقُولُ إِنّهَا فِتنَةٌ فَقَطّعُوا أَوتَارَكُم وَ شِيمُوا سُيُوفَكُم فَإِن كَانَ صَادِقاً فَقَد أَخطَأَ بِمَسِيرِهِ غَيرَ مُستَكرَهٍ وَ إِن كَانَ كَاذِباً فَقَد لَزِمَتهُ التّهَمَةُ فَادفَعُوا فِي صَدرِ عَمرِو بنِ العَاصِ بِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ وَ خُذُوا مَهَلَ الأَيّامِ وَ حُوطُوا قوَاَصيَِ الإِسلَامِ أَ لَا تَرَونَ إِلَي بِلَادِكُم تُغزَي وَ إِلَي صَفَاتِكُم تُرمَي
بيان لم يتعرض له الشراح و في القاموس القزم محركة الدناءة والقماءة أوصغر الجسم في الجمال وصغر الأخلاق في الناس ورذال الناس للواحد والجمع والذكر والأنثي و قديثني ويجمع ويذكر ويؤنث يقال رجل قزم ورجال أقزام وككتاب اللئام وككتف وجبل الصغير الجثة اللئيم لاغناء عنده . و قال الأوب الطريق والجهة والشوب الخلط أي من أخلاط الناس . قوله ع ويولي علة أي هم من السفهاء الذين ينبغي أن يتولي أمورهم غيرهم من الأولياء والحكام . و في القاموس شام سيفه يشيمه غمده واستله ضد و قال المهل ويحرك والمهلة بالضم السكينة والرفق ومهله تمهيلا أجله والمهل محركة التقدم في الخير وأمهله أنظره ولعل المعني اغتنموا المهلة واشتغلوا بحفظ البلاد القاصية وثغور المسلمين عن غارات الكافرين والمنافقين ولعل رمي الصفاة كناية عن طمعهم فيما لم يكونوا يطمعون قبل ذلك فإن الرمي علي الصفاة وهي الحجر الأملس لايؤثر و قدمر قريب منه في كلامه ع
صفحه : 325
570- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَنِ ابنِ قُولَوَيهِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَن أَبِي الجَوزَاءِ عَنِ ابنِ عُلوَانَ عَن عَمرِو بنِ خَالِدٍ عَن زَيدِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا عَلِيّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي أمَرَنَيِ أَن أَتّخِذَكَ أَخاً وَ وَصِيّاً فَأَنتَ أخَيِ وَ وصَيِيّ وَ خلَيِفتَيِ عَلَي أهَليِ فِي حيَاَتيِ وَ بَعدَ موَتيِ مَنِ اتّبَعَكَ فَقَد تبَعِنَيِ وَ مَن تَخَلّفَ عَنكَ فَقَد تَخَلّفَ عنَيّ وَ مَن كَفَرَ بِكَ فَقَد كَفَرَ بيِ وَ مَن ظَلَمَكَ فَقَد ظلَمَنَيِ يَا عَلِيّ أَنتَ منِيّ وَ أَنَا مِنكَ يَا عَلِيّ لَو لَا أَنتَ لَمَا قُوتِلَ أَهلُ النّهرِ قَالَ فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ مَن أَهلُ النّهرِ قَالَ قَومٌ يَمرُقُونَ مِنَ الإِسلَامِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ
بيان قال في النهاية في حديث الخوارج يمرقون من الدين مروق السهم من الرّمِيّةِ أي يجوزونه ويخرقونه ويتعدونه كمايمرق السهم الشيء المرمي به ويخرج منه و قدتكرر في الحديث و منه حديث علي ع
صفحه : 326
أمرت بقتال المارقين يعني الخوارج . و قال في الرمية بعدذكر الحديث الرمية الصيد ألذي ترميه فتقصده وينفذ فيهاسهمك وقيل هي كل دابة مرمية
571- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرِ بنِ ملاس النمّيَريِّ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ عُلَيّةَ قَالَ وَ حدَثّنَيِ أَبُو عِيسَي جُبَيرُ بنُ مُحَمّدٍ الدّقّاقُ عَن عَمّارِ بنِ خَالِدٍ الواَسطِيِّ عَن إِسحَاقَ بنِ يُوسُفَ الأَزرَقِ عَنِ الأَعمَشِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي أَوفَي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص الخَوَارِجُ كِلَابُ أَهلِ النّارِ
572- يج ،[الخرائج والجرائح ]رَوَي أَبُو سَعِيدٍ الخدُريِّ أَنّ النّبِيّص قَسَمَ يَوماً قَسماً فَقَالَ رَجُلٌ مِن تَمِيمٍ اعدِل فَقَالَ وَيحَكَ وَ مَن يَعدِلُ إِذَا لَم أَعدِل قِيلَ نَضرِبُ عُنُقَهُ قَالَ لَا إِنّ لَهُ أَصحَاباً يُحَقّرُ أَحَدُكُم صَلَاتَهُ وَ صِيَامَهُ مَعَ صَلَاتِهِم وَ صِيَامِهِم يَمرُقُونَ مِنَ الدّينِ مُرُوقَ السّهمِ مِنَ الرّمِيّةِ رَئِيسُهُم رَجُلٌ أَدعَجُ أَحَدُ ثَديَيهِ مِثلُ ثدَيِ المَرأَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إنِيّ كُنتُ مَعَ عَلِيّ حِينَ قَتَلَهُم وَ أَلتَمِسُ فِي القَتلَي بِالنّهرَوَانِ فأَتُيَِ بِهِ عَلَي النّعتِ ألّذِي نَعَتَهُ رَسُولُ اللّهِص
573-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]تَفسِيرُ القشُيَريِّ وَ إِبَانَةُ العكُبرَيِّ عَن سُفيَانَ عَنِ الأَعمَشِ عَن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ عَن أَبِي الطّفَيلِ أَنّهُ سَأَلَ ابنُ الكَوّاءِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَن قَولِهِ تَعَالَيهَل نُنَبّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمالًا فَقَالَ ع إِنّهُم أَهلُ حَرُورَاءَ ثُمّ قَالَالّذِينَ ضَلّ
صفحه : 327
سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدّنيا وَ هُم يَحسَبُونَ أَنّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً فِي قِتَالِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أُولئِكَ الّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبّهِم وَ لِقائِهِ فَحَبِطَت أَعمالُهُم فَلا نُقِيمُ لَهُم يَومَ القِيامَةِ وَزناً ذلِكَ جَزاؤُهُم جَهَنّمُ بِما كَفَرُوابِوَلَايَةِ عَلِيّ ع وَ اتّخَذُواآيَاتِ القُرآنِوَ رسُلُيِيعَنيِ مُحَمّداًص هُزُواًاستَهزَءُوا بِقَولِهِ أَلَا مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ وَ أُنزِلَ فِي أَصحَابِهِإِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ كانَت لَهُم جَنّاتُ الفِردَوسِ نُزُلًا فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ نَزَلَت فِي أَصحَابِ الجَمَلِ
تَفسِيرُ الفلَكَيِّ أَبُو أُمَامَةَ قَالَ قَالَ النّبِيّص فِي قَولِهِ تَعَالَييَومَ تَبيَضّ وُجُوهٌ وَ تَسوَدّ وُجُوهٌ فَأَمّا الّذِينَ اسوَدّت وُجُوهُهُمهُمُ الخَوَارِجُ
البخُاَريِّ وَ مُسلِمٌ وَ الطبّرَيِّ وَ الثعّلبَيِّ فِي كُتُبِهِم أَنّ ذَا الخُوَيصِرَةِ التمّيِميِّ قَالَ للِنبّيِّ اعدِل بِالسّوِيّةِ فَقَالَ وَيحَكَ إِن أَنَا لَم أَعدِل قَد خنت [خِبتَ] وَ خَسِرتَ فَمَن يَعدِلُ فَقَالَ عُمَرُ ائذَن لِي أَضرِب عُنُقَهُ فَقَالَ دَعهُ فَإِنّ لَهُ أَصحَاباً وَ ذَكَرَ وَصفَهُ فَنَزَلَوَ مِنهُم مَن يَلمِزُكَ فِي الصّدَقاتِ
مُسنَدُ أَبِي يَعلَي الموَصلِيِّ وَ إِبَانَةُ ابنِ بُطّةَ العكُبرَيِّ وَ عِقدُ ابنِ عَبدِ رَبّهِ الأنَدلُسُيِّ وَ حِليَةُ أَبِي نَعِيمٍ الأصَفهَاَنيِّ وَ زِينَةُ أَبِي حَاتِمٍ الراّزيِّ وَ كِتَابُ أَبِي بَكرٍ الشيّراَزيِّ أَنّهُ ذُكِرَ رَجُلٌ بَينَ يدَيَِ النّبِيّ بِكَثرَةِ العِبَادَةِ فَقَالَ النّبِيّص لَا أَعرِفُهُ فَإِذَا هُوَ قَد طَلَعَ فَقَالُوا هُوَ هَذَا فَقَالَ النّبِيّص أَمَا إنِيّ أَرَي بَينَ عَينَيهِ سَفعَةً مِنَ الشّيطَانِ فَلَمّا رَآهُ قَالَ لَهُ هَل حَدّثَتكَ نَفسُكَ إِذ طَلَعتَ عَلَينَا أَنّهُ لَيسَ فِي القَومِ أَحَدٌ مِثلَكَ قَالَ نَعَم ثُمّ دَخَلَ المَسجِدَ فَوَقَفَ يصُلَيّ فَقَالَ النّبِيّص أَ لَا رَجُلٌ يَقتُلُهُ فَحَسَرَ أَبُو بَكرٍ عَن ذِرَاعَيهِ وَ صَمَدَ نَحوَهُ فَرَآهُ رَاكِعاً فَرَجَعَ فَقَالَ أَقتُلُ رَجُلًا يَركَعُ وَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ فَقَالَ ع اجلِس فَلَستَ بِصَاحِبِهِ
صفحه : 328
ثُمّ قَالَ أَ لَا رَجُلٌ يَقتُلُهُ فَقَامَ عُمَرُ فَرَآهُ سَاجِداً فَقَالَ أَقتُلُ رَجُلًا يَسجُدُ وَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ فَقَالَ النّبِيّ اجلِس فَلَستَ بِصَاحِبِهِ قُم يَا عَلِيّ فَإِنّكَ أَنتَ قَاتِلُهُ إِن أَدرَكتَهُ فَمَضَي وَ انصَرَفَ وَ قَالَ لَهُ مَا رَأَيتُهُ فَقَالَ النّبِيّص لَو قُتِلَ لَكَانَ أَوّلَ فِتنَةٍ وَ آخِرَهَا
وَ فِي رِوَايَةٍ هَذَا أَوّلُ قَرنٍ يَطلُعُ فِي أمُتّيِ لَو قَتَلتُمُوهُ مَا اختَلَفَ بعَديِ اثنَانِ
وَ قَالَ أَبِي وَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ فَأَنزَلَ اللّهُ تَعَالَيثانيَِ عِطفِهِ لِيُضِلّ عَن سَبِيلِ اللّهِ لَهُ فِي الدّنيا خزِيٌ وَ هُوَ القَتلُوَ نُذِيقُهُ يَومَ القِيامَةِ عَذابَ الحَرِيقِبِقِتَالِهِ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع
بيان قال في النهاية السفعة نوع من السواد مع لون آخر و منه حديث أبي اليسر أري في وجهك سفعة من غضب أي تغيرا إلي السواد
وَ فِي حَدِيثِ أُمّ سَلَمَةَ أَنّهُ دَخَلَ عَلَيهَا وَ عِندَهَا جَارِيَةٌ بِهَا سَفعَةٌ فَقَالَ إِنّ بِهَا نَظرَةً فَاستَرقُوا لَهَا أَي عَلَامَةً مِنَ الشّيطَانِ أَو ضَربَةً وَاحِدَةً مِنهُ وَ هيَِ المَرّةُ مِنَ السّفعِ الأَخذِ
صفحه : 329
وَ مِنهُ حَدِيثُ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ لِرَجُلٍ رَآهُ إِنّ بِهَذَا سَفعَةً مِنَ الشّيطَانِ فَقَالَ لَهُ الرّجُلُ لَم أَسمَع فَمَا قُلتَ فَقَالَ أَنشَدتُكَ اللّهَ هَل تَرَي أَحَداً خَيراً مِنكَ قَالَ لَا قَالَ فَلِهَذَا قُلتُ مَا قُلتُ جَعَلَ مَا بِهِ مِنَ العُجبِ مَسّاً مِنَ الجُنُونِ
574- كشف ،[كشف الغمة]ذَكَرَ الإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ سُلَيمَانُ بنُ الأَشعَثِ فِي مُسنَدِهِ المُسَمّي بِالسّنَنِ يَرفَعُهُ إِلَي أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِّ وَ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ سَيَكُونُ فِي أمُتّيِ اختِلَافٌ وَ فُرقَةٌ قَومٌ يُحسِنُونَ القِيلَ وَ يُسِيئُونَ الفِعلَ يَقرَءُونَ القُرآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ هُم شَرّ الخَلقِ طُوبَي لِمَن قَتَلَهُم وَ قَتَلُوهُ يَدعُونَ إِلَي كِتَابِ اللّهِ وَ لَيسُوا مِنهُ فِي شَيءٍ مَن قَاتَلَهُم كَانَ أَولَي بِاللّهِ مِنهُم
وَ نَقَلَ مُسلِمُ بنُ حَجّاجٍ فِي صَحِيحِهِ وَ وَافَقَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدِهِمَا عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ أَنّهُ كَانَ فِي الجَيشِ الّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيّ ع قَالَ فَقَالَ عَلِيّ أَيّهَا النّاسُ إنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ يَخرُجُ قَومٌ مِن أمُتّيِ يَقرَءُونَ القُرآنَ لَيسَ قِرَاءَتُكُم إِلَي قِرَاءَتِهِم بشِيَءٍ وَ لَا صَلَاتُكُم إِلَي صَلَاتِهِم بشِيَءٍ وَ لَا صِيَامُكُم إِلَي صِيَامِهِم بشِيَءٍ يَقرَءُونَ القُرآنَ يَحسَبُونَ أَنّهُ لَهُم وَ هُوَ عَلَيهِم لَا يُجَاوِزُ قِرَاءَتُهُم تَرَاقِيَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ لَو يَعلَمُ الجَيشُ الّذِينَ يُصِيبُونَهُم مَا قَضَي لَهُم عَلَي لِسَانِ نَبِيّهِم لَنَكَلُوا عَنِ العَمَلِ وَ آيَةُ ذَلِكَ أَنّ فِيهِم رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ لَيسَ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَي عَضُدِهِ مِثلُ حَلَمَةِ الثدّيِ عَلَيهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ أَ فَتَذَهبَوُنَ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ أَهلِ الشّامِ وَ تَترُكُونَ هَؤُلَاءِ يَخلُفُونَكُم فِي ذَرَارِيّكُم وَ أَموَالِكُم وَ اللّهِ إنِيّ لَأَرجُو أَن يَكُونُوا هَؤُلَاءِ القَومَ فَإِنّهُم قَد سَفَكُوا الدّمَ الحَرَامَ
صفحه : 330
وَ أَغَارُوا عَلَي سَرحِ النّاسِ فَسِيرُوا
قَالَ سَلَمَةُ فنَزَلَنَيِ زَيدُ بنُ وَهبٍ مَنزِلًا مَنزِلًا حَتّي قَالَ مَرَرنَا عَلَي قَنطَرَةٍ فَلَمّا التَقَينَا وَ عَلَي الخَوَارِجِ يَومَئِذٍ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ الراّسبِيِّ فَقَالَ لَهُم أَلقُوا الرّمَاحَ وَ سَلّوا السّيُوفَ مِن جُفُونِهَا فإَنِيّ أَخَافُ أَن يُنَاشِدُوكُم كَمَا نَاشَدُوكُم أَيّامَ حَرُورَاءَ فَرَجَعُوا فَوَحَشُوا بِرِمَاحِهِم وَ سَلّوا السّيُوفَ وَ شَجَرَهُمُ النّاسُ بِالرّمَاحِ قَالَ وَ قُتِلَ بَعضُهُم عَلَي بَعضٍ وَ مَا أُصِيبَ يَومَئِذٍ مِنَ النّاسِ إِلّا رَجُلَانِ فَقَالَ عَلِيّ ع التَمِسُوا فِيهِمُ المُخدَجَ وَ هُوَ النّاقِصُ فَلَم يَجِدُوهُ فَقَامَ عَلِيّ ع بِنَفسِهِ حَتّي أَتَي نَاساً وَ قَد قُتِلَ بَعضُهُم عَلَي بَعضٍ قَالَ أَخرِجُوهُم فَأَخرَجُوهُم فَوَجَدُوهُ مِمّا يلَيِ الأَرضَ فَكَبّرَ ثُمّ قَالَ صَدَقَ اللّهُ وَ بَلّغَ رَسُولُهُ
قَالَ فَقَامَ إِلَيهِ عُبَيدَةُ السلّماَنيِّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَ سَمِعتَ هَذَا الحَدِيثَ مِن رَسُولِ اللّهِص قَالَ إيِ وَ اللّهِ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ حَتّي استَحلَفَهُ ثَلَاثاً وَ هُوَ يَحلِفُ لَهُ
575- مد،[العمدة] مِنَ الجَمعِ بَينَ الصّحِيحَينِ مِن إِفرَادِ مُسلِمٍ مِثلَهُ
بيان أقول رواه أيضا ابن الأثير في جامع الأصول من صحيح مسلم و أبي داود عن زيد بن وهب .لنكلوا عن العمل أي امتنعوا وتركوه اتكالا علي هذاالعمل وثوابه .فنزلني زيد بن وهب أي ذكر القصة منزلا منزلا و قال الإربلي رحمه الله يقال وحش الرجل إذارمي بثوبه وسلاحه مخافة أن يلحق . و في النهاية أتي النبي ص بمخدج أي ناقص الخلق .
صفحه : 331
والتشاجر بالرماح التطاعن بها
576- كشف ،[كشف الغمة] وَ نَقَلَ البخُاَريِّ وَ مُسلِمٌ وَ مَالِكٌ فِي المُوَطّإِ أَنّ أَبَا سَعِيدٍ الخدُريِّ قَالَ أَشهَدُ إنِيّ لَسَمِعتُ هَذَا مِن رَسُولِ اللّهِص وَ أَشهَدُ أَنّ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع قَاتَلَهُم وَ أَنَا مَعَهُ وَ أَمَرَ بِذَلِكَ الرّجُلِ فَالتُمِسَ فَوُجِدَ وَ أتُيَِ بِهِ حَتّي نَظَرتُ إِلَيهِ عَلَي نَعتِ رَسُولِ اللّهِص ألّذِي نَعَتَ
وَ نَقَلَ البخُاَريِّ وَ النسّاَئيِّ وَ مُسلِمٌ وَ أَبُو دَاوُدَ فِي صِحَاحِهِم قَالَ سُوَيدُ بنُ غَفَلَةَ قَالَ عَلِيّ ع إِذَا حَدّثتُكُم عَن رَسُولِ اللّهِص حَدِيثاً فَوَ اللّهِ لَأَن أَخِرّ مِنَ السّمَاءِ لَأَحَبّ إلِيَّ مِن أَن أَكذِبَ عَلَيهِ
وَ فِي رِوَايَةٍ مِن أَن أَقُولَ عَلَيهِ مَا لَم يَقُل وَ إِذَا حَدّثتُكُم فِيمَا بيَنيِ وَ بَينَكُم فَإِنّ الحَربَ خُدعَةٌ وَ إنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ سَيَخرُجُ قَومٌ فِي آخِرِ الزّمَانِ حُدَثَاءُ الأَسنَانِ سُفَهَاءُ الأَحلَامِ يَقُولُونَ مِن قَولِ خَيرِ البَرّيّةِ يَقرَءُونَ القُرآنَ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُم حَنَاجِرَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ فَأَينَمَا لَقِيتُمُوهُم فَاقتُلُوهُم فَإِنّ فِي قَتلِهِم أَجراً لِمَن قَتَلَهُم عِندَ اللّهِ يَومَ القِيَامَةِ
أقول أورد ابن الأثير الخبرين في جامع الأصول من الأصول المذكورة. ورواه ابن بطريق من صحيح البخاري بسندين
577-كشف ،[كشف الغمة] وَ مِن مَنَاقِبِ أَحمَدَ بنِ مَردَوَيهِ عَنِ ابنِ أَبِي اليُسرِ الأنَصاَريِّ
صفحه : 332
[ عَن] أَبِيهِ قَالَ دَخَلتُ عَلَي أُمّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةَ قَالَ فَقَالَت مَن قَتَلَ الخَارِجِيّةَ قَالَ قُلتُ قَتَلَهُم عَلِيّ قَالَت مَا يمَنعَنُيِ ألّذِي فِي نفَسيِ عَلَي عَلِيّ أَن أَقُولَ الحَقّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ يَقتُلُهُم خَيرُ أمُتّيِ مِن بعَديِ وَ سَمِعتُهُ يَقُولُ عَلِيّ مَعَ الحَقّ وَ الحَقّ مَعَ عَلِيّ ع
وَ مِنهُ عَن مَسرُوقٍ قَالَ دَخَلتُ عَلَي عَائِشَةَ فَقَالَت لِي مَن قَتَلَ الخَوَارِجَ فَقُلتُ قَتَلَهُم عَلِيّ ع قَالَ فَسَكَتَت قَالَ فَقُلتُ يَا أُمّ المُؤمِنِينَ أَنشُدُكِ بِاللّهِ وَ بِحَقّ نَبِيّهِص إِن كُنتِ سَمِعتِ مِن رَسُولِ اللّهِص شَيئاً أَخبَرتِنِيهِ قَالَ فَقَالَت سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ هُم شَرّ الخَلقِ وَ الخَلِيقَةِ يَقتُلُهُم خَيرُ الخَلقِ وَ الخَلِيقَةِ وَ أَعظَمُهُم عِندَ اللّهِ تَعَالَي يَومَ القِيَامَةِ وَسِيلَةً
وَ مِنهُ عَن مَسرُوقٍ قَالَ قَالَت لِي عَائِشَةُ يَا مَسرُوقُ إِنّكَ مِن أَكرَمِ بنَيِّ عَلَيّ وَ أَحَبّهِم إلِيَّ فَهَل عِندَكَ عِلمٌ مِنَ المُخدَجِ قَالَ قُلتُ نَعَم قَتَلَهُ عَلِيّ عَلَي نَهرٍ يُقَالُ لِأَسفَلِهِ تامراء[تَامَرّا] وَ أَعلَاهُ النّهرَوَانُ بَينَ أَخَاقِيقَ وَ طَرفَاءَ قَالَ فَقَالَت فأَتنِيِ مَعَكَ بِمَن يَشهَدُ قَالَ فَأَتَيتُهَا بِسَبعِينَ رَجُلًا مِن كُلّ سَبعَ عَشرَةَ وَ كَانَ النّاسُ إِذ ذَاكَ أَسبَاعاً فَشَهِدُوا عِندَهَا أَنّ عَلِيّاً ع قَتَلَهُ عَلَي نَهرٍ يُقَالُ لِأَسفَلِهِ تامراء[تَامَرّا] وَ أَعلَاهُ النّهرَوَانُ بَينَ أَخَاقِيقَ وَ طَرفَاءَ قَالَت لَعَنَ اللّهُ عَمرَو بنَ العَاصِ فَإِنّهُ كَتَبَ إلِيَّ أَنّهُ قَتَلَهُ عَلَي نِيلِ مِصرَ قَالَ قُلتُ يَا أُمّ المُؤمِنِينَ أخَبرِيِنيِ أَيّ شَيءٍ سَمِعتَ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ فِيهِم قَالَت سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ هُم شَرّ الخَلقِ وَ الخَلِيقَةِ يَقتُلُهُم خَيرُ الخَلقِ وَ الخَلِيقَةِ وَ أَقرَبُهُم عِندَ اللّهِ وَسِيلَةً يَومَ القِيَامَةِ
وَ مِنهُ عَن مَسرُوقٍ أَيضاً مِن حَدِيثٍ آخَرَحَيثُ شَهِدَ عِندَهَا الشّهُودُ فَقَالَت
صفحه : 333
قَاتَلَ اللّهُ عَمرَو بنَ العَاصِ فَإِنّهُ كَتَبَ إلِيَّ أَنّهُ أَصَابَهُ بِمِصرَ
قَالَ يَزِيدُ بنُ زِيَادٍ فحَدَثّنَيِ مَن سَمِعَ عَائِشَةَ وَ ذَكَرَ عِندَهَا أَهلَ النّهرِ فَقَالَت مَا كُنتُ أُحِبّ أَن يُوَلّيَهُ اللّهُ إِيّاهُ قَالُوا وَ لِمَ ذَلِكِ قَالَت إنِيّ سَمِعتُ مِن رَسُولِ اللّهِص يَقُولُ أللّهُمّ إِنّهُم شِرَارُ أمُتّيِ يَقتُلُهُم خِيَارُ أمُتّيِ وَ مَا كَانَ بيَنيِ وَ بَينَهُ إِلّا مَا يَكُونُ بَينَ المَرأَةِ وَ أَحمَائِهَا
وَ بِالإِسنَادِ عَنهُ أَنّهَا قَالَتِ اكتُب لِي شَهَادَةَ مَن شَهِدَ مَعَ عَلِيّ النّهرَوَانَ فَكَتَبتُ شَهَادَةَ سَبعِينَ مِمّن شَهِدُوا ثُمّ أَتَيتُهَا بِالكِتَابِ فَقُلتُ يَا أُمّ المُؤمِنِينَ لِمَ استَشهَدتِ قَالَت إِنّ عَمرَو بنَ العَاصِ أَخبَرَ أَنّهُ أَصَابَهُ عَلَي نِيلِ مِصرَ قَالَ فَقُلتُ يَا أُمّ المُؤمِنِينَ أَسأَلُكِ بِحَقّ اللّهِ وَ حَقّ رَسُولِهِص وَ حقَيّ عَلَيكِ إِلّا مَا أخَبرَتيِنيِ بِمَا سَمِعتِ مِن رَسُولِ اللّهِص فِيهِ قَالَت إِن نشَدَتنِيِ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ هُم شَرّ الخَلقِ وَ الخَلِيقَةِ يَقتُلُهُم خَيرُ الخَلقِ وَ الخَلِيقَةِ وَ أَقرَبُهُم عِندَ اللّهِ وَسِيلَةً
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنهُ أَنّهَا سَأَلَتهُ فَأَخبَرَهَا أَنّ عَلِيّاً قَتَلَهُم فَقَالَت انظُر مَا تَقُولُ قُلتُ وَ اللّهِ لَهُوَ قَتَلَهُم فَقَالَت مِثلَ مَا تَقَدّمَ وَ زَادَت فِيهِ وَ إِجَابَةَ دَعوَةٍ
وأورده صديقنا العز المحدث الحنبلي الموصلي أيضا. و قدورد هذا عن مسروق عن عائشة بعدة طرق اقتصرنا علي ماأوردناه .توضيح قال الإربلي المصنف رحمه الله الأخاقيق شقوق في الأرض و في الحديث وقصت به ناقته في أخاقيق جرذان و قال الأصمعي إنما هولخاقيق جمع لخقوق و قال الأزهري هي صحيحة كماجاءت في الحديث أخاقيق . وذكر نحوه ابن الأثير في النهاية
578-مد،[العمدة]بِإِسنَادِهِ إِلَي أَحمَدَ بنِ حَنبَلٍ مِن مُسنِدِهِ بِإِسنَادِهِ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ قَوماً يَمرُقُونَ
صفحه : 334
مِنَ الإِسلَامِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ يَقرَءُونَ القُرآنَ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُم طُوبَي لِمَن قَتَلَهُم وَ قَتَلُوهُ
وَ بِإِسنَادِهِ عَن عَاصِمِ بنِ كُلَيبٍ عَن أَبِيهِ قَالَ كُنتُ جَالِساً عِندَ عَلِيّ ع فَقَالَ إنِيّ دَخَلتُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ لَيسَ عِندَهُ أَحَدٌ إِلّا عَائِشَةَ فَقَالَ يَا ابنَ أَبِي طَالِبٍ كَيفَ أَنتَ وَ قَومٌ كَذَا وَ كَذَا قَالَ قُلتُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ قَومٌ يَخرُجُونَ مِنَ المَشرِقِ يَقرَءُونَ القُرآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ فِيهِم رَجُلٌ مَخدُوجُ اليَدِ كَأَنّ يَدَيهِ ثدَيُ حَبَشِيّةٍ
وَ بِإِسنَادِهِ عَن طَارِقِ بنِ زِيَادٍ قَالَ سَارَ عَلِيّ ع إِلَي النّهرَوَانِ فَقَتَلَ الخَوَارِجَ فَقَالَ اطلُبُوا المُخدَجَ فَإِنّ النّبِيّص قَالَ سيَجَيِءُ قَومٌ يَتَكَلّمُونَ بِكَلِمَةِ الحِكمَةِ لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الإِسلَامِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ سِيمَاهُم أَو فِيهِم رَجُلٌ أَسوَدُ مَخدُوجُ اليَدِ فِي ثَديِهِ شَعَرَاتٌ سُودٌ فَإِن كَانَ فِيهِم فَقَد قَتَلتُم شَرّ النّاسِ وَ إِن لَم يَكُن فِيهِم فَقَد قَتَلتُم خَيرَ النّاسِ
قَالَ ثُمّ إِنّا وَجَدنَا المُخدَجَ فَخَرَرنَا سُجّداً وَ خَرّ عَلِيّ ع سَاجِداً مَعَنَا
وَ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي الوضَيِءِ قَالَ شَهِدتُ عَلِيّاً حِينَ قَتَلَ أَهلَ النّهرَوَانِ قَالَ التَمِسُوا المُخدَجَ فَطَلَبُوهُ فِي القَتلَي فَقَالُوا لَيسَ نَجِدُهُ فَقَالَ ارجِعُوا فَالتَمِسُوهُ فَوَ اللّهِ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ فَرَدّدَ ذَلِكَ مِرَاراً كُلّ ذَلِكَ يَحلِفُ بِاللّهِ لَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ فَانطَلَقُوا فَوَجَدُوهُ تَحتَ القَتلَي فِي طِينٍ فَاستَخرَجُوهُ فجَيِءَ بِهِ فَقَالَ أَبُو الوضَيِءِ فكَأَنَيّ أَنظُرُ إِلَيهِ حَبَشِيّاً عَلَيهِ ثَديَانِ أَحَدُ ثَديَيهِ مِثلُ ثدَيِ المَرأَةِ عَلَيهَا شَعَرَاتٌ مِثلُ شَعَرَاتٍ تَكُونُ عَلَي ذَنَبِ اليَربُوعِ
صفحه : 335
وَ بِإِسنَادٍ آخَرَ إِلَي أَبِي الوضَيِءِ قَالَ كُنّا غَائِرِينَ إِلَي الكُوفَةِ مَعَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَلَمّا بَلَغنَا مَسِيرَةَ لَيلَتَينِ أَو ثَلَاثٍ شَذّ مِنّا نَاسٌ كَثِيرٌ فَذَكَرنَا ذَلِكَ لعِلَيِّ ع فَقَالَ لَا يَهُولَنّكُم أَمرُهُم فَإِنّهُم سَيَرجِعُونَ فَذَكَرَ الحَدِيثَ بِطُولِهِ وَ قَالَ فَحَمِدَ اللّهَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَالَ إِنّ خلَيِليِ أخَبرَنَيِ أَنّ قَائِدَ هَؤُلَاءِ رَجُلٌ مُخدَجُ اليَدِ عَلَي حَلَمَةِ ثَديِهِ شَعَرَاتٌ كَأَنّهُنّ ذَنَبُ اليَربُوعِ فَالتَمَسُوهُ فَلَم يَجِدُوهُ فَأَتَينَاهُ فَقُلنَا لَم نَجِدهُ فَجَاءَ عَلِيّ ع بِنَفسِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ اقلَبُوا ذَا اقلَبُوا ذَا حَتّي جَاءَ رَجُلٌ مِن أَهلِ الكُوفَةِ فَقَالَ هُوَ ذَا فَقَالَ عَلِيّ ع اللّهُ أَكبَرُ وَ لَا يُنَبّئُكُم أَخبَرَ مِنَ اللّهِ قَالَ فَجَعَلَ النّاسُ يَقُولُونَ هَذَا مَلَكٌ هَذَا مَلَكٌ لِقَولِ عَلِيّ ع
وَ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنهُ أَنّهُ قَالَ أَمَا إِنّ خلَيِليِ أخَبرَنَيِ أَنّهُم ثَلَاثَةُ إِخوَةٍ مِنَ الجِنّ هَذَا أَكبَرُهُم وَ الثاّنيِ لَهُ جَمعٌ كَثِيرٌ وَ الثّالِثُ فِيهِ ضَعفٌ
579-مد،[العمدة] مِن صَحِيحِ البخُاَريِّ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِّ قَالَبَينَمَا نَحنُ عِندَ رَسُولِ اللّهِص وَ هُوَ يَقسِمُ قَسماً إِذ أَتَاهُ ذُو الخُوَيصِرَةِ وَ هُوَ رَجُلٌ مِن بنَيِ تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ اعدِل فَقَالَ وَيلَكَ مَن يَعدِلُ إِذَا لَم أَعدِل قَد خِبتَ وَ خَسِرتَ إِذَا لَم أَكُن أَعدِلُ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللّهِ ائذَن لِي فِيهِ أَضرِب عُنُقَهُ فَقَالَ لَهُ دَعهُ فَإِنّ لَهُ أَصحَاباً يُحَقّرُ أَحَدُكُم صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِم وَ صِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِم يَقرَءُونَ القُرآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ يَنظُرُ أَحَدُكُم إِلَي نَصلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيءٌ ثُمّ يَنظُرُ إِلَي رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيءٌ ثُمّ يَنظُرُ إِلَي نَضِيّهِ وَ هُوَ قِدحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيءٌ ثُمّ يَنظُرُ إِلَي قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيءٌ قَد سَبَقَ الفَرثَ وَ الدّمَ آيَتُهُم رَجُلٌ أَسوَدُ إِحدَي عَضُدَيهِ مِثلُ ثدَيِ المَرأَةِ أَو مِثلُ البَضعَةِ تَدَردَرُ يَخرُجُونَ عَلَي خَيرِ فِرقَةٍ مِنَ الإِسلَامِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخدُريِّ فَأَشهَدُ أنَيّ سَمِعتُ هَذَا الحَدِيثَ مِن رَسُولِ اللّهِ
صفحه : 336
ص وَ أَشهَدُ أَنّ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع قَاتَلَهُم وَ أَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرّجُلِ فَالتُمِسَ فأَتُيَِ بِهِ حَتّي نَظَرتُ إِلَيهِ عَلَي نَعتِ رَسُولِ اللّهِص ألّذِي نَعَتَهُ
وَ روُيَِ أَيضاً بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي سَلَمَةَ مِثلَهُ
بيان أورد ابن الأثير الخبر في جامع الأصول و قال الرصاف العقب ألذي يكون فوق مدخل النصل في السهم واحدها رصفة. و قال في النهاية في حديث الخوارج فينظر في نضيه النضي نصل السهم وقيل هوالسهم قبل أن ينحت إذا كان قدحا و هوأولي لأنه قدجاء في الحديث ذكر النصل بعدالنضي وقيل هو من السهم ما بين الريش والنصل قالوا سمي نضيا لكثرة البري والنحت فكأنه جعل نضوا أي هزيلا و قال القذذ ريش السهم واحدتها قذة. و في جامع الأصول الفرث السرجين و ما يكون في الكرش . و في النهاية في حديث ذي الثدية مثل البضعة تدردر أي ترجرج تجيء وتذهب والأصل تتدردر فحذف إحدي التاءين تخفيفا
580-مد،[العمدة] مِن صَحِيحِ البخُاَريِّ بِإِسنَادِهِ عَن عَمرِو بنِ مُصعَبٍ قَالَسَأَلتُ أَبِي عَن قَولِهِ تَعَالَيقُل هَل نُنَبّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمالًا قَالَ هُمُ الحَرُورِيّةُ لَا هُمُ اليَهُودُ وَ لَا هُمُ النّصَارَي أَمّا اليَهُودُ فَكَذّبُوا مُحَمّداًص وَ أَمّا النّصَارَي فَكَفَرُوا بِالجَنّةِ وَ قَالُوا
صفحه : 337
لَا طَعَامَ فِيهَا وَ لَا شَرَابَ وَ الحَرُورِيّةُ هُمُالّذِينَ يَنقُضُونَ عَهدَ اللّهِ مِن بَعدِ مِيثاقِهِ وَ كَانَ سَعدٌ يُسَمّيهِمُ الفَاسِقِينَ
وَ مِنَ الكِتَابِ المَذكُورِ فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِلّ قَوماً بَعدَ إِذ هَداهُم حَتّي يُبَيّنَ لَهُم ما يَتّقُونَ قَالَ كَانَ ابنُ عُمَرَ يَرَاهُم شِرَارَ خَلقِ اللّهِ تَعَالَي وَ قَالَ إِنّهُمُ انطَلَقُوا إِلَي آيَاتٍ نَزَلَت فِي الكُفّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَي المُؤمِنِينَ
وَ بِإِسنَادِهِ أَيضاً عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ ذُكِرَ الحَرُورِيّةُ فَقَالَ قَالَ النّبِيّص يَمرُقُونَ مِنَ الإِسلَامِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ
581- مد،[العمدة] مِن تَفسِيرِ الثعّلبَيِّ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي الطّفَيلِ قَالَ سَأَلَ عَبدُ اللّهِ بنُ الكَوّاءِ عَلِيّاً ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّقُل هَل نُنَبّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمالًا قَالَ أَنتُم يَا أَهلَ حَرُورَاءَوَ هُم يَحسَبُونَ أَنّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً أَي يَظُنّونَ بِفِعلِهِم أَنّهُم مُطِيعُونَ مُحسِنُونَأُولئِكَ الّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبّهِم وَ لِقائِهِ فَحَبِطَت أَعمالُهُم فَلا نُقِيمُ لَهُم يَومَ القِيامَةِ وَزناً
وَ بِإِسنَادِهِ أَيضاً عَن عَبدِ اللّهِ بنِ شَدّادِ قَالَ وَقَفَ أَبُو أُمَامَةَ وَ أَنَا مَعَهُ عَلَي رُءُوسِ الحَرُورِيّةِ بِالشّامِ عِندَ بَابِ حِصنِ دِمَشقَ فَقَالَ لَهُم كِلَابٌ كِلَابٌ مَرّتَينِ أَو ثَلَاثاً شَرّ قَتلَي يُظِلّ السّمَاءُ وَ خَيرُ قَتلَي قَتلَاهُم وَ دَمَعَت عَينُ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ رَأَيتُ قَولَكَ لِهَؤُلَاءِ القَتلَي شَرّ قَتلَي يُظِلّ السّمَاءُ وَ خَيرُ قَتلَي قَتلَاهُم أَ شَيءٌ مِن قِبَلِ رأَيٍ رَأَيتَهُ أَو شَيءٌ سَمِعتَهُ مِن رَسُولِ اللّهِص قَالَ أَ يَكُونُ مِن قِبَلِ رأَيٍ رَأَيتُهُ إنِيّ إِذَن لجَرَيِءٌ لَو لَم أَسمَع مِن رَسُولِ اللّهِص إِلّا مَرّةً أَو مَرّتَينِ حَتّي عَدّ سَبعَ مَرّاتٍ مَا حَدّثَت بِهِ فَقَالَ الرّجُلُ فإَنِيّ رَأَيتُكَ دَمَعَت عَينَاكَ قَالَ هيَِ رَحمَةٌ رَحِمتُهُم كَانُوا مُؤمِنِينَ فَكَفَرُوا بَعدَ إِيمَانِهِم ثُمّ قَرَأَوَ لا تَكُونُوا كَالّذِينَ تَفَرّقُوا وَ اختَلَفُوا مِن بَعدِ ما جاءَهُمُ البَيّناتُ إِلَي قَولِهِأَ كَفَرتُم بَعدَ إِيمانِكُم ثُمّ قَالَ أَبُو أُمَامَةَ هُمُ الحَرُورِيّةُ
صفحه : 338
بيان وخير قتلي قتلاهم أي الذين هم قتلوهم
582- مد،[العمدة]ذَكَرَ الثعّلبَيِّ فِي تَفسِيرِ قَولِهِ تَعَالَييا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا بِطانَةً مِن دُونِكُم لا يَألُونَكُم خَبالًابِإِسنَادِهِ عَن أَبِي أُمَامَةَ عَن رَسُولِ اللّهِص قَالَ هُمُ الخَوَارِجُ
583- مد،[العمدة] مِنَ الجَمعِ بَينَ الصّحِيحَينِ للِحمَيِديِّ بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ أَنّ الحَرُورِيّةَ لَمّا خَرَجَت عَلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالُوا لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ قَالَ عَلِيّ ع كَلِمَةُ حَقّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ إِنّ رَسُولَ اللّهِص وَصَفَ لَنَا نَاساً إنِيّ لَأَعرِفُ صِفَتَهُم فِي هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ الحَقّ بِأَلسِنَتِهِم لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُم وَ أَشَارَ إِلَي حَلقِهِ مِن أَبغَضِ خَلقِ اللّهِ إِلَيهِ مِنهُم أَسوَدُ إِحدَي يَدَيهِ لحَيُ شَاةٍ أَو حَلَمَةُ ثدَيٍ فَلَمّا قَتَلَهُم عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ انظُرُوا فَنَظَرُوا فَلَم يَجِدُوا شَيئاً فَقَالَ ارجِعُوا فَوَ اللّهِ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ مَرّتَينِ أَو ثَلَاثاً ثُمّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوا بِهِ حَتّي وَضَعُوهُ بَينَ يَدَيهِ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ وَ أَنَا حَاضِرٌ ذَلِكَ مِن أَمرِهِم وَ قَولِ عَلِيّ ع فِيهِم
وَ مِنَ الكِتَابِ المَذكُورِ مِنَ المُتّفَقِ عَلَيهِ مِنَ البخُاَريِّ بِإِسنَادِهِ عَن بِشرِ بنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ فِي الحَرُورِيّةِ شَيئاً قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ وَ أَهوَي بِيَدِهِ قِبَلَ العِرَاقِ يَخرُجُ مِنهُ قَومٌ يَقرَءُونَ القُرآنَ لَا يَتَجَاوَزُ تَرَاقِيَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الإِسلَامِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ
وَ فِي حَدِيثِ العَوّامِ بنِ حَوشَبٍ يَلِيهِ قَومٌ قَبلَ المَشرِقِ مُحَلّقَةٌ رُءُوسُهُم
584- و قال ابن أبي الحديد قدتظاهرت الأخبار حتي بلغت حد التواتر بما وعد
صفحه : 339
الله تعالي قاتلي الخوارج من الثواب علي لسان رسول الله ص
وَ فِي الصّحَاحِ المُتّفَقِ عَلَيهَا أَنّ رَسُولَ اللّهِص بَينَا هُوَ يَقسِمُ قَسماً إِذ جَاءَهُ رَجُلٌ مِن بنَيِ تَمِيمٍ يُدعَي ذَا الخُوَيصِرَةِ فَقَالَ اعدِل يَا مُحَمّدُ فَقَالَص قَد عَدَلتُ فَقَالَ لَهُ ثَانِيَةً اعدِل يَا مُحَمّدُ فَإِنّكَ لَم تَعدِل فَقَالَص وَيلَكَ وَ مَن يَعدِلُ إِذَا لَم أَعدِل فَقَامَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ ائذَن لِي أَضرِب عُنُقَهُ فَقَالَ دَعهُ فَسَيَخرُجُ مِن ضِئضِئِ هَذَا قَومٌ يَمرُقُونَ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ يَنظُرُ أَحَدُكُم إِلَي نَصلِهِ فَلَا يَجِدُ شَيئاً فَيَنظُرُ إِلَي نَضِيّهِ فَلَا يَجِدُ شَيئاً ثُمّ يَنظُرُ إِلَي القُذَذِ فَكَذَلِكَ سَبَقَ الفَرثَ وَ الدّمَ يَخرُجُونَ عَلَي خَيرِ فِرقَةٍ مِنَ النّاسِ يُحَقّرُ صَلَاتُكُم فِي جَنبِ صَلَاتِهِم وَ صَومُكُم عِندَ صَومِهِم يَقرَءُونَ القُرآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُم آيَتُهُم رَجُلٌ أَسوَدُ أَو قَالَ أَدعَجُ مُخدَجُ اليَدِ إِحدَي ثَديَيهِ كَأَنّهَا ثدَيُ امرَأَةٍ أَو بَضعَةٌ تَدَردَرُ
وَ فِي بَعضِ الصّحَاحِ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ لأِبَيِ بَكرٍ وَ قَد غَابَ الرّجُلُ عَن عَينِهِ قُم إِلَي هَذَا فَاقتُلهُ فَقَامَ ثُمّ عَادَ وَ قَالَ وَجَدتُهُ يصُلَيّ فَقَالَ لِعُمَرَ مِثلَ ذَلِكَ فَعَادَ وَ قَالَ وَجَدتُهُ يصُلَيّ فَقَالَ لعِلَيِّ ع مِثلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَم أَجِدهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لَو قُتِلَ هَذَا لَكَانَ أَوّلَ فِتنَةٍ وَ آخِرَهَا أَمَا إِنّهُ سَيَخرُجُ مِن ضِئضِئِ هَذَا الحَدِيثَ
وَ فِي بَعضِ الصّحَاحِ يَقتُلُهُم أَولَي الفَرِيقَينِ بِالحَقّ
وَ فِي مُسنَدِ أَحمَدَ بنِ حَنبَلٍ عَن مَسرُوقٍ قَالَقَالَت لِي عَائِشَةُ إِنّكَ مِن ولُديِ وَ مِن أَحَبّهِم إلِيَّ فَهَل عِندَكَ عِلمٌ مِنَ المُخدَجِ فَقُلتُ نَعَم قَتَلَهُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَي نَهَرٍ يُقَالُ لِأَعلَاهُ تامراء[تَامَرّا] وَ لِأَسفَلِهِ النّهرَوَانَ بَينَ لَخَاقِيقَ وَ طَرفَاءَ قَالَتِ ابغنِيِ عَلَي ذَلِكَ بَيّنَةً فَأَقَمتُ رِجَالًا شَهِدُوا عِندَهَا بِذَلِكَ قَالَ فَقُلتُ لَهَا سَأَلتُكِ بِصَاحِبِ القَبرِ مَا ألّذِي سَمِعتِ مِن رَسُولِ اللّهِص
صفحه : 340
فِيهِم قَالَ نَعَم سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّهُم شَرّ الخَلقِ وَ الخَلِيقَةِ يَقتُلُهُم خَيرُ الخَلقِ وَ الخَلِيقَةِ وَ أَقرَبُهُم عِندَ اللّهِ وَسِيلَةً
وَ فِي كِتَابِ صِفّينَ للِواَقدِيِّ عَن عَلِيّ ع لَو لَا أَن تَبطَرُوا فَتَدَعُوا العَمَلَ لَحَدّثتُكُم بِمَا سَبَقَ عَلَي لِسَانِ رَسُولِ اللّهِص لِمَن قَتَلَ هَؤُلَاءِ
وَ فِيهِ قَالَ عَلِيّ ع سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ يَخرُجُ فِي آخِرِ الزّمَانِ قَومٌ أَحدَاثُ الأَسنَانِ سُفَهَاءُ الأَحلَامِ قَولُهُم مِن خَيرِ أَقوَالِ البَرّيّةِ صَلَاتُهُم أَكثَرُ مِن صَلَاتِكُم وَ قِرَاءَتُهُمُ أَكثَرُ مِن قِرَاءَتِكُم لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُم تَرَاقِيَهُم أَو قَالَ حَنَاجِرَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ فَاقتُلُوهُم فَإِنّ قَتلَهُم أَجرٌ لِمَن قَتَلَهُم يَومَ القِيَامَةِ
وَ فِي كِتَابِ صِفّينَ أَيضاً للِمدَاَئنِيِّ عَن مَسرُوقٍ أَنّ عَائِشَةَ قَالَت لَهُ لَمّا عَرَفَت أَنّ عَلِيّاً قَتَلَ ذَا الثّدَيّةِ لَعَنَ اللّهُ عَمرَو بنَ العَاصِ فَإِنّهُ كَتَبَ إلِيَّ يخُبرِنُيِ أَنّهُ قَتَلَهُ بِالإِسكَندَرِيّةِ إِلّا أَنّهُ لَيسَ يمَنعَنُيِ مَا فِي نفَسيِ أَن أَقُولَ مَا سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ اللّهِص يَقُولُ يَقتُلُهُ خَيرُ أمُتّيِ مِن بعَديِ
585-أَقُولُ وَ روُيَِ فِي جَامِعِ الأُصُولِ تِلكَ الأَخبَارُ وَ الأَخبَارُ السّابِقَةُ بِأَسَانِيدَ وَ روُيَِ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِّ قَالَبَعَثَ عَلِيّ ع وَ هُوَ بِاليَمَنِ إِلَي النّبِيّص بِذَهِيبَةٍ فِي تُربَتِهَا فَقَسَمَهَا بَينَ أَربَعَةٍ الأَقرَعِ بنِ حَابِسٍ وَ عُيَينَةَ بنِ بَدرٍ الفزَاَريِّ وَ عَلقَمَةَ بنِ عَلَاثَةَ العاَمرِيِّ وَ زَيدِ بنِ الخَيلِ الطاّئيِّ فَتَغَضّبَت قُرَيشٌ وَ الأَنصَارُ فَقَالُوا يُعطِيهِ صَنَادِيدَ أَهلِ نَجدٍ وَ يَدَعُنَا قَالَ إِنّمَا أَتَأَلّفُهُم فَأَقبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَينَينِ ناَتيِ الجَبِينِ كَثّ اللّحيَةِ مُشرِفُ
صفحه : 341
الوَجنَتَينِ مَحلُوقُ الرّأسِ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ اتّقِ اللّهَ قَالَ فَمَن يُطِيعُ اللّهَ إِذَا عَصَيتُهُ أَ فيَأَمنَنُيِ عَلَي أَهلِ الأَرضِ وَ لَا تأَمنَوُنيِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ أَقتُلُهُ أَرَاهُ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ فَمَنَعَهُ فَلَمّا وَلّي قَالَ إِنّ مِن ضِئضِئِ هَذَا قَوماً يَقرَءُونَ القُرآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الإِسلَامِ مُرُوقَ السّهمِ مِنَ الرّمِيّةِ يَقتُلُونَ أَهلَ الإِسلَامِ وَ يَدَعُونَ أَهلَ الأَوثَانِ لَئِن أَدرَكتُهُم لَأَقتُلَنّهُم قَتلَ عَادٍ
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي قِيلَ مَا سِيمَاهُم قَالَ سِيمَاهُمُ التّحلِيقُ أَو قَالَ التّسبِيدُ فَإِذَا رَأَيتُمُوهُم فَأَنِيمُوهُم
بيان قال ابن الأثير في مادة ضأضأ من كتاب النهاية بعدذكر بعض الخبر الضئضئ الأصل يقال ضئضئ صدق وضؤضؤ صدق وحكي بعضهم ضئضيء بوزن قنديل يريد أنه يخرج من نسله وعقبه . ورواه بعضهم بالصاد المهملة و هوبمعناه . و قال في حديث الخوارج التسبيد فيهم فاش هوالحلق واستيصال الشعر وقيل هوترك التدهن وغسل الرأس و قال أنيموهم أي اقتلوهم . ويقال نامت الشاة وغيرها إذاماتت والنائمة الميتة.أقول الأخبار في ذلك في كتب الخاصة والعامة كثيرة تركناها مخافة الإكثار والتكرار
586- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي عِمرَانَ الكنِديِّ قَالَ قَالَ ابنُ الكَوّاءِ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مَنِ الأَخسَرُونَ أَعمَالًاالّذِينَ ضَلّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدّنيا وَ هُم يَحسَبُونَ أَنّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً قَالَ كَفَرَةُ أَهلِ الكِتَابِ فَإِنّ أَوّلِيهِم كَانُوا فِي حَقّ فَابتَدَعُوا فِي دِينِهِم فَأَشرَكُوا بِرَبّهِم وَ هُم يَجتَهِدُونَ فِي العِبَادَةِ يَحسَبُونَ أَنّهُم عَلَي شَيءٍ فَهُمُ الأَخسَرُونَ أَعمَالًاالّذِينَ ضَلّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدّنيا وَ هُم يَحسَبُونَ أَنّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً
صفحه : 342
ثُمّ رَفَعَ صَوتَهُ وَ قَالَ وَ مَا أَهلُ النّهرَوَانِ غَداً مِنهُم بِبَعِيدٍ قَالَ ابنُ الكَوّاءِ لَا أَتّبِعُ سِوَاكَ وَ لَا أَسأَلُ غَيرَكَ قَالَ إِذَا كَانَ الأَمرُ إِلَيكَ فَافعَل الخَبَرَ
صفحه : 343
587- قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ النّهجِ رَوَي ابنُ دَيزِيلَ فِي كِتَابِ صِفّينَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ زِيَادٍ عَن خَالِدِ بنِ حُمَيدٍ عَن عُمَرَ مَولَي غُفرَةَ قَالَ لَمّا رَجَعَ عَلِيّ ع مِن صِفّينَ إِلَي الكُوفَةِ أَقَامَ الخَوَارِجَ حَتّي جَمّوا ثُمّ خَرَجُوا إِلَي صَحرَاءٍ بِالكُوفَةِ تُسَمّي حَرُورَاءَ فَتَنَادَوا لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِوَ لَو كَرِهَ المُشرِكُونَأَلَا إِنّ مُعَاوِيَةَ وَ عَلِيّاً أَشرَكَا فِي حُكمِ اللّهِ فَأَرسَلَ عَلِيّ ع إِلَيهِم عَبدَ اللّهِ بنَ العَبّاسِ فَنَظَرَ فِي أَمرِهِم وَ كَلّمَهُم ثُمّ رَجَعَ إِلَي عَلِيّ ع فَقَالَ لَهُ مَا رَأَيتَ فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ وَ اللّهِ مَا أدَريِ مَا هُم فَقَالَ ع أَ رَأَيتَهُم مُنَافِقِينَ فَقَالَ وَ اللّهِ مَا سِيمَاهُم سِيمَاءَ مُنَافِقِينَ إِنّ بَينَ أَعيُنِهِم لَأَثَرَ السّجُودِ وَ هُم يَتَأَوّلُونَ القُرآنَ فَقَالَ ع دَعُوهُم مَا لَم يَسفِكُوا دَماً أَو يَغصِبُوا مَالًا وَ أَرسَلَ إِلَيهِم مَا هَذَا ألّذِي أَحدَثتُم وَ مَا تُرِيدُونَ قَالُوا نُرِيدُ أَن نَخرُجَ نَحنُ وَ أَنتَ
صفحه : 344
وَ مَن كَانَ مَعَنَا بِصِفّينَ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَ نَتُوبَ إِلَي اللّهِ مِن أَمرِ الحَكَمَينِ ثُمّ نَسِيرَ إِلَي مُعَاوِيَةَ فَنُقَاتِلَهُ حَتّي يَحكُمَ اللّهُ بَينَنَا وَ بَينَهُ فَقَالَ عَلِيّ ع فَهَلّا قُلتُم هَذَا حِينَ بَعَثنَا الحَكَمَينِ وَ أَخَذنَا مِنهُمُ العَهدَ وَ أَعطَينَاهُمُوهُ أَلّا قُلتُم هَذَا حِينَئِذٍ قَالُوا كُنّا قَد طَالَتِ الحَربُ عَلَينَا وَ اشتَدّ البَأسُ وَ كَثُرَ الجِرَاحُ وَ كَلّ الكُرَاعُ وَ السّلَاحُ فَقَالَ لَهُم أَ فَحِينَ اشتَدّ البَأسُ عَلَيكُم عَاهَدتُم فَلَمّا وَجَدتُمُ الجَمَامَ قُلتُم نَنقُضُ العَهدَ إِنّ رَسُولَ اللّهِ كَانَ يفَيِ لِلمُشرِكِينَ بِالعَهدِ أَ فتَأَمرُوُننَيِ بِنَقضِهِ فَمَكَثُوا مَكَانَهُم لَا يَزَالُ الوَاحِدُ مِنهُم يَرجِعُ إِلَي عَلِيّ ع وَ لَا يَزَالُ الآخَرُ مِنهُم يَخرُجُ مِن عِندِ عَلِيّ ع فَدَخَلَ وَاحِدٌ مِنهُم عَلَي عَلِيّ ع بِالمَسجِدِ وَ النّاسُ حَولَهُ فَصَاحَ لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِوَ لَو كَرِهَ المُشرِكُونَفَتَلَفّتَ النّاسُ فَنَادَي لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ وَ لَو كَرِهَ المُتَلَفّتُونَ فَرَفَعَ عَلِيّ ع رَأسَهُ إِلَيهِ فَقَالَ لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ وَ لَو كَرِهَ أَبُو حَسَنٍ فَقَالَ ع إِنّ أَبَا حَسَنٍ لَا يَكرَهُ أَن يَكُونَ الحُكمُ لِلّهِ ثُمّ قَالَ حُكمَ اللّهِ أَنتَظِرُ فِيكُم فَقَالَ لَهُ النّاسُ هَلّا مِلتَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَي هَؤُلَاءِ فَأَفنَيتَهُم فَقَالَ إِنّهُم لَا يَفنُونَ إِنّهُم لفَيِ أَصلَابِ الرّجَالِ وَ أَرحَامِ النّسَاءِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ
قَالَ وَ رَوَي أَنَسُ بنُ عِيَاضٍ المدَنَيِّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع أَنّ عَلِيّاً ع كَانَ يَوماً يَؤُمّ النّاسَ وَ هُوَ يَجهَرُ بِالقِرَاءَةِ فَجَهَرَ ابنُ الكَوّاءِ مِن خَلفِهِوَ لَقَد أوُحيَِ إِلَيكَ وَ إِلَي الّذِينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنّ مِنَ الخاسِرِينَ فَلَمّا جَهَرَ ابنُ الكَوّاءِ مِن خَلفِهِ بِهَا سَكَتَ عَلِيّ ع فَلَمّا أَنهَاهَا ابنُ الكَوّاءِ عَادَ عَلِيّ ع فَأَتَمّ قِرَاءَتَهُ فَلَمّا شَرَعَ عَلِيّ ع فِي القِرَاءَةِ أَعَادَ ابنُ الكَوّاءِ الجَهرَ بِتِلكَ الآيَةِ فَسَكَتَ عَلِيّ ع فَلَم يَزَالَا كَذَلِكَ يَسكُتُ هَذَا وَ يَقرَأُ ذَاكَ مِرَاراً حَتّي قَرَأَ عَلِيّ ع فَاصبِر إِنّ وَعدَ اللّهِ حَقّ وَ لا يَستَخِفّنّكَ الّذِينَ لا يُوقِنُونَفَسَكَتَ ابنُ الكَوّاءِ وَ عَادَ عَلِيّ ع إِلَي
صفحه : 345
قِرَاءَتِهِ
قَالَ وَ ذَكَرَ الطبّرَيِّ فِي التّارِيخِ أَنّ عَلِيّاً ع لَمّا دَخَلَ الكُوفَةَ دَخَلَهَا مَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ الخَوَارِجِ وَ تَخَلّفَ مِنهُم بِالنّخَيلَةِ وَ غَيرِهَا خَلقٌ كَثِيرٌ لَم يَدخُلُوهَا فَدَخَلَ حُرقُوصُ بنُ زُهَيرٍ السعّديِّ وَ زُرعَةُ بنُ بُرجٍ الطاّئيِّ وَ هُمَا مِن رُءُوسِ الخَوَارِجِ عَلَي عَلِيّ ع فَقَالَ لَهُ حُرقُوصُ تُب مِن خَطِيئَتِكَ وَ اخرُج بِنَا إِلَي مُعَاوِيَةَ نُجَاهِدهُ فَقَالَ ع إنِيّ كُنتُ نَهَيتُ عَنِ الحُكُومَةِ فَأَبَيتُم ثُمّ الآنَ تجعلوها[تَجعَلُونَهَا]ذَنباً أَمَا إِنّهَا لَيسَت بِمَعصِيَةٍ وَ لَكِنّهَا عَجزٌ مِنَ الرأّيِ وَ ضَعفٌ فِي التّدبِيرِ وَ قَد نَهَيتُكُم عَنهُ فَقَالَ لَهُ زُرعَةُ أَمَا وَ اللّهِ لَئِن لَم تَتُب مِن تَحكِيمِكَ الرّجَالَ لَأَقتُلَنّكَ أَطلُبُ بِذَلِكَ وَجهَ اللّهِ وَ رِضوَانَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع بُؤساً لَكَ مَا أَشقَاكَ كأَنَيّ بِكَ قَتِيلًا تسَفيِ عَلَيكَ الرّيَاحُ قَالَ زُرعَةُ وَدِدتُ أَنّهُ كَانَ ذَلِكَ وَ خَرَجَ عَلِيّ ع يَخطُبُ النّاسَ فَصَاحُوا بِهِ مِن جَوَانِبِ المَسجِدِ لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ وَ صَاحَ بِهِ رَجُلٌوَ لَقَد أوُحيَِ إِلَيكَ وَ إِلَي الّذِينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنّ مِنَ الخاسِرِينَ فَقَالَ عَلِيّ ع فَاصبِر إِنّ وَعدَ اللّهِ حَقّ وَ لا يَستَخِفّنّكَ الّذِينَ لا يُوقِنُونَ
وَ رَوَي ابنُ دَيزِيلَ فِي كِتَابِ صِفّينَ قَالَكَانَتِ الخَوَارِجُ فِي أَوّلِ مَا
صفحه : 346
انصَرَفَت عَن رَايَاتِ عَلِيّ ع تُهَدّدُ النّاسَ قَتلًا قَالَ فَأَتَت طَائِفَةٌ مِنهُم عَلَي النّهرِ إِلَي جَنبِ قَريَةٍ فَخَرَجَ مِنهَا رَجُلٌ مَذعُوراً آخِذاً بِثِيَابِهِ فَأَدرَكُوهُ فَقَالُوا لَهُ أَرعَبنَاكَ قَالَ أَجَل فَقَالُوا قَد عَرَفنَاكَ أَنتَ عَبدُ اللّهِ بنُ خَبّابٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللّهِص قَالَ نَعَم قَالُوا فَمَا سَمِعتَ مِن أَبِيكَ يُحَدّثُ عَن رَسُولِ اللّهِص قَالَ فَحَدّثَهُم أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ فِتنَةً جَائِيَةٌ القَاعِدُ مِنهَا خَيرٌ مِنَ القَائِمِ الحَدِيثَ
وَ قَالَ غَيرُهُ بَل حَدّثَهُم أَنّ طَائِفَةً تَمرُقُ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ يَقرَءُونَ القُرآنَ صَلَاتُهُم أَكثَرُ مِن صَلَاتِكُم الحَدِيثَ فَضَرَبُوا رَأسَهُ فَسَالَ دَمُهُ فِي النّهرِ مَا امذَقَرّ أَي مَا اختَلَطَ بِالمَاءِ كَأَنّهُ شِرَاكٌ ثُمّ دَعَوا بِجَارِيَةٍ لَهُ حُبلَي فَبَقَرُوا عَمّا فِي بَطنِهَا
وَ قَالَعَزَمَ عَلِيّ ع الخُرُوجَ مِنَ الكُوفَةِ إِلَي الحَرُورِيّةِ وَ كَانَ فِي أَصحَابِهِ مُنَجّمٌ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَا تَسِر فِي هَذِهِ السّاعَةِ وَ سِر عَلَي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مَضَينَ مِنَ النّهَارِ فَإِنّكَ إِن سِرتَ فِي هَذِهِ السّاعَةِ أَصَابَكَ وَ أَصَابَ أَصحَابَكَ أَذًي وَ ضُرّ شَدِيدٌ وَ إِن سِرتَ فِي السّاعَةِ التّيِ أَمَرتُكَ بِهَا ظَهَرتَ وَ ظَفِرتَ وَ أَصَبتَ مَا طَلَبتَ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع أَ تدَريِ مَا فِي بَطنِ فرَسَيِ هَذِهِ أَ ذَكَرٌ هُوَ أَم أُنثَي قَالَ إِن حَسَبتُ عَلِمتُ فَقَالَ ع مَن صَدّقَكَ بِهَذَا فَقَد كَذّبَ بِالقُرآنِ قَالَ اللّهُ تَعَالَيإِنّ اللّهَ عِندَهُ عِلمُ السّاعَةِ وَ يُنَزّلُ الغَيثَ وَ يَعلَمُ ما فِي الأَرحامِ ثُمّ قَالَ ع إِنّ مُحَمّداًص مَا كَانَ يدَعّيِ عِلمَ مَا ادّعَيتَ عِلمَهُ أَ تَزعُمُ أَنّكَ تهَديِ إِلَي السّاعَةِ التّيِ يُصِيبُ النّفعُ مَن سَارَ فِيهَا وَ تَصرِفُ عَنِ السّاعَةِ التّيِ يَحِيقُ السّوءُ بِمَن سَارَ فِيهَا فَمَن صَدّقَكَ بِهَذَا فَقَدِ استَغنَي عَنِ الِاستِعَانَةِ بِاللّهِ جَلّ وَ عَزّ فِي صَرفِ المَكرُوهِ عَنهُ وَ ينَبغَيِ لِلمُوقِنِ بِأَمرِكَ أَن يُوَلّيَكَ الحَمدَ دُونَ اللّهِ جَلّ جَلَالُهُ لِأَنّكَ بِزَعمِكَ هَدَيتَهُ إِلَي السّاعَةِ التّيِ يُصِيبُ النّفعُ مَن سَارَ فِيهَا وَ صَرَفتَهُ عَنِ السّاعَةِ التّيِ يَحِيقُ السّوءُ بِمَن سَارَ فِيهَا فَمَن آمَنَ بِكَ فِي هَذَا لَم آمَن عَلَيهِ أَن يَكُونَ كَمَنِ اتّخَذَ
صفحه : 347
مِن دُونِ اللّهِ ضِدّاً وَ نِدّاً أللّهُمّ لَا طَيرَ إِلّا طَيرُكَ وَ لَا ضَيرَ إِلّا ضَيرُكَ وَ لَا إِلَهَ غَيرُكَ ثُمّ قَالَ نُخَالِفُ وَ نَسِيرُ فِي السّاعَةِ التّيِ نَهَيتَنَا عَنهَا ثُمّ أَقبَلَ عَلَي النّاسِ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِيّاكُم وَ التّعَلّمَ لِلنّجُومِ إِلّا مَا يُهتَدَي بِهِ فِي ظُلُمَاتِ البَرّ وَ البَحرِ إِنّمَا المُنَجّمُ كَالكَاهِنِ وَ الكَاهِنُ كَالكَافِرِ وَ الكَافِرُ فِي النّارِ أَمَا وَ اللّهِ إِن بلَغَنَيِ أَنّكَ تَعمَلُ بِالنّجُومِ لَأُخَلّدَنّكَ السّجنَ أَبَداً مَا بَقِيتَ وَ لَأُحَرّمَنّكَ العَطَاءَ مَا كَانَ لِي سُلطَانٌ ثُمّ سَارَ فِي السّاعَةِ التّيِ نَهَاهُ عَنهَا المُنَجّمُ فَظَفِرَ بِأَهلِ النّهرِ وَ ظَهَرَ عَلَيهِم ثُمّ قَالَ لَو لَم نَسِر فِي السّاعَةِ التّيِ نَهَانَا عَنهَا المُنَجّمُ لَقَالَ النّاسُ سَارَ فِي السّاعَةِ التّيِ أَمَرَ بِهَا المُنَجّمُ فَظَفِرَ وَ ظَهَرَ أَمَا إِنّهُ مَا كَانَ لِمُحَمّدٍص مُنَجّمٌ وَ لَا لَنَا مِن بَعدِهِ حَتّي فَتَحَ اللّهُ عَلَينَا بِلَادَ كِسرَي وَ قَيصَرَ أَيّهَا النّاسُ تَوَكّلُوا عَلَي اللّهِ وَ ثِقُوا بِهِ فَإِنّهُ يكَفيِ مِمّن سِوَاهُ
قَالَ فَرَوَي مُسلِمٌ الضبّيّّ عَن حَبّةَ العرُنَيِّ قَالَ لَمّا انتَهَينَا إِلَيهِم رَمَونَا فَقُلنَا لعِلَيِّ ع يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَد رَمَونَا فَقَالَ كُفّوا ثُمّ رَمَونَا فَقَالَ لَنَا كُفّوا ثُمّ الثّالِثَةَ فَقَالَ الآنَ طَابَ القِتَالُ احمِلُوا عَلَيهِم
وَ روُيَِ أَيضاً عَن قَيسِ بنِ سَعدِ بنِ عُبَادَةَ أَنّ عَلِيّاً ع لَمّا انتَهَي إِلَيهِم قَالَ لَهُم أَقِيدُونَا بِدَمِ عَبدِ اللّهِ بنِ خَبّابٍ فَقَالُوا كُلّنَا قَتَلَهُ فَقَالَ احمِلُوا عَلَيهِم
وَ ذَكَرَ أَبُو هِلَالٍ العسَكرَيِّ فِي كِتَابِ الأَوَائِلِ أَنّ أَوّلَ مَن قَالَ لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ عُروَةُ بنُ حُبَيرٍ قَالَهَا بِصِفّينَ وَ قِيلَ أَوّلُ مَن قَالَهَا يَزِيدُ بنُ عَاصِمٍ المحُاَربِيِّ قَالَ وَ كَانَ أَمِيرُهُم أَوّلَ مَا اعتَزَلُوا ابنَ الكَوّاءِ ثُمّ بَايَعُوا عَبدَ
صفحه : 348
اللّهِ بنَ وَهبٍ الراّسبِيِّ
وَ ذَكَرَ المدَاَئنِيِّ فِي كِتَابِ الخَوَارِجِ قَالَ لَمّا خَرَجَ عَلِيّ ع إِلَي أَهلِ النّهرِ أَقبَلَ رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ مِمّن كَانَ عَلَي مُقَدّمَتِهِ يَركُضُ حَتّي انتَهَي إِلَي عَلِيّ فَقَالَ البُشرَي يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ مَا بُشرَاكَ قَالَ إِنّ القَومَ عَبَرُوا النّهرَ لَمّا بَلَغَهُم وُصُولُكَ فَأَبشِر فَقَد مَنَحَكَ اللّهُ أَكتَافَهُم فَقَالَ اللّهَ أَنتَ رَأَيتَهُم قَد عَبَرُوا قَالَ نَعَم فَأَحلَفَهُ ثَلَاثَ مَرّاتٍ فِي كُلّهَا يَقُولُ نَعَم فَقَالَ ع وَ اللّهِ مَا عَبَرُوا وَ لَن يَعبُرُوهُ وَ إِنّ مَصَارِعَهُم لَدُونَ النّطفَةِ وَ ألّذِي فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ لَن يَبلُغُوا الأَثلَاثَ وَ لَا قَصرَ بُورَانَ حَتّي يَقتُلَهُمُ اللّهُوَ قَد خابَ مَنِ افتَري
قَالَ ثُمّ أَقبَلَ فَارِسٌ آخَرُ يَركُضُ فَقَالَ كَقَولِ الأَوّلِ فَلَم يَكتَرِث ع بِقَولِهِ وَ جَاءَتِ الفُرسَانُ كُلّهَا تَركُضُ وَ تَقُولُ مِثلَ ذَلِكَ فَقَامَ عَلِيّ ع فَجَالَ فِي مَتنِ فَرَسِهِ قَالَ فَقَالَ شَابّ مِنَ النّاسِ وَ اللّهِ لَأَكُونَنّ قَرِيباً مِنهُ فَإِن كَانُوا عَبَرُوا النّهرَ لَأَجعَلَنّ سِنَانَ هَذَا الرّمحِ فِي عَينَيهِ أَ يدَعّيِ عِلمَ الغَيبِ فَلَمّا انتَهَي عَلِيّ إِلَي النّهرِ وَجَدَ القَومَ قَد كَسَرُوا جُفُونَ سُيُوفِهِم وَ عَرقَبُوا خَيلَهُم وَ جَثَوا عَلَي رُكَبِهِم وَ تَحَكّمُوا تَحكِيمَةً وَاحِدَةً بِصَوتٍ عَظِيمٍ لَهُ زَجَلٌ فَنَزَلَ ذَلِكَ الشّابّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إنِيّ كُنتُ شَكَكتُ فِيكَ آنِفاً وَ إنِيّ تَائِبٌ إِلَي اللّهِ وَ إِلَيكَ فَاغفِر لِي فَقَالَ عَلِيّ ع إِنّ اللّهَ هُوَ ألّذِي يَغفِرُ الذّنُوبَ فَاستَغفِرهُ
وَ ذَكَرَ المُبَرّدُ فِي الكَامِلِ قَالَ لَمّا وَاقَفَهُم عَلِيّ ع بِالنّهرَوَانِ قَالَ لَا تَبدَءُوهُم بِقِتَالٍ حَتّي يَبدَءُوكُم فَحَمَلَ مِنهُم رَجُلٌ عَلَي صَفّ عَلِيّ ع فَقَتَلَ مِنهُم ثَلَاثَةً فَخَرَجَ إِلَيهِ ع فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ فَلَمّا خَالَطَهُ سَيفُهُ قَالَ يَا حَبّذَا الرّوحَةُ إِلَي الجَنّةِ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ وَ اللّهِ مَا أدَريِ إِلَي الجَنّةِ أَم إِلَي النّارِ
صفحه : 349
فَقَالَ رَجُلٌ مِنهُم مِن بنَيِ سَعدٍ إِنّمَا حَضَرتُ اغتِرَاراً بِهَذَا الرّجُلِ يعَنيِ عَبدَ اللّهِ وَ أَرَاهُ قَد شَكّ وَ اعتَزَلَ عَنِ الحَربِ بِجَمَاعَةٍ مِنَ النّاسِ وَ مَالَ أَلفٌ مِنهُم إِلَي جِهَةِ أَبِي أَيّوبَ الأنَصاَريِّ وَ كَانَ عَلَي مَيمَنَةِ عَلِيّ ع فَقَالَ لِأَصحَابِهِ احمِلُوا عَلَيهِم فَوَ اللّهِ لَا يُقتَلُ مِنكُم عَشَرَةٌ وَ لَا يَسلَمُ مِنهُم عَشَرَةٌ فَحَمَلَ عَلَيهِم فَطَحَنَهُم طَحناً وَ قُتِلَ مِن أَصحَابِهِ ع تِسعَةٌ وَ أَفلَتَ مِنَ الخَوَارِجِ ثَمَانِيَةٌ
وَ ذَكَرَ المُبَرّدُ وَ غَيرُهُ أَيضاً أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع لَمّا وَجّهَ إِلَيهِم عَبدَ اللّهِ بنَ العَبّاسِ لِيُنَاظِرَهُم قَالَ لَهُم مَا ألّذِي نَقَمتُم عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ قَالُوا لَهُ قَد كَانَ لِلمُؤمِنِينَ أَمِيراً فَلَمّا حَكَمَ فِي دِينِ اللّهِ خَرَجَ مِنَ الإِيمَانِ فَليَتُب بَعدَ إِقرَارِهِ بِالكُفرِ نَعُد إِلَيهِ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ مَا ينَبغَيِ لِمُؤمِنٍ لَم يَشُب إِيمَانُهُ بِشَكّ أَن يُقِرّ عَلَي نَفسِهِ بِالكُفرِ قَالُوا إِنّهُ أَمَرَ بِالتّحكِيمِ قَالَ إِنّ اللّهَ أَمَرَ بِالتّحكِيمِ فِي قَتلِ صَيدٍ فَقَالَيَحكُمُ بِهِ ذَوا عَدلٍ مِنكُمفَكَيفَ فِي إِمَامَةٍ قَد أَشكَلَت عَلَي المُسلِمِينَ فَقَالُوا إِنّهُ قَد حُكِمَ عَلَيهِ فَلَم يَرضَ قَالَ إِنّ الحُكُومَةَ كَالإِمَامَةِ وَ مَتَي فَسَقَ الإِمَامُ وَجَبَت مَعصِيَتُهُ وَ كَذَلِكَ الحَكَمَانِ لَمّا خَالَفَا نُبِذَت أَقَاوِيلُهُمَا فَقَالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ اجعَلُوا احتِجَاجَ قُرَيشٍ حُجّةً عَلَيهِم فَإِنّ هَذَا مِنَ الّذِينَ قَالَ اللّهُ فِيهِمبَل هُم قَومٌ خَصِمُونَ وَ قَالَ جَلّ ثَنَاؤُهُوَ تُنذِرَ بِهِ قَوماً لُدّا
وَ قَالَ المُبَرّدُأَوّلُ مَن حَكَمَ عُروَةُ بنُ أُدَيّةَ وَ قِيلَ رَجُلٌ مِن بنَيِ مُحَارِبٍ يُقَالُ لَهُ سَعِيدٌ وَ لَم يَختَلِفُوا فِي اجتِمَاعِهِم عَلَي عَبدِ اللّهِ بنِ وَهبٍ الراّسبِيِّ وَ إِنّهُ امتَنَعَ عَلَيهِم وَ أَومَأَ إِلَي غَيرِهِ فَلَم يَرضَوا إِلّا بِهِ فَكَانَ إِمَامَ القَومِ وَ أَوّلُ سَيفٍ سُلّ مِن سُيُوفِ الخَوَارِجِ سَيفُ عُروَةَ بنِ أُدَيّةَ وَ ذَاكَ أَنّهُ أَقبَلَ عَلَي الأَشعَثِ فَقَالَ لَهُ مَا هَذِهِ الدّنِيّةُ يَا أَشعَثُ وَ مَا هَذَا التّحكِيمُ أَ شَرطٌ أَوثَقُ مِن شَرطِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ ثُمّ شَهَرَ عَلَيهِ السّيفَ وَ الأَشعَثُ مُوَلّ فَضَرَبَ بِهِ عَجُزَ بَغلَتِهِ وَ عُروَةُ هَذَا مِنَ الّذِينَ نَجَوا مِن حَربِ النّهرَوَانِ فَلَم يَزَل بَاقِياً مُدّةً فِي
صفحه : 350
أَيّامِ مُعَاوِيَةَ حَتّي أتُيَِ بِهِ زِيَادٌ وَ مَعَهُ مَولًي لَهُ فَسَأَلَهُ عَن أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ فَقَالَ خَيراً فَسَأَلَهُ عَن عُثمَانَ وَ أَبِي تُرَابٍ فَتَوَلّي عُثمَانَ سِتّ سِنِينَ مِن خِلَافَتِهِ ثُمّ شَهِدَ عَلَيهِ بِالكُفرِ وَ فَعَلَ فِي أَمرِ عَلِيّ ع مِثلَ ذَلِكَ إِلَي أَن حَكّمَ ثُمّ شَهِدَ عَلَيهِ بِالكُفرِ ثُمّ سَأَلَهُ عَن مُعَاوِيَةَ فَسَبّهُ سَبّاً قَبِيحاً ثُمّ سَأَلَهُ عَن نَفسِهِ فَقَالَ لَهُ أَوّلُكَ لِزَنيَةٍ وَ آخِرُكَ لِدَعوَةٍ وَ أَنتَ بَعدُ عَاصٍ لِرَبّكَ فَأَمَرَ بِهِ زِيَادٌ فَضُرِبَ عُنُقُهُ ثُمّ دَعَا مَولَاهُ فَقَالَ لَهُ صِف لِي أُمُورَهُ قَالَ أُطنِبُ أَم أَختَصِرُ قَالَ بَلِ اختَصِر قَالَ مَا أَتَيتُهُ بِطَعَامٍ بِنَهَارٍ قَطّ وَ لَا فَرَشتُ لَهُ فِرَاشاً بِلَيلٍ قَطّ
قَالَ وَ سَبَبُ تَسمِيَتِهِم الحَرُورِيّةَ أَنّ عَلِيّاً ع لَمّا نَاظَرَهُم بَعدَ مُنَاظَرَةِ ابنِ عَبّاسٍ إِيّاهُم كَانَ فِيمَا قَالَ لَهُم أَ لَا تَعلَمُونَ أَنّ هَؤُلَاءِ القَومَ لَمّا رَفَعُوا المَصَاحِفَ قُلتُ لَكُم إِنّ هَذِهِ مَكِيدَةٌ وَ وَهنٌ وَ لَو أَنّهُم قَصَدُوا إِلَي حُكمِ المَصَاحِفِ لأَتَوَنيِ وَ سأَلَوُنيِ التّحكِيمَ أَ فَتَعلَمُونَ أَنّ أَحَداً كَانَ أَكرَهَ لِلتّحكِيمِ منِيّ قَالُوا صَدَقتَ قَالَ فَهَل تَعلَمُونَ أَنّكُم استكَرهَتمُوُنيِ عَلَي ذَلِكَ حَتّي أَجَبتُكُم إِلَيهِ فَاشتَرَطتُ أَنّ حُكمَهُمَا نَافِذٌ مَا حَكَمَا بِحُكمِ اللّهِ فَمَتَي خَالَفَاهُ فَأَنَا وَ أَنتُم مِن ذَلِكَ بَرَاءٌ وَ أَنتُم تَعلَمُونَ أَنّ حُكمَ اللّهِ لَا يعَدوُنيِ قَالُوا أللّهُمّ نَعَم
قَالَ وَ كَانَ مَعَهُم فِي ذَلِكَ الوَقتِ ابنُ الكَوّاءِ قَالَ وَ هَذَا مِن قَبلِ أَن يَذبَحُوا عَبدَ اللّهِ بنَ خَبّابٍ وَ إِنّمَا ذَبَحُوهُ فِي الفُرقَةِ الثّانِيَةِ بِكَسكَرَ فَقَالُوا لَهُ حَكَمتَ فِي دِينِ اللّهِ بِرَأيِنَا وَ نَحنُ مُقِرّونَ بِأَنّا كُنّا كَفَرنَا وَ لَكِنّا الآنَ تَائِبُونَ فَأَقِرّ بِمِثلِ مَا أَقرَرنَا بِهِ وَ تُب نَنهَض مَعَكَ إِلَي الشّامِ فَقَالَ أَ مَا تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ تَعَالَي قَد أَمَرَ بِالتّحكِيمِ فِي شِقَاقٍ بَينَ الرّجُلِ وَ امرَأَتِهِ فَقَالَ سُبحَانَهُفَابعَثُوا حَكَماً مِن أَهلِهِ وَ حَكَماً مِن أَهلِها وَ فِي صَيدٍ أُصِيبَ كَأَرنَبٍ يسُاَويِ نِصفَ دِرهَمٍ فَقَالَيَحكُمُ بِهِ ذَوا عَدلٍ مِنكُمفَقَالُوا لَهُ فَإِنّ عَمراً لَمّا أَبَي عَلَيكَ أَن تَقُولَ فِي كِتَابِكَ هَذَا مَا كَتَبَهُ عَبدُ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ مَحَوتَ اسمَكَ مِنَ الخِلَافَةِ وَ كَتَبتَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَد خَلَعتَ نَفسَكَ
صفحه : 351
فَقَالَ لِي بِرَسُولِ اللّهِص أُسوَةٌ حِينَ أَبَي عَلَيهِ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو أَن يَكتُبَ هَذَا مَا كَتَبَهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو وَ قَالَ لَهُ لَو أَقرَرتُ بِأَنّكَ رَسُولُ اللّهِص مَا خَالَفتُكَ وَ لكَنِيّ أُقَدّمُكَ لِفَضلِكَ فَاكتُب مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَقَالَ لِي يَا عَلِيّ امحُ رَسُولَ اللّهِص قُلتُ لَا تشُجَعّنيِ نفَسيِ عَلَي مَحوِ اسمِكَ مِنَ النّبُوّةِ قَالَ فقَفِنيِ عَلَيهِ فَمَحَاهُ بِيَدِهِ ثُمّ قَالَ اكتُب مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ ثُمّ تَبَسّمَ إلِيَّ وَ قَالَ يَا عَلِيّ أَمَا إِنّكَ سَتُسَامُ مِثلَهَا فتَعُطيِ فَرَجَعَ مَعَهُ مِنهُم أَلفَانِ مِن حَرُورَاءَ وَ قَد كَانُوا تَجَمّعُوا بِهَا فَقَالَ لَهُم عَلِيّ مَا نُسَمّيكُم ثُمّ قَالَ أَنتُمُ الحَرُورِيّةُ لِاجتِمَاعِكُم بِحَرُورَاءَ
وَ رَوَي أَهلُ السّيَرِ كَافّةً أَنّ عَلِيّاً ع لَمّا طَحَنَ القَومَ طَلَبَ ذَا الثّدَيّةِ طَلَباً شَدِيداً وَ قَلَبَ القَتلَي ظَهراً لِبَطنٍ فَلَم يَقدِر عَلَيهِ فَسَاءَهُ ذَلِكَ وَ جَعَلَ يَقُولُ وَ اللّهِ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ اطلُبُوا الرّجُلَ وَ إِنّهُ لفَيِ القَومِ فَلَم يَزَل يَتَطَلّبُهُ حَتّي وَجَدَهُ وَ هُوَ رَجُلٌ مُخدَجُ اليَدِ كَأَنّهَا ثدَيٌ فِي صَدرِهِ
وَ رَوَي ابنُ دَيزِيلَ عَنِ الأَعمَشِ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ قَالَ لَمّا شَجَرَهُم عَلِيّ ع بِالرّمَاحِ قَالَ اطلُبُوا ذَا الثّدَيّةِ فَطَلَبُوا طَلَباً شَدِيداً حَتّي وَجَدُوهُ فِي وَهدَةٍ مِنَ الأَرضِ تَحتَ نَاسٍ مِنَ القَتلَي فأَتُيَِ بِهِ وَ إِذَا رَجُلٌ عَلَي يَدَيهِ مِثلُ سَبَلَاتِ السّنّورِ فَكَبّرَ عَلِيّ ع وَ كَبّرَ النّاسُ مَعَهُ سُرُوراً بِذَلِكَ
وَ روُيَِ أَيضاً عَن مُسلِمٍ الضبّيّّ عَن حَبّةَ العرُنَيِّ قَالَ كَانَ رَجُلًا أَسوَدَ مُنتِنَ الرّيحِ لَهُ يَدٌ كثَدَيِ المَرأَةِ إِذَا مُدّت كَانَت بِطُولِ اليَدِ الأُخرَي وَ إِذَا تُرِكَتِ اجتَمَعَت وَ تَقَلّصَت وَ صَارَت كثَدَيِ المَرأَةِ عَلَيهَا شَعَرَاتٌ مِثلُ شَوَارِبِ الهِرّةِ فَلَمّا وَجَدُوهُ قَطَعُوا يَدَهُ وَ نَصَبُوهَا عَلَي رُمحٍ ثُمّ جَعَلَ عَلِيّ ع ينُاَديِ صَدَقَ اللّهُ وَ بَلّغَ رَسُولُهُ لَم يَزَل يَقُولُ ذَلِكَ هُوَ وَ أَصحَابُهُ بَعدَ العَصرِ إِلَي أَن غَرَبَتِ الشّمسُ أَو كَادَت
وَ روُيَِ أَيضاً أَنّهُ قَالَ لَمّا عِيلَ صَبَرَ عَلِيّ ع فِي طَلَبِ المُخدَجِ قَالَ ائتوُنيِ بِبَغلَةِ رَسُولِ اللّهِص فَرَكِبَهَا وَ اتّبَعَهُ النّاسُ فَرَأَي
صفحه : 352
القَتلَي وَ جَعَلَ يَقُولُ اقلَبُوا فَيَقلِبُونَ قَتِيلًا عَن قَتِيلٍ حَتّي استَخرَجَهُ فَسَجَدَ عَلِيّ ع
وَ رَوَي كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ أَنّهُ لَمّا دَعَي بِالبَغلَةِ قَالَ ائتوُنيِ بِهَا فَإِنّهَا هَادِيَةٌ فَوَقَفَت بِهِ عَلَي المُخدَجِ فَأَخرَجَهُ مِن تَحتِ قَتلَي كَثِيرِينَ
وَ رَوَي العَوّامُ بنُ حَوشَبٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ يَزِيدَ بنِ رُوَيمٍ قَالَ قَالَ عَلِيّ ع يُقتَلُ اليَومَ أَربَعَةُ آلَافٍ مِنَ الخَوَارِجِ أَحَدُهُم ذُو الثّدَيّةِ فَلَمّا طَحَنَ القَومَ وَ رَامَ استِخرَاجَ ذيِ الثّدَيّةِ فَأَتعَبَهُ أمَرَنَيِ أَن أَقطَعَ لَهُ أَربَعَةَ آلَافِ قَصَبَةٍ فَرَكِبَ بَغلَةَ رَسُولِ اللّهِص وَ قَالَ اطرَح عَلَي كُلّ قَتِيلٍ مِنهُم قَصَبَةً فَلَم أَزَل كَذَلِكَ وَ أَنَا بَينَ يَدَيهِ وَ هُوَ رَاكِبٌ خلَفيِ وَ النّاسُ يَتبَعُونَهُ حَتّي بَقِيَت فِي يدَيِ وَاحِدَةٌ فَنَظَرتُ إِلَيهِ وَ إِذَا وَجهُهُ أَربَدُ وَ إِذَا هُوَ يَقُولُ وَ اللّهِ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ فَإِذَا خَرِيرُ مَاءٍ عِندَ مَوضِعٍ دَالِيَةٌ فَقَالَ فَتّش هَذَا فَفَتّشتُهُ فَإِذَا قَتِيلٌ قَد صَارَ فِي المَاءِ وَ إِذَا رِجلُهُ فِي يدَيِ فَجَذَبتُهَا وَ قُلتُ هَذِهِ رِجلُ إِنسَانٍ فَنَزَلَ عَنِ البَغلَةِ مُسرِعاً فَجَذَبَ الرّجلَ الأُخرَي وَ جَرَرنَاهُ حَتّي صَارَ عَلَي التّرَابِ فَإِذَا هُوَ المُخدَجُ فَكَبّرَ عَلِيّ ع بِأَعلَي صَوتِهِ ثُمّ سَجَدَ فَكَبّرَ النّاسُ كُلّهُم
وَ قَد رَوَي كَثِيرٌ مِنَ المُحَدّثِينَ أَنّ النّبِيّص قَالَ لِأَصحَابِهِ يَوماً إِنّ مِنكُم مَن يُقَاتِلُ عَلَي تَأوِيلِ القُرآنِ كَمَا قَاتَلتُ عَلَي تَنزِيلِهِ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ لَا بَل هُوَ خَاصِفُ النّعلِ وَ أَشَارَ إِلَي عَلِيّ ع
وَ قَد رَوَي المُحَدّثُونَ أَنّ رَجُلًا تَلَا بِحَضرَةِ عَلِيّ ع قُل هَل نُنَبّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمالًا الّذِينَ ضَلّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدّنيا وَ هُم يَحسَبُونَ أَنّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً فَقَالَ عَلِيّ ع أَهلُ حَرُورَاءَ مِنهُم
قَالَ المُبَرّدُ وَ مِن شَعرِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ألّذِي لَا اختِلَافَ فِيهِ أَنّهُ قَالَهُ وَ كَانَ
صفحه : 353
يُرَدّدُهُ أَنّهُم لَمّا سَامُوهُ أَن يُقِرّ بِالكُفرِ وَ يَتُوبَ حَتّي يَسِيرُوا مَعَهُ إِلَي الشّامِ فَقَالَ أَ بَعدَ صُحبَةِ رَسُولِ اللّهِص وَ التّفَقّهِ فِي دِينِ اللّهِ أَرجِعُ كَافِراً ثُمّ قَالَ
يَا شَاهِدَ اللّهِ عَلَيّ فَاشهَد | أنَيّ عَلَي دِينِ النّبِيّ أَحمَدَ |
مَن شَكّ فِي اللّهِ فإَنِيّ مهُتدَيِ | يَا رَبّ فَاجعَل فِي الجِنَانِ موَردِيِ |
وَ روُيَِ أَيضاً فِي الكَامِلِ أَنّ عَلِيّاً ع فِي أَوّلِ خُرُوجِ القَومِ عَلَيهِ دَعَا صَعصَعَةَ بنَ صُوحَانَ العبَديِّ وَ قَد كَانَ وَجّهَهُ إِلَيهِم[ وَ]زِيَادَ بنَ النّضرِ الحاَرثِيِّ مَعَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ فَقَالَ لِصَعصَعَةَ بنِ صُوحَانَ بأِيَّ القَومِ رَأَيتَهُم أَشَدّ إِطَاعَةً فَقَالَ بِيَزِيدَ بنِ قَيسٍ الأرَحبَيِّ فَرَكِبَ عَلِيّ ع إِلَي الحَرُورَاءِ فَجَعَلَ يَتَخَلّلُهُم حَتّي صَارَ إِلَي مَضرَبِ يَزِيدَ بنِ قَيسٍ فَصَلّي فِيهِ رَكعَتَينِ ثُمّ خَرَجَ فَاتّكَأَ عَلَي قَوسِهِ وَ أَقبَلَ عَلَي النّاسِ فَقَالَ هَذَا مَقَامٌ مَن فُلِجَ فِيهِ فُلِجَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ كَلّمَهُم وَ نَاشَدَهُم فَقَالُوا إِنّا أَذنَبنَا ذَنباً عَظِيماً بِالتّحكِيمِ وَ قَد تُبنَا فَتُب إِلَي اللّهِ كَمَا تُبنَا نَعدِلكَ فَقَالَ عَلِيّ ع أَنَا أَستَغفِرُ اللّهَ مِن كُلّ ذَنبٍ فَرَجَعُوا وَ هُم سِتّةُ آلَافٍ فَلَمّا استَقَرّوا بِالكُوفَةِ أَشَاعُوا أَنّ عَلِيّاً ع رَجَعَ عَنِ التّحكِيمِ وَ رَآهُ ضَلَالًا وَ قَالُوا إِنّمَا يَنتَظِرُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ أَن يُسمِنَ الكُرَاعُ وَ يُجبَي المَالُ ثُمّ يَنهَضَ بِنَا إِلَي الشّامِ فَأَتَي الأَشعَثُ عَلِيّاً ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِنّ النّاسَ قَد تَحَدّثُوا أَنّكَ رَأَيتَ الحُكُومَةَ ضَلَالًا وَ الإِقَامَةَ عَلَيهَا كُفراً فَقَامَ عَلِيّ ع فَخَطَبَ فَقَالَ مَن زَعَمَ أنَيّ رَجَعتُ عَنِ الحُكُومَةِ فَقَد كَذَبَ وَ مَن رَآهَا ضَلَالًا فَقَد ضَلّ فَخَرَجَت حِينَئِذٍ الخَوَارِجُ مِنَ المَسجِدِ فَحَكَمَت ثُمّ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ كُلّ فَسَادٍ كَانَ فِي خِلَافَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ كُلّ اضطِرَابٍ حَدَثَ فَأَصلُهُ الأَشعَثُ وَ لَو لَا مُحَاقّهُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع
صفحه : 354
فِي مَعنَي الحُكُومَةِ فِي هَذِهِ المَرّةِ لَم يَكُن حَربُ النّهرَوَانِ وَ لَكَانَ ع يَنهَضُ بِهِم إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ يَملِكُ الشّامَ فَإِنّهُ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ حَاوَلَ أَن يَسلُكَ مَعَهُم مَسلَكَ التّعرِيضِ وَ المُوَارَبَةِ وَ فِي المَثَلِ النبّوَيِّ الحَربُ خُدعَةٌ وَ ذَلِكَ أَنّهُم قَالُوا تُب إِلَي اللّهِ مِمّا فَعَلتَ كَمَا تُبنَا نَنهَض مَعَكَ إِلَي الحَربِ فَقَالَ لَهُم كَلِمَةً مُرسَلَةً يَقُولُهَا الأَنبِيَاءُ وَ المَعصُومُونَ فَرَضُوا بِهَا وَ عَدّوهَا إِجَابَةً لَهُم إِلَي سُؤَالِهِم وَ صَفَت لَهُ ع نِيّاتُهُم وَ استَخلَصَ بِهَا ضَمَائِرُهُم مِن غَيرِ أَن تَتَضَمّنَ تِلكَ الكَلِمَةُ اعتِرَافاً بِكُفرٍ أَو ذَنبٍ فَلَم يَترُكهُ الأَشعَثُ وَ جَاءَ إِلَيهِ مُستَفسِراً فَأَفسَدَ الأَمرَ وَ نَقَضَ مَا دَبّرَهُ ع وَ عَادَتِ الخَوَارِجُ إِلَي شُبهَتِهَا الأَولَي وَ هَكَذَا الدّوَلُ التّيِ تَظهَرُ فِيهَا أَمَارَاتُ الزّوَالِ يُتَاحُ لَهَا أَمثَالُ الأَشعَثِ مِن أوُليِ الفَسَادِ فِي الأَرضِسُنّةَ اللّهِ فِي الّذِينَ خَلَوا مِن قَبلُ وَ لَن تَجِدَ لِسُنّةِ اللّهِ تَبدِيلًا
ثُمّ قَالَ قَالَ المُبَرّدُ ثُمّ مَضَي القَومُ إِلَي النّهرَوَانِ وَ قَد كَانُوا أَرَادُوا المضُيِّ إِلَي المَدَائِنِ فَمِن طَرِيفِ أَخبَارِهِم أَنّهُم أَصَابُوا فِي طَرِيقِهِم مُسلِماً وَ نَصرَانِيّاً فَقَتَلُوا المُسلِمَ لِأَنّهُ عِندَهُم كَافِرٌ وَ استَوصُوا باِلنصّراَنيِّ وَ قَالُوا احفَظُوا ذِمّةَ نَبِيّكُم قَالَ وَ لَقِيَهُم عَبدُ اللّهِ بنُ خَبّابٍ فِي عُنُقِهِ مُصحَفٌ عَلَي حِمَارٍ وَ مَعَهُ امرَأَتُهُ وَ هيَِ حَامِلٌ فَقَالُوا لَهُ إِنّ هَذَا ألّذِي فِي عُنُقِكَ لَيَأمُرُنَا بِقَتلِكَ فَقَالَ لَهُم مَا أَحيَاهُ القُرآنَ فَأَحيَوهُ وَ مَا أَمَاتَهُ فَأَمِيتُوهُ فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنهُم عَلَي رُطَبَةٍ سَقَطَت مِن نَخلَةٍ فَوَضَعَهَا فِي فِيهِ فَصَاحُوا بِهِ فَلَفَظَهَا تَوَرّعاً وَ عَرَضَ لِرَجُلٍ مِنهُم خِنزِيرٌ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالُوا هَذَا فَسَادٌ فِي الأَرضِ وَ أَنكَرُوا قَتلَ الخِنزِيرِ ثُمّ قَالُوا لِابنِ خَبّابٍ حَدّثنَا عَن أَبِيكَ فَقَالَ سَمِعتُ أَبِي يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللّهِص سَتَكُونُ بعَديِ فِتنَةٌ يَمُوتُ فِيهَا قَلبُ الرّجُلِ كَمَا يَمُوتُ بَدَنُهُ يمُسيِ مُؤمِناً وَ يُصبِحُ كَافِراً فَكُن عَبدَ اللّهِ المَقتُولَ وَ لَا تَكُنِ القَاتِلَ
صفحه : 355
قَالُوا فَمَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ فَأَثنَي خَيراً قَالُوا فَمَا تَقُولُ فِي عَلِيّ بَعدَ التّحكِيمِ وَ فِي عُثمَانَ فِي السّنِينَ السّتّ الأَخِيرَةِ فَأَثنَي خَيراً قَالُوا فَمَا تَقُولُ فِي التّحكِيمِ وَ الحُكُومَةِ قَالَ إِنّ عَلِيّاً أَعلَمُ بِاللّهِ مِنكُم وَ أَشَدّ تَوَقّياً عَلَي دِينِهِ وَ أَنفَذُ بَصِيرَةً فَقَالُوا إِنّكَ لَستَ بِمُتّبِعِ الهُدَي إِنّمَا تَتّبِعُ الرّجَالَ عَلَي إِيمَانِهِم ثُمّ قَرّبُوهُ إِلَي النّهرِ فَأَضجَعُوهُ وَ ذَبَحُوهُ قَالَ وَ سَاوَمُوا رَجُلًا نَصرَانِيّاً بِنَخلَةٍ لَهُ فَقَالَ هيَِ لَكُم فَقَالُوا مَا كُنّا لِنَأخُذَهَا إِلّا بِثَمَنٍ فَقَالَ وَا عَجَبَاه أَ تَقتُلُونَ مِثلَ عَبدِ اللّهِ بنِ خَبّابٍ وَ لَا تَقبَلُونَ جنا[جَنَي]نَخلَةٍ
وَ رَوَي أَبُو عُبَيدَةَ قَالَ طُعِنَ وَاحِدٌ مِنَ الخَوَارِجِ يَومَ النّهرَوَانِ فَمَشَي فِي الرّمحِ وَ هُوَ شَاهِرٌ سَيفَهُ إِلَي أَن وَصَلَ إِلَي طَاعِنِهِ فَقَتَلَهُ وَ هُوَ يَقرَأُوَ عَجِلتُ إِلَيكَ رَبّ لِتَرضي قَالَ استَنطَقَهُم عَلِيّ ع بِقَتلِ ابنِ خَبّابٍ فَأَقَرّوا بِهِ فَقَالَ انفَرِدُوا كَتَائِبَ لِأَسمَعَ قَولَكُم كَتِيبَةً كَتِيبَةً فَتَكَتّبُوا كَتَائِبَ وَ أَقَرّت كُلّ كَتِيبَةٍ بِمَا أَقَرّت بِهِ الأُخرَي مِن قَتلِ ابنِ خَبّابٍ وَ قَالُوا لَنَقتُلَنّكَ كَمَا قَتَلنَاهُ فَقَالَ وَ اللّهِ لَو أَقَرّ أَهلُ الدّنيَا كُلّهُم بِقَتلِهِ هَكَذَا وَ أَنَا أَقدِرُ عَلَي قَتلِهِم لَقَتَلتُهُم ثُمّ التَفَتَ إِلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ شُدّوا عَلَيهِم فَأَنَا أَوّلُ مَن يَشُدّ عَلَيهِم وَ حَمَلَ بذِيِ الفَقَارِ حَملَةً مُنكَرَةً ثَلَاثَ مَرّاتٍ كُلّ حَملَةٍ يَضرِبُ بِهِ حَتّي يَعوَجّ مَتنُهُ ثُمّ يَخرُجُ فَيُسَوّيهِ بِرُكبَتَيهِ ثُمّ يَحمِلُ بِهِ حَتّي أَفنَاهُم
وَ رَوَي مُحَمّدُ بنُ حَبِيبٍ قَالَ خَطَبَ عَلِيّ ع الخَوَارِجَ يَومَ النّهرِ فَقَالَ لَهُم نَحنُ أَهلُ بَيتِ النّبُوّةِ وَ مَوضِعُ الرّسَالَةِ وَ مُختَلَفُ المَلَائِكَةِ وَ عُنصُرُ الرّحمَةِ وَ مَعدِنُ العِلمِ وَ الحِكمَةِ نَحنُ أُفُقُ الحِجَازِ بِنَا يَلحَقُ البطَيِءُ وَ إِلَينَا يَرجِعُ التّائِبُ أَيّهَا النّاسُ إنِيّ نَذِيرٌ لَكُم أَن تُصبِحُوا صَرعَي بِأَهضَامِ هَذَا الواَديِ
صفحه : 356
إلي آخر ماأورده السيد الرضي رحمه الله في المختار من كتاب نهج البلاغة،الآتي قريبا
588- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ المُبَارَكِ وَ اِبرَاهِيمَ بنِ العَبّاسِ عَن بَكرِ بنِ عِيسَي عَن إِسمَاعِيلَ بنِ خَالِدٍ البجَلَيِّ عَن عَمرِو بنِ قَيسٍ عَنِ المِنهَالِ بنِ عَمرٍو عَن زِرّ بنِ حُبَيشٍ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّاً يَقُولُ أَنَا فَقَأتُ عَينَ الفِتنَةِ وَ لَو لَا أَنَا مَا قُوتِلَ أَهلُ النّهرَوَانِ وَ لَا أَصحَابُ الجَمَلِ وَ لَو لَا أنَيّ أَخشَي أَن تَتّكِلُوا فَتَدَعُوا العَمَلَ لَأَخبَرتُكُم باِلذّيِ قَضَي اللّهُ عَلَي لِسَانِ نَبِيّكُم لِمَن قَاتَلَهُم مُبصِراً بِضَلَالِهِم عَارِفاً لِلهُدَي ألّذِي نَحنُ عَلَيهِ
وَ عَن عُبَيدِ بنِ سُلَيمَانَ النخّعَيِّ عَن سَعِيدٍ الأشَعرَيِّ قَالَ استَخلَفَ عَلِيّ ع حِينَ سَارَ إِلَي النّهرَوَانِ رَجُلًا مِنَ النّخَعِ يُقَالُ لَهُ هَانِئُ بنُ هَوذَةَ فَكَتَبَ إِلَي عَلِيّ ع أَنّ غَنياً وَ بَاهِلَةَ فَتَنُوا فَدَعَوُا اللّهَ عَلَيكَ أَن يُظفَرَ بِكَ
قَالَ فَكَتَبَ إِلَيهِ عَلِيّ ع أَجلِهِم عَدُوّكَ مِنَ الكُوفَةِ وَ لَا تَدَع مِنهُم أَحَداً
وَ عَن عَلِيّ بنِ قَادِمٍ عَن شَرِيكِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن لَيثٍ عَن أَبِي يَحيَي قَالَ سَمِعتُ عَلِيّاً يَقُولُ اغدُوا خُذُوا حَقّكُم مَعَ النّاسِ وَ اللّهُ يَشهَدُ أَنّكُم تبُغضِوُنيّ وَ أنَيّ أُبغِضُكُم
589- نهج ،[نهج البلاغة] قَالَ ع وَ قَد مَرّ بِقَتلَي الخَوَارِجِ يَومَ النّهرِ بُؤساً لَكُم لَقَد ضَرّكُم مَن غَرّكُم فَقِيلَ لَهُ مَن غَرّهُم يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَقَالَ ع الشّيطَانُ المُضِلّ وَ الأَنفُسُ الأَمّارَةُ بِالسّوءِ غَرّتهُم باِلأمَاَنيِّ وَ فَسَحَت لَهُم فِي المعَاَصيِ وَ وَعَدَتهُمُ الإِظهَارَ فَاقتَحَمَت بِهِمُ النّارَ 9-
صفحه : 357
بيان وفسحت أي أوسعت لهم بالرخصة في المعاصي ووعدتهم الإظهار أي أن يظهرهم ويغلبهم علينا
590- نهج ،[نهج البلاغة] وَ قَالَ ع لَمّا سَمِعَ قَولَ الخَوَارِجِ لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ كَلِمَةُ حَقّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ
بيان قال ابن أبي الحديد قال الله تعالي إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلّهِ أي إذاأراد الله شيئا من أفعاله فلابد من وقوعه بخلاف غيره من القادرين وتمسكت الخوارج به في إنكارهم عليه ع في القول بالتحكيم مع عدم رضاه ع كماذكر في السير وأراد الخوارج نفي كل مايسمي حكما و هوباطل لأن الله تعالي قدأمضي حكم كثير من المخلوقين في كثير من الشرائع
591- نهج ،[نهج البلاغة] وَ سَمِعَ ع رَجُلًا مِنَ الحَرُورِيّةِ يَتَهَجّدُ وَ يَقرَأُ فَقَالَ نَومٌ عَلَي يَقِينٍ خَيرٌ مِن صَلَاةٍ فِي شَكّ
592- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن خُطبَةٍ لَهُ ع فِي تَخوِيفِ أَهلِ النّهرَوَانِ فَأَنَا نَذِيرٌ لَكُم أَن تُصبِحُوا صَرعَي بِأَثنَاءِ هَذَا النّهرِ وَ بِأَهضَامِ هَذَا الغَائِطِ عَلَي غَيرِ بَيّنَةٍ مِن رَبّكُم وَ لَا سُلطَانٍ مُبِينٍ مَعَكُم قَد طَوّحَت بِكُمُ الدّارُ وَ احتَبَلَكُمُ المِقدَارُ وَ قَد كُنتُ نَهَيتُكُم عَن هَذِهِ الحُكُومَةِ فَأَبَيتُم عَلَيّ إِبَاءَ المُخَالِفِينَ المُنَابِذِينَ حَتّي صَرَفتُ رأَييِ إِلَي هَوَاكُم وَ أَنتُم مَعَاشِرَ أَخِفّاءِ الهَامِ سُفَهَاءُ الأَحلَامِ وَ لَم آتِ لَا أَبَا لَكُم بُجراً وَ لَا أَرَدتُ بِكُم ضُرّاً
بيان الأهضام جمع هضم و هوالمطمئن من الوادي والغائط ماسفلت من الأرض والسلطان الحجة ولعل المراد بالبينة الحجة الشرعية وبالسلطان الدليل العقلي و قال الجوهري طاح يطوح ويطيح هلك
صفحه : 358
وسقط وكذلك إذاتاه في الأرض وطوحه أي توهه وذهب به هاهنا وهاهنا والمراد بالدار الدنيا واحتبلكم أي أوقفكم في الحبال والمقدار قضاء الله وقدره والهام جمع الهامة وهي الرأس وخفتها كناية عن قلة العقل أو عن الطيش وعدم الثبات في الرأي والأحلام جمع حلم بالكسر و هوالأناة والعقل و لا أبا لك كلمة تستعمل في المدح كثيرا و في الذم أيضا و في معرض التعجب والظاهر هنا الذم أوالتعجب والبجر الأمر العظيم والداهية ويروي هجرا و هوالساقط من القول ويروي عرا والعرو المعرة الإثم
593- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع فِي الخَوَارِجِ لَمّا سَمِعَ قَولَهُم لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ قَالَ كَلِمَةُ حَقّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ نَعَم إِنّهُ لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ وَ لَكِن هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَا إِمرَةَ وَ إِنّهُ لَا بُدّ لِلنّاسِ مِن أَمِيرٍ بَرّ أَو فَاجِرٍ يَعمَلُ فِي إِمرَتِهِ المُؤمِنُ وَ يَستَمتِعُ فِيهَا الكَافِرُ وَ يُبَلّغُ اللّهُ فِيهَا الأَجَلَ وَ يُجمَعُ بِهِ الفيَءُ وَ يُقَاتَلُ بِهِ العَدُوّ وَ تَأمَنُ بِهِ السّبُلُ وَ يُؤخَذُ بِهِ لِلضّعِيفِ مِنَ القوَيِّ حَتّي يَستَرِيحَ بَرّ وَ يُستَرَاحَ مِن فَاجِرٍ
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي أَنّهُ لَمّا سَمِعَ تَحكِيمَهُم قَالَ حُكمَ اللّهِ أَنتَظِرُ فِيكُم وَ قَالَ أَمّا الإِمرَةُ البَرّةُ فَيَعمَلُ فِيهَا التقّيِّ وَ أَمّا الإِمرَةُ الفَاجِرَةُ فَيَتَمَتّعُ فِيهَا الشقّيِّ إِلَي أَن تَنقَطِعَ مُدّتُهُ وَ تُدرِكَهُ مَنِيّتُهُ
بيان قوله ع كلمة حق الظاهر أن المراد بالكلمة قولهم لاحكم إلالله والباطل ألذي أريد بهاالمعني ألذي قصدوه لا مايفهم من كلام بعض الشارحين أن دعاء أصحاب معاوية إياكم إلي كتاب الله كلمة حق لكن مقصودهم بها ليس العمل بكتاب الله بل فتوركم عن الحرب وتفرق أهوائكم ومعناها الحق حصر الحكم حقيقة فيه سبحانه إذ حكم غيره تعالي إنما يجب متابعته لأنه حكمه تعالي .
صفحه : 359
قوله ع وإنه لابد للناس إلخ قال بعض الشارحين الألفاظ كلها ترجع إلي إمرة الفاجر قال يعمل فيهاالمؤمن أي ليست بمانعة للمؤمن من العمل ويستمتع فيهاالكافر أي يتمتع بمدته ويبلغ الله فيهاالأجل لأن إمارة الفاجر كإمارة البر في أن المدة المضروبة فيهاتنتهي إلي الأجل الموقت للإنسان . و قال بعضهم الضمير في إمرته راجع إلي الأمير مطلقا فالإمرة التي يعمل فيهاالمؤمن الإمرة البرة والتي يستمتع فيهاالكافر الإمرة الفاجرة والمراد بعمل المؤمن في إمرة البر عمله علي وفق أوامر الله ونواهيه وباستمتاع الكافر في إمرة الفاجر انهماكه في اللذات الحاضرة ويبلغ الله فيهاالأجل أي في إمرة الأمير سواء كان برا أوفاجرا وفائدتها تذكير العصاة ببلوغ الأجل وتخويفهم به ويؤيد هذاالوجه الرواية الأخري . ويمكن أن يكون المعني أنه لابد في انتظام أمور المعاش أميربر أوفاجر ليعمل المؤمن بما يستوجب به جنات النعيم ويتمتع فيهاالكافر ليكون حجة عليه ولعله أظهر لفظا ومعني . قوله ع حتي يستريح كلمة حتي إما لبيان الغاية والمعني تستمر تلك الحال حتي يستريح البر من الأمراء و هوالظاهر أومطلقا ويستريح الناس من الفاجر أومطلقا بالموت أوالعزل وفيهما راحة للبر لأن الآخرة خير من الأولي و لايجري الأمور غالبا علي مراده و لايستلذ كالفاجر بالانهماك في الشهوات وراحة للناس من الفاجر لخلاصهم من جوره و إن انتظم به نظام الكل في المعاش . وإما لترتب الغاية أي حتي يستريح البر من الناس في دولة البر من الأمراء ويستريح الناس مطلقا من بغي بعض الفجار و من الشرور والمكاره في
صفحه : 360
دولة الأمير مطلقا برا كان أوفاجرا و لاينافي ذلك إصابة المكروه من فاجر أحيانا. قوله ع حكم الله أنتظر أي جريان القضاء بقتلهم وحلول وقته . قوله ع إلي أن تنقطع مدته أي مدة دولته أوحياته
594- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع كَلّمَ بِهِ الخَوَارِجَ أَصَابَكُم حَاصِبٌ وَ لَا بقَيَِ مِنكُم آبِرٌ أَ بَعدَ إيِماَنيِ بِاللّهِ وَ جهِاَديِ مَعَ رَسُولِ اللّهِص أَشهَدُ عَلَي نفَسيِ بِالكُفرِ لَقَد ضَلَلتُ إِذَن وَ مَا أَنَا مِنَ المُهتَدِينَ فَأُوبُوا شَرّ مَآبٍ وَ ارجِعُوا عَلَي أَثَرِ الأَعقَابِ أَمَا إِنّكُم سَتَلقَونَ بعَديِ ذُلّا شَامِلًا وَ سَيفاً قَاطِعاً وَ أَثَرَةً يَتّخِذُهَا الظّالِمُونَ فِيكُم سُنّةً
قال السيد رضي الله عنه قوله ع و لابقي منكم آبر يروي علي ثلاثة أوجه أحدها بالراء من قولهم رجل آبر للذي يأبر النخل أي يصلحه . ويروي آثر و هو ألذي يأثر الحديث أي يحكيه ويرويه و هوأصح الوجوه عندي كأنه ع قال و لابقي منكم مخبر. ويروي آبز بالزاء المعجمة و هوالواثب والهالك أيضا يقال له آبز
595- وَ قَالَ ع لَمّا عَزَمَ عَلَي حَربِ الخَوَارِجِ وَ قِيلَ لَهُ إِنّهُم قَد عَبَرُوا جِسرَ النّهرَوَانَ مَصَارِعُهُم دُونَ النّطفَةِ وَ اللّهِ لَا يُفلِتُ مِنهُم عَشَرَةٌ وَ لَا يَهلِكُ مِنكُم عَشَرَةٌ
قال الرضي رحمه الله يعني بالنطفة ماء النهر و هوأفصح كناية عن الماء و إن كان كثيرا جما.
صفحه : 361
بيان روي أنه كلمهم بهذا الكلام لمااعتزلوه وتنادوا من كل ناحية لاحكم إلالله الحكم لله يا علي لا لك وقالوا بان لنا خطاؤنا فرجعنا وتبنا فارجع إليه أنت وتب و قال بعضهم اشهد علي نفسك بالكفر ثم تب منه حتي نطيعك والحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء وهي صغار الحصي وإصابة الحاصب كناية عن العذاب وقيل أي أصابكم حجارة من السماء والأوب بالفتح والإياب بالكسر الرجوع والأعقاب مؤخر الأقدام وأثرها بالتحريك علامتها والرجوع علي العقب هوالقهقري فهو كالتأكيد للسابق قيل هوأمر لهم بالإياب والرجوع إلي الحق من حيث خرجوا منه قهرا كان القاهر يضرب في وجوههم يردهم علي أعقابهم والرجوع هكذا شر الأنواع وقيل هودعاء عليهم بالذل وانعكاس الحال .أقول ويحتمل أن يكون الأمر علي التهديد كقوله تعالي قُلِ اعمَلُوا فَسَيَرَي اللّهُ عَمَلَكُم والأثرة بالتحريك الاسم من قولك فلان يستأثر علي أصحابه أي يختار لنفسه أشياء حسنة ويخص نفسه بها والاستيثار الانفراد بالشيء أو من آثر يؤثر إيثارا إذاأعطي أي يفضل الظالمون غيركم عليكم في نصيبكم ويعطونهم دونكم وقيل يجوز أن يكون المراد بالأثرة النمام . والنهروان بفتح النون والراء وجوز تثليث الراء ثلاث قري أعلي وأوسط وأسفل بين واسط وبغداد. والصرع الطرح علي الأرض والمصرع يكون مصدرا وموضعا والمراد هنا مواضع هلاكهم والإفلات والتفلت والانفلات التخلص من الشيء فجأة من غيرتمكث . و هذاالخبر من معجزاته ع المتواترة وروي أنه لماقتل الخوارج وجدوا المفلت منهم تسعة تفرقوا في البلاد ووجدوا المقتول من أصحابه ع ثمانية. ويمكن أن يكون خفي علي القوم مكان واحد من المقتولين أو يكون التعبير بعدم هلاك العشرة للمشاكلة والمناسبة بين القرينتين
صفحه : 362
596- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع لِبَعضِ أَصحَابِهِ لَمّا عَزَمَ عَلَي المَسِيرِ إِلَي الخَوَارِجِ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِن سِرتَ فِي هَذَا الوَقتِ خَشِيتُ أَن لَا تَظفَرَ بِمُرَادِكَ مِن طَرِيقِ عِلمِ النّجُومِ فَقَالَ ع أَ تَزعُمُ أَنّكَ تهَديِ إِلَي السّاعَةِ التّيِ مَن سَارَ فِيهَا صُرِفَ عَنهُ السّوءُ وَ تُخَوّفُ مِنَ السّاعَةِ التّيِ مَن سَارَ فِيهَا حَاقَ بِهِ الضّرّ فَمَن صَدّقَكَ بِهَذَا فَقَد كَذّبَ القُرآنَ وَ استَغنَي عَنِ الِاستِعَانَةِ بِاللّهِ تَعَالَي فِي نَيلِ المَحبُوبِ وَ دَفعِ المَكرُوهِ وَ ينَبغَيِ فِي قَولِكَ لِلعَامِلِ بِأَمرِكَ أَن يُولِيَكَ الحَمدَ دُونَ رَبّهِ لِأَنّكَ بِزَعمِكَ أَنتَ هَدَيتَهُ إِلَي السّاعَةِ التّيِ نَالَ فِيهَا النّفعَ وَ آمن [أَمِنَ]الضّرّ ثُمّ أَقبَلَ ع عَلَي النّاسِ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِيّاكُم وَ تَعَلّمَ النّجُومِ إِلّا مَا يُهتَدَي بِهِ فِي بَرّ أَو بَحرٍ فَإِنّهَا تَدعُو إِلَي الكِهَانَةِ المُنَجّمُ كَالكَاهِنِ وَ الكَاهِنُ كَالسّاحِرِ وَ السّاحِرُ كَالكَافِرِ وَ الكَافِرُ فِي النّارِ سِيرُوا عَلَي اسمِ اللّهِ وَ عَونِهِ
597-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع وَ قَد قَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ فَقَالَ نَهَيتَنَا عَنِ الحُكُومَةِ ثُمّ أَمَرتَنَا بِهَا فَمَا ندَريِ أَيّ الأَمرَينِ أَرشَدُ فَصَفّقَ ع إِحدَي يَدَيهِ عَلَي الأُخرَي ثُمّ قَالَ هَذَا جَزَاءُ مَن تَرَكَ العُقدَةَ أَمَا وَ اللّهِ لَو أنَيّ حِينَ أَمَرتُكُم بِمَا أَمَرتُكُم بِهِ حَمَلتُكُم عَلَي المَكرُوهِ ألّذِي يَجعَلُ اللّهُ فِيهِ خَيراً فَإِنِ استَقَمتُم هَدَيتُكُم وَ إِنِ اعوَجَجتُم قَوّمتُكُم وَ إِن أَبَيتُم تَدَارَكتُكُم لَكَانَتِ الوُثقَي وَ لَكِن بِمَن وَ إِلَي مَن أُرِيدُ أَن أدُاَويَِ بِكُم وَ أَنتُم داَئيِ كَنَاقِشِ الشّوكَةِ بِالشّوكَةِ وَ هُوَ يَعلَمُ أَنّ ضَلَعَهَا مَعَهَا أللّهُمّ قَد مَلّت أَطِبّاءُ هَذَا الدّاءِ الدوّيِّ وَ كَلّتِ النّزَعَةُ بِأَشطَانِ الركّيِّ أَينَ القَومُ الّذِينَ دُعُوا إِلَي الإِسلَامِ فَقَبِلُوهُ وَ قَرَءُوا القُرآنَ فَأَحكَمُوهُ وَ هِيجُوا إِلَي الجِهَادِ فَوَلّهُوا اللّقَاحَ إِلَي أَولَادِهَا وَ سَلَبُوا السّيُوفَ أَغمَادَهَا وَ أَخَذُوا بِأَطرَافِ الأَرضِ زَحفاً
صفحه : 363
زَحفاً وَ صَفّاً صَفّاً بَعضٌ هَلَكَ وَ بَعضٌ نَجَا لَا يُبَشّرُونَ بِالأَحيَاءِ وَ لَا يُعَزّونَ عَنِ المَوتَي مُرهُ العُيُونِ مِنَ البُكَاءِ خُمصُ البُطُونِ مِنَ الصّيَامِ ذُبلُ الشّفَاهِ مِنَ الدّعَاءِ صُفرُ الأَلوَانِ مِنَ السّهَرِ عَلَي وُجُوهِهِم غَبَرَةُ الخَاشِعِينَ أُولَئِكَ إخِواَنيَِ الذّاهِبُونَ فَحَقّ لَنَا أَن نَظمَأَ إِلَيهِم وَ نَعَضّ الأيَديَِ عَلَي فِرَاقِهِم إِنّ الشّيطَانَ يسُنَيّ لَكُم طُرُقَهُ وَ يُرِيدُ أَن يَحُلّ دِينَكُم عُقدَةً عُقدَةً وَ يُعطِيَكُم بِالجَمَاعَةِ الفُرقَةَ وَ بِالفُرقَةِ الفِتنَةَ فَاصدِفُوا عَن نَزَعَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ وَ اقبَلُوا النّصِيحَةَ مِمّن أَهدَاهَا إِلَيكُم وَ اعقِلُوهَا عَلَي أَنفُسِكُم
إيضاح قوله ع هذاجزاء من ترك العقدة أي الرأي والحزم وقيل مراده ع هذاجزاؤكم حين تركتم الرأي الأصوب فيكون هذاإشارة إلي حيرتهم التي دل عليها قولهم فما ندري أي الأمرين أرشد فيكون ترك العقدة منهم لا منه ع . ويمكن حمله علي ظاهره الألصق بقوله ع بعد ذلك حملتكم علي المكروه إلخ و لايلزم خطاؤه كماتوهمه الخوارج بأن يكون المراد كان هذاجزائي حين تركت العقدة أي هذامما يترتب علي ترك العقدة و إن كان تركها اضطرارا لااختيارا و لا عن فساد رأي كمايدل عليه صريح قوله ع بعد ذلك ولكن بمن و إلي من فإن ترك الأصلح إذا لم يمكن العمل بالأصلح مما لافساد فيه و لاريب في عدم إمكان حربه ع بعدرفعهم المصاحف وافتراق أصحابه . قوله ع علي المكروه أي الحرب إشارة إلي قوله تعالي فَعَسي أَن تَكرَهُوا شَيئاً وَ يَجعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيراً كَثِيراً والمكروه مكروه لهم لا له ع . قوله و إن اعوججتم لعل المراد بالاعوجاج اليسير من العصيان لاالإباء
صفحه : 364
المطلق وبالتقويم الإرشاد والتحريض والتشجيع وبالإباء الإباء المطلق وبالتدارك الاستنجاد بغيرهم من قبائل العرب و أهل الحجاز وخراسان فإن كلهم كانوا من شيعته ع كذا ذكره ابن أبي الحديد. قوله ع ولكن بمن أي بمن أستعين في هذاالأمر ألذي لابد له من ناصر ومعين و إلي من أرجع في ذلك . قوله ع كناقش الشوكة هذامثل للعرب لاتنقش الشوكة بالشوكة فإن ضلعها معها أي إذااستخرجت الشوكة بمثلها فكما أن الأولي انكسرت في رجلك وبقيت في لحمك كذلك تنكسر الثانية فإن ضلعها بالتحريك أي ميلها معها أي طباع بعضكم يشبه طباع بعض ويميل إليها كماتميل الشوكة إلي مثلها. و قال ابن الأثير في مادة نقش من النهاية نقش الشوكة إذااستخرجها من جسمه و به سمي المنقاش ألذي ينقش به . والداء الدوي الشديد من دوي إذامرض والنزعة جمع نازع و هو ألذي يستقي الماء والشطن هوالحبل والركي جميع الركية وهي البئر كأنهم عن المصلحة في قعر بئر عميق و كل ع من جذبهم إليه أوشبه ع وعظه لهم وقلة تأثيره فيهم بمن يستقي من بئر عميقة لأرض وسيعة وعجز عن سقيها. قوله ع فولهوا اللقاح اللقاح بكسر اللام الإبل الواحدة لقوح وهي الحلوب أي جعلوا اللقاح والهة إلي أولادها بركوبهم إياها عندخروجهم إلي الجهاد و في بعض النسخ فولهوا وله اللقاح إلي أولادها والوله إلي الشيء الاشتياق إليه . وأخذوا بأطراف الأرض أي أخذوا الأرض بأطرافها كماقيل أوأخذوا علي الناس بأطراف الأرض أي حصروهم يقال لمن استولي علي غيره وضيق عليه قدأخذ بأطراف الأرض وأخذوا أطرافها من قبيل أخذت
صفحه : 365
بالخطام والزحف الجيش يزحفون إلي العدو أي يمشون و يكون مصدرا كالصف ونصبهما علي الحالية أي زحفا بعدزحف وصفا بعدصف في الأطراف أوالمصدرية أي يزحفون زحفا قوله لايبشرون أي لشدة ولههم إلي الجهاد لايفرحون ببقاء حيهم حتي يبشروا به و لايحزنون لقتل قتيلهم حتي يعزوا به أو لماقطعوا العلائق الدنيوية إذاولد لأحدهم مولود لم يبشر به و إذامات منهم أحد لم يعزوا عنه والأول أظهر لاسيما علي نسخة القيل . و قال في النهاية المره مرض في العين لترك الكحل و قال الخمس الجوع والمجاعة و رجل خمص إذا كان ضامر البطن وذبل أي قل ماؤه وذهبت نضارته و قال الجوهري يقال حق لك أن تفعل أي خليق بك و قال سناه أي فتحه وسهله ويقال صدف عن الأمر أي انصرف عنه ونزغ الشيطان بينهم أي أفسد وأغري ونفثاته وساوسه التي ينفث بها
598- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع قَالَ لِلبُرجِ بنِ مُسهِرٍ الطاّئيِّ وَ قَد قَالَ لَهُ بِحَيثُ يَسمَعُهُ لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ وَ كَانَ مِنَ الخَوَارِجِ اسكُت قَبَحَكَ[قَبّحَكَ] اللّهُ يَا أَثرَمُ فَوَ اللّهِ لَقَد ظَهَرَ الحَقّ فَكُنتَ فِيهِ ضَئِيلًا شَخصُكَ خَفِيّاً صَوتُكَ حَتّي إِذَا نَعَرَ البَاطِلُ نَجَمتَ نُجُومَ قَرنِ المَاعِزِ
بيان قبحك الله بالتخفيف والتشديد أي نحاك عن الخير وقيل كسرك يقال قبحت الجوزة أي كسرتها والثرم سقوط الأسنان والضئيل الدقيق النحيف الخفي ونعر أي صاح كناية عن ظهور الباطل وقوة أهله ونجم طلع أي طلعت بلا شرف و لاشجاعة و لاقدم بل علي غفلة والماعز واحد المعز من الغنم و هوخلاف الضأن
599- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ أَبَانٍ عَن عَبدِ الغَفّارِ بنِ القَاسِمِ عَنِ المَنصُورِ بنِ عُمَرَ عَن زِرّ بنِ حُبَيشٍ
صفحه : 366
وَ عَن أَحمَدَ بنِ عِمرَانَ بنِ أَبِي لَيلَي عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي لَيلَي عَنِ المِنهَالِ بنِ عَمرٍو عَن زِرّ بنِ حُبَيشٍ قَالَ خَطَبَ عَلِيّ ع بِالنّهرَوَانِ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ أَمّا بَعدُ أَنَا فَقَأتُ عَينَ الفِتنَةِ لَم يَكُن أَحَدٌ ليِجَترَِئَ عَلَيهَا غيَريِ
وَ فِي حَدِيثِ ابنِ أَبِي لَيلَي لَم يَكُن لِيَفقَأَهَا أَحَدٌ غيَريِ وَ لَو لَم أَكُ فِيكُم مَا قُوتِلَ أَصحَابُ الجَمَلِ وَ أَهلُ النّهرَوَانِ وَ ايمُ اللّهِ لَو لَا أَن تَتّكِلُوا وَ تَدَعُوا العَمَلَ لَحَدّثتُكُم بِمَا قَضَي اللّهُ عَلَي لِسَانِ نَبِيّكُمص لِمَن قَاتَلَهُم مُبصِراً لِضَلَالَتِهِم عَارِفاً لِلهُدَي ألّذِي نَحنُ عَلَيهِ ثُمّ قَالَ سلَوُنيِ قَبلَ أَن تفَقدِوُنيِ سلَوُنيِ عَمّا شِئتُم سلَوُنيِ قَبلَ أَن تفَقدِوُنيِ إنِيّ مَيّتٌ أَو مَقتُولٌ بَل قَتلًا مَا يَنتَظِرُ أَشقَاهَا أَن يَخضِبَهَا مِن فَوقِهَا بِدَمٍ وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَي لِحيَتِهِ وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ لَا تسَألَوُنيّ عَن شَيءٍ فِيمَا بَينَكُم وَ بَينَ السّاعَةِ وَ لَا عَن فِئَةٍ تُضِلّ مِائَةً أَو تهَديِ مِائَةً إِلّا نَبّأتُكُم بِنَاعِقِهَا وَ سَائِقِهَا فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ فَقَالَ حَدّثنَا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَنِ البَلَاءِ قَالَ إِنّكُم فِي زَمَانٍ إِذَا سَأَلَ سَائِلٌ فَليَعقِل وَ إِذَا سُئِلَ مَسئُولٌ فَليَثّبّت أَلَا وَ إِنّ مِن وَرَائِكُم أُمُوراً أَتَتكُم جَلَلًا مُزَوّجاً وَ بَلَاءً مُكَلّحاً مُلِحّاً وَ ألّذِي فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ أَن لَو قَد فقَدَتمُوُنيِ وَ نَزَلَت بِكُم كَرَاهِيَةُ الأُمُورِ وَ حَقَائِقُ البَلَاءِ لَقَد أَطرَقَ كَثِيرٌ مِنَ السّائِلِينَ وَ فَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ المَسئُولِينَ وَ ذَلِكَ إِذَا قَلّصَت حَربُكُم وَ شَمّرَت عَن سَاقٍ وَ كَانَتِ الدّنيَا بَلَاءً عَلَيكُم وَ عَلَي أَهلِ بيَتيِ حَتّي يَفتَحَ اللّهُ لِبَقِيّةِ الأَبرَارِ
صفحه : 367
فَانصُرُوا أَقوَاماً كَانُوا أَصحَابَ رَايَاتٍ يَومَ بَدرٍ وَ يَومَ حُنَينٍ تُنصَرُوا وَ تُؤجَرُوا وَ لَا تَسبِقُوهُم فَتَصرَعَكُمُ البَلِيّةُ فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ حَدّثنَا عَنِ الفِتَنِ قَالَ إِنّ الفِتنَةَ إِذَا أَقبَلَت شَبّهَت وَ إِذَا أَدبَرَتِ استَقَرّت يُشبِهنَ مُقبِلَاتٍ وَ يُعرَفنَ مُدبِرَاتٍ إِنّ الفِتَنَ تَحُومُ كَالرّيَاحِ يُصِبنَ بَلَداً وَ يُخطِئنَ أُخرَي أَلَا إِنّ أَخوَفَ الفِتَنِ عنِديِ عَلَيكُم فِتنَةُ بنَيِ أُمَيّةَ إِنّهَا فِتنَةٌ عَميَاءُ مُظلِمَةٌ مُطَيّنَةٌ عَمّت فِتنَتُهَا وَ خَصّت بَلِيّتُهَا وَ أَصَابَ البَلَاءُ مَن أَبصَرَ فِيهَا وَ أَخطَأَ البَلَاءُ مَن عمَيَِ عَنهَا يَظهَرُ أَهلُ بَاطِلِهَا عَلَي أَهلِ حَقّهَا حَتّي تُملَأَ الأَرضُ عُدوَاناً وَ ظُلماً وَ بِدَعاً أَلَا وَ إِنّ أَوّلَ مَن يَضَعُ جَبَرُوتَهَا وَ يَكسِرُ عَمَدَهَا وَ يَنزِعُ أَوتَادَهَا اللّهُ رَبّ العَالَمِينَ وَ ايمُ اللّهِ لَتَجِدُنّ بنَيِ أُمَيّةَ أَربَابَ سَوءٍ لَكُم بعَديِ كَالنّابِ الضّرُوسِ تَعَضّ بِفِيهَا وَ تَخبِطُ بِيَدَيهَا وَ تَضرِبُ بِرِجلَيهَا وَ تَمنَعُ دَرّهَا لَا يَزَالُونَ بِكُم حَتّي لَا يَترُكُوا فِي مِصرِكُم إِلّا تَابِعاً لَهُم أَو غَيرَ ضَارٍ وَ لَا يَزَالُ بَلَاؤُهُم بِكُم حَتّي لَا يَكُونَ انتِصَارُ أَحَدِكُم مِنهُم إِلّا مِثلَ انتِصَارِ العَبدِ مِن رَبّهِ إِذَا رَآهُ أَطَاعَهُ وَ إِذَا تَوَارَي عَنهُ شَتَمَهُ وَ ايمُ اللّهِ لَو فَرّقُوكُم تَحتَ كُلّ حَجَرٍ لَجَمَعَكُمُ اللّهُ لِشَرّ يَومٍ لَهُم أَلَا إِنّ مِن بعَديِ جُمّاعَ شَتّي أَلَا إِنّ قِبلَتَكُم وَاحِدَةٌ وَ حَجّكُم وَاحِدٌ وَ عُمرَتَكُم وَاحِدَةٌ وَ القُلُوبَ مُختَلِفَةٌ ثُمّ أَدخَلَ ع أَصَابِعَهُ بَعضَهَا فِي بَعضٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَا هَذَا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ هَذَا هَكَذَا يَقتُلُ هَذَا هَذَا وَ يَقتُلُ هَذَا هَذَا قِطَعاً جَاهِلِيّةً لَيسَ فِيهَا هُدًي وَ لَا عِلمٌ يُرَي نَحنُ أَهلَ
صفحه : 368
البَيتِ مِنهَا بِمَنجَاةٍ وَ لَسنَا فِيهَا بِدُعَاةٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا نَصنَعُ فِي ذَلِكَ الزّمَانِ قَالَ انظُرُوا أَهلَ بَيتِ نَبِيّكُم فَإِن لَبَدُوا فَالبُدُوا وَ إِنِ استَصرَخُوكُم فَانصُرُوهُم تُؤجَرُوا وَ لَا تَسبِقُوهُم فَتَصرَعَكُمُ البَلِيّةُ فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ ثُمّ مَا يَكُونُ بَعدَ هَذَا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ ثُمّ إِنّ اللّهَ يُفَرّجُ الفِتَنَ بِرَجُلٍ مِنّا أَهلَ البَيتِ كَتَفرِيجِ الأَدِيمِ بأِبَيِ ابنُ خِيَرَةِ الإِمَاءِ يَسُومُهُم خَسفاً وَ يَسقِيهِم بِكَأسٍ مُصَبّرَةٍ فَلَا يُعطِيهِم إِلّا السّيفَ هَرجاً هَرجاً يَضَعُ السّيفَ عَلَي عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشهُرٍ وَدّت قُرَيشٌ عِندَ ذَلِكَ بِالدّنيَا وَ مَا فِيهَا لَو يرَوَنيِ مَقَاماً وَاحِداً قَدرَ حَلبِ شَاةٍ أَو جَزرِ جَزُورٍ لِأَقبَلَ مِنهُم بَعضَ ألّذِي يَرُدّ عَلَيهِم حَتّي تَقُولُ قُرَيشٌ لَو كَانَ هَذَا مِن وُلدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا فَيُغرِيهِ اللّهُ ببِنَيِ أُمَيّةَ فَيَجعَلُهُممَلعُونِينَ أَينَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتّلُوا تَقتِيلًا سُنّةَ اللّهِ فِي الّذِينَ خَلَوا مِن قَبلُ وَ لَن تَجِدَ لِسُنّةِ اللّهِ تَبدِيلًا
بيان الجلل محركة الأمر العظيم مزوجا أي مقرونا بمثله والكلوح العبوس يقال كلح وأكلح وقلصت بالتشديد أي انضمت واجتمعت وبالتخفيف أي كثرت وتزايدت من قلصت البئر إذاارتفع ماؤها وشمرت عن ساق أي كشفت عن شدة وحام الطائر وغيره حول الشيء دار مطينة أي مخفية والناب الناقة المسنة والضروس السيئة الخلق تعض حالبها وجماع الناس كرمان أخلاطهم من قبائل شتي وكلما تجمع وانضم بعضه إلي بعض ولبد كنصر وفرح أقام ولزق كتفريج الأديم أي الجلد عن اللحم و ابن خيرة الإماء القائم ع يسومهم خسفا أي يوليهم ذلا وكأس مصبرة ممزوجة بالصبر و في النهاية فيه بين يدي الساعة هرج أي قتال واختلاط وأصل الهرج الكثرة في الشيء والاتساع .أقول و قدمضي بعض هذه الخطبة مشروحا
600-نهج ،[نهج البلاغة] مِن كَلَامٍ لَهُ ع قَالَهُ لِلخَوَارِجِ وَ قَد خَرَجَ إِلَي مُعَسكَرِهِم وَ هُم مُقِيمُونَ عَلَي إِنكَارِ الحُكُومَةِ فَقَالَ ع أَ كُلّكُم شَهِدَ مَعَنَا صِفّينَ
صفحه : 369
قَالُوا مِنّا مَن شَهِدَ وَ مِنّا مَن لَم يَشهَد قَالَ ع فَامتَازُوا فِرقَتَينِ فَليَكُن مَن شَهِدَ صِفّينَ فِرقَةً وَ مَن لَم يَشهَدهَا فِرقَةً حَتّي أُكَلّمَ كُلّا بِكَلَامِهِ وَ نَادَي النّاسَ فَقَالَ أَمسِكُوا عَنِ الكَلَامِ وَ أَنصِتُوا لقِوَليِ وَ أَقبِلُوا بِأَفئِدَتِكُم إلِيَّ فَمَن نَشَدنَاهُ شَهَادَةً فَليَقُل بِعِلمِهِ فِيهَا ثُمّ كَلّمَهُم ع بِكَلَامٍ طَوِيلٍ مِنهُ أَ لَم تَقُولُوا عِندَ رَفعِهِمُ المَصَاحِفَ حِيلَةً وَ غِيلَةً وَ مَكراً وَ خَدِيعَةً إِخوَانُنَا وَ أَهلُ دَعوَتِنَا استَقَالُونَا وَ استَرَاحُوا إِلَي كِتَابِ اللّهِ سُبحَانَهُ فاَلرأّيُ القَبُولُ مِنهُم وَ التّنفِيسُ عَنهُم فَقُلتُ لَكُم هَذَا أَمرٌ ظَاهِرُهُ إِيمَانٌ وَ بَاطِنُهُ عُدوَانٌ وَ أَوّلُهُ رَحمَةٌ وَ آخِرُهُ نَدَامَةٌ فَأَقِيمُوا عَلَي شَأنِكُم وَ الزَمُوا طَرِيقَتَكُم وَ عَضّوا عَلَي الجِهَادِ بِنَوَاجِذِكُم وَ لَا تَلتَفِتُوا إِلَي نَاعِقٍ نَعَقَ إِن أُجِيبَ أَضَلّ وَ إِن تُرِكَ ذَلّ وَ قَد كَانَت هَذِهِ الفَعلَةُ وَ قَد رَأَيتُكُم أَعطَيتُمُوهَا وَ اللّهِ لَئِن أَبَيتُهَا مَا وَجَبَت عَلَيّ فَرِيضَتُهَا وَ لَا حمَلّنَيِ اللّهُ ذَنبَهَا وَ وَ اللّهِ إِن جِئتُهَا إنِيّ لَلمُحِقّ ألّذِي يُتّبَعُ وَ إِنّ الكِتَابَ لمَعَيِ مَا فَارَقتُهُ مُذ صَحِبتُهُ فَلَقَد كُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِص وَ إِنّ القَتلَ لَيَدُورُ بَينَ الآبَاءِ وَ الأَبنَاءِ وَ الإِخوَانِ وَ القَرَابَاتِ فَمَا نَزدَادُ عَلَي كُلّ مُصِيبَةٍ وَ شِدّةٍ إِلّا إِيمَاناً وَ مُضِيّاً عَلَي الحَقّ وَ تَسلِيماً لِلأَمرِ وَ صَبراً عَلَي مَضَضِ الجِرَاحِ وَ لَكِنّا إِنّمَا أَصبَحنَا نُقَاتِلُ إِخوَانَنَا فِي الإِسلَامِ عَلَي مَا دَخَلَ فِيهِ مِنَ الزّيغِ وَ الِاعوِجَاجِ وَ الشّبهَةِ وَ التّأوِيلِ فَإِذَا طَمِعنَا فِي خَصلَةٍ يَلُمّ اللّهُ بِهَا شَعَثَنَا وَ نَتَدَانَي بِهَا إِلَي البَقِيّةِ فِيمَا بَينَنَا رَغِبنَا فِيهَا وَ أَمسَكنَا عَمّا سِوَاهَا
601- ج ،[الإحتجاج ] أَ لَم تَقُولُوا إِلَي آخِرِ الكَلَامِ
توضيح قوله ع بكلامه أي بالكلام ألذي يليق به . و قال في النهاية فيه نشدتك الله والرحم أي سألتك بالله وبالرحم و قال الجوهري الغيلة بالكسر الخديعة ونفس تنفيسا فرج تفريجا قوله ع
صفحه : 370
أوله رحمة لأنه كان وسيلة إلي حقن الدماء والفعلة بالفتح المرة من الفعل والمراد بهاالرضا بالحكومة وفريضتها ماوجب بسببها وترتب عليها و إن الكتاب لمعي أي لفظا ومعني والمضض وجع المصيبة قوله ع إلي البقية أي إلي بقاء مابقي فيما بيننا من الإسلام كماذكره ابن ميثم والأظهر عندي أنه من الإبقاء بمعني الرحم والإشفاق والإصلاح كما في الصحيفة لاتبقي علي من تضرع إليها. و قال في القاموس أبقيت مابيننا لم أبالغ في فساده والاسم البقية وأولو بقية ينهون عن الفساد أي إبقاء. و قال ابن أبي الحديد هذاالكلام ليس يتلو بعضه بعضا ولكنه ثلاثة فصول لايلتصق أحدها بالآخر آخر الفصل الأول قوله ع و إن ترك ذل . وآخر الفصل الثاني قوله علي مضض الجراح والفصل الثالث ينتهي آخر الكلام
602-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع فِي التّحكِيمِ إِنّا لَم نُحَكّمِ الرّجَالَ وَ إِنّمَا حَكّمنَا القُرآنَ وَ هَذَا القُرآنُ إِنّمَا هُوَ خَطّ مَسطُورٌ بَينَ الدّفّتَينِ لَا يَنطِقُ بِلِسَانٍ وَ لَا بُدّ لَهُ مِن تَرجُمَانٍ وَ إِنّمَا يَنطِقُ عَنهُ الرّجَالُ وَ لَمّا دَعَانَا القَومُ إِلَي أَن نُحَكّمَ بَينَنَا القُرآنَ لَم نَكُنِ الفَرِيقَ المتُوَلَيّ عَن كِتَابِ اللّهِ تَعَالَي وَ قَد قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُفَإِن تَنازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدّوهُ إِلَي اللّهِ وَ الرّسُولِفَرَدّهُ إِلَي اللّهِ أَن نَحكُمَ بِكِتَابِهِ وَ رَدّهُ إِلَي الرّسُولِ أَن نَأخُذَ بِسُنّتِهِ فَإِذَا حُكِمَ بِالصّدقِ فِي كِتَابِ اللّهِ فَنَحنُ أَحَقّ النّاسِ بِهِ وَ إِن حُكِمَ بِسُنّةِ رَسُولِ اللّهِص فَنَحنُ أَحَقّ النّاسِ وَ أَولَاهُم بِهِ
صفحه : 371
وَ أَمّا قَولُكُم لِمَ جَعَلتَ بَينَكَ وَ بَينَهُم أَجَلًا فِي التّحكِيمِ فَإِنّمَا فَعَلتُ ذَلِكَ لِيَتَبَيّنَ الجَاهِلُ وَ يَتَثَبّتَ العَالِمُ وَ لَعَلّ اللّهَ أَن يُصلِحَ فِي هَذِهِ الهُدنَةِ أَمرَ هَذِهِ الأُمّةِ وَ لَا يُؤخَذُ بِأَكظَامِهَا فَتَعجَلَ عَن تَبَيّنِ الحَقّ وَ تَنقَادَ لِأَوّلِ الغيَّ إِنّ أَفضَلَ النّاسِ عِندَ اللّهِ مَن كَانَ العَمَلُ بِالحَقّ أَحَبّ إِلَيهِ وَ إِن نَقَصَهُ وَ كَرَثَهُ مِنَ البَاطِلِ وَ إِن جَرّ إِلَيهِ فَائِدَةً وَ زَادَهُ فَأَينَ يُتَاهُ بِكُم وَ مِن أَينَ أُتِيتُم استَعِدّوا لِلمَسِيرِ إِلَي قَومٍ حَيَارَي عَنِ الحَقّ لَا يُبصِرُونَهُ وَ مُوزَعِينَ بِالجَورِ لَا يَعدِلُونَ عَنهُ جُفَاةٍ عَنِ الكِتَابِ نُكُبٍ عَنِ الطّرِيقِ مَا أَنتُم بِوَثِيقَةٍ يُعلَقُ بِهَا وَ لَا زَوَافِرِ عِزّ يُعتَصَمُ إِلَيهَا لَبِئسَ حُشّاشُ نَارِ الحَربِ أَنتُم أُفّ لَكُم لَقَد لَقِيتُ مِنكُم بَرحاً يَوماً أُنَادِيكُم وَ يَوماً أُنَاجِيكُم فَلَا أَحرَارُ صِدقٍ عِندَ النّدَاءِ وَ لَا إِخوَانُ ثِقَةٍ عِندَ النّجَاءِ
603- ج ،[الإحتجاج ] قَالَ ع إِنّا لَم نُحَكّمِ الرّجَالَ إِلَي قَولِهِ وَ تَنقَادُ لِأَوّلِ الغيَّ
توضيح قوله ع إنا لم نحكم حاصل الجواب أنا لم نرض بتحكيم الرجلين مطلقا بل علي تقدير حكمهما بالصدق في الكتاب والسنة لأن القوم دعونا إلي تحكيم القرآن لاتحكيم الرجلين وإنما رضينا بتحكيم الرجلين لحاجة القرآن إلي الترجمان فالحاكم حقيقة هوالقرآن لاالرجلان فإذاخالف الرجلان حكم الكتاب والسنة لم يجب علينا قبول قولهما. مع أن رضاه ع كان اضطرارا كماعرفت مرارا. قوله ع فإذاحكم بالصدق أي إذاحكم بالصدق في الكتاب والسنة فيجب أن يحكم بخلافتنا لأنا أحق الناس بالكتاب والسنة و إذاحكم بالصدق فيهما فنحن أولي الناس باتباع حكمهما فعدم اتباعنا لعدم
صفحه : 372
حكمهم بالصدق و إلالاتبعناه و إذاحكم بالصدق فيهما فنحن أحق الناس بهذا الحكم فيجب عليهم اتباع قولنا لاعلينا اتباع قولهم . والضمير في قوله أحق الناس به عائد إلي الكتاب أو إلي الله أو إلي الحكم و في قوله أولاهم به إلي الرسول أو إلي الحكم . قوله ع ليتبين الجاهل أي ليظهر للجاهل وجه الحق والتبين يكون لازما ومتعديا ويتثبت العالم بدفع الشبهة ويطمئن قلبه . قوله ع و لايؤخذ بأكظامها معطوف علي يتبين . و قال ابن الأثير في كظم من كتاب النهاية و في حديث علي بأكظامها هي جمع كظم بالتحريك و هومخرج النفس من الحلق وأول الغي هوأول شبهة عرضت لهم من رفع المصاحف وكرنه الغم أوأكرثه أي اشتد عليه وبلغ منه المشقة وتاه يتيه تيها تحير وضل أوتكبر و من أين أتيتم أي هلكتم أودخل عليكم الشيطان والشبهة والحيلة و قال الجوهري أوزعته بالشيء أغريته به لايعدلون به أي ليس للجور عندهم عديل ويروي لايعدلون عنه أي لايتركونه إلي غيره والجفاء البعد عن الشيء. ونكب عن الطريق ينكب نكبا عدل ماأنتم بوثيقة أي بعروة وثيقة أوبذي وثيقة والوثيقة الثقة وعلق بالشيء كفرح وتعلق به أي نشب واستمسك وزافرة الرجل أنصاره وخاصته والحشاش بضم الحاء وتشديد الشين جمع حاش و هوالموقد للنار وكذلك الحشاش بالكسر والتخفيف وقيل هو مايحش به النار أي يوقد والبرح الشدة و في بعض النسخ بالتاء و هوالحزن يوما أناديكم أي جهرا ويوما أناجيكم أي سرا فلاأحرار أي لاتنصرون و لاتحمون و لاإخوان ثقة أي لاتكتمون السر و لاتعملون بلوازم الإخاء
604-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع لِلخَوَارِجِ
صفحه : 373
فَإِن أَبَيتُم إِلّا أَن تَزعُمُوا أنَيّ أَخطَأتُ وَ ضَلَلتُ فَلِمَ تُضَلّلُونَ عَامّةَ أُمّةِ مُحَمّدٍص بضِلَاَليِ وَ تَأخُذُونَهُم بخِطَئَيِ وَ تُكَفّرُونَهُم بذِنُوُبيِ سُيُوفُكُم عَلَي عَوَاتِقِكُم تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ البَرَاءَةِ وَ السّقمِ وَ تَخلِطُونَ مَن أَذنَبَ بِمَن لَم يُذنِب وَ قَد عَلِمتُم أَنّ رَسُولَ اللّهِص رَجَمَ الزاّنيَِ[المُحصَنَ] ثُمّ صَلّي عَلَيهِ ثُمّ وَرّثَهُ أَهلَهُ وَ قَتَلَ القَاتِلَ وَ وَرّثَ مِيرَاثَهُ أَهلَهُ وَ قَطَعَ السّارِقَ وَ جَلَدَ الزاّنيَِ غَيرَ المُحصَنِ ثُمّ قَسَمَ عَلَيهِمَا مِنَ الفيَءِ وَ نَكَحَا المُسلِمَاتِ فَأَخَذَهُم رَسُولُ اللّهِص بِذُنُوبِهِم وَ أَقَامَ حَقّ اللّهِ فِيهِم وَ لَم يَمنَعهُم سَهمَهُم مِنَ الإِسلَامِ وَ لَم يُخرِج أَسمَاءَهُم مِن بَينِ أَهلِهِ ثُمّ أَنتُم شِرَارُ النّاسِ وَ مَن رَمَي بِهِ الشّيطَانُ مَرَامِيَهُ وَ ضَرَبَ بِهِ تِيهَهُ وَ سَيَهلِكُ فِيّ صِنفَانِ مُحِبّ مُفرِطٌ يَذهَبُ بِهِ الحُبّ إِلَي غَيرِ الحَقّ وَ مُبغِضٌ مُفرِطٌ يَذهَبُ بِهِ البُغضُ إِلَي غَيرِ الحَقّ وَ خَيرُ النّاسِ فِيّ حَالًا النّمَطُ الأَوسَطُ فَالزَمُوهُ وَ الزَمُوا السّوَادَ الأَعظَمَ فَإِنّ يَدَ اللّهِ علي [ مَعَ]الجَمَاعَةِ وَ إِيّاكُم وَ الفُرقَةَ فَإِنّ الشّاذّ مِنَ النّاسِ لِلشّيطَانِ كَمَا أَنّ الشّاذّةَ مِنَ الغَنَمِ لِلذّئبِ أَلَا مَن دَعَا إِلَي هَذَا الشّعَارِ فَاقتُلُوهُ وَ لَو كَانَ تَحتَ عمِاَمتَيِ هَذِهِ وَ إِنّمَا حُكّمَ الحَكَمَانِ لِيُحيِيَا مَا أَحيَا القُرآنُ وَ يُمِيتَا مَا أَمَاتَ القُرآنُ وَ إِحيَاؤُهُ الِاجتِمَاعُ عَلَيهِ وَ إِمَاتَتُهُ الِافتِرَاقُ عَنهُ فَإِن جَرّنَا القُرآنُ إِلَيهِم اتّبَعنَاهُم وَ إِن جَرّهُم إِلَينَا القُرآنُ اتّبَعُونَا فَلَم آتِ لَا أَبَا لَكُم بُجراً وَ لَا خَتَلتُكُم عَن أَمرِكُم وَ لَا لَبّستُهُ عَلَيكُم وَ إِنّمَا اجتَمَعَ رأَيُ مَلَئِكُم عَلَي اختِيَارِ رَجُلَينِ أَخَذنَا عَلَيهِمَا أَن لَا يَتَعَدّيَا القُرآنَ فَتَاهَا عَنهُ وَ تَرَكَا الحَقّ وَ هُمَا يُبصِرَانِهِ وَ كَانَ الجَورُ هَوَاهُمَا فَمَضَيَا عَلَيهِ وَ قَد سَبَقَ استِثنَاؤُنَا عَلَيهِمَا فِي الحُكُومَةِ بِالعَدلِ وَ الصّمدِ لِلحَقّ سُوءَ رَأيِهِمَا وَ جَورَ حُكمِهِمَا
إيضاح قوله ع وضللت بكسر اللام وفتحها أقول لماقالت الخوارج لعنهم الله إن الدار دار الكفر لايجوز الكف عن أحد من أهلها قتلوا الناس حتي الأطفال وقتلوا البهائم وذهبوا إلي تكفير أهل الكبائر مطلقا ولذا أكفروا أمير المؤمنين صلوات الله عليه و من تبعه علي تصويب التحكيم فلذا احتج ع عليهم بأنه لو كان صاحب الكبيرة كافرا لماصلي عليه
صفحه : 374
رسول الله ص و لاورثه من المسلم و لامكنه من نكاح المسلمات و لاقسم عليهم من الفيء ولأخرجه من إطلاق لفظ الإسلام عليه . و قوله ع وورث ميراثه يدل ظاهرا علي عدم إرث المسلم من الكافر ولعله إلزام عليهم . قوله ع ونكحا أي السارق والزاني المسلمات و لم يمنعهما رسول الله ص من ذلك . قوله ع من بين أهله أي أهل الإسلام ومرامي الشيطان طرق الضلال التي يسوق الإنسان إليها بوساوسه وضرب به تيهه أي وجهه إليه من ضربت في الأرض إذاسافرت والباء للتعدية والتيه بالكسر والفتح الحيرة وبالكسر المفازة يتاه فيها. وتقييد البغض بالإفراط لعله لتخصيص أكمل الأفراد بالذكر أولأن المبغض مطلقا مجاوز عن الحد أولأن الكلام إخبار عما سيوجد منهم مع أن فيه رعاية الازدواج والتناسب بين الفقرتين . وَ قَالَ فِي النّهَايَةِ فِي حَدِيثِ عَلِيّ ع خَيرُ هَذِهِ الأُمّةِ النّمَطُ الأَوسَطُ
النمط الطريقة و من الطرائق والضرب من الضروب يقال ليس هذا من ذلك النمط أي من ذلك الضرب والنمط الجماعة من الناس أمرهم واحد و قال فيه عليكم بالسواد الأعظم أي جملة الناس ومعظمهم الذين يجتمعون علي طاعة السلطان وسلوك المنهج المستقيم و قال إن يد الله علي الجماعة أي إن الجماعة من أهل الإسلام في كنف الله ويد الله كناية عن الحفظ والدفاع عنهم . قوله ع إلي هذاالشعار قال ابن ميثم أي مفارقة الجماعة والاستبداد بالرأي و قوله ع و لو كان تحت عمامتي كناية عن أقصي القرب من عنايته أي و لو كان ذلك الداعي في هذاالحد من عنايتي به
صفحه : 375
و قال ابن أبي الحديد كان شعارهم أن يحلقوا وسط رءوسهم ويبقوا الشعر مستديرا حوله كالإكليل و قال و لو كان تحت عمامتي أي و لواعتصم واحتمي بأعظم الأشياء حرمة فلاتكفوا عن قتله .أقول ويحتمل أن يكون شعارهم قولهم لاحكم إلالله و أن يكون كني بقوله تحت عمامتي عن نفسه . قوله ع وإحياؤه الاجتماع عليه أي مايحييه القرآن هوالاجتماع عليه و مايميته هوالافتراق عنه أو إن الاجتماع علي القرآن إحياؤه إذ به يحصل الأثر والفائدة المطلوبة منه والافتراق عنه إماتة له والبجر بالضم والفتح الداهية والأمر العظيم والختل الخداع . قوله ع وإنما اجتمع يظهر منه جوابان عن شبهتهم أحدهما إني مااخترت التحكيم بل اجتمع رأي ملئكم عليه و قدظهر أنه ع كان مجبورا في التحكيم . وثانيهما أنااشترطنا عليهما في كتاب التحكيم أن لايتجاوزا حكم القرآن فلما تعديا لم يجب علينا اتباع حكمهما. والملأ أشراف الناس ورؤسائهم ومقدموهم الذين يرجع إلي قولهم ذكره في النهاية والصمد القصد. وسوء رأيهما مفعول سبق أوالاستثناء أيضا علي التنازع أي ذكرنا أولا أناإنما نتبع حكمهما إذا لم يختارا سوء الرأي والجور في الحكم
605-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع فِي مَعنَي الحَكَمَينِ فَأَجمَعَ رأَيُ مَلَئِكُم عَلَي أَنِ اختَارُوا رَجُلَينِ فَأَخَذنَا عَلَيهِمَا أَن يُجَعجِعَا عِندَ القُرآنِ وَ لَا
صفحه : 376
يُجَاوِزَاهُ وَ يَكُونَ أَلسِنَتُهُمَا مَعَهُ وَ قُلُوبُهُمَا تَبَعَهُ فَتَاهَا عَنهُ وَ تَرَكَا الحَقّ وَ هُمَا يُبصِرَانِهِ وَ كَانَ الجَورُ هَوَاهُمَا وَ الِاعوِجَاجُ رَأيَهُمَا وَ قَد سَبَقَ استِثنَاؤُنَا عَلَيهِمَا فِي الحُكمِ بِالعَدلِ وَ العَمَلِ بِالحَقّ سُوءَ رَأيِهِمَا وَ جَورَ حُكمِهِمَا وَ الثّقَةَ فِي أَيدِينَا لِأَنفُسِنَا حِينَ خَالَفَا سَبِيلَ الحَقّ وَ أَتَيَا بِمَا لَا يُعرَفُ مِن مَعكُوسِ الحُكمِ
إيضاح قال في النهاية في حديث علي ع فأخذنا عليهما أن يجعجعا عندالقرآن أي يقيما عنده يقال جعجع القوم إذاأناخوا بالجعجاع وهي الأرض والجعجاع أيضا الموضع الضيق الخشن و قال في القاموس التبع محركة التابع يكون واحدا وجمعا ويجمع علي أتباع . قوله ع والثقة في أيدينا أي أنا علي برهان وثقة في أمورنا قوله ع بما لايعرف أي لايصدق به
606- نهج ،[نهج البلاغة] مِن وَصِيّتِهِ ع لِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ لَمّا بَعَثَهُ لِلِاحتِجَاجِ عَلَي الخَوَارِجِ لَا تُخَاصِمهُم بِالقُرآنِ فَإِنّ القُرآنَ حَمّالٌ ذُو وُجُوهٍ تَقُولُ وَ يَقُولُونَ وَ لَكِن حَاجّهِم بِالسّنّةِ فَإِنّهُم لَن يَجِدُوا عَنهَا مَحِيصاً
بيان قوله ع ولكن حاجهم بالسنة قال ابن أبي الحديد كَقَولِ النّبِيّص عَلِيّ مَعَ الحَقّ وَ الحَقّ مَعَ عَلِيّ يَدُورُ مَعَهُ حَيثُمَا دَارَ
و غير ذلك من النصوص . و قال الجوهري يقال ما عنه محيص أي محيد ومهرب
607-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع وَ قَد أَرسَلَ رَجُلًا مِن أَصحَابِهِ يَعلَمُ لَهُ عِلمَ قَومٍ مِن جُندِ الكُوفَةِ هَمّوا بِاللّحَاقِ بِالخَوَارِجِ وَ كَانُوا عَلَي خَوفٍ مِنهُ
صفحه : 377
ع فَلَمّا عَادَ إِلَيهِ الرّجُلُ قَالَ لَهُ أَمِنُوا فَقَطَنُوا أَم جَبَنُوا فَظَعَنُوا فَقَالَ الرّجُلُ بَل ظَعَنُوا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَقَالَ ع بُعداً لَهُمكَما بَعِدَت ثَمُودُ أَمَا لَو أُشرِعَتِ الأَسِنّةُ إِلَيهِم وَ صُبّتِ السّيُوفُ عَلَي هَامَاتِهِم لَقَد نَدِمُوا عَلَي مَا كَانَ مِنهُم إِنّ الشّيطَانَ اليَومَ قَدِ استَفَلّهُم وَ هُوَ غَداً متُبَرَّئٌ مِنهُم وَ مُخَلّ عَنهُم فَحَسبُهُم بِخُرُوجِهِم مِنَ الهُدَي وَ ارتِكَاسِهِم فِي الضّلَالِ وَ العَمَي وَ صَدّهِم عَنِ الحَقّ وَ جِمَاحِهِم فِي التّيهِ
بيان قطن بالمكان أقام و قوله بعدا منصوب علي المصدر و هوضد القرب والهلاك قوله ع قداستفلهم في بعض النسخ بالقاف أي حملهم أواتخذهم قليلا وسهل عليه أمرهم و في أكثر النسخ بالفاء أي وجدهم فلا لاخير فيهم أومفلولين منهزمين و في بعضها استفزهم أي استخفهم و في بعضها استقبلهم أي قبلهم والمراد بالغد اليوم ألذي تصب السيوف علي هاماتهم أو يوم القيامة. و قال الجوهري الركس رد الشيء مقلوبا وارتكس فلان في أمر كان قدنجا منه وجمح الفرس كمنع اعتز فارسه وغلبه والتيه المفازة والضلال
608-ج ،[الإحتجاج ]روُيَِ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع أَرسَلَ عَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ إِلَي الخَوَارِجِ وَ كَانَ بِمَرأًي مِنهُم وَ مَسمَعٍ لِيَسأَلَهُم مَا ذَا ألّذِي نَقَمُوا عَلَيهِ فَقَالَ لَهُمُ ابنُ عَبّاسٍ مَا ذَا نَقَمتُم عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ قَالُوا لَهُ فِي الجَوَابِ نَقَمنَا يَا ابنَ العَبّاسِ عَلَي صَاحِبِكَ خِصَالًا كُلّهَا مُكَفّرَةٌ مُوبِقَةٌ تَدعُو إِلَي النّارِ أَمّا أَوّلُهَا فَإِنّهُ مَحَي اسمَهُ مِنِ إِمرَةِ المُؤمِنِينَ ثُمّ كَتَبَ بَينَهُ وَ بَينَ مُعَاوِيَةَ فَإِذَا لَم يَكُن أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَنَحنُ المُؤمِنُونَ فَلَسنَا نَرضَي أَن يَكُونُ أَمِيرَنَا وَ أَمّا الثّانِيَةُ فَإِنّهُ شَكّ فِي نَفسِهِ حِينَ قَالَ لِلحَكَمَينِ انظُرَا فَإِن كَانَ مُعَاوِيَةُ أَحَقّ بِهَا فَأَثبِتَاهُ وَ إِن كُنتُ أَولَي بِهَا فأَثَبتِاَنيِ فَإِذَا هُوَ شَكّ فِي نَفسِهِ فَلَم يَدرِ
صفحه : 378
أَ هُوَ المُحِقّ أَم مُعَاوِيَةُ فَنَحنُ فِيهِ أَشَدّ شَكّاً وَ الثّالِثَةُ أَنّهُ جَعَلَ الحَكَمَ إِلَي غَيرِهِ وَ قَد كَانَ عِندَنَا أَحكَمَ النّاسِ وَ الرّابِعَةُ أَنّهُ حَكّمَ الرّجَالَ فِي دِينِ اللّهِ وَ لَم يَكُن ذَلِكَ إِلَيهِ وَ الخَامِسَةُ أَنّهُ قَسّمَ بَينَنَا الكُرَاعَ وَ السّلَاحَ يَومَ البَصرَةِ وَ مَنَعَنَا النّسَاءَ وَ الذّرّيّةَ وَ السّادِسَةُ أَنّهُ كَانَ وَصِيّاً فَضَيّعَ الوَصِيّةَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ قَد سَمِعتَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَقَالَةَ القَومِ فَأَنتَ أَحَقّ بِجَوَابِهِم فَقَالَ نَعَم ثُمّ قَالَ يَا ابنَ عَبّاسٍ قُل لَهُم أَ لَستُم تَرضَونَ بِحُكمِ اللّهِ وَ حُكمِ رَسُولِهِ قَالُوا نَعَم قَالَ أَبدَأُ عَلَي مَا بَدَأتُم بِهِ فِي بَدءِ الأَمرِ ثُمّ قَالَ كُنتُ أَكتُبُ لِرَسُولِ اللّهِص الوحَيَ وَ القَضَايَا وَ الشّرُوطَ وَ الأَمَانَ يَومَ صَالَحَ أَبَا سُفيَانَ وَ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو فَكَتَبَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ هَذَا مَا اصطَلَحَ عَلَيهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِص وَ أَبُو سُفيَانَ وَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو فَقَالَ سُهَيلٌ إِنّا لَا نَعرِفُ الرّحمَنَ الرّحِيمَ وَ لَا نُقِرّ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ وَ لَكُنّا نَحسَبُ ذَلِكَ شَرَفاً لَكَ أَن تُقَدّمَ اسمَكَ قَبلَ أَسمَائِنَا وَ إِن كُنّا أَسَنّ مِنكَ وَ أَبِي أَسَنّ مِن أَبِيكَ فأَمَرَنَيَِ رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ اكتُب مَكَانَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِبِاسمِكَ أللّهُمّ فَمَحَوتُ ذَلِكَ وَ كَتَبتُ بِاسمِكَ أللّهُمّ وَ مَحَوتُ رَسُولَ اللّهِ وَ كَتَبتُ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَقَالَ لِي إِنّكَ تُدعَي إِلَي مِثلِهَا فَتُجِيبُ وَ أَنتَ مُكرَهٌ وَ هَكَذَا كَتَبتُ بيَنيِ وَ بَينَ مُعَاوِيَةَ وَ عَمرِو بنِ العَاصِ هَذَا مَا اصطَلَحَ عَلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ مُعَاوِيَةُ وَ عَمرُو بنُ العَاصِ فَقَالَا لَقَد ظَلَمنَاكَ بِأَن أَقرَرنَا بِأَنّكَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَ قَاتَلنَاكَ وَ لَكِنِ اكتُب عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَمَحَوتُ كَمَا مَحَا رَسُولُ اللّهِص فَإِن
صفحه : 379
أَبَيتُم ذَلِكَ فَقَد جَحَدتُم فَقَالُوا هَذِهِ لَكَ خَرَجتَ مِنهَا فَقَالَ وَ أَمّا قَولُكُم أنَيّ شَكَكتُ فِي نفَسيِ حَيثُ قُلتُ لِلحَكَمَينِ انظُرَا فَإِن كَانَ مُعَاوِيَةُ أَحَقّ بِهَا منِيّ فَأَثبِتَاهُ فَإِنّ ذَلِكَ لَم يَكُن شَكّاً منِيّ وَ لكَنِيّ أَنصَفتُ فِي القَولِ قَالَ اللّهُ تَعَالَيوَ إِنّا أَو إِيّاكُم لَعَلي هُديً أَو فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَ لَم يَكُن ذَلِكَ شَكّاً وَ قَد عَلِمَ اللّهُ أَنّ نَبِيّهُ عَلَي الحَقّ قَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ قَالَ وَ أَمّا قَولُكُم أنَيّ جَعَلتُ الحَكَمَ إِلَي غيَريِ وَ قَد كُنتُ عِندَكُم أَحكَمَ النّاسِ فَهَذَا رَسُولُ اللّهِص قَد جَعَلَ الحَكَمَ إِلَي سَعدٍ يَومَ بنَيِ قُرَيظَةَ وَ قَد كَانَ أَحكَمَ النّاسِ وَ قَد قَالَ اللّهُ تَعَالَيلَقَد كانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌفَتَأَسّيتُ بِرَسُولِ اللّهِص قَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ بِحُجّتِنَا قَالَ وَ أَمّا قَولُكُم أنَيّ حَكّمتُ فِي دِينِ اللّهِ الرّجَالَ فَمَا حَكّمتُ الرّجَالَ وَ إِنّمَا حَكّمتُ كَلَامَ ربَيَّ ألّذِي جَعَلَهُ اللّهُ حَكَماً بَينَ أَهلِهِ وَ قَد حَكّمَ اللّهُ الرّجَالَ فِي طَائِرٍ فَقَالَوَ مَن قَتَلَهُ مِنكُم مُتَعَمّداً فَجَزاءٌ مِثلُ ما قَتَلَ مِنَ النّعَمِ يَحكُمُ بِهِ ذَوا عَدلٍ مِنكُمفَدِمَاءُ المُسلِمِينَ أَعظَمُ مِن دَمِ طَائِرٍ قَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ بِحُجّتِنَا قَالَ وَ أَمّا قَولُكُم أنَيّ قَسَمتُ يَومَ البَصرَةِ لَمّا أظَفرَنَيِ اللّهُ بِأَصحَابِ الجَمَلِ الكُرَاعَ وَ السّلَاحَ وَ مَنَعتُكُمُ النّسَاءَ وَ الذّرّيّةَ فإَنِيّ مَنَنتُ عَلَي أَهلِ البَصرَةِ كَمَا مَنّ رَسُولُ اللّهِص عَلَي أَهلِ مَكّةَ فَإِن عَدَوا عَلَينَا أَخَذنَاهُم بِذُنُوبِهِم وَ لَم نَأخُذ صَغِيراً بِكَبِيرٍ وَ بَعدُ فَأَيّكُم كَانَ يَأخُذُ عَائِشَةَ فِي سَهمِهِ قَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ بِحُجّتِنَا قَالَ وَ أَمّا قَولُكُم أنَيّ كُنتُ وَصِيّاً فَضَيّعتُ الوَصِيّةَ فَأَنتُم كَفَرتُم وَ قَدّمتُم عَلَيّ وَ أَزَلتُمُ الأَمرَ عنَيّ وَ لَيسَ عَلَي الأَوصِيَاءِ الدّعَاءُ إِلَي أَنفُسِهِم إِنّمَا يَبعَثُ اللّهُ الأَنبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم فَيَدعُونَ إِلَي أَنفُسِهِم وَ الوصَيِّ مَدلُولٌ عَلَيهِ مُستَغنٍ عَنِ الدّعَاءِ إِلَي نَفسِهِ وَ ذَلِكَ لِمَن آمَنَ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِص
صفحه : 380
وَ لَقَد قَالَ اللّهُ عَزّ ذِكرُهُوَ لِلّهِ عَلَي النّاسِ حِجّ البَيتِ مَنِ استَطاعَ إِلَيهِ سَبِيلًافَلَو تَرَكَ النّاسُ الحَجّ لَم يَكُنِ البَيتُ لِيَكفُرَ بِتَركِهِم إِيّاهُ وَ لَكِنّ النّاسَ كَانُوا يَكفُرُونَ بِتَركِهِمُ البَيتَ لِأَنّ اللّهَ تَعَالَي نَصَبَهُ لَهُم عَلَماً وَ كَذَلِكَ نصَبَنَيِ عَلَماً حَيثُ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا عَلِيّ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي وَ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ الكَعبَةِ تُؤتَي وَ لَا تأَتيِ فَقَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ بِحُجّتِنَا فَأَذعَنُوا فَرَجَعَ بَعضُهُم وَ بقَيَِ مِنهُم أَربَعَةُ آلَافٍ لَم يَرجِعُوا مِمّن كَانُوا قَعَدُوا عَنهُ فَقَاتَلَهُم فَقَتَلَهُم
بيان قوله ع فدماء المسلمين لعل المراد أن تحكيم الرجال في الطائر لما كان لجهل الناس والاضطرار فالضرورة هنا أشد فالكلام علي التنزل فإنه ع منع أولا تحكيم الرجال و قال بعدالتسليم لافساد فيه ويحتمل أن يكون مؤيدا لأول الكلام ردا لشبهة أصحاب معاوية بالمقايسة بالطائر أي لم نحكم الرجال لأن التحكيم إنما ورد في الأمور الجزئية التي لامفسدة كثيرا في الخطإ فيها و لايمكن مقايسة دماء المسلمين بهافإنه قياس مع الفارق ولكنه بعيد و لايجري في بعض الأخبار التي وردت بهذا الوجه
609-ب ،[قرب الإسناد]اليقَطيِنيِّ عَنِ القَدّاحِ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع أَنّ عَلِيّاً
صفحه : 381
ع كَانَ يُبَاشِرُ القِتَالَ بِنَفسِهِ وَ أَنّهُ نَادَي ابنَهُ مُحَمّدَ بنَ الحَنَفِيّةِ يَومَ النّهرَوَانِ قَدّم يَا بنُيَّ اللّوَاءَ فَقَدّمَ ثُمّ قَالَ قَدّم يَا بنُيَّ اللّوَاءَ فَقَدّمَ ثُمّ وَقَفَ فَقَالَ لَهُ قَدّم يَا بنُيَّ فَتَكَعكَعَ الفَتَي فَقَالَ قَدّم يَا ابنَ اللّخنَاءِ ثُمّ جَاءَ عَلِيّ حَتّي أَخَذَ مِنهُ اللّوَاءَ فَمَشَي بِهِ مَا شَاءَ اللّهُ ثُمّ أَمسَكَ ثُمّ تَقَدّمَ عَلِيّ بَينَ يَدَيهِ فَضَرَبَ قُدُماً
إيضاح قال الجوهري كعكعته فتكعكع أي حبسته فاحتبس وتكعكع أي جبن و رجل كعكع بالضم أي جبان ضعيف و قال لخن السقاء بالكسر أي أنتن و منه قولهم أمة لخناء ويقال اللخناء التي لم تختن و قال مضي قدما لم يعرج و لم ينثن
610- يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الأسَدَيِّ عَنِ البرَمكَيِّ عَن جَعفَرِ بنِ سُلَيمَانَ الجعَفرَيِّ عَن أَبِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الفَضلِ الهاَشمِيِّ عَن سَعدٍ الخَفّافِ عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ قَالَ لَمّا وَقَفَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَي الخَوَارِجِ وَ وَعَظَهُم وَ ذَكّرَهُم وَ حَذّرَهُمُ القِتَالَ قَالَ لَهُم مَا تَنقِمُونَ منِيّ إِلّا أنَيّ أَوّلُ مَن آمَنَ بِاللّهِ وَ بِرَسُولِهِ فَقَالُوا أَنتَ كَذَلِكَ وَ لَكِنّكَ حَكّمتَ فِي دِينِ اللّهِ أَبَا مُوسَي الأشَعرَيِّ فَقَالَ ع وَ اللّهِ مَا حَكّمتُ مَخلُوقاً وَ إِنّمَا حَكّمتُ القُرآنَ وَ لَو لَا أنَيّ غُلِبتُ عَلَي أمَريِ وَ خُولِفتُ فِي رأَييِ لَمَا رَضِيتُ أَن تَضَعَ الحَربُ أَوزَارَهَا بيَنيِ وَ بَينَ أَهلِ حَربِ اللّهِ حَتّي أعُليَِ كَلِمَةَ اللّهِ وَ أَنصُرَ دِينَ اللّهِ وَ لَو كَرِهَ الجَاهِلُونَ وَ الكَافِرُونَ
611-ب ،[قرب الإسناد]هَارُونُ عَنِ ابنِ صَدَقَةَ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع أَنّ عَلِيّاً ع كَانَ يَدعُو عَلَي الخَوَارِجِ فَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ
صفحه : 382
أللّهُمّ رَبّ البَيتِ المَعمُورِ وَ السّقفِ المَرفُوعِ وَ البَحرِ المَسجُورِ وَ الكِتَابِ المَسطُورِ أَسأَلُكَ الظّفَرَ عَلَي هَؤُلَاءِ الّذِينَ نَبَذُوا كِتَابَكَ وَرَاءَ ظُهُورِهِم وَ فَارَقُوا أُمّةَ أَحمَدَص عُتُوّاً عَلَيكَ
612- مد،[العمدة]بِإِسنَادِهِ إِلَي أَحمَدَ بنِ حَنبَلٍ مِن مُسنَدِهِ بِإِسنَادِهِ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ قَالَ قَدِمَ عَلَي عَلِيّ ع قَومٌ مِن أَهلِ البَصرَةِ مِنَ الخَوَارِجِ فِيهِم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الجَعدُ بنُ بَعجَةَ فَقَالَ لَهُ اتّقِ اللّهَ يَا عَلِيّ فَإِنّكَ مَيّتٌ فَقَالَ عَلِيّ ع بَل مَقتُولٌ قَتلًا ضَربَةً عَلَي هَذَا يَخضِبُ هَذِهِ يعَنيِ لِحيَتَهُ وَ رَأسَهُ عَهدٌ مَعهُودٌ وَ قَضَاءٌ مقَضيِّوَ قَد خابَ مَنِ افتَري وَ عَاتَبَهُ فِي لِبَاسِهِ فَقَالَ مَا يَمنَعُكَ أَن تَلبَسَ فَقَالَ مَا لَكَ وَ للِبِاَسيِ هُوَ أَبعَدُ مِنَ الكِبرِ وَ أَجدَرُ أَن يقَتدَيَِ بيَِ المُسلِمُ
613-ل ،[الخصال ] فِي خَبَرِ اليهَوُديِّ السّائِلِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَمّا فِيهِ مِن خِصَالِ الأَوصِيَاءِ قَالَ ع وَ أَمّا السّابِعَةُ يَا أَخَا اليَهُودِ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص كَانَ عَهِدَ إلِيَّ أَن أُقَاتِلَ فِي آخِرِ الزّمَانِ مِن أيَاّميِ قَوماً مِن أصَحاَبيِ يَصُومُونَ النّهَارَ وَ يَقُومُونَ اللّيلَ وَ يَتلُونَ الكِتَابَ يَمرُقُونَ بِخِلَافِهِم عَلَيّ وَ مُحَارَبَتِهِم إيِاّيَ مِنَ الدّينِ
صفحه : 383
مُرُوقَ السّهمِ مِنَ الرّمِيّةِ فِيهِم ذُو الثّدَيّةِ يُختَمُ لِي بِقَتلِهِم بِالسّعَادَةِ فَلَمّا انصَرَفتُ إِلَي موَضعِيِ هَذَا يعَنيِ بَعدَ الحَكَمَينِ أَقبَلَ بَعضُ القَومِ عَلَي بَعضٍ بِاللّائِمَةِ فِيمَا صَارُوا إِلَيهِ مِن تَحكِيمِ الحَكَمَينِ فَلَم يَجِدُوا لِأَنفُسِهِم مِن ذَلِكَ مَخرَجاً إِلّا أَن قَالُوا كَانَ ينَبغَيِ لِأَمِيرِنَا أَن لَا يُتَابِعَ مَن أَخطَأَ وَ أَن يقَضيَِ بِحَقِيقَةِ رَأيِهِ عَلَي قَتلِ نَفسِهِ وَ قَتلِ مَن خَالَفَهُ مِنّا فَقَد كَفَرَ بِمُتَابَعَتِهِ إِيّانَا وَ طَاعَتِهِ لَنَا فِي الخَطَإِ وَ أُحِلّ لَنَا بِذَلِكَ قَتلُهُ وَ سَفكُ دَمِهِ فَتَجَمّعُوا عَلَي ذَلِكَ وَ خَرَجُوا رَاكِبِينَ رُءُوسَهُم يُنَادُونَ بِأَعلَي أَصوَاتِهِم لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ ثُمّ تَفَرّقُوا فُرقَةً بِالنّخَيلَةِ وَ أُخرَي بِحَرُورَاءَ وَ أُخرَي رَاكِبَةً رَأسَهَا تَخبِطُ الأَرضَ شَرقاً حَتّي عَبَرَت دِجلَةَ فَلَم تَمُرّ بِمُسلِمٍ إِلّا امتَحَنَتهُ فَمَن تَابَعَهَا استَحيَتهُ وَ مَن خَالَفَهَا قَتَلَتهُ فَخَرَجتُ إِلَي الأُولَيَينِ وَاحِدَةٍ بَعدَ أُخرَي أَدعُوهُم إِلَي طَاعَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ الرّجُوعِ إِلَيهِ فَأَبَيَا إِلّا السّيفَ لَا يَقنَعُهُمَا غَيرُ ذَلِكَ فَلَمّا أَعيَتِ الحِيلَةُ فِيهِمَا حَاكَمتُهُمَا إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَقَتَلَ اللّهُ هَذِهِ وَ هَذِهِ كَانُوا يَا أَخَا اليَهُودِ لَو لَا مَا فَعَلُوا لَكَانُوا رُكناً قَوِيّاً وَ سَدّاً مَنِيعاً فَأَبَي اللّهُ إِلّا مَا صَارُوا إِلَيهِ ثُمّ كَتَبتُ إِلَي الفِرقَةِ الثّالِثَةِ وَ وَجّهتُ رسُلُيِ تَترَي وَ كَانُوا مِن جِلّةِ أصَحاَبيِ وَ أَهلِ التّعَبّدِ مِنهُم وَ الزّهدِ فِي الدّنيَا فَأَبَت إِلّا اتّبَاعَ أُختَيهَا وَ الِاحتِذَاءَ عَلَي مِثَالِهِمَا وَ أُشرِعَت فِي قَتلِ مَن خَالَفَهَا مِنَ المُسلِمِينَ وَ تَتَابَعَت إلِيَّ الأَخبَارُ بِفِعلِهِم فَخَرَجتُ حَتّي قَطَعتُ إِلَيهِم دِجلَةَ أُوَجّهُ السّفَرَاءَ وَ النّصَحَاءَ وَ أَطلُبُ العُتبَي بجِهُديِ بِهَذَا مَرّةً وَ بِهَذَا مَرّةً وَ أَومَي بِيَدِهِ إِلَي الأَشتَرِ وَ الأَحنَفِ بنِ قَيسٍ وَ سَعِيدِ بنِ قَيسٍ الأرَحبَيِّ وَ الأَشعَثِ بنِ قَيسٍ الكنِديِّ فَلَمّا أَبَوا إِلّا تِلكَ رَكِبتُهَا مِنهُم فَقَتَلَهُمُ اللّهُ يَا أَخَا اليَهُودِ عَن آخِرِهِم وَ هُم أَربَعَةُ آلَافٍ أَو يَزِيدُونَ حَتّي لَم يُفلِت مِنهُم مخبر[عَشَرَةٌ]فَاستَخرَجتُ ذَا الثّدَيّةِ مِن قَتلَاهُم بِحَضرَةِ مَن تَرَي لَهُ
صفحه : 384
ثدَيٌ كثَدَيِ المَرأَةِ ثُمّ التَفَتَ ع إِلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَي يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ
بيان قال الفيروزآبادي في القاموس جل الشيء وجلاله بضمها معظمه وقوم جلة بالكسر عظماء سادة ذوو أخطار
614- يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيَِ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع عَن أَبِيهِ قَالَ لَمّا أَرَادَ عَلِيّ ع أَن يَسِيرَ إِلَي النّهرَوَانِ استَنفَرَ أَهلَ الكُوفَةِ وَ أَمَرَهُم أَن يُعَسكِرُوا بِالمَدَائِنِ فَتَأَخّرَ عَنهُ شَبَثُ بنُ ربِعيِّ وَ عَمرُو بنُ حُرَيثٍ وَ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ وَ جَرِيرُ بنُ عَبدِ اللّهِ وَ قَالُوا ائذَن لَنَا أَيّاماً نَتَخَلّف عَنكَ فِي بَعضِ حَوَائِجِنَا وَ نَلحَق بِكَ فَقَالَ لَهُم قَد فَعَلتُمُوهُ سَوأَةً لَكُم مِن مَشَايِخَ فَوَ اللّهِ مَا لَكُم مِن حَاجَةٍ تَتَخَلّفُونَ عَلَيهَا وَ إنِيّ لَأَعلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُم وَ سَأُبَيّنُ لَكُم تُرِيدُونَ أَن تُثَبّطُوا عنَيّ النّاسَ وَ كأَنَيّ بِكُم بِالخَوَرنَقِ وَ قَد بَسَطتُم سُفرَتَكُم لِلطّعَامِ إِذ يَمُرّ بِكُم ضَبّ فَتَأمُرُونَ صِبيَانَكَ فَيَصِيدُونَهُ فتَخَلعَوُنيّ وَ تُبَايِعُونَهُ ثُمّ مَضَي إِلَي المَدَائِنِ وَ خَرَجَ القَومُ إِلَي الخَوَرنَقِ وَ هَيّئُوا طَعَاماً فَبَينَمَا هُم كَذَلِكَ عَلَي سُفرَتِهِم وَ قَد بَسَطُوهَا إِذ مَرّ بِهِم ضَبّ فَأَمَرُوا صِبيَانَهُم فَأَخَذُوهُ وَ أَوثَقُوهُ وَ مَسَحُوا أَيدِيَهُم عَلَي يَدِهِ كَمَا أَخبَرَ عَلِيّ ع وَ أَقبَلُوا عَلَي المَدَائِنِ فَقَالَ لَهُم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع بِئسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلًالَيَبعَثَنّكُمُ اللّهُ يَومَ القِيَامَةِ مَعَ إِمَامِكُمُ الضّبّ ألّذِي بَايَعتُم كأَنَيّ أَنظُرُ إِلَيكُم يَومَ القِيَامَةِ مَعَ إِمَامِكُم وَ هُوَ يَسُوقُكُم إِلَي النّارِ ثُمّ قَالَ لَئِن كَانَ مَعَ رَسُولِ اللّهِص مُنَافِقُونَ فَإِنّ معَيِ مُنَافِقِينَ أَمَا وَ اللّهِ يَا شَبَثُ وَ يَا ابنَ حُرَيثٍ لَتُقَاتِلَانِ ابنيَِ الحُسَينَ هَكَذَا أخَبرَنَيِ رَسُولُ اللّهِص
صفحه : 385
615- يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيَِ أَنّ عَلِيّاً ع لَمّا سَارَ إِلَي النّهرَوَانِ شَكّ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُندَبٌ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع الزمَنيِ وَ لَا تفُاَرقِنيِ فَلَزِمَهُ فَلَمّا دَنَوا مِن قَنطَرَةِ النّهرَوَانِ نَظَرَ عَلِيّ ع قَبلَ زَوَالِ الشّمسِ إِلَي قَنبَرٍ يُؤذِنُهُ بِالصّلَاةِ فَنَزَلَ وَ قَالَ ائتنِيِ بِمَاءٍ فَقَعَدَ يَتَوَضّأُ فَأَقبَلَ فَارِسٌ وَ قَالَ قَد عَبَرَ القَومُ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا عَبَرُوا وَ لَا يَعبُرُونَهَا وَ لَا يُفلِتُ مِنهُم إِلّا دُونَ العَشَرَةِ وَ لَا يُقتَلُ مِنكُم إِلّا دُونَ العَشَرَةِ وَ اللّهِ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ فَتَعَجّبَ النّاسُ فَقَالَ جُندَبٌ إِن صَحّ مَا قَالَ عَلِيّ ع فَلَا أَحتَاجُ إِلَي دَلِيلٍ غَيرِهِ فَبَينَمَا هُم كَذَلِكَ إِذ أَقبَلَ فَارِسٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ القَومُ عَلَي مَا ذَكَرتَ لَم يَعبُرُوا القَنطَرَةَ فَصَلّي بِالنّاسِ الظّهرَ وَ أَمَرَهُم بِالمَسِيرِ إِلَيهِم فَقَالَ جُندَبٌ قُلتُ لَا يَصِلُ إِلَي القَنطَرَةِ قبَليِ أَحَدٌ فَرَكَضتُ فرَسَيِ فَإِذَا هُم دُونَ القَنطَرَةِ وُقُوفٌ فَكُنتُ أَوّلَ مَن رَمَي فَقُتِلُوا كُلّهُم إِلّا تِسعَةً وَ قُتِلَ مِن أَصحَابِنَا تِسعَةٌ ثُمّ قَالَ عَلِيّ ع اطلُبُوا ذَا الثّدَيّةِ فَطَلَبُوهُ فَلَم يَجِدُوهُ فَقَالَ اطلُبُوا فَوَ اللّهِ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ ثُمّ قَامَ فَرَكِبَ البَغلَةَ نَحوَ قَتلَي كَثِيرٍ فَقَالَ اقلِبُوهَا فَاستَخرِجُوا ذَا الثّدَيّةِ فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي عَجّلَكَ إِلَي النّارِ وَ قَد كَانَ الخَوَارِجُ خَرَجُوا عَلَيهِ قَبلَ ذَلِكَ بِجَانِبِ الكُوفَةِ فِي حَرُورَاءَ وَ كَانُوا إِذ ذَاكَ اثنيَ عَشَرَ أَلفاً قَالَ فَخَرَجَ إِلَيهِم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي إِزَارِهِ وَ رِدَائِهِ رَاكِباً البَغلَةَ فَقِيلَ لَهُ القَومُ شَاكُونَ فِي السّلَاحِ أَ تَخرُجُ إِلَيهِم كَذَلِكَ قَالَ إِنّهُ لَيسَ بِيَومِ قِتَالِهِم وَ صَارَ إِلَيهِم بِحَرُورَاءَ وَ قَالَ لَهُم لَيسَ اليَومَ أَوَانُ قِتَالِكُم وَ سَتَفتَرِقُونَ حَتّي تَصِيرُوا أَربَعَةَ آلَافٍ فَتَخرُجُونَ عَلَيّ فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ فِي مِثلِ هَذَا الشّهرِ فَأَخرُجُ إِلَيكُم بأِصَحاَبيِ فَأُقَاتِلُكُم حَتّي لَا يَبقَي مِنكُم إِلّا دُونَ عَشَرَةٍ وَ يُقتَلُ مِن أصَحاَبيِ يَومَئِذٍ دُونَ عَشَرَةٍ هَكَذَا أخَبرَنَيِ رَسُولُ اللّهِص فَلَم يَبرَح مِن مَكَانِهِ حَتّي تَبَرّأَ بَعضُهُم مِن بَعضٍ وَ تَفَرّقُوا إِلَي أَن صَارُوا أَربَعَةَ آلَافٍ بِالنّهرَوَانِ
616-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيَِ عَن جُندَبِ بنِ زُهَيرٍ الأزَديِّ قَالَ لَمّا فَارَقَتِ الخَوَارِجُ
صفحه : 386
عَلِيّاً خَرَجَ ع إِلَيهِم وَ خَرَجنَا مَعَهُ فَانتَهَينَا إِلَي عَسكَرِهِم فَإِذَا لَهُم دوَيِّ كدَوَيِّ النّحلِ فِي قِرَاءَةِ القُرآنِ وَ فِيهِم أَصحَابُ البَرَانِسِ وَ ذَوُو الثّفَنَاتِ فَلَمّا رَأَيتُ ذَلِكَ دخَلَنَيِ شَكّ فَتَنَحّيتُ وَ نَزَلتُ عَن فرَسَيِ وَ رَكَزتُ رمُحيِ وَ وَضَعتُ ترُسيِ وَ نَثَرتُ عَلَيهِ درِعيِ وَ قُمتُ أصُلَيّ وَ أَنَا أَقُولُ فِي دعُاَئيِ أللّهُمّ إِن كَانَ قِتَالُ هَؤُلَاءِ رِضًا لَكَ فأَرَنِيِ مِن ذَلِكَ مَا أَعرِفُ بِهِ أَنّهُ الحَقّ وَ إِن كَانَ لَكَ سَخَطاً فَاصرِف عنَيّ إِذ أَقبَلَ عَلِيّ ع فَنَزَلَ عَن بَغلَةِ رَسُولِ اللّهِص وَ قَامَ يصُلَيّ إِذ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ قَطَعُوا النّهرَ ثُمّ جَاءَ آخَرُ يَشتَدّ بِهِ دَابّتَهُ فَقَالَ قَطَعُوهُ وَ ذَهَبُوا فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع مَا قَطَعُوهُ وَ لَا يَقطَعُونَهُ وَ لَيُقتَلُنّ دُونَ النّطفَةِ عَهدٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِص وَ قَالَ لِي يَا جُندَبُ تَرَي التّلّ قُلتُ نَعَم قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص حدَثّنَيِ أَنّهُم يُقتَلُونَ عِندَهُ ثُمّ قَالَ إِنّا نَبعَثُ إِلَيهِم رَسُولًا يَدعُوهُم إِلَي كِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ فَيَرشُقُونَ وَجهَهُ بِالنّبلِ وَ هُوَ مَقتُولٌ قَالَ فَانتَهَينَا إِلَي القَومِ فَإِذَا هُم فِي مُعَسكَرِهِم لَم يَبرَحُوا وَ لَم يَتَرَحّلُوا فَنَادَي النّاسَ وَ ضَمّهُم ثُمّ أَتَي الصّفّ وَ هُوَ يَقُولُ مَن يَأخُذُ هَذَا المُصحَفَ فيَمَشيَِ بِهِ إِلَي هَؤُلَاءِ القَومِ فَيَدعُوَهُم إِلَي كِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ وَ هُوَ مَقتُولٌ وَ لَهُ الجَنّةُ فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ إِلّا شَابّ مِن بنَيِ عَامِرِ بنِ صَعصَعَةَ فَلَمّا رَأَي حَدَاثَةَ سِنّهِ قَالَ لَهُ ارجِع إِلَي مَوقِفِكَ ثُمّ أَعَادَ فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ إِلّا ذَلِكَ الشّابّ قَالَ خُذهُ أَمَا إِنّكَ مَقتُولٌ فَمَشَي بِهِ حَتّي إِذَا دَنَا مِنَ القَومِ حَيثُ يُسمِعُهُم نَادَاهُم إِذ رَمَوا وَجهَهُ بِالنّبلِ فَأَقبَلَ عَلَينَا وَ وَجهُهُ كَالقُنفُذِ فَقَالَ عَلِيّ ع دُونَكُمُ القَومَ فَحَمَلنَا عَلَيهِم قَالَ جُندَبٌ ذَهَبَ الشّكّ عنَيّ وَ قَتَلتُ بكِفَيّ ثَمَانِيَةً وَ لَمّا قُتِلَ الحَرُورِيّةُ قَالَ عَلِيّ ع التَمِسُوا فِي قَتلَاهُم رَجُلًا مَخدُوجاً حدي [إِحدَي]يَدَيهِ مِثلُ ثدَيِ المَرأَةِ فَطَلَبُوهُ فَلَم يَجِدُوهُ فَقَامَ فَأَمَرَ بِهِم فَقَلّبَ بَعضَهُم عَلَي بَعضٍ فَإِذَا حبَشَيِّ إِحدَي عَضُدَيهِ مِثلُ ثدَيِ المَرأَةِ عَلَيهِ شَعَرَاتٌ كَسِبَالِ السّنّورِ
صفحه : 387
فَكَبّرَ وَ كَبّرَ النّاسُ مَعَهُ وَ قَالَ هَذَا شَيطَانٌ لَو لَا أَن تَتّكِلُوا لَحَدّثتُكُم بِمَا أَعَدّ اللّهُ عَلَي لِسَانِ نَبِيّكُم لِمَن قَاتَلَ هَؤُلَاءِ
617- شا،[الإرشاد] مِن كَلَامِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع لِلخَوَارِجِ حِينَ رَجَعَ إِلَي الكُوفَةِ وَ هُوَ بِظَاهِرِهَا قَبلَ دُخُولِهِ إِيّاهَا بَعدَ حَمدِ اللّهِ وَ الثّنَاءِ عَلَيهِ أللّهُمّ إِنّ هَذَا مَقَامُ مَن فُلِجَ فِيهِ كَانَ أَولَي بِالفَلجِ يَومَ القِيَامَةِ وَ مَن نُطِفَ فِيهِ أَو عَنِتَفَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمي وَ أَضَلّ سَبِيلًانَشَدتُكُم بِاللّهِ أَ تَعلَمُونَ أَنّهُم حِينَ رَفَعُوا المَصَاحِفَ فَقُلتُم نُجِيبُهُم إِلَي كِتَابِ اللّهِ قُلتُ لَكُم إنِيّ أَعلَمُ بِالقَومِ مِنكُم إِنّهُم لَيسُوا بِأَصحَابِ دِينٍ وَ لَا قُرآنٍ إنِيّ صَحِبتُهُم وَ عَرَفتُهُم أَطفَالًا وَ رِجَالًا فَكَانُوا شَرّ أَطفَالٍ وَ شَرّ رِجَالٍ امضُوا عَلَي حَقّكُم وَ صِدقِكُم إِنّمَا رَفَعُوا القَومُ لَكُم هَذِهِ المَصَاحِفَ خَدِيعَةً وَ وَهناً وَ مَكِيدَةً فَرَدَدتُم عَلَيّ رأَييِ وَ قُلتُم لَا بَل نَقبَلُ مِنهُم فَقُلتُ لَكُمُ اذكُرُوا قوَليِ لَكُم وَ مَعصِيَتَكُم إيِاّيَ فَلَمّا أَبَيتُم إِلّا الكِتَابَ اشتَرَطتُ عَلَي الحَكَمَينِ أَن يُحيِيَا مَا أَحيَاهُ القُرآنُ وَ أَن يُمِيتَا مَا أَمَاتَهُ القُرآنُ فَإِن حَكَمَا بِحُكمِ القُرآنِ فَلَيسَ لَنَا أَن نُخَالِفَ حُكمَ مَن حَكَمَ بِمَا فِي الكِتَابِ وَ إِن أَبَيَا فَنَحنُ مِن حُكمِهِمَا بَرَاءٌ قَالَ بَعضُ الخَوَارِجِ فَخَبّرنَا أَ تَرَاهُ عَدلًا يُحَكّمُ الرّجَالُ فِي الدّمَاءِ فَقَالَ ع إِنّا لَم نُحَكّمِ الرّجَالَ إِنّمَا حَكّمنَا القُرآنَ وَ هَذَا القُرآنُ إِنّمَا هُوَ خَطّ مَسطُورٌ بَينَ دَفّتَينِ لَا يَنطِقُ وَ إِنّمَا يَتَكَلّمُ بِهِ الرّجَالُ قَالُوا لَهُ فَخَبّرنَا عَنِ الأَجَلِ ألّذِي جَعَلتَهُ فِيمَا بَينَكَ وَ بَينَهُم قَالَ لِيَتَعَلّمَ الجَاهِلُ وَ يَتَثَبّتَ العَالِمُ وَ لَعَلّ اللّهَ أَن يُصلِحَ فِي هَذِهِ الهُدنَةِ أَمرَ هَذِهِ الأُمّةِ ادخُلُوا مِصرَكُم رَحِمَكُمُ اللّهُ وَ رَحَلُوا مِن عِندِ آخِرِهِم
بيان قوله ع كان أولي بالفلج أي من ظفر في هذا
صفحه : 388
الحرب و في هذه القضية لإخبار النبي ص بكون القاتلين أولي بالحق من المقتولين و غير ذلك مما مر أوالمعني أن حجة أهل الحق تكون أغلب دائما و قال الجوهري نطف الرجل بالكسر إذااتهم بريبة ونطف الشيء أيضا فسد والنطف التلطخ بالعيب و قال العنت الإثم و قدعنت الرجل أي أثم والعنت أيضا الوقوع في أمر شاق و قدعنت وأعنته غيره
618-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] لَمّا دَخَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الكُوفَةَ جَاءَ إِلَيهِ زُرعَةُ بنُ البُرجِ الطاّئيِّ وَ حُرقُوصُ بنُ زُهَيرٍ التمّيِميِّ ذُو الثّدَيّةِ فَقَالَ لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ فَقَالَ ع كَلِمَةُ حَقّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ قَالَ حُرقُوصٌ فَتُب مِن خَطِيئَتِكَ وَ ارجِع عَن قِصّتِكَ وَ اخرُج بِنَا إِلَي عَدُوّنَا نُقَاتِلهُم حَتّي نَلقَي رَبّنَا فَقَالَ عَلِيّ ع قَد أَرَدتُكُم عَلَي ذَلِكَ فعَصَيَتمُوُنيِ وَ قَد كَتَبنَا بَينَنَا وَ بَينَ القَومِ كِتَاباً وَ شُرُوطاً وَ أَعطَينَا عَلَيهَا عُهُوداً وَ مَوَاثِيقاً وَ قَد قَالَ اللّهُ تَعَالَيوَ أَوفُوا بِعَهدِ اللّهِ إِذا عاهَدتُمالآيَةَ فَقَالَ حُرقُوصٌ ذَلِكَ ذَنبٌ ينَبغَيِ أَن نَتُوبَ عَنهُ فَقَالَ عَلِيّ ع مَا هُوَ بِذَنبٍ وَ لَكِنّهُ عَجزٌ مِنَ الرأّيِ وَ ضَعفٌ فِي العَقلِ وَ قَد تَقَدّمتُ فَنَهَيتُكُم عَنهُ فَقَالَ ابنُ الكَوّاءِ الآنَ صَحّ عِندَنَا أَنّكَ لَستَ بِإِمَامٍ وَ لَو كُنتَ إِمَاماً لَمَا رَجَعتَ فَقَالَ عَلِيّ ع وَيلَكُم قَد رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص عَامَ الحُدَيبِيَةِ عَن قِتَالِ أَهلِ مَكّةَ فَفَارَقُوا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع وَ قَالُوا لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ وَ لَا طَاعَةَ لِمَخلُوقٍ فِي مَعصِيَةِ الخَالِقِ وَ كَانُوا اثنيَ عَشَرَ أَلفاً مِن أَهلِ الكُوفَةِ وَ البَصرَةِ وَ غَيرِهِمَا وَ نَادَي مُنَادِيهِم أَنّ أَمِيرَ القِتَالِ شَبَثُ بنُ ربِعيِّ وَ أَمِيرَ الصّلَاةِ عَبدُ اللّهِ بنُ الكَوّاءِ وَ الأَمرُ شُورَي بَعدَ الفَتحِ وَ البَيعَةُ لِلّهِ عَلَي الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَ النهّيِ عَنِ المُنكَرِ وَ استَعرَضُوا النّاسَ وَ قَتَلُوا عَبدَ اللّهِ بنَ خَبّابِ بنِ الأَرَتّ وَ كَانَ عَامِلَهُ عَلَي
صفحه : 389
النّهرَوَانِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَا ابنَ عَبّاسٍ امضِ إِلَي هَؤُلَاءِ القَومِ فَانظُر مَا هُم عَلَيهِ وَ لِمَا ذَا اجتَمَعُوا فَلَمّا وَصَلَ إِلَيهِم قَالُوا وَيلَكَ يَا ابنَ عَبّاسٍ أَ كَفَرتَ بِرَبّكَ كَمَا كَفَرَ صَاحِبُكَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ خَرَجَ خَطِيبُهُم عَتّابُ بنُ الأَعوَرِ الثعّلبَيِّ فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ مَن بَنَي الإِسلَامَ فَقَالَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ فَقَالَ النّبِيّ أَحكَمَ أُمُورَهُ وَ بَيّنَ حُدُودَهُ أَم لَا قَالَ بَلَي قَالَ فاَلنبّيِّ بقَيَِ فِي دَارِ الإِسلَامِ أَمِ ارتَحَلَ قَالَ بَلِ ارتَحَلَ قَالَ فَأُمُورُ الشّرعِ ارتَحَلَت مَعَهُ أَم بَقِيَت بَعدَهُ قَالَ بَل بَقِيَت قَالَ وَ هَل قَامَ أَحَدٌ بَعدَهُ بِعِمَارَةِ مَا بَنَاهُ قَالَ نَعَم الذّرّيّةُ وَ الصّحَابَةُ قَالَ أَ فَعَمَرُوهَا أَو خَرَبُوهَا قَالَ بَل عَمَرُوهَا قَالَ فَالآنَ هيَِ مَعمُورَةٌ أَم خَرَابٌ قَالَ بَل خَرَابٌ قَالَ خَرَبَهَا ذُرّيّتُهُ أَم أُمّتُهُ قَالَ بَل أُمّتُهُ قَالَ وَ أَنتَ مِنَ الذّرّيّةِ أَو مِنَ الأُمّةِ قَالَ مِنَ الأُمّةِ قَالَ أَنتَ مِنَ الأُمّةِ وَ خَرَبتَ دَارَ الإِسلَامِ فَكَيفَ تَرجُو الجَنّةَ وَ جَرَي بَينَهُم كَلَامٌ كَثِيرٌ فَحَضَرَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي مِائَةِ رَجُلٍ فَلَمّا قَابَلَهُم خَرَجَ إِلَيهِ ابنُ الكَوّاءِ فِي مِائَةِ رَجُلٍ فَقَالَ ع أَنشُدُكُمُ اللّهَ هَل تَعلَمُونَ حَيثُ رَفَعُوا المَصَاحِفَ فَقُلتُم نُجِيبُهُم إِلَي كِتَابِ اللّهِ فَقُلتُ لَكُم إنِيّ أَعلَمُ بِالقَومِ مِنكُم وَ ذَكَرَ مَقَالَهُ إِلَي أَن قَالَ فَلَمّا أَبَيتُم إِلّا الكِتَابَ اشتَرَطتُ عَلَي الحَكَمَينِ أَن يُحيِيَا مَا أَحيَا القُرآنُ وَ أَن يُمِيتَا مَا أَمَاتَ القُرآنُ فَإِن حَكَمَا بِحُكمِ القُرآنِ فَلَيسَ لَنَا أَن نُخَالِفَ حُكمَهُ وَ إِن أَبَيَا فَنَحنُ مِنهُ بَرَاءٌ فَقَالُوا لَهُ أَخبِرنَا أَ تَرَاهُ عَدلًا تَحكِيمَ الرّجَالِ فِي الدّمَاءِ فَقَالَ إِنّا لَسنَا الرّجَالَ حَكّمنَا وَ إِنّمَا حَكّمنَا القُرآنَ وَ القُرآنُ إِنّمَا هُوَ خَطّ مَسطُورٌ بَينَ دَفّتَينِ لَا يَنطِقُ إِنّمَا يَتَكَلّمُ بِهِ الرّجَالُ قَالُوا فَأَخبِرنَا عَنِ الأَجَلِ لِمَ جَعَلتَهُ فِيمَا بَينَكَ وَ بَينَهُم قَالَ لِيَعلَمَ الجَاهِلُ وَ يَتَثَبّتَ العَالِمُ وَ لَعَلّ اللّهَ يُصلِحُ فِي هَذِهِ المُدّةِ هَذِهِ الأُمّةَ
صفحه : 390
وَ جَرَت بَينَهُم مُخَاطَبَاتٌ فَجَعَلَ بَعضُهُم يَرجِعُ فَأَعطَي أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع رَايَةَ أَمَانٍ مَعَ أَبِي أَيّوبَ الأنَصاَريِّ فَنَادَاهُم أَبُو أَيّوبَ مَن جَاءَ إِلَي هَذِهِ الرّايَةِ أَو خَرَجَ مِن بَينِ الجَمَاعَةِ فَهُوَ آمِنٌ فَرَجَعَ مِنهُم ثَمَانِيَةُ آلَافِ رَجُلٍ فَأَمَرَهُم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَن يَتَمَيّزُوا مِنهُم وَ أَقَامَ البَاقُونَ عَلَي الخِلَافِ وَ قَصَدُوا إِلَي نَهرَوَانَ فَخَطَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَهلَ الكُوفَةِ وَ استَنفَرَهُم فَلَم يُجِيبُوهُ فَتَمَثّلَ
أَمَرتُكُم أمَريِ بِمُنعَرَجِ اللّوَي | فَلَم تَستَبِينُوا النّصحَ إِلّا ضُحَي الغَدِ |
ثُمّ استَنفَرَهُم فَنَفَرَ أَلفَا رَجُلٍ يُقَدّمُ عدَيِّ بنَ حَاتِمٍ وَ هُوَ يَقُولُ
إِلَي شَرّ خَلقٍ مِن شُرَاةٍ تَحَزّبُوا | وَ عَادَوا إِلَهَ النّاسِ رَبّ المَشَارِقِ |
فَوَجّهَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع نَحوَهُم وَ كَتَبَ إِلَيهِم عَلَي يدَيَ عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي عَقِبٍ وَ السّعِيدُ مَن سَعِدَت بِهِ رَغبَتُهُ وَ الشقّيِّ مَن شَقِيَت بِهِ رَغبَتُهُ وَ خَيرُ النّاسِ خَيرُهُم لِنَفسِهِ وَ شَرّ النّاسِ شَرّهُم لِنَفسِهِ وَ لَيسَ بَينَ اللّهِ وَ بَينَ أَحَدٍ مِن خَلقِهِ قَرَابَةٌ وَ كُلّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت رَهِينَةٌ فَلَمّا أَتَاهُم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ فَاستَعطَفَهُم أَبَوا إِلّا قِتَالَهُ وَ تَنَادَوا أَن دَعُوا مُخَاطَبَةَ عَلِيّ وَ أَصحَابِهِ وَ بَارِزُوا الجَنّةَ وَ صَاحُوا الرّوحُ الرّوَاحُ إِلَي الجَنّةِ وَ كَانَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يُعَبّئُ أَصحَابَهُ وَ نَهَاهُم أَن يَتَقَدّمَ إِلَيهِم أَحَدٌ وَ كَانَ أَوّلُ مَن خَرَجَ مِنَ الخَوَارِجِ لِلبِرَازِ أَخنَسَ بنَ العَزِيزِ الطاّئيِّ وَ جَعَلَ يَقُولُ
صفحه : 391
ثَمَانُونَ مِن حيَيّ جَدِيلَةَ قُتّلُوا | عَلَي النّهرِ كَانُوا يَخضِبُونَ العَوَالِيَا |
يُنَادُونَ لَا حُكمَ إِلّا لِرَبّنَا | حَنَانَيكَ فَاغفِر حَوبَنَا وَ المَسَاوِيَا |
هُم فَارَقُوا مَن جَارَ فِي اللّهِ حُكمُهُ | فَكُلّ عَلَي الرّحمَنِ أَصبَحَ ثَاوِياً |
فَقَتَلَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ خَرَجَ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ الراّسبِيِّ يَقُولُ
أَنَا ابنُ وَهبٍ الراّسبِيِّ الشاّريِ | أَضرِبُ فِي القَومِ لِأَخذِ الثاّريِ |
حَتّي تَزُولَ دَولَةُ الأَشرَارِ | وَ يَرجِعَ الحَقّ إِلَي الأَخيَارِ |
وَ خَرَجَ مَالِكُ بنُ الوَضّاحِ وَ قَالَ
إنِيّ لَبَائِعٌ مَا يَفنَي بِبَاقِيَةٍ | وَ لَا أُرِيدُ لَدَي الهَيجَاءِ تَريِيضاً |
وَ خَرَجَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع الوَضّاحُ بنُ الوَضّاحِ مِن جَانِبٍ وَ ابنُ عَمّهِ حُرقُوصٌ مِن جَانِبٍ فَقَتَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ الوَضّاحَ وَ ضَرَبَ ضَربَةً عَلَي رَأسِ الحُرقُوصِ فَقَطَعَهُ وَ وَقَعَ رَأسُ سَيفِهِ عَلَي الفَرَسِ فَشَرَدَ وَ رِجلُهُ فِي الرّكَابِ حَتّي أَوقَعَهُ فِي دُولَابٍ خَرَابٍ فَصَارَتِ الحَرُورِيّةُكَرَمادٍ اشتَدّت بِهِ الرّيحُ فِي يَومٍ عاصِفٍفَكَانَ المَقتُولُونَ مِن أَصحَابِ عَلِيّ ع رُؤبَةُ بنُ وَبَرٍ البجَلَيِّ وَ رِفَاعَةُ بنُ وَائِلٍ الأرَحبَيِّ وَ الفَيّاضُ بنُ خَلِيلٍ الأزَديِّ وَ كَيسُومُ بنُ سَلَمَةَ الجمُحَيِّ وَ حَبِيبُ بنُ عَاصِمٍ الأزَديِّ إِلَي تَمَامٍ تِسعَةٍ وَ انفَلَتَ مِنَ الخَوَارِجِ تِسعَةٌ كَمَا تَقَدّمَ ذِكرُهُ وَ كَانَ ذَلِكَ لِتِسعٍ خَلَونَ مِن صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ ثَلَاثِينَ
أَبُو نُعَيمٍ الأصَفهَاَنيِّ عَن سُفيَانَ الثوّريِّ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع أَمَرَ أَن يُفَتّشَ عَنِ المُخدَجِ بَينَ القَتلَي فَلَم يَجِدُوهُ فَقَالَ رَجُلٌ وَ اللّهِ مَا هُوَ فِيهِم فَقَالَ ع وَ اللّهِ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ
تَارِيخُ الطبّرَيِّ وَ إِبَانَةُ ابنِ بَطّةَ وَ سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ وَ مُسنَدُ أَحمَدَ عَن عَبدِ
صفحه : 392
اللّهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ وَ أَبِي مُوسَي الواَئلِيِّ وَ جُندَبٍ وَ أَبِي الوضَيِءِ وَ اللّفظُ لَهُ قَالَ قَالَ عَلِيّ ع اطلُبُوا المُخدَجَ فَقَالُوا لَم نَجِدهُ فَقَالَ وَ اللّهِ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ يَا عَجلَانُ ائتنِيِ بِبَغلَةِ رَسُولِ اللّهِص فَأَتَاهُ بِالبَغلَةِ فَرَكِبَهَا وَ جَالَ فِي القَتلَي ثُمّ قَالَ اطلُبُوهُ هَاهُنَا فَاستَخرَجُوهُ مِن تَحتِ القَتلَي فِي نَهَرٍ وَ طِينٍ
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيمٍ عَن سُفيَانَ فَقِيلَ قَد أَصَبنَاهُ فَسَجَدَ لِلّهِ تَعَالَي فَنَصَبَهَا
تَارِيخُ القمُيّّ أَنّهُ رَجُلٌ أَسوَدُ عَلَيهِ شَعَرَاتٌ عَلَيهِ قُرَيطِقٌ مُخدَجُ اليَدِ إِحدَي ثَديَيهِ كثَدَيِ المَرأَةِ عَلَيهِ شُعَيرَاتٌ مِثلُ مَا يَكُونُ عَلَي ذَنَبِ اليَربُوعِ
و في مسند موصلي حبشي مثل البعير في منكبه مثل ثدي المرأة فقال صدق الله ورسوله ص
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَ ابنِ بَطّةَ أَنّهُ قَالَ عَلِيّ ع مَن يَعرِفُ هَذَا فَلَم يَعرِفهُ أَحَدٌ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا رَأَيتُ هَذَا بِالحِيرَةِ فَقُلتُ إِلَي أَينَ تُرِيدُ فَقَالَ إِلَي هَذِهِ وَ أَشَارَ إِلَي الكُوفَةِ وَ مَا لِي بِهَا مَعرِفَةٌ فَقَالَ عَلِيّ ع صَدَقَ هُوَ مِنَ الجَانّ
و في رواية أخري هو من الجن
وَ فِي رِوَايَةِ أَحمَدَ قَالَ أَبُو الوضَيِءِ لَا يَأتِيَنّكُم أَحَدٌ يُخبِرُكُم مَن أَبُوهُ قَالَ فَجَعَلَ النّاسُ يَقُولُونَ هَذَا مَلَكٌ هَذَا مَلَكٌ هَذَا مَلَكٌ وَ يَقُولُ عَلِيّ ابنُ مَن
وَ فِي مُسنَدِ الموَصلِيِّ فِي حَدِيثٍ مَن قَالَ مِنَ النّاسِ إِنّهُ رَآهُ قَبلَ مَصرَعِهِ فَإِنّهُ كَاذِبٌ
وَ فِي مُسنَدِ أَحمَدَ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي الوضَيِءِ أَنّهُ قَالَ قَالَ عَلِيّ ع أَمَا إِنّ خلَيِليِ أخَبرَنَيِ بِثَلَاثَةِ إِخوَةٍ مِنَ الجِنّ هَذَا أَكبَرُهُم وَ الثاّنيِ لَهُ جَمعٌ كَثِيرٌ وَ الثّالِثُ فِيهِ ضَعفٌ
إبانة ابن بَطّةَ أنه ذكر المقتول بالنهروان فقال سعد بن أبي وقاص هو
صفحه : 393
شيطان الردهة زاد أبويعلي في المسند شيطان ردهة رجل من بجيلة يقال له الأشهب أو ابن الأشهب علامة في قوم ظلمة
مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ الرعّيِنيِّ بِإِسنَادِهِ عَن عَلِيّ ع أَنّهُ لَمّا انصَرَفَ مِن صِفّينَ خَاضَ النّاسُ فِي أَمرِ الحَكَمَينِ فَقَالَ بَعضُ النّاسِ مَا يَمنَعُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع مِن أَن يَأمُرَ بَعضَ أَهلِ بَيتِهِ فَيَتَكَلّمَ فَقَالَ لِلحَسَنِ قُم يَا حَسَنُ فَقُل فِي هَذَينِ الرّجُلَينِ عَبدِ اللّهِ بنِ قَيسٍ وَ عَمرِو بنِ العَاصِ فَقَامَ الحَسَنُ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّكُم قَد أَكثَرتُم فِي أَمرِ عَبدِ اللّهِ بنِ قَيسٍ وَ عَمرِو بنِ العَاصِ فَإِنّمَا بُعِثَا لِيَحكُمَا بِكِتَابِ اللّهِ فَحَكَمَا بِالهَوَي عَلَي الكِتَابِ وَ مَن كَانَ هَكَذَا لَم يُسَمّ حَكَماً وَ لَكِنّهُ مَحكُومٌ عَلَيهِ وَ قَد أَخطَأَ عَبدُ اللّهِ بنُ قَيسٍ فِي أَن أَوصَي بِهَا إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ فَأَخطَأَ فِي ذَلِكَ فِي ثَلَاثِ خِصَالٍ فِي أَنّ أَبَاهُ لَم يَرضَهُ لَهَا وَ فِي أَنّهُ لَم يَستَأمِرهُ وَ فِي أَنّهُ لَم يَجتَمِع عَلَيهِ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ الّذِينَ نَفَذُوهَا لِمَن بَعدَهُ وَ إِنّمَا الحُكُومَةُ فَرضٌ مِنَ اللّهِ وَ قَد حَكّمَ رَسُولُ اللّهِص سَعداً فِي بنَيِ قُرَيظَةَ فَحَكَمَ فِيهِم بِحُكمِ اللّهِ لَا شَكّ فِيهِ فَنَفَذَ رَسُولُ اللّهِص حُكمَهُ وَ لَو خَالَفَ ذَلِكَ لَم يُجرِهِ ثُمّ جَلَسَ ثُمّ قَالَ عَلِيّ ع لِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ قُم فَتَكَلّم فَقَامَ وَ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ لِلحَقّ أَهلًا أَصَابُوهُ بِالتّوفِيقِ وَ النّاسُ بَينَ رَاضٍ بِهِ وَ رَاغِبٍ عَنهُ وَ إِنّمَا بُعِثَ عَبدُ اللّهِ بنُ قَيسٍ بِهُدًي إِلَي ضَلَالَةٍ وَ بُعِثَ عَمرُو بنُ العَاصِ بِضَلَالَةٍ إِلَي الهُدَي فَلَمّا التَقَيَا رَجَعَ عَبدُ اللّهِ عَن هُدَاهُ وَ ثَبَتَ عَمرٌو عَلَي ضَلَالَتِهِ وَ اللّهِ لَئِن حَكَمَا بِالكِتَابِ لَقَد حَكَمَا عَلَيهِ وَ إِن حَكَمَا بِمَا اجتَمَعَا عَلَيهِ مَعاً مَا اجتَمَعَا عَلَي شَيءٍ وَ إِن كَانَا حَكَمَا بِمَا سَارَا إِلَيهِ لَقَد سَارَ عَبدُ اللّهِ وَ إِمَامُهُ عَلِيّ وَ سَارَ عَمرٌو وَ إِمَامُهُ مُعَاوِيَةُ فَمَا بَعدَ هَذَا مِن غَيبٍ يُنتَظَرُ وَ لَكِنّهُم سَئِمُوا الحَربَ وَ أَحَبّوا البَقَاءَ وَ دَفَعُوا البَلَاءَ وَ رَجَا كُلّ قَومٍ صَاحِبَهُم ثُمّ جَلَسَ
صفحه : 394
ثُمّ قَالَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ قُم فَتَكَلّم فَقَامَ عَبدُ اللّهِ وَ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ هَذَا الأَمرَ كَانَ النّظَرُ فِيهِ إِلَي عَلِيّ وَ الرّضَا فِيهِ لِغَيرِهِ فَجِئتُم بِعَبدِ اللّهِ بنِ قَيسٍ فَقُلتُم لَا نَرضَي إِلّا بِهَذَا فَارضَ بِهِ فَإِنّهُ رِضَانَا وَ ايمُ اللّهِ مَا استَفَدنَاهُ عِلماً وَ لَا انتَظَرنَا مِنهُ غَائِباً وَ لَا أَمّلنَا ضَعفَهُ وَ لَا رَجَونَا بِهِ صَاحِبَهُ وَ لَا أَفسَدَ بِمَا عَمِلَا العِرَاقَ وَ لَا أَصلَحَا الشّامَ وَ لَا أَمَاتَا حَقّ عَلِيّ وَ لَا أَحيَيَا بَاطِلَ مُعَاوِيَةَ وَ لَا يُذهِبُ الحَقّ رُقيَةُ رَاقٍ وَ لَا نَفحَةُ شَيطَانٍ وَ أَنَا اليَومَ لَعَلَي مَا كُنّا عَلَيهِ أَمسِ وَ جَلَسَ
نَوفٌ البكِاَليِّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ أَنّهُ نَادَي بَعدَ الخُطبَةِ بِأَعلَي صَوتِهِ الجِهَادَ الجِهَادَ عِبَادَ اللّهِ أَلَا وَ إنِيّ مُعَسكِرٌ فِي يوَميِ هَذَا فَمَن أَرَادَ الرّوَاحَ إِلَي اللّهِ فَليَخرُج
قَالَ نَوفٌ وَ عَقَدَ لِلحُسَينِ ع فِي عَشَرَةِ آلَافٍ وَ لِقَيسِ بنِ سَعدٍ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ وَ لأِبَيِ أَيّوبَ الأنَصاَريِّ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ وَ لِغَيرِهِم عَلَي أَعدَادٍ أُخَرَ وَ هُوَ يُرِيدُ الرّجعَةَ إِلَي صِفّينَ فَمَا دَارَتِ الجُمُعَةُ حَتّي ضَرَبَهُ المَلعُونُ ابنُ مُلجَمٍ لَعَنَهُ اللّهُ فَتَرَاجَعَتِ العَسَاكِرُ
بيان قال في النهاية في حديث منصور وجاء الغلام و عليه قرطق أبيض أي قباء و هوتعريب كرته و قدتضم طاؤه وإبدال القاف من الهاء في الأسماء المعربة كثير و منه حديث الخوارج كأني أنظر إليه حبشي عليه قريطق هوتصغير قرطق
619-كشف ،[كشف الغمة] قَالَ ابنُ طَلحَةَ لَمّا عَادَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ مِن صِفّينَ إِلَي الكُوفَةِ بَعدَ إِقَامَةِ الحَكَمَينِ أَقَامَ يَنتَظِرُ انقِضَاءَ المُدّةِ التّيِ بَينَهُ وَ بَينَ مُعَاوِيَةَ لِيَرجِعَ إِلَي مُقَاتَلَتِهِ وَ المُحَارَبَةِ إِذِ انخَزَلَت طَائِفَةٌ مِن خَاصّةِ أَصحَابِهِ فِي أَربَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَ هُمُ العُبّادُ وَ النّسّاكُ فَخَرَجُوا مِنَ الكُوفَةِ وَ خَالَفُوا عَلِيّاً ع
صفحه : 395
وَ قَالُوا لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ وَ لَا طَاعَةَ لِمَن عَصَي اللّهَ وَ انحَازَ إِلَيهِم نَيّفٌ عَن ثَمَانِيَةِ آلَافٍ مِمّن يَرَي رَأيَهُم فَصَارُوا اثنيَ عَشَرَ أَلفاً وَ سَارُوا إِلَي أَن نَزَلُوا بِحَرُورَاءَ وَ أَمّرُوا عَلَيهِم عَبدَ اللّهِ بنَ الكَوّاءِ فَدَعَا عَلِيّ ع عَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فَأَرسَلَهُ إِلَيهِم فَحَادَثَهُم فَلَم يَرتَدِعُوا وَ قَالُوا لِيَخرُج إِلَينَا عَلِيّ بِنَفسِهِ لِنَسمَعَ كَلَامَهُ عَسَي أَن يَزُولَ مَا بِأَنفُسِنَا إِذَا سَمِعنَاهُ فَرَجَعَ ابنُ عَبّاسٍ فَأَخبَرَهُ فَرَكِبَ فِي جَمَاعَةٍ وَ مَضَي إِلَيهِم فَرَكِبَ ابنُ الكَوّاءِ فِي جَمَاعَةٍ مِنهُم فَوَاقَفَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع يَا ابنَ الكَوّاءِ إِنّ الكَلَامَ كَثِيرٌ فَأَبرِز إلِيَّ مِن أَصحَابِكَ لِأُكَلّمَكَ فَقَالَ وَ أَنَا آمَنُ مِن سَيفِكَ فَقَالَ نَعَم فَخَرَجَ إِلَيهِ فِي عَشَرَةٍ مِن أَصحَابِهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع عَنِ الحَربِ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَ ذَكَرَ لَهُ رَفعَ المَصَاحِفِ عَلَي الرّمَاحِ وَ أَمرَ الحَكَمَينِ وَ قَالَ أَ لَم أَقُل لَكُم إِنّ أَهلَ الشّامِ يَخدَعُونَكُم بِهَا فَإِنّ الحَربَ قَد عَضّتهُم فذَرَوُنيِ أُنَاجِزهُم فَأَبَيتُم أَ لَم أُرِد أَن أَنصِبَ ابنَ عمَيّ حَكَماً وَ قُلتُ إِنّهُ لَا يَنخَدِعُ فَأَبَيتُم إِلّا أَبَا مُوسَي وَ قُلتُم رَضِينَا بِهِ حَكَماً فَأَجَبتُكُم كَارِهاً وَ لَو وَجَدتُ فِي ذَلِكَ الوَقتِ أَعوَاناً غَيرَكُم لَمَا أَجَبتُكُم وَ شَرَطتُ عَلَي الحَكَمَينِ بِحُضُورِكُم أَن يَحكُمَا بِمَا أَنزَلَ اللّهُ مِن فَاتِحَتِهِ إِلَي خَاتِمَتِهِ وَ السّنّةِ الجَامِعَةِ وَ إِنّهُمَا إِن لَم يَفعَلَا فَلَا طَاعَةَ لَهُمَا عَلَيّ كَانَ ذَلِكَ أَو لَم يَكُن قَالَ ابنُ الكَوّاءِ صَدَقتَ قَد كَانَ هَذَا كُلّهُ فَلِمَ لَا تَرجِعُ الآنَ إِلَي حَربِ القَومِ فَقَالَ حَتّي تنَقضَيَِ المُدّةُ التّيِ بَينَنَا وَ بَينَهُم قَالَ ابنُ الكَوّاءِ وَ أَنتَ مُجمِعٌ عَلَي ذَلِكَ قَالَ نَعَم لَا يسَعَنُيِ غَيرُهُ فَعَادَ ابنُ الكَوّاءِ وَ العَشَرَةُ الّذِينَ مَعَهُ إِلَي أَصحَابِ عَلِيّ ع رَاجِعِينَ عَن دِينِ الخَوَارِجِ وَ تَفَرّقَ البَاقُونَ وَ هُم يَقُولُونَ لَا حُكمَ إِلّا لِلّهِ وَ أَمّرُوا عَلَيهِم عَبدَ
صفحه : 396
اللّهِ بنَ وَهبٍ الراّسبِيِّ وَ حُرقُوصَ بنَ زُهَيرٍ البجَلَيِّ المَعرُوفَ بذِيِ الثّدَيّةِ وَ عَسكَرُوا بِالنّهرَوَانِ وَ خَرَجَ إِلَيهِم عَلِيّ ع فَسَارَ حَتّي بقَيَِ عَلَي فَرسَخَينِ مِنهُم وَ كَاتَبَهُم وَ رَاسَلَهُم فَلَم يَرتَدِعُوا فَأَركَبَ إِلَيهِم ابنَ عَبّاسٍ وَ قَالَ سَلهُم مَا ألّذِي نَقَمُوهُ وَ أَنَا رَدِفُكَ فَلَا تَخَف مِنهُم فَلَمّا جَاءَهُم ابنُ عَبّاسٍ قَالَ مَا ألّذِي نَقَمتُم مِن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ قَالُوا نَقَمنَا أَشيَاءَ لَو كَانَ حَاضِراً لَكَفّرنَاهُ بِهَا وَ عَلِيّ ع وَرَاءَهُ يَسمَعُ ذَلِكَ فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَد سَمِعتُ كَلَامَهُم وَ أَنتَ أَحَقّ بِالجَوَابِ فَتَقَدّمَ وَ قَالَ أَيّهَا النّاسُ أَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَكَلّمُوا بِمَا نَقَمتُم عَلَيّ فَقَالُوا نَقَمنَا عَلَيكَ أَوّلًا أَنّا قَاتَلنَا بَينَ يَدَيكَ بِالبَصرَةِ فَلَمّا أَظفَرَكَ اللّهُ بِهِم أَبَحتَنَا مَا فِي عَسكَرِهِم وَ مَنَعتَنَا النّسَاءَ وَ الذّرّيّةَ فَكَيفَ حَلّ لَنَا مَا فِي العَسكَرِ وَ لَم تَحِلّ لَنَا النّسَاءُ فَقَالَ لَهُم عَلِيّ ع يَا هَؤُلَاءِ إِنّ أَهلَ البَصرَةِ قَاتَلُونَا وَ بَدَءُونَا بِالقِتَالِ فَلَمّا ظَفِرتُم اقتَسَمتُم سَلَبَ مَن قَاتَلَكُم وَ مَنَعتُكُم مِنَ النّسَاءِ وَ الذّرّيّةِ فَإِنّ النّسَاءَ لَم يُقَاتِلنَ وَ الذّرّيّةَ وُلِدُوا عَلَي الفِطرَةِ وَ لَم يَنكُثُوا وَ لَا ذَنبَ لَهُم وَ لَقَد رَأَيتُ رَسُولَ اللّهِص مَنّ عَلَي المُشرِكِينَ فَلَا تَعجَبُوا إِن مَنَنتُ عَلَي المُسلِمِينَ فَلَم أَسلُب نِسَاءَهُم وَ لَا ذُرّيّتَهُم وَ قَالُوا نَقَمنَا عَلَيكَ يَومَ صِفّينَ كَونَكَ مَحَوتَ اسمَكَ مِن إِمرَةِ المُؤمِنِينَ فَإِذَا لَم تَكُن أَمِيرَنَا فَلَا نُطِيعُكَ وَ لَستَ أَمِيراً لَنَا فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ إِنّمَا اقتَدَيتُ بِرَسُولِ اللّهِص حِينَ صَالَحَ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو قَالُوا فَإِنّا نَقَمنَا عَلَيكَ أَنّكَ قُلتَ لِلحَكَمَينِ انظُرَا كِتَابَ اللّهِ فَإِن كُنتُ
صفحه : 397
أَفضَلَ مِن مُعَاوِيَةَ فأَثَبتِاَنيِ فِي الخِلَافَةِ فَإِذَا كُنتَ شَاكّاً فِي نَفسِكَ فَنَحنُ فِيكَ أَشَدّ وَ أَعظَمُ شَكّاً فَقَالَ ع إِنّمَا أَرَدتُ بِذَلِكَ النّصَفَةَ فإَنِيّ لَو قُلتُ احكُمَا لِي وَ ذَرَا مُعَاوِيَةَ لَم يُرضَ وَ لَم يُقبَل وَ لَو قَالَ النّبِيّص لِنَصَارَي نَجرَانَ لَمّا قَدِمُوا عَلَيهِ تَعَالَوا حَتّي نَبتَهِلَ وَ أَجعَلَ لَعنَةَ اللّهِ عَلَيكُم لَم يَرضَوا وَ لَكِن أَنصَفَهُم مِن نَفسِهِ كَمَا أَمَرَهُ اللّهُ تَعَالَي فَقَالَفَنَجعَل لَعنَتَ اللّهِ عَلَي الكاذِبِينَفَأَنصَفَهُم عَن نَفسِهِ فَكَذَلِكَ فَعَلتُ أَنَا وَ لَم أَعلَم بِمَا أَرَادَ عَمرُو بنُ العَاصِ مِن خُدعَةِ أَبِي مُوسَي قَالُوا فَإِنّا نَقَمنَا عَلَيكَ أَنّكَ حَكّمتَ حَكَماً فِي حَقّ هُوَ لَكَ فَقَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِ حَكّمَ سَعدَ بنَ مُعَاذٍ فِي بنَيِ قُرَيظَةَ وَ لَو شَاءَ لَم يَفعَل وَ أَنَا اقتَدَيتُ بِهِ فَهَل بقَيَِ عِندَكُم شَيءٌ فَسَكَتُوا وَ صَاحَ جَمَاعَةٌ مِنهُم مِن كُلّ نَاحِيَةٍ التّوبَةَ التّوبَةَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ استَأمَنَ إِلَيهِ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَ بقَيَِ عَلَي حَربِهِ أَربَعَةُ آلَافٍ فَأَمَرَ ع المُستَأمِنِينَ بِالِاعتِزَالِ عَنهُم فِي ذَلِكَ الوَقتِ وَ تَقَدّمَ بِأَصحَابِهِ حَتّي دَنَا مِنهُم وَ تَقَدّمَ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ وَ ذُو الثّدَيّةِ حُرقُوصٌ وَ قَالَا مَا نُرِيدُ بِقِتَالِنَا إِيّاكَ إِلّا وَجهَ اللّهِ وَ الدّارَ الآخِرَةَ فَقَالَ عَلِيّ ع هَل نُنَبّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمالًا الّذِينَ ضَلّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدّنيا وَ هُم يَحسَبُونَ أَنّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً ثُمّ التَحَمَ القِتَالُ بَينَ الفَرِيقَينِ وَ استَعَرَ الحَربُ بِلَظَاهَا وَ أَسفَرَت عَن زُرقَةِ صُبحِهَا وَ حُمرَةِ ضُحَاهَا فَتَجَادَلوا وَ تَجَالَدُوا بِأَلسِنَةِ رِمَاحِهَا وَ حِدَادِ ظُبَاهَا فَحَمَلَ فَارِسٌ مِنَ الخَوَارِجِ يُقَالُ لَهُ الأَخنَسُ الطاّئيِّ وَ كَانَ شَهِدَ صِفّينَ مَعَ عَلِيّ ع فَحَمَلَ وَ شَقّ الصّفُوفَ يَطلُبُ عَلِيّاً ع فَبَدَرَهُ عَلِيّ بِضَربَةٍ فَقَتَلَهُ فَحَمَلَ ذُو الثّدَيّةِ لِيَضرِبَ عَلِيّاً فَسَبَقَهُ عَلِيّ ع وَ ضَرَبَهُ فَفَلَقَ البَيضَةَ وَ رَأسَهُ فَحَمَلَهُ فَرَسُهُ وَ هُوَ لِمَا بِهِ فَأَلقَاهُ فِي آخِرِ المَعرَكَةِ فِي حَرفٍ دَالِيَةٍ عَلَي شَطّ النّهرَوَانِ وَ خَرَجَ مِن بَعدِهِ ابنُ عَمّهِ مَالِكُ بنُ الوَضّاحِ وَ حَمَلَ عَلَي عَلِيّ ع
صفحه : 398
فَضَرَبَهُ عَلِيّ فَقَتَلَهُ وَ تَقَدّمَ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ الراّسبِيِّ فَصَاحَ يَا ابنَ أَبِي طَالِبٍ وَ اللّهِ لَا نَبرَحُ مِن هَذِهِ المَعرَكَةِ أَو تأَتيَِ عَلَي أَنفُسِنَا أَو نأَتيَِ عَلَي نَفسِكَ فَابرُز إلِيَّ وَ أَبرُزُ إِلَيكَ وَ ذَرِ النّاسَ جَانِباً فَلَمّا سَمِعَ عَلِيّ ع كَلَامَهُ تَبَسّمَ وَ قَالَ قَاتَلَهُ اللّهُ مِن رَجُلٍ مَا أَقَلّ حَيَاءَهُ أَمَا إِنّهُ لَيَعلَمُ أنَيّ حَلِيفُ السّيفِ وَ خَدِينُ الرّمحِ وَ لَكِنّهُ قَد يَئِسَ مِنَ الحَيَاةِ أَو إِنّهُ لَيَطمَعُ طَمَعاً كَاذِباً ثُمّ حَمَلَ عَلِيّ ع فَضَرَبَهُ عَلِيّ وَ قَتَلَهُ وَ أَلحَقَهُ بِأَصحَابِهِ القَتلَي وَ اختَلَطُوا فَلَم يَكُن إِلّا سَاعَةً حَتّي قُتِلُوا بِأَجمَعِهِم وَ كَانُوا أَربَعَةَ آلَافٍ فَمَا أَفلَتَ مِنهُم إِلّا تِسعَةُ أَنفُسٍ رَجُلَانِ هَرَبَا إِلَي خُرَاسَانَ إِلَي أَرضِ سِجِستَانَ وَ بِهَا نَسلُهُمَا وَ رَجُلَانِ صَارَا إِلَي بِلَادِ عُمَانَ وَ بِهَا نَسلُهُمَا وَ رَجُلَانِ صَارَا إِلَي اليَمَنِ وَ فِيهَا نَسلُهُمَا وَ هُمُ الإِبَاضِيّةُ وَ رَجُلَانِ صَارَا إِلَي بِلَادِ الجَزِيرَةِ إِلَي مَوضِعٍ يُعرَفُ بِالسّنّ وَ البَوَازِيجِ وَ إِلَي شَاطِئِ الفُرَاتِ وَ صَارَ آخَرُ إِلَي تَلّ مَوزَنَ وَ غَنِمَ أَصحَابُ عَلِيّ ع غَنَائِمَ كَثِيرَةً وَ قُتِلَ مِن أَصحَابِ عَلِيّ ع تِسعَةٌ بِعَدَدِ مَن سَلِمَ مِنَ الخَوَارِجِ وَ هيَِ مِن جُملَةِ كِرَامَاتِ عَلِيّ ع فَإِنّهُ قَالَ نَقتُلُهُم وَ لَا يُقتَلُ مِنّا عَشَرَةٌ وَ لَا يَسلَمُ مِنهُم عَشَرَةٌ فَلَمّا قُتِلُوا قَالَ عَلِيّ ع التَمِسُوا المُخدَجَ فَالتَمَسُوهُ فَلَم يَجِدُوهُ فَقَامَ عَلِيّ ع بِنَفسِهِ حَتّي أَتَي نَاساً قَد قُتِلَ بَعضُهُم عَلَي بَعضٍ فَقَالَ أَخّرُوهُم فَوَجَدُوهُ مِمّا يلَيِ الأَرضَ فَكَبّرَ عَلِيّ ع وَ قَالَ صَدَقَ اللّهُ وَ بَلّغَ رَسُولُهُ قَالَ أَبُو الوضَيِءِ فكَأَنَيّ أَنظُرُ إِلَيهِ حبَشَيِّ عَلَيهِ قُرَيطِقٌ إِحدَي يَدَيهِ مِثلُ ثدَيِ المَرأَةِ عَلَيهَا شَعَرَاتٌ مِثلُ ذَنَبِ اليَربُوعِ وَ هَذَا أَبُو الوضَيِءِ هُوَ عَبّادُ بنُ نَسِيبٍ القيَسيِّ تاَبعِيِّ يرَويِ عَنهُ هَذَا القَولَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ كَمَا قَالَ
صفحه : 399
بيان انخزلت انقطعت وانحاز القوم تركوا مركزهم إلي آخر والخدين الصديق . و قال الفيروزآبادي في القاموس السن جبل بالمدينة وموضع بالري وبلد علي دجلة و قال بوازيج بلد قرب تكريت
620- إِرشَادُ القُلُوبِ، خَرَجَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع ذَاتَ لَيلَةٍ مِن مَسجِدِ الكُوفَةِ مُتَوَجّهاً إِلَي دَارِهِ وَ قَد مَضَي رُبعٌ مِنَ اللّيلِ وَ مَعَهُ كُمَيلُ بنُ زِيَادٍ وَ كَانَ مِن خِيَارِ شِيعَتِهِ وَ مُحِبّيهِ فَوَصَلَ فِي الطّرِيقِ إِلَي بَابِ رَجُلٍ يَتلُو القُرآنَ فِي ذَلِكَ الوَقتِ وَ يَقرَأُ قَولَهُ تَعَالَيأَمّن هُوَ قانِتٌ آناءَ اللّيلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحذَرُ الآخِرَةَ وَ يَرجُوا رَحمَةَ رَبّهِ قُل هَل يسَتوَيِ الّذِينَ يَعلَمُونَ وَ الّذِينَ لا يَعلَمُونَ إِنّما يَتَذَكّرُ أُولُوا الأَلبابِبِصَوتٍ شجَيِّ حَزِينٍ فَاستَحسَنَ كُمَيلٌ ذَلِكَ فِي بَاطِنِهِ وَ أَعجَبَهُ حَالُ الرّجُلِ مِن غَيرِ أَن يَقُولَ شَيئاً فَالتَفَتَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِلَيهِ وَ قَالَ يَا كُمَيلُ لَا تُعجِبكَ طَنطَنَةُ الرّجُلِ إِنّهُ مِن أَهلِ النّارِ وَ سَأُنَبّئُكَ فِيمَا بَعدُ فَتَحَيّرَ كُمَيلٌ لِمُكَاشَفَتِهِ لَهُ عَلَي مَا فِي بَاطِنِهِ وَ لِشَهَادَتِهِ بِدُخُولِ النّارِ مَعَ كَونِهِ فِي هَذَا الأَمرِ وَ تِلكَ الحَالَةِ الحَسَنَةِ وَ مَضَي مُدّةٌ مُتَطَاوِلَةٌ إِلَي أَن آلَ حَالُ الخَوَارِجِ إِلَي مَا آلَ وَ قَاتَلَهُم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ كَانُوا يَحفَظُونَ القُرآنَ كَمَا أُنزِلَ فَالتَفَتَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي كُمَيلِ بنِ زِيَادٍ وَ هُوَ وَاقِفٌ بَينَ يَدَيهِ وَ السّيفُ فِي يَدِهِ يَقطُرُ دَماً وَ رُءُوسُ أُولَئِكَ الكَفَرَةِ الفَجَرَةِ مُحَلّقَةٌ عَلَي الأَرضِ فَوَضَعَ رَأسَ السّيفِ عَلَي رَأسٍ مِن تِلكَ الرّءُوسِ وَ قَالَ يَا كُمَيلُأَمّن هُوَ قانِتٌ آناءَ اللّيلِ ساجِداً وَ قائِماً أَي هُوَ ذَلِكَ الشّخصُ ألّذِي كَانَ يَقرَأُ القُرآنَ فِي تِلكَ اللّيلَةِ فَأَعجَبَكَ حَالُهُ فَقَبّلَ كُمَيلٌ قَدَمَيهِ وَ استَغفَرَ اللّهَ وَ صَلّي عَلَي مَجهُولِ القَدرِ
621-فر،[تفسير فرات بن ابراهيم ] جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ الفزَاَريِّ مُعَنعَناً عَن أَبِي وَائِلٍ السهّميِّ قَالَ
صفحه : 400
خَرَجنَا مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَلَمّا انتَهَينَا إِلَي النّهرَوَانِ قَالَ وَ كُنتُ شَاكّاً فِي قِتَالِهِم فَضَرَبتُ بفِرَسَيِ فَأَقحَمتُهُ فِي أَشجَارٍ كَانَت هُنَاكَ قَالَ فَوَ اللّهِ لَكَأَنّهُ عَلِمَ مَا فِي قلَبيِ فَأَقبَلَ يَسِيرُ عَلَي بَغلَةِ النّبِيّص حَتّي نَزَلَ بِتِلكَ الأَشجَارِ فَنَزَلَ فَوَضَعَ فَرشَهُ ثُمّ جَلَسَ عَلَيهِ ثُمّ احتَبَي بِحَمَائِلِ سَيفِهِ فَأَنَا أَرَاهُ وَ لَا يرَاَنيِ إِذ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا يُجلِسُكَ فَقَد عَبَرَ القَومُ النّهرَ قَالَ كَذَبتَ لَم يَعبُرُوا قَالَ فَرَجَعَ ثُمّ جَاءَ آخَرُ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا يُجلِسُكُ فَقَد عَبَرَ القَومُ النّهرَ وَ قَتَلُوا فُلَاناً وَ فُلَاناً قَالَ كَذَبتَ لَم يَعبُرُوا وَ اللّهِ لَا يَعبُرُونَ حَتّي أَقتُلَهُم عَهدٌ مِنَ اللّهِ وَ مِن رَسُولِهِ قَالَ ثُمّ دَعَا بِفَرَسٍ فَرَكِبَهُ فَقُلتُ مَا رَأَيتُ كَاليَومِ وَ اللّهِ لَئِن كَانَ صَادِقاً لَأَضرِبَنّ بسِيَفيِ حَتّي يَنقَطِعَ قَالَ وَ لَمّا جاَزنَيِ اتّبَعتُهُ فَانتَهَينَا إِلَي القَومِ فَإِذَا هُم يُرِيدُونَ العُبُورَ فَشَدّ عَلَيهِم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُعِينٌ أَو مُغِيثٌ فَعَرَضَ رُمحَهُ عَلَي القَنطَرَةِ فَرَدّ القَومَ ثُمّ إِنّ عَلِيّاً ع صَاحَ بِالقَومِ فَتَنَحّوا قَالَ ثُمّ حَمَلُوا عَلَينَا فَانهَزَمنَا وَ هُوَ وَاقِفٌ ثُمّ التَفَتَ إِلَينَا فَقَالَ مَا هَذَاكَأَنّما يُساقُونَ إِلَي المَوتِ وَ هُم يَنظُرُونَقُلنَا أَ وَ لَيسَ إِلَي المَوتِ نُسَاقُ قَالَ شُدّوا الأَضرَاسَ وَ أَكثِرُوا الدّعَاءَ وَ احمِلُوا عَلَي القَومِ قَالَ فَفَعَلنَا فَوَ اللّهِ مَا انتَصَفَ النّهَارُ وَ مِنهُم أَحَدٌ يُخبِرُ عَن أَحَدٍ قَالَ فَلَمّا رَأَي النّاسُ ذَلِكَ عَجِبُوا مِن قَولِهِ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ رَسُولَ اللّهِص أخَبرَنَيِ أَنّ فِي هَؤُلَاءِ القَومِ رَجُلًا مُخدَجَ اليَدِ فَأَقبَلَ يَسِيرُ حَتّي انتَهَينَا إِلَي جَوبَةِ قَتلَي فَقَالَ ارفَعُوهُم فَرَفَعنَاهُم فَاستَخرَجنَا الرّجُلَ فَمَدَدنَا المُخدَجَةَ فَاستَوَت مَعَ الصّحِيحَةِ ثُمّ خَلّينَاهَا فَرَجَعَت كَمَا كَانَت فَلَمّا رَأَي النّاسَ قَد عَجِبُوا قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ فِيهِ عَلَامَةً أُخرَي فِي يَدِهِ
صفحه : 401
الصّحِيحَةِ فِي بَطنِ عَضُدِهِ مِثلُ رَكبِ المَرأَةِ قَالَ فَشَقَقتُ ثَوباً كَانَ عَلَيهِ بأِسَناَنيِ أَنَا وَ الأَصبَغُ بنُ نُبَاتَةَ حَتّي رَأَينَاهُ كَمَا وَصَفَ وَ رَأَوهُ النّاسُ
بيان الجوبة الحفرة
622- كا،[الكافي] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن يَحيَي بنِ أَبِي العَلَاءِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ قَالَ بَعَثَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَبدَ اللّهِ بنَ العَبّاسِ إِلَي ابنِ الكَوّاءِ وَ أَصحَابِهِ وَ عَلَيهِ قَمِيصٌ رَقِيقٌ وَ حُلّةٌ فَلَمّا نَظَرُوا إِلَيهِ قَالُوا يَا ابنَ عَبّاسٍ أَنتَ خَيرُنَا فِي أَنفُسِنَا وَ أَنتَ تَلبَسُ هَذَا اللّبَاسَ فَقَالَ هَذَا أَوّلُ مَا أُخَاصِمُكُم فِيهِقُل مَن حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التّيِ أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطّيّباتِ مِنَ الرّزقِ وَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّخُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلّ مَسجِدٍ
623- كا،[الكافي]العِدّةُ عَن سَهلٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن صَفوَانَ عَن يُوسُفَ بنِ اِبرَاهِيمَ قَالَ دَخَلتُ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ عَبدَ اللّهِ بنَ العَبّاسِ لَمّا بَعَثَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ إِلَي الخَوَارِجِ يُوَاقِفُهُم لَبِسَ أَفضَلَ ثِيَابِهِ وَ تَطَيّبَ بِأَطيَبِ طِيبِهِ وَ رَكِبَ أَفضَلَ مَرَاكِبِهِ فَخَرَجَ فَوَاقَفَهُم فَقَالُوا يَا ابنَ عَبّاسٍ بَينَنَا أَنتَ أَفضَلُ النّاسِ إِذ أَتَيتَنَا فِي لِبَاسِ الجَبَابِرَةِ وَ مَرَاكِبِهِم فَتَلَا عَلَيهِم هَذِهِ الآيَةَقُل مَن حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التّيِ أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطّيّباتِ مِنَ الرّزقِفَالبَس وَ تَجَمّل فَإِنّ اللّهَ جَمِيلٌ يُحِبّ الجَمَالَ وَ ليَكُن مِن حَلَالٍ
624-ختص ،[الإختصاص ] مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَنِ العكُليِّ الحرِماَزيِّ عَن صَالِحِ بنِ أَسوَدَ بنِ صَنعَانَ الغنَوَيِّ عَن مِسمَعِ بنِ عَبدِ اللّهِ البصَريِّ عَن رَجُلٍ قَالَ
صفحه : 402
لَمّا بَعَثَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع صَعصَعَةَ بنَ صُوحَانَ إِلَي الخَوَارِجِ قَالُوا لَهُ أَ رَأَيتَ لَو كَانَ عَلِيّ مَعَنَا فِي مَوضِعِنَا أَ تَكُونُ مَعَهُ قَالَ نَعَم قَالُوا فَأَنتَ إِذَن مُقَلّدٌ عَلِيّاً دِينَكَ ارجِع فَلَا دِينَ لَكَ فَقَالَ لَهُم صَعصَعَةُ وَيلَكُم أَ لَا أُقَلّدُ مَن قَلّدَ اللّهَ فَأَحسَنَ التّقلِيدَ فَاضطَلَعَ بِأَمرِ اللّهِ صِدّيقاً لَم يَزَل أَ وَ لَم يَكُن رَسُولُ اللّهِص إِذَا اشتَدّتِ الحَربُ قَدّمَهُ فِي لَهَوَاتِهَا فَيَطَأُ صِمَاخَهَا بِأَخمَصِهِ وَ يُخمِدُ لَهَبَهَا بِحَدّهِ مَكدُوداً فِي ذَاتِ اللّهِ عَنهُ يَعبُرُ رَسُولُ اللّهِ وَ المُسلِمُونَ فَأَينَ تَصرِفُونَ وَ أَينَ تَذهَبُونَ وَ إِلَي مَن تَرغَبُونَ وَ عَمّن تَصدِفُونَ عَنِ القَمَرِ البَاهِرِ وَ السّرَاجِ الزّاهِرِ وَ صِرَاطِ اللّهِ المُستَقِيمِ وَ سَبِيلِ اللّهِ المُقِيمِ قَاتَلَكُمُ اللّهُ أَنّي تُؤفَكُونَ أَ فِي الصّدّيقِ الأَكبَرِ وَ الغَرَضِ الأَقصَي تَرمُونَ طَاشَت عُقُولُكُم وَ غَارَت حُلُومُكُم وَ شَاهَت وُجُوهُكُم لَقَد عَلَوتُمُ القُلّةَ مِنَ الجَبَلِ وَ بَاعَدتُمُ العِلّةَ مِنَ النّهَلِ أَ تَستَهدِفُونَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع وَ وصَيِّ رَسُولِ اللّهِص لَقَد سَوّلَت لَكُم أَنفُسُكُم خُسرَاناً مُبِيناً فَبُعداً وَ سُحقاً لِلكَفَرَةِ الظّالِمِينَ عَدَلَ بِكُم عَنِ القَصدِ الشّيطَانُ وَ عمَيَِ بِكُم عَن وَاضِحِ المَحَجّةِ الحِرمَانُ فَقَالَ لَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ الراّسبِيِّ نَطَقتَ يَا ابنَ صُوحَانَ بِشِقشِقَةِ بَعِيرٍ وَ هَدَرتَ فَأَطنَبتَ فِي الهَدِيرِ أَبلِغ صَاحِبَكَ أَنّا مُقَاتِلُوهُ عَلَي حُكمِ اللّهِ وَ التّنزِيلِ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ أَبيَاتاً قَالَ العكُليِّ الحرِماَزيِّ وَ لَا أدَريِ أَ هيَِ لَهُ أَم لِغَيرِهِ
كيَ تَلزَمُوا الحَقّ وَحدَهُ | وَ نَضرِبُكُم حَتّي يَكُونَ لَنَا الحُكمُ |
فَإِن تَتبَعُوا حُكمَ الإِلَهِ يَكُن لَكُم | إِذَا مَا اصطَلَحنَا الحَقّ وَ الأَمنُ وَ السّلمُ |
وَ إِلّا فَإِنّ المَشرَفِيّةَ مِحذَمٌ | بأِيَديِ رِجَالٍ فِيهِمُ الدّينُ وَ العِلمُ |
فَقَالَ صَعصَعَةُ كأَنَيّ أَنظُرُ إِلَيكَ يَا أَخَا رَاسِبٍ مُرَمّلًا بِدِمَائِكَ يَحجُلُ الطّيرُ بِأَشلَائِكَ لَا تُجَابُ لَكُم دَاعِيَةٌ وَ لَا تَسمَعُ مِنكُم وَاعِيَةٌ يَستَحِلّ ذَلِكَ مِنكُم إِمَامُ هُدًي قَالَ الراّسبِيِّ
سَيَعلَمُ اللّيثُ إِذَا التَقَينَا | دَورَ الرّحَي عَلَيهِ أَو عَلَينَا |
أَبلِغ صَاحِبَكَ أَنّا غَيرُ رَاجِعِينَ عَنهُ أَو يُقِرّ لِلّهِ بِكُفرِهِ أَو يَخرُجَ عَن ذَنبِهِ فَإِنّ اللّهَ قَابِلُ التّوبِ شَدِيدُ العِقَابِ وَ غَافِرُ الذّنبِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَذَلنَا المُهَجَ
صفحه : 403
فَقَالَ صَعصَعَةُ
ِندَ الصّبَاحِ يَحمَدُ القَومُ السّرَي |
ثُمّ رَجَعَ إِلَي عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ فَأَخبَرَهُ بِمَا جَرَي بَينَهُ وَ بَينَهُم فَتَمَثّلَ عَلِيّ ع
أَرَادَ رسَوُلاَيَ الوُقُوفَ فَرَاوَحَا | يَداً بِيَدٍ ثُمّ أَسهَمَا لِي عَلَي السّوَاءِ |
بُؤساً لِلمَسَاكِينِ يَا ابنَ صُوحَانَ أَمَا لَقَد عُهِدَ إلِيَّ فِيهِم وَ إنِيّ لَصَاحِبُهُم وَ مَا كَذَبتُ وَ لَا كُذِبتُ وَ إِنّ لَهُم أَن يَدُورَ فِيهِ رَحَي المُؤمِنِينَ عَلَي المَارِقِينَ فَيَا وَيحَهَا حَتفاً مَا أَبعَدَهَا مِن رَوحِ اللّهِ ثُمّ قَالَ
إِذَا الخَيلُ جَالَت فِي الفَتَي وَ تَكَشّفَت | عَوَابِسُ لَا يُسأَلنَ غَيرَ طَعَانٍ |
فَكَرّت جَمِيعاً ثُمّ فَرّقَ بَينَهَا | سَقَي رُمحَهُ مِنهَا بِأَحمَرَ قَانٍ |
فَتًي لَا يلُاَقيِ القَرنُ إِلّا بِصَدرِهِ | إِذَا أَرعَشَت أَحشَاءُ كُلّ جَبَانٍ |
ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ وَ يَدَهُ إِلَي السّمَاءِ وَ قَالَ أللّهُمّ اشهَد ثَلَاثاً قَد أَعذَرَ مَن أَنذَرَ وَ بِكَ العَونُ وَ إِلَيكَ المُشتَكَي وَ عَلَيكَ التّكلَانُ وَ إِيّاكَ نَدرَأُ فِي نُحُورِهِم أَبَي القَومُ إِلّا تَمَادِياً فِي البَاطِلِ وَ يَأبَي اللّهُ إِلّا الحَقّ فَأَينَ يَذهَبُ بِكُم عَن حَطَبِ جَهَنّمَ وَ عَن طِيبِ المَغنَمِ وَ أَشَارَ إِلَي أَصحَابِهِ وَ قَالَ استَعِدّوا لِعَدُوّكُم فَإِنّكُم غَالِبُوهُم بِإِذنِ اللّهِ ثُمّ قَرَأَ عَلَيهِم آخِرَ سُورَةِ آلِ عِمرَانَ
بيان قوله يطأ صماخها بأخمصه الأخمص من باطن القدم ما لم يبلغ الأرض و هوكناية عن الاستيلاء علي الحرب وإذلال أهلها ولعل المكدود هنا بمعني الكاد والطيش الخفة وشاهت وجوهكم قبحت والعل الشربة الثانية أوالشرب بعدالشرب تباعا والنهل محركة أول الشرب واستهدف له دنا منه وانتصب له وسيف حذم قاطع ويقال حجل الطائر كنصر وضرب إذانزا في مشيته أوبالخاء المعجمة ثم الجيم قال الجوهري الخجل سوء احتمال الغني و في الحديث إذاشبعتن خجلتن أي أشرتن وبطرتن انتهي . قوله عندالصباح يحمد القوم السّرَي قال الميداني يضرب الرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة
صفحه : 404
625- ختص ،[الإختصاص ]المُعَلّي بنُ مُحَمّدٍ البصَريِّ عَن بِسطَامِ بنِ مُرّةَ عَن إِسحَاقَ بنِ حَسّانَ عَنِ الهَيثَمِ بنِ وَاقِدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ العبَديِّ عَنِ ابنِ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ قَالَ أَمَرَنَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع بِالمَسِيرِ إِلَي المَدَائِنِ مِنَ الكُوفَةِ فَسِرنَا يَومَ الأَحَدِ وَ تَخَلّفَ عَمرُو بنُ حُرَيثٍ فِي سَبعَةِ نَفَرٍ فَخَرَجُوا إِلَي مَكَانٍ بِالحِيرَةِ يُسَمّي الخَوَرنَقَ فَقَالُوا نَتَنَزّهُ فَإِذَا كَانَ يَومُ الأَربِعَاءِ خَرَجنَا فَلَحِقنَا عَلِيّاً قَبلَ أَن يَجمَعَ فَبَينَا هُم يَتَغَدّونَ إِذ خَرَجَ عَلَيهِم ضَبّ فَصَادُوهُ فَأَخَذَهُ عَمرُو بنُ حُرَيثٍ فَنَصَبَ كَفّهُ فَقَالُوا بَايَعُوا هَذَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ فَبَايَعَهُ السّبعَةُ وَ عَمرٌو ثَامِنُهُم وَ ارتَحَلُوا لَيلَةَ الأَربِعَاءِ فَقَدِمُوا المَدَائِنَ يَومَ الجُمُعَةِ وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ يَخطُبُ وَ لَم يُفَارِق بَعضُهُم بَعضاً كَانُوا جَمِيعاً حَتّي نَزَلُوا عَلَي بَابِ المَسجِدِ فَلَمّا دَخَلُوا نَظَرَ إِلَيهِم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّ رَسُولَ اللّهِص أَسَرّ إلِيَّ أَلفَ حَدِيثٍ فِي كُلّ حَدِيثٍ أَلفُ بَابٍ لِكُلّ بَابٍ أَلفُ مِفتَاحٍ وَ إنِيّ سَمِعتُ اللّهَ يَقُولُيَومَ نَدعُوا كُلّ أُناسٍ بِإِمامِهِم وَ إنِيّ أُقسِمُ لَكُم بِاللّهِ لَيُبعَثَنّ يَومَ القِيَامَةِ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ بِإِمَامِهِم وَ هُوَ ضَبّ وَ لَو شِئتُ أَن أُسَمّيَهُم فَعَلتُ قَالَ فَلَو رَأَيتُ عَمرَو بنَ حُرَيثٍ سَقَطَ كَمَا تَسقُطُ السّعَفَةُ وَجِيباً
بيان الوجيب الاضطراب
626- أَقُولُ رَوَي الشّيخُ أَحمَدُ بنُ فَهدٍ فِي المُهَذّبِ، وَ غَيرُهُ فِي غَيرِهِ بِأَسَانِيدِهِم عَنِ المُعَلّي بنِ خُنَيسٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يَومُ النّيرُوزِ هُوَ اليَومُ ألّذِي ظَفِرَ فِيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع بِأَهلِ النّهرَوَانِ وَ قَتَلَ ذَا الثّدَيّةِ
صفحه : 405
627- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع لَمّا هَرَبَ مَصقَلَةُ بنُ هُبَيرَةَ الشيّباَنيِّ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ كَانَ قَدِ ابتَاعَ سبَيَ بنَيِ نَاجِيَةَ مِن عَامِلِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ أَعتَقَهُم فَلَمّا طَالَبَهُ بِالمَالِ خَاسَ بِهِ وَ هَرَبَ إِلَي الشّامِ قَبّحَ اللّهُ مَصقَلَةَ فَعَلَ فِعلَ السّادَةِ وَ فَرّ فِرَارَ العَبِيدِ فَمَا أَنطَقَ مَادِحَهُ حَتّي أَسكَتَهُ وَ لَا صَدّقَ وَاصِفَهُ حَتّي بَكّتَهُ وَ لَو أَقَامَ لَأَخَذنَا مَيسُورَهُ وَ انتَظَرنَا بِمَالِهِ وُفُورَهُ
628-تَوضِيحٌ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ النّهجِ رَوَي اِبرَاهِيمُ بنُ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ فِي
صفحه : 406
كِتَابِ الغَارَاتِ وَ وَجَدتُهُ فِي أَصلِ الكِتَابِ أَيضاً عَنِ الحَارِثِ بنِ كَعبٍ الأزَديِّ عَن عَمّهِ عَبدِ اللّهِ بنِ قَعِينٍ قَالَ كَانَ الخِرّيتُ بنُ رَاشِدٍ أَحَدُ بنَيِ نَاجِيَةَ قَد شَهِدَ مَعَ عَلِيّ ع صِفّينَ فَجَاءَ إِلَيهِ ع بَعدَ انقِضَاءِ صِفّينَ وَ بَعدَ تَحكِيمِ الحَكَمَينِ فِي ثَلَاثِينَ مِن أَصحَابِهِ يمَشيِ بَينَهُم حَتّي قَامَ بَينَ يَدَيهِ فَقَالَ لَا وَ اللّهِ لَا أُطِيعُ أَمرَكَ وَ لَا أصُلَيّ خَلفَكَ وَ إنِيّ غَداً لَمُفَارِقٌ لَكَ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع ثَكِلَتكَ أُمّكَ إِذاً تَنقُضَ عَهدَكَ وَ تعَصيَِ رَبّكَ وَ لَا تَضُرّ إِلّا نَفسَكَ أخَبرِنيِ لِمَ تَفعَلُ ذَلِكَ قَالَ لِأَنّكَ حَكّمتَ فِي الكِتَابِ وَ ضَعُفتَ عَنِ الحَقّ إِذ جَدّ الجِدّ وَ رَكَنتَ إِلَي القَومِ الّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم فَأَنَا عَلَيكَ رَادّ وَ عَلَيهِم نَاقِمٌ وَ لَكُم جَمِيعاً مُبَايِنٌ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع وَيحَكَ هَلُمّ إلِيَّ أُدَارِسكَ وَ أُنَاظِركَ فِي السّنَنِ وَ أُفَاتِحكَ أُمُوراً مِنَ الحَقّ أَنَا أَعلَمُ بِهَا مِنكَ فَلَعَلّكَ تَعرِفُ مَا أَنتَ الآنَ لَهُ مُنكِرٌ وَ تُبصِرُ مَا أَنتَ الآنَ عَنهُ غَافِلٌ وَ بِهِ جَاهِلٌ فَقَالَ الخِرّيتُ فَأَنَا غَادٍ عَلَيكَ غَداً فَقَالَ ع اغدُ إلِيَّ وَ لَا يَستَهوِيَنّكَ الشّيطَانُ وَ لَا يَقتَحِمَنّ بِكَ رأَيُ السّوءِ وَ لَا يَستَخِفّنّكَ لِلجَهَلَاتِ الّذِينَ لَا يَعمَلُونَ فَوَ اللّهِ إِنِ استرَشدَتنَيِ وَ استنَصحَتنَيِ وَ قَبِلتَ منِيّ لَأَهدِيَنّكَ سَبِيلَ الرّشَادِ فَخَرَجَ الخِرّيتُ مِن عِندِهِ مُنصَرِفاً إِلَي أَهلِهِ قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ قَعِينٍ فَعَجِلتُ فِي أَثَرِهِ مُسرِعاً لِأَنصَحَهُ وَ أَستَعلِمَ خَبَرَهُ فَرَأَيتُهُ رَجَعَ إِلَي أَصحَابِهِ وَ قَالَ لَهُم يَا هَؤُلَاءِ إنِيّ قَد رَأَيتُ أَن أُفَارِقَ هَذَا
صفحه : 407
الرّجُلَ فَنَصَحتُ ابنَ عَمّهِ وَ رَجَعتُ إِلَي بيَتيِ فَلَمّا أَصبَحتُ وَ ارتَفَعَ النّهَارُ أَتَيتُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع وَ أَخبَرتُهُ خَبَرَهُ فَقَالَ ع دَعهُ فَإِن قَبِلَ الحَقّ وَ رَجَعَ عَرَفنَا لَهُ ذَلِكَ وَ قَبِلنَاهُ مِنهُ فَقُلتُ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَلِمَ لَا تَأخُذُهُ الآنَ فَتَستَوثِقَ مِنهُ فَقَالَ إِنّا لَو فَعَلنَا هَذَا بِكُلّ مَن نَتّهِمُ مِنَ النّاسِ مَلَأنَا السّجُونَ مِنهُم وَ لَا أرَاَنيِ يسَعَنُيِ الوُثُوبُ بِالنّاسِ وَ الحَبسُ لَهُم وَ عُقُوبَتُهُم حَتّي يُظهِرُوا لِيَ الخِلَافَ فَقَالَ لِي سِرّاً اذهَب إِلَي مَنزِلِ الرّجُلِ فَاعلَم مَا فَعَلَ فَأَتَيتُ مَنزِلَهُ فَإِذَا لَيسَ فِي مَنزِلِهِ وَ لَا مَنزِلِ أَصحَابِهِ دَاعٍ وَ لَا مُجِيبٌ فَأَقبَلتُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع بِقِصّتِهِم فَلَمّا أَخبَرتُهُ ع قَالَ أَبعَدَهُمُ اللّهُ كَمَا بَعِدَت ثَمُودُ أَمَا وَ اللّهِ لَو قَد أُشرِعَت لَهُمُ الأَسِنّةُ وَ صُبّت عَلَي هَامِهِمُ السّيُوفُ لَقَد نَدِمُوا إِنّ الشّيطَانَ قَدِ استَهوَاهُم وَ أَضَلّهُم وَ هُوَ غَداً متُبَرَّئٌ مِنهُم وَ مُخَلّ عَنهُم فَقَامَ إِلَيهِ زِيَادُ بنُ خَصَفَةَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِنّهُ لَو لَم يَكُن مِن مَضَرّةِ هَؤُلَاءِ إِلّا فِرَاقُهُم إِيّانَا لَم يَعظُم فَقدُهُم عَلَينَا وَ لَكِنّا نَخَافُ أَن يُفسِدُوا عَلَينَا جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِمّن يَقدَمُونَ عَلَيهِم مِن أَهلِ طَاعَتِكَ فَائذَن لِي فِي اتّبَاعِهِم حَتّي نَرُدّهُم عَلَيكَ إِن شَاءَ اللّهُ فَقَالَ لَهُ ع فَاخرُج فِي آثَارِهِم رَشِيداً ثُمّ قَالَ اخرُج رَحِمَكَ اللّهُ حَتّي تَنزِلَ دَيرَ أَبِي مُوسَي ثُمّ لَا تَبرَحهُ حَتّي يَأتِيَكَ أمَريِ وَ سَأَكتُبُ إِلَي مَن حوَليِ مِن عمُاّليِ فِيهِم فَكَتَبَ نُسخَةً وَاحِدَةً وَ أَخرَجَهَا إِلَي العُمّالِبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مَن قرُِئَ عَلَيهِ كتِاَبيِ هَذَا مِنَ العُمّالِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ رِجَالًا لَنَا عِندَهُم تَبِعَةٌ خَرَجُوا هِرَاباً نَظُنّهُم خَرَجُوا نَحوَ بِلَادِ البَصرَةِ فَسَل عَنهُم أَهلَ بِلَادِكَ وَ اجعَل عَلَيهِمُ العُيُونَ فِي كُلّ نَاحِيَةٍ مِن أَرضِكَ ثُمّ اكتُب إلِيَّ بِمَا ينَتهَيِ إِلَيكَ عَنهُم
صفحه : 408
فَخَرَجَ زِيَادُ بنُ خَصَفَةَ حَتّي أَتَي دَارَهُ وَ جَمَعَ أَصحَابَهُ وَ أَخَذَ مَعَهُ مِنهُم مِائَةً وَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا وَ خَرَجَ حَتّي أَتَي دَيرَ أَبِي مُوسَي
وَ رَوَي بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ وَألٍ التيّميِّ قَالَإنِيّ لَعِندَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع إِذاً يبج [فَيجٌ] قَد جَاءَهُ يَسعَي بِكِتَابٍ مِن قَرَظَةَ بنِ كَعبٍ الأنَصاَريِّ وَ كَانَ أَحَدُ عُمّالِهِ يُخبِرُهُ بِأَنّ خَيلًا مَرّت مِن قِبَلِ الكُوفَةِ مُتَوَجّهَةً نَحوَ نَفَرٍ وَ أَنّ رَجُلًا مِن دَهَاقِينِ أَسفَلِ الفُرَاتِ قَد أَسلَمَ وَ صَلّي يُقَالُ لَهُ زَاذَانُ فَرّوخٍ فَلَقُوهُ فَقَالُوا لَهُ أَ مُسلِمٌ أَنتَ قَالَ نَعَم قَالُوا فَمَا تَقُولُ فِي عَلِيّ قَالَ أَقُولُ إِنّهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ سَيّدُ البَشَرِ وَ وصَيِّ رَسُولِ اللّهِص فَقَالُوا كَفَرتَ يَا عَدُوّ اللّهِ ثُمّ حَمَلَت عَلَيهِ عِصَابَةٌ مِنهُم فَقَطَعُوهُ بِأَسيَافِهِم وَ أَخَذُوا مَعَهُ رَجُلًا مِن أَهلِ الذّمّةِ يَهُودِيّاً فَقَالُوا خَلّوا سَبِيلَ هَذَا لَا سَبِيلَ لَكُم عَلَيهِ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَمّا بَعدُ فَقَد فَهِمتُ مَا ذَكَرتَ مِن أَمرِ العِصَابَةِ التّيِ مَرّت بِعَمَلِكَ فَقَتَلَتِ البَرّ المُسلِمَ وَ أَمِنَ عِندَهُمُ المُخَالِفُ المُشرِكُ وَ أَنّ أُولَئِكَ قَومٌ استَهوَاهُمُ الشّيطَانُ فَضَلّوا كَالّذِينَحَسِبُوا أَلّا تَكُونَ فِتنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمّوافَأَسمِع بِهِم وَ أَبصِر يَومَ يُحشَرُ أَعمَالُهُم فَالزَم عَمَلَكَ وَ أَقبِل عَلَي خَرَاجِكَ فَإِنّكَ كَمَا ذَكَرتَ فِي طَاعَتِكَ وَ نَصِيحَتِكَ وَ السّلَامُ وَ كَتَبَ ع إِلَي زِيَادِ بنِ خَصَفَةَ أَمّا بَعدُ فَقَد كُنتُ أَمَرتُكَ أَن تَنزِلَ دَيرَ أَبِي مُوسَي حَتّي يَأتِيَكَ أمَريِ وَ ذَلِكَ أنَيّ لَم أَكُن عَلِمتُ أَينَ تَوَجّهَ القَومُ وَ قَد بلَغَنَيِ أَنّهُم أَخَذُوا نَحوَ قَريَةٍ مِن قُرَي
صفحه : 409
السّوَادِ فَاتّبِع آثَارَهُم وَ سَل عَنهُم فَإِنّهُم قَد قَتَلُوا رَجُلًا مِن أَهلِ السّوَادِ مُسلِماً مُصَلّياً فَإِذَا أَنتَ لَحِقتَ بِهِم فَاردُدهُم إلِيَّ فَإِن أَبَوا فَنَاجِزهُم وَ استَعِن بِاللّهِ عَلَيهِم فَإِنّهُم قَد فَارَقُوا الحَقّ وَ سَفَكُوا الدّمَ الحَرَامَ وَ أَخَافُوا السّبِيلَ وَ السّلَامُ قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ وَألٍ فَأَخَذتُ الكِتَابَ مِنهُ ع وَ أَنَا يَومَئِذٍ شَابّ حَدَثٌ فَاستَأذَنتُهُ أَن أَذهَبَ مَعَهُ إِلَي العَدُوّ فَأَذِنَ وَ دَعَا لِي فَأَتَيتُ بِالكِتَابِ إِلَيهِ ثُمّ خَرَجنَا حَتّي أَتَينَا المَوضِعَ ألّذِي كَانُوا فِيهِ فَسَأَلنَا عَنهُم فَقِيلَ أَخَذُوا نَحوَ المَدَائِنِ وَ لَحِقنَا بِالمَدَائِنِ فَقَالَ زِيَادٌ لِرَئِيسِهِم مَا ألّذِي نَقَمتَ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ عَلَينَا حَتّي فَارَقتَنَا قَالَ لَم أَرضَ بِصَاحِبِكُم إِمَاماً وَ لَم أَرضَ بِسِيرَتِكُم سِيرَةً فَرَأَيتُ أَن أَعتَزِلَ وَ أَكُونَ مَعَ مَن يَدعُو إِلَي الشّورَي مِنَ النّاسِ فَإِذَا اجتَمَعَ النّاسُ عَلَي رَجُلٍ هُوَ لِجَمِيعِ الأُمّةِ رِضًا كُنتُ مَعَ النّاسِ فَقَالَ زِيَادٌ وَيحَكَ وَ هَل يَجتَمِعُ النّاسُ عَلَي رَجُلٍ يدُاَنيِ عَلِيّاً عَالِماً بِاللّهِ وَ بِكِتَابِهِ وَ سُنّةِ رَسُولِهِص مَعَ قَرَابَتِهِ وَ سَابِقَتِهِ فِي الإِسلَامِ فَقَالَ لَهُ الخِرّيتُ هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ فَقَالَ زِيَادٌ فَفِيمَ قَتَلتُمُ الرّجُلَ المُسلِمَ فَقَالَ الخِرّيتُ مَا أَنَا قَتَلتُهُ إِنّمَا قَتَلَتهُ طَائِفَةٌ مِن أصَحاَبيِ قَالَ فَادفَعهُم إِلَينَا قَالَ مَا إِلَي ذَلِكَ مِن سَبِيلٍ قَالَ أَ وَ هَكَذَا أَنتَ فَاعِلٌ قَالَ هُوَ مَا تَسمَعُ قَالَ فَدَعَونَا أَصحَابَنَا وَ دَعَا الخِرّيتُ أَصحَابَهُ ثُمّ اقتَتَلنَا فَوَ اللّهِ مَا رَأَيتُ قِتَالًا مِثلَهُ مُنذُ خلَقَنَيَِ اللّهُ لَقَد تَطَاعَنّا بِالرّمَاحِ حَتّي لَم يَبقَ فِي أَيدِينَا رُمحٌ ثُمّ اضطَرَبنَا بِالسّيُوفِ حَتّي انحَنَت وَ عُقِرَت عَامّةُ خَيلِنَا وَ خَيلِهِم وَ كَثُرَتِ الجِرَاحُ فِيمَا بَينَنَا وَ بَينَهُم وَ قُتِلَ مِنّا رَجُلَانِ مَولًي لِزِيَادٍ كَانَت مَعَهُ رَايَتُهُ يُدعَي سُوَيداً وَ رَجُلٌ آخَرُ يُدعَي وَاقِداً وَ صُرِعَ مِنهُم خَمسَةُ نَفَرٍ وَ حَالَ اللّيلُ بَينَنَا وَ بَينَهُم فَقَد وَ اللّهِ كَرِهُونَا وَ كَرِهنَاهُم وَ هَزَمُونَا وَ هَزَمنَاهُم وَ جُرِحَ زِيَادٌ وَ جُرِحتُ ثُمّ إِنّا بِتنَا فِي جَانِبٍ وَ تَنَحّوا فَمَكَثُوا سَاعَةً مِن أَوّلِ اللّيلِ ثُمّ مَضَوا فَذَهَبُوا وَ أَصبَحنَا فَوَجَدنَاهُم قَد ذَهَبُوا فَوَ اللّهِ مَا كَرِهنَا ذَلِكَ فَمَضَينَا حَتّي أَتَينَا البَصرَةَ وَ بَلَغَنَا أَنّهُم أَتَوُا الأَهوَازَ فَنَزَلُوا فِي جَانِبٍ مِنهَا وَ تَلَاحَقَ بِهِم نَاسٌ مِن أَصحَابِهِم نَحوَ مِائَتَينِ فَأَقَامُوا مَعَهُم
صفحه : 410
وَ كَتَبَ زِيَادٌ إِلَي عَلِيّ ع أَمّا بَعدُ فَإِنّا لَقِينَا عَدُوّ اللّهِ الناّجيَِ وَ أَصحَابَهُ بِالمَدَائِنِ فَدَعَونَاهُم إِلَي الهُدَي وَ الحَقّ وَ الكَلِمَةِ السّوَاءِ فَتَوَلّوا عَنِ الحَقّ وَ أَخَذَتهُمُالعِزّةُ بِالإِثمِوَ زَيّنَ لَهُمُ الشّيطانُ أَعمالَهُم فَصَدّهُم عَنِ السّبِيلِفَقَصَدُونَا وَ صَمَدنَا صَمدَهُم فَاقتَتَلنَا قِتَالًا شَدِيداً مَا بَينَ قَائِمِ الظّهرِ إِلَي أَن أَدرَكَتِ الشّمسُ وَ استُشهِدَ مِنّا رَجُلَانِ صَالِحَانِ وَ أُصِيبَ مِنهُم خَمسَةُ نَفَرٍ وَ خَلّوا لَنَا المَعرَكَةَ وَ قَد فَشَت فِينَا وَ فِيهِمُ الجِرَاحُ ثُمّ إِنّ القَومَ لَمّا أَدرَكُوا اللّيلَ خَرَجُوا مِن تَحتِهِ مُتَنَكّرِينَ إِلَي أَرضِ الأَهوَازِ وَ قَد بلَغَنَيِ أَنّهُم نَزَلُوا مِنهَا جَانِباً وَ نَحنُ بِالبَصرَةِ ندُاَويِ جِرَاحَنَا وَ نَنتَظِرُ أَمرَكَ رَحِمَكَ اللّهُ وَ السّلَامُ فَلَمّا أَتَاهُ الكِتَابُ قَرَأَهُ عَلَي النّاسِ فَقَامَ إِلَيهِ مَعقِلُ بنُ قَيسٍ الريّاَحيِّ فَقَالَ أَصلَحَكَ اللّهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِنّمَا كَانَ ينَبغَيِ أَن يَكُونَ مَكَانَ كُلّ رَجُلٍ مِن هَؤُلَاءِ الّذِينَ بَعَثتَهُم فِي طَلَبِهِم عَشَرَةٌ مِنَ المُسلِمِينَ فَإِذَا لَحِقُوهُمُ استَأصَلُوا شَأفَتَهُم وَ قَطَعُوا دَابِرَهُم فَقَالَ ع لَهُ تَجَهّز يَا مَعقِلُ إِلَيهِم وَ نَدَبَ مَعَهُ أَلفَينِ مِن أَهلِ الكُوفَةِ فِيهِم يَزِيدُ بنُ المَعقِلِ وَ كَتَبَ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ بِالبَصرَةِ أَمّا بَعدُ فَابعَث رَجُلًا مِن قِبَلِكَ صَلِيباً شُجَاعاً مَعرُوفاً بِالصّلَاحِ فِي ألَفيَ رَجُلٍ مِن أَهلِ البَصرَةِ فَليَتّبِع مَعقِلَ بنَ قَيسٍ فَإِذَا خَرَجَ مِن أَرضِ البَصرَةِ فَهُوَ أَمِيرُ أَصحَابِهِ حَتّي يَلقَي مَعقِلًا فَإِذَا لَقِيَهُ فَمَعقِلٌ أَمِيرُ الفَرِيقَينِ فَليَسمَع مِنهُ وَ ليُطِعهُ وَ لَا يُخَالِفهُ وَ مُر زِيَادَ بنَ خَصَفَةَ فَليُقبِل إِلَينَا فَنِعمَ المَرءُ زِيَادٌ وَ نِعمَ القَبِيلُ قَبِيلَتُهُ وَ كَتَبَ ع إِلَي زِيَادٍ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَيِ كِتَابُكَ وَ فَهِمتُ مَا ذَكَرتَ بِهِ الناّجيَِ وَ أَصحَابَهُالّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلي قُلُوبِهِموَ زَيّنَ لَهُمُ الشّيطانُ أَعمالَهُمفَهُم حَيَارَي عَمِهُونَيَحسَبُونَ أَنّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً وَ وَصَفتَ مَا بَلَغَ بِكَ وَ بِهِمُ الأَمرُ فَأَمّا أَنتَ وَ أَصحَابُكَ
صفحه : 411
لِلّهِ سَعيُكُم وَ عَلَيهِ جَزَاؤُكُم وَ أَيسَرُ ثَوَابِ اللّهِ لِلمُؤمِنِ خَيرٌ لَهُ مِنَ الدّنيَا التّيِ يَقتُلُ الجَاهِلُونَ أَنفُسَهُم عَلَيهَا فَما عِندَكُم يَنفَدُ وَ ما عِندَ اللّهِ باقٍ وَ لَنَجزِيَنّ الّذِينَ صَبَرُوا أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانُوا يَعمَلُونَ وَ أَمّا عَدُوّكُمُ الّذِينَ لَقِيتُم فَحَسبُهُم خُرُوجُهُم مِنَ الهُدَي وَ ارتِكَاسُهُم فِي الضّلَالَةِ وَ رَدّهُمُ الحَقّ وَ جِمَاحُهُم فِي التّيهِفَذَرهُم وَ ما يَفتَرُونَ وَ دَعهُمفِي طُغيانِهِم يَعمَهُونَفَأَسمِع بِهِم وَ أَبصِرفَكَأَنّكَ بِهِم عَن قَلِيلٍ بَينَ أَسِيرٍ وَ قَتِيلٍ فَأَقبِل إِلَينَا أَنتَ وَ أَصحَابُكَ مَأجُورِينَ فَقَد أَطَعتُم وَ سَمِعتُم وَ أَحسَنتُمُ البَلَاءَ وَ السّلَامُ قَالَ وَ نَزَلَ الناّجيِ جَانِباً مِنَ الأَهوَازِ وَ اجتَمَعَ إِلَيهِ عُلُوجٌ كَثِيرٌ مِن أَهلِهَا مِمّن أَرَادَ كَسرَ الخَرَاجِ وَ مِنَ اللّصُوصِ وَ طَائِفَةٌ أُخرَي مِنَ الأَعرَابِ تَرَي رَأيَهُ
قَالَ اِبرَاهِيمُ وَ روُيَِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ قَعِينٍ قَالَكُنتُ أَنَا وَ أخَيِ كَعبٌ فِي ذَلِكَ الجَيشِ مَعَ مَعقِلٍ فَلَمّا أَرَادَ الخُرُوجَ أَتَاهُ ع يُوَدّعُهُ فَقَالَ لَهُ يَا مَعقِلَ بنَ قَيسٍ اتّقِ اللّهَ مَا استَطَعتَ فَإِنّهَا وَصِيّةُ اللّهِ لِلمُؤمِنِينَ لَا تَبغِ عَلَي أَهلِ القِبلَةِ وَ لَا تَظلِم أَهلَ الذّمّةِ وَ لَا تَتَكَبّر فَإِنّ اللّهَ لَا يُحِبّ المُتَكَبّرِينَ فَقَالَ مَعقِلٌ اللّهُ المُستَعَانُ فَقَالَ عَلِيّ ع هُوَ خَيرُ مُستَعَانٍ ثُمّ قَامَ مَعقِلٌ فَخَرَجَ وَ خَرَجنَا مَعَهُ حَتّي نَزَلَ الأَهوَازَ فَأَقَمنَا أَيّاماً حَتّي بَعَثَ ابنُ عَبّاسٍ خَالِدَ بنَ مَعدَانَ مَعَ جَيشِ البَصرَةِ فَدَخَلَ عَلَي صَاحِبِنَا وَ سَلّمَ عَلَيهِ بِالإِمرَةِ وَ اجتَمَعَا جَمِيعاً فِي عَسكَرٍ وَاحِدٍ ثُمّ خَرَجنَا إِلَي الناّجيِ وَ أَصحَابِهِ فَأَخَذُوا يَرتَفِعُونَ نَحوَ جِبَالِ رَامَهُرمُزَ يُرِيدُونَ قَلعَةً بِهَا حَصِينَةً فَلَحِقنَاهُم وَ قَد دَنَوا مِنَ الجَبَلِ فَصَفَفنَا لَهُم ثُمّ أَقبَلنَا نَحوَهُم فَجَعَلَ مَعقِلٌ عَلَي مَيمَنَتِهِ يَزِيدَ بنَ مَعقِلٍ وَ عَلَي مَيسَرَتِهِ مِنجَابَ بنَ رَاشِدٍ وَ وَقَفَ الناّجيِ بِمَن مَعَهُ مِنَ العَرَبِ فَكَانُوا مَيمَنَةً وَ جُعِلَ أَهلُ البَلَدِ وَ العُلُوجُ وَ مَن أَرَادَ كَسرَ الخَرَاجِ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَكرَادِ مَيسَرَةً
صفحه : 412
وَ سَارَ فِينَا مَعقِلٌ يُحَرّضُنَا وَ يَقُولُ يَا عِبَادَ اللّهِ لَا تَبدَءُوا القَومَ وَ غُضّوا الأَبصَارَ وَ أَقِلّوا الكَلَامَ وَ وَطّنُوا أَنفُسَكُم عَلَي الطّعنِ وَ الضّربِ وَ أَبشِرُوا فِي قِتَالِهِم بِالأَجرِ العَظِيمِ إِنّمَا تُقَاتِلُونَ مَارِقَةً مَرَقَت وَ عُلُوجاً مَنَعُوا الخَرَاجَ وَ لُصُوصاً وَ أَكرَاداً فَمَا تَنتَظِرُونَ فَإِذَا حَمَلتُ فَشُدّوا شِدّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ قَالَ فَمَرّ فِي الصّفّ يُكَلّمُهُم يَقُولُ هَذِهِ المَقَالَةَ حَتّي إِذَا مَرّ بِالنّاسِ كُلّهِم أَقبَلَ فَوَقَفَ وَسَطَ الصّفّ فِي القَلبِ وَ نَظَرنَا إِلَيهِ مَا يَصنَعُ فَحَرّكَ رَايَتَهُ تَحرِيكَتَينِ ثُمّ حَمَلَ فِي الثّالِثَةِ وَ حَمَلنَا مَعَهُ جَمِيعاً فَوَ اللّهِ مَا صَبَرُوا لَنَا سَاعَةً حَتّي وَلّوا وَ انهَزَمُوا وَ قَتَلنَا سَبعِينَ عَرَبِيّاً مِن بنَيِ نَاجِيَةَ وَ مِن بَعضِ مَنِ اتّبَعَهُ مِنَ العَرَبِ وَ نَحوَ ثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ العُلُوجِ وَ الأَكرَادِ وَ خَرَجَ الخِرّيتُ مُنهَزِماً حَتّي لَحِقَ بِسِيفٍ مِن أَسيَافِ البَحرِ وَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِن قَومِهِ كَثِيرٌ فَمَا زَالَ يَسِيرُ فِيهِم وَ يَدعُوهُم إِلَي خِلَافِ عَلِيّ ع وَ يُزَيّنُ لَهُم فِرَاقَهُ وَ يُخبِرُهُم أَنّ الهُدَي فِي حَربِهِ وَ مُخَالَفَتِهِ حَتّي اتّبَعَهُ مِنهُم نَاسٌ كَثِيرٌ وَ أَقَامَ مَعقِلُ بنُ قَيسٍ بِأَرضِ الأَهوَازِ وَ كَتَبَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع بِالفَتحِ وَ كُنتُ أَنَا ألّذِي قَدِمَ بِالكِتَابِ عَلَيهِ وَ كَانَ فِي الكِتَابِ لِعَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ مِن مَعقِلِ بنِ قَيسٍ سَلَامٌ عَلَيكَ فإَنِيّ أَحمَدُ إِلَيكَ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِنّا لَقِينَا المَارِقِينَ وَ قَدِ استَظهَرُوا عَلَينَا بِالمُشرِكِينَ فَقَتَلنَا مِنهُم نَاساً كَثِيراً وَ لَم نَعدُ فِيهِم سِيرَتَكَ لَم نَقتُل مِنهُم مُدبِراً وَ لَا أَسِيراً وَ لَم نُدَفّف مِنهُم عَلَي جَرِيحٍ وَ قَد نَصَرَكَ اللّهُ وَ المُسلِمِينَ وَ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ العَالَمِينَ قَالَ فَلَمّا قَدِمتُ بِالكِتَابِ عَلَي عَلِيّ ع قَرَأَهُ عَلَي أَصحَابِهِ وَ استَشَارَهُم فِي الرأّيِ فَاجتَمَعَ رأَيُ عَامّتِهِم عَلَي قَولٍ وَاحِدٍ قَالُوا نَرَي أَن تَكتُبَ إِلَي مَعقِلِ بنِ قَيسٍ يَتبَعُ آثَارَهُم وَ لَا يَزَالُ فِي طَلَبِهِم حَتّي يَقتُلَهُم أَو
صفحه : 413
يَنفِيَهُم مِن أَرضِ الإِسلَامِ فَإِنّا لَا نَأمَنُ أَن يُفسِدُوا عَلَيكَ النّاسَ قَالَ فرَدَنّيِ إِلَيهِ وَ كَتَبَ معَيِ أَمّا بَعدُ فَالحَمدُ لِلّهِ عَلَي تَأيِيدِهِ أَولِيَاءَهُ وَ خَذلِهِ أَعدَاءَهُ جَزَاكَ اللّهُ وَ المُسلِمِينَ خَيراً فَقَد أَحسَنتُمُ البَلَاءَ وَ قَضَيتُم مَا عَلَيكُم فَاسأَل عَن أخَيِ بنَيِ نَاجِيَةَ فَإِن بَلَغَكَ أَنّهُ استَقَرّ فِي بَلَدٍ مِنَ البُلدَانِ فَسِر إِلَيهِ حَتّي تَقتُلَهُ أَو تَنفِيَهُ فَإِنّهُ لَم يَزَل لِلمُسلِمِينَ عَدُوّاً وَ لِلفَاسِقِينَ وَلِيّاً وَ السّلَامُ قَالَ فَسَأَلَ مَعقِلٌ عَن مَسِيرِهِ وَ المَكَانِ ألّذِي انتَهَي إِلَيهِ فَنُبّئَ بِمَكَانِهِ بِسِيفِ البَحرِ بِفَارِسَ وَ أَنّهُ أَفسَدَ مَن قِبَلَهُ مِن عَبدِ القَيسِ وَ مَن وَالَاهُم مِن سَائِرِ العَرَبِ وَ كَانَ وَ قَومَهُ قَد مَنَعُوا الصّدَقَةَ عَامَ صِفّينَ وَ مَنَعُوهَا فِي ذَلِكَ العَامِ أَيضاً فَسَارَ إِلَيهِم مَعقِلٌ فِي ذَلِكَ الجَيشِ مِن أَهلِ الكُوفَةِ وَ البَصرَةِ فَأَخَذُوا عَلَي أَرضِ فَارِسَ حَتّي انتَهَوا إِلَي أَسيَافِ البَحرِ فَلَمّا سَمِعَ الخِرّيتُ بِمَسِيرِهِ أَقبَلَ عَلَي مَن كَانَ مَعَهُ مِن أَصحَابِهِ مِمّن يَرَي رأَيَ الخَوَارِجِ فَأَسَرّ إِلَيهِم أنَيّ أَرَي رَأيَكُم وَ أَنّ عَلِيّاً مَا كَانَ ينَبغَيِ لَهُ أَن يُحَكّمَ الرّجَالَ فِي دِينِ اللّهِ وَ قَالَ لِلآخَرِينَ مِن أَصحَابِهِ مُسِرّاً إِلَيهِم إِنّ عَلِيّاً قَد حَكّمَ حَكَماً وَ رضَيَِ بِهِ فَخَالَفَ حُكمَهُ ألّذِي ارتَضَاهُ لِنَفسِهِ وَ هَذَا الرأّيُ ألّذِي خَرَجَ عَلَيهِ مِنَ الكُوفَةِ وَ قَالَ لِمَن يَرَي مَنعَ الصّدَقَةِ شُدّوا أَيدِيَكُم عَلَي صَدَقَاتِكُم ثُمّ صِلُوا بِهَا أَرحَامَكُم وَ عُودُوا إِن شِئتُم عَلَي فُقَرَائِكُم فَأَرضَي كُلّ طَائِفَةٍ بِضَربٍ مِنَ القَولِ وَ كَانَ فِيهِم نَصَارَي كَثِيرٌ أَسلَمُوا فَلَمّا رَأَوا ذَلِكَ الِاختِلَافَ قَالُوا وَ اللّهِ لَدِينُنَا ألّذِي خَرَجنَا مِنهُ خَيرٌ وَ أَهدَي مِن دِينِ هَؤُلَاءِ الّذِينَ لَا يَنهَاهُم دِينُهُم عَن سَفكِ الدّمَاءِ وَ إِخَافَةِ السّبُلِ فَرَجَعُوا إِلَي دِينِهِم فلَقَيَِ الخِرّيتُ أُولَئِكَ فَقَالَ وَيحَكُم إِنّهُ لَا يُنجِيكُم مِنَ القَتلِ إِلّا الصّبرُ لِهَؤُلَاءِ القَومِ وَ لِقِتَالِهِم أَ تَدرُونَ مَا حَكَمَ عَلِيّ فِيمَن أَسلَمَ مِنَ النّصَارَي ثُمّ رَجَعَ إِلَي النّصرَانِيّةِ لَا وَ اللّهِ لَا يَسمَعُ لَهُ قَولًا وَ لَا يَرَي لَهُ عُذراً وَ لَا دَعوَةً وَ لَا يَقبَلُ مِنهُ تَوبَةً وَ لَا يَدَعُوهُ إِلَيهَا وَ إِنّ
صفحه : 414
حُكمَهُ فِيهِ أَن يُضرَبَ عُنُقُهُ سَاعَةَ يُستَمكَنُ مِنهُ فَمَا زَالَ حَتّي خَدَعَهُم فَاجتَمَعَ إِلَيهِ نَاسٌ كَثِيرٌ وَ كَانَ مُنكَراً دَاهِياً فَلَمّا رَجَعَ مَعقِلٌ قَرَأَ عَلَي أَصحَابِهِ كِتَاباً مِن عَلِيّ ع فِيهِبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مَن قرُِئَ عَلَيهِ كتِاَبيِ هَذَا مِنَ المُسلِمِينَ وَ المُؤمِنِينَ وَ المَارِقِينَ وَ النّصَارَي وَ المُرتَدّينَ سَلَامٌ عَلَي مَنِ اتّبَعَ الهُدَي وَ آمَنَ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ كِتَابِهِ وَ البَعثِ بَعدَ المَوتِ وَافِياً بِعَهدِ اللّهِ وَ لَم يَكُن مِنَ الخَائِنِينَ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ أَدعُوكُم إِلَي كِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ وَ أَن أَعمَلَ فِيكُم بِالحَقّ وَ بِمَا أَمَرَ اللّهُ تَعَالَي بِهِ فِي كِتَابِهِ فَمَن رَجَعَ مِنكُم إِلَي رَحلِهِ وَ كَفّ يَدَهُ وَ اعتَزَلَ هَذَا المَارِقَ الهَالِكَ المُحَارِبَ ألّذِي حَارَبَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ المُسلِمِينَ وَ سَعَي فِي الأَرضِ فَسَاداً فَلَهُ الأَمَانُ عَلَي مَالِهِ وَ دَمِهِ وَ مَن تَابَعَهُ عَلَي حَربِنَا وَ الخُرُوجِ مِن طَاعَتِنَا استَعَنّا بِاللّهِ عَلَيهِ وَ جَعَلنَاهُ بَينَنَا وَ بَينَهُ وَ كَفَي بِاللّهِ وَلِيّاً وَ السّلَامُ قَالَ فَأَخرَجَ مَعقِلٌ رَايَةَ أَمَانٍ فَنَصَبَهَا وَ قَالَ مَن أَتَاهَا مِنَ النّاسِ فَهُوَ آمِنٌ إِلّا الخِرّيتُ وَ أَصحَابُهُ الّذِينَ نَابَذُوا أَوّلَ مَرّةٍ فَتَفَرّقَ عَنِ الخِرّيتِ كُلّ مَن كَانَ مَعَهُ مِن غَيرِ قَومِهِ وَ عَبّأَ مَعقِلٌ أَصحَابَهُ ثُمّ زَحَفَ بِهِم نَحوَهُ وَ قَد حَضَرَ مَعَ الخِرّيتِ جَمِيعُ قَومِهِ مُسلِمُهُم وَ نَصرَانِيّهُم وَ مَانِعُو الصّدَقَةِ مِنهُم فَجَعَلَ مُسلِمِيهِم مَيمَنَةً وَ النّصَارَي وَ ماَنعِيِ الصّدَقَةِ مَيسَرَةً وَ سَارَ مَعقِلٌ يُحَرّضُ أَصحَابَهُ فِيمَا بَينَ المَيمَنَةِ وَ المَيسَرَةِ وَ يَقُولُ أَيّهَا النّاسُ مَا تَدرُونَ مَا سِيقَ إِلَيكُم فِي هَذَا المَوقِفِ مِنَ الأَجرِ العَظِيمِ إِنّ اللّهَ سَاقَكُم إِلَي قَومٍ مَنَعُوا الصّدَقَةَ وَ ارتَدّوا عَنِ الإِسلَامِ وَ نَكَثُوا البَيعَةَ ظُلماً وَ عُدوَاناً إنِيّ شَهِيدٌ لِمَن قُتِلَ مِنكُم بِالجَنّةِ وَ مَن عَاشَ بِأَنّ اللّهَ يُقِرّ عَينَهُ بِالفَتحِ وَ الغَنِيمَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ حَتّي مَرّ بِالنّاسِ أَجمَعِينَ ثُمّ وَقَفَ بِالقَلبِ بِرَايَتِهِ فَحَمَلَتِ
صفحه : 415
المَيمَنَةُ عَلَيهِم ثُمّ المَيسَرَةُ وَ ثَبَتُوا لَهُم وَ قَاتَلُوا قِتَالًا شَدِيداً ثُمّ حَمَلَ هُوَ وَ أَصحَابُهُ عَلَيهِم فَصَبَرُوا لَهُم سَاعَةً ثُمّ إِنّ النّعمَانَ بنَ صُهبَانَ بَصُرَ بِالخِرّيتِ فَحَمَلَ عَلَيهِ فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ عَن فَرَسِهِ ثُمّ نَزَلَ إِلَيهِ وَ قَد جَرَحَهُ فَاختَلَفَا بَينَهُمَا ضَربَتَينِ فَقَتَلَهُ النّعمَانُ وَ قُتِلَ مَعَهُ فِي المَعرَكَةِ سَبعُونَ وَ مِائَةٌ وَ ذَهَبَ البَاقُونَ فِي الأَرضِ يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ بَعَثَ مَعقِلٌ الخَيلَ إِلَي رِحَالِهِم فَسَبَا مَن أَدرَكَ فِيهَا رِجَالًا وَ نِسَاءً وَ صِبيَاناً ثُمّ نَظَرَ فِيهِم فَمَن كَانَ مُسلِماً خَلّاهُ وَ أَخَذَ بَيعَتَهُ وَ خَلّي سَبِيلَ عِيَالِهِ وَ مَن كَانَ ارتَدّ عَنِ الإِسلَامِ عَرَضَ عَلَيهِ الرّجُوعَ إِلَي الإِسلَامِ أَو القَتلَ فَأَسلَمُوا فَخَلّي سَبِيلَهُم وَ سَبِيلَ عِيَالَاتِهِم إِلّا شَيخاً مِنهُم نَصرَانِيّاً أَبَي فَقَتَلَهُ وَ جَمَعَ النّاسَ فَقَالَ أَدّوا مَا عَلَيكُم فِي هَذِهِ السّنِينَ مِنَ الصّدَقَةِ فَأَخَذَ مِنَ المُسلِمِينَ عِقَالَينِ وَ عَمَدَ إِلَي النّصَارَي وَ عِيَالَاتِهِم فَاحتَمَلَهُم مَعَهُ وَ أَقبَلَ المُسلِمُونَ الّذِينَ كَانُوا مَعَهُم يُشَيّعُونَهُم فَأَمَرَ مَعقِلٌ بِرَدّهِم فَلَمّا ذَهَبُوا لِيَنصَرِفُوا تَصَايَحُوا وَ دَعَا الرّجَالَ وَ النّسَاءَ بَعضَهُم إِلَي بَعضٍ قَالَ فَلَقَد رَحِمتُهُم رَحمَةً مَا رَحِمتُهَا أَحَداً قَبلَهُم وَ لَا بَعدَهُم وَ كَتَبَ مَعقِلٌ إِلَي عَلِيّ ع أَمّا بَعدُ فإَنِيّ أُخبِرُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَن جُندِهِ وَ عَن عَدُوّهِم أَنّا دَفَعنَا إِلَي عَدُوّنَا بِأَسيَافِ البَحرِ فَوَجَدنَا بِهَا قَبَائِلَ ذَاتِ حَدّ وَ عَدَدٍ وَ قَد جَمَعُوا لَنَا فَدَعَونَاهُم إِلَي الجَمَاعَةِ وَ الطّاعَةِ وَ إِلَي حُكمِ الكِتَابِ وَ السّنّةِ وَ قَرَأنَا عَلَيهِم كِتَابَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ رَفَعنَا لَهُم رَايَةَ أَمَانٍ فَمَالَت طَائِفَةٌ مِنهُم إِلَينَا وَ ثَبَتَت طَائِفَةٌ أُخرَي فَقَبِلنَا أَمرَ التّيِ أَقبَلَت وَ صَمَدنَا إِلَي التّيِ أَدبَرَت فَضَرَبَ اللّهُ وُجُوهَهُم وَ نَصَرَنَا عَلَيهِم فَأَمّا مَن كَانَ مُسلِماً فَإِنّا مَنَنّا عَلَيهِ وَ أَخَذنَا بَيعَتَهُ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ أَخَذنَا مِنهُمُ الصّدَقَةَ التّيِ كَانَت عَلَيهِم وَ أَمّا مَنِ ارتَدّ فَعَرَضنَا عَلَيهِمُ الرّجُوعَ إِلَي الإِسلَامِ وَ إِلّا قَتَلنَاهُم فَرَجَعُوا إِلَي الإِسلَامِ غَيرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَقَتَلنَاهُ وَ أَمّا النّصَارَي فَإِنّا سَبَينَاهُم وَ أَقبَلنَا بِهِم لِيَكُونُوا نَكَالًا لِمَن بَعدَهُم مِن أَهلِ الذّمّةِ كَيلَا يَمنَعُوا الجِزيَةَ وَ لَا يَجتَرِءُوا عَلَي قِتَالِ أَهلِ القِبلَةِ وَ هُم لِلصّغَارِ وَ الذّلّةِ
صفحه : 416
أَهلٌ رَحِمَكَ اللّهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ أَوجَبَ لَكَ جَنّاتِ النّعِيمِ وَ السّلَامُ قَالَ ثُمّ أَقبَلَ بِالأُسَارَي حَتّي مَرّ عَلَي مَصقَلَةَ بنِ هُبَيرَةَ الشيّباَنيِّ وَ هُوَ عَامِلٌ لعِلَيِّ ع عَلَي أَردَشِيرَخُرّه وَ هُم خَمسُمِائَةِ إِنسَانٍ فَبَكَي إِلَيهِ النّسَاءُ وَ الصّبيَانُ وَ تَصَايَحَ الرّجَالُ يَا أَبَا الفَضلِ يَا حَامِلَ الثّقلِ يَا مَأوَي الضّعِيفِ وَ فَكَاكَ العَنَاةِ امنُن عَلَينَا فَاشتَرِنَا وَ أَعتِقنَا فَقَالَ مَصقَلَةُ أُقسِمُ بِاللّهِ لَأَتَصَدّقَنّ عَلَيهِم إِنّ اللّهَ يجَزيِ المُتَصَدّقِينَ فَبَلَغَ قَولُهُ مَعقِلًا فَقَالَ وَ اللّهِ لَو أَعلَمُهُ قَالَهَا تَوَجّعاً لَهُم وَ وَجداً عَلَيهِم إِزرَاءً عَلَيّ لَضَرَبتُ عُنُقَهُ وَ إِن كَانَ فِي ذَلِكَ فَنَاءُ بنَيِ تَمِيمٍ وَ بَكرِ بنِ وَائِلٍ ثُمّ إِنّ مَصقَلَةَ بَعَثَ ذُهلَ بنَ الحَارِثِ إِلَي مَعقِلٍ فَقَالَ بعِنيِ نَصَارَي بنَيِ نَاجِيَةَ فَقَالَ أَبِيعُكُم بِأَلفِ أَلفِ دِرهَمٍ فَأَبَي عَلَيهِ فَلَم يَزَل يُرَاوِضُهُ حَتّي بَاعَهُ إِيّاهُم بِخَمسِمِائَةِ أَلفِ دِرهَمٍ وَ دَفَعَهُم إِلَيهِ وَ قَالَ عَجّل بِالمَالِ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ مَصقَلَةُ أَنَا بَاعِثٌ الآنَ بِصَدرٍ مِنهُ ثُمّ كَذَلِكَ حَتّي لَا يَبقَي مِنهُ شَيءٌ وَ أَقبَلَ مَعقِلٌ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَأَخبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنَ الأَمرِ فَقَالَ أَحسَنتَ وَ أَصَبتَ وَ وُفّقتَ وَ انتَظَرَ عَلِيّ ع مَصقَلَةَ أَن يَبعَثَ بِالمَالِ فَأَبطَأَ بِهِ وَ بَلَغَ عَلِيّاً ع أَنّ مَصقَلَةَ خَلّي الأُسَارَي وَ لَم يَسأَلهُم أَن يُعِينُوهُ فِي فَكَاكِ أَنفُسِهِم بشِيَءٍ فَقَالَ مَا أَرَي مَصقَلَةَ إِلّا قَد حَمَلَ حَمَالَةً وَ لَا أَرَاكُم إِلّا وَ سَتَرَونَهُ عَن قَرِيبٍ مُبَلدِحاً ثُمّ كَتَبَ إِلَيهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ مِن أَعظَمِ الخِيَانَةِ خِيَانَةَ الأُمّةِ وَ أَعظَمُ الغِشّ عَلَي أَهلِ المِصرِ غِشّ الإِمَامِ وَ عِندَكَ مِن حَقّ المُسلِمِينَ خَمسُمِائَةِ أَلفِ دِرهَمٍ فَابعَث بِهَا إلِيَّ حِينَ يَأتِيكَ رسَوُليِ وَ إِلّا فَأَقبِل إلِيَّ حِينَ تَنظُرُ فِي كتِاَبيِ فإَنِيّ قَد تَقَدّمتُ إِلَي رسَوُليِ أَن لَا يَدَعَكَ سَاعَةً وَاحِدَةً تُقِيمُ بَعدَ قُدُومِهِ عَلَيكَ إِلّا أَن تَبعَثَ بِالمَالِ وَ السّلَامُ فَلَمّا قَرَأَ كِتَابَهُ أَتَاهُ ع بِالكُوفَةِ فَأَقَرّهُ أَيّاماً لَم يَذكُر لَهُ شَيئاً ثُمّ سَأَلَهُ
صفحه : 417
المَالَ فَأَدّي إِلَيهِ ماِئتَيَ أَلفِ دِرهَمٍ وَ عَجَزَ عَنِ الباَقيِ فَفَرّ وَ لَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً ع قَالَ مَا لَهُ تَرّحَهُ اللّهُ فَعَلَ فِعلَ السّيّدِ وَ فَرّ فِرَارَ العَبدِ وَ خَانَ خِيَانَةَ الفَاجِرِ فَلَو عَجَزَ مَا زِدنَا عَلَي حَبسِهِ فَإِن وَجَدنَا لَهُ شَيئاً أَخَذنَاهُ وَ إِن لَم نَجِد لَهُ مَالًا تَرَكنَاهُ ثُمّ سَارَ عَلِيّ ع إِلَي دَارِهِ فَهَدَمَهَا وَ كَانَ أَخُوهُ نُعَيمُ بنُ هُبَيرَةَ شِيعَةً لعِلَيِّ ع مُنَاصِحاً فَكَتَبَ إِلَيهِ مَصقَلَةُ مِنَ الشّامِ مَعَ رَجُلٍ مِن نَصَارَي تَغلِبَ يُقَالُ لَهُ حُلوَانُ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ كَلّمتُ مُعَاوِيَةَ فِيكَ فَوَعَدَكَ الكَرَامَةَ وَ مَنّاكَ الإِمَارَةَ فَأَقبِل سَاعَةَ تَلقَي رسَوُليِ وَ السّلَامُ فَأَخَذَهُ مَالِكُ بنُ كَعبٍ الأرَحبَيِّ فَسَرّحَ بِهِ إِلَي عَلِيّ ع فَأَخَذَ كِتَابَهُ فَقَرَأَهُ ثُمّ قَدّمَهُ فَقَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ وَ كَتَبَ نُعَيمٌ إِلَي مَصقَلَةَ شِعراً يَتَضَمّنُ امتِنَاعَهُ وَ تَعيِيرَهُ
وَ حدَثّنَيِ ابنُ أَبِي سَيفٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ جُندَبٍ عَن أَبِيهِ قَالَ قِيلَ لعِلَيِّ ع حِينَ هَرَبَ مَصقَلَةُ اردُدِ الّذِينَ سُبُوا وَ لَم يُستَوفَ أَثمَانُهُم فِي الرّقّ فَقَالَ لَيسَ ذَلِكَ فِي القَضَاءِ بِحَقّ قَد عَتَقُوا إِذَا أَعتَقَهُمُ ألّذِي اشتَرَاهُم وَ صَارَ ماَليِ دَيناً عَلَي ألّذِي اشتَرَاهُم
قَالَ اِبرَاهِيمُ وَ رَوَي عَبدُ الرّحمَنِ بنُ جُندَبٍ عَن أَبِيهِ أَنّهُ لَمّا بَلَغَ عَلِيّاً ع مُصَابُ بنَيِ نَاجِيَةَ وَ قَتلُ صَاحِبِهِم قَالَ هَوَت أُمّهُ مَا كَانَ أَنقَصَ عَقلَهُ وَ أَجرَأَهُ إِنّهُ جاَءنَيِ مَرّةً فَقَالَ إِنّ فِي أَصحَابِكَ رِجَالًا قَد خَشِيتُ أَن يُفَارِقُوكَ فَمَا تَرَي فِيهِم فَقُلتُ إنِيّ لَا آخُذُ عَلَي التّهَمَةِ وَ لَا أُعَاقِبُ عَلَي الظّنّ وَ لَا أُقَاتِلُ إِلّا مَن خاَلفَنَيِ وَ ناَصبَنَيِ وَ أَظهَرَ العَدَاوَةَ لِي ثُمّ لَستُ مُقَاتِلَهُ حَتّي أَدعُوَهُ وَ أَعذَرَ إِلَيهِ فَإِن تَابَ وَ رَجَعَ قَبِلنَا مِنهُ وَ إِن أَبَي إِلّا الِاعتِزَامَ عَلَي حَربِنَا استَعَنّا بِاللّهِ عَلَيهِ وَ نَاجَزنَاهُ فَكَفّ عنَيّ مَا شَاءَ اللّهُ حَتّي جاَءنَيِ مَرّةً أُخرَي فَقَالَ لِي إنِيّ خَشِيتُ أَن يُفسِدَ عَلَيكَ عَبدُ اللّهِ بنُ وَهبٍ وَ زَيدُ بنُ حُصَينٍ الطاّئيِّ إنِيّ سَمِعتُهُمَا يَذكُرَانِكَ بِأَشيَاءَ
صفحه : 418
لَو سَمِعتَهُمَا لَم تُفَارِقهُمَا حَتّي تَقتُلَهُمَا أَو تُوثِقَهُمَا فَلَا يَزَالَانِ بِمَحبَسِكَ أَبَداً فَقُلتُ لَهُ إنِيّ مُستَشِيرُكَ فِيهِمَا فَمَا ذَا تأَمرُنُيِ بِهِ قَالَ إنِيّ آمُرُكَ أَن تَدعُوَهُمَا فَتَضرِبَ رِقَابَهُمَا فَعَلِمتُ أَنّهُ لَا وَرَعَ لَهُ وَ لَا عَقلَ فَقُلتُ لَهُ وَ اللّهِ مَا أَظُنّ لَكَ وَرَعاً وَ لَا عَقلًا لَقَد كَانَ ينَبغَيِ لَكَ أَن تَعلَمَ أنَيّ لَا أَقتُلُ مَن لَم يقُاَتلِنيِ وَ لَم يُظَاهِر لِي عَدَاوَتَهُ باِلذّيِ كُنتُ أَعلَمتُكَهُ مِن رأَييِ حَيثُ جئِتنَيِ فِي المَرّةِ الأُولَي وَ لَقَد كَانَ ينَبغَيِ لَكَ لَو أَرَدتُ قَتلَهُم أَن تَقُولَ لِيَ اتّقِ اللّهَ بِمَ تَستَحِلّ قَتلَهُم وَ لَم يَقتُلُوا أَحَداً وَ لَم يُنَابِذُوكَ وَ لَم يَخرُجُوا مِن طَاعَتِكَ
توضيح قوله ع أدركت الشمس لعله كناية عن الغروب أي أدركت مغربها كأنها تطلبه و في بعض النسخ دلكت و هوأصوب . قال في القاموس دلكت الشمس دلوكا غربت واصفرت أومالت أوزالت عن كبد السماء والسيف بالكسر ساحل البحر والجمع أسياف . والنكر والنكراء والنكارة الدهاء والفطنة يقال رجل نكر كفرح وندب وجنب ومنكر كمكرم أي ذو نكرة والدهي جودة الرأي كالدهاء يقال رجل داهية وداه قوله عقالين أي صدقة عامين قال الفيروزآبادي العقال ككتاب زكاة عام من الإبل و قال بلدح ضرب بنفسه الأرض ووعد و لم ينجز العدة و قال ابن الأثير في الكامل لماقتل أهل النهروان خرج أشرس بن عوف الشيباني علي علي ع بالدسكرة في مائتين ثم سار إلي الأنبار فوجه إليه علي الأشرس بن حسان في ثلاثمائة فواقعه فقتل الأشرس في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ثم خرج هلال بن علقمة من بني تيم الرباب ومعه أخوه مجالد فأتي ماسندان فوجه إليه علي ع معقل بن قيس الرياحي فقتله وقتل أصحابه وهم أكثر من مائتين ثم خرج أشهب بن بشر و هو من بجيلة في مائة وثمانين رجلا فأتي المعركة التي أصيب فيهاهلال وأصحابه وصلي عليهم ودفن من قدر عليه منهم فوجه
صفحه : 419
إليه علي ع جارية بن قدامة السعدي وقيل حجر بن عدي فأقبل إليهم الأشهب فاقتتلوا بجرجرايا فقتل الأشهب وأصحابه ثم خرج سعيد بن قفل التيمي في رجب بالبندنيجين ومعه مائتا رجل فأتي درزنجان وهي من المدائن علي فرسخين فخرج إليهم سعد بن مسعود فقتلهم ثم خرج أبومريم السعدي فأتي شهرزور وأكثر من معه من الموالي وقيل لم يكن معه من العرب غيرستة هوأحدهم واجتمع معه مائتا رجل وقيل أربعمائة وعاد حتي نزل علي خمسة فراسخ من الكوفة فأرسل إليهم علي ع يدعوه إلي بيعته ودخول الكوفة فلم يفعل و قال ليس بيننا غيرالحرب فبعث ع إليه شريح بن هانئ في سبعمائة فحمل الخوار علي شريح وأصحابه فانكشفوا وبقي شريح في مائتين فانحاز إلي قرية فتراجع إليه بعض أصحابه ودخل الباقون الكوفة فخرج عليه ع بنفسه وقدم بين يديه جارية بن قدامة السعدي فدعاهم جارية إلي طاعة علي وحذرهم القتل فلم يجيبوا ولحقهم علي ع أيضا فدعاهم فأبوا عليه و علي أصحابه فقتلهم أصحاب علي ع و لم يسلم منهم غيرخمسين رجلا استأمنوا فآمنهم و كان في الخوارج أربعون رجلا جرحي فأمر علي ع بإدخالهم الكوفة ومداواتهم حتي برءوا
صفحه : 421
629- قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] فِي حِليَةِ الأَولِيَاءِ قَالَ أَبُو مجلر[مِجلَزٍ] قَالَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَابُوا عَلَيّ تَحكِيمَ الحَكَمَينِ وَ قَد حَكّمَ اللّهُ فِي طَائِرٍ حَكَمَينِ
إِبَانَةُ أَبِي عَبدِ اللّهِ بنِ بَطّةَنَاظَرَ ابنُ عَبّاسٍ جَمَاعَةَ الحَرُورِيّةِ فَقَالَ مَا ذَا نَقَمتُم عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ قَالُوا ثَلَاثاً أَنّهُ حَكّمَ الرّجَالَ فِي دِينِ اللّهِ فَكَفَرَ بِهِ وَ قَاتَلَ وَ لَم يَغنَم وَ لَم يَسبِ وَ مَحَي اسمَهُ مِن إِمرَةِ المُؤمِنِينَ فَقَالَ إِنّ اللّهَ حَكّمَ رِجَالًا فِي أَمرِ اللّهِ مِثلَ قَتلِ صَيدٍ فَقَالَيَحكُمُ بِهِ ذَوا عَدلٍ مِنكُم وَ فِي الإِصلَاحِ بَينَ الزّوجَينِ قَالَوَ إِن خِفتُم شِقاقَ بَينِهِما فَابعَثُوا حَكَماً مِن أَهلِهِ وَ حَكَماً مِن أَهلِها وَ أَمّا أَنّهُ قَاتَلَ وَ لَم يَسبِ وَ لَم يَغنَم أَ فَتَسبُونَ أُمّكُم عَائِشَةَ ثُمّ تَستَحِلّونَ مِنهَا مَا يُستَحَلّ مِن غَيرِهَا فَلَئِن فَعَلتُم لَقَد كَفَرتُم وَ هيَِ أُمّكُم وَ إِن قُلتُم لَيسَت بِأُمّنَا
صفحه : 422
فَقَد كَذَبتُم لِقَولِهِوَ أَزواجُهُ أُمّهاتُهُم وَ أَمّا أَنّهُ مَحَي اسمَهُ مِن إِمرَةِ المُؤمِنِينَ فَقَد سَمِعتُم بِأَنّ النّبِيّص أَتَاهُ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو وَ أَبُو سُفيَانَ لِلصّلحِ يَومَ الحُدَيبِيَةِ فَقَالَ اكتُب هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِص القِصّةَ وَ وَ اللّهِ لَرَسُولُ اللّهِص خَيرٌ مِن عَلِيّ وَ مَا خَرَجَ مِنَ النّبُوّةِ بِذَلِكَ فَقَالَ بَعضُهُم هَذَا مِنَ الّذِينَ قَالَ اللّهُ تَعَالَيبَل هُم قَومٌ خَصِمُونَ وَ قَالَوَ تُنذِرَ بِهِ قَوماً لُدّا قَالَ وَ رَجَعَ مِنهُم خَلقٌ كَثِيرٌ وَ نَاظَرَ عَبدَ اللّهِ بنَ يَزِيدَ الإبِاَضيِّ هِشَامُ بنُ الحَكَمِ قِبَلَ الرّشِيدِ فَقَالَ هِشَامٌ إِنّهُ لَا مَسأَلَةَ لِلخَوَارِجِ عَلَينَا فَقَالَ الإبِاَضيِّ كَيفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنّكُم قَومٌ قَدِ اجتَمَعتُم مَعاً عَلَي وَلَايَةِ رَجُلٍ وَ تَعدِيلِهِ وَ الإِقَامَةِ بِإِمَامَتِهِ وَ فَضلِهِ ثُمّ فَارَقتُمُونَا فِي عَدَاوَتِهِ وَ البَرَاءَةِ مِنهُ فَنَحنُ عَلَي إِجمَاعِنَا وَ شَهَادَتُكُم لَنَا وَ خِلَافُكُم لَنَا غَيرُ قَادِحٍ فِي مَذهَبِنَا وَ دَعوَاكُم غَيرُ مَقبُولَةٍ عَلَينَا إِذِ الِاختِلَافُ لَا يُقَابَلُ بِالِاتّفَاقِ وَ شَهَادَةُ الخَصمِ لِخَصمِهِ مَقبُولَةٌ وَ شَهَادَتُهُ عَلَيهِ مَردُودَةٌ غَيرُ مَقبُولَةٍ فَقَالَ يَحيَي بنُ خَالِدٍ قَد قَرُبَ قَطعُهُ وَ لَكِن جَارَهُ شَيئاً فَقَالَ هِشَامٌ رُبّمَا انتَهَي الكَلَامُ إِلَي حَدّ يُغمَضُ وَ يَدُقّ عَنِ الأَفهَامِ وَ الإِنصَافُ بِالوَاسِطَةِ وَ الوَاسِطَةُ إِن كَانَ مِن أصَحاَبيِ لَم يُؤمَن عَلَيهِ العَصَبِيّةُ لِي وَ إِن كَانَ مِن أَصحَابِكَ لَم أُجِبهُ فِي الحُكمِ عَلَيّ وَ إِن كَانَ مُخَالِفاً لَنَا جَمِيعاً لَم يَكُن مَأمُوناً عَلَيّ وَ لَا عَلَيكَ وَ لَكِن يَكُونُ رَجُلًا مِن أصَحاَبيِ وَ رَجُلًا مِن أَصحَابِكَ فَيَنظُرَانِ فِيمَا بَينَنَا قَالَ نَعَم فَقَالَ هِشَامٌ لَم يَبقَ مَعَهُ شَيءٌ ثُمّ قَالَ إِنّ هَؤُلَاءِ القَومَ لَم يَزَالُوا مَعَنَا عَلَي وَلَايَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ حَتّي كَانَ مِن أَمرِ الحَكَمَينِ مَا كَانَ فَأَكفَرُوهُ بِالتّحكِيمِ وَ ضَلّلُوهُ بِذَلِكَ وَ الآنَ هَذَا الشّيخُ قَد حَكّمَ رَجُلَينِ مُختَلِفَينِ فِي مَذهَبِهِمَا أَحَدُهُمَا يُكَفّرُهُ وَ الآخَرُ يُعَدّلُهُ فَإِن كَانَ مُصِيباً فِي ذَلِكَ فَأَمِيرُ المُؤمِنِينَ أَولَي بِالصّوَابِ وَ إِن كَانَ مُخطِئاً فَقَد أَرَاحَنَا مِن نَفسِهِ بِشَهَادَتِهِ بِالكُفرِ عَلَيهَا وَ النّظَرُ فِي كُفرِهِ وَ إِيمَانِهِ أَولَي مِنَ النّظَرِ فِي إِكفَارِهِ عَلِيّاً ع
صفحه : 423
فَاستَحسَنَ الرّشِيدُ ذَلِكَ وَ أَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ وَ قَالَ الطاّقيِّ لِلضّحّاكِ الشاّريِ لَمّا خَرَجَ مِنَ الكُوفَةِ مُحَكّماً وَ تَسَمّي بِإِمرَةِ المُؤمِنِينَ لِمَ تَبَرّأتُم مِن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَ استَحلَلتُم قِتَالَهُ قَالَ لِأَنّهُ حَكّمَ فِي دِينِ اللّهِ قَالَ وَ كُلّ مَن حَكّمَ فِي دِينِ اللّهِ استَحلَلتُم قَتلَهُ قَالَ نَعَم قَالَ فأَخَبرِنيِ عَنِ الدّينِ ألّذِي جِئتَ بِهِ أُنَاظِرُكَ عَلَيهِ لِأَدخُلَ فِيهِ مَعَكَ إِن عَلَت حُجّتُكَ حجُتّيِ قَالَ فَمَن شَهِدَ لِلمُصِيبِ بِصَوَابِهِ لَا بُدّ لَنَا مِن عَالِمٍ يَحكُمُ بَينَنَا قَالَ لَقَد حَكّمتَ يَا هَذَا فِي الدّينِ ألّذِي جِئتَ بِهِ أُنَاظِرُكَ فِيهِ قَالَ نَعَم فَأَقبَلَ الطاّقيِّ عَلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ إِنّ هَذَا صَاحِبَكُم قَد حَكّمَ فِي دِينِ اللّهِ فَشَأنَكُم بِهِ فَضَرَبُوا الضّحّاكَ بِأَسيَافِهِم
630- قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] لَمّا قِيلَ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فِي الحَكَمَينِ شَكَكتَ قَالَ ع أَنَا أَولَي بِأَن لَا أَشُكّ فِي ديِنيِ أَمِ النّبِيّص أَ وَ[ مَا] قَالَ اللّهُ تَعَالَي لِرَسُولِهِقُل فَأتُوا بِكِتابٍ مِن عِندِ اللّهِ هُوَ أَهدي مِنهُما أَتّبِعهُ إِن كُنتُم صادِقِينَ
631-شي،[تفسير العياشي] عَن يَزِيدَ بنِ رُومَانَ قَالَدَخَلَ نَافِعُ بنُ الأَزرَقِ المَسجِدَ الحَرَامَ وَ الحُسَينُ بنُ عَلِيّ مَعَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ فِي الحِجرِ فَجَلَسَ إِلَيهِمَا ثُمّ قَالَ يَا ابنَ عَبّاسٍ صِف لِي إِلَهَكَ ألّذِي تَعبُدُهُ فَأَطرَقَ ابنُ عَبّاسٍ طَوِيلًا مُستَبطِئاً
صفحه : 424
بِقَولِهِ فَقَالَ لَهُ الحُسَينُ إلِيَّ يَا ابنَ الأَزرَقِ المُتَوَرّطَ فِي الضّلَالَةِ المُرتَكِسَ فِي الجَهَالَةِ أُجِيبُكَ عَمّا سَأَلتَ عَنهُ فَقَالَ مَا إِيّاكَ سَأَلتُ فتَجُيِبنَيِ فَقَالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ مَه سَلِ ابنَ رَسُولِ اللّهِ فَإِنّهُ مِن أَهلِ بَيتِ النّبُوّةِ وَ مَعَهُ مِنَ الحِكمَةِ فَقَالَ لَهُ صِف لِي فَقَالَ أَصِفُهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ وَ أُعَرّفُهُ بِمَا عَرّفَ بِهِ نَفسَهُ لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ وَ لَا يُقَاسُ بِالنّاسِ قَرِيبٌ غَيرُ مُلزَقٍ وَ بَعِيدٌ غَيرُ مُتَقَصّ يُوَحّدُ وَ لَا يُبَعّضُ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ الكَبِيرُ المُتَعَالِ قَالَ فَبَكَي ابنُ الأَزرَقِ بُكَاءً شَدِيداً فَقَالَ لَهُ الحُسَينُ ع مَا يُبكِيكَ قَالَ بَكَيتُ مِن حُسنِ وَصفِكَ قَالَ يَا ابنَ الأَزرَقِ إنِيّ أُخبِرتُ أَنّكَ تُكَفّرُ أَبِي وَ أخَيِ وَ تكُفَرّنُيِ قَالَ لَهُ نَافِعٌ لَئِن قُلتُ ذَاكَ لَقَد كُنتُمُ الحُكّامَ وَ مَعَالِمَ الإِسلَامِ فَلَمّا بُدّلتُمُ استَبدَلنَا بِكُم فَقَالَ لَهُ الحُسَينُ يَا ابنَ الأَزرَقِ أَسأَلُكَ عَن مَسأَلَةٍ فأَجَبِنيِ عَن قَولِ اللّهِ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَوَ أَمّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَينِ يَتِيمَينِ فِي المَدِينَةِ وَ كانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُما إِلَي قَولِهِكَنزَهُما مَن حُفِظَ فِيهِمَا قَالَ أَبُوهُمَا قَالَ فَأَيّهُمَا أَفضَلُ أَبُوهُمَا أَم رَسُولُ اللّهِص وَ فَاطِمَةُ قَالَ لَا بَل رَسُولُ اللّهِ وَ فَاطِمَةُ بِنتُ رَسُولِ اللّهِص قَالَ فَمَا حُفِظنَا حَتّي حَالَ بَينَنَا وَ بَينَ الكُفرِ فَنَهَضَ ابنُ الأَزرَقِ ثُمّ نَفَضَ ثَوبَهُ ثُمّ قَالَ قَد نَبّأَنَا اللّهُ عَنكُم مَعشَرَ قُرَيشٍ أَنتُمقَومٌ خَصِمُونَ
632- شي،[تفسير العياشي] عَن إِمَامِ بنِ ربِعيِّ قَالَ قَامَ ابنُ الكَوّاءِ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ أخَبرِنيِ عَن قَولِ اللّهِقُل هَل نُنَبّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمالًا الّذِينَ ضَلّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدّنيا وَ هُم يَحسَبُونَ أَنّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً قَالَ أُولَئِكَ أَهلُ الكِتَابِ كَفَرُوا بِرَبّهِم وَ ابتَدَعُوا فِي دِينِهِم فَحَبِطَت أَعمَالُهُم وَ مَا أَهلُ النّهرِ مِنهُم بِبَعِيدٍ
و عن أبي الطفيل قال منهم أهل النهر و في رواية أخري عن أبي الطفيل
صفحه : 425
أولئك أهل حروراء و عن عكرمة
633-فس ،[تفسير القمي] أَبِي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ الثمّاَليِّ عَن أَبِي الرّبِيعِ قَالَحَجَجتُ مَعَ أَبِي جَعفَرٍ ع فِي السّنَةِ التّيِ حَجّ فِيهَا هِشَامُ بنُ عَبدِ المَلِكِ وَ كَانَ مَعَهُ نَافِعُ بنُ الأَزرَقِ مَولَي عُمَرَ بنِ الخَطّابِ فَنَظَرَ نَافِعٌ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ ع فِي رُكنِ البَيتِ وَ قَدِ اجتَمَعَ عَلَيهِ النّاسُ فَقَالَ لِهِشَامٍ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَن هَذَا ألّذِي تَكَافَأَ عَلَيهِ النّاسُ قَالَ هَذَا نبَيِّ أَهلِ الكُوفَةِ هَذَا مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِم أَفضَلُ الصّلَوَاتِ وَ أَكمَلُ التّحِيّاتِ فَقَالَ نَافِعٌ لَآتِيَنّهُ وَ لَأَسأَلَنّهُ عَن مَسَائِلَ لَا يجُيِبنُيِ فِيهَا إِلّا نبَيِّ أَو وصَيِّ نبَيِّ قَالَ فَاذهَب إِلَيهِ فَاسأَلهُ لَعَلّكَ تُخجِلُهُ فَجَاءَ نَافِعٌ حَتّي اتّكَأَ عَلَي النّاسِ فَأَشرَفَ عَلَي أَبِي جَعفَرٍ ع فَقَالَ يَا مُحَمّدَ بنَ عَلِيّ إنِيّ قَرَأتُ التّورَاةَ وَ الإِنجِيلَ وَ الزّبُورَ وَ الفُرقَانَ وَ قَد عَرَفتُ حَلَالَهَا وَ حَرَامَهَا وَ قَد جِئتُ أَسأَلُكَ عَن مَسَائِلَ لَا يُجِيبُ فِيهَا إِلّا نبَيِّ أَو وصَيِّ نبَيِّ أَوِ ابنُ نبَيِّ فَرَفَعَ أَبُو جَعفَرٍ رَأسَهُ فَقَالَ سَل عَمّا بَدَا لَكَ قَالَ أخَبرِنيِ كَم كَانَ بَينَ عِيسَي وَ مُحَمّدٍ مِن سَنَةٍ فَقَالَ أُخبِرُكَ بِقَولِكَ أَو بقِوَليِ قَالَ أخَبرِنيِ بِالقَولَينِ جَمِيعاً قَالَ أَمّا فِي قوَليِ فَخَمسُمِائَةِ سَنَةٍ وَ أَمّا قَولُكَ فَسِتّمِائَةِ سَنَةٍ فَقَالَ أخَبرِنيِ عَن قَولِ اللّهِوَ سئَل مَن أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رُسُلِنا أَ جَعَلنا مِن دُونِ الرّحمنِ آلِهَةً يُعبَدُونَ مَن ذَا ألّذِي سَأَلَهُ مُحَمّدٌ وَ كَانَ بَينَهُ وَ بَينَ عِيسَي خَمسُمِائَةٍ قَالَ فَتَلَا أَبُو جَعفَرٍ ع هَذِهِ الآيَةَسُبحانَ ألّذِي أَسري بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَي المَسجِدِ الأَقصَي ألّذِي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا كَانَ مِنَ الآيَاتِ التّيِ أَرَاهَا اللّهُ مُحَمّداًص حَيثُ أَسرَي بِهِ إِلَي بَيتِ المَقدِسِ أَنّهُ حَشَرَ اللّهُ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ مِنَ النّبِيّينَ وَ المُرسَلِينَ ثُمّ
صفحه : 426
أَمَرَ جَبرَائِيلَ ع فَأَذّنَ شَفعاً وَ أَقَامَ شَفعاً وَ قَالَ فِي إِقَامَتِهِ حيَّ عَلَي خَيرِ العَمَلِ ثُمّ تَقَدّمَ مُحَمّدٌص فَصَلّي بِالقَومِ فَلَمّا انصَرَفَ قَالَ اللّهُ لَهُ سَل يَا مُحَمّدُمَن أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رُسُلِنا أَ جَعَلنا مِن دُونِ الرّحمنِ آلِهَةً يُعبَدُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لِلرّسُلِ عَلَامَ تَشهَدُونَ وَ مَا كُنتُم تَعبُدُونَ قَالُوا نَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ أُخِذَت عَلَي ذَلِكَ عُهُودُنَا وَ مَوَاثِقُينَا فَقَالَ نَافِعٌ صَدَقتَ يَا أَبَا جَعفَرٍ فأَخَبرِنيِ عَن قَولِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَييَومَ تُبَدّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَ السّماواتُ أَيّ أَرضٍ تُبَدّلُ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع تُبَدّلُ أَرضُنَا بِخُبزَةٍ بَيضَاءَ يَأكُلُونَ مِنهَا حَتّي يَفرُغَ اللّهُ مِن حِسَابِ الخَلَائِقِ فَقَالَ نَافِعٌ إِنّهُم عَنِ الأَكلِ لَمَشغُولُونَ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ أَ هُم حِينَئِذٍ أَشغَلُ أَم وَ هُم فِي النّارِ فَقَالَ نَافِعٌ بَل وَ هُم فِي النّارِ قَالَ فَقَد قَالَ اللّهُوَ نادي أَصحابُ النّارِ أَصحابَ الجَنّةِ أَن أَفِيضُوا عَلَينا مِنَ الماءِ أَو مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ مَا شَغَلَهُم أَلِيمُ عَذَابِ النّارِ عَن أَن دُعُوا بِالطّعَامِ فَأُطعِمُوا الزّقّومَ وَ دُعُوا بِالشّرَابِ فَسُقُوا الحَمِيمَ فَقَالَ صَدَقتَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ وَ بَقِيَت مَسأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ وَ مَا هيَِ قَالَ أخَبرِنيِ عَنِ اللّهِ مَتَي كَانَ قَالَ وَيلَكَ أخَبرِنيِ مَتَي لَم يَكُن حَتّي أُخبِرَكَ مَتَي كَانَ سُبحَانَ مَن لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ فَرداً صَمَداً لَم يَتّخِذصاحِبَةً وَ لا وَلَداً ثُمّ قَالَ يَا نَافِعُ أخَبرِنيِ عَمّا أَسأَلُكَ عَنهُ فَقَالَ هَاتِ يَا أَبَا جَعفَرٍ قَالَ مَا تَقُولُ فِي أَصحَابِ النّهرَوَانِ فَإِن قُلتَ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَتَلَهُم بِحَقّ فَقَدِ ارتَدَدتَ أَي رَجَعتَ إِلَي الحَقّ وَ إِن قُلتَ إِنّهُ قَتَلَهُم بَاطِلًا فَقَد كَفَرتَ قَالَ فَوَلّي عَنهُ وَ هُوَ يَقُولُ أَنتَ وَ اللّهِ أَعلَمُ النّاسِ حَقّاً حَقّاً ثُمّ أَتَي هِشَامَ بنَ عَبدِ المَلِكِ فَقَالَ لَهُ مَا صَنَعتَ قَالَ دعَنيِ مِن كَلَامِكَ هُوَ وَ اللّهِ أَعلَمُ النّاسِ حَقّاً حَقّاً وَ هُوَ ابنُ رَسُولِ اللّهِ حَقّاً حَقّاً وَ يَحِقّ لِأَصحَابِهِ أَن يَتّخِذُوهُ نَبِيّاً
صفحه : 427
634- ج ،[الإحتجاج ] عَنِ الثمّاَليِّ عَن أَبِي الرّبِيعِ مِثلَهُ
بيان قال الفيروزآبادي كافأه دافعه قوله ص فقد كفرت أي لإنكار الخبر المتواتر عن النبي ص أنه أمر أمير المؤمنين ع بقتال الفرق الثلاث و أنه سماهم مارقين
635-ضه ،[روضة الواعظين ]شا،[الإرشاد]ج ،[الإحتجاج ]روُيَِ أَنّ نَافِعَ بنَ الأَزرَقِ جَاءَ إِلَي مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع فَجَلَسَ بَينَ يَدَيهِ يَسأَلُهُ عَن مَسَائِلِ الحَلَالِ وَ الحَرَامِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعفَرٍ ع فِي عَرضِ كَلَامِهِ قُل لِهَذِهِ المَارِقَةِ بِمَا استَحلَلتُم فِرَاقَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ قَد سَفَكتُم دِمَاءَكُم بَينَ يَدَيهِ فِي طَاعَتِهِ وَ القُربَةِ إِلَي اللّهِ تَعَالَي بِنُصرَتِهِ فَسَيَقُولُونَ لَكَ إِنّهُ حَكّمَ فِي دِينِ اللّهِ فَقُل لَهُم قَد حَكّمَ اللّهُ تَعَالَي فِي شَرِيعَةِ نَبِيّهِ رَجُلَينِ مِن خَلقِهِ فَقَالَ جَلّ اسمُهُفَابعَثُوا حَكَماً مِن أَهلِهِ وَ حَكَماً مِن أَهلِها إِن يُرِيدا إِصلاحاً يُوَفّقِ اللّهُ بَينَهُما وَ حَكّمَ رَسُولُ اللّهِص سَعدَ بنَ مُعَاذٍ فِي بنَيِ قُرَيظَةَ فَحَكَمَ فِيهَا بِمَا أَمضَاهُ اللّهُ تَعَالَي أَ وَ مَا عَلِمتُم أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِنّمَا أَمَرَ الحَكَمَينِ أَن يَحكُمَا بِالقُرآنِ وَ لَا يَتَعَدّيَاهُ وَ اشتَرَطَ رَدّ مَا خَالَفَ القُرآنَ مِن أَحكَامِ الرّجَالِ وَ قَالَ حِينَ قَالُوا لَهُ حَكّمتَ عَلَي نَفسِكَ مَن حَكَمَ عَلَيكَ فَقَالَ مَا حَكّمتُ مَخلُوقاً وَ إِنّمَا حَكّمتُ كِتَابَ اللّهِ فَأَينَ تَجِدُ المَارِقَةُ تَضلِيلَ مَن أَمَرَ بِالحُكمِ بِالقُرآنِ وَ اشتَرَطَ
صفحه : 428
رَدّ مَا خَالَفَهُ لَو لَا ارتِكَابُهُم فِي بِدعَتِهِمُ البُهتَانَ فَقَالَ نَافِعُ بنُ الأَزرَقِ هَذَا وَ اللّهِ كَلَامٌ لَم يَمُرّ بمِسَمعَيِ قَطّ وَ لَا خَطَرَ منِيّ بِبَالٍ وَ هُوَ الحَقّ إِن شَاءَ اللّهُ
صفحه : 429
636- ع ،[علل الشرائع ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ عَنِ السكّوُنيِّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَ ذُكِرَتِ الحَرُورِيّةُ عِندَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ إِن خَرَجُوا مِن جَمَاعَةٍ أَو عَلَي إِمَامٍ عَادِلٍ فَقَاتِلُوهُم وَ إِن خَرَجُوا عَلَي إِمَامٍ جَائِرٍ فَلَا تُقَاتِلُوهُم فَإِنّ لَهُم فِي ذَلِكَ مَقَالًا
637-فس ،[تفسير القمي] كَانَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع يصُلَيّ وَ ابنُ الكَوّاءِ خَلفَهُ وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع يَقرَأُ فَقَالَ ابنُ الكَوّاءِوَ لَقَد أوُحيَِ إِلَيكَ وَ إِلَي
صفحه : 430
الّذِينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنّ مِنَ الخاسِرِينَفَسَكَتَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع حَتّي سَكَتَ ابنُ الكَوّاءِ ثُمّ عَادَ فِي قِرَاءَتِهِ حَتّي فَعَلَهُ ابنُ الكَوّاءِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ فَلَمّا كَانَ فِي الثّالِثَةِ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَفَاصبِر إِنّ وَعدَ اللّهِ حَقّ وَ لا يَستَخِفّنّكَ الّذِينَ لا يُوقِنُونَ
638- يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيَِ أَنّ ابنَ الكَوّاءِ قَالَ لعِلَيِّ ع أَينَ كُنتَ حَيثُ ذَكَرَ اللّهُ أَبَا بَكرٍ فَقَالَثانيَِ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ فَقَالَ ع وَيلَكَ يَا ابنَ الكَوّاءِ كُنتُ عَلَي فِرَاشِ رَسُولِ اللّهِص وَ قَد طَرَحَ عَلَيّ رَيطَتَهُ فَأَقبَلَ عَلَيّ قُرَيشٌ مَعَ كُلّ رَجُلٍ مِنهُم هِرَاوَةٌ فِيهَا شَوكُهَا فَلَم يُبصِرُوا رَسُولَ اللّهِص فَأَقبَلُوا عَلَيّ يضَربِوُنيّ حَتّي تَنَفّطَ جسَدَيِ وَ أوَثقَوُنيِ بِالحَدِيدِ وَ جعَلَوُنيِ فِي بَيتٍ وَ استَوثَقُوا البَابَ بِقُفلٍ وَ جَاءُوا بِعَجُوزٍ تَحرُسُ البَابَ فَسَمِعتُ صَوتاً يَقُولُ يَا عَلِيّ فَسَكَنَ الوَجَعُ فَلَن أَجِدَهُ وَ سَمِعتُ صَوتاً آخَرَ يَقُولُ يَا عَلِيّ فَإِذَا الحَدِيدُ ألّذِي عَلَيّ قَد تَقَطّعَ ثُمّ سَمِعتُ صَوتاً يَا عَلِيّ فَإِذَا البَابُ فُتِحَ وَ خَرَجتُ وَ العَجُوزُ لَا تَعقِلُ
بيان قال في القاموس الريطة كل ملاءة غيرذات لفقين كلها نسج واحد وقطعة واحدة أو كل ثوب لين رقيق والهراوة بالكسر العصا والنفطة الجدري والبثرة
639-يب ،[تهذيب الأحكام ] الحُسَينُ بنُ سَعِيدٍ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن مُعَاوِيَةَ بنِ وَهبٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ عَلِيّاً ع كَانَ فِي صَلَاةِ الصّبحِ فَقَرَأَ ابنُ الكَوّاءِ وَ هُوَ خَلفَهُوَ لَقَد أوُحيَِ إِلَيكَ وَ إِلَي الّذِينَ مِن قَبلِكَ لَئِن
صفحه : 431
أَشرَكتَ لَيَحبَطَنّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنّ مِنَ الخاسِرِينَفَأَنصَتَ عَلِيّ ع تَعظِيماً لِلقُرآنِ حَتّي فَرَغَ مِنَ الآيَةِ ثُمّ عَادَ فِي قِرَاءَتِهِ ثُمّ أَعَادَ ابنُ الكَوّاءِ الآيَةَ فَأَنصَتَ عَلِيّ أَيضاً ثُمّ قَرَأَ فَأَعَادَ ابنُ الكَوّاءِ فَأَنصَتَ عَلِيّ ثُمّ قَالَفَاصبِر إِنّ وَعدَ اللّهِ حَقّ وَ لا يَستَخِفّنّكَ الّذِينَ لا يُوقِنُونَ ثُمّ أَتَمّ السّورَةَ ثُمّ رَكَعَ
640- نهج ،[نهج البلاغة] مِن كَلَامٍ لَهُ ع قَالَ لِلأَشعَثِ بنِ قَيسٍ وَ هُوَ عَلَي مِنبَرِ الكُوفَةِ يَخطُبُ فَمَضَي فِي بَعضِ كَلَامِهِ شَيءٌ اعتَرَضَهُ الأَشعَثُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ هَذِهِ عَلَيكَ لَا لَكَ فَخَفَضَ إِلَيهِ بَصَرَهُ ثُمّ قَالَ ع لَهُ وَ مَا يُدرِيكَ مَا عَلَيّ مِمّا لِي عَلَيكَ لَعنَةُ اللّهِ وَ لَعنَةُ اللّاعِنِينَ حَائِكُ ابنُ حَائِكٍ مُنَافِقُ ابنُ كَافِرٍ وَ اللّهِ لَقَد أَسَرَكَ الكُفرُ مَرّةً وَ الإِسلَامُ أُخرَي فَمَا فَدَاكَ مِن وَاحِدَةٍ مِنهُمَا مَالُكَ وَ لَا حَسَبُكَ وَ إِنّ امرَأً دَلّ عَلَي قَومِهِ السّيفَ وَ سَاقَ إِلَيهِمُ الحَتفَ لحَرَيِّ أَن يَمقُتَهُ الأَقرَبُ وَ لَا يَأمَنَهُ الأَبعَدُ
قَالَ السّيّدُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ يُرِيدُ ع أَنّهُ أُسِرَ فِي الكُفرِ مَرّةً وَ فِي الإِسلَامِ مَرّةً. وَ أَمّا قَولُهُ دَلّ عَلَي قَومِهِ السّيفَ فَأَرَادَ بِهِ حَدِيثاً كَانَ لِلأَشعَثِ مَعَ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ بِاليَمَامَةِ غَرّ فِيهِ قَومَهُ وَ مَكَرَ بِهِم حَتّي أَوقَعَ بِهِم خَالِدٌ وَ كَانَ قَومُهُ يُسَمّونَهُ بَعدَ ذَلِكَ عُرفَ النّارِ وَ هُوَ اسمٌ لِلغَادِرِ عِندَهُم
.بَيَانٌ قَالَ الشّرّاحُ الكَلَامُ ألّذِي اعتَرَضَهُ الأَشعَثُ أَنّهُ ع كَانَ يَذكُرُ فِي خُطبَتِهِ أَمرَ الحَكَمَينِ فَقَامَ رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ وَ قَالَ لَهُ نَهَيتَنَا عَنِ الحُكُومَةِ ثُمّ أَمَرتَنَا بِهِ فَمَا ندَريِ أَيّ الأَمرَينِ أَرشَدُ فَصَفّقَ ع إِحدَي يَدَيهِ عَلَي الأُخرَي وَ قَالَ هَذَا جَزَاءُ مَن تَرَكَ العُقدَةَ وَ كَانَ مُرَادُهُ ع هَذَا جَزَاؤُكُم إِذ تَرَكتُمُ الرأّيَ وَ الحَزمَ فَظَنّ الأَشعَثُ أَنّهُ ع أَرَادَ هَذَا جزَاَئيِ حَيثُ تَرَكتُ الحَزمَ وَ الرأّيَ. وَ قِيلَ كَانَ مُرَادُهُ ع هَذَا جزَاَئيِ حَيثُ وَافَقتُكُم عَلَي مَا ألَزمَتمُوُنيِ
صفحه : 432
مِنَ التّحكِيمِ وَ كَانَ مُوَافَقَتُهُ ع لَهُم خَوفاً مِنهُم عَلَي أَن يَقتُلُوهُ فَجَهِلَ الأَشعَثُ أَو تَجَاهَلَ أَنّ المَصلَحَةَ قَد تُترَكُ لِأَمرٍ أَعظَمَ مِنهَا فَاعتَرَضَهُ. قَولُهُ ع حَائِكُ ابنُ حَائِكٍ قِيلَ كَانَ الأَشعَثُ وَ أَبُوهُ يَنسِجَانِ بُرُودَ اليَمَنِ. وَ قِيلَ إِنّهُ كَانَ مِن أَكَابِرِ كِندَةَ وَ أَبنَاءِ مُلُوكِهَا وَ إِنّمَا عَبّرَ عَنهُ ع بِذَلِكَ لِأَنّهُ كَانَ إِذَا مَشَي يُحَرّكُ مَنكِبَيهِ وَ يُفَحّجُ بَينَ رِجلَيهِ وَ هَذِهِ المَشِيّةُ تُعرَفُ بِالحِيَاكَةِ وَ عَلَي هَذَا فَلَعَلّ الأَقرَبَ أَنّهُ كِنَايَةٌ عَن نُقصَانِ عَقلِهِ. وَ ذَكَرَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ أَنّ أَهلَ اليَمَنِ يُعَيّرُونَ بِالحِيَاكَةِ وَ لَيسَ هَذَا مِمّا يَخُصّ الأَشعَثَ. وَ أَمّا التّعيِيرُ بِالحِيَاكَةِ فَقِيلَ إِنّهُ لِنُقصَانِ عُقُولِهِم وَ قِيلَ لِأَنّهُ مَظَنّةُ الخِيَانَةِ وَ الكَذِبِ. وَ يُمكِنُ أَن يَكُونَ المُرَادُ بِالحِيَاكَةِ نَسجُ الكَلَامِ فَيَكُونُ كِنَايَةً عَن كَونِهِ كَذّاباً. كَمَا روُيَِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ ذُكِرَ عِندَهُ ع أَنّ الحَائِكَ مَلعُونٌ فَقَالَ إِنّمَا ذَاكَ ألّذِي يَحُوكُ الكَذِبَ عَلَي اللّهِ وَ عَلَي رَسُولِهِ. قَولُهُ ع أَسَرَكَ إِلَي قَولِهِ فَمَا فَدَاكَ أَي مَا نَجّاكَ مِنَ الوُقُوعِ فِيهَا مَالُكَ وَ لَا حَسَبُكَ. وَ لَم يُرِدِ الفِدَاءَ الحقَيِقيِّ فَإِنّ مُرَاداً[منظور قبيله بني مراد است ] لَمّا قَتَلَت أَبَاهُ خَرَجَ الأَشعَثُ طَالِباً بِدَمِهِ فَأُسِرَ فَفَدَي نَفسَهُ بِثَلَاثَةِ آلَافِ بَعِيرٍ وَ هَذَا هُوَ المُرَادُ بِأَسرِهِ فِي الكُفرِ. وَ أَمّا أَسرُهُ فِي الإِسلَامِ فَإِنّهُ لَمّا قُبِضَ رَسُولُ اللّهِص ارتَدّ بِحَضرَمَوتَ وَ مَنَعَ أَهلُهَا تَسلِيمَ الصّدَقَةِ فَبَعَثَ أَبُو بَكرٍ إِلَيهِ زِيَادَ بنَ لَبِيدٍ ثُمّ أَردَفَهُ بِعِكرِمَةَ بنِ أَبِي جَهلٍ فِي جَمّ غَفِيرٍ مِنَ المُسلِمِينَ فَقَاتَلَهُمُ الأَشعَثُ بِقَبَائِلِ
صفحه : 433
كِندَةَ قِتَالًا شَدِيداً فَالتَجَأَ بِقَومِهِ إِلَي حِصنِهِم وَ بَلَغَ بِهِم جُهدُ العَطَشِ فَبَعَثَ إِلَي زِيَادٍ يَطلُبُ مِنهُ الأَمَانَ لِأَهلِهِ وَ لِبَعضِ قَومِهِ وَ لَم يَطلُبهُ لِنَفسِهِ فَلَمّا نَزَلَ أَسَرَهُ زِيَادٌ وَ بَعَثَ بِهِ مُقَيّداً إِلَي أَبِي بَكرٍ فَأَطلَقَهُ أَبُو بَكرٍ وَ زَوّجَهُ أُختَهُ أُمّ فَروَةَ. قَولُهُ ع دَلّ عَلَي قَومِهِ قَالَ ابنُ مِيثَمٍ إِشَارَةٌ إِلَي غَدرِهِ بِقَومِهِ فَإِنّ الأَشعَثَ لَمّا طَلَبَ الأَمَانَ مِن زِيَادٍ طَلَبَهُ لِنَفَرٍ يَسِيرٍ مِن وُجُوهِ قَومِهِ فَظَنّ البَاقُونَ أَنّهُ طَلَبَهُ لِجَمِيعِهِم فَنَزَلُوا عَلَي ذَلِكَ الظّنّ فَلَمّا دَخَلَ زِيَادٌ الحِصنَ ذَكّرُوهُ الأَمَانَ فَقَالَ إِنّ الأَشعَثَ لَم يَطلُبِ الأَمَانَ إِلّا لِعَشَرَةٍ مِن قَومِهِ فَقَتَلَ مِنهُم مَن قَتَلَ حَتّي وَافَاهُ كِتَابُ أَبِي بَكرٍ بِالكَفّ عَنهُم وَ حَملِهِم إِلَيهِ فَحَمَلَهُم. وَ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِيمَا ذَكَرَهُ السّيّدُ لَم نَعرِف فِي التّوَارِيخِ هَذَا وَ لَا شِبهَهُ وَ أَينَ كِندَةُ وَ اليَمَامَةُ كِندَةُ بِاليَمَنِ وَ اليَمَامَةُ لبِنَيِ حَنِيفَةَ وَ لَا أَعلَمُ مِن أَينَ نَقَلَهُ السّيّدُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ
641- نهج ،[نهج البلاغة] وَ قَالَ ع لَمّا قَتَلَ الخَوَارِجَ فَقِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ هَلَكَ القَومُ بِأَجمَعِهِم فَقَالَ ع كَلّا وَ اللّهِ إِنّهُم نُطَفٌ فِي أَصلَابِ الرّجَالِ وَ قَرَارَاتِ النّسَاءِ وَ كُلّمَا نَجَمَ مِنهُم قَرنٌ قُطِعَ حَتّي يَكُونَ آخِرُهُم لُصُوصاً سَلّابِينَ
توضيح القرار والقرارة بالفتح ماقر فيه شيء وسكن والمراد هنا الأرحام ونجم كنصر ظهر وطلع والقرن كناية عن الرئيس و هو في الإنسان موضع قرن الحيوان من رأسه وقطع القرن استيصال رؤسائهم وقتلهم واللصوص بالضم جمع لص مثلثة والسلب الاختلاس .روي أن جماعة من الخوارج لم يحضروا القتال و لم يظفر بهم أمير المؤمنين ع و أماالمفلتون من القتل فانهزم اثنان منهم إلي عمان واثنان إلي كرمان واثنان إلي سجستان واثنان إلي الجزيرة وواحد إلي تل موزن فظهرت بدعهم في البلاد وصاروا نحوا من عشرين فرقة.
صفحه : 434
وكبارها ست الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق وهم أكبر الفرق غلبوا علي الأهواز وبعض بلاد فارس وكرمان في أيام عبد الله بن الزبير. والنجدات رئيسهم نجدة بن عامر الحنفي. والبيهسية أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر و كان بالحجاز وقتل في زمن الوليد. والعجاردة أصحاب عبدالكريم بن عجرد. والإباضية أصحاب عبد الله بن إباض قتل في أيام مروان بن محمد. والثعالبة أصحاب ثعلبة بن عامر. وتفصيل خرافاتهم مذكور في كتب المقالات
642- نهج ،[نهج البلاغة] وَ قَالَ ع فِي الخَوَارِجِ لَا تَقتُلُوا الخَوَارِجَ بعَديِ فَلَيسَ مَن طَلَبَ الحَقّ فَأَخطَأَهُ كَمَن طَلَبَ البَاطِلَ فَأَدرَكَهُ يعَنيِ مُعَاوِيَةَ وَ أَصحَابَهُ
بيان لعل المراد لاتقتلوا الخوارج بعدي مادام ملك معاوية وأضرابه كمايظهر من التعليل و قد كان يسبه ع ويبرأ منه في الجمع والأعياد و لم يكن إنكاره للحق عن شبهة كالخوارج و لم يظهر منهم من الفسوق ماظهر منه و لم يكن مجتهدا في العبادة وحفظ قوانين الشرع مثلهم فكان أولي بالجهاد
643-نهج ،[نهج البلاغة]روُيَِ أَنّهُ ع كَانَ جَالِساً فِي أَصحَابِهِ إِذ مَرّت بِهِ امرَأَةٌ جَمِيلَةٌ فَرَمَقَهَا القَومُ بِأَبصَارِهِم فَقَالَ ع إِنّ أَبصَارَ هَذِهِ الفُحُولِ طَوَامِحُ وَ إِنّ ذَلِكَ سَبَبُ هَبَابِهَا فَإِذَا نَظَرَ أَحَدُكُم
صفحه : 435
إِلَي امرَأَةٍ تُعجِبُهُ فَليَلمَس أَهلَهُ فَإِنّمَا هيَِ امرَأَةٌ كَامرَأَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الخَوَارِجِ قَاتَلَهُ اللّهُ كَافِراً مَا أَفقَهَهُ فَوَثَبَ القَومُ لِيَقتُلُوهُ فَقَالَ ع رُوَيداً إِنّمَا هُوَ سَبّ بِسَبّ أَو عَفوٌ عَن ذَنبٍ
بيان فلمح بصره امتد وعلا ذكره في النهاية و قال هب التيس أي هاج للسفاد يقال هب يهب هبيبا وهبابا
644- كِتَابُ الغَارَاتِ،لِإِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ قَالَ قَدِمَ عَلَي عَلِيّ ع وَفدٌ مِن أَهلِ البَصرَةِ فِيهِم رَجُلٌ مِن رُؤَسَاءِ الخَوَارِجِ يُقَالُ لَهُ الجَعدُ بنُ نَعجَةَ وَ قَالَ لَهُ فِي لِبَاسِهِ فَقَالَ هَذَا أَبعَدُ لِي مِنَ الكِبرِ وَ أَجدَرُ أَن يقَتدَيَِ بيَِ المُسلِمُ فَقَالَ لَهُ اتّقِ اللّهَ فَإِنّكَ مَيّتٌ قَالَ مَيّتٌ بَل وَ اللّهِ قَتلًا ضَربَةً عَلَي هَذِهِ تَخضِبُ هَذِهِ قَضَاءً مَقضِيّاً وَ عَهداً مَعهُوداًوَ قَد خابَ مَنِ افتَري
صفحه : 437
645- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَن عَلِيّ بنِ بِلَالٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ عَلِيّ الخزُاَعيِّ عَن أَبِيهِ عَن عِيسَي بنِ حُمَيدٍ الطاّئيِّ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَبِيهِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ ع يَقُولُ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع لَمّا رَجَعَ مِن وَقعَةِ الخَوَارِجِ اجتَازَ بِالزّورَاءِ فَقَالَ لِلنّاسِ إِنّهَا الزّورَاءُ فَسِيرُوا وَ جَنّبُوا عَنهَا فَإِنّ الخَسفَ أَسرَعُ إِلَيهَا مِنَ الوَتَدِ فِي النّخَالَةِ فَلَمّا أَتَي مَوضِعاً مِن أَرضِهَا قَالَ مَا هَذِهِ الأَرضُ قِيلَ أَرضُ نجرا فَقَالَ أَرضُ سِبَاخٍ جَنّبُوا وَ يَمّنُوا فَلَمّا أَتَي يَمنَةَ السّوَادِ إِذَا هُوَ بِرَاهِبٍ فِي صَومَعَةٍ فَقَالَ لَهُ يَا رَاهِبُ أَنزِلُ هَاهُنَا فَقَالَ لَهُ الرّاهِبُ لَا تَنزِل هَذِهِ
صفحه : 438
الأَرضَ بِجَيشِكَ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنّهُ لَا يَنزِلُهَا إِلّا نبَيِّ أَو وصَيِّ نبَيِّ بِجَيشِهِ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ هَكَذَا نَجِدُ فِي كُتُبِنَا فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَأَنَا وصَيِّ سَيّدِ الأَنبِيَاءِ وَ سَيّدُ الأَوصِيَاءِ فَقَالَ لَهُ الرّاهِبُ فَأَنتَ إِذَن أَصلَعُ قُرَيشٍ وَ وصَيِّ مُحَمّدٍص فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَنَا ذَلِكَ فَنَزَلَ الرّاهِبُ إِلَيهِ فَقَالَ خُذ عَلَي شَرَائِعِ الإِسلَامِ إنِيّ وَجَدتُ فِي الإِنجِيلِ نَعتَكَ وَ أَنّكَ تَنزِلُ أَرضَ بَرَاثَا بَيتَ مَريَمَ وَ أَرضَ عِيسَي ع فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع قِف وَ لَا تُخبِرنَا بشِيَءٍ ثُمّ أَتَي مَوضِعاً فَقَالَ الكَزُوا هَذَا فَلَكَزَهُ بِرِجلِهِ ع فَانبَجَسَت عَينٌ خَرّارَةٌ فَقَالَ هَذِهِ عَينُ مَريَمَ التّيِ انبَعَثَ لَهَا ثُمّ قَالَ اكشِفُوا هَاهُنَا عَلَي سَبعَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً فَكُشِفَ فَإِذَا بِصَخرَةٍ بَيضَاءَ فَقَالَ ع عَلَي هَذِهِ وَضَعَت مَريَمُ عِيسَي مِن عَاتِقِهَا وَ صَلّت هَاهُنَا فَنَصَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع الصّخرَةَ وَ صَلّي إِلَيهَا وَ أَقَامَ هُنَاكَ أَربَعَةَ أَيّامٍ يُتِمّ الصّلَاةَ وَ جَعَلَ الحَرَمَ فِي خَيمَةٍ مِنَ المَوضِعِ عَلَي دَعوَةٍ ثُمّ قَالَ أَرضُ بَرَاثَا هَذَا بَيتُ مَريَمَ ع هَذَا المَوضِعُ المُقَدّسُ صَلّي فِيهِ الأَنبِيَاءُ
قَالَ أَبُو جَعفَرٍ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ ع وَ لَقَد وَجَدنَا أَنّهُ صَلّي فِيهِ اِبرَاهِيمُ قَبلَ عِيسَي ع
توضيح قال الفيروزآبادي في القاموس الزوراء دجلة وبغداد لأن أبوابها الداخلة جعلت مزورة عن الخارجة والبعيدة من الأراضي و قال الصلع محركة انحسار شعر مقدم الرأس و قال براثا قرية من نهر الملك أومحلة عتيقة بالجانب الغربي وجامع براثا معروف واللكز الدفع بالكف استعمل هنا مجازا في الضرب بالرجل . و قال في النهاية فيه و إذابعين خرارة أي كثيرة الجريان . قوله علي دعوة أي مقدار مايسمع دعاء رجل رجل
646-يب ،[تهذيب الأحكام ]رَوَي جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِّ أَنّهُ قَالَصَلّي بِنَا عَلِيّ ع بِبَرَاثَا بَعدَ رُجُوعِهِ مِن قِتَالِ الشّرَاةِ وَ نَحنُ زُهَاءُ مِائَةِ أَلفِ رَجُلٍ
صفحه : 439
فَنَزَلَ نصَراَنيِّ مِن صَومَعَتِهِ فَقَالَ أَينَ عَمِيدُ هَذَا الجَيشِ فَقُلنَا هَذَا فَأَقبَلَ إِلَيهِ فَسَلّمَ عَلَيهِ ثُمّ قَالَ يَا سيَدّيِ أَنتَ نبَيِّ قَالَ لَا النّبِيّ سيَدّيِ قَد مَاتَ قَالَ فَأَنتَ وصَيِّ نبَيِّ قَالَ نَعَم ثُمّ قَالَ اجلِس كَيفَ سَأَلتَ عَن هَذَا قَالَ إِنّمَا بُنِيَت هَذِهِ الصّومَعَةُ مِن أَجلِ المَوضِعِ وَ هُوَ بَرَاثَا وَ قَرَأتُ فِي الكُتُبِ المُنَزّلَةِ أَنّهُ لَا يصُلَيّ فِي هَذَا المَوضِعِ بِذَا الجَمعِ إِلّا نبَيِّ أَو وصَيِّ نبَيِّ وَ قَد جِئتُ أَن أُسلِمَ فَأَسلَمَ وَ خَرَجَ مَعَنَا إِلَي الكُوفَةِ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع فَمَن صَلّي هَاهُنَا قَالَ صَلّي عِيسَي ابنُ مَريَمَ وَ أُمّهُ فَقَالَ لَهُ ع فَأُفِيدُكَ مَن صَلّي هَاهُنَا قَالَ نَعَم قَالَ الخَلِيلُ ع
بيان قال الجوهري الشراة الخوارج الواحد شَارٍ سموا بذلك لقولهم إنا شرينا أنفسنا في طاعة الله أي بعناها بالجنة حين فارقنا الأئمة الجائرة و قال هم زهاء مائة أي قدر مائة و قال عميد القوم وعمودهم سيدهم
647-كنز،[كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة] مُحَمّدُ بنُ العَبّاسِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ يَحيَي عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي المِقدَامِ عَن جُوَيرِيَةَ بنِ مُسهِرٍ قَالَأَقبَلنَا مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ بَعدَ قَتلِ الخَوَارِجِ حَتّي إِذَا صِرنَا فِي أَرضِ بَابِلَ حَضَرَت صَلَاةُ العَصرِ فَنَزَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ نَزَلَ النّاسُ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ هَذِهِ أَرضٌ مَلعُونَةٌ وَ قَد عُذّبَت مِنَ الدّهرِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ وَ هيَِ إِحدَي المُؤتَفِكَاتِ وَ هيَِ أَوّلُ أَرضٍ عُبِدَ فِيهَا وَثَنٌ وَ إِنّهُ لَا يَحِلّ لنِبَيِّ وَ لَا وصَيِّ نبَيِّ أَن يصُلَيَّ بِهَا فَأَمَرَ النّاسَ فَمَالُوا إِلَي جنَبيَِ الطّرِيقِ يُصَلّونَ وَ رَكِبَ بَغلَةَ رَسُولِ اللّهِص فَمَضَي
صفحه : 440
عَلَيهَا قَالَ جُوَيرِيَةُ فَقُلتُ وَ اللّهِ لَأَتبَعَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ لَأُقَلّدَنّهُ صلَاَتيَِ اليَومَ قَالَ فَمَضَيتُ خَلفَهُ فَوَ اللّهِ مَا جُزنَا جِسرَ سُورَاءَ حَتّي غَابَتِ الشّمسُ قَالَ فَسَبَبتُهُ أَو هَمَمتُ أَن أَسُبّهُ قَالَ فَالتَفَتَ وَ قَالَ جُوَيرِيَةُ قُلتُ نَعَم يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ فَنَزَلَ نَاحِيَةً فَتَوَضّأَ ثُمّ قَامَ فَنَطَقَ بِكَلَامٍ لَا أَحسَبُهُ إِلّا بِالعِبرَانِيّةِ ثُمّ نَادَي بِالصّلَاةِ قَالَ فَنَظَرتُ وَ اللّهِ إِلَي الشّمسِ قَد خَرَجَت مِن جَبَلَينِ لَهَا صَرِيرٌ فَصَلّي العَصرَ وَ صَلّيتُ مَعَهُ فَلَمّا فَرَغنَا مِن صَلَاتِنَا عَادَ اللّيلُ كَمَا كَانَ فَالتَفَتَ إلِيَّ فَقَالَ يَا جُوَيرِيَةُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَقُولُفَسَبّح بِاسمِ رَبّكَ العَظِيمِ وَ إنِيّ سَأَلتُ اللّهَ سُبحَانَهُ بِاسمِهِ العَظِيمِ فَرَدّ عَلَيّ الشّمسَ
أقول سيأتي تلك الأخبار بأسانيد جمة في أبواب معجزاته
صفحه : 441
648- ب ،[قرب الإسناد] أَبُو البخَترَيِّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع عَن مَروَانَ بنِ الحَكَمِ قَالَ لَمّا هَزَمَنَا عَلِيّ بِالبَصرَةِ رَدّ عَلَي النّاسِ أَموَالَهُم مَن أَقَامَ بَيّنَةً أَعطَاهُ وَ مَن لَم يُقِم بَيّنَةً عَلَي ذَلِكَ حَلّفَهُ فَقَالَ لَهُ قَائِلُونَ يَا عَلِيّ اقسِمِ الفيَءَ بَينَنَا وَ السبّيَ قَالَ فَلَمّا كَثُرُوا عَلَيهِ قَالَ أَيّكُم يَأخُذُ أُمّ المُؤمِنِينَ فِي سَهمِهِ فَسَكَتُوا
649- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ الحمِيرَيِّ عَن مَسعَدَةَ بنِ زِيَادٍ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ ع مِثلَهُ
650- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ النهّديِّ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن
صفحه : 442
زُرَارَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ ع يَقُولُ إِنّمَا أَشَارَ عَلِيّ ع بِالكَفّ عَن عَدُوّهِ مِن أَجلِ شِيعَتِنَا لِأَنّهُ كَانَ يَعلَمُ أَنّهُ سَيَظهَرُ عَلَيهِم بَعدَهُ فَأَحَبّ أَن يقَتدَيَِ بِهِ مَن جَاءَ بَعدَهُ فَيَسِيرُ فِيهِم بِسِيرَتِهِ وَ يقَتدَيِ بِالكَفّ بَعدَهُ
651- ع ،[علل الشرائع ] عَلِيّ بنُ حَاتِمٍ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الراّزيِّ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ ابنِ بَزِيعٍ عَن يُونُسَ عَن بَكّارِ بنِ أَبِي بَكرٍ الحضَرمَيِّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ يَقُولُ لَسِيرَةُ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فِي أَهلِ البَصرَةِ كَانَت خَيراً لِشِيعَتِهِ مِمّا طَلَعَت عَلَيهِ الشّمسُ إِنّهُ عَلِمَ أَنّ لِلقَومِ دَولَةً فَلَو سَبَاهُم سُبِيَت شِيعَتُهُ قَالَ قُلتُ فأَخَبرِنيِ عَنِ القَائِمِ ع يَسِيرُ بِسِيرَتِهِ قَالَ لَا إِنّ عَلِيّاً سَارَ فِيهِم بِالمَنّ لِمَا عَلِمَ مِن دَولَتِهِم وَ إِنّ القَائِمَ يَسِيرُ فِيهِم بِخِلَافِ تِلكَ السّيرَةِ لِأَنّهُ لَا دَولَةَ لَهُم
652- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَن حَمّادٍ عَن حَرِيزٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ لَو لَا أَنّ عَلِيّاً ع سَارَ فِي أَهلِ حَربِهِ بِالكَفّ عَنِ السبّيِ وَ الغَنِيمَةِ لَلَقِيَت شِيعَتُهُ مِنَ النّاسِ بَلَاءً عَظِيماً ثُمّ قَالَ وَ اللّهِ لَسِيرَتُهُ كَانَت خَيراً لَكُم مِمّا طَلَعَت عَلَيهِ الشّمسُ
653- ع ،[علل الشرائع ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ الرّبِيعِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سُلَيمَانَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ ع إِنّ النّاسَ
صفحه : 443
يَروُونَ أَنّ عَلِيّاً ع قَتَلَ أَهلَ البَصرَةِ وَ تَرَكَ أَموَالَهُم فَقَالَ إِنّ دَارَ الشّركِ يَحِلّ مَا فِيهَا وَ دَارُ الإِسلَامِ لَا يَحِلّ مَا فِيهَا فَقَالَ إِنّ عَلِيّاً ع إِنّمَا مَنّ عَلَيهِم كَمَا مَنّ رَسُولُ اللّهِص عَلَي أَهلِ مَكّةَ وَ إِنّمَا تَرَكَ عَلِيّ ع أَموَالَهُم لِأَنّهُ كَانَ يَعلَمُ أَنّهُ سَيَكُونُ لَهُ شِيعَةٌ وَ أَنّ دَولَةَ البَاطِلِ سَتَظهَرُ عَلَيهِم فَأَرَادَ أَن يُقتَدَي بِهِ فِي شِيعَتِهِ وَ قَد رَأَيتُم آثَارَ ذَلِكَ هُوَ ذَا يُسَارُ فِي النّاسِ بِسِيرَةِ عَلِيّ ع وَ لَو قَتَلَ عَلِيّ ع أَهلَ البَصرَةِ جَمِيعاً وَ أَخَذَ أَموَالَهُم لَكَانَ ذَلِكَ لَهُ حَلَالًا لَكِنّهُ مَنّ عَلَيهِم لِيُمَنّ عَلَي شِيعَتِهِ مِن بَعدِهِ
وَ قَد روُيَِ أَنّ النّاسَ اجتَمَعُوا إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع يَومَ البَصرَةِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ اقسِم بَينَنَا غَنَائِمَهُم قَالَ أَيّكُم يَأخُذُ أُمّ المُؤمِنِينَ فِي سَهمِهِ
654- ع ،[علل الشرائع ] ما،[أمالي الشيخ ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ[ بنِ]فَضّالٍ عَن ثَعلَبَةَ بنِ مَيمُونٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ هَارُونَ قَالَ كُنتُ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع جَالِساً فَسَأَلَهُ المُعَلّي بنُ خُنَيسٍ أَ يَسِيرُ القَائِمُ بِخِلَافِ سِيرَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ فَقَالَ نَعَم وَ ذَلِكَ أَنّ عَلِيّاً ع سَارَ فِيهِم بِالمَنّ وَ الكَفّ لِأَنّهُ عَلِمَ أَنّ شِيعَتَهُ سَيَظهَرُ عَلَيهِم عَدُوّهُم مِن بَعدِهِ وَ أَنّ القَائِمَ ع إِذَا قَامَ سَارَ فِيهِم بِالبَسطِ وَ السبّيِ وَ ذَلِكَ أَنّهُ يَعلَمُ أَنّ شِيعَتَهُ لَن يُظفَرَ عَلَيهِم مِن بَعدِهِ أَبَداً
655-ف ،[تحف العقول ]سَأَلَ يَحيَي بنُ أَكثَمَ عَن عِلّةِ اختِلَافِ سِيرَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فِي أَهلِ صِفّينَ وَ فِي أَهلِ الجَمَلِ فَكَتَبَ أَبُو الحَسَنِ الثّالِثُ ع وَ أَمّا قَولُكَ إِنّ عَلِيّاً ع قَتَلَ أَهلَ صِفّينَ مُقبِلِينَ وَ مُدبِرِينَ وَ أَجَازَ عَلَي
صفحه : 444
جَرِيحِهِم وَ إِنّهُ يَومَ الجَمَلِ لَم يَتبَع مُوَلّياً وَ لَم يُجِز عَلَي جَرِيحٍ وَ مَن أَلقَي سِلَاحَهُ آمَنَهُ وَ مَن دَخَلَ دَارَهُ آمَنَهُ فَإِنّ أَهلَ الجَمَلِ قُتِلَ إِمَامُهُم وَ لَم تَكُن لَهُم فِئَةٌ يَرجِعُونَ إِلَيهَا وَ إِنّمَا رَجَعَ القَومُ إِلَي مَنَازِلِهِم غَيرَ مُحَارِبِينَ وَ لَا مُخَالِفِينَ وَ لَا مُنَابِذِينَ رَضُوا بِالكَفّ عَنهُم فَكَانَ الحُكمُ فِيهِم رَفعَ السّيفِ عَنهُم وَ الكَفّ عَن أَذَاهُم إِذ لَم يَطلُبُوا عَلَيهِ أَعوَاناً وَ أَهلُ صِفّينَ كَانُوا يَرجِعُونَ إِلَي فِئَةٍ مُستَعِدّةٍ وَ إِمَامٍ يَجمَعُ لَهُمُ السّلَاحَ الدّرُوعَ وَ الرّمَاحَ وَ السّيُوفَ وَ يسُنَيّ لَهُمُ العَطَاءَ وَ يُهَيّئُ لَهُمُ الأَنزَالَ يَعُودُ مَرِيضَهُم وَ يَجبُرُ كَسِيرَهُم وَ يدُاَويِ جَرِيحَهُم وَ يَحمِلُ رَاجِلَهُم وَ يَكسُو حَاسِرَهُم وَ يَرُدّهُم فَيَرجِعُونَ إِلَي مُحَارَبَتِهِم وَ قِتَالِهِم فَلَم يُسَاوِ بَينَ الفَرِيقَينِ فِي الحُكمِ لِمَا عَرَفَ مِنَ الحُكمِ فِي قِتَالِ أَهلِ التّوحِيدِ لَكِنّهُ شَرَحَ ذَلِكَ لَهُم فَمَن رَغِبَ عُرِضَ عَلَي السّيفِ أَو يَتُوبُ مِن ذَلِكَ
بيان الأنزال جمع النزل و هو مايهيأ للنزيل والحاسر ألذي لامغفر عليه و لادرع
656- قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] فِي لَيلَةِ الهَرِيرِ لَم تَكُن صَلَوَاتُهُمُ الظّهرُ وَ العَصرُ وَ المَغرِبُ وَ العِشَاءُ عِندَ وَقتِ كُلّ صَلَاةٍ إِلّا التّكبِيرَ وَ التّهلِيلَ وَ التّسبِيحَ وَ التّحمِيدَ وَ الدّعَاءَ فَكَانَت تِلكَ صَلَاتَهُم لَم يَأمُرهُم بِإِعَادَتِهَا وَ كَانَ ع لَا يَتبَعُ مُوَلّيَهُم وَ لَا يُجِيزُ عَلَي جَرِيحِهِم وَ لَم يَسبِ ذَرَارِيّهُم وَ كَانَ لَا يَمنَعُ مِن مُنَاكَحَتِهِم وَ مُوَارَثَتِهِم
قَالَ أَبُو عَلِيّ الجبُاّئيِّ فِي كِتَابِ الحَكَمَينِ ألّذِي روُيَِ أَنّهُ ع سَبَي قَوماً مِنَ الخَوَارِجِ أَنّهُم كَانُوا قَدِ ارتَدّوا وَ تَنَصّرُوا وَ كَانَ عَليَانٌ المَجنُونُ مُقِيماً بِالكُوفَةِ وَ كَانَ قَد أَلِفَ دُكّانَ طَحّانٍ فَإِذَا اجتَمَعَ الصّبيَانُ عَلَيهِ وَ آذَوهُ يَقُولُ قَد حمَيَِ الوَطِيسُ وَ طَابَ اللّقَاءُ وَ أَنَا عَلَي بَصِيرَةٍ مِن أمَريِ ثُمّ يَثِبُ وَ يُحَمحِمُ وَ يُنشِدُ
صفحه : 445
آريِنيِ[BA]أرَيِنيِ]سلِاَحيِ لَا أَبَا لَكِ إنِنّيِ | أَرَي الحَربَ لَا تَزدَادُ إِلّا تَمَادِياً |
ثُمّ يَتَنَاوَلُ قَصَبَةً لِيَركَبَهَا فَإِذَا تَنَاوَلَهَا يَقُولُ
أَشُدّ عَلَي الكَتِيبَةِ لَا أبُاَليِ | أَ حتَفيِ كَانَ فِيهَا أَو سِوَاهَا |
قَالَ فَيَنهَزِمُ الصّبيَانَ بَينَ يَدَيهِ فَإِذَا لَحِقَ بَعضَهُم يرَميِ الصبّيِّ بِنَفسِهِ إِلَي الأَرضِ فَيَقِفُ عَلَيهِ وَ يَقُولُ عَورَةُ مُسلِمٍ وَ حَمَي مُؤمِنٍ وَ لَو لَا ذَلِكَ لَتَلِفَت نَفسُ عَمرِو بنِ العَاصِ يَومَ صِفّينَ ثُمّ يَقُولُ لَأَسِيرَنّ فِيكُم سِيرَةَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ لَا أَتبَعُ مُوَلّياً وَ لَا أُجِيزُ عَلَي جَرِيحٍ ثُمّ يَعُودُ إِلَي مَكَانِهِ وَ يَقُولُ
أَنَا الرّجُلُ الضّربُ ألّذِي تَعرِفُونَهُ | خَشَاشٌ كَرَأسِ الحَيّةِ المُتَوَقّدِ |
إيضاح قال في النهاية في حديث حنين الآن حمي الوطيس الوطيس شبه التنور وقيل هوالضراب في الحرب وقيل هوالوطء ألذي يطس الناس أي يدقهم . و قال الأصمعي هي حجارة مدورة إذاحميت لم يقدر أحد يطؤها. و لم يسمع هذاالكلام من أحد قبل النبي ص و هو من فصيح الكلام عبر به عن اشتباك الحرب وقيامها علي ساق انتهي . والحمحمة صوت الفرس والحتف الموت والحمي مايمنع منه أي حرمة المؤمن و قال الجوهري الضرب الرجل الخفيف اللحم قال طرفة أنا الرجل البيت و قال قال أبوعمرو رجل خشاش بالفتح و هوالماضي من الرجال ثم ذكر البيت أيضا
657-كا،[الكافي] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن عَمرِو بنِ عُثمَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ عُذَافِرٍ عَن
صفحه : 446
عُقبَةَ بنِ بَشِيرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ شَرِيكٍ عَن أَبِيهِ قَالَ لَمّا هُزِمَ النّاسُ يَومَ الجَمَلِ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَا تَتبَعُوا مُوَلّياً وَ لَا تُجهِزُوا عَلَي جَرِيحٍ وَ مَن أَغلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَلَمّا كَانَ يَومُ صِفّينَ قَتَلَ المُقبِلَ وَ المُدبِرَ وَ أَجَازَ عَلَي الجَرِيحِ فَقَالَ أَبَانُ بنُ تَغلِبَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ شَرِيكٍ هَذِهِ سِيرَتَانِ مُختَلِفَتَانِ فَقَالَ إِنّ أَهلَ الجَمَلِ قُتِلَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ وَ إِنّ مُعَاوِيَةَ قَائِماً بِعَينِهِ وَ كَانَ قَائِدَهُم
658- كا،[الكافي]العِدّةُ عَن سَهلٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الأشَعرَيِّ عَنِ ابنِ القَدّاحِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ دَعَا رَجُلٌ بَعضَ بنَيِ هَاشِمٍ إِلَي البِرَازِ فَأَبَي أَن يُبَارِزَهُ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ مَا مَنَعَكَ أَن تُبَارِزَهُ قَالَ كَانَ فَارِسَ العَرَبِ وَ خَشِيتُ أَن يغَلبِنَيِ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ فَإِنّهُ بَغَي عَلَيكَ وَ لَو بَارَزتَهُ لَغَلَبتَهُ وَ لَو بَغَي جَبَلٌ عَلَي جَبَلٍ لَهُدّ الباَغيِ
وَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ الحُسَينَ بنَ عَلِيّ ع دَعَا رَجُلًا إِلَي المُبَارَزَةِ فَعَلِمَ بِهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ لَئِن عُدتَ إِلَي مِثلِ هَذَا لَأُعَاقِبَنّكَ وَ لَئِن دَعَاكَ أَحَدٌ إِلَي مِثلِهَا فَلَم تُجِبهُ لَأُعَاقِبَنّكَ أَ مَا عَلِمتَ أَنّهُ بَغَي
بيان الهد الهدم الشديد والكسر ولعله كان لتعليم الغير مع أنه مكروه بدون إذن الإمام كماذكره الأصحاب و ليس بمحرم
659-كا،[الكافي] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن عَقِيلٍ
صفحه : 447
الخزُاَعيِّ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ كَانَ إِذَا حَضَرَ الحَربَ يوُصيِ المُسلِمِينَ بِكَلِمَاتٍ فَيَقُولُ تَعَاهَدُوا الصّلَاةَ وَ حَافِظُوا عَلَيهَا وَ استَكثِرُوا مِنهَا وَ تَقَرّبُوا بِهَا فَإِنّهَاكانَت عَلَي المُؤمِنِينَ كِتاباً مَوقُوتاً وَ قَد عَلِمَ ذَلِكَ الكُفّارُ حِينَ سُئِلُواما سَلَكَكُم فِي سَقَرَ قالُوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلّينَ وَ قَد عَرَفَ حَقّهَا مَن طَرَقَهَا وَ أُكرِمَ بِهَا مِنَ المُؤمِنِينَ الّذِينَ لَا يَشغَلُهُم عَنهَا زَينُ مَتَاعٍ وَ لَا قُرّةُ عَينٍ مِن مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّرِجالٌ لا تُلهِيهِم تِجارَةٌ وَ لا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللّهِ وَ إِقامِ الصّلاةِ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص مُنصِباً لِنَفسِهِ بَعدَ البُشرَي لَهُ بِالجَنّةِ مِن رَبّهِ فَقَالَ عَزّ وَ جَلّوَ أمُر أَهلَكَ بِالصّلاةِ وَ اصطَبِر عَلَيها وَ كَانَ يَأمُرُ بِهَا أَهلَهُ وَ يُصَبّرُ عَلَيهَا نَفسَهُ ثُمّ إِنّ الزّكَاةَ جُعِلَت مَعَ الصّلَاةِ قُربَاناً لِأَهلِ الإِسلَامِ عَلَي أَهلِ الإِسلَامِ وَ مَن لَم يُعطِهَا طَيّبَ النّفسِ بِهَا يَرجُو بِهَا مِنَ الثّوَابِ مَا هُوَ أَفضَلُ مِنهَا فَإِنّهُ جَاهِلٌ بِالسّنّةِ مَغبُونُ الأَجرِ ضَالّ العُمُرِ طَوِيلُ النّدَمِ بِتَركِ أَمرِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ الرّغبَةِ عَمّا عَلَيهِ صَالِحُو عِبَادِ اللّهِ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ مَن...يَتّبِع غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلّهِ ما تَوَلّي مِنَ الأَمَانَةِ فَقَد خَسِرَ مَن لَيسَ مِن أَهلِهَا وَ ضَلّ عَمَلُهُ عُرِضَت عَلَي السّمَاوَاتِ المَبنِيّةِ وَ الأَرضِ المِهَادِ وَ الجِبَالِ المَنصُوبَةِ فَلَا أَطوَلَ وَ لَا أَعرَضَ وَ لَا أَعلَي وَ لَا أَعظَمَ لَوِ امتَنَعنَ مِن طُولٍ أَو عَرضٍ أَو عِظَمٍ أَو قُوّةٍ أَو عِزّةٍ امتَنَعنَ وَ لَكِن أَشفَقنَ مِنَ العُقُوبَةِ ثُمّ إِنّ الجِهَادَ أَشرَفُ الأَعمَالِ بَعدَ الإِسلَامِ وَ هُوَ قِوَامُ الدّينِ وَ الأَجرُ فِيهِ عَظِيمٌ مَعَ العِزّةِ وَ المَنَعَةِ وَ هُوَ الكَرّةُ فِيهِ الحَسَنَاتُ وَ البُشرَي بِالجَنّةِ بَعدَ الشّهَادَةِ وَ بِالرّزقِ غَداً عِندَ الرّبّ وَ الكَرَامَةِ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ لا تَحسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ
صفحه : 448
ثُمّ إِنّ الرّعبَ وَ الخَوفَ مِن جِهَادِ المُستَحِقّ لِلجِهَادِ وَ المُتَوَازِرِينَ عَلَي الضّلَالِ ضَلَالٌ فِي الدّينِ وَ سَلبٌ لِلدّنيَا مَعَ الذّلّ وَ الصّغَارِ وَ فِيهِ استِيجَابُ النّارِ بِالفِرَارِ مِنَ الزّحفِ عِندَ حَضرَةِ القِتَالِ يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الّذِينَ كَفَرُوا زَحفاً فَلا تُوَلّوهُمُ الأَدبارَفَحَافِظُوا عَلَي أَمرِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي هَذِهِ المَوَاطِنِ التّيِ الصّبرُ عَلَيهَا كَرَمٌ وَ سَعَادَةٌ وَ نَجَاةٌ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ مِن فَظِيعِ الهَولِ وَ المُخَالَفَةِ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَا يَعبَأُ بِمَا العِبَادُ مُقتَرِفُونَ لَيلَهُم وَ نَهَارَهُم لَطُفَ بِهِ عِلماً وَ كُلّ ذَلِكَفِي كِتابٍ لا يَضِلّ ربَيّ وَ لا يَنسيفَاصبِرُوا وَ صَابِرُوا وَ اسأَلُوا النّصرَ وَ وَطّنُوا أَنفُسَكُم عَلَي القِتَالِ وَ اتّقُوا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فَإِنّ اللّهَ مَعَ الّذِينَ اتّقَوا وَ الّذِينَ هُم مُحسِنُونَ
وَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بنِ إِسحَاقَ عَن أَبِي صَادِقٍ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّاً صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ يُحَرّضُ النّاسَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ الجَمَلِ وَ صِفّينَ وَ يَومِ النّهرِ يَقُولُ عِبَادَ اللّهِ اتّقُوا اللّهَ وَ غُضّوا الأَبصَارَ وَ اخفِضُوا الأَصوَاتَ وَ وَطّنُوا أَنفُسَكُم عَلَي المُنَازَلَةِ وَ المُجَادَلَةِ وَ المُبَارَزَةِ وَ المُنَاضَلَةِ وَ المُنَابَذَةِ وَ المُعَانَقَةِ وَ المُكَادَمَةِ وَ اثبُتُواوَ اذكُرُوا اللّهَ كَثِيراً لَعَلّكُم تُفلِحُونَوَ لا تَنازَعُوا فَتَفشَلُوا وَ تَذهَبَ رِيحُكُم وَ اصبِرُوا إِنّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ
660- كِتَابُ،صِفّينَ لِنَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ عَن عُمَرَ بنِ سَعدٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ يَزِيدَ عَن أَبِي صَادِقٍ عَنِ الحضَرمَيِّ مِثلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ أللّهُمّ أَلهِمهُمُ الصّبرَ وَ أَنزِل عَلَيهِمُ النّصرَ وَ أَعظِم لَهُمُ الأَجرَ
661-كا،[الكافي] وَ فِي حَدِيثِ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ جُندَبٍ عَن أَبِيهِ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ
صفحه : 449
ع كَانَ يَأمُرُ فِي كُلّ مَوطِنٍ لَقِينَا فِيهِ عَدُوّنَا فَيَقُولُ لَا تُقَاتِلُوا القَومَ حَتّي يَبدَءُوكُم فَإِنّكُم بِحَمدِ اللّهِ عَلَي حُجّةٍ وَ تَركُكُم إِيّاهُم حَتّي يَبدَءُوكُم حُجّةٌ أُخرَي لَكُم فَإِذَا هَزَمتُمُوهُم فَلَا تَقتُلُوا لَهُم مُدبِراً وَ لَا تُجِيزُوا عَلَي جَرِيحٍ وَ لَا تَكشِفُوا عَورَةً وَ لَا تُمَثّلُوا بِقَتِيلٍ
بَيَانٌ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ الخَبَرَ الثاّنيَِ مِن كِتَابِ نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ عَن عَمرِو بنِ سَعدٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ يَزِيدَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي صَادِقٍ وَ رَوَي السّيّدُ الرضّيِّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ الحَدِيثَ الأَوّلَ فِي النّهجِ هَكَذَا بَعدَ مَا سَاقَ أَوّلَ الخُطبَةِ إِلَي قَولِهِ كِتَاباً مَوقُوتاً أَ لَا تَسمَعُونَ إِلَي جَوَابِ أَهلِ النّارِ حِينَ سُئِلُواما سَلَكَكُم فِي سَقَرَ قالُوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلّينَ وَ إِنّهَا لَتَحُتّ الذّنُوبَ حَتّ الوَرَقِ وَ تُطلِقُهَا إِطلَاقَ الرّبَقِ وَ شَبّهَهَا رَسُولُ اللّهِص بِالحَمّةِ تَكُونُ عَلَي بَابِ الرّجُلِ فَهُوَ يَغتَسِلُ مِنهَا فِي اليَومِ وَ اللّيلَةِ خَمسَ مَرّاتٍ فَمَا عَسَي أَن يَبقَي عَلَيهِ مِنَ الدّرَنِ وَ قَد عَرَفَ حَقّهَا وَ سَاقَهُ إِلَي قَولِهِ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص نَصِباً بِالصّلَاةِ بَعدَ التّبشِيرِ لَهُ بِالجَنّةِ لِقَولِ اللّهِ سُبحَانَهُوَ أمُر أَهلَكَ بِالصّلاةِ وَ اصطَبِر عَلَيهافَكَانَ يَأمُرُ بِهَا أَهلَهُ وَ يَصبِرُ عَلَيهَا نَفسَهُ ثُمّ إِنّ الزّكَاةَ جُعِلَت مَعَ الصّلَاةِ قُربَاناً لِأَهلِ الإِسلَامِ فَمَن أَعطَاهَا وَ سَاقَ الكَلَامَ إِلَي قَولِهِ ع
صفحه : 450
وَ لَكِن أَشفَقنَ مِنَ العُقُوبَةِ وَ عَقَلنَ مَا جَهِلَ مَن هُوَ أَضعَفُ مِنهُنّ وَ هُوَ الإِنسَانُ إِنّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولًا إِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ لَا يَخفَي عَلَيهِ مَا العِبَادُ مُقتَرِفُونَ فِي لَيلِهِم وَ نَهَارِهِم لَطُفَ بِهِ خُبراً وَ أَحَاطَ بِهِ عِلماً أَعضَاؤُكُم شُهُودُهُ وَ جَوَارِحُكُم جُنُودُهُ وَ ضَمَائِرُكُم عُيُونُهُ وَ خَلَوَاتُكُم عِيَانُهُ انتَهَي
قوله ع من طرقها لعله من الطروق بمعني الإتيان بالليل أي واظب عليها في الليالي وقيل أي جعلها دابة وصنعته من قولهم هذاطرقة رجل أي صنعته . و لايخفي ما فيه و لايبعد أن يكون تصحيف طوق بها علي المجهول أي ألزمها كالطوق بقرينة أكرم بها علي بناء المجهول أيضا. و في النهج و قدعرف حقها رجال من المؤمنين الذين لايشغلهم عنها زينة متاع و لاقرة عين من ولد و لامال . و قال الجوهري نصب الرجل بالكسر نصبا تعب وأنصبه غيره . قوله ع علي أهل الإسلام الظاهر أنه سقط هنا شيء. و في النهج قربانا لأهل الإسلام فمن أعطاها طيب النفس بهافإنها تجعل له كفارة و من النار حجازا ووقاية فلايتبعنها أحد نفسه و لايكثرن عليها لهفه فإن من أعطاها غيرطيب النفس بهايرجو بها ما هوأفضل منها فهو جاهل بالسنة مغبون الأجر ضال العمل طويل الندم . ثم أداء الأمانة فقد خاب من ليس من أهلها أنها عرضت علي السماوات المبنية والأرضين المدحوة والجبال ذات الطول المنصوبة فلاأطول و لاأعرض و لاأعلي و لاأعظم منها و لوامتنع شيءبطول أوعرض أوقوة أو عزلامتنعن ولكن أشفقن من العقوبة إلي آخر مامر. قوله ع من الأمانة لعله بيان لسبيل المؤمنين أي المراد بسبيل
صفحه : 451
المؤمنين ولاية أهل البيت ع وهي الأمانة المعروضة والأصوب ما في والأصوب هو ما في النهج . و قال ابن ميثم ذكر كون السماوات مبنية وغيرها تنبيه للإنسان علي جرأته علي المعاصي وتضييع هذه الأمانة إذ أهل لها وحملها وتعجب منه في ذلك . و قوله و لوامتنع شيءإلخ إشارة إلي أن امتناعهن لم يكن لعزة وعظمة أجساد و لااستكبار عن الطاعة وإنه لو كان كذلك لكانت أولي بالمخالفة لأعظمية أجرامها بل إنما ذلك عن ضعف وإشفاق من خشية الله وعقلهن ماجهل الإنسان .قيل إن الله تعالي عندخطابها خلق فيهافهما وعقلا وقيل إن إطلاق العقل مجاز في سببه و هوالامتناع عن قبول هذه الأمانة. قوله ع و هوالكرة أي الحملة علي العدو وهي في نفسها أمر مرغوب فيه أو ليس هو إلامرة واحدة وحمله فيهاسعادة الأبد. ويمكن أن يقرأ الكره بالهاء أي هومكروه للطباع فيكون إشارة إلي قوله تعالي كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتالُ وَ هُوَ كُرهٌ لَكُم ولعله أصوب . و قال الجوهري زحف إليه زحفا مشي والزحف الجيش يزحفون إلي العدو. قوله ع لطف به الضمير راجع إلي الموصول في قوله ماالعباد مقترفون وكدم الصيد طرده والفشل الجبن
662- نهج ،[نهج البلاغة] فِي حَدِيثِهِ ع أَنّهُ شَيّعَ جَيشاً يُغزِيهِ فَقَالَ اعذُبُوا عَنِ النّسَاءِ مَا استَطَعتُم
قال السيد الرضي ومعناه اصدفوا عن ذكر النساء وشغل القلب بهن
صفحه : 452
وامتنعوا من المقاربة لهن لأن ذلك يفت في عضد الحمية ويقدح في معاقد العزيمة ويكسر عن العدو ويلفت عن الإبعاد في الغزو و كل من امتنع عن شيءفقد أعذب عنه والعاذب والعذوب الممتنع عن الأكل والشرب
663- كا،[الكافي] أَحمَدُ بنُ مُحَمّدٍ الكوُفيِّ عَنِ ابنِ جُمهُورٍ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن مُفَضّلِ بنِ عُمَرَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع وَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ الأَصَمّ عَن حَرِيزٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لِأَصحَابِهِ إِذَا لَقِيتُم عَدُوّكُم فِي الحَربِ فَأَقِلّوا الكَلَامَ وَ اذكُرُوا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وَ لَا تُوَلّوهُمُ الأَدبَارَ فَتُسخِطُوا اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي وَ تَستَوجِبُوا غَضَبَهُ وَ إِذَا رَأَيتُم مِن إِخوَانِكُمُ المَجرُوحَ وَ مَن قَد نُكّلَ بِهِ أَو مَن قَد طَمِعَ عَدُوّكُم فِيهِ فَقُوهُ بِأَنفُسِكُم
664-كا،[الكافي]العِدّةُ عَن سَهلٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ القَدّاحِ عَن أَبِيهِ المَيمُونِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع كَانَ إِذَا أَرَادَ القِتَالَ قَالَ هَذِهِ الدّعَوَاتِ أللّهُمّ إِنّكَ أَعلَمتَ سَبِيلًا مِن سُبُلِكَ جَعَلتَ فِيهِ رِضَاكَ وَ نَدَبتَ إِلَيهِ أَولِيَاءَكَ وَ جَعَلتَهُ أَشرَفَ سُبُلِكَ عِندَكَ ثَوَاباً وَ أَكرَمَهَا لَدَيكَ مَآباً وَ أَحَبّهَا إِلَيكَ مَسلَكاً ثُمّ اشتَرَيتَ فِيهِمِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُم وَ أَموالَهُم بِأَنّ لَهُمُ الجَنّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقتُلُونَ وَ يُقتَلُونَوَعداً عَلَيكَ حَقّاً فاَجعلَنيِ مِمّنِ اشتَرَي فِيهِ مِنكَ نَفسَهُ ثُمّ وَفَي لَكَ بِبَيعَةِ ألّذِي بَايَعَكَ عَلَيهِ غَيرَ نَاكِثٍ وَ لَا نَاقِضِ عَهدٍ وَ لَا مُبَدّلٍ تَبدِيلًا بَلِ استِيجَاباً لِمَحَبّتِكَ وَ تَقَرّباً بِهِ إِلَيكَ فَاجعَلهُ خَاتِمَةَ عمَلَيِ وَ صَيّر فِيهِ فَنَاءَ
صفحه : 453
عمُرُيِ وَ ارزقُنيِ فِيهِ لَكَ وَ بِهِ مَشهَداً تُوجِبُ لِي بِهِ مِنكَ الرّضَا وَ تَحُطّ بِهِ عنَيّ الخَطَايَا وَ تجَعلَنُيِ فِي الأَحيَاءِ المَرزُوقِينَ بأِيَديِ العُدَاةِ وَ العُصَاةِ تَحتَ لِوَاءِ الحَقّ وَ رَايَةِ الهُدَي مَاضِياً عَلَي نُصرَتِهِم قُدُماً غَيرَ مُوَلّ دُبُراً وَ لَا مُحدِثٍ شَكّاً أللّهُمّ وَ أَعُوذُ بِكَ عِندَ ذَلِكَ مِنَ الجُبنِ عِندَ مَوَارِدِ الأَهوَالِ وَ مِنَ الضّعفِ عِندَ مُسَاوَرَةِ الأَبطَالِ وَ مِنَ الذّنبِ المُحبِطِ لِلأَعمَالِ فَأُحجِمَ مِن شَكّ أَو أمَضيَِ بِغَيرِ يَقِينٍ فَيَكُونَ سعَييِ فِي تَبَابٍ وَ عمَلَيِ غَيرَ مَقبُولٍ
بيان قوله ع و به عطف علي فيه ولعله زيد من النساخ . و في كتاب الإقبال وارزقني فيه لك وبك مشهدا و هوأصوب . و في الصحاح قدما بضم الدال لم يعرج و لم ينثن و قال ساوره أي واثبه و قال حجمته فأحجم أي كففته فكف و قال التباب الخسران والهلاك
665- كا،[الكافي] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ البزَنَطيِّ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ شِعَارُنَا يَومَ صِفّينَ يَا نَصرَ اللّهِ
666- ع ،[علل الشرائع ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ حُكَيمٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن يَحيَي بنِ أَبِي العَلَاءِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ عَلِيّ لَا يُقَاتِلُ حَتّي تَزُولَ الشّمسُ وَ يَقُولُ تُفَتّحُ أَبوَابُ السّمَاءِ وَ تُقبَلُ التّوبَةُ وَ يَنزِلُ النّصرُ وَ يَقُولُ هُوَ أَقرَبُ إِلَي اللّيلِ وَ أَجدَرُ أَن يَقِلّ القَتلُ وَ يَرجِعَ الطّالِبُ وَ يُفلِتَ المَهزُومُ
صفحه : 454
667- كا،[الكافي] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ مِثلَهُ
668- نهج ،[نهج البلاغة] وَ قَالَ لِابنِهِ الحَسَنِ ع لَا تَدعُوَنّ إِلَي مُبَارَزَةٍ وَ إِن دُعِيتَ إِلَيهَا فَأَجِب فَإِنّ الداّعيَِ بَاغٍ وَ الباَغيَِ مَصرُوعٌ
بيان مصروع أي مستحق لأن يصرع ويهلك وبعيد من نصر الله سبحانه
669- نَوَادِرُ الراّونَديِّ بِإِسنَادِهِ عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ ع كَانَ عَلِيّ ع يُبَاشِرُ القِتَالَ بِنَفسِهِ وَ لَا يَأخُذُ السّلَبَ
670- كا،[الكافي] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع لَو لَا أَنّ المَكرَ وَ الخَدِيعَةَ فِي النّارِ لَكُنتُ أَمكَرَ النّاسِ
671- كا،[الكافي] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ عَن عَمّهِ عَن يَعقُوبَ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي الحَسَنِ العبَديِّ عَن سَعدِ بنِ طَرِيفٍ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ذَاتَ يَومٍ وَ هُوَ يَخطُبُ عَلَي المِنبَرِ بِالكُوفَةِ يَا أَيّهَا النّاسُ لَو لَا كَرَاهِيَةُ الغَدرِ لَكُنتُ مِن أَدهَي النّاسِ أَلَا إِنّ لِكُلّ غُدَرَةٍ فُجَرَةً وَ لِكُلّ فُجَرَةٍ كُفَرَةً أَلَا وَ إِنّ الغَدرَ وَ الفُجُورَ وَ الخِيَانَةَ فِي النّارِ
672-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع قَالَهُ لِأَصحَابِهِ فِي وَقتِ الحَربِ
صفحه : 455
وَ أَيّ امرِئٍ مِنكُم أَحَسّ مِن نَفسِهِ رِبَاطَةَ جَأشٍ عِندَ اللّقَاءِ وَ رَأَي مِن أَحَدٍ مِن إِخوَانِهِ فَشَلًا فَليَذُبّ عَن أَخِيهِ بِفَضلِ نَجدَتِهِ التّيِ فُضّلَ بِهَا عَلَيهِ كَمَا يَذُبّ عَن نَفسِهِ فَلَو شَاءَ اللّهُ لَجَعَلَهُ مِثلَهُ إِنّ المَوتَ طَالِبٌ حَثِيثٌ لَا يَفُوتُهُ المُقِيمُ وَ لَا يُعجِزُهُ الهَارِبُ إِنّ أَكرَمَ المَوتِ القَتلُ وَ ألّذِي نَفسُ ابنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِهِ لَأَلفُ ضَربَةٍ بِالسّيفِ أَهوَنُ عَلَيّ مِن مِيتَةٍ عَلَي الفِرَاشِ
وَ مِنهُ وَ كأَنَيّ أَنظُرُ إِلَيكُم تَكِشّونَ كَشِيشَ الضّبَابِ لَا تَأخُذُونَ حَقّاً وَ لَا تَمنَعُونَ ضَيماً قَد خُلّيتُم وَ الطّرِيقَ فَالنّجَاةُ لِلمُقتَحِمِ وَ الهَلَكَةُ لِلمُتَلَوّمِ
673- وَ مِنهُفَقَدّمُوا الدّارِعَ وَ أَخّرُوا الحَاسِرَ وَ عَضّوا عَلَي الأَضرَاسِ فَإِنّهُ أَنبَي لِلسّيُوفِ عَنِ الهَامِ وَ التَوُوا فِي أَطرَافِ الرّمَاحِ فَإِنّهُ أَموَرُ لِلأَسِنّةِ وَ غُضّوا الأَبصَارَ فَإِنّهُ أَربَطُ لِلجَأشِ وَ أَسكَنُ لِلقُلُوبِ وَ أَمِيتُوا الأَصوَاتَ فَإِنّهُ أَطرَدُ لِلفَشَلِ وَ رَايَتَكُم فَلَا تُمِيلُوهَا وَ لَا تُخِلّوهَا وَ لَا تَجعَلُوهَا إِلّا بأِيَديِ شُجعَانِكُم وَ المَانِعِينَ الذّمَارَ مِنكُم فَإِنّ الصّابِرِينَ عَلَي نُزُولِ الحَقَائِقِ هُمُ الّذِينَ يَحُفّونَ بِرَايَاتِهِم وَ يَكتَنِفُونَهَا حِفَافَيهَا وَ وَرَاءَهَا وَ أَمَامَهَا لَا يَتَأَخّرُونَ عَنهَا فَيُسلِمُوهَا وَ لَا يَتَقَدّمُونَ عَلَيهَا فَيُفرِدُوهَا أَجزَأَ امرُؤٌ قِرنَهُ وَ آسَي أَخَاهُ بِنَفسِهِ وَ لَم يَكِل قِرنَهُ إِلَي أَخِيهِ فَيَجتَمِعَ عَلَيهِ قِرنُهُ وَ قِرنُ أَخِيهِ وَ ايمُ اللّهِ لَئِن فَرَرتُم مِن سَيفِ العَاجِلَةِ لَا تَسلَمُوا مِن سَيفِ الآخِرَةِ أَنتُم لَهَامِيمُ العَرَبِ وَ السّنَامُ الأَعظَمُ إِنّ فِي الفِرَارِ مَوجِدَةَ اللّهِ وَ الذّلّ اللّازِمَ وَ العَارَ الباَقيَِ وَ إِنّ الفَارّ لَغَيرُ مَزِيدٍ فِي عُمُرِهِ وَ لَا مَحجُوزٍ بَينَهُ وَ بَينَ يَومِهِ مَن رَائِحٌ إِلَي اللّهِ كَالظّمآنِ يَرِدُ المَاءَ الجَنّةُ تَحتَ أَطرَافِ العوَاَليِ اليَومَ تُبلَي
صفحه : 456
الأَخبَارُ وَ اللّهِ لَأَنَا أَشوَقُ إِلَي لِقَائِهِم مِنهُم إِلَي دِيَارِهِم أللّهُمّ فَإِن رَدّوا الحَقّ فَافضُض جَمَاعَتَهُم وَ شَتّت كَلِمَتَهُم وَ أَبسِلهُم بِخَطَايَاهُم إِنّهُم لَن يَزُولُوا عَن مَوَاقِفِهِم دُونَ طَعنٍ دِرَاكٍ يَخرُجُ مِنهُ النّسِيمُ وَ ضَربٍ يَفلِقُ الهَامَ وَ يُطِيحُ العِظَامَ وَ يُندِرُ السّوَاعِدَ وَ الأَقدَامَ وَ حَتّي يُرمَوا بِالمَنَاسِرِ تَتبَعُهَا المَنَاسِرُ وَ يُرجَمُوا بِالكَتَائِبِ تَقفُوهَا الكَتَائِبُ[الحَلَائِبُ] وَ حَتّي يُجَرّ بِبِلَادِهِمُ الخَمِيسُ يَتلُوهُ الخَمِيسُ وَ حَتّي تَدعَقَ الخُيُولُ فِي نَوَاحِرِ أَرضِهِم وَ بِأَعنَانِ مَسَارِبِهِم وَ مَسَارِحِهِم
قال الشريف الرضي الدعق الدق أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم ونواحر أرضهم متقابلاتها يقال منازل بني فلان تتناحر أي تتقابل .تبيين قوله ع أحس من نفسه أي علم ووجد ورباطة الجأش شدة القلب والذب الدفع والنجدة الشجاعة كمايذب عن نفسه أي بنهاية الاهتمام والجد لجعله مثله أي مثل أخيه في الجبن أوأخاه مثله في الشجاعة والحثيث السريع والمقيم للموت الراضي به كما أن الهارب عنه الساخط له أهون من ميتة إما مطلقا أوعنده ع لمايعلم ما فيه من الدرجات . و قال النهاية كشيش الأفعي صوت جلدها إذاتحركت و قدكشت تكش و ليس صوت فمها لأن ذلك فحيحها و مِنهُ حَدِيثُ عَلِيّ ع كأَنَيّ أَنظُرُ إِلَيكُم تَكِشّونَ كَشِيشَ الضّبَابِ
. و قال ابن أبي الحديد أي كأنكم لشدة خوفكم واجتماعكم من الجبن كالضباب المجتمعة التي تحك بعضها بعضا قال الراجز
كشيش أفعي أجمعت لعض | وهي تحك بعضها ببعض |
. واقتحم عقبة أووهدة رمي بنفسه فيها والتلوم الانتظار والتوقف . قوله أجزأ امرؤ قال ابن أبي الحديد من الناس من يجعل هذا أونحوه أمرا بلفظ الماضي كالمستقبل في قوله تعالي وَ الوالِداتُ يُرضِعنَ
صفحه : 457
أَولادَهُنّ. ومنهم من قال معني ذلك هلا أجزأ فيكون تحضيضا محذوف الصيغة للعلم بها وأجزأ أي كفي وقرنك مقارنك في القتال ونحوه وآسي أخاه بنفسه بالهمزة أي جعله أسوة لنفسه ويجوز واسيت زيدا بالواو وهي لغة ضعيفة والموجدة الغضب والسخط قوله ع والذل اللازم قيل يروي اللاذم بالذال المعجمة بمعناه والرائح المسافر وقت الرواح أومطلقا كماقاله الأزهري ويناسب الأول مامر من أن قتاله ع كان غالبا بعدالزوال . قوله ع تحت أطراف العوالي يحتمل أن يكون المراد بالعوالي الرماح قال ابن الأثير في النهاية العالية مايلي السنان من الرمح والجمع العوالي أوالمراد منه السيوف كمايظهر من ابن أبي الحديد فيحتمل أن يكون من علا يعلو إذاارتفع أي السيوف التي تعلو فوق الرءوس أو من علوته بالسيف إذاضربته به ويؤيده قَولُ النّبِيّص الجَنّةُ تَحتَ ظِلَالِ السّيُوفِ
. قوله ع تبلي الأخبار بالباء الموحدة أي تختبر الأفعال والأسرار كما قال تعالي وَ نَبلُوَا أَخبارَكُم. و في بعض النسخ بالياء المثناة التحتانية أي تمتاز الأخيار من الأشرار. قوله ع إلي لقائهم أي الأعداء لقتالهم والفض التفريق . وأبسلت فلانا أسلمته إلي الهلكة. قوله ع طعن دراك أي متتابع يتلو بعضه بعضا ويخرج منه النسيم أي لسعته وروي النسم أي طعن يخرق الجوف بحيث يتنفس المطعون من الطعنة وروي القشم بالقاف والشين المعجمة و هواللحم والشحم والفلق الشق وطاح الشيء سقط أوهلك أوتاه في الأرض وأطاحه غيره وأندره أسقطه . قال ابن أبي الحديد يمكن أن يفسر النواحر بأمر آخر و هو أن يراد به
صفحه : 458
أقاصي رضهم من قولهم لآخر ليلة من الشهر ناحرة. و قدمر تفسير بعض أجزاء الخطبة في مواضعها
674- نهج ،[نهج البلاغة] مِن وَصِيّتِهِ ع لِعَسكَرِهِ قَبلَ لِقَاءِ العَدُوّ بِصِفّينَ لَا تُقَاتِلُوهُم حَتّي يَبدَءُوكُم فَإِنّكُم بِحَمدِ اللّهِ عَلَي حُجّةٍ وَ تَركُكُم إِيّاهُم حَتّي يَبدَءُوكُم حُجّةٌ أُخرَي لَكُم عَلَيهِم فَإِذَا كَانَتِ الهَزِيمَةُ بِإِذنِ اللّهِ فَلَا تَقتُلُوا مُدبِراً وَ لَا تُصِيبُوا مُعوِراً وَ لَا تُجهِزُوا عَلَي جَرِيحٍ وَ لَا تَهِيجُوا النّسَاءَ بِأَذًي وَ إِن شَتَمنَ أَعرَاضَكُم وَ سَبَبنَ أُمَرَاءَكُم فَإِنّهُنّ ضَعِيفَاتُ القُوَي وَ الأَنفُسِ وَ العُقُولِ إِن كُنّا لَنُؤمَرُ بِالكَفّ عَنهُنّ وَ إِنّهُنّ لَمُشرِكَاتٌ وَ إِن كَانَ الرّجُلُ لَيَتَنَاوَلُ المَرأَةَ فِي الجَاهِلِيّةِ بِالفِهرِ أَوِ الهِرَاوَةِ فَيُعَيّرُ بِهَا وَ عَقِبُهُ مِن بَعدِهِ
إِيضَاحٌ قَالَ ابنُ مِيثَمٍ رَحِمَهُ اللّهُ روُيَِ أَنّهُ ع كَانَ يوُصيِ أَصحَابَهُ فِي كُلّ مَوطِنٍ يَلقَونَ العَدُوّ فِيهِ بِهَذِهِ الوَصِيّةِ وَ زَادَ فِي رِوَايَتِهِ عَن نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ بَعدَ قَولِهِ وَ لَا تُجهِزُوا عَلَي جَرِيحٍ قَولَهُ وَ لَا تَكشِفُوا لَهُم عَورَةً وَ لَا تُمَثّلُوا بِقَتِيلٍ فَإِذَا وَصَلتُم إِلَي رِحَالِ القَومِ فَلَا تَهتِكُوا سِتراً وَ لَا تَدخُلُوا دَاراً إِلّا بِإِذنٍ وَ لَا تَأخُذُوا شَيئاً مِن أَموَالِهِم وَ لَا تَهِيجُوا النّسَاءَ إِلَي آخِرِ مَا مَرّ
قوله ع حجة أخري قال ابن ميثم وبيان هذه من وجهين أحدهما أنه دخول في حرب الله وحرب رسوله ص لِقَولِهِص يَا عَلِيّ حَربُكَ حرَبيِ
وتحقق سعيهم في الأرض بقتلهم النفس التي حرم الله فتحقق دخولهم في عموم قوله تعالي إِنّما جَزاءُ الّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسعَونَ فِي الأَرضِ فَساداً أَن يُقَتّلُوا أَو يُصَلّبُواالآية.
صفحه : 459
وثانيها دخولهم في قوله تعالي فَمَنِ اعتَدي عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدي عَلَيكُم. قوله ع و لاتصيبوا معورا قال ابن ميثم أعور الصيد أمكن من نفسه وأعور الفارس ظهر فيه موضع خلل للضرب ثم قال أي لاتصيبوا ألذي أمكنتكم الفرصة في قتله بعدانكسار العدو كالمعور من الصيد. و قال ابن أبي الحديد هو ألذي يعتصم منك في الحرب بإظهار عورته لتكف عنه ويجوز أن يكون المعور هنا المريب ألذي يظن أنه من القوم و أنه حضر للحرب و ليس منهم لعله حضر لأمر آخر.
صفحه : 460
و قال في النهاية كل عيب وخلل في شيءفهو عورة و منه حديث علي ع و لاتصيبوا معمورا أعور الفارس إذ بدا فيه موضع خلل للضرب و إن في قوله ع إن كنا مخففة من المثقلة وكذا في قوله و إن كان والواو في قوله وإنهن للحال والفهر بالكسر الحجر ملأ الكف وقيل مطلقا والهراوة بالكسر العصا والتناول بهما كناية عن الضرب بهما و قوله ع وعقبه عطف علي الضمير المستكن المرفوع في قوله فيعير و لم يؤكد للفصل بقوله بهاكقوله تعالي ما أَشرَكنا وَ لا آباؤُنا
675- نهج ،[نهج البلاغة] وَ كَانَ يَقُولُ ع لِأَصحَابِهِ عِندَ الحَربِ لَا تَشتَدّنّ عَلَيكُم فَرّةٌ بَعدَهَا كَرّةٌ وَ لَا جَولَةٌ بَعدَهَا حَملَةٌ وَ أَعطُوا السّيُوفَ حُقُوقَهَا وَ وَطّنُوا لِلجُنُوبِ مَصَارِعَهَا وَ اذمُرُوا أَنفُسَكُم عَلَي الطّعنِ الدعّسيِّ وَ الضّربِ الطلّحَفيِّ وَ أَمِيتُوا الأَصوَاتَ فَإِنّهُ أَطرَدُ لِلفَشَلِ وَ ألّذِي فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ مَا أَسلَمُوا وَ لَكِنِ استَسلَمُوا وَ أَسَرّوا الكُفرَ فَلَمّا وَجَدُوا عَلَيهِ أَعوَاناً أَظهَرُوهُ
بيان لاتشتدن عليكم أي لاتستصعبوا و لايشق عليكم فرار بعده رجوع إلي الحرب والجولة الدوران في الحرب والجائل الزائل عن مكانه و هذاحض لهم علي أن يكروا ويعودوا إلي الحرب إن وقعت عليهم كرة أوالمعني إذارأيتم المصلحة في الفرار لجذب العدو إلي حيث تتمكنوا منه فلاتشتد عليكم و لاتعدوه عارا. قوله ع ووطئوا للجنوب مصارعها و في بعض النسخ ووطنوا بالنون أي اجعلوا مصارع الجنوب ومساقطها وطنا لها أووطيئا لها أي استعدوا للسقوط علي الأرض والقتل والكلام كناية عن العزم علي الحرب وعدم الاحتراز عن مفاسدها و قال الجوهري ذمرته ذمرا حثثته .
صفحه : 461
و قال ابن أبي الحديد الطعن الدعسي ألذي يحشي به أجواف الأعداء وأصل الدعس الحشو يقال دعست الوعاء أي حشوته . قوله ع وضرب طلحفي بكسر الطاء وفتح اللام أي شديد واللام زائدة والياء للمبالغة. وأميتوا الأصوات أي لاتكثروا الصياح والفشل الفزع والجبن والضعف . قوله ع ولكن استسلموا أي انقادوا خوفا من السيف
676- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع وَصّي بِهِ شُرَيحَ بنَ هَانِئٍ لَمّا جَعَلَهُ عَلَي مُقَدّمَتِهِ إِلَي الشّامِ اتّقِ اللّهَ فِي كُلّ مَسَاءٍ وَ صَبَاحٍ وَ خَف عَلَي نَفسِكَ الدّنيَا الغَرُورَ وَ لَا تَأمَنهَا عَلَي حَالٍ وَ اعلَم أَنّكَ إِن لَم تَردَع نَفسَكَ عَن كَثِيرٍ مِمّا تُحِبّ مَخَافَةَ مَكرُوهِهِ سَمَت بِكَ الأَهوَاءُ إِلَي كَثِيرٍ مِنَ الضّرَرِ فَكُن لِنَفسِكَ مَانِعاً رَادِعاً وَ لِنَزوَتِكَ عِندَ الحَفِيظَةِ وَاقِماً قَامِعاً
بيان سمت بك قال ابن أبي الحديد أي أفضت بك و في النهاية فلان يسمو إلي المعالي إذاتطاول إليها والنزوة الوثبة والحفيظة الغضب و قال الجوهري وقمه أي رده و قال أبوعبيدة أي قهره
677- وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ النّهجِ عَن نَصرِ بنِ مُزَاحِمٍ وَ وَجَدتُهُ فِي أَصلِ كِتَابِهِ أَيضاً عَن عُمَرَ بنِ سَعدٍ بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جُندَبٍ عَن أَبِيهِ أَنّ عَلِيّاً ع كَانَ يَأمُرُنَا فِي كُلّ مَوطِنٍ لَقِينَا مَعَهُ عَدُوّهُ فَيَقُولُ لَا تُقَاتِلُوا القَومَ حَتّي يَبدَءُوكُم فهَيَِ حُجّةٌ أُخرَي لَكُم عَلَيهِم فَإِذَا قَاتَلتُمُوهُم فَهَزَمتُمُوهُم فَلَا تَقتُلُوا مُدبِراً وَ لَا تُجهِزُوا عَلَي جَرِيحٍ وَ لَا تَكشِفُوا عَورَةً
صفحه : 462
وَ لَا تُمَثّلُوا بِقَتِيلٍ فَإِذَا وَصَلتُم إِلَي رِحَالِ القَومِ فَلَا تَهتِكُوا سِرّاً وَ لَا تَدخُلُوا دَاراً إِلّا بِإِذنٍ وَ لَا تَأخُذُوا شَيئاً مِن أَموَالِهِم إِلّا مَا وَجَدتُم فِي عَسكَرِهِم وَ لَا تَهِيجُوا امرَأَةً بِأَذًي وَ إِن شَتَمنَ أَعرَاضَكُم وَ تَنَاوَلنَ أُمَرَاءَكُم وَ صُلَحَاءَكُم فَإِنّهُنّ ضِعَافُ القُوَي وَ الأَنفُسِ وَ العُقُولِ وَ لَقَد كُنّا لَنُؤمَرُ بِالكَفّ عَنهُنّ وَ هُنّ مُشرِكَاتٌ وَ إِن كَانَ الرّجُلُ لَيَتَنَاوَلُ المَرأَةَ فِي الجَاهِلِيّةِ بِالهِرَاوَةِ وَ الحَدِيدِ فَيُعَيّرُ بِهَا عَقِبُهُ مِن بَعدِهِ
678- وَ قَالَ ابنُ مِيثَمٍ رَحِمَهُ اللّهُ روُيَِ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع كَانَ إِذَا اشتَدّ القِتَالُ ذَكَرَ اسمَ اللّهِ حِينَ يَركَبُ ثُمّ يَقُولُ الحَمدُ لِلّهِ عَلَي نِعَمِهِ عَلَينَا وَ فَضلِهِ العَمِيمِسُبحانَ ألّذِي سَخّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقرِنِينَ وَ إِنّا إِلي رَبّنا لَمُنقَلِبُونَ ثُمّ يَستَقبِلُ القِبلَةَ وَ يَرفَعُ يَدَيهِ وَ يَقُولُ أللّهُمّ إِلَيكَ نُقِلَتِ الأَقدَامُ وَ أَفضَتِ القُلُوبُ وَ مُدّتِ الأَعنَاقُ وَ شَخَصَتِ الأَبصَارُ وَ أُنضِيَتِ الأَبدَانُ أللّهُمّ قَد صَرّحَ مَكنُونُ الشّنَآنِ وَ جَاشَت مَرَاجِلُ الأَضغَانِ أللّهُمّ إِنّا نَشكُو إِلَيكَ غَيبَةَ نَبِيّنَا وَ كَثرَةَ عَدُوّنَا وَ تَشَتّتَ أَهوَائِنَارَبّنَا افتَح بَينَنا وَ بَينَ قَومِنا بِالحَقّ وَ أَنتَ خَيرُ الفاتِحِينَ ثُمّ يَقُولُ سِيرُوا عَلَي بَرَكَةِ اللّهِ ثُمّ يَقُولُ اللّهُ أَكبَرُ اللّهُ أَكبَرُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ اللّهُ أَكبَرُ يَا اللّهُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا رَبّ
صفحه : 463
مُحَمّدٍبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ وَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِّ العَظِيمِإِيّاكَ نَعبُدُ وَ إِيّاكَ نَستَعِينُ أللّهُمّ كُفّ عَنّا أيَديَِ الظّالِمِينَ وَ كَانَ هَذَا شِعَارَهُ بِصِفّينَ
679- نهج ،[نهج البلاغة] وَ كَانَ ع يَقُولُ إِذَا لقَيَِ العَدُوّ مُحَارِباً أللّهُمّ إِلَيكَ أَفضَتِ القُلُوبُ وَ سَاقَ الدّعَاءَ إِلَي قَولِهِ وَ أَنتَ خَيرُ الحَاكِمِينَ وَ جَعَلَ قَولَهُ وَ نُقِلَتِ الأَقدَامُ بَعدَ قَولِهِ وَ شَخَصَتِ الأَبصَارُ
بيان قال الخليل في العين أفضي فلان إلي فلان أي وصل إليه وأصله أنه صار في فضائه . و قال ابن أبي الحديد أفضت القلوب أي دنت وقربت ويجوز أن يكون أفضت أي بسرها فحذف المفعول انتهي . ويحتمل أن يكون من أفضيت إذاخرجت إلي الفضاء أي خرجت إلي فضاء رحمتك بسؤالك . وشخص بصره فهو شاخص إذافتح عينيه وجعل لايطرف وأنضيت الأبدان أي أهزلت و منه النضو و هوالبعير المهزول وصرح أي انكشف . والشنآن البغضة وجاشت القدر أي غلت والمراجل القدور وتشتت أهوائنا أي تفرق آرائنا واختلاف آمالنا و قال في النهاية فتح الحاكم بين الخصمين إذافصل بينهما والفاتح الحاكم
صفحه : 465
680-ف ،[تحف العقول ]وَصِيّتُهُ لِزِيَادِ بنِ النّضرِ حِينَ أَنفَذَهُ عَلَي مُقَدّمَتِهِ إِلَي صِفّينَ اتّقِ اللّهَ فِي كُلّ مُمسًي وَ مُصبَحٍ وَ خَف عَلَي نَفسِكَ الغَرُورَ وَ لَا تَأمَنهَا عَلَي حَالٍ مِنَ البَلَاءِ وَ اعلَم أَنّكَ إِن لَم تَزَع نَفسَكَ عَن كَثِيرٍ مِمّا تُحِبّ مَخَافَةَ مَكرُوهِهِ سَمَت بِكَ الأَهوَاءُ إِلَي كَثِيرٍ مِنَ الضّرّ حَتّي تَطعُنَ فَكُن لِنَفسِكَ مَانِعاً وَازِعاً عَنِ الظّلمِ وَ الغيَّ وَ البغَيِ وَ العُدوَانِ قَد وَلّيتُكَ هَذَا الجُندَ فَلَا تَستَذِلّنّهُم وَ لَا تَستَطِل عَلَيهِم فَإِنّ خَيرَكُم أَتقَاكُم تَعَلّم مِن عَالِمِهِم وَ عَلّم جَاهِلَهُم وَ احلُم عَن سَفِيهِهِم فَإِنّكَ إِنّمَا تُدرِكُ الخَيرَ بِالعِلمِ وَ كَفّ الأَذَي وَ الجَهلِ ثُمّ أَردَفَهُ ع بِكِتَابٍ يُوصِيهِ فِيهِ وَ يُحَذّرُهُ وَ هَذَا نَصّهُ اعلَم أَنّ مُقَدّمَةَ القَومِ عُيُونُهُم وَ عُيُونُ المُقَدّمَةِ طَلَائِعُهُم فَإِذَا أَنتَ خَرَجتَ مِن بِلَادِكَ وَ دَنَوتَ مِن عَدُوّكَ فَلَا تَسأَم مِن تَوجِيهِ الطّلَائِعِ فِي كُلّ نَاحِيَةٍ وَ فِي
صفحه : 466
بَعضِ الشّعَابِ وَ الشّجَرِ وَ الخَمَرِ وَ فِي كُلّ جَانِبٍ حَتّي لَا يَغتَرّكُم عَدُوّكُم وَ يَكُونَ لَكُم كَمِينٌ وَ لَا تُسَيّرِ الكَتَائِبَ وَ القَبَائِلَ مِن لَدُنِ الصّبَاحِ إِلَي المَسَاءِ إِلّا عَلَي تَعبِئَةٍ فَإِن دَهَمَكُم أَمرٌ أَو غَشِيَكُم مَكرُوهٌ كُنتُم قَد تَقَدّمتُم فِي التّعبِئَةِ وَ إِذَا نَزَلتُم بَعدُ وَ نَزَلَ بِكُم فَليَكُن مُعَسكَرُكُم فِي إِقبَالِ الشّرَافِ أَو فِي سِفَاحِ الجِبَالِ وَ أَثنَاءِ الأَنهَارِ كيَ مَا تَكُونَ لَكُم رِدءاً وَ دُونَكُم مَرَدّاً وَ لتَكُن مُقَاتَلَتُكُم مِن وَجهٍ وَاحِدٍ أَوِ اثنَينِ وَ اجعَلُوا رُقَبَاءَ فِي صيَاَصيِ الجِبَالِ وَ بِأَعلَي الشّرَافِ وَ بِمَنَاكِبِ الأَنهَارِ يَرتَوُونَ لَكُم لِئَلّا يَأتِيَكُم عَدُوّ مِن مَكَانِ مَخَافَةٍ أَو أَمنٍ وَ إِذَا نَزَلتُم فَانزِلُوا جَمِيعاً وَ إِذَا رَحَلتُم فَارحَلُوا جَمِيعاً وَ إِذَا غَشِيَكُمُ اللّيلُ فَنَزَلتُم فَحُفّوا عَسكَرَكُم بِالرّمَاحِ وَ التّرَسَةِ وَ اجعَلُوا رُمَاتَكُم يَلُونَ تِرَسَتَكُم كَيلَا تُصَابَ لَكُم غِرّةٌ وَ لَا تُلقَي لَكُم غَفلَةٌ وَ احرُس عَسكَرَكَ بِنَفسِكَ وَ إِيّاكَ أَن تَرقُدَ إِلَي أَن تُصبِحَ إِلّا غِرَاراً أَو مَضمَضَةً ثُمّ ليَكُن ذَلِكَ شَأنَكَ وَ دَأبَكَ حَتّي ننَتهَيَِ إِلَي عَدُوّكَ وَ عَلَيكَ بِالتّؤَدَةِ فِي حَربِكَ وَ إِيّاكَ وَ العَجَلَةَ إِلّا أَن تُمكِنَكَ فُرصَةٌ وَ إِيّاكَ أَن تُقَاتِلَ إِلّا أَن يَبدَءُوكَ أَو يَأتِيَكَ أمَريِ وَ السّلَامُ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللّهِ
بيان قوله ع حتي تطعن بضم العين أي تكبر من قولهم طعن في السن و قدمضي شرحها وإنما كررنا للاختلاف بين الروايات
681-يب ،[تهذيب الأحكام ]سَعدُ بنُ عَبدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن
صفحه : 467
اِبرَاهِيمَ بنِ عِمرَانَ الشيّباَنيِّ عَن يُونُسَ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن يَحيَي بنِ الأَشعَثِ الكنِديِّ عَن مُصعَبِ بنِ يَزِيدَ الأنَصاَريِّ قَالَ استعَملَنَيِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَي أَربَعَةِ رَسَاتِيقِ المَدَائِنِ البِهقُبَاذَاتِ وَ نَهرِ شيريا وَ نَهرِ جُوَيرٍ وَ نَهرِ المَلِكِ وَ أمَرَنَيِ أَن أَضَعَ عَلَي كُلّ جَرِيبِ زَرعٍ غَلِيظٍ دِرهَماً وَ نِصفاً وَ عَلَي كُلّ جَرِيبٍ وَسَطٍ دِرهَماً وَ عَلَي كُلّ جَرِيبِ زَرعٍ رَقِيقٍ ثلُثُيَ دِرهَمٍ وَ عَلَي كُلّ جَرِيبِ كَرمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ عَلَي كُلّ جَرِيبِ نَخلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ عَلَي كُلّ جَرِيبِ البَسَاتِينِ التّيِ تَجمَعُ النّخلَ وَ الشّجَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ أمَرَنَيِ أَن ألُقيَِ كُلّ نَخلٍ شَاذّ عَنِ القُرَي لِمَارّةِ الطّرِيقِ وَ ابنِ السّبِيلِ وَ لَا آخُذَ مِنهُ شَيئاً وَ أمَرَنَيِ أَن أَضَعَ عَلَي الدّهَاقِينِ الّذِينَ يَركَبُونَ البَرَاذِينَ وَ يَتَخَتّمُونَ بِالذّهَبِ عَلَي كُلّ رَجُلٍ مِنهُم ثَمَانِيَةً وَ أَربَعِينَ دِرهَماً وَ عَلَي أَوسَاطِهِم وَ التّجّارِ مِنهُم عَلَي كُلّ رَجُلٍ أَربَعَةً وَ عِشرِينَ دِرهَماً وَ عَلَي سَفِلَتِهِم وَ فُقَرَائِهِم اثنيَ عَشَرَ دِرهَماً عَلَي كُلّ إِنسَانٍ مِنهُم قَالَ فَجَبَيتُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلفَ أَلفِ دِرهَمٍ فِي سَنَةٍ
إيضاح قال محمد بن إدريس رحمه الله في كتاب السرائر بهرسير بالباء المنقطة من تحتها نقطة واحدة والسين غيرالمعجمة هي المدائن والدليل علي ذلك أن الراوي قال استعملني علي أربعة رساتيق ثم عد خمسة فذكر المدائن ثم ذكر من جملة الخمسة بهرسير فعطف علي اللفظ دون المعني . فإن قيل لايعطف الشيء علي نفسه قلنا إنما عطف علي اللفظة دون المعني و هذاكثير في القرآن والشعر قال الشاعر
إلي الملك القرم و ابن الهمام | وليث الكتيبة في المزدحم . |
فكل هذه الصفات راجعة إلي موصوف واحد و قدعطف بعضها علي بعض لاختلاف ألفاظها. ويدل علي ماقلناه أيضا ماذكره أصحاب السير في كتاب صفين قالوا لماسار أمير المؤمنين ع إلي صفين قالوا ثم مضي نحو ساباط حتي انتهي إلي مدينة بهرسير و إذا رجل من أصحابه ينظر إلي آثار كسري و هويتمثل بقول ابن يعفور السهمي
صفحه : 468
جرت الرياح إلي محل ديارهم | فكأنما كانوا علي ميعاد. |
فقال ع أ فلا قلت كَم تَرَكُوا مِن جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ وَ نَعمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ كَذلِكَ وَ أَورَثناها قَوماً آخَرِينَالآية. و أماالبهقباذات فهي ثلاثة البهقباذ الأعلي وهي ستة طساسيج طسوج بابل وخطرنية والفلوجة العليا والسفلي والنهرين وعين التمر. والبهقباذ الأوسط أربعة طساسيج طسوج الجية والبداءة وسور إبريسما ونهر الملك وبارسوما. والبهقباذ الأسفل خمسة طساسيج منها طسوج فرات وبارقلي وطسوج السيلحين ألذي فيه الخورنق والسدير ذكر ذلك عبد الله بن خردادبه في كتاب الممالك والمسالك .أقول إنه رحمه الله بني كلامه علي مانقله من كتاب المقنعة و فيه والبهقباذات مع العطف . و علي ما في كتاب التهذيب الظاهر إضافة الرساتيق إلي المدائن فيحتمل أن يكون بهرسير عطفا علي أربعة و يكون البهقباذات بيانا لأربعة رساتيق المدائن أي استعملني علي البهقباذات و علي بهرسير. و أن يكون معطوفا علي رساتيق أي استعملني علي أربعة أشياء أحدها رساتيق المدائن وهي البهقباذات والثاني بهرسير وهكذا. و أن يكون معطوفا علي البهقباذات إحدي الرساتيق والمحل ألذي يجري فيه نهر شيريا ثانيها. ثم اختلف في قراءة بهرسير فقد قرأ ابن إدريس كماعرفت ويؤيده مانقله ونقلنا أيضا في موضع آخر من كتاب صفين .
صفحه : 469
وقرأ بعض الأفاضل نهرسير بالنون والسين المهملة وبعضهم نهرشير بالنون والشين المعجمة و قال هوالنهر ألذي عمله فرهاد لشيرين و هو من أعمال المدائن ومنهم من قرأ بهرشير بالباء والشين المعجمة أي المعمول لأجل اللبن و هوبعيد ومنهم من قرأ نهرسر بإسقاط الياء من بين المهملين أي النهر الأعلي وكذا اختلف النسخ في نهر جوير ففي بعضها بالجيم فالواو فالياء المثناة التحتانية فالراء المهملة و في بعضها بإبدال الياء باء موحدة و في بعضها بإبدال الراء نونا و قال الفيروزآبادي الطسوج كسفود الناحية و في النهاية هواستخراج المال من مظانه
682- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي أُمَرَائِهِ عَلَي الجُيُوشِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي أَصحَابِ المَسَالِحِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ حَقّاً عَلَي الواَليِ أَن لَا يُغَيّرَهُ عَلَي رَعِيّتِهِ فَضلٌ نَالَهُ وَ لَا طَولٌ خُصّ بِهِ وَ أَن يَزِيدَهُ مَا قَسَمَ اللّهُ لَهُ مِن نِعَمِهِ دُنُوّاً مِن عِبَادِهِ وَ عَطفاً عَلَي إِخوَانِهِ أَلَا وَ إِنّ لَكُم عنِديِ أَن لَا أَحتَجِزَ دُونَكُم سِرّاً إِلّا فِي حَربٍ وَ لَا أطَويَِ دُونَكُم أَمراً إِلّا فِي حُكمٍ وَ لَا أُؤَخّرَ لَكُم حَقّاً عَن مَحَلّهِ وَ لَا أَقِفَ بِهِ دُونَ مَقطَعِهِ وَ أَن تَكُونُوا عنِديِ فِي الحَقّ سَوَاءً فَإِذَا فَعَلتُ ذَلِكَ وَجَبَت لِلّهِ عَلَيكُمُ النّعمَةُ وَ لِي عَلَيكُمُ الطّاعَةُ وَ أَن لَا تَنكُصُوا عَن دَعوَةٍ وَ لَا تُفَرّطُوا فِي صَلَاحٍ وَ أَن تَخُوضُوا الغَمَرَاتِ إِلَي الحَقّ فَإِن أَنتُم لَم تَستَقِيمُوا لِي عَلَي ذَلِكَ لَم يَكُن أَحَدٌ أَهوَنَ عَلَيّ مِمّنِ اعوَجّ مِنكُم ثُمّ أُعظِمُ لَهُ العُقُوبَةَ وَ لَا يَجِدُ عنِديِ فِيهَا رُخصَةً فَخُذُوا هَذَا مِن أُمَرَائِكُم وَ أَعطُوهُم مِن أَنفُسِكُم مَا يُصلِحُ اللّهُ بِهِ أَمرَكُم
683- ما،[الأمالي للشيخ الطوسي]المُفِيدُ عَنِ الكَاتِبِ عَنِ الأَجلَحِ عَن جُندَبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ عَن
صفحه : 470
ثَعلَبَةَ بنِ زَيدٍ الحمِاّنيِّ قَالَ كَتَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي أُمَرَاءِ الأَجنَادِ وَ ذَكَرَ نَحوَهُ وَ فِيهِ فَضلُ مَالِهِ وَ لَا مَرتَبَةَ اختَصّ بِهَا وَ فِيهِ فَإِذَا فَعَلتَ ذَلِكَ وَجَبَت لِي عَلَيكُمُ البَيعَةُ وَ لِي مِنكُمُ الطّاعَةُ وَ فِيهِ لَم يَكُن أَحَدٌ أَهوَنَ عَلَيّ مِمّن خاَلفَنَيِ فِيهِ ثُمّ أُحِلّ بِكُم فِيهِ عُقُوبَتُهُ وَ لَا تَجِدُوا عنِديِ إِلَي قَولِهِ ع وَ أَعطُوا مِن أَنفُسِكُم هَذَا يُصلِحُ أَمرَكُم
بيان قال ابن الأثير في مادة سلح من كتاب النهاية المسلحة القوم الذين يحفظون الثغور من العدو وسموا مسلحة لأنهم يكونون ذوي سلاح أولأنهم يسكنون المسلحة وهي كالثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدو لأن لايطرقهم علي غفلة فإذارأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له وجمع المسلح مسالح . قوله ع أن لايغيره أي لايصير الفضل ألذي ناله الوالي والطول ألذي خصه الله به و هوالولاية سبأ لتغيره علي رعيته بالخروج عن العدل والجفاء عليهم . قوله ع أن لاأحتجز قال ابن ميثم أي لاأمنع و قال ابن أبي الحديد أي لاأستتر. وكلاهما غيرموجودين في كلام أهل اللغة و إن كان ماذكره الجوهري من أنه يقال احتجز الرجل بإزاره أي شد إزاره علي وسطه قريبا مما ذكره ابن أبي الحديد لكنه بهذا المعني غيرمتعد وكذا استتر كماذكره في تفسيره والمناسب هو ماذكره ابن ميثم و إن كان غيرموجود في كلامهم . واستثناء الحرب لأنه خدعة و لايناسب إفشاء الآراء فيه . و لاأطوي دونكم أمرا أي أظهركم علي كل ما في نفسي مما يحسن إظهاركم عليه فأما الأحكام الشرعية والقضاء علي أحد الخصمين فإني لا
صفحه : 471
أعلمكم قبل وقوعها و لاأشاوركم فيهاكيلا تفسد القضية بأن يحتال ذلك الشخص لصرف الحكم عنه ولعدم توقف الحكم علي المشاورة. و قال ابن أبي الحديد ثم ذكر أنه لايؤخر لهم حقا عن محله يعني العطاء و أنه لايقف دون مقطعه والحق هاهنا غيرالعطاء بل الحكم قال زهير
فإن الحق مقطعه ثلاث | يمين أونفار أوجلاء |
. أي متي تعين الحكم حكمت به وقطعت و لاأقف و لاأتحبس انتهي . ويحتمل تعميم الحق في الموضعين أي مايلزم لكم علي من عطاء أوحكم لاأؤخره عن محله و لاأقصر في الإتيان به فالوقوف به قبل مقطعه ترك السعي في الإتيان به قبل تمامه
684-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي عُمّالِهِ عَلَي الخَرَاجِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي أَصحَابِ الخَرَاجِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ مَن لَم يَحذَر مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيهِ لَم يُقَدّم لِنَفسِهِ مَا يُحرِزُهَا وَ اعلَمُوا أَنّ مَا كُلّفتُم يَسِيرٌ وَ أَنّ ثَوَابَهُ كَثِيرٌ وَ لَو لَم يَكُن فِيمَا نَهَي اللّهُ عَنهُ مِنَ البغَيِ وَ العُدوَانِ عِقَابٌ يُخَافُ لَكَانَ فِي ثَوَابِ اجتِنَابِهِ مَا لَا عُذرَ فِي تَركِ طَلَبِهِ فَأَنصِفُوا النّاسَ مِن أَنفُسِكُم وَ اصبِرُوا لِحَوَائِجِهِم فَإِنّكُم خُزّانُ الرّعِيّةِ وَ وُكَلَاءُ الأُمّةِ وَ سُفَرَاءُ الأَئِمّةِ وَ لَا تُحشِمُوا أَحَداً عَن حَاجَتِهِ وَ لَا تَحبِسُوهُ عَن طَلِبَتِهِ وَ لَا تَبِيعُنّ لِلنّاسِ فِي الخَرَاجِ كِسوَةَ شِتَاءٍ وَ لَا صَيفٍ وَ لَا دَابّةً يَعتَمِلُونَ عَلَيهَا وَ لَا عَبداً وَ لَا تَضرِبُنّ أَحَداً سَوطاً لِمَكَانِ دِرهَمٍ وَ لَا تَمَسّنّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النّاسِ مُصَلّ وَ لَا مُعَاهَدٍ إِلّا أَن تَجِدُوا فَرَساً أَو سِلَاحاً يُعدَي بِهِ عَلَي أَهلِ الإِسلَامِ فَإِنّهُ لَا ينَبغَيِ لِلمُسلِمِ أَن يَدَعَ ذَلِكَ فِي أيَديِ أَعدَاءِ الإِسلَامِ فَيَكُونَ شَوكَةً عَلَيهِ
صفحه : 472
وَ لَا تَدّخِرُوا أَنفُسَكُم نَصِيحَةً وَ لَا الجُندَ حُسنَ سِيرَةٍ وَ لَا الرّعِيّةَ مَعُونَةً وَ لَا دِينَ اللّهِ قُوّةً وَ أَبلُوا فِي سَبِيلِهِ مَا استَوجَبَ عَلَيكُم فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ قَدِ اصطَنَعَ عِندَنَا وَ عِندَكُم أَن نَشكُرَهُ بِجُهدِنَا وَ أَن نَنصُرَهُ مِمّا بَلَغَت قُوّتُنَا وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِّ العَظِيمِ
توضيح مايحرزها أي يحفظ نفسه من عذاب الله ما لاعذر في ترك طلبه لأنه نفع عظيم مقدور علي تحصيله فالتفريط في طلبه قبيح . و قال الجوهري السفير الرسول والمصلح بين القوم والجمع سفراء. و قال قال أبوزيد حشمت الرجل وأحشمته بمعني و هو أن يجلس إليك فتؤذيه وتغضبه و قال ابن الأعرابي حشمته أخجلته وأحشمته أغضبته . و في بعض النسخ و لاتحسموا أحدا بالسين المهملة من الحسم بمعني القطع والمعاهد الذمي و كل من دخل بأمان و قال الجوهري العداء تجاوز الحد والظلم يقال عدا عليه عدوا وعدوا وعداء ظلمه . و قال ابن الأثير في مادة شوك من كتاب النهاية القتال شدته وحدته . قوله ع و لاتدخروا أنفسكم أي لاتمنعوا عن أنفسكم نصيحة وارعوا ما فيه صلاحها. و في النهاية الإبلاء الإنعام والإحسان و في حديث بر الوالدين أبل الله تعالي عذرا في برها أي أعطه وأبلغ العذر فيها إليه والمعني أحسن فيما بينك و بين الله ببرك إياهما و قال الاصطناع افتعال من الصنيعة وهي العطية والكرامة والإحسان . قوله ع أن نشكره أي اصطنع إلينا لأن نشكره أوجعل شكره بجهدنا ونصره بقوتنا صنيعة ومعروفا عندنا وعندكم
685-نهج ،[نهج البلاغة] مِن كِتَابِهِ إِلَي أُمَرَائِهِ فِي الصّلَاةِ أَمّا بَعدُ فَصَلّوا بِالنّاسِ
صفحه : 473
الظّهرَ حِينَ تفَيِءُ الشّمسُ مِثلَ مَربِضِ العَنزِ وَ صَلّوا بِهِمُ العَصرَ وَ الشّمسُ بَيضَاءُ حَيّةٌ فِي عُضوٍ مِنَ النّهَارِ حِينَ يُسَارُ فِيهَا فَرسَخَانِ وَ صَلّوا بِهِمُ المَغرِبَ حِينَ يُفطِرُ الصّائِمُ وَ يَدفَعُ الحَاجّ وَ صَلّوا بِهِمُ العِشَاءَ حِينَ يَتَوَارَي الشّفَقُ إِلَي ثُلُثِ اللّيلِ وَ صَلّوا بِهِمُ الغَدَاةَ وَ الرّجُلُ يَعرِفُ وَجهَ صَاحِبِهِ وَ صَلّوا بِهِم صَلَاةَ أَضعَفِهِم وَ لَا تَكُونُوا فَتّانِينَ
إيضاح لعل الابتداء بالظهر لأنها أول مافرضت من الصلوات حين تفيء أي يزيد ويرجع ظل الشمس بعدغاية نقصانه . قوله مثل مربض العنز أي الأنثي من المعز و هوقريب من القدمين وقت النافلة و هوأول وقت الفضيلة المختص بالظهر لاآخره كمافهمه الراوندي رحمه الله . قوله والشمس بيضاء أي لم تصفر للمغيب وحياتها استعارة لظهورها في الأرض والعضو بالضم والكسر واحد الأعضاء والظرف خبر للشمس أومتعلق بصلوا والمراد بقاء جزء معتد به من النهار. و قال في النهاية فيه أنه دفع من عرفات أي ابتدأ السير ودفع نفسه منها ونحاها أودفع ناقته وحملها علي السير. والفتان من يفتن الناس عن الدين وإطالة الصلاة مستلزمة لتخلف العاجزين والضعفاء والمضطرين
686-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي عُثمَانَ بنِ حُنَيفٍ الأنَصاَريِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَي البَصرَةِ وَ قَد بَلَغَهُ أَنّهُ دعُيَِ إِلَي وَلِيمَةِ قَومٍ مِن أَهلِهَا فَمَضَي إِلَيهَا أَمّا بَعدُ يَا ابنَ حُنَيفٍ فَقَد بلَغَنَيِ أَنّ رَجُلًا مِن فِتيَةِ أَهلِ البَصرَةِ دَعَاكَ إِلَي مَأدُبَةٍ فَأَسرَعتَ إِلَيهَا يُستَطَابُ لَكَ الأَلوَانُ وَ تُنقَلُ إِلَيكَ
صفحه : 474
الجِفَانُ وَ مَا ظَنَنتُ أَنّكَ تُجِيبُ إِلَي طَعَامِ قَومٍ عَائِلُهُم مَجفُوّ وَ غَنِيّهُم مَدعُوّ فَانظُر إِلَي مَا تَقضَمُهُ مِن هَذَا المَقضَمِ فَمَا اشتَبَهَ عَلَيكَ عِلمُهُ فَالفِظهُ وَ مَا أَيقَنتَ بِطِيبِ وُجُوهِهِ فَنَل مِنهُ أَلَا وَ إِنّ لِكُلّ مَأمُومٍ إِمَاماً يقَتدَيِ بِهِ وَ يسَتضَيِءُ بِنُورِ عِلمِهِ أَلَا وَ إِنّ إِمَامَكُم قَدِ اكتَفَي مِن دُنيَاهُ بِطِمرَيهِ وَ مِن طُعمِهِ بِقُرصَيهِ أَلَا وَ إِنّكُم لَا تَقدِرُونَ عَلَي ذَلِكَ وَ لَكِن أعَيِنوُنيِ بِوَرَعٍ وَ اجتِهَادٍ وَ عِفّةٍ وَ سَدَادٍ فَوَ اللّهِ مَا كَنَزتُ مِن دُنيَاكُم تِبراً وَ لَا ادّخَرتُ مِن غَنَائِمِهَا وَفراً وَ لَا أَعدَدتُ لبِاَليِ ثوَبيِ طِمراً وَ لَا حُزتُ مِن أَرضِهَا شِبراً وَ لَا أَخَذتُ مِنهُ إِلّا كَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ وَ لهَيَِ فِي عيَنيِ أَوهَي وَ أَهوَنُ مِن عَفصَةٍ مَقِرَةٍ بَلَي كَانَت فِي أَيدِينَا فَدَكٌ مِن كُلّ مَا أَظَلّتهُ السّمَاءُ فَشَحّت عَلَيهَا نُفُوسُ قَومٍ وَ سَخَت عَنهَا نُفُوسُ قَومٍ آخَرِينَ وَ نِعمَ الحَكَمُ اللّهُ وَ مَا أَصنَعُ بِفَدَكٍ وَ غَيرِ فَدَكٍ وَ النّفسُ مَظَانّهَا فِي غَدٍ جَدَثٌ تَنقَطِعُ فِي ظُلمَتِهِ آثَارُهَا وَ تَغِيبُ أَخبَارُهَا وَ حُفرَةٌ لَو زِيدَ فِي فُسحَتِهَا وَ أَوسَعَت يَدَا حَافِرِهَا لَضَغَطَهَا[لَأَضغَطَهَا]الحَجَرُ وَ المَدَرُ وَ سَدّ فُرَجَهَا التّرَابُ المُتَرَاكِمُ وَ إِنّمَا هيَِ نفَسيِ أَرُوضُهَا بِالتّقوَي لتِأَتيَِ آمِنَةً يَومَ الخَوفِ الأَكبَرِ وَ تَثبُتَ عَلَي جَوَانِبِ المَزلَقِ وَ لَو شِئتُ لَاهتَدَيتُ الطّرِيقَ إِلَي مُصَفّي هَذَا العَسَلِ وَ لُبَابِ هَذَا القَمحِ وَ نَسَائِجِ هَذَا القَزّ وَ لَكِن هَيهَاتَ أَن يغَلبِنَيِ هوَاَيَ وَ يقَوُدنَيِ جشَعَيِ إِلَي تَخَيّرِ الأَطعِمَةِ وَ لَعَلّ بالحِجَازِ أَو بِاليَمَامَةِ مَن لَا طَمَعَ لَهُ فِي القُرصِ وَ لَا عَهدَ لَهُ بِالشّبَعِ أَو أَن أَبِيتَ مِبطَاناً وَ حوَليِ بُطُونٌ غَرثَي وَ أَكبَادٌ حَرّي أَو أَن أَكُونَ كَمَا قَالَ القَائِلُ
وَ حَسبُكَ دَاءً أَن تَبِيتَ بِبِطنَةٍ | وَ حَولَكَ أَكبَادٌ تَحِنّ إِلَي القِدّ |
أَ أَقنَعُ مِن نفَسيِ بِأَن يُقَالَ لِي أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَ لَا أُشَارِكُهُم فِي مَكَارِهِ الدّهرِ أَو أَكُونَ أُسوَةً لَهُم فِي جُشُوبَةِ العَيشِ فَمَا خُلِقتُ ليِشَغلَنَيِ أَكلُ الطّيّبَاتِ
صفحه : 475
كَالبَهِيمَةِ المَربُوطَةِ هَمّهَا عَلَفُهَا أَوِ المُرسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمّمُهَا تَكتَرِشُ مِن أَعلَافِهَا وَ تَلهُو عَمّا يُرَادُ بِهَا أَو أُترَكَ سُدًي أَو أُهمَلَ عَابِثاً أَو أَجُرّ حَبلَ الضّلَالَةِ أَو أَعتَسِفَ طَرِيقَ المَتَاهَةِ وَ كأَنَيّ بِقَائِلِكُم يَقُولُ إِذَا كَانَ هَذَا قُوتَ ابنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَد قَعَدَ بِهِ الضّعفُ عَن قِتَالِ الأَقرَانِ وَ مُنَازَلَةِ الشّجعَانِ أَلَا وَ إِنّ الشّجَرَةَ البَرّيّةَ أَصلَبُ عُوداً وَ الرّوَاتِعَ الخَضِرَةَ أَرَقّ جُلُوداً وَ النّابِتَاتِ العِذيَةَ أَقوَي وَقُوداً وَ أَبطَأُ خُمُوداً وَ أَنَا مِن رَسُولِ اللّهِص كَالصّنوِ مِنَ الصّنوِ وَ الذّرَاعِ مِنَ العَضُدِ وَ اللّهِ لَو تَظَاهَرَتِ العَرَبُ عَلَي قتِاَليِ لَمَا وَلّيتُ عَنهَا وَ لَو أَمكَنَتِ الفُرَصُ مِن رِقَابِهَا لَسَارَعتُ إِلَيهَا وَ سَأَجهَدُ فِي أَن أُطَهّرَ الأَرضَ مِن هَذَا الشّخصِ المَعكُوسِ وَ الجِسمِ المَركُوسِ حَتّي تَخرُجَ المَدَرَةُ مِن بَينِ حَبّ الحَصِيدِ إِلَيكِ عنَيّ يَا دُنيَا فَحَبلُكِ عَلَي غَارِبِكِ قَدِ انسَلَلتُ مِن مَخَالِبِكِ وَ أَفلَتّ مِن حَبَائِلِكِ وَ اجتَنَبتُ الذّهَابَ فِي مَدَاحِضِكِ أَينَ القُرُونُ الّذِينَ غَرَرتِهِم بِمَدَاعِبِكِ أَينَ الأُمَمُ الّذِينَ فَتَنتِهِم بِزَخَارِفِكِ هَا هُم رَهَائِنُ القُبُورِ وَ مَضَامِينُ اللّحُودِ وَ اللّهِ لَو كُنتِ شَخصاً مَرئِيّاً وَ قَالَباً حِسّيّاً لَأَقَمتُ عَلَيكِ حُدُودَ اللّهِ فِي عِبَادٍ غَرَرتِهِم باِلأمَاَنيِّ وَ أُمَمٍ أَلقَيتِهِم فِي المهَاَويِ وَ مُلُوكٍ أَسلَمتِهِم إِلَي التّلَفِ وَ أَورَدتِهِم مَوَارِدَ البَلَاءِ إِذ لَا وِردَ وَ لَا صَدَرَ هَيهَاتَ مَن وَطِئَ دَحضَكِ زَلِقَ وَ مَن رَكِبَ لُجَجَكِ غَرِقَ وَ مَنِ ازوَرّ عَن حِبَالِكِ وُفّقَ وَ السّالِمُ مِنكِ لَا يبُاَليِ إِن ضَاقَ بِهِ مُنَاخُهُ وَ الدّنيَا عِندَهُ كَيَومٍ حَانَ انسِلَاخُهُ اعزبُيِ عنَيّ فَوَ اللّهِ[ لَا أَذِلّ لَكِ فتَسَتذَلِيّنيِ] وَ لَا أَسلَسُ لَكِ فتَقَوُديِنيِ وَ ايمُ اللّهِ يَمِيناً أسَتثَنيِ فِيهَا بِمَشِيّةِ اللّهِ لَأَرُوضَنّ نفَسيِ رِيَاضَةً تَهِشّ مَعَهَا إِلَي
صفحه : 476
القُرصِ إِذَا قَدَرتُ عَلَيهِ مَطعُوماً وَ تَقنَعُ بِالمِلحِ مَأدُوماً وَ لَأَدَعَنّ مقُلتَيِ كَعَينِ مَاءٍ نَضَبَ مَعِينُهَا مُستَفرِغَةً دُمُوعَهَا أَ تَمتَلِئُ السّائِمَةُ مِن رِعيِهَا فَتَبرُكَ وَ تَشبَعُ الرّبِيضَةُ مِن عُشبِهَا فَتَربِضَ وَ يَأكُلُ عَلِيّ مِن زَادِهِ فَيَهجَعَ قَرّت إِذَن عَينُهُ إِذَا اقتَدَي بَعدَ السّنِينَ المُتَطَاوِلَةِ بِالبَهِيمَةِ الهَامِلَةِ وَ السّائِمَةِ المَرعِيّةِ طُوبَي لِنَفسٍ أَدّت إِلَي رَبّهَا فَرضَهَا وَ عَرَكَت بِجَنبِهَا بُؤسَهَا وَ هَجَرَت فِي اللّيلِ غُمضَهَا حَتّي إِذَا غَلَبَ الكَرَي عَلَيهَا افتَرَشَت أَرضَهَا وَ تَوَسّدَت كَفّهَا فِي مَعشَرٍ أَسهَرَ عُيُونَهُم خَوفُ مَعَادِهِم وَ تَجَافَت عَن مَضَاجِعِهِم جُنُوبُهُم وَ هممت [هَمهَمَت]بِذِكرِ رَبّهِم شِفَاهُهُم وَ تَقَشّعَت بِطُولِ استِغفَارِهِم ذُنُوبُهُمأُولئِكَ حِزبُ اللّهِ أَلا إِنّ حِزبَ اللّهِ هُمُ المُفلِحُونَفَاتّقِ اللّهَ يَا ابنَ حُنَيفٍ وَ لتَكفِكَ أَقرَاصُكَ لِيَكُونَ مِنَ النّارِ خَلَاصُكَ
إيضاح عثمان بن حنيف هو ألذي أخرجه طلحة والزبير من البصرة حين قدماها قوله ع من فتية أهل البصرة قال ابن أبي الحديد أي من فتيانها أو من شبانها وأسخيائها ويروي أن رجلا من قطان البصرة أي سكانها و قال في النهاية المأدبة بضم الدال الطعام يدعي إليه القوم و قدجاءت بفتح الدال أيضا يقال أدب فلان القوم يأدبهم بالكسر أي دعاهم إلي طعامه والأدب الداعي يستطاب لك الألوان يطلب لك طيبها ولذيذها. و قال الجوهري الجفنة كالقصعة والجمع الجفان والعائل الفقير والجفاء نقيض الصلة والمجفو المبعد. ثم اعلم أن ظاهر كلامه ع النهي عن إجابة مثل هذه الدعوة من وجهين أحدهما أنه طعام قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو فهم من أهل الرياء والسمعة وعدم إجابة دعوتهم أولي .
صفحه : 477
وثانيهما أنه مما يظن تحريمه فالأولي الاحتراز عن أكله فيمكن أن يكون النهي عاما ومثل تلك الإجابة مكروها أو يكون خاصا بالولاة كمايشعر به قوله ع في كلامه لعاصم بن زياد حيث قَالَ ع لَهُ إنِيّ لَستُ كَأَنتَ إِنّ اللّهَ افتَرَضَ عَلَي أَئِمّةِ العَدلِ أَن يُقَدّرُوا أَنفُسَهُم بِضَعَفَةِ النّاسِ كَيلَا يَتَبَيّغَ بِالفَقِيرِ فَقرُهُ
وحينئذ يكون المخاطب بقوله ع ألا و إن إمامكم و قوله وأعينوني هم الولاة فالنهي إما للتحريم أوللتنزيه و لاينافي الأول قوله ألا وإنكم لاتقدرون علي ذلك فإن الظاهر أنه إشارة إلي الاكتفاء من الثوب بالطمرين و من الطعم بالقرصين . و علي الثاني تكون الكراهة بالنظر إلي الولاة أشد. ويحتمل أن يكون للأعم من الحرمة والكراهة و يكون لكل من الولاة وغيرهم حكمه فالخطاب عام . ويمكن أن يستفاد من قوله ع يستطاب لك الألوان وجه آخر من النهي و هوالمنع من إجابة دعوة المسرفين والمبذرين إما تحريما مع عموم الخطاب أوخصوصه ونظيره النهي للولاة عن أخذ الهدايا ولعله يشعر بذلك قوله يستطاب لك وتنقل إليك أوتنزيها فيكون بالنظر إليهم أشد أوالأعم منهما كماذكر. والاحتمالات الأخيرة مبنية علي انقسام الإسراف مطلقا إلي المحرم والمكروه . والقضم الأكل بأطراف الأسنان والطمر بالكسر الثوب الخلق والطمران الإزار والرداء والقرصان للغداء والعشاء. و قوله ع بورع واجتهاد الورع اجتناب المحرمات والاجتهاد أداء الواجبات أوالورع يشمل ترك المكروهات أيضا والاجتهاد الإتيان بالسنن الأكيدة أيضا ويمكن أن يكون التنوين فيهما للتقليل أي بما تستطيعون منهما والإعانة علي الشفاعة أو علي إجراء الأحكام والأدب بين الناس
صفحه : 478
والأول أظهر. و قال الجوهري التبر من الذهب ما كان غيرمضروب فإذاضرب دنانير فهو عين و لايقال تبر إلاللذهب وبعضهم يقول للفضة أيضا انتهي . والوفر المال الكثير والمراد بالبالي المندرس وبالطمر ما لم يبلغ ذلك . و في نسخة الراوندي بعد ذلك و لاادخرت من أقطارها شبرا وفدك ينصرف بتأويل الموضع و لاينصرف بتأويل البلدة أوالقرية. والنفوس الشاحة أبوبكر وعمر وأتباعهم والساخية نفوس أهل البيت ع أو من لم يرغب في هذاالغصب و لم يرض به والأول أظهر. و في الصحاح مظنة الشيء موضعه ومألفه ألذي يظن كونه فيه والجمع المظان و قال الجدث القبر و قال ضغطه يضغطه ضغطا رخمه إلي حائط ونحوه و منه ضغطة القبر. و في بعض النسخ لأضغطها قال ابن أبي الحديد أي جعلها ضاغطة والهمزة المتعدية ويروي لضغطها والمتراكم المجتمع وإنما هي نفسي كأن الضمير راجع إلي النفس وقيل أي إنما همتي وحاجتي رياضة نفسي ويقال رضت الدابة كقلت أي ذللتها وأدبتها. والمراد بالمزلق الصراط أوطريق الحق قوله ع و لوشئت لاهتديت قال ابن أبي الحديد و قدروي و لوشئت لاهتديت إلي هذاالعسل المصفي ولباب هذاالبر المنقي فضربت هذابذاك حتي ينضج وقودا ويستحكم معقودا. والقمح البر قاله الجوهري. و قال القز الإبريسم معرب و قال الجشع أشد الحرص و قال الاختيار الاصطفاء وكذلك التخير و قال المبطان ألذي لايزال عظيم البطن من كثرة الأكل . و قال الغرث الجوع و قدغرث بالكسر يغرث و قال الحرة بالكسر العطش و منه
صفحه : 479
قولهم أشد العطش حرة علي قرة إذاعطش في يوم بارد والحران العطشان والأنثي حري مثل عطشي . قوله ع أوأكون الهمزة للاستفهام والواو للعطف والبيت للحاتم الطائي المشهور والبطنة بالكسر هو أن يمتلئ من الطعام امتلاء شديدا والقد بالكسر سير يقد من جلد غيرمدبوغ والاشتياق إلي القد لشدة الجوع . قوله ع و لاأشاركهم الواو للحال أوالعطف علي أقنع أويقال فيحتمل الرفع والنصب . و قوله ع أوأكون معطوف علي أشاركهم أو علي أقنع . و قال الجوهري طعام جشب ومجشوب أي غليظ ويقال هو ألذي لاأدم معه . قوله ع كالبهيمة المربوطة إلخ قال ابن ميثم فإن الاشتغال بها إن كان غنيا أشبه المعلوفة في اهتمامه بما يعتلفه من طعامه الحاضر و إن كان فقيرا كان اهتمامه بما يكتسبه كالسائمة والتقمم أكل الشاة ما بين يديها بمقمتها أي شفتها وقيل تتبع القمامة. قوله ع تكترش أي تملأ بهاكرشه والكرش بالكسر وككتف لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان وتلهو عما يراد بها أي من ذبح واستخدام . وأترك في بعض النسخ بالضم عطفا علي أقنع وبالنصب عطفا علي يقال أويشغلني وكذا قوله أهمل وأجر وأعتسف وأجر حبل الضلالة أي أجر اتباعي إليها ويحتمل التشبيه بالبهيمة التي انقطع مقودها أوتركت سدي والاعتساف العدول عن الطريق والمتاهة محل التيه والضلال والحيرة
صفحه : 480
والباء في قعد به للتعدية و في القاموس النزال بالكسر أن ينزل الفريقان عن إبلهما إلي خيلهما فيضاربوا و قدتنازلوا والرتع الاتساع في الخصب و كل خصب مرتع ويظهر من بعض الشراح أنه قرأ الروائع بالياء المثناة التحتانية من راعه بمعني أعجبه وفيما رأينا من النسخ بالتاء والعذي بكسر العين وسكون الذال الزرع لاتسقيه إلاماء المطر. قوله ع كالصنو من الصنو الصنو المثل وأصله أن تطلع النخلتان من عرق واحد وَ قَالَ النّبِيّص أَنَا وَ عَلِيّ مِن نُورٍ وَاحِدٍ
. و في كثير من النسخ كالضوء من الضوء أي كالضوء الحاصل أوالمنعكس من الضوء لكون علمه وكمالاته من النبي ص ولذا كني الله عن النبي ص في القرآن بالشمس و عنه ع بالقمر والتشبيه بالذراع من العضد لأن العضد أصل للذراع والذراع وسيلة إلي التصرف والبطش بالعضد. وسمي معاوية معكوسا لانعكاس عقيدته ومركوسا لكونه تاركا للفطرة الأصلية ويحتمل أن يكون تشبيها له بالبهائم . وإنما قال ع الشخص والجسم ترجيحا لجانب البدن أولكونه تابعا لشهواته البدنية تاركا لمقتضيات روحه وعقله فكأنه ليس هذا إلاالجسم المحسوس و قال الجوهري الركس رد الشيء مقلوباوَ اللّهُ أَركَسَهُم بِما كَسَبُوا أي ردهم إلي كفرهم قوله ع حتي تخرج المدرة من بين حب الحصيد قال ابن ميثم أي حتي يخرج معاوية من بين المؤمنين ويخلصهم من وجوده بينهم كمايفعل من يصفي الغلة. و قال ابن أبي الحديد كما أن الزراع يجتهدون في إخراج الحجر والمدر والشوك ونحوه من بين الزرع كيلا يفسد مبانيه فيفسد ثمرته .
صفحه : 481
و فيه نظر لأنه لامعني لإخراج الطين من الزرع لأن لفظ حب الحصيد لايفهم منه ذلك . و قال الجوهري الغارب ما بين السنام والعنق و منه قولهم حبلك علي غاربك أي اذهبي حيث شئت وأصله أن الناقة إذارعت وعليها الخطام ألقي علي غاربها لأنها إذارأت الخطام لايهنؤها شيء. والانسلال الانطلاق في استخفاء والمخلب كمنبر ظفر كل سبع وأفلت الطائر وغيره تخلص وأفلته غيره والحبائل جمع حبالة بالكسر وهي مايصاد بها من أي شيء كان والمداحض المزالق والمراد هنا مواضع الشبهة و كل مايؤدي إلي حرام والمداعب من الدعابة وهي المزاح . و في النهاية الزخرف في الأصل الذهب وكمال حسن الشيء و قال المضامين جمع مضمون ومضمون الشيء مااحتوي واشتمل ذلك الشيء عليه . والقالب بالفتح قالب الخف ونحوه و مايفرغ فيه الجواهر وبالكسر البسر الأحمر حسيا أي مدركا بالحس و في بعض النسخ جنسيا أي منسوبا إلي جنس من الأجناس الموجودة المشاهدة. و قال الجوهري هوي بالفتح يهوي سقط إلي أسفل والمهوي والمهواة ما بين الجبلين والصدر بالتحريك الرجوع عن الماء خلاف الورد والمعني أوردتهم مهالك ليست من محال الصدور والورود و لايرجي النجاة منها. ودحضت رجله زلقت ولجة الماء ولجه معظمه وركوبها كناية عن ركوب أهوالها وفتنها أوطلب العلو فيها وأزور عنه عدل وانحرف . و قال ابن أبي الحديد ضيق المناخ كناية عن شدائد الدنيا كالفقر والمرض والحبوس والسجون و لايبالي بهالأن كل ذلك حقير في جنب السلامة من فتنة الدنيا كيوم حان انسلاخه أي قرب انقضاؤه و لاأسلس لك
صفحه : 482
أي لاأنقاد. والاستثناء من اليمين بمشيئة الله تعليقها بالمشيئة بقول إن شاء الله و هومستحب في سائر الأمور و قال ابن الأثير في النهاية هش لهذا الأمر يهش هشاشة إذافرح بذلك واستبشر وارتاح له وخف و قال نضب الماء غار ونفد. و قال الجوهري ماء معين أي جار أي أبكي حتي لايبقي في عيني ماء. و قال ابن أبي الحديد الرعي بكسر الراء الكلاء و قال الجوهري ربض الغنم مأواها وربوض الغنم والبقر والفرس والكتب مثل بروك الإبل والربيض الغنم برعاتها المجتمعة في مربضها و قال الهجوع النوم ليلا. و قال الهمل بالتحريك الإبل بلا راع يقال إبل همل وهامله ويقال فلان يعرك الأذي بجبنه أي يحتمله ذكره الفيروزآبادي و قال مااكتحلت غمضا أي ماتمت والكري النعاس افترشت أرضها أي اكتفت بهافراشا. وتوسدت كفها أي جعلتها وسادة واكتفت بها مع أنه مستحب والهمهمة الصوت الخفي ويدل علي استحباب إخفاء الذكر وتقشعت أي تفرقت وزالت وذهبت كمايتقشع السحاب
687- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي بَعضِ عُمّالِهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّكَ مِمّن أَستَظهِرُ بِهِ عَلَي إِقَامَةِ الدّينِ وَ أَقمَعُ بِهِ نَخوَةَ الأَثِيمِ وَ أَسُدّ بِهِ لَهَاةَ الثّغرِ المَخُوفِ فَاستَعِن بِاللّهِ عَلَي مَا أَهَمّكَ وَ اخلِطِ الشّدّةَ بِضِغثٍ مِنَ اللّينِ وَ ارفُق مَا كَانَ الرّفقُ أَرفَقَ وَ اعتَزِم بِالشّدّةِ حِينَ لَا يغُنيِ عَنكَ إِلّا الشّدّةُ وَ اخفِض لِلرّعِيّةِ جَنَاحَكَ وَ أَلِن لَهُم جَانِبَكَ وَ آسِ بَينَهُم فِي اللّحظَةِ وَ النّظرَةِ وَ الإِشَارَةِ وَ التّحِيّةِ حَتّي لَا يَطمَعَ العُظَمَاءُ فِي حَيفِكَ وَ لَا يَيأَسَ الضّعَفَاءُ مِن عَدلِكَ وَ السّلَامُ
بيان الاستظهار الاستعانة والقمع القهر والتذليل والنخوة الكبر
صفحه : 483
والأثيم المذنب . و قال في النهاية اللهوات جمع لهاة وهي اللحمات في سقف أقصي الفم انتهي ولعله أريد بهاهنا الفم مجازا والضغث بالكسر قطعة حشيش مختلطة الرطب باليابس و في تشبيه اللين بالضغث لطف فإنه لا يكون إلالينا. و قال ابن أبي الحديد المراد مزج الشدة بشيء من اللين فاجعلهما كالضغث و فيه بعد. و قال الجوهري اعتزمت علي كذا وعزمت بمعني والاعتزام لزوم القصد في المشي انتهي ولعل المراد هنا المعني الثاني إلي أنه مع الاضطرار إلي الشدة ينبغي عدم الإفراط فيه وخفض الجناح كناية عن الرفق أوالحراسة وإلانة الجانب ترك الغلظة والعنف في المعاشرة وآس بينهم أي اجعلهم أسوة وروي وساو بينهم والمعني واحد واللحظة المراقبة وقيل النظر بمؤخر العين
688- نهج ،[نهج البلاغة] مِن كِتَابٍ لَهُ ع أَمّا بَعدُ فَإِنّ الدّنيَا مَشغَلَةٌ عَن غَيرِهَا وَ لَم يُصِب صَاحِبُهَا مِنهَا شَيئاً إِلّا فَتَحَت لَهُ حِرصاً عَلَيهَا وَ لَهَجاً بِهَا وَ لَن يسَتغَنيَِ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ فِيهَا عَمّا لَم يَبلُغهُ مِنهَا وَ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ نَقضُ مَا أَبرَمَ وَ لَوِ اعتَبَرتَ بِمَا مَضَي حَفِظتَ مَا بقَيَِ وَ السّلَامُ
بيان المشغلة كمرحلة مايشغلك و في بعض النسخ مشغلة علي بناء الإفعال فلو صحت الرواية بطل ماحكم به الأكثر من رداءة أشغله واللهج بالشيء الولوع به . قوله ع و لواعتبرت قال ابن أبي الحديد أي لواعتبرت بما مضي من عمرك لحفظت باقيه أن تنفقه في الضلال وطلب الدنيا وتضيعه .
صفحه : 484
و قال ابن ميثم أي لواعتبرت بما مضي من القرون الخالية لحفظت مابقي من السعادة الأخروية أقول قال ابن أبي الحديد قدذكر نصر بن مزاحم هذاالكتاب و قال إنه ع كتبه إلي عمرو بن العاص و فيه زيادة لم يذكرها الرضي
689- نهج ،[نهج البلاغة] مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي سَلمَانَ الفاَرسِيِّ رَحِمَهُ اللّهُ قَبلَ أَيّامِ خِلَافَتِهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّمَا مَثَلُ الدّنيَا مَثَلُ الحَيّةِ لَيّنٌ مَسّهَا قَاتِلٌ سَمّهَا فَأَعرِض عَمّا يُعجِبُكَ فِيهَا لِقِلّةِ مَا يَصحَبُكَ مِنهَا وَ ضَع عَنكَ هُمُومَهَا لِمَا أَيقَنتَ بِهِ مِن فِرَاقِهَا وَ كُن آنَسَ مَا تَكُونُ بِهَا أَحذَرَ مَا تَكُونُ مِنهَا فَإِنّ صَاحِبَهَا كُلّمَا اطمَأَنّ فِيهَا إِلَي سُرُورٍ أَشخَصَتهُ عَنهُ إِلَي مَحذُورٍ أَو إِلَي إِينَاسٍ أَزَالَتهُ عَنهُ إِلَي إِيحَاشٍ
بيان قوله ع لقلة مايصحبك منها أي لقلة ماتستفيد من لذتها والانتفاع بها والتعبير بالقلة علي سبيل التنزل أي لأنك لاتصحب منها شيئا وقيل المراد بما يصحبه منها الكفن وقيل القبر
690-نهج ،[نهج البلاغة]روُيَِ أَنّ شُرَيحَ بنَ الحَارِثِ قاَضيَِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع
صفحه : 485
اشتَرَي دَاراً عَلَي عَهدِهِ بِثَمَانِينَ دِينَاراً فَبَلَغَهُ ذَلِكَ وَ استَدعَاهُ وَ قَالَ لَهُ بلَغَنَيِ أَنّكَ ابتَعتَ دَاراً بِثَمَانِينَ دِينَاراً وَ كَتَبتَ كِتَاباً وَ أَشهَدتَ شُهُوداً فَقَالَ لَهُ شُرَيحٌ قَد كَانَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيهِ نَظَرَ مُغضَبٍ ثُمّ قَالَ يَا شُرَيحُ أَمَا إِنّهُ سَيَأتِيكَ مَن لَا يَنظُرُ فِي كِتَابِكَ وَ لَا يَسأَلُكَ عَن بَيّنَتِكَ حَتّي يُخرِجَكَ مِنهَا شَاخِصاً وَ يُسلِمَكَ إِلَي قَبرِكَ خَالِصاً فَانظُر يَا شُرَيحُ لَا تَكُونُ ابتَعتَ هَذِهِ الدّارَ مِن غَيرِ مَالِكَ أَو نَقَدتَ الثّمَنَ مِن غَيرِ حِلّ لَكَ فَإِذَا أَنتَ قَد خَسِرتَ دَارَ الدّنيَا وَ دَارَ الآخِرَةِ أَمَا إِنّكَ لَو كُنتَ أتَيَتنَيِ عِندَ شِرَائِكَ مَا اشتَرَيتَ لَكَتَبتُ لَكَ كِتَاباً عَلَي هَذِهِ النّسخَةِ فَلَم تَرغَب فِي شِرَاءِ هَذِهِ الدّارِ بِدِرهَمٍ فَمَا فَوقَهُ وَ النّسخَةُ هَذِهِ هَذَا مَا اشتَرَي عَبدٌ ذَلِيلٌ مِن مَيّتٍ قَد أُزعِجَ لِلرّحِيلِ اشتَرَي مِنهُ دَاراً مِن دَارِ الغُرُورِ مِن جَانِبِ الفَانِينَ وَ خِطّةِ الهَالِكِينَ وَ تَجمَعُ هَذِهِ الدّارَ حُدُودٌ أَربَعَةٌ الحَدّ الأَوّلُ ينَتهَيِ إِلَي دوَاَعيِ الآفَاتِ وَ الحَدّ الثاّنيِ ينَتهَيِ إِلَي دوَاَعيِ المُصِيبَاتِ وَ الحَدّ الثّالِثُ ينَتهَيِ إِلَي الهَوَي المرُديِ وَ الحَدّ الرّابِعُ ينَتهَيِ إِلَي الشّيطَانِ المغُويِ وَ فِيهِ يُشرَعُ بَابُ هَذِهِ الدّارِ اشتَرَي هَذَا المُغتَرّ بِالأَمَلِ مِن هَذَا المُزعَجِ بِالأَجَلِ هَذِهِ الدّارَ بِالخُرُوجِ مِن عِزّ القَنَاعَةِ وَ الدّخُولِ فِي ذُلّ الطّلَبِ وَ الضّرَاعَةِ فَمَا أَدرَكَ هَذَا المشُترَيِ فِيمَا اشتَرَي مِن دَرَكٍ فَعَلَي مُبَلبِلِ أَجسَامِ المُلُوكِ وَ سَالِبِ نُفُوسِ الجَبَابِرَةِ وَ مُزِيلِ مُلكِ الفَرَاعِنَةِ مِثلِ كِسرَي وَ قَيصَرَ وَ تُبّعٍ وَ حِميَرَ وَ مَن جَمَعَ المَالَ عَلَي المَالِ فَأَكثَرَ وَ مَن بَنَي
صفحه : 486
وَ شَيّدَ وَ زَخرَفَ وَ نَجّدَ وَ ادّخَرَ وَ اعتَقَدَ وَ نَظَرَ بِزَعمِهِ لِلوَلَدِ إِشخَاصُهُم جَمِيعاً إِلَي مَوقِفِ العَرضِ وَ الحِسَابِ وَ مَوضِعِ الثّوَابِ وَ العِقَابِ إِذَا وَقَعَ الأَمرُ بِفَصلِ القَضَاءِوَ خَسِرَ هُنالِكَ المُبطِلُونَشَهِدَ عَلَي ذَلِكَ العَقلُ إِذَا خَرَجَ مِن أَسرِ الهَوَي وَ سَلِمَ مِن عَلَائِقِ الدّنيَا
أقول سيأتي برواية أخري مع شرحه في أبواب خطبه ومواعظه
691- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي العُمّالِ الّذِينَ يَطَأُ عَمَلَهُمُ الجَيشُ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مَن مَرّ بِهِ الجَيشُ مِن جُبَاةِ الخَرَاجِ وَ عُمّالِ البِلَادِ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ قَد سَيّرتُ جُنُوداً هيَِ مَارّةٌ بِكُم إِن شَاءَ اللّهُ وَ قَد أَوصَيتُهُم بِمَا يَجِبُ لِلّهِ عَلَيهِم مِن كَفّ الأَذَي وَ صَرفِ الشّذَي وَ أَنَا أَبرَأُ إِلَيكُم وَ إِلَي ذِمّتِكُم مِن مَعَرّةِ الجَيشِ إِلّا مِن جَوعَةِ المُضطَرّ لَا يَجِدُ عَنهَا مَذهَباً إِلَي شِبَعِهِ فَنَكّلُوا مَن تَنَاوَلَ مِنهُم ظُلماً عَن ظُلمِهِم وَ كُفّوا أيَديَِ سُفَهَائِكُم عَن مُضَارّتِهِم وَ التّعَرّضِ لَهُم فِيمَا استَثنَينَاهُ مِنهُم وَ أَنَا بَينَ أَظهُرِ الجَيشِ فَارفَعُوا إلِيَّ مَظَالِمَكُم وَ مَا عَرَاكُم مِمّا يَغلِبُكُم مِن أَمرِهِم وَ مَا لَا تُطِيقُونَ دَفعَهُ إِلّا بِاللّهِ وَ بيِ أُغَيّرُهُ بِمَعُونَةِ اللّهِ
بيان يطأ عملهم أي يسيرون في أرضهم والبلاد التي تحت عملهم وحكمهم و قال الجوهري جبيته جباية وجبوته جباوة جمعته و قال الشذا مقصورا الأذي والشر قوله و إلي ذمتكم قال ابن أبي الحديد أي اليهود والنصاري الذين بينكم قال ص من آذي ذمتي فكأنما آذاني.
صفحه : 487
و قال ابن ميثم أي إلي ذمتكم التي أخذتها من إسارة الجيش فإنه ليس بأمري من ذلك إلامعرة جوعة المضطر والمعرة الإثم والأمر القبيح المكروه والأذي و هذا ويدل علي أنه يجوز للجائع المضطر من الجيش الأخذ بقدر الشبع . و قال ابن الأثير في النهاية التنكيل المنع والتنحية و و أنا بين أظهر الجيش أي أناقريب منكم وسائر علي أثرهم و قال ابن ميثم كناية عن كونه مرجع أمرهم وعراه يعروه غشيه أوقصده وتغيير ماعراهم دفع الظلم عنهم
692- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع كَتَبَهُ لَمّا استَخلَفَ إِلَي أُمَرَاءِ الأَجنَادِ أَمّا بَعدُ فَإِنّمَا أَهلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُم أَنّهُم مَنَعُوا النّاسَ الحَقّ فَاشتَرَوهُ وَ أَخَذُوهُم بِالبَاطِلِ فَاقتَدَوهُ
إيضاح فاشتروه قال ابن أبي الحديد أي فاشتري الناس الحق منهم بالرشا والأموال أي لم يضعوا الأمور مواضعها و لاولوا الولايات مستحقيها وكانت أمورهم تجري علي وفق الهوي والأغراض الفاسدة فاشتري الناس منهم الميراث والحقوق كمايشتري السلع بالأموال وروي فاستروه بالسين المهملة أي اختاروه تقول استريت خيار المال أي اخترته و يكون الضمير عائدا إلي الظلمة لا إلي الناس أي منعوا الناس حقهم من المال واختاروه لأنفسهم واستأثروا به وأخذوهم بالباطل أي حملوهم علي الباطل فجاء الخلف من بعدالسلف فاقتدوا بآبائهم وأسلافهم في ارتكاب ذلك الباطل ظنا منهم أنه حق لما قدألفوه ونشئوا عليه . و قال ابن ميثم اشتروه أي باعوه وتعوضوا عنه بالباطل لمامنعوا منه كقوله تعالي وَ شَرَوهُ بِثَمَنٍ بَخسٍ وكذلك قوله ع أخذوهم بالباطل فاقتدوه أي اقتدوا الباطل وسلكوا فيه مسلك من أخذهم به كقوله
صفحه : 488
تعالي فَبِهُداهُمُ اقتَدِهانتهي .قيل ويحتمل إرجاع الضمير المرفوع في قوله ع اشتروه إلي الناس والمنصوب إلي المنع المذكور في ضمن قوله منعوا أي إنما أهلك من كان قبلكم أن الظالمين منهم تصرفوا في أمورهم وصاروا خلفاء فيهم حكاما بينهم و هومعني منعهم الحق فرضوا بذلك وتعوضوا به عن الحق وخلفائه فالاشتراء كناية عن الرضا أواستعارة لتعوضهم أومجاز فيه . و أماالضمير المنصوب في قوله ع فاقتدوه فيحتمل الإرجاع إلي الأخذ فيكون نظيرا لسابقه أو إلي الباطل .أقول و في بعض النسخ فافتدوه بالفاء أي أخذوهم بأحكام الجور فأعطوا الفداء ليتخلصوا منهم فالضمير راجع إلي الباطل ولعله أنسب
693- نهج ،[نهج البلاغة] وَ قَالَ ع لِزِيَادِ بنِ أَبِيهِ وَ قَدِ استَخلَفَهُ لِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ عَلَي فَارِسَ وَ أَعمَالِهَا فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ كَانَ بَينَهُمَا نَهَاهُ فِيهِ عَن تَقدِيمِ الخَرَاجِ استَعمِلِ العَدلَ وَ احذَرِ العَسفَ وَ الحَيفَ فَإِنّ العَسفَ يَعُودُ بِالجَلَاءِ وَ الحَيفَ يَدعُو إِلَي السّيفِ
بيان قال في القاموس عسف السلطان ظلم وفلانا استخدمه والحيف الميل والجور والظلم فيحتمل أن يكون المراد بالحيف الميل إلي بعض الرعايا بالإعزاز والاحترام وتفضيل بعضهم علي بعض فإن ذلك يورث العداوة بينهم وعدم طاعة بعضهم للوالي فيكون داعيا إلي القتال . أوالمراد بالعسف الاستخدام كما هودأب الملوك في استخدام الرعايا وأخذ دوابهم فالحيف بمعني الظلم أي سائر أنواعه .
صفحه : 489
و قال ابن أبي الحديد كانت عادة أهل فارس في أيام عثمان أن يطلب الوالي منهم خراج أملاكهم قبل بيع الثمار علي وجه الاستلاف و كان ذلك يجحف بالناس
694- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي بَعضِ عُمّالِهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ دَهَاقِينَ أَهلِ بَلَدِكَ شَكَوا مِنكَ قَسوَةَ وَ غِلظَةً وَ احتِقَاراً وَ جَفوَةً فَنَظَرتُ فَلَم أَرَهُم أَهلًا لِأَن يُدنَوا لِشِركِهِم وَ لَا أَن يُقصَوا وَ يُجفَوا لِعَهدِهِم فَالبَس لَهُم جِلبَاباً مِنَ اللّينِ تَشُوبُهُ بِطَرَفٍ مِنَ الشّدّةِ وَ دَاوِل لَهُم بَينَ القَسوَةِ وَ الرّأفَةِ وَ امزُج لَهُم بَينَ التّقرِيبِ وَ الإِدنَاءِ وَ الإِبعَادِ وَ الإِقصَاءِ إِن شَاءَ اللّهُ
بيان الدهقان بالضم والكسر رئيس القرية و هومعرب والقسوة الصلابة والجفوة نقيض الصلة. قوله ع فلم أرهم أي لاتقربهم إليك قربا كاملا لشركهم و لاتبعدهم عنك بعدا كاملا لأنهم معاهدون و أهل الذمة فعاملهم بين المعاملتين والجلباب الإزار والرداء أوالملحفة أوالمقنعة والطرف بالتحريك الطائفة من الشيء والمداولة المناوبة أي كن قاسيا مرة ولينا أخري
695-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي زِيَادِ بنِ أَبِيهِ وَ هُوَ خَلِيفَةُ عَامِلِهِ عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ عَلَي البَصرَةِ وَ عَبدُ اللّهِ يَومَئِذٍ عَامِلُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع عَلَيهَا وَ عَلَي كُوَرِ الأَهوَازِ وَ فَارِسَ وَ كِرمَانَ وَ إنِيّ أُقسِمُ بِاللّهِ قَسَماً صَادِقاً لَئِن بلَغَنَيِ أَنّكَ خُنتَ مِن فيَءِ المُسلِمِينَ شَيئاً
صفحه : 490
صَغِيراً أَو كَبِيراً لَأَشُدّنّ عَلَيكَ شَدّةً تَدَعُكَ قَلِيلَ الوَفرِ ثَقِيلَ الظّهرِ ضَئِيلَ الأَمرِ وَ السّلَامُ
إيضاح قال ابن ميثم زياد هو ابن سمية أم أبي بكرة دعي أبي سفيان وروي أن أول من دعاه ابن أبيه عائشة حين سئلت لمن يدعي و كان كاتب المغيرة بن شعبة ثم كتب لأبي موسي ثم كتب لابن عامر ثم كتب لابن عباس و كان مع علي ع فولاه فارس وكتب إليه معاوية يتهدده فكتب إليه أتتوعدني وبيني وبينك ابن أبي طالب أما و الله لئن وصلت إلي لتجدني أحمر ضرابا بالسيف ثم دعاه معاوية أخا له وولاه بعد أمير المؤمنين ع البصرة وأعمالها وجمع له بعدالمغيرة بن شعبة العراقين و كان أول من جمعا له . و قال الجوهري الكورة المدينة والصقع [ والصقع الناحية] والجمع كور. و قال الفارس الفرس وبلادهم و قال الشدة بالفتح الحملة الواحدة و قال الوفر المال الكثير أي نفقرك بأخذ ماأخذت من أموال المسلمين ثقيل الظهر بالأوزار والتبعات وقيل كناية عن الضعف وعدم النهوض لمايحتاج إليه والضئيل الحقير أي تسلب جاهك بسلب مالك
696- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي زِيَادٍ أَيضاً فَدَعِ الإِسرَافَ مُقتَصِداً وَ اذكُر فِي اليَومِ غَداً وَ أَمسِك مِنَ المَالِ بِقَدرِ ضَرُورَتِكَ وَ قَدّمِ الفَضلَ لِيَومِ حَاجَتِكَ أَ تَرجُو أَن يُؤتِيَكَ اللّهُ أَجرَ المُتَوَاضِعِينَ وَ أَنتَ عِندَهُ مِنَ المُتَكَبّرِينَ وَ تَطمَعُ وَ أَنتَ مُتَمَرّغٌ فِي النّعِيمِ تَمنَعُهُ الضّعِيفَ وَ الأَرمَلَةَ أَن يُوجِبَ لَكَ ثَوَابَ المُتَصَدّقِينَ وَ إِنّمَا المَرءُ مجَزيِّ بِمَا أَسلَفَ وَ قَادِمٌ عَلَي مَا قَدّمَ وَ السّلَامُ
صفحه : 491
بيان الإسراف التبذير وقيل ماأنفق في غيرطاعة وقيل مجاوزة القصد والاقتصاد التوسط في الأمور و في النهاية التمرغ التقلب في التراب و قال الأرامل المساكين من نساء ورجال ويقال لكل واحد من الفريقين علي انفراده أرامل و هوبالنساء أخص وأكثر استعمالا الواحدة أرمل وأرملة فالأرمل ألذي ماتت زوجته والأرملة التي مات زوجها سواء كانا غنيين أوفقيرين انتهي و أن يوجب مفعول تطمع
697- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي قُثَمَ بنِ العَبّاسِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ عيَنيِ بِالمَغرِبِ كَتَبَ إلِيَّ يعُلمِنُيِ أَنّهُ وُجّهَ إِلَي المَوسِمِ أُنَاسٌ مِن أَهلِ الشّامِ العمُيِ القُلُوبِ الصّمّ الأَسمَاعِ الكُمهِ الأَبصَارِ الّذِينَ يَلتَمِسُونَ[يَلبِسُونَ]الحَقّ بِالبَاطِلِ وَ يُطِيعُونَ المَخلُوقَ فِي مَعصِيَةِ الخَالِقِ وَ يَحتَلِبُونَ الدّنيَا دَرّهَا بِالدّينِ وَ يَشتَرُونَ عَاجِلَهَا بِآجِلِ الأَبرَارِ المُتّقِينَ وَ لَن يَفُوزَ بِالخَيرِ إِلّا عَامِلُهُ وَ لَا يُجزَي جَزَاءَ الشّرّ إِلّا فَاعِلُهُ فَأَقِم عَلَي مَا فِي يَدَيكَ قِيَامَ الحَازِمِ الصّلِيبِ وَ النّاصِحِ اللّبِيبِ وَ النّافِعِ لِسُلطَانِهِ المُطِيعِ لِإِمَامِهِ وَ إِيّاكَ وَ مَا يُعتَذَرُ مِنهُ وَ لَا تَكُن عِندَ النّعمَاءِ بَطِراً وَ لَا عِندَ البَأسَاءِ فَشِلًا
بيان قال ابن ميثم كان معاوية قدبعث إلي مكة دعاة في السر يدعون إلي طاعته ويثبطون العرب عن نصرة أمير المؤمنين ع بأنه إما قاتل لعثمان أوخاذل له وينشرون عندهم محاسن معاوية بزعمهم فكتب أمير المؤمنين ع هذاالكتاب وقثم بن العباس بن عبدالمطلب لم يزل واليا لعلي ع علي مكة حتي قتل علي ع فاستشهد قثم بسمرقند في زمن معاوية.
صفحه : 492
وقيل إن الذين بعثهم معاوية كان بعض السرايا التي كان يبعثها للإغارة علي أعمال علي ع . والعين الجاسوس أي أصحاب أخباره ع عندمعاوية ويسمي الشام مغربا لأنه من الأقاليم المغربية والموسم كمجلس الوقت ألذي يجتمع فيه الحاج كل سنة والأكمه ألذي يولد أعمي الذين يلتمسون الحق بالباطل قال ابن أبي الحديد أي يطلبون الحق بمتابعة معاوية فإنهم كانوا يظهرون ناموس العبادة و في بعض النسخ يلبسون الحق أي يخلطونه و قوله ع درها منصوب بدلا من الدنيا وشراؤهم عاجل الدنيا بأجل الأبرار كناية عن استعاضتهم الآخرة بالدنيا والحازم ذو الحزم الراسخ في الدين والصليب التشديد و مايعتذر منه المعصية والزلة و قال ابن الأثير في النهاية البطر الطغيان عندالنعمة وطول الغناء و قال الفشل الفزع والجبن والضعف
698- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ العَبدَ لَيَفرَحُ باِلشيّءِ ألّذِي لَم يَكُن لِيَفُوتَهُ وَ يَحزَنُ عَلَي الشيّءِ ألّذِي لَم يَكُن لِيُصِيبَهُ فَلَا يَكُن أَفضَلَ مَا نِلتَ فِي نَفسِكَ مِن دُنيَاكَ بُلُوغُ لَذّةٍ أَو شِفَاءُ غَيظٍ وَ لَكِن إِطفَاءُ بَاطِلٍ أَو إِحيَاءُ حَقّ وَ ليَكُن سُرُورُكَ بِمَا قَدّمتَ وَ أَسَفُكَ عَلَي مَا خَلّفتَ وَ هَمّكَ فِيمَا بَعدَ المَوتِ وَ السّلَامُ
699-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي ابنِ عَبّاسٍ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَي البَصرَةَ اعلَم أَنّ البَصرَةَ مَهبِطُ إِبلِيسَ وَ مَغرِسُ الفِتَنِ فَحَادِث أَهلَهَا بِالإِحسَانِ
صفحه : 493
وَ احلُل عُقدَةَ الخَوفِ مِن قُلُوبِهِم وَ قَد بلَغَنَيِ تَنَمّرُكَ لبِنَيِ تَمِيمٍ وَ غِلظَتُك عَلَيهِم وَ أَنّ بنَيِ تَمِيمٍ لَم يَغِب لَهُم نَجمٌ إِلّا طَلَعَ آخَرُ وَ أَنّهُم لَم يُسبَقُوا بِوَغمٍ فِي جَاهِلِيّةٍ وَ لَا إِسلَامٍ وَ أَنّ لَهُم بِنَا رَحِماً مَاسّةً وَ قَرَابَةً خَاصّةً نَحنُ مَأجُورُونَ عَلَي صِلَتِهَا وَ مَأزُورُونَ عَلَي قَطِيعَتِهَا فَاربَع أَبَا العَبّاسِ رَحِمَكَ اللّهُ فِيمَا جَرَي عَلَي يَدِكَ وَ لِسَانِكَ مِن خَيرٍ وَ شَرّ فَإِنّا شَرِيكَانِ فِي ذَلِكَ وَ كُن عِندَ صَالِحِ ظنَيّ بِكَ وَ لَا يَفِيلَنّ رأَييِ فِيكَ
تَبيِينٌ قَالَ ابنُ مِيثَمٍ رَحِمَهُ اللّهُ روُيَِ أَنّ ابنَ عَبّاسٍ كَانَ قَد أَضَرّ ببِنَيِ تَمِيمٍ حِينَ ولَيَِ أَمرَ البَصرَةِ مِن قِبَلِ عَلِيّ ع للِذّيِ عَرَفَهُم بِهِ مِنَ العَدَاوَةِ يَومَ الجَمَلِ لِأَنّهُم كَانُوا مِن شِيعَةِ طَلحَةَ وَ الزّبَيرِ وَ عَائِشَةَ فَحَمَلَ عَلَيهِمُ ابنُ عَبّاسٍ فَأَقصَاهُم وَ تَنَكّرَ عَلَيهِم وَ عَيّرَهُم بِالجَمَلِ حَتّي كَانَ يُسَمّيهِم شِيعَةَ الجَمَلِ وَ أَنصَارَ عَسكَرَ وَ هُوَ اسمُ جَمَلِ عَائِشَةَ وَ حِزبَ الشّيطَانِ فَاشتَدّ ذَلِكَ عَلَي نَفَرٍ مِن شِيعَةِ عَلِيّ ع مِن بنَيِ تَمِيمٍ مِنهُم حَارِثَةُ بنُ قُدَامَةَ وَ غَيرُهُ فَكَتَبَ بِذَلِكَ حَارِثَةُ إِلَي عَلِيّ ع يَشكُو إِلَيهِ ابنَ عَبّاسٍ فَكَتَبَ ع إِلَي ابنِ عَبّاسٍ أَمّا بَعدُ فَإِنّ خَيرَ النّاسِ عِندَ اللّهِ غَداً أَعمَلُهُم بِطَاعَتِهِ فِيمَا عَلَيهِ وَ لَهُ وَ أَقوَاهُم بِالحَقّ وَ إِن كَانَ مُرّاً أَلَا وَ إِنّهُ بِالحَقّ قَامَتِ السّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ فِيمَا بَينَ العِبَادِ فَلتَكُن سَرِيرَتُكَ فِعلًا وَ ليَكُن حُكمُكَ وَاحِداً وَ طَرِيقَتُكَ مُستَقِيمَةً وَ اعلَم أَنّ البَصرَةَ مَهبِطُ إِبلِيسَ وَ مَغرِسُ الفِتَنِ إِلَي آخِرِ مَا مَرّ قَولُهُ
قوله ع فيما بين العباد حال عن الحق أوظرف للقيام لكونه عبارة عما ينفع العباد ويصير سببا لانتظام أمورهم .
صفحه : 494
قوله ع فلتكن سريرتك فعلا أي لاتضمر خلاف ماتفعل و لاتخدع الناس قوله ع ومغرس الفتن قال ابن أبي الحديد أي موضع غرسها ويروي بالعين المهملة و هوالموضع ألذي ينزل فيه القوم آخر الليل .فحادث أهلها أي تعهدهم بالإحسان قال في النهاية فيه حادثوا هذه القلوب بذكر الله أي اجلوها واغسلوا الدرن عنها وتعاهدوها بذلك كمايحادث السيف بالصقال . و في الصحاح قال الأصمعي تنمر له أي تنكر له وتغير وأوعده لأن النمر لايلقاه أبدا إلامتنكر غضبان وتنمروا تشبهوا بالنمر لم يغب لهم نجم أي لم يمت لهم سيد إلاقام آخر مقامه و قال ابن ميثم الوغم الترة والأوغام الترات أي لم يهدر لهم دم في جاهلية و لا في إسلام يصفهم بالشجاعة والحمية فالمضاف محذوف أي لم يسبقوا بشفاء حقد من عدو. ويحتمل أن يكون المعني أنهم لم يسبقهم أحد إلي الترات والأحقاد لشرف نفوسهم بقلة احتمالهم للأذي و ذلك لأن المهين الحقير في نفسه لايكاد يغضب ويحقد بما يفعل به من الأذي و إن غضب في الحال إلا أنه لايدوم ذلك الغضب و لايصير حقدا أو لم يسبقهم أحد و لم يغلب عليهم بالقهر والبطش . و في وصفهم بذلك إشارة إلي وجه المصلحة في الإحسان إليهم مع نوع من المدح والاستمالة والرحم الماسة لاتصالهم عندإلياس بن مضر. و قال ابن أبي الحديد مأزورون أصله موزورون ولكنه جاء بالهمزة لتحاذي بهاهمزة مأجورون . قوله ع فاربع أي توقف وتثبت فيما تفعل والمراد بالشر الضرر لاالظلم و إن احتمله . قوله ع فإنا شريكان هوكالتعليل لحسن أمره له بالتثبت لأنه لما كان واليا من قبله فكل حسنة أوسيئة يحدثها في ولايته فله ع
صفحه : 495
شركة في إحداثها إذ هوالسبب البعيد و أبوالعباس كنية ابن عباس . و قال الجوهري فال الرأي يفيل فيولة ضعف وأخطأ و رجل فال وفائل أي ضعيف الرأي مخطئ الفراسة
700- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ وَ كَانَ ابنُ عَبّاسٍ يَقُولُ مَا انتَفَعتُ بِكَلَامٍ بَعدَ كَلَامِ رَسُولِ اللّهِص كاَنتفِاَعيِ بِهَذَا الكَلَامِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ المَرءَ قَد يَسُرّهُ دَرَكُ مَا لَم يَكُن لِيَفُوتَهُ وَ يَسُوؤُهُ فَوتُ مَا لَم يَكُن لِيُدرِكَهُ فَليَكُن سُرُورُكَ بِمَا نِلتَ مِن آخِرَتِكَ وَ ليَكُن أَسَفُكَ عَلَي مَا فَاتَكَ مِنهَا وَ مَا نِلتَ مِن دُنيَاكَ فَلَا تُكثِر بِهِ فَرَحاً وَ مَا فَاتَكَ مِنهَا فَلَا تَأسَ عَلَيهِ جَزَعاً وَ ليَكُن هَمّكَ فِيمَا بَعدَ المَوتِ
بيان أول الكلام إشارة إلي قوله تعالي ما أَصابَ مِن مُصِيبَةٍ فِي الأَرضِ وَ لا فِي أَنفُسِكُم إِلّا فِي كِتابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرَأَها إِنّ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيرٌ لِكَيلا تَأسَوا عَلي ما فاتَكُم وَ لا تَفرَحُوا بِما آتاكُم وَ اللّهُ لا يُحِبّ كُلّ مُختالٍ فَخُورٍ. والدرك محركة لحاق الشيء والوصول إليه بعدطلبه واسم لم يكن ضمير المرء والغرض عدم الإكثار في الفرح بالنعم بحيث يؤدي إلي الاغترار بالدنيا والغفلة عن العقبي وعدم الحزن المفرط في المصيبة بحيث يفضي إلي عدم الرضا بالقضاء وترك مايجب أويستحب فعله . قوله ع بما نلت من آخرتك أي من أسباب آخرتك والطاعات التي توجب حصول الدرجات الأخروية و لاتأس أي لاتحزن
701-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي أَهلِ البَصرَةِ
صفحه : 496
وَ قَد كَانَ مِنِ انتِشَارِ حَبلِكُم وَ شِقَاقِكُم مَا لَم تَغبَوا عَنهُ فَعَفَوتُ عَن مُجرِمِكُم وَ رَفَعتُ السّيفَ عَن مُدبِرِكُم وَ قَبِلتُ مِن مُقبِلِكُم فَإِن خَطَت بِكُمُ الأُمُورُ المُردِيَةُ وَ سَفَهُ الآرَاءِ الجَائِرَةِ إِلَي منُاَبذَتَيِ وَ خلِاَفيِ فَهَا أَنَا ذَا قَد قَرّبتُ جيِاَديِ وَ رَحَلتُ ركِاَبيِ وَ إِن ألَجأَتمُوُنيِ إِلَي المَسِيرِ إِلَيكُم لَأُوقِعَنّ بِكُم وَقعَةً لَا تَكُونُ يَومَ الجَمَلِ إِلَيهَا إِلّا كَلَعقَةِ لَاعِقٍ مَعَ أنَيّ عَارِفٌ لذِيِ الطّاعَةِ مِنكُم فَضلَهُ وَ لذِيِ النّصِيحَةِ حَقّهُ غَيرُ مُتَجَاوِزٍ مُتّهَماً إِلَي برَيِءٍ وَ لَا نَاكِثاً إِلَي وفَيِّ
إيضاح الحبل العهد والميثاق والأمان و كل مايتوصل به إلي شيء وانتشاره كناية عن تشتت الآراء أوعدم الثبات علي العهود وقيل أي نشركم حبل الجماعة. قال الجوهري غبيت عن الشيء وغبيته أيضا أغبي غباوة إذا لم يفطن له وغبي علي الشيء كذلك إذا لم تعرفه . قوله ع وقبلت من مقبلكم أي ألذي لم يفر وجاء معتذرا. و قال ابن أبي الحديد خطا فلان خطوة يخطو و هومقدار ما بين القدمين فهذا لازم فإن عديته قلت أخطيت بفلان وخطوت به و قدعداه ع بالباء أقول المعني أن ذهبت بكم الأمور المهلكة والسفه محركة خفة الحلم . والآراء في بعض النسخ علي زنة آجال علي القلب و في بعضها علي الأصل والجور العدول عن القصد و قال الجوهري جاد الفرس أي صار رائعا يجود جودة بالضم فهو جواد للذكر والأنثي من خيل جياد وأجياد وأجاويد. والركاب الإبل التي يركب عليها والواحدة راحلة ورحلت البعير أرحله
صفحه : 497
رحلا إذاشددت علي ظهره الرحل و هوأصغر من القتب و في بعض النسخ بالتشديد. وأوقعت بهم أي بالغت في قتالهم والوقعة بالحرب الصدمة بعدالصدمة قوله إلاكلعقة لاعق قال ابن أبي الحديد هومثل يضرب للشيء الحقير التافه وروي بضم اللام وهي ماتأخذه الملعقة و في النهاية لعق الأصابع والصحفة لطع ماعليها من أثر الطعام قوله ع غيرمتجاوز متهما أي لاأجاوز في العقوبة من المتهم أي ألذي ثبت عليه الذنب إلي بريء بأن لاأعاقبه وأعاقب البريء والناكث من نقض البيعة والوفي من وفي بها وإنما قال ع ذلك لئلا ينفروا عنه يأسا من عدله ورأفته
702- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي قُثَمَ بنِ العَبّاسِ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَي مَكّةَ أَمّا بَعدُ فَأَقِم لِلنّاسِ الحَجّ وَ ذَكّرهُم بِأَيّامِ اللّهِ وَ اجلِس لَهُمُ العَصرَينِ فَأَفتِ المسُتفَتيَِ وَ عَلّمِ الجَاهِلَ وَ ذَاكِرِ العَالِمَ وَ لَا يَكُن لَكَ إِلَي النّاسِ سَفِيرٌ إِلّا لِسَانُكَ وَ لَا حَاجِبٌ إِلّا وَجهُكَ وَ لَا تَحجُبَنّ ذَا حَاجَةٍ عَن لِقَائِكَ بِهَا فَإِنّهَا إِن ذِيدَت عَن أَبوَابِكَ فِي أَوّلِ وِردِهَا لَم تُحمَد فِيمَا بَعدُ عَلَي قَضَائِهَا وَ انظُر إِلَي مَا اجتَمَعَ عِندَكَ مِن مَالِ اللّهِ فَاصرِفهُ إِلَي مَن قِبَلَكَ مِن ذيِ العِيَالِ وَ المَجَاعَةِ مُصِيباً بِهِ مَوَاضِعَ المَفَاقِرِ وَ الخَلّاتِ وَ مَا فَضَلَ عَن ذَلِكَ فَاحمِلهُ إِلَينَا لِنَقسِمَهُ فِيمَن قِبَلَنَا وَ مُر أَهلَ مَكّةَ أَن لَا يَأخُذُوا مِن سَاكِنٍ أَجراً فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ يَقُولُسَواءً العاكِفُ فِيهِ وَ البادِفَالعَاكِفُ المُقِيمُ بِهِ وَ الباَديِ ألّذِي يَحُجّ إِلَيهِ مِن غَيرِ أَهلِهِ وَفّقَنَا اللّهُ وَ إِيّاكُم لِمَحَابّهِ وَ السّلَامُ
بيان قوله ع بأيام الله أي إنعامه وأيام انتقامه روي
صفحه : 498
ذلك عن أبي عبد الله ع . واجلس لهم العصرين قال ابن ميثم لكونهما أطيب الأوقات بالحجاز و قال الجوهري العصران الغداة والعشي و منه سميت صلاة العصر و قال السفير الرسول والمصلح بين القوم إن ذيدت أي دفعت ومنعت ووردها سؤالها والمجاعة بالفتح الجوع و قال ابن الأثير المفاقر جمع فقر علي غيرقياس كالمشابه والملامح ويجوز أن يكون جمع مفقر والخلة الحاجة والمحاب جمع المحبة بمعني الحب أي الأعمال المحبوبة
703- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ أَمّا بَعدُ فَإِنّكَ لَستَ بِسَابِقٍ أَجَلَكَ وَ لَا مَرزُوقٍ مَا لَيسَ لَكَ وَ اعلَم بِأَنّ الدّهرَ يَومَانِ يَومٌ لَكَ وَ يَومٌ عَلَيكَ وَ أَنّ الدّنيَا دَارُ دُوَلٍ فَمَا كَانَ مِنهَا لَكَ أَتَاكَ عَلَي ضَعفِكَ وَ مَا كَانَ مِنهَا عَلَيكَ لَم تَدفَعهُ بِقُوّتِكَ
704- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن وَصِيّةٍ لَهُ ع لِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ عِندَ استِخلَافِهِ إِيّاهُ عَلَي البَصرَةِ سَعِ النّاسَ بِوَجهِكَ وَ مَجلِسِكَ وَ حُكمِكَ وَ إِيّاكَ وَ الغَضَبَ فَإِنّهُ طَيرَةٌ مِنَ الشّيطَانِ وَ اعلَم أَنّ مَا قَرّبَكَ مِنَ اللّهِ يُبَاعِدُكَ مِنَ النّارِ وَ مَا بَاعَدَكَ مِنَ اللّهِ يُقَرّبُكَ مِنَ النّارِ
بيان سع الناس أي لاتخص بعض الناس بشيء من ذلك بل ساوهم فيها ومجلسك أي تقربهم منك في المجلس طيرة من الشيطان في بعض النسخ بفتح الطاء وسكون الياء و في بعضها بكسر الطاء وفتح الياء.
صفحه : 499
و قال الجوهري في فلان طيرة وطيرورة أي خفة وطيش والطيرة مثال العتبة و هو مايتشأم به من الفأل الردي انتهي . والأول هنا أظهر و علي الثاني فيمكن أن يكون المراد أن ذلك فأل رديء ناش من الشيطان يدل علي أن صاحبه بعيد من رحمة الله
705-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ كُنتُ أَشرَكتُكَ فِي أمَاَنتَيِ وَ جَعَلتُكَ شعِاَريِ وَ بطِاَنتَيِ وَ لَم يَكُن فِي أهَليِ رَجُلٌ أَوثَقَ مِنكَ فِي نفَسيِ لمِوُاَساَتيِ وَ موُاَزرَتَيِ وَ أَدَاءِ الأَمَانَةِ إلِيَّ فَلَمّا رَأَيتَ الزّمَانَ عَلَي ابنِ عَمّكَ قَد كَلِبَ وَ العَدُوّ قَد حَرِبَ وَ أَمَانَةَ النّاسِ قَد خَزِيَت وَ هَذِهِ الأُمّةَ قَد فَتَكَت وَ شَغَرَت قَلَبتَ لِابنِ عَمّكَ ظَهرَ المِجَنّ فَفَارَقتَهُ مَعَ المُفَارِقِينَ وَ خَذَلتَهُ مَعَ الخَاذِلِينَ وَ خُنتَهُ مَعَ الخَائِنِينَ فَلَا ابنَ عَمّكَ آسَيتَ وَ لَا الأَمَانَةَ أَدّيتَ وَ كَأَنّكَ لَم تَكُنِ اللّهَ تُرِيدُ بِجِهَادِكَ وَ كَأَنّكَ لَم تَكُن عَلَي بَيّنَةٍ مِن رَبّكَ وَ كَأَنّكَ إِنّمَا كُنتَ تَكِيدُ هَذِهِ الأُمّةَ عَن دُنيَاهُم وَ تنَويِ غِرّتَهُم عَن فَيئِهِم فَلَمّا أَمكَنَتكَ الشّدّةُ فِي خِيَانَةِ الأُمّةِ أَسرَعتَ الكَرّةَ وَ عَاجَلتَ الوَثبَةَ فَاختَطَفتَ مَا قَدَرتَ عَلَيهِ مِن أَموَالِهِمُ المَصُونَةِ لِأَرَامِلِهِم وَ أَيتَامِهِمُ اختِطَافَ الذّئبِ الأَزَلّ دَامِيَةَ المِعزَي الكَسِيرَةَ فَحَمَلتَهُ إِلَي الحِجَازِ رَحِيبَ الصّدرِ بِحَملِهِ غَيرَ مُتَأَثّمٍ مِن أَخذِهِ كَأَنّكَ لَا أَبَا لِغَيرِكَ حَدَرتَ عَلَي أَهلِ تُرَاثِكَ مِن أَبِيكَ وَ أُمّكَ فَسُبحَانَ اللّهِ أَ مَا تُؤمِنُ بِالمَعَادِ أَ وَ مَا تَخَافُ مِن نِقَاشِ الحِسَابِ أَيّهَا المَعدُودُ كَانَ عِندَنَا مِن ذوَيِ الأَلبَابِ كَيفَ تُسِيغُ شَرَاباً وَ طَعَاماً وَ أَنتَ تَعلَمُ أَنّكَ تَأكُلُ حَرَاماً وَ تَشرَبُ حَرَاماً وَ تَبتَاعُ الإِمَاءَ وَ تَنكِحُ النّسَاءَ مِن مَالِ اليَتَامَي وَ المَسَاكِينِ وَ المُؤمِنِينَ وَ المُجَاهِدِينَ الّذِينَ أَفَاءَ اللّهُ عَلَيهِم هَذِهِ الأَموَالَ
صفحه : 500
وَ أَحرَزَ بِهِم هَذِهِ البِلَادَ فَاتّقِ اللّهَ وَ اردُد إِلَي هَؤُلَاءِ القَومِ أَموَالَهُم فَإِنّكَ إِن لَم تَفعَل ثُمّ أمَكنَنَيِ اللّهُ مِنكَ لَأُعذِرَنّ إِلَي اللّهِ فِيكَ وَ لَأَضرِبَنّكَ بسِيَفيَِ ألّذِي مَا ضَرَبتُ بِهِ أَحَداً إِلّا دَخَلَ النّارَ وَ وَ اللّهِ لَو أَنّ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ فَعَلَا مِثلَ فِعلِكَ ألّذِي فَعَلتَ مَا كَانَت لَهُمَا عنِديِ هَوَادَةٌ وَ لَا ظَفِرَا منِيّ بِإِرَادَةٍ حَتّي آخُذَ الحَقّ مِنهُمَا وَ أُزِيحَ البَاطِلَ عَن مَظلَمَتِهِمَا وَ أُقسِمُ بِاللّهِ رَبّ العَالَمِينَ مَا يسَرُنّيِ أَنّ مَا أَخَذتَهُ مِن أَموَالِهِم حَلَالٌ لِي أَترُكُهُ مِيرَاثاً لِمَن بعَديِ فَضَحّ رُوَيداً فَكَأَنّكَ قَد بَلَغتَ المَدَي وَ دُفِنتَ تَحتَ الثّرَي وَ عُرِضَت عَلَيكَ أَعمَالُكَ بِالمَحَلّ ألّذِي ينُاَديِ الظّالِمُ فِيهِ بِالحَسرَةِ وَ يَتَمَنّي المُضَيّعُ الرّجعَةَ فِيهِوَ لاتَ حِينَ مَناصٍ
إيضاح قال ابن أبي الحديد قداختلف الناس في المكتوب إليه هذاالكتاب فقال الأكثرون إنه عبد الله بن العباس رحمه الله ورووا في ذلك روايات واستدلوا عليه بألفاظ من ألفاظ الكتاب كقوله أشركتك في أمانتي وجعلتك بطانتي وشعاري وإنه لم يكن في أهلي رجل أوثق منك . و قوله علي ابن عمك قدكلب ثم قال ثانيا قلبت لابن عمك ظهر المجن ثم قال ثالثا فلا ابن عمك آسيت و قوله لا أبالغيرك و هذه كلمة لاتقال إلالمثله فأما غيره من أفناء الناس فإن عليا ع كان يقول له لا أبا لك . و قوله أيها المعدود كان عندنا من أولي الألباب . و قوله و الله لو أن الحسن و الحسين ع و هذايدل علي أن المكتوب إليه هذاالكتاب قريب من أن يجري مجراهما عنده .
صفحه : 501
وَ قَد رَوَي أَربَابُ هَذَا القَولِ أَنّ عَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ كَتَبَ إِلَي عَلِيّ ع جَوَاباً عَن هَذَا الكِتَابِ قَالُوا وَ كَانَ جَوَابُهُ أَمّا بَعدُ فَقَد أتَاَنيِ كِتَابُكَ تُعَظّمُ عَلَيّ مَا أَصَبتُ مِن بَيتِ مَالِ البَصرَةِ وَ لعَمَريِ إِنّ حقَيّ فِي بَيتِ المَالِ لَأَكثَرُ مِمّا أَخَذتُ وَ السّلَامُ
قَالُوافَكَتَبَ إِلَيهِ عَلِيّ ع أَمّا بَعدُ فَإِنّ مِنَ العَجَبِ أَن تُزَيّنَ لَكَ نَفسُكَ أَنّ لَكَ فِي بَيتِ مَالِ المُسلِمِينَ مِنَ الحَقّ أَكثَرَ مِمّا لِرَجُلٍ مِنَ المُسلِمِينَ فَقَد أَفلَحتَ إِن كَانَ تَمَنّيكَ البَاطِلَ وَ ادّعَاؤُكَ مَا لَا يَكُونُ يُنجِيكَ مِنَ المَأثَمِ وَ يُحِلّ لَكَ المُحَرّمَ إِنّكَ لَأَنتَ المهُتدَيِ السّعِيدُ إِذَن وَ قَد بلَغَنَيِ أَنّكَ اتّخَذتَ مَكّةَ وَطَناً وَ ضَرَبتَ بِهَا عَطَناً تشَترَيِ بِهَا مُوَلّدَاتِ مَكّةَ وَ المَدِينَةِ وَ الطّائِفِ تَختَارُهُنّ عَلَي عَينِكَ وَ تعُطيِ فِيهِنّ مَالَ غَيرِكَ فَارجِع هَدَاكَ اللّهُ إِلَي رُشدِكَ وَ تُب إِلَي اللّهِ رَبّكَ وَ اخرُج إِلَي المُسلِمِينَ
صفحه : 502
مِن أَموَالِهِم فَعَمّا قَلِيلٍ تُفَارِقُ مَن أَلّفتَ وَ تَترُكُ مَا جَمَعتَ وَ تَغِيبُ فِي صَدعٍ مِنَ الأَرضِ غَيرَ مُوَسّدٍ وَ لَا مُمَهّدٍ قَد فَارَقتَ الأَحبَابَ وَ سَكَنتَ التّرَابَ وَ وَاجَهتَ الحِسَابَ غَنِيّاً عَمّا خَلّفتَ فَقِيراً إِلَي مَا قَدّمتَ وَ السّلَامُ
قَالُوا فَكَتَبَ إِلَيهِ عَبدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ أَمّا بَعدُ فَإِنّكَ قَد أَكثَرتَ عَلَيّ وَ وَ اللّهِ لَأَن أَلقَي اللّهَ قَدِ احتَوَيتُ عَلَي كُنُوزِ الأَرضِ كُلّهَا مِن ذَهَبِهَا وَ عِقيَانِهَا وَ لُجَينِهَا أَحَبّ إلِيَّ مِن أَن أَلقَاهُ بِدَمِ امرِئٍ مُسلِمٍ وَ السّلَامُ
و قال آخرون وهم الأقلون هذا لم يكن و لافارق عبد الله بن عباس عليا ع و لاباينه و لاخالفه و لم يزل أميرا علي البصرة إلي أن قتل علي ع .قالوا ويدل علي ذلك مارواه أبوالفرج علي بن الحسين الأصبهاني من كتابه ألذي كتبه إلي معاوية من البصرة لماقتل علي ع و قدذكرناه من قبل .قالوا وكيف يكون ذلك و لم يختدعه معاوية ويجره إلي جهته فقد علمتم كيف اختدع كثيرا من عمال أمير المؤمنين علي ع واستمالهم إليه بالأموال فمالوا وتركوا أمير المؤمنين ع فما باله و قدعلم النبوة التي حدثت بينهما لم يستمل ابن عباس و لااجتذبه إلي نفسه و كل من قرأ السير وعرف التواريخ يعرف مشاقة ابن عباس لمعاوية بعدوفاة علي ع و ما كان يلقاه به من قوارع الكلام وشديد الخصام و ما كان يثني به علي أمير المؤمنين ويذكر خصائصه وفضائله ويصدع به من مناقبه ومآثره فلو كان بينهما غبار أوكدر لما كان به الأمر كذلك بل كانت الحال تكون بالضد مما اشتهر من أمرهما و هذاعندي هوالأمثل والأصوب .
صفحه : 503
و قد قال الراوندي المكتوب إليه هذاالكتاب هوعبيد الله بن العباس لا عبد الله و ليس ذلك بصحيح فإن عبيد الله كان عامل علي ع علي اليمن و قدذكرنا قصته مع بسر بن أرطاة فيما تقدم و لم ينقل عنه أنه أخذ مالا و لافارق طاعة. و قدأشكل علي أمر هذاالكتاب فإن أناكذبت النقل و قلت هذاكلام موضوع علي أمير المؤمنين ع خالفت الرواة فإنهم قدأطبقوا علي رواية هذاالكلام عنه و قدذكر في أكثر كتب السيرة و إن صرفته إلي عبد الله بن العباس صدني عنه ماأعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين في حياته و بعدوفاته و إن صرفته إلي غيره لم أعلم إلي من أصرفه من أهل أمير المؤمنين ع والكلام يشعر بأن الرجل المخاطب من أهله و من بني عمه فأنا في هذاالموضع من المتوقفين انتهي . و قال ابن ميثم هذامجرد استبعاد ومعلوم أن ابن عباس لم يكن معصوما و علي ع لم يكن ليراقب في الحق أحدا و لو كان أعز أولاده بل يجب أن تكون الغلظة علي الأقرباء في هذاالأمر أشد ثم إن غلظة علي وعتابه لايوجب مفارقته إياه ولنرجع إلي الشرح . قوله ع كنت أشركتك في أمانتي أي جعلتك شريكا في الخلافة التي ائتمنني الله عليها والأمانة الثانية ماتعارفه الناس و قال ابن الأثير في النهاية بطانة الرجل صاحب سره وأدخله أمره ألذي يشاوره في أحواله . قدخزيت أي هانت وذلت والمراد عدم اهتمام الناس بحفظها و قال الجوهري و قال ابن الأثير التفل نفخ معه أدني بزاق و هوأكثر من النفث . والمواساة المشاركة والمساهمة وأصله الهمزة قلبت تخفيفا والموازرة المشاركة في حمل الأثقال والمعاونة في إمضاء الأمور. و قال في حرب وكلب من النهاية في حديث علي ع كتب إلي ابن عباس حين أخذ مال البصرة فلما رأيت الزمان علي ابن عمك قدكلب أي اشتد يقال كلب الدهر علي أهله إذاألح عليهم واشتد و قال
صفحه : 504
والعدو قدحرب أي غضب يقال منه حرب يحرب حربا بالتحريك انتهي . قدخزيت أي هانت وذلت والمراد عدم اهتمام الناس بحفظها و قال الجوهري الفتك أن يأتي الرجل صاحبه و هوغار حتي يشد عليه فيقتله و قدفتك به يفتك ويفتك علي زنة يضرب وينصر والفاتك الجريء و قال شغر البلد أي خلا من الناس و في القاموس شغرت الأرض لم يبق أحد يحميها ويضبطها والشغر البعد والتفرقة. و قال ابن أبي الحديد أي خلت من الخير. و قال في قوله ع قلبت لابن عمك أي كنت معه فصرت عليه وأصل ذلك أن الجيش إذالقوا العدو كانت ظهور مجانهم إلي وجه العدو وبطونها إلي عسكرهم فإذافارقوا رئيسهم عكسوا قوله ع علي بينة من ربك أي لم يكن إيمانك عن حجة وبرهان و قال الجوهري شيءشديد بين الشدة والشدة بالفتح الحملة الواحدة و قدشد عليه في الحرب انتهي . والكرة الحملة والعود إلي القتال و قال في النهاية في حديث علي ع اختطاف الذئب الأزل الأزل في الأصل الصغير الفجر و هو في صفات الذئب الخفيف وقيل هو من قولهم زل زليلا إذاعدي وخص الدامية لأن من طبع الذئب محبة الدم حتي أنه يري ذئبا داميا فيثب عليه ليأكله . و في الصحاح المعز من الغنم خلاف الضأن و هواسم جنس وكذلك المعزي . قوله رحيب الصدر أي واسعه طيب النفس و قال الجوهري الإثم الذنب وتأثم أي تحرج عنه وكف و قال حدرت السفينة أي أرسلتها إلي أسفل انتهي . و أما قوله ع لا أبالغيرك فقال في النهاية لا أبا لك أكثر ما
صفحه : 505
يستعمل في معرض المدح أي لاكافي لك غيرنفسك و قديذكر في معرض الذم كمايقال لاأم لك و قديذكر في معرض التعجب دفعا للعين انتهي .فعلي الأول يكون لا أبالغيرك ذما له بمدح غيره و علي الثاني مدحا له وتلطفا مع إشعار بالذم و علي الثالث يكون إبعادا عن التعجب من سوء فعله تلطفا أوذما له بالتعجب من حسن فعل غيره دون فعله . والأنسب بالمقام أن يكون الغرض لا أبا لك للذم فعبر هكذا لنوع ملاطفة و قديقال مثله في الفارسية يقال إن مات عدوك والغرض إن مت . و في النهاية فيه من نوقش في الحساب عذب أي من استقصي في محاسبته وحوقق و منه حديث علي ع يوم يجمع الله الأولين والآخرين لنقاش الحساب و هومصدر منه وأصله المناقشة من نقش الشوكة إذااستخرجها من جسمه . قوله ع أيها المعدود كان عندنا أدخل ع لفظة كان تنبيها علي أنه لم يبق كذلك فإن الظاهر من المعدود في الحال . وقيل لعله ع لم يقل يا من كان عندنا من ذوي الألباب إشعارا بأنه معدود في الحال أيضا عند الناس منهم و في التعبير بالمعدود إشعار بأنه لم يكن قبل ذلك أيضا منهم . و في الصحاح مكنه الله من الشيء وأمكنه منه بمعني و في القاموس أعذر أبدي عذرا وأحدث وثبت له عذر وبالغ و في النهاية الهوادة الرخصة والسكون والمحاباة و في الصحاح الهوادة الصلح والميل قوله ع بإرادة أي بمراد و قال الجوهري زاح أي ذهب و بعد وأزاحه غيره و قال الظلامة والمظلمة ماتطلبه عندالظالم و هواسم ماأخذ منك و قال الزمخشري في المستقصي صح رويدا أي ترفق في الأمر و لاتعجل وأصله أن الأعراب في باديتها تسير بالظعن فإذاعثرت علي لمع من العشب قالت ذلك وغرضها أن ترعي الإبل الضحاء قليلا قليلا وهي سائرة حتي إذابلغت مقصدها شبعت
صفحه : 506
فلما كان من الترفق في هذاتوسعوا فقالوا في كل موضع ضح بمعني ارفق والأصل ذاك و قال الجوهري قوله تعالي وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ قال الأخفش شبهوا لات بليس وأضمروا فيهااسم الفاعل و قال لاتكون لات إلا مع حين و قدجاء حذف حين في الشعر وقرأ بعضهم وَ لَاتَ حِينُ مَنَاصٍ برفع حين وأضمر الخبر قال أبوعبيد هي لا والتاء إنما زيدت في حين وكذلك في تلان وأوان و إن كتبت مفردة و قال المورج زيدت التاء في لات كمازيدت في ثمت وربت
706- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي المُنذِرِ بنِ الجَارُودِ العبَديِّ وَ قَد خَانَ فِي بَعضِ مَا وَلّاهُ مِن أَعمَالِهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ صَلَاحَ أَبِيكَ غرَنّيِ مِنكَ وَ ظَنَنتُ أَنّكَ تَتّبِعُ هَديَهُ وَ تَسلُكُ سَبِيلَهُ فَإِذَا أَنتَ فِيمَا رقُيَّ إلِيَّ عَنكَ لَا تَدَعُ لِهَوَاكَ انقِيَاداً وَ لَا تبُقيِ لِآخِرَتِكَ عَتَاداً أَ تَعمُرُ دُنيَاكَ بِخَرَابِ آخِرَتِكَ وَ تَصِلُ عَشِيرَتَكَ بِقَطِيعَةِ دِينِكَ وَ لَئِن كَانَ مَا بلَغَنَيِ عَنكَ حَقّاً لَجَمَلُ أَهلِكَ وَ شِسعُ نَعلِكَ خَيرٌ مِنكَ وَ مَن كَانَ بِصِفَتِكَ فَلَيسَ بِأَهلٍ أَن يُسَدّ بِهِ ثَغرٌ أَو يُنفَذَ بِهِ أَمرٌ أَو يُعلَي بِهِ قَدرٌ أَو يُشرَكَ فِي أَمَانَةٍ أَو يُؤمَنَ عَلَي جِبَايَةٍ فَأَقبِل إلِيَّ حِينَ يَصِلُ إِلَيكَ كتِاَبيِ هَذَا إِن شَاءَ اللّهُ
قال الشريف الرضي والمنذر بن الجارود هو ألذي قال فيه أمير المؤمنين إنه لنظار في عطفيه مختال في برديه تفال في شراكيه .إيضاح الهدي بالفتح السيرة الحسنة فيما رقي بالتشديد أي فيما رفع إلي وأصله أن يكون الإنسان في موضع عال فيرقي إليه شيء و كان العلو هاهنا هوعلو الرتبة بين الإمام والأمير نحو قولهم تعالي باعتبار علو رتبة الآمر علي المأمور.
صفحه : 507
كذا وذكره ابن أبي الحديد و قال اللام في قوله ع لهواك متعلق بمحذوف دل عليه انقيادا لأن المتعلق من حروف الجر بالمصدر لايجوز أن يتقدم علي المصدر والعتاد العدة و قال العرب تضرب المثل بالجمل في الهوان . و قال ابن ميثم جمل الأهل مما يتمثل به في الهوان وأصله فيما قيل إن الجمل يكون لأبي القبيلة فيصير ميراثا لهم يسوقه كل منهم ويصرفه في حاجته فهو ذليل حقير بينهم . وشسع نعلك قال الجوهري هي التي تشد إلي زمامها و قال ابن أبي الحديد المثل بها في الاستهانة مشهور لابتذالها ووطئها الأقدام في التراب . قوله ع أويشرك في أمانة قال ابن ميثم الخلفاء أمناء الله في بلاده فمن ولوه من قبلهم فقد أشركوه في أمانتهم . قوله ع أويؤمن علي جباية قال ابن أبي الحديد أي علي استجباء الخراج وجمعه و هذه الرواية التي سمعناها و من الناس من يرويها خيانة بالخاء المعجمة والنون وهكذا رواها القطب الراوندي و لم يرو الرواية الصحيحة التي ذكرناها نحن و قال علي تكون متعلقة بمحذوف أوبيؤمن نفسها و هذابعيد وتكلف . و قال ابن ميثم أي تؤمن حال خيانتك لأن كلمة علي تفيد الحال انتهي . وأقول يمكن أن يقدر فيه مضاف أي علي إزالة خيانة أويراد بالخيانة المال ألذي هوبمعرضها. قوله ع لنظار في عطفيه أي ينظر كثيرا في جانبيه تارة هكذا وتارة هكذا لإصلاح ثوبه أوإعجابه بنفسه . و قال ابن أبي الحديد الشراك السير ألذي يكون في النعل علي ظهر
صفحه : 508
القدم والتفل بالسكون مصدر تفل أي بصق والتفل محركة البصاق نفسه والمختال إنما يفعله في شراكيه ليذهب عنهما الغبار والوسخ يتفل فيهما فيمسحهما ليعودا كالجديدين . و قال ابن الأثير التفل نفخ معه أدني بزاق و هوأكثر من النفث
707-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي الحَارِثِ الهمَداَنيِّ وَ تَمَسّك بِحَبلِ القُرآنِ وَ انتَصِحهُ وَ أَحِلّ حَلَالَهُ وَ حَرّم حَرَامَهُ وَ صَدّق بِمَا سَلَفَ مِنَ الحَقّ وَ اعتَبِر بِمَا مَضَي مِنَ الدّنيَا مَا بقَيَِ مِنهَا فَإِنّ بَعضَهَا يُشبِهُ بَعضاً وَ آخِرَهَا لَاحِقٌ بِأَوّلِهَا وَ كُلّهَا حَائِلٌ مُفَارِقٌ وَ عَظّمِ اسمَ اللّهِ أَن لَا تَذكُرَهُ إِلّا عَلَي حَقّ وَ أَكثِر ذِكرَ المَوتِ وَ مَا بَعدَ المَوتِ وَ لَا تَتَمَنّ المَوتَ إِلّا بِشَرطٍ وَثِيقٍ وَ احذَر كُلّ عَمَلٍ يَرضَاهُ صَاحِبُهُ لِنَفسِهِ وَ يُكرَهُ لِعَامّةِ المُسلِمِينَ وَ احذَر كُلّ عَمَلٍ يُعمَلُ بِهِ فِي السّرّ وَ يُستَحيَا مِنهُ فِي العَلَانِيَةِ وَ احذَر كُلّ عَمَلٍ إِذَا سُئِلَ عَنهُ صَاحِبُهُ أَنكَرَهُ أَوِ اعتَذَرَ مِنهُ وَ لَا تَجعَل عِرضَكَ غَرَضاً لِنِبَالِ القَولِ وَ لَا تُحَدّثِ النّاسَ بِكُلّ مَا سَمِعتَ فَكَفَي بِذَلِكَ كَذِباً وَ لَا تَرُدّ عَلَي النّاسِ كُلّ مَا حَدّثُوكَ بِهِ فَكَفَي بِذَلِكَ جَهلًا وَ اكظِمِ الغَيظَ وَ احلُم عِندَ الغَضَبِ وَ تَجَاوَز عِندَ القُدرَةِ وَ اصفَح مَعَ الدّولَةِ تَكُن لَكَ العَاقِبَةُ وَ استَصلِح كُلّ نِعمَةٍ أَنعَمَهَا اللّهُ عَلَيكَ وَ لَا تُضَيّعَنّ نِعمَةً مِن نِعَمِ اللّهِ عِندَكَ وَ ليُرَ عَلَيكَ أَثَرُ مَا أَنعَمَ اللّهُ بِهِ عَلَيكَ وَ اعلَم أَنّ أَفضَلَ المُؤمِنِينَ أَفضَلُهُم تَقدِمَةً مِن نَفسِهِ وَ أَهلِهِ وَ مَالِهِ فَإِنّكَ مَا تُقَدّم مِن خَيرٍ يَبقَ لَكَ ذُخرُهُ وَ مَا تُؤَخّرهُ يَكُن لِغَيرِكَ خَيرُهُ وَ احذَر صَحَابَةَ مَن يَفِيلُ رَأيُهُ وَ يُنكَرُ عَمَلُهُ فَإِنّ الصّاحِبَ مُعتَبَرٌ بِصَاحِبِهِ
صفحه : 509
وَ اسكُنِ الأَمصَارَ العِظَامَ فَإِنّهَا جِمَاعُ المُسلِمِينَ وَ احذَر مَنَازِلَ الغَفلَةِ وَ الجَفَاءِ وَ قِلّةَ الأَعوَانِ عَلَي طَاعَةِ اللّهِ وَ اقصُر رَأيَكَ عَلَي مَا يَعنِيكَ وَ إِيّاكَ وَ مَقَاعِدَ الأَسوَاقِ فَإِنّهَا مَحَاضِرُ الشّيطَانِ وَ مَعَارِيضُ الفِتَنِ وَ أَكثِر أَن تَنظُرَ إِلَي مَن فُضّلتَ عَلَيهِ فَإِنّ ذَلِكَ مِن أَبوَابِ الشّكرِ وَ لَا تُسَافِر فِي يَومِ جُمُعَةٍ حَتّي تَشهَدَ الصّلَاةَ إِلّا فَاصِلًا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَو فِي أَمرٍ تُعذَرُ بِهِ وَ أَطِعِ اللّهَ فِي جُمَلِ أُمُورِكَ فَإِنّ طَاعَةَ اللّهِ فَاضِلَةٌ عَلَي مَا سِوَاهَا وَ خَادِع نَفسَكَ فِي العِبَادَةِ وَ ارفُق بِهَا وَ لَا تَقهَرهَا وَ خُذ عَفوَهَا وَ نَشَاطَهَا إِلّا مَا كَانَ مَكتُوباً عَلَيكَ مِنَ الفَرِيضَةِ فَإِنّهُ لَا بُدّ مِن قَضَائِهَا وَ تَعَاهُدِهَا عِندَ مَحَلّهَا وَ إِيّاكَ أَن يَنزِلَ بِكَ المَوتُ وَ أَنتَ آبِقٌ مِن رَبّكَ فِي طَلَبِ الدّنيَا وَ إِيّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الفُسّاقِ فَإِنّ الشّرّ بِالشّرّ مُلحَقٌ وَ وَقّرِ اللّهَ وَ أَحبِب أَحِبّاءَهُ وَ احذَرِ الغَضَبَ فَإِنّهُ جُندٌ عَظِيمٌ مِن جُنُودِ إِبلِيسَ وَ السّلَامُ
إيضاح قوله ع بحبل القرآن لعل الإضافة بيانية كما قال ص في حديث الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الأرض وانتصحه أي عده لك ناصحا فيما أمرك به ونهاك عنه وأحل حلاله أي اعتقده كذلك واعمل به وصدق بما سلف أي صدق بما تضمنه القرآن من أيام الله ومثلاته في الأيام السالفة والنبيين والمرسلين و ماجاءوا به أوبما ظهر لك من حقيته من الأمور السالفة من ابتداء العالم وحدوثه وبعث النبيين وأحوالهم وغيرها سواء ظهر من الكتاب أوالسنة أوالبرهان العقلي وكلها حائل أي متغير إلا علي حق أي علي حق عظيم معتد به من الأموال أومطلقا مالا أوغيره أوالغرض عدم الحلف علي الباطل و لاتتمن الموت أي لاتطلبه إلامقرونا ومشروطا بأن يكون صلاحك فيه وتدخل الجنة بعده وتكون مغفورا مبرورا و قال ابن أبي الحديد أي إلا و أنت واثق من أعمالك
صفحه : 510
الصالحة أنها تؤديك إلي الجنة وتنقذك من النار و هذامعني قوله تعالي لليهودفَتَمَنّوُا المَوتَ إِن كُنتُم صادِقِينَ وَ لا يَتَمَنّونَهُ أَبَداً بِما قَدّمَت أَيدِيهِمانتهي وأقول علي هذالعله يرجع إلي النهي عن تمني الموت مطلقا فإن ذلك الوثوق مما لايكاد يحصل لأحد سوي الأنبياء والأئمة ع و لاتجعل عرضك غرضا أي اتق مواضع التهم والغرض الهدف والنبل السهام العربية و لاواحد له من لفظه والنبال جمع الجمع والصفح مع الدولة العفو عندالغلبة علي الخصم واستصلح كل نعمة أي استدم نعم الله تعالي بشكرها وتضييعها بترك الشكر أوبصرفها في غيرمصارفها المشروعة ورؤية أثر النعمة باستعمالها كلبس الفاخر من الثياب وإطعام الطعام والتقدمة من النفس بذلها في الجهاد وإتعابها وإذابتها بالصيام والقيام و من الأهل ببعث الأولاد والعشيرة إلي الجهاد وعدم المبالاة بما أصابهم في سبيل الله والرضا بقضاء الله في مصائبهم و من المال بإنفاقه في طاعة الله . و قوله ع وإنك ماتقدم إشارة إلي قوله تعالي وَ ما تُقَدّمُوا لِأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ هُوَ خَيراً وَ أَعظَمَ أَجراً و قال الجوهري فال رأيه ضعف و رجل فال أي ضعيف الرأي مخطئ الفراسة. قوله ع فإن الصاحب معتبر قال ابن ميثم فإنك تقاس بصاحبك وينسب فعلك إلي فعله ولأن الطبع مع الصحبة أطوع للفعل منه للقول فلو صحبته لشابه فعلك فعله . و في القاموس صحبة كسمعة صحابة ويكسر و في الصحاح الجماع ماجمع شيئا يقال الخمر جماع الإثم . واحذر منازل الغفلة كالقري والبوادي و كل منزل يكون أهله غافلين عن الله جافين لأوليائه باعدين عن الآداب الحسنة غيرمعينين علي طاعة الله علي مايعنيك أي يهمك . والمعاريض جمع معرض بفتح الميم أوكسرها و هومحل عروض الشيء وظهوره قال الجوهري المعرض ثياب تحلي فيهاالجواري إلافاصلا أي
صفحه : 511
شاخصا قال تعالي وَ لَمّا فَصَلَتِ العِيرُ أو في أمر تعذر به أي لضرورة تكون عذرا شرعا. قوله ع في جمل أمورك أي في جملتها وكلها وخادع نفسك أي بأخذ عفوها ونشاطها وترغيبها إلي العبادة بذكر الوعد والوعيد وصحبة العباد والنظر إلي أطوارهم الحسنة من غيرقهر وجبر حتي يمل ويضجر بل بأن يتلطف لها و لايحملها فوق طاقتها و قال الجوهري عفو المال مايفضل عن النفقة. فإن الشر بالشر لعل المراد بالشر الثاني صحبة الفاسق وبالأول سوء العاقبة أوبالأول ماتكتسبه النفس من تلك المصاحبة وقيل الشر يقوي بالشر كالنار تقوي بالنار فمخالطتهم جاذبة لك إلي مساعدتهم و في بعض النسخ ملحق بصيغة اسم الفاعل أي يلحقك الشر بالشر
708- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي الأَسوَدِ بنِ قُطَبَةَ صَاحِبِ جُندِ حُلوَانَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ الواَليَِ إِذَا اختَلَفَ هَوَاهُ مَنَعَهُ ذَلِكَ كَثِيراً مِنَ العَدلِ فَليَكُن أَمرُ النّاسِ عِندَكَ فِي الحَقّ سَوَاءً فَإِنّهُ لَيسَ فِي الجَورِ عِوَضٌ مِنَ العَدلِ فَاجتَنِب مَا تُنكِرُ أَمثَالَهُ وَ ابتَذِل نَفسَكَ فِيمَا افتَرَضَ اللّهُ عَلَيكَ رَاجِياً ثَوَابَهُ وَ مُتَخَوّفاً عِقَابَهُ وَ اعلَم أَنّ الدّنيَا دَارُ بَلِيّةٍ لَم يَفرُغ صَاحِبُهَا قَطّ فِيهَا سَاعَةً إِلّا كَانَت فَرغَتُهُ عَلَيهِ حَسرَةً يَومَ القِيَامَةِ وَ أَنّهُ لَن يُغنِيَكَ عَنِ الحَقّ الشيّءُ أَبَداً وَ مِنَ الحَقّ عَلَيكَ حِفظُ نَفسِكَ وَ الِاحتِسَابُ عَلَي الرّعِيّةِ بِجُهدِكَ فَإِنّ ألّذِي يَصِلُ إِلَيكَ مِن ذَلِكَ أَفضَلُ مِنَ ألّذِي يَصِلُ بِكَ وَ السّلَامُ
بيان قوله ع إذااختلف هواه كما إذا لم يكن الخصمان
صفحه : 512
عنده سواء بل كان هواه وميله إلي أحدهما أكثر ظلم وجار. قوله ع ماتنكر أمثاله أي إذافعله غيرك . وابتذال الثوب وغيره امتهانه قاله الجوهري و قال البلية والبلاء والبلوي واحد والفرغة المرة من الفراغ و قال الجوهري احتسبت عليه كذا إذاأنكرت عليه قاله ابن دريد فإن ألذي يصل إليك أي النفع ألذي يصل إلي نفسك من الثواب أفضل من ألذي يصل إلي رعيتك بسببك و هوعدلك وإحسانك
709- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي الأَشعَثِ بنِ قَيسٍ عَامِلِ أَذرَبِيجَانَ وَ إِنّ عَمَلَكَ لَيسَ لَكَ بِطُعمَةٍ وَ لَكِنّهُ فِي عُنُقِكَ أَمَانَةٌ وَ أَنتَ مُستَرعًي لِمَن فَوقَكَ لَيسَ لَكَ أَن تَقتَاتَ فِي رَعِيّةٍ وَ لَا تُخَاطِرَ إِلّا بِوَثِيقَةٍ وَ فِي يَدَيكَ مَالٌ مِن مَالِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ أَنتَ مِن خزُاّنيِ حَتّي تُسَلّمَهُ إلِيَّ وَ لعَلَيّ أَن لَا أَكُونَ شَرّ وُلَاتِكَ لَكَ وَ السّلَامُ
بَيَانٌ قَالَ ابنُ مِيثَمٍ رَحِمَهُ اللّهُ وَ غَيرُهُ روُيَِ عَنِ الشعّبيِّ أَنّهُ ع لَمّا قَدِمَ الكُوفَةَ وَ كَانَ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ عَلَي ثَغرِ أَذرَبِيجَانَ مِن قِبَلِ عُثمَانَ فَكَتَبَ إِلَيهِ بِالبَيعَةِ وَ طَالَبَ بِمَالِ أَذرَبِيجَانَ مَعَ زِيَادِ بنِ مَرحَبٍ الهمَداَنيِّ وَ صُورَةُ الكِتَابِ بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي الأَشعَثِ بنِ قَيسٍ أَمّا بَعدُ فَلَو لَا هَنَاتٌ وَ هَنَاتٌ كُنّ مِنكَ كُنتُ المُقدِمَ فِي هَذَا الأَمرِ قَبلَ النّاسِ وَ لَعَلّ آخِرَ أَمرِكَ يَحمِلُ أَوّلَهُ وَ بَعضُهَا بَعضاً إِنِ اتّقَيتَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وَ قَد كَانَ مِن بَيعَةِ النّاسِ إيِاّيَ مَا قَد بَلَغَكَ وَ كَانَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ أَوّلَ مَن باَيعَنَيِ ثُمّ
صفحه : 513
نَقَضَا بيَعتَيِ عَن غَيرِ حَدَثٍ وَ أَخرَجَا عَائِشَةَ فَسَارُوا بِهَا إِلَي البَصرَةِ فَصِرتُ إِلَيهِم فِي المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ فَالتَقَينَا فَدَعَوتُهُم إِلَي أَن يَرجِعُوا إِلَي مَا خَرَجُوا مِنهُ فَأَبَوا فَأَبلَغتُ فِي الدّعَاءِ وَ أَحسَنتُ فِي البَقِيّةِ وَ اعلَم أَنّ عَمَلَكَ إِلَي آخِرِ مَا مَرّ وَ كَتَبَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ أَبِي رَافِعٍ فِي شَعبَانَ سَنَةَ سِتّ وَ ثَلَاثِينَ
وَ روُيَِ أَنّهُ لَمّا أَتَاهُ كِتَابُهُ ع دَعَا بِثِقَاتِهِ وَ قَالَ لَهُم إِنّ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ قَد أوَجسَنَيِ وَ هُوَ آخذِيِ بِمَالِ أَذرَبِيجَانَ عَلَي كُلّ حَالٍ وَ أَنَا لَاحِقٌ بِمُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ أَصحَابُهُ المَوتُ خَيرٌ لَكَ مِن ذَلِكَ تَدَعُ مِصرَكَ وَ جَمَاعَةَ قَومِكَ فَتَكُونُ ذَنباً لِأَهلِ الشّامِ فَاستَحيَا مِن ذَلِكَ وَ بَلَغَ قَولُهُ أَهلَ الكُوفَةِ فَكَتَبَ إِلَيهِ ع كِتَاباً يُوَبّخُهُ فِيهِ وَ يَأمُرُهُ بِالقُدُومِ عَلَيهِ وَ بَعَثَ حُجرَ بنَ عدَيِّ فَلَامَهُ حُجرٌ عَلَي ذَلِكَ وَ نَاشَدَهُ اللّهُ وَ قَالَ أَ تَدَعُ قَومَكَ وَ أَهلَ مِصرِكَ وَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ تَلحَقُ بِأَهلِ الشّامِ وَ لَم يَزَل بِهِ حَتّي أَقدَمَهُ إِلَي الكُوفَةِ فَعَرَضَ عَلَيهِ ع ثِقلَهُ فَوَجَدَ فِيهَا مِائَةَ أَلفِ دِرهَمٍ وَ روُيَِ أَربَعُمِائَةِ أَلفِ دِرهَمٍ فَأَخَذَهَا وَ كَانَ ذَلِكَ بِالنّخَيلَةِ فَاستَشفَعَ الأَشعَثُ بِالحَسَنِ وَ الحُسَينِ ع وَ بِعَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ فَأَطلَقَ لَهُ مِنهَا ثَلَاثِينَ أَلفاً فَقَالَ لَا يكَفيِنيِ فَقَالَ لَستُ بِزَائِدِكَ دِرهَماً وَ ايمُ اللّهِ لَو تَرَكتُهَا لَكَانَ خَيراً لَكَ وَ مَا أَظُنّهَا تَحِلّ لَكَ وَ لَو تَيَقّنتُ ذَلِكَ لَمَا بَلَغتَهَا مِن عنِديِ فَقَالَ الأَشعَثُ خُذ مِن جِذعِكَ مَا أَعطَاكَ
وأقول الأذربيجان اسم أعجمي غيرمصروف والألف مقصورة والذال ساكنة ومنهم من يقول آذربيجان بمد الهمزة وضم الذال وسكون الراء. ولعل المراد بالهنات أي الأمور القبيحة ما كان من ارتداده وموافقته لخلفاء الجور في جورهم أي لو لاتلك الأمور لكنت في هذاالأمر متقدما علي غيرك في الفضل والسابقة. ويحتمل أن يراد بالهنات ما في قلبه من النفاق والحقد والعداوة أي لو لاتلك الأمور لكان ينبغي أن تكون متقدما علي غيرك في بيعتي ومتابعتي ولعل
صفحه : 514
آخر أمرك يؤيد الأول أي لعله صدر منك في آخر الأمر أشياء تصير سببا للتجاوز عما صدر منك أولا وبعضها أي بعض أمورك من الخيرات يحمل بعضا أي سائرها من السيئات والبقية الإبقاء والشفقة و قال في النهاية الطعمة بالضم شبه الرزق والطعمة بالكسر والضم وجه الكسب يقال هوطيب الطعمة وخبيث الطعمة وهي بالكسر خاصة حالة الأكل واسترعاه طلب منه الرعاية أي أنت راع من قبل سلطان هوفوقك . قوله ع أن تقتات في بعض النسخ بالقاف من القوت يقال قته فاقتات أي رزقته فارتزق و في بعضها بالفاء والألف من الفوت بمعني السبق يقال تفوت فلان علي فلان في كذا وافتات عليه إذاانفرد برأيه في التصرف فيه و لماضمن معني التغليب عدي بعلي . و قال ابن ميثم بالهمزة ولعله منه سهو. قوله ع و لاتخاطر أي و لا أن تخاطر في شيء من الأمور إلابوثيقة أي لاتقدم علي أمر مخوف مما يتعلق بالمال ألذي تتولاه إلا بعد أن تتوثق لنفسك يقال أخذ فلان بالوثيقة في أمره أي احتاط ويقال خاطر بنفسه أي أشفي بها علي خطر. و قال الزمخشري في المستقصي في قولهم خذ من جذع ماأعطاك هوجذع بن عمرو الغساني أتاه سبطة بن المنذر السليحي يسأله دينارين كان بنو غسان يؤدونهما إتاوة في كل سنة من كل رجل إلي ملوك سليح فدخل منزله وخرج مشتملا علي سيفه فضربه به حتي سكت ثم قال ذلك وامتنعت بعدغسان عن الإتاوة والإتاوة الخراج و قال الفيروزآبادي الجذع هو ابن عمرو الغساني و منه خذ من جذع ماأعطاك كان غسان تؤدي إلي ملك سليح دينارين من كل رجل من كل رجل و كان يلي ذلك سبطة بن المنذر السليحي فجاء سبطة يسأله الدينارين فدخل جذع منزله فخرج مشتملا بسيف فضرب به سبطة حتي برد و قال خذ من جذع ماأعطاك أوأعطي بعض الملوك سيفه رهنا فلم يأخذه و قال اجعل من كذا في كذا فضربه به وقتله و قال يضرب في
صفحه : 515
اغتنام مايجود بخ البخيل و في الصحاح قال اجعل هذا في كذا من أمك
710- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي بَعضِ عُمّالِهِ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَيِ عَنكَ أَمرٌ إِن كُنتَ فَعَلتَهُ فَقَد أَسخَطتَ رَبّكَ وَ عَصَيتَ إِمَامَكَ وَ أَخزَيتَ أَمَانَتَكَ بلَغَنَيِ أَنّكَ جَرّدتَ الأَرضَ فَأَخَذتَ مَا تَحتَ قَدَمَيكَ وَ أَكَلتَ مَا تَحتَ يَدَيكَ فَارفَع إلِيَّ حِسَابَكَ وَ اعلَم أَنّ حِسَابَ اللّهِ أَعظَمُ مِن حِسَابِ النّاسِ
بيان وأخزيت أمانتك أي ذللتها وأهنتها أنك جردت الأرض أي أخربت الضياع وأخذت حاصلها لنفسك يقال جردت الشيء كنصرت أي أقشرته وأزلت ما عليه و منه سمي الجراد لأنه يجرد الأرض
711- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ المخَزوُميِّ وَ كَانَ عَامِلَهُ عَلَي البَحرَينِ فَعَزَلَهُ وَ استَعمَلَ النّعمَانَ بنَ عَجلَانَ الزرّقَيِّ مَكَانَهُ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ قَد وَلّيتُ النّعمَانَ بنَ العَجلَانِ عَلَي البَحرَينِ وَ نَزَعتُ يَدَكَ مِن غَيرِ ذَمّ لَكَ وَ لَا تَثرِيبٍ عَلَيكَ فَلَقَد أَحسَنتَ الوِلَايَةَ وَ أَدّيتَ الأَمَانَةَ فَأَقبِل غَيرَ ظَنِينٍ وَ لَا مَلُومٍ وَ لَا مُتّهَمٍ وَ لَا مَأثُومٍ فَقَد أَرَدتُ المَسِيرَ إِلَي ظَلَمَةِ أَهلِ الشّامِ وَ أَحبَبتُ أَن تَشهَدَهُ معَيِ فَإِنّكَ مِمّن أَستَظهِرُ بِهِ عَلَي جِهَادِ العَدُوّ وَ إِقَامَةِ عَمُودِ الدّينِ
بيان عمر هوربيب رسول الله ص أمه أم سلمة. والنعمان هو من الأنصار و قال في الإستيعاب كان لسان الأنصار وشاعرهم والزرّقَيِّ كجَهُنَيِّ نسبة إلي زريق والتثريب التعيير والاستقصاء في اللوم
صفحه : 516
والظنين المتهم و في القاموس أثمه الله في كذا كمنعه ونصره عده عليه إثما فهو مأثوم والاستظهار الاستعانة
712- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي مَصقَلَةَ بنِ هُبَيرَةَ الشيّباَنيِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَي أَردَشِيرخُرّه بلَغَنَيِ عَنكَ أَمرٌ إِن كُنتَ فَعَلتَهُ فَقَد أَسخَطتَ إِلَهَكَ وَ أَغضَبتَ إِمَامَكَ بلَغَنَيِ أَنّكَ تَقسِمُ فيَءَ المُسلِمِينَ ألّذِي حَازَتهُ رِمَاحُهُم وَ خُيُولُهُم وَ أُرِيقَت عَلَيهِ دِمَاؤُهُم فِيمَنِ اعتَامَكَ مِن أَعرَابِ قَومِكَ فَوَ ألّذِي فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ لَئِن كَانَ ذَلِكَ حَقّاً لَتَجِدَنّ بِكَ عَلَيّ هَوَاناً وَ لَتَخِفّنّ عنِديِ مِيزَاناً فَلَا تَستَهِن بِحَقّ رَبّكَ وَ لَا تُصلِح دُنيَاكَ بِمَحقِ دِينِكَ فَتَكُونَ مِنَ الأَخسَرِينَ أَعمَالًا أَلَا وَ إِنّ حَقّ مَن قِبَلَنَا وَ قِبَلَكَ مِنَ المُسلِمِينَ فِي قِسمَةِ هَذَا الفيَءِ سَوَاءٌ يَرِدُونَ عنِديِ عَلَيهِ وَ يَصدُرُونَ عَنهُ وَ السّلَامُ
بيان أردشيرخره بضم الخاء وتشديد الراء المفتوحة كورة من كور فارس أنك تقسم في بعض النسخ بفتح الهمزة بدلا من أمر و في بعضها بالكسر بتقدير حرف الاستفهام ليلائم قوله ع إن كنت فعلته و قوله لئن كان ذلك حقا و قال في النهاية اعتام الشيء يعتامه إذااختاره وعيمة الشيء بالكسر خياره . و قال ابن أبي الحديد وروي فيمن اعتماك علي القلب والمشهور الصحيح الأول والمعني قسمة الفيء فيمن اختاروك سيدا لهم لتجدن بك أي لك أوبسبب فعلك وميزانا منصوب علي التميز و هوكناية عن صغر منزلته ويقال صدرت عن الماء أي رجعت والاسم الصدر بالتحريك خلاف الورد و فيه تشبيه للفيء بالماء ألذي تتعاوره الإبل العطاش
صفحه : 517
713- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي زِيَادِ بنِ أَبِيهِ وَ قَد بَلَغَهُ أَنّ مُعَاوِيَةَ قَد كَتَبَ إِلَيهِ يُرِيدُ خَدِيعَتَهُ بِاستِلحَاقِهِ وَ قَد عَرَفتُ أَنّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيكَ يَستَزِلّ لُبّكَ وَ يَستَفِلّ غَربَكَ فَاحذَرهُ فَإِنّهُ الشّيطَانُ يأَتيِ المَرءُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَ مِن خَلفِهِ وَ عَن يَمِينِهِ وَ عَن شِمَالِهِ لِيَقتَحِمَ غَفلَتَهُ وَ يَستَلِبَ غِرّتَهُ وَ قَد كَانَ مِن أَبِي سُفيَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ فَلتَهٌ مِن حَدِيثِ النّفسِ وَ نَزغَةٌ مِن نَزَغَاتِ الشّيطَانِ لَا يَثبُتُ بِهَا نَسَبٌ وَ لَا يُستَحَقّ بِهَا إِرثٌ وَ المُتَعَلّقُ بِهَا كَالوَاغِلِ المُدَفّعِ وَ النّوطِ المُذَبذَبِ فَلَمّا قَرَأَ زِيَادٌ كِتَابَهُ قَالَ شَهِدَ بِهَا وَ رَبّ الكَعبَةِ وَ لَم تَزَل فِي نَفسِهِ حَتّي ادّعَاهُ مُعَاوِيَةُ
قال السيد الرضي رضي الله عنه قوله ع كالواغل المدفع الواغل ألذي يهجم علي الشرب معهم و ليس منهم فلايزال مدفعا محاجزا والنوط المذبذب هو ألذي يناط برحل الراكب من قعب أوقدح أو ماأشبه ذلك فهو أبدا يتقلقل إذاحث ظهره واستعجل سيره .تبيين قال ابن أبي الحديد أمازياد فهو زياد بن عبيد فمن الناس من يقول عبيد بن فلان وينسبه إلي ثقيف والأكثرون يقولون إن عبيدا كان عبدا وإنه بقي إلي أيام زياد فابتاعه وأعتقه ونسب زياد إلي غير أبيه لخمول أبيه وللدعوة التي استلحق بهافقيل تارة زياد بن سمية وهي كانت أمة للحارث بن كلدة الثقفي وكانت تحت عبيد وقيل تارة زياد بن أبيه وتارة زياد بن أمه و لمااستلحق قال له الأكثر زياد بن أبي سفيان لأن الناس مع الملوك ثم روي عن ابن عبدالبر والبلاذري والواقدي عن ابن عباس وغيره أن عمر بعث زيادا في إصلاح فساد وقع باليمن فلما رجع خطب عندعمر خطبة لم يسمع مثلها و أبو
صفحه : 518
سفيان حاضر و علي ع وعمرو بن العاص فقال عمرو لله أبو هذاالغلام لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه فقال أبوسفيان إنه لقرشي وإني لأعرف ألذي وضعه في رحم أمه فقال علي ع و من هو قال أنا فقال مهلا يا أباسفيان فقال أبوسفيان
أما و الله لو لاخوف شخص | يراني يا علي من الأعادي. |
لأظهر أمره صخر بن حرب | و لم يخف المقالة في زياد. |
و قدطالت مجاملتي ثقيفا | وتركي فيهم ثمر الفؤاد |
.عني بقوله لو لاخوف شخص عمر بن الخطاب و في رواية أخري قال أتيت أمه في الجاهلية سفاحا فقال علي ع مه يا أباسفيان فإن عمر إلي المساءة سريع قال وعرف زياد مادار بينهما فكانت في نفسه . و في رواية أخري قال له عمرو بن العاص فهلا تستلحقه قال أخاف هذاالعير الجالس أن يخرق علي إهابي
قَالَ وَ رَوَي المدَاَئنِيِّ أَنّهُ لَمّا كَانَ زَمَنُ عَلِيّ ع وَلّي زِيَاداً فَارِسَ أَو بَعضَ أَعمَالِ فَارِسَ فَضَبَطَهَا ضَبطاً صَالِحاً وَ جَبَا خَرَاجَهَا وَ حَمَاهَا وَ عَرَفَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّهُ غَرّتكَ قَلّاعٌ تأَويِ إِلَيهَا لَيلًا كَمَا يأَويِ الطّيرُ إِلَي وَكرِهَا وَ ايمُ اللّهِ لَو لَا انتظِاَريِ بِكَ مَا اللّهُ أَعلَمُ بِهِ لَكَانَ لَكَ منِيّ مَا قَالَهُ العَبدُ الصّالِحُفَلَنَأتِيَنّهُم بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُم بِها وَ لَنُخرِجَنّهُم مِنها أَذِلّةً وَ هُم صاغِرُونَ وَ كَتَبَ فِي أَسفَلِ الكِتَابِ شِعراً مِن جُملَتِهِ
تَنسَي أَبَاكَ وَ قَد شَالَت نَعَامَتُهُ | إِذ تَخطُبُ النّاسَ وَ الواَليِ لَهُم عُمَرُ |
فَلَمّا وَرَدَ الكِتَابُ عَلَي زِيَادٍ قَامَ فَخَطَبَ النّاسَ وَ قَالَ العَجَبُ مِنِ ابنِ آكِلَةِ الأَكبَادِ وَ رَأسِ النّفَاقِ يتَهَدَدّنُيِ وَ بيَنيِ وَ بَينَهُ ابنُ عَمّ رَسُولِ اللّهِص وَ زَوجُ سَيّدَةِ نِسَاءِ العَالَمِينَ وَ أَبُو السّبطَينِ وَ صَاحِبُ الوَلَاءِ وَ المَنزِلَةِ وَ الإِخَاءِ فِي مِائَةِ أَلفٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ وَ التّابِعِينَ لَهُم بِإِحسَانٍ أَمَا وَ اللّهِ لَو تَخَطّي
صفحه : 519
هَؤُلَاءِ أَجمَعِينَ إلِيَّ لوَجَدَنَيِ أَحمَرَ مِخَشّاً ضَرّاباً بِالسّيفِ ثُمّ كَتَبَ إِلَي عَلِيّ ع وَ بَعَثَ بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ فِي كِتَابِهِ فَكَتَبَ إِلَيهِ عَلِيّ ع أَمّا بَعدُ فإَنِيّ قَد وَلّيتُكَ مَا وَلّيتُكَ وَ أَنَا أَرَاكَ لِذَلِكَ أَهلًا وَ إِنّهُ قَد كَانَت مِن أَبِي سُفيَانَ فَلتَةٌ فِي أَيّامِ عُمَرَ مِن أمَاَنيِّ التّيهِ وَ كَذِبِ النّفسِ لَم تَستَوجِب بِهَا مِيرَاثاً وَ لَم تَستَحِقّ بِهَا نَسَباً وَ إِنّ مُعَاوِيَةَ كَالشّيطَانِ الرّجِيمِ يأَتيِ المَرءَ مِن بَينِ يَدَيهِ وَ مِن خَلفِهِ وَ عَن يَمِينِهِ وَ عَن شِمَالِهِ فَاحذَرهُ ثُمّ احذَرهُ وَ السّلَامُ
قَالَ وَ رَوَي أَبُو جَعفَرٍ مُحَمّدُ بنُ حَبِيبٍ رَحِمَهُ اللّهُ قَالَ كَانَ عَلِيّ ع قَد وَلّي زِيَاداً قِطعَةً مِن أَعمَالِ فَارِسَ وَ اصطَنَعَهُ لِنَفسِهِ فَلَمّا قُتِلَ عَلِيّ ع بقَيَِ زِيَادٌ فِي عَمَلِهِ وَ خَافَ مُعَاوِيَةُ جَانِبَهُ وَ أَشفَقَ مِن مُمَالَاتِهِ الحَسَنَ بنَ عَلِيّ ع فَكَتَبَ إِلَيهِ كِتَاباً يُهَدّدُهُ وَ يُوعِدُهُ وَ يَدعُوهُ إِلَي بَيعَتِهِ فَأَجَابَهُ زِيَادٌ بِكِتَابٍ أَغلَظَ مِنهُ فَشَاوَرَ مُعَاوِيَةُ فِي ذَلِكَ المُغِيرَةَ بنَ شُعبَةَ فَأَشَارَ عَلَيهِ بِأَن يَكتُبَ إِلَيهِ كِتَاباً يَستَعطِفُهُ فِيهِ وَ يَذهَبَ المُغِيرَةُ بِالكِتَابِ إِلَيهِ فَلَمّا أَتَاهُ أَرضَاهُ وَ أَخَذَ مِنهُ كِتَاباً يُظهِرُ فِيهِ الطّاعَةَ بِشُرُوطٍ فَأَعطَاهُ مُعَاوِيَةُ جَمِيعَ مَا سَأَلَهُ وَ كَتَبَ إِلَيهِ بِخَطّ يَدِهِ مَا وَثِقَ بِهِ فَدَخَلَ إِلَيهِ الشّامَ وَ قَرّبَهُ وَ أَدنَاهُ وَ أَقَرّهُ عَلَي وَلَايَتِهِ ثُمّ استَعمَلَهُ عَلَي العِرَاقِ
وَ قَالَ المدَاَئنِيِّ لَمّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ استِلحَاقَ زِيَادٍ وَ قَد قَدِمَ عَلَيهِ الشّامَ جَمَعَ النّاسَ وَ صَعِدَ المِنبَرَ وَ أَصعَدَ زِيَاداً مَعَهُ عَلَي مِرقَاةٍ تَحتَ مِرقَاتِهِ وَ حَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إنِيّ قَد عَرَفتُ شَبَهَنَا أَهلَ البَيتِ فِي زِيَادٍ فَمَن كَانَت عِندَهُ شَهَادَةٌ فَليَقُم بِهَا فَقَامَ نَاسٌ فَشَهِدُوا أَنّهُ ابنُ أَبِي سُفيَانَ وَ أَنّهُم سَمِعُوهُ أَقَرّ بِهِ قَبلَ مَوتِهِ فَقَامَ أَبُو مَريَمَ السلّوُليِّ وَ كَانَ خَمّاراً فِي الجَاهِلِيّةِ فَقَالَ أَشهَدُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَنّ أَبَا سُفيَانَ قَدِمَ عَلَينَا بِالطّائِفِ فأَتَاَنيِ فَاشتَرَيتُ لَهُ لَحماً وَ خَمراً وَ طَعَاماً فَلَمّا أَكَلَ قَالَ يَا أَبَا مَريَمَ أَصِب لِي بَغِيّاً فَخَرَجتُ فَأَتَيتُ بِسُمَيّةَ فَقُلتُ لَهَا إِنّ
صفحه : 520
أَبَا سُفيَانَ مَن قَد عَرَفتَ شَرَفَهُ وَ جُودَهُ وَ قَد أمَرَنَيِ أَن أُصِيبَ لَهُ بَغِيّاً فَهَل لَكَ فَقَالَ نَعَم يجَيِءُ الآنَ عُبَيدٌ بِغَنَمِهِ وَ كَانَ رَاعِياً فَإِذَا تَعَشّي وَ وَضَعَ رَأسَهُ أَتَيتُهُ فَرَجَعتُ إِلَي أَبِي سُفيَانَ فَأَعلَمتُهُ فَلَم يَلبَث أَن جَاءَت تَجُرّ ذَيلَهَا فَدَخَلَت مَعَهُ فَلَم تَزَل عِندَهُ حَتّي أَصبَحَت فَقُلتُ لَهُ لَمّا انصَرَفَت كَيفَ رَأَيتَ صَاحِبَتَكَ فَقَالَ خَيرَ صَاحِبَةٍ لَو لَا دَفَرٌ فِي إِبطَيهَا فَقَالَ زِيَادٌ مِن فَوقِ المِنبَرِ يَا أَبَا مَريَمَ لَا تَشتِم أُمّهَاتِ الرّجَالِ فَتُشتَمَ أُمّكَ فَلَمّا انقَضَي كَلَامُ مُعَاوِيَةَ وَ مُنَاشَدَتُهُ قَامَ زِيَادٌ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ مُعَاوِيَةَ وَ الشّهُودَ قَد قَالُوا مَا سَمِعتُم وَ لَستُ أدَريِ حَقّ هَذَا مِن بَاطِلِهِ وَ هُوَ وَ الشّهُودُ أَعلَمُ بِمَا قَالُوا وَ إِنّمَا عُبَيدٌ أَبٌ مَبرُورٌ وَ وَالٍ مَشكُورٌ ثُمّ نَزَلَ انتَهَي كَلَامُ ابنِ أَبِي الحَدِيدِ
أقول وإنما أوردت تلك القصص لتعلم أن ماصدر من زياد وولده لعنة الله عليهما إنما نشأ من تلك الأنساب الخبيثة وتزيد إيمانا ويقينا بأنه لايبغضهم إلا من ولد من الزنا كماتواتر عن أئمة الهدي . ولنرجع إلي شرح الكتاب قال في النهاية الغرب الحدة و منه غرب السيف والفل الكسر والفلة الثلمة في السيف و منه حديث علي ع يستفل غربك من الفل الكسر قوله ع ليقتحم غفلته أي ليلج ويهجم عليه و هوغافل جعل اقتحامه إياه اقتحاما للغفلة نفسها.كذا ذكره ابن أبي الحديد و قال ليس المراد باستلاب الغرة أن يأخذ الغرة لأنه لو كان كذلك لصار ذلك الغافل لبيبا عاقلا وإنما المعني مايعنيه الناس بقولهم أخذ فلان غفلتي وفعل كذا أي أخذ مايستدل به علي غفلتي كذا انتهي . وأقول لو كان الإسناد مجازيا كماحمل عليه الفقرة الأولي لم يفد هذا
صفحه : 521
المعني لأنه يكون حينئذ من قبيل إسناد الشيء إلي الحالة التي المفعول عليها كمايسند إلي الزمان والمكان فيكون المفاد الاستلاب وقت الغرة والاقتحام وقت الغفلة وإنما نسب إليهما مبالغة لبيان أن علة الاستلاب والاقتحام لم يكن إلاالغرة والغفلة فكأنهما وقعا عليهما. ويمكن أن يكون المفعول محذوفا و يكون الغرة والغفلة منصوبتين بنزع الخافض أي يقتحم عليه في حال غفلته ويستلب لبه في حال غرته . والفلتة الأمر ألذي يصدر فجأة من غيرتدبر وروية ونزع الشيطان بينهم أفسد وعدم ثبوت النسب بهالقول النبي ص الولد للفراش وللعاهر الحجر. و في النهاية الشرب بفتح الشين وسكون الراء الجماعة يشربون الخمر و قال في حديث علي ع المتعلق بهاكالنوط المذبذب أراد مايناط برحل الراكب من قعب أوغيره فهو أبدا يتحرك إذاحث ظهره أي دابته . و قال في المستقصي شالت نعامتهم أي تفرقوا وذهبوا لأن النعامة موصوفة بالخفة وسرعة الذهاب والهرب وقيل النعامة جماعة القوم و قال الجوهري النعامة الخشبة المعترضة علي الزرنوقين ويقال للقوم إذاارتحلوا عن منهلهم أوتفرقوا قدشالت نعامتهم والنعامة ماتحت القدم
714-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي سَهلِ بنِ حُنَيفٍ الأنَصاَريِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَي المَدِينَةِ فِي مَعنَي قَومٍ مِن أَهلِهَا لَحِقُوا بِمُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَيِ أَنّ رِجَالًا مِمّن قِبَلَكَ يَتَسَلّلُونَ إِلَي مُعَاوِيَةَ فَلَا تَأسَف عَلَي مَا يَفُوتُكَ مِن عَدَدِهِم وَ يَذهَبُ عَنكَ مِن مَدَدِهِم فَكَفَي لَهُم غَيّاً وَ لَكَ مِنهُم شَافِياً فِرَارُهُم مِنَ الهُدَي وَ الحَقّ وَ إِيضَاعُهُم إِلَي العَمَي وَ الجَهلِ وَ إِنّمَا هُم أَهلُ دُنيَا مُقبِلُونَ عَلَيهَا وَ مُهطِعُونَ إِلَيهَا قَد عَرَفُوا العَدلَ وَ رَأَوهُ وَ سَمِعُوهُ وَ وَعَوهُ وَ عَلِمُوا أَنّ
صفحه : 522
النّاسَ عِندَنَا فِي الحَقّ أُسوَةٌ فَهَرَبُوا إِلَي الأَثَرَةِ فَبُعداً لَهُم وَ سُحقاً إِنّهُم وَ اللّهِ لَم يَنفِرُوا مِن جَورٍ وَ لَم يَلحَقُوا بِعَدلٍ وَ إِنّا لَنَطمَعُ فِي هَذَا الأَمرِ أَن يُذَلّلَ اللّهُ لَنَا صَعبَهُ وَ يُسَهّلَ لَنَا حَزنَهُ إِن شَاءَ اللّهُ وَ السّلَامُ عَلَيكَ
بيان قوله في معني قوم أي في شأنهم وأمرهم يتسللون أي يخرجون إلي معاوية هاربين في خفية واستتار قال الفيروزآبادي انسل وتسلل انطلق في استخفاء و قال الجوهري انسل من بينهم خرج وتسلل مثله و قال وضع البعير وغيره أي أسرع في سيره وأوضعه راكبه و في النهاية الإهطاع الإسراع في العدو وأهطع إذامد عنقه وصوب رأسه في الحق أسوة أي لانفضل بعضهم علي بعض في العطاء كمايفعل معاوية و في النهاية فيه أنه قال للأنصار إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا الأثرة بفتح الهمزة والثاء الاسم من آثر يؤثر إيثارا إذاأعطي أراد أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء والاستيثار الانفراد بالشيء والسحق بالضم البعد والحزن من الأرض ضد السهل
715- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي كُمَيلِ بنِ زِيَادٍ النخّعَيِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَي هِيتَ يُنكِرُ عَلَيهِ تَركَهُ دَفعَ مَن يَجتَازُ بِهِ مِن جَيشِ العَدُوّ طَالِباً لِلغَارَةِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ تَضيِيعَ المَرءِ مَا ولَيَِ وَ تَكَلّفَهُ مَا كفُيَِ لَعَجزٌ حَاضِرٌ وَ رأَيٌ مثبر[مُتَبّرٌ] وَ إِنّ تَعَاطِيَكَ الغَارَةَ عَلَي أَهلِ قِرقِيسِيَاءَ وَ تَعطِيلَكَ مَسَالِحَكَ التّيِ وَلّينَاكَ لَيسَ لَهَا مَن يَمنَعُهَا وَ لَا يَرُدّ الجَيشَ عَنهَا لرَأَيٌ شَعَاعٌ فَقَد صِرتَ جِسراً لِمَن أَرَادَ الغَارَةَ مِن أَعدَائِكَ عَلَي أَولِيَائِكَ غَيرَ شَدِيدِ المَنكِبِ وَ لَا مَهِيبِ الجَانِبِ وَ لَا سَادّ ثُغرَةً وَ لَا كَاسِرٍ لِعَدُوّ شَوكَةً وَ لَا مُغنٍ عَن أَهلِ مِصرِهِ وَ لَا مُجزٍ عَن أَمِيرِهِ
بيان قال ابن أبي الحديد كان كميل من صحابة علي ع وشيعته وخاصته وقتله الحجاج علي المذهب فيمن قتل من الشيعة و كان عامل
صفحه : 523
علي ع علي هيت و كان ضعيفا يمر عليه سرايا معاوية بنهب أطراف العراق فلايردها ويحاول أن يجبر ماعنده من الضعف بأن يغير علي أطراف أعمال معاوية مثل قرقيسياء و مايجري مجراها من القري التي علي الفرات فأنكر ع ذلك من فعله . قوله ع ماولي علي صيغة المعلوم المجرد من وليت الأمر كرضيت ولاية إذاتوليته واستبددت به و في بعض النسخ علي صيغة المجهول من التفعيل من قولهم وليته البلد إذاجعلته واليا عليه والتكلف التجشم والتكلف التعريض لما لايعنيه وكفاه مئونته أي قام بأمره . قوله ع متبر قال في النهاية أي مهلك يقال تبره تتبيرا أي كسره وأهلكه والتبار الهلاك و قال التعاطي التناول والجرأة علي الشيء من عطا الشيء يعطوه إذاأخذه وتناوله وقرقيسياء في النسخ بالفتح مقصورا و في القاموس قرقيسياء بالكسر ويقصر بلد علي الفرات ويقال شعاع أي متفرق وشدة المنكب كناية عن القوة والحمية وهيبة الجانب كناية عن شدة البطش والثغرة الثلمة و لامجز عن أميره أي كاف ومغن والأصل مجزئ بالهمزة فخفف
716-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن حِلفٍ كَتَبَهُ ع بَينَ اليَمَنِ وَ رَبِيعَةَ نُقِلَ مِن خُطّ هِشَامِ بنِ الكلَبيِّ هَذَا مَا اجتَمَعَ عَلَيهِ أَهلُ اليَمَنِ حَاضِرُهَا وَ بَادِيهَا وَ رَبِيعَةُ حَاضِرُهَا وَ بَادِيهَا أَنّهُم عَلَي كِتَابِ اللّهِ يَدعُونَ إِلَيهِ وَ يَأمُرُونَ بِهِ وَ يُجِيبُونَ مَن دَعَا إِلَيهِ وَ أَمَرَ بِهِ لَا يَشتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا وَ لَا يَرضَونَ بِهِ بَدَلًا وَ أَنّهُم يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَي مَن خَالَفَ ذَلِكَ وَ تَرَكَهُ أَنصَارٌ بَعضُهُم لِبَعضٍ دَعوَتُهُم وَاحِدَةٌ لَا يَنقُضُونَ عَهدَهُم لِمَعتَبَةِ عَاتِبٍ وَ لَا لِغَضَبِ غَاضِبٍ وَ لَا لِاستِذلَالِ قَومٍ قَوماً وَ لَا لِمَسَبّةِ قَومٍ قَوماً عَلَي
صفحه : 524
ذَلِكَ شَاهِدُهُم وَ غَائِبُهُم وَ حَلِيمُهُم وَ جَاهِلُهُم ثُمّ إِنّ عَلَيهِم بِذَلِكَ عَهدَ اللّهِ وَ مِيثَاقَهُ إِنّ عَهدَ اللّهِ كَانَ مَسئُولًا وَ كَتَبَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع
بيان قال ابن أبي الحديد الحلف العهد و قال اليمن كل من ولده قحطان نحو حمير وعك وجذام وكندة والأزد وغيرهم وربيعة هوربيعة بن نزار بن معد بن عدنان وهم بكر وتغلب و عبدالقيس والحاضر ساكن الحضر والبادي ساكن البادية أنهم علي كتاب الله أي مجتمعون عليه لايشترون به ثمنا أي لايتعوضون عنه بثمن وأنهم يد واحدة أي لاتخالف بينهم وفعلهم فعل واحد و قال الجوهري عتب عليه أي وجد عليه يعتب وتعتب عتبا ومعتبا والاسم المعتبة والمعتبة و لالمسبة قوم أي لأن إنسانا منهم سب وهجا بعضهم والمسبة والسب الشتم والحليم العاقل بقرينة الجاهل أوذو الأناة فإن ترك الأناة من الجهل إن عهد الله كان مسئولا أي مطلوبا يطلب من العاهد أن لايضيعه ويفي به أومسئولا عنه يسأل الناكث ويعاتب عليه وقيل أي إن صاحب العهد كان مسئولا. و قال ابن ميثم في رواية وكتب علي بن أبي طالب وهي المشهورة عنه ووجهها أنه جعل هذه الكنية علما بمنزلة لفظة واحدة لايتغير إعرابها
717-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن وَصِيّةٍ لَهُ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ كَانَ يَكتُبُهَا لِمَن يَستَعمِلُهُ عَلَي الصّدَقَاتِ وَ إِنّمَا ذَكَرنَا مِنهَا جُمَلًا لِيُعلَمَ أَنّهُ ع كَانَ يُقِيمُ عِمَادَ الحَقّ وَ يُشرِعُ أَمثِلَةَ العَدلِ فِي صَغِيرِ الأُمُورِ وَ كَبِيرِهَا وَ دَقِيقِهَا وَ جَلِيلِهَا انطَلِق عَلَي تَقوَي اللّهِ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ لَا تُرَوّعَنّ مُسلِماً وَ لَا تَجتَازَنّ عَلَيهِ كَارِهاً وَ لَا تَأخُذَنّ مِنهُ أَكثَرَ مِن حَقّ اللّهِ فِي مَالِهِ فَإِذَا قَدِمتَ عَلَي الحيَّ فَانزِل بِمَائِهِم مِن غَيرِ أَن تُخَالِطَ أَبيَاتَهُم ثُمّ امضِ إِلَيهِم بِالسّكِينَةِ وَ الوَقَارِ حَتّي
صفحه : 525
تَقُومَ بَينَهُم فَتُسَلّمَ عَلَيهِم وَ لَا تُخدِج بِالتّحِيّةِ لَهُم ثُمّ تَقُولَ عِبَادَ اللّهِ أرَسلَنَيِ إِلَيكُم ولَيِّ اللّهِ وَ خَلِيفَتُهُ لِآخُذَ مِنكُم حَقّ اللّهِ فِي أَموَالِكُم فَهَل لِلّهِ فِي أَموَالِكُم مِن حَقّ فَتُؤَدّوهُ إِلَي وَلِيّهِ فَإِن قَالَ قَائِلٌ لَا فَلَا تُرَاجِعهُ وَ إِن أَنعَمَ لَكَ مُنعِمٌ فَانطَلِق مَعَهُ مِن غَيرِ أَن تُخِيفَهُ أَو تُوعِدَهُ أَو تَعسِفَهُ أَو تُرهِقَهُ فَخُذ مَا أَعطَاكَ مِن ذَهَبٍ أَو فِضّةٍ وَ إِن كَانَت لَهُ مَاشِيَةٌ أَو إِبِلٌ فَلَا تَدخُلهَا إِلّا بِإِذنِهِ فَإِنّ أَكثَرَهَا لَهُ فَإِذَا أَتَيتَهَا فَلَا تَدخُلهَا دُخُولَ مُتَسَلّطٍ عَلَيهِ وَ لَا عَنِيفٍ بِهِ وَ لَا تُنَفّرَنّ بَهِيمَةً وَ لَا تُفزِعَنّهَا وَ لَا تَسُوأَنّ صَاحِبَهَا فِيهَا وَ اصدَعِ المَالَ صَدعَينِ ثُمّ خَيّرهُ فَإِذَا اختَارَ فَلَا تَعرِضَنّ لِمَا اختَارَ ثُمّ اصدَعِ الباَقيَِ صَدعَينِ ثُمّ خَيّرهُ فَإِذَا اختَارَ فَلَا تَعرِض لِمَا اختَارَ فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتّي يَبقَي مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِحَقّ اللّهِ فِي مَالِهِ فَاقبِض حَقّ اللّهِ مِنهُ فَإِنِ استَقَالَكَ فَأَقِلهُ ثُمّ اخلِطهُمَا ثُمّ اصنَع مِثلَ ألّذِي صَنَعتَ أَوّلًا حَتّي تَأخُذَ حَقّ اللّهِ فِي مَالِهِ وَ لَا تَأخُذَنّ عَوداً وَ لَا هَرِمَةً وَ لَا مَكسُورَةً وَ لَا مَهلُوسَةً وَ لَا ذَاتَ عَوَارٍ وَ لَا تَأمَنَنّ عَلَيهَا إِلّا مَن تَثِقُ بِدِينِهِ رَافِقاً بِمَالِ المُسلِمِينَ حَتّي يُوَصّلَهُ إِلَي وَلِيّهِم فَيَقسِمَهُ بَينَهُم وَ لَا تُوَكّل بِهَا إِلّا نَاصِحاً شَفِيقاً وَ أَمِيناً حَفِيظاً غَيرَ مُعنِفٍ وَ لَا مُجحِفٍ وَ لَا مُلغِبٍ وَ لَا مُتعِبٍ ثُمّ احدُر إِلَينَا مَا اجتَمَعَ عِندَكَ نُصَيّرهُ حَيثُ أَمَرَ اللّهُ بِهِ فَإِذَا أَخَذَهَا أَمِينُكَ فَأَوعِز إِلَيهِ أَن لَا يَحُولَ بَينَ نَاقَةٍ وَ بَينَ فَصِيلِهَا وَ لَا يَمصُرَ لَبَنَهَا فَيُضِرّ ذَلِكَ بِوَلَدِهَا وَ لَا يَجهَدَنّهَا رُكُوباً وَ ليَعدِل بَينَ صَوَاحِبَاتِهَا فِي ذَلِكَ وَ بَينَهَا وَ ليُرَفّه عَلَي اللّاغِبِ وَ ليَستَأنِ بِالنّقِبِ وَ الظّالِعِ وَ ليُورِدهَا مَا تَمُرّ بِهِ مِنَ الغُدُرِ وَ لَا يَعدِل بِهَا عَن نَبتِ الأَرضِ إِلَي جَوَادّ الطّرُقِ وَ ليُرَوّحهَا فِي السّاعَاتِ وَ ليُمهِلهَا عِندَ النّطَافِ وَ الأَعشَابِ حَتّي يَأتِيَنَا بِهَا بِإِذنِ اللّهِ بُدّناً مُنقِيَاتٍ غَيرَ مُتعَبَاتٍ وَ لَا مَجهُودَاتٍ لِنَقسِمَهَا عَلَي كِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِص فَإِنّ ذَلِكَ أَعظَمُ لِأَجرِكَ وَ أَقرَبُ لِرُشدِكَ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي
صفحه : 526
قوله ع علي تقوي الله حال أي مواظبا علي التقوي ومعتمدا عليها و لاتروعن بالتخفيف و في بعض النسخ بالتشديد والروع الخوف أوشدته يقال رعت فلانا كقلت وروعته فارتاع . قوله و لاتجتازن أي لاتمرن ببيوت المسلمين وهم يكرهون مرورك عليها. وروي بالخاء المعجمة والراء المهملة أي لاتقسم ماله وتختار أحد القسمين بدون رضاه والضمير في عليه راجع إلي مسلما والحي القبيلة و من عادة العرب أن تكون مياههم بارزة عن بيوتهم . قوله ع و لاتخدج بالتحية الباء زائدة و في بعض النسخ بدونها أي لاتنقصها من قولهم خدجت الناقة إذاألقت ولدها قبل أوانه وأنعم لك أي قال نعم قوله أوتعسفه أي لاتطلب منه الصدقة عسفا أي جبرا وظلما وأصله الأخذ علي غيرالطريق و قال الجوهري يقال لاترهقني لاأرهقك الله أي لاتعسرني و لاأعسرك الله . قوله ع من ذهب أوفضة أي إذاوجبت عليه زكاة أحد النقدين أوحد من زكاة الغلات نقدا إذاأعطاك القيمة والمراد بالماشية هنا الغنم والبقر وسؤت الرجل أي ساءه مارأي مني والصدع الشق والعود بالفتح المسن من الإبل والهرمة أيضا المسنة لكنها أكبر من العود والمكسورة التي انكسرت إحدي قوائمها أوظهرها والمهلوسة المريضة التي قدهلسها المرض وأفني لحمها والهلاس السل والعوار بفتح العين قديضم العيب . قوله ع و لامجحف أي ألذي يسوق المال سوقا عنيفا فيجحف به أي يهلكه أويذهب بكثير من لحمه ويحتمل أن يكون المراد من يخون فيه ويستلبه واللغوب التعب والإعياء ولغبت علي القوم الغب بالفتح فيهما أفسدت عليهم وأحدره أرسله وأوعزت إليه في كذا وكذا أي تقدمت والفصيل ولد الناقة إذافصل عن أمه والمصر حلب ما في الضرع جميعه
صفحه : 527
والفعل كنصر والجهد المشقة يقال جهد دابته وأجهدها إذاحمل عليها في السير فوق طاقتها قوله ع وليعدل أي لايخص بالركوب واحدة بعينها ليكون ذلك أروح لهن و قال الجوهري استأني به أي انتظر به و قال نقب البعير بالكسر إذارقت أخفافه و قال الجزري في حديث علي ع وليستأن بذات النقب والظالع أي بذات الجرب والعرجاء. والظلع بالسكون العرج والغدر جمع غدير الماء وليروحها أي يتركها حتي تستريح في الأوقات المناسبة لذلك أو من الرواح ضد الغدو أي يسيرها في ساعات الرواح ويتركها في حر الشمس حتي تستريح والنطاف جمع النطفة وهي الماء الصافي القليل والبدن بالتشديد السمان واحدها بادن والنقي مخ العظم وشحم العين من السمن وأنقت الإبل أي سمنت وصار فيه نقي وكذلك غيرها ذكرها الجوهري.أقول أخرجته من الكافي في كتاب أحواله ع بتغيير ما
718- وَ رَوَاهُ أَيضاً اِبرَاهِيمُ بنُ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ فِي كِتَابِ الغَارَاتِ عَن
صفحه : 528
يَحيَي بنِ صَالِحٍ عَنِ الوَلِيدِ بنِ عَمرٍو عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ سُلَيمَانَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ قَالَ بَعَثَ عَلِيّ ع مُصَدّقاً مِنَ الكُوفَةِ إِلَي بَادِيَتِهَا فَقَالَ عَلَيكَ يَا عَبدَ اللّهِ بِتَقوَي اللّهِ وَ لَا تُؤثِرَنّ دُنيَاكَ عَلَي آخِرَتِكَ وَ كُن حَافِظاً لِمَا ائتَمَنتُكَ عَلَيهِ رَاعِياً لِحَقّ اللّهِ حَتّي تأَتيَِ ناَديَِ بنَيِ فُلَانٍ فَإِذَا قَدِمتَ عَلَيهِم فَانزِل بِفِنَائِهِم مِن غَيرِ أَن تُخَالِطَ أَبيَاتَهُم ثُمّ سَاقَ الحَدِيثَ نَحواً مِمّا مَرّ إِلَي قَولِهِ ع وَ أَقرَبُ لِرُشدِكَ فَيَنظُرُ اللّهُ إِلَيهَا وَ إِلَيكَ وَ إِلَي جُهدِكَ وَ نَصِيحَتِكَ لِمَن بَعَثَكَ وَ بُعِثتَ فِي حَاجَتِهِ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ مَا نَظَرَ اللّهُ إِلَي ولَيِّ يُجهِدُ نَفسَهُ لِإِمَامِهِ بِالطّاعَةِ وَ النّصِيحَةِ إِلّا كَانَ مَعَنَا فِي الرّفِيقِ الأَعلَي
719-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن عَهدٍ لَهُ ع إِلَي بَعضِ عُمّالِهِ وَ قَد بَعَثَهُ عَلَي الصّدَقَةِ فِي مِثلِهِ أَمَرَهُ بِتَقوَي اللّهِ فِي سَرَائِرِ أُمُورِهِ وَ خَفِيّاتِ أَعمَالِهِ حَيثُ لَا شَهِيدَ غَيرُهُ وَ لَا وَكِيلَ دُونَهُ وَ أَمَرَهُ أَن لَا يَعمَلَ بشِيَءٍ مِن طَاعَةِ اللّهِ فِيمَا ظَهَرَ فَيُخَالِفَ إِلَي غَيرِهِ فِيمَا أَسَرّ وَ مَن لَم يَختَلِف سِرّهُ وَ عَلَانِيَتُهُ وَ فِعلُهُ وَ مَقَالَتُهُ فَقَد أَدّي الأَمَانَةَ وَ أَخلَصَ العِبَادَةَ وَ أَمَرَهُ أَن لَا يَجبَهَهُم وَ لَا يَعضَهَهُم وَ لَا يَرغَبَ عَنهُم تَفَضّلًا بِالإِمَارَةِ عَلَيهِم فَإِنّهُمُ الإِخوَانُ فِي الدّينِ وَ الأَعوَانُ عَلَي استِخرَاجِ الحُقُوقِ وَ إِنّ لَكَ فِي هَذِهِ الصّدَقَةِ نَصِيباً مَفرُوضاً وَ حَقّاً مَعلُوماً وَ شُرَكَاءَ أَهلِ مَسكَنَةٍ وَ ضُعَفَاءَ ذوَيِ فَاقَةٍ وَ إِنّا مُوَفّوكَ حَقّكَ فَوَفّهِم حُقُوقَهُم وَ إِلّا فَإِنّكَ مِن أَكثَرِ النّاسِ خُصُوماً يَومَ القِيَامَةِ وَ بُؤساً لِمَن خَصمُهُ عِندَ اللّهِ الفُقَرَاءُ وَ المَسَاكِينُ وَ السّائِلُونَ وَ المَدفُوعُونَ وَ الغَارِمُ وَ ابنُ السّبِيلِ
صفحه : 529
وَ مَنِ استَهَانَ بِالأَمَانَةِ وَ رَتَعَ فِي الخِيَانَةِ وَ لَم يُنَزّه نَفسَهُ وَ دِينَهُ عَنهَا فَقَد أَحَلّ بِنَفسِهِ الذّلّ وَ الخزِيَ فِي الدّنيَا وَ هُوَ فِي الآخِرَةِ أَذَلّ وَ أَخزَي وَ إِنّ أَعظَمَ الخِيَانَةِ خِيَانَةُ الأُمّةِ وَ أَفظَعَ الغِشّ غِشّ الأَئِمّةِ وَ السّلَامُ
بيان قوله ع حيث لاشهيد كأنه إشارة إلي موضع أسرار العمل وإخفاء الأمور وقيل يعني يوم القيامة والشهيد الشاهد والحاضر والوكيل من يفوض إليه الأمور أوالشاهد والحفيظ كمافسر به قوله تعالي وَ اللّهُ عَلي ما نَقُولُ وَكِيلٌ. قوله ع فقد أدي الأمانة أي أمانة الله التي أخذها علي العباد في عبادته . قوله ع أن لايجبههم قال في النهاية أي لايواجههم بما يكرهونه وأصل الجبه لقاء الجبهة أوضربها فلما كان المواجه غيره بالكلام القبيح كالضارب جبهته به سمي ذلك جبها و قال الجوهري عضهه عضها رماه بالبهتان و قدأعضهت أي جئت بالبهتان . قوله ع و لايرغب عنهم أي عن مخالطتهم ومعاشرتهم تحقيرا لهم و قوله أهل مسكنة منصوب بكونه صفة لشركاء وقيل بدل وبؤسا قال ابن أبي الحديد هوبؤسي علي وزن فعلي والبؤس الخضوع وشدة الحاجة. والمذكور في النسخ بؤسا بالتنوين وكذا صححه الراوندي فيكون انتصابه علي المصدر كمايقال سحقا لك وبعدا لك ويقال خصمه أي غلبه في الخصومة والسائلون قيل المراد بهم هنا الرقاب وهم المكاتبون يتعذر عليهم مال الكتابة فيسألون وقيل هم الأساري وقيل العبيد تحت الشدة والمدفوعون هم الذين عناهم الله بقوله فِي سَبِيلِ اللّهِ وهم فقراء الغزاة والمدفوع الفقير لأن كل أحد يكرهه ويدفعه عن نفسه .
صفحه : 530
وقيل هم الحجيج المنقطع بهم لأنهم دفعوا عن إتمام حجهم أودفعوا عن العود إلي أهلهم . و في بعض النسخ المدقعون بالقاف قال في القاموس المدقع كمحسن الملصق بالدقعاء و هوالتراب . و أماسهم العاملين فقد ذكره ع بقوله و أناموفوك حقك مع أن العامل لايخاصم نفسه وأقول هذه التكلفات إنما نحتاج إليها إذاحملنا الكلام علي استيفاء الأقسام و لاضرورة فيه فيمكن أن يكون المراد بالسائلين والمدفوعين أوالمدقعين الموصوفين بتلك الصفات من أصناف المستحقين للصدقات ورتع كمنع أي أكل وشرب ماشاء في خصب وسعة. قوله ع فقد أحل بنفسه قال ابن أبي الحديد أي جعل نفسه محلا للذل والخزي ويروي فقد أخل بنفسه بالخاء المعجمة و لم يذكر الذل والخزي ومعناه جعل نفسه فقيرا يقال خل الرجل إذاافتقر وأخل به وبغيره أي جعله فقيرا ويروي أحل بنفسه بالحاء المهملة و لم يذكر الذل والخزي أي أباح دمه والرواية الأولي أصح لقوله ع بعدها و هو في الآخرة أذل وأخزي قوله ع خيانة الأمة مصدر مضاف إلي المفعول به لأن الساعي إذاخان فقد خان الأمة كلها وكذا إذاغش في الصدقة فقد غش الإمام . وجوز بعضهم أن يكون مضافا إلي الفاعل فالمراد حينئذ أن إغماض الأئمة وترك النهي عن مثل تلك الخيانة أفظع الغش فلايطمع العاملون في الإغماض فيها
صفحه : 531
صفحه : 533
720- قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ النّهجِ رَوَي اِبرَاهِيمُ بنُ مُحَمّدٍ الثقّفَيِّ فِي كِتَابِ الغَارَاتِ وَ وَافَقَ مَا رَأَيتُهُ فِي أَصلِ كِتَابِهِ رَوَي بِإِسنَادِهِ عَنِ الكلَبيِّ أَنّ مُحَمّدَ بنَ حُذَيفَةَ هُوَ ألّذِي حَرّضَ المِصرِيّينَ عَلَي قَتلِ عُثمَانَ وَ نَدَبَهُم إِلَيهِ وَ كَانَ
صفحه : 534
حِينَئِذٍ بِمِصرَ فَلَمّا صَارُوا إِلَي عُثمَانَ وَ حَصَرُوهُ وَثَبَ هُوَ بِمِصرَ عَلَي عَامِلِ عُثمَانَ عَلَيهَا وَ هُوَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَعدِ بنِ أَبِي سَرحٍ فَطَرَدَهُ عَنهَا وَ صَلّي بِالنّاسِ فَخَرَجَ ابنُ أَبِي سَرحٍ مِن مِصرَ[ و قال به صر إلي مصر] وَ نَزَلَ عَلَي تُخُومِ أَرضِ مِصرَ مِمّا يلَيِ فِلَسطِينَ وَ انتَظَرَ مَا يَكُونُ مِن أَمرِ عُثمَانَ فَلَمّا وَصَلَ إِلَيهِ خَبَرُ قَتلِهِ لَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ وَ وَلّي عَلِيّ ع قَيسَ بنَ سَعدِ بنِ عُبَادَةَ مِصرَ وَ قَالَ لَهُ صِر إِلَي مِصرَ فَقَد وَلّيتُكَهَا وَ اخرُج إِلَي ظَاهِرِ المَدِينَةِ وَ اجمَع ثِقَاتِكَ وَ مَن أَحبَبتَ أَن يَصحَبَكَ حَتّي تأَتيَِ مِصرَ وَ لَكَ جُندٌ فَإِنّ ذَلِكَ أَرعَبُ لِعَدُوّكَ وَ أَعَزّ لِوَلِيّكَ فَإِذَا أَنتَ قَدِمتَهَا إِن شَاءَ اللّهِ فَأَحسِن إِلَي المُحسِنِ وَ شُدّ عَلَي المُرِيبِ وَ ارفُق بِالعَامّةِ وَ الخَاصّةِ فَإِنّ الرّفقَ يُمنٌ فَقَالَ قَيسٌ رَحِمَكَ اللّهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَد فَهِمتُ مَا ذَكَرتَ فَأَمّا الجُندُ فإَنِيّ أَدَعُهُ لَكَ فَإِذَا احتَجتَ إِلَيهِم كَانُوا قَرِيباً مِنكَ وَ إِن أَرَدتَ بَعثَهُم إِلَي وَجهٍ مِن وُجُوهِكَ كَانُوا لَكَ عُدّةً وَ لكَنِيّ أَسِيرُ إِلَي مِصرَ بنِفَسيِ وَ أَهلِ بيَتيِ وَ أَمّا مَا أوَصيَتنَيِ بِهِ مِنَ الرّفقِ وَ الإِحسَانِ فَاللّهُ تَعَالَي هُوَ المُستَعَانُ عَلَي ذَلِكَ قَالَ فَخَرَجَ قَيسٌ فِي سَبعَةِ نَفَرٍ مِن أَهلِ بَيتِهِ حَتّي دَخَلَ مِصرَ فَصَعِدَ المِنبَرَ وَ أَمَرَ بِكِتَابٍ مَعَهُ يُقرَأُ عَلَي النّاسِ فِيهِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع إِلَي مَن بَلَغَهُ كتِاَبيِ مِنَ المُسلِمِينَ سَلَامٌ عَلَيكُم فإَنِيّ أَحمَدُ اللّهَ إِلَيكُمُ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ بِحُسنِ صُنعِهِ وَ قَدَرِهِ وَ تَدبِيرِهِ اختَارَ الإِسلَامَ دِيناً لِنَفسِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ بَعَثَ بِهِ أَنبِيَاءَهُ إِلَي عِبَادِهِ فَكَانَ مِمّا أَكرَمَ اللّهُ هَذِهِ الأُمّةَ وَ خَصّهُم بِهِ مِنَ الفَضلِ أَن بَعَثَ مُحَمّداًص إِلَيهِم فَعَلّمَهُمُ الكِتَابَ وَ الحِكمَةَ وَ السّنّةَ وَ الفَرَائِضَ وَ أَدّبَهُم لِكَيمَا يَهتَدُوا وَ جَمَعَهُم لِكَيمَا لَا يَتَفَرّقُوا وَ زَكّاهُم لِكَيمَا يَتَطَهّرُوا فَلَمّا قَضَي مِن ذَلِكَ مَا عَلَيهِ قَبَضَهُ اللّهُ إِلَيهِ فَعَلَيهِ صَلَوَاتُ اللّهِ وَ سَلَامُهُ وَ رَحمَتُهُ وَ رِضوَانُهُ
صفحه : 535
ثُمّ إِنّ المُسلِمِينَ مِن بَعدِهِ استَخلَفُوا أَمِيرَينِ مِنهُم صَالِحَينِ أَحيَيَا السّيرَةَ وَ لَم يَعدُوَا السّنّةَ ثُمّ تَوَفّيَا فوَلُيَّ بَعدَهُمَا مَن أَحدَثَ أَحدَاثاً فَوَجَدَتِ الأُمّةُ عَلَيهِ مَقَالًا فَقَالُوا ثُمّ نَقَمُوا عَلَيهِ فَغَيّرُوا ثُمّ جاَءوُنيِ فبَاَيعَوُنيِ وَ أَنَا أسَتهَديِ اللّهَ لِلهُدَي وَ أَستَعِينُهُ عَلَي التّقوَي أَلَا وَ إِنّ لَكُم عَلَينَا العَمَلَ بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ رَسُولِهِ وَ القِيَامِ بِحَقّهِ وَ النّصحِ لَكُم بِالغَيبِوَ اللّهُ المُستَعانُ وَحَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُ وَ قَد بَعَثتُ لَكُم قَيسَ بنَ سَعدٍ الأنَصاَريِّ أَمِيراً فَوَازِرُوهُ وَ أَعِينُوهُ عَلَي الحَقّ وَ قَد أَمَرتُهُ بِالإِحسَانِ إِلَي مُحسِنِكُم وَ الشّدّةِ عَلَي مُرِيبِكُم وَ الرّفقِ بِعَوَامّكُم وَ خَوَاصّكُم وَ هُوَ مِمّن أَرضَي هَديَهُ وَ أَرجُو صَلَاحَهُ وَ نُصحَهُ نَسأَلُ اللّهَ لَنَا وَ لَكُم عَمَلًا زَاكِياً وَ ثَوَاباً جَزِيلًا وَ رَحمَةً وَاسِعَةً وَ السّلَامُ عَلَيكُم وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ كَتَبَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ أَبِي رَافِعٍ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتّ وَ ثَلَاثِينَ فَلَمّا فَرَغَ مِن قِرَاءَةِ الكِتَابِ قَامَ قَيسٌ خَطِيباً فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي جَاءَ بِالحَقّ وَ أَمَاتَ البَاطِلَ وَ كَبّتَ الظّالِمِينَ أَيّهَا النّاسُ إِنّا بَايَعنَا خَيرَ مَن نَعلَمُ بَعدَ نَبِيّنَاص فَقُومُوا وَ بَايِعُوا عَلَي كِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِص فَإِن نَحنُ لَم نَعمَل فِيكُم بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ رَسُولِ اللّهِص فَلَا بَيعَةَ لَنَا عَلَيكُم فَقَامَ النّاسُ فَبَايَعُوا وَ استَقَامَت مِصرُ وَ أَعمَالُهَا لِقَيسٍ وَ بَعَثَ عَلَيهَا عُمّالَهُ إِلّا أَنّ قَريَةً مِنهَا قَد أَعظَمَ أَهلُهَا قَتلَ عُثمَانَ وَ بِهَا رَجُلٌ مِن بنَيِ كِنَانَةَ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بنُ الحَارِثِ فَبَعَثَ إِلَي قَيسٍ أَنّا لَا نَأتِيكَ فَابعَث عُمّالَكَ فَالأَرضُ أَرضُكَ وَ لَكِن أَقِرّنَا عَلَي حَالِنَا حَتّي نَنظُرَ إِلَي مَا يَصِيرُ أَمرُ النّاسِ وَ وَثَبَ مَسلَمَةُ بنُ مَخلَدٍ الأنَصاَريِّ بِهِ فَنَعَي وَ دَعَا إِلَي الطّلَبِ بِدَمِ عُثمَانَ فَأَرسَلَ إِلَيهِ قَيسٌ وَيحَكَ أَ عَلَيّ تَثِبُ وَ اللّهِ مَا أُحِبّ أَنّ لِي مُلكَ الشّامِ وَ مِصرَ وَ أنَيّ قَتَلتُكَ فَاحقُن دَمَكَ فَأَرسَلَ إِلَيهِ مَسلَمَةُ أنَيّ كَافّ عَنكَ مَا دُمتَ أَنتَ واَليِ
صفحه : 536
مِصرَ وَ كَانَ قَيسٌ ذَا رأَيٍ وَ جَزمٍ فَبَعَثَ إِلَي الّذِينَ اعتَزَلُوا أنَيّ لَا أُكرِهُكُم عَلَي البَيعَةِ وَ لكَنِيّ أَدَعُكُم وَ أَكُفّ عَنكُم فَهَادَنَهُم وَ هَادَنَ مَسلَمَةُ بنُ مَخلَدٍ وَ جَبَي الخَرَاجَ وَ لَيسَ أَحَدٌ يُنَازِعُهُ قَالَ اِبرَاهِيمُ وَ خَرَجَ عَلِيّ ع إِلَي الجَمَلِ وَ قَيسٌ عَلَي مِصرَ وَ رَجَعَ إِلَي الكُوفَةِ مِنَ البَصرَةِ وَ هُوَ بِمَكَانِهِ وَ كَانَ أَثقَلَ خَلقِ اللّهِ عَلَي مُعَاوِيَةَ لِقُربِ مِصرَ وَ أَعمَالِهَا مِنَ الشّامِ فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي قَيسٍ وَ عَلِيّ ع يَومَئِذٍ بِالكُوفَةِ قَبلَ أَن يَسِيرَ إِلَي صِفّينَ مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي قَيسِ بنِ سَعدٍ سَلَامٌ عَلَيكَ فإَنِيّ أَحمَدُ إِلَيكَ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِنّكُم إِن كُنتُم نَقَمتُم عَلَي عُثمَانَ فِي أَثَرَةٍ رَأَيتُمُوهَا أَو ضَربَةِ سَوطٍ رَأَيتُمُوهُ ضَرَبَهَا أَو فِي شَتمِهِ أَو تَميِيزِهِ أَحَداً أَو فِي استِعمَالِهِ الفِتيَانَ مِن أَهلِهِ فَإِنّكُم قَد عَلِمتُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ أَنّ دَمَهُ لَم يَحِلّ لَكُم بِذَلِكَ فَقَد رَكِبتُم عَظِيماً مِنَ الأَمرِ وَ جِئتُم شَيئاً إِدّاً فَتُب يَا قَيسُ إِلَي رَبّكَ إِن كُنتَ مِنَ المُجلِبِينَ عَلَي عُثمَانَ إِن كَانَتِ التّوبَةُ قَبلَ المَوتِ تغُنيِ شَيئاً وَ أَمّا صَاحِبُكَ فَقَدِ استَيقَنّا أَنّهُ أَغرَي النّاسَ بِهِ وَ حَمَلَهُم عَلَي قَتلِهِ حَتّي قَتَلُوهُ وَ أَنّهُ لَم يَسلَم مِن دَمِهِ عِظَمُ قَومِكَ فَإِنِ استَطَعتَ يَا قَيسُ أَن تَكُونَ مِمّن يَطلُبُ بِدَمِ عُثمَانَ فَافعَل وَ بَايِعنَا عَلَي عَلِيّ فِي أَمرِنَا هَذَا وَ لَكَ سُلطَانُ العِرَاقَينِ إِن أَنَا ظَفِرتُ مَا بَقِيتُ وَ لِمَن أَحبَبتَ مِن أَهلِ بَيتِكَ سُلطَانُ الحِجَازِ مَا دَامَ لِي سُلطَانٌ وَ سلَنيِ مِن غَيرِ هَذَا تُجَب مِمّا تُحِبّ فَإِنّكَ لَا تسَألَنُيِ مِن شَيءٍ إِلّا أُوتِيتَهُ وَ اكتُب إلِيَّ بِرَأيِكَ فِيمَا كَتَبتُ إِلَيكَ وَ السّلَامُ فَكَتَبَ إِلَيهِ قَيسٌ أَمّا بَعدُ فَقَد وَصَلَ إلِيَّ كِتَابُكَ وَ فَهِمتُ ألّذِي ذَكَرتَ مِن أَمرِ عُثمَانَ وَ ذَلِكَ أَمرٌ لَم أُقَارِبهُ وَ ذَكَرتَ أَنّ صاَحبِيِ هُوَ ألّذِي أَغرَي النّاسَ بِعُثمَانَ وَ دَسّهُم إِلَيهِ حَتّي قَتَلُوهُ وَ هَذَا أَمرٌ لَم أَطّلِع عَلَيهِ وَ ذَكَرتَ لِي أَنّ عِظَمَ عشَيِرتَيِ لَم تَسلَم مِن دَمِ عُثمَانَ فلَعَمَريِ إِنّ أَولَي النّاسِ كَانَ فِي أَمرِهِ عشَيِرتَيِ وَ أَمّا مَا سأَلَتنَيِ مِن مُبَايَعَتِكَ عَلَي الطّلَبِ بِدَمِهِ وَ مَا عَرَضتَهُ عَلَيّ فَقَد فَهِمتُهُ
صفحه : 537
وَ هَذَا أَمرٌ لِي فِيهِ نَظَرٌ وَ فِكرٌ وَ لَيسَ هَذَا مِمّا يُعَجّلُ إِلَي مِثلِهِ وَ أَنَا كَافّ عَنكَ وَ لَيسَ يَأتِيكَ مِن قبِلَيِ شَيءٌ تَكرَهُهُ حَتّي تَرَي وَ نَرَي إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي وَ السّلَامُ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَلَمّا قَرَأَ مُعَاوِيَةُ كِتَابَهُ لَم يَرَهُ إِلّا مُقَارِباً مُبَاعِداً وَ لَم يَأمَن أَن يَكُونَ مُخَادِعاً مُكَايِداً فَكَتَبَ إِلَيهِ أَمّا بَعدُ فَقَد قَرَأتُ كِتَابَكَ فَلَم أَرَكَ تَدنُو فَأَعُدّكَ سِلماً وَ لَم أَرَكَ تَتَبَاعَدُ فَأَعُدّكَ حَرباً أَرَاكَ كَخَيلِ الحَرُونِ وَ لَيسَ مثِليِ مَن يُصَانِعُ بِالخَدَائِعِ وَ لَا يَخدَعُ بِالمَكَايِدِ وَ مَعَهُ عَدَدُ الرّجَالِ وَ أَعِنّةُ الخَيلِ فَإِن قَبِلتَ ألّذِي عَرَضتُ عَلَيكَ فَلَكَ مَا أَعطَيتُكَ وَ إِن أَنتَ لَم تَفعَل مَلَأتُ مِصرَ عَلَيكَ خَيلًا وَ رِجَالًا وَ السّلَامُ فَلَمّا قَرَأَ قَيسٌ كِتَابَهُ وَ عَلِمَ أَنّهُ لَا يَقبَلُ مِنهُ المُدَافَعَةَ وَ المُطَاوَلَةَ أَظهَرَ لَهُ مَا فِي نَفسِهِ فَكَتَبَ إِلَيهِ مِن قَيسِ بنِ سَعدٍ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَمّا بَعدُ فَالعَجَبُ مِنِ استِسقَاطِكَ رأَييِ وَ الطّمَعِ فِي أَن تسَوُمنَيِ لَا أَبَا لِغَيرِكَ الخُرُوجَ مِن طَاعَةِ أَولَي النّاسِ بِالأَمرِ وَ أَقوَلِهِم بِالحَقّ وَ أَهدَاهُم سَبِيلًا وَ أَقرَبِهِم مِن رَسُولِ اللّهِص وَسِيلَةً وَ تأَمرُنُيِ بِالدّخُولِ فِي طَاعَتِكَ طَاعَةِ أَبعَدِ النّاسِ مِن هَذَا الأَمرِ وَ أَقوَلِهِم بِالزّورِ وَ أَضَلّهِم سَبِيلًا وَ أَدنَاهُم مِن رَسُولِ اللّهِص وَسِيلَةً وَ لَدَيكَ قَومٌ ضَالّونَ مُضِلّونَ طَوَاغِيتُ مِن طَوَاغِيتِ إِبلِيسَ وَ أَمّا قَولُكَ أَنّكَ تَملَأُ عَلَيّ مِصرَ خَيلًا وَ رِجَالًا فَلَئِن لَم أَشغَلكَ عَن ذَلِكَ حَتّي يَكُونَ مِنكَ أَنّكَ ذُو جِدّ وَ السّلَامُ فَلَمّا أَتَي مُعَاوِيَةَ كِتَابُ قَيسٍ آيَسَ مِنهُ وَ ثَقُلَ مَكَانُهُ عَلَيهِ وَ كَانَ أَن يَكُونَ مَكَانَهُ غَيرُهُ أَعجَبَ إِلَيهِ لِمَا يَعلَمُ مِن قُوّتِهِ وَ بَأسِهِ وَ نَجدَتِهِ فَاشتَدّ أَمرُهُ عَلَي مُعَاوِيَةَ فَأَظهَرَ لِلنّاسِ أَنّ قَيساً قَد بَايَعَكُم فَادعُوا اللّهَ لَهُ وَ قَرَأَ عَلَيهِم كِتَابَهُ ألّذِي لَانَ
صفحه : 538
فِيهِ وَ قَارَبَهُ وَ اختَلَقَ كِتَاباً نَسَبَهُ إِلَي قَيسٍ فَقَرَأَهُ عَلَي أَهلِ الشّامِ فَشَاعَ فِي الشّامِ كُلّهَا أَنّ قَيساً صَالَحَ مُعَاوِيَةَ وَ أَتَت عُيُونُ عَلِيّ ع إِلَيهِ بِذَلِكَ فَأَعظَمَهُ وَ أَكبَرَهُ وَ تَعَجّبَ لَهُ وَ دَعَا ابنَيهِ حَسَناً وَ حُسَيناً وَ ابنَهُ مُحَمّداً وَ عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ فَأَعلَمَهُم بِذَلِكَ وَ قَالَ مَا رَأيُكُم فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ دَع مَا يُرِيبُكَ إِلَي مَا لَا يُرِيبُكَ اعزِل قَيساً مِن مِصرَ قَالَ عَلِيّ ع وَ اللّهِ إنِيّ غَيرُ مُصَدّقٍ بِهَذَا عَلَي قَيسٍ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ اعزِلهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَإِن كَانَ حَقّاً مَا قَد قِيلَ لَا يَعتَزِلُكَ إِن عَزَلتَهُ قَالَ فَإِنّهُم لَكَذَلِكَ إِذ جَاءَهُم كِتَابٌ مِن قَيسِ بنِ سَعدٍ وَ فِيهِ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ أُخبِرُكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَكرَمَكَ اللّهُ وَ أَعَزّكَ أَنّ قبِلَيِ رِجَالًا مُعتَزِلِينَ سأَلَوُنيِ أَن أَكُفّ عَنهُم وَ أَدَعَهُم عَلَي حَالِهِم حَتّي يَستَقِيمَ أَمرُ النّاسِ وَ تَرَي وَ يَرَونَ وَ قَد رَأَيتُ أَن أَكُفّ عَنهُم وَ لَا أَعجَلَ بِحَربِهِم وَ أَن أَتَأَلّفَهُم فِيمَا بَينَ ذَلِكَ لَعَلّ اللّهَ أَن يُقبِلَ بِقُلُوبِهِم وَ يُفَرّقَهُم عَن ضَلَالَتِهِم إِن شَاءَ اللّهُ وَ السّلَامُ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِنّكَ إِن أَطَعتَهُ فِي تَركِهِم وَ اعتِزَالِهِم استَسرَي الأَمرُ وَ تَفَاقَمَتِ الفِتنَةُ وَ قَعَدَ عَن بَيعَتِكَ كَثِيرٌ مِمّن تُرِيدُهُ عَلَي الدّخُولِ فِيهَا وَ لَكِن مُرهُ بِقِتَالِهِم فَكَتَبَ إِلَيهِ أَمّا بَعدُ فَسِر إِلَي القَومِ الّذِينَ ذَكَرتَ فَإِن دَخَلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ المُسلِمُونَ وَ إِلّا فَنَاجِزهُم وَ السّلَامُ فَلَمّا أَتَي هَذَا الكِتَابُ قَيساً فَقَرَأَهُ لَم يَتَمَالَك أَن كَتَبَ إِلَيهِ أَمّا بَعدُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَالعَجَبُ لَكَ تأَمرُنُيِ بِقِتَالِ قَومٍ كَافّينَ عَنكَ لَم يُمِدّوا يَداً لِلفِتنَةِ وَ لَا أَرصَدُوا لَهَا فأَطَعِنيِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ كُفّ عَنهُم فَإِنّ الرأّيَ تَركُهُم وَ السّلَامُ فَلَمّا أَتَاهُ الكِتَابُ قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ابعَث مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ إِلَي مِصرَ وَ اعزِل قَيساً فبَلَغَنَيِ وَ اللّهِ أَنّ قَيساً يَقُولُ إِنّ سُلطَاناً لَا يَتِمّ إِلّا بِقَتلِ مَسلَمَةَ بنِ مَخلَدٍ لَسُلطَانُ سَوءٍ وَ اللّهِ مَا أُحِبّ أَنّ لِي سُلطَانَ الشّامِ مَعَ سُلطَانِ مِصرَ وَ أنَيّ قَتَلتُ ابنَ مَخلَدٍ
صفحه : 539
وَ كَانَ عَبدُ اللّهِ أَخَا مُحَمّدٍ لِأُمّهِ وَ كَانَ يُحِبّ أَن يَكُونَ لَهُ إِمرَةٌ وَ سُلطَانٌ فَاستَعمَلَ عَلِيّ ع مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ عَلَي مِصرَ لِمَحَبّتِهِ لَهُ وَ لِهَوَي عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ أَخِيهِ فِيهِ وَ كَتَبَ مَعَهُ كِتَاباً إِلَي أَهلِ مِصرَ فَسَارَ حَتّي قَدِمَهَا فَقَالَ لَهُ قَيسٌ مَا بَالُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مَا غَيّرَهُ فَغَضِبَ وَ خَرَجَ عَنهَا مُقبِلًا إِلَي المَدِينَةِ وَ لَم يَمضِ إِلَي عَلِيّ ع بِالكُوفَةِ فَلَمّا قَدِمَ المَدِينَةَ جَاءَهُ حَسّانُ بنُ ثَابِتٍ شَامِتاً بِهِ وَ كَانَ عُثمَانِيّاً فَقَالَ لَهُ نَزَعَكَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ قَد قَتَلتَ عُثمَانَ فبَقَيَِ عَلَيكَ الإِثمُ وَ لَم يُحسِن لَكَ الشّكرَ فَزَجَرَهُ قَيسٌ وَ قَالَ يَا أَعمَي القَلبِ يَا أَعمَي البَصَرِ وَ اللّهِ لَو لَا أَن ألُقيَِ بيَنيِ وَ بَينَ رَهطِكَ حَرباً لَضَرَبتُ عُنُقَكَ ثُمّ أَخرَجَهُ مِن عِندِهِ ثُمّ إِنّ قَيساً وَ سَهلَ بنَ حُنَيفٍ خَرَجَا حَتّي قَدِمَا عَلَي عَلِيّ ع الكُوفَةَ فَخَبّرَهُ قَيسٌ الخَبَرَ وَ مَا كَانَ بِمِصرَ فَصَدّقَهُ وَ شَهِدَ مَعَ عَلِيّ ع بِصِفّينَ هُوَ وَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ وَ كَانَ قَيسٌ طِوَالًا أَطوَلَ النّاسِ وَ أَمَدّهُم قَامَةً وَ كَانَ سِنَاطاً أَصلَعَ شُجَاعاً مُجَرّباً مُنَاصِحاً لعِلَيِّ ع وَ لِوُلدِهِ وَ لَم يَزَل عَلَي ذَلِكَ إِلَي أَن مَاتَ أَقُولُ هَذِهِ الأَخبَارُ مُختَصَرٌ مِمّا وَجَدتُهُ فِي كِتَابِ الغَارَاتِ وَ قَالَ فِيهِ وَ كَانَ قَيسٌ عَامِلًا لعِلَيِّ ع عَلَي مِصرَ فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ لَا تَسُبّوا قَيساً فَإِنّهُ مَعَنَا فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً فَعَزَلَهُ وَ أَتَي المَدِينَةَ فَجَعَلَ النّاسُ يُغرُونَهُ وَ يَقُولُونَ لَهُ نَصَحتَ فَعَزَلَكَ فَلَحِقَ بعِلَيِّ ع وَ بَايَعَهُ اثنَا عَشَرَ أَلفاً عَلَي المَوتِ بَعدَ مَا أُصِيبَ عَلِيّ ع وَ صَالَحَ الحَسَنُ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُم قَيسٌ إِن شِئتُم دَخَلتُم فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النّاسُ فَبَايَعَهُ مَن مَعَهُ إِلّا خثيمة[خَيثَمَةَ]الضبّيّّ
صفحه : 540
وَ عَن هِشَامِ بنِ عُروَةَ عَن أَبِيهِ قَالَ كَانَ قَيسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبَادَةَ مَعَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَي مُقَدّمَتِهِ وَ مَعَهُ خَمسَةُ آلَافٍ قَد حَلَقُوا رُءُوسَهُم أَقُولُ وَجَدتُ فِي بَعضِ الكُتُبِ أَنّ عَزلَ قَيسٍ عَن مِصرَ مِمّا غَلَبَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع أَصحَابُهُ وَ اضطَرّوهُ إِلَي ذَلِكَ وَ لَم يَكُن هَذَا رَأيَهُ كَالتّحكِيمِ وَ لَعَلّهُ أَظهَرُ وَ أَصوَبُ
720- ثُمّ قَالَ اِبرَاهِيمُ وَ كَانَ عَهدُ عَلِيّ ع إِلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ هَذَا مَا عَهِدَ عَبدُ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ إِلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ حِينَ وَلّاهُ مِصرَ أَمَرَهُ بِتَقوَي اللّهِ فِي السّرّ وَ العَلَانِيَةِ وَ خَوفِ اللّهِ تَعَالَي فِي المَغِيبِ وَ المَشهَدِ وَ أَمَرَهُ بِاللّينِ عَلَي المُسلِمِ وَ الغِلظَةِ عَلَي الفَاجِرِ وَ بِالعَدلِ عَلَي أَهلِ الذّمّةِ وَ بِالإِنصَافِ لِلمَظلُومِ وَ بِالشّدّةِ عَلَي الظّالِمِ وَ بِالعَفوِ عَنِ النّاسِ وَ بِالإِحسَانِ مَا استَطَاعَ وَ اللّهُ يجَزيِ المُحسِنِينَ وَ يُعَذّبُ المُجرِمِينَ وَ أَمَرَهُ أَن يَدعُوَ مَن قِبَلَهُ إِلَي الطّاعَةِ وَ الجَمَاعَةِ فَإِنّ لَهُم فِي ذَلِكَ فِي العَافِيَةِ وَ عِظَمِ المَثُوبَةِ مَا لَا يُقدَرُ قَدَرُهُ وَ لَا يُعرَفُ كُنهُهُ وَ أَمَرَهُ أَن يجَبيَِ خَرَاجَ الأَرضِ عَلَي مَا كَانَت تُجبَي عَلَيهِ مِن قَبلُ لَا يُنتَقَصُ وَ لَا يُبتَدَعُ ثُمّ يَقسِمُهُ بَينَ أَهلِهِ كَمَا كَانُوا يَقسِمُونَهُ عَلَيهِ مِن قَبلُ وَ إِن لَم تَكُن لَهُم حَاجَةٌ وَ أَمَرَهُ أَن يُلَيّنَ لَهُم جَنَاحَهُ وَ أَن يوُاَسيَِ بَينَهُم فِي مَجلِسِهِ وَ وَجهِهِ لِيَكُونَ القَرِيبُ وَ البَعِيدُ عِندَهُ فِي الحَقّ سَوَاءً وَ أَمَرَهُ أَن يَحكُمَ بَينَ النّاسِ بِالحَقّ وَ أَن يَقُومَ بِالقِسطِ وَ أَن لَا يَتّبِعَ الهَوَي وَ أَن لَا يَخَافَ فِي اللّهِ لَومَةَ لَائِمٍ فَإِنّ اللّهَ مَعَ مَنِ
صفحه : 541
اتّقَاهُ وَ آثَرَ طَاعَتَهُ وَ أَمَرَهُ عَلَي مَن سِوَاهُ وَ كَتَبَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ أَبِي رَافِعٍ مَولَي رَسُولِ اللّهِص بِغُرّةِ شَهرِ رَمَضَانَ سَنَةِ سِتّ وَ ثَلَاثِينَ
أَقُولُ رَوَي الحَسَنُ بنُ عَلِيّ بنِ شُعبَةَ فِي تُحَفِ العُقُولِ هَذَا العَهدَ نَحواً مِمّا ذُكِرَ ثُمّ قَالَ اِبرَاهِيمُ ثُمّ قَامَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ خَطِيباً فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ قَالَ أَمّا بَعدُ فَالحَمدُ لِلّهِ ألّذِي هَدَانَا وَ إِيّاكُم لِمَا اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقّ وَ بَصّرَنَا وَ إِيّاكُم كَثِيراً مِمّا عمَيَِ عَنهُ الجَاهِلُونَ أَلَا وَ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ولَاّنيِ أُمُورَكُم وَ عَهِدَ إلِيَّ بِمَا سَمِعتُم وَ أوَصاَنيِ بِكَثِيرٍ مِنهُ مُشَافَهَةً وَ لَن آلُوكُم جُهداًمَا استَطَعتُ وَ ما توَفيِقيِ إِلّا بِاللّهِ عَلَيهِ تَوَكّلتُ وَ إِلَيهِ أُنِيبُ فَإِن يَكُن مَا تَرَونَ مِن آثاَريِ وَ أعَماَليِ طَاعَةً لِلّهِ وَ تَقوًي فَاحمَدُوا اللّهَ عَلَي مَا كَانَ مِن ذَلِكَ فَإِنّهُ هُوَ الهاَديِ إِلَيهِ وَ إِن رَأَيتُم مِن ذَلِكَ عَمَلًا بِغَيرِ الحَقّ فَارفَعُوهُ إلِيَّ وَ عاَتبِوُنيِ عَلَيهِ فإَنِيّ بِذَلِكَ أَسعَدُ وَ أَنتُم بِذَلِكَ مَأجُورُونَ وَفّقَنَا اللّهُ وَ إِيّاكُم لِصَالِحِ العَمَلِ قَالَ وَ كَتَبَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هُوَ إِذ ذَاكَ بِمِصرَ عَامِلُهَا يَسأَلُهُ جَوَامِعَ مِنَ الحَلَالِ وَ الحَرَامِ وَ السّنَنِ وَ المَوَاعِظِ فَكَتَبَ إِلَيهِ لِعَبدِ اللّهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ مِن مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ سَلَامٌ عَلَيكَ فإَنِيّ أَحمَدُ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِن رَأَي أَمِيرُ المُؤمِنِينَ أَرَانَا اللّهُ وَ جَمَاعَةَ المُسلِمِينَ فِيهِ أَفضَلَ سُرُورِنَا وَ أَمَلَنَا فِيهِ أَن يَكتُبَ لَنَا كِتَاباً فِيهِ فَرَائِضُ وَ أَشيَاءُ مِمّا يُبتَلَي بِهِ مثِليِ مِنَ القَضَاءِ بَينَ النّاسِ فَعَلَ فَإِنّ اللّهَ يُعظِمُ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ الأَجرَ وَ يُحسِنُ لَهُ الذّخرَ
صفحه : 542
فَكَتَبَ إِلَيهِ عَلِيّ ع بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن عَبدِ اللّهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ وَ أَهلِ مِصرَ سَلَامٌ عَلَيكُم فإَنِيّ أَحمَدُ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَقَد وَصَلَ إلِيَّ كِتَابُكَ فَقَرَأتُهُ وَ فَهِمتُ مَا سأَلَتنَيِ عَنهُ فأَعَجبَنَيِ اهتِمَامُكَ بِمَا لَا بُدّ مِنهُ وَ مَا لَا يُصلِحُ المُؤمِنِينَ غَيرُهُ وَ ظَنَنتُ أَنّ ألّذِي دَعَاكَ إِلَيهِ نِيّةٌ صَالِحَةٌ وَ رأَيٌ غَيرُ مَدخُولٍ وَ لَا خَسِيسٍ وَ قَد بَعَثتُ إِلَيكَ أَبوَابَ الأَقضِيَةِ جَامِعاً لَكَ وَلا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ وَحَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُ وَ كَتَبَ إِلَيهِ بِمَا سَأَلَهُ عَنهُ مِنَ القَضَاءِ وَ ذِكرِ المَوتِ وَ الحِسَابِ وَ صِفَةِ الجَنّةِ وَ النّارِ وَ كَتَبَ فِي الإِمَامَةِ وَ كَتَبَ فِي الوُضُوءِ وَ كَتَبَ إِلَيهِ فِي مَوَاقِيتِ الصّلَاةِ وَ كَتَبَ إِلَيهِ فِي الرّكُوعِ وَ السّجُودِ وَ كَتَبَ إِلَيهِ فِي الأَدَبِ وَ كَتَبَ إِلَيهِ فِي الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَ النهّيِ عَنِ المُنكَرِ وَ كَتَبَ إِلَيهِ فِي الِاعتِكَافِ وَ كَتَبَ إِلَيهِ فِي الزّنَادِقَةِ وَ كَتَبَ إِلَيهِ فِي نصَراَنيِّ فَجَرَ بِمُسلِمَةٍ وَ كَتَبَ إِلَيهِ فِي أَشيَاءَ كَثِيرَةٍ لَم نَحفَظ مِنهَا غَيرَ هَذِهِ الخِصَالِ وَ حَدّثَنَا بِبَعضِ مَا كَتَبَ إِلَيهِ
قَالَ اِبرَاهِيمُ وَ حدَثّنَيِ يَحيَي بنُ صَالِحٍ عَن مَالِكِ بنِ خَالِدٍ الأسَدَيِّ عَنِ الحَسَنِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ عَن عَبَايَةَ قَالَكَتَبَ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ إِلَي أَهلِ مِصرَ لَمّا بَعَثَ مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ إِلَيهِم كِتَاباً يُخَاطِبُهُم بِهِ وَ يُخَاطِبُ مُحَمّداً أَيضاً فِيهِ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ أُوصِيكُم بِتَقوَي اللّهِ فِي سِرّ أَمرِكُم وَ عَلَانِيَتِهِ وَ عَلَي أَيّ حَالٍ كُنتُم عَلَيهَا وَ لِيَعلَمَ المَرءُ مِنكُم أَنّ الدّنيَا دَارُ بَلَاءٍ وَ فَنَاءٍ وَ الآخِرَةُ دَارُ جَزَاءٍ وَ بَقَاءٍ فَمَنِ استَطَاعَ أَن يُؤثِرَ مَا يَبقَي عَلَي مَا يَفنَي فَليَفعَل فَإِنّ الآخِرَةَ تَبقَي وَ الدّنيَا تَفنَي رَزَقَنَا اللّهُ وَ إِيّاكُم تَبَصّراً بَصَراً لِمَا بَصّرَنَا وَ فَهماً لِمَا فَهّمَنَا حَتّي لَا نُقَصّرَ فِيمَا أَمَرَنَا وَ لَا نَتَعَدّي إِلَي مَا نَهَانَا وَ اعلَم يَا مُحَمّدُ أَنّكَ وَ إِن كُنتَ مُحتَاجاً إِلَي نَصِيبِكَ مِنَ الدّنيَا إِلّا أَنّكَ إِلَي نَصِيبِكَ مِنَ الآخِرَةِ أَحوَجُ فَإِن عَرَضَ لَكَ أَمرَانِ أَحَدُهُمَا لِلآخِرَةِ وَ الآخَرُ لِلدّنيَا فَابدَأ بِأَمرِ الآخِرَةِ وَ لتَعظُم رَغبَتُكَ فِي الخَيرِ وَ لتَحسُن فِيهِ نِيّتُكَ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يعُطيِ العَبدَ عَلَي قَدرِ نِيّتِهِ وَ إِذَا أَحَبّ الخَيرَ وَ أَهلَهُ وَ لَم يَعمَلهُ كَانَ إِن شَاءَ
صفحه : 543
اللّهُ كَمَن عَمِلَهُ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ حِينَ رَجَعَ مِن تَبُوكَ إِنّ بِالمَدِينَةِ لَأَقوَاماً مَا سِرتُم مِن مَسِيرٍ وَ لَا هَبَطتُم مِن وَادٍ إِلّا كَانُوا مَعَكُم مَا حَبَسَهُم إِلّا المَرَضُ يَقُولُ كَانَت لَهُم نِيّةٌ ثُمّ اعلَم يَا مُحَمّدُ إنِيّ وَلّيتُكَ أَعظَمَ أجَناَديِ أَهلَ مِصرَ وَ إِذ وَلّيتُكَ مَا وَلّيتُكَ مِن أَمرِ النّاسِ فَإِنّكَ مَحقُوقٌ أَن تَخَافَ فِيهِ عَلَي نَفسِكَ وَ تَحذَرَ فِيهِ عَلَي دِينِكَ وَ لَو كَانَ سَاعَةٌ مِن نَهَارٍ فَإِنِ استَطَعتَ أَن لَا تُسخِطَ رَبّكَ لِرِضَا أَحَدٍ مِن خَلقِهِ فَافعَل فَإِنّ فِي اللّهِ خَلَفاً مِن غَيرِهِ وَ لَيسَ فِي شَيءٍ غَيرِهِ خَلَفٌ مِنهُ فَاشتَدّ عَلَي الظّالِمِ وَ لِن لِأَهلِ الخَيرِ وَ قَرّبهُم إِلَيكَ وَ اجعَلهُم بِطَانَتَكَ وَ إِخوَانَكَ وَ السّلَامُ
وَ بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَكَتَبَ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ إِلَي مُحَمّدٍ وَ أَهلِ مِصرَ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ أُوصِيكُم بِتَقوَي اللّهِ وَ العَمَلِ بِمَا أَنتُم عَنهُ مَسئُولُونَ فَأَنتُم بِهِ رَهنٌ وَ أَنتُم إِلَيهِ صَائِرُونَ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُكُلّ نَفسٍ بِما كَسَبَت رَهِينَةٌ وَ قَالَوَ يُحَذّرُكُمُ اللّهُ نَفسَهُ وَ إِلَي اللّهِ المَصِيرُ وَ قَالَفَوَ رَبّكَ لَنَسئَلَنّهُم أَجمَعِينَ عَمّا كانُوا يَعمَلُونَفَاعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ اللّهَ سَائِلُكُم عَنِ الصّغِيرِ مِن أَعمَالِكُم وَ الكَبِيرِ فَإِن يُعَذّب فَنَحنُ الظّالِمُونَ وَ إِن يَغفِر وَ يَرحَم فَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمِينَ وَ اعلَمُوا أَنّ أَقرَبَ مَا يَكُونُ العَبدُ إِلَي الرّحمَةِ وَ المَغفِرَةِ حِينَ مَا يَعمَلُ بِطَاعَةِ اللّهِ وَ مُنَاصَحَتِهِ فِي التّوبَةِ فَعَلَيكُم بِتَقوَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَإِنّهَا تَجمَعُ مِنَ الخَيرِ مَا لَا يَجمَعُ غَيرُهَا وَ يُدرَكُ بِهَا مِنَ الخَيرِ مَا لَا يُدرَكُ بِغَيرِهَا خَيرُ الدّنيَا وَ خَيرُ الآخِرَةِ يَقُولُ اللّهُ سُبحَانَهُوَ قِيلَ لِلّذِينَ اتّقَوا ما ذا أَنزَلَ رَبّكُم قالُوا خَيراً لِلّذِينَ أَحسَنُوا فِي هذِهِ الدّنيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الآخِرَةِ خَيرٌ وَ لَنِعمَ دارُ المُتّقِينَ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ المُؤمِنَ يَعمَلُ لِثَلَاثٍ إِمّا لِخَيرِ الدّنيَا فَإِنّ اللّهَ يُثِيبُهُ بِعَمَلِهِ فِي الدّنيَا قَالَ اللّهُوَ آتَيناهُ أَجرَهُ فِي الدّنيا وَ إِنّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَفَمَن عَمِلَ لِلّهِ تَعَالَي
صفحه : 544
أَعطَاهُ أَجرَهُ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ وَ كَفَاهُ المُهِمّ فِيهِمَا وَ قَد قَالَ تَعَالَييا عِبادِ الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا رَبّكُم لِلّذِينَ أَحسَنُوا فِي هذِهِ الدّنيا حَسَنَةٌ وَ أَرضُ اللّهِ واسِعَةٌ إِنّما يُوَفّي الصّابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسابٍفَمَا أَعطَاهُمُ اللّهُ فِي الدّنيَا لَم يُحَاسِبهُم بِهِ فِي الآخِرَةِ قَالَ اللّهُ تَعَالَيلِلّذِينَ أَحسَنُوا الحُسني وَ زِيادَةٌفَالحُسنَي الجَنّةُ وَ الزّيَادَةُ الدّنيَا وَ إِمّا لِخَيرِ الآخِرَةِ فَإِنّ اللّهَ يُكَفّرُ عَنهُ بِكُلّ حَسَنَةٍ سَيّئَةً يَقُولُإِنّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السّيّئاتِ ذلِكَ ذِكري لِلذّاكِرِينَ حَتّي إِذَا كَانَ يَومَ القِيَامَةِ حُسِبَت لَهُم حَسَنَاتُهُم وَ أُعطُوا بِكُلّ وَاحِدَةٍ عَشرَ أَمثَالِهَا إِلَي سَبعِمِائَةِ ضِعفٍ فَهُوَ ألّذِي يَقُولُجَزاءً مِن رَبّكَ عَطاءً حِساباً وَ يَقُولُ عَزّ وَ جَلّفَأُولئِكَ لَهُم جَزاءُ الضّعفِ بِما عَمِلُوا وَ هُم فِي الغُرُفاتِ آمِنُونَفَارغَبُوا فِيهِ وَ اعمَلُوا بِهِ وَ تَحَاضّوا عَلَيهِ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ المُؤمِنِينَ المُتّقِينَ قَد ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الخَيرِ وَ آجِلِهِ شَرِكُوا أَهلَ الدّنيَا فِي دُنيَاهُم وَ لَم يُشَارِكهُم أَهلُ الدّنيَا فِي آخِرَتِهِم يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّقُل مَن حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التّيِ أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطّيّباتِ مِنَ الرّزقِ قُل هيَِ لِلّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنيا خالِصَةً يَومَ القِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَسَكَنُوا الدّنيَا بِأَفضَلِ مَا سُكِنَت وَ أَكَلُوهَا بِأَفضَلِ مَا أُكِلَت شَارَكُوا أَهلَ الدّنيَا فِي دُنيَاهُم فَأَكَلُوا مِن أَفضَلِ مَا يَأكُلُونَ وَ شَرِبُوا مِن أَفضَلِ مَا يَشرَبُونَ وَ لَبِسُوا مِن أَفضَلِ مَا يَلبَسُونَ وَ سَكَنُوا بِأَفضَلِ مَا يَسكُنُونَ وَ تَزَوّجُوا بِأَفضَلِ مَا يَتَزَوّجُونَ وَ رَكِبُوا مِن أَفضَلِ مَا يَركَبُونَ أَصَابُوا لَذّةَ الدّنيَا مَعَ أَهلِ الدّنيَا وَ تَيَقّنُوا أَنّهُم غَداً مِن جِيرَانِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ يَتَمَنّونَ عَلَيهِ مَا يُرَدّ لَهُم دَعوَةٌ وَ لَا يُنقَصُ لَهُم لَذّةٌ أَمَا فِي هَذَا مَا يَشتَاقُ إِلَيهِ مَن كَانَ لَهُ عَقلٌ وَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّكُم إِنِ اتّقَيتُم رَبّكُمُ وَ حَفِظتُم نَبِيّكُم فِي أَهلِ بَيتِهِ فَقَد عَبَدتُمُوهُ بِأَفضَلِ مَا عُبِدَ وَ ذَكَرتُمُوهُ بِأَفضَلِ مَا ذُكِرَ وَ شَكَرتُمُوهُ بِأَفضَلِ مَا شُكِرَ وَ أَخَذتُم بِأَفضَلِ الصّبرِ وَ جَاهَدتُم بِأَفضَلِ الجِهَادِ وَ إِن كَانَ غَيرُكُم أَطوَلَ صَلَاةً
صفحه : 545
مِنكُم وَ أَكثَرَ صِيَاماً إِذَا كُنتُم أَتقَي لِلّهِ وَ أَنصَحَ لِأَولِيَاءِ اللّهِ مِن آلِ مُحَمّدٍص وَ أَخشَعَ وَ احذَرُوا عِبَادَ اللّهِ المَوتَ وَ نُزُولَهُ وَ خُذُوا لَهُ عُدّتَهُ فَإِنّهُ يَدخُلُ بِأَمرٍ عَظِيمٍ خَيرٌ لَا يَكُونُ مَعَهُ شَرّ أَبَداً أَو شَرّ لَا يَكُونُ مَعَهُ خَيرٌ أَبَداً فَمَن أَقرَبُ إِلَي الجَنّةِ مِن عَامِلِهَا وَ لَيسَ أَحَدٌ مِنَ النّاسِ يُفَارِقُ رُوحُهُ جَسَدَهُ حَتّي يَعلَمَ إِلَي أَيّ المَنزِلَتَينِ يَصِيرُ إِلَي الجَنّةِ أَم إِلَي النّارِ أَ عَدُوّ هُوَ لِلّهِ أَم ولَيِّ لَهُ فَإِن كَانَ وَلِيّاً فُتِحَت لَهُ أَبوَابُ الجَنّةِ وَ شُرّعَ لَهُ طَرِيقُهَا وَ نَظَرَ إِلَي مَا أَعَدّ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِأَولِيَائِهِ فِيهَا وَ فَرَغَ مِن كُلّ شُغُلٍ وَ وُضِعَ عَنهُ كُلّ ثَقَلٍ وَ إِن كَانَ عَدُوّاً لِلّهِ فُتِحَت لَهُ أَبوَابُ النّارِ وَ سُهّلَ لَهُ طَرِيقُهَا وَ نَظَرَ إِلَي مَا أَعَدّ اللّهُ فِيهَا لِأَهلِهَا وَ استَقبَلَ كُلّ مَكرُوهٍ وَ فَارَقَ كُلّ سُرُورٍ قَالَ تَعَالَيالّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالمِيِ أَنفُسِهِم فَأَلقَوُا السّلَمَ ما كُنّا نَعمَلُ مِن سُوءٍ بَلي إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ بِما كُنتُم تَعمَلُونَ فَادخُلُوا أَبوابَ جَهَنّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئسَ مَثوَي المُتَكَبّرِينَ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ المَوتَ لَيسَ مِنهُ فَوتٌ فَاحذَرُوهُ قَبلَ وُقُوعِهِ وَ أَعِدّوا لَهُ عُدّتَهُ فَإِنّكُم طُرَدَاءُ المَوتِ إِن أَقَمتُم أَخَذَكُم وَ إِن هَرَبتُم أَدرَكَكُم وَ هُوَ أَلزَمُ لَكُم مِن ظِلّكُم مَعقُودٌ بِنَوَاصِيكُم وَ الدّنيَا تُطوَي مِن خَلفِكُم فَأَكثِرُوا ذِكرَ المَوتِ عِندَ مَا تُنَازِعُكُم إِلَيهِ أَنفُسُكُم مِنَ الشّهَوَاتِ فَإِنّهُ كَفَي بِالمَوتِ وَاعِظاً وَ قَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَكثِرُوا ذِكرَ المَوتِ فَإِنّهُ هَادِمُ اللّذّاتِ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ مَا بَعدَ المَوتِ أَشَدّ مِنَ المَوتِ لِمَن لَا يَغفِرُ اللّهُ لَهُ وَ يَرحَمُهُ وَ احذَرُوا القَبرَ وَ ضَمّتَهُ وَ ضِيقَهُ وَ ظُلمَتَهُ فَإِنّهُ ألّذِي يَتَكَلّمُ كُلّ يَومٍ يَقُولُ أَنَا بَيتُ التّرَابِ وَ أَنَا بَيتُ الغُربَةِ وَ أَنَا بَيتُ الدّودِ وَ القَبرُ رَوضَةٌ مِن رِيَاضِ الجَنّةِ أَو حُفرَةٌ مِن حُفَرِ النّارِ إِنّ المُسلِمَ إِذَا مَاتَ قَالَت لَهُ الأَرضُ مَرحَباً وَ أَهلًا قَد كُنتَ مِمّن أُحِبّ أَن
صفحه : 546
تمَشيَِ عَلَي ظهَريِ فَإِذَا وَلَيتُكَ فَسَتَعلَمُ كَيفَ صنُعيِ بِكَ فَيَتّسِعُ لَهُ مَدّ بَصَرِهِ وَ إِذَا دُفِنَ الكَافِرُ قَالَت لَهُ الأَرضُ لَا مَرحَباً وَ لَا أَهلًا قَد كُنتَ مِمّن أُبغِضُ أَن تمَشيَِ عَلَي ظهَريِ فَإِذَا وَلَيتُكَ فَسَتَعلَمُ كَيفَ صنُعيِ بِكَ فَتَنضَمّ عَلَيهِ حَتّي تلَتقَيَِ أَضلَاعُهُ وَ اعلَمُوا أَنّ المَعِيشَةَ الضّنكَ التّيِ قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُفَإِنّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاًهيَِ عَذَابُ القَبرِ وَ أَنّهُ يُسَلّطُ عَلَي الكَافِرِ فِي قَبرِهِ حَيّاتٌ تِسعَةً وَ تِسعِينَ تِنّيناً عِظَامٌ تَنهَشُ لَحمَهُ حَتّي يُبعَثَ لَو أَنّ تِنّيناً مِنهَا نَفَخَ فِي الأَرضِ مَا أَنبَتَتِ الزّرعُ رَيعَهَا أَبَداً وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ أَنفُسَكُم وَ أَجسَادَكُمُ الرّقِيقَةَ النّاعِمَةَ التّيِ يَكفِيهَا اليَسِيرُ مِنَ العِقَابِ ضَعِيفَةٌ عَن هَذَا فَإِنِ استَطَعتُم أَن تَرحَمُوا أَنفُسَكُم وَ أَجسَادَكُم عَمّا لَا طَاقَةَ لَكُم بِهِ وَ لَا صَبرَ عَلَيهِ فَتَعمَلُوا بِمَا أَحَبّ اللّهُ سُبحَانَهُ وَ تَترُكُوا مَا كَرِهَ فَافعَلُوا وَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ مَا بَعدَ القَبرِ أَشَدّ مِنَ القَبرِ يَومَ يَشِيبُ فِيهِ الصّغِيرُ وَ يَسكُرُ فِيهِ الكَبِيرُ وَ يَسقُطُ فِيهِ الجَنِينُ وَ تَذهَلُ كُلّ مُرضِعَةٍ عَمّا أَرضَعَت وَ احذَرُوا يَوماً عَبُوساً قَمطَرِيراً كَانَ شَرّهُ مُستَطِيراً أَمَا إِنّ شَرّ ذَلِكَ اليَومِ وَ فَزَعَهُ استَطَارَ حَتّي فَزِعَت مِنهُ المَلَائِكَةُ الّذِينَ لَيسَت لَهُم ذُنُوبٌ وَ السّبعُ الشّدَادُ وَ الجِبَالُ الأَوتَادُ وَ الأَرَضُونَ المِهَادُ وَ انشَقّتِ السّمَاءُ فهَيَِ يَومَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَ تَتَغَيّرُفَكانَت وَردَةً كَالدّهانِ وَ تَكُونُ الجِبَالُ سَرَاباً مَهِيلًا بَعدَ مَا كَانَت صُمّاً صِلَاباً يَقُولُ اللّهُ سُبحَانَهُوَ نُفِخَ فِي الصّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السّماواتِ وَ مَن فِي الأَرضِ إِلّا مَن شاءَ اللّهُفَكَيفَ مَن يَعصِيهِ بِالسّمعِ وَ البَصَرِ وَ اللّسَانِ وَ اليَدِ وَ الرّجلِ وَ الفَرجِ وَ البَطنِ إِن لَم يَغفِرِ اللّهُ وَ يَرحَم وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ مَا بَعدَ ذَلِكَ اليَومِ أَشَدّ وَ أَدهَي عَلَي مَن لَم يَغفِرِ اللّهُ لَهُ مِن ذَلِكَ اليَومِ نَارٌ قَعرُهَا بَعِيدٌ وَ حَرّهَا شَدِيدٌ وَ عَذَابُهَا جَدِيدٌ وَ مَقَامِعُهَا حَدِيدٌ وَ شَرَابُهَا صَدِيدٌ لَا يَفتُرُ عَذَابُهَا وَ لَا يَمُوتُ سَاكِنُهَا دَارٌ لَيسَت لِلّهِ سُبحَانَهُ فِيهَا
صفحه : 547
رَحمَةٌ وَ لَا يُسمَعُ فِيهَا دَعوَةٌ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ مَعَ هَذَا رَحمَةَ اللّهِ التّيِ وَسِعَت كُلّ شَيءٍ لَا تَعجِزُ عَنِ العِبَادِ جَنّةٌ عَرضُهَا كَعَرضِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ خَيرٌ لَا يَكُونُ بَعدَهُ شَرّ أَبَداً وَ شَهوَةٌ لَا تَنفَدُ أَبَداً وَ لَذّةٌ لَا تَفنَي أَبَداً وَ مَجمَعٌ لَا يَتَفَرّقُ أَبَداً قَومٌ قَد جَاوَرُوا الرّحمَنَ وَ قَامَ بَينَ أَيدِيهِمُ الغِلمَانُبِصِحافٍ مِن ذَهَبٍ فِيهَا الفَاكِهَةُ وَ الرّيحَانُ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللّهِ إنِيّ أُحِبّ الخَيلَ فَهَل فِي الجَنّةِ خَيلٌ قَالَ نَعَم وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ إِنّ فِيهَا خَيلًا مِن يَاقُوتٍ أَحمَرَ عَلَيهَا يَركَبُونَ فَتَدُفّ بِهِم خِلَالَ وَرَقِ الجَنّةِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللّهِ إنِيّ يعُجبِنُيِ الصّوتُ الحَسَنُ أَ فِي الجَنّةِ الصّوتُ الحَسَنُ قَالَ نَعَم وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ إِنّ اللّهَ لَيَأمُرُ لِمَن أَحَبّ ذَلِكَ مِنهُم بِشَجَرٍ يُسمِعُهُ صَوتاً بِالتّسبِيحِ مَا سَمِعَتِ الآذَانُ بِأَحسَنَ مِنهُ قَطّ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللّهِص إنِيّ أُحِبّ الإِبِلَ أَ فِي الجَنّةِ إِبِلٌ قَالَ نَعَم وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ إِنّ فِيهَا نَجَائِبَ مِن يَاقُوتٍ أَحمَرَ عَلَيهَا رِحَالُ الذّهَبِ قَد أَلحَفَت بِنَمَارِقِ الدّيبَاجِ يَركَبُونَ فَتَزُفّ بِهِم خِلَالَ وَرَقِ الجَنّةِ وَ إِنّ فِيهَا صُوَرَ رِجَالٍ وَ نِسَاءٍ يَركَبُونَ مَرَاكِبَ أَهلِ الجَنّةِ فَإِذَا أَعجَبَ أَحَدَهُمُ الصّورَةُ قَالَ اجعَل صوُرتَيِ مِثلَ هَذِهِ الصّورَةِ فَيُجعَلُ صُورَتُهُ عَلَيهَا وَ إِذَا أَعجَبَتهُ صُورَةُ المَرأَةِ قَالَ رَبّ اجعَل صُورَةَ فُلَانَةَ زَوجَتِهِ مِثلَ هَذِهِ الصّورَةِ فَيَرجِعُ وَ قَد صَارَتِ صُورَةُ زَوجَتِهِ عَلَي مَا اشتَهَي وَ إِنّ أَهلَ الجَنّةِ يَزُورُونَ الجَبّارَ سُبحَانَهُ فِي كُلّ جُمُعَةٍ فَيَكُونُ أَقرَبَهُم مِنهُ عَلَي مَنَابِرَ مِن نُورٍ وَ الّذِينَ يَلُونَهُم عَلَي مَنَابِرَ مِن يَاقُوتٍ وَ الّذِينَ يَلُونَهُم عَلَي مَنَابِرَ مِن زَبَرجَدٍ وَ الّذِينَ يَلُونَهُم عَلَي مَنَابِرَ مِن مِسكٍ فَبَينَا هُم كَذَلِكَ يَنظُرُونَ إِلَي نُورِ اللّهِ جَلّ جَلَالُهُ
صفحه : 548
وَ يَنظُرُ اللّهُ فِي وُجُوهِهِم إِذ أَقبَلَت سَحَابَةٌ تَغشَاهُم فَتَمطُرُ عَلَيهِم مِنَ النّعمَةِ وَ اللّذّةِ وَ السّرُورِ وَ البَهجَةِ مَا لَا يَعلَمُهُ إِلّا اللّهُ سُبحَانَهُ وَ مَعَ هَذَا مَا هُوَ أَفضَلُ مِنهُ رِضوَانُ اللّهِ الأَكبَرُ أَمَا إِنّا لَو لَم نُخَوّف إِلّا بِبَعضِ مَا خُوّفنَا بِهِ لَكُنّا مَحقُوقِينَ أَن يَشتَدّ خَوفُنَا مِمّا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَ لَا صَبرَ لِقُوّتِنَا عَلَيهِ وَ أَن يَشتَدّ شَوقُنَا إِلَي مَا لَا غَنَاءَ لَنَا عَنهُ وَ لَا بُدّ لَنَا مِنهُ وَ إِنِ استَطَعتُم عِبَادَ اللّهِ أَن يَشتَدّ خَوفُكُم مِن رَبّكُم وَ يَحسُنَ بِهِ ظَنّكُم فَافعَلُوهُ فَإِنّ العَبدَ إِنّمَا تَكُونُ طَاعَتُهُ عَلَي قَدرِ خَوفِهِ وَ إِنّ أَحسَنَ النّاسِ لِلّهِ طَاعَةً أَشَدّهُم لَهُ خَوفاً وَ انظُر يَا مُحَمّدُ صَلَاتُكَ كَيفَ تُصَلّيهَا فَإِنّمَا أَنتَ إِمَامٌ ينَبغَيِ لَكَ أَن تُتِمّهَا وَ أَن تُخَفّفَهَا وَ أَن تُصَلّيَهَا لِوَقتِهَا فَإِنّهُ لَيسَ مِن إِمَامٍ يصُلَيّ بِقَومٍ فَيَكُونُ فِي صَلَاتِهِ وَ صَلَاتِهِم نَقصٌ إِلّا كَانَ إِثمُ ذَلِكَ عَلَيهِ وَ لَا يَنقُصُ ذَلِكَ مِن صَلَاتِهِم شَيئاً وَ اعلَم أَنّ كُلّ شَيءٍ مِن عَمَلِكَ يَتبَعُ صَلَاتَكَ فَمَن ضَيّعَ الصّلَاةَ فَهُوَ لِغَيرِهَا أَشَدّ تَضيِيعاً وَ وُضُوؤُكَ مِن تَمَامِ الصّلَاةِ فَأتِ بِهَا عَلَي وَجهِهِ فَإِنّ الوُضُوءَ نِصفُ الإِيمَانِ وَ انظُر صَلَاةَ الظّهرِ فَصَلّهَا لِوَقتِهَا لَا تَعجَل بِهَا عَنِ الوَقتِ لِفَرَاغٍ وَ لَا تُؤَخّرهَا عَنِ الوَقتِ لِشُغُلٍ فَإِنّ رَجُلًا جَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَسَأَلَهُ عَن وَقتِ الصّلَاةِ فَقَالَ النّبِيّص أتَاَنيِ جَبرَئِيلُ فأَرَاَنيِ وَقتَ الصّلَاةِ فَصَلّي الظّهرَ حِينَ زَالَتِ الشّمسُ ثُمّ صَلّي العَصرَ وَ هيَِ بَيضَاءُ نَقِيّةٌ ثُمّ صَلّي المَغرِبَ حِينَ غَابَتِ الشّمسُ ثُمّ صَلّي العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشّفَقُ ثُمّ صَلّي الصّبحَ فَأَغلَسَ بِهَا وَ النّجُومُ مُشتَبِكَةٌ كَانَ النّبِيّص كَذَا يصُلَيّ قَبلَكَ فَإِنِ استَطَعتَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ أَن تَلتَزِمَ السّنّةَ المَعرُوفَةَ وَ تَسلُكَ الطّرِيقَ الوَاضِحَ ألّذِي أَخَذَهُ وَ لَعَلّكَ تَقدَمُ عَلَيهِم غَداً
صفحه : 549
ثُمّ انظُر رُكُوعَكَ وَ سُجُودَكَ فَإِنّ النّبِيّص كَانَ أَتَمّ النّاسِ صَلَاةً وَ أَحفَظَهُم لَهَا وَ كَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ سُبحَانَ ربَيَّ العَظِيمِ وَ بِحَمدِهِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ وَ إِذَا رَفَعَ صُلبَهُ قَالَ سَمِعَ اللّهُ لِمَن حَمِدَهُ أللّهُمّ لَكَ الحَمدُ ملِ ءَ سَمَاوَاتِكَ وَ ملِ ءَ أَرضِكَ وَ ملِ ءَ مَا شِئتَ مِن شَيءٍ فَإِذَا سَجَدَ قَالَ سُبحَانَ ربَيَّ الأَعلَي وَ بِحَمدِهِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ أَسأَلُ اللّهَ ألّذِي يَرَي وَ لَا يُرَي وَ هُوَ بِالمَنظَرِ الأَعلَي أَن يَجعَلَنَا وَ إِيّاكَ مِمّن يُحِبّهُ اللّهُ وَ يَرضَاهُ حَتّي يَبعَثَنَا عَلَي شُكرِهِ وَ ذِكرِهِ وَ حُسنِ عِبَادَتِهِ وَ أَدَاءِ حَقّهِ وَ عَلَي كُلّ شَيءٍ اختَارَهُ لَنَا فِي دُنيَانَا وَ دِينِنَا وَ أُولَانَا وَ أُخرَانَا وَ أَن يَجعَلَنَا مِنَ المُتّقِينَ الّذِينَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَ لا هُم يَحزَنُونَ فَإِنِ استَطَعتُم يَا أَهلَ مِصرَ وَلا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ أَن تُصَدّقَ أَقوَالَكُم أَفعَالُكُمُ وَ أَن يَتَوَافَقَ سِرّكُم وَ عَلَانِيَتُكُم وَ لَا تُخَالِفَ أَلسِنَتَكُم قُلُوبُكُم فَافعَلُوا عَصَمَنَا اللّهُ وَ إِيّاكُم بِالهُدَي وَ سَلَكَ بِنَا وَ بِكُمُ المَحَجّةَ العُظمَي وَ إِيّاكُم دَعوَةَ الكَذّابِ ابنِ هِندٍ وَ تَأَمّلُوا وَ اعلَمُوا أَنّهُ لَا سَوَاءَ إِمَامُ الهُدَي وَ إِمَامُ الرّدَي وَ وصَيِّ النّبِيّ ع وَ عَدُوّ النّبِيّ جَعَلَنَا اللّهُ وَ إِيّاكُم مِمّن يُحِبّ وَ يَرضَي لَقَد سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ إنِيّ لَا أَخَافُ عَلَي أمُتّيِ مُؤمِناً وَ لَا مُشرِكاً أَمّا المُؤمِنُ فَيَمنَعُهُ اللّهُ بِإِيمَانِهِ وَ أَمّا المُشرِكُ فَيُخزِيهِ اللّهُ بِشِركِهِ وَ لكَنِيّ أَخَافُ عَلَيكُم كُلّ مُنَافِقٍ عَالِمِ اللّسَانِ يَقُولُ مَا تَعرِفُونَ وَ يَفعَلُ مَا تُنكِرُونَ وَ قَد قَالَ النّبِيّص مَن سَرّتهُ حَسَنَاتُهُ وَ سَاءَتهُ سَيّئَاتُهُ فَذَلِكَ المُؤمِنُ حَقّاً وَ قَد كَانَ يَقُولُ خَصلَتَانِ لَا تَجتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ حُسنُ سَمتٍ وَ[ لا]فِقهٌ فِي سُنّةٍ وَ اعلَم يَا مُحَمّدُ أَنّ أَفضَلَ الفِقهِ الوَرَعُ فِي دِينِ اللّهِ وَ العَمَلُ بِطَاعَتِهِ أَعَانَنَا
صفحه : 550
اللّهُ وَ إِيّاكَ عَلَي شُكرِهِ وَ ذِكرِهِ وَ أَدَاءِ حَقّهِ وَ العَمَلِ بِطَاعَتِهِ فَعَلَيكَ بِالتّقوَي فِي سِرّ أَمرِكَ وَ عَلَانِيَتِهِ وَ عَلَي أَيّ حَالٍ كُنتَ عَلَيهَا جَعَلَنَا اللّهُ وَ إِيّاكَ مِنَ المُتّقِينَ أُوصِيكَ بِسَبعٍ هُنّ جَوَامِعُ الإِسلَامِ اخشَ اللّهَ وَ لَا تَخشَ النّاسَ فِي اللّهِ وَ خَيرُ القَولِ مَا صَدّقَهُ العَمَلُ وَ لَا تَقضِ فِي أَمرٍ وَاحِدٍ بِقَضَاءَينِ مُختَلِفَينِ فَيَتَنَاقَضَ أَمرُكَ وَ يَزِيغَ عَنِ الحَقّ وَ أَحِبّ لِعَامّةِ رَعِيّتِكَ مَا تُحِبّ لِنَفسِكَ وَ اكرَه لَهُم مَا تَكرَهُ لِنَفسِكَ وَ أَهلِ بَيتِكَ وَ الزَمِ الحُجّةَ عِندَ اللّهِ فَأَصلِح أَحوَالَ رَعِيّتِكَ وَ خُضِ الغَمَرَاتِ إِلَي الحَقّ وَ لَا تَخَف فِي اللّهِ لَومَةَ لَائِمٍ وَ انصَح لِمَنِ استَشَارَكَ وَ اجعَل نَفسَكَ أُسوَةً لَقَرِيبِ المُسلِمِينَ وَ بَعِيدِهِم وَ عَلَيكَ بِالصّومِ وَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص عَكَفَ عَاماً فِي العَشرِ الأَوّلِ مِن شَهرِ رَمَضَانَ وَ عَكَفَ العَامَ المُقبِلَ فِي العَشرِ الأَوسَطِ مِن شَهرِ رَمَضَانَ فَلَمّا كَانَ العَامُ الثّالِثُ رَجَعَ مِن بَدرٍ وَ قَضَي اعتِكَافَهُ فَنَامَ فَرَأَي فِي مَنَامِهِ لَيلَةَ القَدرِ فِي العَشرِ الأَوَاخِرِ كَأَنّهُ يَجِدُ فِي مَاءٍ وَ طِينٍ فَلَمّا استَيقَظَ رَجَعَ مِن لَيلَتِهِ إِلَي أَزوَاجِهِ وَ أُنَاسٌ مَعَهُ مِن أَصحَابِهِ ثُمّ إِنّهُم مُطِرُوا لَيلَةَ ثَلَاثٍ وَ عِشرِينَ فَصَلّي النّبِيّص حِينَ أَصبَحَ فرأي [فرَئُيَِ] فِي وَجهِ النّبِيّص الطّينُ فَلَم يَزَل يَعتَكِفُ فِي العَشرِ الأَوَاخِرِ مِن شَهرِ رَمَضَانَ حَتّي تَوَفّاهُ اللّهُ وَ قَالَ النّبِيّص مَن صَامَ رَمَضَانَ ثُمّ صَامَ سِتّةَ أَيّامٍ مِن شَوّالٍ فَكَأَنّمَا صَامَ السّنَةَ جَعَلَ اللّهُ خُلّتَنَا وَ وُدّنَا خُلّةَ المُتّقِينَ وَ وُدّ المُخلَصِينَ وَ جَمَعَ بَينَنَا وَ بَينَكُم فِي دَارِ الرّضوَانِإِخواناً عَلي سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ إِن شَاءَ اللّهُ
قَالَ اِبرَاهِيمُ حدَثّنَيِ عَبدُ اللّهِ بنُ مُحَمّدِ بنِ عُثمَانَ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي سَيفٍ عَن أَصحَابِهِ أَنّ عَلِيّاً لَمّا كَتَبَ إِلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ هَذَا الكِتَابَ كَانَ يَنظُرُ فِيهِ وَ يَتَأَدّبُ بِهِ فَلَمّا ظَهَرَ عَلَيهِ عَمرُو بنُ العَاصِ وَ قَتَلَهُ أَخَذَ كُتُبَهُ أَجمَعَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَي مُعَاوِيَةَ فَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَنظُرُ فِي هَذَا الكِتَابِ وَ يَتَعَجّبُ مِنهُ فَقَالَ الوَلِيدُ بنُ عُقبَةَ وَ قَد رَأَي إِعجَابَهُ بِهِ مُر بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ أَن تُحرَقَ
صفحه : 551
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَه فَإِنّهُ لَا رأَيَ لَكَ فَقَالَ الوَلِيدُ أَ فَمِنَ الرأّيِ أَن يَعلَمَ النّاسُ أَنّ أَحَادِيثَ أَبِي تُرَابٍ عِندَكَ تَتَعَلّمُ مِنهَا قَالَ مُعَاوِيَةُ وَيحَكَ أَ تأَمرُنُيِ أَن أُحرِقَ عِلماً مِثلَ هَذَا وَ اللّهِ مَا سَمِعتُ بِعِلمٍ هُوَ أَجمَعُ مِنهُ وَ لَا أَحكَمُ فَقَالَ الوَلِيدُ إِن كُنتَ تَعجَبُ مِن عِلمِهِ وَ قَضَائِهِ فَعَلَامَ تُقَاتِلُهُ فَقَالَ لَو لَا أَنّ أَبَا تُرَابٍ قَتَلَ عُثمَانَ ثُمّ أَفنَانَا لَأَخَذنَا عَنهُ ثُمّ سَكَتَ هُنَيئَةً ثُمّ نَظَرَ إِلَي جُلَسَائِهِ فَقَالَ أَلَا لَا نَقُولُ إِنّ هَذِهِ مِن كُتُبِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَ لَكِن نَقُولُ هَذِهِ مِن كُتُبِ أَبِي بَكرٍ كَانَت عِندَ ابنِهِ مُحَمّدٍ فَنَحنُ نَنظُرُ فِيهَا وَ نَأخُذُ مِنهَا قَالَ فَلَم تَزَل تِلكَ الكُتُبُ فِي خَزَائِنِ بنَيِ أُمَيّةَ حَتّي ولَيَِ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ فَهُوَ ألّذِي أَظهَرَ أَنّهَا مِن أَحَادِيثِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ اِبرَاهِيمُ فَلَمّا بَلَغَ عَلِيّاً ع أَنّ ذَلِكَ الكِتَابَ صَارَ إِلَي مُعَاوِيَةَ اشتَدّ عَلَيهِ حُزناً
وَ روُيَِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ صَلّي بِنَا عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ فَلَمّا انصَرَفَ قَالَ
لَقَد عَثَرتُ عَثرَةً لَا أَعتَذِرُ | سَوفَ أَكِيسُ بَعدَهَا وَ أَستَمِرّ |
َ أَجمَعُ الأَمرَ الشّتِيتَ المُنتَشِرَ |
فَقُلنَا مَا بَالُكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ إنِيّ استَعمَلتُ مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ عَلَي مِصرَ فَكَتَبَ إلِيَّ أَنّهُ لَا عِلمَ لِي بِالسّنّةِ فَكَتَبتُ إِلَيهِ كِتَاباً فِيهِ أَدَبٌ وَ سُنّةٌ فَقُتِلَ وَ أُخِذَ الكِتَابُ قَالَ اِبرَاهِيمُ فَلَم يَلبَث مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ شَهراً كَامِلًا حَتّي بَعَثَ إِلَي أُولَئِكَ المُعتَزِلِينَ الّذِينَ كَانَ قَيسُ بنُ سَعدٍ مُوَادِعاً لَهُم فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ إِمّا أَن تَدخُلُوا فِي طَاعَتِنَا وَ إِمّا أَن تَخرُجُوا مِن بِلَادِنَا فَبَعَثُوا إِلَيهِ أَنّا لَا نَفعَلُ فَدَعنَا حَتّي نَنظُرَ إِلَي مَا يَصِيرُ أَمرُ النّاسِ فَلَا تَعجَل عَلَينَا فَأَبَي عَلَيهِم فَامتَنَعُوا مِنهُ وَ أَخَذُوا حِذرَهُم ثُمّ كَانَت وَقعَةُ صِفّينَ وَ هُم لِمُحَمّدٍ هَائِبُونَ فَلَمّا أَتَاهُم خَبَرُ مُعَاوِيَةَ وَ أَهلِ الشّامِ ثُمّ صَارَ الأَمرُ إِلَي الحُكُومَةِ وَ أَنّ عَلِيّاً وَ أَهلَ العِرَاقِ قَد قَفَلُوا عَن مُعَاوِيَةَ وَ الشّامِ إِلَي عِرَاقِهِم اجتَرَءُوا عَلَي مُحَمّدٍ وَ أَظهَرُوا المُنَابَذَةَ لَهُ فَلَمّا رَأَي مُحَمّدٌ
صفحه : 552
ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيهِمُ ابنَ جَمهَانَ البلَوَيِّ وَ مَعَهُ يَزِيدُ بنُ الحَارِثِ الكنِاَنيِّ فَقَاتَلَاهُم فَقَتَلُوهُمَا ثُمّ بَعَثَ إِلَيهِم رَجُلًا مِن كَلبٍ فَقَتَلُوهُ أَيضاً وَ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ بنُ خَدِيجٍ مِنَ السّكَاسِكِ يَدعُو إِلَي الطّلَبِ بِدَمِ عُثمَانَ فَأَجَابَهُ القَومُ وَ أُنَاسٌ كَثِيرٌ آخَرُونَ وَ فَسُدّت مِصرُ عَلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ فَبَلَغَ عَلِيّاً ع تَوَثّبُهُم عَلَيهِ فَقَالَ مَا أَرَي لِمِصرَ إِلّا أَحَدَ الرّجُلَينِ صَاحِبَنَا ألّذِي عَزَلنَاهُ بِالأَمسِ يعَنيِ قَيسَ بنَ سَعدٍ أَو مَالِكَ بنَ الحَارِثِ الأَشتَرَ وَ كَانَ عَلِيّ حِينَ رَجَعَ عَن صِفّينَ رَدّ الأَشتَرَ إِلَي عَمَلِهِ بِالجَزِيرَةِ وَ قَالَ لِقَيسِ بنِ سَعدٍ أَقِم أَنتَ معَيِ عَلَي شرُطتَيِ حَتّي نَفرُغَ مِن أَمرِ هَذِهِ الحُكُومَةِ ثُمّ اخرُج إِلَي أَذرَبِيجَانَ فَكَانَ قَيسٌ مُقِيماً عَلَي شُرطَتِهِ فَلَمّا انقَضَي أَمرُ الحُكُومَةِ كَتَبَ ع إِلَي الأَشتَرِ وَ هُوَ يَومَئِذٍ بِنَصِيبِينَ كِتَاباً وَ طَلَبَهُ
أقول لماروي المفيد رحمه الله في المجالس هذه القصة و هذاالكتاب قريبا مما أورده أخرجته منه لكونه أبسط وأوثق إلا أن في رواية الثقفي أن بعث الأشتر كان قبل شهادة محمد
721- قَالَ المُفِيدُ أخَبرَنَيِ الكَاتِبُ عَنِ الزعّفرَاَنيِّ عَنِ الثقّفَيِّ عَن مُحَمّدِ بنِ زَكَرِيّا عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الضّحّاكِ عَن هِشَامِ بنِ مُحَمّدٍ قَالَ لَمّا وَرَدَ الخَبَرُ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع بِمَقتَلِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ كَتَبَ إِلَي مَالِكِ بنِ الحَارِثِ الأَشتَرِ رَحِمَهُ اللّهُ وَ كَانَ مُقِيماً بِنَصِيبِينَ أَمّا بَعدُ فَإِنّكَ مِمّن أَستَظهِرُ بِهِ عَلَي إِقَامَةِ الدّينِ وَ أَقمَعُ بِهِ نَخوَةَ الأَثِيمِ وَ أَسُدّ بِهِ الثّغرَ المَخُوفَ وَ قَد كُنتُ وَلّيتُ مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ رَحِمَهُ اللّهُ مِصرَ فَخَرَجَ عَلَيهِ خَوَارِجُ وَ كَانَ حَدَثاً لَا عِلمَ لَهُ بِالحُرُوبِ فَاستُشهِدَ رَحِمَهُ اللّهُ فَاقدَم عَلَيّ لِنَنظُرَ
صفحه : 553
فِي أَمرِ مِصرَ وَ استَخلِف عَلَي عَمَلِكَ أَهلَ الثّقَةِ وَ النّصِيحَةِ مِن أَصحَابِكَ فَاستَخلَفَ مَالِكٌ عَلَي عَمَلِهِ شَبِيبَ بنَ عَامِرٍ الأزَديِّ وَ أَقبَلَ حَتّي وَرَدَ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَحَدّثَهُ حَدِيثَ مِصرَ وَ أَخبَرَهُ عَن أَهلِهَا وَ قَالَ لَهُ لَيسَ لِهَذَا الوَجهِ غَيرُكَ فَاخرُج فإَنِيّ إِن لَم أُوصِكَ اكتَفَيتُ بِرَأيِكَ وَ استَعِن بِاللّهِ عَلَي مَا أَهَمّكَ وَ اخلِطِ الشِدّةَ بِاللّينِ وَ ارفُق مَا كَانَ الرّفقُ أَبلَغَ وَ اعتَزِم عَلَي الشّدّةِ مَتَي لَم يُغنِ عَنكَ إِلّا الشّدّةُ قَالَ فَخَرَجَ مَالِكٌ الأَشتَرُ فَأَتَي رَحلَهُ وَ تَهَيّأَ لِلخُرُوجِ إِلَي مِصرَ وَ قَدّمَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ أَمَامَهُ كِتَاباً إِلَي أَهلِ مِصرَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِسَلَامٌ عَلَيكُم فإَنِيّ أَحمَدُ إِلَيكُمُ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ وَ أَسأَلُهُ الصّلَاةَ عَلَي نَبِيّهِ مُحَمّدٍ وَ آلِهِ وَ إنِيّ قَد بَعَثتُ إِلَيكُم عَبداً مِن عِبَادِ اللّهِ لَا يَنَامُ أَيّامَ الخَوفِ وَ لَا يَنكُلُ عَنِ الأَعدَاءِ حَذِرَ الدّوَائِرِ مِن أَشَدّ عَبِيدِ اللّهِ بَأساً وَ أَكرَمِهِم حَسَباً أَضَرّ عَلَي الفُجّارِ مِن حَرِيقِ النّارِ وَ أَبعَدَ النّاسِ مِن دَنَسٍ أَو عَارٍ وَ هُوَ مَالِكُ بنُ الحَارِثِ الأَشتَرُ لَا ناَبيِ الضّرِيبَةِ وَ لَا كَلِيلُ الحَدّ حَلِيمٌ فِي الحَذَرِ رَزِينٌ فِي الحَربِ ذُو رأَيٍ أَصِيلٍ وَ صَبرٍ جَمِيلٍ فَاسمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا أَمرَهُ فَإِن أَمَرَكُم بِالنّفِيرِ فَانفِرُوا وَ إِن أَمَرَكُم أَن تُقِيمُوا فَأَقِيمُوا فَإِنّهُ لَا يُقدِمُ وَ لَا يُحجِمُ إِلّا بأِمَريِ فَقَد آثَرتُكُم بِهِ عَلَي نفَسيِ نَصِيحَةً لَكُم وَ شِدّةً شَكِيمَةً عَلَي عَدُوّكُم عَصَمَكُمُ اللّهُ بِالهُدَي وَ ثَبّتَكُم بِالتّقوَي وَ وَفّقَنَا وَ إِيّاكُم لِمَا يُحِبّ وَ يَرضَي وَ السّلَامُ عَلَيكُم وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ لَمّا تَهَيّأَ مَالِكٌ الأَشتَرُ لِلرّحِيلِ إِلَي مِصرَ كَتَبَ عُيُونُ مُعَاوِيَةَ بِالعِرَاقِ إِلَيهِ يَرفَعُونَ خَبَرَهُ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَي مُعَاوِيَةَ وَ قَد كَانَ طَمَعَ فِي مِصرَ فَعَلِمَ أَنّ الأَشتَرَ إِن قَدِمَهَا فَاتَتهُ وَ كَانَ أَشَدّ عَلَيهِ مِنِ ابنِ أَبِي بَكرٍ فَبَعَثَ إِلَي دِهقَانٍ مِن أَهلِ
صفحه : 554
الخَرَاجِ بِالقُلزُمِ أَنّ عَلِيّاً قَد بَعَثَ بِالأَشتَرِ إِلَي مِصرَ وَ إِن كَفَيتَنِيهِ سَوّغتُكَ خَرَاجَ نَاحِيَتِكَ مَا بَقِيتَ فَاحتَل فِي قَتلِهِ بِمَا قَدَرتَ عَلَيهِ ثُمّ جَمَعَ مُعَاوِيَةُ أَهلَ الشّامِ وَ قَالَ لَهُم إِنّ عَلِيّاً قَد بَعَثَ بِالأَشتَرِ إِلَي مِصرَ فَهَلُمّوا نَدعُو اللّهَ عَلَيهِ يَكفِينَا أَمرَهُ ثُمّ دَعَا وَ دَعَوا مَعَهُ وَ خَرَجَ الأَشتَرُ حَتّي أَتَي القُلزُمَ فَاستَقبَلَهُ ذَلِكَ الدّهقَانُ فَسَلّمَ عَلَيهِ وَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِن أَهلِ الخَرَاجِ وَ لَكَ وَ لِأَصحَابِكَ عَلَيّ حَقّ فِي ارتِفَاعِ أرَضيِ فَانزِل عَلَيّ أُقِم بِأَمرِكَ وَ أَمرِ أَصحَابِكَ وَ عَلَفِ دَوَابّكُم وَ احتَسِب بِذَلِكَ لِي مِنَ الخَرَاجِ فَنَزَلَ عَلَيهِ الأَشتَرُ فَأَقَامَ لَهُ وَ لِأَصحَابِهِ بِمَا احتَاجُوا إِلَيهِ وَ حَمَلَ إِلَيهِ طَعَاماً دَسّ فِي جُملَتِهِ عَسَلًا جَعَلَ فِيهِ سَمّاً فَلَمّا شَرِبَهُ الأَشتَرُ قَتَلَهُ وَ مَاتَ وَ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ خَبَرُهُ فَجَمَعَ أَهلَ الشّامِ وَ قَالَ لَهُم أَبشِرُوا فَإِنّ اللّهَ قَد أَجَابَ دُعَاءَكُم وَ كَفَاكُمُ الأَشتَرَ وَ أَمَاتَهُ فَسَرّوا بِذَلِكَ وَ استَبشَرُوا بِهِ وَ لَمّا بَلَغَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع وَفَاةُ الأَشتَرِ جَعَلَ يَتَلَهّفُ وَ يَتَأَسّفُ عَلَيهِ وَ يَقُولُ لِلّهِ دَرّ مَالِكٍ لَو كَانَ مِن جَبَلٍ لَكَانَ أَعظَمَ أَركَانِهِ وَ لَو كَانَ مِن حَجَرٍ كَانَ صَلداً أَمَا وَ اللّهِ لَيَهُدّنّ مَوتُكَ عَالَماً فَعَلَي مِثلِكَ فَلتَبكِ البوَاَكيِ ثُمّ قَالَإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَوَ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَإنِيّ أَحتَسِبُهُ عِندَكَ فَإِنّ مَوتَهُ مِن مَصَائِبِ الدّهرِ فَرَحِمَ اللّهُ مَالِكاً فَقَد وَفَي بِعَهدِهِ وَقَضي نَحبَهُ وَ لقَيَِ رَبّهُ مَعَ أَنّا قَد وَطّنّا أَنفُسَنَا أَن نَصبِرَ عَلَي كُلّ مُصِيبَةٍ بَعدَ مُصَابِنَا بِرَسُولِ اللّهِص فَإِنّهَا أَعظَمُ المُصِيبَةِ
أقول و في رواية الثقفي في كتابه ع إلي الأشتر و هوغلام حدث السن و ليس فيه ذكر شهادة محمد فلاينافي مايظهر من روايته أن بعث الأشتر كان قبل شهادته و ماأورده السيد من الاعتذار من محمدلبعث الأشتر يدل علي ذلك أيضا و هوأشهر عندأرباب التواريخ ولكن رواية الإختصاص أيضا مؤيدة لهذه الرواية
صفحه : 555
722- رَجَعنَا إِلَي رِوَايَةِ الثقّفَيِّ رَوَي بِإِسنَادِهِ عَن عَاصِمِ بنِ كُلَيبٍ عَن أَبِيهِ أَنّ مُعَاوِيَةَ لَمّا بَلَغَهُ خَبَرُ الأَشتَرِ بَعَثَ رَسُولًا يَتبَعُهُ إِلَي مِصرَ وَ أَمَرَهُ بِاغتِيَالِهِ فَحَمَلَ مَعَهُ مِزوَدَينِ فِيهِمَا شَرَابٌ فَاستَسقَي الأَشتَرُ يَوماً فَسَقَاهُ مِن أَحَدِهِمَا فَاستَسقَي يَوماً آخَرَ فَسَقَاهُ مِنَ الآخَرِ وَ فِيهِ سَمّ فَشَرِبَهُ وَ مَالَ عُنُقُهُ فَطَلَبَ الرّجُلَ فَفَاتَهُ
وَ عَن مُغِيرَةَ الضبّيّّ أَنّ مُعَاوِيَةَ دَسّ لِلأَشتَرِ مَولًي لِآلِ عُمَرَ فَلَم يَزَلِ المَولَي يَذكُرُ لِلأَشتَرِ فَضلَ عَلِيّ وَ بنَيِ هَاشِمٍ حَتّي اطمَأَنّ إِلَيهِ فَقَدّمَ الأَشتَرُ يَوماً[ ثم ][ثَقَلَهُ أَو تَقَدّمَ ثَقَلَهُ] وَ استَسقَي مَاءً فَسَقَاهُ المَولَي شَربَةَ سَوِيقٍ فِيهَا سَمّ فَمَاتَ قَالَ وَ قَد كَانَ مُعَاوِيَةُ قَالَ لِأَهلِ الشّامِ لَمّا دَسّ لَهُ مَولَي عُمَرَ ادعُوا عَلَي الأَشتَرِ فَدَعَوا عَلَيهِ فَلَمّا بَلَغَهُ مَوتُهُ قَالَ أَ لَا تَرَونَ كَيفَ استُجِيبَ لَكُم
وَ قَد روُيَِ مِن بَعضِ الوُجُوهِ أَنّ الأَشتَرَ قُتِلَ بِمِصرَ بَعدَ قِتَالٍ شَدِيدٍ وَ الصّحِيحُ أَنّهُ سقُيَِ سَمّاً فَمَاتَ قَبلَ أَن يَبلُغَ مِصرَ
وَ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ المدَاَئنِيِّ أَنّ مُعَاوِيَةَ أَقبَلَ يَقُولُ لِأَهلِ الشّامِ أَيّهَا النّاسُ إِنّ عَلِيّاً قَد وَجّهَ الأَشتَرَ إِلَي مِصرَ فَادعُوا اللّهَ أَن يَكفِيَكُم فَكَانُوا يَدعُونَ عَلَيهِ فِي دُبُرِ كُلّ صَلَاةٍ وَ أَقبَلَ ألّذِي سَقَاهُ السّمّ إِلَي مُعَاوِيَةَ فَأَخبَرَهُ بِهَلَاكِ الأَشتَرِ فَقَامَ مُعَاوِيَةُ لَعَنَهُ اللّهُ خَطِيباً فَقَالَ أَمّا بَعدُ فَإِنّهُ كَانَ لعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ يَدَانِ يَمِينَانِ فَقُطِعَت إِحدَاهُمَا يَومَ صِفّينَ وَ هُوَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ وَ قَد قُطِعَتِ الأُخرَي اليَومَ وَ هُوَ مَالِكٌ الأَشتَرُ
وَ قَالَ اِبرَاهِيمُ فَلَمّا بَلَغَ عَلِيّاً ع مَوتُ الأَشتَرِ قَالَإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَوَ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ أللّهُمّ إنِيّ أَحتَسِبُهُ عِندَكَ فَإِنّ مَوتَهُ مِن مَصَائِبِ الدّهرِ ثُمّ قَالَ رَحِمَ اللّهُ مَالِكاً فَلَقَد وَفَي بِعَهدِهِ وَقَضي نَحبَهُ وَ لقَيَِ رَبّهُ مَعَ أَنّا
صفحه : 556
قَد وَطّنّا أَنفُسَنَا أَن نَصبِرَ عَلَي كُلّ مُصِيبَةٍ بَعدَ مُصَابِنَا بِرَسُولِ اللّهِص فَإِنّهَا مِن أَعظَمِ المُصِيبَاتِ
وَ عَن مُعَاوِيَةَ الضبّيّّ قَالَ لَم يَزَل أَمرُ عَلِيّ ع شَدِيداً حَتّي مَاتَ الأَشتَرُ وَ كَانَ الأَشتَرُ بِالكُوفَةِ أَسوَدَ مِنَ الأَحنَفِ بِالبَصرَةِ
وَ عَن جَمَاعَةٍ مِن أَشيَاخِ النّخَعِ قَالُوا دَخَلنَا عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع حِينَ بَلَغَهُ مَوتُ الأَشتَرِ فَوَجَدنَاهُ يَتَلَهّفُ وَ يَتَأَسّفُ عَلَيهِ ثُمّ قَالَ لِلّهِ دَرّ مَالِكٍ وَ مَا مَالِكٌ لَو كَانَ مِن جَبَلٍ لَكَانَ فِنداً وَ لَو كَانَ مِن حَجَرٍ لَكَانَ صَلداً أَمَا وَ اللّهِ لَيَهُدّنّ مَوتُكَ عَالَماً وَ لَيُفرِحَنّ عَالَماً عَلَي مِثلِ مَالِكٍ فَلتَبكِ البوَاَكيِ وَ هَل مَرجُوّ كَمَالِكٍ وَ هَل مَوجُودٌ كَمَالِكٍ قَالَ عَلقَمَةُ بنُ قَيسٍ النخّعَيِّ فَمَا زَالَ عَلِيّ يَتَلَهّفُ وَ يَتَأَسّفُ حَتّي ظَنَنّا أَنّهُ المُصَابُ بِهِ دُونَنَا وَ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجهِهِ أَيّاماً
قَالَ اِبرَاهِيمُ وَ حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ عَنِ المدَاَئنِيِّ عَن رِجَالِهِ أَنّ مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ لَمّا بَلَغَهُ أَنّ عَلِيّاً ع قَد وَجّهَ الأَشتَرَ إِلَي مِصرَ شُقّ عَلَيهِ فَكَتَبَ عَلِيّ ع إِلَيهِ عِندَ مَهلَكِ الأَشتَرِ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَيِ مَوجِدَتُكَ مِن تَسرِيحِ الأَشتَرِ إِلَي عَمَلِكَ وَ لَم أَفعَل ذَلِكَ استِبطَاءً لَكَ عَنِ الجِهَادِ وَ لَا استِزَادَةً لَكَ منِيّ فِي الجِدّ وَ لَو نَزَعتُ مَا حَوَت يَدَاكَ مِن سُلطَانِكَ لَوَلّيتُكَ مَا هُوَ أَيسَرُ مَئُونَةً عَلَيكَ وَ أَعجَبُ وَلَايَةً إِلَيكَ إِلّا أَنّ الرّجُلَ ألّذِي كُنتُ وَلّيتُهُ مِصرَ كَانَ رَجُلًا لَنَا مُنَاصِحاً وَ عَلَي عَدُوّنَا شَدِيداً فَرَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ فَقَدِ استَكمَلَ أَيّامَهُ وَ لَاقَي حِمَامَهُ وَ نَحنُ عَنهُ رَاضُونَ فرَضَيَِ اللّهُ عَنهُ وَ ضَاعَفَ لَهُ الثّوَابَ وَ أَحسَنَ لَهُ المَآبَ فَأَصحِر لِعَدُوّكَ وَ شَمّر لِلحَربِ وَادعُ إِلي سَبِيلِ رَبّكَ بِالحِكمَةِ وَ المَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَ أَكثِر ذِكرَ اللّهِ وَ الِاستِعَانَةَ بِهِ وَ الخَوفَ مِنهُ يَكفِكَ مَا أَهَمّكَ وَ يُعِنكَ عَلَي مَا وَلّاكَ أَعَانَنَا اللّهُ وَ إِيّاكَ عَلَي مَا لَا نَنَالُ إِلّا بِرَحمَتِهِ وَ السّلَامُ
صفحه : 557
فَكَتَبَ مُحَمّدٌ رَحِمَهُ اللّهُ إِلَي عَبدِ اللّهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مِن مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ سَلَامٌ عَلَيكَ فإَنِيّ أَحمَدُ إِلَيكَ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَقَدِ انتَهَي إلِيَّ كِتَابُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ فَهِمتُهُ وَ عَرَفتُ مَا فِيهِ وَ لَيسَ أَحَدٌ مِنَ النّاسِ أَشَدّ عَلَي عَدُوّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ لَا أَرَقّ[لِوَلِيّهِ منِيّ وَ قَد]خَرَجتُ فَعَسكَرتُ وَ أمنت [آمَنتُ] النّاسَ إِلّا مَن نَصَبَ لَنَا حَرباً وَ أَظهَرَ لَنَا خِلَافاً وَ أَنَا مُتّبِعٌ أَمرَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ حَافِظُهُ وَ لَاجِئٌ إِلَيهِ وَ قَائِمٌ بِهِوَ اللّهُ المُستَعانُ عَلَي كُلّ حَالٍ وَ السّلَامُ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ
وَ عَن أَبِي جَهضَمٍ الأسَدَيِّ قَالَ إِنّ أَهلَ الشّامِ لَمّا انصَرَفُوا عَن صِفّينَ وَ أتُيَِ بِمُعَاوِيَةَ خَبَرُ الحَكَمَينِ وَ بَايَعَهُ أَهلُ الشّامِ بِالخِلَافَةِ لَم يَزدَد إِلّا قُوّةً وَ لَم يَكُن لَهُ هَمّ إِلّا مِصرَ فَدَعَا عَمرَو بنَ العَاصِ وَ حَبِيبَ بنَ مَسلَمَةَ وَ بُسرَ بنَ أَرطَاةَ وَ الضّحّاكَ بنَ قَيسٍ وَ عَبدَ الرّحمَنِ بنَ خَالِدٍ وَ شُرَحبِيلَ بنَ السّمطِ وَ أَبَا الأَعوَرِ السلّمَيِّ وَ حَمزَةَ بنَ مَالِكٍ فَاستَشَارَهُم فِي ذَلِكَ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ نِعمَ الرأّيُ[ مَا]رَأَيتَ فِي افتِتَاحِهَا عِزّكَ وَ عَزّ أَصحَابِكَ وَ ذُلّ عَدُوّكَ وَ قَالَ آخَرُونَ نَرَي مَا رَأَي عَمرٌو فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي مَسلَمَةَ بنِ مَخلَدٍ الأنَصاَريِّ وَ إِلَي مُعَاوِيَةَ[ بنِ]خَدِيجٍ الكنِديِّ وَ كَانَا قَد خَالَفَا عَلِيّاً ع فَدَعَاهُمَا إِلَي الطّلَبِ بِدَمِ عُثمَانَ فَأَجَابَا وَ كَتَبَا إِلَيهِ عَجّل إِلَينَا بِخَيلِكَ وَ رَجِلِكَ فَإِنّا نَنصُرُكَ وَ يَفتَحُ اللّهُ عَلَيكَ فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ عَمرَو بنَ العَاصِ فِي سِتّةِ آلَافٍ فَسَارَ عَمرٌو فِي الجَيشِ حَتّي دَنَا مِن مِصرَ فَاجتَمَعَت إِلَيهِ العُثمَانِيّةُ فَأَقَامَ وَ كَتَبَ إِلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ أَمّا بَعدُ فَتَنَحّ عنَيّ بِدَمِكَ يَا ابنَ أخَيِ فإَنِيّ لَا أُحِبّ أَن يُصِيبَكَ منِيّ ظَفَرٌ وَ إِنّ النّاسَ بِهَذِهِ البِلَادِ قَدِ اجتَمَعُوا عَلَي خِلَافِكَ وَ رَفضِ أَمرِكَ وَ نَدِمُوا عَلَي
صفحه : 558
اتّبَاعِكَ وَ هُم مُسَلّمُوكَ لَو قَدِ التَقَت حَلقَتَا البِطَانِ فَاخرُج مِنهَا إنِيّ لَكَ مِنَ النّاصِحِينَ وَ السّلَامُ قَالَ وَ بَعَثَ عَمرٌو مَعَ هَذَا الكِتَابِ كِتَابَ مُعَاوِيَةَ إِلَيهِ وَ هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ غِبّ الظّلمِ وَ البغَيِ عَظِيمُ الوَبَالِ وَ إِنّ سَفكَ الدّمِ الحَرَامِ لَا يَسلَمُ صَاحِبُهُ مِنَ النّقِمَةِ فِي الدّنيَا وَ التّبِعَةِ المُوبِقَةِ فِي الآخِرَةِ وَ مَا نَعلَمُ أَحَداً كَانَ أَعظَمَ عَلَي عُثمَانَ بَغياً وَ لَا أَسوَأَ لَهُ عَيباً وَ لَا أَشَدّ عَلَيهِ خِلَافاً مِنكَ سَعَيتَ عَلَيهِ فِي السّاعِينَ وَ سَاعَدتَ عَلَيهِ مَعَ المُسَاعِدِينَ وَ سَفَكتَ دَمَهُ مَعَ السّافِكِينَ ثُمّ تَظُنّ أنَيّ نَائِمٌ عَنكَ فَأَتَيتَ بَلدَةً فَتَأمَنُ فِيهَا وَ جُلّ أَهلِهَا أنَصاَريِ يَرَونَ رأَييِ وَ يَرفَعُونَ قَولَكَ وَ يَرقُبُونَ عَلَيكَ وَ قَد بَعَثتُ إِلَيكَ قَوماً حِنَاقاً عَلَيكَ يَستَسفِكُونَ دَمَكَ وَ يَتَقَرّبُونَ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ بِجِهَادِكَ وَ قَد أَعطَوُا اللّهَ عَهداً لَيَقتُلُنّكَ وَ لَو لَم يَكُن مِنهُم إِلَيكَ مَا قَالُوا لَقَتَلَكَ اللّهُ بِأَيدِيهِم أَو بأِيَديِ غَيرِهِم مِن أَولِيَائِهِ وَ أَنَا أُحَذّرُكَ وَ أُنذِرُكَ فَإِنّ اللّهَ مُقِيدٌ مِنكَ وَ مُقتَصّ لِوَلِيّهِ وَ خَلِيفَتِهِ بِظُلمِكَ لَهُ وَ بَغيِكَ عَلَيهِ وَ وَقِيَعتِكَ فِيهِ وَ عُدوَانِكَ يَومَ الدّارِ عَلَيهِ تَطعُنُ بِمَشَاقِصِكَ فِيمَا بَينَ أَحشَائِهِ وَ أَودَاجِهِ وَ مَعَ هَذَا إنِيّ أَكرَهُ قَتلَكَ وَ لَا أُحِبّ أَن أَتَوَلّي ذَلِكَ مِنكَ وَ لَن يُسَلّمُكَ اللّهُ مِنَ النّقِمَةِ أَينَ كُنتَ أَبَداً فَتَنَحّ وَ انجُ بِنَفسِكَ وَ السّلَامُ قَالَ فَطَوَي مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ كِتَابَيهِمَا وَ بَعَثَ بِهِمَا إِلَي عَلِيّ ع وَ كَتَبَ إِلَيهِ أَمّا بَعدُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَإِنّ العاَصيَِ ابنَ العَاصِ قَد نَزَلَ أدَاَنيَِ مِصرَ وَ اجتَمَعَ عَلَيهِ مِن أَهلِ البَلَدِ كُلّ مَن كَانَ يَرَي رَأيَهُم وَ هُوَ فِي جَيشٍ جَرّارٍ وَ قَد رَأَيتُ مِمّن قبِلَيِ بَعضَ الفَشَلِ فَإِن كَانَ لَكَ فِي أَرضِ مِصرَ حَاجَةٌ فاَمددُنيِ بِالأَموَالِ وَ الرّجَالِ وَ السّلَامُ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَكَتَبَ إِلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ أَمّا بَعدُ فَقَد أتَاَنيِ رَسُولُكَ بِكِتَابِكَ تَذكُرُ أَنّ ابنَ العَاصِ قَد نَزَلَ أدَاَنيَِ مِصرَ فِي جَيشٍ جَرّارٍ وَ إِنّ مَن كَانَ عَلَي مِثلِ رَأيِهِ قَد خَرَجَ إِلَيهِ وَ خُرُوجُ مَن كَانَ عَلَي رَأيِهِ خَيرٌ لَكَ مِن إِقَامَتِهِ عِندَكَ
صفحه : 559
وَ ذَكَرتَ أَنّكَ قَد رَأَيتَ مِمّن قِبَلَكَ فَشَلًا فَلَا تَفشَل وَ إِن فَشِلُوا حَصّن قَريَتَكَ وَ اضمُم إِلَيكَ شِيعَتَكَ وَ أَوّلِ الحَرَسَ فِي عَسكَرِكَ وَ اندُب إِلَي القَومِ كِنَانَةَ بنَ بِشرٍ المَعرُوفَ بِالنّصِيحَةِ وَ التّجرِبَةِ وَ البَأسِ وَ أَنَا نَادِبٌ إِلَيكَ النّاسَ عَلَي الصّعبِ وَ الذّلُولِ فَاصبِر لِعَدُوّكَ وَ امضِ عَلَي بَصِيرَتِكَ وَ قَاتِلهُم عَلَي نِيّتِكَ وَ جَاهِدهُم مُحتَسِباً لِلّهِ سُبحَانَهُ وَ إِن كَانَ فِئَتُكُ أَقَلّ الفِئَتَينِ فَإِنّ اللّهَ تَعَالَي يُعِينُ القَلِيلَ وَ يَخذُلُ الكَثِيرَ وَ قَد قَرَأتُ كِتَابَ الفَاجِرَينِ المُتَحَابّينِ عَلَي المَعصِيَةِ وَ المُتَلَائِمَينِ عَلَي الضّلَالَةِ وَ المُرتَبِئَينِ[المُرتَشِيَينِ] فِي الحُكُومَةِ وَ المُتَكَبّرَينِ عَلَي أَهلِ الدّينِ الّذِينَ استَمتَعُوا بِخَلَاقِهِم كَمَا استَمتَعَ الّذِينَ مِن قَبلِهِم بِخَلَاقِهِم فَلَا يَضُرّنّكَ إِرعَادُهُمَا وَ إِبرَاقُهُمَا وَ أَجِبهُمَا إِن كُنتَ لَم تُجِبهُمَا بِمَا هُمَا أَهلُهُ فَإِنّكَ تَجِدُ مَقَالًا مَا شِئتَ وَ السّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ إِلَي مُعَاوِيَةَ جَوَابَ كِتَابِهِ أَمّا بَعدُ فَقَد أتَاَنيِ كِتَابُكَ تَذكُرُ مِن أَمرِ عُثمَانَ أَمراً لَا أَعتَذِرُ إِلَيكَ مِنهُ وَ تأَمرُنُيِ باِلتنّحَيّ عَنكَ كَأَنّكَ لِي نَاصِحٌ وَ تخُوَفّنُيِ بِالحَربِ كَأَنّكَ عَلَيّ شَفِيقٌ وَ أَنَا أَرجُو أَن تَكُونَ الدّائِرَةُ عَلَيكُم وَ أَن يَخذُلَكُمُ اللّهُ فِي الوَقعَةِ وَ أَن يَنزِلَ بِكُمُ الذّلّ وَ إِن تُوَلّوا الدّبُرَ فَإِن يَكُن لَكُمُ الأَمرُ فِي الدّنيَا فَكَم وَ كَم لعَمَريِ مِن ظَالِمٍ قَد نَصَرتُم وَ كَم مِن مُؤمِنٍ قَد قَتَلتُم وَ مَثّلتُم بِهِوَ إِلَي اللّهِ المَصِيرُ وَ إِلَيهِ تُرَدّ الأُمُورُوَ هُوَ أَرحَمُ الرّاحِمِينَوَ اللّهُ المُستَعانُ عَلي ما تَصِفُونَ قَالَ وَ كَتَبَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ جَوَابَ كِتَابِهِ أَمّا بَعدُ فَقَد فَهِمتُ كِتَابَكَ وَ عَلِمتُ مَا ذَكَرتَ وَ زَعَمتُ أَنّكَ لَا تُحِبّ أَن يصُيِبنَيِ مِنكَ ظَفَرٌ فَأَشهَدُ بِاللّهِ إِنّكَ لَمِنَ المُبطِلِينَ وَ زَعَمتَ أَنّكَ لِي نَاصِحٌ وَ أُقسِمُ أَنّكَ عنِديِ ظَنِينٌ وَ زَعَمتَ أَنّ أَهلَ البَلَدِ قَد رفَضَوُنيِ وَ نَدِمُوا عَلَي اتبّاَعيِ فَأُولَئِكَ حِزبُكَ وَ حِزبُ الشّيطَانِ الرّجِيمِ وَ حَسبُنَا اللّهُ رَبّ العَالَمِينَ وَ تَوَكّلتُ عَلَي
صفحه : 560
اللّهِ العَزِيزِ الرّحِيمِ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ
قَالَ اِبرَاهِيمُ فَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ عَنِ المدَاَئنِيِّ قَالَفَأَقبَلَ عَمرُو بنُ العَاصِ يَقصِدُ قَصدَ مِصرَ فَقَامَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ فِي النّاسِ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ يَا مَعَاشِرَ المُسلِمِينَ فَإِنّ القَومَ الّذِينَ كَانُوا يَنتَهِكُونَ الحُرمَةَ وَ يَغشَونَ أَرضَ الضّلَالَةِ قَد نَصَبُوا لَكُمُ العَدَاوَةَ وَ سَارُوا إِلَيكُم بِالجُنُودِ فَمَن أَرَادَ الجَنّةَ وَ المَغفِرَةَ فَليَخرُج إِلَي هَؤُلَاءِ القَومِ فَليُجَاهِدهُم فِي اللّهِ انتَدِبُوا رَحِمَكُمُ اللّهُ مَعَ كِنَانَةَ بنِ بِشرٍ وَ مَن يُجِيبُ مَعَهُ مِن كِندَةَ ثُمّ نَدَبَ مَعَهُ ألَفيَ رَجُلٍ وَ تَخَلّفَ مُحَمّدٌ فِي أَلفَينِ وَ استَقبَلَ عَمرُو بنُ العَاصِ كِنَانَةَ وَ هُوَ عَلَي مُقَدّمَةِ مُحَمّدٍ فَلَمّا دَنَا عَمرٌو مِن كِنَانَةَ سَرّحَ إِلَيهِ الكَتَائِبَ كَتِيبَةً بَعدَ كَتِيبَةٍ فَلَم تَأتِهِ كَتِيبَةٌ مِن كَتَائِبِ أَهلِ الشّامِ إِلّا شَدّ عَلَيهَا بِمَن مَعَهُ فَيَضرِبُهَا حَتّي يَلحَقَهَا بِعَمرٍو فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً فَلَمّا رَأَي عَمرٌو ذَلِكَ بَعَثَ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ خَدِيجٍ الكنِديِّ فَأَتَاهُ فِي مِثلِ الدّهمِ فَلَمّا رَأَي كِنَانَةُ ذَلِكَ الجَيشَ نَزَلَ عَن فَرَسِهِ وَ نَزَلَ مَعَهُ أَصحَابُهُ فَضَارَبَهُم بِسَيفِهِ وَ هُوَ يَقُولُوَ ما كانَ لِنَفسٍ أَن تَمُوتَ إِلّا بِإِذنِ اللّهِ كِتاباً مُؤَجّلًافَلَم يَزَل يُضَارِبُهُم بِالسّيفِ حَتّي استُشهِدَ رَحِمَهُ اللّهُ فَلَمّا قُتِلَ كِنَانَةُ أَقبَلَ ابنُ العَاصِ نَحوَ مُحَمّدٍ وَ قَد تَفَرّقَ عَنهُ أَصحَابُهُ فَخَرَجَ مُحَمّدٌ فَمَضَي فِي طَرِيقٍ حَتّي انتَهَي إِلَي خَرِبَةٍ فَأَوَي إِلَيهَا وَ جَاءَ عَمرُو بنُ العَاصِ حَتّي دَخَلَ الفُسطَاطَ
صفحه : 561
وَ خَرَجَ ابنُ خَدِيجٍ فِي طَلَبِ مُحَمّدٍ حَتّي انتَهَي إِلَي عُلُوجٍ عَلَي قَارِعَةِ الطّرِيقِ فَسَأَلَهُم هَل مَرّ بِكُم أَحَدٌ تُنكِرُونَهُ قَالُوا لَا قَالَ أَحَدُهُم إنِيّ دَخَلتُ تِلكَ الخَرِبَةَ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَالِسٍ قَالَ ابنُ خَدِيجٍ هُوَ هُوَ وَ رَبّ الكَعبَةِ فَانطَلَقُوا يَركُضُونَ حَتّي دَخَلُوا عَلَي مُحَمّدٍ فَاستَخرَجُوهُ وَ قَد كَادَ يَمُوتُ عَطَشاً فَأَقبَلُوا بِهِ نَحوَ الفُسطَاطِ فَوَثَبَ أَخُوهُ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ أَبِي بَكرٍ إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ وَ كَانَ فِي جُندِهِ فَقَالَ لَا وَ اللّهِ لَا يُقتَلُ أخَيِ صَبراً ابعَث إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ خَدِيجٍ فَانهَهُ عَن قَتلِهِ فَأَرسَلَ عَمرُو بنُ العَاصِ إِلَي مُعَاوِيَةَ أَنِ ائتنِيِ بِمُحَمّدٍ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ أَ قَتَلتُم كِنَانَةَ بنَ بِشرٍ ابنَ عمَيّ وَ أخُلَيّ عَن مُحَمّدٍ هَيهَاتَأَ كُفّارُكُم خَيرٌ مِن أُولئِكُم أَم لَكُم بَراءَةٌ فِي الزّبُرِ فَقَالَ لَهُم مُحَمّدٌ اسقوُنيِ قَطرَةً مِن مَاءٍ فَقَالَ لَهُ ابنُ خَدِيجٍ لَا سقَاَنيَِ اللّهُ إِن سَقَيتُكَ قَطرَةً أَبَداً إِنّكُم مَنَعتُم عُثمَانَ أَن يَشرَبَ المَاءَ حَتّي قَتَلتُمُوهُ صَائِماً مُحرِماً فَسَقَاهُ اللّهُ مِنَ الرّحِيقِ المَختُومِ وَ اللّهِ لَأَقتُلَنّكَ يَا ابنَ أَبِي بَكرٍ وَ أَنتَ ظَمآنُ وَ يَسقِيكَ اللّهُ مِنَ الحَمِيمِ وَ الغِسلِينِ فَقَالَ مُحَمّدٌ يَا ابنَ اليَهُودِيّةِ النّسّاجَةِ لَيسَ ذَلِكَ اليَومُ إِلَيكَ وَ لَا إِلَي عُثمَانَ إِنّمَا ذَلِكَ إِلَي اللّهِ يسَقيِ أَولِيَاءَهُ وَ يُظمِئُ أَعدَاءَهُ وَ هُم أَنتَ وَ قُرَنَاؤُكَ وَ مَن تَوَلّاكَ وَ تَوَلّيتَهُ وَ اللّهِ لَو كَانَ سيَفيِ فِي يدَيِ مَا بَلَغتُم منِيّ مَا بَلَغتُم فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ بنُ خَدِيجٍ أَ تدَريِ مَا أَصنَعُ بِكَ أُدخِلُكَ جَوفَ هَذَا الحِمَارِ المَيّتِ ثُمّ أُحرِقُهُ عَلَيكَ بِالنّارِ قَالَ إِن فَعَلتُم ذَلِكَ بيِ فَطَالَ مَا فَعَلتُم ذَلِكَ بِأَولِيَاءِ اللّهِ وَ ايمُ اللّهِ إنِيّ لَأَرجُو أَن يَجعَلَ اللّهُ هَذِهِ النّارَ التّيِ تخُوَفّنُيِ بِهَا بَرداً وَ سَلَاماً كَمَا جَعَلَهَا اللّهُ عَلَي اِبرَاهِيمَ خَلِيلِهِ وَ أَن يَجعَلَهَا عَلَيكَ وَ عَلَي أَولِيَائِكَ كَمَا جَعَلَهَا عَلَي نُمرُودَ وَ عَلَي أَولِيَائِهِ وَ إنِيّ لَأَرجُو أَن يُحرِقَكَ اللّهُ وَ إِمَامَكَ مُعَاوِيَةَ وَ هَذَا أَشَارَ إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ بِنَارٍ تَلَظّي عَلَيكُمكُلّما خَبَتزَادَهَا اللّهُ عَلَيكُم سَعِيراً فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ خَدِيجٍ
صفحه : 562
إنِيّ لَا أَقتُلُكَ ظُلماً إِنّمَا أَقتُلُكَ بِعُثمَانَ بنِ عَفّانَ قَالَ مُحَمّدٌ وَ مَا أَنتَ وَ رَجُلٌ عَمِلَ بِالجَورِ وَ بَدّلَ حُكمَ اللّهِ وَ القُرآنَ وَ قَد قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ مَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرُونَ وَفَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ وَفَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَفَنَقَمنَا عَلَيهِ أَشيَاءَ عَمِلَهَا فَأَرَدنَاهُ أَن يَختَلِعَ مِن عَمَلِنَا فَلَم يَفعَل فَقَتَلَهُ مَن قَتَلَهُ مِنَ النّاسِ فَغَضِبَ ابنُ خَدِيجٍ فَقَدّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ثُمّ أَلقَاهُ فِي جَوفِ حِمَارٍ وَ أَحرَقَهُ بِالنّارِ فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ جَزِعَت عَلَيهِ جَزَعاً شَدِيداً وَ قَنَتَت فِي دُبُرِ كُلّ صَلَاةٍ تَدعُو عَلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ وَ عَمرِو بنِ العَاصِ وَ مُعَاوِيَةَ بنِ خَدِيجٍ وَ قَبَضَت عِيَالَ مُحَمّدٍ أَخِيهَا وَ وُلدَهُ إِلَيهَا فَكَانَ القَاسِمُ بنُ مُحَمّدٍ فِي حَجرِهَا قَالَ وَ كَانَ ابنُ خَدِيجٍ مَلعُوناً خَبِيثاً يَسُبّ عَلِيّاً ع فَقَد روُيَِ عَن دَاوُدَ بنِ أَبِي عَوفٍ قَالَ دَخَلَ مُعَاوِيَةُ بنُ خَدِيجٍ عَلَي الحَسَنِ بنِ عَلِيّ ع فِي مَسجِدِ المَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ الحَسَنُ وَيلَكَ يَا مُعَاوِيَةُ أَنتَ ألّذِي تَسُبّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلِيّاً أَمَا وَ اللّهِ لَئِن رَأَيتَهُ يَومَ القِيَامَةِ وَ لَا أَظُنّكَ تَرَاهُ لَتَرَيَنّهُ كَاشِفاً عَن سَاقٍ يَضرِبُ وُجُوهَ أَمثَالِكَ عَنِ الحَوضِ ضَربَ غَرَائِبِ الإِبِلِ
وَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ شَدّادٍ قَالَ حَلَفَت عَائِشَةُ أَن لَا تَأكُلَ شِوَاءً أَبَداً بَعدَ قَتلِ مُحَمّدٍ فَلَم تَأكُل شِوَاءً حَتّي لَحِقَت بِاللّهِ وَ مَا عَثَرَت قَطّ إِلّا قَالَت تَعَسَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ وَ عَمرُو بنُ العَاصِ وَ مُعَاوِيَةُ بنُ خَدِيجٍ
وَ يُروَي عَن كَثِيرٍ النّوّاءِ أَنّ أَبَا بَكرٍ خَرَجَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللّهِص
صفحه : 563
فِي غَزَاةٍ فَرَأَت أَسمَاءُ بِنتُ عُمَيسٍ وَ هيَِ تَحتَهُ كَأَنّ أَبَا بَكرٍ مُتَخَضّبٌ بِالحِنّاءِ رَأسُهُ وَ لِحيَتُهُ وَ عَلَيهِ ثِيَابٌ بِيضٌ فَجَاءَت إِلَي عَائِشَةَ فَأَخبَرَتهَا فَبَكَت عَائِشَةُ وَ قَالَت إِن صَدَقَت رُؤيَاكِ فَقَد قُتِلَ أَبُو بَكرٍ إِنّ خِضَابَهُ الدّمُ وَ إِنّ ثِيَابَهُ أَكفَانُهُ فَدَخَلَ النّبِيّص وَ هيَِ كَذَلِكَ فَقَالَ مَا أَبكَاهَا فَذَكَرُوا الرّؤيَا فَقَالَ ع لَيسَ كَمَا عَبّرَت عَائِشَةُ وَ لَكِن يَرجِعُ أَبُو بَكرٍ صَالِحاً فَتَحمِلُ مِنهُ أَسمَاءُ بِغُلَامٍ تُسَمّيهِ مُحَمّداً يَجعَلُهُ اللّهُ غَيظاً عَلَي الكَافِرِينَ وَ المُنَافِقِينَ قَالَ فَكَانَ كَمَا أَخبَرَ ع
وَ عَنِ الحَارِثِ بنِ كَعبٍ عَن حَبِيبِ بنِ عَبدِ اللّهِ قَالَ وَ اللّهِ إنِيّ لَعِندَ عَلِيّ ع جَالِساً إِذ جَاءَهُ عُبَيدُ اللّهِ بنُ قُعَينٍ مِن قِبَلِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ يَستَصرِخُهُ قَبلَ الوَقعَةِ فَقَامَ عَلِيّ ع فَنَادَي فِي النّاسِ الصّلَاةَ جَامِعَةً فَاجتَمَعَ النّاسُ فَصَعِدَ المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ ذَكَرَ رَسُولَ اللّهِص فَصَلّي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ فَهَذَا صَرِيخُ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ وَ إِخوَانِكُم مِن أَهلِ مِصرَ قَد سَارَ إِلَيهِمُ ابنُ النّابِغَةِ عَدُوّ اللّهِ وَ عَدُوّ مَن وَالَاهُ وَ ولَيِّ مَن عَادَي اللّهَ فَلَا يَكُونَنّ أَهلُ الضّلَالِ إِلَي بَاطِلِهِم وَ الرّكُونِ إِلَي سَبِيلِ الطّاغُوتِ أَشَدّ اجتِمَاعاً عَلَي بَاطِلِهِم مِنكُم عَلَي حَقّكُم فَكَأَنّكُم بِهِم قَد بَدَءُوكُم وَ إِخوَانَكُم بِالغَزوِ فَاعجَلُوا إِلَيهِم بِالمُوَاسَاةِ وَ النّصرِ عِبَادَ اللّهِ إِنّ مِصرَ أَعظَمُ مِنَ الشّامِ خَيراً وَ خَيرٌ أَهلًا فَلَا تُغلَبُوا عَلَي مِصرَ فَإِنّ بَقَاءَ مِصرَ فِي أَيدِيكُم عِزّ لَكُم وَ كَبتٌ لِعَدُوّكُم اخرُجُوا إِلَي الجَرَعَةِ وَ الجَرَعَةُ بَينَ الحِيرَةِ إِلَي الكُوفَةِ لِنَتَوَافَي هُنَاكَ كُلّنَا غَداً إِن شَاءَ اللّهُ قَالَ فَلَمّا كَانَ الغَدُ خَرَجَ يمَشيِ فَنَزَلَهَا بُكرَةً فَأَقَامَ بِهَا حَتّي انتَصَفَ النّهَارُ فَلَم يُوَافِهِ مِائَةُ رَجُلٍ فَرَجَعَ فَلَمّا كَانَ العشَيِّ بَعَثَ إِلَي الأَشرَافِ فَجَمَعَهُم فَدَخَلُوا عَلَيهِ القَصرَ وَ هُوَ كَئِيبٌ حَزِينٌ فَقَالَ
صفحه : 564
الحَمدُ لِلّهِ عَلَي مَا قَضَي مِن أَمرٍ وَ قَدّرَ مِن فِعلٍ وَ ابتلَاَنيِ بِكُم أَيّتُهَا الفِرقَةُ التّيِ لَا تُطِيعُ إِذَا أَمَرتُهَا وَ لَا تُجِيبُ إِذَا دَعَوتُهَا لَا أَبَا لِغَيرِكُم مَا ذَا تَنتَظِرُونَ بِنَصرِكُم وَ الجِهَادِ عَلَي حَقّكُم المَوتُ خَيرٌ مِنَ الذّلّ فِي هَذِهِ الدّنيَا لِغَيرِ الحَقّ وَ اللّهِ إِن جاَءنَيِ المَوتُ وَ ليَأَتيِنَيّ فَلَيُفَرّقَنّ بيَنيِ وَ بَينَكُم لتَجَدِنُنّيِ لِصُحبَتِكُم قَالِياً أَ لَا دِينٌ يَجمَعُكُم أَ لَا حَمِيّةٌ تَغِيظُكُم أَ لَا تَسمَعُونَ بِعَدُوّكُم يَنتَقِصُ بِلَادَكُم وَ يَشُنّ الغَارَةَ عَلَيكُم أَ وَ لَيسَ عَجَباً أَنّ مُعَاوِيَةَ يَدعُو الجُفَاةَ الطّغَامَ الظّلَمَةَ فَيَتّبِعُونَهُ عَلَي غَيرِ عَطَاءٍ وَ لَا مَعُونَةٍ فَيُجِيبُونَهُ فِي السّنَةِ المَرّةَ وَ المَرّتَينِ وَ الثّلَاثِ إِلَي أَيّ وَجهٍ شَاءَ ثُمّ أَنَا أَدعُوكُم وَ أَنتُم أوُليِ النّهَي وَ بَقِيّةُ النّاسِ فَتَختَلِفُونَ وَ تَفتَرِقُونَ عنَيّ وَ تعَصوُنيّ وَ تُخَالِفُونَ عَلَيّ فَقَامَ إِلَيهِ مَالِكُ بنُ كَعبٍ الأرَحبَيِّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ اندُبِ النّاسَ معَيِ فَإِنّهُ لَا عِطرَ بَعدَ عَرُوسٍ لِمِثلِ هَذَا اليَومِ كُنتُ أَدّخِرُ نفَسيِ وَ إِنّ الأَجرَ لَا يأَتيِ إِلّا بِالكُرهِ ثُمّ التَفَتَ إِلَي النّاسِ وَ قَالَ اتّقُوا اللّهَ وَ أَجِيبُوا إِمَامَكُم وَ انصُرُوا دَعوَتَهُ وَ قَاتِلُوا عَدُوّكُم إِنّا نَسِيرُ إِلَيهِم يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَأَمَرَ عَلِيّ سَعداً مَولَاهُ أَن ينُاَديَِ أَلَا سِيرُوا مَعَ مَالِكِ بنِ كَعبٍ إِلَي مِصرَ وَ كَانَ وَجهاً مَكرُوهاً فَلَم يَجتَمِعُوا إِلَيهِ شَهراً فَلَمّا اجتَمَعَ لَهُ مِنهُم مَا اجتَمَعَ خَرَجَ بِهِم مَالِكٌ فَعَسكَرَ بِظَاهِرِ الكُوفَةِ وَ خَرَجَ مَعَهُ عَلِيّ فَنَظَرَ فَإِذَا جَمِيعُ مَن خَرَجَ نَحوٌ مِن أَلفَينِ فَقَالَ ع سِيرُوا وَ اللّهِ مَا أَنتُم مَا إِخَالُكُم تُدرِكُونَ القَومَ حَتّي ينَقضَيَِ أَمرُهُم فَخَرَجَ مَالِكٌ بِهِم وَ سَارَ خَمسَ لَيَالٍ فَقَدِمَ الحَجّاجُ بنُ غَزِيّةَ الأنَصاَريِّ مِن مِصرَ فَأَخبَرَهُ بِمَا عَايَنَ مِن هَلَاكِ مُحَمّدٍ وَ قَدِمَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ شَبِيبٍ وَ كَانَ عَيناً لعِلَيِّ ع وَ أَخبَرَهُ أَنّهُ لَم يَخرُج مِنَ الشّامِ حَتّي قَدِمَتِ البشر[البُشرَي] مِن قِبَلِ عَمرِو بنِ العَاصِ يَتبَعُ بَعضُهُ بَعضاً بِفَتحِ مِصرَ وَ قَتلِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ وَ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا رَأَيتُ يَوماً قَطّ سُرُوراً مِثلَ سُرُورٍ رَأَيتُهُ بِالشّامِ حِينَ أَتَاهُم قَتلُ مُحَمّدٍ فَقَالَ عَلِيّ ع أَمَا إِنّ حُزنَنَا عَلَي قَتلِهِ عَلَي قَدرِ سُرُورِهِم بِهِ لَا بَل
صفحه : 565
يَزِيدُ أَضعَافاً فَرَدّ ع مَالِكاً مِنَ الطّرِيقِ وَ حَزِنَ عَلَي مُحَمّدٍ حَتّي رؤُيَِ ذَلِكَ فِيهِ وَ تَبَيّنَ فِي وَجهِهِ وَ قَامَ خَطِيباً فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَ أَلَا وَ إِنّ مِصرَ قَدِ افتَتَحَهَا الفَجَرَةُ أَولِيَاءُ الجَورِ وَ الظّلمِ الّذِينَ صَدّوا عَن سَبِيلِ اللّهِ وَ بَغَوُا الإِسلَامَ عِوَجاً أَلَا وَ إِنّ مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ قَدِ استُشهِدَ رَحِمَهُ اللّهُ عَلَيهِ وَ عِندَ اللّهِ نَحتَسِبُهُ أَمَا وَ اللّهِ لَقَد كَانَ مَا عَلِمتُ يَنتَظِرُ القَضَاءَ وَ يَعمَلُ لِلجَزَاءِ وَ يُبغِضُ شَكلَ الفَاجِرِ وَ يُحِبّ سَمتَ المُؤمِنِ وَ إنِيّ وَ اللّهِ مَا أَلُومُ نفَسيِ عَلَي تَقصِيرٍ وَ لَا عَجزٍ وَ إنِيّ لِمُقَاسَاةِ الحَربِ مُجِدّ بَصِيرٌ إنِيّ لَأُقدِمُ عَلَي الحَربِ وَ أَعرِفُ وَجهَهُ وَجهَ الحَزمِ وَ أَقُومُ باِلرأّيِ المُصِيبِ فَأَستَصرِخُكُم مُعلِناً وَ أُنَادِيكُم مُستَغِيثاً فَلَا تَسمَعُونَ لِي قَولًا وَ لَا تُطِيعُونَ لِي أَمراً حَتّي تَصِيرَ الأُمُورُ إِلَي عَوَاقِبِ المَسَاءَةِ وَ أَنتُمُ القَومُ لَا يُدرَكُ بِكُمُ الثّأرُ وَ لَا يُنقَصُ بِكُمُ الأَوتَارُ دَعَوتُكُم إِلَي غِيَاثِ إِخوَانِكُم مُنذُ بِضعٍ وَ خَمسِينَ لَيلَةً فَجَرجَرتُم عَلَيّ جَرجَرَةَ الجَمَلِ الأَسَرّ وَ تَثَاقَلتُم إِلَي الأَرضِ تَثَاقُلَ مَن لَا نِيّةَ لَهُ فِي الجِهَادِ وَ لَا رأَيَ لَهُ فِي اكتِسَابِ الأَجرِ ثُمّ خَرَجَ إلِيَّ مِنكُم جُنَيدٌ مُتَذَائِبٌ ضَعِيفٌكَأَنّما يُساقُونَ إِلَي المَوتِ وَ هُم يَنظُرُونَفَأُفّ لَكُم ثُمّ نَزَلَ فَدَخَلَ رَحلَهُ
قَالَ اِبرَاهِيمُ فَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ عَنِ المدَاَئنِيِّ قَالَكَتَبَ عَلِيّ ع إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ وَ هُوَ عَلَي البَصرَةِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ سَلَامٌ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَمّا بَعدُ فَإِنّ مِصرَ قَدِ افتُتِحَت وَ قَدِ استُشهِدَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ وَ عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ نَحسُبُهُ وَ قَد كُنتُ أَوعَزتُ إِلَي النّاسِ وَ تَقَدّمتُ إِلَيهِم فِي بَدءِ الأَمرِ وَ أَمَرتُهُم بِإِعَانَتِهِ قَبلَ الوَقعَةِ وَ دَعَوتُهُم سِرّاً وَ جَهراً وَ عَوداً وَ بَدءاً فَمِنهُمُ الآتيِ كَارِهاً وَ مِنهُمُ المُعتَلّ كَاذِباً وَ مِنهُمُ القَاعِدُ خَاذِلًا أَسأَلُ اللّهَ أَن يَجعَلَ لِي مِنهُم فَرَجاً وَ أَن يرُيِحنَيِ
صفحه : 566
مِنهُم عَاجِلًا فَوَ اللّهِ لَو لَا طمَعَيِ عِندَ لِقَاءِ العَدُوّ فِي الشّهَادَةِ وَ توَطيِنيِ نفَسيِ عِندَ ذَلِكَ لَأَحبَبتُ أَن لَا أَبقَي مَعَ هَؤُلَاءِ يَوماً وَاحِداً عَزَمَ اللّهُ لَنَا وَ لَكَ عَلَي تَقوَاهُ وَ هُدَاهُإِنّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَ السّلَامُ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيهِ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ لِعَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ مِن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ سَلَامٌ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَيِ كِتَابُكَ تَذكُرُ فِيهِ افتِتَاحَ مِصرَ وَ هَلَاكَ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ وَ أَنّكَ سَأَلتَ رَبّكَ أَن يَجعَلَ لَكَ مِن رَعِيّتِكَ التّيِ ابتُلِيتَ بِهَا فَرَجاً وَ مَخرَجاً وَ أَنَا أَسأَلُ اللّهَ أَن يعُليَِ كَلِمَتَكَ وَ أَن يأَتيَِ بِمَا تُحِبّهُ عَاجِلًا وَ اعلَم أَنّ اللّهَ صَانِعٌ لَكَ وَ مُقِرّ دَعوَتَكَ وَ كَابِتٌ عَدُوّكَ وَ أُخبِرُكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَنّ النّاسَ رُبّمَا قَبَضُوا ثُمّ نَشِطُوا فَارفُق بِهِم يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ دَارِهِم وَ مُنّهُم[مَنّهِم] وَ استَعِن بِاللّهِ عَلَيهِم كَفَاكَ اللّهُ المُهِمّ وَ السّلَامُ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ
قَالَ المدَاَئنِيِّ وَ روُيَِ أَنّ عَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ قَدِمَ مِنَ البَصرَةِ عَلَي عَلِيّ فَعَزّاهُ بِمُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ
وَ عَن مَالِكِ بنِ الجَونِ الحضَرمَيِّ أَنّ عَلِيّاً ع قَالَ رَحِمَ اللّهُ مُحَمّداً كَانَ غُلَاماً حَدَثاً لَقَد كُنتُ أَرَدتُ أَن أوُلَيَّ المِرقَالَ هَاشِمَ بنَ عُتبَةَ مِصرَ فَإِنّهُ وَ اللّهِ لَو وَلّيتُهَا لَمَا حلي [خَلّي]لِابنِ العَاصِ وَ أَعوَانِهِ العَرصَةَ وَ لَا قُتِلَ إِلّا وَ سَيفُهُ فِي يَدِهِ بِلَا ذَمّ لِمُحَمّدٍ فَلَقَد أَجهَدَ نَفسَهُ وَ قَضَي مَا عَلَيهِ
قَالَ المدَاَئنِيِّ وَ قِيلَ لعِلَيِّ ع لَقَد جَزِعتَ عَلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ جَزَعاً شَدِيداً يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَقَالَ وَ مَا يمَنعَنُيِ أَنّهُ كَانَ لِي رَبِيباً وَ كَانَ لبِنَيِّ أَخًا وَ كُنتُ لَهُ وَالِداً أَعُدّهُ وَلَداً
وَ رَوَي اِبرَاهِيمُ الثقّفَيِّ عَن رِجَالِهِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ جُندَبٍ عَن أَبِيهِ قَالَدَخَلَ عَمرُو بنُ الحَمِقِ وَ حُجرُ بنُ عدَيِّ وَ حَبّةُ العرُنَيِّ وَ الحَارِثُ الأَعوَرُ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَبَإٍ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ بَعدَ مَا افتُتِحَت مِصرُ وَ هُوَ مَغمُومٌ حَزِينٌ فَقَالُوا لَهُ بَيّن لَنَا مَا
صفحه : 567
قَولُكَ فِي أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ فَقَالَ لَهُم عَلِيّ ع هَل فَرَغتُم لِهَذَا وَ هَذِهِ مِصرُ قَدِ افتُتِحَت وَ شيِعتَيِ بِهَا قَد قُتِلَت أَنَا مُخرِجٌ إِلَيكُم كِتَاباً أُخبِرُكُم فِيهِ عَمّا سَأَلتُم وَ أَسأَلُكُم أَن تَحفَظُوا مِن حقَيّ مَا ضَيّعتُم فَاقرَءُوهُ عَلَي شيِعتَيِ وَ كُونُوا عَلَي الحَقّ أَعوَاناً وَ هَذِهِ نُسخَةُ الكِتَابِ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مَن قَرَأَ كتِاَبيِ هَذَا مِنَ المُؤمِنِينَ وَ المُسلِمِينَ السّلَامُ عَلَيكُم فإَنِيّ أَحمَدُ إِلَيكُمُ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمّداً نَذِيراً لِلعَالَمِينَ وَ أَمِيناً عَلَي التّنزِيلِ وَ شَهِيداً عَلَي هَذِهِ الأُمّةِ وَ أَنتُم مَعَاشِرَ العَرَبِ يَومَئِذٍ عَلَي شَرّ دِينٍ وَ فِي شَرّ دَارٍ مُنِيخُونَ عَلَي حِجَارَةٍ خَشِنٍ وَ جَنَادِلَ صُمّ وَ شَوكٍ مَبثُوثٍ فِي البِلَادِ تَشرَبُونَ المَاءَ الخَبِيثَ وَ تَأكُلُونَ الطّعَامَ الجَشِبَ وَ تَسفِكُونَ دِمَاءَكُم وَ تَقتُلُونَ أَولَادَكُم وَ تَقطَعُونَ أَرحَامَكُم وَ تَأكُلُونَ أَموَالَكُم بَينَكُم بِالبَاطِلِ سُبُلُكُم خَائِفَةٌ وَ الأَصنَامُ فِيكُم مَنصُوبَةٌ وَ لَا يُؤمِنُأَكثَرُهُم بِاللّهِ إِلّا وَ هُم مُشرِكُونَفَمَنّ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيكُم بِمُحَمّدٍص فَبَعَثَهُ إِلَيكُم رَسُولًا مِن أَنفُسِكُم وَ قَالَ فِي مَا أَنزَلَ مِن كِتَابِهِهُوَ ألّذِي بَعَثَ فِي الأُمّيّينَ رَسُولًا مِنهُم يَتلُوا عَلَيهِم آياتِهِ وَ يُزَكّيهِم وَ يُعَلّمُهُمُ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ وَ إِن كانُوا مِن قَبلُ لفَيِ ضَلالٍ مُبِينٍ وَ قَالَلَقَد جاءَكُم رَسُولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وَ قَالَلَقَد مَنّ اللّهُ عَلَي المُؤمِنِينَ إِذ بَعَثَ فِيهِم رَسُولًا مِن أَنفُسِهِم وَ قَالَذلِكَ فَضلُ اللّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِفَكَانَ الرّسُولُ إِلَيكُم مِن أَنفُسِكُم بِلِسَانِكُم فَعَلّمَكُمُ الكِتَابَ وَ الحِكمَةَ وَ الفَرَائِضَ وَ السّنّةَ وَ أَمَرَكُم بِصِلَةِ أَرحَامِكُم وَ حَقنِ دِمَائِكُم وَ صَلَاحِ ذَاتِ البَينِ وَأَن تُؤَدّوا الأَماناتِ إِلي أَهلِها وَ أَن تُوفُوا بِالعَهدِوَ لا تَنقُضُوا الأَيمانَ بَعدَ تَوكِيدِها وَ أَمَرَكُم أَن تَعَاطَفُوا وَ تَبَارّوا وَ تَبَاشَرُوا وَ تَبَاذَلُوا وَ تَرَاحَمُوا وَ نَهَاكُم عَنِ التّنَاهُبِ
صفحه : 568
وَ التّظَالُمِ وَ التّحَاسُدِ وَ التبّاَغيِ وَ التّقَاذُفِ وَ عَن شُربِ الخَمرِ وَ بَخسِ المِكيَالِ وَ نَقصِ المِيزَانِ وَ تَقَدّمَ إِلَيكُم فِيمَا تَلَا عَلَيكُم أَن لَا تَزنُوا وَ لَا تَربُوا وَ لَا تَأكُلُوا أَموَالَ اليَتَامَي وَأَن تُؤَدّوا الأَماناتِ إِلي أَهلِهاوَ لا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدِينَوَ لا تَعتَدُوا إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ المُعتَدِينَفَكُلّ خَيرٍ يدُنيِ إِلَي الجَنّةِ وَ يُبَاعِدُ مِنَ النّارِ أَمَرَكُم بِهِ وَ كُلّ شَرّ يدُنيِ إِلَي النّارِ وَ يُبَاعِدُ مِنَ الجَنّةِ نَهَاكُم عَنهُ فَلَمّا استَكمَلَ مُدّتَهُ مِنَ الدّنيَا تَوَفّاهُ اللّهُ إِلَيهِ سَعِيداً حَمِيداً فَيَا لَهَا مُصِيبَةً خَصّتِ الأَقرَبِينَ وَ عَمّت جَمِيعَ المُسلِمِينَ مَا أُصِيبُوا قَبلَهَا بِمِثلِهَا وَ لَن يُعَايِنُوا بَعدَهَا أُختَهَا فَلَمّا مَضَي لِسَبِيلِهِص تَنَازَعَ المُسلِمُونَ الأَمرَ مِن بَعدِهِ فَوَ اللّهِ مَا كَانَ يُلقَي فِي روُعيِ وَ لَا يَخطُرُ عَلَي باَليِ أَنّ العَرَبَ تَعدِلُ هَذَا الأَمرَ بَعدَ مُحَمّدٍ عَن أَهلِ بَيتِهِ وَ لَا أَنّهُم مَنَحُوهُ عنَيّ مِن بَعدِهِ فَمَا راَعنَيِ إِلّا انثِيَالُ النّاسِ عَلَي أَبِي بَكرٍ وَ إِجفَالُهُم إِلَيهِ لِيُبَايِعُوهُ فَأَمسَكتُ يدَيِ وَ رَأَيتُ أنَيّ أَحَقّ بِمَقَامِ مُحَمّدٍص وَ مِلّةِ مُحَمّدٍص فِي النّاسِ بِمَن تَوَلّي الأَمرَ بَعدَهُ فَلَبِثتُ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللّهُ حَتّي رَأَيتُ رَاجِعَةً مِنَ النّاسِ رَجَعَت عَنِ الإِسلَامِ تَدعُو إِلَي مَحقِ دِينِ اللّهِ وَ مِلّةِ مُحَمّدٍ فَخَشِيتُ إِن لَم أَنصُرِ الإِسلَامَ وَ أَهلَهُ أَن أَرَي فِيهِ ثَلماً وَ هَدماً يَكُونُ المُصِيبَةُ بِهِمَا عَلَيّ أَعظَمَ مِن فَوَاتِ وَلَايَةِ أُمُورِكُمُ التّيِ إِنّمَا هيَِ مَتَاعُ أَيّامٍ قَلَائِلَ ثُمّ يَزُولُ مَا كَانَ مِنهَا كَمَا يَزُولُ السّرَابُ وَ كَمَا يَنقَشِعُ السّحَابُ فَمَشَيتُ عِندَ ذَلِكَ إِلَي أَبِي بَكرٍ فَبَايَعتُهُ وَ نَهَضتُ فِي تِلكَ الأَحدَاثِ حَتّي زَاغَ البَاطِلُ وَ زَهَقَ وَ كَانَت كَلِمَةُ اللّهِ هيَِ العُليَاوَ لَو كَرِهَ الكافِرُونَفَتَوَلّي أَبُو بَكرٍ تِلكَ الأُمُورَ وَ سَدّدَ وَ يَسّرَ وَ قَارَبَ وَ اقتَصَدَ فَصَحِبتُهُ مُنَاصِحاً وَ أَطَعتُهُ فِيمَا أَطَاعَ اللّهَ فِيهِ جَاهِداً وَ مَا طَمِعتُ أَن لَو حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ وَ أَنَا حيَّ أَن يُرَدّ
صفحه : 569
إلِيَّ الأَمرُ ألّذِي بَايَعتُهُ فِيهِ طَمَعَ مُستَيقِنٍ وَ لَا يَئِستُ مِنهُ يَأسَ مَن لَا يَرجُوهُ فَلَو لَا خَاصّةُ مَا كَانَ بَينَهُ وَ بَينَ عُمَرَ لَظَنَنتُ أَنّهُ لَا يَدفَعُهَا عنَيّ فَلَمّا احتَضَرَ بَعَثَ إِلَي عُمَرَ فَوَلّاهُ فَسَمِعنَا وَ أَطَعنَا وَ نَاصَحنَا وَ تَوَلّي عُمَرُ الأَمرَ فَكَانَ مرَضَيِّ السّيرَةِ مَيمُونَ النّقِيبَةِ حَتّي إِذَا احتَضَرَ قُلتُ فِي نفَسيِ لَن يَعدِلَهَا عنَيّ لَيسَ بِدَافِعِهَا عنَيّ فجَعَلَنَيِ سَادِسَ سِتّةٍ فَمَا كَانُوا لِوَلَايَةِ أَحَدٍ أَشَدّ كَرَاهِيَةً مِنهُم لوِلَاَيتَيِ عَلَيهِم فَكَانُوا يسَمعَوُنيّ عِندَ وَفَاةِ الرّسُولِص أُحَاجّ أَبَا بَكرٍ وَ أَقُولُ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ إِنّا أَهلَ البَيتَ أَحَقّ بِهَذَا الأَمرِ مِنكُم أَ مَا كَانَ فِينَا مَن يَقرَأُ القُرآنَ وَ يَعرِفُ السّنّةَ وَ يَدِينُ بِدِينِ الحَقّ فخَشَيَِ القَومُ إِن أَنَا وُلّيتُ عَلَيهِم أَن لَا يَكُونَ لَهُم مِنَ الأَمرِ نَصِيبٌ مَا بَقُوا فَأَجمَعُوا إِجمَاعاً وَاحِداً فَصَرَفُوا الوَلَايَةَ إِلَي عُثمَانَ وَ أخَرجَوُنيِ مِنهَا رَجَاءَ أَن يَنَالُوهَا وَ يَتَدَاوَلُوهَا إِذ يَئِسُوا أَن يَنَالُوهَا مِن قبِلَيِ ثُمّ قَالُوا هَلُمّ بَايِع وَ إِلّا جَاهَدنَاكَ فَبَايَعتُ مُستَكرَهاً وَ صَبَرتُ مُحتَسِباً فَقَالَ قَائِلُهُم يَا ابنَ أَبِي طَالِبٍ إِنّكَ عَلَي هَذَا الأَمرِ لَحَرِيصٌ فَقُلتُ إِنّهُم أَحرَصُ منِيّ وَ أَبعَدُ أَيّنَا أَحرَصُ أَنَا ألّذِي طَلَبتُ ترُاَثيِ وَ حقَيَّ ألّذِي جعَلَنَيَِ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَولَي بِهِ أَم أَنتُم إِذ تَضرِبُونَ وجَهيِ دُونَهُ وَ تَحُولُونَ بيَنيِ وَ بَينَهُ فَبُهِتُواوَ اللّهُ لا يهَديِ القَومَ الظّالِمِينَ أللّهُمّ إنِيّ أَستَعدِيكَ عَلَي قُرَيشٍ فَإِنّهُم قَطَعُوا رحَمِيِ وَ أَصغَوا إنِاَئيِ وَ صَغّرُوا عَظِيمَ منَزلِتَيِ وَ أَجمَعُوا عَلَي منُاَزعَتَيِ حَقّاً كُنتُ أَولَي بِهِ مِنهُم فَسَلَبُونِيهِ ثُمّ قَالُوا أَلَا إِنّ فِي الحَقّ أَن تَأخُذَهُ وَ فِي الحَقّ أَن تَمنَعَهُ فَاصبِر كَمَداً أَو مُت أَسَفاً وَ حَنَقاً فَنَظَرتُ فَإِذَا لَيسَ معَيِ رَافِدٌ وَ لَا ذَابّ وَ لَا نَاصِرٌ وَ لَا مُسَاعِدٌ إِلّا أَهلُ بيَتيِ فَضَنِنتُ بِهِم عَنِ المَنِيّةِ فَأَغضَيتُ عَلَي القَذَي وَ تَجَرّعتُ ريِقيِ عَلَي الشّجَا وَ صَبَرتُ مِن كَظمِ الغَيظِ عَلَي أَمَرّ مِنَ العَلقَمِ وَ آلَمَ لِلقَلبِ مِن حَزّ الشّفَارِ حَتّي إِذَا نَقَمتُم عَلَي عُثمَانَ أَتَيتُمُوهُ فَقَتَلتُمُوهُ ثُمّ جئِتمُوُنيِ لتِبُاَيعِوُنيِ فَأَبَيتُ عَلَيكُم وَ أَمسَكتُ يدَيِ فنَاَزعَتمُوُنيِ وَ داَفعَتمُوُنيِ وَ بسطت [بَسَطتُم]يدَيِ فَكَفَفتُهَا وَ مَدَدتُمُوهَا فَقَبَضتُهَا وَ ازدَحَمتُم عَلَيّ حَتّي ظَنَنتُ أَنّ بَعضَكُم قَاتِلُ بَعضٍ أَو أَنّكُم قاَتلِيِ فَقُلتُم بَايِعنَا لَا نَجِدُ غَيرَكَ وَ لَا نَرضَي إِلّا بِكَ بَايَعنَاكَ لَا نَفتَرِقُ وَ لَا تَختَلِفُ
صفحه : 570
كَلِمَتُنَا فَبَايَعتُكُم وَ دَعَوتُ النّاسَ إِلَي بيَعتَيِ فَمَن بَايَعَ طَوعاً قَبِلتُهُ مِنهُ وَ مَن أَبَي لَم أَكرَههُ وَ تَرَكتُهُ فبَاَيعَنَيِ فِيمَن باَيعَنَيِ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ وَ لَو أَبَيَا مَا أَكرَهتُهُمَا كَمَا لَم أُكرِه غَيرَهُمَا فَمَا لَبِثنَا إِلّا يَسِيراً حَتّي بلَغَنَيِ أَنّهُمَا قَد خَرَجَا مِن مَكّةَ مُتَوَجّهَينِ إِلَي البَصرَةِ فِي جَيشٍ مَا مِنهُم رَجُلٌ إِلّا قَد أعَطاَنيِ الطّاعَةَ وَ سَمِعَ لِي بِالبَيعَةِ فَقَدِمَا عَلَي عاَملِيِ وَ خُزّانِ بَيتِ ماَليِ وَ عَلَي أَهلِ مصِريِ الّذِينَ كُلّهُم عَلَي بيَعتَيِ وَ فِي طاَعتَيِ فَشَتّتُوا كَلِمَتَهُم وَ أَفسَدُوا جَمَاعَتَهُم ثُمّ وَثَبُوا عَلَي شيِعتَيِ مِنَ المُسلِمِينَ فَقَتَلُوا طَاِئفَةً منهُم غَدراً وَ طَائِفَةً صَبراً وَ طَائِفَةٌ مِنهُم غَضِبُوا لِلّهِ وَ لِي فَشَهَرُوا سُيُوفَهُم وَ ضَرَبُوا بِهَا حَتّي لَقُوا اللّهَ صَادِقِينَ فَوَ اللّهِ لَو لَم يُصِيبُوا مِنهُم إِلّا رَجُلًا وَاحِداً مُتَعَمّدِينَ لِقَتلِهِ لَحَلّ لِي بِهِ قَتلُ ذَلِكَ الجَيشِ بِأَسرِهِ فَدَع مَا أَنّهُم قَد قَتَلُوا مِنَ المُسلِمِينَ أَكثَرَ مِنَ العِدّةِ التّيِ دَخَلُوا بِهَا عَلَيهِم وَ قَد أَدَالَ اللّهُ مِنهُمفَبُعداً لِلقَومِ الظّالِمِينَ ثُمّ إنِيّ نَظَرتُ فِي أَمرِ أَهلِ الشّامِ فَإِذَا أَعرَابٌ وَ أَهلُ طَمَعٍ جُفَاةٌ طُغَاةُ يَجتَمِعُونَ مِن كُلّ أَوبٍ وَ مَن كَانَ ينَبغَيِ أَن يُؤَدّبَ أَو يُوَلّي عَلَيهِ وَ يُؤخَذَ عَلَي يَدَيهِ لَيسُوا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ لَا الأَنصَارِ وَ لَا التّابِعِينَ بِإِحسَانٍ فَسِرتُ إِلَيهِم فَدَعَوتُهُم إِلَي الطّاعَةِ وَ الجَمَاعَةِ فَأَبَوا إِلّا شِقَاقاً وَ فِرَاقاً وَ نَهَضُوا فِي وُجُوهِ المُسلِمِينَ يَنظِمُونَهُم بِالنّبلِ وَ يَشجُرُونَهُم بِالرّمَاحِ فَهُنَاكَ نَهَدتُ إِلَيهِم بِالمُسلِمِينَ فَقَاتَلتُهُم فَلَمّا عَضّهُمُ السّلَاحُ وَ وَجَدُوا أَلَمَ الجَرَاحِ رَفَعُوا المَصَاحِفَ يَدعُونَكُم إِلَي مَا فِيهَا فَأَنبَأتُكُم أَنّهُم لَيسُوا بِأَهلِ دِينٍ وَ لَا قُرآنٍ وَ أَنّهُم رَفَعُوهَا غَدراً وَ مَكِيدَةً وَ خَدِيعَةً وَ وَهناً وَ ضَعفاً فَامضُوا عَلَي حَقّكُم وَ قِتَالِكُم فَأَبَيتُم عَلَيّ وَ قُلتُم اقبَل مِنهُم فَإِن أَجَابُوا إِلَي مَا فِي الكِتَابِ جَامَعُونَا عَلَي مَا نَحنُ عَلَيهِ مِنَ الحَقّ وَ إِن أَبَوا كَانَ أَعظَمَ لِحُجّتِنَا عَلَيهِم فَقَبِلتُ مِنهُم وَ كَفَفتُ عَنهُم إِذ وَنَيتُم وَ أَبَيتُم وَ كَانَ الصّلحُ بَينَكُم وَ بَينَهُم عَلَي
صفحه : 571
رَجُلَينِ يُحيِيَانِ مَا أَحيَا القُرآنُ وَ يُمِيتَانِ مَا أَمَاتَ القُرآنُ فَاختَلَفَ رَأيُهُمَا وَ تَفَرّقَ حُكمُهُمَا وَ نَبَذَا مَا فِي حُكمِ القُرآنِ وَ خَالَفَا مَا فِي الكِتَابِ فَجَنّبَهُمَا[ اللّهُ]السّدَادَ وَ دَلّاهُمَا فِي الضّلَالَةِ فَنَبَذَا حُكمَهُمَا وَ كَانَا أَهلَهُ فَانخَزَلَت فِرقَةٌ مِنّا فَتَرَكنَاهُم مَا تَرَكُونَا حَتّي إِذَا عَثَوا فِي الأَرضِ يَقتُلُونَ وَ يُفسِدُونَ أَتَينَاهُم فَقُلنَا ادفَعُوا إِلَينَا قَتَلَةَ إِخوَانِنَا ثُمّ كِتَابُ اللّهِ بَينَنَا وَ بَينَكُم قَالُوا كُلّنَا قَتَلَهُم وَ كُلّنَا استَحَلّ دِمَاءَهُم وَ دِمَاءَكُم وَ شَدّت عَلَينَا خَيلُهُم وَ رِجَالُهُم فَصَرَعَهُمُ اللّهُ مَصَارِعَ الظّالِمِينَ فَلَمّا كَانَ ذَلِكَ مِن شَأنِهِم أَمَرتُكُم أَن تَمضُوا مِن فَورِكُم ذَلِكَ إِلَي عَدُوّكُم فَقُلتُم كَلّت سُيُوفُنَا وَ نَفِدَت نِبَالُنَا وَ نَصَلَت أَسِنّةُ رِمَاحِنَا وَ عَادَ أَكثَرُهَا قَصداً فَارجِع بِنَا إِلَي مِصرِنَا لِنَستَعِدّ بِأَحسَنِ عُدّتِنَا فَإِذَا رَجَعتَ زِدتَ فِي مُقَاتِلَتِنَا عِدّةَ مَن هَلَكَ مِنّا وَ فَارَقَنَا فَإِنّ ذَلِكَ أَقوَي لَنَا عَلَي عَدُوّنَا فَأَقبَلتُ بِكُم حَتّي إِذَا أَظلَلتُم عَلَي الكُوفَةِ أَمَرتُكُم أَن تَنزِلُوا بِالنّخَيلَةِ وَ أَن تَلزَمُوا مُعَسكَرَكُم وَ أَن تَضُمّوا قَوَاصِيَكُم وَ أَن تُوَطّنُوا عَلَي الجِهَادِ أَنفُسَكُم وَ لَا تُكثِرُوا زِيَارَةَ أَبنَائِكُم وَ نِسَائِكُم فَإِنّ أَهلَ الحَربِ المُصَابِرُوهَا وَ أَهلَ التّشمِيرِ فِيهَا الّذِينَ لَا يَنقَادُوَن مِن سَهَرِ لَيلِهِم وَ لَا ظَمَإِ نَهَارِهِم وَ لَا خَمصِ بُطُونِهِم وَ لَا نَصَبِ أَبدَانِهِم فَنَزَلَت طَائِفَةٌ مِنكُم معَيِ مَعذِرَةً وَ دَخَلَت طَائِفَةٌ مِنكُمُ المِصرَ عَاصِيَةً فَلَا مَن بقَيَِ مِنكُم صَبَرَ وَ ثَبَتَ وَ لَا مَن دَخَلَ المِصرَ عَادَ إلِيَّ وَ رَجَعَ فَنَظَرتُ إِلَي معُسَكرَيِ وَ لَيسَ فِيهِ خَمسُونَ رَجُلًا فَلَمّا رَأَيتُ مَا أَتَيتُم دَخَلتُ إِلَيكُم فَلَم أَقدِر إِلَي أَن تَخرُجُوا إِلَي يَومِنَا هَذَا فَمَا تَنتَظِرُونَ أَ مَا تَرَونَ أَطرَافَكُم قَدِ انتَقَصَت وَ إِلَي مِصرِكُم قَد فُتِحَت وَ إِلَي شيِعتَيِ بِهَا قَد قُتِلَت وَ إِلَي مَسَالِحِكُم تُعرَي وَ إِلَي بِلَادِكُم تُغزَي وَ أَنتُم ذَوُو عَدَدٍ كَثِيرٍ وَ شَوكَةٍ وَ بَأسٍ فَمَا بَالُكُم لِلّهِ أَنتُم مِن أَينَ تُؤتَونَ وَ مَا لَكُم تُسحَرُونَ وَ أَنّي تُؤفَكُونَ وَ لَو أَعزَمتُم وَ أَجمَعتُم لَم تُرَامُوا أَلَا إِنّ القَومَ قَدِ اجتَمَعُوا وَ تَنَاشَبُوا وَ تَنَاصَحُوا وَ أَنتُم قَد وَنَيتُم وَ تَغَاشَشتُم وَ افتَرَقتُم مَا أَنتُم إِن أَتمَمتُم عنِديِ عَلَي هَذَا بِمُنقِذِينَ فَانتَهُوا عَمّا نُهِيتُم وَ اجمَعُوا عَلَي حَقّكُم وَ تَجَرّدُوا لِحَربِ عَدُوّكُم قَد أَبدَتِ الرّغوَةُ مِنَ الصّرِيحِ وَ بَيّنَ الصّبحُ لذِيِ عَينَينِ
صفحه : 572
إِنّمَا تُقَاتِلُونَ الطّلَقَاءَ وَ أَبنَاءَ الطّلَقَاءِ وَ أوُليِ الجَفَاءِ وَ مَن أَسلَمَ كَرهاً فَكَانَ لِرَسُولِ اللّهِص أَنفِ الإِسلَامِ كُلّهِ حَرباً أَعدَاءُ اللّهِ وَ السّنّةِ وَ القُرآنِ وَ أَهلُ البِدَعِ وَ الأَحدَاثِ وَ مَن كَانَت بَوَائِقُهُ تُتّقَي وَ كَانَ عَلَي الإِسلَامِ وَ أَهلِهِ مُخَوّفاً وَ أَكَلَةُ الرّشَا وَ عَبَدَةُ الدّنيَا وَ لَقَدِ انتَهَي إلِيَّ أَنّ ابنَ النّابِغَةِ لَم يُبَايِع مُعَاوِيَةَ حَتّي أَعطَاهُ وَ شَرَطَ لَهُ أَن يُؤتِيَهُ أَتِيّةً هيَِ أَعظَمُ مِمّا فِي يَدِهِ مِن سُلطَانِهِ أَلَا صَفِرَت يَدُ هَذَا البَائِعِ دِينَهُ بِالدّنيَا وَ خَزِيَت أَمَانَةُ هَذَا المشُترَيِ نُصرَةَ فَاسِقٍ غَادِرٍ بِأَموَالِ المُسلِمِينَ وَ إِنّ فِيهِم مَن قَد شَرِبَ فِيكُمُ الخَمرَ وَ جُلِدَ الحَدّ يُعرَفُ بِالفَسَادِ فِي الدّينِ وَ الفِعلِ السّيّئِ وَ إِنّ فِيهِم مَن لَم يُسلِم حَتّي رُضِخَ لَهُ عَلَي الإِسلَامِ رَضِيخَةً فَهَؤُلَاءِ قَادَةُ القَومِ وَ مَن تَرَكتُ ذِكرَ مَسَاوِيهِ مِن قَادَتِهِم مِثلُ مَن ذَكَرتُ مِنهُم بَل هُوَ شَرّ مِنهُم وَ يَوَدّ هَؤُلَاءِ الّذِينَ ذَكَرتُ لَو وُلّوا عَلَيكُم فَأَظهَرُوا فِيكُمُ الكُفرَ وَ الفَسَادَ وَ الكِبرَ وَ الفُجُورَ وَ التّسَلّطَ بِالجَبرِيّةِ وَ اتّبَعُوا الهَوَي وَ حَكَمُوا بِغَيرِ الحَقّ وَ لَأَنتُم عَلَي مَا كَانَ فِيكُم مِن تَوَاكُلٍ وَ تَخَاذُلٍ خَيرٌ مِنهُم وَ أَهدَي سَبِيلًا فِيكُمُ العُلَمَاءُ وَ الفُقَهَاءُ النّجَبَاءُ وَ الحُكَمَاءُ وَ حَمَلَةُ الكِتَابِ وَ المُتَهَجّدُونَ بِالأَسحَارِ وَ عُمّارُ المَسَاجِدِ بِتِلَاوَةِ القُرآنِ أَ فَلَا تَسخَطُونَ وَ تَهتَمّونَ أَن يُنَازِعَكُمُ الوَلَايَةَ عَلَيكُم سُفَهَاؤُكُم وَ الأَشرَارُ الأَرَاذِلُ مِنكُم فَاسمَعُوا قوَليِ هَدَاكُمُ اللّهُ إِذَا قُلتُ وَ أَطِيعُوا أمَريِ إِذَا أَمَرتُ فَوَ اللّهِ لَئِن أطَعَتمُوُنيِ لَا تَغوُونَ وَ إِن عصَيَتمُوُنيِ لَا تَرشُدُونَ خُذُوا لِلحَربِ أُهبَتَهَا وَ أَعِدّوا لَهَا عُدّتَهَا وَ أَجمِعُوا إِلَيهَا فَقَد شُبّت نَارُهَا وَ عَلَا شَنَارُهَا وَ تَجَرّدَ لَكُم فِيهَا الفَاسِقُونَ كيَ يُعَذّبُوا عِبَادَ اللّهِ وَ يُطفِئُوا نُورَ اللّهِ أَلَا إِنّهُ لَيسَ أَولِيَاءُ الشّيطَانِ مِن أَهلِ الطّمَعِ وَ المَكرِ وَ الجَفَاءِ بِأَولَي بِالجِدّ فِي غَيّهِم وَ ضَلَالِهِم وَ بَاطِلِهِم مِن أَولِيَاءِ اللّهِ أَهلِ البِرّ وَ الزّهَادَةِ وَ الإِخبَاتِ بِالجِدّ فِي حَقّهِم وَ طَاعَةِ رَبّهِم وَ مُنَاصَحَةِ إِمَامِهِم إنِيّ وَ اللّهِ لَو لَقِيتُهُم فَرداً وَ هُم ملِ ءُ الأَرضِ مَا بَالَيتُ وَ لَا استَوحَشتُ وَ إنِيّ مِن ضَلَالَتِهِمُ التّيِ هُم فِيهَا وَ الهُدَي ألّذِي نَحنُ عَلَيهِ لَعَلَي ثِقَةٍ وَ بَيّنَةٍ وَ يَقِينٍ وَ بَصِيرَةٍ وَ إنِيّ إِلَي لِقَاءِ ربَيّ لَمُشتَاقٌ وَ لِحُسنِ ثَوَابِهِ لَمُنتَظِرٌ وَ لَكِنّ أَسَفاً يعَترَيِنيِ وَ حُزناً يخُاَمرِنُيِ مِن أَن يلَيَِ أَمرَ
صفحه : 573
هَذِهِ الأُمّةِ سُفَهَاؤُهَا وَ فُجّارُهَا فَيَتّخِذُوا مَالَ اللّهِ دُوَلًا وَ عِبَادَ اللّهِ خَوَلًا وَ الفَاسِقِينَ حِزباً وَ ايمُ اللّهِ لَو لَا ذَلِكَ لَمَا أَكثَرتُ تَأنِيبَكُم وَ تَحرِيضَكُم وَ لَتَرَكتُكُم إِذ وَنَيتُم وَ أَبَيتُم حَتّي أَلقَاهُم بنِفَسيِ مَتَي حُمّ لِي لِقَاؤُهُم فَوَ اللّهِ إنِيّ لَعَلَي الحَقّ وَ إنِيّ لِلشّهَادَةِ لَمُحِبّ فَانفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا وَ جاهِدُوا بِأَموالِكُم وَ أَنفُسِكُم فِي سَبِيلِ اللّهِ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ وَ لَا تَثّاقَلُوا إِلَي الأَرضِ فتفروا[فَتَقِرّوا]بِالخَسفِ وَ تَبُوءُوا بِالذّلّ وَ يَكُن نَصِيبُكُمُ الأَخسَرَ إِنّ أَخَا الحَربِ اليَقظَانَ الأَرَقّ مَن نَامَ لَم يُنَم عَنهُ وَ مَن ضَعُفَ أَودَي وَ مَن تَرَكَ الجِهَادَ فِي اللّهِ كَانَ كَالمَغبُونِ المُهِينِ أللّهُمّ اجمَعنَا وَ إِيّاهُم عَلَي الهُدَي وَ زَهّدنَا وَ إِيّاهُم فِي الدّنيَا وَ اجعَلِ الآخِرَةَ لَنَا وَ لَهُم خَيراً مِنَ الأُولَي وَ السّلَامُ
توضيح قوله والمرتشين في بعض النسخ والمرتبئين أي المنتظرين المترصدين للحكومة أيهما يأخذها قال الجوهري المربأ المرقبة وكذلك المربأ والمرتبأ وربأت القوم ربئا وارتبأتهم أي راقبتهم و ذلك إذاكنت لهم طليعة فوق شرف يقال ربأ لنا فلان وارتبأ إذااعتان وربأت المربأة وارتبأتها أي علوتها قال أبوزيد رابأت الشيء مرابأة إذاحذرته واتقيته و قال الدهم العدد الكثير. قوله فإنه لاعطر بعدعروس قال الزمخشري بعدإيراد المثل ويروي لامخبأ لعطر بعدعروس وأصله أن رجلا أهديت إليه امرأة فوجدها تفلة فقال لها أين الطيب فقالت خبأته فقال ذلك . وقيل عروس اسم رجل مات فحملت امرأته أواني العطر فكسرتها علي قبره وصبت العطر فوبخها بعض معارفها فقالت ذلك يضرب علي الأول في ذم ادخار الشيء وقت الحاجة إليه و علي الثاني في الاستغناء عن ادخار الشيء لعدم من يدخر له . و قال الميداني قال المفضل أول من قال ذلك امرأة من عذرة يقال لها أسماء بنت عبد الله و كان لها زوج من بني عمها يقال لها عروس فمات عنها فتزوجها رجل من قومها يقال له نوفل و كان أعسر أبخر بخيلا دميما فلما أراد
صفحه : 574
أن يظعن بهاقالت له لوأذنت لي فرثيت ابن عمي وبكيت عندرمسه فقال افعلي فقالت أبكيك ياعروس الأعراس ياثعلبا في أهله وأسدا عندالبأس مع أشياء ليس يعلمها الناس . قال و ماتلك الأشياء قالت كان عن الهمة غيرنعاس ويعمل السيف صبيحات البأس ثم قالت ياعروس الأغر الأزهر الطيب الخيم الكريم المحضر مع أشياء له لاتذكر. قال و ماتلك الأشياء قالت كان عيوفا للخنا والمنكر طيب النكهة غيرأبخر أيسر غيرأعسر.فعرف الزوج أنها تعرض به فلما رحل بها قال ضمي إليك عطرك ونظر إلي قشوة عطرها مطروحة فقالت لاعطر بعدعروس فذهبت مثلا يضرب لمن لايدخر عنه نفيس . قوله ع لقد كان ماعلمت أي مادمت علمته وعرفته أوعلمت حاله أوصرت عالما بتنزيله منزلة اللازم . ويحتمل أن تكون ماموصولة بتقدير الباء أي بالذي علمت منه أوبجعله خبر كان والأفعال بعده بدله أواسم كان والأفعال خبره أي كان ألذي علمت منه تلك الصفات والأول لعله أظهر. وانثال انصب والإجفال الإسراع . قوله ع فكان مرضي السيرة أي ظاهرا عند الناس وكذا مامر في وصف أبي بكر وآثار التقية والمصلحة في الخطبة ظاهرة بل الظاهر أنها من إلحاقات المخالفين . قوله ع فبهتوا في بعض النسخ فهبوا أي انتبهوا ولكن لم ينفعهم الانتباه . و قال الجوهري صغا يصغو ويصغي صغوا أي مال وأصغيت إلي فلان
صفحه : 575
إذاملت بسمعك نحوه وأصغيت الإناء أملته يقال فلان مصغي إناؤه إذانقص حقه و قال الكمد الحزن المكتوم و قال جاءوا من كل أوب أي من كل ناحية. قوله ع أويولي عليه أي من كان لقلة عقله وسفاهته حريا لأن يقوم عليه ولي يتولي أموره . و قال الجوهري نظمت اللؤلؤ أي جمعته في سلك وطعنه فانتظمه أي اختله و قال يقال نصل السهم إذاخرج منه النصل ونصل السهم إذاثبت نصله في الشيء فلم يخرج و هو من الأضداد ونصلت السهم تنصيلا نزعت نصله و قال القصدة بالكسر القطعة من الشيء إذاانكسر والجمع قصد يقال القنا قصد و قدانقصد الرمح وتقصدت الرماح تكسرت . و قال الفيروزآبادي رمح قصد ككتف وقصيد وإقصار متكسر و قال أطل علي الشيء أشرف . قوله ع و إلي مسالحكم تعري أي ثغوركم خالية عن الرجال والسلاح والصريح اللبن الخالص إذاذهبت رغوته .ذكره الجوهري و قال أنف كل شيءأوله وأنف البرد أشده و قال المخامرة المخالطة و قال حم الشيء أي قدر وأحم أي حان وقته و قال أودي فلان أي هلك فهو مود
723-ج ،[الإحتجاج ]كَتَبَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ إِلَي مُعَاوِيَةَ احتِجَاجاً عَلَيهِبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ إِلَي الباَغيِ مُعَاوِيَةَ بنِ صَخرٍ سَلَامٌ عَلَي أَهلِ طَاعَةِ اللّهِ مِمّن هُوَ أَهلُ دِينِ اللّهِ وَ أَهلُ وَلَايَةِ اللّهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ
صفحه : 576
بِجَلَالِهِ وَ سُلطَانِهِ خَلَقَ خَلقاً بِلَا عَبَثٍ مِنهُ وَ لَا ضَعفٍ بِهِ فِي قُوّةٍ وَ لَكِنّهُ خَلَقَهُم عَبِيداً فَمِنهُم شقَيِّ وَ سَعِيدٌ وَ غوَيِّ وَ رَشِيدٌ ثُمّ اختَارَهُم عَلَي عِلمٍ مِنهُ وَ اصطَفَي وَ انتَخَبَ مِنهُم مُحَمّداًص وَ اصطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ وَ ائتَمَنَهُ عَلَي وَحيِهِ فَدَعَا إِلَي سَبِيلِ رَبّهِبِالحِكمَةِ وَ المَوعِظَةِ الحَسَنَةِفَكَانَ أَوّلَ مَن أَجَابَ وَ أَنَابَ وَ أَسلَمَ وَ سَلّمَ أَخُوهُ وَ ابنُ عَمّهِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع فَصَدّقَهُ بِالغَيبِ المَكتُومِ وَ آثَرَهُ عَلَي كُلّ حَمِيمٍ وَ وَقَاهُ كُلّ مَكرُوهٍ وَ وَاسَاهُ بِنَفسِهِ فِي كُلّ خَوفٍ وَ قَد رَأَيتُكَ تُسَاوِيهِ وَ أَنتَ أَنتَ وَ هُوَ هُوَ المُبَرّزُ السّابِقُ فِي كُلّ خَيرٍ وَ أَنتَ اللّعِينُ بنُ اللّعِينِ لَم تَزَل أَنتَ وَ أَبُوكَ تَبغِيَانِ لِدِينِ اللّهِ الغَوَائِلَ وَ تَجتَهِدَانِ عَلَي إِطفَاءِ نُورِ اللّهِ تَجمَعَانِ الجُمُوعَ عَلَي ذَلِكَ وَ تَبذُلَانِ فِيهِ الأَموَالَ وَ تُحَالِفَانِ عَلَيهِ القَبَائِلَ عَلَي ذَلِكَ مَاتَ أَبُوكَ وَ عَلَيهِ خَلِيفَتُهُ أَنتَ فَكَيفَ لَكَ الوَيلُ تَعدِلُ عَن عَلِيّ وَ هُوَ وَارِثُ رَسُولِ اللّهِص وَ وَصِيّهُ وَ أَوّلُ النّاسِ لَهُ اتّبَاعاً وَ آخِرُهُم بِهِ عَهداً وَ أَنتَ عَدُوّهُ وَ ابنُ عَدُوّهِ فَتَمَتّع بِبَاطِلِكَ مَا استَطَعتَ وَ تَبَدّد بِابنِ العَاصِ فِي غَوَايَتِكَ فَكَأَنّ أَجَلَكَ قَدِ انقَضَي وَ كَيدَكَ قَد وَهَي ثُمّ تَستَبِينُ لِمَن تَكُونُ العَاقِبَةُ العُليَا وَ السّلَامُ عَلَي مَنِ اتّبَعَ الهُدَي فَأَجَابَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَي الزاّريِ عَلَي أَبِيهِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ سَلَامٌ عَلَي أَهلِ طَاعَةِ اللّهِ
صفحه : 577
أَمّا بَعدُ فَقَد أتَاَنيِ كِتَابُكَ تَذكُرُ فِيهِ مَا اللّهُ أَهلُهُ فِي قُدرَتِهِ وَ سُلطَانِهِ مَعَ كَلَامٍ أَلّفتَهُ وَ رَصَفتَهُ لِرَأيِكَ فِيهِ ذَكَرتَ حَقّ عَلِيّ وَ قَدِيمَ سَوَابِقِهِ وَ قَرَابَتَهُ مِن رَسُولِ اللّهِص وَ نُصرَتَهُ وَ مُوَاسَاتَهُ إِيّاهُ فِي كُلّ خَوفٍ وَ هَولٍ وَ تَفضِيلَكَ عَلِيّاً وَ عَيبَكَ لِي بِفَضلِ غَيرِكَ لَا بِفَضلِكَ فَالحَمدُ لِلّهِ ألّذِي صَرَفَ ذَلِكَ عَنكَ وَ جَعَلَهُ لِغَيرِكَ فَقَد كُنّا وَ أَبُوكَ مَعَنَا فِي زَمَانِ نَبِيّنَا مُحَمّدٍص نَرَي حَقّ عَلِيّ لَازِماً لَنَا وَ سَبقَهُ مُبَرّزاً عَلَينَا فَلَمّا اختَارَ اللّهُ لِنَبِيّهِص مَا عِندَهُ وَ أَتَمّ لَهُ مَا وَعَدَهُ وَ قَبَضَهُ إِلَيهِص فَكَانَ أَبُوكَ وَ فَارُوقُهُ أَوّلَ مَنِ ابتَزّهُ حَقّهُ وَ خَالَفَهُ عَلَي ذَلِكَ اتّفَقَا ثُمّ دَعَوَاهُ إِلَي أَنفُسِهِمَا فَأَبطَأَ عَلَيهِمَا فَهَمّا بِهِ الهُمُومَ وَ أَرَادَا بِهِ العَظِيمَ فَبَايَعَ وَ سَلّمَ لِأَمرِهِمَا لَا يُشرِكَانِهِ فِي أَمرِهِمَا وَ لَا يُطلِعَانِهِ عَلَي سِرّهِمَا حَتّي قَضَي اللّهُ مِن أَمرِهِمَا مَا قَضَي ثُمّ قَامَ بَعدَهُمَا ثَالِثُهُمَا يهَديِ بِهَديِهِمَا وَ يَسِيرُ بِسِيرَتِهِمَا فَعِبتَهُ أَنتَ وَ أَصحَابُكَ[صَاحِبُكَ] حَتّي طَمِعَ فِيهِ الأقَاَصيِ مِن أَهلِ المعَاَصيِ حَتّي بَلَغتُمَا مِنهُ مُنَاكُم وَ كَانَ أَبُوكَ مَهّدَ مِهَادَهُ فَإِن يَكُن مَا نَحنُ فِيهِ صَوَاباً فَأَبُوكَ أَوّلُهُ وَ إِن يَكُن جَوراً فَأَبُوكَ سَنّهُ وَ نَحنُ شُرَكَاؤُهُ وَ بِهَديِهِ اقتَدَينَا وَ لَو لَا مَا سَبَقَنَا إِلَيهِ أَبُوكَ مَا خَالَفنَا عَلِيّاً وَ لَسَلّمنَا لَهُ وَ لَكِنّا رَأَينَا أَبَاكَ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَخَذنَا بِمِثَالِهِ فِعِب أَبَاكَ أَو دَعهُ وَ السّلَامُ عَلَي مَن تَابَ وَ أَنَابَ
بيان قوله تبدد بابن العاص التبدد التفرق وتبددوا الشيء اقتسموه حصصا و لايناسبان المقام إلابتكلف والأظهر وليمدك ابن العاص كماسيأتي وزريت عليه عبته والرصف الشد والضم
724-ختص ،[الإختصاص ] كِتَابُ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ إِلَي مُعَاوِيَةَ
صفحه : 578
مِن مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ إِلَي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ سَلَامٌ عَلَي أَهلِ طَاعَةِ اللّهِ مِمّن هُوَ سَلّمَ لِأَهلِ وَلَايَةِ اللّهِ أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ بِجَلَالِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ سُلطَانِهِ وَ قُدرَتِهِ خَلَقَ خَلقاً بِلَا عَبَثٍ مِنهُ وَ لَا ضَعفٍ فِي قُوّةٍ وَ لَا مِن حَاجَةٍ بِهِ إِلَيهِم وَ لَكِنّهُ خَلَقَهُم عَبِيداً فَجَعَلَ مِنهُم غَوِيّاً وَ شَقِيّاً وَ سَعِيداً ثُمّ اختَارَهُم عَلَي عِلمِهِ فَاصطَفَاهُ وَ انتَجَبَ مِنهُم مُحَمّداًص فَانتَجَبَهُ وَ اصطَفَاهُ بِرِسَالَاتِهِ وَ أَرسَلَهُ بِوَحيِهِ وَ ائتَمَنَهُ عَلَي أَمرِهِ وَ بَعَثَهُ رَسُولًا مُصَدّقاً وَ دَلِيلًا فَكَانَ أَوّلَ مَن أَجَابَ وَ أَنَابَ وَ صَدّقَ وَ آمَنَ وَ أَسلَمَ وَ سَلّمَ أَخُوهُ وَ ابنُ عَمّهِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ صَدّقَهُ بِالغَيبِ المَكتُومِ وَ آثَرَهُ عَلَي كُلّ حَمِيمٍ وَ وَقَاهُ كُلّ هَولٍ وَ وَاسَاهُ بِنَفسِهِ فِي كُلّ خَوفٍ حَارَبَ مَن حَارَبَهُ وَ سَالَمَ مَن سَالَمَهُ وَ لَم يَزَل بَاذِلًا نَفسَهُ فِي سَاعَاتِ الخَوفِ وَ الجُوعِ وَ الجِدّ وَ الهَزلِ حَتّي أَظهَرَ اللّهُ دَعوَتَهُ وَ أَفلَجَ حُجّتَهُ فَلَم يَبرَح مُبتَذِلًا لِنَفسِهِ فِي سَاعَاتِ الأَزلِ وَ الهَلُوعِ حَتّي بَرّزَ سَابِقاً لَا نَظِيرَ لَهُ فِيمَنِ اتّبَعَهُ وَ لَا مُقَارِبَ لَهُ فِي فِعلٍ وَ قَد رَأَيتُكَ أَيّهَا الغاَويِ تُسَامِيهِ وَ أَنتَ أَنتَ وَ هُوَ هُوَ المُبَرّزُ السّابِقُ فِي كُلّ حِينٍ أَوّلُ النّاسِ إِسلَاماً وَ أَصدَقُ النّاسِ نِيّةً وَ أَطيَبُ النّاسِ ذُرّيّةً وَ أَفضَلُ النّاسِ زَوجَةً رَسُولُ اللّهِ ابنُ عَمّهِ وَ هُوَ وَصِيّهُ وَ صَفِيّهُ وَ أَخُوهُ الشاّريِ نَفسَهُ يَومَ مُوتَةَ وَ عَمّهُ سَيّدُ الشّهَدَاءِ يَومَ أُحُدٍ وَ أَبُوهُ الذّابّ عَن وَجهِ رَسُولِ اللّهِص وَ عَن حَوزَتِهِ وَ أَنتَ اللّعِينُ بنُ اللّعِينِ لَم تَزَل أَنتَ وَ أَبُوكَ تَبغِيَانِ عَلَي رَسُولِ اللّهِص الغَوَائِلَ وَ تَجهَدَانِ عَلَي إِطفَاءِ نُورِ اللّهِ وَ تَجمَعَانِ عَلَيهِ الجُمُوعَ وَ تُؤَلّبَانِ عَلَيهِ القَبَائِلَ وَ تَبذُلَانِ فِيهِ المَالَ هَلَكَ أَبُوكَ عَلَي ذَلِكَ وَ عَلَي ذَلِكَ خَلَفُكَ وَ الشّاهِدُ عَلَيكَ بِفِعلِكَ مَن يأَويِ وَ يَلجَأُ إِلَيكَ مِن بَقِيّةِ الأَحزَابِ وَ رُءُوسِ النّفَاقِ وَ أَهلِ الشّقَاقِ لِرَسُولِ اللّهِص وَ أَهلِ بَيتِهِ وَ الشّاهِدُ لعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع بِفَضلِهِ المُنِيرِ المُبِينِ وَ سَبقِهِ القَدِيمِ أَنصَارُهُ الّذِينَ مَعَهُ الّذِينَ ذُكِرُوا بِفَضلِهِم فِي القُرآنِ وَ أَثنَي اللّهُ عَلَيهِم مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ فَهُم مَعَهُ كَتَائِبُ وَ عَصَائِبُ مِن حَولِهِ يُجَالِدُونَ بِأَسيَافِهِم
صفحه : 579
وَ يُهرِقُونَ دِمَاءَهُم دُونَهُ يَرَونَ الفَضلَ فِي اتّبَاعِهِ وَ الشّقَاءَ فِي خِلَافِهِ فَكَيفَ يَا لَكَ الوَيلُ تَعدِلُ نَفسَكَ بعِلَيِّ وَ عَلِيّ أَخُو رَسُولِ اللّهِص وَ وَصِيّهُ وَ أَبُو وُلدِهِ وَ أَوّلُ النّاسِ لَهُ اتّبَاعاً وَ آخِرُهُم بِهِ عَهداً يُخبِرُهُ بِسِرّهِ وَ يُشرِكُهُ فِي أَمرِهِ وَ أَنتَ عَدُوّهُ وَ ابنُ عَدُوّهِ فَتَمَتّع مَا استَطَعتَ بِبَاطِلِكَ وَ ليَمُدّكَ ابنُ العاَصيِ فِي غَوَايَتِكَ وَ كَأَنّ أَجَلَكَ قَدِ انقَضَي وَ كَيدَكَ قَد وَهَي ثُمّ تَستَبِينُ لِمَن تَكُونُ العَاقِبَةُ العُليَا وَ اعلَم أَنّكَ إِنّمَا تُكَايِدُ رَبّكَ ألّذِي قَد أَمِنتَ كَيدَهُ فِي نَفسِكَ وَ آيَستَ مِن رَوحِهِ وَ هُوَ لَكَ بِالمِرصَادِ وَ أَنتَ مِنهُ فِي غُرُورٍ وَ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَهلِ رَسُولِهِ عَنكَ الغَنَاءُوَ السّلامُ عَلي مَنِ اتّبَعَ الهُدي فَلَمّا قَرَأَ مُعَاوِيَةُ كَتَبَ إِلَيهِبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ إِلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ الزاّريِ عَلَي أَبِيهِ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَيِ كِتَابُكَ تَذكُرُ فِيهِ مَا اللّهُ أَهلُهُ مِن سُلطَانِهِ وَ قُدرَتِهِ وَ مَا اصطَفَي بِهِ رَسُولَهُ مَعَ كَلَامٍ أَلّفتَهُ وَ وَضَعتَهُ لِرَأيِكَ فِيهِ تَضعِيفٌ وَ لِأَبِيكَ فِيهِ تَعنِيفٌ وَ ذَكَرتَ فَضلَ ابنِ أَبِي طَالِبٍ وَ قَدِيمَ سَوَابِقِهِ وَ قَرَابَتَهُ لِرَسُولِ اللّهِص وَ نُصرَتَهُ لَهُ وَ مُوَاسَاتَهُ إِيّاهُ فِي كُلّ خَوفٍ وَ هَولٍ فَكَانَ احتِجَاجُكَ عَلَيّ وَ عَيبَكَ لِي بِفَضلِ غَيرِكَ لَا بِفَضلِكَ فَأَحمَدُ رَبّاً صَرَفَ ذَلِكَ الفَضلَ عَنكَ وَ جَعَلَهُ لِغَيرِكَ فَقَد كُنّا وَ أَبُوكَ مَعَنَا فِي حَيَاةِ نَبِيّنَاص نَرَي حَقّ ابنِ أَبِي طَالِبٍ لَازِماً لَنَا وَ فَضلَهُ مُبرَزاً عَلَينَا حَتّي اختَارَ اللّهُ لِنَبِيّهِ مَا عِندَهُ فَأَتَمّ لَهُ وَعدَهُ وَ أَظهَرَ لَهُ دَعوَتَهُ وَ أَفلَجَ لَهُ حُجّتَهُ ثُمّ قَبَضَهُ اللّهُ إِلَيهِ فَكَانَ أَوّلَ مَنِ ابتَزّهُ حَقّهُ أَبُوكَ وَ فَارُوقُهُ وَ خَالَفَاهُ فِي أَمرِهِ عَلَي ذَلِكَ اتّفَقَا وَ اتّسَقَا ثُمّ دَعَوَاهُ لِيُبَايِعَهُمَا وَ أَبطَأَ عَنهُمَا وَ تَلَكّأَ عَلَيهِمَا فَهَمّا بِهِ الهُمُومَ وَ أَرَادَا بِهِ العَظِيمَ ثُمّ إِنّهُ بَايَعَ لَهُمَا وَ سَلّمَ فَلَم يُشرِكَاهُ فِي أَمرِهِمَا وَ لَم يُطلِعَاهُ عَلَي سِرّهِمَا حَتّي قُبِضَا عَلَي ذَلِكَ ثُمّ قَامَ ثَالِثُهُمَا مِن بَعدِهِمَا عُثمَانُ بنُ عَفّانَ فَاقتَدَي بِهَديِهِمَا فَعِبتَهُ أَنتَ وَ صَاحِبُكَ حَتّي طَمِعَ فِيهِ الأقَاَصيِ مِن أَهلِ المعَاَصيِ وَ بَطَنتُمَا لَهُ وَ أَظهَرتُمَا لَهُ العَدَاوَةَ حَتّي بَلَغتُمَا فِيهِ مُنَاكُمَا فَخُذ حِذرَكَ يَا ابنَ أَبِي بَكرٍ فَسَتَرَي وَبَالَ أَمرِكَ
صفحه : 580
وَ قِس شِبرَكَ بِفَترِكَ فَكَيفَ توُاَزيِ مَن لَا يُوَازِنُ الجِبَالُ حِلمَهُ وَ لَا تَعِب مَن مَهّدَ لَهُ أَبُوكَ مِهَادَهُ وَ طَرَحَ لِمُلكِهِ وِسَادَهُ فَإِن يَكُن مَا نَحنُ فِيهِ صَوَاباً فَأَبُوكَ فِيهِ أَوّلُ وَ نَحنُ فِيهِ تَبَعٌ وَ إِن يَكُن جَوراً فَأَبُوكَ أَوّلُ مَن أَسّسَ بِنَاهُ فَبِهُدَاهُ اقتَدَينَا وَ بِفِعلِهِ احتَذَينَا وَ لَو لَا مَا سَبَقَنَا إِلَيهِ أَبُوكَ مَا خَالَفنَا عَلِيّاً وَ لَسَلّمنَا إِلَيهِ وَ لَكِن عِب أَبَاكَ بِمَا شِئتَ أَو دَعهُ وَ السّلَامُ عَلَي مَن أَنَابَ وَ رَجَعَ عَن غَوَايَتِهِ وَ تَابَ
أقول روي الكتاب والجواب نصر بن مزاحم في كتاب صفين بأدني اختلاف أومأنا إلي بعضه
725- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كَلَامٍ لَهُ ع لَمّا قَلّدَ مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ مِصرَ فَمُلِكَت عَلَيهِ وَ قُتِلَ وَ قَد أَرَدتُ تَولِيَةَ مِصرَ هَاشِمَ بنَ عُتبَةَ وَ لَو وَلّيتُهُ إِيّاهَا لَمَا خَلّي لَهُمُ العَرصَةَ وَ لَا أَنهَزَ لَهُمُ الفُرصَةَ بِلَا ذَمّ لِمُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ فَلَقَد كَانَ إلِيَّ حَبِيباً وَ كَانَ لِي رَبِيباً
بيان قوله لماقلد أي جعله واليها كأن ولايتها قلادة في عنقه لأنه مسئول عن خيرها وشرها ويقال ملكه عليه أي أخذه منه قهرا واستولي عليه وإنهاز الفرصة إما تأكيد لتخلية العرصة والمراد بهما تمكين العدو وعدم التدبير في دفعه كماينبغي أوالتخلية كناية عن الفرار والإنهاز عن تمكين الأعداء وعدم استحقاق الذم لكون هذاالتمكين عن عجزه لا عن التقصير والتواني و كان إلي حبيبا أي كنت أحبه ومحبوبه ع لايستحق الذم وربيب الرجل ابن امرأته من غيره وأم محمدأسماء بنت عميس كانت عند جعفر بن أبي طالب وهاجرت معه إلي الحبشة فولدت له هناك عبد الله و لما
صفحه : 581
استشهد جعفرتزوجها أبوبكر فولدت له محمدا ثم تزوجها أمير المؤمنين ع ونشأ محمد في حجره ورضع الولاء والتشيع و كان جاريا عنده ع مجري بعض ولده . و أماهاشم فهو ابن عتبة بن أبي وقاص و هوالمرقال سمي به لأنه كان يرقل في الحرب أي يسرع قتل بصفين رضي الله عنه
726-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ فَاخفِض لَهُمَا جَنَاحَكَ وَ أَلِن لَهُم جَانِبَكَ وَ ابسُط لَهُم وَجهَكَ وَ آسِ بَينَهُم فِي اللّحظَةِ وَ النّظرَةِ حَتّي لَا يَطمَعَ العُظَمَاءُ فِي حَيفِكَ لَهُم وَ لَا يَيأَسَ الضّعَفَاءُ مِن عَدلِكَ عَلَيهِم وَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي يُسَائِلُكُم مَعشَرَ عِبَادِهِ عَنِ الصّغِيرَةِ مِن أَعمَالِكُم وَ الكَبِيرَةِ وَ الظّاهِرَةِ وَ المَستُورَةِ فَإِن يُعَذّب فَأَنتُم أَظلَمُ وَ إِن يَعفُ فَهُوَ أَكرَمُ وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ المُتّقِينَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الدّنيَا وَ آجِلِ الآخِرَةِ فَشَارَكُوا أَهلَ الدّنيَا فِي دُنيَاهُم وَ لَم يُشَارِكهُم أَهلُ الدّنيَا فِي آخِرَتِهِم سَكَنُوا الدّنيَا بِأَفضَلِ مَا سُكِنَت وَ أَكَلُوهَا بِأَفضَلِ مَا أُكِلَت فَحَظُوا مِنَ الدّنيَا بِمَا حظَيَِ بِهِ المُترَفُونَ وَ أَخَذُوا مِنهَا مَا أَخَذَتِ الجَبَابِرَةُ المُتَكَبّرُونَ ثُمّ انقَلَبُوا عَنهَا بِالزّادِ المُبَلّغِ وَ المَتجَرِ الرّابِحِ أَصَابُوا لَذّةَ زُهدِ الدّنيَا فِي دُنيَاهُم وَ تَيَقّنُوا أَنّهُم جِيرَانُ اللّهِ غَداً فِي آخِرَتِهِم لَا تُرَدّ لَهُم دَعوَةٌ وَ لَا يُنقَصُ لَهُم نَصِيبٌ مِن لَذّةٍ فَاحذَرُوا عِبَادَ اللّهِ المَوتَ وَ قُربَهُ وَ أَعِدّوا لَهُ عُدّتَهُ فَإِنّهُ يأَتيِ بِأَمرٍ عَظِيمٍ وَ خَطبٍ جَلِيلٍ بِخَيرٍ لَا يَكُونُ مَعَهُ شَرّ أَبَداً أَو شَرّ لَا يَكُونُ مَعَهُ خَيرٌ أَبَداً فَمَن أَقرَبُ إِلَي الجَنّةِ مِن عَامِلِهَا وَ مَن أَقرَبُ إِلَي النّارِ مِن عَامِلِهَا وَ إِنّكُم طُرَدَاءُ المَوتِ إِن أَقَمتُم لَهُ أَخَذَكُم وَ إِن فَرَرتُم مِنهُ أَدرَكَكُم وَ هُوَ أَلزَمُ لَكُم مِن ظِلّكُم المَوتُ مَعقُودٌ بِنَوَاصِيكُم وَ الدّنيَا تُطوَي مِن خَلفِكُم فَاحذَرُوا نَاراً قَعرُهَا بَعِيدٌ وَ حَرّهَا شَدِيدٌ وَ عَذَابُهَا جَدِيدٌ دَارٌ لَيسَ فِيهَا رَحمَةٌ
صفحه : 582
وَ لَا تُسمَعُ فِيهَا دَعوَةٌ وَ لَا تُفَرّجُ فِيهَا كُربَةٌ وَ إِنِ استَطَعتُم أَن يَشتَدّ خَوفُكُم مِنَ اللّهِ وَ أَن يَحسُنَ ظَنّكُم بِهِ فَاجمَعُوا بَينَهُمَا فَإِنّ العَبدَ إِنّمَا يَكُونُ حُسنُ ظَنّهِ بِرَبّهِ عَلَي قَدرِ خَوفِهِ مِن رَبّهِ وَ إِنّ أَحسَنَ النّاسِ ظَنّاً بِاللّهِ أَشَدّهُم خَوفاً لِلّهِ وَ اعلَم يَا مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ أنَيّ قَد وَلّيتُكَ أَعظَمَ أجَناَديِ فِي نفَسيِ أَهلَ مِصرَ فَأَنتَ مَحقُوقٌ أَن تُخَالِفَ عَلَي نَفسِكَ وَ أَن تُنَافِحَ عَن دِينِكَ وَ لَو لَم يَكُن لَكَ إِلّا سَاعَةٌ مِنَ الدّهرِ فَلَا تُسخِطِ اللّهَ بِرِضَاءِ أَحَدٍ مِن خَلقِهِ فَإِنّ فِي اللّهِ خَلَفاً مِن غَيرِهِ وَ لَيسَ مِنَ اللّهِ خَلَفٌ فِي غَيرِهِ صَلّ الصّلَاةَ لِوَقتِهَا المُوَقّتِ وَ لَا تُعَجّل وَقتَهَا لِفَرَاغٍ وَ لَا تُؤَخّرهَا عَن وَقتِهَا لِاشتِغَالٍ وَ اعلَم أَنّ كُلّ شَيءٍ مِن عَمَلِكَ تَبَعٌ لِصَلَاتِكَ
وَ مِنهُ فَإِنّهُ لَا سَوَاءَ إِمَامُ الهُدَي وَ إِمَامُ الرّدَي وَ ولَيِّ النّبِيّ وَ عَدُوّ النّبِيّ وَ لَقَد قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِص إنِيّ لَا أَخَافُ عَلَي أمُتّيِ مُؤمِناً وَ لَا مُشرِكاً أَمّا المُؤمِنُ فَيَمنَعُهُ اللّهُ بِإِيمَانِهِ وَ أَمّا المُشرِكُ فَيَقمَعُهُ اللّهُ بِشِركِهِ وَ لكَنِيّ أَخَافُ عَلَيكُم كُلّ مُنَافِقِ الجَنَانِ عَالِمِ اللّسَانِ يَقُولُ مَا تَعرِفُونَ وَ يَفعَلُ مَا تُنكِرُونَ
بيان قوله ع وآس بينهم قال ابن الأثير في مادة أسا من النهاية الأسوة والمؤاساة المساهمة والمشاركة في المعاش والرزق وأصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا و منه حديث علي ع آس بينهم في اللحظة والنظرة أي اجعل كل واحد منهم أسوة خصمه و قال ابن أبي الحديد نبه بذلك علي وجوب أن يجعلهم أسوة في جميع ماعدا ذلك من العطاء والإنعام والتقريب كقوله تعالي فَلا تَقُل لَهُما أُفّ. و قال في قوله ع في حيفك لهم الضمير في لهم راجع إلي رعيته لا إلي العظماء و قد كان سبق ذكرهم في أول الخطبة أي حتي لايطمع العظماء في أن تتحيف الرعية وتظلمهم وتدفع أموالهم إليهم ويجوز أن يرجع الضمير إلي العظماء أي حتي لايطمع العظماء في جورك في القسم ألذي إنما تفعله لهم ولأجلهم انتهي والحيف يكون بمعني الميل عن القصد وبمعني الظلم
صفحه : 583
والثاني بالأول والأول بالثاني أنسب . قوله ع فأنتم أظلم أي من أن لاتعذبوا أو لاتستحقوا العقاب و إن يعف فهو أكرم من أن لايعفو أويستغرب منه العفو. أوالمعني أنه سبحانه إن عذب فظلمكم أكثر من عذابه و لايعاقبكم بمقدار الذنب و إن يعف فكرمه أكثر من ذلك العفو ويقدر علي أكثر منه وربما يفعل أعظم منه . و قال ابن أبي الحديد أي أنتم الظالمون كقوله تعالي وَ هُوَ أَهوَنُ عَلَيهِ وكقولهم الله أكبر. و قال ابن ميثم ويحتمل أن يكون قدسمي مايجازيهم من العذاب ظلما مجازا لمشابهة الظلم في الصورة كما في قوله تعالي فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدي عَلَيكُمفصدق إذن اسم التفضيل لابتدائهم بالمعصية انتهي . و قوله سكنوا الدنيا بيان لقوله ذهبوا و قال ابن ميثم وإنما كان مافعلوا أفضل لأنهم استعملوها علي الوجه ألذي ينبغي لهم وأمروا باستعمالها عليه وظاهر أن ذلك أفضل الوجوه و هوالأخذ من لذات الدنيا المباحة لهم بقدر ضرورتهم وحاجتهم بل نقول إن لذتهم بما استعملوا منها أتم وأكمل و ذلك أن كل مااستعملوه من مأكول ومشروب ومنكوح ومركوب إنما كان عندالحاجة والضرورة وكلما كان الحاجة إلي الملذات أتم كانت اللذة أقوي وأعظم .أقول ويحتمل أن تكون الأفضلية باعتبار أن المتقين لما كان مصروفهم من الحلال لايخافون عليه عقابا وغيرهم لما كان ماينتفعون به حراما أومخلوطا يخشون العقوبة عليه و هذامما يكدر عيشهم وعامل الجنة من يعمل الأعمال المؤدية إليها وكذا عامل النار. والطرداء بضم الطاء وفتح الراء جمع طريد أي يطردكم عن أوطانكم ويخرجكم منها و قال في النهاية فيه كنت أطارد حية أي أخادعها لأصيدها و منه طراد الصيد.
صفحه : 584
قوله ع معقود بنواصيكم أي ملازم لكم . قوله ع و إن أحسن الناس ظنا التلازم بينهما لكونهما لازمين للمعرفة فكلما صارت هذه المعرفة أكمل والعلم بجلالته سبحانه أتم كان حسن الظن والخوف أبلغ . قوله ع أعظم أجنادي أي عساكري وأعواني وأقاليمي وبلداني قال ابن أبي الحديد يقال للأقاليم والأطراف أجناد. و قال الجوهري الجند الأعوان والأنصار والشام خمسة أجناد دمشق وحمص وقنسرين وأردن وفلسطين يقال لكل مدينة منها جند والظاهر هوالأول لقوله أهل مصر فأنت محقوق أي حقيق وجدير. و قال في النهاية المنافحة والمكافحة المدافعة والمضاربة و منه حديث علي ع في صفين نافحوا بالظبي أي قاتلوا بالسيف وأصله أن يقرب أحد المتقاتلين من الآخر بحيث يصل نفح كل واحد منهما إلي صاحبه وهي ريحه ونفسه و قال أللهم أعط كل منفق خلفا أي عوضا. والمراد بإمام الردي معاوية كقوله تعالي وَ جَعَلناهُم أَئِمّةً يَدعُونَ إِلَي النّارِ وكذا هوالمراد بعدو النبي قال ابن أبي الحديد لأن عدوه ع عدو النبي لقوله ص وعدوك عدوي وعدوي عدو الله ولأن دلائل النفاق كانت ظاهرة عليه من أفعاله وفلتات لسانه
727-كش ،[رجال الكشي] مُحَمّدُ بنُ مَسعُودٍ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ القمُيّّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن رَجُلٍ عَن عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ عَن حَمزَةَ بنِ مُحَمّدٍ الطّيّارِ قَالَذَكَرنَا مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع رَحِمَهُ اللّهُ وَ صَلّي عَلَيهِ قَالَ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع يَوماً مِنَ الأَيّامِ ابسُط يَدَكَ أُبَايِعكَ فَقَالَ أَ وَ مَا فَعَلتَ قَالَ بَلَي
صفحه : 585
فَبَسَطَ يَدَهُ فَقَالَ أَشهَدُ أَنّكَ إِمَامٌ مُفتَرَضٌ طَاعَتُكَ وَ أَنّ أَبِي فِي النّارِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع كَانَ النّجَابَةُ مِن قِبَلِ أُمّهِ أَسمَاءَ بِنتِ عُمَيسٍ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهَا لَا مِن قِبَلِ أَبِيهِ
728- ختص ،[الإختصاص ] عَنِ ابنِ الطّيّارِ مِثلَهُ
729- كش ،[رجال الكشي]حَمدَوَيهِ بنُ نَصرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ أُذَينَةَ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّ مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ بَايَعَ عَلِيّاً ع عَلَي البَرَاءَةِ مِن أَبِيهِ
730- ختص ،[الإختصاص ] أَحمَدُ بنُ هَارُونَ الفاَميِّ عَنِ ابنِ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ مِثلَهُ
731- كش ،[رجال الكشي]حَمدَوَيهِ وَ اِبرَاهِيمُ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن أَبِي جَمِيلَةَ عَن مُيَسّرِ بنِ عَبدِ العَزِيزِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ بَايَعَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ عَلَي البَرَاءَةِ مِنَ الثاّنيِ
732- كش ،[رجال الكشي]حَمدَوَيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن مُوسَي بنِ مُصعَبٍ عَن شُعَيبٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ مَا مِن أَهلِ بَيتٍ إِلّا وَ مِنهُم نَجِيبٌ مِن أَنفُسِهِم وَ أَنجَبُ النّجَبَاءِ مِن أَهلِ بَيتِ سَوءٍ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ
733-ف ،[تحف العقول ]كَتَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي أَهلِ مِصرَ بَعدَ تَسيِيرِ
صفحه : 586
مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ مَا هَذَا مُختَصَرُهُ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ وَ أَهلِ مِصرَ سَلَامٌ عَلَيكُم أَمّا بَعدُ فَقَد وَصَلَ إلِيَّ كِتَابُكَ وَ فَهِمتُ مَا سَأَلتَ عَنهُ وَ أعَجبَنَيِ اهتِمَامُكَ بِمَا لَا بُدّ لَكَ مِنهُ وَ مَا لَا يُصلِحُ المُسلِمِينَ غَيرُهُ وَ ظَنَنتُ أَنّ ألّذِي أَخرَجَ ذَلِكَ مِنكَ نِيّةٌ صَالِحَةٌ وَ رأَيٌ غَيرُ مَدخُولٍ أَمّا بَعدُ فَعَلَيكَ بِتَقوَي اللّهِ فِي مَقَامِكَ وَ مَقعَدِكَ وَ سِرّكَ وَ عَلَانِيَتِكَ وَ إِذَا قَضَيتَ بَينَ النّاسِ فَاخفِض لَهُم جَنَاحَكَ وَ لَيّن لَهُم جَانِبَكَ وَ ابسُط لَهُم وَجهَكَ وَ آسِ بَينَهُم فِي اللّحظِ وَ النّظرَةِ حَتّي لَا يَطمَعَ العُظَمَاءُ فِي حَيفِكَ لَهُم وَ لَا يَيأَسَ الضّعَفَاءُ مِن عَدلِكَ عَلَيهِم وَ أَن تَسأَلَ المدُعّيَِ البَيّنَةَ وَ عَلَي المُدّعَي عَلَيهِ اليَمِينُ وَ مَن صَالَحَ أَخَاهُ عَلَي صُلحٍ فَأَجِز صُلحَهُ إِلّا أَن يَكُونَ صُلحاً يُحَرّمُ حَلَالًا أَو يُحَلّلُ حَرَاماً وَ آثِرِ الفُقَهَاءَ وَ أَهلَ الصّدقِ وَ الوَفَاءِ وَ الحَيَاءِ وَ الوَرَعِ عَلَي أَهلِ الفُجُورِ وَ الكَذِبِ وَ الغَدرِ وَ ليَكُنِ الصّالِحُونَ الأَبرَارُ إِخوَانَكَ وَ الفَاجِرُونَ الغَادِرُونَ أَعدَاءَكَ فَإِنّ أَحَبّ إخِواَنيِ إلِيَّ أَكثَرُهُم لِلّهِ ذِكراً وَ أَشَدّهُم مِنهُ خَوفاً وَ أَنَا أَرجُو أَن تَكُونَ مِنهُم إِن شَاءَ اللّهُ وَ إنِيّ أُوصِيكُم بِتَقوَي اللّهِ فِيمَا أَنتُم عَنهُ مَسئُولُونَ وَ عَمّا أَنتُم إِلَيهِ صَائِرُونَ فَإِنّ اللّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِكُلّ نَفسٍ بِما كَسَبَت رَهِينَةٌ وَ قَالَوَ يُحَذّرُكُمُ اللّهُ نَفسَهُ وَ إِلَي اللّهِ المَصِيرُ وَ قَالَفَوَ رَبّكَ لَنَسئَلَنّهُم أَجمَعِينَ عَمّا كانُوا يَعمَلُونَفَعَلَيكُم بِتَقوَي اللّهِ فَإِنّهَا تَجمَعُ مِنَ الخَيرِ مَا لَا يَجمَعُ غَيرُهَا وَ يُدرَكُ بِهَا مِنَ الخَيرِ مَا لَا يُدرَكُ بِغَيرِهَا مِن خَيرِ الدّنيَا وَ خَيرِ الآخِرَةِ قَالَ اللّهُوَ قِيلَ لِلّذِينَ اتّقَوا ما ذا أَنزَلَ رَبّكُم قالُوا خَيراً لِلّذِينَ أَحسَنُوا فِي هذِهِ الدّنيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الآخِرَةِ خَيرٌ وَ لَنِعمَ دارُ المُتّقِينَاعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّ المُتّقِينَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الخَيرِ وَ آجِلِهِ شَارَكُوا أَهلَ الدّنيَا فِي دُنيَاهُم وَ لَم يُشَارِكهُم أَهلُ الدّنيَا فِي آخِرَتِهِم قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّقُل مَن حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التّيِ أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطّيّباتِ مِنَ
صفحه : 587
الرّزقِسَكَنُوا الدّنيَا بِأَحسَنِ مَا سُكِنَ فَأَكَلُوهَا بِأَحسَنِ مَا أُكِلَت وَ اعلَمُوا عِبَادَ اللّهِ أَنّكُم إِذَا اتّقَيتُمُ اللّهَ وَ حَفِظتُم نَبِيّكُم فِي أَهلِهِ فَقَد عَبَدتُمُوهُ بِأَفضَلِ عِبَادَتِهِ وَ ذَكَرتُمُوهُ بِأَفضَلِ مَا ذُكِرَ وَ شَكَرتُمُوهُ بِأَفضَلِ مَا شُكِرَ وَ قَد أَخَذتُم بِأَفضَلِ الصّبرِ وَ الشّكرِ وَ اجتَهَدتُم بِأَفضَلِ الِاجتِهَادِ وَ إِن كَانَ غَيرُكُم أَطوَلَ مِنكُم صَلَاةً وَ أَكثَرَ مِنكُم صِيَاماً وَ صَدَقَةً إِذ كُنتُم أَنتُم أَوفَي لِلّهِ وَ أَنصَحَ لِأَولِيَاءِ اللّهِ وَ مَن هُوَ ولَيِّ الأَمرِ مِن آلِ رَسُولِ اللّهِص وَ احذَرُوا عِبَادَ اللّهِ المَوتَ وَ قُربَهُ وَ كَربَهُ وَ سَكَرَاتِهِ وَ أَعِدّوا لَهُ عُدّتَهُ فَإِنّهُ يأَتيِ بِأَمرٍ عَظِيمٍ بِخَيرٍ لَا يَكُونُ مَعَهُ شَرّ وَ بِشَرّ لَا يَكُونُ مَعَهُ خَيرٌ أَبَداً فَمَن أَقرَبُ إِلَي الجَنّةِ مِن عَامِلِهَا وَ أَقرَبُ إِلَي النّارِ مِن أَهلِهَا فَأَكثِرُوا ذِكرَ المَوتِ عِندَ مَا تُنَازِعُكُم إِلَيهِ أَنفُسُكُم فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ أَكثِرُوا ذِكرَ هَادِمِ اللّذّاتِ وَ اعلَمُوا أَنّ مَا بَعدَ المَوتِ لِمَن لَم يَغفِرِ اللّهُ لَهُ وَ يَرحَمهُ أَشَدّ مِنَ المَوتِ وَ اعلَم يَا مُحَمّدُ أنَيّ وَلّيتُكَ أَعظَمَ أجَناَديِ فِي نفَسيِ أَهلَ مِصرَ وَ أَنتَ مَحقُوقٌ أَن تَخَافَ عَلَي نَفسِكَ وَ أَن تَحذَرَ فِيهِ عَلَي دِينِكَ وَ إِن لَم يَكُن لَكَ إِلّا سَاعَةٌ مِنَ النّهَارِ فَإِنِ استَطَعتَ أَن لَا تُسخِطَ رَبّكَ بِرِضَا أَحَدٍ مِن خَلقِهِ فَافعَل فَإِنّ فِي اللّهِ خَلَفاً مِن غَيرِهِ وَ لَا فِي شَيءٍ خَلَفٌ مِنَ اللّهِ اشدُد عَلَي الظّالِمِ وَ خُذ عَلَي يَدَيهِ وَ لِن لِأَهلِ الخَيرِ وَ قَرّبهُم مِنكَ وَ اجعَلهُم بِطَانَتَكَ وَ إِخوَانَكَ ثُمّ انظُر صَلَاتَكَ كَيفَ هيَِ فَإِنّكَ إِمَامٌ وَ لَيسَ مِن إِمَامٍ يصُلَيّ بِقَومٍ فَيَكُونُ فِي صَلَاتِهِم تَقصِيرٌ إِلّا كَانَ عَلَيهِ أَوزَارُهُم وَ لَا يَنتَقِصُ مِن صَلَاتِهِم شَيءٌ وَ لَا يُتَمّمُهَا إِلّا كَانَ لَهُ مِثلُ أُجُورِهِم وَ لَا يَنتَقِصُ مِن أُجُورِهِم شَيءٌ وَ انظُرِ الوُضُوءَ فَإِنّهُ تَمَامُ الصّلَاةِ وَ لَا صَلَاةَ لِمَن لَا وُضُوءَ لَهُ وَ اعلَم أَنّ كُلّ شَيءٍ مِن عَمَلِكَ تَابِعٌ لِصَلَاتِكَ وَ اعلَم أَنّهُ مَن ضَيّعَ الصّلَاةَ فَإِنّهُ لِغَيرِ الصّلَاةِ
صفحه : 588
مِن شَرَائِعِ الإِسلَامِ أَضيَعُ وَ إِنِ استَطَعتُم يَا أَهلَ مِصرَ أَن يُصَدّقَ قَولَكُم فِعلُكُمُ وَ سِرّكُم عَلَانِيَتُكُم وَ لَا تُخَالِفَ أَلسِنَتَكُم أَفعَالُكُم فَافعَلُوا وَ قَد قَالَ رَسُولُ اللّهِص إنِيّ لَا أَخَافُ عَلَي أمُتّيِ مُؤمِناً وَ لَا مُشرِكاً أَمّا المُؤمِنُ فَيَمنَعُهُ اللّهُ بِإِيمَانِهِ وَ أَمّا المُشرِكُ فَيُخزِيهِ اللّهُ وَ يَقمَعُهُ بِشِركِهِ وَ لَكِن أَخَافُ عَلَيكُم كُلّ مُنَافِقٍ حُلوِ اللّسَانِ يَقُولُ مَا تَعرِفُونَ وَ يَفعَلُ مَا تُنكِرُونَ لَيسَ بِهِ خَفَاءٌ وَ قَد قَالَ النّبِيّص مَن سَرّتهُ حَسَنَاتُهُ وَ سَاءَتهُ سَيّئَاتُهُ فَذَلِكَ المُؤمِنُ حَقّاً وَ كَانَ يَقُولُص خَصلَتَانِ لَا تَجتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ حُسنُ سَمتٍ وَ فِقهٌ فِي سُنّةٍ وَ اعلَم يَا مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ أَنّ أَفضَلَ الفِقهِ الوَرَعُ فِي اللّهِ وَ العَمَلُ بِطَاعَةِ اللّهِ أَعَانَنَا اللّهُ وَ إِيّاكَ عَلَي شُكرِهِ وَ ذِكرِهِ وَ أَدَاءِ حَقّهِ وَ العَمَلِ بِطَاعَتِهِ إِنّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ وَ اعلَم أَنّ الدّنيَا دَارُ بَلَاءٍ وَ فَنَاءٍ وَ الآخِرَةَ دَارُ بَقَاءٍ وَ جَزَاءٍ فَإِنِ استَطَعتَ أَن تُؤثِرَ مَا يَبقَي عَلَي مَا يَفنَي فَافعَل رَزَقَنَا اللّهُ بَصَرَ مَا بَصَرنَا وَ فَهمَ مَا فَهِمنَا حَتّي لَا نَقصُرَ عَمّا أَمَرَنَا وَ لَا نَتَعَدّي إِلَي مَا نَهَانَا عَنهُ فَإِنّهُ لَا بُدّ لَكَ مِن نَصِيبِكَ مِنَ الدّنيَا وَ أَنتَ إِلَي نَصِيبِكَ مِنَ الآخِرَةِ أَحوَجُ فَإِن عَرَضَ لَكَ أَمرَانِ أَحَدُهُمَا لِلآخِرَةِ وَ الآخَرُ لِلدّنيَا فَابدَأ بِأَمرِ الآخِرَةِ وَ إِنِ استَطَعتَ أَن تُعظِمَ رَغبَتَكَ لِلخَيرِ وَ تُحسِنَ فِيهِ نِيّتَكَ فَافعَل فَإِنّ اللّهَ يعُطيِ العَبدَ عَلَي قَدرِ نِيّتِهِ إِذَا أَحَبّ الخَيرَ وَ أَهلَهُ وَ إِن لَم يَفعَلهُ كَانَ إِن شَاءَ اللّهُ كَمَن فَعَلَهُ ثُمّ إنِيّ أُوصِيكَ بِتَقوَي اللّهِ ثُمّ بِسَبعِ خِصَالٍ هُنّ جَوَامِعُ الإِسلَامِ
صفحه : 589
تَخشَي اللّهَ وَ لَا تَخشَي النّاسَ فِي اللّهِ وَ إِنّ خَيرَ القَولِ مَا صَدّقَهُ الفِعلُ وَ لَا تَقضِ فِي أَمرٍ وَاحِدٍ بِقَضَاءَينِ فَيَختَلِفَ عَلَيكَ أَمرُكَ وَ تَزِلّ عَنِ الحَقّ وَ أَحِبّ لِعَامّةِ رَعِيّتِكَ مَا تُحِبّ لِنَفسِكَ وَ أَهلِ بَيتِكَ وَ اكرَه لَهُم مَا تَكرَهُ لِنَفسِكَ وَ أَهلِ بَيتِكَ وَ الزَمِ الحُجّةَ عِندَ اللّهِ وَ أَصلِح رَعِيّتَكَ وَ خُضِ الغَمَرَاتِ إِلَي الحَقّ وَ لَا تَخَف فِي اللّهِ لَومَةَ لَائِمٍ وَ أَقِم وَجهَكَ وَ انصَح لِلمَرءِ المُسلِمِ إِذَا استَشَارَكَ وَ اجعَل نَفسَكَ أُسوَةً لِقَرِيبِ المُسلِمِينَ وَ بَعِيدِهِم وَ أمُر بِالمَعرُوفِ وَ انهَ عَنِ المُنكَرِ وَ اصبِر عَلَي مَا أَصَابَكَ إِنّ ذَلِكَ مِن عَزمِ الأُمُورِ وَ السّلَامُ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ
أقول سيأتي مع شرحه إن شاء الله بإسناد آخر في باب مواعظه صلوات الله عليه بتغيير وزيادة و قدمر برواية ابن أبي الحديد أيضا
734-ختص ،[الإختصاص ] الحُسَينُ بنُ أَحمَدَ العلَوَيِّ المحُمَدّيِّ وَ أَحمَدُ بنُ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ زَنجَوَيهِ جَمِيعاً عَن حَمزَةَ بنِ القَاسِمِ العلَوَيِّ عَن بَكرِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ حَبِيبٍ عَن سَمُرَةَ بنِ عَلِيّ عَن أَبِي مُعَاوِيَةَ الضّرِيرِ عَن مُجَالِدٍ عَنِ الشعّبيِّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ ذيِ الجَنَاحَينِ قَالَ لَمّا جَاءَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ مُصَابُ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ حَيثُ قَتَلَهُ مُعَاوِيَةُ بنُ خَدِيجٍ السكّوُنيِّ بِمِصرَ جَزِعَ عَلَيهِ جَزَعاً شَدِيداً وَ قَالَ مَا أَخلَقَ مِصرَ أَن يُذهَبَ آخِرَ الدّهرِ فَلَوَدِدتُ أنَيّ وَجَدتُ رَجُلًا يَصلَحُ لَهَا فَوَجّهتُهُ إِلَيهَا فَقُلتُ تَجِدُ فَقَالَ مَن قُلتُ الأَشتَرَ قَالَ ادعُهُ لِي فَدَعَوتُهُ فَكَتَبَ لَهُ عَهدَهُ وَ كَتَبَ مَعَهُ
صفحه : 590
بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ مِن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَي المَلَإِ مِنَ المُسلِمِينَ الّذِينَ غَضِبُوا لِلّهِ حِينَ عصُيَِ فِي الأَرضِ وَ ضَرَبَ الجَورُ بِأَروَاقِهِ عَلَي البَرّ وَ الفَاجِرِ فَلَا حَقّ يُستَرَاحُ إِلَيهِ وَ لَا مُنكَرٌ يُتَنَاهَي عَنهُ سَلَامٌ عَلَيكُم فإَنِيّ أَحمَدُ إِلَيكُمُ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فَقَد وَجّهتُ إِلَيكُم عَبداً مِن عِبَادِ اللّهِ لَا يَنَامُ أَيّامَ الخَوفِ وَ لَا يَنكُلُ عَنِ الأَعدَاءِ حِذَارَ الدّوَائِرِ أَشَدّ عَلَي الفُجّارِ مِن حَرِيقِ النّارِ وَ هُوَ مَالِكُ بنُ الحَارِثِ الأَشتَرُ أَخُو مَذحِجٍ فَاسمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا فَإِنّهُ سَيفٌ مِن سُيُوفِ اللّهِ لَا ناَبيِ الضّرِيبَةِ وَ لَا كَلِيلُ الحَدّ فَإِن أَمَرَكُم أَن تَنفِرُوا فَانفِرُوا وَ إِن أَمَرَكُم أَن تُقِيمُوا فَأَقِيمُوا وَ إِن أَمَرَكُم أَن تُحجِمُوا فَأَحجِمُوا فَإِنّهُ لَا يُقدِمُ وَ لَا يُحجِمُ إِلّا بأِمَريِ وَ قَد آثَرتُكُم بِهِ عَلَي نفَسيِ لِنَصِيحَتِهِ لَكُم وَ شِدّةِ شَكِيمَتِهِ عَلَي عَدُوّكُم عَصَمَكُم رَبّكُم بِالهُدَي وَ ثَبّتَكُم بِاليَقِينِ ثُمّ قَالَ لَهُ لَا تَأخُذ عَلَي السّمَاوَةِ فإَنِيّ أَخَافُ عَلَيكُم مُعَاوِيَةَ وَ أَصحَابَهُ وَ لَكِنّ الطّرِيقَ الأَعلَي فِي البَادِيَةِ حَتّي تَخرُجَ إِلَي أَيلَةَ ثُمّ سَاحِل مَعَ البَحرِ حَتّي تَأتِيَهَا فَفَعَلَ فَلَمّا انتَهَي إِلَي أَيلَةَ وَ خَرَجَ مِنهَا صَحِبَهُ نَافِعٌ مَولَي عُثمَانَ بنِ عَفّانَ فَخَدَمَهُ وَ أَلطَفَهُ حَتّي أَعجَبَهُ شَأنُهُ فَقَالَ مِمّن أَنتَ قَالَ مِن أَهلِ المَدِينَةِ قَالَ مِن أَيّهِم قَالَ مَولَي عُمَرَ بنِ الخَطّابِ قَالَ وَ أَينَ تُرِيدُ قَالَ مِصرَ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ بِهَا قَالَ أُرِيدُ أَن أَشبَعَ مِنَ الخُبزِ فَإِنّا لَا نَشبَعُ بِالمَدِينَةِ فَرَقّ لَهُ الأَشتَرُ وَ قَالَ لَهُ الزمَنيِ فإَنِيّ سَأُجِيبُكَ بِخُبزٍ فَلَزِمَهُ حَتّي بَلَغَ القُلزُمَ وَ هُوَ مِن مِصرَ عَلَي لَيلَةٍ فَنَزَلَ عَلَي امرَأَةٍ مِن جُهَينَةَ فَقَالَت أَيّ الطّعَامِ أَعجَبُ بِالعِرَاقِ فَأُعَالِجَهُ لَكُم قَالَ الحِيتَانُ الطّرِيّةُ فَعَالَجَتهَا لَهُ فَأَكَلَ وَ قَد كَانَ ظَلّ صَائِماً فِي يَومٍ حَارّ فَأَكثَرَ مِن شُربِ المَاءِ فَجَعَلَ لَا يَروَي فَأَكثَرَ مِنهُ حَتّي نَعَرَ يعَنيِ انتَفَخَ بَطنُهُ مِن كَثرَةِ شُربِهِ فَقَالَ لَهُ نَافِعٌ إِنّ هَذَا الطّعَامَ ألّذِي أَكَلتَ لَا يَقتُلُ سَمّهُ إِلّا العَسَلُ فَدَعَا بِهِ مِن ثِقلِهِ فَلَم يُوجَد قَالَ لَهُ نَافِعٌ هُوَ عنِديِ فَآتِيكَ بِهِ قَالَ نَعَم فأَتنِيِ بِهِ فَأَتَي رَحلَهُ فَحَاضَرَ شَربَةً مِن عَسَلٍ بِسَمّ قَد كَانَ مَعَهُ أَعَدّهُ لَهُ فَأَتَاهُ بِهَا فَشَرِبَهَا فَأَخَذَهُ المَوتُ مِن سَاعَتِهِ وَ انسَلّ نَافِعٌ فِي ظُلمَةِ
صفحه : 591
اللّيلِ فَأَمَرَ بِهِ الأَشتَرُ أَن يُطلَبَ فَطُلِبَ فَلَم يُصَب قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ وَ كَانَ لِمُعَاوِيَةَ بِمِصرَ عَينٌ يُقَالُ لَهُ مَسعُودُ بنُ رَجرَجَةَ فَكَتَبَ إِلَي مُعَاوِيَةَ بِهَلَاكِ الأَشتَرِ فَقَامَ مُعَاوِيَةُ خَطِيباً فِي أَصحَابِهِ فَقَالَ إِنّ عَلِيّاً كَانَ لَهُ يَمِينَانِ قُطِعَت أَحَدُهُمَا بِصِفّينَ يعَنيِ عَمّاراً وَ الأُخرَي اليَومَ إِنّ الأَشتَرَ مَرّ بِأَيلَةَ مُتَوَجّهاً إِلَي مِصرَ فَصَحِبَهُ نَافِعٌ مَولَي عُثمَانَ فَخَدَمَهُ وَ أَلطَفَهُ حَتّي أَعجَبَهُ وَ اطمَأَنّ إِلَيهِ فَلَمّا نَزَلَ القُلزُمَ حَاضَرَ لَهُ شَربَةً مِن عَسَلٍ بِسَمّ فَسَقَاهَا لَهُ فَمَاتَ أَلَا وَ إِنّ لِلّهِ جُنُوداً مِن عَسَلٍ
بيان قال الجوهري الأرواق الفساطيط يقال ضرب فلان روقه بموضع كذا إذانزل به وضرب خيمته و في الحديث حين ضرب الشيطان روقه ومد أطنابه يقال ألقي فلان عليك أرواقه وشراشره و هو أن يحبه حبا شديدا و قال الساحل شاطئ البحر و قدساحل القوم إذاأخذوا علي الساحل . قوله حتي نعر في بعض النسخ بالغين المعجمة قال في النهاية نغرت القدر تنغر غلت و في القاموس نغر من الماء كفرح أكثر و في بعضها بالمهملة من نعر بمعني صوت والأول أظهر ولعل ما في الخبر بيان لحاصل المعني
735-ختص ،[الإختصاص ] أَحمَدُ بنُ عَلِيّ عَن حَمزَةَ بنِ القَاسِمِ العلَوَيِّ عَن بَكرِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ حَبِيبٍ عَن سَمُرَةَ بنِ عَلِيّ عَنِ المِنهَالِ بنِ جُبَيرٍ الحمِيرَيِّ عَن عَوَانَةَ قَالَ لَمّا جَاءَ هَلَاكُ الأَشتَرِ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع صَعِدَ المِنبَرَ فَخَطَبَ النّاسَ ثُمّ قَالَ أَلَا إِنّ مَالِكَ بنَ الحَارِثِ قَد قَضَي نَحبَهُ وَ أَوفَي عَهدَهُ وَ لقَيَِ رَبّهُ فَرَحِمَ اللّهُ مَالِكاً لَو كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنداً وَ لَو كَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلداً
صفحه : 592
لِلّهِ مَالِكٌ وَ مَا مَالِكٌ وَ هَل قَامَتِ النّسَاءُ عَن مِثلِ مَالِكٍ وَ هَل مَوجُودٌ كَمَالِكٍ قَالَ فَلَمّا نَزَلَ وَ دَخَلَ القَصرَ أَقبَلَ عَلَيهِ رِجَالٌ مِن قُرَيشٍ فَقَالُوا لَشَدّ مَا جَزِعتَ عَلَيهِ وَ لَقَد هَلَكَ قَالَ أَمَا وَ اللّهِ هَلَاكُهُ قَد أَعَزّ أَهلَ المَغرِبِ وَ أَذَلّ أَهلَ المَشرِقِ قَالَ وَ بَكَي عَلَيهِ أَيّاماً وَ حَزِنَ عَلَيهِ حُزناً شَدِيداً وَ قَالَ لَا أَرَي مِثلَهُ بَعدَهُ أَبَداً
736- نهج ،[نهج البلاغة] وَ قَالَ ع لَمّا بَلَغَهُ قَتلُ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ إِنّ حُزنَنَا عَلَيهِ عَلَي قَدرِ سُرُورِهِم بِهِ إِلّا أَنّهُم نَقَصُوا بَغِيضاً وَ نَقَصنَا حَبِيباً
737- وَ قَالَ ع وَ قَد جَاءَهُ نعَيُ الأَشتَرِ مَالِكٌ وَ مَا مَالِكٌ لَو كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنداً وَ لَو كَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلداً لَا يَرتَقِيهِ الحَافِرُ وَ لَا يوُفيِ عَلَيهِ الطّائِرُ
قوله ع الفند هوالمنفرد من الجبال .توضيح قال في النهاية الفند من الجبل أنفه الخارج منه و منه حديث علي ع لو كان جبلا لكان فندا وقيل هوالمنفرد من الجبال . و قال ابن أبي الحديد إنما قال ع لو كان جبلا لكان فندا لأن الفند قطعة من الجبل طولا و ليس الفند القطعة من الجبل كيف ماكانت ولذلك قال ع لايرتقيه الحافر لأن القطعة المأخوذة من الجبل طولا في دقة لاسبيل للحافر إلي صعودها و لوأخذت عرضا لأمكن صعودها ثم وصف ع تلك القطعة بالعلو العظيم فقال و لايوفي عليه الطائر أي لايصعد عليه يقال أوفي فلان علي الجبل أي أشرف
738-كش ،[رجال الكشي]ذُكِرَ أَنّهُ لَمّا نعُيَِ الأَشتَرُ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع تَأَوّهَ
صفحه : 593
حُزناً ثُمّ قَالَ رَحِمَ اللّهُ مَالِكاً وَ مَا مَالِكٌ عَزّ عَلَيّ بِهِ هَالِكاً لَو كَانَ صَخراً لَكَانَ صَلداً وَ لَو كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنداً وَ كَأَنّهُ قُدّ منِيّ قَدّاً
739- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ لَمّا بَلَغَهُ تَوَجّدُهُ مِن عَزلِهِ بِالأَشتَرِ عَن مِصرَ ثُمّ توُفُيَّ الأَشتَرُ فِي تَوَجّهِهِ إِلَي مِصرَ قَبلَ وُصُولِهِ إِلَيهَا وَ قَد بلَغَتَنيِ مَوجِدَتُكَ مِن تَسرِيحِ الأَشتَرِ إِلَي عَمَلِكَ وَ إنِيّ لَم أَفعَل ذَلِكَ استِبطَاءً لَكَ فِي الجُهدِ وَ لَا ازدِيَاداً لَكَ فِي الجِدّ وَ لَو نَزَعتُ مَا تَحتَ يَدِكَ مِن سُلطَانِكَ لَوَلّيتُكَ مَا هُوَ أَيسَرُ عَلَيكَ مَئُونَةً وَ أَعجَبُ إِلَيكَ وِلَايَةً إِنّ الرّجُلَ ألّذِي كُنتُ وَلّيتُهُ أَمرَ مِصرَ كَانَ رَجُلًا لَنَا نَاصِحاً وَ عَلَي عَدُوّنَا شَدِيداً نَاقِماً فَرَحِمَهُ اللّهُ فَلَقَدِ استَكمَلَ أَيّامَهُ وَ لَاقَي حِمَامَهُ وَ نَحنُ عَنهُ رَاضُونَ أَولَاهُ اللّهُ رِضوَانَهُ وَ ضَاعَفَ الثّوَابَ لَهُ فَأَصحِر لِعَدُوّكَ وَ امضِ عَلَي بَصِيرَتِكَ وَ شَمّر لِحَربِ مَن حَارَبَكَ وَادعُ إِلي سَبِيلِ رَبّكَ وَ أَكثِرِ الِاستِعَانَةَ بِاللّهِ يَكفِكَ مَا أَهَمّكَ وَ يُعِنكَ عَلَي مَا يُنزِلُ بِكَ إِن شَاءَ اللّهُ
توضيح التوجد الحزن والموجدة الغضب ولعل المراد بهاأيضا هنا الحزن والتسريح الإرسال والاستبطاء عد الشيء بطيئا والجهد بالضم الوسع والطاقة وبالفتح المشقة والمئونة الثقل والإعجاب بالشيء عده حسنا والولاية بالكسر السلطنة وتقول نقمت عليه أمره ونقمت منه كضربت وعلمت إذاعبته وكرهته أشد الكراهة لسوء فعله واستكمل أيامه أي أتم عمره والحمام ككتاب الموت وقيل قضاء الموت وقدره من قوله حم كذا أي قدر أولاه الله رضوانه أي أوصله إليه وقربه منه وقيل أي أعطاه .
صفحه : 594
قوله ع فأصحر لعدوك قال في النهاية أي كن من أمره علي أمر واضح منكشف من أصحر الرجل إذاخرج إلي الصحراء. و قال ابن أبي الحديد أي أبرز له و لاتستتر عنه في المدينة التي أنت فيها. و قال ابن ميثم السبب في إرسال هذاالكتاب أن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه كان يضعف عن لقاء العدو و لم يكن في أصحاب علي ع أقوي بأسا في الحرب من الأشتر رحمه الله و كان معاوية بعدوقائع صفين قدتجرد للإغارة علي أطراف بلاد المسلمين و قدكانت مصر جعلت طعمة لعمرو بن العاص وعلم ع أنها لاتتحفظ إلابالأشتر فكتب له العهد ألذي يأتي ذكره ووجهه إليها فبلغه أن محمدا تألم من ذلك ثم إن الأشتر مات قبل وصوله إليها فكتب ع إلي محمد هذاالكتاب و هويؤذن بإقراره علي عمله واسترضائه وتعريفه وجه عذره في تولية الأشتر لعلمه و أنه لم يكن ذلك لموجدة عليه و لاتقصير منه
740- نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ بَعدَ مَقتَلِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ بِمِصرَ أَمّا بَعدُ فَإِنّ مِصرَ قَدِ افتُتِحَت وَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ رَحِمَهُ اللّهُ قَدِ استُشهِدَ فَعِندَ اللّهِ نَحتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً وَ عَامِلًا كَادِحاً وَ سَيفاً قَاطِعاً وَ رُكناً دَافِعاً وَ قَد كُنتُ حَثَثتُ النّاسَ عَلَي لَحَاقِهِ وَ أَمَرتُهُم بِغِيَاثِهِ قَبلَ الوَقعَةِ وَ دَعَوتُهُم سِرّاً وَ جَهراً وَ عَوداً وَ بَدءاً فَمِنهُمُ الآتيِ كَارِهاً وَ مِنهُمُ المُعتَلّ كَاذِباً وَ مِنهُمُ القَاعِدُ خَاذِلًا أَسأَلُ اللّهَ تَعَالَي أَن يَجعَلَ لِي مِنهُم فَرَجاً عَاجِلًا فَوَ اللّهِ لَو لَا طمَعَيِ عِندَ لقِاَئيِ عدَوُيّ فِي الشّهَادَةِ وَ توَطيِنيِ نفَسيِ عَلَي المَنِيّةِ لَأَحبَبتُ أَن لَا أَبقَي مَعَ هَؤُلَاءِ يَوماً وَاحِداً وَ لَا ألَتقَيَِ بِهِم أَبَداً
إيضاح استشهد علي بناء المجهول أي قتل في سبيل الله و قال في النهاية الاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأن له حينئذ أن يعتد بعمله فجعل في حال مباشرة الفعل
صفحه : 595
كأنه معتد به والاحتساب في الأعمال الصالحات و عندالمكروهات هوالبدار إلي طلب الأجر وتحصيله بالصبر والتسليم أوباستعمال أنواع البر والقيام بها علي الوجه المرسوم فيهاطلبا للثواب المرجو منها و منه الحديث من مات له ولد فاحتسبه أي احتسب الأجر بصبره علي مصيبته يقال احتسب فلان ابنا له إذامات كبيرا وافترطه إذامات صغيرا ومعناه اعتد مصيبته به في جملة بلايا الله التي يثاب علي الصبر عليها انتهي والكدح العمل والسعي قاله الجوهري و قال ركن الشيء جانبه الأقوي و هويأوي إلي ركن شديد أي عز ومنعة و قال لحقه ولحق به لحاقا بالفتح أي أدركه و قال استغاثني فأغثته والاسم الغياث صارت الواو ياء لكسرة ماقبلها. قوله ع ومنهم المعتل أي قعد واعتل بعلة كاذبة قوله ع و لاألتقي معطوف علي قوله لأحببت أن لاأبقي كما أن في بعض النسخ بالنصب و في بعضها بالرفع
741-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي أَهلِ مِصرَ لَمّا وَلّي عَلَيهِمُ الأَشتَرَ رَحِمَهُ اللّهُ مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي القَومِ الّذِينَ غَضِبُوا لِلّهِ حِينَ عصُيَِ فِي أَرضِهِ وَ ذُهِبَ بِحَقّهِ فَضَرَبَ الجَورُ سُرَادِقَهُ عَلَي البَرّ وَ الفَاجِرِ وَ المُقِيمِ وَ الظّاعِنِ فَلَا مَعرُوفٌ يُستَرَاحُ إِلَيهِ وَ لَا مُنكَرٌ يُتَنَاهَي عَنهُ أَمّا بَعدُ فَقَد بَعَثتُ إِلَيكُم عَبداً مِن عِبَادِ اللّهِ لَا يَنَامُ أَيّامَ الخَوفِ وَ لَا يَنكُلُ عَنِ الأَعدَاءِ سَاعَاتِ الرّوعِ أَشَدّ عَلَي الفُجّارِ مِن حَرِيقِ النّارِ وَ هُوَ مَالِكُ بنُ الحَارِثِ أَخُو مَذحِجٍ فَاستَمِعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا أَمرَهُ فِيمَا طَابَقَ الحَقّ فَإِنّهُ سَيفٌ مِن سُيُوفِ اللّهِ لَا كَلِيلُ الظّبَةِ وَ لَا ناَبيِ الضّرِيبَةِ فَإِن أَمَرَكُم أَن تَنفِرُوا فَانفِرُوا وَ إِن أَمَرَكُم أَن تُقِيمُوا فَأَقِيمُوا فَإِنّهُ لَا يُقدِمُ وَ لَا يُحجِمُ وَ لَا يُؤَخّرُ وَ لَا يُقَدّمُ إِلّا عَن
صفحه : 596
أمَريِ وَ قَد آثَرتُكُم بِهِ عَلَي نفَسيِ لِنَصِيحَتِهِ لَكُم وَ شِدّةِ شَكِيمَتِهِ عَلَي عَدُوّكُم
742- كِتَابُ الغَارَاتِ، عَن فُضَيلِ بنِ خَدِيجٍ عَن مَولَي الأَشتَرِ قَالَ لَمّا هَلَكَ الأَشتَرُ وَجَدنَا فِي ثِقلِهِ رِسَالَةَ عَلِيّ إِلَي أَهلِ مِصرَ وَ ذَكَرَ نَحوَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ عَصَمَكُمُ اللّهُ بِالحَقّ وَ ثَبّتَكُم بِاليَقِينِ وَ السّلَامُ عَلَيكُم
بيان قوله ع إلي القوم الذين غضبوا لله قال ابن أبي الحديد هذاالفصل يشكل تأويله علي لأن أهل مصر هم الذين قتلوا عثمان بالعصيان و إذاشهد أمير المؤمنين ع بأنهم غضبوا لله حين عصي الله في أرضه فهذه شهادة قاطعة علي عثمان بالعصيان وإتيان المنكر. ثم أجاب بتأويلات ركيكة لاتقبل الجواب و قال الجوهري كل بيت من كرسف فهو سرادق و في القاموس استراح إليه سكن واطمأن و في النهاية ضبة السيف حده وطرفه و في القاموس الضريبة السيف وحده والصحاح نبا السيف إذا لم يعمل في الضريبة و قال فلان شديد الشكيمة إذا كان شديد النفس أنفا أبيا وفلان ذو شكيمة إذا كان لاينقاد
743-نهج ،[نهج البلاغة] وَ مِن كِتَابٍ لَهُ ع إِلَي أَهلِ مِصرَ مَعَ مَالِكٍ الأَشتَرِ لَمّا وَلّاهُ إِمَارَتَهَا أَمّا بَعدُ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ بَعَثَ مُحَمّداًص نَذِيراً لِلعَالَمِينَ وَ مُهَيمِناً عَلَي المُرسَلِينَ فَلَمّا مَضَي ع تَنَازَعَ المُسلِمُونَ الأَمرَ مِن بَعدِهِ فَوَ اللّهِ مَا كَانَ يُلقَي فِي روُعيِ وَ لَا يَخطُرُ عَلَي باَليِ أَنّ العَرَبَ تُزعِجُ هَذَا الأَمرَ مِن بَعدِهِص عَن أَهلِ بَيتِهِ وَ لَا أَنّهُم مُنَحّوهُ عنَيّ مِن بَعدِهِ فَمَا راَعنَيِ إِلّا انثِيَالُ النّاسِ عَلَي فُلَانٍ يُبَايِعُونَهُ فَأَمسَكتُ بيِدَيِ حَتّي رَأَيتُ رَاجِعَةَ النّاسِ قَد رَجَعَت عَنِ الإِسلَامِ يَدعُونَ إِلَي مَحقِ دِينِ مُحَمّدٍص
صفحه : 597
فَخَشِيتُ إِن لَم أَنصُرِ الإِسلَامَ وَ أَهلَهُ أَن أَرَي فِيهِ ثَلماً أَو هَدماً تَكُونُ المُصِيبَةُ بِهِ عَلَيّ أَعظَمَ مِن فَوتِ وِلَايَتِكُمُ التّيِ إِنّمَا هيَِ مَتَاعُ أَيّامٍ قَلَائِلَ يَزُولُ مِنهَا مَا كَانَ كَمَا يَزُولُ السّرَابُ أَو كَمَا يَتَقَشّعُ السّحَابُ فَنَهَضتُ فِي تِلكَ الأَحدَاثِ حَتّي زَاحَ البَاطِلُ وَ زَهَقَ وَ اطمَأَنّ الدّينُ وَ تَنَهنَهَ وَ مِنهُ إنِيّ وَ اللّهِ لَو لَقِيتُهُم وَاحِداً وَ هُم طِلَاعُ الأَرضِ كُلّهَا مَا بَالَيتُ وَ لَا استَوحَشتُ وَ إنِيّ مِن ضَلَالِهِمُ ألّذِي هُم فِيهِ وَ الهُدَي ألّذِي أَنَا عَلَيهِ لَعَلَي بَصِيرَةٍ مِن نفَسيِ وَ يَقِينٍ مِن ربَيّ وَ إنِيّ إِلَي لِقَاءِ اللّهِ لَمُشتَاقٌ وَ لِحُسنِ ثَوَابِهِ لَمُنتَظِرٌ رَاجٍ وَ لكَنِيّ آسَي أَن يلَيَِ هَذِهِ الأُمّةَ سُفَهَاؤُهَا وَ فُجّارُهَا فَيَتّخِذُوا مَالَ اللّهِ دُوَلًا وَ عِبَادَهُ خَوَلًا وَ الصّالِحِينَ حَرباً وَ الفَاسِقِينَ حِزباً فَإِنّ مِنهُمُ ألّذِي شَرِبَ فِيكُمُ الحَرَامَ وَ جُلِدَ حَدّاً فِي الإِسلَامِ وَ إِنّ مِنهُم مَن لَم يُسلِم حَتّي رُضِخَت لَهُ عَلَي الإِسلَامِ الرّضَائِخَ فَلَو لَا ذَلِكَ مَا أَكثَرتُ تَألِيبَكُم وَ جَمعَكُم وَ تَحرِيضَكُم وَ لَتَرَكتُكُم إِذ أَبَيتُم وَ وَنَيتُم أَ لَا تَرَونَ إِلَي أَطرَافِكُم قَدِ انتَقَضَت وَ إِلَي أَمصَارِكُم قَدِ افتُتِحَت وَ إِلَي مَمَالِكِكُم تُزوَي وَ إِلَي بِلَادِكُم تُغزَي انفِرُوا رَحِمَكُمُ اللّهُ إِلَي قِتَالِ عَدُوّكُم وَ لَا تَثّاقَلُوا إِلَي الأَرضِ فَتُقِرّوا بِالخَسفِ وَ تَبُوءُوا بِالذّلّ وَ يَكُونَ نَصِيبُكُمُ الأَخَسّ إِنّ أَخَا الحَربِ الأَرِقُ وَ مَن نَامَ لَم يُنَم عَنهُ وَ السّلَامُ
توضيح قوله ع ومهيمنا أي شاهدا علي المرسلين يشهد لهم في الآخرة وأصله من آمن غيره من الخوف لأن الشاهد يؤمن غيره من الخوف بشهادته وقيل هوالرقيب وقيل المؤتمن وقيل القائم بأمور الخلق وقيل أصله المؤيمن فأبدلت الهاء من الهمزة و هومفيعل من الأمانة والمراد بالأمر الخلافة. والروع بالضم القلب أوسواده وقيل الذهن والعقل وأزعجه قلعه عن مكانه ونحاه أي أزاله ولعل الغرض إظهار شناعة هذاالأمر و أنه مما لم يكن يخطر ببال بظاهر الحال فلاينافي علمه بذلك بإخبار الرسول ص .
صفحه : 598
قوله ع فما راعني قال ابن أبي الحديد تقول للشيء يفجؤك بغتة ماراعني إلاكذا والروع بالفتح الفزع كأنه يقول ماأفزعني شيء بعد ذلك السكون ألذي كان عندي والثقة التي اطمأننت إليها إلاوقوع ماوقع من انثيال الناس أي انصبابهم من كل وجه كماينثال التراب علي أبي بكر والاسم كان مذكورا في كتاب الأشتر صريحا وإنما الناس يكتبونه علي فلان تذمما من ذكر الاسم . قوله ع حتي رأيت راجعة الناس أي الطائفة الراجعة من الناس التي قدرجعت عن الإسلام يعني أهل الردة كمسيلمة وسجاح وطليحة بن خويلد. ويحتمل أن يكون المراد بهم المنافقين المجتمعين علي أبي بكر فإنهم كانوا يغتنمون فتنة تصير سببا لارتدادهم عن الدين رأسا قوله ع كمايتقشع أي يتفرق وينكشف . وتنهنه أي انزجر عن الاضطراب والحركة و قال الجوهري نهنهت الرجل عن الشيء فتنهنه أي كففته وزجرته فكف و في النهاية طلاع الأرض ذهبا أي مايملأها حتي يطلع عنها ويسيل والاستيحاش ضد الاستيناس وهنا كناية عن الخوف آسي أي أحزن مال الله دولا في الصحاح أن دولا جمع دولة بالضم فيهما و في القاموس الدولة انقلاب الزمان والعقبة في المال ويضم أوالضم فيه والفتح في الحرب أوهما سواء أوالضم في الآخرة والفتح في الدنيا والجمع دول مثلثة و في النهاية كان عباد الله خولا أي خدما وعبيدا يعني أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم . قوله ع والصالحين حربا أي عدوا والفاسقين حزبا أي ناصرا وجندا. و قال ابن أبي الحديد المراد بمن شرب الخمر الوليد بن عقبة و أما ألذي رضخت له علي الإسلام الرضائخ فمعاوية وأبوه وأخوه وحكيم بن حزام
صفحه : 599
وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام وغيرهم وهم قوم معروفون لأنهم من المؤلفة قلوبهم الذين رغبوا في الإسلام والطاعة بجمال وشاء دفعت إليهم للأغراض الدنياوية والطمع و لم يكن إسلامهم عن أصل ويقين . و قال القطب الراوندي يعني عمرو بن العاص و ليس بصحيح لأن عمرا لم يسلم بعدالفتح وأصحاب الرضائخ كلهم صونعوا عن الإسلام بغنائم حنين ولعمري إن إسلام عمرو كان مدخولا أيضا إلا أنه لم يكن عن رضيخة وإنما كان لمعني آخر والرضيخة شيءقليل يعطاه الإنسان يصانع به عن أمر يطلب منه كالأجرة انتهي والتأليب التحريض والتأنيب أشد اللوم . والوني الضعف والفتور و إلي ممالككم تزوي أي تفيض و لاتثاقلوا بالتشديد والتخفيف معا إشارة إلي قوله تعالي ما لَكُم إِذا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ اثّاقَلتُم إِلَي الأَرضِالآية و قال الفيروزآبادي تثاقل عنه تباطأ والقوم لم ينهضوا للنجدة و قداستنهضوا لها و قال في النهاية الخسف النقصان والهوان و قال أصل البواء اللزوم وأبوء أي أقر والتزم وأرجع . و قال الأرق هوالسهر و رجل أرق إذاسهر لعلة فإن كان السهر من عادته قيل أرق بضم الهمزة والراء وأخو الحرب ملازمه و من نام لم ينم عنه لأن العدو لايغفل عن عدوه
744-نهج ،[نهج البلاغة] مِن عَهدٍ لَهُ ع كَتَبَهُ لِلأَشتَرِ النخّعَيِّ رَحِمَهُ اللّهُ لَمّا وَلّاهُ عَلَي مِصرَ وَ أَعمَالِهَا حِينَ اضطَرَبَ أَمرُ مُحَمّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ رَحِمَهُ اللّهُ وَ هُوَ أَطوَلُ عَهدٍ كَتَبَهُ وَ أَجمَعُهُ لِلمَحَاسِنِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبدُ اللّهِ عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ مَالِكَ بنَ الحَارِثِ الأَشتَرَ فِي عَهدِهِ إِلَيهِ حِينَ وَلّاهُ مِصرَ جِبَايَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوّهَا وَ استِصلَاحَ أَهلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلَادِهَا أَمَرَهُ بِتَقوَي اللّهِ وَ إِيثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِن فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ
صفحه : 600
التّيِ لَا يَسعَدُ أَحَدٌ إِلّا بِاتّبَاعِهَا وَ لَا يَشقَي إِلّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا وَ أَن يَنصُرَ اللّهَ سُبحَانَهُ بِيَدِهِ وَ قَلبِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنّهُ جَلّ اسمُهُ قَد تَكَفّلَ بِنَصرِ مَن نَصَرَهُ وَ إِعزَازِ مَن أَعَزّهُ وَ أَمَرَهُ أَن يَكسِرَ مِن نَفسِهِ عِندَ الشّهَوَاتِ وَ يَزَعَهَا عِندَ الجَمَحَاتِ فَإِنّ النّفسَ أَمّارَةٌ بِالسّوءِ إِلّا مَا رَحِمَ اللّهُ ثُمّ اعلَم يَا مَالِكُ أنَيّ قَد وَجّهتُكَ إِلَي بِلَادٍ قَد جَرَت عَلَيهَا دُوَلٌ قَبلَكَ مِن عَدلٍ وَ جَورٍ وَ أَنّ النّاسَ يَنظُرُونَ مِن أُمُورِكَ فِي مِثلِ ألّذِي مَا كُنتَ تَنظُرُ فِيهِ مِن أُمُورِ الوُلَاةِ قَبلَكَ وَ يَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنتَ تَقُولُ فِيهِم وَ إِنّمَا يُستَدَلّ عَلَي الصّالِحِينَ بِمَا يجُريِ اللّهُ لَهُم عَلَي أَلسُنِ عِبَادِهِ فَليَكُن أَحَبّ الذّخَائِرِ إِلَيكَ ذَخِيرَةُ العَمَلِ الصّالِحِ فَاملِك هَوَاكَ وَ شُحّ بِنَفسِكَ عَمّا لَا يَحِلّ لَكَ فَإِنّ الشّحّ بِالنّفسِ الإِنصَافُ مِنهَا فِيمَا أَحَبّت أَو كَرِهَت وَ أَشعِر قَلبَكَ الرّحمَةَ لِلرّعِيّةِ وَ المَحَبّةَ لَهُم وَ اللّطفَ بِهِم وَ لَا تَكُونَنّ عَلَيهِم سَبُعاً ضَارِياً تَغتَنِم أَكلَهُم فَإِنّهُم صِنفَانِ إِمّا أَخٌ لَكَ فِي الدّينِ وَ إِمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الخَلقِ يَفرُطُ مِنهُمُ الزّلَلُ وَ تَعرِضُ لَهُمُ العِلَلُ وَ يُؤتَي عَلَي أَيدِيهِم فِي العَمدِ وَ الخَطَإِ فَأَعطِهِم مِن عَفوِكَ وَ صَفحِكَ مِثلَ ألّذِي تُحِبّ أَن يُعطِيَكَ اللّهُ مِن عَفوِهِ وَ صَفحِهِ فَإِنّكَ فَوقَهُم وَ واَليِ الأَمرِ عَلَيكَ فَوقَكَ وَ اللّهُ فَوقَ مَن وَلّاكَ وَ قَدِ استَكفَاكَ أَمرَهُم وَ ابتَلَاكَ بِهِم وَ لَا تَنصِبَنّ نَفسَكَ لِحَربِ اللّهِ فَإِنّهُ لَا يدَيَ[يَدَ] لَكَ بِنَقِمَتِهِ وَ لَا غِنَي بِكَ عَن عَفوِهِ وَ رَحمَتِهِ وَ لَا تَندَمَنّ عَلَي عَفوٍ وَ لَا تَبجَحَنّ بِعُقُوبَةٍ وَ لَا تُسرِعَنّ إِلَي بَادِرَةٍ وَجَدتَ عَنهَا مَندُوحَةً وَ لَا تَقُولَنّ إنِيّ مُؤَمّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنّ ذَلِكَ إِدغَالٌ فِي القَلبِ وَ مَنهَكَةٌ لِلدّينِ وَ تَقَرّبٌ مِنَ الغَيرِ
صفحه : 601
وَ إِذَا أَحدَثَ لَكَ مَا أَنتَ فِيهِ مِن سُلطَانِكَ أُبّهَةً أَو مَخِيلَةً فَانظُر إِلَي عِظَمِ مُلكِ اللّهِ سُبحَانَهُ فَوقَكَ وَ قُدرَتِهِ مِنكَ عَلَي مَا لَا تَقدِرُ عَلَيهِ مِن نَفسِكَ فَإِنّ ذَلِكَ يُطَامِنُ إِلَيكَ مِن طِمَاحِكَ وَ يَكُفّ عَنكَ مِن غَربِكَ وَ يفَيِءُ إِلَيكَ بِمَا عَزَبَ عَنكَ مِن عَقلِكَ إِيّاكَ وَ مُسَامَاةَ اللّهِ فِي عَظَمَتِهِ وَ التّشَبّهَ بِهِ فِي جَبَرُوتِهِ فَإِنّ اللّهَ يُذِلّ كُلّ جَبّارٍ وَ يُهِينُ كُلّ مُختَالٍ أَنصِفِ اللّهَ وَ أَنصِفِ النّاسَ مِن نَفسِكَ وَ مِن خَاصّةِ أَهلِكَ وَ مَن لَكَ فِيهِ هَوًي مِن رَعِيّتِكَ فَإِنّكَ إِن لَا تَفعَل تَظلِم وَ مَن ظَلَمَ عِبَادَ اللّهِ كَانَ اللّهُ خَصمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَن خَاصَمَهُ اللّهُ أَدحَضَ حُجّتَهُ وَ كَانَ لِلّهِ حَرباً حَتّي يَنزِعَ وَ يَتُوبَ وَ لَيسَ شَيءٌ أَدعَي إِلَي تَغيِيرِ نِعمَةِ اللّهِ وَ تَعجِيلِ نَقِمَتِهِ مِن إِقَامَةٍ عَلَي ظُلمٍ فَإِنّ اللّهَ يَسمَعُ دَعوَةَ المَظلُومِينَ وَ هُوَ لِلظّالِمِينَ بِالمِرصَادِ وَ ليَكُن أَحَبّ الأُمُورِ إِلَيكَ أَوسَطُهَا فِي الحَقّ وَ أَعَمّهَا فِي العَدلِ وَ أَجمَعُهَا لِرِضَا الرّعِيّةِ فَإِنّ سُخطَ العَامّةِ يُجحِفُ بِرِضَي الخَاصّةِ وَ إِنّ سُخطَ الخَاصّةِ يُغتَفَرُ مَعَ رِضَي العَامّةِ وَ لَيسَ أَحَدٌ مِنَ الرّعِيّةِ أَثقَلَ عَلَي الواَليِ مَئُونَةً فِي الرّخَاءِ وَ أَقَلّ مَعُونَةً لَهُ فِي البَلَاءِ وَ أَكرَهَ لِلإِنصَافِ وَ أَسأَلَ بِالإِلحَافِ وَ أَقَلّ شُكراً عِندَ الإِعطَاءِ وَ أَبطَأَ عُذراً عَنِ المَنعِ وَ أَضعَفَ صَبراً عِندَ مُلِمّاتِ الدّهرِ مِن أَهلِ الخَاصّةِ وَ إِنّمَا عَمُودُ الدّينِ وَ جِمَاعُ المُسلِمِينَ وَ العُدّةُ لِلأَعدَاءِ العَامّةُ مِنَ الأُمّةِ فَليَكُن صِغوُكَ لَهُم وَ مَيلُكَ مَعَهُم وَ ليَكُن أَبعَدَ رَعِيّتِكَ مِنكَ وَ أَشنَأَهُم عِندَكَ أَطلَبُهُم لِمَعَايِبِ النّاسِ فَإِنّ فِي النّاسِ عُيُوباً الواَليِ أَحَقّ مَن سَتَرَهَا فَلَا تَكشِفَنّ عَمّا غَابَ عَنكَ مِنهَا فَإِنّمَا عَلَيكَ تَطهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ وَ اللّهُ يَحكُمُ عَلَي مَا غَابَ عَنكَ فَاستُرِ العَورَةَ مَا استَطَعتَ يَستُرِ اللّهُ مِنكَ مَا تُحِبّ سَترَهُ مِن رَعِيّتِكَ أَطلِق عَنِ النّاسِ عُقدَةَ كُلّ حِقدٍ وَ اقطَع عَنكَ سَبَبَ كُلّ وِترٍ وَ تَغَابَ عَن كُلّ مَا لَا يَضِحُ لَكَ وَ لَا تَعجَلَنّ إِلَي تَصدِيقِ سَاعٍ فَإِنّ الساّعيَِ غَاشّ وَ إِن
صفحه : 602
تَشَبّهَ بِالنّاصِحِينَ وَ لَا تُدخِلَنّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلًا يَعدِلُ بِكَ عَنِ الفَضلِ وَ يَعِدُكَ الفَقرَ وَ لَا جَبَاناً يُضعِفُكَ عَنِ الأُمُورِ وَ لَا حَرِيصاً يُزَيّنُ لَكَ الشّرَهَ بِالجَورِ فَإِنّ البُخلَ وَ الجُبنَ وَ الحِرصَ غَرَائِزُ شَتّي يَجمَعُهَا سُوءُ الظّنّ بِاللّهِ إِنّ شَرّ وُزَرَائِكَ مَن كَانَ لِلأَشرَارِ قَبلَكَ وَزِيراً وَ مَن شَرِكَهُم فِي الآثَامِ فَلَا يَكُونَنّ لَكَ بِطَانَةً فَإِنّهُم أَعوَانُ الأَئِمّةِ وَ إِخوَانُ الظّلَمَةِ وَ أَنتَ وَاجِدٌ مِنهُم خَيرَ الخَلَفِ مِمّن لَهُ مِثلُ آرَائِهِم وَ نَفَاذِهِم وَ لَيسَ عَلَيهِ مِثلُ آصَارِهِم وَ أَوزَارِهِم وَ آثَامِهِم مِمّن لَم يُعَاوِن ظَالِماً عَلَي ظُلمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَي إِثمِهِ أُولَئِكَ أَخَفّ عَلَيكَ مَئُونَةً وَ أَحسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَ أَحنَي عَلَيكَ عَطفاً وَ أَقَلّ لِغَيرِكَ إِلفاً فَاتّخِذ أُولَئِكَ خَاصّةً لِخَلَوَاتِكَ وَ حَفَلَاتِكَ ثُمّ ليَكُن آثَرُهُم عِندَكَ أَقوَلَهُم بِمُرّ الحَقّ لَكَ وَ أَقَلّهُم مُسَاعَدَةً فِيمَا يَكُونُ مِنكَ مِمّا كَرِهَ اللّهُ لِأَولِيَائِهِ وَاقِعاً ذَاكَ مِن هَوَاكَ حَيثُ وَقَعَ وَ الصَق بِأَهلِ الوَرَعِ وَ الصّدقِ ثُمّ رُضهُم عَلَي أَن لَا يُطرُوكَ وَ لَا يَبجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَم تَفعَلهُ فَإِنّ كَثرَةَ الإِطرَاءِ تُحدِثُ الزّهوَ وَ تدُنيِ مِنَ الغِرّةِ وَ لَا يَكُونَنّ المُحسِنُ وَ المسُيِءُ عِندَكَ بِمَنزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنّ فِي ذَلِكَ تَزهِيداً لِأَهلِ الإِحسَانِ فِي الإِحسَانِ وَ تَدرِيباً لِأَهلِ الإِسَاءَةِ عَلَي الإِسَاءَةِ وَ أَلزِم كُلّا مِنهُم مَا أَلزَمَ نَفسَهُ وَ اعلَم أَنّهُ لَيسَ شَيءٌ بِأَدعَي إِلَي حُسنِ ظَنّ وَالٍ بِرَعِيّتِهِ مِن إِحسَانِهِ إِلَيهِم وَ تَخفِيفِهِ المَئُونَاتِ عَنهُم وَ تَركِ استِكرَاهِهِ إِيّاهُم عَلَي مَا لَيسَ لَهُ قِبَلَهُم فَليَكُن مِنكَ فِي ذَلِكَ أَمرٌ يَجتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسنُ الظّنّ بِرَعِيّتِكَ فَإِنّ حُسنَ الظّنّ يَقطَعُ عَنكَ نَصَباً طَوِيلًا وَ إِنّ أَحَقّ مَن حَسُنَ ظَنّكَ بِهِ لَمَن حَسُنَ بَلَاؤُكَ عِندَهُ وَ إِنّ أَحَقّ مَن سَاءَ ظَنّكَ بِهِ لَمَن سَاءَ بَلَاؤُكَ عِندَهُ وَ لَا تَنقُض سُنّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الأُمّةِ وَ اجتَمَعَت بِهَا الأُلفَةُ
صفحه : 603
وَ صَلَحَت عليه [عَلَيهَا]الرّعِيّةُ وَ لَا تُحدِثَنّ سُنّةً تَضُرّ بشِيَءٍ مِن ماَضيِ تِلكَ السّنَنِ فَيَكُونَ الأَجرُ لِمَن سَنّهَا وَ الوِزرُ عَلَيكَ بِمَا نَقَضتَ مِنهَا وَ أَكثِر مُدَارَسَةَ العُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَةَ الحُكَمَاءِ فِي تَثبِيتِ مَا صَلَحَ عَلَيهِ أَمرُ بِلَادِكَ وَ إِقَامَةِ مَا استَقَامَ بِهِ النّاسُ قَبلَكَ وَ اعلَم أَنّ الرّعِيّةَ طَبَقَاتٌ لَا يَصلُحُ بَعضُهَا إِلّا بِبَعضٍ وَ لَا غِنَي بِبَعضِهَا عَن بَعضٍ فَمِنهَا جُنُودُ اللّهِ وَ مِنهَا كُتّابُ العَامّةِ وَ الخَاصّةِ وَ مِنهَا قُضَاةُ العَدلِ وَ مِنهَا عُمّالُ الإِنصَافِ وَ الرّفقِ وَ مِنهَا أَهلُ الجِزيَةِ وَ الخَرَاجِ مِن أَهلِ الذّمّةِ وَ مُسلِمَةِ النّاسِ وَ مِنهَا التّجّارُ وَ أَهلُ الصّنَاعَاتِ وَ مِنهَا الطّبَقَةُ السّفلَي مِن ذوَيِ الحَاجَةِ وَ المَسكَنَةِ وَ كُلّ قَد سَمّي اللّهُ لَهُ سَهمَهُ وَ وَضَعَ عَلَي حَدّهِ وَ فَرِيضَتِهِ فِي كِتَابِهِ أَو سُنّةِ نَبِيّهِص عَهداً مِنهُ عِندَنَا مَحفُوظاً فَالجُنُودُ بِإِذنِ اللّهِ حُصُونُ الرّعِيّةِ وَ زَينُ الوُلَاةِ وَ عِزّ الدّينِ وَ سُبُلُ الأَمنِ وَ لَيسَ تَقُومُ الرّعِيّةُ إِلّا بِهِم ثُمّ لَا قِوَامَ لِلجُنُودِ إِلّا بِمَا يُخرِجُ اللّهُ لَهُم مِنَ الخَرَاجِ ألّذِي يَقوَونَ بِهِ عَلَي[ فِي]جِهَادِهِم عَدُوّهُم وَ يَعتَمِدُونَ عَلَيهِ فِيمَا يُصلِحُهُم وَ يَكُونُ مِن وَرَاءِ حَاجَتِهِم ثُمّ لَا قِوَامَ لِهَذَينِ الصّنفَينِ إِلّا بِالصّنفِ الثّالِثِ مِنَ القُضَاةِ وَ العُمّالِ وَ الكُتّابِ لِمَا يُحكِمُونَ مِنَ المَعَاقِدِ وَ يَجمَعُونَ مِنَ المَنَافِعِ وَ يُؤتَمَنُونَ عَلَيهِ مِن خَوَاصّ الأُمُورِ وَ عَوَامّهَا وَ لَا قِوَامَ لَهُم جَمِيعاً إِلّا بِالتّجّارِ وَ ذوَيِ الصّنَاعَاتِ فِيمَا يَجتَمِعُونَ عَلَيهِ مِن مَرَافِقِهِم وَ
صفحه : 604
يُقِيمُونَهُ مِن أَسوَاقِهِم وَ يَكفُونَهُم مِنَ التّرَفّقِ بِأَيدِيهِم مِمّا لَا يَبلُغُهُ رِفقُ غَيرِهِم ثُمّ الطّبَقَةُ السّفلَي مِن أَهلِ الحَاجَةِ وَ المَسكَنَةِ الّذِينَ يَحِقّ رِفدُهُم وَ مَعُونَتُهُم وَ فِي اللّهِ لِكُلّ سَعَةٌ وَ لِكُلّ عَلَي الواَليِ حَقّ بِقَدرِ مَا يُصلِحُهُ وَ لَيسَ يَخرُجُ الواَليِ مِن حَقِيقَةِ مَا أَكرَمَ اللّهُ تَعَالَي مِن ذَلِكَ إِلّا بِالِاهتِمَامِ وَ الِاستِعَانَةِ بِاللّهِ وَ تَوطِينِ نَفسِهِ عَلَي لُزُومِ الحَقّ وَ الصّبرِ عَلَيهِ فِيمَا خَفّ عَلَيهِ أَو ثَقُلَ فَوَلّ مِن جُنُودِكَ أَنصَحَهُم فِي نَفسِكَ لِلّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِكَ[ وَ]أَنقَاهُم جَيباً وَ أَفضَلَهُم حِلماً مِمّن يُبطِئُ عَنِ الغَضَبِ وَ يَستَرِيحُ إِلَي العُذرِ وَ يَرؤُفُ بِالضّعَفَاءِ وَ يَنبُو عَلَي الأَقوِيَاءِ وَ مِمّن لَا يُثِيرُهُ العُنفُ وَ لَا يَقعُدُ بِهِ الضّعفُ ثُمّ الصَق بذِوَيِ المُرُوءَاتِ وَ الأَحسَابِ وَ أَهلِ البُيُوتَاتِ الصّالِحَةِ وَ السّوَابِقِ الحَسَنَةِ ثُمّ أَهلِ النّجدَةِ وَ الشّجَاعَةِ وَ السّخَاءِ وَ السّمَاحَةِ فَإِنّهُم جِمَاعٌ مِنَ الكَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ العُرفِ ثُمّ تَفَقّد مِن أُمُورِهِم مَا يَتَفَقّدُهُ الوَالِدَانِ مِن وَلَدِهِمَا وَ لَا يَتَفَاقَمَنّ فِي نَفسِكَ شَيءٌ قَوّيتَهُم بِهِ وَ لَا تَحقِرَنّ لُطفاً تَعَاهَدتَهُم بِهِ وَ إِن قَلّ فَإِنّهُ دَاعِيَةٌ لَهُم إِلَي بَذلِ النّصِيحَةِ لَكَ وَ حُسنِ الظّنّ بِكَ وَ لَا تَدَع تَفَقّدَ لَطِيفِ أُمُورِهِم اتّكَالًا عَلَي جَسِيمِهَا فَإِنّ لِليَسِيرِ مِن لُطفِكَ مَوضِعاً يَنتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلجَسِيمِ مَوقِعاً لَا يَستَغنُونَ عَنهُ وَ ليَكُن آثَرُ رُءُوسِ جُندِكَ عِندَكَ مَن وَاسَاهُم فِي مَعُونَتِهِ وَ أَفضَلَ عَلَيهِم مِن جِدَتِهِ بِمَا يَسَعُهُم وَ يَسَعُ مَن وَرَاءَهُم مِن خُلُوفِ أَهلِيهِم حَتّي يَكُونَ هَمّهُم هَمّاً وَاحِداً فِي جِهَادِ العَدُوّ فَإِنّ عَطفَكَ عَلَيهِم يَعطِفُ قُلُوبَهُم عَلَيكَ وَ لَا تَصِحّ نَصِيحَتُهُم إِلّا بِحِيطَتِهِم عَلَي وُلَاةِ أُمُورِهِم وَ قِلّةِ استِثقَالِ دُوَلِهِم وَ تَركِ استِبطَاءِ
صفحه : 605
انقِطَاعِ مُدّتِهِم فَافسَح فِي آمَالِهِم وَ وَاصِل فِي حُسنِ الثّنَاءِ عَلَيهِم وَ تَعدِيدِ مَا أَبلَي ذَوُو البَلَاءِ مِنهُم فَإِنّ كَثرَةَ الذّكرِ لِحُسنِ فِعَالِهِم تَهُزّ الشّجَاعَ وَ تُحَرّضُ النّاكِلَ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي ثُمّ اعرِف لِكُلّ امرِئٍ مِنهُم مَا أَبلَي وَ لَا تَضُمّنّ بَلَاءَ امرِئٍ إِلَي غَيرِهِ وَ لَا تُقَصّرَنّ بِهِ دُونَ غَايَةِ بَلَائِهِ وَ لَا يَدعُوَنّكَ شَرَفُ امرِئٍ إِلَي أَن تُعظِمَ مِن بَلَائِهِ مَا كَانَ صَغِيراً وَ لَا ضَعَةُ امرِئٍ إِلَي أَن تَستَصغِرَ مِن بَلَائِهِ مَا كَانَ عَظِيماً وَ اردُد إِلَي اللّهِ وَ رَسُولِهِ مَا يُظلِعُكَ مِنَ الخُطُوبِ وَ يَشتَبِهُ عَلَيكَ مِنَ الأُمُورِ فَقَد قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُ لِقَومٍ أَحَبّ إِرشَادَهُميا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرّسُولَ وَ أوُليِ الأَمرِ مِنكُم فَإِن تَنازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدّوهُ إِلَي اللّهِ وَ الرّسُولِفَالرّدّ إِلَي اللّهِ الأَخذُ بِمُحكَمِ كِتَابِهِ وَ الرّدّ إِلَي الرّسُولِ الأَخذُ بِسُنّتِهِ الجَامِعَةِ غَيرِ المُفَرّقَةِ ثُمّ اختَر لِلحُكمِ بَينَ النّاسِ أَفضَلَ رَعِيّتِكَ فِي نَفسِكَ مِمّن لَا تَضِيقُ بِهِ الأُمُورُ وَ لَا يُمَحّكُهُ الخُصُومُ وَ لَا يَتَمَادَي فِي الزّلّةِ وَ لَا يَحصَرُ مِنَ الفيَءِ إِلَي الحَقّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشرِفُ نَفسُهُ عَلَي طَمَعٍ وَ لَا يكَتفَيِ بِأَدنَي فَهمٍ دُونَ أَقصَاهُ[ وَ]أَوقَفَهُم فِي الشّبُهَاتِ وَ آخَذَهُم بِالحُجَجِ وَ أَقَلّهُم تَبَرّماً بِمُرَاجَعَةِ الخَصمِ وَ أَصبَرَهُم عَلَي تَكشِيفِ الأُمُورِ وَ أَصرَمَهُم عِندَ إِيضَاحِ الحُكمِ مِمّن لَا يَزدَهِيهِ إِطرَاءٌ وَ لَا يَستَمِيلُهُ إِغرَاءٌ وَ أُولَئِكَ قَلِيلٌ ثُمّ أَكثِر تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ افسَح لَهُ فِي البَذلِ مَا يُزِيحُ عِلّتَهُ وَ تَقِلّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَي النّاسِ وَ أَعطِهِ مِنَ المَنزِلَةِ لَدَيكَ مَا لَا يَطمَعُ فِيهِ غَيرُهُ مِن خَاصّتِكَ لِيَأمَنَ بِذَلِكَ اغتِيَالَ الرّجَالِ لَهُ عِندَكَ فَانظُر فِي ذَلِكَ نَظَراً بَلِيغاً فَإِنّ هَذَا الدّينَ قَد كَانَ أَسِيراً فِي أيَديِ الأَشرَارِ يُعمَلُ فِيهِ بِالهَوَي وَ تُطلَبُ بِهِ الدّنيَا ثُمّ انظُر فِي أُمُورِ عُمّالِكَ وَ استَعمِلهُم اختِيَاراً[اختِبَاراً] وَ لَا تُوَلّهِم مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنّهُمَا جِمَاعٌ مِن شُعَبِ الجَورِ وَ الخِيَانَةِ وَ تَوَخّ مِنهُم أَهلَ التّجرِبَةِ وَ الحَيَاءِ مِن أَهلِ البُيُوتَاتِ الصّالِحَةِ وَ القَدَمِ فِي الإِسلَامِ المُتَقَدّمَةِ فَإِنّهُم أَكرَمُ أَخلَاقاً وَ أَصَحّ أَعرَاضاً وَ أَقَلّ فِي المَطَامِعِ إِشرَافاً وَ أَبلَغُ فِي عَوَاقِبِ الأُمُورِ نَظَراً ثُمّ أَسبِغ عَلَيهِمُ الأَرزَاقَ فَإِنّ ذَلِكَ قُوّةٌ لَهُم عَلَي استِصلَاحِ أَنفُسِهِم وَ غِنًي لَهُم عَن تَنَاوُلِ مَا تَحتَ أَيدِيهِم
صفحه : 606
وَ حُجّةٌ عَلَيهِم إِن خَالَفُوا أَمرَكَ أَو ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ ثُمّ تَفَقّد أَعمَالَهُم وَ ابعَثِ العُيُونَ مِن أَهلِ الصّدقِ وَ الوَفَاءِ عَلَيهِم فَإِنّ تَعَاهُدَكَ فِي السّرّ لِأُمُورِهِم حَدوَةٌ لَهُم عَلَي استِعمَالِ الأَمَانَةِ وَ الرّفقِ بِالرّعِيّةِ وَ تَحَفّظ مِنَ الأَعوَانِ فَإِن أَحَدٌ مِنهُم بَسَطَ يَدَهُ إِلَي خِيَانَةٍ اجتَمَعَت بِهَا عَلَيهِ عِندَكَ أَخبَارُ عُيُونِكَ اكتَفَيتَ بِذَلِكَ شَاهِداً فَبَسَطتَ عَلَيهِ العُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ وَ أَخَذتَهُ بِمَا أَصَابَ مِن عَمَلِهِ ثُمّ نَصَبتَهُ بِمَقَامِ المَذَلّةِ وَ وَسَمتَهُ بِالخِيَانَةِ وَ قَلّدتَهُ عَارَ التّهَمَةِ وَ تَفَقّد أَمرَ الخَرَاجِ بِمَا يُصلِحُ أَهلَهُ فَإِنّ فِي صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِم صَلَاحاً لِمَن سِوَاهُم وَ لَا صَلَاحَ لِمَن سِوَاهُم إِلّا بِهِم لِأَنّ النّاسَ كُلّهُم عِيَالٌ عَلَي الخَرَاجِ وَ أَهلِهِ وَ ليَكُن نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الأَرضِ أَبلَغَ مِن نَظَرِكَ فِي استِجلَابِ الخَرَاجِ لِأَنّ ذَلِكَ لَا يُدرَكُ إِلّا بِالعِمَارَةِ وَ مَن طَلَبَ الخَرَاجَ بِغَيرِ عِمَارَةٍ أَخرَبَ البِلَادَ وَ أَهلَكَ العِبَادَ وَ لَم يَستَقِم أَمرُهُ إِلّا قَلِيلًا فَإِن شَكَوا ثِقَلًا أَو عِلّةً أَوِ انقِطَاعَ شُربٍ أَو بَالّةٍ أَو إِحَالَةَ أَرضٍ اغتَمَرَهَا غَرَقٌ أَو أَجحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفّفتَ عَنهُم بِمَا تَرجُو أَن يَصلُحَ بِهِ أَمرُهُم وَ لَا يَثقُلَنّ عَلَيكَ شَيءٌ خَفّفتَ بِهِ المَئُونَةَ عَنهُم فَإِنّهُ ذُخرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيكَ فِي عِمَارَةِ بِلَادِكَ وَ تَزيِينِ وِلَايَتِكَ مَعَ استِجلَابِكَ حُسنَ ثَنَائِهِم وَ تَبَجّحِكَ بِاستِفَاضَةِ العَدلِ فِيهِم مُعتَمِداً فَضلَ قُوّتِهِم بِمَا ذَخَرتَ عِندَهُم مِن إِجمَامِكَ لَهُم وَ الثّقَةَ مِنهُم بِمَا عَوّدتَهُم مِن عَدلِكَ عَلَيهِم وَ رِفقِكَ بِهِم فَرُبّمَا حَدَثَ مِنَ الأُمُورِ مَا إِذَا عَوّلتَ فِيهِ عَلَيهِم مِن بَعدُ احتَمَلُوهُ طَيّبَةً أَنفُسُهُم بِهِ فَإِنّ العُمرَانَ مُحتَمِلٌ مَا حَمّلتَهُ وَ إِنّمَا يُؤتَي خَرَابُ الأَرضِ مِن إِعوَازِ أَهلِهَا وَ إِنّمَا يُعوِزُ أَهلُهَا لِإِشرَافِ أَنفُسِ الوُلَاةِ عَلَي الجَمعِ وَ سُوءِ ظَنّهِم بِالبَقَاءِ وَ قِلّةِ انتِفَاعِهِم بِالعِبَرِ ثُمّ انظُر فِي حَالِ كُتّابِكَ فَوَلّ عَلَي أُمُورِكَ خَيرَهُم وَ اخصُص رَسَائِلَكَ التّيِ تُدخِلُ فِيهَا مَكَايِدَكَ وَ أَسرَارَكَ بِأَجمَعِهِم لِوُجُودِ صَالِحِ الأَخلَاقِ مِمّن لَا تُبطِرُهُ الكَرَامَةُ فيَجَترَِئَ بِهَا عَلَيكَ فِي خِلَافٍ لَكَ بِحَضرَةِ مَلَإٍ وَ لَا تَقصُرُ بِهِ الغَفلَةُ عَن إِيرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمّالِكَ عَلَيكَ وَ إِصدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَي الصّوَابِ عَنكَ وَ فِيمَا
صفحه : 607
يَأخُذُ لَكَ وَ يعُطيِ مِنكَ وَ لَا يُضعِفُ عَقداً اعتَقَدَهُ لَكَ وَ لَا يَعجِزُ عَن إِطلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَيكَ وَ لَا يَجهَلُ مَبلَغَ قَدرِ نَفسِهِ فِي الأُمُورِ فَإِنّ الجَاهِلَ بِقَدرِ نَفسِهِ يَكُونُ بِقَدرِ غَيرِهِ أَجهَلَ ثُمّ لَا يَكُنِ اختِيَارُكَ إِيّاهُم عَلَي فِرَاسَتِكَ وَ استِنَامَتِكَ وَ حُسنِ الظّنّ مِنكَ فَإِنّ الرّجَالَ يَتَعَرّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الوُلَاةِ بِتَصَنّعِهِم وَ حُسنِ خِدمَتِهِم وَ لَيسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النّصِيحَةِ وَ الأَمَانَةِ شَيءٌ وَ لَكِنِ اختَبِرهُم بِمَا وُلّوا لِلصّالِحِينَ قَبلَكَ فَاعمِد لِأَحسَنِهِم كَانَ فِي العَامّةِ أَثَراً وَ أَعرَفِهِم بِالأَمَانَةِ وَجهاً فَإِنّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَي نَصِيحَتِكَ لِلّهِ وَ لِمَن وُلّيتَ أَمرَهُ وَ اجعَل لِرَأسِ كُلّ أَمرٍ مِن أُمُورِكَ رَأساً مِنهُم لَا يَقهَرُهُ كَبِيرُهَا وَ لَا يَتَشَتّتُ عَلَيهِ كَثِيرُهَا وَ مَهمَا كَانَ فِي كُتّابِكَ مِن عَيبٍ فَتَغَابَيتَ عَنهُ أُلزِمتَهُ ثُمّ استَوصِ بِالتّجّارِ وَ ذوَيِ الصّنَاعَاتِ وَ أَوصِ بِهِم خَيراً المُقِيمِ مِنهُم وَ المُضطَرِبِ بِمَالِهِ وَ المُتَرَفّقِ بِبَدَنِهِ فَإِنّهُم مَوَادّ المَنَافِعِ وَ أَسبَابُ المَرَافِقِ وَ جُلّابُهَا مِنَ المَبَاعِدِ وَ المَطَارِحِ فِي بَرّكَ وَ بَحرِكَ وَ سَهلِكَ وَ جَبَلِكَ وَ حَيثُ لَا يَلتَئِمُ النّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لَا يَجتَرِءُونَ عَلَيهَا فَإِنّهُم سِلمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلحٌ لَا تُخشَي غَائِلَتُهُ وَ تَفَقّد أُمُورَهُم بِحَضرَتِكَ وَ فِي حوَاَشيِ بِلَادِكَ وَ اعلَم مَعَ ذَلِكَ أَنّ فِي كَثِيرٍ مِنهُم ضِيقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِيحاً وَ احتِكَاراً لِلمَنَافِعِ وَ تَحَكّماً فِي البِيَاعَاتِ وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرّةٍ لِلعَامّةِ وَ عَيبٌ عَلَي الوُلَاةِ فَامنَع مِنَ الِاحتِكَارِ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص مَنَعَ مِنهُ وَ ليَكُنِ البَيعُ بَيعاً سَمحاً بِمَوَازِينِ عَدلٍ وَ أَسعَارٍ لَا تُجحِفُ بِالفَرِيقَينِ مِنَ البَائِعِ وَ المُبتَاعِ فَمَن قَارَفَ حُكرَةً بَعدَ نَهيِكَ إِيّاهُ فَنَكّل بِهِ وَ عَاقِب فِي غَيرِ إِسرَافٍ ثُمّ اللّهَ اللّهَ فِي الطّبَقَةِ السّفلَي مِنَ الّذِينَ لَا حِيلَةَ لَهُم مِنَ المَسَاكِينِ وَ المُحتَاجِينَ وَ أَهلِ البُؤسَي وَ الزّمنَي فَإِنّ فِي هَذِهِ الطّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعتَرّاً احفَظِ اللّهَ مَا استَحفَظَكَ مِن حَقّهِ فِيهِم وَ اجعَل لَهُم قِسماً مِن بَيتِ مَالِكِ وَ قِسماً مِن غَلّاتِ
صفحه : 608
صوَاَفيِ الإِسلَامِ فِي كُلّ بَلَدٍ فَإِنّ لِلأَقصَي مِنهُم مِثلَ ألّذِي لِلأَدنَي وَ كُلّ مَن قَدِ استُرعِيتَ حَقّهُ فَلَا يَشغَلَنّكَ عَنهُم بَطَرٌ فَإِنّكَ لَا تُعذَرُ بِتَضيِيعِ التّافِهِ لِأَحكَامِكَ الكَثِيرَ المُهِمّ فَلَا تُشخِص هَمّكَ عَنهُم وَ لَا تُصَعّر خَدّكَ لَهُم وَ تَفَقّد أُمُورَ مَن لَا يَصِلُ إِلَيكَ مِنهُم مِمّن تَقتَحِمُهُ العُيُونُ وَ تَحقِرُهُ الرّجَالُ فَفَرّغ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِن أَهلِ الخَشيَةِ وَ التّوَاضُعِ فَليَرفَع إِلَيكَ أُمُورَهُم ثُمّ اعمَل فِيهِم بِالإِعذَارِ إِلَي اللّهِ سُبحَانَهُ يَومَ تَلقَاهُ فَإِنّ هَؤُلَاءِ مِن بَينِ الرّعِيّةِ أَحوَجُ إِلَي الإِنصَافِ مِن غَيرِهِم وَ كُلّ فَأَعذِر إِلَي اللّهِ تَعَالَي فِي تَأدِيَةِ حَقّهِ إِلَيهِ وَ تَعَهّد أَهلَ اليُتمِ وَ ذي[ذوَيِ]الرّقّةِ فِي السّنّ مِمّن لَا حِيلَةَ لَهُ وَ لَا يَنصِبُ لِلمَسأَلَةِ نَفسَهُ وَ ذَلِكَ عَلَي الوُلَاةِ ثَقِيلٌ وَ الحَقّ كُلّهُ ثَقِيلٌ وَ قَد يُخَفّفُهُ اللّهُ عَلَي أَقوَامٍ طَلَبُوا العَاقِبَةَ فَصَبّرُوا أَنفُسَهُم وَ وَثِقُوا بِصِدقِ مَوعُودِ اللّهِ لَهُم وَ اجعَل لذِوَيِ الحَاجَاتِ مِنكَ قِسماً تُفَرّغُ لَهُم فِيهِ شَخصَكَ وَ تَجلِسُ لَهُم مَجلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِيهِ لِلّهِ ألّذِي خَلَقَكَ وَ تُقعِدُ عَنهُم جُندَكَ وَ أَعوَانَكَ مِن أَحرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ حَتّي يُكَلّمَكَ مُتَكَلّمُهُم غَيرَ مُتَعتَعٍ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ فِي غَيرِ مَوطِنٍ لَن تَقَدّسَ أُمّةٌ لَا يُؤخَذُ لِلضّعِيفِ فِيهَا حَقّهُ مِنَ القوَيِّ غَيرَ مُتَعتَعٍ ثُمّ احتَمِلِ الخُرقَ مِنهُم وَ العيِّ وَ نَحّ عَنكَ الضّيقَ وَ الأَنَفَ يَبسُطِ اللّهُ عَلَيكَ بِذَلِكَ أَكنَافَ رَحمَتِهِ وَ يُوجِب لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعطِ مَا أَعطَيتَ هَنِيئاً وَ امنَع فِي إِجمَالٍ وَ إِعذَارٍ ثُمّ أُمُورٌ مِن أُمُورِكَ لَا بُدّ لَكَ مِن مُبَاشَرَتِهَا مِنهَا إِجَابَةُ عُمّالِكَ بِمَا يَعيَا عَنكَ كُتّابُكَ وَ مِنهَا إِصدَارُ حَاجَاتِ النّاسِ عِندَ وُرُودِهَا عَلَيكَ مِمّا تَحرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعوَانِكَ وَ امضِ لِكُلّ يَومٍ عَمَلَهُ فَإِنّ لِكُلّ يَومٍ مَا فِيهِ وَ اجعَل لِنَفسِكَ فِيمَا بَينَكَ وَ بَينَ
صفحه : 609
اللّهِ أَفضَلَ تِلكَ المَوَاقِيتِ وَ أَجزَلَ تِلكَ الأَقسَامِ وَ إِن كَانَت كُلّهَا لِلّهِ إِذَا صَلَحَت فِيهَا النّيّةُ وَ سَلِمَت مِنهَا الرّعِيّةُ وَ ليَكُن فِي خَاصّةِ مَا تُخلِصُ لِلّهِ بِهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ التّيِ هيَِ لَهُ خَاصّةً فَأَعطِ اللّهَ مِن بَدَنِكَ فِي لَيلِكَ وَ نَهَارِكَ وَ وَفّ مَا تَقَرّبتَ بِهِ إِلَي اللّهِ مِن ذَلِكَ كَامِلًا غَيرَ مَثلُومٍ وَ لَا مَنقُوصٍ بَالِغاً مِن بَدَنِكَ مَا بَلَغَ وَ إِذَا قُمتَ فِي صَلَاتِكَ لِلنّاسِ فَلَا تَكُونَنّ مُنَفّراً وَ لَا مُضَيّعاً فَإِنّ فِي النّاسِ مَن بِهِ العِلّةُ وَ لَهُ الحَاجَةُ وَ قَد سَأَلتُ رَسُولَ اللّهِص حِينَ وجَهّنَيِ إِلَي اليَمَنِ كَيفَ أصُلَيّ بِهِم فَقَالَ صَلّ بِهِم كَصَلَاةِ أَضعَفِهِم وَ كُن بِالمُؤمِنِينَ رَحِيماً وَ أَمّا بَعدَ هَذَا فَلَا تُطَوّلَنّ احتِجَابَكَ مِن رَعِيّتِكَ فَإِنّ احتِجَابَ الوُلَاةِ عَنِ الرّعِيّةِ شُعبَةٌ مِنَ الضّيقِ وَ قِلّةُ عِلمٍ بِالأُمُورِ وَ الِاحتِجَابُ مِنهُم يَقطَعُ عَنهُم عِلمَ مَا احتَجَبُوا دُونَهُ فَيَصغُرُ عِندَهُمُ الكَبِيرُ وَ يَعظُمُ الصّغِيرُ وَ يَقبُحُ الحَسَنُ وَ يَحسُنُ القَبِيحُ وَ يُشَابُ الحَقّ بِالبَاطِلِ وَ إِنّمَا الواَليِ بَشَرٌ لَا يَعرِفُ مَا تَوَارَي عَنهُ النّاسُ بِهِ مِنَ الأُمُورِ وَ لَيسَت عَلَي الحَقّ سِمَاتٌ يُعرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصّدقِ مِنَ الكَذِبِ وَ إِنّمَا أَنتَ أَحَدُ رَجُلَينِ إِمّا امرُؤٌ سَخَت نَفسُكَ بِالبَذلِ فِي الحَقّ فَفِيمَ احتِجَابُكَ مِن وَاجِبِ حَقّ تُعطِيهِ أَو فِعلٍ كَرِيمٍ تُسدِيهِ أَو مُبتَلًي بِالمَنعِ فَمَا أَسرَعَ كَفّ النّاسِ عَن مَسأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِن بَذلِكَ مَعَ أَنّ أَكثَرَ حَاجَاتِ النّاسِ إِلَيكَ مَا لَا مَئُونَةَ فِيهِ عَلَيكَ مِن شَكَاةِ مَظلِمَةٍ أَو طَلَبِ إِنصَافٍ فِي مُعَامَلَةٍ ثُمّ إِنّ للِواَليِ خَاصّةً وَ بِطَانَةً فِيهِمُ استِيثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلّةُ إِنصَافٍ[ فِي مُعَامَلَةٍ]فَاحسِم مَادّةَ أُولَئِكَ بِقَطعِ أَسبَابِ تِلكَ الأَحوَالِ
صفحه : 610
وَ لَا تُقطِعَنّ لِأَحَدٍ مِن حَاشِيَتِكَ وَ حَامّتِكَ قَطِيعَهُ وَ لَا يَطمَعَنّ مِنكَ فِي اعتِقَادِ عُقدَةٍ تَضُرّ بِمَن يَلِيهَا مِنَ النّاسِ فِي شِربٍ أَو عَمَلٍ مُشتَرَكٍ يَحمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَي غَيرِهِم فَيَكُونَ مَهنَأُ ذَلِكَ لَهُم دُونَكَ وَ عَيبُهُ عَلَيكَ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ وَ أَلزِمِ الحَقّ مَن لَزِمَهُ مِنَ القَرِيبِ وَ البَعِيدِ وَ كُن فِي ذَلِكَ صَابِراً مُحتَسِباً وَاقِعاً ذَلِكَ مِن قَرَابَتِكَ وَ خَاصّتِكَ حَيثُ وَقَعَ وَ ابتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثقُلُ عَلَيكَ مِنهُ فَإِنّ مَغَبّةَ ذَلِكَ مَحمُودَةٌ وَ إِن ظَنّتِ الرّعِيّةُ بِكَ حَيفاً فَأَصحِر لَهُم بِعُذرِكَ وَ اعدِل عَنكَ ظُنُونَهُم بِإِصحَارِكَ فَإِنّ فِي ذَلِكَ رِيَاضَةً مِنكَ لِنَفسِكَ وَ رِفقاً بِرَعِيّتِكَ وَ إِعذَاراً تَبلُغُ فِيهِ[ بِهِ]حَاجَتَكَ مِن تَقوِيمِهِم عَلَي الحَقّ وَ لَا تَدفَعَنّ صُلحاً دَعَاكَ إِلَيهِ عَدُوّكَ لِلّهِ فِيهِ رِضًي فَإِنّ فِي الصّلحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِن هُمُومِكَ وَ أَمناً لِبِلَادِكَ وَ لَكِنِ الحَذَرَ كُلّ الحَذَرِ مِن عَدُوّكَ بَعدَ صُلحِهِ فَإِنّ العَدُوّ رُبّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفّلَ فَخُذ بِالحَزمِ وَ اتّهِم فِي ذَلِكَ حُسنَ الظّنّ وَ إِن عَقَدتَ بَينَكَ وَ بَينَ عَدُوّ لَكَ عُقدَةً أَو أَلبَستَهُ مِنكَ ذِمّةً فَحُط عَهدَكَ بِالوَفَاءِ وَ ارعَ ذِمّتَكَ بِالأَمَانَةِ وَ اجعَل نَفسَكَ جُنّةً دُونَ مَا أَعطَيتَ فَإِنّهُ لَيسَ مِن فَرَائِضِ اللّهِ سُبحَانَهُ شَيءٌ النّاسُ أَشَدّ عَلَيهِ اجتِمَاعاً مَعَ تَفَرّقِ أَهوَائِهِم وَ تَشتِيتِ[تَشَتّتِ]آرَائِهِم مِن تَعظِيمِ الوَفَاءِ بِالعُهُودِ وَ قَد لَزِمَ ذَلِكَ المُشرِكُونَ فِيمَا بَينَهُم دُونَ المُسلِمِينَ لِمَا استَوبَلُوا مِن عَوَاقِبِ الغَدرِ فَلَا تَغدِرَنّ بِذِمّتِكَ وَ لَا تَخِيسَنّ بِعَهدِكَ وَ لَا تَختِلَنّ عَدُوّكَ فَإِنّهُ لَا يجَترَِئُ عَلَي اللّهِ إِلّا جَاهِلٌ شقَيِّ وَ قَد جَعَلَ اللّهُ عَهدَهُ وَ ذِمّتَهُ أَمناً أَفضَاهُ بَينَ العِبَادِ بِرَحمَتِهِ وَ حَرِيماً يَسكُنُونَ إِلَي مَنَعَتِهِ وَ يَستَفِيضُونَ إِلَي جِوَارِهِ فَلَا إِدغَالَ وَ لَا مُدَالَسَةَ وَ لَا خِدَاعَ فِيهِ وَ لَا تَعقِد عَقداً تُجَوّزُ فِيهِ العِلَلَ وَ لَا تُعَوّلَنّ عَلَي لَحنِ قَولٍ بَعدَ التّأكِيدِ وَ التّوثِقَةِ
صفحه : 611
وَ لَا يَدعُوَنّكَ ضِيقُ أَمرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهدُ اللّهِ إِلَي طَلَبِ انفِسَاخِهِ بِغَيرِ الحَقّ فَإِنّ صَبرَكَ عَلَي ضِيقٍ تَرجُو انفِرَاجَهُ وَ فَضلَ عَاقِبَتِهِ خَيرٌ مِن غَدرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَن تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللّهِ فِيهِ طِلبَةٌ لَا تَستَقِيلُ فِيهَا دُنيَاكَ وَ لَا آخِرَتَكَ إِيّاكَ وَ الدّمَاءَ وَ سَفكَهَا بِغَيرِ حِلّهَا فَإِنّهُ لَيسَ شَيءٌ أَدعَي لِنَقِمَةٍ وَ لَا أَعظَمَ لِتَبِعَةٍ وَ لَا أَحرَي بِزَوَالِ نِعمَةٍ وَ انقِطَاعِ مُدّةٍ مِن سَفكِ الدّمَاءِ بِغَيرِ حَقّهَا وَ اللّهُ سُبحَانَهُ مبُتدَِئٌ بِالحُكمِ بَينَ العِبَادِ فِيمَا تَسَافَكُوا مِنَ الدّمَاءِ يَومَ القِيَامَةِ فَلَا تُقَوّيَنّ سُلطَانَكَ بِسَفكِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنّ ذَلِكَ مِمّا يُضعِفُهُ وَ يُوهِنُهُ بَل يُزِيلُهُ وَ يَنقُلُهُ وَ لَا عُذرَ لَكَ عِندَ اللّهِ وَ لَا عنِديِ فِي قَتلِ العَمدِ لِأَنّ فِيهِ قَوَدَ البَدَنِ وَ إِنِ ابتُلِيتَ بِخَطَإٍ وَ أَفرَطَ عَلَيكَ سَوطُكَ وَ يَدُكَ بِعُقُوبَةٍ فَإِنّ فِي الوَكزَةِ فَمَا فَوقَهَا مَقتَلَةً فَلَا تَطمَحَنّ بِكَ نَخوَةُ سُلطَانِكَ عَن أَن تؤُدَيَّ إِلَي أَولِيَاءِ المَقتُولِ حَقّهُم وَ إِيّاكَ وَ الإِعجَابَ بِنَفسِكَ وَ الثّقَةَ بِمَا يُعجِبُكَ مِنهَا وَ حُبّ الإِطرَاءِ فَإِنّ ذَلِكَ مِن أَوثَقِ فُرَصِ الشّيطَانِ فِي نَفسِهِ لِيَمحَقَ مَا يَكُونُ مِن إِحسَانِ المُحسِنِ وَ إِيّاكَ وَ المَنّ عَلَي رَعِيّتِكَ بِإِحسَانِكَ أَوِ التّزَيّدَ فِيمَا كَانَ مِن فِعلِكَ أَو أَن تَعِدَهُم فَتُتبِعَ مَوعُودَكَ بِخُلفِكَ فَإِنّ المَنّ يُبطِلُ الإِحسَانَ وَ التّزَيّدَ يَذهَبُ بِنُورِ الحَقّ وَ الخُلفَ يُوجِبُ المَقتَ عِندَ اللّهِ وَ عِندَ النّاسِ قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُكَبُرَ مَقتاً عِندَ اللّهِ أَن تَقُولُوا ما لا تَفعَلُونَإِيّاكَ وَ العَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبلَ أَوَانِهَا أَوِ التّسَاقُطَ فِيهَا عِندَ إِمكَانِهَا أَوِ اللّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكّرَت أَوِ الوَهنَ عَنهَا إِذَا استَوضَحَت فَضَع كُلّ أَمرٍ مَوضِعَهُ وَ أَوقِع كُلّ عَمَلٍ مَوقِعَهُ وَ إِيّاكَ وَ الِاستِئثَارَ بِمَا النّاسُ فِيهِ أُسوَةٌ وَ التغّاَبيَِ عَمّا تُعنَي بِهِ مِمّا قَد وَضَحَ لِلعُيُونِ فَإِنّهُ مَأخُوذٌ مِنكَ لِغَيرِكَ وَ عَمّا قَلِيلٍ تَنكَشِفُ عَنكَ أَغطِيَةُ الأُمُورِ وَ يُنتَصَفُ مِنكَ لِلمَظلُومِ املِك حَمِيّةَ أَنفِكَ وَ سَورَةَ حَدّكَ وَ سَطوَةَ يَدِكَ وَ غَربَ لِسَانِكَ وَ احتَرِس مِن كُلّ ذَلِكَ بِكَفّ البَادِرَةِ وَ تَأخِيرِ السّطوَةِ حَتّي يَسكُنَ غَضَبُكَ فَتَملِكَ الِاختِيَارَ وَ لَن
صفحه : 612
تَحكُمَ ذَلِكَ مِن نَفسِكَ حَتّي تُكثِرَ هُمُومَكَ بِذِكرِ المَعَادِ إِلَي رَبّكَ وَ الوَاجِبُ عَلَيكَ أَن تَتَذَكّرَ مَا مَضَي لِمَن تَقَدّمَكَ مِن حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ أَو سُنّةٍ فَاضِلَةٍ أَو أَثَرٍ عَن نَبِيّنَاص أَو فَرِيضَةٍ فِي كِتَابِ اللّهِ فتَقَتدَيَِ بِمَا شَاهَدتَ مِمّا عَمِلنَا بِهِ فِيهَا وَ تَجتَهِدَ لِنَفسِكَ فِي اتّبَاعِ مَا عَهِدتُ إِلَيكَ فِي عهَديِ هَذَا وَ استَوثَقتُ بِهِ مِنَ الحُجّةِ لنِفَسيِ عَلَيكَ لكِيَ لَا تَكُونَ لَكَ عِلّةٌ عِندَ تَسَرّعِ نَفسِكَ إِلَي هَوَاهَا وَ مِن هَذَا العَهدِ وَ هُوَ آخِرُهُ وَ أَنَا أَسأَلُ اللّهَ تَعَالَي بِسَعَةِ رَحمَتِهِ وَ عَظِيمِ قُدرَتِهِ عَلَي إِعطَاءِ كُلّ رَغبَةٍ أَن يوُفَقّنَيِ وَ إِيّاكَ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ مِنَ الإِقَامَةِ عَلَي العُذرِ الوَاضِحِ إِلَيهِ وَ إِلَي خَلقِهِ مَعَ حُسنِ الثّنَاءِ فِي العِبَادِ وَ جَمِيلِ الأَثَرِ فِي البِلَادِ وَ إِتمَامِ النّعمَةِ وَ تَضعِيفِ الكَرَامَةِ وَ أَن يَختِمَ لِي وَ لَكَ بِالسّعَادَةِ وَ الشّهَادَةِ إِنّا إِلَيهِ رَاغِبُونَ وَ السّلَامُ عَلَي رَسُولِهِ وَ آلِهِ كَثِيراً وَ سَلّمَ تَسلِيماً
تبين قال الجوهري قال الكسائي جببت الماء في الحوض وجبوته أي جمعته وجبيت الخراج جباية وجبوته جباوة و لايهمز وأصله الهمز. و قال الفيروزآبادي في القاموس جبا الخراج كسعي ورمي جبوة وجباء وجباوة جمعه وجباية بكسرهن انتهي . و قال الكيدري الجبوة بالفتح للمرة وبالكسر للهيئة والنصب علي البدلية أو علي أنه مفعول لقوله ولاه ولعل المراد بالخراج هنا كل مايأخذه الوالي.
صفحه : 613
قوله ع و أن ينصر الله سبحانه بيده كالجهاد بالسيف وضرب من احتاج إليه في النهي عن المنكر مثلا. والمراد من قوله بقلبه في الاعتقادات والإنكار القلبي للآتي بالمنكرات والعزم علي إجراء الأحكام والعبادات . وتكفله سبحانه بقوله وَ لَيَنصُرَنّ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ وأمثالها. والكسر من النفس كناية عن كفها عن بعض ماتشتهيه و قال الجوهري وزعته أزعه كففته فاتزع هو أي كف و قال جمح الفرس إذااعتز فارسه وغلبه والجموح من الرجال ألذي يركب هواه فلايمكن رده وجمح أي أسرع قال أبوعبيد في قوله تعالي لَوَلّوا إِلَيهِ وَ هُم يَجمَحُونَ أي يسرعون و قال الدولة بالفتح في الحرب يقال كانت لنا عليهم الدولة وبالضم المال يقال صار الفيء دولة بينهم يتداولونه يكون مرة لهذا ومرة لهذا والجمع دولات ودول و قال بعضهم كلتاهما تكون في الحرب والمال . قوله ع إن الناس ينظرون أي كماكنت تمدح قوما من الولاة وتذم قوما كذلك من يسمع أخبارك يمدحك بأفعالك الحسنة ويذمك بأعمالك القبيحة فاحذر أن تكون ممن عاب ويذم . قوله ع ذخيرة العمل الصالح في بعض النسخ برفع ذخيرة والإضافة و في بعضها بالنصب علي التمييز ورفع العمل الصالح . قوله ع فيما أحببت وكرهت أي عندالشهوة والغضب أو في الأفعال والتروك . قوله ع وأشعر قلبك الرحمة أي اجعلها شعاره واللطف بهم في بعض النسخ بالتحريك و هوالإسلام من لطف كنصر لطفا بالضم إذارفق ودنا قال الجوهري ضري الكلب بالصيد ضراوة أي تعود وكلب ضار وكلبة ضارية وأضراه صاحبه أي عوده وأضراه به أيضا أي أغراه وإما نظير لك أي إنسان مثلك يفرط منهم الزلل أي ليسوا معصومين يقال
صفحه : 614
فرط إليه منه قول أي سبق والعلل الأمراض المعنوية أي أسباب المعاصي ودواعيها. قوله ع ويؤتي علي أيديهم قال ابن أبي الحديد هذامثل قولك يؤخذ علي أيديهم أي يؤدبون ويمنعون يقال خذ علي يد هذاالسفيه و قدحجر الحاكم علي فلان وأخذ علي يده . و قال ابن ميثم كناية عن كونهم غيرمعصومين بل هم ممن يؤتون من قبل العمد والخطإ وتأتي علي أيديهم أوامر الولاة والمؤاخذات فيما يقع منهم من عمد أوخطإ انتهي . وأقول إن الفعل في قوله يؤتي في بعض النسخ بصيغة الخطاب و في بعضها بصيغة الغيبة فعلي الأول يحتمل أن يكون الغرض بيان احتياجه إليهم وتضرره من ناحيتهم أي تهلك بسبب مايجري علي أيديهم عمدا أوخطأ من قولهم أتي عليه الدهر أي أهلكه وقولهم أتي من جهة كذا إذاأتاه الضرر من تلك الجهة. و علي الثاني الظرف قائم مقام الفاعل أي يهلك الحكام والولاة أيديهم كناية عن منعهم عن التصرفات ومؤاخذتهم بما عملته أيديهم فيرجع إلي بعض مامر ويمكن أن يكون القائم مقام الفاعل الضمير الراجع إلي الوالي بقرينة المقام فيئول إلي ماأفادته النسخة الأخري . أوالمعني أنهم وربما صدر منهم بعض القبائح بإضلال غيرهم فكأنه جري فعل المضل بأيديهم فهم مستحقون للصفح عنهم . قوله ع و قداستكفاك الضمير المرفوع راجع إلي الله و إلي الموصول في من ولاك أي طلب منك كفاية أمورهم وامتحنك بهم . ونصب النفس لحرب الله كناية عن مبارزته إياه بالمعاصي. قوله ع لايدي لك قال ابن أبي الحديد اللام مقحمة والمراد
صفحه : 615
الإضافة ونحوه قوله لا أبا لك . و قال ابن ميثم وحذف النون من يدين لمضارعته المضاف وقيل لكثرة الاستعمال . و قال ابن الأثير في حرف الياء في مادة يد من النهاية فيه قدأخرجت عبادا لي لايدان لأحد بقتالهم أي لاقدرة و لاطاقة يقال ما لي بهذا الأمر يد و لايدان لأن المباشر والدفاع إنما يكون باليد فكان يديه معدومتان لعجزه عن دفعه . و في بعض النسخ لايدا لك . و قال الجوهري البجح الفرح و قال البادرة الحدة وبدرت منه بوادر غضب أي خطإ وسقطات عند مااحتد والبادرة البديهة والمندوحة السعة والتأمير تولية الإمارة يقال هو أميرمؤمر والإدغال إدخال الفساد ومنهكة أي ضعف وسقم و قال الجزري فيه من يكفر الله يلقي الغير أي تغير الحال وانتقالها عن الصلاح إلي الفساد والغير الاسم من قولك غيرت الشيء فتغير و قال الأبهة العظمة والمخيلة الكبر و قال الفيروزآبادي طامن الأمر سكن و قال الطماح ككتاب النشوز والجماح و قوله إليك متعلق بقوله يطامن علي تضمين معني القبض أوالجذب و من للتبعيض . و قال الكيدري ضمن يطامن معني يرد فلذا عداه بإلي أي يرد إليك سورة غضبك واعتلائك و لايخليها تتجاوز عنك إلي غيرك وقيل إن إلي يتعلق بطماحك و هو من قولهم طمح بصره إلي الشيء أي ارتفع أي يسكن ذلك بعض نظرك نفسك بعين العجب والكبرياء والغرب بالفتح الحدة وبالكسر البعد ويفيء إليك أي يرجع إليك بما بعدعنك من عقلك والمساماة مفاعلة من السمو و هوالعلو. قوله ع أنصف الله أي بالقيام بما فرض عليك وأنصف الناس بالقيام بحقوقهم ومعاملتهم بالعدل دون عباده أي فقط
صفحه : 616
أو كان الله هوالحقيق بأن يسمي خصما فإن مخاصمة العباد مضمحلة في جنب مخاصمته وانتقامه . و قال الجوهري دحضت حجته دحوضا بطلت وأدحضه الله أبطله و قال أناحرب لمن حاربني أي عدو و قال نزع عن الأمور نزوعا انتهي عنها.أقول يحتمل أن يكون أداء حقوق الناس إليهم من التوبة أو يكون نزوعه عبارة عن أداء حقوقهم وتوبته عن ندمه فإنه مادام حابسا لحقوقهم فهو ظالم فلم يكن تاركا للظلم منتهيا عنه والمرصاد الطريق والموضع يرصد فيه العدو. و قال في النهاية كل خصلة محمودة فلها طرفان مذمومان فهي وسط بين الطرفين و فيه الوالد أوسط أبواب الجنة أي خيرها. قوله ع لرضا الرعية أي العامة يجحف برضي الخاصة أي يبطله و لايجدي نفعا عندسخط العامة من قولهم أجحف به أي ذهب به ولعل المراد بالخاصة أعيان أهل البلد وذوو المروءة منهم و من يلازم الوالي وصار كالصديق له يغتفر أي يستر و لايضر عندرضا العامة. قوله ع و ليس أحد من الرعية أثقل علي الوالي مئونة لسؤال المطالب والشفاعات وأقل معونة له في البلاء كوقت الحاجة و عندالعزل والنكبة لعدم حصول متمنياتهم وألحف السائل ألح وأقل شكرا عندالإعطاء لاعتقادهم زيادة فضلهم علي العامة وأبطأ عذرا عندالمنع أي إن منعهم الوالي و لم يعطهم لم يقبلوا منه عذرا وملمات الدهر نوازله ومصائبه . قوله ع من أهل الخاصة متعلق بأثقل و ماعطف عليه وجماع الشيء مجمعه ومظنته و قال الجوهري يقال صغوه معك وصغوه معك وصغاه معك أي ميله و في بعض النسخ صفوه بالفاء أي خالص
صفحه : 617
ودك والشناءة مثل الشناعة البغض وإطلاق عقدة الحقد إخراجه من القلب أي لاتحقد علي أحد فتكون الجملة التالية كالتفسير لها. ويحتمل أن يكون المراد إخراج الحقد علي نفسه عن قلوب الناس بحسن الخلق أوحقد بعضهم علي بعض بالموعظة ونحوها فتكون الجملة التالية مؤسسة. و قال في النهاية السبب في الأصل الحبل ثم استعير لكل مايتوصل به إلي شيء. و في الصحاح الوتر بالكسر الفرد وبالفتح الذحل أي الحقد والعداوة هذه لغة أهل العالية.فأما لغة أهل الحجاز فبالضد منهم . و أماتميم فبالكسر فيهما و قال تغابي تغافل أي لاتتعرض لأمر لم يتضح لك من أمورهم التي توجب حدا أوتعزيرا أوعتابا وتعييرا والساعي من يسعي إلي الوالي بذم الناس وجرائمهم والباء قوله يعدل بك للتعدية والفضل الإحسان . ويعدك الفقر أي يخوفك منه إشارة إلي قوله تعالي الشّيطانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ. و قوله بالجور متعلق بالشره فالجور جور المأمور أوبالتزيين فالمراد جور الأمر والشره غلبة الحرص والجور الميل عن القصد. قوله ع يجمعها سوء الظن أي هوملزومها أومعني مشترك بينها وبطانة الرجل بالكسر صاحب سره ومحل مشورته والواو في قوله و أنت واجد يحتمل العطف والحالية ومنهم متعلق باسم التفضيل مقدم عليه وممن بيان لقوله خير الخلف ويقال رجل نافذ في أمره أي ماض والآصار جمع الإصر بالكسر و هوالذنب والثقل والحنو العطف والشفقة وحفلاتك أي مجامعك ومحفل القوم
صفحه : 618
مجتمعهم و قوله ع واقعا منصوب علي الحالية أي في حال وقوع ذلك القول منه والنصيحة وقلة المساعدة حيث وقع من هواك سواء كان في هوي عظيم أوحقير أوحيث وقع هواك أي سواء كان ماتهواه عظيما أو ليس بعظيم . ويحتمل أن يريد واقعا ذلك الناصح من هواك ومحبتك حيث وقع أي يجب أن يكون له من هواك موقعا كذا ذكره ابن ميثم . وقيل يحتمل أن يكون ذلك إشارة إلي ما يكون منك أي سواء كان ذلك الفعل الصادر عنك مما تهواه هوي عظيما أم لا. والأظهر أن المعني أن الناصح يقول وينصح ويمنع سواء كان علمه موافقا لهواك ورضاك أم لافقوله حيث وقع أي من الموافقة والمخالفة. قوله ع والصق علي بناء المجرد و في بعض النسخ علي بناء الإفعال أي ألصق نفسك بهم و علي التقديرين المعني اجعلهم خاصتك وخلصاءك ثم رضهم أي ربهم وعودهم أن لايمدحوك في وجهك . و قال الجوهري البجح الفرح وبجحته أناتبجيحا فتبجح أي أفرحته ففرح والتوصيف بقوله لم تفعله ليس للتخصيص بل المعني لايفرحوك بمدحك بما لم تفعله فإنه باطل كما قال سبحانه وَ يُحِبّونَ أَن يُحمَدُوا بِما لَم يَفعَلُوا والزهو الكبر والفخر والعزة بالعين المهملة والزاي بمعني القوة والغلبة والشدة أي يقربك إلي أن يقوي الشيطان ونفسك الأمارة ويغلبا عليك أو إلي أن يقسو قلبك فتغلب الرعية وتظلمهم . و في بعض النسخ بالغين المعجمة والراء المهملة أي الغفلة عن الحق والاغترار بالباطل والتزهيد خلاف الترغيب والتدريب التعويد. قوله ع وألزم كلا منهم أي فجاز المحسن بالإحسان
صفحه : 619
والمسيء بالإساءة والنصب التعب و هوهنا اغتمامه حذرا من أن يصيبه منهم مكروه أو لايطيعوه والبلاء يطلق علي الخير والشر كما قال تعالي وَ نَبلُوكُم بِالشّرّ وَ الخَيرِ فِتنَةً والمراد هنا بالأول الأول وبالثاني الثاني. و قال الجوهري صدر كل شيءأوله والصلاح ضد الفساد والفعل كدخل وحسن والمنافثة المحادثة وَ فِي الحَدِيثِ أَنّ الرّوحَ الأَمِينَ نَفَثَ فِي روُعيِ
و في بعض النسخ مثافنة الحكماء بتقديم المثلثة علي النون وهي المعاونة. و قال الراوندي رحمه الله اشتقاقه من ثفنة البعير وهي مايقع علي الأرض من أعضائه إذااستنيخ كأنك ألصقت ثفنة ركبتك ركبته قوله ع من أهل الذمة قال ابن ميثم لف ونشر ويحتمل أن يكون بيانا لأهل الخراج فإن للإمام أن يقبل أرض الخراج من سائر المسلمين و أهل الذمة والتجار بالضم والتشديد وبالكسر والتخفيف جمع تاجر. والصناعة بالكسر حرفة الصانع والضميران في حده وفريضته إما راجعان إلي الله أو إلي كل . والمراد بالعهد الحكم الخاص بكل منهم . وقوام الشيء بالكسر مايقوم به وينتظم به أمره . قوله ع و يكون من وراء حاجتهم أي فيما يحتاجون إليه والوراء إما بمعني الخلف كأنه ظهر لحاجتهم ومحل لاعتمادهم أوبمعني القدام كماقيل في قوله وَ كانَ وَراءَهُم مَلِكٌفكأنه يسعي بين يدي حاجتهم لكفاية أمورهم والأول أظهر ويحكمون بصيغة الإفعال . قوله ع من مرافقهم أي مرافق الرعية أوالتجار وذوي الصناعات أي المرافق الحاصلة بهم وكذلك الضمير في أسواقهم والمرفوع في يكفونهم راجع إلي التجار و ماعطف عليه وكذا ضمير بأيديهم وغيرهم
صفحه : 620
و قال الجوهري المرفق من الأمر هو ماارتفقت به وانتفعت به و قال حق الشيء يحق أي وجب و قال الرفد العطاء والصلة. قوله ع و في الله أي في جوده وعنايته فليعتمدوا علي الله في تدبير أمورهم أو في حكمه وشريعته و ماقرر لكل منهم في كتابه وسنة نبيه قوله ع بقدر مايصلحه الضمير راجع إلي الكل وقيل إلي الوالي و هوبعيد. قوله ع فول من جنودك أي اجعل الوالي علي جندك من كان كذلك أنقاهم جيبا أي أطهرهم جيبا أي عفيفا أمينا ويكني عن العفة والأمانة بطهارة الجيب لأن ألذي يسرق يجعل المسروق في جيبه و هذه الوصية في ولاة الجيش لأجل الغنائم كذا ذكره ابن أبي الحديد. و قال ابن ميثم ناصح الجيب كناية عن الأمين . ولعله لم يكن في نسخته لفظة أنقاهم و قال الجوهري رجل ناصح الجيب أمين . ويحتمل أن يكون المراد بطهارة جيبه أونصحه كونه محبا للإمام ع غيرمبطن لعداوة أونفاق . قوله ع ويستريح إلي العذر أي يسكن عندالعذر ويميل إليه فيقبله . ويحتمل أن يكون من قولهم عذرته عذرا فيما صنع فالعذر بمعني قبول العذر. قوله ع وينبو علي الأقوياء كذا في أكثر النسخ المصححة أي يعلو علي الأقوياء ويدفع ظلمهم عن الضعفاء من النباوة وهي الأرض المرتفعة. و في بعض النسخ عن الأقوياء أي يتجافي ويبعد عنهم و لايميل إليهم
صفحه : 621
من قولهم نبأ بصره عن الشيء إذاتجافي عنه . قوله ع وممن لايثيره عطف علي قوله ممن يبطئ أي لا يكون له عنف فيثيره و لو كان له عنف بمقتضي طبعه يطفيه بعقله أو أنه لوعنف به أحد تحلم وصبر. ولعل المراد بالإلصاق بذوي الأحساب تفويض الولايات والأمور إليهم أوتفقد أحوالهم وتربيتهم وحفظهم عن الضياع والحسب بالتحريك مايعد من المآثر وقيل الشرف الثابت له ولآبائه والسوابق الفضائل التي يسبق لها. و قال الجوهري النجدة الشجاعة ولاقي فلان نجدة أي شدة. والسماحة بالفتح موافقة الرجل علي ماأريد منه أوالجود والعطاء. قوله ع فإنهم جماع من الكرم أي مجمع من مجامع الكرم أوتلك الصفات من الصفات الجامعة من جملة صفات الكرم و في إتيان ضمير ذوي العقول تجوز كقوله فَإِنّهُم عَدُوّ لِي إِلّا رَبّ العالَمِينَ و قال ابن أبي الحديد أي مجمع الكرم
وَ مِنهُ الحَدِيثُ الخَمرُ جِمَاعُ الإِثمِ
و من هاهنا زائدة و إن كان في الإيجاب علي مذهب الأخفش . قوله ع وشعب من العرف أي شعب العرف أي أقسامه وأجزاؤه أو من المعروف لأن غيرها أيضا من الكرم والمعروف نحو العدل والفقه . قوله ع ثم تفقد من أمورهم أي أمور الجنود أوذوي الأحساب و من بعده أوالرعية مطلقا والتفقد طلب الشيء عندغيبته . و قال الجوهري تفاقم الأمر عظم والتاء في داعية للمبالغة.
صفحه : 622
قوله ع اتكالا علي جسيمها أي اعتمادا علي تفقد عظيمها و من واساهم أي الجنود من جدته أي غناه و من خلوف أهليهم أي من يخلفونه من أولادهم وأهليهم إلابحيطتهم في أكثر النسخ المصححة بفتح الحاء وتشديد الياء و ليس موجودا فيما ظفرنا به من كتب اللغة بل فيهاالحيطة بكسر الحاء وسكون الياء كما في بعض النسخ قال الجوهري الحيطة بالكسر الحياطة وهما من الواو و قدحاطه يحوطه حوطا وحياطة وحيطة أي كلأه ووعاه و مع فلان حيطة لك و لاتقل عليك أي تحنن وتعطف . و قال ابن أبي الحديد وأكثر الناس يروونها بتشديد الياء وكسرها والصحيح بكسر الحاء وتخفيف الياء. قوله ع وقلة استثقال دولهم أي بأن كانوا راضين بدولتهم و لايعدوها ثقيلا و لايتمنوا زوالها والاستبطاء عد الشيء بطيئا. قوله ع وواصل في حسن الثناء عليهم أي كرره حتي كأنك وصلت بعضه ببعض أوواصلهم وتحبب إليهم بذلك . و في بعض النسخ من حسن وتعديد البلاء كثرة إظهاره و قال في النهاية فيه عسي أن يؤتي هذا من لايبلي بلائي أي لايعمل مثل عملي في الحرب كأنه يريد أفعل فعلا أختبر فيه ويظهر خيري وشري والهز التحريك والتحريض الترغيب ثم اعرف أي اعلم مقدار بلاء كل امرئ منهم وجازه بذلك المقدار و لاتقصرن به دون غاية بلائه أي بأن تذكر بعضه أوتحفره و لاتجازيه بحسبه . قوله ع مايضلعك في بعض النسخ بالضاد و في بعضها بالظاء و قال ابن الأثير في مادة ضلع من كتاب النهاية فيه أعوذ بك من الكسل وضلع الدين أي ثقله والضلع الاعوجاج أي يثقله حتي يميل صاحبه عن الاستواء والاعتدال يقال ضلع بالكسر يضلع ضلعا بالتحريك
صفحه : 623
وضلع بالفتح يضلع ضلعا بالتسكين أي مال و من الأول حديث علي ع واردد إلي الله ورسوله مايضلعك من الخطوب أي يثقلك . و قال الظاء في مادة ظلع الظلع بالسكون العرج وظلعوا أي انقطعوا وتأخروا لتقصيرهم وأخاف ظلعهم بفتح اللام أي ميلهم عن الحق وضعف إيمانهم وقيل ذنبهم وأصله داء في قوائم الدابة يغمز منها و رجل ظالع أي مائل وقيل إن المائل بالضاد. و قال ابن أبي الحديد الرواية الصحيحة بالضاد و إن كان للرواية بالظاء وجه . قوله ع بسنته الجامعة أي التي تصير أهواؤهم ونياتهم بالأخذ بهاواحدة و لايتفرقون عن طاعة الله وعبادته . قوله ع ثم اختر للحكم بين الناس هووصية في نصب القضاة في نفسك أي اعتقادك والباء في تضيق به للتعدية و لايمحكه الخصوم كذا في النسخ المعتبرة علي صيغة المجرد إما بالياء أوبالتاء و ألذي يظهر من كلام أهل اللغة هو أن محك لازم . و ألذي رواه ابن الأثير في النهاية هوتمحكه بضم التاء من باب الإفعال و قال في حديث علي ع لاتضيق به الأمور و لاتمحكه الخصوم قال المحك اللجاج و قدمحك يمحك وأمحكه غيره انتهي . و في بعض النسخ يمحكه علي بناء التفعيل . و قال ابن ميثم في شرح قوله ممن لايمحكه الخصوم أي لايغلبه علي الحق باللجاج وقيل ذلك كناية عمن يرتضيه الخصوم فلاتلاجه ويقبل منه بأول قوله . قوله ع و لايتمادي في الزلة أي لايستمر في الخطإ بل يرجع بعدظهور الحق و قال الجوهري الحصر العي يقال حصر الرجل يحصر حصرا مثل تعب تعبا والحصر أيضا ضيق الصدر يقال حصرت
صفحه : 624
صدورهم و كل من امتنع من شيء لم يقدر عليه فقد حصر عنه وحصرت الرجل فهو محصور أي حبسته وحصره وحبسته وحصره العدو يحصرونه إذاضيقوا عليه انتهي والمعني لايضيق صدره و لايشكل عليه الرجوع إلي الحق إلي معرفته و لايحبس نفسه عنه والتبرم التضجر والملال أي لايمل من معاودة الكلام رجاء ظهور الحق وأصرمهم أقطعهم وأمضاهم . و قال الجوهري زهاه وازدهاه استخفه وتهاون به و منه قولهم فلان لايزدهي بخديعة والإطراء المدح والإغراء التحريض . قوله ع ثم أكثر تعاهد قضائه أي ابحث واستخبر مايقضي ويحكم به هل هوموافق للحق ثم أمره بأن يفرض له عطاء واسعا يملأ عينه ويتعفف به عن الرشوة و قال الجوهري زاح الشيء يزيح زيحا أي بعد وذهب وأزحت علته فزاحت . و قال ابن ميثم ما في قوله مايزيح علته يحتمل أن يكون بدلا من البذل و أن يكون مفعولا لفعل محذوف دل عليه البذل أي فتبدل له مايزيح علته و أن يكون مفعولا لقوله افسح فسح وسع له مايكفيه من المال أو في معني مصدر افسح أي افسح له فسحا يزيل علته انتهي . والاغتيال في الأصل أن تقتل رجلا خدعة وهاهنا كناية عن ذم الناس له وتقبيح ذكره عندالوالي حتي ينحرف عنه . قوله ع قد كان أسيرا أي في زمن من تقدم من الخلفاء. قوله ع والعمال هم المنصوبون لجباية الخراج والجزية والصدقات فاستعملهم اختيارا في بعض النسخ بالمثناة أي انصب من عمالك من كان مختارا عندك والاختيار الاصطفاء أو من تختاره بعدالتأمل والتفكر و في بعضها بالموحدة أي بعداختبارك وامتحانك لهم . و قال الجوهري حباه يحبوه أي أعطاه . و قال ابن أبي الحديد أي لاتولهم محاباة لهم أولمن يشفع لهم و لاأثرة وإنعاما
صفحه : 625
عليهم . و قال في القاموس حاباه محاباة وحباء نصره واختصه ومال إليه فإنهما أي المحاباة والأثرة كما هومصرح به في بعض النسخ بدل الضمير و في بعض النسخ فإنهم والتوخي التحري والقصد قاله الجوهري. و قال القدم واحد الأقدام والقدم السابقة في الأمر يقال لفلان قدم صدق أي أثرة حسنة و قال الفيروزآبادي فالقدم بمعني الرجل مؤنثة وقول الجوهري القدم واحد الأقدام سهو صوابه واحدة. و قال في النهاية الأعراض جمع العرض و هوموضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره وقيل هوجانبه ألذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب و قال ابن قتيبة عرض الرجل نفسه وبدنه لا غير. و قال ابن أبي الحديد الإشراف شدة الحرص علي الشيء. قوله ع ماتحت أيديهم أي من أموال المسلمين مما أمروا بجبايتها أوثلموا أمانتك كناية عن الخيانة والثلمة الخلل في الحائط وغيره . قوله ع وابعث العيون أي من يراقبهم ويطلع عليهم . والعين الجاسوس والديدبان حدوة لهم أي باعث ومحرض لهم والحدو في الأصل سوق الإبل والغناء لها. قوله ع وتحفظ من الأعوان أي من خيانة أعوان الولاة أوأعوانك في ذكر أحوال العمال بأغراضهم الفاسدة أوالأعوان هم الحاضرون عنده الذين يبعثهم إلي المواضع القريبة وضمير بهاراجع إلي الخيانة. واكتفيت جزاء الشرط وأخذه بما أصاب من عمله استعادة ماأخذه خيانة و قال الجوهري وسمته وسما وسمة إذاأثرت فيه بسمة وكي والهاء عوض عن الواو وقلدته عار التهمة أي جعلت العار كالقلادة في عنقه
صفحه : 626
قوله ع لأن ذلك أي الخراج أواستجلابه فإن شكوا ثقلا أي ثقل الخراج المضروب عليهم أوثقل وطأة العامل أوعلة كالجراد والبرد ونحوهما والشرب بالكسر الحظ من الماء و قال الجوهري والجزري يقال لاتبلك عندي بالة أي لايصيبك مني ندي و لاخير. و قال ابن ميثم البالة القليل من الماء تبل به الأرض و قال أحالت الأرض تغيرت عما كانت عليه من الاستواء فلانتجت زرعها و لاأثمرت نخلها. و قال ابن أبي الحديد أوبالة يعني المطر. و قال في النهاية حالت الناقة وأحالت إذاحملت عاما و لم تحمل عاما و قال في الحديث إنه جعل علي كل جريب عامر أوغامر درهما وقفيزا الغامر ما لم يزرع مما يحتمل الزراعة من الأرض سمي غامرا لأن الماء يغمره فهو والغامر فاعل بمعني مفعول انتهي . قوله ع أوأجحف بها أي ذهب به والمعني أتلفها عطش بأن لايكفيها الماء الموجود في الشرب أولتقصير أومانع حسن نياتهم أي صفاء باطنهم وميلهم بالقلوب و في بعض النسخ ثنائهم واستفاضة العدل انتشاره . و قوله معتمدا حال من ضمير خففت أي قاصدا والإجمام الترفيه . و قوله والثقة النسخ متفقة علي جرها فيكون معطوفا علي قوله أوإجمامك .
صفحه : 627
و قال ابن ميثم فضل نصب بالمفعول من معتمدا والثقة معطوف علي المفعول المذكور ولعله قرأ بالنصب . قوله ع فربما حدث من الأمور كاحتياجك إلي مساعدة مال يقسطونه عليهم قرضا لك أومعونة محضة والإعواز الفقر. قوله ع علي الجمع أي جمع المال لأنفسهم أوللسلطان وسوء ظنهم بالبقاء أي الإبقاء علي العمل لخوف العزل أويظنون طول البقاء وينسون الموت والزوال أي بالبقاء. و في النهاية العبر جمع عبرة وهي كالموعظة مما يتعظ به الإنسان ويعمل به ويعتبر ليستدل به علي غيره . قوله ع فول علي أمورك لعل المراد بها ما يكون لها نهاية الاختصاص بالوالي من الأمور الكلية دون الجزئية المتعلقة بالقري ونحو ذلك فالمراد بخيرهم خير كتاب الوالي. ويمكن أن يراد بهامطلق أموره فالضمير في خيرهم عائد إلي مطلق الكتاب والأول أظهر. قوله ع مكايدك أي تدابيرك الخفية والمعني اجعل رسائلك المذكورة مخصوصة بمن كان منهم أشد جمعا للأخلاق الصالحة كالعلم بوجوه الآراء المصلحة والوفاء والنصيحة والأمانة وغيرها. والبطر الطغيان عندالنعمة. قوله ع و لاتقصر به أي لاتجعله الغفلة مقصرا و قوله وفيما لعله معطوف علي قوله عن إيراد يأخذ لك كالخراج أوالمكاتيب التي تكون حجة لك ويعطي منك كسهام الجند أوالمكاتيب التي تكون حجة لغيرك . قوله ع و لايضعف أي إن عقد لك عقدا قواه وأحكمه
صفحه : 628
و إن عقد خصومك عليك عقدا اجتهد في إدخال مايمكن به حله ونقضه عندالحاجة فالمراد بالإطلاق إما ترك التقييد أوحل العقد. و في بعض النسخ لايعجز بصيغة الإفعال أي لايعجزك . واستنامتك أي ميل قلبك إليه قال الجوهري استنام إليه أي سكن إليه واطمأن . قوله ع فإن الرجال يتعرضون قال ابن أبي الحديد ويروي يتعرفون أي يجعلون أنفسهم بحيث تعرف بالمحاسن بتصنعهم فاعمد لأحسنهم كان أي اقصد لمن كان في زمن الصالحين قبلك أحسنهم . قوله ع ولمن وليت أمره أي لإمامك . قوله ع واجعل لرأس كل أمر قال ابن أبي الحديد نحو أن يكون أحدهم للرسائل إلي الأطراف والأعداء والآخر لأجوبة عمال السواد والآخر لخاصته ونفقاته . قوله ع لايقهره كبيرها أي لايعجز عن القيام بحقه و لايتشتت عليه أي لايتفرق لكثرته وضميرا كبيرها وكثيرها راجعان إلي الأمور. قوله ع ألزمته أي يأخذك الله والإمام بتغافلك . قوله ع ثم استوص قال ابن أبي الحديد أي أوص نحو قر في المكان واستقر يقول استوص بالتجار خيرا أي أوص نفسك بذلك و منه قول النبي ص استوصوا بالنساء خيرا ومفعولا استوص وأوص هاهنا محذوفان للعلم بهما. ويجوز أن يكون معني استوص أي اقبل الوصية مني بهم وأوص بهم أنت غيرك . والمضطرب يعني المسافر والضرب السير في الأرض قال الله تعالي
صفحه : 629
إِذا ضَرَبتُم فِي الأَرضِ. قوله ع والمترفق ببدنه أي أهل الصنائع فإنهم يتكلفون نفع الناس ونفع أنفسهم بتجشم العمل وإتعاب البدن والمرافق ماينتفع بها والمطارح المواضع البعيدة قال الجوهري الطرح بالتحريك المكان البعيد وحيث قال ابن أبي الحديد ويروي بحذف الواو أي من مكان لايجتمع الناس لمواضع تلك المنافع منه و لايجترءون عليها فيه كالبحار والجبال ونحوهما. والضمير في مواضعها وعليها يعود إلي المنافع . قوله ع فإنهم سلم أي و لوأسلم وصلح لايتخوف منهم إفساد في دولة و لاخيانة في مال والبائقة الداهية وقيل الظلم . والغائلة الشر وحواشي البلاد أطرافها والشح البخل أوالحرص والحكر الجمع والإمساك والاحتكار الحبس انتظارا للغلاء وسيأتي أحكام الاحتكار في محلها. و قال في القاموس تحكم في الأمر جار فيه حكمه و قال البياعة بالكسر السلعة والجمع بياعات ولفظ وعيب في بعض النسخ مذكور بالرفع عطفا علي باب و في بعضها بالجر عطفا علي مضرة وسمح بكذا سمحا بالفتح أي جاد وأعطي أووافق علي ماأريد منه والمراد هنا إما ترك البخس في المكيال والميزان فالمراد بقوله بموازين عدل عدم النقص في أصل الميزان ويحتمل التأكيد. أوالمراد بالسمح إعطاء الراجح قليلا أوالرفق بالمشتري وترك الخشونة علي الاستحباب و إن كان الظاهر الوجوب وقارفه أي قاربه وخالطه . والمراد بالتنكيل والمعاقبة في غيرإسراف التعزير علي قدر المصلحة. قوله ع ثم الله الله أي اذكر الله واتقه والحيلة الحذق في تدبير الأمور و أهل البؤسي لفظ أهل غيرموجود في أكثر النسخ .
صفحه : 630
والبؤسي مصدر كالنعمي وهي شدة الحاجة فلايصح عطفه علي المساكين والمحتاجين إلابتقدير و أماالزمني فهو جمع زمن فيكون معطوفا علي أهل البؤسي لاالبؤسي وسيأتي تفسير القانع والمعتر واحفظ لله أي اعمل بما أمر الله به في حقهم أواعمل بما أمرك به من ذلك لله . و قال في النهاية الصوافي الأملاك والأراضي التي جلا عنها أهلها أوماتوا و لاوارث لها واحدها صافية. قال الأزهري يقال للضياع التي يستخلصها السلطان لخاصته الصوافي و به أخذ من قرأ فاذكروا اسم الله عليها صوافي أي خالصة لله تعالي انتهي . ولعل المراد بالقسم من بيت المال في قوله ع واجعل لهم قسما من بيت مالك هوالسهم المفروض لهم من الزكوات والأخماس وبالقسم من غلات الصوافي مايكفيهم لسد خلتهم من خاصة الإمام ع من الفيء والأنفال تبرعا ويحتمل شموله لبيت المال أيضا. والمراد بالأقصي من بعد من بلد الوالي وقيل من بعد من جهة الأنساب
صفحه : 631
والأسباب منه وقيل أي لاتصرف ما كان من الصوافي في بعض البلاد علي مساكين ذلك البلد خاصة فإن لغيرهم فيهامثل حقهم و كل قداسترعيت حقه أي أمرك الله برعاية حقه . قوله ع و لايشغلنك عنهم نظر أي تفكر في أمر آخر واهتمام به و في بعض النسخ بطر بالباء والطاء المهملة أي مرح وطغيان . والتافه الحقير. قوله لأحكامك في أكثر النسخ بفتح الهمزة ويمكن أن يقرأ بالكسر ولعله أنسب كما لايخفي والإشخاص الإخراج و لاتصعر خدك لهم أي لاتمل وجهك عن الناس تكبرا ممن تقتحمه العيون أي تزدريه وتحتقره وتحقر بالتخفيف وكسر القاف أي تستحقره و في بعض النسخ علي التفعيل ففرغ لأولئك ثقتك أي عين لرفع أمورهم إليك رجلا من أهل الخشية لله والتواضع لهم أولله أوالخشية لله والتواضع للإمام أو لك ثم اعمل فيهم أي اعمل في حقهم بما أمر الله به بحيث تكون ذا عذر عنده إذاسألك عن فعلك بهم . قوله ع وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن ممن لاحيلة له قال الجوهري الرقق محركة الضعف و رجل رقيق أي ضعيف و قال ابن ميثم أي المشايخ الذين بلغوا في الشيخوخة إلي أن رق جلدهم ثم ضعف حالهم عن النهوض فلاحيلة لهم . و قال الكيدري أي الذين بلغوا في السن غاية يرق لهم ويرحم عليهم و لاينصب نفسه أي حياء أوثقة بالله . قوله ع والعاقبة في بعض النسخ بالقاف والباء الموحدة. و في بعضها بالفاء والياء المثناة فصبروا أنفسهم بالتخفيف والتشديد. قال في النهاية أصل الصبر الحبس و قال تعالي وَ اصبِر نَفسَكَ مَعَ الّذِينَ يَدعُونَ رَبّهُم.
صفحه : 632
و قال الفيروزآبادي صبره طلب منه أن يصبر. قوله ع قسما أي من أوقاتك تفرغ لهم فيه شخصك أي لاتشتغل فيه بسائر الأشغال وتقعد عنهم جندك أي تنهاهم عن التعرض لهم والدخول في أمورهم والأحراس جمع حارس أي الحفظة و قال في النهاية شرط السلطان نخبة أصحابه الذين يقدمهم علي غيرهم من جنده والشرطة أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة. وأيضا قال ابن الأثير في مادة تعتع من النهاية فيه حتي يؤخذ للضعيف حقه غيرمتعتع بفتح التاء أي من غير أن يصيبه أذي يقلقله ويزعجه يقال تعتعته فتتعتع و غيرمنصوب لأنه حال من الضعيف انتهي . قوله ع لن تقدس أي لن تطهر عن العيوب والنقائص و هو علي المجهول من التفعيل والمعلوم من التفعل والخرق الجهل وكذلك العي أي تحمل عنهم و لاتعاتبهم والضيق التضييق عليهم في الأمور أوالبخل أوضيق الصدر بما يرد من الأمور أوالعجز والأنف بالتحريك الامتناع من الشيء استكبارا والكنف بالتحريك الجانب والناحية والإعطاء الهنيء ما لم يكن مشوبا بالمن والأذي ونحو ذلك ويقال أجملت الصنيعة عندفلان وأجمل في صنيعه ذكره الجوهري وأعذر أي أبدي عذره . و قوله أمور مبتدأ خبره محذوف أي هناك أمور و في الصحاح وعيي إذا لم يهتد لوجهه والعي خلاف البيان و قدعي في منطقه وعيي أيضا و قال مكان حرج وحرج أي ضيق و قدحرج صدره يحرج حرجا. قوله ع بالغا من بدنك أي و إن أتعبك ذلك تعبا كثيرا. قوله ع فلاتكونن منفرا أي بالتطويل ألذي يوجب نفرة الناس و لامضيعا بالتأخير عن أوقات الفضيلة والتقصير في الآداب والتعليل للأول .
صفحه : 633
و قوله ع وكن بالمؤمنين رحيما من تتمة الحديث النبويص أو من كلامه ع ورجح ابن أبي الحديد الثاني قوله ع من الضيق أي البخل أوضيق الخلق أوغيرهما مما تقدم وقلة علم أي سبب لها والاحتجاب منهم الضمير للولاة أي الناشئ منهم أوللرعية فمن بمعني عن وضمير عنهم للولاة قطعا وكذا ضمير عندهم أي يصير سببا لأن يتوهموا كبير الأمور بتسويل الأعوان وأصحاب الأغراض صغيرا وكذا العكس ماتواري عنه الناس أي استتر والضمير في عنه راجع إلي الوالي و في به إلي ما و من الأمور بيان له . قوله ع وليست علي الحق سمات أي ليست علي الحق والباطل من الكلام علامات يعرفان بهابمجرد السماع فلابد من التجسس حتي يتميزا. و في النهاية أسدي وأولي وأعطي بمعني والمظلمة ماتطلبه من الظالم و هواسم ماأخذ منك والاستيثار الاستبداد بالأمور والتطاول الترفع والحامة الخاصة وحامة الرجل أقرباؤه و في النهاية الأقطاع يكون تمليكا و غيرتمليك و في الصحاح أقطعه قطيعة أي طائفة من أرض الخراج و في القاموس القطيعة محال بغداد قطعها المنصور أناسا من أعيان دولته . قوله ع و لايطمعن فاعله ضمير أحد المتقدم والعقدة بالضم الضيعة والعقار ألذي اعتقده صاحبه ملكا والعقدة المكان الكثير الشجر أوالنخل كذا في كتب اللغة. و قال ابن ميثم اعتقد الضيعة اقتناها و قال ابن أبي الحديد اعتقدت عقدة أي ادخرت ذخيرة. و لم نجدها في كلام أهل اللغة و لايخفي عدم مناسبة ماذكره ابن أبي الحديد و قال في النهاية كل أمر يأتيك من غيرتعب فهو هنيء و لك المهنأ والمهنّأ
صفحه : 634
قوله ع وكن في ذلك قال ابن ميثم الواو في وكن للحال وكذا واقعا حال أقول و في الأول نظر والحاصل ألزم الحق كل من لزم عليه أي حق كان من ظلامة أوحد أوقصاص و علي أي امرئ كان من قرابتك وخواصك وابتغ عاقبته أي عاقبة ذلك الإلزام . و في القاموس الغب بالكسر عاقبة الشيء كالمغبة بالفتح . قوله ع فأصحر لهم أي أظهر لهم عذرك يقال أصحر الرجل إذاخرج إلي الصحراء وأصحر به إذاأخرجه واعدل عنك في بعض النسخ بقطع الألف علي بناء الإفعال و في بعضها بالوصل علي بناء المجرد فعلي الأول من عدل بمعني حاد و علي الثاني من عدله أي نحاه فإن في ذلك إعذارا أي إظهارا للعذر والدعة الخفض وسعة العيش والهاء عوض عن الواو. ومقاربة العدو إظهاره المودة وطلبه الصلح ويتغفل أي يطلب غفلتك والحزم الأخذ في الأمر بالثقة واتهام حسن الظن ترك العمل بمقتضاه . و في النهاية العقدة البيعة المعقودة و قال حاطه يحوطه حفظه وصانه . قوله ع واجعل نفسك جنة أي لاتغدر و لوذهبت نفسك .فإنه ليس من فرائض الله شيء. قال ابن أبي الحديد شيءاسم ليس وجاز ذلك و إن كان نكرة لاعتماده علي النفي ولأن الجار والمجرور قبله في موضع الحال كالصفة فتخصص بذلك وقرب من المعرفة و الناس مبتدأ وأشد خبره و هذه الجملة المركبة من مبتدإ وخبر في موضع رفع لأنها صفة شيء. و أماخبر المبتدإ ألذي هو شيءفمحذوف وتقديره في الوجود
صفحه : 635
كماحذف الخبر في قولنا لاإله إلا الله . ويمكن أيضا أن يكون من فرائض الله في موضع رفع لأنه خبر المبتدإ و قدتقدم عليه و يكون موضع الناس و مابعده رفعا لأنه صفة المبتدإ ألذي هو شيء كماقلناه أولا و ليس يمتنع أيضا أن يكون من فرائض الله منصوب الموضع لأنه حال و يكون موضع الناس أشد رفعا لأنه خبر المبتدإ ألذي هو شيء. قوله ع و قدلزم ذلك أي لزم المشركون مع شركهم الوفاء بالعهود وصار ذلك سنة لهم فالمسلمون أولي باللزوم والوفاء. قوله ع لمااستوبلوا أي عدوا عواقب الغدر وبالا. قال في النهاية الوبال في الأصل الثقل والمكروه واستوبلوا المدينة أي استوخموها و قال فيه إني لاأخيس بالعهد أي لاأنقضه يقال خاس بعهده يخيس وخاس بوعده إذاأخلفه و قال ختله يختله خدعه وراوغه . و قال ابن ميثم أفضاه بسطه واستفاض الماء سال و قال في القاموس فضا المكان فضاء وفضوا اتسع والمنعة بالتحريك العز و قديسكن . قوله ع وحريما يسكنون إلي منعته ويستفيضون إلي جواره قال ابن أبي الحديد إلي هاهنا متعلق بمحذوف كقوله تعالي فِي تِسعِ آياتٍ إِلي فِرعَونَ أي مرسلا إليه أي جعل الله ذمته أمنا ينتشرون في طلب حوائجهم ساكنين إلي جواره و في الصحاح الدغل بالتحريك الفساد يقال قدأدغل في الأمر إذاأدخل فيه مايخالفه ويفسده و قال المدالسة كالمخادعة. قوله ع تجوز فيه العلل أي يتطرق إليه التأويلات والمعاذير و في النهاية اللحن الميل عن جهة الاستقامة يقال لحنت لفلان إذا
صفحه : 636
قلت له قولا يفهمه ويخفي علي غيره لأنك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم . والمعني لاتنقض العهود والمواثيق تمسكا بالتأويلات أو لاتقبل من الخصم ذلك ويحتمل الأعم . والانفساخ في بعض النسخ بالخاء المعجمة من الفسخ و هوالنقض و في بعضها بالمهملة و هوالاتساع . قوله ع لاتسقيل فيها أي لاتكون لك إقالة في الدنيا و لا في الآخرة. قوله ع وانقطاع مدة كمدة العمر والسلطنة وسعة العيش وينقله أي إلي غيرك والقود القصاص والوكز الضرب بجمع الكف أومطلقا والمعني أنه قديؤدي أمثالها إلي القتل . و قال الجوهري طمح بصره إلي الشيء ارتفع و كل مرتفع فهو طامح وأطمح فلان بصره رفعه والمعني لايمنعك كبر السلطنة عن أداء الدية وظاهره ثبوت الدية في الخطإ في إقامة التعزير مطلقا واختلف فيه الأصحاب فقيل لايضمن مطلقا. وقيل يضمن في بيت المال إذا كان الحد للناس فلو كان لله لم يضمن و قديقال الخلاف إنما هو في التعزير فإن تقديره منوط بالاجتهاد لاالحد فإنه مقدر وسيأتي تمام الكلام فيه في محله . وأعجب فلان بنفسه علي بناء المفعول إذاترفع وسر بما رأي من نفسه وأطريت فلانا مدحته بأحسن ما فيه وقيل جاوزت الحد في مدحه . قوله ع من أوثق فرص الشيطان في نفسه أي اعتماد الشيطان في الإضلال بزعمه علي هذاالنوع من الفرصة أشد من اعتماده علي سائر الأنواع والمحق الإبطال والتزيد في الحديث الكذب والمراد هنا أن تعطي أحدا واحدا فتقول أعطيته عشرة أوالتساقط فيها قال ابن أبي
صفحه : 637
الحديد هذاعبارة عن النهي عن الحرص والجشع قال الشنفري
و إن مدت الأيدي إلي الزاد لم أكن | بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل . |
و هذاأخذه من قول الجوهري تساقط علي الشيء أي ألقي نفسه عليه إلا أنه عداه بعلي كماتري وحينئذ لا يكون مقابلا للفقرة الأولي بل عينها و لايخلو عن بعدبقرينة مابعدها والظاهر أن التساقط في الأمر التقصير والتكاسل فيها كماذكره ابن ميثم . و قال الفيروزآبادي التنكر التغير عن حال تسرك إلي حال تكرهها والاسم النكير. و قال الجوهري استوضحت الشيء إذاوضعت يدك علي عينك تنظر هل تراه واستوضحه الأمر إذاسألته أن يوضحه لك انتهي .فعلي ما في بعض النسخ من بناء المجهول فالمعني واضح أي إذاتأملت فيها واستعملته وتيقنته و في بعضها علي بناء المعلوم . و قال ابن أبي الحديد أي وضحت وانكشفت و لم أجده في كلام أهل اللغة. قوله ع والتغابي عما تعني به أي التغافل عما تفعله خواصك أومطلقا من الأمور المنكرة فإنك تقصد به وتؤخذ منك للمظلوم وتعاقب عليه مما قدوضح للعيون لعل تخصيص هذاالنوع لكونه أشنع أولأنه لاينبغي للوالي تجسس العيوب والمعاصي الخفية. و قال ابن ميثم أي التغافل عما يجب العلم والعناية به من حقوق الناس المأخوذة ظلما مما قدوضح للعيون إهمالك انتهي . و لايخفي أنه إنما يستقيم تفسير ابن ميثم إذا كان يعني بصيغة المذكر الغائب لابالخطاب كمافيما عندنا من النسخ . ومأخوذ منك لغيرك أي تعاقب عليه مع أنك لم تنتفع به بل انتفع به
صفحه : 638
غيرك ويمكن أن يكون المراد بالغير المظلوم وعما قليل أي مجاوزا عن زمان قليل و مازائدة أونكرة موصوفة ينتصف منك أي ينتقم بالعدل و قال في النهاية في حديث معقل بن يسار فحمي من ذلك أنفا يقال أنف من الشيء يأنف أنفا إذاكرهه وشرفت نفسه عنه وأراد به هاهنا أخذته الحمية من الغيرة والغضب وقيل هوأنفا بسكون النون للعضو أي اشتد غضبه وغيظه من طريق الكناية كمايقال للمتغيظ ورم أنفه والسورة الحدة والشدة والإضافة للمبالغة. والسطوة الصولة. والبادرة من الكلام ألذي يسبق من الإنسان في الغضب . والأثر بالتحريك اسم من آثرت الحديث أي نقلته . واستوثقت أي استحكمت وتسرع إلي الأمر عجل علي إعطاء كل رغبة. قال ابن أبي الحديد الرغبة مصدر رغب في كذا كأنه قال القادر علي إعطاء كل سؤال أي كل سائل ماسأله وروي و كل رغيبه أي مايرغب فيه من الإقامة علي العذر ولعل المعني علي الجواب الواضح في كل ماسألنا الله عنه من حقوقه وحقوق خلقه وصاحب العذر بهذا المعني لا يكون مذنبا. و قال ابن ميثم يحتمل أن يكون العذر اسما من الإعذار إلي الله و هوالمبالغة في الإتيان بأوامره فكأنه قال من الإقامة علي المبالغة إليه في أداء أوامره انتهي . و في كون العذر اسما من أعذر كماذكره إشكال وتمام النعمة عطف علي قوله ما فيه أي لتمام نعمته علي وتضاعف كرامته لدي وتوفيقنا للأعمال الصالحة التي نستوجبهما بها.
صفحه : 639
كذا قيل والأظهر أنه عطف علي حسن الثناء وإنما اكتفينا بهذا القدر من البيان إيثارا للاختصار و إلافالمجلدات لاتفي بشرحه
745- جش ،[الفهرست للنجاشي] ابنُ نُوحٍ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ سُفيَانَ عَن عَلِيّ بنِ أَحمَدَ بنِ عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ عَن عَبّادِ بنِ يَعقُوبَ عَن عَمرِو بنِ ثَابِتٍ عَن جَابِرٍ قَالَ سَمِعتُ السبّيِعيِّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَن صَعصَعَةَ قَالَ لَمّا بَعَثَ ع مَالِكاً الأَشتَرَ وَالِياً عَلَي أَهلِ مِصرَ كَتَبَ إِلَيهِم مِن عَبدِ اللّهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِلَي نَفَرٍ مِنَ المُسلِمِينَ سَلَامٌ عَلَيكُم إنِيّ أَحمَدُ إِلَيكُمُ اللّهَ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ أَمّا بَعدُ فإَنِيّ قَد بَعَثتُ إِلَيكُم عَبداً مِن عَبِيدِ اللّهِ لَا يَنَامُ أَيّامَ الخَوفِ وَ لَا يَنكُلُ عَنِ الأَعدَاءِ حَرّازُ الدّوَائِرِ لَا نَاكِلٌ مِن قَدَمٍ وَ لَا وَاهِنٌ فِي عَزمٍ مِن أَشَدّ عِبَادِ اللّهِ بَأساً وَ أَكرَمِهِم حَسَباً أَضَرّ عَلَي الكُفّارِ مِن حَرِيقِ النّارِ وَ أَبعَدُ النّاسِ مِن دَنَسٍ أَو عَارٍ وَ هُوَ مَالِكُ بنُ الحَارِثِ أخا[أَخُو]مَذحِجٍ حُسَامٌ صَارِمٌ لَا ناَبيِ الضّرِيبَةِ وَ لَا كَلِيلُ الحَدّ عَلِيمٌ فِي الجِدّ رَزِينٌ فِي الحَربِ ذُو رأَيٍ أَصِيلٍ وَ صَبرٍ جَمِيلٍ فَاسمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا أَمرَهُ فَإِن أَمَرَكُم بِالنّفرِ فَانفِرُوا وَ إِن أَمَرَكُم أَن تُقِيمُوا فَأَقِيمُوا فَإِنّهُ لَا يُقدِمُ وَ لَا يُحجِمُ إِلّا بأِمَريِ وَ قَد آثَرتُكُم بِهِ عَلَي نفَسيِ لِنَصِيحَتِهِ لَكُم وَ شِدّةِ شَكِيمَتِهِ عَلَي عَدُوّكُم عَصَمَكُمُ اللّهُ بِالتّقوَي وَ زَيّنَكُم بِالمَغفِرَةِ وَ وَفّقَنَا وَ إِيّاكُم لِمَا يُحِبّ وَ يَرضَي وَ السّلَامُ عَلَيكُم وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ
بيان قوله ع حراز الدوائر في أكثر النسخ بالحاء المهملة ثم الراء المهملة ثم المعجمة أي الحارس في الدوائر أوجلابها من قولهم أحرز الأجر إذاحازه والدائرة الغلبة بالنصر والظفر و في بعضها بالجيم والمهملتين و هوأنسب و في بعضها بالجيم ثم المعجمة ثم المهملة و هوأيضا مناسب أي
صفحه : 640
القتال في الدوائر
746- وَ رَوَي هَذَا المَكتُوبَ[الثقّفَيِّ رَحِمَهُ اللّهُ] فِي كِتَابِ الغَارَاتِ، عَنِ الشعّبيِّ عَن صَعصَعَةَ وَ فِيهِ حِذَارُ الدّوَائِرِ وَ هُوَ أَظهَرُ وَ فِيهِ وَ هُوَ مَالِكُ بنُ الحَارِثِ الأَشتَرُ حُسَامٌ صَارِمٌ لَا ناَبيِ الضّرِيبَةِ وَ لَا كَلِيلُ الحَدّ حَلِيمٌ فِي السّلمِ رَزِينٌ فِي الحَربِ إِلَي قَولِهِ وَ قَد آثَرتُكُم بِهِ عَلَي نفَسيِ نَصِيحَةً لَكُم وَ شِدّةَ شَكِيمَةٍ عَلَي عَدُوّكُم عَصَمَكُمُ اللّهُ بِالهُدَي وَ ثَبّتَكُم بِالتّقوَي وَ وَفّقَنَا