صفحه : 3
صفحه : 5
عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِ( ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِن قَلبَينِ فِي جَوفِهِ)، قَالَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ لَا يَجتَمِعُ حُبّنَا وَ حُبّ عَدُوّنَا فِي جَوفِ إِنسَانٍ، إِنّ اللّهَ لَم يَجعَل لِرَجُلٍ مِن قَلبَينِ فِي جَوفِهِ،فَيُحِبّ بِهَذَا وَ يُبغِضُ بِهَذَا،فَأَمّا مُحِبّنَا فَيُخلِصُ الحُبّ لَنَا كَمَا يَخلُصُ الذّهَبُ بِالنّارِ لَا كَدَرَ فِيهِ،فَمَن أَرَادَ أَن يَعلَمَ حُبّنَا فَليَمتَحِن قَلبَهُ، فَإِن شَارَكَهُ فِي حُبّنَا حُبّ عَدُوّنَا فَلَيسَ مِنّا وَ لَسنَا مِنهُ، وَ اللّهُ عَدُوّهُم وَ جَبرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ اللّهُ عَدُوّ لِلكَافِرِينَ.
صفحه : 6
عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ، عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ لَيسَ النّاصِبُ مَن نَصَبَ لَنَا أَهلَ البَيتِ،لِأَنّكَ لَا تَجِدُ رَجُلًا يَقُولُ أَنَا أُبغِضُ مُحَمّداً وَ آلَ مُحَمّدٍ، وَ لَكِنّ النّاصِبَ مَن نَصَبَ لَكُم وَ هُوَ يَعلَمُ أَنّكُم تَتَوَلّونّا وَ أَنّكُم مِن شِيعَتِنَا.
صفحه : 7
روُيَِ عَنِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنّهُ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ الصّلَاةَ بِاللّيلِ فِي شَهرِ رَمَضَانَ مِنَ النّافِلَةِ جَمَاعَةً بِدعَةٌ، وَ صَلَاةُ الضّحَي بِدعَةٌ،أَلَا فَلَا تَجَمّعُوا لَيلًا فِي شَهرِ رَمَضَانَ فِي النّافِلَةِ، وَ لَا تُصَلّوا صَلَاةَ الضّحَي، فَإِنّ قَلِيلًا فِي سُنّةٍ خَيرٌ مِن كَثِيرٍ فِي بِدعَةٍ،أَلَا وَ إِنّ كُلّ بِدعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَ كُلّ ضَلَالَةٍ سَبِيلُهَا إِلَي النّارِ.
وَ قَد روُيَِ أَنّ عُمَرَ خَرَجَ فِي شَهرِ رَمَضَانَ لَيلًا فَرَأَي المَصَابِيحَ فِي المَسجِدِ، فَقَالَ مَا هَذَا.فَقِيلَ لَهُ إِنّ النّاسَ قَدِ اجتَمَعُوا لِصَلَاةِ التّطَوّعِ، فَقَالَ بِدعَةٌ وَ نِعمَتِ البِدعَةُ.
وَ قَد روُيَِ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ لَمّا اجتَمَعُوا إِلَيهِ بِالكُوفَةِ فَسَأَلُوهُ أَن
صفحه : 8
يَنصَبَ لَهُ إِمَاماً يصُلَيّ بِهِم نَافِلَةَ شَهرِ رَمَضَانَ،زَجَرَهُم وَ عَرّفَهُم أَنّ ذَلِكَ خِلَافُ السّنّةِ،فَتَرَكُوهُ وَ اجتَمَعُوا لِأَنفُسِهِم وَ قَدّمُوا بَعضَهُم،فَبَعَثَ إِلَيهِمُ الحَسَنَ عَلَيهِ السّلَامُ،فَدَخَلَ عَلَيهِمُ المَسجِدَ وَ مَعَهُ الدّرّةُ، فَلَمّا رَأَوهُ تَبَادَرُوا الأَبوَابَ وَ صَاحُوا وَا عُمَرَاه.
هذه الروايات أوردها السيّد رحمه اللّه في الشافي وحاصل الاستدلال أنّ التراويح كانت بدعة جماعتها،بل أصلها، ووضعها وأمر بهاعمر و كلّ بدعة حرام ، أمّا الأولي فلاعترافه بكونه بدعة كمامرّ. وروي عنه صاحب النهاية وغيره من علمائهم .
وَ رَوَي البخُاَريِّ وَ مُسلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا، وَ صَاحِبُ جَامِعِ الأُصُولِ عَن أَبِي سَلَمَةَ أَنّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ كَيفَ كَانَت صَلَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] فِي رَمَضَانَ.فَقَالَت مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَ لَا فِي غَيرِهَا عَلَي إِحدَي عَشرَةَ رَكعَةً،يصُلَيّ أَربَعاً فَلَا تَسأَلُ عَن حُسنِهِنّ وَ طُولِهِنّ، ثُمّ يصُلَيّ أَربَعاً فَلَا تَسأَلُ عَن حُسنِهِنّ وَ طُولِهِنّ، ثُمّ يصُلَيّ ثَلَاثاً،فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ تَنَامُ قَبلَ أَن
صفحه : 9
تُوتِرَ. قَالَ يَا عَائِشَةُ إِنّ عيَنيَّ تَنَامَانِ وَ لَا يَنَامُ قلَبيِ.
وَ رَوَي مُسلِمٌ وَ صَاحِبُ الجَامِعِ أَيضاً، عَن أَبِي سَلَمَةَ ، قَالَ أَتَيتُ عَائِشَةَ،فَقُلتُ أَي أُمّةِ أخَبرِيِنيِ عَن صَلَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ].فَقَالَت كَانَت صَلَاتُهُ فِي شَهرِ رَمَضَانَ وَ غَيرِهِ ثَلَاثَ عَشرَةَ رَكعَةً بِاللّيلِ،مِنهَا رَكعَتَا الفَجرِ.
وَ رَوَيَا رِوَايَاتٍ أُخَرَ قَرِيبَةً مِن ذَلِكَ.
وَ روُيَِ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَن زَيدِ بنِ ثَابِتٍ، قَالَاحتَجَرَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]حُجَيرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِيرٍ، قَالَ عَفّانُ فِي المَسجِدِ، وَ قَالَ عَبدُ الأَعلَي فِي رَمَضَانَ،فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]يصُلَيّ فِيهَا، قَالَ فَتَبِعَ إِلَيهِ رِجَالٌ وَ جَاءُوا يُصَلّونَ بِصَلَاتِهِ، قَالَ ثُمّ جَاءُوا إِلَيهِ فَحَضَرُوا وَ أَبطَأَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]عَنهُم فَلَم يَخرُج إِلَيهِم،فَرَفَعُوا أَصوَاتَهُم وَ حَصّبُوا البَابَ،فَخَرَجَ إِلَيهِم رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]مُغضَباً، فَقَالَ لَهُم مَا زَالَ بِكُم صَنِيعُكُم حَتّي ظَنَنتُ أَنّهُ سَتُكتَبُ عَلَيكُم،فَعَلَيكُم بِالصّلَاةِ فِي
صفحه : 10
بُيُوتِكُم، فَإِنّ خَيرَ صَلَاةِ المَرءِ فِي بَيتِهِ إِلّا الصّلَاةَ المَكتُوبَةَ.
أخرجه البخاري ومسلم وأخرج أبوداود و لم يذكر في رمضان .
وَ فِي رِوَايَةِ النسّاَئيِّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]اتّخَذَ حُجرَةً فِي المَسجِدِ مِن حَصِيرٍ فَصَلّي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] فِيهَا ليَاَليَِ فَاجتَمَعَ إِلَيهِ نَاسٌ ثُمّ فُقِدَ صَوتُهُ لَيلَةً فَظَنّوا أَنّهُ قَد نَامَ،فَجَعَلَ بَعضُهُم يَتَنَحنَحُ لِيَخرُجَ فَلَم يَخرُج، فَلَمّا خَرَجَ لِلصّبحِ قَالَ مَا زَالَ بِكُمُ ألّذِي رَأَيتُ مِن صَنِيعِكُم حَتّي خَشِيتُ أَن يُكتَبَ عَلَيكُم، وَ لَو كُتِبَ عَلَيكُم مَا قُمتُم بِهِ،فَصَلّوا أَيّهَا النّاسُ فِي بُيُوتِكُم، فَإِنّ أَفضَلَ الصّلَاةِ صَلَاةُ المَرءِ فِي بَيتِهِ إِلّا المَكتُوبَةَ.
وَ عَن أَنَسٍ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]يصُلَيّ فِي رَمَضَانَ،فَجِئتُ فَقُمتُ إِلَي جَنبِهِ وَ جَاءَ رَجُلٌ فَقَامَ أَيضاً حَتّي كُنّا رَهطاً، فَلَمّا أَحَسّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] أَنَا خَلفَهُ جَعَلَ يَتَجَوّزُ فِي الصّلَاةِ، ثُمّ دَخَلَ رَحلَهُ
صفحه : 11
فَصَلّي صَلَاةً لَا يُصَلّيهَا عِندَنَا، قَالَ قُلنَا لَهُ حِينَ خَرَجَ أَ فَطَنتَ بِنَا اللّيلَةَ. قَالَ نَعَم،ذَاكَ ألّذِي حمَلَنَيِ عَلَي مَا صَنَعتُ.
و قدذكر أخبارا كثيرة نحوا ممّا ذكرنا تركناها لقلّة الجدوي في تكرارها.فظهر من بعض أخبارهم أنّه صلّي اللّه عليه وآله ما كان يزيد في شهر رمضان شيئا من النوافل ، و من بعضها أنّه صلّي اللّه عليه وآله لم يرض بإيقاع النافلة جماعة،فإبداع هذاالعدد المخصوص في الشريعة وجعلها سنّة أكيدة بدعة لم يأمر بها النبيّ صلّي اللّه عليه وآله و لم يأت بها،فظهر أنّ قول بعضهم أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه وآله أتي بها ثم تركها من غيرنسخ لامستند له ، و لوكانت سنّة مرغوبا فيها ومندوبا إليها،فلم كان يتركه رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله ويخرج إليهم مغضبا، و يقول عليكم بالصلاة في بيوتكم و لا كان يترك صلاته ويهرب منهم ، و لاخلاف في أنّ الجماعة في كلّ صلاة تجوز فيهاعبادة، ولها فضل عظيم ،فلو جازت في هذه الصلاة و في غيرها من النوافل لماأغضبه الاجتماع ، و لا كان يأمرهم بالصلاة في بيوتهم في غيرالمكتوبة. و أمّا التعليل الوارد في رواياتهم المرويّة عن الكذّابين المشهورين فلايخفي علي عاقل أنّه من مفترياتهم ، و ليس في أخبار أهل البيت عليهم السلام شيء من ذلك ، فإنّ المواظبة علي الخير والاجتماع علي الفعل المندوب إليه لايصير سببا لأن يفرض علي الناس ، و ليس الربّ تعالي غافلا عن وجوه المصالح حتّي يتفطّن بذلك
صفحه : 12
الاجتماع ، ويظهر له الجهة المحسنة لإيجاب الفعل ، وكيف أمرهم صلّي اللّه عليه وآله مع ذلك الخوف بأن يصلوها في بيوتهم و لم لم يأمرهم بترك الرواتب خشية الافتراض ثم المناسب لهذا التعليل أن يقول خشيت أن يفرض عليكم الجماعة فيها، لا أن يفرض عليكم صلاة الليل ، كما في بعض رواياتهم . و قدذهبوا إلي أنّ الجماعة مستحبة في بعض النوافل كصلاة العيد والكسوف والاستسقاء والجنازة، و لم يصر الاجتماع فيهاسببا للافتراض ، و لم ينه عن الجماعة فيهالذلك ،فلو صحّت الرواية لكانت محمولة علي أنّ المراد النهي عن تكلّف ما لم يأمر اللّه به ، والتحذير من أن يوجب عليهم صلاة الليل لارتكاب البدعة في الدين ،ففيه دلالة واضحة علي قبح فعلهم و أنّه مظنّة العقاب ، و إذا كان كذلك فلايجوز ارتكابه بعدارتفاع الوحي أيضا. و أمّا أنّ عمر ابتدعها، فلاخلاف فيه و أمّا أنّ كلّ بدعة ضلالة،فقد استفيض في أخبار الخاصّة والعامّة.
صفحه : 13
فَرَوَي مُسلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] يَقُولُ فِي خُطبَتِهِ أَمّا بَعدُ، فَإِنّ خَيرَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللّهِ، وَ خَيرَ الهدَيِ هدَيُ مُحَمّدٍ، وَ شَرّ الأُمُورِ مُحدَثَاتُهَا، وَ كُلّ بِدعَةٍ ضَلَالَةٌ.
وَ رَوَي البخُاَريِّ وَ مُسلِمٍ، عَنهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] أَنّهُ قَالَ مَن رَغِبَ عَن سنُتّيِ فَلَيسَ منِيّ
وَ رَوَيَا أَيضاً عَنهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]، أَنّهُ قَالَ مَا بَالُ أَقوَامٍ يَتَنَزّهُونَ عَنِ الشيّءِ أَصنَعُهُ،فَوَ اللّهِ إنِيّ لَأَعلَمُهُم بِاللّهِ وَ أَشَدّهُم لَهُ خَشيَةً.
وَ رَوَيَا أَيضاً لَهُ، عَنهُ عَلَيهِ الصّلَاةُ وَ السّلَامُ أَنّهُ قَالَ مَن عَمِلَ عَمَلًا
صفحه : 14
لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدّ
وَ حَكَي فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَنِ الترّمذِيِّ وَ أَبِي دَاوُدَ، عَنِ العِربَاضِ بنِ سَارِيَةَ إِيّاكُم وَ مُحدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنّ كُلّ مُحدَثَةٍ بِدعَةٌ، وَ كُلّ بِدعَةٍ ضَلَالَةٌ
وَ قَالَ فِي فَتحِ الباَريِ شَرحِ البخُاَريِّ قَد أَخرَجَ أَحمَدُ بِسَنَدٍ جَيّدٍ، عَن عَصِيفِ بنِ الحَارِثِ، قَالَ .. قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ مَا أَحدَثَ قَومٌ بِدعَةً إِلّا رُفِعَ مِنَ السّنّةِ مِثلُهَا.
وأخبارنا في ذلك متواترة، و مازعمه بعض فقهاء العامّة من انقسام البدعة بالأقسام الخمسة لاوجه له ،بل يظهر من عموم النصوص أنّ كلّ ماأحدث في الدين ممّا لم يرد في الشريعة خصوصا أوعموما فهو بدعة محرّمة،فكلّ مافعل علي وجه العبادة و لم يكن مستفادا من دليل شرعيّ عامّ أوخاصّ فهو بدعة وتشريع ،سواء كان فعلا مستقلا أووصفا لعبادة متلقّاة من الشارع ،كفعل
صفحه : 15
الواجب علي وجه الندب وبالعكس ، وإيجاب وصف خاصّ في عبادة مخصوصة،فلو أوجب أحد إيقاع الطواف مثلا جماعة، أوزعمه مستحبّا، أواستحبّ عددا مخصوصا في الصلاة. وبالجملة، كلّ فعل أووصف في فعل أتي به المكلّف علي غيرالوجه ألذي وردت به الشريعة، وتضمّن تغيير حكم شرعيّ و إن كان بالقصد والنية فلاريب في أنّه بدعة وضلالة. و أمّا مادلّ عليه دليل شرعيّ سواء كان قولا أوفعلا عامّا أوخاصّا فهو من السنّة. و قدظهر من رواياتهم أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه وآله لم يصلّ عشرين ركعة يسمّونها التراويح ، وإنّما كان يصليّ ثلاث عشرة ركعة، و لم يدلّ شيء من رواياتهم التي ظفرنا بها علي استحباب هذاالعدد المخصوص فضلا عن الجماعة فيها، والصلاة و إن كانت خيرا موضوعا يجوز قليلها وكثيرها إلّا أنّ القول باستحباب عدد مخصوص منها في وقت مخصوص علي وجه الخصوص بدعة وضلالة، و لاريب في أنّ المتّبعون لسنّة عمر يزعمونها علي هذاالوجه سنّة وكيدة،بل عزيمة، ويجعلونها من شعائر دينهم . و لوسلّمنا انقسام البدعة بالأقسام الخمسة وتخصيص كونها ضلالة بالبدعة المحرّمة، فلاريب أنّ هذاممّا عدّوه من البدع المحرّمة لماعرفت ، والأقسام الأخري من البدع التي عدوها ليست من هذاالقبيل ،بل هي ممّا ورد في الشريعة عموما أوخصوصا فلاينفعهم التقسيم ، و اللّه الهادي إلي الصراط المستقيم .
ومنها أنّه وضع الخراج علي أرض السواد
و لم يعط أرباب الخمس منها خمسهم ، وجعلها موقوفة علي كافة المسلمين ، و قداعترف بجميع ذلك
صفحه : 16
المخالفون ، و قدصرّح بها ابن أبي الحديد وغيره ، و كلّ ذلك مخالف للكتاب والسنّة وبدعة في الدين . قال العلّامة رحمه اللّه في كتاب منتهي المطلب أرض السواد هي الأرض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر بن الخطاب ، وهي سواد العراق ، وحده في العرض من منقطع الجبال بحلوان إلي طرف القادسية المتّصل بعذيب من أرض العرب ، و من تخوم الموصل طولا إلي ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقيّ دجلة،فأمّا الغربي ألذي يليه البصرة فإسلاميّ مثل شطّ عثمان بن أبي العاص و ماوالاها كانت سباخا ومواتا فأحياها ابن أبي العاص وسميت هذه الأرض سوادا،لأنّ الجيش لّما خرجوا من البادية رأوا هذه الأرض والتفاف شجرها فسمّوها السواد لذلك ، و هذه الأرض فتحت عنوة،فتحها عمر بن الخطاب ثم بعث إليها بعدفتحه ثلاث أنفس عمّار بن ياسر علي صلاتهم أميرا، و ابن مسعود قاضيا وواليا علي بيت المال ، وعثمان بن حنيف علي مساحة الأرض ، وفرض لهم في كلّ يوم شاة شطرها مع السواقط لعمّار، وشطرها للآخرين ،
صفحه : 17
ومسح عثمان بن حنيف أرض الخراج ، واختلفوا في مبلغها، فقال الساجي اثنان وثلاثون ألف ألف جريب ، و قال أبوعبيدة ستة وثلاثون ألف ألف جريب ، ثم ضرب علي كلّ جريب نخل عشرة دراهم ، و علي الكرم ثمانية دراهم ، و علي جريب الشجر والرطبة ستة دراهم ، و علي الحنطة أربعة دراهم ، و علي الشعير درهمين ، ثم كتب بذلك إلي عمر فأمضاه . وروي أنّ ارتفاعهما كان في عهد عمر مائة وستين ألف ألف درهم ، فلمّا كان زمن الحجّاج رجع إلي ثمانية عشر ألف ألف درهم ، فلمّا ولي عمر بن عبدالعزيز رجع إلي ثلاثين ألف ألف درهم في أوّل سنة، و في الثانية بلغ ستين ألف ألف درهم ، فقال لوعشت سنة أخري لرددتها إلي ما كان في أيّام عمر،فمات في تلك السنة، فلمّا أفضي الأمر إلي أمير المؤمنين ( ع )أمضي ذلك ،لأنّه لم يمكنه أن يخالف ويحكم بما يجب عنده فيه . قال الشيخ رحمه اللّه و ألذي يقتضيه المذهب أنّ هذه الأراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأرباب الخمس وأربعة الأخماس الباقية تكون للمسلمين قاطبة،الغانمون وغيرهم سواء في ذلك ، و يكون للإمام النظر فيها ويقبلها ويضمنها بما شاء ويأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالح المسلمين و ما
صفحه : 18
ينوبهم من سدّ الثغور وتقوية المجاهدين وبناء القناطر و غير ذلك من المصالح ، و ليس للغانمين في هذه الأرضين علي وجه التخصيص شيء،بل هم والمسلمون فيه سواء، و لايصحّ بيع شيء من هذه الأرضين و لاهبته و لامعاوضته و لاتملّكه و لاوقفه و لارهنه و لاإجارته و لاإرثه ، و لايصحّ أن يبني دورا ومنازل ومساجد وسقايات و لا غير ذلك من أنواع التصرّف ألذي يتبع الملك ، ومتي فعل شيء من ذلك كان التصرّف باطلا و هوباق علي الأصل . ثم قال رحمه اللّه و علي الرواية التي رواها أصحابنا أنّ كلّ عسكر أوفرقة غزت بغير أمر الإمام فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصّة،تكون هذه الأرضون وغيرها ممّا فتحت بعدالرسول صلّي اللّه عليه وآله إلّا مافتح في أيّام أمير المؤمنين عليه السلام إن صحّ شيء من ذلك للإمام خاصّة، وتكون من جملة الأنفال التي له خاصّة لايشركه فيهاغيره .انتهي كلامه رفع اللّه مقامه .أقول
منع أرباب الخمس حقّهم، و هومخالف لصريح آية الخمس وللسنّة أيضا،حيث
ذَكَرَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَسّمَ خَيبَرَ وَ صَيّرَهَا غَنِيمَةً وَ أَخرَجَ خُمُسَهَا لِأَهلِ الخُمُسِ.
صفحه : 19
و كان الباعث علي ذلك إضعاف جانب بني هاشم ، والحذر من أن يميل الناس إليهم لنيل الحطام فينتقل إليهم الخلافة فينهدم ماأسّسوه يوم السقيفة وشيّدوه بكتابة الصحيفة.
منع الغانمين بعض حقوهم من أرض الخراج وجعلها موقوفة علي مصالح المسلمين ، و هذاإلزامي عليهم لمااعترفوا به من أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله قسّم الأرض المفتوحة عنوة بين الغانمين ، و به أفتي الشافعي وأنس بن مالك والزبير وبلال كماذكره المخالفون
صفحه : 20
و ماذكروه من أنّه عوّض الغانمين ووقفها فهو دعوي بلا ثبت ،بل يظهر من كلام الأكثر خلافه ، كمايستفاد من كلام ابن أبي الحديد وغيره .
أنّ سيرة الرسول صلّي اللّه عليه وآله في الأراضي المفتوحة عنوة كانت أخذ حصّته عليه السلام من غلّتها دون الدراهم المعيّنة، وسيأتي بعض القول في ذلك في باب العلّة التي لم يغيّر عليه السلام بعض البدع في زمانه .
ومنها أنّه زاد الجزية عمّا قرّرها رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله
، و هوحرام علي مذهب فقهائهم الأربعة إلّا أحمد في رواية.
ومنها تغريب نصر بن الحجّاج و أبي ذويب من غيرذنب من المدينة
،فقد روي ابن أبي الحديد في شرح النهج ، عن محمد بن سعيد، قال بينا عمر يطوف في بعض سكك المدينة إذاسمع امرأة تهتف من خدرها
صفحه : 21
هل من سبيل إلي خمر فأشربها | أم هل سبيل إلي نصر بن حجّاج |
إلي فتي ماجد الأعراق مقتبل | سهل المحيّا كريم غيرملجاج |
تنميه أعراق صدق حين تنسبه | أخي قداح عن المكروب فيّاج |
سامي النّواظر من بهر له قدم | يضيء صورته في الحالك الداّجي |
فقال ألا لاأري معي رجلا تهتف به العواتق في خدورهنّ عَلَيّ بنصر بن حجّاج،فأَتُيَِ به ، و إذا هوأحسن الناس وجها وعينا وشعرا،فأمر بشعره فجزّ،فخرجت له وجنتان كأنّهما قمر،فأمره أن يعتم فأعتم ،ففتن النساء بعينيه ، فقال عمر لا و اللّه لاتساكنني بأرض أنا بها. فقال و لم يا أمير المؤمنين . قال هو ماأقول لك ،فسيّره إلي البصرة. وخافت المرأة التي تسمّع عمر منها ماسمع أن يبدر إليها منه شيء،
صفحه : 22
فدسّت إليه أبياتا
قل للأمير ألذي يخشي بوادره | ما لي وللخمر أونصر بن حجّاج |
إنيّ بليت أباحفص بغيرهما | شرب الحليب وطرف فاتر ساجي |
لاتجعل الظنّ حقّا أوتبيّنه | إنّ السّبيل سبيل الخائف الراجي |
مامنية قلتها عرضا بضائرة | و النّاس من هالك قدما و من ناجي |
إنّ الهوي رمية التقوي فقيّده | حفظي أقرّ بألجام وأسراجي |
فبكي عمر، و قال الحمد للّه ألذي قيّد الهوي بالتقوي . و كان لنصر أمّ فأتي عليه حين واشتدّ عليها غيبة ابنها،فتعرّضت لعمر بين الأذان والإقامة،فقعدت له علي الطريق ، فلمّا خرج يريد الصلاة هتفت به وقالت يا أمير المؤمنين لأجاثينّك غدا بين يدي اللّه عزّ و جلّ، ولأخاصمنّك إليه ،أجلست عاصما و عبد اللّه إلي جانبيك وبيني و بين ابني الفيافي والقفار والمفاوز والأميال . قال من هذه .قيل أمّ نصر بن الحجّاج. فقال لها ياأمّ نصر إنّ عاصما و عبد اللّه لم يهتف بهما العواتق من وراء الخدور. قال وروي عبد اللّه بن يزيد، قال بينا عمر يعس ذات ليلة إذ انتهي إلي باب مجاف وامرأة تغنيّ بشعر
صفحه : 23
هل من سبيل إلي خمر فأشربها | أم هل سبيل إلي نصر بن حجّاج |
.. وذكر نحو مامرّ. ثم روي عن الأصمعي .. أنّ نصر بن الحجّاج كتب إلي عمر كتابا هذه صورته لعبد اللّه عمر أمير المؤمنين من نصر بن حجّاج سلام عليك ، أمّا بعد، يا أمير المؤمنين
لعمري لئن سيرّتني أوحرمتني | لمانلت من عرضي عليك حرام |
أ إن غنّت الذلفاء يوما بمنية | وبعض أمانيّ النّساء غرام |
ظننت بي الظّنّ ألّذي ليس بعده | بقاء فما لي في الندّيّ كلام |
وأصبحت منفيّا علي غيرريبة | و قد كان لي بالمكّتين مقام |
سيمنعني عمّا تظنّ تكرمّي | وآباء صدق صالحون كرام |
صفحه : 24
ويمنعها ممّا تمنّت صلاتها | وحال لها في دينها وصيام |
فهاتان حالانا فهل أنت راجع | فقد جبّ منيّ كاهل وسنام |
فقال عمر أماولي إمارة فلا، وأقطعه أرضا بالبصرة ودارا، فلمّا قتل عمر ركب راحلته ولحق بالمدينة. قال وروي عبد اللّه بن يزيد أنّ عمر خرج ليلة يعس فإذانسوة يتحدّثن، و إذاهنّ يقلن أيّ فتيان المدينة أصبح .فقالت امرأة منهنّ أبوذؤيب و اللّه، فلمّا أصبح عمر سأل عنه ، فإذا هو من بني سليم ، و إذا هو ابن عمّ نصر بن حجّاج،فأتي إليه ،فحضر، فإذا هوأجمل الناس وأملحهم ، فلمّا نظر إليه قال أنت و اللّه ذئبهنّ ويكرّرها ويردّدها لا و ألذي نفسي بيده لاتجامعني بأرض أبدا. فقال يا أمير المؤمنين إن كنت لابدّ مسيرّي فسيرّني حيث سيّرت ابن عميّ نصر بن الحجّاج،فأمر بتسييره إلي البصرة،فأشخص إليها.انتهي ماحكاه ابن أبي الحديد. و قدروي قصّة نصر بن حجّاج جلّ أرباب السير، وربّما عدّ أحبّاء عمر
صفحه : 25
ذلك من حسن سياسته . ووجه البدعة فيه ظاهر، فإنّ إخراج نصر من المدينة وتغريبه ونفيه عن وطنه بمجرّد أنّ امرأة غنّت بما يدلّ علي هواها فيه ورغبتها إليه مخالف لضرورة الدين ،لقوله تعالي ( وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخري)، و لاريب في أنّ التغريب تعذيب عنيف وعقوبة عظيمة، و لم يجعل اللّه تعالي في دين من الأديان حسن الوجه و لاقبحه منشأ لاستحقاق العذاب لا في الدنيا و لا في الآخرة، و قد كان يمكنه دفع مازعمه مفسدة من افتتان النساء به بأمر أخفّ من التغريب و إن كان بدعة أيضا، و هو أن يأمره بالحجاب وستر وجهه عن النساء أومطلقا حتي لايفتتن به أحد. ثم ليت شعري ماالفائدة في تسيير نصر إلي البصرة،فهل كانت نساء البصرة أعفّ وأتقي من نساء المدينة، مع أنّها«مَهبِطُ إِبلِيسَ ومَغرِسُ الفِتنَةِ». أللّهمّ إلّا أن يقال لماكانت المدينة يومئذ مستقرّ سلطنة عمر كان القاطنون بهاأقرب إلي الضلال ممّن نشأ في مغرس الفتنة، و قدحمل أصحابنا علي مايناسب هذاالمقام ماروي في فضائل عمر مالقيك الشيطان قطّ سالكا فجّا إلّا سلك فجّا غيرفجّك، وكأنّه المصداق لماقيل
وكنت امرأ من جند إبليس فارتقت | بي الحال حتي صار إبليس من جندي |
و هذه البدعة من فروع بدعة أخري له عدّوها من فضائله ،قالوا هوأوّل من عسّ في عمله بنفسه ، وهي مخالفة للنهي الصريح في قوله تعالي ( وَ لا
تَجَسّسُوا...).
روُيَِ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَن طَاوُسٍ، قَالَ إِنّ أَبَا الصّهبَاءِ كَانَ كَثِيرَ السّؤَالِ لِابنِ عَبّاسٍ، قَالَ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ الرّجُلَ إِذَا طَلّقَ امرَأَتَهُ ثَلَاثاً قَبلَ أَن يَدخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ أَبِي بَكرٍ وَ صَدراً مِنَ إِمَارَةِ عُمَرَ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ بَل كَانَ الرّجُلُ إِذَا طَلّقَ امرَأَتَهُ ثَلَاثاً قَبلَ أَن يَدخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِ(ص ) وَ أَبِي بَكرٍ وَ صَدراً مِن إِمَارَةِ عُمَرَ، فَلَمّا أَن رَأَي النّاسُ قَد تَتَابَعُوا عَلَيهَا قَالَ أَجِيزُوهُنّ عَلَيهِم.
وَ فِي رِوَايَةِ مُسلِمٍ إِنّ أَبَا الصّهبَاءِ قَالَ لِابنِ عَبّاسٍ هَاتِ مِن هَنَاتِكَ، أَ لَم يَكُن طَلَاقُ الثّلَاثِ عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ أَبِي بَكرٍ وَاحِدَةً. فَقَالَ قَد كَانَ ذَلِكَ، فَلَمّا كَانَ فِي عَهدِ عُمَرَ تَتَابَعَ النّاسُ فِي الطّلَاقِ
صفحه : 27
فَأَجَازَهُ عَلَيهِم.
وَ فِي رِوَايَةٍ عَنهُ أَنّ ابنَ عَبّاسٍ قَالَ كَانَ الطّلَاقُ عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ أَبِي بَكرٍ وَ سَنَتَينِ مِنَ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثّلَاثِ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ إِنّ النّاسَ قَدِ استَعجَلُوا فِي أَمرٍ كَانَت لَهُم فِيهِ أَنَاةٌ،فَلَو أَمضَينَاهُ عَلَيهِمُ .. فَأَمضَاهُ عَلَيهِم.
وَ فِي أُخرَي أَنّ أَبَا الصّهبَاءِ قَالَ لِابنِ عَبّاسٍ أَ تَعلَمُ أَنّمَا كَانَ الثّلَاثُ تُجعَلُ وَاحِدَةً عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِ(ص ) وَ أَبِي بَكرٍ وَ ثَلَاثاً مِن إِمَارَةِ عُمَرَ. فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ نَعَم
وأخرج أبوداود أيضا، والنسائي هذه الرواية الأخيرة.
انتهي كلام جامع الأصول . ووجه البدعة في جعل الواحدة ثلاثا واضح ، وسيأتي تفصيل أحكام تلك
صفحه : 28
المسألة في كتاب الطلاق إن شاء اللّه تعالي .
، كماورد في كثير من أخبارنا، و قال ابن أبي الحديد قال المؤرّخون إنّ عمر أوّل من سنّ قيام شهر رمضان في جماعة وكتب به إلي البلدان ، وأوّل من ضرب في الخمر ثمانين ، وأحرق بيت رويشد الثقفي و كان نبّاذا وأوّل من عسّ في عمله بنفسه ، وأوّل من حمل الدّرّة وأدّب بها، وقيل بعده كان درّة عمر أهيب من سيف الحجّاج.
صفحه : 32
وأوّل من قاسم العمّال وشاطرهم أموالهم ، و هو ألذي هدم مسجد رسول اللّه
صفحه : 33
صلّي اللّه عليه وآله وزاد فيه ، وأدخل دار العباس فيما زاد، و هو ألذي أخّر المقام إلي موضعه اليوم و كان ملصقا بالبيت .. إلي آخر ماذكره . و قدأشار إلي تحويل المقام صاحب الكشّاف، قال إنّ عمر سأل المطلب بن أبي وداعة هل تدري أين كان موضعه الأول . قال نعم ،فأراه موضعه اليوم .
وَ رَوَي ثِقَةُ الإِسلَامِ فِي الكاَفيِ،بِإِسنَادِهِ عَن زُرَارَةَ، قَالَ قُلتُ لأِبَيِ جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ أَدرَكتَ الحُسَينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ. قَالَ نَعَم،أَذكُرُ وَ أَنَا مَعَهُ فِي المَسجِدِ الحَرَامِ وَ قَد دَخَلَ فِيهِ السّيلُ وَ النّاسُ يَقُومُونَ عَلَي المَقَامِ يَخرُجُ الخَارِجُ يَقُولُ قَد ذَهَبَ بِهِ، وَ يَخرُجُ مِنهُ الخَارِجُ فَيَقُولُ هُوَ مَكَانَهُ، قَالَ فَقَالَ لِي يَا فُلَانُ مَا صَنَعَ هَؤُلَاءِ.فَقُلتُ لَهُ أَصلَحَكَ اللّهُ يَخَافُونَ أَن يَكُونَ السّيلُ قَد ذَهَبَ بِالمَقَامِ. فَقَالَ نَادِ إِنّ اللّهَ قَد جَعَلَهُ عَلَماً لَم يَكُن لِيَذهَبَ بِهِ فَاستَقِرّوا، وَ كَانَ مَوضِعُ المَقَامِ ألّذِي وَضَعَهُ اِبرَاهِيمُ عَلَيهِ السّلَامُ عِندَ جِدَارِ البَيتِ،فَلَم يَزَل هُنَاكَ حَتّي حَوّلَهُ أَهلُ الجَاهِلِيّةِ إِلَي المَكَانِ ألّذِي هُوَ فِيهِ اليَومَ، فَلَمّا فَتَحَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَكّةَ رَدّهُ إِلَي المَوضِعِ ألّذِي وَضَعَهُ اِبرَاهِيمُ عَلَيهِ السّلَامُ،فَلَم يَزَل
صفحه : 34
هُنَاكَ إِلَي أَن ولَيَِ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ،فَسَأَلَ النّاسَ مَن مِنكُم يَعرِفُ المَكَانَ ألّذِي كَانَ فِيهِ المَقَامُ. فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا، قَد كُنتُ أَخَذتُ مِقدَارَهُ بِنِسعٍ فَهُوَ عنِديِ، فَقَالَ تأَتيِنيِ بِهِ،فَأَتَاهُ بِهِ فَقَاسَهُ ثُمّ رَدّهُ إِلَي ذَلِكَ المَكَانِ.
روُيَِ عَنِ الصّادِقِ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّهُ قَالَ إِنّ بنَيِ تَغلِبَ مِن نَصَارَي العَرَبِ أَنِفُوا وَ استَنكَفُوا مِن قَبُولِ الجِزيَةِ وَ سَأَلُوا عُمَرَ أَن يُعفِيَهُم عَنِ الجِزيَةِ وَ يُؤَدّوا الزّكَاةَ مُضَاعَفاً،فخَشَيَِ أَن يَلحَقُوا بِالرّومِ،فَصَالَحَهُم عَلَي أَن صَرَفَ ذَلِكَ عَن رُءُوسِهِم وَ ضَاعَفَ عَلَيهِمُ الصّدَقَةَ فَرَضُوا بِذَلِكَ.
وَ قَالَ البغَوَيِّ فِي شَرحِ السّنّةِ روُيَِ أَنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ رَامَ نَصَارَي العَرَبِ عَلَي الجِزيَةِ،فَقَالُوا نَحنُ عَرَبٌ لَا نؤُدَيّ مَا يؤُدَيّ العَجَمُ، وَ لَكِن خُذ مِنّا كَمَا يَأخُذُ بَعضُكُم مِن بَعضٍ يَعنُونَ الصّدَقَةَ. فَقَالَ عُمَرُ هَذَا فَرَضَ اللّهُ عَلَي المُسلِمِينَ.قَالُوا فَزِد مَا شِئتَ بِهَذَا الِاسمِ لَا بِاسمِ الجِزيَةِ،فَرَاضَاهُم عَلَي أَن ضَعّفَ عَلَيهِمُ الصّدَقَةَ.
انتهي .فهؤلاء ليسوا بأهل ذمّة لمنع الجزية، و قدجعل اللّه الجزية علي أهل الذمّة
صفحه : 35
ليكونوا أذلّاء صاغرين ، و ليس في أحد من الزكاة صغار وذلّ،فكان عليه أن يقاتلهم ويسبي ذراريهم لوأصرّوا علي الاستنكاف والاستكبار.
ومنها ماروي أنّ عمر أطلق تزويج قريش في سائر العرب والعجم
، وتزويج العرب في سائر العجم ، ومنع العرب من التزويج في قريش ، ومنع العجم من التزويج في العرب فأنزل العرب مع قريش ، والعجم مع العرب منزلة اليهود والنصاري ،إذ أطلق تعالي للمسلمين التزويج في أهل الكتاب ، و لم يطلق تزويج أهل الكتاب في المسلمين
وَ قَد زَوّجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ ضُبَاعَةَ بِنتَ الزّبَيرِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ مِنَ المِقدَادِ بنِ الأَسوَدِ الكنِديِّ وَ كَانَ مَولًي لبِنَيِ كِندَةَ ثُمّ قَالَ أَ تَعلَمُونَ لِمَ زَوّجتُ ضُبَاعَةَ بِنتَ عمَيّ مِنَ المِقدَادِ.قَالُوا لَا. قَالَ لِيَتّضِعَ النّكَاحُ فَيَنَالَهُ كُلّ مُسلِمٍ، وَ لِتَعلَمُوا( إِنّ أَكرَمَكُم عِندَ اللّهِ أَتقاكُم)
وَ قَد قَالَ رَسُولُ
صفحه : 36
اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن رَغِبَ عَن سنُتّيِ فَلَيسَ منِيّ.
وَ قِيلَ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ أَ تَزَوّجُ الموَاَليِ بِالعَرَبِيّاتِ. فَقَالَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُكُم وَ لَا تَتَكَافَأُ فُرُوجُكُم.
و قال سبحانه (إِنّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ)، و قال ( إِنّ أَكرَمَكُم عِندَ اللّهِ أَتقاكُم).
الشّيخُ فِي التّهذِيبِ،بِإِسنَادِهِ عَن رَقَبَةَ بنِ مَصقَلَةَ، قَالَدَخَلتُ عَلَي أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ،فَسَأَلتُهُ عَن أَشيَاءَ، فَقَالَ إنِيّ أَرَاكَ مِمّن يفُتيِ فِي مَسجِدِ العِرَاقِ.فَقُلتُ نَعَم. قَالَ فَقَالَ لِي مَن أَنتَ.فَقُلتُ ابنُ عَمّ لِصَعصَعَةَ. فَقَالَ مَرحَباً بِكَ يَا ابنَ عَمّ صَعصَعَةَ.فَقُلتُ لَهُ مَا تَقُولُ فِي المَسحِ عَلَي الخُفّينِ. فَقَالَ كَانَ عُمَرُ يَرَاهُ ثَلَاثاً لِلمُسَافِرِ وَ يَوماً وَ لَيلَةً لِلمُقِيمِ، وَ كَانَ أَبِي لَا يَرَاهُ فِي سَفَرٍ وَ لَا حَضَرٍ، فَلَمّا خَرَجتُ مِن عِندِهِ فَقُمتُ عَلَي عَتَبَةِ البَابِ، فَقَالَ لِي أَقبِل يَا ابنَ عَمّ صَعصَعَةَ،فَأَقبَلتُ عَلَيهِ، فَقَالَ إِنّ
صفحه : 37
القَومَ كَانُوا يَقُولُونَ بِرَأيِهِم فَيُخطِئُونَ وَ يُصِيبُونَ، وَ كَانَ أَبِي لَا يَقُولُ بِرَأيِهِ.
وَ بِإِسنَادِهِ، عَن زُرَارَةَ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ جَمَعَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ أَصحَابَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ فِيهِم عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي المَسحِ عَلَي الخُفّينِ.فَقَامَ المُغِيرَةُ بنُ شُعبَةَ، فَقَالَ رَأَيتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَمسَحُ عَلَي الخُفّينِ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ قَبلَ(المَائِدَةِ) أَو بَعدَهَا. فَقَالَ لَا أدَريِ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ سَبَقَ الكِتَابُ الخُفّينِ،إِنّمَا أُنزِلَتِ المَائِدَةُ قَبلَ أَن يُقبَضَ بِشَهرَينِ أَو ثَلَاثَةٍ.
أقول لعلّ الترديد من الراوي، أولكون ذلك ممّا اختلفوا فيه ،فتردّد عليه السلام إلزاما علي الفريقين . ومخالفة هذه الرأي للقرآن واضح ، فإنّ الخفّ ليس بالرجل ألذي أمر اللّه بمسحه ، كما أنّ(الكمّ) ليس باليد، والنقاب ليس بالوجه ، و لوغسلهما أحد لم يكن آتيا بالمأمور به ، كماأشار عليه السلام إليه بقوله سبق الكتاب الخفّين. و قدورد المنع من المسح علي الخفّين في كثير من أخبارهم ،
فَعَن عَائِشَةَ، عَنِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنّهُ قَالَ أَشَدّ النّاسِ حَسرَةً يَومَ القِيَامَةِ مَن رَأَي وُضُوءَهُ عَلَي جِلدِ غَيرِهِ.
صفحه : 38
وَ روُيَِ عَنهَا،أَنّهَا قَالَت لَأَن أَمسَحَ عَلَي ظَهرِ عَيرٍ بِالفَلَاةِ أَحَبّ إلِيَّ مِن أَن أَمسَحَ عَلَي خفُيّ.
وَ عَنهَا،قَالَت لَأَن يُقطَعَ رجِلاَيَ باِلموَاَسيِ أَحَبّ إلِيَّ مِن أَن أَمسَحَ عَلَي الخُفّينِ.
وَ رَوَوا المَنعُ مِنهُ، عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ ابنِ عَبّاسٍ وَ غَيرِهِمَا،
وسيأتي بعض القول فيه في محلّه.
ومنها نقص تكبير من الصلاة علي الجنائز وجعلها أربعا
قَالَ ابنُ حَزمٍ فِي كِتَابِ المُحَلّي وَ احتَجّ مَن مَنَعَ أَكثَرَ مِن أَربَعٍ بِخَبَرٍ رَوَينَاهُ مِن طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَن سُفيَانَ الثوّريِّ، عَن عَامِرِ بنِ شَقِيقٍ، عَن أَبِي وَائِلٍ، قَالَ جَمَعَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ النّاسَ فَاستَشَارَهُم فِي التّكبِيرِ عَلَي الجِنَازَةِ،فَقَالُوا كَبّرَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ سَبعاً وَ خَمساً وَ أَربَعاً،فَجَمَعَهُم عُمَرُ عَلَي أَربَعِ تَكبِيرَاتٍ
صفحه : 39
و هوخلاف مافعله رسول اللّه(ص )، كمارواه
مُسلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي لَيلَي، قَالَ كَانَ زَيدٌ يُكَبّرُ عَلَي جَنَائِزِنَا أَربَعاً، وَ إِنّهُ كَبّرَ عَلَي جِنَازَةٍ خَمساً،فَسَأَلتُهُ، فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]يُكَبّرُهَا.
وَ رَوَاهُ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَن مُسلِمٍ وَ النسّاَئيِّ وَ أَبِي دَاوُدَ وَ الترّمذِيِّ، وَ قَالَ وَ فِي رِوَايَةِ النسّاَئيِّ أَنّ زَيدَ بنَ أَرقَمَ صَلّي عَلَي جِنَازَةٍ فَكَبّرَ عَلَيهَا خَمساً وَ قَالَ كَبّرَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ].
وَ رَوَي ابنُ شِيرَوَيهِ فِي الفِردَوسِ أَنّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] كَانَ يصُلَيّ عَلَي المَيّتِ خَمسَ تَكبِيرَاتٍ.
فالروايات كماتري صريحة في أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله كان يكبّر خمس تكبيرات ، وظاهر( كان )الدوام ، و لوسلّم أنّه قد كان يكبّر أربعا فلاريب
صفحه : 40
في جواز الخمس ،فالمنع من الزيادة علي الأربع من أسوإ البدع .
مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي المُوَطّإِ وَ حَكَاهُ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَنِ ابنِ المُسَيّبِ، قَالَ أَبَي عُمَرُ أَن يُوَرّثَ أَحَداً مِنَ الأَعَاجِمِ إِلّا أَحَداً وُلِدَ فِي العَرَبِ. قَالَ وَ زَادَ رَزِينٌ وَ امرَأَةٌ جَاءَت حَامِلًا فَوَلَدَت فِي العَرَبِ فَهُوَ يَرِثُهَا إِن مَاتَت وَ تَرِثُهُ إِن مَاتَ مِيرَاثَهُ مِن كِتَابِ اللّهِ.
انتهي . ومضادة هذاالمنع للآيات والأخبار،بل مخالفته لماعلم ضرورة من دين الإسلام من ثبوت التوارث بين المسلمين ممّا لايريب فيه أحد.
ومنها القول بالعول والتعصيب في الميراث
كماسيأتي، وروت الخاصّة والعامّة ذلك بأسانيد جمّة يأتي بعضها، ولنورد هنا خبرا واحدا رواه
الشّهِيدُ الثاّنيِ رَحِمَهُ اللّهُ وَ غَيرُهُ عَن أَبِي طَالِبٍ الأنَباَريِّ، عَن أَبِي بَكرٍ الحَافِظِ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ الحُصَينِ، عَن يَعقُوبَ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ سَعدٍ، عَن أَبِيهِ، عَن مُحَمّدِ بنِ
صفحه : 41
أَبِي إِسحَاقَ، عَنِ الزهّريِّ، عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عُتبَةَ، قَالَدَخَلتُ عَلَي ابنِ عَبّاسٍ،فَجَرَي ذِكرُ الفَرَائِضِ وَ المَوَارِيثِ، فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ سُبحَانَ اللّهِ العَظِيمِ أَ تَرَونَ ألّذِي أَحصَي رَملَ عَالِجٍ عَدَداً جَعَلَ فِي مَالٍ نِصفَينِ وَ ثُلُثاً وَ رُبُعاً أَو قَالَ نِصفاً وَ نِصفاً وَ ثُلُثاً وَ هَذَانِ النّصفَانِ قَد ذَهَبَا بِالمَالِ،فَأَينَ مَوضِعُ الثّلُثِ فَقَالَ لَهُ زُفَرُ بنُ أَوسٍ البصَريِّ يَا أَبَا العَبّاسِ فَمَن أَوّلُ مَن أَعَالَ الفَرَائِضَ. فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ، لَمّا التَفّت عِندَهُ الفَرَائِضُ وَ دَفَعَ بَعضُهَا بَعضاً، فَقَالَ وَ اللّهِ مَا أدَريِ أَيّكُم قَدّمَ اللّهُ وَ أَيّكُم أَخّرَ، وَ مَا أَجِدُ شَيئاً هُوَ أَوسَعُ إِلّا أَن أَقسِمَ عَلَيكُم هَذَا المَالَ بِالحِصَصِ، وَ أَدخَلَ عَلَي كُلّ ذيِ حَقّ مَا دَخَلَ عَلَيهِ مِن عَولِ الفَرِيضَةِ، وَ ايمُ اللّهِ لَو قَدّمَ مَن قَدّمَ اللّهُ وَ أَخّرَ مَن أَخّرَ اللّهُ مَا عَالَت فَرِيضَةٌ فَقَالَ لَهُ زُفَرُ بنُ أَوسٍ فَأَيّهَا قَدّمَ وَ أَيّهَا أَخّرَ. فَقَالَ كُلّ فَرِيضَةٍ. لَم يُهبِطهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَن فَرِيضَةٍ إِلّا إِلَي فَرِيضَةٍ،فَهَذَا مَا قَدّمَ اللّهُ. وَ أَمّا مَا أَخّرَ
صفحه : 42
فَكُلّ فَرِيضَةٍ إِذَا زَالَت عَن فَرضِهَا لَم يَكُن لَهَا إِلّا مَا بقَيَِ،فَتِلكَ التّيِ أَخّرَ، وَ أَمّا ألّذِي قَدّمَ،فَالزّوجُ لَهُ النّصفُ فَإِذَا دَخَلَ عَلَيهِ مَا يُزِيلُهُ عَنهُ رَجَعَ إِلَي الرّبُعِ لَا يُزِيلُهُ عَنهُ شَيءٌ، وَ الزّوجَةُ لَهَا الرّبُعُ فَإِذَا زَالَت عَنهُ صَارَت إِلَي الثّمُنِ لَا يُزِيلُهَا عَنهُ شَيءٌ، وَ الأُمّ لَهَا الثّلُثُ فَإِذَا زَالَت عَنهُ صَارَت إِلَي السّدُسِ لَا يُزِيلُهَا عَنهُ شَيءٌ،فَهَذِهِ الفَرَائِضُ التّيِ قَدّمَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ، وَ أَمّا التّيِ أَخّرَ،فَفَرِيضَةُ البَنَاتِ وَ الأَخَوَاتِ لَهُنّ النّصفُ وَ الثّلُثَانِ، فَإِذَا أَزَالَتهُنّ الفَرَائِضُ عَن ذَلِكَ لَم يَكُن لَهُنّ إِلّا مَا بقَيَِ،فَتِلكَ التّيِ أَخّرَ، فَإِذَا اجتَمَعَ مَا قَدّمَ اللّهُ تَعَالَي وَ مَا أَخّرَ،بدُِئَ بِمَا قَدّمَ اللّهُ فأَعُطيَِ حَقّهُ كَامِلًا، فَإِن بقَيَِ شَيءٌ كَانَ لِمَن أَخّرَ، وَ إِن لَم يَبقَ شَيءٌ فَلَا شَيءَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ زُفَرُ بنُ أَوسٍ فَمَا مَنَعَكَ أَن تُشِيرَ بِهَذَا الرأّيِ عَلَي عُمَرَ. فَقَالَ هِبتُهُ، وَ اللّهِ وَ كَانَ امرَأً مَهِيباً، قَالَ الزهّريِّ وَ اللّهِ لَو لَا أَن تَقَدّمَ ابنُ عَبّاسٍ إِمَامَ عَدلٍ كَانَ أَمرُهُ عَلَي الوَرَعِ أَمضَي أَمراً وَ حَكَمَ بِهِ وَ أَمضَاهُ لَمَا اختَلَفَ عَلَي ابنِ عَبّاسٍ اثنَانِ
صفحه : 43
، و هوقول الصلاة خير من النوم ، في الأذان .فقد
رَوَي فِي جَامِعِ الأُصُولِ مِمّا رَوَاهُ عَنِ المُوَطّإِ، قَالَ عَن مَالِكٍ أَنّهُ بَلَغَهُ المُؤَذّنُ جَاءَ عُمَرَ يُؤذِنُهُ لِصَلَاةِ الصّبحِ فَوَجَدَهُ نَائِماً، فَقَالَ الصّلَاةُ خَيرٌ مِنَ النّومِ،فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَن يَجعَلَهُمَا فِي الصّبحِ.
ويظهر منها أنّ مارووه أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه وآله أمر بالتثويب من مفترياتهم ، ويؤيّده أنّ رواياتهم في الأذان خالية عن التثويب
صفحه : 44
أنّه كان يعطي من بيت المال ما لايجوز،فأعطي عائشة وحفصة عشرة آلاف درهم في كلّ سنة، وحرم أهل البيت عليهم السلام خمسهم ألذي جعله اللّه لهم ، و كان عليه ثمانون ألف درهم من بيت المال يوم مات علي سبيل القرض ، و لم يجز شيء من ذلك ، أمّا الأول فلأنّ الفيء والغنائم ونحو ذلك
صفحه : 45
ليست من الأموال المباحة التي يجوز لكلّ أحد التصرّف فيهاكيف شاء،بل هي من حقوق المسلمين يجب صرفه إليهم علي الوجه ألذي دلّت عليه الشريعة المقدّسة،فالتصرف فيهامحظور إلّا علي الوجه ألذي قام عليه دليل شرعيّ، وتفضيل طائفة في القسمة وإعطاؤها أكثر ممّا جرت السنّة عليه لايمكن إلّا بمنع من استحقّ بالشرع حقّه، و هوغصب لمال الغير وصرف له في غيرأهله ، و قدجرت السنّة النبويّة بالاتّفاق علي القسم بالتسوية. وأوّل من فضّل قوما في العطاء هوعمر بن الخطاب كمااعترف به ابن أبي الحديد وغيره من علمائهم .
قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ رَوَي أَبُو الفَرَجِ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَلِيّ الجوَزيِّ، عَن أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ، قَالَاستَشَارَ عُمَرُ الصّحَابَةَ بِمَن يَبدَأُ فِي القَسمِ وَ الفَرِيضَةِ،فَقَالُوا ابدَأ بِنَفسِكَ. فَقَالَ بَل أَبدَأُ بِآلِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ ذوَيِ قَرَابَتِهِ،فَبَدَأَ بِالعَبّاسِ. قَالَ ابنُ الجوَزيِّ وَ قَد وَقَعَ الِاتّفَاقُ عَلَي أَنّهُ
صفحه : 46
لَم يَفرِض لِأَحَدٍ أَكثَرَ مِمّا فُرِضَ لَهُ،روُيَِ أَنّهُ فَرَضَ لَهُ خَمسَةَ عَشَرَ أَلفاً، وَ روُيَِ أَنّهُ فَرَضَ لَهُ اثنيَ عَشَرَ أَلفاً، وَ هُوَ الأَصَحّ
، ثم فرض لزوجات رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ]لكلّ واحدة عشرة آلاف ، وفضّل عائشة عليهنّ بألفين فأبت ، فقال ذلك لفضل منزلتك عند رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ]، فإذاأخذت فشأنك ، واستثني عن الزوجات جويرية وصفّية وميمونة ففرض لكلّ واحدة منهنّ ستّة آلاف ،فقالت عائشة إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ]يعدل بيننا،فعدل عمر بينهنّ وألحق هؤلاء الثلاث بسائرهنّ، ثم فرض للمهاجرين الذين شهدوا بدرا لكلّ واحد خمسة آلاف ، ولمن شهدها من الأنصار لكلّ واحد أربعة آلاف . و قدروي أنّه فرض لكلّ واحد ممّن شهد بدرا من المهاجرين أو من الأنصار أوغيرهم من القبائل خمسة آلاف ، ثم فرض لمن شهد أحدا و مابعدها إلي الحديبية أربعة آلاف ، ثم فرض لكلّ من شهد المشاهد بعدالحديبية ثلاثة آلاف ، ثم فرض لكلّ من شهد المشاهد بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ]ألفين وخمسمائة، وألفين ، وألفا وخمسمائة، وألفا واحدا .. إلي مائتين .. وهم أهل هجر، ومات عمر علي ذلك . قال ابن الجوزي وأدخل عمر في أهل بدر ممّن لم يحضر بدرا أربعة، وهم الحسن و الحسين عليهما السلام و أبوذرّ وسلمان ،ففرض لكلّ واحد منهم خمسة
صفحه : 47
آلاف قال ابن الجوزي فأمّا مااعتمده في النساء فإنّه جعل نساء أهل بدر علي خمسمائة .. خمسمائة، ونساء من بعدبدر إلي الحديبية علي أربعمائة .. أربعمائة، ونساء من بعد ذلك علي ثلاثمائة .. ثلاثمائة، وجعل نساء أهل القادسية علي مائتين ، ثم سوّي بين النساء بعد ذلك .انتهي .
وَ رَوَي البخُاَريِّ وَ مُسلِمٌ وَ غَيرُهُمَا بِأَسَانِيدَ عَدِيدَةٍ أَنّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ لِلأَنصَارِ فِي مَقَامِ التّسلِيَةِ قَرِيباً مِن وَفَاتِهِ سَتَلقَونَ بعَديِ أَثَرَةً،فَاصبِرُوا حَتّي تلَقوَنيِ عَلَي الحَوضِ.
وهل يريب عاقل في أنّ هذاالقول بعد أن كان يسويّ بين المهاجرين والأنصار مدّة حياته إخبار بما يكون بعده من التفضيل ، ويتضمّن عدم إباحته وعدم رضاه صلّي اللّه عليه وآله به . ويؤيّد حظر التفضيل ومخالفة السنّة في القسمة أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أبطل سيرة عمر في ذلك ، وردّ الناس إلي السنّة والقسم بالسويّة، و هو عليه السلام
صفحه : 48
يدور مع الحقّ ويدور الحقّ معه حيثما دار بنصّ الرسول صلّي اللّه عليه وآله ، كماتضافرت به الروايات من طرق المخالف والمؤالف ، و مع ذلك احتجّ عليه السلام علي المهاجرين والأنصار لّما كرهوا عدله في القسمة وأنكروه عليه ،بمخالفة التفضيل للشريعة، وألزمهم العدل في القسمة،فلم يردّه عليه أحد منهم ،بل أذعنوا له وصدّقوا قوله ، ثم فارقه طلحة والزبير و من يقفو إثرهما رغبة في الدنيا وكراهة للحقّ، كماسيأتي في باب بيعته عليه السلام وغيره . و قد قال ابن أبي الحديد في بعض كلامه فإن قلت إنّ أبابكر قدقسم بالسويّة، كماقسمه أمير المؤمنين عليه السلام ، و لم ينكروا عليه كماأنكروا علي أمير المؤمنين عليه السلام . قلت إنّ أبابكر قسم محتذيا بقسم رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ]، فلمّا ولي عمر الخلافة وفضّل قوما علي قوم ألفوا ذلك ونسوا تلك القسمة الأولي ، وطالت أيّام عمر، وأشربت قلوبهم حبّ المال وكثرة العطاء، و أمّا الذين اهتضموا فقنعوا ومرنّوا علي القناعة، و لم يخطر لأحد من الفريقين أنّ هذه الحال تنتقض أوتتغيّر بوجه ما، فلمّا ولي عثمان أجري الأمر علي ما كان عمر يجريه ،فازداد وثوق العوام بذلك ، و من ألف أمرا أشقّ عليه فراقه وتغيير العادة فيه ، فلمّا ولي
صفحه : 49
أمير المؤمنين عليه السلام أراد أن يردّ الأمر إلي ما كان في أيّام رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ] و أبي بكر، و قدنسي ذلك ورفض ، وتخلّل بين الزمانين اثنتان وعشرون سنة،فشقّ ذلك عليهم وأكبروه حتي حدث ماحدث من نقض البيعة ومفارقة الطاعة، وللّه أمر هوبالغه .
وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فِي بَعضِ احتِجَاجِهِ عَلَي طَلحَةَ وَ الزّبَيرِ وَ أَمّا مَا ذَكَرتُمَا مِن أَمرِ الأُسوَةِ فَإِنّ ذَلِكَ أَمرٌ لَم أَحكُم أَنَا فِيهِ برِأَييِ وَ لَا وَلَيتُهُ هَوًي منِيّ،بَل وَجَدتُ أَنَا وَ أَنتُمَا مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ قَد فُرِغَ مِنهُ فَلَم أَحتَج إِلَيكُمَا فِيمَا فَرَغَ اللّهُ مِن قَسمِهِ، وَ اللّهُ أَمضَي فِيهِ حُكمَهُ فَلَيسَ لَكُمَا وَ اللّهِ عنِديِ وَ لَا لِغَيرِكُمَا فِي هَذَا عُتبَي،أَخَذَ اللّهُ بِقُلُوبِكُم وَ قُلُوبِنَا إِلَي الحَقّ وَ أَلهَمَنَا وَ إِيّاكُمُ الصّبرَ.
و قال ابن أبي الحديد في شرح هذاالكلام قدتكلّم عليه السلام في معني النفل والعطاء، فقال إنيّ عملت بسنّة رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ] في ذلك ، وصدق عليه السلام ، فإن رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ]سوّي بين الناس في العطاء و هومذهب أبي بكر.
صفحه : 50
ثم قال إنّ طلحة والزبير قدنقما عليه الاستبداد وترك المشاورة، وانتقلا من ذلك إلي الوقيعة فيه بمساواة الناس في قسمة المال ، وأثنيا علي عمر وحمدا سيرته وصوّبا رأيه ، وقالا إنّه كان يفضّل أهل السوابق .. وضلّلا عليّا فيما رأي ، وقالا إنّه أخطأ .. وإنّه خالف سيرة عمر وهي السيرة المحمودة ..، واستنجدا عليه بالرؤساء من المسلمين الذين كان عمر يفضّلهم وينفلهم في القسم علي غيرهم ، و الناس أبناء الدنيا، ويحبّون المال حبّا جمّا،فتنكّرت علي أمير المؤمنين عليه السلام بتنكّرهما قلوب كثيرة، ونغلت عليه نيّات كانت من قلب سليمة.انتهي . وبالجملة، من راجع السير والأخبار لم يبق له ريب في أنّ سيرة أمير المؤمنين عليه السلام في القسمة هوالعدل تأسّيا برسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ] واتّباعا لكتابه ، و قداحتجّ عليه السلام علي المصوّبين لسيرة عمر في تركه العدل بأنّ التفضيل مخالف للسنّة،فلم يقدر أحد علي ردّه، وصرّح عليه السلام أنّ التفضيل جور وبذل المال في غيرحقّه تبذير وإسراف كماسيأتي.
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ، عَن هَارُونَ بنِ سَعدٍ، قَالَ قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَو أَمَرتَ لِي بِمَعُونَةٍ أَو نَفَقَةٍ،فَوَ اللّهِ مَا لِي نَفَقَةٌ إِلّا أَن أَبِيعَ داَبتّيِ. فَقَالَ لَا وَ اللّهِ، مَا أَجِدُ لَكَ شَيئاً إِلّا أَن تَأمُرَ عَمّكَ
صفحه : 51
أَن يَسرِقَ فَيُعطِيَكَ.
وذكر ابن أبي الحديد أيضا أنّ عمر أشار علي أبي بكر في أيّام خلافته بترك التسوية فلم يقبل ، و قال إنّ اللّه لم يفضّل أحدا علي أحد، و قال (إِنّمَا الصّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَ المَساكِينِ) و لم يخصّ قوما دون قوم . ثم لم يستند عمر فيما زعمه صوابا إلي شبهة فضلا عن حجّة، و لوأقام حجّة علي مازعمه لحكاه الناصرون له . و قدروي ابن الأثير في الكامل ذلك ، إلّا أنّه لم يصرّح بالمشير سترا عليه . وهل يرتاب عاقل في أنّه لو كان إلي جواز التفضيل ومصانعة الرؤساء
صفحه : 52
والأشراف للمصالح سبيل لماعدل أمير المؤمنين عليه السلام إلي العدل والتسوية، مع مارآه عيانا من تفرّق أصحابه عنه لذلك وميلهم إلي معاوية بقبضه عنهم ماعوّدهم به عمر بن الخطاب كماسيأتي، و لم يكن يختار أمرا يوجب حدوث الفتن وإراقة الدماء، و لما كان يمنع عقيلا صاعا من برّ فيذهب إلي معاوية. فإن قيل فلم كان الحسنان عليهما السلام يقبلان التفضيل ، وأبوهما عليه السلام لم رضي بذلك .قلنا إمّا للتقيّة كمامرّ مرارا، أولأنّ عمر لماحرّمهم حقّهم من الخمس والفيء والأنفال فلعلّهما أخذا ماأخذا عوضا من حقوقهم . ويمكن أن يقال لما كان أمير المؤمنين عليه السلام ولي الأمر فلعلّ ماأخذاه صرفه عليه السلام في مصارفه ، و كان الأخذ من قبيل الاستنقاذ من الغاصب والاستخلاص من السارق . ثم من غريب ماارتكبه عمر من المناقضة في هذه القصّة أنّه نبذ سنّة رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله وراء ظهره وأعرض عنه رأسا، وفضّل من شاء علي غيره ، ثم لمّا قالت عائشة إنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله كان يعدل بيننا،عدل بين الثلاث و بين غيرهنّ سوي عائشة، و قد كان فضّل عائشة بألفين ،فكيف كانت سيرة الرسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله في التسوية بين ثمان من الزوجات حجّة، و لم تكن حجّة في العدل بين التسع ، و لا بين المهاجرين والأنصار وغيرهم . واعلم أنّ أكثر الفتن الحادثة في الإسلام من فروع هذه البدعة،فإنّه لواستمرّ الناس علي ماعوّدهم الرسول من العدل وجري عليه الأمر في أيّام أبي بكر
صفحه : 53
لمانكث طلحة والزبير بيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، و لم تقم فتنة الجمل ، و لم يستقرّ الأمر لمعاوية، و لاتطرّق الفتور إلي اتّباع أمير المؤمنين عليه السلام وأنصاره ، و لو كان المنازع له في أوّل خلافته معاوية لدفعه بسهولة و لم ينتقل الأمر إلي بني أميّة، و لم يحدث ماأثمرته تلك الشجرة الملعونة من إراقة الدماء المعصومة، وقتل الحسين عليه السلام ، وشيوع سبّ أمير المؤمنين عليه السلام علي المنابر، ثم انتقال الخلافة إلي بني العباس و ماجري من الظلم والجور علي أهل البيت عليهم السلام و علي سائر أهل الإسلام . و قد كان من الدواعي علي الفتن والشرور بدعته الأخري وهي الشوري ،إذ جعل طلحة والزبير مرشّحين للخلافة نظيرين لأمير المؤمنين عليه السلام ،فشقّ عليهما طاعته والصبر علي الأسوة والعدل ، و هذا في غاية الوضوح و قدروي ابن عبدربّه في كتاب العقد علي ماحكاه العلّامة رحمه اللّه عنه في كشف الحقّ، قال إنّ معاوية قال لابن الحصين أخبرني ما ألذي شتّت أمر المسلمين وجماعتهم ومزّق ملأهم ، وخالف بينهم . فقال قتل عثمان . قال ماصنعت شيئا. قال فسير عليّ إليك . قال ماصنعت شيئا. قال ماعندي غير هذا يا أمير المؤمنين . قال فأنا أخبرك ،
صفحه : 54
إنّه لم يشتّت بين المسلمين و لافرّق أهواءهم إلّا الشوري التي جعلها عمر في ستّة .. ثم فسّر معاوية ذلك ، فقال لم يكن من الستّة رجل إلّا رجاها لنفسه ، ورجاها لقومه ، وتطلّعت إلي ذلك نفوسهم ، و لو أنّ عمر استخلف كمااستخلف أبوبكر ما كان في ذلك اختلاف . و قدحكي ابن أبي الحديد أيضا ذلك عن معاوية و قدتمّم إثارة الفتنة بإغواء معاوية وعمرو بن العاص وإطماعهما في الخلافة، و كان معاوية عامله علي الشام وعمرو بن العاص أميره وعامله علي مصر،فخاف أن يصير الأمر إلي عليّ عليه السلام . فقال لماطعن وعلم بأنّه سيموت ياأصحاب محمّد تناصحوا فإن لم تفعلوا غلبكم عليها عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان ،روي ذلك ابن أبي الحديد ثم حكي عن شيخنا المفيد رحمه اللّه، أنّه قال كان غرض عمر بإلقاء هذه الكلمة إلي الناس أن تصل إلي عمرو بن العاص ومعاوية فيتغلّبا علي مصر والشام لوأفضي الأمر إلي عليّ عليه السلام . وبالجملة،جميع ما كان و ما يكون في الإسلام من الشرور إلي يوم النشور
صفحه : 55
إنّما أثمرته شجر فتنته ،فغرس أصل الفتن يوم السقيفة، وربّاها ببدعه من التفضيل في العطاء ووضع الشوري و.. غير ذلك ،فهو السهيم في جميع المعاصي والأجرام ، والحامل لجملة الأوزار والآثام ، كمامرّ في الأخبار الكثيرة. و أمّا الخمس ،فالآية صريحة في أنّ لذي القربي فيه حقّا، و إن اختلفوا في قدره و لم ينكر أحد أنّ عمر بن الخطاب لم يعطهم شيئا من أرض السواد و لا من خراجها، وكذلك منع سهمهم من أرض خيبر و من سائر الغنائم وجعل الغنائم من بيت المال ووقف خراجها علي مصالح ، كمامرّ.
وَ رُوِيَ فِي جَامِعِ الأُصُولِ مِن صحَيِحيَ أَبُو دَاوُدَ وَ النسّاَئيِّ، عَن يَزِيدَ بنِ هُرمُزَ، قَالَ إِنّ نَجدَةَ الحرَوُريِّ حِينَ حَجّ فِي فِتنَةِ ابنِ الزّبَيرِ أَرسَلَ إِلَي ابنِ عَبّاسٍ يَسأَلُهُ عَن سَهمِ ذيِ القُربَي لِمَن يَرَاهُ. فَقَالَ لَهُ لِقُربَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]قَسَمَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]لَهُم، وَ قَد كَانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَينَا مِن ذَلِكَ عَرضاً رَأَينَاهُ دُونَ حَقّنَا، وَ رَدَدنَاهُ عَلَيهِ، وَ أَبَينَا أَن نَقبَلَهُ.
وَ فِي رِوَايَةِ النسّاَئيِّ، قَالَكَتَبَ نَجدَةُ إِلَي ابنِ عَبّاسٍ يَسأَلُهُ عَن سَهمِ ذيِ القُربَي لِمَن هُوَ. قَالَ يَزِيدُ بنُ هُرمُزَ فَأَنَا كَتَبتُ كِتَابَ ابنِ عَبّاسٍ إِلَي نَجدَةَ،كَتَبَ إِلَيهِ كَتَبتَ تسَألَنُيِ عَن سَهمِ ذيِ القُربَي لِمَن هُوَ وَ هُوَ لَنَا أَهلَ البَيتِ، وَ قَد كَانَ
صفحه : 56
عُمَرُ دَعَانَا إِلَي أَن يُنكِحَ أَيّمَنَا وَ يجُديِ مِنهُ عَائِلُنَا، وَ يُقضَي مِنهُ عَن غَارِمِنَا،فَأَبَينَا إِلّا أَن يُسَلّمَهُ إِلَينَا، وَ أَبَي ذَلِكَ فَتَرَكنَا عَلَيهِ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي لَهُ مِثلُ أَبِي دَاوُدَ، وَ فِيهِ وَ كَانَ ألّذِي عَرَضَ عَلَيهِم أَن يُعِينَ نَاكِحَهُم، وَ يقَضيَِ عَن غَارِمِهِم، وَ يعُطيَِ فَقِيرَهُم، وَ أَبَي أَن يَزِيدَهُم عَلَي ذَلِكَ.
انتهي . وهي مع صحّتها عندهم تدلّ علي أنّ عمر منع ذوي القربي بعض حقّهم ألذي أعطاهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله ، ويفهم منها أنّ هذاالمنع إنّما كان خوفا من قوّة بني هاشم لووصل إليهم مافرض اللّه لهم من الخمس فيميل الناس إليهم رغبة في الدنيا فيمكنهم طلب الخلافة، و قد كان خمس الخراج من سواد العراق وحده اثنين وثلاثين ألف ألف درهم في كلّ سنة علي بعض الروايات سوي خمس خيبر وغيرها، و لاريب أنّ قيمة خمس تلك الأراضي أضعاف أضعاف هذاالمبلغ ، وكذا خمس الغنائم المنقولة المأخوذة من الفرس وغيرهم مال خطير،فلو أنّهم لم يغصبوا هذاالحقّ بل أدّوا إلي بني هاشم وسائر ذوي القربي حقّهم لم يفتقر أحد منهم أبدا،فوزر ماأصابهم من الفقر والمسكنة في أعناق أبي بكر وعمر وأتباعهما إلي يوم القيامة. و أمّا الفرض ،فقد
قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ رَوَي ابنُ سَعدٍ فِي كِتَابِ الطّبَقَاتِ أَنّ عُمَرَ خَطَبَ فَقَالَ إِنّ قَوماً يَقُولُونَ إِنّ هَذَا المَالَ حَلَالٌ لِعُمَرَ،
صفحه : 57
وَ لَيسَ كَمَا قَالُوا، لَا هَا اللّهِ إِذَن أَنَا أُخبِرُكُم بِمَا استَحَلّ مِنهُ،يَحِلّ لِي مِنهُ حُلّتَانِ،حُلّةٌ فِي الشّتَاءِ وَ حُلّةٌ فِي القَيظِ، وَ مَا أَحُجّ عَلَيهِ وَ أَعتَمِرُ مِنَ الظّهرِ، وَ قوُتيِ وَ قُوتُ أهَليِ كَقُوتِ رَجُلٍ مِن قُرَيشٍ لَيسَ بِأَغنَاهُم وَ لَا أَفقَرِهِم، ثُمّ أَنَا بَعدُ رَجُلٌ مِنَ المُسلِمِينَ يصُيِبنُيِ مَا أَصَابَهُم.
وروي ابن سعد أيضا، أنّ عمر كان إذااحتاج أتي إلي صاحب بيت المال فاستقرضه ،فربّما عسر عليه القضاء فيأتيه صاحب بيت المال فيتقاضاه ،فيحتال له ، وربّما خرج عطاؤه فقضاه . ولقد اشتكي مرّة فوصف له الطبيب العسل ،فخرج حتي صعد المنبر و في بيت المال عكّة، فقال إن أذنتم لي فيهاأخذتها و إلّا فهي عليّ حرام ،فأذنوا له فيها. ثم قال إنّما مثلي ومثلكم كقوم سافروا فدفعوا نفقاتهم إلي رجل
صفحه : 58
منهم لينفق عليهم ،فهل يحلّ له أن يستأثر منها بشيء. وروي أخبارا أخر أيضا من هذاالباب ظنّا منه أنّها تعينه علي دفع الطعن ، مع أنّها ممّا يؤيّده،إذ بعضها يدلّ علي أنّه كان يري الأخذ من بيت المال مجّانا حراما و لو كان للضرورة، إلّا أن يأذن ذوو الحقوق في ذلك ،فيردّ حينئذ أنّ الاستئذان ممّن حضره حين صعد المنبر في الأكل من العسل لايغني من جوع ، فإنّ الحقّ لم يكن منحصرا في هؤلاء، و لم يكونوا وكلاء لمن غاب عنه حتي يكفيه إذنهم في التناول منه ، مع أنّ بيت المال مصرفه مصالح المسلمين و ليس مشتركا بينهم كالميراث ونحوه ، فإذا لم يكن للحاضرين حاجة مصحّحة للأخذ منه لم يكن لهم فيه حقّ حتي ينفع إذنهم في الأخذ، وكون أخذ الإمام من المصالح لاسيّما للدواء لاينفع ،فإنّه لوتمّ لدلّ علي عدم الحاجة إلي الاستئذان مطلقا،فهذه [كذا]الاستئذان دائر بين أن يكون ناقصا غيرمفيد و بين أن يكون لغوا لاحاجة إليه ،فيدلّ إمّا علي الجهل وقلّة المعرفة أو علي الشيد والمكر لأخذ قلوب العوام ، كمايقال يتورّع من سواقط الأوبار ويجرّ الأحمال مع القطار.
إنّه كان يتلوّن في الأحكام ، حتي روي أنّه قضي في الجدّ بسبعين قضية،
صفحه : 59
و هذايدلّ علي قلّة علمه ، و أنّه كان يحكم بمجرّد الظنّ والتخمين والحدس من غيرثبت ودليل ، ومثل هذا لايليق بإمامة المسلمين ورئاسة الدنيا والدين .
أنّه همّ بإحراق بيت فاطمة عليها السلام ، و قد كان فيه أمير المؤمنين وفاطمة والحسنان عليهم السلام ، وهدّدهم وآذاهم مع أنّ رفعة شأنهم عند اللّه تعالي و عندرسوله (ص )ممّا لاينكره أحد من البشر إلّا من أنكر ضوء الشمس
صفحه : 60
ونور القمر، و قدتقدّم القول فيه مستوفي فيما غبر.
منها أنّه خرج عن النصّ والاختيار جميعا
،فإنّه قال قاضي القضاة في
صفحه : 61
المغني قدثبت عند كلّ من يقول بالاختيار أنّه إذاحصل العقد من واحد برضا أربعة صار إماما، واختلفوا فيما عدا ذلك ، فلابدّ فيما يصير به إماما من دليل ،فما قارنه الإجماع يجب أن يحكم به . وحكي عن شيخه أبي علي ، أنّه قال إنّ ماروي عن عمر أنّه قال إن بايع ثلاثة وخالف اثنان فاقتلوا الاثنين .. من أخبار الآحاد، و لا شيءيقتضي صحّته، فلايجوز أن يطعن به في الإجماع .فكلامهم صريح في أنّ الإمامة بالاختيار[إنّه] لا يكون بأقلّ من خمسة، و قدثبت عن عمر خلافه .
ومنها أنّه وصف كلّ واحد منهم بوصف زعم أنّه يمنع من الإمامة
، ثم جعل الأمر فيمن له هذه الأوصاف .
وَ قَد رَوَي السّيّدُ فِي الشاّفيِ، عَنِ الواَقدِيِّ بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ قَالَ عُمَرُ لَا أدَريِ مَا أَصنَعُ بِأُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ. وَ ذَلِكَ قَبلَ أَن يُطعَنَ،فَقُلتُ وَ لِمَ تَهتَمّ وَ أَنتَ تَجِدُ مَن تَستَخلِفُهُ عَلَيهِم. قَالَ أَ صَاحِبُكُم يعَنيِ عَلِيّاً. قُلتُ نَعَم وَ اللّهِ، هُوَ لَهَا أَهلٌ فِي قَرَابَتِهِ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ وَ صِهرِهِ وَ سَابِقَتِهِ وَ بَلَائِهِ. قَالَ إِنّ فِيهِ بِطَالَةً وَ فُكَاهَةً. قُلتُ
صفحه : 62
فَأَينَ عَن طَلحَةَ. قَالَ فَابنُ الزّهوِ وَ النّخوَةِ. قُلتُ عَبدُ الرّحمَنِ. قَالَ هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَي ضَعفٍ فِيهِ. قُلتُ فَسَعدٌ. قَالَ صَاحِبُ مِقنَبٍ وَ قِتَالٍ لَا يَقُومُ بِقَريَةٍ لَو حُمّلَ أَمرُهَا. قُلتُ فَالزّبَيرُ. قَالَ وَعقَةٌ لَقِسٌ،مُؤمِنُ الرّضَا كَافِرُ الغَضَبِ،شَحِيحٌ، وَ إِنّ هَذَا الأَمرَ لَا يَصلُحُ إِلّا لقِوَيِّ فِي غَيرِ عُنفٍ،رَفِيقٍ فِي غَيرِ ضَعفٍ،جَوَادٍ فِي غَيرِ سَرَفٍ. قُلتُ فَأَينَ أَنتَ عَن عُثمَانَ. قَالَ لَو وَلِيَهَا لَحَمّلَ بنَيِ أَبِي مُعَيطٍ عَلَي رِقَابِ النّاسِ، وَ لَو فَعَلَهَا لَقَتَلُوهُ.
قَالَ السّيّدُ رَحِمَهُ اللّهُ وَ قَد روُيَِ مِن غَيرِ هَذَا الطّرِيقِ أَنّ عُمَرَ قَالَ لِأَصحَابِ الشّورَي رُوحُوا إلِيَّ، فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِم قَالَ قَد جاَءنَيِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم
صفحه : 63
يَهُزّ عَقِيرَتَهُ يَرجُو أَن يَكُونَ خَلِيفَةً، أَمّا أَنتَ يَا طَلحَةُ أَ فَلَستَ القَائِلَ إِن قُبِضَ النّبِيّ(ص )أَنكِحُ أَزوَاجَهُ مِن بَعدِهِ فَمَا جَعَلَ اللّهُ مُحَمّداً بِأَحَقّ بِبَنَاتِ أَعمَامِنَا،فَأَنزَلَ اللّهُ تَعَالَي فِيكَ( وَ ما كانَ لَكُم أَن تُؤذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَن تَنكِحُوا أَزواجَهُ مِن بَعدِهِ أَبَداً)، وَ أَمّا أَنتَ يَا زُبَيرُ فَوَ اللّهِ مَا لَانَ قَلبُكَ يَوماً وَ لَا لَيلَةً، وَ مَا زِلتَ جِلفاً جَافِياً، وَ أَمّا أَنتَ يَا عُثمَانُ فَوَ اللّهِ لَرَوثَةٌ خَيرٌ مِنكَ، وَ أَمّا أَنتَ يَا عَبدَ الرّحمَنِ فَإِنّكَ رَجُلٌ عَاجِزٌ تُحِبّ قَومَكَ جَمِيعاً، وَ أَمّا أَنتَ يَا سَعدُ فَصَاحِبُ عَصَبِيّةٍ وَ فِتنَةٍ، وَ أَمّا أَنتَ يَا عَلِيّ فَوَ اللّهِ لَو وُزِنَ إِيمَانُكَ بِإِيمَانِ أَهلِ الأَرضِ لَرَجَحَهُم،فَقَامَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مُوَلّياً يَخرُجُ، فَقَالَ عُمَرُ وَ اللّهِ إنِيّ لَأَعلَمُ مَكَانَ الرّجُلِ لَو وَلّيتُمُوهُ أَمرَكُم لَحَمَلَكُم عَلَي المَحَجّةِ البَيضَاءِ،قَالُوا مَن هُوَ. قَالَ هَذَا المَولَي مِن بَينِكُم.قَالُوا فَمَا يَمنَعُكَ مِن ذَلِكَ. قَالَ لَيسَ إِلَي
صفحه : 64
ذَلِكَ سَبِيلٌ.
وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ رَوَاهُ البلَاذرُيِّ فِي تَارِيخِهِ أَنّ عُمَرَ لَمّا خَرَجَ أَهلُ الشّورَي مِن عِندِهِ، قَالَ إِن وَلّوهَا الأَجلَحَ سَلَكَ بِهِمُ الطّرِيقَ. فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ فَمَا يَمنَعُكَ مِنهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ. قَالَ أَكرَهُ أَن أَتَحَمّلَهَا حَيّاً وَ مَيّتاً.
فوصف كماتري كلّ واحد من القوم بوصف قبيح يمنع من الإمامة، ثم جعلها في جملتهم حتي كأنّ تلك الأوصاف تزول في حال الاجتماع ، ونحن نعلم أنّ ألذي ذكره إن كان مانعا من الإمامة في كلّ واحد علي الانفراد فهو مانع مع الاجتماع ، مع أنّه وصف عليّا عليه السلام بوصف لايليق به و لاادّعاه عدوّ قطّ عليه ،بل هومعروف بضدّه من الركانة والبعد عن المزاح والدعابة، و هذامعلوم ضرورة لمن سمع أخباره عليه السلام ، وكيف يظنّ به ذلك ،
وَ قَد روُيَِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ قَالَ كَانَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ إِذَا أَطرَقَ هِبنَا أَن نَبتَدِئَهُ بِالكَلَامِ، وَ هَذَا لَا يَكُونُ إِلّا مِن شِدّةِ التّزَمّتِ وَ التّوَقّرِ وَ مَا يُخَالِفُ الدّعَابَةَ وَ الفُكَاهَةَ.
ومنها أنّه قال لاأتحمّلها حيّا وميّتا ..
و هذا إن كان علي عدوله عن
صفحه : 65
النصّ علي واحد بعينه فهو قول متملّس متخلّص لايفتات علي الناس في آرائهم ، ثم نقض هذابأن نصّ علي ستة من بين العالم كلّه، ثم رتّب العدد ترتيبا مخصوصا يئول إلي أنّ اختيار عبدالرحمن هوالمقدّم، و أيّ شيء يكون من التحمّل أكبر من هذا و أيّ فرق بين أن يتحمّلها بأن ينصّ علي واحد بعينه و بين أن يفعل مافعله من الحصر والترتيب .
ومنها أنّه أمر بضرب أعناق قوم أقرّ بأنّهم أفضل الأمّة
إن تأخّروا عن البيعة أكثر من ثلاثة أيّام، ومعلوم أنّ بذلك لايستحقّون القتل ،لأنّهم إذاكانوا إنّما كلّفوا أن يجتهدوا آراءهم في اختيار الإمام فربّما طال زمان الاجتهاد وربّما قصر بحسب مايعرض فيه من العوارض ،فأيّ معني للأمر بالقتل إذاتجاوز الأيّام الثلاثة. ثم أنّه أمر بقتل من يخالف الأربعة، و من يخالف العدد ألذي فيه عبد
صفحه : 66
الرحمن ، و كلّ ذلك ممّا لايستحقّ به القتل و ماتمسّكوا به من أنّ أمير المؤمنين عليه السلام دخل في الشوري طائعا وبايع غيرمكره ،فتدلّ رواياتهم علي خلاف ذلك ،فقد
رَوَي الطبّرَيِّ فِي تِلكَ القِصّةِ أَنّ عَبدَ الرّحمَنِ قَالَ يَا عَلِيّ لَا تَجعَلَنّ عَلَي نَفسِكَ سَبِيلًا،فإَنِيّ نَظَرتُ فَشَاوَرتُ النّاسَ فَإِذَا هُم لَا يَعدِلُونَ بِعُثمَانَ،فَخَرَجَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ هُوَ يَقُولُ سَيَبلُغُ الكِتَابُ أَجَلَهُ.
وَ فِي رِوَايَةِ الطبّرَيِّ إِنّ النّاسَ لَمّا بَايَعُوا عُثمَانَ تَلَكّأَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ عُثمَانُ(فَمَن نَكَثَ فَإِنّما يَنكُثُ عَلي نَفسِهِ وَ مَن أَوفي بِما عاهَدَ عَلَيهُ اللّهَ فَسَيُؤتِيهِ أَجراً عَظِيماً)،فَرَجَعَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ حَتّي بَايَعَهُ وَ هُوَ يَقُولُ خُدعَةٌ
وَ رَوَي السّيّدُ رَحِمَهُ اللّهُ، عَنِ البلَاذرُيِّ، عَنِ ابنِ الكلَبيِّ، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي مِخنَفٍ فِي إِسنَادٍ لَهُ إِنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ لَمّا بَايَعَ عَبدُ الرّحمَنِ عُثمَانَ كَانَ
صفحه : 67
قَائِماً فَقَعَدَ، فَقَالَ لَهُ عَبدُ الرّحمَنِ بَايِع وَ إِلّا ضَرَبتُ عُنُقَكَ، وَ لَم يَكُن يَومَئِذٍ مَعَ أَحَدٍ سَيفٌ غَيرَهُ،فَخَرَجَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مُغضَباً،فَلَحِقَهُ أَصحَابُ الشّورَي،فَقَالُوا بَايِع وَ إِلّا جَاهَدنَا،فَأَقبَلَ مَعَهُم يمَشيِ حَتّي بَايَعَ عُثمَانَ.
فأيّ رضا هاهنا و أيّ إجماع وكيف يكون مختارا من يهدّد بالقتل والجهاد. و قدتكلّم في هذااليوم المقداد وعمّار رضي اللّه عنهما وجماعة في ذلك عرضوا نصرتهم علي أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال وَ اللّهِ مَا أَجِدُ أَعوَاناً عَلَيهِم وَ لَا أُحِبّ أَن أُعَرّضَكُم لِمَا لَا تُطِيقُونَ. و أمّا دخوله عليه السلام في الشوري فسيأتي ماروي من العلل في ذلك ، و أيّ علّة أظهر من أنّهم رووا أنّ عمر أوصي أباطلحة في خمسين رجلا حاملي سيوفهم علي عواتقهم في إحضار القوم وقتلهم لو لم يعيّنوا خليفة في الأيّام المعيّنة. و قال السيّد رضي اللّه عنه بعدإيراد بعض الروايات من طرقهم ممّا يدلّ علي عدم رضاه عليه السلام بالشوري وبما ترتّب عليه و هذه الجملة التي أوردناها قليل من كثير في أنّ الخلاف كان واقعا، والرضا كان مرتفعا، والأمر إنّما تمّ بالحيلة والمكر والخداع ، وأوّل شيءمكر به عبدالرحمن أنّه ابتدأ فأخرج نفسه
صفحه : 68
عن الأمر ليتمكّن من صرفه إلي من يريد، وليقال إنّه لو لاإيثاره الحقّ وزهده في الولاية لماأخرج نفسه منها، ثم عرض علي أمير المؤمنين عليه السلام مايعلم أنّه لايجيب إليه و لايلزمه الإجابة إليه من السيرة فيهم بسيرة الرجلين ، وعلم أنّه عليه السلام لايتمكّن من أن يقول إنّ سيرتهما لايلزمني،لئلّا ينسب إلي الطعن عليهما، وكيف يلتزم بسيرتهما و كلّ واحد منهما لم يسر بسيرة الآخر،بل اختلفا وتباينا في كثير من الأحكام ، هذا بعد أن قال لأهل الشوري وثقوا لي من أنفسكم بأنّكم ترضون باختياري إذاأخرجت نفسي،فأجابوه علي
مَا رَوَاهُ أَبُو مِخنَفٍ بِإِسنَادِهِ إِلَي مَا عَرَضَ عَلَيهِم، إِلّا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ،فَإِنّهُ قَالَ انظُر .. لِعِلمِهِ بِمَا يَجُرّ هَذَا المَكرُ، حَتّي أَتَاهُم أَبُو طَلحَةَ فَأَخبَرَهُ عَبدُ الرّحمَنِ بِمَا عَرَضَ وَ بِإِجَابَةِ القَومِ إِيّاهُ إِلّا عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ،فَأَقبَلَ أَبُو طَلحَةَ عَلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ يَا أَبَا الحَسَنِ إِنّ أَبَا مُحَمّدٍ ثِقَةٌ لَكَ وَ لِلمُسلِمِينَ،فَمَا بَالُكَ تُخَالِفُهُ وَ قَد عَدَلَ بِالأَمرِ عَن نَفسِهِ،فَلَن يَتَحَمّلَ المَأثَمَ لِغَيرِهِ فَأَحلَفَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عَبدَ الرّحمَنِ أَن لَا يَمِيلَ إِلَي هَوًي، وَ أَن يُؤثِرَ الحَقّ وَ يَجتَهِدَ لِلأُمّةِ وَ لَا يحُاَبيَِ ذَا
صفحه : 69
قَرَابَةٍ،فَحَلَفَ لَهُ.
و هذاغاية مايتمكّن منه أمير المؤمنين عليه السلام في الحال ،لأنّ عبدالرحمن لّما أخرج نفسه من الأمر فظنّت به الجماعة الخير، وفوّضت إليه الاختيار، لم يقدر أمير المؤمنين عليه السلام علي أن يخالفهم وينقض مااجتمعوا عليه ،فكان أكثر ماتمكّن منه أن أحلفه وصرّح بما يخاف من جهته من الميل إلي الهوي وإيثار القرابة غير أنّ ذلك كلّه لم يغن شيئا.
ومنها إنّه نسب أمير المؤمنين عليه السلام إلي الفكاهة والبطالة
، وذمّه عموما في ضمن ذمّ جميع الستة، و كان يهتمّ ويبذل جهده في منع أمير المؤمنين عليه السلام عن الخلافة حسدا وبغيا، ويكفي هذا في القدح ، واستبعاد ابن أبي الحديد هذا وادّعاؤه الظنّ بأنّها زيدت في كلامه غريب لاشتمال جلّ رواياتهم عليه ، و ليس هذاببدع منه .
فَقَد رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ عَنهُ، أَنّهُ قَالَ يَا ابنَ عَبّاسٍ لَقَد أَجهَدَ هَذَا الرّجُلُ نَفسَهُ فِي العِبَادَةِ حَتّي نَحَلتَهُ رِيَاءً. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ قُلتُ مَن هُوَ. قَالَ الأَجلَحُ يعَنيِ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ. قُلتُ وَ مَا يَقصِدُ بِالرّيَاءِ. قَالَ يُرَشّحُ نَفسَهُ بَينَ النّاسِ لِلخِلَافَةِ.
وَ روُيَِ عَنِ الشعّبيِّ فِي كِتَابِ الشّورَي، وَ عَنِ الجوَهرَيِّ فِي كِتَابِ السّقِيفَةِ، عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ الأنَصاَريِّ، قَالَمَشَيتُ وَرَاءَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ
صفحه : 70
( ع )حِينَ انصَرَفَ مِن عِندِ عُمَرَ، وَ العَبّاسُ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ يمَشيِ فِي جَانِبِهِ،فَسَمِعتُهُ يَقُولُ لِلعَبّاسِ ذَهَبَت مِنّا وَ اللّهِ. فَقَالَ كَيفَ عَلِمتَ. قَالَ أَ لَا تَسمَعُهُ يَقُولُ كُونُوا فِي الجَانِبِ ألّذِي فِيهِ عَبدُ الرّحمَنِ، وَ سَعدٌ لَا يُخَالِفُ عَبدَ الرّحمَنِ لِأَنّهُ ابنُ عَمّهِ، وَ عَبدُ الرّحمَنِ نَظِيرُ عُثمَانَ وَ هُوَ صِهرُهُ، فَإِذَا اجتَمَعَ هَؤُلَاءِ فَلَو أَنّ الرّجُلَينِ البَاقِيَينِ كَانَا معَيِ لَم يُغنِيَا عنَيّ شَيئاً،دَع إنِيّ لَستُ أَرجُوهُمَا وَ لَا أَحَدَهُمَا، وَ مَعَ ذَلِكَ فَقَد أَحَبّ عُمَرُ أَن يُعلِمَنَا أَنّ لِعَبدِ الرّحمَنِ عِندَهُ فَضلًا عَلَينَا لَا،لَعَمرُ اللّهِ مَا جَعَلَ اللّهُ ذَلِكَ لَهُم عَلَينَا كَمَا لَم يَجعَل لِأَولَاهُم عَلَي أَولَانَا، أَمَا وَ اللّهِ لَئِن لَم يَمُت عُمَرُ لَأَذكُرَنّهُ مَا أَتَي إِلَينَا قَدِيماً، وَ لَأُعلِمَنّهُ سُوءَ رَأيِهِ فِينَا وَ مَا أَتَي إِلَينَا حَدِيثاً، وَ لَئِن مَاتَ وَ لَيَمُوتَنّ لَيَجمَعَنّ هَؤُلَاءِ القَومُ عَلَي أَن يَصرِفُوا هَذَا الأَمرَ عَنّا، وَ لَئِن فَعَلُوهَا ليَرَوَنيِ حَيثُ يَكرَهُونَ، وَ اللّهِ مَا بيِ رَغبَةٌ فِي السّلطَانِ وَ لَا أُحِبّ الدّنيَا، وَ لَكِن لِإِظهَارِ العَدلِ، وَ القِيَامِ بِالكِتَابِ وَ السّنّةِ.
و قدورد في الروايات التصريح بأنّه أراد بهذا التدبير قتل أمير المؤمنين عليه السلام كماسيأتي في أخبار الشوري .
وَ رَوَي أَبُو الصّلَاحِ رَحِمَهُ اللّهُ فِي كِتَابِ تَقرِيبِ المَعَارِفِ، عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ
صفحه : 71
عَلَيهِ السّلَامُ أَنّهُ قَالَ ثُمّ إِنّ عُمَرَ هَلَكَ وَ جَعَلَهَا شُورَي وَ جعَلَنَيِ سَادِسَ سِتّةٍ كَسَهمِ الجَدّةِ، وَ قَالَ اقتُلُوا الأَقَلّ، وَ مَا أَرَادَ غيَريِ،فَكَظَمتُ غيَظيِ، وَ انتَظَرتُ أَمرَ ربَيّ، وَ أَلزَقتُ كلَكلَيِ بِالأَرضِ .. الخَبَرَ.
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي الشّرحِ، وَ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ، عَن أَبِيهِ .. أَنّهُ قَالَ يَوماً لِابنِ عَبّاسٍ أَ تدَريِ مَا مَنَعَ النّاسَ لَكُم. قَالَ لَا، يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ. قَالَ وَ لكَنِيّ أدَريِ. قَالَ مَا هُوَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ. قَالَ كَرِهَت قُرَيشٌ أَن تُجمَعَ لَكُمُ النّبُوّةُ وَ الخِلَافَةُ فَتَجحَفُوا النّاسَ جَحفاً،فَنَظَرَت قُرَيشٌ لِأَنفُسِهَا فَاختَارَت، وَ وَفّقَت فَأَصَابَت. فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ أَ يُمِيطُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عنَيّ غَضَبَهُ فَيَسمَعَ. قَالَ قُل مَا تَشَاءُ. قَالَ أَمّا قَولُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ إِنّ قُرَيشاً اختَارَت لِأَنفُسِهَا فَأَصَابَت وَ وَفّقَت .. فَإِنّ اللّهَ تَعَالَي يَقُولُ( وَ رَبّكَ يَخلُقُ ما يَشاءُ وَ يَختارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ)، وَ قَد عَلِمتَ
صفحه : 72
يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَنّ اللّهَ اختَارَ مِن خَلقِهِ لِذَلِكَ مَنِ اختَارَ،فَلَو أَنّ قُرَيشاً اختَارَت لِأَنفُسِهَا حَيثُ اختَارَ اللّهُ لَهَا لَكَانَ الصّوَابُ بِيَدِهَا غَيرَ مَردُودٍ وَ لَا مَحدُودٍ. وَ أَمّا قَولُكَ إِنّهُم أَبَوا أَن يَكُونَ لَنَا النّبُوّةُ وَ الخِلَافَةُ .. فَإِنّ اللّهَ تَعَالَي وَصَفَ قَوماً بِالكَرَاهَةِ، فَقَالَ( ذلِكَ بِأَنّهُم كَرِهُوا ما أَنزَلَ اللّهُ فَأَحبَطَ أَعمالَهُم)، وَ أَمّا قَولُكَ إِنّا كُنّا نَجحَفُ .. فَلَو جَحَفنَا بِالخِلَافَةِ لَجَحَفنَا بِالقَرَابَةِ، وَ لَكِنّ أَخلَاقَنَا مُشتَقّةٌ مِن خُلُقِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ ألّذِي قَالَ اللّهُ فِي حَقّهِ( وَ إِنّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وَ قَالَ لَهُ( وَ اخفِض جَناحَكَ لِمَنِ اتّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنِينَ). فَقَالَ عُمَرُ عَلَي رِسلِكَ يَا ابنَ عَبّاسٍ،أَبَت قُلُوبُكُم يَا بنَيِ هَاشِمٍ إِلّا غِشّاً فِي أَمرِ قُرَيشٍ لَا يَزُولُ، وَ حِقداً عَلَيهَا لَا يُحَوّلُ. فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ مَهلًا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، لَا تُنسَبُ قُلُوبُ بنَيِ هَاشِمٍ إِلَي الغِشّ فَإِنّ قُلُوبَهُم مِن قَلبِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] ألّذِي طَهّرَهُ اللّهُ وَ زَكّاهُ، وَ هُم أَهلُ البَيتِ ألّذِي قَالَ اللّهُ تَعَالَي فِيهِم(إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهّرَكُم تَطهِيراً)، وَ أَمّا قَولُكَ حِقداً .. فَكَيفَ لَا يَحقِدُ مَن غُصِبَ شَيئُهُ، وَ يَرَاهُ فِي يَدِ
صفحه : 73
غَيرِهِ. فَقَالَ عُمَرُ أَمّا أَنتَ يَا عَبدَ اللّهِ فَقَد بلَغَنَيِ عَنكَ كَلَامٌ أَكرَهُ أَن أُخبِرَكَ بِهِ فَتَزُولَ مَنزِلَتُكَ عنِديِ. قَالَ وَ مَا هُوَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أخَبرِنيِ بِهِ، فَإِن يَكُ بَاطِلًا فمَثِليِ أَمَاطَ البَاطِلَ عَن نَفسِهِ، وَ إِن يَكُ حَقّاً فَمَا ينَبغَيِ أَن تُزِيلَ منَزلِتَيِ مِنكَ. فَقَالَ بلَغَنَيِ أَنّكَ لَا تَزَالُ تَقُولُ أُخِذَ هَذَا الأَمرُ حَسَداً وَ ظُلماً. قَالَ أَمّا قَولُكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ حَسَداً،فَقَد حَسَدَ إِبلِيسُ آدَمَ،فَأَخرَجَهُ مِنَ الجَنّةِ،فَنَحنُ بَنُو آدَمَ المَحسُودُونَ، وَ أَمّا قَولُكَ ظُلماً،فَأَمِيرُ المُؤمِنِينَ يَعلَمُ صَاحِبَ الحَقّ مَن هُوَ، ثُمّ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، أَ لَم يَحتَجّ العَرَبُ عَلَي العَجَمِ بِحَقّ رَسُولِ اللّهِ(ص ) وَ احتَجّت قُرَيشٌ عَلَي سَائِرِ العَرَبِ بِحَقّ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]،فَنَحنُ أَحَقّ بِرَسُولِ اللّهِ(ص ) مِن سَائِرِ قُرَيشٍ. فَقَالَ عُمَرُ قُمِ الآنَ فَارجِع إِلَي مَنزِلِكَ،فَقَامَ فَلَمّا وَلّي هَتَفَ بِهِ عُمَرُ أَيّهَا المُنصَرِفُ إنِيّ عَلَي مَا كَانَ مِنكَ لَرَاعٍ حَقّكَ.فَالتَفَتَ ابنُ عَبّاسٍ، فَقَالَ إِنّ لِي عَلَيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ عَلَي كُلّ المُسلِمِينَ حَقّاً بِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]،فَمَن حَفِظَ فَحَظّ نَفسِهِ حَفِظَ، وَ مَن أَضَاعَ فَحَقّ نَفسِهِ أَضَاعَ، ثُمّ مَضَي، فَقَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ وَاهاً لِابنِ عَبّاسٍ، مَا رَأَيتُهُ يُحَاجّ أَحَداً قَطّ إِلّا خَصَمَهُ.
صفحه : 74
وَ رَوَي أَيضاً ابنُ أَبِي الحَدِيدِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَدَخَلتُ عَلَي عُمَرَ فِي أَوّلِ خِلَافَتِهِ وَ قَد ألُقيَِ لَهُ صَاعٌ مِن تَمرَةٍ عَلَي خَصَفَةٍ فدَعَاَنيِ إِلَي الأَكلِ،فَأَكَلتُ تَمرَةً وَاحِدَةً، وَ أَقبَلَ يَأكُلُ حَتّي أَتَي عَلَيهِ،فَشَرِبَ مِن جَرّةٍ كَانَت عِندَهُ، وَ استَلقَي عَلَي مِرفَقَةٍ لَهُ، وَ طَفِقَ يَحمَدُ اللّهَ .. وَ يُكَرّرُ ذَلِكَ، ثُمّ قَالَ مِن أَينَ جِئتَ يَا عَبدَ اللّهِ. قُلتُ مِنَ المَسجِدِ. قَالَ كَيفَ خَلّفتَ ابنَ عَمّكَ،فَظَنَنتُهُ يعَنيِ عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ، قُلتُ خَلّفتُهُ يَلعَبُ مَعَ أَترَابِهِ. قَالَ لَم أَعنِ ذَلِكَ،إِنّمَا عَنَيتُ عَظِيمَكُم أَهلَ البَيتِ. قُلتُ خَلّفتُهُ يَمتَحُ بِالغَربِ عَلَي نَخِيلَاتٍ مِن فُلَانٍ وَ يَقرَأُ القُرآنَ. قَالَ يَا عَبدَ اللّهِ عَلَيكَ دِمَاءُ البُدنِ إِن كَتَمتَنِيهَا،هَل بقَيَِ فِي نَفسِهِ شَيءٌ مِن أَمرِ الخِلَافَةِ. قُلتُ نَعَم. قَالَ أَ يَزعُمُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]نَصّ عَلَيهِ. قُلتُ نَعَم، وَ أَزِيدُكَ سَأَلتُ أَبِي عَمّا يَدّعِيهِ، فَقَالَ صَدَقَ. فَقَالَ عُمَرُ لَقَد كَانَ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] فِي أَمرِهِ زَرؤٌ
صفحه : 75
مِن قَولٍ لَا يُثبِتُ حُجّةً، وَ لَا يَقطَعُ عُذراً، وَ لَقَد كَانَ يَزِيغُ فِي أَمرِهِ وَقتاً مَا، وَ لَقَد أَرَادَ فِي مَرَضِهِ أَن يُصَرّحَ بِاسمِهِ فَمَنَعتُ مِن ذَلِكَ إِشفَاقاً وَ حِيطَةً عَلَي الإِسلَامِ وَ لَا وَ رَبّ هَذِهِ البَنِيّةِ لَا تَجتَمِعُ عَلَيهِ قُرَيشٌ أَبَداً، وَ لَو وَلِيَهَا لَانتَقَضَت عَلَيهِ العَرَبُ مِن أَقطَارِهَا،فَعَلِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]أنَيّ عَلِمتُ مَا فِي نَفسِهِ،فَأَمسَكَ، وَ أَبَي اللّهُ إِلّا إِمضَاءَ مَا حَتَمَ.
قال ذكر هذاالخبر أحمد بن أبي طاهر صاحب كتاب تاريخ بغداد في كتابه مسندا.
وَ رَوَي أَيضاً، أَنّهُ قَالَ عُمَرُ لِابنِ عَبّاسٍ يَا عَبدَ اللّهِ أَنتُم أَهلُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ بَنُو عَمّهِ فَمَا مَنَعَ قَومُكُم مِنكُم. قَالَ لَا أدَريِ وَ اللّهِ مَا أَضمَرنَا لَهُم إِلّا خَيراً، قَالَ أللّهُمّ غَفراً إِنّ قَومَكُم كَرِهُوا أَن تَجتَمِعَ لَكُمُ النّبُوّةُ وَ الخِلَافَةُ فَتَذهَبُوا فِي السّمَاءِ شتحا وَ بَذَخاً، وَ لَعَلّكُم تَقُولُونَ إِنّ أَبَا بَكرٍ أَوّلُ مَن أَخّرَكُم، أَمَا إِنّهُ لَم يَقصِد ذَلِكَ وَ لَكِن حَضَرَ أَمرٌ لَم يَكُن بِحَضرَتِهِ أَحزَمَ
صفحه : 76
مِمّا فَعَلَ، وَ لَو لَا رأَيُ أَبِي بَكرٍ فِيّ لَجَعَلَ لَكُم مِنَ الأَمرِ نَصِيباً، وَ لَو فَعَلَ مَا هَنّاكُم مَعَ قَومِكُم .. أَنّهُم يَنظُرُونَ إِلَيكُم نَظَرَ الثّورِ إِلَي جَاذِرِهِ.
وَ رَوَي أَيضاً، عَنِ الزّبَيرِ بنِ بَكّارٍ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ ، أَنّهُ قَالَ عُمَرُ فِي كَلَامٍ كَانَ بَينَهُمَا يَا ابنَ عَبّاسٍ إِنّ صَاحِبَكُم إِن ولَيَِ هَذَا الأَمرَ أَخشَي عُجبُهُ بِنَفسِهِ أَن يَذهَبَ بِهِ،فلَيَتنَيِ أَرَاكُم بعَديِ.
وَ رَوَي أَيضاً فِيهِ، عَن أَبِي بَكرٍ الأنَباَريِّ فِي أَمَالِيهِ أَنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ جَلَسَ إِلَي عُمَرَ فِي المَسجِدِ وَ عِندَهُ نَاسٌ، فَلَمّا قَامَ عَرَضَ وَاحِدٌ بِذِكرِهِ وَ نَسَبَهُ إِلَي التّيهِ وَ العُجبِ، فَقَالَ عُمَرُ حَقّ لِمِثلِهِ أَن يَتِيهَ، وَ اللّهِ لَو لَا سَيفُهُ لَمَا قَامَ عَمُودُ الإِسلَامِ، وَ هُوَ بَعدُ أَقضَي الأُمّةِ وَ ذُو سَابِقَتِهَا وَ ذُو شَرَفِهَا. فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ القَائِلُ فَمَا مَنَعَكُم يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَنهُ. قَالَ كَرِهنَاهُ عَلَي حَدَاثَةِ السّنّ وَ حُبّهِ بنَيِ عَبدِ المُطّلِبِ.
فقد ظهر من تلك الأخبار أنّ عمر كان يبذل جهده في منع أمير المؤمنين عن الخلافة، مع أنّه كان يعترف مرارا أنّه كان أحقّ بها، و أنّ اللّه ورسوله صلّي اللّه عليه وآله كانا يرتضيانه لها.
ومنها أنّهم رووا أنّه قال بعد ماطعن
لو كان سالم حيّا لم يخالجني فيه شكّ واستخلفته ، مع أنّ الخاصّة والعامّة إلّا شذوذا لايعبأ بهم اتّفقت علي أنّ الإمامة لاتكون إلّا في قريش ، وتضافرت بذلك الروايات ، و
رَوَوا أَنّهُ شَهِدَ عُمَرُ يَومَ السّقِيفَةِ بِأَنّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ الأَئِمّةُ مِن قُرَيشٍ، وَ ذَلِكَ مُنَاقَضَةٌ صَرِيحَةٌ وَ مُخَالَفَةٌ لِلنّصّ وَ الِاتّفَاقِ.
صفحه : 77
فَرَوَي ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ، عَن عُمَرَ بنِ مَيمُونٍ أَنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ لَمّا طُعِنَ قِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَوِ استَخلَفتَ. قَالَ لَو كَانَ أَبُو عُبَيدَةَ حَيّاً لَاستَخلَفتُهُ، وَ قُلتُ لرِبَيّ إِن سأَلَنَيِ سَمِعتُ نَبِيّكَ يَقُولُ إِنّهُ أَمِينُ هَذِهِ الأُمّةِ، وَ لَو كَانَ سَالِمٌ مَولَي أَبِي حُذَيفَةَ حَيّاً لَاستَخلَفتُهُ وَ قُلتُ لرِبَيّ إِن سأَلَنَيِ سَمِعتُ نَبِيّكَ يَقُولُ إِنّ سَالِماً شَدِيدُ الحُبّ لِلّهِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَدُلّكَ عَلَي عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ. فَقَالَ قَاتَلَكَ اللّهُ وَ اللّهِ مَا أَرَدتَ اللّهَ بِهَذَا،وَيحَكَ كَيفَ أَستَخلِفُ رَجُلًا عَجَزَ عَن طَلَاقِ امرَأَتِهِ، لَا أَرَبَ لَنَا فِي أُمُورِكُم مَا حَمِدتُهَا فَأَرغَبَ فِيهَا لِأَحَدٍ مِن أَهلِ بيَتيِ، إِن كَانَ خَيراً،فَقَد أَصَبنَا مِنهُ، وَ إِن كَانَ شَرّاً فَقَد صُرِفَ عَنّا،حَسبُ آلِ عُمَرَ أَن يُحَاسَبَ مِنهُم رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ يُسأَلَ عَن أَمرِ أُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ].
وَ رَوَي السّيّدُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فِي الشاّفيِ، وَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ النّهجِ، عَنِ الطبّرَيِّ مِثلَهُ.
صفحه : 78
وَ رَوَي السّيّدُ رَحِمَهُ اللّهُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ البلَاذرُيِّ فِي كِتَابِ تَارِيخِ الأَشرَافِ، عَن عَفّانَ بنِ مُسلِمٍ، عَن حَمّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَن عَلِيّ بنِ زَيدٍ، عَن أَبِي رَافِعٍ أَنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ كَانَ مُستَنِداً إِلَي ابنِ عَبّاسٍ وَ عِندَهُ ابنُ عُمَرَ وَ سَعِيدُ بنُ زَيدٍ، فَقَالَ اعلَمُوا أنَيّ لَم أَقُل فِي الكَلَالَةِ شَيئاً، وَ لَم أَستَخلِف بعَديِ أَحَداً، وَ إِنّهُ مَن أَدرَكَ وفَاَتيِ مِن سبَيِ العَرَبِ فَهُوَ حُرّ مِن مَالِ اللّهِ. فَقَالَ سَعِيدُ بنُ زَيدٍ أَمَا أَنّكَ لَو أَشَرتَ إِلَي رَجُلٍ مِنَ المُسلِمِينَ ائتَمَنَكَ النّاسُ. فَقَالَ عُمَرُ لَقَد رَأَيتُ مِن أصَحاَبيِ حِرصاً سَيّئاً، وَ إنِيّ جَاعِلُ هَذَا الأَمرِ إِلَي هَؤُلَاءِ النّفَرِ السّتّةِ الّذِينَ مَاتَ رَسُولُ اللّهِ(ص ) وَ هُوَ عَنهُم رَاضٍ. ثُمّ قَالَ لَو أدَركَنَيِ أَحَدُ الرّجُلَينِ لَجَعَلتُ هَذَا الأَمرَ إِلَيهِ وَ لَوَثِقتُ بِهِ،سَالِمٌ مَولَي أَبِي حُذَيفَةَ، وَ أَبُو عُبَيدَةَ بنُ الجَرّاحِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَأَينَ أَنتَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ. فَقَالَ لَهُ قَاتَلَكَ اللّهُ مَا أَرَدتُ وَ اللّهِ أَستَخلِفُ رَجُلًا لَم يُحسِن أَن يُطَلّقَ امرَأَتَهُ.
صفحه : 79
قَالَ عَفّانُ يعَنيِ بِالرّجُلِ ألّذِي أَشَارَ إِلَيهِ بِعَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ المُغِيرَةَ بنَ شُعبَةَ. وَ قَد ذَكَرَ هَذِهِ الرّوَايَةَ قاَضيِ القُضَاةِ وَ لَم يَطعَن فِيهَا.
و أماالمقدّمة الثانية فقد
رَوَي البخُاَريِّ وَ مُسلِمٌ فِي صَحِيحَيهِمَا، وَ صَاحِبُ جَامِعِ الأُصُولِ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] قَالَ النّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيشٍ فِي هَذَا الشّأنِ،مُسلِمُهُم تَبَعٌ لِمُسلِمِهِم، وَ كَافِرُهُم تَبَعٌ لِكَافِرِهِم، النّاسُ مَعَادِنُ،خِيَارُهُم فِي الجَاهِلِيّةِ خِيَارُهُم فِي الإِسلَامِ إِذَا فَقُهُوا،تَجِدُونَ مِن خَيرِ النّاسِ أَشَدّ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشّأنِ حَتّي يَقَعَ فِيهِ.
وَ رَوَوا جَمِيعاً، عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] لَا يَزَالُ هَذَا الأَمرُ فِي قُرَيشٍ مَا بقَيَِ مِنهُمُ اثنَانِ.
وَ رَوَي البخُاَريِّ، عَن مُعَاوِيَةَ، أَنّهُ قَالَسَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ
صفحه : 80
عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ إِنّ هَذَا الأَمرَ فِي قُرَيشٍ لَا يُعَادِيهِم أَحَدٌ إِلّا أَكَبّهُ اللّهُ عَلَي وَجهِهِ مَا أَقَامُوا الدّينَ.
وَ رَوَي مُسلِمٌ، عَن جَابِرٍ، أَنّهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] قَالَ النّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيشٍ فِي الخَيرِ وَ الشّرّ.
وَ رَوَي صَاحِبُ جَامِعِ الأُصُولِ، عَنِ الترّمذِيِّ بِإِسنَادِهِ، عَن عَمرِو بنِ العَاصِ، قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] يَقُولُ قُرَيشٌ وُلَاةُ النّاسِ فِي الخَيرِ وَ الشّرّ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ.
و قال قاضي القضاة في المغني في بحث أنّ الأئمّة من قريش قداستدلّ شيوخنا علي ذلك بما
روُيَِ عَنهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] أَنّ الأَئِمّةَ مِن قُرَيشٍ.
وَ روُيَِ أَيضاً أَنّهُ قَالَ هَذَا الأَمرُ لَا يَصلُحُ إِلّا فِي هَذَا الحيَّ مِن قُرَيشٍ.
صفحه : 81
وقوّوا ذلك بما كان يوم السقيفة من كون ذلك سببا لصرف الأنصار عمّا كانوا عزموا عليه ،لأنّهم عند هذه الرواية انصرفوا عن ذلك وتركوا الخوض فيه . وقوّوا ذلك بأنّ أحدا لم ينكره في تلك الحال ، فإنّ أبابكر استشهد في ذلك بالحاضرين ،فشهدوا به حتي صار خارجا عن باب خبر الواحد إلي الاستفاضة وقوّوا ذلك بأنّ ماجري هذاالمجري إذاذكر في ملإ من الناس وادّعي عليهم المعرفة فتركهم النكير يدلّ علي صحّة الخبر المذكور. و قال شارح المواقف في بحث شروط الإمامة اشترط الأشاعرة والجبائيان أن يكون الإمام قرشيّا، ومنعه الخوارج وبعض المعتزلة.لنا
قَولُهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] الأَئِمّةُ مِن قُرَيشٍ.
ثم الصحابة عملوا بمضمون هذاالحديث ، فإنّ أبابكر استدلّ به يوم السقيفة علي الأنصار حين نازعوا في الإمامة بمحضر الصحابة فقبلوه وأجمعوا عليه فصار دليلا قطعيّا يفيد اليقين باشتراط القرشيّة. ثم أجاب عن حجّة المخالف . وأجاب قاضي القضاة عن المناقضة بأنّه يحتمل أن يريد عمر أنّه لو كان
صفحه : 82
سالم حيّا لم يتخالجه الشكّ في إدخاله في المشورة والرأي دون التأهيل للإمامة. وبطلانه واضح ، فإنّ الروايات كماعرفت صريحة في الاستخلاف وتفويض الأمر إليه ، و لاتحتمل مثل هذاالتأويل ، كما لايخفي علي المنصف . ثم إنّ قوله في سالم و أبوعبيدة دليل ظاهر علي جهله ، فإنّ مارووا عنه من الامتناع عن التعيين والتنصيص معلّلا بقوله ماأردت أن أتحمّلها حيّا وميّتا، بعداعترافه بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام لوولي الأمر لحمل الناس علي الحقّ،يدلّ علي أنّه إنّما عدل عن النصّ احتياطا وخوفا من اللّه تعالي ، وحذرا من أن يسأل يوم القيامة عمّا يفعله من استخلفه ،فلذلك ترك الاستخلاف وجعل الأمر شوري ليكون أعذر عند اللّه تعالي ، و مع ذلك تمنّي أن يكون سالم حيّا حتي يستخلفه وينصّ عليه ، و لم يخف من السؤال عن استخلافه ، وظنّ أنّ ماسمعه ابن عمّه في سالم أنّه شديد الحبّ للّه تعالي ،حجّة قاطعة علي استحقاقه للخلافة، مع أنّ شدّة الحبّ للّه ليس أمرا مستجمعا لشرائط الإمامة، و لايستلزم القدرة علي تحمّل أعباء الخلافة، وشدّة الحبّ للّه لها مراتب شتّي،فكيف يستدلّ بالخبر علي أنّها بلغت حدّا يمنع صاحبها عن ارتكاب المنكرات أصلا، و لو كان مثل ذلك قاطعا للعذر كيف لم يكن وصف أمير المؤمنين عليه السلام في خبر الطير بأنّه أحبّ الخلق إلي اللّه تعالي .. حجّة تامّة، مع أنّ المحبوبيّة إلي اللّه أبلغ من الحبّ للّه، وشدّة الحبّ لايستلزم الفضل علي جميع الخلق ،فلم لم يصرّح باسم أمير المؤمنين عليه السلام ليعتذر يوم القيامة بهذا الخبر وسائر النصوص المتواترة والآيات المتظافرة الدالّة علي فضله وإمامته وكرامته . ولنعم ما قال أبوالصلاح في كتاب تقريب المعارف إنّ ذلك تحقيق لماترويه الشيعة من تقدّم المعاهدة بينه و بين صاحبه و أبي عبيدة وسالم مولي أبي
صفحه : 83
حذيفة علي نزع هذاالأمر من بني هاشم لو قدمات محمّد صلّي اللّه عليه وآله ، و لو لا ذلك لم يكن لتمنّيه سالما وإخباره عن فقد الشكّ فيه مع حضور وجوه الصحابة و أهل السوابق والفضائل والذرائع التي ليس لسالم منها شيءوجه يعقل ، وكذا القول في تمنّيه أباعبيدة بن الجرّاح.انتهي . وبالجملة،صدر عنه في الشوري ماأبدي الضغائن الكامنة في صدره ، وبذلك أسّس أساسا للفتنة والظلم والعدوان علي جميع الأنام إلي يوم القيام .
قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ حدَثّنَيِ جَعفَرُ بنُ مكَيّّ الحَاجِبُ، قَالَسَأَلتُ مُحَمّدَ بنَ سُلَيمَانَ حَاجِبَ الحُجّابِ. قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ وَ قَد رَأَيتُ أَنَا مُحَمّداً هَذَا، وَ كَانَت لِي بِهِ مَعرِفَةٌ غَيرُ مُستَحكَمَةٍ، وَ كَانَ ظَرِيفاً أَدِيباً، وَ قَدِ اشتَغَلَ بِالرّيَاضِيّاتِ مِنَ الفَلسَفَةِ، وَ لَم يَكُن يَتَعَصّبُ لِمَذهَبٍ بِعَينِهِ، قَالَ جَعفَرٌ سَأَلتُهُ عَمّا عِندَهُ فِي أَمرِ عَلِيّ( ع ) وَ عُثمَانَ. فَقَالَ هَذِهِ عَدَاوَةٌ قَدِيمَةٌ بَينَ بنَيِ عَبدِ شَمسٍ وَ بَينَ بنَيِ هَاشِمٍ .. وَ سَاقَ الكَلَامَ إِلَي قَولِهِ وَ أَمّا السّبَبُ الثاّنيِ فِي الِاختِلَافِ فِي أَمرِ الإِمَامَةِ فَهُوَ أَنّ عُمَرَ جَعَلَ الأَمرَ شُورَي بَينَ السّتّةِ وَ لَم يَنُصّ عَلَي وَاحِدٍ بِعَينِهِ،إِمّا مِنهُم أَو مِن غَيرِهِم،فبَقَيَِ فِي نَفسِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم أَنّهُ قَد رُشّحَ لِلخِلَافَةِ، وَ أَنّهُ أَهلٌ لِلمُلكِ وَ السّلطَنَةِ،فَلَم يَزَل ذَلِكَ فِي نُفُوسِهِم وَ أَذهَانِهِم مُصَوّراً بَينَ أَعيُنِهِم مُرتَسِماً فِي خَيَالَاتِهِم،مُنَازَعَةً إِلَيهِ نُفُوسُهُم،طَامِحَةً نَحوَهُ عُيُونُهُم، حَتّي كَانَ مِنَ الشّقَاقِ بَينَ عَلِيّ( ع ) وَ عُثمَانَ مَا
صفحه : 84
كَانَ، وَ حَتّي أَفضَي الأَمرُ إِلَي قَتلِ عُثمَانَ، وَ كَانَ أَعظَمَ الأَسبَابِ فِي قَتلِهِ طَلحَةُ، وَ كَانَ لَا يَشُكّ فِي أَنّ الأَمرَ لَهُ بَعدَهُ لِوُجُوهٍ،مِنهَا سَابِقَتُهُ، وَ مِنهَا أَنّهُ كَانَ ابنَ عَمّ أَبِي بَكرٍ، وَ كَانَ لأِبَيِ بَكرٍ فِي نُفُوسِ أَهلِ ذَلِكَ العَصرِ مَنزِلَةٌ عَظِيمَةٌ أَعظَمُ مِنهَا الآنَ، وَ مِنهَا أَنّهُ كَانَ سَمحاً جَوَاداً، وَ قَد كَانَ نَازَعَ عُمَرَ فِي حَيَاةِ أَبِي بَكرٍ، وَ أَحَبّ أَن يُفَوّضَ أَبُو بَكرٍ الأَمرَ إِلَيهِ فَمَا زَالَ يَفتِلُ فِي الذّروَةِ وَ الغَارِبِ فِي أَمرِ عُثمَانَ، وَ يُنَكّرُ لَهُ القُلُوبَ، وَ يُكَدّرُ عَلَيهِ النّفُوسَ، وَ يغُريِ أَهلَ المَدِينَةِ وَ الأَعرَابَ وَ أَهلَ الأَمصَارِ بِهِ، وَ سَاعَدَهُ الزّبَيرُ، وَ كَانَ أَيضاً يَرجُو الأَمرَ لِنَفسِهِ، وَ لَم يَكُن رَجَاؤُهُمَا الأَمرَ بِدُونِ رَجَاءِ عَلِيّ( ع )،بَل رَجَاؤُهُمَا كَانَ أَقوَي،لِأَنّ عَلِيّاً( ع )دَحَضَهُ الأَوّلَانِ وَ أَسقَطَاهُ وَ كَسَرا نَامُوسَهُ بَينَ النّاسِ، وَ صَارَ نَسياً مَنسِيّاً، وَ مَاتَ الأَكثَرُ مِمّن كَانَ يَعرِفُ خَصَائِصَهُ التّيِ كَانَت لَهُ فِي أَيّامِ النّبُوّةِ وَ فَضلَهُ، وَ نَشَأَ قَومٌ لَا يَعرِفُونَهُ وَ لَا يَرَونَهُ إِلّا رَجُلًا مِن عُرضِ المُسلِمِينَ، وَ لَم يَبقَ لَهُ مِن فَضَائِلِهِ إِلّا أَنّهُ ابنُ عَمّ الرّسُولِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ زَوجُ ابنَتِهِ وَ أَبُو سِبطَيهِ، وَ نسَيَِ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، وَ اتّفَقَ لَهُ مِن بُغضِ قُرَيشٍ وَ انحِرَافِهَا مَا لَم يَتّفِق لِأَحَدٍ، وَ كَانَت قُرَيشٌ تُحِبّ طَلحَةَ وَ الزّبَيرَ،لِأَنّ الأَسبَابَ المُوجِبَةَ لِبُغضِهِم لَم تَكُن مَوجُودَةً فِيهِمَا، وَ كَانَا يَتَأَلّفَانِ قُرَيشاً فِي أَوَاخِرِ أَيّامِ عُثمَانَ
صفحه : 85
، وَ يَعِدَانِهِم بِالعَطَاءِ وَ الإِفضَالِ، وَ هُمَا عِندَ أَنفُسِهِمَا وَ عِندَ النّاسِ خَلِيفَتَانِ بِالقُوّةِ لَا بِالفِعلِ،لِأَنّ عُمَرَ نَصّ عَلَيهِمَا وَ ارتَضَاهُمَا لِلخِلَافَةِ، وَ عُمَرُ كَانَ مُتّبَعَ القَولِ،مرَضيِّ الفِعَالِ،مُطَاعاً نَافِذَ الحُكمِ فِي حَيَاتِهِ وَ مَمَاتِهِ، فَلَمّا قُتِلَ عُثمَانُ،أَرَادَهَا طَلحَةُ وَ حَرَصَ عَلَيهَا،فَلَو لَا الأَشتَرُ وَ قَومٌ مَعَهُ مِن شُجعَانِ العَرَبِ جَعَلُوهَا فِي عَلِيّ( ع ) لَم تَصِل إِلَيهِ أَبَداً، فَلَمّا فَاتَت طَلحَةَ وَ الزّبَيرَ،فَتَقَا ذَلِكَ الفَتقَ العَظِيمَ، وَ أَخرَجَا أُمّ المُؤمِنِينَ مَعَهُمَا، وَ قَصَدَا العِرَاقَ وَ أَثَارَا الفِتنَةَ، وَ كَانَ مِن حَربِ الجَمَلِ مَا قَد عُلِمَ وَ عُرِفَ، ثُمّ كَانَ حَربُ الجَمَلِ مُقَدّمَةً وَ تَمهِيداً لِحَربِ صِفّينَ، فَإِنّ مُعَاوِيَةَ لَم يَكُن لِيَفعَلَ مَا فَعَلَ لَو لَا طَمَعُهُ بِمَا جَرَي فِي البَصرَةِ، ثُمّ أَوهَمَ أَهلَ الشّامِ أَنّ عَلِيّاً( ع ) قَد فَسَقَ بِمُحَارَبَةِ أُمّ المُؤمِنِينَ، وَ مُحَارَبَةِ المُسلِمِينَ، وَ أَنّهُ قَتَلَ طَلحَةَ وَ الزّبَيرَ وَ هُمَا مِن أَهلِ الجَنّةِ، وَ مَن يَقتُل مُؤمِناً مِن أَهلِ الجَنّةِ فَهُوَ مِن أَهلِ النّارِ،فَهَل كَانَ الفَسَادُ المُتَوَلّدُ فِي صِفّينَ إِلّا فَرعاً لِلفَسَادِ الكَائِنِ يَومَ الجَمَلِ ثُمّ نَشَأَ مِن فَسَادِ صِفّينَ وَ ضَلَالِ مُعَاوِيَةَ كُلّ مَا جَرَي مِنَ الفَسَادِ وَ القَبِيحِ فِي أَيّامِ بنَيِ أُمَيّةَ، وَ نَشَأَت فِتنَةُ ابنِ الزّبَيرِ فَرعاً مِن يَومِ الدّارِ،لِأَنّ عَبدَ اللّهِ كَانَ يَقُولُ إِنّ عُثمَانَ لَمّا أَيقَنَ بِالقَتلِ نَصّ عَلَيّ بِالخِلَافَةِ، وَ لِي بِذَلِكَ شُهُودٌ،مِنهُم مَروَانُ بنُ الحَكَمِ، أَ فَلَا تَرَي كَيفَ تَسَلسَلَت هَذِهِ الأُمُورُ فَرعاً عَلَي أَصلٍ، وَ غُصناً مِن شَجَرَةٍ، وَ جَذوَةً مِن ضِرَامٍ وَ هَكَذَا يَدُورُ بَعضُهُ عَلَي بَعضٍ وَ كُلّهُ مِنَ الشّورَي فِي السّتّةِ. قَالَ وَ أَعجَبُ مِن ذَلِكَ قَولُ عُمَرَ وَ قَد قِيلَ لَهُ إِنّكَ استَعمَلتَ
صفحه : 86
سَعِيدَ بنَ العَاصِ وَ مُعَاوِيَةَ وَ فُلَاناً وَ فُلَاناً مِنَ المُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُم وَ مِنَ الطّلَقَاءِ وَ أَبنَاءِ الطّلَقَاءِ وَ تَرَكتَ أَن تَستَعمِلَ عَلِيّاً وَ العَبّاسَ وَ الزّبَيرَ وَ طَلحَةَ فَقَالَ فَأَمّا عَلِيّ فأتيه مِن ذَلِكَ، وَ أَمّا هَؤُلَاءِ النّفَرُ مِن قُرَيشٍ،فإَنِيّ أَخَافُ أَن يَنتَشِرُوا فِي البِلَادِ،فَيُكثِرُوا فِيهَا الفَسَادَ،فَمَن يَخَافُ مِن تَأمِيرِهِم لِئَلّا يَطمَعُوا فِي المُلكِ، وَ يَدّعِيَهُ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم لِنَفسِهِ،كَيفَ لَم يَخَف مِن جَعلِهِم سِتّةً مُتَسَاوِينَ فِي الشّورَي،مُرَشّحِينَ لِلخِلَافَةِ وَ هَل شَيءٌ أَقرَبُ إِلَي الفَسَادِ مِن هَذَا وَ قَد رَوَوا أَنّ الرّشِيدَ رَأَي يَوماً مُحَمّداً وَ عَبدَ اللّهِ ابنَيهِ يَلعَبَانِ وَ يَضحَكَانِ،فَسُرّ بِذَلِكَ، فَلَمّا غَابَا عَن عَينِهِ بَكَي، فَقَالَ لَهُ الفَضلُ بنُ الرّبِيعِ مَا يُبكِيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، وَ هَذَا مَقَامُ جَذَلٍ لَا مَقَامُ حُزنٍ. فَقَالَ أَ مَا رَأَيتَ لَعبَهُمَا وَ مَوَدّةَ بَينِهِمَا، أَمَا وَ اللّهِ لَيَتَبَدّلَنّ ذَلِكَ بُغضاً وَ سَيفاً، وَ لَيَختَلِسَنّ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا نَفسَ صَاحِبِهِ عَن قَرِيبٍ، فَإِنّ المُلكَ عَقِيمٌ، وَ كَانَ الرّشِيدُ قَد عَقَدَ الأَمرَ لَهُمَا عَلَي تَرتِيبٍ، هَذَا بَعدَ هَذَا،فَكَيفَ مَن لَم يُرَتّبُوا فِي الخِلَافَةِ،بَل جُعِلُوا فِيهَا كَأَسنَانِ المُشطِ فَقُلتُ أَنَا لِجَعفَرٍ هَذَا كُلّهُ تَحكِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ،فَمَا تَقُولُ أَنتَ، فَقَالَ
صفحه : 87
إِذَا قَالَت حَذَامِ فَصَدّقُوهَا | فَإِنّ القَولَ مَا قَالَت حَذَامِ |
انتهي فقد ظهر أنّ جميع الفتن الواقعة في الإسلام من فروع الشوري والسقيفة وسائر ماأبدعه وأسّسه هذا وأخوه .بيان قوله عليه السلام يهرّ عقيرته .. الهرير الصّوت والنباح . والعقيرة كفعيلة أيضا الصّوت .. أي يرفع صوته . و في بعض النسخ بالزاي. وعفيرته بالفاء علي التصغير والعفرة بياض الإبط، ولعلّ المعني يحرّك منكبيه للخيلاء، والأول أظهر. قال الجوهري العقيرة السّاق المقطوعة، وقولهم رفع فلان عقيرته .. أي صوته ، وأصله أنّ رجلا قطعت إحدي رجليه فرفعها ووضعها علي الأخري وصرخ ،فقيل بعدلكلّ رافع صوته قدرفع عقيرته .
صفحه : 88
أنّه أوصي بدفنه في بيت النبيّ صلّي اللّه عليه وآله وكذلك تصدّي لدفن أبي بكر هناك ، و هوتصرّف في ملك الغير من غيرجهة شرعيّة، و قدنهي اللّه الناس عن دخول بيته صلّي اللّه عليه وآله من غيرإذن بقوله ( لا تَدخُلُوا بُيُوتَ النّبِيّ إِلّا أَن يُؤذَنَ لَكُم)، وضربوا المعاول عندأذنه صلّي اللّه عليه وآله ، قال تعالي ( لا تَرفَعُوا أَصواتَكُم فَوقَ صَوتِ النّبِيّ وَ لا تَجهَرُوا لَهُ بِالقَولِ كَجَهرِ بَعضِكُم لِبَعضٍ أَن تَحبَطَ أَعمالُكُم). وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حُرمَةُ المُسلِمِ مَيّتاً كَحُرمَتِهِ حَيّاً وتفصيل القول في ذلك ، أنّه ليس يخلو موضع قبر النبيّ صلّي اللّه عليه وآله من أن يكون باقيا علي ملكه أو يكون انتقل في حياته إلي عائشة كماادّعاه بعضهم فإن كان الأول لم يخل من أن يكون ميراثا بعده أوصدقة، فإن كان ميراثا فما كان يحلّ لأبي بكر وعمر من بعده أن يأمرا بدفنهما فيه إلّا بعدإرضاء الورثة، و لم نجد أحدا خاطب أحدا من الورثة علي ابتياع هذاالمكان و لااستنزله عنه بثمن و لاغيره ، و إن كان صدقة فقد كان يجب أن يرضي عنه جماعة المسلمين ، وابتياعه منهم إن جاز الابتياع لمايجري هذاالمجري ، و إن كان نقل في حياته فقد كان يجب أن يظهر سبب انتقاله والحجّة فيه ، فإنّ فاطمة عليها السلام لم يقنع
صفحه : 89
منها في انتقال فدك إلي ملكها بقولها و لاشهادة من شهد لها. و أمّا استدلال بعضهم بإضافة البيوت إليهنّ في قوله تعالي ( وَ قَرنَ فِي بُيُوتِكُنّ ..)فمن ضعيف الشبهة،إذ هي لاتقتضي الملك وإنّما تقتضي السكني ، والعادة في استعمال هذه اللفظة فيما ذكرناه ظاهرة، قال اللّه تعالي ( لا تُخرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ وَ لا يَخرُجنَ إِلّا أَن يَأتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ) و لم يرد تعالي إلّا حيث يسكنّ وينزلن دون حيث يملكن بلا شبهة، وأيضا قوله تعالي ( لا تَدخُلُوا بُيُوتَ النّبِيّ إِلّا أَن يُؤذَنَ لَكُم)متأخّر في الترتيب عن قوله ( وَ قَرنَ فِي بُيُوتِكُنّ)،فلو كان هذادالا علي ملكيّة الزوجات لكان ذلك دالا علي كونها ملكه صلّي اللّه عليه وآله ، والجمع بين الآيتين بالانتقال لايجديهم ،لتأخّر النهي عن الدخول من غيرإذن عن الآية الأخري في الترتيب ، والترتيب حجّة عندكلّهم أوجلّهم، مع أنّه ظاهر أنّ البيوت كانت في يده صلّي اللّه عليه وآله يتصرّف فيهاكيف يشاء، واختصاص كلّ من الزوجات بحجرة لايدلّ علي كونها ملكا لها. و أمّا اعتذارهم بأنّ عمر استأذن عائشة في ذلك ،حيث
رَوَي البخُاَريِّ، عَن عَمرِو بنِ مَيمُونٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ يُشمَلُ عَلَي قِصّةِ قَتلِ عُمَرَ قَالَ قَالَ لِابنِهِ عَبدِ اللّهِ انطَلِق إِلَي عَائِشَةَ أُمّ المُؤمِنِينَ فَقُل يَقرَأُ عَلَيكِ عُمَرُ السّلَامَ، وَ لَا تَقُل أَمِيرَ المُؤمِنِينَ،فإَنِيّ لَستُ اليَومَ لِلمُؤمِنِينَ أَمِيراً، وَ قُل يَستَأذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ أَن
صفحه : 90
يُدفَنَ مَعَ صَاحِبَيهِ،.. فَسَلّمَ وَ استَأذَنَ ثُمّ دَخَلَ عَلَيهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تبَكيِ، فَقَالَ يَقرَأُ عَلَيكِ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ السّلَامَ وَ يَستَأذِنُ أَن يُدفَنَ مَعَ صَاحِبَيهِ،فَقَالَت كُنتُ أُرِيدُهُ لنِفَسيِ وَ لَأُوثِرَنّ بِهِ اليَومَ عَلَي نفَسيِ، فَلَمّا أَقبَلَ قِيلَ هَذَا عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ قَد جَاءَ، قَالَ ارفعَوُنيِ،فَأَسنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيهِ، فَقَالَ مَا لَدَيكَ. فَقَالَ ألّذِي تُحِبّ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ،أَذِنَت. قَالَ الحَمدُ لِلّهِ، مَا كَانَ شَيءٌ أَهَمّ إلِيَّ مِن ذَلِكَ. قَالَ فَإِذَا أَنَا قُبِضتُ فاَحملِوُنيِ، ثُمّ سَلّم فَقُل يَستَأذِنُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ فَإِن أَذِنَت لِي فأَدَخلِوُنيِ وَ إِن ردَتّنيِ ردُوّنيِ إِلَي مَقَابِرِ المُسلِمِينَ ...
فهذا دليل واضح علي جهله أوتسويله وتمويهه علي العوام ، لما قدعرفت من أنّه إن كان صدقة يشترك فيه المستحقّون كمايدلّ عليه الخبر ألذي افتراه أبوبكر فتحريم التصرّف فيه بالدفن ونحوه واضح ، و إن كان ميراثا فالتصرّف فيه قبل القسمة من دون استئذان جميع الورثة أيضا محرّم، و لاينفع طلب الإذن من عائشة وحدها
صفحه : 91
.
صفحه : 92
صفحه : 93
و من أعجب العجب أنّ الجهّال من المخالفين بل علماؤهم يعدّون هذاالدفن من مناقبهما وفضائلهما،بل يستدلّون به علي استحقاقهما للإمامة والخلافة.
وَ قَد رَوَي الشّيخُ المُفِيدُ قَدّسَ اللّهُ رُوحَهُ فِي مَجَالِسِهِ أَنّ فَضّالَ بنَ الحَسَنِ بنِ فَضّالٍ الكوُفيِّ مَرّ بأِبَيِ حَنِيفَةَ وَ هُوَ فِي جَمعٍ كَثِيرٍ يمُليِ عَلَيهِم شَيئاً مِن فِقهِهِ وَ حَدِيثِهِ، فَقَالَ لِصَاحِبٍ كَانَ مَعَهُ وَ اللّهِ لَا أَبرَحُ أَو أُخجِلَ أَبَا حَنِيفَةَ .. فَدَنَا مِنهُ فَسَلّمَ عَلَيهِ،فَرَدّ وَ رَدّ القَومُ بِأَجمَعِهِمُ السّلَامَ عَلَيهِ، فَقَالَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَكَ اللّهُ إِنّ لِي أَخاً يَقُولُ إِنّ خَيرَ النّاسِ بَعدَ رَسُولِ اللّهِ(ص ) عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ( عَلَيهِ
صفحه : 94
السّلَامُ) وَ أَنَا أَقُولُ إِنّ أَبَا بَكرٍ خَيرُ النّاسِ وَ بَعدَهُ عُمَرَ،فَمَا تَقُولُ أَنتَ رَحِمَكَ اللّهُ.فَأَطرَقَ مَلِيّاً ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ، فَقَالَ كَفَي بِمَكَانِهِمَا مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]كَرَماً وَ فَخراً، أَ مَا عَلِمتَ أَنّهُمَا ضَجِيعَاهُ فِي قَبرِهِ،فأَيَّ حُجّةٍ أَوضَحُ لَكَ مِن هَذِهِ. فَقَالَ لَهُ فَضّالٌ إنِيّ قَد قُلتُ ذَلِكَ لأِخَيِ، فَقَالَ وَ اللّهِ لَئِن كَانَ المَوضِعُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ دُونَهُمَا فَقَد ظَلَمَا بِدَفنِهِمَا فِي مَوضِعٍ لَيسَ لَهُمَا فِيهِ حَقّ، وَ إِن كَانَ المَوضِعُ لَهُمَا فَوَهَبَاهُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَقَد أَسَاءَا وَ مَا أَحسَنَا إِذ رَجَعَا فِي هِبَتِهِمَا وَ نَكَثَا عَهدَهُمَا،فَأَطرَقَ أَبُو حَنِيفَةَ سَاعَةً ثُمّ قَالَ لَهُ لَم يَكُن لَهُ وَ لَا لَهُمَا خَاصّةً، وَ لَكِنّهُمَا نَظَرَا فِي حَقّ عَائِشَةَ وَ حَفصَةَ فَاستَحَقّا الدّفنَ فِي ذَلِكَ المَوضِعِ بِحُقُوقِ ابنَتَيهِمَا، فَقَالَ فَضّالٌ قَد قُلتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ أَنتَ تَعلَمُ أَنّ النّبِيّ(ص )مَاتَ عَن تِسعِ نِسَاءٍ، وَ نَظَرنَا فَإِذَا لِكُلّ وَاحِدَةٍ مِنهُنّ تُسُعُ الثّمُنِ، ثُمّ أَنظَرنَا فِي تُسُعِ الثّمُنِ فَإِذَا هُوَ شِبرٌ فِي شِبرٍ،فَكَيفَ يَستَحِقّ الرّجُلَانِ أَكثَرَ مِن ذَلِكَ، وَ بَعدَ فَمَا بَالُ عَائِشَةَ وَ حَفصَةَ تَرِثَانِ رَسُولَ اللّهِ(ص ) وَ فَاطِمَةُ عَلَيهَا السّلَامُ ابنَتُهُ تُمنَعُ المِيرَاثَ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَا قَومُ نَحّوهُ عنَيّ،فَإِنّهُ وَ اللّهِ راَفضِيِّ خَبِيثٌ.
انتهي . ثم علي تقدير جواز دفنهما هناك فلادلالة له علي فضلهما بمعني زيادة الثواب والكرامة عند اللّه تعالي ، فإنّ ذلك إنّما يكون بالصالحات من الأعمال كما
صفحه : 95
قال اللّه تعالي ( إِنّ أَكرَمَكُم عِندَ اللّهِ أَتقاكُم).نعم لو كان ذلك بوصيّة من النبيّ صلّي اللّه عليه وآله لكان كاشفا عن فضل ودليلا علي شرف ، و ما
روُيَِ مِن أَنّهُ يَلحَقُ المَيّتَ نَفعٌ فِي الآخِرَةِ بِالدّفنِ فِي المَشَاهِدِ المُشَرّفَةِ
فإنّما هو في الحقيقة إكرام لصاحب المشهد بالتفضّل علي من حلّ بساحته وفاز بجواره إن كان من شيعته والمخلصين له .
صفحه : 97
فس قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ ثُمّ حَرّمَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ نِكَاحَ الزوّاَنيِ، فَقَالَ(الزاّنيِ لا يَنكِحُ إِلّا زانِيَةً أَو مُشرِكَةً وَ الزّانِيَةُ لا يَنكِحُها إِلّا زانٍ أَو مُشرِكٌ وَ حُرّمَ ذلِكَ عَلَي المُؤمِنِينَ)، وَ هُوَ رَدّ عَلَي مَن يَستَحِلّ التّمَتّعَ باِلزوّاَنيِ وَ التّزوِيجَ بِهِنّ، وَ هُنّ المَشهُورَاتُ المَعرُوفَاتُ بِذَلِكَ فِي الدّنيَا، لَا يَقدِرُ الرّجُلُ عَلَي تَحَصّنِهِنّ، وَ نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ فِي نِسَاءِ مَكّةَ،كُنّ مُستَعلِنَاتٍ بِالزّنَا،سَارَةُ، وَ حَنتَمَةُ، وَ الرّبَابُ كُنّ يَتَغَنّينَ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،فَحَرّمَ اللّهُ نِكَاحَهُنّ، وَ جَرَت بَعدَهُنّ فِي النّسَاءِ مِن أَمثَالِهِنّ.
صفحه : 98
قَالَ العَلّامَةُ نَوّرَ اللّهُ ضَرِيحَهُ فِي كِتَابِ كَشفِ الحَقّ، وَ صَاحِبُ كِتَابِ إِلزَامِ النّوَاصِبِ .. وَ رَوَي الكلَبيِّ وَ هُوَ مِن رِجَالِ أَهلِ السّنّةِ فِي كِتَابِ المَثَالِبِ، قَالَ كَانَت صُهَاكُ أَمَةً حَبَشِيّةً لِهَاشِمِ بنِ عَبدِ مَنَافٍ،فَوَقَعَ عَلَيهَا نُفَيلُ بنُ هَاشِمٍ، ثُمّ وَقَعَ عَلَيهَا عَبدُ العُزّي بنُ رِيَاحٍ،فَجَاءَت بِنُفَيلٍ جَدّ ...
و قال الفضل بن روزبهان الشهرستاني في شرحه بعدالقدح في صحّة النقل إنّ أنكحة الجاهليّة علي ماذكره أرباب التواريخ علي أربعة أوجه منها أن يقع جماعة علي امرأة ثم ولد منها يحكم فيه القائف أوتصدّق المرأة، وربّما كان هذه من أنكحة الجاهليّة. وأورد عليه شارح الشرح رحمه اللّه بأنّه لوصحّ ماذكره لماتحقّق زنا في الجاهليّة، و لماعدّ مثل ذلك في المثالب ، ولكان كلّ من وقع علي امرأة كان ذلك نكاحا منه عليها، و لم يسمع من أحد أنّ من أنكحة الجاهليّة كون امرأة واحدة في يوم واحد أوشهر واحد في نكاح جماعة من الناس . ثم إنّ الخطاب علي ماذكره ابن عبدالبرّ في الإستيعاب ابن نفيل بن
صفحه : 99
عبدالعزّي بن رياح بن عبد اللّه بن القرط بن زراح بن عديّ بن كعب القرشي، وأمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم . قال و قدقالت طائفة في أمّ[فلان ]حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، و من قال ذلك فقد أخطأ، و لوكانت كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام ، والحرث بن هشام المغيرة، و ليس كذلك ، وإنّما هي بنت عمّه،لأنّ هشام بن المغيرة والحرث بن المغيرة أخوان لهاشم والد حنتمة أمّ[فلان ]، وهشام والد الحرث و أبي جهل . وحكي بعض أصحابنا عن محمد بن شهر آشوب وغيره أنّ صهّاك كانت أمة حبشية لعبد المطلب ، وكانت ترعي له الإبل ،فوقع عليها نفيل فجاءت بالخطاب ، ثم إنّ الخطّاب لّما بلغ الحلم رغب في صهّاك فوقع عليها فجاءت بابنة فلفّتها في خرقة من صوف ورمتها خوفا من مولاها في الطريق ،فرآها هاشم بن المغيرة مرميّة فأخذها وربّاها وسمّاها حنتمة، فلمّا بلغت رآها خطّاب يوما فرغب فيها وخطبها من هاشم فأنكحها إيّاه فجاءت [بفلان ]،فكان الخطاب أبا وجدّا وخالا[لفلان ]، وَ كَانَت حَنتَمَةُ أُمّاً وَ أُختاً وَ عَمّةً لَهُ،فتدبّر. وأقول وجدت
فِي كِتَابِ عِقدِ الدّرَرِ لِبَعضِ الأَصحَابِ رَوَي
صفحه : 100
بِإِسنَادِهِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ، عَن أَبِيهِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ، عَنِ ابنِ الزّيّاتِ، عَنِ الصّادِقِ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّهُ قَالَ كَانَت صُهَاكُ جَارِيَةً لِعَبدِ المُطّلِبِ، وَ كَانَت ذَاتَ عَجُزٍ، وَ كَانَت تَرعَي الإِبِلَ، وَ كَانَت مِنَ الحَبَشَةِ، وَ كَانَت تَمِيلُ إِلَي النّكَاحِ،فَنَظَرَ إِلَيهَا نُفَيلٌ جَدّ[فُلَانٍ]فَهَوَاهَا وَ عَشِقَهَا مِن مَرعَي الإِبِلِ فَوَقَعَ عَلَيهَا،فَحَمَلَت مِنهُ بِالخَطّابِ، فَلَمّا أَدرَكَ البُلُوغَ نَظَرَ إِلَي أُمّهِ صُهَاكَ فَأَعجَبَهُ عَجُزُهَا فَوَثَبَ عَلَيهَا فَحَمَلَت مِنهُ بِحَنتَمَةَ، فَلَمّا وَلَدَتهَا خَافَت مِن أَهلِهَا فَجَعَلَتهَا فِي صُوفٍ وَ أَلقَتهَا بَينَ أَحشَامِ مَكّةَ،فَوَجَدَهَا هِشَامُ بنُ المُغِيرَةِ بنِ الوَلِيدِ،فَحَمَلَهَا إِلَي مَنزِلِهِ وَ رَبّاهَا وَ سَمّاهَا بِ الحَنتَمَةِ، وَ كَانَت مَشِيمَةُ العَرَبِ مَن رَبّي يَتِيماً يَتّخِذُهُ وَلَداً، فَلَمّا بَلَغَت حَنتَمَةُ نَظَرَ إِلَيهَا الخَطّابُ فَمَالَ إِلَيهَا وَ خَطَبَهَا مِن هِشَامٍ،فَتَزَوّجَهَا فَأَولَدَ مِنهَا[فُلَان]، وَ كَانَ الخَطّابُ أَبَاهُ وَ جَدّهُ وَ خَالَهُ، وَ كَانَت حَنتَمَةُ أُمّهُ وَ أُختَهُ وَ عَمّتَهُ.
وينسب إلي الصادق عليه السلام في هذاالمعني شعر
مَن جَدّهُ خَالُهُ وَ وَالِدُهُ | وَ أُمّهُ أُختُهُ وَ عَمّتُهُ |
أَجدَرُ أَن يُبغِضَ الوصَيِّ وَ أَن | يُنكِرَ يَومَ الغَدِيرِ بَيعَتَهُ |
انتهي . و قال ابن أبي الحديد في شرح
قَولِهِ عَلَيهِ السّلَامُ لَم يُسهِم فِيهِ عَاهِرٌ، وَ لَا ضَرَبَ فِيهِ فَاجِرٌ ..
في الكلام رمز إلي جماعة من الصحابة في أنسابهم طعن ، كمايقال إنّ آل سعد بن أبي وقّاص ليسوا من بني زهرة بن كلاب ، وإنّهم من بني
صفحه : 101
عذرة من قحطان ، و كمايقال إنّ آل زبير بن العوّام من أرض مصر من القبط، وليسوا من بني أسد بن عبدالعزّي. ثم قال قال
شَيخُنَا أَبُو عُثمَانَ فِي كِتَابِ«مُفَاخَرَاتِ قُرَيشٍ»... بَلَغَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ أَنّ أُنَاساً مِن رُوَاةِ الأَشعَارِ وَ حَمَلَةِ الآثَارِ يَقصِبُونَ النّاسَ وَ يَثلِبُونَهُم فِي أَسلَافِهِم،فَقَامَ عَلَي المِنبَرِ، فَقَالَ إِيّاكُم وَ ذِكرَ العُيُوبِ وَ البَحثَ عَنِ الأُصُولِ،فَلَو قُلتُ لَا يَخرُجِ اليَومَ مِن هَذِهِ الأَبوَابِ إِلّا مَن لَا وَصمَةَ فِيهِ لَم يَخرُج مِنكُم أَحَدٌ فَقَامَ رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ نَكرَهُ أَن نَذكُرَهُ فَقَالَ إِذَا كُنتُ أَنَا وَ أَنتَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ نَخرُجُ فَقَالَ كَذَبتَ بَل كَانَ يُقَالُ لَكَ يَا قَينَ ابنَ قَينٍ اقعُد قُلتُ الرّجُلُ ألّذِي قَامَ هُوَ المُهَاجِرُ بنُ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ بنِ المُغِيرَةِ المخَزوُميِّ، وَ كَانَ عُمَرُ يُبغِضُهُ لِبُغضِهِ أَبَاهُ خَالِداً، وَ لِأَنّ المُهَاجِرَ كَانَ علَوَيِّ الرأّيِ جِدّاً، وَ كَانَ أَخُوهُ عَبدُ الرّحمَنِ بِخِلَافِهِ،شَهِدَ المُهَاجِرُ صِفّينَ مَعَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ شَهِدَهَا عَبدُ الرّحمَنِ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَ كَانَ المُهَاجِرُ مَعَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ يَومَ الجَمَلِ، وَ فُقِئَت ذَلِكَ اليَومَ عَينُهُ، وَ لِأَنّ الكَلَامَ ألّذِي بَلَغَ عُمَرَ بَلَغَهُ مِنَ المُهَاجِرِ، وَ كَانَ
صفحه : 102
الوَلِيدُ بنُ المُغِيرَةِ مَعَ جَلَالَتِهِ فِي قُرَيشٍ وَ كَونِهِ يُسَمّي رَيحَانَةَ قُرَيشٍ، وَ يُسَمّي العَدلَ، وَ يُسَمّي الوَحِيدَ حَدّاداً يَصنَعُ الدّرُوعَ بِيَدِهِ،ذَكَرَ ذَلِكَ فِيهِ ابنُ قُتَيبَةَ فِي كِتَابِ المَعَارِفِ
وَ رَوَي أَبُو الحَسَنِ المدَاَئنِيِّ هَذَا الخَبَرَ فِي كِتَابِ أُمّهَاتِ الخُلَفَاءِ، وَ قَالَ إِنّهُ روُيَِ عِندَ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَلَيهِمَا السّلَامُ بِالمَدِينَةِ، فَقَالَ لَا تَلُمهُ يَا ابنَ أخَيِ،إِنّهُ أَشفَقَ أَن يُحدَجَ بِقِصّةِ نُفَيلِ بنِ عَبدِ العُزّي وَ صُهَاكَ أَمَةِ الزّبَيرِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ، ثُمّ قَالَ رَحِمَ اللّهُ عُمَرَ،فَإِنّهُ لَم يَعدُ السّنّةَ، وَ تَلَا( إِنّ الّذِينَ يُحِبّونَ أَن تَشِيعَ الفاحِشَةُ فِي الّذِينَ آمَنُوا لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ).
انتهي .بيان قال الجوهري حدجه بذنب غيره رماه به .انظر كيف بيّن عليه السلام رداءة نسب عمر وسبب مبالغته في النهي عن التعرّض للأنساب ، ثم مدحه تقيّة، و ماأومي إليه من قصّة أمة الزبير هو مارواه
الكلُيَنيِّ طَيّبَ اللّهُ تُربَتَهُ فِي رَوضَةِ الكاَفيِ، عَنِ الحُسَينِ، عَن أَحمَدَ بنِ هِلَالٍ، عَن زُرعَةَ، عَن سَمَاعَةَ، قَالَتَعَرّضَ رَجُلٌ مِن وُلدِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ بِجَارِيَةِ رَجُلٍ
صفحه : 103
عقَيِليِّ،فَقَالَت لَهُ إِنّ هَذَا العمُرَيِّ قَد آذاَنيِ. فَقَالَ لَهَا عِدِيهِ وَ أَدخِلِيهِ الدّهلِيزَ،فَأَدخَلَتهُ،فَشَدّ عَلَيهِ فَقَتَلَهُ وَ أَلقَاهُ فِي الطّرِيقِ،فَاجتَمَعَ البَكرِيّونَ وَ العُمَرِيّونَ وَ العُثمَانِيّونَ، وَ قَالُوا مَا لِصَاحِبِنَا كُفوٌ لَن نَقتُلَ بِهِ إِلّا جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ، وَ مَا قَتَلَ صَاحِبَنَا غَيرُهُ، وَ كَانَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَد مَضَي نَحوَ قُبَا،فَلَقِيتُهُ بِمَا اجتَمَعَ القَومُ عَلَيهِ. فَقَالَ دَعهُم. قَالَ فَلَمّا جَاءَ وَ رَأَوهُ وَثَبُوا عَلَيهِ، وَ قَالُوا مَا قَتَلَ صَاحِبَنَا أَحَدٌ غَيرُكَ، وَ مَا نَقتُلُ بِهِ أَحَداً غَيرَكَ، فَقَالَ لتِكُلَمّنيِ مِنكُم جَمَاعَةٌ،فَاعتَزَلَ قَومٌ مِنهُم،فَأَخَذَ بِأَيدِيهِم فَأَدخَلَهُمُ المَسجِدَ،فَخَرَجُوا وَ هُم يَقُولُونَ شَيخُنَا أَبُو عَبدِ اللّهِ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ،مَعَاذَ اللّهِ أَن يَكُونَ مِثلُهُ يَفعَلُ هَذَا وَ لَا يَأمُرُ بِهِ،انصَرِفُوا. قَالَ فَمَضَيتُ مَعَهُ،فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ مَا كَانَ أَقرَبَ رِضَاهُم مِن سَخَطِهِم. قَالَ نَعَم،دَعَوتُهُم فَقُلتُ أَمسِكُوا وَ إِلّا أَخرَجتُ الصّحِيفَةَ.فَقُلتُ وَ مَا هَذِهِ الصّحِيفَةُ جعَلَنَيَِ اللّهُ فِدَاكَ. فَقَالَ أُمّ الخَطّابِ كَانَت أَمَةً لِلزّبَيرِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ،فَسَطّرَ بِهَا نُفَيلٌ فَأَحبَلَهَا،فَطَلَبَهُ الزّبَيرُ،فَخَرَجَ هَارِباً إِلَي الطّائِفِ،فَخَرَجَ الزّبَيرُ خَلفَهُ فَبَصُرَت بِهِ ثَقِيفٌ،فَقَالُوا يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ مَا تَعمَلُ هَاهُنَا. قَالَ جاَريِتَيِ سَطّرَ بِهَا نُفَيلُكُم،فَهَرَبَ مِنهُ إِلَي الشّامِ،فَخَرَجَ الزّبَيرُ فِي تِجَارَةٍ لَهُ إِلَي الشّامِ،فَدَخَلَ عَلَي مَلِكِ الدّومَةِ، فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ لِي إِلَيكَ حَاجَةٌ. قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ أَيّهَا المَلِكُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِن أَهلِكَ قَد أَخَذتَ وَلَدَهُ فَأُحِبّ أَن تَرُدّهُ عَلَيهِ. قَالَ لِيَظهَر لِي حَتّي أَعرِفَهُ. فَلَمّا أَن كَانَ مِنَ الغَدِ دَخَلَ إِلَي المَلِكِ فَلَمّا رَآهُ المَلِكُ ضَحِكَ، فَقَالَ مَا يُضحِكُكَ أَيّهَا المَلِكُ. قَالَ مَا أَظُنّ هَذَا الرّجُلَ وَلَدَتهُ عَرَبِيّةٌ، لَمّا رَآكَ قَد دَخَلتَ لَم يَملِكِ استَهُ أَن جَعَلَ يَضرِطُ. فَقَالَ أَيّهَا
صفحه : 104
المَلِكُ إِذَا صِرتُ إِلَي مَكّةَ قَضَيتُ حَاجَتَكَ، فَلَمّا قَدِمَ الزّبَيرُ تَحَمّلَ عَلَيهِ بِبُطُونِ قُرَيشٍ كُلّهَا أَن يَدفَعَ إِلَيهِ ابنَهُ فَأَبَي، ثُمّ تَحَمّلَ عَلَيهِ بِعَبدِ المُطّلِبِ، فَقَالَ مَا بيَنيِ وَ بَينَهُ عَمَلٌ، أَ مَا عَلِمتُم مَا فَعَلَ فِي ابنيِ فُلَانٍ، وَ لَكِنِ امضُوا أَنتُم إِلَيهِ،فَقَصَدُوهُ وَ كَلّمُوهُ، فَقَالَ لَهُمُ الزّبَيرُ إِنّ الشّيطَانَ لَهُ دَولَةٌ وَ إِنّ ابنَ هَذَا ابنُ الشّيطَانِ، وَ لَستُ آمَنُ أَن يَتَرَأّسَ عَلَينَا، وَ لَكِن أَدخِلُوهُ مِن بَابِ المَسجِدِ عَلَيّ عَلَي أَن أحُميَِ لَهُ حَدِيدَةً وَ أَخُطّ فِي وَجهِهِ خُطُوطاً، وَ أَكتُبَ عَلَيهِ وَ عَلَي ابنِهِ أَن لَا يَتَصَدّرَ فِي مَجلِسٍ، وَ لَا يَتَأَمّرَ عَلَي أَولَادِنَا، وَ لَا يُضرَبَ مَعَنَا بِسَهمٍ. قَالَ فَفَعَلُوا وَ خَطّ وَجهَهُ بِالحَدِيدِ، وَ كَتَبَ عَلَيهِ الكِتَابَ، وَ ذَلِكَ الكِتَابُ عِندَنَا.فَقُلتُ لَهُم إِذَا مسكتم وَ إِلّا أَخرَجتُ الكِتَابَ فَفِيهِ فَضِيحَتُكُم،فَأَمسَكُوا. وَ توُفُيَّ مَولًي لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَم يُخَلّف وَارِثاً، وَ خَاصَمَ فِيهِ وُلدُ العَبّاسِ أَبَا عَبدِ اللّهِ( ع )، وَ كَانَ هِشَامُ بنُ عَبدِ المَلِكِ قَد حَجّ فِي تِلكَ السّنَةِ،فَجَلَسَ لَهُم، فَقَالَ دَاوُدُ بنُ عَلِيّ الوَلَاءُ لَنَا. وَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ بَلِ الوَلَاءُ لِي، فَقَالَ دَاوُدُ بنُ عَلِيّ إِنّ أَبَاكَ قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ إِن كَانَ أَبِي قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ فَقَد كَانَ خَطّ أَبِيكَ فِيهِ الأَوفَرَ، ثُمّ فَرّ بِجَنَاحَيهِ. وَ قَالَ وَ اللّهِ لَأُطَوّقَنّكَ غَداً طَوقَ الحَمَامَةِ، فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ بنُ عَلِيّ كَلَامُكَ هَذَا أَهوَنُ عَلَيّ مِن بَعرَةٍ فِي وَادِ الأَزرَقِ، فَقَالَ أَمَا إِنّهُ وَادٍ لَيسَ لَكَ وَ لَا لِأَبِيكَ فِيهِ حَقّ، قَالَ فَقَالَ
صفحه : 105
هِشَامٌ إِذَا كَانَ غَداً جَلَستُ لَكُم، فَلَمّا أَن كَانَ مِنَ الغَدِ خَرَجَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ وَ مَعَهُ كِتَابٌ فِي كِربَاسَةٍ، وَ جَلَسَ لَهُم هِشَامٌ،فَوَضَعَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ الكِتَابَ بَينَ يَدَيهِ، فَلَمّا قَرَأَهُ قَالَ ادعُوا إلِيَّ جَندَلَ الخزُاَعيِّ وَ عُكّاشَةَ الضميري وَ كَانَا شَيخَينِ قَد أَدرَكَا الجَاهِلِيّةَ،فَرَمَي الكِتَابَ إِلَيهِمَا، فَقَالَ تَعرِفَانِ هَذِهِ الخُطُوطَ.قَالَا نَعَم، هَذَا خَطّ العَاصِ بنِ أُمَيّةَ، وَ هَذَا خَطّ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ مِن قُرَيشٍ، وَ هَذَا خَطّ حَربِ بنِ أُمَيّةَ، فَقَالَ هِشَامٌ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ أَرَي خُطُوطَ أجَداَديِ عِندَكُم. فَقَالَ نَعَم. قَالَ قَد قَضَيتُ بِالوَلَاءِ لَكَ. قَالَ فَخَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ
إِن عَادَتِ العَقرَبُ عُدنَا لَهَا | وَ كَانَتِ النّعلُ لَهَا حَاضِرَةً |
قَالَ قُلتُ مَا هَذَا الكِتَابُ جُعِلتُ فِدَاكَ. قَالَ فَإِنّ نَيثلة كَانَت أَمَةً لِأُمّ الزّبَيرِ وَ لأِبَيِ طَالِبٍ وَ عَبدِ اللّهِ فَأَخَذَهَا عَبدُ المُطّلِبِ فَأَولَدَهَا فُلَاناً، فَقَالَ لَهُ الزّبَيرُ هَذِهِ الجَارِيَةُ وَرِثنَاهَا مِن أُمّنَا وَ ابنُكَ هَذَا عَبدٌ لَنَا،فَتَحَمّلَ عَلَيهِ بِبُطُونِ قُرَيشٍ. قَالَ فَقَالَ قَد أَجَبتُكَ عَلَي خَلّةٍ عَلَي أَن لَا يَتَصَدّرَ ابنُكَ هَذَا فِي مَجلِسٍ، وَ لَا يُضرَبَ مَعَنَا بِسَهمٍ،فَكَتَبَ عَلَيهِ كِتَاباً وَ أَشهَدَ عَلَيهِ،فَهُوَ هَذَا
صفحه : 106
الكِتَابُ.
بيان قوله تعرّض .. أي أراد الفجور معها ومراودتها. قوله فقالت له .. أي للعقيلي مولاها. قوله فشدّ عليه .. أي حمل عليه ، و قد كان كمن له في الدهليز. قوله فلقيته .. أي قال سماعة فذهبت إليه وأخبرته بالواقعة. قوله عليه السلام فسطر بالسين المهملة .. أي زخرف لها الكلام وخدعها. قال الجزري سطر فلان علي فلان إذازخرف له الأقاويل ونمّقها، وتلك الأقاويل الأساطير والسّطر، و في بعض النسخ بالشين المعجمة. قال الفيروزآبادي يقال شطر شطره .. أي قصد قصده ، أو هو
صفحه : 107
تصحيف شغر بهابالغين المعجمة .. أي رفع رجلها للجماع قوله عليه السلام علي ملك الدّومة .. أي دومة الجندل ، وهي بالضم حصن بين المدينة والشّام، ومنهم من يفتح الدّال قوله تحمل عليه ببطون قريش .. أي كلّفهم الشّفاعة عندالزبير ليدفع إليه الخطّاب، فلمّا يئس من ذلك ذهب إلي عبدالمطلب ليتحمّل علي زبير بعبد المطلب مضافا إلي بطون قريش ، فقال عبدالمطلب لنفيل مابيني وبينه عمل أي معاملة وألفة أ ماعلمتم أنّه يعني زبيرا مافعل بي في ابني فلان وأشار بذلك إلي ماسيأتي من قصّة العباس في عجز الخبر قال ولكن امضوا أنتم يعني نفيلا مع بطون قريش إلي الزبير. قوله أن لايتصدّر .. أي لايجلس في صدر المجلس قوله و لايضرب معنا بسهم .. أي لايشترك معنا في قسمة شيء لاميراث و لاغيره قوله عليه السلام فقد كان خطّ أبيك .. أي جدّك عبد اللّه بن العباس
صفحه : 108
فيه الأوفر .. أي أخذ حظّا وافرا من غنائم تلك الغزوة، و كان من شركائها وأعوانه عليه السلام فيها. قوله عليه السلام ثم فرّ بجنايته .. إشارة إلي جناية عبد اللّه في بيت مال البصرة، كماسيأتي إن شاء اللّه تعالي .
أقول قدمرّ من تفسير علي بن ابراهيم في تفسير قوله تعالي (ذرَنيِ وَ مَن خَلَقتُ وَحِيداً)بإسناده ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال عليه السلام الوحيد ولد الزنا، و هوزفر .. إلي آخر الآيات .
فَحَكَي العَلّامَةُ فِي كِتَابِ كَشفِ الحَقّ، عَنِ ابنِ عَبدِ رَبّهِ فِي كِتَابِ العِقدِ ، أَنّ عُمَرَ كَانَ حَطّاباً فِي الجَاهِلِيّةِ كَأَبِيهِ الخَطّابِ.
وَ قَالَ مُؤَلّفُ إِلزَامِ النّوَاصِبِ رَوَي ابنُ عَبدِ رَبّهِ فِي كِتَابِ العِقدِ فِي استِعمَالِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ لِعَمرِو بنِ العَاصِ، فَقَالَ عَمروٌ قَبّحَ اللّهُ زَمَاناً
صفحه : 109
عَمِلَ فِيهِ عَمرُو بنُ العَاصِ لِعُمَرَ بنِ الخَطّابِ، وَ اللّهِ إنِيّ لَأَعرِفُ الخَطّابَ يَحمِلُ حُزمَةً مِن حَطَبٍ وَ عَلَي ابنِهِ مِثلُهَا وَ مَا مَعَهُ إِلّا تَمرَةٌ لَا تُنفَعُ مَنفَعَةً.
و قال ابن الأثير في النهاية في تفسير الخبط و هوورق الشّجر في حديث عمر لقد رأيتني في هذاالجبل أحتطب مرّة وأختبط أخري .. أي أضرب الشّجر لينتثر الخبط منه
وَ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِكَتَبَ عُمَرُ إِلَي عَمرِو بنِ العَاصِ وَ هُوَ عَامِلُهُ فِي مِصرَ كِتَاباً وَ وَجّهَ إِلَيهِ مُحَمّدَ بنَ مَسلَمَةَ لِيَأخُذَ مِنهُ شَطرَ مَالِهِ، فَلَمّا قَدِمَ عَلَيهِ اتّخَذَ لَهُ طَعَاماً وَ قَدّمَهُ إِلَيهِ،فَأَبَي أَن يَأكُلَ، فَقَالَ لَهُ مَا لَكَ لَا تَأكُلُ طَعَامَنَا. قَالَ إِنّكَ عَمِلتَ لِي طَعَاماً هُوَ تَقدِمَةٌ لِلشّرّ، وَ لَو كُنتَ عَمِلتَ لِي طَعَامَ الضّيفِ لَأَكَلتُهُ،فَأَبعِد عنَيّ طَعَامَكَ وَ أحَضرِنيِ مَالَكَ، فَلَمّا كَانَ الغَدُ أَحضَرَ مَالَهُ،فَجَعَلَ مُحَمّدٌ يَأخُذُ شَطراً وَ يعُطيِ عَمراً شَطراً، فَلَمّا رَأَي عَمرٌو مَا حَازَ مُحَمّدٌ مِنَ المَالِ، قَالَ يَا مُحَمّدُ أَقُولُ. قَالَ قُل مَا تَشَاءُ. قَالَ لَعَنَ اللّهُ يَوماً كُنتُ فِيهِ وَالِياً لِابنِ الخَطّابِ فَوَ اللّهِ لَقَد رَأَيتُهُ وَ رَأَيتُ أَبَاهُ، وَ إِنّ عَلَي كُلّ وَاحِدٍ
صفحه : 110
مِنهُمَا عَبَاءَةً قُطوَانِيّةً،مُؤتَزِراً بِهَا مَا يَبلُغُ مَأبِضَ رُكبَتَيهِ، عَلَي عُنُقِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا حُزمَةٌ مِن حَطَبٍ، وَ إِنّ العَاصَ بنَ وَائِلٍ لفَيِ مُزَرّرَاتِ الدّيبَاجِ. فَقَالَ مُحَمّدٌ إِيهاً يَا عَمرُو فَعُمَرُ وَ اللّهِ خَيرٌ مِنكَ، وَ أَمّا أَبُوكَ وَ أَبُوهُ ففَيِ النّارِ.
وَ قَالَ أَيضاً قَرَأتُ فِي تَصَاَنِيفِ أَبِي أَحمَدَ العسَكرَيِّ أَنّ عُمَرَ كَانَ يَخرُجُ مَعَ الوَلِيدِ بنِ المُغِيرَةِ فِي تِجَارَةٍ لِلوَلِيدِ إِلَي الشّامِ وَ عُمَرُ يَومَئِذٍ ابنُ ثمَاَنيَِ عَشرَةَ سَنَةً، وَ كَانَ يَرعَي لِلوَلِيدِ إِبِلَهُ، وَ يَرفَعُ أَحمَالَهُ، وَ يَحفَظُ مَتَاعَهُ فَلَمّا كَانَ بِالبَلقَاءِ لَقِيَهُ رَجُلٌ مِن عُلَمَاءِ الرّومِ،فَجَعَلَ يَنظُرُ إِلَيهِ، وَ يُطِيلُ النّظَرَ لِعُمَرَ، ثُمّ قَالَ أَظُنّ اسمَكَ يَا غُلَامُ عَامِراً أَو عِمرَانَ أَو نَحوَ ذَلِكَ. قَالَ اسميِ عُمَرُ. قَالَ اكشِف عَن فَخِذَيكَ،فَكَشَفَ، فَإِذَا عَلَي أَحَدِهِمَا شَامَةٌ سَودَاءُ فِي قَدرِ رَاحَةِ الكَفّ،فَسَأَلَهُ أَن يَكشِفَ عَن رَأسِهِ، فَإِذَا هُوَ أَصلَعُ،فَسَأَلَهُ أَن يَعتَمِدَ بِيَدِهِ،فَاعتَمَدَ، فَإِذَا أَعسَرُ أَيسَرُ. فَقَالَ لَهُ أَنتَ مَلِكُ العَرَبِ. قَالَ فَضَحِكَ عُمَرُ مُستَهزِئاً، فَقَالَ أَ وَ تَضحَكُ وَ حَقّ مَريَمَ البَتُولِ أَنتَ مَلِكُ
صفحه : 111
العَرَبِ وَ مَلِكُ الرّومِ وَ الفُرسِ،فَتَرَكَهُ عُمَرُ وَ انصَرَفَ مُستَهِيناً بِكَلَامِهِ،فَكَانَ عُمَرُ يُحَدّثُ بَعدَ ذَلِكَ، وَ يَقُولُ تبَعِنَيِ ذَلِكَ الروّميِّ رَاكِبَ حِمَارٍ فَلَم يَزَل معَيِ حَتّي بَاعَ الوَلِيدُ مَتَاعَهُ وَ ابتَاعَ بِثَمَنِهِ عِطراً وَ ثِيَاباً، وَ قَفَلَ إِلَي الحِجَازِ، وَ الروّميِّ يتَبعَنُيِ، لَا يسَألَنُيِ حَاجَةً وَ يُقَبّلُ يدَيِ كُلّ يَومٍ إِذَا أَصبَحتُ كَمَا يُقَبّلُ يَدَ المَلِكِ، حَتّي خَرَجنَا مِن حُدُودِ الشّامِ وَ دَخَلنَا فِي أَرضِ الحِجَازِ رَاجِعِينَ إِلَي مَكّةَ،فوَدَعّنَيِ وَ رَجَعَ، وَ كَانَ الوَلِيدُ يسَألَنُيِ عَنهُ فَلَا أُخبِرُهُ، وَ مَا أَرَاهُ إِلّا هَلَكَ، وَ لَو كَانَ حَيّاً لَشَخَصَ إِلَينَا.
أقول أعسر أيسر .. أي كان يعمل بيديه جميعا، و ألّذي عمل بالشّمال فهو أعسر. وإخبار الرومي إمّا من جهة الكهانة، أو كان قرأ في الكتب أوصاف فراعنة هذه الأمّة و من يغصب حقوق الأئمّة،فإنّه كماكانت أوصاف أئمّتنا عليهم السلام مسطورة في الكتب كانت أوصاف أعدائهم أيضا مذكورة فيها، كمايدلّ عليه أخبارنا، ولذا كان يقبّل يديه لأنّه كان يعلم أنّه يخرّب دين من ينسخ أديانهم كماقبّل إبليس يد[فلان ] في أوّل يوم صعد منبر النبيّ صلّي اللّه عليه وآله واستبشر بذلك ، و هذه الأخبار صارت باعثة لإسلامه وصاحبه ظاهرا،طمعا في الملك كماذكره القائم عليه السلام لسعد بن عبد اللّه، ولذا أخبره بالملك لابالخلافة والرئاسة الدينيّة
صفحه : 112
و قال ابن الأثير في النهاية في تفسير المبرطش فيه كَانَ عُمَرُ فِي الجَاهِلِيّةِ مُبَرطِشاً، وَ هُوَ الساّعيِ بَينَ البَائِعِ وَ المشُترَيِ شِبهُ الدّلّالِ، ويروي بالسّين المهملة بمعناه . وذكر ذلك صاحب القاموس و قال هوبالمهملة ألّذي يكتري للنّاس الإبل والحمير ويأخذ عليه جعلا. ويدلّ اعتذار عمر عن جهله بسنّة الاستئذان بقوله ألهاني عنه الصفق بالأسواق ، كمارواه البخاري وغيره ، و قدمرّ علي أنّه كان مشتغلا به في الإسلام أيضا. و قال في الإستيعاب إليه كانت السفارة في الجاهليّة، و ذلك أنّ قريشا كانت إذاوقعت بينهم حرب أوبينهم و بين غيرهم بعثوه سفيرا، و إن نافرهم منافر أوفاخرهم مفاخر بعثوه منافرا ومفاخرا ورضوا به ، وذكر نحو ذلك في روضة الأحباب .
صفحه : 113
فقد ظهر بما ذكرناه أنّ قولة بعض العامّة إنّ عمر كان من صناديد قريش وعظمائهم في الجاهليّة إنّما نشأ من شدّة العصبيّة وفرط الجهل بالآثار، ومتي كان عظيم من العظماء حطّابا وراعيا للبعير ومبرطشا للحمير، ومدّاحا للقوم ومفاخرا من قبل القبيلة،فكانت دناءة نسبه ، ورذالة حسبه ، وسفالة أفعاله شواهد ماصدر عنه في خواتم أعماله كماعرفت ،...
فَقَالَ مُؤَلّفُ العُدَدِ القَوِيّةِ رَحِمَهُ اللّهُ نَقلًا مِن كُتُبِ المُخَالِفِينَ فِي يَومِ السّادِسِ وَ العِشرِينَ مِن ذيِ الحِجّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ عِشرِينَ مِنَ الهِجرَةِ طُعِنَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ بنِ نُفَيلِ بنِ عَبدِ العُزّي بنِ رِيَاحِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ قُرطِ بنِ رَزَاحِ بنِ عدَيِّ بنِ كَعبٍ القرُشَيِّ العدَوَيِّ أَبُو حَفصٍ.
قَالَ سَعِيدُ بنُ المُسَيّبِ قَتَلَ أَبُو لُؤلُؤَةَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ وَ طَعَنَ مَعَهُ اثنيَ عَشَرَ رَجُلًا،فَمَاتَ مِنهُ،فَرَمَي عَلَيهِ رَجُلٌ مِن أَهلِ العِرَاقِ بُرنُساً ثُمّ بَرَكَ عَلَيهِ، فَلَمّا رَأَي أَنّهُ لَا يَستَطِيعُ أَن يَتَحَرّكَ وَجَأَ بِنَفسِهِ فَقَتَلَهَا.
عَن عَمرِو بنِ مَيمُونٍ، قَالَأَقبَلَ عُمَرُ فَعَرَضَ لَهُ أَبُو لُؤلُؤَةَ غُلَامُ المُغِيرَةِ
صفحه : 114
بنِ شُعبَةَ فَنَاجَي عُمَرُ قَبلَ أَن تسَتوَيَِ الصّفُوفُ ثُمّ طَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ،فَسَمِعتُ عُمَرَ يَقُولُ دُونَكُمُ الكَلبَ فَقَد قتَلَنَيِ. وَ مَاجَ النّاسُ وَ أَسرَعُوا إِلَيهِ،فَجَرَحَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا،فَانكَفَي عَلَيهِ رَجُلٌ مِن خَلفِهِ احتَضَنَهُ، وَ حُمِلَ عُمَرُ وَ مَاجَ النّاسُ حَتّي قَالَ قَائِلٌ الصّلَاةَ عِبَادَ اللّهِ طَلَعَتِ الشّمسُ،فَقَدّمُوا عَبدَ الرّحمَنِ بنَ عَوفٍ فَصَلّي بِأَقصَرِ سُورَتَينِ فِي القُرآنِ إِذَا جَاءَ نَصرُ اللّهِ وَ الفَتحُ، وَ إِنّا أَعطَينَاكَ الكَوثَرَ. وَ دَخَلَ النّاسُ عَلَيهِ، فَقَالَ يَا عَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ اخرُج فَنَادِ فِي النّاسِ أَ عَن مَلَإٍ مِنكُم هَذَا،فَخَرَجَ ابنُ عَبّاسٍ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ عُمَرُ يَقُولُ أَ عَن مَلَإٍ مِنكُم هَذَا،فَقَالُوا مَعَاذَ اللّهِ، وَ اللّهِ مَا عَلِمنَا وَ لَا اطّلَعنَا. فَقَالَ ادعُوا لِيَ الطّبِيبَ،فدَعُيَِ الطّبِيبُ، فَقَالَ أَيّ الشّرَابِ أَحَبّ إِلَيكَ. قَالَ النّبِيذُ فسَقُيَِ نَبِيذاً فَخَرَجَ مِن بَعضِ طَعَنَاتِهِ، فَقَالَ بَعضُ النّاسِ هَذَا دَمٌ، هَذَا صَدِيدٌ. فَقَالَ اسقوُنيِ لَبَناً،فسَقُيَِ لَبَناً،فَخَرَجَ مِنَ الطّعنَةِ. فَقَالَ لَهُ الطّبِيبُ مَا أَرَي أَن تمَشيَِ،فَمَا كُنتَ فَاعِلًا فَافعَل ..
وذكر باقي الخبر في
صفحه : 115
الشوري وتقديمه لصهيب في الصلاة، و قوله في عليّ عليه السلام إن ولّوها الأحلج سلك بهم الطريق المستقيم يعني عليّا، فقال له ابن عمر مايمنعك أن تقدم علينا. فقال أكره أن أتحمّلها حيّا وميّتا قال عبد اللّه بن الزبير غدوت مع عمر بن الخطاب إلي السوق و هومتّكئ علي يدي،فلقيه أبولؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال له أ لاتكلّم مولاي يضع عنيّ من خراجي. قال كم خراجك . قال دينار. فقال عمر ماأري أن أفعل ،إنّك لعامل محسن و ما هذابكثير، ثم قال له عمر أ لاتعمل لي رحي . قال بلي ، فلمّا ولّي، قال أبولؤلؤة لأعملنّ لك رحي يتحدّث بها ما بين المشرق والمغرب . قال ابن الزبير فوقع في نفسي قوله ، فلمّا كان في النداء لصلاة الصبح خرج أبولؤلؤة فضربه بالسكين ستة طعنات ،إحداهنّ من تحت سرّته وهي قتلته ، وجاءه بسكين لها طرفان ، فلمّا جرح عمر جرح معه ثلاثة عشر رجلا في المسجد، ثم أخذ فلمّا أخذ قتل نفسه واختلف في سنّ عمر
صفحه : 116
فقيل توفي و هو ابن ثلاث وستين و قال عبد اللّه بن عمر توفي عمر و هو ابن بضع وخمسين و عن سالم بن عبد اللّه أن عمر قبض و هو ابن خمس وخمسين و قال الزهري توفي و هو ابن أربع وخمسين و قال قتادة توفي و هو ابن اثنتين وخمسين . وقيل مات و هو ابن ستين
عَنِ الزهّريِّ ، قَالَ صَلّي عُمَرُ عَلَي أَبِي بَكرٍ حِينَ مَاتَ، وَ صَلّي صُهَيبٌ عَلَي عُمَرَ
وَ روُيَِ عَن عُمَرَ أَنّهُ قَالَ فِي انصِرَافِهِ فِي حَجّتِهِ التّيِ لَم يَحُجّ بَعدَهَاالحَمدُ لِلّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ،يعُطيِ مَن يَشَاءُ مَا يَشَاءُ،لَقَد كُنتُ بِهَذَا الواَديِ يعَنيِ ضَجنَانَ أَرعَي غَنَماً لِلخَطّابِ وَ كَانَ فَظّاً غَلِيظاً،يتُعبِنُيِ إِذَا عَمِلتُ، وَ يضَربِنُيِ إِذَا قَصّرتُ وَ قَد أَصبَحتُ وَ أَمسَيتُ وَ لَيسَ بيَنيِ وَ بَينَ اللّهِ أَحَداً أَخشَاهُ، ثُمّ تَمَثّلَ
صفحه : 117
لا شيءمما تري يبقي بشاشة | يبقي الإله ويؤذي المال والولد |
لم يغن عن هرمز يوما خزائنه | والخلد قدحاولت عادا فما خلد |
و لاسليمان إذ تجري الرياح له | والإنس والجن فيما بينها يرد |
أين الملوك التي كان لعزتها | من كل أوب إليها وافد يفد |
حوض هنالك مورود بلا كذب | لابد من ورده يوما كماوردوا |
أُمّهُ حَنتَمَةُ بِنتُ هَاشِمِ بنِ المُغِيرَةِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخزُومٍ وُلِدَ عُمَرُ بَعدَ الفِيلِ بِثَلَاثَ عَشرَةَ سَنَةً، وَ قَالَ عُمَرُ وُلِدتُ قَبلَ الفِجَارِ الأَعظَمِ بِأَربَعِ سِنِينَ.أَسلَمَ ظَاهِراً بَعدَ أَربَعِينَ رَجُلًا وَ أَحَدَ عَشَرَ امرَأَةً.بُويِعَ لَهُ بِالخِلَافَةِ لَمّا مَاتَ أَبُو بِكرٍ بِاستِخلَافِهِ لَهُ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشرَةَ. كَانَ آدَمَ شَدِيدَ الأُدمَةِ طِوَالًا،كَثّ اللّحيَةِ،أَصلَعَ أَعسَرَ أَيسَرَ،
صفحه : 118
وَ قِيلَ كَانَ طَوِيلًا جَسِيماً،أَصلَعَ شَدِيدَ الصّلَعِ،أَبيَضَ،شَدِيدَ حُمرَةِ العَينَينِ، فِي عَارِضَيهِ خِفّةٌ وَ قِيلَ كَانَ رَجُلًا آدَمَ ضَخماً كَأَنّهُ مِن رِجَالِ سَدُوسٍ مُدّةُ وِلَايَتِهِ عَشرُ سِنِينَ وَ سِتّةُ أَشهُرٍ وَ أَيّامٌ.
قَالَ ابنُ عَبدِ رَبّهِ فِي كِتَابِ الإِستِيعَابِ كَانَت مُدّةُ خِلَافَتِهِ عَشرَ سِنِينَ وَ سِتّةَ أَشهُرٍ ...، وَ قُتِلَ يَومَ الأَربِعَاءِ لِأَربَعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِن ذيِ الحِجّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ عِشرِينَ.
وَ قَالَ الواَقدِيِّ وَ غَيرُهُ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِن ذيِ الحِجّةِ،طَعَنَهُ أَبُو لُؤلُؤَةَ فَيرُوزُ غُلَامُ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ، قَالَ وَ مِن أَحسَنِ شَيءٍ يُروَي فِي مَقتَلِ عُمَرَ وَ أَصَحّهِ مَا حَدّثَنَا خَلَفُ بنُ قَاسِمٍ، عَن سَهلٍ بِإِسنَادٍ ذَكَرَهُ عَن عَمرِو بنِ مَيمُونٍ .. وَ سَاقَ الخَبَرَ مِثلَ مَا مَرّ إِلَي قَولِهِ أَكرَهُ أَن أَتَحَمّلَهَا حَيّاً وَ مَيّتاً
عَنِ الواَقدِيِّ بِإِسنَادِهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الزّبَيرِ ، ثُمّ قَالَ وَ اختُلِفَ فِي شَأنِ أَبِي لُؤلُؤَةَ، فَقَالَ بَعضُهُم كَانَ مَجُوسِيّاً، وَ قَالَ بَعضُهُم كَانَ نَصرَانِيّاً ... وَ جَاءَ بِسِكّينٍ لَهُ طَرَفَانِ، فَلَمّا جُرِحَ عُمَرُ جُرِحَ مَعَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِي المَسجِدِ، ثُمّ أُخِذَ، فَلَمّا أُخِذَ قَتَلَ نَفسَهُ.
أقول ماذكر أنّ مقتله كان في ذي الحجّة هوالمشهور بين فقهائنا
صفحه : 119
الإماميّة، و قال ابراهيم بن علي الكفعمي رحمه اللّه في الجنّة الواقية في سياق أعمال شهر ربيع الأول إنّه
رَوَي صَاحِبُ مَسَارّ الشّيعَةِ أَنّهُ مَن أَنفَقَ فِي اليَومِ التّاسِعِ مِنهُ شَيئاً غُفِرَ لَهُ، وَ يُستَحَبّ فِيهِ إِطعَامُ الإِخوَانِ وَ تَطيِيبُهُم وَ التّوسِعَةُ فِي النّفَقَةِ، وَ لُبسُ الجَدِيدِ، وَ الشّكرُ وَ العِبَادَةُ، وَ هُوَ يَومُ نفَيِ الهُمُومِ، وَ روُيَِ أَنّهُ لَيسَ فِيهِ صَومٌ، وَ جُمهُورُ الشّيعَةِ يَزعُمُونَ أَنّ فِيهِ قُتِلَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ .. وَ لَيسَ بِصَحِيحٍ.
قَالَ مُحَمّدُ بنُ إِدرِيسَ فِي سَرَائِرِهِ مَن زَعَمَ أَنّ عُمَرَ قُتِلَ فِيهِ فَقَد أَخطَأَ بِإِجمَاعِ أَهلِ التّوَارِيخِ وَ السّيَرِ
، وكذلك قال المفيد رحمه اللّه في كتاب التواريخ . وإنّما قتل يوم الإثنين لأربع بقين من ذي الحجّة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة،نصّ علي ذلك صاحب الغرّة وصاحب المعجم وصاحب الطبقات وصاحب كتاب مسارّ الشيعة و ابن طاوس ،بل الإجماع حاصل من الشيعة و أهل السنّة علي ذلك .انتهي . والمشهور بين الشيعة في الأمصار والأقطار في زماننا هذا هو أنّه اليوم التاسع
صفحه : 120
من ربيع الأول ، و هوأحد الأعياد، ومستندهم في الأصل مارواه خلف السيّد النبيل عليّ بن طاوس رحمة اللّه عليهما في كتاب زوائد الفوائد، والشيخ حسن بن سليمان في كتاب المحتضر، واللفظ هنا للأخير، وسيأتي بلفظ السيّد قدّس سرّه في كتاب الدعاء
قَالَ الشّيخُ حَسَنٌ نَقَلتُهُ مِن خَطّ الشّيخِ الفَقِيهِ عَلِيّ بنِ مَظَاهِرٍ الواَسطِيِّ،بِإِسنَادٍ مُتّصِلٍ، عَن مُحَمّدِ بنِ العَلَاءِ الهمَداَنيِّ الواَسطِيِّ وَ يَحيَي بنِ مُحَمّدِ بنِ جَرِيحٍ البغَداَديِّ،قَالَاتَنَازَعنَا فِي ابنِ الخَطّابِ فَاشتَبَهَ عَلَينَا أَمرُهُ،فَقَصَدنَا جَمِيعاً أَحمَدَ بنَ إِسحَاقَ القمُيّّ صَاحِبَ أَبِي الحَسَنِ العسَكرَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ بِمَدِينَةِ قُمّ، وَ قَرَعنَا عَلَيهِ البَابَ،فَخَرَجَت إِلَينَا صَبِيّةٌ عِرَاقِيّةٌ مِن دَارِهِ،فَسَأَلنَاهَا عَنهُ،فَقَالَت هُوَ مَشغُولٌ بِعِيدِهِ فَإِنّهُ يَومُ عِيدٍ.فَقُلنَا سُبحَانَ اللّهِ الأَعيَادُ أَعيَادُ الشّيعَةِ أَربَعَةٌ الأَضحَي، وَ الفِطرُ، وَ يَومُ الغَدِيرِ، وَ يَومُ الجُمُعَةِ،
صفحه : 121
قَالَت فَإِنّ أَحمَدَ بنَ إِسحَاقَ يرَويِ عَن سَيّدِهِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ العسَكرَيِّ عَلَيهِمَا السّلَامُ أَنّ هَذَا اليَومَ هُوَ يَومُ عِيدٍ، وَ هُوَ أَفضَلُ الأَعيَادِ عِندَ أَهلِ البَيتِ عَلَيهِمُ السّلَامُ وَ عِندَ مَوَالِيهِم.قُلنَا فاَستأَذنِيّ لَنَا بِالدّخُولِ عَلَيهِ، وَ عَرّفِيهِ بِمَكَانِنَا،فَدَخَلَت عَلَيهِ وَ أَخبَرَتهُ بِمَكَانِنَا،فَخَرَجَ عَلَينَا وَ هُوَ مُتّزِرٌ بِمِئزَرٍ لَهُ محُتبَيِ بِكِسَائِهِ يَمسَحُ وَجهَهُ،فَأَنكَرنَا ذَلِكَ عَلَيهِ، فَقَالَ لَا عَلَيكُمَا،فإَنِيّ كُنتُ اغتَسَلتُ لِلعِيدِ.قُلنَا أَ وَ هَذَا يَومُ عِيدٍ. قَالَ نَعَم، وَ كَانَ يَومَ التّاسِعِ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ،قَالَا جَمِيعاً فَأُدخِلنَا دَارَهُ وَ أُجلِسنَا عَلَي سَرِيرٍ لَهُ، وَ قَالَ إنِيّ قَصَدتُ مَولَانَا أَبَا الحَسَنِ العسَكرَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ مَعَ جَمَاعَةِ إخِوتَيِ كَمَا قصَدَتمُاَنيِ بسِرُمّنَ رَأَي،فَاستَأذَنّا بِالدّخُولِ عَلَيهِ فَأَذِنَ لَنَا،فَدَخَلنَا عَلَيهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ وَ هُوَ يَومُ التّاسِعِ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ وَ سَيّدُنَا عَلَيهِ السّلَامُ قَد أَوعَزَ إِلَي كُلّ وَاحِدٍ مِن خَدَمِهِ أَن يَلبَسَ مَا يُمكِنُهُ مِنَ الثّيَابِ الجُدُدِ، وَ كَانَ بَينَ يَدَيهِ مِجمَرَةٌ يُحرِقُ العُودَ بِنَفسِهِ،قُلنَا بِآبَائِنَا أَنتَ وَ أُمّهَاتِنَا يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ هَل تُجَدّدُ لِأَهلِ البَيتِ فِي هَذَا اليَومِ فَرَحٌ. فَقَالَ وَ أَيّ يَومٍ أَعظَمُ حُرمَةً عِندَ أَهلِ البَيتِ مِن هَذَا اليَومِ. وَ لَقَد حدَثّنَيِ أَبِي عَلَيهِ السّلَامُ أَنّ حُذَيفَةَ بنَ اليَمَانِ
صفحه : 122
دَخَلَ فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ وَ هُوَ التّاسِعُ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ عَلَي جدَيّ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، قَالَ حُذَيفَةُ رَأَيتُ سيَدّيِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَعَ وَلَدَيهِ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ عَلَيهِمُ السّلَامُ يَأكُلُونَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ يَتَبَسّمُ فِي وُجُوهِهِم عَلَيهِمُ السّلَامُ وَ يَقُولُ لِوَلَدَيهِ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ عَلَيهِمَا السّلَامُ كُلَا هَنِيئاً لَكُمَا بِبَرَكَةِ هَذَا اليَومِ،فَإِنّهُ اليَومُ ألّذِي يَهلِكُ اللّهُ فِيهِ عَدُوّهُ وَ عَدُوّ جَدّكُمَا، وَ يَستَجِيبُ فِيهِ دُعَاءَ أُمّكُمَا.كُلَا فَإِنّهُ اليَومُ ألّذِي يَقبَلُ اللّهُ فِيهِ أَعمَالَ شِيعَتِكُمَا وَ مُحِبّيكُمَا.كُلَا فَإِنّهُ اليَومُ ألّذِي يُصَدّقُ فِيهِ قَولُ اللّهِ(فَتِلكَ بُيُوتُهُم خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا)كُلَا فَإِنّهُ اليَومُ ألّذِي يَتَكَسّرُ فِيهِ شَوكَةُ مُبغِضِ جَدّكُمَا.كُلَا فَإِنّهُ يَومٌ يُفقَدُ فِيهِ فِرعَونُ أَهلِ بيَتيِ وَ ظَالِمُهُم وَ غَاصِبُ حَقّهِم.كُلَا فَإِنّهُ اليَومُ ألّذِي يَقدَمُ اللّهُ فِيهِ إِلَي مَا عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فَيَجعَلُهُ هَبَاءً مَنثُوراً. قَالَ حُذَيفَةُ فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ فِي أُمّتِكَ وَ أَصحَابِكَ مَن يَنتَهِكُ هَذِهِ الحُرمَةَ.
صفحه : 123
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ(صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ)نَعَم يَا حُذَيفَةُ جِبتٌ مِنَ المُنَافِقِينَ يَتَرَأّسُ عَلَيهِم وَ يَستَعمِلُ فِي أمُتّيِ الرّيَاءَ، وَ يَدعُوهُم إِلَي نَفسِهِ، وَ يَحمِلُ عَلَي عَاتِقِهِ دِرّةَ الخزِيِ، وَ يَصُدّ النّاسَ عَن سَبِيلِ اللّهِ، وَ يُحَرّفُ كِتَابَهُ، وَ يُغَيّرُ سنُتّيِ، وَ يَشتَمِلُ عَلَي إِرثِ ولَدَيِ، وَ يَنصِبُ نَفسَهُ عَلَماً، وَ يَتَطَاوَلُ عَلَي إِمَامَةِ مَن بعَديِ، وَ يَستَحِلّ أَموَالَ اللّهِ مِن غَيرِ حِلّهَا، وَ يُنفِقُهَا فِي غَيرِ طَاعَتِهِ، وَ يكُذَبّنُيِ وَ يُكَذّبُ أخَيِ وَ وزَيِريِ، وَ ينُحَيّ ابنتَيِ عَن حَقّهَا، وَ تَدعُو اللّهَ عَلَيهِ وَ يَستَجِيبُ اللّهُ دُعَاءَهَا فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ. قَالَ حُذَيفَةُ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَ لَا تَدعُو رَبّكَ عَلَيهِ لِيُهلِكَهُ فِي حَيَاتِكَ. قَالَ يَا حُذَيفَةُ لَا أُحِبّ أَن أجَترَِئَ عَلَي قَضَاءِ اللّهِ لِمَا قَد سَبَقَ فِي عِلمِهِ،لكَنِيّ سَأَلتُ اللّهَ أَن يَجعَلَ اليَومَ ألّذِي يَقبِضُهُ فِيهِ فَضِيلَةً عَلَي سَائِرِ الأَيّامِ لِيَكُونَ ذَلِكَ سُنّةً يَستَنّ بِهَا أحَبِاّئيِ وَ شِيعَةُ أَهلِ بيَتيِ وَ مُحِبّوهُم،فَأَوحَي إلِيَّ جَلّ ذِكرُهُ، فَقَالَ لِي يَا مُحَمّدُ كَانَ فِي سَابِقِ علِميِ أَن تَمَسّكَ وَ أَهلَ بَيتِكَ
صفحه : 124
مِحَنُ الدّنيَا وَ بَلَاؤُهَا، وَ ظُلمُ المُنَافِقِينَ وَ الغَاصِبِينَ مِن عبِاَديِ مَن نَصَحتَهُم وَ خَانُوكَ، وَ مَحَضتَهُم وَ غَشّوكَ، وَ صَافَيتَهُم وَ كَاشَحُوكَ، وَ أَرضَيتَهُم وَ كَذّبُوكَ، وَ انتَجَيتَهُم وَ أَسلَمُوكَ،فإَنِيّ بحِوَليِ وَ قوُتّيِ وَ سلُطاَنيِ لَأَفتِحَنّ عَلَي رُوحِ مَن يَغصِبُ بَعدَكَ عَلِيّاً حَقّهُ أَلفَ بَابٍ مِنَ النّيرَانِ مِن سَفَالِ الفَيلُوقِ، وَ لَأُصلِيَنّهُ وَ أَصحَابَهُ قَعراً يُشرِفُ عَلَيهِ إِبلِيسُ فَيَلعَنُهُ، وَ لَأَجعَلَنّ ذَلِكَ المُنَافِقَ عِبرَةً فِي القِيَامَةِ لِفَرَاعِنَةِ الأَنبِيَاءِ وَ أَعدَاءِ الدّينِ فِي المَحشَرِ، وَ لَأَحشُرَنّهُم وَ أَولِيَاءَهُم وَ جَمِيعَ الظّلَمَةِ وَ المُنَافِقِينَ إِلَي نَارِ جَهَنّمَ زُرقاً كَالِحِينَ أَذِلّةً خَزَايَا نَادِمِينَ، وَ لَأُخلِدَنّهُم فِيهَا أَبَدَ الآبِدِينَ، يَا مُحَمّدُ لَن يُوَافِقَكَ وَصِيّكَ فِي مَنزِلَتِكَ إِلّا بِمَا يَمَسّهُ مِنَ البَلوَي مِن فِرعَونِهِ وَ غَاصِبِهِ ألّذِي يجَترَِئُ عَلَيّ وَ يُبَدّلُ كلَاَميِ، وَ يُشرِكُ بيِ وَ يَصُدّ النّاسَ عَن سبَيِليِ، وَ يَنصِبُ مِن نَفسِهِ عِجلًا لِأُمّتِكَ، وَ يَكفُرُ بيِ فِي عرَشيِ،إنِيّ قَد أَمَرتُ
صفحه : 125
ملَاَئكِتَيِ فِي سَبعِ سمَاَواَتيِ لِشِيعَتِكُم وَ مُحِبّيكُم أَن يَتَعَيّدُوا فِي هَذَا اليَومِ ألّذِي أَقبِضُهُ إلِيَّ، وَ أَمَرتُهُم أَن يَنصِبُوا كرُسيِّ كرَاَمتَيِ حِذَاءَ البَيتِ المَعمُورِ وَ يُثنُوا عَلَيّ وَ يَستَغفِرُوا لِشِيعَتِكُم وَ مُحِبّيكُم مِن وُلدِ آدَمَ، وَ أَمَرتُ الكِرَامَ الكَاتِبِينَ أَن يَرفَعُوا القَلَمَ عَنِ الخَلقِ كُلّهِم ثَلَاثَةَ أَيّامٍ مِن ذَلِكَ اليَومِ وَ لَا أَكتُبُ عَلَيهِم شَيئاً مِن خَطَايَاهُم كَرَامَةً لَكَ وَ لِوَصِيّكَ، يَا مُحَمّدُ إنِيّ قَد جَعَلتُ ذَلِكَ اليَومَ عِيداً لَكَ وَ لِأَهلِ بَيتِكَ وَ لِمَن تَبِعَهُم مِنَ المُؤمِنِينَ وَ شِيعَتِهِم، وَ آلَيتُ عَلَي نفَسيِ بعِزِتّيِ وَ جلَاَليِ وَ علُوُيّ فِي مكَاَنيِ لَأَحبُوَنّ مَن تَعَيّدَ فِي ذَلِكَ اليَومِ مُحتَسِباً ثَوَابَ الخَافِقَينِ، وَ لَأُشَفّعَنّهُ فِي أَقرِبَائِهِ وَ ذوَيِ رَحِمِهِ، وَ لَأَزِيدَنّ فِي مَالِهِ إِن وَسّعَ عَلَي نَفسِهِ وَ عِيَالِهِ فِيهِ، وَ لَأُعتِقَنّ مِنَ النّارِ فِي كُلّ حَولٍ فِي مِثلِ ذَلِكَ اليَومِ أَلفاً مِن مَوَالِيكُم وَ شِيعَتِكُم، وَ لَأَجعَلَنّ سَعيَهُم مَشكُوراً، وَ ذَنبَهُم مَغفُوراً، وَ أَعمَالَهُم مَقبُولَةً. قَالَ حُذَيفَةُ ثُمّ قَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَدَخَلَ إِلَي بَيتِ أُمّ سَلَمَةَ، وَ رَجَعتُ عَنهُ وَ أَنَا غَيرُ شَاكّ فِي أَمرِ الشّيخِ، حَتّي تَرَأّسَ بَعدَ وَفَاةِ النّبِيّ
صفحه : 126
صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ أُتِيحَ الشّرّ وَ عَادَ الكُفرُ، وَ ارتَدّ عَنِ الدّينِ، وَ تَشَمّرَ لِلمُلكِ، وَ حَرّفَ القُرآنَ، وَ أَحرَقَ بَيتَ الوحَيِ، وَ أَبدَعَ السّنَنَ، وَ غَيّرَ المِلّةَ، وَ بَدّلَ السّنّةَ، وَ رَدّ شَهَادَةَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ كَذّبَ فَاطِمَةَ بِنتَ رَسُولِ اللّهِ(ص )، وَ اغتَصَبَ فَدَكاً، وَ أَرضَي المَجُوسَ وَ اليَهُودَ وَ النّصَارَي، وَ أَسخَنَ قُرّةَ عَينِ المُصطَفَي وَ لَم يُرضِهَا، وَ غَيّرَ السّنَنَ كُلّهَا، وَ دَبّرَ عَلَي قَتلِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ أَظهَرَ الجَورَ، وَ حَرّمَ مَا أَحَلّ اللّهُ، وَ أَحَلّ مَا حَرّمَ اللّهُ، وَ أَلقَي إِلَي النّاسِ أَن يَتّخِذُوا مِن جُلُودِ الإِبِلِ دَنَانِيرَ، وَ لَطَمَ وَجهَ الزّكِيّةِ، وَ صَعِدَ مِنبَرَ رَسُولِ اللّهِ غَصباً وَ ظُلماً، وَ افتَرَي عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ( ع ) وَ عَانَدَهُ وَ سَفّهَ رَأيَهُ. قَالَ حُذَيفَةُ فَاستَجَابَ اللّهُ دُعَاءَ موَلاَتيِ عَلَيهَا السّلَامُ عَلَي ذَلِكَ المُنَافِقِ، وَ أَجرَي قَتلَهُ عَلَي يَدِ قَاتِلِهِ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ،فَدَخَلتُ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ لِأُهَنّئَهُ بِقَتلِ المُنَافِقِ وَ رُجُوعِهِ إِلَي دَارِ الِانتِقَامِ. قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ يَا حُذَيفَةُ أَ تَذكُرُ اليَومَ ألّذِي دَخَلتَ فِيهِ عَلَي سيَدّيِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ أَنَا وَ سِبطَاهُ نَأكُلُ مَعَهُ،فَدَلّكَ عَلَي فَضلِ ذَلِكَ اليَومِ ألّذِي دَخَلتَ عَلَيهِ فِيهِ. قُلتُ بَلَي يَا أَخَا رَسُولِ اللّهِ(ص ).
صفحه : 127
قَالَ هُوَ وَ اللّهِ هَذَا اليَومُ ألّذِي أَقَرّ اللّهُ بِهِ عَينَ آلِ الرّسُولِ، وَ إنِيّ لَأَعرِفُ لِهَذَا اليَومِ اثنَينِ وَ سَبعِينَ اسماً، قَالَ حُذَيفَةُ قُلتُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أُحِبّ أَن تسُمعِنَيِ أَسمَاءَ هَذَا اليَومِ، وَ كَانَ يَومَ التّاسِعِ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ هَذَا يَومُ الِاستِرَاحَةِ، وَ يَومُ تَنفِيسِ الكُربَةِ، وَ يَومُ الغَدِيرِ الثاّنيِ، وَ يَومُ تَحطِيطِ الأَوزَارِ، وَ يَومُ الخِيَرَةِ، وَ يَومُ رَفعِ القَلَمِ، وَ يَومُ الهُدُوّ، وَ يَومُ العَافِيَةِ، وَ يَومُ البَرَكَةِ، وَ يَومُ الثّارَاتِ، وَ يَومُ عِيدِ اللّهِ الأَكبَرِ، وَ يَومٌ يُستَجَابُ فِيهِ الدّعَاءُ، وَ يَومُ المَوقِفِ الأَعظَمِ، وَ يَومُ التوّاَفيِ، وَ يَومُ الشّرطِ، وَ يَومُ نَزعِ السّوَادِ، وَ يَومُ نَدَامَةِ الظّالِمِ، وَ يَومُ انكِسَارِ الشّوكَةِ، وَ يَومُ نفَيِ الهُمُومِ، وَ يَومُ القُنُوعِ، وَ يَومُ عَرضِ القُدرَةِ، وَ يَومُ التّصَفّحِ، وَ يَومُ فَرَحِ الشّيعَةِ، وَ يَومُ التّوبَةِ، وَ يَومُ الإِنَابَةِ، وَ يَومُ الزّكَاةِ العُظمَي، وَ يَومُ الفِطرِ الثاّنيِ، وَ يَومُ سَيلِ النغاب ، وَ يَومُ تَجَرّعِ الرّيقِ، وَ يَومُ الرّضَا، وَ يَومُ عِيدِ أَهلِ البَيتِ، وَ يَومٌ ظَفِرَت بِهِ بَنُو إِسرَائِيلَ، وَ يَومٌ يَقبَلُ اللّهُ أَعمَالَ الشّيعَةِ، وَ يَومُ تَقدِيمِ الصّدَقَةِ،
صفحه : 128
وَ يَومُ الزّيَارَةِ، وَ يَومُ قَتلِ المُنَافِقِ، وَ يَومُالوَقتِ المَعلُومِ، وَ يَومُ سُرُورِ أَهلِ البَيتِ، وَ يَومُ الشّاهِدِ وَ يَومُ المَشهُودِ،وَ يَومَ يَعَضّ الظّالِمُ عَلي يَدَيهِ، وَ يَومُ القَهرِ عَلَي العَدُوّ، وَ يَومُ هَدمِ الضّلَالَةِ، وَ يَومُ التّنبِيهِ، وَ يَومُ التّصرِيدِ، وَ يَومُ الشّهَادَةِ، وَ يَومُ التّجَاوُزِ عَنِ المُؤمِنِينَ، وَ يَومُ الزّهرَةِ، وَ يَومُ العُذُوبَةِ، وَ يَومُ المُستَطَابِ بِهِ، وَ يَومُ ذَهَابِ سُلطَانِ المُنَافِقِ، وَ يَومُ التّسدِيدِ، وَ يَومٌ يَستَرِيحُ فِيهِ المُؤمِنُ، وَ يَومُ المُبَاهَلَةِ، وَ يَومُ المُفَاخَرَةِ، وَ يَومُ قَبُولِ الأَعمَالِ، وَ يَومُ التّبجِيلِ، وَ يَومُ إِذَاعَةِ السّرّ، وَ يَومُ نَصرِ المَظلُومِ، وَ يَومُ الزّيَارَةِ، وَ يَومُ التّوَدّدِ، وَ يَومُ التّحَبّبِ، وَ يَومُ الوُصُولِ، وَ يَومُ التّزكِيَةِ وَ يَومُ كَشفِ البِدَعِ، وَ يَومُ الزّهدِ فِي
صفحه : 129
الكَبَائِرِ، وَ يَومُ التّزَاوُرِ، وَ يَومُ المَوعِظَةِ، وَ يَومُ العِبَادَةِ، وَ يَومُ الِاستِسلَامِ قَالَ حُذَيفَةُ فَقُمتُ مِن عِندِهِ يعَنيِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قُلتُ فِي نفَسيِ لَو لَم أُدرِك مِن أَفعَالِ الخَيرِ وَ مَا أَرجُو بِهِ الثّوَابَ إِلّا فَضلَ هَذَا اليَومِ لَكَانَ منُاَيَ. قَالَ مُحَمّدُ بنُ العَلَاءِ الهمَداَنيِّ، وَ يَحيَي بنُ مُحَمّدِ بنِ جَرِيحٍ فَقَامَ كُلّ وَاحِدٍ مِنّا وَ قَبّلَ رَأسَ أَحمَدَ بنِ إِسحَاقَ بنِ سَعِيدٍ القمُيّّ، وَ قُلنَا الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي قَيّضَكَ لَنَا حَتّي شَرّفتَنَا بِفَضلِ هَذَا اليَومِ، وَ رَجَعنَا عَنهُ، وَ تَعَيّدنَا فِي ذَلِكَ اليَومِ.
قال السيّد نقلته من خطّ محمد بن علي بن محمد بن طيّ رحمه اللّه، ووجدنا فيما تصفّحنا من الكتب عدّة روايات موافقة لها فاعتمدنا عليها،فينبغي تعظيم هذااليوم المشار إليه وإظهار السرور فيه .
صفحه : 130
بيان في القاموس احتَبَي بِالثّوبِ اشتَمَلَ. و في بعض النسخ مكان قوله محتبي بكساء يفوح مسكا و هو قوله عليه السلام و يوم سيل النغاب .. هومقابل قولهم غصّ بريقه . في القاموس نَغَبَ الرّيقَ كمنع ونصر وضرب ابتَلَعَهُ، والطّائر حسا من الماء .. والإنسان في الشّرب جرع ، والنّغبَةُ الجرعة. و في بعض النسخ يوم سبيل اللّه. قوله عليه السلام و يوم ظفرت به بنو إسرائيل .. أي يشبه ذلك اليوم ،فإنّه كان فرعون هذه الأمّة أو كان ضفر بني إسرائيل أيضا في هذااليوم ، والوجهان جاريان في بعض الفقرات الأخر كنزع السواد. والتّصريد التّقليل، وكأنّه سقط بعض الفقرات من الرواة، وبضمّ
صفحه : 131
بعض النسخ يتمّ العدد.أقول و
قَالَ السّيّدُ عَلِيّ بنُ طَاوُسٍ قَدّسَ اللّهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِ الإِقبَالِ بَعدَ ذِكرِ اليَومِ التّاسِعِ مِن رَبِيعٍ الأَوّلِاعلَم أَنّ هَذَا اليَومَ وَجَدنَا فِيهِ رِوَايَةً عَظِيمَ الشّأنِ، وَ وَجَدنَا جَمَاعَةً مِنَ العَجَمِ وَ الإِخوَانِ يُعَظّمُونَ السّرُورَ فِيهِ، وَ يَذكُرُونَ أَنّهُ يَومُ هَلَاكِ بَعضِ مَن كَانَ يَهُونُ بِاللّهِ جَلّ جَلَالُهُ وَ رَسُولِهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ يُعَادِيهِ، وَ لَم أَجِد فِيمَا تَصَفّحتُ مِنَ الكُتُبِ إِلَي الآنَ مُوَافِقَةً أَعتَمِدُ عَلَيهَا لِلرّوَايَةِ التّيِ رَوَينَاهَا عَنِ ابنِ بَابَوَيهِ تَغَمّدَ اللّهُ بِالرّضوَانِ، فَإِن أَرَادَ أَحَدٌ تَعظِيمَهُ مُطلَقاً لِسِرّ يَكُونُ فِي مَطَاوِيهِ غَيرَ الوَجهِ ألّذِي ظَهَرَ فِيهِ احتِيَاطاً لِلرّوَايَةِ فَهَكَذَا عَادَةُ ذوَيِ الدّرَايَةِ ...، وَ إِن كَانَ يُمكِنُ أَن يَكُونَ تَأوِيلُ مَا رَوَاهُ أَبُو جَعفَرِ بنُ بَابَوَيهِ فِي أَنّ قَتلَ مَن ذُكِرَ كَانَ فِي تَاسِعِ رَبِيعٍ الأَوّلِ،لَعَلّ مَعنَاهُ أَنّ السّبَبَ ألّذِي اقتَضَي عَزمَ القَاتِلِ عَلَي قَتلِهِ كَانَ فِي ذَلِكَ اليَومِ، وَ يُمكِنُ أَن يُسَمّي مَجَازاً سَبَبُ القَتلِ بِالقَتلِ، أَو يَكُونَ تَوَجّهُ القَاتِلِ مِن بَلَدِهِ فِي ذَلِكَ اليَومِ أَو وَصُولُ القَاتِلِ إِلَي مَدِينَةِ القَتلِ فِيهِ. وَ أَمّا تَأوِيلُ مَن تَأَوّلَ أَنّ الخَبَرَ بِالقَتلِ وَصَلَ إِلَي بَلَدِ ابنِ بَابَوَيهِ فِيهِ فَلَا
صفحه : 132
يَصِحّ،لِأَنّ الحَدِيثَ ألّذِي رَوَاهُ ابنُ بَابَوَيهِ عَنِ الصّادِقِ عَلَيهِ السّلَامُ تَضَمّنَ أَنّ القَتلَ كَانَ فِي ذَلِكَ اليَومِ،فَكَيفَ يَصِحّ هَذَا التّأوِيلُ.انتَهَي
ملخّص كلامه نوّر اللّه ضريحه . ويظهر منه ورود رواية أخري عن الصادق عليه السلام بهذا المضمون رواها الصدوق رحمه اللّه، ويظهر من كلام خلفه الجليل ورود عدّة روايات دالّة علي كون قتله في ذلك اليوم ،فاستبعاد ابن إدريس وغيره رحمة اللّه عليهم ليس في محلّه،إذ اعتبار تلك الروايات مع الشهرة بين أكثر الشيعة سلفا وخلفا لايقصر عمّا ذكره المؤرّخون من المخالفين ، ويحتمل أن يكونوا غيّروا هذااليوم ليشتبه الأمر علي الشيعة فلايتّخذوه يوم عيد وسرور. فإن قيل كيف اشتبه هذاالأمر العظيم بين الفريقين مع كثرة الدواعي علي ضبطه ونقله .قلنا نقلب الكلام عليكم ، مع أنّ هذاالأمر ليس بأعظم من وفاة الرسول صلّي اللّه عليه وآله ، مع أنّه وقع الخلاف فيه بين الفريقين ،بل بين كلّ منهما مع شدّة تلك المصيبة العظمي ، و مااستتبعته من الدواهي الأخري ، مع أنّهم اختلفوا في يوم القتل كماعرفت و إن اتّفقوا في كونه في ذي الحجة، و من نظر في اختلاف الشيعة و أهل الخلاف في أكثر الأمور التي توفّرت الدواعي علي نقلها مع كثرة حاجة الناس إليها كالأذان والوضوء والصلاة والحجّ وتأمّل فيها لايستبعد أمثال ذلك ، و اللّه تعالي أعلم بحقائق الأمور.
مَا جَمَاعَةٌ، عَن أَبِي الفَضلِ، عَن صَالِحِ بنِ أَحمَدَ وَ مُحَمّدِ بنِ القَاسِمِ، عَن مُحَمّدِ بنِ تَسنِيمٍ، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ حَكِيمٍ، عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ
صفحه : 133
الحَمِيدِ، عَن رُقَيّةَ بنِ مَصقَلَةَ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ جُوَيعَةَ بنِ حَمزَةَ العبَديِّ، عَن أَبِيهِ، عَن جَدّهِ عَبدِ اللّهِ قَالَ قَدِمَنَا وَفدُ عَبدِ القَيسِ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ،فَسَأَلَهُ رَجُلَانِ مِنّا عَن طَلَاقِ الأَمَةِ،فَقَامَ مَعَهُمَا وَ قَالَ انطَلِقَا،فَجَاءَ إِلَي حَلقَةٍ فِيهَا رَجُلٌ أَصلَعُ، فَقَالَ يَا أَصلَعُ كَم طَلَاقُ الأَمَةِ، قَالَ فَأَشَارَ بِإِصبَعَيهِ .. هَكَذَا يعَنيِ اثنَتَينِ. قَالَ فَالتَفَتَ عُمَرُ إِلَي الرّجُلَينِ، فَقَالَ طَلَاقُهَا اثنَتَانِ. فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا سُبحَانَ اللّهِ جِئنَاكَ وَ أَنتَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ فَسَأَلنَاكَ فَجِئتَ إِلَي الرّجُلِ، وَ اللّهِ مَا كَلّمَكَ. فَقَالَ وَيلَكَ أَ تدَريِ مَن هَذَا. هَذَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ،سَمِعتُ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لَو أَنّ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وُضِعَتَا فِي كِفّةٍ وَ وُضِعَ إِيمَانُ عَلِيّ فِي كِفّةٍ لَرَجَحَ إِيمَانُ عَلِيّ.
د قَالَ أَبُو جَعفَرٍ مُحَمّدُ بنُ جَرِيرِ بنِ رُستُمَ الطبّرَيِّ لَيسَ التاّريِخيِّ لَمّا وَرَدَ سبَيُ الفُرسِ إِلَي المَدِينَةِ أَرَادَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ بَيعَ النّسَاءِ وَ أَن يَجعَلَ الرّجَالَ عَبِيداً. فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ أَكرِمُوا كَرِيمَ كُلّ قَومٍ. فَقَالَ عُمَرُ قَد سَمِعتُهُ يَقُولُ إِذَا أَتَاكُم كَرِيمُ قَومٍ فَأَكرِمُوهُ وَ إِن خَالَفَكُم. فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ هَؤُلَاءِ قَومٌ قَد أَلقَوا إِلَيكُمُ السّلَمَ وَ رَغِبُوا فِي الإِسلَامِ، وَ لَا بُدّ مِن أَن يَكُونَ لَهُم فِيهِم ذُرّيّةٌ، وَ أَنَا أُشهِدُ اللّهَ وَ أُشهِدُكُم أنَيّ قَد عَتَقتُ نصَيِبيِ مِنهُم لِوَجهِ اللّهِ تَعَالَي. فَقَالَ جَمِيعُ بنَيِ هَاشِمٍ قَد
صفحه : 134
وَهَبنَا حَقّنَا أَيضاً لَكَ. فَقَالَ أللّهُمّ اشهَد أنَيّ قَد عَتَقتُ مَا وهَبَوُنيِ لِوَجهِ اللّهِ. فَقَالَ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ وَ قَد وَهَبنَا حَقّنَا لَكَ يَا أَخَا رَسُولِ اللّهِ(ص ). فَقَالَ أللّهُمّ اشهَد أَنّهُم قَد وَهَبُوا لِي حَقّهُم وَ قَبِلتُهُ، وَ أُشهِدُكَ أنَيّ قَد عَتَقتُهُم لِوَجهِكَ. فَقَالَ عُمَرُ لِمَ نَقَضتَ عَلَيّ عزَميِ فِي الأَعَاجِمِ، وَ مَا ألّذِي رَغِبَكَ عَن رأَييِ فِيهِم.فَأَعَادَ عَلَيهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي إِكرَامِ الكُرَمَاءِ، فَقَالَ عُمَرُ قَد وَهَبتُ لِلّهِ وَ لَكَ يَا أَبَا الحَسَنِ مَا يخَصُنّيِ وَ سَائِرَ مَا لَم يُوهَب لَكَ. فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ أللّهُمّ اشهَد عَلَي مَا قَالَهُ وَ عَلَي عتِقيِ إِيّاهُم.فَرَغِبَ جَمَاعَةٌ مِن قُرَيشٍ فِي أَن يَستَنكِحُوا النّسَاءَ. فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ هَؤُلَاءِ لَا يُكرَهنَ عَلَي ذَلِكَ وَ لَكِن يُخَيّرنَ، مَا اختَرنَهُ عُمِلَ بِهِ.فَأَشَارَ جَمَاعَةٌ إِلَي شَهرَبَانُويَه بِنتِ كِسرَي،فَخُيّرَت وَ خُوطِبَت مِن وَرَاءِ الحِجَابِ وَ الجَمعُ حُضُورٌ.فَقِيلَ لَهَا مَن تَختَارِينَ مِن خُطّابِكِ وَ هَل أَنتِ مِمّن تُرِيدِينَ بَعلًا.فَسَكَتَت. فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ قَد أَرَادَت وَ بقَيَِ الِاختِيَارُ. فَقَالَ عُمَرُ وَ مَا عِلمُكَ بِإِرَادَتِهَا البَعلَ. فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَانَ إِذَا أَتَتهُ كَرِيمَةُ قَومٍ لَا ولَيِّ لَهَا وَ قَد خُطِبَت يَأمُرُ أَن يُقَالَ لَهَا أَنتِ رَاضِيَةٌ بِالبَعلِ، فَإِنِ استَحيَت وَ سَكَتَت جعلت [جَعَلَ]إِذنَهَا صُمَاتَهَا، وَ أَمَرَ بِتَزوِيجِهَا. وَ إِن قَالَت لَا، لَم تُكرَه عَلَي مَا تَختَارُهُ، إِنّ شَهرَبَانُويَه أُرِيَتِ الخُطّابَ فَأَومَأَت بِيَدِهَا وَ اختَارَتِ الحُسَينَ بنَ عَلِيّ عَلَيهِمَا السّلَامُ،فَأُعِيدَ القَولُ عَلَيهَا فِي التّخيِيرِ،فَأَشَارَت بِيَدِهَا وَ قَالَت بِلُغَتِهَا هَذَا إِن كُنتُ مُخَيّرَةً، وَ جَعَلَت أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَلِيّهَا، وَ تَكَلّمَ حُذَيفَةُ
صفحه : 135
بِالخِطبَةِ، فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ لَهَا مَا اسمُكِ.فَقَالَت شَاه زَنَانُ بِنتُ كِسرَي. قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ أَنتِ شَهرَبَانُويَه، وَ أُختُكِ مُروَارِيدُ بِنتُ كِسرَي،قَالَت آريه .
يب مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ بنِ مَحبُوبٍ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ زُرَارَةَ، عَن عِيسَي بنِ عَبدِ اللّهِ الهاَشمِيِّ، عَن جَدّهِ، عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ دَخَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ عُمَرُ الحَمّامَ، فَقَالَ عُمَرُ بِئسَ البَيتُ الحَمّامُ،يَكثُرُ فِيهِ الغِنَاءُ وَ يَقِلّ فِيهِ الحَيَاءُ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ نِعمَ البَيتُ الحَمّامُ،يُذهِبُ الأَذَي وَ يُذَكّرُ بِالنّارِ.
نَهجٌ وَ مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَد شَاوَرَهُ عُمَرُ فِي الخُرُوجِ إِلَي الرّومِ وَ قَد تَوَكّلَ اللّهُ لِأَهلِ هَذَا الدّينِ بِإِعزَازِ الحَوزَةِ وَ سَترِ العَورَةِ وَ ألّذِي نَصَرَهُم وَ هُم قَلِيلٌ لَا يَنتَصِرُونَ وَ مَنَعَهُم وَ هُم قَلِيلٌ لَا يَمتَنِعُونَ حيَّ لَا يَمُوتُ إِنّكَ مَتَي
صفحه : 136
تَسِر إِلَي هَذَا العَدُوّ بِنَفسِكَ فَتَلقَهُم فَتُنكَب، لَا تَكُن لِلمُسلِمِينَ كَانِفَةٌ دُونَ أَقصَي بِلَادِهِم لَيسَ بَعدَكَ مَرجِعٌ يَرجِعُونَ إِلَيهِ،فَابعَث إِلَيهِم رَجُلًا مُجَرّباً وَ احفِز مَعَهُ أَهلَ البَلَاءِ وَ النّصِيحَةِ فَإِن أَظهَرَ اللّهُ فَذَاكَ مَا تُحِبّ، وَ إِن تَكُنِ الأُخرَي كُنتَ رداء[رِدءاً]لِلنّاسِ وَ مَثَابَةً لِلمُسلِمِينَ.
توضيح و قدتوكّل اللّه .. أي صار وكيلا، ويروي تَكَفّلَ .. أي صار كفيلا، والحَوزَة النّاحية، وبَيضَة الملك قوله عليه السلام فتنكب ، قال ابن أبي الحديد مجزوم معطوف علي تسر. قوله عليه السلام كانفة .. أي جهة عاصمة من قولك كنفت الإبل جعلت لها كنيفا من الشّجر يستتر به قوله عليه السلام مجرّبا علي المفعول .. أي جرّبته الأمور وأحكمته ، ويمكن أن يقرأ علي اسم الفاعل . و إن كان الخلاف المشهور[كذا]، و في بعض النسخ بالحاء المهملة بكسر الميم مخفّفا من الحرب . وحفزته دفعته من خلفه وسقته سوقا شديدا، و أهل البلاء .. أي
صفحه : 137
المختبرين الممتحنين أوالذين لهم حقوق في الإسلام كقوله (ليِبُليَِ المُؤمِنِينَ مِنهُ بَلاءً حَسَناً) والرّدء بالكسر العَون والمَثَابَةُ المَرجِعُ فإن قلت فما بال أمير المؤمنين عليه السلام شهد الحروب بنفسه . قلت لوجهين أحدهما إنّه كان عالما من جهة النبيّ صلّي اللّه عليه وآله أنّه لايقتل في هذه الحروب . وثانيهما أنّه كان عالما بأنّه لايقوم مقامه في تلك الحروب أحد، و لم يجد مجرّبا من أهل البلاء والنصيحة،فبعض المجرّبين لم يكونوا من أهل النصيحة له ، وبعض أهل النصيحة لم يكونوا مجرّبين، و من كان مجرّبا ناصحا كمالك وأضرابه فمع قلّتهم ربّما لم يطعهم الناس .
نَهجٌ وَ مِن كَلَامِهِ عَلَيهِ السّلَامُ لِعُمَرَ بنِ الخَطّابِ وَ قَدِ استَشَارَهُ فِي غَزوِ الفُرسِ بِنَفسِهِ إِنّ هَذَا الأَمرَ لَم يَكُن نَصرُهُ وَ لَا خِذلَانُهُ بِكَثرَةٍ وَ لَا بِقِلّةٍ، وَ هُوَ دِينُ اللّهِ ألّذِي أَظهَرَهُ وَ جُندُهُ ألّذِي أَعَدّهُ وَ أَمَدّهُ حَتّي بَلَغَ مَا بَلَغَ وَ طَلَعَ حَيثُ طَلَعَ، وَ نَحنُ
صفحه : 138
عَلَي مَوعُودٍ مِنَ اللّهِ، وَ اللّهُ مُنجِزٌ وَعدَهُ وَ نَاصِرٌ جُندَهُ، وَ مَكَانُ القَيّمِ بِالأَمرِ مَكَانُ النّظَامِ مِنَ الخَرَزِ يَجمَعُهُ وَ يَضُمّهُ فَإِنِ انقَطَعَ النّظَامُ تَفَرّقَ وَ ذَهَبَ ثُمّ لَم يَجتَمِع بِحَذَافِيرِهِ أَبَداً، وَ العَرَبُ اليَومَ وَ إِن كَانُوا قَلِيلًا فَهُم كَثِيرُونَ بِالإِسلَامِ عَزِيزُونَ بِالِاجتِمَاعِ،فَكُن قُطباً وَ استَدِرِ الرّحَي بِالعَرَبِ، وَ أَصلِهِم دُونَكَ نَارَ الحَربِ،فَإِنّكَ إِن شَخَصتَ مِن هَذِهِ الأَرضِ انتَقَضَت عَلَيكَ العَرَبُ مِن أَطرَافِهَا وَ أَقطَارِهَا حَتّي يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ العَورَاتِ أَهَمّ إِلَيكَ مِمّا بَينَ يَدَيكَ، إِنّ الأَعَاجِمَ إِن يَنظُرُوا إِلَيكَ غَداً يَقُولُوا هَذَا أَصلُ العَرَبِ فَإِذَا اقتَطَعتُمُوهُ استَرَحتُم،فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدّ لِكَلَبِهِم عَلَيكَ وَ طَمَعِهِم فِيكَ،فَأَمّا مَا ذَكَرتَ مِن مَسِيرِ القَومِ إِلَي قِتَالِ المُسلِمِينَ فَإِنّ اللّهَ سُبحَانَهُ هُوَ أَكرَهُ لِمَسِيرِهِم مِنكَ، وَ هُوَ أَقدَرُ عَلَي تَغيِيرِ مَا يَكرَهُ، وَ أَمّا مَا ذَكَرتَ مِن عَدَدِهِم فَإِنّا لَم نَكُن نُقَاتِلُ فِيمَا مَضَي بِالكَثرَةِ، وَ إِنّمَا كُنّا نُقَاتِلُ بِالنّصرِ وَ المَعُونَةِ.
بيان قال ابن أبي الحديد .. قداختلف في الحال ألذي قال أمير المؤمنين عليه
صفحه : 139
السلام ،فقيل قاله في غزاة القادسيّة، وقيل في غزاة نهاوند،ذهب إلي الأخير محمد بن جرير، و إلي الأول المدائني. ونظام العقد الخيط الجامع له بحذافيره .. أي بأسره أوبجوانبه أوبأعاليه قوله عليه السلام وأصلهم .. أي اجعلهم صالين لها،يقال صليت اللّحم إذاشويته ، أوألقهم في نار الحرب دونك ، أو من صلي فلان بالأمر إذاقاسي حرّها وشدّتها والعورة الخلل في الثّغر وغيره ، و كلّ مكمن للسّتر لكلبهم .. أي لمرضهم وشدّتهم قوله عليه السلام فأمّا ماذكرت .. جواب لما قال عمر من أنّ هؤلاء الفرس قدقصدوا المسير إلي المسلمين و أناأكره أن يغزونا قبل أن نغزوهم . ثم اعلم أنّ هذاالكلام و ماتقدّم يدلّ أنّهم كانوا محتاجين إليه عليه السلام
صفحه : 140
في التدبير وإصلاح الأمور التي يتوقّف عليها الرئاسة والخلافة،فهو عليه السلام كان أحقّ بها وأهلها وكانوا هم الغاصبين حقّه، و أمّا إراءتهم مصالحهم فلايدلّ علي كونهم علي الحقّ،لأنّ ذلك كان لمصلحة الإسلام والمسلمين لالمصلحة الغاصبين ، وجميع تلك الأمور كان حقّه عليه السلام قولا وفعلا وتدبيرا فكان يلزمه القيام بما يمكنه من تلك الأمور، و لايسقط الميسور بالمعسور.
صفحه : 141
قَالَ أَبُو الفَتحِ الكرَاَجكُيِّ فِي كَنزِ الفَوَائِدِ أخَبرَنَيِ القاَضيِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ بنِ صَخرٍ، عَن فَارِسِ بنِ مُوسَي، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ شَيبَةَ، عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي الطوّسيِّ، عَن مُحَمّدِ بنِ خَالِدٍ الدمّشَقيِّ، عَن سَعِيدِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ خَارِجَةَ الرقّيّّ، قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ فَضلَةَ كُنتُ فِي الوَفدِ الّذِينَ وَجّهَهُم عُمَرُ بنُ الخَطّابِ وَ فَتَحنَا مَدِينَةَ حُلوَانَ، وَ طَلَبنَا المُشرِكِينَ فِي الشّعبِ فَلَم يُرَدّوا عَلَيهِم،فَحَضَرَتِ الصّلَاةُ فَانتَهَيتُ إِلَي مَاءٍ فَنَزَلتُ عَن فرَسَيِ وَ أَخَذتُ بِعِنَانِهِ، ثُمّ تَوَضّأتُ وَ أَذّنتُ،فَقُلتُ اللّهُ أَكبَرُ .. اللّهُ أَكبَرُ .. فأَجَاَبنَيِ شَيءٌ مِنَ الجَبَلِ وَ هُوَ يَقُولُ كَبِرَت تَكبِيراً .. فَفَزِعتُ لِذَلِكَ فَزَعاً شَدِيداً وَ نَظَرتُ يَمِيناً وَ شِمَالًا،فَلَم أَرَ شَيئاً،فَقُلتُ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ،فأَجَاَبنَيِ وَ هُوَ يَقُولُ الآنَ حِينَ أَخلَصتُ.فَقُلتُ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ نبَيِّ بُعِثَ.فَقُلتُ حيَّ عَلَي الصّلَاةِ. فَقَالَ فَرِيضَةٌ افتُرِضَت.فَقُلتُ حيَّ عَلَي الفَلَاحِ. فَقَالَ قَد أَفلَحَ مَن أَجَابَهَا،فَاستَجَابَ
صفحه : 142
لَهَا.فَقُلتُ قَد قَامَتِ الصّلَاةُ. فَقَالَ البَقَاءُ لِأُمّةِ مُحَمّدٍ(ص ) وَ عَلَي رَأسِهَا تَقُومُ السّاعَةُ، فَلَمّا فَرَغتُ مِن أذَاَنيِ نَادَيتُ بِأَعلَي صوَتيِ حَتّي أَسمَعتُ مَا بَينَ لاَبتَيَِ الجَبَلِ،فَقُلتُ إنِسيِّ أَم جنِيّّ. قَالَ فَأَطلَعَ رَأسَهُ مِن كَهفِ الجَبَلِ، فَقَالَ مَا أَنَا بجِنِيّّ وَ لكَنِيّ إنِسيِّ.فَقُلتُ لَهُ مَن أَنتَ يَرحَمُكَ اللّهُ. قَالَ أَنَا وذيب بنُ ثِملَا مِن حوَاَريِّ عِيسَي ابنِ مَريَمَ عَلَيهِ السّلَامُ،أَشهَدُ أَنّ صَاحِبَكُم نبَيِّ، وَ هُوَ ألّذِي بَشّرَ بِهِ عِيسَي ابنُ مَريَمَ، وَ لَقَد أَرَدتُ الوُصُولَ إِلَيهِ فَحَالَت فِيمَا بيَنيِ وَ بَينَهُ فَارِسٌ وَ كِسرَي وَ أَصحَابُهُ، ثُمّ أَدخَلَ رَأسَهُ فِي كَهفِ الجَبَلِ فَرَكِبتُ داَبتّيِ وَ لَحِقتُ بِالنّاسِ وَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ أَمِيرُنَا،فَأَخبَرتُهُ بِالخَبَرِ،فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَي عُمَرَ بنِ الخَطّابِ،فَجَاءَ كِتَابُ عُمَرَ يَقُولُ الحَقِ الرّجُلَ،فَرَكِبَ سَعدٌ وَ رَكِبتُ مَعَهُ حَتّي انتَهَينَا إِلَي الجَبَلِ،فَلَم نَترُك كَهفاً وَ لَا شِعباً وَ لَا وَادِياً إِلّا التَمَسنَاهُ فِيهِ فَلَم نَقدِر عَلَيهِ، وَ حَضَرَتِ الصّلَاةُ فَلَمّا فَرَغتُ مِن صلَاَتيِ نَادَيتُ بِأَعلَي صوَتيِ يَا صَاحِبَ الصّوتِ الحَسَنِ وَ الوَجهِ الجَمِيلِ قَد سَمِعنَا مِنكَ كَلَاماً حَسَناً فَأَخبِرنَا مَن أَنتَ يَرحَمُكَ اللّهُ أَقرَرتُ بِاللّهِ وَ نَبِيّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، قَالَ فَأَطلَعَ رَأسَهُ مِن كَهفِ الجَبَلِ فَإِذَا شَيخٌ أَبيَضُ الرّأسِ وَ اللّحيَةِ، لَهُ هَامَةٌ كَأَنّهَا رَحًي، فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكُم وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قُلتُ وَ عَلَيكَ السّلَامُ وَ رَحمَةُ اللّهِ، مَن أَنتَ
صفحه : 143
يَرحَمُكَ اللّهُ. قَالَ أَنَا رزيب بنُ ثِملَا وصَيِّ العَبدِ الصّالِحِ عِيسَي ابنِ مَريَمَ( ع ) كَانَ سَأَلَ رَبّهُ لِي البَقَاءَ إِلَي نُزُولِهِ مِنَ السّمَاءِ وَ قرَاَريِ فِي هَذَا الجَبَلِ، وَ أَنَا مُوصِيكُم سَدّدُوا وَ قَارِبُوا وَ خِصَالًا يَظهَرُ فِي أُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، فَإِن ظَهَرَت فَالهَرَبَ الهَرَبَ،لِيَقُومَ أَحَدُكُم عَلَي نَارِ جَهَنّمَ حَتّي تُطفَأَ مِنهُ خَيرٌ لَهُ مِنَ البَقَاءِ فِي ذَلِكَ الزّمَانِ. قَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ فَضلَةَ قُلتُ لَهُ يَرحَمُكَ اللّهُ أَخبِرنَا بِهَذِهِ الخِصَالِ لِنَعرِفَ ذَهَابَ دُنيَانَا وَ إِقبَالَ آخِرَتِنَا. قَالَ نَعَم، إِذَا استَغنَي رِجَالُكُم بِرِجَالِكُم، وَ استَغنَت نِسَاؤُكُم بِنِسَائِكُم، وَ انتَسَبتُم إِلَي غَيرِ مَنَاسِبِكُم، وَ تَوَلّيتُم إِلَي غَيرِ مَوَالِيكُم، وَ لَم يَرحَم كَبِيرُكُم صَغِيرَكُم، وَ لَم يُوَقّر صَغِيرُكُم لِكَبِيرِكُم، وَ كَثُرَ طَعَامُكُم فَلَم تَرَوهُ إِلّا بِأَغلَي أَسعَارِكُم، وَ صَارَت خِلَافَتُكُم فِي صِبيَانِكُم، وَ رَكَنَ عُلَمَاؤُكُم إِلَي وُلَاتِكُم،فَأَحَلّوا الحَرَامَ وَ حَرّمُوا الحَلَالَ، وَ أَفتَوهُم بِمَا يَشتَهُونَ، وَ اتّخَذُوا القُرآنَ أَلحَاناً وَ مَزَامِيرَ فِي أَصوَاتِهِم، وَ مَنَعتُم حُقُوقَ اللّهِ مِن أَموَالِكُم، وَ لَعَنَ آخِرُ أُمّتِكُم أَوّلَهَا، وَ زَوّقتُمُ المَسَاجِدَ، وَ طَوّلتُمُ المَنَابِرَ، وَ حَلّيتُمُ المَصَاحِفَ بِالذّهَبِ وَ الفِضّةِ، وَ رَكِبَ نِسَاؤُكُمُ السّرُوجَ، وَ صَارَ مُستَشَارُ أُمُورِكُم نِسَاءَكُم وَ خِصيَانَكُم، وَ أَطَاعَ الرّجُلُ امرَأَتَهُ، وَ عَقّ وَالِدَيهِ، وَ ضَرَبَ الشّابّ وَالِدَيهِ، وَ قَطَعَ كُلّ ذيِ رَحِمٍ رَحِمَهُ، وَ بَخِلتُم بِمَا فِي أَيدِيكُم، وَ صَارَت أَموَالُكُم عِندَ شِرَارِكُم، وَ كَنَزتُمُ الذّهَبَ وَ الفِضّةَ، وَ شَرِبتُمُ الخَمرَ، وَ لَعِبتُم بِالمَيسِرِ، وَ ضَرَبتُم
صفحه : 144
بِالكَبَرِ، وَ مَنَعتُمُ الزّكَاةَ وَ رَأَيتُمُوهَا مَغرَماً، وَ الخِيَانَةَ مَغنَماً، وَ قُتِلَ البرَيِءُ لتعتاظ[لِتَغتَاظَ]العَامّةُ بِقَتلِهِ، وَ اختسلت [اختُلِسَت]قُلُوبُكُم فَلَم يَقدِر أَحَدٌ مِنكُم يَأمُرُ بِالمَعرُوفِ وَ لَا يَنهَي عَنِ المُنكَرِ، وَ قَحَطَ المَطَرُ فَصَارَ قَيظاً، وَ الوَلَدُ غَيظاً، وَ أَخَذتُمُ العَطَاءَ فَصَارَ فِي السّقَاطِ، وَ كَثُرَ أَولَادُ الخَبِيثَةِ يعَنيِ الزّنَا، وَ طُفّفَتِ المِكيَالُ، وَ كَلِبَ عَلَيكُم عَدُوّكُم، وَ ضَرَبتُم بِالمَذَلّةِ، وَ صِرتُم أَشقِيَاءَ، وَ قَلّتِ الصّدَقَةُ حَتّي يَطُوفَ الرّجُلُ مِنَ الحَولِ إِلَي الحَولِ مَا يُعطَي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَ كَثُرَ الفُجُورُ، وَ غَارَتِ العُيُونُ،فَعِندَهَا نَادَوا فَلَا جَوَابَ لَهُم،يعَنيِ دَعَوا فَلَم يُستَجَب لَهُم.
قال الكراجكي رحمه اللّه اعلم أيّدك اللّه إنّ قوله في هذاالخبر ولعن آخر أمّتكم أوّلها ممّا يظن الناصبي أنّ فيه طعنا علينا، لمانحن فيه من ذمّ الظالمين بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله و ذلك ظنّ فاسد،لأنّا إنّما نلعن من ثبت عندنا ظلمه ، و قدلعن اللّه تعالي الظالمين في كتابه ، فقال (أَلا لَعنَةُ اللّهِ عَلَي الظّالِمِينَ). وأخبر النبيّ صلّي اللّه عليه وآله بأنّ من أصحابه من يغير بعده ويبدّل ويغوي ويفتن ويضلّ ويظلم ويستحقّ العقاب الأليم والخلود في الجحيم .
فَمِمّا روُيَِ عَنهُ فِي ذَلِكَ قَولُهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لِأَصحَابِهِلَتَتّبِعُنّ سَنَنَ
صفحه : 145
مَن كَانَ قَبلَكُم شِبراً بِشِبرٍ وَ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتّي لَو دَخَلُوا فِي جُحرِ ضَبّ لَاتّبَعتُمُوهُم.فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ اليَهُودَ وَ النّصَارَي. قَالَ فَمَن إِذَن.
وَ قَولُهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ وَ قَد ذُكِرَت عِندَهُ فِتنَةُ الدّجّالِ أَلَا وَ إنِيّ لَفِتنَةُ بَعضِكُم أَخوَفُ منِيّ لِفِتنَةِ الدّجّالِ.
وَ قَولُهُ عَلَيهِ السّلَامُ لِأَصحَابِهِ إِنّكُم لَمَحشُورُونَ يَومَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً، وَ إِنّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِن أمُتّيِ فَيُؤخَذُ بِهِم ذَاتَ الشّمَالِ فَأَقُولُ يَا رَبّ أصَحاَبيِ.فَيُقَالُ إِنّكَ لَا تدَريِ مَا أَحدَثُوا بَعدَكَ،إِنّهُم لَم يَزَالُوا مُرتَدّينَ عَلَي أَعقَابِهِم مُنذُ فَارَقتَهُم.
وَ قَولُهُ عَلَيهِ السّلَامُ فِي حَجّةِ الوَدَاعِ لِأَصحَابِهِ أَلَا لَأُخبِرَنّكُم تَرتَدّونَ بعَديِ كُفّاراً يَضرِبُ بَعضُكُم رِقَابَ بَعضٍ،أَلَا إنِيّ قَد شَهِدتُ وَ غِبتُم.
وَ قَولُهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي مَرَضِهِ ألّذِي توُفُيَّ فِيهِ أَقبَلَتِ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللّيلِ المُظلِمِ يَتبَعُ آخِرُهَا أَوّلَهَا،الآخِرَةُ شَرّ مِنَ الأُولَي.
صفحه : 146
وَ قَولُهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَكُونُ لأِصَحاَبيِ بعَديِ ذِلّةٌ يَعمَلُ بِهَا قَومٌ يُكِبّهُمُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي النّارِ عَلَي مَنَاخِرِهِم.
وَ حدَثّنَيِ مِن طَرِيقِ العَامّةِ عَبدُ اللّهِ بنُ عُثمَانَ بنِ حِمَاسٍ بِمَدِينَةِ الرّملَةِ، عَن أَبِي الحَسَنِ أَحمَدَ بنِ مَحبُوبٍ، عَن أَبِي العَبّاسِ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ قُتَيبَةَ العسَقلَاَنيِّ، عَن كَثِيرِ بنِ عَبدٍ أَبِي الحَسَنِ الحَذّاءِ، عَن مُحَمّدِ بنِ حِميَرٍ، عَن مَسلَمَةَ بنِ عَلِيّ، عَن عُمَرَ بنِ ذَرّةَ، عَن فُلَانَةَ الحرَمَيِّ، عَن أَبِي مُسلِمٍ الخوَلاَنيِّ، عَن أَبِي عُبَيدَةَ بنِ الجَرّاحِ، عَن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، قَالَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بلِحِيتَيِ وَ أَنَا أَعرِفُ الحَزَنَ فِي وَجهِهِ، فَقَالَ يَا عُمَرُإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ،أتَاَنيِ جَبرَئِيلُ آنِفاً فَقَالَإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ،فَقُلتُ أَجَل،فَإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَ،فَمِمّ ذَاكَ يَا جَبرَئِيلُ. قَالَ إِنّ أُمّتَكَ مُفتَتِنَةٌ بَعدَكَ بِقَلِيلٍ مِنَ الدّهرِ غَيرِ كَثِيرٍ.فَقُلتُ فِتنَةَ كُفرٍ أَو فِتنَةَ ضَلَالَةٍ. قَالَ كُلّ سَيَكُونُ.فَقُلتُ وَ مِن أَينَ ذَلِكَ وَ أَنَا تَارِكٌ فِيهِم كِتَابَ اللّهِ. قَالَ بِكِتَابِ اللّهِ يُضَلّونَ، وَ أَوّلُ ذَلِكَ مِن قِبَلِ أُمَرَائِهِم وَ قُرّائِهِم،يَمنَعُ الأُمَرَاءُ الحُقُوقَ فَيَسأَلُ النّاسُ حُقُوقَهُم فَلَا يُعطُونَهَا فَيَفتَتِنُوا وَ يَقتَتِلُوا، وَ يَتّبِعُوا القُرّاءُ هَوَي الأُمَرَاءِ فَيَمُدّونَهُم فِي الغيَّ ثُمّ لَا يَقصُرُونَ.فَقُلتُ يَا جَبرَئِيلُ فَبِمَ يَسلَمُ مَن يَسلَمُ مِنهُم. قَالَ
صفحه : 147
بِالكَفّ وَ الصّبرِ، إِن أُعطُوا ألّذِي لَهُم أَخَذُوهُ وَ إِن مَنَعُوهُ تَرَكُوهُ.
فهذا بعض ماورد من الأخبار في أنّه كان بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله من ضلّ وأضلّ، وظلم وغشم ، ووجب البراءة منه من فعله ،فأمّا الوجه ألذي يجب أن يحمل عليه ماتضمّنه الخبر ألذي أوردناه من قوله (ص ) ولعن آخر أمّتكم أوّلها،فهو مااستحلّه الظالمون المبغضون لأمير المؤمنين عليه السلام من لعنه والمجاهرة بسبّه وذمّه. قلت فلسنا نشكّ في أنّه قدبرئت منه الخوارج ولعنه معاوية و من بعده من بني أميّة علي المنابر، وتقرّب أكثر الناس إلي ولاة الجور بذمّه، ونشأ أولادهم علي سماع البراءة منه وسبّه.
صفحه : 149
أنّه ولّي أمور المسلمين من لايصلح لذلك و لايؤتمن عليه ، و من ظهر منه الفسق والفساد، و من لاعلم له ،مراعاة لحرمة القرابة، وعدولا عن مراعاة حرمة الدين والنظر للمسلمين ، حتّي ظهر ذلك منه وتكرّر، و قد كان عمر حذّره من ذلك حيث وصفه بأنّه كلّف بأقاربه ، و قال له إذاوليت هذاالأمر فلاتحمل بني أبي معيط علي رقاب الناس فوقع منه ماحذّره إيّاه، وعوتب عليه فلم ينفع العتب ، و ذلك نحو استعماله الوليد بن عقبة وتقليده إيّاه حتّي ظهر منه شرب الخمر، واستعماله سعيد بن العاص حتي ظهرت منه الأمور التي عندها أخرجه
صفحه : 150
أهل الكوفة، وتوليه عبد اللّه بن أبي سرح و عبد اللّه بن عامر بن كريز، حتي روي عنه في أمر ابن أبي صرح أنّه لماتظلّم منه أهل مصر وصرفه عنهم بمحمد بن أبي بكر كاتبه بأن يستمر علي ولاية وأبطن خلاف ماأظهر، و هذه طريقة من غرضه خلاف الدين . وروي أنّه كاتبه بقتل محمد بن أبي بكر وغيره ممّن يرد عليه ، وظفر بذلك الكتاب ، ولذلك عظم التظلّم من بعد وكثر الجمع ، و كان ذلك سبب الحصار والقتل ، و حتي كان من أمر مروان وتسلّطه عليه و علي أموره ماقتل بسببه و لايمكن أن يقال إنّه لم يكن عالما بأحوال هؤلاء الفسقة، فإنّ الوليد كان في جميع أحواله من المجاهرين بالفجور وشرب الخمور، وكيف يخفي علي عثمان ، و هوقريبه ولصيقه وأخوه لأمّه، ولذا
قَالَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ فِي رِوَايَةِ الواَقدِيِّ وَ قَد دَخَلَ الكُوفَةَ يَا أَبَا وَهبٍ أَمِيرٌ أَم زَائِرٌ. قَالَ بَل أَمِيرٌ.
صفحه : 151
فَقَالَ سَعدٌ مَا أدَريِ أَ حَمِقتُ بَعدَكَ أَم كِستَ بعَديِ. فَقَالَ مَا حَمِقتَ بعَديِ وَ لَا كِستُ بَعدَكَ، وَ لَكِنّ القَومَ مَلِكُوا فَاستَأثَرُوا. فَقَالَ سَعدٌ مَا أَرَاكَ إِلّا صَادِقاً.
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مِخنَفٍ لُوطِ بنِ يَحيَي أَنّ الوَلِيدَ لَمّا دَخَلَ الكُوفَةَ مَرّ عَلَي مَسجِدِ عَمرِو بنِ زُرَارَةَ النخّعَيِّ فَوَقَفَ، فَقَالَ عَمرٌو يَا مَعشَرَ بنَيِ أَسَدٍ بِئسَ مَا استَقبَلَنَا بِهِ أَخُوكُم ابنُ عَفّانَ، أَ مِن عَدلِهِ أَن يَنزِعَ عَنّا ابنَ أَبِي وَقّاصٍ الهَيّنَ اللّيّنَ السّهلَ القَرِيبَ وَ يَبعَثَ عَلَينَا بَدَلَهُ أَخَاهُ الوَلِيدَ الأَحمَقَ المَاجِنَ الفَاجِرَ قَدِيماً وَ حَدِيثاً وَ استَعظَمَ النّاسُ مَقدَمَهُ، وَ عُزِلَ سَعدٌ بِهِ، وَ قَالُوا أَرَادَ عُثمَانُ كَرَامَةَ أَخِيهِ بِهَوَانِ أُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ.
و قال ابن عبدالبرّ في الإستيعاب في ترجمة الوليد أمّه أروي بنت كريز ابن ربيعة بن حبيب بن عبدشمس ،أمّ عثمان بن عفّان، والوليد بن عقبة أخو عثمان لأمّه يكنّي أباوهب ،أسلم يوم فتح مكة، وولّاه عثمان بالكوفة وعزل عنها سعد بن أبي وقّاص، فلمّا قدم الوليد علي سعد قال له سعد و اللّه ماأدري
صفحه : 152
أكست بعدنا أم حمقنا بعدك . فقال لاتجزعنّ أباإسحاق ،فإنّما هوالملك يتغدّاه قوم ويتعشّاه آخرون . فقال سعد أراكم و اللّه ستجعلونها ملكا. قال
وَ رَوَي جَعفَرُ بنُ سُلَيمَانَ، عَن هِشَامِ بنِ حَسّانَ، عَنِ ابنِ سِيرِينَ، قَالَ لَمّا قَدِمَ الوَلِيدُ بنُ عُقبَةَ أَمِيراً عَلَي الكُوفَةِ أَتَاهُ ابنُ مَسعُودٍ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكَ. قَالَ جِئتُ أَمِيراً. فَقَالَ ابنُ مَسعُودٍ مَا أدَريِ أَ صَلَحتَ بَعدَنَا أَم فَسَدَ النّاسُ.
و له أخبار فيهانكارة وشناعة تقطع علي سوء حاله وقبح أفعاله غفر اللّه لنا و له ،فلقد كان من رجال قريش ظرفا وحلما وشجاعة وأدبا، و كان من الشعراء المطبوعين ، كان الأصمعي و أبوعبيدة و ابن الكلبي وغيرهم يقولون كان الوليد بن عقبة فاسقا شريب خمر، و كان شاعرا كريما أخباره في شرب الخمر ومنادمته أبازبيد الطائي كثيرة مشهورة يسمج بنا ذكرها هاهنا، ونذكر منها طرفا.
صفحه : 153
ذَكَرَ عُمَرُ بنُ شَيبَةَ بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ شَوذَبٍ، قَالَ صَلّي الوَلِيدُ بنُ عُقبَةَ بِأَهلِ الكُوفَةِ صَلَاةَ الصّبحِ أَربَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمّ التَفَتَ إِلَيهِم، فَقَالَ أَزِيدُكُم. فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ مَسعُودٍ مَا زِلنَا مَعَكَ فِي زِيَادَةٍ مُنذُ اليَومِ.
قَالَ وَ حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ حُمَيدٍ، عَن جَرِيرٍ، عَنِ الأَجلَحِ، عَنِ الشعّبيِّ فِي حَدِيثِ الوَلِيدِ بنِ عُقبَةَ حِينَ شَهِدُوا عَلَيهِ ، فَقَالَ الحُطَيئَةُ
شَهِدَ الحُطَيئَةُ يَومَ يَلقَي رَبّهُ | إِنّ الوَلِيدَ أَحَقّ بِالعُذرِ |
نَادَي وَ قَد تَمّت صَلَاتُهُم | أَ أَزِيدُكُم سُكراً وَ مَا يدَريِ |
فَأَبَوا أَبَا وَهبٍ وَ لَو أَذِنُوا | لَقَرَنتُ بَينَ الشّفعِ وَ الوَترِ |
وَ ذَكَرَ أَبيَاتاً أُخَرَ فِي ذَلِكَ عَنهُ، ثُمّ قَالَ وَ خَبَرَ صَلَاتِهِ بِهِم سَكرَانَ.
و قوله لهم أزيدكم بعد أن صلّي الصبح أربعا مشهور من رواية الثقات من نقل أهل الحديث و أهل الأخبار. ثم قال
وَ لَا خِلَافَ بَينَ أَهلِ العِلمِ بِتَأوِيلِ القُرآنِ فِيمَا عَلِمتُ أَنّ قَولَهُ تَعَالَي( إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوا)نَزَلَت فِي الوَلِيدِ بنِ عُقبَةَ، وَ ذَلِكَ أَنّهُ بَعَثَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] إِلَي بنَيِ المُصطَلِقِ مُصَدّقاً فَأَخبَرَ عَنهُم أَنّهُم
صفحه : 154
ارتَدّوا وَ أَبَوا مِن أَدَاءِ الصّدَقَةِ، وَ ذَلِكَ أَنّهُم خَرَجُوا إِلَيهِ فَهَابَهُم وَ لَم يَعرِف مَا عِندَهُم،فَانصَرَفَ عَنهُم وَ أَخبَرَ بِمَا ذَكَرنَا،فَبَعَثَ إِلَيهِم رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ وَ أَمَرَهُ أَن يَتَثَبّتَ فِيهِم،فَأَخبَرُوهُ أَنّهُم مُتَمَسّكُونَ بِالإِسلَامِ وَ نَزَلَتِ ... الآيَةُ.
وروي عن مجاهد وقتادة مثل ماذكرنا.
وَ عَنِ ابنِ أَبِي لَيلَي فِي قَولِهِ تَعَالَي( إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ ..) قَالَ نَزَلَت فِي الوَلِيدِ بنِ عُقبَةَ بنِ أَبِي مُعَيطٍ.
وَ مِن حَدِيثِ الحَكَمِ، عَن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ نَزَلَت فِي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ الوَلِيدِ بنِ عُقبَةَ( أَ فَمَن كانَ مُؤمِناً كَمَن كانَ فاسِقاً لا يَستَوُونَ).
انتهي كلام ابن عبدالبرّ.
وَ قَالَ المسَعوُديِّ فِي مُرُوجِ الذّهَبِ كَانَ عُمّالُهُ عَلَي أَعمَالِهِ جَمَاعَةً مِنهُمُ الوَلِيدُ بنُ عُقبَةَ عَلَي الكُوفَةِ، وَ هُوَ مِمّن أَخبَرَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] أَنّهُ مِن
صفحه : 155
أَهلِ النّارِ، وَ عَبدُ اللّهِ بنُ أَبِي سَرحٍ عَلَي مِصرَ، وَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ عَلَي الشّامِ، وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَامِرٍ عَلَي البَصرَةِ، وَ صَرَفَ عَنِ الكُوفَةِ الوَلِيدَ وَ وَلّاهَا سَعِيدَ بنَ العَاصِ. وَ كَانَ السّبَبُ فِي صَرفِ الوَلِيدِ عَلَي مَا روُيَِ أَنّهُ كَانَ يَشرَبُ مَعَ نُدَمَائِهِ وَ مُغَنّيهِ مِن أَوّلِ اللّيلِ إِلَي الصّبَاحِ، فَلَمّا أَذّنَ المُؤَذّنُونَ لِلصّلَاةِ خَرَجَ مُتَفَضّلًا فِي غَلَائِلِهِ،فَتَقَدّمَ عَلَي المِحرَابِ فِي صَلَاةِ الصّبحِ فَصَلّي بِهِم أَربَعاً، وَ قَالَ أَ تُرِيدُونَ أَن أَزِيدَكُم. وَ قِيلَ إِنّهُ قَالَ فِي سُجُودِهِ وَ قَد أَطَالَ الشّرَابَ فاَسقنِيِ، فَقَالَ لَهُ بَعضُ مَن كَانَ خَلفَهُ مَا تَزِيدُ لَا زَادَكَ اللّهُ بِخَيرٍ، وَ اللّهِ مَا أَعجَبُ إِلّا مِمّن بَعَثَكَ إِلَينَا وَالِياً، وَ عَلَينَا أَمِيراً، وَ كَانَ هَذَا القَائِلُ عَتّابَ بنَ غَيلَانَ الثقّفَيِّ وَ خَطَبَ النّاسَ الوَلِيدُ فَحَصَبَهُ النّاسُ بِحَصَي المَدِينَةِ، وَ شَاعَ بِالكُوفَةِ فِعلُهُ وَ ظَهَرَ فِسقُهُ وَ مُدَاوَمَتُهُ شُربَ الخَمرِ،فَهَجَمَ عَلَيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ المَسجِدِ مِنهُم أَبُو
صفحه : 156
زَينَبَ بنُ عَوفٍ الأزَديِّ وَ أَبُو جُندَبِ بنُ زُهَيرٍ الأزَديِّ وَ غَيرُهُمَا فَوَجَدُوهُ سَكرَاناً مُضطَجِعاً عَلَي سَرِيرِهِ لَا يَعقِلُ،فَأَيقِظُوهُ مِن رَقدَتِهِ فَلَم يَستَيقِظ، ثُمّ تَقَيّأَ عَلَيهِم مَا شَرِبَ مِنَ الخَمرِ فَانتَزَعُوا خَاتَمَهُ مِن يَدِهِ وَ خَرَجُوا مِن فَورِهِم إِلَي المَدِينَةِ،فَأَتَوا عُثمَانَ بنَ عَفّانَ فَشَهِدُوا عِندَهُ أَنّ الوَلِيدَ أَنّهُ يَشرَبُ الخَمرَ، فَقَالَ عُثمَانُ وَ مَا يُدرِيكُم أَنّ مَا شَرِبَ خَمرٌ.فَقَالُوا هُوَ الخَمرَةُ التّيِ كُنّا نَشرَبُ فِي الجَاهِلِيّةِ، وَ أَخرَجَا خَاتَمَهُ فَدَفَعَاهُ إِلَيهِ فَزَبَرَهُمَا وَ دَفَعَ فِي صُدُورِهِمَا، وَ قَالَ تَنَحّيَا عنَيّ.فَخَرَجَا وَ أَتَيَا عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ فَأَخبَرَاهُ بِالقِصّةِ،فَأَتَي عُثمَانَ وَ هُوَ يَقُولُ دَفَعتَ الشّهُودَ وَ أَبطَلتَ الحُدُودَ. فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ فَمَا تَرَي. قَالَ أَرَي أَن تَبعَثَ إِلَي صَاحِبِكَ، فَإِن أَقَامَا الشّهَادَةَ عَلَيهِ فِي وَجهِهِ وَ لَم يُدلِ بِحُجّةٍ أَقَمتَ عَلَيهِ الحَدّ، فَلَمّا حَضَرَ الوَلِيدُ دَعَاهُمَا فَأَقَامَا الشّهَادَةَ عَلَيهِ وَ لَم يُدلِ بِحُجّةٍ،فَأَلقَي عُثمَانُ السّوطَ إِلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ
صفحه : 157
عَلِيّ لِابنِهِ الحَسَنِ عَلَيهِمَا السّلَامُ قُم يَا بنُيَّ فَأَقِم عَلَيهِ مَا أَوجَبَ اللّهُ عَلَيهِ. فَقَالَ يَكفِينِيهِ بَعضُ مَن تَرَي، فَلَمّا نَظَرَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي امتِنَاعِ الجَمَاعَةِ عَن إِقَامَةِ الحَدّ عَلَيهِ تَوَقّياً لِغَضَبِ عُثمَانَ لِقَرَابَتِهِ مِنهُ أَخَذَ عَلِيّ السّوطَ وَ دَنَا مِنهُ، فَلَمّا أَقبَلَ نَحوَهُ سَبّهُ الوَلِيدُ، وَ قَالَ يَا صَاحِبُ مُكثٍ. فَقَالَ عَقِيلُ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ كَانَ فِيمَن حَضَرَ إِنّكَ لَتَتَكَلّمُ يَا ابنَ أَبِي مُعَيطٍ كَأَنّكَ لَا تدَريِ مَن أَنتَ وَ أَنتَ عِلجٌ مِن أَهلِ صَفّورِيَةَ .. كَانَ ذُكِرَ أَنّ أَبَاهُ يهَوُديِّ مِنهَا،فَأَقبَلَ الوَلِيدُ يَرُوغُ مِن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَاجتَذَبَهُ وَ ضَرَبَ بِهِ الأَرضَ وَ عَلَاهُ بِالسّوطِ، فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ لَيسَ لَكَ أَن تَفعَلَ بِهِ هَذَا. قَالَ بَلَي وَ شَرّ مِن هَذَا، إِذَا فَسَقَ وَ مَنَعَ حَقّ اللّهِ أَن يُؤخَذَ مِنهُ،فَوَلّي سَعِيدَ بنَ العَاصِ، فَلَمّا
صفحه : 158
دَخَلَ سَعِيدٌ الكُوفَةَ أَبَي أَن يَصعَدَ المِنبَرَ إِلّا أَن يُغسَلَ وَ أَمَرَ بِغَسلِهِ، وَ قَالَ إِنّ الوَلِيدَ كَانَ نَجِساً رَجِيماً، فَلَمّا اتّصَلَت أَيّامُ سَعِيدٍ بِالكُوفَةِ ظَهَرَت مِنهُ أُمُورٌ أُنكِرَت عَلَيهِ وَ ابتَزّ الأَموَالَ، وَ قَالَ فِي بَعضِ الأَيّامِ أَو أَنّهُ كَتَبَ إِلَي عُثمَانَ إِنّمَا هَذِهِ السّوَادُ قَطِينٌ لِقُرَيشٍ. فَقَالَ لَهُ الأَشتَرُ أَ تَجعَلُ مَا أَفَاءَ اللّهُ عَلَينَا بِسُيُوفِنَا وَ مَرَاكِزِ رِمَاحِنَا بُنيَاناً لَكَ وَ لِقَومِكَ ثُمّ خَرَجَ إِلَي عُثمَانَ فِي سَبعِينَ رَاكِباً فَذَكَرَ سُوءَ سِيرَةِ سَعِيدٍ وَ سَأَلُوهُ عَزلَهُ، وَ مَكَثَ الأَشتَرُ وَ أَصحَابُهُ أَيّاماً لَا يَخرُجُ إِلَيهِم مِن عُثمَانَ فِي سَعِيدٍ شَيءٌ، وَ اتّصَلَت أَيّامُهُم بِالمَدِينَةِ .. إِلَي آخِرِ القِصّةِ.
وَ رَوَي ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ 1-قِصّةَ شُربِ الوَلِيدِ، وَ قَالَ الصّحِيحُ أَنّ ألّذِي جَلَدَهُ هُوَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ.
وروي ابن أبي الحديد في شرح النهج روايات عديدة في قصّة الوليد
صفحه : 159
وشربه الخمر ونزول الآية فيه .. و غير ذلك حكاها عن كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني. ومنها
مَا رَوَاهُ أَبُو الفَرَجِ بِإِسنَادِهِ، عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّ امرَأَةَ الوَلِيدِ بنِ عُقبَةَ جَاءَت إِلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ تشَتكَيِ إِلَيهِ الوَلِيدَ، وَ قَالَت إِنّهُ يَضرِبُهَا، فَقَالَ لَهَا ارجعِيِ إِلَيهِ وَ قوُليِ لَهُ إِنّ رَسُولَ اللّهِ ... مَدّ يَدَهُ وَ قَالَ أللّهُمّ عَلَيكَ بِالوَلِيدِ .. مَرّتَينِ أَو ثَلَاثاً
وَ عَن أَبِي عُبَيدَةَ وَ هِشَامِ بنِ الكلَبيِّ وَ الأصَمعَيِّ أَنّ الوَلِيدَ تَقَيّأَ فِي المِحرَابِ لَمّا شَرِبَ الخَمرَ بِالكُوفَةِ، وَ صَلّي الصّبحَ أَربَعاً، وَ قَرَأَ بِالمَأمُومِينَ رَافِعاً صَوتَهُ
عَلّقَ القَلبُ الرّبَابَا | بَعدَ مَا شَابَت وَ شَابَا |
فَشَخَصَ بَعضُ أَهلِ الكُوفَةِ إِلَي عُثمَانَ .. إِلَي آخِرِ القِصّةِ
وَ عَنِ ابنِ الأعَراَبيِّ أَنّ أَبَا زُبَيدٍ وَ هُوَ أَحَدُ نُدَمَاءِ الوَلِيدِ وَفَدَ عَلَي الوَلِيدِ حِينَ استَعمَلَهُ عُثمَانُ عَلَي الكُوفَةِ،فَأَنزَلَهُ الوَلِيدُ دَارَ عَقِيلِ بنِ أَبِي طَالِبٍ عِندَ بَابِ المَسجِدِ وَ استَوهَبَهَا مِنهُ فَوَهَبَهَا لَهُ، وَ كَانَ ذَلِكَ أَوّلَ الطّعنِ عَلَيهِ مِن أَهلِ الكُوفَةِ،لِأَنّ أَبَا زُبَيدٍ كَانَ يَخرُجُ مِن دَارِهِ حَتّي يُشَقّ المَسجِدُ إِلَي الوَلِيدِ،فيسمر عِندَهُ وَ يَشرَبُ مَعَهُ فَيَخرُجُ وَ يَشُقّ المَسجِدَ وَ هُوَ سَكرَانُ.
صفحه : 160
وَ روُيَِ فِي كِتَابِ الإِستِيعَابِ بِإِسنَادِهِ، عَن أَبِي عُثمَانَ، قَالَ رَأَيتُ ألّذِي يَلعَبُ بَينَ يدَيَِ الوَلِيدِ بنِ عُقبَةَ فيَرُيِ أَنّهُ يَقطَعُ رَأسَ رَجُلٍ ثُمّ يُعِيدُهُ،فَقَامَ إِلَيهِ جُندَبُ بنُ كَعبٍ فَضَرَبَ وَسَطَهُ بِالسّيفِ، وَ قَالَ قُولُوا لَهُ فلَيحُييِ نَفسَهُ الآنَ. قَالَ فَحَبَسَ الوَلِيدُ جُندَباً وَ كَتَبَ إِلَي عُثمَانَ،فَكَتَبَ عُثمَانُ أَن خَلّ سَبِيلَهُ،فَتَرَكَهُ.
وَ بِإِسنَادِهِ عَن اِبرَاهِيمَ، قَالَ كَانَ سَاحِرٌ يَلعَبُ بَينَ يدَيَِ الوَلِيدِ يُرِيهِم أَنّهُ يَدخُلُ فِي فَمِ الحِمَارِ وَ يَخرُجُ مِن ذَنَبِهِ أَو مِن دُبُرِهِ، وَ يَدخُلُ فِي استِ الحِمَارِ وَ يَخرُجُ مِن فِيهِ، وَ يُرِيهِم أَنّهُ يَضرِبُ رَأسَ نَفسِهِ فيَرَميِ بِهِ ثُمّ يَشتَدّ فَيَأخُذُهُ ثُمّ يُعِيدُهُ مَكَانَهُ،فَانطَلَقَ جُندَبٌ إِلَي الصّيقَلِ وَ سَيفُهُ عِندَهُ، فَقَالَ وَجَبَ أَجرُكَ فَهَاتِهِ. قَالَ فَأَخَذَهُ وَ اشتَمَلَ عَلَيهِ، ثُمّ جَاءَ إِلَي السّاحِرِ مَعَ أَصحَابِهِ وَ هُوَ فِي بَعضِ مَا كَانَ يَصنَعُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَتَفَرّقَ أَصحَابُ الوَلِيدِ وَ دَخَلَ هُوَ البَيتَ، وَ أَخَذَ جُندَبٌ وَ أَصحَابُهُ فَسُجِنُوا، فَقَالَ لِصَاحِبِ السّجنِ قَد عَرَفتُ السّبَبَ ألّذِي سُجِنّا فِيهِ،فَخَلّ سَبِيلَ أَحَدِنَا حَتّي يأَتيَِ عُثمَانَ،فَخَلّي سَبِيلَ أَحَدِهِم،فَبَلَغَ ذَلِكَ الوَلِيدَ فَأَخَذَ صَاحِبَ السّجنِ فَصَلَبَهُ، قَالَ وَ جَاءَ كِتَابُ عُثمَانَ أَن خَلّ سَبِيلَهُم وَ لَا تَعرِض لَهُم، وَ وَافَي كِتَابُ عُثمَانَ قَبلَ قَتلِ المَصلُوبِ فَخَلّي سَبِيلَهُ وَ قَالَ المسَعوُديِّ ضَرَبَ عُنُقَ السّجّانِ وَ صَلَبَهُ بِالكُنَاسَةِ.
وَ قَالَ ابنُ عَبدِ البَرّ فِي تَرجَمَةِ سَعِيدِ بنِ العَاصِ كَانَ سَعِيدٌ هَذَا أَحَدَ أَشرَافِ قُرَيشٍ استَعمَلَهُ عُثمَانُ عَلَي الكُوفَةِ ثُمّ عَزَلَهُ، وَ وَلّي الوَلِيدَ بنَ عُقبَةَ فَمَكَثَ مُدّةً ثُمّ شَكَاهُ أَهلُ الكُوفَةِ فَعَزَلَهُ وَ رُدّ سَعِيدٌ فَرَدّهُ أَهلُ الكُوفَةِ وَ كَتَبُوا إِلَي عُثمَانَ لَا
صفحه : 161
حَاجَةَ لَنَا فِي سَعِيدِكَ وَ لَا وَلِيدِكَ، وَ كَانَ فِي سَعِيدٍ تَجَبّرٌ وَ غِلظَةٌ وَ شِدّةُ سُلطَانٍ.
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ، عَنِ الواَقدِيِّ وَ المدَاَئنِيِّ وَ ابنِ الكلَبيِّ وَ غَيرِهِم، قَالَ وَ ذَكَرُهُ الطبّرَيِّ فِي تَارِيخِهِ، وَ غَيرُهُ مِنَ المُؤَرّخِينَ أَنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ لَمّا رَدّ المِصرِيّينَ رَجَعُوا بَعدَ ثَلَاثَةِ أَيّامٍ فَأَخرَجُوا صَحِيفَةً فِي أُنبُوبَةِ رَصَاصٍ، وَ قَالُوا وَجَدنَا غُلَامَ عُثمَانَ بِالمَوضِعِ المَعرُوفِ بِالبُوَيبِ عَلَي بَعِيرٍ مِن إِبِلِ الصّدَقَةِ،فَفَتّشنَا مَتَاعَهُ لِأَنّا استَرَبنَا بِأَمرِهِ فَوَجَدنَا فِيهِ هَذِهِ الصّحِيفَةَ وَ مَضمُونُهَا أَمرُ عَبدِ اللّهِ بنِ سَعدِ بنِ أَبِي سَرحٍ بِجَلدِ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عُدَيسٍ وَ عَمرِو بنِ الحَمِقِ، وَ حَلَقَ رُءُوسَهُمَا وَ لِحَاهُمَا وَ حَبَسَهُمَا، وَ صَلَبَ قَومٌ آخَرِينَ مِن أَهلِ مِصرَ. وَ قِيلَ إِنّ ألّذِي أَخَذتُ مِنهُ الصّحِيفَةَ أَبُو الأَعوَرِ السلّمَيِّ ... وَ جَاءَ النّاسُ إِلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ سَأَلُوهُ أَن يَدخُلَ إِلَي عُثمَانَ فَيَسأَلَهُ عَن هَذِهِ الحَالِ،فَقَامَ فَجَاءَ إِلَيهِ فَسَأَلَهُ،فَأُقسِمُ بِاللّهِ مَا كَتَبتُ وَ لَا أَمَرتُ، فَقَالَ مُحَمّدُ بنُ مَسلَمَةَ صَدَقَ، هَذَا مِن عَمَلِ مَروَانَ. فَقَالَ لَا أدَريِ، وَ كَانَ أَهلُ مِصرَ حُضُوراً،فَقَالُوا أَ فيَجَترَِئُ عَلَيكَ وَ يَبعَثُ غُلَامَكَ عَلَي جَمَلٍ مِن إِبِلِ الصّدَقَةِ، وَ يَنقُشُ عَلَي خَاتَمِكَ، وَ يَبعَثُ إِلَي عَامِلِكَ بِهَذِهِ الأُمُورِ العَظِيمَةِ وَ أَنتَ لَا تدَريِ. قَالَ نَعَم.قَالُوا إِنّكَ إِمّا صَادِقٌ أَو كَاذِبٌ، فَإِن كُنتَ كَاذِباً فَقَدِ استَحقَقتَ الخَلعَ لَمّا أَمَرتَ بِهِ مِن قَتلِنَا وَ عُقُوبَتِنَا بِغَيرِ حَقّ، وَ إِن كُنتَ صَادِقاً فَقَدِ استَحقَقتَ الخَلعَ لِضَعفِكَ عَن هَذَا الأَمرِ وَ غَفلَتِكَ، وَ خُبثِ بِطَانَتِكَ، وَ لَا ينَبغَيِ لَنَا أَن نَترُكَ هَذَا الأَمرَ بِيَدِ مَن يَقطَعُ الأُمُورَ دُونَهُ لِضَعفِهِ وَ غَفلَتِهِ،فَاخلَع نَفسَكَ مِنهُ .. إِلَي آخِرِ الخَبَرِ.
صفحه : 162
أنّه لو لم يقدم عثمان علي أحداث يوجب خلعه والبراءة منه لوجب علي الصحابة أن ينكروا علي من قصده من البلاد متظلّما، و قدعملنا أنّ بالمدينة قد كان كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار و لم ينكروا علي القوم بل أسلموه و لم يدفعوا عنه ،بل أعانوا قاتليه و لم يمنعوا من قتله ،
صفحه : 163
وحضروه ومنعوا الماء عنه وتركوه بعدالقتل ثلاثة أيّام لم يدفن ، مع أنّهم متمكّنون من خلاف ذلك ، و ذلك من أقوي الدلائل علي ماذكر، و لو لم يكن في أمره إلّا ماروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال
صفحه : 164
اللّه قتله و أنامعه . وإنّه كان في أصحابه من يصرّح بأنّه قتل عثمان و مع ذلك لايقيّدهم و لاينكر عليهم ، و كان أهل الشام يصرّحون بأنّ مع أمير المؤمنين قتلة عثمان ، ويجعلون ذلك من أوكد الشبه و لاينكر ذلك عليهم ، مع أنّا نعلم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لوأراد منعهم من قتله والدفع عنه مع غيره لماقتل ،فصار كفّه عن ذلك مع غيره من أدلّ الدلائل علي أنّهم صدقوا عليه مانسب إليه من الأحداث ، وأنّهم لم يقبلوا ماجعله عذرا، و لايشكّ من نظر في أخبار الجانبين في أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن كارها لماوقع في أمر عثمان .فقد
رَوَي السّيّدُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فِي الشاّفيِ، عَنِ الواَقدِيِّ، عَنِ الحَكَمِ بنِ الصّلتِ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَمّارِ بنِ يَاسِرٍ، عَن أَبِيهِ، قَالَ رَأَيتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي مِنبَرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حِينَ قُتِلَ عُثمَانُ وَ هُوَ يَقُولُ مَا أَحبَبتُ قَتلَهُ وَ لَا كَرِهتُهُ، وَ لَا أَمَرتُ بِهِ وَ لَا نَهَيتُ عَنهُ.
رَوَي مُحَمّدُ بنُ سَعدٍ، عَن عَفّانَ، عَن حَرِيرِ بنِ بَشِيرٍ، عَن أَبِي جَلدَةَ ، أَنّهُ سَمِعَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ وَ هُوَ يَخطُبُ فَذَكَرَ عُثمَانَ وَ قَالَ وَ اللّهِ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ مَا قَتَلتُهُ وَ لَا مَالَأتُ عَلَي قَتلِهِ، وَ لَا ساَءنَيِ.
صفحه : 165
وَ رَوَاهُ أَبُو بَشِيرٍ، عَن عَبِيدَةَ السلّماَنيِّ، قَالَ سَمِعتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ مَن كَانَ ساَئلِيِ عَن دَمِ عُثمَانَ فَإِنّ اللّهَ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَهُ.
وَ قَد روُيَِ هَذَا اللّفظُ مِن طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَ قَد رَوَاهُ شُعبَةُ، عَن أَبِي حَمزَةَ الضبّعَيِّ، قَالَ قُلتُ لِابنِ عَبّاسٍ إِنّ أَبِي أخَبرَنَيِ أَنّهُ سَمِعَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ أَلَا مَن كَانَ ساَئلِيِ عَن دَمِ عُثمَانَ فَإِنّ اللّهَ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَهُ. قَالَ صَدَقَ أَبُوكَ،هَل تدَريِ مَا يعَنيِ بِقَولِهِ إِنّمَا عَنَي أَنّ اللّهَ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَ اللّهِ.
قال السيّد رحمه اللّه فإن قيل كيف يصحّ الجمع بين معاني هذه الأخبار.قلنا لاتنافي بين الجميع ،لأنّه تبرأ من مباشرة قتله والمؤازرة عليه ، ثم قال ماأمرت بذلك و لانهيت عنه .. يريد أنّ قاتليه لم يرجعوا إليّ و لم يكن منيّ قول في ذلك بأمر و لانهي،فأمّا قوله اللّه قتله و أنامعه ،فيجوز أن يكون المراد اللّه حكم بقتله وأوجبه و أناكذلك ،لأنّ من المعلوم أنّ اللّه لم يقتله علي الحقيقة،فإضافة القتل إلي اللّه لا يكون إلّا بمعني الحكم والرضا، و ليس يمتنع أن يكون ممّا حكم اللّه به ما لم يتولّه بنفسه ، و لاآزر عليه ، و لاشايع فيه . فإن قال هذاينافي قوله عليه السلام ماأحببت قتله و لاكرهته .. وكيف يكون من حكم اللّه وحكمه أن يقتل و هو لايحبّ قتله .
صفحه : 166
قلنا يجوز أن يريد بقوله ماأحببت قتله و لاكرهته .. أنّ ذلك لم يكن منيّ علي سبيل التفصيل و لاخطر لي ببال ، و إن كان علي سبيل الجملة يحبّ قتل من غلب علي أمور المسلمين ، وطالبوه بأن يعتزل ،لأنّه بغير حقّ مستول عليهم فامتنع من ذلك ، و يكون فائدة هذاالكلام التبرّؤ من مباشرة قتله والأمر به علي سبيل التفصيل أوالنهي، ويجوز أن يريد أننّي ماأحببت قتله إن كانوا تعمّدوا القتل و لم يقع علي سبيل الممانعة و هو غيرمقصود، ويريد بقوله ماكرهته .. إنيّ لم أكرهه علي كلّ حال و من كلّ وجه .انتهي . وأقول يمكن أن يكون المعني إنيّ ماأحببت قتله لتضمّنه الفتن العظيمة التّي نشأت بعدقتله من ارتداد آلاف من المسلمين وقتلهم وعدم استقرار الخلافة عليه صلوات اللّه عليه ، و لاكرهته لأنّه كان كافرا مستحقّا للقتل ، فلاتنافي بين الأمرين .
رَوَاهُ ابنُ عَبدِ البَرّ فِي الإِستِيعَابِ، قَالَ لَمّا قُتِلَ عُثمَانُ ألُقيَِ عَلَي المَزبَلَةِ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ، فَلَمّا كَانَ فِي اللّيلِ أَتَاهُ اثنَا عَشَرَ رَجُلًا فِيهِم حُوَيطِبُ بنُ عَبدِ العُزّي وَ حَكِيمُ بنُ حِزَامٍ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ الزّبَيرِ وَ مُحَمّدُ بنُ حَاطِبٍ وَ مَروَانُ بنُ الحَكَمِ فَلَمّا سَارُوا إِلَي المَقبَرَةِ لِيَدفِنُوهُ نَادَاهُم قَومٌ مِن بنَيِ مَازِنٍ وَ اللّهِ لَئِن دَفَنتُمُوهُ
صفحه : 167
هَاهُنَا لَنُخبِرَنّ النّاسَ غَداً،فَاحتَمَلُوهُ وَ كَانَ عَلَي بَابٍ وَ أَنّ رَأسَهُ عَلَي البَابِ لَيَقُولُ طق طق حَتّي سَارُوا بِهِ إِلَي حُشّ كَوكَبٍ فَاحتَفَرُوا لَهُ، وَ كَانَت عَائِشَةُ بِنتُ عُثمَانَ مَعَهَا مِصبَاحٌ فِي حُقّ، فَلَمّا أَخرَجُوهُ لِيَدفِنُوهُ صَاحَت، فَقَالَ لَهَا ابنُ الزّبَيرِ وَ اللّهِ لَئِن لَم تسَكتُيِ لَأَضرِبَنّ ألّذِي فِيهِ عَينَاكِ. قَالَ فَسَكَتَت،فَدُفِنَ.
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ، عَن مُحَمّدِ بنِ جَرِيرٍ الطبّرَيِّ، قَالَ بقَيَِ عُثمَانُ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ لَا يُدفَنُ، ثُمّ إِنّ حَكِيمَ بنَ حِزَامٍ وَ جُبَيرَ بنَ مُطعِمٍ كَلّمَا عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ فِي أَن يَأذَنَ فِي دَفنِهِ فَفَعَلَ، فَلَمّا سَمِعَ النّاسُ بِذَلِكَ قَعَدَ لَهُ قَومٌ فِي الطّرِيقِ بِالحِجَارَةِ، وَ خَرَجَ بِهِ نَاسٌ يَسِيرٌ مِن أَهلِهِ، وَ مَعَهُمُ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ( ع ) وَ ابنُ الزّبَيرِ وَ أَبُو جَهمِ بنُ حُذَيفَةَ بَينَ المَغرِبِ وَ العِشَاءِ،فَأَتَوا بِهِ حَائِطاً مِن حِيطَانِ المَدِينَةِ،يُعرَفُ بِ حُشّ كَوكَبٍ، وَ هُوَ خَارِجَ البَقِيعِ،فَصَلّوا عَلَيهِ، وَ جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأَنصَارِ لِيَمنَعُوا مِنَ الصّلَاةِ عَلَيهِ،فَأَرسَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَمَنَعَ مِن رَجمِ سَرِيرِهِ، وَ كَفّ الّذِينَ رَامُوا مَنعَ الصّلَاةِ عَلَيهِ، وَ دُفِنَ فِي حُشّ كَوكَبٍ، فَلَمّا ظَهَرَ مُعَاوِيَةُ عَلَي الإِمرَةِ أَمَرَ بِذَلِكَ الحَائِطِ فَهُدِمَ وَ أُدخِلَ فِي البَقِيعِ، وَ أَمَرَ النّاسَ فَدَفَنُوا مَوتَاهُم حَولَ قَبرِهِ حَتّي اتّصَلَ بِمَقَابِرِ المُسلِمِينَ بِالبَقِيعِ. وَ قِيلَ إِنّ عُثمَانَ لَم يُغَسّل، وَ إِنّهُ كُفّنَ فِي ثِيَابِهِ التّيِ قُتِلَ فِيهَا.
صفحه : 168
وَ قَد رَوَي ذَلِكَ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ وَ الأَعثَمُ الكوُفيِّ فِي الفُتُوحِ مُطَابِقاً لِمَا حَكَاهُ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ، وَ زَادَ الأَعثَمُ إِنّهُم دَفَنُوهُ بَعدَ مَا ذَهَبَ الكِلَابُ بِإِحدَي رِجلَيهِ، وَ قَالَ صَلّي عَلَيهِ حَكِيمُ بنُ حِزَامٍ أَو جُبَيرُ بنُ مُطعِمٍ.
و لايخفي علي ذي مسكة من العقل دلالته علي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان راضيا بكونه مطروحا ثلاثة أيّام علي المزبلة،بل علي أنّه لم يأذن في دفنه إلّا بعدالأيّام الثلاثة،فلو كان أمير المؤمنين عليه السلام معتقدا لصحّة إمامته ،بل لو كان يراه كأحد من المسلمين و من عرض الناس لمارضي بذلك بل كان يعجّل في تجهيزه ودفنه ، ويأمر بدفنه في مقابر المسلمين حتي لايلتجئ المجهّزون له إلي دفنه في حشّ كوكب . والحشّ هوالمخرج ، و كان ذلك الموضع بستانا كان الناس يقضون الحوائج فيه كما هودأبهم في قضاء الحاجة في البساتين ، وكوكب اسم رجل من الأنصار، كماذكره في الإستيعاب . والإمام ألّذي رضي له أمير المؤمنين عليه السلام بمثل تلك الحال فحاله غيرخفيّ علي أولي الألباب ، و لاريب في أنّه لو لم يكن عليه السلام راضيا بقتله لجاهد قاتليه ،فإنّه ليس في المنكرات أشنع وأقبح من قتل إمام فرض اللّه طاعته علي
صفحه : 169
العالمين وحكم الرسول صلّي اللّه عليه وآله بأنّ من مات و لم يعرفه كان ميتته ميتة جاهليّة، و قدصرّح عليه السلام في كثير من كلماته بأنّه لم ينه عن قتله و لم ينصره ، و أنّه كان في عزلة عن أمره كماسيأتي، وهل يريب اللبيب في أنّه عليه السلام لو كان نصره أوأنكر قتله لبالغ في إظهار ذلك للناس و في مكاتباته إلي معاوية،فإنّه لم يكن لمعانديه عليه السلام شبهة أقوي من اتّهامه بقتل عثمان ، وإنّما كان عليه السلام يقتصر علي التبريّ من قتله لأنّه لم يكن من المباشرين ، و ذلك ممّا لايرتاب فيه من له معرفة بالسير والآثار، وحينئذ فالكفّ عن نصرة عثمان والذبّ عنه إمّا مطعن لامخلص عنه فيمن يدور الحقّ معه حيثما داروا في أعيان الصحابة الكبار حيث لم يدفعوا شرذمة قليلة عن إمامتهم في دار عزّهم حتي قتلوه أهون قتلة، وطرحوه في المزابل ، و لم يتمكّن رهطه وعشيرته من دفنه في مقابر المسلمين ، أو هوقدح في ذلك الإمام حيث اختلس الخلافة وغصبها من أهلها، و لم يخلع نفسه منها.فلينظر الناصرون له في أمرهم بعين الإنصاف ، وليتحرّزوا عن اللجاج والاعتساف .
أنّه ردّ الحكم بن أبي العاص طريد رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله ، و قدامتنع أبوبكر من ردّه،فصار بذلك مخالفا للسنّة ولسيرة من تقدّمه، و قدشرط عليه في عقد البيعة اتّباع سيرتهما.
صفحه : 170
قَالَ السّيّدُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فِي الشاّفيِ رَوَي الواَقدِيِّ مِن طُرُقٍ مُختَلِفَةٍ وَ غَيرِهِ، أَنّ الحَكَمَ بنَ أَبِي العَاصِ لَمّا قَدِمَ المَدِينَةَ بَعدَ الفَتحِ أَخرَجَهُ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِلَي الطّائِفِ، وَ قَالَ لَا يسُاَكنِنُيِ فِي بَلَدٍ أَبَداً،فَجَاءَهُ عُثمَانُ فَكَلّمَهُ فَأَبَي، ثُمّ كَانَ مِن أَبِي بَكرٍ مِثلُ ذَلِكَ، ثُمّ كَانَ مِن عُمَرَ مِثلُ ذَلِكَ، فَلَمّا قَامَ عُثمَانُ أَدخَلَهُ وَ وَصَلَهُ وَ أَكرَمَهُ،فَمَشَي فِي ذَلِكَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ الزّبَيرُ وَ طَلحَةُ وَ سَعدٌ وَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَوفٍ وَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ حَتّي دَخَلُوا عَلَي عُثمَانَ،فَقَالُوا لَهُ إِنّكَ قَد أَدخَلتَ هَؤُلَاءِ القَومَ يَعنُونَ الحَكَمَ وَ مَن مَعَهُ وَ قَد كَانَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَخرَجَهُم وَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ، وَ إِنّا نُذَكّرُكَ اللّهَ وَ الإِسلَامَ وَ مَعَادَكَ، فَإِنّ لَكَ مَعَاداً وَ مُنقَلَباً، وَ قَد أَبَت ذَلِكَ الوُلَاةُ قَبلَكَ وَ لَم يَطمَع أَحَدٌ أَن يُكَلّمَهُم فِيهِم، وَ هَذَا شَيءٌ نَخَافُ اللّهَ عَلَيكَ فِيهِ. فَقَالَ عُثمَانُ إِنّ قَرَابَتَهُم منِيّ حَيثُ تَعلَمُونَ، وَ قَد كَانَ رَسُولُ اللّهِ حَيثُ كَلّمتُهُ أطَمعَنَيِ فِي أَن يَأذَنَ لَهُم، وَ إِنّمَا أَخرَجَهُم لِكَلِمَةٍ بَلَغَتهُ عَنِ الحَكَمِ، وَ لَن يَضُرّكُم مَكَانَهُم شَيئاً، وَ فِي النّاسِ مَن هُوَ شَرّ مِنهُم. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ لَا أَجِدُ شَرّاً مِنهُ وَ لَا مِنهُم، ثُمّ قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ هَل تَعلَمُ عُمَرُ يَقُولُ وَ اللّهِ لَيَحمِلَنّ بنَيِ أَبِي مُعَيطٍ عَلَي رِقَابِ النّاسِ،
صفحه : 171
وَ وَ اللّهِ إِن فَعَلَ لَيَقتُلُنّهُ. قَالَ فَقَالَ عُثمَانُ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنكُم يَكُونُ بَينَهُ وَ بَينَهُ مِنَ القَرَابَةِ مَا بيَنيِ وَ بَينَهُ وَ يَنَالُ مِنَ القُدرَةِ مَا أَنَالُ إِلّا أَدخَلَهُ، وَ فِي النّاسِ مَن هُوَ شَرّ مِنهُ. قَالَ فَغَضِبَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ قَالَ وَ اللّهِ لَتَأتِينَا بِشَرّ مِن هَذَا إِن سَلِمتَ، وَ سَتَرَي يَا عُثمَانُ غِبّ مَا تَفعَلُ، ثُمّ خَرَجُوا مِن عِندِهِ.
و ماادّعاه بعض المتعصّبين من أنّ عثمان اعتذر بأنّه استأذن رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله في ذلك .. فليس في الكتب منه عين و لاأثر، و هذاالخبر ليس فيه إلّا أنّ الرسول أطمعه في ردّه، ثم صرّح بأنّ رعاية القرابة هي الموجبة لردّه ومخالفته رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله .
وَ قَالَ السّيّدُ وَ قَد روُيَِ مِن طُرُقٍ مُختَلِفَةٍ أَنّ عُثمَانَ لَمّا كَلّمَ أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ فِي رَدّ الحَكَمِ أَغلَظَا لَهُ وَ زَبَرَاهُ، وَ قَالَ لَهُ عُمَرُ يُخرِجُهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ تأَمرُنُيِ أَن أُدخِلَهُ وَ اللّهِ لَو أَدخَلتُهُ لَم آمَن أَن يَقُولَ قَائِلٌ غَيّرَ عَهدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ اللّهِ لَئِن أُشَقّ بِاثنَتَينِ كَمَا تُشَقّ الأُبلُمَةُ أَحَبّ إلِيَّ مِن أَن أُخَالِفَ
صفحه : 172
رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَمراً، وَ إِيّاكَ يَا ابنَ عَفّانَ أَن تعُاَودِنَيِ فِيهِ بَعدَ اليَومِ وَ مَا رَأَينَا عُثمَانَ قَالَ فِي جَوَابِ هَذَا التّعنِيفِ وَ التّوبِيخِ مِن أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ، إِنّ عنِديِ عَهداً مِنَ الرّسُولِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَا أَستَحِقّ مَعَهُ عِتَاباً وَ لَا تَهجِيناً، وَ كَيفَ تَطِيبُ نَفسُ مُسلِمٍ مُوَقّرٍ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مُعَظّمٍ لَهُ بِأَن يأَتيَِ إِلَي عَدُوّ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يُصَرّحُ بِعَدَاوَتِهِ وَ الوَقِيعَةِ فِيهِ حَتّي يَبلُغَ بِهِ الأَمرُ إِلَي أَن كَانَ يحَكيِ مِشيَةَ رَسُولِ اللّهِ(ص )فَطَرَدَهُ وَ أَبعَدَهُ وَ لَعَنَهُ حَتّي صَارَ مَشهُوراً بِأَنّهُ طَرِيدُ رَسُولِ اللّهِ(ص )،فَيُكرِمُهُ وَ يَرُدّهُ إِلَي حَيثُ أُخرِجَ مِنهُ، وَ يَصِلُهُ بِالمَالِ العَظِيمِ إِمّا مِن مَالِ المُسلِمِينَ أَو مِن مَالِهِ، إِنّ هَذَا لَعَظِيمٌ كَبِيرٌ.
قَالَ ابنُ عَبدِ البَرّ فِي الإِستِيعَابِالحَكَمُ بنُ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيّةَ بنِ عَبدِ شَمسٍ .. عَمّ عُثمَانَ وَ أَبُو مَروَانَ بنِ الحَكَمِ، كَانَ مِن مُسَلّمَةِ الفَتحِ، وَ أَخرَجَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] مِنَ المَدِينَةِ وَ طَرَدَهُ عَنهَا فَنَزَلَ الطّائِفَ، وَ خَرَجَ مَعَهُ ابنُهُ مَروَانُ، وَ قِيلَ إِنّ مَروَانَ وُلِدَ بِالطّائِفِ فَلَم يَزَلِ الحَكَمُ بِالطّائِفِ إِلَي أَن ولُيَّ عُثمَانُ فَرَدّهُ إِلَي المَدِينَةِ وَ بقَيَِ فِيهَا، وَ توُفُيَّ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُثمَانَ. وَ اختُلِفَ فِي السّبَبِ المُوجِبِ لنِفَيِ الرّسُولِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]إِيّاهُ،
صفحه : 173
فَقِيلَ كَانَ يَتَحَيّلُ وَ يخَتفَيِ وَ يَتَسَمّعُ مَا يَسُرّهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] إِلَي كَبَائِرِ أَصحَابِهِ فِي مشُركِيِ قُرَيشٍ وَ سَائِرِ الكُفّارِ وَ فِي المُنَافِقِينَ،فَكَانَ يغُشَيّ ذَلِكَ عَنهُ حَتّي ظَهَرَ ذَلِكَ عَلَيهِ، وَ كَانَ يَحكِيهِ فِي مِشيَتِهِ وَ بَعضِ حَرَكَاتِهِ .. إِلَي أُمُورٍ غَيرِهَا كَرِهتُ ذِكرَهَا،ذَكَرُوا أَنّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] كَانَ إِذَا يمَشيِ يَتَكَفّأُ وَ كَانَ الحَكَمُ يَحكِيهِ،فَالتَفَتَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]يَوماً فَرَآهُ يَفعَلُ ذَلِكَ، فَقَالَ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]فَكَذَلِكَ فَلتَكُن،فَكَانَ الحَكَمُ مُختَلِجاً يَرتَعِشُ مِن يَومَئِذٍ ..
ثم روي أخبارا في لعنه .
صفحه : 174
و أمّا التمسّك بالاجتهاد في هذاالباب فهو أوهن وأهجن لأنّ الرسول صلّي اللّه عليه وآله إذاحظر شيئا أوأباحه لم يكن لأحد أن يجتهد في خلافه ، و لوسوّغنا الاجتهاد في مقابل النصّ لم نأمن أن يؤديّ الاجتهاد إلي تحليل الخمر وإسقاط الصلاة، وإنّما يجوز الاجتهاد عندهم فيما لانصّ فيه كماذكره السيد رحمه اللّه. و قدورد في أخبارنا إيواء عثمان المغيرة بن أبي العاص ، و قدنهي الرسول صلّي اللّه عليه وآله عن ذلك ولعن من يحمله و من يطعمه و من يسقيه وأهدر دمه .. وفعل جميع ذلك ، وقتل رقيّة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله وزنا بجاريتها، و قدمرّت في باب أحوالها عليها السلام .
ماصنع بأبي ذرّ رضي اللّه عنه من الإهانة والضرب والاستخفاف والتسيير مع علوّ شأنه ألذي لايخفي علي أحد.
فَقَد رَوَي السّيّدُ رَحِمَهُ اللّهُ فِي الشاّفيِ وَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ النّهجِ وَ اللّفظُ لِلسّيّدِ إِنّ عُثمَانَ لَمّا أَعطَي مَروَانَ بنَ الحَكَمِ مَا أَعطَاهُ، وَ أَعطَي الحَارِثَ بنَ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلفِ دِرهَمٍ، وَ أَعطَي زَيدَ بنَ ثَابِتٍ مِائَةَ أَلفِ دِرهَمٍ،جَعَلَ أَبُو ذَرّ يَقُولُ بَشّرِ الكَافِرِينَ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، وَ يَتلُو قَولَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ( وَ الّذِينَ يَكنِزُونَ الذّهَبَ وَ الفِضّةَ وَ لا يُنفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرهُم
صفحه : 175
بِعَذابٍ أَلِيمٍ)،فَرَفَعَ ذَلِكَ مَروَانُ إِلَي عُثمَانَ،فَأَرسَلَ إِلَي أَبِي ذَرّ نَائِلًا مَولَاهُ أَنِ انتَهِ عَمّا يبَلغُنُيِ عَنكَ، فَقَالَ أَ ينَهاَنيِ عُثمَانُ عَن قِرَاءَةِ كِتَابِ اللّهِ، وَ عَيبِ مَن تَرَكَ أَمرَ اللّهِ،فَوَ اللّهِ لَأَن أرُضيَِ اللّهَ بِسَخَطِ عُثمَانَ أَحَبّ إلِيَّ وَ خَيرٌ لِي مِن أَن أرُضيَِ عُثمَانَ بِسَخَطِ اللّهِ فَأَغضَبَ عُثمَانَ ذَلِكَ،فَأَحفَظَهُ وَ تَصَابَرَ، وَ قَالَ عُثمَانُ يَوماً أَ يَجُوزُ لِلإِمَامِ أَن يَأخُذَ مِنَ المَالِ فَإِذَا أَيسَرَ قَضَاهُ. فَقَالَ كَعبُ الأَحبَارِ لَا بَأسَ بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو ذَرّ يَا ابنَ اليَهُودِيّينِ، أَ تُعَلّمُنَا دِينَنَا. فَقَالَ عُثمَانُ قَد كَثُرَ أَذَاكَ لِي وَ تَوَلّعُكَ بأِصَحاَبيِ،الحَق بِالشّامِ،فَأَخرَجَهُ إِلَيهَا،فَكَانَ أَبُو ذَرّ يُنكِرُ عَلَي مُعَاوِيَةَ أَشيَاءَ يَفعَلُهَا،فَبَعَثَ إِلَيهِ مُعَاوِيَةُ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ أَبُو ذَرّ إِن كَانَت مِن عطَاَئيَِ ألّذِي حَرّمتُمُونِيهِ عاَميِ هَذَا قَبِلتُهَا، وَ إِن كَانَت صِلَةً فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، وَ رَدّهَا عَلَيهِ. وَ بَنَي مُعَاوِيَةُ الخَضرَاءَ بِدِمَشقَ، فَقَالَ أَبُو ذَرّ يَا مُعَاوِيَةُ إِن كَانَت هَذِهِ مِن مَالِ اللّهِ فهَيَِ الخِيَانَةُ، وَ إِن كَانَت مِن مَالِكَ فَهُوَ الإِسرَافُ، وَ كَانَ أَبُو ذَرّ رَحِمَهُ اللّهُ تَعَالَي يَقُولُ وَ اللّهِ لَقَد حَدَثَت أَعمَالٌ مَا أَعرِفُهَا، وَ اللّهِ مَا هيَِ فِي كِتَابِ اللّهِ وَ لَا فِي سُنّةِ نَبِيّهِ(ص )، وَ اللّهِ إنِيّ لَأَرَي حَقّاً يُطفَأُ، وَ بَاطِلًا يُحيَي، وَ صَادِقاً مُكَذّباً،
صفحه : 176
وَ أَثَرَةً بِغَيرِ تُقًي، وَ صَالِحاً مُستَأثِراً عَلَيهِ. وَ قَالَ حَبِيبُ بنُ مَسلَمَةَ الفهِريِّ لِمُعَاوِيَةَ إِنّ أَبَا ذَرّ لَمُفسِدٌ عَلَيكُمُ الشّامَ فَتَدَارَك أَهلَهُ إِن كَانَت لَكُم فِيهِ حَاجَةٌ،فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي عُثمَانَ فِيهِ،فَكَتَبَ عُثمَانُ إِلَي مُعَاوِيَةَ أَمّا بَعدُ،فَاحمِل جُنَيدِباً إلِيَّ عَلَي أَغلَظِ مَركَبٍ وَ أَوعَرِهِ،فَوَجّهَ بِهِ مَعَ مَن سَارَ بِهِ اللّيلَ وَ النّهَارَ، وَ حَمَلَهُ عَلَي شَارِفٍ لَيسَ عَلَيهَا إِلّا قَتَبٌ، حَتّي قَدِمَ بِهِ المَدِينَةَ، وَ قَد سَقَطَ لَحمُ فَخِذَيهِ مِنَ الجَهدِ، فَلَمّا قَدِمَ أَبُو ذَرّ المَدِينَةَ،بَعَثَ إِلَيهِ عُثمَانُ أَنِ الحَق بأِيَّ أَرضٍ شِئتَ، فَقَالَ بِمَكّةَ. قَالَ لَا. قَالَ فَبَيتِ المَقدِسِ. قَالَ لَا. قَالَ فَبِأَحَدِ المِصرَينِ. قَالَ لَا، وَ لكَنِيّ مُسَيّرُكَ إِلَي الرّبَذَةِ .. فَسَيّرَهُ إِلَيهَا،فَلَم يَزَل بِهَا حَتّي مَاتَ.
وَ فِي رِوَايَةِ الواَقدِيِّ أَنّ أَبَا ذَرّ لَمّا دَخَلَ عَلَي عُثمَانَ قَالَ لَهُ لَا أَنعَمَ اللّهُ بِكَ عَيناً يَا جُندَبُ. فَقَالَ أَبُو ذَرّ أَنَا جُندَبٌ وَ سمَاّنيِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ عَبدَ اللّهِ،فَاختَرتُ اسمَ رَسُولِ اللّهِ ألّذِي سمَاّنيِ رَسُولُ اللّهِ بِهِ عَلَي اسميِ. فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ أَنتَ ألّذِي تَزعُمُ أَنّا نَقُولُ إِنّ يَدَ اللّهِ مَغلُولَةٌ، وَإِنّ اللّهَ
صفحه : 177
فَقِيرٌ وَ نَحنُ أَغنِياءُ. فَقَالَ أَبُو ذَرّ لَو كُنتُم لَا تَزعُمُونَ،لَأَنفَقتُم مَالَ اللّهِ عَلَي عِبَادِهِ، وَ لكَنِيّ أَشهَدُ لَسَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ يَقُولُ إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي العَاصِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا جَعَلُوا مَالَ اللّهِ دُوَلًا، وَ عِبَادَ اللّهِ خَوَلًا، وَ دِينَ اللّهِ دَخَلًا، ثُمّ يُرِيحُ اللّهُ العِبَادَ مِنهُم. فَقَالَ عُثمَانُ لِمَن حَضَرَهُ أَ سَمِعتُمُوهَا مِن نبَيِّ اللّهِ(ص ).فَقَالُوا مَا سَمِعنَاهُ، فَقَالَ عُثمَانُ وَيلَكَ يَا أَبَا ذَرّ أَ تَكذِبُ عَلَي رَسُولِ اللّهِ. فَقَالَ أَبُو ذَرّ لِمَن حَضَرَهُ أَ مَا تَظُنّونَ أنَيّ صَدَقتُ.فَقَالُوا لَا، وَ اللّهِ مَا ندَريِ. فَقَالَ عُثمَانُ ادعُوا لِي عَلِيّاً،فدَعُيَِ، فَلَمّا جَاءَ قَالَ عُثمَانُ لأِبَيِ ذَرّ اقصُص عَلَيهِ حَدِيثَكَ فِي بنَيِ أَبِي العَاصِ،فَحَدّثَهُ، فَقَالَ عُثمَانُ لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ هَل سَمِعتَ هَذَا مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ. فَقَالَ عَلَيهِ السّلَامُ لَا، وَ صَدَقَ أَبُو ذَرّ، فَقَالَ كَيفَ عَرَفتَ صِدقَهُ. فَقَالَ لأِنَيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ يَقُولُ مَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ وَ لَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ مِن ذيِ لَهجَةٍ أَصدَقَ مِن أَبِي ذَرّ، فَقَالَ مَن حَضَرَ مِن أَصحَابِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ جَمِيعاً لَقَد صَدَقَ أَبُو ذَرّ، فَقَالَ أَبُو ذَرّ أُحَدّثُكُم أنَيّ سَمِعتُ هَذَا مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ ثُمّ تتَهّمِوُنيِ مَا كُنتُ أَظُنّ أنَيّ أَعِيشُ حَتّي أَسمَعَ هَذَا مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ.
وَ رَوَي الواَقدِيِّ فِي خَبَرٍ آخَرَ بِإِسنَادِهِ، عَن صَهبَانَ مَولَي الأَسلَمِيّينَ، قَالَرَأَيتُ أَبَا ذَرّ يَومَ دُخِلَ بِهِ عَلَي عُثمَانَ، فَقَالَ لَهُ أَنتَ ألّذِي فَعَلتَ .. وَ فَعَلتَ.
صفحه : 178
فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرّ قَد نَصَحتُكَ فاَستغَششَتنَيِ وَ نَصَحتُ صَاحِبَكَ فاَستغَشَنّيِ. فَقَالَ عُثمَانُ كَذَبتَ، وَ لَكِنّكَ تُرِيدُ الفِتنَةَ وَ تُحِبّهَا، قَد قَلَبتَ الشّامَ عَلَينَا. فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرّ اتّبِع سُنّةَ صَاحِبَيكَ، لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ عَلَيكَ كَلَامٌ. فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ مَا لَكَ وَ لِذَلِكَ لَا أُمّ لَكَ. فَقَالَ أَبُو ذَرّ وَ اللّهِ مَا وَجَدتُ لِي عُذراً إِلّا الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَ النهّيَ عَنِ المُنكَرِ،فَغَضِبَ عُثمَانُ وَ قَالَ أَشِيرُوا عَلَيّ فِي هَذَا الشّيخِ الكَذّابِ،إِمّا أَن أَضرِبَهُ أَو أَحبِسَهُ أَو أَقتُلَهُ،فَإِنّهُ قَد فَرّقَ جَمَاعَةَ المُسلِمِينَ، أَو أَنفِيَهُ مِنَ الأَرضِ،فَتَكَلّمَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ كَانَ حَاضِراً، فَقَالَ أُشِيرُ عَلَيكَ بِمَا قَالَ مُؤمِنُ آلِ فِرعَونَ( وَ إِن يَكُ كاذِباً فَعَلَيهِ كَذِبُهُ وَ إِن يَكُ صادِقاً يُصِبكُم بَعضُ ألّذِي يَعِدُكُم إِنّ اللّهَ لا يهَديِ مَن هُوَ مُسرِفٌ كَذّابٌ)،فَأَجَابَهُ عُثمَانُ بِجَوَابٍ غَلِيظٍ لَم أُحِبّ أَن أَذكُرَهُ، وَ أَجَابَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ بِمِثلِهِ. ثُمّ إِنّ عُثمَانَ حَظَرَ عَلَي النّاسِ أَن يُقَاعِدُوا أَبَا ذَرّ وَ يُكَلّمُوهُ،فَمَكَثَ كَذَلِكَ أَيّاماً، ثُمّ أَمَرَ أَن يُؤتَي بِهِ، فَلَمّا أتُيَِ بِهِ وَ وَقَفَ بَينَ يَدَيهِ، قَالَ وَيحَكَ يَا عُثمَانُ أَ مَا رَأَيتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ وَ رَأَيتَ أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ،هَل رَأَيتَ هَذَا هَديَهُم،إِنّكَ لَتَبطِشُ فِيّ بَطشَ جَبّارٍ. فَقَالَ اخرُج عَنّا مِن بِلَادِنَا. فَقَالَ أَبُو ذَرّ فَمَا أَبغَضَ إلِيَّ جِوَارَكَ فَإِلَي أَينَ أَخرُجُ. قَالَ حَيثُ شِئتَ. قَالَ فَأَخرُجُ إِلَي الشّامِ أَرضِ الجِهَادِ. فَقَالَ إِنّمَا جَلَبتُكَ مِنَ الشّامِ لِمَا قَد أَفسَدتَهَا، أَ فَأَرُدّكَ إِلَيهَا. قَالَ إِذَن أَخرُجُ إِلَي العِرَاقِ .. قَالَ لَا. قَالَ وَ لِمَ. قَالَ
صفحه : 179
تَقدُمُ عَلَي قَومٍ أَهلِ شُبهَةٍ وَ طَعنٍ عَلَي الأَئِمّةِ. قَالَ فَأَخرُجُ إِلَي مِصرَ. قَالَ لَا. قَالَ فَإِلَي أَينَ أَخرُجُ. قَالَ حَيثُ شِئتَ. فَقَالَ أَبُو ذَرّ هُوَ إِذَن التّعَرّبُ بَعدَ الهِجرَةِ،أَخرُجُ إِلَي نَجدٍ. فَقَالَ عُثمَانُ الشرف الشرف [ إِلَي الشّرقِ]الأَبعَدِ أَقصَي فَأَقصَي. فَقَالَ أَبُو ذَرّ قَد أَبَيتُ ذَلِكَ عَلَيّ. قَالَ امضِ عَلَي وَجهِكَ هَذَا، وَ لَا تَعدُوَنّ الرّبَذَةَ.فَخَرَجَ إِلَيهَا
أقول الجواب الغليظ ألّذي لم يحبّ ذكره هو قوله لعنه اللّه بفيك التراب ، و قوله عليه السلام بل بفيك التراب ، كمارواه في تقريب المعارف ثم قال
وَ رَوَي الواَقدِيِّ، عَن مَالِكِ بنِ أَبِي الرّجَالِ، عَن مُوسَي بنِ مَيسَرَةَ أَنّ أَبَا الأَسوَدِ الدؤّلَيِّ قَالَكُنتُ أُحِبّ لِقَاءَ أَبِي ذَرّ لِأَسأَلَهُ عَن سَبَبِ خُرُوجِهِ،فَنَزَلتُ الرّبَذَةَ،فَقُلتُ لَهُ أَ لَا تخُبرِنُيِ خَرَجتَ مِنَ المَدِينَةِ طَائِعاً أَو أُخرِجتَ. قَالَ أَمَا إنِيّ كُنتُ فِي ثَغرٍ مِنَ الثّغُورِ أغُنيِ عَنهُم،فَأُخرِجتُ إِلَي مَدِينَةِ الرّسُولِ،فَقُلتُ دَارُ هجِرتَيِ وَ أصَحاَبيِ،فَأُخرِجتُ مِنهَا إِلَي مَا تَرَي، ثُمّ قَالَ بَينَا أَنَا ذَاتَ لَيلَةٍ نَائِمٌ فِي المَسجِدِ إِذ مَرّ بيِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ
صفحه : 180
وَ سَلّمَ، فَقَالَ فضَرَبَنَيِ بِرِجلَيهِ، فَقَالَ لَا أَرَاكَ نَائِماً فِي المَسجِدِ.فَقُلتُ بأِبَيِ أَنتَ وَ أمُيّ غلَبَتَنيِ عيَنيِ فَنِمتُ فِيهِ. فَقَالَ كَيفَ تَصنَعُ إِذَا أَخرَجُوكَ مِنهُ.فَقُلتُ إِذَن أَلحَقُ بِالشّامِ،فَإِنّهَا أَرضٌ مُقَدّسَةٌ، وَ أَرضُ تَقِيّةِ الإِسلَامِ، وَ أَرضُ الجِهَادِ. فَقَالَ كَيفَ بِكَ إِذَا أَخرَجُوكَ مِنهَا. قَالَ فَقُلتُ لَهُ أَرجِعُ إِلَي المَسجِدِ. قَالَ كَيفَ تَصنَعُ إِذَا أَخرَجُوكَ مِنهُ. قُلتُ آخُذُ سيَفَيِ فَأَضرِبُ بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَ لَا أَدُلّكَ عَلَي خَيرٍ مِن ذَلِكَ،استَقِ مَعَهُم حَيثُ سَاقُوكَ، وَ تَسمَعُ وَ تُطِيعُ،فَسَمِعتُ وَ أَطَعتُ وَ أَنَا أَسمَعُ وَ أُطِيعُ، وَ اللّهِ لَيَلقَيَنّ اللّهَ عُثمَانُ وَ هُوَ آثِمٌ فِي جنَبيِ. وَ كَانَ يَقُولُ بِالرّبَذَةِ مَا تَرَكَ الحَقّ لِي صَدِيقاً. وَ كَانَ يَقُولُ فِيهَا ردَنّيِ عُثمَانُ بَعدَ الهِجرَةِ أَعرَابِيّاً.
ثم قال السيد رضي اللّه عنه والأخبار في هذاالباب أكثر من أن نحصرها وأوسع من أن نذكرها.أقول
وَ رَوَي المسَعوُديِّ فِي مُرُوجِ الذّهَبِ أَبسَطَ مِن ذَلِكَ .. إِلَي أَن قَالَ لَمّا رَدّ عُثمَانُ أَبَا ذَرّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ إِلَي المَدِينَةِ عَلَي بَعِيرٍ عَلَيهِ قَتَبٌ يَابِسٌ،مَعَهُ
صفحه : 181
خَمسُمِائَةٍ مِنَ الصّقَالِبَةِ يَطرُدُونَ بِهِ حَتّي أَتَوا بِهِ المَدِينَةَ وَ قَد تَسَلّخَت بَوَاطِنُ أَفخَاذِهِ وَ كَادَ يَتلَفُ،فَقِيلَ لَهُ إِنّكَ تَمُوتُ مِن ذَلِكَ. فَقَالَ هَيهَاتَ لَن أَمُوتَ حَتّي أُنفَي .. وَ ذَكَرَ مَا يَنزِلُ بِهِ مِن هَؤُلَاءِ فِيهِ .. وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي قَولِهِ فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ وَارِ وَجهَكَ عنَيّ. قَالَ أَسِيرٌ إِلَي مَكّةَ. قَالَ لَا وَ اللّهِ. قَالَ فَإِلَي الشّامِ. قَالَ لَا وَ اللّهِ. قَالَ فَإِلَي البَصرَةِ. قَالَ لَا وَ اللّهِ.فَاختَر غَيرَ هَذِهِ البُلدَانِ. قَالَ لَا وَ اللّهِ لَا أَختَارُ غَيرَ مَا ذَكَرتُ لَكَ وَ لَو ترَكَتنَيِ فِي دَارِ هجِرتَيِ مَا أَرَدتُ شَيئاً مِنَ البُلدَانِ،فسَيَرّنيِ حَيثُ شِئتَ مِنَ البِلَادِ. قَالَ إنِيّ مُسَيّرُكَ إِلَي الرّبَذَةِ. قَالَ اللّهُ أَكبَرُ صَدَقَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ قَد أخَبرَنَيِ بِكُلّ مَا أَنَا لَاقٍ. قَالَ وَ مَا قَالَ لَكَ. قَالَ أخَبرَنَيِ أنَيّ أُمنَعُ مِن مَكّةَ وَ المَدِينَةِ وَ أَمُوتُ بِالرّبَذَةِ، وَ يَتَوَلّي دفَنيِ نَفَرٌ يَرِدُونَ مِنَ العِرَاقِ إِلَي نَحوِ الحِجَازِ، وَ بَعَثَ أَبُو ذَرّ إِلَي جَمَلٍ فَحَمَلَ عَلَيهِ امرَأَتَهُ، وَ قِيلَ ابنَتَهُ، وَ أَمَرَ عُثمَانُ أَن يَتَجَافَاهُ النّاسُ
صفحه : 182
حَتّي يَسِيرَ إِلَي الرّبَذَةِ، وَ لَمّا طَلَعَ عَنِ المَدِينَةِ وَ مَروَانُ يُسَيّرُهُ عَنهَا طَلَعَ عَلَيهِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ مَعَهُ ابنَاهُ عَلَيهِمَا السّلَامُ وَ عَقِيلٌ أَخُوهُ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ وَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ،فَاعتَرَضَ مَروَانُ وَ قَالَ يَا عَلِيّ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ يَنهَي النّاسَ أَن يَمنَحُوا أَبَا ذَرّ أَو يَسقُوهُ، فَإِن كُنتَ لَم تَعلَم بِذَلِكَ فَقَد أَعلَمتُكَ،فَحَمَلَ عَلَيهِ بِالسّوطِ،فَضَرَبَ بَينَ أذُنُيَ نَاقَةِ مَروَانَ وَ قَالَ تَنَحّ نَحّاكَ اللّهُ إِلَي النّارِ، وَ مَضَي مَعَ أَبِي ذَرّ فَشَيّعَهُ ثُمّ وَدّعَهُ وَ انصَرَفَ، فَلَمّا أَرَادَ عَلِيّ( ع )الِانصِرَافَ بَكَي أَبُو ذَرّ وَ قَالَ رَحِمَكُمُ اللّهُ أَهلَ البَيتِ إِذَا رَأَيتُكَ يَا أَبَا الحَسَنِ وَ وُلدَكَ ذَكَرتُ بِكُم رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ.فَشَكَا مَروَانُ إِلَي عُثمَانَ مَا فَعَلَ بِهِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ عُثمَانُ يَا مَعشَرَ المُسلِمِينَ مَن يعَدوُنيِ مِن عَلِيّ رَدّ رسَوُليِ عَمّا وَجّهتُهُ لَهُ، وَ فَعَلَ وَ فَعَلَ، وَ اللّهِ لِنُعطِيهِ حَقّهُ، فَلَمّا رَجَعَ عَلِيّ استَقبَلَهُ النّاسُ وَ قَالُوا إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيكَ غَضبَانُ لِتَشيِيعِكَ أَبَا ذَرّ. فَقَالَ عَلِيّ( ع )غَضَبُ الخَيلِ عَلَي اللّجُمِ، فَلَمّا كَانَ باِلعشَيِّ وَ جَاءَ عُثمَانُ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَي
صفحه : 183
مَا صَنَعتَ بِمَروَانَ وَ لِمَ اجتَرَأتَ عَلَيّ وَ رَدَدتَ رسَوُليِ وَ أمَريِ. فَقَالَ أَمّا مَروَانُ فاَستقَبلَنَيِ برِدَيّ فَرَدَدتُهُ عَن ردَيّ، وَ أَمّا أَمرَكَ لَم أَرُدّهُ. فَقَالَ عُثمَانُ أَ لَم يَبلُغكَ أنَيّ قَد نَهَيتُ النّاسَ عَن أَبِي ذَرّ وَ شيعه . فَقَالَ عَلِيّ( ع ) أَ وَ كُلّ مَا أَمَرتَنَا بِهِ مِن شَيءٍ نَرَي طَاعَةَ اللّهِ وَ الحَقّ فِي خِلَافِهِ اتّبَعنَا فِيهِ أَمرَكَ،لَعَمرُ اللّهِ مَا نَفعَلُ. فَقَالَ عُثمَانُ أَقِد مَروَانَ. قَالَ وَ مِمّ أُقِيدُهُ. قَالَ ضَرَبتَ بَينَ أذُنُيَ رَاحِلَتِهِ وَ شَتَمتَهُ فَهُوَ شَاتِمُكَ وَ ضَارِبٌ بَينَ أذُنُيَ رَاحِلَتِكَ. قَالَ عَلِيّ( ع ) أَمّا راَحلِتَيِ فهَيَِ تِلكَ، فَإِن أَرَادَ أَن يَضرِبَهَا كَمَا ضَرَبتُ رَاحِلَتَهُ فَعَلَ، وَ أَمّا أَنَا فَوَ اللّهِ لَئِن شتَمَنَيِ لَأَشتِمَنّكَ بِمِثلِهِ لَا كَذِبَ فِيهِ وَ لَا أَقُولُ إِلّا حَقّاً. قَالَ عُثمَانُ وَ لِمَ لَا يَشتِمُكَ إِذَا شَتَمتَهُ،فَوَ اللّهِ مَا أَنتَ بِأَفضَلَ عنِديِ مِنهُ،فَغَضِبَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَالَ لِي تَقُولُ هَذَا القَولَ أَ مَروَانُ يُعدَلُ بيِ فَلَا وَ اللّهِ أَنَا أَفضَلُ مِنكَ وَ أَبِي أَفضَلُ مِن أَبِيكَ، وَ أمُيّ أَفضَلُ مِن أُمّكَ، وَ هَذِهِ نبَليِ قَد نَثَلتُهَا فَانثُل نَبلَكَ،فَغَضِبَ عُثمَانُ وَ احمَرّ وَجهُهُ وَ قَامَ فَدَخَلَ، وَ انصَرَفَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَاجتَمَعَ إِلَيهِ أَهلُ بَيتِهِ وَ رِجَالُ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ، فَلَمّا كَانَ مِنَ الغَدِ وَ اجتَمَعَ النّاسُ شَكَا إِلَيهِم
صفحه : 184
عَلِيّاً( ع ) وَ قَالَ إِنّهُ يغَشُنّيِ وَ يُظَاهِرُ مَن يغَشُنّيِ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَبَا ذَرّ وَ عَمّاراً أَو غَيرَهُمَا،فَدَخَلَ النّاسُ بَينَهُمَا حَتّي اصطَلَحَا. وَ قَالَ عَلِيّ( ع ) وَ اللّهِ مَا أَرَدتُ بتِشَييِعيِ أَبَا ذَرّ إِلّا اللّهَ تَعَالَي.
انتهي و قدمرّ في باب أحوال أبي ذرّ تلك القصّة وفضائله ومناقبه من طرق أهل البيت عليهم السلام
صفحه : 185
وَ رَوَي ابنُ الأَثِيرِ فِي جَامِعِ الأُصُولِ بِرِوَايَةِ الترّمذِيِّ، عَن أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] مَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ وَ لَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ أَصدَقَ لَهجَةٍ مِن أَبِي ذَرّ،أَشبَهِ عِيسَي فِي وَرَعِهِ. قَالَ عُمَرُ أَ فَنَعرِفُ ذَلِكَ لَهُ يَا رَسُولَ اللّهِ. قَالَ نَعَم،فَاعرِفُوا لَهُ.
وَ عَن بُرَيدَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ بِحُبّ أَربَعَةٍ وَ أخَبرَنَيِ أَنّهُ يُحِبّهُم.قِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ سَمّهِم لَنَا. قَالَ عَلِيّ مِنهُم .. يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثاً، وَ أَبُو ذَرّ، وَ المِقدَادُ، وَ سَلمَانُ،أمَرَنَيِ بِحُبّهِم وَ أخَبرَنَيِ أَنّهُ يُحِبّهُم.
وَ عَنِ ابنِ عَمرِو بنِ العَاصِ، قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] يَقُولُ مَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ وَ لَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ أَصدَقَ مِن أَبِي ذَرّ. قَالَ أَخرَجَهُ الترّمذِيِّ.
وَ عَن أَبِي ذَرّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] مَا أَظَلّتِ
صفحه : 186
الخَضرَاءُ وَ لَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ مِن ذيِ لَهجَةٍ أَصدَقَ مِن أَبِي ذَرّ،شَبِيهِ عِيسَي ابنِ مَريَمَ. فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ كَالحَاسِدِ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ) أَ فَنَعرِفُ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ نَعَم،فَاعرِفُوهُ.
أَخرَجَهُ الترّمذِيِّ، وَ قَالَ قَد رَوَي بَعضُهُم هَذَا الحَدِيثَ فَقَالَ أَبُو ذَرّ يمَشيِ فِي الأَرضِ بِزُهدِ عِيسَي ابنِ مَريَمَ
صفحه : 187
أقول و إذا كان أبوذرّ رضوان اللّه عليه من ألذي يحبّهم اللّه وأمر رسوله بحبّهم فإيذاؤه والإهانة به في حكم المعاداة للّه ولرسوله ، و إذا كان أصدق الناس لهجة فحال من شهد عليه بالكذب والضلال معلوم ، و مااشتملت عليه القصّة من منازعته مع أمير المؤمنين عليه السلام وشتمه يكفي في القدح فيه ووجوب لعنه .
أنّه ضرب عبد اللّه بن مسعود حتّي كسر بعض أضلاعه ، و قدرووا في فضله في صحاحهم أخبارا كثيرة، و كان ابن مسعود يذمّه ويشهد بفسقه وظلمه .
قَالَ السّيّدُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فِي الشاّفيِ قَد رَوَي كُلّ مَن رَوَي السّيرَةَ مِن أَصحَابِ الحَدِيثِ عَلَي اختِلَافِ طُرُقِهِم أَنّ ابنَ مَسعُودٍ كَانَ يَقُولُ ليَتنَيِ وَ عُثمَانُ بِرَملِ عَالِجٍ يَحثُو عَلَيّ وَ أَحثُو عَلَيهِ حَتّي يَمُوتَ الأَعجَزُ منِيّ وَ مِنهُ.
وَ رَوَوا أَنّهُ كَانَ يَطعَنُ عَلَيهِ فَيُقَالُ لَهُأَلَا خَرَجتَ إِلَيهِ لِيَخرُجَ مَعَكَ.فَيَقُولُ وَ اللّهِ لَأَن أُزَاوِلَ جَبَلًا رَاسِياً أَحَبّ إلِيَّ مِن أَن أُزَاوِلَ مُلكاً مُؤَجّلًا. وَ كَانَ يَقُولُ فِي كُلّ يَومِ جُمُعَةٍ بِالكُوفَةِ جَاهِراً مُعلِناً إِنّ أَصدَقَ القَولِ كِتَابُ اللّهِ، وَ أَحسَنَ الهدَيِ هدَيُ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ شَرّ الأُمُورِ مُحدَثَاتُهَا، وَ كُلّ مُحدَثٍ بِدعَةٌ،
صفحه : 188
وَ كُلّ بِدعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَ كُلّ ضَلَالَةٍ فِي النّارِ، وَ إِنّمَا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مُعَرّضاً بِعُثمَانَ حَتّي غَضِبَ الوَلِيدُ بنُ عُقبَةَ مِنِ استِمرَارِ تَعرِيضِهِ وَ نَهَاهُ عَن خُطبَتِهِ هَذِهِ فَأَبَي أَن ينَتهَيَِ،فَكَتَبَ إِلَي عُثمَانَ فِيهِ،فَكَتَبَ عُثمَانُ يَستَقدِمُهُ عَلَيهِ ....
وَ قَد روُيَِ عَنهُ مِن طُرُقٍ لَا تُحصَي كَثرَةً أَنّهُ كَانَ يَقُولُ مَا يَزِنُ عُثمَانُ عِندَ اللّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ .. وَ أَوصَي عِندَ مَوتِهِ أَن لَا يصُلَيَّ عَلَيهِ عُثمَانُ، وَ لَمّا أَتَاهُ عُثمَانُ فِي مَرَضِهِ وَ طَلَبَ مِنهُ الِاستِغفَارَ قَالَ أَسأَلُ اللّهَ أَن يَأخُذَ لِي مِنكَ بحِقَيّ ... وَ رَوَي الواَقدِيِّ بِإِسنَادِهِ، وَ غَيرُهُ، أَنّ عُثمَانَ لَمّا استَقدَمَهُ المَدِينَةَ دَخَلَهَا لَيلَةَ جُمُعَةٍ، فَلَمّا عَلِمَ عُثمَانُ بِدُخُولِهِ، قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّهُ قَد طَرَقَكُمُ اللّيلَةَ
صفحه : 189
دُوَيبَةٌ مِن تَمرٍ عَلَي طَعَامِهِ تقَيِءُ وَ تَسلَحُ. فَقَالَ ابنُ مَسعُودٍ لَستُ كَذَلِكَ، وَ لكَنِيّ صَاحِبُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَومَ بَدرٍ، وَ صَاحِبُهُ يَومَ أُحُدٍ، وَ صَاحِبُهُ يَومَ بَيعَةِ الرّضوَانِ، وَ صَاحِبُهُ يَومَ الخَندَقِ، وَ صَاحِبُهُ يَومَ حُنَينٍ. قَالَ وَ صَاحَت عَائِشَةُ أَيَا عُثمَانُ أَ تَقُولُ هَذَا لِصَاحِبِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ عُثمَانُ اسكتُيِ. ثُمّ قَالَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ زَمعَةَ بنِ الأَسوَدِ أَخرِجهُ إِخرَاجاً عَنِيفاً،فَأَخَذَهُ ابنُ زَمعَةَ فَاحتَمَلَهُ حَتّي جَاءَ بِهِ بَابَ المَسجِدِ،فَضَرَبَ بِهِ الأَرضَ فَكَسَرَ ضِلعاً مِن أَضلَاعِهِ. فَقَالَ ابنُ مَسعُودٍ قتَلَنَيِ ابنُ زَمعَةَ الكَافِرُ بِأَمرِ عُثمَانَ. وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي أَنّ ابنَ زَمعَةَ ألّذِي فَعَلَ بِهِ مَا فَعَلَهُ كَانَ مَولًي لِعُثمَانَ
صفحه : 190
أَسوَدَ، وَ كَانَ مُشَذّباً طِوَالًا. وَ فِي رِوَايَةٍ أَنّ فَاعِلَ ذَلِكَ يَحمُومُ مَولَي عُثمَانَ. وَ فِي رِوَايَةٍ أَنّهُ لَمّا احتَمَلَهُ لِيُخرِجَهُ مِنَ المَسجِدِ نَادَاهُ عَبدُ اللّهِ أَنشُدُكَ اللّهَ أَن تخُرجِنَيِ مِن مَسجِدِ خلَيِليِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ. قَالَ الراّويِ فكَأَنَيّ أَنظُرُ إِلَي حُمُوشَةِ ساَقيَ عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ وَ رِجلَاهُ يَختَلِفَانِ عَلَي عُنُقِ مَولَي عُثمَانَ حَتّي أُخرِجَ مِنَ المَسجِدِ، وَ هُوَ ألّذِي يَقُولُ فِيهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَسَاقَا ابنِ أُمّ عَبدٍ أَثقَلُ فِي المِيزَانِ يَومَ القِيَامَةِ مِن جَبَلِ أُحُدٍ.
وَ قَد رَوَي مُحَمّدُ بنُ إِسحَاقَ، عَن مُحَمّدِ بنِ كَعبٍ القرُطيِّ أَنّ عُثمَانَ ضَرَبَ ابنَ مَسعُودٍ أَربَعِينَ سَوطاً فِي دَفنِهِ أَبَا ذَرّ، وَ هَذِهِ قِصّةٌ أُخرَي، وَ ذَلِكَ أَنّ أَبَا ذَرّ لَمّا حَضَرَتهُ الوَفَاةُ بِالرّبَذَةِ وَ لَيسَ مَعَهُ إِلّا امرَأَتُهُ وَ غُلَامُهُ أَوصَي إِلَيهِمَا أَن غسَلّاَنيِ ثُمّ كفَنّاَنيِ ثُمّ ضعَاَنيِ عَلَي قَارِعَةِ الطّرِيقِ،فَأَوّلُ رَكبٍ يَمُرّونَ بِكُم قُولَا
صفحه : 191
لَهُم هَذَا أَبُو ذَرّ صَاحِبُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَأَعِينُونَا عَلَي دَفنِهِ، فَلَمّا مَاتَ فَعَلَا ذَلِكَ، وَ أَقبَلَ ابنُ مَسعُودٍ فِي رَكبٍ مِنَ العِرَاقِ مُعتَمِرِينَ،فَلَم يَرُعهُم إِلّا الجِنَازَةُ عَلَي قَارِعَةِ الطّرِيقِ قَد كَادَتِ الإِبِلُ تَطَؤُهَا،فَقَامَ إِلَيهِمُ العَبدُ، فَقَالَ هَذَا أَبُو ذَرّ صَاحِبُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَأَعِينُونَا عَلَي دَفنِهِ،فَأَنهَلَ ابنُ مَسعُودٍ بَاكِياً وَ قَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، قَالَ تمَشيِ وَحدَكَ، وَ تَمُوتُ وَحدَكَ، وَ تُبعَثُ وَحدَكَ، ثُمّ نَزَلَ هُوَ وَ أَصحَابُهُ فَوَارَوهُ. هَذَا بَعضُ مَا رَوَاهُ فِي الشاّفيِ آخِذاً مِن كُتُبِهِمُ المُعتَبَرَةِ.
صفحه : 192
و قدرووا في أصولهم المشهورة كجامع الأصول والإستيعاب وصحاحهم المتداولة مناقب جمّة لابن مسعود لم ينقلوا مثلها لعثمان تركناها مخافة الإطناب ،فضربه وإخراجه وإهانته وإيذاؤه من أعظم الطعون علي عثمان ،...
صفحه : 193
ماصنع بعمّار بن ياسر رضي اللّه عنه ألذي أطبق المؤالف والمخالف علي فضله وعلوّ شأنه ، ورووا أخبارا مستفيضة دالّة علي كرامته وعلوّ درجته . قال السيد رضي اللّه عنه في الشافي ضرب عمّار ممّا لم يختلف فيه الرواة وإنّما اختلفوا في سببه .
فَرَوَي عَبّاسُ بنُ هِشَامٍ الكلَبيِّ، عَن أَبِي مِخنَفٍ فِي إِسنَادِهِ أَنّهُ كَانَ فِي بَيتِ المَالِ بِالمَدِينَةِ سَفَطٌ فِيهِ حلُيِّ وَ جَوهَرٌ،فَأَخَذَ مِنهُ عُثمَانُ مَا حَلّي بِهِ بَعضُ أَهلِهِ فَأَظهَرَ النّاسُ الطّعنَ عَلَيهِ فِي ذَلِكَ وَ كَلّمُوهُ فِيهِ بِكُلّ كَلَامٍ شَدِيدٍ حَتّي غَضِبَ فَخَطَبَ، وَ قَالَ لَنَأخُذَنّ حَاجَتَنَا مِن هَذَا الفيَءِ وَ إِن رُغِمَت أُنُوفُ أَقوَامٍ. فَقَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِذًا تُمنَعُ مِن ذَلِكَ وَ يُحَالُ بَينَكَ وَ بَينَهُ. فَقَالَ عَمّارٌ أُشهِدُ اللّهَ أَن أنَفيَِ أَوّلُ رَاغِمٍ مِن ذَلِكَ. فَقَالَ عُثمَانُ أَ عَلَيّ يَا ابنَ يَاسِرٍ وَ سُمَيّةَ تجَترَيِ خُذُوهُ .. فَأَخَذُوهُ، وَ دَخَلَ عُثمَانُ فَدَعَا بِهِ وَ ضَرَبَهُ حَتّي غشُيَِ عَلَيهِ، ثُمّ أُخرِجَ فَحُمِلَ إِلَي مَنزِلِ أُمّ سَلَمَةَ زَوجِ النّبِيّ(ص )فَلَم يُصَلّ الظّهرَ وَ العَصرَ وَ المَغرِبَ، فَلَمّا أَفَاقَ تَوَضّأَ وَ صَلّي. وَ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ، لَيسَ هَذَا أَوّلَ يَومٍ أُوذِينَا فِيهِ
صفحه : 194
فِي اللّهِ تَعَالَي. فَقَالَ هِشَامُ بنُ الوَلِيدِ بنِ المُغِيرَةِ المخَزوُميِّ وَ كَانَ عَمّارٌ حَلِيفاً لبِنَيِ مَخزُومٍ يَا عُثمَانُ أَمّا عَلِيّ فَاتّقَيتَهُ، وَ أَمّا نَحنُ فَاجتَرَأتَ عَلَينَا وَ ضَرَبتَ أَخَانَا حَتّي أَشفَيتَ بِهِ عَلَي التّلَفِ، أَمَا وَ اللّهِ لَئِن مَاتَ لَأَقتُلَنّ بِهِ رَجُلًا مِن بنَيِ أُمَيّةَ عَظِيمَ الشّأنِ. فَقَالَ عُثمَانُ وَ إِنّكَ لَهَاهُنَا يَا ابنَ القَسرِيّةِ. قَالَ فَإِنّهُمَا قَسرِيّتَانِ وَ كَانَت أُمّهُ وَ جَدّتُهُ قَسرِيّتَينِ مِن بَجِيلَةَ،فَشَتَمَهُ عُثمَانُ وَ أَمَرَ بِهِ فَأُخرِجَ،فأَتُيَِ بِهِ أُمّ سَلَمَةَ فَإِذَا هيَِ قَد غَضِبَت لِعَمّارٍ، وَ بَلَغَ عَائِشَةَ مَا صُنِعَ بِعَمّارٍ فَغَضِبَت وَ أَخرَجَت شَعراً مِن شَعرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ نَعلًا مِن نِعَالِهِ وَ ثَوباً مِن ثِيَابِهِ، وَ قَالَت مَا أَسرَعَ مَا تَرَكتُمُ سُنّةَ نَبِيّكُم، وَ هَذَا ثَوبُهُ وَ شَعرُهُ وَ نَعلُهُ لَم يَبلَ بَعدُ.
وَ رَوَي آخَرُونَ أَنّ السّبَبَ فِي ذَلِكَ أَنّ عُثمَانَ مَرّ بِقَبرٍ جَدِيدٍ،فَسَأَلَ عَنهُ،فَقِيلَ عَبدُ اللّهِ بنُ مَسعُودٍ،فَغَضِبَ عَلَي عَمّارٍ لِكِتمَانِهِ إِيّاهُ مَوتَهُ إِذَا كَانَ المتُوَلَيّ لِلصّلَاةِ عَلَيهِ وَ القِيَامِ بِشَأنِهِ فَعِندَهَا وَطِئَ عُثمَانُ عَمّاراً حَتّي أَصَابَهُ الفَتقُ.
وَ رَوَي آخَرُونَ أَنّ المِقدَادَ وَ طَلحَةَ وَ الزّبَيرَ وَ عَمّاراً وَ عِدّةً مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِ(ص )كَتَبُوا كِتَاباً عَدّدُوا فِيهِ أَحدَاثَ عُثمَانَ وَ خَوّفُوهُ رَبّهُ، وَ أَعلَمُوهُ أَنّهُ مُوَاثِبُوهُ إِن لَم يَقلَع،فَأَخَذَ عَمّارٌ الكِتَابَ فَأَتَاهُ بِهِ فَقَرَأَ مِنهُ صَدراً، فَقَالَ عُثمَانُ أَ عَلَيّ
صفحه : 195
تَقدَمُ مِن بَينِهِم. فَقَالَ لأِنَيّ أَنصَحُهُم لَكَ. فَقَالَ كَذَبتَ يَا ابنَ سُمَيّةَ. فَقَالَ أَنَا وَ اللّهِ ابنُ سُمَيّةَ وَ أَنَا ابنُ يَاسِرٍ،فَأَمَرَ غِلمَانَهُ فَمَدّوا بِيَدَيهِ وَ رِجلَيهِ ثُمّ ضَرَبَهُ عُثمَانُ بِرِجلَيهِ وَ هُمَا فِي الخُفّينِ عَلَي مَذَاكِيرِهِ فَأَصَابَهُ الفَتقُ، وَ كَانَ ضَعِيفاً كَبِيراً فغَشُيَِ عَلَيهِ.
وَ قَد روُيَِ مِن طُرُقٍ مُختَلِفَةٍ وَ بِأَسَانِيدَ كَثِيرَةٍ ، أَنّ عَمّاراً كَانَ يَقُولُ ثَلَاثَةٌ يَشهَدُونَ عَلَي عُثمَانَ بِالكُفرِ وَ أَنَا الرّابِعُ، وَ أَنَا شَرّ الأَربَعَةِ( وَ مَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرُونَ) وَ أَنَا أَشهَدُ أَنّهُ قَد حَكَمَ بِغَيرِ مَا أَنزَلَ اللّهُ.
وَ روُيَِ عَن زَيدِ بنِ أَرقَمَ مِن طُرُقٍ مُختَلِفَةٍ ، أَنّهُ قِيلَ لَهُ بأِيَّ شَيءٍ أَكفَرتُم عُثمَانَ. فَقَالَ بِثَلَاثٍ،جَعَلَ المَالَ دُولَةً بَينَ الأَغنِيَاءِ، وَ جَعَلَ المُهَاجِرِينَ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ بِمَنزِلَةِ مَن حَارَبَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ عَمِلَ بِغَيرِ كِتَابِ اللّهِ ..
ثم ساق السيّد الكلام .. إلي أن قال فلاعذر يسمع من
صفحه : 196
إيقاع نهاية المكروه مّمن
روُيَِ أَنّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ فِيهِ عَمّارٌ جِلدَةُ مَا بَينَ العَينِ وَ الأَنفِ وَ مَتَي تُنكَي الجِلدَةُ تُدمَ الأَنفُ.
وَ روُيَِ أَنّهُ قَالَ(ص ) مَا لَهُم وَ لِعَمّارٍ يَدعُوهُم إِلَي الجَنّةِ وَ يَدعُونَهُ إِلَي النّارِ.
وَ روُيَِ، عَن خَالِدٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ مَن عَادَي عَمّاراً عَادَاهُ اللّهُ، وَ مَن أَبغَضَ عَمّاراً أَبغَضَهُ اللّهُ.
و أيّ كلام غليظ سمعه عثمان من عمّار يستحقّ به ذلك المكروه العظيم ألذي تجاوز مقدار مافرضه اللّه تعالي في الحدود وإنّما كان عمّار وغيره ينثوا عليه أحداثه ومعايبه أحيانا علي مايظهر من سيّئ أفعاله ، و قد كان يجب عليه أحد أمرين إمّا أن ينزع عمّا يواقف عليه من تلك الأفعال ، أو أن يبيّن عذره فيها وبراءته منها مايظهر ويشتهر وينتشر، فإن أقام مقيم بعد ذلك علي توبيخه
صفحه : 197
وتفسيقه زجره عن ذلك بوعظ أوغيره ، و لايقدم علي مايفعله الجبابرة والأكاسرة من شفاء الغيظ بغير ماأنزل اللّه تعالي وحكمه به .انتهي . وعندي أنّ السبب الحامل لعثمان علي ماصنع بعمّار هو أنّ عمّارا كان من المجاهرين بحبّ عليّ عليه السلام ، و أنّ من غلبه علي الخلافة غاصب لها،فحملته عداوته لأمير المؤمنين عليه السلام وحبّه للرئاسة علي إهانته وضربه حتي حدث به الفتق وكسر ضلعا من أضلاعه ،فإنّه
قَد ذَكَرَ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ وَ غَيرُهُ فِي غَيرِهِ فِي قِصّةِ الشّورَي أَنّ عَمّاراً كَانَ يَقُولُ لِابنِ عَوفٍ إِن أَرَدتَ أَن لَا يَختَلِفَ المُسلِمُونَ فَبَايِع عَلِيّاً( ع )، وَ عَارَضَهُ فِي ذَلِكَ عَبدُ اللّهِ بنُ أَبِي سَرحٍ وَ غَيرُهُ وَ اشتَدّ الأَمرُ وَ شَتَمَ بَعضُهُم بَعضاً.
وَ رَوَي المسَعوُديِّ فِي مُرُوجِ الذّهَبِ أَنّ عَمّاراً حِينَ بُويِعَ عُثمَانُ بَلَغَهُ قَولُ أَبِي سُفيَانَ فِي دَارِ عُثمَانَ عَقِيبَ الوَقتِ ألّذِي بُويِعَ فِيهِ عُثمَانُ، وَ دَخَلَ دَارَهُ وَ مَعَهُ بَنُو أُمَيّةَ، فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ أَ فِيكُم أَحَدٌ مِن غَيرِكُم وَ قَد كَانَ عمُيَِ،قَالُوا لَا. قَالَ يَا بنَيِ أُمَيّةَ تَلَقّفُوهَا تَلَقّفَ الكُرَةِ، وَ ألّذِي يَحلِفُ بِهِ أَبُو سُفيَانَ مَا زِلتُ أَرجُوهَا لَكُم وَ لَتَصِيرَنّ إِلَي صِبيَانِكُم وِرَاثَةً،فَانتَهَرَهُ عُثمَانُ وَ سَاءَهُ مَا قَالَ، وَ أَنهَي هَذَا القَولَ إِلَي المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ،فَقَامَ عَمّارٌ فِي المَسجِدِ، فَقَالَ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ أَمَا إِذَا صَرَفتُم هَذَا الأَمرَ عَن أَهلِ بَيتِ نَبِيّكُم مَرّةً هَاهُنَا وَ مَرّةً هَاهُنَا فَمَا
صفحه : 198
أَنَا بِآمِنٍ أَن يَنزِعَهُ اللّهُ مِنكُم فَيَضَعَهُ فِي غَيرِكُم كَمَا نَزَعتُمُوهُ مِن أَهلِ هَذَا البَيتِ بَعدَ نَبِيّكُم.
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ، عَن أَبِي بَكرٍ الجوَهرَيِّ أَنّ أَبَا سُفيَانَ قَالَ لَمّا بُويِعَ عُثمَانُ كَانَ هَذَا الأَمرُ فِي تَيمٍ، وَ أَنّي لِتَيمٍ هَذَا الأَمرُ، ثُمّ صَارَ إِلَي عدَيِّ فَأَبعَدَ وَ أَبعَدَ، ثُمّ رَجَعَت إِلَي مَنَازِلِهَا وَ استَقَرّ الأَمرُ قَرَارَهُ،فَتَلَقّفُوهَا تَلَقّفَ الكُرَةِ.
قَالَ وَ قَالَ أَبُو بَكرٍ وَ حدَثّنَيِ مُغِيرَةُ بنُ مُحَمّدٍ المهُلَبّيِّ، قَالَ ذَاكَرتُ إِسمَاعِيلَ بنَ إِسحَاقَ القاَضيِ بِهَذَا الحَدِيثِ، وَ إِنّ أَبَا سُفيَانَ قَالَ لِعُثمَانَ بأِبَيِ أَنتَ أَنفِق وَ لَا تَكُن كأَبَيِ حَجَرٍ، وَ تَدَاوَلُوهَا يَا بنَيِ أُمَيّةَ تَدَاوُلَ الوِلدَانِ الكُرَةَ،فَوَ اللّهِ مَا مِن جَنّةٍ وَ لَا نَارٍ، وَ كَانَ الزّبَيرُ حَاضِراً، فَقَالَ عُثمَانُ لأِبَيِ سُفيَانَ اعزُب فَقَالَ يَا بنَيِّ هَاهُنَا أَحَدٌ. قَالَ الزّبَيرُ نَعَم وَ اللّهِ لَا كَتَمتُهَا عَلَيكَ. قَالَ فَقَالَ إِسمَاعِيلُ هَذَا بَاطِلٌ. قُلتُ وَ كَيفَ ذَلِكَ. قَالَ مَا أُنكِرَ هَذَا مِن أَبِي سُفيَانَ، وَ لَكِن أُنكِرَ أَن يَكُونَ عُثمَانُ سَمِعَهُ وَ لَم يَضرِب عُنُقَهُ.
انتهي . وإنّما أوردت هذاالخبر ليظهر لك حقيقة إسلام القوم . ولنرجع إلي بعض ماكنّا فيه
رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ نَقلًا مِن كِتَابِ السّقِيفَةِ لِأَحمَدَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ الجوَهرَيِّ بِإِسنَادِهِ، عَن أَبِي كَعبٍ الحاَرثِيِّ، قَالَ.. أَتَيتُ المَدِينَةَ فَأَتَيتُ عُثمَانَ
صفحه : 199
بنَ عَفّانَ وَ هُوَ الخَلِيفَةُ يَومَئِذٍ،فَسَأَلتُهُ عَن شَيءٍ مِن أَمرِ ديِنيِ، وَ قُلتُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إنِيّ رَجُلٌ مِن أَهلِ اليَمَنِ مِن بنَيِ الحَارِثِ بنِ كَعبٍ، وَ إنِيّ أُرِيدُ أَن أَسأَلَكَ عَن أَشيَاءَ فَأمُر حَاجِبَكَ أَن لَا يحَجبُنَيِ. فَقَالَ يَا وَثّابُ إِذَا جَاءَكَ هَذَا الحاَرثِيِّ فَأذَن لَهُ. قَالَ فَكُنتُ إِذَا جِئتُ قَرَعتُ البَابَ، قَالَ مَن ذَا فَقُلتُ الحاَرثِيِّ،فَيَقُولُ ادخُل،فَدَخَلتُ يَوماً فَإِذَا عُثمَانُ جَالِسٌ وَ حَولَهُ نَفَرٌ سُكُوتٌ لَا يَتَكَلّمُونَ كَأَنّ عَلَي رُءُوسِهِمُ الطّيرَ،فَسَلّمتُ ثُمّ جَلَستُ،فَلَم أَسأَلهُ عَن شَيءٍ لِمَا رَأَيتُ مِن حَالِهِم وَ حَالِهِ،فَبَينَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا جَاءَ نَفَرٌ فَقَالُوا إِنّهُ أَبَي أَن يجَيِءَ. قَالَ فَغَضِبَ وَ قَالَ أَبَي أَن يجَيِءَ اذهَبُوا فَجِيئُوا بِهِ، فَإِن أَبَي فَجَرّوهُ جَرّاً، قَالَ فَمَكَثتُ قَلِيلًا فَجَاءُوا وَ مَعَهُم رَجُلٌ آدَمُ طِوَالٌ أَصلَعُ فِي مُقَدّمِ رَأسِهِ شَعَرَاتٌ وَ فِي قَفَاهُ شَعَرَاتٌ،فَقُلتُ مَن هَذَا.قَالُوا عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ. فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ أَنتَ ألّذِي يَأتِيكَ رُسُلُنَا فَتَأبَي أَن تجَيِءَ. قَالَ فَكَلّمَهُ بشِيَءٍ لَم أَدرِ مَا هُوَ، ثُمّ خَرَجَ فَمَا زَالُوا يَنفَضّونَ مِن عِندِهِ حَتّي مَا بقَيَِ غيَريِ،فَقَامَ،فَقُلتُ وَ اللّهِ لَا أَسأَلُ عَن هَذَا الأَمرِ أَحَداً،أَقُولُ حدَثّنَيِ فُلَانٌ حَتّي أدَريَِ مَا يَصنَعُ،فَتَبِعتُهُ حَتّي دَخَلَ المَسجِدَ، فَإِذَا عَمّارٌ جَالِسٌ إِلَي سَارِيَةٍ وَ حَولَهُ نَفَرٌ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ يَبكُونَ. فَقَالَ عُثمَانُ يَا وَثّابُ عَلَيّ بِالشّرَطِ،فَجَاءُوا. فَقَالَ فَرّقُوا بَينَ هَؤُلَاءِ،فَفَرّقُوا بَينَهُم، ثُمّ أُقِيمَتِ الصّلَاةُ فَتَقَدّمَ عُثمَانُ فَصَلّي بِهِم، فَلَمّا كَبّرَ قَالَتِ امرَأَةٌ مِن حُجرَتِهَا يَا أَيّهَا النّاسُ .. ثُمّ تَكَلّمتُ فَذَكَرتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ وَ مَا بَعَثَهُ اللّهُ بِهِ، ثُمّ قَالَت تَرَكتُم أَمرَ اللّهِ
صفحه : 200
وَ خَالَفتُم عَهدَهُ .. وَ نَحوَ هَذَا، ثُمّ صَمَتَت، وَ تَكَلّمَت امرَأَةٌ أُخرَي بِمِثلِ ذَلِكَ فَإِذَا هُمَا عَائِشَةُ وَ حَفصَةُ، قَالَ فَسَلّمَ عُثمَانُ وَ أَقبَلَ عَلَي النّاسِ وَ قَالَ لَإِنّ هَاتَينِ لَفَتّانَتَانِ يَحِلّ لِي سَبّهُمَا وَ أَنَا بِأَصلِهِمَا عَالِمٌ، فَقَالَ لَهُ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ أَ تَقُولُ هَذَا لِحَبَائِبِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ. فَقَالَ وَ فِيمَ أَنتَ وَ مَا هَاهُنَا، ثُمّ أَقبَلَ نَحوَ سَعدٍ عَامِداً لِيَضرِبَهُ فَانسَلّ سَعدٌ،فَخَرَجَ مِنَ المَسجِدِ،فَاتّبَعَهُ عُثمَانُ فلَقَيَِ عَلِيّاً( ع )بِبَابِ المَسجِدِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَينَ تُرِيدُ. قَالَ أُرِيدُ هَذَا ألّذِي ... كَذَا وَ كَذَا يعَنيِ سَعدٌ يَشتِمُهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَيّهَا الرّجُلُ دَع عَنكَ هَذَا. قَالَ فَلَم يَزَل بَينَهُمَا كَلَامٌ حَتّي غَضِبَا. فَقَالَ عُثمَانُ أَ لَستَ ألّذِي خَلّفَكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ يَومَ تَبُوكَ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَ لَستَ الفَارّ عَن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ يَومَ أُحُدٍ، قَالَ ثُمّ حَجَزَ النّاسُ بَينَهُمَا، قَالَ ثُمّ خَرَجتُ مِنَ المَدِينَةِ حَتّي
صفحه : 201
انتَهَيتُ إِلَي الكُوفَةِ فَوَجَدتُ أَهلَهَا أَيضاً بَينَهُم شَرقٌ نَشِبُوا فِي الفِتنَةِ وَ رَدّوا سَعِيدَ بنَ العَاصِ فَلَم يَدَعُوهُ يَدخُلُ إِلَيهِم، فَلَمّا رَأَيتُ ذَلِكَ رَجَعتُ حَتّي أَتَيتُ بِلَادَ قوَميِ.
و قدمرّ .. وسيأتي الأخبار في فضل عمّار، و هوأشهر من الشمس في رابعة النهار.
وَ قَد رَوَي ابنُ عَبدِ البَرّ فِي الإِستِيعَابِ وَ غَيرِهِ، عَن عَائِشَةَ،قَالَت مَا مِن أَحَدٍ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ أَشَاءُ أَن أَقُولَ فِيهِ إِلّا قُلتُ إِلّا عَمّارَ بنَ يَاسِرٍ،فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ يَقُولُ مُلِئَ عَمّارٌ إِيمَاناً حَتّي أَخمَصَ قَدَمَيهِ. وَ بِرِوَايَةٍ أُخرَي حشُيَِ مَا بَينَ أَخمَصِ قَدَمَيهِ إِلَي شَحمَةِ أُذُنِهِ إِيمَاناً.
صفحه : 202
وَ عَن خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ قَالَ مَن أَبغَضَ عَمّاراً أَبغَضَهُ اللّهُ. قَالَ خَالِدٌ فَمَا زِلتُ أُحِبّهُ مِن يَومِئِذٍ.
وَ عَن أَنَسٍ عَنهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ أَنّهُ قَالَ اشتَاقَتِ الجَنّةُ إِلَي عَلِيّ وَ عَمّارٍ وَ سَلمَانَ وَ بِلَالٍ.
وَ عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ جَاءَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ يَستَأذِنُ عَلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ يَوماً فَعَرَفَ صَوتَهُ، فَقَالَ مَرحَباً بِالطّيّبِ المُطَيّبِ،ائذَنُوا لَهُ.
وَ روُيَِ فِي المِشكَاةِ، عَنِ الترّمذِيِّ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ فِي حَدِيثٍ قَالَ عَمّارٌ هُوَ ألّذِي أَجَارَهُ اللّهُ مِنَ الشّيطَانِ عَلَي لِسَانِ نَبِيّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ].
وَ عَن أَنَسٍ، عَنهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، قَالَ قَالَ إِنّ الجَنّةَ تَشتَاقُ إِلَي ثَلَاثَةٍ عَلِيّ وَ عَمّارٍ وَ سَلمَانَ
صفحه : 203
وَ عَن عَائِشَةَ،قَالَت قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] مَا خُيّرَ عَمّارٌ بَينَ أَمرَينِ إِلّا اختَارَ أَشَدّهُمَا عَلَي بَدَنِهِ.
وَ عَن أَحمَدَ بِإِسنَادِهِ، عَن خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ، قَالَ كَانَ بيَنيِ وَ بَينَ عَمّارِ بنِ يَاسِرٍ كَلَامٌ فَأَغلَظتُ لَهُ فِي القَولِ،فَانطَلَقَ عَمّارٌ يشَكوُنيِ إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]، قَالَ فَجَاءَ خَالِدٌ وَ هُوَ يَشكُوهُ إِلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]، قَالَ فَجَعَلَ يُغَلّظُهُ لَهُ وَ لَا يَزِيدُهُ إِلّا غِلظَةً وَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]سَاكِتٌ لَا يَتَكَلّمُ،فَبَكَي عَمّارٌ وَ قَالَ أَ لَا تَرَاهُ.فَرَفَعَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]رَأسَهُ، وَ قَالَ مَن عَادَي عَمّاراً عَادَاهُ اللّهُ، وَ مَن أَبغَضَ عَمّاراً أَبغَضَهُ اللّهُ. قَالَ خَالِدٌ فَخَرَجتُ فَمَا كَانَ شَيءٌ أَحَبّ إلِيَّ مِن رِضَي عَمّارٍ،فَلَقِيتُهُ بِمَا رضَيَِ فرَضَيَِ.
وَ روُيَِ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَنِ البخُاَريِّ، عَن عِكرِمَةَ، عَن أَبِي سَعِيدٍ
صفحه : 204
الخدُريِّ فِي ذِكرِ بِنَاءِ المَسجِدِ، قَالَ كُنّا نَحمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَ عَمّارٌ لَبِنَتَينِ لَبِنَتَينِ،فَرَآهُ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]يَنفُضُ التّرَابَ عَنهُ، وَ يَقُولُ وَيحَ عَمّارٍ يَدعُوهُم إِلَي الجَنّةِ وَ يَدعُونَهُ إِلَي النّارِ. قَالَ وَ يَقُولُ عَمّارٌ أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الفِتَنِ.
وروي من صحاحهم الأخبار السالفة بأسانيد. و لايخفي علي عاقل بعدملاحظة الأخبار السابقة التي رووها في صحاحهم حال من ضرب وشتم وأهان وعادي رجلا
قَالَ فِيهِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّ مَن عَادَاهُ فَقَد عَادَي اللّهَ وَ مَن أَبغَضَهُ فَقَد أَبغَضَ اللّهَ، وَ إِنّ الجَنّةَ تَشتَاقُ إِلَيهِ، وَ إِنّهُ مَملُوّ إِيمَاناً، وَ إِنّ اللّهَ أَجَارَهُ مِنَ الشّيطَانِ،
صفحه : 205
أنّه جمع الناس علي قراءة زيد بن ثابت خاصّة وأحرق المصاحف وأبطل ما لاشكّ أنّه منزل من القرآن ، و أنّه مأخوذ من الرسول صلّي اللّه عليه وآله ، و لو كان ذلك حسنا لسبق إليه رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله ،
وَ سيَأَتيِ فِي كِتَابِ القُرآنِ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ جَمَعَ القُرآنَ بَعدَ وَفَاةِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَمَا أَوصَأَ بِهِ فَجَاءَ بِهِ إِلَي المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ، فَلَمّا رَأَي أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ اشتِمَالَهُ عَلَي فَضَائِحِ القَومِ أَعرَضَا عَنهُ وَ أَمَرَا زَيدَ بنَ ثَابِتٍ بِجَمعِ القُرآنِ وَ إِسقَاطِ مَا اشتَمَلَ مِنهُ عَلَي الفَضَائِحِ، وَ لَمّا استُخلِفَ عُمَرُ سَأَلَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ أَن يَدفَعَ إِلَيهِ القُرآنَ ألّذِي جَمَعَهُ لِيُحرِقَهُ وَ يُبطِلَهُ،فَأَبَي عَلَيهِ السّلَامُ عَن ذَلِكَ، وَ قَالَ( لا يَمَسّهُ إِلّا المُطَهّرُونَ) مِن ولُديِ، وَ لَا يُظهَرُ حَتّي يَقُومَ القَائِمُ مِن أَهلِ البَيتِ
صفحه : 206
عَلَيهِمُ السّلَامُ فَيَحمِلَ النّاسَ عَلَيهِ وَ يجَريَِ السّنّةَ عَلَي مَا يَتَضَمّنُهُ وَ يَقتَضِيهِ.
وسيأتي الأخبار الكثيرة في ذلك من طرق الخاصّة والعامّة. وتفصيل القول في ذلك ، أنّ الطعن فيه من وجهين الأول جمع الناس علي قراءة زيد بن ثابت إبطال للقرآن المنزل ، وعدول عن الراجح إلي المرجوح في اختيار زيد بن ثابت من حملة قراءة القرآن ،بل هوردّ صريح لقول الرسول صلّي اللّه عليه وآله علي مايدلّ عليه صحاح أخبارهم . والثاني أنّ إحراق المصاحف الصحيحة استخفاف بالدين ومحادّة للّه ربّ العالمين . أمّا الثاني، فلايخفي علي من له حظّ من العقل والإيمان . و أمّا الأول ،فلأنّ أخبارهم متضافرة في أنّ القرآن نزل علي سبعة أحرف ، و أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه وآله لم ينه أحدا عن الاختلاف في قراءة القرآن بل قرّرهم عليه ، وصرّح بجوازه ، وأمر الناس بالتعلّم من ابن مسعود وغيره ممّن منع عثمان من قراءتهم ، وورد في فضلهم وعلمهم بالقرآن ما لم يرد في زيد بن ثابت ،فجمع الناس علي قراءته وحظر ماسواه ليس إلّا ردّا لقول رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله وإبطالا للصحيح الثابت من كتاب اللّه عزّ و جلّ.فأمّا مايدلّ من رواياتهم علي
صفحه : 207
أنّ القرآن نزل علي سبعة أحرف ، و علي تقرير النبيّ صلّي اللّه عليه وآله علي الاختلاف في القراءة.فمنها
مَا رَوَاهُ البخُاَريِّ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] قَالَ أقَرأَنَيِ جَبرَئِيلُ عَلَي حَرفٍ فَرَاجَعتُهُ فزَاَدنَيِ،فَلَم أَزَل أَستَزِيدُهُ وَ يزَيِدنُيِ حَتّي انتَهَي عَلَي سَبعَةِ أَحرُفٍ.
وَ روُيَِ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَنِ البخُاَريِّ وَ مُسلِمٌ وَ مَالِكٌ وَ أَبُو دَاوُدَ وَ النسّاَئيِّ بِأَسَانِيدِهِم، عَن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، قَالَسَمِعتُ هِشَامَ بنَ حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ يَقرَأُ سُورَةَ الفُرقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ فَاستَمَعتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقرَؤُهُ عَلَي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَم يَقرَأَنِيهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ فَكِدتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصّلَاةِ،فَتَرَبّصتُ حَتّي سَلّمَ فَلَبَبتُهُ بِرِدَائِهِ،فَقُلتُ مَن أَقرَأَكَ هَذِهِ السّورَةَ التّيِ سَمِعتُكَ تَقرَؤُهَا. قَالَ أَقرَأَنِيهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ،فَقُلتُ كَذَبتَ، فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ
صفحه : 208
عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ قَد أَقرَأَنِيهَا عَلَي غَيرِ مَا قَرَأتَ،فَانطَلَقتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]،فَقُلتُ إنِيّ سَمِعتُ هَذَا يَقرَأُ سُورَةَ الفُرقَانِ عَلَي حُرُوفٍ لَم تَقرَأنِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ أَرسِلهُ،اقرَأ يَا هِشَامُ.فَقَرَأَ عَلَيهِ القِرَاءَةَ التّيِ سَمِعتُهُ يَقرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ كَذَلِكَ أُنزِلَت، ثُمّ قَالَ اقرَأ يَا عُمَرُ.فَقَرَأتُهُ القِرَاءَةَ التّيِ أقَرأَنَيِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ كَذَلِكَ أُنزِلَت، إِنّ هَذَا القُرآنَ أُنزِلَ عَلَي سَبعَةِ أَحرُفٍفَاقرَؤُا ما تَيَسّرَ مِنهُ. قَالَ فِي جَامِعِ الأُصُولِ أَخرَجَهُ الجَمَاعَةُ. وَ قَالَ الترّمذِيِّ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَ رَوَي مُسلِمٌ وَ الترّمذِيِّ وَ أَبِي دَاوُدَ وَ النسّاَئيِّ فِي صِحَاحِهِم وَ أَورَدَهُ فِي المِشكَاةِ وَ فِي جَامِعِ الأُصُولِ عَن أُبَيّ بنِ كَعبٍ، قَالَكُنتُ فِي المَسجِدِ فَدَخَلَ رَجُلٌ يصُلَيّ فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنكَرتُهَا، ثُمّ دَخَلَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَي قِرَاءَةِ
صفحه : 209
صَاحِبِهِ، فَلَمّا قَضَيتُ الصّلَاةَ دَخَلنَا جَمِيعاً عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ،فَقُلتُ إِنّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنكَرتُهَا عَلَيهِ،فَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَي قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ،فَأَمَرَهُمَا النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ فَقَرَءَا فَحَسّنَ شَأنَهُمَا فَسُقِطَ فِي نفَسيِ مِنَ التّكذِيبِ وَ لَا إِذ كُنتُ فِي الجَاهِلِيّةِ، فَلَمّا رَأَي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ مَا قَد غشَيِنَيِ،ضَرَبَ فِي صدَريِ فَفِضتُ عَرَقاً، وَ كَأَنّمَا أَنظُرُ إِلَي اللّهِ فَرَقاً. فَقَالَ لِي يَا أُبَيّ أُرسِلَ إلِيَّ أَن أَقرَأَ القُرآنَ عَلَي حَرفٍ،فَرَدَدتُ إِلَيهِ أَن هَوّن عَلَي أمُتّيِ،فَرَدّ إلِيَّ الثّانِيَةَ اقرَأهُ عَلَي حَرفَينِ،فَرَدَدتُ إِلَيهِ أَن هَوّن عَلَي أمُتّيِ،فَرَدّ إلِيَّ الثّالِثَةَ اقرَأهُ عَلَي سَبعَةِ أَحرُفٍ، وَ لَكَ بِكُلّ رَدّةٍ رَدَدتُكَهَا مَسأَلَةٌ تَسأَلُنِيهَا، فَقَالَ أللّهُمّ اغفِر لأِمُتّيِ، أللّهُمّ اغفِر لأِمُتّيِ، وَ أَخّرتُ الثّالِثَةَ لِيَومٍ يَرغَبُ إلِيَّ الخَلقُ كُلّهُم حَتّي اِبرَاهِيمُ عَلَيهِ السّلَامُ.
أقول و قدرووا روايات كثيرة بتلك المضامين لانطيل الكلام بإيرادها،
صفحه : 210
وَ فِي بَعضِهَا قَالَ لقَيَِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ جَبرَئِيلَ، فَقَالَ يَا جَبرَئِيلُ إنِيّ بُعِثتُ إِلَي أُمّةٍ أُمّيّينَ مِنهُمُ العَجُوزُ وَ الشّيخُ الكَبِيرُ وَ الغُلَامُ وَ الجَارِيَةُ وَ الرّجُلُ ألّذِي لَا يَقرَأُ كِتَاباً قَطّ، فَقَالَ لِي يَا مُحَمّدُ إِنّ القُرآنَ أُنزِلَ عَلَي سَبعَةِ أَحرُفٍ.
فهذه الأخبار كماتري صريحة في جواز القراءة علي الوجوه المختلفة، و إنّ كلّا من الأحرف السبعة من كلام اللّه المنزل ، و في بعض الروايات تصريح بأنّه صلّي اللّه عليه وآله كره المنع من القراءات المتعدّدة،فجمع الناس علي قراءة واحدة، والمنع عمّا سواها ردّ صريح ومضادّة لنصّ الرسول صلّي اللّه عليه وآله . و ماقيل من أنّ المراد بنزوله علي سبعة أحرف اشتماله علي سبعة معان ،كالوعد والوعيد والمحكم والمتشابه والحلال والحرام والقصص والأمثال والأمر والنهي .. ونحو ذلك فالأخبار تدفعه ،لأنّها ناطقة بأنّ السبعة الأحرف ممّا يختلف به اللفظ و ليس الاختلاف فيهامقصورا علي المعني . وكذا مايقال من أنّ هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله وضبطتها عنه الأئمّة وأثبتها عثمان والجماعة في المصحف وأخبروا بصحّتها، وإنّما حذفوا عنها ما لم يثبت متواترا، و إنّ هذه الأحرف تختلف معانيها تارة وألفاظها أخري فهو مردود بأنّ من راجع السير وكتب القراءة علم أنّ مصحف عثمان لم يكن إلّا حرفا واحد، و أنّه أبطل ماسوي ذلك الحرف ، ولذلك نقم عليه ابن مسعود وغيره ، و كان غرضه رفع الاختلاف وجمع الناس علي أمر واحد واختيار هؤلاء السبعة من بين القرّاء، والاقتصار علي قراءتهم ، ورفض
صفحه : 211
من سواهم من القرّاء علي كثرتهم إنّما هو من فعل المتأخّرين، و قدتشعّبت القراءات واختلفت كلمة القرّاء بعد ماجمع عثمان الناس علي قراءة زيد بن ثابت ، وكتب المصاحف السبعة علي المشهور بين القرّاء فبعث بواحد منها إلي الكوفة وبواحد إلي البصرة و إلي كلّ من الشام ومكة واليمن والبحرين بواحد وأمسك في المدينة مصحفا كانوا يقولون له الإمام ، ثم لّما كانت تلك المصاحف مجرّدة عن النقط وعلامة الإعراب ونحو ذلك ، وكانت الكلمات المشتملة علي حرف الألف مرسومة فيهابغير ألف ،اختلفت القراءات بحسب ماتحتمله صورة الكتابة،فقرأ كلّ بما ظنّه أولي من حيث المعني أو من جهة قواعد العربية واللغة إلّا في مواضع يسيرة لم يتّفقوا علي صورة الكتابة، والظاهر أنّها نشأت من كتّاب المصاحف السبعة، واختلافها إمّا لأنّ كلّا منهم كتب الكلمة بلغة كانت عنده أصحّ كالصراط بالصاد والسين ، أوللسهو والغفلة، أولاشتباه حصل في صورة الكتابة. وبالجملة،جميع القرّاء المتأخّرين عن عصر الصحابة السبعة وغيرهم يزعمون مطابقة قراءتهم لمصحف من مصاحف عثمان ،بل للقراءة الواحدة التيّ جمع عثمان الناس عليها وأمر بترك ماسواها،فهذه القراءات إنّما تشعّبت عن مصاحف عثمان ، ولذلك اشترط علماء القراءة في صحّة القراءة ووجوب اعتبارها ثلاثة شروط كونها منقولة عن الثقات ، وكونها غيرمخالفة للقواعد، وكونها مطابقة لرسم مصحف من تلك المصاحف بحيث تحتملها صورة الكتابة و إن كانت محتملة لغيرها، وادّعوا انعقاد الإجماع علي صحّة كلّ قراءة كانت كذلك ، و لماكثر اختلاف القرّاء وتكثّرت القراءات الصحيحة عندهم جري المتأخّرون منهم علي سنّة عثمان في إبطال القراءات ،فاقتصر طائفة منهم علي السبعة، وزاد طائفة ثلاثة، وزاد بعضهم علي العشرة، وطرح بعضهم الثلاثة من العشرة، وزاد عشرين رجلا، وزاد الطبري علي السبعة نحو خمسة عشر رجلا، و قدفعلوا
صفحه : 212
بالرواة عن السبعة أوالعشرة أوفوقهما مافعلوا بهؤلاء،فاعتبروا قوما من الرواة وطرحوا أكثرهم . و قدبسط الجزري في النشر الكلام في ذلك ، قال بعدإيراد تشعّب القراءات وكثرتها ما هذالفظه بلغنا عن بعض من لاعلم له أنّ القراءات الصحيحة هي التيّ عن هؤلاء السبعة، أو أنّ الأحرف السبعة التيّ أشار إليها النبيّ صلّي اللّه عليه [ وآله ]هي قراءة هؤلاء السبعة،بل غلب علي كثير من الجهّال أنّ القراءات الصحيحة هي التيّ في الشاطبيّة والتيسير، وأنّها هي المشار إليها
بِقَولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] أُنزِلَ القُرآنُ عَلَي سَبعَةِ أَحرُفٍ
، حتّي أنّ بعضهم يطلق علي ما لم يكن في هذين الكتابين أنّه شاذّ. ثم قال وإنّما أوقع هؤلاء في الشبهة كونهم سمعوا أنزل القرآن علي سبعة أحرف ، وسمعوا قراءات السبعة،فظنّوا أنّ هذه السبعة هي تلك المشار إليها، ولذلك كره كثير من الأئمّة المتقدّمين اقتصار ابن مجاهد علي سبعة من القرّاء وخطّئوه في ذلك ، وقالوا أ لاأقتصر علي دون هذاالعدد أوزاده أو بين مراده ليخلّص من لايعلم من هذه الشبهة .. ثم نقل مثل هذاالكلام عن إمامه أبي العباس المهدوي.أقول فظهر أنّ تعدّد تلك القراءات لاينفع في القدح فيما فعله عثمان من المنع من غيرقراءة زيد بن ثابت وجمع الناس عليها، ثم لوتنزّلنا عن هذاالمقام وقلنا بجواز جمع الناس علي قراءة واحدة فنقول اختيار زيد بن ثابت علي مثل عبد اللّه بن مسعود والمنع من قراءته وتعلّم القرآن منه مخالفة صريحة لأمر الرسول
صفحه : 213
صلي اللّه عليه وآله علي ماتظافرت به أخبارهم الصحيحة عندهم .فقد
رَوَي ابنُ عَبدِ البَرّ فِي الإِستِيعَابِ فِي تَرجَمَةِ ابنِ مَسعُودٍ، عَنِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ أَنّهُ قَالَ استَقرِءُوا القُرآنَ مِن أَربَعَةِ نَفَرٍ فَبَدَأَ بِابنِ أُمّ عَبدٍ.
وَ عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ يَقُولُ خُذُوا القُرآنَ مِن أَربَعَةٍ مِنِ ابنِ أُمّ عَبدٍ فَبَدَأَ بِهِ وَ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَ أُبَيّ بنِ كَعبٍ، وَ سَالِمٍ مَولَي أَبِي حُذَيفَةَ. قَالَ وَ قَالَ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ مَن أَحَبّ أَن يَسمَعَ القُرآنَ غَضّاً فَليَسمَعهُ مِنِ ابنِ أُمّ عَبدٍ. وَ بَعضُهُم يَروِيهِ مَن أَرَادَ أَن يَقرَأَ القُرآنَ غَضّاً كَمَا أُنزِلَ فَليَقرَأهُ عَلَي قِرَاءَةِ ابنِ أُمّ عَبدٍ.
و عن عبد اللّه مثله .
وَ عَن أَبِي وَائِلٍ، قَالَ سَمِعتُ ابنَ مَسعُودٍ يَقُولُ إنِيّ لَأَعلَمُهُم بِكِتَابِ اللّهِ وَ مَا أَنَا بِخَيرِهِم، وَ مَا فِي كِتَابِ اللّهِ سُورَةٌ وَ لَا آيَةٌ إِلّا وَ أَنَا أَعلَمُ فِيمَا نَزَلَت، وَ مَتَي نَزَلَت. قَالَ أَبُو وَائِلٍ فَمَا سَمِعتُ أَحَداً أَنكَرَ عَلَيهِ ذَلِكَ.
وَ عَن حُذَيفَةَ قَالَ لَقَد عَلِمَ المَحفُوظُونَ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ أَنّ عَبدَ اللّهِ كَانَ مِن أَقرَبِهِم وَسِيلَةً، وَ أَعلَمِهِم بِكِتَابِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ.
صفحه : 214
وَ عَن أَبِي ظَبيَانَ، قَالَ قَالَ لِي عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ أَيّ القِرَاءَتَينِ تَقرَأُ. قُلتُ القِرَاءَةُ الأُولَي،قِرَاءَةُ ابنِ أُمّ عَبدٍ. فَقَالَ لِي بَل هيَِ القِرَاءَةُ الأَخِيرَةُ، إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ كَانَ يَعرِضُ القُرآنَ عَلَي جَبرَئِيلَ فِي كُلّ عَامٍ مَرّةً، فَلَمّا كَانَ العَامُ ألّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ عَرَضَهُ عَلَيهِ مَرّتَينِ،فَحَضَرَ ذَلِكَ عَبدُ اللّهِ فَعَلِمَ مَا نُسِخَ مِن ذَلِكَ وَ مَا بُدّلَ.
وَ عَن عَلقَمَةَ، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَي عُمَرَ وَ هُوَ بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ جِئتُكَ مِنَ الكُوفَةِ وَ تَرَكتُ بِهَا رَجُلًا يمُليِ المَصَاحِفَ عَن ظَهرِ قَلبِهِ،فَغَضِبَ عُمَرُ غَضَباً شَدِيداً وَ قَالَ وَيحَكَ وَ مَن هُوَ. قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ مَسعُودٍ. قَالَ فَذَهَبَ عَنهُ الغَضَبُ، وَ سَكَنَ وَ عَادَ إِلَي حَالِهِ، وَ قَالَ وَ اللّهِ مَا أَعلَمُ مِنَ النّاسِ أَحَداً هُوَ أَحَقّ بِذَلِكَ مِنهُ.
قَالَ وَ سُئِلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عَن قَومٍ مِنَ الصّحَابَةِ مِنهُمُ ابنُ مَسعُودٍ، فَقَالَ أَمّا ابنُ مَسعُودٍ فَقَرَأَ القُرآنَ وَ عَلِمَ السّنّةَ .. وَ كَفَي بِذَلِكَ.
وَ عَن شَقِيقٍ، عَن أَبِي وَائِلٍ، قَالَ لَمّا أَمَرَ عُثمَانُ فِي المَصَاحِفِ بِمَا أَمَرَ،قَامَ عَبدُ اللّهِ بنُ مَسعُودٍ خَطِيباً، فَقَالَ تأَمرُوُننَيِ أَن أَقرَأَ القُرآنَ عَلَي قِرَاءَةِ زَيدِ بنِ ثَابِتٍ وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ لَقَد أَخَذتُ مِن فِي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ
صفحه : 215
سَبعِينَ سُورَةً، وَ إِنّ زَيدَ بنَ ثَابِتٍ لَذُو ذُؤَابَةٍ يَلعَبُ مَعَ الغِلمَانِ، وَ اللّهِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرآنِ شَيءٌ إِلّا وَ أَنَا أَعلَمُ فِي أَيّ شَيءٍ نَزَلَ، وَ مَا أَحَدٌ أَعلَمَ بِكِتَابِ اللّهِ منِيّ، وَ لَو أَعلَمُ أَحَداً أَعلَمَ منِيّ بِكِتَابِ اللّهِ تَبلُغُنِيهِ الإِبِلُ لَأَتَيتُهُ. قَالَ ثُمّ استَحيَا مِمّا قَالَ، فَقَالَ وَ مَا أَنَا بِخَيرِكُم. قَالَ شَقِيقٌ فَقَعَدتُ فِي الحَلَقِ فِيهَا أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ فَمَا سَمِعتُ أَحَداً أَنكَرَ عَلَيهِ وَ لَا رَدّ مَا قَالَ.
وَ رَوَي فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَنِ البخُاَريِّ وَ مُسلِمٌ وَ الترّمذِيِّ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرِو بنِ العَاصِ، قَالَ ذُكِرَ عِندَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ مَسعُودٍ، فَقَالَ لَا أَزَالُ أُحِبّهُ،سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ يَقُولُ خُذُوا القُرآنَ مِن أَربَعَةٍ، مِن عَبدِ اللّهِ، وَ سَالِمٍ، وَ مُعَاذٍ، وَ أُبَيّ بنِ كَعبٍ.استَقرِءُوا القُرآنَ مِن أَربَعَةٍ، مِنِ ابنِ مَسعُودٍ فَبَدَأَ بِهِ، وَ سَالِمٍ مَولَي أَبِي حُذَيفَةَ، وَ مُعَاذٍ، وَ أُبَيّ.
وَ فِي رِوَايَةِ الترّمذِيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ خُذُوا القُرآنَ مِن أَربَعَةٍ، مِنِ ابنِ مَسعُودٍ، وَ أُبَيّ بنِ كَعبٍ، وَ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَ سَالِمٍ مَولَي أَبِي حُذَيفَةَ.
صفحه : 216
وروي من الصحاح أكثر الأخبار السالفة بأسانيد،فهذا مارووه في ابن مسعود و أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه وآله أمر الناس بأخذ القرآن منه ، وصرّح بأنّ قراءته مطابقة للقرآن المنزل ،فالمنع من قراءته وإحراق مصحفه ردّ علي الرسول صلّي اللّه عليه وآله ومحادّة للّه عزّ و جلّ، و مع التنزّل عن مخالفة النصّ أيضا نقول كان علي عثمان أن يجمعهم علي قراءة عبد اللّه دون زيد،إذ قدروي في فضل عبد اللّه ماسمعت و لم يذكروا لزيد بن ثابت فضلا يشابه ماروي في عبد اللّه سندا و لامتنا، و قدرووا مايقدح فيه و لم يذكر أحد منهم قدحا في عبد اللّه، والإطناب في ذلك يوجب الخروج عمّا هوالمقصود من الكتاب ، و من أراد ذلك فليرجع إلي الإستيعاب وغيره ليظهر له ماذكرنا. و قال في الإستيعاب كان زيد عثمانيّا و لم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد عليّ عليه السلام مع الأنصار.فظهر أنّ السبب الحامل لهم علي تفويض جمع القرآن إليه أوّلا، وجمع الناس علي قراءته ثانيا تحريف الكلم عن مواضعه ، وإسقاط بعض الآيات الدالّة علي فضل أهل البيت عليهم السلام والنصّ عليهم ، كمايظهر من الأخبار المأثورة عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، و لوفوّضوا إلي غيره لم يتيسّر لهم ماحاولوا. و من جملة القراءات التيّ حظرها وأحرق المصحف المطابق لها قراءة أبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل ، و قدعرفت في بعض الروايات السابقة أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه وآله أمر بالأخذ عنهما. هذاسوق الطعن علي وجه الإلزام وبناء الكلام علي الروايات العاميّة، و أمّا إذابني الكلام علي ماروي عن أهل البيت عليهم السلام
صفحه : 217
فتوجّه الطعن أظهر وأبين ، كماستطّلع عليه في كتاب القرآن إن شاء اللّه.
توضيح قوله فَسُقِطَ في نفسي .. يقال للنّادم المتحسّر علي فعل فعله سُقِطَ في يده و هومسقوط في يده ، قال اللّه تعالي ( لَمّا سُقِطَ فِي أَيدِيهِم) ولعلّه هنا أيضا بهذا المعني . و قال بعض شرّاح الحديث من العامّة سقط ببناء مجهول .. أي ندمت ووقع في خاطري من تكذيب النبيّ صلّي اللّه عليه وآله ما لم أقدر علي وصفه ،ففاعل سقط محذوف .. أي سقط في نفسي ما لم يسقط مثله في الإسلام و لا في الجاهليّة،لأنّه كان في الجاهليّة غافلا أومتشكّكا، و كان من أكابر الصحابة، و ماوقع له فهو من نزغة الشيطان وزال ببركة يد النبيّ صلّي اللّه عليه وآله . و قال النووي في شرح صحيح مسلم أي وقع في نفسي من تصويب قراءة الرجلين أشدّ ممّا كنت في الجاهليّة،لأنّه كان إمّا جاهلا أومتشكّكا ووسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب . قوله فَفِضتُ بكسر الفاء، قوله عرقا،تمييز،كقولهم تصيّب الفرس عرقا. و قال الكرماني إسناد الفيضان إلي نفسه و إن كان مستدركا بالتميّز فإنّ فيه إشارة إلي أنّ العرق فاض منه حتّي كأنّ النفس فاضت معه ، ومثله قولهم سالت
صفحه : 218
عيني دمعا.
إنّه كان يؤثر أهل بيته بالأموال العظيمة من بيت مال المسلمين ،نحو ماروي أنّه دفع إلي أربعة من قريش زوّجهم بناته أربعمائة ألفي دينار، وأعطي مروان مائة ألف عندفتح إفريقية، ويروي خمس إفريقية.
وَ رَوَي السّيّدُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ، عَنِ الواَقدِيِّ بِإِسنَادِهِ، قَالَ قَدِمَت إِبِلٌ مِن إِبِلِ الصّدَقَةِ عَلَي عُثمَانَ فَوَهَبَهَا لِلحَارِثِ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ.
وَ روُيَِ أَيضاً أَنّهُ وَلّي الحَكَمَ بنَ أَبِي العَاصِ صَدَقَاتِ قُضَاعَةَ فَبَلَغَت ثَلَاثَمِائَةِ
صفحه : 219
أَلفٍ فَوَهَبَهَا لَهُ حِينَ أَتَاهُ بِهَا.
وَ قَد رَوَي أَبُو مِخنَفٍ وَ الواَقدِيِّ جَمِيعاً أَنّ النّاسَ أَنكَرُوا عَلَي عُثمَانَ إِعطَاءَهُ سَعِيدَ بنَ العَاصِ مِائَةَ أَلفٍ،فَكَلّمَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ الزّبَيرُ وَ طَلحَةُ وَ سَعدٌ وَ عَبدُ الرّحمَنِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ إِنّ لِي قَرَابَةً وَ رَحِماً.فَقَالُوا أَ مَا كَانَ لأِبَيِ بَكرٍ وَ عُمَرَ قَرَابَةٌ وَ ذُو رَحِمٍ. فَقَالَ إِنّ أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ كَانَا يَحتَسِبَانِ فِي مَنعِ قَرَابَتِهِمَا، وَ أَنَا أَحتَسِبُ فِي إِعطَاءِ قرَاَبتَيِ،قَالُوا فَهُدَاهُمَا وَ اللّهِ أَحَبّ إِلَينَا مِن هُدَاكَ.
وَ قَد رَوَي أَبُو مِخنَفٍ أَنّهُ لَمّا قَدِمَ عَلَي عُثمَانَ عَبدُ اللّهِ بنُ خَالِدِ بنِ أُسَيدِ بنِ أَبِي العَاصِ مِن مَكّةَ وَ نَاسٌ مَعَهُ أَمَرَ لِعَبدِ اللّهِ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلفٍ وَ لِكُلّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنَ القَومِ بِمِائَةِ أَلفٍ، وَ صَكّ بِذَلِكَ عَلَي عَبدِ اللّهِ بنِ الأَرقَمِ وَ كَانَ خَازِنَ بَيتِ المَالِ فَاستَكثَرَهُ وَ برد الصّكّ بِهِ، وَ يُقَالُ إِنّهُ سَأَلَ عُثمَانَ أَن يَكتُبَ عَلَيهِ بِذَلِكَ كِتَابَ دَينٍ فَأَبَي ذَلِكَ، وَ امتَنَعَ ابنُ الأَرقَمِ أَن يَدفَعَ المَالَ إِلَي القَومِ، فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ
صفحه : 220
إِنّمَا أَنتَ خَازِنٌ لَنَا فَمَا حَمَلَكَ عَلَي مَا فَعَلتَ. فَقَالَ ابنُ الأَرقَمِ كُنتُ أرَاَنيِ خَازِناً لِلمُسلِمِينَ وَ إِنّمَا خَازِنُكَ غُلَامُكَ، وَ اللّهِ لَا ألَيِ لَكَ بَيتَ المَالِ أَبَداً، وَ جَاءَ بِالمَفَاتِيحِ فَعَلّقَهَا عَلَي المِنبَرِ، وَ يُقَالُ بَل أَلقَاهَا إِلَي عُثمَانَ،فَدَفَعَهَا عُثمَانُ إِلَي نَائِلٍ مَولَاهُ.
وَ رَوَي الواَقدِيِّ أَنّ عُثمَانَ أَمَرَ زَيدَ بنَ ثَابِتٍ أَن يَحمِلَ مِن بَيتِ المَالِ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ الأَرقَمِ فِي عَقِيبِ هَذَا الفِعلِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلفِ دِرهَمٍ، فَلَمّا دَخَلَ بِهَا عَلَيهِ قَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمّدٍ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَرسَلَ إِلَيكَ يَقُولُ لَكَ إِنّا قَد شَغَلنَاكَ عَنِ التّجَارَةِ وَ لَكَ ذُو رَحِمٍ أَهلُ حَاجَةٍ،فَفَرّق هَذَا المَالَ فِيهِم، وَ استَعِن بِهِ عَلَي عِيَالِكَ. فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ الأَرقَمِ مَا لِي إِلَيهِ حَاجَةٌ وَ مَا عَمِلتُ لِأَن يثُيِبنَيِ عُثمَانُ وَ اللّهِ لَئِن كَانَ هَذَا مِن مَالِ المُسلِمِينَ مَا بَلَغَ قَدرُ عمَلَيِ أَن أُعطَي ثَلَاثَمِائَةِ أَلفِ دِرهَمٍ، وَ لَئِن كَانَ مِن مَالِ عُثمَانَ مَا أُحِبّ أَن أزرأ مِن مَالِهِ شَيئاً.
صفحه : 221
وَ رَوَي الواَقدِيِّ، عَن أُسَامَةَ بنِ زَيدٍ، عَن نَافِعٍ مَولَي الزّبَيرِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الزّبَيرِ، قَالَ أَغزَانَا عُثمَانُ سَنَةَ سَبعٍ وَ عِشرِينَ إِفرِيقِيَةَ فَأَصَابَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَعدِ بنِ أَبِي سَرحٍ غَنَائِمَ جَلِيلَةً،فَأَعطَي عُثمَانُ مَروَانَ بنَ الحَكَمِ تِلكَ الغَنَائِمَ.
وَ رَوَي الواَقدِيِّ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ، عَن أُمّ بَكرٍ بِنتِ المِسوَرِ،قَالَت لَمّا بَنَي مَروَانَ دَارَهُ بِالمَدِينَةِ دَعَا النّاسَ إِلَي طَعَامِهِ وَ كَانَ المِسوَرُ مِمّن دَعَاهُ فَقَالَ مَروَانُ وَ هُوَ يُحَدّثُهُم وَ اللّهِ مَا أَنفَقتُ فِي داَريِ هَذِهِ مِن مَالِ المُسلِمِينَ دِرهَماً فَمَا فَوقَهُ. فَقَالَ المِسوَرُ لَو أَكَلتَ طَعَامَكَ وَ سَكَتّ كَانَ خَيراً لَكَ،لَقَد غَزَوتَ مَعَنَا إِفرِيقِيَةَ وَ إِنّكَ لَأَقَلّنَا مَالًا وَ رَقِيقاً وَ أَعوَاناً وَ أَخَفّنَا ثِقلًا،فَأَعطَاكَ ابنُ عَمّكَ خُمُسَ إِفرِيقِيَةَ وَ عَمِلتَ عَلَي الصّدَقَاتِ فَأَخَذتَ أَموَالَ المُسلِمِينَ.
وَ رَوَي الكلَبيِّ، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي مِخنَفٍ أَنّ مَروَانَ ابتَاعَ خُمُسَ إِفرِيقِيَةَ بمِاِئتَيَ أَلفِ دِرهَمٍ وَ مِائَةِ أَلفِ دِينَارٍ وَ كَلّمَ عُثمَانَ فَوَهَبَهَا لَهُ،فَأَنكَرَ النّاسُ ذَلِكَ عَلَي عُثمَانَ ..
هذا ماأورده السيّد رحمه اللّه من الأخبار.
صفحه : 222
وروي المسعودي وغيره من مؤرخّي الخاصّة والعامّة أكثر من ذلك .
صفحه : 223
و هذاعدول عن سنّة النبيّ صلّي اللّه عليه وآله وسيرة المتقدّمين عليه ، وأصل الخروج عن العدول في القسمة و إن كان من بدع عمر إلّا أنّ عثمان ترك العدل رأسا بحيث لم يخف بطلانه وتضمّنه للجور العظيم والبدعة الفاحشة علي العوام أيضا، و لمااعتاد الرؤساء في أيّامه بالتوثّب علي الأموال واقتناء الذخائر ونسوا سنّة الرسول في التسوية بين الوضيع والشريف شقّ عليهم سيرة أمير المؤمنين عليه السلام فعدلوا عن طاعته ومال طائفة منهم إلي معاوية وخرج عليه طلحة والزبير فقامت فتنة الجمل وغيرها،فهذه البدعة مع قطع النظر عن خطر التصرّف في أموال المسلمين كانت من موادّ الشرور والفتن الحادثة بعدها إلي يوم النشور.
صفحه : 224
أنّه عطّل الحدود الواجبة كالحدّ في عبيد اللّه بن عمر،فإنّه قتل الهرمزان بعدإسلامه فلم يقد به ، و قد كان أمير المؤمنين عليه السلام يطلبه .
رَوَي السّيّدُ رَحِمَهُ اللّهُ فِي الشاّفيِ، عَن زِيَادِ بنِ عَبدِ اللّهِ، عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ، عَن أَبَانِ بنِ صَالِحٍ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ أَتَي عُثمَانَ بَعدَ مَا استُخلِفَ،فَكَلّمَهُ فِي عُبَيدِ اللّهِ وَ لَم يُكَلّمهُ أَحَدٌ غَيرُهُ، فَقَالَ اقتُل هَذَا الفَاسِقَ الخَبِيثَ ألّذِي قَتَلَ امرَأً مُسلِماً. فَقَالَ عُثمَانُ قَتَلُوا أَبَاهُ بِالأَمسِ وَ أَقتُلُهُ اليَومَ، وَ إِنّمَا هُوَ رَجُلٌ مِن أَهلِ الأَرضِ، فَلَمّا أَبَي عَلَيهِ مَرّ عُبَيدُ اللّهِ عَلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ لَهُ يَا فَاسِقُ إِيهِ أَمَا وَ اللّهِ لَئِن ظَفِرتُ بِكَ يَوماً مِنَ الدّهرِ لَأَضرِبَنّ عُنُقَكَ،فَلِذَلِكَ خَرَجَ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ.
صفحه : 225
وَ رَوَي القُبَادُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عِيسَي، عَن زَيدٍ، عَن أَبِيهِ أَنّ المُسلِمِينَ لَمّا قَالَ عُثمَانُ إنِيّ قَد عَفَوتُ عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ،قَالُوا لَيسَ لَكَ أَن تَعفُوَ عَنهُ. قَالَ بَلَي،إِنّهُ لَيسَ لِجُفَيتَةَ وَ الهُرمُزَانِ قَرَابَةٌ مِن أَهلِ الإِسلَامِ، وَ أَنَا أَولَي بِهِمَا لأِنَيّ ولَيِّ المُسلِمِينَ فَقَد عَفَوتُ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّهُ لَيسَ كَمَا تَقُولُ،إِنّمَا أَنتَ فِي أَمرِهِمَا بِمَنزِلَةِ أَقصَي المُسلِمِينَ، وَ إِنّمَا قَتلُهُمَا فِي إِمرَةِ غَيرِكَ، وَ قَد حَكَمَ الواَليِ ألّذِي قَبلَكَ ألّذِي قُتِلَا فِي إِمَارَتِهِ بِقَتلِهِ، وَ لَو كَانَ قَتلُهُمَا فِي إِمَارَتِكَ لَم يَكُن لَكَ العَفوُ عَنهُ،فَاتّقِ اللّهَ فَإِنّ اللّهَ سَائِلُكَ عَن هَذَا. وَ لَمّا رَأَي عُثمَانُ أَنّ المُسلِمِينَ قَد أَبَوا إِلّا قَتلَ عُبَيدِ اللّهِ أَمَرَهُ فَارتَحَلَ إِلَي الكُوفَةِ وَ أَقطَعَهُ بِهَا دَاراً وَ أَرضاً، وَ هيَِ التّيِ يُقَالُ لَهَا كُوَيفَةُ ابنِ عُمَرَ،فَعَظُمَ ذَلِكَ عِندَ المُسلِمِينَ وَ أَكبَرُوهُ وَ كَثُرَ كَلَامُهُم فِيهِ.
وَ روُيَِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ حَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِمُ السّلَامُ أَنّهُ قَالَ مَا أَمسَي عُثمَانُ يَومَ ولُيَّ حَتّي نَقَمُوا عَلَيهِ فِي أَمرِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ،حَيثُ لَم يَقتُلهُ بِالهُرمُزَانِ.
انتهي مارواه السيّد رضي اللّه عنه .
وَ رَوَي الشّيخُ فِي مَجَالِسِهِ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ الصّلتِ، عَنِ ابنِ
صفحه : 226
عُقدَةَ، عَن جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ العلَوَيِّ، عَن عَمّهِ القَاسِمِ بنِ جَعفَرٍ العلَوَيِّ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ، عَن أَبِيهِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي بَكرِ بنِ مُحَمّدٍ، عَن عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، عَن مَحمُودِ بنِ لَبِيدٍ أَنّ النّاسَ كَلّمُوا عُثمَانَ فِي أَمرِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ وَ قَتلِهِ الهُرمُزَانَ،فَصَعِدَ المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ، ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ قَد أَكثَرتُم فِي أَمرِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ وَ الهُرمُزَانِ وَ إِنّمَا قَتَلَهُ عُبَيدُ اللّهِ تُهَمَةً بِدَمِ أَبِيهِ، وَ إِنّ أَولَي النّاسِ بِدَمِ الهُرمُزَانِ اللّهُ ثُمّ الخَلِيفَةُ،أَلَا وَ إنِيّ قَد وَهَبتُ دَمَهُ لِعُبَيدِ اللّهِ.فَقَامَ المِقدَادُ بنُ الأَسوَدِ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا كَانَ لِلّهِ كَانَ اللّهُ أَملَكَ بِهِ مِنكَ، وَ لَيسَ لَكَ أَن تَهَبَ مَا اللّهُ أَملَكُ بِهِ مِنكَ، فَقَالَ نَنظُرُ وَ تَنظُرُونَ،فَبَلَغَ قَولُ عُثمَانَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ وَ اللّهِ لَئِن مَلَكتُ لَأَقتُلُ عُبَيدَ اللّهِ بِالهُرمُزَانِ،فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيدَ اللّهِ فَقَالَ وَ اللّهِ لَئِن مَلَكَ لَفَعَلَ.
وَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ وَ ابنُ عَبدِ البَرّ فِي الإِستِيعَابِ وَ صَاحِبُ رَوضَةِ الأَحبَابِ وَ كَثِيرٌ مِن أَربَابِ السّيَرِ قَتَلَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ بِأَبِيهِ ابنَةَ أَبِي لُؤلُؤَةَ وَ قَتَلَ جُفَيتَةَ وَ الهُرمُزَانَ وَ أَشَارَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي عُثمَانَ بِقَتلِهِ بِهِم فَأَبَي
، ثم ذكر في الكامل رواية يتضمّن عفو ابن هرمزان عن عبيد اللّه، و أنّ عثمان مكّنه من
صفحه : 227
قتله ، ثم قال والأول أصحّ،لأنّ عليّا عليه السلام لّما ولي الخلافة أراد قتله فهرب منه إلي معاوية بالشام ، و لو كان إطلاقه بأمر وليّ الدم لم يتعرّض له عليّ عليه السلام .انتهي . و إذاتأمّلت فيما نقلنا لايبقي لك ريب في بطلان ماأجاب به المتعصّبون من المتأخّرين، وكفي في طعنه معارضته أمير المؤمنين عليه السلام ألذي لايفارق الحقّ باتّفاقهم معه في ذلك ، و اللّه العاصم عن الفتن والمهالك .
أنّه حمي الحمي عن المسلمين ، مع أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله
صفحه : 228
جعلهم شرعا سواء في الماء والكلإ. وأجاب قاضي القضاة وغيره بأنّه حماه لإبل الصدقة، و قدروي عنه هذاالكلام بعينه ، و أنّه قال إنّما فعلت ذلك لإبل الصدقة، و قدأطلقته الآن ، و أناأستغفر اللّه. وردّ عليهم السيد رضي اللّه عنه بأنّ المرويّ بخلاف ماذكر،لأنّ الواقدي روي بإسناده ، قال كان عثمان يحمي الرّبَذة والسّرِف والنّقِيع فكان لايدخل الحمي بعير له و لافرس و لالبني أميّة، حتّي كان آخر الزمان ،
صفحه : 229
فكان يحمي السرف لإبله ، وكانت ألف بعير ولإبل الحكم بن أبي العاص ، ويحمي الربذة لإبل الصدقة، ويحمي النقيع لخيل المسلمين وخيله وخيل بني أميّة. علي أنّه لو كان إنّما حماه لإبل الصدقة لم يكن بذلك مصيبا،لأنّ اللّه تعالي ورسوله (ص )أباحا الكلأ وجعلاه مشتركا فليس لأحد أن يغيّر هذه الإباحة. و لو كان في هذاالفعل مصيبا، وإنّما حماه لمصلحة تعود علي المسلمين لماجاز أن يستغفر اللّه منه ويعتذر،لأنّ الاعتذار إنّما يكون من الخطإ دون الصواب .انتهي . و قد
رَوَي البخُاَريِّ فِي صَحِيحِهِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ الصّعبِ بنِ جَثّامَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] قَالَ لَا حِمَي إِلّا لِلّهِ وَ لِرَسُولِهِ.فَجَعَلَ الحِمَي مُختَصّاً بِإِبِلِهِ وَ إِبِلِ الحَكَمِ وَ خَيلِ بنَيِ أُمَيّةَ مُنَاقَضَةً لِنَصّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ.
وَ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ الخُطبَةِ الشّقشِقِيّةِ أَنّ عُثمَانَ ... حَمَي
صفحه : 230
المرَاَعيَِ حَولَ المَدِينَةِ كُلّهَا مِن موَاَشيِ المُسلِمِينَ كُلّهِم إِلّا عَن بنَيِ أُمَيّةَ.
أنّه أعطي من بيت المال الصدقة المقاتلة وغيرها، و ذلك ممّا لايحلّ في الدين ، ودفع الاعتراضات الواردة عليه مذكور في الشافي.
إتمامه الصلاة بمني مع كونه مسافرا، و هومخالف للسنّة ولسيرة من تقدّمه.
صفحه : 231
فقد
رَوَي فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ يَزِيدَ، قَالَ صَلّي بِنَا عُثمَانُ بِمِنًي أَربَعَ رَكَعَاتٍ،فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ. فَقَالَ صَلّيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ بِمِنًي رَكعَتَينِ، وَ مَعَ أَبِي بَكرٍ رَكعَتَينِ، وَ مَعَ عُمَرَ رَكعَتَينِ، ثُمّ تَفَرّقَت بِكُمُ الطّرُقُ،فَيَا لَيتَ حظَيّ مِن أَربَعِ رَكَعَاتٍ رَكعَتَانِ مُتَقَبّلَتَانِ.
قال أخرجه البخاري ومسلم و أبوداود.
وَ فِي أُخرَي لأِبَيِ دَاوُدَ زِيَادَةُ وَ مَعَ عُثمَانَ صَدراً مِن إِمَارَتِهِ، ثُمّ أَتَمّهَا .. وَ ذَكَرَ الحَدِيثَ.
وَ فِي رِوَايَةِ النسّاَئيِّ، قَالَ صَلّي عُثمَانُ بِمِنًي أَربَعاً حَتّي بَلَغَ ذَلِكَ عَبدَ اللّهِ بنَ مَسعُودٍ، فَقَالَ لَقَد صَلّيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ رَكعَتَينِ.
وَ لَهُ فِي أُخرَي، قَالَ صَلّيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ فِي السّفَرِ رَكعَتَينِ، وَ مَعَ أَبِي بَكرٍ رَكعَتَينِ، وَ مَعَ عُمَرَ رَكعَتَينِ.
وَ رَوَي البخُاَريِّ وَ مُسلِمٌ وَ النسّاَئيِّ عَلَي مَا أَورَدَهُ صَاحِبُ جَامِعِ
صفحه : 232
الأُصُولِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ، قَالَ صَلّي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ بِمِنًي رَكعَتَينِ وَ أَبُو بَكرٍ بَعدَهُ، وَ عُمَرُ بَعدَ أَبِي بَكرٍ، وَ عُثمَانُ صَدراً مِن خِلَافَتِهِ، ثُمّ إِنّ عُثمَانَ صَلّي بَعدُ أَربَعاً، وَ كَانَ ابنُ عُمَرَ إِذَا صَلّي مَعَ الإِمَامِ صَلّي أَربَعاً، وَ إِذَا صَلّي وَحدَهُ صَلّي رَكعَتَينِ.
البخُاَريِّ وَ مُسلِمٌ مِن طُرُقٍ أُخرَي، عَن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ أَنّهُ صَلّي صَلَاةَ المُسَافِرِ بِمِنًي وَ غَيرِهِ رَكعَتَينِ، وَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثمَانُ رَكعَتَينِ صَدراً مِن خِلَافَتِهِ ثُمّ أَتَمّهَا أَربَعاً.
وأخرجه البخاري و لم يقل وغيره .
وَ فِي رِوَايَةِ النسّاَئيِّ مُختَصَرٌ، قَالَصَلّيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ
صفحه : 233
[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ بِمِنًي رَكعَتَينِ، وَ مَعَ أَبِي بَكرٍ رَكعَتَينِ، وَ مَعَ عُمَرَ رَكعَتَينِ.
وَ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَن عُروَةَ بنِ الزّبَيرِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ صَلّي الصّلَاةَ بِمِنًي رَكعَتَينِ، وَ أَنّ أَبَا بَكرٍ صَلّاهَا بِمِنًي رَكعَتَينِ، وَ أَنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ صَلّاهَا بِمِنًي رَكعَتَينِ، وَ أَنّ عُثمَانَ صَلّاهَا رَكعَتَينِ شَطرَ إِمَارَتِهِ ثُمّ أَتَمّهَا بَعدُ.
وَ عَن أَنَسٍ، قَالَ صَلّيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ بِمِنًي وَ مَعَ أَبِي بَكرٍ وَ مَعَ عُمَرَ رَكعَتَينِ وَ مَعَ عُثمَانَ صَدراً مِن إِمَارَتِهِ.
النسّاَئيِّ. عَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ، قَالَ وَ قَد سُئِلَ عَن صَلَاةِ المُسَافِرِ، فَقَالَ حَجَجتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ فَصَلّي رَكعَتَينِ، وَ حَجَجتُ مَعَ أَبِي بَكرٍ فَصَلّي رَكعَتَينِ، وَ مَعَ عُمَرَ فَصَلّي رَكعَتَينِ، وَ مَعَ عُثمَانَ سِتّ سِنِينَ مِن خِلَافَتِهِ أَو ثمَاَنيَِ سِنِينَ فَصَلّي رَكعَتَينِ.
وَ عَن مُوسَي بنِ سَلَمَةَ، قَالَسَأَلتُ ابنَ عَبّاسٍ كَيفَ أصُلَيّ إِذَا كُنتُ
صفحه : 234
بِمَكّةَ إِذَا لَم أُصَلّ مَعَ الإِمَامِ. قَالَ رَكعَتَينِ،سُنّةَ أَبِي القَاسِمِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ.
وَ فِي رِوَايَةِ النسّاَئيِّ، قَالَ تفَوُتنُيِ الصّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ وَ أَنَا بِالبَطحَاءِ مَا تَرَي أصُلَيّ. قَالَ رَكعَتَينِ،سُنّةَ أَبِي القَاسِمِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ.
وَ عَن حَارِثَةَ بنِ وَهبٍ، قَالَ صَلّي بِنَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ وَ نَحنُ أَكثَرُ مَا كُنّا وَ آمَنُهُ بِمِنًي رَكعَتَينِ.
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَ النسّاَئيِّ، قَالَ صَلّيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]بِمِنًي وَ النّاسُ أَكثَرُ مَا كَانُوا،فَصَلّي بِنَا رَكعَتَينِ فِي حَجّةِ الوَدَاعِ.
صفحه : 235
وَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ إِنّ كَثِيراً مِنَ الأَصحَابِ عَابُوا عَلَيهِ مَا صَنَعَ بِمِنًي، قَالَ وَ فِي سَنَةِ تِسعٍ وَ عِشرِينَ حَجّ عُثمَانُ فَضَرَبَ فُسطَاطَهُ بِمِنًي وَ كَانَ أَوّلَ فُسطَاطٍ ضَرَبَهُ عُثمَانُ بِمِنًي وَ أَتَمّ الصّلَاةَ بِهَا وَ بِعَرَفَةَ، وَ كَانَ أَوّلُ مَا تَكَلّمَ بِهِ النّاسُ فِي عُثمَانَ ظَاهِراً حِينَ أَتَمّ الصّلَاةَ بِمِنًي،فَعَابَ ذَلِكَ غَيرُ وَاحِدٍ مِنَ الصّحَابَةِ، وَ قَالَ لَهُ عَلِيّ( ع ) مَا حَدَثَ أَمرٌ وَ لَا قَدُمَ عَهدٌ، وَ لَقَد عَهِدتُ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ وَ أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ يُصَلّونَ رَكعَتَينِ وَ أَنتَ صَدراً مِن خِلَافَتِكَ،فَمَا أدَريِ مَا تَرجِعُ إِلَيهِ أَ لَم تُصَلّ فِي هَذَا المَكَانِ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ وَ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ صَلّيتَهُمَا أَنتَ رَكعَتَينِ. قَالَ بَلَي وَ لكَنِيّ أُخبِرتُ أَنّ بَعضَ مَن حَجّ مِنَ اليَمَنِ وَ جُفَاةَ النّاسِ قَالُوا إِنّ الصّلَاةَ لِلمُقِيمِ رَكعَتَانِ، وَ احتَجّوا بصِلَاَتيِ وَ قَدِ اتّخَذتُ بِمَكّةَ أَهلًا وَ لِي بِالطّائِفِ مَالٌ، فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ مَا فِي هَذَا عُذرٌ، أَمّا قَولُكَ اتّخَذتُ بِهَا أَهلًا فَإِنّ زَوجَكَ بِالمَدِينَةِ تَخرُجُ بِهَا إِذَا شِئتَ وَ إِنّهَا تَسكُنُ بِسُكنَاكَ، وَ أَمّا مَالُكَ بِالطّائِفِ،فَبَينَكَ وَ بَينَهُ مَسِيرَةُ ثَلَاثِ لَيَالٍ، وَ أَمّا قَولُكَ عَن حَاجّ اليَمَنِ وَ غَيرِهِم فَقَد كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ يَنزِلُ عَلَيهِ الوحَيُ وَ الإِسلَامُ قَلِيلٌ ثُمّ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ فَصَلّوا رَكعَتَينِ، وَ قَد ضَرَبَ الإِسلَامُ بِجِرَانِهِ. فَقَالَ أَعمَلُهُ بِمَا أَرَي.فَخَرَجَ مِن عِندِهِ فَلَاقَي ابنَ مَسعُودٍ، فَقَالَ وَ الخِلَافُ شَرّ، وَ قَد صَلّيتُ بأِصَحاَبيِ أَربَعاً. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ
صفحه : 236
قَد صَلّيتُ بأِصَحاَبيِ رَكعَتَينِ، وَ أَمّا الآنَ فَسَوفَ أصُلَيّ أَربَعاً. قَالَ وَ قِيلَ كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ.
وَ رَوَي نَحوَ ذَلِكَ صَاحِبُ رَوضَةِ الأَحبَابِ، وَ قَالَ أَنكَرَ الأَصحَابُ عَلَيهِ ضَربَ الفُسطَاطِ بِمِنًي وَ إِطعَامَهُ النّاسَ،إِذ كَانَ ذَلِكَ مِن شِعَارِ أَهلِ الجَاهِلِيّةِ وَ لَم يُقدِم عَلَيهِ أَحَدٌ مُنذُ بُعِثَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] إِلَي ذَلِكَ الزّمَانِ، وَ قَد سَأَلُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]لَنَضرِبَنّ لَكَ فُسطَاطاً بِمِنًي، فَقَالَ لَا،مِنَي مُنَاخُ مَن سَبَقَ.
وَ روُيَِ فِي جَامِعِ الأُصُولِ، عَن عَائِشَةَ أَنّهَا قَالَت قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ لَا نبَنيِ لَكَ بِمِنًي بَيتاً يُظَلّلُ مِنَ الشّمسِ، فَقَالَ لَا،إِنّمَا هُوَ مُنَاخٌ لِمَن سَبَقَ إِلَيهِ.
قال أخرجه الترمذي و أبوداود
صفحه : 237
ثم إنّ الشافعي ذهب إلي أنّ قصر الصلاة رخصة ليس بعزيمة،لقوله تعالي (فَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ)، و قال والقصر أفضل . و قال مالك و أبوحنيفة إنّه عزيمة، ويدلّ عليه من طرق الجمهور روايات كثيرة، ونفي الجناح لاينافي كون القصر عزيمة، وسيأتي القول فيه في بابه ، مع أنّ القول بالتخيّر لاينفع في دفع الطعن عنه ،إذ لو كان له سبيل إليه لمااعتذر بالأعذار الواهية كماعرفت ،بل يظهر من إعراض المعترض والمعتذر عنه رأسا اتّفاق الأصحاب علي بطلانه .
جرأته علي الرسول صلّي اللّه عليه وآله ومضادّته له ،فقد حكي
العَلّامَةُ رَحِمَهُ اللّهُ فِي كِتَابِ كَشفِ الحَقّ، عَنِ الحمَيِديِّ، قَالَ قَالَ السدّيّّ فِي تَفسِيرِ قَولِهِ
صفحه : 238
تَعَالَي( وَ لا أَن تَنكِحُوا أَزواجَهُ مِن بَعدِهِ أَبَداً)إِنّهُ لَمّا توُفُيَّ أَبُو سَلَمَةَ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ حُذَافَةَ وَ تَزَوّجَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ امرَأَتَيهِمَا أُمّ سَلَمَةَ وَ حَفصَةَ، قَالَ طَلحَةُ وَ عُثمَانُ أَ يَنكِحُ مُحَمّدٌ نِسَاءَنَا إِذَا مِتنَا وَ لَا تُنكَحُ نِسَاؤُهُ إِذَا مَاتَ وَ اللّهِ لَو قَد مَاتَ لَقَد أَجلَبنَا عَلَي نِسَائِهِ بِالسّهَامِ، وَ كَانَ طَلحَةُ يُرِيدُ عَائِشَةَ، وَ عُثمَانُ يُرِيدُ أُمّ سَلَمَةَ،فَأَنزَلَ اللّهُ تَعَالَي( وَ ما كانَ لَكُم أَن تُؤذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَن تَنكِحُوا أَزواجَهُ مِن بَعدِهِ أَبَداً إِنّ ذلِكُم كانَ عِندَ اللّهِ عَظِيماً إِن تُبدُوا شَيئاً أَو تُخفُوهُ فَإِنّ اللّهَ كانَ بِكُلّ شَيءٍ عَلِيماً)، وَ أُنزِلَ( إِنّ الّذِينَ يُؤذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدّنيا وَ الآخِرَةِ وَ أَعَدّ لَهُم عَذاباً مُهِيناً).
عدم إذعانه لقضاء رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله بالحقّ،فقد
رَوَي العَلّامَةُ رَحِمَهُ اللّهُ فِي كَشفِ الحَقّ، عَنِ السدّيّّ فِي تَفسِيرِ قَولِهِ تَعَالَي( وَ يَقُولُونَ آمَنّا بِاللّهِ وَ بِالرّسُولِ وَ أَطَعنا ثُمّ يَتَوَلّي فَرِيقٌ مِنهُم مِن بَعدِ ذلِكَ وَ ما أُولئِكَ بِالمُؤمِنِينَ)،( وَ إِذا دُعُوا إِلَي اللّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم إِذا فَرِيقٌ مِنهُم مُعرِضُونَ وَ إِن يَكُن لَهُمُ الحَقّ يَأتُوا إِلَيهِ مُذعِنِينَ أَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ أَمِ ارتابُوا أَم يَخافُونَ أَن يَحِيفَ اللّهُ عَلَيهِم وَ رَسُولُهُ بَل أُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ..)الآيَاتِ، وَ قَالَ
صفحه : 239
نَزَلَت فِي عُثمَانَ بنِ عَفّانَ لَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بنَيِ النّضِيرِ فَغَنِمَ أَموَالَهُم، فَقَالَ عُثمَانُ لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ ائتِ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ فَاسأَلهُ أَرضَ .. كَذَا وَ كَذَا، فَإِن أَعطَاكَهَا فَأَنَا شَرِيكٌ فِيهَا، وَ آتِيهِ أَنَا فَأَسأَلُهُ إِيّاهَا فَإِن أَعطَانِيهَا فَأَنتَ شرَيِكيِ فِيهَا،فَسَأَلَهُ عُثمَانُ أَوّلًا فَأَعطَاهُ إِيّاهَا، فَقَالَ لِي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أشَركِنيِ،فَأَبَي عُثمَانُ، فَقَالَ بيَنيِ وَ بَينَكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]،فَأَبَي أَن يُخَاصِمَهُ إِلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]،فَقِيلَ لَهُ لِمَ لَا تَنطَلِقُ مَعَهُ إِلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]، فَقَالَ هُوَ ابنُ عَمّهِ فَأَخَافُ أَن يقَضيَِ لَهُ.فَنَزَلَتِ الآيَاتُ، فَلَمّا بَلَغَ النّبِيّ(ص ) مَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ أَقَرّ لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ بِالحَقّ.
و قدمرّ هذا من تفسير عليّ بن ابراهيم ، وأنّها نزلت فيه بوجه آخر.
أنّه زعم أنّ في المصحف لحنا،فقد
حَكَي العَلّامَةُ رَحِمَهُ اللّهُ فِي الكِتَابِ المَذكُورِ، عَن تَفسِيرِ الثعّلبَيِّ فِي قَولِهِ تَعَالَي( إِن هذانِ لَساحِرانِ)، قَالَ قَالَ عُثمَانُ إِنّ فِي المُصحَفِ لَحناً.فَقِيلَ لَهُ أَ لَا تُغَيّرُهُ. فَقَالَ دَعُوهُ فَلَا يُحَلّلُ
صفحه : 240
حَرَاماً وَ لَا يُحَرّمُ حَلَالًا، وَ رَوَاهُ الراّزيِّ أَيضاً فِي تَفسِيرِهِ.
تقديمه الخطبتين في العيدين ، وكون الصلاة مقدّمة علي الخطبتين قبل عثمان ممّا تضافرت به الأخبار العاميّة،فقد
رَوَي مُسلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَن عَطَاءٍ، قَالَ سَمِعتُ ابنَ عَبّاسٍ يَقُولُ أَشهَدُ عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] أَنّهُ يصُلَيّ قَبلَ الخُطبَةِ.
وَ عَن عَطَاءٍ، عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ، قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ إِنّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]قَامَ يَومَ الفِطرِ فَصَلّي فَبَدَأَ بِالصّلَاةِ قَبلَ الخُطبَةِ ثُمّ خَطَبَ النّاسَ.
وَ عَن نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ أَنّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ أَبَا بَكرٍ
صفحه : 241
وَ عُمَرَ كَانُوا يُصَلّونَ العِيدَينِ قَبلَ الخُطبَةِ.
والأخبار في ذلك من طرق أهل البيت عليهم السلام مستفيضة. و قال العلّامة رحمه اللّه في المنتهي لانعرف في ذلك خلافا إلّا من بني أميّة.
وَ رَوَي الكلُيَنيِّ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ، عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي، عَن يُونُسَ، عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ الخُطبَةُ فِي العِيدَينِ بَعدَ الصّلَاةِ، وَ إِنّمَا أَحدَثَ الخُطبَةَ قَبلَ الصّلَاةِ عُثمَانُ.
وَ رَوَي الشّيخُ فِي التّهذِيبِ بِإِسنَادِهِ، عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ، عَن صَفوَانَ، عَنِ العَلَاءِ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ، عَن أَحَدِهِمَا عَلَيهِمَا السّلَامُ فِي صَلَاةِ العِيدَينِ، قَالَالصّلَاةُ قَبلَ الخُطبَتَينِ ...، وَ كَانَ أَوّلُ مَن أَحدَثَهَا بَعدَ الخُطبَةِ
صفحه : 242
عُثمَانُ لَمّا أَحدَثَ إِحدَاثَهُ، كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصّلَاةِ قَامَ النّاسُ لِيَرجِعُوا، فَلَمّا رَأَي ذَلِكَ قَدّمَ الخُطبَتَينِ وَ احتَبَسَ النّاسَ لِلصّلَاةِ.
إحداثه الأذان يوم الجمعة زائدا علي ماسنّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله ، و هوبدعة محرّمة، ويعبّر عنه تارة ب الأذان الثالث ،لأنّ النبيّ صلّي اللّه عليه وآله شرّع للصلاة أذانا وإقامة فالزيادة ثالث ، أو مع صلاة الصبح ، وتارة ب الأذان الثاني، والوجه واضح ، و هو مايقع ثانيا بالزمان ، أو ما لم يكن بين يدي الخطيب ،لأنّه الثاني باعتبار الإحداث سواء وقع أولا بالزمان أوثانيا. و قال ابن إدريس مايفعل بعدنزول الإمام . و
قَد رَوَي إِحدَاثَ عُثمَانَ الأَذَانَ الثّالِثَ يَومَ الجُمُعَةِ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ فِي حَوَادِثِ سَنَةِ ثَلَاثِينَ مِنَ الهِجرَةِ، وَ رَوَاهُ صَاحِبُ رَوضَةِ الأَحبَابِ، وَ رَوَاهُ مِن
صفحه : 243
أَصحَابِ صِحَاحِهِمُ البخُاَريِّ وَ أَبِي دَاوُدَ وَ الترّمذِيِّ وَ النسّاَئيِّ عَلَي مَا رَوَاهُ فِي جَامِعِ الأُصُولِ عَنهُم، عَن زَيدِ بنِ السّائِبِ فِي رِوَايَاتٍ عَدِيدَةٍ
مِنهَا أَنّهُ كَانَ الأَذَانُ عَلَي عَهدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أُقِيمَتِ الصّلَاةُ، فَلَمّا كَانَ عُثمَانُ نَادَي النّدَاءَ الثّالِثَ عَلَي الزّورَاءِ.
وَ روُيَِ، عَنِ الشاّفعِيِّ أَنّهُ قَالَ مَا صَنَعَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ أَحَبّ إلِيَّ.
صفحه : 244
ماذكره في روضة الأحباب أنّه لّما حجّ في سنة ست وعشرين من الهجرة أمر بتوسيع المسجد الحرام ،فابتاع دار من رضي بالبيع من الساكنين في جوار المسجد، و من لم يرض به أخذ داره قهرا، ثم لمّا اجتمعوا إليه وشكوا وتظلّموا أمر بحبسهم حتّي كلّمهم فيهم عبد اللّه بن خالد بن الوليد فشفّعه فيهم وأطلقهم . و لاريب في أنّ غصب الدور وجعلها مسجدا حرام في الشريعة باتّفاق المسلمين .
إنّه لم يتمكّن من الإتيان بالخطبة،فقد
روُيَِ فِي رَوضَةِ الأَحبَابِ أَنّهُ لَمّا كَانَ أَوّلُ جُمُعَةٍ مِن خِلَافَتِهِ صَعِدَ المِنبَرَ فَعَرَضَهُ العيِّ فَعَجَزَ عَن أَدَاءِ الخُطبَةِ وَ تَرَكَهَا، فَقَالَبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِأَيّهَا النّاسُسَيَجعَلُ اللّهُ بَعدَ عُسرٍ يُسراً وَ بَعدَ عيِّ نُطقاً، وَ إِنّكُم إِلَي إِمَامٍ فَعّالٍ أَحوَجُ مِنكُم إِلَي إِمَامٍ قَوّالٍ،أَقُولُ قوَليِ وَ استَغفِرُوا
صفحه : 245
اللّهَ لِي وَ لَكُم .. فَنَزَلَ.
قَالَ وَ فِي رِوَايَةٍ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ .. وَ عَجَزَ عَنِ الكَلَامِ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أَنّهُ قَالَ أَوّلُ كُلّ مَركَبٍ صَعبٌ، وَ إِنّ أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ كَانَا يُعِدّانِ لِهَذَا المَقَامِ مَقَالًا وَ أَنتُم إِلَي إِمَامٍ عَادِلٍ أَحوَجُ مِنكُم إِلَي إِمَامٍ قَائِلٍ، وَ إِن أَعِش فَآتِكُمُ الخُطبَةَ عَلَي وَجهِهَا، وَ يَعلَمُ اللّهُ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي.
وَ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ قَولِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ إِنّا لَأُمَرَاءُ الكَلَامِ، وَ فِينَا تَنَشّبَت عُرُوقُهُ، وَ عَلَينَا تَهَدّلَت غُصُونُهُ .. إِنّهُ رَوَي أَبُو عُثمَانَ فِي كِتَابِ البَيَانِ وَ التّبيِينِ، إِنّ عُثمَانَ صَعِدَ المِنبَرَ فَارتَجّ عَلَيهِ. فَقَالَ إِنّ أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ كَانَا يُعِدّانِ لِهَذَا المَقَامِ مَقَالًا، وَ أَنتُم إِلَي إِمَامٍ عَادِلٍ أَحوَجُ مِنكُم إِلَي إِمَامٍ خَطِيبٍ، وَ سَآتِيكُم الخُطبَةَ عَلَي وَجهِهَا .. ثُمّ نَزَلَ.
قَالَ وَ خَطَبَ مَروَانُ بنُ الحَكَمِ فَحَصِرَ، فَقَالَ أللّهُمّ إِنّا نَحمَدُكَ
صفحه : 246
وَ نَستَعِينُكَ وَ نُشرِكُ بِكَ. قَالَ وَ خَطَبَ مُصعَبُ بنُ حَيّانَ خُطبَةَ نِكَاحٍ فَحَصِرَ، فَقَالَ لَقّنُوا مَوتَاكُم لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ،فَقَالَت أُمّ الجَارِيَةِ عَجّلَ اللّهُ مَوتَكَ، أَ لِهَذَا دَعَوتُكَ.
انتهي . والظاهر من هذه الروايات أنّ الخطبة كانت خطبة الجمعة الواجبة، و أنّ عثمان لماحصر وعرضه العيّ ترك الخطبة و لم يأمر أحدا بالقيام بها وإقامة الصلاة، و إلّا لرووه و لم يهملوا ذكره ،فالأمر في ذلك ليس مقصورا علي العجز والقصور بل فيه ارتكاب المحظور،فيكون أوضح في الطعن .
رَوَي العَلّامَةُ قَدّسَ اللّهُ رُوحَهُ فِي كَشفِ الحَقّ، عَن صَحِيحِ مُسلِمٍ، وَ أَورَدَهُ صَاحِبُ رَوضَةِ الأَحبَابِ أَنّ امرَأَةً دَخَلَت عَلَي زَوجِهَا فَوَلَدَت لِسِتّةِ أَشهُرٍ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَي عُثمَانَ فَأَمَرَ بِرَجمِهَا،فَدَخَلَ عَلَيهِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُ( وَ حَملُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهراً)، وَ قَالَ تَعَالَي( وَ فِصالُهُ فِي عامَينِ)فَلَم يَصِل رَسُولُهُ إِلَيهِم إِلّا بَعدَ الفَرَاغِ مِن رَجمِهَا،
صفحه : 247
فَقَتَلَ المَرأَةَ لِجَهلِهِ بِحُكمِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ قَد قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ
صفحه : 252
( وَ مَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرُونَ).
و من الشواهد علي جهله أن مرويّاته في كتب الجمهور مع حرص أتباعه من بني أميّة والمتأخّرين عنهم علي إظهار فضله لم يزد علي مائة وستة وأربعين . و قدرووا عن أبي هريرة الدوسي خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا،
صفحه : 253
و ذلك إمّا لغلبة الغباوة حيث لم يأخذ في طول الصحبة إلّا نحوا ممّا ذكر، أولقلّة الاعتناء برواية كلام الرسول صلّي اللّه عليه وآله ، وكلاهما يمنعان عن استيهال الخلافة والإمامة.
اعلم أنّ عبدالحميد بن أبي الحديد بعد ماأورد مطاعن عثمان أجاب عنها إجمالا، فقال إنّا لاننكر أنّ عثمان أحدث أحداثا أنكرها كثير من المسلمين ، ولكنّا ندعّي مع ذلك أنّها لم تبلغ درجة الفسق ، و لاأحبطت ثوابه ، وأنّها من الصغائر المكفّرة، و ذلك لأنّا قدعلمنا أنّه مغفور له ، و أنّه من أهل الجنّة لثلاثة أوجه أحدها أنّه من أهل بدر، و قد
قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] إِنّ اللّهَ اطّلَعَ عَلَي أَهلِ بَدرٍ، فَقَالَ اعمَلُوا مَا شِئتُم فَقَد غَفَرتُ لَكُم.
وعثمان و إن لم يشهد بدرا لكنّه تخلّف علي رقيّة بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ]، وضمن رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ]لسهمه وأجره باتّفاق سائر الناس . والثاني أنّه من أهل بيعة الرضوان الذين قال اللّه تعالي فيهم (لَقَد رضَيَِ اللّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبايِعُونَكَ تَحتَ الشّجَرَةِ)، و هو و إن لم يشهد تلك البيعة ولكنّه
كَانَ رَسُولَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] إِلَي أَهلِ مَكّةَ، وَ لِأَجلِهِ كَانَت بَيعَةُ الرّضوَانِ،حَيثُ أُرجِفَ بِأَنّ قُرَيشاً قَتَلَت عُثمَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِن كَانُوا قَتَلُوهُ لَأُضرِمَنّهَا عَلَيهِم نَاراً، ثُمّ جَلَسَ تَحتَ الشّجَرَةِ، وَ بَايَعَ
صفحه : 254
النّاسَ عَلَي المَوتِ. ثُمّ قَالَ إِن كَانَ عُثمَانُ حَيّاً فَأَنَا أُبَايِعُ عَنهُ،فَمَسَحَ بِشِمَالِهِ عَلَي يَمِينِهِ، وَ قَالَ شمِاَليِ خَيرٌ مِن يَمِينِ عُثمَانَ،رَوَي ذَلِكَ أَهلُ السّيَرِ مُتّفِقاً عَلَيهِ.
والثالث أنّه من جملة العشرة الذين تظاهرت الأخبار بأنّهم من أهل الجنّة. و إذاكانت هذه الوجوه دالّة علي أنّه مغفور له ، و أنّ اللّه تعالي قدرضي عنه ، و أنّه من أهل الجنّة،بطل أن يكون فاسقا،لأنّ الفاسق يخرج عندنا من الإيمان وينحبط ثوابه ، ويحكم له بالنار، و لايغفر له ، و لايرضي عنه ، و لايري الجنّة و لايدخلها،فاقتضت هذه الوجوه أن يحكم بأنّ كلّ ماوقع منه فهو من باب الصغائر المكفّرة توفيقا بين الأدلّة.انتهي كلامه . ويرد علي ماذكره إجمالا أنّ المستند في جميع تلك الوجوه ليس إلّا ماتفرّد المخالفون بروايته ، و لايصحّ التمسّك به في مقام الاحتجاج كمامرّ مرارا، والأصل في أكثرها
مَا رَوَاهُ البخُاَريِّ، عَن عُثمَانَ بنِ عَبدِ اللّهِ، قَالَ قَالَ رَجُلٌ مِن أَهلِ مِصرَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ إنِيّ سَائِلُكَ عَن شَيءٍ فحَدَثّنيِ،هَل تَعلَمُ أَنّ عُثمَانَ
صفحه : 255
فَرّ يَومَ أُحُدٍ. قَالَ نَعَم. فَقَالَ تَعلَمُ أَنّهُ تَغَيّبَ عَن بَدرٍ وَ لَم يَشهَد. قَالَ نَعَم. قَالَ تَعلَمُ أَنّهُ تَغَيّبَ عَن بَيعَةِ الرّضوَانِ فَلَم يَشهَدهَا. قَالَ نَعَم. قَالَ اللّهُ أَكبَرُ. قَالَ ابنُ عُمَرَ تَعَالَ أُبَيّن لَكَ، أَمّا فِرَارُهُ يَومَ أُحُدٍ فَأَشهَدُ أَنّ اللّهَ تَعَالَي عَفَا عَنهُ وَ غَفَرَ لَهُ، وَ أَمّا تَغَيّبُهُ عَن بَدرٍ فَإِنّهُ كَانَت تَحتَهُ بِنتُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ وَ كَانَت مَرِيضَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ إِنّ لَكَ أَجرَ رَجُلٍ مِمّن شَهِدَ بَدراً وَ سَهمَهُ، وَ أَمّا تَغَيّبُهُ عَن بَيعَةِ الرّضوَانِ،فَلَو كَانَ أَحَدٌ أَعَزّ بِبَطنِ مَكّةَ مِن عُثمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ،فَبَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ عُثمَانَ وَ كَانَت بَيعَةُ الرّضوَانِ بَعدَ مَا ذَهَبَ عُثمَانُ إِلَي مَكّةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ بِيَدِهِ اليُمنَي هَذِهِ يَدُ عُثمَانَ،فَضَرَبَ بِهَا عَلَي يَدِهِ. فَقَالَ هَذِهِ لِعُثمَانَ، ثُمّ قَالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ اذهَب بِهَا الآنَ مَعَكَ.
و ابن عمر هو ألذي قعد عن نصرة أمير المؤمنين عليه السلام وبايع رجل الحجّاج، و لاعبرة بقوله وروايته ، مع قطع النظر عن سائر رواة الخبر، وحديث العشرة المبشّرة أيضا ممّا تفرّدوا بروايته ، وسيأتي في قصّة الجمل تكذيب أمير المؤمنين
صفحه : 256
عليه السلام هذه الرواية، ويؤيّد ضعفه أيضا أنّه ليس بمرويّ في صحاحهم إلّا عن رجلين عدّا أنفسهما من جملة العشرة، وهما سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل و عبدالرحمن بن عوف ، والتهمة في روايتهما لتزكيتهما أنفسهما واضحة. ويؤكّده أيضا ماذكره السيّد الأجل رضي اللّه عنه في الشافي من أنّه تعالي لايجوز أن يعلم مكلّفا يجوز أن يقع منه القبيح و الحسن و ليس بمعصوم من الذنوب بأنّ عاقبته الجنّة،لأنّ ذلك يغريه بالقبيح ، و لاخلاف في أنّ أكثر العشرة لم يكونوا معصومين من الذنوب ، و قدأوقع بعضهم بالاتّفاق كبائر و إن ادّعي المخالفون أنّهم تابوا منها، قال وممّا يبيّن بطلان هذاالخبر أنّ أبابكر لم يحتجّ به لنفسه و لااحتجّ له به في مواطن وقع فيه الاحتياج إلي الاحتجاج كالسقيفة وغيرها، وكذلك عمر، وعثمان لماحصر وطولب بخلع نفسه وهمّوا بقتله ، و قدرأينا احتجّ بأشياء تجري مجري الفضائل والمناقب ، وذكر القطع له بالجنّة أولي منها وأحري بأن يعتمد عليه في الاحتجاج ، و في عدول الجماعة عن ذكره دلالة واضحة علي بطلانه .انتهي . ويؤيّد بطلانه أيضا أنّ كثيرا من أعيان المهاجرين والأنصار كانوا بين
صفحه : 257
قاصد لقتل عثمان خارج عليه و بين راض بقتله ، وتركوه بعدقتله منبوذا بالعراء غيرمدفون حتي دفن في المزبلة بعدثلاثة أيّام، وكيف يظنّ ذلك بأمثال هؤلاء مع علمهم بكونه من أهل الجنّة وكيف لم يحتجّ أنصاره من بني أميّة عليهم بهذا وهل يظنّ بأمير المؤمنين عليه السلام أن يتركه كذلك ثلاثة أيّام مع علمه بذلك وأيضا لوصحّ ذلك لزم كفر طلحة بكونه من المستحلّين بقتله ، و لاريب في أنّ استحلال قتل من شهد له رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله بالجنّة لصغائر مكفّرة ليس بأدون من استحلال شرب جرعة من الخمر، وكذلك يلزم كفر كلّ من المتخاصمين يوم الجمل لكون كلّ منهما مستحلّين لقتل الآخر مع الشهادة لهما بالجنّة، والأوّل باطل عندالمخالفين ، والثاني عندالجميع ، فإنّ من الخصمين أمير المؤمنين عليه السلام و قداستحلّ قتل طلحة والزبير، والقول بعدم علمهم بهذه الشهادة ظاهر الفساد. ويؤكّد بطلانه أيضا ما
روُيَِ مِن أَنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ سَأَلَ حُذَيفَةَ عَن عَدّ رَسُولِ اللّهِ(ص )إِيّاهُ فِي جُملَةِ المُنَافِقِينَ،إِذ لَو كَانَ مِمّن قُطِعَ لَهُ بِالجَنّةِ لَم يَختَلِجهُ الشّكّ فِي النّفَاقِ.
ثم لوقطعنا النظر عن تفرّد المخالفين بتلك الروايات ودلالة الشواهد والأدلّة المعارضة لها علي وضعها وبطلانها،نقول يرد علي مااستند إليه من الرواية أنّها إمّا أن تحمل علي ظاهرها ألّذي فهمه ابن أبي الحديد من الرخصة العامّة والمغفرة الشاملة لماتقدّم من ذنبهم و ماتأخّر، أويتطرّق التجوّز إليها وتخصيص عمومها، و علي الأوّل يلزم سقوط التكليف عن البدريّين والرخصة لهم في ارتكاب المحرّمات كبائرها وصغائرها، و لو كان الفعل ممّا يؤديّ إلي الكفر
صفحه : 258
كالاستخفاف بالقرآن ونحو ذلك ، و هذا لو لم يكن الاعتقاد مندرجا في العمل المشتمل عليه الرواية و إلّا فالأمر أوضح ، والبدريّون علي المشهور كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا مع القوم الذين ضرب لهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله بسهامهم وهم غائبون ، وعدّتهم ثمانية. وسقوط التكليف عن هؤلاء القوم مخالف للإجماع ولضرورة الدين ، و لم يدّع أحد العصمة في أهل البدر إلّا في عليّ عليه السلام ، و لاريب في أنّ الباقين كانوا يكتسبون الآثام ويقارفون الذنوب ، و في إعلامهم بالمغفرة لهم في الذنوب التي يرتكبونها بعد ذلك إغراء ظاهر لهم بالقبيح ، و هوقبيح . و علي الثاني،فإمّا أن يخصّص الرخصة بالصغائر ويعمّم المغفرة بالذنوب السالفة والمستأنفة، وحينئذ يتوجّه مع مخالفة الضرورة والإجماع أنّه لايستلزم المدّعي،إذ الرخصة في الصغائر وغفرانها ممّا لايوجب كون ماصدر منهم من الصغائر المكفّرة، و مع ذلك تعميم المغفرة المبتني عليه الوجهان مخالف للظاهر، و هوظاهر. وإمّا أن يخصّص المغفرة بالذنوب السالفة و يكون المراد بلفظة اعملوا ماشئتم ،المبالغة في حسن ماعملوا في بدر وإظهار الرضا الكامل لعملهم الصالح من غيررخصة لهم في الأيّام الآتية، وحينئذ فلاتعلّق للرواية بالمدّعي، هذا علي تقدير تسليم المساواة التيّ ادّعاها ابن أبي الحديد في عثمان للبدريّين. ومستند من رواه من أهل السير ليس إلّا قول ابن عمر كماعرفت . و أمّا ماتمسّك به ثانيا من أنّه في حكم من بايع بيعة الرضوان ، و أنّ رسول
صفحه : 259
اللّه صلّي اللّه عليه وآله بايع عنه ،فبعد تسليم صحّة الرواية يتوجّه عليه أنّه لادلالة له علي المدّعي بوجوه الأول أن دخول عثمان وأضرابه في المؤمنين ممنوع ، و قدعلّق اللّه الرضا في الآية علي الإيمان والبيعة دون البيعة وحدها حتي يكون جميع من بايع تحت الشجرة مرضيّا، و قدورد عن أهل البيت عليهم السلام مايدلّ علي ...
الثاني أنّ كون الألف واللام للاستغراق ممنوع ، كماأشار إليه السيد رضي اللّه عنه في الشافي حيث قال الظاهر عندنا أنّ آلة التعريف مشتركة متردّدة بين العموم والخصوص ، وإنّما يحمل علي أحدهما بدلالة غيرالظاهر، و قددلّلنا علي ذلك في مواضع كثيرة، وخاصّة في كلامنا المنفرد للوعيد من جملة مسائل أهل الموصل .
قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّهُ تَعَالَي قَد وَصَفَ مَن رضَيَِ عَنهُ مِمّن بَايَعَ تَحتَ الشّجَرَةِ بِأَوصَافٍ قَد عَلِمنَا أَنّهَا لَم تَحصُل لِجَمِيعِ المُبَايِعِينَ،فَيَجِبُ أَن يَختَصّ الرّضَا بِمَنِ اختَصّ بِتِلكَ الأَوصَافِ،لِأَنّهُ تَعَالَي قَالَ(فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِم فَأَنزَلَ السّكِينَةَ عَلَيهِم وَ أَثابَهُم فَتحاً قَرِيباً)
و لاخلاف بين أهل النقل في أنّ الفتح ألذي كان بعدبيعة الرضوان بلا فصل هوفتح خيبر، و أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله بعث أبابكر وعمر فرجع كلّ واحد منهما منهزما ناكصا علي عقبيه ،فغضب
النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ قَالَلَأُعطِيَنّ الرّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبّ اللّهَ
صفحه : 260
وَ رَسُولَهُ كَرّارٌ غَيرُ فَرّارٍ لَا يَرجِعُ حَتّي يَفتَحَ اللّهُ عَلَي يَدَيهِ.فَدَعَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَكَانَ أَرمَدَ فَتَفَلَ فِي عَينَيهِ فَزَالَ مَا كَانَ يشَتكَيِ وَ أَعطَاهُ الرّايَةَ وَ مَضَي مُتَوَجّهاً وَ كَانَ الفَتحُ عَلَي يَدَيهِ
،فيجب أن يكون هوالمخصوص بحكم الآية، و من كان معه في ذلك الفتح من أهل البيعة تحت الشجرة لتكامل الشرائط فيهم ، ويجب أن يخرج عنها من لم يجتمع له الشرائط، و ليس لأحد أن يقول إنّ الفتح كان لجميع المسلمين و إن تولاه بعضهم وجري علي يديه ،فيجب أن يكون جميع أهل بيعة الرضوان ممّن رزق الفتح وأُثيب به ، و هذايقتضي شمول الرضا للجميع ، و ذلك لأنّ هذاعدول عن الظاهر،لأنّ من فعل الشيء بنفسه هو ألذي يضاف إليه علي سبيل الحقيقة، ويقال إنّه أثيب به ورزق إيّاه، و لوجاز ذلك جاز أن يوصف من كان بخراسان من المسلمين بأنّه هزم جنود الروم وفتح حصونهم و إن وصفنا بذلك من يتولاهم ويجري علي يديه .انتهي . ودخول عثمان في جملة من جري الفتح علي أيديهم [ مع أنّه]ممّا لم يذكره أرباب السير،بل الظاهر عدمه كماخرج عنهم المتقدّمان عليه ،فهو في محلّ المنع ، كما أنّ دخوله فيمن أنزلت عليه السكينة ممنوع .الثالث أنّه بعدتسليم شمول الآية له لادلالة للرضا عن المؤمنين حال البيعة، أولها علي أنّه لايصدر عنهم كبيرة بعد ذلك حتي يكون أحداث عثمان من الصغائر المكفّرة، و قد كان أهل بيعة الرضوان علي ماذكره أرباب السير
صفحه : 261
ألفا وخمسمائة أوثلاثمائة، و قد كان منهم من يرتكب أنواع المحرّمات، وهل يقول عاقل بعدم صدور كبيرة واحدة عن أحد من هؤلاء مع كثرتهم . و ماتمسّك به من حديث بشارة العشرة فبعد ماعرفت من أنّها من الروايات التّي تفرّدوا بها وقامت الشواهد علي ضعفها وبطلانها،يتوجّه عليه أنّ الرواية علي تقدير صحّتها لاتدلّ علي صلاحيّة الإمامة،إذ ليس جميع أهل الجنّة مستأهلين للإمامة، و ليس المانع عنه مقصورا علي ارتكاب الكبيرة المخرجة عن الإسلام الموجبة لدخول النار علي مازعمه ابن أبي الحديد وأصحابه . و من جملة الموانع الضعف عن القيام بأمر الإمامة وعدم القدرة علي دفع الأشرار والجهل بالأحكام ، وعدم استقرار الرأي لضعف العقل ونحو ذلك .
، و قدعزم غيرمرّة علي عزل كثير منهم لمارأي من ظلمهم وانحراف الناس عنه لأجلهم فحال مروان بينه و بين ماأراد حتي حصبوه علي المنبر، وآل الحال إلي الحصر والقتل .
كماعرفت ،فبعد تسليم الرواية أيضا لايتمّ الجواب .أقول وعدّ أبوالصلاح في تقريب المعارف من بدعه تقليد عبد اللّه بن عامر بن كريز علي البصرة للخئولة التيّ بينهما، و عبد اللّه بن أبي سرح علي مصر
صفحه : 262
للرضاعة التي بينهما، ويعلي بن أميّة علي اليمن ، وأسيد بن الأخنس بن شريق علي البحرين لكونه ابن عمّته، وعزل المأمونين من الصحابة علي الدين المختارين الولاية المرضييّن السيرة. قال
حين أنكر عليه تكذيب أبي ذرّ. ومنها عزل عبد اللّه بن الأرقم عن بيت المال لماأنكر عليه إطلاق الأموال لبني أميّة بغير حقّ.
يامنافق ، و هو ألذي اختاره وعقد له .
ما كان أبوبكر وعمر يعطيانهما، وسبّه لعائشة و قوله و قدأنكرت عليه الأفاعيل القبيحة لئن لم تنته لأدخلنّ عليك الحجرة سودان الرجال وبيضانها.
وتخصّصه به ومنع غلمانه الناس
صفحه : 263
منه ، وتنكيلهم بمن أراده .
من ضربه ،لإنكاره عليه مايأتيه غلمانه إلي المسلمين في رعي الكلإ.
، وصلاته بمني أربعا، وإنكاره متعة الحجّ.
و كان بدريّا مائة سوط، وحمله علي جمل يطاف به في المدينة لإنكاره عليه الأحداث وإظهاره عيوبه في الشعر، وحبسه بعد ذلك موثقا بالحديد حتّي كتب إلي عليّ وعمّار من الحبس
أبلغ عليّا وعمّارا فإنّهما | بمنزل الرشد إنّ الرشد مبتدر |
لاتتركا جاهلا حتّي توقّره | دين الإله و إن هاجت به مرر |
لم يبق لي منه إلّا السيف إذ علقت | حبال الموت فينا الصادق البرر |
يعلم بأنيّ مظلوم إذاذكرت | وسط الندي حجاج القوم والغدر |
فلم يزل عليّ عليه السلام بعثمان يكلّمه حتّي خلّي سبيله علي أن لايساكنه بالمدينة،فسيّره إلي خيبر،فأنزله قلعة بهاتسمّي القموص ،فلم يزل بها حتي ناهض المسلمون عثمان وساروا إليه من كلّ بلد، فقال في الشعر
لو لا عليّ فإنّ اللّه أنقذني | علي يديه من الأغلال والصفد |
لمارجوت لدي شدّ بجامعة | يمني يديّ غياث الفوت من أحد |
صفحه : 264
نفسي فداء عليّ إذ يخلصّني | من كافر بعد ماأغضي علي صمد |
حين أظهر ماسمعه من رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله فيه وأنكر أفعاله ،فلم يزل يعرض بعثمان حتّي قتل .
حين أنكروا علي سعيد بن العاص ونفيهم من دمشق إلي حمص .
صفحه : 265
علي مافرط منه والعزم علي ترك معاودته ، ونقض ذلك والرجوع عنه مرّة بعدمرّة، وإصراره علي ماندم منه وعاهد اللّه تعالي وأشهد القوم علي تركه من الاستئثار بالفيء وبطانة السوء وتقليد الفسقة أمور المسلمين .
والتنكيل بالأتباع وتخليدهم الحبس لإنكارهم مايأتيه ابن أبي سرح إليهم ويسير به فيهم من الجور ألذي اعترف به وعاهد علي تغييره .
صفحه : 266
، و لم يعزل ولاة السوء.
، وتحريم التصرّف في أمر الأمّة، و ذلك تصرّف قبيح ،لكونه غيرمستحقّ عندهم مع ثبوت الفسق .
قوله مبتدر .. علي بناء المفعول .. أي ينبغي أن يبتدر إليه . قوله حتي توقّره .. بصيغة الخطاب بقصد كلّ واحد، أوبصيغة الغيبة.فقوله دين الإله فاعله . وهيجان المرّة .. كناية عن السفاهة والغضب في غيرمحلّه. قوله يعلم .. أي الصادق البرّ، أو علي بناء المجهول . و قوله حجّاج القوم .. مفعول مكان فاعل ذكرت . والندّيّ بالتشديد وكسر الدال مجتمع القوم . قوله لمارجوت .. مفعول غداة الغوثة كما في بعض النسخ ، و في بعضها غياث الفوت .
صفحه : 267
قوله لديّ شدّ ظرفه .. أي لمارجوت عندشدّ يدي اليمني إلي عنقي بالجامعة.الغياث من الفوت أوغداة الغوث .. أي غداة يغيثني فيه غياث . قوله بعد ماأغضي .. أي أغمض عن حقيّ. علي صمد .. أي عمد.
ثم قال رحمه اللّه في التقريب و أمّا
فظاهر مشهور من أهل الأمصار، وقطّان المدينة من الصحابة والتابعين ،يغني بشهرة جملته عن تفصيله ، ونحن نذكر من ذلك طرفا يستدلّ به علي ما لم نذكره ،فمن ذلك
مَا رَوَاهُ الثقّفَيِّ مِن عِدّةِ طُرُقٍ، عَن قَيسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَأَتَيتُ عَلِيّاً
صفحه : 268
عَلَيهِ السّلَامُ أَستَشفِعُ بِهِ إِلَي عُثمَانَ، فَقَالَ إِلَي حَمّالِ الخَطَايَا.
وَ رَوَي الثقّفَيِّ أَنّ العَبّاسَ كَلّمَ عَلِيّاً فِي عُثمَانَ، فَقَالَ لَو أمَرَنَيِ عُثمَانُ أَن أَخرُجَ مِن داَريِ لَخَرَجتُ، وَ لَكِن أَبَي أَن يُقِيمَ كِتَابَ اللّهِ.
وَ رَوَي الثقّفَيِّ، عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ دعَاَنيِ عُثمَانُ، فَقَالَ أَغنِ عنَيّ نَفسَكَ وَ لَكَ عِيرٌ أَوّلُهَا بِالمَدِينَةِ وَ آخِرُهَا بِالعِرَاقِ.فَقُلتُ بَخ بَخ قَد أَكثَرتَ لَو كَانَ مِن مَالِكَ. قَالَ فَمِن مَالِ مَن هُوَ. قُلتُ مِن مَالِ قَومٍ ضَارَبُوا بِأَسيَافِهِم. قَالَ لِي أَ وَ هُنَاكَ تَذهَبُ، ثُمّ قَامَ إلِيَّ فضَرَبَنَيِ حَتّي حَجَرَهُ عنَيّ الرّبوُ، وَ أَنَا أَقُولُ لَهُ أَمَا إنِيّ لَو شِئتُ لَانتَصَفتُ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي كِتَابِ الدّارِ، قَالَدَخَلَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ وَ عَبدُ الرّحمَنِ
صفحه : 269
ابنُ عَوفٍ وَ الزّبَيرُ وَ طَلحَةُ وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي عُثمَانَ فَكَلّمُوهُ فِي بَعضِ مَا رَأَوا مِنهُ،فَكَثُرَ الكَلَامُ بَينَهُم، وَ كَانَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مِن أَعظَمِهِم عَلَيهِ،فَقَامَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مُغضَباً فَأَخَذَ الزّبَيرُ بِثَوبِهِ، فَقَالَ اجلِس،فَأَبَي، فَقَالَ عُثمَانُ دَعهُ فَوَ اللّهِ مَا عَلِمتُ أَنّهُ لَمّا يكل ، وَ اللّهِ لَقَد عَلِمَ أَنّهَا لَا تَكُونُ فِيهِ وَ لَا فِي وَاحِدٍ مِن وُلدِهِ.
وَ رَوَي الواَقدِيِّ فِي كِتَابِهِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ أَوّلَ مَا تَكَلّمَ النّاسُ فِي عُثمَانَ ظَاهِراً أَنّهُ صَلّي بِمِنًي أَوّلَ وِلَايَتِهِ رَكعَتَينِ حَتّي إِذَا كَانَتِ السّنَةُ السّادِسَةُ أَتَمّهَا فَعَابَ ذَلِكَ غَيرُ وَاحِدٍ مِن أَصحَابِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ تَكَلّمَ فِي ذَلِكَ مَن يُرِيدُ أَن يُكثِرَ عَلَيهِ حَتّي جَاءَهُ عَلِيّ فِي مَن جَاءَهُ، فَقَالَ وَ اللّهِ مَا حَدَثَ أَمرٌ وَ لَا قَدِمَ عَهدٌ، وَ لَقَد عَهِدتُ نَبِيّكَ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ صَلّي رَكعَتَينِ ثُمّ أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ أَنتَ صَدراً مِن وِلَايَتِكَ،فَمَا هَذَا قَالَ عُثمَانُ رأَيٌ رَأَيتُهُ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ بِإِسنَادِهِ، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَي أُبَيّ بنِ كَعبٍ، فَقَالَ يَا أَبَا المُنذِرِ إِنّ عُثمَانَ قَد كَتَبَ لِرَجُلٍ مِن آلِ أَبِي مُعَيطٍ بِخَمسِينَ أَلفَ دِرهَمٍ إِلَي بَيتِ المَالِ، فَقَالَ أُبَيّ لَا يَزَالُ تأَتوُنيِ بشِيَءٍ مَا أدَريِ مَا هُوَ فِيهِ فَبَينَا هُوَ كَذَلِكَ إِذ مَرّ بِهِ الصّكّ،فَقَامَ فَدَخَلَ عَلَي عُثمَانَ، فَقَالَ يَا ابنَ الهَاوِيَةِ يَا ابنَ النّارِ الحَامِيَةِ أَ تَكتُبُ لِبَعضِ آلِ أَبِي مُعَيطٍ إِلَي بَيتِ مَالِ المُسلِمِينَ بِصَكّ بِخَمسِينَ أَلفَ دِرهَمٍ،فَغَضِبَ عُثمَانُ وَ قَالَ لَو لَا أنَيّ قَد كَفَيتُكَ لَفَعَلتُ بِكَ كَذَا وَ كَذَا.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، قَالَفَقَامَ رَجُلٌ إِلَي أُبَيّ بنِ كَعبٍ، فَقَالَ يَا أَبَا
صفحه : 270
المُنذِرِ أَ لَا تخُبرِنُيِ عَن عُثمَانَ مَا قَولُكَ فِيهِ فَأَمسَكَ عَنهُ، فَقَالَ لَهُ الرّجُلُ جَزَاكُمُ اللّهُ شَرّاً يَا أَصحَابَ مُحَمّدٍ شَهِدتُمُ الوحَيَ وَ عَايَنتُمُوهُ ثُمّ نَسأَلُكُمُ التّفَقّهَ فِي الدّينِ فَلَا تُعَلّمُونّا. فَقَالَ أُبَيّ عِندَ ذَلِكَ هَلَكَ أَصحَابُ العُقدَةِ وَ رَبّ الكَعبَةِ، أَمَا وَ اللّهِ مَا عَلَيهِم آسَي وَ لَكِن آسَي عَلَي و مَن أُهلِكُوا. وَ اللّهِ لَئِن أبَقاَنيَِ اللّهُ إِلَي يَومِ الجُمُعَةِ لَأَقُومَنّ مَقَاماً أَتَكَلّمُ فِيهِ بِمَا أَعلَمُ، أَ قَتَلتَ أَوِ استَحيَيتَ،فَمَاتَ رَحِمَهُ اللّهُ يَومَ الخَمِيسِ.
رَوَي الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ بِإِسنَادِهِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ استَأذَنَ أَبُو ذَرّ عَلَي عُثمَانَ فَأَبَي أَن يَأذَنَ لَهُ، فَقَالَ لِي استَأذِن لِي عَلَيهِ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَرَجَعتُ إِلَي عُثمَانَ فَاستَأذَنتُ لَهُ عَلَيهِ، قَالَ إِنّهُ يؤُذيِنيِ. قُلتُ عَسَي أَن لَا يَفعَلَ،فَأَذِنَ لَهُ مِن أجَليِ، فَلَمّا دَخَلَ عَلَيهِ قَالَ لَهُ اتّقِ اللّهَ يَا عُثمَانُ،فَجَعَلَ يَقُولُ اتّقِ اللّهَ .. وَ عُثمَانُ يَتَوَعّدُهُ، قَالَ أَبُو ذَرّ إِنّهُ قَد حدَثّنَيِ نبَيِّ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنّهُ يُجَاءُ بِكَ وَ بِأَصحَابِكَ يَومَ القِيَامَةِ فَتُبطَحُونَ عَلَي وُجُوهِكُم،فَتَمُرّ عَلَيكُمُ البَهَائِمُ فَتَطَؤُكُم كُلّ مَا مَرّت آخِرُهَا رُدّت أَوّلُهَا، حَتّي يُفصَلَ بَينَ النّاسِ. قَالَ يَحيَي بنُ سَلَمَةَ فحَدَثّنَيِ العرَزمَيِّ أَنّ فِي هَذَا الحَدِيثِ ترَفعَوُنيِ حَتّي إِذَا كُنتُم مَعَ الثّرَيّا ضُرِبَ بِكُم عَلَي وُجُوهِكُم فَتَطَأُكُمُ البَهَائِمُ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ أَنّ أَبَا ذَرّ لَمّا رَأَي أَنّ عُثمَانَ قَد أَمَرَ بِتَحرِيقِ المَصَاحِفِ، فَقَالَ يَا عُثمَانُ لَا تَكُن أَوّلَ مَن حَرَقَ كِتَابَ اللّهِ فَيَكُونَ دَمُكَ أَوّلَ دَمٍ يُهَرَاقُ. وَ ذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ، عَن ثَعلَبَةَ بنِ حَكِيمٍ، قَالَ بَينَا أَنَا جَالِسٌ عِندَ عُثمَانَ وَ عِندَهُ أُنَاسٌ مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِن أَهلِ بَدرٍ وَ غَيرِهِم فَجَاءَ
صفحه : 271
أَبُو ذَرّ يَتَوَكّأُ عَلَي عَصَاهُ، فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكُم. فَقَالَ اتّقِ اللّهَ يَا عُثمَانُ إِنّكَ تَسمَعُ .. كَذَا وَ كَذَا، وَ تَصنَعُ .. كَذَا وَ كَذَا .. وَ ذَكَرَ مَسَاوِيَهُ،فَسَكَتَ عُثمَانُ حَتّي إِذَا انصَرَفَ، قَالَ مَن يعَذرِنُيِ مِن هَذَا ألّذِي لَا يَدَعُ مَسَاءَةً إِلّا ذَكَرَهَا.فَسَكَتَ القَومُ فَلَم يُجِيبُوهُ،فَأَرسَلَ إِلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ،فَجَاءَ،فَقَامَ فِي مَقَامِ أَبِي الذّرّ، فَقَالَ يَا أَبَا الحَسَنِ مَا تَرَي أَبَا الذّرّ لَا يَدَعُ لِي مَسَاءَةً إِلّا ذَكَرَهَا. فَقَالَ يَا عُثمَانُ إنِيّ أَنهَاكَ عَن أَبِي ذَرّ، يَا عُثمَانُ أَنهَاكَ عَن أَبِي ذَرّ .. ثَلَاثَ مَرّاتٍ،اترُكهُ كَمَا قَالَ اللّهُ تَعَالَي لِمُؤمِنِ آلِ فِرعَونَ( إِن يَكُ كاذِباً فَعَلَيهِ كَذِبُهُ وَ إِن يَكُ صادِقاً يُصِبكُم بَعضُ ألّذِي يَعِدُكُم إِنّ اللّهَ لا يهَديِ مَن هُوَ مُسرِفٌ كَذّابٌ). قَالَ لَهُ عُثمَانُ بِفِيكَ التّرَابُ. قَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ بَل بِفِيكَ التّرَابُ، ثُمّ انصَرَفَ.
وَ رَوَي الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ أَنّ أَبَا ذَرّ دَخَلَ عَلَي عُثمَانَ وَ عِندَهُ جَمَاعَةٌ، فَقَالَ أَشهَدُ أنَيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لَيُجَاءُ بيِ يَومَ القِيَامَةِ أَو بِكَ وَ بِأَصحَابِكَ حَتّي تَكُونَ بِمَنزِلَةِ الجَوزَاءِ مِنَ السّمَاءِ، ثُمّ يُرمَي بِنَا إِلَي الأَرضِ فَتُوطَأُ عَلَينَا البَهَائِمُ حَتّي يُفرَغَ مِن مُحَاسَبَةِ العِبَادِ. فَقَالَ عُثمَانُ يَا أَبَا هُرَيرَةَ هَل سَمِعتَ هَذَا مِنَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ لَا. قَالَ أَبُو ذَرّ أَنشُدُكَ اللّهَ سَمِعتَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ وَ لَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ عَلَي ذيِ لَهجَةٍ أَصدَقَ مِن أَبِي ذَرّ. قَالَ أَمّا هَذَا فَقَد سَمِعتُ،فَرَجَعَ أَبِي ذَرّ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللّهِ مَا كَذَبتُ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ عَن عَبدِ اللّهِ شيدان السلّمَيِّ أَنّهُ قَالَ لأِبَيِ ذَرّ مَا لَكُم وَ لِعُثمَانَ، مَا تُهَوّنُ عَلَيهِ، فَقَالَ بَلَي وَ اللّهِ لَو أمَرَنَيِ أَن أَخرُجَ مِن داَريِ لَخَرَجتُ وَ لَو حَبواً، وَ لَكِنّهُ أَبَي أَن يُقِيمَ كِتَابَ اللّهِ.
صفحه : 272
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ أَنّ أَبَا ذَرّ ألُقيَِ بَينَ يدَيَ عُثمَانَ، فَقَالَ يَا كَذّابُ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مَا هُوَ بِكَذّابٍ. قَالَ بَلَي، وَ اللّهِ إِنّهُ لَكَذّابٌ. قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مَا هُوَ بِكَذّابٍ. قَالَ عُثمَانُ التّربَاءُ فِي فِيكَ يَا عَلِيّ. قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ بَلِ التّربَاءُ فِي فِيكَ يَا عُثمَانُ. قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ وَ لَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ عَلَي ذيِ لَهجَةٍ أَصدَقَ مِن أَبِي ذَرّ. قَالَ أَمَا وَ اللّهِ عَلَي ذَلِكَ لَأُسَيّرَنّهُ. قَالَ أَبُو ذَرّ أَمَا وَ اللّهِ لَقَد حدَثّنَيِ خلَيِليِ عَلَيهِ الصّلَاةُ وَ السّلَامُ أَنّكُم تخُرجِوُنيّ مِن جَزِيرَةِ العَرَبِ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن سَهلِ بنِ الساّعدِيِّ، قَالَ كَانَ أَبُو ذَرّ جَالِساً عِندَ عُثمَانَ وَ كُنتُ عِندَهُ جَالِساً إِذ قَالَ عُثمَانُ أَ رَأَيتُم مَن أَدّي زَكَاةَ مَالِهِ هَل فِي مَالِهِ حَقّ غَيرُهُ. قَالَ كَعبٌ لَا،فَدَفَعَ أَبُو ذَرّ بِعَصَاهُ فِي صَدرِ كَعبٍ، ثُمّ قَالَ يَا ابنَ اليَهُودِيّينِ أَنتَ تُفَسّرُ كِتَابَ اللّهِ بِرَأيِكَ( لَيسَ البِرّ أَن تُوَلّوا وُجُوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ لكِنّ البِرّ مَن آمَنَ بِاللّهِ...) إِلَي قَولِهِ( وَ آتَي المالَ عَلي حُبّهِ ذوَيِ القُربي وَ اليَتامي وَ المَساكِينَ)، ثُمّ قَالَ أَ لَا تَرَي أَنّ عَلَي المصُلَيّ بَعدَ إِيتَاءِ الزّكَاةِ حَقّاً فِي مَالِهِ، ثُمّ قَالَ عُثمَانُ أَ تَرَونَ بَأساً أَن نَأخُذَ مِن بَيتِ مَالِ المُسلِمِينَ مَالًا فَنُفَرّقُهُ فِيمَا يَنُوبُنَا مِن أَمرِنَا ثُمّ نَقضِيهِ، ثُمّ قَالَ أُنَاسٌ مِنهُم لَيسَ بِذَلِكَ بَأسٌ. وَ أَبُو ذَرّ سَاكِتٌ، فَقَالَ عُثمَانُ يَا كَعبُ مَا تَقُولُ. فَقَالَ كَعبٌ لَا بَأسَ بِذَلِكَ،فَرَفَعَ أَبُو ذَرّ عَصَاهُ فَوَجَأَ بِهَا فِي صَدرِهِ، ثُمّ قَالَ أَنتَ يَا ابنَ
صفحه : 273
اليَهُودِيّينِ تُعَلّمُنَا دِينَنَا. فَقَالَ عُثمَانُ مَا أَكثَرَ أَذَاكَ لِي وَ أَولَعَكَ بأِصَحاَبيَِ الحَق بِمَكِينِكَ وَ غَيّب عنَيّ وَجهَكَ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عِيسَي بنِ زَيدٍ، عَن أَبِيهِ أَنّ أَبَا ذَرّ أَظهَرَ عَيبَ عُثمَانَ وَ فِرَاقَهُ لِلدّينِ، وَ أَغلَظَ لَهُ حَتّي شَتَمَهُ عَلَي رُءُوسِ النّاسِ وَ برَِئَ مِنهُ،فَسَيّرَهُ عُثمَانُ إِلَي الشّامِ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ أَنّ أَبَا ذَرّ زَارَ أَبَا الدّردَاءِ بِحِمصٍ فَمَكَثَ عِندَهُ ليَاَليَِ فَأَمَرَ بِحِمَارِهِ فَأَوكَفَ، فَقَالَ أَبُو الدّردَاءِ لَا أرَاَنيَِ اللّهُ مشيعك ، وَ أَمَرَ بِحِمَارِهِ فَأُسرِجَ.فَسَارَا جَمِيعاً عَلَي حِمَارَيهِمَا،فَلَقِيَا رَجُلًا شَهِدَ الجُمُعَةَ عِندَ مُعَاوِيَةَ بِالجَابِيَةِ فَعَرَفَهُمَا الرّجُلُ وَ لَم يَعرِفَاهُ فَأَخبَرَهُمَا خَبَرَ النّاسِ، ثُمّ إِنّ الرّجُلَ قَالَ وَ خَبَرٌ آخَرُ كَرِهتُ أَن أُخبِرَكُم بِهِ الآنَ وَ أَرَاكُم تَكرَهَانِهِ، قَالَ أَبُو الدّردَاءِ لَعَلّ أَبَا ذَرّ قَد نفُيَِ. قَالَ نَعَم وَ اللّهِ،فَاستَرجَعَ أَبُو الدّردَاءِ وَ صَاحِبُهُ قَرِيباً مِن عَشرِ مَرّاتٍ، ثُمّ قَالَ أَبُو الدّردَاءِ فَارتَقِبهُم وَ اصطَبِر كَمَا قِيلَ لِأَصحَابِ النّاقَةِ، أللّهُمّ إِن كَانُوا كَذّبُوا أَبَا ذَرّ فإَنِيّ لَا أُكَذّبُهُ وَ إِنِ اتّهَمُوهُ فإَنِيّ لَا أَتّهِمُهُ وَ إِنِ استَغَشّوهُ فإَنِيّ لَا أَستَغِشّهُ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَانَ يَأتَمِنُهُ حَيثُ لَا يَأتَمِنُ أَحَداً، وَ يُسِرّ إِلَيهِ حَيثُ لَا يُسِرّ إِلَي أَحَدٍ، أَمَا وَ ألّذِي نَفسُ أَبِي الدّردَاءِ بِيَدِهِ لَو أَنّ أَبَا ذَرّ قَطَعَ يمَيِنيِ مَا أَبغَضتُهُ بَعدَ مَا سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ وَ لَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ عَلَي ذيِ لَهجَةٍ أَصدَقَ مِن أَبِي ذَرّ.
صفحه : 274
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ بِإِسنَادِهِ، قَالَ قَامَ مُعَاوِيَةُ خَطِيباً بِالشّامِ، فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّمَا أَنَا خَازِنٌ فَمَن أَعطَيتُهُ فَاللّهُ يُعطِيهِ وَ مَن حَرَمتُهُ فَاللّهُ يَحرِمُهُ،فَقَامَ إِلَيهِ أَبُو ذَرّ، فَقَالَ كَذَبتَ وَ اللّهِ يَا مُعَاوِيَةُ،إِنّكَ لتَعُطيِ مَن حَرَمَ اللّهُ وَ تَمنَعُ مَن أَعطَي اللّهُ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ، عَن اِبرَاهِيمَ التيّميِّ، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي ذَرّ، قَالَ قُلتُ لِمُعَاوِيَةَ أَمّا أَنَا فَأَشهَدُ أنَيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ إِنّ أَحَدَنَا فِرعَونُ هَذِهِ الأُمّةِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ أَمّا أَنَا فَلَا.
وَ عَنهُ، عَن عَبدِ المَلِكِ بنِ أخَيِ أَبِي ذَرّ، قَالَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَي عُثمَانَ إِنّ أَبَا ذَرّ قَد حَرّفَ قُلُوبَ أَهلِ الشّامِ وَ بَغّضَكَ إِلَيهِم فَمَا يَستَفتُونَ غَيرَهُ، وَ لَا يقَضيِ بَينَهُم إِلّا هُوَ،فَكَتَبَ عُثمَانُ إِلَي مُعَاوِيَةَ أَنِ احمِل أَبَا ذَرّ عَلَي نَابٍ صَعبَةٍ وَ قَتَبٍ،
صفحه : 275
ثُمّ ابعَث مَعَهُ مَن يَنجَشُ بِهِ نَجشاً عَنِيفاً حَتّي يَقدَمَ بِهِ عَلَيّ، قَالَ فَحَمَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَي نَاقَةٍ صَعبَةٍ عَلَيهَا قَتَبٌ مَا عَلَي القَتَبِ إِلّا مِسحٌ، ثُمّ بَعَثَ مَعَهُ مَن يُسَيّرُهُ سَيراً عَنِيفاً، وَ خَرَجتُ مَعَهُ فَمَا لَبِثَ الشّيخُ إِلّا قَلِيلًا حَتّي سَقَطَ مَا يلَيِ القَتَبَ مِن لَحمِ فَخِذَيهِ وَ قُرِحَ،فَكُنّا إِذَا كَانَ اللّيلُ أَخَذتُ ملُاَئيِ فَأَلقَيتُهُمَا تَحتَهُ، فَإِذَا كَانَ السّحَرُ نَزَعتُهَا مَخَافَةَ أَن يرَوَنيِ فيَمَنعَوُنيِ مِن ذَلِكَ، حَتّي قَدِمنَا المَدِينَةَ وَ بَلَغنَا عُثمَانَ مَا لقَيَِ أَبُو ذَرّ مِنَ الوَجَعِ وَ الجَهدِ،فَحَجَبَهُ جُمُعَةً وَ جُمُعَةً حَتّي مَضَت عِشرُونَ لَيلَةً أَو نَحوُهَا وَ أَفَاقَ أَبُو ذَرّ، ثُمّ أُرسِلَ إِلَيهِ وَ هُوَ مُعتَمِدٌ عَلَي يدَيِ فَدَخَلنَا عَلَيهِ وَ هُوَ مُتّكِئٌ فَاستَوَي قَاعِداً، فَلَمّا دَنَا أَبُو ذَرّ مِنهُ قَالَ عُثمَانُ
لَا أَنعَمَ اللّهُ بِعَمرٍو عَيناً | تَحِيّةَ السّخطِ إِذَا التَقَينَا |
فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرّ لِمَ،فَوَ اللّهِ مَا سمَاّنيَِ اللّهُ عَمرواً وَ لَا سمَاّنيَِ أبَوَاَيَ عَمرواً، وَ إنِيّ عَلَي العَهدِ ألّذِي فَارَقتُ عَلَيهِ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا غَيّرتُ وَ لَا بَدّلتُ. فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ كَذَبتَ لَقَد كَذَبتَ عَلَي نَبِيّنَا وَ طَعَنتَ فِي دِينِنَا، وَ فَارَقتَ رَأَينَا، وَ ضَغّنتَ قُلُوبَ المُسلِمِينَ عَلَينَا، ثُمّ قَالَ لِبَعضِ غِلمَانِهِ ادعُ لِي قُرَيشاً،فَانطَلَقَ رَسُولُهُ فَمَا لَبِثنَا أَنِ امتَلَأَ البَيتُ مِن رِجَالِ قُرَيشٍ. فَقَالَ لَهُم عُثمَانُ إِنّا أَرسَلنَا إِلَيكُم فِي هَذَا الشّيخِ الكَذّابِ، ألّذِي كَذَبَ عَلَي نَبِيّنَا وَ طَعَنَ فِي دِينِنَا، وَ ضَغّنَ قُلُوبَ المُسلِمِينَ عَلَينَا، وَ إنِيّ قَد رَأَيتُ أَن أَقتُلَهُ أَو أُصَلّبَهُ أَو أَنفِيَهُ مِنَ
صفحه : 276
الأَرضِ. فَقَالَ بَعضُهُم رَأيُنَا لِرَأيِكَ تَبَعٌ. وَ قَالَ بَعضُهُم لَا تَفعَل،فَإِنّهُ صَاحِبُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ لَهُ حَقّ،فَمَا مِنهُم أَحَدٌ أَدّي ألّذِي عَلَيهِ،فَبَينَا هُم كَذَلِكَ إِذ جَاءَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ يَتَوَكّأُ عَلَي عَصًي سَتراً فَسَلّمَ عَلَيهِ وَ نَظَرَ وَ لَم يَجِد مَقعَداً فَاعتَمَدَ عَلَي عَصَاهُ،فَمَا أدَريِ أَ تَخَلّفُ عَهدٍ أَم يُظَنّ بِهِ غَيرُ ذَلِكَ، ثُمّ قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فِيمَا أَرسَلتُم إِلَينَا. قَالَ عُثمَانُ أَرسَلنَا إِلَيكُم فِي أَمرٍ قَد فُرّقَ لَنَا فِيهِ الرأّيُ فَاجمَع رَأيَنَا وَ رأَيَ المُسلِمِينَ فِيهِ عَلَي أَمرٍ. قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ لِلّهِ الحَمدُ، أَمَا إِنّكُم لَوِ استَشَرتُمُونَا لَم نَألُكُم نَصِيحَةً. فَقَالَ عُثمَانُ إِنّا أَرسَلنَا إِلَيكُم فِي هَذَا الشّيخِ ألّذِي قَد كَذَبَ عَلَي نَبِيّنَا، وَ طَعَنَ فِي دِينِنَا، وَ خَالَفَ رَأيَنَا، وَ ضَغّنَ قُلُوبَ المُسلِمِينَ عَلَينَا، وَ قَد رَأَينَا أَن نَقتُلَهُ أَو نُصَلّبَهُ أَو نَنفِيَهُ مِنَ الأَرضِ. قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَ فَلَا أَدُلّكُم عَلَي خَيرٍ مِن ذَلِكُم وَ أَقرَبَ رُشداً تَترُكُونَهُ بِمَنزِلَةِ مُؤمِنِ آلِ فِرعَونَإِن يَكُ كاذِباً فَعَلَيهِ كَذِبُهُ وَ إِن يَكُ صادِقاً يُصِبكُم بَعضُ ألّذِي يَعِدُكُم إِنّ اللّهَ لا يهَديِ مَن هُوَ مُسرِفٌ كَذّابٌ. قَالَ لَهُ عُثمَانُ بِفِيكَ التّرَابُ. فَقَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ بَل بِفِيكَ التّرَابُ، وَ سَيَكُونُ بِهِ.فَأَمَرَ بِالنّاسِ فَأُخرِجُوا.
وَ عَنهُ فِي تَارِيخِهِ بِإِسنَادِهِ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ مَعمَرٍ، عَن أَبِيهِ، قَالَ لَمّا قُدِمَ بأِبَيِ ذَرّ مِنَ الشّامِ إِلَي عُثمَانَ كَانَ مِمّا أَبّنَهُ بِهِ أَن قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّهُ يَقُولُ إِنّهُ خَيرٌ مِن أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ. قَالَ أَبُو ذَرّ أَجَل أَنَا أَقُولُ، وَ اللّهِ لَقَد رأَيَتنُيِ رَابِعُ أَربَعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا أَسلَمَ غَيرُنَا، وَ مَا أَسلَمَ أَبُو بَكرٍ وَ لَا عُمَرُ، وَ لَقَد وُلّيَا وَ مَا وُلّيتُ، وَ لَقَد مَاتَا وَ إنِيّ لحَيَّ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ اللّهِ لَقَد رَأَيتُهُ وَ إِنّهُ
صفحه : 277
لربع الإِسلَامِ،فَرَدّ عُثمَانُ ذَلِكَ عَلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ كَانَ بَينَهُمَا كَلَامٌ، فَقَالَ عُثمَانُ وَ اللّهِ لَقَد هَمَمتُ بِكَ، قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَنَا وَ اللّهُ لَأَهِمّ بِكَ،فَقَامَ عُثمَانُ وَ دَخَلَ بَيتَهُ، وَ تَفَرّقَ النّاسُ.
وَ عَنهُ فِي تَارِيخِهِ، عَنِ الأَحنَفِ بنِ قَيسٍ، قَالَ بَينَمَا نَحنُ جُلُوسٌ مَعَ أَبِي هُرَيرَةَ إِذ جَاءَ أَبُو ذَرّ، فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيرَةَ هَلِ افتَقَرَ اللّهُ مُنذُ استَغنَي. فَقَالَ أَبُو هُرَيرَةَ سُبحَانَ اللّهِ بَلِ اللّهُ الغنَيِّ الحَمِيدُ، لَا يَفتَقِرُ أَبَداً وَ نَحنُ الفُقَرَاءُ إِلَيهِ. قَالَ أَبُو ذَرّ فَمَا بَالُ هَذَا المَالِ يُجمَعُ بَعضُهُ إِلَي بَعضٍ. فَقَالَ مَالُ اللّهِ قَد مَنَعُوهُ أَهلَهُ مِنَ اليَتَامَي وَ المَسَاكِينِ، ثُمّ انطَلَقَ.فَقُلتُ لأِبَيِ هُرَيرَةَ مَا لَكُم لَا تَأبَونَ مِثلَ هَذَا. قَالَ إِنّ هَذَا رَجُلٌ قَد وَطّنَ نَفسَهُ عَلَي أَن يُذبَحَ فِي اللّهِ، أَمَا إنِيّ أَشهَدُ أنَيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ وَ لَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ عَلَي ذيِ لَهجَةٍ أَصدَقَ مِن أَبِي ذَرّ، فَإِذَا أَرَدتُم أَن تَنظُرُوا إِلَي أَشبَهِ النّاسِ بِعِيسَي ابنِ مَريَمَ بِرّاً وَ زُهداً وَ نُسكاً فَعَلَيكُم بِهِ.
وَ عَنهُ فِي تَارِيخِهِ، عَنِ المَغرُورِ بنِ سُوَيدٍ، قَالَ كَانَ عُثمَانُ يَخطُبُ فَأَخَذَ أَبُو ذَرّ بِحَلقَةِ البَابِ، فَقَالَ أَنَا أَبُو ذَرّ مَن عرَفَنَيِ فَقَد عرَفَنَيِ وَ مَن لَم يعَرفِنيِ فَأَنَا جُندَبٌ،سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ إِنّمَا مَثَلُ أَهلِ بيَتيِ مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ فِي قَومِهِ مَن تَخَلّفَ عَنهَا هَلَكَ وَ مَن رَكِبَهَا نَجَا. قَالَ لَهُ عُثمَانُ كَذَبتَ. فَقَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّمَا كَانَ عَلَيكَ أَن تَقُولَ كَمَا قَالَ العَبدُ الصّالِحُ( إِن يَكُ
صفحه : 278
كاذِباً فَعَلَيهِ كَذِبُهُ وَ إِن يَكُ صادِقاً يُصِبكُم بَعضُ ألّذِي يَعِدُكُم)فَمَا أَتَمّ حَتّي قَالَ عُثمَانُ بِفِيكَ التّرَابُ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ بَل بِفِيكَ التّرَابُ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن سَعِيدِ بنِ عَطَاءٍ، عَن أَبِي مَروَانَ الأسَلمَيِّ، عَن أَبِيهِ، عَن جَدّهِ، قَالَ لَمّا صُدّ النّاسُ عَنِ الحَجّ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ أَظهَرَ أَبُو ذَرّ بِالشّامِ عَيبَ عُثمَانَ،فَجَعَلَ كُلّمَا دَخَلَ المَسجِدَ أَو خَرَجَ شَتَمَ عُثمَانَ وَ ذَكَرَ مِنهُ خِصَالًا كُلّهَا قَبِيحَةٌ،فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ إِلَي عُثمَانَ كِتَاباً يَذكُرُ لَهُ مَا يَصنَعُ أَبُو ذَرّ. وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ مَا تَضَمّنَهُ الكِتَابُ حَذَفنَاهُ اختِصَاراً.فَكَتَبَ إِلَيهِ عُثمَانُ أَمّا بَعدُ،فَقَد جاَءنَيِ كِتَابُكَ وَ فَهِمتُ مَا ذَكَرتَ مِن أَبِي ذَرّ جُنَيدِبٍ فَابعَث إلِيَّ بِهِ وَ احمِلهُ عَلَي أَغلَظِ المَرَاكِبِ وَ أَوعَرِهَا، وَ ابعَث مَعَهُ دَلِيلًا يَسِيرُ بِهِ اللّيلَ وَ النّهَارَ حَتّي لَا يَنزِلَ عَن مَركَبِهِ فَيَغلِبَهُ النّومُ فَيُنسِيَهُ ذكِريِ وَ ذِكرَكَ. قَالَ فَلَمّا وَرَدَ الكِتَابُ عَلَي مُعَاوِيَةَ حَمَلَهُ عَلَي شَارِفٍ لَيسَ عَلَيهِ إِلّا قَتَبٌ، وَ بَعَثَ مَعَهُ دَلِيلًا، وَ أَمَرَ أَن يُغِذّ بِهِ السّيرَ حَتّي قَدِمَ بِهِ المَدِينَةَ وَ قَد سَقَطَ لَحمُ فَخِذَيهِ، قَالَ فَلَقَد أَتَانَا آتٍ وَ نَحنُ فِي المَسجِدِ ضَحوَةً مَعَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ،فَقِيلَ أَبُو ذَرّ قَد قَدِمَ المَدِينَةَ،فَخَرَجتُ أَعدُوا فَكُنتُ أَوّلَ مَن سَبَقَ إِلَيهِ، فَإِذَا شَيخٌ نَحِيفٌ آدَمُ طِوَالٌ أَبيَضُ الرّأسِ وَ اللّحيَةِ يمَشيِ مَشياً مُتَقَارِباً،فَدَنَوتُ إِلَيهِ،
صفحه : 279
فَقُلتُ يَا عَمّ مَا لِي أَرَاكَ لَا تَخطُو إِلّا خَطواً قَرِيباً. قَالَ عَمَلُ ابنِ عَفّانَ،حمَلَنَيِ عَلَي مَركَبٍ وَعرٍ وَ أَمَرَ بيِ أَن أُتعَبَ، ثُمّ قَدِمَ بيِ عَلَيهِ لِيَرَي فِيّ رَأيَهُ. قَالَ فَدَخَلَ بِهِ عَلَي عُثمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ لَا أَنعَمَ اللّهُ لَكَ عَيناً يَا جُنَيدِبُ .. وَ سَاقَ الحَدِيثَ كَمَا مَرّ بِرِوَايَةِ ابنِ أَبِي الحَدِيدِ.
ثم قال أبوالصلاح رحمه اللّه
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن صُهبَانَ مَولَي الأَسلَمِيّينَ، قَالَ رَأَيتُ أَبَا ذَرّ يَومَ دُخِلَ بِهِ عَلَي عُثمَانَ عَلَيهِ عَبَاءٌ مِدرَعاً قَد دُرِعَ بِهَا عَلَي شَارِفٍ حَتّي أُنِيخَ بِهِ عَلَي بَابِ عُثمَانَ. فَقَالَ أَنتَ ألّذِي فَعَلتَ وَ فَعَلتَ. فَقَالَ أَنَا ألّذِي نَصَحتُكَ فاَستغَششَتنَيِ، وَ نَصَحتُ صَاحِبَكَ فاَستغَشَنّيِ .. وَ سَاقَ الحَدِيثَ كَمَا رَوَاهُ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ .. إِلَي قَولِهِ، قَالَ امضِ عَلَي وَجهِكَ هَذَا وَ لَا تَعدُوَنّ الرّبَذَةَ،فَخَرَجَ أَبُو ذَرّ إِلَي الرّبَذَةِ،فَلَم يَزَل بِهَا حَتّي توُفُيَّ.
ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعدِ، قَالَخَطَبَ عُثمَانُ النّاسَ ثُمّ قَالَ فِيهَا وَ اللّهِ لَأُوثِرَنّ بنَيِ أُمَيّةَ، وَ لَو كَانَ بيِدَيِ مَفَاتِيحُ الجَنّةِ لَأُدخِلَنّهُم إِيّاهَا، وَ لكَنِيّ سَأُعطِيهِم مِن هَذَا المَالِ عَلَي رَغمِ أَنفِ مَن رَغِمَ. فَقَالَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ أنَفيِ وَ اللّهِ تَرغَمُ مِن ذَلِكَ. قَالَ عُثمَانَ فَأَرغَمَ اللّهُ أَنفَكَ.
صفحه : 280
فَقَالَ عَمّارٌ وَ أَنفُ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ تَرغَمُ. قَالَ وَ إِنّكَ لَهُنَاكَ يَا ابنَ سُمَيّةَ .. ثُمّ نَزَلَ إِلَيهِ فَوَطَأَهُ فَاستُخرِجَ مِن تَحتِهِ وَ قَد غشُيَِ عَلَيهِ وَ فَتَقَهُ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ، عَن شَقِيقٍ، قَالَ كُنتُ مَعَ عَمّارٍ فَقَالَ ثَلَاثٌ يَشهَدُونَ عَلَي عُثمَانَ وَ أَنَا الرّابِعُ، وَ أَنَا أَسوَأُ الأَربَعَةِ( وَ مَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرُونَ)( وَ مَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ) وَ( وَ مَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ) وَ أَنَا أَشهَدُ لَقَد حَكَمَ بِغَيرِ مَا أَنزَلَ اللّهُ.
وَ عَنهُ فِي تَارِيخِهِ، قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِعَمّارٍ يَومَ صِفّينَ عَلَي مَا تُقَاتِلُهُم يَا أَبَا اليَقظَانِ. قَالَ عَلَي أَنّهُم زَعَمُوا أَنّ عُثمَانَ مُؤمِنٌ وَ نَحنُ نَزعُمُ أَنّهُ كَافِرٌ.
وَ عَنهُ فِي تَارِيخِهِ، عَن مُطَرّفِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ الشّخّيرِ الحرَشَيِّ، قَالَانتَهَيتُ إِلَي عَمّارٍ فِي مَسجِدِ البَصرَةِ وَ عَلَيهِ بُرنُسٌ وَ النّاسُ قَد أَطَافُوا بِهِ وَ هُوَ يُحَدّثُهُم مِن أَحدَاثِ عُثمَانَ وَ قَتلِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ وَ هُوَ يَذكُرُ عُثمَانَ رَحِمَ اللّهُ عُثمَانَ.فَأَخَذَ عَمّارٌ كَفّاً مِن حَصَي المَسجِدِ فَضَرَبَ بِهِ وَجهَهُ، ثُمّ قَالَ استَغفِرِ اللّهَ يَا كَافِرُ،استَغفِرِ اللّهَ يَا عَدُوّ اللّهِ .. وَ أَوعَدَ الرّجُلَ فَلَم يَزَلِ القَومُ يُسَكّنُونَ عَمّاراً عَنِ الرّجُلِ حَتّي قَامَ وَ انطَلَقَ وَ قَعَدَتِ القَومُ حَتّي فَرَغَ عَمّارٌ مِن حَدِيثِهِ وَ سَكَنَ غَضَبُهُ، ثُمّ إنِيّ قُمتُ مَعَهُ فَقُلتُ لَهُ يَا أَبَا اليَقظَانِ رَحِمَكَ اللّهُ أَ مُؤمِناً قَتَلتُم عُثمَانَ بنَ عَفّانَ أَم
صفحه : 281
كَافِراً. فَقَالَ لَا،بَل قَتَلنَاهُ كَافِراً .. بَل قَتَلنَاهُ كَافِراً.
وَ عَنهُ، عَن حَكِيمِ بنِ جُبَيرٍ، قَالَ قَالَ عَمّارٌ وَ اللّهِ مَا أخَذَنَيِ أَسَي عَلَي شَيءٍ تَرَكتُهُ خلَفيِ غَيرَ أنَيّ وَدِدتُ أَنّا كُنّا أَخرَجنَا عُثمَانَ مِن قَبرِهِ فَأَضرَمنَا عَلَيهِ نَاراً.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن سَعدِ بنِ أَبِي وَقّاصٍ، قَالَ أَتَيتُ عَمّارَ بنَ يَاسِرٍ وَ عُثمَانُ مَحصُورٌ، فَلَمّا انتَهَيتُ إِلَيهِ قَامَ معَيِ فَكَلّمتُهُ، فَلَمّا ابتَدَأتُ الكَلَامَ جَلَسَ ثُمّ استَلقَي وَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَي وَجهِهِ،فَقُلتُ وَيحَكَ يَا أَبَا اليَقظَانِ إِنّكَ كُنتَ فِينَا لَمِن أَهلِ الخَيرِ وَ السّابِقَةِ، وَ مَن عُذّبَ فِي اللّهِ،فَمَا ألّذِي تبَغيِ مِن سَعيِكَ فِي فَسَادِ المُؤمِنِينَ وَ مَا صَنَعتَ فِي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ فَأَهوَي إِلَي عِمَامَتِهِ فَنَزَعَهَا عَن رَأسِهِ، ثُمّ قَالَ خَلَعتُ عُثمَانَ كَمَا خَلَعتُ عمِاَمتَيِ هَذِهِ، يَا أَبَا إِسحَاقَ إنِيّ أُرِيدُ أَن تَكُونَ خِلَافَةٌ كَمَا كَانَت عَلَي عَهدِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَأَمّا أَن يعُطيَِ مَروَانَ خُمُسَ إِفرِيقِيَةَ، وَ مُعَاوِيَةَ عَلَي الشّامِ، وَ الوَلِيدَ بنَ عُقبَةَ شَارِبَ الخَمرِ عَلَي الكُوفَةِ، وَ ابنَ عَامِرٍ عَلَي البَصرَةِ. وَ الكَافِرَ بِمَا أُنزِلَ عَلَي مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَلَي مِصرَ، فَلَا وَ اللّهِ لَا كَانَ هَذَا أَبَداً حَتّي يُبعَجَ فِي خَاصِرَتِهِ بِالحَقّ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَنِ الأَعمَشِ، عَن شَقِيقٍ، قَالَ قُلنَا لِعَبدِ اللّهِ فِيمَ طَعَنتُم عَلَي عُثمَانَ. قَالَ أَهلَكَهُ الشّحّ وَ بِطَانَةُ السّوءِ.
وَ عَنهُ، عَن قَيسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ وَ شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ مَسعُودٍ لَوَدِدتُ أنَيّ وَ عُثمَانَ بِرَملِ عَالِجٍ فَنَتَحَاثَي التّرَابَ حَتّي يَمُوتَ الأَعجَزُ.
صفحه : 282
وَ عَنهُ وَ عَن جَمَاعَةٍ مِن أَصحَابِ عَبدِ اللّهِ مِنهُم عَلقَمَةُ بنُ قَيسٍ، وَ مَسرُوقُ بنُ الأَخدَعِ، وَ عَبِيدَةُ السلّماَنيِّ، وَ شَقِيقُ بنُ سَلَمَةَ وَ غَيرُهُم عَن عَبدِ اللّهِ، قَالَ لَا يَعدِلُ عُثمَانُ عِندَ اللّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ. وَ فِي أُخرَي جَنَاحَ ذُبَابٍ.
وَ عَنهُ، عَن عَبِيدَةَ السلّماَنيِّ، قَالَ سَمِعتُ عَبدَ اللّهِ يَلعَنُ عُثمَانَ،فَقُلتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَشهَدُ لَهُ بِالنّارِ.
وَ عَنهُ، عَن خُثَيمَةَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ، قَالَ بَينَا نَحنُ فِي بَيتٍ وَ نَحنُ اثنَا عَشَرَ رَجُلًا نَتَذَاكَرُ أَمرَ الدّجّالِ وَ فِتنَتَهُ إِذ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ مَا تَتَذَاكَرُونَ مِن أَمرِ الدّجّالِ وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ إِنّ فِي البَيتِ لَمَن هُوَ أَشَدّ عَلَي أمُتّيِ مِنَ الدّجّالِ، وَ قَد مَضَي مَن كَانَ فِي البَيتِ يَومَئِذٍ غيَريِ وَ غَيرُ عُثمَانَ، وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ لَوَدِدتُ أنَيّ وَ عُثمَانَ بِرَملِ عَالِجٍ نَتَحَاثَي التّرَابَ حَتّي يَمُوتَ الأَعجَزُ.
وَ عَنهُ، عَن عَلقَمَةَ، قَالَدَخَلتُ عَلَي عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ، فَقَالَ صَلّي
صفحه : 283
هَؤُلَاءِ جُمُعَتَهُم. قُلتُ لَا. قَالَ إِنّمَا هَؤُلَاءِ حُمُرٌ إِنّمَا يصُلَيّ مَعَ هَؤُلَاءِ المُضطَرّ، وَ مَن لَا صَلَاةَ لَهُ،فَقَامَ بَينَنَا فَصَلّي بِغَيرِ أَذَانٍ وَ لَا إِقَامَةٍ.
وَ عَنهُ، عَن أَبِي البخَترَيِّ، قَالَ دَخَلُوا عَلَي عَبدِ اللّهِ حَيثُ كَتَبَ عَبدُ الرّحمَنِ يُسَيّرُهُ وَ عِندَهُ أَصحَابُهُ،فَجَاءَ رَسُولُ الوَلِيدِ، فَقَالَ إِنّ الأَمِيرَ أَرسَلَ إِلَيكَ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ يَقُولُ إِمّا أَن تَدَعَ هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ وَ إِمّا أَن تَخرُجَ مِن أَرضِكَ. قَالَ رُبّ كَلِمَاتٍ لَا أَختَارُ مصِريِ عَلَيهِنّ.قِيلَ مَا هُنّ. قَالَ أَفضَلُ الكَلَامِ كِتَابُ اللّهِ، وَ أَحسَنُ الهدَيِ هدَيُ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ شَرّ الأُمُورِ مُحدَثَاتُهَا، وَ كُلّ مُحدَثَةٍ ضَلَالَةٌ. فَقَالَ ابنُ مَسعُودٍ لَيَخرُجَنّ مِنهَا ابنُ أُمّ عَبدٍ وَ لَا أَترُكُهُنّ أَبَداً، وَ قَد سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُهُنّ.
و قدذكر ذلك أجمع وزيادة عليه الواقدي في كتاب الدار تركناه إيجازا.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن قَيسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ جَاءَت بَنُو عَبسٍ إِلَي حُذَيفَةَ يَستَشفِعُونَ بِهِ عَلَي عُثمَانَ، فَقَالَ حُذَيفَةُ لَقَد أتَيَتمُوُنيِ مِن عِندِ رَجُلٍ وَدِدتُ أَنّ كُلّ سَهمٍ فِي كنِاَنتَيِ فِي بَطنِهِ.
وَ عَنهُ، عَن حَارِثِ بنِ سُوَيدٍ، قَالَ كُنّا عِندَ حُذَيفَةَ فَذَكَرنَا عُثمَانَ، فَقَالَ عُثمَانُ وَ اللّهِ مَا يَعدُو أَن يَكُونَ فَاجِراً فِي دِينِهِ أَو أَحمَقَ فِي مَعِيشَتِهِ.
وَ عَنهُ، عَن حَكِيمِ بنِ جُبَيرٍ، عَن يَزِيدَ مَولَي حُذَيفَةَ، عَن أَبِي شُرَيحَةَ الأنَصاَريِّ أَنّهُ سَمِعَ حُذَيفَةَ يُحَدّثُ، قَالَ طَلَبتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ
صفحه : 284
فِي مَنزِلِهِ فَلَم أَجِدهُ وَ طَلَبتُهُ فَوَجَدتُهُ فِي حَائِطٍ نَائِماً رَأسُهُ تَحتَ نَخلَةٍ،فَانتَظَرتُهُ طَوِيلًا فَلَم يَستَيقِظ فَكَسَرتُ جَرِيدَةً فَاستَيقَظَ، فَقَالَ مَا شَاءَ اللّهُ أَن يَقُولَ، ثُمّ جَاءَ أَبُو بَكرٍ، فَقَالَ ائذَن لِي، ثُمّ جَاءَ عُمَرُ فأَمَرَنَيِ أَن آذَنَ لَهُ، ثُمّ جَاءَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فأَمَرَنَيِ أَن آذَنَ لَهُ وَ أُبَشّرَهُ بِالجَنّةِ، ثُمّ قَالَ يَجِيئُكُمُ الخَامِسُ لَا يَستَأذِنُ وَ لَا يُسَلّمُ، وَ هُوَ مِن أَهلِ النّارِ،فَجَاءَ عُثمَانُ حَتّي وَثَبَ مِن جَانِبِ الحَائِطِ، ثُمّ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ بَنُو فُلَانٍ يُقَابِلُ بَعضُهُم بَعضاً.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن أَبِي وَائِلٍ، قَالَ سَمِعتُ حُذَيفَةَ بنَ اليَمَانِ يَقُولُ لَقَد دَخَلَ عُثمَانُ قَبرَهُ بِفُجرِهِ.
وَ عَنهُ، عَبدُ اللّهِ بنُ السّائِبِ، قَالَ لَمّا قُتِلَ عُثمَانُ أَتَي حُذَيفَةُ وَ هُوَ بِالمَدَائِنِ،فَقِيلَ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ لَقِيتُ رَجُلًا آنِفاً عَلَي الجِسرِ فحَدَثّنَيِ أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ، قَالَ هَل تَعرِفُ الرّجُلَ. قُلتُ أظَنُنّيِ أَعرِفُهُ وَ مَا أُثَبّتُهُ. قَالَ حُذَيفَةُ إِنّ ذَلِكَ عَيثَمُ الجنِيّّ، وَ هُوَ ألّذِي يُسَيّرُ بِالأَخبَارِ،فَحَفِظُوا ذَلِكَ اليَومَ فَوَجَدُوهُ قُتِلَ فِي ذَلِكَ اليَومِ،فَقِيلَ لِحُذَيفَةَ مَا تَقُولُ فِي قَتلِ عُثمَانَ. فَقَالَ هَل هُوَ إِلّا كَافِرٌ قُتِلَ كَافِراً أَو مُسلِمٌ قُتِلَ كَافِراً.فَقَالُوا أَ مَا جَعَلتَ لَهُ مَخرَجاً. فَقَالَ اللّهُ لَم يَجعَل لَهُ مَخرَجاً.
وَ عَنهُ، عَن حُسَينِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ، قَالَ قُلتُ لأِبَيِ وَابِلٍ حَدّثَنَا،فَقَد أَدرَكتُ مَا لَم نُدرِك. فَقَالَ اتّهِمُوا القَومَ عَلَي دِينِكُم فَوَ اللّهِ مَا مَاتُوا حَتّي خَلَطُوا،لَقَد قَالَ حُذَيفَةُ فِي عُثمَانَ أَنّهُ دَخَلَ حُفرَتَهُ وَ هُوَ فَاجِرٌ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن هَمّامِ بنِ الحَارِثِ، قَالَدَخَلتُ مَسجِدَ المَدِينَةِ فَإِذَا النّاسُ مُجتَمِعُونَ عَلَي عُثمَانَ وَ إِذَا رَجُلٌ يَمدَحُهُ،فَوَثَبَ المِقدَادُ بنُ الأَسوَدِ
صفحه : 285
فَأَخَذَ كَفّاً مِن حَصًا أَو تُرَابٍ فَأَخَذَ يَرمِيهِ بِهِ فَرَأَيتُ عُثمَانَ يَتّقِيهِ بِيَدِهِ. وَ ذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ، عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ، قَالَ لَم يَكُنِ المِقدَادُ يصُلَيّ مَعَ عُثمَانَ وَ لَا يُسَمّيهِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ. وَ ذُكِرَ، عَن سَعِيدٍ أَيضاً، قَالَ لَم يَكُن عَمّارٌ وَ لَا المِقدَادُ بنُ الأَسوَدِ يُصَلّيَانِ خَلفَ عُثمَانَ وَ لَا يُسَمّيَانِهِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عِيسَي بنِ زَيدٍ، عَن أَبِيهِ، قَالَ كَانَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ حَنبَلٍ القرُشَيِّ وَ هُوَ مِن أَهلِ بَدرٍ مِن أَشَدّ النّاسِ عَلَي عُثمَانَ، وَ كَانَ يَذكُرُهُ فِي الشّعرِ وَ يَذكُرُ جَورَهُ وَ يَطعَنُ عَلَيهِ وَ يَبرَأُ مِنهُ وَ يَصِفُ صَنَائِعَهُ، فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ عُثمَانَ عَنهُ ضَرَبَهُ مِائَةَ سَوطٍ وَ حَمَلَهُ عَلَي بَعِيرٍ وَ طَافَ بِهِ فِي المَدِينَةِ، ثُمّ حَبَسَهُ مُوثَقاً فِي الحَدِيدِ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن مَالِكِ بنِ النّصرِ الأرجي أَنّ طَلحَةَ قَامَ إِلَي عُثمَانَ، فَقَالَ لَهُ إِنّ النّاسَ قَد جَمَعُوا لَكَ وَ كَرِهُوكَ لِلبِدَعِ التّيِ أَحدَثتَ وَ لَم يَكُونُوا يَرَونَهَا وَ لَا يَعهَدُونَهَا، فَإِن تَستَقِم فَهُوَ خَيرٌ لَكَ وَ إِن أَبَيتَ لَم يَكُن أَحَدٌ أَضَرّ بِذَلِكَ مِنكَ فِي دُنيَا وَ لَا آخِرَةٍ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ، قَالَانطَلَقتُ بأِبَيِ أَقُودُهُ إِلَي المَسجِدِ، فَلَمّا دَخَلنَا سَمِعنَا لَغَطَ النّاسِ وَ أَصوَاتَهُم، فَقَالَ أَبِي يَا بنُيَّ مَا
صفحه : 286
هَذَا.فَقُلتُ النّاسُ مُحدِقُونَ بِدَارِ عُثمَانَ. فَقَالَ مَن تَرَي مِن قُرَيشٍ. قُلتُ طَلحَةَ. قَالَ اذهَب بيِ إِلَيهِ فأَدَننِيِ مِنهُ، فَلَمّا دَنَا مِنهُ، فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمّدٍ أَ لَا تَنهَي النّاسَ مِن قَتلِ هَذَا الرّجُلِ. قَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنّ لَكَ دَاراً فَاذهَب فَاجلِس فِي دَارِكَ، فَإِنّ نَعثَلًا لَم يَكُن يَخَافُ هَذَا اليَومَ.
وَ ذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عِيسَي، عَن أَبِيهِ أَنّ طَلحَةَ بنَ عُبَيدِ اللّهِ كَانَ يَومَئِذٍ فِي جَمَاعَةِ النّاسِ عَلَيهِ السّلَاحُ عِندَ بَابِ القَصرِ يَأمُرُهُم بِالدّخُولِ عَلَيهِ.
وَ ذُكِرَ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي لَيلَي، قَالَ انتَهَيتُ إِلَي المَدِينَةِ أَيّامَ حَصرِ عُثمَانَ فِي الدّارِ فَإِذَا طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ فِي مِثلِ الخَزّةِ السّودَاءِ مِنَ الرّجَالِ وَ السّلَاحِ،مُطِيفٌ بِدَارِ عُثمَانَ حَتّي قُتِلَ. وَ ذَكَرَ عَنهُ، قَالَ رَأَيتُ طَلحَةَ يرُاَميِ الدّارَ وَ هُوَ فِي خَزّةٍ سَودَاءَ عَلَيهِ الدّرعُ قَد كُفِرَ عَلَيهَا بِقَبَاءٍ فَهُم يُرَامُونَهُ وَ يُخرِجُونَهُ مِنَ الدّارِ ثُمّ يَخرُجُ فَيُرَامِيهِم حَتّي دَخَلَ عَلَيهِ مِن دَارٍ مِن قِبَلِ دَارِ ابنِ حَزمٍ فَقُتِلَ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مَالِكٍ، عَن أَبِيهِ، قَالَ لَمّا أَشخَصَ النّاسُ لِعُثمَانَ لَم يَكُن أَحَدٌ أَشَدّ عَلَيهِ مِن طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللّهِ، قَالَ مَالِكٌ وَ اشتَرَي منِيّ ثَلَاثَةَ أَدرُعٍ وَ خَمسَةَ أَسيَافٍ،فَرَأَيتُ تِلكَ الدّرُوعَ عَلَي أَصحَابِهِ الّذِينَ كَانُوا يَلزَمُونَهُ قَبلَ مَقتَلِ عُثمَانَ بِيَومٍ أَو يَومَينِ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، قَالَ مَا كَانَ أَحَدٌ مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ
صفحه : 287
عَلَيهِ وَ آلِهِ أَشَدّ عَلَي عُثمَانَ مِن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ حَتّي مَاتَ، وَ مِن سَعدِ بنِ أَبِي وَقّاصٍ حَتّي مَاتَ عُثمَانُ وَ أَعطَي النّاسَ الرّضَي، وَ مِن طَلحَةَ وَ كَانَ أَشَدّهُم،فَإِنّهُ لَم يَزَل كَهفَ المِصرِيّينَ وَ غَيرِهِم يَأتُونَهُ بِاللّيلِ يَتَحَدّثُونَهُ عِندَهُ إِلَي أَن جَاهَدُوا فَكَانَ ولَيِّ الحَربِ وَ القِتَالِ وَ عَمَلِ المَفَاتِيحِ عَلَي بَيتِ المَالِ، وَ تَوَلّي الصّلَاةَ بِالنّاسِ وَ مَنَعَهُ وَ مَن مَعَهُ مِنَ المَاءِ، وَ رَدّ شَفَاعَةَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فِي حَملِ المَاءِ إِلَيهِم، وَ قَالَ لَهُ لَا وَ اللّهِ وَ لَا نُعّمَت عَينٌ وَ لَا بَرَكَت وَ لَا يَأكُلُ وَ لَا يَشرَبُ حَتّي يعُطيَِ بَنُو أُمَيّةَ الحَقّ مِن أَنفُسِهَا. وَ رَوَي قَولَهُ لِمَالِكِ بنِ أَوسٍ وَ قَد شُفّعَ إِلَيهِ فِي تَركِ التّألِيبِ عَلَي عُثمَانَ يَا مَالِكُ إنِيّ نَصَحتُ عُثمَانَ فَلَم يَقبَل نصَيِحتَيِ وَ أَحدَثَ أَحدَاثاً وَ فَعَلَ أُمُوراً وَ لَم نَجِد بُدّاً مِن أَن تغيرها، وَ اللّهِ لَو وَجَدتُ مِن ذَلِكَ بُدّاً مَا تَكَلّمتُ وَ لَا أَلّبتُ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، قَالَ عَتَبَ عُثمَانُ عَلَي الزّبَيرِ، فَقَالَ مَا فَعَلتُ وَ لَكِنّكَ صَنَعتَ بِنَفسِكَ أَمراً قَبِيحاً،تَكَلّمتَ عَلَي مِنبَرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِأَمرٍ أَعطَيتَ النّاسَ فِيهِ الرّضَا، ثُمّ لَقِيَكَ مَروَانُ وَ صَنَعتَ مَا لَا يُشبِهُكَ،حَضَرَ النّاسُ يُرِيدُونَ مِنكَ مَا أَعطَيتَهُم،فَخَرَجَ مَروَانُ فَآذَي وَ شَتَمَ، فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ فإَنِيّ أَستَغفِرُ اللّهَ.
وَ ذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ أَنّ عُثمَانَ أَرسَلَ سَعِيدَ بنَ العَاصِ إِلَي الزّبَيرِ فَوَجَدَهُ بِأَحجَارِ
صفحه : 288
الزّيتِ فِي جَمَاعَةٍ، فَقَالَ لَهُ إِنّ عُثمَانَ وَ مَن مَعَهُ قَد مَاتَ عَطَشاً. فَقَالَ لَهُ الزّبَيرُ( وَ حِيلَ بَينَهُم وَ بَينَ ما يَشتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشياعِهِم مِن قَبلُ إِنّهُم كانُوا فِي شَكّ مُرِيبٍ).
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عِيسَي بنِ زَيدٍ، عَن أَبِيهِ، قَالَ كَثُرَ الكَلَامُ بَينَ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ وَ بَينَ عُثمَانَ، حَتّي قَالَ عَبدُ الرّحمَنِ أَمَا وَ اللّهِ لَئِن بَقِيتُ لَكَ لَأُخرِجَنّكَ مِن هَذَا الأَمرِ كَمَا أَدخَلتُكَ فِيهِ، وَ مَا غرَرَتنَيِ إِلّا بِاللّهِ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ، عَنِ الحَكَمِ قَالَ كَانَ بَينَ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ وَ بَينَ عُثمَانَ كَلَامٌ، فَقَالَ لَهُ عَبدُ الرّحمَنِ وَ اللّهِ مَا شَهِدتَ بَدراً، وَ لَا بَايَعتَ تَحتَ الشّجَرَةِ، وَ فَرَرتَ يَومَ حُنَينٍ. فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ وَ أَنتَ وَ اللّهِ دعَوَتنَيِ إِلَي اليَهُودِيّةِ.
وَ عَنهُ، عَن طَارِقِ بنِ شِهَابٍ، قَالَ رَأَيتُ عَبدَ الرّحمَنِ بنَ عَوفٍ يَقُولُ يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّ عُثمَانَ أَبَي أَن يُقِيمَ فِيكُم كِتَابَ اللّهِ.فَقِيلَ لَهُ أَنتَ أَوّلُ مَن بَايَعَهُ، وَ أَوّلُ مَن عَقَدَ لَهُ. قَالَ إِنّهُ نَقَضَ وَ لَيسَ لِنَاقِضٍ عَهدٌ.
وَ عَنهُ، عَن أَبِي إِسحَاقَ، قَالَضَجّ النّاسُ يَوماً حِينَ صَلّوُا الفَجرَ فِي خِلَافَةِ عُثمَانَ فَنَادَوا بِعَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ فَحَوّلَ وَجهَهُ إِلَيهِم وَ استَدبَرَ القِبلَةَ، ثُمّ خَلَعَ قَمِيصَهُ مِن جَيبِهِ، فَقَالَ يَا مَعشَرَ أَصحَابِ مُحَمّدٍ يَا مَعشَرَ المُسلِمِينَ أُشهِدُ اللّهَ
صفحه : 289
وَ أُشهِدُكُم أنَيّ قَد خَلَعتُ عُثمَانَ مِنَ الخِلَافَةِ كَمَا خَلَعتُ سرِباَليِ هَذَا.فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ. مِنَ الصّفّ الأَوّلِ(آلآنَ وَ قَد عَصَيتَ قَبلُ وَ كُنتَ مِنَ المُفسِدِينَ).فَنَظَرُوا مِنَ الرّجُلِ، فَإِذَا هُوَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ.
وَ عَنهُ، قَالَ أَوصَي عَبدُ الرّحمَنِ أَن يُدفَنَ سِرّاً لِئَلّا يصُلَيَّ عَلَيهِ عُثمَانُ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن عُثمَانَ بنِ السّرِيدِ، قَالَ دَخَلتُ عَلَي عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ فِي شَكوَاهُ ألّذِي مَاتَ فِيهِ أَعُودُهُ فَذُكِرَ عِندَهُ عُثمَانُ، فَقَالَ عَاجِلُوا طَاغِيَتَكُم هَذَا قَبلَ أَن يَتَمَادَي فِي مُلكِهِ.قَالُوا فَأَنتَ وَلّيتَهُ قَالَ لَا عَهدَ لِنَاقِضٍ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن بِلَالِ بنِ حَارِثٍ، قَالَ كُنتُ مَعَ عَبدِ الرّحمَنِ جَالِساً فَطَلَعَ عُثمَانُ حَتّي صَعِدَ المِنبَرَ، فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ فَقَدتَ أَكثَرَكَ شَعراً.
وَ ذَكَرَ فِيهِ أَنّ عُثمَانَ أَنفَذَ المِسوَرَ بنَ مَخرَمَةَ إِلَي عَبدِ الرّحمَنِ يَسأَلُهُ الكَفّ عَنِ التّحرِيصِ عَلَيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبدُ الرّحمَنِ أَنَا أَقُولُ هَذَا القَولَ وحَديِ وَ لَكِنّ النّاسَ يَقُولُونَ جَمِيعاً،إِنّهُ غَيّرَ وَ بَدّلَ. قَالَ المِسوَرُ قُلتُ فَإِن كَانَ النّاسُ يَقُولُونَ فَدَع أَنتَ مَا تَقُولُ فِيهِ. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ لَا وَ اللّهِ مَا أَجِدُهُ يسَعَنُيِ أَن أَسكُتَ عَنهُ. ثُمّ قَالَ لَهُ قُل لَهُ يَقُولُ لَكَ خاَليِ اتّقِ اللّهَ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي أُمّةِ مُحَمّدٍ وَ مَا أعَطيَتنَيِ مِنَ العَهدِ وَ المِيثَاقِ لَتَعمَلَنّ بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ صَاحِبِكَ،فَلَم تَفِ.
صفحه : 290
وَ ذَكَرَ فِيهِ أَنّ ابنَ مَسعُودٍ قَالَ لِعَبدِ الرّحمَنِ فِي أَحدَاثِ عُثمَانَ هَذَا مِمّا عَمِلتَ. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ قَد أَخَذتُ إِلَيكُم بِالوَثِيقَةِ فَأَمرُكُم إِلَيكُم.
وَ ذَكَرَ فِيهِ قَالَ قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ لِعَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ هَذَا عَمَلُكَ. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ فَإِذَا شِئتَ فَخُذ سَيفَكَ وَ آخُذُ سيَفيِ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ عَن لُوطِ بنِ يَحيَي الأزَديِّ، قَالَ جَاءَ عَمرُو بنُ العَاصِ فَقَالَ لِعُثمَانَ إِنّكَ رَكِبتَ مِن هَذِهِ الأُمّةِ النّهَابِيرَ وَ رَكِبُوهَا بِكَ،فَاتّقِ اللّهَ وَ تُب إِلَيهِ. فَقَالَ يَا ابنَ النّابِغَةِ قَد تُبتُ إِلَي اللّهِ وَ أَنَا أَتُوبُ إِلَيهِ، أَمَا إِنّكَ مِن مَن يُؤَلّبُ عَلَيّ وَ يَسعَي فِي السّاعِينَ، قَد لعَمَريِ أَضرَمتُهَا فَأَسعِر وَ أَضرِم مَا بَدَا لَكَ،فَخَرَجَ عَمرٌو حَتّي نَزَلَ فِي أدَاَنيِ الشّامِ.
وَ ذَكَرَ فِيهِ، عَنِ الزهّريِّ، قَالَ إِنّ عَمرَو بنَ العَاصِ ذَكَرَ عُثمَانَ، فَقَالَ إِنّهُ استَأثَرَ باِلفيَءِ فَأَسَاءَ الأَثَرَةَ وَ استَعمَلَ أَقوَاماً لَم يَكُونُوا بِأَهلِ العَمَلِ مِن قَرَابَتِهِ وَ آثَرَهُم عَلَي غَيرِهِم،فَكَانَ فِي ذَلِكَ سَفكُ دَمِهِ وَ انتِهَاكُ حُرمَتِهِ.
وَ عَنهُ فِيهِ، قَالَ قَامَ عَمرٌو إِلَي عُثمَانَ، فَقَالَاتّقِ اللّهَ يَا عُثمَانُ إِمّا أَن
صفحه : 291
تَعدِلَ وَ إِمّا أَن تَعتَزِلَ .. فَلَمّا أَن نَشِبَ النّاسُ فِي أَمرِ عُثمَانَ تَنَحّي عَنِ المَدِينَةِ وَ خَلّفَ ثَلَاثَةَ غِلمَةٍ لَهُ لِيَأتُوهُ بِالخَبَرِ،فَجَاءَ اثنَانِ بِحَصرِ عُثمَانَ، فَقَالَ إنِيّ إِذَا نَكَأتُ قَرحَةً أَدمَيتُهَا، وَ جَاءَ الثّالِثُ بِقَتلِ عُثمَانَ وَ وِلَايَةِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ وَا عُثمَانَاه وَ لَحِقَ بِالشّامِ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ أَنّ عُثمَانَ عَزَلَ عَمرَو بنَ العَاصِ عَن مِصرَ وَ استَعمَلَ عَلَيهَا عَبدَ اللّهِ بنَ سَعدِ بنِ أَبِي سَرحٍ،فَقَدِمَ عَمرٌو المَدِينَةَ فَجَعَلَ يأَتيِ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ فَيُؤَلّبُهُ عَلَي عُثمَانَ، وَ يأَتيِ الزّبَيرَ وَ يأَتيِ طَلحَةَ وَ يَلقَي الرّكبَانَ يُخبِرُهُم بِأَحدَاثِ عُثمَانَ، فَلَمّا حُصِرَ عُثمَانُ الحِصَارَ الأَوّلَ خَرَجَ إِلَي أَرضِ فِلَسطِينَ،فَلَم يَزَل بِهَا حَتّي جَاءَهُ خَبَرُ قَتلِهِ، فَقَالَ أَنَا أَبُو عَبدِ اللّهِ إنِيّ إِذَا أُحِلّ قَرحَةً نَكَأتُهَا،إنِيّ كُنتُ لَأَحرَصَ عَلَيهِ حَتّي إنِيّ لَأَحرَصُ عَلَيهِ[ مِنَ]الراّعيِ فِي غَنَمِهِ. فَلَمّا بَلَغَهُ بَيعَةُ النّاسِ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ كَرِهَ ذَلِكَ وَ تَرَبّصَ حَتّي قُتِلَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ ثُمّ لَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن دَاوُدَ بنِ الحُصَينِ الأنَصاَريِّ أَنّ مُحَمّدَ بنَ مَسلَمَةَ الأنَصاَريِّ قَالَ يَومَ قُتِلَ عُثمَانُ مَا رَأَيتُ يَوماً قَطّ أَقَرّ لِلعُيُونِ وَ لَا أَشبَهَ بِيَومِ بَدرٍ مِن هَذَا اليَومِ.
وَ رَوَي فِيهِ، عَن أَبِي سُفيَانَ مَولَي آلِ أَحمَدَ، قَالَأَتَيتُ مُحَمّدَ بنَ مَسلَمَةَ
صفحه : 292
الأنَصاَريِّ فَقُلتُ قَتَلتُم عُثمَانَ. فَقَالَ نَعَم وَ ايمُ اللّهِ مَا وَجَدتُ رَائِحَةً هيَِ أَشبَهُ بِرَائِحَةِ يَومِ بَدرٍ مِنهَا.
وَ قَد ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن مُحَمّدِ بنِ مَسلَمَةَ مِثلَ مَا ذَكَرَهُ الثقّفَيِّ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، قَالَ لَمّا وَلّي عُثمَانُ عَبدَ اللّهِ بنَ عَامِرِ بنِ كَرِيزٍ البَصرَةَ قَامَ أَبُو مُوسَي الأشَعرَيِّ،خَطِيباً،فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ، ثُمّ قَالَ قَد أَتَاكُم رَجُلٌ كَثِيرُ العَمّاتِ وَ الخَالَاتِ فِي قُرَيشٍ،يَبسُطُ المَالَ فِيهِم بَسطاً، وَ قَد كُنتُ قَبَضتُهُ عَنكُم.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن عَامِرِ بنِ سَعدٍ، قَالَأَوّلُ مَنِ اجتَرَأَ عَلَي عُثمَانَ بِالمَنطِقِ السّيّئِ جَبَلَةُ بنُ عَمرٍو الساّعدِيِّ،مَرّ بِهِ عُثمَانُ وَ هُوَ جَالِسٌ فِي ناَديِ قَومِهِ وَ فِي يَدِ جَبَلَةَ بنِ عَمرِو بن جامعة فَسَلّمَ وَ رَدّ القَومُ، فَقَالَ جَبَلَةُ لِمَ تَرُدّونَ عَلَي رَجُلٍ فَعَلَ كَذَا وَ كَذَا. قَالَ ثُمّ أَقبَلَ عَلَي عُثمَانَ، فَقَالَ وَ اللّهِ لَأَطرَحَنّ هَذِهِ الجَامِعَةَ فِي عُنُقِكَ أَو لَتَترُكَنّ بِطَانَتَكَ هَذِهِ، قَالَ عُثمَانُ أَيّ بِطَانَةٍ فَوَ اللّهِ إنِيّ لَأَتَخَيّرُ النّاسَ. فَقَالَ مَروَانُ تَخَيّرتَهُ وَ مُعَاوِيَةُ تَخَيّرتَهُ
صفحه : 293
وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَامِرِ بنِ كَرِيزٍ تَخَيّرتَهُ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَعدٍ تَخَيّرتَهُ مِنهُم مَن نَزَلَ القُرآنُ بِذَمّهِ وَ أَبَاحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ دَمَهُ.فَانصَرَفَ عُثمَانُ،فَمَا زَالَ النّاسُ مُجتَرِءُونَ عَلَيهِ.
وَ ذَكَرَ فِيهِ، عَن عُثمَانَ بنِ السّرِيدِ، قَالَ مَرّ عُثمَانُ عَلَي جَبَلَةَ بنِ عَمرٍو الساّعدِيِّ وَ هُوَ عَلَي بَابِ دَارِهِ وَ مَعَهُ جَامِعَةٌ، فَقَالَ يَا نَعثَلُ وَ اللّهِ لَأَقتُلَنّكَ أَو لَأَحمِلَنّكَ عَلَي جَربَاءَ، وَ لَأُخرِجَنّكَ إِلَي حَرّةِ النّارِ، ثُمّ جَاءَهُ مَرّةً أُخرَي وَ هُوَ عَلَي المِنبَرِ فَأَنزَلَهُ عَنهُ.
وَ ذَكَرَ فِيهِ أَنّ زَيدَ بنَ ثَابِتٍ مَشَي إِلَي جَبَلَةَ وَ مَعَهُ ابنُ عَمّهِ أَبُو أُسَيدٍ الساّعدِيِّ فَسَأَلَاهُ الكَفّ عَن عُثمَانَ. فَقَالَ وَ اللّهِ لَا أَقصُرُ عَنهُ أَبَداً، وَ لَا أَلقَي اللّهَ فَأَقُولُ(أَطَعنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلّونَا السّبِيلَا).
صفحه : 294
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن عُروَةَ، قَالَ خَرَجَ عُثمَانُ إِلَي المَسجِدِ وَ مَعَهُ نَاسٌ مِن مَوَالِيهِ فَنَجَدَ النّاسُ يَنتَابُونَهُ يَمِيناً وَ شِمَالًا،فَنَادَاهُ بَعضُهُم يَا نَعثَلُ وَ بَعضُهُم غَيرَ ذَلِكَ،فَلَم يُكَلّمهُم حَتّي صَعِدَ المِنبَرَ فَشَتَمُوهُ فَسَكَتَ حَتّي سَكَتُوا، ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ اتّقُوا وَ اسمَعُوا وَ أَطِيعُوا، فَإِنّ السّامِعَ المُطِيعَ لَا حُجّةَ عَلَيهِ، وَ السّامِعَ العاَصيَِ لَا حُجّةَ لَهُ .. فَنَادَاهُ بَعضُهُم أَنتَ .. أَنتَ السّامِعُ العاَصيِ.فَقَامَ إِلَيهِ جَهجَاهُ بنُ عَمرٍو الغفِاَريِّ وَ كَانَ مِمّن بَايَعَ تَحتَ الشّجَرَةِ فَقَالَ هَلُمّ إِلَي مَا نَدعُوكَ إِلَيهِ. قَالَ وَ مَا هُوَ. قَالَ نَحمِلُكَ عَلَي شَارِفٍ جَربَاءَ فَتَلحَقُكَ بِجَبَلِ الدّخَانِ. قَالَ عُثمَانُ لَستُ هُنَاكَ لَا أُمّ لَكَ. وَ تَنَاوَلَ ابنُ جَهجَاهٍ الغفِاَريِّ عَصًا فِي يَدِ عُثمَانَ وَ هيَِ عَصَا النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَكَسَرَهَا عَلَي رُكبَتِهِ. وَ دَخَلَ عُثمَانُ دَارَهُ فَصَلّي بِالنّاسِ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ.
وَ ذَكَرَ فِيهِ، عَن مُوسَي بنِ عُقبَةَ، عَن أَبِي حَبِيبَةَ .. الحَدِيثَ، وَ قَالَ فِيهِ إِنّ عُثمَانَ قَالَ لَهُ قَبّحَكَ اللّهُ وَ قَبّحَ مَا جِئتَ بِهِ. قَالَ أَبُو حَبِيبَةَ وَ لَم يَكُن ذَلِكَ إِلّا عَن مَلَإٍ مِنَ النّاسِ، وَ قَامَ إِلَي عُثمَانَ شِيعَتُهُ مِن بنَيِ أُمَيّةَ فَحَمَلُوهُ فَأَدخَلُوهُ الدّارَ، وَ كَانَ آخِرَ يَومٍ رَأَيتُهُ فِيهِ.
صفحه : 295
وَ ذَكَرَ الطبّرَيِّ فِي تَارِيخِهِ وَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، قَالَجَاءَت عَائِشَةُ إِلَي عُثمَانَ،فَقَالَت أعَطنِيِ مَا كَانَ يعُطيِنيِ أَبِي وَ عُمَرُ، قَالَ لَا أَجِدُ لَهُ مَوضِعاً فِي الكِتَابِ وَ لَا فِي السّنّةِ، وَ لَكِن كَانَ أَبُوكِ وَ عُمَرُ يُعطِيَانِكِ عَن طِيبَةِ أَنفُسِهِمَا، وَ أَنَا لَا أَفعَلُ.قَالَت فأَعَطنِيِ ميِراَثيِ مِن رَسُولِ اللّهِ(ص ). قَالَ أَ وَ لَم تَجِئ فَاطِمَةُ( ع )تَطلُبُ مِيرَاثَهَا مِن رَسُولِ اللّهِ(ص )،فَشَهِدتِ أَنتِ وَ مَالِكُ بنُ أَوسٍ البصَريِّ أَنّ النّبِيّ(ص ) لَا يُوَرّثُ، وَ أَبطَلتِ حَقّ فَاطِمَةَ وَ جِئتِ تَطلُبِينِهِ، لَا أَفعَلُ. وَ زَادَ الطبّرَيِّ وَ كَانَ عُثمَانُ مُتّكِئاً فَاستَوَي جَالِساً، وَ قَالَ سَتَعلَمُ فَاطِمَةُ أَيّ ابنِ عَمّ لَهَا منِيّ اليَومَ أَ لَستِ وَ أعَراَبيِّ يَتَوَضّأُ بِبَولِهِ شَهِدتِ عِندَ أَبِيكِ.قَالَا جَمِيعاً فِي تَارِيخِهِمَا فَكَانَ إِذَا خَرَجَ عُثمَانُ إِلَي الصّلَاةِ أَخرَجَت قَمِيصَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ تنُاَديِ أَنّهُ قَد خَالَفَ صَاحِبَ هَذَا القَمِيصِ. وَ زَادَ الطبّرَيِّ يَقُولُ هَذَا قَمِيصُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَم تُبلَ
صفحه : 296
وَ قَد غَيّرَ عُثمَانُ سُنّتَهُ،اقتُلُوا نَعثَلًا قَتَلَ اللّهُ نَعثَلًا.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن مُوسَي الثعّلبَيِّ، عَن عَمّهِ، قَالَ دَخَلتُ مَسجِدَ المَدِينَةِ فَإِذَا النّاسُ مُجتَمِعُونَ، وَ إِذَا كَفّ مُرتَفِعَةٌ وَ صَاحِبُ الكَفّ يَقُولُ يَا أَيّهَا النّاسُ العَهدُ حَدِيثٌ،هَاتَانِ نَعلَا رَسُولِ اللّهِ وَ قَمِيصُهُ إِنّ فِيكُم فِرعَونَ أَو مِثلَهُ، فَإِذَا هيَِ عَائِشَةُ تعَنيِ عُثمَانَ، وَ هُوَ يَقُولُ اسكتُيِ إِنّمَا هَذِهِ امرَأَةٌ رَأيُهَا رأَيُ المَرأَةِ.
وَ ذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ سَعِيدٍ، قَالَ رَفَعَت عَائِشَةُ وَرَقَاتٍ مِن وَرَقِ المُصحَفِ بَينَ عُودَينِ مِن وَرَاءِ حِجَابِهَا وَ عُثمَانُ عَلَي المِنبَرِ،فَقَالَت يَا عُثمَانُ أَقِم مَا فِي كِتَابِ اللّهِ إِن تُصَاحِب تُصَاحِب غَادِراً، وَ إِن تُفَارِق تُفَارِق عَن قِلًي. فَقَالَ عُثمَانُ أَمَا وَ اللّهِ لَتَنتَهِيَنّ أَو لَأُدخِلَنّ عَلَيكِ حُمرَانَ الرّجَالِ وَ سُودَانَهَا.قَالَت عَائِشَةُ أَمَا وَ اللّهِ إِن فَعَلتَ لَقَد لَعَنَكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ ثُمّ مَا استَغفَرَ لَكَ حَتّي مَاتَ.
وَ ذُكِرَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي لَيلَي، قَالَ أَخرَجَت عَائِشَةُ قَمِيصَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ لَهَا عُثمَانُ لَئِن لَم تسَكتُيِ لَأَملَأَنّهَا عَلَيكِ حُبشَاناً.قَالَت يَا غَادِرُ يَا فَاجِرُ أَخرَبتَ أَمَانَتَكَ وَ مَزّقتَ كِتَابَ اللّهِ. ثُمّ قَالَت وَ اللّهِ مَا ائتَمَنَهُ رَجُلٌ قَطّ إِلّا خَانَهُ، وَ لَا صَحِبَهُ رَجُلٌ قَطّ إِلّا فَارَقَهُ عَن قِلًي.
وَ ذَكَرَ فِيهِ، قَالَنَظَرَت عَائِشَةُ إِلَي عُثمَانَ،فَقَالَت(يَقدُمُ قَومَهُ يَومَ القِيامَةِ
صفحه : 297
فَأَورَدَهُمُ النّارَ وَ بِئسَ الوِردُ المَورُودُ).
وَ ذَكَرَ فِيهِ، عَن عِكرِمَةَ أَنّ عُثمَانَ صَعِدَ المِنبَرَ فَاطّلَعَت عَائِشَةُ وَ مَعَهَا قَمِيصُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ ثُمّ قَالَت يَا عُثمَانُ أَشهَدُ أَنّكَ برَيِءٌ مِن صَاحِبِ هَذَا القَمِيصِ. فَقَالَ عُثمَانُ(ضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا لِلّذِينَ كَفَرُوا...)الآيَةَ.
وَ ذَكَرَ فِيهِ، عَن أَبِي عَامِرٍ مَولَي ثَابِتٍ، قَالَ كُنتُ فِي المَسجِدِ فَمَرّ عُثمَانُ فَنَادَتهُ عَائِشَةُ يَا غَادِرُ يَا فَاجِرُ أَخرَبتَ أَمَانَتَكَ وَ ضَيّعتَ رَعِيّتَكَ، وَ لَو لَا الصّلَوَاتُ الخَمسُ لَمَشَي إِلَيكَ رِجَالٌ حَتّي يَذبَحُوكَ ذَبحَ الشّاةِ، فَقَالَ لَهَا عُثمَانُ(امرَأَتَ نُوحٍ وَ امرَأَتَ لُوطٍ...)الآيَةَ.
وَ ذَكَرَ فِيهِ ، أَنّ عُثمَانَ صَعِدَ،فَنَادَت عَائِشَةُ وَ رَفَعَتِ القَمِيصَ،فَقَالَت لَقَد خَالَفتَ صَاحِبَ هَذَا. فَقَالَ عُثمَانُ إِنّ هَذِهِ الزّعرَاءَ عَدُوّةُ اللّهِ،ضَرَبَ اللّهُ مِثلَهَا وَ مِثلَ صَاحِبَتِهَا حَفصَةَ فِي الكِتَابِ(امرَأَتَ نُوحٍ وَ امرَأَتَ لُوطٍ...)الآيَةَ.فَقَالَت لَهُ يَا نَعثَلُ يَا عَدُوّ اللّهِ إِنّمَا سَمّاكَ رَسُولُ اللّهِ بِاسمِ نَعثَلِ اليهَوُديِّ ألّذِي بِاليَمَنِ .. وَ لَاعَنَتهُ وَ لَاعَنَهَا.
وَ ذَكَرَ فِيهِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُصعَبٍ العبَديِّ، قَالَقَامَ عُثمَانُ ذَاتَ يَومٍ خَطِيباً،فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ، ثُمّ قَالَ نِسوَةٌ يَكِبنَ فِي الآفَاقِ لَتَنكُثُ بيَعتَيِ وَ يُهَرَاقُ دمَيِ، وَ اللّهِ لَو شِئتُ أَن أَملَأَ عَلَيهِنّ حُجُرَاتِهِنّ رِجَالًا سُوداً وَ بِيضاً لَفَعَلتُ، أَ لَستُ خَتَنَ رَسُولِ اللّهِ عَلَي ابنَتَيهِ. أَ لَستُ جَهّزتُ جَيشَ العُسرَةِ، أَ لَم أَكُ رَسُولَ رَسُولِ اللّهِ إِلَي أَهلِ مَكّةَ. قَالَ إِذ تَكَلّمَتِ امرَأَةٌ مِن وَرَاءِ الحِجَابِ، قَالَ فَجَعَلَ تَبدُو لَنَا خِمَارَهَا أَحيَاناً،فَقَالَت صَدَقتَ،لَقَد كُنتَ خَتَنَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَلَي ابنَتَيهِ،فَكَانَ مِنكَ فِيهِمَا مَا قَد عَلِمتَ، وَ جَهّزتَ جَيشَ
صفحه : 298
العُسرَةِ وَ قَد قَالَ اللّهُ تَعَالَي(فَسَيُنفِقُونَها ثُمّ تَكُونُ عَلَيهِم حَسرَةً) وَ كُنتَ رَسُولَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِلَي أَهلِ مَكّةَ غَيّبَكَ عَن بَيعَةِ الرّضوَانِ لِأَنّكَ لَم تَكُن لَهَا أَهلًا، قَالَ فَانتَهَرَهَا عُثمَانُ،فَقَالَت أَمّا أَنَا فَأَشهَدُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ إِنّ لِكُلّ أُمّةٍ فِرعَونَ، وَ إِنّكَ فِرعَونُ هَذِهِ الأُمّةِ.
وَ ذَكَرَ فِيهِ مِن عِدّةِ طُرُقٍ، قَالَ لَمّا اشتَدّ الحِصَارُ عَلَي عُثمَانَ تَجَهّزَت عَائِشَةُ لِلحَجّ،فَجَاءَهَا مَروَانُ وَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَتّابِ بنِ الأَسِيدِ فَسَأَلَاهَا الإِقَامَةَ وَ الدّفعَ عَنهُ،فَقَالَت قَد عَزَيتُ غرَاَئرِيِ، وَ أَدنَيتُ ركِاَبيِ، وَ فَرَضتُ عَلَي نفَسيِ الحَجّ فَلَستُ باِلتّيِ أُقِيمُ،فَنَهَضَا وَ مَروَانُ يَتَمَثّلُ
فَحَرَقَ قَيسٌ عَلَي البِلَادِ | حَتّي إِذَا اشتَعَلَت أَجذَمَا |
فَقَالَت أَيّهَا المُتَمَثّلُ بِالشّعرِ ارجِع،فَرَجَعَ،فَقَالَت لَعَلّكَ تَرَي أنَيّ إِنّمَا قُلتُ هَذَا ألّذِي قُلتُهُ شَكّاً فِي صَاحِبِكَ،فَوَ اللّهِ لَوَدِدتُ أَنّ عُثمَانَ مُخَيّطٌ عَلَيهِ فِي بَعضِ غرَاَئرِيِ حَتّي أَكُونَ أَقذِفُهُ فِي اليَمّ، ثُمّ ارتَحَلتُ حَتّي نَزَلتُ بَعضَ الطّرِيقِ فَلَحِقَهَا ابنُ عَبّاسٍ أَمِيراً عَلَي الحَجّ،فَقَالَت لَهُ يَا ابنَ عَبّاسٍ إِنّ اللّهَ قَد أَعطَاكَ لِسَاناً وَ عِلماً فَأَنشُدُكَ اللّهَ أَن تَخذُلَ عَن قَتلِ هَذَا الطّاغِيَةِ غَداً، ثُمّ انطَلَقتُ فَلَمّا قَضَت نُسُكَهَا بَلَغَهَا أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ،فَقَالَت أَبعَدَهُ اللّهُ بِمَا قَدّمَت يَدَاهُ،الحَمدُ لِلّهِ
صفحه : 299
ألّذِي قَتَلَهُ، وَ بَلَغَهَا أَنّ طَلحَةَ ولُيَّ بَعدَهُ،فَقَالَت إيهن [إِيهٍ]ذَا الإِصبَعِ، فَلَمّا بَلَغَهَا أَنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ بُويِعَ،قَالَت وَدِدتُ أَنّ هَذِهِ وَقَعَت عَلَي هَذِهِ
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ كَثِيراً مِمّا ذَكَرَهُ الثقّفَيِّ، وَ زَادَ فِي حَدِيثِ مَروَانَ وَ مَجِيئِهِ إِلَي عَائِشَةَ أَنّ زَيدَ بنَ ثَابِتٍ كَانَ مَعَهُ وَ أَنّهَا قَالَت وَدِدتُ وَ اللّهِ أَنّكَ وَ صَاحِبَكَ هَذَا ألّذِي يعينك [يَعنِيكَ]أَمرُهُ فِي رَجُلٍ كُلّ وَاحِدٍ مِنكُمَا رَحًي، وَ أَنّهُ فِي البَحرِ، وَ أَمّا أَنتَ يَا زَيدُ فَمَا أَقَلّ وَ اللّهِ مَن لَهُ مِثلُ مَالَكَ مِن عِضدَانِ العَجوَةِ.
وَ ذُكِرَ مِن طَرِيقٍ آخَرَ أَنّ المُكَلّمَ لَهَا فِي الإِقَامَةِ مَعَ مَروَانَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَتّابِ بنِ أَسِيدٍ،قَالَت لَا وَ اللّهِ وَ لَا سَاعَةً، إِنّ عُثمَانَ غَيّرَ فَغَيّرَ اللّهُ بِهِ أَثَرَكُم وَ اللّهِ وَ تَرَكَ أَصحَابَ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. وَ زَادَ فِي خِطَابِهَا لِابنِ عَبّاسٍ عتاب [عِتَاباً]إِنّكَ قَد أُعطِيتَ لِسَاناً وَ جَدَلًا وَ عَقلًا وَ بَيَاناً، وَ قَد رَأَيتُ مَا صَنَعَ ابنُ عَفّانَ،اتّخَذَ عِبَادَ اللّهِ خَوَلًا، فَقَالَ يَا أُمّه دَعِيهِ وَ مَا هُوَ فِيهِ لَا يَنفَرِجُونَ عَنهُ حَتّي يَقتُلُوهُ.قَالَت بَعّدَهُ اللّهُ. وَ مِن طَرِيقٍ آخَرَ إِيّاكَ أَن تَرُدّ النّاسَ عَن هَذِهِ الطّاغِيَةِ، فَإِنّ المِصرِيّينَ قَاتَلُوهُ.
وَ رَوَي عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ دَخَلتُ عَلَيهَا بِالبَصرَةِ فَذَكّرتُهَا هَذَا الحَدِيثَ،فَقَالَت ذَلِكَ المَنطِقُ ألّذِي تَكَلّمتُ بِهِ يَومَئِذٍ هُوَ ألّذِي أخَرجَنَيِ، لَم أَرَ بيِ تَوبَةً إِلّا الطّلَبَ بِدَمِ عُثمَانَ وَ رَأَيتُ أَنّهُ قُتِلَ مَظلُوماً. قَالَ فَقُلتُ لَهَا فَأَنتِ قَتَلتِيهِ بِلِسَانِكِ،فَأَينَ تَخرُجِينَ توُبيِ وَ أَنتِ فِي بَيتِكِ، أَو أرَضيِ وُلَاةَ دَمِ عُثمَانَ وُلدَهُ.قَالَت دَعنَا مِن جِدَالِكَ فَلَسنَا مِنَ البَاطِلِ فِي شَيءٍ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ، عَن عَائِشَةَ بِنتِ قُدَامَةَ،قَالَتسَمِعتُ عَائِشَةَ زَوجَ النّبِيّ
صفحه : 300
صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ[كَذَا] وَ عُثمَانُ مَحصُورٌ قَد حِيلَ بَينَهُ وَ بَينَ المَاءِ أَحسَنَ أَبُو مُحَمّدٍ حِينَ حَالَ بَينَهُ وَ بَينَ المَاءِ.فَقَالَت لَهَا يَا أُمّه عَلَي عُثمَانَ.فَقَالَت إِنّ عُثمَانَ غَيّرَ سُنّةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سُنّةَ الخَلِيفَتَينِ مِن قَبلِهِ فَحَلّ دَمُهُ.
وَ ذَكَرَ الواَقدِيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن كَرِيمَةَ بِنتِ المِقدَادِ،قَالَت دَخَلتُ عَلَي عَائِشَةَ،فَقَالَت إِنّ عُثمَانَ أَرسَلَ إلِيَّ أَن أُرسِلَ إِلَي طَلحَةَ فَأَبَيتُ، وَ أَرسَلَ إلِيَّ أَن أقَيِميِ وَ لَا تخَرجُيِ إِلَي مَكّةَ،فَقُلتُ قَد جَبَلتُ ظهَريِ وَ غَرَيتُ غرَاَئرِيِ، وَ إنِيّ خَارِجَةٌ غَداً إِن شَاءَ اللّهُ، لَا وَ اللّهِ مَا أرَاَنيِ أَرجِعُ حَتّي يُقتَلَ،قَالَت قُلتُ بِمَا قَدّمَت يَدَاهُ، كَانَ أَبِي تعَنيِ المِقدَادَ يَنصَحُ لَهُ فَيَأبَي إِلّا تَقرِيبَ مَروَانَ وَ سَعِيدِ بنِ عَامِرٍ،قَالَت عَائِشَةُ حُبّهُم وَ اللّهِ صَنَعَ مَا تَرَينَ،حَمَلَ إِلَي سَعِيدِ بنِ العَاصِ مِائَةَ أَلفٍ، وَ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ خَالِدِ بنِ أُسَيدٍ ثَلَاثَمِائَةِ أَلفٍ، وَ إِلَي حَارِثِ بنِ الحَكَمِ مِائَةَ أَلفٍ، وَ أَعطَي مَروَانَ خُمُسَ إِفرِيقِيَةَ لَا يدَريِ كَم هُوَ،فَلَم يَكُنِ اللّهُ لِيَدَعَ عُثمَانَ.
وَ ذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ، عَن عَلقَمَةَ بنِ أَبِي عَلقَمَةَ، عَن أَبِيهِ، عَن عَائِشَةَأَنّهَا كَانَت أَشَدّ النّاسِ عَلَي عُثمَانَ تُحَرّضُ النّاسَ عَلَيهِ وَ تُؤَلّبُ حَتّي قُتِلَ فَلَمّا قُتِلَ وَ بُويِعَ
صفحه : 301
عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ طَلَبَت بِدَمِهِ.
صفحه : 304
.. وأمثال هذه الأقوال وأضعافها المتضمّنة للنكير علي عثمان من الصحابة أوالتابعين منقولة في جميع التواريخ ، وإنّما اقتصرنا علي تاريخي الثقفي والواقدي لأنّ لنا إليهما طريقا، ولأن لايطول الكتاب ، وفيما ذكرناه كفاية، و من أراد العلم بمطابقة التواريخ لماأوردناه في هذين التاريخين فليتأمّلها يجدها موافقة.
صفحه : 305
ثم أطبق أهل الأمصار وقطان المدينة من المهاجرين والأنصار إلّا النفر ألذي اختصّهم عثمان لنفسه وآثرهم بالأموال كزيد بن ثابت وحسّان وسعيد بن العاص و عبد اللّه بن الزبير ومروان و عبد اللّه بن عمر علي حصره في الدار ومطالبته بخلع نفسه من الخلافة أوقتله إلي أن قتلوه علي الإصرار إلي ماأنكروا عليه و من ظفروا به في الحال من أعوانه ، وأقام ثلاثا لايتجاسر أحد من ذويه أن يصليّ عليه و لايدفنه خوفا من المسلمين إلي أن شفعوا إلي عليّ عليه السلام في دفنه ،فأذن في ذلك علي شرط أن لايدفنوه في مقابر المسلمين ،فحمل إلي حشّ كوكب مقبرة اليهود، و لماأراد النفر الذين حملوه الصلاة عليه منعهم من ذلك المسلمون ورجموهم بالأحجار،فدفن بغير صلاة، و لم يزل قبره منفردا من مقابر المسلمين إلي أن ولي معاوية فأمر بأن يدفن الناس من حوله حتي اتّصل المدفن بمقابر المسلمين ، و لم يسأل عنه أحد من بعدالقتل من وجوه المهاجرين والأنصار كعليّ عليه السلام وعمّار و محمد بن أبي بكر وغيرهم وأماثل التابعين إلّا قال قتلناه كافرا. و هذا ألذي ذكرناه من نكير الصحابة والتابعين علي عثمان موجود في جميع التواريخ وكتب الأخبار، و لايختلف في صحّته مخالط الأهل والسير والآثار، و إنّ أحسن الناس كان فيه رأيا من أمسك عن نصرته ومعونة المطالبين له بالخلع ، وكفّ عن النكير عنه وعنهم كماذكرناه من مواليه وبني أميّة، و من عداهم بين قاتل ومعاون بلسانه أوبيده أوبهما، ومعلوم تخصّص قاتليه بولاية عليّ عليه السلام وكونهم بطانة له وخواصّا كمحمد بن أبي بكر وعمّار بن ياسر والأشتر وغيرهم من المهاجرين والأنصار و أهل الأمصار، وتوليّ الكافة لهم توليّ الصالحين والمنع منهم بالأنفس والأموال وإراقة الدماء في نصرتهم والذبّ عنهم ورضاهم بعليّ عليه
صفحه : 306
السلام مع علمهم برأيه في عثمان والتأليب عليه وتوليّ الصلاة و هومحصور بغير أمره ، واتّخاذه مفاتح لبيوت الأموال ، واتّخاذ قتلته أولياء خاصّة أصفياء، وإطباقهم علي اختياره وقتالهم معه والدفاع عنه وعنهم ، واستفراغ الوسع في ذلك ، وعدم نكير من أحد من الصحابة أوالتابعين يعتدّ بنكيره ، ثم اشتهر التديّن بتكفير عثمان بعدقتله وكفر من تولّاه من عليّ عليه السلام وذريّته وشيعته ووجوه الصحابة والتابعين إلي يومنا هذا، وحفظ عنهم التصريح بذلك بحيث لايحتاج إلي ذكره ، غير أنّ في ذكره إيناسا للبعيد عن سماع العلم ، وتنبيها للغافل من سنّة الجهل .فمن ذلك
مَا رَوَوهُ مِن طُرُقِهِم ، أَنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ خَطَبَ النّاسَ بَعدَ قَتلِ عُثمَانَ فَذَكَرَ أَشيَاءَ قَد مَضَي بَيَانُهَا، مِن جُملَتِهَا قَولُهُ عَلَيهِ السّلَامُ سَبَقَ الرّجُلَانِ وَ قَامَ الثّالِثُ كَالغُرَابِ هِمّتُهُ بَطنُهُ وَ فَرجُهُ،وَيلَهُ لَو قُصّ جَنَاحَاهُ وَ قُطِعَ رَأسُهُ كَانَ خَيراً لَهُ،شُغِلَ عَنِ الجَنّةِ وَ النّارُ أَمَامَهُ.
وَ رَوَوا عَن عَلِيّ بنِ خَرُورٍ، عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ، قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ عَن عُثمَانَ، فَقَالَ وَ مَا سُؤَالُكَ عَن عُثمَانَ إِنّ لِعُثمَانَ ثَلَاثَ كَفَرَاتٍ، وَ ثَلَاثَ غَدَرَاتٍ، وَ مَحَلّ ثَلَاثِ لَعَنَاتٍ، وَ صَاحِبُ بَلِيّاتٍ، لَم يَكُن بِقَدِيمِ الإِيمَانِ وَ لَا ثَابِتِ الهِجرَةِ، وَ مَا زَالَ النّفَاقُ فِي قَلبِهِ، وَ هُوَ ألّذِي صَدّ النّاسَ يَومَ أُحُدٍ .. الحَدِيثُ طَوِيلٌ.
وَ ذَكَرَ الثقّفَيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن عَبدِ المُؤمِنِ عَن رَجُلٍ مِن عَبدِ القَيسِ، قَالَ أَتَيتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ فِي الرّحبَةِ،فَقُلتُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ حَدّثنَا عَن عُثمَانَ. قَالَ أَدنِ.فَدَنَوتُ، قَالَ ارفَع صَوتَكَ.فَرَفَعتُ صوَتيِ، قَالَ كَانَ ذَا ثَلَاثِ كَفَرَاتٍ، وَ ثَلَاثِ غَدَرَاتٍ، وَ فَعَلَ ثَلَاثَ لَعَنَاتٍ، وَ صَاحِبَ بَلِيّاتٍ، مَا كَانَ بِقَدِيمِ الإِيمَانِ وَ لَا حَدِيثِ النّفَاقِ،يجُزيِ بِالحَسَنَةِ السّيّئَةَ .. فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ.
صفحه : 307
وَ ذُكِرَ فِي تَارِيخِهِ، عَن حَكِيمِ بنِ جُبَيرٍ، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي إِسحَاقَ وَ كَانَ قَد أَدرَكَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ مَا يَزِنُ عُثمَانُ عِندَ اللّهِ ذُبَاباً. فَقَالَ ذُبَاباً. فَقَالَ وَ لَا جَنَاحَ ذُبَابٍ، ثُمّ قَالَ( فَلا نُقِيمُ لَهُم يَومَ القِيامَةِ وَزناً).
وَ ذَكَرَ فِيهِ، عَن أَبِي سَعِيدٍ التيّميِّ، قَالَ سَمِعتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ أَنَا يَعسُوبُ المُؤمِنِينَ وَ عُثمَانُ يَعسُوبُ الكَافِرِينَ. وَ عَن أَبِي الطّفَيلِ وَ عُثمَانُ يَعسُوبُ المُنَافِقِينَ.
وَ ذَكَرَ فِيهِ، عَن هُبَيرَةَ ابنِ مَريَمَ، قَالَ كُنّا جُلُوساً عِندَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ،فَدَعَا ابنَهُ عُثمَانَ، فَقَالَ لَهُ يَا عُثمَانُ ثُمّ قَالَ إنِيّ لَم أُسَمّهِ بِاسمِ عُثمَانَ ...،إِنّمَا سَمّيتُهُ بِاسمِ عُثمَانَ بنِ مَظعُونٍ.
وَ ذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ، مِن عِدّةِ طُرُقٍ، أَنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ كَانَ يَستَنفِرُ النّاسَ وَ يَقُولُ انفِرُوا إِلَي أَئِمّةِ الكُفرِ وَ بَقِيّةِ الأَحزَابِ وَ أَولِيَاءِ الشّيطَانِ،انفِرُوا إِلَي مَن يَقُولُ كَذَبَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،انفِرُوا إِلَي مَن يُقَاتِلُ عَلَي دَمِ حَمّالِ الخَطَايَا، وَ اللّهِ إِنّهُ لَيَحمِلُ خَطَايَاهُم إِلَي يَومِ القِيَامَةِ لَا يَنقُصُ مِن أَوزَارِهِم شَيءٌ.
وَ ذَكَرَ فِيهِ، عَن عُمَرَ بنِ هِندٍ، عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، أَنّهُ قَالَ لَا يَجتَمِعُ حبُيّ وَ حُبّ عُثمَانَ فِي قَلبِ رَجُلٍ إِلّا اقتَلَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ.
وَ رَوَي فِيهِ مِن طُرُقٍ أَنّ جِيفَةَ عُثمَانَ بَقِيَت ثَلَاثَةَ أَيّامٍ لَا يُدفَنُ،فَسَأَلَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ رِجَالٌ مِن قُرَيشٍ فِي دَفنِهِ فَأَذِنَ لَهُم عَلَي أَن لَا يُدفَنَ مَعَ المُسلِمِينَ فِي مَقَابِرِهِم وَ لَا يُصَلّي عَلَيهِ، فَلَمّا عَلِمَ النّاسُ بِذَلِكَ قَعَدُوا لَهُ فِي الطّرِيقِ بِالحِجَارَةِ،
صفحه : 308
فَخَرَجُوا بِهِ يُرِيدُونَ بِهِ حَشّ كَوكَبٍ مَقبَرَةَ اليَهُودِ، فَلَمّا انتَهَوا بِهِ إِلَيهِم رُجِمُوا سَرِيرَهُ ..
وَ رَوَي فِيهِ مِن طُرُقٍ، عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، أَنّهُ قَالَ مَن كَانَ سَائِلًا عَن دَمِ عُثمَانَ فَإِنّ اللّهَ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَهُ.
وَ رَوَي فِيهِ عَن مَالِكِ بنِ خَالِدٍ الأسَدَيِّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ اِبرَاهِيمَ، عَن آبَائِهِ، قَالَ كَانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ عَلَيهِمَا السّلَامُ يَقُولُ مَعشَرَ الشّيعَةِ عَلّمُوا أَولَادَكُم بُغضَ عُثمَانَ،فَإِنّهُ مَن كَانَ فِي قَلبِهِ حُبّ لِعُثمَانَ فَأَدرَكَ الدّجّالَ آمَنَ بِهِ، فَإِن لَم يُدرِكهُ آمَنَ بِهِ فِي قَبرِهِ.
وَ رَوَوا فِيهِ عَن بَكرِ بنِ أَيمَنَ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ عَلَيهِمَا السّلَامُ، قَالَ إِنّا وَ بنَيِ أُمَيّةَ تَعَادَينَا فِي اللّهِ فَنَحنُ وَ هُم كَذَلِكَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ،فَجَاءَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ بِرَايَةِ الحَقّ فَرَكَزَهَا بَينَ أَظهُرِنَا وَ جَاءَ إِبلِيسُ بِرَايَةِ البَاطِلِ فَرَكَزَهَا بَينَ أَظهُرِهِم، وَ إِنّ أَوّلَ قَطرَةٍ سَقَطَت عَلَي وَجهِ الأَرضِ مِن دَمِ المُنَافِقِينَ دَمُ عُثمَانَ بنِ عَفّانَ.
وَ رَوَي فِيهِ عَنِ الحُسَينِ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّ عُثمَانَ جِيفَةٌ عَلَي الصّرَاطِ مَن أَقَامَ عَلَيهَا أَقَامَ عَلَي أَهلِ النّارِ، وَ مَن جَاوَزَهُ جَاوَزَ إِلَي الجَنّةِ.
وَ رَوَي فِيهِ عَن حَكِيمِ بنِ جُبَيرٍ،يَرفَعُهُ إِلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنّ عُثمَانَ جِيفَةٌ عَلَي الصّرَاطِ يَعطِفُ عَلَيهِ مَن أَحَبّهُ وَ يُجَاوِزُهُ عَدُوّهُ.
وَ رَوَي فِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ بِشرٍ، قَالَ سَمِعتُ مُحَمّدَ بنَ الحَنَفِيّةِ يَلعَنُ عُثمَانَ وَ يَقُولُ كَانَت أَبوَابُ الضّلَالَةِ مُغلَقَةً حَتّي فَتَحَهَا عُثمَانُ.
صفحه : 309
وَ رَوَي فِيهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ شَرِيكٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَلَيهِمَا السّلَامُ، أَنّهُ قَالَ لَا تَكُونُ حَربٌ سَالِمَةً حَتّي يَبعَثَ قَائِمُنَا ثَلَاثَةَ أَرَاكِيبَ فِي الأَرضِ رَكبٌ يُعتِقُونَ مَمَالِيكَ أَهلِ الذّمّةِ، وَ رَكبٌ يَرُدّونَ المَظَالِمَ، وَ رَكبٌ يَلعَنُونَ عُثمَانَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ.
وَ رَوَي قُتَيبَةُ عَن أَبِي سَعدٍ التيّميِّ، قَالَ سَمِعتُ عَمّارَ بنَ يَاسِرٍ يَقُولُ ثَلَاثٌ يَشهَدنَ عَلَي عُثمَانَ بِالكُفرِ وَ أَنَا الرّابِعُ .. وَ قَد ذَكَرنَا هَذَا الحَدِيثَ وَ شَهَادَةَ عَمّارٍ عَلَيهِ بِالكُفرِ فِي مَقَامٍ بَعدَ مَقَامٍ.
وَ رَوَي فِيهِ عَن يَحيَي بنِ جَعدَةَ، قَالَ قُلتُ لِزَيدِ بنِ أَرقَمَ بأِيَّ شَيءٍ كَفّرتُم عُثمَانَ. قَالَ بِثَلَاثٍ،جَعَلَ المَالَ دُولَةً بَينَ الأَغنِيَاءِ، وَ جَعَلَ المُهَاجِرِينَ بِمَنزِلَةِ مَن حَارَبَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ عَمِلَ بِغَيرِ كِتَابِ اللّهِ.
وَ مِن طَرِيقٍ آخَرَ، قَالَ كَفّرنَاهُ بِثَلَاثٍ فَرّقَ كِتَابَ اللّهِ وَ نَبَذَهُ فِي الحُشُوشِ، وَ إِنزَالِ المُهَاجِرِينَ بِمَنزِلَةِ مَن حَارَبَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ جَعَلَ المَالَ دُولَةً بَينَ الأَغنِيَاءِ،فَمِن ثَمّ أَكفَرنَاهُ وَ قَتَلنَاهُ.
وَ رَوَي فِيهِ عَن أَنَسِ بنِ عَمرٍو، قَالَ قُلتُ لِزُبَيدٍ الإمِاَميِّ أَنّ أَبَا صَادِقٍ، قَالَ وَ اللّهِ مَا يسَرُنّيِ أَنّ فِي قلَبيِ مِثقَالَ حَبّةِ خَردَلٍ حُبّاً لِعُثمَانَ وَ لَو أَنّ لِي أُحُداً ذَهَباً، وَ هُوَ شَرّ عنِديِ مِن حِمَارٍ مُجَدّعٍ لَطحَانَ. فَقَالَ زُبَيدٌ صَدَقَ أَبُو صَادِقٍ.
وَ رَوَي فِيهِ عَنِ الحَكَمِ بنِ عُيَينَةَ، قَالَحَضَرنَا فِي مَوضِعٍ، فَقَالَ طَلحَةُ بنُ
صفحه : 310
مُصَرّفٍ الإمِاَميِّ يَأبَي قلَبيِ إِلّا حُبّ عُثمَانَ،فَحَكَيتُ ذَلِكَ لِإِبرَاهِيمَ النخّعَيِّ، فَقَالَ لَعَنَ اللّهُ قَلبَهُ.
وَ رَوَوا عَن اِبرَاهِيمَ أَنّهُ قَالَ إِنّ عُثمَانَ عنِديِ شَرّ مِن قرون .
وَ رَوَوا فِيهِ عَن سُفيَانَ، عَنِ الحَسَنِ البصَريِّ، قَالَ سَأَلتُهُ فَقُلتُ أَيّهُمَا أَفضَلُ،عُثمَانُ أَم عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ. قَالَ وَ لَا سَوَاءٌ مَن جَاءَ إِلَي أَمرٍ فَاسِدٍ فَأَصلَحَهُ خَيراً وَ مَن جَاءَ إِلَي أَمرٍ صَالِحٍ فَأَفسَدَهُ.
وَ رَوَوا فِيهِ عَن جُوَيبِرٍ، عَنِ الضّحّاكِ، قَالَ قَالَ لِي يَا جُوَيبِرُ اعلَم أَنّ شَرّ هَذِهِ الأُمّةِ الأَشيَاخُ الثّلَاثَةُ، قُلتُ مَن هُم. قَالَ عُثمَانُ وَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ.
وَ رَوَوا فِيهِ عَنِ الوَلِيدِ بنِ زَرُودٍ الرقّيّّ، عَن أَبِي جَارُودٍ العبَديِّ، قَالَ أَمّا عِجلُ هَذِهِ الأُمّةِ فَعُثمَانُ، وَ فِرعَونُهَا مُعَاوِيَةُ، وَ سَامِرِيهَا أَبُو مُوسَي الأشَعرَيِّ، وَ ذُو الثّدَيّةِ وَ أَصحَابُ النّهَرِ مَلعُونُونَ، وَ إِمَامُ المُتّقِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ.
وَ روُيَِ عَن أَبِي الأَرقَمِ، قَالَ سَمِعتُ الأَعمَشَ يَقُولُ وَ اللّهِ لَوَدِدتُ أنَيّ كُنتُ وَجَأتُ عُثمَانَ بِخَنجَرٍ فِي بَطنِهِ فَقَتَلتُهُ.
وَ رَوَوا عَن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ، عَن سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ، قَالَ يُرفَعُ عُثمَانُ وَ أَصحَابُهُ يَومَ القِيَامَةِ حَتّي يُبلَغَ بِهِمُ الثّرَيّا، ثُمّ يُطرَحُونَ عَلَي وُجُوهِهِم.
وَ رَوَي فِيهِ عَن أَبِي عُبَيدَةَ الذهّليِّ، قَالَ وَ اللّهِ لَا يَكُونُ الأَرضُ سِلماً سِلماً حَتّي يُلعَنَ عُثمَانُ مَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ لَا يُنكِرُ ذَلِكَ أَحَدٌ.
وَ رَوَي فِيهِ أَنّ عَبدَ الرّحمَنِ بنَ حَنبَلٍ الجمُحَيِّ وَ كَانَ بَدرِيّاً قَالَ
ذُق يَا أَبَا عَمرٍو بِسُوءِ الفِعلِ | وَ ذُق صُنعَ كَافِرٍ ذيِ جَهلٍ |
لَمّا سَدَدتُ بَابَ كُلّ عَدلٍ | وَ رُمتَ نَقصَ حَقّنَا بِالبُطلِ |
صفحه : 311
غَداً عَلَيكَ أَهلُ كُلّ فَضلٍ | بِالمِشرَفِيّاتِ القِضَابِ الفَصلِ |
فَذُقتَ قَتلًا لَكَ أَيّ قَتلٍ | كَذَاكَ نجَزيِ كُلّ عَاتٍ وَ غَلّ |
.. في أمثال هذه الأقوال المحفوظة عن الصحابة والتابعين ذكر جميعها يخرج عن الغرض ، و في بعض ماذكرناه كفاية في المقصود، والمنّة للّه. و قال رحمه اللّه في موضع آخر تناصر الخبر من طريقي الشيعة وأصحاب الحديث بأنّ عثمان وطلحة والزبير وسعدا و عبدالرحمن من جملة أصحاب العقبة الذين نفّروا برسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله ، و أنّ عثمان وطلحة القائلان أينكح محمدنساءنا و لاننكح نساءه . و اللّه لو قدمات لأجلبنا علي نسائه بالسهام ، وقولة طلحة لأتزوجنّ أمّ سلمة،فأنزل اللّه سبحانه ( وَ ما كانَ لَكُم أَن تُؤذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَن تَنكِحُوا أَزواجَهُ مِن بَعدِهِ أَبَداً). وقول عثمان يوم أحد لألحقنّ بالشام ، فإنّ لي بهاصديقا يهوديّا. وقول طلحة لألحقنّ بالشام فإنّ لي بهاصديقا نصرانيّا،فأنزل اللّه تعالي ( يا أَيّهَا
الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ وَ النّصاري أَولِياءَ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ). وقول عثمان لطلحة و قدتنازعا و اللّه إنّك أوّل أصحاب محمّد صلّي اللّه عليه وآله تزوّج بيهوديّة، فقال طلحة و أنت و اللّه لقد قلت ماينجينا هاهنا إلّا أن نلحق بقومنا.
الرّبو بالفتح النّفس العالي. وأسي علي مصيبته بالكسر يأسي أسا .. أي حزن ، و قدأسيت لفلان .. أي حزنت له .
صفحه : 313
قوله إنّ في هذاالحديث .. أي روي الغزرمي مكان فتبطحون علي وجوهكم هكذا ترفعون .. أي يرفعكم الملائكة إلي مكان الثريّا من السماء ثم يضربونكم علي الأرض علي وجوهكم فتطؤكم البهائم ، و هذاأشدّ في التعذيب . و قوله ليجاء بي .. لعلّ هذاالترديد والتبهيم للتقيّة والمصلحة مع وضوح المقصود. قوله لعنه اللّه الترباء في فيك يا عليّ .. الترباء بالفتح أوبضم التاء وفتح الراء لغتان في التّراب،انظر هذا ألذي خانت أمّه أباه كيف شتم وعقّ مولاه ،لعنة اللّه عليه و علي من والاه . و قال الجوهري النّاب المسنّة من النّوق. و قال مرّ فلان ينجش نجشا .. أي يسرع . والشّارف من النّوق المسنّة الهرمة. وأغذّ السّير و فيه أسرع . وبعج بطنه بالسّكّين كمنع شقّه. والنّهابير المهالك . والتنجيد العدو. و قال في النهاية كان أعداء عثمان يسمّونه نعثلا تشبيها برجل من مصر
صفحه : 314
كان طويل اللّحية اسمه نعثل ، وقيل النّعثل الشّيخ الأحمق ، وذكر الضباع .انتهي . ويقال زعر الشّعر والرّيش قلّ، والزّعارّة سوء الخلق . والغرارة بالكسر الجوالق .قولها إنّ هذه .. أي السماء،وقعت علي هذه .. أي الأرض . و قال الفيروزآبادي العضد والعضيد الطّريقة من النّخل، والجمع كغربان ، والمعني أنّ ذلك أموالا كثيرة تحميه لبقائها أوحصلتها ببركته . و قال في القاموس الرّكب ركبان الإبل اسم جمع أوجمع وهم العشرة فصاعدا، و قد يكون للخيل .. والأركوب بالضّمّ أكثر من الرّكب.
صفحه : 315
ل أَبِي وَ ابنُ الوَلِيدِ مَعاً، عَن سَعدٍ، عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ، عَنِ الحَكَمِ بنِ مِسكِينٍ، عَن أَبِي الجَارُودِ وَ هُشَيمِ بنِ أَبِي سَاسَانَ وَ أَبِي طَارِقٍ السّرّاجِ، عَن عَامِرِ بنِ وَاثِلَةَ، قَالَكُنتُ فِي البَيتِ يَومَ الشّورَي،فَسَمِعتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ وَ هُوَ يَقُولُ استَخلَفَ النّاسُ أَبَا بَكرٍ وَ أَنَا وَ اللّهِ أَحَقّ بِالأَمرِ وَ أَولَي بِهِ مِنهُ، وَ استَخلَفَ أَبُو بَكرٍ عُمَرَ وَ أَنَا وَ اللّهِ أَحَقّ بِالأَمرِ وَ أَولَي بِهِ مِنهُ، إِلّا أَنّ عُمَرَ جعَلَنَيِ مَعَ خَمسَةٍ أَنَا سَادِسُهُم لَا يُعرَفُ لَهُم عَلَيّ فَضلٌ، وَ لَو أَشَاءُ لَاحتَجَجتُ عَلَيهِم بِمَا
صفحه : 316
لَا يَستَطِيعُ عَرَبِيّهُم وَ لَا عَجَمِيّهُم،المُعَاهَدُ مِنهُم وَ المُشرِكُ تَغيِيرَ ذَلِكَ. ثُمّ قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ أَيّهَا النّفَرُ هَل فِيكُم أَحَدٌ وَحّدَ اللّهَ قبَليِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي إِلّا أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ سَاقَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لِرَبّ العَالَمِينَ هَدياً فَأَشرَكَهُ فِيهِ،غيَريِ قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أتُيَِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِطَيرٍ يَأكُلُ مِنهُ، فَقَالَ أللّهُمّ ائتنِيِ بِأَحَبّ خَلقِكَ إِلَيكَ يَأكُلُ معَيِ مِن هَذَا الطّيرِ،فَجِئتُهُ، فَقَالَ أللّهُمّ وَ إِلَي رَسُولِكَ .. وَ إِلَي رَسُولِكَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حِينَ رَجَعَ عُمَرُ يُجَبّنُ أَصحَابَهُ وَ يُجَبّنُونَهُ قَد رَدّ رَايَةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مُنهَزِماً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَأُعطِيَنّ الرّايَةَ غَداً رَجُلًا لَيسَ بِفَرّارٍ يُحِبّهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ يُحِبّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَا يَرجِعُ حَتّي يَفتَحَ اللّهُ عَلَيهِ، فَلَمّا أَصبَحَ قَالَ ادعُوا لِي عَلِيّاً.فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ) هُوَ رَمِدٌ مَا يَطرِفُ. فَقَالَ جيِئوُنيِ، فَلَمّا قُمتُ بَينَ يَدَيهِ تَفَلَ فِي عيَنيِ وَ قَالَ أللّهُمّ أَذهِب عَنهُ الحَرّ وَ البَردَ،فَأَذهَبَ اللّهُ عنَيّ الحَرّ وَ البَردَ إِلَي ساَعتَيِ هَذِهِ، وَ أَخَذتُ الرّايَةَ فَهَزَمَ اللّهُ المُشرِكِينَ وَ أظَفرَنَيِ بِهِم،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا.
صفحه : 317
قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ أَخٌ مِثلُ أخَيِ جَعفَرٍ المُزَيّنِ بِالجَنَاحَينِ فِي الجَنّةِ يَحِلّ فِيهَا حَيثُ يَشَاءُ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ عَمّ مِثلُ عمَيّ حَمزَةَ أَسَدِ اللّهِ وَ أَسَدِ رَسُولِهِ وَ سَيّدِ الشّهَدَاءِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ سِبطَانِ مِثلُ سبِطيَّ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ ابنيَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سيَدّيَ شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ زَوجَةٌ مِثلُ زوَجتَيِ فَاطِمَةَ بِنتِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ بَضعَةٍ مِنهُ وَ سَيّدَةِ نِسَاءِ أَهلِ الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن فَارَقَكَ فاَرقَنَيِ وَ مَن فاَرقَنَيِ فَارَقَ اللّهَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَيَنتَهِيَنّ بَنُو وَلِيعَةَ أَو لَأَبعَثَنّ إِلَيهِم رَجُلًا كنَفَسيِ طَاعَتُهُ كطَاَعتَيِ وَ مَعصِيَتُهُ كمَعَصيِتَيِ يَغشَاهُم بِالسّيفِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا مِن مُسلِمٍ وَصَلَ إِلَي قَلبِهِ حبُيّ إِلّا كَفّرَ اللّهُ عَنهُ ذُنُوبَهُ، وَ مَن وَصَلَ حبُيّ إِلَي قَلبِهِ فَقَد وَصَلَ حُبّكَ إِلَي قبله [قَلبِهِ]، وَ كَذَبَ مَن زَعَمَ أَنّهُ يحُبِنّيِ وَ يُبغِضُكَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا.
صفحه : 318
قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ الخَلِيفَةُ فِي الأَهلِ وَ الوَلَدِ وَ المُسلِمِينَ فِي كُلّ غَيبَةٍ،عَدُوّكَ عدَوُيّ وَ عدَوُيّ عَدُوّ اللّهِ، وَ وَلِيّكَ ولَيِيّ وَ ولَيِيّ ولَيِّ اللّهِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَا عَلِيّ مَن أَحَبّكَ وَ وَالَاكَ سَبَقَت لَهُ الرّحمَةُ وَ مَن أَبغَضَكَ وَ عَادَاكَ سَبَقَت لَهُ اللّعنَةُ،فَقَالَت عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص )ادعُ اللّهَ لِي وَ لأِبَيِ لَا يَكُونُ مِمّن يُبغِضُهُ وَ يُعَادِيهِ، فَقَالَ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ اسكنُيِ، إِن كُنتِ أَنتِ وَ أَبُوكِ مِمّن يَتَوَلّاهُ وَ يُحِبّهُ فَقَد سَبَقَت لَكُمَا الرّحمَةُ، وَ إِن كُنتُمَا مِمّن يُبغِضُهُ وَ يُعَادِيهِ فَقَد سَبَقَت لَكُمَا اللّعنَةُ، وَ لَقَد خَبُثتِ أَنتِ، وَ أَبُوكِ أَوّلُ مَن يَظلِمُهُ وَ أَنتِ أَوّلُ مَن يُقَاتِلُهُ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِثلَ مَا قَالَ لِي يَا عَلِيّ أَنتَ أخَيِ وَ أَنَا أَخُوكَ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ وَ مَنزِلُكَ مُوَاجِهَ منَزلِيِ كَمَا يَتَوَاجَهُ الإِخوَانُ فِي الخُلدِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَا عَلِيّ إِنّ اللّهَ خَصّكَ بِأَمرٍ وَ أَعطَاكَهُ لَيسَ مِنَ الأَعمَالِ شَيءٌ أَحَبّ إِلَيهِ وَ لَا أَفضَلَ مِنهُ عِندَهُ،الزّهدُ فِي الدّنيَا،فَلَيسَ تَنَالُ مِنهَا شَيئاً وَ لَا تَنَالُ مِنكَ وَ هيَِ زِينَةُ الأَبرَارِ عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ يَومَ القِيَامَةِ،فَطُوبَي لِمَن أَحَبّكَ وَ صَدَقَ عَلَيكَ، وَ وَيلٌ لِمَن أَبغَضَكَ وَ كَذَبَ عَلَيكَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ بَعَثَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ
صفحه : 319
ليِجَيِءَ بِالمَاءِ كَمَا بعَثَنَيِ،فَذَهَبتُ حَتّي حَمَلتُ القِربَةَ عَلَي ظهَريِ وَ مَشَيتُ بِهَا فاَستقَبلَتَنيِ رِيحٌ فرَدَتّنيِ حَتّي أجَلسَتَنيِ، ثُمّ قُمتُ فاَستقَبلَتَنيِ رِيحٌ فرَدَتّنيِ ثُمّ أجَلسَتَنيِ، ثُمّ قُمتُ فَجِئتُ إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لِي مَا حَبَسَكَ.فَقَصَصتُ عَلَيهِ القِصّةَ، فَقَالَ قَد جاَءنَيِ جَبرَئِيلُ فأَخَبرَنَيِ، أَمّا الرّيحُ الأُولَي فَجَبرَئِيلُ كَانَ فِي أَلفٍ مِنَ المَلَائِكَةِ يُسَلّمُونَ عَلَيكَ، وَ أَمّا الثّانِيَةُ فَمِيكَائِيلُ جَاءَ فِي أَلفٍ مِنَ المَلَائِكَةِ يُسَلّمُونَ عَلَيكَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم مَن قَالَ لَهُ جَبرَئِيلُ يَا مُحَمّدُ(ص ) أَ تَرَي هَذِهِ المُوَاسَاةَ مِن عَلِيّ( ع )، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّهُ منِيّ وَ أَنَا مِنهُ، فَقَالَ جَبرَئِيلُ وَ أَنَا مِنكُمَا،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ كَانَ يَكتُبُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَمَا جَعَلتُ أَكتُبُ فَأَغفَي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَأَنَا أَرَي أَنّهُ يمُليِ عَلَيّ، فَلَمّا انتَبَهَ قَالَ لَهُ يَا عَلِيّ مَن أَملَي عَلَيكَ مِن هَاهُنَا إِلَي هَاهُنَا،فَقُلتُ أَنتَ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ). فَقَالَ لَا، وَ لَكِن جَبرَئِيلُ أَملَي عَلَيكَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَمَا قَالَ لِي لَو لَا أَن لَا يَبقَي أَحَدٌ إِلّا قَبَضَ مِن أَثَرِكَ قَبضَةً يَطلُبُ بِهَا البَرَكَةَ لِعَقِبِهِ
صفحه : 320
مِن بَعدِهِ لَقُلتُ فِيكَ قَولًا لَا يَبقَي أَحَدٌ إِلّا قَبَضَ مِن أَثَرِكَ قَبضَةً.فَقَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ احفَظِ البَابَ فَإِنّ زُوّاراً مِنَ المَلَائِكَةِ يزَوُرنُيِ فَلَا تَأذَن لِأَحَدٍ مِنهُم،فَجَاءَ عُمَرُ فَرَدَدتُهُ ثَلَاثَ مَرّاتٍ وَ أَخبَرتُهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مُحتَجِبٌ وَ عِندَهُ زُوّارٌ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ عِدّتُهُم كَذَا وَ كَذَا، ثُمّ أَذِنتُ لَهُ فَدَخَلَ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنِيّ جِئتُ غَيرَ مَرّةٍ كُلّ ذَلِكَ يرَدُنّيِ عَلِيّ وَ يَقُولُ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مُحتَجِبٌ وَ عِندَهُ زُوّارٌ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ عِدّتُهُم كَذَا وَ كَذَا،فَكَيفَ عَلِمَ بِالعِدّةِ أَ عَايَنَهُم. فَقَالَ لَا، يَا عَلِيّ قَد صَدَقَ،كَيفَ عَلِمتَ بِعِدّتِهِم.فَقُلتُ اختَلَفَت عَلَيّ التّحِيّاتُ وَ سَمِعتُ الأَصوَاتِ فَأَحصَيتُ العَدَدَ. قَالَ صَدَقتَ، فَإِنّ فِيكَ سُنّةً مِن أخَيِ عِيسَي،فَخَرَجَ عُمَرُ وَ هُوَ يَقُولُ ضَرَبَهُ لِابنِ مَريَمَ مَثَلًا فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ( وَ لَمّا ضُرِبَ ابنُ مَريَمَ مَثَلًا إِذا قَومُكَ مِنهُ يَصِدّونَ) قَالَ يَضِجّونَ( وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيرٌ أَم هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلّا جَدَلًا بَل هُم قَومٌ خَصِمُونَ إِن هُوَ إِلّا عَبدٌ أَنعَمنا عَلَيهِ وَ جَعَلناهُ مَثَلًا لبِنَيِ إِسرائِيلَ وَ لَو نَشاءُ لَجَعَلنا مِنكُم مَلائِكَةً فِي الأَرضِ يَخلُفُونَ)غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَمَا قَالَ لِي إِنّ طُوبَي شَجَرَةٌ فِي الجَنّةِ أَصلُهَا فِي دَارِ عَلِيّ( ع ) لَيسَ مِن مُؤمِنٍ إِلّا وَ فِي
صفحه : 321
مَنزِلِهِ غُصنٌ مِن أَغصَانِهَا،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ تُقَاتِلُ عَلَي سنُتّيِ وَ تبُرِئُ ذمِتّيِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ تُقَاتِلُ النّاكِثِينَ وَ القَاسِطِينَ وَ المَارِقِينَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ جَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ رَأسُهُ فِي حَجرِ جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ لِي ادنُ دُونَكَ رَأسَ ابنِ عَمّكَ فَأَنتَ أَولَي بِهِ منِيّ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ وَضَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ رَأسَهُ فِي حَجرِهِ حَتّي غَابَتِ الشّمسُ وَ لَم يُصَلّ العَصرَ فَلَمّا انتَبَهَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ يَا عَلِيّ صَلّيتَ. قُلتُ لَا،فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَرُدّتِ الشّمسُ بَيضَاءَ نَقِيّةً فَصَلّيتُ ثُمّ انحَدَرَت،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَمَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ رَسُولَهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَن يَبعَثَ بِبَرَاءَةَ،فَبَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي بَكرٍ فَأَتَاهُ جَبرَئِيلُ، فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّهُ لَا يؤُدَيّ عَنكَ إِلّا أَنتَ أَو رَجُلٌ مِنكَ،فبَعَثَنَيِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَأَخَذتُهَا مِن أَبِي بِكرٍ فَمَضَيتُ بِهَا وَ أَدّيتُهَا عَن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ،فَأَثبَتَ
صفحه : 322
اللّهُ عَلَي لِسَانِ رَسُولِهِ أنَيّ مِنهُ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ إِمَامُ مَن أطَاَعنَيِ، وَ نُورُ أوَليِاَئيِ، وَ الكَلِمَةُ التّيِ أَلزَمتُهَا المُتّقِينَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن سَرّهُ أَن يَحيَا حيَاَتيِ وَ يَمُوتَ موَتيِ وَ يَسكُنَ جنَتّيَِ التّيِ وعَدَنَيِ ربَيّ جَنّاتِ عَدنٍ قَضِيبٌ غَرَسَهُ اللّهُ بِيَدِهِ، ثُمّ قَالَ لَهُ كُن،فَكَانَ،فَليُوَالِ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ( ع ) وَ ذُرّيّتَهُ مِن بَعدِهِ،فَهُمُ الأَئِمّةُ، وَ هُمُ الأَوصِيَاءُ أَعطَاهُمُ اللّهُ علِميِ وَ فهَميِ، لَا يُدخِلُونَكُم فِي بَابِ ضَلَالٍ، وَ لَا يُخرِجُونَكُم مِن بَابِ هُدًي، لَا تُعَلّمُوهُم فَهُم أَعلَمُ مِنكُم،يَزُولُ الحَقّ مَعَهُم أَينَمَا زَالُوا،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَضَي فَانقَضَي،إِنّهُ لَا يُحِبّكَ إِلّا مُؤمِنٌ وَ لَا يُبغِضُكَ إِلّا مُنَافِقٌ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِثلَ مَا قَالَ لِي أَهلُ وَلَايَتِكَ يَخرُجُونَ يَومَ القِيَامَةِ مِن قُبُورِهِم عَلَي نُوقٍ بِيضٍ،شِرَاكُ نِعَالِهِم نُورٌ يَتَلَألَأُ، قَد سُهّلَت عَلَيهِمُ المَوَارِدُ، وَ فُرّجَت عَنهُمُ الشّدَائِدُ، وَ أُعطُوا الأَمَانَ، وَ انقَطَعَت عَنهُمُ الأَحزَانُ حَتّي يَنطَلِقَ بِهِم إِلَي ظِلّ عَرشِ الرّحمَنِ،تُوضَعُ بَينَ أَيدِيهِم مَائِدَةٌ يَأكُلُونَ مِنهَا حَتّي يَفرُغَ مِنَ الحِسَابِ،يَخَافُ النّاسُ وَ لَا يَخَافُونَ، وَ يَحزَنُ النّاسُ وَ لَا يَحزَنُونَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ
صفحه : 323
حِينَ جَاءَ أَبُو بَكرٍ يَخطُبُ فَاطِمَةَ عَلَيهَا السّلَامُ،فَأَبَي أَن يُزَوّجَهُ، وَ جَاءَ عُمَرُ يَخطُبُهَا فَأَبَي أَن يُزَوّجَهُ،فَخَطَبتُ إِلَيهِ فزَوَجّنَيِ،فَجَاءَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ فَقَالَا أَبِيتَ أَن تُزَوّجَنَا وَ زَوّجتَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا مَنَعتُكُمَا وَ زَوّجتُهُ،بَلِ اللّهُ مَنَعَكُمَا وَ زَوّجَهُ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل سَمِعتُم رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ كُلّ سَبَبٍ وَ نَسَبٍ مُنقَطِعٌ يَومَ القِيَامَةِ إِلّا سبَبَيِ وَ نسَبَيِ،فأَيَّ سَبَبٍ أَفضَلُ مِن سبَبَيِ وَ أَيّ نَسَبٍ أَفضَلُ مِن نسَبَيِ إِنّ أَبِي وَ أَبَا رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَأَخَوَانِ، وَ إِنّ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ ابنيَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سيَدّيَ شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ ابناَيَ، وَ فَاطِمَةَ بِنتَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ زوَجتَيِ سَيّدَةُ نِسَاءِ أَهلِ الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّ اللّهَ خَلَقَ الخَلقَ فَفَرّقَهُم فِرقَتَينِ،فجَعَلَنَيِ فِي خَيرِ الفِرقَتَينِ، ثُمّ جَعَلَهُم شُعُوباً فجَعَلَنَيِ فِي خَيرِ شُعبَةٍ، ثُمّ جَعَلَهُم قَبَائِلَ فجَعَلَنَيِ فِي خَيرِ قَبِيلَةٍ، ثُمّ جَعَلَهُمُ بُيُوتاً فجَعَلَنَيِ فِي خَيرِ بَيتٍ، ثُمّ اختَارَ مِن أَهلِ بيَتيِ أَنَا وَ عَلِيّاً وَ جَعفَراً،فجَعَلَنَيِ خَيرَهُم،فَكُنتُ نَائِماً بَينَ ابنيَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ فَجَاءَ جَبرَئِيلُ وَ مَعَهُ مَلَكٌ فَقَالَ يَا جَبرَئِيلُ إِلَي أَيّ هَؤُلَاءِ أُرسِلتَ. فَقَالَ إِلَي هَذَا، ثُمّ أَخَذَ بيِدَيِ فأَجَلسَنَيِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ سَدّ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَبوَابَ المُسلِمِينَ كُلّهُم وَ لَم يَسُدّ باَبيِ،فَجَاءَهُ العَبّاسُ وَ حَمزَةُ وَ قَالَا أَخرَجتَنَا وَ أَسكَنتَهُ. فَقَالَ لَهُمَا مَا أَنَا أَخرَجتُكُم وَ أَسكَنتُهُ بَلِ اللّهُ أَخرَجَكُم وَ أَسكَنَهُ، إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ
صفحه : 324
أَوحَي إِلَي أخَيِ مُوسَي عَلَيهِ السّلَامُ أَنِ اتّخِذ مَسجِداً طَهُوراً وَ اسكُنهُ أَنتَ وَ هَارُونُ وَ ابنَا هَارُونَ، وَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَوحَي إلِيَّ أَنِ اتّخِذ مَسجِداً طَهُوراً وَ اسكُنهُ أَنتَ وَ عَلِيّ وَ ابنَا عَلِيّ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الحَقّ مَعَ عَلِيّ وَ عَلِيّ مَعَ الحَقّ لَا يَفتَرِقَانِ حَتّي يَرِدَا عَلَيّ الحَوضَ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ وَقَي رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حَيثُ جَاءَ المُشرِكُونَ يُرِيدُونَ قَتلَهُ،فَأُضجِعتُ فِي مَضجَعِهِ وَ ذَهَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ نَحوَ الغَارِ وَ هُم يَرَونَ أنَيّ أَنَا هُوَ،فَقَالُوا أَينَ ابنُ عَمّكَ.فَقُلتُ لَا أدَريِ،فضَرَبَوُنيِ حَتّي كَادُوا يقَتلُوُننَيِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَمَا قَالَ لِي إِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ بِوَلَايَةِ عَلِيّ فَوَلَايَتُهُ ولَاَيتَيِ وَ ولَاَيتَيِ وَلَايَةُ ربَيّ،عَهِدَ عَهدَهُ إلِيَّ ربَيّ وَ أمَرَنَيِ أَن أُبَلّغَكُمُوهُ،فَهَل سَمِعتُم.قَالُوا نَعَم قَد سَمِعنَاهُ، قَالَ أَمَا إِنّ فِيكُم مَن يَقُولُ قَد سَمِعتُ وَ هُوَ يَحمِلُ النّاسَ عَلَي كَتِفَيهِ وَ يُعَادِيهِ.قَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ أَخبِرنَا بِهِم. قَالَ أَمَا إِنّ ربَيّ قَد أخَبرَنَيِ بِهِم وَ أمَرَنَيِ بِالإِعرَاضِ عَنهُم لِأَمرٍ قَد سَبَقَ، وَ إِنّمَا يكَتفَيِ أَحَدُكُم بِمَا يَجِدُ لعِلَيِّ فِي قَلبِهِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَتَلَ مِن بنَيِ عَبدِ الدّارِ تِسعَةً مُبَارَزَةً غيَريِ كُلّهُم يَأخُذُ اللّوَاءَ، ثُمّ جَاءَ صواب الحبَشَيِّ مَولَاهُم وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللّهِ لَا أَقتُلُ بسِاَدتَيِ إِلّا مُحَمّداً، قَد أَزبَدَ شِدقَاهُ وَ احمَرّتَا عَينَاهُ،فَاتّقَيتُمُوهُ وَ حِدتُم عَنهُ،
صفحه : 325
وَ خَرَجتُ إِلَيهِ فَلَمّا أَقبَلَ كَأَنّهُ قُبّةٌ مَبنِيّةٌ،فَاختَلَفتُ أَنَا وَ هُوَ ضَربَتَينِ فَقَطَعتُهُ بِنِصفَينِ وَ بَقِيَت رِجلَاهُ وَ عَجُزُهُ وَ فَخِذَاهُ قَائِمَةً عَلَي الأَرضِ يَنظُرُ إِلَيهِ المُسلِمُونَ وَ يَضحَكُونَ مِنهُ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَتَلَ مِن مشُركِيِ قُرَيشٍ مِثلَ قتَليِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ جَاءَ عَمرَو بنَ عَبدِ وُدّ ينُاَديِ هَل مِن مُبَارِزٍ،فَكِعتُم عَنهُ كُلّكُم فَقُمتُ أَنَا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِلَي أَينَ تَذهَبُ.فَقُلتُ أَقُومُ إِلَي هَذَا الفَاسِقِ. فَقَالَ إِنّهُ عَمرُو بنُ عَبدِ وُدّ،فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ) إِن كَانَ هُوَ عَمرَو بنَ عَبدِ وُدّ فَأَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ،فَأَعَادَ عَلَيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ الكَلَامَ وَ أَعَدتُ عَلَيهِ، فَقَالَ امضِ عَلَي اسمِ اللّهِ، فَلَمّا قَرُبتُ مِنهُ قَالَ مَنِ الرّجُلُ. قُلتُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ كُفوٌ كَرِيمٌ ارجِع يَا ابنَ أخَيِ فَقَد كَانَ لِأَبِيكَ معَيِ صُحبَةٌ وَ مُحَادَثَةٌ فَأَنَا أَكرَهُ قَتلَكَ.فَقُلتُ لَهُ يَا عَمرُو إِنّكَ قَد عَاهَدتَ اللّهَ أَن لَا يُخَيّرَكَ أَحَدٌ ثَلَاثَ خِصَالٍ إِلّا اختَرتَ إِحدَاهُنّ. فَقَالَ اعرِض عَلَيّ. قُلتُ تَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ، وَ تُقِرّ بِمَا جَاءَ مِن عِندِ اللّهِ. قَالَ هَاتِ غَيرَ هَذِهِ. قُلتُ تَرجِعُ مِن حَيثُ جِئتَ. قَالَ وَ اللّهِ لَا تُحَدّث نِسَاءَ قُرَيشٍ بِهَذَا أنَيّ رَجَعتُ عَنكَ.فَقُلتُ فَانزِل فَأُقَاتِلَكَ. قَالَ أَمّا هَذِهِ فَنَعَم،فَنَزَلَ فَاختَلَفَ أَنَا وَ هُوَ ضَربَتَينِ فَأَصَابَ
صفحه : 326
الحَجَفَةَ وَ أَصَابَ السّيفُ رأَسيِ، وَ ضَرَبتُهُ ضَربَةً فَانكَشَفَت رِجلَيهِ فَقَتَلَهُ اللّهُ عَلَي يدَيَّ،فَفِيكُم أَحَدٌ فَعَلَ هَذَا.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ حِينَ جَاءَ مَرحَبٌ وَ هُوَ يَقُولُ
أَنَا ألّذِي سمَتّنيِ أمُيّ مرحب [BA]مَرحَباً] | شَاكِ السّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرّبٌ |
َطعَنُ أَحيَاناً وَ حِيناً أَضرِبُ |
فَخَرَجتُ إِلَيهِ فضَرَبَنَيِ وَ ضَرَبتُهُ وَ عَلَي رَأسِهِ نَقِيرٌ مِن جَبَلِ حَجَرٍ لَم يَكُن تَصلُحُ عَلَي رَأسِهِ بَيضَةٌ مِن عِظَمِ رَأسِهِ،فَقَلِقتُ النّقِيرَ وَ وَصَلَ السّيفُ إِلَي رَأسِهِ فَقَتَلتُهُ،فَفِيكُم أَحَدٌ فَعَلَ هَذَا.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ آيَةَ التّطهِيرِ عَلَي رَسُولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ(إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهّرَكُم تَطهِيراً)فَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كِسَاءً خَيبَرِيّاً فضَمَنّيِ فِيهِ وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ، ثُمّ قَالَ يَا رَبّ هَؤُلَاءِ أَهلُ بيَتيِ فَأَذهِب عَنهُمُ الرّجسَ وَ طَهّرهُم تَطهِيراً.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنَا سَيّدُ وُلدِ آدَمَ وَ أَنتَ يَا عَلِيّ سَيّدُ العَرَبِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي المَسجِدِ إِذ نَظَرَ إِلَي شَيءٍ يَنزِلُ مِنَ السّمَاءِ فَبَادَرَهُ وَ لَحِقَهُ أَصحَابُهُ فَانتَهَي إِلَي سُودَانٍ أَربَعَةٍ يَحمِلُونَ سَرِيراً، فَقَالَ لَهُم ضَعُوا،فَوَضَعُوا. فَقَالَ اكشِفُوا عَنهُ،فَكَشَفُوا
صفحه : 327
فَإِذَا أَسوَدُ مُطَوّقٌ بِالحَدِيدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن هَذَا.قَالُوا غُلَامُ الرّيَاحِيّينَ كَانَ قَد أَبَقَ عَنهُم خُبثاً وَ فِسقاً فَأَمَرُونَا أَن نَدفِنَهُ فِي حَدِيدِهِ كَمَا هُوَ،فَنَظَرتُ إِلَيهِ،فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا رآَنيِ قَطّ إِلّا قَالَ أَنَا وَ اللّهِ أُحِبّكَ، وَ اللّهِ مَا أَحَبّكَ إِلّا مُؤمِنٌ وَ لَا أَبغَضَكَ إِلّا كَافِرٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَا عَلِيّ لَقَد أَثَابَهُ اللّهُ بِذَا، هَذَا سَبعُونَ قَبِيلًا مِنَ المَلَائِكَةِ كُلّ قَبِيلٍ عَلَي أَلفِ قَبِيلٍ قَد نَزَلُوا يُصَلّونَ عَلَيهِ،فَفَكّ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حَدِيدَتَهُ وَ صَلّي عَلَيهِ وَ دَفَنَهُ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِثلَ مَا قَالَ لِي أُذِنَ لِيَ البَارِحَةَ فِي الدّعَاءِ فَمَا سَأَلتُ ربَيّ شَيئاً إِلّا أَعطَانِيهِ، وَ مَا سَأَلتُ لنِفَسيِ شَيئاً إِلّا سَأَلتُ لَكَ مِثلَهُ وَ أَعطَانِيهِ.فَقُلتُ الحَمدُ لِلّهِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل عَلِمتُم أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بَعَثَ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ إِلَي بنَيِ خُزَيمَةَ فَفَعَلَ مَا فَعَلَ فَصَعِدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ المِنبَرَ فَقَالَ إنِيّ أَبرَأُ إِلَيكَ مِمّا صَنَعَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ .. ثَلَاثَ مَرّاتٍ، ثُمّ قَالَ اذهَب يَا عَلِيّ،فَذَهَبتُ فَوَدَيتُهُم ثُمّ نَاشَدتُهُم بِاللّهِ هَل بقَيَِ شَيءٌ.فَقَالُوا إِذ نَشَدتَنَا بِاللّهِ فَمِيلَغَةُ كِلَابِنَا، وَ عِقَالُ بَعِيرِنَا،فَأَعطَيتُهُم لَهُمَا، وَ بقَيَِ معَيِ ذَهَبٌ كَثِيرٌ فَأَعطَيتُهُم إِيّاهُ، وَ قُلتُ هَذَا لِذِمّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ لِمَا تَعلَمُونَ وَ لِمَا لَا تَعلَمُونَ وَ لِرَوعَاتِ النّسَاءِ وَ الصّبيَانِ، ثُمّ جِئتُ إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَأَخبَرتُهُ، قَالَ وَ اللّهِ مَا يسَرُنّيِ يَا عَلِيّ أَنّ لِي بِمَا صَنَعتَ حُمرَ النّعَمِ.قَالُوا أللّهُمّ
صفحه : 328
نَعَم. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل سَمِعتُم رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ يَا عَلِيّ عُرِضتُ عَلَي أمُتّيِ البَارِحَةَ فَمَرّ بيِ أَصحَابُ الرّايَاتِ،فَاستَغفَرتُ لَكَ وَ لِشِيعَتِكَ.فَقَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل سَمِعتُم رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ يَا أَبَا بَكرٍ اذهَب فَاضرِب عُنُقَ ذَلِكَ الرّجُلِ ألّذِي تَجِدُهُ فِي مَوضِعِ .. كَذَا وَ كَذَا،فَرَجَعَ، فَقَالَ قَتَلتَهُ. قَالَ لَا،وَجَدتُهُ يصُلَيّ. قَالَ يَا عُمَرُ اذهَب فَاقتُلهُ،فَرَجَعَ قَالَ لَهُ قَتَلتَهُ. قَالَ لَا،وَجَدتُهُ يصُلَيّ، فَقَالَ آمُرُكُمَا بِقَتلِهِ،فَتَقُولَانِ وَجَدنَاهُ يصُلَيّ، فَقَالَ يَا عَلِيّ اذهَب فَاقتُلهُ، فَلَمّا مَضَيتُ قَالَ إِن أَدرَكَهُ قَتَلَهُ،فَرَجَعتُ فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ) لَم أَجِد أَحَداً. فَقَالَ صَدَقتَ، أَمَا إِنّكَ لَو وَجَدتَهُ لَقَتَلتَهُ.فَقَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَمَا قَالَ لِي إِنّ وَلِيّكَ فِي الجَنّةِ وَ عَدُوّكَ فِي النّارِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل عَلِمتُم أَنّ عَائِشَةَ قَالَت لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّ اِبرَاهِيمَ لَيسَ مِنكَ وَ إِنّهُ ابنُ فُلَانٍ القبِطيِّ. قَالَ يَا عَلِيّ اذهَب فَاقتُلهُ.فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ) إِذَا بعَثَتنَيِ أَكُونُ كَالمِسمَارِ المُحمَي فِي الوَبَرِ أَو أَتَثَبّتُ. قَالَ لَا،بَل تَثَبّت،فَذَهَبَ فَلَمّا نَظَرَ إلِيَّ استَنَدَ إِلَي حَائِطٍ فَطَرَحَ نَفسَهُ
صفحه : 329
فِيهِ فَطَرَحتُ نفَسيِ عَلَي أَثَرِهِ،فَصَعِدَ عَلَي نَخلٍ فَصَعِدتُ خَلفَهُ، فَلَمّا رآَنيِ قَد صَعِدتُ رَمَي بِإِزَارِهِ فَإِذَا لَيسَ لَهُ شَيءٌ مِمّا يَكُونُ لِلرّجَالِ،فَجِئتُ فَأَخبَرتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي صَرَفَ عَنّا السّوءَ أَهلَ البَيتِ.فَقَالُوا أللّهُمّ نَعَم. فَقَالَ أللّهُمّ اشهَد.
قوله صلّي اللّه عليه وآله لو لا أن لايبقي .. ظاهره عدم جواز الاستشفاء والتبرّك بتراب قدم الإمام و هوبعيد، ولعلّه ذكر هذا وأراد لازمه و هوالغلوّ والاعتقاد بالألوهيّة، كماورد في أخبار أخر لو لا أن تقول فيك طوائف من أمتّي ماقالت النصاري في عيسي ابن مريم لقلت فيك قولا لم تمرّ بملإ إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك يستشفون به ، أو هومبنيّ علي أنّ وضوح الأمر بهذا الحدّ ينافي الابتلاء ألذي لابدّ منه في التكليف ، والأول أظهر. والزّور بالفتح والزّوّار بالضم جمع الزّائر كسفر وسفّار جمع سافر. و قال الجوهري كعت عن الأمر أكيع وأكاع .. إذاهبته وجبنت . و قال رجل شاك في السّلاح وشاكي السّلاح والشاّكي السّلاح و هو
صفحه : 330
اللّابس السّلاح التّام. و قال الشّوكة شدّة البأس والحدّ في السّلاح، و قدشاك الرّجل يشاك شوكا .. أي ظهرت شوكته وحدّته فهو شائك السّلاح وشاكي السّلاح أيضا مقلوب منه . والبطل بالتحريك الشّجاع. والنّقير مانقر من الحجر والخشب ونحوه ،ذكره الفيروزآبادي. قوله عليه السلام إلي شيءينزل من السماء .. أي أنّه صلّي اللّه عليه وآله لمّا نظر إلي الملائكة ينزلون قام ومشي نحوهم لينظر لأيّ شيء و إلي أيّ شيءينزلون فمشي حتي انتهي إلي تلك الجنازة وعلم أنّ نزولهم لذلك . و قال في النهاية في حديث عليّ( ع ) أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ] وسلّم بعثه ليدي قوما قتلهم خالد بن الوليد فأعطاهم ميلغة الكلب .. هي الإناء التّي يلغ فيه الكلب .. يعني أعطاهم قيمة كلّ ماذهب لهم حتّي قيمة الميلغة.
ج رَوَي عُمَرُ بنُ شِمرٍ، عَن جَابِرٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ البَاقِرِ صَلَوَاتُ
صفحه : 331
اللّهِ عَلَيهِ، قَالَ إِنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ لَمّا حَضَرَتهُ الوَفَاةُ وَ أَجمَعَ عَلَي الشّورَي،بَعَثَ إِلَي سِتّةِ نَفَرٍ مِن قُرَيشٍ، إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ إِلَي عُثمَانَ بنِ عَفّانَ، وَ إِلَي زُبَيرِ بنِ العَوّامِ، وَ طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللّهِ، وَ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ، وَ سَعدِ بنِ أَبِي وَقّاصٍ، وَ أَمَرَهُم أَن يَدخُلُوا إِلَي بَيتٍ فَلَم يَخرُجُوا مِنهُ حَتّي يُبَايِعُوا لِأَحَدِهِم، فَإِنِ اجتَمَعَ أَربَعَةٌ عَلَي وَاحِدٍ وَ أَبَي وَاحِدٌ أَن يُبَايِعَهُم قُتِلَ، وَ إِنِ امتَنَعَ اثنَانِ وَ بَايَعَ ثَلَاثَةٌ قُتِلَا،فَاجتَمَعَ رَأيُهُم عَلَي عُثمَانَ، فَلَمّا رَأَي أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ مَا هَمّ القَومُ بِهِ مِنَ البَيعَةِ لِعُثمَانَ،قَامَ فِيهِم لِيَتّخِذَ عَلَيهِمُ الحُجّةَ، فَقَالَ عَلَيهِ السّلَامُ لَهُم اسمَعُوا منِيّ فَإِن يَكُ مَا أَقُولُ حَقّاً فَاقبَلُوا وَ إِن يَكُ بَاطِلًا فَأَنكِرُوا. ثُمّ قَالَ لَهُم أَنشُدُكُم بِاللّهِ ألّذِي يَعلَمُ صِدقَكُم إِن صَدَقتُم وَ يَعلَمُ كَذِبَكُم إِن كَذَبتُم،هَل فِيكُم أَحَدٌ صَلّي إِلَي القِبلَتَينِ كِلتَيهِمَا،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم مَن بَايَعَ البَيعَتَينِ بَيعَةَ الفَتحِ وَ بَيعَةَ الرّضوَانِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَخُوهُ المُزَيّنُ بِالجَنَاحَينِ فِي الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ عَمّهُ سَيّدُ الشّهَدَاءِ،غيَريِ.قَالُوا لَا.
صفحه : 332
قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ زَوجَتُهُ سَيّدَةُ نِسَاءِ أَهلِ الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ ابنَاهُ ابنَا رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ هُمَا سَيّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ عَرَفَ النّاسِخَ مِنَ المَنسُوخِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَذهَبَ اللّهُ عَنهُ الرّجسَ وَ طَهّرَهُ تَطهِيراً،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ عَايَنَ جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ فِي مِثَالِ دِحيَةَ الكلَبيِّ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَدّي الزّكَاةَ وَ هُوَ رَاكِعٌ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ مَسَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ أَعطَاهُ الرّايَةَ يَومَ خَيبَرَ فَلَم يَجِد حَرّاً وَ لَا بَرداً،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ نَصَبَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَومَ غَدِيرِ خُمّ بِأَمرِ اللّهِ، فَقَالَ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ، أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَخُو رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي الحَضَرِ وَ رَفِيقُهُ فِي السّفَرِ،غيَريِ.قَالُوا لَا.
صفحه : 333
قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ بَارَزَ عَمرَو بنَ عَبدِ وُدّ يَومَ الخَندَقِ وَ قَتَلَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي إِلّا أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم مَن سَمّاهُ اللّهُ فِي عَشرِ آيَاتٍ مِنَ القُرآنِ مُؤمِناً،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ نَاوَلَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَبضَةً مِن تُرَابٍ فَرَمَي بِهِ فِي وُجُوهِ الكُفّارِ فَانهَزَمُوا،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ وَقَفَتِ المَلَائِكَةُ مَعَهُ يَومَ أُحُدٍ حِينَ ذَهَبَ النّاسُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَضَي دَينَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ اشتَاقَتِ الجَنّةُ إِلَي رُؤيَتِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ شَهِدَ وَفَاةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ غَسّلَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ كَفّنَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا.
صفحه : 334
قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ وَرِثَ سِلَاحَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ رَايَتَهُ وَ خَاتَمَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ جَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ طَلَاقَ نِسَائِهِ بِيَدِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ حَمَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَلَي ظَهرِهِ حَتّي كَسَرَ الأَصنَامَ عَلَي بَابِ الكَعبَةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ نوُديَِ بِاسمِهِ يَومَ بَدرٍ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَكَلَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِنَ الطّائِرِ ألّذِي أهُديَِ إِلَيهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ صَاحِبُ راَيتَيِ فِي الدّنيَا وَ صَاحِبُ لوِاَئيِ فِي الآخِرَةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَدّمَ بَينَ يدَيَ نَجوَاهُ صَدَقَةً،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ يَخصِفُ نَعلَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنَا أَخُوكَ وَ أَنتَ أخَيِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أللّهُمّ عَلِيّ أَحَبّ الخَلقِ إلِيَّ وَ أَقوَلُهُم بِالحَقّ،غيَريِ.قَالُوا لَا.
صفحه : 335
قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ استَقَي مِائَةَ دَلوٍ بِمِائَةِ تَمرَةٍ وَ جَاءَ بِالتّمرِ فَأَطعَمَهُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ جَائِعٌ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ سَلّمَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسرَافِيلُ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ يَومَ بَدرٍ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ غَمّضَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ وَحّدَ اللّهَ قبَليِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ كَانَ أَوّلَ دَاخِلٍ عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ آخِرَ خَارِجٍ مِن عِندِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ مَشَي مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَمَرّ عَلَي حَدِيقَةٍ،فَقُلتُ مَا أَحسَنَ هَذِهِ الحَدِيقَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ حَدِيقَتُكَ فِي الجَنّةِ أَحسَنُ مِن هَذِهِ .. حَتّي مَرَرتُ عَلَي ثَلَاثِ حَدَائِقَ كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ رَسُولُ اللّهُ حَدِيقَتُكَ فِي الجَنّةِ أَحسَنُ مِن هَذِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ أَوّلُ مَن آمَنَ بيِ وَ أَوّلُ مَن يصُاَفحِنُيِ يَومَ القِيَامَةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِيَدِهِ وَ يَدِ امرَأَتِهِ وَ ابنَيهِ حَتّي حِينَ أَرَادَ أَن يُبَاهِلَ نَصَارَي أَهلِ نَجرَانَ،غيَريِ.
صفحه : 336
قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَوّلُ طَالِعٍ يَطلُعُ عَلَيكُم مِن هَذَا البَابِ يَا أَنَسُ فَإِنّهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَ سَيّدُ المُسلِمِينَ وَ خَيرُ الوَصِيّينَ وَ أَولَي النّاسِ بِالنّاسِ، فَقَالَ أَنَسٌ أللّهُمّ اجعَلهُ رَجُلًا مِنَ الأَنصَارِ،فَكُنتُ أَنَا الطّالِعَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لِأَنَسٍ مَا أَنتَ يَا أَنَسُ بِأَوّلِ رَجُلٍ أَحَبّ قَومَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ نَزَلَت فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ(إِنّما وَلِيّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاةَ وَ يُؤتُونَ الزّكاةَ وَ هُم راكِعُونَ)،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَ فِي وُلدِهِ( إِنّ الأَبرارَ يَشرَبُونَ مِن كَأسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً)... إِلَي آخِرِ السّورَةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَنزَلَ اللّهُ تَعَالَي فِيهِ( أَ جَعَلتُم سِقايَةَ الحاجّ وَ عِمارَةَ المَسجِدِ الحَرامِ كَمَن آمَنَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَستَوُونَ عِندَ اللّهِ)،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ عَلّمَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَلفَ
صفحه : 337
كَلِمَةٍ كُلّ كَلِمَةٍ مِفتَاحُ أَلفِ كَلِمَةٍ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ نَاجَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَومَ الطّائِفِ، فَقَالَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ نَاجَيتَ عَلِيّاً دُونَنَا فَقَالَ لَهُم صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا أَنَا نَاجَيتُهُ بَلِ اللّهُ أمَرَنَيِ بِذَلِكَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ سَقَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِنَ المِهرَاسِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ أَقرَبُ الخَلقِ منِيّ يَومَ القِيَامَةِ يَدخُلُ بِشَفَاعَتِكَ الجَنّةَ أَكثَرُ الخَلقِ مِن رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَا عَلِيّ أَنتَ تُكسَي حِينَ أُكسَي،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ أَنتَ وَ شِيعَتُكَ الفَائِزُونَ يَومَ القِيَامَةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَذَبَ مَن زَعَمَ أَنّهُ يحُبِنّيِ وَ يُبغِضُ هَذَا،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن أَحَبّ شعَرَاَتيِ هَذِهِ فَقَد أحَبَنّيِ، وَ مَن أحَبَنّيِ فَقَد أَحَبّ اللّهَ،فَقِيلَ لَهُ وَ مَا
صفحه : 338
شَعَرَاتُكَ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ) قَالَ عَلِيّ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ وَ فَاطِمَةُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ خَيرُ البَشَرِ بَعدَ النّبِيّينَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ(ص ) أَنتَ الفَارُوقُ تَفرُقُ بَينَ الحَقّ وَ البَاطِلِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ أَفضَلُ الخَلَائِقِ عَمَلًا يَومَ القِيَامَةِ بَعدَ النّبِيّينَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كِسَاءَهُ وَ حَطّهُ عَلَيهِ وَ عَلَي زَوجَتِهِ وَ ابنَيهِ، ثُمّ قَالَ أللّهُمّ أَنَا وَ أَهلُ بيَتيِ إِلَيكَ لَا إِلَي النّارِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ كَانَ يَبعَثُ إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الطّعَامَ وَ هُوَ فِي الغَارِ وَ يُخبِرُهُ الأَخبَارَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَا سِرّ دُونَكَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ أخَيِ وَ وزَيِريِ وَ صاَحبِيِ مِن أهَليِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ أَقدَمُهُم سِلماً، وَ أَفضَلُهُم عِلماً، وَ أَكثَرُهُم حِلماً،غيَريِ.قَالُوا لَا.
صفحه : 339
قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَتَلَ مَرحَبَ اليهَوُديِّ مُبَارَزَةً فَارِسَ اليَهُودِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ عَرَضَ عَلَيهِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الإِسلَامَ فَقَالَ لَهُ أنَظرِنيِ حَتّي أَلقَي واَلدِيِ. فَقَالَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَإِنّهَا أَمَانَةٌ عِندَكَ.فَقُلتُ وَ إِن كَانَت أَمَانَةً عنِديِ فَقَد أَسلَمتُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ احتَمَلَ بَابَ خَيبَرَ حِينَ فَتَحَهَا فَمَشَي بِهِ مِائَةَ ذِرَاعٍ ثُمّ عَالَجَهُ بَعدَهُ أَربَعُونَ رَجُلًا فَلَم يُطِيقُوهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ نَزَلَت فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ( يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيتُمُ الرّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يدَيَ نَجواكُم صَدَقَةً)فَكُنتُ أَنَا ألّذِي قَدّمَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن سَبّ عَلِيّاً فَقَد سبَنّيِ وَ مَن سبَنّيِ فَقَد سَبّ اللّهَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ منَزلِيِ مُوَاجِهَ مَنزِلِكَ فِي الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَاتَلَ اللّهُ مَن قَاتَلَكَ، وَ عَادَي اللّهُ مَن عَادَاكَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ اضطَجَعَ عَلَي فِرَاشِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي
صفحه : 340
اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حِينَ أَرَادَ أَن يَسِيرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِلَي المَدِينَةِ وَ وَقَاهُ بِنَفسِهِ مِنَ المُشرِكِينَ حِينَ أَرَادُوا قَتلَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ أَولَي النّاسِ بأِمُتّيِ مِن بعَديِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ يَومَ القِيَامَةِ عَن يَمِينِ العَرشِ وَ اللّهُ يَكسُوَكَ ثَوبَينِ أَحَدُهُمَا أَخضَرُ وَ الآخَرُ ورَديِّ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ صَلّي قَبلَ النّاسِ بِسَبعِ سِنِينَ وَ أَشهُرٍ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنَا يَومَ القِيَامَةِ آخِذٌ بِحُجزَةِ ربَيّ وَ الحُجزَةُ النّورُ وَ أَنتَ آخِذٌ بحِجُزتَيِ وَ أَهلُ بيَتيِ آخِذُونَ بِحُجزَتِكَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ كنَفَسيِ وَ حُبّكَ حبُيّ وَ بُغضُكَ بغُضيِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَلَايَتُكَ كوَلَاَيتَيِ عَهدٌ عَهِدَهُ إلِيَّ ربَيّ وَ أمَرَنَيِ أَن أُبَلّغَكُمُوهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ
صفحه : 341
أللّهُمّ اجعَلهُ لِي عَوناً وَ عَضُداً وَ نَاصِراً،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ المَالُ يَعسُوبُ الظّلَمَةِ وَ أَنتَ يَعسُوبُ المُؤمِنِينَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَأَبعَثَنّ إِلَيكُم رَجُلًا امتَحَنَ اللّهُ قَلبَهُ لِلإِيمَانِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَطعَمَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ رُمّانَةً وَ قَالَ هَذِهِ مِن رُمّانِ الجَنّةِ لَا ينَبغَيِ أَن يَأكُلَ مِنهُ إِلّا نبَيِّ أَو وصَيِّ نبَيِّ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا سَأَلتُ ربَيّ شَيئاً إِلّا أَعطَانِيهِ وَ لَم أَسأَل ربَيّ شَيئاً إِلّا سَأَلتُ لَكَ مِثلَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ أَقوَمُهُم بِأَمرِ اللّهِ، وَ أَوفَاهُم بِعَهدِ اللّهِ، وَ أَعلَمُهُم بِالقَضِيّةِ، وَ أَقسَمُهُم بِالسّوِيّةِ، وَ أَعظَمُهُم عِندَ اللّهِ مَزِيّةً،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَضلُكَ عَلَي هَذِهِ الأُمّةِ كَفَضلِ الشّمسِ عَلَي القَمَرِ، وَ كَفَضلِ القَمَرِ عَلَي النّجُومِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يُدخِلُ اللّهُ وَلِيّكَ الجَنّةَ وَ عَدُوّكَ النّارَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ النّاسُ مِن أَشجَارٍ شَتّي وَ أَنَا وَ أَنتَ مِن شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فِي آيَتَينِ مِنَ
صفحه : 342
القُرآنِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنَا سَيّدُ وُلدِ آدَمَ وَ أَنتَ سَيّدُ العَرَبِ وَ لَا فَخرَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَوعِدُكَ موَعدِيِ وَ مَوعِدُ شِيعَتِكَ الحَوضُ إِذَا خَافَتِ الأُمَمُ وَ وُضِعَتِ المَوَازِينُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أللّهُمّ إنِيّ أُحِبّهُ فَأَحِبّهُ، أللّهُمّ إنِيّ أَستَودِعُكَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ تُحَاجّ النّاسَ فَتَحُجّهُم بِإِقَامَةِ الصّلَاةِ، وَ إِيتَاءِ الزّكَاةِ، وَ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ، وَ النهّيِ عَنِ المُنكَرِ، وَ إِقَامَةِ الحُدُودِ، وَ القَسمِ بِالسّوِيّةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَومَ بَدرٍ بِيَدِهِ فَرَفَعَهَا حَتّي نَظَرَ النّاسُ إِلَي بَيَاضِ إِبطِهِ وَ يَقُولُ أَلَا إِنّ هَذَا ابنُ عمَيّ وَ وزَيِريِ فَوَازِرُوهُ وَ نَاصِحُوهُ وَ صَدّقُوهُ فَإِنّهُ وَلِيّكُم،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أُنزِلَت فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ( وَ يُؤثِرُونَ
صفحه : 343
عَلي أَنفُسِهِم وَ لَو كانَ بِهِم خَصاصَةٌ وَ مَن يُوقَ شُحّ نَفسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ)،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ كَانَ جَبرَئِيلُ أَحَدَ ضِيفَانِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَعطَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حَنُوطاً مِن حَنُوطِ الجَنّةِ، ثُمّ قَالَ اقسِمهُ أَثلَاثاً،ثُلُثاً لِي تحُنَطّنُيِ بِهِ، وَ ثُلُثاً لاِبنتَيِ، وَ ثُلُثاً لَكَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حَيّاهُ وَ أَدنَاهُ وَ تَهَلّلَ لَهُ وَجهُهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنَا أَفتَخِرُ بِكَ يَومَ القِيَامَةِ إِذَا افتَخَرَتِ الأَنبِيَاءُ بِأَوصِيَائِهَا،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ سَرّحَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بَسُورَةِ بَرَاءَةَ إِلَي المُشرِكِينَ مِن أَهلِ مَكّةَ بِأَمرِ اللّهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إنِيّ لَأَرحَمُكَ مِن ضَغَائِنَ فِي صُدُورِ أَقوَامٍ عَلَيكَ لَا يُظهِرُونَهَا حَتّي يفَقدِوُنيِ، فَإِذَا فقَدَوُنيِ خَالَفُوا فِيهَا،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَدّي اللّهُ عَن
صفحه : 344
أَمَانَتِكَ،أَدّي اللّهُ عَن ذِمّتِكَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ فَتَحَ حِصنَ خَيبَرَ، وَ سَبَي بِنتَ مَرحَبٍ فَأَدّاهَا إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ قَسِيمُ النّارِ تُخرِجُ مِنهَا مَن زَكَا وَ تَذَرُ فِيهَا كُلّ كَافِرٍ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ تَرِدُ عَلَيّ الحَوضَ أَنتَ وَ شِيعَتُكَ رِوَاءً مَروِيّينَ مُبيَضّةً وُجُوهُهُم، وَ يَرِدُ عَلَيّ عَدُوّكَ ظِمَاءَ مُظمَئِينَ مُفحَمِينَ مُسوَدّةً وُجُوهُهُم،غيَريِ.قَالُوا لَا. ثُمّ قَالَ لَهُم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ رِضوَانُهُ أَمّا إِذَا أَقرَرتُم عَلَي أَنفُسِكُم وَ استَبَانَ لَكُم ذَلِكَ مِن قَولِ نَبِيّكُم صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَعَلَيكُم بِتَقوَي اللّهِ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنهَاكُم عَن سَخَطِهِ وَ لَا تَعصُوا أَمرَهُ، وَ رُدّوا الحَقّ إِلَي أَهلِهِ، وَ اتّبِعُوا سُنّةَ نَبِيّكُم،فَإِنّكُم إِذَا خَالَفتُم خَالَفتُمُ اللّهَ،فَادفَعُوهَا إِلَي مَن هُوَ أَهلُهَا وَ هيَِ لَهُ. قَالَ فَتَغَامَزُوا بَينَهُم وَ تَشَاوَرُوا، وَ قَالُوا قَد عَرَفنَا فَضلَهُ وَ عَلِمنَا أَنّهُ أَحَقّ النّاسِ بِهَا، وَ لَكِنّهُ رَجُلٌ لَا يُفَضّلُ أَحَداً عَلَي أَحَدٍ، فَإِن وَلّيتُمُوهَا إِيّاهُ جَعَلَكُم وَ جَمِيعَ النّاسِ فِيهَا شَرَعاً سَوَاءً، وَ لَكِن وَلّوهَا عُثمَانَ فَإِنّهُ يَهوَي ألّذِي تَهوُونَ،فَدَفَعُوهَا إِلَيهِ.
صفحه : 345
صلّي إلي القبلتين .. أي معا في صلاة واحدة أوجميع في مكة بين الكعبة وبيت المقدس ، مع أنّه لااستبعاد في عدم إتيان غيره بالصلاة إلي تحوّل القبلة، فإنّ الصلاة في أوّل الأمر لم تكن واجبة يأتي بهاجميع المسلمين لكنّه بعيد. ولعلّ المراد ببيعة الفتح بيعة افتتاح تبليغ الرسالة يوم جمع بني عبدالمطلب ،فإنّهم لم يكونوا داخلين في تلك البيعة، ويحتمل عدم دخول بعضهم في بيعة فتح مكة، وبعضهم في بيعة الرضوان . قوله عليه السلام أوّل داخل .. إلي آخره .. أي كلّ يوم أو في أوّل سنة بمكة و عندوفاة الرسول صلّي اللّه عليه وآله . و قال الجوهري المهراس حجر منقور يدقّ فيه ويتوضّأ. قوله عليه السلام من أحبّ شعراتي .. تشبيههم بالشعرات لكونهم عليهم السلام منه صلّي اللّه عليه وآله وموجبين لحسنه كما أنّ الشعر بالنسبة إلي الإنسان كذلك . قوله عليه السلام بعدالنبيّين .. أي بعددرجة النبيّين من حيث المجموع ، فإنّ فيهم من هوأفضل منه ، ويحتمل أن يكون هذاللتقيّة والمصلحة لئلّا يغلق . فيه الناس ، أو يكون هذاحاله عليه السلام قبل الإمامة وبعده يكون أفضل منهم ، و به يجمع بين الأخبار. قوله عليه السلام أنظرني .. لعلّه عليه السلام أراد أن يشرك والده في
صفحه : 346
الإسلام رعاية لحقّه بعدإظهار مايجب من الطاعة والقبول ، فلمّا قال له الرسول صلّي اللّه عليه وآله إنّها أمانة عندك ،علم أنّه صلّي اللّه عليه وآله لايحبّ انتشار الأمر،فخاف من إعلام والده ذلك ،فبادر إلي البيعة و مايستحبّ من إظهار كمال المتابعة والانقياد. قوله عليه السلام رضي اللّه عنه .. في آيتين من القرآن إحداهما قوله تعالي (لَقَد رضَيَِ اللّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ...)الآية، والأخري قال اللّه( هذا يَومُ يَنفَعُ الصّادِقِينَ صِدقُهُم...) إلي قوله (رضَيَِ اللّهُ عَنهُم وَ رَضُوا عَنهُ)، أو قوله تعالي ( وَ السّابِقُونَ الأَوّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ وَ الأَنصارِ وَ الّذِينَ اتّبَعُوهُم بِإِحسانٍ رضَيَِ اللّهُ عَنهُم وَ رَضُوا عَنهُ)، و قوله تعالي (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمانَ...) إلي قوله (رضَيَِ اللّهُ عَنهُم وَ رَضُوا عَنهُ)، أو قوله تعالي ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُم خَيرُ البَرِيّةِ...) إلي قوله (رضَيَِ اللّهُ عَنهُم وَ رَضُوا عَنهُ)، والأخير أظهر للأخبار الكثيرة الدالّة علي نزولها فيه عليه السلام و في شيعته ، ويحتمل أن يكون المراد بالتثنية مطلق التكرار نحو لبّيك وسعديك .. فيشمل الجميع . قوله صلّي اللّه عليه وآله أدّي اللّه .. دعاء أوخبر .. أي يوفّقك اللّه لأداء الأمانات والذمم والعهود، والأول أظهر.
صفحه : 347
ل فِيمَا أَجَابَ بِهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ اليهَوُديِّ السّائِلَ عَمّا امتَحَنَ بِهِ مِن بَينِ الأَوصِيَاءِ. وَ أَمّا الرّابِعَةُ يَا أَخَا اليَهُودِ فَإِنّ القَائِمَ بَعدَ صَاحِبِهِ كَانَ يشُاَورِنُيِ فِي مَوَارِدِ الأُمُورِ فَيُصدِرُهَا عَن أمَريِ وَ ينُاَظرِنُيِ فِي غَوَامِضِهَا فَيُمضِيهَا عَن رأَييِ لَا أُعلِمُهُ أَحَداً وَ لَا يَعلَمُهُ أصَحاَبيِ، لَا يُنَاظِرُهُ فِي ذَلِكَ غيَريِ، وَ لَا يَطمَعُ فِي الأَمرِ بَعدَهُ سوِاَيَ، فَلَمّا أَن أَتَتهُ مَنِيّتُهُ عَلَي فَجأَةٍ بِلَا مَرَضٍ كَانَ قَبلَهُ وَ لَا أَمرٍ كَانَ أَمضَاهُ فِي صِحّةٍ مِن بَدَنِهِ، لَم أَشُكّ أنَيّ قَدِ استَرجَعتُ حقَيّ فِي عَافِيَةٍ بِالمَنزِلَةِ التّيِ كُنتُ أَطلُبُهَا، وَ العَاقِبَةِ التّيِ كُنتُ أَلتَمِسُهَا، وَ إِنّ اللّهَ سيَأَتيِ بِذَلِكَ عَلَي أَحسَنِ مَا رَجَوتُ وَ أَفضَلِ مَا أَمّلتُ،فَكَانَ مِن فِعلِهِ أَن خَتَمَ أَمرَهُ بِأَن سَمّي قَوماً أَنَا سَادِسُهُم وَ لَم يسُوَنّيِ بِوَاحِدٍ مِنهُم وَ لَا ذَكَرَ لِي حَالًا فِي وِرَاثَةِ الرّسُولِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ لَا قَرَابَةً وَ لَا صِهراً وَ لَا نَسَبَ، وَ لَا كَانَ لِوَاحِدٍ مِنهُم مِثلُ سَابِقَةٍ مِن سوَاَبقِيِ، وَ لَا أَثَرٌ مِن آثاَريِ، وَ صَيّرَهَا شُورَي بَينَنَا، وَ صَيّرَ ابنَهُ فِيهَا حَاكِماً عَلَينَا، وَ أَمَرَهُ أَن يَضرِبَ أَعنَاقَ النّفَرِ السّتّةِ الّذِينَ صَيّرَ الأَمرَ فِيهِم إِن لَم يُنَفّذُوا أَمرَهُ، وَ كَفَي بِالصّبرِ عَلَي هَذَا يَا أَخَا اليَهُودِ صَبراً،فَمَكَثَ القَومُ أَيّامَهُم كُلّهَا كُلّ يَخطُبُ لِنَفسِهِ وَ أَنَا مُمسِكٌ، إِلَي أَن سأَلَوُنيِ عَن أمَريِ،فَنَاظَرتُهُم فِي أيَاّميِ وَ أَيّامِهِم، وَ آثاَريِ وَ آثَارِهِم، وَ أَوضَحتُ
صفحه : 348
لَهُم مَا لَم يَجهَلُوهُ مِن وُجُوهِ استحِقاَقيِ لَهَا دُونَهُم، وَ ذَكّرتُهُم عَهدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِلَيهِم، وَ تَأكِيدَ مَا أَكّدَهُ مِنَ البَيعَةِ لِي فِي أَعنَاقِهِم،دَعَاهُم حُبّ الإِمَارَةِ وَ بَسطُ الأيَديِ وَ الأَلسُنِ فِي الأَمرِ وَ النهّيِ، وَ الرّكُونُ إِلَي الدّنيَا، وَ الِاقتِدَاءُ بِالمَاضِينَ قَبلَهُم إِلَي تَنَاوُلِ مَا لَم يَجعَلِ اللّهُ لَهُم، فَإِذَا خَلَوتُ بِالوَاحِدِ ذَكّرتُهُ أَيّامَ اللّهِ وَ حَذّرتُهُ مَا هُوَ قَادِمٌ عَلَيهِ وَ صَائِرٌ إِلَيهِ التَمَسَ منِيّ شَرطاً أَن أُصَيّرَهَا لَهُ بعَديِ، فَلَمّا لَم يَجِدُوا عنِديِ إِلّا المَحَجّةَ البَيضَاءَ وَ الحَملَ عَلَي كِتَابِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ وَصِيّةِ الرّسُولِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ أَعطَاهُ كُلّ امرِئٍ مِنهُم مَا جَعَلَهُ اللّهُ لَهُ وَ مَنَعَهُ مَا لَم يَجعَلِ اللّهُ لَهُ،أَزَالُوهَا عنَيّ إِلَي ابنِ عَفّانَ طَمَعاً إِلَي التّبَجّحِ مَعَهُ فِيهَا، وَ ابنُ عَفّانَ رَجُلٌ لَم تُسَوّ بِهِ وَ بِوَاحِدٍ مِمّن حَضَرَهُ حَالٌ لَهُ قَطّ فَضلًا عَمّن دُونَهُم، لَا بِبَدرٍ التّيِ هيَِ سَنَامُ فَخرِهِم، وَ لَا غَيرِهَا مِنَ المَآثِرِ التّيِ أَكرَمَ اللّهُ بِهَا رَسُولَهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ مَنِ اختَصّهُ مَعَهُ مِن أَهلِ بَيتِهِ، ثُمّ لَم أَعلَمِ القَومَ أَمسَوا مِن يَومِهِم ذَلِكَ حَتّي ظَهَرَت نَدَامَتُهُم، وَ نَكَصُوا عَلَي أَعقَابِهِم، وَ أَحَالَ بَعضُهُم عَلَي كَلّ بَعضٍ، كُلّ يَلُومُ نَفسَهُ وَ يَلُومُ أَصحَابَهُ، ثُمّ لَم تَطُلِ الأَيّامُ بِالمُستَبِدّ بِالأَمرِ ابنِ عَفّانَ حَتّي أَكفَرُوهُ وَ تَبَرّءُوا مِنهُ، وَ مَشَي إِلَي أَصحَابِهِ خَاصّةً وَ سَائِرِ أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ
صفحه : 349
وَ آلِهِ عَلَي هَذِهِ يَستَقِيلُهُم مِن بَيعَتِهِ وَ يَتُوبُ إِلَي اللّهِ مِن فَلتَتِهِ،فَكَانَت هَذِهِ يَا أَخَا اليَهُودِ أَكبَرَ مِن أُختِهَا وَ أَفظَعَ وَ أَحرَي أَن لَا يُصبَرَ عَلَيهَا،فنَاَلنَيِ مِنهَا ألّذِي لَا يَبلُغُ وَصفَهُ وَ لَا يَجِدُ وَقتَهُ، وَ لَم يَكُن عنِديِ فِيهِ إِلّا الصّبرُ عَلَي مَا أَمَضّ وَ أَبلَغَ مِنهَا، وَ لَقَد أتَاَنيِ البَاقُونَ مِنَ السّتّةِ مِن يَومِهِم كُلّ رَاجِعٌ عَمّا كَانَ رَكِبَ منِيّ،يسَألَنُيِ خَلعَ ابنِ عَفّانَ وَ الوُثُوبَ عَلَيهِ وَ أَخذَ حقَيّ، وَ يعُطيِنيِ صَفقَتَهُ وَ بَيعَتَهُ عَلَي المَوتِ تَحتَ راَيتَيِ، أَو يَرُدّ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيّ حقَيّ،فَوَ اللّهِ يَا أَخَا اليَهُودِ مَا منَعَنَيِ مِنهَا إِلّا ألّذِي منَعَنَيِ مِن أُختَيهَا قَبلَهَا، وَ رَأَيتُ الإِبقَاءَ عَلَي مَن بقَيَِ مِنَ الطّائِفَةِ أَبهَجَ لِي وَ آنَسَ لقِلَبيِ مِن فَنَائِهَا، وَ عَلِمتُ أنَيّ إِن حَمَلتُهَا عَلَي دَعوَةِ المَوتِ رَكِبتُهُ،فَأَمّا نفَسيِ فَقَد عَلِمَ مَن حَضَرَ مِمّن تَرَي وَ مَن غَابَ مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنّ المَوتَ عنِديِ بِمَنزِلَةِ الشّربَةِ البَارِدَةِ فِي اليَومِ الشّدِيدِ الحَرّ مِن ذيِ العَطَشِ الصدّيِّ، وَ لَقَد كُنتُ عَاهَدتُ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وَ رَسُولَهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنَا وَ عمَيّ حَمزَةُ وَ أخَيِ جَعفَرٌ وَ ابنُ عمَيّ عُبَيدَةُ عَلَي أَمرٍ وَفَينَا بِهِ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ لِرَسُولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،فتَقَدَمّنَيِ أصَحاَبيِ وَ تَخَلّفتُ بَعدَهُم لَمّا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ،فَأَنزَلَ اللّهُ فِينَا( مِنَ المُؤمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضي نَحبَهُ وَ مِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَ ما بَدّلُوا تَبدِيلًا)حَمزَةُ وَ جَعفَرٌ وَ عُبَيدَةُ، وَ أَنَا وَ اللّهِ المُنتَظِرُ يَا أَخَا اليَهُودِ وَ مَا بَدّلتُ تَبدِيلًا، وَ مَا سكَتّنَيِ عَنِ ابنِ عَفّانَ وَ حثَنّيِ عَلَي الإِمسَاكِ إِلّا أنَيّ عَرَفتُ مِن أَخلَاقِهِ فِيمَا اختَبَرتُ مِنهُ بِمَا لَن يَدَعَهُ حَتّي يسَتدَعيَِ الأَبَاعِدَ إِلَي قَتلِهِ وَ خَلعِهِ فَضلًا عَنِ الأَقَارِبِ، وَ أَنَا فِي عُزلَةٍ،فَصَبَرتُ حَتّي كَأَنّ ذَلِكَ، لَم أَنطِق فِيهِ بِحَرفٍ مِن لَا،
صفحه : 350
وَ لَا نَعَم، ثُمّ أتَاَنيِ القَومُ وَ أَنَا عَلِمَ اللّهُ كَارِهٌ لمِعَرفِتَيِ بِمَا تَطَاعَمُوا بِهِ مِنِ اعتِقَادِ الأَموَالِ وَ المَرَجِ فِي الأَرضِ، وَ عِلمِهِم بِأَنّ تِلكَ لَيسَت لَهُم عنِديِ وَ شَدِيدِ عَادَةٍ مُنتَزَعَةٍ، فَلَمّا لَم يَجِدُوا عنِديِ تَعَلّلُوا الأَعَالِيلَ. ثُمّ التَفَتَ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي أَصحَابِهِ، فَقَالَ أَ لَيسَ كَذَلِكَ.فَقَالُوا بَلَي يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ.
عمّن دونهم .. أي من لم يحضر، أو عند الناس فإنّ فيهم من كان أكثر سوابق ممّن حضر كأهل بيت النبيّ صلّي اللّه عليه وآله والمقداد وعمّار وغيرهم .
مَا ابنُ الصّلتِ، عَنِ ابنِ عُقدَةَ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ الكنِديِّ، عَن حَسَنِ بنِ حُسَينٍ، عَن أَبِي غَيلَانَ سَعدِ بنِ طَالِبٍ، عَن أَبِي إِسحَاقَ، عَن أَبِي الطّفَيلِ، قَالَكُنتُ فِي البَيتِ يَومَ الشّورَي وَ سَمِعتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ أَنشُدُكُمُ اللّهَ جَمِيعاً أَ فِيكُم أَحَدٌ صَلّي القِبلَتَينِ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ أَنشُدُكُم بِاللّهِ جَمِيعاً هَل فِيكُم أَحَدٌ وَحّدَ اللّهَ قبَليِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا.
صفحه : 351
قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ جَمِيعاً هَل فِيكُم أَحَدٌ هُوَ أَخُو رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ أَخٌ مِثلُ أخَيِ جَعفَرٍ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ أَنشُدُكُمُ اللّهَ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ زَوجَةٌ مِثلُ زوَجتَيِ فَاطِمَةَ سَيّدَةِ نِسَاءِ أَهلِ الجَنّةِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ سِبطَانِ مِثلُ سبِطيَّ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ ابنيَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ سيَدّيَ شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ نَاجَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَقَدّمَ بَينَ يدَيَ نَجوَاهُ صَدَقَةً،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ أَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أتُيَِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِطَيرٍ، فَقَالَ أللّهُمّ ايتنِيِ بِأَحَبّ خَلقِكَ إِلَيكَ يَأكُلُ معَيِ مِن هَذَا الطّائِرِ،فَدَخَلتُ عَلَيهِ، فَقَالَ أللّهُمّ وَ إلِيَّ فَلَم يَأكُل مَعَهُ أَحَدٌ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ أللّهُمّ اشهَد.
صفحه : 352
ج عَن عَبدِ الكَرِيمِ بنِ عُتبَةَ الهاَشمِيِّ، قَالَكُنتُ جَالِساً عِندَ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ بِمَكّةَ إِذ دَخَلَ عَلَيهِ أُنَاسٌ مِنَ المُعتَزِلَةِ فِيهِم عَمرُو بنُ عُبَيدٍ وَ .. سَاقَ الحَدِيثَ .. إِلَي أَن قَالَ قَالَ عَلَيهِ السّلَامُ يَا عَمرُو لَو أَنّ الأُمّةَ قَلّدَتكَ أَمرَهَا فَمَلَكتَهُ بِغَيرِ قِتَالٍ وَ لَا مَئُونَةٍ فَقِيلَ لَكَ وَلّهَا مَن شِئتَ، مَن كُنتَ تَتَوَلّاهُ. قَالَ كُنتُ أَجعَلُهَا شُورَي بَينَ المُسلِمِينَ. قَالَ بَينَ كُلّهِم. قَالَ نَعَم. قَالَ فَسَقَتِهِم وَ خِيَارِهِم. قَالَ نَعَم. قَالَ قُرَيشٍ وَ غَيرِهِم. قَالَ العَرَبِ وَ العَجَمِ. قَالَ أخَبرِنيِ يَا عَمرُو أَ تَتَوَلّي أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ أَو تَتَبَرّأُ مِنهُمَا. قَالَ أَتَوَلّاهُمَا. قَالَ يَا عَمرُو إِن كُنتَ رَجُلًا تَتَبَرّأُ مِنهُمَا فَإِنّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ الخِلَافُ عَلَيهِمَا، وَ إِن كُنتَ تَتَوَلّاهُمَا فَقَد خَالَفتَهُمَا، قَد عَهِدَ عُمَرُ إِلَي أَبِي بَكرٍ فَبَايَعَهُ وَ لَم يُشَاوِر أَحَداً، ثُمّ رَدّهَا أَبُو بَكرٍ عَلَيهِ وَ لَم يُشَاوِر أَحَداً، ثُمّ جَعَلَهَا عُمَرُ شُورَي بَينَ سِتّةٍ فَأَخرَجَ مِنهَا الأَنصَارَ غَيرَ أُولَئِكَ السّتّةِ مِن قُرَيشٍ، ثُمّ أَوصَي النّاسَ فِيهِم بشِيَءٍ مَا أَرَاكَ
صفحه : 353
تَرضَي بِهِ أَنتَ وَ لَا أَصحَابُكَ، قَالَ وَ مَا صَنَعَ. قَالَ أَمَرَ صُهَيباً أَن يصُلَيَّ بِالنّاسِ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ وَ أَن يَتَشَاوَرُوا أُولَئِكَ السّتّةَ لَيسَ فِيهِم أَحَدٌ سِوَاهُم إِلّا ابنُ عُمَرَ يُشَاوِرُونَهُ، وَ لَيسَ لَهُ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ، وَ أَوصَي مَن بِحَضرَتِهِ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ إِن مَضَت ثَلَاثَةُ أَيّامٍ قَبلَ أَن يَفرُغُوا وَ يُبَايِعُوا أَن تُضرَبَ أَعنَاقُ السّتّةِ جَمِيعاً، وَ إِنِ اجتَمَعَ أَربَعَةٌ قَبلَ أَن يمَضيَِ ثَلَاثَةُ أَيّامٍ وَ خَالَفَ اثنَانِ أَن تُضرَبَ أَعنَاقُ الِاثنَينِ، أَ فَتَرضَونَ بِذَا فِيمَا تَجعَلُونَ مِنَ الشّورَي فِي المُسلِمِينَ.قَالُوا لَا.
6،7- يب ،كا عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ، عَن أَبِيهِ، عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَنِ ابنِ أُذَينَةَ، عَن زُرَارَةَ، عَن عَبدِ الكَرِيمِ .. مِثلَهُ.
ج فِي خَبَرِ أَبِي الهُذَيلِحِينَ نَاظَرَ الشيّعيِّ ألّذِي يُرمَي بِالجُنُونِ، قَالَ لَهُ أخَبرِنيِ يَا أَبَا الهُذَيلِ عَن عُمَرَ حِينَ صَيّرَهَا شُورَي فِي سِتّةٍ وَ زَعَمَ أَنّهُم مِن أَهلِ الجَنّةِ، فَقَالَ إِن خَالَفَ اثنَانِ لِأَربَعَةٍ فَاقتُلُوا الِاثنَينِ، وَ إِن خَالَفَ ثَلَاثَةٌ لِثَلَاثَةٍ فَاقتُلُوا الثّلَاثَةَ ألّذِي لَيسَ فِيهِم عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَوفٍ،فَهَذِهِ دِيَانَةٌ أَن يَأمُرَ بِقَتلِ أَهلِ الجَنّةِ.
صفحه : 354
وَ أخَبرِنيِ يَا أَبَا الهُذَيلِ عَن عُمَرَ لَمّا طُعِنَ دَخَلَ عَلَيهِ عَبدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ قَالَ فَرَأَيتُهُ جَزِعاً،فَقُلتُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا هَذَا الجَزَعُ. فَقَالَ يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا جزَعَيِ لأِجَليِ وَ لَكِن لِهَذَا الأَمرِ مَن يَلِيهِ بعَديِ. قَالَ قُلتُ وَلّهَا طَلحَةَ بنَ عُبَيدِ اللّهِ. قَالَ رَجُلٌ لَهُ حِدّةٌ، كَانَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَعرِفُهُ فَلَا أوُلَيّ أُمُورَ المُسلِمِينَ حَدِيداً. قَالَ قُلتُ وَلّهَا زُبَيرَ بنَ العَوّامِ. قَالَ رَجُلٌ بَخِيلٌ،رَأَيتُ يُمَاكِسُ امرَأَتَهُ فِي كُبّةٍ مِن غَزلٍ، فَلَا أوُلَيّ أُمُورَ المُسلِمِينَ بَخِيلًا. قَالَ قُلتُ وَلّهَا سَعدَ بنَ أَبِي وَقّاصٍ. قَالَ رَجُلٌ صَاحِبُ فَرَسٍ وَ قَوسٍ وَ لَيسَ مِن أَحلَاسِ الخِلَافَةِ. قُلتُ وَلّهَا عَبدَ الرّحمَنِ بنَ عَوفٍ. قَالَ رَجُلٌ لَيسَ يُحسِنُ أَن يكَفيَِ عِيَالَهُ. قَالَ قُلتُ وَلّهَا عَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ،فَاستَوَي جَالِساً وَ قَالَ يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا وَ اللّهِ أَرَدتَ بِهَذَا،أوُلَيّ رَجُلًا لَم يُحسِن أَن يُطَلّقَ امرَأَتَهُ. قُلتُ وَلّهَا عُثمَانَ بنَ عَفّانَ. فَقَالَ وَ اللّهِ لَئِن وَلّيتُهُ لَيَحمِلَنّ آلَ أَبِي مُعَيطٍ عَلَي رِقَابِ المُسلِمِينَ، وَ أَوشَكَ إِن فَعَلَهَا أَن يَقتُلُوهُ .. قَالَهَا ثَلَاثاً، ثُمّ سَكَتّ لِمَا أَعرِفُ
صفحه : 355
مِن مُعَانَدَتِهِ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ لِي يَا ابنَ عَبّاسٍ اذكُر صَاحِبَكَ. قَالَ قُلتُ وَلّهَا عَلِيّاً. قَالَ وَ اللّهِ مَا جزَعَيِ إِلّا لِمَا أَخَذنَا الحَقّ مِن أَربَابِهِ، وَ اللّهِ لَئِن وَلّيتُهُ لَيَحمِلَنّهُم عَلَي المَحَجّةِ العظماء،[العُظمَي] وَ إِن يُطِيعُوهُ يُدخِلهُمُ الجَنّةَ .. فَهُوَ يَقُولُ هَذَا ثُمّ صَيّرَهَا شُورَي بَينَ السّتّةِ،فَوَيلٌ لَهُ مِن رَبّهِ .. الخَبَرَ.
من أحلاس الخلافة .. أي من يلازمها ويليق بها. قال في النهاية في حديث الفتن عدّ منها فتنة الأحلاس .. جمع حلس و هوالكساء ألّذي يلي ظهر البعير تحت القتب ،شبّهها به للزومها ودوامها، و منه الحديث .. كونوا أحلاس بيوتكم .. أي الزموها، و منه .. نحن أحلاس الخيل يريدون لزومهم ظهورها.
ع أَبِي عَلِيّ، عَن أَبِيهِ،رَفَعَهُ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ لَمّا كَتَبَ عُمَرُ كِتَابَ الشّورَي بَدَأَ بِعُثمَانَ فِي أَوّلِ الصّحِيفَةِ وَ أَخّرَ عَلِيّاً أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَجَعَلَهُ فِي آخِرِ القَومِ، فَقَالَ العَبّاسُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ يَا أَبَا
صفحه : 356
الحَسَنِ أَشَرتُ عَلَيكَ فِي يَومَ قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَن تَمُدّ يَدَكَ فَنُبَايِعَكَ فَإِنّ هَذَا الأَمرَ لِمَن سَبَقَ إِلَيهِ،فعَصَيَتنَيِ حَتّي بُويِعَ أَبُو بَكرٍ، وَ أَنَا أُشِيرُ عَلَيكَ اليَومَ أَنّ عُمَرَ قَد كَتَبَ اسمَكَ فِي الشّورَي وَ جَعَلَكَ آخِرَ القَومِ وَ هُم يُخرِجُونَكَ مِنهَا،فأَطَعِنيِ وَ لَا تَدخُل فِي الشّورَي،فَلَم يُجِبهُ بشِيَءٍ، فَلَمّا بُويِعَ عُثمَانُ قَالَ لَهُ العَبّاسُ أَ لَم أَقُل لَكَ. قَالَ لَهُ يَا عَمّ إِنّهُ قَد خفَيَِ عَلَيكَ أَمرٌ، أَ مَا سَمِعتَ قَولَهُ عَلَي المِنبَرِ مَا كَانَ اللّهُ لِيَجمَعَ لِأَهلِ هَذَا البَيتِ الخِلَافَةَ وَ النّبُوّةَ فَأَرَدتُ أَنّ يُكَذّبَ نَفسَهُ بِلِسَانِهِ فَيَعلَمَ النّاسُ أَنّ قَولَهُ بِالأَمسِ كَانَ كَذِباً بَاطِلًا، وَ أَنّا نَصلُحُ لِلخِلَافَةِ،فَسَكَتَ العَبّاسُ.
بَ عَنهُمَا، عَن حَنَانٍ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ فَقَالَ مَا مَنَعَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ أَن يَجعَلَ عَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ فِي الشّورَي. فَقَالَ قَد قِيلَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ كَيفَ أَجعَلُ رَجُلًا لَم يُحسِن أَن يُطَلّقَ.
مَا المُفِيدُ، عَنِ الكَاتِبِ، عَنِ الزعّفرَاَنيِّ، عَنِ الثقّفَيِّ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ، عَنِ الحُسَينِ بنِ سُفيَانَ، عَن أَبِيهِ، عَن لُوطِ بنِ يَحيَي، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ جُندَبٍ، عَن أَبِيهِ، قَالَ لَمّا بُويِعَ عُثمَانُ سَمِعتُ المِقدَادَ بنَ الأَسوَدِ الكنِديِّ يَقُولُ لِعَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ وَ اللّهِ يَا عَبدَ الرّحمَنِ مَا رَأَيتُ مِثلَ مَا أتُيَِ إِلَي أَهلِ هَذَا البَيتِ بَعدَ نَبِيّهِم، فَقَالَ لَهُ عَبدُ الرّحمَنِ وَ مَا أَنتَ وَ ذَاكَ يَا مِقدَادُ. قَالَ إنِيّ وَ اللّهِ أُحِبّهُم لِحُبّ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَهُم وَ يعَترَيِنيِ وَ اللّهِ وَجدٌ لَا أَبُثّهُ بَثّةً بَثّةً لِتَشَرّفِ قُرَيشٍ عَلَي النّاسِ بِشَرَفِهِم وَ اجتِمَاعِهِم عَلَي نَزعِ سُلطَانِ
صفحه : 357
رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِن أَيدِيهِم. فَقَالَ لَهُ عَبدُ الرّحمَنِ وَيحَكَ وَ اللّهِ لَقَدِ اجتَهَدتُ نفَسيِ لَكُم. قَالَ لَهُ المِقدَادُ وَ اللّهِ لَقَد تَرَكتُ رَجُلًا مِنَ الّذِينَ يَأمُرُونَبِالحَقّ وَ بِهِ يَعدِلُونَ، أَمَا وَ اللّهِ لَو أَنّ لِي عَلَي قُرَيشٍ أَعوَاناً لَقَاتَلتُهُم قتِاَليِ إِيّاهُم يَومَ بَدرٍ وَ أُحُدٍ. فَقَالَ لَهُ عَبدُ الرّحمَنِ ثَكِلَتكَ أُمّكَ يَا مِقدَادُ لَا يَسمَعَنّ هَذَا الكَلَامَ مِنكَ النّاسُ،أَمَ وَ اللّهِ إنِيّ لَخَائِفٌ أَن تَكُونَ صَاحِبَ فِرقَةٍ وَ فِتنَةٍ. قَالَ جُندَبٌ فَأَتَيتُهُ بَعدَ مَا انصَرَفَ مِن مَقَامِهِ،فَقُلتُ لَهُ يَا مِقدَادُ أَنَا مِن أَعوَانِكَ. فَقَالَ رَحِمَكَ اللّهُ، إِنّ ألّذِي نُرِيدُ لَا يغُنيِ فِيهِ الرّجُلَانِ وَ الثّلَاثَةُ،فَخَرَجتُ مِن عِندِهِ فَأَتَيتُ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ فَذَكَرتُ لَهُ مَا قَالَ وَ مَا قُلتُ، قَالَ فَدَعَا لَنَا بِخَيرٍ.
جا الكَاتِب مِثلَهُ.
شَا رَوَي يَحيَي بنُ عَبدِ الحَمِيدِ الحمِاّنيِّ، عَن يَحيَي بنِ سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي صَادِقٍ، قَالَ لَمّا جَعَلَهَا عُمَرُ شُورَي فِي سِتّةٍ، فَقَالَ إِن بَايَعَ اثنَانِ لِوَاحِدٍ وَ اثنَانِ لِوَاحِدٍ فَكُونُوا مَعَ الثّلَاثَةِ الّذِينَ فِيهِم عَبدُ الرّحمَنِ وَ اقتُلُوا الثّلَاثَةَ الّذِينَ لَيسَ فِيهِم عَبدُ الرّحمَنِ،خَرَجَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ مِنَ الدّارِ وَ هُوَ مُعتَمِدٌ عَلَي يَدِ عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ فَقَالَ يَا ابنَ العَبّاسِ إِنّ القَومَ قَد عَادَوكُم بَعدَ نَبِيّكُم كَمُعَادَاتِهِم لِنَبِيّكُم صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي حَيَاتِهِ،أَمَ وَ اللّهِ لَا يُنِيبُ بِهِم
صفحه : 358
إِلَي الحَقّ إِلّا السّيفَ، فَقَالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ وَ كَيفَ ذَلِكَ. قَالَ أَ مَا سَمِعتَ قَولَ عُمَرَ إِن بَايَعَ اثنَانِ لِوَاحِدٍ وَ اثنَانِ لِوَاحِدٍ فَكُونُوا مَعَ الثّلَاثَةِ الّذِينَ عَبدُ الرّحمَنِ فِيهِم وَ اقتُلُوا الثّلَاثَةَ الّذِينَ لَيسَ فِيهِم عَبدُ الرّحمَنِ، قَالَ ابنُ عَبّاسٍ بَلَي، قَالَ أَ وَ لَا تَعلَمُ أَنّ عَبدَ الرّحمَنِ ابنُ عَمّ سَعدٍ، وَ أَنّ عُثمَانَ صِهرُ عَبدِ الرّحمَنِ. قَالَ بَلَي. قَالَ فَإِنّ عُمَرَ قَد عَلِمَ أَنّ سعد[سَعداً] وَ عَبدَ الرّحمَنِ وَ عُثمَانَ لَا يَختَلِفُونَ فِي الرأّيِ، وَ أَنّهُ مَن بُويِعَ مِنهُم كَانَ الِاثنَانِ مَعَهُ، وَ أَمَرَ بِقَتلِ مَن خَالَفَهُم وَ لَم يُبَالِ أَن يُقتَلَ طَلحَةُ إِذَا قتَلَنَيِ وَ قَتَلَ الزّبَيرَ،أَمَ وَ اللّهِ لَئِن عَاشَ عُمَرُ لَأُعَرّفَنّهُ سُوءَ رَأيِهِ فِينَا قَدِيماً وَ حَدِيثاً، وَ لَئِن مَاتَ ليَجَمعَنُيِ وَ إِيّاهُ يَومَ يَكُونُ فِيهِ فَصلُ الخِطَابِ.
شَا رَوَي عَمرُو بنُ سَعِيدٍ، عَن جَيشٍ الكنِاَنيِّ، قَالَ لَمّا صَفَقَ عَبدُ الرّحمَنِ عَلَي يَدِ عُثمَانَ فِي يَومِ الدّارِ، قَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ حَرّكَكَ الصّهرُ وَ بَعَثَكَ عَلَي مَا فَعَلتَ، وَ اللّهِ مَا أَمّلتَ مِنهُ إِلّا مَا أَمّلَ صَاحِبُكَ مِن صَاحِبِهِ،دَقّ اللّهُ بَينَكُمَا عِطرَ مَنشِمَ.
قال الجوهري قال الأصمعيّ منشم بكسر الشّين اسم امرأة كانت بمكّة عطّارة، وكانت خزاعة وجرهم إذاأرادوا القتال تطيّبوا من طيبها، وكانوا إذافعلوا ذلك كثرت القتلي فيما بينهم ، و كان يقال أشأم من عطر منشم ،فصار مثلا. قال زهير تفانوا ودقّوا بينهم عطر منشم ، ويقال هوحبّ
صفحه : 359
بلسان .
جا عُمَرُ بنُ مُحَمّدٍ الصيّرفَيِّ، عَنِ العَبّاسِ بنِ المُغِيرَةِ، عَن أَحمَدَ بنِ مَنصُورٍ الرمّاَديِّ، عَن أَحمَدَ بنِ صَالِحٍ، عَن عُتَيبَةَ، عَن يُونُسَ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ، عَنِ ابنِ بَحرِيّةَ الكنِديِّ، قَالَ إِنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ خَرَجَ ذَاتَ يَومٍ فَإِذَا هُوَ بِمَجلِسٍ فِيهِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ عُثمَانُ وَ عَبدُ الرّحمَنِ وَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ، فَقَالَ عُمَرُ أَ كُلّكُم يُحَدّثُ نَفسَهُ بِالإِمَارَةِ بعَديِ. فَقَالَ الزّبَيرُ نَعَم،كُلّنَا يُحَدّثُ نَفسَهُ بِالإِمَارَةِ بَعدَكَ وَ يَرَاهَا لَهُ أَهلًا،فَمَا ألّذِي أَنكَرتَ. فَقَالَ عُمَرُ أَ فَلَا أُحَدّثُكُم بِمَا عنِديِ فِيكُم.فَسَكَتُوا، فَقَالَ عُمَرُ أَ لَا أُحَدّثُكُم عَنكُم.فَسَكَتُوا، فَقَالَ لَهُ الزّبَيرُ حَدّثنَا وَ إِن سَكَتنَا. فَقَالَ أَمّا أَنتَ يَا زُبَيرُ مُؤمِنُ الرّضَا كَافِرُ الغَضَبِ،تَكُونُ يَوماً شَيطَاناً وَ يَوماً إِنسَاناً، أَ فَرَأَيتَ اليَومَ ألّذِي تَكُونُ فِيهِ شَيطَاناً مَن يَكُونُ الخَلِيفَةُ يَومَئِذٍ. وَ أَمّا أَنتَ يَا طَلحَةُ،فَوَ اللّهِ لَقَد توُفُيَّ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ إِنّهُ عَلَيكَ لَعَاتِبٌ.
صفحه : 360
وَ أَمّا أَنتَ يَا عَلِيّ،فَإِنّكَ صَاحِبُ بِطَالَةٍ وَ مِزَاحٍ. وَ أَمّا أَنتَ يَا عَبدَ الرّحمَنِ فَوَ اللّهِ إِنّكَ لِمَا جَاءَ بِكِ مِن خَيرٍ أَهلٌ، وَ إِنّ مِنكُم لَرَجُلًا لَو قُسِمَ إِيمَانُهُ بَينَ جُندٍ مِنَ الأَجنَادِ لَوَسِعَهُم، وَ هُوَ عُثمَانُ.
جا عَلِيّ بنُ بِلَالٍ، عَن عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ الأصَفهَاَنيِّ، عَنِ الثقّفَيِّ، عَن يُوسُفَ بنِ سَعِيدٍ الأرَحبَيِّ، عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ مُوسَي العبَسيِّ، عَن كَامِلٍ، عَن حَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ لَمّا حَضَرَ القَومُ الدّارَ لِلشّورَي جَاءَ المِقدَادُ بنُ الأَسوَدِ الكنِديِّ رَحِمَهُ اللّهُ، فَقَالَ أدَخلِوُنيِ مَعَكُم، فَإِنّ لِلّهِ عنِديِ نُصحاً وَ لِي بِكُم خَيراً،فَأَبَوا، فَقَالَ أَدخِلُوا رأَسيِ وَ اسمَعُوا منِيّ،فَأَبَوا عَلَيهِ ذَلِكَ، فَقَالَ أَمّا إِذَا أَبَيتُم فَلَا تُبَايِعُوا رَجُلًا لَم يَشهَد بَدراً، وَ لَم يُبَايِع بَيعَةَ الرّضوَانِ، وَ انهَزَمَ يَومَ أُحُدٍ، وَيَومَ التَقَي الجَمعانِ، فَقَالَ عُثمَانُ أَمَ وَ اللّهِ لَئِن وُلّيتُهَا لَأَرُدّنّكَ إِلَي رَبّكَ الأَوّلِ، فَلَمّا نَزَلَ بِالمِقدَادِ المَوتُ قَالَ أَخبِرُوا عُثمَانَ أنَيّ قَد رُدِدتُ إِلَي ربَيَّ الأَوّلِ وَ الآخِرِ، فَلَمّا بَلَغَ عُثمَانَ مَوتُهُ جَاءَ حَتّي أَتَي قَبرَهُ، فَقَالَ رَحِمَكَ اللّهُ إِن كُنتَ وَ إِن كُنتَ .. يثُنيِ عَلَيهِ خَيراً. فَقَالَ لَهُ الزّبَيرُ
لَأَعرِفَنّكَ بَعدَ المَوتِ تنَدبُنُيِ | وَ فِي حيَاَتيِ مَا زوَدّتنَيِ زاَديِ |
فَقَالَ يَا زُبَيرُ تَقُولُ هَذَا أَ ترَاَنيِ أُحِبّ أَن يَمُوتَ مِثلُ هَذَا مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍ(ص ) وَ هُوَ عَلَيّ سَاخِطٌ.
فض روُيَِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّهُ خَطَبَ ذَاتَ يَومٍ وَ قَالَأَيّهَا النّاسُ أَنصِتُوا لِمَا أَقُولُ رَحِمَكُمُ اللّهُ،أَيّهَا النّاسُ
صفحه : 361
بَايَعتُم أَبَا بَكرٍ وَ عُمَرَ وَ أَنَا وَ اللّهِ أَولَي مِنهُمَا وَ أَحَقّ مِنهُمَا بِوَصِيّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَأَمسَكتُ، وَ أَنتُمُ اليَومَ تُرِيدُونَ تُبَايِعُونَ عُثمَانَ، فَإِن فَعَلتُم وَ سَكَتّ وَ اللّهِ مَا تَجهَلُونَ فضَليِ وَ لَا جَهِلَهُ مَن كَانَ قَبلَكُم، وَ لَو لَا ذَلِكَ قُلتُ مَا لَا تُطِيقُونَ دَفعَهُ. فَقَالَ الزّبَيرُ تَكَلّم يَا أَبَا الحَسَنِ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ وَحّدَ اللّهَ وَ صَلّي مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قبَليِ.أَم هَل فِيكُم أَحَدٌ أَعظَمُ عِندَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَكَاناً منِيّ.أَم هَل فِيكُم أَحَدٌ مَن كَانَ يَأخُذُ ثَلَاثَةَ أَسهُمٍ سَهمَ القَرَابَةِ وَ سَهمَ الخَاصّةِ وَ سَهمَ الهِجرَةِ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم أَحَدٌ جَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ باِثنتَيَ عَشرَةَ تَمرَةً،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم أَحَدٌ مَن قَدّمَ بَينَ يدَيَ نَجوَاهُ صَدَقَةً لَمّا بَخِلَ النّاسُ بِبَذلِ مُهجَتِهِ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم أَحَدٌ أَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِيَدِهِ يَومَ غَدِيرِ خُمّ وَ قَالَ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ، أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ، وَ ليُبَلّغِ الحَاضِرُ الغَائِبَ فَهَل كَانَ فِي أَحَدٍ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن أَمَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِمَوَدّتِهِ فِي القُرآنِ حَيثُ يَقُولُ(قُل لا أَسئَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلّا المَوَدّةَ فِي القُربي)،هَل قَالَ مِن قَبلُ لِأَحَدٍ،
صفحه : 362
غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن غَمّضَ عيَنيَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن وَضَعَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي حُفرَتِهِ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن جَاءَتهُ آيَةُ التّنزِيهِ مَعَ جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ لَيسَ فِي البَيتِ إِلّا أَنَا وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ وَ فَاطِمَةُ، فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ السّلَامُ عَلَيكُم وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، ثُمّ قَالَ يَا مُحَمّدُ رَبّكَ يُقرِئُكَ السّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ(إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهّرَكُم تَطهِيراً)الآيَةَ،هَل كَانَ ذَلِكَ اليَومَ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن تُرِكَ بَابُهُ مَفتُوحاً مِن قِبَلِ المَسجِدِ لَمّا أَمَرَ اللّهُ، حَتّي قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص )أَخرَجتَنَا وَ أَدخَلتَهُ، فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَدخَلَهُ وَ أَخرَجَكُم،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن قَاتَلَ وَ جَبرَئِيلُ عَن يَمِينِهِ وَ مِيكَائِيلُ عَن شِمَالِهِ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن لَهُ سِبطَانِ مِثلُ سبِطيَّ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ سيَدّيَ شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ،ابنَا أَحَدٍ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن قَالَ لَهُ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي إِلّا أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي حَقّهِ يَومَ خَيبَرَ
صفحه : 363
لَأُعطِيَنّ الرّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يُحِبّهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ كَرّارٌ غَيرُ فَرّارٍ يُفتَحُ عَلَي يَدِهِ بِالنّصرِ،فَأَعطَاهَا أَحَداً،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَومَ الطّائِرِ المشَويِّ أللّهُمّ ائتنِيِ بِأَحَبّ خَلقِكَ إِلَيكَ يَأكُلُ معَيِ،فَأَتَيتُ أَنَا مَعَهُ،هَل أَتَاهُ أَحَدٌ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن سَمّاهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَلِيّهُ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن طَهّرَهُ اللّهُ مِنَ الرّجسِ فِي كِتَابِهِ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن زَوّجَهُ اللّهُ بِفَاطِمَةَ بِنتِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.أَم هَل فِيكُم مَن بَاهَلَ بِهِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ. قَالَ فَعِندَ ذَلِكَ قَامَ الزّبَيرُ وَ قَالَ مَا سَمِعنَا أَحَداً قَالَ أَصَحّ مِن مَقَالِكَ، وَ مَا نَذكُرُ مِنهُ شَيئاً، وَ لَكِنّ النّاسَ بَايَعُوا الشّيخَينِ وَ لَم نُخَالِفِ الإِجمَاعَ، فَلَمّا سَمِعَ ذَلِكَ نَزَلَ وَ هُوَ يَقُولُ( وَ ما كُنتُ مُتّخِذَ المُضِلّينَ عَضُداً).
د عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَبَينَا أمَشيِ مَعَ عُمَرَ يَوماً إِذ تَنَفّسَ نَفَساً ظَنَنتُ أَنّهُ قَد قُصِمَت أَضلَاعُهُ،فَقُلتُ سُبحَانَ اللّهِ وَ اللّهِ مَا أَخرَجَ مِنكَ هَذَا إِلّا أَمرٌ عَظِيمٌ. فَقَالَ وَيحَكَ يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا أدَريِ مَا أَصنَعُ بِأُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. قُلتُ وَ لِمَ، وَ أَنتَ قَادِرٌ أَن تَصنَعَ ذَلِكَ مَكَانَ الثّقَةِ. قَالَ إنِيّ أَرَاكَ تَقُولُ إِنّ صَاحِبَكَ أَولَي النّاسِ بِهَا يعَنيِ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ. قُلتُ أَجَل وَ اللّهِ،إنِيّ لَأَقُولُ ذَلِكَ فِي سَابِقَتِهِ وَ عِلمِهِ وَ قَرَابَتِهِ وَ صِهرِهِ. قَالَ إِنّهُ كَمَا ذَكَرتَ، وَ لَكِنّهُ كَثِيرُ الدّعَابَةِ.
صفحه : 364
وَ فِي رِوَايَةٍ فِيهِ دُعَابَةٌ. وَ فِي رِوَايَةٍ لِلّهِ دَرّهُم إِن وَلّوهَا الأُصَيلِعَ،كَيفَ يَحمِلُهُم عَلَي الحَقّ، وَ لَو كَانَ السّيفُ عَلَي عُنُقِهِ.فَقُلتُ أَ تَعلَمُ ذَلِكَ مِنهُ وَ لَا تُوَلّيهِ. قَالَ إِن لَم أَستَخلِف وَ أَترُكُهُم فَقَد تَرَكَهُم مَن هُوَ خَيرٌ منِيّ. قُلتُ فَعُثمَانُ. قَالَ وَ اللّهِ لَو فَعَلتُ لَجَعَلَ بنَيِ أَبِي مُعَيطٍ عَلَي رِقَابِ النّاسِ يَعمَلُونَ فِيهِم بِمَعصِيَةِ اللّهِ حَتّي يَقتُلُوهُ، وَ اللّهِ لَو فَعَلتُ لَفَعَلَ، وَ لَو فَعَلَ لَفَعَلُوا،فَوَثَبَ النّاسُ إِلَيهِ فَقَتَلُوهُ. وَ فِي رِوَايَةٍ كُلّفَ بِأَقَارِبِهِ. قُلتُ طَلحَةَ بنَ عَبدِ اللّهِ. قَالَ الأَكنَعُ، هُوَ أَزهَي مِن ذَلِكَ، مَا كَانَ اللّهُ ليِرَاَنيِ أُوَلّيهِ أَمرَ أُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَلَي مَا هُوَ عَلَيهِ مِنَ الزّهوِ. وَ فِي رِوَايَةٍ قَالَ فِيهِ نَخوَةٌ،يعَنيِ كِبراً، قُلتُ الزّبَيرَ بنَ العَوّامِ. قَالَ إِذَن كَانَ يُلَاطِمُ النّاسَ فِي الصّاعِ وَ المُدّ. وَ فِي رِوَايَةٍ كَافِرُ الغَضَبِ مُؤمِنُ الرّضَا. قُلتُ سَعدَ بنَ أَبِي وَقّاصٍ. قَالَ لَيسَ بِصَاحِبِ ذَاكَ، ذَلِكَ صَاحِبُ مِقنَبٍ يُقَاتِلُ بِهِ. وَ فِي رِوَايَةٍ صَاحِبُ مِقنَبِ خَيلٍ. قُلتُ عَبدَ الرّحمَنِ بنَ عَوفٍ. قَالَ نِعمَ الرّجُلُ ذَكَرتَ، وَ لَكِنّهُ ضَعِيفٌ عَن ذَلِكَ. وَ فِي رِوَايَةٍ ذَلِكَ الرّجُلُ لَيّنٌ أَو ضَعِيفٌ. وَ فِي رِوَايَةٍ ذَاكَ الرّجُلُ لَو وَلّيتُهُ جَعَلَ خَاتَمَهُ فِي إِصبَعِ امرَأَتِهِ، وَ اللّهِ يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا يَصلُحُ هَذَا الأَمرُ إِلّا للِقوَيِّ فِي غَيرِ عُنفٍ، وَ اللّيّنِ فِي غَيرِ ضَعفٍ، وَ الجَوَادِ فِي غَيرِ سَرَفٍ،المُمسِكِ فِي غَيرِ بُخلٍ.
هذاآخر مانقلت من كتاب الإستيعاب .
صفحه : 365
الأصيلع تصغير الأصلع و هو ألّذي انحسر الشّعر عن رأسه . و قال في النهاية كلفت بهذا الأمر أكلف به إذاولعت به وأحببته . و قال في حديث عمر أنّه قال عن طلحة لماعرض عليه للخلافة الأكنع إنّ فيه نخوة وكبرا.الأكنع الأشلّ، و قدكنعت أصابعه كنعا إذاتشنّجت ويبست ، و قدكانت يداه أصيبت يوم أحد لماوقي بها رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ] وسلّم فشلّت. و قال الزّهو الكبر والفخر. و قال في حديث عمر .. فذكر له سعد، فقال ذاك إنّما يكون في مقنب من مقانبكم .المقنب بالكسر جماعة الخيل والفرسان ، وقيل هودون المائة،يريد أنّه صاحب حرب وجيوش ، و ليس بصاحب هذاالأمر.
نَهجٌ وَ مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ فِي وَقتِ الشّورَي لَن يُسرِعَ أَحَدٌ قبَليِ إِلَي دَعوَةِ حَقّ، وَ صِلَةِ رَحِمٍ، وَ عَائِدَةِ كَرَمٍ،فَاسمَعُوا قوَليِ، وَ عُوا منَطقِيِ،عَسَي أَن تَرَوا هَذَا الأَمرَ مِن بَعدِ هَذَا اليَومِ تُنتَضَي فِيهِ السّيُوفُ وَ تُخَانُ فِيهِ العُهُودُ، حَتّي يَكُونَ بَعضُكُم أَئِمّةً لِأَهلِ الضّلَالَةِ وَ شِيعَةً لِأَهلِ الجَهَالَةِ.
صفحه : 366
قوله عليه السلام إلي دعوة حقّ .. أي لن يدعو أحد قبلي إلي حقّ فما لم أدع إليه لم يكن حقّا، أو لم يسبقني أحد إلي إجابة دعوة حقّ،فما لم أجب إليه لا يكون حقّا. ونضا السّيف من غمده وانتضاه أخرجه . قال ابن ميثم رحمه اللّه إشارة إلي ماعلمه عليه السلام من حال البغاة والخوارج والناكثين لعهد بيعته و ماوقع بعد هذااليوم من قتل الحسين عليه السلام وظهور بني أميّة وغيرهم ، وأشار بأئمّة أهل الضلالة إلي طلحة والزبير، وبأهل الضلالة إلي أتباعهم ، وبأهل الجهالة إلي معاوية ورؤساء الخوارج وأمراء بني أميّة، وبشيعتهم إلي أتباعهم .
مَا جَمَاعَةٌ، عَن أَبِي المُفَضّلِ، قَالَ حَدّثَنَا حَسَنُ بنُ مُحَمّدِ بنِ شُعبَةَ الأنَصاَريِّ وَ مُحَمّدُ بنُ جَعفَرِ بنِ رميس الهبُيَريِّ بِالقَصرِ وَ عَلِيّ بنُ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ كَاسٍ النخّعَيِّ بِالرّملَةِ، وَ أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ الهمَداَنيِّ جَمِيعاً، عَن أَحمَدَ بنِ يَحيَي بنِ زَكَرِيّا الأزَديِّ الصوّفيِّ، عَن عَمرِو بنِ حَمّادِ بنِ طَلحَةَ القَنّادِ، عَن إِسحَاقَ بنِ اِبرَاهِيمَ الأزَديِّ، عَن مَعرُوفِ بنِ خَرّبُوزَ وَ زِيَادِ بنِ المُنذِرِ وَ سَعِيدِ بنِ مُحَمّدٍ الأسَدَيِّ، عَن أَبِي الطّفَيلِ عَامِرِ بنِ وَاثِلَةَ الكنِاَنيِّ، قَالَ لَمّا احتُضِرَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ جَعَلَهَا شُورَي بَينَ سِتّةٍ، بَينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ عُثمَانَ بنِ عَفّانَ وَ طَلحَةَ وَ الزّبَيرِ وَ سَعدِ بنِ أَبِي وَقّاصٍ وَ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ
صفحه : 367
عَوفٍ، وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ فِيمَن يُشَاوَرُ وَ لَا يُوَلّي. قَالَ أَبُو الطّفَيلِ فَلَمّا اجتَمَعُوا أجَلسَوُنيِ عَلَي البَابِ أَرُدّ عَنهُمُ النّاسَ، فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّكُم قَدِ اجتَمَعتُم لِمَا اجتَمَعتُم لَهُ فَأَنصِتُوا فَأَتَكَلّمُ فَإِن قُلتُ حَقّاً صدَقّتمُوُنيِ، وَ إِن قُلتُ بَاطِلًا رُدّوا عَلَيّ وَ لَا تهَاَبوُنيِ،إِنّمَا أَنَا رَجُلٌ كَأَحَدِكُم أَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ مِثلُ ابنِ عمَيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَقرَبُ إِلَيهِ رَحِماً منِيّ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ مِثلُ عمَيّ حَمزَةَ أَسَدِ اللّهِ وَ أَسَدِ رَسُولِهِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ أَخٌ مِثلُ أخَيِ جَعفَرٍ ذيِ الجَنَاحَينِ مُضَرّجٍ بِالدّمَاءِ الطّيّارِ فِي الجَنّةِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ زَوجَةٌ مِثلُ زوَجتَيِ فَاطِمَةَ بِنتِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ سَيّدَةِ نِسَاءِ عَالَمِهَا فِي الجَنّةِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ صَلّي القِبلَتَينِ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قبَليِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ لَهُ سَهمَانِ فِي كِتَابِ اللّهِ فِي الخَاصّ وَ العَامّ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ تَرَكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بَابَهُ مَفتُوحاً يَحِلّ لَهُ مَا يَحِلّ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ يَحرُمُ عَلَيهِ مَا يَحرُمُ عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم رَجُلٌ نَاجَي رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَشرَ مَرّاتٍ يُقَدّمُ بَينَ يدَيَ نَجوَاهُ صَدَقَةً،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا.
صفحه : 368
قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا قَالَ فِي غَزَاةِ تَبُوكَ إِنّمَا أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي غَيرَ أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَقَالَتَهُ يَومَ غَدِيرِ خُمّ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ، أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ وَصّي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي أَهلِهِ وَ مَالِهِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَتَلَ المُشرِكِينَ كقَتَليِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ غَسّلَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ أَقرَبُ عَهداً بِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ منِيّ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ نَزَلَ فِي حُفرَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَاصنَعُوا مَا أَنتُم صَانِعُونَ. فَقَالَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ عِندَ ذَلِكَ نَصِيبُنَا مِنهَا لَكَ يَا عَلِيّ. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَوفٍ قلَدّوُنيِ هَذَا الأَمرَ عَلَي أَن أَجعَلَهَا لِأَحَدِكُم.قَالُوا قَد فَعَلنَا. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ هَلُمّ يَدَكَ يَا عَلِيّ تَأخُذُهَا بِمَا فِيهَا عَلَي أَن تَسِيرَ فِينَا بِسِيرَةِ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ آخُذُهَا بِمَا فِيهَا عَلَي أَن أَسِيرَ فِيكُم بِكِتَابِ اللّهِ
صفحه : 369
وَ سُنّةِ نَبِيّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ جهُديِ،فَخَلّي عَن يَدِ عَلِيّ، وَ قَالَ هَلُمّ يَدَكَ يَا عُثمَانُ خُذهَا بِمَا فِيهَا عَلَي أَن تَسِيرَ فِينَا بِسِيرَةِ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ. فَقَالَ نَعَم، ثُمّ تَفَرّقُوا.
وروي أبورافع مولي رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله ، عن أمير المؤمنين عليه السلام
مَا جَمَاعَةٌ، عَن أَبِي المُفَضّلِ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ العلَوَيِّ الحسَنَيِّ وَ أَبِي عَبدِ اللّهِ مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ المُؤَمّلِ الصيّرفَيِّ،قَالَا حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ بنِ خَلَفٍ العَطّارُ، عَن أَحمَدَ بنِ جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ عَجلَانَ، عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ، عَن أَبِيهِ، عَن جَدّهِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ لَمّا اجتَمَعَ أَصحَابُ الشّورَي وَ هُم سِتّةُ نَفَرٍ مِنهُم عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ عُثمَانُ وَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ وَ سَعدُ بنُ مَالِكٍ وَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَوفٍ أَقبَلَ عَلَيهِم عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ أَنشُدُكُم بِاللّهِ أَيّهَا النّفَرُ هَل فِيكُم مِن أَحَدٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَنزِلَتُكَ منِيّ يَا عَلِيّ مَنزِلَةُ هَارُونَ مِن مُوسَي أَ تَعلَمُونَ قَالَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ يَا أَيّهَا النّفَرُ هَل فِيكُم مِن أَحَدٍ لَهُ سَهمَانِ،سَهمٌ فِي الخَاصّ وَ سَهمٌ فِي العَامّ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ ..... وَ ذَكَرَ الحَدِيثَ نَحوَ طَرِيقِ أَبِي الأَسوَدِ الدؤّلَيِّ، عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ.
السهم في الخاصّ إشارة إلي السهم ألذي أعطاه رسول اللّه لقتال الملائكة
صفحه : 370
معه ، أو إلي السهم ألذي خصّه الرسول صلّي اللّه عليه وآله من تعليمه ومعاشرته في الخلوة مضافا إلي ما كان له عليه السلام مع سائر الصحابة، والأول أظهر.
مَا جَمَاعَةٌ، عَن أَبِي المُفَضّلِ، عَن أَبِي طَالِبٍ مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ أَبِي مشعر السلّمَيِّ الحرَاّنيِّ بِحَرّانَ، عَن أَحمَدَ بنِ أَسوَدَ أَبِي عَلِيّ الحنَفَيِّ القاَضيِ، عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ حَفصٍ التيّميِّ، عَن أَبِيهِ، عَن عُمَرَ بنِ أُذَينَةَ العبَديِّ، عَن وَهبِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي ذبي[دنُيَّ]الهنُاَئيِّ، عَن أَبِي حَربِ بنِ أَبِي الأَسوَدِ الدؤّلَيِّ، عَن أَبِيهِ أَبِي الأَسوَدِ، قَالَ لَمّا طَعَنَ أَبُو لُؤلُؤَةَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ جَعَلَ الأَمرَ بَينَ سِتّةِ نَفَرٍ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ عُثمَانَ بنِ عَفّانَ، وَ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ، وَ طَلحَةَ، وَ الزّبَيرِ، وَ سَعدِ بنِ مَالِكٍ، وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ مَعَهُم يَشهَدُ النّجوَي وَ لَيسَ لَهُ فِي الأَمرِ نَصِيبٌ، وَ أَمَرَهُم أَن يَدخُلُوا لِذَلِكَ بَيتاً وَ يُغلِقُوا عَلَيهِم بَابَهُ. قَالَ أَبُو الأَسوَدِ فَكُنتُ عَلَي البَابِ أَنَا وَ نَفَرٌ معَيِ حَاجَتُهُم أَن يَسمَعُوا الحِوَارَ ألّذِي يجَريِ بَينَهُم،فَابتَدَرَ الكَلَامَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَوفٍ، فَقَالَ لِيَذكُر كُلّ رَجُلٍ مِنكُم رَجُلًا إِن أَخطَأَهُ هَذَا الأَمرُ كَانَتِ الخِيَرَةُ لِصَاحِبِهِ، فَقَالَ الزّبَيرُ قَدِ اختَرتُ عَلِيّاً. وَ قَالَ طَلحَةُ قَدِ اختَرتُ عُثمَانَ. وَ قَالَ سَعدٌ قَدِ اختَرتُ عَبدَ الرّحمَنِ، فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ قَد رضَيَِ القَومُ بِنَا وَ قَد جُعِلَ الأَمرُ فِينَا، وَ لَنَا أَيّهَا الثّلَاثَةُ،فَأَيّكُم يُخرِجُ عَن هَذَا الأَمرِ نَفسَهُ وَ يَختَارُ لِلمُسلِمِينَ رَجُلًا رضَيَِ فِي الأُمّةِ،فَأَمسَكَ الشّيخَانِ،فَعَادَ عَبدُ الرّحمَنِ لِكَلَامِهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ
صفحه : 371
كُن أَنتَ ذَلِكَ الرّجُلَ. قَالَ فَإِنّهُ لَم يَبقَ إِلّا أَنتَ وَ عُثمَانُ،فَأَيّكُمَا يَتَقَلّدُ هَذَا الأَمرَ عَلَي أَن يَسِيرَ فِي الأُمّةِ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سِيرَةِ صَاحِبَيهِ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ فَلَا يَعدُوهُمَا. قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَنَا آخُذُهَا عَلَي أَن أَسِيرَ فِي الأُمّةِ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ جهُديِ وَ طوَقيِ وَ أَستَعِينَ عَلَي ذَلِكَ برِبَيّ. قَالَ فَمَا عِندَكَ أَنتَ يَا عُثمَانُ. قَالَ أَسِيرُ فِي الأُمّةِ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ وَ سِيرَةِ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ. قَالَ فَرَدّهَا عَلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ ثَلَاثاً، وَ عَلَي عُثمَانَ ثَلَاثاً كُلّ رَجُلٍ مِنهُمَا يَقُولُ مِثلَ قَولِهِ الأَوّلِ، فَلَمّا تَوَافَقُوا عَلَي رأَيٍ وَاحِدٍ، قَالَ لَهُم عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إنِيّ أُحِبّ أَن تَسمَعُوا منِيّ قَولًا أَقُولُ لَكُم،قَالُوا قُل يَا أَبَا الحَسَنِ. قَالَ فإَنِيّ أَسأَلُكُم بِاللّهِ ألّذِي يَعلَمُ سِرّكُم وَ جَهرَكُم هَل فِيكُم مِن رَجُلٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي غَيرَ أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا،.. وَ ذَكَرَ المُنَاشَدَةَ نَحوَهُ.
مَا أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ الصّلتِ، عَن أَبِي عُقدَةَ الحَافِظِ، عَن جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ العلَوَيِّ، عَن عَمّهِ القَاسِمِ بنِ جَعفَرٍ العلَوَيِّ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ العلَوَيِّ، عَن أَبِيهِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي بَكرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَمرِو بنِ
صفحه : 372
حَزمٍ، عَن أَبِيهِ، عَن جَدّهِ أَنّ القَومَ حِينَ اجتَمَعُوا لِلشّورَي،فَقَالُوا فِيهَا وَ نَاجَي عَبدُ الرّحمَنِ كُلّ رَجُلٍ مِنهُم عَلَي حِدَةٍ، ثُمّ قَالَ لعِلَيِّ عَلَيكَ عَهدُ اللّهِ وَ مِيثَاقُهُ لَئِن وُلّيتَ لَتَعمَلَنّ بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ وَ سِيرَةِ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ، فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَيّ عَهدُ اللّهِ وَ مِيثَاقُهُ لَئِن وُلّيتُ أَمرَكُم لَأَعمَلَنّ بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ، فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ لِعُثمَانَ كَقَولِهِ لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ،فَأَجَابَهُ أَن نَعَم.فَرَدّ عَلَيهِمَا القَولَ ثَلَاثاً، كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ كَقَولِهِ، وَ يُجِيبُهُ عُثمَانُ أَن نَعَم،فَبَايَعَ عُثمَانَ عَبدُ الرّحمَنِ عِندَ ذَلِكَ.
إِرشَادُ القُلُوبِ عَن أَبِي المُفَضّلِ بِإِسنَادِهِ، عَن أَبِي ذَرّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ أَنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ وَ عُثمَانَ وَ طَلحَةَ وَ الزّبَيرَ وَ عَبدَ الرّحمَنِ بنَ عَوفٍ وَ سَعدَ بنَ أَبِي وَقّاصٍ أَمَرَهُم عُمَرُ بنُ الخَطّابِ أَن يَدخُلُوا بَيتاً وَ يُغلِقُوا عَلَيهِم بَابَهُ وَ يَتَشَاوَرُوا فِي أَمرِهِم، وَ أَجّلَهُم ثَلَاثَةَ أَيّامٍ فَإِن تَوَافَقَ خَمسَةٌ عَلَي قَولٍ وَاحِدٍ وَ أَبَي رَجُلٌ مِنهُم قُتِلَ ذَلِكَ، وَ إِن تَوَافَقَ أَربَعَةٌ وَ أَبَي اثنَانِ قُتِلَ الِاثنَانِ، فَلَمّا تَوَافَقُوا جَمِيعاً عَلَي رأَيٍ وَاحِدٍ قَالَ لَهُم عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ إنِيّ أُحِبّ أَن تَسمَعُوا منِيّ مَا أَقُولُ لَكُم، فَإِن يَكُن حَقّاً فَاقبَلُوهُ وَ إِن يَكُن بَاطِلًا فَأَنكِرُوهُ.قَالُوا قُل. قَالَ أَنشُدُكُم بِاللّهِ .. أَو قَالَ أَسأَلُكُم بِاللّهِ ألّذِي يَعلَمُ سَرَائِرَكُم وَ يَعلَمُ صِدقَكُم إِن صَدَقتُم وَ يَعلَمُ كَذِبَكُم إِن كَذَبتُم،هَل فِيكُم أَحَدٌ آمَنَ قبَليِ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ صَلّي القِبلَتَينِ قبَليِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ أُمّرَ بِقَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ( يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرّسُولَ وَ أوُليِ الأَمرِ مِنكُم)سوِاَيَ.قَالُوا أللّهُمّ لَا.
صفحه : 373
قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ نَصَرَ أَبُوهُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ كَفّلَهُ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ أَخُوهُ ذيِ الجَنَاحَينِ فِي الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ وَحّدَ اللّهَ قبَليِ وَ لَم يُشرِك بِهِ شَيئاً.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ عَمّهُ حَمزَةُ سَيّدُ الشّهَدَاءِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ زَوجَتُهُ سَيّدَةُ نِسَاءِ أَهلِ الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ ابنَاهُ سَيّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ أَعلَمُ بِنَاسِخِ القُرآنِ وَ مَنسُوخِهِ وَ السّنّةِ منِيّ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ سَمّاهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي عَشرِ آيَاتٍ مِنَ القُرآنِ مُؤمِناً،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ نَاجَي رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَشرَ مَرّاتٍ يُقَدّمُ بَينَ يدَيَ نَجوَاهُ صَدَقَةً،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ، أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ،لِيُبَلّغِ الشّاهِدُ الغَائِبَ ذَلِكَ،
صفحه : 374
غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَأُعطِيَنّ الرّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يُحِبّهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ كَرّاراً غَيرَ فَرّارٍ لَا يوُلَيّ الدّبُرَ يَفتَحُ اللّهُ عَلَي يَدَيهِ، وَ ذَلِكَ حَيثُ رَجَعَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ مُنهَزِمَينِ،فدَعَاَنيِ وَ أَنَا أَرمَدُ فَتَفَلَ فِي عيَنيِ، وَ قَالَ أللّهُمّ أَذهِب عَنهُ الحَرّ وَ البَردَ،فَمَا وَجَدتُ بَعدَهَا حَرّاً وَ لَا بَرداً يوُذيِاَنيِ، ثُمّ أعَطاَنيِ الرّايَةَ،فَخَرَجتُ بِهَا فَفَتَحَ اللّهُ عَلَي يدَيِ خَيبَرَ،فَقَتَلتُ مُقَاتِلِيهِم وَ فِيهِم مَرحَبٌ وَ سَبَيتُ ذَرَارِيّهُم،فَهَل كَانَ ذَلِكَ غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أللّهُمّ ائتنِيِ بِأَحَبّ الخَلقِ إِلَيكَ وَ إلِيَّ وَ أَشَدّهِم لِي وَ لَكَ حُبّاً يَأكُلُ معَيِ مِن هَذَا الطّيرِ،فَأَتَيتُ فَأَكَلتُ مَعَهُ،فَهَل كَانَ غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَتَنتَهُنّ يَا بنَيِ وَلِيعَةَ أَو لَأَبعَثَنّ عَلَيكُم رَجُلًا نَفسُهُ كنَفَسيِ وَ طَاعَتُهُ كطَاَعتَيِ وَ مَعصِيَتُهُ كمَعَصيِتَيِ يَعصَاكُم أَو يَقصَعُكُم بِالسّيفِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَذَبَ مَن زَعَمَ أَنّهُ يحُبِنّيِ وَ يُبغِضُ عَلِيّاً،هَل كَانَ غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم مَن سَلّمَ عَلَيهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ فِيهِم جَبرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسرَافِيلُ لَيلَةَ القَلِيبِ لَمّا جِئتُ بِالمَاءِ إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ جَبرَئِيلُ هَذِهِ هيَِ المُوَاسَاةُ، وَ ذَلِكَ يَومَ أُحُدٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّهُ منِيّ وَ أَنَا مِنهُ، فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَنَا مِنكُمَا،غيَريِ.قَالُوا لَا.
صفحه : 375
قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ نوُديَِ بِهِ مِنَ السّمَاءِ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ مَن يُقَاتِلُ النّاكِثِينَ وَ القَاسِطِينَ وَ المَارِقِينَ عَلَي لِسَانِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إنِيّ قَاتَلتُ عَلَي تَنزِيلِ القُرآنِ وَ سَتُقَاتِلُ أَنتَ يَا عَلِيّ عَلَي تَأوِيلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ غَسّلَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَعَ المَلَائِكَةِ المُقَرّبِينَ بِالرّوحِ وَ الرّيحَانِ تُقَلّبُهُ لِيَ المَلَائِكَةُ وَ أَنَا أَسمَعُ قَولَهُم وَ هُم يَقُولُونَ استُرُوا عَورَةَ نَبِيّكُم سَتَرَكُمُ اللّهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل مَن كَفّنَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ وَضَعَهُ فِي حُفرَتِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ بَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِ بِالتّعزِيَةِ حَيثُ قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ فَاطِمَةُ عَلَيهَا السّلَامُ تَبكِيهِ إِذ سَمِعنَا حِسّاً عَلَي البَابِ وَ قَائِلًا يَقُولُ نَسمَعُ حِسّهُ وَ لَا نَرَي شَخصَهُ وَ هُوَ يَقُولُ السّلَامُ عَلَيكُم أَهلَ البَيتِ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ،رَبّكُم عَزّ وَ جَلّ يُقرِئُكُمُ السّلَامَ وَ يَقُولُ لَكُم إِنّ فِي اللّهِ خَلَفاً مِن كُلّ مُصِيبَةٍ، وَ عَزَاءً مِن كُلّ هَالِكٍ، وَ دَرَكاً مِن كُلّ فَوتٍ،فَتَعَزّوا بِعَزَاءِ اللّهِ، وَ اعلَمُوا أَنّ أَهلَ الأَرضِ يَمُوتُونَ، وَ أَنّ أَهلَ السّمَاءِ لَا يَبقَونَ، وَ السّلَامُ عَلَيكُم وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، وَ أَنَا فِي البَيتِ وَ فَاطِمَةُ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ أَربَعَةٌ لَا خَامِسَ لَنَا سِوَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مُسَجّي بَينَنَا،غَيرُنَا.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ رُدّت عَلَيهِ الشّمسُ بَعدَ مَا غَرَبَت أَو كَادَت تَغِيبُ
صفحه : 376
حَتّي صَلّي العَصرَ فِي وَقتِهَا،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ أَمَرَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِأَخذِ بَرَاءَةَ مِن أَبِي بَكرٍ بَعدَ مَا انطَلَقَ أَبُو بَكرٍ بِهَا فَقَبَضتُهَا مِنهُ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ بَعدَ مَا رَجَعَ يَا رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَ نَزَلَ فِيّ شَيءٌ فَقَالَ إِنّهُ لَا يؤُدَيّ عنَيّ إِلّا عَلِيّ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي غَيرَ أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ، وَ لَو كَانَ بعَديِ لَكُنتَهُ يَا عَلِيّ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم مَن قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّهُ لَا يُحِبّكَ إِلّا مُؤمِنٌ وَ لَا يُبغِضُكَ إِلّا كَافِرٌ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل تَعلَمُونَ أَنّهُ أَمَرَ بِسَدّ أَبوَابِكُم وَ فَتحِ باَبيِ،فَقُلتُم فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا أَنَا سَدَدتُ أَبوَابَكُم وَ لَا أَنَا فَتَحتُ بَابَهُ بَلِ اللّهُ سَدّ أَبوَابَكُم وَ فَتَحَ بَابَهُ.قَالُوا نَعَم. قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ ناَجاَنيِ يَومَ الطّائِفِ دُونَ النّاسِ فَأَطَالَ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعضُكُم يَا رَسُولَ اللّهِ(ص )إِنّكَ قَدِ انتَجَيتَ عَلِيّاً دُونَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا أَنَا انتَجَيتُهُ بَلِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ انتَجَاهُ.قَالُوا نَعَم. قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ الحَقّ مِن بعَديِ مَعَ عَلِيّ وَ عَلِيّ مَعَ الحَقّ يَدُورُ الحَقّ مَعَهُ حَيثُمَا دَارَ.قَالُوا نَعَم. قَالَ فَهَل تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ إنِيّ تَارِكٌ فِيكُمُ الثّقَلَينِ كِتَابَ اللّهِ وَ عتِرتَيِ أَهلَ بيَتيِ وَ إِنّهُمَا لَن يَفتَرِقَا حَتّي يَرِدَا عَلَيّ الحَوضَ، وَ إِنّكُم
صفحه : 377
لَن تَضِلّوا مَا اتّبَعتُمُوهُمَا وَ استَمسَكتُم بِهِمَا.قَالُوا نَعَم. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ وَفَي رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِنَفسِهِ وَ رَدّ بِهِ كَيدَ المُشرِكِينَ وَ اضطَجَعَ فِي مَضجَعِهِ، وَ شَرَي بِذَلِكَ مِنَ اللّهِ نَفسَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ حَيثُ آخَي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بَينَ أَصحَابِهِ وَ كَانَ لَهُ أَخاً غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل أَحَدٌ ذَكَرَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِمَا ذكَرَنَيِ إِذ قَالَ( وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ المُقَرّبُونَ)،غيَريِ. قَالَ فَهَل سبَقَنَيِ مِنكُم أَحَدٌ إِلَي اللّهِ وَ رَسُولِهِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ آتَي الزّكَاةَ وَ هُوَ رَاكِعٌ،فَنَزَلَت فِيهِ(إِنّما وَلِيّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاةَ وَ يُؤتُونَ الزّكاةَ وَ هُم راكِعُونَ)،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ بَرَزَ لِعَمرِو بنِ عَبدِ وُدّ حَيثُ عَبَرَ خَندَقَكُم وَحدَهُ وَ دَعَا جَمِيعَكُم إِلَي البِرَازِ فَنَكَصتُم عَنهُ، وَ خَرَجتُ إِلَيهِ فَقَتَلتُهُ وَ فَتّ اللّهُ بِذَلِكَ فِي أَعضَادِ المُشرِكِينَ وَ الأَحزَابِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ تَرَكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بَابَهُ مَفتُوحاً فِي المَسجِدِ يَحِلّ لَهُ مَا يَحِلّ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ يَحرُمُ عَلَيهِ مَا يَحرُمُ عَلَي رَسُولِ
صفحه : 378
اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ أَنزَلَ اللّهُ تَعَالَي فِيهِ آيَةَ التّطهِيرِ حَيثُ يَقُولُ تَعَالَي(إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهّرَكُم تَطهِيراً)،غيَريِ وَ غَيرَ زوَجتَيِ وَ ابنيَّ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنَا سَيّدُ وُلدِ آدَمَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ عَلِيّ سَيّدُ العَرَبِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا سَأَلتُ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لِي شَيئاً إِلّا سَأَلتُ لَكَ مِثلَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ كَانَ صَاحِبَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي المَوَاطِنِ كُلّهَا،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ نَاوَلَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَبضَةً مِن تُرَابٍ تَحتَ قَدَمَيهِ فَرَمَي بِهَا فِي وُجُوهِ الكُفّارِ فَانهَزَمُوا،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَضَي دَينَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ أَنجَزَ عِدَاتَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ اشتَاقَتِ المَلَائِكَةُ إِلَي رُؤيَتِهِ فَاستَأذَنَتِ اللّهَ تَعَالَي فِي زِيَارَتِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ وَرِثَ سِلَاحَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ أَدَاتَهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا.
صفحه : 379
قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ استَخلَفَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي أَهلِهِ وَ جَعَلَ أَمرَ أَزوَاجِهِ إِلَيهِ مِن بَعدِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ حَمَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَلَي كَتِفِهِ حَتّي كَسَرَ الأَصنَامَ التّيِ كَانَت عَلَي الكَعبَةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ اضطَجَعَ هُوَ وَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ إِذ كفَلّنَيِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ صَاحِبُ راَيتَيِ وَ لوِاَئيِ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ كَانَ أَوّلَ دَاخِلٍ عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ آخِرَ خَارِجٍ مِن عِندِهِ وَ لَا يَحجُبُ عَنهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم مَن نَزَلَت فِيهِ وَ فِي زَوجَتِهِ وَ وَلَدَيهِ( وَ يُطعِمُونَ الطّعامَ عَلي حُبّهِ مِسكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً...).. إِلَي سَائِرِ مَا اقتَصّ اللّهُ تَعَالَي مِن ذِكرِنَا فِي هَذِهِ السّورَةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ نَزَلَت فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ( أَ جَعَلتُم سِقايَةَ الحاجّ وَ عِمارَةَ المَسجِدِ الحَرامِ كَمَن آمَنَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ)،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ أَنزَلَ اللّهُ تَعَالَي فِيهِ( أَ فَمَن كانَ مُؤمِناً كَمَن كانَ فاسِقاً لا يَستَوُونَ..).. إِلَي آخِرِ مَا اقتَصّ اللّهُ تَعَالَي مِن خَبَرِ المُؤمِنِينَ،
صفحه : 380
غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَ فِي زَوجَتِهِ وَ وَلَدَيهِ آيَةَ المُبَاهَلَةِ، وَ جَعَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ نَفسَهُ نَفسَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا أللّهُمّ لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ نَزَلَت فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ( وَ مِنَ النّاسِ مَن يشَريِ نَفسَهُ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللّهِ) لَمّا وَقَيتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَيلَةَ الفِرَاشِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ سَقَي رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِنَ المِهرَاسِ لَمّا اشتَدّ ظَمَؤُهُ وَ أَحجَمَ عَن ذَلِكَ أَصحَابُهُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أللّهُمّ إنِيّ أَقُولُ كَمَا قَالَ عَبدُكَ مُوسَي(رَبّ اشرَح لِي صدَريِ وَ يَسّر لِي أمَريِ وَ احلُل عُقدَةً مِن لسِانيِ يَفقَهُوا قوَليِ وَ اجعَل لِي وَزِيراً مِن أهَليِ هارُونَ أخَيِ اشدُد بِهِ أزَريِ).. إِلَي آخِرِ دَعوَةِ مُوسَي عَلَيهِ السّلَامُ إِلّا النّبُوّةَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ هُوَ أَدنَي الخَلَائِقِ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَومَ القِيَامَةِ وَ أَقرَبُ إِلَيهِ منِيّ كَمَا أَخبَرَكُم بِذَلِكَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّ مِن شِيعَتِكَ رَجُلًا يَدخُلُ فِي شَفَاعَتِهِ الجَنّةَ مِثلُ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ وَ شِيعَتُكَ
صفحه : 381
هُمُ الفَائِزُونَ تَرِدُونَ يَومَ القِيَامَةِ رِوَاءً مَروِيّينَ وَ يَرِدُ عَدُوّكُم ظِمَاءً مُقمَحِينَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن أَحَبّ هَذِهِ الشّعَرَاتِ فَقَد أحَبَنّيِ وَ مَن أحَبَنّيِ فَقَد أَحَبّ اللّهَ تَعَالَي، وَ مَن أَبغَضَهَا وَ آذَاهَا فَقَد أبَغضَنَيِ وَ آذاَنيِ وَ مَن آذاَنيِ فَقَد آذَي اللّهَ تَعَالَي، وَ مَن آذَي اللّهَ تَعَالَي لَعَنَهُ اللّهُ وَ أَعَدّ لَهُ جَهَنّمَ وَ سَاءَت مَصِيراً. فَقَالَ أَصحَابُهُ وَ مَا شَعَرَاتُكَ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. قَالَ عَلِيّ وَ فَاطِمَةُ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ يَعسُوبُ المُؤمِنِينَ وَ المَالُ يَعسُوبُ الظّالِمِينَ، وَ أَنتَ الصّدّيقُ الأَكبَرُ، وَ أَنتَ الفَارُوقُ الأَعظَمُ ألّذِي يُفَرّقُ بَينَ الحَقّ وَ البَاطِلِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ طَرَحَ عَلَيهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ ثَوبَهُ وَ أَنَا تَحتَ الثّوبِ وَ فَاطِمَةُ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ ثُمّ قَالَ أللّهُمّ أَنَا وَ أَهلُ بيَتيِ هَؤُلَاءِ إِلَيكَ لَا إِلَي النّارِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِالجُحفَةِ بِالشّجَيرَاتِ مِن خُمّ مَن أَطَاعَكَ فَقَد أطَاَعنَيِ وَ مَن أطَاَعنَيِ فَقَد أَطَاعَ اللّهَ، وَ مَن عَصَاكَ فَقَد عصَاَنيِ وَ مَن عصَاَنيِ فَقَد عَصَي اللّهَ تَعَالَي،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بَينَهُ وَ بَينَ زَوجَتِهِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ جَلَسَ بَينَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ زَوجَتِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَا سَترَ دُونَكَ يَا عَلِيّ،غيَريِ.قَالُوا لَا.
صفحه : 382
قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ احتَمَلَ بَابَ خَيبَرَ يَومَ فَتَحتُ حِصنَهَا ثُمّ مَشَي بِهِ سَاعَةً ثُمّ أَلقَاهُ فَعَالَجَهُ بَعدَ ذَلِكَ أَربَعُونَ رَجُلًا فَلَم يُقِلّوهُ مِنَ الأَرضِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ معَيِ فِي قصَريِ وَ مَنزِلُكَ تُجَاهَ منَزلِيِ فِي الجَنّةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ أَولَي النّاسِ بأِمُتّيِ مِن بعَديِ،وَالَي اللّهُ مَن وَالَاكَ وَ عَادَي اللّهُ مَن عَادَاكَ، وَ قَاتَلَ اللّهُ مَن قَاتَلَكَ بعَديِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ صَلّي مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ سَبعَ سِنِينَ وَ أَشهُراً قَبلَ النّاسِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّكَ عَن يَمِينِ العَرشِ يَا عَلِيّ يَومَ القِيَامَةِ يَكسُوكَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بُردَينِ أَحَدُهُمَا أَحمَرُ وَ الآخَرُ أَخضَرُ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ أَطعَمَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ مِن فَاكِهَةِ الجَنّةِ لَمّا هَبَطَ بِهَا جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَالَ لَا ينَبغَيِ أَن يَأكُلَهُ فِي الدّنيَا إِلّا نبَيِّ أَو وصَيِّ نبَيِّ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ أَقوَمُهُم بِأَمرِ اللّهِ، وَ أَوفَاهُم بِعَهدِ اللّهِ، وَ أَعلَمُهُم بِالقَضِيّةِ، وَ أَقسَمُهُم بِالسّوِيّةِ، وَ أَرأَفُهُم بِالرّعِيّةِ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ قَسِيمُ النّارِ تُخرِجُ مِنهَا مَن آمَنَ وَ أَقَرّ، وَ تَدَعُ فِيهَا مَن كَفَرَ،غيَريِ.قَالُوا لَا.
صفحه : 383
قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ قَالَ لِلعَينِ وَ قَد غَاضَت انفجَرِيِ فَانفَجَرَت،فَشَرِبَ مِنهَا القَومُ وَ أَقبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ المُسلِمُونَ مَعَهُ فَشَرِبَ وَ شَرِبُوا وَ شَرِبَت خَيلُهُم وَ مَلَئُوا رَوَايَاهُم،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ فَهَل فِيكُم أَحَدٌ أَعطَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حَنُوطاً مِن حَنُوطِ الجَنّةِ، قَالَ اقسِم هَذَا أَثلَاثاً،ثُلُثاً لِي حنَطّنيِ بِهِ، وَ ثُلُثاً لاِبنتَيِ، وَ ثُلُثاً لَكَ،غيَريِ.قَالُوا لَا. قَالَ .. فَمَا زَالَ يُنَاشِدُهُم وَ يَذكُرُ لَهُم مَا أَكرَمَهُ اللّهُ تَعَالَي وَ أَنعَمَ عَلَيهِ بِهِ حَتّي قَامَ قَائِمُ الظّهِيرَةِ وَ دَنَتِ الصّلَاةُ، ثُمّ أَقبَلَ عَلَيهِم وَ قَالَ أَمّا إِذَا أَقرَرتُم عَلَي أَنفُسِكُم وَ بَانَ لَكُم مِن سبَبَيَِ ألّذِي ذَكَرتُ،فَعَلَيكُم بِتَقوَي اللّهِ وَحدَهُ، وَ أَنهَاكُم عَن سَخَطِ اللّهِ فَلَا تَعَرّضُوا لَهُ وَ لَا تُضَيّعُوا أمَريِ، وَ رُدّوا الحَقّ إِلَي أَهلِهِ، وَ اتّبِعُوا سُنّةَ نَبِيّكُم صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سنُتّيِ مِن بَعدِهِ،فَإِنّكُم إِن خاَلفَتمُوُنيِ خَالَفتُم نَبِيّكُم فَقَد سَمِعَ ذَلِكَ مِنهُ جَمِيعُكُم، وَ سَلّمُوهَا إِلَي مَن هُوَ لَهَا أَهلٌ وَ هيَِ لَهُ أَهلٌ، أَمَا وَ اللّهِ مَا أَنَا بِالرّاغِبِ فِي دُنيَاكُم، وَ لَا قُلتُ مَا قُلتُ لَكُم افتِخَاراً وَ لَا تَزكِيَةً لنِفَسيِ، وَ لَكِن حَدّثتُ بِنِعمَةِ ربَيّ، وَ أَخَذتُ عَلَيكُم بِالحُجّةِ .. وَ نَهَضَ إِلَي الصّلَاةِ، قَالَ فَتَوَامَرَ القَومُ فِيمَا بَينَهُم وَ تَشَاوَرُوا،فَقَالُوا قَد فَضّلَ اللّهُ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ بِمَا ذَكَرَ لَكُم، وَ لَكِنّهُ رَجُلٌ لَا يُفَضّلُ أَحَداً عَلَي أَحَدٍ وَ يَجعَلُكُم وَ مَوَالِيَكُم سَوَاءً، وَ إِن وَلّيتُمُوهُ إِيّاهَا سَاوَي بَينَ أَسوَدِكُم وَ أَبيَضِكُم، وَ وَضَعَ السّيفَ عَلَي عَاتِقِهِ، وَ لَكِن وَلّوهَا عُثمَانَ فَهُوَ أَقدَمُكُم مِيلَاداً، وَ أَليَنُكُم عَرِيكَةً، وَ أَجدَرُ أَن يَتّبِعَ مَسَرّتَكُم، وَ اللّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.
صفحه : 384
مَا جَمَاعَةٌ، عَن أَبِي المُفَضّلِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ زَكَرِيّا، عَن أَحمَدَ بنِ عُبَيدِ اللّهِ، عَنِ الرّبِيعِ بنِ سَيّارٍ، عَنِ الأَعمَشِ، عَن سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعدِ يَرفَعُهُ إِلَي أَبِي ذَرّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ مِثلَهُ.
قال الجوهري عصوته بالعصا ضربته بها.. والعصا مقصورا مصدر قولك عصي بالسّيف يعصي إذاضرب به . و قال قصعت هامته إذاضربتها ببسط كفّك وقصع اللّه شبابه . و في النهاية فقصعه اللّه .. أي دفعه وكسره . و في بعض النسخ بالفاء و هوالكسر والدّفع الشّديد. و قال الجوهري فتّ الشيّء .. أي كسره ..،يقال فتّ عضدي وهدّ ركني. و قال الفيروزآبادي فتّ في ساعده أضعفه . والإقماح رفع الرّأس وغضّ البصر،يقال أقمحه الغلّ إذاترك رأسه
صفحه : 385
مرفوعا من ضيقه . و في بعض النسخ مظمئين ، كما في الروايات الأخر علي التأكيد، و في بعضها مفحمين .. أي مسكتين بالحجّة.
قَالَ أَربَابُ السّيَرِ وَ المُحَدّثُونَ مِنَ المُخَالِفِينَ لَمّا طَعَنَ أَبُو لُؤلُؤَةَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ وَ عُلِمَ أَنّهُ قَدِ انقَضَت أَيّامُهُ وَ اقتَرَبَ أَجَلُهُ، قَالَ لَهُ بَعضُ أَصحَابِهِ لَوِ استَخلَفتَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَقَالَ لَو كَانَ أَبُو عُبَيدَةَ حَيّاً لَاستَخلَفتُهُ وَ قُلتُ لرِبَيّ إِن سأَلَنَيِ سَمِعتُ نَبِيّكَ يَقُولُ أَبُو عُبَيدَةَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمّةِ، وَ لَو كَانَ سَالِمٌ مَولَي أَبِي حُذَيفَةَ حَيّاً استَخلَفتُهُ، وَ قُلتُ لرِبَيّ إِن سأَلَنَيِ سَمِعتُ نَبِيّكَ يَقُولُ إِنّ سَالِماً شَدِيدُ الحُبّ لِلّهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَلّ عَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ، فَقَالَ قَاتَلَكَ اللّهُ، وَ اللّهِ مَا أَرَدتَ اللّهَ بِهَذَا وَيحَكَ كَيفَ أَستَخلِفُ رَجُلًا عَجَزَ عَن طَلَاقِ امرَأَتِهِرَوَاهُ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ وَ الطبّرَيِّ، عَن شُيُوخِهِ بِطُرُقٍ مُتَعَدّدَةٍ
، ثُمّ قَالَ لَا إِربَ لِعُمَرَ فِي خِلَافَتِكُم فَمَا حَمِدتُهَا فَأَرغَبَ فِيهَا لِأَحَدٍ مِن أَهلِ بيَتيِ، فَإِن تَكُ
صفحه : 386
خَيراً فَقَد أَصَبنَا مِنهُ وَ إِن تَكُ شَرّاً فَقَد صُرِفَ عَنّا،حَسبُ آلِ عُمَرَ أَن يُحَاسَبَ مِنهُم وَاحِدٌ وَ يُسأَلَ عَن أَمرِ أُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،فَخَرَجَ النّاسُ وَ رَجَعُوا إِلَيهِ،فَقَالُوا لَهُ لَو عَهِدتَ عَهداً، فَقَالَ قَد كُنتُ أَجمَعتُ بَعدَ مقَاَلتَيِ أَن أوُلَيّ أَمرَكُم رَجُلًا هُوَ أَحرَاكُم أَن يَحمِلَكُم عَلَي الحَقّ وَ أَشَارَ إِلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فرَهَقَتَنيِ غَشيَةٌ فَرَأَيتُ رَجُلًا دَخَلَ جَنّةً فَجَعَلَ يَقطِفُ كُلّ غَضّةٍ وَ يَانِعَةٍ فَيَضُمّهَا إِلَيهِ وَ يُصَيّرُهَا تَحتَهُ،فَخِفتُ أَن أَتَحَمّلَهَا حَيّاً وَ مَيّتاً، وَ عَلِمتُ أَنّ اللّهَ غَالِبُ أَمرِهِ. ثُمّ قَالَ عَلَيكُم بِالرّهطِ الّذِينَ قَالَ لَهُم رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّهُم مِن أَهلِ الجَنّةِ وَ مَاتَ وَ هُوَ رَاضٍ عَن هَذِهِ السّتّةِ مِن قُرَيشٍ عَلِيّ، وَ عُثمَانَ، وَ طَلحَةَ، وَ الزّبَيرِ، وَ سَعدِ بنِ أَبِي وَقّاصٍ، وَ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ، وَ قَد رَأَيتُ أَن أَجعَلَهَا شُورَي بَينَهُم لِيَختَارُوا لِأَنفُسِهِم، ثُمّ قَالَ إِن أَستَخلِف فَقَدِ استَخلَفَ مَن هُوَ خَيرٌ منِيّ، وَ إِن أَترُك فَقَد تَرَكَ مَن هُوَ خَيرٌ منِيّ، وَ لَن يُضِيعَ اللّهُ دِينَهُ، ثُمّ قَالَ ادعُوهُم لِي .. فَدَعَوهُم،فَدَخَلُوا عَلَيهِ وَ هُوَ مُلقًي عَلَي فِرَاشِهِ يَجُودُ بِنَفسِهِ،
صفحه : 387
فَنَظَرَ إِلَيهِم فَقَالَ أَ كُلّكُم يَطمَعُ فِي الخِلَافَةِ فَوَجَمُوا، فَقَالَ لَهُم ثَانِيَةً،فَأَجَابَهُ الزّبَيرُ، وَ قَالَ مَا ألّذِي يُبعِدُنَا مِنهَا،وُلّيتَهَا أَنتَ فَقُمتَ بِهَا وَ لَسنَا دُونَكَ فِي قُرَيشٍ وَ لَا فِي السّابِقَةِ وَ لَا فِي القَرَابَةِ. فَقَالَ عُمَرُ أَ فَلَا أُخبِرُكُم عَن أَنفُسِكُم.قَالُوا قُل،فَإِنّا لَوِ استَعفَينَاكَ لَم تُعفِنَا، فَقَالَ أَمّا أَنتَ يَا زُبَيرُ فَوَعِقَةٌ لَقِسٌ،مُؤمِنُ الرّضَا كَافِرُ الغَضَبِ،يَوماً إِنسَانٌ وَ يَوماً شَيطَانٌ، وَ لَعَلّهَا لَو أَفضَت إِلَيكَ ظَلتَ يَومَكَ تُلَاطِمُ بِالبَطحَاءِ عَلَي مُدّ مِن شَعِيرٍ، فَإِن أَفضَت إِلَيكَ فَلَيتَ شعِريِ مَن يَكُونُ لِلنّاسِ يَومَ تَكُونُ شَيطَاناً، وَ مَن يَكُونُ يَومَ تَغضَبُ إِمَاماً، وَ مَا كَانَ اللّهُ لِيَجمَعَ لَكَ أَمرَ هَذِهِ الأُمّةِ وَ أَنتَ عَلَي هَذِهِ الصّفَةِ. ثُمّ أَقبَلَ عَلَي طَلحَةَ وَ كَانَ لَهُ مُبغِضاً مُنذُ قَالَ لأِبَيِ بِكرٍ يَومَ وَفَاتِهِ مَا قَالَ فِي عُمَرَ، وَ قَد تَقَدّمَ ذِكرُهُ فَقَالَ لَهُ أَقُولُ أَم أَسكُتُ. قَالَ قُل،فَإِنّكَ لَا تَقُولُ مِنَ الخَيرِ شَيئاً. قَالَ أَمَا إنِيّ أَعرِفُكَ مُنذُ أُصِيبَت إِصبَعُكَ يَومَ أُحُدٍ وَ البَأوَ
صفحه : 388
ألّذِي حَدَثَ لَكَ، وَ لَقَد مَاتَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ سَاخِطاً عَلَيكَ لِلكَلِمَةِ التّيِ قُلتَهَا يَومَ أُنزِلَت آيَةُ الحِجَابِ، وَ الكَلِمَةُ المَذكُورَةُ هيَِ أَنّهُ لَمّا نَزَلَت آيَةُ الحِجَابِ قَالَ طَلحَةُ مَا ألّذِي يُغنِيهِ حِجَابُهُنّ اليَومَ وَ سَيَمُوتُ غَداً فَنَنكِحُهُنّ،كَذَا ذَكَرُهُ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ عَن شَيخِهِ الجَاحِظِ.
وَ رَوَي المُفَسّرُونَ، عَن مُقَاتِلٍ، قَالَ قَالَ طَلحَةُ بنُ عَبدِ اللّهِ لَئِن قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]لَأَنكِحَنّ عَائِشَةَ بِنتَ أَبِي بَكرٍ،فَنَزَلَت( وَ ما كانَ لَكُم أَن تُؤذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَن تَنكِحُوا أَزواجَهُ مِن بَعدِهِ أَبَداً...)الآيَةَ.
فِي رِوَايَةِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ أَنّ طَلحَةَ قَالَ لَئِن أَمَاتَ اللّهُ مُحَمّداً لَنَركُضَنّ بَينَ خَلَاخِيلِ نِسَائِهِ كَمَا رَكَضَ بَينَ خَلَاخِيلِ نِسَائِنَا.
قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ قَالَ الجَاحِظُ لَو قَالَ لِعُمَرَ قَائِلٌ أَنتَ قُلتَ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]مَاتَ وَ هُوَ رَاضٍ عَنِ السّتّةِ،فَكَيفَ تَقُولُ لِطَلحَةَ إِنّهُ مَاتَ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]سَاخِطاً عَلَيكَ لِلكَلِمَةِ التّيِ قُلتَهَا لَكَانَ قَد
صفحه : 389
رَمَاهُ بِمَشَاقِصِهِ، وَ لَكِن مَنِ ألّذِي كَانَ يَجسُرُ عَلَي عُمَرَ أَن يَقُولَ لَهُ مَا دُونَ هَذَا،فَكَيفَ هَذَا.
ثُمّ أَقبَلَ عَلَي سَعدِ بنِ أَبِي وَقّاصٍ، فَقَالَ إِنّمَا أَنتَ صَاحِبُ مِقنَبٍ مِن هَذِهِ المَقَانِبِ تُقَاتِلُ بِهِ وَ صَاحِبُ قَنَصٍ وَ قَوسٍ وَ سَهمٍ، وَ مَا زُهرَةُ وَ الخِلَافَةُ وَ أُمُورُ النّاسِ. ثُمّ أَقبَلَ عَلَي عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ، فَقَالَ وَ أَمّا أَنتَ يَا عَبدَ الرّحمَنِ فَلَو وُزِنَ نِصفُ إِيمَانِ المُسلِمِينَ بِإِيمَانِكَ لَرَجَحَ إِيمَانُكَ وَ لَكِن لَا يَصلُحُ لِهَذَا الأَمرِ مَن فِيهِ ضَعفٌ كَضَعفِكَ، وَ مَا زُهَرَةُ وَ هَذَا الأَمرُ. ثُمّ أَقبَلَ عَلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ لِلّهِ أَنتَ، لَو لَا دُعَابَةٌ فِيكَ، أَمَا وَ اللّهِ لَئِن وُلّيتَهُم لَتَحمِلَنّهُم عَلَي المَحَجّةِ البَيضَاءِ وَ الحَقّ الوَاضِحِ. ثُمّ أَقبَلَ عَلَي عُثمَانَ، فَقَالَ هِيهاً إِلَيكَ كأَنَيّ بِكَ قَد قَلّدَتكَ قُرَيشٌ هَذَا الأَمرَ لِحُبّهَا إِيّاكَ فَحَمَلتَ بنَيِ أُمَيّةَ وَ بنَيِ أَبِي مُعَيطٍ عَلَي رِقَابِ النّاسِ وَ آثَرتَهُم باِلفيَءِ فَسَارَت إِلَيكَ عِصَابَةٌ مِن ذُؤبَانِ العَرَبِ فَذَبَحُوكَ عَلَي فِرَاشِكَ ذَبحاً، وَ اللّهِ لَئِن فَعَلُوا لَتَفعَلَنّ، وَ لَئِن فَعَلتَ لَيَفعَلُنّ، ثُمّ أَخَذَ بِنَاصِيَتِهِ، فَقَالَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاذكُر قوَليِ،فَإِنّهُ كَائِنٌ.
صفحه : 390
قال ابن أبي الحديد ذكر هذاالخبر كلّه أبوعثمان الجاحظ في كتاب السفيانيّة، وذكره جماعة غيره في باب فراسة عمر.
وَ قَالَ الزمّخَشرَيِّ فِي الفَائِقِ إِنّ عُمَرَ دَخَلَ عَلَيهِ ابنُ عَبّاسٍ حِينَ طُعِنَ فَرَآهُ مُغتَمّاً لِمَن يَستَخلِفُ بَعدَهُ،فَجَعَلَ ابنُ عَبّاسٍ يَذكُرُ لَهُ أَصحَابَهُ،فَذَكَرَ عُثمَانَ، فَقَالَ إِنّهُ كَلِفٌ بِأَقَارِبِهِ، وَ روُيَِ أَخشَي حَفَدَهُ وَ أُثرَتَهُ. قَالَ فعَلَيِّ. قَالَ ذَاكَ رَجُلٌ فِيهِ دُعَابَةٌ. قَالَ فَطَلحَةُ. قَالَ لَو لَا بَأوٌ فِيهِ. وَ روُيَِ أَنّهُ قَالَ الأَكنَعُ، إِنّ فِيهِ بَأوَاً أَو نَخوَةً. قَالَ فَالزّبَيرُ. قَالَ وَعِقَةٌ لَقِسٌ.
وَ قَالَ روُيَِ ضَرِسٌ ضَبِسٌ، أو قال ضمس .
وَ روُيَِ لَا يَصلُحُ أَن يلَيَِ هَذَا الأَمرَ إِلّا حَصِيفُ العُقدَةِ قَلِيلُ الغِرّةِ،الشّدِيدُ فِي غَيرِ عُنفٍ.فَعَبدُ الرّحمَنِ. قَالَ أَوهِ ذَكَرتَ رَجُلًا صَالِحاً وَ لَكِنّهُ ضَعِيفٌ، وَ هَذَا الأَمرُ لَا يَصلُحُ لَهُ إِلّا اللّيّنُ مِن غَيرِ ضَعفٍ وَ القوَيِّ مِن غَيرِ عُنفٍ، وَ اللّيّنُ فِي غَيرِ ضَعفٍ،الجَوَادُ فِي غَيرِ
صفحه : 391
سَرَفٍ،البَخِيلُ فِي غَيرِ وَكَفٍ. قَالَ فَسَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ. قَالَ ذَاكَ يَكُونُ فِي مِقنَبٍ مِن مَقَانِبِكُم.
ثم فسّر ألفاظه ، فقال الكلف الإيلاع بالشيء مع شغل القلب والمشقّة،يقال كلف فلان بهذا الأمر وبهذه الجارية فهو بهاكلف مكلّف، و منه المثل لايكن حبّك كلفا و لابغضك تلفا، و هو من كلّف الشيء بمعني تكلّفه .. الحفد الجمع و هو من أخوات الحفل والحفش ، و منه المحفد بمعني المحفل ، واحتفد بمعني احتفل . عن الأصمعي، وقيل لمن يخف في الخدمة، وللسائر إذاخبّ حافد،لأنّه يحتشد في ذلك ، ويجمع له نفسه ، ويأتي بخطئه متتابعة،... وتقول العرب للأعوان والخدم الحفدة، وأخشي حفده .. أي حفوفه في مرضاة أقاربه .الأثرة الاستيثار بالفيء وغيره .الدعابة كالمزاحة ودعب يدعب كمزح يمزح ، و رجل دعب ودعابة.البأو العجب والكبر.الأكنع الأشل ، و قدكنعت أصابعه كنعا إذاتشنّجت،... و قدكانت أصيبت يده مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه [ وآله ]وقاه بها يوم أحد.
صفحه : 392
النخوة العظيمة والكبر. و قدنخا كزها وانتخي . رجل وعقة لعقة ووعق لعق .. إذا كان فيه حرص ووقوع في الأمر بجهل وضيق نفس وسوء خلق ... ويخفّف فيقال وعقة ووعق ، و هو من العجلة والتسرّع،... ويقال ماأوعقك عن كذا .. أي ماأعجلك ... لقست نفسه إلي الشيء إذانازعت إليه وحرصت عليه لقسا، و الرجل لقس ، وقيل لقست خبثت . و عن أبي زيد اللقس هو ألذي يلقّب الناس ويسخر منهم ، ويقال النقس بالنون ينقس الناس نقسا.الضرس الشرس ،الزعر من الناقة الضروس ، وهي التي تعضّ حالبها، ويقال اتّق الناقة بجزّ ضراسها .. أي بحدثان نتاجها وسوء خلقها، و ذلك لشدّة عطفها علي ولدها في هذاالوقت .الضيس والضمس قريبان من الضرس ،يقال فلان ضيس شر، وجمعه أضياس .الضمس المضغ .الوكف الوقوع في المآثم والعيب ، و قدوكف فلان يوكف وكفا وأوكفته أنا إذاأوقعته . قال
الحافظو عورة العشيرة لا | يأتيهم من ورائهم وكف |
صفحه : 393
و هو من وكف المطر إذاوقع ، و منه توكّف الخبر و هوتوقّعه.المقنب من الخيل .. الأربعون والخمسون . و في كتاب العين زهاء ثلاثمائة،يعني أنّه صاحب جيوش ، و ليس يصلح لهذا الأمر.انتهي كلام الزمخشري.
وَ رَوَي ابنُ عَبدِ البَرّ فِي الإِستِيعَابِ أَنّهُ قَالَ فِي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِن وَلّوهَا الأَجلَحَ سَلَكَ بِهِمُ الطّرِيقَ المُستَقِيمَ. فَقَالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ مَا يَمنَعُكَ أَن تُقَدّمَ عَلِيّاً. قَالَ أَكرَهُ أَن أَتَحَمّلَهَا حَيّاً وَ مَيّتاً.
السّيّدُ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ فِي الشاّفيِ، عَنِ البلَاذرُيِّ فِي تَارِيخِهِ، عَن عَفّانَ بنِ مُسلِمٍ، عَن حَمّادِ بنِ مَسلَمَةَ، عَن عَلِيّ بنِ زَيدٍ، عَن أَبِي رَافِعٍ أَنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ كَانَ مُستَنِداً إِلَي ابنِ العَبّاسِ وَ عِندَهُ ابنُ عُمَرَ وَ سَعِيدُ بنُ زَيدٍ، فَقَالَ اعلَمُوا أنَيّ لَم أَقُل فِي الكَلَالَةِ شَيئاً، وَ لَم أَستَخلِف بعَديِ أَحَداً، وَ إِنّهُ مَن أَدرَكَ وفَاَتيِ مِن سبَيِ العَرَبِ فَهُوَ حُرّ مِن مَالِ اللّهِ. فَقَالَ سَعِيدُ بنُ زَيدٍ أَمَا إِنّكَ لَو أَشَرتَ إِلَي رَجُلٍ مِنَ المُسلِمِينَ ائتَمَنَكَ النّاسُ. فَقَالَ عُمَرُ لَقَد رَأَيتُ مِن أصَحاَبيِ حِرصاً شَنِيعاً وَ أَنَا جَاعِلٌ هَذَا الأَمرَ إِلَي هَؤُلَاءِ النّفَرِ السّتّةِ الّذِينَ مَاتَ
صفحه : 394
رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ هُوَ عَنهُم رَاضٍ، ثُمّ قَالَ لَو أدَركَنَيِ أَحَدُ رَجُلَينِ فَجَعَلتُ هَذَا الأَمرَ إِلَيهِ لَوَثِقتُ بِهِ،سَالِمٌ مَولَي أَبِي حُذَيفَةَ وَ أَبُو عُبَيدَةَ بنُ الجَرّاحِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَأَينَ أَنتَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ. فَقَالَ لَهُ قَاتَلَكَ اللّهُ وَ اللّهِ مَا أَرَدتَ اللّهَ بِهَا، مَا أَستَخلِفُ رَجُلًا لَم يُحسِن أَن يُطَلّقَ امرَأَتَهُ. قَالَ عَفّانُ يعَنيِ بِالرّجُلِ ألّذِي أَشَارَ إِلَيهِ بِعَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ المُغِيرَةَ بنَ شُعبَةَ.
و قال في موضع آخر منه
رَوَي مُحَمّدُ بنُ سَعدٍ، عَنِ الواَقدِيِّ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الزهّريِّ، عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عُيَينَةَ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ قَالَ عُمَرُ لَا أدَريِ مَا أَصنَعُ بِأُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ ذَلِكَ قَبلَ أَن يُطعَنَ،فَقُلتُ وَ لِمَ تَهتَمّ وَ أَنتَ تَجِدُ مَن تَستَخلِفُهُ عَلَيهِم. قَالَ أَ صَاحِبُكُم يعَنيِ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ. قُلتُ نَعَم وَ اللّهِ هُوَ لَهَا أَهلٌ فِي قَرَابَتِهِ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ وَ صِهرِهِ وَ سَابِقَتِهِ وَ بَلَائِهِ. فَقَالَ عُمَرُ إِنّ فِيهِ بَطَالَةً وَ فُكَاهَةً. قُلتُ فَأَينَ أَنتَ عَن طَلحَةَ. قَالَ فَإِنّ فِيهِ الزّهوَ وَ النّخوَةَ. قُلتُ عَبدُ الرّحمَنِ. قَالَ رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَي ضَعفٍ فِيهِ. قُلتُ فَسَعدٌ. قَالَ ذَلِكَ صَاحِبُ مِقنَبٍ وَ قِتَالٍ لَا يَقُومُ بِقَريَةٍ لَو حَمَلَ أَمرَهَا. قُلتُ فَالزّبَيرُ. قَالَ وَعِقَةٌ لَقِسٌ،مُؤمِنُ الرّضَا كَافِرُ الغَضَبِ،شَحِيحٌ، وَ إِنّ هَذَا الأَمرَ لَا يَصلُحُ إِلّا لقِوَيِّ فِي غَيرِ عُنفٍ،رَفِيقٍ فِي غَيرِ ضَعفٍ،جَوَادٍ فِي غَيرِ سَرَفٍ. قُلتُ فَأَينَ أَنتَ عَن
صفحه : 395
عُثمَانَ. قَالَ لَو وَلِيَهَا لَحَمَلَ بنَيِ أَبِي مُعَيطٍ عَلَي رِقَابِ النّاسِ، وَ لَو فَعَلَهَا لَقَتَلُوهُ.
وَ رَوَي أَحمَدُ بنُ أَعثَمَ فِي تَارِيخِهِ أَنّ كَلَامَهُ فِي حَقّ السّتّةِ كَانَ قَبلَ أَن يَطعَنَهُ أَبُو لُؤلُؤَةَ بِيَومَينِ أَو ثَلَاثَةٍ، وَ ذَلِكَ أَنّهُ لَمّا هَدّدَهُ أَبُو لُؤلُؤَةَ وَ قَد تَقَدّمَ ذِكرُهُ صَعِدَ المِنبَرَ فِي غَدِهِ وَ ذَكَرَ رُؤيَا رَآهَا فِي لَيلَتِهِ، ثُمّ قَالَ إنِيّ لَا أَرتَابُ فِي اقتِرَابِ أجَلَيِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاختَارُوا رَجُلًا مِنَ السّتّةِ الّذِينَ توُفُيَّ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ هُوَ عَنهُم رَاضٍ .. وَ ذَكَرَهُم بِأَسمَائِهِم، ثُمّ نَزَلَ فَأَخَذَ بِيَدِ عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ وَ خَرَجَ مِنَ المَسجِدِ، ثُمّ تَنَفّسَ الصّعَدَاءَ وَ قَالَ إنِيّ لَا أَجزَعُ مِنَ المَوتِ وَ لَكِن أَحزَنُ عَلَي هَذَا الأَمرِ بعَديِ، فَقَالَ لَهُ عَبدُ اللّهِ مَا تَقُولُ فِي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ،فَقَد لَاحَ لَكَ أَمرُهُ فِي الهِجرَةِ وَ القَرَابَةِ وَ السّوَابِقِ. فَقَالَ صَدَقتَ يَا ابنَ عَبّاسٍ وَ إنِيّ لَأَعلَمُ مِنهُ أَنّهُ لَو صَارَ إِلَيهِ لَأَقَامَ النّاسَ عَلَي المَحَجّةِ البَيضَاءِ، وَ لكَنِيّ يمَنعَنُيِ مِنهُ دُعَابَةٌ فِيهِ وَ حِرصُهُ عَلَي هَذَا الأَمرِ .. ثُمّ ذَكَرَ كُلّا مِنَ البَاقِينَ وَ عَابَهُ بِنَحوٍ مِمّا ذُكِرَ آنِفاً، ثُمّ تَأَسّفَ عَلَي فَقدِ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ وَ سَالِمٍ مَولَي أَبِي حُذَيفَةَ وَ أَبِي عُبَيدَةَ، ثُمّ دَخَلَ دَارَهُ. قَالَ ثُمّ طَعَنَهُ أَبُو لُؤلُؤَةَ بَعدَ ذَلِكَ بِخَنجَرٍ لَهُ رَأسَانِ وَ قَبضَتُهُ فِي وَسَطِهِ كَمَا تَقَدّمَ. قَالَ وَ لَم يَكُن طَلحَةُ يَومَئِذٍ بِالمَدِينَةِ، فَقَالَ عُمَرُ انتَظِرُوا بِطَلحَةَ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ فَإِن جَاءَ وَ إِلّا فَاختَارُوا رَجُلًا مِنَ الخَمسَةِ.
صفحه : 396
وَ قَالَ مُحَمّدُ بنُ جَرِيرٍ الطبّرَيِّ إِنّ طَلحَةَ لَم يُذكَر فِي هَذَا المَجلِسِ وَ لَم يَكُن يَومَئِذٍ بِالمَدِينَةِ. ثُمّ قَالَ لَهُم انهَضُوا إِلَي حُجرَةِ عَائِشَةَ فَتَشَاوَرُوا فِيهَا، وَ وَضَعَ رَأسَهُ وَ قَد نَزَفَهُ الدّمُ،فَدَخَلُوا الحُجرَةَ وَ تَنَاجَوا حَتّي ارتَفَعَت أَصوَاتُهُم، فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَم يَمُت بَعدُ فَفِيمَ هَذَا اللّغَطُ، وَ انتَبَهَ عُمَرُ وَ سَمِعَ الأَصوَاتَ، فَقَالَ أَعرِضُوا عَنهَا فَإِذَا أَنَا مِتّ فَتَشَاوَرُوا ثَلَاثَةَ أَيّامٍ، وَ ليُصَلّ بِالنّاسِ صُهَيبٌ، وَ لَا يَأتِيَنّ اليَومُ الرّابِعُ مِن موَتيِ إِلّا وَ عَلَيكُم أَمِيرٌ، وَ ليَحضُر عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ مُشِيراً وَ لَيسَ لَهُ شَيءٌ مِنَ الأَمرِ، وَ طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ شَرِيكُكُم فِي الأَمرِ، فَإِن قَدِمَ إِلَي ثَلَاثَةِ أَيّامٍ فَأَحضِرُوهُ أَمرَكُم، وَ إِلّا فَأَرضُوهُ، وَ مَن لِي بِرِضَا طَلحَةَ. فَقَالَ سَعدٌ أَنَا لَكَ بِهِ وَ لَن نُخَالِفَ إِن شَاءَ اللّهُ. ثُمّ ذَكَرَ وَصِيّتَهُ لأِبَيِ طَلحَةَ الأنَصاَريِّ وَ مَا خُصّ بِهِ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَوفٍ مِن كَونِ الحَقّ فِي الفِئَةِ التّيِ هُوَ فِيهَا، وَ أَمَرَهُ بِقَتلِ مَن يُخَالِفُ، ثُمّ خَرَجَ النّاسُ، فَقَالَ عَلِيّ لِلعَبّاسِ عُدِلَ بِالأَمرِ عنَيّ يَا عَمّ. قَالَ وَ مَا عِلمُكَ. قَالَ قَرَنَ بيِ عُثمَانَ، وَ قَالَ كُونُوا مَعَ الأَكثَرِ، فَإِن رضَيَِ رَجُلَانِ رَجُلًا وَ رَجُلَانِ رَجُلًا فَكُونَا مَعَ الّذِينَ فِيهِم عَبدُ الرّحمَنِ،فَسَعدٌ لَا يُخَالِفُ ابنَ عَمّهِ، وَ عَبدُ الرّحمَنِ صِهرُ عُثمَانَ لَا يَختَلِفَانِ،فَيُوَلّيهَا أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَلَو كَانَ الآخَرَانِ معَيِ لَم يُغنِيَا شَيئاً. فَقَالَ العَبّاسُ لَم أَرفَعكَ إِلَي شَيءٍ إِلّا رَجَعتَ إلِيَّ مُستَأخِراً بِمَا أَكرَهُ،أَشَرتُ عَلَيكَ عِندَ
صفحه : 397
مَرَضِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَن تَسأَلَهُ عَن هَذَا الأَمرِ فِيمَن هُوَ فَأَبَيتَ، وَ أَشَرتُ عَلَيكَ عِندَ وَفَاتِهِ أَن تُعَاجِلَ البَيعَةَ فَأَبَيتَ، وَ قَد أَشَرتُ عَلَيكَ حِينَ سَمّاكَ عُمَرُ فِي الشّورَي اليَومَ أَن تَرفَعَ نَفسَكَ عَنهَا وَ لَا تَدخُلَ مَعَهُم،فَأَبَيتَ،فَاحفَظ عنَيّ وَاحِدَةً،كُلّمَا عَرَضَ عَلَيكَ القَومُ الأَمرَ فَقُل لَا، إِلّا أَن يُوَلّوكَ، وَ اعلَم أَنّ هَؤُلَاءِ لَا يَبرَحُونَ يَدفَعُونَكَ عَن هَذَا الأَمرِ حَتّي يَقُومَ لَكَ بِهِ غَيرُكَ، وَ ايمُ اللّهِ لَا تَنَالُهُ إِلّا بِشّرٍ لَا يَنفَعُ مَعَهُ خَيرٌ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَمَا إنِيّ أَعلَمُ أَنّهُم سَيُوَلّونَ عُثمَانَ، وَ لَيُحدِثَنّ البِدَعَ وَ الأَحدَاثَ، وَ لَئِن بقَيَِ لَأُذَكّرَنّكَ وَ إِن قُتِلَ أَو مَاتَ لَيَتَدَاوَلُنّهَا بَنُو أُمَيّةَ بَينَهُم، وَ إِن كُنتُ حَيّاً لتَجَدِنُيِ حَيثُ يَكرَهُونَ، ثُمّ تَمَثّلَ
حَلَفتُ بِرَبّ الرّاقِصَاتِ عَشِيّةَ | غَدَونَ خِفَافاً يَبتَدِرنَ المُحَصّبَا |
لَيَحتَلِبُنّ رَهطُ ابنِ يَعمَرَ غُدوَةً | بَخِيعاً بَنُو الشّدَاخِ وِرداً مصلبا |
صفحه : 398
قَالَ ثُمّ التَفَتَ فَرَأَي أَبَا طَلحَةَ الأنَصاَريِّ فَكَرِهَ مَكَانَهُ، فَقَالَ أَبُو طَلحَةَ لَا تَرُع أَبَا حَسَنٍ ..
و هذا ألذي حكيناه عن الطبري.ذكره
ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ،قَالُوا ثُمّ قَالَ عُمَرُ ادعُو لِي أَبَا طَلحَةَ الأنَصاَريِّ،فَدَعَوهُ لَهُ، فَقَالَ يَا أَبَا طَلحَةَ إِنّ اللّهَ طَالَمَا أَعَزّ بِكُمُ الإِسلَامَ، فَإِذَا عُدتُم مِن حفُرتَيِ فَاختَر خَمسِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنصَارِ حاَملِيِ سُيُوفِهِم وَ خُذ هَؤُلَاءِ النّفَرَ بِإِمضَاءِ الأَمرِ وَ تَعجِيلِهِ، وَ اجمَعهُم فِي بَيتٍ وَ قِف بِأَصحَابِكَ عَلَي بَابِ البَيتِ لِيَتَشَاوَرُوا وَ يَختَارُوا وَاحِداً مِنهُم، فَإِنِ اتّفَقَ خَمسٌ وَ أَبَي وَاحِدٌ فَاشدَخ رَأسَهُ بِالسّيفِ، وَ إِنِ اتّفَقَ أَربَعَةٌ وَ أَبَي اثنَانِ فَاضرِب أَعنَاقَهُمَا، وَ إِنِ اتّفَقَ ثَلَاثَةٌ وَ خَالَفَ ثَلَاثَةٌ فَانظُرِ الثّلَاثَةَ التّيِ فِيهَا عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَوفٍ فَإِن أَصَرّتِ الثّلَاثَةُ الأُخرَي عَلَي خِلَافِهَا فَاضرِب أَعنَاقَهَا.
وَ فِي رِوَايَةِ ابنِ الأَثِيرِ فَإِن رضَيَِ ثَلَاثَةٌ فَحَكّمُوا عَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ، فَإِن لَم يَرضَوا بِحُكمِ عَبدِ اللّهِ فَكُونُوا مَعَ الّذِينَ فِيهِم عَبدُ الرّحمَنِ وَ اقتُلُوا البَاقِينَ. ثُمّ قَالَ وَ إِن مَضَت ثَلَاثَةُ أَيّامٍ وَ لَم يَتّفِقُوا عَلَي الأَمرِ فَاضرِب أَعنَاقَ السّتّةِ وَ دَعِ المُسلِمِينَ يَختَارُوا لِأَنفُسِهِم، فَلَمّا دُفِنَ عُمَرُ،جَمَعَهُم أَبُو طَلحَةَ الأنَصاَريِّ فِي بَيتِ المِسوَرِ بنِ مَخرَمَةَ، وَ قِيلَ فِي بَيتِ المَالِ، وَ قِيلَ فِي حُجرَةِ عَائِشَةَ بِإِذنِهَا، وَ وَقَفَ عَلَي بَابِ البَيتِ بِالسّيفِ فِي خَمسِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنصَارِ حاَملِيِ سُيُوفِهِم،فَجَاءَ عَمرُو بنُ العَاصِ وَ المُغِيرَةُ بنُ شُعبَةَ فَجَلَسَا عَلَي بَابِ البَيتِ فَحَصَبَهُمَا سَعدٌ
صفحه : 399
وَ أَقَامَهُمَا وَ قَالَ تُرِيدَانِ أَن تَقُولَا حَضَرنَا وَ كُنّا فِي أَهلِ الشّورَي، ثُمّ تَكَلّمَ أَهلُ الشّورَي فَأَشهَدَهُم طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ عَلَي نَفسِهِ أَنّهُ قَد وَهَبَ حَقّهُ مِنَ الشّورَي لِعُثمَانَ، وَ ذَلِكَ لِعِلمِهِ أَنّ النّاسَ لَا يَعدِلُونَ بِهِ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ وَ عُثمَانَ، وَ أَنّ الخِلَافَةَ لَا تَخلُصُ لَهُ،فَأَرَادَ تَقوِيَةَ أَمرِ عُثمَانَ وَ إِضعَافَ جَانِبِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ بِهِبَتِهِ أمر[أَمراً] لَا انتِفَاعَ لَهُ بِهِ، وَ ذَلِكَ كَانَ لِانحِرَافِهِ عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ لِكَونِهِ تَيمِيّاً وَ ابنَ عَمّ أَبِي بَكرٍ، وَ قَد كَانَ فِي صُدُورِ بنَيِ هَاشِمٍ حَنَقٌ وَ غَيظٌ عَلَي بنَيِ تَيمٍ لِخِلَافَةِ أَبِي بَكرٍ، وَ كَذَا فِي صُدُورِ تَيمٍ عَلَي بنَيِ هَاشِمٍ، فَلَمّا رَأَي زُبَيرٌ ذَلِكَ قَالَ وَ أَنَا أُشهِدُكُم عَلَي نفَسيِ أنَيّ قَد وَهَبتُ حقَيّ مِنَ الشّورَي لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ ذَلِكَ لِمَا دَخَلَتهُ مِن حَمِيّةِ النّسَبِ، وَ ذَلِكَ لِأَنّهُ كَانَ ابنَ عَمّةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ هيَِ صَفِيّةُ بِنتُ عَبدِ المُطّلِبِ، وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ خَالَهُ فبَقَيَِ مِنَ السّتّةِ أَربَعَةٌ، فَقَالَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ وَ أَنَا قَد وَهَبتُ حقَيّ لِابنِ عمَيّ عَبدِ الرّحمَنِ وَ ذَلِكَ لِأَنّهُمَا كَانَا مِن بنَيِ زُهرَةَ، وَ كَانَ سَعدٌ يَعلَمُ أَنّ الأَمرَ لَا يَتِمّ لَهُ، فَلَمّا لَم يَبقَ إِلّا الثّلَاثَةُ قَالَ عَبدُ الرّحمَنِ لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ عُثمَانَ أَيّكُمَا يُخرِجُ نَفسَهُ مِنَ الخِلَافَةِ وَ يَكُونَ إِلَيهِ الِاختِيَارُ فِي الِاثنَينِ البَاقِيَينِ.فَلَم يَتَكَلّم مِنهُمَا أَحَدٌ، فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ أُشهِدُكُم أنَيّ قَد أَخرَجتُ نفَسيِ مِنَ الخِلَافَةِ عَلَي أَن أَختَارَ أَحَدَهُمَا،فَأَمسَكَا،فَبَدَأَ بعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ لَهُ أُبَايِعُكَ عَلَي كِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ رَسُولِهِ(ص ) وَ سِيرَةِ الشّيخَينِ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ. فَقَالَ بَل عَلَي كِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ رَسُولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ اجتِهَادِ رأَييِ،فَعَدَلَ عَنهُ إِلَي عُثمَانَ،فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَيهِ، فَقَالَ نَعَم،فَعَادَ إِلَي عَلِيّ( ع )فَأَعَادَ قَولَهُ،فَعَلَ عَبدُ الرّحمَنِ ذَلِكَ ثَلَاثاً، فَلَمّا رَأَي أَنّ عَلِيّاً
صفحه : 400
غَيرُ رَاجِعٍ عَمّا قَالَهُ، وَ أَنّ عُثمَانَ يُنعِمُ لَهُ بِالإِجَابَةِ،صَفَقَ عَلَي يَدِ عُثمَانَ، فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ اللّهِ مَا فَعَلتَهَا إِلّا لِأَنّكَ رَجَوتَ مِنهُ مَا رَجَا صَاحِبُكُمَا مِن صَاحِبِهِ،دَقّ اللّهُ بَينَكُمَا عِطرَ مَنشِمَ.قَالُوا فَفَسَدَ بَعدَ ذَلِكَ بَينَ عُثمَانَ وَ عَبدِ الرّحمَنِ فَلَم يُكَلّم أَحَدُهُمَا الآخَرَ حَتّي مَاتَ عَبدُ الرّحمَنِ.
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ، عَن أَبِي هِلَالٍ العسَكرَيِّ فِي كِتَابِ الأَوَائِلِ استُجِيبَت دَعوَةُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فِي عُثمَانَ وَ عَبدِ الرّحمَنِ فَمَا مَاتَا إِلّا مُتَهَاجِرَينِ مُتَعَادِيَينِ،... وَ لَمّا بَنَي عُثمَانُ قَصرَهُ طَمَارَ وَ الزّورَاءَ وَ صَنَعَ طَعَاماً كَثِيراً وَ دَعَا النّاسَ إِلَيهِ كَانَ فِيهِم عَبدُ الرّحمَنِ، فَلَمّا نَظَرَ إِلَي البِنَاءِ وَ الطّعَامِ، قَالَ يَا ابنَ عَفّانَ لَقَد صَدّقنَا عَلَيكَ مَا كُنّا نُكَذّبُ فِيكَ، وَ إنِيّ أَستَعِيذُ اللّهَ مِن بَيعَتِكَ،فَغَضِبَ عُثمَانُ، وَ قَالَ أَخرِجهُ عنَيّ يَا غُلَامُ،فَأَخرَجُوهُ، وَ أَمَرَ النّاسَ أَن لَا يُجَالِسُوهُ،فَلَم يَكُن يَأتِيهِ أَحَدٌ إِلّا ابنُ عَبّاسٍ، كَانَ يَأتِيهِ فَيَتَعَلّمُ مِنهُ القُرآنَ وَ الفَرَائِضَ، وَ مَرِضَ عَبدُ الرّحمَنِ فَعَادَهُ عُثمَانُ وَ كَلّمَهُ فَلَم يُكَلّمهُ حَتّي مَاتَ.
و ألذي يظهر من رواية ابن الأثير في الكامل و محمد بن جرير في تاريخه هو أنّه لم يتحقّق بيعة عثمان في اليوم الأول من الشوري .
قَالَ ابنُ الأَثِيرِ كَانَ عَبدُ الرّحمَنِ يَدُورُ لَيَالِيَهُ يَلقَي أَصحَابَ رَسُولِ اللّهِ
صفحه : 401
صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ أُمَرَاءَ الأَجنَادِ يُشَاوِرُهُم حَتّي إِذَا كَانَتِ اللّيلَةُ التّيِ صَبِيحَتُهَا تُستَكمَلُ الأَيّامُ الثّلَاثَةُ التّيِ أَجّلَهَا عُمَرُ أَتَي مَنزِلَ المِسوَرِ بنِ مَخرَمَةَ فَأَيقَظَهُ، وَ قَالَ إنِيّ لَم أَذُق فِي هَذِهِ اللّيلَةِ كَثِيرَ غَمضٍ،فَانطَلِق فَادعُ الزّبَيرَ وَ سَعداً،فَدَعَاهُمَا فَبَدَأَ بِالزّبَيرِ، فَقَالَ لَهُ خَلّ ابنيَ عَبدِ مَنَافٍ وَ هَذَا الأَمرَ، فَقَالَ نصَيِبيِ لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ قَالَ لِسَعدٍ اجعَل نَصِيبَكَ لِي. فَقَالَ إِنِ اختَرتَ نَفسَكَ فَنَعَم، وَ إِنِ اختَرتَ عُثمَانَ فعَلَيِّ أَحَبّ إلِيَّ،أَيّهَا الرّجُلُ بَايِع لِنَفسِكَ وَ أَرِحنَا. فَقَالَ لَهُ جَعَلتُ عَلَي نفَسيِ أَن أَختَارَ وَ إِن لَم أَفعَل لَم أَرُدّهَا،إنِيّ رَأَيتُ رَوضَةً خَضرَاءَ كَثِيرَةَ العُشبِ فَدَخَلَ فَحلٌ مَا رَأَيتُ أَكرَمَ مِنهُ فَمَرّ كَأَنّهُ سَهمٌ وَ لَم يَلتَفِت إِلَي شَيءٍ مِنهَا حَتّي قَطَعَهَا وَ لَم يَعرُج، وَ دَخَلَ بَعِيرٌ يَتلُوهُ وَ اتّبَعَ أَثَرَهُ حَتّي خَرَجَ مِنهَا، ثُمّ دَخَلَ فَحلٌ عبَقرَيِّ يَجُرّ خِطَامَهُ وَ مَضَي قَصدَ الأَوّلَينِ، ثُمّ دَخَلَ بَعِيرٌ رَابِعٌ فَوَقَعَ فِي الرّوضَةِ، وَ لَا وَ اللّهِ لَا أَكُونُ الرّابِعَ، إِنّ أَحَداً وَ لَا يَقُومُ مَقَامَ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ بَعدَهُمَا فَيَرضَي النّاسُ عَنهُ. قَالَ وَ أَرسَلَ المِسوَرُ يسَتدَعيِ عَلِيّاً فَنَاجَاهُ طَوِيلًا ثُمّ أَرسَلَ إِلَي عُثمَانَ
صفحه : 402
فَتَنَاجَيَا حَتّي فَرّقَ بَينَهُمَا الصّبحُ ...، فَلَمّا صَلّوُا الصّبحَ جَمَعَ الرّهطَ وَ بَعَثَ إِلَي مَن حَضَرَهُ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ أَهلِ السّابِقَةِ وَ الفَضلِ مِنَ الأَنصَارِ وَ إِلَي أُمَرَاءِ الأَجنَادِ فَاجتَمَعُوا حَتّي ارتَجّ المَسجِدُ بِأَهلِهِ، فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ النّاسَ قَد أَحَبّوا أَن يَرجِعَ أَهلُ الأَمصَارِ إِلَي أَمصَارِهِم فَأَشِيرُوا عَلَيّ. فَقَالَ عَمّارٌ إِن أَرَدتَ أَن لَا يَختَلِفَ النّاسُ فَبَايِع عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ. فَقَالَ المِقدَادُ بنُ الأَسوَدِ صَدَقَ عَمّارٌ، إِن بَايَعتَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ قُلنَا سَمعاً وَ طَاعَةً. فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ أَبِي سَرحٍ إِن أَرَدتَ أَن لَا يَختَلِفَ قُرَيشٌ فَبَايِع عُثمَانَ. فَقَالَ عَبدُ اللّهِ أَبِي رَبِيعَةَ المخَزوُميِّ صَدَقَ، إِنِ بَايَعتَ عُثمَانَ قُلنَا سَمِعنَا وَ أَطَعنَا ...،فَشَتَمَ عَمّارٌ ابنَ أَبِي سَرحٍ، وَ قَالَ مَتَي كُنتَ تَنصَحُ المُسلِمِينَ.فَتَكَلّمَ بَنُو هَاشِمٍ وَ بَنُو أُمَيّةَ، فَقَالَ عَمّارٌ أَيّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ أَكرَمَنَا بِنَبِيّهِ فَأَنّي تَصرِفُونَ هَذَا الأَمرَ عَن أَهلِ بَيتِ نَبِيّكُم. فَقَالَ رَجُلٌ مِن بنَيِ مَخزُومٍ لَقَد عَدَوتَ طَورَكَ يَا ابنَ سُمَيّةَ، وَ مَا أَنتَ وَ تَأمِيرُ قُرَيشٍ لِأَنفُسِهَا. فَقَالَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ يَا عَبدَ الرّحمَنِ افرُغ مِن أَمرِكَ قَبلَ أَن يَفتَتِنَ النّاسُ. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ إنِيّ قَد نَظَرتُ وَ شَاوَرتُ فَلَا تَجعَلَنّ أَيّهَا الرّهطُ عَلَي أَنفُسِكُم سَبِيلًا، وَ دَعَا عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ عَلَيكَ عَهدُ اللّهِ وَ مِيثَاقُهُ لَتَعمَلَنّ بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ رَسُولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] وَ سِيرَةِ الخَلِيفَتَينِ مِن بَعدِهِ. قَالَ أَرجُو أَن أَفعَلَ وَ أَعمَلَ بِمَبلَغِ علِميِ وَ طاَقتَيِ، وَ دَعَا عُثمَانَ، فَقَالَ لَهُ مِثلَ مَا قَالَ لعِلَيِّ، فَقَالَ نَعَم،فَرَفَعَ عَبدُ الرّحمَنِ رَأسَهُ إِلَي سَقفِ المَسجِدِ وَ يَدُهُ فِي يَدِ عُثمَانَ، فَقَالَ أللّهُمّ اسمَع وَ اشهَد، أللّهُمّ إنِيّ جَعَلتُ مَا برِقَبَتَيِ مِن ذَاكَ فِي رَقَبَةِ عُثمَانَ،فَبَايَعَهُ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ لَيسَ هَذَا بِأَوّلِ يَومٍ تَظَاهَرتُم فِيهِ
صفحه : 403
عَلَينَا،(فَصَبرٌ جَمِيلٌ وَ اللّهُ المُستَعانُ عَلي ما تَصِفُونَ)، وَ اللّهِ مَا وَلّيتَ عُثمَانَ إِلّا لِيَرُدّ الأَمرَ إِلَيكَ، وَ اللّهُ كُلّ يَومٍ فِي شَأنٍ. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ يَا عَلِيّ لَا تَجعَلَنّ عَلَي نَفسِكَ سَبِيلًا يعَنيِ يَقتُلُكَ أَبُو طَلحَةَ حَسَبَ مَا أَمَرَهُ بِهِ عُمَرُ.فَخَرَجَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ هُوَ يَقُولُ سَيَبلُغُ الكِتَابُ أَجَلَهُ. فَقَالَ عَمّارٌ يَا عَبدَ الرّحمَنِ لَقَد تَرَكتُهُ وَ إِنّهُ مِنَ الّذِينَ يَقضُونَ بِالحَقّ وَ بِهِ يَعدِلُونَ ...، ثُمّ قَالَ المِقدَادُ تَاللّهِ مَا رَأَيتُ مِثلَ مَا أتُيَِ إِلَي أَهلِ هَذَا البَيتِ بَعدَ نَبِيّهِم،إنِيّ لَأَعجَبُ مِن قُرَيشٍ أَنّهُم تَرَكُوا رَجُلًا مَا أَقُولُ وَ لَا أَعلَمُ أَنّ أَحَداً أَقضَي بِالحَقّ وَ لَا أَعلَمُ وَ لَا أَتقَي مِنهُ، أَمَا وَ اللّهِ لَو أَجِدُ أَعوَاناً عَلَيهِ لَقَاتَلتُهُم. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ اتّقِ اللّهَ يَا مِقدَادُ فإَنِيّ خَائِفٌ عَلَيكَ الفِتنَةَ ... وَ قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إنِيّ لَأَعلَمُ مَا فِي أَنفُسِهِم، إِنّ النّاسَ يَنظُرُونَ إِلَي قُرَيشٍ وَ قُرَيشٌ تَنظُرُ فِي صَلَاحِ شَأنِهَا،فَتَقُولُ إِن ولُيَّ عَلَيكُم بَنُو هَاشِمٍ لَم تَخرُج مِنهُم أَبَداً، وَ مَا كَانَ فِي غَيرِهِم فَهُوَ مُتَدَاوَلٌ فِي بُطُونِ قُرَيشٍ. قَالَ وَ قَدِمَ طَلحَةُ فِي اليَومِ ألّذِي بُويِعَ فِيهِ لِعُثمَانَ،فَقِيلَ لَهُ بَايِع لِعُثمَانَ. فَقَالَ كُلّ قُرَيشٍ رَاضٍ بِهِ.قَالُوا نَعَم،فَأَتَي عُثمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ أَنتَ عَلَي رَأسِ أَمرِكَ وَ إِن أَبَيتَ رَدَدتُهَا. قَالَ أَ تَرُدّهَا. قَالَ نَعَم. قَالَ أَ كُلّ النّاسِ بَايَعُوكَ. قَالَ نَعَم. قَالَ قَد رَضِيتُ، لَا أَرغَبُ عَمّا أَجمَعُوا عَلَيهِ. وَ قَالَ المُغِيرَةُ بنُ شُعبَةَ لِعَبدِ الرّحمَنِ يَا أَبَا مُحَمّدٍ قَد أَصَبتَ إِن بَايَعتَ عُثمَانَ، وَ قَالَ
صفحه : 404
لِعُثمَانَ لَو بَايَعَ عَبدُ الرّحمَنِ غَيرَكَ مَا رَضِينَا. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ كَذَبتَ يَا أَعوَرُ لَو بَايَعتُ غَيرَ عُثمَانَ لَبَايَعتَهُ وَ لَقُلتَ هَذِهِ المَقَالَةَ، قَالَ وَ كَانَ المِسوَرُ يَقُولُ مَا رَأَيتُ أَحَداً مَدّ قَوماً فِيمَا دَخَلُوا فِيهِ بِمِثلِ مَا مَدّهُم عَبدُ الرّحمَنِ. ثُمّ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ وَ قَد ذَكَرَ أَبُو جَعفَرٍ رِوَايَةً أُخرَي فِي الشّورَي، عَنِ المِسوَرِ بنِ مَخرَمَةَ قَرِيباً مِمّا تَقَدّمَ، غَيرَ أَنّهُ قَالَ لَمّا دَفَنُوا عُمَرَ جَمَعَهُم عَبدُ الرّحمَنِ وَ خَطَبَهُم وَ أَمَرَهُم بِالِاجتِمَاعِ وَ تَركِ التّفَرّقِ،فَتَكَلّمَ عُثمَانُ ...
ذَكَرَ ابنُ الأَثِيرِ مَا خَطَبَ بِهِ عُثمَانُ ثُمّ الزّبَيرُ وَ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَي إِيرَادِ خُطبَتِهِمَا. ثُمّ أَورَدَ كَلَامَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ هُوَ قَولُهُالحَمدُ لِلّهِ ألّذِي اختَارَ مُحَمّداً صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِنّا نَبِيّاً وَ ابتَعَثَهُ إِلَينَا رَسُولًا،فَنَحنُ أَهلُ بَيتِ النّبُوّةِ وَ مَعدِنُ الحِكمَةِ، وَ أَمَانٌ لِأَهلِ الأَرضِ، وَ نَجَاةٌ لِمَن طَلَبَ، إِنّ لَنَا حَقّاً إِن نُعطَهُ نَأخُذهُ وَ إِن نُمنَعهُ نَركَب أَعجَازَ الإِبِلِ وَ إِن طَالَ السّرَي، لَو عَهِدَ إِلَينَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَهداً لَأَنفَذنَا عَهدَهُ، وَ لَو قَالَ لَنَا قَولًا لَجَادَلنَا عَلَيهِ حَتّي نَمُوتَ،لَن يُسرِعَ أَحَدٌ قبَليِ إِلَي دَعوَةِ حَقّ وَ صِلَةِ رَحِمٍ، وَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ،اسمَعُوا كلَاَميِ وَ عُوا منَطقِيِ عَسَي أَن تَرَوا هَذَا الأَمرَ
صفحه : 405
بَعدَ هَذَا الجَمعِ تُنتَضَي فِيهِ السّيُوفُ، وَ تُخَانُ فِيهِ العُهُودُ، حَتّي لَا يَكُونَ لَكُم جَمَاعَةٌ، وَ حَتّي يَكُونَ بَعضُكُم أَئِمّةً لِأَهلِ الضّلَالَةِ، وَ شِيعَةً لِأَهلِ الجَهَالَةِ.
وَ قَد رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ هَذَا الكَلَامَ، عَن أَبِي جَعفَرٍ مُحَمّدِ بنِ جَرِيرٍ الطبّرَيِّ، ثُمّ قَالَ وَ ذَكَرَ الهرَوَيِّ فِي كِتَابِ الجَمعِ بَينَ الغَرِيبَينِ قَولَهُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ إِن نُمنَعهُ نَركَب أَعجَازَ الإِبِلِ ..
وفسّره علي وجهين أحدهما أنّ من ركب عجز البعير يعاني مشقّة،فكأنّه قال و إن نمنعه نصبر علي المشقّة كمايصبر عليها راكب عجز البعير. والوجه الثاني أنّه أراد نتبع غيرنا كما أنّ راكب عجز البعير يكون رديفا لمن هوأمامه ،فكأنّه قال و إن نمنعه نتأخّر ونتبع غيرنا كمايتأخّر راكب عجز البعير.
صفحه : 407
ج روُيَِ عَن سُلَيمِ بنِ قَيسٍ الهلِاَليِّ، أَنّهُ قَالَرَأَيتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ فِي مَسجِدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي خِلَافَةِ عُثمَانَ وَ جَمَاعَةٌ يَتَحَدّثُونَ وَ يَتَذَاكَرُونَ العِلمَ،فَذَكَرُوا قُرَيشاً وَ فَضلَهَا وَ سَوَابِقَهَا وَ هِجرَتَهَا وَ مَا قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِنَ الفَضلِ،مِثلَ قَولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الأَئِمّةُ مِن قُرَيشٍ. وَ قَولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ النّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيشٍ وَ قُرَيشٌ أَئِمّةُ العَرَبِ. وَ قَولِهِ لَا تَسُبّوا قُرَيشاً. وَ قَولِهِ إِنّ للِقرُشَيِّ مِثلَ قُوّةِ رَجُلَينِ مِن غَيرِهِم. وَ قَولِهِ مَن أَبغَضَ قُرَيشاً أَبغَضَهُ اللّهُ. وَ قَولِهِ مَن أَرَادَ هَوَانَ قُرَيشٍ أَهَانَهُ اللّهُ .. وَ ذَكَرُوا الأَنصَارَ وَ فَضلَهَا وَ سَوَابِقَهَا وَ نُصرَتَهَا وَ مَا أَثنَي اللّهُ عَلَيهِم فِي كِتَابِهِ، وَ مَا قَالَ فِيهِم
صفحه : 408
رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِنَ الفَضلِ، وَ ذَكَرُوا مَا قَالَهُ فِي سَعدِ بنِ مُعَاذٍ وَ فِي جَنَازَتِهِ، وَ ألّذِي غَسّلَتهُ المَلَائِكَةُ، وَ ألّذِي حَمّتهُ الدّبُرُ .. فَلَم يَدَعُوا شَيئاً مِن فَضلِهِم حَتّي قَالَ كُلّ حيَّ مِنّا فُلَانٌ وَ فُلَانٌ. وَ قَالَت قُرَيشٌ مِنّا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ مِنّا حَمزَةُ، وَ مِنّا جَعفَرٌ، وَ مِنّا عُبَيدَةُ بنُ الحَارِثِ، وَ زَيدُ بنُ حَارِثَةَ، وَ مِنّا أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ وَ سَعدٌ وَ أَبُو عُبَيدَةَ وَ سَالِمٌ وَ ابنُ عَوفٍ .. فَلَم يَدَعُوا مِنَ الحَيّينِ أَحَداً مِن أَهلِ السّابِقَةِ إِلّا سَمّوهُ، وَ فِي الحَلقَةِ أَكثَرُ مِن ماِئتَيَ رَجُلٍ فِيهِم عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ وَ عَبدُ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ وَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ وَ عَمّارٌ وَ المِقدَادُ وَ أَبُو ذَرّ وَ هَاشِمُ بنُ عُتبَةَ وَ ابنُ عُمَرَ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ عَلَيهِمَا السّلَامُ وَ ابنُ عَبّاسٍ وَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ، وَ مِنَ الأَنصَارِ أُبَيّ بنُ كَعبٍ وَ زَيدُ بنُ ثَابِتٍ وَ أَبُو أَيّوبَ الأنَصاَريِّ وَ أَبُو الهَيثَمِ بنُ التّيّهَانِ وَ مُحَمّدُ بنُ سَلَمَةَ وَ قَيسُ بنُ سَعدِ بنِ عُبَادَةَ وَ جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ وَ أَبُو مَريَمَ وَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ وَ زَيدُ بنُ أَرقَمَ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ أَبِي أَوفَي، وَ أَبُو لَيلَي وَ مَعَهُ ابنُهُ عَبدُ الرّحمَنِ قَاعِداً بِجَنبِهِ غُلَامٌ صَبِيحُ الوَجهِ مَدِيدُ القَامَةِ أَمرَدُ،فَجَاءَ أَبُو الحَسَنِ البصَريِّ وَ مَعَهُ ابنُهُ الحَسَنُ غُلَامٌ أَمرَدُ صَبِيحُ الوَجهِ مُعتَدِلُ القَامَةِ، قَالَ فَجَعَلتُ أَنظُرُ إِلَيهِ وَ إِلَي عَبدِ الرّحمَنِ
صفحه : 409
ابنِ أَبِي لَيلَي فَلَا أدَريِ أَيّهُمَا أَجمَلُ، غَيرَ أَنّ الحَسَنَ أَعظَمُهُمَا وَ أَطوَلُهُمَا، وَ أَكثَرُ القَومِ وَ ذَلِكَ مِن بُكرَةٍ إِلَي حِينِ الزّوَالِ وَ عُثمَانُ فِي دَارِهِ لَا يَعلَمُ بشِيَءٍ مِمّا هُم فِيهِ، وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ لَا يَنطِقُ هُوَ وَ لَا أَحَدٌ مِن أَهلِ بَيتِهِ،فَأَقبَلَ القَومُ عَلَيهِ،فَقَالُوا يَا أَبَا الحَسَنِ مَا يَمنَعُكَ أَن تَتَكَلّمَ. فَقَالَ مَا مِنَ الحَيّينِ أَحَدٌ إِلّا وَ قَد ذَكَرَ فَضلًا وَ قَالَ حَقّاً،فَأَنَا أَسأَلُكُم يَا مَعَاشِرَ قُرَيشٍ وَ الأَنصَارِ بِمَن أَعطَاكُمُ اللّهُ هَذَا الفَضلَ أَ بِأَنفُسِكُم وَ عَشَائِرِكُم وَ أَهلِ بُيُوتَاتِكُم أَم بِغَيرِكُم.قَالُوا بَل أَعطَانَا اللّهُ وَ مَنّ بِهِ عَلَينَا بِمُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ عَشِيرَتِهِ لَا بِأَنفُسِنَا وَ عَشَائِرِنَا وَ لَا بِأَهلِ بُيُوتَاتِنَا. قَالَ صَدَقتُم، يَا مَعَاشِرَ قُرَيشٍ وَ الأَنصَارِ أَ لَستُم تَعلَمُونَ أَنّ ألّذِي نِلتُم بِهِ مِن خَيرِ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ مِنّا أَهلَ البَيتِ خَاصّةً دُونَ غَيرِهِم فَإِنّ ابنَ عمَيّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ إنِيّ وَ أَهلَ بيَتيِ كُنّا نُوراً بَينَ يدَيَِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ آدَمَ عَلَيهِ السّلَامُ بِأَربَعَةَ عَشَرَ أَلفَ سَنَةٍ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ آدَمَ وَضَعَ ذَلِكَ النّورَ فِي صُلبِهِ وَ أَهبَطَهُ إِلَي الأَرضِ، ثُمّ حَمَلَهُ فِي السّفِينَةِ فِي صُلبِ نُوحٍ عَلَيهِ السّلَامُ، ثُمّ قَذَفَ بِهِ فِي النّارِ فِي صُلبِ اِبرَاهِيمَ عَلَيهِ السّلَامُ، ثُمّ لَم يَزَلِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَنقُلُنَا مِنَ الأَصلَابِ الكَرِيمَةِ إِلَي الأَرحَامِ الطّاهِرَةِ، وَ مِنَ الأَرحَامِ الطّاهِرَةِ إِلَي الأَصلَابِ الكَرِيمَةِ مِنَ الآبَاءِ وَ الأُمّهَاتِ لَم يَلتَقِ وَاحِدٌ مِنهُم عَلَي سِفَاحٍ قَطّ. فَقَالَ أَهلُ السّابِقَةِ وَ القِدمَةِ وَ أَهلُ بَدرٍ وَ أَهلُ أُحُدٍ نَعَم قَد سَمِعنَا ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. ثُمّ قَالَ أَنشُدُكُم بِاللّهِ، أَ تَعلَمُونَ أنَيّ أَوّلُ الأُمّةِ إِيمَاناً بِاللّهِ وَ بِرَسُولِهِ.
صفحه : 410
قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ، أَ تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فَضّلَ فِي كِتَابِهِ السّابِقَ عَلَي المَسبُوقِ فِي غَيرِ آيَةٍ، وَ إنِيّ لَم يسَبقِنيِ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ إِلَي رَسُولِهِ(ص )أَحَدٌ مِن هَذِهِ الأُمّةِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَنشُدُكُم بِاللّهِ، أَ تَعلَمُونَ حَيثُ نَزَلَت( وَ السّابِقُونَ الأَوّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ وَ الأَنصارِ)( وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ المُقَرّبُونَ)سُئِلَ عَنهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ، فَقَالَ أَنزَلَهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي الأَنبِيَاءِ وَ فِي أَوصِيَائِهِم،فَأَنَا أَفضَلُ أَنبِيَاءِ اللّهِ وَ رُسُلِهِ وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وصَيِيّ أَفضَلُ الأَوصِيَاءِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ، أَ تَعلَمُونَ حَيثُ نَزَلَت( يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرّسُولَ وَ أوُليِ الأَمرِ مِنكُم)، وَ حَيثُ نَزَلَت(إِنّما وَلِيّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاةَ وَ يُؤتُونَ الزّكاةَ وَ هُم راكِعُونَ)، وَ حَيثُ نَزَلتَ( وَ لَم يَتّخِذُوا مِن دُونِ اللّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا المُؤمِنِينَ وَلِيجَةً). قَالَ النّاسُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ خَاصّةٌ فِي بَعضِ المُؤمِنِينَ أَم عَامّةٌ بِجَمِيعِهِم فَأَمَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ نَبِيّهُ أَن يُعلِمَهُم وُلَاةَ أَمرِهِم وَ أَن يُفَسّرَ لَهُم مِنَ الوَلَايَةِ مَا فَسّرَ لَهُم مِن صَلَاتِهِم وَ زَكَاتِهِم وَ صَومِهِم وَ حَجّهِم،فنَصَبَنَيِ لِلنّاسِ بِغَدِيرِ خُمّ، ثُمّ خَطَبَ
صفحه : 411
فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ أرَسلَنَيِ بِرِسَالَةٍ ضَاقَ بِهَا صدَريِ فَظَنَنتُ أَنّ النّاسَ مكُذَبّوُنيِ فأَوَعدَنَيِ لَأُبَلّغُهَا أَو ليَعُذَبّنَيّ، ثُمّ أَمَرَ فنَوُديَِ بِالصّلَاةِ جَامِعَةً ثُمّ خَطَبَ، فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ أَ تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ موَلاَيَ وَ أَنَا مَولَي المُؤمِنِينَ، وَ أَنَا أَولَي بِهِم مِن أَنفُسِهِم.قَالُوا بَلَي يَا رَسُولَ اللّهِ. قَالَ قُم يَا عَلِيّ،فَقُمتُ، فَقَالَ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ، أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ،فَقَامَ سَلمَانُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص )وَلَاءٌ كَمَا ذَا. قَالَ وَلَاءٌ كوَلَاَئيِ، مَن كُنتُ أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ فعَلَيِّ أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ،فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ(اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَ أَتمَمتُ عَلَيكُم نعِمتَيِ وَ رَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِيناً)،فَكَبّرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ قَالَ اللّهُ أَكبَرُ تَمَامُ نبُوُتّيِ وَ تَمَامُ دِينِ اللّهِ وَلَايَةُ عَلِيّ بعَديِ،فَقَامَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ وَ قَالَا يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ) هَذِهِ الآيَاتُ خَاصّةٌ فِي عَلِيّ. قَالَ بَلَي، فِيهِ وَ فِي أوَصيِاَئيِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ.قَالَا يَا رَسُولَ اللّهِ(ص )بَيّنهُم لَنَا. قَالَ أخَيِ وَ وزَيِريِ وَ وصَيِيّ وَ خلَيِفتَيِ فِي أمُتّيِ وَ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ وَ مُؤمِنَةٍ بعَديِ، ثُمّ ابنيَِ الحَسَنُ ثُمّ ابنيَِ الحُسَينُ ثُمّ تِسعَةٌ مِن وُلدِ الحُسَينِ وَاحِداً بَعدَ وَاحِدٍ،القُرآنُ مَعَهُم وَ هُم مَعَ القُرآنِ لَا يُفَارِقُونَهُ وَ لَا يُفَارِقُهُم حَتّي يَرِدُوا
صفحه : 412
عَلَيّ الحَوضَ،فَقَالُوا كُلّهُم أللّهُمّ نَعَم، قَد سَمِعنَا ذَلِكَ وَ شَهِدنَا كَمَا قُلتَ سَوَاءً. وَ قَالَ بَعضُهُم قَد حَفِظنَا جُلّ مَا قُلتَ وَ لَم نَحفَظ كُلّهُ، وَ هَؤُلَاءِ الّذِينَ حَفِظُوا أَخيَارُنَا وَ أَفَاضِلُنَا، فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ صَدَقتُم، لَيسَ كُلّ النّاسِ يسَتوَيِ فِي الحِفظِ.أَنشُدُكُم بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ مَن حَفِظَ ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، لَمّا قَامَ وَ أَخبَرَ بِهِ.فَقَامَ زَيدُ بنُ أَرقَمَ وَ البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ وَ أَبُو ذَرّ، وَ المِقدَادُ، وَ عَمّارٌ،فَقَالُوا نَشهَدُ لَقَد حَفِظنَا قَولَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ عَلَي المِنبَرِ وَ أَنتَ إِلَي جَنبِهِ وَ هُوَ يَقُولُ أَيّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ أَن أَنصِبَ لَكُم إِمَامَكُم وَ القَائِمَ فِيكُم بعَديِ وَ وصَيِيّ وَ خلَيِفتَيِ وَ ألّذِي فَرَضَ اللّهُ عَلَي المُؤمِنِينَ فِي كِتَابِهِ طَاعَتَهُ وَ قَرَنَهُ بِطَاعَتِهِ وَ طاَعتَيِ، وَ أَمَرَكُم بِوَلَايَتِهِ، وَ إنِيّ رَاجَعتُ ربَيّ خَشيَةَ طَعنِ أَهلِ النّفَاقِ وَ تَكذِيبِهِم فأَوَعدَنَيِ ربَيّ لَأُبَلّغَنّهَا أَو يعُذَبّنُيِ.أَيّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ أَمَرَكُم فِي كِتَابِهِ بِالصّلَاةِ فَقَد بَيّنتُهَا لَكُم وَ الزّكَاةِ وَ الصّومِ وَ الحَجّ فَبَيّنتُهَا لَكُم وَ فَسّرتُهَا، وَ أَمَرَكُم بِالوَلَايَةِ وَ إنِيّ أُشهِدُكُم أَنّهَا لِهَذَا خَاصّةً وَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَي يَدِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ ثُمّ لِابنَيهِ مِن بَعدِهِ، ثُمّ لِلأَوصِيَاءِ مِن بَعدِهِم مِن وُلدِهِم عَلَيهِمُ السّلَامُ لَا يُفَارِقُونَ القُرآنَ وَ لَا يُفَارِقُهُم حَتّي يَرِدُوا عَلَيّ الحَوضَ.أَيّهَا النّاسُ قَد بَيّنتُ لَكُم مَفزَعَكُم بعَديِ وَ إِمَامَكُم وَ دَلِيلَكُم وَ هَادِيَكُم،
صفحه : 413
وَ هُوَ أخَيِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَ هُوَ فِيكُم بمِنَزلِتَيِ فِيكُم،فَقَلّدُوهُ دِينَكُم وَ أَطِيعُوهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِكُم، فَإِنّ عِندَهُ جَمِيعَ مَا علَمّنَيَِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن عِلمِهِ وَ حِكمَتِهِ فَاسأَلُوهُ وَ تَعَلّمُوا مِنهُ وَ مِن أَوصِيَائِهِ بَعدَهُ، وَ لَا تُعَلّمُوهُم وَ لَا تَتَقَدّمُوهُم وَ لَا تَخَلّفُوا عَنهُم،فَإِنّهُم مَعَ الحَقّ وَ الحَقّ مَعَهُم، وَ لَا يُزَايِلُونَهُ وَ لَا يُزَايِلُهُم .. ثُمّ جَلَسُوا. قَالَ سُلَيمٌ ثُمّ قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَيّهَا النّاسُ أَ تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَنزَلَ فِي كِتَابِهِ(إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهّرَكُم تَطهِيراً)فجَمَعَنَيِ وَ فَاطِمَةَ وَ ابنيَّ حَسَناً وَ حُسَيناً ثُمّ أَلقَي عَلَينَا كِسَاءً، وَ قَالَ أللّهُمّ إِنّ هَؤُلَاءِ أَهلُ بيَتيِ وَ لحُمتَيِ يؤُلمِنُيِ مَا يُؤلِمُهُم، وَ يجَرحَنُيِ مَا يَجرَحُهُم،فَأَذهِب عَنهُمُ الرّجسَ وَ طَهّرهُم تَطهِيراً.فَقَالَت أُمّ سَلَمَةَ وَ أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ). فَقَالَ أَنتِ إِلَي خَيرٍ،إِنّمَا نَزَلَت فِيّ وَ فِي أخَيِ عَلِيّ وَ فِي ابنيَّ وَ فِي تِسعَةٍ مِن وُلدِ الحُسَينِ خَاصّةً لَيسَ مَعَنَا أَحَدٌ غَيرُنَا،فَقَالُوا كُلّهُم نَشهَدُ أَنّ أُمّ سَلَمَةَ حَدّثَتنَا بِذَلِكَ،فَسَأَلنَا رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،فَحَدّثَنَا كَمَا حَدّثَتنَا بِهِ أُمّ سَلَمَةَ. ثُمّ قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَنشُدُكُم بِاللّهِ، أَ تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ أَنزَلَ( يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ). فَقَالَ سَلمَانُ يَا رَسُولَ
صفحه : 414
اللّهِ عَامّةٌ هَذِهِ الآيَةُ أَم خَاصّةٌ. فَقَالَ أَمّا المَأمُورُونَ فَعَامّةُ المُؤمِنِينَ أُمِرُوا بِذَلِكَ، وَ أَمّا الصّادِقُونَ فَخَاصّةٌ لأِخَيِ عَلِيّ( ع ) وَ أوَصيِاَئيِ بَعدَهُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ.فَقَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ، أَ تَعلَمُونَ أنَيّ قُلتُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي غَزوَةِ تَبُوكَ وَ لِمَ خلَفّتنَيِ مَعَ النّسَاءِ وَ الصّبيَانِ. فَقَالَ إِنّ المَدِينَةَ لَا تَصلُحُ إِلّا بيِ أَو بِكَ، وَ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي إِلّا أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ فَأَنشُدُكُم بِاللّهِ، أَ تَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَنزَلَ فِي سُورَةِ الحَجّ( يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَ اسجُدُوا وَ اعبُدُوا رَبّكُم وَ افعَلُوا الخَيرَ..) إِلَي آخِرِ السّورَةِ،فَقَامَ سَلمَانُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ مَن هَؤُلَاءِ الّذِينَ أَنتَ عَلَيهِم شَهِيدٌ وَ هُم شُهَدَاءُ عَلَي النّاسِ،الّذِينَ اجتَبَاهُمُ اللّهُ وَ لَم يَجعَل عَلَيهِم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ مِلّةَ أَبِيهِم اِبرَاهِيمَ. قَالَ عَنَي بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا خَاصّةً دُونَ هَذِهِ الأُمّةِ، فَقَالَ سَلمَانُ بَيّنهُم لَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ. فَقَالَ أَنَا وَ أخَيِ عَلِيّ وَ أَحَدَ عَشَرَ مِن ولُديِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَنشُدُكُم بِاللّهِ، أَ تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَامَ خَطِيباً وَ لَم يَخطُب بَعدَ ذَلِكَ، فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إنِيّ تَارِكٌ فِيكُمُ الثّقَلَينِ كِتَابَ اللّهِ
صفحه : 415
وَ عتِرتَيِ أَهلَ بيَتيِ فَتَمَسّكُوا بِهِمَا لَا تَضِلّوا، فَإِنّ اللّطِيفَ الخَبِيرَ أخَبرَنَيِ وَ عَهِدَ إلِيَّ أَنّهُمَا لَن يَفتَرِقَا حَتّي يَرِدَا عَلَيّ الحَوضَ،فَقَامَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ وَ هُوَ شِبهُ المُغضَبِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ كُلّ أَهلِ بَيتِكَ. فَقَالَ لَا، وَ لَكِنّ أوَصيِاَئيِ مِنهُم،أَوّلُهُم عَلِيّ أخَيِ وَ وزَيِريِ وَ خلَيِفتَيِ فِي أمُتّيِ وَ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ بعَديِ، هُوَ أَوّلُهُم، ثُمّ ابنيَِ الحَسَنُ، ثُمّ ابنيَِ الحُسَينُ، ثُمّ تِسعَةٌ مِن وُلدِ الحُسَينِ وَاحِدٌ بَعدَ وَاحِدٍ حَتّي يَرِدُوا عَلَيّ الحَوضَ شُهَدَاءُ لِلّهِ فِي أَرضِهِ وَ حُجَجُهُ عَلَي خَلقِهِ، وَ خُزّانُ عِلمِهِ، وَ مَعَادِنُ حِكمَتِهِ، مَن أَطَاعَهُم أَطَاعَ اللّهَ، وَ مَن عَصَاهُم فَقَد عَصَي اللّهَ.فَقَالُوا كُلّهُم نَشهَدُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ قَالَ ذَلِكَ ... ثُمّ تَمَادَي بعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ السّؤَالَ فَمَا تَرَكَ شَيئاً إِلّا نَاشَدَهُمُ اللّهَ فِيهِ وَ سَأَلَهُم عَنهُ حَتّي أَتَي عَلَي آخِرِ مَنَاقِبِهِ وَ مَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، كُلّ ذَلِكَ يُصَدّقُونَهُ وَ يَشهَدُونَ أَنّهُ حَقّ، ثُمّ قَالَ حِينَ فَرَغَ أللّهُمّ اشهَد عَلَيهِم. وَ قَالُوا أللّهُمّ اشهَد أَنّا لَم نَقُل إِلّا مَا سَمِعنَاهُ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ مَا حَدّثنَاهُ مَن نَثِقُ بِهِ مِن هَؤُلَاءِ وَ غَيرِهِم أَنّهُم سَمِعُوهُ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. قَالَ أَ تُقِرّونَ بِأَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ مَن زَعَمَ أَنّهُ يحُبِنّيِ وَ يُبغِضُ عَلِيّاً فَقَد كَذَبَ وَ لَيسَ يحُبِنّيِ. وَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَي رأَسيِ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ كَيفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ). قَالَ لِأَنّهُ منِيّ وَ أَنَا مِنهُ، وَ مَن أَحَبّهُ فَقَد أحَبَنّيِ
صفحه : 416
وَ مَن أحَبَنّيِ فَقَد أَحَبّ اللّهَ، وَ مَن أَبغَضَهُ فَقَد أبَغضَنَيِ وَ مَن أبَغضَنَيِ فَقَد أَبغَضَ اللّهَ. قَالَ نَحوٌ مِن عِشرِينَ رَجُلًا مِن أَفَاضِلِ الحَيّينِ أللّهُمّ نَعَم. وَ سَكَتَ بَقِيّتُهُم. فَقَالَ لِلسّكُوتِ مَا لَكُم سَكَتّم.قَالُوا هَؤُلَاءِ الّذِينَ شَهِدُوا عِندَنَا ثِقَاتٌ فِي قَولِهِم وَ فَضلِهِم وَ سَابِقَتِهِم،قَالُوا أللّهُمّ اشهَد عَلَيهِم. فَقَالَ طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ وَ كَانَ يُقَالُ لَهُ دَاهِيَةُ قُرَيشٍ فَكَيفَ تَصنَعُ بِمَا ادّعَي أَبُو بَكرٍ وَ أَصحَابُهُ الّذِينَ صَدّقُوهُ وَ شَهِدُوا عَلَي مَقَالَتِهِ يَومَ أَتَوهُ بِكَ تُقَادُوا وَ فِي عُنُقِكَ حَبلٌ،فَقَالُوا لَكَ بَايِع،فَاحتَجَجتَ بِمَا احتَجَجتَ بِهِ فَصَدّقُوكَ جَمِيعاً. ثُمّ ادّعَي أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ أَبَي اللّهُ أَن يَجمَعَ لَنَا أَهلَ البَيتِ النّبُوّةَ وَ الخِلَافَةَ،فَصَدّقَهُ بِذَلِكَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَيدَةَ وَ سَالِمٌ وَ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ، ثُمّ قَالَ طَلحَةُ كُلّ ألّذِي قُلتَ وَ ادّعَيتَ وَ احتَجَجتَ بِهِ مِنَ السّابِقَةِ وَ الفَضلِ حَقّ نُقِرّ بِهِ وَ نَعرِفُهُ.فَأَمّا الخِلَافَةُ فَقَد شَهِدَ أُولَئِكَ الأَربَعَةُ بِمَا سَمِعتَ.فَقَامَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عِندَ ذَلِكَ وَ غَضِبَ مِن مَقَالَتِهِ فَأَخرَجَ شَيئاً قَد كَانَ يَكتُمُهُ، وَ فَسّرَ شَيئاً قَالَهُ يَومَ
صفحه : 417
مَاتَ عُمَرُ لَم يَدرِ مَا عَنَي بِهِ،فَأَقبَلَ عَلَي طَلحَةَ وَ النّاسُ يَسمَعُونَ، فَقَالَ أَمَا وَ اللّهِ يَا طَلحَةُ مَا صَحِيفَةٌ أَلقَي اللّهَ بِهَا يَومَ القِيَامَةِ أَحَبّ إلِيَّ مِن صَحِيفَةِ الأَربَعَةِ،هَؤُلَاءِ الخَمسَةُ الّذِينَ تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَي الوَفَاءِ بِهَا فِي الكَعبَةِ فِي حَجّةِ الوَدَاعِ إِن قَتَلَ اللّهُ مُحَمّداً أَو تَوَفّاهُ أَن يَتَوَازَرُوا عَلَيّ وَ يَتَظَاهَرُوا فَلَا تَصِلُ إلِيَّ الخِلَافَةُ، وَ الدّلِيلُ وَ اللّهِ عَلَي بَاطِلِ مَا شَهِدُوا وَ مَا قُلتَ يَا طَلحَةُ قَولُ نبَيِّ اللّهِ يَومَ غَدِيرِ خُمّ مَن كُنتُ أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ فعَلَيِّ أَولَي بِهِ مِن نَفسِهِ،فَكَيفَ أَكُونُ أَولَي بِهِم مِن أَنفُسِهِم وَ هُم أُمَرَاءُ عَلَيّ وَ حُكّامٌ وَ قَولُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي غَيرَ النّبُوّةِ،فَلَو كَانَ مَعَ النّبُوّةِ غَيرَهَا لَاستَثنَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ قَولُهُ إنِيّ قَد تَرَكتُ فِيكُم أَمرَينِ كِتَابَ اللّهِ وَ عتِرتَيِ لَن تَضِلّوا مَا تَمَسّكتُم بِهِمَا لَا تَتَقَدّمُوهُم وَ لَا تَخَلّفُوا عَنهُم، وَ لَا تُعَلّمُوهُم فَإِنّهُم أَعلَمُ مِنكُم، أَ فيَنَبغَيِ أَن يَكُونَ الخَلِيفَةُ عَلَي الأُمّةِ إِلّا أَعلَمُهُم بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ، وَ قَد قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ( أَ فَمَن يهَديِ إِلَي الحَقّ أَحَقّ أَن يُتّبَعَ أَمّن لا يهَدِيّ إِلّا أَن يُهدي فَما لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ)، وَ قَالَ( وَ زادَهُ بَسطَةً فِي العِلمِ
صفحه : 418
وَ الجِسمِ)، وَ قَالَ(ائتوُنيِ بِكِتابٍ مِن قَبلِ هذا أَو أَثارَةٍ مِن عِلمٍ)، وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ مَا وَلّت أُمّةٌ قَطّ أَمرَهَا رَجُلًا وَ فِيهِم مَن هُوَ أَعلَمُ مِنهُ إِلّا لَم يَزَل يَذهَبُ أَمرُهُم سَفَالًا حَتّي يَرجِعُوا إِلَي مَا تَرَكُوا،فَأَمّا الوَلَايَةُ فهَيَِ غَيرُ الإِمَارَةِ، وَ الدّلِيلُ عَلَي كَذِبِهِم وَ بَاطِلِهِم وَ فُجُورِهِم أَنّهُم سَلّمُوا عَلَيّ بِإِمرَةِ المُؤمِنِينَ بِأَمرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ مِنَ الحُجّةِ عَلَيهِم وَ عَلَيكَ خَاصّةً وَ عَلَي هَذَا مَعَكَ يعَنيِ الزّبَيرَ وَ عَلَي الأُمّةِ رَأساً، وَ عَلَي هَذَا سَعدٌ وَ ابنُ عَوفٍ وَ خَلِيفَتُكُم هَذَا القَائِمُ يعَنيِ عُثمَانَ فَإِنّا مَعشَرَ الشّورَي السّتّةِ أَحيَاءٌ كُلّنَا إِن جعَلَنَيِ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ فِي الشّورَي إِن كَانَ قَد صَدَقَ هُوَ وَ أَصحَابُهُ عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، أَ جَعَلَنَا شُورَي فِي الخِلَافَةِ أَو فِي غَيرِهَا فَإِن زَعَمتُم أَنّهُ جَعَلَهَا شُورَي فِي غَيرِ الإِمَارَةِ فَلَيسَ لِعُثمَانَ إِمَارَةٌ، وَ إِنّمَا أَمَرَنَا أَن نَتَشَاوَرَ فِي غَيرِهَا، وَ إِن كَانَتِ الشّورَي فِيهَا فَلِمَ أدَخلَنَيِ فِيكُم،فَهَلّا أخَرجَنَيِ وَ قَد قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَخرَجَ أَهلَ بَيتِهِ مِنَ الخِلَافَةِ، وَ أَخبَرَ أَنّهُ لَيسَ لَهُم فِيهَا نَصِيبٌ. وَ لِمَ قَالَ عُمَرُ حِينَ دَعَانَا رَجُلًا رَجُلًا، فَقَالَ لِعَبدِ اللّهِ ابنِهِ
صفحه : 419
وَ هَا هُوَ إِذاً أَنشُدُكَ بِاللّهِ يَا عَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ مَا قَالَ لَكَ حِينَ خَرَجتَ. قَالَ أَمّا إِذَا ناَشدَتنَيِ بِاللّهِ،فَإِنّهُ قَالَ إِن يَتّبِعُوا أَصلَعَ قُرَيشٍ لَحَمَلَهُم عَلَي المَحَجّةِ البَيضَاءِ وَ أَقَامَهُم عَلَي كِتَابِ رَبّهِم وَ سُنّةِ نَبِيّهِم. قَالَ يَا ابنَ عُمَرَ فَمَا قُلتَ لَهُ عِندَ ذَلِكَ. قَالَ قُلتُ لَهُ فَمَا يَمنَعُكَ أَن تَستَخلِفَهُ. قَالَ وَ مَا رَدّ عَلَيكَ. قَالَ رَدّ عَلَيّ شَيئاً أَكتُمُهُ. قَالَ عَلَيهِ السّلَامُ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ أخَبرَنَيِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ ثُمّ أخَبرَنَيِ بِهِ لَيلَةَ مَاتَ أَبُوكَ فِي منَاَميِ، وَ مَن رَأَي رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي نَومِهِ فَقَد رَآهُ فِي يَقَظَتِهِ. قَالَ فَمَا أَخبَرَكَ. قَالَ عَلَيهِ السّلَامُ فَأَنشُدُكَ بِاللّهِ يَا ابنَ عُمَرَ لَئِن أَخبَرتُكَ بِهِ لَتُصَدّقَنّ. قَالَ إِذًا أَسكُتَ. قَالَ فَإِنّهُ قَالَ لَكَ حِينَ قُلتَ لَهُ فَمَا يَمنَعُكَ أَن تَستَخلِفَهُ. قَالَ الصّحِيفَةُ التّيِ كَتَبنَاهَا بَينَنَا وَ العَهدُ فِي الكَعبَةِ،فَسَكَتَ ابنُ عُمَرَ وَ قَالَ أَسأَلُكَ بِحَقّ رَسُولِ اللّهِ(ص ) لَمّا سَكَتّ عنَيّ. قَالَ سُلَيمٌ فَرَأَيتُ ابنَ عُمَرَ فِي ذَلِكَ المَجلِسِ خَنَقَتهُ العَبرَةُ وَ عَينَاهُ تَسِيلَانِ، وَ أَقبَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي طَلحَةَ وَ الزّبَيرِ وَ ابنِ عَوفٍ
صفحه : 420
وَ سَعدٍ، فَقَالَ وَ اللّهِ لَئِن كَانَ أُولَئِكَ الخَمسَةُ أَوِ الأَربَعَةُ كَذَبُوا عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَا يَحِلّ لَكُم وَلَايَتُهُم، وَ إِن كَانُوا صَدَقُوا مَا حَلّ لَكُم أَيّهَا الخَمسَةُ أَن تدُخلِوُنيِ مَعَكُم فِي الشّورَي،لِأَنّ إِدخَالَكُم إيِاّيَ فِيهَا خِلَافٌ عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ رَدّ عَلَيهِ، ثُمّ أَقبَلَ عَلَي النّاسِ، فَقَالَ أخَبرِوُنيِ عَن منَزلِتَيِ فِيكُم وَ مَا تعَرفِوُنيّ بِهِ، أَ صَادِقٌ أَنَا فِيكُم أَم كَاذِبٌ.قَالُوا بَل صِدّيقٌ صَدُوقٌ، وَ اللّهِ مَا عَلِمنَاكَ كَذَبتَ كَذِبَةً قَطّ فِي جَاهِلِيّةٍ وَ لَا إِسلَامٍ. قَالَ فَوَ اللّهِ ألّذِي أَكرَمَنَا أَهلَ البَيتِ بِالنّبُوّةِ وَ جَعَلَ مِنّا مُحَمّداً صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ أَكرَمَنَا بَعدَهُ بِأَن جَعَلَنَا أَئِمّةَ المُؤمِنِينَ لَا يَبلُغُ عَنهُ غَيرُنَا، وَ لَا تَصلُحُ الإِمَامَةُ وَ الخِلَافَةُ إِلّا فِينَا، وَ لَم يَجعَل لِأَحَدٍ مِنَ النّاسِ فِيهَا مَعَنَا أَهلَ البَيتِ نَصِيباً وَ لَا حَقّاً، أَمّا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَخَاتَمُ النّبِيّينَ وَ لَيسَ بَعدَهُ نبَيِّ وَ لَا رَسُولٌ،خَتَمَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الأَنبِيَاءَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ جَعَلَنَا مِن بَعدِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ خُلَفَاءَ فِي أَرضِهِ وَ شُهَدَاءَ عَلَي خَلقِهِ، وَ فَرَضَ طَاعَتَنَا فِي كِتَابِهِ، وَ قَرَنَنَا بِنَفسِهِ فِي كِتَابِهِ المُنزَلِ وَ بَيّنَهُ فِي غَيرِ آيَةٍ مِنَ القُرآنِ، وَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ جَعَلَ مُحَمّداً نَبِيّاً وَ جَعَلَنَا خُلَفَاءَ مِن بَعدِهِ فِي خَلقِهِ وَ شُهَدَاءَ عَلَي خَلقِهِ، وَ فَرَضَ
صفحه : 421
طَاعَتَنَا فِي كِتَابِهِ وَ قَرَنَنَا بِنَفسِهِ فِي كِتَابِهِ المُنزَلِ. ثُمّ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَمَرَ نَبِيّهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَن يُبَلّغَ ذَلِكَ أُمّتَهُ فَبَلّغَهُم كَمَا أَمَرَهُ اللّهُ .. فَأَيّهُمَا أَحَقّ بِمَجلِسِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ مَكَانِهِ، وَ قَد سَمِعتُم رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حِينَ بعَثَنَيِ بِبَرَاءَةَ، فَقَالَ لَا يُبَلّغ عنَيّ إِلّا رَجُلٌ منِيّ،أَنشُدُكُم بِاللّهِ، أَ سَمِعتُم ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم،نَشهَدُ أَنّا سَمِعنَا ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حِينَ بَعَثَكَ بِبَرَاءَةَ. فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ لَا يَصلُحُ لِصَاحِبِكُم أَن يُبَلّغَ عَنهُ صَحِيفَةً قَدرَ أَربَعِ أَصَابِعَ، وَ إِنّهُ لَا يَصلُحُ أَن يَكُونَ المُبَلّغُ عَنهُ غيَريِ،فَأَيّهُمَا أَحَقّ بِمَجلِسِهِ وَ مَكَانِهِ ألّذِي سمُيَّ بِخَاصّتِهِ أَنّهُ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَو مَن حَضَرَ مَجلِسَهُ مِنَ الأُمّةِ. فَقَالَ طَلحَةُ قَد سَمِعنَا ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ،فَفَسّر لَنَا كَيفَ لَا يَصلُحُ لِأَحَدٍ أَن يُبَلّغَ عَن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ غَيرُكَ، وَ لَقَد قَالَ لَنَا وَ لِسَائِرِ النّاسِ لِيُبَلّغِ الشّاهِدُ الغَائِبَ، فَقَالَ بِعَرَفَةَ فِي حَجّةِ الوَدَاعِ نَضّرَ اللّهُ امرَءاً سَمِعَ مقَاَلتَيِ ثُمّ بَلّغَهَا غَيرَهُ،فَرُبّ
صفحه : 422
حَامِلِ فِقهٍ لَا فِقهَ لَهُ، وَ رُبّ حَامِلِ فِقهٍ إِلَي مَن هُوَ أَفقَهُ مِنهُ،ثَلَاثٌ لَا يُغِلّ عَلَيهِنّ قَلبُ امرِئٍ مُسلِمٍ إِخلَاصُ العَمَلِ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ، وَ السّمعُ وَ الطّاعَةُ وَ المُنَاصَحَةُ لِوُلَاةِ الأَمرِ وَ لُزُومُ جَمَاعَتِهِم، فَإِنّ دَعوَتَهُم مُحِيطَةٌ مِن وَرَائِهِم، وَ قَالَ فِي غَيرِ مَوطِنٍ لِيُبَلّغِ الشّاهِدُ الغَائِبَ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ ألّذِي قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَومَ غَدِيرِ خُمّ وَ يَومَ عَرَفَةَ فِي حَجّةِ الوَدَاعِ وَ يَومَ قُبِضَ فِي آخِرِ خُطبَةٍ خَطَبَهَا حِينَ قَالَ إنِيّ قَد تَرَكتُ فِيكُم أَمرَينِ لَن تَضِلّوا مَا تَمَسّكتُم بِهِمَا كِتَابَ اللّهِ تَعَالَي وَ أَهلَ بيَتيِ، فَإِنّ اللّطِيفَ الخَبِيرَ قَد عَهِدَ إلِيَّ أَنّهُمَا لَا يَفتَرِقَانِ حَتّي يَرِدَا عَلَيّ الحَوضَ كَهَاتَينِ الإِصبَعَينِ،أَلَا إِنّ أَحَدَهُمَا قُدّامُ الآخَرِ فَتَمَسّكُوا بِهِمَا لَا تَضِلّوا وَ لَا تَزِلّوا، وَ لَا تَقَدّمُوهُم وَ لَا تَخَلّفُوا عَنهُم، وَ لَا تُعَلّمُوهُم فَإِنّهُم أَعلَمُ مِنكُم، وَ إِنّمَا أَمَرَ العَامّةَ جَمِيعاً أَن يُبَلّغُوا مَن لَقُوا مِنَ العَامّةِ إِيجَابَ طَاعَةِ الأَئِمّةِ مِن آلِ مُحَمّدٍ عَلَيهِ وَ عَلَيهِمُ السّلَامُ وَ إِيجَابَ حَقّهِم، وَ لَم يَقُل ذَلِكَ فِي شَيءٍ مِنَ الأَشيَاءِ غَيرَ ذَلِكَ، وَ إِنّمَا أَمَرَ العَامّةَ أَن يُبَلّغُوا العَامّةَ حُجّةَ مَن لَا يُبَلّغُ عَن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ جَمِيعَ
صفحه : 423
مَا يَبعَثُهُ اللّهُ بِهِ غَيرَهُم، أَ لَا تَرَي يَا طَلحَةُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ لِي وَ أَنتُم تَسمَعُونَ يَا أخَيِ إِنّهُ لَا يقَضيِ عنَيّ ديَنيِ وَ لَا يبُرِئُ ذمِتّيِ غَيرُكَ،تبُرِئُ ذمِتّيِ وَ تؤُدَيّ ديَنيِ وَ غرَاَماَتيِ وَ تُقَاتِلُ عَلَي سنُتّيِ، فَلَمّا ولُيَّ أَبُو بَكرٍ قَضَي عَن نبَيِّ اللّهِ دَينَهُ وَ عِدَاتِهِ فَاتّبَعتُمُوهُ جَمِيعاً،فَقَضَيتُ دَينَهُ وَ عِدَاتِهِ، وَ قَد أَخبَرَهُم أَنّهُ لَا يقَضيِ عَنهُ دَينَهُ وَ عِدَاتِهِ غيَريِ، وَ لَم يَكُن مَا أَعطَاهُم أَبُو بَكرٍ قَضَاءً لِدَينِهِ وَ عِدَاتِهِ، وَ إِنّمَا كَانَ ألّذِي قَضَي مِنَ الدّينِ وَ العِدَةِ هُوَ ألّذِي أَبرَأَهُ مِنهُ، وَ إِنّمَا بَلّغَ عَن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ جَمِيعَ مَا جَاءَ بِهِ مِن عِندِ اللّهِ مِن بَعدِهِ الأَئِمّةُ الّذِينَ فَرَضَ اللّهُ فِي الكِتَابِ طَاعَتَهُم وَ أَمَرَ بِوَلَايَتِهِمُ،الّذِينَ مَن أَطَاعَهُم أَطَاعَ اللّهَ وَ مَن عَصَاهُم عَصَي اللّهَ. فَقَالَ طَلحَةُ فَرّجتَ عنَيّ مَا كُنتُ أدَريِ مَا عَنَي بِذَلِكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حَتّي فَسّرتَهُ لِي،فَجَزَاكَ اللّهُ يَا أَبَا الحَسَنِ عَن جَمِيعِ أُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الجَنّةَ. يَا أَبَا الحَسَنِ شَيءٌ أُرِيدُ أَن أَسأَلَكَ عَنهُ،رَأَيتُكَ خَرَجتَ بِثَوبٍ مَختُومٍ،فَقُلتَ أَيّهَا النّاسُ إنِيّ لَم أَزَل مُشتَغِلًا بِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِغُسلِهِ وَ كَفنِهِ وَ دَفنِهِ، ثُمّ اشتَغَلتُ بِكِتَابِ اللّهِ حَتّي جَمَعتُهُ،فَهَذَا كِتَابُ اللّهِ عنِديِ مَجمُوعاً لَم يَسقُط عنَيّ حَرفٌ وَاحِدٌ، وَ لَم أَرَ ذَلِكَ ألّذِي كَتَبتَ وَ أَلّفتَ، وَ قَد رَأَيتُ عُمَرَ بَعَثَ إِلَيكَ أَنِ ابعَث بِهِ إلِيَّ،فَأَبَيتَ أَن تَفعَلَ،فَدَعَا عُمَرُ
صفحه : 424
النّاسَ فَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَي آيَةٍ كَتَبَهَا، وَ إِذَا مَا لَم يَشهَد عَلَيهَا غَيرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَرجَاهَا فَلَم يَكتُب، فَقَالَ عُمَرُ وَ أَنَا أَسمَعُ إِنّهُ قَد قُتِلَ يَومَ اليَمَامَةِ قَومٌ كَانُوا يَقرَءُونَ قُرآناً لَا يَقرَؤُهُ غَيرُهُم فَقَد ذَهَبَ، وَ قَد جَاءَت شَاةٌ إِلَي صَحِيفَةٍ وَ كِتَابٍ يَكتُبُونَ فَأَكَلَتهَا وَ ذَهَبَ مَا فِيهَا، وَ الكَاتِبُ يَومَئِذٍ عُثمَانُ، وَ سَمِعتُ عُمَرَ وَ أَصحَابَهُ الّذِينَ أَلقَوا مَا كَتَبُوا عَلَي عَهدِ عُمَرَ وَ عَلَي عَهدِ عُثمَانَ يَقُولُونَ إِنّ الأَحزَابَ كَانَت تَعدِلُ سُورَةَ البَقَرَةِ، وَ إِنّ النّورَ نَيّفٌ وَ مِائَةُ آيَةٍ، وَ الحِجرَ مِائَةٌ وَ تِسعُونَ آيَةً،فَمَا هَذَا، وَ مَا يَمنَعُكَ يَرحَمُكَ اللّهُ أَن تُخرِجَ كِتَابَ اللّهِ إِلَي النّاسِ وَ قَد عَهِدَ عُثمَانُ حِينَ أَخَذَ مَا أَلّفَ عُمَرُ فَجَمَعَ لَهُ الكِتَابَ وَ حَمَلَ النّاسَ عَلَي قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ،فَمَزّقَ مُصحَفَ أُبَيّ بنِ كَعبٍ وَ ابنِ مَسعُودٍ وَ أَحرَقَهُمَا بِالنّارِ. فَقَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ يَا طَلحَةُ إِنّ كُلّ آيَةٍ أَنزَلَهَا اللّهُ جَلّ وَ عَلَا عَلَي مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عنِديِ بِإِملَاءِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ خَطّ يدَيِ، وَ تَأوِيلَ كُلّ آيَةٍ أَنزَلَهَا اللّهُ عَلَي مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ كُلّ حَلَالٍ وَ حَرَامٍ أَو حَدّ أَو حُكمٍ أَو شَيءٍ تَحتَاجُ إِلَيهِ الأُمّةُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ عنِديِ مَكتُوبٌ بِإِملَاءِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ خَطّ يدَيِ حَتّي أَرشِ الخَدشِ. فَقَالَ طَلحَةُ كُلّ شَيءٍ مِن صَغِيرٍ أَو كَبِيرٍ أَو خَاصّ أَو عَامّ أَو كَانَ أَو
صفحه : 425
يَكُونُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَهُوَ عِندَكَ مَكتُوبٌ. قَالَ نَعَم، وَ سِوَي ذَلِكَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَسَرّ إلِيَّ فِي مَرَضِهِ مِفتَاحَ أَلفِ بَابٍ مِنَ العِلمِ يَفتَحُ كُلّ بَابٍ أَلفَ بَابٍ، وَ لَو أَنّ الأُمّةَ مُنذُ قُبِضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ اتبّعَوُنيِ وَ أطَاَعوُنيِ لَأَكَلُوا مِن فَوقِهِم وَ مِن تَحتِ أَرجُلِهِم، يَا طَلحَةُ أَ لَستَ قَد شَهِدتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حِينَ دَعَا بِالكَتِفِ لِيَكتُبَ فِيهِ مَا لَا تَضِلّ أُمّتُهُ، فَقَالَ صَاحِبُكَ إِنّ نبَيِّ اللّهِ يَهجُرُ،فَغَضِبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَتَرَكَهَا. قَالَ بَلَي، قَد شَهِدتُهُ. قَالَ فَإِنّكُم لَمّا خَرَجتُم أخَبرَنَيِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ باِلذّيِ أَرَادَ أَن يَكتُبَ وَ يُشهِدَ عَلَيهِ العَامّةَ،فَأَخبَرَهُ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَد قَضَي عَلَي أُمّتِهِ الِاختِلَافَ وَ الفُرقَةَ، ثُمّ دَعَا بِصَحِيفَةٍ فَأَملَي عَلَيّ مَا أَرَادَ أَن يَكتُبَ فِي الكَتِفِ، وَ أَشهَدَ عَلَي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ رَهطٍ سَلمَانُ وَ أَبُو ذَرّ وَ المِقدَادُ، وَ سَمّي مَن يَكُونُ مِن أَئِمّةِ الهُدَي الّذِينَ أَمَرَ اللّهُ بِطَاعَتِهِم إِلَي يَومِ القِيَامَةِ،فسَمَاّنيِ أَوّلَهُم ثُمّ ابنيِ هَذَا ثُمّ ابنيِ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَي الحَسَنِ وَ الحُسَينِ ثُمّ تِسعَةً مِن وُلدِ ابنيَِ الحُسَينِ، أَ كَذَلِكَ كَانَ يَا أَبَا ذَرّ وَ يَا مِقدَادُ.فَقَامَا ثُمّ قَالَا نَشهَدُ بِذَلِكَ عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ طَلحَةُ وَ اللّهِ لَقَد سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ وَ لَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ عَلَي ذيِ لَهجَةٍ أَصدَقَ وَ لَا أَبَرّ عِندَ اللّهِ مِن أَبِي ذَرّ، وَ أَنَا أَشهَدُ أَنّهُمَا لَم يَشهَدَا
صفحه : 426
إِلّا بِحَقّ وَ أَنتَ عنِديِ أَصدَقُ وَ أَبَرّ مِنهُمَا. ثُمّ أَقبَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ اتّقِ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَا طَلحَةُ وَ أَنتَ يَا زُبَيرُ وَ أَنتَ يَا سَعدُ وَ أَنتَ يَا ابنَ عَوفٍ اتّقُوا اللّهَ وَ آثِرُوا رِضَاهُ، وَ اختَارُوا مَا عِندَهُ، وَ لَا تَخَافُوا فِي اللّهِ لَومَةَ لَائِمٍ. ثُمّ قَالَ طَلحَةُ لَا أَرَاكَ يَا أَبَا الحَسَنِ أجَبَتنَيِ عَمّا سَأَلتُكَ عَنهُ مِن أَمرِ القُرآنِ،أَلَا تُظهِرُهُ لِلنّاسِ. قَالَ يَا طَلحَةُ عَمداً كَفَفتُ عَن جَوَابِكَ،فأَخَبرِنيِ عَمّا كَتَبَ عُمَرُ وَ عُثمَانُ، أَ قُرآنٌ كُلّهُ أَم فِيهِ مَا لَيسَ بِقُرآنٍ. قَالَ طَلحَةُ بَل قُرآنٌ كُلّهُ. قَالَ إِن أَخَذتُم بِمَا فِيهِ نَجَوتُم مِنَ النّارِ وَ دَخَلتُمُ الجَنّةَ، فَإِنّ فِيهِ حُجّتَنَا، وَ بَيَانَ حَقّنَا، وَ فَرضَ طَاعَتِنَا. قَالَ طَلحَةُ حسَبيِ، أَمّا إِذَا كَانَ قُرآناً فحَسَبيِ. ثُمّ قَالَ طَلحَةُ أخَبرِنيِ عَمّا فِي يَدَيكَ مِنَ القُرآنِ وَ تَأوِيلِهِ وَ عِلمِ الحَلَالِ وَ الحَرَامِ إِلَي مَن تَدفَعُهُ وَ مَن صَاحِبُهُ بَعدَكَ. قَالَ إِنّ ألّذِي أمَرَنَيِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَن أَدفَعَهُ إِلَيهِ. قَالَ مَن هُوَ. قَالَ وصَيِيّ وَ أَولَي النّاسِ بعَديِ بِالنّاسِ ابنيِ الحَسَنُ ثُمّ يَدفَعُهُ ابنيِ الحَسَنُ عِندَ مَوتِهِ إِلَي ابنيِ الحُسَينِ، ثُمّ يَصِيرُ إِلَي وَاحِدٍ بَعدَ وَاحِدٍ مِن وُلدِ الحُسَينِ حَتّي يَرِدَ آخِرُهُم عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حَوضَهُ،هُم مَعَ القُرآنِ لَا يُفَارِقُونَهُ وَ القُرآنُ مَعَهُم لَا يُفَارِقُهُم، أَمَا إِنّ مُعَاوِيَةَ وَ ابنَهُ سَيَلِيَانِ بَعدَ عُثمَانَ ثُمّ يَلِيهِمَا سَبعَةٌ مِن وُلدِ الحَكَمِ بنِ أَبِي
صفحه : 427
العَاصِ وَاحِدٌ بَعدَ وَاحِدٍ تَكمِلَةُ اثنيَ عَشَرَ إِمَامَ ضَلَالَةٍ، وَ هُمُ الّذِينَ رَأَي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَلَي مِنبَرِهِ يَرُدّونَ الأُمّةَ عَلَي أَدبَارِهِمُ القَهقَرَي،عَشَرَةٌ مِنهُم مِن بنَيِ أُمَيّةَ وَ رَجُلَانِ أَسّسَا ذَلِكَ لَهُم، وَ عَلَيهِمَا مِثلُ جَمِيعِ أَوزَارِ هَذِهِ الأُمّةِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ.
أقول روي الصدوق رحمه اللّه في إكمال الدين مختصرا من هذاالإحتجاج ، عن أبيه و ابن الوليد معا، عن سعد، عن ابن يزيد، عن حمّاد بن عيسي ، عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس .
ووجدت في أصل كتاب سليم مثله .بيان قال الجوهري الدّبر بالفتح جماعة النّحل .. ويقال للزّنابير أيضا دبر، و منه قيل لعاصم بن ثابت الأنصاري حميّ الدبر، و ذلك أنّ المشركين لمّا قتلوه أرادوا أن يمثّلوا به فسلّط اللّه عليهم الزنابير الكبار تأبر الدارع فارتدعوا عنه حتّي أخذه المسلمون فدفنوه . قوله عليه السلام حجّة من لايبلغ ... المراد بالموصول الأئمّة عليهم السلام ،فإنّهم الذين لايبلغ سواهم جميع مايبعث اللّه النبيّ(ص ) به ، والغرض أنّ مايلزمهم إبلاغه هوالكلام ألذي يكون حجّة للإمام علي الخلق من النصّ عليه و مايدلّ علي وجوب طاعته ، فإنّ بإخبار الإمام فقط لاتتمّ الحجّة في ذلك ،فأمّا تبليغ سائر الأشياء فهو شأن الإمام عليه السلام .
صفحه : 428
قوله عليه السلام و لم يكن ماأعطاهم .. لعل المعني أنّ قاضي الدين والعداة هو ألذي يبرئ ذمّة الغريم والواعد، و لايبرئ الذمّة إلّا ما كان بجهة شرعيّة، و بعدتعيين النبيّ صلّي اللّه عليه وآله عليّا عليه السلام لقضاء الدين والعداة ونهي الغير عن ذلك ، إذاأتي به غيره لم يكن بجهة شرعيّة فلايبرئ الذمّة،فما أدّاه أبوبكر لم يكن داخلا في قضاء الدين والعدة.فقوله عليه السلام وإنّما كان ألذي قضي .. إشارة إلي ماذكرنا، أي ليس القاضي إلّا ألذي أبرأ المديون منه ، و أبوبكر لم يكن كذلك . ولنذكر
بَعضَ الزّوَائِدِ التّيِ وَجَدنَاهَا فِي كِتَابِ سُلَيمٍ، وَ بَعضَ الِاختِلَافَاتِ بَينَهُ وَ بَينَ سَائِرِ الرّوَايَاتِ. قَالَ بَعدَ قَولِهِ لَم يَلتَقِ وَاحِدٌ مِنهُم عَلَي سِفَاحٍ قَطّ .. فَقَالَ أَهلُ السّابِقَةِ وَ القِدمَةِ وَ أَهلُ بَدرٍ وَ أَهلُ أُحُدٍ نَعَم قَد سَمِعنَا ذَلِكَ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. قَالَ فَأَنشُدُكُمُ اللّهَ، أَ تُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ آخَي بَينَ كُلّ رَجُلَينِ مِن أَصحَابِهِ وَ آخَي بيَنيِ وَ بَينَ نَفسِهِ، وَ قَالَ أَنتَ أخَيِ وَ أَنَا أَخُوكَ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ.فَقَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ تُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ اشتَرَي مَوضِعَ مَسجِدِهِ وَ مَنَازِلَهُ فَأَتَينَاهُ ثُمّ بَنَي عَشَرَةَ مَنَازِلَ تِسعَةً لَهُ وَ جَعَلَ لِي عَاشِرَهَا فِي وَسَطِهَا، ثُمّ سَدّ كُلّ بَابِ شَارِعٍ إِلَي المَسجِدِ غَيرَ باَبيِ،فَتَكَلّمَ فِي ذَلِكَ مَن تَكَلّمَ، فَقَالَ مَا أَنَا
صفحه : 429
سَدَدتُ أَبوَابَكُم وَ فَتَحتُ بَابَهُ وَ لَكِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ بِسَدّ أَبوَابِكُم وَ فَتحِ بَابِهِ، وَ لَقَد نَهَي النّاسَ جَمِيعاً أَن يَنَامُوا فِي المَسجِدِ غيَريِ، وَ كُنتُ أُجنِبُ فِي المَسجِدِ وَ منَزلِيِ وَ مَنزِلُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي المَسجِدِ يُولَدُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ لِي فِيهِ أَولَادٌ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ عُمَرَ حَرَصَ عَلَي كُوّةٍ قَدرَ عَينِهِ يَدَعُهَا مِن مَنزِلِهِ إِلَي المَسجِدِ فَأَبَي عَلَيهِ، ثُمّ قَالَ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّ اللّهَ أَمرَ مُوسَي عَلَيهِ السّلَامُ أَن يبَنيَِ مَسجِداً طَاهِراً لَا يَسكُنُهُ غَيرُهُ وَ غَيرُ هَارُونَ وَ ابنَيهِ، وَ إِنّ اللّهَ أمَرَنَيِ أَن أبَنيَِ مَسجِداً طَاهِراً لَا يَسكُنُهُ غيَريِ وَ غَيرُ أخَيِ وَ ابنَيهِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ فِي غَزوَةِ تَبُوكَ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي وَ أَنتَ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ مِن بعَديِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ حِينَ دَعَا أَهلَ نَجرَانَ إِلَي المُبَاهَلَةِ أَنّهُ لَم يَأتِ إِلّا بيِ وَ بصِاَحبِتَيِ وَ ابنيَّ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ تَعلَمُونَ أَنّهُ دَفَعَ إلِيَّ اللّوَاءَ يَومَ خَيبَرَ، ثُمّ قَالَ لَأَدفَعُهَا إِلَي رَجُلٍ يُحِبّهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ يُحِبّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ، لَيسَ بِجَبَانٍ وَ لَا فَرّارٍ يَفتَحُهَا اللّهُ عَلَي يَدَيهِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بعَثَنَيِ بِبَرَاءَةَ وَ قَالَ لَا يُبَلّغُ عنَيّ إِلّا رَجُلٌ منِيّ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَم يَنزِل بِهِ شَدِيدَةٌ قَطّ إِلّا قدَمّنَيِ لَهَا ثِقَةً بيِ، وَ أَنّهُ لَم يَدعُ باِسميِ قَطّ إِلّا أَن يَقُولَ يَا أخَيِ .. وَ ادعُوا لِي
صفحه : 430
أخَيِ ...قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَضَي بيَنيِ وَ بَينَ جَعفَرٍ وَ زِيدٍ فِي ابنَةِ حَمزَةَ، فَقَالَ يَا عَلِيّ أَنتَ منِيّ وَ أَنَا مِنكَ وَ أَنتَ ولَيِّ كُلّ مُؤمِنٍ بعَديِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّهُ كَانَت لِي مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ دَخلَةً وَ خَلوَةً، إِذَا سَأَلتُهُ أعَطاَنيِ، وَ إِذَا سَكَتتُ ابتدَأَنَيِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فضَلّنَيِ عَلَي حَمزَةَ وَ جَعفَرٍ، فَقَالَ لِفَاطِمَةَ إِنّ زَوجَكِ خَيرُ أهَليِ وَ خَيرُ أمُتّيِ،أَقدَمُهُم سِلماً، وَ أَعظَمُهُم حِلماً.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ أَنَا سَيّدُ وُلدِ آدَمَ( ع ) وَ أخَيِ عَلِيّ سَيّدُ العَرَبِ، وَ فَاطِمَةُ سَيّدَةُ نِسَاءِ أَهلِ الجَنّةِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أمَرَنَيِ بِغُسلِهِ وَ أخَبرَنَيِ أَنّ جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ يعُيِننُيِ عَلَيهِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم. قَالَ أَ فَتُقِرّونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ فِي آخِرِ خُطبَةٍ خَطَبَكُم أَيّهَا النّاسُ إنِيّ قَد تَرَكتُ فِيكُم أَمرَينِ لَن تَضِلّوا مَا تَمَسّكتُم بِهِمَا كِتَابَ اللّهِ وَ أَهلَ بيَتيِ.قَالُوا أللّهُمّ نَعَم.
صفحه : 431
قَالَ فَلَم يَدَع شَيئاً مِمّا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ خَاصّةً وَ فِي أَهلِ بَيتِهِ مِنَ القُرآنِ وَ لَا عَلَي لِسَانِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِلّا نَاشَدَهُمُ اللّهَ بِهِ،فَمِنهُ مَا يَقُولُونَ جَمِيعاً نَعَم، وَ مِنهُ مَا يَسكُتُ بَعضُهُم وَ يَقُولُ بَعضُهُم أللّهُمّ نَعَم، وَ يَقُولُ الّذِينَ سَكَتُوا أَنتُم عِندَنَا ثِقَاتٌ، وَ قَد حَدّثَنَا غَيرُكُم مِمّن نَثِقُ بِهِ أَنّهُم سَمِعُوا مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، ثُمّ قَالَ حِينَ فَرَغَ أللّهُمّ اشهَد عَلَيهِم .. وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي قَولِهِ فَقَالَ أَمَا وَ اللّهِ يَا طَلحَةُ مَا صَحِيفَةٌ أَلقَي اللّهَ بِهَا يَومَ القِيَامَةِ أَحَبّ إلِيَّ مِن صَحِيفَةِ هَؤُلَاءِ الخَمسَةِ الّذِينَ تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَي الوَفَاءِ بِهَا فِي الكَعبَةِ فِي حَجّةِ الوَدَاعِ، إِن قَتَلَ اللّهُ مُحَمّداً أَو مَاتَ أَن يَتَوَازَرُوا أَو يَتَظَاهَرُوا عَلَيّ .. وَ سَاقَ إِلَي قَولِهِ فَأَيّنَا أَحَقّ بِمَجلِسِهِ وَ مَكَانِهِ ألّذِي يُسَمّي بِخَاصّةٍ أَنّهُ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، أَو مَن خَصّ مِن بَينِ الأُمّةِ أَنّهُ لَيسَ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ .. وَ سَاقَ إِلَي قَولِهِ يَا طَلحَةُ عَمداً كَفَفتُ عَن جَوَابِكَ. قَالَ فأَخَبرِنيِ عَمّا كَتَبَ عُمَرُ وَ عُثمَانُ، أَ قُرآنٌ كُلّهُ أَم فِيهِ مَا لَيسَ بِقُرآنٍ. قَالَ بَل قُرآنٌ
صفحه : 432
كُلّهُ إِن أَخَذتُم بِمَا فِيهِ نَجَوتُم مِنَ النّارِ .. وَ سَاقَ إِلَي قَولِهِ وَ مَن صَاحِبُهُ بَعدَكَ. قَالَ إِلَي ألّذِي أمَرَنَيِ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَن أَدفَعَهُ إِلَيهِ. قَالَ مَن هُوَ. قَالَ وصَيِيّ .. وَ سَاقَ إِلَي قَولِهِ فِي آخِرِ الخَبَرِ.يَرُدّونَ أُمّتَهُ عَلَي أَدبَارِهِمُ القَهقَرَي،فَقَالُوا يَرحَمُكَ اللّهُ يَا أَبَا الحَسَنِ وَ جَزَاكَ اللّهُ أَفضَلَ الجَزَاءِ عَنّا.
ل القَطّانُ وَ السنّاَنيِّ وَ الدّقّاقُ وَ المُكَتّبُ وَ الوَرّاقُ جَمِيعاً، عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ، عَنِ ابنِ حَبِيبٍ، عَنِ ابنِ بُهلُولٍ، عَن سُلَيمَانَ بنِ حُكَيمٍ، عَن ثَورِ بنِ يَزِيدَ، عَن مَكحُولٍ، قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُلَقَد عَلِمَ المُستَحفِظُونَ مِن أَصحَابِ النّبِيّ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنّهُ لَيسَ فِيهِم رَجُلٌ لَهُ مَنقَبَةٌ إِلّا وَ قَد شَرِكتُهُ فِيهَا وَ فَضَلتُهُ، وَ لِي سَبعُونَ مَنقَبَةً لَم يشَركَنيِ فِيهَا أَحَدٌ مِنهُم. قُلتُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فأَخَبرِنيِ بِهِنّ. فَقَالَ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ أَوّلَ مَنقَبَةٍ لِي أنَيّ لَم أُشرِك بِاللّهِ طَرفَةَ عَينٍ، وَ لَم أَعبُدِ اللّاتَ وَ العُزّي. وَ الثّانِيَةُ أنَيّ لَم أَشرَبِ الخَمرَ قَطّ. وَ الثّالِثَةُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ استوَهبَنَيِ مِن أَبِي فِي صبِاَيَ
صفحه : 433
فَكُنتُ أَكِيلَهُ وَ شَرِيبَهُ وَ مُؤنِسَهُ وَ مُحَدّثَهُ. وَ الرّابِعَةُ أنَيّ أَوّلُ النّاسِ إِيمَاناً وَ إِسلَاماً. وَ الخَامِسَةُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ لِي يَا عَلِيّ أَنتَ منِيّ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَي إِلّا أَنّهُ لَا نبَيِّ بعَديِ. وَ السّادِسَةُ أنَيّ كُنتُ آخِرَ النّاسِ عَهداً بِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ دَلّيتُهُ فِي حُفرَتِهِ. وَ السّابِعَةُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أنَاَمنَيِ عَلَي فِرَاشِهِ حَيثُ ذَهَبَ إِلَي الغَارِ وَ سجَاّنيِ بِبُردِهِ، فَلَمّا جَاءَ المُشرِكُونَ ظنَوّنيِ مُحَمّداً فأَيَقظَوُنيِ، وَ قَالُوا مَا فَعَلَ صَاحِبُكَ.فَقُلتُ ذَهَبَ فِي حَاجَتِهِ.فَقَالُوا لَو كَانَ هَرَبَ لَهَرَبَ هَذَا مَعَهُ. وَ أَمّا الثّامِنَةُ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ علَمّنَيِ أَلفَ بَابٍ مِنَ العِلمِ يَفتَحُ كُلّ بَابٍ أَلفَ بَابٍ، وَ لَم يُعلِم ذَلِكَ أَحَداً غيَريِ. وَ أَمّا التّاسِعَةُ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ لِي يَا عَلِيّ إِذَا حَشَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ نَصَبَ لِي مِنبَراً فَوقَ مَنَابِرِ النّبِيّينَ، وَ نَصَبَ لَكَ مِنبَراً فَوقَ مَنَابِرِ الوَصِيّينَ،فتَرَتقَيِ عَلَيهِ. وَ أَمّا العَاشِرَةُ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لَا أُعطَي فِي القِيَامَةِ شَيئاً إِلّا سَأَلتُ لَكَ مِثلَهُ. وَ أَمّا الحَادِيَةَ عَشرَةَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ يَا عَلِيّ أَنتَ أخَيِ وَ أَنَا أَخُوكَ يَدُكَ فِي يدَيِِ حَتّي نَدخُلَ الجَنّةَ. وَ أَمّا الثّانِيَةَ عَشرَةَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ يَا
صفحه : 434
عَلِيّ مَثَلُكَ فِي أمُتّيِ كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ مَن رَكِبَهَا نَجَا وَ مَن تَخَلّفَ عَنهَا غَرِقَ. وَ أَمّا الثّالِثَةَ عَشرَةَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عمَمّنَيِ بِعِمَامَةِ نَفسِهِ بِيَدِهِ وَ دَعَا لِي بِدَعَوَاتِ النّصرِ عَلَي أَعدَاءِ اللّهِ،فَهَزَمتُهُم بِإِذنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ. وَ أَمّا الرّابِعَةَ عَشرَةَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أمَرَنَيِ أَن أَمسَحَ يدَيِ عَلَي ضَرعِ شَاةٍ قَد يَبِسَ ضَرعُهَا،فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ بَلِ امسَح أَنتَ. فَقَالَ يَا عَلِيّ فِعلُكَ فعِليِ،فَمَسَحتُ عَلَيهَا يدَيِ فَدَرّ عَلَيّ مِن لَبَنِهَا فَسَقَيتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ شَربَةً، ثُمّ أَتَت عَجُوزٌ فَشَكَتِ الظّمَأَ فَسَقَيتُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إنِيّ سَأَلتُ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَن يُبَارِكَ فِي يَدِكَ فَفَعَلَ. وَ أَمّا الخَامِسَةَ عَشرَةَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَوصَي إلِيَّ وَ قَالَ يَا عَلِيّ لَا يلَيِ غسُليِ غَيرُكَ، وَ لَا يوُاَريِ عوَرتَيِ غَيرُكَ،فَإِنّهُ إِن رَأَي أَحَدٌ عوَرتَيِ غَيرُكَ تَفَقّأَت عَينَاهُ.فَقُلتُ لَهُ كَيفَ فَكَيفَ لِي بِتَقلِيبِكَ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ). فَقَالَ إِنّكَ سَتُعَانُ،فَوَ اللّهِ مَا أَرَدتُ أَن أُقَلّبَ عُضواً مِن أَعضَائِهِ إِلّا قُلّبَ لِي. وَ أَمّا السّادِسَةَ عَشرَةَ فإَنِيّ أَرَدتُ أَن أُجَرّدَهُ فَنُودِيتُ، يَا وصَيِّ مُحَمّدٍ لَا تُجَرّدهُ،فَغَسّلتُهُ وَ القَمِيصُ عَلَيهِ، فَلَا وَ اللّهِ ألّذِي أَكرَمَهُ بِالنّبُوّةِ وَ خَصّهُ بِالرّسَالَةِ مَا رَأَيتُ لَهُ عَورَةً،خصَنّيَِ اللّهُ بِذَلِكَ مِن بَينِ أَصحَابِهِ. وَ أَمّا السّابِعَةَ عَشرَةَ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ زوَجّنَيِ فَاطِمَةَ وَ قَد كَانَ خَطَبَهَا أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ فزَوَجّنَيَِ اللّهُ مِن فَوقِ سَبعِ سَمَاوَاتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ
صفحه : 435
وَ آلِهِ هَنِيئاً لَكَ يَا عَلِيّ، فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَد زَوّجَكَ فَاطِمَةَ سَيّدَةَ نِسَاءِ أَهلِ الجَنّةِ، وَ هيَِ بَضعَةٌ منِيّ.فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَ وَ لَستُ مِنكَ. قَالَ بَلَي يَا عَلِيّ، وَ أَنتَ منِيّ وَ أَنَا مِنكَ كيَمَيِنيِ مِن شمِاَليِ، لَا أسَتغَنيِ عَنكَ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ. وَ أَمّا الثّامِنَةَ عَشرَةَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ يَا عَلِيّ أَنتَ صَاحِبُ لِوَاءِ الحَمدِ فِي الآخِرَةِ، وَ أَنتَ يَومَ القِيَامَةِ أَقرَبُ الخَلَائِقِ منِيّ مَجلِساً يُبسَطُ لِي وَ يُبسَطُ لَكَ فَأَكُونُ فِي زُمرَةِ النّبِيّينَ، وَ تَكُونُ فِي زُمرَةِ الوَصِيّينَ، وَ يُوضَعُ عَلَي رَأسِكَ تَاجُ النّورِ وَ إِكلِيلُ الكَرَامَةِ،يَحُفّ بِكِ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ حَتّي يَفرُغَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن حِسَابِ الخَلَائِقِ. وَ أَمّا التّاسِعَةَ عَشرَةَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ سَتُقَاتِلُ النّاكِثِينَ وَ القَاسِطِينَ وَ المَارِقِينَ،فَمَن قَاتَلَكَ مِنهُم فَإِنّ لَكَ بِكُلّ رَجُلٍ مِنهُم شَفَاعَةً فِي مِائَةِ أَلفٍ مِن شِيعَتِكَ.فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص )فَمَنِ النّاكِثُونَ. قَالَ طَلحَةُ وَ الزّبَيرُ،سَيُبَايِعُونَكَ بِالحِجَازِ، وَ يَنكُثَانِكَ بِالعِرَاقِ، فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ فَحَارِبهُمَا فَإِنّ فِي قِتَالِهِمَا طَهَارَةً لِأَهلِ الأَرضِ. قُلتُ فَمَنِ القَاسِطُونَ. قَالَ مُعَاوِيَةُ وَ أَصحَابُهُ.فَقُلتُ فَمَنِ المَارِقُونَ. قَالَ أَصحَابُ ذُو الثّدَيّةِ، وَ هُم يَمرُقُونَ مِنَ الدّينِ كَمَا يَمرُقُ السّهمُ مِنَ الرّمِيّةِ،فَاقتُلهُم فَإِنّ فِي قَتلِهِم فَرَجاً لِأَهلِ الأَرضِ، وَ عَذَاباً مُعَجّلًا عَلَيهِم، وَ ذُخراً لَكَ عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ يَومَ القِيَامَةِ. وَ أَمّا العِشرُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَثَلُكَ فِي أمُتّيِ مَثَلُ بَابِ حِطّةٍ فِي بنَيِ إِسرَائِيلَ،فَمَن دَخَلَ فِي وَلَايَتِكَ فَقَد دَخَلَ البَابَ
صفحه : 436
كَمَا أَمَرَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ. وَ أَمّا الحَادِيَةُ وَ العِشرُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ أَنَا مَدِينَةُ العِلمِ وَ عَلِيّ بَابُهَا، وَ لَن يُدخَلَ المَدِينَةُ إِلّا مِن بَابِهَا، ثُمّ قَالَ يَا عَلِيّ إِنّكَ سَتَرعَي ذمِتّيِ وَ تُقَاتِلُ عَلَي سنُتّيِ، وَ تُخَالِفُكَ أمُتّيِ. وَ أَمّا الثّانِيَةُ وَ العِشرُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ ابنيَّ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ مِن نُورٍ أَلقَاهُ إِلَيكَ وَ إِلَي فَاطِمَةَ، وَ هُمَا يَهتَزّانِ كَمَا يَهتَزّ القُرطَانِ إِذَا كَانَا فِي الأُذُنَينِ، وَ نُورُهُمَا مُتَضَاعِفٌ عَلَي نُورِ الشّهَدَاءِ سَبعِينَ أَلفَ ضِعفٍ، يَا عَلِيّ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَد وعَدَنَيِ أَن يُكرِمَهُمَا كَرَامَةً لَا يُكرِمُ بِهَا أَحَداً مَا خَلَا النّبِيّينَ وَ المُرسَلِينَ. وَ أَمّا الثّالِثَةُ وَ العِشرُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أعَطاَنيِ خَاتَمَهُ فِي حَيَاتِهِ وَ دِرعَهُ وَ مِنطَقَتَهُ وَ قلَدّنَيِ سَيفَهُ وَ أَصحَابُهُ كُلّهُم حُضُورٌ وَ عمَيَّ العَبّاسُ حَاضِرٌ،فخَصَنّيَِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِنهُ بِذَلِكَ دُونَهُم. وَ أَمّا الرّابِعَةُ وَ العِشرُونَ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَنزَلَ عَلَي رَسُولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ( يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيتُمُ الرّسُولَ فَقَدّمُوا بَينَ يدَيَ نَجواكُم صَدَقَةً)فَكَانَ لِي دِينَارٌ فبعثه [فَبِعتُهُ]بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ،فَكُنتُ إِذَا نَاجَيتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَصّدّقُ قَبلَ ذَلِكَ بِدِرهَمٍ، وَ وَ اللّهِ مَا فَعَلَ هَذَا أَحَدٌ مِن أَصحَابِهِ قبَليِ وَ لَا بعَديِ،فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ( أَ أَشفَقتُم أَن تُقَدّمُوا بَينَ يدَيَ نَجواكُم
صفحه : 437
صَدَقاتٍ فَإِذ لَم تَفعَلُوا وَ تابَ اللّهُ عَلَيكُم
...)الآيَةَ،فَهَل تَكُونُ التّوبَةُ إِلّا مِن ذَنبٍ كَانَ. وَ أَمّا الخَامِسَةُ وَ العِشرُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ الجَنّةُ مُحَرّمَةٌ عَلَي الأَنبِيَاءِ حَتّي أَدخُلَهَا أَنَا، وَ هيَِ مُحَرّمَةٌ عَلَي الأَوصِيَاءِ حَتّي تَدخُلَهَا أَنتَ يَا عَلِيّ، إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بشَرّنَيِ فِيكَ بِبُشرَي لَم يُبَشّر بِهَا نَبِيّاً قبَليِ،بشَرّنَيِ بِأَنّكَ سَيّدُ الأَوصِيَاءِ، وَ أَنّ ابنَيكَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ سَيّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ يَومَ القِيَامَةِ. وَ أَمّا السّادِسَةُ وَ العِشرُونَ فَإِنّ جَعفَراً أخَيِ الطّيّارُ فِي الجَنّةِ مَعَ المَلَائِكَةِ المُزَيّنُ بِالجَنَاحَينِ مِن دُرّ وَ يَاقُوتٍ وَ زَبَرجَدٍ. وَ أَمّا السّابِعَةُ وَ العِشرُونَ فعَمَيّ حَمزَةُ سَيّدُ الشّهَدَاءِ. وَ أَمّا الثّامِنَةُ وَ العِشرُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي وعَدَنَيِ فِيكَ وَعداً لَن يُخلِفَهُ،جعَلَنَيِ نَبِيّاً وَ جَعَلَكَ وَصِيّاً، وَ سَتَلقَي مِن أمُتّيِ مِن بعَديِ مَا لقَيَِ مُوسَي مِن فِرعَونَ،فَاصبِر وَ احتَسِب حَتّي تلَقاَنيِ فأَوُاَليَِ مَن وَالَاكَ وَ أعُاَديَِ مَن عَادَاكَ. وَ أَمّا التّاسِعَةُ وَ العِشرُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ يَا عَلِيّ أَنتَ صَاحِبُ الحَوضِ لَا يَملِكُهُ غَيرُكَ وَ سَيَأتِيكِ قَومٌ فَيَستَسقُونَكَ فَتَقُولُ لَا .. وَ لَا مِثلُ ذَرّةٍ،فَيَنصَرِفُونَ مُسوَدّةً وُجُوهُهُم، وَ سَتَرِدُ عَلَيكَ شيِعتَيِ وَ شِيعَتُكَ فَتَقُولُ رِدُوا رِوَاءً مَروِيّينَ،فَيَرِدُونَ مُبيَضّةً وُجُوهُهُم.
صفحه : 438
وَ أَمّا الثّلَاثُونَ فإَنِيّ سَمِعتُهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ يُحشَرُ أمُتّيِ يَومَ القِيَامَةِ عَلَي خَمسِ رَايَاتٍ،فَأَوّلُ رَايَةٍ تَرِدُ عَلَيّ رَايَةُ فِرعَونِ هَذِهِ الأُمّةِ، وَ هُوَ مُعَاوِيَةُ. وَ الثّانِيَةُ مَعَ ساَمرِيِّ هَذِهِ الأُمّةِ، وَ هُوَ عَمرُو بنُ العَاصِ. وَ الثّالِثَةُ مَعَ جَاثَلِيقِ هَذِهِ الأُمّةِ، وَ هُوَ أَبُو مُوسَي الأشَعرَيِّ. وَ الرّابِعَةُ مَعَ أَبِي الأَعوَرِ السلّمَيِّ. وَ أَمّا الخَامِسَةُ فَمَعَكَ يَا عَلِيّ تَحتَهَا المُؤمِنُونَ وَ أَنتَ إِمَامُهُم، ثُمّ يَقُولُ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لِلأَربَعَةِ(ارجِعُوا وَراءَكُم فَالتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَينَهُم بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرّحمَةُ...) وَ هُم شيِعتَيِ وَ مَن واَلاَنيِ وَ قَاتَلَ معَيِ الفِئَةَ البَاغِيَةَ وَ النّاكِبَةَ عَنِ الصّرَاطِ، وَ بَابُ الرّحمَةِ هُم شيِعتَيِ،فيَنُاَديِ هَؤُلَاءِأَ لَم نَكُن فِيهِ(مَعَكُم قالُوا بَلي وَ لكِنّكُم فَتَنتُم أَنفُسَكُم وَ تَرَبّصتُم وَ ارتَبتُم وَ غَرّتكُمُ الأمَانيِّ حَتّي جاءَ أَمرُ اللّهِ وَ غَرّكُم بِاللّهِ الغَرُورُ)(فَاليَومَ لا يُؤخَذُ مِنكُم فِديَةٌ وَ لا مِنَ الّذِينَ كَفَرُوا مَأواكُمُ النّارُ هيَِ مَولاكُم وَ بِئسَ المَصِيرُ)، ثُمّ تَرِدُ أمُتّيِ وَ شيِعتَيِ فَيَروُونَ مِن حَوضِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،بيِدَيِ عَصَي عَوسَجٍ أَطرُدُ بِهَا أعَداَئيِ طَردَ غَرِيبَةِ الإِبِلِ. وَ أَمّا الحَادِيَةُ وَ الثّلَاثُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لَو لَا أَن يَقُولَ فِيكَ الغَالُونَ مِن أمُتّيِ مَا قَالَتِ النّصَارَي فِي عِيسَي ابنِ مَريَمَ لَقُلتُ
صفحه : 439
فِيكَ قَولًا لَا تَمُرّ بِمَلَإٍ مِنَ النّاسِ إِلّا أَخَذُوا التّرَابَ مِن تَحتِ قَدَمَيكَ يَستَشفُونَ بِهِ. وَ أَمّا الثّانِيَةُ وَ الثّلَاثُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي نصَرَنَيِ بِالرّعبِ فَسَأَلتُهُ أَن يَنصُرَكَ بِمِثلِهِ فَجَعَلَ لَكَ مِن ذَلِكَ مِثلَ ألّذِي جَعَلَهُ لِي. وَ أَمّا الثّالِثَةُ وَ الثّلَاثُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ التَقَمَ أذُنُيِ وَ علَمّنَيِ مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ،فَسَاقَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي إِلَي لِسَانِ نَبِيّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. وَ أَمّا الرّابِعَةُ وَ الثّلَاثُونَ فَإِنّ النّصَارَي ادّعَوا أَمراً فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ(فَمَن حَاجّكَ فِيهِ مِن بَعدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُل تَعالَوا نَدعُ أَبناءَنا وَ أَبناءَكُم وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُم وَ أَنفُسَنا وَ أَنفُسَكُم)فَكَانَت نفَسيِ نَفسَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ النّسَاءُ فَاطِمَةَ( ع )، وَ الأَبنَاءُ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ، ثُمّ نَدِمَ القَومُ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الإِعفَاءَ فَأَعفَاهُم، وَ ألّذِي أَنزَلَ التّورَاةَ عَلَي مُوسَي وَ الفُرقَانَ عَلَي مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَو بَاهَلُونَا لَمُسِخُوا قِرَدَةً وَ خَنَازِيرَ. وَ أَمّا الخَامِسَةُ وَ الثّلَاثُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وجَهّنَيِ يَومَ بَدرٍ، فَقَالَ ائتنِيِ بِكَفّ حَصَيَاتٍ مَجمُوعَةً فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ،فَأَخَذتُهَا ثُمّ شَمَمتُهَا فَإِذَا هيَِ طَيّبَةٌ تَفُوحُ مِنهَا رَائِحَةُ المِسكِ،فَأَتَيتُهُ بِهَا فَرَمَي بِهَا وُجُوهَ المُشرِكِينَ، وَ تِلكَ الحَصَيَاتُ أَربَعٌ مِنهَا كُنّ مِنَ الفِردَوسِ، وَ حَصَاةٌ مِنَ المَشرِقِ، وَ حَصَاةٌ مِنَ المَغرِبِ، وَ حَصَاةٌ مِن تَحتِ العَرشِ، مَعَ كُلّ حَصَاةٍ مِائَةُ أَلفِ مَلَكٍ مَدَدٍ لَنَا، لَم يُكرِمِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ
صفحه : 440
بِهَذِهِ الفَضِيلَةِ أَحَداً قَبلُ وَ لَا بَعدُ. وَ أَمّا السّادِسَةُ وَ الثّلَاثُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ وَيلٌ لِقَاتِلِكَ،إِنّهُ أَشقَي مِن ثَمُودَ وَ مِن عَاقِرِ النّاقَةِ، وَ إِنّ عَرشَ الرّحمَنِ لَيَهتَزّ لِقَتلِكَ،فَأَبشِر يَا عَلِيّ،فَإِنّكَ فِي زُمرَةِالصّدّيقِينَ وَ الشّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ. وَ أَمّا السّابِعَةُ وَ الثّلَاثُونَ فَإِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَد خصَنّيِ مِن بَينِ أَصحَابِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِعِلمِ النّاسِخِ وَ المَنسُوخِ وَ المُحكَمِ وَ المُتَشَابِهِ وَ الخَاصّ وَ العَامّ، وَ ذَلِكَ مِمّا مَنّ اللّهُ بِهِ عَلَيّ وَ عَلَي رَسُولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ قَالَ لِيَ الرّسُولُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَا عَلِيّ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أمَرَنَيِ أَن أُدنِيَكَ وَ لَا أُقصِيَكَ، وَ أُعَلّمَكَ وَ لَا أَجفُوَكَ، وَ حَقّ عَلَيّ أَن أُطِيعَ ربَيّ وَ حَقّ عَلَيكَ أَن تعَيَِ. وَ أَمّا الثّامِنَةُ وَ الثّلَاثُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بعَثَنَيِ بَعثاً وَ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ وَ أطَلعَنَيِ عَلَي مَا يجَريِ بَعدَهُ،فَحَزِنَ لِذَلِكَ بَعضُ أَصحَابِهِ وَ قَالَ لَو قَدَرَ مُحَمّدٌ أَن يَجعَلَ ابنَ عَمّهِ نَبِيّاً لَجَعَلَهُ،فشَرَفّنَيَِ اللّهُ عَلَيّ بِالِاطّلَاعِ عَلَي ذَلِكَ عَلَي لِسَانِ نَبِيّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. وَ أَمّا التّاسِعَةُ وَ الثّلَاثُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ كَذَبَ مَن زَعَمَ أَنّهُ يحُبِنّيِ وَ يُبغِضُ عَلِيّاً، لَا يَجتَمِعُ حبُيّ وَ حُبّهُ إِلّا فِي قَلبِ مُؤمِنٍ، إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ جَعَلَ أَهلَ حبُيّ وَ حُبّكَ يَا عَلِيّ فِي أَوّلِ زُمرَةِ السّابِقِينَ إِلَي الجَنّةِ، وَ جَعَلَ أَهلَ بغُضيِ وَ بُغضِكَ فِي أَوّلِ زُمرَةِ الضّالّينَ مِن أمُتّيِ إِلَي النّارِ. وَ أَمّا الأَربَعُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وجَهّنَيِ فِي بَعضِ الغَزَوَاتِ إِلَي ركَيِّ فَإِذَا لَيسَ فِيهِ مَاءٌ،فَرَجَعتُ إِلَيهِ فَأَخبَرتُهُ، فَقَالَ أَ فِيهِ
صفحه : 441
طِينٌ.فَقُلتُ نَعَم. فَقَالَ ايتنِيِ مِنهُ،فَأَتَيتُ مِنهُ بِطِينٍ،فَتَكَلّمَ فِيهِ، ثُمّ قَالَ أَلقِهِ فِي الركّيِّ،فَأَلقَيتُهُ، فَإِذَا المَاءُ قَد نَبَعَ حَتّي امتَلَأَ جَوَانِبَ الركّيِّ،فَجِئتُ إِلَيهِ فَأَخبَرتُهُ، فَقَالَ لِي وُفّقتَ يَا عَلِيّ وَ بِبَرَكَتِكَ نَبَعَ المَاءُ،فَهَذِهِ المَنقَبَةُ خَاصّةٌ لِي مِن دُونِ أَصحَابِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. وَ أَمّا الحَادِيَةُ وَ الأَربَعُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ أَبشِر يَا عَلِيّ فَإِنّ جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ أتَاَنيِ فَقَالَ لِي يَا مُحَمّدُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي نَظَرَ إِلَي أَصحَابِكَ فَوَجَدَ ابنَ عَمّكَ وَ خَتَنَكَ عَلَي ابنَتِكَ فَاطِمَةَ خَيرَ أَصحَابِكَ،فَجَعَلَهُ وَصِيّكَ وَ المؤُدَيّ عَنكَ. وَ أَمّا الثّانِيَةُ وَ الأَربَعُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ أَبشِر يَا عَلِيّ فَإِنّ مَنزِلَكَ فِي الجَنّةِ مُوَاجِهَ منَزلِيِ، وَ أَنتَ معَيِ فِي الرّفِيقِ الأَعلَي فِي أَعلَي عِلّيّينَ، قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ مَا أَعلَي عِلّيّونَ. فَقَالَ قُبّةٌ مِن دُرّةٍ بَيضَاءَ لَهَا سَبعُونَ أَلفَ مِصرَاعٍ مَسكَنٌ لِي وَ لَكَ يَا عَلِيّ. وَ أَمّا الثّالِثَةُ وَ الأَربَعُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ رَسَخَ حبُيّ فِي قُلُوبِ المُؤمِنِينَ وَ كَذَلِكَ رَسَخَ حُبّكَ يَا عَلِيّ فِي قُلُوبِ المُؤمِنِينَ، وَ رَسَخَ بغُضيِ وَ بُغضَكَ فِي قُلُوبِ المُنَافِقِينَ، فَلَا يُحِبّكَ إِلّا مُؤمِنٌ تقَيِّ وَ لَا يُبغِضُكَ إِلّا مُنَافِقٌ كَافِرٌ. وَ أَمّا الرّابِعَةُ وَ الأَربَعُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لَن يُبغِضَكَ مِنَ العَرَبِ إِلّا دعَيِّ، وَ لَا مِنَ العَجَمِ إِلّا شقَيِّ، وَ لَا مِنَ النّسَاءِ إِلّا سَلَقلَقِيّةٌ. وَ أَمّا الخَامِسَةُ وَ الأَربَعُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ دعَاَنيِ وَ أَنَا
صفحه : 442
رَمِدُ العَينِ فَتَفَلَ فِي عيَنيِ، وَ قَالَ أللّهُمّ اجعَل حَرّهَا فِي بَردِهَا وَ بَردَهَا فِي حَرّهَا،فَوَ اللّهِ مَا اشتَكَت عيَنيِ إِلَي هَذِهِ السّاعَةِ. وَ أَمّا السّادِسَةُ وَ الأَربَعُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَمَرَ أَصحَابَهُ وَ عُمُومَتَهُ بِسَدّ الأَبوَابِ وَ فَتحِ باَبيِ بِأَمرِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ،فَلَيسَ لِأَحَدٍ مَنقَبَةٌ مِثلُ منَقبَتَيِ. وَ أَمّا السّابِعَةُ وَ الأَربَعُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أمَرَنَيِ فِي وَصِيّتِهِ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ وَ عِدَاتِهِ،فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ قَد عَلِمتَ أَنّهُ لَيسَ عنِديِ مَالٌ. فَقَالَ سَيُعِينُكَ اللّهُ،فَمَا أَرَدتُ أَمراً مِن قَضَاءِ دُيُونِهِ وَ عِدَاتِهِ إِلّا يَسّرَهُ اللّهُ لِي حَتّي قَضَيتُ دُيُونَهُ وَ عِدَاتِهِ، وَ أَحصَيتُ ذَلِكَ فَبَلَغَ ثَمَانِينَ أَلفاً وَ بقَيَِ بَقِيّةٌ أَوصَيتُ الحَسَنَ أَن يَقضِيَهَا. وَ أَمّا الثّامِنَةُ وَ الأَربَعُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أتَاَنيِ فِي منَزلِيِ وَ لَم يَكُن طَعِمنَا مُنذُ ثَلَاثَةِ أَيّامٍ فَقَالَ يَا عَلِيّ هَل عِندَكَ مِن شَيءٍ.فَقُلتُ وَ ألّذِي أَكرَمَكَ بِالكَرَامَةِ وَ اصطَفَاكَ بِالرّسَالَةِ مَا طَعِمتُ وَ زوَجتَيِ وَ ابناَيَ مُنذُ ثَلَاثَةِ أَيّامٍ. فَقَالَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَا فَاطِمَةُ ادخلُيِ البَيتَ وَ انظرُيِ هَل تَجِدِينَ شَيئاً.فَقَالَت خَرَجتُ السّاعَةَ.فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَدخُلُهُ أَنَا. فَقَالَ ادخُلهُ بِسمِ اللّهِ،فَدَخَلتُ فَإِذَا أَنَا بِطَبَقٍ مَوضُوعٍ عَلَيهِ رُطَبٌ وَ جَفنَةٍ مِن ثَرِيدٍ،فَحَمَلتُهَا إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ يَا عَلِيّ رَأَيتَ الرّسُولَ ألّذِي حَمَلَ هَذَا الطّعَامَ،فَقُلتُ نَعَم. فَقَالَ صِفهُ لِي،فَقُلتُ مِن بَينِ أَحمَرَ وَ أَخضَرَ وَ أَصفَرَ. فَقَالَ تِلكَ خِطَطُ جَنَاحِ جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ مُكَلّلَةً بِالدّرّ وَ اليَاقُوتِ،فَأَكَلنَا مِنَ الثّرِيدِ حَتّي شَبِعنَا،فَمَا رئُيَِ إِلّا خَدشُ أَيدِينَا وَ أَصَابِعِنَا،فخَصَنّيَِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِذَلِكَ مِن بَينِ الصّحَابَةِ.
صفحه : 443
وَ أَمّا التّاسِعَةُ وَ الأَربَعُونَ فَإِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَصّ نَبِيّهُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِالنّبُوّةِ وَ خصَنّيِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِالوَصِيّةِ،فَمَن أحَبَنّيِ فَهُوَ سَعِيدٌ يُحشَرُ فِي زُمرَةِ الأَنبِيَاءِ عَلَيهِمُ السّلَامُ. وَ أَمّا الخَمسُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بَعَثَ بِبَرَاءَةَ مَعَ أَبِي بَكرٍ، فَلَمّا مَضَي أَتَي جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ يَا مُحَمّدُ لَا يؤُدَيّ عَنكَ إِلّا أَنتَ أَو رَجُلٌ مِنكَ،فوَجَهّنَيِ عَلَي نَاقَتِهِ الغَضبَاءِ،فَلَحِقتُهُ بذِيِ الحُلَيفَةِ فَأَخَذتُهَا مِنهُ،فخَصَنّيَِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِذَلِكَ. وَ أَمّا الحَادِيَةُ وَ الخَمسُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أقَاَمنَيِ لِلنّاسِ كَافّةً يَومَ غَدِيرِ خُمّ، فَقَالَ مَن كُنتُ مَولَاهُ فعَلَيِّ مَولَاهُ،فَبُعداً وَ سُحقاًلِلقَومِ الظّالِمِينَ. وَ أَمّا الثّانِيَةُ وَ الخَمسُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ يَا عَلِيّ أَ لَا أُعَلّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلّمَنِيهِنّ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ.فَقُلتُ بَلَي. قَالَ قُل« يَا رَزّاقَ المُقِلّينَ، وَ يَا رَاحِمَ المَسَاكِينِ، وَ يَا أَسمَعَ السّامِعِينَ، وَ يَا أَبصَرَ النّاظِرِينَ، وَ يَا أَرحَمَ الرّاحِمِينَ،ارحمَنيِ وَ ارزقُنيِ». وَ أَمّا الثّالِثَةُ وَ الخَمسُونَ فَإِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَن يَذهَبَ بِالدّنيَا حَتّي يَقُومَ مِنّا القَائِمُ يَقتُلُ مُبغِضِينَا وَ لَا يَقبَلُ الجِزيَةَ، وَ يَكسِرُ الصّلِيبَ وَ الأَصنَامَ، وَتَضَعَ الحَربُ أَوزارَها، وَ يَدعُو إِلَي أَخذِ المَالِ فَيَقسِمُهُ بِالسّوِيّةِ، وَ يَعدِلُ فِي الرّعِيّةِ. وَ أَمّا الرّابِعَةُ وَ الخَمسُونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ يَا عَلِيّ سَيَلعَنُكَ بَنُو أُمَيّةَ وَ يَرُدّ عَلَيهِم مَلَكٌ بِكُلّ لَعنَةٍ أَلفَ لَعنَةٍ، فَإِذَا قَامَ القَائِمُ لَعَنَهُم أَربَعِينَ سَنَةً. وَ أَمّا الخَامِسَةُ وَ الخَمسُونَ سَمِعتُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ لِي سَيَفتَتِنُ فِيكَ طَوَائِفُ مِن أمُتّيِ،فَتَقُولُ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَم
صفحه : 444
يُخَلّف شَيئاً فِيمَا إِذَا أَوصَي عَلِيّاً، أَ وَ لَيسَ كِتَابُ ربَيّ أَفضَلَ الأَشيَاءِ بَعدَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ ألّذِي بعَثَنَيِ بِالحَقّ لَئِن لَم تَجمَعهُ بِإِتقَانٍ لَم يُجمَع أَبَداً،فخَصَنّيَِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِذَلِكَ مِن دُونِ الصّحَابَةِ. وَ أَمّا السّادِسَةُ وَ الخَمسُونَ فَإِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خصَنّيِ بِمَا خَصّ بِهِ أَولِيَاءَهُ وَ أَهلَ طَاعَتِهِ وَ جعَلَنَيِ وَارِثَ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،فَمَن سَاءَهُ سَاءَهُ وَ مَن سَرّهُ سَرّهُ .. وَ أَومَي بِيَدِهِ نَحوَ المَدِينَةِ. وَ أَمّا السّابِعَةُ وَ الخَمسُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَانَ فِي بَعضِ الغَزَوَاتِ فَفُقِدَ المَاءُ، فَقَالَ لِي يَا عَلِيّ قُم إِلَي هَذِهِ الصّخرَةِ، وَ قُل أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ انفجَرِيِ إلِيَّ مَاءً،فَوَ اللّهِ ألّذِي أَكرَمَهُ بِالنّبُوّةِ،لَقَد أَبلَغتُهَا الرّسَالَةَ فَاطّلَعَ مِنهَا مِثلُ ثدَيِ البَقَرَةِ،فَسَالَ مِن كُلّ ثدَيٍ مِنهَا مَاءٌ، فَلَمّا رَأَيتُ ذَلِكَ أَسرَعتُ إِلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَأَخبَرتُهُ، فَقَالَ انطَلِق يَا عَلِيّ فَخُذ مِنَ المَاءِ، وَ جَاءَ القَومُ حَتّي مَلَئُوا قِرَبَهُم وَ أَدَوَاتِهِم وَ سَقَوا دَوَابّهُم وَ شَرِبُوا وَ تَوَضّوا،فخَصَنّيَِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِذَلِكَ مِن دُونِ الصّحَابَةِ. وَ أَمّا الثّامِنَةُ وَ الخَمسُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أمَرَنَيِ فِي بَعضِ غَزَوَاتِهِ وَ قَد نَفِدَ المَاءُ، فَقَالَ يَا عَلِيّ ائتِ بِتَورٍ،فَأَتَيتُهُ بِهِ،فَوَضَعَ يَدَهُ اليُمنَي وَ يدَيِ مَعَهَا فِي التّورِ، فَقَالَ انبُع،فَنَبَعَ المَاءُ مِن بَينِ أَصَابِعِنَا. وَ أَمّا التّاسِعَةُ وَ الخَمسُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وجَهّنَيِ إِلَي خَيبَرَ، فَلَمّا أَتَيتُهُ وَجَدتُ البَابَ مُغلَقاً فَزَعزَعتُهُ شَدِيداً فَقَلَعتُهُ وَ رَمَيتُ بِهِ أَربَعِينَ خُطوَةً،فَدَخَلتُ فَبَرَزَ إلِيَّ مَرحَبٌ فَحَمَلَ عَلَيّ وَ حَمَلتُ عَلَيهِ، وَ سَقَيتُ الأَرضَ مِن
صفحه : 445
دَمِهِ، وَ قَد كَانَ وَجّهَ رَجُلَينِ مِن أَصحَابِهِ فَرَجَعَا مُنكَسِفَينِ. وَ أَمّا السّتّونَ فإَنِيّ قَتَلتُ عَمرَو بنَ عَبدِ وُدّ، وَ كَانَ يُعَدّ بِأَلفِ رَجُلٍ. وَ أَمّا الحَادِيَةُ وَ السّتّونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ يَا عَلِيّ مَثَلُكَ فِي أمُتّيِ مَثَلُ(قُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ)،فَمَن أَحَبّكَ بِقَلبِهِ فَكَأَنّمَا قَرَأَ ثُلُثَ القُرآنِ، وَ مَن أَحَبّكَ بِقَلبِهِ وَ أَعَانَكَ بِلِسَانِهِ فَكَأَنّمَا قَرَأَ ثلُثُيَِ القُرآنِ، وَ مَن أَحَبّكَ بِقَلبِهِ وَ أَعَانَكَ بِلِسَانِهِ وَ نَصَرَكَ بِيَدِهِ فَكَأَنّمَا قَرَأَ القُرآنَ كُلّهُ. وَ أَمّا الثّانِيَةُ وَ السّتّونَ فإَنِيّ كُنتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي جَمِيعِ المَوَاطِنِ وَ الحُرُوبِ وَ كَانَت رَايَتُهُ معَيِ. وَ أَمّا الثّالِثَةُ وَ السّتّونَ فإَنِيّ لَم أَفِرّ مِنَ الزّحفِ قَطّ، وَ لَم يبُاَرزِنيِ أَحَدٌ إِلّا سَقَيتُ الأَرضَ مِن دَمِهِ. وَ أَمّا الرّابِعَةُ وَ السّتّونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أتُيَِ بِطَيرٍ مشَويِّ مِنَ الجَنّةِ فَدَعَا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَن يُدخِلَ عَلَيهِ أَحَبّ الخَلقِ إِلَيهِ فوَفَقّنَيَِ اللّهُ لِلدّخُولِ عَلَيهِ حَتّي أَكَلتُ مَعَهُ مِن ذَلِكَ الطّيرِ. وَ أَمّا الخَامِسَةُ وَ السّتّونَ فإَنِيّ كُنتُ أصُلَيّ فِي المَسجِدِ فَجَاءَ سَائِلٌ فَسَأَلَ وَ أَنَا رَاكِعٌ،فَنَاوَلتُهُ خاَتمَيِ مِن إصِبعَيِ،فَأَنزَلَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فِيّ(إِنّما وَلِيّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاةَ وَ يُؤتُونَ الزّكاةَ وَ هُم راكِعُونَ). وَ أَمّا السّادِسَةُ وَ السّتّونَ فَإِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي رَدّ عَلَيّ الشّمسَ مَرّتَينِ، وَ لَم يَرُدّهَا عَلَي أَحَدٍ مِن أُمّةِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ غيَريِ. وَ أَمّا السّابِعَةُ وَ السّتّونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَمَرَ أَن أُدعَي بِإِمرَةِ المُؤمِنِينَ فِي حَيَاتِهِ وَ بَعدَ مَوتِهِ وَ لَم يُطلِق ذَلِكَ لِأَحَدٍ غيَريِ. وَ أَمّا الثّامِنَةُ وَ السّتّونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ يَا عَلِيّ إِذَا
صفحه : 446
كَانَ يَومُ القِيَامَةِ نَادَي مُنَادٍ مِن بُطنَانِ العَرشِ أَينَ سَيّدُ الأَنبِيَاءِ فَأَقُومُ، ثُمّ ينُاَديِ أَينَ سَيّدُ الأَوصِيَاءِ فَتَقُومُ، وَ يأَتيِنيِ رِضوَانُ بِمَفَاتِيحِ الجَنّةِ، وَ يأَتيِنيِ مَالِكٌ بِمَقَالِيدِ النّارِ،فَيَقُولَانِ إِنّ اللّهَ جَلّ جَلَالُهُ أَمَرَنَا أَن نَدفَعَهَا إِلَيكَ وَ نَأمُرَكَ أَن تَدفَعَهَا إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ،فَتَكُونُ يَا عَلِيّ قَسِيمَ الجَنّةِ وَ النّارِ. وَ أَمّا التّاسِعَةُ وَ السّتّونَ فإَنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لَولَاكَ مَا عُرِفَ المُنَافِقُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ. وَ أَمّا السّبعُونَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ نَامَ وَ نوَمّنَيِ وَ زوَجتَيِ فَاطِمَةَ وَ ابنيَّ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ وَ أَلقَي عَلَينَا عَبَاءَةً قَطَوَانِيّةً،فَأَنزَلَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فِينَا(إِنّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهّرَكُم تَطهِيراً)، وَ قَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ أَنَا مِنكُم يَا مُحَمّدُ،فَكَانَ سَادِسُنَا جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ.
3- وَ 4-ل ، لِي ابنُ المُتَوَكّلِ، عَنِ السعّدآَباَديِّ، عَنِ البرَقيِّ، عَن أَبِيهِ، عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ، عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ، عَن أَبِي الجَارُودِ، عَن جَابِرِ بنِ يَزِيدَ الجعُفيِّ، عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِّ، قَالَخَطَبَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ،فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ، ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ قُدّامَ مِنبَرِكُم هَذَا أَربَعَةُ رَهطٍ مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ مِنهُم أَنَسُ بنُ مَالِكٍ وَ البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ الأنَصاَريِّ وَ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ الكنِديِّ وَ خَالِدُ بنُ يَزِيدَ البجَلَيِّ .. ثُمّ أَقبَلَ بِوَجهِهِ عَلَي أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، فَقَالَ يَا أَنَسُ إِن كُنتَ سَمِعتَ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَن كُنتُ مَولَاهُ فَهَذَا عَلِيّ مَولَاهُ، ثُمّ لَم
صفحه : 447
تَشهَد لِيَ اليَومَ بِالوَلَايَةِ فَلَا أَمَاتَكَ اللّهُ حَتّي يَبتَلِيَكَ بِبَرَصٍ لَا تُغَطّيهِ العِمَامَةُ، وَ أَمّا أَنتَ يَا أَشعَثُ فَإِن كُنتَ سَمِعتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ يَقُولُ مَن كُنتُ مَولَاهُ فَهَذَا عَلِيّ مَولَاهُ أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ ثُمّ لَم تَشهَد لِيَ اليَومَ بِالوَلَايَةِ فَلَا أَمَاتَكَ اللّهُ حَتّي يَذهَبَ بِكَرِيمَتَيكَ، وَ أَمّا أَنتَ يَا خَالِدَ بنَ يَزِيدَ إِن كُنتَ سَمِعتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَن كُنتُ مَولَاهُ فَهَذَا عَلِيّ مَولَاهُ أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ ثُمّ لَم تَشهَد لِيَ اليَومَ بِالوَلَايَةِ فَلَا أَمَاتَكَ اللّهُ إِلّا مِيتَةً جَاهِلِيّةً، وَ أَمّا أَنتَ يَا بَرَاءَ بنَ عَازِبٍ إِن كُنتَ سَمِعتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَن كُنتُ مَولَاهُ فَهَذَا عَلِيّ مَولَاهُ أللّهُمّ وَالِ مَن وَالَاهُ وَ عَادِ مَن عَادَاهُ ثُمّ لَم تَشهَد لِيَ اليَومَ بِالوَلَايَةِ فَلَا أَمَاتَكَ اللّهُ إِلّا حَيثُ هَاجَرتَ مِنهُ. قَالَ جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِّ وَ اللّهِ لَقَد رَأَيتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ وَ قَدِ ابتلُيَِ بِبَرَصٍ يُغَطّيهِ بِالعِمَامَةِ فَمَا تَستُرُهُ، وَ لَقَد رَأَيتُ الأَشعَثَ بنَ قَيسٍ وَ قَد ذَهَبَت كَرِيمَتَاهُ وَ هُوَ يَقُولُ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي جَعَلَ دُعَاءَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ بِالعَمَي فِي الدّنيَا وَ لَم يَدعُ عَلَيّ بِالعَذَابِ فِي الآخِرَةِ فَأُعَذّبَ، وَ أَمّا خَالِدُ بنُ يَزِيدَ فَإِنّهُ مَاتَ فَأَرَادَ أَهلُهُ أَن يَدفِنُوهُ، وَ حُفِرَ لَهُ فِي مَنزِلِهِ فَدُفِنَ،فَسَمِعَت بِذَلِكَ كِندَةُ فَجَاءَت بِالخَيلِ وَ الإِبِلِ فَعَقَرَتهَا عَلَي بَابِ مَنزِلِهِ،فَمَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيّةً، وَ أَمّا البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ فَإِنّهُ وَلّاهُ مُعَاوِيَةُ اليَمَنَ فَمَاتَ بِهَا وَ مِنهَا كَانَ هَاجَرَ.
صفحه : 449
مَا بِإِسنَادِهِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَسعَدَ بنِ زُرَارَةَ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي عَمرَةَ الأنَصاَريِّ، قَالَ لَمّا قَدِمَ أَبُو ذَرّ عَلَي عُثمَانَ قَالَ أخَبرِنيِ أَيّ البِلَادِ أَحَبّ إِلَيكَ. قَالَ مهُاَجرَيِ. قَالَ لَستَ بمِجُاَورِيِ. قَالَ فَأَلحَقُ بِحَرَمِ اللّهِ فَأَكُونَ فِيهِ. قَالَ لَا. قَالَ فَالكُوفَةُ أَرضٌ بِهَا أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. قَالَ لَا. قَالَ فَلَستُ بِمُختَارٍ غَيرَهُنّ،فَأَمَرَهُ بِالمَسِيرِ إِلَي الرّبَذَةِ. فَقَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ لِي اسمَع وَ أَطِع وَ أَنفِذ حَيثُ قَادُوكَ وَ لَو لِعَبدٍ حبَشَيِّ مُجَدّعٍ،فَخَرَجَ إِلَي الرّبَذَةِ،فَأَقَامَ هُنَا مُدّةً ثُمّ دَخَلَ المَدِينَةَ فَدَخَلَ عَلَي عُثمَانَ وَ النّاسُ عِندَهُ سِمَاطَينِ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إِن أخَرجَتنَيِ مِن أرَضيِ إِلَي
صفحه : 450
أَرضٍ لَيسَ بِهَا زَرعٌ وَ لَا ضَرعٌ إِلّا شُوَيهَاتٌ، وَ لَيسَ لِي خَادِمٌ إِلّا مُحَرّرَةٌ، وَ لَا ظِلّ يظُلِنّيِ إِلّا ظِلّ شَجَرَةٍ فأَعَطنِيِ خَادِماً وَ غُنَيمَاتٍ أَعِيشُ فِيهَا،فَحَوّلَ وَجهَهُ عَنهُ،فَتَحَوّلَ عَنهُ إِلَي السّمَاطِ الآخَرِ، فَقَالَ مِثلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ حَبِيبُ بنُ سَلَمَةَ لَكَ عنِديِ يَا أَبَا ذَرّ أَلفُ دِرهَمٍ وَ خَادِمٌ وَ خَمسُمِائَةِ شَاةٍ. قَالَ أَبُو ذَرّ أَعطِ خَادِمَكَ وَ أَلفَكَ وَ شُوَيهَاتِكَ مَن هُوَ أَحوَجُ إِلَي ذَلِكَ منِيّ،فإَنِيّ إِنّمَا أَسأَلُ حقَيّ فِي كِتَابِ اللّهِ،فَجَاءَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ أَ لَا تغُنيِ عَنهَا سَفِيهَكَ هَذَا. قَالَ أَيّ سَفِيهٍ. قَالَ أَبُو ذَرّ. قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ لَيسَ بِسَفِيهٍ،سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ وَ لَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ أَصدَقَ لَهجَةً مِن أَبِي ذَرّ،أَنزَلَهُ بِمَنزِلَةِ مُؤمِنِ آلِ فِرعَونَ( إِن يَكُ كاذِباً فَعَلَيهِ كَذِبُهُ وَ إِن يَكُ صادِقاً يُصِبكُم بَعضُ ألّذِي يَعِدُكُم). قَالَ عُثمَانُ التّرَابُ فِي فِيكَ. قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ بَلِ التّرَابُ فِي فِيكَ،أَنشُدُ بِاللّهِ مَن سَمِعَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ ذَلِكَ لأِبَيِ ذَرّ،فَقَامَ أَبُو هُرَيرَةَ وَ عَشَرَةٌ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ،فَوَلّي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ كُنتُ عِندَ أَبِي عَلَي العَشَاءِ بَعدَ المَغرِبِ إِذ جَاءَ الخَادِمُ فَقَالَ هَذَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ بِالبَابِ،فَدَخَلَ عُثمَانُ فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ العَبّاسُ تَعَشّ. قَالَ تَعَشّيتُ،فَوَضَعَ يَدَهُ، فَلَمّا فَرَغنَا مِنَ العَشَاءِ قَامَ مَن كَانَ عِندَهُ وَ جَلَستُ وَ تَكَلّمَ عُثمَانُ، فَقَالَ يَا خَالِ أَشكُو إِلَيكَ ابنَ أَخِيكَ يعَنيِ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ فَإِنّهُ أَكثَرَ فِي شتَميِ وَ نَطَقَ فِي عرِضيِ، وَ أَنَا أَعُوذُ بِاللّهِ فِي ظُلمِكُم بنَيِ عَبدِ المُطّلِبِ، إِن يَكُن هَذَا الأَمرُ لَكُم فَقَد سَلّمتُمُوهُ إِلَي مَن هُوَ أَبعَدُ منِيّ، وَ إِن لَا يَكُن
صفحه : 451
لَكُم فحَقَيّ أَخَذتَ،فَتَكَلّمَ العَبّاسُ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ صَلّي عَلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ ذَكَرَ مَا خَصّ اللّهُ بِهِ قُرَيشاً مِنهُ، وَ مَا خَصّ بِهِ بنَيِ عَبدِ المُطّلِبِ خَاصّةً، ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ فَمَا حَمِدتُكَ لِابنِ أخَيِ وَ لَا حَمِدتُ ابنَ أخَيِ فِيكَ، وَ مَا هُوَ وَحدَهُ، وَ لَقَد نَطَقَ غَيرُهُ،فَلَو أَنّكَ هَبَطتَ مِمّا صَعِدتَ وَ صَعِدُوا مِمّا هَبَطُوا لَكَانَ ذَلِكَ أَقرَبَ. فَقَالَ أَنتَ وَ ذَلِكَ يَا خَالِ. فَقَالَ فَلِمَ تَكَلّمُ بِذَلِكَ عَنكَ. قَالَ نَعَم،أَعطِهِم عنَيّ مَا شِئتَ. وَ قَامَ عُثمَانُ فَخَرَجَ فَلَم يَلبَث أَن رَجَعَ إِلَيهِ فَسَلّمَ وَ هُوَ قَائِمٌ، ثُمّ قَالَ يَا خَالِ لَا تَعجَل بشِيَءٍ حَتّي أَعُودَ إِلَيكَ،فَرَفَعَ العَبّاسُ يَدَيهِ وَ استَقبَلَ القِبلَةَ، فَقَالَ أللّهُمّ اسبِق لِي مَا لَا خَيرَ لِي فِي إِدرَاكِهِ،فَمَا مَضَتِ الجُمعَةُ حَتّي مَاتَ.
مَا ابنُ الصّلتِ، عَنِ ابنِ عُقدَةَ، عَن جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ العلَوَيِّ، عَن عَمّهِ القَاسِمِ بنِ جَعفَرٍ العلَوَيِّ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ، عَن أَبِيهِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي بَكرِ بنِ مُحَمّدٍ، عَن أَبِي بَكرِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ، أَنّهُ نَزَلَ عَلَي خَالِدِ بنِ أُسَيدٍ بِمَكّةَ، فَقَالَ لَهُ لَو أَتَيتَ ابنَ عَمّكَ فَوَصَلَكَ،فَأَتَي عُثمَانَ فَكَتَبَ لَهُ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ عَامِرٍ أَن صِلهُ بِسِتّمِائَةِ أَلفٍ،فَنَزَلَ بِهِ مِن قَابِلٍ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ
صفحه : 452
قَد بَارَكَ اللّهُ لِي فِي مَشُورَتِكَ فَأَتَيتُهُ فَأَمَرَ لِي بِسِتّمِائَةِ أَلفٍ، فَقَالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ سِتّينَ أَلفاً. قَالَ مِائَةُ أَلفٍ وَ مِائَةُ أَلفٍ وَ مِائَةُ أَلفٍ .. سِتّ مَرّاتٍ، فَقَالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ اسكُت فَمَا أَسوَدَ عُثمَانَ.
رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ النّهجِ، عَنِ الزّبَيرِ بنِ بَكّارٍ، قَالَ رَوَي فِي المُوَفّقِيّاتِ عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ أَرسَلَ إلِيَّ عُثمَانُ فِي الهَاجِرَةِ فَتَقَنّعتُ بثِوَبيِ وَ أَتَيتُهُ،فَدَخَلتُ وَ هُوَ عَلَي سَرِيرِهِ وَ فِي يَدِهِ قَضِيبٌ وَ بَينَ يَدَيهِ مَالٌ دَثِرٌ صُبرَتَانِ مِن وَرِقٍ وَ ذَهَبٍ، فَقَالَ دُونَكَ خُذ مِن هَذَا حَتّي تَملَأَ بَطنَكَ فَقَد أحَرقَتنَيِ.فَقُلتُ وَصَلَتكَ رَحِمٌ إِن كَانَ هَذَا المَالُ وَرِثتَهُ أَو أَعطَاكَهُ مُعطٍ أَوِ اكتَسَبتَهُ مِن تِجَارَةٍ كُنتُ أَحَدَ رَجُلَينِ إِمّا آخُذُ وَ أَشكُرُ أَو أُوَفّرُ وَ أَجهَدُ، وَ إِن كَانَ مِن مَالِ اللّهِ وَ فِيهِ حَقّ المُسلِمِينَ وَ اليَتِيمِ وَ ابنِ السّبِيلِ،فَوَ اللّهِ مَا لَكَ أَن تُعطِيَنِيهِ وَ لَا لِي أَن آخُذَهُ. فَقَالَ أَبَيتَ وَ اللّهِ إِلّا مَا أَبَيتَ. ثُمّ قَامَ إلِيَّ بِالقَضِيبِ فضَرَبَنَيِ، وَ اللّهِ مَا أَرُدّ يَدَهُ حَتّي قَضَي حَاجَتَهُ،فَتَقَنّعتُ بثِوَبيِ وَ رَجَعتُ إِلَي منَزلِيِ وَ قُلتُ اللّهُ بيَنيِ وَ بَينَكَ إِن كُنتُ أَمَرتُكَ بِمَعرُوفٍ وَ نَهَيتُكَ عَن مُنكَرٍ.
وَ عَنِ الزّبَيرِ بنِ بَكّارٍ فِي الكِتَابِ المَذكُورِ، قَالَ رَوَي عَن عَمّهِ، عَن عِيسَي بنِ دَاوُدَ، عَن رِجَالِهِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ لَمّا بَنَي عُثمَانُ دَارَهُ بِالمَدِينَةِ أَكثَرَ
صفحه : 453
النّاسُ عَلَيهِ فِي ذَلِكَ فَبَلَغَهُ،فَخَطَبَنَا فِي يَومِ الجُمُعَةِ ثُمّ صَلّي بِنَا، ثُمّ عَادَ إِلَي المِنبَرِ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ صَلّي عَلَي رَسُولِهِ(ص )، ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ، فَإِنّ النّعمَةَ إِذَا حَدَثَت حَدَثَ لَهَا حُسّادٌ حَسَبَهَا، وَ أَعدَاءٌ قَدرَهَا، وَ إِنّ اللّهَ لَم يُحدِث لَنَا نِعَماً لِيَحدُثَ لَهَا حُسّادٌ عَلَيهَا، وَ مُتَنَافِسُونَ فِيهَا، وَ لَكِنّهُ قَد كَانَ مِن بِنَاءِ مَنزِلِنَا هَذَا مَا كَانَ إِرَادَةُ جَمعِ المَالِ فِيهِ وَ ضَمّ القَاصِيَةِ إِلَيهِ،فَأَتَانَا عَن أُنَاسٍ مِنكُم أَنّهُم يَقُولُونَ أَخَذَ فَيئَنَا وَ أَنفَقَ شَيئاً وَ استَأثَرَ بِأَموَالِنَا،يَمشُونَ خَمَراً، وَ يَنطِقُونَ سِرّاً،كَأَنّا غُيّبٌ عَنهُم، وَ كَأَنّهُم يَهَابُونَ مُوَاجَهَتَنَا،مَعرِفَةً مِنهُم بِدُحُوضِ حُجّتِهِم، فَإِذَا غَابُوا عَنّا يَرُوحُ بَعضُهُم إِلَي بَعضِهِم يَذكُرُنَا، وَ قَد وَجَدُوا عَلَي ذَلِكَ أَعوَاناً مِن نُظَرَائِهِم، وَ مُؤَازِرِينَ مِن شُبَهَائِهِم،فَبُعداً بُعداً وَ رَغماً رَغماً. قَالَ ثُمّ أَنشَدَ بَيتَينِ يُومِئُ فِيهِمَا إِلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ
تَوَقّد بِنَارٍ أَينَمَا كُنتَ وَ اشتَعِل | فَلَستَ تَرَي مِمّا تُعَالِجُ شَافِياً |
تَشِطّ فيَقَضيِ الأَمرُ دُونَكَ أَهلَهُ | وَشِيكاً وَ لَا تُدعَي إِذَا كُنتَ نَائِياً |
وَ ذَكَرَ تَمَامَ خُطبَتِهِ، ثُمّ قَالَ ثُمّ هَمّ بِالنّزُولِ فَبَصُرَ بعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ مَعَهُ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ رَحِمَهُ اللّهُ وَ نَاسٌ مِن أَهلِ هَوَاهُ يَتَنَاجَونَ، فَقَالَ إِيهاً .. إِيهاً إِسرَاراً لَا جِهَاراً أَمَا وَ ألّذِي نفَسيِ بِيَدِهِ مَا أَحنَقَ عَلَي جَرّةٍ، وَ لَا
صفحه : 454
أوُتيَِ مِن ضَعفِ مِرّةٍ، وَ لَو لَا النّظَرُ منِيّ وَ لِي وَ لَكُم، وَ الرّفقُ بيِ وَ بِكُم لَعَاجَلتُكُم،فَقَدِ اغتَرَرتُم وَ أَقَلتُم مِن أَنفُسِكُم. ثُمّ رَفَعَ يَدَيهِ يَدعُو وَ هُوَ يَقُولُ أللّهُمّ قَد تَعلَمُ حبُيّ لِلعَافِيَةِ وَ إيِثاَريِ لِلسّلَامَةِ فَأتِنِيهَا، قَالَ فَتَفَرّقَ القَومُ عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ قَامَ عدَيِّ بنُ الخِيَادِ ... وَ كَلّمَهُ بِكَلَامٍ ذَكَرَهُ، ثُمّ قَالَ وَ نَزَلَ عُثمَانُ فَأَتَي مَنزِلَهُ وَ أَتَاهُ النّاسُ وَ فِيهِمُ ابنُ عَبّاسٍ، فَلَمّا أَخَذُوا مَجَالِسَهُم أَقبَلَ عَلَي ابنِ عَبّاسٍ، فَقَالَ مَا لِي وَ لَكُم يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا أَغرَاكُم بيِ، وَ أَولَعَكُم بِتَعقِيبِ أمَريِ لَتَنقِمُونَ عَلَيّ أَمرَ العَامّةِ .. وَ عَاتَبَهُ بِكَلَامٍ طَوِيلٍ،فَأَجَابَهُ ابنُ عَبّاسٍ، وَ قَالَ فِي جُملَةِ كَلَامِهِ .. اخسَأِ الشّيطَانَ عَنكَ لَا يَركَبكَ، وَ اغلِب غَضَبَكَ وَ لَا يَغلِبكَ،فَمَا دَعَاكَ إِلَي هَذَا الأَمرِ ألّذِي كَانَ مِنكَ. قَالَ دعَاَنيِ إِلَيهِ ابنُ عَمّكَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ وَ عَسَي أَن يُكَذّبَ مُبَلّغَكَ. قَالَ عُثمَانُ إِنّهُ ثِقَةٌ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ إِنّهُ لَيسَ بِثِقَةٍ مَن أُولِعَ وَ أَغرَي. قَالَ عُثمَانُ يَا ابنَ عَبّاسٍ اللّهَ إِنّكَ مَا تَعلَمُ مِن
صفحه : 455
عَلِيّ مَا شَكَوتُ مِنهُ. قَالَ أللّهُمّ لَا، إِلّا أَن يَقُولَ كَمَا يَقُولُ النّاسُ، وَ يَنقِمُ كَمَا يَنقِمُونَ،فَمَن أَغرَاكَ بِهِ وَ أَولَعَكَ بِذِكرِهِ دُونَهُم. قَالَ عُثمَانُ إِنّمَا أَفتَي مِن أَعظَمِ الدّاءِ ألّذِي يَنصِبُ نَفسَهُ لِرَأسِ الأَمرِ وَ هُوَ عَلِيّ ابنُ عَمّكَ، وَ هَذَا وَ اللّهِ كُلّهُ مِن نَكَدِهِ وَ شُؤمِهِ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ مَهلًا استَثنِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قُلِ إِن شَاءَ اللّهُ. فَقَالَ إِن شَاءَ اللّهُ. ثُمّ قَالَ إنِيّ أَنشُدُكَ يَا ابنَ عَبّاسٍ الإِسلَامَ وَ الرّحِمَ،فَقَد وَ اللّهِ غُلِبتُ وَ ابتُلِيتُ بِكُم، وَ اللّهِ لَوَدِدتُ أَنّ هَذَا الأَمرَ كَانَ صَائِراً إِلَيكُم دوُنيِ فَحَمَلتُمُوهُ عنَيّ وَ كُنتُ أَحَدَ أَعوَانِكُم عَلَيهِ، إِذاً وَ اللّهِ لوَجَدَتمُوُنيِ لَكُم خَيراً مِمّا وَجَدتُكُم لِي، وَ لَقَد عَلِمتُ أَنّ الأَمرَ لَكُم وَ لَكِنّ قَومَكُم دَفَعُوكُم عَنهُ وَ اختَزَلُوهُ دُونَكُم،فَوَ اللّهِ مَا أدَريِ أَ رَفَعُوكُم أَم رَفَعُوهُ عَنكُم. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ مَهلًا يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَإِنّا نَنشُدُكَ اللّهَ وَ الإِسلَامَ وَ الرّحِمَ مِثلَ مَا نَشَدتَنَا، أَن تَطمَعَ فِينَا وَ فِيكَ عَدُوّاً، وَ تُشمِتَ بِنَا وَ بِكَ حَسُوداً، إِنّ أَمرَكَ إِلَيكَ مَا كَانَ قَولًا، فَإِذَا صَارَ فِعلًا فَلَيسَ إِلَيكَ وَ لَا فِي يَدِكَ، وَ إِنّا وَ اللّهِ لتخالفن [لَنُخَالِفَنّ] إِن خُولِفنَا، وَ لتنازعن [لَنُنَازِعَنّ] إِن نُوزِعنَا، وَ مَا يمتنك [تَمَنّيكَ] أَن يَكُونَ الأَمرُ صَارَ إِلَينَا دُونَكَ إِلّا أَن يَقُولَ قَائِلٌ مِنّا مَا يَقُولُهُ النّاسُ وَ يَعِيبَ كَمَا عَابُوا وَ أَمّا صَرفُ قَومِنَا عَنّا الأَمرَ فَعَن حَسَدٍ قَد وَ اللّهِ وَ مَا عَرَفتَهُ، وَ بغَيٍ وَ اللّهِ عَلِمتَهُ،فَاللّهُ بَينَنَا وَ بَينَ قَومِنَا، وَ أَمّا قَولُكَ إِنّكَ لَا تدَريِ أَ رَفَعُوهُ عَنّا أَم رَفَعُونَا عَنهُ،فلَعَمَريِ إِنّكَ لَتَعرِفُ أَنّهُ لَو صَارَ إِلَينَا هَذَا الأَمرُ مَا ازدَدنَا بِهِ
صفحه : 456
فَضلًا إِلَي فَضلِنَا، وَ لَا قَدراً إِلَي قَدرِنَا، وَ إِنّا لَأَهلُ الفَضلِ وَ أَهلُ القَدرِ، وَ مَا فَضَلَ فَاضِلٌ إِلّا بِفَضلِنَا، وَ لَا سَبَقَ سَابِقٌ إِلّا بِسَبقِنَا، وَ لَو لَا هُدَانَا مَا اهتَدَي أَحَدٌ، وَ لَا أَبصَرُوا مِن عَمًي، وَ لَا قَصَدُوا مِن جَورٍ. فَقَالَ عُثمَانُ حَتّي مَتَي يَا ابنَ عَبّاسٍ يأَتيِنيِ عَنكُم مَا يأَتيِنيِ هبَوُنيِ كُنتُ بَعِيداً، أَ مَا كَانَ لِي مِنَ الحَقّ عَلَيكُم أَن أُرَاقِبَ وَ أَن أُنَاظِرَ بَلَي، وَ رَبّ الكَعبَةِ وَ لَكِنّ الفُرقَةَ سَهّلَت لَكُمُ القَولَ فِيّ، وَ تَقَدّمَت بِكُم إِلَي الإِسرَاعِ إلِيَّ، وَ اللّهُ المُستَعَانُ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَخَرَجتُ فَلَقِيتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ وَ إِذَا بِهِ مِنَ الغَضَبِ وَ التلّظَيّ أَضعَافُ مَا بِعُثمَانَ،فَأَرَدتُ تَسكِينَهُ فَامتَنَعَ،فَأَتَيتُ منَزلِيِ وَ أَغلَقتُ باَبيِ وَ اعتَزَلتُهُمَا،فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثمَانَ،فَأَرسَلَ إلِيَّ،فَأَتَيتُهُ وَ قَد هَدَأَ غَضَبُهُ،فَنَظَرَ إلِيَّ ثُمّ ضَحِكَ، وَ قَالَ يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا أَبطَأَ بِكَ عَنّا، إِنّ تَركَكَ العَودَ إِلَينَا دَلِيلٌ عَلَي مَا رَأَيتَ عَن صَاحِبِكَ وَ عَرَفتَ مِن حَالِهِ،فَاللّهُ بَينَنَا وَ بَينَهُ،خُذ بِنَا فِي غَيرِ ذَلِكَ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَكَانَ عُثمَانُ بَعدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ شَيءٌ فَأَرَدتُ التّكذِيبَ عَنهُ يَقُولُ وَ لَا يَومَ الجُمُعَةِ حِينَ أَبطَأتَ عَنّا وَ تَرَكتَ العَودَ إِلَينَا، فَلَا أدَريِ كَيفَ أَرُدّ عَلَيهِ.
وَ عَنِ الزّبَيرِ بنِ بَكّارٍ فِي كِتَابِ المَذكُورِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ،
صفحه : 457
قَالَ مَا سَمِعتُ مِن أَبِي قَطّ شَيئاً فِي أَمرِ عُثمَانَ تَلُومُهُ فِيهِ أَو يَعذِرُهُ وَ لَا سَأَلتُهُ عَن شَيءٍ مِن ذَلِكَ مَخَافَةَ أَن أَهجُمَ مِنهُ عَلَي مَا لَا يُوَافِقُهُ،فَإِنّا عِندَهُ لَيلَةً وَ نَحنُ نَتَعَشّي إِذ قِيلَ هَذَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عُثمَانُ بِالبَابِ. فَقَالَ ائذَنُوا لَهُ.فَدَخَلَ فَأَوسَعَ لَهُ عَلَي فِرَاشِهِ، وَ أَصَابَ مِنَ العَشَاءِ مَعَهُ، فَلَمّا رُفِعَ قَامَ مَن كَانَ هُنَاكَ وَ ثَبَتّ أَنَا،فَحَمِدَ عُثمَانُ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ، ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ يَا خَالِ فإَنِيّ جِئتُكَ أَستَعذِرُكَ مِنِ ابنِ أَخِيكَ عَلِيّ شتَمَنَيِ وَ شَهَرَ أمَريِ وَ قَطَعَ رحَمِيِ وَ طَعَنَ فِي ديِنيِ، وَ إنِيّ أَعُوذُ بِاللّهِ مِنكُم يَا بنَيِ عَبدِ المُطّلِبِ إِنّ لَكُم حَقّاً تَزعُمُونَ أَنّكُم غُلِبتُم عَلَيهِ فَقَد تَرَكتُمُوهُ فِي يدَيَّ مَن فَعَلَ ذَلِكَ بِكُم وَ أَنَا أَقرَبُ إِلَيكُم رَحِماً مِنهُ وَ مَا لُمتُ مِنكُم أَحَداً إِلّا عَلِيّاً، وَ لَقَد دُعِيتُ أَن أَبسُطَ عَلَيهِ فَتَرَكتُهُ لِلّهِ وَ الرّحِمِ، وَ أَنَا أَخَافُ أَن لَا يتَركُنَيِ فَلَا أَترُكَهُ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَحَمِدَ أَبِي اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ، ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ، يَا ابنَ أخُتيِ فَإِن كُنتَ لَا تَحمَدُ عَلِيّاً لِنَفسِكَ فإَنِيّ لَا أَحمَدُكَ لعِلَيِّ، وَ مَا عَلِيّ وَحدَهُ قَالَ فِيكَ،بَل غَيرُهُ،فَلَو أَنّكَ اتّهَمتَ نَفسَكَ لِلنّاسِ اتّهَمَ النّاسُ أَنفُسَهُم لَكَ، وَ لَو أَنّكَ نَزَلتَ مِمّا رَقِيتَ وَ ارتَقَوا مِمّا نَزَلُوا فَأَخَذتَ مِنهُم وَ أَخَذُوا مِنكَ مَا كَانَ بِذَلِكَ بَأسٌ. قَالَ عُثمَانُ فَذَلِكَ إِلَيكَ يَا خَالِ وَ أَنتَ بيَنيِ وَ بَينَهُم. قَالَ فَأَذكُرُ لَهُم ذَلِكَ عَنكَ. قَالَ نَعَم، وَ انصَرَفَ.فَمَا لَبِثنَا أَن قِيلَ هَذَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ قَد رَجَعَ بِالبَابِ. قَالَ أَبِي ائذَنُوا لَهُ،فَدَخَلَ فَقَامَ قَائِماً وَ لَم يَجلِس وَ قَالَ لَا تَعجَل يَا خَالِ حَتّي أُوذِنَكَ،فَنَظَرنَا فَإِذَا مَروَانُ بنُ الحَكَمِ كَانَ جَالِساً بِالبَابِ يَنتَظِرُهُ حَتّي خَرَجَ فَهُوَ ألّذِي فَتَأَهُ عَن رَأيِهِ الأَوّلِ،فَأَقبَلَ عَلَيّ أَبِي، وَ قَالَ يَا بنُيَّ مَا إِلَي هَذَا مِن أَمرِهِ
صفحه : 458
مِن شَيءٍ. ثُمّ قَالَ يَا بنُيَّ املِك عَلَيكَ لِسَانَكَ حَتّي تَرَي مَا لَا بُدّ مِنهُ، ثُمّ رَفَعَ يَدَيهِ، فَقَالَ أللّهُمّ اسبِق بيِ مَا لَا خَيرَ لِي فِي إِدرَاكِهِ،فَمَا مَرّت جُمعَةٌ حَتّي مَاتَ رَحِمَهُ اللّهُ.
وَ عَنِ الزّبَيرِ بنِ بَكّارٍ فِي الكِتَابِ المَذكُورِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَصَلّيتُ العَصرَ يَوماً ثُمّ خَرَجتُ فَإِذَا أَنَا بِعُثمَانَ بنِ عَفّانَ فِي أَيّامِ خِلَافَتِهِ فِي بَعضِ أَزِقّةِ المَدِينَةِ وَحدَهُ،فَأَتَيتُهُ إِجلَالًا لَهُ وَ تَوقِيراً لِمَكَانِهِ، فَقَالَ لِي هَل رَأَيتَ عَلِيّاً.فَقُلتُ خَلّفتُهُ فِي المَسجِدِ، فَإِن لَم يَكُنِ الآنَ فِيهِ فَهُوَ فِي مَنزِلِهِ. قَالَ أَمّا مَنزِلُهُ فَلَيسَ فِيهِ،فَابغِهِ لَنَا فِي المَسجِدِ،فَتَوَجّهنَا إِلَي المَسجِدِ وَ إِذَا عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ يَخرُجُ مِنهُ، قَالَ ابنُ عَبّاسٍ وَ قَد كُنتُ أَمسَ ذَلِكَ اليَومِ عِندَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَذُكِرَ عُثمَانُ وَ تَجَرّمُهُ عَلَيهِ، وَ قَالَ أَمَا وَ اللّهِ يَا ابنَ عَبّاسٍ إِنّ مِن دَوَائِهِ لَقَطعُ كَلَامِهِ وَ تَركُ لِقَائِهِ.فَقُلتُ لَهُ يَرحَمُكَ اللّهُ كَيفَ لَكَ بِهَذَا فَإِن تَرَكتَهُ ثُمّ أَرسَلَ إِلَيكَ فَمَا أَنتَ صَانِعٌ. قَالَ أَعتَلّ وَ أَعتَلّ فَمَن يقَسرِنُيِ.فَقُلتُ لَا أَحَدَ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَلَمّا تَرَاءَينَا لَهُ وَ هُوَ خَارِجٌ مِنَ المَسجِدِ ظَهَرَ مِنهُ مِنَ التّفَلّتِ وَ الطّلَبِ لِلِانصِرَافِ مَا استَبَانَ لِعُثمَانَ،فَنَظَرَ إلِيَّ عُثمَانُ وَ قَالَ يَا ابنَ عَبّاسٍ أَ مَا تَرَي ابنَ خَالِنَا يَكرَهُ لِقَاءَنَا.فَقُلتُ وَ لِمَ حَقّكَ أَلزَمُ، وَ هُوَ بِالفَضلِ أَعلَمُ، فَلَمّا تَقَارَبَا رَمَاهُ عُثمَانُ بِالسّلَامِ فَرَدّ عَلَيهِ، فَقَالَ عُثمَانُ إِن تَدخُل فَإِيّاكَ أَرَدنَا، وَ إِن تَمضِ فَإِيّاكَ طَلَبنَا، فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَيّ ذَلِكَ أَحبَبتَ. قَالَ تَدخُلُ،فَدَخَلَا، وَ أَخَذَ عُثمَانُ بِيَدِهِ فَأَهوَي بِهِ إِلَي القِبلَةِ فَقَصُرَ عَنهَا وَ جَلَسَ قُبَالَتَهَا،فَجَلَسَ عُثمَانُ إِلَي جَانِبِهِ
صفحه : 459
فَنَكَصتُ عَنهُمَا فدَعَوَاَنيِ جَمِيعاً فَأَتَيتُهُمَا،فَحَمِدَ عُثمَانُ اللّهَ وَ صَلّي عَلَي رَسُولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ، يَا ابنيَ خاَليِ وَ ابنيَ عمَيّ فَإِذَا جَمَعتُكُمَا فِي النّدَاءَ فَأَستَجمِعُكُمَا فِي الشّكَايَةِ عَلَي رضِاَيَ عَن أَحَدِكُمَا وَ وجَديِ عَلَي الآخَرِ .. إِلَي آخِرِ كَلَامِهِ. وَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَأَطرَقَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَطرَقتُ مَعَهُ طَوِيلًا، أَمّا أَنَا فَأَجلَلتُهُ أَن أَتَكَلّمَ قَبلَهُ، وَ أَمّا هُوَ فَأَرَادَ أَن أُجِيبَ عنَيّ وَ عَنهُ، ثُمّ قُلتُ لَهُ أَ تَتَكَلّمُ أَم أَتَكَلّمُ أَنَا عَنكَ. فَقَالَ بَل تَكَلّم عنَيّ وَ عَنكَ،فَحَمِدتُ اللّهَ وَ أَثنَيتُ عَلَي رَسُولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ] ثُمّ قُلتُ .. وَ ذَكَرَ كَلَامَهُ. قَالَ فَنَظَرَ إلِيَّ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ نَظَراً هِبتُهُ، وَ قَالَ دَعهُ حَتّي يَبلُغَ رِضَاهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ،فَوَ اللّهِ لَو ظَهَرَت لَهُ قُلُوبُنَا وَ بَدَت لَهُ سَرَائِرُنَا حَتّي رَآهَا بِعَينِهِ كَمَا يَسمَعُ الخَبَرَ عَنهَا بِأُذُنِهِ مَا زَالَ مُتَجَرّماً سُقماً، وَ اللّهِ مَا أَنَا مُلقًي عَلَي وَضَمَةٍ وَ إنِيّ لَمَانِعٌ مِن وَرَاءِ ظهَريِ، وَ إِنّ هَذَا الكَلَامَ مِنهُ لِمُخَالَفَتِهِ مِنهُ وَ سُوءِ عِشرَةٍ .. ثُمّ ذَكَرَ كَلَامَ عُثمَانَ وَ مَا أَجَابَهُ بِهِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، ثُمّ قَالَ فَأَخَذتُ بِأَيدِيهِمَا حَتّي تَصَافَحَا وَ تَصَالَحَا وَ تَمَازَحَا وَ نَهَضتُ عَنهُمَا فَتَشَاوَرَا وَ تَوَامَرَا وَ تَذَاكَرَا ثُمّ افتَرَقَا،فَوَ اللّهِ
صفحه : 460
مَا مَرّت ثَالِثَةٌ حَتّي لقَيِنَيِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا يَذكُرُ مِن صَاحِبِهِ مَا لَا يَبرُكُ عَلَيهِ الإِبِلُ،فَعَلِمتُ أَن لَا سَبِيلَ إِلَي صُلحِهِمَا بَعدَهَا.
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ أَيضاً، عَن شَيخِهِ أَبِي عُثمَانَ الجَاحِظِ، قَالَ ذُكِرَ فِي كِتَابِ ألّذِي أُورِدَ فِيهِ المَعَاذِيرُ عَلَيهِ عَن أَحدَاثِ عُثمَانَ أَنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ اشتَكَي فَعَادَهُ عُثمَانُ مِن شِكَايَةٍ، فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ
وَ عَائِدَةٍ تَعُودُ لِغَيرِ وُدّ | تَوَدّ لَو أَنّ ذَا دَنَفٍ يَمُوتُ |
فَقَالَ عُثمَانُ وَ اللّهِ مَا أدَريِ أَ حَيَاتُكَ أَحَبّ إلِيَّ أَم مَوتُكَ، إِن مِتّ هاَضنَيِ فَقدُكَ، وَ إِن حَيِيتَ فتَنَتَنيِ حَيَاتُكَ، لَا أعدِم مابقيتَ طاعنا يتخذك درية يَلجَأُ إِلَيهَا. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مَا ألّذِي جعَلَنَيِ درية لِلطّاعِنِينَ العَائِبِينَ إِنّمَا سُوءُ ظَنّكَ بيِ أحَلَنّيِ مِن قِبَلِكَ هَذَا المَحَلّ، فَإِن كُنتَ تَخَافُ جاَنبِيِ فَلَكَ عَلَيّ عَهدُ اللّهِ وَ مِيثَاقُهُ أَن لَا بَأسَ عَلَيكَ منِيّ أَبَداً مَا بَلّ بَحرٌ صُوفَةً، وَ إنِيّ لَكَ لَرَاعٍ، وَ إنِيّ عَنكَ لَمُحَامٍ، وَ لَكِن لَا ينَفعَنُيِ ذَلِكَ عِندَكَ، وَ أَمّا قَولُكَ إِنّ فقَديِ يَهِيضُكَ .. فَكَلّا أَن تُهَاضَ لفِقَديِ مَا بقَيَِ لَكَ الوَلِيدُ وَ مَروَانُ،فَقَامَ عُثمَانُ فَخَرَجَ. قَالَ وَ قَد روُيَِ أَنّ عُثمَانَ هُوَ ألّذِي أَنشَدَ هَذَا البَيتَ، وَ قَد كَانَ اشتَكَي
صفحه : 461
فَعَادَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ عُثمَانُ
وَ عَائِدَةٍ تَعُودُ لِغَيرِ نُصحٍ | تَوَدّ لَو أَنّ ذَا دَنَفٍ يَمُوتُ |
وَ رَوَي ابنُ أَبِي الحَدِيدِ أَيضاً، عَن أَبِي سَعدٍ الآبيِّ، قَالَ وَ رَوَي فِي كِتَابِهِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ وَقَعَ بَينَ عُثمَانَ وَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ كَلَامٌ، فَقَالَ عُثمَانُ مَا أَصنَعُ إِن كَانَت قُرَيشٌ لَا تُحِبّكُم وَ قَد قَتَلتُم مِنهُم يَومَ بَدرٍ سَبعِينَ كَأَنّ وُجُوهَهُم شُنُوفُ الذّهَبِ يُسرِعُ أَنفُهُم قَبلَ شِفَاهِهِم.
قَالَ وَ رَوَي المَذكُورُ أَيضاً ، أَنّ عُثمَانَ لَمّا نَقَمَ النّاسُ عَلَيهِ مَا نَقَمُوا،قَامَ مُتَوَكّئاً عَلَي مَروَانَ،فَخَطَبَ النّاسَ، فَقَالَ إِنّ لِكُلّ أُمّةٍ آفَةً، وَ إِنّ آفَةَ هَذِهِ الأُمّةِ وَ عَاهَةَ هَذِهِ النّعمَةِ قَومٌ عَيّابُونَ طَعّانُونَ يُظهِرُونَ لَكُم مَا تُحِبّونَ وَ يُسِرّونَ مَا تَكرَهُونَ،طَغَامٌ مِثلُ النّعَامِ يَتّبِعُونَ أَوّلَ نَاعِقٍ، وَ لَقَد نَقَمُوا عَلَيّ مَا نَقَمُوا عَلَي عُمَرَ فَقَمَعَهُم وَ وَقَمَهُم، وَ إنِيّ لَأَقرَبُ نَاصِراً وَ أَعَزّ نَفَراً فَمَا لِي لَا أَفعَلُ فِي فُضُولِ الأَموَالِ مَا أَشَاءُ.
صفحه : 462
وَ رَوَي أَيضاً، عَنِ المُوَفّقِيّاتِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ ، أَنّهُ قَالَ عُثمَانُ فِي كَلَامِهِ لِعَمّارٍ بَعدَ ذِكرِهِ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ أَمَا إِنّكَ مِن شُنَاتِنَا وَ أَتبَاعِهِم.
بيان أقول لايريب عاقل بعدالنظر في تلك الأخبار التيّ رواها أتباع عثمان وأحبّاؤه في أنّها تدلّ علي أنّه كان ينزل أمير المؤمنين عليه السلام منزلة العدوّ، ويري أتباعه عليه السلام من المبغضين له ، كما هوالواقع والحقّ، وكفي بمعاداة أمير المؤمنين عليه السلام له آية ل ... و قال في القاموس الخمر بالتحريك ماواراك من شجر وغيره .. وجاءنا علي خمرة بالكسر وخمر محرّكة في سرّ، وغفلة وخفية. و في الصحاح يقال للرّجل إذااختل صاحبه هويدبّ له الضرّاء ويمشي له الخمر. قوله تشطّ بكسر الشين وضمّها .. أي تبعد. و في الصحاح تجرّم عليّ فلان .. أي ادّعي ذنبا لم أفعله . قوله عليه السلام ما أناملقي علي وضمة .. أي لست بذليل كاللحم المطروح يأخذ منه من شاء.
صفحه : 463
قال الجوهري الوضم كلّ شيءيجعل عليه اللّحم من خشب أوبارية يوقي به من الأرض . و قال هاض العظم يهيضه هيضا .. أي كسره بعدالجبور .. ويقال هاضني الشيّء إذاردّك في مرضك . و قال الدّريّة البعير أوغيره يستتر به الصّائد فإذاأمكنه الرمّي رمي . قال أبوزيد هومهموز لأنّها تدرأ نحو الصّيد .. أي تدفع . و قال والدّريّة أيضا حلقة يتعلّم عليها الطّعن.أقول وذكر في المعتلّ، عن الأصمعيّ الدّريّة بالمعنيين بالياء المشدّدة من غيرهمز. والفيروزآبادي الدريّة بالمعني الأخير كذلك ، وبالجملة يظهر منهما أنّ الوجهين جائزان . والشنوف بالضم جمع الشّنف بالفتح و هوالقرط الأعلي .
صفحه : 464
و قوله يسرع أنفهم .. بيان لطول أنوفهم و هوممّا يزيد في الحسن .
ج روُيَِ أَنّ يَوماً مِنَ الأَيّامِ قَالَ عُثمَانُ لعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّكَ إِن تَرَبّصتَ بيِ فَقَد تَرَبّصتَ بِمَن هُوَ خَيرٌ مِنكَ وَ منِيّ، قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ مَن هُوَ خَيرٌ منِيّ. قَالَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ كَذَبتَ أَنَا خَيرٌ مِنكَ وَ مِنهُمَا،عَبَدتُ اللّهَ قَبلَكُم وَ عَبَدتُهُ بَعدَكُم.
كا عِدّةٌ مِن أَصحَابِنَا، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي، عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ، عَن عَلِيّ بنِ رِئَابٍ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ إِنّ جَمَاعَةً مِن بنَيِ أُمَيّةَ فِي إِمرَةِ عُثمَانَ اجتَمَعُوا فِي مَسجِدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي يَومِ جُمُعَةٍ وَ هُم يُرِيدُونَ أَن يُزَوّجُوا رَجُلًا مِنهُم، وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ قَرِيبٌ مِنهُم، فَقَالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ هَل لَكُم أَن نُخجِلَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ السّاعَةَ،نَسأَلُهُ أَن يَخطُبَ بِنَا وَ يَتَكَلّمَ فَإِنّهُ يَخجَلُ وَ يعين [يَعيَا]بِالكَلَامِ،فَأَقبَلُوا إِلَيهِ،فَقَالُوا يَا أَبَا الحَسَنِ إِنّا نُرِيدُ أَن نُزَوّجَ فُلَاناً فُلَانَةَ وَ نَحنُ نُرِيدُ أَن تَخطُبَ، فَقَالَ فَهَل تَنتَظِرُونَ أَحَداً.فَقَالُوا لَا،فَاللّهِ مَا لَبِثَ حَتّي قَالَ الحَمدُ لِلّهِ المُختَصّ بِالتّوحِيدِ،المُقدِمِ بِالوَعِيدِ،الفَعّالِ لِمَا يُرِيدُ،المُحتَجِبِ بِالنّورِ دُونَ خَلقِهِ،ذيِ الأُفُقِ الطّامِحِ،
صفحه : 465
وَ العِزّ الشّامِخِ، وَ المُلكِ البَاذِخِ،المَعبُودِ بِالآلَاءِ،رَبّ الأَرضِ وَ السّمَاءِ،أَحمَدُهُ عَلَي حُسنِ البَلَاءِ، وَ فَضلِ العَطَاءِ، وَ سَوَابِغِ النّعمَاءِ، وَ عَلَي مَا يَدفَعُ رَبّنَا مِنَ البَلَاءِ،حَمداً يَستَهِلّ لَهُ العِبَادُ، وَ يَنمُو بِهِ البِلَادُ، وَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَم يَكُن شَيءٌ قَبلَهُ وَ لَا يَكُونُ شَيءٌ بَعدَهُ، وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ اصطَفَاهُ بِالتّفضِيلِ وَ هَدَي بِهِ مِنَ التّضلِيلِ،اختَصّهُ لِنَفسِهِ، وَ بَعَثَهُ إِلَي خَلقِهِ بِرِسَالَاتِهِ وَ بِكَلَامِهِ،يَدعُوهُم إِلَي عِبَادَتِهِ وَ تَوحِيدِهِ وَ الإِقرَارِ بِرُبُوبِيّتِهِ وَ التّصدِيقِ بِنَبِيّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،بَعَثَهُ عَلَي حِينِ فَترَةٍ مِنَ الرّسُلِ، وَ صَدفٍ عَنِ الحَقّ، وَ جَهَالَةٍ، وَ كُفرٍ بِالبَعثِ وَ الوَعِيدِ،فَبَلّغَ رِسَالَاتِهِ، وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، وَ نَصَحَ لِأُمّتِهِ، وَ عَبَدَهُ حَتّي أَتَاهُ اليَقِينُ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ كَثِيراً،أُوصِيكُم وَ نفَسيِ بِتَقوَي اللّهِ العَظِيمِ، فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَد جَعَلَ لِلمُتّقِينَ المَخرَجَ مِمّا يَكرَهُونَ، وَ الرّزقَ مِن حَيثُ لَا يَحتَسِبُونَ،فَتَنَجّزُوا مِنَ اللّهِ مَوعِدَهُ، وَ اطلُبُوا مَا عِندَهُ بِطَاعَتِهِ، وَ العَمَلِ بِمَحَابّهِ،فَإِنّهُ لَا يُدرَكُ الخَيرُ إِلّا بِهِ، وَ لَا يُنَالُ مَا عِندَهُ إِلّا بِطَاعَتِهِ، وَ لَا تُكلَانَ فِيمَا هُوَ كَائِنٌ إِلّا عَلَيهِ، وَ لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ أَمّا بَعدُ، فَإِنّ اللّهَ أَبرَمَ الأُمُورَ وَ أَمضَاهَا عَلَي مَقَادِيرِهَا فهَيَِ غَيرُ مُتَنَاهِيَةٍ عَن مَجَارِيهَا دُونَ بُلُوغِ غَايَاتِهَا فِيمَا قَدّرَ وَ قَضَي مِن ذَلِكَ، وَ قَد كَانَ فِيمَا قَدّرَ وَ قَضَي مِن أَمرِهِ المَحتُومِ وَ قَضَايَاهُ المُبرَمَةِ مَا قَد تَشَعّبَت بِهِ الأَخلَاقُ، وَ جَرَت بِهِ الأَسبَابُ مِن تنَاَهيِ القَضَايَا بِنَا وَ بِكُم إِلَي حُضُورِ هَذَا المَجلِسِ ألّذِي خَصّنَا اللّهُ وَ إِيّاكُم للِذّيِ كَانَ مِن تَذَكّرِنَا آلَاءَهُ وَ حُسنَ بَلَائِهِ، وَ تَظَاهُرَ نَعمَائِهِ،فَنَسأَلُ اللّهَ لَنَا وَ لَكُم بَرَكَةَ مَا جَمَعَنَا وَ إِيّاكُم عَلَيهِ، وَ سَاقَنَا وَ إِيّاكُم إِلَيهِ، ثُمّ إِنّ فُلَانَ بنَ فُلَانٍ ذَكَرَ فُلَانَةَ
صفحه : 466
بِنتَ فُلَانٍ وَ هُوَ فِي الحَسَبِ مَن قَد عَرَفتُمُوهُ، وَ فِي النّسَبِ مَن لَا تَجهَلُونَهُ، وَ قَد بَذَلَ لَهَا مِنَ الصّدَاقِ مَا قَد عَرَفتُمُوهُ،فَرُدّوا خَيراً تُحمَدُوا عَلَيهِ، وَ تُنسَبُوا إِلَيهِ، وَ صَلّي اللّهُ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ.
بيان المختصّ بالتوحيد .. أي بتوحيد الناس له أوبتوحيده لنفسه ،فإنّه لم يوحّده حقّ توحيده غيره .المحتجب بالنور .. أي ليس له حجاب إلّا الظهور الكامل أوالكمال التامّ، أوعرشه محتجب بالأنوار الظاهرة.ذي الأفق الطامح الطّموح الارتفاع ، ولعلّه كناية عن ارتفاعه عن إدراك الحواس والعقول والأوهام ، أو عن أن يصل إليه أحد بسوء، وكذا الفقرتان الآتيتان ، ويحتمل التوزيع . والشّامخ العالي، وكذا الباذخ .يستهلّ له العباد .. أي يرفعون به أصواتهم أويستبشرون بذكره . وينمو به البلاد .. بزيادة النعم علي أهاليها.بالتفضيل .. أي بان فضله علي جميع الخلق . من التضليل .. أي لئلّا يضلّهم الشيطان أويجدهم ضالّين، أولئلّا يكونوا مضلّين.
صفحه : 467
وصدف .. أي ميل وإعراض . حتي أتاه اليقين .. أي الموت المتيقّن. وتنجّز الحاجة طلب قضاءها لمن وعدها. والتوكّل إظهار العجز والاعتماد علي الغير، والاسم التكلان بالضم . و قال الجوهري انتهي عنه وتناهي .. أي كفّ. و قال شعبت الشيّء فرقته ، وشعبته جمعته ، و هو من الأضداد.
كا عَلِيّ، عَن أَبِيهِ، عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَنِ ابنِ أُذَينَةَ، عَن زُرَارَةَ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَحَجّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَأَقَامَ بِمِنًي ثَلَاثاً يصُلَيّ رَكعَتَينِ، ثُمّ صَنَعَ ذَلِكَ أَبُو بَكرٍ، ثُمّ صَنَعَ ذَلِكَ عُمَرُ، ثُمّ صَنَعَ ذَلِكَ عُثمَانُ سِتّ سِنِينَ ثُمّ أَكمَلَهَا عُثمَانُ أَربَعاً،فَصَلّي الظّهرَ أَربَعاً ثُمّ تَمَارَضَ لِيَشُدّ بِذَلِكَ بِدعَتَهُ، فَقَالَ لِلمُؤَذّنِ اذهَب إِلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَليَقُل لَهُ فَليُصَلّ بِالنّاسِ العَصرَ،فَأَتَي المُؤَذّنُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ لَهُ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ يَأمُرُكَ أَن تصُلَيَّ بِالنّاسِ العَصرَ، فَقَالَ لَا،إِذَن لَا أصُلَيّ إِلّا رَكعَتَينِ كَمَا صَلّي رَسُولُ اللّهِ
صفحه : 468
صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،فَذَهَبَ المُؤَذّنُ فَأَخبَرَ عُثمَانَ بِمَا قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ اذهَب إِلَيهِ وَ قُل لَهُ إِنّكَ لَستَ مِن هَذَا فِي شَيءٍ،اذهَب فَصَلّ كَمَا تُؤمَرُ. قَالَ عَلِيّ لَا وَ اللّهِ لَا أَفعَلُ .. فَخَرَجَ عُثمَانُ فَصَلّي بِهِم أَربَعاً، فَلَمّا كَانَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَ اجتَمَعَ النّاسُ عَلَيهِ وَ قُتِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ حَجّ مُعَاوِيَةُ فَصَلّي بِالنّاسِ بِمِنًي رَكعَتَينِ الظّهرَ ثُمّ سَلّمَ،فَنَظَرَت بَنُو أُمَيّةَ بَعضُهُم إِلَي بَعضٍ وَ ثَقِيفٌ وَ مَن كَانَ مِن شِيعَةِ عُثمَانَ ثُمّ قَالُوا قَد قَضَي عَلَي صَاحِبِكُم وَ خَالَفَ وَ أَشمَتَ بِهِ عَدُوّهُ،فَقَامُوا فَدَخَلُوا عَلَيهِ،فَقَالُوا أَ تدَريِ مَا صَنَعتَ مَا زِدتَ عَلَي أَن قَضَيتَ عَلَي صَاحِبِنَا، وَ أَشمَتّ بِهِ عَدُوّهُ، وَ رَغِبتَ عَن صَنِيعِهِ وَ سُنّتِهِ، فَقَالَ وَيلَكُم أَ مَا تَعلَمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ صَلّي فِي هَذَا المَكَانِ رَكعَتَينِ وَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ، وَ صَلّي صَاحِبُكُم سِتّ سِنِينَ كَذَلِكَ،فتَأَمرُوُنيّ أَن أَدَعَ سُنّةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ مَا صَنَعَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثمَانُ قَبلَ أَن يُحدِثَ،فَقَالُوا لَا وَ اللّهِ، مَا نَرضَي عَنكَ إِلّا بِذَلِكَ. قَالَ فَأَقبِلُوا فإَنِيّ مُتّبِعُكُم وَ رَاجِعٌ إِلَي سُنّةِ صَاحِبِكُم،فَصَلّي العَصرَ أَربَعاً فَلَم تَزَلِ الخُلَفَاءُ وَ الأُمَرَاءُ عَلَي ذَلِكَ إِلَي اليَومِ.
مَعَ المُكَتّبُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ الوَرّاقِ، عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ أَبَانٍ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَن فُضَيلِ بنِ عَبدِ الوَهّابِ، عَن يُونُسَ بنِ أَبِي يَعفُورٍ العبَديِّ، عَن أَبِيهِ، عَن قَنبَرٍ مَولَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَدَخَلتُ مَعَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي عُثمَانَ بنِ عَفّانَ فَأَحَبّ الخَلوَةَ وَ أَومَي إلِيَّ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ باِلتنّحَيّ،فَتَنَحّيتُ غَيرَ بَعِيدٍ،فَجَعَلَ عُثمَانُ يُعَاتِبُ عَلِيّاً عَلَيهِ
صفحه : 469
السّلَامُ وَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مُطرِقٌ،فَأَقبَلَ عَلَيهِ عُثمَانُ، فَقَالَ مَا لَكَ لَا تَقُولُ. فَقَالَ إِن قُلتُ لَم أَقُل إِلّا مَا تَكرَهُ، وَ لَيسَ لَكَ عنِديِ إِلّا مَا تُحِبّ.
قال المبرد تأويل ذلك إن قلت اعتديت عليك بمثل مااعتديت به عليّ،فليدغك عتابي، وعندي أن لاأفعل فإن كنت عاتبا إلّا ماتحبّ.
نَهج مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ بنَيِ أُمَيّةَ ليَفُوَقّوُننَيِ تُرَاثَ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ تَفوِيقاً، وَ اللّهِ لَئِن بَقِيتُ لَهُم لَأَنفُضَنّهُم نَفضَ اللّحّامِ الوِذَامَ التّرِبَةَ. وَ يُروَي التّرَابَ الوَذَمَةَ وَ هُوَ عَلَي القَلبِ.
قال السيّد رضي اللّه عنه قوله عليه السلام ليفوقّونني .. أي يعطونني من المال قليلا قليلا كفواق النّاقة و هوالحلبة الواحدة من لبنها. والوذام جمع وذمة وهي الحزّة من الكرش أوالكبد تقع في التّراب فتنفض .
بيان الحزّة بالضم هي القطعة من اللّحم وغيره ، وقيل خاصّة بالكبد وقيل قطعة من اللّحم قطعت طولا.
صفحه : 470
والكرش ككتف كما في بعض النّسخ، وبالكسر لكلّ مجترّ بمنزلة المعدة للإنسان ، وهي مؤنّثة. ونفض الثّوب وغيره تحريكه ليسقط منه التّراب وغيره . و قال ابن الأثير في النهاية التّراب جمع ترب تخفيف ترب .. يريد اللّحوم التّي تعفّرت بسقوطها في التّراب. والوذمة المنقطعة الأوذام ، وهي السّيور التّي يشدّ بهاعري الدّلو. قال الأصمعيّ سألت شعبة عن هذاالحرف فقال ليس هوهكذا،إنّما هونفض القصّاب الوذام التّربة، وهي التّي قدسقطت في التّراب. وقيل الكروش كلّها تسمّي تربة لأنّها تحصل فيهاالتّراب من المرتع . والوذمة التّي أخمل باطنها، والكروش وذمة لأنّها مخملة، ويقال لخملها الوذم ، ومعني الحديث لئن وليتهم لأطهّرنّهم من الدّنس ولأطيّبنّهم من الخبث . وقيل أراد بالقصّاب السّبع، والتّراب أصل ذراع الشّاة، والسّبع إذاأخذ الشّاة قبض علي ذلك المكان ثمّ نفضها.انتهي .
صفحه : 471
والظاهر أنّ المراد من النفض منعهم من غصب الأموال وأخذ ما في أيديهم من الأموال المغصوبة، ودفع بغيهم وظلمهم ومجازاتهم بسيّئات أعمالهم .
وَ قَالَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ اعلَم أَنّ أَصلَ هَذَا الخَبَرِ قَد رَوَاهُ أَبُو الفَرَجِ الأصَفهَاَنيِّ فِي كِتَابِ الأغَاَنيِ،بِإِسنَادٍ رَفَعَهُ إِلَي حَربِ بنِ حُبَيشٍ، قَالَ بعَثَنَيِ سَعِيدُ بنُ العَاصِ وَ هُوَ يَومَئِذٍ أَمِيرُ الكُوفَةِ مِن قِبَلِ عُثمَانَ بِهَدَايَا إِلَي أَهلِ المَدِينَةِ، وَ بَعَثَ معَيِ هَدِيّةً إِلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ كَتَبَ إِلَيهِ أنَيّ لَم أَبعَث إِلَي أَحَدٍ أَكثَرَ مِمّا بَعَثتُ بِهِ إِلَيكَ، إِلّا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، فَلَمّا أَتَيتُ عَلِيّاً وَ قَرَأَ كِتَابَهُ قَالَ لَشَدّ مَا تخطر[يَحظُرُ] عَلَيّ بَنُو أُمَيّةَ تُرَاثَ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]، أَمَا وَ اللّهِ لَئِن وَلِيتُهَا لَأَنفُضَنّهَا نَفضَ القَصّابِ التّرَابَ الوَذِمَةَ.
قَالَ أَبُو الفَرَجِ وَ هَذَا خَطَأٌ، وَ إِنّمَا هُوَ الوِذَامُ التّرِبَةُ.
قَالَ وَ حدَثّنَيِ بِذَلِكَ أَحمَدُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ الجوَهرَيِّ، عَن عُمَرَ بنِ شَيبَةَ،بِإِسنَادِهِ ذَكَرَهُ فِي الكِتَابِ أَنّ سَعِيدَ بنَ العَاصِ حَيثُ كَانَ أَمِيرَ الكُوفَةِ بَعَثَ مَعَ ابنِ أَبِي عَائِشَةَ مَولَاهُ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ بِصِلَةٍ، فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ اللّهِ لَا يَزَالُ غُلَامٌ مِن غِلمَانِ بنَيِ أُمَيّةَ يَبعَثُ إِلَينَا مِمّا أَفَاءَ اللّهُ عَلَي رَسُولِهِ بِمِثلِ قُوتِ الأَرمَلَةِ، وَ اللّهِ لَئِن بَقِيتُ لَأَنفُضَنّهَا كَمَا يَنفُضُ القَصّابُ التّرَابَ
صفحه : 472
الوَذِمَةَ.
نَهجٌ وَ مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَد وَقَعَت مُشَاجَرَةٌ بَينَهُ وَ بَينَ عُثمَانَ، فَقَالَ المُغِيرَةُ بنُ الأَخنَسِ لِعُثمَانَ أَنَا أَكفِيكَهُ، فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ لِلمُغِيرَةِ يَا ابنَ اللّعِينِ الأَبتَرِ، وَ الشّجَرَةِ التّيِ لَا أَصلَ لَهَا وَ لَا فَرعَ، أَنتَ تكَفيِنيِ فَوَ اللّهِ مَا أَعَزّ اللّهُ مَن أَنتَ نَاصِرُهُ، وَ لَا قَامَ مَن أَنتَ مُنهِضُهُ،اخرُج عَنّا أَبعَدَ اللّهُ نَوَاكَ، ثُمّ أَبلِغ جُهدَكَ فَلَا أَبقَي اللّهُ عَلَيكَ إِن أَبقَيتَ.
إيضاح المغيرة هو ابن أخنس الثقفي. و قال ابن أبي الحديد وغيره إنّما قال عليه السلام يا ابن اللعين .. لأنّ الأخنس كان من أكابر المنافقين ،ذكره أصحاب الحديث كلّهم في المؤلّفة الذين أسلموا يوم الفتح بألسنتهم دون قلوبهم ، وأعطاه رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله مائة من الإبل من غنائم حنين يتألّف بهاقلبه ، وابنه أبوالحكم بن الأخنس قتله أمير المؤمنين عليه السلام يوم أحد كافرا في الحرب ، وإنّما قال عليه السلام يا ابن الأبتر،لأنّ من كان عقبه ضالا خبيثا فهو كمن لاعقب له ،بل من لاعقب له خير منه ، وكنّي عليه السلام بنفي أصلها وفرعها من دناءته وحقارته ، وقيل لأنّ في نسب ثقيف طعنا. وقتل المغيرة مع عثمان في الدار، و قوله عليه السلام ماأعزّ اللّه .. يحتمل الدعاء والخبر. قوله عليه السلام أبعد اللّه نواك .. النّوي الوجه ألّذي تذهب فيه ،
صفحه : 473
والدار .. أي أبعد اللّه مقصدك أودارك ، ويروي أبعد اللّه نوأك بالهمزة .. أي خيرك من أنواء النّجوم التّي كانت العرب تنسب المطر إليها. ثم أبلغ جهدك .. أي غايتك وطاقتك في الأذي ، و في النهاية أبقيت عليه .. إذارحمته وأشفقت عليه .
نَهجٌ مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَهُ لِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ رَحِمَهُمَا اللّهُ وَ قَد جَاءَهُ بِرِسَالَةٍ مِن عُثمَانَ بنِ عَفّانَ وَ هُوَ مَحصُورٌ يَسأَلُهُ فِيهَا الخُرُوجَ إِلَي مَالِهِ بِيَنبُعَ لِيَقِلّ هَتفُ النّاسِ بِاسمِهِ لِلخِلَافَةِ بَعدَ أَن كَانَ سَأَلَهُ مِثلَ ذَلِكَ مِن قَبلُ، فَقَالَ عَلَيهِ السّلَامُ يَا ابنَ عَبّاسٍ مَا يُرِيدُ عُثمَانُ أَن يجَعلَنَيِ إِلّا جَمَلًا نَاضِحاً بِالغَربِ أَقبِل وَ أَدبِر،بَعَثَ إلِيَّ أَن أَخرُجَ .. بَعَثَ إلِيَّ أَن أَقدُمَ، ثُمّ هُوَ الآنَ يَبعَثُ إلِيَّ أَن أَخرُجَ، وَ اللّهِ لَقَد دَفَعتُ عَنهُ حَتّي خَشِيتُ أَن أَكُونَ آثِماً.
صفحه : 474
بيان لم يكن هذاالفصل في أكثر نسخ النهج . والنّاضح البعير يستقي عليه . والغرب الدّلو العظيمة.أقبل وأدبر .. أي يقال له أقبل وأدبر علي التكرار.
صفحه : 475
مَا المُفِيدُ، عَن عَلِيّ بنِ خَالِدٍ المرَاَغيِّ، عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ البَزّازِ، عَن أَحمَدَ بنِ الصّلتِ، عَن صَالِحِ بنِ أَبِي النّجمِ، عَنِ الهَيثَمِ بنِ عدَيِّ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ اليَسَعِ، عَنِ الشعّبيِّ، عَن صَعصَعَةَ بنِ صُوحَانَ العبَديِّ رَحِمَهُ اللّهُ، قَالَدَخَلتُ عَلَي عُثمَانَ بنِ عَفّانَ فِي نَفَرٍ مِنَ المِصرِيّينَ، فَقَالَ عُثمَانُ قَدّمُوا رَجُلًا مِنكُم يكُلَمّنُيِ،فقَدَمّوُنيِ، فَقَالَ عُثمَانُ هَذَا ..، وَ كَأَنّهُ استحَدثَنَيِ،فَقُلتُ لَهُ إِنّ العِلمَ لَو كَانَ بِالسّنّ لَم يَكُن لِي وَ لَا لَكَ فِيهِ سَهمٌ، وَ لَكِنّهُ بِالتّعَلّمِ. فَقَالَ عُثمَانُ هَاتِ.فَقُلتُ(بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِالّذِينَ إِن مَكّنّاهُم فِي الأَرضِ أَقامُوا الصّلاةَ وَ آتَوُا الزّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَ نَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَ لِلّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ). فَقَالَ عُثمَانُ فِينَا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ.فَقُلتُ لَهُ فَمُر بِالمَعرُوفِ وَ انهَ عَنِ المُنكَرِ، فَقَالَ عُثمَانُ دَع ذَا، وَ هَاتِ مَا مَعَكَ.
صفحه : 476
فَقُلتُ لَهُ(بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِالّذِينَ أُخرِجُوا مِن دِيارِهِم بِغَيرِ حَقّ إِلّا أَن يَقُولُوا رَبّنَا اللّهُ...) إِلَي آخِرِ الآيَةِ. فَقَالَ عُثمَانُ وَ هَذِهِ أَيضاً فِينَا نَزَلَت فَقُلتُ لَهُ فَأَعطِنَا بِمَا أَخَذتَ مِنَ اللّهِ تَعَالَي. فَقَالَ عُثمَانُ يَا أَيّهَا النّاسُ عَلَيكُم بِالسّمعِ وَ الطّاعَةِ وَ إِنّ يَدَ اللّهِ عَلَي الجَمَاعَةِ، وَ إِنّ الشّيطَانَ مَعَ القَذّ فَلَا تَسمَعُوا إِلَي قَولِ هَذَا، فَإِنّ هَذَا لَا يدَريِ مَنِ اللّهُ وَ لَا أَينَ اللّهُ.فَقُلتُ لَهُ أَمّا قَولُكَ عَلَيكُم بِالسّمعِ وَ الطّاعَةِ،فَإِنّكَ تُرِيدُ مِنّا أَن نَقُولَ غَداً(رَبّنا إِنّا أَطَعنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلّونَا السّبِيلَا)، وَ أَمّا قَولُكَ إنِيّ لَا أدَريِ مَنِ اللّهُ، فَإِنّ اللّهَ رَبّنَا وَ رَبّ آبَائِنَا الأَوّلِينَ، وَ أَمّا قَولُكَ إنِيّ لَا أدَريِ أَينَ اللّهُ، فَإِنّ اللّهَ تَعَالَي بِالمِرصَادِ. قَالَ فَغَضِبَ وَ أَمَرَ بِصَرفِنَا وَ غَلّقَ الأَبوَابَ دُونَنَا.
مَعَ القَطّانُ، عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ، عَنِ ابنِ حَبِيبٍ، عَن حَسّانَ بنِ عَلِيّ المدَاَئنِيِّ، عَنِ العَبّاسِ بنِ مُكرَمٍ، عَن سَعدٍ الخَفّافِ، عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ، قَالَكَتَبَ عُثمَانُ بنُ عَفّانَ حِينَ أُحِيطَ بِهِ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ أَمّا بَعدُ،فَقَد جَاوَزَ المَاءُ الزّبَي، وَ بَلَغَ الحِزَامُ الطّبيَينِ، وَ تَجَاوَزَ الأَمرُ بيِ قَدرَهُ، وَ طَمَعَ فِيّ مَن لَا يَدفَعُ عَن نَفسِهِ، فَإِن كُنتُ مَأكُولًا فَكُن خَيرَ آكِلٍ، وَ إِلّا
صفحه : 477
فأَدَركِنيِ وَ لَمّا أُمَزّق.
قال الصدوق رحمه اللّه قال المبرد قوله قدجاوز الماء الزبي .. فالزبية مصيدة الأسد و لاتتّخذ إلّا في قلّة جبل ، وتقول العرب قدبلغ الماء الزبي ، و ذلك أشدّ ما يكون من السبل ، ويقال في العظيم من الأمر قدعلا الماء الزبي ، وبلغ السكّين العظم ، وبلغ الحزام الطبيين ، و قدانقطع السلي في البطن ، قال العجّاج فقد علا الماء الزبي إلي غير.. أي قد جلّ الأمر عن أن يغيّر أويصلح . و قوله وبلغ الحزام الطبيين .. فإنّ السباع والطير يقال لموضع الأخلاف منها أطباء واحدها طبي، كمايقال في الخفّ والظلف خلف وضرع هذامكان هذا، فإذابلغ الحزام الطبيين فقد انتهي في المكروه ، ومثل هذا من أمثالهم التقت حلقتا البطان ، ويقال التقت حلقة البطان . والحقب ويقال حقب البعير .. إذاصار الحزام في الحقب منه .
مزيد توضيح قال في النهاية في حديث عثمان .. أمّا بعدفقد بلغ السّيل الزّبي وجاوز الحزام الطبيين .. هي جمع زبية وهي الرّابية التّي لايعلوها الماء، وهي من الأضداد. وقيل إنّما أراد الحفرة .. للسّبع و لاتحفر إلّا في مكان عال من
صفحه : 478
الأرض لئلّا يبلغها السّيل فتنطمّ و هومثل يضرب للأمر يتفاقم ويتجاوز الحدّ. و قال الأطباء الأخلاف واحدها طبي بالضّمّ والكسر، وقيل يقال لموضع الأخلاف من الخيل والسّباع أطباء كمايقال في ذوات الخفّ والظّلف خلف وضرع . و قوله جاوز الحزام الطبيين .. كناية عن المبالغة في تجاوز حدّ الشّرّ والأذي ،لأنّ الحزام إذاانتهي إلي الطّبيين فقد انتهي إلي بعدغايته فكيف إذاجاوزه . و قال الجوهري السّلي مقصورا الجلدة الرّقيقة التّي يكون فيهاالولد من المواشي إن نزعت عن وجه الفصيل ساعة يولد و إلّا قتلته ، وكذلك إن انقطع السّلي في البطن ، فإذاخرج السّلي سلمت النّاقة وسلم الولد، و إن انقطع في بطنها هلكت وهلك الولد.يقال انقطع السّلي في البطن إذاذهبت الحيلة، كمايقال بلغ السّكّين العظم . و قال البطان للقتب الحزام ألّذي يجعل تحت بطن البعير. ويقال التقت حلقتا البطان للأمر إذااشتدّ، و هوبمنزلة التّصدير للرّجل.
صفحه : 479
و قال الحقب بالتّحريك حبل يشدّ به الرّحل إلي بطن البعير ممّا يلي ثيله كيلا يجتذبه التّصدير،تقول منه أحقبت البعير وحقب البعير بالكسر إذاأصاب حقبه ثيله فاحتبس بوله .
بَ مُحَمّدُ بنُ عِيسَي، عَنِ القَدّاحِ، عَن جَعفَرٍ، عَن أَبِيهِ عَلَيهِمَا السّلَامُ، قَالَ لَمّا حَصَرَ النّاسُ عُثمَانَ جَاءَ مَروَانُ بنُ الحَكَمِ إِلَي عَائِشَةَ وَ قَد تَجَهّزَت لِلحَجّ، فَقَالَ يَا أُمّ المُؤمِنِينَ إِنّ عُثمَانَ قَد حَصَرَهُ النّاسُ فَلَو تَرَكتِ الحَجّ وَ أَصلَحتِ أَمرَهُ كَانَ النّاسُ يَستَمِعُونَ مِنكِ،فَقَالَت قَد أَوجَبتُ الحَجّ وَ شَدَدتُ غرَاَئرِيِ،فَوَلّي مَروَانُ وَ هُوَ يَقُولُ
حَرّقَ قَيسٌ عَلَيّ البِلَادَ | حَتّي إِذَا اضطَرَمَت أَجذَمَا |
فَسَمِعَتهُ عَائِشَةُ،فَقَالَت تَعَالَ،لَعَلّكَ تَظُنّ أنَيّ فِي شَكّ مِن صَاحِبِكَ، وَ اللّهِ لَوَدِدتُ أَنّكَ وَ هُوَ فِي غَرَارَتَينِ مِن غرَاَئرِيِ مَخِيطٌ عَلَيكُمَا تُغَطّانِ فِي البَحرِ حَتّي تَمُوتَا.
بيان قال الجوهري الإجذام الإقلاع عن الشيّء. قال الرّبيع بن زياد
صفحه : 480
وحرّق قيس .. البيت .
أقول وروي ذلك الأعثم في الفتوح ، و فيه مكان أجدما أحجما .. أي نكص وتأخّر. والغرارة بالكسر الجوالق . و قال الجوهري واحدة الغرائر التّي للطّين وأظنّه معربا.
سر مُوسَي بنُ بَكرٍ، عَنِ المُفَضّلِ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ إِنّ فُلَاناً وَ فُلَاناً غَصَبَانَا حَقّنَا وَ قَسَمَاهُ بَينَهُم،فَرَضُوا بِذَلِكَ عَنهُمَا، وَ إِنّ عُثمَانَ لَمّا مَنَعَهُم وَ استَأثَرَ عَلَيهِم غَضِبُوا لِأَنفُسِهِم.
قب نَقَلَتِ المُرجِئَةُ، عَن أَبِي الجَهمِ العدَوَيِّ وَ كَانَ مُعَادِياً لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَخَرَجتُ بِكِتَابِ عُثمَانَ وَ المِصرِيّونَ قَد نَزَلُوا بذِيِ خَشَبٍ إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ قَد طَوَيتُهُ طَيّاً لَطِيفاً وَ جَعَلتُهُ فِي قِرَابِ سيَفيِ، وَ قَد تَنَكّبتُ عَنِ الطّرِيقِ وَ تَوَخّيتُ سَوَادَ اللّيلِ حَتّي كُنتُ بِجَانِبِ الجُرُفِ، إِذَا رَجُلٌ عَلَي حِمَارٍ مسُتقَبلِيِ وَ مَعَهُ
صفحه : 481
رَجُلَانِ يَمشِيَانِ أَمَامَهُ فَإِذَا هُوَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ قَد أَتَي مِن نَاحِيَةِ البَدوِ فأَثَبتَنَيِ وَ لَم أُثبِتهُ حَتّي سَمِعتُ كَلَامَهُ، فَقَالَ أَينَ تُرِيدُ يَا صَخرُ. قُلتُ البَدوَ،فَأَدَعُ الصّحَابَةَ. قَالَ فَمَا هَذَا ألّذِي فِي قِرَابِ سَيفِكَ. قُلتُ لَا تَدَعُ مِزَاحَكَ أَبَداً ثُمّ جرته [جُزتُهُ].
جا الكَاتِبُ، عَنِ الزعّفرَاَنيِّ، عَنِ الثقّفَيِّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ اللؤّلؤُيِّ، عَن يَحيَي بنِ المُغِيرَةِ، عَن سَلَمَةَ بنِ الفَضلِ، عَن عَلِيّ بنِ صَبِيحٍ الكنِديِّ، عَن أَبِي يَحيَي مَولَي مُعَاذِ بنِ عُفرَةَ الأنَصاَريِّ، قَالَ إِنّ عُثمَانَ بنَ عَفّانَ بَعَثَ إِلَي الأَرقَمِ بنِ عَبدِ اللّهِ وَ كَانَ خَازِنَ بَيتِ مَالِ المُسلِمِينَ، فَقَالَ لَهُ أسَلفِنيِ مِائَةَ أَلفِ أَلفِ دِرهَمٍ. فَقَالَ لَهُ الأَرقَمُ أَكتُبُ عَلَيكَ بِهَا صَكّاً لِلمُسلِمِينَ. قَالَ وَ مَا أَنتَ وَ ذَاكَ لَا أُمّ لَكَ إِنّمَا أَنتَ خَازِنٌ لَنَا. قَالَ فَلَمّا سَمِعَ الأَرقَمُ ذَلِكَ خَرَجَ مُبَادِراً إِلَي النّاسِ، فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ عَلَيكُم بِمَالِكُم فإَنِيّ ظَنَنتُ أنَيّ خَازِنُكُم وَ لَم أَعلَم أنَيّ خَازِنُ عُثمَانَ بنِ عَفّانَ حَتّي اليَومَ، وَ مَضَي فَدَخَلَ بَيتَهُ،فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثمَانَ،فَخَرَجَ إِلَي النّاسِ حَتّي دَخَلَ المَسجِدَ ثُمّ رَقَي المِنبَرَ، وَ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ أَبَا بَكرٍ كَانَ يُؤثِرُ بنَيِ تَيمٍ عَلَي النّاسِ، وَ إِنّ عُمَرَ كَانَ يُؤثِرُ بنَيِ عدَيِّ عَلَي كُلّ النّاسِ، وَ إنِيّ أُوثِرُ وَ اللّهِ بنَيِ أُمَيّةَ عَلَي مَن سِوَاهُم، وَ لَو كُنتُ جَالِساً بِبَابِ الجَنّةِ ثُمّ استَطَعتُ أَن أُدخِلَ بنَيِ أُمَيّةَ جَمِيعاً الجَنّةَ لَفَعَلتُ، وَ إِنّ هَذَا المَالَ لَنَا، فَإِنِ احتَجنَا إِلَيهِ أَخَذنَاهُ وَ إِن رُغِمَ أَنفُ أَقوَامٍ. فَقَالَ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ رَحِمَهُ اللّهُ مَعَاشِرَ المُسلِمِينَ اشهَدُوا أَنّ ذَلِكَ مُرغِمٌ لِي. فَقَالَ عُثمَانُ وَ أَنتَ هَاهُنَا، ثُمّ نَزَلَ مِنَ المِنبَرِ يَتَوَطّؤُهُ بِرِجلَيهِ حَتّي غشُيَِ عَلَي عَمّارٍ
صفحه : 482
وَ احتُمِلَ وَ هُوَ لَا يَعقِلُ إِلَي بَيتِ أُمّ سَلَمَةَ،فَأَعظَمَ النّاسُ ذَلِكَ، وَ بقَيَِ عَمّارٌ مُغمًي عَلَيهِ لَم يُصَلّ يَومَئِذٍ الظّهرَ وَ العَصرَ وَ المَغرِبَ، فَلَمّا أَفَاقَ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ،فَقَدِيماً أُوذِيتُ فِي اللّهِ، وَ أَنَا أَحتَسِبُ مَا أصَاَبنَيِ فِي جَنبِ اللّهِ،بيَنيِ وَ بَينَ عُثمَانَ العَدلُ الكَرِيمُ يَومَ القِيَامَةِ. قَالَ وَ بَلَغَ عُثمَانَ أَنّ عَمّاراً عِندَ أُمّ سَلَمَةَ،فَأَرسَلَ إِلَيهَا، فَقَالَ مِمّا هَذِهِ الجَمَاعَةُ فِي بَيتِكِ مَعَ هَذَا الفَاجِرِ،أخرجهم [أَخرِجِيهِم] مِن عِندِكِ.فَقَالَت وَ اللّهِ مَا عِندَنَا مَعَ عَمّارٍ إِلّا بِنتَاهُ،فَاجتَنِبنَا يَا عُثمَانُ وَ اجعَل سَطوَتَكَ حَيثُ شِئتَ، وَ هَذَا صَاحِبُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَجُودُ بِنَفسِهِ مِن فِعَالِكَ، قَالَ فَنَدِمَ عُثمَانُ عَلَي مَا صَنَعَ فَبَعَثَ إِلَي طَلحَةَ وَ الزّبَيرِ يَسأَلُهُمَا أَن يَأتِيَا عَمّاراً فَيَسأَلَاهُ أَن يَستَغفِرَ لَهُ،فَأَتَيَاهُ فَأَبَي عَلَيهِمَا،فَرَجَعَا إِلَيهِ فَأَخبَرَاهُ، فَقَالَ عُثمَانُ مِن حُكمِ اللّهِ يَا بنَيِ أُمَيّةَ يَا فِرَاشَ النّارِ وَ ذُبَابَ الطّمَعِ،شَنّعتُم عَلَيّ، وَ آلَيتُم عَلَي أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، ثُمّ إِنّ عَمّاراً رَحِمَهُ اللّهُ صَلَحَ مِن مَرَضِهِ فَخَرَجَ إِلَي مَسجِدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَبَينَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذ دَخَلَ ناَعيِ أَبِي ذَرّ عَلَي عُثمَانَ مِنَ الرّبَذَةِ، فَقَالَ إِنّ أَبَا ذَرّ مَاتَ بِالرّبَذَةِ وَحِيداً وَ دَفَنَهُ قَومٌ سَفرٌ،فَاستَرجَعَ عُثمَانُ وَ قَالَ رَحِمَهُ اللّهُ. فَقَالَ عَمّارٌ رَحِمَ اللّهُ أَبَا ذَرّ مِن كُلّ أَنفُسِنَا. فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ وَ إِنّكَ لَهُنَاكَ بَعدَ مَا بَرَأتَ أَ ترَاَنيِ نَدِمتُ عَلَي تسَييِريِ إِيّاهُ. قَالَ لَهُ عَمّارٌ لَا وَ اللّهِ، مَا أَظُنّ ذَاكَ. قَالَ وَ أَنتَ أَيضاً فَالحَق بِالمَكَانِ ألّذِي كَانَ فِيهِ أَبُو ذَرّ فَلَا تَبرَحهُ مَا حَيِينَا. قَالَ عَمّارٌ أَفعَلُ،فَوَ اللّهِ لَمُجَاوَرَةُ السّبَاعِ أَحَبّ إلِيَّ مِن مُجَاوَرَتِكَ. قَالَ فَتَهَيّأَ عَمّارٌ لِلخُرُوجِ وَ جَاءَت بَنُو مَخزُومٍ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ فَسَأَلُوهُ
صفحه : 483
أَن يَقُومَ مَعَهُم إِلَي عُثمَانَ لِيَستَنزِلَهُ عَن تَسيِيرِ عَمّارٍ،فَقَامَ مَعَهُم فَسَأَلَهُ فِيهِم وَ رَفَقَ بِهِ حَتّي أَجَابَهُ إِلَي ذَلِكَ.
جا عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ الكَاتِبُ، عَنِ الزعّفرَاَنيِّ، عَنِ الثقّفَيِّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ الحُسَينِ الأنَصاَريِّ، عَن سُفيَانَ، عَن فُضَيلِ بنِ الزّبَيرِ، عَن فَروَةَ بنِ مُجَاشِعٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ جَاءَت عَائِشَةُ إِلَي عُثمَانَ،فَقَالَت لَهُ أعَطنِيِ مَا كَانَ يعُطيِنيِ أَبِي وَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ. فَقَالَ لَم أَجِد لَكِ مَوضِعاً فِي الكِتَابِ وَ لَا فِي السّنّةِ، وَ إِنّمَا كَانَ أَبُوكِ وَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ يُعطِيَانِكِ بِطِيبَةٍ مِن أَنفُسِهِمَا، وَ أَنَا لَا أَفعَلُ.قَالَت فأَعَطنِيِ ميِراَثيِ مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ لَهَا أَ وَ لَم تحَسبَيِ أَنتِ وَ مَالِكُ بنُ أَوسَ النضّريِّ فَشَهِدتُمَا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَا يُوَرّثُ حَتّي مَنَعتُمَا فَاطِمَةَ مِيرَاثَهَا، وَ أَبطَلتُمَا حَقّهَا،فَكَيفَ تَطلُبِينَ اليَومَ مِيرَاثاً مِنَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَتَرَكَتهُ وَ انصَرَفَت، وَ كَانَ عُثمَانُ إِذَا خَرَجَ إِلَي الصّلَاةِ أَخَذَت قَمِيصَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَلَي قَصَبَةٍ فَرَفَعَتهُ عَلَيهَا، ثُمّ قَالَت إِنّ عُثمَانَ قَد خَالَفَ صَاحِبَ هَذَا القَمِيصِ وَ تَرَكَ سُنّتَهُ.
رَوَي فِي كَشفِ الغُمّةِ نَحواً مِن ذَلِكَ، وَ زَادَ فِي آخِرِهِ فَلَمّا آذَتهُ صَعِدَ المِنبَرَ، فَقَالَ إِنّ هَذِهِ الزّعرَاءَ عَدُوّةُ اللّهِ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلَهَا وَ مَثَلَ صَاحِبَتِهَا حَفصَةَ فِي الكِتَابِ(امرَأَتَ نُوحٍ وَ امرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحتَ عَبدَينِ مِن عِبادِنا
صفحه : 484
صالِحَينِ فَخانَتاهُما).. إِلَي قَولِهِ( وَ قِيلَ ادخُلَا النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ)،فَقَالَت لَهُ يَا نَعثَلُ يَا عَدُوّ اللّهِ إِنّمَا سَمّاكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِاسمِ نَعثَلِ اليهَوُديِّ ألّذِي بِاليَمَنِ،فَلَاعَنَتهُ وَ لَاعَنَهَا، وَ حَلَفَت أَن لَا تُسَاكِنَهُ بِمِصرَ أَبَداً، وَ خَرَجَت إِلَي مَكّةَ. ثُمّ قَالَ قَد نَقَلَ ابنُ أَعثَمَ صَاحِبُ الفُتُوحِ أَنّهَا قَالَت اقتُلُوا نَعثَلًا قَتَلَ اللّهُ نَعثَلًا،فَلَقَد أَبلَي سُنّةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ هَذِهِ ثِيَابُهُ لَم تَبلَ، وَ خَرَجَت إِلَي مَكّةَ. قَالَ وَ رَوَي غَيرُهُ أَنّهُ لَمّا قُتِلَ جَاءَت إِلَي المَدِينَةِ فَلَقِيَهَا فُلَانٌ فَسَأَلَتهُ عَنِ الأَموَالِ فَخَبّرَهَا وَ أَنّ النّاسَ اجتَمَعُوا عَلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ،فَقَالَت وَ اللّهِ لَأُطَالِبَنّ بِدَمِهِ. فَقَالَ لَهَا وَ أَنتِ حَرَصتِ عَلَي قَتلِهِ.قَالَت إِنّهُم لَم يَقتُلُوهُ حَيثُ قُلتُ وَ لَكِن تَرَكُوهُ حَتّي تَابَ وَ نقَيَِ مِن ذُنُوبِهِ وَ صَارَ كَالسّبِيكَةِ وَ قَتَلُوهُ.
تأييد قال في النهاية في مقتل عثمان لايمنعك مكان ابن سلام أن تسبّ نعثلا كان أعداء عثمان يسمّونه نعثلا،تشبيها برجل من مصر كان طويل اللّحية اسمه نعثل ، وقيل النّعثل الشّيخ الأحمق . وذكر الضّباع، و منه حديث
صفحه : 485
عائشة اقتلوا نعثلا قتل اللّه نعثلا،تعني عثمان ، و هذا كان منها لماغاضبته وذهبت إلي مكّة.
مَا أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ الصّلتِ، عَنِ ابنِ عُقدَةَ الحَافِظِ، عَن جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ العلَوَيِّ، عَن عَمّهِ القَاسِمِ بنِ جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ، عَن أَبِيهِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي بَكرٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ حدَثّنَيِ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ أَبِي عُمرَةَ الأنَصاَريِّ، قَالَ لَمّا نَزَلَ المِصرِيّونَ بِعُثمَانَ بنِ عَفّانَ فِي مَرّتِهِمُ الثّانِيَةِ دَعَا مَروَانَ بنَ الحَكَمِ فَاستَشَارَهُ، فَقَالَ لَهُ إِنّ القَومَ لَيسَ هُم لِأَحَدٍ أَطوَعَ مِنهُم لعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ هُوَ أَطوَعُ النّاسِ فِي النّاسِ،فَابعَثهُ إِلَيهِم فَليُعطِهِمُ الرّضَا وَ لِيَأخُذ لَكَ عَلَيهِمُ الطّاعَةَ، وَ يُحَذّرَهُمُ الفِتنَةَ،فَكَتَبَ عُثمَانُ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ سَلَامٌ عَلَيكَ، أَمّا بَعدُ،فَإِنّهُ قَد جَازَ السّيلُ الزّبَي، وَ بَلَغَ الحِزَامُ الطّبيَينِ، وَ ارتَفَعَ أَمرُ النّاسِ بيِ فَوقَ قَدرِهِ، وَ طَمَعَ فِيّ مَن كَانَ يَعجِزُ عَن نَفسِهِ،فَأَقبِل عَلَيّ أَو لِي، وَ تَمَثّلَ
فَإِن كُنتَ مَأكُولًا فَكُن خَيرَ آكِلٍ | وَ إِلّا فأَدَركِنيِ وَ لَمّا أُمَزّق |
وَ السّلَامُ.فَجَاءَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ يَا أَبَا الحَسَنِ ائتِ هَؤُلَاءِ القَومَ فَادعُهُم إِلَي كِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ نَعَم، إِن أعَطيَتنَيِ عَهدَ اللّهِ وَ مِيثَاقَهُ عَلَي أَن تفَيِءَ لَهُم بِكُلّ شَيءٍ أَعطَيتَهُ عَنكَ. فَقَالَ نَعَم،فَأَخَذَ عَلَيهِ عَهداً غَلِيظاً، وَ مَشَي إِلَي القَومِ فَلَمّا دَنَا مِنهُم قَالُوا وَرَاءَكَ. قَالَ لَا.قَالُوا وَرَاءَكَ. قَالَ لَا،فَجَاءَ بَعضُهُم لِيَدفَعَ فِي صَدرِهِ، فَقَالَ القَومُ بَعضُهُم لِبَعضٍ
صفحه : 486
سُبحَانَ اللّهِ أَتَاكُم ابنُ عَمّ رَسُولِ اللّهِ يَعرِضُ كِتَابَ اللّهِ .. اسمَعُوا مِنهُ وَ اقبَلُوا،قَالُوا تَضمَنُ لَنَا كَذَلِكَ. قَالَ نَعَم،فَأَقبَلَ مَعَهُ أَشرَافُهُم وَ وُجُوهُهُم حَتّي دَخَلُوا عَلَي عُثمَانَ فَعَاتَبُوهُ،فَأَجَابَهُم إِلَي مَا أَحَبّوا،فَقَالُوا اكتُب لَنَا عَلَي هَذَا كِتَاباً، وَ ليَضمَن عَلِيّ عَنكَ مَا فِي الكِتَابِ. قَالَ اكتُبُوا أَنّي شِئتُم،فَكَتَبُوا بَينَهُمبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ، هَذَا مَا كَتَبَ عَبدُ اللّهِ عُثمَانُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ لِمَن نَقَمَ عَلَيهِ مِنَ المُؤمِنِينَ وَ المُسلِمِينَ، أَنّ لَكُم عَلَيّ أَن أَعمَلَ بِكِتَابِ اللّهِ وَ سُنّةِ نَبِيّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ أَنّ المَحرُومَ يُعطَي، وَ أَنّ الخَائِفَ يُؤمَنُ، وَ أَنّ المنَفيِّ يُرَدّ، وَ أَنّ المَبعُوثَ لَا يُجمَرُ، وَ أَنّ الفيَءَ لَا يَكُونُ دُولَةً بَينَ الأَغنِيَاءِ، وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ ضَامِنٌ لِلمُؤمِنِينَ وَ المُسلِمِينَ عَلَي عُثمَانَ الوَفَاءَ لَهُم عَلَي مَا فِي الكِتَابِ، وَ شَهِدَ الزّبَيرُ بنُ العَوّامِ وَ طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ وَ سَعدُ بنُ مَالِكٍ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ وَ أَبُو أَيّوبَ بنُ زَيدٍ، وَ كَتَبَ فِي ذيِ القَعدَةِ سَنَةَ خَمسٍ وَ عِشرِينَ،فَأَخَذُوا الكِتَابَ ثُمّ انصَرَفُوا، فَلَمّا نَزَلُوا أَيلَةَ إِذَا هُم بِرَاكِبٍ فَأَخَذُوهُ،فَقَالُوا مَن أَنتَ. قَالَ أَنَا رَسُولُ عُثمَانَ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ سَعدٍ، قَالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ لَو فَتّشنَاهُ لِئَلّا يَكُونَ قَد كَتَبَ فِينَا،فَفَتّشُوهُ فَلَم يَجِدُوا مَعَهُ شَيئاً، فَقَالَ كِنَانَةُ بنُ بِشرٍ النجّيِبيِّ انظُرُوا إِلَي أَدَوَاتِهِ فَإِنّ لِلنّاسِ حِيَلًا، فَإِذَا قَارُورَةٌ مَختُومَةٌ بِمُومٍ، فَإِذَا فِيهَا كِتَابٌ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ سَعدٍ إِذَا جَاءَكَ كتِاَبيِ هَذَا فَاقطَع أيَديِ الثّلَاثَةِ مَعَ أَرجُلِهِم، فَلَمّا قَرَءُوا الكِتَابَ رَجَعُوا حَتّي أَتَوا عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ،فَأَتَاهُ فَدَخَلَ عَلَيهِ، فَقَالَ استَعتَبَكَ القَومُ فَأَعتَبتَهُم
صفحه : 487
ثُمّ كَتَبتَ هَذَا كِتَابَكَ نَعرِفُهُ،الخَطّ الخَطّ، وَ الخَاتَمَ الخَاتَمَ،فَخَرَجَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مُغضَباً وَ أَقبَلَ النّاسُ عَلَيهِ،فَخَرَجَ سَعدٌ مِنَ المَدِينَةِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا إِسحَاقَ أَينَ تُرِيدُ. قَالَ إنِيّ فَرَرتُ بدِيِنيِ مِن مَكّةَ إِلَي المَدِينَةِ، وَ أَنَا اليَومَ أَهرُبُ بدِيِنيِ مِنَ المَدِينَةِ إِلَي مَكّةَ. وَ قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ لعِلَيِّ عَلَيهِمَا السّلَامُ حِينَ أَحَاطَ النّاسُ بِعُثمَانَ اخرُج مِنَ المَدِينَةِ وَ اعتَزِل، فَإِنّ النّاسَ لَا بُدّ لَهُم مِنكَ، وَ إِنّهُم لَا يَأتُونَكَ وَ لَو كُنتَ بِصَنعَاءَ، وَ أَخَافُ أَن يُقتَلَ هَذَا الرّجُلُ وَ أَنتَ حَاضِرُهُ. فَقَالَ يَا بنُيَّ أَخرُجُ عَن دَارِ هجِرتَيِ، وَ مَا أَظُنّ أَحَداً يجَترَِئُ عَلَي هَذَا القَولِ كُلّهِ، وَ قَامَ كِنَانَةُ بنُ بِشرٍ، فَقَالَ يَا عَبدَ اللّهِ أَقِم لَنَا كِتَابَ اللّهِ،فَإِنّا لَا نَرضَي بِالقَولِ دُونَ الفِعلِ، قَد كَتَبتَ وَ أَشهَدتَ لَنَا شُهُوداً وَ أَعطَيتَنَا عَهدَ اللّهِ وَ مِيثَاقَهُ، فَقَالَ مَا كَتَبتُ بَينَكُم كِتَاباً،فَقَامَ إِلَيهِ المُغِيرَةُ بنُ الأَخنَسِ وَ ضَرَبَ بِكِتَابِهِ وَجهَهُ وَ خَرَجَ إِلَيهِم عُثمَانُ لِيُكَلّمَهُم،فَصَعِدَ المِنبَرَ،فَرَفَعَت عَائِشَةُ قَمِيصَ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ نَادَت أَيّهَا النّاسُ هَذَا قَمِيصُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَم يَبلَ وَ قَد غُيّرَت سُنّتُهُ،فَنَهَضَ النّاسُ وَ كَثُرَ اللّغَطُ وَ حَصَبُوا عُثمَانَ حَتّي نَزَلَ مِنَ المِنبَرِ وَ دَخَلَ بَيتَهُ،فَكَتَبَ نُسخَةً وَاحِدَةً إِلَي مُعَاوِيَةَ وَ عَبدِ اللّهِ بنِ عَامِرٍ، أَمّا بَعدُ فَإِنّ أَهلَ السّفَهِ وَ البغَيِ وَ العُدوَانِ مِن أَهلِ العِرَاقِ وَ مِصرَ وَ المَدِينَةِ أَحَاطُوا بدِاَريِ وَ لَن يُرضِيَهُم منِيّ دُونَ خلَعيِ أَو قتَليِ، وَ أَنَا ملُاَقيِ اللّهِ قَبلَ أَن أُتَابِعَهُم عَلَي
صفحه : 488
شَيءٍ مِن ذَلِكَ فأَعَيِنوُنيِ. فَلَمّا بَلَغَ كِتَابُهُ ابنَ عَامِرٍ،قَامَ وَ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عُثمَانَ ذَكَرَ أَنّ شِرذِمَةً مِن أَهلِ مِصرَ وَ العِرَاقِ نَزَلُوا بِسَاحَتِهِ فَدَعَاهُم إِلَي الحَقّ فَلَم يُجِيبُوا،فَكَتَبَ إلِيَّ أَن أَبعَثَ إِلَيهِ مِنكُم ذوَيِ الرأّيِ وَ الدّينِ وَ الصّلَاحِ لَعَلّ اللّهَ أَن يَدفَعَ عَنهُ ظُلمَ الظّالِمِ وَ عُدوَانَ المعُتدَيِ.فَلَم يُجِيبُوهُ إِلَي الخُرُوجِ. ثُمّ إِنّهُ قِيلَ لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ عُثمَانَ قَد مُنِعَ المَاءَ فَأمُر بِالرّوَايَا فَعُكِمَت، وَ جَاءَ النّاسَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَصَاحَ بِهِم صَيحَةً انفَرَجُوا .. فَدَخَلَتِ الرّوَايَا، فَلَمّا رَأَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ اجتِمَاعَ النّاسِ دَخَلَ عَلَي طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللّهِ وَ هُوَ مُتّكِئٌ عَلَي وَسَائِدَ، فَقَالَ إِنّ الرّجُلَ مَقتُولٌ فَامنَعُوهُ. فَقَالَ أَمَ وَ اللّهِ دُونَ أَن تعُطيَِ بَنُو أُمَيّةَ الحَقّ مِن أَنفُسِهَا.
نَهجٌ مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ لَمّا اجتَمَعَ النّاسُ عَلَيهِ وَ شَكَوا مَا نَقَمُوهُ عَلَي عُثمَانَ، وَ سَأَلُوهُ مُخَاطَبَتَهُ عَنهُم وَ استِعتَابَهُ لَهُم،فَدَخَلَ عَلَيهِ، فَقَالَ إِنّ النّاسَ ورَاَئيِ وَ قَدِ استسَفرَوُنيِ بَينَكَ وَ بَينَهُم، وَ وَ اللّهِ مَا أدَريِ مَا أَقُولُ لَكَ، مَا أَعرِفُ شَيئاً تَجهَلُهُ وَ لَا أَدُلّكَ عَلَي أَمرٍ لَا تَعرِفُهُ،إِنّكَ لَتَعلَمُ مَا نَعلَمُ مَا
صفحه : 489
سَبَقنَاكَ إِلَي شَيءٍ فَنُخبِرَكَ عَنهُ وَ لَا خَلَونَا بشِيَءٍ فَنُبَلّغَكَهُ، وَ قَد رَأَيتَ كَمَا رَأَينَا، وَ سَمِعتَ كَمَا سَمِعنَا، وَ صَحِبتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَمَا صَحِبنَا، وَ مَا ابنُ أَبِي قُحَافَةَ وَ لَا ابنُ الخَطّابِ بِأَولَي بِعَمَلِ الحَقّ مِنكَ، وَ أَنتَ أَقرَبُ إِلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنهُمَا، وَ قَد نِلتَ مِن صِهرِهِ مَا لَم يَنَالَا،فَاللّهَ .. اللّهَ فِي نَفسِكَ فَإِنّكَ وَ اللّهِ مَا تُبَصّرُ مِن عمَيً وَ لَا تُعَلّمُ مِن جَهلٍ، وَ إِنّ الطّرُقَ لَوَاضِحَةٌ وَ إِنّ أَعلَامَ الدّينِ لَقَائِمَةٌ،فَاعلَم أَنّ أَفضَلَ عِبَادِ اللّهِ عِندَ اللّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ هدُيَِ وَ هَدَي فَأَقَامَ سُنّةً مَعلُومَةً وَ أَمَاتَ بِدعَةً مَجهُولَةً، وَ إِنّ السّنَنَ لَنَيّرَةٌ لَهَا أَعلَامٌ، وَ إِنّ البِدَعَ لَظَاهِرَةٌ لَهَا أَعلَامٌ، وَ إِنّ شَرّ النّاسِ عِندَ اللّهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلّ وَ ضُلّ بِهِ،فَأَمَاتَ سُنّةً مَأخُوذَةً وَ أَحيَا بِدعَةً مَترُوكَةً، وَ إنِيّ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَقُولُ يُؤتَي يَومَ القِيَامَةِ بِالإِمَامِ الجَائِرِ وَ لَيسَ مَعَهُ نَصِيرٌ وَ لَا عَاذِرٌ فَيُلقَي فِي جَهَنّمَ فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرّحَي، ثُمّ يَرتَبِطُ فِي قَعرِهَا، وَ إنِيّ أَنشُدُكَ اللّهَ أَن تَكُونَ إِمَامَ هَذِهِ الأُمّةِ المَقتُولَ،فَإِنّهُ كَانَ يُقَالُ يُقتَلُ فِي هَذِهِ الأُمّةِ إِمَامٌ يَفتَحُ عَلَيهَا القَتلَ وَ القِتَالَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ، وَ تَلبِسُ أُمُورَهَا عَلَيهَا وَ يَبُثّ الفِتَنَ فِيهَا فَلَا يُبصِرُونَ الحَقّ مِنَ البَاطِلِ يَمُوجُونَ فِيهَا مَوجاً وَ يَمرُجُونَ فِيهَا مَرجاً، فَلَا تَكُونَنّ لِمَروَانَ سَيّقَةً يَسُوقُكَ حَيثُ شَاءَ بَعدَ جَلَالِ السّنّ وَ تقَضَيّ العُمُرِ. فَقَالَ لَهُ عُثمَانُ كَلّمِ النّاسَ فِي أَن يؤُجَلّوُنيِ حَتّي أَخرُجَ إِلَيهِم مِن مَظَالِمِهِم. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مَا كَانَ بِالمَدِينَةِ فَلَا أَجَلَ فِيهِ، وَ مَا غَابَ فَأَجَلُهُ وُصُولُ أَمرِكَ إِلَيهِ.
صفحه : 490
توضيح الاستعتاب طلب العتبي و هوالرّجوع والرّضا. قوله عليه السلام ماأعرف شيئا تجهله .. الغرض بيان وضوح قبائح أعماله بحيث يعرفه الصبيان لابيان وفور علمه . قوله عليه السلام و أنت أقرب .. الواو للحال ، ويحتمل العطف ، والوشيجة تميّزه، وهي عرق الشّجرة .. والواشجة الرّحم المشتبكة، و قدوشجت بك قرابة فلان والاسم الوشيج ،ذكره الجوهري. قوله عليه السلام فإنّه كان يقال .. أي كان النبيّ صلّي اللّه عليه وآله يقول وأبهم عليه السلام لمصلحة، والمراد بالإمام إمام يدعو إلي النار. و قال الجوهري مرجت .. فسدت ، ومرج .. اختلط واضطرب ،.. و منه الهرج والمرج . والسّيّقة بتشديد الياء المكسورة مااستاقه العدوّ من الدّواب. و في القاموس جلّ يجلّ جلالة وجلالا أسنّ.
صفحه : 491
الكَافِيَةُ فِي إِبطَالِ تَوبَةِ الخَاطِئَةِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ، عَن أَبِي جَعفَرٍ، عَن أَبِيهِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ، قَالَ كُنتُ مَعَ عُثمَانَ وَ هُوَ مَحصُورٌ، فَلَمّا عَرَفَ أَنّهُ مَقتُولٌ بعَثَنَيِ وَ عَبدَ الرّحمَنِ بنَ أَزهَرَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَدِ استَولَي طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ عَلَي الأَمرِ، فَقَالَ انطَلِقَا فَقُولَا لَهُ أَمَا إِنّكَ أَولَي بِالأَمرِ مِنِ ابنِ الحَصرَمِيّةِ فَلَا يَغلِبُنّكَ عَلَي أُمّةِ ابنِ عَمّكَ.
وَ عَنِ الفُضَيلِ بنِ وكين [دُكَينٍ]، عَن فِطرٍ، عَنِ عِمرَانَ الخزُاَعيِّ، عَن مَيسَرَةَ بنِ جَدِيرٍ، قَالَ كُنتُ عِندَ الزّبَيرِ عِندَ أَحجَارِ الزّيتِ وَ هُوَ آخِذٌ بيِدَيِ،فَأَتَاهُ رَجُلٌ يَشتَدّ، فَقَالَ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ إِنّ أَهلَ الدّارِ قَد حِيلَ بَينَهُم وَ بَينَ المَاءِ،فَسَمِعتُهُ يَقُولُ دَبّرُوا بِهَا دَبّرُوا( وَ حِيلَ بَينَهُم وَ بَينَ ما يَشتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشياعِهِم مِن قَبلُ إِنّهُم كانُوا فِي شَكّ مُرِيبٍ).
وَ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَن قَيسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ قِيلَ لِطَلحَةَ هَذَا عُثمَانُ قَد مُنِعَ الطّعَامَ وَ الشّرَابَ، فَقَالَ إِمّا تعُطيِنيِ بَنُو أُمَيّةَ الحَقّ مِن أَنفُسِهَا، وَ إِلّا فَلَا.
وَ عَن مُحَمّدِ بنِ فُضَيلِ بنِ غَزوَانَ، عَن زَيدِ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي لَيلَي، قَالَرَأَيتُ طَلحَةَ يرُاَميِ فِي أَهلِ الدّارِ وَ هُوَ فِي خِرقَةٍ
صفحه : 492
وَ عَلَيهِ الدّرعُ وَ قَد كَفَرَ عَلَيهَا بِقَبَاءٍ فَهُم يُرَامُونَهُ فَيُخرِجُونَهُ مِنَ الدّارِ ثُمّ يَخرُجُ فَيُرَامِيهِم حَتّي دَخَلَ عَلَيهِ مِن قِبَلِ دَارِ بنِ حَزمٍ فَقُتِلَ.
وَ عَن مُوسَي بنِ مُصَيطِرٍ، عَنِ الأَعمَشِ، عَن مَسرُوقٍ، قَالَ دَخَلتُ المَدِينَةَ فَبَدَأنَا بِطَلحَةَ،فَخَرَجَ مُشتَمِلًا بِقَطِيفَةٍ لَهُ حَمرَاءَ،فَذَكَرنَا لَهُ أَمرَ عُثمَانَ فَصِيحَ القَومُ، فَقَالَ قَد كَادَ سُفَهَاؤُكُم أَن يَغلِبُوا حُلَمَاءَكُم عَلَي المَنطِقِ، قَالَ أَ جِئتُم مَعَكُم بِحَطَبٍ وَ إِلّا فَخُذُوا هَاتَينِ الحُزمَتَينِ فَاذهَبُوا بِهِمَا إِلَي بَابِهِ،فَخَرَجنَا مِن عِندِهِ وَ أَتَينَا الزّبَيرَ، فَقَالَ مِثلَ قَولِهِ،فَخَرَجنَا حَتّي أَتَينَا عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ عِندَ أَحجَارِ الزّيتِ فَذَكَرنَا أَمرَهُ، فَقَالَ استَتِيبُوا الرّجُلَ وَ لَا تَعجَلُوا، فَإِن رَجَعَ مِمّا هُوَ عَلَيهِ وَ تَابَ فَاقبَلُوا مِنهُ.
وَ عَن إِسحَاقَ بنِ رَاشِدٍ، عَن عَبدِ الحَمِيدِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ أَنّ أَبِي أروي [رَوَي] أَنّ طَلحَةَ بنَ عُبَيدِ اللّهِ استَولَي عَلَي أَمرِ عُثمَانَ وَ صَارَتِ المَفَاتِيحُ بِيَدِهِ، وَ أَخَذَ لِقَاحاً كَانَت لِعُثمَانَ، وَ أَخَذَ مَا كَانَ فِي دَارِهِ،فَمَكَثَ بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ.
صفحه : 493
د فِي الثّامِنَ عَشَرَ مِن ذيِ الحِجّةِ مِن سَنَةِ خَمسٍ وَ ثَلَاثِينَ مِنَ الهِجرَةِ قُتِلَ عُثمَانُ بنُ عَفّانَ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ عَبدِ شَمسِ بنِ عَبدِ مَنَافِ بنِ قصُيَّ الأمُوَيِّ،كُنيَتُهُ أَبُو عَمرٍو، وَ أَبُو عَبدِ اللّهِ، وَ أَبُو لَيلَي،مَولِدُهُ فِي السّنَةِ السّادِسَةِ بَعدَ الفِيلِ بَعدَ مِيلَادِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِقَلِيلٍ.مُدّةُ وَلَايَتِهِ اثنَتَا عَشرَةَ سَنَةً إِلّا أَيّاماً،قُتِلَ بِالسّيفِ وَ لَهُ يَومَئِذٍ اثنَتَانِ وَ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَ قِيلَ سِتّ وَ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَ أُخرِجَ مِنَ الدّارِ وَ ألُقيَِ عَلَي بَعضِ مَزَابِلِ المَدِينَةِ لَا يُقدِمُ أَحَدٌ عَلَي مُوَارَاتِهِ خَوفاً مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ، حَتّي احتِيلَ لِدَفنِهِ بَعدَ ثَلَاثٍ،فَأُخِذَ سِرّاً فَدُفِنَ فِي حَشّ كَوكَبٍ، وَ هيَِ مَقبَرَةٌ كَانَت لِليَهُودِ بِالمَدِينَةِ، فَلَمّا ولَيَِ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ وَصَلَهَا بِمَقَابِرِ أَهلِ الإِسلَامِ. وَ فِي هَذَا اليَومِ بِعَينِهِ بَايَعَ النّاسُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ بَعدَ عُثمَانَ، وَ رَجَعَ الأَمرُ إِلَيهِ فِي الظّاهِرِ وَ البَاطِنِ، وَ اتّفَقَتِ الكَافّةُ عَلَيهِ طَوعاً بِالِاختِيَارِ، وَ فِي هَذَا اليَومِ فُلِجَ مُوسَي بنُ عِمرَانَ مِنَ السّحَرَةِ، وَ أَخزَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِرعَونَ وَ جُنُودَهُ مِن أَهلِ الكُفرِ وَ الضّلَالِ، وَ فِيهِ نَجّي اللّهُ تَعَالَي اِبرَاهِيمَ عَلَيهِ السّلَامُ مِنَ النّارِ وَ جَعَلَهَا بَرداً وَ سَلَاماً كَمَا نَطَقَ بِهِ القُرآنُ، وَ فِيهِ نَصَبَ مُوسَي بنُ عِمرَانَ وَصِيّهُ يُوشَعَ بنَ نُونٍ وَ نَطَقَ بِفَضلِهِ عَلَي رُءُوسِ الأَشهَادِ، وَ فِيهِ أَظهَرَ عِيسَي وَصِيّهُ شَمعُونَ الصّفَا، وَ فِيهِ أَشهَدَ سُلَيمَانُ بنُ دَاوُدَ عَلَيهِمَا السّلَامُ سَائِرَ رَعِيّتِهِ عَلَي استِخلَافِ آصَفَ وَصِيّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، وَ فِيهِ نَصَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ دَلّ عَلَي فَضلِهِ بِالآيَاتِ وَ البَيّنَاتِ، وَ هُوَ يَومٌ كَثِيرُ البَرَكَاتِ.
صفحه : 494
ختص قُتِلَ عُثمَانُ بنُ عَفّانَ وَ هُوَ ابنُ إِحدَي وَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَ ولَيَِ الأَمرَ اثنتَيَ عَشرَةَ سَنَةً.
قَالَ ابنُ عَبدِ البَرّ فِي الإِستِيعَابِ عُثمَانُ بنُ عَفّانَ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيّةَ بنِ عَبدِ شَمسِ بنِ عَبدِ مَنَافِ بنِ قصُيَّ القرُشَيِّ الأمُوَيِّ،يُكَنّي أَبَا عَبدِ اللّهِ، وَ أَبَا عَمرٍو، وَ وُلِدَ فِي السّنَةِ السّادِسَةِ بَعدَ الفِيلِ،أُمّهُ أَروَي بِنتُ كَرِيزِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ حَبِيبِ بنِ عَبدِ شَمسِ بنِ عَبدِ مَنَافِ بنِ قصُيَّ، وَ أُمّهَا البَيضَاءُ أُمّ حَكِيمٍ بِنتُ عَبدِ المُطّلِبِ عَمّةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]،زَوّجَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]ابنَتَيهِ رُقَيّةَ ثُمّ أُمّ كُلثُومٍ وَاحِدَةً بَعدَ أُخرَي، وَ بُويِعَ لَهُ بِالخِلَافَةِ يَومَ السّبتِ غُرّةَ المُحَرّمِ سَنَةَ أَربَعٍ وَ عِشرِينَ بَعدَ دَفنِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ بِثَلَاثَةِ أَيّامٍ بِاجتِمَاعِ النّاسِ عَلَيهِ، وَ قُتِلَ بِالمَدِينَةِ يَومَ الجُمُعَةِ لِثَمَانِ عَشرَةَ أَو سَبعَ عَشرَةَ خَلَت مِن ذيِ الحِجّةِ سَنَةَ خَمسٍ وَ ثَلَاثِينَ مِنَ الهِجرَةِ،ذَكَرَهُ المدَاَئنِيِّ، عَن أَبِي مَعشَرٍ، عَن نَافِعٍ.
وَ قَالَ المُعتَمِرُ، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي عُثمَانَ النهّديِّ قُتِلَ فِي وَسَطِ أَيّامِ التّشرِيقِ.
وَ قَالَ ابنُ إِسحَاقَ قُتِلَ عُثمَانُ عَلَي رَأسِ إِحدَي عَشرَةَ سَنَةً وَ أَحَدَ عَشَرَ شَهراً وَ اثنَينِ وَ عِشرِينَ يَوماً مِن مَقتَلِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ. وَ عَلَي رَأسِ خَمسٍ وَ عِشرِينَ مِن مُتَوَفّي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ].
صفحه : 495
وَ قَالَ الواَقدِيِّ قُتِلَ يَومَ الجُمُعَةِ لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَت مِن ذيِ الحِجّةِ يَومَ التّروِيَةِ سَنَةَ خَمسٍ وَ ثَلَاثِينَ.
و قدقيل إنّه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجّة، و قدروي ذلك عن الواقدي أيضا.
وَ قَالَ الواَقدِيِّ وَ حَاصَرُوهُ تِسعَةً وَ أَربَعِينَ يَوماً، وَ قَالَ الزّبَيرُ حَاصَرُوهُ شَهرَينِ وَ عِشرِينَ يَوماً، وَ كَانَ أَوّلُ مَن دَخَلَ عَلَيهِ الدّارَ مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ فَأَخَذَ بِلِحيَتِهِ، فَقَالَ لَهُ دَعهَا يَا ابنَ أخَيِ فَوَ اللّهِ لَقَد كَانَ أَبُوكَ يُكرِمُهَا،فَاستَحَي وَ خَرَجَ، ثُمّ دَخَلَ رُومَانُ بنُ أَبِي سِرحَانَ رَجُلٌ أَزرَقُ قَصِيرٌ مَحدُودٌ عِدَادُهُ فِي مُرَادٍ، وَ هُوَ مِن ذيِ أَصبَحَ مَعَهُ خَنجَرٌ فَاستَقبَلَهُ بِهِ وَ قَالَ عَلَي أَيّ دِينٍ أَنتَ يَا نَعثَلُ. فَقَالَ عُثمَانُ لَستُ بِنَعثَلَ، وَ لكَنِيّ عُثمَانُ بنُ عَفّانَ، وَ أَنَا عَلَي مِلّةِ اِبرَاهِيمَحَنِيفاً مُسلِماًوَ ما أَنَا مِنَ المُشرِكِينَ. قَالَ كَذَبتَ، وَ ضَرَبَهُ عَلَي صُدغِهِ الأَيسَرِ فَقَتَلَهُ،فَخَرّ، وَ أَدخَلَتهُ امرَأَتُهُ نَائِلَةُ بَينَهَا وَ بَينَ ثِيَابِهَا، وَ كَانَتِ امرَأَةً جَسِيمَةً، وَ دَخَلَ رَجُلٌ مِن أَهلِ مِصرَ مَعَهُ السّيفُ مُصلَتاً، فَقَالَ وَ اللّهِ لَأَقطَعَنّ أَنفَهُ،فَعَالَجَ المَرأَةَ فَكَشَفَ عَن ذِرَاعَيهَا وَ قَبَضَت عَلَي السّيفِ فَقَطَعَ إِبهَامَهَا،فَقَالَت لِغُلَامِ عُثمَانَ يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ وَ مَعَهُ سَيفُ عُثمَانَ أعَنِيّ عَلَي هَذَا وَ أَخرِجهُ عنَيّ،فَضَرَبَهُ الغُلَامُ بِالسّيفِ فَقَتَلَهُ، وَ أَقَامَ عُثمَانُ يَومَهُ ذَلِكَ مَطرُوحاً إِلَي اللّيلِ فَحَمَلَهُ رِجَالٌ عَلَي بَابٍ
صفحه : 496
لِيَدفِنُوهُ فَعَرَضَ لَهُم نَاسٌ لِيَمنَعُوهُم مِن دَفنِهِ،فَوَجَدُوا قَبراً قَد كَانَ حُفِرَ لِغَيرِهِ فَدَفَنُوهُ فِيهِ، وَ صَلّي عَلَيهِ جُبَيرُ بنُ مُطعِمٍ. وَ اختُلِفَ فِيمَن بَاشَرَ قَتلَهُ بِنَفسِهِ،فَقِيلَ مُحَمّدُ بنُ أَبِي بَكرٍ ضَرَبَهُ بِمِشقَصٍ، وَ قِيلَ بَل حَبَسَهُ مُحَمّدٌ وَ أَشعَرَهُ غَيرُهُ، وَ كَانَ ألّذِي قَتلَهُ سُودَانُ بنُ حُمرَانَ، وَ قِيلَ بَل ولَيَِ قَتلَهُ رُومَانُ اليمَاَنيِّ، وَ قِيلَ بَل رُومَانُ رَجُلٌ مِن بنَيِ أَسَدِ بنِ خُزَيمَةَ، وَ قِيلَ إِنّ مُحَمّدَ بنَ أَبِي بَكرٍ أَخَذَ بِلِحيَتِهِ فَهَزّهَا، وَ قَالَ مَا أَغنَي عَنكَ مُعَاوِيَةُ، وَ مَا أَغنَي عَنكَ ابنُ أَبِي سَرحٍ، مَا أَغنَي عَنكَ ابنُ عَامِرٍ. فَقَالَ لَهُ يَا ابنَ أخَيِ أَرسِل لحِيتَيِ وَ اللّهِ إِنّكَ لَتَجبِذُ لِحيَةً كَانَت تَعِزّ عَلَي أَبِيكَ، وَ مَا كَانَ أَبُوكَ يَرضَي مَجلِسَكَ هَذَا منِيّ،فَيُقَالُ إِنّهُ حِينَئِذٍ تَرَكَهُ وَ خَرَجَ عَنهُ، وَ يُقَالُ إِنّهُ حِينَئِذٍ أَشَارَ إِلَي مَن مَعَهُ فَطَعَنَهُ أَحَدُهُم وَ قَتَلُوهُ،فَاللّهُ أَعلَمُ. وَ أَكثَرُهُم يرَويِ أَنّ قَطرَةً أَو قَطَرَاتٍ مِن دَمِهِ سَقَطَت عَلَي المُصحَفِ عَلَي قَولِهِ(فَسَيَكفِيكَهُمُ اللّهُ وَ هُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ). وَ روُيَِ أَنّهُ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِن أَهلِ مِصرَ يُقَالُ لَهُ جَبَلَةُ بنُ الأَيهَمِ، ثُمّ طَافَ
صفحه : 497
بِالمَدِينَةِ ثَلَاثاً يَقُولُ أَنَا قَاتِلُ نَعثَلٍ
، ثُمّ رَوَي خَبَرَ دَفنِهِ كَمَا مَرّ.
وَ قَالَ وَ اختُلِفَ فِي سِنّهِ حِينَ قُتِلَ، فَقَالَ ابنُ إِسحَاقَ قُتِلَ وَ هُوَ ابنُ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَ قَالَ غَيرُهُ ابنُ ثَمَانٍ وَ ثَمَانِينَ، وَ قِيلَ ابنُ تِسعِينَ، وَ قَالَ قَتَادَةُ ابنُ سِتّ وَ ثَمَانِينَ.
وَ قَالَ الواَقدِيِّ لَا خِلَافَ عِندَنَا أَنّهُ قُتِلَ وَ هُوَ ابنُ اثنَتَينِ وَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَ قِيلَ ابنُ تِسعِينَ سَنَةً. وَ دُفِنَ لَيلًا بِمَوضِعٍ يُقَالُ لَهُ
صفحه : 498
حَشّ كَوكَبٍ، وَ كَوكَبٌ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ، وَ الحَشّ البُستَانُ. وَ قِيلَ صَلّي عَلَيهِ عَمرٌو ابنُهُ، وَ قِيلَ بَل صَلّي عَلَيهِ حَكِيمُ بنُ خرام [حِزَامٍ]، وَ قِيلَ المِسوَرُ بنُ محزمة[مَخرَمَةَ]. وَ قِيلَ كَانُوا خَمسَةً أَو سِتّةً .. فَلَمّا دَفَنُوهُ غَيّبُوا قَبرَهُ. وَ قَالَ ابنُ إِسحَاقَ كَانَت وَلَايَتُهُ اثنتَيَ عَشرَةَ سَنَةً إِلّا اثنيَ عَشَرَ يَوماً. وَ قَالَ غَيرُهُ كَانَت خِلَافَتُهُ إِحدَي عَشرَةَ سَنَةً وَ أَحَدَ عَشَرَ شَهراً وَ أَربَعَةَ عَشَرَ يَوماً، وَ قِيلَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوماً.
أقول روي مؤلف كتاب إلزام النواصب ، عن هشام بن محمدالسائب ، أنّه قال وممّن كان يلعب به ويفتحل عفّان أبوعثمان ، قال و كان يضرب بالدفّ.
صفحه : 499
نَهجٌ مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَتلِ عُثمَانَ لَو أَمَرتُ بِهِ لَكُنتُ قَاتِلًا، أَو نَهَيتُ عَنهُ لَكُنتُ نَاصِراً، غَيرَ أَنّ مَن نَصَرَهُ لَا يَستَطِيعُ أَن يَقُولَ خَذَلَهُ مَن أَنَا خَيرٌ مِنهُ، وَ مَن خَذَلَهُ لَا يَستَطِيعُ أَن يَقُولَ نَصَرَهُ مَن هُوَ خَيرٌ منِيّ، وَ أَنَا جَامِعٌ لَكُم أَمرَهُ،استَأثَرَ فَأَسَاءَ الأَثَرَةَ، وَ جَزِعتُم فَأَسَأتُمُ الجَزَعَ، وَ لِلّهِ حُكمٌ وَاقِعٌ فِي المُستَأثِرِ وَ الجَازِعِ.
بيان قال ابن أبي الحديد معناه أنّ خاذليه كانوا خيرا من ناصريه ،لأنّ الذين نصروه كانوا فسّاقا كمروان بن الحكم وأضرابه ، وخذله المهاجرون والأنصار. والمستأثر بالشيّء المستبدّ به .. أي أساء عثمان في استقلاله برأيه في
صفحه : 500
الخلافة وإحداث ماأحدث . قوله عليه السلام للّه حكم واقع .. أي ثابت محقّق في علمه تعالي ،فالحكم يحتمل الدنيوي والأخروي أوسيقع ويتحقّق خارجا في الآخرة أو في الدنيا،لأنّ مجموعه لم يتحقّق بعد و إن تحقّق بعضه .
نَهجٌ مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ لَمّا بَلَغَهُ اتّهَامُ بنَيِ أُمَيّةَ لَهُ بِالمُشَارَكَةِ فِي دَمِ عُثمَانَ أَ وَ لَم يَنهَ بنَيِ أُمَيّةَ عِلمُهَا بيِ عَن قرَفيِ، أَ مَا وَزَعَ الجُهّالَ ساَبقِتَيِ عَن تهُمَتَيِ وَ لَمَا وَعَظَهُمُ اللّهُ بِهِ أَبلَغُ مِن لسِاَنيِ، أَنَا حَجِيجُ المَارِقِينَ، وَ خَصِيمُ المُرتَابِينَ، عَلَي كِتَابِ اللّهِ تَعَالَي تُعرَضُ الأَمثَالُ، وَ بِمَا فِي الصّدُورِ تُجَازَي العِبَادُ.
توضيح قرفه كضربه .. أي اتّهمه. ووزعه عنه صرفه وكفّه.
صفحه : 501
والسّابقة الفضيلة والتّقدّم، والمراد باللسان القول . والحجيج المغالب بإظهار الحجّة. والمارقون الخارجون من الدّين. والخصيم المخاصم . والمرتابون الشّاكّون في الدين أو في إمامته ، أو في كلّ حقّ. والمحاجّة المخاصمة إمّا في الدنيا، أو فيها، و في الآخرة.
وَ قَالَ بَعضُ الشّارِحِينَ لِلنّهجِ روُيَِ عَنِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَنّهُ سُئِلَ عَن قَولِهِ تَعَالَي(هذانِ خَصمانِ اختَصَمُوا فِي رَبّهِم)، فَقَالَ عَلِيّ وَ حَمزَةُ وَ عُبَيدَةُ وَ عُتبَةُ وَ شَيبَةُ وَ الوَلِيدُ ...
إلي آخر مامرّ في الأخبار الكثيرة في غزوة بدر. قال و كان عليّ عليه السلام يكثر من قوله أناحجيج المارقين .. ويشير إلي هذاالمعني ، وأشار إلي ذلك بقوله علي كتاب اللّه تعرض الأمثال .. يريد قوله (هذانِ خَصمانِ..)الآية، و قال بعضهم لمّا كان في أقواله وأفعاله عليه السلام مايشبه الأمر بالقتل أوفعله فأوقع في نفوس الجهّال شبهة القتل نحو ما
روُيَِ عَنهُ عَلَيهِ السّلَامُ اللّهُ قَتَلَهُ وَ أَنَا مَعَهُ
، وكتخلّفه في داره عن الخروج يوم قتل ،
صفحه : 502
فقال ينبغي أن يعرض ذلك علي كتاب اللّه، فإن دلّ علي كون شيء من ذلك قتلا فليحكم به و إلّا فلا. ويحتمل أن يراد بالأمثال الحجج أوالأحاديث كماذكرها في القاموس .. أي مااحتجّ به في مخاصمة المارقين والمرتابين و مايحتجّون به في مخاصمتي ينبغي عرضها علي كتاب اللّه حتي يظهر صحّتهما وفسادهما، أو مايسندون إليّ في أمر عثمان و مايروي في أمري وأمر عثمان يعرض علي كتاب اللّه. وبما في الصدور .. أي بالنيّات والعقائد، أوبما يعلمه اللّه من مكنون الضمائر لا علي وفق مايظهره المتخاصمان عندالإحتجاج يجازي اللّه العباد.
نَهجٌ مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ بَعدَ مَا بُويِعَ بِالخِلَافَةِ وَ قَالَ لَهُ قَومٌ مِنَ الصّحَابَةِ لَو عَاقَبتَ قَوماً مِمّن أَجلَبَ عَلَي عُثمَانَ. فَقَالَ عَلَيهِ السّلَامُ يَا إِخوَتَاه إنِيّ لَستُ أَجهَلُ مَا تَعلَمُونَ، وَ لَكِن كَيفَ لِي بِقُوّةٍ وَ القَومُ المُجلِبُونَ عَلَي حَدّ شَوكَتِهِم،يَملِكُونَنَا وَ لَا نَملِكُهُم، وَ هَا هُم هَؤُلَاءِ قَد ثَارَت مَعَهُم عِبدَانُكُم، وَ التَفّت إِلَيهِم أَعرَابُكُم، وَ هُم خِلَالَكُم يَسُومُونَكُم مَا شَاءُوا، وَ هَل تَرَونَ مَوضِعاً لِقُدرَةٍ عَلَي شَيءٍ تُرِيدُونَهُ إِنّ هَذَا الأَمرَ أَمرُ جَاهِلِيّةٍ، وَ إِنّ لِهَؤُلَاءِ القَومِ مَادّةً، إِنّ النّاسَ مِن هَذَا الأَمرِ إِذَا حُرّكَ عَلَي أُمُورٍ فِرقَةٌ تَرَي مَا تَرَونَ، وَ فِرقَةٌ تَرَي مَا لَا تَرَونَ، وَ فِرقَةٌ لَا تَرَي لَا هَذَا وَ لَا هَذَا،فَاصبِرُوا حَتّي يَهدَأَ النّاسُ، وَ تَقَعَ القُلُوبُ مَوَاقِعَهَا، وَ تُؤخَذَ الحُقُوقُ مُسمَحَةً،فَاهدَءُوا عنَيّ، وَ انظُرُوا مَا ذَا يَأتِيكُم بِهِ أمَريِ، وَ لَا تَفعَلُوا فَعلَةً تُضَعضِعُ قُوّةً وَ تُسقِطُ مُنّةً،
صفحه : 503
وَ تُورِثُ وَهناً وَ ذِلّةً، وَ سَأُمسِكُ الأَمرَ مَا استَمسَكَ، وَ إِذَا لَم أَجِد بُدّاً،فَآخِرُ الدّوَاءِ الكيَّ.
إيضاح لوعاقبت .. جزاء الشرط محذوف .. أي لكان حسنا ونحوه . وأجلبوا عليه .. تجمّعوا وتألّبوا. قوله عليه السلام علي حدّ شوكتهم .. أي لم ينكسر سورتهم ، والحدّ منتهي الشيّء، و من كلّ شيءحدّته، ومنك بأسك . والشّوكة شدّة البأس والحدّ في السّلاح.
وَ روُيَِ أَنّهُ عَلَيهِ السّلَامُ أَجمَعَ النّاسَ وَ وَعَظَهُم، ثُمّ قَالَ لِتَقُم قَتَلَةُ عُثمَانَ،فَقَامَ النّاسُ بِأَسرِهِم إِلّا قَلِيلٌ، وَ كَانَ ذَلِكَ الفِعلُ مِنهُ عَلَيهِ السّلَامُ استِشهَاداً عَلَي قَولِهِ.
والعبدان جمع عبد.
صفحه : 504
والتفّت .. أي انضمّت واختلطت . وهم خلالكم .. أي بينكم .يسومونكم .. أي يكلّفونكم. قوله عليه السلام إنّ هذاالأمر .. أي أمر المجلبين عليه ، كما قال ابن ميثم ، والمعني أنّ قتلهم لعثمان كان عن تعصّب وحميّة لالطاعة أمر اللّه و إن كان في الواقع مطابقا له . ويمكن أن يكون المراد أنّ ماتريدون من معاقبة القوم أمر جاهليّة نشأ عن تعصّبكم وحميّتكم وأغراضكم الباطلة، و فيه إثارة للفتنة وتهييج للشرّ، والأول أنسب بسياق الكلام ،إذ ظاهر أنّ إيراد تلك الوجوه للمصلحة وإسكات الخصم ، وعدم تقوية شبه المخالفين الطالبين لدم عثمان . قوله مسمحة ... أي منقادة بسهولة. ويقال ضعضعه .. أي هدمه حتّي الأرض . والمنّة بالضّم القوّة. قوله عليه السلام فآخر الدواء الكيّ كذا في أكثر النسخ المصحّحة،
صفحه : 505
ولعلّ المعني بعدالداء الكيّ إذااشتدّ الداء و لم يزل بأنواع المعالجات فيزول بالكيّ وينتهي أمره إليه . و قال ابن أبي الحديد آخر الدواء الكيّ مثل مشهور، ويقال آخر الطبّ، ويغلط فيه العامّة فتقول آخر الداء الكيّ، ثم قال ليس معناه وسأصبر عن معاقبة هؤلاء ماأمكن فإذا لم أجد بدّا عاقبتهم ، ولكنّه كلام قاله عليه السلام أوّل مسير طلحة والزبير إلي البصرة،فإنّه حينئذ أشار عليه قوم بمعاقبة المجلبين فاعتذر عليه السلام بما ذكر، ثم قال سأمسك نفسي عن محاربة هؤلاء الناكثين وأقنع بمراسلتهم وتخويفهم ، فإذا لم أجد بدّا فآخر الدواء الحرب .أقول ويحتمل أن يكون ذلك تورية منه عليه السلام ليفهم بعض المخاطبين المعني الأول ، ومراده المعني الثاني.
مَا أَبُو عَمرٍو، عَنِ ابنِ عُقدَةَ، عَن أَحمَدَ بنِ يَحيَي، عَن عَبدِ الرّحمَنِ، عَن أَبِيهِ، عَن أَحمَدَ بنِ أَبِي العَالِيَةِ، عَن مُجَاهِدٍ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ إِن شَاءَ النّاسُ قُمتُ لَهُم خَلفَ مَقَامِ اِبرَاهِيمَ فَحَلَفتُ لَهُم بِاللّهِ مَا قَتَلتُ عُثمَانَ وَ لَا أَمَرتُ بِقَتلِهِ، وَ لَقَد نَهَيتُهُم فعَصَوَنيِ.
قب روُيَِ أَنّ أَصحَابَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ كَانُوا فِرقَتَينِ إِحدَاهُمَا
صفحه : 506
اعتَقَدُوا أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ مَظلُوماً وَ يَتَوَالَاهُ وَ يَتَبَرّأُ مِن أَعدَائِهِ، وَ الأُخرَي وَ هُم جُمهُورُ أَهلِ الحَربِ وَ أَهلِ الغَنَاءِ وَ البَأسِ اعتَقَدُوا أَنّ عُثمَانَ قُتِلَ لِأَحدَاثٍ أَوجَبَت عَلَيهِ القَتلَ، وَ مِنهُم مَن يُصَرّحُ بِتَكفِيرِهِ، وَ كُلّ مِن هَاتَينِ الفِرقَتَينِ تَزعُمُ أَنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَي رَأيِهِ، وَ كَانَ يَعلَمُ أَنّهُ مَتَي وَافَقَ إِحدَي الطّائِفَتَينِ بَايَنَتهُ الأُخرَي وَ أَسلَمَتهُ، وَ تَوَلّت عَنهُ وَ خَذَلَتهُ،فَكَانَ يَستَعمِلُ فِي كَلَامِهِ مَا يُوَافِقُ كُلّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطّائِفَتَينِ.
أقول قدمرّ القول في ذلك في سياق مطاعنه ، و لايخفي علي أحد أنّ أقواله وأفعاله عليه السلام في تلك الواقعة تدلّ علي أنّه عليه السلام كان منكرا لأفعاله وخلافته راضيا بدفعه ،لكن لم يأمر صريحا بقتله لعلمه بما يترتّب عليه من المفاسد أوتقيّة، و لم ينه القاتلين أيضا لأنّهم كانوا محقّين، و كان عليه السلام يتكلّم في الإحتجاج علي الخصوم علي وجه لايخالف الواقع و لا يكون للجهّال و أهل الضلال أيضا عليه حجّة، و كان هذاممّا يخصّه من فصل الخطاب وممّا يدلّ علي وفور علمه في كلّ باب .
صفحه : 507
ابراهيم ( وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجتُثّت مِن فَوقِ الأَرضِ ما لَها مِن قَرارٍ). و قال تعالي ( أَ لَم تَرَ إِلَي الّذِينَ بَدّلُوا نِعمَتَ اللّهِ كُفراً وَ أَحَلّوا قَومَهُم دارَ البَوارِ جَهَنّمَ يَصلَونَها وَ بِئسَ القَرارُ).الإسراء( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ وَ نُخَوّفُهُم فَما يَزِيدُهُم إِلّا طُغياناً كَبِيراً).تفسير(مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ..).
صفحه : 508
قال في مجمع البيان وهي كلمة الشرك والكفر ..، وقيل كلّ كلام في معصية اللّه ...(كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) غيرزاكية، وهي شجرة الحنظل ... وقيل إنّها شجرة هذه صفتها، و هو أنّه لاقرار لها في الأرض ... وقيل إنّها الكشوث ....
وَ رَوَي أَبُو الجَارُودِ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّ هَذَا مَثَلُ بنَيِ أُمَيّةَ(اجتُثّت).. أَي قُطِعَت وَ استُؤصِلَت وَ اقتَلَعتَ جُثّتَهَا مِنَ الأَرضِ( ما لَها مِن قَرارٍ).. أَي مَا لِتِلكَ الشّجَرَةِ مِن ثَبَاتٍ، فَإِنّ الرّيحَ تَنسِفُهَا وَ تَذهَبُ بِهَا ...
وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهَا شَجَرَةٌ لَم يَخلُقهَا اللّهُ بَعدُ وَ إِنّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللّهُ.
( أَ لَم تَرَ إِلَي الّذِينَ..).. أي أ لم تر إلي هؤلاء الكفّار عرفوا نعمة اللّه بمحمّد صلّي اللّه عليه وآله .. أي عرفوا محمّدا ثم كفروا به فبدّلوا مكان الشكر كفرا.
وَ عَنِ الصّادِقِ عَلَيهِ السّلَامُ، أَنّهُ قَالَ نَحنُ وَ اللّهِ نِعمَةُ اللّهِ التّيِ أَنعَمَ بِهَا عَلَي عِبَادِهِ، وَ بِنَا يَفُوزُ مَن فَازَ ..
أوالمراد جميع نعم اللّه علي العموم بدّلوها أقبح التبديل ،إذ جعلوا مكان شكرها الكفر بها، واختلف في المعني بالآية ..
فرَوُيَِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ ابنِ عَبّاسٍ وَ ابنِ جُبَيرٍ وَ مُجَاهِدٍ
صفحه : 509
وَ الضّحّاكِ، أَنّهُم كُفّارُ قُرَيشٍ كَذّبُوا نَبِيّهُم وَ نَصَبُوا لَهُ الحَربَ وَ العَدَاوَةَ.
وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَن هَذِهِ الآيَةِ، فَقَالَ هُمَا الأَفجَرَانِ مِن قُرَيشٍ بَنُو أُمَيّةَ وَ بَنُو المُغِيرَةِ،فَأَمّا بَنُو أُمَيّةَ فَمُتّعُوا إِلَي حِينٍ، وَ أَمّا بَنُو المُغِيرَةِ فَكَفَيتُمُوهُم يَومَ بَدرٍ.
وقيل إنّهم جبلة بن الأبهم و من تبعه من العرب تنصّروا ولحقوا بالروم .( ودارَ البَوارِ)دار الهلاك .( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا) فيه أقوال أحدها أنّ المراد بالرؤيا رؤية العين ، وهي الإسراء، وسمّاها فتنة للامتحان وشدّة التكليف .. وثانيها أنّها رؤيا نوم رآها أنّه سيدخل مكة و هوبالمدينة،فقصدها قصده المشركون حتي دخلت علي قوم منهم الشبهة ...، ثم رجع فدخل في القابل وظهر صدق الرؤيا. وثالثها أنّ ذلك رؤيا رآها النبيّ صلّي اللّه عليه وآله أنّ قرودا تصعد منبره وتنزل ،فساءه ذلك واغتمّ به ،رواه سهل بن سعيد، عن أبيه ... و هوالمرويّ
صفحه : 510
عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام ، وقالوا علي هذاالتأويل أنّ الشجرة الملعونة هي بنو أميّة،أخبره اللّه بتغلّبهم علي مقامه وقتلهم ذريّته ... وقيل هي شجرة الزقّوم ... وقيل هي اليهود ... وتقدير الآية و ماجعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة إلّا فتنة للناس .
نَهجٌ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ لبِنَيِ أُمَيّةَ مِروَداً يَجرُونَ فِيهِ، وَ لَو قَدِ اختَلَفُوا فِيمَا بَينَهُم ثُمّ كَادَتهُمُ الضّبَاعُ لَغَلَبَتهُم.
قال السيّد رضي اللّه عنه والمرود هاهنا مفعل من الإرواد، و هو من الإمهال والإنظار، و هذا من أفصح الكلام وأغربه ،فكأنّه عليه السّلام شبّه المهلة التّي هم فيهابالمضمار ألّذي يجرون فيه إلي الغاية، فإذابلغوا أيّام منقطعها انتقض نظامهم بعدها.
صفحه : 511
ل ابنُ المُتَوَكّلِ، عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ، عَنِ الأشَعرَيِّ، عَنِ ابنِ عِيسَي، عَن أَبِي العَبّاسِ جَرِيرٍ البجَلَيِّ، عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ لِلكُفرِ جَنَاحَانِ بَنُو أُمَيّةَ وَ آلُ المُهَلّبِ.
توضيح آل المهلّب طائفة من الولاة منسوبون إلي المهلّب بن أبي صفرة الأزدي العثكي البصري، و كان رجلا شجاعا حمي البصرة من الخوارج ، و له معهم وقائع مشهورة بالأهواز، وتقلّبت به الأحوال إلي أن وليّ خراسان من جهة الحجّاج، و لم يزل واليا بخراسان حتي أدركته الوفاة،فولّي ابنه يزيد و لم يزل ،كانوا ولاة في زمن بني أميّة وبني العبّاس، وكانوا من أعوان خلفاء الجور، ولهم وقائع مشهورة مذكورة في التواريخ .
فس (الّذِينَ يَتّخِذُونَ الكافِرِينَ أَولِياءَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ أَ يَبتَغُونَ عِندَهُمُ العِزّةَ فَإِنّ العِزّةَ لِلّهِ جَمِيعاً)، قَالَ نَزَلَت فِي بنَيِ أُمَيّةَ،حَيثُ خَالَفُوهُم عَلَي أَن لَا يَرُدّوا الأَمرَ فِي بنَيِ هَاشِمٍ، ثُمّ قَالَيَبتَغُونَ عِندَهُمُ العِزّةَيعَنيِ القُوّةَ. وَ قَولُهُ( وَ قَد نَزّلَ عَلَيكُم فِي الكِتابِ أَن إِذا سَمِعتُم آياتِ اللّهِ يُكفَرُ بِها وَ يُستَهزَأُ بِها فَلا تَقعُدُوا مَعَهُم حَتّي يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيرِهِ) قَالَ آيَاتُ اللّهِ هُمُ الأَئِمّةُ عَلَيهِمُ السّلَامُ.
صفحه : 512
فس ( وَ لَو تَري إِذ وُقِفُوا عَلَي النّارِ فَقالُوا يا لَيتَنا نُرَدّ وَ لا نُكَذّبَ بِآياتِ رَبّنا وَ نَكُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ)، قَالَ نَزَلَت فِي بنَيِ أُمَيّةَ، ثُمّ قَالَ(بَل بَدا لَهُم ما كانُوا يُخفُونَ مِن قَبلُ)، قَالَ مِن عَدَاوَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ( وَ لَو رُدّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنهُ وَ إِنّهُم لَكاذِبُونَ).
فس جَعفَرُ بنُ أَحمَدَ، عَن عَبدِ الكَرِيمِ بنِ عَبدِ الرّحِيمِ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ، عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ، عَن أَبِي حَمزَةَ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِ( إِنّ شَرّ الدّوَابّ عِندَ اللّهِ الّذِينَ كَفَرُوا فَهُم لا يُؤمِنُونَ)، قَالَ عَلَيهِ السّلَامُ نَزَلَت فِي بنَيِ أُمَيّةَ،فَهُم أَشَرّ خَلقِ اللّهِ،هُمُالّذِينَ كَفَرُوا فِي بَاطِنِ القُرآنِفَهُم لا يُؤمِنُونَ.
شي،[تفسير العياشي] عَن جَابِرٍ، عَنهُ عَلَيهِ السّلَامُ مِثلَهُ.
فس ( وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجتُثّت مِن فَوقِ الأَرضِ ما لَها مِن قَرارٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ، قَالَ كَذَلِكَ الكَافِرُونَ لَا تَصعَدُ أَعمَالُهُم إِلَي السّمَاءِ، وَ بَنُو أُمَيّةَ لَا يَذكُرُونَ اللّهَ فِي مَجلِسٍ وَ لَا فِي مَسجِدٍ وَ لَا تَصعَدُ أَعمَالُهُم إِلَي السّمَاءِ إِلّا قَلِيلٌ مِنهُم.
صفحه : 513
فس أَبِي، عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ( أَ لَم تَرَ إِلَي الّذِينَ بَدّلُوا نِعمَتَ اللّهِ كُفراً)، قَالَ نَزَلَت فِي الأَفجَرَينِ مِن قُرَيشٍ بنَيِ أُمَيّةَ وَ بنَيِ المُغِيرَةِ،فَأَمّا بَنُو المُغِيرَةِ فَقَطَعَ اللّهُ دَابِرَهُم، وَ أَمّا بَنُو أُمَيّةَ فَمُتّعُوا إِلَي حِينٍ. ثُمّ قَالَ وَ نَحنُ وَ اللّهِ نِعمَةُ اللّهِ التّيِ أَنعَمَ بِهَا عَلَي عِبَادِهِ وَ بِنَا يَفُوزُ مَن فَازَ.
بيان روي الجزء الأول من الخبر إلي قوله (فمتّعوا إلي حين )الزمخشري والبيضاوي، عن عليّ عليه السلام .
فس ( وَ سَكَنتُم فِي مَساكِنِ الّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم)يعَنيِ مِمّن هَلَكُوا مِن بنَيِ أُمَيّةَ( وَ تَبَيّنَ لَكُم كَيفَ فَعَلنا بِهِم وَ ضَرَبنا لَكُمُ الأَمثالَ)( وَ قَد مَكَرُوا مَكرَهُم وَ عِندَ اللّهِ مَكرُهُم وَ إِن كانَ مَكرُهُم لِتَزُولَ مِنهُ الجِبالُ)، قَالَ مَكرُ بنَيِ فُلَانٍ.
بيان المراد ببني فلان إمّا بنو العبّاس كما هوالظاهر، أوبنو أميّة،فيكون الخطاب
صفحه : 514
للمتأخّرين من بني أميّة بتحذيرهم عمّا نزل علي السابقين منهم في غزوة بدر وغيرها، أوالخطاب لبني العبّاس بتحذيرهم عمّا نزل ببني أميّة أوّلا وأخيرا، و علي تقدير كون المراد بني العبّاس يكون قوله تعالي ( وَ قَد مَكَرُوا..) علي سبيل الالتفات ، و علي التقادير يحتمل أن يكون المراد أنّ قصّة هؤلاء نظير قصّة من نزلت الآية فيه ، والقرآن لم ينزل لجماعة مخصوصة،بل نزل فيهم و في نظائرهم إلي يوم القيامة.
فس قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي قَولِهِ( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ)، قَالَ نَزَلَت لَمّا رَأَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي نَومِهِ كَأَنّ قُرُوداً تَصعَدُ مِنبَرَهُ فَسَاءَهُ ذَلِكَ وَ غَمّهُ غَمّاً شَدِيداً فَأَنزَلَ اللّهُ( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ)لَهُم لِيَعمَهُوا فِيهَا( وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ)كَذَلِكَ نَزَلَت، وَ هُم بَنُو أُمَيّةَ.
بيان أي كان في القرآن ليعمهوا فيها.
فس (فَكُبكِبُوا فِيها هُم وَ الغاوُونَ) فِي خَبَرٍ هُم بَنُو أُمَيّةَ، وَ الغَاوُونَ بَنُو فُلَانٍ(قالُوا وَ هُم فِيها يَختَصِمُونَ تَاللّهِ إِن كُنّا لفَيِ ضَلالٍ مُبِينٍ إِذ
صفحه : 515
نُسَوّيكُم بِرَبّ العالَمِينَ)يَقُولُونَ لِمَن تَبِعُوهُم أَطَعنَاكُم كَمَا أَطَعنَا اللّهَ فَصِرتُم أَربَاباً.
بيان بنو فلان بنو العبّاس، و قدمرّ أنّ كلّ من يطاع بغير أمره تعالي فهم الأصنام و من أطاعهم من المشركين في بطن القرآن ، فلاينافي كونها ظاهرا في الأصنام وعبدتهم مع أنّ ضمير(هم )أنسب بهذا التأويل .
فس مُحَمّدٌ الحمير[الحمِيرَيِّ]، عَن أَبِيهِ، عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ وَ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ مَعاً، عَن مُحَمّدِ بنِ يَسَارٍ، عَنِ المُنَخّلِ بنِ خَلِيلٍ، عَن جَابِرٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِ( وَ كَذلِكَ حَقّت كَلِمَةُ رَبّكَ عَلَي الّذِينَ كَفَرُوا أَنّهُم أَصحابُ النّارِ)يعَنيِ بنَيِ أُمَيّةَ.
كَنزٌ مُحَمّدُ بنُ العَبّاسِ، عَنِ ابنِ عُقدَةَ، عَنِ الحَسَنِ بنِ القَاسِمِ، عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ المُعَلّي، عَن فُضَيلِ بنِ إِسحَاقَ، عَن يَعقُوبَ بنِ شُعَيبٍ، عَن عِمرَانَ بنِ مِيثَمٍ، عَن عَبَايَةَ، عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ قَولُهُ عَزّ
صفحه : 516
وَ جَلّ(الم غُلِبَتِ الرّومُ..)هيَِ فِينَا وَ فِي بنَيِ أُمَيّةَ.
كَنزٌ مُحَمّدُ بنُ العَبّاسِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ جُمهُورٍ العمَيّّ، عَن أَبِيهِ، عَن جَعفَرِ بنِ بَشِيرٍ، عَنِ ابنِ مُسكَانَ، عَن أَبِي بَصِيرٍ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ سَأَلتُهُ عَن تَفسِيرِ(الم غُلِبَتِ الرّومُ..) قَالَ هُم بَنُو أُمَيّةَ، وَ إِنّمَا أَنزَلَهَا اللّهُ(الم غُلِبَتِ الرّومُ)بَنُو أُمَيّةَ( فِي أَدنَي الأَرضِ وَ هُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ فِي بِضعِ سِنِينَ لِلّهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَ مِن بَعدُ وَ يَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللّهِ) عِندَ قِيَامِ القَائِمِ عَلَيهِ السّلَامُ.
تبيين كذا في النسخ غلبت الروم بنو أميّة، ولعلّه كان غلبت بنو أميّة فزاد النسّاخ لفظ الروم ، و علي ما في النسخ و ما في الخبر الأول من تفسير الروم ببني أميّة يكون التعبير عنهم بالروم إشارة إلي ماسيأتي من أنّ نسبهم ينتهي إلي عبدروميّ، و هذابطن للآية و لاينافي مامرّ من تفسير الآية موافقا للمشهور. قوله عليه السلام عندقيام القائم عليه السلام .. لعلّه علي هذاالتأويل قوله يومئذ إشارة إلي قوله من بعد.
صفحه : 517
فس ( إِنّ الّذِينَ كَفَرُوا)يعَنيِ بنَيِ أُمَيّةَ(يُنادَونَ لَمَقتُ اللّهِ أَكبَرُ مِن مَقتِكُم أَنفُسَكُم إِذ تُدعَونَ إِلَي الإِيمانِ)يعَنيِ إِلَي وَلَايَةِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ(فَتَكفُرُونَ).
بيان يُنادَونَ.. أَي يَومَ القِيَامَةِ،فَيُقَالُ لَهُملَمَقتُ اللّهِإِيّاكُمأَكبَرُ مِن مَقتِكُم أَنفُسَكُمالأَمّارَةَ بِالسّوءِإِذ تُدعَونَ إِلَي الإِيمانِ. قال البيضاويّ ظرف لفعل دلّ عليه المقت الأول لا له ،لأنّه أخبر عنه ، و لاللثاني لأنّ مقت أنفسهم يوم القيامة حين عاينوا جزاء أعمالها الخبيثة.
ل عَمّارُ بنُ الحُسَينِ الأسُروُشيِّ رضَيَِ اللّهُ عَنهُ، عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عِصمَةَ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ الطبّرَيِّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي شُجَاعٍ البجَلَيِّ، عَن جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ الحنَفَيِّ، عَن يَحيَي بنِ هَاشِمٍ، عَن مُحَمّدِ بنِ جَابِرٍ، عَن صَدَقَةَ بنِ سَعِيدٍ، عَنِ النّضرِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ قُلتُ لِلحُسَينِ بنِ عَلِيّ عَلَيهِمَا السّلَامُ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ حدَثّنيِ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ(هذانِ خَصمانِ اختَصَمُوا فِي رَبّهِم)، قَالَ نَحنُ وَ بَنُو أُمَيّةَ اختَصَمنَا فِي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ،قُلنَا صَدَقَ اللّهُ، وَ قَالُوا كَذَبَ اللّهُ،فَنَحنُ وَ إِيّاهُمُ الخَصمَانِ يَومَ القِيَامَةِ.
صفحه : 518
بيان لاينافي هذاالتأويل مامرّ من نزول الآية في ستة نفر تبارزوا في غزوة بدر، أمير المؤمنين عليه السلام قتل الوليد بن عتبة، وحمزة قتل عتبة، وعبيدة بن الحرث قتل شيبة،فإنّها تشمل كلّ طائفتين تخاصمتا في اللّه و إن كانت نزلت فيهم .
ل القَطّانُ، عَنِ ابنِ زَكَرِيّا، عَنِ ابنِ حَبِيبٍ، عَن مُحَمّدِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ، عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ، عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ، عَن مُحَمّدِ بنِ الفُضَيلِ الزرّقَيِّ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ، عَن أَبِيهِ، عَن جَدّهِ عَلَيهِمُ السّلَامُ، قَالَ إِنّ لِلنّارِ سَبعَةَ أَبوَابٍ بَابٌ يَدخُلُ مِنهُ فِرعَونُ وَ هَامَانُ وَ قَارُونُ، وَ بَابٌ يَدخُلُ مِنهُ المُشرِكُونَ وَ الكُفّارُ مِمّن لَم يُؤمِن بِاللّهِ طَرفَةَ عَينٍ، وَ بَابٌ يَدخُلُ مِنهُ بَنُو أُمَيّةَ هُوَ لَهُم خَاصّةً لَا يُزَاحِمُهُم فِيهِ أَحَدٌ، وَ هُوَ بَابُ لَظَي، وَ هُوَ بَابُ سَقَرَ، وَ هُوَ بَابُ الهَاوِيَةِ تهَويِ بِهِم سَبعِينَ خَرِيفاً،فَكُلّمَا هَوَي بِهِم سَبعِينَ خَرِيفاً فَصَارَ بِهِم فَورَةٌ قُذِفَ بِهِم فِي أَعلَاهَا سَبعِينَ خَرِيفاً، ثُمّ هَوَي بِهِم كَذَلِكَ سَبعِينَ خَرِيفاً، فَلَا يَزَالُونَ هَكَذَا أَبَداً خَالِدِينَ مُخَلّدِينَ، وَ بَابٌ يَدخُلُ فِيهِ مُبغِضُونَا وَ مُحَارِبُونَا وَ خَاذِلُونَا، وَ إِنّهُ لَأَعظَمُ الأَبوَابِ وَ أَشَدّهَا حَرّاً. قَالَ مُحَمّدُ بنُ الفُضَيلِ الزرّقَيِّ فَقُلتُ لأِبَيِ عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ البَابُ
صفحه : 519
ألّذِي ذَكَرتَ عَن أَبِيكَ عَن جَدّكَ عَلَيهِمَا السّلَامُ أَنّهُ يَدخُلُ مِنهُ بَنُو أُمَيّةَ،يَدخُلُهُ مَن مَاتَ مِنهُم عَلَي الشّركِ أَو مِمّن أَدرَكَ مِنهُمُ الإِسلَامَ. فَقَالَ لَا أُمّ لَكَ أَ لَم تَسمَعهُ يَقُولُ وَ بَابٌ يَدخُلُ مِنهُ المُشرِكُونَ وَ الكُفّارُ،فَهَذَا البَابُ يَدخُلُ فِيهِ كُلّ مُشرِكٍ وَ كُلّ كَافِرٍ لَا يُؤمِنُ بِيَومِ الحِسَابِ، وَ هَذَا البَابُ الآخَرُ ألّذِي يَدخُلُ مِنهُ بَنُو أُمَيّةَ إِنّهُ هُوَ لأِبَيِ سُفيَانَ وَ مُعَاوِيَةَ وَ آلِ مَروَانَ خَاصّةً يَدخُلُونَ مِن ذَلِكَ البَابِ فَتَحطِمُهُمُ النّارُ حَطماً لَا تُسمَعُ لَهُم فِيهَا وَاعِيَةٌ وَ لَا يَحيَونَ فِيهَا وَ لَا يَمُوتُونَ.
بيان لعلّ السائل اعترض السؤال بين الكلام فلم يتمّ عليه السلام عدد الأبواب ، أو يكون السبعة باعتبار الاسم ، أوالمراد أنّ بني أميّة يدخلون من أربعة أبواب ، باب بعد باب ، أو كلّ طائفة منهم من باب ،فالمراد بالباب في الثالث الجنس ، والأول أظهر.
مَا المُفِيدُ، عَنِ الجعِاَبيِّ، عَنِ الفَضلِ بنِ الحُبَابِ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأبُلُيّّ، عَن أَبِي خَالِدٍ الأسَدَيِّ، عَن أَبِي بَكرِ بنِ عَيّاشٍ، عَن صَدَقَةَ بنِ سَعِيدٍ الحنَفَيِّ، عَن جُمَيعِ بنِ عُمَيرٍ، قَالَ سَمِعتُ عَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ يَقُولُانتَهَي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِلَي العَقَبَةِ، فَقَالَ لَا يُجَاوِزُهَا أَحَدٌ،فَعَوّجَ الحَكَمُ بنُ أَبِي العَاصِ فَمَهُ مُستَهزِئاً بِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَنِ اشتَرَي شَاةً مُصَرّاةً فَهُوَ بِالخِيَارِ،فَعَوّجَ الحَكَمُ
صفحه : 520
فَمَهُ فَبَصُرَ بِهِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَدَعَا عَلَيهِ،فَصُرِعَ شَهرَينِ ثُمّ أَفَاقَ،فَأَخرَجَهُ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَنِ المَدِينَةِ طَرِيداً وَ نَفَاهُ عَنهَا.
مَا المُفِيدُ، عَنِ المرَاَغيِّ، عَنِ العَبّاسِ بنِ الوَلِيدِ، عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ، عَن أَبِيهِ، عَن هَارُونَ بنِ سَعِيدٍ، قَالَ صَلّي بِنَا الوَلِيدُ بنُ عُقبَةَ بِالكُوفَةِ صَلَاةَ الغَدَاةِ وَ كَانَ سَكرَاناً فَتَغَنّي فِي الثّانِيَةِ مِنهَا، وَ زَادَنَا رَكعَةً أُخرَي، وَ نَامَ فِي آخِرِهَا،فَأَخَذَ رَجُلٌ مِن بَكرِ بنِ وَائِلٍ خَاتَمَهُ مِن يَدِهِ، فَقَالَ فِيهِ عِلبَاءٌ السدّوُسيِّ
تَكَلّمَ فِي الصّلَاةِ وَ زَادَ فِيهَا | مُجَاهَرَةً وَ عَالَنَ بِالنّفَاقِ |
وَ فَاحَ الخَمرُ عَن سِترِ المصُلَيّ | وَ نَادَي وَ الجَمِيعُ إِلَي افتِرَاقٍ |
أَزِيدُكُم عَلَي أَن تحَمدِوُنيِ | فَمَا لَكُم وَ مَا لِي مِن خَلَاقٍ |
ل ابنُ مُوسَي، عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي الدّقّاقِ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ دَاوُدَ الحنَظلَيِّ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ الجعُفيِّ، عَنِ الحَكَمِ بنِ مِسكِينٍ، عَن أَبِي الجَارُودِ، عَن أَبِي الطّفَيلِ عَامِرِ بنِ وَاثِلَةَ، قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَعَنَ أَبَا سُفيَانَ فِي سَبعَةِ مَوَاطِنَ فِي كُلّهِنّ لَا يَستَطِيعُ إِلّا أَن يَلعَنَهُ أَوّلُهُنّ يَومَ لَعَنَهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ هُوَ خَارِجٌ مِن مَكّةَ إِلَي المَدِينَةِ مُهَاجِراً وَ أَبُو سُفيَانَ جَاءَ مِنَ الشّامِ،فَوَقَعَ فِيهِ أَبُو سُفيَانَ يَسُبّهُ وَ يُوعِدُهُ، وَ هَمّ أَن يَبطِشَ بِهِ فَصَرَفَهُ اللّهُ عَن رَسُولِهِ.
صفحه : 521
وَ الثّانِيَةُ يَومَ العِيرِ، إِذَا طَرَدَهَا لِيُحرِزَهَا مِن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ،فَلَعَنَهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ. وَ الثّالِثَةُ يَومَ أُحُدٍ، قَالَ أَبُو سُفيَانَ اعلُ هُبَلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ اللّهُ أَعلَي وَ أَجَلّ. فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ لَنَا عُزّي وَ لَا عُزّي لَكُم. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ اللّهُ مَولَانَا وَ لَا مَولَي لَكُم. وَ الرّابِعَةُ يَومَ الخَندَقِ، يَومَ جَاءَ أَبُو سُفيَانَ فِي جَمعِ قُرَيشٍ فَرَدّهُمُ اللّهُبِغَيظِهِم لَم يَنالُوا خَيراً، وَ أَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي القُرآنِ آيَتَينِ فِي سُورَةِ الأَحزَابِ،فَسَمّي أبو[ أَبَا]سُفيَانَ وَ أَصحَابَهُ كُفّاراً، وَ مُعَاوِيَةُ يَومَئِذٍ مُشرِكٌ عَدُوّ لِلّهِ وَ لِرَسُولِهِ. وَ الخَامِسَةُ يَومَ الحُدَيبِيَةِ، وَ الهدَيَ مَعكُوفاً أَن يَبلُغَ مَحِلّهُ وَ صَدّ مُشرِكُو قُرَيشٍ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ عَنِ المَسجِدِ الحَرَامِ وَ صَدّوا بُدنَهُ أَن تَبلُغَ المَنحَرَ،فَرَجَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَم يَطُف بِالكَعبَةِ وَ لَم يَقضِ نُسُكَهُ،فَلَعَنَهُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ. وَ السّادِسَةُ يَومَ الأَحزَابِ، يَومَ جَاءَ أَبُو سُفيَانَ بِجَمعِ قُرَيشٍ وَ عَامِرُ بنُ الطّفَيلِ بِجَمعِ هَوَازِنَ، وَ عُيَينَةُ بنُ حُصَينٍ بِغَطفَانَ، وَ وَاعَدَهُم قُرَيظَةُ وَ النّضِيرُ أَن يَأتُوهُم فَلَعَنَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ القَادَةَ وَ الأَتبَاعَ، وَ قَالَ أَمّا الأَتبَاعُ فَلَا تُصِيبُ اللّعنَةُ مُؤمِناً، وَ أَمّا القَادَةُ فَلَيسَ فِيهِم مُؤمِنٌ وَ لَا نَجِيبٌ وَ لَا نَاجٍ. وَ السّابِعَةُ يَومَ حَمَلُوا عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي العَقَبَةِ، وَ هُم
صفحه : 522
اثنَا عَشَرَ رَجُلًا مِن بنَيِ أُمَيّةَ وَ خَمسَةٌ مِن سَائِرِ النّاسِ،فَلَعَنَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن عَلَي العَقَبَةِ غَيرَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ نَاقَتِهِ وَ سَائِقِهِ وَ قَائِدِهِ.
قال الصدوق رحمه اللّه جاء هذاالخبر هكذا، والصحيح أنّ أصحاب العقبة كانوا أربعة عشر.
بيان أقول سيأتي مثله في احتجاج الحسن عليه السلام علي معاوية. قوله والرابعة، يوم الخندق .أقول سيأتي في السادسة يوم الأحزاب وهما متّحدان، ولعلّ التكرار لتكرّر اللعن بجهتين ، أوالأول لبيان لعن اللّه تعالي إيّاهم وتسميتهم كفّارا، والثاني لبيان لعن الرسول صلّي اللّه عليه وآله ، وفيما سيأتي من احتجاج الحسن عليه السلام ، والرابعة يوم حنين ، و هوبعيد من جهتين الأولي أنّ أباسفيان في غزوة حنين كان مع عسكر النبيّ صلّي اللّه عليه وآله . والثانية أنّ الآية نزلت في الأحزاب ، ولعلّه لتوهّم التكرار صحّفه الرواة والنسّاخ، وفيما سيأتي هكذا والسابعة يوم الثنية، يوم شدّ علي رسول اللّه(ص )اثنا عشر رجلا سبعة منهم من بني أميّة وخمسة من سائر قريش ، ولعلّه أقرب ، و ماذكره الصدوق رحمه اللّه يمكن أن يكون لإحدي العقبتين ، فإنّ ظاهر الأخبار أنّ المنافقين كمنوا له صلّي اللّه عليه وآله في عقبة تبوك مرّة، و في عقبة الغدير عندالرجوع من حجّة الوداع أخري ، و اللّه يعلم .
ل أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ الصّقرِ، عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ الزعّفرَاَنيِّ، عَن
صفحه : 523
أَبِي الأَحوَصِ، عَن أَبِي بَكرِ بنِ شَيبَةَ، عَن أَبِي غَسّانَ، عَن حُمَيدِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ، عَنِ الأَعمَشِ، عَن عَمرِو بنِ مُرّةَ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الحَرثِ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مَالِكٍ الزبّيَديِّ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرٍو، أَنّ أَبَا سُفيَانَ رَكِبَ بَعِيراً لَهُ وَ مُعَاوِيَةُ يَقُودُهُ وَ يَزِيدُ يَسُوقُ بِهِ،فَلَعَنَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الرّاكِبَ وَ القَائِدَ وَ السّائِقَ.
ص بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ،بِإِسنَادِهِ إِلَي ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ دَخَلَ أَبُو سُفيَانَ إِلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَوماً، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ(ص )أُرِيدُ أَن أَسأَلَكَ عَن شَيءٍ. فَقَالَ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِن شِئتَ أَخبَرتُكَ قَبلَ أَن تسَألَنَيِ. قَالَ افعَل. قَالَ أَرَدتَ أَن تَسأَلَ عَن مَبلَغِ عمُرُيِ. فَقَالَ نَعَم يَا رَسُولَ اللّهِ(ص ). فَقَالَ إنِيّ أَعِيشُ ثَلَاثاً وَ سِتّينَ سَنَةً. فَقَالَ أَشهَدُ أَنّكَ صَادِقٌ. فَقَالَ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِلِسَانِكَ دُونَ قَلبِكَ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ وَ اللّهِ مَا كَانَ إِلّا مُنَافِقاً، قَالَ وَ لَقَد كُنّا فِي مَحفِلٍ فِيهِ أَبُو سُفيَانَ وَ قَد كُفّ بَصَرُهُ وَ فِينَا عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ فَأَذّنَ المُؤَذّنُ، فَلَمّا قَالَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، قَالَ أَبُو سُفيَانَ هَاهُنَا مَن يُحتَشَمُ. قَالَ وَاحِدٌ مِنَ القَومِ لَا. فَقَالَ لِلّهِ دَرّ أخَيِ بنَيِ هَاشِمٍ،انظُرُوا أَينَ وَضَعَ اسمَهُ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَسخَنَ اللّهُ عَينَكَ يَا أَبَا سُفيَانَ، اللّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَولِهِ عَزّ مِن قَائِلٍ( وَ رَفَعنا لَكَ ذِكرَكَ). فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ أَسخَنَ اللّهُ عَينَ مَن قَالَ لِي لَيسَ هَاهُنَا مَن يُحتَشَمُ.
شي،[تفسير العياشي] عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِّ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِ
صفحه : 524
اللّهِ( فَلَمّا نَسُوا ما ذُكّرُوا بِهِ...) قَالَ لَمّا تَرَكُوا وَلَايَةَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَد أُمِرُوا بِهَا(أَخَذناهُم بَغتَةً فَإِذا هُم مُبلِسُونَ) قَالَ نَزَلَت فِي وُلدِ العَبّاسِ.
بيان لعلّ المعني نزلت في استيلاء ولد العبّاس علي بني أميّة ليوافق الخبر التالي، مع أنّه يحتمل نزولها فيهما و في أمثالهما، و يكون انطباقها علي بني أميّة أظهر فلذا خصّت بهم في الخبر الثاني، والحاصل أنّه ذكر في كلّ مقام مايناسبه من مورد نزول الآية، وأكثر الأخبار الواردة في تأويل الآيات كذلك .
شي،[تفسير العياشي] عَن مَنصُورِ بنِ يُونُسَ، عَن رَجُلٍ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِ اللّهِ( فَلَمّا نَسُوا ما ذُكّرُوا بِهِ...) إِلَي قَولِهِ( فَإِذا هُم مُبلِسُونَ) قَالَ أَخَذَ بنَيِ أُمَيّةَ بَغتَةً وَ يُؤخَذُ بَنُو العَبّاسِ جَهرَةً.
شي،[تفسير العياشي] عَن مُسلِمٍ المَشُوفِ، عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِ( وَ أَحَلّوا قَومَهُم دارَ البَوارِ)، قَالَ هُمَا الأَفجَرَانِ مِن قُرَيشٍ بَنُو أُمَيّةَ وَ بَنُو المُغِيرَةِ.
صفحه : 525
شي،[تفسير العياشي] عَن جَرِيرٍ،عَمّن سَمِعَ أَبَا جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ ( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً)لَهُم لِيَعمَهُوا فِيهَا( وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ)يعَنيِ بنَيِ أُمَيّةَ.
شي،[تفسير العياشي] عَن عَلِيّ بنِ سَعِيدٍ، قَالَ كُنتُ بِمَكّةَ،فَقَدِمَ عَلَينَا مَعرُوفُ بنُ خَرّبُوذَ، فَقَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ لِعُمَرَ يَا أَبَا حَفصٍ أَ لَا أُخبِرُكَ بِمَا نَزَلَ فِي بنَيِ أُمَيّةَ. قَالَ بَلَي. قَالَ فَإِنّهُ نَزَلَ فِيهِم( وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ).فَغَضِبَ عُمَرُ، وَ قَالَ كَذَبتَ،بَنُو أُمَيّةَ خَيرٌ مِنكَ وَ أَوصَلُ لِلرّحِمِ.
شي،[تفسير العياشي] عَنِ الحلَبَيِّ، عَن زُرَارَةَ وَ حُمرَانَ وَ مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ،قَالُواسَأَلنَاهُ عَن قَولِهِ( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ...)، قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أرُيَِ أَنّ رِجَالًا عَلَي المَنَابِرِ وَ يَرُدّونَ النّاسَ ضُلّالًا زُرَيقٌ
صفحه : 526
وَ زُفَرُ، وَ قَولِهِ( وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ). قَالَ هُم بَنُو أُمَيّةَ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي عَنهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَد رَأَي رِجَالًا مِن نَارٍ عَلَي مَنَابِرَ وَ يَرُدّونَ النّاسَ عَلَي أَعقَابِهِمُ القَهقَرَي، وَ لَسنَا نسُمَيّ أَحَداً.
وَ فِي رِوَايَةِ سَلَامٍ الجعُفيِّ، عَنهُ أَنّهُ قَالَ إِنّا لَا نسُمَيّ الرّجَالَ بِأَسمَائِهِم وَ لَكِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ رَأَي قَوماً عَلَي مِنبَرِهِ يُضِلّونَ النّاسَ بَعدَهُ عَنِ الصّرَاطِ القَهقَرَي.
شي،[تفسير العياشي] عَن قَاسِمِ بنِ سُلَيمَانَ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ أَصبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَوماً حَاسِراً حَزِيناً،فَقِيلَ لَهُ مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللّهِ. فَقَالَ إنِيّ رَأَيتُ اللّيلَةَ صِبيَانَ بنَيِ أُمَيّةَ يَرقَونَ عَلَي منِبرَيِ هَذَا،فَقُلتُ يَا ربَيّ معَيِ. فَقَالَ لَا، وَ لَكِن بَعدَكَ.
بيان قوله عليه السلام حاسرا .. أي كاشفا عن ذراعيه ، أو من الحسرة و إن كان الغالب فيه الحسير، والحاسر أيضا من لامغفر له و لادرع و لاجنّة.
صفحه : 527
شي،[تفسير العياشي] عَن أَبِي الطّفَيلِ، قَالَ كُنتُ فِي مَسجِدِ الكُوفَةِ،فَسَمِعتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ وَ هُوَ عَلَي المِنبَرِ وَ نَادَاهُ ابنُ الكَوّاءِ وَ هُوَ فِي مُؤَخّرِ المَسجِدِ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أخَبرِنيِ عَن قَولِ اللّهِ( وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ)، فَقَالَ الأَفجَرَانِ مِن قُرَيشٍ وَ مِن بنَيِ أُمَيّةَ.
بيان لعلّ المراد بالأفجرين هنا الأول والثاني،فقوله و من بني أميّة .. أي وجماعة من بني أميّة، ويحتمل أن يكون كمامرّ،فصحّف.
شي،[تفسير العياشي] عَن عَبدِ الرّحِيمِ القَصِيرِ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِ( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ...)، قَالَ أَرَي رِجَالًا مِن بنَيِ تَيمٍ وَ عدَيِّ عَلَي المَنَابِرِ يَرُدّونَ النّاسَ عَنِ الصّرَاطِ القَهقَرَي. قُلتُ( وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ). قَالَ هُم بَنُو أُمَيّةَ، يَقُولُ اللّهُ( وَ نُخَوّفُهُم فَما يَزِيدُهُم إِلّا طُغياناً كَبِيراً).
شي،[تفسير العياشي] عَن يُونُسَ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ الأَشَلّ، قَالَسَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ...)الآيَاتِ، فَقَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ نَامَ فَرَأَي أَنّ بنَيِ أُمَيّةَ يَصعَدُونَ المَنَابِرَ،فَكُلّمَا صَعِدَ مِنهُم رَجُلٌ رَأَي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الذّلّةَ وَ المَسكَنَةَ،فَاستَيقَظَ جَزُوعاً مِن
صفحه : 528
ذَلِكَ، وَ كَانَ الّذِينَ رَآهُم اثنيَ عَشَرَ رَجُلًا مِن بنَيِ أُمَيّةَ،فَأَتَاهُ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ بِهَذِهِ الآيَةِ، ثُمّ قَالَ جَبرَئِيلُ إِنّ بنَيِ أُمَيّةَ لَا يَملِكُونَ شَيئاً إِلّا مَلَكَ أَهلُ البَيتِ ضِعفَيهِ.
بيان لعلّ التخصيص بالاثني عشر لعدم الاعتناء بشأن بعضهم ممّن كان ملكه قليلا، و كان أقلّ ضررا علي المسلمين كمعاوية بن يزيد ومروان بن محمدلأنّهم كانوا أكثر من اثني عشر،إذ كان أوّل ملوكهم عثمان ، ثم معاوية، ثم يزيد بن معاوية، ثم معاوية بن يزيد، ثم مروان بن الحكم ، ثم عبدالملك بن مروان ، ثم الوليد بن عبدالملك ، ثم سليمان بن عبدالملك ، ثم عمر بن عبدالعزيز، ثم يزيد بن عبدالملك ، ثم هشام بن عبدالملك ، ثم الوليد بن يزيد بن عبدالملك ، ثم يزيد بن الوليد الناقص ، ثم ابراهيم بن الوليد بن عبدالملك ، ثم مروان بن محمد.
شي،[تفسير العياشي] عَن زُرَارَةَ، قَالَ كَانَ يُوسُفُ بنُ الحَجّاجِ صَدِيقاً لعِلَيِّ بنِ الحُسَينِ عَلَيهِمَا السّلَامُ، وَ أَنّهُ دَخَلَ عَلَي امرَأَتِهِ فَأَرَادَ أَن يَضُمّهَا أعَنيِ أُمّ الحَجّاجِ، قَالَ فَقَالَت لَهُ إِنّمَا عَهدُكَ بِذَاكَ السّاعَةَ. قَالَ فَأَتَي عَلِيّ بنُ الحُسَينِ عَلَيهِ السّلَامُ فَأَخبَرَهُ،فَأَمَرَهُ أَن يُمسِكَ عَنهَا،فَأَمسَكَ عَنهَا،فَوَلَدَت
صفحه : 529
بِالحَجّاجِ وَ هُوَ ابنُ شَيطَانِ ذيِ الرّدهَةِ.
بيان إنّما عهدك بذلك .. أي بالجماع ، وإنّما قالت ذلك لأنّ الشيطان كان قدأتاها قبل ذلك بصورة يوسف ، وشيطان الردهة وقع في كلام أمير المؤمنين عليه السلام في مواضع .
قب حدَثّنَيِ ابنُ كَادِشٍ فِي تَكذِيبِ العِصَابَةِ العَلَوِيّةِ فِي ادّعَائِهِمُ الإِمَامَةَ النّبَوِيّةَ أَنّ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ رَأَي العَبّاسَ فِي ثَوبَينِ أَبيَضَينِ، فَقَالَ إِنّهُ لَأَبيَضُ الثّوبَينِ، وَ هَذَا جَبرَئِيلُ يخُبرِنُيِ أَنّ وُلدَهُ يَلبَسُونَ السّوَادَ.
عَبدُ اللّهِ بنُ أَحمَدَ بنِ حَنبَلٍ فِي كِتَابِ صِفّينَ أَنّهُ نَشَرَ عَمرُو بنُ العَاصِ فِي يَومِ صِفّينَ رَايَةً سَودَاءَ .. الخَبَرَ.
وَ فِي أَخبَارِ دِمَشقَ عَن أَبِي الحُسَينِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الراّزيِّ، قَالَ ثَوبَانُ قَالَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَكُونُ لبِنَيِ العَبّاسِ رَايَتَانِ مَركَزُهُمَا كُفرٌ وَ أَعلَاهُمَا ضَلَالَةٌ، إِن أَدرَكتَهُمَا يَا ثَوبَانُ فَلَا تَستَظِلّ بِظِلّهِمَا.
أُبَيّ بنُ كَعبٍ أَوّلُ الرّايَاتِ السّودِ نَصرٌ، وَ أَوسَطُهَا غَدرٌ، وَ آخِرُهَا كُفرٌ،فَمَن أَعَانَهُم كَانَ كَمَن أَعَانَ فِرعَونَ عَلَي مُوسَي.
تَارِيخُ بَغدَادَ قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ قَالَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِذَا أَقبَلَتِ الرّايَاتُ السّودُ مِن قِبَلِ المَشرِقِ فَإِنّ أَوّلَهَا فِتنَةٌ، وَ أَوسَطَهَا هَرجٌ، وَ آخِرَهَا ضَلَالَةٌ.
أَخبَارُ دِمَشقَ عَنِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَبُو أُمَامَةَ فِي خَبَرٍأَوّلُهَا
صفحه : 530
مَنشُورٌ، وَ آخِرُهَا مَثبُورٌ.
تَارِيخُ الطبّرَيِّ إِنّ اِبرَاهِيمَ الإِمَامَ أَنفَذَ إِلَي أَبِي مُسلِمٍ لِوَاءَ النّصرَةِ وَ ظِلّ السّحَابِ، وَ كَانَ أَبيَضَ،طُولُهُ أَربَعَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً،مَكتُوبٌ عَلَيهَا بِالحِبرِ(أُذِنَ لِلّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنّهُم ظُلِمُوا وَ إِنّ اللّهَ عَلي نَصرِهِم لَقَدِيرٌ)،فَأَمَرَ أَبُو مُسلِمٍ غُلَامَهُ أَرقَمَ أَن يَتَحَوّلَ بِكُلّ لَونٍ مِنَ الثّيَابِ، فَلَمّا لَبِسَ السّوَادَ قَالَ مَعَهُ هَيبَةٌ،فَاختَارَهُ خِلَافاً لبِنَيِ أُمَيّةَ وَ هَيبَةً لِلنّاظِرِ، وَ كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا السّوَادُ حِدَادُ آلِ مُحَمّدٍ، وَ شُهَدَاءِ كَربَلَاءَ، وَ زَيدٍ وَ يَحيَي.
ني عَلِيّ بنُ أَحمَدَ، عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ مُوسَي، عَنِ البرَقيِّ، عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَن أَبِيهِ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَا بُدّ مِن وَيلٍ لوِلُديِ مِن وُلدِكَ، وَ وَيلٌ لِوُلدِكَ مِن ولُديِ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ فَلَا أَجُبّ نفَسيِ. فَقَالَ لِي عِلمُ اللّهِ قَد مَضَي وَ الأُمُورُ بِيَدِ اللّهِ، وَ إِنّ الأَمرَ فِي ولُديِ.
ني مُحَمّدُ بنُ هَمّامٍ، عَن أَحمَدَ بنِ مَابُندَادَ، عَن أَحمَدَ بنِ هِلَالٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ فَضّالٍ، عَن سُفيَانَ بنِ اِبرَاهِيمَ الحمِيرَيِّ، عَن أَبِيهِ،
صفحه : 531
عَن أَبِي صَادِقٍ، عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ، أَنّهُ قَالَ مُلكُ بنَيِ العَبّاسِ عُسرٌ عُسرٌ لَيسَ فِيهِ يُسرٌ،تَمتَدّ فِيهِ دَولَتُهُم، لَوِ اجتَمَعَ عَلَيهِمُ التّركُ وَ الدّيلَمُ وَ السّندُ وَ الهِندُ لَم يُزِيلُوهُم، وَ لَا يَزَالُونَ يَتَمَرّغُونَ وَ يَتَنَعّمُونَ فِي غَضَارَةٍ مِن مُلكِهِم حَتّي يَشِذّ عَنهُم مَوَالِيهِم وَ أَصحَابُ أَلوِيَتِهِم، وَ يُسَلّطَ اللّهُ عَلَيهِم عِلجاً يَخرُجُ مِن حَيثُ بَدَأَ مُلكُهُم، لَا يَمُرّ بِمَدِينَةٍ إِلّا فَتَحَهَا، وَ لَا تُرفَعُ لَهُ رَايَةٌ إِلّا هَدّهَا، وَ لَا نِعمَةٌ إِلّا أَزَالَهَا،الوَيلُ لِمَن نَاوَاهُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتّي يَظفَرَ وَ يُدفَعَ إِلَي رَجُلٍ مِن عتِرتَيِ يَقُولُ بِالحَقّ وَ يَعمَلُ بِهِ.
قال النعماني يقول أهل اللغة العلج الكافر، والعلج الجافي في الخلقة، والعلج اللئيم ، والعلج الشديد في أمره . و قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام لرجلين كانا عنده إنّكما علجان فعالجا عن دينكما، وكانا من العرب .
قَالَ فِي النّهَايَةِ، فِي حَدِيثِ عَلِيّ( ع ) « أَنّهُ بَعَثَ رَجُلَينِ فِي وَجهٍ وَ قَالَ إِنّكُمَا عِلجَانِ فَعَالِجَا عَن دِينِكُمَا».
العلج الرّجل القويّ الضّخم، وعالجا .. أي
صفحه : 532
مارسا العمل ألّذي ندبتكما إليه واعملا به . و قال العلج الرّجل من كفّار العجم وغيرهم . و في القاموس العلج بالكسر العير ..، وحمار الوحش السّمين القويّ، والرّغيف الغليظ الحرف و الرّجل من كفّار العجم .. و رجل علج ككتف وصرد وسكّر شديد صريع معالج للأمور.انتهي . ولعلّه رحمه اللّه إنّما ذكر هذه المعاني لاستبعاد أن يكون من يأخذ الحقّ منهم ويعطي صاحب الحقّ من الكفّار، و كان ذلك قبل انقراض دولتهم ، والآن ظهر أنّ من استأصلهم كان هلاكو، و كان من الكفّار. و أمّا قوله عليه السلام يدفع فعلي البناء للمجهول .. أي ثم يدفع إلي القائم عليه السلام و لو بعدحين ، ويحتمل أن يكون من الأخبار البدائية.
كا العِدّةُ، عَنِ البرَقيِّ، عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي، عَنِ ابنِ مُسكَانَ رَفَعَهُ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ نَزَعَ الشّهوَةَ مِن رِجَالِ بنَيِ أُمَيّةَ وَ جَعَلَهَا فِي نِسَائِهِم وَ كَذَلِكَ فَعَلَ بِشِيعَتِهِم، وَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ نَزَعَ الشّهوَةَ مِن نِسَاءِ بنَيِ هَاشِمٍ وَ جَعَلَهَا فِي رِجَالِهِم، وَ كَذَلِكَ فَعَلَ بِشِيعَتِهِم.
كا الحُسَينُ بنُ مُحَمّدٍ، عَنِ المُعَلّي، عَنِ الوَشّاءِ، عَن أَبَانٍ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ، قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مِن حُجرَتِهِ وَ مَروَانُ وَ أَبُوهُ يَستَمِعَانِ إِلَي حَدِيثِهِ، فَقَالَ لَهُ الوَزَغُ بنُ الوَزَغِ. قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فَمِن يَومِئِذٍ يَرَونَ أَنّ الوَزَغَ يَسمَعُ الحَدِيثَ.
صفحه : 533
كا بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ، عَن أَبَانٍ، عَن زُرَارَةَ، قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ لَمّا وُلِدَ مَروَانُ عَرَضُوا بِهِ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ أَن يَدعُوَ لَهُ،فَأَرسَلُوا بِهِ إِلَي عَائِشَةَ لِيَدعُوَ لَهُ، فَلَمّا قَرّبَتهُ مِنهُ، قَالَ أَخرِجُوا عنَيّ الوَزَغَ بنَ الوَزَغِ. قَالَ زُرَارَةُ وَ لَا أَعلَمُ إِلّا أَنّهُ قَالَ وَ لَعَنَهُ.
كا بِالإِسنَادِ عَن أَبَانٍ، عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ، عَن أَبِي العَبّاسِ المكَيّّ، قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ إِنّ عُمَرَ لقَيَِ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ أَنتَ ألّذِي تَقرَأُ هَذِهِ الآيَةَ(بِأَيّكُمُ المَفتُونُ)تَعَرّضاً بيِ وَ بصِاَحبِيِ. قَالَ أَ فَلَا أُخبِرُكَ بِآيَةٍ نَزَلَت فِي بنَيِ أُمَيّةَ(فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلّيتُم أَن تُفسِدُوا فِي الأَرضِ وَ تُقَطّعُوا أَرحامَكُم). فَقَالَ كَذَبتَ،بَنُو أُمَيّةَ أَوصَلُ لِلرّحِمِ مِنكَ، وَ لَكِنّكَ أَبَيتَ إِلّا عَدَاوَةً لبِنَيِ تَيمٍ وَ عدَيِّ وَ بنَيِ أُمَيّةَ.
كا مُحَمّدُ بنُ يَحيَي، عَن أَبِي عِيسَي وَ أَبُو عَلِيّ الأشَعرَيِّ، عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ جَمِيعاً، عَن عَلِيّ بنِ حَدِيدٍ، عَن جَمِيلِ بنِ دَرّاجٍ، عَن زُرَارَةَ، قَالَ كَانَ أَبُو جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي المَسجِدِ الحَرَامِ فَذَكَرَ بنَيِ أُمَيّةَ وَ دَولَتَهُم، فَقَالَ لَهُ بَعضُ أَصحَابِهِ إِنّمَا نَرجُو أَن تَكُونَ صَاحِبَهُم وَ أَن يُظهِرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ هَذَا الأَمرَ عَلَي يَدِكَ. فَقَالَ مَا أَنَا بِصَاحِبِهِم وَ لَا يسَرُنّيِ أَن أَكُونَ صَاحِبَهُم، إِنّ أَصحَابَهُم أَولَادُ الزّنَا، إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَم يَخلُق مُنذُ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ
صفحه : 534
سِنِينَ وَ لَا أَيّاماً أَقصَرَ مِن سِنِيهِم وَ أَيّامِهِم، إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَأمُرُ المَلَكَ ألّذِي فِي يَدِهِ الفَلَكُ فَيَطوِيهِ طَيّاً.
كا عَلِيّ، عَن أَبِيهِ، عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَن حَمّادِ بنِ عُثمَانَ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ وُلدُ المِردَاسِ مَن تَقَرّبَ مِنهُم أَكفَرُوهُ، وَ مَن تَبَاعَدَ مِنهُم أَفقَرُوهُ، وَ مَن نَاوَاهُم قَتَلُوهُ، وَ مَن تَحَصّنَ مِنهُم أَنزَلُوهُ، وَ مَن هَرَبَ مِنهُم أَدرَكُوهُ حَتّي ينَقضَيَِ دَولَتُهُم.
بيان التعبير عن ولد العباس بولد مرداس كناية بعيدة لشدّة التقية لابن عباس بن مرداس ، من الصحابة،فروعي لاشتراك الاسم بين العبّاسين.أقول قدمرّت الأخبار الكثيرة في لعن بني أميّة في أبواب الآيات النازلة في الأئمّة عليهم السلام لاسيّما في باب تأويل الإيمان بهم عليهم السلام والشرك بأعدائهم ، وتأويل آية النور، وسيأتي في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام بعدالبيعة وسائر أبواب هذاالمجلد، و في باب احتجاج الحسن عليه السلام علي معاوية.
صفحه : 535
مد مِن صَحِيحِ البخُاَريِّ، عَن مُوسَي بنِ إِسمَاعِيلَ، عَن عُمَرَ بنِ يَحيَي بنِ سَعِيدٍ، عَن جَدّهِ، قَالَ كُنتُ جَالِساً مَعَ أَبِي هُرَيرَةَ فِي مَسجِدِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]بِالمَدِينَةِ وَ مَعَنَا مَروَانُ، قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ سَمِعتُ الصّادِقَ الصّدّيقَ يَقُولُ هَلَاكُ أمُتّيِ عَلَي يدَيَ غِلمَةِ قُرَيشٍ. فَقَالَ مَروَانُ غِلمَةٌ. فَقَالَ أَبُو هُرَيرَةَ لَو شِئتُ أَن أَقُولَ بنَيِ فُلَانٍ وَ بنَيِ فُلَانٍ لَفَعَلتُ، وَ كُنتُ أَخرُجُ مَعَ جدَيّ إِلَي بنَيِ مَروَانَ حِينَ مُلّكُوا الشّامَ فَإِذَا رَآهُم غِلمَانَ أَحدَاثاً، قَالَ لَنَا عَسَي هَؤُلَاءِ أَن يَكُونُوا مِنهُم. قُلتُ أَنتَ أَعلَمُ.
وَ مِن صَحِيحِ مُسلِمٍ، عَن أَبِي بَكرِ بنِ أَبِي شَيبَةَ، عَن شُعبَةَ، عَن أَبِي النّبّاحِ، عَن أَبِي زُرعَةَ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]، قَالَ يُهلِكُ أمُتّيِ هَذَا الحيَّ مِن قُرَيشٍ.قَالُوا فَمَا تَأمُرُنَا. قَالَ لَو أَنّ النّاسَ اعتَزَلُوهُم.
صفحه : 536
وَ رَوَي مِنَ الجَمعِ بَينَ الصّحِيحَينِ مِثلَهُ.
مد مِن تَفسِيرِ الثعّلبَيِّ،بِإِسنَادِهِ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ)، قَالَ أرُيَِ بنَيِ أُمَيّةَ عَلَي المَنَابِرِ فَسَاءَهُ ذَلِكَ،فَقِيلَ لَهُ إِنّهَا الدّنيَا يُعطُونَهَا،فَنَزَلَ عَلَيهِ( إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ). قَالَ بَلَاءً لِلنّاسِ.
وَ بِإِسنَادِهِ أَيضاً، عَنِ المهُلَبّيِّ، عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ، عَن أَبِيهِ، قَالَ رَأَي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]بنَيِ أُمَيّةَ يَنزُونَ عَلَي مِنبَرِهِ نَزوَ القِرَدَةِ فَسَاءَهُ،فَمَا استَجمَعَ ضَاحِكاً حَتّي مَاتَ،فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي ذَلِكَ( وَ ما جَعَلنَا الرّؤيَا التّيِ أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ وَ الشّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ).
بيان قوله فما استجمع ضاحكا .. أي لم يضحك ضحكا تامّا. قال الطيّبي في قوله مستجمعا ضاحكا المستجمع المستجدّ للشيء القاصد له ، أي ضاحكا كلّ الضحك .
صفحه : 537
مد عَنِ الثعّلبَيِّ،بِإِسنَادِهِ عَن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ فِي قَولِهِ تَعَالَي(...الّذِينَ بَدّلُوا نِعمَتَ اللّهِ كُفراً وَ أَحَلّوا قَومَهُم دارَ البَوارِ جَهَنّمَ يَصلَونَها وَ بِئسَ القَرارُ). قَالَ هُمَا الأَفجَرَانِ مِن قُرَيشٍ بَنُو المُغِيرَةِ وَ بَنُو أُمَيّةَ،فَأَمّا بَنُو المُغِيرَةِ فَكُفِيتُمُوهُم يَومَ بَدرٍ، وَ أَمّا بَنُو أُمَيّةَ فَمُتّعُوا إِلَي حِينٍ.
وَ قَالَ الثعّلبَيِّ أَيضاً فِي قَولِهِ تَعَالَي(فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلّيتُم أَن تُفسِدُوا فِي الأَرضِ وَ تُقَطّعُوا أَرحامَكُم)نَزَلَت فِي بنَيِ أُمَيّةَ وَ بنَيِ هَاشِمٍ.
مد مِن مُسنَدِ أَحمَدَ بنِ حَنبَلٍ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي ذَرّ، عَنِ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، قَالَ إِذَا بَلَغَ آلُ أَبِي العَاصِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا اتّخَذُوا مَالَ اللّهِ دُوَلًا، وَ عِبَادَهُ خَوَلًا، وَ دِينَهُ دَخَلًا.
وَ ذَكَرَ الزمّخَشرَيِّ فِي الفَائِقِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ إِذَا بَلَغَ بَنُو العَاصِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا كَانَ مَالُ اللّهِ دُوَلًا، وَ عِبَادُهُ خَوَلًا.
صفحه : 538
وَ نَشَأَ لِلحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ أَحَدٌ وَ عِشرُونَ ابناً، وَ وُلِدَ لِمَروَانَ بنِ الحَكَمِ تِسعَةُ بَنِينَ.
إيضاح قال في النهاية في حديث أبي هريرة إذابلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان مال اللّه دولا ودين اللّه دخلا وعباد اللّه خولا. قال الدّول جمع دولة بالضّمّ و هو مايتداول من المال فيكون لقوم دون قوم . والدّخل بالتحريك العيب والغشّ والفساد .. وحقيقته أن يدخلوا في الدّين أمورا لم تجر بهاالسّنّة. و قوله خولا .. أي خدما وعبيدا،يعني أنّهم يستخدمونهم ويستعبدونهم .
مد مِن كِتَابِ المَلَاحِمِ،تَألِيفِ أَبِي الحَسَنِ أَحمَدَ بنِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ،بِإِسنَادِهِ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ، أَنّهُ كَانَ عِندَ مُعَاوِيَةَ وَ دَخَلَ عَلَيهِ
صفحه : 539
مَروَانُ فِي حَوَائِجِهِ، فَقَالَ اقضِ حوَاَئجِيِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فإَنِيّ أَصبَحتُ أَبَا عَشَرَةٍ وَ أَخَا عَشَرَةٍ، وَ قَضَي حَوَائِجَهُ ثُمّ خَرَجَ، فَلَمّا أَدبَرَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِابنِ عَبّاسٍ وَ هُوَ مَعَهُ عَلَي الزبير[السّرِيرِ]أَنشُدُكَ اللّهَ يَا ابنَ عَبّاسٍ أَ مَا تَعلَمُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ(ص ) قَالَ ذَاتَ يَومٍ إِذَا بَلَغَ بَنُو الحَكَمِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا اتّخَذُوا مَالَ اللّهِ بَينَهُم دُوَلًا، وَ عِبَادَهُ خَوَلًا، وَ كِتَابَهُ دَخَلًا، فَإِذَا بَلَغُوا تسع [تِسعاً] وَ تِسعِينَ وَ أَربَعَمِائَةٍ كَانَ هَلَاكُهُم أَسرَعَ مِن أَوّلِ تَمرَةٍ. فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ أللّهُمّ نَعَم، ثُمّ إِنّ مَروَانَ ذَكَرَ حَاجَةً لِمَا حَصَلَ فِي بَيتِهِ فَوَجّهَ ابنَهُ عَبدَ المَلِكِ إِلَي مُعَاوِيَةَ فَكَلّمَهُ فِيهَا فَقَضَاهَا، فَلَمّا أَدبَرَ عَبدُ المَلِكِ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِابنِ عَبّاسٍ أَنشُدُكَ اللّهَ يَا ابنَ عَبّاسٍ أَ مَا تَعلَمُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ(ص )ذَكَرَ هَذَا، فَقَالَ هَذَا أَبُو الجَبَابِرَةِ الأَربَعَةِ. فَقَالَ ابنُ عَبّاسٍ أللّهُمّ نَعَم،فَعِندَ ذَلِكَ ادّعَي مُعَاوِيَةُ زِيَاداً.
وَ رَوَي الطبّرَيِّ فِي تَارِيخِهِ وَ الواَقدِيِّ وَ كَافّةُ رُوَاةِ الحَدِيثِ أَنّ الحَكَمَ بنَ أَبِي العَاصِ كَانَ سَبَبُ طَردِهِ وَ وَلَدَهُ مَروَانَ حِينَ طَرَدَهُمَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ
صفحه : 540
وَ آلِهِ أَنّ الحَكَمَ اطّلَعَ عَلَي رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ يَوماً فِي دَارِهِ مِن وَرَاءِ الجِدَارِ وَ كَانَ مِن سَعَفٍ فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ بِقَوسٍ لِيَرمِيَهُ فَهَرَبَ.
وَ فِي رِوَايَةٍ ، أَنّهُ قَالَ للِنبّيِّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فِي قِسمَةِ خبر[خَيبَرَ]اتّقِ اللّهَ يَا مُحَمّدُ. فَقَالَ لَهُ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ لَعَنَكَ اللّهُ وَ لَعَنَ مَا فِي صُلبِكَ، أَ تأَمرُنُيِ بِالتّقوَي وَ أَنَا حِبّ مِنَ اللّهِ تَعَالَي،فَلَم يَزَالَا طَرِيداً حَتّي مَلَكَ عُثمَانُ فَأَدخَلَهُمَا.
بيان الحِبّ بالكسر المحبوبُ.أقول
قَالَ السيّوُطيِّ مِن مَشَاهِيرِ عُلَمَاءِ المُخَالِفِينَ فِي الدّرّ المَنثُورِ أَخرَجَ البخُاَريِّ، عَن يُوسُفَ بنِ هَامَانَ، قَالَ كَانَ مَروَانُ عَلَي الحِجَازِ استَعمَلَهُ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ،فَخَطَبَ فَجَعَلَ يَذكُرُ يَزِيدَ بنَ مُعَاوِيَةَ لكِيَ يُبَايَعَ لَهُ بَعدَ أَبِيهِ، فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ أَبِي بَكرٍ شَيئاً، فَقَالَ خُذُوهُ،فَدَخَلَ بَيتَ عَائِشَةَ فَلَم يَقدِرُوا عَلَيهِ، فَقَالَ مَروَانُ إِنّ هَذَا أُنزِلَ فِيهِ( وَ ألّذِي قالَ لِوالِدَيهِ أُفّ لَكُما)،فَقَالَت عَائِشَةُ مِن وَرَاءِ الحِجَابِ مَا أَنزَلَ اللّهُ فِينَا شَيئاً مِنَ القُرآنِ، إِلّا
صفحه : 541
أَنّ اللّهَ أَنزَلَ عذُريِ.
وَ أَخرَجَ عَبدُ بنُ حُمَيدٍ وَ النسّاَئيِّ وَ ابنُ المُنذِرِ وَ الحَاكِمُ وَ صَحّحَهُ ابنُ مَردَوَيهِ، عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ لَمّا بَايَعَ مُعَاوِيَةُ لِابنِهِ قَالَ مَروَانُ سُنّةُ أَبِي بَكرٍ وَ عُمَرَ. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ سُنّةُ هِرَقلَ وَ قَيصَرَ. فَقَالَ مَروَانُ هَذَا ألّذِي أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ( وَ ألّذِي قالَ لِوالِدَيهِ أُفّ لَكُما.. الآيَةَ)،فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ،فَقَالَت كَذَبَ مَروَانُ .. كَذَبَ مَروَانُ، وَ اللّهِ مَا هُوَ بِهِ، وَ لَو شِئتُ أَن أسُمَيَّ ألّذِي أُنزِلَت فِيهِ لَسَمّيتُهُ وَ لَكِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]لَعَنَ أَبَا مَروَانَ وَ مَروَانَ فِي صُلبِهِ،فَمَروَانُ فَضفَضٌ مِن لَعنَةِ اللّهِ.
وَ أَخرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ وَ ابنُ مَردَوَيهِ، عَن عَبدِ اللّهِ، قَالَإنِيّ لفَيِ المَسجِدِ حِينَ خَطَبَ مَروَانُ، فَقَالَ إِنّ اللّهَ قَد أَرَي أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فِي يَزِيدَ رَأياً حَسَناً وَ أَن يَستَخلِفَهُ فَقَدِ استَخلَفَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ أَبِي بِكرٍ أَ هِرَقلِيّةٌ إِنّ أَبَا بَكرٍ وَ اللّهِ مَا جَعَلَهَا فِي أَحَدٍ مِن وُلدِهِ وَ لَا أَحَدٍ مِن أَهلِ بَيتِهِ، وَ لَا جَعَلَهَا
صفحه : 542
مُعَاوِيَةُ إِلّا رَحمَةً وَ كَرَامَةً لِوُلدِهِ. فَقَالَ مَروَانُ أَ لَستَألّذِي قالَ لِوالِدَيهِ أُفّ لَكُما. فَقَالَ عَبدُ الرّحمَنِ أَ لَستَ ابنَ اللّعِينِ ألّذِي لَعَنَ أَبَاكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ[ وَ آلِهِ]. قَالَ وَ سَمِعَتهَا عَائِشَةُ،فَقَالَت يَا مَروَانُ أَنتَ القَائِلُ لِعَبدِ الرّحمَنِ .. كَذَا وَ كَذَا،كَذَبتَ وَ اللّهِ مَا فِيهِ نَزَلَت، وَ لَكِن نَزَلَت فِي فُلَانِ بنِ فُلَانٍ.
وَ أَخرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِ( وَ ألّذِي قالَ لِوالِدَيهِ..)الآيَةَ، قَالَ هَذَا ابنٌ لأِبَيِ بَكرٍ.
وَ أَخرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ السدّيّّ، قَالَ نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ فِي عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي بَكرٍ قَالَ لِأَبَوَيهِ وَ كَانَا قَد أَسلَمَا وَ أَبَي هُوَ أَن يُسلِمَ فَكَانَا يَأمُرَانِهِ بِالإِسلَامِ وَ يَرُدّ عَلَيهِمَا وَ يُكَذّبُهُمَا،فَيَقُولُ فَأَينَ فُلَانٌ .. وَ أَينَ فُلَانٌ .. يعَنيِ مَشَايِخَ قُرَيشٍ مِمّن قَد مَاتَ ثُمّ أَسلَمَ بَعدُ فَحَسُنَ إِسلَامُهُ فَنَزَلَت تَوبَتُهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ( وَ لِكُلّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا).
وَ رَوَي ابنُ بِطرِيقٍ مَضَامِينَ تِلكَ الأَخبَارِ عَنِ الثعّلبَيِّ، وَ رَوَي عَنهُ، أَنّهُ قَالَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ وَ أَبُو العَالِيَةِ وَ مُجَاهِدٌ وَ السدّيّّنَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ فِي عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ، وَ قِيلَ فِي عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي بَكرٍ. قَالَ لَهُ أَبَوَاهُ أَسلِم وَ أَلَحّا عَلَيهِ فِي دُعَائِهِ إِلَي الإِيمَانِ، فَقَالَ أَحيُوا لِي عَبدَ اللّهِ بنَ جُذعَانَ وَ عَامِرَ بنَ كَعبٍ
صفحه : 543
وَ مَشَايِخَ مِن قُرَيشٍ حَتّي أَسأَلَهُم عَمّا تَقُولُونَ.
وَ قَالَ فِي النّهَايَةِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «قَالَت لِمَروَانَ إِنّ اللّهَ لَعَنَ أَبَاكَ وَ أَنتَ فَضَضٌ مِن لَعنَةِ اللّهِ»،..
أي قطعة وطائفة منها. ورواه بعضهم «فظاظة من لعنة اللّه»بظاءين من الفظيظة و هوماء الكرش ، وأنكره الخطاّبي. و قال الزمّخشري«افتظظت الكرش اعتصرت ماءها،كأنّها عصارة من اللّعنة، أوفعالة من الفظيظ ماء الفحل .. أي نطفة من اللّعنة. و قال في القاموس الفضض محرّكة ماانتشر من الماء إذاتطهّر به ،.. و كلّ متفرّق ومنتشر، و منه قول عائشة لمروان فأنت فضض من لعنة اللّه، ويروي فضض كعنق وغراب .. أي قطعة منها. وذكر فظاظة أيضا علي وزن فعالة في بابه ، وفسّره بماء الكرش يعتصر ويشرب في المفاوز.
فائدة قال صاحب الكامل البهائي أنّ أميّة كان غلاما روميّا لعبد الشمس ، فلمّا ألقاه كيسا فطنا أعتقه وتبناه ،فقيل أميّة بن عبدالشمس كماكانوا يقولون قبل
صفحه : 544
نزول الآية زيد بن محمد، ولذا
روُيَِ عَنِ الصّادِقَينِ عَلَيهِمَا السّلَامُ فِي قَولِهِ تَعَالَي(الم غُلِبَتِ الرّومُ...)أَنّهُم بَنُو أُمَيّةَ
، و من هنا يظهر نسب عثمان ومعاوية وحسبهما، وأنّهما لايصلحان للخلافة
لِقَولِهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الأَئِمّةُ مِن قُرَيشٍ.
أقول ذكر ابن أبي الحديد في آخر المجلد الخامس عشر من شرحه علي النهج فصلا طويلا في مفاخرة بني هاشم وبني أميّة و فيه مثالب كثيرة من بني أميّة لم نذكرها مخافة الإطناب والخروج عن مقصود الكتاب . و قال مؤلّف كتاب إلزام النواصب أميّة لم يكن من صلب عبدشمس وإنّما هو من الروم فاستلحقه عبدشمس فنسب إليه ،فبنو أميّة كلّهم ليس من صميم قريش ، وإنّما هم يلحقون بهم ، ويصدّق ذلك
قَولُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّ بنَيِ أُمَيّةَ لِصَاقٌ وَ لَيسُوا صحَيِحيِ النّسَبِ إِلَي عَبدِ مَنَافٍ، وَ لَم يَستَطِع مُعَاوِيَةُ إِنكَارَ ذَلِكَ.
صفحه : 545
نَهجٌ مِن كَلَامٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ اللّهِ لَا يَزَالُونَ حَتّي لَا يَدَعُوا لِلّهِ مُحَرّماً إِلّا استَحَلّوهُ، وَ لَا عَقداً إِلّا حَلّوهُ، وَ حَتّي لَا يَبقَي بَيتُ مَدَرٍ وَ لَا وَبَرٍ إِلّا دَخَلَهُ ظُلمُهُم، وَ نَبَا بِهِ سُوءُ رِعَتِهِم حَتّي يَقُومَ البَاكِيَانِ يَبكِيَانِ بَاكٍ يبَكيِ لِدِينِهِ، وَ بَاكٍ يبَكيِ لِدُنيَاهُ، وَ حَتّي تَكُونَ نُصرَةُ أَحَدِكُم مِن أَحَدِهِم كَنُصرَةِ العَبدِ مِن سَيّدِهِ، إِذَا شَهِدَ أَطَاعَهُ وَ إِذَا غَابَ اغتَابَهُ، وَ حَتّي يَكُونَ أَعظَمُكُم فِيهَا غَنَاءً أَحسَنَكُم بِاللّهِ ظَنّاً، فَإِن أَتَاكُمُ اللّهُ بِعَافِيَةٍ فَاقبَلُوا، وَ إِنِ ابتُلِيتُم فَاصبِرُوا،فَإِنّ العاقِبَةَ لِلمُتّقِينَ.
بيان لايزالون .. أي بنو أميّة ظالمين ،فحذف الخبر، وسدّت( حتي و مابعدها)مسدّ الخبر. ويقال نبا به منزله إذاضرّه و لم يوافقه . وسوء رعتهم .. أي سوء ورعهم وتقواهم ،يقال ورع يرع بالكسر فيهما ورعا ورعة، ويروي سوء رعيهم . قوله عليه السلام نصرة أحدكم .. أي انتقامه من أحدهم بإضافة المصدر إلي الفاعل ، وقيل المصدر مضاف إلي المفعول في الموضعين ، وتقدير
صفحه : 546
الكلام حتي يكون نصرة أحد هؤلاء الولاة لأحدكم ، و( من ) في الموضعين داخلة علي محذوف تقديره من جانب أحدكم و من جانب سيّده و هوضعيف ، و لاحاجة إلي التقدير،بل هومعني ( من )الابتدائية.
نَهجٌ مِن خُطبَةٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُأَرسَلَهُ عَلَي حِينِفَترَةٍ مِنَ الرّسُلِ، وَ طُولِ هَجعَةٍ مِنَ الأُمَمِ، وَ انتِقَاضٍ مِنَ المُبرَمِ،فَجَاءَهُم بِتَصدِيقِ ألّذِي بَينَ يَدَيهِ، وَ النّورِ المُقتَدَي بِهِ، ذَلِكَ القُرآنُ فَاستَنطِقُوهُ وَ لَن يَنطِقَ، وَ لَكِن أُخبِرُكُم عَنهُ أَلَا إِنّ فِيهِ عِلمَ مَا يأَتيِ، وَ الحَدِيثَ عَنِ الماَضيِ، وَ دَوَاءَ دَائِكُم، وَ نَظمَ مَا بَينَكُم.مِنهَا فَعِندَ ذَلِكَ لَا يَبقَي بَيتُ مَدَرٍ وَ لَا وَبَرٍ إِلّا وَ أَدخَلَهُ الظّلَمَةُ تَرحَةً، وَ أَولَجُوا فِيهِ نِقمَةً فَيَومَئِذٍ لَا يَبقَي لَهُم فِي السّمَاءِ عَاذِرٌ وَ لَا فِي الأَرضِ نَاصِرٌ،أَصفَيتُم بِالأَمرِ غَيرَ أَهلِهِ، وَ أَورَدتُمُوهُ غَيرَ مَورِدِهِ وَ سَيَنتَقِمُ اللّهُ مِمّن ظَلَمَ،مَأكَلًا
صفحه : 547
بِمَأكَلٍ، وَ مَشرَباً بِمَشرَبٍ مِن مَطَاعِمِ العَلقَمِ وَ مَشَارِبِ الصّبِرِ وَ المَقِرِ، وَ لِبَاسِ شِعَارِ الخَوفِ، وَ دِثَارِ السّيفِ، وَ إِنّمَا هُم مَطَايَا الخَطِيئَاتِ، وَ زَوَامِلُ الآثَامِ،فَأُقسِمُ ثُمّ أُقسِمُ لَتَنخَمَنّهَا أُمَيّةُ مِن بعَديِ كَمَا تُلفَظُ النّخَامَةُ ثُمّ لَا تَذُوقُهَا وَ لَا تَتَطَعّمُ بِطَعمِهَا أَبَداً مَا كَرّ الجَدِيدَانِ.
توضيح قوله عليه السلام فعند ذلك .. إخبار عن ملك بني أميّة بعده وزوال أمرهم عندتفاقم فسادهم في الأرض .أصفيتم .. أي خصصتم بالأمر .. أي الخلافة. وأوردتموه غيروروده .. أي أنزلتموه عند غيرمستحقّه. والمقر ككتف المرّاء والصّبر أوشبيه به أوالسّمّ. والزّاملة التّي تحمل عليها من الإبل وغيرها.
صفحه : 548
قوله عليه السلام ثم لاتذوقها .. قال ابن أبي الحديد فإن قلت إنّهم قدملكوا بعدالدولة الهاشميّة بالمغرب مدّة طويلة. قلت الاعتبار بملك العراق والحجاز، و ماعداهما من الأقاليم النائية لااعتداد به .أقول لعلّ المراد به انقطاع تلك الدولة المخصوصة وعدم العود إلي أصحابها، و مع ذلك لابدّ من التخصيص بغير السفياني الموعود.
نَهجٌ مِن خُطبَةٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ حَتّي يَظُنّ الظّانّ أَنّ الدّنيَا مَعقُولَةٌ عَلَي بنَيِ أُمَيّةَ،تَمنَحُهُم دَرّهَا، وَ تُورِدُهُم صَفوَهَا، وَ لَا يُرفَعُ عَن هَذِهِ الأُمّةِ سَوطُهَا وَ لَا سَيفُهَا، وَ كَذَبَ الظّانّ لِذَلِكَ،بَل هيَِ مَجّةٌ مِن لَذِيذِ العَيشِ يَتَطَعّمُونَهَا بُرهَةً، ثُمّ يَلفِظُونَهَا جُملَةً.
بيان المنح العطاء. والدّرّ في الأصل اللّبن، ثم استعمل في كلّ خير. ومجّ الشّراب قذفه من فيه ،كنّي عليه السلام بكونها مطعومة لهم عن تلذّذهم بهامدّة ملكهم وبكونها ملفوظة من فيهم عن زوالها عنهم .
صفحه : 549
والبرهة مدّة من الزّمان لها طول . ثم يلفظونها .. أي يرمونها.
نَهجٌ مِن خُطبَةٍ لَهُ عَلَيهِ السّلَامُ فِي ذِكرِ المَلَاحِمِيَعطِفُ الهَوَي عَلَي الهُدَي إِذَا عَطَفُوا الهُدَي عَلَي الهَوَي، وَ يَعطِفُ الرأّيَ عَلَي القُرآنِ إِذَا عَطَفُوا القُرآنَ عَلَي الرأّيِ.مِنهَا حَتّي تَقُومَ الحَربُ بِكُم عَلَي سَاقٍ بَادِياً نَوَاجِذُهَا،مَملُوءَةً أَخلَافُهَا،حُلواً رَضَاعُهَا،عَلقَماً عَاقِبَتُهَا،أَلَا وَ فِي غَدٍ وَ سيَأَتيِ غَدٌ بِمَا لَا تَعرِفُونَ يَأخُذُ الواَليِ مِن غَيرِهَا عُمّالَهَا عَلَي مسَاَويِ أَعمَالِهَا، وَ تُخرِجُ لَهُ الأَرضُ أَفَالِيذَ كَبِدِهَا، وَ تلُقيِ إِلَيهِ سِلماً مَقَالِيدَهَا،فَيُرِيكُم كَيفَ عَدلُ السّيرَةِ، وَ يحُييِ مَيّتَ الكِتَابِ وَ السّنّةِ.مِنهَا كأَنَيّ بِهِ قَد نَعَقَ بِالشّامِ وَ فَحَصَ بِرَايَاتِهِ فِي ضوَاَحيِ كُوفَانَ،فَعَطَفَ
صفحه : 550
عَلَيهَا عَطفَ الضّرُوسِ، وَ فَرَشَ الأَرضَ بِالرّءُوسِ، قَد فَغَرَت فَاغِرَتُهُ وَ ثَقُلَت فِي الأَرضِ وَطأَتُهُ،بَعِيدَ الجَولَةِ،عَظِيمَ الصّولَةِ، وَ اللّهِ لَيُشَرّدَنّكُم فِي أَطرَافِ الأَرضِ حَتّي لَا يَبقَي مِنكُم إِلّا قَلِيلُ كَالكُحلِ فِي العَينِ، فَلَا تَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتّي تَئُوبَ إِلَي العَرَبِ عَوَازِبُ أَحلَامِهَا فَالزَمُوا السّنَنَ القَائِمَةَ وَ الآثَارَ البَيّنَةَ، وَ العَهدَ القَرِيبَ ألّذِي عَلَيهِ باَقيِ النّبُوّةِ، وَ اعلَمُوا أَنّ الشّيطَانَ إِنّمَا يسُنَيّ لَكُم طُرُقَهُ لِتَتّبِعُوا عَقِبَهُ.
إيضاح لعلّ أوّل الكلام إشارة إلي ظهور القائم عليه السلام ، وكذا قوله وسيأتي غد و ماقبله .. إلي الفترة التي تظهر قبل القائم عليه السلام . وقيام الحرب علي ساق كناية عن شدّتها، وقيل الساق الشّدّة. وبدو نواجذها عن الضحك تهكّما .. عن بلوغ الحرب غايتها، كما أنّ غاية الضحك أن تبدو النواجذ. والأخلاف للنّاقة حلمات الضّرع، وإنّما قال عليه السلام حلوا رضاعها لأنّ أهل النجدة في أوّل الحرب يقبلون عليها، ومرارة عاقبتها لأنّها القتل ، ولأنّ مصير أكثرهم إلي النار، والمنصوبات الأربعة أحوال ، والمرفوع بعد
صفحه : 551
كلّ منها فاعل ، وإنّما ارتفع عاقبتها بعدعلقما مع أنّه اسم صريح لقيامه مقام اسم الفاعل كأنّه قال مريرة عاقبتها. قوله عليه السلام ألا و في غد .. قال ابن أبي الحديد تمامه . قوله عليه السلام يأخذ الوالي .. و بين الكلام جملة اعتراضيه قد كان تقدّم ذكر طائفة من الناس كانت ذات ملك وافرة فذكر عليه السلام أنّ الوالي يعني القائم عليه السلام يأخذ عمّال هذه الطائفة علي سوء أعمالهم ، و( علي )هاهنا متعلقة بيأخذ، وهي بمعني يؤاخذ. والأفاليذ جمع أفلاذ، وهي جمع فلذة وهي القطعة من الكبد،كناية عن الكنوز التّي تظهر للقائم عليه السلام ، و قدفسّر قوله تعالي ( وَ أَخرَجَتِ الأَرضُ أَثقالَها)بذلك في بعض التفاسير. و قوله عليه السلام سلما .. مصدر سدّ مسدّ الحال أوتمييز. قوله عليه السلام كأنيّ به .. الظاهر أنّه إشارة إلي السفياني، و قال ابن أبي الحديد إخبار عن عبدالملك بن مروان وظهوره بالشام وملكه بعد ذلك
صفحه : 552
العراق ، و ماقتل من العرب فيهاأيّام عبدالرحمن بن الأشعث ، وقتله أيّام مصعب ابن الزبير. و قال مفعول فحص محذوف .. أي فحص الناس براياته ، أي نحّاهم وقلّبهم يمينا وشمالا. وضواحي كوفان .. ماقرب منها من القري ، و قدسار لقتال مصعب بعد أن قتل المصعب المختار،فالتقوا بأرض مسكن من نواحي الكوفة. قدفغرت فاغرته .. أي انفتح فوه ، ويقال فغر فاه يتعدّي و لايتعدّي. وثقل وطائه .. كناية عن شدّة ظلمه وجوره .بعيد الجولة .. أي جولان خيوله وجيوشه في البلاد،فيكون كناية عن اتّساع ملكه ، أوجولان رجاله في الحرب بحيث لايتعقّبه السكون . وشرد البعير .. نفر وذهب في الأرض . وعوازب أحلامها .. أي ماذهب وغاب من عقولها. و قال ابن ميثم رحمه اللّه فإن قلت قوله عليه السلام حتي تئوب ..
صفحه : 553
يدلّ علي انقطاع تلك الدولة بظهور العرب ، و عبدالملك مات وقام بعده بنوه بالدولة. قلت الغاية ليست غاية لدولة عبدالملك بل غاية لكونهم لايزالون مشرّدين في البلاد مقهورين ، و ذلك الانقهار و إن كان أصله من عبدالملك إلّا أنّه استمرّ في زمان أولاده إلي حين انقضاء دولتهم . و قال بعض الشارحين إنّ ملك أولاده ملكه . و هذاجواب من لم يتدبّر في كلامه عليه السلام . والعرب هاهنا هم بنو العباس و من معهم من العرب أيّام ظهور دولتهم كقحطبة بن شبيب البطائي وابنيه حميد و الحسن ، وكبني رزيق منهم طاهر بن الحسين وإسحاق بن ابراهيم وغيرهم من العرب . وقيل إنّ أبامسلم أصله عربي. قوله عليه السلام والعهد القريب .. قال ابن أبي الحديد .. أي عهده وأيّامه عليه السلام ، وكأنّه دفع لماعساه يتوهّمونه من أنّه إذاآبت إلي العرب عوازب أحلامها فيجب عليهم اتّباع الدولة الجديدة في كل ماتفعله ،فوصّاهم
صفحه : 554
بأنّه إذاتبدّلت الدولة فالزموا الكتاب والسنّة والعهد ألذي فارقتكم عليه . قوله عليه السلام إنّما يسنيّ .. أي يسهّل.
كا أَحمَدُ بنُ مُحَمّدٍ الكوُفيِّ، عَن جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ المحُمَدّيِّ، عَن أَبِي رَوحٍ فَرَجِ بنِ قُرّةَ، عَن جَعفَرِ بنِ عَبدِ اللّهِ، عَن مَسعَدَةَ بنِ صَدَقَةَ، عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَخَطَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ بِالمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ صَلّي عَلَي النّبِيّ وَ آلِهِ، ثُمّ قَالَ أَمّا بَعدُ، فَإِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَم يَقصِم جبَاّريِ دَهرٍ إِلّا مِن بَعدِ تَمهِيلٍ وَ رَخَاءٍ، وَ لَم يَجبُر كَسرَ عَظمٍ مِنَ الأُمَمِ إِلّا بَعدَ أَزلٍ وَ بَلَاءٍ.أَيّهَا النّاسُ فِي دُونِ مَا استَقبَلتُم مِن خَطبٍ وَ استَدبَرتُم مِن خَطبٍ مُعتَبَرٌ، وَ مَا كُلّ ذيِ قَلبٍ بِلَبِيبٍ، وَ لَا كُلّ ذيِ سَمعٍ بِسَمِيعٍ، وَ لَا كُلّ ذيِ نَاظِرِ عَينٍ بِبَصِيرٍ.عِبَادَ اللّهِ أَحسِنُوا فِيمَا يُعِينُكُمُ النّظَرَ فِيهِ، ثُمّ انظُرُوا إِلَي عَرَصَاتِ مَن قَد أَفَادَهُ اللّهُ بِعِلمِهِ كَانُوا عَلَي سُنّةٍ مِن آلِ فِرعَونَ أَهلَجَنّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ
صفحه : 555
وَ مَقامٍ كَرِيمٍ، ثُمّ انظُرُوا بِمَا خَتَمَ اللّهُ لَهُم بَعدَ النّضرَةِ وَ السّرُورِ، وَ الأَمرِ وَ النهّيِ وَ لِمَن صَبَرَ مِنكُمُ العَافِيَةُ فِي الجِنَانِ وَ اللّهِ مُخَلّدُونَوَ لِلّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ،فَيَا عَجَباً وَ مَا لِيَ لَا أَعجَبُ مِن خَطَإِ هَذِهِ الفِرَقِ عَلَي اختِلَافِ حُجَجِهَا فِي دِينِهَا لَا يَقتَفُونَ أَثَرَ نبَيِّ وَ لَا يَقتَدُونَ بِعَمَلِ وصَيِّ، وَ لَا يُؤمِنُونَ بِغَيبٍ، وَ لَا يَعفُونَ عَن عَيبٍ،المَعرُوفُ فِيهِم مَا عَرَفُوا وَ المُنكَرُ عِندَهُم مَا أَنكَرُوا، وَ كُلّ امرِئٍ مِنهُم إِمَامُ نَفسِهِ أَخَذَ مِنهَا فِيمَا يَرَي بِعُرًي وَثِيقَاتٍ وَ أَسبَابٍ مُحكَمَاتٍ، فَلَا يَزَالُونَ بِجَورٍ وَ لَن يَزدَادُوا إِلّا خَطَأً، لَا يَنَالُونَ تَقَرّباً وَ لَن يَزدَادُوا إِلّا بُعداً مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ،أُنسُ بَعضِهِم بِبَعضٍ، وَ تَصدِيقُ بَعضِهِم لِبَعضٍ، كُلّ ذَلِكَ وَحشَةً مِمّا وَرّثَ النّبِيّ الأمُيّّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ نُفُوراً مِمّا أَدّي إِلَيهِم مِن أَخبَارِفاطِرِ السّماواتِ وَ الأَرضِ، أَهلُ حَسَرَاتٍ، وَ كُهُوفُ شُبُهَاتٍ، وَ أَهلُ عَشَوَاتٍ وَ ضَلَالَةٍ وَ رِيبَةٍ، مَن وَكَلَهُ اللّهُ إِلَي نَفسِهِ وَ رَأيِهِ فَهُوَ مَأمُونٌ عِندَ مَن يَجهَلُهُ غَيرُ المُتّهَمِ عِندَ مَن لَا يَعرِفُهُ،فَمَا أَشبَهَ هَؤُلَاءِ بِأَنعَامٍ قَد غَابَ عَنهَا رِعَاؤُهَا، وَ وَا أَسَفَا مِن فَعَلَاتِ شيِعتَيِ مِن بَعدِ قُربِ مَوَدّتِهَا اليَومَ،كَيفَ يَستَذِلّ بعَديِ بَعضُهَا بَعضاً، وَ كَيفَ يَقتُلُ بَعضُهَا بَعضاً،المُتَشَتّتَةِ غَداً عَنِ الأَصلِ النّازِلَةِ بِالفَرعِ،المُؤَمّلَةِ الفَتحَ مِن غَيرِ جِهَتِهِ، كُلّ حِزبٍ مِنهُم أَخَذَ مِنهُ بِغُصنٍ أَينَمَا مَالَ الغُصنُ مَالَ مَعَهُ، مَعَ أَنّ اللّهَ وَ لَهُ الحَمدُ يَستَجمِعُ هَؤُلَاءِ لِشَرّ يَومٍ لبِنَيِ أُمَيّةَ كَمَا يَجمَعُ قَزَعَ الخَرِيفِ يُؤَلّفُ اللّهُ بَينَهُم ثُمّ يَجعَلُهُم رُكَاماً كَرُكَامِ السّحَابِ، ثُمّ يَفتَحُ لَهُم أَبوَاباً يَسِيلُونَ مِن مُستَشَارِهِم كَسَيلِ الجَنّتَينِ سَيلِ العَرِمِ
صفحه : 556
حَيثُ بَعَثَ عَلَيهِ فَأرَةً فَلَم تَثبُت عَلَيهِ أَكَمَةٌ وَ لَم يَرُدّ سَنَنَهُ رَصّ طَورٍ يُذَعذِعُهُمُ اللّهُ فِي بُطُونِ أَودِيَةٍ ثُمّ يَسلُكُهُميَنابِيعَ فِي الأَرضِيَأخُذُ بِهِم مِن قَومٍ حُقُوقَ قَومٍ وَ يُمَكّنُ مِن قَومٍ لِدِيَارِ قَومٍ تَشرِيداً لبِنَيِ أُمَيّةَ وَ لِكَيلَا يَغتَصِبُوا مَا غَصَبُوا،يُضَعضِعُ اللّهُ بِهِم رُكناً، وَ يَنقُضُ بِهِم طيَّ الجَنَادِلِ مِن إِرَمَ، وَ يَملَأُ مِنهُم بُطنَانَ الزّيتُونِ،فَوَ ألّذِي فَلَقَ الحَبّةَ وَ بَرَأَ النّسَمَةَ لَيَكُونَنّ ذَلِكَ، وَ كأَنَيّ أَسمَعُ صَهِيلَ خَيلِهِم، وَ طَمطَمَةَ رِجَالِهِم، وَ ايمُ اللّهِ لَيَذُوبَنّ مَا فِي أَيدِيهِم بَعدَ العُلُوّ وَ التّمَكّنِ فِي البِلَادِ كَمَا تَذُوبُ الأَليَةُ عَلَي النّارِ، مَن مَاتَ مِنهُم مَاتَ ضَالّا، وَ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ يفُضيِ مِنهُم مَن دَرَجَ، وَ يَتُوبُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي مَن تَابَ، وَ لَعَلّ اللّهَ يَجمَعُ شيِعتَيِ بَعدَ التّشَتّتِ لِشَرّ يَومٍ لِهَؤُلَاءِ، وَ لَيسَ لِأَحَدٍ عَلَي اللّهِ عَزّ ذِكرُهُ الخِيَرَةُ،بَل لِلّهِ الخِيَرَةُ وَ الأَمرُ جَمِيعاً.أَيّهَا النّاسُ إِنّ المُنتَحِلِينَ لِلإِمَامَةِ مِن غَيرِ أَهلِهَا كَثِيرٌ، وَ لَو لَم تَخَاذَلُوا عَن مُرّ الحَقّ وَ لَم تَهِنُوا عَن تَوهِينِ البَاطِلِ لَم يَتَشَجّع عَلَيكُم مَن لَيسَ مِثلَكُم، وَ لَم يَقُومَنّ قوَيِّ عَلَيكُم وَ عَلَي هَضمِ الطّاعَةِ وَ إِزوَائِهَا عَن أَهلِهَا،لَكِن تِهتُم كَمَا تَاهَت بَنُو إِسرَائِيلَ عَلَي عَهدِ مُوسَي عَلَيهِ السّلَامُ، وَ لعَمَريِ أَيضاً غفر[لَيُضَاعَفَنّ]عَلَيكُمُ التّيهُ مِن بعَديِ أَضعَافَ مَا تَاهَت بَنُو إِسرَائِيلَ، وَ لعَمَريِ أَن لَو قَدِ استَكمَلتُم مِن بعَديِ مُدّةَ سُلطَانِ بنَيِ أُمَيّةَ لَقَدِ اجتَمَعتُم عَلَي سُلطَانِ الداّعيِ إِلَي الضّلَالَةِ، وَ أَحيَيتُمُ البَاطِلَ، وَ خَلّفتُمُ الحَقّ وَرَاءَ ظُهُورِكُم، وَ قَطَعتُمُ الأَدنَي مِن أَهلِ بَدرٍ، وَ وَصَلتُمُ
صفحه : 557
الأَبعَدَ مِن أَبنَاءِ الحَربِ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، وَ لعَمَريِ أَن لَو قَد ذَابَ مَا فِي أَيدِيهِم لَدَنَا التّمحِيصُ لِلجَزَاءِ، وَ قَرُبَ الوَعدُ، وَ انقَضَتِ المُدّةُ، وَ بَدَا لَكُمُ النّجمُ ذُو الذّنَبِ مِن قِبَلِ المَشرِقِ وَ لَاحَ لَكُمُ القَمَرُ المُنِيرُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التّوبَةَ، وَ اعلَمُوا أَنّكُم إِنِ اتّبَعتُم طَالِعَ المَشرِقِ سَلَكَ بِكُم مَنَاهِجَ الرّسُولِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ فَتَدَاوَيتُم مِنَ العَمَي وَ الصّمَمِ وَ البَكَمِ، وَ كُفِيتُم مَئُونَةَ الطّلَبِ وَ التّعَسّفِ، وَ نَبَذتُمُ الثّقلَ القَادِحَ عَنِ الأَعنَاقِ، وَ لَا يُبَعّدُ اللّهُ إِلّا مَن أَبَي وَ ظَلَمَ وَ اعتَسَفَ وَ أَخَذَ مَا لَيسَ لَهُ،وَ سَيَعلَمُ الّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ.
توضيح في دون مااستقبلتم .. الظاهر أنّ هذه الخطبة كانت بعدقتل عثمان وانعقاد البيعة له عليه السلام ، وحدوث بعض مبادي الفتن ،فالمراد بما استدبروه استيلاء خلفاء الجور وتمكّنهم ثم زوال دولتهم ، وبما استقبلوه ماحدث من الفتن بعدخلافته عليه السلام ، فإنّ التدبّر فيهايورث العلم بأنّ بناء الدنيا علي الباطل ، و أنّ الحقّ لايستقيم فيها، و أنّ الحقّ والباطل كليهما إلي فناء وانقضاء، أوالمراد بما استدبروه ماوقع في زمن الرسول صلّي اللّه عليه وآله أوّلا وآخرا، وبما استقبلوه ما كان بعده صلّي اللّه عليه وآله مطابقا للأحوال السابقة من غلبة الباطل أوّلا ثم مغلوبيّته ثانيا، ويحتمل أن يكون المراد بما يستقبل و مايستدبر شيئا واحدا فإنّ مايستقبل قبل وروده يستدبر بعدمضيّه، أوالمراد بما يستقبلونه ماأمامهم من أحوال البرزخ والقيامة، وبما استدبروه مامضي من أيّام عمرهم ، و لايخفي بعده .فيما يعينكم بالمهملة .. أي يهمّكم أوبالمعجمة.
صفحه : 558
و قوله عليه السلام النظر فيه .. بدل اشتمال لقوله فيما يعينكم أوفاعل لقوله يعينكم ،بتقدير الظرف . من قدأقاده اللّه .. أي جعله قائدا ومكّنه من الملك أو من القود. و في الإرشاد أباده اللّه بعمله .. و هوأظهر.بما ختم اللّه لهم .. الظرف صلة للختم قدم عليه .. أي انظروا بأيّ شيءختم لهم ، أوالباء بمعني في ، أو إلي ، أوزائدة. و اللّه مخلّدون .. خبر محذوف والجملة مبنيّة ومؤكّدة للسابقة أواستئنافيّة،كأنّه سأل عن عاقبتهم فقيل هم و اللّه مخلّدون.وَ لِلّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ.. أي مرجعها إلي حكمه ، أوعاقبة الملك والدولة والعزّة للّه ولمن طلب رضاه .فيا عجبا بغير تنوين وأصله ياعجبي، أوبالتّنوين .. أي ياقوم اعجبوا عجبا، والأوّل أظهر. في دينها .. متعلّق بالاختلاف ، أوبالخطإ، أوبهما علي التنازع . والمراد بالحجج المذاهب والطرق أوالدلائل عليها. و لايعفّون بالتشديد وكسر العين من العفّة، أوبالتخفيف والسكون من العفو.المعروف فيهم ماعرفوا .. أي المعروف والمنكر تابعان لآرائهم و إن
صفحه : 559
خالفت الواقع أولشهواتهم ، و لايبالون بعدم موافقة الشريعة. وكهوف شبهات .. أي تأوي إليهم . والعشوة أن يركب أمرا علي غيربيان . من وكله اللّه إلي نفسه .. أي بسبب إعراضه عن الحقّ، و هومبتدأ. و قوله فهو مأمون خبره ، ولعلّ المراد بالموصول أئمّة من قدذمّهم سابقا لاأنفسهم . من فعلات شيعتي .. أي من يتبّعني اليوم ظاهرا. كلّ حزب منهم أخذ بغصن .. أي لتفرّقهم عن أئمّة الحقّ صاروا شعبا شتّي كلّ منهم أخذ بغصن من أغصان شجرة الحقّ بزعمهم ممّن يدعّي الانتساب إلي أهل البيت عليهم السلام مع تركهم الأصل .يستجمع هؤلاء .. إشارة إلي اجتماعهم علي أبي مسلم لدفع بني أميّة،لكن دفعوا الفاسد بالأفسد. كمايجمع قزع الخريف .. أي قطع السّحاب المتفرّقة، وإنّما خصّ الخريف لأنّه أوّل الشّتاء، والسّحاب يكون فيه متفرّقا غيرمتراكم و لامطبق ثمّ يجتمع بعضه إلي بعض بعد ذلك .
صفحه : 560
والرّكام السّحاب المتراكم بعضه فوق بعض ، ونسبة هذاالتأليف إليه تعالي مع أنّه لم يكن برضاه علي المجاز الشائع في الآيات والأخبار. ثم يفتح لهم أبوابا .. فتح الأبواب كناية عمّا هيّأ لهم من الأسباب استدراجا، والمستشار موضع ثوراتهم وهيجانهم ، وشبّه عليه السلام تسلّط هذاالجيش عليهم بسوء أعمالهم بما سلّط اللّه علي أهل سبإ بعدإتمام النعمة عليهم لكفرانهم ، كما قال تعالي (لَقَد كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسكَنِهِم آيَةٌ جَنّتانِ عَن يَمِينٍ وَ شِمالٍ كُلُوا مِن رِزقِ رَبّكُم وَ اشكُرُوا لَهُ بَلدَةٌ طَيّبَةٌ وَ رَبّ غَفُورٌ فَأَعرَضُوا فَأَرسَلنا عَلَيهِم سَيلَ العَرِمِ وَ بَدّلناهُم بِجَنّتَيهِم جَنّتَينِ ذوَاتيَ أُكُلٍ خَمطٍ وَ أَثلٍ وَ شَيءٍ مِن سِدرٍ قَلِيلٍ). قوله عليه السلام حيث بعث عليه فأرة .. هذامؤيّد لماقيل أنّ العرم الفأرة، وأضيف السيل إليه لأنّه نقب لهم سكرا ضربت لهم بلقيس . و في النهج كسيل الجنّتين حيث لم تسلم عليه فارة و لم تثبت له أكمة، والفارة
صفحه : 561
الجبل الصّغير، والأكمة التّلّ. والحاصل بيان شدّة الشبه به بأنّه أحاط بالجبال وذهب بالتلال و لم يمنعه شيء. و لم يرد سننه رصّ طود .. السّنن الطّريق، والرّصّ التصاق الأجزاء بعضها ببعض ، والطّود الجبل ، أي لم يرد طريقه طود مرصوص . و في النهج بعده و لاحداب أرض . و لمافرغ عليه السلام من بيان شدّة المشبّه به أخذ في بيان شدّة المشبّه، فقال يذعذعهم اللّه في بطون أودية.الذّعذعة التّفريق .. أي يفرّقهم اللّه في السبل متوجّهين إلي البلاد. ثم يسلكهم يَنابِيعَ فِي الأَرضِهي من ألفاظ القرآن .. أي كما أنّ اللّه تعالي ينزّل الماء من السماء فيستكنّ في أعماق الأرض ثم يظهر ينابيع إلي ظاهرها،كذلك هؤلاء يفرّقهم اللّه في بطون الأودية وغوامض الأغوار ثم يظهرهم بعد
صفحه : 562
الاختفاء،كذا ذكره ابن أبي الحديد. ويحتمل أن يكون بيانا لاستيلائهم علي البلاد وتفرّقهم فيها وظهورهم في كلّ البلاد وتيسير أعوانهم من سائر العباد،فكما أنّ مياه الأنهار ووفورها توجب وفور مياه العيون والآبار فكذلك يظهر أثر هؤلاء في كلّ البلاد وتكثر أعوانهم في جميع الأقطار، و كلّ ذلك ترشيح لماسبق من التشبيه . من قوم .. أي بني أميّة.حقوق قوم .. أي أهل البيت عليهم السلام للانتقام من أعدائهم و إن لم يصل الحقّ إليهم . ويمكّن من قوم .. أي بني العباس .لديار قوم .. أي بني أميّة، و في بعض النسخ ويمكّن بهم قوما في ديار قوم ، و في النهج ويمكّن لقوم في ديار قوم .. وهما أظهر.تشريدا لبني أميّة .. أي ليس الغرض إلّا تفريق بني أميّة ورفع ظلمهم .يضعضع اللّه بهم ركنا .. ضعضعه هدمه حتّي الأرض .. أي يهدم اللّه بهم ركنا وثيقا هوأساس دولة بني أميّة. وينقض بهم طيّ الجنادل من إرم .. الجنادل جمع جندل و هو مايقلّه الرّجل من الحجارة .. أي ينقض اللّه الأبنية التي طويت وبنيت بالجنادل . من بلاد إرم .. وهي دمشق والشام ،إذ كان مستقرّ ملكهم في أكثر الأزمان
صفحه : 563
تلك البلاد، و في بعض النسخ علي الجنادل . ويملأ منهم بطنان الزيتون .. بطنان الشيء وسطه ودواخله . و قال الفيروزآبادي الزّيتون مسجد دمشق ، أوجبال الشّام، وبلد بالصّين، والغرض استيلاؤهم علي وسط بلاد بني أميّة. والصّهيل كأمير صوت الفرس . و قال الفيروزآبادي رجل طمطم وطمطميّ بكسرهما وطمطمانيّ بالضّمّ في لسانه عجمة.انتهي . وأشار عليه السلام بذلك إلي أنّ أكثر عسكرهم من العجم كما كان إذ عسكر أبي مسلم كان أكثرهم من خراسان .ليذوبنّ ما في أيديهم .. أي بني أميّة. ويحتمل أن يكون إشارة إلي انقراض هؤلاء الغالبين من بني العباس . و إلي اللّه عزّ و جلّ يقضي منهم من درج .. في بعض النسخ يفضي بالفاء. أي يوصل ، و في بعضها بالقاف بمعني المحاكمة أوالإنهاء
صفحه : 564
والإيصال . ودرج الرّجل .. أي مشي ، ودرج أيضا مات ، ودرج القوم انقرضوا، والظاهر أنّ المراد به هنا الموت . أي من رأت منهم مات ضالا وأمره إلي اللّه يعذّبه كيف يشاء، و علي الأول المعني من بقي منهم فعاقبته الفناء و اللّه يقضي فيه بعلمه . ولعلّ اللّه يجمع شيعتي .. إشارة إلي ظهور القائم عليه السلام و لايلزم اتّصاله بملكهم ،لأنّه شرّ لهم ، كماسيأتي في الأخبار علي كلّ حال . عن مرّ الحقّ .. أي الحقّ ألذي هومرّ، أوخالص الحقّ،فإنّه أمرّ. و في النهج عن نصر الحقّ. و علي هضم الطاعة .. أي كسرها وإزوائها،يقال زوي الشيء عنه أي صرفه ونحّاه، و لم أظفر بهذا البناء.لكن تهتم كماتاهت بنو إسرائيل .. في خارج المصر أربعين سنة في الأرض بسبب عصيانهم وترك الجهاد فكذا أصحابه عليه السلام تحيّروا في أديانهم وأعمالهم لما لم ينصروه علي عدوّه. و في النهج ولكنّكم تهتم متاه بني إسرائيل أضعاف ما
صفحه : 565
تاهت .. أي بحسب الشدّة أوبحسب الزمان . والداعي إلي الضلالة .. داعي بني العباس . وخلفتم الحقّ .. أي متابعة أهل البيت عليهم السلام . وقطعتم الأدني .. أي الأدنين إلي الرسول صلّي اللّه عليه وآله نسبا،الناصرين له في غزوة بدر،يعني نفسه وأولاده عليهم السلام . ووصلتم الأبعد .. أي أولاد العباس فإنّهم كانوا أبعد نسبا من أهل البيت عليهم السلام ، و كان جدّهم العباس ممّن حارب النبيّ صلّي اللّه عليه وآله في غزوة بدر. أن لو قدذاب ما في أيديهم .. أي ذهب ملك بني العباس .لذي التمحيص للجزاء .. أي قرب قيام القائم عليه السلام . و فيه التمحيص والابتلاء ليجزي الكافرين ويعذّبهم في الدنيا أوالقيامة. وقرب الوعد .. أي وعد الفرج . وانقضت المدّة .. أي قرب انقضاء مدّة أهل الباطل . والنجم ذو الذنب ، من علامات ظهور القائم عليه السلام . والمراد بالقمر المنير .. القائم عليه السلام ، وكذا طالع المشرق إذ مكة شرقيّة بالنسبة إلي المدينة أولأنّ اجتماع العساكر عليه وتوجّهه إلي فتح البلاد من الكوفة وهي كالشرقيّة بالنسبة إلي الحرمين ، و لايبعد أن يكون ذكر المشرق ترشيحا للاستعارة أي القمر الطالع من مشرقه ، ويحتمل أن يكون إشارة إلي ظهور السلطان إسماعيل أنار اللّه برهانه . والتّعسّف الظّلم.
صفحه : 566
والثّقل الفادح الديون المثقلة والمظالم أوبيعة أهل الجور وطاعتهم وظلمهم . إلّا من أبي .. أي عن طاعة القائم عليه السلام أوالربّ تعالي . واعتسف .. أي مال عن طريق الحقّ إلي غيره ، أوظلم علي غيره .
مَا الحُسَينُ بنُ اِبرَاهِيمَ، عَن مُحَمّدِ بنِ وَهبَانَ، عَن عَلِيّ بنِ حبَشَيِّ، عَنِ العَبّاسِ بنِ مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ، عَن أَبِيهِ، عَن صَفوَانَ وَ جَعفَرِ بنِ عِيسَي، عَنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي غُندَرٍ، عَنِ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ اتّقُوا اللّهَ وَ عَلَيكُم بِالطّاعَةِ لِأَئِمّتِكُم،قُولُوا مَا يَقُولُونَ وَ اصمُتُوا عَمّا صَمَتُوا،فَإِنّكُم فِي سُلطَانِ مَن قَالَ اللّهُ تَعَالَي( وَ إِن كانَ مَكرُهُم لِتَزُولَ مِنهُ الجِبالُ)يعَنيِ بِذَلِكَ وُلدَ العَبّاسِ،فَاتّقُوا اللّهَ فَإِنّكُم فِي هُدنَةٍ،صَلّوا فِي عَشَائِرِهِم، وَ اشهَدُوا جَنَائِزَهُم، وَ أَدّوا الأَمَانَةَ إِلَيهِم ..
صفحه : 567
مَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّ(مَثَلُهُم كَمَثَلِ ألّذِي استَوقَدَ ناراً فَلَمّا أَضاءَت ما حَولَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِم وَ تَرَكَهُم فِي ظُلُماتٍ لا يُبصِرُونَ صُمّ بُكمٌ عمُيٌ فَهُم لا يَرجِعُونَ). قَالَ الإِمَامُ مُوسَي بنُ جَعفَرٍ عَلَيهِمَا السّلَامُ مَثَلُ هَؤُلَاءِ المُنَافِقِينَ كَمَثَلِ ألّذِي استَوقَدَ نَاراً أَبصَرَ بِهَا مَا حَولَهُ، فَلَمّا أَبصَرَ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهَا بِرِيحٍ أَرسَلَهَا عَلَيهَا فَأَطفَأَهَا أَو بِمَطَرٍ،كَذَلِكَ مَثَلُ هَؤُلَاءِ المُنَافِقِينَ النّاكِثِينَ لَمّا أَخَذَ اللّهُ تَعَالَي عَلَيهِم مِنَ البَيعَةِ لعِلَيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ أَعطَوا ظَاهِراً شَهَادَةَ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنّ عَلِيّاً وَلِيّهُ وَ وَصِيّهُ وَ وَارِثُهُ وَ خَلِيفَتُهُ فِي أُمّتِهِ، وَ قاَضيِ دُيُونِهِ، وَ مُنجِزُ عِدَاتِهِ، وَ القَائِمُ بِسَايِسَةِ عِبَادِ اللّهِ
صفحه : 568
مَقَامَهُ،فَوَرِثَ مَوَارِيثَ المُسلِمِينَ بِهَا، وَ وَالَوهُ مِن أَجلِهَا، وَ أَحسَنُوا عَنهُ الدّفَاعَ بِسَبَبِهَا، وَ اتّخَذُوهُ أَخاً يَصُونُونَهُ مِمّا يَصُونُونَ عَنهُ أَنفُسَهُم بِسِمَاعِهِم مِنهُ لَهَا، فَلَمّا جَاءَ المَوتُ وَقَعَ فِي حُكمِ رَبّ العَالَمِينَ العَالِمِ بِالأَسرَارِ ألّذِي لَا يَخفَي عَلَيهِ خَافِيَةٌ،فَأَخَذَهُم بِعَذَابِ بَاطِنِ كُفرِهِم فَذَلِكَ حِينَ ذَهَبَ نُورُهُم وَ صَارُوا فِي ظُلُمَاتِ عَذَابِ اللّهِ،ظُلُمَاتِ أَحكَامِ الآخِرَةِ لَا يَرَونَ مِنهَا خُرُوجاً وَ لَا يَجِدُونَ عَنهَا مَحِيصاً. ثُمّ قَالَ صُمّ .. يعَنيِ يَصُمّونَ فِي الآخِرَةِ فِي عَذَابِهَا،بُكمٌ .. يَبكَمُونَ بَينَ أَطبَاقِ نِيرَانِهَا،عمُيٌ .. يَعمَونَ هُنَاكَ. وَ ذَلِكَ نَظِيرُ قَولِهِ( وَ نَحشُرُهُم يَومَ القِيامَةِ عَلي وُجُوهِهِم عُمياً وَ بُكماً وَ صُمّا مَأواهُم جَهَنّمُ كُلّما خَبَت زِدناهُم سَعِيراً). قَالَ العَالِمُ عَلَيهِ السّلَامُ، عَن أَبِيهِ، عَن جَدّهِ، عَن رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، قَالَ مَا مِن عَبدٍ وَ لَا أَمَةٍ أَعطَي بَيعَةَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فِي الظّاهِرِ وَ نَكَثَهَا فِي البَاطِنِ، وَ أَقَامَ عَلَي نِفَاقِهِ إِلّا وَ إِذَا جَاءَهُ مَلَكُ المَوتِ لِقَبضِ رُوحِهِ
صفحه : 569
تَمَثّلَ لَهُ إِبلِيسُ وَ أَعوَانُهُ وَ تَمَثّلُ لَهُ النّيرَانُ وَ أَصنَافُ عَقَارِبِهَا لِعَينَيهِ وَ قَلبِهِ وَ مَعَاقِدِهِ مِن مَضَايِقِهَا، وَ يمثل [تَمَثّلُ] لَهُ أَيضاً الجِنَانُ وَ مَنَازِلُهُ فِيهَا لَو كَانَ بقَيَِ عَلَي إِيمَانِهِ وَ وَفَي بِبَيعَتِهِ،فَيَقُولُ لَهُ مَلَكُ المَوتِ انظُر فَتِلكَ الجِنَانُ لَا يُقَادِرُ قَدرَهَا سَرّائَهَا وَ بَهجَتَهَا وَ سُرُورَهَا إِلّا اللّهُ رَبّ العَالَمِينَ،كَانَت مُعَدّةً لَكَ،فَلَو كُنتَ بَقِيتَ عَلَي وَلَايَتِكَ لأِخَيِ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ كَانَ يَكُونُ إِلَيهَا مَصِيرُكَ يَومَ فَصلِ القَضَاءِ،لَكِنّكَ نَكَثتَ وَ خَالَفتَ فَتِلكَ النّيرَانُ وَ أَصنَافُ عَذَابِهَا وَ زَبَانِيَتُهَا بِمِرزَبَاتِهَا وَ أَفَاعِيهَا الفَاغِرَةُ أَفوَاهَهَا، وَ عَقَارِبُهَا النّاصِبَةُ أَذنَابَهَا، وَ سِبَاعُهَا الشّائِلَةَ مَخَالِبُهَا، وَ سَائِرُ أَصنَافِ عَذَابِهَا هُوَ لَكَ وَ إِلَيهَا مَصِيرُكَ،فَعِندَ ذَلِكَ يَقُولُ( يا ليَتنَيِ اتّخَذتُ مَعَ الرّسُولِ سَبِيلًا)،فَقَبِلتُ مَا أمَرَنَيِ بِهِ وَ التَزَمتُ مِن مُوَالَاةِ عَلِيّ( ع ) مَا ألَزمَنَيِ، قَولُهُ عَزّ وَ جَلّ( أَو كَصَيّبٍ مِنَ السّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعدٌ وَ بَرقٌ يَجعَلُونَ أَصابِعَهُم فِي آذانِهِم مِنَ الصّواعِقِ حَذَرَ المَوتِ وَ اللّهُ مُحِيطٌ بِالكافِرِينَ يَكادُ البَرقُ يَخطَفُ أَبصارَهُم كُلّما أَضاءَ لَهُم مَشَوا فِيهِ وَ إِذا أَظلَمَ عَلَيهِم قامُوا وَ لَو شاءَ اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمعِهِم وَ أَبصارِهِم إِنّ اللّهَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ). قَالَ العَالِمُ عَلَيهِ السّلَامُ ثُمّ ضَرَبَ اللّهُ لِلمُنَافِقِينَ مَثَلًا آخَرَ، فَقَالَ
صفحه : 570
مَثَلُ مَا خُوطِبُوا بِهِ مِن هَذَا القُرآنِ ألّذِي أَنزَلَنَا عَلَيكَ يَا مُحَمّدُ مُشتَمِلًا عَلَي بَيَانِ توَحيِديِ وَ إِيضَاحِ حُجّةِ نُبُوّتِكَ، وَ الدّلِيلِ البَاهِرِ عَلَي استِحقَاقِ أَخِيكَ عَلِيّ لِلمَوقِفِ ألّذِي وَقَفتَهُ، وَ المَحَلّ ألّذِي أَحلَلتَهُ، وَ الرّتبَةِ التّيِ رَفَعتَهُ إِلَيهَا، وَ السّيَاسَةِ التّيِ قَلّدتَهُ إِيّاهَا فِيهِ،فهَيَِ كَصَيّبٍ مِنَ السّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَ رَعدٌ وَ بَرقٌ. قَالَ يَا مُحَمّدُ كَمَا أَنّ فِي هَذَا المَطَرِ هَذِهِ الأَشيَاءَ وَ مَنِ ابتلُيَِ بِهِ خَافَ فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ فِي رَدّهِم بَيعَةَ عَلِيّ( ع ) وَ خَوفِهِم أَن تَعثُرَ أَنتَ يَا مُحَمّدُ عَلَي نِفَاقِهِم كَمَن هُوَ فِي هَذَا المَطَرِ وَ الرّعدِ وَ البَرقِ يَخَافُ أَن يَخلَعَ الرّعدُ فُؤَادَهُ، أَو يَنزِلَ البَرقُ بِالصّاعِقَةِ عَلَيهِ،فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ يَخَافُونَ أَن تَعثُرَ عَلَي كُفرِهِم فَتُوجِبَ قَتلَهُم وَ استِيصَالَهُم(يَجعَلُونَ أَصابِعَهُم فِي آذانِهِم مِنَ الصّواعِقِ حَذَرَ المَوتِ) كَمَا يَجعَلُ هَؤُلَاءِ المُبتَلُونَ بِهَذَا الرّعدِ وَ البَرقِ أَصَابِعَهُم فِي آذَانِهِم لِئَلّا يَخلَعَ صَوتُ الرّعدِ أَفئِدَتَهُم،فَكَذَلِكَ يَجعَلُونَ أَصَابِعَهُم فِي آذَانِهِم إِذَا سَمِعُوا لَعنَكَ لِمَن نَكَثَ البَيعَةَ، وَ وَعِيدَكَ لَهُم إِذَا عَلِمتَ أَحوَالَهُم.(يَجعَلُونَ أَصابِعَهُم فِي آذانِهِم مِنَ الصّواعِقِ حَذَرَ المَوتِ)لِئَلّا يَسمَعُوا لَعنَكَ وَ لَا وَعِيدَكَ فَتَغَيّرَ أَلوَانُهُم فَيَستَدِلّ أَصحَابُكَ أَنّهُمُ المَعنِيّونَ بِاللّعنِ وَ الوَعِيدِ، لِمَا قَد ظَهَرَ مِنَ التّغيِيرِ وَ الِاضطِرَابِ عَلَيهِم فَيَتَقَوّي التّهَمَةُ عَلَيهِم فَلَا يَأمَنُونَ هَلَاكَهُم بِذَلِكَ عَلَي يَدِكَ وَ حُكمِكَ. ثُمّ قَالَ( وَ اللّهُ مُحِيطٌ
صفحه : 571
بِالكافِرِينَ)مُقتَدِرٌ عَلَيهِم وَ لَو شَاءَ أَظهَرَ لَكَ نِفَاقَ مُنَافِقِيهِم، وَ أَبدَي لَكَ أَسرَارَهُم، وَ أَمَرَكَ بِقَتلِهِم، ثُمّ قَالَ(يَكادُ البَرقُ يَخطَفُ أَبصارَهُم)، وَ هَذَا مَثَلُ قَومٍ ابتُلُوا بِبَرقٍ فَلَم يَغُضّوا عَنهُ أَبصَارَهُم وَ لَم يَستُرُوا عَنهُ وُجُوهَهُم لِتَسلَمَ عُيُونُهُم مِن تَلَألُؤِهِ، وَ لَم يَنظُرُوا إِلَي الطّرِيقِ ألّذِي يُرِيدُونَ أَن يَتَخَلّصُوا فِيهِ بِضَوءِ البَرقِ وَ لَكِنّهُم نَظَرُوا إِلَي نَفسِ البَرقِ فَكَادَ يَخطَفُ أَبصَارَهُم،فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ يَكَادُ مَا فِي القُرآنِ مِنَ الآيَاتِ المُحكَمَةِ الدّالّةِ عَلَي نُبُوّتِكَ المُوضِحَةِ عَن صِدقِكَ فِي نَصبِ عَلِيّ أَخِيكَ إِمَاماً، وَ يَكَادُ مَا يُشَاهِدُونَهُ مِنكَ يَا مُحَمّدُ(ص ) وَ مِن أَخِيكَ عَلِيّ( ع ) مِنَ المُعجِزَاتِ الدّالّاتِ عَلَي أَنّ أَمرَكَ وَ أَمرَهُ هُوَ الحَقّ ألّذِي لَا رَيبَ فِيهِ، ثُمّ هُم مَعَ ذَلِكَ لَا يَنظُرُونَ فِي دَلَائِلِ مَا يُشَاهِدُونَ مِن آيَاتِ القُرآنِ وَ آيَاتِكَ وَ آيَاتِ أَخِيكَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ،يَكَادُ ذَهَابُهُم عَنِ الحَقّ فِي حُجَجِكَ يُبطِلُ عَلَيهِم سَائِرَ مَا قَد عَلِمُوا مِنَ الأَشيَاءِ التّيِ يَعرِفُونَهَا،لِأَنّ مَن جَحَدَ حَقّاً وَاحِداً أَرَاهُ ذَلِكَ الجُحُودَ إِلَي أَن يَجحَدَ كُلّ حَقّ فَصَارَ جَاحِدُهُ فِي بُطلَانِ سَائِرِ الحُقُوقِ عَلَيهِ كَالنّاظِرِ إِلَي جِرمِ الشّمسِ فِي ذَهَابِ نُورِ بَصَرِهِ. ثُمّ قَالَ(كُلّما أَضاءَ لَهُم مَشَوا فِيهِ) إِذَا ظَهَرَ مَا اعتَقَدُوا أَنّهُ هُوَ الحُجّةُ
صفحه : 572
«مَشَوا فِيهِ»ثَبَتُوا عَلَيهِ، وَ هَؤُلَاءِ كَانُوا إِذَا نَتَجَت خَيلُهُم الإِنَاثَ، وَ نِسَاؤُهُم الذّكُورَ، وَ حَمَلَت نَخِيلُهُم، وَ زَكَت زُرُوعُهُم، وَ نَمَت تِجَارَتُهُم، وَ كَثُرَتِ الأَلبَانُ فِي ضُرُوعِهِم،قَالُوا يُوشِكُ أَن يَكُونَ هَذَا بِبَرَكَةِ بَيعَتِنَا لعِلَيِّ( ع ) أَنّهُ مَنجُوتٌ مُدَالٌ ينَبغَيِ أَن نُعطِيَهُ ظَاهِراً الطّاعَةَ لِنَعِيشَ فِي دَولَتِهِ.( وَ إِذا أَظلَمَ عَلَيهِم قامُوا).. أَي وَ إِذَا أَنتَجَت خُيُولُهُم،الذّكُورَ وَ نِسَاؤُهُم الإِنَاثَ وَ لَم يَربَحُوا فِي تِجَارَاتِهِم، وَ لَا حَمَلَت نَخِيلُهُم وَ لَا زَكَت زُرُوعُهُم،وَقَفُوا وَ قَالُوا هَذَا بِشُؤمِ هَذِهِ البَيعَةِ التّيِ بَايَعنَاهَا عَلِيّاً، وَ التّصدِيقِ ألّذِي صَدّقنَا مُحَمّداً، وَ هُوَ نَظِيرُ مَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ يَا مُحَمّدُ( إِن تُصِبهُم حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِن عِندِ اللّهِ وَ إِن تُصِبهُم سَيّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِن عِندِكَ)، قَالَ اللّهُ(قُل كُلّ مِن عِندِ اللّهِ)بِحُكمِهِ النّافِذِ وَ قَضَائِهِ لَيسَ ذَلِكَ لشِؤُميِ وَ لَا ليِمُنيِ، ثُمّ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ( وَ لَو شاءَ اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمعِهِم وَ أَبصارِهِم) حَتّي لَا يَتَهَيّأَ لَهُمُ الِاحتِرَازُ مِن أَن تَقِفَ عَلَي كُفرِهِم أَنتَ وَ أَصحَابُكَ المُؤمِنُونَ تُوجِبُ قَتلَهُم،( إِنّ اللّهَ عَلي كُلّ شَيءٍ
صفحه : 573
قَدِيرٌ) لَا يُعجِزُهُ شَيءٌ.
إيضاح قوله عليه السلام بسماعهم منه لها .. الضمير في منه راجع إلي أمير المؤمنين ، و في (لها) إلي الأنفس .. أي بأنّهم كانوا يسمعون منه عليه السلام ماينفع أنفسهم من المعارف والأحكام والمواعظ، أوضمير سماعهم راجع إلي المسلمين وضمير منه إلي المنافق ، وضمير لها إلي الشهادة .. أي اتّخاذهم له أخا بسبب أنّهم سمعوا منه الشهادة. والشّائلة المرتفعة.
شي،[تفسير العياشي] عَن زُرَارَةَ وَ حُمرَانَ وَ مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ وَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِمَا السّلَامُ فِي قَولِهِ تَعَالَي(الّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ) قَالَ هُم قُرَيشٌ.
بيان قال الطبرسيجَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ.. أي فرّقوه وجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور،فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه . و عن ابن عباس جعلوه جزءا
صفحه : 574
جزءا،فقالواسِحرٌ، وقالواأَساطِيرُ الأَوّلِينَ، وقالوامُفتَريً.
3-قب البَاقِرُ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِ( وَ يَومَ القِيامَةِ تَرَي الّذِينَ كَذَبُوا عَلَي اللّهِ وُجُوهُهُم مُسوَدّةٌ)يعَنيِ إِنكَارَهُم وَلَايَةَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ.
الشوهاني بِإِسنَادِهِ، سَأَلَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَطَاءٍ المكَيّّ البَاقِرَ عَلَيهِ السّلَامُ عَن قَولِهِ(رُبَما يَوَدّ الّذِينَ كَفَرُوا لَو كانُوا مُسلِمِينَ) قَالَ ينُاَديِ مُنَادٍ يَومَ القِيَامَةِ يَسمَعُ الخَلَائِقُ أَلَا إِنّهُ لَا يَدخُلُ الجَنّةَ إِلّا مُسلِمٌ،فَيَومَئِذٍ(يَوَدّ الّذِينَ كَفَرُوا لَو كانُوا مُسلِمِينَ)لِوَلَايَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ. وَ قَالَ عَلَيهِ السّلَامُ نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ عَلَي النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ هَكَذَا، وَ قَالَ(الظّالِمُونَ)آلَ مُحَمّدٍ حَقّهُم( لَمّا رَأَوُا العَذَابَ) وَ عَلِيّ هُوَ العَذَابُ،(هَل إِلَي مَرَدّ مِن سَبِيلٍ)،يَقُولُونَ نُرَدّ فَنَتَوَلّي عَلِيّاً( ع )، قَالَ اللّهُ( وَ تَراهُم يُعرَضُونَ عَلَيها).. يعَنيِ أَروَاحَهُم تُعرَضُ عَلَي النّارِ(خاشِعِينَ مِنَ الذّلّ يَنظُرُونَ) إِلَي عَلِيّ( مِن طَرفٍ خفَيِّ)فَ( قالَ الّذِينَ آمَنُوا)بِآلِ مُحَمّدٍ( إِنّ الخاسِرِينَ الّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم وَ أَهلِيهِم يَومَ القِيامَةِ أَلا إِنّ الظّالِمِينَ)لِآلِ مُحَمّدٍ حَقّهُم( فِي عَذابٍ)أَلِيمٍ.
الحسَكاَنيِّ فِي شَوَاهِدِ التّنزِيلِ بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ المُسَيّبِ، عَنِ ابنِ
صفحه : 575
عَبّاسٍ ، أَنّهُ لَمّا نَزَلَت قَولُهُ( وَ اتّقُوا فِتنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُم خَاصّةً) قَالَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ مَن ظَلَمَ عَلِيّاً مقَعدَيِ هَذَا بَعدَ وفَاَتيِ فَكَأَنّمَا جَحَدَ نبُوُتّيِ وَ نُبُوّةَ الأَنبِيَاءِ قبَليِ.
رَوَي السيّوُطيِّ فِي الدّرّ المَنثُورِ، عَن عَبدِ بنِ حُمَيدٍ وَ ابنِ جَرِيرٍ، عَن قَتَادَةَ (فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلّيتُم)الآيَةَ. قَالَ كَيفَ رَأَيتُمُ القَومَ حِينَ تَوَلّوا عَن كِتَابِ اللّهِ، أَ لَم يَسفِكُوا الدّمَ الحَرَامَ، وَ قَطَعُوا الأَرحَامَ، وَ عَصَوُا الرّحمَنَ.
فس أَبِي، عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَنِ ابنِ أُذَينَةَ، عَن زُرَارَةَ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ، قَالَ ( وَ لَو أَنّهُم إِذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم جاؤُكَ) يَا عَلِيّ(فَاستَغفَرُوا اللّهَ وَ استَغفَرَ لَهُمُ الرّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً)هَكَذَا نَزَلَت، ثُمّ قَالَ( فَلا وَ رَبّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتّي يُحَكّمُوكَ) يَا عَلِيّ(فِيما شَجَرَ بَينَهُم)يعَنيِ فِيمَا تَعَاهَدُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَيهِ بَينَهُم مِن خِلَافِكَ وَ غَصبِكَ( ثُمّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِم حَرَجاً مِمّا قَضَيتَ)عَلَيهِم يَا مُحَمّدُ عَلَي لِسَانِكَ مِن وَلَايَتِهِ( وَ يُسَلّمُوا تَسلِيماً)لعِلَيِّ عَلَيهِ السّلَامُ.
صفحه : 576
فس ( وَ كَذلِكَ جَعَلنا لِكُلّ نبَيِّ عَدُوّا شَياطِينَ الإِنسِ وَ الجِنّ يوُحيِ بَعضُهُم إِلي بَعضٍ)يعَنيِ مَا بَعَثَ اللّهُ نَبِيّاً إِلّا وَ فِي أُمّتِهِ شَيَاطِينُ الإِنسِ وَ الجِنّيوُحيِ بَعضُهُم إِلي بَعضٍ، أَي يَقُولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ لَا تُؤمِنُوا بِ(زُخرُفَ القَولِ غُرُوراً)فَهَذَا وحَيٌ كَذِبٌ.
بيان المشهور في التفسير أنّ زخرف القول والغرور صفة لكلامهم ألذي يوُحيِ بَعضُهُم إِلي بَعضٍ، أي يقول بعضهم إلي بعض ، أي يوسوس ويلقي خفية بعضهم إلي بعض كلاما مموّها مزيّنا يستحسن ظاهره و لاحقيقة له ،غُرُوراً.. أي يغرونهم بذلك غرورا، أي ليغروهم ، و علي ما في تفسير علي بن ابراهيم المعني يلقي بعضهم إلي بعض الكلام ألذي يقولونه في شأن القرآن ، و هو أنّه زخرف القول غرورا، و لايخلو من بعدلكن لايأبي عن الاستقامة.
فس ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا ثُمّ كَفَرُوا ثُمّ آمَنُوا ثُمّ كَفَرُوا ثُمّ ازدادُوا كُفراً) قَالَ نَزَلَت فِي الّذِينَ آمَنُوا بِرَسُولِ اللّهُ إِقرَاراً لَا تَصدِيقاً ثُمّ كَفَرُوا لَمّا كَتَبُوا الكِتَابَ فِيمَا بَينَهُم أَن لَا يَرُدّوا الأَمرَ فِي أَهلِ بَيتِهِ أَبَداً، فَلَمّا نَزَلَتِ الوَلَايَةُ وَ أَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ المِيثَاقَ عَلَيهِم لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ آمَنُوا إِقرَاراً لَا
صفحه : 577
تَصدِيقاً، فَلَمّا مَضَي رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ كَفَرُوا فَازدَادُوا كُفراً( لَم يَكُنِ اللّهُ لِيَغفِرَ لَهُم وَ لا لِيَهدِيَهُم طَرِيقاً إِلّا طَرِيقَ جَهَنّمَ).
فس ( يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا مَن يَرتَدّ مِنكُم عَن دِينِهِ فَسَوفَ يأَتيِ اللّهُ بِقَومٍ يُحِبّهُم وَ يُحِبّونَهُ أَذِلّةٍ عَلَي المُؤمِنِينَ أَعِزّةٍ عَلَي الكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ) قَالَ هُوَ مُخَاطَبَةٌ لِأَصحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ الّذِينَ غَصَبُوا آلَ مُحَمّدٍ حَقّهُم وَ ارتَدّوا عَن دِينِ اللّهِ فَسَوفَ يأَتيِ اللّهُ بِقَومٍ يُحِبّهُم وَ يُحِبّونَهُ نَزَلَ فِي القَائِمِ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَصحَابِهِ الّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ( وَ لا يَخافُونَ لَومَةَ لائِمٍ).
فس أَبِي، عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَن أَبِي أَيّوبَ، عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِ( قَد مَكَرَ الّذِينَ مِن قَبلِهِم فَأَتَي اللّهُ بُنيانَهُم مِنَ القَواعِدِ فَخَرّ عَلَيهِمُ السّقفُ مِن فَوقِهِم وَ أَتاهُمُ العَذابُ مِن حَيثُ لا يَشعُرُونَ) قَالَ بيت [ثَبَتَ]مَكرُهُم .. أَي مَاتُوا فَأَلقَاهُمُ اللّهُ فِي النّارِ، وَ هُوَ مَثَلٌ لِأَعدَاءِ آلِ مُحَمّدٍ عَلَيهِ وَ عَلَيهِمُ السّلَامُ.
صفحه : 578
بيان قوله بيت مكرهم .. أي المراد بالبنيان بيت مكرهم ألذي بنوه مجازا. قال في مجمع البيان قيل إنّ هذامثل ضربه اللّه لاستئصالهم ، والمعني فأتي اللّه مكرهم من أصله .. أي عاد ضرر المكر إليهم .
فس (الّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدّوا عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدناهُم عَذاباً فَوقَ العَذابِ) قَالَ كَفَرُوا بَعدَ النّبِيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ صَدّوا عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ زِدنَاهُم عَذَاباً فَوقَ العَذَابِ(بِما كانُوا يُفسِدُونَ).
فس ( وَ الشّعَراءُ يَتّبِعُهُمُ الغاوُونَ) قَالَ نَزَلَت فِي الّذِينَ غَيّرُوا دِينَ اللّهِ وَ خَالَفُوا أَمرَ اللّهِ،هَل رَأَيتُم شَاعِراً يَتّبِعُهُ أَحَدٌ إِنّمَا عَنَي بِذَلِكَ الّذِينَ وَضَعُوا دِيناً بِآرَائِهِم فَتَبِعَهُمُ النّاسُ عَلَي ذَلِكَ، وَ يُؤَكّدُهُ قَولُهُ( أَ لَم تَرَ أَنّهُم فِي كُلّ وادٍ يَهِيمُونَ)يعَنيِ يُنَاظِرُونَ بِالأَبَاطِيلِ وَ يُجَادِلُونَ بِالحُجَجِ المُضِلّةِ، وَ فِي كُلّ مَذهَبٍ يَذهَبُونَ( وَ أَنّهُم يَقُولُونَ ما لا يَفعَلُونَ)بِرَدّهِم. قَالَ يَعِظُونَ النّاسَ وَ لَا يَتّعِظُونَ، وَ يَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَ لَا يَنتَهُونَ، وَ يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَ لَا
صفحه : 579
يعلمون [يَعمَلُونَ] وَ هُمُ الّذِينَ غَصَبُوا آلَ مُحَمّدٍ حَقّهُم، ثُمّ ذَكَرَ آلَ مُحَمّدٍ عَلَيهِمُ السّلَامُ وَ شِيعَتَهُمُ المُهتَدِينَ، فَقَالَ( إِلّا الّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللّهَ كَثِيراً وَ انتَصَرُوا مِن بَعدِ ما ظُلِمُوا) ثُمّ ذَكَرَ أَعدَاءَهُم وَ مَن ظَلَمَهُم، فَقَالَ( وَ سَيَعلَمُ الّذِينَ ظَلَمُوا)آلَ مُحَمّدٍ حَقّهُم( أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)هَكَذَا وَ اللّهِ نَزَلَت.
فس (احشُرُوا الّذِينَ ظَلَمُوا) قَالَ الّذِينَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمّدٍ حَقّهُم( وَ أَزواجَهُم) قَالَ وَ أَشبَاهَهُم.
فس فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ، عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِ(الّذِينَ كَذّبُوا بِالكِتابِ وَ بِما أَرسَلنا بِهِ رُسُلَنا...) إِلَي قَولِهِ(كَذلِكَ يُضِلّ اللّهُ الكافِرِينَ)فَقَد سَمّاهُمُ اللّهُ كَافِرِينَ مُشرِكِينَ بِأَن كَذّبُوا بِالكِتَابِ وَ قَد أَرسَلَ اللّهُ رُسُلَهُ بِالكِتَابِ وَ بِتَأوِيلِهِ فَمَن كَذّبَ بِالكِتَابِ أَو كَذّبَ بِمَا أَرسَلَ بِهِ رُسُلَهُ مِن تَأوِيلِ الكِتَابِ فَهُوَ مُشرِكٌ كَافِرٌ.
فس ( وَ لكِن يُدخِلُ مَن يَشاءُ فِي رَحمَتِهِ وَ الظّالِمُونَ)لِآلِ مُحَمّدٍ
صفحه : 580
حَقّهُم( ما لَهُم مِن ولَيِّ وَ لا نَصِيرٍ).( وَ لَو لا كَلِمَةُ الفَصلِ) قَالَ الكَلِمَةُ الإِمَامُ، وَ الدّلِيلُ عَلَي ذَلِكَ قَولُهُ( وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلّهُم يَرجِعُونَ)يعَنيِ الإِمَامَةَ، ثُمّ قَالَ( وَ إِنّ الظّالِمِينَ)يعَنيِ الّذِينَ ظَلَمُوا هَذِهِ الكَلِمَةَ(لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ)، ثُمّ قَالَ(تَرَي الظّالِمِينَ)يعَنيِ الّذِينَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمّدٍ حَقّهُم(مُشفِقِينَ مِمّا كَسَبُوا).. أَي خَائِفِينَ مِمّا ارتَكَبُوا وَ عَمِلُوا( وَ هُوَ واقِعٌ بِهِم).. مَا يَخَافُونَهُ، ثُمّ ذَكَرَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا بِالكَلِمَةِ وَ اتّبَعُوهَا، فَقَالَ( وَ الّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي رَوضاتِ الجَنّاتِ...) إِلَي قَولِهِ( ذلِكَ هُوَ الفَضلُ الكَبِيرُ)( ذلِكَ ألّذِي يُبَشّرُ اللّهُ عِبادَهُ الّذِينَ آمَنُوا)بِهَذِهِ الكَلِمَةِ( وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ)مِمّا أُمِرُوا بِهِ. ثُمّ قَالَ( وَ تَرَي الظّالِمِينَ)آلَ مُحَمّدٍ حَقّهُم( لَمّا رَأَوُا العَذابَ يَقُولُونَ هَل إِلي مَرَدّ مِن سَبِيلٍ).. أَي إِلَي الدّنيَا.
فس ( وَ تَرَي الظّالِمِينَ)آلَ مُحَمّدٍ حَقّهُم( لَمّا رَأَوُا
صفحه : 581
العَذابَ) وَ عَلِيّ هُوَ العَذَابُ فِي هَذَا الوَجهِ(يَقُولُونَ هَل إِلي مَرَدّ مِن سَبِيلٍ)فنَوُاَليِ عَلِيّاً( وَ تَراهُم يُعرَضُونَ عَلَيها خاشِعِينَ مِنَ الذّلّ)... أَي لعِلَيِّ(يَنظُرُونَ) إِلَي عَلِيّ( مِن طَرفٍ خفَيِّ وَ قالَ الّذِينَ آمَنُوا)يعَنيِ آلَ مُحَمّدٍ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ شِيعَتَهُم( إِنّ الخاسِرِينَ الّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم وَ أَهلِيهِم يَومَ القِيامَةِ أَلا إِنّ الظّالِمِينَ)آلَ مُحَمّدٍ حَقّهُم( فِي عَذابٍ مُقِيمٍ). قَالَ وَ اللّهِ يعَنيِ النّصّابَ الّذِينَ نَصَبُوا العَدَاوَةَ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ ذُرّيّتِهِ وَ المُكَذّبِينَ( وَ ما كانَ لَهُم مِن أَولِياءَ يَنصُرُونَهُم مِن دُونِ اللّهِ وَ مَن يُضلِلِ اللّهُ فَما لَهُ مِن سَبِيلٍ).
بيان قوله يعني النصّاب .. حال من فاعل قال ، و قوله و ما كان .. مفعول قال ، و في بعض النسخ قال و اللّه .. فالواو للقسم .
فس ( وَ ألّذِي قالَ لِوالِدَيهِ أُفّ لَكُما أَ تعَدِاننِيِ أَن أُخرَجَ...) إِلَي قَولِهِ( ما هذا إِلّا أَساطِيرُ الأَوّلِينَ) قَالَ نَزَلَت فِي عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَبِي بَكرٍ.
حدثّني العباس بن محمد، عن الحسن بن سهل ،بإسناد رفعه إلي جابر ابن زيد، عن جابر بن عبد اللّه، قال ثم أتبع اللّه جلّ ذكره مدح الحسين بن عليّ عليهما السلام بذمّ عبدالرحمن بن أبي بكر.
بيان روت العامّة أيضا أنّ الآية نزلت في عبدالرحمن بن أبي بكر، ويمكن أن
صفحه : 582
يكون قول الوالدين له ،لظاهر الأمر للمصلحة لا علي وجه الاعتقاد، ويظهر من بعض الأخبار أنّ المراد بالوالدين رسول اللّه و أمير المؤمنين عليهما السلام ، و من بعضها أنّ المراد بهما هنا الحسنان عليهما السلام .
قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ قَبلَ ذَلِكَ قَولُهُ ( وَ وَصّينَا الإِنسانَ بِوالِدَيهِ إِحساناً) قَالَ الإِحسَانُ رَسُولُ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ، قَولُهُبِوالِدَيهِإِنّمَا عنَيَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ عَلَيهِمَا السّلَامُ، ثُمّ عَطَفَ عَلَي الحُسَينِ عَلَيهِ السّلَامُ، فَقَالَ(حَمَلَتهُ أُمّهُ كُرهاً وَ وَضَعَتهُ كُرهاً...) وَ سَاقَ الكَلَامَ إِلَي قَولِهِ( وَ ألّذِي قالَ لِوالِدَيهِ أُفّ لَكُما...)
إلي آخر ماأوردنا،فيظهر منه أنّ المراد بالوالدين علي هذاالتأويل الحسنان ، و قدتكلّمنا في الخبر في مجلد الإمامة.
فس ( يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفعَلُونَ)مُخَاطَبَةٌ لِأَصحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ الّذِينَ وَعَدُوهُ أَن يَنصُرُوهُ وَ لَا يُخَالِفُوا أَمرَهُ وَ لَا يَنقُضُوا عَهدَهُ فِي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ،فَعَلِمَ اللّهُ أَنّهُم لَا يَفُونَ بِمَا يَقُولُونَ، فَقَالَ( لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفعَلُونَ كَبُرَ مَقتاً عِندَ اللّهِ...)الآيَةَ، وَ قَد سَمّاهُمُ اللّهُ مُؤمِنِينَ بِإِقرَارِهِم وَ إِن لَم يَصدُقُوا.
فس ( فَلَمّا رَأَوهُ زُلفَةً سِيئَت وُجُوهُ الّذِينَ كَفَرُوا) قَالَ إِذَا
صفحه : 583
كَانَ يَومُ القِيَامَةِ وَ نَظَرَ أَعدَاءُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ مَا أَعطَاهُ اللّهُ مِنَ المَنزِلَةِ الشّرِيفَةِ العَظِيمَةِ وَ بِيَدِهِ لِوَاءُ الحَمدِ وَ هُوَ عَلَي الحَوضِ يسَقيِ وَ يَمنَعُ يَسوَدّ وُجُوهُ أَعدَائِهِ،فَيُقَالُ لَهُم( هذَا ألّذِي كُنتُم بِهِ تَدّعُونَ)مَنزِلَهُ وَ مَوضِعَهُ وَ اسمَهُ.
ير أَحمَدُ بنُ مُحَمّدٍ، عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ، عَن مُحَمّدِ بنِ مَنصُورٍ، قَالَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ تَعَالَي( وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدنا عَلَيها آباءَنا وَ اللّهُ أَمَرَنا بِها،قُل إِنّ اللّهَ لا يَأمُرُ بِالفَحشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَي اللّهِ ما لا تَعلَمُونَ) فَقَالَ رَأَيتَ أَحَداً يَزعُمُ أَنّ اللّهَ أَمَرَ بِالزّنَا وَ شُربِ الخَمرِ أَو بشِيَءٍ مِن هَذِهِ المَحَارِمِ.فَقُلتُ لَا. فَقَالَ مَا هَذِهِ الفَاحِشَةُ التّيِ يَدّعُونَ أَنّ اللّهَ أَمَرَ بِهَا.فَقُلتُ اللّهُ أَعلَمُ وَ وَلِيّهُ. قَالَ فَإِنّ هَذِهِ فِي أَئِمّةِ الجَورِ ادّعَوا أَنّ اللّهَ أَمَرَهُم بِالِائتِمَامِ بِقَومٍ لَم يَأمُرِ اللّهُ بِالِائتِمَامِ بِهِم،فَرَدّ اللّهُ ذَلِكَ عَلَيهِم، وَ أَخبَرَنَا أَنّهُم قَد قَالُوا عَلَيهِ الكَذِبَ فَسَمّي اللّهُ ذَلِكَ مِنهُم فَاحِشَةً.
شي،[تفسير العياشي] عَن مُحَمّدِ بنِ مَنصُورٍ، عَن عَبدٍ صَالِحٍ، قَالَ سَأَلتُهُ .. وَ ذَكَرَ مِثلَهُ.
شي،[تفسير العياشي] عَن كُلَيبٍ الصيّداَويِّ، قَالَسَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ
صفحه : 584
عَن قَولِ اللّهِ( إِنّ الّذِينَ فَرّقُوا دِينَهُم وَ كانُوا شِيَعاً) ثُمّ قَالَ كَانَ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ يَقرَؤُهَا فَارَقُوا دِينَهُم، قَالَ فَارَقَ وَ اللّهِ القَومُ دِينَهُم.
بيان قال الطبرسي رحمه اللّه قرأ حمزة والكسائي فارقوا بالألف و هوالمرويّ عن عليّ عليه السلام والباقون فَرّقُوابالتشديد. ثم قال قال أبو علي من قرأ«فَرّقُوا»فتقديره يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض .. و من قرأ«فارقوا دينهم »فالمعني باينوه وخرجوا عنه ... و قال اختلف في المعنيين بهذه الآية علي أقوال أحدها أنّهم الكفّار وأصناف المشركين .. وثانيها أنّهم اليهود والنصاري ،لأنّه يكفّر بعضهم بعضا ... وثالثها أنّهم أهل الضلالة وأصحاب الشبهات والبدع من هذه الأمّة.رواه أبوهريرة وعائشة مرفوعا، و هوالمرويّ عن الباقر عليه السلام جعلوا دين اللّه أديانا لإكفار بعضهم بعضا وصاروا أحزابا وفرقا. وتتمّة الآية(لَستَ مِنهُم فِي شَيءٍ إِنّما أَمرُهُم إِلَي اللّهِ).قيل المعني أنّك لاتجتمع معهم في شيء من مذاهبهم الباطلة.
صفحه : 585
وقيل أي لست من مخالطتهم في شيء. وقيل أي لست من قتالهم في شيء. ثم نسختها آية القتال (إِنّما أَمرُهُم إِلَي اللّهِ...). وقيل في مجازاتهم علي سوء أفعالهم ، أو في الإنظار والاستئصال ، أوالحكم بينهم في اختلافهم إلي اللّه.