صفحه : 1

الجزء العشرون

تتمة كتاب تاريخ نبيناص

تتمة أبواب أحواله ص من البعثة إلي نزول المدينة

باب 11-ذكر جمل غزواته وأحواله ص بعدغزوة بدر الكبري إلي غزوة أحد

الآيات الحشركَمَثَلِ الّذِينَ مِن قَبلِهِم قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمرِهِم وَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌتفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله أي مثلهم في اغترارهم بعددهم وقوتهم وبقول المنافقين كَمَثَلِ الّذِينَ مِن قَبلِهِميعني‌ المشركين الذين قتلوا ببدر و ذلك قبل غزاة بني‌ النضير بستة أشهر عن الزهري‌ وغيره وقيل إن الّذِينَ مِن قَبلِهِم قَرِيباًهم بنو قينقاع عن ابن عباس و ذلك أنهم نقضوا العهد مرجع رسول الله ص من بدر فأمرهم رسول الله ص أن يخرجوا و قال عبد الله بن أبي لاتخرجوا فإني‌ آتي‌ النبي ص فأكلمه فيكم أوأدخل معكم الحصن فكان هؤلاء أيضا في إرسال عبد الله بن أبي إليهم ثم تركه نصرتهم كأولئك ذاقُوا وَبالَ أَمرِهِم أي عقوبة كفرهم وَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ في الآخرة


صفحه : 2

1-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]عم ،[إعلام الوري ] لَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَدِينَةِ مِن بَدرٍ لَم يُقِم بِالمَدِينَةِ إِلّا سَبعَ لَيَالٍ حَتّي غَزَا بِنَفسِهِ يُرِيدُ بنَيِ‌ سُلَيمٍ حَتّي بَلَغَ مَاءً مِن مِيَاهِهِم يُقَالُ لَهُ الكُدرُ فَأَقَامَ عَلَيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ثُمّ رَجَعَ إِلَي المَدِينَةِ وَ لَم يَلقَ كَيداً فَأَقَامَ بِهَا بَقِيّةَ شَوّالٍ وَ ذَا القَعدَةِ وَ فَادَي فِي إِقَامَتِهِ جُلّ أُسَارَي بَدرٍ مِن قُرَيشٍ. ثُمّ كَانَت غَزوَةُ السّوِيقِ وَ ذَلِكَ أَنّ أَبَا سُفيَانَ نَذَرَ أَن لَا يَمَسّ رَأسَهُ مِن جَنَابَةٍ حَتّي يَغزُوَ مُحَمّداًص فَخَرَجَ فِي مِائَةِ رَاكِبٍ مِن قُرَيشٍ لِيُبِرّ يَمِينَهُ حَتّي إِذَا كَانَ عَلَي بَرِيدٍ مِنَ المَدِينَةِ أَتَي بنَيِ‌ النّضِيرِ لَيلًا فَضَرَبَ عَلَي حيَ‌ّ بنِ أَخطَبَ بَابَهُ فَأَبَي أَن يَفتَحَ لَهُ فَانصَرَفَ عَنهُ إِلَي سَلَامِ بنِ مِشكَمٍ وَ كَانَ سَيّدَ بنَيِ‌ النّضِيرِ فَاستَأذَنَ عَلَيهِ فَأَذِنَ لَهُ وَ سَارّهُ ثُمّ خَرَجَ فِي عَقِبِ لَيلَتِهِ حَتّي أَتَي أَصحَابَهُ وَ بَعَثَ رِجَالًا مِن قُرَيشٍ إِلَي المَدِينَةِ فَأَتَوا نَاحِيَةً يُقَالُ لَهَا العُرَيضُ فَوَجَدُوا رَجُلًا مِنَ الأَنصَارِ وَ حَلِيفاً لَهُ فَقَتَلُوهُمَا ثُمّ انصَرَفُوا وَ نَذَرَ بِهِمُ النّاسُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِص فِي طَلَبِهِم حَتّي بَلَغَ قَرقَرَةَ الكُدرِ وَ رَجَعَ وَ قَد فَاتَهُ أَبُو سُفيَانَ وَ رَأَوا زَاداً مِن أَزوَادِ القَومِ قَد طَرَحُوهَا يَتَخَفّفُونَ مِنهَا لِلنّجَاءِ.


صفحه : 3

وَ كَانَ فِيهَا السّوِيقُ فَسُمّيَت غَزوَةَ السّوِيقِ وَ وَافَقُوا السّوقَ وَ كَانَت لَهُم تِجَارَاتٌ فَقَالَ المُسلِمُونَ حِينَ رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص بِهِم يَا رَسُولَ اللّهِص أَ نَطمَعُ بِأَن تَكُونَ لَنَا غَزوَةٌ فَقَالَص نَعَم. ثُمّ كَانَت غَزوَةُ ذيِ‌ أَمَرٍ بَعدَ مُقَامِهِ بِالمَدِينَةِ بَقِيّةَ ذيِ‌ الحِجّةِ وَ المُحَرّمَ مَرجِعَهُ مِن غَزوَةِ السّوِيقِ وَ ذَلِكَ لَمّا بَلَغَهُ أَنّ جَمعاً مِن غَطَفَانَ قَد تَجَمّعُوا يُرِيدُونَ أَن يُصِيبُوا مِن أَطرَافِ المَدِينَةِ عَلَيهِم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ دُعثُورُ بنُ الحَارِثِ بنِ مُحَارِبٍ فَخَرَجَ فِي أَربَعِمِائَةِ رَجُلٍ وَ خَمسِينَ رَجُلًا وَ مَعَهُم أَفرَاسٌ وَ هَرَبَ مِنهُ الأَعرَابُ فَوقَ ذُرَي الجِبَالِ وَ نَزَلَص ذَا أَمَرٍ وَ عَسكَرَ بِهِ وَ أَصَابَهُم مَطَرٌ كَثِيرٌ فَذَهَبَ رَسُولُ اللّهِص لِحَاجَةٍ فَأَصَابَهُ ذَلِكَ المَطَرُ فَبَلّ ثَوبَهُ وَ قَد جَعَلَ رَسُولُ اللّهِص واَديِ‌َ أَمَرٍ بَينَهُ وَ بَينَ أَصحَابِهِ ثُمّ نَزَعَ ثِيَابَهُ فَنَشَرَهَا لِتَجُفّ وَ أَلقَاهَا عَلَي شَجَرَةٍ ثُمّ اضطَجَعَ تَحتَهَا وَ الأَعرَابُ يَنظُرُونَ إِلَي كُلّ مَا يَفعَلُ رَسُولُ اللّهِص فَقَالَتِ الأَعرَابُ لِدُعثُورٍ وَ كَانَ سَيّدَهُم وَ أَشجَعَهُم قَد أَمكَنَكَ مُحَمّدٌ وَ قَدِ انفَرَدَ مِن بَينِ أَصحَابِهِ حَيثُ إِن غَوّثَ بِأَصحَابِهِ لَم يُغَث حَتّي تَقتُلَهُ فَاختَارَ سَيفاً مِن سُيُوفِهِم صَارِماً ثُمّ أَقبَلَ مُشتَمِلًا عَلَي السّيفِ حَتّي قَامَ عَلَي رَأسِ رَسُولِ اللّهِص بِالسّيفِ مَشهُوراً فَقَالَ يَا مُحَمّدُ مَن يَمنَعُكَ منِيّ‌ اليَومَ قَالَ اللّهُ وَ دَفَعَ جَبرَئِيلُ فِي صَدرِهِ فَوَقَعَ السّيفُ مِن يَدِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللّهِص وَ قَامَ عَلَي رَأسِهِ فَقَالَ مَن يَمنَعُكَ منِيّ‌ قَالَ لَا أَحَدَ وَ أَنَا أَشهَدُ أَن لَا


صفحه : 4

إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ وَ اللّهِ لَا أُكثِرُ عَلَيكَ جَمعاً أَبَداً فَأَعطَاهُ رَسُولُ اللّهِص سَيفَهُ ثُمّ أَدبَرَ ثُمّ أَقبَلَ بِوَجهِهِ ثُمّ قَالَ وَ اللّهِ لَأَنتَ خَيرٌ منِيّ‌ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنَا أَحَقّ بِذَلِكَ فَأَتَي قَومَهُ فَقِيلَ لَهُ أَينَ مَا كُنتَ تَقُولُ وَ قَد أَمكَنَكَ وَ السّيفُ فِي يَدِكَ قَالَ قَد كَانَ وَ اللّهِ ذَلِكَ وَ لكَنِيّ‌ نَظَرتُ إِلَي رَجُلٍ أَبيَضَ طَوِيلٍ دَفَعَ فِي صدَريِ‌ فَوَقَعتُ لظِهَريِ‌ فَعَرَفتُ أَنّهُ مَلَكٌ وَ شَهِدتُ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ وَ اللّهِ لَا أُكثِرُ عَلَيهِ وَ جَعَلَ يَدعُو قَومَهُ إِلَي الإِسلَامِ وَ نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَتَ اللّهِ عَلَيكُم إِذ هَمّ قَومٌ أَن يَبسُطُوا إِلَيكُم أَيدِيَهُم فَكَفّ أَيدِيَهُم عَنكُمالآيَةَ. ثُمّ كَانَت غَزوَةُ القَرَدَةِ مَاءٌ مِن مِيَاهِ نَجدٍ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِص زَيدَ بنَ حَارِثَةَ بَعدَ رُجُوعِهِ مِن بَدرٍ إِلَي المَدِينَةِ بِسِتّةِ أَشهُرٍ فَأَصَابُوا عِيراً لِقُرَيشٍ عَلَي القَرَدَةِ فِيهَا أَبُو سُفيَانَ وَ مَعَهُ فِضّةٌ كَثِيرَةٌ وَ ذَلِكَ لِأَنّ قُرَيشاً قَد خَافَت طَرِيقَهَا التّيِ‌ كَانَت تَسلُكُ إِلَي الشّامِ حِينَ كَانَ مِن وَقعَةِ بَدرٍ فَسَلَكُوا طَرِيقَ العِرَاقِ وَ استَأجَرُوا رَجُلًا مِن بَكرِ بنِ وَائِلٍ يُقَالُ لَهُ فُرَاتُ بنُ حَيّانَ يَدُلّهُم عَلَي الطّرِيقِ فَأَصَابَ زَيدُ بنُ حَارِثَةَ تِلكَ العِيرَ وَ أَعجَزَتهُ الرّجَالُ هَرَباً. وَ فِي رِوَايَةِ الواَقدِيِ‌ّ أَنّ ذَلِكَ العِيرَ مَعَ صَفوَانَ بنِ أُمَيّةَ وَ أَنّهُم قَدِمُوا


صفحه : 5

بِالعِيرِ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ أَسَرُوا رَجُلًا أَو رَجُلَينِ وَ كَانَ فُرَاتُ بنُ حَيّانَ أَسِيراً فَأَسلَمَ فَتُرِكَ مِنَ القَتلِ. ثُمّ كَانَت غَزوَةُ بنَيِ‌ قَينُقَاعَ يَومَ السّبتِ لِلنّصفِ مِن شَوّالٍ عَلَي رَأسِ عِشرِينَ شَهراً مِنَ الهِجرَةِ وَ ذَلِكَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ جَمَعَهُم وَ إِيّاهُ سُوقَ بنَيِ‌ قَينُقَاعَ فَقَالَ لِليَهُودِ احذَرُوا مِنَ اللّهِ مِثلَ مَا نَزَلَ بِقُرَيشٍ مِن قَوَارِعِ اللّهِ فَأَسلِمُوا فَإِنّكُم قَد عَرَفتُم نعَتيِ‌ وَ صفِتَيِ‌ فِي كِتَابِكُم فَقَالُوا يَا مُحَمّدُ لَا يَغُرّنّكَ أَنّكَ لَقِيتَ قَومَكَ فَأَصَبتَ مِنهُم فَإِنّا وَ اللّهِ لَو حَارَبنَاكَ لَعَلِمتَ أَنّا خِلَافُهُم فَكَادَت تَقَعُ بَينَهُمُ المُنَاجَزَةُ وَ نَزَلَت فِيهِمقَد كانَ لَكُم آيَةٌ فِي فِئَتَينِ التَقَتا إِلَي قَولِهِلأِوُليِ‌ الأَبصارِ. وَ روُيِ‌َ أَنّ رَسُولَ اللّهِص حَاصَرَهُم سِتّةَ أَيّامٍ حَتّي نَزَلُوا عَلَي حُكمِهِ


صفحه : 6

فَقَامَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِص موَاَليِ‌ّ وَ حلُفَاَئيِ‌ وَ قَد منَعَوُنيِ‌ مِنَ الأَسوَدِ وَ الأَحمَرِ ثَلَاثُمِائَةِ دَارِعٍ وَ أَربَعُمِائَةِ حَاسِرٍ تَحصُدُهُم فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ إنِيّ‌ وَ اللّهِ لَا آمَنُ وَ أَخشَي الدّوَائِرَ وَ كَانُوا حُلَفَاءَ الخَزرَجِ دُونَ الأَوسِ فَلَم يَزَل يَطلُبُ فِيهِم حَتّي وَهَبَهُم لَهُ فَلَمّا رَأَوا مَا نَزَلَ بِهِم مِنَ الذّلّ خَرَجُوا مِنَ المَدِينَةِ وَ نَزَلُوا أَذرِعَاتٍ وَ نَزَلَت فِي عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ وَ نَاسٍ مِن بنَيِ‌ الخَزرَجِيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ وَ النّصاري أَولِياءَ إِلَي قَولِهِفِي أَنفُسِهِم نادِمِينَ

2-فس ،[تفسير القمي‌]قُل لِلّذِينَ كَفَرُوا سَتُغلَبُونَ وَ تُحشَرُونَ إِلي جَهَنّمَ وَ بِئسَ المِهادُفَإِنّهَا نَزَلَت بَعدَ بَدرٍ لَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص مِن بَدرٍ أَتَي بنَيِ‌ قَينُقَاعَ وَ هُم بِنَادِيهِم وَ كَانَ بِهَا سُوقٌ يُسَمّي سُوقَ النّبَطِ فَأَتَاهُم رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ يَا مَعشَرَ اليَهُودِ قَد عَلِمتُم مَا نَزَلَ بِقُرَيشٍ وَ هُم أَكثَرُ عَدَداً وَ سِلَاحاً وَ كُرَاعاً مِنكُم فَادخُلُوا فِي الإِسلَامِ فَقَالُوا يَا مُحَمّدُ إِنّكَ تَحسَبُ حَربَنَا مِثلَ حَربِ قَومِكَ وَ اللّهِ لَو قَد لَقِيتَنَا لَلَقِيتَ رِجَالًا فَنَزَلَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمّدُقُل لِلّذِينَ كَفَرُوا سَتُغلَبُونَ وَ تُحشَرُونَ إِلي جَهَنّمَ وَ بِئسَ المِهادُ قَد كانَ لَكُم آيَةٌ فِي فِئَتَينِ التَقَتايعَنيِ‌ فِئَةَ المُسلِمِينَ وَ فِئَةَ الكُفّارِ إِنّهَا عِبرَةٌ لَكُم وَ إِنّهُ تَهدِيدٌ لِليَهُودِفِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ


صفحه : 7

وَ أُخري كافِرَةٌ يَرَونَهُم مِثلَيهِم رأَي‌َ العَينِ أَي كَانُوا مثِليَ‌ِ المُسلِمِينَوَ اللّهُ يُؤَيّدُ بِنَصرِهِ مَن يَشاءُيعَنيِ‌ رَسُولَ اللّهِ يَومَ بَدرٍإِنّ فِي ذلِكَ لَعِبرَةً لأِوُليِ‌ الأَبصارِ

3-أَقُولُ قَالَ فِي المُنتَقَي، فِي وَقَائِعِ السّنَةِ الثّانِيَةِ مِنَ الهِجرَةِ وَ فِي هَذِهِ السّنَةِ كَانَت سَرِيّةُ عُمَيرِ بنِ عدَيِ‌ّ بنِ خَرَشَةَ إِلَي عَصمَاءَ بِنتِ مَروَانَ اليهَوُديِ‌ّ لِخَمسِ لَيَالٍ مَضَينَ مِن شَهرِ رَمَضَانَ عَلَي رَأسِ تِسعَةَ عَشَرَ شَهراً مِنَ الهِجرَةِ وَ كَانَت عَصمَاءُ تُعَيّبُ المُسلِمِينَ وَ تؤُذيِ‌ رَسُولَ اللّهِص وَ تَقُولُ الشّعرَ فَجَاءَ عُمَيرٌ حَتّي دَخَلَ عَلَيهَا بَيتَهَا وَ حَولَهَا نَفَرٌ مِن وُلدِهَا أَيتَامٌ مِنهُم مَن تُرضِعُهُ فِي صَدرِهَا فَنَحّي الصبّيِ‌ّ عَنهَا وَ وَضَعَ سَيفَهُ فِي صَدرِهَا حَتّي أَنفَذَهُ مِن ظَهرِهَا وَ صَلّي الصّبحَ مَعَ النّبِيّص بِالمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص أَ قَتَلتَ ابنَةَ مَروَانَ قَالَ نَعَم قَالَ لَا يَنتَطِحُ فِيهَا عَنزَانِ وَ كَانَت هَذِهِ الكَلِمَةُ أَوّلَ مَا سُمِعَت مِن رَسُولِ اللّهِص وَ فِي هَذِهِ السّنَةِ كَانَت غَزوَةُ بنَيِ‌ قَينُقَاعَ

أقول وساق القصة نحو مامر إلا أنه قال حاصرهم خمس عشرة ليلة قال ثم أمر بإجلائهم وغنم رسول الله ص والمسلمون ما كان لهم من مال و كان أول خمس خمّس في الإسلام بعدبدر

4- وَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ وَ كَانَ ألّذِي تَوَلّي إِخرَاجَهُم عِبَادَةُ بنُ الصّامِتِ ثُمّ سَارُوا إِلَي أَذرِعَاتٍ مِن أَرضِ الشّامِ فَلَم يَلبَثُوا إِلّا قَلِيلًا حَتّي هَلَكُوا وَ كَانَ قَدِ استَخلَفَ عَلَي المَدِينَةِ أَبَا لُبَابَةَ وَ كَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اللّهِ مَعَ حَمزَةَ ثُمّ انصَرَفَ رَسُولُ اللّهِص


صفحه : 8

وَ حَضَرَ الأَضحَي فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المُصَلّي فَصَلّي بِالمُسلِمِينَ وَ هيِ‌َ أَوّلُ صَلَاةِ عِيدٍ صَلّاهَا وَ ضَحّي فِيهِ رَسُولُ اللّهِص بِشَاتَينِ وَ قِيلَ بِشَاةٍ وَ كَانَ أَوّلُ أَضحًي رَآهُ المُسلِمُونَ وَ ضَحّي مَعَهُ ذَوُو اليَسَارِ وَ كَانَتِ الغَزوَةُ فِي شَوّالٍ بَعدَ بَدرٍ وَ قِيلَ كَانَت فِي صَفَرٍ سَنَةِ ثَلَاثٍ جَعَلَهَا بَعدَ غَزوَةِ الكُدرِ

قال ابن إسحاق كانت في شوال سنة اثنتين

وَ قَالَ الواَقدِيِ‌ّ كَانَت فِي مُحَرّمٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ كَانَ قَد بَلَغَ رَسُولَ اللّهِص اجتِمَاعُ بنَيِ‌ سُلَيمٍ فِي مَاءٍ لَهُم يُقَالُ لَهُ الكُدرُ بِضَمّ الكَافِ وَ سُكُونِ الدّالِ المُهمَلَةِ فَسَارَ رَسُولُ اللّهِ إِلَي الكُدرِ فَلَم يَلقَ كَيداً وَ كَانَ لِوَاؤُهُ مَعَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ استَخلَفَ عَلَي المَدِينَةِ ابنَ أُمّ مَكتُومٍ وَ عَادَ وَ مَعَهُ النّعَمُ وَ الرّعَاءُ وَ كَانَ قُدُومُهُ فِي قَولٍ لِعَشرِ لَيَالٍ مَضَينَ مِن شَوّالٍ وَ بَعدَ قُدُومِهِ أَرسَلَ غَالِبَ بنَ عَبدِ اللّهِ الليّثيِ‌ّ فِي سَرِيّةٍ إِلَي بنَيِ‌ سُلَيمٍ وَ غَطَفَانَ فَقَتَلُوا فِيهِم وَ غَنِمُوا النّعَمَ وَ استُشهِدَ مِنَ المُسلِمِينَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَ عَادُوا مُنتَصَفَ شَوّالٍ ثُمّ كَانَ غَزوَةُ السّوِيقِ وَ فِي ذيِ‌ الحِجّةِ مِنَ السّنَةِ الثّانِيَةِ مَاتَ عُثمَانُ بنُ مَظعُونٍ فَدُفِنَ بِالبَقِيعِ وَ جَعَلَ رَسُولُ اللّهِص عَلَي رَأسِ قَبرِهِ حَجَراً عَلَامَةً لِقَبرِهِ


صفحه : 9

5- وَ قَالَ فِي المُنتَقَي فِي السّنَةِ الثّانِيَةِ مَاتَ أُمَيّةُ بنُ الصّلتِ وَ كَانَ قَد قَرَأَ الكُتُبَ المُتَقَدّمَةَ وَ رَغِبَ عَن عِبَادَةِ الأَوثَانِ وَ أُخبِرَ أَنّ نَبِيّاً يَخرُجُ قَد أَظَلّ زَمَانُهُ وَ كَانَ يُؤَمّلُ أَن يَكُونَ ذَلِكَ النّبِيّ فَلَمّا بَلَغَهُ خُرُوجُ رَسُولِ اللّهِ كَفَرَ بِهِ حَسَداً وَ لَمّا أَنشَدَ لِرَسُولِ اللّهِص شِعرَهُ قَالَ آمَنَ لِسَانُهُ وَ كَفَرَ قَلبُهُ وَ ذَكَرَ غَزوَةَ السّوِيقِ فِي حَوَادِثِ السّنَةِ الثّالِثَةِ وَ ذَكَرَ أَنّ غَيبَتَهُص فِيهَا كَانَت خَمسَةَ أَيّامٍ

6- وَ قَالَ فِي الكَامِلِ فِي المُحَرّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ سَمِعَ رَسُولُ اللّهِص أَنّ جَمعاً مِن بنَيِ‌ سَعدِ بنِ تَغلِبَةَ وَ بنَيِ‌ مُحَارِبِ بنِ حَفصَةَ تَجَمّعُوا لِيُصِيبُوا فَسَارَ إِلَيهِم فِي أَربَعِمِائَةٍ وَ خَمسِينَ رَجُلًا فَلَمّا صَارَ بذِيِ‌ القَصّةِ بِفَتحِ القَافِ وَ الصّادِ المُهمَلَةِ لقَيِ‌َ رَجُلًا مِن تَغلِبَةَ فَدَعَاهُ إِلَي الإِسلَامِ فَأَسلَمَ وَ أَخبَرَهُ أَنّ المُشرِكِينَ أَتَاهُم خَبَرُهُ فَهَرَبُوا إِلَي رُءُوسِ الجِبَالِ فَعَادَ وَ لَم يَلقَ كَيداً وَ كَانَ مُقَامُهُ اثنتَيَ‌ عَشرَةَ لَيلَةً وَ فِي تِلكَ السّنَةِ فِي جُمَادَي الأُولَي غَزَا بنَيِ‌ سُلَيمٍ بِنَجرَانَ وَ سَبَبُ هَذِهِ الغَزوَةِ أَنّ جَمعاً مِن بنَيِ‌ سُلَيمٍ تَجَمّعُوا بِنَجرَانَ مِن نَاحِيَةِ الفُرعِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللّهِص فَسَارَ إِلَيهِم فِي ثَلَاثِمِائَةٍ فَلَمّا صَارَ إِلَي نَجرَانَ وَجَدَهُم قَد تَفَرّقُوا


صفحه : 10

فَانصَرَفَ وَ لَم يَلقَ كَيداً وَ كَانَت غَيبَتُهُ عَشرَ لَيَالٍ وَ استَخلَفَ عَلَي المَدِينَةِ ابنَ أُمّ مَكتُومٍ

7- وَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ وَ الكاَزرِوُنيِ‌ّ دَخَلَ حَدِيثُ بَعضِهِم فِي بَعضٍ وَ فِي هَذِهِ السّنَةِ قُتِلَ كَعبُ بنُ الأَشرَفِ مِن طيَ‌ّءٍ وَ كَانَت أُمّهُ مِن بنَيِ‌ النّضِيرِ وَ كَانَ قَد كَبُرَ عَلَيهِ قَتلُ مَن قُتِلَ بِبَدرٍ مِن قُرَيشٍ فَسَارَ إِلَي مَكّةَ وَ حَرّضَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ بَكَي عَلَي قَتلَي بَدرٍ وَ كَانَ يُشَبّبُ بِنِسَاءِ المُسلِمِينَ حَتّي آذَاهُم فَلَمّا عَادَ إِلَي المَدِينَةِ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن لِي بِابنِ الأَشرَفِ فَإِنّهُ قَد آذَي اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَامَ مُحَمّدُ بنُ مَسلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ[ اللّهِ] أَ تُحِبّ أَن أَقتُلَهُ قَالَ نَعَم قَالَ فَأذَن لِي أَن أَقُولَ شَيئاً قَالَ قُل فَاجتَمَعَ مُحَمّدُ بنُ مَسلَمَةَ وَ سَلكَانُ بنُ سَلَامَةَ وَ قَيسٌ وَ هُوَ أَبُو نَائِلَةَ وَ الحَارِثُ بنُ أَوسٍ وَ كَانَ أَخَا كَعبٍ مِنَ الرّضَاعَةِ وَ أَبُو عَبسِ بنُ جُبَيرٍ ثُمّ قَدِمُوا إِلَي ابنِ الأَشرَفِ فَجَاءَ مُحَمّدُ بنُ مَسلَمَةَ فَتَحَدّثَ مَعَهُ ثُمّ قَالَ يَا ابنَ الأَشرَفِ إنِيّ‌ قَد جِئتُكَ لِحَاجَةٍ فَاكتُمهَا عَلَيّ قَالَ افعَل قَالَ كَانَ قُدُومُ هَذَا الرّجُلِ بَلَاءً عَادَتنَا العَرَبُ وَ انقَطَعَ عَنّا السّبِيلُ حَتّي ضَاعَ عَنّا العِيَالُ وَ جَهَدَتِ الأَنفُسُ فَقَالَ كَعبٌ قَد كُنتُ أَخبَرتُكَ بِهَذَا قَالَ أَبُو نَائِلَةَ


صفحه : 11

وَ أُرِيدُ أَن تَبِيعَنَا طَعَاماً وَ نَرهَنَكَ وَ نُوثِقَ لَكَ أَ تُحسِنُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ نَعَم ارهنَوُنيِ‌ نِسَاءَكُم قَالُوا كَيفَ نَرهَنُكَ نِسَاءَنَا وَ أَنتَ أَجمَلُ العَرَبِ قَالَ فاَرهنَوُنيِ‌ أَبنَاءَكُم قَالُوا كَيفَ نَرهَنُكَ أَبنَاءَنَا فَيُسَبّ أَحَدُهُم فَيُقَالُ رَهنٌ بِوَسقٍ أَو وَسقَينِ هَذَا عَارٌ عَلَينَا وَ لَكِنّا نَرهَنُكَ اللّأمَةَ يعَنيِ‌ السّلَاحَ وَ أَرَادَ بِذَلِكَ أَن لَا يُنكِرَ السّلَاحَ إِذَا أَتَوهُ بِهِ فَوَاعَدَهُ أَن يَأتِيَهُ فَأَتَي أَصحَابَهُ وَ أَخبَرَهُم فَأَخَذَ السّلَاحَ وَ سَارُوا إِلَيهِ وَ تَبِعَهُمُ النّبِيّص إِلَي بَقِيعِ الغَرقَدِ وَ دَعَا لَهُم فَلَمّا انتَهَوا إِلَي الحِصنِ هَتَفَ بِهِ أَبُو نَائِلَةَ وَ كَانَ كَعبٌ قَرِيبَ عَهدٍ بِعُرسٍ فَوَثَبَ فَقَالَت لَهُ امرَأَتُهُ أَينَ تَخرُجُ هَذِهِ السّاعَةَ أَسمَعُ صَوتاً كَأَنّهُ يَقطُرُ مِنهُ الدّمُ قَالَ إِنّمَا هُوَ أخَيِ‌ مُحَمّدُ بنُ مَسلَمَةَ وَ رضَيِعيِ‌ أَبُو نَائِلَةَ إِنّ الكَرِيمَ إِذَا دعُيِ‌َ إِلَي طَعنَةٍ بِلَيلٍ لَأَجَابَ فَنَزَلَ إِلَيهِم وَ تَحَدّثَ مَعَهُم سَاعَةً وَ سَارُوا مَعَهُ إِلَي شِعبِ العَجُوزِ ثُمّ إِنّ أَبَا نَائِلَةَ قَالَ مَا رَأَيتُ كَاليَومِ رِيحاً أَطيَبَ أَ تَأذَنُ لِي أَن أَشَمّ رَأسَكَ قَالَ فَشَمّهُ حَتّي فَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً فَلَمّا استَمكَنَ مِنهُ أَخَذَ بِرَأسِهِ وَ قَالَ اضرِبُوا عَدُوّ اللّهِ فَاختَلَفَ عَلَيهِ أَسيَافُهُم فَلَم يُغنِ شَيئاً قَالَ مُحَمّدُ بنُ مَسلَمَةَ قَد كُنتُ مَشغُولًا فَأَخَذتُهُ وَ قَد صَاحَ عَدُوّ اللّهِ صَيحَةً لَم يَبقَ حَولَنَا حِصنٌ إِلّا أُوقِدَت عَلَيهِ نَارٌ فَتَحَامَلتُ عَلَيهِ وَ قَتَلتُهُ وَ قَد أَصَابَ الحَارِثَ بنَ أَوسٍ بَعضُ أَسيَافِنَا فَاحتَمَلنَاهُ وَ جِئنَا بِهِ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَخبَرنَاهُ بِقَتلِ عَدُوّ اللّهِ فَتَفَلَ عَلَي جَرحِ صَاحِبِنَا وَ عُدنَا إِلَي أَهلِنَا فَأَصبَحنَا وَ قَد خَافَتِ اليَهُودُ فَلَيسَ بِهَا يهَوُديِ‌ّ إِلّا وَ هُوَ يَخَافُ عَلَي نَفسِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن ظَفَرتُم بِهِ مِن رِجَالِ يَهُودَ فَاقتُلُوهُ فَوَثَبَ مُحَيّصَةُ بنُ مَسعُودٍ عَلَي ابنِ سُنَينَةَ اليهَوُديِ‌ّ


صفحه : 12

وَ هُوَ مِن تُجّارِ اليَهُودِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ خويصة[حُوَيّصَةُ] وَ هُوَ مُشرِكٌ يَا عَدُوّ اللّهِ قَتَلتَهُ أَمَا وَ اللّهِ لَرُبّ شَحمٍ فِي بَطنِكَ مِن مَالِهِ فَقَالَ مُحَيّصَةُ لَو أمَرَنَيِ‌ بِقَتلِكَ مَن أمَرَنَيِ‌ بِقَتلِهِ لَقَتَلتُكَ قَالَ فَوَ اللّهِ إِن كَانَ لَأَوّلِ إِسلَامِ خويصة[حُوَيّصَةُ] ثُمّ أَسلَمَ عَبَسُ بنُ جُبَيرٍ وَ كَانَ قَتلُ كَعبٍ لِأَربَعَ عَشرَةَ لَيلَةً مَضَت مِن رَبِيعٍ الأَوّلِ وَ فِي هَذَا الشّهرِ تَزَوّجَ عُثمَانُ بنُ عَفّانَ أُمّ كُلثُومٍ بِنتَ رَسُولِ اللّهِص وَ بَنَي بِهَا فِي جُمَادَي الآخِرَةِ

8- وَ قَالَ الكاَزرِوُنيِ‌ّ وَ فِي هَذِهِ السّنَةِ تَزَوّجَ رَسُولُ اللّهِص حَفصَةَ بِنتَ عُمَرَ فِي شَعبَانَ وَ كَانَت قَبلَهُ تَحتَ خُنَيسِ بنِ حُذَاقَةَ السهّميِ‌ّ فِي الجَاهِلِيّةِ فتَوُفُيّ‌َ عَنهَا وَ فِيهَا تَزَوّجَص زَينَبَ بِنتَ خُزَيمَةَ وَ كَانَت تُسَمّي فِي الجَاهِلِيّةِ أُمّ المَسَاكِينِ وَ كَانَت عِندَ الطّفَيلِ بنِ الحَارِثِ بنِ المُطّلِبِ فَطَلّقَهَا فَتَزَوّجَهَا أَخُوهُ عُبَيدَةُ فَقُتِلَ عَنهَا يَومَ بَدرٍ شَهِيداً فَتَزَوّجَهَا رَسُولُ اللّهِص فِي شَهرِ رَمَضَانَ مِن هَذِهِ السّنَةِ وَ أَصدَقَهَا اثنتَيَ‌ عَشرَةَ أُوقِيّةً وَ نَشّاً فَمَكَثَت عِندَهُ ثَمَانِيَةَ أَشهُرٍ وَ تُوُفّيَت وَ فِي هَذِهِ السّنَةِ وُلِدَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ عَلَيهِمَا السّلَامُ فِي النّصفِ مِن شَهرِ رَمَضَانَ

9- قَالَ ابنُ الأَثِيرِ وَ فِيهَا كَانَت غَزوَةُ القَرَدَةِ وَ فِيهَا فِي جُمَادَي الآخِرَةِ قُتِلَ أَبُو رَافِعٍ سَلّامُ بنُ أَبِي الحُقَيقِ اليهَوُديِ‌ّ وَ كَانَ يُظَاهِرُ كَعبَ بنَ الأَشرَفِ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَلَمّا قُتِلَ ابنُ الأَشرَفِ فَكَانَ قَتلُهُ مِنَ الأَوسِ قَالَتِ الخَزرَجُ وَ اللّهِ


صفحه : 13

لَا يَذهَبُونَ بِهَا عَلَينَا عِندَ رَسُولِ اللّهِ فَتَذَاكَرَ الخَزرَجُ مَن يعُاَديِ‌ رَسُولَ اللّهِص كَابنِ الأَشرَفِ فَذَكَرُوا ابنَ أَبِي الحُقَيقِ وَ هُوَ بِخَيبَرَ فَاستَأذَنُوا رَسُولَ اللّهِص فِي قَتلِهِ فَأَذِنَ لَهُم فَخَرَجَ إِلَيهِ مِنَ الخَزرَجِ عَبدُ اللّهِ بنُ عَتِيكٍ وَ مَسعُودُ بنُ سِنَانٍ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُنَيسٍ وَ أَبُو قَتَادَةَ وَ خزُاَعيِ‌ّ بنُ الأَسوَدِ حَلِيفٌ لَهُم وَ أَمَرَ عَلَيهِم عَبدُ اللّهِ بنُ عَتِيكٍ فَخَرَجُوا حَتّي قَدِمُوا خَيبَرَ فَأَتَوا دَارَ أَبِي رَافِعٍ لَيلًا فَلَم يَدَعُوا بَاباً فِي الدّارِ إِلّا أَغلَقُوهُ عَلَي أَهلِهِ وَ كَانَ فِي عِلّيّةٍ فَاستَأذَنُوا عَلَيهِ فَخَرَجَتِ امرَأَتُهُ فَقَالَت مَن أَنتُم قَالُوا مِنَ العَرَبِ نَلتَمِسُ المِيرَةَ قَالَ[قَالَت]ذَاكَ صَاحِبُكُم فَادخُلُوا عَلَيهِ فَلَمّا دَخَلُوا أَغلَقُوا بَابَ العِلّيّةِ وَ بَدَرُوهُ عَلَي فِرَاشِهِ فَصَاحَتِ المَرأَةُ فَجَعَلَ الرّجُلُ مِنهُم يُرِيدُ قَتلَهَا فَيَذكُرُ نهَي‌َ النّبِيّص إِيّاهُم عَن قَتلِ النّسَاءِ وَ الصّبيَانِ فَيَكُفّ عَنهَا فَضَرَبُوهُ بِأَسيَافِهِم وَ تَحَامَلَ عَلَيهِ عَبدُ اللّهِ بنُ أُنَيسٍ بِسَيفِهِ فِي بَطنِهِ حَتّي أَنفَذَهُ ثُمّ خَرَجُوا مِن عِندِهِ وَ كَانَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَتِيكٍ سَيّئَ البَصَرِ فَوَقَعَ مِنَ الدّرَجَةِ فَوَثَبَت رِجلُهُ وَثباً شَدِيداً وَ احتَمَلُوهُ وَ رَجَعُوا وَ طَلَبَتهُمُ اليَهُودُ فِي كُلّ وَجهٍ فَلَم يَرَوهُم فَرَجَعُوا إِلَي صَاحِبِهِم فَقَالَ المُسلِمُونَ كَيفَ نَعلَمُ أَنّ عَدُوّ اللّهِ قَد مَاتَ فَعَادَ بَعضُهُم وَ دَخَلَ فِي النّاسِ فَرَآهُ وَ النّاسُ حَولَهُ وَ هُوَ يَقُولُ قَد عَرَفتُ صَوتَ ابنِ عَتِيكٍ ثُمّ صَاحَتِ امرَأَتُهُ وَ قَالَت مَاتَ وَ اللّهِ قَالَ فَمَا سَمِعتُ كَلِمَةً أَلَذّ إِلَي نفَسيِ‌ مِنهَا ثُمّ عَادَ إِلَي أَصحَابِهِ وَ أَخبَرَهُمُ الخَبَرَ وَ سَمِعَ صَوتَ الناّعيِ‌ يَقُولُ أَنعَي أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهلِ الحِجَازِ وَ سَارُوا حَتّي قَدِمُوا عَلَي النّبِيّص وَ اختَلَفُوا فِي قَتلِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص هَاتُوا أَسيَافَكُم فَجَاءُوا بِهَا فَنَظَرَ فِيهَا فَقَالَ لَسَيفُ عَبدِ اللّهِ بنِ أُنَيسٍ هَذَا قَتَلَهُ أَرَي أَثَرَ الطّعَامِ


صفحه : 14

باب 21-غزوة أحد وغزوة حمراء الأسد

الآيات آل عمران وَ إِذ غَدَوتَ مِن أَهلِكَ تبُوَ‌ّئُ المُؤمِنِينَ مَقاعِدَ لِلقِتالِ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذ هَمّت طائِفَتانِ مِنكُم أَن تَفشَلا وَ اللّهُ وَلِيّهُما وَ عَلَي اللّهِ فَليَتَوَكّلِ المُؤمِنُونَ وَ لَقَد نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدرٍ وَ أَنتُم أَذِلّةٌ فَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ إِذ تَقُولُ لِلمُؤمِنِينَ أَ لَن يَكفِيَكُم أَن يُمِدّكُم رَبّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُنزَلِينَ بَلي إِن تَصبِرُوا وَ تَتّقُوا وَ يَأتُوكُم مِن فَورِهِم هذا يُمدِدكُم رَبّكُم بِخَمسَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُسَوّمِينَ وَ ما جَعَلَهُ اللّهُ إِلّا بُشري لَكُم وَ لِتَطمَئِنّ قُلُوبُكُم بِهِ وَ مَا النّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ لِيَقطَعَ طَرَفاً مِنَ الّذِينَ كَفَرُوا أَو يَكبِتَهُم فَيَنقَلِبُوا خائِبِينَ لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ أَو يَتُوبَ عَلَيهِم أَو يُعَذّبَهُم فَإِنّهُم ظالِمُونَ و قال تعالي وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحزَنُوا وَ أَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ إِن يَمسَسكُم قَرحٌ فَقَد مَسّ القَومَ قَرحٌ مِثلُهُ وَ تِلكَ الأَيّامُ نُداوِلُها بَينَ النّاسِ وَ لِيَعلَمَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا وَ يَتّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ وَ اللّهُ لا يُحِبّ الظّالِمِينَ وَ لِيُمَحّصَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا وَ يَمحَقَ الكافِرِينَ أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنّةَ وَ لَمّا يَعلَمِ اللّهُ الّذِينَ جاهَدُوا مِنكُم وَ يَعلَمَ الصّابِرِينَ وَ لَقَد كُنتُم تَمَنّونَ المَوتَ مِن قَبلِ أَن تَلقَوهُ فَقَد رَأَيتُمُوهُ وَ أَنتُم تَنظُرُونَ وَ ما مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرّسُلُ أَ فَإِن ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلي أَعقابِكُم وَ مَن يَنقَلِب عَلي عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيئاً وَ سيَجَزيِ‌ اللّهُ الشّاكِرِينَ وَ ما كانَ لِنَفسٍ أَن تَمُوتَ إِلّا بِإِذنِ اللّهِ كِتاباً مُؤَجّلًا وَ مَن يُرِد ثَوابَ الدّنيا نُؤتِهِ مِنها وَ مَن يُرِد ثَوابَ الآخِرَةِ نُؤتِهِ مِنها وَ سنَجَزيِ‌ الشّاكِرِينَ وَ كَأَيّن مِن نبَيِ‌ّ قاتَلَ مَعَهُ رِبّيّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُم فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا استَكانُوا وَ اللّهُ يُحِبّ الصّابِرِينَ


صفحه : 15

إلي قوله تعالي يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الّذِينَ كَفَرُوا يَرُدّوكُم عَلي أَعقابِكُم فَتَنقَلِبُوا خاسِرِينَ بَلِ اللّهُ مَولاكُم وَ هُوَ خَيرُ النّاصِرِينَ سنَلُقيِ‌ فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُوا الرّعبَ بِما أَشرَكُوا بِاللّهِ ما لَم يُنَزّل بِهِ سُلطاناً وَ مَأواهُمُ النّارُ وَ بِئسَ مَثوَي الظّالِمِينَ وَ لَقَد صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعدَهُ إِذ تَحُسّونَهُم بِإِذنِهِ حَتّي إِذا فَشِلتُم وَ تَنازَعتُم فِي الأَمرِ وَ عَصَيتُم مِن بَعدِ ما أَراكُم ما تُحِبّونَ مِنكُم مَن يُرِيدُ الدّنيا وَ مِنكُم مَن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمّ صَرَفَكُم عَنهُم لِيَبتَلِيَكُم وَ لَقَد عَفا عَنكُم وَ اللّهُ ذُو فَضلٍ عَلَي المُؤمِنِينَ إِذ تُصعِدُونَ وَ لا تَلوُونَ عَلي أَحَدٍ وَ الرّسُولُ يَدعُوكُم فِي أُخراكُم فَأَثابَكُم غَمّا بِغَمّ لِكَيلا تَحزَنُوا عَلي ما فاتَكُم وَ لا ما أَصابَكُم وَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعمَلُونَ ثُمّ أَنزَلَ عَلَيكُم مِن بَعدِ الغَمّ أَمَنَةً نُعاساً يَغشي طائِفَةً مِنكُم وَ طائِفَةٌ قَد أَهَمّتهُم أَنفُسُهُم يَظُنّونَ بِاللّهِ غَيرَ الحَقّ ظَنّ الجاهِلِيّةِ يَقُولُونَ هَل لَنا مِنَ الأَمرِ مِن شَيءٍ قُل إِنّ الأَمرَ كُلّهُ لِلّهِ يُخفُونَ فِي أَنفُسِهِم ما لا يُبدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَو كانَ لَنا مِنَ الأَمرِ شَيءٌ ما قُتِلنا هاهُنا قُل لَو كُنتُم فِي بُيُوتِكُم لَبَرَزَ الّذِينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ القَتلُ إِلي مَضاجِعِهِم وَ ليِبَتلَيِ‌َ اللّهُ ما فِي صُدُورِكُم وَ لِيُمَحّصَ ما فِي قُلُوبِكُم وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصّدُورِ إِنّ الّذِينَ تَوَلّوا مِنكُم يَومَ التَقَي الجَمعانِ إِنّمَا استَزَلّهُمُ الشّيطانُ بِبَعضِ ما كَسَبُوا وَ لَقَد عَفَا اللّهُ عَنهُم إِنّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالّذِينَ كَفَرُوا وَ قالُوا لِإِخوانِهِم إِذا ضَرَبُوا فِي الأَرضِ أَو كانُوا غُزّي لَو كانُوا عِندَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا لِيَجعَلَ اللّهُ ذلِكَ حَسرَةً فِي قُلُوبِهِم وَ اللّهُ يحُييِ‌ وَ يُمِيتُ وَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصِيرٌ وَ لَئِن قُتِلتُم فِي سَبِيلِ اللّهِ أَو مُتّم لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَحمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجمَعُونَ وَ لَئِن مُتّم أَو قُتِلتُم لَإِلَي اللّهِ تُحشَرُونَ فَبِما رَحمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنتَ لَهُم وَ لَو كُنتَ فَظّا غَلِيظَ القَلبِ لَانفَضّوا مِن حَولِكَ فَاعفُ عَنهُم وَ استَغفِر لَهُم وَ شاوِرهُم فِي الأَمرِ فَإِذا عَزَمتَ فَتَوَكّل عَلَي اللّهِ إِنّ اللّهَ يُحِبّ المُتَوَكّلِينَ إِن يَنصُركُمُ اللّهُ فَلا غالِبَ لَكُم وَ إِن يَخذُلكُم فَمَن ذَا ألّذِي يَنصُرُكُم مِن بَعدِهِ وَ عَلَي اللّهِ فَليَتَوَكّلِ المُؤمِنُونَ وَ ما كانَ لنِبَيِ‌ّ أَن يَغُلّ وَ مَن يَغلُل يَأتِ بِما غَلّ يَومَ القِيامَةِ ثُمّ تُوَفّي كُلّ نَفسٍ ما كَسَبَت وَ هُم لا يُظلَمُونَ


صفحه : 16

إلي قوله تعالي أَ وَ لَمّا أَصابَتكُم مُصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّي هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنّ اللّهَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَ ما أَصابَكُم يَومَ التَقَي الجَمعانِ فَبِإِذنِ اللّهِ وَ لِيَعلَمَ المُؤمِنِينَ وَ لِيَعلَمَ الّذِينَ نافَقُوا وَ قِيلَ لَهُم تَعالَوا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادفَعُوا قالُوا لَو نَعلَمُ قِتالًا لَاتّبَعناكُم هُم لِلكُفرِ يَومَئِذٍ أَقرَبُ مِنهُم لِلإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفواهِهِم ما لَيسَ فِي قُلُوبِهِم وَ اللّهُ أَعلَمُ بِما يَكتُمُونَ الّذِينَ قالُوا لِإِخوانِهِم وَ قَعَدُوا لَو أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُل فَادرَؤُا عَن أَنفُسِكُمُ المَوتَ إِن كُنتُم صادِقِينَ وَ لا تَحسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمواتاً بَل أَحياءٌ عِندَ رَبّهِم يُرزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ وَ يَستَبشِرُونَ بِالّذِينَ لَم يَلحَقُوا بِهِم مِن خَلفِهِم أَلّا خَوفٌ عَلَيهِم وَ لا هُم يَحزَنُونَ يَستَبشِرُونَ بِنِعمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضلٍ وَ أَنّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجرَ المُؤمِنِينَ الّذِينَ استَجابُوا لِلّهِ وَ الرّسُولِ مِن بَعدِ ما أَصابَهُمُ القَرحُ لِلّذِينَ أَحسَنُوا مِنهُم وَ اتّقَوا أَجرٌ عَظِيمٌ الّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزادَهُم إِيماناً وَ قالُوا حَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضلٍ لَم يَمسَسهُم سُوءٌ وَ اتّبَعُوا رِضوانَ اللّهِ وَ اللّهُ ذُو فَضلٍ عَظِيمٍ إِنّما ذلِكُمُ الشّيطانُ يُخَوّفُ أَولِياءَهُ فَلا تَخافُوهُم وَ خافُونِ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ وَ لا يَحزُنكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفرِ إِنّهُم لَن يَضُرّوا اللّهَ شَيئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلّا يَجعَلَ لَهُم حَظّا فِي الآخِرَةِ وَ لَهُم عَذابٌ عَظِيمٌالنساءفَما لَكُم فِي المُنافِقِينَ فِئَتَينِ وَ اللّهُ أَركَسَهُم بِما كَسَبُوا أَ تُرِيدُونَ أَن تَهدُوا مَن أَضَلّ اللّهُ وَ مَن يُضلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا و قال تعالي وَ لا تَهِنُوا فِي ابتِغاءِ القَومِ إِن تَكُونُوا تَألَمُونَ فَإِنّهُم يَألَمُونَ كَما تَألَمُونَ وَ تَرجُونَ مِنَ اللّهِ ما لا يَرجُونَ وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماًالأنفال إِنّ الّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَها ثُمّ تَكُونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمّ يُغلَبُونَتفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي وَ إِذ غَدَوتَ مِن أَهلِكَ أي اذكر يا محمدإذ خرجت من المدينة غدوةتبُوَ‌ّئُ المُؤمِنِينَ مَقاعِدَ لِلقِتالِ أي تهيّئ


صفحه : 17

للمؤمنين مواطن القتال أوتجلسهم وتقعدهم في مواضع القتال ليقفوا فيها و لايفارقوها واختلف في أيّ يوم كان ذلك فقيل يوم أحد عن ابن عباس وأكثر المفسرين و هوالمروي‌ عن أبي جعفر عليه السلام وقيل كان يوم الأحزاب عن مقاتل وقيل يوم بدر عن الحسن وَ اللّهُ سَمِيعٌ لمايقوله النبيّص عَلِيمٌبما يضمرونه إِذ هَمّت أي عزمت طائِفَتانِ مِنكُم أي من المسلمين أَن تَفشَلا أي تجبنا وهما بنو سلمة وبنو حارثة حيّان من الأنصار عن ابن عباس وأكثر المفسّرين و عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليه السلام و قال الجبائي‌ّ نزلت في طائفة من المهاجرين وطائفة من الأنصار و كان سبب همّهم بالفشل أن عبد الله بن أبي سلول دعاهما إلي الرجوع إلي المدينة عن لقاء المشركين يوم أحد فهما به و لم يفعلاه وَ اللّهُ وَلِيّهُما أي ناصرهما ويروي عن جابر بن عبد الله أنه قال فينا نزلت و ماأحبّ أنها لم تكن لقوله وَ اللّهُ وَلِيّهُما و قال بعض المحقّقين هذاهمّ خطرة لاهمّ عزيمة لأن الله سبحانه مدحهما وأخبر أنه وليهما و لو كان همّ عزيمة لكان ذمّهم أولي .أقول ثم روي الطبرسي‌ّ قصّة غزوة أحد عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ماسيأتي‌ في رواية علي بن ابراهيم ثم قال وروي أبوإسحاق والسديّ‌ّ والواقدي‌ّ و ابن جريح وغيرهم قالوا كان المشركون نزلوا بأحد يوم الأربعاء في شوال سنة


صفحه : 18

ثلاث من الهجرة وخرج رسول الله ص إليهم يوم الجمعة و كان القتال يوم السبت للنصف من الشهر وكسرت رباعيّتهص وشجّ وجهه ثم رجع المهاجرون والأنصار بعدالهزيمة و قدقتل من المسلمين سبعون وشدّ رسول الله بمن معه حتي كشفهم و كان الكفار مثّلوا بجماعة و كان حمزة أعظم مثلة وضربت يد طلحة فشلّت. و قال في قوله أَ لَن يَكفِيَكُم أَن يُمِدّكُم رَبّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكَةِ هوإخبار بأن النبيّص قال لقومه ألن يكفيكم يوم بدر أن جعل ربكم ثلاثة آلاف من الملائكة مددا لكم وقيل إن الوعد بالإمداد بالملائكة كان يوم أحد وعدهم الله المدد إن صبروامُنزَلِينَ أي من السماءبَليتصديق بالوعد أي يفعل كماوعدكم ويزيدكم إِن تَصبِرُوا أي علي الجهاد و علي ماأمركم الله وَ تَتّقُوامعاصي‌ الله ومخالفة رسوله وَ يَأتُوكُم مِن فَورِهِم هذا أي رجع المشركون إليكم من جهتهم هذا وقيل من غضبهم هذا وكانوا قدغضبوا يوم أحد ليوم بدر مما لقوا فهو من فور الغضب أي غليانه يُمدِدكُم رَبّكُم بِخَمسَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكَةِ أي يعطكم مددا لكم ونصرة وإنما قال ذلك لأن الكفار في غزاة أحد ندموا بعدانصرافهم لم لم يعبروا علي المدينة وهمّوا بالرجوع فأوحي الله إلي نبيه أن يأمر أصحابه بالتهيّؤ للرجوع إليهم و قال لهم إِن يَمسَسكُم قَرحٌ فَقَد مَسّ القَومَ قَرحٌ مِثلُهُ ثم قال إن صبرتم علي الجهاد وراجعتم الكفار أمدكم الله بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين فأخذوا في الجهاد وخرجوا يتبعون الكفار علي مابهم من الجراح وأخبر المشركون من رسول الله ص أنه يتبعكم فخاف المشركون


صفحه : 19

إن رجعوا أن تكون الغلبة للمسلمين و أن يكون قدالتأم إليهم من كان تأخّر عنهم وانضمّ إليهم غيرهم فدسّوا نعيم بن مسعود الأشجعي‌ّ حتي يصدّهم بتعظيم أمر قريش وأسرعوا في الذهاب إلي مكة وكفي الله المسلمين أمرهم ولذلك قال قوم من المفسرين إن جميعهم ثمانية آلاف و قال الحسن إن جميعهم خمسة آلاف منهم ثلاثة آلاف المنزلين علي أن الظاهر يقتضي‌ أن الإمداد بثلاثة آلاف كان يوم بدر ثم استأنف حكم يوم أحد فقال بَلي إِن تَصبِرُوا وَ تَتّقُوا وَ يَأتُوكُم مِن فَورِهِم هذا أي إن رجعوا إليكم بعدانصرافكم أمدكم رَبّكُم بِخَمسَةِ آلافٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُسَوّمِينَ و هذاقول البلخي‌ رواه عن عكرمة قال لم يمدوا يوم أحد و لابملك واحد و علي هذا فلاتنافي‌ بين الآيتين مُسَوّمِينَ أي معلمين أومرسلين وَ ما جَعَلَهُ اللّهُ إِلّا بُشري لَكُم أي ماجعل الله الإمداد والوعد به إلابشارة لكم وَ لِتَطمَئِنّ قُلُوبُكُم بِهِ فلاتخافوا كثرة عدد العدووَ مَا النّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللّهِمعناه أن الحاجة إلي الله سبحانه لازمة في المعونة و إن أمدكم بالملائكة فلااستغناء لكم عن معونته طرفة عين . و قال البيضاوي‌ و هوتنبيه علي أنه لاحاجة في نصرهم إلي مدد وإنما أمدهم ووعد لهم بشارة لهم وربطا علي قلوبهم من حيث إن نظر العامة إلي الأسباب أكثر وأحث علي أن لايبالوا بمن تأخر عنهم .لِيَقطَعَ طَرَفاً مِنَ الّذِينَ كَفَرُوا. قال الطبرسي‌ اختلف في وجه اتصاله بما قبله فقيل يتصل بقوله وَ مَا


صفحه : 20

النّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللّهِ

أي أعطاكم الله هذاالنصر ليقطع طائفة من الذين كفروا بالقتل والأسر وقيل هومتصل بقوله وَ لَقَد نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدرٍ وقيل معناه ذلك التدبيرلِيَقطَعَ طَرَفاً أي قطعه منهم والمعني ليهلك طائفة منهم وقيل ليهدم ركنا من أركان الشرك بالأسر والقتل فأما اليوم ألذي وقع فيه ذلك فيوم بدر وقيل هو يوم أحد قتل فيه ثمانية عشر رجلاأَو يَكبِتَهُم أي يخزيهم بالخيبة مما أملوا من الظفر بكم وقيل يردهم عنكم منهزمين وقيل يصرعهم علي وجوههم وقيل يظفركم عليهم وقيل يلعنهم وقيل يهلكهم فَيَنقَلِبُوا خائِبِينَ لم ينالوا مما أملوا شيئالَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌقيل هومتصل بقوله وَ مَا النّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللّهِ أي ليس لك و لالغيرك من هذاالنصر شيء وقيل إنه اعتراض بين الكلامين و قوله أَو يَتُوبَ عَلَيهِممتصل بقوله لِيَقطَعَ طَرَفاًفالتقدير ليقطع طرفا منهم أويكبتهم أويتوب عليهم أويعذبهم فإنهم قداستحقوا العقاب و ليس لك من هذه الأربعة شيء و ذلك إلي الله تعالي . واختلف في سبب نزوله فروي‌ عن أنس بن مالك و ابن عباس و الحسن وقتادة والربيع أنه لما كان من المشركين يوم أحد من كسر رباعيّة الرسول ص وشجّه حتي جرت الدماء علي وجهه فقال كيف تفلح قوم نالوا هذا من نبيّهم و هو مع ذلك حريص علي دعائهم إلي ربّهم فأعلمه الله سبحانه أنه ليس إليه فلاحهم و أنه ليس إليه إلا أن يبلغ الرسالة ويجاهد حتي يظهر الدين وإنما ذلك إلي الله و كان ألذي كسر رباعيّته وشجّه في وجهه عتبة بن أبي وقاص فدعا عليه بأن لايحول عليه الحول حتي يموت كافرا فمات كافرا قبل حول الحول وأدمي وجهه رجل من هذيل يقال له عبد الله بن قميئة فدعا عليه فكان حتفه أن سلط الله عليه تيسا فنطحه حتي قتله وَ روُيِ‌َ أَنّهُص كَانَ يَمسَحُ الدّمَ عَن وَجهِهِ وَ


صفحه : 21

يَقُولُ أللّهُمّ اهدِ قوَميِ‌ فَإِنّهُم لَا يَعلَمُونَ

فعلي هذايمكن أن يكون ص علي وجل من عنادهم وإصرارهم علي الكفر فأخبر سبحانه أنه ليس إليه إلا ماأمر به من تبليغ الرسالة ودعائهم إلي الهدي و ذلك مثل قوله تعالي لَعَلّكَ باخِعٌ نَفسَكَ أَلّا يَكُونُوا مُؤمِنِينَ وقيل إنه ص استأذن ربه تعالي في يوم أحد في الدعاء عليهم فنزلت الآية فلم يدع عليهم بعذاب الاستيصال وإنما لم يؤذن له فيه لما كان المعلوم من توبة بعضهم وقيل أراد رسول الله ص أن يدعو علي المنهزمين عنه من أصحابه يوم أحد فنهاه الله عن ذلك وتاب عليهم أي ليس لك أن تلعنهم وتدعو عليهم وقيل

لَمّا رَأَي رَسُولُ اللّهِص مَا فُعِلَ بِأَصحَابِهِ وَ بِعَمّهِ حَمزَةَ مِنَ المُثلَةِ مِن جَدعِ الأُنُوفِ وَ الأُذُنِ وَ قَطعِ المَذَاكِيرِ قَالَ لَئِن أَدَالَنَا اللّهُ مِنهُم لَنَفعَلَنّ بِهِم مِثلَ مَا فَعَلُوا وَ لَنُمَثّلَنّ بِهِم مُثلَةً لَم يُمَثّلهُم أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ بِأَحَدٍ قَطّ

فنزلت الآية وقيل نزلت في أهل بئر معونة وهم سبعون رجلا من قرّاء أصحاب رسول الله ص وأميرهم المنذر بن عمرو بعثهم رسول الله ص إلي بئر معونة في صفر سنة أربع من الهجرة علي رأس أربعة أشهر من أحد ليعلّموا الناس القرآن والعلم فقتلهم جميعا عامر بن الطفيل و كان فيهم عامر بن فهيرة مولي أبي بكر فوجد رسول الله ص من ذلك وجدا شديدا وقنت عليهم شهرا فنزلت والأصحّ أنها نزلت في أحد وإنما قال لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ مع أن له ص أن يدعوهم إلي الله ويؤدي‌ إليهم ماأمره بتبليغه لأن معناه ليس لك شيء من أمر عقابهم أواستيصالهم أوالدعاء عليهم أولعنهم حتي يقع إنابتهم أَو يَتُوبَ عَلَيهِم أي يلطف لهم بما يقع معه توبتهم أويقبل توبتهم إذاتابوا


صفحه : 22

أَو يُعَذّبَهُم إن لم يتوبوافَإِنّهُم ظالِمُونَ أي يستحقون العذاب بظلمهم . و قال رحمه الله في قوله تعالي وَ لا تَهِنُواقيل نزلت الآية تسلية للمسلمين لمانالهم يوم أحد من القتل والجراح عن الزهري‌ وقتادة و ابن نجيح و

قِيلَ لَمّا انهَزَمَ المُسلِمُونَ فِي الشّعبِ وَ أَقبَلَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ بِخَيلِ المُشرِكِينَ يُرِيدُ أَن يَعلُوَ عَلَيهِمُ الجَبَلَ فَقَالَ النّبِيّص لَا يَعلُنّ عَلَينَا أللّهُمّ لَا قُوّةَ لَنَا إِلّا بِكَ أللّهُمّ لَا يَعبُدُكَ بِهَذِهِ البَلدَةِ إِلّا هَؤُلَاءِ النّفَرُ فَأَنزَلَ اللّهُ الآيَةَ وَ ثَابَ نَفَرٌ رُمَاةٌ وَ صَعِدُوا الجَبَلَ وَ رَمَوا خَيلَ المُشرِكِينَ حَتّي هَزَمُوهُم وَ عَلَا المُسلِمُونَ الجَبَلَ فَذَلِكَ قَولُهُوَ أَنتُمُ الأَعلَونَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ

وقيل نزلت الآية بعد يوم أحد حين أمر رسول الله ص أصحابه بطلب القوم و قدأصابهم من الجراح ماأصابهم و قال ص لايخرج إلا من شهد معنا بالأمس فاشتد ذلك علي المسلمين فأنزل الله تعالي هذه الآية عن الكلبي‌ ودليله قوله تعالي وَ لا تَهِنُوا فِي ابتِغاءِ القَومِالآية.وَ لا تَهِنُوا أي لاتضعفوا عن قتال عدوكم وَ لا تَحزَنُوابما يصيبكم في أموالكم وأبدانكم وقيل لاتضعفوا بما نالكم من الجراح و لاتحزنوا علي مانالكم من المصائب بقتل الإخوان أو لاتهنوا لمانالكم من الهزيمة و لاتحزنوا علي مافاتكم من الغنيمةوَ أَنتُمُ الأَعلَونَ أي الظافرون المنصورون أوالأعلون في المكان إِن كُنتُم مُؤمِنِينَمعناه أن من كان مؤمنا يجب أن لايهن و لايحزن لثقته بالله أو إن كنتم مصدقين بوعدي‌ لكم بالنصرة والظفر علي عدوكم إِن يَمسَسكُم قَرحٌ أي جراح فقد أصاب القوم جراح مثله عن ابن عباس وقيل إن يصبكم ألم وجراحة يوم أحد فقد أصاب القوم ذلك يوم بدر.


صفحه : 23

و قال أنس بن مالك أتي‌ رسول الله ص بعلي‌ عليه السلام يومئذ و عليه نيّف وستون جراحة من طعنة وضربة ورمية فجعل رسول الله ص يمسحها وهي‌ تلتئم بإذن الله تعالي كأن لم تكن .

وَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ لَمّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ صَعِدَ أَبُو سُفيَانَ الجَبَلَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أللّهُمّ إِنّهُ لَيسَ لَهُم أَن يَعلُونَا فَمَكَثَ أَبُو سُفيَانَ سَاعَةً وَ قَالَ يَوماً بِيَومٍ إِنّ الأَيّامَ دُوَلٌ وَ إِنّ الحَربَ سِجَالٌ فَقَالَص أَجِيبُوهُ فَقَالُوا لَا سَوَاءٌ قَتلَانَا فِي الجَنّةِ وَ قَتلَاكُم فِي النّارِ فَقَالَ


  َنَا عُزّي وَ لَا عُزّي لَكُم

فَقَالَ النّبِيّص


  للّهُ مَولَانَا وَ لَا مَولَي لَكُم

فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ اعلُ هُبَلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص اللّهُ أَعلَي وَ أَجَلّ.

وَ تِلكَ الأَيّامُ نُداوِلُها بَينَ النّاسِ أي نصرفها مرّة لفرقة ومرّة عليها وإنما يصرّف الله سبحانه الأيام بين المسلمين والكفار بتخفيف المحنة علي المسلمين أحيانا وتشديدها أحيانا لابنصرة الكفار عليهم لأن النصرة تدل علي المحبة و الله لا يُحِبّ الكافِرِينَ وإنما جعل الله الدنيا منقلبة لكيلا يطمئن المسلم إليها ولتقلّ رغبته فيهاإذ تفني لذاتها ويظعن مقيمها ويسعي للآخرة التي‌ يدوم نعيمها وإنما جعل الدولة مرّة للمؤمنين ومرّة عليهم ليدخل الناس في الإيمان علي الوجه ألذي يجب الدخول فيه لذلك و هوقيام الحجة فإنه


صفحه : 24

لوكانت الدولة دائما للمؤمنين لكان الناس يدخلون في الإيمان علي سبيل اليمن والفأل علي أن كل موضع حضره النبي ص لم يخل من ظفر إما في ابتداء الأمر وإما في انتهائه وإنما لم يستمر ذلك لمابيناه .وَ لِيَعلَمَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواتقديره وتلك الأيام نداولها لوجوه من المصالح وليعلم الذين آمنوا متميزين بالإيمان عن غيرهم و علي هذا يكون يعلم بمعني يعرف لأنه ليس المعني أنه يعرف الذوات بل المعني أنه يعلم تميزها بالإيمان ويجوز أن يكون المعني ليعلم الله الذين آمنوا بما يظهر من صبرهم علي جهاد عدوهم أي يعاملهم معاملة من يعرفهم بهذه الحال وقيل معناه وليعلم أولياء الله الذين آمنوا وإنما أضاف إلي نفسه تفخيماوَ يَتّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ أي ليكرم منكم بالشهادة من قتل يوم أحد أويتخذ منكم شهداء علي الناس بما يكون منهم من العصيان لمالكم في ذلك من جلالة القدروَ لِيُمَحّصَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا أي وليبتلي‌ الله الذين آمنوا أولينجيهم من الذنوب بالابتلاءوَ يَمحَقَ الكافِرِينَ أي ينقصهم أويهلكهم .أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنّةَالمراد به الإنكار أي أظننتم أيها المؤمنون أنكم تدخلون الجنةوَ لَمّا يَعلَمِ اللّهُ الّذِينَ جاهَدُوا مِنكُم وَ يَعلَمَ الصّابِرِينَ أي و لمايجاهد المجاهدين منكم فيعلم الله جهادهم ويصبر الصابرون فيعلم صبرهم علي القتال وَ لَقَد كُنتُم تَمَنّونَ المَوتَ و ذلك أن قوما ممن فاتهم شهود بدر كانوا يتمنون الموت بالشهادة بعدبدر قبل أحد فلما رأوه يوم أحد أعرض كثير منهم عنه فانهزموا فعاتبهم الله علي ذلك مِن قَبلِ أَن تَلقَوهُ فَقَد رَأَيتُمُوهُالضميران راجعان إلي الموت والمراد أسبابه كالحرب وقيل راجعان إلي الجهادوَ أَنتُم تَنظُرُونَتأكيد للرؤية أوالنظر بمعني التفكر وقيل معناه وأنتم تنظرون إلي محمدص و فيه حذف أي فلم انهزمتم وَ ما مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قال أهل التفسير سبب نزول هذه الآية أنه


صفحه : 25

لماأرجف بأن النبي ص قتل يوم أحد وأشيع ذلك قال الناس لو كان نبيا لماقتل و قال آخرون نقاتل علي ماقاتل عليه حتي نلحق به وارتد بعضهم وانهزم بعضهم و كان سبب انهزامهم وتضعضعهم إخلال الرماة لمكانهم من الشعب و كان رسول الله ص نهاهم عن الإخلال به وأمر عبد الله بن جبير و هوأخو خوات بن جبير علي الرماة وهم خمسون رجلا و قال لاتبرحوا مكانكم فإنا لن نزال غالبين ماثبتم بمكانكم وجاءت قريش علي ميمنتهم خالد بن الوليد و علي ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل ومعهم النساء يضربن بالدفوف وينشدون الأشعار فقالت هند.


نحن بنات طارق .   نمشي‌ علي النمارق .

إن تقبلوا نعانق .   أوتدبروا نفارق .

  راق غيروامق .

و كان أبوعامر عبدعمرو بن الصيفي‌ أول من لقيهم بالأحابيش وعبيد أهل مكة فقاتلهم قتالا شديدا وحميت الحرب . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن يَأخُذُ بِهَذَا السّيفِ بِحَقّهِ وَ يَضرِبُ بِهِ العَبِيدَ حَتّي ينَحنَيِ‌َ فَأَخَذَهُ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ الأنَصاَريِ‌ّ فَلَمّا أَخَذَ السّيفَ اعتَمّ بِعِمَامَةٍ حَمرَاءَ وَ جَعَلَ يَفتَخِرُ وَ يَقُولُ


أَنَا ألّذِي عاَهدَنَيِ‌ خلَيِليِ‌   أَن لَا أُقِيمَ الدّهرَ فِي الكُبُولِ

  َضرِبُ بِسَيفِ اللّهِ وَ الرّسُولِ

فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّهَا لَمِشيَةٌ يُبغِضُهَا اللّهُ تَعَالَي إِلّا فِي هَذَا المَوضِعِ


صفحه : 26

ثُمّ حَمَلَ النّبِيّص وَ أَصحَابُهُ عَلَي المُشرِكِينَ فَهَزَمُوهُم وَ قَتَلَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ أَصحَابَ اللّوَاءِ وَ أَنزَلَ اللّهُ نُصرَتَهُ عَلَي المُسلِمِينَ

قال الزبير فرأيت هندا وصواحبها هاربات مصعدات في الجبال نادية خدامهن مادون أخذهن شيء فلما نظرت الرماة إلي القوم قدانكشفوا ورأوا النبي ص وأصحابه ينتهبون الغنيمة أقبلوا يريدون النهب واختلفوا فقال بعضهم لانترك أمر رسول الله ص و قال بعضهم مابقي‌ من الأمر شيء ثم انطلقوا عامتهم وألحقوا بالعسكر فلما رأي خالد بن الوليد قلة الرماة واشتغال المسلمين بالغنيمة ورأي ظهورهم خالية صاح في خيله من المشركين وحمل علي أصحاب النبي ص من خلفهم فهزموهم وقتلوهم ورمي عبد الله بن قَمِيئَةَ الحارثي‌ رسول الله ص بحجر فكسر أنفه ورباعيته وشجه في وجهه فأثقله وتفرق عنه أصحابه وأقبل يريد قتله فذب مصعب بن عمير و هوصاحب راية رسول الله ص يوم بدر و يوم أحد و كان اسم رايته العقاب عن رسول الله ص حتي قتل مصعب بن عمير قتله ابن قَمِيئَةَ فرجع و هويري أنه قتل رسول الله ص و قال إني‌ قتلت محمدا وصاح صائح ألا إن محمدا قدقتل ويقال إن الصائح كان إبليس لعنه الله فانكفأ الناس وجعل رسول الله ص يدعو الناس و يقول إلي‌ عباد الله إلي‌ عباد الله فاجتمع إليه ثلاثون رجلا فحموه حتي كشفوا عنه المشركين ورمي سعد بن أبي وقاص حتي اندقت سية قوسه وأصيبت يد طلحة بن عبيد الله فيبست وأصيبت عين قَتَادَةَ بن النعمان يومئذ حتي وقعت علي وجنته فردها رسول الله ص مكانها فعادت كأحسن ماكانت فلما


صفحه : 27

انصرف رسول الله ص أدركه أبي بن خلف الجمحي‌ و هو يقول لانجوت إن نجوت فقال القوم يا رسول الله ألا يعطف عليه رجل منا فقال دعوه حتي إذادنا منه و كان أبي قبل ذلك يلقي رسول الله ص فيقول عندي‌ رمكة أعلفها كل يوم فرق ذرة أقتلك عليها فقال رسول الله ص بل أناأقتلك إن شاء الله تعالي فلما كان يوم أحد ودنا منه تناول رسول الله ص الحربة من الحرث بن الصمة ثم استقبله فطعنه في عنقه فخدش خدشة فتدهدأ عن فرسه و هويخور خوار الثور و هو يقول قتلني‌ محمدفاحتمله أصحابه وقالوا ليس عليك بأس فقال بلي لوكانت هذه الطعنة بربيعة ومضر لقتلتهم أ ليس قال لي أقتلك فلو بزق علي بعدتلك المقالة لقتلني‌ فلم يلبث إلايوما حتي مات قال وفشا في الناس أن رسول الله ص قدقتل فقال بعض المسلمين ليت لنا رسولا إلي عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان وبعضهم جلسوا وألقوا بأيديهم و قال أناس من أهل النفاق فالحقوا بدينكم الأول و قال أنس بن النضر عم أنس بن مالك ياقوم إن كان محمد قدقتل فإن رب محمد لم يقتل و ماتصنعون بالحياة بعد رسول الله ص فقاتلوا علي ماقاتل عليه رسول الله وموتوا علي مامات عليه ثم قال أللهم إني‌ أعتذر إليك مما يقوله هؤلاء يعني‌ المنافقين وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني‌ المنافقين ثم شد بسيفه فقاتل حتي قتل ثم إن رسول الله ص انطلق إلي الصخرة و هويدعو الناس فأول من عرف رسول الله ص كعب بن مالك قال عرفت عينيه تحت المغفر تزهران فناديت بأعلي صوتي‌ يامعاشر المسلمين هذا رسول الله فأشار إلي‌ أن اسكت فانحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم النبي ص علي الفرار فقالوا يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا الخبر أنك قتلت فرعبت


صفحه : 28

قلوبنا فولينا مدبرين فأنزل الله تعالي هذه الآيةوَ ما مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرّسُلُيعني‌ أنه بشر اختاره الله لرسالته و قدمضت قبله رسل بعثوا فأدوا الرسالة ومضوا وماتوا وقتل بعضهم و أنه يموت كماماتت الرسل فليس الموت بمستحيل عليه و لاالقتل وقيل أراد أن أصحاب الأنبياء لم يرتدوا عندموتهم أوقتلهم فاقتدوا بهم أَ فَإِن ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلي أَعقابِكُمفسمي‌ الارتداد انقلابا علي العقب و هوالرجوع القهقري وَ مَن يَنقَلِب عَلي عَقِبَيهِ أي من يرتدد عن دينه فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيئاًبل مضرته عائدة عليه وَ سيَجَزيِ‌ اللّهُ الشّاكِرِينَ أي المطيعين . قوله تعالي وَ ما كانَ لِنَفسٍ أَن تَمُوتَ إِلّا بِإِذنِ اللّهِ قال البيضاوي‌ أي بمشية الله أوبإذنه لملك الموت والمعني أن لكل نفس أجلا مسمي في علمه تعالي وقضائه لا يَستَأخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَستَقدِمُونَبالإحجام عن القتال والإقدام عليه كِتاباًمصدر مؤكد أي كتب الموت كتابامُؤَجّلًاصفة له أي موقتا لايتقدم و لايتأخروَ مَن يُرِد ثَوابَ الدّنيا نُؤتِهِ مِنهاتعريض بمن شغلتهم الغنائم يوم أحدوَ مَن يُرِد ثَوابَ الآخِرَةِ نُؤتِهِ مِنها أي من ثوابهاوَ سنَجَزيِ‌ الشّاكِرِينَالذين شكروا نعمة الله فلم يشغلهم شيء من الجهادوَ كَأَيّنأصله أي دخلت الكاف عليها وصارت بمعني كم والنون تنوين أثبت في الخط علي غيرقياس مِن نبَيِ‌ّبيان له قاتَلَ مَعَهُ رِبّيّونَ كَثِيرٌربانيون علماء أتقياء أوعابدون لربهم وقيل جماعات والربي‌ منسوب إلي الربة وهي‌ الجماعة للمبالغةفَما


صفحه : 29

وَهَنُوا لِما أَصابَهُم فِي سَبِيلِ اللّهِفما فتروا و لم ينكسر جدهم لماأصابهم من قتل النبي أوبعضهم وَ ما ضَعُفُوا عن العدو أو في الدين وَ مَا استَكانُوا و ماخضعوا للعدووَ اللّهُ يُحِبّ الصّابِرِينَفينصرهم ويعظم أمرهم . قوله تعالي إِن تُطِيعُوا الّذِينَ كَفَرُوا قال الطبرسي‌ رحمه الله قيل نزلت في المنافقين إذ قالوا للمؤمنين يوم أحد عندالهزيمة ارجعوا إلي إخوانكم وارجعوا إلي دينهم عن علي عليه السلام وقيل هم اليهود والنصاري والمعني إن أصغيتم إلي قول اليهود والمنافقين أن محمداص قتل فارجعوا إلي عشائركم يَرُدّوكُم عَلي أَعقابِكُم أي يرجعوكم كفارا كماكنتم فَتَنقَلِبُوا أي ترجعواخاسِرِينَلأنفسكم بَلِ اللّهُ مَولاكُم أي هوأولي بأن تطيعوه و هوأولي بنصرتكم وَ هُوَ خَيرُ النّاصِرِينَ أي إن اعتد بنصر غيره فهو خير ناصرسنَلُقيِ‌ فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُوا قال السدي‌ لماارتحل أبوسفيان والمشركون يوم أحد متوجهين إلي مكة قالوا بئسما صنعنا قتلناهم حتي إذا لم يبق منهم إلاالشريد تركناهم ارجعوا فاستأصلوهم فلما عزموا علي ذلك ألقي الله في قلوبهم الرعب حتي رجعوا عما هموا به فنزلت الآيةالرّعبَ أي الخوف بِما أَشرَكُوا بِاللّهِ أي بشركهم به ما لَم يُنَزّل بِهِ سُلطاناً أي برهانا وحجةوَ مَأواهُمُ أي مستقرهم النّارُيعذبون بهاوَ بِئسَ مَثوَي الظّالِمِينَ أي النار وروي‌ أن الكفار دخلوا مكة كالمنهزمين مخافة أن يكون لرسول الله ص الكرة عليهم و قال رسول الله ص نصرت بالرعب مسيرة شهر.وَ لَقَد صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعدَهُ أي وفي لكم بما وعدكم من النصر علي عدوكم في قوله بَلي إِن تَصبِرُوا وَ تَتّقُواالآية وذكر ابن عباس وغيره أن الوعد كان يوم أحد لأن المسلمين كانوا يقتلون المشركين حتي أخل الرماة لمكانهم ألذي أمرهم الرسول بالقيام عنده فأتاهم خالد بن الوليد من ورائهم وقتل عبد الله بن جبير


صفحه : 30

و من معه وتراجع المشركون وقتل من المسلمين سبعون رجلا ونادي مناد قتل محمد ثم من الله علي المسلمين فرجعوا و في ذلك نزلت الآية فَالوَعدُ قَولُ النّبِيّص لِلرّمَاةِ لَا تَبرَحُوا هَذَا المَكَانَ فَإِنّا لَا نَزَالُ غَالِبِينَ مَا ثَبَتّم فِي مَكَانِكُم

إِذ تَحُسّونَهُم أي تقتلونهم بِإِذنِهِ أي بعلمه أوبلطفه حَتّي إِذا فَشِلتُم أي جبنتم عن عدوكم وَ تَنازَعتُم فِي الأَمرِ أي اختلفتم وَ عَصَيتُمأمر نبيكم في حفظ المكان مِن بَعدِ ما أَراكُم ما تُحِبّونَ من النصرة علي الكفار وهزيمتهم والغنيمة وأكثر المفسرين علي أن المراد بالجميع يوم أحد و قال الجبائي‌ إذ تحسونهم يوم بدر حتي إذافشلتم يوم أحد والأول أولي وجواب إذامحذوف وتقديره حتي إذافعلتم ذلك ابتلاكم وامتحنكم ورفع النصرة عنكم مِنكُم مَن يُرِيدُ الدّنيايعني‌ الغنيمة وهم الذين أخلوا المكان ألذي رتبهم النبي ص فيه وَ مِنكُم مَن يُرِيدُ الآخِرَةَأراد عبد الله بن جبير و من ثبت مكانه ثُمّ صَرَفَكُم عَنهُم فيه وجوه أحدها أنهم كانوا فريقين منهم من عصي بانصرافه ومنهم من لم يعص لأنهم قلوا بعدانهزام تلك الفرقة فانهزموا بإذن الله لئلا يقتلوا لأن الله أوجب ثبات المائة للمائتين فإذانقصوا لايجب عليهم ذلك فجاز أن يذكر الله الفريقين بأنه صرفهم وعفا عنهم يعني‌ صرف بعضهم وعفا عن بعض عن الجبائي‌. وثانيها أن معناه رفع النصر عنكم ووكلكم إلي أنفسكم بخلافكم للنبي‌ص فانهزمتم عن جعفر بن حرب . وثالثها أن معناه لم يأمركم بمعاودتهم من فورهم لِيَبتَلِيَكُمبالمظاهرة في الإنعام عليكم والتخفيف عنكم عن البلخي‌لِيَبتَلِيَكُم أي يعاملكم معاملة المختبروَ لَقَد عَفا عَنكُم أي صفح عنكم بعد أن خالفتم أمر الرسول وقيل عفا عنكم تتبعهم بعد أن أمركم بالتتبع لهم عن البلخي‌ قال لمابلغوا حمراء الأسد عفا عنهم


صفحه : 31

من ذلك وَ اللّهُ ذُو فَضلٍ عَلَي المُؤمِنِينَ أي ذو نعمة و من عليهم بنعم الدنيا والدين وروي الواقدي‌ عن سهل بن سعد الساعدي‌ قال خرج رسول الله ص يوم أحد وكسرت رباعيته وهشمت البيضة علي رأسه وكانت فاطمة بنته عليها السلام تغسل عنه الدم و علي بن أبي طالب عليه السلام يسكب عليها بالمجن فلما رأت فاطمة عليها السلام أن الماء لايزيد الدم إلاكثرة أخذت قطعة حصير فأحرقته حتي إذاصار رمادا ألزمته الجرح فاستمسك الدم .إِذ تُصعِدُونَ قال البيضاوي‌ متعلق بصرفكم أوليبتليكم أوبمقدر كاذكر والإصعاد الذهاب والإبعاد في الأرض وَ لا تَلوُونَ عَلي أَحَدٍ لايقف أحد لأحد و لاينتظره وَ الرّسُولُ يَدعُوكُم

كَانَ يَقُولُ إلِيَ‌ّ عِبَادَ اللّهِ إلِيَ‌ّ عِبَادَ اللّهِ أَنَا رَسُولُ اللّهِ مَن يَكُرّ فَلَهُ الجَنّةُ.

فِي أُخراكُم في ساقتكم وجماعتكم الآخرين فَأَثابَكُم غَمّا بِغَمّ لِكَيلا تَحزَنُوا عَلي ما فاتَكُم وَ لا ما أَصابَكُمعطف علي صرفكم والمعني فجازاكم الله علي فشلكم وعصيانكم غما متصلا بغم من الاغتمام بالقتل والجرح وظفر المشركين والإرجاف بقتل الرسول ص أوفجازاكم غما بسبب غم أذقتموه رسول الله ص بعصيانكم له لتتمرنوا علي الصبر في الشدائد فلاتحزنوا فيما بعد علي نفع فائت و لاضر لاحق وقيل لامزيدة والمعني لتأسفوا علي مافاتكم من الظفر والغنيمة و علي ماأصابكم من الجرح والهزيمة عقوبة لكم وقيل الضمير في فَأَثابَكُمللرسول ص أي واساكم في الاغتمام فاغتم بما نزل عليكم كمااغتممتم بما نزل عليه و لم يثربكم علي عصيانكم تسلية لكم لِكَيلا تَحزَنُوا عَلي ما فاتَكُم من النصروَ لا علي ما أَصابَكُم من الهزيمةوَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعمَلُونَعالم بأعمالكم وبما قصدتم بهاثُمّ أَنزَلَ عَلَيكُم مِن بَعدِ الغَمّ أَمَنَةً نُعاساًأنزل الله عليكم الأمن حتي أخذكم النعاس و عن أبي طلحة غشينا النعاس في المصاف حتي كان


صفحه : 32

السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه والأمنة الأمن نصب علي المفعول ونعاسا بدل منها أو هوالمفعول وأمنة حال منه متقدمة أومفعول له أوحال من المخاطبين بمعني ذوي‌ أمنة أو علي أنه جمع آمن يَغشي طائِفَةً مِنكُم أي النعاس . قال الطبرسي‌ رحمه الله و كان السبب في ذلك توعد المشركين لهم بالرجوع إلي القتال فقعد المسلمون تحت الحجف متهيئين للحرب فأنزل الله الأمنة علي المؤمنين فناموا دون المنافقين الذين أزعجهم الخوف بأن يرجع الكفار عليهم أويغيروا علي المدينة لسوء الظن فطير عنهم النوم . و قال البيضاوي‌وَ طائِفَةٌهم المنافقون قَد أَهَمّتهُم أَنفُسُهُمأوقعتهم أنفسهم في الهموم أو مايهمهم إلاهم أنفسهم وطلب خلاصهايَظُنّونَ بِاللّهِ غَيرَ الحَقّ ظَنّ الجاهِلِيّةِصفة أخري لطائفة أوحال أواستئناف علي وجه البيان لماقبله وغَيرَ الحَقّنصب علي المصدر أي يظنون بالله غيرظن الحق ألذي يحق أن يظن به وظَنّ الجاهِلِيّةِبدله و هوالظن المختص بالملة الجاهلية وأهلهايَقُولُونَ أي لرسول الله ص و هوبدل يظنون هَل لَنا مِنَ الأَمرِ مِن شَيءٍهل لنا مما أمر الله ووعد من النصر والظفر نصيب قط وقيل أخبر ابن أبي بقتل بني‌ الخزرج فقال ذلك والمعني أنامنعنا تدبير أنفسنا وتصريفها باختيارنا فلم يبق لنا من الأمر شيء أوهل يزول عنا هذاالقهر فيكون لنا من الأمر شيءقل إن الأمر كله لله أي الغلبة الحقيقية لله ولأوليائه فإن حزب الله هم الغالبون أوالقضاء له يفعل مايشاء ويحكم مايريد و هواعتراض يُخفُونَ فِي أَنفُسِهِم ما لا يُبدُونَ لَكَحال من ضمير يقولون أي يقولون مظهرين أنهم مسترشدون طالبون للنصر


صفحه : 33

مبطنين الإنكار والتكذيب يَقُولُونَ في أنفسهم أو إذاخلا بعضهم إلي بعض و هوبدل من يخفون أواستئناف علي وجه البيان له لَو كانَ لَنا مِنَ الأَمرِ شَيءٌ كماوعد محمدص وزعم أن الأمر كله لله ولأوليائه أو لو كان لنا اختيار وتدبير لم نبرح كما كان رأي ابن أبي وغيره ما قُتِلنا هاهُنا ماغلبنا و لماقتل من قتل منا في هذه المعركةقُل لَو كُنتُم فِي بُيُوتِكُم لَبَرَزَ الّذِينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ القَتلُ إِلي مَضاجِعِهِم أي لخرج الذين قدر الله عليهم القتل وكتب في اللوح المحفوظ إلي مصارعهم و لم تنفع الإقامة بالمدينة و لم ينج منه أحدوَ ليِبَتلَيِ‌َ اللّهُ ما فِي صُدُورِكُمليمتحن ما في صدوركم ويظهر سرائرها من الإخلاص والنفاق و هوعلة فعل محذوف أي وفعل ذلك ليبتلي‌ أوعطف علي محذوف أي لبرز لنفاذ القضاء أولمصالح جمة ولابتلاء أو علي قوله لِكَيلا تَحزَنُواوَ لِيُمَحّصَ ما فِي قُلُوبِكُم وليكشفه ويميزه أويخلصه من الوساوس وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصّدُورِبخفياتها قبل إظهارها و فيه وعد ووعيد وتنبيه علي أنه غني‌ عن الابتلاء وإنما فعل ذلك لتمرين المؤمنين وإظهار حال المنافقين إِنّ الّذِينَ تَوَلّوا مِنكُم يَومَ التَقَي الجَمعانِ إِنّمَا استَزَلّهُمُ الشّيطانُ بِبَعضِ ما كَسَبُوايعني‌ أن الذين انهزموا يوم أحد إنما كان السبب في انهزامهم أن الشيطان طلب منهم الزلل فأطاعوه واقترفوا ذنوبا بترك المركز والحرص علي الغنيمة أوالحياة فمنعوا التأييد وقوة القلب لمخالفة النبي ص وقيل استزلال الشيطان توليهم و ذلك بسبب ذنوب تقدمت لهم فإن المعاصي‌ يجر بعضها بعضا كالطاعة وقيل استزلهم بذكر ذنوب سلفت منهم وكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة والخروج


صفحه : 34

من المظلمةوَ لَقَد عَفَا اللّهُ عَنهُملتوبتهم واعتذارهم إِنّ اللّهَ غَفُورٌللذنوب حَلِيمٌ لايعاجل بعقوبة المذنب كي‌ يتوب يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالّذِينَ كَفَرُوايعني‌ المنافقين وَ قالُوا لِإِخوانِهِملأجلهم وفيهم ومعني إخوتهم اتفاقهم في النسب أو في المذهب إِذا ضَرَبُوا فِي الأَرضِ إذاسافروا فيها وأبعدوا للتجارة أوغيرهاأَو كانُوا غُزّيجمع غازلَو كانُوا عِندَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوامفعول قالوالِيَجعَلَ اللّهُ ذلِكَ حَسرَةً فِي قُلُوبِهِممتعلق بقالوا علي أن اللام لام العاقبة أوبلا تكونوا أي لاتكونوا مثلهم في النطق بذلك القول والاعتقاد ليجعله حسرة في قلوبهم خاصة فذلك إشارة إلي مادل عليه قولهم من الاعتقاد وقيل إلي مادل عليه النهي‌ أي لاتكونوا مثلهم ليجعل الله انتفاء كونكم مثلهم حسرة في قلوبهم فإن مخالفتهم ومضادتهم مما يغمهم وَ اللّهُ يحُييِ‌ وَ يُمِيتُرد لقولهم أي هوالمؤثر في الحياة والممات لاالإقامة والسفر فإنه تعالي قديحيي‌ المسافر والغازي‌ ويميت المقيم والقاعدوَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصِيرٌتهديد للمؤمنين علي أن يماثلوهم وَ لَئِن قُتِلتُم فِي سَبِيلِ اللّهِ أَو مُتّم أي في سبيله لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَحمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجمَعُونَجواب القسم و هوساد مسد الجزاء والمعني أن السفر والغزو ليس مما يجلب الموت وتقدم الأجل و إن وقع ذلك في سبيل الله فما ينالون من المغفرة والرحمة بالموت خير مما يجمعون من الدنيا ومنافعها لو لم يموتواوَ لَئِن مُتّم أَو قُتِلتُم علي أي وجه اتفق هلاككم لَإِلَي اللّهِ تُحشَرُونَلإلي معبودكم ألذي توجهتم إليه وبذلتم مهجتكم لوجهه لا إلي غيره لامحالة تحشرون فيوفي‌ أجوركم ويعظم ثوابكم فَبِما رَحمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنتَ لَهُم مامزيدة للتأكيد والدليل علي أن لينه لهم ما كان إلابرحمة من الله و هوربطه علي جأشه وتوفيقه للرفق بهم حين اغتم لهم بعد أن خالفوه وَ لَو كُنتَ فَظّاسيئ الخلق جافياغَلِيظَ القَلبِقاسيه لَانفَضّوا مِن حَولِكَلتفرقوا عنك و لم يسكنوا إليك فَاعفُ عَنهُمفيما يختص بك وَ استَغفِر لَهُم


صفحه : 35

فيما لله وَ شاوِرهُم فِي الأَمرِ أي في أمر الحرب إذ الكلام فيه أوفيما يصح أن يشاور فيه استظهارا برأيهم وتطييبا لنفوسهم وتمهيدا سنة المشاورة للأمةفَإِذا عَزَمتَ فإذاوطنت نفسك علي شيء بعدالشوري . و قال الطبرسي‌ رحمه الله ورووا عن جعفر بن محمدعليهما السلام و عن جابر بن يزيد فَإِذَا عُزِمتَ بالضم فعلي هذا يكون معناه فإذاعزمت لك ووفقتك وأرشدتك فَتَوَكّل عَلَي اللّهِ قال البيضاوي‌ في إمضاء أمرك علي ما هوأصلح لك فإنه لايعلمه سواه إِنّ اللّهَ يُحِبّ المُتَوَكّلِينَفينصرهم ويهديهم إلي الصلاح إِن يَنصُركُمُ اللّهُ كمانصركم يوم بدرفَلا غالِبَ لَكُم فلايغلبكم أحدوَ إِن يَخذُلكُم كماخذلكم يوم أحدفَمَن ذَا ألّذِي يَنصُرُكُم مِن بَعدِهِ من بعدخذلانه أو من بعد الله وَ عَلَي اللّهِ فَليَتَوَكّلِ المُؤمِنُونَفليخصوه بالتوكل عليه لماعلموا أن لاناصر سواه وآمنوا به .وَ ما كانَ لنِبَيِ‌ّ أَن يَغُلّ قال الطبرسي‌ روي‌ عن ابن عباس و ابن جبير أنها نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من المغنم فقال بعضهم لعل النبي ص أخذها. و في رواية الضحاك قال إن رجلا غل بمخيط أي بإبرة من غنائم هوازن يوم حنين فنزلت الآية. و عَن مُقَاتِلٍأَنّهَا نَزَلَت فِي غَنَائِمِ أُحُدٍ حِينَ تَرَكَتِ الرّمَاةُ المَركَزَ طَلَباً لِلغَنِيمَةِ


صفحه : 36

وَ قَالُوا نَخشَي أَن يَقُولَ رَسُولُ اللّهِص مَن أَخَذَ شَيئاً فَهُوَ لَهُ وَ لَا يَقسِمَ كَمَا لَم يَقسِم يَومَ بَدرٍ وَ وَقَعُوا فِي الغَنَائِمِ فَقَالَص أَ ظَنَنتُم أَنّا نَغُلّ وَ لَا نَقسِمُ لَكُم فَأَنزَلَ اللّهُ الآيَةَ وَ قِيلَ إِنّهُ قَسَمَ الغَنِيمَةَ وَ لَم يَقسِم لِلطّلَائِعِ فَلَمّا قَدِمَتِ الطّلَائِعُ قَالُوا أَ قَسَمَ الفيَ‌ءَ وَ لَم يَقسِم لَنَا فَعَرّفَهُ اللّهُ الحُكمَ فِيهِ وَ نَزَلَتِ الآيَةُ وَ قِيلَ نَزَلَت فِي أَدَاءِ الوحَي‌ِ كَانَص يَقرَأُ القُرآنَ وَ فِيهِ عَيبُ دِينِهِم وَ سَبّ آلِهَتِهِم فَسَأَلُوهُ أَن يطَويِ‌َ ذَلِكَ عَنهُم فَنَزَلَت.

و قال البيضاوي‌ أي و ماصحّ لنبي‌ّ أن يخون في الغنائم فإن النبوّة تنافي‌ الخيانةوَ مَن يَغلُل يَأتِ بِما غَلّ يَومَ القِيامَةِيأت بالذي‌ غلّه يحمله علي عنقه كماجاء في الحديث أوبما احتمل من وباله وإثمه ثُمّ تُوَفّي كُلّ نَفسٍ ما كَسَبَتيعطي جزاء ماكسبت وافياوَ هُم لا يُظلَمُونَ فلاينقص ثواب مطيعهم و لايزاد في عقاب عاصيهم .أَ وَ لَمّا أَصابَتكُم مُصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قال الطبرسي‌ أي حين أصابكم القتل والجرح و ذلك ماأصاب المسلمين يوم أحد فإنه قتل منهم سبعون رجلا وكانوا أصابوا من المشركين يوم بدر مثليها فإنهم كانوا قتلوا من المشركين سبعين رجلا وأسروا سبعين وقيل قتلتم منهم ببدر سبعين وبأحد سبعين و هذاضعيف فإنه لاخلاف بينهم أنه قتل منهم بأحد نفر يسيرقُلتُم أَنّي هذا أي من أي وجه أصابنا هذا ونحن مسلمون وفينا رسول الله ص وينزل عليه الوحي‌ وهم مشركون وقيل إنهم إنما استنكروا ذلك لأنه وعدهم بالنصر من الله إن أطاعوه قُل هُوَ مِن

عِندِ أَنفُسِكُم أي ماأصابكم من الهزيمة والقتل من عندأنفسكم بخلافكم أمر ربكم وترككم طاعة الرسول ص و فيه أقوال أحدها أن ذلك مخالفتهم الرسول ص في الخروج من المدينة للقتال يوم أحد و كان النبي ص دعاهم أن يتحصنوا بها ويدعو المشركين إلي أن يقصدوهم فيهافقالوا كنا نمتنع من ذلك في الجاهلية ونحن الآن في الإسلام و أنت يا رسول الله بيننا أحق بالامتناع وأعز. وثانيها

أَنّ ذَلِكَ بِاختِيَارِهِمُ الفِدَاءَ مِنَ الأَسرَي يَومَ بَدرٍ وَ كَانَ الحُكمُ فِيهِمُ القَتلَ وَ شَرَطَ عَلَيهِم إِن قَبِلتُمُ الفِدَاءَ قُتِلَ مِنكُم فِي القَابِلِ بِعِدّتِهِم قَالُوا رَضِينَا فَإِنّا نَأخُذُ الفِدَاءَ فَنَنتَفِعُ بِهِ وَ إِذَا قُتِلَ مِنّا فِيمَا بَعدُ كُنّا شُهَدَاءَ عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ عَبِيدَةَ السلّماَنيِ‌ّ وَ هُوَ المرَويِ‌ّ عَنِ البَاقِرِ عَلَيهِ السّلَامُ ک

. وثالثها أن ذلك بخلاف الرماة يوم أحد لماأمرهم رسول الله ص به من ملازمة مراكزهم .إِنّ اللّهَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ أي فهو قادر علي نصركم فيما بعد و إن لم ينصركم في الحال لمخالفتكم وَ ما أَصابَكُمأيها المؤمنون يَومَ التَقَي الجَمعانِجمع المسلمين وجمع المشركين يوم أحد بقتل من قتل منكم فَبِإِذنِ اللّهِ أي بعلم الله وقيل بتخلية الله بينكم وبينهم التي‌ تقوم مقام الإطلاق في الفعل برفع الموانع والتمكين من الفعل ألذي يصح معه التكليف وقيل بعقوبة الله لتركهم أمر رسول الله ص وَ لِيَعلَمَ المُؤمِنِينَ وَ لِيَعلَمَ الّذِينَ نافَقُوا أي وليميز المؤمنين من المنافقين وَ قِيلَ لَهُم أي للمنافقين تَعالَوا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِقالوا إن عبد الله بن أبي والمنافقين معه من أصحابه انخذلوا يوم أحد بنحو من ثلاثمائة رجل وقالوا علام نقتل أنفسنا و قال لهم عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري‌ تعالوا قاتلوا في سبيل الله واتقوا الله و لاتخذلوا نبيكم أَوِ ادفَعُوا عن حريمكم


صفحه : 38

وأنفسكم إن لم تقاتلوا في سبيل الله وقيل معناه أقيموا معنا وكثروا سوادناقالُوا أي المنافقون .لَو نَعلَمُ قِتالًا لَاتّبَعناكُم قال البيضاوي‌ أي لونعلم مما يصلح أن يسمي قتالا لاتبعناكم فيه لكن ماأنتم عليه ليس بقتال بل إلقاء بالأنفس إلي التهلكة أو لونحسن قتالا لاتبعناكم وإنما قالوا ذلك دغلا واستهزاءهُم لِلكُفرِ يَومَئِذٍ أَقرَبُ مِنهُم لِلإِيمانِلانخزالهم وكلامهم هذافإنهما أول أمارة ظهرت منهم مؤذنة بكفرهم وقيل هم لأهل الكفر أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان يَقُولُونَ بِأَفواهِهِم ما لَيسَ فِي قُلُوبِهِميظهرون خلاف مايضمرون لاتواطئ قلوبهم ألسنتهم بالإيمان وَ اللّهُ أَعلَمُ بِما يَكتُمُونَ من النفاق وبما يخلو به بعضهم إلي بعض الّذِينَ قالُوا لِإِخوانِهِم أي لأجلهم يريد من قتل يوم أحد من أقاربهم أو من جنسهم وَ قَعَدُوامقدرا بقدر أي قالوا قاعدين عن القتال لَو أَطاعُونا في القعودما قُتِلُوا كما لم نقتل قُل فَادرَؤُاالآية أي إن كنتم صادقين أنكم تقدرون علي دفع القتل عمن كتب عليه فادفعوا عن أنفسكم الموت وأسبابه فإنه أحري بكم والمعني أن القعود غيرمغن فإن أسباب الموت كثيرة و كما أن القتال يكون سببا للهلاك والقعود سببا للنجاة قد يكون الأمر بالعكس .وَ لا تَحسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا قال الطبرسي‌ قيل نزلت في شهداء بدر وقيل في شهداء أحد وكانوا سبعين أربعة من المهاجرين حمزة ومصعب بن عمير


صفحه : 39

وعثمان بن شماس و عبد الله بن جحش وسائرهم من الأنصار و قال الباقر عليه السلام وكثير من المفسرين إنها تتناول قتلي بدر وأحد معا وقيل نزلت في شهداء بئر معونةالّذِينَ استَجابُوا لِلّهِ وَ الرّسُولِ قال رحمه الله لماانصرف أبوسفيان وأصحابه من غزاة أحد فبلغوا الروحاء ندموا علي انصرافهم عن المسلمين وتلاوموا قالوا لامحمدا قتلتم و لاالكواعب أردفتم قتلتموهم حتي إذا لم يبق إلاالشريد تركتموهم ارجعوا فاستأصلوهم فبلغ ذلك الخبر رسول الله ص فأراد أن يرهب العدو ويريهم من نفسه وأصحابه قوة فندب أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان و قال ألا عصابة تشدد لأمر الله تطلب عدوها فإنها إنكاء للعدو وأبعد للسمع فانتدب عصابة منهم مع مابهم من القرح والجرح ألذي أصابهم يوم أحد ونادي منادي‌ رسول الله ص ألا لايخرجن معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس وإنما خرج رسول الله ص ليرهب العدو وليبلغهم أنه خرج في طلبهم فيظنوا به قوة و أن ألذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم فينصرفوا فخرج في سبعين رجلا حتي بلغ حمراء الأسد و هو من المدينة علي ثمانية أميال . وروي محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن خارجة عن زيد بن ثابت عن أبي السائب أن رجلا من أصحاب النبي ص من بني‌ عبدالأشهل كان شهد أحدا قال شهدت أحدا أنا وأخ لي فرجعنا جريحين فلما أذن مؤذن رسول الله ص بالخروج في طلب العدو قلنا لاتفوتنا غزوة مع رسول الله ص


صفحه : 40

و الله مالنا دابة نركبها و مامنا إلاجريح ثقيل فخرجنا مع رسول الله ص وكنت أيسر جرحا من أخي‌ فكنت إذاغلب حملته عقبة ومشي عقبة حتي بلغنا مع رسول الله ص حمراء الأسد فمر برسول الله ص معبد الخزاعي‌ بحمراء الأسد وكانت خزاعة مسلمهم وكافرهم عينة رسول الله ص بتهامة صفقتهم معه لايخفون عنه شيئا ومعبد يومئذ مشرك فقال و الله يا محمدلقد عزعلينا مصابك في قومك وأصحابك ولوددنا أن الله كان أعفاك فيهم ثم خرج من عند رسول الله ص حتي لقي‌ أباسفيان و من معه بالروحاء وأجمعوا الرجعة إلي رسول الله ص وقالوا قدأصبنا جل أصحابه وقادتهم وأشرافهم ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم فلما رأي أبوسفيان معبدا قال ماوراءك يامعبد قال محمد قدخرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا و قداجتمع عليه من كان تخلف عنه في يومكم وندموا علي ضيعتهم وفيهم من الحنق عليكم ما لم أر مثله قط قال ويلك ماتقول فقال و الله ماأراك ترتحل حتي تري نواصي‌ الخيل قال فو الله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم قال فو الله إني‌ لأنهاك عن ذلك فو الله لقد حملني‌ مارأيت علي أن قلت أبياتا فيه من شعر قال و ما قلت قال قلت


كادت تهد من الأصوات راحلتي‌.   إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل .

صفحه : 41


تردي‌ بأسد كرام لاتنابلة.   عنداللقاء و لاخرق معاذيل .

فظلت عدوا أظن الأرض مائلة.   لماسموا برئيس غيرمخذول .

و قلت وي‌ لابن حرب من لقائكم .   إذاتغطمطت البطحاء بالحيل .

إني‌ نذير لأهل السير ضاحية.   لكل ذي‌ إربة منهم ومعقول .

من جيش أحمد لاوخش تنابلة.   و ليس يوصف ماأثبت بالقيل .

قال فثني ذلك أباسفيان و من معه ومر به ركب من عبدالقيس فقال أين تريدون قالوا نريد المدينة نريد الميرة فقال فهل أنتم مبلغون عني‌ محمدا رسالة أرسلكم بها إليه وأحمل لكم إبلكم هذه زبيبا بعكاظ غدا إذاوافيتمونا قالوا نعم قال إذاجئتموه فأخبروه أنا قدأجمعنا الكرة إليه و إلي أصحابه لنستأصل بقيتهم وانصرف أبوسفيان ومر الركب برسول الله ص و هوبحمراء الأسد فأخبروه بقول أبي سفيان فقال رسول الله ص وأصحابه حَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُ ثم انصرف رسول الله ص بعدالثالثة إلي المدينة و قدظفر في وجهه


صفحه : 42

ذلك بمعاوية بن المغيرة بن العاص و أبي غرة الجمحي‌ هذاقول أكثر المفسرين و قال مجاهد وعكرمة نزلت هذه الآيات في غزاة بدر الصغري و ذلك أن أباسفيان قال يوم أحد حين أراد أن ينصرف يا محمدموعدنا بيننا وبينك موسم بدر الصغري لقابل إن شئت فقال رسول الله ص ذلك بيننا وبينك فلما كان العام المقبل خرج أبوسفيان في أهل مكة حتي نزل مجنة من ناحية من مر الظهران ثم ألقي الله عليه الرعب فبدا له في الرجوع فلقي‌ نعيم بن مسعود الأشجعي‌ و قدقدم معتمرا فقال له أبوسفيان إني‌ واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي‌ بموسم بدر الصغري و إن هذه عام جدب فلايصلح لنا إلاعام نرعي فيه الشجر ونشرب فيه اللبن و قدبدا لي أن لاأخرج إليها وأكره أن يخرج محمد و لاأخرج أنافيزيدهم ذلك جرأة فالحق بالمدينة فثبطهم و لك عندي‌ عشرة من الإبل أضعها علي يدي‌ سهيل بن عمرو فأتي نعيم المدينة فوجد الناس يتجهزون لميعاد أبي سفيان فقال لهم بئس الرأي‌ رأيتم أتوكم في دياركم وقراركم فلم يفلت منكم إلاشريد فتريدون أن تخرجوا و قدجمعوا لكم عندالموسم فو الله لايفلت منكم أحد فكره أصحاب رسول الله الخروج فقال رسول الله ص و ألذي نفسي‌ بيده لأخرجن و لووحدي‌ فأما الجبان فإنه رجع و أماالشجاع فإنه تأهب للقتال و قال حَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُفخرج رسول الله ص في أصحابه حتي وافوا بدر الصغري و هوماء لبني‌ كنانة و كان موضع سوق لهم في الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام فأقام ببدر ينتظر أباسفيان


صفحه : 43

و قدانصرف أبوسفيان من مجنة إلي مكة فسماهم أهل مكة جيش السويق وقالوا إنما خرجتم تشربون السويق و لم يلق رسول الله ص وأصحابه أحد من المشركين ببدر ووافقوا السوق وكانت لهم تجارات فباعوها وأصابوا الدرهم درهمين وانصرفوا إلي المدينة سالمين غانمين و قدروي ذلك أبوالجارود عن الباقر عليه السلام المعني .الّذِينَ استَجابُوا لِلّهِ وَ الرّسُولِ أي أطاعوا الله في أوامره وأطاعوا رسوله مِن بَعدِ ما أَصابَهُمُ القَرحُ أي نالهم الجراح يوم أحدلِلّذِينَ أَحسَنُوا مِنهُمبطاعة رسول الله ص وإجابته إلي الغزووَ اتّقَوامعاصي‌ الله لهم أَجرٌ عَظِيمٌ أي ثواب جزيل الّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ في المعني‌ بالناس الأول ثلاثة أقوال أحدها أنهم الركب الذين دسهم أبوسفيان إلي المسلمين ليجبنوهم عندمنصرفهم من أحد لماأرادوا الرجوع إليهم عن ابن عباس و ابن إسحاق و قدمضت قصتهم . والثاني‌ أنه نعيم بن مسعود الأشجعي‌ و هوقول أبي جعفر و أبي عبد الله عليه السلام . والثالث أنهم المنافقون عن السدي‌.إِنّ النّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُمالمعني‌ به أبوسفيان وأصحابه عندأكثر المفسرين أي جمعوا جموعا كثيرة لكم وقيل جمعوا الآلات والرحال وإنما عبر بلفظ الواحد عن الجمع في قوله قالَ لَهُمُ النّاسُلأمرين أحدهما أنه قدجاءهم من جهة الناس فأقيم كلامه مقام كلامهم وسمي‌ باسمهم . والآخر أنه لتفخيم الشأن فَاخشَوهُم أي فخافوهم ثم بين سبحانه أن ذلك القول زادهم إيمانا وثباتا علي دينهم وإقامة علي نصر نبيهم بأن قال


صفحه : 44

فَزادَهُم إِيماناً وَ قالُوا حَسبُنَا اللّهُ أي كافينا الله وولينا وحفيظنا والمتولي‌ لأمرناوَ نِعمَ الوَكِيلُ أي نعم الكافي‌ والمعتمد والملجأ ألذي يوكل إليه الأمورفَانقَلَبُوا أي فرجع النبي ص و من معه من أصحابه بِنِعمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ فَضلٍ أي بعافية من السوء وتجارة رابحةلَم يَمسَسهُم سُوءٌ أي قتل عن السدي‌ ومجاهد وقيل النعمة هاهنا الثبوت علي الإيمان في طاعة الله والفضل الربح في التجارة عن الزجاج وقيل أقل مايفعله الله تعالي بالخلق فهو نعمة و مازاد علي ذلك فهو الموصوف بأنه فضل والفرق بين النعمة والمنفعة أن النعمة لاتكون نعمة إلا إذاكانت حسنة والمنفعة قدتكون حسنة و قدتكون قبيحة و هذالأن النعمة تستحق بهاالشكر و لايستحق الشكر بالقبيح وَ اتّبَعُوا رِضوانَ اللّهِبالخروج إلي لقاء العدووَ اللّهُ ذُو فَضلٍ عَظِيمٍ علي المؤمنين . قوله تعالي فَما لَكُم فِي المُنافِقِينَ فِئَتَينِأقول قدمر تفسيره في باب جوامع الغزوات . قوله وَ لا تَهِنُوا أي لاتضعفوا قال الطبرسي‌ قيل نزلت في الذهاب إلي بدر الصغري لموعد أبي سفيان يوم أحد وقيل نزلت يوم أحد في الذهاب خلف أبي سفيان لموعد أبي سفيان وعسكره إلي حمراء الأسد. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ وَ عِكرِمَةُ لَمّا أَصَابَ المُسلِمُونَ مَا أَصَابَهُم يَومَ أُحُدٍ وَ صَعِدَ النّبِيّص الجَبَلَ جَاءَ أَبُو سُفيَانَ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ لَنَا يَومٌ وَ لَكُم يَومٌ فَقَالَص أَجِيبُوهُ فَقَالَ المُسلِمُونَ لَا سَوَاءٌ قَتلَانَا فِي الجَنّةِ وَ قَتلَاكُم فِي النّارِ فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ


  َنَا عُزّي وَ لَا عُزّي لَكُم

فَقَالَ النّبِيّص قُولُوا


  للّهُ مَولَانَا وَ لَا مَولَي لَكُم

. فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ


صفحه : 45

اعلُ هُبَلُ. فَقَالَ النّبِيّص قُولُوا اللّهُ أَعلَي وَ أَجَلّ.

فقال أبوسفيان موعدنا وموعدكم بدر الصغري ونام المسلمون وبهم الكلوم وفيهم نزلت إِن يَمسَسكُم قَرحٌالآية وفيهم نزلت إِن تَكُونُوا تَألَمُونَالآية لأن الله تعالي أمرهم علي مابهم من الجراح أن يتبعوهم وأراد بذلك إرهاب المشركين فخرجوا إلي حمراء الأسد وبلغ المشركين ذلك فأسرعوا حتي دخلوا مكة.فِي ابتِغاءِ القَومِ أي في طلب المشركين إِن تَكُونُوا تَألَمُونَمما ينالكم من الجراح منهم فَإِنّهُميعني‌ المشركين يَألَمُونَأيضا مما ينالهم منكم من الجراح والأذي كَما تَألَمُونَ من جراحهم وأذاهم وَ تَرجُونَ مِنَ اللّهِالظفر عاجلا والثواب آجلا علي ماينالكم منهم ما لا يَرجُونَ علي ماينالهم منكم . قوله تعالي إِنّ الّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ قدمر تفسيره في باب قصة بدر.توضيح قميئة كسفينة مهموز اعل هبل أي صر عاليا بغلبة عابديك علي منكريك والطارق النجم أي آباؤنا في الشرف والعلو كالنجم والنمارق جمع النمرقة بضم النون والراء وكسرها وهي‌ الوسادة والوامق المحب أي نفارقكم فراق المعادي‌ لافراق المحب والمراد المفارقة والمعانقة بعدالحرب إذا كان الخطاب لأصحابه و إن كان للمسلمين فالمراد المعانقة عندالحرب والأحابيش هم أحياء من القارة انضموا إلي بني‌ ليث في محاربتهم قريشا والتحبش التجمع وقيل حالفوا قريشا تحت جبل يسمي حبشيا فسمي‌ بذلك والكبول القصير و في بعض النسخ الدهر في الكيول بالياء المثناة التحتانية و هوكعيوق


صفحه : 46

آخر الصفوف و هوأصوب أي أن لاأقيم في جميع دهري‌ وعمري‌ في آخر الصفوف بل أتقدمها والكواعب جمع الكاعب وهي‌ الجارية حين يبدو ثديها للنهود أردفتم أي لم تأسروهن فتجعلوهن خلفكم علي الإبل لتذهبوا بهن والشريد الطريد المتفرق المنهزم ويقال نكيت في العدو إذاأكثرت فيهم الجراح والقتل فوهنوا لذلك و قديهمز وأبعد للسمع أي يذهب الخبر به إلي البلاد البعيد فيصير سببا لرعبهم فكنت إذاغلب أي غلبه الوجع حملته عقبة أي نوبة عينة رسول الله ص أي جاسوسه و في بعض النسخ بالباء الموحدة و في القاموس العيبة من الرجل موضع سره و هوأظهر.صفقتهم أي بيعتهم معه أعفاك فيهم أي لم يأمرك بقتالهم يتحرقون عليكم أي يلتهبون غيظا أويحكون أسنانهم عليكم غضبا تهد راحلتي‌ أي تقع وتخر من هد الحائط إذاوقع والجرد بالضم جمع الجريدة وهي‌ من الخيل جماعة جردت من سائرها لوجه أو هوجمع الأجرد يقال فرس أجرد إذارقت شعرته وقصرت و هومدح والأبابيل الجماعات الكثيرة ويقال جاءت إبلك أبابيل أي فرقا تردي‌ أي الجرد يقال ردي‌ الفرس يردي‌ إذارجم الأرض بحوافره رجما بين العدو والمشي‌ الشديد بأسد أي مع أسد والتنابلة جمع تنبل كدرهم أوتنبال بالكسر وهما القصير ولعله استعير للجبان أوالكسلان كما هوالمعروف في لغة العجم والخرق بالضم جمع الأخرق و هو من لايحسن العمل والمعاذيل جمع المعذال وقيل المعذول و هوالملوم . وعدوا مصدر لفعل محذوف أي أعدو عدوا حال كوني‌ أظن الأرض مائلة. لماسموا أي علوا برئيس و هوالرسول والغطمطة اضطراب موج البحر وغليان الصدور والتغطمط صوت معه بحح والبطحاء مسيل واسع فيه دقاق الحصي والجيل بالكسر الصنف من الناس و في بعض النسخ بالخاء ويقال فعله ضاحية أي علانية والإربة بالكسر الحيلة والمعقول العقل يقال عقل يعقل عقلا ومعقولا والوخش بفتح الواو وسكون الخاء المعجمة الردي‌


صفحه : 47

من كل شيء ورذال الناس وسقاطهم للواحد والجمع والمذكر والمؤنث و في بعض النسخ بالحاء المهملة أي ليسوا بمستوحشين والأول أظهر والقيل بالكسر القول

1-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُثمَانَ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص صَلّي عَلَي حَمزَةَ وَ كَفّنَهُ لِأَنّهُ كَانَ جُرّدَ

2-يه استُشهِدَ حَنظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرٍ الرّاهِبُ بِأُحُدٍ فَلَم يَأمُرِ النّبِيّص بِغُسلِهِ وَ قَالَ رَأَيتُ المَلَائِكَةَ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ تُغَسّلُ حَنظَلَةَ بِمَاءِ المُزنِ فِي صِحَافٍ مِن فِضّةٍ فَكَانَ يُسَمّي غَسِيلَ المَلَائِكَةِ

3-فس ،[تفسير القمي‌] وَ إِذ غَدَوتَ مِن أَهلِكَ تبُوَ‌ّئُ المُؤمِنِينَ مَقاعِدَ لِلقِتالِ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌفَإِنّهُ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَن صَفوَانَ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ

سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أَنّ قُرَيشاً خَرَجَت مِن مَكّةَ تُرِيدُ حَربَ رَسُولِ اللّهِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِص يبَتغَيِ‌ مَوضِعاً لِلقِتَالِ

قَولُهُإِذ هَمّت طائِفَتانِ مِنكُم أَن تَفشَلانَزَلَت فِي عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ وَ قَومٍ مِن أَصحَابِهِ اتّبَعُوا رَأيَهُ فِي تَركِ الخُرُوجِ وَ القُعُودِ عَن نُصرَةِ رَسُولِ اللّهِص قَالَ وَ كَانَ سَبَبُ غَزوَةِ أُحُدٍ أَنّ قُرَيشاً لَمّا رَجَعَت مِن بَدرٍ إِلَي مَكّةَ وَ قَد أَصَابَهُم مَا أَصَابَهُم مِنَ القَتلِ وَ الأَسرِ لِأَنّهُ قُتِلَ مِنهُم سَبعُونَ وَ أُسِرَ مِنهُم سَبعُونَ فَلَمّا رَجَعُوا إِلَي مَكّةَ قَالَ أَبُو سُفيَانَ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ لَا تَدَعُوا نِسَاءَكُم يَبكِينَ عَلَي قَتلَاكُم فَإِنّ


صفحه : 48

البُكَاءَ وَ الدّمعَةَ إِذَا خَرَجَت أَذهَبَتِ الحُزنَ وَ الحُرقَةَ وَ العَدَاوَةَ لِمُحَمّدٍ وَ يَشمَتُ بِنَا مُحَمّدٌ وَ أَصحَابُهُ فَلَمّا غَزَوا رَسُولَ اللّهِص يَومَ أُحُدٍ أَذِنُوا لِنِسَائِهِم بَعدَ ذَلِكَ فِي البُكَاءِ وَ النّوحِ فَلَمّا أَرَادُوا أَن يَغزُوا رَسُولَ اللّهِ إِلَي أُحُدٍ سَارُوا فِي حُلَفَائِهِم مِن كِنَانَةَ وَ غَيرِهَا فَجَمَعُوا الجُمُوعَ وَ السّلَاحَ وَ خَرَجُوا مِن مَكّةَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَ ألَفيَ‌ رَاجِلٍ وَ أَخرَجُوا مَعَهُمُ النّسَاءَ يُذَكّرنَهُم وَ يُحَثّثنَهُم عَلَي حَربِ رَسُولِ اللّهِص وَ أَخرَجَ أَبُو سُفيَانَ هِندَ بِنتَ عُتبَةَ وَ خَرَجَت مَعَهُم عَمرَةُ بِنتُ عَلقَمَةَ الحَارِثِيّةُ فَلَمّا بَلَغَ رَسُولَ اللّهِص ذَلِكَ جَمَعَ أَصحَابَهُ وَ أَخبَرَهُم أَنّ قُرَيشاً قَد تَجَمّعَت تُرِيدُ المَدِينَةَ وَ حَثّ أَصحَابَهُ عَلَي الجِهَادِ وَ الخُرُوجِ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ وَ قَومٌ يَا رَسُولَ اللّهِ لَا تَخرُج مِنَ المَدِينَةِ حَتّي نُقَاتِلَ فِي أَزِقّتِهَا فَيُقَاتِلَ الرّجُلُ الضّعِيفُ وَ المَرأَةُ وَ العَبدُ وَ الأَمَةُ عَلَي أَفوَاهِ السّكَكِ وَ عَلَي السّطُوحِ فَمَا أَرَادَنَا قَومٌ قَطّ فَظَفِرُوا بِنَا وَ نَحنُ فِي حُصُونِنَا وَ دُورِنَا وَ مَا خَرَجنَا إِلَي أَعدَائِنَا قَطّ إِلّا كَانَ الظّفَرُ لَهُم عَلَينَا فَقَامَ سَعدُ بنُ مُعَاذٍ وَ غَيرُهُ مِنَ الأَوسِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ مَا طَمَعَ فِينَا أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ وَ نَحنُ مُشرِكُونَ نَعبُدُ الأَصنَامَ فَكَيفَ يَطمَعُونَ فِينَا وَ أَنتَ فِينَا لَا حَتّي نَخرُجَ إِلَيهِم فَنُقَاتِلَهُم فَمَن قُتِلَ مِنّا كَانَ شَهِيداً وَ مَن نَجَا مِنّا كَانَ قَد جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَقَبِلَ رَسُولُ اللّهِ قَولَهُ وَ خَرَجَ مَعَ نَفَرٍ مِن أَصحَابِهِ يَبتَغُونَ مَوضِعاً لِلقِتَالِ كَمَا قَالَ اللّهُوَ إِذ غَدَوتَ مِن أَهلِكَ تبُوَ‌ّئُ المُؤمِنِينَ إِلَي قَولِهِإِذ هَمّت طائِفَتانِ


صفحه : 49

مِنكُم أَن تَفشَلا

يعَنيِ‌ عَبدَ اللّهِ بنَ أُبَيّ وَ أَصحَابَهُ فَضَرَبَ رَسُولُ اللّهِ عَسكَرَهُ مِمّا يلَيِ‌ طَرِيقَ العِرَاقِ وَ قَعَدَ عَنهُ عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ وَ قَومُهُ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الخَزرَجِ اتّبَعُوا رَأيَهُ وَ وَافَت قُرَيشٌ إِلَي أُحُدٍ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص عَدّ أَصحَابَهُ وَ كَانُوا سَبعَمِائَةِ رَجُلٍ فَوَضَعَ عَبدَ اللّهِ بنَ جُبَيرٍ فِي خَمسِينَ مِنَ الرّمَاةِ عَلَي بَابِ الشّعبِ وَ أَشفَقَ أَن يأَتيِ‌َ كَمِينُهُم مِن ذَلِكَ المَكَانِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لِعَبدِ اللّهِ بنِ جُبَيرٍ وَ أَصحَابِهِ إِن رَأَيتُمُونَا قَد هَزَمنَاهُم حَتّي أَدخَلنَاهُم مَكّةَ فَلَا تَبرَحُوا مِن هَذَا المَكَانِ وَ إِن رَأَيتُمُوهُم قَد هَزَمُونَا حَتّي أَدخَلُونَا المَدِينَةَ فَلَا تَبرَحُوا وَ الزَمُوا مَرَاكِزَكُم وَ وَضَعَ أَبُو سُفيَانَ عَلَيهِ اللّعنَةُ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ عَلَيهِ اللّعنَةُ فِي ماِئتَيَ‌ فَارِسٍ كَمِيناً فَقَالَ لَهُ إِذَا رَأَيتُمُونَا قَدِ اختَلَطنَا بِهِم فَاخرُجُوا عَلَيهِم مِن هَذَا الشّعبِ حَتّي تَكُونُوا مِن وَرَائِهِم فَلَمّا أَقبَلَتِ الخَيلُ وَ اصطَفّوا وَ عَبّأَ رَسُولُ اللّهِص أَصحَابَهُ دَفَعَ الرّايَةَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَحَمَلَتِ الأَنصَارُ كُلّهُم عَلَي مشُركِيِ‌ قُرَيشٍ فَانهَزَمُوا هَزِيمَةً قَبِيحَةً وَ وَقَعَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص فِي سَوَادِهِم وَ انحَطّ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ فِي ماِئتَيَ‌ فَارِسٍ فلَقَيِ‌َ عَبدَ اللّهِ بنَ جُبَيرٍ فَاستَقبَلُوهُم بِالسّهَامِ فَرَجَعَ وَ نَظَرَ أَصحَابُ عَبدِ اللّهِ بنِ جُبَيرٍ إِلَي أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص يَنتَهِبُونَ سَوَادَ القَومِ قَالُوا لِعَبدِ اللّهِ بنِ جُبَيرٍ مَا يُقِيمُنَا هَاهُنَا وَ قَد غَنِمُوا أَصحَابُنَا وَ نَبقَي نَحنُ بِلَا غَنِيمَةٍ فَقَالَ لَهُم عَبدُ اللّهِ اتّقُوا اللّهَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص قَد تَقَدّمَ إِلَينَا أَن لَا نَبرَحَ فَلَم يَقبَلُوا مِنهُ وَ أَقبَلَ يَنسَلّ رَجُلٌ فَرَجُلٌ حَتّي أَخلَوا مَرَاكِزَهُم


صفحه : 50

وَ بقَيِ‌َ عَبدُ اللّهِ بنُ جُبَيرٍ فِي اثنيَ‌ عَشَرَ رَجُلًا وَ قَد كَانَت رَايَةُ قُرَيشٍ مَعَ طَلحَةَ بنِ أَبِي طَلحَةَ العبَدرَيِ‌ّ مِن بنَيِ‌ عَبدِ الدّارِ فَبَرَزَ وَ نَادَي يَا مُحَمّدُ تَزعُمُونَ أَنّكُم تُجَهّزُونّا بِأَسيَافِكُم إِلَي النّارِ وَ نُجَهّزُكُم بِأَسيَافِنَا إِلَي الجَنّةِ فَمَن شَاءَ أَن يَلحَقَ بِجَنّتِهِ فَليَبرُز إلِيَ‌ّ فَبَرَزَ إِلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ هُوَ يَقُولُ.


يَا طَلحُ إِن كُنتُم كَمَا تَقُولُ.   لَكُم خُيُولٌ وَ لَنَا نُصُولٌ.

فَاثبُت لِنَنظُرَ أَيّنَا المَقتُولُ.   وَ أَيّنَا أَولَي بِمَا تَقُولُ.

فَقَد أَتَاكَ الأَسَدُ الصّئُولُ.   بِصَارِمٍ لَيسَ بِهِ فُلُولٌ.

  َنصُرُهُ القَاهِرُ وَ الرّسُولُ.

فَقَالَ طَلحَةُ مَن أَنتَ يَا غُلَامُ قَالَ أَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَد عَلِمتُ يَا قَضِمُ أَنّهُ لَا يَجسُرُ عَلَيّ أَحَدٌ غَيرُكَ فَشَدّ عَلَيهِ طَلحَةُ فَضَرَبَهُ فَاتّقَاهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ بِالحَجَفَةِ ثُمّ ضَرَبَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَي فَخِذَيهِ فَقَطَعَهُمَا جَمِيعاً فَسَقَطَ عَلَي ظَهرِهِ وَ سَقَطَتِ الرّايَةُ فَذَهَبَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ لِيُجهِزَ عَلَيهِ فَحَلّفَهُ بِالرّحِمِ


صفحه : 51

فَانصَرَفَ عَنهُ فَقَالَ المُسلِمُونَ أَ لَا أَجهَزتَ عَلَيهِ قَالَ قَد ضَرَبتُهُ ضَربَةً لَا يَعِيشُ مِنهَا أَبَداً ثُمّ أَخَذَ الرّايَةَ أَبُو سَعِيدِ بنُ أَبِي طَلحَةَ فَقَتَلَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ سَقَطَت رَايَتُهُ إِلَي الأَرضِ فَأَخَذَهَا عُثمَانُ بنُ أَبِي طَلحَةَ فَقَتَلَهُ عَلِيّ وَ سَقَطَتِ الرّايَةُ إِلَي الأَرضِ فَأَخَذَهَا مُسَافِعُ بنُ أَبِي طَلحَةَ فَقَتَلَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ سَقَطَتِ الرّايَةُ إِلَي الأَرضِ فَأَخَذَهَا الحَارِثُ بنُ أَبِي طَلحَةَ فَقَتَلَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ سَقَطَتِ الرّايَةُ إِلَي الأَرضِ فَأَخَذَهَا عُزَيرُ بنُ عُثمَانَ فَقَتَلَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ سَقَطَتِ الرّايَةُ إِلَي الأَرضِ فَأَخَذَهَا عَبدُ اللّهِ بنُ جَمِيلَةَ بنِ زُهَيرٍ فَقَتَلَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ سَقَطَتِ الرّايَةُ إِلَي الأَرضِ فَقَتَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ التّاسِعَ مِن بنَيِ‌ عَبدِ الدّارِ وَ هُوَ أَرطَأَةُ بنُ شُرَحبِيلَ مُبَارَزَةً وَ سَقَطَتِ الرّايَةُ إِلَي الأَرضِ فَأَخَذَهَا مَولَاهُم صُؤَابٌ فَضَرَبَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي يَمِينِهِ فَقَطَعَهَا وَ سَقَطَتِ الرّايَةُ إِلَي الأَرضِ فَأَخَذَهَا بِشِمَالِهِ فَضَرَبَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي شِمَالِهِ فَقَطَعَهَا فَسَقَطَتِ الرّايَةُ إِلَي الأَرضِ فَاحتَضَنَهَا بِيَدَيهِ المَقطُوعَتَينِ ثُمّ قَالَ يَا بنَيِ‌ عَبدِ الدّارِ هَل أَعذَرتُ فِيمَا بيَنيِ‌ وَ بَينَكُم فَضَرَبَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي رَأسِهِ فَقَتَلَهُ وَ سَقَطَتِ الرّايَةُ إِلَي الأَرضِ فَأَخَذَتهَا عَمرَةُ بِنتُ عَلقَمَةَ الحَارِثِيّةُ فَنَصَبَتهَا وَ انحَطّ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ عَلَي عَبدِ اللّهِ بنِ جُبَيرٍ وَ قَد فَرّ أَصحَابُهُ وَ بقَيِ‌َ فِي نَفَرٍ قَلِيلٍ فَقَتَلُوهُم عَلَي بَابِ الشّعبِ وَ استَقفُوا المُسلِمِينَ فَوَضَعُوا فِيهِمُ السّيفَ وَ نَظَرَت قُرَيشٌ


صفحه : 52

فِي هَزِيمَتِهَا إِلَي الرّايَةِ قَد رُفِعَت فَلَاذُوا بِهَا وَ أَقبَلَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ يَقتُلُهُم وَ انهَزَمَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص هَزِيمَةً قَبِيحَةً وَ أَقبَلُوا يَصعَدُونَ فِي الجِبَالِ وَ فِي كُلّ وَجهٍ فَلَمّا رَأَي رَسُولُ اللّهِص الهَزِيمَةَ كَشَفَ البَيضَةَ عَن رَأسِهِ فَقَالَ إلِيَ‌ّ إنِيّ‌ أَنَا رَسُولُ اللّهِ إِلَي أَينَ تَفِرّونَ عَنِ اللّهِ وَ عَن رَسُولِهِ

وَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّهُ سُئِلَ عَن مَعنَي قَولِ طَلحَةَ بنِ أَبِي طَلحَةَ لَمّا بَارَزَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ يَا قَضِمُ قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص كَانَ بِمَكّةَ لَم يَجسُر عَلَيهِ أَحَدٌ لِمَوضِعِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَغرَوا بِهِ الصّبيَانَ وَ كَانُوا إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ يَرمُونَهُ بِالحِجَارَةِ وَ التّرَابِ وَ شَكَا ذَلِكَ إِلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ بأِبَيِ‌ أَنتَ وَ أمُيّ‌ يَا رَسُولَ اللّهِص إِذَا خَرَجتَ فأَخَرجِنيِ‌ مَعَكَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِص وَ مَعَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَتَعَرّضَ الصّبيَانُ لِرَسُولِ اللّهِص كَعَادَتِهِم فَحَمَلَ عَلَيهِم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ كَانَ يَقضَمُهُم فِي وُجُوهِهِم وَ آنَافِهِم وَ آذَانِهِم فَكَانَ الصّبيَانُ يَرجِعُونَ بَاكِينَ إِلَي آبَائِهِم وَ يَقُولُونَ قَضِمَنَا عَلِيّ قَضِمَنَا عَلِيّ فسَمُيّ‌َ لِذَلِكَ القَضِمَ

وَ روُيِ‌َ عَن أَبِي وَاثِلَةَ شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ كُنتُ أمُاَشيِ‌ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ إِذ سَمِعتُ مِنهُ هَمهَمَةً فَقُلتُ لَهُ مَه يَا عُمَرُ فَقَالَ وَيحَكَ أَ مَا تَرَي الهِزَبرَ القُثَمَ بنَ القُثَمِ وَ الضّارِبَ بِالبُهَمِ الشّدِيدَ عَلَي مَن طَغَا وَ بَغَي بِالسّيفَينِ وَ الرّايَةِ فَالتَفَتّ فَإِذَا


صفحه : 53

هُوَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَقُلتُ لَهُ يَا عُمَرُ هُوَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ ادنُ منِيّ‌ أُحَدّثكَ عَن شَجَاعَتِهِ وَ بَطَالَتِهِ بَايَعنَا النّبِيّص يَومَ أُحُدٍ عَلَي أَن لَا نَفِرّ وَ مَن فَرّ مِنّا فَهُوَ ضَالّ وَ مَن قُتِلَ مِنّا فَهُوَ شَهِيدٌ وَ النّبِيّص زَعِيمُهُ إِذ حَمَلَ عَلَينَا مِائَةُ صِندِيدٍ تَحتَ كُلّ صِندِيدٍ مِائَةُ رَجُلٍ أَو يَزِيدُونَ فَأَزعَجُونَا عَن طَاحُونَتِنَا فَرَأَيتُ عَلِيّاً كَاللّيثِ يتَقّيِ‌ الذّرّ إِذ قَد حَمَلَ كَفّاً مِن حَصًي فَرَمَي بِهِ فِي وُجُوهِنَا ثُمّ قَالَ شَاهَتِ الوُجُوهُ وَ قُطّت وَ بُطّت وَ لُطّت إِلَي أَينَ تَفِرّونَ إِلَي النّارِ فَلَم نَرجِع ثُمّ كَرّ عَلَينَا الثّانِيَةَ وَ بِيَدِهِ صَفِيحَةٌ يَقطُرُ مِنهَا المَوتُ فَقَالَ بَايَعتُم ثُمّ نَكَستُم فَوَ اللّهِ لَأَنتُم أَولَي بِالقَتلِ مِمّن أَقتُلُ فَنَظَرتُ إِلَي عَينَيهِ كَأَنّهُمَا سَلِيطَانِ يَتَوَقّدَانِ نَاراً أَو كَالقَدَحَينِ المَملُوّينِ دَماً فَمَا ظَنَنتُ إِلّا وَ يأَتيِ‌ عَلَينَا كُلّنَا فَبَادَرتُ أَنَا إِلَيهِ مِن بَينِ أصَحاَبيِ‌ فَقُلتُ يَا أَبَا الحَسَنِ اللّهَ اللّهَ فَإِنّ العَرَبَ تَفِرّ وَ تَكُرّ وَ إِنّ الكَرّةَ تنَفيِ‌ الفَرّةَ فَكَأَنّهُ استَحيَا فَوَلّي بِوَجهِهِ عنَيّ‌ فَمَا زِلتُ أُسَكّنُ رَوعَةَ فؤُاَديِ‌ فَوَ اللّهِ مَا خَرَجَ ذَلِكَ الرّعبُ مِن قلَبيِ‌ حَتّي السّاعَةِ وَ لَم يَبقَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ إِلّا أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ كُلّمَا حَمَلَت طَائِفَةٌ عَلَي رَسُولِ اللّهِص استَقبَلَهُم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ فَيَدفَعُهُم عَن رَسُولِ اللّهِ وَ يَقتُلُهُم حَتّي انقَطَعَ سَيفُهُ وَ بَقِيَت مَعَ رَسُولِ اللّهِص نَسِيبَةُ بِنتُ كَعبٍ المَازِنِيّةُ وَ كَانَت تَخرُجُ مَعَ رَسُولِ اللّهِص فِي غَزَوَاتِهِ تدُاَويِ‌ الجَرحَي وَ كَانَ ابنُهَا مَعَهَا فَأَرَادَ أَن يَنهَزِمَ وَ يَتَرَاجَعَ فَحَمَلَت عَلَيهِ فَقَالَت يَا بنُيَ‌ّ إِلَي أَينَ تَفِرّ عَنِ اللّهِ وَ عَن رَسُولِهِ فَرَدّتهُ فَحَمَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ فَقَتَلَهُ فَأَخَذَت سَيفَ ابنِهَا فَحَمَلَت عَلَي الرّجُلِ فَضَرَبَتهُ عَلَي فَخِذِهِ فَقَتَلَتهُ فَقَالَ


صفحه : 54

رَسُولُ اللّهِص بَارَكَ اللّهُ عَلَيكِ يَا نُسَيبَةُ. وَ كَانَت تقَيِ‌ رَسُولَ اللّهِص بِصَدرِهَا وَ ثَديَيهَا حَتّي أَصَابَتهَا جِرَاحَاتٌ كَثِيرَةٌ وَ حَمَلَ ابنُ قَمِيئَةَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ أرَوُنيِ‌ مُحَمّداً لَا نَجَوتُ إِن نَجَا فَضَرَبَهُ عَلَي حَبلِ عَاتِقِهِ وَ نَادَي قَتَلتُ مُحَمّداً وَ اللّاتِ وَ العُزّي وَ نَظَرَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي رَجُلٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ قَد أَلقَي تُرسَهُ خَلفَ ظَهرِهِ وَ هُوَ فِي الهَزِيمَةِ فَنَادَاهُ يَا صَاحِبَ التّرسِ أَلقِ تُرسَكَ وَ مُرّ إِلَي النّارِ فَرَمَي بِتُرسِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا نُسَيبَةُ خذُيِ‌ التّرسَ فَأَخَذَتِ التّرسَ وَ كَانَت تُقَاتِلُ المُشرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لَمَقَامُ نُسَيبَةَ أَفضَلُ مِن مَقَامِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ. فَلَمّا انقَطَعَ سَيفُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ جَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ الرّجُلَ يُقَاتِلُ بِالسّلَاحِ وَ قَدِ انقَطَعَ سيَفيِ‌ فَدَفَعَ إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِص سَيفَهُ ذَا الفَقَارِ فَقَالَ قَاتِل بِهَذَا وَ لَم يَكُن يَحمِلُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص أَحَدٌ إِلّا استَقبَلَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَإِذَا رَأَوهُ رَجَعُوا فَانحَازَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي نَاحِيَةِ أُحُدٍ فَوَقَفَ وَ كَانَ القِتَالُ مِن وَجهٍ وَاحِدٍ وَ قَدِ انهَزَمَ أَصحَابُهُ فَلَم يَزَل أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ يُقَاتِلُهُم حَتّي أَصَابَهُ فِي وَجهِهِ وَ رَأسِهِ وَ صَدرِهِ وَ بَطنِهِ وَ يَدَيهِ وَ رِجلَيهِ تِسعُونَ جِرَاحَةً فَتَحَامَوهُ وَ سَمِعُوا مُنَادِياً مِنَ السّمَاءِ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ.فَنَزَلَ جَبرَئِيلُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ يَا مُحَمّدُ هَذِهِ وَ اللّهِ المُوَاسَاةُ


صفحه : 55

فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لأِنَيّ‌ مِنهُ وَ هُوَ منِيّ‌ فَقَالَ جَبرَئِيلُ وَ أَنَا مِنكُمَا. وَ كَانَت هِندٌ بِنتُ عُتبَةَ فِي وَسَطِ العَسكَرِ فَكُلّمَا انهَزَمَ رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ دَفَعَت إِلَيهِ مِيلًا وَ مُكحُلَةً وَ قَالَت إِنّمَا أَنتَ امرَأَةٌ فَاكتَحِل بِهَذَا. وَ كَانَ حَمزَةُ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ يَحمِلُ عَلَي القَومِ فَإِذَا رَأَوهُ انهَزَمُوا وَ لَم يَثبُت لَهُ أَحَدٌ وَ كَانَت هِندٌ بِنتُ عُتبَةَ عَلَيهَا اللّعنَةُ قَد أَعطَت وَحشِيّاً عَهداً لَئِن قَتَلتَ مُحَمّداً أَو عَلِيّاً أَو حَمزَةَ لَأَعطَيتُكَ[لَأُعطِيَنّكَ]رِضَاكَ وَ كَانَ وحَشيِ‌ّ عَبداً لِجُبَيرِ بنِ مَطعَمٍ حَبَشِيّاً فَقَالَ وحَشيِ‌ّ أَمّا مُحَمّدٌ فَلَا أَقدِرُ عَلَيهِ وَ أَمّا عَلِيّ فَرَأَيتُهُ رَجُلًا حَذِراً كَثِيرَ الِالتِفَاتِ فَلَم أَطمَع فِيهِ فَكَمَنتُ لِحَمزَةَ فَرَأَيتُهُ يَهُدّ النّاسَ هَدّاً فَمَرّ بيِ‌ فَوَطِئَ عَلَي جُرُفِ نَهَرٍ فَسَقَطَ فَأَخَذتُ حرَبتَيِ‌ فَهَزَزتُهَا وَ رَمَيتُهُ فَوَقَعَت فِي خَاصِرَتِهِ وَ خَرَجَت مِن مَثَانَتِهِ فَسَقَطَ فَأَتَيتُهُ فَشَقَقتُ بَطنَهُ فَأَخَذتُ كَبِدَهُ وَ جِئتُ بِهَا إِلَي هِندٍ فَقُلتُ لَهَا هَذِهِ كَبِدُ حَمزَةَ فَأَخَذَتهَا فِي فَمِهَا فَلَاكَتهَا فَجَعَلَهَا اللّهُ فِي فِيهَا مِثلَ الدّاغِصَةِ فَلَفَظَتهَا وَ رَمَت بِهَا فَبَعَثَ اللّهُ مَلَكاً فَحَمَلَهُ وَ رَدّهُ إِلَي مَوضِعِهِ. فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ أَبَي اللّهُ أَن يُدخِلَ شَيئاً مِن بَدَنِ حَمزَةَ النّارَ.فَجَاءَت إِلَيهِ هِندٌ فَقَطَعَت مَذَاكِيرَهُ وَ قَطَعَت أُذُنَيهِ وَ جَعَلَتهُمَا خُرصَينِ


صفحه : 56

وَ شَدّتهُمَا فِي عُنُقِهَا وَ قَطَعَت يَدَيهِ وَ رِجلَيهِ وَ تَرَاجَعَ النّاسُ فَصَارَت قُرَيشٌ عَلَي الجَبَلِ فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ وَ هُوَ عَلَي الجَبَلِ اعلُ هُبَلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ قُل لَهُ اللّهُ أَعلَي وَ أَجَلّ. فَقَالَ يَا عَلِيّ إِنّهُ قَد أُنعِمَ عَلَينَا. فَقَالَ عَلِيّ بَلِ اللّهُ أَنعَمَ عَلَينَا. ثُمّ قَالَ يَا عَلِيّ أَسأَلُكَ بِاللّاتِ وَ العُزّي هَل قُتِلَ مُحَمّدٌ فَقَالَ لَهُ لَعَنَكَ اللّهُ وَ لَعَنَ اللّاتَ وَ العُزّي مَعَكَ وَ اللّهِ مَا قُتِلَ وَ هُوَ يَسمَعُ كَلَامَكَ قَالَ أَنتَ أَصدَقُ لَعَنَ اللّهُ ابنَ قَمِيئَةَ زَعَمَ أَنّهُ قَتَلَ مُحَمّداً. وَ كَانَ عَمرُو بنُ قَيسٍ قَد تَأَخّرَ إِسلَامُهُ فَلَمّا بَلَغَهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِص فِي الحَربِ أَخَذَ سَيفَهُ وَ تُرسَهُ وَ أَقبَلَ كَاللّيثِ العاَديِ‌ يَقُولُ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ ثُمّ خَالَطَ القَومَ فَاستُشهِدَ فَمَرّ بِهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ فَرَآهُ صَرِيعاً بَينَ القَتلَي فَقَالَ يَا عَمرُو وَ أَنتَ عَلَي دِينِكَ الأَوّلِ قَالَ لَا وَ اللّهِ إنِيّ‌ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ ثُمّ مَاتَ فَقَالَ رَجُلٌ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ عَمرَو بنَ ثَابِتٍ قَد أَسلَمَ وَ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ إيِ‌ وَ اللّهِ شَهِيدٌ مَا رَجُلٌ لَم يُصَلّ لِلّهِ رَكعَةً دَخَلَ الجَنّةَ غَيرَهُ.


صفحه : 57

وَ كَانَ حَنظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرٍ رجل [رَجُلًا] مِنَ الخَزرَجِ تَزَوّجَ فِي تِلكَ اللّيلَةِ التّيِ‌ كَانَت صَبِيحَتَهَا حَربُ أُحُدٍ بِبِنتِ عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ بنِ سَلُولٍ وَ دَخَلَ بِهَا فِي تِلكَ اللّيلَةِ وَ استَأذَنَ رَسُولَ اللّهِص أَن يُقِيمَ عِندَهَا فَأَنزَلَ اللّهُإِنّمَا المُؤمِنُونَ الّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِذا كانُوا مَعَهُ عَلي أَمرٍ جامِعٍ لَم يَذهَبُوا حَتّي يَستَأذِنُوهُ إِنّ الّذِينَ يَستَأذِنُونَكَ أُولئِكَ الّذِينَ يُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ فَإِذَا استَأذَنُوكَ لِبَعضِ شَأنِهِم فَأذَن لِمَن شِئتَ مِنهُمفَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص وَ هَذِهِ الآيَةُ فِي سُورَةِ النّورِ وَ أَخبَارُ أُحُدٍ فِي سُورَةِ آلِ عِمرَانَ فَهَذَا الدّلِيلُ عَلَي أَنّ التّألِيفَ عَلَي خِلَافِ مَا أَنزَلَ اللّهُ.فَدَخَلَ حَنظَلَةُ بِأَهلِهِ وَ وَقَعَ عَلَيهَا فَأَصبَحَ وَ خَرَجَ وَ هُوَ جُنُبٌ فَحَضَرَ القِتَالَ فَبَعَثَتِ امرَأَتُهُ إِلَي أَربَعَةِ نَفَرٍ مِنَ الأَنصَارِ لَمّا أَرَادَ حَنظَلَةُ أَن يَخرُجَ مِن عِندِهَا وَ أَشهَدَت عَلَيهِ أَنّهُ قَد وَاقَعَهَا فَقِيلَ لَهَا لِمَ فَعَلتِ ذَلِكِ قَالَت رَأَيتُ فِي هَذِهِ اللّيلَةِ فِي نوَميِ‌ كَأَنّ السّمَاءَ قَدِ انفَرَجَت فَوَقَعَ فِيهَا حَنظَلَةُ ثُمّ انضَمّت فَعَلِمتُ أَنّهَا الشّهَادَةُ فَكَرِهتُ أَن لَا أُشهِدَ عَلَيهِ فَحَمَلتُ مِنهُ فَلَمّا حَضَرَ القِتَالُ نَظَرَ إِلَي أَبِي سُفيَانَ عَلَي فَرَسٍ يَجُولُ بَينَ العَسكَرِ فَحَمَلَ عَلَيهِ فَضَرَبَ عُرقُوبَ فَرَسِهِ فَاكتَسَعَتِ الفَرَسُ وَ سَقَطَ أَبُو سُفيَانَ إِلَي الأَرضِ وَ صَاحَ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ أَنَا أَبُو سُفيَانَ وَ هَذَا


صفحه : 58

حَنظَلَةُ يُرِيدُ قتَليِ‌ وَ عَدَا أَبُو سُفيَانَ وَ مَرّ حَنظَلَةُ فِي طَلَبِهِ فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المُشرِكِينَ فَطَعَنَهُ فَمَشَي إِلَي المُشرِكِ فِي طَعنِهِ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ وَ سَقَطَ حَنظَلَةُ إِلَي الأَرضِ بَينَ حَمزَةَ وَ عَمرِو بنِ الجَمُوحِ وَ عَبدِ اللّهِ بنِ حِزَامٍ وَ جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنصَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص رَأَيتُ المَلَائِكَةَ تَغسِلُ حَنظَلَةَ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ بِمَاءِ المُزنِ فِي صَحَائِفَ مِن ذَهَبٍ فَكَانَ يُسَمّي غَسِيلَ المَلَائِكَةِ.

وَ روُيِ‌َ أَنّ مُغِيرَةَ بنَ العَاصِ كَانَ رَجُلًا أَعسَرَ فَحَمَلَ فِي طَرِيقِهِ إِلَي أُحُدٍ ثَلَاثَةَ أَحجَارٍ فَقَالَ بِهَذِهِ أَقتُلُ مُحَمّداً فَلَمّا حَضَرَ القِتَالَ نَظَرَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ بِيَدِهِ السّيفُ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ فَأَصَابَ بِهِ رَسُولَ اللّهِص فَسَقَطَ السّيفُ مِن يَدِهِ فَقَالَ قَتَلتُهُ وَ اللّاتِ وَ العُزّي فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ كَذَبَ لَعَنَهُ اللّهُ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ آخَرَ فَأَصَابَ جَبهَتَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ أللّهُمّ حَيّرهُ فَلَمّا انكَشَفَ النّاسُ تَحَيّرَ فَلَحِقَهُ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ فَقَتَلَهُ وَ سَلّطَ اللّهُ عَلَي ابنِ قَمِيئَةَ الشّجَرَ فَكَانَ يَمُرّ بِالشّجَرِ فَيَقَعُ فِي وَسَطِهَا فَتَأخُذُ مِن لَحمِهِ فَلَم يَزَل كَذَلِكَ حَتّي صَارَ مِثلَ الصّرّ وَ مَاتَ لَعَنَهُ اللّهُ.

3- وَ رَجَعَ المُنهَزِمُونَ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص فَأَنزَلَ اللّهُ عَلَي رَسُولِهِأَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنّةَ وَ لَمّا يَعلَمِ اللّهُ الّذِينَ جاهَدُوا مِنكُميعَنيِ‌ وَ لَمّا يَرَ لِأَنّهُ عَزّ وَ جَلّ قَد عَلِمَ قَبلَ ذَلِكَ مَن يُجَاهِدُ وَ مَن لَا يُجَاهِدُ فَأَقَامَ العِلمَ مَقَامَ الرّؤيَةِ لِأَنّهُ يُعَاقِبُهُم بِفِعلِهِم لَا بِعِلمِهِ.


صفحه : 59

قَولُهُ تَعَالَيوَ لَقَد كُنتُم تَمَنّونَ المَوتَالآيَةَ وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِوَ لَقَد كُنتُم تَمَنّونَ المَوتَ مِن قَبلِ أَن تَلقَوهُ فَإِنّ المُؤمِنِينَ لَمّا أَخبَرَهُمُ اللّهُ باِلذّيِ‌ فَعَلَ بِشُهَدَائِهِم يَومَ بَدرٍ وَ مَنَازِلِهِم مِنَ الجَنّةِ رَغِبُوا فِي ذَلِكَ فَقَالُوا أللّهُمّ أَرِنَا قِتَالًا نَستَشهِدُ فِيهِ فَأَرَاهُمُ اللّهُ إِيّاهُ يَومَ أُحُدٍ فَلَم يَثبُتُوا إِلّا مَن شَاءَ اللّهُ مِنهُم فَذَلِكَ قَولُهُوَ لَقَد كُنتُم تَمَنّونَالآيَةَ.

وَ أَمّا قَولُهُوَ ما مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌالآيَةَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص لَمّا خَرَجَ يَومَ أُحُدٍ وَ عَهِدَ العَاهِدُ بِهِ عَلَي تِلكَ الحَالِ فَجَعَلَ الرّجُلُ يَقُولُ لِمَن لَقِيَهُ إِنّ رَسُولَ اللّهِص قَد قُتِلَ النّجَاءَ فَلَمّا رَجَعُوا إِلَي المَدِينَةِ أَنزَلَ اللّهُوَ ما مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرّسُلُ إِلَي قَولِهِانقَلَبتُم عَلي أَعقابِكُم يَقُولُ إِلَي الكُفرِ. قَولُهُوَ كَأَيّن مِن نبَيِ‌ّ قاتَلَ مَعَهُ رِبّيّونَ كَثِيرٌ يَقُولُ كَأَيّن مِن نبَيِ‌ّ قَبلَ مُحَمّدٍ قُتِلَ مَعَهُ رِبّيّونَ كَثِيرٌ وَ الرّبّيّونَ الجُمُوعُ الكَثِيرَةُ وَ الرّبّةُ الوَاحِدَةُ عَشَرَةُ آلَافٍفَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُم فِي سَبِيلِ اللّهِ مِن قَتلِ نَبِيّهِموَ ما ضَعُفُوا إِلَي قَولِهِوَ إِسرافَنا فِي أَمرِنايَعنُونَ خَطَايَاهُم. قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي قَولِهِيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الّذِينَ كَفَرُوايعَنيِ‌ عَبدَ اللّهِ بنَ أُبَيّ حَيثُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللّهِص ثُمّ رَجَعَ يُجَبّنُ أَصحَابَهُسنَلُقيِ‌ فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُوا الرّعبَيعَنيِ‌ قُرَيشاًبِما أَشرَكُوا بِاللّهِ. قَولُهُوَ لَقَد صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعدَهُيعَنيِ‌ أَن يَنصُرَكُم عَلَيهِمإِذ تَحُسّونَهُم بِإِذنِهِإِذ تَقتُلُونَهُم بِإِذنِ اللّهِمِن بَعدِ ما أَراكُم ما تُحِبّونَ أَي مَا كَانُوا أَحَبّوا


صفحه : 60

وَ سَأَلُوا مِنَ الشّهَادَةِمِنكُم مَن يُرِيدُ الدّنيايعَنيِ‌ أَصحَابَ عَبدِ اللّهِ بنِ جُبَيرٍ الّذِينَ تَرَكُوا مَرَاكِزَهُم وَ مَرّوا لِلغَنِيمَةِوَ مِنكُم مَن يُرِيدُ الآخِرَةَيعَنيِ‌ عَبدَ اللّهِ بنَ جُبَيرٍ وَ أَصحَابَهُ الّذِينَ بَقُوا حَتّي قُتِلُواثُمّ صَرَفَكُم عَنهُم لِيَبتَلِيَكُم أَي يَختَبِرَكُم ثُمّ ذَكَرَ المُنهَزِمِينَ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص فَقَالَإِذ تُصعِدُونَ وَ لا تَلوُونَ إِلَي قَولِهِوَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعمَلُونَ. وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِفَأَثابَكُم غَمّا بِغَمّفَأَمّا الغَمّ الأَوّلُ فَالهَزِيمَةُ وَ القَتلُ وَ الغَمّ الآخِرُ فَإِشرَافُ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ عَلَيهِم يَقُولُلِكَيلا تَحزَنُوا عَلي ما فاتَكُم مِنَ الغَنِيمَةِوَ لا ما أَصابَكُميعَنيِ‌ قَتلَ إِخوَانِهِموَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعمَلُونَ ثُمّ أَنزَلَ عَلَيكُم مِن بَعدِ الغَمّ قَالَ يعَنيِ‌ الهَزِيمَةَ وَ تَرَاجَعَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِ المَجرُوحُونَ وَ غَيرُهُم فَأَقبَلُوا يَعتَذِرُونَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَحَبّ اللّهُ أَن يُعَرّفَ رَسُولَهُص مَنِ الصّادِقُ مِنهُم وَ مَنِ الكَاذِبُ فَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيهِمُ النّعَاسَ فِي تِلكَ الحَالَةِ حَتّي كَانُوا يَسقُطُونَ إِلَي الأَرضِ وَ كَانَ المُنَافِقُونَ الّذِينَ يَكذِبُونَ لَا يَستَقِرّونَ قَد طَارَت عُقُولُهُم وَ هُم يَتَكَلّمُونَ بِكَلَامٍ لَا يُفهَمُ عَنهُم فَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيهِيَغشي طائِفَةً مِنكُميعَنيِ‌ المُؤمِنِينَوَ طائِفَةٌ قَد أَهَمّتهُم أَنفُسُهُم يَظُنّونَ بِاللّهِ غَيرَ الحَقّ ظَنّ الجاهِلِيّةِ يَقُولُونَ هَل لَنا مِنَ الأَمرِ مِن شَيءٍ قَالَ اللّهُ لِمُحَمّدٍقُل إِنّ الأَمرَ كُلّهُ لِلّهِ يُخفُونَ فِي أَنفُسِهِم ما لا يُبدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَو كانَ لَنا مِنَ الأَمرِ شَيءٌ ما قُتِلنا هاهُنايَقُولُونَ لَو كُنّا فِي بُيُوتِنَا مَا أَصَابَنَا القَتلُ قَالَ اللّهُلَو كُنتُم فِي بُيُوتِكُم لَبَرَزَ الّذِينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ القَتلُ إِلي مَضاجِعِهِم وَ ليِبَتلَيِ‌َ اللّهُ ما فِي صُدُورِكُم وَ لِيُمَحّصَ ما فِي قُلُوبِكُم وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصّدُورِفَأَخبَرَ اللّهُ رَسُولَهُ مَا فِي قُلُوبِ القَومِ


صفحه : 61

وَ مَن كَانَ مِنهُم مُؤمِناً وَ مَن كَانَ مِنهُم مُنَافِقاً كَاذِباً بِالنّعَاسِ فَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيهِما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ المُؤمِنِينَ عَلي ما أَنتُم عَلَيهِ حَتّي يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطّيّبِيعَنيِ‌ المُنَافِقَ الكَاذِبَ مِنَ المُؤمِنِ الصّادِقِ بِالنّعَاسِ ألّذِي مَيّزَ بَينَهُم. قَولُهُإِنّ الّذِينَ تَوَلّوا مِنكُم يَومَ التَقَي الجَمعانِ إِنّمَا استَزَلّهُمُ الشّيطانُ أَي خَدَعَهُم حَتّي طَلَبُوا الغَنِيمَةَبِبَعضِ ما كَسَبُوا قَالَ بِذُنُوبِهِموَ لَقَد عَفَا اللّهُ عَنهُم ثُمّ قَالَيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالّذِينَ كَفَرُوايعَنيِ‌ عَبدَ اللّهِ بنَ أُبَيّ وَ أَصحَابَهُ الّذِينَ قَعَدُوا عَنِ الحَربِوَ قالُوا لِإِخوانِهِم إِذا ضَرَبُوا فِي الأَرضِ إِلَي قَولِهِبَصِيرٌ ثُمّ قَالَ لِنَبِيّهِص فَبِما رَحمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنتَ لَهُم وَ لَو كُنتَ فَظّا غَلِيظَ القَلبِ لَانفَضّوا مِن حَولِكَ أَيِ انهَزَمُوا وَ لَم يُقِيمُوا مَعَكَ ثُمّ قَالَ تَأدِيباً لِرَسُولِهِفَاعفُ عَنهُم وَ استَغفِر لَهُم إِلَي قَولِهِوَ عَلَي اللّهِ فَليَتَوَكّلِ المُؤمِنُونَ. وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِوَ ما كانَ لنِبَيِ‌ّ أَن يَغُلّفَصَدَقَ اللّهُ لَم يَكُنِ اللّهُ لِيَجعَلَ نَبِيّاً غَالّاوَ مَن يَغلُل يَأتِ بِما غَلّ يَومَ القِيامَةِ مَن غَلّ شَيئاً رَآهُ يَومَ القِيَامَةِ فِي النّارِ ثُمّ يُكَلّفُ أَن يَدخُلَ إِلَيهِ فَيُخرِجَهُ مِنَ النّارِثُمّ تُوَفّي كُلّ نَفسٍ ما كَسَبَت وَ هُم لا يُظلَمُونَ. قَولُهُلَقَد مَنّ اللّهُ عَلَي المُؤمِنِينَ إِذ بَعَثَ فِيهِم رَسُولًا مِن أَنفُسِهِمفَهَذِهِ الآيَةُ لِآلِ مُحَمّدٍ عَلَيهِمُ السّلَامُ. قَولُهُهُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم يَقُولُ بِمَعصِيَتِكُم أَصَابَكُم مَا أَصَابَكُم


صفحه : 62

قَولُهُوَ قِيلَ لَهُم تَعالَوا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِفَهُم ثَلَاثُمِائَةِ مُنَافِقٍ رَجَعُوا مَعَ عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ بنِ سَلُولٍ فَقَالَ لَهُم جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ أَنشُدُكُمُ اللّهَ فِي نَبِيّكُم وَ دِينِكُم وَ دِيَارِكُم فَقَالُوا وَ اللّهِ لَا يَكُونُ القِتَالُ اليَومَ وَلَو نَعلَمُ أَنّهُ يَكُونُقِتالًا لَاتّبَعناكُم يَقُولُ اللّهُهُم لِلكُفرِ يَومَئِذٍ أَقرَبُ مِنهُم لِلإِيمانِالآيَةَ. فَلَمّا سَكَنَ القِتَالُ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن لَهُ عِلمٌ بِسَعدِ بنِ الرّبِيعِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا أَطلُبُهُ فَأَشَارَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي مَوضِعٍ فَقَالَ اطلُبهُ هُنَاكَ فإَنِيّ‌ قَد رَأَيتُهُ فِي ذَلِكَ المَوضِعِ قَد شُرّعَت حَولَهُ اثنَا عَشَرَ رُمحاً قَالَ فَأَتَيتُ ذَلِكَ المَوضِعَ فَإِذَا هُوَ صَرِيعٌ بَينَ القَتلَي فَقُلتُ يَا سَعدُ فَلَم يجُبِنيِ‌ ثُمّ قُلتُ يَا سَعدُ فَلَم يجُبِنيِ‌ فَقُلتُ يَا سَعدُ إِنّ رَسُولَ اللّهِص قَد سَأَلَ عَنكَ فَرَفَعَ رَأسَهُ فَانتَعَشَ كَمَا يَنتَعِشُ الفَرخُ ثُمّ قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص لحَيَ‌ّ قُلتُ إيِ‌ وَ اللّهِ إِنّهُ لحَيَ‌ّ وَ قَد أخَبرَنَيِ‌ أَنّهُ رَأَي حَولَكَ اثنيَ‌ عَشَرَ رُمحاً فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ صَدَقَ رَسُولُ اللّهِص قَد طُعِنتُ اثنتَيَ‌ عَشرَةَ طَعنَةً كُلّهَا قَد جاَفتَنيِ‌ أَبلِغ قوَميِ‌َ الأَنصَارَ السّلَامَ وَ قُل لَهُم وَ اللّهِ مَا لَكُم عِندَ اللّهِ عُذرٌ أَن تَشُوكَ رَسُولَ اللّهِص شَوكَةٌ وَ فِيكُم عَينٌ تَطرِفُ ثُمّ تَنَفّسَ فَخَرَجَ مِنهُ مِثلُ دَمِ الجَزُورِ وَ قَد كَانَ احتَقَنَ فِي جَوفِهِ وَ قَضَي نَحبَهُ رَحِمَهُ اللّهُ. ثُمّ جِئتُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ أَخبَرتُهُ فَقَالَ رَحِمَ اللّهُ سَعداً نَصَرَنَا حَيّاً وَ أَوصَي بِنَا مَيّتاً ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن لَهُ عِلمٌ بعِمَيّ‌ حَمزَةَ فَقَالَ لَهُ الحَارِثُ بنُ الصّمّةِ أَنَا أَعرِفُ مَوضِعَهُ فَجَاءَ حَتّي وَقَفَ عَلَي حَمزَةَ فَكَرِهَ أَن يَرجِعَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَيُخبِرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ يَا عَلِيّ اطلُب عَمّكَ فَجَاءَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَوَقَفَ عَلَي حَمزَةَ فَكَرِهَ أَن يَرجِعَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَجَاءَ رَسُولُ اللّهِص


صفحه : 63

حَتّي وَقَفَ عَلَيهِ فَلَمّا رَأَي مَا فُعِلَ بِهِ بَكَي ثُمّ قَالَ وَ اللّهِ مَا وَقَفتُ مَوقِفاً قَطّ أَغيَظَ عَلَيّ مِن هَذَا المَكَانِ لَئِن أمَكنَنَيِ‌ اللّهُ مِن قُرَيشٍ لَأُمَثّلَنّ بِسَبعِينَ رَجُلًا مِنهُم فَنَزَلَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَوَ إِن عاقَبتُم فَعاقِبُوا بِمِثلِ ما عُوقِبتُم بِهِ وَ لَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصّابِرِينَ وَ اصبِر فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص بَل أَصبِرُ فَأَلقَي رَسُولُ اللّهِص عَلَي حَمزَةَ بُردَةً كَانَت عَلَيهِ فَكَانَت إِذَا مَدّهَا عَلَي رَأسِهِ بَدَت رِجلَاهُ وَ إِذَا مَدّهَا عَلَي رِجلَيهِ بَدَا رَأسُهُ فَمَدّهَا عَلَي رَأسِهِ وَ أَلقَي عَلَي رِجلَيهِ الحَشِيشَ وَ قَالَ لَو لَا أنَيّ‌ أَحذَرُ نِسَاءَ بنَيِ‌ عَبدِ المُطّلِبِ لَتَرَكتُهُ لِلعِقبَانِ وَ السّبَاعِ حَتّي يُحشَرَ يَومَ القِيَامَةِ مِن بُطُونِ السّبَاعِ وَ الطّيرِ. وَ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِص بِالقَتلَي فَجُمِعُوا فَصَلّي عَلَيهِم وَ دَفَنَهُم فِي مَضَاجِعِهِم وَ كَبّرَ عَلَي حَمزَةَ سَبعِينَ تَكبِيرَةً. قَالَ وَ صَاحَ إِبلِيسُ بِالمَدِينَةِ قُتِلَ مُحَمّدٌ فَلَم يَبقَ أَحَدٌ مِن نِسَاءِ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ إِلّا وَ خَرَجَ وَ خَرَجَت فَاطِمَةُ بِنتُ رَسُولِ اللّهِص تَعدُو عَلَي قَدَمَيهَا حَتّي وَافَت رَسُولَ اللّهِص وَ قَعَدَت بَينَ يَدَيهِ وَ كَانَ إِذَا بَكَي رَسُولُ اللّهِص بَكَت وَ إِذَا انتَحَبَ انتَحَبَت. وَ نَادَي أَبُو سُفيَانَ مَوعِدُنَا وَ مَوعِدُكُمُ فِي عَامٍ قَابِلٍ فَنَقتَتِلُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ قُل نَعَم وَ ارتَحَلَ رَسُولُ اللّهِص وَ دَخَلَ المَدِينَةَ وَ


صفحه : 64

استَقبَلَتهُ النّسَاءُ يُوَلوِلنَ وَ يَبكِينَ فَاستَقبَلَتهُ زَينَبُ بِنتُ جَحشٍ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللّهِص احتسَبِيِ‌ فَقَالَت مَن يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ أَخَاكَ قَالَتإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَهَنِيئاً لَهُ الشّهَادَةُ ثُمّ قَالَ لَهَا احتسَبِيِ‌ قَالَت مَن يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ حَمزَةَ بنَ عَبدِ المُطّلِبِ قَالَتإِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعُونَهَنِيئاً لَهُ الشّهَادَةُ ثُمّ قَالَ لَهَا احتسَبِيِ‌ قَالَت مَن يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ زَوجَكِ مُصعَبَ بنَ عُمَيرٍ قَالَت وَا حُزنَاه فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ لِلزّوجِ عِندَ المَرأَةِ لَحَدّاً مَا لِأَحَدٍ مِثلُهُ فَقِيلَ لَهَا لِمَ قُلتِ ذَلِكِ فِي زَوجِكِ قَالَت ذَكَرتُ يُتمَ وُلدِهِ. قَالَ وَ تَآمَرَت قُرَيشٌ عَلَي أَن يَرجِعُوا وَ يُغِيرُوا عَلَي المَدِينَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَيّ رَجُلٍ يَأتِينَا بِخَبَرِ القَومِ فَلَم يُجِبهُ أَحَدٌ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ أَنَا آتِيكُم بِخَبَرِهِم قَالَ اذهَب فَإِن كَانُوا رَكِبُوا الخَيلَ وَ جَنَبُوا الإِبِلَ فَهُم يُرِيدُونَ المَدِينَةَ وَ اللّهِ لَئِن أَرَادُوا المَدِينَةَ لَأُنَازِلَنّ اللّهَ فِيهِم وَ إِن كَانُوا رَكِبُوا الإِبِلَ وَ جَنَبُوا الخَيلَ فَإِنّهُم يُرِيدُونَ مَكّةَ فَمَضَي أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي مَا بِهِ مِنَ الأَلَمِ وَ الجِرَاحَاتِ حَتّي كَانَ قَرِيباً مِنَ القَومِ فَرَآهُم قَد رَكِبُوا الإِبِلَ وَ جَنَبُوا الخَيلَ فَرَجَعَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَخبَرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَرَادُوا مَكّةَ. فَلَمّا دَخَلَ رَسُولُ اللّهِص المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ اللّهَ يَأمُرُكَ أَن تَخرُجَ فِي أَثَرِ القَومِ وَ لَا يَخرُجُ مَعَكَ إِلّا مَن بِهِ جِرَاحَةٌ فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِص مُنَادِياً ينُاَديِ‌ يَا مَعشَرَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ مَن كَانَت بِهِ جِرَاحَةٌ فَليَخرُج وَ مَن لَم يَكُن بِهِ جِرَاحَةٌ فَليُقِم فَأَقبَلُوا يُضَمّدُونَ جِرَاحَاتِهِم وَ يُدَاوُونَهَا وَ أَنزَلَ


صفحه : 65

اللّهُ عَلَي نَبِيّهِوَ لا تَهِنُوا فِي ابتِغاءِ القَومِ إِن تَكُونُوا تَألَمُونَالآيَةَ فَهَذِهِ الآيَةُ فِي سُورَةِ النّسَاءِ وَ يَجِبُ أَن تَكُونَ فِي هَذِهِ السّورَةِ. قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّإِن يَمسَسكُم قَرحٌالآيَةَ فَخَرَجُوا عَلَي مَا بِهِم مِنَ الأَلَمِ وَ الجِرَاحِ فَلَمّا بَلَغَ رَسُولُ اللّهِص حَمرَاءَ الأَسَدِ وَ قُرَيشٌ قَد نَزَلَتِ الرّوحَاءَ قَالَ عِكرِمَةُ بنُ أَبِي جَهلٍ وَ الحَارِثُ بنُ هِشَامٍ وَ عَمرُو بنُ العَاصِ وَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ نَرجِعُ فَنُغِيرُ عَلَي المَدِينَةِ فَقَد قَتَلنَا سَرَاتَهُم وَ كَبشَهُم يَعنُونَ حَمزَةَ فَوَافَاهُم رَجُلٌ خَرَجَ مِنَ المَدِينَةِ فَسَأَلُوهُ الخَبَرَ فَقَالَ تَرَكتُ مُحَمّداً وَ أَصحَابَهُ بِحَمرَاءِ الأَسَدِ يَطلُبُونَكُم أَحَدّ الطّلَبِ فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ هَذَا النّكَدُ وَ البغَي‌ُ قَد ظَفِرنَا بِالقَومِ وَ بَغَينَا وَ اللّهِ مَا أَفلَحَ قَومٌ قَطّ بَغَوا فَوَافَاهُم نُعَيمُ بنُ مَسعُودٍ الأشَجعَيِ‌ّ فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ أَينَ تُرِيدُ قَالَ المَدِينَةَ لِأَمتَارَ لأِهَليِ‌ طَعَاماً قَالَ هَل لَكَ أَن تَمُرّ بِحَمرَاءِ الأَسَدِ وَ تَلقَي أَصحَابَ مُحَمّدٍ وَ تُعلِمَهُم أَنّ حُلَفَاءَنَا وَ مَوَالِيَنَا قَد وَافَونَا مِنَ الأَحَابِيشِ حَتّي يَرجِعُوا عَنّا وَ لَكَ عنِديِ‌ عَشَرَةُ قَلَائِصَ أَملَؤُهَا تَمراً وَ زَبِيباً قَالَ نَعَم فَوَافَي مِن غَدِ ذَلِكَ اليَومِ حَمرَاءَ الأَسَدِ فَقَالَ لِأَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص أَينَ تُرِيدُونَ قَالُوا قُرَيشاً قَالَ ارجِعُوا فَإِنّ قُرَيشاً قَدِ اجتَمَعَت إِلَيهِم حُلَفَاؤُهُم وَ مَن كَانَ تَخَلّفَ عَنهُم وَ مَا أَظُنّ إِلّا وَ أَوَائِلُ خَيلِهِم يَطّلِعُونَ عَلَيكُمُ السّاعَةَ فَقَالُواحَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُ مَا نبُاَليِ‌ وَ نَزَلَ جَبرَئِيلُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ ارجِع يَا مُحَمّدُ فَإِنّ اللّهَ قَد أَرعَبَ قُرَيشاً وَ مَرّوا لَا يَلوُونَ عَلَي شَيءٍ فَرَجَعَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي


صفحه : 66

المَدِينَةِ

وَ أَنزَلَ اللّهُالّذِينَ استَجابُوا لِلّهِ وَ الرّسُولِ إِلَي قَولِهِالّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُيعَنيِ‌ نُعَيمَ بنَ مَسعُودٍ فَهَذَا لَفظُهُ عَامّ وَ مَعنَاهُ خَاصّإِنّ النّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُمالآيَةَ. فَلَمّا دَخَلُوا المَدِينَةَ قَالَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص مَا هَذَا ألّذِي أَصَابَنَا وَ قَد كُنتَ تَعِدُنَا النّصرَ فَأَنزَلَ اللّهُ تَعَالَيأَ وَ لَمّا أَصابَتكُم مُصِيبَةٌالآيَةَ وَ ذَلِكَ أَنّ يَومَ بَدرٍ قُتِلَ مِن قُرَيشٍ سَبعُونَ وَ أُسِرَ مِنهُم سَبعُونَ وَ كَانَ الحُكمُ فِي الأُسَارَي القَتلَ فَقَامَتِ الأَنصَارُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ هَبهُم لَنَا وَ لَا تَقتُلهُم حَتّي نُفَادِيَهُم فَنَزَلَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ إِنّ اللّهَ قَد أَبَاحَ لَهُمُ الفِدَاءَ أَن يَأخُذُوا مِن هَؤُلَاءِ وَ يُطلِقُوهُم عَلَي أَن يُستَشهَدَ مِنهُم فِي عَامٍ قَابِلٍ بِقَدرِ مَا يَأخُذُونَ مِنهُ الفِدَاءَ فَأَخبَرَهُم رَسُولُ اللّهِص بِهَذَا الشّرطِ فَقَالُوا قَد رَضِينَا بِهِ نَأخُذُ العَامَ الفِدَاءَ مِن هَؤُلَاءِ وَ نَتَقَوّي بِهِ وَ يُقتَلُ مِنّا فِي عَامٍ قَابِلٍ بِعَدَدِ مَن نَأخُذُ مِنهُمُ الفِدَاءَ وَ نَدخُلُ الجَنّةَ فَأَخَذُوا مِنهُمُ الفِدَاءَ وَ أَطلَقُوهُم فَلَمّا كَانَ فِي هَذَا اليَومِ وَ هُوَ يَومُ أُحُدٍ قُتِلَ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص سَبعُونَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ مَا هَذَا ألّذِي أَصَابَنَا وَ قَد كُنتَ تَعِدُنَا النّصرَ فَأَنزَلَ اللّهُأَ وَ لَمّا أَصابَتكُم إِلَي قَولِهِهُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُمبِمَا اشتَرَطتُم يَومَ بَدرٍ.

بيان الشعب بالكسر الطريق في الجبل والكمين كأمير القوم يكمنون في الحرب والسواد المال الكثير وانسلّ وتسلّل انطلق في استخفاء قوله تجهّزونا إما من تجهيز المسافر بمعني تهيئة أسبابه أو من قولهم أجهز علي الجريح إذاأثبت قتله وأسرعه وتمّم عليه قوله ولنا نصول أي سهام وسيوف والصئول


صفحه : 67

فعول من قولهم صال علي قرنه إذاسطا واستطال والصارم السيف القاطع وفلول السيف الكسور التي‌ في حدّه والناصر هو الله تعالي . و قال الجزري‌ القضم الأكل بأطراف الأسنان

وَ مِنهُ حَدِيثُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ كَانَت قُرَيشٌ إِذَا رَأَتهُ قَالَت احذَرُوا الحُطَمَ احذَرُوا القُضَمَ

أي ألذي يقضم الناس فيهلكهم انتهي . قوله فقتل أمير المؤمنين عليه السلام التاسع لعل الثامن ترك ذكره من النساخ أوالرواة والهمهمة الكلام الخفي‌ّ وتردّد الزئير في الصدر من الهمّ ونحو أصوات البقر والفيلة وشبهها و كلّ صوت معه بحح والهزبر الأسد والقثم كزفر الكثير العطاء والجموع للخير والبهم بضم الباء وفتح الهاء جمع البهمة بالضم وهي‌ الحيلة الشديدة والشجاع ألذي لايدري من أين يؤتي والصخرة والجيش والأنسب هنا الأول والآخر والبطالة بالفتح الشجاعة والزعيم الكفيل والصنديد بالكسر السيد الشجاع والطاحونة استعيرت هنا لمجتمع القوم ومستقرّهم و في القاموس الطحون كصبور الكتيبة العظيمة والحرب وشاهت الوجوه أي قبحت والقطّ القطع والبطّ الشقّ واللطّ المنع والستر وإلصاق شيءكالطين ونحوه والصفيحة السيف العريض والسليط الزيت أودهن السمسم ويقال أتي عليه الدهر أي أهلكه ومازن أبوقبيلة من تميم ويقال انحاز عنه عدل وانحاز القوم تركوا مراكزهم وتحاماه الناس توقّوه واجتنبوه والهدّ الهدم الشديد والكسر والجرف بالضم وبضمتين ماتجرفته السيول وأكلته من الأرض والهز التحريك واللوك مضغ الشي‌ء الصلب وإدارته في الفم والداغصة العظم المدور المتحرك في وسط الركبة والخرص بالضم ويكسر حلقة الذهب والفضة أوحلقة القرط أوحلقة الصغيرة من الحلي‌. و قال في النهاية في حديث أحد قال أبوسفيان لماانهزم المسلمون وظهروا عليهم اعل هبل فقال عمر الله أعلي وأجل فقال لعمر أنعمت فعال عنها


صفحه : 68

كان الرجل من قريش إذاأراد ابتداء أمر عمد إلي سهمين فكتب علي أحدهما نعم و علي الآخر لا ثم يتقدم إلي الصنم فيجيل سهامه فإن خرج سهم نعم أقدم و إن خرج سهم لاامتنع و كان أبوسفيان لماأراد الخروج إلي أحد استفتي هبل فخرج له سهم الإنعام فذلك قوله أنعمت فعال عنها أي تجاف عنها و لاتذكرها بسوء يعني‌ آلهتهم . والعرقوب من الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها واكتسر الفحل خطر فضرب فخذيه بذنبه والكلب بذنبه استثفر وكذا الخيل بأذنابها. والمزن بالضم السحاب البيض أوماء السماء كماسيأتي‌. والصحاف جمع الصحفة وهي‌ القصعة والأعسر هو ألذي يعمل بيده اليسري يقال ليس شيءأشد رميا من الأعسر والصر بالكسر طائر أصفر كالعصفور ويقال عهده وعهد به إذالقيه . و قال في النهاية في قولهم النجاء النجاء أي انجوا بأنفسكم و هومصدر منصوب بفعل مضمر أي انجوا النجاء والنجاء السرعة. و قال الفيروزآبادي‌ الربة بالكسر ويضم عشرة آلاف . قوله قدأجافتني‌ أي دخلت جوفي‌ ويقال شاكتني‌ الشوكة أي أصابتني‌. و قال الجزري‌ من مات له ولد فاحتسبه أي احتسب الأجر بصبره علي مصيبته انتهي . ويقال جنبه أي قاده إلي جنبه فهو جنيب ومجنوب . و قال الجزري‌ في الحديث نازلت ربي‌ في كذا أي راجعته وسألته مرة بعدمرة و هومفاعلة من النزول عن الأمر أو من النزال في الحرب و هوتقابل القرنين انتهي . والسراة بفتح السين و قديضم الأشراف والأحابيش الجماعة من الناس


صفحه : 69

ليسوا من قبيلة واحدة والقلائص جمع القلوص وهي‌ الشابة من الإبل . و قال الجزري‌ فيه فانطلق الناس لايلوي‌ أحد علي أحد أي لايلتفت و لايعطف عليه وألوي برأسه ولواه إذاأماله من جانب إلي جانب

4-ل ،[الخصال ]بِإِسنَادِهِ عَن عَامِرِ بنِ وَاثِلَةَ فِي خَبَرِ الشّورَي قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم مَن قَالَ لَهُ جَبرَئِيلُ يَا مُحَمّدُ تَرَي هَذِهِ المُوَاسَاةَ مِن عَلِيّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّهُ منِيّ‌ وَ أَنَا مِنهُ فَقَالَ جَبرَئِيلُ وَ أَنَا مِنكُمَا غيَريِ‌ قَالُوا أللّهُمّ لَا قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ قَتَلَ مِن بنَيِ‌ عَبدِ الدّارِ تِسعَةً مُبَارِزَةً كُلّهُم يَأخُذُ اللّوَاءَ ثُمّ جَاءَ صُؤَابٌ الحبَشَيِ‌ّ مَولَاهُم وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللّهِ لَا أَقتُلُ بسِاَدتَيِ‌ إِلّا مُحَمّداً قَد أَزبَدَ شِدقَاهُ وَ احمَرّت عَينَاهُ فَاتّقَيتُمُوهُ وَ حُدتُم عَنهُ وَ خَرَجتُ إِلَيهِ فَلَمّا أَقبَلَ كَأَنّهُ قُبّةٌ مَبنِيّةٌ فَاختَلَفتُ أَنَا وَ هُوَ ضَربَتَينِ فَقَطَعتُهُ بِنِصفَينِ وَ بَقِيَت رِجلَاهُ وَ عَجُزُهُ وَ فَخِذَاهُ قَائِمَةً عَلَي الأَرضِ تَنظُرُ إِلَيهِ المُسلِمُونَ وَ يَضحَكُونَ مِنهُ قَالُوا أللّهُمّ لَا

5-ج ،[الإحتجاج ] عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي خَبَرِ الشّورَي قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ وَقَفَتِ المَلَائِكَةُ مَعَهُ يَومَ أُحُدٍ حِينَ ذَهَبَ النّاسُ غيَريِ‌ قَالُوا لَا قَالَ نَشَدتُكُم بِاللّهِ هَل فِيكُم أَحَدٌ سَقَي رَسُولَ اللّهِص مِنَ المِهرَاسِ غيَريِ‌ قَالُوا لَا

بيان قال في النهاية في الحديث إنه عطش يوم أحد فجاءه علي بماء من المهراس فعافه وغسل به الدم عن وجهه المهراس صخرة منقورة تسع كثيرا من الماء و قديعمل منه حياض للماء وقيل المهراس في هذاالحديث اسم ماء بأحد

6-ل ،[الخصال ]فِيمَا عَدّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي رَأسِ اليَهُودِ مِن مِحَنِهِ عَلَيهِ السّلَامُ فِي حَيَاةِ


صفحه : 70

النّبِيّص وَ بَعدَ فَوتِهِ أَمّا الرّابِعَةُ يَا أَخَا اليَهُودِ فَإِنّ أَهلَ مَكّةَ أَقبَلُوا إِلَينَا عَلَي بَكرَةِ أَبِيهِم قَدِ استَحَاشُوا مَن يَلِيهِم مِن قَبَائِلِ العَرَبِ وَ قُرَيشٍ طَالِبِينَ بِثَأرِ مشُركِيِ‌ قُرَيشٍ فِي يَومِ بَدرٍ فَهَبَطَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي النّبِيّص فَأَنبَأَهُ بِذَلِكَ فَذَهَبَ النّبِيّص وَ عَسكَرَ بِأَصحَابِهِ فِي سَدّ أُحُدٍ وَ أَقبَلَ المُشرِكُونَ إِلَينَا فَحَمَلُوا عَلَينَا حَملَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ استُشهِدَ مِنَ المُسلِمِينَ مَنِ استُشهِدَ وَ كَانَ مِمّن بقَيِ‌َ مَا كَانَ مِنَ الهَزِيمَةِ وَ بَقِيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِص وَ مَضَي المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ إِلَي مَنَازِلِهِم مِنَ المَدِينَةِ كُلّ يَقُولُ قُتِلَ النّبِيّص وَ قُتِلَ أَصحَابُهُ ثُمّ ضَرَبَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وُجُوهَ المُشرِكِينَ وَ قَد جُرِحتُ بَينَ يدَيَ‌ رَسُولِ اللّهِص نَيّفاً وَ سَبعِينَ جَرحَةً مِنهَا هَذِهِ وَ هَذِهِ ثُمّ أَلقَي رِدَاءَهُ وَ أَمَرّ يَدَهُ عَلَي جِرَاحَاتِهِ وَ كَانَ منِيّ‌ فِي ذَلِكَ مَا عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ ثَوَابُهُ إِن شَاءَ اللّهُ الخَبَرَ

بيان قال الجزري‌ في الحديث جاءت هوازن علي بكرة أبيها هذه كلمة للعرب يريدون بهاالكثرة وتوفر العدد وأنهم جاءوا جميعا لم يتخلف منهم أحد و ليس هناك بكرة حقيقة وهي‌ التي‌ يستقي عليها الماء فاستعيرت في هذاالموضع انتهي والحوش الجمع

7- ع ،[علل الشرائع ]الهمَذَاَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ وَ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ مَعاً عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ لَمّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ انهَزَمَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص حَتّي لَم يَبقَ مَعَهُ إِلّا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ فَقَالَ لَهُ النّبِيّص يَا أَبَا دُجَانَةَ أَ مَا تَرَي قَومَكَ قَالَ بَلَي قَالَ الحَق بِقَومِكَ قَالَ مَا عَلَي هَذَا بَايَعتُ اللّهَ وَ رَسُولَهُ قَالَ أَنتَ فِي حِلّ قَالَ وَ اللّهِ لَا تَتَحَدّثُ قُرَيشٌ بأِنَيّ‌ خَذَلتُكَ وَ فَرَرتُ حَتّي أَذُوقَ مَا تَذُوقُ فَجَزَاهُ النّبِيّص خَيراً وَ كَانَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ كُلّمَا حَمَلَت طَائِفَةٌ عَلَي رَسُولِ اللّهِص استَقبَلَهُم وَ رَدّهُم حَتّي أَكثَرَ فِيهِمُ القَتلَ


صفحه : 71

وَ الجِرَاحَاتِ حَتّي انكَسَرَ سَيفُهُ فَجَاءَ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ الرّجُلَ يُقَاتِلُ بِسِلَاحِهِ وَ قَدِ انكَسَرَ سيَفيِ‌ فَأَعطَاهُ عَلَيهِ السّلَامُ سَيفَهُ ذَا الفَقَارِ فَمَا زَالَ يَدفَعُ بِهِ عَن رَسُولِ اللّهِص حَتّي أُثّرَ وَ أُنكِرَ فَنَزَلَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ وَ قَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ هَذِهِ لهَيِ‌َ المُوَاسَاةُ مِن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ لَكَ فَقَالَ النّبِيّص إِنّهُ منِيّ‌ وَ أَنَا مِنهُ فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَنَا مِنكُمَا وَ سَمِعُوا دَوِيّاً مِنَ السّمَاءِ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ

قال الصدوق رحمه الله قول جبرئيل و أنامنكما تمني منه لأن يكون منهما فلو كان أفضل منه لم يقل ذلك و لم يتمن أن ينحط عن درجته إلي أن يكون ممن دونه وإنما قال و أنامنكما ليصير ممن هوأفضل منه فيزداد محلا إلي محله وفضلا إلي فضله .بيان قوله حتي أثر علي بناء المجهول أي أثر فيه الجراحة وأنكر أيضا علي بناء المجهول أي صار بحيث لم يكن يعرفه من يراه من قولهم أنكره إذا لم يعرفه

8- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَن مُحَمّدِ بنِ المُظَفّرِ البَزّازِ عَن أَحمَدَ بنِ عُبَيدٍ العطَاَردُيِ‌ّ عَن أَبِي بِشرِ بنِ بُكَيرٍ عَن زِيَادِ بنِ المُنذِرِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ مَولَي بنَيِ‌ هَاشِمٍ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِ‌ّ قَالَ لَمّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ شُجّ النّبِيّص فِي وَجهِهِ وَ كُسِرَت رَبَاعِيَتُهُ فَقَامَص رَافِعاً يَدَيهِ يَقُولُ إِنّ اللّهَ اشتَدّ غَضَبُهُ عَلَي اليَهُودِ أَن قَالُوا العُزَيرُ ابنُ اللّهِ وَ اشتَدّ غَضَبُهُ عَلَي النّصَارَي أَن قَالُوا المَسِيحُ ابنُ اللّهِ وَ إِنّ اللّهَ اشتَدّ غَضَبُهُ عَلَي مَن أَرَاقَ دمَيِ‌ وَ آذاَنيِ‌ فِي عتِرتَيِ‌

9- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَن عَلِيّ بنِ مَالِكٍ النحّويِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن


صفحه : 72

بِشرِ بنِ بَكرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ عَن مَشِيخَتِهِ قَالَ لَمّا رَجَعَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ مِن أُحُدٍ نَاوَلَ فَاطِمَةَ سَيفَهُ وَ قَالَ


أَ فَاطِمُ هَاكِ السّيفَ غَيرَ ذَمِيمٍ   فَلَستُ بِرِعدِيدٍ وَ لَا بِلَئِيمٍ

لعَمَريِ‌ لَقَد أَعذَرتُ فِي نَصرِ أَحمَدَ   وَ مَرضَاةِ رَبّ بِالعِبَادِ رَحِيمٍ

قَالَ وَ سُمِعَ يَومَ أُحُدٍ وَ قَد هَاجَت رِيحٌ عَاصِفٌ كَلَامُ هَاتِفٍ يَهتِفُ وَ هُوَ يَقُولُ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ فَإِذَا نَدَبتُم هَالِكاً فَابكُوا الوفَيِ‌ّ أَخَا الوفَيِ‌ّ

بيان الرعديد بالكسر الجبان والمراد بالوفي‌ حمزة و هوأخو الوفي‌ أبي طالب عليه السلام

10-أَقُولُ روُيِ‌َ فِي الدّيوَانِ المَنسُوبِ إِلَيهِ عَلَيهِ السّلَامُ بَعدَ البَيتَينِ f


أُرِيدُ ثَوَابَ اللّهِ لَا شَيءَ غَيرُهُ   وَ رِضوَانَهُ فِي جَنّةٍ وَ نَعِيمٍ

وَ كُنتُ امرَأً أَسمُو إِذِ الحَربُ شَمّرَت   وَ قَامَت عَلَي سَاقٍ بِغَيرِ مَلِيمٍ

أَمَمتُ ابنَ عَبدِ الدّارِ حَتّي ضَرَبتُهُ   بذِيِ‌ رَونَقٍ يفَريِ‌ العِظَامَ صَمِيمٍ

فَغَادَرتُهُ بِالقَاعِ فَارفَضّ جَمعُهُ   عَبَادِيدَ مِن ذيِ‌ قَانِطٍ وَ كَلِيمٍ

وَ سيَفيِ‌ بكِفَيّ‌ كَالشّهَابِ أَهُزّهُ   أَجُزّ بِهِ مِن عَاتِقٍ وَ صَمِيمٍ

فَمَا زِلتُ حَتّي فَضّ ربَيّ‌ جُمُوعَهُم   وَ أَشفَيتُ مِنهُم صَدرَ كُلّ حَلِيمٍ

11- وَ قَالَ شَارِحُ الدّيوَانِ لَمّا أَنشَدَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ هَذِهِ الأَبيَاتَ قَالَ النّبِيّص خُذِيهِ يَا فَاطِمَةُ فَقَد أَدّي بَعلُكِ مَا عَلَيهِ وَ قَد قَتَلَ اللّهُ صَنَادِيدَ قُرَيشٍ بِيَدَيهِ

قَالَ وَ رَوَي زَيدُ بنُ وَهبٍ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَانهَزَمَ النّاسُ يَومَ أُحُدٍ إِلّا عَلِيّ وَحدَهُ فَقُلتُ إِنّ ثُبُوتَ عَلِيّ فِي ذَلِكَ المَقَامِ لَعَجَبٌ قَالَ إِن تَعَجّبتَ مِنهُ


صفحه : 73

فَقَد تَعَجّبَتِ المَلَائِكَةُ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ جَبرَئِيلَ قَالَ فِي ذَلِكَ اليَومِ وَ هُوَ يَعرُجُ إِلَي السّمَاءِ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ

وَ عَن عِكرِمَةَ عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ قَالَ لِيَ النّبِيّص يَومَ أُحُدٍ أَ مَا تَسمَعُ مَدِيحَكَ فِي السّمَاءِ إِنّ مَلَكاً اسمُهُ رِضوَانُ ينُاَديِ‌ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ

قَالَ وَ يُقَالُ إِنّ النّبِيّص نوُديِ‌َ فِي هَذَا اليَومِ 


نَادِ عَلِيّاً مَظهَرَ العَجَائِبِ   تَجِدهُ عَوناً لَكَ فِي النّوَائِبِ

كُلّ غَمّ وَ هَمّ سيَنَجلَيِ‌   بِوَلَايَتِكَ يَا عَلِيّ يَا عَلِيّ يَا عَلِيّ

و قال بعضهم الهم عبارة عن الفكر في مكروه يخاف الإنسان حدوثه ويرجو فواته فيكون مركبا من الخوف والرجاء والغم لافكر فيه لأنه إنما يكون فيما مضي انتهي كلام الشارح . قوله يسمو أي يعلو وشمر في الأمر خف علي ساق أي علي شدة بغير مليم أي بغير فعل يوجب الملامة أممت أي قصدت ورونق السيف ماؤه وحسنه والفري‌ القطع وصمم السيف إذامضي في العظم وقطعه فغادرته أي تركته والإفضاض التفرق والعباديد الفرق من الناس الذاهبون في كل وجه من ذي‌ قانط أي جمع فيهم قانطون وكليم أي جريح والصميم العظم ألذي به قوام العضو

12- مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن زُرَارَةَ قَالَذَهَبتُ أَنَا وَ بُكَيرٌ مَعَ رَجُلٍ مِن وُلدِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي المَشَاهِدِ حَتّي انتَهَينَا إِلَي أُحُدٍ فَأَرَانَا قُبُورَ الشّهَدَاءِ ثُمّ دَخَلَ بِنَا الشّعبَ فَمَضَينَا مَعَهُ سَاعَةً حَتّي مَضَينَا إِلَي مَسجِدٍ هُنَاكَ فَقَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص صَلّي فِيهِ فَصَلّينَا فِيهِ ثُمّ أَرَانَا


صفحه : 74

مَكَاناً فِي رَأسِ جَبَلٍ فَقَالَ إِنّ النّبِيّص صَعِدَ إِلَيهِ فَكَانَ يَكُونُ فِيهِ مَاءُ المَطَرِ قَالَ زُرَارَةُ فَوَقَعَ فِي نفَسيِ‌ أَنّ رَسُولَ اللّهِص لَم يَصعَد إِلَي مَا ثَمّ فَقُلتُ أَمّا أَنَا فإَنِيّ‌ لَا أجَيِ‌ءُ مَعَكُم أَنَا نَائِمٌ هَاهُنَا حَتّي تَجِيئُوا فَذَهَبَ هُوَ وَ بُكَيرٌ ثُمّ انصَرَفُوا وَ جَاءُوا إلِيَ‌ّ فَانصَرَفنَا جَمِيعاً حَتّي إِذَا كَانَ الغَدُ أَتَينَا أَبَا جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ لَنَا أَينَ كُنتُم أَمسِ فإَنِيّ‌ لَم أَرَكُم فَأَخبَرنَاهُ وَ وَصَفنَا لَهُ المَسجِدَ وَ المَوضِعَ ألّذِي زَعَمَ أَنّ النّبِيّص صَعِدَ إِلَيهِ فَغَسَلَ وَجهَهُ فِيهِ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ مَا أَتَي رَسُولُ اللّهِص ذَلِكَ المَكَانَ قَطّ فَقُلتُ لَهُ يُروَي لَنَا أَنّهُ كُسِرَت رَبَاعِيَتُهُ فَقَالَ لَا قَبَضَهُ اللّهُ سَلِيماً وَ لَكِنّهُ شُجّ فِي وَجهِهِ فَبَعَثَ عَلِيّاً فَأَتَاهُ بِمَاءٍ فِي حَجَفَةٍ فَعَافَهُ رَسُولُ اللّهِص أَن يَشرَبَ مِنهُ وَ غَسَلَ وَجهَهُ

13- مع ،[معاني‌ الأخبار]الطاّلقَاَنيِ‌ّ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ باِلريّ‌ّ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسعٍ وَ أَربَعِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدّثَنَا أَبُو بَكرٍ مُحَمّدُ بنُ القَاسِمِ الأنَباَريِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ يُونُسَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ قَيسٍ عَن مخذمة[مَخرَمَةَ] بنِ بُكَيرٍ عَن أَبِي حَازِمٍ عَن خَارِجَةَ بنِ زَيدِ بنِ ثَابِتٍ عَن أَبِيهِ قَالَ لَمّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ بعَثَنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص فِي طَلَبِ سَعدِ بنِ الرّبِيعِ وَ قَالَ لِي إِذَا رَأَيتَهُ فَأَقرِئهُ منِيّ‌ السّلَامَ وَ قُل لَهُ كَيفَ تَجِدُكَ قَالَ فَجَعَلتُ أَطلُبُهُ بَينَ القَتلَي حَتّي وَجَدتُهُ بَينَ ضَربَةٍ بِسَيفٍ وَ طَعنَةٍ بِرُمحٍ وَ رَميَةٍ بِسَهمٍ فَقُلتُ لَهُ إِنّ رَسُولَ اللّهِص يَقرَأُ عَلَيكَ السّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ كَيفَ تَجِدُكَ فَقَالَ سَلّم عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ قُل لقِوَميِ‌َ الأَنصَارِ لَا عُذرَ لَكُم عِندَ اللّهِ


صفحه : 75

إِن وَصَلَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ فِيكُم شُفرٌ يَطرِفُ وَ فَاضَت نَفسُهُ

قال الصدوق رحمه الله سمعت أباالعباس يقول قال أبوبكر محمد بن القاسم الأنباري‌ قوله فيكم شفر يطرف الشفر واحد أشفار العين وهي‌ حروف الأجفان التي‌ تلتقي‌ عندالتغميض والأجفان أغطية العينين من فوق و من تحت والهدب الشعر النابت في الأشفار وشفر العين مضموم الشين ويقال ما في الدار شفر بفتح الشين يراد به أحد قال الشاعر


فو الله ماتنفك منا عداوة   و لامنهم مادام من نسلنا شفر.

و قوله فاضت نفسه معناه مات قال أبوالعباس قال أبوبكر الأنباري‌ حدثناإسماعيل بن إسحاق القاضي‌ عن نصر بن علي عن الأصمعي‌ عن أبي عمرو بن العلاء قال يقال فاظ الرجل إذامات و لايقال فاظت نفسه و لافاضت نفسه و حدثنا أبوالعباس عن ابن الأنباري‌ عن عبد الله بن خلف قال حدثناصالح بن محمد بن دراج قال سمعت أباعمرو الشيباني‌ يقول يقال فاظ الميت و لايقال فاظت نفسه و لافاضت نفسه . حدثنا أبوالعباس قال حدثنا أبوبكر قال أخبرنا أبوالعباس أحمد بن يحيي عن سلمة بن عاصم عن الفراء قال أهل الحجاز وطي‌ء يقولون فاضت نفس الرجل وعكل وقيس وتميم يقولون فاضت نفسه بالضاد وأنشد


يريد رجال ينادونها   وأنفسهم دونها فائضة.

و حدثنا أبوالعباس عن أبي بكر بن الأنباري‌ عن أبيه عن أبي الحسن الطوسي‌ عن أبي عبيد عن الكسائي‌ قال يقال فاضت نفسه وفاظ الميت وأفاظ الله نفسه .


صفحه : 76

وبالإسناد عن أبي الحسن الطوسي‌ و محمد بن الحكم عن الحسن اللحياني‌ قال يقال فاظ الميت بالظاء وفاض الميت بالضاد. و حدثنا أبوالعباس عن أبي بكر عن أبيه عن عبد الله بن محمدالقمي‌ عن يعقوب بن السكيت قال يقال فاظ الميت يفوظ وفاظ يفيظ. و حدثنا أبوالعباس عن أبي بكر عن أبيه عن محمد بن الجهم عن الفراء قال يقال فاظ الميت نفسه بالظاء ونصب النفس . و حدثنا أبوالعباس قال أنشدنا أبوبكر قال أنشدني‌ أبي قال أنشدنا أبوعكرمة الضبي‌


وفاظ ابن حصن غائيا في بيوتنا   يمارس قدا في ذراعيه مصحبا.

بيان قال الجوهري‌ غني‌ بالمكان أي أقام وغني‌ أي عاش و قال القد الشق طولا والقد أيضا جلد السخلة الماعزة وبالكسر سير تقد من جلد غيرمدبوغ و قال المصحب من الزق ماالشعر عليه و قدأصحبته إذاتركت صوفه أوشعره عليه و لم تعطنه

14-فس ،[تفسير القمي‌] قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَمّا مَرّ بِعَمرِو بنِ العَاصِ وَ الوَلِيدِ بنِ عُقبَةَ بنِ أَبِي مُعَيطٍ وَ هُمَا فِي حَائِطٍ يَشرَبَانِ وَ يُغَنّيَانِ بِهَذَا البَيتِ فِي حَمزَةَ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ حِينَ قُتِلَ


كَم مِن حوَاَريِ‌ّ تَلُوحُ عِظَامُهُ   وَرَاءَ الحَربِ عِندَ أَن يُجَرّ فَيُقبَرَا

فَقَالَ النّبِيّص أللّهُمّ العَنهُمَا وَ اركُسهُمَا فِي الفِتنَةِ رَكساً وَ دُعّهُمَا إِلَي النّارِ دَعّاً


صفحه : 77

بيان الحواري‌ الناصر والركس رد الشي‌ء مقلوبا والدع الدفع

15-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّ أُبَيّ بنَ خَلَفٍ قَالَ للِنبّيِ‌ّص بِمَكّةَ إنِيّ‌ أَعلِفَ العَورَاءَ يعَنيِ‌ فَرَساً لَهُ أَقتُلُكَ عَلَيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لَكِن أَنَا إِن شَاءَ اللّهُ فلَقَيِ‌َ يَومَ أُحُدٍ فَلَمّا دَنَا تَنَاوَلَ رَسُولُ اللّهِص الحَربَةَ مِنَ الحَارِثِ بنِ الصّمّةِ فَمَشَي إِلَيهِ فَطَعَنَ وَ انصَرَفَ فَرَجَعَ إِلَي قُرَيشٍ وَ هُوَ يَقُولُ قتَلَنَيِ‌ مُحَمّدٌ قَالُوا وَ مَا بِكَ بَأسٌ قَالَ إِنّهُ قَالَ لِي بِمَكّةَ إنِيّ‌ أَقتُلُكَ لَو بَصَقَ عَلَيّ لقَتَلَنَيِ‌ فَمَاتَ بِشَرَفٍ

16-يج مِن مُعجِزَاتِهِص أَنّهُ لَمّا كَانَت وَقعَةُ بَدرٍ قَتَلَ المُسلِمُونَ مِن قُرَيشٍ سَبعِينَ رَجُلًا وَ أَسَرُوا مِنهُم سَبعِينَ فَحَكَمَ رَسُولُ اللّهِ بِقَتلِ الأُسَارَي وَ حَرقِ الغَنَائِمِ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ إِنّ الأُسَارَي هُم قَومُكَ وَ قَد قَتَلنَا مِنهُم سَبعِينَ فَأَطلِق لَنَا أَن نَأخُذَ الفِدَاءَ مِنَ الأُسَارَي وَ الغَنَائِمَ فَنَقوَي بِهَا عَلَي جِهَادِنَا فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ إِن لَم تَقتُلُوا يُقتَل مِنكُم فِي العَامِ المُقبِلِ فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ عَدَدَ الأُسَارَي فَأَنزَلَ اللّهُما كانَ لنِبَيِ‌ّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسري حَتّي يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدّنيا فَلَمّا كَانَ فِي العَامِ المُقبِلِ وَ قُتِلَ مِنَ المُسلِمِينَ سَبعُونَ بِعَدَدِ الأُسَارَي قَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ قَد وَعَدتَنَا النّصرَ فَمَا هَذَا ألّذِي وَقَعَ بِنَا وَ نَسُوا الشّرطَ بِبَدرٍ فَأَنزَلَ اللّهُأَ وَ لَمّا أَصابَتكُم مُصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيهايعَنيِ‌ مَا كَانُوا أَصَابُوا مِن قُرَيشٍ بِبَدرٍ وَ قَبِلُوا الفِدَاءَ مِنَ الأَسرَيقُلتُم أَنّي هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُميعَنيِ‌ بِالشّرطِ ألّذِي شَرَطُوهُ عَلَي أَنفُسِهِم أَن يُقتَلَ مِنهُم بِعَدَدِ الأُسَارَي إِذَا هُوَ أَطلَقَ لَهُمُ الفِدَاءَ مِنهُم وَ الغَنَائِمَ فَكَانَ الحَالُ فِي ذَلِكَ عَلَي حُكمِ الشّرطِ وَ لَمّا انكَشَفَتِ الحَربُ يَومَ أُحُدٍ سَارَ أَولِيَاءُ


صفحه : 78

المَقتُولِينَ لِيَحمِلُوا قَتلَاهُم إِلَي المَدِينَةِ فَشَدّوهُم عَلَي الجِمَالِ وَ كَانُوا إِذَا تَوَجّهُوا بِهِم نَحوَ المَدِينَةِ بَرَكَتِ الجِمَالُ وَ إِذَا تَوَجّهُوا بِهِم نَحوَ المَعرَكَةِ أَسرَعَت فَشَكَوُا الحَالَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ أَ لَم تَسمَعُوا قَولَ اللّهِقُل لَو كُنتُم فِي بُيُوتِكُم لَبَرَزَ الّذِينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ القَتلُ إِلي مَضاجِعِهِمفَدُفِنَ كُلّ رَجُلَينِ فِي قَبرٍ إِلّا حَمزَةَ فَإِنّهُ دُفِنَ وَحدَهُ وَ كَانَ أَصَابَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ فِي حَربِ أُحُدٍ أَربَعُونَ جِرَاحَةً فَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِص المَاءَ عَلَي فَمِهِ فَرَشّهُ عَلَي الجِرَاحَاتِ فَكَأَنّهَا لَم تَكُن مِن وَقتِهَا وَ كَانَ أَصَابَ عَينَ قَتَادَةَ سَهمٌ مِنَ المُشرِكِينَ فَسَالَتِ الحَدَقَةُ فَأَمسَكَهَا النّبِيّص بِيَدِهِ فَعَادَت كَأَحسَنِ مَا كَانَت وَ مِنهَا أَنّ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ انقَطَعَ سيَفيِ‌ يَومَ أُحُدٍ فَرَجَعتُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقُلتُ إِنّ المَرءَ يُقَاتِلُ بِسَيفِهِ وَ قَدِ انقَطَعَ سيَفيِ‌ فَنَظَرَ إِلَي جَرِيدَةِ نَخلٍ عَتِيقَةٍ يَابِسَةٍ مَطرُوحَةٍ فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ ثُمّ هَزّهَا فَصَارَت سَيفَهُ ذَا الفَقَارِ فَنَاوَلَنِيهِ فَمَا ضَرَبتُ بِهِ أَحَداً إِلّا وَ قَدّهُ بِنِصفَينِ وَ مِنهَا أَنّ جَابِراً قَالَ كَانَ النّبِيّص بِمَكّةَ وَ رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ يرُبَيّ‌ مُهراً كَانَ إِذَا لقَيِ‌َ مُحَمّداً وَ المُهرُ مَعَهُ يَقُولُ يَا مُحَمّدُ عَلَي هَذَا المُهرِ أَقتُلُكَ قَالَ النّبِيّص أَقتُلُكَ عَلَيهِ قَالَ بَل أَقتُلُكَ فَوَافَي أُحُداً فَأَخَذَ النّبِيّص حَربَةَ رَجُلٍ وَ خَلَعَ سِنَانَهُ وَ رَمَي بِهِ فَضَرَبَهَا عَلَي عُنُقِهِ فَقَالَ النّارَ النّارَ وَ سَقَطَ مَيّتاً وَ مِنهَا أَنّ رَسُولَ اللّهِص انتَهَي إِلَي رَجُلٍ قَد فَوّقَ سَهماً ليِرَميِ‌َ بَعضَ المُشرِكِينَ فَوَضَعَص يَدَهُ فَوقَ السّهمِ وَ قَالَ ارمِهِ فَرَمَي ذَلِكَ المُشرِكَ بِهِ فَهَرَبَ المُشرِكُ


صفحه : 79

مِنَ السّهمِ وَ جَعَلَ يَرُوغُ مِنَ السّهمِ يَمنَةً وَ يَسرَةً وَ السّهمُ يَتبَعُهُ حَيثُمَا رَاغَ حَتّي سَقَطَ السّهمُ فِي رَأسِهِ فَسَقَطَ المُشرِكُ مَيّتاً فَأَنزَلَ اللّهُفَلَم تَقتُلُوهُم وَ لكِنّ اللّهَ قَتَلَهُم وَ ما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَ لكِنّ اللّهَ رَمي وَ كَانَ أَبُو غُرّةَ الشّاعِرُ حَضَرَ مَعَ قُرَيشٍ يَومَ بَدرٍ وَ يُحَرّضُ قُرَيشاً بِشِعرِهِ عَلَي القِتَالِ فَأُسِرَ فِي السّبعِينَ الّذِينَ أُسِرُوا فَلَمّا وَقَعَ الفِدَاءُ عَلَي القَومِ قَالَ أَبُو غُرّةَ يَا أَبَا القَاسِمِ تَعلَمُ أنَيّ‌ رَجُلٌ فَقِيرٌ فَامنُن عَلَي بنَاَتيِ‌ فَقَالَ أُطلِقُكَ بِغَيرِ فِدَاءٍ أَلّا تُكثِرَ عَلَينَا بَعدَهَا قَالَ لَا وَ اللّهِ فَعَاهَدَهُ عَلَي أَن لَا يَعُودَ فَلَمّا كَانَ حَربُ أُحُدٍ دَعَتهُ قُرَيشٌ إِلَي الخُرُوجِ مَعَهَا لِيُحَرّضَ النّاسَ بِشِعرِهِ عَلَي القِتَالِ فَقَالَ إنِيّ‌ عَاهَدتُ مُحَمّداً أَن لَا أُكثِرَ عَلَيهِ بَعدَ مَا مَنّ عَلَيّ قَالُوا لَيسَ هَذَا مِن ذَلِكَ إِنّ مُحَمّداً لَا يَسلَمُ مِنّا فِي هَذِهِ الدّفعَةِ فَغَلَبُوهُ عَلَي رَأيِهِ فَلَم يُؤسَر يَومَ أُحُدٍ مِن قُرَيشٍ غَيرُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَ لَم تعُاَهِدنيِ‌ قَالَ إِنّهُم غلَبَوُنيِ‌ عَلَي رأَييِ‌ فَامنُن عَلَي بنَاَتيِ‌ قَالَ لَا تمَشيِ‌ بِمَكّةَ وَ تُحَرّكُ كَتِفَيكَ وَ تَقُولُ سَخِرتُ مِن مُحَمّدٍ مَرّتَينِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص المُؤمِنُ لَا يُلسَعُ مِن جُحرٍ مَرّتَينِ يَا عَلِيّ اضرِب عُنُقَهُ

بيان راغ مال وحاد

17-شا،[الإرشاد] ثم تلت بدرا غزاة أحد وكانت راية رسول الله ص بيد أمير المؤمنين


صفحه : 80

عليه السلام فيها كماكانت بيده يوم بدر فصار اللواء إليه يومئذ دون صاحب الراية واللواء جميعا و كان الفتح له في هذه الغزاة كما كان له ببدر سواء واختص بحسن البلاء فيها والصبر وثبوت القدم عند مازلت من غيره الأقدام و كان له العناء برسول الله ص ما لم يكن لسواه من أهل الإسلام وقتل الله بسيفه رءوس أهل الشرك والضلال وفرج الله به الكرب عن نبيه ص وخطب بفضله في ذلك المقام جبرئيل عليه السلام في ملائكة الأرض والسماء وأبان نبي‌ الهدي ص من اختصاصه به ما كان مستورا عن عامة الناس .فمن ذلك مارواه يحيي بن عمارة قال حدثني‌ الحسن بن موسي بن رياح مولي الأنصار قال حدثني‌ أبوالبختري‌ القرشي‌ قال كانت راية قريش ولواؤها جميعا بيد قصي‌ بن كلاب ثم لم تزل الراية في يد ولد عبدالمطلب يحملها منهم من حضر الحرب حتي بعث الله رسوله فصارت راية قريش وغيرها إلي النبي ص فأقرها في بني‌ هاشم فأعطاها رسول الله ص علي بن أبي طالب عليه السلام في غزاة ودان وهي‌ أول غزاة حمل فيهاراية في الإسلام مع النبي ص ثم لم تزل معه في المشاهد ببدر وهي‌ البطشة الكبري و في يوم أحد و كان اللواء يومئذ في بني‌ عبدالدار فأعطاها رسول الله ص مصعب بن عمير فاستشهد ووقع اللواء من يده فتشوقته القبائل فأخذه رسول الله ص فدفعه إلي علي بن أبي طالب عليه السلام فجمع له يومئذ الراية واللواء فهما إلي اليوم في بني‌ هاشم .


صفحه : 81

وروي المفضل بن عبد الله عن سماك عن عكرمة عن عبد الله بن العباس أنه قال لعلي‌ بن أبي طالب عليه السلام أربع ماهن لأحد هوأول عربي‌ وعجمي‌ صلي مع رسول الله ص و هوصاحب لوائه في كل زحف و هو ألذي ثبت معه يوم المهراس يعني‌ يوم أحد وفر الناس و هو ألذي أدخله قبره . وَ رَوَي زَيدُ بنُ وَهبٍ الجهُنَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ عَمّارٍ عَنِ الحمِاّنيِ‌ّ عَن شَرِيكٍ عَن عُثمَانَ بنِ المُغِيرَةِ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ قَالَ وَجَدنَا مِن عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ يَوماً طِيبَ نَفسٍ فَقُلنَا لَهُ لَو حَدّثتَنَا عَن يَومِ أُحُدٍ وَ كَيفَ كَانَ فَقَالَ أَجَل ثُمّ سَاقَ الحَدِيثَ حَتّي انتَهَي إِلَي ذِكرِ الحَربِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص اخرُجُوا إِلَيهِم عَلَي اسمِ اللّهِ فَخَرَجنَا فَصَفَفنَا لَهُم صَفّاً طَوِيلًا وَ أَقَامَ عَلَي الشّعبِ خَمسِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنصَارِ وَ أَمّرَ عَلَيهِم رَجُلًا مِنهُم وَ قَالَ لَا تَبرَحُوا مِن مَكَانِكُم هَذَا وَ لَو قُتِلنَا عَن آخِرِنَا فَإِنّمَا نُؤتَي مِن مَوضِعِكُم قَالَ فَأَقَامَ أَبُو سُفيَانَ صَخرُ بنُ حَربٍ بِإِزَائِهِم خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ وَ كَانَتِ الأَلوِيَةُ مِن قُرَيشٍ فِي بنَيِ‌ عَبدِ الدّارِ وَ كَانَ لِوَاءُ المُشرِكِينَ مَعَ طَلحَةَ بنِ أَبِي طَلحَةَ وَ كَانَ يُدعَي كَبشَ الكَتِيبَةِ قَالَ وَ دَفَعَ رَسُولُ اللّهِص لِوَاءَ المُهَاجِرِينَ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَ جَاءَ حَتّي وَقَفَ تَحتَ لِوَاءِ الأَنصَارِ قَالَ فَجَاءَ أَبُو سُفيَانَ إِلَي أَصحَابِ اللّوَاءِ فَقَالَ يَا أَصحَابَ الأَلوِيَةِ إِنّكُم قَد تَعلَمُونَ أَنّمَا يُؤتَي القَومُ مِن قِبَلِ أَلوِيَتِهِم وَ إِنّمَا أُوتِيتُم يَومَ بَدرٍ مِن قِبَلِ أَلوِيَتِكُم فَإِن كُنتُم


صفحه : 82

تَرَونَ أَنّكُم قَد ضَعُفتُم عَنهَا فَادفَعُوهَا إِلَينَا نَكفِكُمُوهَا قَالَ فَغَضِبَ طَلحَةُ بنُ أَبِي طَلحَةَ وَ قَالَ أَ لَنَا تَقُولُ هَذَا وَ اللّهِ لَأُورِدَنّكُم بِهَا اليَومَ حِيَاضَ المَوتِ قَالَ وَ كَانَ طَلحَةُ يُسَمّي كَبشَ الكَتِيبَةِ قَالَ فَتَقَدّمَ وَ تَقَدّمَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ عَلِيّ مَن أَنتَ قَالَ أَنَا طَلحَةُ بنُ أَبِي طَلحَةَ كَبشُ الكَتِيبَةِ فَمَن أَنتَ قَالَ أَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ ثُمّ تَقَارَبَا فَاختَلَفَت بَينَهُمَا ضَربَتَانِ فَضَرَبَهُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ ضَربَةً عَلَي مُقَدّمِ رَأسِهِ فَبَدَرَت عَينُهُ وَ صَاحَ صَيحَةً لَم يُسمَع مِثلُهَا قَطّ وَ سَقَطَ اللّوَاءُ مِن يَدِهِ فَأَخَذَهُ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مُصعَبٌ فَرَمَاهُ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ بِسَهمٍ فَقَتَلَهُ ثُمّ أَخَذَ اللّوَاءَ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ عُثمَانُ فَرَمَاهُ عَاصِمٌ أَيضاً بِسَهمٍ فَقَتَلَهُ فَأَخَذَهُ عَبدٌ لَهُم يُقَالُ لَهُ صُؤَابٌ وَ كَانَ مِن أَشَدّ النّاسِ فَضَرَبَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي يَدِهِ فَقَطَعَهَا فَأَخَذَ اللّوَاءَ بِيَدِهِ اليُسرَي فَضَرَبَ عَلِيّ عَلَي يَدِهِ اليُسرَي فَقَطَعَهَا فَأَخَذَ اللّوَاءَ عَلَي صَدرِهِ وَ جَمَعَ يَدَيهِ وَ هُمَا مَقطُوعَتَانِ عَلَيهِ فَضَرَبَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي أُمّ رَأسِهِ فَسَقَطَ صَرِيعاً فَانهَزَمَ القَومُ وَ أَكَبّ المُسلِمُونَ عَلَي الغَنَائِمِ فَلَمّا رَأَي أَصحَابُ الشّعبِ النّاسَ يَغنِمُونَ قَالُوا يَذهَبُ هَؤُلَاءِ بِالغَنَائِمِ وَ نَبقَي نَحنُ فَقَالُوا لِعَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ بنِ حَزمٍ ألّذِي كَانَ رَئِيساً عَلَيهِم نُرِيدُ أَن نَغنَمَ كَمَا يَغنَمُ النّاسُ فَقَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص أمَرَنَيِ‌ أَن لَا أَبرَحَ مِن موَضعِيِ‌ هَذَا فَقَالُوا لَهُ إِنّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا وَ هُوَ لَا يدَريِ‌ أَنّ الأَمرَ يَبلُغُ إِلَي مَا تَرَي وَ مَالُوا إِلَي الغَنَائِمِ وَ تَرَكُوهُ وَ لَم يَبرَح هُوَ


صفحه : 83

مِن مَوضِعِهِ فَحَمَلَ عَلَيهِ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ فَقَتَلَهُ ثُمّ جَاءَ مِن ظَهرِ رَسُولِ اللّهِص يُرِيدُهُ فَنَظَرَ إِلَي النّبِيّص فِي خِفّ مِن أَصحَابِهِ فَقَالَ لِمَن مَعَهُ دُونَكُم هَذَا ألّذِي تَطلُبُونَ فَشَأنَكُم بِهِ فَحَمَلُوا عَلَيهِ حَملَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ضَرباً بِالسّيُوفِ وَ طَعناً بِالرّمَاحِ وَ رَمياً بِالنّبلِ وَ رَضخاً بِالحِجَارَةِ وَ جَعَلَ أَصحَابُ النّبِيّص يُقَاتِلُونَ عَنهُ حَتّي قُتِلَ مِنهُم سَبعُونَ رَجُلًا وَ ثَبَتَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَبُو دُجَانَةَ وَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ لِلقَومِ يَدفَعُونَ عَنِ النّبِيّص فَكَثُرَ عَلَيهِمُ المُشرِكُونَ فَفَتَحَ رَسُولُ اللّهِص عَينَيهِ وَ نَظَرَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَد كَانَ أغُميِ‌َ عَلَيهِ مِمّا نَالَهُ فَقَالَ يَا عَلِيّ مَا فَعَلَ النّاسُ فَقَالَ نَقَضُوا العَهدَ وَ وَلّوُا الدّبُرَ فَقَالَ لَهُ فاَكفنِيِ‌ هَؤُلَاءِ الّذِينَ قَد قَصَدُوا قصَديِ‌ فَحَمَلَ عَلَيهِم أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَكَشَفَهُم ثُمّ عَادَ إِلَيهِ وَ قَد حَمَلُوا عَلَيهِ مِن نَاحِيَةٍ أُخرَي فَكَرّ عَلَيهِم فَكَشَفَهُم وَ أَبُو دُجَانَةَ وَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ قَائِمَانِ عَلَي رَأسِهِ بِيَدِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا سَيفٌ لِيَذُبّ عَنهُ وَ ثَابَ إِلَيهِ مِن أَصحَابِهِ المُنهَزِمِينَ أَربَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنهُم طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ وَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ وَ صَعِدَ البَاقُونَ الجَبَلَ وَ صَاحَ صَائِحٌ بِالمَدِينَةِ قُتِلَ رَسُولُ اللّهِص فَانخَلَعَت لِذَلِكَ القُلُوبُ وَ تَحَيّرَ المُنهَزِمُونَ فَأَخَذُوا يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ كَانَت هِندٌ بِنتُ عُتبَةَ جَعَلَت لوِحَشيِ‌ّ جُعلًا عَلَي أَن يَقتُلَ رَسُولَ اللّهِص أَو أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ أَو حَمزَةَ بنَ عَبدِ المُطّلِبِ رِضوَانُ اللّهِ عَلَيهِ فَقَالَ لَهَا أَمّا مُحَمّدٌ فَلَا حِيلَةَ لِي فِيهِ لِأَنّ أَصحَابَهُ يُطِيفُونَ بِهِ وَ أَمّا عَلِيّ فَإِنّهُ إِذَا قَاتَلَ كَانَ أَحذَرَ مِنَ الذّئبِ وَ أَمّا حَمزَةُ فإَنِيّ‌ أَطمَعُ فِيهِ لِأَنّهُ إِذَا غَضِبَ لَم يُبصِر بَينَ يَدَيهِ وَ كَانَ حَمزَةُ يَومَئِذٍ قَد أُعلِمَ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ فِي صَدرِهِ فَكَمَنَ لَهُ وحَشيِ‌ّ فِي أَصلِ شَجَرَةٍ فَرَآهُ حَمزَةُ فَبَدَرَ بِالسّيفِ إِلَيهِ فَضَرَبَهُ ضَربَةً أَخطَأَت رَأسَهُ قَالَ وحَشيِ‌ّ وَ هَزَزتُ حرَبتَيِ‌ حَتّي إِذَا تَمَكّنتُ مِنهُ رَمَيتُهُ فَأَصَبتُهُ


صفحه : 84

فِي أُربِيّتِهِ فَأَنفَذتُهُ وَ تَرَكتُهُ حَتّي إِذَا بَرَدَ صِرتُ إِلَيهِ فَأَخَذتُ حرَبتَيِ‌ وَ شَغَلَ عنَيّ‌ وَ عَنهُ المُسلِمُونَ بِهَزِيمَتِهِم وَ جَاءَت هِندٌ فَأَمَرَت بِشَقّ بَطنِ حَمزَةَ وَ قَطعِ كَبِدِهِ وَ التّمثِيلِ بِهِ فَجَدَعُوا أَنفَهُ وَ أُذُنَيهِ وَ مَثّلُوا بِهِ وَ رَسُولُ اللّهِص مَشغُولٌ عَنهُ لَا يَعلَمُ بِمَا انتَهَي إِلَيهِ الأَمرُ.

قَالَ الراّويِ‌ لِلحَدِيثِ وَ هُوَ زَيدُ بنُ وَهبٍ قُلتُ لِابنِ مَسعُودٍ انهَزَمَ النّاسُ عَن رَسُولِ اللّهِص حَتّي لَم يَبقَ مَعَهُ إِلّا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ أَبُو دُجَانَةَ وَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ فَقَالَ انهَزَمَ النّاسُ إِلّا عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَحدَهُ وَ ثَابَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص نَفَرٌ وَ كَانَ أَوّلُهُم عَاصِمَ بنَ ثَابِتٍ وَ أَبَا دُجَانَةَ وَ سَهلَ بنَ حُنَيفٍ وَ لَحِقَهُم طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ فَقُلتُ لَهُ وَ أَينَ كَانَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ قَالَ كَانَا مِمّن تَنَحّي قُلتُ وَ أَينَ كَانَ عُثمَانُ قَالَ جَاءَ بَعدَ ثَالِثَةٍ مِنَ الوَاقِعَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص لَقَد ذَهَبتَ فِيهَا عَرِيضَةً. قَالَ فَقُلتُ لَهُ وَ أَينَ كُنتَ أَنتَ قَالَ كُنتُ مِمّن تَنَحّي قُلتُ لَهُ فَمَن حَدّثَكَ بِهَذَا قَالَ عَاصِمٌ وَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ قَالَ قُلتُ لَهُ إِنّ ثُبُوتَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فِي ذَلِكَ المَقَامِ لَعَجَبٌ فَقَالَ إِن تَعَجّبتَ مِن ذَلِكَ فَقَد تَعَجّبَت مِنهُ المَلَائِكَةُ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ فِي ذَلِكَ اليَومِ وَ هُوَ يَعرُجُ إِلَي السّمَاءِ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ.


صفحه : 85

قُلتُ لَهُ فَمِن أَينَ عُلِمَ ذَلِكَ مِن جَبرَئِيلَ فَقَالَ سَمِعَ النّاسُ صَائِحاً يَصِيحُ فِي السّمَاءِ بِذَلِكَ فَسَأَلُوا النّبِيّص عَنهُ فَقَالَ ذَلِكَ جَبرَئِيلُ.

وَ فِي حَدِيثِ عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ قَالَ لَمّا تَفَرّقَ النّاسُ عَن رَسُولِ اللّهِص فِي يَومِ أُحُدٍ جَاءَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مُتَقَلّداً سَيفَهُ حَتّي قَامَ بَينَ يَدَيهِ فَرَفَعَ رَسُولُ اللّهِص رَأسَهُ إِلَيهِ فَقَالَ لَهُ مَا بَالُكَ لَم تَفِرّ مَعَ النّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَرجِعُ كَافِراً بَعدَ إسِلاَميِ‌ فَأَشَارَ لَهُ إِلَي قَومٍ انحَدَرُوا مِنَ الجَبَلِ فَحَمَلَ عَلَيهِم فَهَزَمَهُم ثُمّ أَشَارَ إِلَي قَومٍ آخَرِينَ فَحَمَلَ عَلَيهِم فَهَزَمَهُم ثُمّ أَشَارَ إِلَي قَومٍ آخَرِينَ فَحَمَلَ عَلَيهِم فَهَزَمَهُم فَجَاءَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ لَقَد عَجِبَتِ المَلَائِكَةُ وَ عَجِبنَا مَعَهَا مِن حُسنِ مُوَاسَاةِ عَلِيّ لَكَ بِنَفسِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص وَ مَا يَمنَعُهُ مِن هَذَا وَ هُوَ منِيّ‌ وَ أَنَا مِنهُ فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَنَا مِنكُمَا. وَ رَوَي الحَكَمُ بنُ ظُهَيرٍ عَنِ السدّيّ‌ّ عَن أَبِي مَالِكٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّ طَلحَةَ بنَ أَبِي طَلحَةَ خَرَجَ يَومَئِذٍ فَوَقَفَ بَينَ الصّفّينِ فَنَادَي يَا أَصحَابَ مُحَمّدٍ إِنّكُم تَزعُمُونَ أَنّ اللّهَ تَعَالَي يُعَجّلُنَا بِسُيُوفِكُم إِلَي النّارِ وَ يُعَجّلُكُم بِسُيُوفِنَا إِلَي الجَنّةِ فَأَيّكُم يَبرُزُ إلِيَ‌ّ فَبَرَزَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَيهِ فَقَالَ وَ اللّهِ لَا أُفَارِقُكَ هَذَا اليَومَ حَتّي أُعَجّلَكَ بسِيَفيِ‌ إِلَي النّارِ فَاختَلَفَا ضَربَتَينِ فَضَرَبَهُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي رِجلَيهِ فَقَطَعَهُمَا فَسَقَطَ فَانكَشَفَ عَنهُ فَقَالَ لَهُ أَنشُدُكَ اللّهَ يَا ابنَ عَمّ وَ الرّحِمَ فَانصَرَفَ عَنهُ إِلَي مَوقِفِهِ فَقَالَ لَهُ المُسلِمُونَ أَ لَا أَجهَزتَ عَلَيهِ فَقَالَ


صفحه : 86

ناَشدَنَيِ‌ اللّهَ وَ الرّحِمَ وَ اللّهِ لَا عَاشَ بَعدَهَا أَبَداً فَمَاتَ طَلحَةُ فِي مَكَانِهِ وَ بُشّرَ النّبِيّص بِذَلِكَ فَسَرّ بِهِ وَ قَالَ هَذَا كَبشُ الكَتِيبَةِ. وَ قَد رَوَي مُحَمّدُ بنُ مَروَانَ عَن عُمَارَةَ عَن عِكرِمَةَ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ لَمّا انهَزَمَ النّاسُ يَومَ أُحُدٍ عَن رَسُولِ اللّهِص لحَقِنَيِ‌ مِنَ الجَزَعِ عَلَيهِ مَا لَم يلَحقَنيِ‌ قَطّ وَ لَم أَملِك نفَسيِ‌ وَ كُنتُ أَمَامَهُ أَضرِبُ بسِيَفيِ‌ بَينَ يَدَيهِ فَرَجَعتُ أَطلُبُهُ فَلَم أَرَهُ فَقُلتُ مَا كَانَ رَسُولُ اللّهِص لِيَفِرّ وَ مَا رَأَيتُهُ فِي القَتلَي وَ أَظُنّهُ رُفِعَ مِن بَينِنَا إِلَي السّمَاءِ فَكَسَرتُ جَفنَ سيَفيِ‌ وَ قُلتُ فِي نفَسيِ‌ لَأُقَاتِلَنّ بِهِ عَنهُ حَتّي أُقتَلَ وَ حَمَلتُ عَلَي القَومِ فَأَفرَجُوا عنَيّ‌ وَ إِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللّهِص قَد وَقَعَ عَلَي الأَرضِ مَغشِيّاً عَلَيهِ فَقُمتُ عَلَي رَأسِهِ فَنَظَرَ إلِيَ‌ّ فَقَالَ مَا صَنَعَ النّاسُ يَا عَلِيّ فَقُلتُ كَفَرُوا يَا رَسُولَ اللّهِ وَ وَلّوُا الدّبُرَ مِنَ العَدُوّ وَ أَسلَمُوكَ فَنَظَرَ النّبِيّص إِلَي كَتِيبَةٍ قَد أَقبَلَت إِلَيهِ فَقَالَ لِي رُدّ عنَيّ‌ يَا عَلِيّ هَذِهِ الكَتِيبَةَ فَحَمَلتُ عَلَيهَا أَضرِبُهَا بسِيَفيِ‌ يَمِيناً وَ شِمَالًا حَتّي وَلّوُا الأَدبَارَ فَقَالَ النّبِيّص أَ مَا تَسمَعُ يَا عَلِيّ مَدِيحَكَ فِي السّمَاءِ إِنّ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ رِضوَانُ ينُاَديِ‌ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ.فَبَكَيتُ سُرُوراً وَ حَمِدتُ اللّهَ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي عَلَي نِعمَتِهِ. وَ قَد رَوَي الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ عَن عُمَارَةَ بنِ مُحَمّدٍ عَن سَعدِ بنِ طَرِيفٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَلَيهِمَا السّلَامُ عَن آبَائِهِ عَلَيهِمُ السّلَامُ قَالَ نَادَي مَلَكٌ مِنَ السّمَاءِ يَومَ أُحُدٍ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ.

وروي مثل ذلك ابراهيم بن محمد بن ميمون عن عمرو بن ثابت عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال مازلنا نسمع أصحاب رسول الله ص يقولون نادي في يوم أحد مناد من السماء لاسيف إلاذو الفقار و لافتي إلا علي .


صفحه : 87

وروي سلام بن مسكين عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال لورأيت مقام علي يوم أحد لوجدته قائما علي ميمنة رسول الله ص يذب عنه بالسيف و قدولي غيره الأدبار.

وَ رَوَي الحَسَنُ بنُ مَحبُوبٍ قَالَ حَدّثَنَا جَمِيلُ بنُ صَالِحٍ عَن أَبِي عُبَيدَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَلَيهِمُ السّلَامُ قَالَ كَانَ أَصحَابُ اللّوَاءِ يَومَ أُحُدٍ تِسعَةً قَتَلَهُم عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ عَن آخِرِهِم وَ انهَزَمَ القَومُ وَ طَارَت مَخزُومٌ فَضَحَهَا عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ يَومَئِذٍ.

قَالَ وَ بَارَزَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ الحَكَمَ بنَ الأَخنَسِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ رِجلَهُ مِن نِصفِ الفَخِذِ فَهَلَكَ مِنهَا وَ لَمّا جَالَ المُسلِمُونَ تِلكَ الجَولَةَ أَقبَلَ أُمَيّةُ بنُ أَبِي حُذَيفَةَ بنِ المُغِيرَةِ وَ هُوَ دَارِعٌ وَ هُوَ يَقُولُ يَومٌ بِيَومِ بَدرٍ فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المُسلِمِينَ فَقَتَلَهُ أُمَيّةُ وَ صَمَدَ لَهُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ فَضَرَبَهُ بِالسّيفِ عَلَي هَامَتِهِ فَنَشِبَ فِي بَيضَةِ مِغفَرِهِ فَضَرَبَهُ أُمَيّةُ بِسَيفِهِ فَاتّقَاهَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ بِدَرَقَتِهِ فَنَشِبَ فِيهَا وَ نَزَعَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ سَيفَهُ مِن مِغفَرِهِ وَ خَلّصَ أُمَيّةُ سَيفَهُ مِن دَرَقَتِهِ أَيضاً ثُمّ تَنَاوَشَا فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَنَظَرتُ إِلَي فَتقٍ تَحتَ إِبطِهِ فَضَرَبتُهُ بِالسّيفِ فِيهِ فَقَتَلتُهُ وَ انصَرَفتُ عَنهُ.

وَ لَمّا انهَزَمَ النّاسُ عَنِ النّبِيّص فِي يَومِ أُحُدٍ وَ ثَبَتَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ لَهُ النّبِيّص مَا لَكَ لَا تَذهَبُ مَعَ القَومِ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ أَذهَبُ وَ أَدَعُكَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ اللّهِ لَا بَرِحتُ حَتّي أُقتَلَ أَو يُنجِزَ اللّهُ لَكَ مَا وَعَدَكَ مِنَ النّصرَةِ فَقَالَ


صفحه : 88

لَهُ النّبِيّص أَبشِر يَا عَلِيّ فَإِنّ اللّهَ مُنجِزٌ وَعدَهُ وَ لَن يَنَالُوا مِنّا مِثلَهَا أَبَداً ثُمّ نَظَرَ إِلَي كَتِيبَةٍ قَد أَقبَلَت إِلَيهِ فَقَالَ لَهُ احمِل عَلَي هَذِهِ يَا عَلِيّ فَحَمَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَيهَا فَقَتَلَ مِنهَا هِشَامَ بنَ أُمَيّةَ المخَزوُميِ‌ّ وَ انهَزَمَ القَومُ ثُمّ أَقبَلَت كَتِيبَةٌ أُخرَي فَقَالَ لَهُ النّبِيّص احمِل عَلَي هَذِهِ فَحَمَلَ عَلَيهَا فَقَتَلَ مِنهَا عَمرَو بنَ عَبدِ اللّهِ الجمُحَيِ‌ّ وَ انهَزَمَت أَيضاً ثُمّ أَقبَلَت كَتِيبَةٌ أُخرَي فَقَالَ لَهُ النّبِيّص احمِل عَلَي هَذِهِ فَحَمَلَ عَلَيهَا فَقَتَلَ مِنهَا بِشرَ بنَ مَالِكٍ العاَمرِيِ‌ّ وَ انهَزَمَتِ الكَتِيبَةُ وَ لَم يَعُد بَعدَهَا أَحَدٌ مِنهُم وَ تَرَاجَعَ المُنهَزِمُونَ مِنَ المُسلِمِينَ إِلَي النّبِيّص وَ انصَرَفَ المُشرِكُونَ إِلَي مَكّةَ وَ انصَرَفَ المُسلِمُونَ مَعَ النّبِيّص إِلَي المَدِينَةِ فَاستَقبَلَتهُ فَاطِمَةُ عَلَيهَا السّلَامُ وَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ فَغَسَلَ بِهِ وَجهَهُ وَ لَحِقَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَد خَضَبَ الدّمُ يَدَهُ إِلَي كَتِفِهِ وَ مَعَهُ ذُو الفَقَارِ فَنَاوَلَهُ فَاطِمَةَ عَلَيهَا السّلَامُ وَ قَالَ لَهَا خذُيِ‌ هَذَا السّيفَ فَقَد صدَقَنَيِ‌ اليَومَ وَ أَنشَأَ يَقُولُ


أَ فَاطِمُ هَاكِ السّيفَ غَيرَ ذَمِيمٍ.   فَلَستُ بِرِعدِيدٍ وَ لَا بِمَلِيمٍ.

لعَمَريِ‌ لَقَد أَعذَرتُ فِي نَصرِ أَحمَدَ.   وَ طَاعَةِ رَبّ بِالعِبَادِ عَلِيمٍ.

أمَيِطيِ‌ دِمَاءَ القَومِ عَنهُ فَإِنّهُ.   سَقَي آلَ عَبدِ الدّارِ كَأسَ حَمِيمٍ.

وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خُذِيهِ يَا فَاطِمَةُ فَقَد أَدّي بَعلُكِ مَا عَلَيهِ وَ قَد قَتَلَ اللّهُ بِسَيفِهِ صَنَادِيدَ قُرَيشٍ.

و قدذكر أهل السير قتلي أحد من المشركين و كان جمهورهم قتلي


صفحه : 89

أمير المؤمنين عليه السلام فروي عبدالملك بن هشام قال حدثنازياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال كان صاحب لواء قريش يوم أحد طلحة بن أبي طلحة بن عبدالعزي بن عثمان بن عبدالدار قتله علي بن أبي طالب عليه السلام وقتل ابنه أباسعد بن طلحة وقتل أخاه كلدة بن أبي طلحة وقتل عبد الله بن حميد بن زهرة بن الحارث بن أسد بن عبدالعزي وقتل أباالحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي‌ وقتل الوليد بن أبي حذيفة بن المغيرة وقتل أخاه أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة وقتل أرطأة بن شرحبيل وقتل هشام بن أمية وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي‌ وبشر بن مالك وقتل صوابا مولي بني‌ عبدالدار و كان الفتح له ورجوع الناس من هزيمتهم إلي النبي ص بمقامه يذب عنه دونهم وتوجه العتاب من الله تعالي إلي كافتهم لهزيمتهم يومئذ سواه و من ثبت معه من رجال الأنصار وكانوا ثمانية نفر وقيل أربعة أوخمسة و في قتله عليه السلام من قتل يوم أحد وعنائه في الحرب وحسن بلائه يقول الحجاج بن علاط السلمي‌


لله أي مذبب عن حزبه .   أعني‌ ابن فاطمة المعم المخولا.

صفحه : 90


جادت يداك له بعاجل طعنة.   تركت طليحة للجبين مجدلا.

وشددت شدة باسل فكشفتهم .   بالسفح إذ يهوون أسفل أسفلا.

وعللت سيفك بالدماء و لم يكن .   لترده حران حتي ينهلا.

بيان الخف بالكسر الجماعة القليلة والأربية بالضم والتشديد أصل الفخذ. و قال الجوهري‌ المعم المخول الكثير الأعمام والأخوال الكريمهم و قديكسران و قال طعنه فجدله أي رماه بالأرض و قال البسالة الشجاعة.أسفل أسفلا أي كشفتهم عندهويهم من الجبل إلي أسفل الوادي‌ والتكرير للمبالغة و في بعض النسخ أخول أخولا. قال الجوهري‌ يقال تطاير الشرر أخول أخول أي متفرقا و هوالشرر ألذي يتطاير من الحديد الحار إذاضرب . والعلل الشرب الثاني‌ من الإبل يقال عله يعله ويعله إذاسقاه السقية الثانية وعل بنفسه يتعدي و لايتعدي والنهل الشرب الأول و قدنهل كعلم والحران العطشان فالمعني حتي ينهل فقط من دون علل أوالمراد بالنهل هنا الارتواء والناهل الريان فالتقابل بحسب اللفظ فقط و علي التقديرين هو من أحسن الكلام وألطف الاستعارات

18-شي‌،[تفسير العياشي‌] الحُسَينُ بنُ المُنذِرِ قَالَسَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ عَن قَولِهِأَ فَإِن ماتَ


صفحه : 91

أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلي أَعقابِكُمالقَتلُ أَمِ المَوتُ قَالَ يعَنيِ‌ أَصحَابَهُ الّذِينَ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا

19-شي‌،[تفسير العياشي‌]مَنصُورُ بنُ الوَلِيدِ الصّيقَلُ إِنّهُ سَمِعَ أَبَا عَبدِ اللّهِ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ عَلَيهِمَا السّلَامُ قَرَأَ وَ كَأَيّن مِن نبَيِ‌ّ قُتِلَ مَعَهُ رِبّيّونَ كَثِيرٌ قَالَ أُلُوفٌ وَ أُلُوفٌ ثُمّ قَالَ إيِ‌ وَ اللّهِ يُقتَلُونَ

بيان قال الطبرسي‌ رحمه الله قرأ أهل البصرة و ابن كثير ونافع قُتِلَ بضم القاف بغير ألف وهي‌ قراءة ابن عباس والباقون قاتَلَبألف وهي‌ قراءة ابن مسعود

20-شي‌،[تفسير العياشي‌] الحُسَينُ بنُ أَبِي العَلَاءِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ وَ ذَكَرَ يَومَ أُحُدٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِص كُسِرَت رَبَاعِيَتُهُ إِنّ النّاسَ وَلّوا مُصعِدِينَ فِي الواَديِ‌ وَ الرّسُولُ يَدعُوهُم فِي أُخرَاهُم فَأَثَابَهُم غَمّاً بِغَمّ ثُمّ أَنزَلَ عَلَيهِمُ النّعَاسَ فَقُلتُ النّعَاسُ مَا هُوَ قَالَ الهَمّ فَلَمّا استَيقَظُوا قَالُوا كَفَرنَا وَ جَاءَ أَبُو سُفيَانَ فَعَلَا فَوقَ الجَبَلِ بِإِلَهِهِ هُبَلَ فَقَالَ اعلُ هُبَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص يَومَئِذٍ اللّهُ أَعلَي وَ أَجَلّ فَكُسِرَت رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللّهِص وَ اشتَكَت لِثَتُهُ وَ قَالَ نَنشُدُكَ يَا رَبّ مَا وعَدَتنَيِ‌ فَإِنّكَ إِن شِئتَ لَم تُعبَد فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا عَلِيّ أَينَ كُنتَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ لَزِقتُ الأَرضَ فَقَالَ ذَاكَ الظّنّ بِكَ فَقَالَ يَا عَلِيّ ائتنِيِ‌ بِمَاءٍ أَغسِل عنَيّ‌ فَأَتَاهُ فِي صَحفَةٍ فَإِذَا رَسُولُ اللّهِص قَد عَافَهُ وَ قَالَ ائتنِيِ‌ فِي يَدِكَ فَأَتَاهُ بِمَاءٍ


صفحه : 92

فِي كَفّهِ فَغَسَلَ رَسُولُ اللّهِص عَن لِحيَتِهِص

بيان النعاس ما هو أي ماسببه قالوا كفرنا أي بما تكلموا في نعاسهم من كلمة الكفر أوبتقصيرهم في إعانة الرسول ص لزقت الأرض أي لم أفر و لم أتحرك عن مكاني‌

21-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن زُرَارَةَ وَ حُمرَانَ وَ مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَحَدِهِمَا عَلَيهِمَا السّلَامُ فِي قَولِهِإِنّمَا استَزَلّهُمُ الشّيطانُ بِبَعضِ ما كَسَبُوافَهُوَ عُقبَةُ بنُ عُثمَانَ وَ عُثمَانُ بنُ سَعدٍ

22-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ لَمّا انهَزَمَ النّاسُ عَنِ النّبِيّص يَومَ أُحُدٍ نَادَي رَسُولُ اللّهِص إِنّ اللّهَ قَد وعَدَنَيِ‌ أَن يظُهرِنَيِ‌ عَلَي الدّينِ كُلّهِ فَقَالَ لَهُ بَعضُ المُنَافِقِينَ وَ سَمّاهُمَا فَقَد هُزِمنَا وَ يَسخَرُ بِنَا

23-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِإِنّمَا استَزَلّهُمُ الشّيطانُ بِبَعضِ ما كَسَبُوا قَالَ هُم أَصحَابُ العَقَبَةِ

بيان لعل المراد بأصحاب العقبة أصحاب الشعب الذين أمرهم رسول الله ص بحفظه أوالأنصار الذين بايعوا في العقبة أوالمعني أن الذين فروا يوم الأحد وقفوا علي العقبة لينفروا ناقة الرسول ص والأول أنسب

24-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِ اللّهِأَ وَ لَمّا أَصابَتكُم مُصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قَالَ كَانَ المُسلِمُونَ قَد أَصَابُوا بِبَدرٍ مِائَةً وَ أَربَعِينَ رَجُلًا قَتَلُوا سَبعِينَ رَجُلًا وَ أَسَرُوا سَبعِينَ فَلَمّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ أُصِيبَ مِنَ المُسلِمِينَ سَبعُونَ رَجُلًا قَالَ فَاغتَمّوا بِذَلِكَ فَأَنزَلَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيأَ وَ لَمّا أَصابَتكُم مُصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها

25-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن سَالِمِ بنِ أَبِي مَريَمَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ


صفحه : 93

رَسُولَ اللّهِص بَعَثَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ فِي عَشَرَةٍاستَجابُوا لِلّهِ وَ الرّسُولِ مِن بَعدِ ما أَصابَهُمُ القَرحُ إِلَيأَجرٌ عَظِيمٌإِنّمَا نَزَلَت فِي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ

26-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] ابنُ فَيّاضٍ فِي شَرحِ الأَخبَارِ مُحَمّدُ بنُ الجُنَيدِ بِإِسنَادِهِ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ قَالَ أَصَابَت عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَومَ أُحُدٍ سِتّ عَشرَةَ ضَربَةً وَ هُوَ بَينَ يدَيَ‌ رَسُولِ اللّهِص يَذُبّ عَنهُ كُلّ ضَربَةٍ يَسقُطُ إِلَي الأَرضِ فَإِذَا سَقَطَ رَفَعَهُ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ

خَصَائِصُ العَلَوِيّةِ،قَيسُ بنُ سَعدٍ عَن أَبِيهِ قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أصَاَبنَيِ‌ يَومَ أُحُدٍ سِتّ عَشرَةَ ضَربَةً سَقَطتُ إِلَي الأَرضِ فِي أَربَعٍ مِنهُنّ فأَتَاَنيِ‌ رَجُلٌ حَسَنُ الوَجهِ حَسَنُ اللّمّةِ طَيّبُ الرّيحِ فَأَخَذَ بضِبَعيِ‌ فأَقَاَمنَيِ‌ ثُمّ قَالَ أَقبِل عَلَيهِم فَإِنّكَ فِي طَاعَةِ اللّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِ اللّهِ وَ هُمَا عَنكَ رَاضِيَانِ قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَأَتَيتُ النّبِيّص فَأَخبَرتُهُ فَقَالَ يَا عَلِيّ أَقَرّ اللّهُ عَينَكَ ذَاكَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ

بيان اللمة بالكسر الشعر يجاوز شحمة الأذن

27-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ الحُسَينِ بنِ حَمزَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ لَمّا رَأَي رَسُولُ اللّهِص مَا صُنِعَ بِحَمزَةَ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ قَالَ أللّهُمّ لَكَ الحَمدُ وَ إِلَيكَ المُشتَكَي وَ أَنتَ المُستَعَانُ عَلَي مَا أَرَي ثُمّ قَالَ لَئِن ظَفِرتُ لَأُمَثّلَنّ وَ لَأُمَثّلَنّ قَالَ فَأَنزَلَ اللّهُوَ إِن عاقَبتُم فَعاقِبُوا بِمِثلِ ما عُوقِبتُم بِهِ وَ لَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصّابِرِينَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَصبِرُ أَصبِرُ

28-عم ،[إعلام الوري ] ثم كانت غزوة أحد علي رأس سنة من بدر ورئيس المشركين


صفحه : 94

يومئذ أبوسفيان بن حرب و كان أصحاب رسول الله ص يومئذ سبعمائة والمشركون ألفين وخرج رسول الله ص بعد أن استشار أصحابه و كان رأيه ص أن يقاتل الرجال علي أفواه السكك ويرمي‌ الضعفاء من فوق البيوت فأبوا إلاالخروج إليهم فلما صار علي الطريق قالوا نرجع فقال ما كان لنبي‌ إذاقصد قوما أن يرجع عنهم وكانوا ألف رجل فلما كانوا في بعض الطريق انخزل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس و قال و الله ماندري‌ علي مانقتل أنفسنا والقوم قومه وهمت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع ثم عصمهم الله جل و عز و هو قوله إِذ هَمّت طائِفَتانِ مِنكُم أَن تَفشَلاالآية. وأصبح رسول الله ص متهيئا للقتال وجعل علي راية المهاجرين عليا عليه السلام و علي راية الأنصار سعد بن عبادة وقعد رسول الله ص في راية الأنصار ثم مرص علي الرماة وكانوا خمسين رجلا وعليهم عبد الله بن جبير فوعظهم وذكرهم و قال اتقوا الله واصبروا و إن رأيتمونا يخطفنا الطير فلاتبرحوا مكانكم حتي أرسل إليكم وأقامهم عندرأس الشعب وكانت الهزيمة علي المشركين وحسهم المسلمون بالسيوف حسا فقال أصحاب عبد الله بن جبير الغنيمة ظهر أصحابكم فما تنتظرون فقال عبد الله أنسيتم قول رسول الله ص أما أنا فلاأبرح موقفي‌ ألذي عهد إلي‌ فيه رسول الله ماعهد فتركوا أمره وعصوه بعد مارأوا مايحبون وأقبلوا علي الغنائم فخرج كمين المشركين عليهم خالد بن الوليد فانتهي إلي عبد الله بن جبير فقتله ثم أتي الناس من أدبارهم ووضع في المسلمين السلاح فانهزموا وصاح إبليس لعنه الله قتل محمد و رسول الله يدعوهم في أخراهم أيها الناس إني‌ رسول الله إن الله قدوعدني‌ النصر فإلي أين الفرار فيسمعون الصوت


صفحه : 95

وَ لَا يَلوُونَ عَلَي شَيءٍ وَ ذَهَبَت صَيحَةُ إِبلِيسَ حَتّي دَخَلَت بُيُوتَ المَدِينَةِ فَصَاحَت فَاطِمَةُ عَلَيهَا السّلَامُ وَ لَم تَبقَ هَاشِمِيّةٌ وَ لَا قُرَشِيّةٌ إِلّا وَضَعَت يَدَهَا عَلَي رَأسِهَا وَ خَرَجَت فَاطِمَةُ عَلَيهَا السّلَامُ تَصرُخُ

قَالَ الصّادِقُ عَلَيهِ السّلَامُانهَزَمَ النّاسُ عَن رَسُولِ اللّهِص فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً وَ كَانَ إِذَا غَضِبَ انحَدَرَ مِن وَجهِهِ وَ جَبهَتِهِ مِثلُ اللّؤلُؤِ مِنَ العَرَقِ فَنَظَرَ فَإِذَا عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي جَنبِهِ فَقَالَ مَا لَكَ لَم تَلحَق ببِنَيِ‌ أَبِيكَ فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَكفُرُ بَعدَ إِيمَانٍ إِنّ لِي بِكَ أُسوَةً فَقَالَ أَمّا لَا فاَكفنِيِ‌ هَؤُلَاءِ فَحَمَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَضَرَبَ أَوّلَ مَن لقَيِ‌َ مِنهُم فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ هَذِهِ لهَيِ‌َ المُوَاسَاةُ يَا مُحَمّدُ قَالَ إِنّهُ منِيّ‌ وَ أَنَا مِنهُ قَالَ جَبرَئِيلُ وَ أَنَا مِنكُمَا. وَ ثَابَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص جَمَاعَةٌ مِن أَصحَابِهِ وَ أُصِيبَ مِنَ المُسلِمِينَ سَبعُونَ رَجُلًا مِنهُم أَربَعَةٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ حَمزَةُ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ جَحشٍ وَ مُصعَبُ بنُ عُمَيرٍ وَ شَمّاسُ بنُ عُثمَانَ بنِ الشّرِيدِ وَ البَاقُونَ مِنَ الأَنصَارِ. قَالَ وَ أَقبَلَ يَومَئِذٍ أُبَيّ بنُ خَلَفٍ وَ هُوَ عَلَي فَرَسٍ لَهُ وَ هُوَ يَقُولُ هَذَا ابنُ أَبِي كَبشَةَ بُؤ بِذَنبِكَ لَا نَجَوتُ إِن نَجَوتَ وَ رَسُولُ اللّهِص بَينَ الحَارِثِ بنِ الصّمّةِ وَ سَهلِ بنِ حُنَيفٍ يَعتَمِدُ عَلَيهِمَا فَحَمَلَ عَلَيهِ فَوَقَاهُ مُصعَبُ بنُ عُمَيرٍ بِنَفسِهِ فَطَعَنَ مُصعَباً فَقَتَلَهُ فَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِص عَنَزَةً كَانَت فِي يَدِ سَهلِ بنِ حُنَيفٍ ثُمّ طَعَنَ أُبَيّاً فِي جِرِبّانِ الدّرعِ فَاعتَنَقَ فَرَسُهُ فَانتَهَي إِلَي عَسكَرِهِ وَ هُوَ يَخُورُ خُوَارَ الثّورِ فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ وَيلَكَ مَا أَجزَعَكَ إِنّمَا هُوَ خَدشٌ لَيسَ بشِيَ‌ءٍ فَقَالَ وَيلَكَ يَا ابنَ حَربٍ أَ تدَريِ‌ مَن طعَنَنَيِ‌ إِنّمَا طعَنَنَيِ‌ مُحَمّدٌ وَ هُوَ قَالَ لِي بِمَكّةَ إنِيّ‌ سَأَقتُلُكَ فَعَلِمتُ أَنّهُ قاَتلِيِ‌ وَ اللّهِ لَو أَنّ مَا بيِ‌ كَانَ بِجَمِيعِ أَهلِ الحِجَازِ لَقَضَت عَلَيهِم فَلَم يَزَل يَخُورُ المَلعُونُ حَتّي صَارَ إِلَي النّارِ. وَ فِي كِتَابِ أَبَانِ بنِ عُثمَانَ أَنّهُ لَمّا انتَهَت فَاطِمَةُ عَلَيهَا السّلَامُ وَ صَفِيّةُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ نَظَرَتَا إِلَيهِ قَالَ لعِلَيِ‌ّ عَلَيهِ السّلَامُ أَمّا عمَتّيِ‌ فَاحبِسهَا عنَيّ‌ وَ أَمّا فَاطِمَةُ


صفحه : 96

فَدَعهَا فَلَمّا دَنَت فَاطِمَةُ عَلَيهَا السّلَامُ مِن رَسُولِ اللّهِص وَ رَأَتهُ قَد شُجّ فِي وَجهِهِ وَ أدُميِ‌َ فُوهُ إِدمَاءً صَاحَت وَ جَعَلَت تَمسَحُ الدّمَ وَ تَقُولُ اشتَدّ غَضَبُ اللّهِ عَلَي مَن أَدمَي وَجهَ رَسُولِ اللّهِ وَ كَانَ يَتَنَاوَلُ فِي يَدِهِ رَسُولُ اللّهِص مَا يَسِيلُ مِنَ الدّمِ فَيَرمِيهِ فِي الهَوَاءِ فَلَا يَتَرَاجَعُ مِنهُ شَيءٌ.

قَالَ الصّادِقُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ اللّهِ لَو سَقَطَ مِنهُ شَيءٌ عَلَي الأَرضِ لَنَزَلَ العَذَابُ. قَالَ أَبَانُ بنُ عُثمَانَ حدَثّنَيِ‌ بِذَلِكَ عَنهُ الصّبّاحُ بنُ سَيَابَةَ قَالَ قُلتُ كُسِرَت رَبَاعِيَتُهُ كَمَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ قَالَ لَا وَ اللّهِ مَا قَبَضَهُ اللّهُ إِلّا سَلِيماً وَ لَكِنّهُ شُجّ فِي وَجهِهِ قُلتُ فَالغَارُ فِي أُحُدٍ ألّذِي يَزعُمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص صَارَ إِلَيهِ قَالَ وَ اللّهِ مَا بَرِحَ مَكَانَهُ وَ قِيلَ لَهُ أَ لَا تَدعُو عَلَيهِم قَالَ أللّهُمّ اهدِ قوَميِ‌. وَ رَمَي رَسُولُ اللّهِص ابنَ قَمِيئَةَ بِقَذّافَةٍ فَأَصَابَ كَفّهُ حَتّي نَدَرَ السّيفُ مِن يَدِهِ وَ قَالَ خُذهَا منِيّ‌ وَ أَنَا ابنُ قَمِيئَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَذَلّكَ اللّهُ وَ أَقمَأَكَ وَ ضَرَبَهُ عُتبَةُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ بِالسّيفِ حَتّي أَدمَي فَاهُ وَ رَمَاهُ عَبدُ اللّهِ بنُ شِهَابٍ بِقُلَاعَةٍ فَأَصَابَ مِرفَقَهُ وَ لَيسَ أَحَدٌ مِن هَؤُلَاءِ مَاتَ مِيتَةً سَوِيّةً فَأَمّا ابنُ قَمِيئَةَ فَأَتَاهُ تَيسٌ وَ هُوَ نَائِمٌ بِنَجدٍ فَوَضَعَ قَرنَهُ فِي مَرَاقّهِ ثُمّ دَعَسَهُ فَجَعَلَ ينُاَديِ‌ وَا ذُلّاه حَتّي أَخرَجَ قَرنَيهِ مِن تَرقُوَتِهِ. وَ كَانَ وحَشيِ‌ّ يَقُولُ قَالَ لِي جُبَيرُ بنُ مَطعَمٍ وَ كُنتُ عَبداً لَهُ إِنّ عَلِيّاً قَتَلَ عمَيّ‌ يَومَ بَدرٍ يعَنيِ‌ طُعَيمَةَ فَإِن قَتَلتَ مُحَمّداً فَأَنتَ حُرّ وَ إِن قَتَلتَ عَمّ مُحَمّدٍ فَأَنتَ حُرّ وَ إِن قَتَلتَ ابنَ عَمّ مُحَمّدٍ فَأَنتَ حُرّ فَخَرَجتُ بِحَربَةٍ لِي مَعَ قُرَيشٍ إِلَي أُحُدٍ أُرِيدُ العِتقَ


صفحه : 97

لَا أُرِيدُ غَيرَهُ وَ لَا أَطمَعُ فِي مُحَمّدٍ وَ قُلتُ لعَلَيّ‌ أُصِيبُ مِن عَلِيّ أَو حَمزَةَ غِرّةً فَأَزرُقَهُ وَ كُنتُ لَا أُخطِئُ فِي رمَي‌ِ الحِرَابِ تَعَلّمتُهُ مِنَ الحَبَشَةِ فِي أَرضِهَا وَ كَانَ حَمزَةُ يَحمِلُ حَمَلَاتِهِ ثُمّ يَرجِعُ إِلَي مَوقِفِهِ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ وَ زَرَقَهُ وحَشيِ‌ّ فَوقَ الثدّي‌ِ فَسَقَطَ وَ شَدّوا عَلَيهِ فَقَتَلُوهُ فَأَخَذَ وحَشيِ‌ّ الكَبِدَ فَشَدّ بِهَا إِلَي هِندٍ بِنتِ عُتبَةَ فَأَخَذَتهَا فَطَرَحَتهَا فِي فِيهَا فَصَارَت مِثلَ الدّاغِصَةِ فَلَفَظَتهَا. قَالَ وَ كَانَ الحُلَيسُ بنُ عَلقَمَةَ نَظَرَ إِلَي أَبِي سُفيَانَ وَ هُوَ عَلَي فَرَسٍ وَ بِيَدِهِ رُمحٌ يَجَأُ بِهِ فِي شِدقِ حَمزَةَ فَقَالَ يَا مَعشَرَ بنَيِ‌ كِنَانَةَ انظُرُوا إِلَي مَن يَزعُمُ أَنّهُ سَيّدُ قُرَيشٍ مَا يَصنَعُ بِابنِ عَمّهِ ألّذِي قَد صَارَ لَحماً وَ أَبُو سُفيَانَ يَقُولُ ذُق عُقَقُ فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ صَدَقتَ إِنّمَا كَانَت منِيّ‌ زَلّةٌ اكتُمهَا عَلَيّ. قَالَ وَ قَالَ أَبُو سُفيَانَ فَنَادَي بَعضُ المُسلِمِينَ أَ حيَ‌ّ ابنُ أَبِي كَبشَةَ فَأَمّا ابنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَد رَأَينَاهُ مَكَانَهُ فَقَالَ عَلِيّ إيِ‌ وَ ألّذِي بَعَثَهُ بِالحَقّ إِنّهُ لَيَسمَعُ كَلَامَكَ قَالَ إِنّهُ قَد كَانَت فِي قَتلَاكُم مُثلَةٌ وَ اللّهِ مَا أَمَرتَ وَ لَا نَهَيتَ إِنّ مِيعَادَنَا بَينَنَا وَ بَينَكُم مَوسِمُ بَدرٍ فِي قَابِلِ هَذَا الشّهرِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص قُل نَعَم فَقَالَ نَعَم فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ لعِلَيِ‌ّ إِنّ ابنَ قَمِيئَةَ أخَبرَنَيِ‌ أَنّهُ قَتَلَ مُحَمّداً وَ أَنتَ أَصدَقُ عنِديِ‌ مِنهُ وَ أَبَرّ ثُمّ وَلّي إِلَي أَصحَابِهِ وَ قَالَ اتّخِذُوا اللّيلَ جَمَلًا وَ انصَرِفُوا. ثُمّ دَعَا رَسُولُ اللّهِص عَلِيّاً فَقَالَ اتّبِعهُم فَانظُر أَينَ يُرِيدُونَ فَإِن كَانُوا رَكِبُوا الخَيلَ وَ سَاقُوا الإِبِلَ فَإِنّهُم يُرِيدُونَ المَدِينَةَ وَ إِن كَانُوا رَكِبُوا الإِبِلَ وَ سَاقُوا الخَيلَ فَهُم مُتَوَجّهُونَ إِلَي مَكّةَ. وَ قِيلَ إِنّهُ بَعَثَ لِذَلِكَ سَعدَ بنَ أَبِي وَقّاصٍ.فَرَجَعَ فَقَالَ رَأَيتُ خَيلَهُم تَضرِبُ بِأَذنَابِهَا مَجنُوبَةً مُدبِرَةً وَ رَأَيتُ القَومَ قَد تَجَمّلُوا سَائِرِينَ فَطَابَت أَنفُسُ المُسلِمِينَ بِذَهَابِ العَدُوّ فَانتَشَرُوا يَتَتَبّعُونَ قَتلَاهُم فَلَم يَجِدُوا قَتِيلًا إِلّا وَ قَد مَثّلُوا بِهِ إِلّا حَنظَلَةَ بنَ أَبِي عَامِرٍ كَانَ أَبُوهُ مَعَ المُشرِكِينَ فَتُرِكَ لَهُ وَ وَجَدُوا حَمزَةَ قَد شُقّ بَطنُهُ وَ جُدِعَ أَنفُهُ وَ قُطِعَت أُذُنَاهُ وَ أُخِذَ كَبِدُهُ


صفحه : 98

فَلَمّا انتَهَي إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِص خَنَقَتهُ العِبرَةُ وَ قَالَ لَأُمَثّلَنّ بِسَبعِينَ مِن قُرَيشٍ فَأَنزَلَ اللّهُ سُبحَانَهُوَ إِن عاقَبتُم فَعاقِبُوا بِمِثلِ ما عُوقِبتُم بِهِالآيَةَ فَقَالَ بَل أَصبِرُ وَ قَالَ مَن ذَلِكَ الرّجُلُ ألّذِي تُغَسّلُهُ المَلَائِكَةُ فِي سَفحِ الجَبَلِ فَسَأَلُوا امرَأَتَهُ فَقَالَت إِنّهُ خَرَجَ وَ هُوَ جُنُبٌ وَ هُوَ حَنظَلَةُ بنُ أَبِي عَامِرٍ الغَسِيلُ.

قَالَ أَبَانٌ وَ حدَثّنَيِ‌ أَبُو بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ ذُكِرَ لِرَسُولِ اللّهِص رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ يُقَالُ لَهُ قُزمَانُ بِحُسنِ مَعُونَتِهِ لِإِخوَانِهِ وَ ذُكُوّهِ فَقَالَص إِنّهُ مِن أَهلِ النّارِ فأَتُيِ‌َ رَسُولَ اللّهِص وَ قِيلَ إِنّ قُزمَانَ استُشهِدَ فَقَالَ يَفعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ ثُمّ أتُيِ‌َ فَقِيلَ إِنّهُ قَتَلَ نَفسَهُ فَقَالَ أَشهَدُ أنَيّ‌ رَسُولُ اللّهِ قَالَ وَ كَانَ قُزمَانُ قَاتَلَ قِتَالًا شَدِيداً وَ قَتَلَ مِنَ المُشرِكِينَ سِتّةً أَو سَبعَةً فَأَثبَتَتهُ الجِرَاحُ فَاحتَمَلَ إِلَي دُورِ بنَيِ‌ ظَفَرٍ فَقَالَ لَهُ المُسلِمُونَ أَبشِر يَا قُزمَانُ فَقَد أَبلَيتَ اليَومَ فَقَالَ بِمَ تُبَشّرُونِ فَوَ اللّهِ مَا قَاتَلتُ إِلّا عَن أَحسَابِ قوَميِ‌ وَ لَو لَا ذَلِكَ مَا قَاتَلتُ فَلَمّا اشتَدّت عَلَيهِ الجِرَاحَةُ جَاءَ إِلَي كِنَانَتِهِ فَأَخَذَ مِنهَا مِشقَصاً فَقَتَلَ بِهِ نَفسَهُ.

قَالَ وَ كَانَتِ امرَأَةٌ مِن بنَيِ‌ النّجّارِ قُتِلَ أَبُوهَا وَ زَوجُهَا وَ أَخُوهَا مَعَ رَسُولِ اللّهِص فَدَنَت مِن رَسُولِ اللّهِص وَ المُسلِمُونَ قِيَامٌ عَلَي رَأسِهِ فَقَالَ لِرَجُلٍ أَ حيَ‌ّ رَسُولُ اللّهِ قَالَ نَعَم قَالَت أَستَطِيعُ أَن أَنظُرَ إِلَيهِ قَالَ نَعَم فَأَوسَعُوا لَهَا فَدَنَت مِنهُ وَ قَالَت كُلّ مُصِيبَةٍ جَلَلٌ بَعدَكَ ثُمّ انصَرَفَت. قَالَ وَ انصَرَفَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَدِينَةِ حِينَ دُفِنَ القَتلَي فَمَرّ بِدُورِ بنَيِ‌ الأَشهَلِ وَ بنَيِ‌ ظَفَرٍ فَسَمِعَ بُكَاءَ النّوَائِحِ عَلَي قَتلَاهُنّ فَتَرَقرَقَت عَينَا رَسُولِ اللّهِص وَ بَكَي ثُمّ قَالَ لَكِنّ حَمزَةَ لَا بوَاَكيِ‌َ لَهُ اليَومَ فَلَمّا سَمِعَهَا سَعدُ بنُ مُعَاذٍ


صفحه : 99

وَ أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ قَالَا لَا تَبكِيَنّ امرَأَةٌ حَمِيمَهَا حَتّي تأَتيِ‌َ فَاطِمَةَ عَلَيهَا السّلَامُ فَتُسعِدَهَا فَلَمّا سَمِعَ رَسُولُ اللّهِص الوَاعِيَةَ عَلَي حَمزَةَ وَ هُوَ عِندَ فَاطِمَةَ عَلَيهَا السّلَامُ عَلَي بَابِ المَسجِدِ قَالَ ارجِعنَ رَحِمَكُنّ اللّهُ فَقَد آسَيتُنّ بِأَنفُسِكُنّ.

ثم كانت غزوة حمراء الأسد

قَالَ أَبَانُ بنُ عُثمَانَ لَمّا كَانَ مِنَ الغَدِ مِن يَومِ أُحُدٍ نَادَي رَسُولُ اللّهِص فِي المُسلِمِينَ فَأَجَابُوهُ فَخَرَجُوا عَلَي عِلّتِهِم وَ عَلَي مَا أَصَابَهُم مِنَ القَرحِ وَ قَدّمَ عَلِيّاً بَينَ يَدَيهِ بِرَايَةِ المُهَاجِرِينَ حَتّي انتَهَي إِلَي حَمرَاءِ الأَسَدِ ثُمّ رَجَعَ إِلَي المَدِينَةِ فَهُمُالّذِينَ استَجابُوا لِلّهِ وَ الرّسُولِ مِن بَعدِ ما أَصابَهُمُ القَرحُ وَ خَرَجَ أَبُو سُفيَانَ حَتّي انتَهَي إِلَي الرّوحَاءِ فَأَقَامَ بِهَا وَ هُوَ يَهُمّ بِالرّجعَةِ عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ يَقُولُ قَد قَتَلنَا صَنَادِيدَ القَومِ فَلَو رَجَعنَا استَأصَلنَاهُم فلَقَيِ‌َ مَعبَداً الخزُاَعيِ‌ّ فَقَالَ مَا وَرَاءَكَ يَا مَعبَدُ قَالَ قَد وَ اللّهِ تَرَكتُ مُحَمّداً وَ أَصحَابَهُ وَ هُم يُحرِقُونَ عَلَيكُم وَ هَذَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ قَد أَقبَلَ عَلَي مُقَدّمَتِهِ فِي النّاسِ وَ قَدِ اجتَمَعَ مَعَهُ مَن كَانَ تَخَلّفَ عَنهُ وَ قَد دعَاَنيِ‌ ذَلِكَ إِلَي أَن قُلتُ شِعراً قَالَ أَبُو سُفيَانَ وَ مَا ذَا قُلتَ قَالَ قُلتُ.


كَانَت تَهُدّ مِنَ الأَصوَاتِ راَحلِتَيِ‌.   إِذ سَالَتِ الأَرضُ بِالجُردِ الأَبَابِيلِ.

ترُديِ‌ بِأُسدٍ كِرَامٍ لَا تَنَابِلَةٍ.   عِندَ اللّقَاءِ وَ لَا خُرقٍ مَعَاذِيلِ.

الأَبيَاتَ.فَثَنّي ذَلِكَ أَبَا سُفيَانَ وَ مَن مَعَهُ ثُمّ مَرّ بِهِ رَكبٌ مِن عَبدِ القَيسِ يُرِيدُونَ المِيرَةَ مِنَ المَدِينَةِ فَقَالَ لَهُم أَبلِغُوا مُحَمّداً أنَيّ‌ قَد أَرَدتُ الرّجعَةَ إِلَي أَصحَابِهِ لِأَستَأصِلَهُم وَ أُوقِرَ لَكُم رِكَابَكُم زَبِيباً إِذَا وَافَيتُم عُكَاظَ فَأَبلَغُوا ذَلِكَ إِلَيهِ وَ هُوَ بِحَمرَاءِ الأَسَدِ فَقَالَص وَ المُسلِمُونَ مَعَهُحَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُ. وَ رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَدِينَةِ يَومَ الجُمُعَةِ

.


صفحه : 100

قَالَ وَ لَمّا غَزَا رَسُولُ اللّهِص حَمرَاءَ الأَسَدِ وَثَبَت فَاسِقَةٌ مِن بنَيِ‌ حَطمَةَ يُقَالُ لَهَا العَصمَاءُ أُمّ المُنذِرِ بنِ المُنذِرِ تمَشيِ‌ فِي مَجَالِسِ الأَوسِ وَ الخَزرَجِ وَ تَقُولُ شِعراً تُحَرّضُ عَلَي النّبِيّص وَ لَيسَ فِي بنَيِ‌ حَطمَةَ يَومَئِذٍ مُسلِمٌ إِلّا وَاحِدٌ يُقَالُ لَهُ عُمَيرُ بنُ عدَيِ‌ّ فَلَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص غَدَا عَلَيهَا عُمَيرٌ فَقَتَلَهَا ثُمّ أَتَي رَسُولَ اللّهِص فَقَالَ إنِيّ‌ قَتَلتُ أُمّ المُنذِرِ لِمَا قَالَتهُ مِن هُجرٍ فَضَرَبَ رَسُولُ اللّهِ عَلَي كَتِفِهِ وَ قَالَ هَذَا رَجُلٌ نَصَرَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ بِالغَيبِ أَمَا إِنّهُ لَا يَنتَطِحُ فِيهَا عَنزَانِ. قَالَ عُمَيرُ بنُ عدَيِ‌ّ فَأَصبَحتُ فَمَرَرتُ بِبَنِيهَا وَ هُم يَدفِنُونَهَا فَلَم يَعرِض لِي أَحَدٌ مِنهُم وَ لَم يكُلَمّنيِ‌.

بيان بؤ بذنبك أي اعترف أوارجع به جربان القميص بالضم والتشديد لبته معرب كريبان ويقال ضربه فقضي عليه أي قتله والتأنيث بتأويل الضربة أوالجراحة وندر الشي‌ء كنصر سقط والقذافة بالفتح والتشديد ألذي يرمي به الشي‌ء فيبعد وأقمأه بالهمز صغره وأذله والقلاعة بالضم الحجر أوالمدر يقتلع من الأرض فيرمي به والمراق بتشديد القاف مادق من أسفل البطن ولان والدعس الطعن والمزراق رمح قصير وزرقه به رماه به قوله يجأ به هو من قولهم وجأه بالسكين كوضعه أي ضربه . و قال الجزري‌ فيه إن أباسفيان مر بحمزة قتيلا فقال له ذق عقق أراد ذق القتل ياعاق قومه كماقتلت يوم بدر من قومك يعني‌ كفار قريش وعقق منقول من عاق للمبالغة كغدر من غادر وفسق من فاسق و قال يقال للرجل إذ أسري ليلته جمعاء أوأحياها بصلاة أوغيرها من العبادات اتخذ الليل جملا كأنه ركبه و لم ينم فيه . قوله قدتجملوا أي ركبوا الجمل والإبلاء الإنعام والإحسان والجلل


صفحه : 101

بالتحريك الأمر العظيم والهين و هو من الأضداد والمراد هنا الثاني‌ أي كل مصيبة سهلة هينة بعدسلامتك وبقائك . قوله ص لاينتطح فيهاعنزان أي يذهب هدرا لاينازع في دمها رجلان ضعيفان أيضا لأن النطاح من شأن التيوس والكباش

29-كشف ،[كشف الغمة] قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فِي المغَاَزيِ‌إِنّهُ لَمّا فَرّ النّاسُ يَومَ أُحُدٍ مَا زَالَ النّبِيّص شِبراً وَاحِداً يرَميِ‌ مَرّةً عَن قَوسِهِ وَ مَرّةً بِالحِجَارَةِ وَ صَبَرَ مَعَهُ أَربَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا سَبعَةٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ سَبعَةٌ مِنَ الأَنصَارِ أَبُو بَكرٍ وَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ عَوفٍ وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ وَ طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ وَ أَبُو عُبَيدَةَ بنُ الجَرّاحِ وَ الزّبَيرُ بنُ العَوّامِ وَ مِنَ الأَنصَارِ الحَبّابُ بنُ المُنذِرِ وَ أَبُو دُجَانَةَ وَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ وَ الحَارِثُ بنُ الصّمّةِ وَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ وَ أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ وَ سَعدُ بنُ مُعَاذٍ وَ يُقَالُ ثَبَتَ سَعدُ بنُ عُبَادَةَ وَ مُحَمّدُ بنُ مَسلَمَةَ فَجَعَلُوهُمَا مَكَانَ أُسَيدِ بنِ حُضَيرٍ وَ سَعدِ بنِ مُعَاذٍ وَ بَايَعَهُ يَومَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ عَلَي المَوتِ ثَلَاثَةٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ خَمسَةٌ مِنَ الأَنصَارِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ الزّبَيرُ وَ طَلحَةُ وَ أَبُو دُجَانَةَ وَ الحَارِثُ بنُ الصّمّةِ وَ حُبَابُ بنُ المُنذِرِ وَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ وَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ فَلَم يُقتَل مِنهُم أَحَدٌ وَ أُصِيبَت يَومَئِذٍ عَينُ قَتَادَةَ بنِ النّعمَانِ حَتّي وَقَعَت عَلَي وَجنَتِهِ قَالَ فَجِئتُ


صفحه : 102

إِلَي النّبِيّص وَ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ تحَتيِ‌ امرَأَةً شَابّةً جَمِيلَةً أُحِبّهَا وَ تحُبِنّيِ‌ فَأَنَا أَخشَي أَن تُقَذّرَ مَكَانَ عيَنيِ‌ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللّهِص فَرَدّهَا فَأَبصَرَت وَ عَادَت كَمَا كَانَت لَم تُؤلِمهُ سَاعَةً مِن لَيلٍ أَو نَهَارٍ فَكَانَ يَقُولُ بَعدَ أَن أَسَنّ هيِ‌َ أَقوَي عيَنيِ‌ وَ كَانَت أَحسَنَهُمَا وَ بَاشَرَ النّبِيّص القِتَالَ بِنَفسِهِ وَ رَمَي حَتّي فَنِيَت نَبلُهُ وَ أَصَابَ شَفَتَيهِ وَ رَبَاعِيَتَهُ عُتبَةُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ وَ وَقَعَص فِي حُفرَةٍ وَ ضَرَبَهُ ابنُ قَمِيئَةَ فَلَم يَصنَع سَيفُهُ شَيئاً إِلّا وَهنَ الضّربَةِ بِثِقلِ السّيفِ وَ انتَهَضَ وَ طَلحَةُ تَحمِلُهُ مِن وَرَائِهِ وَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَخَذَ بِيَدَيهِ حَتّي استَوَي قَائِماً

وَ عَن أَبِي بَشِيرٍ الحاَرثِيِ‌ّ حَضَرتُ يَومَ أُحُدٍ وَ أَنَا غُلَامٌ فَرَأَيتُ ابنَ قَمِيئَةَ عَلَا رَسُولَ اللّهِص بِالسّيفِ فَوَقَعَ عَلَي رُكبَتَيهِ فِي حُفرَةٍ أَمَامَهُ حَتّي تَوَارَي فَجَعَلتُ أَصِيحُ وَ أَنَا غُلَامٌ حَتّي رَأَيتُ النّاسَ ثَابُوا إِلَيهِ

وَ يُقَالُ ألّذِي شَجّهُ فِي جَبهَتِهِ ابنُ شِهَابٍ وَ ألّذِي أَشظَي رَبَاعِيَتَهُ وَ أَدمَي شَفَتَهُ عُتبَةُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ وَ ألّذِي أَدمَي وَجنَتَيهِ حَتّي غَابَ الحَلقُ فِي وَجنَتِهِ ابنُ قَمِيئَةَ وَ سَالَ الدّمُ مِن جَبهَتِهِ حَتّي أَخضَلَ لِحيَتَهُ وَ كَانَ سَالِمٌ مَولَي أَبِي حُذَيفَةَ يَغسِلُ الدّمَ عَن وَجهِهِ وَ هُوَ يَقُولُ كَيفَ يُفلِحُ قَومٌ فَعَلُوا هَذَا بِنَبِيّهِم وَ هُوَ يَدعُوهُم إِلَي اللّهِ فَأَنزَلَ اللّهُلَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ أَو يَتُوبَ عَلَيهِمالآيَةَ

وَ ذَكَرَ أَحمَدُ بنُ حَنبَلٍ فِي مُسنَدِهِ عَن أَبِي حَازِمٍ عَن سَهلٍبأِيَ‌ّ شَيءٍ دوُويِ‌َ جُرحُ رَسُولِ اللّهِص قَالَ كَانَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ يجَيِ‌ءُ بِالمَاءِ فِي تُرسِهِ وَ فَاطِمَةُ عَلَيهَا السّلَامُ


صفحه : 103

تَغسِلُ الدّمَ عَن وَجهِهِ وَ أَخَذَ حَصِيراً فَأَحرَقَ وَ حَشَي بِهِ جُرحَهُ

وَ قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ لَقَد رأَيَتنُيِ‌ وَ انفَرَدَت يَومَئِذٍ مِنهُم فِرقَةٌ خَشنَاءُ فِيهَا عِكرِمَةُ بنُ أَبِي جَهلٍ فَدَخَلتُ وَسطَهُم بِالسّيفِ فَضَرَبتُ بِهِ وَ اشتَمَلُوا عَلَيّ حَتّي أَفضَيتُ إِلَي آخِرِهِم ثُمّ كَرّرتُ فِيهِمُ الثّانِيَةَ حَتّي رَجَعتُ مِن حَيثُ جِئتُ وَ لَكِنّ الأَجَلَ استَأخَرَ وَ يقَضيِ‌اللّهُ أَمراً كانَ مَفعُولًا قَالَ وَ كَانَ عُثمَانُ مِنَ الّذِينَ تَوَلّييَومَ التَقَي الجَمعانِ

وَ قَالَ ابنُ أَبِي نَجِيحٍ نَادَي فِي ذَلِكَ اليَومِ مُنَادٍ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ

بيان قال في النهاية التشظي‌ التشعب والتشقق و منه الحديث فانشظت رباعية رسول الله ص أي انكسرت

30-فر،[تفسير فرات بن ابراهيم ] أَبُو القَاسِمِ بنُ حَمّادٍ مُعَنعَناً عَن حُذَيفَةَ اليمَاَنيِ‌ّ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ 


صفحه : 104

أَنّ رَسُولَ اللّهِص أَمَرَ بِالجِهَادِ يَومَ أُحُدٍ فَخَرَجَ النّاسُ سِرَاعاً يَتَمَنّونَ لِقَاءَ عَدُوّهِم وَ بَغَوا فِي مَنطِقِهِم وَ قَالُوا وَ اللّهِ لَئِن لَقِينَا عَدُوّنَا لَا نوُلَيّ‌ حَتّي يُقتَلَ عَن آخِرِنَا رَجُلٌ أَو يَفتَحَ اللّهُ لَنَا قَالَ فَلَمّا أَتَوا إِلَي القَومِ ابتَلَاهُمُ اللّهُ باِلذّيِ‌ كَانَ مِنهُم وَ مِن بَغيِهِم فَلَم يَلبَثُوا إِلّا يَسِيراً حَتّي انهَزَمُوا عَن رَسُولِ اللّهِص إِلّا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ الأنَصاَريِ‌ّ فَلَمّا رَأَي رَسُولُ اللّهِص مَا قَد نَزَلَ بِالنّاسِ مِنَ الهَزِيمَةِ وَ البَلَاءِ رَفَعَ البَيضَةَ عَن رَأسِهِ وَ جَعَلَ ينُاَديِ‌ أَيّهَا النّاسُ أَنَا لَم أَمُت وَ لَم أُقتَل وَ جَعَلَ النّاسُ يَركَبُ بَعضُهُم بَعضاً لَا يَلوُونَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَلَا يَلتَفِتُونَ إِلَيهِ فَلَم يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتّي دَخَلُوا المَدِينَةَ فَلَم يَكتَفُوا بِالهَزِيمَةِ حَتّي قَالَ أَفضَلُهُم رَجُلًا فِي أَنفُسِهِم قُتِلَ رَسُولُ اللّهِص فَلَمّا آيَسَ الرّسُولُ مِنَ القَومِ رَجَعَ إِلَي مَوضِعِهِ ألّذِي كَانَ فِيهِ فَلَم يَرَ إِلّا عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَبَا دُجَانَةَ الأنَصاَريِ‌ّ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا أَبَا دُجَانَةَ ذَهَبَ النّاسُ فَالحَق بِقَومِكَ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا عَلَي هَذَا بَايَعنَاكَ وَ بَايَعنَا اللّهَ وَ لَا عَلَي هَذَا خَرَجنَا يَقُولُ اللّهُ تَعَالَيإِنّ الّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنّما يُبايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوقَ أَيدِيهِم فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا أَبَا دُجَانَةَ أَنتَ فِي حِلّ مِن بَيعَتِكَ فَارجِع فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ يَا رَسُولَ اللّهِ لَا تُحَدّثُ نِسَاءُ الأَنصَارِ فِي الخُدُورِ أنَيّ‌ أَسلَمتُكَ وَ رَغِبتُ بنِفَسيِ‌ عَن نَفسِكَ يَا رَسُولَ اللّهِ لَا خَيرَ فِي العَيشِ بَعدَكَ قَالَ فَلَمّا سَمِعَ رَسُولُ اللّهِص كَلَامَهُ وَ رَغبَتَهُ فِي الجِهَادِ انتَهَي رَسُولُ اللّهِص إِلَي صَخرَةٍ فَاستَتَرَ بِهَا ليِتَقّيِ‌َ بِهَا مِنَ السّهَامِ سِهَامِ المُشرِكِينَ فَلَم يَلبَث أَبُو دُجَانَةَ إِلّا يَسِيراً حَتّي أُثخِنَ جِرَاحَةً فَتَحَامَلَ حَتّي انتَهَي إِلَي رَسُولِ اللّهِص


صفحه : 105

فَجَلَسَ إِلَي جَنبِهِ وَ هُوَ مُثخَنٌ لَا حَرَاكَ بِهِ. قَالَ وَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ لَا يُبَارِزُ فَارِساً وَ لَا رَاجِلًا إِلّا قَتَلَهُ اللّهُ عَلَي يَدَيهِ حَتّي انقَطَعَ سَيفُهُ فَلَمّا انقَطَعَ سَيفُهُ جَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِص انقَطَعَ سيَفيِ‌ وَ لَا سَيفَ لِي فَخَلَعَ رَسُولُ اللّهِص سَيفَهُ ذَا الفَقَارِ فَقَلّدَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ وَ مَشَي إِلَي جَمعِ المُشرِكِينَ فَكَانَ لَا يَبرُزُ لَهُ أَحَدٌ إِلّا قَتَلَهُ فَلَم يَزَل عَلَي ذَلِكَ حَتّي وَهَنَت ذِرَاعُهُ فَعَرَفَ رَسُولُ اللّهِص ذَلِكَ فِيهِ فَنَظَرَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي السّمَاءِ وَ قَالَ أللّهُمّ إِنّ مُحَمّداً عَبدُكَ وَ رَسُولُكَ جَعَلتَ لِكُلّ نبَيِ‌ّ وَزِيراً مِن أَهلِهِ لِتَشُدّ بِهِ عَضُدَهُ وَ تُشرِكَهُ فِي أَمرِهِ وَ جَعَلتَ لِي وَزِيراً مِن أهَليِ‌ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ أخَيِ‌ فَنِعمَ الأَخُ وَ نِعمَ الوَزِيرُ أللّهُمّ وعَدَتنَيِ‌ أَن تمُدِنّيِ‌ بِأَربَعَةِ آلَافٍمِنَ المَلائِكَةِ مُردِفِينَ أللّهُمّ وَعدَكَ وَعدَكَإِنّكَ لا تُخلِفُ المِيعادَوعَدَتنَيِ‌ أَن تُظهِرَ دِينَكَعَلَي الدّينِ كُلّهِ وَ لَو كَرِهَ المُشرِكُونَ. قَالَ فَبَينَمَا رَسُولُ اللّهِص يَدعُو رَبّهُ وَ يَتَضَرّعُ إِلَيهِ إِذ سَمِعَ دَوِيّاً مِنَ السّمَاءِ فَرَفَعَ رَأسَهُ فَإِذَا جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي كرُسيِ‌ّ مِن ذَهَبٍ وَ مَعَهُ أَربَعَةُ آلَافٍمِنَ المَلائِكَةِ مُردِفِينَ وَ هُوَ يَقُولُ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ وَ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ.فَهَبَطَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي الصّخرَةِ وَ حَفّتِ المَلَائِكَةُ بِرَسُولِ اللّهِص فَسَلّمُوا عَلَيهِ فَقَالَ جَبرَئِيلُص يَا رَسُولَ اللّهِ باِلذّيِ‌ أَكرَمَكَ بِالهُدَي لَقَد عَجِبَتِ المَلَائِكَةُ المُقَرّبُونَ لِمُوَاسَاةِ هَذَا الرّجُلِ لَكَ بِنَفسِهِ فَقَالَ يَا جَبرَئِيلُ وَ مَا يَمنَعُهُ يوُاَسيِنيِ‌ بِنَفسِهِ وَ هُوَ منِيّ‌ وَ أَنَا مِنهُ فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَنَا مِنكُمَا حَتّي قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمّ حَمَلَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ حَمَلَ جَبرَئِيلُ وَ المَلَائِكَةُ ثُمّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي هَزَمَ جَمعَ المُشرِكِينَ وَ تَشَتّتَ أَمرُهُم فَمَضَي رَسُولُ اللّهِص وَ عَلِيّ بنُ أَبِي


صفحه : 106

طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ بَينَ يَدَيهِ وَ مَعَهُ اللّوَاءُ قَد خَضَبَهُ بِالدّمِ وَ أَبُو دُجَانَةَ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ خَلفَهُ فَلَمّا أَشرَفَ عَلَي المَدِينَةِ فَإِذَا نِسَاءُ الأَنصَارِ يَبكِينَ رَسُولَ اللّهِص فَلَمّا نَظَرُوا إِلَي رَسُولِ اللّهِص استَقبَلَهُ أَهلُ المَدِينَةِ بِأَجمَعِهِم وَ مَالَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَسجِدِ وَ نَظَرَ إِلَي النّاسِ فَتَضَرّعُوا إِلَي اللّهِ وَ إِلَي رَسُولِهِ وَ أَقَرّوا بِالذّنبِ وَ طَلَبُوا التّوبَةَ فَأَنزَلَ اللّهُ فِيهِم قُرآناً يَعِيبُهُم باِلبغَي‌ِ ألّذِي كَانَ مِنهُم وَ ذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَيوَ لَقَد كُنتُم تَمَنّونَ المَوتَ مِن قَبلِ أَن تَلقَوهُ فَقَد رَأَيتُمُوهُ وَ أَنتُم تَنظُرُونَ يَقُولُ قَد عَايَنتُمُ المَوتَ وَ العَدُوّ فَلِمَ نَقَضتُمُ العَهدَ وَ جَزِعتُم مِنَ المَوتِ وَ قَد عَاهَدتُمُ اللّهَ أَن لَا تَنهَزِمُوا حَتّي قَالَ بَعضُكُم قُتِلَ مُحَمّدٌ فَأَنزَلَ اللّهُ تَعَالَيوَ ما مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرّسُلُ إِلَي قَولِهِوَ سيَجَزيِ‌ اللّهُ الشّاكِرِينَيعَنيِ‌ عَلِيّاً وَ أَبَا دُجَانَةَ. ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَيّهَا النّاسُ إِنّكُم رَغِبتُم بِأَنفُسِكُم عنَيّ‌ وَ واَزرَنَيِ‌ عَلِيّ وَ واَساَنيِ‌ فَمَن أَطَاعَهُ فَقَد أطَاَعنَيِ‌ وَ مَن عَصَاهُ فَقَد عصَاَنيِ‌ وَ فاَرقَنَيِ‌ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ قَالَ فَقَالَ حُذَيفَةُ لَيسَ ينَبغَيِ‌ لِأَحَدٍ يَعقِلُ أَن يَشُكّ فَمَن لَم يُشرِك بِاللّهِ إِنّهُ أَفضَلُ مِمّن أَشرَكَ بِهِ وَ مَن لَم يَنهَزِم عَن رَسُولِ اللّهِص أَفضَلُ مِمّنِ انهَزَمَ وَ إِنّ السّابِقَ إِلَي الإِيمَانِ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ أَفضَلُ وَ هُوَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ

فر،[تفسير فرات بن ابراهيم ] الحُسَينُ بنُ سَعِيدٍ مُعَنعَناً عَن حُذَيفَةَ مِثلَهُ

31-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّ رَسُولَ اللّهِص كَفّنَ حَمزَةَ بِثِيَابِهِ وَ لَم يَغسِلهُ وَ لَكِنّهُ صَلّي عَلَيهِ


صفحه : 107

32-يب ،[تهذيب الأحكام ]المُفِيدُ عَنِ ابنِ قُولَوَيهِ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن حَمّادٍ عَن حَرِيزٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ جَابِرٍ وَ زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ دَفَنَ رَسُولُ اللّهِص عَمّهُ حَمزَةَ فِي ثِيَابِهِ بِدِمَائِهِ التّيِ‌ أُصِيبَ فِيهَا وَ زَادَهُ النّبِيّص بُرداً فَقَصُرَ عَن رِجلَيهِ فَدَعَا لَهُ بِإِذخِرٍ فَطَرَحَهُ عَلَيهِ وَ صَلّي عَلَيهِ سَبعِينَ صَلَاةً وَ كَبّرَ عَلَيهِ سَبعِينَ تَكبِيرَةً

33-كا،[الكافي‌]حُمَيدُ بنُ زِيَادٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدٍ الكنِديِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ الميِثمَيِ‌ّ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن نُعمَانَ الراّزيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ انهَزَمَ النّاسُ يَومَ أُحُدٍ عَن رَسُولِ اللّهِص فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً قَالَ وَ كَانَ إِذَا غَضِبَ انحَدَرَ عَن جَبِينَيهِ مِثلُ اللّؤلُؤِ مِنَ العَرَقِ قَالَ فَنَظَرَ فَإِذَا عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي جَنبِهِ فَقَالَ لَهُ الحَق ببِنَيِ‌ أَبِيكَ مَعَ مَنِ انهَزَمَ عَن رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ لِي بِكَ أُسوَةٌ قَالَ فاَكفنِيِ‌ هَؤُلَاءِ فَحَمَلَ فَضَرَبَ أَوّلَ مَن لقَيِ‌َ مِنهُم فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّ هَذِهِ لهَيِ‌َ المُوَاسَاةُ يَا مُحَمّدُ فَقَالَ إِنّهُ منِيّ‌ وَ أَنَا مِنهُ فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَنَا مِنكُمَا يَا مُحَمّدُ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فَنَظَرَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي كرُسيِ‌ّ مِن ذَهَبٍ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ هُوَ يَقُولُ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ

34-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَنِ ابنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَنِ الحُسَينِ بنِ أَبِي العَلَاءِ الخَفّافِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ لَمّا انهَزَمَ النّاسُ يَومَ أُحُدٍ عَنِ النّبِيّص انصَرَفَ إِلَيهِم بِوَجهِهِ وَ هُوَ يَقُولُ أَنَا مُحَمّدٌ أَنَا رَسُولُ اللّهِ لَم أُقتَل وَ لَم أَمُت فَالتَفَتَ إِلَيهِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَقَالَا الآنَ يَسخَرُ بِنَا أَيضاً وَ قَد هُزِمنَا وَ بقَيِ‌َ مَعَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ رَحِمَهُ اللّهُ فَدَعَاهُ النّبِيّص فَقَالَ يَا بَا دُجَانَةَ انصَرِف


صفحه : 108

وَ أَنتَ فِي حِلّ مِن بَيعَتِكَ فَأَمّا عَلِيّ فَهُوَ أَنَا وَ أَنَا هُوَ فَتَحَوّلَ وَ جَلَسَ بَينَ يدَيَ‌ِ النّبِيّص وَ بَكَي وَ قَالَ لَا وَ اللّهِ وَ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ وَ قَالَ لَا وَ اللّهِ لَا جَعَلتُ نفَسيِ‌ فِي حِلّ مِن بيَعتَيِ‌ إنِيّ‌ بَايَعتُكَ فَإِلَي مَن أَنصَرِفُ يَا رَسُولَ اللّهِ إِلَي زَوجَةٍ تَمُوتُ أَو وَلَدٍ يَمُوتُ أَو دَارٍ تَخرَبُ وَ مَالٍ يَفنَي وَ أَجَلٍ قَدِ اقتَرَبَ فَرَقّ لَهُ النّبِيّص فَلَم يَزَل يُقَاتِلُ حَتّي أَثخَنَتهُ الجِرَاحَةُ وَ هُوَ فِي وَجهٍ وَ عَلِيّ فِي وَجهٍ فَلَمّا أُسقِطَ احتَمَلَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَجَاءَ بِهِ إِلَي النّبِيّص فَوَضَعَهُ عِندَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ وَفَيتُ ببِيَعتَيِ‌ قَالَ نَعَم وَ قَالَ لَهُ النّبِيّص خَيراً وَ كَانَ النّاسُ يَحمِلُونَ عَلَي النّبِيّص المَيمَنَةَ فَيَكشِفُهُم عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَإِذَا كَشَفَهُم أَقبَلَتِ المَيسَرَةُ إِلَي النّبِيّص فَلَم يَزَل كَذَلِكَ حَتّي تَقَطّعَ سَيفُهُ بِثَلَاثِ قِطَعٍ فَجَاءَ إِلَي النّبِيّص فَطَرَحَهُ بَينَ يَدَيهِ وَ قَالَ هَذَا سيَفيِ‌ قَد تَقَطّعَ فَيَومَئِذٍ أَعطَاهُ النّبِيّص ذَا الفَقَارِ فَلَمّا رَأَي النّبِيّص اختِلَاجَ سَاقَيهِ مِن كَثرَةِ القِتَالِ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ وَ هُوَ يبَكيِ‌ وَ قَالَ يَا رَبّ وعَدَتنَيِ‌ أَن تُظهِرَ دِينَكَ وَ إِن شِئتَ لَم يُعيِكَ فَأَقبَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَسمَعُ دَوِيّاً شَدِيداً وَ أَسمَعُ أَقدِم حَيزُومُ وَ مَا أَهُمّ أَضرِبُ أَحَداً إِلّا سَقَطَ مَيّتاً قَبلَ أَن أَضرِبَهُ فَقَالَ هَذَا جَبرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسرَافِيلُ وَ المَلَائِكَةُ ثُمّ جَاءَ جَبرَئِيلُ فَوَقَفَ إِلَي جَنبِ رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ هَذِهِ هيِ‌َ المُوَاسَاةُ فَقَالَ إِنّ عَلِيّاً منِيّ‌ وَ أَنَا مِنهُ فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَنَا مِنكُمَا ثُمّ انهَزَمَ النّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لعِلَيِ‌ّ عَلَيهِ السّلَامُ يَا عَلِيّ امضِ بِسَيفِكَ حَتّي تُعَارِضَهُم فَإِن رَأَيتَهُم قَد رَكِبُوا القِلَاصَ وَ جَنَبُوا الخَيلَ فَإِنّهُم يُرِيدُونَ مَكّةَ وَ إِن رَأَيتَهُم قَد رَكِبُوا الخَيلَ وَ هُم يَجنُبُونَ القِلَاصَ فَإِنّهُم يُرِيدُونَ المَدِينَةَ فَأَتَاهُم عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَكَانُوا عَلَي القِلَاصِ فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ لعِلَيِ‌ّ عَلَيهِ السّلَامُ يَا عَلِيّ مَا تُرِيدُ هُوَ ذَا نَحنُ ذَاهِبُونَ إِلَي مَكّةَ فَانصَرِف إِلَي صَاحِبِكَ فَأَتبَعَهُم جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ فَكُلّمَا سَمِعُوا.


صفحه : 109

وَقعَ حَوَافِرِ فَرَسِهِ جَدّوا فِي السّيرِ وَ كَانَ يَتلُوهُم فَإِذَا ارتَحَلُوا قَالَ هُوَ ذَا عَسكَرُ مُحَمّدٍ قَد أَقبَلَ فَدَخَلَ أَبُو سُفيَانَ مَكّةَ فَأَخبَرَهُمُ الخَبَرَ وَ جَاءَ الرّعَاةُ وَ الحَطّابُونَ فَدَخَلُوا مَكّةَ فَقَالُوا رَأَينَا عَسكَرَ مُحَمّدٍ كُلّمَا رَحَلَ أَبُو سُفيَانَ نَزَلُوا يَقدُمُهُم فَارِسٌ عَلَي أَشقَرَ يَطلُبُ آثَارَهُم فَأَقبَلَ أَهلُ مَكّةَ عَلَي أَبِي سُفيَانَ يُوَبّخُونَهُ وَ رَحَلَ النّبِيّص وَ الرّايَةُ مَعَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ هُوَ بَينَ يَدَيهِ فَلَمّا أَن أَشرَفَ بِالرّايَةِ مِنَ العَقَبَةِ وَ رَآهُ النّاسُ نَادَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَيّهَا النّاسُ هَذَا مُحَمّدٌ لَم يَمُت وَ لَم يُقتَل فَقَالَ صَاحِبُ الكَلَامِ ألّذِي قَالَ الآنَ يَسخَرُ بِنَا وَ قَد هُزِمنَا هَذَا عَلِيّ وَ الرّايَةُ بِيَدِهِ حَتّي هَجَمَ عَلَيهِمُ النّبِيّص وَ نِسَاءُ الأَنصَارِ فِي أَفنِيَتِهِم عَلَي أَبوَابِ دُورِهِم وَ خَرَجَ الرّجَالُ إِلَيهِ يَلُوذُونَ بِهِ وَ يَثُوبُونَ إِلَيهِ وَ النّسَاءُ نِسَاءُ الأَنصَارِ قَد خَدَشنَ الوُجُوهَ وَ نَشَرنَ الشّعُورَ وَ جَزَزنَ النوّاَصيِ‌َ وَ خَرَقنَ الجُيُوبَ وَ حَزَمنَ البُطُونَ عَلَي النّبِيّص فَلَمّا رَأَينَهُ قَالَ لَهُنّ خَيراً وَ أَمَرَهُنّ أَن يَتَسَتّرنَ وَ يَدخُلنَ مَنَازِلَهُنّ وَ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وعَدَنَيِ‌ أَن يُظهِرَ دِينَهُ عَلَي الأَديَانِ كُلّهَا وَ أَنزَلَ اللّهُ عَلَي مُحَمّدٍص وَ ما مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرّسُلُ أَ فَإِن ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلي أَعقابِكُم وَ مَن يَنقَلِب عَلي عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرّ اللّهَ شَيئاًالآيَةَ

بيان قوله أثخنته الجراحة أي أوهنته وأثرت فيه . قوله فلما أسقط هذا لايدل علي أنه قتل في تلك الوقعة فلاينافي‌ ما هوالمشهور بين أرباب السير والأخبار أنه بقي‌ بعد النبي ص فقيل إنه قتل


صفحه : 110

باليمامة وقيل شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام بعض غزواته كماذكر في الاستيعاب والأول أشهر. قوله عليه السلام لم يعيك أي لايشكل عليك و لاتعجز عنه . و قال الجزري‌ في حديث بدر أقدم حيزوم جاء في التفسير أنه اسم فرس جبرئيل أراد أقدم ياحيزوم فحذف حرف النداء. قوله فإذاارتحلوا قال القائل إما جبرئيل أو أبوسفيان قوله فقالوا رأينا إنما قالوا ذلك لمارأوا من عسكر الملائكة المتمثلين بصور المسلمين و كان تعيير أهل مكة لأبي‌ سفيان لهربهم عن ذلك العسكر. قوله هذا علي لعل مراده تصديق كلامه الأول أي أتي علي و لم يأت النبي ص فلو كان حيا لأتي قوله عليه السلام ويثوبون بالثاء المثلثة أي يرجعون و في بعض النسخ بالمثناة أي يتوبون ويعتذرون من الهزيمة قوله وحزمن البطون في أكثر النسخ بالحاء المهملة والزاء المعجمة أي كن شددن بطونهن لئلا تبدوا عوراتهن لشق الجيوب من قولهم حزمت الشي‌ء أي شددته و في بعضها حرصن بالحاء والصاد المهملتين أي شققن وخرقن و في بعضها بالحاء المهملة والضاد المعجمة علي بناء التفعيل يقال أحرضه المرض إذافسد بدنه وأشفي علي الهلاك

35-تَفسِيرُ النعّماَنيِ‌ّ،بِالإِسنَادِ المَذكُورِ فِي كِتَابِ القُرآنِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِ سُبحَانَهُالّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزادَهُم إِيماناً وَ قالُوا حَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُنَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ فِي نُعَيمِ بنِ مَسعُودٍ الأشَجعَيِ‌ّ وَ ذَلِكَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص رَجَعَ مِن غَزَاةِ أُحُدٍ وَ قَد قُتِلَ عَمّهُ حَمزَةُ وَ قُتِلَ مِنَ المُسلِمِينَ مَن قُتِلَ وَ جُرِحَ مَن جُرِحَ وَ انهَزَمَ مَنِ انهَزَمَ وَ لَم يَنَلهُ القَتلُ وَ الجَرحُ أَوحَي اللّهُ تَعَالَي إِلَي رَسُولِ اللّهِص أَنِ اخرُج فِي وَقتِكَ هَذَا لِطَلَبِ قُرَيشٍ وَ لَا تُخرِج مَعَكَ مِن أَصحَابِكَ


صفحه : 111

إِلّا مَن كَانَت بِهِ جِرَاحَةٌ فَأَعلَمَهُم بِذَلِكَ فَخَرَجُوا مَعَهُ عَلَي مَا كَانَ بِهِم مِنَ الجِرَاحِ حَتّي نَزَلُوا مَنزِلًا يُقَالُ لَهُ حَمرَاءُ الأَسَدِ وَ كَانَت قُرَيشٌ قَد جَدّتِ السّيرَ فَرَقاً فَلَمّا بَلَغَهُم خُرُوجُ رَسُولِ اللّهِص فِي طَلَبِهِم خَافُوا فَاستَقبَلَهُم رَجُلٌ مِن أَشجَعَ يُقَالُ لَهُ نُعَيمُ بنُ مَسعُودٍ يُرِيدُ المَدِينَةَ فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفيَانَ صَخرُ بنُ حَربٍ يَا نُعَيمُ هَل لَكَ أَن أَضمَنَ لَكَ عَشرَ قَلَائِصَ وَ تَجعَلَ طَرِيقَكَ عَلَي حَمرَاءِ الأَسَدِ فَتُخبِرَ مُحَمّداً أَنّهُ قَد جَاءَ مَدَدٌ كَثِيرٌ مِن حُلَفَائِنَا مِنَ العَرَبِ كِنَانَةَ وَ عَشِيرَتِهِم وَ الأَحَابِيشِ وَ تُهَوّلَ عَلَيهِم مَا استَطَعتَ فَلَعَلّهُم يَرجِعُونَ عَنّا فَأَجَابَهُ إِلَي ذَلِكَ وَ قَصَدَ حَمرَاءَ الأَسَدِ فَأَخبَرَ رَسُولَ اللّهِص بِذَلِكَ وَ قَالَ إِنّ قُرَيشاً يُصبِحُونَ بِجَمعِهِمُ ألّذِي لَا قِوَامَ لَكُم بِهِ فَاقبَلُوا نصَيِحتَيِ‌ وَ ارجِعُوا فَقَالَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص حَسبُنَا اللّهُ وَ نِعمَ الوَكِيلُاعلَم أَنّا لَا نبُاَليِ‌ بِهِم فَأَنزَلَ اللّهُ سُبحَانَهُ عَلَي رَسُولِهِالّذِينَ استَجابُوا لِلّهِ وَ الرّسُولِ إِلَي قَولِهِوَ نِعمَ الوَكِيلُ وَ إِنّمَا كَانَ القَائِلُ نُعَيمُ بنُ مَسعُودٍ فَسَمّاهُ اللّهُ بِاسمِ جَمِيعِ النّاسِ

36- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن سَعدٍ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ حُكَيمٍ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ كَانَ مِمّا مَنّ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي رَسُولِهِص أَنّهُ كَانَ يَقرَأُ وَ لَا يَكتُبُ فَلَمّا تَوَجّهَ أَبُو سُفيَانَ إِلَي أُحُدٍ كَتَبَ العَبّاسُ إِلَي النّبِيّص فَجَاءَهُ الكِتَابُ وَ هُوَ فِي بَعضِ حِيطَانِ المَدِينَةِ فَقَرَأَهُ وَ لَم يُخبِر أَصحَابَهُ وَ أَمَرَهُم أَن يَدخُلُوا المَدِينَةَ فَلَمّا دَخَلُوا المَدِينَةَ أَخبَرَهُم

37-ب ،[قرب الإسناد]السنّديِ‌ّ بنُ مُحَمّدٍ عَن وَهبِ بنِ وَهبٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَلَيهِمَا السّلَامُ قَالَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِص يَومَ الفَتحِ بِقَتلِ فرتنا وَ أُمّ سَارَةَ قَالَ


صفحه : 112

وَ كَانَتَا قَينَتَينِ تَزنِيَانِ وَ تُغَنّيَانِ بِهِجَاءِ النّبِيّص وَ تُحَضّضَانِ يَومَ أُحُدٍ عَلَي رَسُولِ اللّهِص

38- مع ،[معاني‌ الأخبار] ابنُ إِدرِيسَ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ وَ غَيرِهِ ذَكَرَهُم جَمِيعاً عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَنِ الصّادِقِ عَن أَبِيهِ عَلَيهِمَا السّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ مُنَادِياً نَادَي فِي السّمَاءِ يَومَ أُحُدٍ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ فعَلَيِ‌ّ أخَيِ‌ وَ أَنَا أَخُوهُ

39-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]هَانِئُ بنُ مُحَمّدِ بنِ مَحمُودٍ عَن أَبِيهِ بِإِسنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَي مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَلَيهِمَا السّلَامُ وَ سَاقَ حَدِيثَهُ مَعَ الرّشِيدِ إِلَي أَن قَالَ إِنّ العُلَمَاءَ قَدِ اجتَمَعُوا عَلَي أَنّ جَبرَئِيلَ قَالَ يَومَ أُحُدٍ يَا مُحَمّدُ إِنّ هَذِهِ لهَيِ‌َ المُوَاسَاةُ مِن عَلِيّ قَالَ لِأَنّهُ منِيّ‌ وَ أَنَا مِنهُ فَقَالَ جَبرَئِيلُ وَ أَنَا مِنكُمَا يَا رَسُولَ اللّهِ ثُمّ قَالَ لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ فَكَانَ كَمَا مَدَحَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِهِ خَلِيلَهُ عَلَيهِ السّلَامُ إِذ يَقُولُفَتًي يَذكُرُهُم يُقالُ لَهُ اِبراهِيمُالخَبَرَ

40-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ المنِقرَيِ‌ّ عَنِ النّضرِ بنِ إِسمَاعِيلَ البلَخيِ‌ّ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ عَن شَهرِ بنِ حَوشَبٍ قَالَ قَالَ لِيَ الحَجّاجُ وَ سأَلَنَيِ‌ عَن خُرُوجِ النّبِيّص إِلَي مَشَاهِدِهِ فَقُلتُ شَهِدَ رَسُولُ اللّهِص بَدراً فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَ شَهِدَ أُحُداً فِي سِتّمِائَةٍ وَ شَهِدَ الخَندَقَ فِي تِسعِمِائَةٍ فَقَالَ عَمّن قُلتُ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَلَيهِمَا السّلَامُ فَقَالَ ضَلّ وَ اللّهِ مَن سَلَكَ غَيرَ سَبِيلِهِ

41-ل ،[الخصال ] ع ،[علل الشرائع ]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]سَأَلَ الشاّميِ‌ّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَن يَومِ الأَربِعَاءِ وَ التّطَيّرِ مِنهُ فَقَالَ عَلَيهِ السّلَامُ آخِرُ أَربِعَاءَ فِي الشّهرِ إِلَي أَن قَالَ وَ يَومَ الأَربِعَاءِ شُجّ النّبِيّ


صفحه : 113

ص وَ كُسِرَت رَبَاعِيَتُهُ

42-ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ]بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ عَنِ الحَسَنِ بنِ حَمزَةَ العلَوَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ دَاوُدَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ الكوُفيِ‌ّ عَن أَبِي سَعِيدٍ سَهلِ بنِ صَالِحٍ العبَاّسيِ‌ّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الأَعلَي عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَلَيهِمَا السّلَامُ عَن آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم وَ سَاقَ الحَدِيثَ عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فِي أَجوِبَتِهِ عَن مَقَالَةِ اليهَوُديِ‌ّ إِلَي أَن قَالَ إِنّ أَبَا قَتَادَةَ بنَ ربِعيِ‌ّ الأنَصاَريِ‌ّ شَهِدَ وَقعَةَ أُحُدٍ فَأَصَابَتهُ طَعنَةٌ فِي عَينِهِ فَبَدَرَت حَدَقَتُهُ فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ ثُمّ أَتَي بِهَا رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ امرأَتَيِ‌ الآنَ تبُغضِنُيِ‌ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللّهِص مِن يَدِهِ ثُمّ وَضَعَهَا مَكَانَهَا فَلَم تَكُ تُعرَفُ إِلّا بِفَضلِ حُسنِهَا عَلَي العَينِ الأُخرَي وَ لَقَد بَادَرَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَتِيكٍ فَأُبِينَ يَدُهُ فَجَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص لَيلًا وَ مَعَهُ اليَدُ المَقطُوعَةُ فَمَسَحَ عَلَيهَا فَاستَوَت يَدُهُ

43-فر،[تفسير فرات بن ابراهيم ] جَعفَرُ بنُ أَحمَدَ بنِ يُوسُفَ رَفَعَهُ إِلَي ابنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِإِذ تُصعِدُونَ وَ لا تَلوُونَ عَلي أَحَدٍ وَ الرّسُولُ يَدعُوكُم قَالَ فَلَم يَبقَ مَعَهُ مِنَ النّاسِ يَومَ أُحُدٍ غَيرُ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ وَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ فَقَالَ النّبِيّص يَا عَلِيّ قَد صَنَعَ النّاسُ مَا تَرَي فَقَالَ لَا وَ اللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ لَا أَسأَلُ عَنكَ الخَبَرَ مِن وَرَاءٍ فَقَالَ لَهُ النّبِيّص أَمّا لَا فَاحمِل عَلَي هَذِهِ الكَتِيبَةِ فَحَمَلَ عَلَيهَا فَفَضّهَا فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ هَذِهِ لهَيِ‌َ المُوَاسَاةُ فَقَالَ النّبِيّص إنِيّ‌ مِنهُ وَ هُوَ منِيّ‌ فَقَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ وَ أَنَا مِنكُمَا

44-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن مُوسَي بنِ بَكرٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ آخَرُونَ


صفحه : 114

مُرجَونَ لِأَمرِ اللّهِ قَالَ قَومٌ كَانُوا مُشرِكِينَ فَقَتَلُوا مِثلَ حَمزَةَ وَ مِثلَ جَعفَرٍ وَ أَشبَاهَهُمَا مِنَ المُؤمِنِينَ ثُمّ إِنّهُم دَخَلُوا فِي الإِسلَامِ فَوَحّدُوا اللّهَ وَ تَرَكُوا الشّركَ وَ لَم يَعرِفُوا الإِيمَانَ بِقُلُوبِهِم فَيَكُونُوا مِنَ المُؤمِنِينَ فَتَجِبَ لَهُمُ الجَنّةُ وَ لَم يَكُونُوا عَلَي جُحُودِهِم فَيَكفُرُوا فَتَجِبَ لَهُمُ النّارُ فَهُم عَلَي تِلكَ الحَالِ إِمّا أَن يُعَذّبَهُم وَ إِمّا يَتُوبُ عَلَيهِم

كا،[الكافي‌]العدة عن سهل عن علي بن حسان عن موسي بن بكر عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام مثله

45- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] الحُسَينُ بنُ اِبرَاهِيمَ القزَويِنيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ وَهبَانَ عَن أَحمَدَ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ أَحمَدَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الزعّفرَاَنيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُبَينَا حَمزَةُ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ وَ أَصحَابٌ لَهُ عَلَي شَرَابٍ لَهُم يُقَالُ لَهُ السّكُركَةُ قَالَ فَتَذَاكَرُوا السّدِيفَ قَالَ فَقَالَ لَهُم حَمزَةُ كَيفَ لَنَا بِهِ قَالَ فَقَالُوا لَهُ هَذِهِ نَاقَةُ ابنِ أَخِيكَ عَلِيّ فَخَرَجَ إِلَيهَا فَنَحَرَهَا ثُمّ أَخَذَ مِن كَبِدِهَا وَ سَنَامِهَا فَأَدخَلَهُ عَلَيهِم قَالَ وَ أَقبَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَأَبصَرَ نَاقَتَهُ فَدَخَلَهُ مِن ذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ عَمّكَ حَمزَةُ صَنَعَ هَذَا قَالَ فَذَهَبَ إِلَي النّبِيّص فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيهِ قَالَ فَأَقبَلَ مَعَهُ رَسُولُ اللّهِص فَقِيلَ لِحَمزَةَ هَذَا رَسُولُ اللّهِص قَد أَقبَلَ البَابَ قَالَ فَخَرَجَ وَ هُوَ مُغضَبٌ قَالَ فَلَمّا رَأَي رَسُولُ اللّهِص الغَضَبَ فِي وَجهِهِ انصَرَفَ قَالَ فَأَنزَلَ اللّهُ


صفحه : 115

عَزّ وَ جَلّ تَحرِيمَ الخَمرِ قَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِص بِآنِيَتِهِم فَكُفِئَت وَ نوُديِ‌َ فِي النّاسِ بِالخُرُوجِ إِلَي أُحُدٍ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِص وَ خَرَجَ حَمزَةُ فَوَقَفَ نَاحِيَةً مِنَ النّبِيّص قَالَ فَلَمّا تَصَافّوا حَمَلَ حَمزَةُ فِي النّاسِ حَتّي غَابَ فِيهِم ثُمّ رَجَعَ إِلَي مَوقِفِهِ فَقَالَ لَهُ النّاسُ اللّهَ اللّهَ يَا عَمّ رَسُولِ اللّهِ أَن تَذهَبَ وَ فِي نَفسِ رَسُولِ اللّهِ عَلَيكَ شَيءٌ قَالَ ثُمّ حَمَلَ الثّانِيَةَ حَتّي غُيّبَ فِي النّاسِ ثُمّ رَجَعَ إِلَي مَوقِفِهِ فَقَالُوا اللّهَ اللّهَ يَا عَمّ رَسُولِ اللّهِ أَن تَذهَبَ وَ فِي نَفسِ رَسُولِ اللّهِ عَلَيكَ شَيءٌ قَالَ فَأَقبَلَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَلَمّا رَآهُ مُقبِلًا نَحوَهُ أَقبَلَ إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِص وَ عَانَقَهُ وَ قَبّلَ رَسُولُ اللّهِص مَا بَينَ عَينَيهِ ثُمّ حَمَلَ عَلَي النّاسِ فَاستُشهِدَ حَمزَةُ فَكَفّنَهُ رَسُولُ اللّهِص فِي نَمِرَةٍ ثُمّ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ نَحوٌ مِن سِترِ باَبيِ‌ هَذَا فَكَانَ إِذَا غَطّي بِهِ وَجهَهُ انكَشَفَت رِجلَاهُ وَ إِذَا غَطّي رِجلَيهِ انكَشَفَت وَجهُهُ قَالَ فَغَطّي بِهِ وَجهَهُ وَ جَعَلَ عَلَي رِجلَيهِ إِذخِراً قَالَ وَ انهَزَمَ النّاسُ وَ بقَيِ‌َ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص مَا صَنَعتَ يَا عَلِيّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ لَزِمتُ الأَرضَ فَقَالَص ذَلِكَ الظّنّ بِكَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنشُدُكَ يَا رَبّ مَا وعَدَتنَيِ‌ فَإِنّكَ إِن شِئتَ لَم تُعبَد

شي‌،[تفسير العياشي‌] عن هشام مثله

بيان قال الجزري‌ السكركة بضم السين والكاف وسكون الراء نوع من الخمور يتخذ من الذرة قال الجوهري‌ هي‌ خمر الحبش وهي‌ لفظة حبشية


صفحه : 116

و قدعربت فقيل السقرقع و قال الهروي‌ و في حديث الهروي‌ وخمرة السكركة انتهي . والسديف كأمير شحم السنام قاله الفيروزآبادي‌ و قال النمرة كفرحة الحبرة وشملة فيهاخطوط بيض وسود أوبردة من صوف تلبسها الأعراب . قوله ص فإنك إن شئت لم تعبد لعل المعني إن شئت مغلوبيتنا واستيصالنا لم يعبدك أحد بعد ذلك أوالمعني إن شئت أن لاتعبد فالأمر إليك .أقول في هذاالخبر ماينافي‌ الأخبار المتواترة الدالة علي رفعة شأن حمزة عليه السلام وسمو مكانه ظاهرا و إن أمكن توجيهه و الله يعلم

46-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن هَارُونَ عَنِ ابنِ صَدَقَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ إِنّ أَبَا دُجَانَةَ الأنَصاَريِ‌ّ اعتَمّ يَومَ أُحُدٍ بِعِمَامَةٍ وَ أَرخَي عَذَبَةَ العِمَامَةِ بَينَ كَتِفَيهِ حَتّي جَعَلَ يَتَبَختَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ هَذِهِ لَمِشيَةٌ يُبغِضُهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلّا عِندَ القِتَالِ فِي سَبِيلِ اللّهِ

بيان العذب بالتحريك طرف كل شيء

47- قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] وَ فِي شَوّالٍ غَزوَةُ أُحُدٍ وَ هُوَ يَومُ المِهرَاسِ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ وَ مُجَاهِدٌ وَ قَتَادَةُ وَ الرّبِيعُ وَ السدّيّ‌ّ وَ ابنُ إِسحَاقَ نَزَلَ فِيهِ قَولُهُوَ إِذ غَدَوتَ مِن أَهلِكَ وَ هُوَ المرَويِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ.

زيد بن وهب إِنّ الّذِينَ تَوَلّوا مِنكُمفقالوا لم انهزمنا و قدوعدنا بالنصر فنزل وَ لَقَد صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعدَهُ

ابنُ مَسعُودٍ وَ الصّادِقُ عَلَيهِ السّلَامُ لَمّا قَصَدَ أَبُو سُفيَانَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ مِن قُرَيشٍ إِلَي النّبِيّص وَ يُقَالُ فِي أَلفَينِ مِنهُم مِائَتَا فَارِسٍ وَ البَاقُونَ رَكبٌ وَ لَهُم سَبعُمِائَةِ دِرعٍ وَ هِندٌ تَرتَجِزُ


صفحه : 117


نَحنُ بَنَاتُ طَارِقٍ.   نمَشيِ‌ عَلَي النّمَارِقِ.

وَ المِسكُ فِي المَفَارِقِ.   وَ الدّرّ فِي المَخَانِقِ.

وَ كَانَ استَأجَرَ أَبُو سُفيَانَ يَومَ أُحُدٍ أَلفَينِ مِنَ الأَحَابِيشِ يُقَاتِلُ بِهِمُ النّبِيّص .

قوله إِنّ الّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبِيلِ اللّهِفخرج النبي ص مع أصحابه وكانوا ألف رجل ويقال سبعمائة فانعزل عنهم ابن أبي بثلث الناس فهمت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع و هو قوله إِذ هَمّت طائِفَتانِ مِنكُم. قال الجبائي‌ هما به و لم يفعلاه وساق الخبر إلي أن قال وأقبل خالد من الشعب بخيل المشركين وجاء من ظهر النبي ص و قال دونكم هذاالطليق ألذي تطلبونه فشأنكم به فحملوا عليه حملة رجل واحد حتي قتل منهم خلق وانهزم الباقون في الشعب وأقبل خالد بخيله كما قال تعالي إِذ تُصعِدُونَ وَ لا تَلوُونَ عَلي أَحَدٍ و رسول الله يدعوهم في أخراهم ياأيها الناس إني‌ رسول الله إن الله قدوعدني‌ النصر فأين الفرار

وَ كَانَ النّبِيّص يرَميِ‌ وَ يَقُولُ أللّهُمّ اهدِ قوَميِ‌ فَإِنّهُم لَا يَعلَمُونَ

فرماه ابن قميئة بقذافة فأصاب كفه و عبد الله بن شهاب بقلاعة فأصاب مرفقه وضربه عتبة بن أبي وقاص أخو سعد علي وجهه فشج رأسه فنزل من فرسه ونهبه ابن قميئة و قدضرب به علي جنبه وصاح إبليس من جبل أحد ألا إن محمدا قدقتل فصاحت فاطمة عليها السلام ووضعت يدها علي رأسها وخرجت تصرخ وسائر هاشمية وقرشية.


صفحه : 118

فَلَمّا حَمَلَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي أُحُدٍ نَادَي العَبّاسُ وَ هُوَ جهَورَيِ‌ّ الصّوتِ فَقَالَ يَا أَصحَابَ سُورَةِ البَقَرَةِ أَينَ تَفِرّونَ إِلَي النّارِ تَهرُبُونَ. وَ أَنشَأَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ


الحَمدُ لِلّهِ ربَيّ‌ الخَالِقِ الصّمَدِ.   فَلَيسَ يَشرَكُهُ فِي حُكمِهِ أَحَدٌ.

هُوَ ألّذِي عَرّفَ الكُفّارَ مَنزِلَهُم.   وَ المُؤمِنُونَ سَيَجزِيهِم بِمَا وُعِدُوا.

وَ يَنصُرُ اللّهُ مَن وَالَاهُ إِنّ لَهُ.   نَصراً وَ يُمثِلُ بِالكُفّارِ إِذ عَنَدُوا.

قوَميِ‌ وَقَوُا الرّسُولَ وَ احتَسَبُوا.   شُمّ العَرَانِينِ مِنهُم حَمزَةُ الأَسَدُ.

وَ أَنشَأَ عَلَيهِ السّلَامُ


رَأَيتُ المُشرِكِينَ بَغَوا عَلَينَا.   وَ لَجّوا فِي الغِوَايَةِ وَ الضّلَالِ.

وَ قَالُوا نَحنُ أَكثَرُ إِذ نَفَرنَا.   غَدَاةَ الرّوعِ بِالأَسَلِ الطّوَالِ.

فَإِن يَبغُوا وَ يَفتَخِرُوا عَلَينَا.   بِحَمزَةَ وَ هُوَ فِي الغُرَفِ العوَاَليِ‌.

فَقَد أَودَي بِعُتبَةَ يَومَ بَدرٍ.   وَ قَد أَبلَي وَ جَاهَدَ غَيرَ آلٍ.

وَ قَد غَادَرتُ كَبشَهُمُ جِهَاراً.   بِحَمدِ اللّهِ طَلحَةَ فِي المَجَالِ.

فَخَرّ لِوَجهِهِ وَ رَفَعتُ عَنهُ.   رَقِيقَ الحَدّ حُودِثَ بِالصّقَالِ

بيان ذكر عباس هنا لعله سهو

48- وَ أَقُولُ روُيِ‌َ فِي الدّيوَانِ المَنسُوبِ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ


أتَاَنيِ‌ أَنّ هِنداً حَلّ صَخرٍ   دَعَت دَرَكاً وَ بَشّرَتِ الهُنُودَا

صفحه : 119


فَإِن تَفخَر بِحَمزَةَ حِينَ وَلّي   مَعَ الشّهَدَاءِ مُحتَسِباً شَهِيداً

فَإِنّا قَد قَتَلنَا يَومَ بَدرٍ   أَبَا جَهلٍ وَ عُتبَةَ وَ الوَلِيدَا

وَ قَتّلنَا سَرَاةَ النّاسِ طُرّاً   وَ غَنّمنَا الوَلَائِدَ وَ العَبِيدَا

وَ شَيبَةَ قَد قَتَلنَا يَومَ ذَاكُم   عَلَي أَثوَابِهِ عَلَقاً حَسِيدَا

فبَوُ‌ّئَ مِن جَهَنّمَ شَرّ دَارٍ   عَلَيهَا لَم يَجِد عَنهَا مَحِيدَا

وَ مَا سِيّانِ مَن هُوَ فِي جَحِيمٍ   يَكُونُ شَرَابُهُ فِيهَا صَدِيداً

وَ مَن هُوَ فِي الجِنَانِ يَدِرّ فِيهَا   عَلَيهِ الرّزقُ مُغتَبِطاً حَمِيداً

وَ فِيهِ أَيضاً بَعدَ قَتلِ طَلحَةَ


أَصُولُ بِاللّهِ العَزِيزِ الأَمجَدِ   وَ فَالِقِ الإِصبَاحِ رَبّ المَسجِدِ

  أَنَا عَلِيّ وَ ابنُ عَمّ المهُتدَيِ‌

وَ فِيهِ أَيضاً


اللّهُ حيَ‌ّ قَدِيمٌ قَادِرٌ صَمَدٌ   وَ لَيسَ يَشرَكُهُ فِي مُلكِهِ أَحَدٌ

هُوَ ألّذِي عَرّفَ الكُفّارَ مَنزِلَهُم   وَ المُؤمِنُونَ سَيَجزِيهِم كَمَا وُعِدُوا

فَإِن يَكُن دَولَةٌ كَانَت لَنَا عِظَةً   فَهَل عَسَي أَن يُرَي فِي غَيّهَا رَشَدٌ

وَ يَنصُرُ اللّهُ مَن وَالَاهُ إِنّ لَهُ   نَصراً وَ يُمثِلُ بِالكُفّارِ إِذ عَنَدُوا

فَإِن نَطَقتُم بِفَخرٍ لَا أَباً لَكُمُ   فِيمَن تَضَمّنَ مِن إِخوَانِنَا اللّحَدُ

فَإِنّ طَلحَةَ غَادَرنَاهُ مُنجَدِلَا   وَ لِلصّفَائِحِ نَارٌ بَينَنَا تَقِدُ

وَ المَرءُ عُثمَانُ أَردَتهُ أَسِنّتُنَا   فَجَيبُ زَوجَتِهِ إِذ خُبّرَت قَدَدٌ

فِي تِسعَةٍ إِذ تَوَلّوا بَينَ أَظهُرِهِم   لَم يَنكُلُوا مِن حِيَاضِ المَوتِ إِذ وَرَدُوا

صفحه : 120


كَانُوا الذّوَائِبَ مِن فِهرٍ وَ أَكرَمَهَا   شُمّ الأُنُوفِ وَ حَيثُ الفَرعِ وَ العَدَدُ

وَ أَحمَدُ الخَيرِ قَد أَردَي عَلَي عَجَلٍ   تَحتَ العَجَاجِ أُبَيّاً وَ هُوَ مُجتَهِدٌ

وَ ظَلّتِ الطّيرُ وَ الضّبعَانُ تَركَبُهُ   فَحَامِلٌ قِطعَةً مِنهُم وَ مُقتَعِدٌ

وَ مَن قَتَلتُم عَلَي مَا كَانَ مِن عَجَبٍ   مِنّا فَقَد صَادَفُوا خَيراً وَ قَد سُعِدُوا

لَهُم جِنَانٌ مِنَ الفِردَوسِ طَيّبَةً   لَا يَعتَرِيهِم بِهَا حَرّ وَ لَا صَرَدٌ

صَلّي الإِلَهُ عَلَيهِم كُلّمَا ذَكَرُوا   فَرُبّ مَشهَدِ صِدقٍ قَبلَهُ شَهِدُوا

قَومٌ وَفَوا لِرَسُولِ اللّهِ وَ احتَسَبُوا   شُمّ العَرَانِينَ مِنهُم حَمزَةُ الأَسَدُ

وَ مُصعَبٌ ظَلّ لَيثاً دُونَهُ حَرَداً   حَتّي تَزَمّلَ مِنهُ ثَعلَبٌ جَسَدٌ

لَيسُوا كَقَتلَي مِنَ الكُفّارِ أَدخَلَهُم   نَارَ الجَحِيمِ عَلَي أَبوَابِهَا الرّصَدُ

وَ فِيهِ أَيضاً


  َأَيتُ المُشرِكِينَ بَغَوا عَلَينَا

إِلَي قَولِهِ


  َ قَد أَودَي وَ جَاهَدَ غَيرَ آلٍ

وَ قَد فَلّلتُ خَيلَهُمُ بِبَدرٍ   وَ أَتبَعتُ الهَزِيمَةَ بِالرّجَالِ

إِلَي قَولِهِ بِالصّقَالِ


كَأَنّ المِلحَ خَالَطَهُ إِذَا مَا   تَلَظّي كَالعَتِيقَةِ فِي الظّلَالِ

صفحه : 121

49- وَ فِي شَرحِ الدّيوَانِ أَنّ عُثمَانَ بنَ أَبِي طَلحَةَ ارتَجَزَ يَومَ أُحُدٍ فَقَالَ


أَنَا ابنُ عَبدِ الدّارِ ذيِ‌ الفُضُولِ   وَ إِنّكَ عنِديِ‌ يَا عَلِيّ مَقبُولٌ

  أَو هَارِبٌ خَوفُ الرّدَي مَفلُولٌ

فَأَجَابَهُ عَلَيهِ السّلَامُ بِمَا فِي الدّيوَانِ


هَذَا مقَاَميِ‌ مُعرَضٌ مَبذُولٌ   مَن يَلقَ سيَفيِ‌ فَلَهُ العَوِيلُ

وَ لَا أَخَافُ الصّولَ بَل أَصُولُ   إنِيّ‌ عَنِ الأَعدَاءِ لَا أَزُولُ

يَوماً لَدَي الهَيجَاءِ وَ لَا أَحُولُ   وَ القَرنُ عنِديِ‌ فِي الوَغَي مَقتُولٌ

  أَو هَالِكٌ بِالسّيفِ أَو مَغلُولٌ

وَ قَالَ عَلَيهِ السّلَامُ فِي جَوَابِ رَجَزِ عُمَرَ بنِ أَخنَسِ بنِ شَرِيقٍ


اخسَأ عَلَيكَ اللّعنُ مِن جَاهِدٍ   يَا ابنَ لَعِينٍ لَاحَ بِالأَرذَلِ

اليَومَ أَعلُوكَ بذِيِ‌ رَونَقٍ   كَالبَرقِ فِي المُخلَولِقِ المُسبِلِ

يفَريِ‌ شُئُونَ الرّأسِ لَا ينَثنَيِ‌   بَعدَ فِرَاشِ الحَاجِبِ الأَجزَلِ

أَرجُو بِذَلِكَ الفَوزَ فِي جَنّةٍ   عَالِيَةٍ فِي أَكرَمِ المَدخَلِ

وَ فِيهِ أَيضاً مُخَاطِباً لِأُسَامَةَ بنِ زَيدٍ فِي تِلكَ الغَزوَةِ


لَستُ أَرَي مَا بَينَنَا حَاكِماً   إِلّا ألّذِي بِالكَفّ تَبّارٌ

وَ صَارِماً أَبيَضَ مِثلَ المَهَا   يَبرُقُ فِي الرّاحَةِ ضَرّارٌ

معَيِ‌ حُسَامٌ قَاطِعٌ بَاتِرٌ   تَسطَعُ مِن تِضرَابِهِ النّارُ

صفحه : 122


إِنّا أُنَاسٌ دِينُنَا صَادِقٌ   إِنّا عَلَي الحَربِ لَصَبّارٌ

وَ فِيهِ أَيضاً مُخَوّفاً لَهُ


سَوفَ يَرَي الجَمعُ ضِرَابَ الفَاتِكِ الحَلَابِسِ   وَ طَعنَةً قَد شَدّهَا لِكَبوَةِ الفَوَارِسِ

اليَومَ أُضرِمُ نَارَهَا بِجَذوَةٍ لِقَابِسٍ   حَتّي تَرَي فُرسَانَهَا تَخِرّ لِلمَعَاطِسِ

بيان دعت دركا أي لنفسها درك الجحيم أو الناس إليها والدرك أيضا اللحاق والتبعة وبشرت قوما كالهنود في الكفر أوقومها المنسوبين إليها والتقتيل إكثار القتل والسراة الأشراف قوله غنمنا بالتشديد أي جعلناهم غنائم علي أثوابه كأن تقديره تركنا علي أثوابه علقا بالتحريك أي دما غليظا أوجامدا والجسيد من قولهم جسد به الدم إذالصق به قوله تقد أي تلتهب قوله قدد أي قطع والقد قطع الشي‌ء طولا قوله كانوا الذوائب أي الرؤساء والأشراف وفهر بالكسر أبوقبيلة من قريش والشم بالضم جمع الأشم والشمم ارتفاع قصبة الأنف واستواء أعلاها وإشراف الأرنبة قليلا و هوكناية عن الرفعة والعلو وشرف الأنفس يقال شمخ بأنفه إذاتكبر والفرع الولد والعجاج الغبار. قوله فحامل قطعة أي بعضها تحمل منه قطعة وبعضها تركبه وتأكل منه والصرد البرد والعرانين الأنوف ورمله بالدم لطخه و في بعض النسخ بالزاي‌ من تزمل أي تلفف به والثعلب طرف الرمح الداخل في السنان . قوله غيرآل أي غيرمقصر والأسل الرماح وفللت الجيش هزمته والتشديد للمبالغة والتكثير قوله حودث أي جلي وعقيقة البرق ماانعق منه أي تضرب في السحاب ويقال عرضت الشي‌ء فأعرض أي أظهرته فظهر وخسأ بعد ورونق السيف ماؤه وحسنه والمخلولق البالي‌ الدارس والأسبال الإرسال


صفحه : 123

والفري‌ القطع والشئون ملتقي عظام الرأس وفراش الرأس عظام رقاق تلي‌ القحف والجزل القطع وبتار بتقديم الموحدة علي المثناة أي قطاع و في بعض النسخ بالعكس من التبار و هوالهلاك والمها البلور والباتر السيف القاطع والتضراب مبالغة في الضرب والفاتك الجري‌ء والحلابس بالضم الشجاع و في بعض النسخ الخنابس و هوالكريه المنظر ويقال الأسد حنابس وكبا لوجهه كبوا سقط وضمير نارها للحرب والجذوة مثلثة الجمرة وقبست منه نارا طلبته والمعطس كالمجلس الأنف

50-أقول قال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة لمارجع من حضر بدرا من المشركين إلي مكة وجدوا العير التي‌ قدم بها أبوسفيان موقوفة في دار الندوة فاتفقوا علي أن يحتبسوها أوأرباحها ليجهزوا بهاجيشا إلي محمدص فبعثوا إلي العرب واستنصروهم فخرجوا وهم ثلاثة آلاف بمن ضوي إليهم بعده وسلاح كثير وقادوا مائتي‌ فرس و كان فيهم سبعمائة دارع وثلاثة آلاف بعير فلما أجمعوا المسير كتب العباس بن عبدالطلب كتابا وختمه واستأجر رجلا من بني‌ غفار وشرط عليه أن يسير ثلاثا إلي رسول الله ص يخبره أن قريشا قدأجمعت إليك فما كنت صانعا إذ أحلوا بك فاصنعه . فَلَمّا شَاعَ الخَبَرُ فِي النّاسِ ظَهَرَ النّبِيّص المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ ثُمّ قَالَأَيّهَا النّاسُ إنِيّ‌ رَأَيتُ فِي منَاَميِ‌ كأَنَيّ‌ فِي دِرعٍ حَصِينَةٍ وَ رَأَيتُ كَأَنّ سيَفيِ‌ ذَا الفَقَارِ انقَصَمَ مِن عِندِ ظُبَتِهِ وَ رَأَيتُ بَقَراً تُذبَحُ وَ رَأَيتُ كأَنَيّ‌ مُردِفٌ كَبشاً


صفحه : 124

قَالَ النّاسُ يَا رَسُولَ اللّهِ فَمَا أَوّلتَهَا قَالَ أَمّا الدّرعُ الحَصِينَةُ فَالمَدِينَةُ فَامكُثُوا فِيهَا وَ أَمّا انقِصَامُ سيَفيِ‌ مِن عِندَ ظُبَتِهِ فَمُصِيبَةٌ فِي نفَسيِ‌ وَ أَمّا البَقَرُ المَذبَحُ فَقَتلَي فِي أصَحاَبيِ‌ وَ أَمّا أنَيّ‌ مُردِفٌ كَبشاً فَكَبشُ الكَتِيبَةِ نَقتُلُهُ إِن شَاءَ اللّهُ

وَ روُيِ‌َ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُص قَالَ أَمّا انقِصَامُ سيَفيِ‌ فَقَتلَةُ رَجُلٍ مِن أَهلِ بيَتيِ‌

وَ روُيِ‌َ أَنّهُ قَالَ وَ رَأَيتُ فِي سيَفيِ‌ فَلّا فَكَرِهتُهُ

قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَقَالَ عَلَيهِ السّلَامُ أَشِيرُوا عَلَيّ وَ رَأَيص أَن لَا يَخرُجَ مِنَ المَدِينَةِ لِهَذِهِ الرّؤُيَا

فقام عبد الله بن أبي فقال يا رسول الله كنا نقاتل في الجاهلية في هذه المدينة ونجعل النساء والذراري‌ في هذه الصياصي‌ ونجعل معهم الحجارة يا رسول الله إن مدينتنا عذراء مافضت علينا قط و ماخرجنا إلي عدو منها قط إلاأصاب منا و مادخل علينا قط إلاأصبناهم فكان رأي‌ رسول الله ص مع رأيه و كان ذلك رأي‌ الأكابر من المهاجرين والأنصار فقام فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا وطلبوا من رسول الله ص الخروج إلي عدوهم ورغبوا في الشهادة و قال رجال من أهل التيه و أهل السن منهم حمزة وسعد بن عبادة والنعمان بن مالك في غيرهم من الأوس والخزرج إنا نخشي يا رسول الله أن يظن عدونا أناكرهنا الخروج إليهم جبنا عن لقائهم فيكون هذاجرأة منهم علينا فقال حمزة و ألذي أنزل عليه الكتاب لاأطعم اليوم طعاما حتي أجالدهم بسيفي‌ خارجا من


صفحه : 125

المدينة و كان يقال كان حمزة يوم الجمعة صائما و يوم السبت صائما فلاقاهم و هوصائم . وقام خيثمة أبوسعد بن خيثمة فقال يا رسول الله إن قريشا مكثت حولا تجمع الجموع وتستجلب العرب في بواديها ثم جاءونا و قدقادوا الخيل حتي نزلوا بساحتنا فيحضروننا في بيوتنا وصياصينا ثم يرجعون وافرين لم يكلموا فيجرئهم ذلك علينا حتي يشنوا الغارات علينا ويضع الإرصاد والعيون علينا وعسي الله أن يظفرنا بهم فتلك عادة الله عندنا أو يكون الأخري فهي‌ الشهادة لقد أخطأتني‌ وقعة بدر و قدكنت عليها حريصا لقد بلغ من حرصي‌ أن ساهمت ابني‌ في الخروج فخرج سهمه فرزق الشهادة و قدرأيت ابني‌ البارحة في النوم في أحسن صورة يسرع في ثمار الجنة وأنهارها و هو يقول الحق بنا ترافقنا في الجنة فقد وجدت ماوعدني‌ ربي‌ حقا و قد و الله يا رسول الله أصبحت مشتاقا إلي مرافقته في الجنة و قدكبرت سني‌ ورق عظمي‌ وأحببت لقاء ربي‌ فادع الله أن يرزقني‌ الشهادة فدعا له رسول الله ص بذلك فقتل بأحد شهيدا فقال كل منهم مثل ذلك فقال إني‌ أخاف عليكم الهزيمة فلما أبوا إلاالخروج صلي رسول الله ص الجمعة بالناس ثم وعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد وأخبرهم أن لهم النصر ماصبروا ثم صلي العصر ولبس السلاح وخرج و كان مقدم قريش يوم الخميس لخمس خلون من شوال وكانت الوقعة يوم السبت لسبع خلون من شوال وباتت وجوه الأوس والخزرج ليلة الجمعة عليهم السلاح في المسجد بباب النبي ص خوفا من تبييت المشركين وحرست المدينة تلك الليلة حتي أصبحوا. قال

فَلَمّا سَوّي رَسُولُ اللّهِص الصّفُوفَ بِأُحُدٍ قَامَ فَخَطَبَ النّاسَ فَقَالَ


صفحه : 126

أَيّهَا النّاسُ أُوصِيكُم بِمَا أوَصاَنيِ‌ بِهِ اللّهُ فِي كِتَابِهِ مِنَ العَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَ التنّاَهيِ‌ عَن مَحَارِمِهِ ثُمّ إِنّكُمُ اليَومَ بِمَنزِلِ أَجرٍ وَ ذُخرٍ لِمَن ذَكَرَ ألّذِي عَلَيهِ ثُمّ وَطّنَ نَفسَهُ عَلَي الصّبرِ وَ اليَقِينِ وَ الجِدّ وَ النّشَاطِ فَإِنّ جِهَادَ العَدُوّ شَدِيدٌ كَرِيهٌ قَلِيلٌ مَن يَصبِرُ عَلَيهِ إِلّا مَن عَزَمَ لَهُ عَلَي رُشدِهِ إِنّ اللّهَ مَعَ مَن أَطَاعَهُ وَ إِنّ الشّيطَانَ مَعَ مَن عَصَاهُ فَاستَفتِحُوا أَعمَالَكُم بِالصّبرِ عَلَي الجِهَادِ وَ التَمِسُوا بِذَلِكَ مَا وَعَدَكُمُ اللّهُ وَ عَلَيكُم باِلذّيِ‌ أَمَرَكُم بِهِ فإَنِيّ‌ حَرِيصٌ عَلَي رُشدِكُم إِنّ الِاختِلَافَ وَ التّنَازُعَ وَ التّثَبّطَ مِن أَمرِ العَجزِ وَ الضّعفِ وَ هُوَ مِمّا لَا يُحِبّهُ اللّهُ وَ لَا يعُطيِ‌ عَلَيهِ النّصرَ وَ الظّفَرَ أَيّهَا النّاسُ إِنّهُ قَد قُذِفَ فِي قلَبيِ‌ أَنّ مَن كَانَ عَلَي حَرَامٍ فَرَغِبَ عَنهُ ابتِغَاءَ مَا عِندَ اللّهِ غُفِرَ لَهُ ذَنبُهُ وَ مَن صَلّي عَلَيّ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ وَ مَلَائِكَتُهُ عَشراً وَ مَن أَحسَنَ مِن مُسلِمٍ أَو كَافِرٍ وَقَعَ أَجرُهُ عَلَي اللّهِ فِي عَاجِلِ دُنيَاهُ وَ فِي آجِلِ آخِرَتِهِ وَ مَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ فَعَلَيهِ الجُمُعَةُ يَومَ الجُمُعَةِ إِلّا صَبِيّاً أَوِ امرَأَةً أَو مَرِيضاً أَو عَبداً مَملُوكاً وَ مَنِ استَغنَي عَنهَا استَغنَي اللّهُ عَنهُ وَ اللّهُ غنَيِ‌ّ حَمِيدٌ مَا أَعلَمُ مِن عَمَلٍ يُقَرّبُكُم إِلَي اللّهِ إِلّا وَ قَد أَمَرتُكُم بِهِ وَ لَا أَعلَمُ مِن عَمَلٍ يُقَرّبُكُم إِلَي النّارِ إِلّا وَ قَد نَهَيتُكُم عَنهُ وَ إِنّهُ قَد نَفَثَ الرّوحُ الأَمِينُ فِي روُعيِ‌ أَنّهُ لَن تَمُوتَ نَفسٌ حَتّي تسَتوَفيِ‌َ أَقصَي رِزقِهَا لَا يَنقُصُ مِنهُ شَيءٌ وَ إِن أَبطَأَ عَنهَا فَاتّقُوا اللّهَ رَبّكُم وَ أَجمِلُوا فِي طَلَبِ الرّزقِ وَ لَا يَحمِلَنّكُمُ استِبطَاؤُهُ عَلَي أَن تَطلُبُوهُ بِمَعصِيَةِ


صفحه : 127

رَبّكُم فَإِنّهُ لَن يُقدَرَ عَلَي مَا عِندَهُ إِلّا بِطَاعَتِهِ قَد بَيّنَ لَكُمُ الحَلَالَ وَ الحَرَامَ غَيرَ أَنّ بَينَهُمَا شَبَهاً مِنَ الأَمرِ لَم يَعلَمهَا كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ إِلّا مَن عُصِمَ فَمَن تَرَكَهَا حَفِظَ عِرضَهُ وَ دِينَهُ وَ مَن وَقَعَ فِيهَا كَانَ كاَلراّعيِ‌ إِلَي جَنبِ الحِمَي أَوشَكَ أَن يَقَعَ فِيهِ وَ مَا مِن مَلَكٍ إِلّا وَ لَهُ حِمًي أَلَا وَ إِنّ حِمَي اللّهِ مَحَارِمُهُ وَ المُؤمِنُ مِنَ المُؤمِنِينَ كَالرّأسِ مِنَ الجَسَدِ إِذَا اشتَكَي تَدَاعَي عَلَيهِ سَائِرُ جَسَدِهِ وَ السّلَامُ عَلَيكُم

قال الواقدي‌ وبرز طلحة بن أبي طلحة فصاح من يبارز فقال علي عليه السلام هل لك في مبارزتي‌ قال نعم فبرز بين الصفين و رسول الله جالس تحت الراية عليه درعان ومغفر وبيضة فالتقيا فبدره علي عليه السلام بضربة علي رأسه فمضي السيف حتي فلق هامته إلي أن انتهي إلي لحيته فوقع وانصرف علي عليه السلام فقيل له هلا دففت عليه قال إنه لماصرع استقبلتني‌ عورته فعطفتني‌ عليه الرحم و قدعلمت أن الله سيقتله هوكبش الكتيبة فسر رسول الله ص وكبر تكبيرا عاليا وكبر المسلمون . وساق القصة إلي أن قال ثم حمل اللواء أرطأة بن عبدشرحبيل فقتله علي عليه السلام ثم حمله صواب غلام بني‌ عبدالدار فقيل قتله علي عليه السلام وقيل سعد بن أبي وقاص وقيل قزمان . قال الواقدي‌ وقالوا ماظفر الله نبيه في موطن قط ماظفره وأصحابه يوم أحد حتي عصوا الرسول وتنازعوا في الأمر لقد قتل أصحاب اللواء وانكشف


صفحه : 128

المشركون ونساؤهم يدعون بالويل بعدضرب الدفوف فلما ترك أصحاب عبد الله بن جبير مراكزهم ونظر خالد بن الوليد إلي خلاء الجبل وقلة أهله فكر بالخيل وتبعه عكرمة بالخيل وانطلقا إلي موضع الرماة فحملوه عليهم فراماهم القوم حتي أصيبوا ورامي عبد الله بن جبير حتي فنيت نبله ثم طاعن بالرمح حتي انكسر ثم كسر جفن سيفه فقاتل حتي قتل .فروي رافع بن خديج قال لماقتل خالد الرماة أقبل بالخيل وعكرمة يتلوه فخالطنا و قدانتقضت صفوفنا ونادي إبليس وتصور في صورة جعال بن سراقة أن محمدا قدقتل ثلاث صرخات فابتلي‌ يومئذ جعال ببلية عظيمة حين تصور إبليس في صورته و إن جعالا ليقاتل مع المسلمين أشد القتال وإنه إلي جنب أبي بردة وخوات بن جبير قال رافع فو الله مارأينا دولة كانت أسرع من دولة المشركين علينا وأقبل المسلمون علي جعال يريدون قتله فشهد له خوات و أبوبردة أنه كان إلي جنبهما حين صاح الصائح و أن الصائح غيره قال رافع أتينا من قبل أنفسنا ومعصية نبينا واختلط المسلمون وصاروا يقتلون ويضرب بعضهم بعضا مايشعرون بما يصنعون من الدهش والعجل . وروي أبوعمرو محمد بن عبدالواحد اللغوي‌ ورواه أيضا محمد بن حبيب في أماليه أن رسول الله ص لمافر معظم أصحابه عنه يوم أحد كثرت عليه كتائب المشركين وقصدته كتيبة من بني‌ كنانة ثم من بني‌ عبدمناف بن كنانة فيهابنو سفيان بن عويف وهم خالد بن ثعلب و أبوالشعشاء بن سفيان و أبوالحمراء بن سفيان وغراب بن سفيان فقال رسول الله ص يا علي اكفني‌ هذه الكتيبة فحمل عليها


صفحه : 129

وإنها لتقارب خمسين فارسا و هو عليه السلام راجل فما زال يضربها بالسيف حتي تتفرق عنه ثم تجتمع عليه هكذا مرارا حتي قتل بني‌ سفيان بن عويف الأربعة وتمام العشرة منها ممن لايعرف أسماؤهم فقال جبرئيل عليه السلام لرسول الله ص إن هذه للمواساة لقد عجبت الملائكة من مواساة هذاالفتي فقال رسول الله ص و مايمنعه و هومني‌ و أنا منه فقال جبرئيل و أنامنكما قال وسمع ذلك اليوم صوت من قبل السماء لايري شخص الصارخ به ينادي‌ مرارا لاسيف إلاذو الفقار و لافتي إلا علي .فسئل رسول الله عنه فقال هذاجبرئيل . قلت و قدروي هذاالخبر جماعة من المحدثين و هو من الأخبار المشهورة ووقفت عليه في بعض نسخ مغازي‌ محمد بن إسحاق وسألت شيخي‌ عبدالوهاب بن سكينة عن هذاالخبر فقال خبر صحيح فقلت له فما بال الصحاح لم تشتمل عليه قال و كل ما كان صحيحا تشتمل عليه كتب الصحاح كم قدأهمل جامعوا الصحاح من الأخبار الصحيحة. قال الواقدي‌ و قال رسول الله ص يومئذ من يأخذ هذاالسيف بحقه فقال عمر أنافأعرض عنه فقام الزبير فأعرض عنه ثم عرضه الثالثة فقال أبودجانة أنا يا رسول الله آخذه بحقه فدفعه إليه فما رؤي‌ أحد قاتل أفضل من قتاله و كان حين أعطاه مشي بين الصفين واختال في مشيته فقال رسول الله ص إن هذه لمشية يبغضها الله تعالي إلا في مثل هذاالموطن .


صفحه : 130

قال و كان مخيريق اليهودي‌ من أحبار اليهود فقال يوم السبت و رسول الله ص بأحد يامعشر اليهود و الله إنكم لتعلمون أن محمدا نبي‌ و أن نصره عليكم حق فقالوا ويحك اليوم يوم السبت فقال لاسبت ثم أخذ سلاحه وحضر مع النبي ص فأصيب فقال رسول الله ص مخيريق خير يهود. قال و كان قال حين خرج إلي أحد إن أصبت فأموالي‌ لمحمد يضعها حيث أراه الله فهي‌ عامة صدقات النبي ص قال و كان عمرو بن الجموح رجلا أعرج فلما كان يوم أحد و كان له بنون أربعة يشهدون مع النبي ص المشاهد أمثال الأسد أراد قومه أن يحبسوه وقالوا أنت رجل أعرج و لاحرج عليك و قدذهب بنوك مع النبي ص قال بخ يذهبون إلي الجنة وأجلس أناعندكم فقالت هند بنت عمرو بن حرام امرأته كأني‌ أنظر إليه موليا قدأخذ درقته و هو يقول أللهم لاتردني‌ إلي أهلي‌ فخرج ولحقه بعض قومه يكلمونه في القعود فأبي وجاء إلي رسول الله ص فقال يا رسول الله إن قومي‌ يريدون أن يحبسوني‌ هذاالوجه والخروج معك و الله إني‌ لأرجو أن أطأ بعرجتي‌ هذه في الجنة فقال له أما أنت فقد عذرك الله و لاجهاد عليك فأبي فقال النبي ص لقومه وبنيه لاعليكم أن لاتمنعوه لعل الله يرزقه الشهادة فخلوا عنه فقتل يومئذ شهيدا قال فحملته هند بعدشهادته وابنها خلاد وأخاها عبد الله علي بعير فلما بلغت منقطع الحرة برك البعير فكان كلما توجهه إلي المدينة برك و إذاوجهته إلي أحد أسرع فرجعت إلي النبي ص فأخبرته بذلك فقال ص إن الجمل لمأمور هل قال عمرو شيئا قالت نعم إنه لماتوجه إلي أحد استقبل القبلة ثم قال أللهم لاتردني‌ إلي أهلي‌ وارزقني‌ الشهادة فقال ص فلذلك الجمل لايمضي‌ إن منكم يامعشر الأنصار من لوأقسم علي الله لأبره منهم عمرو بن الجموح


صفحه : 131

يا هذه مازالت الملائكة مظلة علي أخيك من لدن قتل إلي الساعة فينظرون أين يدفن ثم مكث رسول الله ص في قبرهم ثم قال ياهند قدترافقوا في الجنة جميعا بعلك وابنك وأخوك فقالت هند يا رسول الله فادع لي عسي أن يجعلني‌ معهم . قال و كان جابر يقول لمااستشهد أبي جعلت عمتي‌ تبكي‌ فقال النبي ص مايبكيها مازالت الملائكة تظل عليه بأجنحتها حتي دفن . و قال عبد الله بن عمرو بن حرام رأيت في النوم قبل يوم أحد بأيام مبشر بن عبدالمنذر أحد الشهداء ببدر يقول لي أنت قادم علينا في أيام فقلت فأين أنت قال في الجنة نسرح منها حيث نشاء فقلت له أ لم تقتل يوم بدر قال بلي ثم أحييت فذكر ذلك لرسول الله ص قال هذه الشهادة يابا جابر. قال و قال رسول الله ص يوم أحد ادفنوا عبد الله بن عمرو وعمرو بن الجموح في قبر واحد ويقال إنهما وجدا و قدمثل بهما كل مثلة قطعت آرابهما عضوا عضوا فلايعرف أبدانهما فقال النبي ص ادفنوهما في قبر واحد ويقال إنما دفنهما في قبر واحد لما كان بينهما من الصفاء فقال ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد فدخل السيل عليهما و كان قبرهما مما يلي‌ السيل فحفر عنهما وعليهما نمرتان و عبد الله قدأصابه جرح في وجهه فيده علي وجهه فأميطت يده عن جرحه فثعب الدم فردت إلي مكانها فسكن الدم . قال الواقدي‌ و كان جابر يقول رأيته في حفرته كأنه نائم ماتغير


صفحه : 132

من حاله قليل و لاكثير فقيل أفرأيت أكفانه قال إنما كفن في نمرة خمر بهاوجهه و علي رجليه الحرمل فوجدنا النمرة كماهي‌ والحرمل علي رجليه كهيئته و بين ذلك و بين دفنه ست وأربعون سنة فشاورهم جابر في أن يطيبه بمسك فأبي ذلك أصحاب النبي ص وقالوا لاتحدثوا فيهم شيئا. قال ويقال إن معاوية لماأراد أن يجري‌ العين التي‌ أحدثها بالمدينة وهي‌ كظامة نادي مناديه بالمدينة من كان له قتيل بأحد فليشهد فخرج الناس إلي قتلاهم فوجدوهم رطابا يتثنون فأصابت المسحاة رجل رجل منهم فثعبت دما فقال أبوسعيد الخدري‌ لاينكر بعد هذامنكر أبدا. قال ووجد عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر وخارجة بن زيد وسعيد بن الربيع في قبر فأما قبر عبد الله وعمرو فحول و ذلك أن القناة كانت تمر علي قبرهما و أماقبر خارجة وسعد فترك لأن مكانه كان معتزلا ولقد كانوا يحفرون التراب فكلما حفروا قترة من تراب فاح عليهم المسك . قال الواقدي‌ وكانت نسيبة بنت كعب قدشهدت أحدا وابناها عمارة بن غزية و عبد الله بن زيد وزوجها غزية وخرجت ومعها شن لها في أول النهار تريد تسقي‌ الجرحي فقاتلت يومئذ وأبلت بلاء حسنا فجرحت اثني‌ عشر جرحا بين طعنة برمح أوضربة بسيف فكانت أم سعد تحدث فتقول دخلت عليها فقلت لها ياخالة حدثيني‌ خبرك فقالت خرجت أول النهار إلي أحد و أناأنظر مايصنع الناس ومعي‌ سقاء فيه ماء فانتهيت إلي رسول الله ص و هو في الصحابة والدولة والريح للمسلمين فلما انهزم المسلمون انحزت إلي رسول الله ص فجعلت أباشر القتال


صفحه : 133

وأذب عن رسول الله ص بالسيف وأرمي‌ بالقوس حتي خلصت إلي الجراح فرأيت علي عاتقها جرحا أجوف له غور فقلت ياأم عمارة من أصابك بهذا قالت أقبل ابن قميئة و قدولي الناس عن رسول الله يصيح دلوني‌ علي محمد لانجوت إن نجا فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه فكنت فيهم فضربني‌ هذه الضربة ولقد ضربته علي ذاك ضربات ولكن عدو الله كان عليه درعان فقلت لها يدك ماأصابها قال أصيبت يوم اليمامة لماجعلت الأعراب تهزم بالناس نادت الأنصار أخلصونا فأخلصت الأنصار فكنت معهم حتي انتهينا إلي حديقة الموت فاقتتلنا عليها ساعة حتي قتل أبودجانة علي باب الحديقة ودخلتها و أناأريد عدو الله مسيلمة فتعرض لي رجل فضرب يدي‌ فقطعها فو الله ماكانت لي ناهية و لاعرجت عليها حتي وقفت علي الخبيث مقتولا وابني‌ عبد الله بن زيد يمسح سيفه بثيابه فقلت أقتلته قال نعم فسجدت شكرا لله عز و جل وانصرفت . قال و كان ضمرة بن سعيد يحدث عن آبائه عن جدته وكانت قدشهدت أحدا تسقي‌ الماء قالت سمعت رسول الله ص يقول يومئذ لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان و كان يراها يومئذ تقاتل أشد القتال حتي جرحت ثلاثة عشر جرحا. قال ابن أبي الحديد قلت ليت الراوي‌ لم يكن هذه الكناية و كان يذكر من هما بأسمائهما حتي لايترامي الظنون إلي أمور مشتبهة و من أمانة الحديث أن يذكر الحديث علي وجهه و لايكتم منه شيئا فما باله كتم اسم هذين الرجلين .أقول إن الراوي‌ لعله كان معذورا في التكنية باسم الرجلين تقية وكيف كان يمكنه التصريح باسم صنمي‌ قريش وشيخي‌ المخالفين الذين كانوا يقدمونهما علي أمير المؤمنين عليه السلام مع أن كنايته أبلغ من الصريح إذ ظاهر أن الناس كانوا


صفحه : 134

لايبالون بذكر أحد من الصحابة بما كان واقعا إلابذكرهما وذكر ثالثهما و أماسائر بني‌ أمية وأجداد سائر خلفاء الجور فلم يكونوا حاضرين في هذاالمشهد في عسكر المسلمين حتي يكني بذكرهم تقية من أولادهم وأتباعهم و قدتقدم في رواية علي بن ابراهيم ذكر الثالث أيضا معهما وذكره كان أولي لأن فراره كان أعرض وسيأتي‌ القول في ذلك .رجعنا إلي كلام ابن أبي الحديد قال روي الواقدي‌ بإسناده عن عبد الله بن زيد قال شهدت أحدا مع رسول الله ص فلما تفرق الناس عنه دنوت منه وأمي‌ تذب عنه فقال ابن أم عمارة قلت نعم قال ارم فرميت بين يديه رجلا من المشركين بحجر و هو علي فرس فأصيب عين الفرس فاضطرب الفرس حتي وقع هو وصاحبه وجعلت أعلوه بالحجارة حتي نضدت عليه منها وقرا و النبي ص ينظر إلي‌ ويتبسم فنظر إلي جرح بأمي‌ علي عاتقها فقال أمك أمك اعصب جرحها بارك الله عليكم من أهل بيت لمقام أمك خير من مقام فلان وفلان ومقام ربيبك يعني‌ زوج أمه خير من مقام فلان وفلان ومقامك خير من مقام فلان وفلان رحمكم الله أهل البيت فقالت أمي‌ ادع الله لنا يا رسول الله أن نرافقك في الجنة فقال أللهم اجعلهم رفقائي‌ في الجنة قالت فما أبالي‌ ماأصابني‌ من الدنيا قال الواقدي‌ وأقبل وهب بن قابوس المزني‌ ومعه ابن أخيه الحارث بن عقبة بغنم لهما من جبل جهينة فوجدا المدينة خلوا فسألا أين الناس قالوا بأحد خرج رسول الله ص يقاتل المشركين من قريش فقالا لانبتغي‌ أثرا بعدعين فخرجا حتي أتيا النبي ص بأحد فوجدا القوم يقتتلون والدولة لرسول الله ص وأصحابه فأغارا مع المسلمين في النهب وجاءت الخيل من ورائهم خالد وعكرمة فاختلط الناس فقاتلا أشد


صفحه : 135

القتال فانفرقت فرقة من المشركين فقال رسول الله ص من لهذه الفرقة فقال وهب أنافقام فرماهم بالنبل حتي انصرفوا ثم رجع فانفرقت فرقة أخري فقال ص من لهذه الكتيبة فقال المزني‌ أنا يا رسول الله فقام فذبها بالسيف حتي ولت ثم رجع فطلعت كتيبة أخري فقال ص من يقوم لهؤلاء فقال المزني‌ أنا يا رسول الله فقال قم وأبشر بالجنة فقام مسرورا يقول و الله لاأقيل و لاأستقيل فجعل يدخل فيهم ويضرب بالسيف و رسول الله ص ينظر إليه والمسلمون حتي خرج من أقصي الكتيبة و رسول الله يقول أللهم ارحمه ثم يرجع فيهم فما زال كذلك وهم محدقون به حتي اشتملت عليه أسيافهم ورماحهم فقتلوه فوجد به يومئذ عشرون طعنة بالرماح كلها قددخلت إلي مقتل ومثل به أقبح المثل يومئذ ثم قام ابن أخيه فقاتل كنحو قتاله حتي قتل . و قال سعد بن أبي وقاص أشهد لرأيت رسول الله ص واقفا علي المزني‌ و هومقتول و هو يقول رضي‌ الله عنك فإني‌ عنك راض ثم رأيت رسول الله ص قام علي قدميه و قدناله من ألم الجراح ماناله علي قبره حتي وضع في لحده و عليه بردة لها أعلام حمر فمد رسول الله ص البردة علي رأسه فخمره وأدرجه فيهاطولا فبلغت نصف ساقيه فأمرنا فجمعنا الحرمل فجعلناه علي رجليه و هو في لحده ثم انصرف . قال الواقدي‌ وأقبل ضرار بن الخطاب فضرب عمر بن الخطاب لماجال المسلمون تلك الجولة بالقناة و قال يا ابن الخطاب إنها نعمة مشكورة ماكنت لأقتلك . قال و قال علي عليه السلام لما كان يوم أحد وجال الناس تلك الجولة أقبل أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة و هودارع مقنع في الحديد مايري منه إلاعيناه و هو يقول يوم بيوم بدر فعرض له رجل من المسلمين فقتله أمية فصمدت له


صفحه : 136

فضربته بالسيف علي هامته و عليه بيضة وتحت البيضة مغفر فنبا سيفي‌ وكنت رجلا قصيرا فضربني‌ بسيفه فاتقيت بالدرقة فلحج سيفه فضربته و كان درعه مشمرة فقطعت رجليه فوقع وجعل يعالج سيفه حتي خلصه من الدرقة وجعل يناوشني‌ و هوبارك حتي نظرت إلي فتق إبطه فضربته فمات . قال الواقدي‌ بينا عمر بن الخطاب يومئذ في رهط من المسلمين قعودا إذ مر بهم أنس بن النضر فقال مايقعدكم قالوا قتل رسول الله ص قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا علي مامات عليه ثم قام فجالد بسيفه حتي قتل وقالوا إن مالك بن الدخشم مر علي خارجة بن زيد و هوقاعد و في حشوته ثلاثة عشر جرحا كلها قدخلصت إلي مقتل فقال مالك أعلمت أن محمدا قدقتل قال خارجة فإن كان محمدقتل فإن الله حي‌ لايقتل و لايموت و أن محمدا قدبلغ فاذهب أنت فقاتل عن دينك قال ومر مالك بن الدخشم أيضا علي سعد بن الربيع و به اثنا عشر جرحا كلها قدخلص إلي مقتل فقال أ ماعلمت أن محمدا قدقتل فقال سعد أشهد أن محمدا قدبلغ رسالة ربه فقاتل أنت عن دينك فإن الله حي‌ لايموت .


صفحه : 137

قال ابن أبي الحديد قدروي كثير من المحدثين أن رسول الله ص قال لعلي‌ عليه السلام حين سقط ثم أقيم اكفني‌ هؤلاء لجماعة قصدت نحوه فحمل عليهم فهزمهم وقتل منهم عبد الله بن حميد ثم حملت عليهم طائفة أخري فقال له اكفني‌ هؤلاء فحمل عليهم فانهزموا من بين يديه وقتل منهم أمية بن حذيفة المخزومي‌. و قال جميع من قتل يوم أحد من المشركين ثمانية وعشرون قتل علي عليه السلام منهم مااتفق عليه و مااختلف فيه اثني‌ عشر و هو إلي جملة القتلي كعدة من قتل ببدر إلي جملة القتلي يومئذ و هوقريب من النصف . ثم قال القول فيمن ثبت من المسلمين مع رسول الله ص يوم أحد قال الواقدي‌ حدثني‌ موسي بن يعقوب عن عمته عن أمها عن المقداد قال لماتصاف القوم للقتال يوم أحد جلس رسول الله ص تحت راية مصعب بن عمير فلما قتل أصحاب اللواء هزم المشركون الهزيمة الأولي وأغار المسلمون علي معسكرهم ينهبونه ثم كر المشركون علي المسلمين فأتوهم عن خلفهم فتفرق الناس ونادي رسول الله ص في أصحاب الألوية فقتل مصعب حامل لوائه وأخذ راية الخزرج سعد بن عبادة فقام رسول الله ص تحتها وأصحابه محدقون به ودفع لواء المهاجرين إلي أبي الردم أحد بني‌ عبدالدار آخر نهار ذلك اليوم ونظرت إلي لواء الأوس مع أسيد بن حضير فناوشوا المشركين ساعة واقتتلوا علي اختلاط من الصفوف ونادي المشركون بشعارهم ياللعزي يالهبل فأوجعوا و الله فينا قتلا ذريعا ونالوا من رسول الله ص مانالوا لا و ألذي بعثه بالحق مازال


صفحه : 138

شبرا واحدا إنه لفي‌ وجه العدو تثوب إليه طائفة من أصحابه مرة وتتفرق عنه مرة فربما رأيته قائما يرمي‌ حتي تحاجزوا وكانت العصابة التي‌ ثبتت مع رسول الله ص أربعة عشر رجلا سبعة من المهاجرين وسبعة من الأنصار فأما المهاجرون فعلي‌ عليه السلام و أبوبكر و عبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله و أبوعبيدة بن الجراح والزبير بن العوام و أماالأنصار فالحباب بن المنذر و أبودجانة وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير. قال الواقدي‌ و قدروي‌ أن سعد بن عبادة و محمد بن مسلمة ثبتا يومئذ و لم يفرا و من روي ذلك جعلهما مكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير. قال الواقدي‌ وبايعه يومئذ علي الموت ثمانية ثلاثة من المهاجرين علي وطلحة والزبير وخمسة من الأنصار أبودجانة والحارث بن الصمة والحباب بن المنذر وعاصم بن ثابت وسهل بن حنيف و لم يقتل منهم ذلك اليوم أحد و أماباقي‌ المسلمين ففروا و رسول الله ص يدعوهم في أخراهم حتي انتهي من انتهي منهم إلي قريب من المهراس . قال الواقدي‌ وحدثني‌ عتبة بن جبيرة عن يعقوب بن عمر بن قتادة قال ثبت يومئذ بين يديه ثلاثون رجلا كلهم يقول وجهي‌ دون وجهك ونفسي‌ دون نفسك وعليك السلام غيرمودع . قلت قداختلف في عمر بن الخطاب هل ثبت يومئذ أم لا مع اتفاق الرواة كافة علي أن عثمان لم يثبت فالواقدي‌ ذكر أنه لم يثبت و أما محمد بن إسحاق والبلاذري‌ فجعلاه مع من ثبت و لم يفر واتفقوا كلهم علي أن ضرار بن الخطاب الفهري‌ قرع رأسه بالرمح و قال إنها نعمة مشكورة يا ابن الخطاب إني‌ آليت


صفحه : 139

أن لاأقتل رجلا من قريش روي ذلك محمد بن إسحاق وغيره و لم يختلفوا في ذلك وإنما اختلفوا هل قرعه بالرمح و هوفار هارب أم مقدم ثابت و لم تختلف الرواة من أهل الحديث أن أبابكر لم يفر يومئذ و أنه ثبت فيمن ثبت و إن لم يكن نقل عنه قتل أوقتال والثبوت جهاد و فيه وحده كفاية و أمارواية الشيعة فإنهم يروون أنه لم يثبت إلا علي وطلحة والزبير و أبودجانة وسهل بن حنيف وعاصم بن ثابت وفيهم من يروي‌ أنه ثبت معه أربعة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار و لايعدون أبابكر وعمر بينهم وروي كثير من أصحاب الحديث أن عثمان جاء بعدثالثة إلي رسول الله ص فسأله إلي أين انتهيت فقال إلي الأعوص فقال لقد ذهبت فيهاعريضة


صفحه : 140

قال ابن أبي الحديد وحضرت عند محمد بن معد العلوي‌ علي رأي‌ الإمامية وقار‌ئ يقرأ عنده مغازي‌ الواقدي‌ فقرأ حدثناالواقدي‌ عن ابن أبي سبرة عن خالد بن رياح عن أبي سفيان مولي ابن أبي أحمد عن محمد بن مسلمة قال سمعت أذناي‌ وأبصرت عيناي‌ رسول الله ص يقول يوم أحد و قدانكشف الناس إلي الجبل و هويدعوهم وهم لايلوون عليه سمعته يقول إلي‌ يافلان إلي‌ يافلان أنا رسول الله فما عرج عليه واحد منهما ومضيا فأشار ابن معد إلي‌ أي اسمع فقلت و ما في هذا قال هذه كناية عنهما فقلت ويجوز أن لا يكون عنهما لعله عن غيرهما قال ليس في الصحابة من يحتشم من ذكره بالفرار و ماشابهه من العيب فيضطر القائل إلي الكناية إلاهما قلت له هذاممنوع فقال دعنا من جدلك ومنعك ثم حلف أنه ماعني الواقدي‌ غيرهما و أنه لو كان غيرهما لذكرهما صريحا. قال الواقدي‌ و كان ممن ولي عمر وعثمان والحارث بن حاطب وثعلبة بن حاطب وسواد بن غزية وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان وخارجة بن عامر وأوس بن قبطي‌ في نفر من بني‌ حارثة. واحتج أيضا من قال بفرار عمر بما رواه الواقدي‌ في قصة الحديبية قال قال عمر يومئذ يا رسول الله أ لم تكن حدثتنا أنك ستدخل المسجد الحرام و


صفحه : 141

تأخذ مفتاح الكعبة وتعرف مع المعرفين وهدينا لم يصل إلي البيت و لانحر فقال رسول الله ص أ قلت لكم في سفركم هذا قال عمر لا قال أماإنكم ستدخلونه وآخذ مفتاح الكعبة وأحلق رأسي‌ ورءوسكم ببطن مكة وأعرف مع المعرفين ثم أقبل علي عمر و قال أنسيتم يوم أحدإِذ تُصعِدُونَ وَ لا تَلوُونَ عَلي أَحَدٍ و أناأدعوكم في أخراكم أنسيتم يوم الأحزاب إِذ جاؤُكُم مِن فَوقِكُم وَ مِن أَسفَلَ مِنكُم وَ إِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَ بَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ أنسيتم يوم كذا وجعل يذكرهم أمورا أنسيتم يوم كذا فقال المسلمون صدق الله ورسوله أنت يا رسول الله أعلم بالله منا فلما دخل عام القضية وحلق رأسه قال هذا ألذي كنت وعدتكم به فلما كان يوم الفتح وأخذ مفتاح الكعبة قال ادعوا لي عمر بن الخطاب فجاء فقال هذا ألذي كنت قلت لكم .قالوا فلو لم يكن فر يوم أحد لما قال له أنسيتم يوم أحدإِذ تُصعِدُونَ وَ لا تَلوُونَ عَلي أَحَدٍ. هذاآخر ماأردنا نقله من كلام ابن أبي الحديد.أقول والعجب منه أنه ادعي هنا اتفاق الرواة علي أنه ثبت أبوبكر و لم يفر مع أنه قال عندذكر أجوبة شيخه أبي جعفرالإسكافي‌ عما ذكره الجاحظ في فضل إسلام أبي بكر علي إسلام علي عليه السلام حيث قال الجاحظ و قدثبت أبوبكر مع النبي ص يوم أحد كماثبت علي فلافخر لأحدهما علي صاحبه في ذلك اليوم قال شيخنا أبو جعفر أماثباته يوم أحد فأكثر المؤرخين وأرباب السيرة ينكرونه وجمهورهم يروي‌ أنه لم يبق مع النبي ص إلا علي عليه السلام وطلحة والزبير و أبودجانة و قدروي‌ عن ابن عباس أنه قال ولهم خامس و هو عبد الله بن مسعود ومنهم من أثبت سادسا و هوالمقداد بن عمرو وروي يحيي بن سلمة بن كهيل قال قلت لأبي‌ كم ثبت مع رسول الله ص يوم أحد كل منهم يدعيه فقال اثنان


صفحه : 142

قلت من هما قال علي و أبودجانة انتهي .فقد ظهر أن ثبات أبي بكر أيضا ليس مما أجمعت عليه رواتهم واتفقت رواياتهم مع اتفاق روايات الشيعة علي عدمه وهي‌ محفوفة بالقرائن الظاهرة إذ من المعلوم أن مع ثباته لابد أن ينقل منه إما ضرب أوطعن والعجب منه أنه حيث لم يكن من الطاعنين كيف لم يصر من المطعونين و لما لم يكن من الجارحين لم لم يكن من المجروحين و إن لم يتحرك لقتال مع كونه بمرأي من المشركين ومسمع لم لم يذكر في المقتولين إلا أن يقال إن المشركين كانوا يرونه منهم باطنا فلذا لم يتعرضوا له كما لم يقتل ضرار عمر ولعمري‌ يمكن أن يقال لو كان حضر ميت تلك الوقعة لكان يذكر منه بعض ماينسب إلي الأحياء و لايدعي‌ مثل ذلك إلا من ليس له حظ من العقل والحياء. ولنوضح بعض ماربما اشتبه فيما نقلنا عنه ضوي إليهم كرمي انضم مافضت أي كسرت والتيه بالكسر الكبر والصياصي‌ الحصون لم يكلموا علي بناء المفعول أي لم يجرحوا والرصد بالتحريك الذين يرقبون العدو والجمع أرصاد. و في النهاية فيه كمثل الجسد إذااشتكي بعضه تداعي سائره بالسهر والحمي كأنه بعضا دعا بعضا و منه قولهم تداعت الحيطان أي تساقطت أوكادت و منه تداعت إليكم الأمم أي اجتمعوا ودعا بعضكم بعضا انتهي . وثعب الماء والدم كمنع فجره فانثعب ذكره الفيروزآبادي‌ و قال القترة بالفتح الغبرة والقتر بالضم الناحية والجانب والقتر القدر ويحرك و قال الريح الغلبة والقوة والنصرة انتهي .انحزت أي عدلت عما كنت فيه متوجها إليه والأعوص موضع قرب المدينة.


صفحه : 143

ثم قال ابن أبي الحديد في ذكر أسماء من قتل من المسلمين بأحد قال الواقدي‌ ذكر سعيد بن المسيب و أبوسعيد الخدري‌ أنه قتل من الأنصار خاصة أحد وسبعون وبمثله قال مجاهد قال فأربعة من قريش وهم حمزة قتله وحشي‌ و عبد الله بن جحش قتله الأخنس بن شريق وشماس بن عثمان قتله أبي بن خلف ومصعب بن عمير قتله ابن قميئة قال و قدزاد قوم خامسا و هوسعد مولي حاطب من بني‌ أسد و قال قوم أيضا إن أباسلمة بن عبدالأسد المخزومي‌ جرح يوم أحد ومات من تلك الجراحة بعدأيام . قال الواقدي‌ و قال قوم قتل ابنا الهيت من بني‌ سعد وهما عبد الله و عبدالرحمن ورجلان من مزينة وهما وهب بن قابوس و ابن أخيه الحارث بن عتبة بن قابوس فيكون جميع من قتل من المسلمين ذلك اليوم أحدا وثمانين رجلا انتهي .أقول الأصوب مامر في الأخبار المعتبرة من أن المقتولين من المسلمين بأحد سبعون ويحتمل أن يكون السبعون من المهاجرين والأنصار والباقون ممن لحقهم من خارج المدينة كماعرفت

51-أَقُولُ وَ رَوَي الكاَزرِوُنيِ‌ّ فِي المُنتَقَي عَن رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ قَالَأَعطَي رَسُولُ اللّهِص مُصعَبَ بنَ عُمَيرٍ اللّوَاءَ يَومَ أُحُدٍ فَقُتِلَ مُصعَبٌ فَأَخَذَهُ مَلَكٌ فِي صُورَةِ


صفحه : 144

مُصعَبٍ فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِص يَقُولُ فِي آخِرِ النّهَارِ تَقَدّم يَا مُصعَبُ فَالتَفَتَ إِلَيهِ المَلَكُ وَ قَالَ لَستُ بِمُصعَبٍ فَعَرَفَ رَسُولُ اللّهِص أَنّهُ مَلَكٌ أُيّدَ بِهِ

52- وَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي كَامِلِ التّوَارِيخِ كَانَ ألّذِي قَتَلَ أَصحَابَ اللّوَاءِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَهُ أَبُو رَافِعٍ قَالَ فَلَمّا قَتَلَهُم أَبصَرَ رَسُولُ اللّهِص جَمَاعَةً مِنَ المُشرِكِينَ فَقَالَ لعِلَيِ‌ّ احمِل عَلَيهِم فَحَمَلَ فَفَرّقَهُم وَ قَتَلَ مِنهُم ثُمّ أَبصَرَ جَمَاعَةً أُخرَي فَقَالَ لَهُ فَاحمِل عَلَيهِم فَحَمَلَ وَ فَرّقَهُم وَ قَتَلَ مِنهُم فَقَالَ جَبرَئِيلُ يَا رَسُولَ اللّهِ هَذِهِ المُوَاسَاةُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّهُ منِيّ‌ وَ أَنَا مِنهُ فَقَالَ جَبرَئِيلُ وَ أَنَا مِنكُمَا قَالَ فَسَمِعُوا صَوتاً لَا سَيفَ إِلّا ذُو الفَقَارِ وَ لَا فَتَي إِلّا عَلِيّ قَالَ وَ قَاتَلَ رَسُولُ اللّهِص بِأُحُدٍ قِتَالًا شَدِيداً فَرَمَي بِالنّبلِ حَتّي فنَيِ‌َ نَبلُهُ وَ انكَسَرَت سِيَةُ قَوسِهِ وَ انقَطَعَ وَتَرُهُ وَ لَمّا جُرِحَ رَسُولُ اللّهِ جَعَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ يَنقُلُ لَهُ المَاءَ فِي دَرَقَتِهِ مِنَ المِهرَاسِ وَ يَغسِلُهُ فَلَم يَنقَطِعِ الدّمُ فَأَتَت فَاطِمَةُ عَلَيهَا السّلَامُ وَ جَعَلَت تُعَانِقُهُ وَ تبَكيِ‌ وَ أَحرَقَت حَصِيراً وَ جَعَلَت عَلَي الجُرحِ مِن رِمَادِهِ فَانقَطَعَ الدّمُ وَ قَالَ وَ انتَهَتِ الهَزِيمَةُ بِجَمَاعَةٍ فِيهِم عُثمَانُ بنُ عَفّانَ وَ غَيرُهُ إِلَي الأَعوَصِ فَأَقَامُوا بِهِ ثَلَاثَةً ثُمّ أَتَوُا النّبِيّص فَقَالَ لَهُم حِينَ رَآهُم لَقَد ذَهَبتُم فِيهَا عَرِيضَةً وَ قَالَ فِي ذِكرِ غَزوَةِ حَمرَاءِ الأَسَدِ وَ ظَفَرَ فِي طَرِيقِهِ بِمُعَاوِيَةَ بنِ المُغِيرَةِ بنِ أَبِي العَاصِ وَ بأِبَيِ‌ غُرّةَ الجمُحَيِ‌ّ وَ كَانَ أَبُو غُرّةَ أُسِرَ يَومَ بَدرٍ فَأَطلَقَهُ النّبِيّص لِأَنّهُ شَكَا إِلَيهِ فَقراً وَ كَثرَةَ العِيَالِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِص عَلَيهِ العُهُودَ أَن لَا يُقَاتِلَهُ وَ لَا يُعِينَ عَلَي قِتَالِهِ فَخَرَجَ مَعَهُم يَومَ أُحُدٍ وَ حَرّضَ عَلَي المُسلِمِينَ فَلَمّا أتُيِ‌َ بِهِ رَسُولَ اللّهِص قَالَ يَا مُحَمّدُ امنُن عَلَيّ قَالَ المُؤمِنُ لَا يُلدَغُ مِن


صفحه : 145

جُحرٍ مَرّتَينِ وَ أَمَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ وَ أَمّا مُعَاوِيَةُ وَ هُوَ ألّذِي جَدَعَ أَنفَ حَمزَةَ وَ مَثّلَ بِهِ مَعَ مَن مَثّلَ بِهِ وَ كَانَ قَد أَخطَأَ الطّرِيقَ فَلَمّا أَصبَحَ أَتَي دَارَ عُثمَانَ بنِ عَفّانَ فَلَمّا رَآهُ قَالَ لَهُ عُثمَانُ أهَلكَتنَيِ‌ وَ أَهلَكتَ نَفسَكَ فَقَالَ أَنتَ أَقرَبُهُم منِيّ‌ رَحِماً وَ قَد جِئتُكَ لتِجُيِرنَيِ‌ فَأَدخَلَهُ عُثمَانُ دَارَهُ وَ صَيّرَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنهَا ثُمّ خَرَجَ إِلَي النّبِيّص لِيَأخُذَ لَهُ مِنهُ أَمَاناً فَسَمِعَ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ إِنّ مُعَاوِيَةَ فِي المَدِينَةِ وَ قَد أَصبَحَ بِهَا فَاطلُبُوهُ فَقَالَ بَعضُهُم مَا كَانَ لِيَعدُوَ مَنزِلَ عُثمَانَ فَاطلُبُوهُ فَدَخَلُوا مَنزِلَ عُثمَانَ فَأَشَارَت أُمّ كُلثُومٍ إِلَي المَوضِعِ ألّذِي صَيّرَهُ فِيهِ فَاستَخرَجُوا مِن تَحتِ حِمَارَةٍ لَهُم فَانطَلَقُوا بِهِ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ عُثمَانُ حِينَ رَآهُ وَ ألّذِي بَعَثَكَ بِالحَقّ مَا جِئتُ إِلّا لِأَطلُبَ لَهُ الأَمَانَ فَهَبهُ لِي فَوَهَبَهُ لَهُ وَ أَجّلَهُ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ وَ أَقسَمَ لَئِن وُجِدَ بَعدَهَا يمَشيِ‌ فِي أَرضِ المَدِينَةِ وَ مَا حَولَهَا لَيَقتُلَنّهُ فَخَرَجَ عُثمَانُ فَجَهّزَهُ وَ اشتَرَي لَهُ بَعِيراً ثُمّ قَالَ لَهُ ارتَحِل وَ سَارَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي حَمرَاءِ الأَسَدِ وَ أَقَامَ مُعَاوِيَةُ إِلَي اليَومِ الثّالِثِ لِيَعرِفَ أَخبَارَ النّبِيّص وَ يأَتيِ‌َ بِهَا قُرَيشاً فَلَمّا كَانَ فِي اليَومِ الرّابِعِ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ مُعَاوِيَةَ أَصبَحَ قَرِيباً لَم يَبعُد فَاطلُبُوهُ فَأَصَابُوهُ وَ قَد أَخطَأَ الطّرِيقَ فَأَدرَكُوهُ وَ كَانَ اللّذَانِ أَسرَعَا فِي طَلَبِهِ زَيدَ بنَ حَارِثَةَ وَ عَمّارَ بنَ يَاسِرٍ فَوَجَدَاهُ بِالحِمَاءِ فَضَرَبَهُ زَيدٌ بِالسّيفِ فَقَالَ عَمّارٌ إِنّ لِي فِيهِ حَقّاً فَرَمَاهُ بِسَهمٍ فَقَتَلَاهُ ثُمّ انصَرَفَا إِلَي المَدِينَةِ بِخَبَرِهِ وَ رَوَي هَذَا الخَبَرَ ابنُ أَبِي الحَدِيدِ أَيضاً وَ أَكثَرَ اللّفظَ لَهُ ثُمّ قَالَ وَ يُقَالُ إِنّهُ أُدرِكَ عَلَي ثَمَانِيَةِ أَميَالٍ مِنَ المَدِينَةِ فَلَم يَزَل زَيدٌ وَ عَمّارٌ يَرمِيَانِهِ بِالنّبلِ حَتّي مَاتَ وَ هَذَا كَانَ جَدّ عَبدِ المَلِكِ بنِ مَروَانَ لِأُمّهِ انتَهَي

أقول هذه القصة كانت سبب قتل عثمان ابنة رسول الله ص كماسيأتي‌ شرحه إن شاء الله في مثالبه و باب أحوال أولاد رسول الله ص وغيرهما.


صفحه : 146

و قال ابن الأثير و فيهايعني‌ السنة الثالثة من الهجرة قيل ولد الحسن بن علي عليهما السلام في النصف من شهر رمضان و فيهاعلقت فاطمة بالحسين عليه السلام و كان بين ولادتها وحملها خمسون يوما

53- وَ فِي الدّيوَانِ المَنسُوبِ إِلَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّ الحَارِثَ بنَ صِمّةَ بَعَثَهُ النّبِيّص فِي أُحُدٍ لِحَاجَةٍ فَأَبطَأَ فَأَنشَأَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ


لَاهُمّ إِنّ الحَارِثَ بنَ صِمّةَ   كَانَ وَفِيّاً وَ بِنَا ذَا ذِمّةٍ

أَقبَلَ فِي مَهَامِهَ مُهِمّةٍ   فِي لَيلَةٍ لَيلَاءَ مُدلَهِمّةٍ

بَينَ رِمَاحٍ وَ سُيُوفٍ جَمّةٍ   يبَغيِ‌ رَسُولَ اللّهِ فِيهَا ثَمّةَ

  لَا بُدّ مِن بَلِيّةٍ مُلِمّةٍ

صفحه : 147

باب 31-غزوة الرجيع وغزوة معونة

الآيات آل عمران وَ لا تَحسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمواتاً.الآية تفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله قيل نزلت في شهداء بئر معونة و كان سبب ذلك علي مارواه محمد بن إسحاق بن يسار بإسناده عن أنس وغيره قال قدم أبوبراء عامر بن مالك بن جعفرملاعب الأسنة و كان سيد بني‌ عامر بن صعصعة علي رسول الله ص المدينة وأهدي له هدية فأبي رسول الله ص أن يقبلها و قال يا أبابراء لاأقبل هدية مشرك فأسلم إن أردت أن أقبل هديتك وقرأ عليه القرآن فلم يسلم و لم يبعد و قال يا محمد إن أمرك هذا ألذي تدعو إليه حسن جميل فلو بعثت رجالا من أصحابك إلي أهل نجد فدعوهم إلي أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال رسول الله ص إني‌ أخشي عليهم أهل نجد فقال أبوبراء أنالهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلي أمرك فبعث رسول الله ص المنذر بن عمرو أخا بني‌ ساعدة في سبعين رجلا من خيار المسلمين منهم الحارث بن الصمة وحرام بن ملحان وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي‌ ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي‌ وعامر بن فهيرة مولي أبي بكر و ذلك في صفر سنة أربع من الهجرة علي رأس أربعة أشهر من أحد فساروا حتي نزلوا بئر معونة فلما نزلوا قال بعضهم لبعض أيكم يبلغ رسالة رسول الله ص أهل هذاالماء فقال حرام بن ملحان أنافخرج بكتاب رسول الله ص إلي عامر بن الطفيل فلما أتاهم لم ينظر عامر في كتاب رسول الله ص فقال


صفحه : 148

حرام يا أهل بئر معونة إني‌ رسول رسول الله إليكم وإني‌ أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فآمنوا بالله ورسوله فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح فضرب به في جنبه حتي خرج من الشق الآخر فقال الله أكبر فزت ورب الكعبة ثم استصرخ عامر بن الطفيل بني‌ عامر علي المسلمين فأبوا أن يجيبوه إلي مادعاهم إليه وقالوا لن نخفر أبابراء و قدعقد لهم عقدا وجوارا فاستصرخ عليهم قبائل من بني‌ سليم عصية ورعلا وذكوان فأجابوه إلي ذلك فخرجوا حتي غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم فلما رأوهم أخذوا السيوف فقاتلوهم حتي قتلوا عن آخرهم إلاكعب بن زيد فإنهم تركوه و به رمق فارتث من بين القتلي فعاش حتي قتل يوم الخندق و كان في سرح القوم عمرو بن أمية الضمري‌ و رجل من الأنصار أحد بني‌ عمرو بن عوف فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلاالطير تحوم حول العسكر فقالوا و الله إن لهذا الطير لشأنا فأقبلا لينظرا إليه فإذاالقوم في دمائهم و إذاالخيل التي‌ أصابتهم واقفة فقال الأنصاري‌ لعمرو بن أمية ماذا تري فقال أري أن نلحق برسول الله ص فنخبره الخبر فقال الأنصاري‌ لكني‌ ماكنت لأرغب بنفسي‌ عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو ثم قاتل القوم حتي قتل وأخذوا عمرو بن أمية أسيرا فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل وجز ناصيته وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت علي أبيه فقدم عمرو بن أمية علي رسول الله ص وأخبره الخبر فقال رسول الله ص


صفحه : 149

هذاعمل أبي براء قدكنت لهذا كارها متخوفا فبلغ ذلك أبابراء فشق عليه إخفار عامر إياه و ماأصاب رسول الله ص بسببه فقال حسان بن ثابت يحرض أبابراء علي عامر بن الطفيل


بني‌ أم البنين أ لم يرعكم .   وأنتم من ذوائب أهل نجد.

تهكم عامر بأبي‌ براء.   ليخفره و ماخطأ كعمد.

ألا أبلغ ربيعة ذا المساعي‌.   فما أحدثت في الحدثان بعدي‌.

أبوك أبوالحروب أبوبراء.   وخالك ماجد حكم بن سعد.

و قال كعب بن مالك


لقد طارت شعاعا كل وجه .   خفارة ماأجار أبوبراء.

بني‌ أم البنين أ ماسمعتم .   دعاء المستغيث مع النساء.

وتنويه الصريخ بلي ولكن .   عرفتم أنه صدق اللقاء.

فلما بلغ ربيعة بن أبي براء قول حسان وقول كعب حمل علي عامر بن الطفيل فطعنه فخر عن فرسه فقال هذاعمل أبي براء إن مت فدمي‌ لعمي‌ فلايبتعن سواي‌ و إن أعش فساري‌ فيه الرأي‌ قال فأنزل الله في شهداء بئر معونة قرآنا بلغوا عنا قومنا بأنا لقينا ربنا فرضي‌ عنا ورضينا عنه ثم نسخت ورفعت بعد ماقرأناها وأنزل الله وَ لا تَحسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِالآية.بيان و لم يبعد أي لم ينكر كثيرا و في القاموس بئر معونة بضم العين قرب المدينة و قال الكسر ويكسر جانب البيت و قال خفره و به خفرا وخفورا نقض عهده وغدره كأخفره وعصية كسمية بطن من بني‌ سليم يقال ارتث فلان علي بناء المجهول أي حمل من المعركة جريحا و به رمق قوله في سرح القوم أي عنددوابهم حيث ذهبت للرعي‌ والتحريض الحث وراعه أفزعه و


صفحه : 150

الذؤابة من كل شيءأعلاه والتهكم الاستهزاء و ماخطأ كعمد أي لم يفعل ذلك خطأ ليعفي عنه بل فعله عمدا و في القاموس المسعاة المكرمة والمعلاة في أنواع المجد.فما أحدثت استفهام علي التعجب ويحتمل النفي‌. و في القاموس ذهبوا شعاعا متفرقين وطار فؤاده شعاعا تفرقت همومه و قال الخفارة بالضم الذمة و قال نوهه و به دعاه و قال الصريخ المغيث والمستغيث و قال الصدق الصلب المستوي‌ من الرماح والرجال والكامل من كل شيء وهي‌ صدقة وقوم صدقون ونساء صدقات و رجل صدق اللقاء والنظر انتهي . وضمير أنه لعامر.أقول روي مثل هذه القصة في إعلام الوري و ابن شهرآشوب في المناقب و في الأول فبعث رسول الله ص المنذر بن عمرو في بضعة وعشرين رجلا وقيل في أربعين رجلا وقيل في سبعين رجلا من خيار المسلمين . و فيه فشق عليه إخفار عامر إياه و ماأصاب من أصحاب رسول الله ص ونزل به الموت فحمل ربيعة بن أبي براء علي عامر بن طفيل و هو في نادي‌ قومه فأخطأ مقاتله فأصاب فخذه فقال عامر هذاعمل عمي‌ أبي براء إن مت فدمي‌ لعمي‌ لاتطلبوه به

1-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]كَانَت بَعدَ غَزوَةِ حَمرَاءِ الأَسَدِ غَزوَةُ الرّجِيعِ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِص مَرثَدَ بنَ أَبِي مَرثَدٍ الغنَوَيِ‌ّ حَلِيفَ حَمزَةَ وَ خَالِدَ بنَ البُكَيرِ وَ عَاصِمَ بنَ ثَابِتِ بنِ الأَفلَجِ وَ خُبَيبَ بنَ عدَيِ‌ّ وَ زَيدَ بنَ دَثِنَةَ وَ عَبدَ اللّهِ بنَ طَارِقٍ وَ أَمِيرُ القَومِ مَرثَدٌ لَمّا قَدِمَ عَلَيهِ رَهطٌ مِن عَضَلٍ وَ الدّيشِ وَ قَالُوا ابعَث مَعَنَا نَفَراً مِن قَومِكَ يُعَلّمُونَنَا القُرآنَ وَ يُفَقّهُونَنَا فِي الدّينِ فَخَرَجُوا مَعَ القَومِ إِلَي بَطنِ الرّجِيعِ وَ هُوَ مَاءٌ لِهُذَيلٍ فَقَتَلَهُم حيَ‌ّ


صفحه : 151

مِن هُذَيلٍ يُقَالُ لَهُم بَنُو لِحيَانَ وَ أُصِيبُوا جَمِيعاً

وَ ذَكَرَ ابنُ إِسحَاقَ أَنّ هُذَيلًا حِينَ قَتَلَت عَاصِمَ بنَ ثَابِتٍ أَرَادُوا رَأسَهُ لِيَبِيعُوهُ مِن سُلَافَةَ بِنتِ سَعدٍ وَ قَد كَانَت نَذَرَت حِينَ أُصِيبَ ابنَاهَا بِأُحُدٍ لَئِن قَدَرَت عَلَي رَأسِهِ لَتَشرَبَنّ فِي قِحفِهِ الخَمرَ فَمَنَعَتهُمُ الدّبَرُ فَلَمّا حَالَت بَينَهُم وَ بَينَهُ قَالُوا دَعُوهُ حَتّي نمُسيِ‌َ فَتَذهَبَ عَنهُ فَبَعَثَ اللّهُ الواَديِ‌َ فَاحتَمَلَ عَاصِماً فَذَهَبَ بِهِ وَ قَد كَانَ عَاصِمٌ أَعطَي اللّهَ عَهداً أَن لَا يَمَسّ مُشرِكاً وَ لَا يَمَسّهُ مُشرِكٌ أَبَداً فِي حَيَاتِهِ فَمَنَعَهُ اللّهُ بَعدَ وَفَاتِهِ مِمّا امتَنَعَ مِنهُ فِي حَيَاتِهِ

بيان الدبر بالفتح جماعة النحل

2-أَقُولُ قَالَ الكاَزرِوُنيِ‌ّ رَوَي ابنُ إِسحَاقَ عَن أَشيَاخِهِ أَنّ قَوماً مِنَ المُشرِكِينَ قَدِمُوا عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالُوا إِنّ فِينَا إِسلَاماً فَابعَث مَعَنَا نَفَراً مِن أَصحَابِكَ يُفَقّهُونَنَا وَ يُقرِءُونَنَا القُرآنَ وَ يُعَلّمُونَنَا شَرَائِعَ الإِسلَامِ فَبَعَثَ مَعَهُم عَشَرَةً مِنهُم عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ وَ مَرثَدُ بنُ أَبِي مَرثَدٍ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ طَارِقٍ وَ خُبَيبُ بنُ عدَيِ‌ّ وَ زَيدُ بنُ الدّثِنَةِ وَ خَالِدُ بنُ أَبِي البُكَيرِ وَ مُعَقّبُ بنُ عُبَيدٍ وَ أَمّرَ عَلَيهِم مَرثَداً وَ قِيلَ عَاصِماً فَخَرَجُوا حَتّي إِذَا كَانُوا بِالرّجِيعِ وَ هُوَ مَاءٌ لِهُذَيلٍ غَدَرُوا بِالقَومِ وَ استَصرَخُوا عَلَيهِم هُذَيلًا فَخَرَجَ بَنُو لِحيَانَ فَلَم يَرعَ القَومَ إِلّا رِجَالٌ بِأَيدِيهِمُ السّيُوفُ فَأَخَذَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص سُيُوفَهُم فَقَالُوا لَهُم إِنّا وَ اللّهِ مَا نُرِيدُ قِتَالَكُم إِنّمَا نُرِيدُ أَن نُصِيبَ بِكُم مِن أَهلِ مَكّةَ وَ لَكُمُ العَهدُ وَ المِيثَاقُ أَن لَا نَقتُلَكُم فَأَمّا عَاصِمٌ وَ مَرثَدٌ وَ خَالِدٌ وَ مُعَقّبٌ فَقَالُوا وَ اللّهِ لَا نَقبَلُ مِن مُشرِكٍ عَهداً فَقَاتَلُوهُم حَتّي قُتِلُوا وَ أَمّا زَيدٌ وَ خُبَيبٌ وَ ابنُ طَارِقٍ فَاستَأسَرُوا وَ أَمّا عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ فَإِنّهُ نَثَرَ كِنَانَتَهُ وَ فِيهَا سَبعَةُ أَسهُمٍ فَقَتَلَ بِكُلّ


صفحه : 152

سَهمٍ رَجُلًا مِن عُظَمَاءِ المُشرِكِينَ ثُمّ قَالَ أللّهُمّ إنِيّ‌ حَمَيتُ دِينَكَ صَدرَ النّهَارِ فَارحَم لحَميِ‌ آخِرَ النّهَارِ ثُمّ أَحَاطَ بِهِ المُشرِكُونَ فَقَتَلُوهُ وَ أَرَادُوا رَأسَ عَاصِمٍ لِيَبِيعُوهُ مِن سُلَافَةَ بِنتِ سَعدٍ وَ كَانَت نَذَرَت أَن تَشرَبَ فِي قِحفِهِ الخَمرَ لِأَنّهُ قَتَلَ ابنَيهَا يَومَ أُحُدٍ فَحَمَتهُ الدّبَرُ فَقَالُوا أَمهِلُوهُ حَتّي يمُسيِ‌َ فَتَذهَبَ عَنهُ فَبَعَثَ اللّهُ الواَديِ‌َ فَاحتَمَلَهُ فسَمُيّ‌َ حِمَي الدّبَرِ وَ خَرَجُوا بِالنّفَرِ الثّلَاثَةِ حَتّي إِذَا كَانُوا بِمُرّ الظّهرَانِ انتَزَعَ عَبدُ اللّهِ بنُ طَارِقٍ يَدَهُ مِنهُم وَ أَخَذَ سَيفَهُ وَ استَأخَرَ عَنهُ القَومُ فَرَمَوهُ بِالحِجَارَةِ حَتّي قَتَلُوهُ فَقُبِرَ بِمَرّ الظّهرَانِ وَ قَدّمُوا بِخُبَيبٍ وَ زَيدٍ مَكّةَ فَابتَاعَ حُجَيرُ بنُ أَبِي إِهَابٍ خُبَيباً لِابنِ أُختِهِ عُقبَةَ بنِ الحَارِثِ لِيَقتُلَهُ بِأَبِيهِ وَ ابتَاعَ صَفوَانُ بنُ أُمَيّةَ زَيداً لِيَقتُلَهُ بِأَبِيهِ فَحَبَسُوهُمَا حَتّي خَرَجَتِ الأَشهُرُ الحُرُمُ ثُمّ أَخرَجُوهُمَا إِلَي التّنعِيمِ فَقَتَلُوهُمَا وَ قَالَ قَائِلٌ لِزَيدٍ عِندَ قَتلِهِ أَ تُحِبّ أَنّكَ الآنَ فِي أَهلِكَ وَ أَنّ مُحَمّداً مَكَانَكَ فَقَالَ وَ اللّهِ مَا أُحِبّ أَنّ مُحَمّداً يُشَاكُ بِشَوكَةٍ وَ إنِيّ‌ جَالِسٌ فِي أهَليِ‌ فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ وَ اللّهِ مَا رَأَيتُ مِن قَومٍ قَطّ أَشَدَ حُبّاً لِصَاحِبِهِم مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍ. وَ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِص عَشَرَةَ عَيناً وَ أَمّرَ عَلَيهِم عَاصِمَ بنَ ثَابِتٍ حَتّي إِذَا كَانُوا بِالهَدَةِ بَينَ عُسفَانَ وَ مَكّةَ ذُكِرُوا لحِيَ‌ّ مِن هُذَيلٍ يُقَالُ لَهُم بَنُو لِحيَانَ فَنَفَرُوا إِلَيهِم بِقَرِيبٍ مِن مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ فَاقتَصّوا آثَارَهُم فَلَمّا أَحَسّ بِهِم عَاصِمٌ وَ أَصحَابُهُ لَجَئُوا إِلَي مَوضِعٍ فَأَحَاطَ بِهِمُ القَومُ فَقَالُوا لَهُمُ انزِلُوا فَأَعطُوا بِأَيدِيكُم وَ لَكُمُ العَهدُ وَ المِيثَاقُ أَن لَا نَقتُلَ مِنكُم أَحَداً فَقَالَ عَاصِمٌ أَيّهَا القَومُ أَمّا أَنَا فَلَا أَنزِلُ فِي ذِمّةِ كَافِرٍ أللّهُمّ أَخبِر عَنّا نَبِيّكَ فَرَمَوهُم بِالنّبلِ فَقَتَلُوا عَاصِماً فَنَزَلَ مِنهُم ثَلَاثَةٌ عَلَي العَهدِ مِنهُم خُبَيبٌ وَ زَيدُ بنُ الدّثِنَةِ وَ رَجُلٌ آخَرُ فَلَمّا استَمكَنُوا مِنهُم أَطلَقُوا أَوتَارَ قِسِيّهِم فَرَبَطُوهُم بِهَا قَالَ الرّجُلُ الثّالِثُ هَذَا وَ اللّهِ أَوّلُ الغَدرِ وَ اللّهِ لَا أَصحَبُكُم إِنّ لِي بِهَؤُلَاءِ أُسوَةً يُرِيدُ القَتلَي فَجَرّوهُ وَ عَالَجُوهُ فَأَبَي أَن يَصحَبَهُم فَقَتَلُوهُ وَ انطَلَقُوا بِخُبَيبٍ وَ زَيدٍ حَتّي بَاعُوهُمَا بِمَكّةَ بَعدَ وَقعَةِ بَدرٍ فَلَبِثَ خُبَيبٌ عِندَهُم أَسِيراً حَتّي أَجمَعُوا عَلَي قَتلِهِ فَاستَعَارَ مِن بَعضِ بَنَاتِ الحَارِثِ مُوسَي


صفحه : 153

يَستَحِدّ بِهَا فَأَعَارَتهُ فَدَرَجَ بنُيَ‌ّ لَهَا وَ هيِ‌َ غَافِلَةٌ حَتّي أَتَاهُ فَوَجَدَتهُ جَالِساً عَلَي فَخِذِهِ وَ المُوسَي بِيَدِهِ قَالَ فَفَزِعَت فَزعَةً عَرَفَهَا خُبَيبٌ فَقَالَ أَ تَخشَينَ أَن أَقتُلَهُ مَا كُنتُ لِأَفعَلَ ذَلِكَ إِنّ الغَدرَ لَيسَ مِن شَأنِنَا قَالَت وَ اللّهِ مَا رَأَيتُ أَسِيراً قَطّ خَيراً مِن خُبَيبٍ وَ اللّهِ لَقَد وَجَدتُهُ يَوماً يَأكُلُ قِطفاً مِن عِنَبٍ فِي يَدِهِ وَ إِنّهُ لَمُوثَقٌ بِالحَدِيدِ وَ مَا بِمَكّةَ مِن ثَمَرَةٍ وَ كَانَت تَقُولُ إِنّهُ لَرِزقٌ رَزَقَهُ اللّهُ خُبَيباً فَلَمّا أَخرَجُوهُ مِنَ الحَرَمِ لِيَقتُلُوهُ فِي الحِلّ قَالَ لَهُم خُبَيبٌ دعَوُنيِ‌ أصُلَيّ‌[أُصَلّ]رَكعَتَينِ فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكعَتَينِ فَقَالَ وَ اللّهِ لَو لَا أَن تَحسَبُوا أَنّ مَا بيِ‌ جَزَعٌ لَزِدتُ أللّهُمّ أَحصِهِم عَدَداً وَ اقتُلهُم بَدَداً وَ لَا تُبقِ مِنهُم أَحَداً وَ قَالَ


فَلَستُ أبُاَليِ‌ حِينَ أُقتَلُ مُسلِماً.   عَلَي أَيّ جَنبٍ كَانَ فِي اللّهِ مصَرعَيِ‌.

وَ ذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَ إِن يَشَأ.   يُبَارِك عَلَي أَوصَالِ شِلوٍ مُمَزّعٍ.

فَصَلَبُوهُ حَيّاً فَقَالَ أللّهُمّ إِنّكَ تَعلَمُ أَنّهُ لَيسَ لِي أَحَدٌ حوَاَليَ‌ّ يُبلِغُ سلَاَميِ‌ رَسُولَكَ فَأَبلِغهُ سلَاَميِ‌ ثُمّ قَامَ إِلَيهِ أَبُو عُقبَةَ بنُ الحَارِثِ فَقَتَلَهُ فَكَانَ خُبَيبٌ هُوَ


صفحه : 154

سَنّ الصّلَاةَ لِكُلّ مُسلِمٍ قُتِلَ صَبراً قَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ وَ لَقَد رَأَيتُ أَبَا سُفيَانَ يلُقيِنيِ‌ إِلَي الأَرضِ فَرَقاً مِن دَعوَةِ خُبَيبٍ وَ كَانُوا يَقُولُونَ إِنّ الرّجُلَ إِذَا دعُيِ‌َ عَلَيهِ فَاضطَجَعَ زَلّت عَنهُ الدّعوَةُ فَلَمّا بَلَغَ النّبِيّص هَذَا الخَبَرُ قَالَ لِأَصحَابِهِ أَيّكُم يَختَزِلُ خُبَيباً عَن خَشَبَتِهِ فَقَالَ الزّبَيرُ أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ وَ صاَحبِيِ‌ المِقدَادُ بنُ الأَسوَدِ فَخَرَجَا يَمشِيَانِ بِاللّيلِ وَ يَكمُنَانِ بِالنّهَارِ حَتّي أَتَيَا التّنعِيمَ لَيلًا وَ إِذَا حَولَ الخَشَبَةِ أَربَعُونَ مِنَ المُشرِكِينَ نِيَامٌ نَشَاوَي فَأَنزَلَاهُ فَإِذَا هُوَ رَطبٌ يَتَثَنّي لَم يُنتِن مِنهُ شَيءٌ بَعدَ أَربَعِينَ يَوماً وَ يَدُهُ عَلَي جِرَاحَتِهِ وَ هيِ‌َ تَبِضّ دَماً اللّونُ لَونُ الدّمِ وَ الرّيحُ رِيحُ المِسكِ فَحَمَلَهُ الزّبَيرُ عَلَي فَرَسِهِ وَ سَارُوا فَانتَبَهَ الكُفّارُ وَ قَد فَقَدُوا خُبَيباً فَأَخبَرُوا قُرَيشاً فَرَكِبَ مِنهُم سَبعُونَ فَلَمّا لَحِقُوهُم قَذَفَ الزّبَيرُ خُبَيباً فَابتَلَعَتهُ الأَرضُ فسَمُيّ‌َ بَلِيعَ الأَرضِ فَقَالَ الزّبَيرُ مَا جَرّأَكُم عَلَينَا يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ ثُمّ رَفَعَ العِمَامَةَ عَن رَأسِهِ فَقَالَ أَنَا الزّبَيرُ بنُ عَوّامٍ وَ أمُيّ‌ صَفِيّةُ بِنتُ عَبدِ المُطّلِبِ وَ صاَحبِيِ‌ المِقدَادُ بنُ الأَسوَدِ أَسَدَانِ رَابِضَانِ يَدفَعَانِ عَن أَشبَالِهِمَا فَإِن شِئتُم نَاضَلتُكُم وَ إِن شِئتُم نَازَلتُكُم وَ إِن شِئتُمُ انصَرَفتُم فَانصَرَفُوا إِلَي مَكّةَ وَ قَدِمَا عَلَي رَسُولِ اللّهِص .

بيان مرثد كمسكن وخبيب كزبير والدثنة ككلمة والموسي بضم الميم وفتح السين مايحلق به والاستحداد الاحتلاق بالحديد والشلو بالكسر العضو والجسد من كل شيء والتمزيع التفريق وتمزعوه بينهم اقتسموه


صفحه : 155

والمزعة بالضم والكسر القطعة من اللحم أوالشقة منه وبض الماء يبض بضا سال قليلا قليلا

3- وَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ لَمّا قُتِلَ عَاصِمٌ وَ أَصحَابُهُ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ عَمرَو بنَ أُمَيّةَ الضمّريِ‌ّ إِلَي مَكّةَ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الأَنصَارِ وَ أَمَرَهُمَا بِقَتلِ أَبِي سُفيَانَ قَالَ عَمرٌو فَخَرَجتُ أَنَا وَ صاَحبِيِ‌ وَ معَيِ‌ بَعِيرٌ لِي وَ بِرِجلِ صاَحبِيِ‌ عِلّةٌ فَكُنتُ أَحمِلُهُ عَلَي بعَيِريِ‌ حَتّي إِذَا جِئنَا بِبَطنِ أَحَجّ فَعَقَلنَا بَعِيرَنَا فِي الشّعبِ وَ قُلتُ لصِاَحبِيِ‌ انطَلِق بِنَا إِلَي أَبِي سُفيَانَ لِنَقتُلَهُ فَإِن خَشِيتَ شَيئاً فَالحَق بِالبَعِيرِ فَاركَبهُ وَ الحَق بِرَسُولِ اللّهِص وَ أَخبِرهُ الخَبَرَ وَ خَلّ عنَيّ‌ فَدَخَلنَا مَكّةَ وَ معَيِ‌ خَنجَرٌ إِن عاَنقَنَيِ‌ إِنسَانٌ ضَرَبتُهُ بِهِ فَقَالَ صاَحبِيِ‌ هَل لَكَ أَن تَبدَأَ فَتَطُوفَ وَ تصُلَيّ‌َ رَكعَتَينِ فَقُلتُ إِنّ أَهلَ مَكّةَ يَجلِسُونَ بِأَفنِيَتِهِم وَ أَنَا أَعرَفُ بِهَا فَلَم يَزَل حَتّي أَتَينَا البَيتَ فَطُفنَا ثُمّ خَرَجنَا فَمَرَرنَا بِمَجلِسٍ لَهُم فعَرَفَنَيِ‌ بَعضُهُم فَصَرَخَ بِأَعلَي صَوتِهِ هَذَا عَمرُو بنُ أُمَيّةَ فَثَارَ أَهلُ مَكّةَ إِلَينَا وَ قَالُوا مَا جَاءَ إِلّا لِشَرّ وَ كَانَ فَاتِكاً مُتَشَيطِناً فِي الجَاهِلِيّةِ فَقُلتُ لصِاَحبِيِ‌ النّجَاءَ هَذَا ألّذِي كُنتُ أَحذَرُ أَمّا أَبُو سُفيَانَ فَلَيسَ إِلَيهِ سَبِيلٌ فَانجُ بِنَفسِكَ فَعُدنَا حَتّي صَعِدنَا الجَبَلَ فَدَخَلنَا فِي غَارٍ فَبَينَا نَحنُ فِيهِ لَيلَتَنَا نَنتَظِرُ أَن يَسكُنَ الطّلَبُ قَالَ فَوَ اللّهِ إنِيّ‌ لَفِيهِ إِذ أَقبَلَ عُثمَانُ بنُ مَالِكٍ التيّميِ‌ّ بِفَرَسٍ لَهُ فَقَامَ عَلَي بَابِ الغَارِ فَخَرَجتُ إِلَيهِ فَضَرَبتُهُ بِالخَنجَرِ فَصَاحَ صَيحَةً أَسمَعَ أَهلَ مَكّةَ فَأَقبَلُوا إِلَيهِ وَ رَجَعتُ إِلَي مكَاَنيِ‌ فَوَجَدُوهُ وَ بِهِ رَمَقٌ فَقَالُوا مَن ضَرَبَكَ فَقَالَ عَمرُو بنُ


صفحه : 156

أُمَيّةَ ثُمّ مَاتَ وَ لَم يَقدِر أَن يُخبِرَهُم بمِكَاَنيِ‌ وَ شَغَلَهُم قَتلُ صَاحِبِهِم عَن طلَبَيِ‌ فَاحتَمَلُوهُ وَ مَكَثنَا فِي الغَارِ يَومَينِ حَتّي سَكَنَ الطّلَبُ ثُمّ خَرَجَا إِلَي التّنعِيمِ فَإِذَا خَشَبَةُ خُبَيبٍ وَ حَولَهُ حَرَسٌ فَصَعِدتُ خَشَبَتَهُ فَاحتَمَلتُهُ عَلَي ظهَريِ‌ فَمَا مَشَيتُ إِلّا نَحواً مِن أَربَعِينَ خُطوَةً حَتّي بَدَرُوا بيِ‌ فَطَرَحتُهُ فَاشتَدّوا فِي أثَرَيِ‌ فَأَعيَوا وَ رَجَعُوا وَ انطَلَقَ صاَحبِيِ‌ فَرَكِبَ البَعِيرَ وَ أَتَي رَسُولَ اللّهِص وَ أَخبَرَهُ وَ أَمّا خُبَيبٌ فَلَم يُرَ بَعدَ ذَلِكَ فَكَأَنّ الأَرضَ ابتَلَعَتهُ قَالَ وَ سِرتُ حَتّي دَخَلتُ غَارَ الضّجنَانِ وَ معَيِ‌ قوَسيِ‌ وَ أسَهمُيِ‌ فَبَينَا أَنَا فِيهِ إِذ دَخَلَ مِن بنَيِ‌ أَعوَرَ طَوِيلٌ يَسُوقُ غَنَماً لَهُ فَقَالَ مَنِ الرّجُلُ فَقُلتُ مِن بنَيِ‌ الدّئِلِ فَاضطَجَعَ معَيِ‌ وَ رَفَعَ عَقِيرَتَهُ يَتَغَنّي وَ يَقُولُ وَ لَستُ بِمُسلِمٍ مَا دُمتُ حَيّاً وَ لَستُ أَدِينُ دِينَ المُسلِمِينَا ثُمّ نَامَ فَقَتَلتُهُ ثُمّ سِرتُ فَإِذَا رَجُلَانِ بَعَثَهُمَا قُرَيشٌ يَتَجَسّسَانِ أَمرَ رَسُولِ اللّهِص فَرَمَيتُ أَحَدَهُمَا بِسَهمٍ فَقَتَلتُهُ وَ استَأسَرتُ الآخَرَ فَقَدِمتُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ أَخبَرتُهُ الخَبَرَ فَضَحِكَ وَ دَعَا لِي بِخَيرٍ


صفحه : 157

باب 41-غزوة بني‌ النضير

الآيات الحشرهُوَ ألّذِي أَخرَجَ الّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِم لِأَوّلِ الحَشرِ ما ظَنَنتُم أَن يَخرُجُوا وَ ظَنّوا أَنّهُم مانِعَتُهُم حُصُونُهُم مِنَ اللّهِ فَأَتاهُمُ اللّهُ مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبُوا وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرّعبَ يُخرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيدِيهِم وَ أيَديِ‌ المُؤمِنِينَ فَاعتَبِرُوا يا أوُليِ‌ الأَبصارِ وَ لَو لا أَن كَتَبَ اللّهُ عَلَيهِمُ الجَلاءَ لَعَذّبَهُم فِي الدّنيا وَ لَهُم فِي الآخِرَةِ عَذابُ النّارِ ذلِكَ بِأَنّهُم شَاقّوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَن يُشَاقّ اللّهَ فَإِنّ اللّهَ شَدِيدُ العِقابِ ما قَطَعتُم مِن لِينَةٍ أَو تَرَكتُمُوها قائِمَةً عَلي أُصُولِها فَبِإِذنِ اللّهِ وَ ليِخُزيِ‌َ الفاسِقِينَ إلي قوله تعالي الحشرأَ لَم تَرَ إِلَي الّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخوانِهِمُ الّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتابِ لَئِن أُخرِجتُم لَنَخرُجَنّ مَعَكُم وَ لا نُطِيعُ فِيكُم أَحَداً أَبَداً وَ إِن قُوتِلتُم لَنَنصُرَنّكُم وَ اللّهُ يَشهَدُ إِنّهُم لَكاذِبُونَ لَئِن أُخرِجُوا لا يَخرُجُونَ مَعَهُم وَ لَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرُونَهُم وَ لَئِن نَصَرُوهُم لَيُوَلّنّ الأَدبارَ ثُمّ لا يُنصَرُونَ لَأَنتُم أَشَدّ رَهبَةً فِي صُدُورِهِم مِنَ اللّهِ ذلِكَ بِأَنّهُم قَومٌ لا يَفقَهُونَ لا يُقاتِلُونَكُم جَمِيعاً إِلّا فِي قُريً مُحَصّنَةٍ أَو مِن وَراءِ جُدُرٍ بَأسُهُم بَينَهُم شَدِيدٌ تَحسَبُهُم جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُم شَتّي ذلِكَ بِأَنّهُم قَومٌ لا يَعقِلُونَ كَمَثَلِ الّذِينَ مِن قَبلِهِم قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمرِهِم وَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ كَمَثَلِ الشّيطانِ إِذ قالَ لِلإِنسانِ اكفُر فَلَمّا كَفَرَ قالَ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ مِنكَ إنِيّ‌ أَخافُ اللّهَ رَبّ العالَمِينَ فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنّهُما فِي النّارِ خالِدَينِ فِيها وَ ذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَتفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله هُوَ ألّذِي أَخرَجَقيل نزلت السورة في إجلاء بني‌ النضير من اليهود فمنهم من خرج إلي خيبر ومنهم من خرج إلي الشام


صفحه : 158

عن مجاهد وقتادة و ذلك أن النبي ص لمادخل المدينة صالحه بنو النضير علي أن لايقاتلوه و لايقاتلوا معه فقبل ذلك منهم فلما غزا رسول الله ص بدرا وظهر علي المشركين قالوا و الله إنه للنبي‌ ألذي وجدنا نعته في التوراة لاترد له راية فلما غزاص غزاة أحد وهزم المسلمون ارتابوا ونقضوا العهد فركب كعب بن الأشرف في أربعين راكبا من اليهود إلي مكة فأتوا قريشا وحالفوهم وعاقدوهم علي أن تكون كلمتهم واحدة علي محمدص ثم دخل أبوسفيان في أربعين وكعب في أربعين من اليهود المسجد وأخذ بعضهم علي بعض الميثاق بين الأستار والكعبة ثم رجع كعب بن الأشرف وأصحابه إلي المدينة ونزل جبرئيل وأخبر النبي ص بما تعاقد عليه كعب و أبوسفيان وأمره بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمد بن مسلمة الأنصاري‌ و كان أخاه من الرضاعة. قال محمد بن إسحاق خرج رسول الله ص إلي بني‌ النضير يستعينهم في دية القتيلين من بني‌ عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري‌ و كان بين بني‌ النضير و بين عامر عقد وحلف فلما أتاهم رسول الله ص يستعينهم في الدية قالوا نعم يا أباالقاسم نعينك علي ماأحببت ثم خلا بعضهم ببعض فقال إنكم لن تجدوا الرجل علي مثل حالته هذه و رسول الله ص إلي جانب جدار من بيوتهم قاعد فقالوا من رجل يعلو علي هذاالبيت ويلقي‌ عليه صخرة و رسول الله ص في نفر من أصحابه فأتاه الخبر من السماء بما أراد القوم فقام و قال لأصحابه لاتبرحوا فخرج راجعا إلي المدينة و لمااستبطئوا النبي ص قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال رأيته داخلا المدينة فأقبل أصحاب النبي ص حتي انتهوا إليه فأخبرهم الخبر بما أرادت اليهود من الغدر وأمر رسول الله ص محمد بن مسلمة بقتل كعب بن الأشرف فخرج ومعه سلكان بن سلامة وثلاثة من بني‌ الحارث وخرج النبي ص علي أثرهم وجلس في موضع ينتظر رجوعهم فذهب محمد بن


صفحه : 159

مسلمة مع القوم إلي قرب قصره وأجلس قومه عندجدار وناداه ياكعب فانتبه و قال من أنت قال أنا محمد بن مسلمة أخوك جئتك أستقرض منك دراهم فإن محمدا يسألنا الصدقة و ليس معنا الدراهم فقال كعب لاأقرضك إلابالرهن قال معي‌ رهن انزل فخذه وكانت له امرأة بني بهاتلك الليلة عروسا فقالت لاأدعك تنزل لأني‌ أري حمرة الدم في ذلك الصوت فلم يلتفت إليها وخرج فعانقه محمد بن مسلمة وهما يتحادثان حتي تباعدا من القصر إلي الصحراء ثم أخذ رأسه ودعا بقومه وصاح كعب فسمعت امرأته فصاحت وسمع بنو النضير صوتها فخرجوا نحوه فوجدوه قتيلا ورجع القوم سالمين إلي رسول الله ص فلما أسفر الصبح أخبر رسول الله ص أصحابه بقتل كعب ففرحوا وأمر رسول الله ص بحربهم والسير إليهم فسار بالناس حتي نزل بهم فتحصنوا منه في الحصن وأمر رسول الله ص بقطع النخل والتحريق فيهافنادوه يا محمد قدكنت تنهي عن الفحشاء فما بالك تقطع النخل وتحرقها فأنزل الله سبحانه ما قَطَعتُم مِن لِينَةٍ أَو تَرَكتُمُوهاالآية وهي‌ البؤيرة في قول حسان


وهان علي سراة بني‌ لؤي‌.   حريق بالبؤيرة مستطير.

والبؤيرة تصغير بؤرة وهي‌ إرة النار أي حفرتها و قال ابن عباس كان النبي ص حاصرهم حتي بلغ منهم كل مبلغ فأعطوه ماأراد منهم فصالحهم علي أن يحقن لهم دماءهم و أن يخرجهم من أرضهم وأوطانهم و أن يسيرهم إلي أذرعات بالشام وجعل لكل ثلاثة منهم بعيرا وسقاء فخرجوا إلي أذرعات وأريحا إلا أهل بيتين منهم آل أبي الحقيق وآل حي‌ بن أخطب فإنهم لحقوا بخيبر ولحقت طائفة منهم بالحيرة و كان ابن عباس يسمي‌ هذه السورة سورة بني‌ النضير


صفحه : 160

و عن محمد بن مسلمة أن رسول الله ص بعثه إلي بني‌ النضير وأمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاث ليال . و عن محمد بن إسحاق كان إجلاء بني‌ النضير مرجع النبي ص من أحد و كان فتح قريظة مرجعه من الأحزاب وبينهما سنتان و كان الزهري‌ يذهب إلي أن إجلاء بني‌ النضير كان قبل أحد علي رأس ستة أشهر من وقعة بدر.الّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتابِيعني‌ يهود بني‌ النضيرمِن دِيارِهِمبأن سلط الله المؤمنين عليهم وأمر نبيه ص بإخراجهم من منازلهم وحصونهم وأوطانهم لِأَوّلِ الحَشرِاختلف في معناه فقيل كان جلاؤهم ذلك أول حشر اليهود إلي الشام ثم يحشر الناس يوم القيامة إلي أرض الشام أيضا و ذلك الحشر الثاني‌ عن ابن عباس والزهري‌ والجبائي‌ قال ابن عباس قال لهم النبي ص اخرجوا قالوا إلي أين قال إلي أرض المحشر وقيل معناه لأول الجلاء لأنهم كانوا أول من أجلي‌ من أهل الذمة من جزيرة العرب ثم أجلي‌ إخوانهم من اليهود لئلا يجتمع في بلاد العرب دينان وقيل إنما قال لِأَوّلِ الحَشرِلأن الله فتح علي نبيه ص في أول ماقاتلهم ما ظَنَنتُم أَن يَخرُجُوا أي لم تظنوا أيها المؤمنون أنهم يخرجون من ديارهم لشدتهم وشوكتهم .وَ ظَنّوا أَنّهُم مانِعَتُهُم حُصُونُهُم مِنَ اللّهِ أي وظن بنو النضير أن حصونهم لوثاقتها تمنعهم من سلطان الله وإنزال العذاب بهم علي يد رسول الله ص حيث حصنوها وهيئوا آلات الحرب فيهافَأَتاهُمُ اللّهُ أي أتاهم أمر الله وعذابه مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبُوا أي لم يتوهموا أنه يأتيهم لماقدروا في أنفسهم من المنعةوَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرّعبَبقتل سيدهم كعب بن الأشرف يُخرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيدِيهِم وَ أيَديِ‌ المُؤمِنِينَ أي يهدمون بيوتهم بأيديهم من داخل ليهربوا لأنهم خربوا مااستحسنوا منها حتي لا يكون للمسلمين ويخربها المؤمنون من خارج ليصلوا إليهم وقيل


صفحه : 161

إن معني تخريبها بأيدي‌ المؤمنين أنهم عرضوها لذلك وقيل إنهم كانوا يخربون بيوتهم بأيديهم بنقض الموادعة وبأيدي‌ المؤمنين بالمقاتلة.فَاعتَبِرُوا يا أوُليِ‌ الأَبصارِفيما نزل بهم والمراد استدلوا بذلك علي صدق الرسول إذ كان وعدهم ذلك وَ لَو لا أَن كَتَبَ اللّهُ عَلَيهِمُ الجَلاءَ أي حكم عليهم أنهم يجلون عن ديارهم وينقلون عن أوطانهم لَعَذّبَهُم فِي الدّنيابعذاب الاستيصال أوبالقتل والسبي‌ كمافعل ببني‌ قريظةوَ لَهُم فِي الآخِرَةِ مع الجلاءعَذابُ النّارِلأن أحدا منهم لم يؤمن ذلِكَ ألذي فعلنا بهم بِأَنّهُم شَاقّوا اللّهَ أي خالفوا الله وَ رَسُولَهُ وَ مَن يُشَاقّ اللّهَ أي يخالفه فَإِنّ اللّهَ شَدِيدُ العِقابِيعاقبهم علي مشاقتهم أشد العقاب ما قَطَعتُم مِن لِينَةٍ أي نخلة كريمة وقيل كل نخلة سوي العجوةأَو تَرَكتُمُوها قائِمَةً عَلي أُصُولِهافلم تقطعوها و لم تقلعوهافَبِإِذنِ اللّهِ أي بأمره كل ذلك سائغ لكم وَ ليِخُزيِ‌َ الفاسِقِينَ من اليهود ويهينهم به .أَ لَم تَرَ إِلَي الّذِينَ نافَقُوافأبطنوا الكفر وأظهروا الإيمان يَقُولُونَ لِإِخوانِهِمُ في الكفر يعني‌ يهود بني‌ النضيرلَئِن أُخرِجتُم من دياركم وبلادكم لَنَخرُجَنّ مَعَكُممساعدين لكم وَ لا نُطِيعُ فِيكُم أي في قتالكم ومخاصمتكم أَحَداً أَبَداًيعنون محمدا وأصحابه وَ إِن قُوتِلتُم لَنَنصُرَنّكُم ولندفعن عنكم وَ اللّهُ يَشهَدُ إِنّهُم لَكاذِبُونَفيما يقولونه من الخروج معهم والدفاع عنهم .


صفحه : 162

قوله لَيُوَلّنّ الأَدبارَ أي ينهزمون أويسلمونهم ثُمّ لا يُنصَرُونَ أي لو كان لهم هذه القوة وفعلوا لم ينتفع أولئك بنصرتهم نزلت الآية قبل إخراج بني‌ النضير وأخرجوا بعد ذلك وقوتلوا فلم يخرج معهم منافق و لم ينصروهم كماأخبر الله تعالي بذلك وقيل أراد بقوله لإخوانهم بني‌ النضير وبني‌ قريظة فأخرج بنو النضير و لم يخرجوا معهم وقوتل بنو قريظة فلم ينصروهم لَأَنتُم أَشَدّ رَهبَةً أي خوفافِي صُدُورِهِم أي في قلوب هؤلاء المنافقين مِنَ اللّهِالمعني أن خوفهم منكم أشد من خوفهم من الله ذلِكَ بِأَنّهُم قَومٌ لا يَفقَهُونَالحق و لايعلمون عظمة الله وشدة عقابه لا يُقاتِلُونَكُم جَمِيعاًمعاشر المؤمنين إِلّا فِي قُريً مُحَصّنَةٍ أي ممتنعة حصينة أي لايبرزون لحربكم وإنما يقاتلونكم متحصنين بالقري أَو مِن وَراءِ جُدُرٍ أي يرمونكم من وراء الجدران بالنبل والحجربَأسُهُم بَينَهُم شَدِيدٌ أي عداوة بعضهم لبعض شديدة أي ليسوا بمتفقي‌ القلوب أوقوتهم فيما بينهم شديدة فإذالاقوكم جبنوا وفزعوا منكم بما قذف الله في قلوبهم من الرعب تَحسَبُهُم جَمِيعاً أي مجتمعين في الظاهروَ قُلُوبُهُم شَتّي أي مختلفة متفرقة خذلهم الله باختلاف كلمتهم وقيل إنه عني بذلك قلوب المنافقين و أهل الكتاب ذلِكَ بِأَنّهُم قَومٌ لا يَعقِلُونَ ما فيه الرشد مما فيه الغي‌كَمَثَلِ الّذِينَ مِن قَبلِهِم قَرِيباً أي مثلهم في اغترارهم بعددهم وقوتهم كمثل الذين من قبلهم يعني‌ المشركين الذين قتلوا ببدر و ذلك قبل غزاة بني‌ النضير بستة أشهر عن الزهري‌ وغيره وقيل يعني‌ بني‌ قينقاع عن ابن عباس و ذلك أنهم نقضوا العهد مرجع رسول الله ص من بدر فأمرهم رسول الله ص أن يخرجوا فقال عبد الله بن أبي لاتخرجوا فإني‌ آتي‌ النبي ص فأكلمه فيكم أوأدخل معكم الحصن فكان هؤلاء أيضا في إرسال عبد الله بن أبي إليهم


صفحه : 163

ثم تركه نصرتهم كأولئك ذاقُوا وَبالَ أَمرِهِم أي عقوبة كفرهم وَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ في الآخرةكَمَثَلِ الشّيطانِ أي مثل المنافقين في غرورهم بني‌ النضير وخذلانهم إياهم كمثل الشيطان إِذ قالَ لِلإِنسانِ اكفُر و هوعابد بني‌ إسرائيل فَلَمّا كَفَرَ قالَ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ مِنكَفكذلك بنو النضير اغتروا بالمنافقين ثم تبرءوا منهم عندالشدة وأسلموهم وقيل كمثل الشيطان يوم بدر إذ دعا إلي حرب رسول الله ص فلما رأي الملائكة رجع القهقري و قال إنِيّ‌ أَخافُ اللّهَ رَبّ العالَمِينَ فَكانَ عاقِبَتَهُما أي الداعي‌ والمدعو.بيان وهي‌ البؤيرة أي قصة التحريق هي‌ المشار إليها في هذاالبيت قال الجوهري‌ البؤرة الحفرة بأرت أبأر بأرا حفرت بؤرة يطبخ فيها وهي‌ الإرة و قال الإرة موضع النار وأصله أري والهاء عوض من الياء والسراة بالفتح جمع سري‌ وهي‌ الشريف وأذرعات بكسر الراء موضع بالشام

1-عم ،[إعلام الوري ] ثُمّ كَانَت غَزوَةُ بنَيِ‌ النّضِيرِ وَ ذَلِكَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص مَشَي إِلَي كَعبِ بنِ الأَشرَفِ يَستَقرِضُهُ فَقَالَ مَرحَباً بِكَ يَا أَبَا القَاسِمِ وَ أَهلًا فَجَلَسَ رَسُولُ اللّهِص وَ أَصحَابُهُ فَقَامَ كَأَنّهُ يَصنَعُ لَهُم طَعَاماً وَ حَدّثَ نَفسَهُ أَن يَقتُلَ رَسُولَ اللّهِص فَنَزَلَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ فَأَخبَرَهُ بِمَا هَمّ بِهِ القَومُ مِنَ الغَدرِ فَقَامَص كَأَنّهُ يقَضيِ‌ حَاجَةً وَ عَرَفَ أَنّهُم لَا يَقتُلُونَ أَصحَابَهُ وَ هُوَ حيَ‌ّ فَأَخَذَص الطّرِيقَ نَحوَ المَدِينَةِ فَاستَقبَلَهُ بَعضُ أَصحَابِ كَعبٍ الّذِينَ كَانَ أَرسَلَ إِلَيهِم يَستَعِينُ بِهِم عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَخبَرَ كَعباً بِذَلِكَ فَسَارَ المُسلِمُونَ رَاجِعِينَ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ صُورِيَا وَ كَانَ أَعلَمَ اليَهُودِ إِنّ رَبّهُ أَطلَعَهُ عَلَي مَا أَرَدتُمُوهُ مِنَ الغَدرِ وَ لَا يَأتِيكُم وَ اللّهِ


صفحه : 164

أَوّلَ مَا يَأتِيكُم إِلّا رَسُولُ مُحَمّدٍ يَأمُرُكُم عَنهُ بِالجَلَاءِ فأَطَيِعوُنيِ‌ فِي خَصلَتَينِ لَا خَيرَ فِي الثّالِثَةِ أَن تُسلِمُوا فَتَأمَنُوا عَلَي دِيَارِكُم وَ أَموَالِكُم وَ إِلّا فَإِنّهُ يَأتِيكُم مَن يَقُولُ لَكُم اخرُجُوا مِن دِيَارِكُم فَقَالُوا هَذِهِ أَحَبّ إِلَينَا قَالَ أَمَا إِنّ الأُولَي خَيرٌ لَكُم مِنهَا وَ لَو لَا أنَيّ‌ أَفضَحُكُم لَأَسلَمتُ ثُمّ بَعَثَ مُحَمّدَ بنَ مَسلَمَةَ إِلَيهِم يَأمُرُهُم بِالرّحِيلِ وَ الجَلَاءِ عَن دِيَارِهِم وَ أَموَالِهِم وَ أَمَرَهُ أَن يُؤَجّلَهُم فِي الجَلَاءِ ثَلَاثَ لَيَالٍ

2-أَقُولُ قَالَ الكاَزرِوُنيِ‌ّ وَ غَيرُهُ فِي شَرحِ تِلكَ القِصّةِكَانَت غَزوَةُ بنَيِ‌ النّضِيرِ فِي رَبِيعٍ الأَوّلِ وَ كَانَت مَنَازِلُهُم بِنَاحِيَةِ الفَرعِ وَ مَا وَالَاهَا بِقَريَةٍ يُقَالُ لَهَا زُهرَةُ وَ إِنّهُم لَمّا نَقَضُوا العَهدَ وَ عَاقَدُوا المُشرِكِينَ عَلَي حَربِ النّبِيّص خَرَجَص يَومَ السّبتِ وَ صَلّي فِي مَسجِدِ قَبَاءَ وَ مَعَهُ نَفَرٌ مِن أَصحَابِهِ ثُمّ أَتَي بنَيِ‌ النّضِيرِ فَكَلّمَهُم أَن يُعِينُوهُ فِي دِيَةِ رَجُلَينِ كَانَ قَد آمَنَهُمَا فَقَتَلَهُمَا عَمرُو بنُ أُمَيّةَ وَ هُوَ لَا يَعلَمُ فَقَالُوا نَفعَلُ وَ هَمّوا بِالغَدرِ بِهِ فَقَالَ عَمرُو بنُ الحجاش أَنَا أَظهَرُ عَلَي البَيتِ فَأَطرَحُ عَلَيهِ صَخرَةً فَقَالَ سَلَامُ بنُ مِشكَمٍ لَا تَفعَلُوا فَوَ اللّهِ لَيُخبَرَنّ بِمَا هَمَمتُم فَجَاءَ جَبرَئِيلُ فَأَخبَرَهُص فَخَرَجَ رَاجِعاً إِلَي المَدِينَةِ ثُمّ دَعَا عَلِيّاً وَ قَالَ لَا تَبرَح مِن مَكَانِكَ فَمَن خَرَجَ عَلَيكَ مِن أصَحاَبيِ‌ فَسَأَلَكَ عنَيّ‌ فَقُل تَوَجّهَ إِلَي المَدِينَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمّ لَحِقُوا بِهِ فَبَعَثَ النّبِيّص مُحَمّدَ بنَ مَسلَمَةَ إِلَيهِم وَ أَمَرَهُم بِالجَلَاءِ


صفحه : 165

وَ قَالَ لَا تسُاَكنِوُنيِ‌ وَ قَد هَمَمتُم بِمَا هَمَمتُم بِهِ وَ قَد أَجّلتُكُم عَشراً فَأَرسَلَ إِلَيهِمُ ابنُ أُبَيّ لَا تَخرُجُوا فَإِنّ معَيِ‌ أَلفَينِ مِن قوَميِ‌ وَ غَيرِهِم يَدخُلُونَ حُصُونَكُم فَيَمُوتُونَ مِن آخِرِهِم وَ يُمِدّكُم قُرَيظَةُ وَ حُلَفَاؤُهُم مِن غَطَفَانَ فَطَمِعَ حيُيَ‌ّ فِيمَا قَالَ ابنُ أُبَيّ فَخَرَجَ إِلَيهِمُ النّبِيّص فَصَلّي العَصرَ بِفِنَاءِ بنَيِ‌ النّضِيرِ وَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ يَحمِلُ رَايَتَهُ وَ استَخلَفَ عَلَي المَدِينَةِ ابنَ أُمّ مَكتُومٍ فَلَمّا رَأَوا رَسُولَ اللّهِص قَامُوا عَلَي حُصُونِهِم مَعَهُمُ النّبلُ وَ الحِجَارَةُ فَاعتَزَلَتهُم قُرَيظَةُ وَ خَفَرَهُم ابنُ أُبَيّ فَحَاصَرَهُم رَسُولُ اللّهِص وَ قَطَعَ نَخلَهُم وَ كَانَتِ النّخلَةُ مِن نَخِيلِهِم ثَمَنَ وَصِيفٍ وَ أَحَبّ إِلَيهِم مِن وَصِيفٍ وَ قِيلَ قَطَعُوا نَخلَةً وَ أَحرَقُوا نَخلَةً وَ قِيلَ كَانَ جَمِيعُ مَا قَطَعُوا وَ أَحرَقُوا سِتّ نَخَلَاتٍ فَقَالُوا نَحنُ نَخرُجُ مِن بِلَادِكَ فَأَجلَاهُم عَنِ المَدِينَةِ وَ وَلّي إِخرَاجَهُم مُحَمّدَ بنَ مَسلَمَةَ وَ حَمَلُوا النّسَاءَ وَ الصّبيَانَ وَ تَحَمّلُوا عَلَي سِتّمِائَةِ


صفحه : 166

بَعِيرٍ وَ قَالَ لَهُم رَسُولُ اللّهِص اخرُجُوا وَ لَكُم دِمَاؤُكُم وَ مَا حَمَلَتِ الإِبِلُ إِلّا الحَلقَةَ وَ هيِ‌َ السّلَاحُ فَقَبَضَ رَسُولُ اللّهِص الأَموَالَ وَ الحَلقَةَ فَوَجَدَ مِنَ الحَلقَةِ خَمسِينَ دِرعاً وَ خَمسِينَ بَيضَةً وَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ أَربَعِينَ سَيفاً وَ كَانَت غَنَائِمُ بنَيِ‌ النّضِيرِ صَفِيّاً لِرَسُولِ اللّهِص خَالِصَةً لَم يَخمُسهَا وَ لَم يُسهِم مِنهَا لِأَحَدٍ وَ قَد أَعطَي نَاساً مِنهَا وَ روُيِ‌َ أَنّهُ حَاصَرَهُم إِحدَي وَ عِشرِينَ لَيلَةً

3-فس ،[تفسير القمي‌]يا أَيّهَا الرّسُولُ لا يَحزُنكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفرِ مِنَ الّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفواهِهِم وَ لَم تُؤمِن قُلُوبُهُمفَإِنّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنّهُ كَانَ بِالمَدِينَةِ بُطنَانٌ مِنَ اليَهُودِ مِن بنَيِ‌ هَارُونَ وَ هُمُ النّضِيرُ وَ قُرَيظَةُ وَ كَانَت قُرَيظَةُ سَبعَمِائَةٍ وَ النّضِيرُ أَلفاً وَ كَانَتِ النّضِيرُ أَكثَرَ مَالًا وَ أَحسَنَ حَالًا مِن قُرَيظَةَ وَ كَانُوا حُلَفَاءَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ فَكَانَ إِذَا وَقَعَ بَينَ قُرَيظَةَ وَ النّضِيرِ قَتِيلٌ وَ كَانَ القَتِيلُ مِن بنَيِ‌ النّضِيرِ قَالُوا لبِنَيِ‌ قُرَيظَةَ لَا نَرضَي أَن يَكُونَ قَتِيلٌ مِنّا بِقَتِيلٍ مِنكُم فَجَرَي بَينَهُم فِي ذَلِكَ مُخَاطَبَاتٌ كَثِيرَةٌ حَتّي كَادُوا أَن يَقتَتِلُوا حَتّي رَضِيَت قُرَيظَةُ وَ كَتَبُوا بَينَهُم كِتَاباً عَلَي أَنّهُ أَيّ رَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ مِنَ النّضِيرِ قَتَلَ رَجُلًا مِن بنَيِ‌ قُرَيظَةَ أَن يُجَنّيَهُ وَ


صفحه : 167

يُحَمّمَ وَ التّجنِيَةُ أَن يُقعَدَ عَلَي جَمَلٍ وَ يُوَلّي وَجهُهُ إِلَي ذَنَبِ الجَمَلِ وَ يُلَطّخَ وَجهُهُ بِالحَمأَةِ وَ يَدفَعَ نِصفَ الدّيَةِ وَ أَيّمَا رَجُلٍ مِن بنَيِ‌ قُرَيظَةَ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ النّضِيرِ أَن يَدفَعَ إِلَيهِ الدّيَةَ كَامِلَةً وَ يُقتَلَ بِهِ فَلَمّا هَاجَرَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَدِينَةِ وَ دَخَلَ الأَوسُ وَ الخَزرَجُ فِي الإِسلَامِ ضَعُفَ أَمرُ اليَهُودِ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِن بنَيِ‌ قُرَيظَةَ رَجُلًا مِن بنَيِ‌ النّضِيرِ فَبَعَثُوا إِلَيهِم بَنُو النّضِيرِ ابعَثُوا إِلَينَا بِدِيَةِ المَقتُولِ وَ بِالقَاتِلِ حَتّي نَقتُلَهُ فَقَالَت قُرَيظَةُ لَيسَ هَذَا حُكمَ التّورَاةِ وَ إِنّمَا هُوَ شَيءٌ غَلَبتُمُونَا عَلَيهِ فَإِمّا الدّيَةُ وَ إِمّا القَتلُ وَ إِلّا فَهَذَا مُحَمّدٌ بَينَنَا وَ بَينَكُم فَهَلُمّوا نَتَحَاكَم إِلَيهِ فَمَشَت بَنُو النّضِيرِ إِلَي عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ وَ قَالُوا سَل مُحَمّداً أَن لَا يَنقُضَ شَرطَنَا فِي هَذَا الحُكمِ ألّذِي بَينَنَا وَ بَينَ قُرَيظَةَ فِي القَتلِ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ ابعَثُوا رَجُلًا يَسمَع كلَاَميِ‌ وَ كَلَامَهُ فَإِن حَكَمَ لَكُم بِمَا تُرِيدُونَ وَ إِلّا فَلَا تَرضَوا بِهِ فَبَعَثُوا مَعَهُ رَجُلًا فَجَاءَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ هَؤُلَاءِ القَومَ قُرَيظَةَ وَ النّضِيرَ قَد كَتَبُوا بَينَهُم كِتَاباً وَ عَهداً وَثِيقاً تَرَاضَوا بِهِ وَ الآنَ فِي قُدُومِكَ يُرِيدُونَ نَقضَهُ وَ قَد رَضُوا بِحُكمِكَ فِيهِم فَلَا تَنقُض عَلَيهِم كِتَابَهُم وَ شَرطَهُم فَإِنّ بنَيِ‌ النّضِيرِ لَهُمُ القُوّةُ وَ السّلَاحُ وَ الكُرَاعُ وَ نَحنُ نَخَافُ الدّوَائِرَ فَاغتَمّ رَسُولُ اللّهِص مِن ذَلِكَ وَ لَم يُجِبهُ بشِيَ‌ءٍ فَنَزَلَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ بِهَذِهِ الآيَاتِيا أَيّهَا الرّسُولُ لا يَحزُنكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفرِ مِنَ الّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفواهِهِم وَ لَم تُؤمِن قُلُوبُهُم وَ مِنَ الّذِينَ هادُوايعَنيِ‌ اليَهُودَسَمّاعُونَ لِلكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَومٍ آخَرِينَ لَم يَأتُوكَ يُحَرّفُونَ الكَلِمَ مِن بَعدِ مَواضِعِهِيعَنيِ‌ عَبدَ اللّهِ بنَ أُبَيّ وَ بنَيِ‌ النّضِيرِ


صفحه : 168

يَقُولُونَ إِن أُوتِيتُم هذا فَخُذُوهُ وَ إِن لَم تُؤتَوهُ فَاحذَرُوايعَنيِ‌ عَبدَ اللّهِ بنَ أُبَيّ حَيثُ قَالَ لبِنَيِ‌ النّضِيرِ إِن لَم يَحكُم لَكُم بِمَا تُرِيدُونَهُ فَلَا تَقبَلُواوَ مَن يُرِدِ اللّهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيئاً أُولئِكَ الّذِينَ لَم يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهّرَ قُلُوبَهُم لَهُم فِي الدّنيا خزِي‌ٌ وَ لَهُم فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ سَمّاعُونَ لِلكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسّحتِ فَإِن جاؤُكَ فَاحكُم بَينَهُم أَو أَعرِض عَنهُم وَ إِن تُعرِض عَنهُم فَلَن يَضُرّوكَ شَيئاً وَ إِن حَكَمتَ فَاحكُم بَينَهُم بِالقِسطِ إِنّ اللّهَ يُحِبّ المُقسِطِينَ إِلَي قَولِهِوَ مَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرُونَ قَولُهُنَخشي أَن تُصِيبَنا دائِرَةٌ هُوَ قَولُ عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ لِرَسُولِ اللّهِص لَا تَنقُض حُكمَ بنَيِ‌ النّضِيرِ فَإِنّا نَخَافُ الدّوَائِرَ

بيان أن يجنيه بالجيم والنون كذا في أكثر النسخ وكأنه من الجناية أي يظهر عليه أثر الجناية و في بعضها بالحاء المهملة والظاهر أن يحممه من التحميم بدون ويحمم كماسيأتي‌. و قال في النهاية فيه مر يهودي‌ محمم مجلود أي مسود الوجه من الحممة الفحمة وجمعها حمم انتهي . وكذا الظاهر بالحممة و في أكثر النسخ بالحمأة وهي‌ الطين الأسود المنتن

4-فس ،[تفسير القمي‌]هُوَ ألّذِي أَخرَجَ الّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِم لِأَوّلِ الحَشرِ ما ظَنَنتُم أَن يَخرُجُوا قَالَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنّهُ كَانَ بِالمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَبطُنٍ مِنَ اليَهُودِ بنَيِ‌ النّضِيرِ وَ قُرَيظَةَ وَ قَينُقَاعَ وَ كَانَ بَينَهُم وَ بَينَ رَسُولِ اللّهِص عَهدٌ وَ مُدّةٌ


صفحه : 169

فَنَقَضُوا عَهدَهُم وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ فِي بنَيِ‌ النّضِيرِ فِي نَقضِ عَهدِهِم أَنّهُ أَتَاهُم رَسُولُ اللّهِص يَستَسلِفُهُم دِيَةَ رَجُلَينِ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ غِيلَةً يعَنيِ‌ يَستَقرِضُ وَ كَانَ قَصَدَ كَعبَ بنَ الأَشرَفِ فَلَمّا دَخَلَ عَلَي كَعبٍ قَالَ مَرحَباً يَا أَبَا القَاسِمِ وَ أَهلًا وَ قَامَ كَأَنّهُ يَصنَعُ لَهُ الطّعَامَ وَ حَدّثَ نَفسَهُ أَن يَقتُلَ رَسُولَ اللّهِص وَ يُتبِعَ أَصحَابَهُ فَنَزَلَ جَبرَئِيلُ فَأَخبَرَهُ بِذَلِكَ فَرَجَعَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَدِينَةِ وَ قَالَ لِمُحَمّدِ بنِ مَسلَمَةَ الأنَصاَريِ‌ّ اذهَب إِلَي بنَيِ‌ النّضِيرِ فَأَخبِرهُم أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَد أخَبرَنَيِ‌ بِمَا هَمَمتُم بِهِ مِنَ الغَدرِ فَإِمّا أَن تَخرُجُوا مِن بَلَدِنَا وَ إِمّا أَن تَأذَنُوا بِحَربٍ فَقَالُوا نَخرُجُ مِن بِلَادِكَ فَبَعَثَ إِلَيهِم عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ أَلّا تَخرُجُوا وَ تُقِيمُوا وَ تُنَابِذُوا مُحَمّداً الحَربَ فإَنِيّ‌ أَنصُرُكُم أَنَا وَ قوَميِ‌ وَ حلُفَاَئيِ‌ فَإِن خَرَجتُم خَرَجتُ مَعَكُم وَ إِن قَاتَلتُم قَاتَلتُ مَعَكُم فَأَقَامُوا وَ أَصلَحُوا حُصُونَهُم وَ تَهَيّئُوا لِلقِتَالِ وَ بَعَثُوا إِلَي رَسُولِ اللّهِص أَنّا لَا نَخرُجُ فَاصنَع مَا أَنتَ صَانِعٌ فَقَامَ رَسُولُ اللّهِص وَ كَبّرَ وَ كَبّرَ أَصحَابُهُ وَ قَالَ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ تَقَدّم إِلَي بنَيِ‌ النّضِيرِ فَأَخَذَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ الرّايَةَ وَ تَقَدّمَ وَ جَاءَ رَسُولُ اللّهِص وَ أَحَاطَ بِحِصنِهِم وَ غَدَرَ بِهِم عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا ظَفِرَ بِمُقَدّمِ بُيُوتِهِم حَصّنُوا مَا يَلِيهِم وَ خَرّبُوا مَا يَلِيهِ وَ كَانَ الرّجُلُ مِنهُم مِمّن كَانَ لَهُ بَيتٌ حَسَنٌ خَرّبَهُ وَ قَد كَانَ رَسُولُ اللّهِص أَمَرَ بِقَطعِ نَخلِهِم فَجَزِعُوا مِن ذَلِكَ وَ قَالُوا يَا مُحَمّدُ إِنّ اللّهَ يَأمُرُكَ بِالفَسَادِ إِن كَانَ لَكَ هَذَا فَخُذهُ وَ إِن كَانَ لَنَا فَلَا تَقطَعهُ فَلَمّا كَانَ بَعدَ ذَلِكَ قَالُوا يَا مُحَمّدُ نَخرُجُ مِن بِلَادِكَ فَأَعطِنَا


صفحه : 170

مَالَنَا فَقَالَ لَا وَ لَكِن تَخرُجُونَ وَ لَكُم مَا حَمَلَتِ الإِبِلُ فَلَم يَقبَلُوا ذَلِكَ فَبَقُوا أَيّاماً ثُمّ قَالُوا نَخرُجُ وَ لَنَا مَا حَمَلَتِ الإِبِلُ فَقَالَ لَا وَ لَكِن تَخرُجُونَ وَ لَا يَحمِلُ أَحَدٌ مِنكُم شَيئاً فَمَن وَجَدنَا مَعَهُ شَيئاً مِن ذَلِكَ قَتَلنَاهُ فَخَرَجُوا عَلَي ذَلِكَ وَ وَقَعَ قَومٌ مِنهُم إِلَي فَدَكٍ وَ واَديِ‌ القُرَي وَ خَرَجَ قَومٌ مِنهُم إِلَي الشّامِ فَأَنزَلَ اللّهُ فِيهِمهُوَ ألّذِي أَخرَجَ الّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِم لِأَوّلِ الحَشرِ ما ظَنَنتُم أَن يَخرُجُوا وَ ظَنّوا أَنّهُم مانِعَتُهُم حُصُونُهُم مِنَ اللّهِ فَأَتاهُمُ اللّهُ مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبُوا إِلَي قَولِهِفَإِنّ اللّهَ شَدِيدُ العِقابِ وَ أَنزَلَ عَلَيهِ فِيمَا عَابُوهُ مِن قَطعِ النّخلِما قَطَعتُم مِن لِينَةٍ أَو تَرَكتُمُوها قائِمَةً عَلي أُصُولِها فَبِإِذنِ اللّهِ وَ ليِخُزيِ‌َ الفاسِقِينَ إِلَي قَولِهِرَبّنا إِنّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وَ أَنزَلَ عَلَيهِ فِي عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ وَ أَصحَابِهِأَ لَم تَرَ إِلَي الّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخوانِهِمُ الّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتابِ لَئِن أُخرِجتُم لَنَخرُجَنّ مَعَكُم وَ لا نُطِيعُ فِيكُم أَحَداً أَبَداً وَ إِن قُوتِلتُم لَنَنصُرَنّكُم وَ اللّهُ يَشهَدُ إِنّهُم لَكاذِبُونَ إِلَي قَولِهِثُمّ لا يُنصَرُونَ ثُمّ قَالَكَمَثَلِ الّذِينَ مِن قَبلِهِميعَنيِ‌ بنَيِ‌ قَينُقَاعَقَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمرِهِم وَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ ثُمّ ضَرَبَ فِي عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ وَ بنَيِ‌ النّضِيرِ مَثَلًا فَقَالَكَمَثَلِ الشّيطانِ إِذ قالَ لِلإِنسانِ اكفُر فَلَمّا كَفَرَ قالَ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ مِنكَ إنِيّ‌ أَخافُ اللّهَ رَبّ العالَمِينَ قَولُهُفَكانَ عاقِبَتَهُما أَنّهُما فِي النّارِ خالِدَينِ فِيها وَ ذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ فِيهِ زِيَادَةُ أَحرُفٍ لَم يَكُن فِي رِوَايَةِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ حَدّثَنَا بِهِ أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ ثَابِتٍ عَن أَحمَدَ بنِ مِيثَمٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي


صفحه : 171

حَمزَةَ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ فِي غَزوَةِ بنَيِ‌ النّضِيرِ وَ زَادَ فِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ لِلأَنصَارِ إِن شِئتُم دَفَعتُ إِلَيكُمُ المُهَاجِرِينَ وَ قَسَمتُهَا فِيهِم وَ إِن شِئتُم قَسَمتُهَا بَينَكُم وَ بَينَهُم وَ تَرَكتُهُم مَعَكُم قَالُوا قَد شِئنَا أَن تَقسِمَهَا فِيهِم فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللّهِص بَينَ المُهَاجِرِينَ وَ دَفَعَهُم عَنِ الأَنصَارِ وَ لَم يُعطِهِ مِنَ الأَنصَارِ إِلّا رَجُلَينِ وَ هُمَا سَهلُ بنُ حُنَيفٍ وَ أَبُو دُجَانَةَ فَإِنّهُمَا ذَكَرَا حَاجَةً

بيان ظاهر الخبر أن النبي ص لماجعل المهاجرين مع الأنصار وضمنهم نفقاتهم خير الأنصار في هذاالوقت بين أن يقسم غنائم بني‌ النضير بين الجمع و يكون المهاجرون مع الأنصار كماكانوا و بين أن يخص بهاالمهاجرين و لايكونوا بعد ذلك مع الأنصار فاختاروا الأخير

5- وَ رَوَي الطبّرسِيِ‌ّ رَحِمَهُ اللّهُ فِي مَجمَعِ البَيَانِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ


صفحه : 172

اللّهِص يَومَ بنَيِ‌ النّضِيرِ لِلأَنصَارِ إِن شِئتُم قَسَمتُم لِلمُهَاجِرِينَ مِن دِيَارِكُم وَ أَموَالِكُم وَ تُشَارِكُونَهُم فِي هَذِهِ الغَنِيمَةِ وَ إِن شِئتُم كَانَت لَكُم دِيَارُكُم وَ أَموَالُكُم وَ لَم يُقسَم لَكُم شَيءٌ مِنَ الغَنِيمَةِ فَقَالَ الأَنصَارُ بَل نَقسِمُ لَهُم مِن أَموَالِنَا وَ نُؤثِرُهُم بِالغَنِيمَةِ وَ لَا نُشَارِكُهُم فِيهَا فَنَزَلَوَ يُؤثِرُونَ عَلي أَنفُسِهِمالآيَةَ

6-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]شا،[الإرشاد] وَ لَمّا تَوَجّهَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي بنَيِ‌ النّضِيرِ عَمَدَ عَلَي حِصَارِهِم فَضَرَبَ قُبّةً فِي أَقصَي بنَيِ‌ حَطمَةَ مِنَ البَطحَاءِ فَلَمّا أَقبَلَ اللّيلُ رَمَاهُ رَجُلٌ مِن بنَيِ‌ النّضِيرِ بِسَهمٍ فَأَصَابَ القُبّةَ فَأَمَرَ النّبِيّص أَن تُحَوّلَ قُبّتُهُ إِلَي السّفحِ وَ أَحَاطَ بِهَا المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ فَلَمّا اختَلَطَ الظّلَامُ فَقَدُوا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ النّاسُ يَا رَسُولَ اللّهِ لَا نَرَي عَلِيّاً فَقَالَ عَلَيهِ وَ آلِهِ السّلَامُ أَرَاهُ فِي بَعضِ مَا يُصلِحُ شَأنَكُم فَلَم يَلبَث أَن جَاءَ بِرَأسِ اليهَوُديِ‌ّ ألّذِي رَمَي النّبِيّص وَ كَانَ يُقَالُ لَهُ عَزُورَا فَطَرَحَهُ بَينَ يدَيَ‌ِ النّبِيّص فَقَالَ لَهُ النّبِيّص كَيفَ صَنَعتَ فَقَالَ إنِيّ‌ رَأَيتُ هَذَا الخَبِيثَ جَرِيّاً شُجَاعاً فَكَمَنتُ لَهُ وَ قُلتُ مَا أَجرَأَهُ أَن يَخرُجَ إِذَا اختَلَطَ اللّيلُ يَطلُبُ مِنّا غِرّةً فَأَقبَلَ مُصلِتاً بِسَيفِهِ فِي تِسعَةِ نَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ فَشَدَدتُ عَلَيهِ وَ قَتَلتُهُ فَأَفلَتَ أَصحَابُهُ وَ لَم يَبرَحُوا قَرِيباً فَابعَث معَيِ‌ نَفَراً فإَنِيّ‌ أَرجُو أَن أَظفَرَ بِهِم


صفحه : 173

فَبَعَثَ رَسُولُ اللّهِص مَعَهُ عَشَرَةً فِيهِم أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بنُ خَرَشَةَ وَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ فَأَدرَكُوهُم قَبلَ أَن يَلِجُوا الحِصنَ فَقَتَلُوهُم وَ جَاءُوا بِرُءُوسِهِم إِلَي النّبِيّص فَأَمَرَ أَن تُطرَحَ فِي بَعضِ آبَارِ بنَيِ‌ حَطمَةَ وَ كَانَ ذَلِكَ سَبَبُ فَتحِ حُصُونِ بنَيِ‌ النّضِيرِ وَ فِي تِلكَ اللّيلَةِ قُتِلَ كَعبُ بنُ الأَشرَفِ وَ اصطَفَي رَسُولُ اللّهِص أَموَالَ بنَيِ‌ النّضِيرِ وَ كَانَت أَوّلُ صَافِيَةٍ قَسَمَهَا رَسُولُ اللّهِص بَينَ المُهَاجِرِينَ الأَوّلِينَ وَ أَمَرَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ فَحَازَ مَا لِرَسُولِ اللّهِص مِنهَا فَجَعَلَهُ صَدَقَةً وَ كَانَ فِي يَدِهِ مُدّةَ حَيَاتِهِ ثُمّ فِي يَدِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ بَعدَهُ وَ هُوَ فِي وُلدِ فَاطِمَةَ عَلَيهَا السّلَامُ حَتّي اليَومَ وَ فِيمَا كَانَ مِن أَمرِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فِي هَذِهِ الغَزَاةِ وَ قَتلِهِ اليهَوُديِ‌ّ وَ مَجِيئِهِ إِلَي النّبِيّص بِرُءُوسِ التّسعَةِ النّفَرِ يَقُولُ حَسّانُ بنُ ثَابِتٍ


لِلّهِ أَيّ كَرِيهَةٍ أَبلَيتُهَا   ببِنَيِ‌ قُرَيظَةَ وَ النّفُوسُ تُطلِعُ

أَردَي رَئِيسَهُم وَ آبَ بِتِسعَةٍ   طَوراً يُشِلّهُم وَ طَوراً يَدفَعُ

بيان قوله طورا أي تارة و قال الجوهري‌ مر فلان يشلهم بالسيف يكسؤهم ويطردهم


صفحه : 174

باب 51-غزوة ذات الرقاع وغزوة عسفان

الآيات النساءوَ إِذا كُنتَ فِيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصّلاةَ إلي قوله النساءكِتاباً مَوقُوتاً.تفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله بعدتفسير الآيات في صلاة الخوف و في الآية


صفحه : 175

دلالة علي صدق النبي ص وصحة نبوته و ذلك أنها نزلت و النبي ص بعسفان والمشركون بضجنان فتوافقوا فصلي النبي ص بأصحابه صلاة الظهر بتمام الركوع والسجود فهم المشركون أن يغيروا عليهم فقال بعضهم إن لهم صلاة أخري أحب إليهم من هذه يعنون صلاة العصر فأنزل الله عليه هذه الآية فصلي بهم العصر صلاة الخوف و كان ذلك سبب إسلام خالد بن الوليد وذكر أبوحمزة الثمالي‌ في تفسيره أن النبي ص غزا محاربا وبني‌ أنمار فهزمهم الله وأحرزوا الذراري‌ والأموال فنزل رسول الله ص والمسلمون و لايرون من العدو أحدا فوضعوا أسلحتهم وخرج رسول الله ص لبعض حاجته و قدوضع سلاحه فجعل بينه و بين أصحابه الوادي‌ فأتي قبل أن يفرغ من حاجته السيل في الوادي‌ والسماء ترش فحال الوادي‌ بين رسول الله ص و بين أصحابه وجلس في ظل سمرة فبصر به غورث بن الحارث المحاربي‌ فقال له أصحابه ياغورث هذا محمد قدانقطع من أصحابه فقال قتلني‌ الله إن لم أقتله وانحدر من الجبل ومعه السيف و لم يشعر به رسول الله ص إلا و هوقائم علي رأسه ومعه السيف قدسله من غمده و قال يا محمد من يعصمك مني‌ الآن فقال رسول الله ص الله فانكب عدو الله لوجهه فقام رسول الله ص فأخذ سيفه و قال ياغورث من يمنعك مني‌ الآن قال لاأحد قال أتشهد أن لاإله إلا الله وأني‌ عبد الله ورسوله قال لا ولكني‌ أعهد أن لاأقاتلك أبدا و لاأعين عليك عدوا فأعطاه رسول الله ص سيفه فقال له غورث و الله لأنت خير مني‌ قال ص إني‌ أحق بذلك وخرج غورث إلي أصحابه فقالوا ياغورث لقد رأيناك قائما علي رأسه


صفحه : 176

بالسيف فما منعك منه قال الله أهويت له بالسيف لأضربه فما أدري‌ من زلخني‌ بين كتفي‌ فخررت لوجهي‌ وخر سيفي‌ وسبقني‌ إليه محمدفأخذه و لم يلبث الوادي‌ أن سكن فقطع رسول الله ص إلي أصحابه فأخبرهم الخبر وقرأ عليهم إِن كانَ بِكُم أَذيً مِن مَطَرٍالآية.بيان في القاموس الزلخ المزلة تزل منها الأقدام لندوته أوملاسته وزلخه بالرمح زجه وزلخه تزليخا ملسه

1-عم ،[إعلام الوري ] ثُمّ كَانَت بَعدَ غَزوَةٍ بنَيِ‌ النّضِيرِ غَزوَةُ بنَيِ‌ لِحيَانَ وَ هيِ‌َ الغَزوَةُ التّيِ‌ صَلّي فِيهَا صَلَاةَ الخَوفِ بِعُسفَانَ حِينَ أَتَاهُ الخَبَرُ مِنَ السّمَاءِ بِمَا هَمّ بِهِ المُشرِكُونَ وَ قِيلَ إِنّ هَذِهِ الغَزوَةَ كَانَت بَعدَ غَزوَةِ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ ثُمّ كَانَت غَزوَةُ ذَاتِ الرّقَاعِ بَعدَ غَزوَةِ بنَيِ‌ النّضِيرِ بِشَهرَينِ قَالَ البخُاَريِ‌ّ إِنّهَا كَانَت بَعدَ خَيبَرَ لقَيِ‌َ بِهَا جَمعاً مِن غَطَفَانَ وَ لَم يَكُن بَينَهُمَا حَربٌ وَ قَد خَافَ النّاسُ بَعضُهُم بَعضاً حَتّي صَلّي رَسُولُ اللّهِص صَلَاةَ الخَوفِ ثُمّ انصَرَفَ بِالنّاسِ وَ قِيلَ إِنّمَا سُمّيَت ذَاتَ الرّقَاعِ لِأَنّهُ جَبَلٌ فِيهِ بُقَعُ حُمرَةٍ وَ سَوَادٍ وَ بَيَاضٍ فسَمُيّ‌َ ذَاتَ الرّقَاعِ وَ قِيلَ إِنّمَا سُمّيَت بِذَلِكَ لِأَنّ أَقدَامَهُم نَقِبَت فِيهَا فَكَانُوا


صفحه : 177

يَلُفّونَ عَلَي أَرجُلِهِمُ الخِرَقَ

2-أَقُولُ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ أَقَامَ رَسُولُ اللّهِص بِالمَدِينَةِ بَعدَ بنَيِ‌ النّضِيرِ شهَريَ‌ رَبِيعٍ ثُمّ غَزَا نَجداً يُرِيدُ بنَيِ‌ مُحَارِبٍ وَ بنَيِ‌ ثَعلَبَةَ مِن غَطَفَانَ وَ هيِ‌َ غَزوَةُ ذَاتِ الرّقَاعِ فلَقَيِ‌َ المُشرِكِينَ وَ لَم يَكُن قِتَالٌ وَ خَافَ النّاسُ بَعضُهُم بَعضاً فَنَزَلَت صَلَاةُ الخَوفِ وَ أَصَابَ المُسلِمُونَ امرَأَةً مِنهُم وَ كَانَ زَوجُهَا غَائِباً فَلَمّا أَتَي أَهلَهُ أُخبِرَ الخَبَرَ فَحَلَفَ لَا ينَتهَيِ‌ حَتّي يُهَرِيقَ فِي أَصحَابِ رَسُولِ اللّهِص فَخَرَجَ يَتبَعُ أَثَرَ رَسُولِ اللّهِص فَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ فَقَالَ مَن يَحرُسُنَا اللّيلَةَ فَانتَدَبَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ فَأَقَامَا بِفَمِ شِعبٍ نَزَلَهُ النّبِيّص فَاضطَجَعَ المهُاَجرِيِ‌ّ وَ حَرَسَ الأنَصاَريِ‌ّ أَوّلَ اللّيلِ وَ قَامَ يصُلَيّ‌ وَ جَاءَ زَوجُ المَرأَةِ فَرَأَي شَخصَهُ فَرَمَاهُ بِسَهمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَانتَزَعَهُ وَ ثَبَتَ قَائِماً يصُلَيّ‌ ثُمّ رَمَاهُ بِسَهمٍ آخَرَ فَأَصَابَهُ فَنَزَعَهُ وَ ثَبَتَ يصُلَيّ‌ ثُمّ رَمَاهُ الثّالِثَ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَانتَزَعَهُ ثُمّ رَكَعَ وَ سَجَدَ ثُمّ أَيقَظَ صَاحِبَهُ وَ أَعلَمَهُ فَوَثَبَ فَلَمّا رَآهُمَا الرّجُلُ عَرَفَ أَنّهُمَا عَلِمَا بِهِ فَلَمّا رَأَي المهُاَجرِيِ‌ّ مَا باِلأنَصاَريِ‌ّ قَالَ سُبحَانَ اللّهِ أَ لَا أيَقظَتنَيِ‌ أَوّلَ مَا رَمَاكَ قَالَ كُنتُ فِي سُورَةٍ أَقرَؤُهَا فَلَم أُحِبّ أَن أَقطَعَهَا فَلَمّا تَتَابَعَ عَلَيّ الرمّي‌ُ وَ رَكَعتُ أَعلَمتُكَ وَ ايمُ اللّهِ لَو لَا خَوفُ أَن أُضَيّعَ ثَغراً أمَرَنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص بِحِفظِهِ لَقَطَعَ نفَسَيِ‌ قَبلَ أَن أَقطَعَهَا وَ قِيلَ إِنّ هَذِهِ الغَزوَةَ كَانَت فِي المُحَرّمِ سَنَةَ خَمسٍ

3-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]غَزوَةُ بنَيِ‌ لِحيَانَ فِي جُمَادَي الأُولَي وَ كَانَ بَينَهُمَا الرمّي‌ُ بِالحِجَارَةِ


صفحه : 178

وَ صَلّي فِيهَا صَلَاةَ الخَوفِ بِعُسفَانَ وَ يُقَالُ فِي ذَاتِ الرّقَاعِ مَعَ غَطَفَانَ وَ كَانَ ذَلِكَ بَعدَ النّضِيرِ بِشَهرَينِ وَ قَالَ البخُاَريِ‌ّ بَعدَ خَيبَرَ وَ لَم يَكُن حَربٌ

4-أَقُولُ قَالَ الكاَزرِوُنيِ‌ّ فِي حَوَادِثِ السّنَةِ الخَامِسَةِ وَ فِيهَا كَانَت غَزَاةُ ذَاتِ الرّقَاعِ وَ كَانَ سَبَبُهَا أَنّ قَادِماً قَدِمَ المَدِينَةَ بِجَلَبٍ لَهُ فَأُخبِرَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص أَنّ أَنمَاراً وَ ثَعلَبَةَ قَد جَمَعُوا لَهُمُ الجُمُوعَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللّهِص فَخَرَجَ لَيلَةَ السّبتِ لِعَشرٍ خَلَونَ مِنَ المُحَرّمِ فِي أَربَعِمِائَةٍ وَ قِيلَ فِي سَبعِمِائَةٍ فَمَضَي حَتّي أَتَي مَحَالّهُم بِذَاتِ الرّقَاعِ وَ هيِ‌َ جَبَلٌ فَلَم يَجِد إِلّا نِسوَةً فَأَخَذَهُنّ وَ فِيهِنّ جَارِيَةٌ وَضِيئَةٌ وَ هَرَبَتِ الأَعرَابُ إِلَي رُءُوسِ الجِبَالِ وَ خَافَ المُسلِمُونَ أَن يُغِيرُوا عَلَيهِم فَصَلّي بِهِمُ النّبِيّص صَلَاةَ الخَوفِ وَ كَانَ أَوّلَ مَا صَلّاهَا وَ انصَرَفَ رَاجِعاً إِلَي المَدِينَةِ فَابتَاعَ مِن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ جَمَلًا بِأُوقِيّةٍ وَ شَرَطَ لَهُ ظَهرَهُ إِلَي المَدِينَةِ وَ سَأَلَهُ عَن دِينِ أَبِيهِ فَأَخبَرَهُ فَقَالَ إِذَا قَرُبتَ المَدِينَةَ وَ أَرَدتَ أَن تَجُدّ نَخلَكَ فآَذنِيّ‌ وَ استَغفَرَ رَسُولُ اللّهِص فِي تِلكَ اللّيلَةِ خَمساً وَ عِشرِينَ مَرّةً وَ فِي الترّمذِيِ‌ّ سَبعِينَ مَرّةً

وَ فِي مُسلِمٍ مِن حَدِيثِ أَبِي نَضرَةَ عَن جَابِرٍ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَ تَبِيعُنِيهِ بِكَذَا وَ كَذَا وَ اللّهُ يَغفِرُ لَكَ فَمَا زَالَ يزَيِدنُيِ‌ وَ اللّهُ يَغفِرُ لَكَ قَالَ أَبُو نَضرَةَ وَ كَانَت كَلِمَةٌ تَقُولُهَا المُسلِمُونَ افعَل كَذَا وَ اللّهُ يَغفِرُ لَكَ وَ كَانَت غَيبَتُهُ خَمسَ عَشرَةَ لَيلَةً


صفحه : 179

5- وَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي جُمَادَي الأُولَي مِنَ السّنَةِ السّادِسَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي بنَيِ‌ لِحيَانَ يَطلُبُ بِأَصحَابِ الرّجِيعِ خُبَيبِ بنِ عدَيِ‌ّ وَ أَصحَابِهِ وَ أَظهَرَ أَنّهُ يُرِيدُ الشّامَ لِيُصِيبَ مِنَ القُوّةِ غِرّةً وَ أَسرَعَ السّيرَ حَتّي نَزَلَ عَلَي مَنَازِلِ بنَيِ‌ لِحيَانَ بَينَ أَثَحٍ وَ عُسفَانَ فَوَجَدَهُم قَد حَذِرُوا وَ تَمَنّعُوا فِي رُءُوسِ الجِبَالِ فَلَمّا أَخطَأَهُ مَا أَرَادَ مِنهُم خَرَجَ فِي ماِئتَيَ‌ رَاكِبٍ حَتّي نَزَلَ عُسفَانَ تَخوِيفاً لِأَهلِ مَكّةَ وَ أَرسَلَ فَارِسَينِ مِنَ الصّحَابَةِ حَتّي بَلَغَا كُرَاعَ الغَمِيمِ ثُمّ عَادَ

6-كا،[الكافي‌]حُمَيدُ بنُ زِيَادٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أَيّوبَ وَ عَلِيّ عَن أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ نَزَلَ رَسُولُ اللّهِص فِي غَزوَةِ ذَاتِ الرّقَاعِ تَحتَ شَجَرَةٍ عَلَي شَفِيرِ وَادٍ فَأَقبَلَ سَيلٌ فَحَالَ بَينَهُ وَ بَينَ أَصحَابِهِ فَرَآهُ رَجُلٌ مِنَ المُشرِكِينَ وَ المُسلِمُونَ قِيَامٌ عَلَي شَفِيرِ الواَديِ‌ يَنتَظِرُونَ مَتَي يَنقَطِعُ السّيلُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُشرِكِينَ لِقَومِهِ أَنَا أَقتُلُ مُحَمّداً فَجَاءَ وَ شَدّ عَلَي رَسُولِ اللّهِص بِالسّيفِ ثُمّ قَالَ مَن يُنجِيكَ منِيّ‌ يَا مُحَمّدُ فَقَالَ ربَيّ‌ وَ رَبّكَ فَنَسَفَهُ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ عَن فَرَسِهِ فَسَقَطَ عَلَي ظَهرِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ فَأَخَذَ السّيفَ وَ جَلَسَ عَلَي صَدرِهِ وَ قَالَ مَن يُنجِيكَ منِيّ‌ يَا غَورَثُ فَقَالَ جُودُكَ وَ كَرَمُكَ يَا مُحَمّدُ فَتَرَكَهُ وَ قَامَ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللّهِ لَأَنتَ خَيرٌ منِيّ‌ وَ أَكرَمُ

عم ،[إعلام الوري ]مرسلا مثله بيان النسف القلع


صفحه : 180

باب 61-غزوة بدر الصغري وسائر ماجري في تلك السنة إلي غزوة الخندق

الآيات النساءفَقاتِل فِي سَبِيلِ اللّهِ لا تُكَلّفُ إِلّا نَفسَكَ وَ حَرّضِ المُؤمِنِينَ عَسَي اللّهُ أَن يَكُفّ بَأسَ الّذِينَ كَفَرُوا وَ اللّهُ أَشَدّ بَأساً وَ أَشَدّ تَنكِيلًا و قال تعالي النساءوَ لا تَهِنُوا فِي ابتِغاءِ القَومِ إِن تَكُونُوا تَألَمُونَ فَإِنّهُم يَألَمُونَ كَما تَألَمُونَ وَ تَرجُونَ مِنَ اللّهِ ما لا يَرجُونَ وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً


صفحه : 181

تفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي فَقاتِل فِي سَبِيلِ اللّهِ قال الكلبي‌ إن أباسفيان لمارجع إلي مكة يوم أحد وأعد رسول الله ص موسم بدر الصغري وهي‌ سوق يقوم في ذي‌ القعدة فلما بلغ الميعاد قال للناس اخرجوا إلي الميعاد فتثاقلوا وكرهوا ذلك كراهة شديدة أوبعضهم فأنزل الله عز و جل


صفحه : 182

هذه الآية فحرض النبي ص المؤمنين فتثاقلوا عنه و لم يخرجوا فخرج رسول الله ص في سبعين راكبا حتي أتي موسم بدر فكفاهم الله بأس العدو و لم يوافهم أبوسفيان و لم يكن قتال يومئذ وانصرف رسول الله ص بمن معه سالمين لا تُكَلّفُ إِلّا نَفسَكَ أي إلافعل نفسك وَ حَرّضِ المُؤمِنِينَ علي القتال أي وحثهم عليه عَسَي اللّهُ أَن يَكُفّ بَأسَ الّذِينَ كَفَرُوا أي يمنع شدة الكفار وعسي من الله موجب وَ اللّهُ أَشَدّ بَأساً أي أشد نكاية في الأعداءوَ أَشَدّ تَنكِيلًا أي عقوبة وقيل التنكيل الشهرة بالأمور الفاضحة. و في قوله تعالي وَ لا تَهِنُواقيل نزلت في الذهاب إلي بدر الصغري لموعد أبي سفيان يوم أحد

1-عم ،[إعلام الوري ] ثُمّ كَانَت بَعدَ غَزوَةِ ذَاتِ الرّقَاعِ غَزوَةُ بَدرٍ الأَخِيرَةُ فِي شَعبَانَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي بَدرٍ لِمِيعَادِ أَبِي سُفيَانَ فَأَقَامَ عَلَيهَا ثَمَانَ لَيَالٍ وَ خَرَجَ أَبُو سُفيَانَ فِي أَهلِ تِهَامَةَ فَلَمّا نَزَلَ الظّهرَانَ بَدَا لَهُ فِي الرّجُوعِ وَ وَافَقَ رَسُولُ اللّهِص وَ أَصحَابُهُ السّوقَ فَاشتَرَوا وَ بَاعُوا وَ أَصَابُوا بِهَا رِبحاً حَسَناً

2-أقول قال في المنتقي في سياق حوادث السنة الرابعة و فيهاولد الحسين عليه السلام لثلاث ليال خلون من شعبان و فيهاكانت غزوة بدر الصغري لهلال ذي‌ القعدة و ذلك أن أباسفيان لماأراد أن ينصرف يوم أحد نادي الموعد بيننا وبينكم بدر الصغري رأس الحول نلتقي‌ بها ونقتتل فقال رسول الله ص قولوا نعم إن شاء الله فافترق الناس علي ذلك وتهيأت قريش للخروج فلما دنا الموعد كره


صفحه : 183

أبوسفيان الخروج وقدم نعيم بن مسعود الأشجعي‌ مكة فقال له أبوسفيان إني‌ قدواعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي‌ ببدر و قدجاء ذلك الوقت و هذاعام جدب وإنما يصلحنا عام خصب وأكره أن يخرج محمد و لاأخرج فيجتر‌ئ علينا فنجعل لك فريضة يضمنها لك سهيل بن عمرو علي أن تقدم المدينة وتعوقهم عن الخروج فقدم المدينة وأخبرهم بجمع أبي سفيان و مامعه من العدة والسلاح فقال رسول الله ص و ألذي نفسي‌ بيده لأخرجن و إن لم يخرج معي‌ أحد واستخلف علي المدينة عبد الله بن رواحة وحمل لواءه علي عليه السلام وسار معه ألف وخمسمائة والخيل عشرة أفراس وخرجوا ببضائع لهم وتجارات وكانت بدر الصغري مجتمعا تجتمع فيه العرب وسوقا يقوم لهلال ذي‌ القعدة إلي ثمان تخلو منه ثم تتفرق الناس إلي بلادهم فانتهوا إلي بدر ليلة هلال ذي‌ القعدة وقامت السوق صبيحة الهلال فأقاموا بهاثمانية أيام وباعوا تجارتهم فربحوا للدرهم درهما وانصرفوا و قدسمع الناس بمسيرهم وخرج أبوسفيان من مكة في قريش وهم ألفان ومعه خمسون فرسا حتي انتهوا إلي مر الظهران ثم قال ارجعوا فإنه لايصلحنا إلاعام خصب يرعي فيه الشجر ويشرب فيه اللبن و هذاعام جدب فسمي أهل مكة ذلك الجيش جيش السويق يقولون خرجوا يشربون السويق فقال صفوان بن أمية لأبي‌ سفيان قدنهيتك أن تعد القوم قداجترءوا علينا ورأونا قدأخلفناهم ثم أخذوا في الكيد والتهيؤ لغزوة الخندق و فيهارجم رسول الله ص اليهودي‌ واليهودية في ذي‌ القعدة ونزل قوله تعالي وَ مَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ و فيهاحرمت الخمر وجملة القول في تحريم الخمر أن الله تعالي أنزل في الخمر أربع آيات نزلت بمكةوَ مِن ثَمَراتِ النّخِيلِ وَ الأَعنابِ تَتّخِذُونَ مِنهُ سَكَراً وَ رِزقاً حَسَناًفكان المسلمون يشربونها وهي‌ لهم حلال يومئذ ثم نزلت في مسألة عمر ومعاذ بن جبل يَسئَلُونَكَ عَنِ الخَمرِ وَ


صفحه : 184

المَيسِرِ

الآية فتركها قوم لقوله إِثمٌ كَبِيرٌ وشربها قوم لقوله وَ مَنافِعُ لِلنّاسِ إلي أن صنع عبدالرحمن بن عوف طعاما فدعا ناسا من أصحاب رسول الله ص وأتاهم بخمر فشربوا وسكروا فحضرت صلاة المغرب فقدموا بعضهم ليصلي‌ بهم فقرأقُل يا أَيّهَا الكافِرُونَأعبد ماتعبدون هكذا إلي آخر السورة بحذف لافأنزل الله تعالي يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَقرَبُوا الصّلاةَ وَ أَنتُم سُكاريالآية فحرم السكر في أوقات الصلوات فلما نزلت في هذه الآية تركها قوم وقالوا لاخير في شيءيحول بيننا و بين الصلاة وتركها قوم في أوقات الصلاة وشربوها في غيرحين الصلاة حتي كان الرجل يشرب بعدصلاة العشاء فيصبح و قدزال عنه السكر ويشرب بعدالصبح فيصحو إذاجاء وقت الظهر ودعا عتبان بن مالك رجالا من المسلمين فيهم سعد بن أبي وقاص و كان قدشوي لهم رأس بعير فأكلوا منه وشربوا الخمر حتي سكروا منها ثم إنهم افتخروا عند ذلك وانتسبوا وتناشدوا الأشعار فأنشد سعد قصيدة فيهاهجاء الأنصار وفخر لقومه فأخذ رجل من الأنصار لحي‌ البعير فضرب به رأس سعد فشجه موضحة فانطلق سعد إلي رسول الله ص وشكا إليه الأنصاري‌ فقال عمر أللهم بين لنا رأيك في الخمر بيانا شافيا فأنزل الله تعالي إِنّمَا الخَمرُ وَ المَيسِرُالآية و فيهاسرق ابن أبيرق .أقول سيأتي‌ شرح القصة في باب أحوال أصحابه ص


صفحه : 185

ثم قال و فيهاتزوج رسول الله ص أم سلمة في شوالها واسمها هند بنت أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكانت قبله ص عند أبي سلمة عبد الله بن عبدالأسد فولدت له سلمة وعمر وزينب ثم توفي‌ فخلف عليها رسول الله ص . روُيِ‌َ أَنّ أَبَا سَلَمَةَ جَاءَ إِلَي أُمّ سَلَمَةَ فَقَالَ لَقَد سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص حَدِيثاً أَحَبّ إلِيَ‌ّ مِن كَذَا وَ كَذَا سَمِعتُهُ يَقُولُ لَا يُصَابُ أَحَدٌ بِمُصِيبَةٍ فَيَستَرجِعُ عِندَ ذَلِكَ وَ يَقُولُ أللّهُمّ عِندَكَ أَحتَسِبُ مصُيِبتَيِ‌ هَذِهِ أللّهُمّ اخلفُنيِ‌ فِيهَا خَيراً مِنهَا إِلّا أَعطَاهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ قَالَت أُمّ سَلَمَةَ فَلَمّا أُصِبتُ بأِبَيِ‌ سَلَمَةَ قُلتُ أللّهُمّ عِندَكَ أَحتَسِبُ مصُيِبتَيِ‌ وَ لَم تَطِب نفَسيِ‌ أَن أَقُولَ أللّهُمّ اخلفُنيِ‌ فِيهَا خَيراً مِنهَا ثُمّ قُلتُ مَن خَيرٌ مِن أَبِي سَلَمَةَ أَ لَيسَ أَ لَيسَ ثُمّ قُلتُ ذَلِكَ فَلَمّا انقَضَت عِدّتُهَا أَرسَلَ إِلَيهَا أَبُو بَكرٍ يَخطُبُهَا فَأَبَت ثُمّ أَرسَلَ إِلَيهَا عُمَرُ يَخطُبُهَا فَأَبَت ثُمّ أَرسَلَ إِلَيهَا رَسُولُ اللّهِص فَقَالَت مَرحَباً بِرَسُولِ اللّهِص

و قال الهيثم بن عدي‌ أول من هلك من أزواج النبي ص زينب هلكت في خلافة عمر وآخر من هلك منهن أم سلمة هلكت زمن يزيد بن معاوية سنه ثنتين وستين . و فيهاتوفت [توفيت ]زينب بنت خزيمة أم المؤمنين وتوفي‌ عبد الله بن عثمان من رقية بنت رسول الله ص ولد في الإسلام فاكتني به عثمان فبلغ ست سنين فنقره ديك في عينه فمرض فمات في جمادي الأولي وصلي عليه رسول الله ص و فيهاتوفي‌ أبوسلمة عبد الله بن عبدالأسد بن هلال و فيهاتوفت [توفيت ]فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف أم علي عليه السلام وكانت صالحة و كان رسول الله ص يزورها ويقيل في بيتها و لماتوفيت نزع رسول الله ص قميصه فألبسها إياه


صفحه : 186

باب 71-غزوة الأحزاب وبني‌ قريظة

الآيات البقرةأَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنّةَ وَ لَمّا يَأتِكُم مَثَلُ الّذِينَ خَلَوا مِن قَبلِكُم مَسّتهُمُ البَأساءُ وَ الضّرّاءُ وَ زُلزِلُوا حَتّي يَقُولَ الرّسُولُ وَ الّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتي نَصرُ اللّهِ أَلا إِنّ نَصرَ اللّهِ قَرِيبٌآل عمران قُلِ أللّهُمّ مالِكَ المُلكِ تؤُتيِ‌ المُلكَ مَن تَشاءُ وَ تَنزِعُ المُلكَ مِمّن تَشاءُ وَ تُعِزّ مَن تَشاءُ وَ تُذِلّ مَن تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنّكَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللّيلَ


صفحه : 187

فِي النّهارِ وَ تُولِجُ النّهارَ فِي اللّيلِ وَ تُخرِجُ الحيَ‌ّ مِنَ المَيّتِ وَ تُخرِجُ المَيّتَ مِنَ الحيَ‌ّ وَ تَرزُقُ مَن تَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍالأنفال الّذِينَ عاهَدتَ مِنهُم ثُمّ يَنقُضُونَ عَهدَهُم فِي كُلّ مَرّةٍ وَ هُم لا يَتّقُونَ فَإِمّا تَثقَفَنّهُم فِي الحَربِ فَشَرّد بِهِم مَن خَلفَهُم لَعَلّهُم يَذّكّرُونَ وَ إِمّا تَخافَنّ مِن قَومٍ خِيانَةً فَانبِذ إِلَيهِم عَلي سَواءٍ إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ الخائِنِينَالأحزاب يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ اللّهِ عَلَيكُم إِذ جاءَتكُم جُنُودٌ فَأَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً وَ جُنُوداً لَم تَرَوها وَ كانَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصِيراً إِذ جاؤُكُم مِن فَوقِكُم وَ مِن أَسفَلَ مِنكُم وَ إِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَ بَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ وَ تَظُنّونَ بِاللّهِ الظّنُونَا هُنالِكَ ابتلُيِ‌َ المُؤمِنُونَ وَ زُلزِلُوا زِلزالًا شَدِيداً وَ إِذ يَقُولُ المُنافِقُونَ وَ الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ إِلّا غُرُوراً وَ إِذ قالَت طائِفَةٌ مِنهُم يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فَارجِعُوا وَ يَستَأذِنُ فَرِيقٌ مِنهُمُ النّبِيّ يَقُولُونَ إِنّ بُيُوتَنا عَورَةٌ وَ ما هيِ‌َ بِعَورَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلّا فِراراً وَ لَو دُخِلَت عَلَيهِم مِن أَقطارِها ثُمّ سُئِلُوا الفِتنَةَ لَآتَوها وَ ما تَلَبّثُوا بِها إِلّا يَسِيراً وَ لَقَد كانُوا عاهَدُوا اللّهَ مِن قَبلُ لا يُوَلّونَ الأَدبارَ وَ كانَ عَهدُ اللّهِ مَسؤُلًا قُل لَن يَنفَعَكُمُ الفِرارُ إِن فَرَرتُم مِنَ المَوتِ أَوِ القَتلِ وَ إِذاً لا تُمَتّعُونَ إِلّا قَلِيلًا قُل مَن ذَا ألّذِي يَعصِمُكُم مِنَ اللّهِ إِن أَرادَ بِكُم سُوءاً أَو أَرادَ بِكُم رَحمَةً وَ لا يَجِدُونَ لَهُم مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّا وَ لا نَصِيراً قَد يَعلَمُ اللّهُ المُعَوّقِينَ مِنكُم وَ القائِلِينَ لِإِخوانِهِم هَلُمّ إِلَينا وَ لا يَأتُونَ البَأسَ إِلّا قَلِيلًا أَشِحّةً عَلَيكُم فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم يَنظُرُونَ إِلَيكَ تَدُورُ أَعيُنُهُم كاَلذّيِ‌ يُغشي عَلَيهِ مِنَ المَوتِ فَإِذا ذَهَبَ الخَوفُ سَلَقُوكُم بِأَلسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحّةً عَلَي الخَيرِ أُولئِكَ لَم يُؤمِنُوا فَأَحبَطَ اللّهُ أَعمالَهُم وَ كانَ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيراً يَحسَبُونَ الأَحزابَ لَم يَذهَبُوا وَ إِن يَأتِ الأَحزابُ يَوَدّوا لَو أَنّهُم بادُونَ فِي الأَعرابِ يَسئَلُونَ عَن أَنبائِكُم وَ لَو كانُوا فِيكُم ما قاتَلُوا إِلّا قَلِيلًا لَقَد كانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرجُوا اللّهَ وَ اليَومَ الآخِرَ وَ ذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً وَ لَمّا رَأَ المُؤمِنُونَ الأَحزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ما زادَهُم إِلّا إِيماناً وَ تَسلِيماً مِنَ المُؤمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضي


صفحه : 188

نَحبَهُ وَ مِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَ ما بَدّلُوا تَبدِيلًا ليِجَزيِ‌َ اللّهُ الصّادِقِينَ بِصِدقِهِم وَ يُعَذّبَ المُنافِقِينَ إِن شاءَ أَو يَتُوبَ عَلَيهِم إِنّ اللّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً وَ رَدّ اللّهُ الّذِينَ كَفَرُوا بِغَيظِهِم لَم يَنالُوا خَيراً وَ كَفَي اللّهُ المُؤمِنِينَ القِتالَ وَ كانَ اللّهُ قَوِيّا عَزِيزاً وَ أَنزَلَ الّذِينَ ظاهَرُوهُم مِن أَهلِ الكِتابِ مِن صَياصِيهِم وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرّعبَ فَرِيقاً تَقتُلُونَ وَ تَأسِرُونَ فَرِيقاً وَ أَورَثَكُم أَرضَهُم وَ دِيارَهُم وَ أَموالَهُم وَ أَرضاً لَم تَطَؤُها وَ كانَ اللّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيراً

تفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي أَم حَسِبتُمقيل نزلت يوم الخندق لمااشتدت المخافة وحوصر المسلمون في المدينة فدعاهم الله إلي الصبر ووعدهم بالنصر وقيل نزلت في حرب أحد لما قال عبد الله بن أبي لأصحاب رسول الله ص إلي متي تقتلون أنفسكم لو كان محمدص نبيا لماسلط الله عليه الأسر والقتل وقيل نزلت في المهاجرين من أصحاب النبي ص إلي المدينة إذ تركوا ديارهم وأموالهم ومستهم الضراءوَ لَمّا يَأتِكُم مَثَلُ الّذِينَ خَلَوا مِن قَبلِكُم أي و لماتمتحنوا وتبتلوا بمثل ماامتحنوا به فتصبروا كماصبروامَسّتهُمُ البَأساءُ وَ الضّرّاءُالبأساء نقيض النعماء والضراء نقيض السراءوَ زُلزِلُوا أي حركوا بأنواع البلاياحَتّي يَقُولَ الرّسُولُ وَ الّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتي نَصرُ اللّهِقيل استعجال للموعود وإنما قاله الرسول استبطاء للنصر علي جهة التمني‌ وقيل إن معناه الدعاء لله بالنصرأَلا إِنّ نَصرَ اللّهِ قَرِيبٌقيل إن هذا من كلامهم فإنهم قالوا عندالإياس متي نصر الله ثم تفكروا فعلموا أن الله منجز وعده فقالوا ذلك وقيل إن الأول كلام المؤمنين والثاني‌ كلام الرسول . و قال في قوله تعالي قُلِ أللّهُمّ مالِكَ المُلكِقيل لمافتح رسول الله


صفحه : 189

ص مكة ووعد أمته ملك فارس والروم قالت المنافقون واليهود هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم أ لم تكفه المدينة ومكة حتي طمع في الروم وفارس فنزلت هذه الآية عن ابن عباس وأنس وقيل إن النبي ص خط الخندق عام الأحزاب وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان و كان رجلا قويا فقال المهاجرون سلمان منا وقالت الأنصار سلمان منا فَقَالَ النّبِيّص سَلمَانُ مِنّا أَهلَ البَيتِ

قال عمرو بن عوف كنت أنا وسلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن المزني‌ وستة من الأنصار في أربعين ذراعا فحفرنا حتي إذاكنا بجب ذي‌ باب أخرج الله من باطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا وشقت علينا فقلنا ياسلمان ارق إلي رسول الله ص وأخبره خبر هذه الصخرة فإما أن نعدل عنها فإن المعدل قريب وإما أن يأمرنا فيه بأمره فإنا لانحب أن نتجاوز خطه قال فرقي‌ سلمان إلي رسول الله ص و هوضارب عليه قبة تركية فقال يا رسول الله خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق فكسرت حديدنا وشقت علينا حتي مايحيك فيهاقليل و لاكثير فمرنا فيهابأمرك فإنا لانحب أن نتجاوز خطك قال فهبط رسول الله ص مع سلمان الخندق والتسعة علي شفة الخندق فأخذ رسول الله ص المعول من يد سلمان فضربها به ضربة صدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتي لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم فكبر رسول الله ص تكبيرة فتح وكبر المسلمون ثم ضربها رسول الله ص ثانية فبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتي لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم فكبر رسول الله ص تكبيرة فتح وكبر المسلمون


صفحه : 190

ثم ضرب بها رسول الله ص ثالثة فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتي لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم فكبر رسول الله ص تكبيرة فتح وكبر المسلمون وأخذ بيد سلمان ورقي‌ فقال سلمان بأبي‌ أنت وأمي‌ يا رسول الله لقد رأيت منك شيئا مارأيته منك قط فالتفت رسول الله ص إلي القوم

وَ قَالَ رَأَيتُم مَا يَقُولُ سَلمَانُ فَقَالُوا نَعَم قَالَ ضَرَبتُ ضرَبتَيِ‌َ الأُولَي فَبَرَقَ ألّذِي رَأَيتُم أَضَاءَت لِي مِنهَا قُصُورُ الحِيرَةِ وَ مَدَائِنُ كِسرَي كَأَنّهَا أَنيَابُ الكِلَابِ فأَخَبرَنَيِ‌ جَبرَئِيلُ أَنّ أمُتّيِ‌ ظَاهِرَةٌ عَلَيهَا ثُمّ ضَرَبتُ ضرَبتَيِ‌َ الثّانِيَةَ فَبَرَقَ ألّذِي رَأَيتُم أَضَاءَت لِي مِنهَا قُصُورُ الحمر مِن أَرضِ الرّومِ فَكَأَنّهَا أَنيَابُ الكِلَابِ فأَخَبرَنَيِ‌ جَبرَئِيلُ أَنّ أمُتّيِ‌ ظَاهِرَةٌ عَلَيهَا ثُمّ ضَرَبتُ ضرَبتَيِ‌َ الثّالِثَةَ فَبَرَقَ لِي مَا رَأَيتُم أَضَاءَت لِي مِنهَا قُصُورُ صَنعَاءَ كَأَنّهَا أَنيَابُ الكِلَابِ وَ أخَبرَنَيِ‌ جَبرَئِيلُ أَنّ أمُتّيِ‌ ظَاهِرَةٌ عَلَيهَا فَأَبشِرُوا

فاستبشر المسلمون وقالوا الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعدالحصر فقال المنافقون أ لاتعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويعلمكم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسري وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق و لاتستطيعون أن تبرزوا فنزل القرآن إِذ يَقُولُ المُنافِقُونَ وَ الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ إِلّا غُرُوراً. وأنزل الله تعالي في هذه القصةقُلِ أللّهُمّ مالِكَ المُلكِالآية رواه الثعلبي‌ بإسناده عن عمرو بن عوف . قوله مالِكَ المُلكِ أي مالك كل مِلك ومُلك وقيل مالك العباد و ماملكوا وقيل مالك أمر الدنيا والآخرة وقيل مالك النبوةتؤُتيِ‌ المُلكَ أي تؤتي‌ المُلك وأسباب الدنيا محمدا وأصحابه وأمته وتنزعه من صناديد قريش و من الروم وفارس فلاتقوم الساعة حتي يفتحها أهل الإسلام وقيل تؤتي‌ النبوة والإمامة من تشاء من عبادك وتوليه التصرف في خلقك وبلادك وتنزع المُلك علي


صفحه : 191

هذاالوجه من الجبارين وَ تُعِزّ مَن تَشاءُبالإيمان والطاعةوَ تُذِلّ مَن تَشاءُبالكفر والمعاصي‌ وقيل تعز المؤمن بتعظيمه والثناء عليه وتذل الكافر بالجزية والسبي‌ وقيل تعز محمدا وأصحابه وتذل أباجهل وأضرابه من المقتولين يوم بدر في القليب وقيل تعز من تشاء من أوليائك بأنواع العزة في الدنيا والدين وتذل من تشاء من أعدائك في الدنيا والآخرة لأنه سبحانه لايذل أولياءه و إن أفقرهم وابتلاهم فإن ذلك ليس علي سبيل الإذلال بل ليكرمهم بذلك في الآخرةبِيَدِكَ الخَيرُ أي الخير كله في الدنيا والآخرة. و قال في قوله تعالي الّذِينَ عاهَدتَ مِنهُم أي من جملتهم أوعاهدتهم قال مجاهد أراد به يهود بني‌ قريظة فإنهم كانوا قدعاهدوا النبي ص علي أن لايضروا به و لايمالوا عليه عدوا ثم مالوا عليه الأحزاب يوم الخندق وأعانوهم عليه بالسلاح وعاهدوا مرة بعدأخري فنقضوا فانتقم الله منهم ثُمّ يَنقُضُونَ عَهدَهُم فِي كُلّ مَرّةٍ أي كلما عاهدتهم نقضوا العهد و لم يفوا به وَ هُم لا يَتّقُونَنقض العهد أوعذاب الله فَإِمّا تَثقَفَنّهُم أي تصادفنهم فِي الحَربِ أي ظفرت بهم فَشَرّد بِهِم مَن خَلفَهُم أي فنكل بهم تنكيلا يشرد بهم من بعدهم ويمنعهم من نقض العهد والتشريد التفريق لَعَلّهُم يَذّكّرُونَ أي لكي‌ يتذكروا وينزجرواوَ إِمّا تَخافَنّ مِن قَومٍ خِيانَةً أي إن خفت يا محمد من قوم بينك وبينهم عهد خيانةفَانبِذ إِلَيهِم عَلي سَواءٍ أي فألق مابينك وبينهم من العهد وأعلمهم بأنك نقضت ماشرطت لهم لتكون أنت وهم في العلم بالنقض علي استواء وقيل معني عَلي سَواءٍ علي عدل قال الواقدي‌ هذه الآية نزلت في بني‌ قينقاع وبهذه الآية سار النبي ص إليهم . و قال رحمه الله في قوله تعالي إِذ جاءَتكُم جُنُودٌ وهم الذين تحزبوا علي


صفحه : 192

رسول الله ص أيام الخندق فَأَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً وهي‌ الصبا أرسلت عليهم حتي أكفأت قدورهم فنزعت فساطيطهم وَ جُنُوداً لَم تَرَوهاالملائكة وقيل إن الملائكة لم يقاتلوا يومئذ ولكن كانوا يشجعون المؤمنين ويجبنون الكافرين وَ كانَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصِيراً إِذ جاؤُكُم أي اذكروا حين جاءكم جنود المشركين مِن فَوقِكُم أي من فوق الوادي‌ قبل المشرق قريظة والنضير وغطفان وَ مِن أَسفَلَ مِنكُم أي من المغرب من ناحية مكة أبوسفيان في قريش و من تبعه وَ إِذ زاغَتِ الأَبصارُ أي مالت عن كل شيءفلم تنظر إلاعدوها مقبلا من كل جانب أوعدلت الأبصار عن مقرها من الدهش والحيرة كما يكون الجبان فلايعلم مايبصروَ بَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَالحنجرة جوف الحلقوم أي شخصت القلوب من مكانها فلو لا أنه ضاق الحلقوم عنها أن تخرج لخرجت عن قتادة و قال أبوسعيد الخدري‌ قلنا يوم الخندق يا رسول الله هل من شيءنقوله فقد بلغت القلوب الحناجر فقال قولوا أللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا قال فقلناها فضرب وجوه أعداء الله بالريح فهزموا قال الفراء المعني أنهم جبنوا وجزع أكثرهم وسبيل الجبان إذااشتد خوفه أن ينتفخ سحره والسحر الرية فإذاانتفخت الرية رفعت القلوب إلي الحنجرةوَ تَظُنّونَ بِاللّهِ الظّنُونَا أي اختلفت الظنون فظن بعضهم النصر وبعضهم أيس وقنط وقيل ظن المنافقون أنه يستأصل محمدص وظن المؤمنون أنه ينصر وقيل ظن بعضهم أن الكفار تغلبهم وظن بعضهم أنهم يستولون علي المدينة وظن بعضهم أن الجاهلية تعود كماكانت وظن بعضهم أن ماوعد الله ورسوله من نصرة الدين وأهله غرور فأقسام الظنون كثيرة خصوصا ظن الجبناء.هُنالِكَ ابتلُيِ‌َ المُؤمِنُونَ أي اختبروا وامتحنواوَ زُلزِلُوا زِلزالًا شَدِيداً


صفحه : 193

أي حركوا بالخوف تحريكا شديداوَ إِذ يَقُولُ المُنافِقُونَ وَ الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ أي شك ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ إِلّا غُرُوراً قال ابن عباس إن المنافقين قالوا يعدنا محمد أن يفتح مدائن كسري وقيصر ونحن لانأمن أن نذهب إلي الخلاء هذا و الله الغروروَ إِذ قالَت طائِفَةٌ مِنهُميعني‌ عبد الله بن أبي وأصحابه وقيل هم بنو سالم من المنافقين وقيل القائل أوس بن قبطي‌ و من وافقه علي رأيه يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فَارجِعُوا أي لاإقامة لكم هاهنا أو لامكان لكم تقومون فيه للقتال إذافتح الميم فارجعوا إلي منازلكم بالمدينة وأرادوا الهرب من عسكر رسول الله ص وَ يَستَأذِنُ فَرِيقٌ مِنهُمُ النّبِيّ في الرجوع إلي المدينة وهم بنو حارثة وبنو سلمةيَقُولُونَ إِنّ بُيُوتَنا عَورَةٌليست بحريزة مكشوفة ليست بحصينة أوخالية من الرجال نخشي عليها السراق وقيل قالوا بيوتنا مما يلي‌ العدو لانأمن علي أهليناوَ ما هيِ‌َ بِعَورَةٍبل هي‌ رفيعة السمك حصينة عن الصادق عليه السلام إِن يُرِيدُونَ أي مايريدون إِلّا فِراراً وهربا من القتال ونصرة المؤمنين وَ لَو دُخِلَتالبيوت أوالمدينةعَلَيهِم أي لودخل هؤلاء الذين يريدون القتال وهم الأحزاب علي الذين يقولون إن بيوتنا عورة وهم المنافقون مِن أَقطارِها من نواحي‌ المدينة أوالبيوت ثُمّ سُئِلُوا الفِتنَةَ لَآتَوها أي ثم دعوا هؤلاء إلي الشرك لأشركواوَ ما تَلَبّثُوا بِها إِلّا يَسِيراً أي و مااحتبسوا عن الإجابة إلي الكفر إلاقليلا أو لماأقاموا بعدإعطائهم الكفر إلاقليلا حتي يعاجلهم الله بالعذاب وَ لَقَد كانُوا عاهَدُوا اللّهَ مِن قَبلُ أي من قبل الخندق لا يُوَلّونَ الأَدبارَ أي بايعوا النبي ص وحلفوا له أنهم ينصرونه ويدفعون عنه كمايدفعون عن نفوسهم و لايرجعون عن مقاتلة العدو و لاينهزمون قال مقاتل يريد ليلة العقبةوَ كانَ عَهدُ اللّهِ مَسؤُلًايسألون عنه في الآخرةقُل لَن يَنفَعَكُمُ الفِرارُ إِن فَرَرتُم مِنَ المَوتِ أَوِ القَتلِ إن كان حضر آجالكم فإنه لابد من واحد منهما و إن هربتم فالهرب لايزيد في آجالكم وَ إِذاً لا تُمَتّعُونَ إِلّا قَلِيلًا أي و إن لم يحضر آجالكم وسلمتم من الموت أو


صفحه : 194

القتل في هذه الوقعة لم تمتعوا في الدنيا إلاأياما قلائل قُل مَن ذَا ألّذِي يَعصِمُكُم مِنَ اللّهِ أي يدفع عنكم قضاء الله إِن أَرادَ بِكُم سُوءاً أي عذابا وعقوبةأَو أَرادَ بِكُم رَحمَةً أي نصرا وعزا فإن أحدا لايقدر علي ذلك وَ لا يَجِدُونَ لَهُم مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّايلي‌ أمورهم وَ لا نَصِيراًينصرهم ويدفع عنهم قَد يَعلَمُ اللّهُ المُعَوّقِينَ مِنكُم وهم الذين يعوقون غيرهم عن الجهاد مع رسول الله ص ويثبطونهم ويشغلونهم لينصرفوا عنه و ذلك بأنهم قالوا لهم ما محمد وأصحابه إلاأكلة رأس و لوكانوا لحما لالتهمهم أبوسفيان وهؤلاء الأحزاب وَ القائِلِينَ لِإِخوانِهِميعني‌ اليهود قالوا لإخوانهم المنافقين هَلُمّ إِلَينا أي تعالوا وأقبلوا إلينا ودعوا محمدا وقيل القائلون هم المنافقون قالوا لإخوانهم من ضعفة المسلمين لاتحاربوا وخلوا محمدا فإنا نخاف عليكم الهلاك وَ لا يَأتُونَ البَأسَ أي و لايحضرون القتال في سبيل الله إِلّا قَلِيلًايخرجون رياء وسمعة قدر مايوهمون أنهم معكم وقيل لايحضرون القتال إلاكارهين يكون قلوبهم مع المشركين أَشِحّةً عَلَيكُم أي يأتون البأس بخلا بالقتال معكم وقيل بخلا بالنفقة في سبيل الله والنصرةكاَلذّيِ‌ يُغشي عَلَيهِ مِنَ المَوتِ و هو ألذي قرب من حال الموت وغشيته أسبابه فيذهل ويذهب عقله ويشخص بصره فلايطرف فكذلك هؤلاء تشخص أبصارهم وتحار أعينهم من شدة خوفهم فَإِذا ذَهَبَ الخَوفُ وجاء الأمن والغنيمةسَلَقُوكُم بِأَلسِنَةٍ حِدادٍ أي آذوكم بالكلام وخاصموكم سليطة ذربة وقيل معناه بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمة الغنيمة يقولون أعطونا فلستم بأحق بهامنا عن قتادة قال فأما عندالبأس فأجبن قوم وأخذله للحق و أما عندالغنيمة فأشح قوم و هو قوله أَشِحّةً عَلَي الخَيرِ أي بخلا بالغنيمة يشاحون


صفحه : 195

المؤمنين عندالقسمة وقيل بخلا بأن يتكلموا بكلام فيه خيرأُولئِكَ لَم يُؤمِنُوا و إلا لمافعلوا ذلك فَأَحبَطَ اللّهُ أَعمالَهُملأنها لم تقع علي الوجوه التي‌ يستحق عليها الثواب وَ كانَ ذلِكَ أي الإحباط أونفاقهم عَلَي اللّهِ يَسِيراً أي هينايَحسَبُونَ الأَحزابَ لَم يَذهَبُوا أي يظنون أن الجماعات من قريش وغطفان وأسد واليهود الذين تحزبوا علي رسول الله ص لم ينصرفوا و قدانصرفوا وإنما ظنوا ذلك لجبنهم وفرط حبهم قهر المسلمين وَ إِن يَأتِ الأَحزابُ أي و إن يرجع الأحزاب إليهم ثانية للقتال يَوَدّوا لَو أَنّهُم بادُونَ فِي الأَعرابِ يَسئَلُونَ عَن أَنبائِكُم أي يود هؤلاء المنافقون أن يكونوا في البادية مع الأعراب يسألون الناس عن أخباركم و لايكونوا معكم حذرا من القتل وتربصا للدوائروَ لَو كانُوا فِيكُم ما قاتَلُوا إِلّا قَلِيلًا أي و لوكانوا معكم لم يقاتلوا إلايسيرا ليوهموا أنهم في جملتكم لَقَد كانَ لَكُممعاشر المكلفين فِي رَسُولِ اللّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ أي قدوة صالحة أي كان لكم برسول الله اقتداء لواقتديتم به في نصرته والصبر معه في مواطن القتال لِمَن كانَ يَرجُوا اللّهَبدل من قوله لكم يعني‌ أن الأسوة برسول الله إنما يكون لمن يرجو ما عند الله من الثواب والنعيم وَ اليَومَ الآخِرَ وَ ذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً أي ذكرا كثيراوَ لَمّا رَأَ المُؤمِنُونَ الأَحزابَ مع كثرتهم قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللّهُ وَ رَسُولُهُقيل إن النبي ص كان أخبرهم أنه يتظاهر عليهم الأحزاب ووعدهم الظفر بهم فلما رأوهم تبين لهم مصداق قوله و كان ذلك معجزا له وقيل إن الله وعدهم في سورة البقرة بقوله أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنّةَ وَ لَمّا يَأتِكُم مَثَلُ الّذِينَ خَلَوا إلي قوله إِنّ نَصرَ اللّهِ قَرِيبٌ ماسيكون من الشدة التي‌ تلحقهم من عدوهم فلما رأوا الأحزاب يوم الخندق قالوا هذه المقالة علما منهم أنه لايصيبهم إلا ماأصاب الأنبياء و المؤمنين قبلهم وَ ما زادَهُممشاهدة عدوهم إِلّا إِيماناً أي تصديقا بالله ورسوله وَ تَسلِيماًلأمره مِنَ المُؤمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيهِ أي بايعوا أن لايفروا فصدقوا في لقائهم العدوفَمِنهُم مَن قَضي


صفحه : 196

نَحبَهُ

أي مات أوقتل في سبيل الله فأدرك ماتمني فذلك قضاء النحب وقيل قضي نحبه معناه فرغ من عمله ورجع إلي ربه يعني‌ من استشهد يوم أحدوَ مِنهُم مَن يَنتَظِرُوعد الله من نصرة أوشهادة علي مامضي عليه أصحابه وَ ما بَدّلُوا تَبدِيلًا أي ماغيروا العهد ألذي عاهدوا ربهم كما غيرالمنافقون ليِجَزيِ‌َ اللّهُ الصّادِقِينَ بِصِدقِهِم في عهودهم وَ يُعَذّبَ المُنافِقِينَبنقض العهدإِن شاءَ أَو يَتُوبَ عَلَيهِم إن تابواوَ رَدّ اللّهُ الّذِينَ كَفَرُوايعني‌ الأحزاب أباسفيان وجنوده وغطفان و من معهم من قبائل العرب بِغَيظِهِم أي بغمهم ألذي جاءوا به وحنقهم لم يشفوا بنيل ماأرادوالَم يَنالُوا خَيراًأملوه وأرادوه من الظفر بالنبي‌ و المؤمنين وإنما سماه خيرا لأن ذلك كان خيرا عندهم وقيل أراد بالخير المال وَ كَفَي اللّهُ المُؤمِنِينَ القِتالَ أي مباشرة القتال بما أنزل علي المشركين من الريح الشديدة الباردة التي‌ أزعجتم عن أماكنهم وبما أرسل من الملائكة وبما قذف في قلوبهم من الرعب وقيل بعلي‌ بن أبي طالب عليه السلام وقتله عمرو بن عبدود و كان ذلك سبب هزيمة القوم عن عبد الله بن مسعود و هوالمروي‌ عن أبي عبد الله عليه السلام وَ كانَ اللّهُ قَوِيّا أي قادرا علي مايشاءعَزِيزاً لايمتنع عليه شيء من الأشياء. ثم ذكر سبحانه مافعل باليهود من بني‌ قريظة فقال وَ أَنزَلَ الّذِينَ ظاهَرُوهُم أي عاونوا المشركين من الأحزاب ونقضوا العهد بينهم و بين رسول الله ص أن لاينصروا عليه عدوامِن أَهلِ الكِتابِيعني‌ من اليهود واتفق المفسرون علي أنهم بنو قريظة إلا الحسن فإنه قال هم بنو النضير والأول أصح مِن صَياصِيهِم أي من حصونهم وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرّعبَ أي الخوف من النبي ص وأصحابه فَرِيقاً تَقتُلُونَيعني‌ الرجال وَ تَأسِرُونَ فَرِيقاًيعني‌ الذراري‌ والنساءوَ أَورَثَكُم أي أعطاكم أَرضَهُم وَ دِيارَهُم وَ أَموالَهُم وَ أَرضاً لَم تَطَؤُها أي وأورثكم أرضا لم


صفحه : 197

تطئوها بأقدامكم بعد وسيفتحها الله عليكم وهي‌ خيبر وقيل هي‌ الروم وفارس وقيل هي‌ كل أرض يفتح إلي يوم القيامة وقيل هي‌ما أَفاءَ اللّهُ عَلي رَسُولِهِمما لم يوجف عليه بخيل و لاركاب .أقول قال الطبرسي‌ رحمه الله في سياق غزوة الخندق ذكر محمد بن كعب القرظي‌ وغيره من أصحاب السير قالوا كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق وحيي‌ بن أخطب في جماعة من بني‌ النضير الذين أجلاهم رسول الله ص خرجوا حتي قدموا علي قريش بمكة فدعوهم إلي حرب رسول الله ص وقالوا إنا سنكون معكم عليهم حتي نستأصلهم فقال لهم قريش يامعشر اليهود إنكم أهل الكتاب الأول فديننا خير أم دين محمدقالوا بل دينكم خير من دينه فأنتم أولي بالحق منهم فهم الذين أنزل الله فيهم أَ لَم تَرَ إِلَي الّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتابِ يُؤمِنُونَ بِالجِبتِ وَ الطّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهدي مِنَ الّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا إلي قوله وَ كَفي بِجَهَنّمَ سَعِيراًفسر قريشا ماقالوا ونشطوا لمادعوهم إليه فأجمعوا لذلك واتعدوا له ثم خرج أولئك النفر من اليهود حتي جاءوا غطفان فدعوهم إلي حرب رسول الله ص وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه ص و أن قريشا قدبايعوهم علي ذلك فأجابوهم فخرجت قريش وقائدهم أبوسفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصين في فزارة والحارث بن عوف في بني‌ مرة ومسعر بن جبلة الأشجعي‌ فيمن تابعه من أشجع وكتبوا إلي حلفائهم من بني‌ أسد فأقبل طليحة فيمن اتبعه من بني‌ أسد وهما حليفان أسد وغطفان وكتب قريش إلي رجال من بني‌ سليم فأقبل أبوالأعور السلمي‌ فيمن اتبعه من بني‌ سليم مددا لقريش فلما علم بذلك رسول الله ص ضرب الخندق علي المدينة و كان ألذي أشار عليه بذلك سلمان الفارسي‌ و كان


صفحه : 198

أول مشهد شهده سلمان مع رسول الله ص و هويومئذ حر قال يا رسول الله إنا كنا بفارس إذاحوصرنا خندقنا علينا فعمل فيه رسول الله ص والمسلمون حتي أحكموه .فمما ظهر من دلائل النبوة في حفر الخندق ما رَوَاهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ الحَافِظُ بِإِسنَادِهِ عَن كَثِيرِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَمرِو بنِ عَوفٍ المزُنَيِ‌ّ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَن أَبِيهِ قَالَ خَطّ رَسُولُ اللّهُص الخَندَقَ عَامَ الأَحزَابِ أَربَعِينَ ذِرَاعاً بَينَ عَشَرَةٍ فَاختَلَفَ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ فِي سَلمَانَ وَ كَانَ رَجُلًا قَوِيّاً فَقَالَتِ الأَنصَارُ سَلمَانُ مِنّا وَ قَالَتِ المُهَاجِرُونَ سَلمَانُ مِنّا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص سَلمَانُ مِنّا أَهلَ البَيتِ.

أقول وساق الحديث في كسر الصخرة وظهور البرق مثل مامر برواية الثعلبي‌. ثم قال ومما ظهر أيضا من آيات النبوة مارواه أبو عبد الله الحافظ بالإسناد عن عبدالواحد بن أيمن المخزومي‌ قال حدثني‌ أيمن المخزومي‌ قال سمعت جابر بن عبد الله قال كنا يوم الخندق نحفر الخندق فعرضت فيه كدية وهي‌ الجبل فقلنا يا رسول الله إن كدية عرضت فيه فقال رسول الله ص رشوا عليها ماء ثم قام فأتاها وبطنه معصوب بحجر من الجوع فأخذ المعول أوالمسحاة فسمي ثلاثا ثم ضرب فعادت كثيبا أهيل فقلت له ائذن لي يا رسول الله إلي المنزل ففعل فقلت للمرأة هل عندك من شيءفقالت عندي‌ صاع من شعير وعناق فطحنت الشعير وعجنته وذبحت العناق وسلختها وخليت بين المرأة و بين ذلك ثم أتيت إلي رسول الله ص فجلست عنده ساعة ثم قلت ائذن لي يا


صفحه : 199

رسول الله ففعل فأتيت المرأة فإذاالعجين واللحم قدأمكنا فرجعت إلي رسول الله ص فقلت إن عندنا طعيما لنا فقم يا رسول الله أنت ورجلان من أصحابك فقال وكم هو قلت صاع من شعير وعناق فقال للمسلمين جميعا قوموا إلي جابر فقاموا فلقيت من الحياء ما لايعلمه إلا الله فقلت جاء بالخلق علي صاع شعير وعناق فدخلت علي المرأة و قلت قدافتضحت جاءك رسول الله ص بالخلق فقالت هل كان سألك كم طعامك قلت نعم فقالت الله ورسوله أعلم قدأخبرناه ماعندنا فكشفت عني‌ غما شديدا فدخل رسول الله ص فقال خذي‌ ودعيني‌ من اللحم فجعل رسول الله ص يثرد ويفرق اللحم ثم يحم هذا ويحم هذافما زال يقرب إلي الناس حتي شبعوا أجمعين ويعود التنور والقدر أملأ ماكانا ثم قال رسول الله ص كلي‌ واهدي‌ فلم نزل نأكل ونهدي‌ قومنا أجمع أورده البخاري‌ في الصحيح .

وَ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص يَنقُلُ مَعَنَا التّرَابَ يَومَ الأَحزَابِ وَ قَد وَارَي التّرَابُ بِيَاضَ بَطنِهِ وَ هُوَ يَقُولُ


لَاهُمّ لَولَا أَنتَ لَمَا اهتَدَينَا.   وَ لَا تَصَدّقنَا وَ لَا صَلّينَا.

فَأَنزِلَن سَكِينَةً عَلَينَا.   وَ ثَبّتِ الأَقدَامَ إِن لَاقَينَا.

إِنّ الأُولَي قَد بَغَوا عَلَينَا.   إِذَا أَرَادُوا فِتنَةً أَبَينَا.

صفحه : 200

يَرفَعُ بِهَا صَوتَهُ

رواه البخاري‌ أيضا في الصحيح عن أبي الوليد عن شعبة عن أبي إسحاق عن البراء.قالوا و لمافرغ رسول الله ص من الخندق أقبلت قريش حتي نزلت بين الجرف والغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم و من تابعهم من بني‌ كنانة و أهل تهامة وأقبلت غطفان و من تابعهم من أهل نجد حتي نزلوا إلي جانب أحد وخرج رسول الله ص والمسلمون حتي جعلوا ظهورهم إلي سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين فضرب هناك عسكره والخندق بينه و بين القوم وأمر بالذراري‌ والنساء فرفعوا في الآطام وخرج عدو الله حيي‌ بن أخطب النضيري‌ حتي أتي كعب بن أسد القرظي‌ صاحب بني‌ قريظة و كان قدوادع رسول الله ص علي قومه وعاهده علي ذلك فلما سمع كعب صوت ابن أخطب أغلق دونه حصنه فاستأذن عليه فأبي أن يفتح له فناداه ياكعب افتح لي فقال ويحك ياحيي‌ إنك رجل مشئوم إني‌ قدعاهدت محمدا ولست بناقض مابينه وبيني‌ و لم أر منه إلاوفاء وصدقا قال ويحك


صفحه : 201

افتح لي أكلمك قال ما أنابفاعل قال إن أغلقت دوني‌ إلا علي جشيشة تكره أن نأكل منها معك فأحفظ الرجل ففتح له فقال ويحك ياكعب جئتك بعز الدهر وببحر طام جئتك بقريش علي سادتها وقادتها وبغطفان علي سادتها وقادتها قدعاهدوني‌ أن لايبرحوا حتي يستأصلوا محمدا و من معه فقال كعب جئتني‌ و الله بذل الدهر بجهام قدأهراق ماؤه برعد وببرق و ليس فيه شيءفدعني‌ ومحمدا و ما أنا عليه فلم أر من محمد إلاصدقا ووفاء فلم يزل حيي‌ بكعب يفتل منه في الذروة والغارب حتي سمح له علي أن أعطاه عهدا وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان و لم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتي يصيبني‌ ماأصابك فنقض كعب عهده وبر مما كان عليه فيما بينه و بين رسول الله ص فلما انتهي الخبر إلي رسول الله ص بعث سعد بن معاذ بن النعمان بن إمر‌ئ القيس أحد بني‌ عبدالأشهل و هويومئذ سيد الأوس وسعد بن عبادة أحد بني‌ ساعدة بن كعب بن الخزرج و هويومئذ سيد الخزرج ومعهما عبد الله بن رواحة وخوات بن جبير فقال انطلقوا حتي تنظروا أحق مابلغنا عن هؤلاء القوم أم لا فإن كان حقا فالحنوا لنا لحنا نعرفه و لاتفتوا أعضاد الناس و إن كانوا علي الوفاء فاجهروا به للناس فخرجوا حتي أتوهم فوجدوهم علي أخبث مما بلغهم عنهم قالوا لاعقد بيننا و بين محمد و لاعهد فشاتمهم سعد بن عبادة وشاتموه فقال سعد بن معاذ دع عنك مشاتمتهم فإن مابيننا وبينهم أعظم من المشاتمة ثم أقبلوا إلي رسول الله ص وقالوا عضل والقارة لغدر عضل والقارة بأصحاب رسول الله ص خبيب بن عدي‌ وأصحابه أصحاب الرجيع فقال رسول الله ص الله أكبر أبشروا يامعشر المسلمين .


صفحه : 202

وعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتاهم عدوهم من فوقهم و من أسفل منهم حتي ظن المؤمنون كل ظن وظهر النفاق من بعض المنافقين فأقام رسول الله ص وأقام المشركون عليه بضعا وعشرين ليلة لم يكن بينهم قتال إلاالرمي‌ بالنبل إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبدود أخو بني‌ عامر بن لؤي‌ وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب وهبيرة بن أبي وهب ونوفل بن عبد الله قدتلبسوا للقتال وخرجوا علي خيولهم حتي مروا بمنازل بني‌ كنانة فقالوا تهيئوا للحرب يابني‌ كنانة فستعلمون اليوم من الفرسان ثم أقبلوا تعنق بهم خيولهم حتي وقفوا علي الخندق فقالوا و الله إن هذه لمكيدة ماكانت العرب تكيدها ثم تيمموا مكانا ضيقا من الخندق فضربوا خيولهم فاقتحموا فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع وخرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتي أخذ منهم الثغرة التي‌ منها اقتحموا وأقبلت الفرسان نحوهم و كان عمرو بن عبدود فارس قريش و كان قدقاتل يوم بدر حتي ارتث وأثبته الجراح فلم يشهد أحدا فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليري مشهده و كان يعد بألف فارس و كان يسمي فارس يليل لأنه أقبل في ركب من قريش حتي إذا هوبيليل و هوواد قريب من بدر عرضت لهم بنو بكر في عدد فقال لأصحابه امضوا فمضوا فقام في وجوه بني‌ بكر حتي منعهم من أن يصلوا إليه فعرف بذلك و كان اسم


صفحه : 203

الموضع ألذي حفر فيه الخندق المداد و كان أول من طفره عمرو وأصحابه فقيل في ذلك


عمرو بن عبد كان أول فارس .   جزع المداد و كان فارس يليل .

وذكر ابن إسحاق أن عمرو بن عبدود كان ينادي‌ من يبارز فقام علي عليه السلام و هومقنع في الحديد فقال أنا له يانبي‌ الله فقال إنه عمرو اجلس ونادي عمرو أ لا رجل ويؤنبهم ويسبهم و يقول أين جنتكم التي‌ تزعمون أن من قتل منكم دخلها فقام علي عليه السلام فقال أنا له يا رسول الله ثم نادي الثالثة فقال


ولقد بححت من النداء.   بجمعكم هل من مبارز.

ووقفت إذ جبن المشجع .   موقف البطل المناجز.

إن السماحة والشجاعة.   في الفتي خير الغرائز.

فقام علي عليه السلام فقال يا رسول الله أنا فقال إنه عمرو فقال و إن كان عمرا فاستأذن رسول الله ص فأذن له . وفيما رواه لنا السيد أبو محمدالحسيني‌ القائني‌ عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني‌ بالإسناد عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن جده عن حذيفة قال فألبسه رسول الله ص درعه ذات الفضول وأعطاه سيفه ذا الفقار وعممه السحاب علي رأسه تسعة أكوار ثم قال له تقدم فقال لماولي أللهم احفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوق رأسه و من تحت قدميه . قال ابن إسحاق فمشي إليه و هو يقول


لاتعجلن فقد أتاك .   مجيب صوتك غيرعاجز.

ذو نية وبصيرة.   والصدق منجي‌ كل فائز.

صفحه : 204


إني‌ لأرجو أن أقيم .   عليك نائحة الجنائز.

من ضربة نجلاء يبقي .   ذكرها عندالهزاهز.

قال له عمرو من أنت قال أنا علي قال ابن عبدمناف فقال أنا علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف فقال غيرك يا ابن أخي‌ من أعمامك من هوأسن منك فإني‌ أكره أن أهريق دمك فقال لكني‌ و الله ماأكره أن أهريق دمك فغضب ونزل وسل سيفه كأنه شعلة نار ثم أقبل نحو علي مغضبا فاستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدها وأثبت فيهاالسيف وأصاب رأسه فشجه وضربه علي علي حبل العاتق فسقط. و في رواية حذيفة وتسيف علي رجليه بالسيف من أسفل فوقع علي قفاه وثارت بينهما عجاجة فسمع علي يكبر فقال رسول الله ص قتله و ألذي نفسي‌ بيده فكان أول من ابتدر العجاج عمر بن الخطاب فإذا علي عليه السلام يمسح سيفه بدرع عمرو فكر عمر بن الخطاب و قال يا رسول الله قتله فجز علي رأسه وأقبل نحو رسول الله ص ووجهه يتهلل فقال عمر بن الخطاب هلا استلبته درعه فإنه ليس للعرب درع خيرا منها فقال ضربته فاتقاني‌ بسوأته فاستحييت من ابن عمي‌ أن أستلبه .


صفحه : 205

قال حذيفة فقال النبي ص أبشر يا علي فلو وزن اليوم عملك بعمل أمة محمدلرجح عملك بعملهم و ذلك أنه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلا و قددخله وهن بقتل عمرو و لم يبق بيت من بيوت المسلمين إلا و قددخله عزبقتل عمرو. و عن الحاكم أبي القاسم أيضا بالإسناد عن سفيان الثوري‌ عن زبيد الشامي‌ عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال كان يقرأ وكفي الله المؤمنين القتال بعلي‌. وخرج أصحابه منهزمين حتي طفرت خيولهم الخندق وتبادر المسلمون فوجدوا نوفل بن عبدالعزي جوف الخندق فجعلوا يرمونه بالحجارة فقال لهم قتلة أجمل من هذه ينزل بعضكم أقاتله فقتله الزبير بن العوام . وَ ذَكَرَ ابنُ إِسحَاقَ أَنّ عَلِيّاً طَعَنَهُ فِي تَرقُوَتِهِ حَتّي أَخرَجَهَا مِن مَرَاقّهِ فَمَاتَ فِي الخَندَقِ وَ بَعَثَ المُشرِكُونَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص يَشتَرُونَ جِيفَتَهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ فَقَالَ النّبِيّص هُوَ لَكُم لَا نَأكُلُ ثَمَنَ المَوتَي.

وَ ذَكَرَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ أَبيَاتاً مِنهَا


نَصَرَ الحِجَارَةَ مِن سَفَاهَةِ رَأيِهِ.   وَ نَصَرتُ رَبّ مُحَمّدٍ بِصَوَابٍ.

صفحه : 206


فَضَرَبتُهُ وَ تَرَكتُهُ مُتَجَدّلًا.   كَالجِذعِ بَينَ دَكَادِكَ وَ روَاَبيِ‌َ.

وَ عَفَفتُ عَن أَثوَابِهِ وَ لَو أنَنّيِ‌.   كُنتُ المُقَطّرَ بزَنّيِ‌ أثَواَبيِ‌.

وروي عمرو بن عبيد عن الحسن البصري‌ قال إن عليا عليه السلام لماقتل عمرو بن عبدود حمل رأسه فألقاه بين يدي‌ رسول الله ص فقام أبوبكر وعمر فقبلا رأس علي عليه السلام .

وَ روُيِ‌َ عَن أَبِي بَكرِ بنِ عَيّاشٍ أَنّهُ قَالَ ضَرَبَ عَلِيّ ضَربَةً مَا كَانَ فِي الإِسلَامِ أَعَزّ مِنهَا يعَنيِ‌ ضَربَةَ عَمرِو بنِ عَبدِ وُدّ وَ ضُرِبَ عَلِيّ ضَربَةً مَا كَانَ فِي الإِسلَامِ أَشأَمُ مِنهَا يعَنيِ‌ ضَربَةَ ابنِ مُلجَمٍ عَلَيهِ لَعَائِنُ اللّهِ.

قال ابن إسحاق ورمي حيان بن قيس بن العرقة سعد بن معاذ بسهم


صفحه : 207

و قال خذها و أنا ابن العرقة فقطع أكحله فقال سعد عرق الله وجهك في النار أللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني‌ لها فإنه لاقوم أحب إلي‌ أن أجاهد من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه و إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة و لاتمتني‌ حتي تقر عيني‌ من بني‌ قريظة. قال وجاء نعيم بن مسعود الأشجعي‌ إلي رسول الله ص فقال يا رسول الله إني‌ قدأسلمت و لم يعلم بي‌ أحد من قومي‌ فمرني‌ بأمرك فقال له رسول الله ص إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا مااستطعت فإنما الحرب خدعة فانطلق نعيم بن مسعود حتي أتي بني‌ قريظة فقال لهم إني‌ لكم صديق و الله ماأنتم وقريش وغطفان من محمدبمنزلة واحدة إن البلد بلدكم و به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم وإنما قريش وغطفان بلادهم غيرها وإنما جاءوا حتي نزلوا معكم فإن رأوا فرصة انتهزوها و إن رأوا غير ذلك رجعوا إلي بلادهم وخلوا بينكم و بين الرجل و لاطاقة لكم به فلاتقاتلوا حتي تأخذوا رهنا من أشرافهم تستوثقون به أن لايبرحوا حتي يناجزوا محمدا فقالوا له قدأشرت برأي‌ ثم ذهب فأتي أباسفيان وأشراف قريش فقال يامعشر قريش إنكم قدعرفتم ودي‌ إياكم وفراقي‌ محمدا ودينه وإني‌ قدجئتكم بنصيحة فاكتموا علي فقالوا نفعل ما أنت عندنا بمتهم فقال تعلمون أن بني‌ قريظة قدندموا علي ماصنعوا فيما بينهم و بين محمدفبعثوا إليه أنه لايرضيك عنا إلا أن نأخذ من القوم رهنا من أشرافهم وندفعهم إليك فتضرب أعناقهم ثم نكون معك عليهم حتي نخرجهم من بلادك فقال بلي فإن بعثوا إليكم يسألونكم نفرا من رجالكم فلاتعطوهم رجلا واحدا واحذروا ثم جاء غطفان فقال يامعشر غطفان إني‌ رجل منكم ثم


صفحه : 208

قال لهم ما قال لقريش فلما أصبح أبوسفيان و ذلك يوم السبت في شوال سنة خمس من الهجرة بعث إليهم أبوسفيان عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش إن أباسفيان يقول لكم يامعشر اليهود إن الكراع والخف قدهلكتا وإنا لسنا بدار مقام فاخرجوا إلي محمد حتي نناجزه فبعثوا إليه أن اليوم السبت و هو يوم لانعمل فيه شيئا ولسنا مع ذلك بالذي‌ نقاتل معكم حتي تعطونا رهنا من رجالكم نستوثق بهم لاتذهبوا وتدعونا حتي نناجز محمدا فقال أبوسفيان قدحذرنا و الله هذانعيم فبعث إليهم أبوسفيان أنا لانعطيكم رجلا واحدا فإن شئتم أن تخرجوا وتقاتلوا و إن شئتم فاقعدوا فقالت اليهود هذا و الله ألذي قال لنا نعيم فبعثوا إليهم أنا و الله لانقاتل حتي تعطونا رهنا وخذل الله بينهم وبعث سبحانه عليهم الريح في ليال شاتية باردة شديدة البرد حتي انصرفوا راجعين . قال محمد بن كعب قال حذيفة اليماني‌ و الله لقد رأينا يوم الخندق وبنا من الجهد والجوع والخوف ما لايعلمه إلا الله وقام رسول الله ص فصلي ماشاء الله من الليل ثم قال أ لا رجل يأتينا بخبر القوم يجعله الله رفيقي‌ في الجنة قال حذيفة فو الله ماقام منا أحد مما بنا من الخوف والجهد والجوع فلما لم يقم أحد دعاني‌ فلم أجد بدا من إجابته قلت لبيك قال اذهب فجئني‌ بخبر القوم و لاتحدثن شيئا حتي ترجع قال وأتيت القوم فإذاريح الله وجنوده يفعل بهم مايفعل مايستمسك لهم بناء و لايثبت لهم نار و لايطمئن لهم قدر فإني‌ لكذلك إذ خرج أبوسفيان من رحله ثم قال يامعشر قريش لينظر أحدكم


صفحه : 209

من جليسه قال حذيفة فبدأت بالذي‌ عن يميني‌ فقلت من أنت قال أنافلان قال ثم عاد أبوسفيان براحلته فقال يامعشر قريش و الله ماأنتم بدار مقام هلك الخف والحافر وأخلفتنا بنو قريظة و هذه الريح لايستمسك لنا معها شيء ثم عجل فركب راحلته وإنها لمعقولة ماحل عقالها إلا بعد ماركبها قال قلت في نفسي‌ لورميت عدو الله فقتلته كنت قدصنعت شيئا فوترت قوسي‌ ثم وضعت السهم في كبد القوس و أناأريد أن أرميه فأقتله فذكرت قول رسول الله ص لاتحدثن شيئا حتي ترجع قال فحططت القوس ثم رجعت إلي رسول الله ص و هويصلي‌ فلما سمع حسي‌ فرج بين رجليه فدخلت تحته وأرسل علي طائفة من مرطه فركع وسجد ثم قال ماالخبر فأخبرته . وَ رَوَي الحَافِظُ بِالإِسنَادِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي أَوفَي قَالَ دَعَا رَسُولُ اللّهُص عَلَي الأَحزَابِ فَقَالَ أللّهُمّ أَنتَ مُنزِلُ الكِتَابِ سَرِيعُ الحِسَابِ اهزِمِ الأَحزَابَ أللّهُمّ اهزِمهُم وَ زَلزِلهُم.

وَ عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِص كَانَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ أَعَزّ جُندَهُ وَ نَصَرَ عَبدَهُ وَ غَلَبَ الأَحزَابَ وَحدَهُ فَلَا شَيءَ بَعدَهُ.

و عن سلمان بن صرد قال قال رسول الله ص حين أجلي عنه الأحزاب الآن نغزوهم و لايغزونا فكان كما قال ص فلم يغزهم قريش بعد ذلك و كان هويغزوهم حتي فتح الله عليهم مكة.


صفحه : 210

ثم قال في غزوة بني‌ قريظة روي الزهري‌ عن عبدالرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال لماانصرف النبي ص مع المسلمين عن الخندق ووضع عنه اللأمة واغتسل واستحم تبدي له جبرئيل فقال عذيرك من محارب ألا أراك قدوضعت عنك اللأمة و ماضعناها بعدفوثب رسول الله ص فزعا فعزم علي الناس أن لايصلوا صلاة العصر حتي يأتوا قريظة فلبس الناس السلاح فلم يأتوا بني‌ قريظة حتي غربت الشمس واختصم الناس فقال بعضهم إن رسول الله ص عزم علينا أن لانصلي‌ حتي نأتي‌ قريظة وإنما نحن في عزمة رسول الله ص فليس علينا إثم وصلي طائفة من الناس احتسابا وتركت طائفة منهم الصلاة حتي غربت الشمس فصلوها حين جاءوا من بني‌ قريظة احتسابا فلم يعنف رسول الله ص واحدا من الفريقين . وذكر عروة أنه بعث علي بن أبي طالب عليه السلام علي المقدم ودفع إليه اللواء وأمره أن ينطلق حتي يقف بهم علي حصن بني‌ قريظة ففعل وخرج رسول الله ص علي آثارهم فمر علي مجلس من أنصار في بني‌ غنم ينتظرون رسول الله ص فزعموا أنه قال مر بكم الفارس آنفا فقالوا مر بنا دحية الكلبي‌ علي بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج فقال رسول الله ص ليس ذلك بدحية ولكنه جبرئيل عليه السلام أرسل إلي بني‌ قريظة ليزلزلهم ويقذف في قلوبهم الرعب قالوا وسار علي عليه السلام حتي إذادنا من الحصن سمع منهم مقالة قبيحة لرسول الله ص فرجع حتي لقي‌ رسول الله ص بالطريق فقال يا رسول الله لاعليك أن تدنو من هؤلاء الأخابث قال أظنك سمعت لي منهم أذي فقال نعم يا رسول الله فقال لو قدرأوني‌ لم يقولوا من ذلك شيئا فلما دنا رسول الله ص من حصنهم قال ياإخوة القردة والخنازير هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته قالوا يا أباالقاسم ماكنت جهولا وحاصرهم رسول الله ص خمسا وعشرين ليلة حتي


صفحه : 211

أجهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب و كان حيي‌ بن أخطب دخل مع بني‌ قريظة في حصنهم حين رجعت قريش وغطفان فلما أيقنوا أن رسول الله ص غيرمنصرف عنهم حتي يناجز قال كعب بن أسد يامعشر اليهود قدنزل بكم من الأمر ماترون وإني‌ عارض عليكم خلالا ثلاثا فخيروا أيها شئتم قالوا ماهن قال نبايع هذا الرجل ونصدقه فو الله لقد تبين لكم أنه نبي‌ مرسل و أنه ألذي تجدونه في كتابكم فتأمنوا علي دمائكم وأموالكم ونسائكم فقالوا لانفارق حكم التوراة أبدا و لانستبدل به غيره قال فإذاأبيتم علي هذافهلموا فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلي محمدرجالا مصلتين بالسيوف لم نترك وراءنا ثقلا يهمنا حتي يحكم الله بيننا و بين محمد فإن نهلك لم نترك وراءنا نسلا يهمنا و إن نظهر لنجدن النساء والأبناء فقالوا نقتل هؤلاء المساكين فلاخير في العيش بعدهم قال فإذاأبيتم علي هذه فإن الليلة ليلة السبت وعسي أن يكون محمد وأصحابه قدأمنوا فيهافانزلوا فلعلنا نصيب منهم غرة فقالوا نفسد سبتنا ونحدث فيها ماأحدث من كان قبلنا فأصابهم ما قدعلمت من المسخ فقال مابات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما. قال الزهري‌ و قال رسول الله ص حين سألوه أن يحكم فيهم رجلا اختاروا من شئتم من أصحابي‌ فاختاروا سعد بن معاذ فرضي‌ بذلك رسول الله ص ونزلوا علي حكم سعد بن معاذ فأمر رسول الله ص بسلاحهم فجعل في قبة وأمر بهم فكتفوا وأوثقوا وجعلوا في دار أسامة وبعث رسول الله ص إلي سعد


صفحه : 212

بن معاذ فجي‌ء به فحكم فيهم بأن يقتل مقاتليهم ويسبي‌ ذراريهم ونساءهم ويغنم أموالهم و أن عقارهم للمهاجرين دون الأنصار و قال للأنصار إنكم ذوو عقار و ليس للمهاجرين عقار فكبر رسول الله ص و قال لسعد لقد حكمت فيهم بحكم الله عز و جل . و في بعض الروايات لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة. وأرقعة جمع رقيع اسم سماء الدنيا.فقتل رسول الله ص مقاتليهم وكانوا فيما زعموا ستمائة مقاتل وقيل قتل منهم أربعمائة وخمسين رجلا وسبي سبعمائة وخمسين . وروي‌ أنهم قالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلي رسول الله ص أرسالا ياكعب ماتري يصنع بنا فقال كعب أ في كل موطن تقولون أ لاترون أن الداعي‌ لاينزع و من يذهب منكم لايرجع هو و الله القتل . وأتي‌ بيحيي بن أخطب عدو الله عليه حلة فاختية قدسفقها عليه من كل ناحية كموضع الأنملة لئلا يسلبها مجموعة يداه إلي عنقه بحبل فلما بصر برسول الله ص فقال أما و الله مالمت نفسي‌ علي عداوتك ولكنه من يخذل الله يخذل ثم قال أيها الناس إنه لابأس بأمر الله كتاب الله وقدره وملحمة كتبت علي بني‌ إسرائيل ثم جلس فضرب عنقه ثم قسم رسول الله ص نساءهم وأبناءهم علي المسلمين وبعث سبايا منهم إلي نجد مع سعد بن زيد الأنصاري‌ فابتاع بهم خيلا وسلاحا. قال فلما انقضي شأن بني‌ قريظة انفجر جرح سعد بن معاذ فرجعه رسول الله ص إلي خيمته التي‌ ضربت عليه في المسجد.


صفحه : 213

وروي‌ عن جابر قال جاء جبرئيل إلي رسول الله ص فقال من هذاالعبد الصالح ألذي مات فتحت له أبواب السماء وتحرك له العرش فخرج رسول الله ص فإذاسعد بن معاذ قدقبض .بيان الكدية بالضم قطعة غليظة صلبة لاتعمل فيهاالفأس ذكره الجزري‌ و في بعض النسخ كذانة بفتح الكاف والذال المعجمة والنون قال الجزري‌ الكذان حجارة رخوة إلي البياض و قال في حديث المغيرة فإذا أنامعصوب الصدر كان من عادتهم إذاجاع أحدهم أن يشد جوفه بعصابة وربما جعل تحته حجرا و قال فعادت كثيبا أهيل أي رملا سائلا. و في القاموس ثرد الخبز فته و قال حم له ذلك قدر وحم حمه قصد قصده وارتحال البعير عجله و الله له كذا قضاه له كأحمه واحتم دنا وحضر والأمر فلانا أهمه كحمه . و في المصباح حم الشي‌ء كضرب قرب ودنا وأحمه غيره انتهي . وأقول الأظهر عندي‌ أنه كان يخمر في الموضعين فصحف أي كان يستر القدر والتنور بثوب لئلا يطلع الناس علي مافيهما وكيف يبارك الله عليهما و كان هذادأبه ص في سائر ماظهرت فيه هذه المعجزة ويؤيده أن في روايات العامة فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذاأخذ منه ويقرب إلي أصحابه . والآطام جمع أطم بالضم و هوالبناء المرتفع الأعلي جشيشة في أكثر النسخ


صفحه : 214

بالجيم المفتوحة والشين المكسورة وهي‌ أن تطحن الحنطة طحنا جليلا ثم تجعل في القدور ويلقي عليها لحم أوتمر وتطبخ ذكره الجزري‌. و في بعضها بالخاء المعجمة و هوكزبير الغزال الصغير وأحفظه حمله علي الحفيظة وهي‌ الحمية والغضب وطمي الماء ارتفع والجهام بالفتح السحاب لاماء فيه . قوله يفتل منه قال الجزري‌ جعل فتل وبر ذروة البعير وغاربه مثلا لإزالته عن رأيه كمايفعل بالجمل النفور إذاأريد تأنيسه وإزالة نفاره والغارب مقدم السنام والذروة أعلاه . و في القاموس لحن له قال قولا يفهمه عنه ويخفي علي غيره و قال الفت الدق والكسر بالأصابع وفت في ساعده أضعفه و قال الرجيع ماء لهذيل علي سبعة أميال من الهدة و به غدر بمرثد بن أبي مرثد وسريته لمابعثهاص مع رهط عضل والقارة فغدروا بهم انتهي . ويليل بفتح الياءين وسكون اللام وادي‌ بينبع والطفرة الوثبة في ارتفاع . و في القاموس جزع الأرض والوادي‌ كمنع قطعه و قال مراق البطن مارق منه ولان . و في النهاية فيه الحرب خدعة يروي بفتح الخاء وضمها وسكون الدال وبضمها مع فتح الدال فالأول معناه أن الحرب ينقضي‌ أمرها بخدعة واحدة من الخداع أي إن المقاتل إذ خدع مرة واحدة لم يكن لها إقالة و هوأفصح الروايات وأصحها ومعني الثاني‌ هوالاسم من الخداع ومعني الثالث أن الحرب تخدع


صفحه : 215

الرجال وتمنيهم و لاتفي‌ لهم كمايقال فلان رجل لعبة وضحكة للذي‌ يكثر اللعب والضحك انتهي والكراع كغراب اسم لجمع الخيل

1-كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ عَن أَسَدِ بنِ اِبرَاهِيمَ السلّمَيِ‌ّ عَن عُمَرَ بنِ عَلِيّ العتَكَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ صَفوَةَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ العلَوَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ العَلَاءِ عَن صَبّاحِ بنِ يَحيَي عَن خَالِدِ بنِ يَزِيدَ عَن أَبِي جَعفَرٍ البَاقِرِ عَن آبَائِهِ عَلَيهِمُ السّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَومَ الأَحزَابِ أللّهُمّ إِنّكَ أَخَذتَ منِيّ‌ عُبَيدَةَ بنَ الحَارِثِ يَومَ بَدرٍ وَ حَمزَةَ بنَ عَبدِ المُطّلِبِ يَومَ أُحُدٍ وَ هَذَا أخَيِ‌ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍرَبّ لا تذَرَنيِ‌ فَرداً وَ أَنتَ خَيرُ الوارِثِينَ

2-أَقُولُ وَ رَوَي الكرَاَجكُيِ‌ّ رَحِمَهُ اللّهُ قِصّةَ قَتلِ عَمرٍو نَحواً مِمّا مَرّ وَ ذَكَرَ أَنّهُ قَالَ النّبِيّص ثَلَاثَ مَرّاتٍ أَيّكُم يَبرُزُ إِلَي عَمرٍو وَ أَضمَنُ لَهُ عَلَي اللّهِ الجَنّةَ وَ فِي كُلّ مَرّةٍ كَانَ يَقُومُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ القَومُ نَاكِسُو رُءُوسِهِم فَاستَدنَاهُ وَ عَمّمَهُ بِيَدِهِ فَلَمّا بَرَزَ قَالَص بَرَزَ الإِيمَانُ كُلّهُ إِلَي الشّركِ كُلّهِ وَ كَانَ عَمرٌو يَقُولُ


وَ لَقَد بَحَحتُ مِنَ النّدَاءِ   بِجَمعِهِم هَل مِن مُبَارِزٍ

إِلَي قَولِهِ


إِنّ الشّجَاعَةَ فِي الفَتَي وَ الجُودَ   مِن كَرَمِ الغَرَائِزِ

إِلَي قَولِهِ فَمَا كَانَ أَسرَعَ أَن صَرَعَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ جَلَسَ عَلَي صَدرِهِ فَلَمّا هَمّ أَن يَذبَحَهُ وَ هُوَ يُكَبّرُ اللّهَ وَ يُمَجّدُهُ قَالَ لَهُ عَمرٌو يَا عَلِيّ قَد جَلَستَ


صفحه : 216

منِيّ‌ مَجلِساً عَظِيماً فَإِذَا قتَلَتنَيِ‌ فَلَا تسَلبُنيِ‌ حلُتّيِ‌ فَقَالَ عَلَيهِ السّلَامُ هيِ‌َ أَهوَنُ عَلَيّ مِن ذَلِكَ وَ ذَبَحَهُ وَ أَتَي بِرَأسِهِ وَ هُوَ يَخطُرُ فِي مِشيَتِهِ فَقَالَ عُمَرُ أَ لَا تَرَي يَا رَسُولَ اللّهِ إِلَي عَلِيّ كَيفَ يمَشيِ‌ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّهَا لَمِشيَةٌ لَا يَمقُتُهَا اللّهُ فِي هَذَا المَقَامِ فَتَلَقّاهُ وَ مَسَحَ الغُبَارَ عَن عَينَيهِ وَ قَالَ لَو وُزِنَ اليَومَ عَمَلُكَ بِعَمَلِ جَمِيعِ أُمّةِ مُحَمّدٍ لَرَجَحَ عَمَلُكَ عَلَي عَمَلِهِم وَ ذَاكَ أَنّهُ لَم يَبقَ بَيتٌ مِنَ المُشرِكِينَ إِلّا وَ قَد دَخَلَهُ ذُلّ بِقَتلِ عَمرٍو وَ لَم يَبقَ بَيتٌ مِنَ المُسلِمِينَ إِلّا وَ قَد دَخَلَهُ عِزّ بِقَتلِ عَمرٍو وَ لَمّا قَتَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عَمراً سَمِعَ مُنَادِياً ينُاَديِ‌ وَ لَا يُرَي شَخصُهُ


قَتَلَ عَلِيّ عَمراً   قَصَمَ عَلِيّ ظَهراً

  َبرَمَ عَلِيّ أَمراً

وَ وَقَعَتِ الجَفلَةُ بِالمُشرِكِينَ فَانهَزَمُوا أَجمَعِينَ وَ تَفَرّقَتِ الأَحزَابُ خَائِفِينَ مَرعُوبِينَ

3-فس ،[تفسير القمي‌]يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ اللّهِ عَلَيكُم إِذ جاءَتكُم جُنُودٌ فَأَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً وَ جُنُوداً لَم تَرَوها وَ كانَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصِيراً إِذ جاؤُكُم مِن فَوقِكُم وَ مِن أَسفَلَ مِنكُمالآية.فإنها نزلت في قصة الأحزاب من قريش والعرب الذين تحزبوا علي رسول الله ص قال و ذلك أن قريشا قدتجمعت في سنة خمس من الهجرة و


صفحه : 217

ساروا في العرب وجلبوا واستنفروهم لحرب رسول الله ص فوافوا في عشرة آلاف ومعهم كنانة وسليم وفزارة و كان رسول الله ص حين أجلا بني‌ النضير وهم بطن من اليهود من المدينة و كان رئيسهم حيي‌ بن أخطب وهم يهود من بني‌ هارون عليه السلام فلما أجلاهم من المدينة صاروا إلي خيبر وخرج حيي‌ بن أخطب إلي قريش بمكة و قال لهم إن محمدا قدوتركم ووترنا وأجلانا من المدينة من ديارنا وأموالنا وأجلي بني‌ عمنا بني‌ قينقاع فسيروا في الأرض واجمعوا حلفاءكم وغيرهم حتي نسير إليهم فإنه قدبقي‌ من قومي‌ بيثرب سبعمائة مقاتل وهم بنو قريظة وبينهم و بين محمدعهد وميثاق و أناأحملهم علي نقض العهد بينهم و بين محمد ويكونون معنا عليهم فتأتونه أنتم من فوق وهم من أسفل و كان موضع بني‌ قريظة من المدينة علي قدر ميلين و هوالموضع ألذي يسمي ببئر بني‌ المطلب فلم يزل يسير معهم حيي‌ بن أخطب في قبائل العرب حتي اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش وكنانة والأقرع بن حابس في قومه وعباس بن مرداس في بني‌ سليم فبلغ ذلك رسول الله ص


صفحه : 218

واستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل فقال سلمان يا رسول الله إن القليل لايقاوم الكثير في المطاولة قال فما نصنع قال نحفر خندقا يكون بيننا وبينهم حجابا فيمكنك منعهم في المطاولة و لايمكنهم أن يأتونا من كل وجه فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذادهمنا دهم من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة فنزل جبرئيل علي رسول الله ص فقال أشار بصواب فأمر رسول الله ص بمسحه من ناحية أحد إلي راتج وجعل علي كل عشرين خطوة وثلاثين خطوة قوم من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر فحملت المساحي‌ والمعاول وبدأ رسول الله ص وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه و أمير المؤمنين عليه السلام ينقل التراب من الحفرة حتي عرق رسول الله ص وعي‌ و قال لاعيش إلاعيش الآخرة أللهم اغفر للأنصار والمهاجرين فلما نظر الناس إلي رسول الله ص يحفر اجتهدوا في الحفر ونقلوا التراب فلما كان في اليوم الثاني‌ بكروا إلي الحفر وقعد رسول الله ص في مسجد الفتح فبينا المهاجرون


صفحه : 219

والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري‌ إلي رسول الله ص يعلمه ذلك قال جابر فجئت إلي المسجد و رسول الله ص مستلقي‌ علي قفاه ورداؤه تحت رأسه و قدشد علي بطنه حجرا فقلت يا رسول الله إنه قدعرض لنا جبل لاتعمل المعاول فيه فقام مسرعا حتي جاءه ثم دعا بماء في إناء وغسل وجهه وذراعيه ومسح علي رأسه ورجليه ثم شرب ومج ذلك الماء في فيه ثم صبه علي ذلك الحجر ثم أخذ معولا فضرب ضربة فبرقت برقة فنظرنا فيها إلي قصور الشام ثم ضرب أخري فبرقت برقة فنظرنا فيها إلي قصور المدائن ثم ضرب أخري فبرقت برقة فنظرنا فيها إلي قصور اليمن فقال رسول الله ص أماإنه سيفتح الله عليكم هذه المواطن التي‌ برقت فيهاالبرق ثم انهال علينا الجبل كماينهال الرمل . فَقَالَ جَابِرٌفَعَلِمتُ أَنّ رَسُولَ اللّهِص مقوي‌[مُقوٍ] أَي جَائِعٌ لَمّا رَأَيتُ عَلَي بَطنِهِ الحَجَرَ فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ هَل لَكَ فِي الغَدَاءِ قَالَ مَا عِندَكَ يَا جَابِرُ فَقُلتُ عَنَاقٌ وَ صَاعٌ مِن شَعِيرٍ فَقَالَ تَقَدّم وَ أَصلِح مَا عِندَكَ قَالَ جَابِرٌ فَجِئتُ إِلَي أهَليِ‌ فَأَمَرتُهَا فَطَحَنَتِ الشّعِيرَ وَ ذَبَحتُ العَنزَ وَ سَلَختُهَا وَ أَمَرتُهَا أَن تَخبِزَ وتَطبِخَ وَ تشَويِ‌َ فَلَمّا فَرَغتُ مِن ذَلِكَ جِئتُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقُلتُ بأِبَيِ‌ وَ أمُيّ‌ أَنتَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَد فَرَغنَا فَاحضُر مَعَ مَن أَحبَبتَ فَقَامَص إِلَي شَفِيرِ الخَندَقِ ثُمّ قَالَ يَا مَعشَرَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ أَجِيبُوا جَابِراً وَ كَانَ فِي الخَندَقِ سَبعُمِائَةِ رَجُلٍ فَخَرَجُوا كُلّهُم ثُمّ لَم يَمُرّ بِأَحَدٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ إِلّا قَالَ أَجِيبُوا جَابِراً


صفحه : 220

قَالَ جَابِرٌ فَتَقَدّمتُ وَ قُلتُ لأِهَليِ‌ قَد وَ اللّهِ أَتَاكَ رَسُولُ اللّهِص بِمَا لَا قِبَلَ لَكَ بِهِ فَقَالَت أَعلَمتَهُ أَنتَ مَا عِندَنَا قَالَ نَعَم قَالَت هُوَ أَعلَمُ بِمَا أَتَي قَالَ جَابِرٌ فَدَخَلَ رَسُولُ اللّهِص فَنَظَرَ فِي القِدرِ ثُمّ قَالَ اغرفِيِ‌ وَ أبَقيِ‌ ثُمّ نَظَرَ فِي التّنّورِ ثُمّ قَالَ أخَرجِيِ‌ وَ أبَقيِ‌ ثُمّ دَعَا بِصَحفَةٍ فَثَرَدَ فِيهَا وَ غَرَفَ فَقَالَ يَا جَابِرُ أَدخِل عَلَيّ عَشَرَةً فَأَدخَلتُ عَشَرَةً فَأَكَلُوا حَتّي نَهِلُوا وَ مَا يُرَي فِي القَصعَةِ إِلّا آثَارُ أَصَابِعِهِم ثُمّ قَالَ يَا جَابِرُ عَلَيّ بِالذّرَاعِ فَأَتَيتُهُ بِالذّرَاعِ فَأَكَلُوهُ ثُمّ قَالَ أَدخِل عَلَيّ عَشَرَةً فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتّي نَهِلُوا وَ مَا يُرَي فِي القَصعَةِ إِلّا آثَارَ أَصَابِعِهِم ثُمّ قَالَ يَا جَابِرُ عَلَيّ بِالذّرَاعِ فَأَتَيتُهُ فَأَكَلُوا وَ خَرَجُوا ثُمّ قَالَ أَدخِل عَلَيّ عَشَرَةً فَأَدخَلتُهُم فَأَكَلُوا حَتّي نَهِلُوا وَ مَا يُرَي فِي القَصعَةِ إِلّا آثَارُ أَصَابِعِهِم ثُمّ قَالَ يَا جَابِرُ عَلَيّ بِالذّرَاعِ فَأَتَيتُهُ بِالذّرَاعِ فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ كَم لِلشّاةِ مِن ذِرَاعٍ قَالَ ذِرَاعَانِ فَقُلتُ وَ ألّذِي بَعَثَكَ بِالحَقّ نَبِيّاً لَقَد أَتَيتُكَ بِثَلَاثَةٍ فَقَالَ أَمَا لَو سَكَتّ يَا جَابِرُ لَأَكَلُوا كُلّهُم مِنَ الذّرَاعِ قَالَ جَابِرٌ فَأَقبَلتُ أُدخِلُ عَشَرَةً عَشَرَةً فَيَأكُلُونَ حَتّي أَكَلُوا كُلّهُم وَ بقَيِ‌َ وَ اللّهِ لَنَا مِن ذَلِكَ الطّعَامِ مَا عِشنَا بِهِ أَيّاماً

. قال وحفر رسول الله ص الخندق وجعل له ثمانية أبواب وجعل علي كل باب رجلا من المهاجرين ورجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه وقدمت قريش وكنانة وسليم وهلال فنزلوا الزغابة ففرغ رسول الله ص من حفر


صفحه : 221

الخندق قبل قدوم قريش بثلاثة أيام وأقبلت قريش ومعهم حيي‌ بن أخطب فلما نزلوا العقيق جاء حيي‌ بن أخطب إلي بني‌ قريظة في جوف الليل وكانوا في حصنهم قدتمسكوا بعهد رسول الله ص فدق باب الحصن فسمع كعب بن أسيد قرع الباب فقال لأهله هذاأخوك قدشأم قومه وجاء الآن يشأمنا ويهلكنا ويأمرنا بنقض العهد بيننا و بين محمد و قدوفي لنا محمد وأحسن جوارنا فنزل إليه من غرفته فقال له من أنت قال حيي‌ بن أخطب قدجئتك بعز الدهر فقال كعب بل جئتني‌ بذل الدهر فقال ياكعب هذه قريش في قادتها وسادتها قدنزلت بالعقيق مع حلفائهم من كنانة و هذه فزارة مع قادتها وسادتها قدنزلت الزغابة و هذه سليم وغيرهم قدنزلوا حصن بني‌ ذبيان و لايفلت محمد وأصحابه من هذاالجمع أبدا فافتح الباب وانقض العهد بينك و بين محمد فقال كعب لست بفاتح لك الباب ارجع من حيث جئت فقال حيي‌ مايمنعك من فتح الباب إلاجشيشتك التي‌ في التنور تخاف أن أشركك فيهافافتح فإنك آمن من ذلك فقال له كعب لعنك الله لقد دخلت علي من باب دقيق ثم قال افتحوا له الباب ففتحوا له فقال ويلك ياكعب انقض العهد بينك و بين محمد و لاترد رأيي‌ فإن محمدا لايفلت من هذاالجمع أبدا فإن فاتك هذاالوقت لاتدرك مثله أبدا قال واجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود مثل


صفحه : 222

غزال بن شمول وياسر بن قيس ورفاعة بن زيد والزبير بن باطا فقال لهم كعب ماترون قالوا أنت سيدنا والمطاع فينا وصاحب عهدنا وعقدنا فإن نقضت نقضنا معك و إن أقمت أقمنا معك و إن خرجت خرجنا معك قال الزبير بن باطا و كان شيخا كبيرا مجربا قدذهب بصره قدقرأت التوراة التي‌ أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبيا في آخر الزمان يكون مخرجه بمكة ومهاجره في هذه البحيرة يركب الحمار العري‌ ويلبس الشملة ويجتز‌ئ بالكسيرات والتميرات و هوالضحوك القتال في عينيه الحمرة و بين كتفيه خاتم النبوة يضع سيفه علي عاتقه لايبالي‌ من لاقي يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر فإن كان هذا هو فلايهولنه هؤلاء وجمعهم و لونأوي‌ علي هذه الجبال الرواسي‌ لغلبها فقال حيي‌ ليس هذاذاك ذلك النبي من بني‌ إسرائيل و هذا من العرب من ولد إسماعيل و لايكونوا بني‌ إسرائيل أتباعا لولد إسماعيل أبدا لأن الله قدفضلهم علي الناس جميعا وجعل منهم النبوة والملك و قدعهد إلينا موسي أَلّا نُؤمِنَ لِرَسُولٍ حَتّي يَأتِيَنا بِقُربانٍ تَأكُلُهُ النّارُ


صفحه : 223

و ليس مع محمدآية وإنما جمعهم جمعا وسحرهم ويريد أن يغلبهم بذلك فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتي أجابوه فقال لهم أخرجوا الكتاب ألذي بينكم و بين محمدفأخرجوه فأخذه حيي‌ بن أخطب ومزقه و قال قدوقع الأمر فتجهزوا وتهيئوا للقتال وبلغ رسول الله ص ذلك فغمه غما شديدا وفزع أصحابه فقال رسول الله ص لسعد بن معاذ وأسيد بن حصين وكانا من الأوس وكانت بنو قريظة حلفاء الأوس ائتيا بني‌ قريظة فانظرا ماصنعوا فإن كانوا نقضوا العهد فلاتعلما أحدا إذارجعتما إلي‌ وقولا عضل والقارة فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن حصين إلي باب الحصن فأشرف عليهما كعب من الحصن فشتم سعدا وشتم رسول الله ص فقال له سعد إنما أنت ثعلب في حجر لتولين قريش وليحاصرنك رسول الله ص ولينزلنك علي الصغر والقمأ وليضربن عنقك ثم رجعا إلي رسول الله ص فقالا له عضل والقارة فقال رسول الله ص لُعِنَا نحن أمرناهم بذلك و ذلك أنه كان علي عهد رسول الله ص عيون لقريش يتجسسون خبره وكانت عضل والقارة قبيلتان من العرب دخلا في الإسلام ثم غدرا و كان إذاغدر أحد ضرب بهما المثل فيقال عضل والقارة. ورجع حيي‌ بن أخطب إلي أبي سفيان وقريش فأخبرهم بنقض بني‌ قريظة العهد بينهم و بين رسول الله ص ففرحت قريش بذلك فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود الأشجعي‌ إلي رسول الله ص و قد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام فقال يا رسول الله قدآمنت بالله وصدقتك وكتمت إيماني‌ عن الكفرة فإن أمرتني‌ أن آتيك بنفسي‌ وأنصرك بنفسي‌ فعلت و إن أمرت أن أخذل بين


صفحه : 224

اليهود و بين قريش فعلت حتي لايخرجوا من حصنهم فقال رسول الله ص خذل بين اليهود و بين قريش فإنه أوقع عندي‌ قال فتأذن لي أن أقول فيك ماأريد قال قل مابدا لك فجاء إلي أبي سفيان فقال له تعرف مودتي‌ لكم ونصحي‌ ومحبتي‌ أن ينصركم الله علي عدوكم و قدبلغني‌ أن محمدا قدوافق اليهود أن يدخلوا بين عسكركم ويميلوا عليكم ووعدهم إذافعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم ألذي قطعه بني‌ النضير وقينقاع فلاأري أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتي تأخذوا منهم رهنا تبعثوا بهم إلي مكة فتأمنوا مكرهم وغدرهم فقال له أبوسفيان وفقك الله وأحسن جزاءك مثلك أهدي النصائح و لم يعلم أبوسفيان بإسلام نعيم و لاأحد من اليهود ثم جاء من فوره ذلك إلي بني‌ قريظة فقال له ياكعب تعلم مودتي‌ لكم و قدبلغني‌ أن أباسفيان قال نخرج هؤلاء اليهود فنضعهم في نحر محمد فإن ظفروا كان الذكر لنا و إن كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب فلاأري لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتي تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم أنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتي يردوا عليكم عهدكم وعقدكم بين محمد وبينكم لأنه إن ولت قريش و لم يظفروا بمحمد غزاكم محمدفيقتلكم فقالوا أحسنت وأبلغت في النصيحة لانخرج من حصننا حتي نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا. وأقبلت قريش فلما نظروا إلي الخندق قالوا هذه مكيدة ماكانت العرب تعرفها قبل ذلك فقيل لهم هذا من تدبير الفارسي‌ ألذي معه فوافي عمرو بن


صفحه : 225

عبدود وهبيرة بن وهب وضرار بن الخطاب إلي الخندق و كان رسول الله ص قدصف أصحابه بين يديه فصاحوا بخيلهم حتي طفروا الخندق إلي جانب رسول الله ص فصاروا أصحاب رسول الله ص كلهم خلف رسول الله ص وقدموا رسول الله ص بين أيديهم و قال رجل من المهاجرين و هوفلان لرجل بجنبه من إخوانه أ ماتري هذاالشيطان عمرو ألا و الله مايفلت من يديه أحد فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله ونلحق نحن بقومنا فأنزل الله علي نبيه في ذلك الوقت قَد يَعلَمُ اللّهُ المُعَوّقِينَ مِنكُم وَ القائِلِينَ لِإِخوانِهِم هَلُمّ إِلَينا وَ لا يَأتُونَ البَأسَ إِلّا قَلِيلًا إلي قوله أَشِحّةً عَلَي الخَيرِ أُولئِكَ لَم يُؤمِنُوا فَأَحبَطَ اللّهُ أَعمالَهُم وَ كانَ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيراً وركز عمرو بن عبدود رمحه في الأرض وأقبل يجول جولة ويرتجز و يقول


ولقد بَحِحتُ من النداء.   بجمعكم هل من مبارز.

ووقفت إذ جبن الشجاع .   مواقف القرن المناجز.

إني‌ كذلك لم أزل .   متسرعا نحو الهزاهز.

إن الشجاعة في الفتي .   والجود من خير الغرائز.

صفحه : 226

فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن لِهَذَا الكَلبِ فَلَم يُجِبهُ أَحَدٌ فَوَثَبَ إِلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ يَا عَلِيّ هَذَا عَمرُو بنُ عَبدِ وُدّ فَارِسَ يَليَلٍ قَالَ أَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص ادنُ منِيّ‌ فَدَنَا مِنهُ فَعَمّمَهُ بِيَدِهِ وَ دَفَعَ إِلَيهِ سَيفَهُ ذَا الفَقَارِ وَ قَالَ لَهُ اذهَب وَ قَاتِلَ بِهَذَا أللّهُمّ احفَظهُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَ مِن خَلفِهِ وَ عَن يَمِينِهِ وَ عَن شِمَالِهِ وَ مِن فَوقِهِ وَ مِن تَحتِهِ فَمَرّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ يُهَروِلُ فِي مِشيَتِهِ وَ هُوَ يَقُولُ


لَا تَعجَلَنّ فَقَد أَتَاكَ.   مُجِيبُ صَوتِكَ غَيرَ عَاجِزٍ.

ذُو نِيّةٍ وَ بَصِيرَةٍ.   وَ الصّدقُ منُجيِ‌ كُلّ فَائِزٍ.

إنِيّ‌ لَأَرجُو أَن أُقِيمَ.   عَلَيكَ نَائِحَةَ الجَنَائِزِ.

مِن ضَربَةٍ نَجلَاءَ يَبقَي   صَوتُهَا بَعدَ الهَزَاهِزِ.

فَقَالَ لَهُ عَمرٌو مَن أَنتَ قَالَ أَنَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ابنُ عَمّ رَسُولِ اللّهِ وَ خَتَنُهُ فَقَالَ وَ اللّهِ إِنّ أَبَاكَ كَانَ لِي صَدِيقاً وَ نَدِيماً وَ إنِيّ‌ أَكرَهُ أَن أَقتُلَكَ مَا أَمِنَ ابنُ عَمّكَ حِينَ بَعَثَكَ إلِيَ‌ّ أَن أَختَطِفَكَ برِمُحيِ‌ هَذَا فَأَترُكَكَ شَائِلًا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ لَا حيَ‌ّ وَ لَا مَيّتٌ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ قَد عَلِمَ ابنُ عمَيّ‌ أَنّكَ إِن قتَلَتنَيِ‌ دَخَلتُ الجَنّةَ وَ أَنتَ فِي النّارِ وَ إِن قَتَلتُكَ فَأَنتَ فِي النّارِ وَ أَنَا فِي الجَنّةِ فَقَالَ عَمرٌو كِلتَاهُمَا لَكَ يَا عَلِيّتِلكَ إِذاً قِسمَةٌ ضِيزي فَقَالَ عَلِيّ دَع هَذَا


صفحه : 227

يَا عَمرُو إنِيّ‌ سَمِعتُ مِنكَ وَ أَنتَ مُتَعَلّقٌ بِأَستَارِ الكَعبَةِ تَقُولُ لَا يَعرِضُ عَلَيّ أَحَدٌ فِي الحَربِ ثَلَاثَ خِصَالٍ إِلّا أَجَبتُهُ إِلَي وَاحِدَةٍ مِنهَا وَ أَنَا أَعرِضَ عَلَيكَ ثَلَاثَ خِصَالٍ فأَجَبِنيِ‌ إِلَي وَاحِدَةٍ قَالَ هَاتِ يَا عَلِيّ قَالَ تَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ قَالَ نَحّ عنَيّ‌ هَذَا قَالَ فَالثّانِيَةُ أَن تَرجِعَ وَ تَرُدّ هَذَا الجَيشَ عَن رَسُولِ اللّهِ فَإِن يَكُ صَادِقاً فَأَنتُم أَعلَي بِهِ عَيناً وَ إِن يَكُ كَاذِباً كَفَتكُم ذُؤبَانُ العَرَبِ أَمرَهُ فَقَالَ إِذاً تَتَحَدّثَ نِسَاءُ قُرَيشٍ بِذَلِكَ وَ يُنشِدُ الشّعَرَاءُ فِي أَشعَارِهَا أنَيّ‌ جَبَنتُ وَ رَجَعتُ عَلَي عقَبِيِ‌ مِنَ الحَربِ وَ خَذَلتُ قَوماً رأَسَوُنيِ‌ عَلَيهِم فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَالثّالِثَةَ أَن تَنزِلَ إلِيَ‌ّ فَإِنّكَ رَاكِبٌ وَ أَنَا رَاجِلٌ حَتّي أُنَابِذَكَ فَوَثَبَ عَن فَرَسِهِ وَ عَرقَبَهُ وَ قَالَ هَذِهِ خَصلَةٌ مَا ظَنَنتُ أَنّ أَحَداً مِنَ العَرَبِ يسَوُمنُيِ‌ عَلَيهَا ثُمّ بَدَأَ فَضَرَبَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ بِالسّيفِ عَلَي رَأسِهِ فَاتّقَاهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ بِالدّرقَةِ فَقَطَعَهَا وَ ثَبَتَ السّيفُ عَلَي رَأسِهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ يَا عَمرُو أَ مَا كَفَاكَ أنَيّ‌ بَارَزتُكَ وَ أَنتَ فَارِسُ العَرَبِ حَتّي استَعَنتَ عَلَيّ بِظَهِيرٍ فَالتَفَتَ عَمرٌو إِلَي خَلفِهِ فَضَرَبَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ مُسرِعاً عَلَي سَاقَيهِ فَأَطَنّهُمَا جَمِيعاً وَ ارتَفَعَت بَينَهُمَا عَجَاجَةٌ فَقَالَ المُنَافِقُونَ قُتِلَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمّ انكَشَفَتِ العَجَاجَةُ وَ نَظَرُوا فَإِذَا أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي صَدرِهِ قَد أَخَذَ بِلِحيَتِهِ يُرِيدُ أَن يَذبَحَهُ ثُمّ أَخَذَ


صفحه : 228

رَأسَهُ وَ أَقبَلَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ الدّمَاءُ تَسِيلُ عَلَي رَأسِهِ مِن ضَربَةِ عَمرٍو وَ سَيفُهُ يَقطُرُ مِنهُ الدّمُ وَ هُوَ يَقُولُ وَ الرّأسُ بِيَدِهِ


أَنَا عَلِيّ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ.   المَوتُ خَيرٌ لِلفَتَي مِنَ الهَرَبِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ يَا عَلِيّ مَاكَرتَهُ قَالَ نَعَم يَا رَسُولَ اللّهِ الحَربُ خَدِيعَةٌ

وبعث رسول الله ص الزبير إلي هبيرة فضربه علي رأسه ضربة فلق هامته وأمر رسول الله ص عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب فلما برز إليه ضرار انتزع له عمر سهما فقال ضرار ويلك يا ابن صُهاك أرمي‌ في مبارزة و الله لئن رميتني‌ لاتركت عدويا بمكة إلاقتلته فانهزم عنه عمر ومر نحوه ضرار وضرب بالقناة علي رأسه ثم قال احفظها ياعمر فإني‌ آليت أن لاأقتل قرشيا ماقدرت عليه فكان عمر يحفظ له ذلك بعد ماولي‌ وولاه .فبقي‌ رسول الله يحاربهم في الخندق خمسة عشر يوما فقال أبوسفيان لحيي‌ بن أخطب ويلك يايهودي‌ أين قومك فصار حيي‌ بن أخطب إليهم فقال ويلكم اخرجوا فقد نابذتم محمدا الحرب فلاأنتم مع محمد و لاأنتم مع قريش فقال كعب لسنا خارجين حتي يعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا أنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتي يرد علينا محمدعهدنا وعقدنا فإنا لانأمن أن تمر قريش ونبقي نحن في عقر دارنا ويغزونا محمدفيقتل رجالنا ويسبي‌ نساءنا وذرارينا و إن لم نخرج لعله يرد علينا عهدنا فقال له حيي‌ بن أخطب تطمع في غيرمطمع فقد نابذت محمدا الحرب فلاأنتم مع محمد و لاأنتم مع قريش فقال


صفحه : 229

كعب هذا من شؤمك إنما أنت طائر تطير مع قريش غدا وتتركنا في عقر دارنا ويغزونا محمد فقال له لك الله علي وعهد موسي أنه إن لم تظفر قريش بمحمد أني‌ أرجع معك إلي حصنك يصيبني‌ مايصيبك فقال كعب هو ألذي قدقلته لك إن أعطتنا قريش رهنا يكونون عندنا و إلا لم نخرج فرجع حيي‌ بن أخطب إلي قريش فأخبرهم فلما قال يسألون الرهن فقال أبوسفيان هذا و الله أول الغدر قدصدق نعيم بن مسعود لاحاجة لنا في إخوان القردة والخنازير فلما طال علي أصحاب رسول الله ص الأمر واشتد عليهم الحصار وكانوا في وقت برد شديد وأصابتهم مجاعة وخافوا من اليهود خوفا شديدا وتكلم المنافقون بما حكي الله عنهم و لم يبق أحد من أصحاب رسول الله ص إلانافق إلاالقليل و قد كان رسول الله ص أخبر أصحابه أن العرب تتحزب علي ويجيئونا من فوق تغدر اليهود ونخافهم من أسفل و أنه يصيبهم جهد شديد ولكن تكون العاقبة لي عليهم فلما جاءت قريش وغدرت اليهود قال المنافقون ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ إِلّا غُرُوراً و كان قوم لهم دور في أطراف المدينة فقالوا يا رسول الله تأذن لنا أن نرجع إلي دورنا فإنها في أطراف المدينة وهي‌ عورة ونخاف اليهود أن يغيروا


صفحه : 230

عليها و قال قوم هلموا فنهرب ونصير في البادية ونستجير بالأعراب فإن ألذي كان يعدنا محمد كان باطلا كله و كان رسول الله ص أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل و كان أمير المؤمنين عليه السلام علي العسكر كله بالليل يحرسهم فإن تحرك أحد من قريش نابذهم و كان أمير المؤمنين عليه السلام يجوز الخندق ويصير إلي قرب قريش حيث يراهم فلايزال الليل كله قائم وحده يصلي‌ فإذاأصبح رجع إلي مركزه ومسجد أمير المؤمنين عليه السلام هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلي‌ فيه و هو من مسجد الفتح إلي العقيق أكثر من غلوة نشاب فلما رأي رسول الله ص من أصحابه الجزع لطول الحصار صعد إلي مسجد الفتح و هوالجبل ألذي عليه مسجد الفتح اليوم فدعا الله وناجاه فيما وعده و قال ياصريخ المكروبين و يامجيب المضطرين و ياكاشف الكرب العظيم أنت مولاي‌ ووليي‌ وولي‌ آبائي‌ الأولين اكشف عنا غمنا وهمنا وكربنا واكشف عنا كرب هؤلاء القوم بقوتك وحولك وقدرتك فنزل جبرئيل عليه السلام فقال يا محمد إن الله قدسمع مقالتك وأجاب دعوتك وأمر الدبور مع الملائكة أن تهزم قريشا والأحزاب وبعث الله علي قريش الدبور فانهزموا وقلعت أخبيتهم ونزل جبرئيل فأخبره بذلك فنادي رسول الله ص حذيفة بن اليمان و كان قريبا منه فلم يجبه ثم ناداه ثانيا فلم يجبه ثم ناداه ثالثا فقال لبيك يا رسول الله فقال أدعوك فلاتجيبني‌ قال يا رسول الله بأبي‌ أنت وأمي‌ من الخوف والبرد والجوع فقال


صفحه : 231

ادخل في القوم وآتني‌ بأخبارهم و لاتحدثن حدثا حتي ترجع إلي‌ فإن الله قدأخبرني‌ أنه قدأرسل الرياح علي قريش وهزمهم قال حذيفة فمضيت و أناأنتفض من البرد فو الله ما كان إلابقدر ماجزت الخندق حتي كأني‌ في حمام فقصدت خباء عظيما فإذانار تخبو وتوقد و إذاخيمة فيها أبوسفيان قددلا خصيتيه علي النار و هوينتفض من شدة البرد و يقول يامعشر قريش إن كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمد فلاطاقة لنا بأهل السماء و إن كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم ثم قال لينظر كل رجل منكم إلي جليسه لا يكون لمحمد عين فيما بيننا قال حذيفة فبادرت أنافقلت للذي‌ عن يميني‌ من أنت قال أناعمرو بن العاص ثم قلت للذي‌ عن يساري‌ من أنت قال أنامعاوية وإنما بادرت إلي ذلك لئلا يسألني‌ أحد من أنت ثم ركب أبوسفيان راحلته وهي‌ معقولة و لو لا أن رسول الله ص قال لاتحدث حدثا حتي ترجع إلي‌ لقدرت أن أقتله ثم قال أبوسفيان لخالد بن الوليد يا أباسليمان لابد من أن أقيم أنا و أنت علي ضعفاء الناس ثم قال ارتحلوا إنا مرتحلون ففروا منهزمين فلما أصبح رسول الله ص قال لأصحابه لاتبرحوا فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة وبقي‌ رسول الله ص في نفر يسير و كان ابن عرقة الكناني‌ رمي سعد بن معاذ رحمه الله بسهم في الخندق فقطع أكحله فنزفه الدم فقبض سعد علي أكحله بيده ثم قال أللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني‌ لها فلاأحد أحب إلي‌ محاربتهم من قوم


صفحه : 232

حاربوا الله ورسوله و إن كانت الحرب قدوضعت أوزارها بين رسول الله ص و بين قريش فاجعلها لي شهادة و لاتمتني‌ حتي تقر عيني‌ من بني‌ قريظة فأمسك الدم وتورمت يده فضرب له رسول الله ص في المسجد خيمة و كان يتعاهده بنفسه فأنزل الله يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ اللّهِ عَلَيكُم إِذ جاءَتكُم جُنُودٌ فَأَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً وَ جُنُوداً لَم تَرَوها وَ كانَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصِيراً إلي قوله إِذ جاؤُكُم مِن فَوقِكُم وَ مِن أَسفَلَ مِنكُمبني‌ قريظة حين غدروا وخافوهم أصحاب رسول الله ص وَ إِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَ بَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ إلي قوله إِن يُرِيدُونَ إِلّا فِراراً وهم الذين قالوا لرسول الله ص تأذن لنا نرجع إلي منازلنا فإنها في أطراف المدينة ونخاف اليهود عليها فأنزل الله فيهم إِنّ بُيُوتَنا عَورَةٌ وَ ما هيِ‌َ بِعَورَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلّا فِراراً إلي قوله وَ كانَ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيراً ونزلت هذه الآية في الثاني‌ لما قال لعبد الرحمن بن عوف هلم ندفع محمدا إلي قريش ونلحق نحن بقومنايَحسَبُونَ الأَحزابَ لَم يَذهَبُوا إلي قوله وَ ذَكَرَ اللّهَ كَثِيراً ثم وصف الله المؤمنين المصدقين بما أخبرهم رسول الله مايصيبهم في الخندق من الجهد فقال وَ لَمّا رَأَ المُؤمِنُونَ الأَحزابَ إلي قوله وَ ما زادَهُم إِلّا إِيماناًيعني‌ ذلك البلاء والجهد والخوف إلاإيماناوَ تَسلِيماً. وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِمِنَ المُؤمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيهِأَلّا يَفِرّوا أَبَداًفَمِنهُم مَن قَضي نَحبَهُ أَي أَجَلَهُ وَ هُوَ حَمزَةُ وَ جَعفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍوَ مِنهُم مَن يَنتَظِرُأَجَلَهُ يعَنيِ‌ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَقُولُ اللّهُوَ ما بَدّلُوا تَبدِيلًا ليِجَزيِ‌َ اللّهُ الصّادِقِينَ بِصِدقِهِم وَ يُعَذّبَ المُنافِقِينَ إِن شاءَالآيَةَ


صفحه : 233

وَ قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي قَولِهِوَ رَدّ اللّهُ الّذِينَ كَفَرُوا بِغَيظِهِم لَم يَنالُوا خَيراً وَ كَفَي اللّهُ المُؤمِنِينَ القِتالَبعِلَيِ‌ّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُوَ كانَ اللّهُ قَوِيّا عَزِيزاً وَ نَزَلَ فِي بنَيِ‌ قُرَيظَةَوَ أَنزَلَ الّذِينَ ظاهَرُوهُم مِن أَهلِ الكِتابِ إِلَي قَولِهِوَ كانَ اللّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيراً.

فلما دخل رسول الله ص المدينة واللواء معقود أراد أن يغتسل من الغبار فناداه جبرائيل عذيرك من محارب و الله ماوضعت الملائكة لأمتها كيف تضع لأمتك إن الله يأمرك أن لاتصلي‌ العصر إلاببني‌ قريظة فإني‌ متقدمك ومزلزل بهم حصنهم إنا كنا في آثار القوم نزجرهم زجرا حتي بلغوا حمراء الأسد فخرج رسول الله ص فاستقبله حارثة بن نعمان فقال له ماالخبر ياحارثة فقال بأبي‌ وأمي‌ يا رسول الله هذادحية الكلبي‌ ينادي‌ في الناس ألا لايصلين العصر أحد إلا في بني‌ قريظة فقال ذاك جبرئيل ادعوا عليا فجاء علي عليه السلام فقال له ناد في الناس أن لايصلين أحد العصر إلا في بني‌ قريظة فجاء أمير المؤمنين عليه السلام فنادي فيهم فخرج الناس فبادروا إلي بني‌ قريظة وخرج رسول الله ص و علي عليه السلام بين يديه مع الراية العظمي و كان حيي‌ بن أخطب لماانهزمت قريش جاء فدخل حصن بني‌ قريظة فجاء أمير المؤمنين عليه السلام فأحاط بحصنهم فأشرف عليهم كعب بن أسيد من الحصن يشتمهم ويشتم رسول الله ص فأقبل رسول الله ص


صفحه : 234

علي حمار فاستقبله أمير المؤمنين عليه السلام فقال بأبي‌ وأمي‌ يا رسول الله لاتدنو من الحصن فقال رسول الله ص يا علي لعلهم شتموني‌ إنهم لورأوني‌ لأذلهم الله ثم دنا رسول الله ص من حصنهم فقال ياإخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت أتشتموني‌ إنا إذانزلنا بساحة قوم فساء صباحهم فأشرف عليهم كعب بن أسيد من الحصن فقال و الله يا أباالقاسم ماكنت جهولا فاستحيا رسول الله ص حتي سقط الرداء من ظهره حياء مما قاله و كان حول الحصن نخل كثير فأشار إليه رسول الله ص بيده فتباعد عنه وتفرق في المفازة وأنزل رسول الله ص العسكر حول حصنهم فحاصرهم ثلاثة أيام فلم يطلع أحد منهم رأسه فلما كان بعدثلاثة أيام نزل إليه غزال بن شمول فقال يا محمدتعطينا ماأعطيت إخواننا من بني‌ النضير احقن دماءنا ونخلي‌ لك البلاد و ما فيها و لانكتمك شيئا فقال لا أوتنزلون علي حكمي‌ فرجع وبقوا أياما فبكي النساء والصبيان إليهم وجزعوا جزعا شديدا فلما اشتد عليهم الحصار نزلوا علي حكم رسول الله ص فأمر رسول الله ص بالرجال فكتفوا وكانوا سبعمائة وأمر بالنساء فعزلوا وقامت الأوس إلي رسول الله ص فقالوا يا رسول الله حلفاؤنا وموالينا


صفحه : 235

من دون الناس نصرونا علي الخزرج في المواطن كلها و قدوهبت لعبد الله بن أبي سبعمائة دراع وثلاثمائة حاسر في صبيحة واحدة و ليس نحن بأقل من عبد الله بن أبي فلما أكثروا علي رسول الله ص قال لهم أ ماترضون أن يكون الحكم فيهم إلي رجل منكم فقالوا بلي فمن هو قال سعد بن معاذ قالوا قدرضينا بحكمه فأتوا به في محفة واجتمعت الأوس حوله يقولون له يا أباعمرو اتق الله وأحسن في حلفائك ومواليك فقد نصرونا ببغاث والحدائق والمواطن كلها فلما أكثروا عليه قال قدآن لسعد أن لاتأخذه في الله لومة لائم فقالت الأوس وا قوماه ذهب و الله بنو قريظة وبكي النساء والصبيان إلي سعد فلما سكتوا قال لهم سعد يامعشر اليهود أرضيتم بحكمي‌ فيكم قالوا بلي قدرضينا بحكمك و الله قدرجونا نصفك ومعروفك وحسن نظرك فأعاد عليهم القوم فقالوا بلي يا أباعمرو فالتفت إلي رسول الله ص إجلالا له فقال ماتري بأبي‌ أنت و


صفحه : 236

أمي‌ فقال احكم فيهم ياسعد فقد رضيت بحكمك فيهم فقال قدحكمت يا رسول الله أن تقتل رجالهم وتسبي‌ نساءهم وذراريهم وتقسم غنائمهم وأموالهم بين المهاجرين والأنصار فقام رسول الله ص فقال حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ثم انفجر جرح سعد بن معاذ فما زال ينزفه الدم حتي مضي رحمه الله وساقوا الأساري إلي المدينة وأمر رسول الله ص بأخدود فحفرت بالبقيع فلما أمسي أمر بإخراج رجل رجل و كان يضرب عنقه فقال حيي‌ بن أخطب لكعب بن أسيد ماتري يصنع بهم فقال له مايسوؤك أ ماتري الداعي‌ لايقلع و ألذي يذهب لايرجع فعليكم بالصبر والثبات علي دينكم فأخرج كعب بن أسيد مجموعة يديه إلي عنقه و كان جميلا وسيما فلما نظر إليه رسول الله ص قال له ياكعب أ مانفعك وصية ابن الحواس الحبر الذكي‌


صفحه : 237

ألذي قدم عليكم من الشام فقال تركت الخمر والحمير وجئت إلي البؤس والتمور لنبي‌ يبعث مخرجه بمكة ومهاجره في هذه البحيرة يجتز‌ئ بالكسر والتميرات ويركب الحمار العري‌ في عينيه حمرة و بين كتفيه خاتم النبوة يضع سيفه علي عاتقه لايبالي‌ من لاقي يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر فقال قد كان ذلك يا محمد و لو لا أن اليهود يعيروني‌ أني‌ جزعت عندالقتل لآمنت بك وصدقتك ولكني‌ علي دين اليهود عليه أحيا و عليه أموت فقال رسول الله ص قدموه واضربوا عنقه فضربت ثم قدم حيي‌ بن أخطب فقال رسول الله ص يافاسق كيف رأيت الله صنع بك فقال و الله يا محمد ماألوم نفسي‌ في عداوتك ولقد قلقلت كل مقلقل وجهدت كل الجهد ولكن من يخذل الله يخذل ثم قال حين قدم للقتل .


لعمري‌ مالام ابن أخطب نفسه .   ولكنه من يخذل الله يخذل .

فقدم وضرب عنقه فقتلهم رسول الله ص في البردين بالغداة والعشي‌ في


صفحه : 238

ثلاثة أيام و كان يقول اسقوهم العذب وأطعموهم الطيب وأحسنوا إسارهم حتي قتلهم كلهم وأنزل الله علي رسوله فيهم وَ أَنزَلَ الّذِينَ ظاهَرُوهُم مِن أَهلِ الكِتابِ مِن صَياصِيهِم أي من حصونهم وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرّعبَ إلي قوله وَ كانَ اللّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيراً.بيان الموتور ألذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه تقول منه وتره يتره وترا وترة. قوله ص لاعيش أقول في بعض روايات المخالفين


أللّهُمّ إِنّ العَيشَ عَيشُ الآخِرَةَ.   فَاغفِر لِلأَنصَارِ وَ المُهَاجِرَةِ.

و في بعضها كانت الأنصار تقول


نحن الذين بايعوا محمدا.   علي الجهاد مابقينا أبدا.

فَأَجَابَهُمُ النّبِيّص


أللّهُمّ لَا عَيشَ إِلّا عَيشُ الآخِرَةِ.   فَأَكرِمِ الأَنصَارَ وَ المُهَاجِرَةَ.

أللّهُمّ لَا خَيرَ إِلّا خَيرُ الآخِرَةِ.   فَبَارِك فِي الأَنصَارِ وَ المُهَاجِرَةِ.

ويقال مج الشراب من فيه إذارمي به ولعل المراد هنا المضمضة ويقال هال عليه التراب فانهال أي صبه فانصب وأقوي الرجل أي فني‌ زاده و منه قوله تعالي وَ مَتاعاً لِلمُقوِينَ وقوي‌ كرضي‌ جاع شديدا والعناق كسحاب


صفحه : 239

الأنثي من أولاد المعز ويقال ما لي به قبل بكسر القاف وفتح الباء أي طاقة والنهل محركة أول الشرب و من الطعام ماأكل والناهل الريان والمراد هنا الشبع والزغابة بالضم موضع بقرب المدينة ويقال شأمهم وعليهم كمنع أي صار شؤما عليهم . و قال الجزري‌ البحيرة مدينة الرسول ص وهي‌ تصغير البحرة و قدجاء في رواية مكبرا والعرب تسمي‌ المدن والقري البحار انتهي . والمناوءة بالهمز المعاداة و قديترك الهمز والقمأ الذل والصغار. قوله ص لعنا علي بناء المجهول أي لعن العضل والقارة والمراد كل من غدر ثم قال ص علي سبيل التورية نحن أمرناهم بذلك أي نحن أمرنا بني‌ قريظة أن يظهروا الغدر للمصلحة وهم موافقون لنا في الباطن وإنما قال ذلك لئلا يكون هناك عين من عيون قريش فيعلموا بالغدر فيصير سببا لجرأتهم ويقال خذل عنه أصحابه تخذيلا أي حملهم علي خذلانه . قوله و قال رجل من المهاجرين أي عمر و الرجل ألذي بجنبه عبدالرحمن بن عوف كماسيأتي‌ آنفا ويقال بححت بالكسر إذاأخذته بحة وخشونة وغلظ في صوته والمناجزة في الحرب المبارزة والمقاتلة والهزاهز تحريك البلايا والحروب بين الناس والغريزة الطبيعة.

وَ فِي الدّيوَانِ المَنسُوبِ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ


يَا عَمرُو وَيحَكَ قَد أَتَاكَ.   مُجِيبٌ صَوتَكَ غَيرَ عَاجِزٍ.

إِلَي قَولِهِ


وَ لَقَد دَعَوتَ إِلَي البِرَازِ فَتًي يُجِيبُ إِلَي المُبَارِزِ   يَعلِيكَ أَبيَضَ صَارِماً كَالمِلحِ حَتفاً لِلمُنَاجِزِ

صفحه : 240

ويقال طعنة نجلاء أي واسعة قوله شائلا أي مرتفعا قوله كلتاهما لك قاله لعنه الله علي سبيل الاستهزاء قوله قسمة ضيزي أي جائرة قوله أعلي به عينا أي أبصر به وأعلم بحاله وذؤبان العرب لصوصها و قديترك الهمز ويقال سام فلانا الأمر كلفه إياه أوأولاه إياه كسومه وأكثر مايستعمل في العذاب والشر وسوم فلانا خلاه وسومه لمايريده في ماله حكمه و قال الجوهري‌ الطنين صوت الذباب وضربه فأطن ساقه أي قطعه يراد بذلك صوت القطع والعجاج كسحاب الغبار. قوله انتزع له أي السهم والمنابذة المكاشفة والمقاتلة والغلوة بالفتح مقدار رمية والنشاب بالضم والتشديد السهام الواحد نشابة والأكحل عرق في اليد أو هوعرق الحياة ونزفه الدم أي سال كثيرا حتي أضعفه و قال الجزري‌ يقال عذيرك من فلان بالنصب أي هات من يعذرك فيه فعيل بمعني فاعل انتهي واللأمة الدرع وكتف فلانا كضرب شد يديه إلي خلف بالكتاف و هوحبل يشد به والحاسر ألذي لامغفر عليه و لادرع . و قال الجزري‌ في قوله سبعة أرقعة يعني‌ سبع سماوات و كل سماء يقال لها رقيع والجمع أرقعة وقيل الرقيع اسم سماء الدنيا فأعطي‌ كل سماء اسمها انتهي . والأخدود الحفرة المستطيلة قوله مايسوؤك أي لاتحزن من ذلك أو مااستفهامية أي أي شيءيعتريك من السوء فصرت بحيث لاتعقل مثل هذاالأمر الواضح أوموصولة أي ألذي يسوؤك و هوالقتل . قوله لايقلع أي لايكف عن دعوتهم وإذهابهم يذهب بواحد بعدواحد


صفحه : 241

والوسيم الحسن الوجه ويقال قلقله فتقلقل إذ حركه فتحرك والأبردان والبردان الغداة والعشي‌

4-ل ،[الخصال ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] مُحَمّدُ بنُ أَحمَدَ المعُاَذيِ‌ّ وَ مُحَمّدُ بنُ اِبرَاهِيمَ بنِ أَحمَدَ الليّثيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ الفَرَجِ الشرّوُطيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ يَزِيدَ بنِ المُهَلّبِ عَن أَبِي أُسَامَةَ عَن عَوفٍ عَن مَيمُونٍ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قَالَ لَمّا أَمَرَ رَسُولُ اللّهِص بِحَفرِ الخَندَقِ عَرَضَت لَهُ صَخرَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ فِي عَرضِ الخَندَقِ لَا تَأخُذُ مِنهَا المَعَاوِلُ فَجَاءَ رَسُولُ اللّهِص فَلَمّا رَآهَا وَضَعَ ثَوبَهُ وَ أَخَذَ المِعوَلَ وَ قَالَ بِسمِ اللّهِ وَ ضَرَبَ ضَربَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا وَ قَالَ اللّهُ أَكبَرُ أُعطِيتُ مَفَاتِيحَ الشّامِ وَ اللّهِ إنِيّ‌ لَأُبصِرُ قُصُورَهَا الحَمرَاءَ السّاعَةَ ثُمّ ضَرَبَ الثّانِيَةَ فَقَالَ بِسمِ اللّهِ فَفَلَقَ ثُلُثاً آخَرَ فَقَالَ اللّهُ أَكبَرُ أُعطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ وَ اللّهِ إنِيّ‌ لَأُبصِرُ قَصرَ المَدَائِنِ الأَبيَضَ ثُمّ ضَرَبَ الثّالِثَةَ فَفَلَقَ بَقِيّةَ الحَجَرِ وَ قَالَ اللّهُ أَكبَرُ أُعطِيتُ مَفَاتِيحَ اليَمَنِ وَ اللّهِ إنِيّ‌ لِأُبصِرُ أَبوَابَ الصّنعَاءِ مكَاَنيِ‌ هَذَا

5-فس ،[تفسير القمي‌] أَبِي رَفَعَهُ قَالَ قَالَ الصّادِقُ عَلَيهِ السّلَامُ كَانَ النّكَاحُ وَ الأَكلُ مُحَرّمَينِ فِي شَهرِ رَمَضَانَ بِاللّيلِ بَعدَ النّومِ يعَنيِ‌ كُلّ مَن صَلّي العِشَاءَ وَ نَامَ وَ لَم يُفطِر ثُمّ انتَبَهَ حُرّمَ عَلَيهِ الإِفطَارُ وَ كَانَ النّكَاحُ حَرَاماً بِاللّيلِ وَ النّهَارِ فِي شَهرِ رَمَضَانَ وَ كَانَ رَجُلٌ مِن أَصحَابِ النّبِيّص يُقَالُ لَهُ خَوّاتُ بنُ جُبَيرٍ أَخُو عَبدِ اللّهِ بنِ جُبَيرٍ ألّذِي كَانَ رَسُولُ اللّهِص وَكّلَهُ بِفَمِ الشّعبِ فِي يَومِ أُحُدٍ فِي خَمسِينَ مِنَ الرّمَاةِ فَفَارَقَهُ أَصحَابُإهُ وَ بقَيِ‌َ فِي اثنيَ‌ عَشَرَ رَجُلًا فَقُتِلَ عَلَي بَابِ الشّعبِ وَ كَانَ أَخُوهُ هَذَا خَوّاتُ


صفحه : 242

بنُ جُبَيرٍ شَيخاً ضَعِيفاً وَ كَانَ صَائِماً فَأَبطَأَت عَلَيهِ أَهلُهُ بِالطّعَامِ فَنَامَ قَبلَ أَن يُفطِرَ فَلَمّا انتَبَهَ قَالَ لِأَهلِهِ قَد حُرّمَ عَلَيّ الأَكلُ فِي هَذِهِ اللّيلَةِ فَلَمّا أَصبَحَ حَضَرَ حَفرَ الخَندَقِ فأَغُميِ‌َ عَلَيهِ فَرَآهُ رَسُولُ اللّهِص فَرَقّ لَهُ وَ كَانَ قَومٌ مِنَ الشّبَابِ يَنكِحُونَ بِاللّيلِ سِرّاً فِي شَهرِ رَمَضَانَ فَأَنزَلَ اللّهُأُحِلّ لَكُم لَيلَةَ الصّيامِ الرّفَثُ إِلي نِسائِكُم هُنّ لِباسٌ لَكُم وَ أَنتُم لِباسٌ لَهُنّ عَلِمَ اللّهُ أَنّكُم كُنتُم تَختانُونَ أَنفُسَكُم فَتابَ عَلَيكُم وَ عَفا عَنكُم فَالآنَ بَاشِرُوهُنّ وَ ابتَغُوا ما كَتَبَ اللّهُ لَكُم وَ كُلُوا وَ اشرَبُوا حَتّي يَتَبَيّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ ثُمّ أَتِمّوا الصّيامَ إِلَي اللّيلِفَأَحَلّ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي النّكَاحَ بِاللّيلِ فِي شَهرِ رَمَضَانَ وَ الأَكلَ بَعدَ النّومِ إِلَي طُلُوعِ الفَجرِ لِقَولِهِحَتّي يَتَبَيّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ قَالَ هُوَ بَيَاضُ النّهَارِ مِن سَوَادِ اللّيلِ

6-فس ،[تفسير القمي‌] فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِهِيَقُولُ أَهلَكتُ مالًا لُبَداً قَالَ هُوَ عَمرُو بنُ عَبدِ وُدّ حِينَ عَرَضَ عَلَيهِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ الإِسلَامَ يَومَ الخَندَقِ وَ قَالَ فَأَينَ مَا أَنفَقتُ فِيكُم مَالًا لُبَداً وَ كَانَ أَنفَقَ مَالًا فِي الصّدّ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَقَتَلَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ

بيان مالا لبدا أي كثيرا من تلبد الشي‌ء إذ اجتمع


صفحه : 243

7-فس ،[تفسير القمي‌] يَمُنّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَمُوانَزَلَت فِي عثكن يَومَ الخَندَقِ وَ ذَلِكَ أَنّهُ مَرّ بِعَمّارِ بنِ يَاسِرٍ وَ هُوَ يَحفِرُ الخَندَقَ وَ قَدِ ارتَفَعَ الغُبَارُ مِنَ الحَفرِ فَوَضَعَ عثكن كُمّهُ عَلَي أَنفِهِ وَ مَرّ فَقَالَ عَمّارٌ


لَا يسَتوَيِ‌ مَن يبَتنَيِ‌ المَسَاجِدَا   يَظَلّ فِيهَا رَاكِعاً وَ سَاجِداً

كَمَن يَمُرّ بِالغُبَارِ حَائِداً   يُعرِضُ عَنهُ جَاحِداً مُعَانِداً

فَالتَفَتَ إِلَيهِ عثكن فَقَالَ يَا ابنَ السّودَاءِ إيِاّي‌َ تعَنيِ‌ ثُمّ أَتَي رَسُولَ اللّهِص فَقَالَ لَهُ لَم نَدخُل مَعَكَ لِتُسَبّ أَعرَاضُنَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص قَد أَقَلتُكَ إِسلَامَكَ فَاذهَب فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّيَمُنّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَمُوا قُل لا تَمُنّوا عَلَيّ إِسلامَكُم بَلِ اللّهُ يَمُنّ عَلَيكُم أَن هَداكُم لِلإِيمانِ إِن كُنتُم صادِقِينَ أَي لَيسَ هُم صَادِقِينَإِنّ اللّهَ يَعلَمُ غَيبَ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ اللّهُ بَصِيرٌ بِما تَعمَلُونَ

بيان قوله في عثكن المراد به عثمان كما هوالمصرح في بعض النسخ وسائر الأخبار.أقول نسب في الديوان الأبيات إلي أمير المؤمنين عليه السلام هكذا


لَا يسَتوَيِ‌ مَن يَعمُرُ المَسَاجِدَا.   وَ مَن يَبِيتُ رَاكِعاً وَ سَاجِداً.

يَدأَبُ فِيهَا قَائِماً وَ قَاعِداً.   وَ مَن يَكُرّ هَكَذَا مُعَانِداً.

  وَ مَن يَرَي عَنِ الغُبَارِ حَائِداً

8-ل ،[الخصال ] فِي خَبَرِ اليهَوُديِ‌ّ ألّذِي سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ عَن خِصَالِ الأَوصِيَاءِ فَقَالَ عَلَيهِ السّلَامُ فِيمَا قَالَ وَ أَمّا الخَامِسَةُ يَا أَخَا اليَهُودِ فَإِنّ قُرَيشاً وَ العَرَبَ تَجَمّعَت وَ


صفحه : 244

عَقَدَت بَينَهَا عَقداً وَ مِيثَاقاً لَا تَرجِعُ مِن وَجهِهَا حَتّي تَقتُلَ رَسُولَ اللّهِص وَ تَقتُلَنَا مَعَهُ مَعَاشِرَ بنَيِ‌ عَبدِ المُطّلِبِ ثُمّ أَقبَلَت بِحَدّهَا وَ حَدِيدِهَا حَتّي أَنَاخَت عَلَينَا بِالمَدِينَةِ وَاثِقَةً بِأَنفُسِهَا فِيمَا تَوَجّهَت لَهُ فَهَبَطَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي النّبِيّص فَأَنبَأَهُ بِذَلِكَ فَخَندَقَ عَلَي نَفسِهِ وَ مَن مَعَهُ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ فَقَدِمَت قُرَيشٌ فَأَقَامَت عَلَي الخَندَقِ مُحَاصِرَةً لَنَا تَرَي فِي أَنفُسِهَا القُوّةَ وَ فِينَا الضّعفَ تُرعِدُ وَ تُبرِقُ وَ رَسُولُ اللّهِص يَدعُوهَا إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ يُنَاشِدُهَا بِالقَرَابَةِ وَ الرّحِمِ فَتَأبَي وَ لَا يَزِيدُهَا ذَلِكَ إِلّا عُتُوّاً وَ فَارِسُهَا وَ فَارِسُ العَرَبِ يَومَئِذٍ عَمرُو بنُ عَبدِ وُدّ يَهدِرُ كَالبَعِيرِ المُغتَلِمِ يَدعُو إِلَي البِرَازِ وَ يَرتَجِزُ وَ يَخطُرُ بِرُمحِهِ مَرّةً وَ بِسَيفِهِ مَرّةً لَا يُقدِمُ عَلَيهِ مُقدِمٌ وَ لَا يَطمَعُ فِيهِ طَامِعٌ لَا حَمِيّةٌ تُهَيّجُهُ وَ لَا بَصِيرَةٌ تُشَجّعُهُ فأَنَهضَنَيِ‌ إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِص وَ عمَمّنَيِ‌ بِيَدِهِ وَ أعَطاَنيِ‌ سَيفَهُ هَذَا وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَي ذيِ‌ الفَقَارِ فَخَرَجتُ إِلَيهِ وَ نِسَاءُ أَهلِ المَدِينَةِ بوَاَكيِ‌[بَوَاكٍ]إِشفَاقاً عَلَيّ مِنِ ابنِ عَبدِ وُدّ فَقَتَلَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بيِدَيِ‌ وَ العَرَبُ لَا تَعدِلُهَا فَارِساً غَيرَهُ وَ ضرَبَنَيِ‌ هَذِهِ الضّربَةَ وَ أَومَأَ بِيَدِهِ إِلَي هَامَتِهِ فَهَزَمَ اللّهُ قُرَيشاً وَ العَرَبَ بِذَلِكَ وَ بِمَا كَانَ منِيّ‌ فِيهِم مِنَ النّكَايَةِ ثُمّ التَفَتَ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَي يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ

بيان رعد وبرق وأرعد وأبرق إذاتوعد وتهدد ذكره الجزري‌ وهدر البعير يهدر هدرا وهديرا صوت في غيرشقشقة واغتلام البعير هيجانه من شهوة الضراب ويقال نكيت في العدو أنكي‌ نكاية إذاأكثرت فيهم الجراح والقتل

9- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] أَبُو عَمرٍو عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَن أَحمَدَ بنِ يَحيَي عَن عَبدِ الرّحمَنِ عَن


صفحه : 245

أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ عَن يَحيَي بنِ عَبّادٍ عَن أَبِي الزّبَيرِ عَن أَبِيهِ عَن صَفِيّةَ بِنتِ عَبدِ المُطّلِبِ أَنّهَا قَالَت كُنّا مَعَ حَسّانَ بنِ ثَابِتٍ فِي حِصنٍ فَارِعٍ وَ النّبِيّص بِالخَندَقِ فَإِذَا يهَوُديِ‌ّ يَطُوفُ بِالحِصنِ فَخِفنَا أَن يَدُلّ عَلَي عَورَتِنَا فَقُلتُ لِحَسّانَ لَو نَزَلتَ إِلَي هَذَا اليهَوُديِ‌ّ فإَنِيّ‌ أَخَافُ أَن يَدُلّ عَلَي عَورَتِنَا قَالَ يَا بِنتَ عَبدِ المُطّلِبِ لَقَد عَلِمتَ مَا أَنَا بِصَاحِبِ هَذَا قَالَت فَتَحَزّمتُ ثُمّ نَزَلتُ وَ أَخَذتُ عَمُوداً وَ قَتَلتُهُ بِهِ ثُمّ قُلتُ لِحَسّانَ اخرُج فَاسلُبهُ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِي سَلبِهِ

بيان في القاموس فارع حصن بالمدينة

10-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]بِالأَسَانِيدِ الثّلَاثَةِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ عَلَيهِمُ السّلَامُ قَالَ كُنّا مَعَ النّبِيّص فِي حَفرِ الخَندَقِ إِذ جَاءَتهُ فَاطِمَةُ وَ مَعَهَا كَسِيرَةٌ مِن خُبزٍ فَدَفَعَتهَا إِلَي النّبِيّص فَقَالَ النّبِيّص مَا هَذِهِ الكَسِيرَةُ قَالَت قُرصاً خَبَزتُهُ لِلحَسَنِ وَ الحُسَينِ جِئتُكَ مِنهُ بِهَذِهِ الكَسِيرَةِ فَقَالَ النّبِيّص أَمَا إِنّهُ أَوّلُ طَعَامٍ دَخَلَ فَمَ أَبِيكَ مُنذُ ثَلَاثٍ


صفحه : 246

صح عنه ع مثله

11-ب ،[قرب الإسناد] أَبُو البخَترَيِ‌ّ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ عَلَيهِمُ السّلَامُ أَنّهُ قَالَ الحَربُ خُدعَةٌ إِذَا حَدّثتُكُم عَن رَسُولِ اللّهِص حَدِيثاً فَوَ اللّهِ لَأَن أَخِرّ مِنَ السّمَاءِ أَو يخَطفَنَيِ‌ الطّيرُ أَحَبّ إلِيَ‌ّ مِن أَن أَكذِبَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ إِذَا حَدّثتُكُم عنَيّ‌ فَإِنّمَا الحَربُ خُدعَةٌ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص بَلَغَهُ أَنّ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ بَعَثُوا إِلَي أَبِي سُفيَانَ أَنّكُم إِذَا التَقَيتُم أَنتُم وَ مُحَمّدٌ أَمدَدنَاكُم وَ أَعَنّاكُم فَقَامَ النّبِيّص فَخَطَبَنَا فَقَالَ إِنّ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ بَعَثُوا إِلَينَا أَنّا إِذَا التَقَينَا نَحنُ وَ أَبُو سُفيَانَ أَمدَدُونَا وَ أَعَانُونَا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا سُفيَانَ فَقَالَ غَدَرَت يَهُودُ فَارتَحَلَ عَنهُم

12-ب ،[قرب الإسناد] أَبُو البخَترَيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَلَيهِمُ السّلَامُ أَنّ رَسُولَ اللّهِص بَعَثَ عَلِيّاً عَلَيهِ السّلَامُ يَومَ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ بِالرّايَةِ وَ كَانَت سَودَاءَ تُدعَي العُقَابَ وَ كَانَ لِوَاؤُهُ أَبيَضَ

بيان الراية العلم الكبير واللواء أصغر منها قال في المصباح لواء الجيش علمه و هودون الراية

13-ب ،[قرب الإسناد] عَنهُ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ عَلَيهِمُ السّلَامُ أَنّهُ قَالَ عَرَضَهُم رَسُولُ اللّهِص يَومَئِذٍ يعَنيِ‌ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ عَلَي العَانَاتِ فَمَن وَجَدَهُ أَنبَتَ قَتَلَهُ وَ مَن لَم يَجِدهُ أَنبَتَ أَلحَقَهُ باِلذرّاَريِ‌ّ

14- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] ابنُ مَخلَدٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ نُصَيرٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ كُمَيتٍ عَنِ المُعَلّي بنِ مهَديِ‌ّ عَن أَبِي شِهَابٍ عَنِ الحَجّاجِ بنِ أَرطَأَةَ عَن عَبدِ المَلِكِ بنِ عُمَرَ


صفحه : 247

عَن عَطِيّةَ رَجُلٍ مِن بنَيِ‌ قُرَيظَةَ قَالَ عُرِضنَا عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَمَن كَانَت لَهُ عَانَةٌ قَتَلَهُ وَ مَن لَم تَكُن لَهُ عَانَةٌ تَرَكَهُ فَلَم تَكُن لِي عَانَةٌ فتَرَكَنَيِ‌

15-ك ،[إكمال الدين ] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ وَ البزَنَطيِ‌ّ مَعاً عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن عِكرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ لَمّا دَعَا رَسُولُ اللّهِص بِكَعبِ بنِ أَسَدٍ لِيَضرِبَ عُنُقَهُ فَأُخرِجَ وَ ذَلِكَ فِي غَزوَةِ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ نَظَرَ إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ لَهُ يَا كَعبُ أَ مَا نَفَعَكَ وَصِيّةُ ابنِ حَوّاشٍ الحَبرِ المُقبِلِ مِنَ الشّامِ فَقَالَ تَرَكتُ الخَمرَ وَ الحَمِيرَ وَ جِئتُ إِلَي البُؤسِ وَ التّمَوّرِ لنِبَيِ‌ّ يُبعَثُ هَذَا أَوَانُ خُرُوجِهِ يَكُونُ مَخرَجُهُ بِمَكّةَ وَ هَذِهِ دَارُ هِجرَتِهِ وَ هُوَ الضّحُوكُ القَتّالُ يجَتزَ‌ِئُ بِالكِسرَةِ وَ التّمَيرَاتِ وَ يَركَبُ الحِمَارَ العاَريِ‌ فِي عَينَيهِ حُمرَةٌ وَ بَينَ كَتِفَيهِ خَاتَمُ النّبُوّةِ يَضَعُ سَيفَهُ عَلَي عَاتِقِهِ لَا يبُاَليِ‌ بِمَن لَاقَي يَبلُغُ سُلطَانُهُ مُنقَطَعَ الخُفّ وَ الحَافِرِ قَالَ كَعبٌ قَد كَانَ ذَلِكَ يَا مُحَمّدُ وَ لَو لَا أَنّ اليَهُودَ تعُيَرّنُيِ‌ أنَيّ‌ جَبُنتُ عِندَ القَتلِ لَآمَنتُ بِكَ وَ صَدّقتُكَ وَ لكَنِيّ‌ عَلَي دِينِ اليَهُودِيّةِ عَلَيهِ أَحيَا وَ عَلَيهِ أَمُوتُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص قَدّمُوهُ فَاضرِبُوا عُنُقَهُ فَقُدّمَ وَ ضُرِبَت عُنُقُهُ

16-يج ،[الخرائج والجرائح ] روُيِ‌َ أَنّ عَامَ الخَندَقِ أَصَابَ أَصحَابَ النّبِيّص مَجَاعَةٌ لِمَا حَاصَرَهُمُ المُشرِكُونَ فَدَعَا بِكَفّ مِن تَمرٍ وَ أَمَرَ بِثَوبٍ فَبُسِطَ وَ أَلقَي ذَلِكَ التّمرَ عَلَيهِ وَ أَمَرَ مُنَادِياً ينُاَديِ‌ فِي النّاسِ هَلُمّوا إِلَي الغَدَاءِ فَاجتَمَعَ أَهلُ المَدِينَةِ فَأَكَلُوا وَ صَدَرُوا وَ التّمرُ تَبِضّ مِن أَطرَافِ الثّوبِ


صفحه : 248

بيان بض الماء سال قليلا قليلا

17-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّ الحِصَارَ لَمّا اشتَدّ عَلَي المُسلِمِينَ فِي حَربِ الخَندَقِ وَ رَأَي رَسُولُ اللّهِص مِنهُمُ الضّجَرَ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الضّرّ صَعِدَ عَلَي مَسجِدِ الفَتحِ فَصَلّي رَكعَتَينِ ثُمّ قَالَ أللّهُمّ إِن تُهلِك هَذِهِ العِصَابَةَ لَم تُعبَد بَعدَهَا فِي الأَرضِ فَبَعَثَ اللّهُ رِيحاً قَلَعَت خِيَمَ المُشرِكِينَ وَ بَدّدَت رَوَاحِلَهُم وَ أَجهَدَتهُم بِالبَردِ وَ سَفَتِ الرّمَالَ وَ التّرَابَ عَلَيهِم وَ جَاءَتهُ المَلَائِكَةُ فَقَالَت يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ اللّهَ قَد أَمَرَنَا بِالطّاعَةِ لَكَ فَمُرنَا بِمَا شِئتَ قَالَ زعَزعِيِ‌ المُشرِكِينَ وَ أَرعِبِيهِم وَ كُونُوا مِن وَرَائِهِم فَفَعَلَت بِهِم ذَلِكَ وَ أَنزَلَ اللّهُ تَعَالَييا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ اللّهِ عَلَيكُم إِذ جاءَتكُم جُنُودٌيعَنيِ‌ أَحزَابَ المُشرِكِينَفَأَرسَلنا عَلَيهِم رِيحاً وَ جُنُوداً لَم تَرَوها وَ كانَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصِيراً إِذ جاؤُكُم مِن فَوقِكُم أَي أَحزَابُ العَرَبِوَ مِن أَسفَلَ مِنكُميعَنيِ‌ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ حِينَ نَقَضُوا عَهدَ رَسُولِ اللّهِص وَ صَارُوا مَعَ الأَحزَابِ عَلَي المُسلِمِينَ ثُمّ رَجَعَ مِن مَسجِدِ الفَتحِ إِلَي مُعَسكَرِهِ فَصَاحَ بِحُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ وَ كَانَ قَد نَادَاهُ ثَلَاثاً فَقَالَ فِي الثّالِثَةِ لَبّيكَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ تَسمَعُ صوَتيِ‌ وَ لَا تجُيِبنُيِ‌ فَقَالَ منَعَنَيِ‌ شِدّةُ البَردِ فَقَالَ اعبُرِ الخَندَقَ فَاعرِف خَبَرَ قُرَيشٍ وَ الأَحزَابِ وَ ارجِع وَ لَا تُحدِث حَدَثاً حَتّي تَرجِعَ إلِيَ‌ّ قَالَ فَقُمتُ وَ أَنَا أَنتَفِضُ مِنَ البَردِ فَعَبَرتُ الخَندَقَ وَ كأَنَيّ‌ فِي الحَمّامِ فَصِرتُ إِلَي مُعَسكَرِهِم فَلَم أَجِد هُنَاكَ إِلّا خَيمَةَ أَبِي سُفيَانَ وَ عِندَهُ جَمَاعَةٌ مِن وُجُوهِ قُرَيشٍ وَ بَينَ أَيدِيهِم نَارٌ تَشتَعِلُ مَرّةً وَ تَخبُو أُخرَي فَانسَلَلتُ فَجَلَستُ بَينَهُم فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ إِن كُنّا نُقَاتِلُ أَهلَ الأَرضِ فَنَحنُ بِالقُدرَةِ عَلَيهِ وَ إِن كُنّا


صفحه : 249

نُقَاتِلُ أَهلَ السّمَاءِ كَمَا يَقُولُ مُحَمّدٌ فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِأَهلِ السّمَاءِ انظُرُوا بَينَكُم لَا يَكُونُ لِمُحَمّدٍ عَينٌ بَينَنَا فَليَسأَل بَعضُكُم بَعضاً قَالَ حُذَيفَةُ فَبَادَرتُ إِلَي ألّذِي عَن يمَيِنيِ‌ فَقُلتُ مَن أَنتَ قَالَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ وَ قُلتُ للِذّيِ‌ عَن يسَاَريِ‌ مَن أَنتَ قَالَ فُلَانٌ فَلَم يسَألَنيِ‌ أَحَدٌ مِنهُم ثُمّ قَالَ أَبُو سُفيَانَ لِخَالِدٍ إِمّا أَن تَتَقَدّمَ أَنتَ فَتَجمَعَ النّاسَ لِيَلحَقَ بَعضُهُم بَعضاً فَأَكُونَ عَلَي السّاقَةِ وَ إِمّا أَن أَتَقَدّمَ أَنَا وَ تَكُونَ عَلَي السّاقَةِ قَالَ بَل أَتَقَدّمُ أَنَا وَ تَتَأَخّرُ أَنتَ فَقَامُوا جَمِيعاً فَتَقَدّمُوا وَ تَأَخّرَ أَبُو سُفيَانَ فَخَرَجَ مِنَ الخَيمَةِ وَ اختَفَيتُ فِي ظِلّهَا فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَ هيِ‌َ مَعقُولَةٌ مِنَ الدّهَشِ ألّذِي كَانَ بِهِ فَنَزَلَ يَحِلّ العِقَالَ فأَمَكنَنَيِ‌ قَتلَهُ فَلَمّا هَمَمتُ بِذَلِكَ تَذَكّرتُ قَولَ رَسُولِ اللّهِص لَا تُحدِثَنّ حَدَثاً حَتّي تَرجِعَ إلِيَ‌ّ فَكَفَفتُ وَ رَجَعتُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ قَد طَلَعَ الفَجرُ فَحَمِدَ اللّهَ ثُمّ صَلّي بِالنّاسِ الفَجرَ وَ نَادَي مُنَادِيهِ لَا يَبرَحَنّ أَحَدٌ مَكَانَهُ إِلَي أَن تَطلُعَ الشّمسُ فَمَا أَصبَحَ إِلّا وَ قَد تَفَرّقَ عَنهُ الجَمَاعَةُ إِلّا نَفَراً يَسِيراً فَلَمّا طَلَعَتِ الشّمسُ انصَرَفَ رَسُولُ اللّهِص وَ مَن كَانَ مَعَهُ فَلَمّا دَخَلَ مَنزِلَهُ أَمَرَ فنَوُديِ‌َ أَلَا لَا يصُلَيّ‌ أَحَدٌ إِلّا فِي بنَيِ‌ قُرَيظَةَ فَسَارَ المُسلِمُونَ إِلَيهِم فَوَجَدُوا النّخلَ مُحدِقاً بِقَصرِهِم وَ لَم يَكُن لِلمُسلِمِينَ مُعَسكَرٌ يَنزِلُونَ فِيهِ وَ وَافَي رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ مَا لَكُم لَا تَنزِلُونَ فَقَالُوا مَا لَنَا مَكَانٌ فَنَزَلَ مِنِ اشتِبَاكِ النّخلِ فَدَخَلَ فِي طَرِيقٍ بَينَ النّخلِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ يَمنَةً فَانضَمّ النّخلُ بَعضُهُ إِلَي بَعضٍ وَ أَشَارَ بِيَدِهِ يَسرَةً فَانضَمّ النّخلُ كَذَلِكَ وَ اتّسَعَ لَهُمُ المَوضِعُ فَنَزَلُوا

18-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ عَنِ الصّادِقِ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّهُ قَالَ لَمّا قَتَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عَمرَو بنَ عَبدِ وُدّ أَعطَي سَيفَهُ الحَسَنَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَالَ قُل لِأُمّكَ تَغسِلُ هَذَا الصّيقَلَ فَرَدّهُ وَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ عِندَ النّبِيّص وَ فِي وَسَطِهِ نُقطَةٌ لَم تُنَقّ قَالَ أَ لَيسَ قَد غَسَلَتهُ الزّهرَاءُ قَالَ نَعَم قَالَ فَمَا هَذِهِ النّقطَةُ قَالَ النّبِيّص يَا عَلِيّ سَل ذَا الفَقَارِ يُخبِركَ فَهَزّهُ وَ قَالَ أَ لَيسَ قَد غَسَلَتكَ الطّاهِرَةُ مِن دَمِ الرّجسِ النّجسِ فَأَنطَقَ اللّهُ السّيفَ فَقَالَ بَلَي


صفحه : 250

وَ لَكِنّكَ مَا قَتَلتَ بيِ‌ أَبغَضَ إِلَي المَلَائِكَةِ مِن عَمرِو بنِ عَبدِ وُدّ فأَمَرَنَيِ‌ ربَيّ‌ فَشَرِبتُ هَذِهِ النّقطَةَ مِن دَمِهِ وَ هُوَ حظَيّ‌ مِنهُ فَلَا تنَتضَيِنيِ‌ يَوماً إِلّا وَ رَأَتهُ المَلَائِكَةُ وَ صَلّت عَلَيكَ

بيان نضا السيف وانتضاه سله

19-شا،[الإرشاد]كانت غزاة الأحزاب بعدبني‌ النضير و ذلك أن جماعة من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضيري‌ وحيي‌ بن أخطب وكنانة بن الربيع وهوذة بن قيس الوالبي‌ و أبوعمارة الوالبي‌ في نفر من بني‌ والبة خرجوا حتي قدموا مكة فصاروا إلي أبي سفيان صخر بن حرب لعلمهم بعداوته لرسول الله ص وتسرعه إلي قتاله فذكروا له مانالهم منه وسألوه المعونة لهم علي قتاله فقال لهم أبوسفيان أنالكم حيث تحبون فاخرجوا إلي قريش فادعوهم إلي حربه واضمنوا النصرة لهم والثبوت معهم حتي تستأصلوه فطافوا علي وجوه قريش ودعوهم إلي حرب النبي ص وقالوا لهم أيدينا مع أيديكم ونحن معكم حتي نستأصله فقالت لهم قريش يامعشر اليهود أنتم أهل الكتاب الأول والعلم السابق و قدعرفتم الدين ألذي جاء به محمد و مانحن عليه من الدين فديننا خير من دينه أم هوأولي بالحق منا فقالوا لهم بل دينكم خير من دينه فنشطت قريش لمادعوهم إليه من حرب رسول الله ص وجاءهم أبوسفيان فقال لهم قدمكنكم الله من عدوكم و هذه اليهود تقاتله معكم ولن تنفك عنكم حتي يؤتي علي جميعها أونستأصله


صفحه : 251

و من اتبعه فقويت عزائمهم إذ ذاك في حرب النبي ص ثم خرج اليهود حتي جاءوا غطفان وقيس غيلان فدعوهم إلي حرب رسول الله ص وضمنوا لهم النصرة والمعونة وأخبروهم باتباع قريش لهم علي ذلك فاجتمعوا معهم وخرجت قريش وقائدها إذ ذاك أبوسفيان صخر بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن في بني‌ فزارة والحارث بن عوف في بني‌ مرة ووبرة بن طريف في قومه من أشجع واجتمعت قريش معهم فلما سمع رسول الله ص اجتماع الأحزاب عليه وقوة عزيمتهم في حربه استشار أصحابه فأجمع رأيهم علي المقام بالمدينة وحرب القوم إن جاءوا إليهم علي أنقابها فأشار سلمان الفارسي‌ رحمه الله علي رسول الله ص بالخندق فأمر بحفره وعمل فيه بنفسه وعمل فيه المسلمون وأقبلت الأحزاب إلي رسول الله ص فهال المسلمين أمرهم وارتاعوا من كثرتهم وجمعهم فنزلوا ناحية من الخندق وأقاموا بمكانهم بضعا وعشرين


صفحه : 252

ليلة لم يكن بينهم حرب إلاالرمي‌ بالنبل والحصي فلما رأي رسول الله ص ضعف قلوب أكثر المسلمين من حصارهم لهم ووهنهم في حربهم بعث إلي عيينة بن حصن والحارث بن عوف وهما قائدا غطفان يدعوهما إلي صلحه والكف عنه والرجوع بقومهما عن حربه علي أن يعطيهما ثلث ثمار المدينة واستشار سعد بن عبادة فيما بعث به إلي عيينة والحارث فقال يا رسول الله إن كان هذاالأمر لابد لنا من العمل به لأن الله أمرك فيه بما صنعت والوحي‌ جاءك به فافعل مابدا لك و إن كنت تختار أن تصنعه لنا كان لنا فيه رأي‌ فقال ص لم يأتني‌ وحي‌ به ولكني‌ رأيت العرب قدرمتكم عن قوس واحدة وجاءوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلي أمر ما فقال سعد بن معاذ قدكنا نحن وهؤلاء القوم علي الشرك بالله وعبادة الأوثان لانعرف الله و لانعبده ونحن لانطعمهم من ثمرنا إلاقري أوبيعا والآن حين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا به وأعزنا بك نعطيهم أموالنا مابنا إلي هذا من حاجة و الله لانعطيهم إلاالسيف حتي يحكم الله بيننا وبينهم فقال رسول الله ص الآن قدعرفت ماعندكم فكونوا علي ماأنتم عليه فإن الله تعالي لن يخذل نبيه ولن يسلمه حتي ينجز له ماوعده . ثم قام رسول الله ص في المسلمين يدعوهم إلي جهاد العدو ويشجعهم و


صفحه : 253

يعدهم النصر من الله فانتدبت فوارس من قريش للبراز منهم عمرو بن عبدود بن أبي قيس بن عامر بن لؤي‌ بن غالب وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان وضرار بن الخطاب ومرداس الفهري‌ فلبسوا للقتال ثم خرجوا علي خيلهم حتي مروا بمنازل بني‌ كنانة فقالوا تهيئوا يابني‌ كنانة للحرب ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتي وقفوا علي الخندق فلما تأملوه قالوا و الله إن هذه مكيدة ماكانت العرب تكيدها ثم تيمموا مكانا من الخندق فيه ضيق فضربوا خيلهم فاقتحمته وجاءت بهم في السبخة بين الخندق وسلع وخرج أمير المؤمنين علي ع في نفر معه من المسلمين حتي أخذوا عليهم الثغرة التي‌ اقتحموها فتقدم عمرو بن عبدود الجماعة الذين خرجوا معه و قدأعلم ليري مكانه فلما رأي المسلمين وقف هو والخيل التي‌ معه و قال هل من مبارز فبرز له أمير المؤمنين ع فقال له عمرو ارجع يا ابن الأخ فما أحب أن أقتلك فقال له أمير المؤمنين ع قدكنت ياعمرو عاهدت الله أن لايدعوك رجل من قريش إلي إحدي خصلتين إلااخترتها منه قال أجل فما ذاك قال إني‌ أدعوك إلي الله ورسوله والإسلام قال لاحاجة لي إلي ذلك قال فإني‌ أدعوك إلي النزال فقال ارجع فقد كان بيني‌ و بين أبيك خلة و ماأحب أن أقتلك فقال له أمير المؤمنين ع لكنني‌ و الله أحب أن أقتلك مادمت آبيا للحق فحمي‌ عمرو عند ذلك


صفحه : 254

و قال أتقتلني‌ ونزل عن فرسه فعقره وضرب وجهه حتي نفر وأقبل علي علي عليه السلام مصلتا بسيفه وبدره بالسيف فنشب سيفه في ترس علي عليه السلام فضربه أمير المؤمنين ضربة فقتله فلما رأي عكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب وضرار بن الخطاب عمرا صريعا ولوا بخيلهم منهزمين حتي اقتحموا الخندق لايلوون إلي شيء وانصرف أمير المؤمنين عليه السلام إلي مقامه الأول و قدكادت نفوس القوم الذين خرجوا معه إلي الخندق تطير جزعا وَ هُوَ يَقُولُ


نَصَرَ الحِجَارَةَ مِن سَفَاهَةِ رَأيِهِ.   وَ نَصَرتُ رَبّ مُحَمّدٍ بِصَوَابٍ.

فَضَرَبتُهُ وَ تَرَكتُهُ مُتَجَدّلًا.   كَالجِذعِ بَينَ دَكَادِكَ وَ روَاَبيِ‌َ.

وَ عَفَفتُ عَن أَثوَابِهِ وَ لَو أنَنّيِ‌.   كُنتُ المُقَطّرَ بزَنّيِ‌ أثَواَبيِ‌.

لَا تَحسَبُنّ اللّهَ خَاذِلَ دِينِهِ.   وَ نَبِيّهِ يَا مَعشَرَ الأَحزَابِ.

و قدروي محمد بن عمر الواقدي‌ قال حدثني‌ عبد الله بن جعفر عن أبي عون عن الزهري‌ قال جاء عمرو بن عبدود وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب ونوفل بن عبد الله بن المغيرة وضرار بن الخطاب في يوم الأحزاب إلي الخندق فجعلوا يطوفون به يطلبون مضيقا منه فيعبرون حتي انتهوا إلي مكان أكرهوا خيولهم فيه فعبرت وجعلوا يجيلون خيلهم فيما بين الخندق وسلع والمسلمون وقوف لايقدم منهم أحد عليهم وجعل عمرو بن عبدود يدعو إلي البراز ويعرض للمسلمين و يقول


صفحه : 255


ولقد بححت من النداء.   بجمعهم هل من مبارز.

و في كل ذلك يقوم عليّ بن أبي طالب عليه السلام ليبارزه فيأمره رسول الله ص بالجلوس انتظاراً منه ليتحرك غيره والمسلمون كأن علي رءوسهم الطير لمكان عمرو بن عبدودّ والخوف منه وممن معه ووراءه فلما طال نداء عمرو بالبراز وتتابع قيام أمير المؤمنين عليه السلام قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص ادنُ منِيّ‌ يَا عَلِيّ فَدَنَا مِنهُ فَنَزَعَ عِمَامَتَهُ مِن رَأسِهِ وَ عَمّمَهُ بِهَا وَ أَعطَاهُ سَيفَهُ وَ قَالَ لَهُ امضِ لِشَأنِكَ ثُمّ قَالَ أللّهُمّ أَعِنهُ

فسعي نحو عمرو ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري‌ رحمه الله لينظر ما يكون منه و من عمرو فلما انتهي أمير المؤمنين عليه السلام إليه قال له ياعمرو إنك كنت في الجاهلية تقول لايدعوني‌ أحد إلي ثلاث واللات والعزي إلاقبلتها أوواحدة منها قال أجل قال فإني‌ أدعوك إلي شهادة أن لاإله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أن تسلم لرب العالمين قال يا ابن أخ أخر هذه عني‌ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام أماإنها خير لك لوأخذتها ثم قال فهاهنا أخري قال و ماهي‌ قال ترجع من حيث جئت قال لاتحدث نساء قريش بهذا أبدا قال فهاهنا أخري قال و ماهي‌ قال تنزل فتقاتلني‌ فضحك عمرو و قال إن هذه الخصلة ماكنت أظن أن أحدا من العرب يرومني‌ عليها إني‌ لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك و قد كان أبوك لي نديما قال علي عليه السلام لكني‌ أحب أن أقتلك فانزل إن شئت فأسف عمرو ونزل وضرب وجه فرسه حتي رجع فقال جابر رحمه الله فثارت بينهما قترة فما رأيتهما فسمعت التكبير تحتها فعلمت أن عليا قدقتله فانكشف أصحابه حتي طفرت خيولهم الخندق وتبادروا


صفحه : 256

أصحاب النبي ص حين سمعوا التكبير ينظرون ماصنع القوم فوجدوا نوفل بن عبد الله في جوف الخندق لم ينهض به فرسه فجعلوا يرمونه بالحجارة فقال لهم قتلة أجمل من هذه ينزل إلي‌ بعضكم أقاتله فنزل إليه أمير المؤمنين عليه السلام فضربه حتي قتله ولحق هبيرة فأعجزه وضرب قربوس سرجه وسقطت درع كانت عليه وفر عكرمة وهرب ضرار بن الخطاب فقال جابر فما شبهت قتل علي عمرا إلابما قص الله من قصة داود وجالوت حيث يقول جل شأنه فَهَزَمُوهُم بِإِذنِ اللّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ. و قدروي قيس بن الربيع قال حدثنا أبوهارون العبدي‌ عن ربيعة السعدي‌ قال أتيت حذيفة بن اليمان فقلت له يا أبا عبد الله إنا لنتحدث عن علي ومناقبه فيقول لنا أهل البصرة إنكم تفرطون في علي فهل أنت محدثي‌ بحديث فيه فقال حذيفة ياربيعة و ماتسألني‌ عن علي فو ألذي نفسي‌ بيده لووضع جميع أعمال أصحاب محمد في كفة الميزان منذ بعث الله محمدا إلي يوم القيامة ووضع عمل علي عليه السلام في الكفة الأخري لرجح عمل علي عليه السلام علي جميع أعمالهم فقال ربيعة هذا ألذي لايقام له و لايقعد و لايحمل فقال حذيفة يالكع وكيف لايحمل


صفحه : 257

وأين كان أبوبكر وعمر وحذيفة وجميع أصحاب محمدص يوم عمرو بن عبدود و قددعا إلي المبارزة فأحجم الناس كلهم ماخلا عليا عليه السلام فإنه برز إليه وقتله الله علي يده و ألذي نفس حذيفة بيده لعمله ذلك اليوم أعظم أجرا من عمل أصحاب محمدص إلي يوم القيامة.

وَ قَد رَوَي هِشَامُ بنُ مُحَمّدٍ عَن مَعرُوفِ بنِ خَرّبُوذٍ قَالَ قَالَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فِي يَومِ الخَندَقِ


أَ عَلَيّ تَقتَحِمُ الفَوَارِسُ هَكَذَا.   عنَيّ‌ وَ عَنهَا خَبّرُوا أصَحاَبيِ‌.

اليَومَ يمَنعَنُيِ‌ الفِرَارُ حفَيِظتَيِ‌.   وَ مُصَمّمٌ فِي الرّأسِ لَيسَ بنَاَبيِ‌.

أَردَيتُ عَمراً إِذ طَغَي بِمُهَنّدٍ.   صاَفيِ‌ الحَدِيدِ مُجَرّبٍ قَضّابٍ.

فَصَدَدتُ حِينَ تَرَكتُهُ مُتَجَدّلًا.   كَالجِذعِ بَينَ دَكَادِكَ وَ روَاَبيِ‌َ.

وَ عَفَفتُ عَن أَثوَابِهِ وَ لَو أنَنّيِ‌.   كُنتُ المُقَطّرَ بزَنّيِ‌ أثَواَبيِ‌.

وَ رَوَي يُونُسُ بنُ بُكَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ قَالَ لَمّا قَتَلَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ عَمراً أَقبَلَ نَحوَ رَسُولَ اللّهِص وَ وَجهُهُ يَتَهَلّلُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ هَلّا سَلَبتَ يَا عَلِيّ دِرعَهُ فَإِنّهَا لَيسَ فِي العَرَبِ دِرعٌ مِثلُهَا فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ


صفحه : 258

إنِيّ‌ استَحيَيتُ أَن أَكشِفَ سَوءَةَ ابنِ عمَيّ‌.

وروي عمر بن الأزهر عن عمرو بن عبيد عن الحسن أن عليا عليه السلام لماقتل عمرو بن عبدود اجتز رأسه وحمله فألقاه بين يدي‌ النبي ص فقام أبوبكر وعمر فقبلا رأس علي عليه السلام . وروي علي بن الحكيم الأودي‌ قال سمعت أبابكر بن عياش يقول لقد ضرب علي ضربة ما كان في الإسلام أعز منها يعني‌ ضربة عمرو بن عبدود ولقد ضرب عليه السلام ضربة ماضرب في الإسلام أشأم منها يعني‌ ضربة ابن ملجم لعنه الله . و في الأحزاب أنزل الله تعالي إِذ جاؤُكُم مِن فَوقِكُم وَ مِن أَسفَلَ مِنكُم وَ إِذ زاغَتِ الأَبصارُ وَ بَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ وَ تَظُنّونَ بِاللّهِ الظّنُونَا هُنالِكَ ابتلُيِ‌َ المُؤمِنُونَ وَ زُلزِلُوا زِلزالًا شَدِيداً وَ إِذ يَقُولُ المُنافِقُونَ وَ الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللّهُ وَ رَسُولُهُ إِلّا غُرُوراً إلي قوله وَ كَفَي اللّهُ المُؤمِنِينَ القِتالَ وَ كانَ اللّهُ قَوِيّا عَزِيزاً.فتوجه العتب إليهم والتوبيخ والتقريع و لم ينج من ذلك أحد بالاتفاق إلا أمير المؤمنين عليه السلام إذ كان الفتح له و علي يديه و كان قتله عمرا ونوفل بن عبد الله سبب هزيمة المشركين و قال رسول الله ص بعدقتله هؤلاء النفر الآن نغزوهم و لايغزونا و قدروي يوسف بن كليب عن سفيان بن زيد عن قرة و


صفحه : 259

غيره عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ وكفي الله المؤمنين القتال بعلي‌ و كان الله قويا عزيزا. و في قتل عمرو بن عبدود يقول حسان بن ثابت


أمسي الفتي عمرو بن عبديبتغي‌.   بجنوب يثرب غارة لم تنظر.

ولقد وجدت سيوفنا مشهورة.   ولقد وجدت جيادنا لم تقصر.

ولقد رأيت غداة بدر عصبة.   ضربوك ضربا غيرضرب المحسر.

أصبحت لاتدعي ليوم عظيمة.   ياعمرو أولجسيم أمر منكر.

ويقال إنه لمابلغ شعر حسان بن ثابت بني‌ عامر أجابه فتي منهم فقال يرد عليه في افتخاره بالأنصار


كذبتم وبيت الله لاتقتلوننا.   ولكن بسيف الهاشميين فافخروا.

بسيف ابن عبد الله أحمد في الوغي .   بكف علي نلتم ذاك فاقصروا.

و لم تقتلوا عمرو بن عبدببأسكم .   ولكنه الكفو الهزبر الغضنفر.

علي ألذي في الفخر طال بناؤه .   و لاتكثروا الدعوي علينا فتحقروا.

ببدر خرجتم للبراز فردكم .   شيوخ قريش جهرة وتأخروا.

فلما أتاهم حمزة وعبيدة.   وجاء علي بالمهند يخطر.

صفحه : 260


فقالوا نعم أكفاء صدق فأقبلوا.   إليهم سراعا إذ بغوا وتجبروا.

فجال علي جولة هاشمية.   فدمرهم لماعتوا وتكبروا.

فليس لكم فخر علينا بغيرنا.   و ليس لكم فخر يعد ويذكر.

و قدروي أحمد بن عبدالعزيز قال حدثناسليمان بن أيوب عن أبي الحسن المدائني‌ قال لماقتل علي بن أبي طالب عليه السلام عمرو بن عبدود نعي‌ إلي أخته فقالت من ذا ألذي اجترأ عليه فقالوا ابن أبي طالب عليه السلام فقالت لم يعد موته علي يد كفو كريم لارقأت دمعتي‌ إن هرقتها عليه قتل الأبطال وبارز الأقران وكانت منيته علي يد كفو كريم من قومه ماسمعت بأفخر من هذا يابني‌ عامر. ثم أنشأت تقول


لو كان قاتل عمرو غيرقاتله .   لكنت أبكي‌ عليه آخر الأبد.

لكن قاتل عمرو لايعاب به .   من كان يدعي قديما بيضة البلد.

وقالت أيضا في قتل أخيها وذكر علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه


أسدان في ضيق المكر تصاولا.   وكلاهما كفو كريم باسل .

صفحه : 261


فتخالسا مهج النفوس كلاهما.   وسط المدار مخائل ومقاتل .

وكلاهما حضر القراع حفيظة.   لم يثنه عن ذاك شغل شاغل .

فاذهب علي فما ظفرت بمثله .   قول سديد ليس فيه تحامل .

والثأر عندي‌ يا علي فليتني‌.   أدركته والعقل مني‌ كامل .

ذلت قريش بعدمقتل فارس .   فالذل مهلكها وخزي‌ شامل .

ثم قالت و الله لاثأرت قريش بأخي‌ ماحنت النيب . و لماانهزم الأحزاب وولوا عن المسلمين الدبر عمل رسول الله علي قصد بني‌ قريظة وأنفذ أمير المؤمنين عليه السلام إليهم في ثلاثين من الخزرج و قال له انظر بني‌ قريظة هل نزلوا حصونهم فلما شارف سورهم سمع منهم الهجر فرجع إلي النبي ص فأخبره فقال دعهم فإن الله سيمكن منهم إن ألذي أمكنك من عمرو بن عبدود لايخذلك فقف حتي يجتمع الناس إليك وأبشر بنصر من عند الله فإن الله تعالي قدنصرني‌ بالرعب من بين يدي‌ مسيرة شهر قال علي عليه السلام فاجتمع الناس إلي‌ وسرت حتي دنوت من سورهم فأشرفوا علي فلما رأوني‌ صاح صائح منهم قدجاءكم قاتل عمرو و قال آخر قدأقبل إليكم قاتل عمرو وجعل بعضهم يصيح ببعض ويقولون ذلك وألقي الله في قلوبهم الرعب وسمعت راجزا يرتجز


قتل علي عمرا.   صاد علي صقرا.

صفحه : 262


قصم علي ظهرا.   أبرم علي أمرا.

  تك علي سترا.

فقلت الحمد لله ألذي أظهر الإسلام وقمع الشرك و كان النبي ص قال لي حين توجهت إلي بني‌ قريظة سر علي بركة الله تعالي فإن الله قدوعدكم أرضهم وديارهم فسرت متيقنا لنصر الله عز و جل حتي ركزت الراية في أصل الحصن فاستقبلوني‌ في صياصيهم يسبون رسول الله ص فلما سمعت سبهم له كرهت أن يسمع رسول الله ص ذلك فعملت علي الرجوع إليه فإذا به ص قدطلع وسمع سبهم له فناداهم ياإخوة القردة والخنازير إنا إذاحللنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فقالوا له يا أباالقاسم ماكنت جهولا و لاسبابا فاستحيا رسول الله ص ورجع القهقري قليلا ثم أمر فضربت خيمته بإزاء حصونهم فأقام النبي ص حاصرا لبني‌ قريظة خمسا وعشرين ليلة حتي سألوه النزول علي حكم سعد بن معاذ فحكم فيهم سعد بقتل الرجال وسبي‌ الذراري‌ والنساء وقسمة الأموال فقال النبي ص ياسعد لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة وأمر النبي ص بإنزال الرجال منهم وكانوا تسعمائة رجل فجي‌ء بهم إلي المدينة وقسم الأموال واسترق الذراري‌ والنسوان و لماجي‌ء بالأساري إلي المدينة حبسوا في دار من دور بني‌ النجار وخرج رسول


صفحه : 263

الله ص إلي موضع السوق اليوم فخندق فيه خنادق وحضر أمير المؤمنين عليه السلام ومعه المسلمون وأمر بهم أن يخرجوا وتقدم إلي أمير المؤمنين عليه السلام أن يضرب أعناقهم في الخندق فأخرجوا أرسالا وفيهم حيي‌ بن أخطب وكعب بن أسد وهما إذ ذاك رئيسا القوم فقالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلي رسول الله ص ياكعب ماتراه يصنع بنا فقال في كل موطن لاتعقلون أ لاترون الداعي‌ لاينزع و من ذهب منكم لايرجع هو و الله القتل وجي‌ء بحيي‌ بن أخطب مجموعة يداه إلي عنقه فلما نظر إلي رسول الله ص قال أما و الله مالمت نفسي‌ علي عداوتك ولكن من يخذل الله يخذل ثم أقبل علي الناس فقال أيها الناس إنه لابد من أمر الله كتاب وقدر وملحمة كتبت علي بني‌ إسرائيل ثم أقيم بين يدي‌ أمير المؤمنين عليه السلام و هو يقول قتلة شريفة بيد شريف فقال له أمير المؤمنين عليه السلام إن خيار الناس يقتلون شرارهم وشرارهم يقتلون خيارهم فالويل لمن قتله الأخيار الأشراف والسعادة لمن قتله الأرذال الكفار فقال صدقت لاتسلبني‌ حلتي‌ فقال هي‌ أهون علي من ذاك فقال سترتني‌ سترك الله ومد عنقه فضربها علي عليه السلام و لم يسلبه من بينهم ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام لمن جاء به ما كان يقول حيي‌ و هويقاد إلي الموت قال كان يقول


لعمرك مالام ابن أخطب نفسه   ولكنه من يخذل الله يخذل

فجاهد حتي بلغ النفس جهدها.   وحاول يبقي العز كل مقلقل .

فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ عَلَيهِ الصّلَاةُ وَ السّلَامُ Œ


صفحه : 264


لَقَد كَانَ ذَا جِدّ وَ جَدّ بِكُفرِهِ.   فَقِيدَ إِلَينَا فِي المَجَامِعِ يُعتَلُ.

فَقَلّدتُهُ بِالسّيفِ ضَربَةَ مُحفِظٍ.   فَصَارَ إِلَي قَعرِ الجَحِيمِ يُكَبّلُ.

فَذَاكَ مَآبُ الكَافِرِينَ وَ مَن يُطِع.   لِأَمرِ إِلَهِ الخَلقِ فِي الخُلدِ يَنزِلُ.

واصطفي رسول الله ص من نسائهم بنت عمرة خناقة وقتل من نسائهم امرأة واحدة كانت أرسلت عليه حجرا و قدجاء باليهود يناظرهم قبل مباينتهم له فسلمه الله تعالي من ذلك الحجر و كان الظفر ببني‌ قريظة وفتح الله علي النبي ص بأمير المؤمنين عليه السلام و ما كان من قتله من قتل منهم و ماألقاه الله عز و جل في قلوبهم من الرعب فيه وماثلت هذه الفضيلة ماتقدمها من فضائله وشابهت هذه المنقبة ماسلف ذكره من مناقبه عليه السلام .بيان قوله إلاقري أي ضيافة قوله تعنق بهم من باب الإفعال أي تسرع والعنق بالتحريك ضرب من سير الدابة وسلع جبيل بالمدينة قوله عليه السلام نصر الحجارة أقول في الديوان المنسوب إليه عليه السلام زيادة وتغيير


أَ عَلَيّ تَقتَحِمُ الفَوَارِسُ هَكَذَا.   عنَيّ‌ وَ عَنهُم أَخّرُوا أصَحاَبيِ‌.

صفحه : 265


اليَومَ تمَنعَنُيِ‌ الفِرَارُ حفَيِظتَيِ‌.   وَ مُصَمّمٌ فِي الهَامِ لَيسَ بنِاَبيِ‌.

آلَي ابنُ عَبدٍ حِينَ شَدّ إِلَيّةً.   وَ حَلَفتُ فَاستَمِعُوا مَنِ الكَذّابُ.

أَن لَا يَصُدّ وَ لَا يُهَلّلَ فَالتَقَي.   رَجُلَانِ يَضطَرِبَانِ كُلّ ضِرَابٍ.

فَصَدَدتُ حِينَ رَأَيتُهُ مُتَقَطّراً.   كَالجِذعِ بَينَ دَكَادِكَ وَ روَاَبيِ‌َ.

وَ عَفَفتُ عَن أَثوَابِهِ وَ لَو أنَنّيِ‌.   كُنتُ المُقَطّرَ بزَنّيِ‌ أثَواَبيِ‌.

عَبَدَ الحِجَارَةَ مِن سَفَاهَةِ رَأيِهِ.   وَ عَبَدتُ رَبّ مُحَمّدٍ بِصَوَابٍ.

عَرَفَ ابنُ عَبدٍ حِينَ أَبصَرَ صَارِماً.   يَهتَزّ أَنّ الأَمرَ غَيرُ لِعَابٍ.

أَردَيتُ عَمراً إِذ طَغَي بِمُهَنّدٍ.   صاَفيِ‌ الحَدِيدِ مُهَذّبٍ قَضّابٍ.

لَا تَحسَبُوا الرّحمَنَ خَاذِلَ دِينِهِ.   وَ نَبِيّهِ يَا مَعشَرَ الأَحزَابِ.

قوله عليه السلام أخروا أصحابي‌ أي أخروا أنفسكم ياأصحابي‌ ويحتمل أن يكون أصحابي‌ مفعولا والحفيظة الغضب والحمية وصمم السيف أي مضي في العظم وقطعه ويقال نبا السيف إذا لم يعمل في الضريبة قوله آلي أي حلف والإلية بكسر اللام وتشديد الياء اليمين وشد عليه أي حمل عليه قوله أن لايصد أي لايعرض عن الحرب و لايرجع و لايهلل أي لايسلم والاضطراب التضارب وقطره تقطيرا أي ألقاه علي أحد جنبيه فتقطر والدكادك جمع الدكداك و هو ماالتبد من الرمل بالأرض و لم يرتفع والرابية ماارتفع من الأرض ويقال طعنه فجدله أي رماه بالأرض فانجدل أي سقط وبزه ثوبه أي سلبه والصارم السيف القاطع والاهتزاز التحرك قوله غيرلعاب أي ملاعبة والمهند السيف المطبوع من حديد الهند والقضب القطع قوله


صفحه : 266

كأن علي رءوسهم الطير أي لايتحركون للخوف فإن الطير إنما يجلس علي شيءساكن أولأن من كان علي رأسه طير يريد أن يصيده لايتحرك وأسف عليه كعلم غضب والقترة بالتحريك الغبار وأحجم عن الأمر كف وتأخر وخطر الرجل بسيفه رفعه مرة ووضعه أخري قولها لم يعد موته أي لم يتجاوز موته عن أن كان علي يد كفو كريم وقولها لارقأت دمعتي‌ دعاء علي نفسها علي وجه الحلف أي لاسكنت دمعتي‌ أبدا إن صببتها عليه بعدسماع هذاالخبر وبيضة البلد واحده ألذي يجتمع إليه ويقبل قوله والتصاول التواثب والباسل الشجاع قولها وسط المدار أي عليهما يدور أمر الحرب أو كل أمر والمخاتلة المخادعة و قال الجوهري‌ الناب المسنة من النوق والجمع النيب و في المثل لاأفعل ذلك ماحنت النيب و قال عتلت الرجل أعتِله وأعتُله إذاجذبته جذبا عنيفا

20-فر،[تفسير فرات بن ابراهيم ] جَعفَرُ بنُ أَحمَدَ مُعَنعَناً عَن مُحَمّدِ بنِ كَعبٍ قَالَ لَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص مِنَ الأَحزَابِ قَالَ لَهُ جَبرَئِيلُ عَفَا اللّهُ عَنكَ وَضَعتَ السّلَاحَ مَا زِلتُ بِمَن معَيِ‌ مِنَ المَلَائِكَةِ نَسُوقُ المُشرِكِينَ حَتّي نَزَلنَا بِهِم حَمرَاءَ الأَسَدِ اخرُج وَ قَد أُمِرتَ بِقِتَالِهِم وَ إنِيّ‌ غَادٍ بِمَن معَيِ‌ فَنُزَلزِلُ بِهِم حُصُونَهُم حَتّي تَلحَقُونَا فَأَعطَي أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ الرّايَةَ وَ خَرَجَ فِي أَثَرِ جَبرَئِيلَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ تَخَلّفَ النّبِيّص ثُمّ لَحِقَهُم فَجَعَلَ كُلّمَا مَرّ رَسُولُ اللّهِص بِأَحَدٍ فَقَالَ مَرّ بِكُمُ الفَارِسُ فَقَالُوا مَرّ بِنَا دِحيَةُ بنُ خَلِيفَةَ وَ كَانَ جَبرَئِيلُ يُشبِهُ بِهِ قَالَ فَخَرَجَ يَومَئِذٍ عَلَي فَرَسٍ وُكِفَ بِقَطِيفَةِ أُرجُوَانٍ أَحمَرَ فَلَمّا نَزَلَت بِهِم جُنُودُ اللّهِ نَادَي مُنَادِيهِم


صفحه : 267

يَا أَبَا لُبَابَةَ بنَ عَبدِ المُنذِرِ مَا لَكَ قَالَ النّبِيّص هَذَا يَدعُونَ فَأتِهِم وَ قُل مَعرُوفاً فَلَمّا اطّلَعَ عَلَيهِم انتَحَبُوا فِي وَجهِهِ يَبكُونَ وَ قَالُوا يَا أَبَا لُبَابَةَ لَا طَاقَةَ لَنَا اليَومَ بِقِتَالِ مَن وَرَاءَكَ

21- مُحَمّدُ بنُ إِسمَاعِيلَ عَنِ الفَضلِ بنِ شَاذَانَ وَ أَحمَدُ بنُ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ جَمِيعاً عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَحَدِهِمَا عَلَيهِمَا السّلَامُ فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّأُحِلّ لَكُم لَيلَةَ الصّيامِ الرّفَثُ إِلي نِسائِكُمالآيَةَ فَقَالَ نَزَلَت فِي خَوّاتِ بنِ جُبَيرٍ الأنَصاَريِ‌ّ وَ كَانَ مَعَ النّبِيّص فِي الخَندَقِ وَ هُوَ صَائِمٌ فَأَمسَي وَ هُوَ عَلَي تِلكَ الحَالِ وَ كَانُوا قَبلَ أَن تَنزِلَ هَذِهِ الآيَةُ إِذَا نَامَ أَحَدُهُم حُرّمَ عَلَيهِ الطّعَامُ وَ الشّرَابُ فَجَاءَ خَوّاتٌ إِلَي أَهلِهِ حِينَ أَمسَي فَقَالَ هَل عِندَكُم طَعَامٌ فَقَالُوا لَا تَنَم حَتّي نُصلِحَ لَكَ طَعَاماً فَاتّكَأَ فَنَامَ فَقَالُوا لَهُ قَد فَعَلتَ قَالَ نَعَم فَبَاتَ عَلَي تِلكَ الحَالِ فَأَصبَحَ ثُمّ غَدَا إِلَي الخَندَقِ فَجَعَلَ يُغشَي عَلَيهِ فَمَرّ بِهِ رَسُولُ اللّهِص فَلَمّا رَأَي ألّذِي بِهِ أَخبَرَهُ كَيفَ كَانَ أَمرُهُ فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِيهِ الآيَةَوَ كُلُوا وَ اشرَبُوا حَتّي يَتَبَيّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ

22-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ هِلَالٍ عَن عُقبَةَ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَتأَتيِ‌ مَسجِدَ الأَحزَابِ فتَصُلَيّ‌ فِيهِ وَ تَدعُو اللّهَ فِيهِ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص دَعَا فِيهِ يَومَ الأَحزَابِ وَ قَالَ يَا صَرِيخَ المَكرُوبِينَ وَ يَا مُجِيبَ المُضطَرّينَ وَ يَا مُغِيثَ المَهمُومِينَ اكشِف همَيّ‌ وَ كرَبيِ‌ فَقَد تَرَي


صفحه : 268

حاَليِ‌ وَ حَالَ أصَحاَبيِ‌

23-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَمّن حَدّثَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَقَامَ رَسُولُ اللّهِص عَلَي التّلّ ألّذِي عَلَيهِ مَسجِدُ الفَتحِ فِي غَزوَةِ الأَحزَابِ فِي لَيلَةٍ ظَلمَاءَ قَرّةٍ فَقَالَ مَن يَذهَبُ فَيَأتِيَنَا بِخَبَرِهِم وَ لَهُ الجَنّةُ فَلَم يَقُم أَحَدٌ ثُمّ أَعَادَهَا فَلَم يَقُم أَحَدٌ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ بِيَدِهِ وَ مَا أَرَادَ القَومُ أَرَادُوا أَفضَلَ مِنَ الجَنّةِ ثُمّ قَالَ مَن هَذَا فَقَالَ حُذَيفَةُ فَقَالَ أَ مَا تَسمَعُ كلَاَميِ‌ مُنذُ اللّيلَةِ وَ لَا تَكَلّمُ اقتَرِب فَقَامَ حُذَيفَةُ وَ هُوَ يَقُولُ القُرّ وَ الضّرّ جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ منَعَنَيِ‌ أَن أُجِيبَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص انطَلِق حَتّي تَسمَعَ كَلَامَهُم وَ تأَتيِنَيِ‌ بِخَبَرِهِم فَلَمّا ذَهَبَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أللّهُمّ احفَظهُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَ مِن خَلفِهِ وَ عَن يَمِينِهِ وَ عَن شِمَالِهِ حَتّي تَرُدّهُ وَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص يَا حُذَيفَةُ لَا تُحدِث شَيئاً حَتّي تأَتيِنَيِ‌ فَأَخَذَ سَيفَهُ وَ قَوسَهُ وَ حَجَفَتَهُ قَالَ حُذَيفَةُ فَخَرَجتُ وَ مَا لِي مِن ضُرّ وَ لَا قُرّ فَمَرَرتُ عَلَي بَابِ الخَندَقِ وَ قَدِ اعتَرَاهُ المُؤمِنُونَ وَ الكُفّارُ فَلَمّا تَوَجّهَ حُذَيفَةُ قَامَ رَسُولُ اللّهِص وَ نَادَي يَا صَرِيخَ المَكرُوبِينَ وَ يَا مُجِيبَ المُضطَرّينَ اكشِف همَيّ‌ وَ غمَيّ‌ وَ كرَبيِ‌ فَقَد تَرَي حاَليِ‌ وَ حَالَ أصَحاَبيِ‌ فَنَزَلَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِص إِنّ اللّهَ عَزّ ذِكرُهُ قَد سَمِعَ مَقَالَتَكَ وَ دُعَاءَكَ وَ قَد أَجَابَكَ وَ كَفَاكَ هَولَ عَدُوّكَ فَجَثَا رَسُولُ اللّهِص عَلَي رُكبَتَيهِ وَ بَسَطَ يَدَيهِ وَ أَرسَلَ عَينَيهِ ثُمّ قَالَ شُكراً شُكراً كَمَا رحَمِتنَيِ‌ وَ رَحِمتَ أصَحاَبيِ‌ ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِص قَد بَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهِم رِيحاً مِن سَمَاءِ الدّنيَا فِيهَا حَصًي وَ رِيحاً مِنَ السّمَاءِ الرّابِعَةِ فِيهَا جَندَلٌ قَالَ حُذَيفَةُ فَخَرَجتُ فَإِذَا أَنَا بِنِيرَانِ القَومِ وَ أَقبَلَ جُندُ اللّهِ الأَوّلُ


صفحه : 269

رِيحٌ فِيهَا حَصًي فَمَا تَرَكتُ لَهُم نَاراً إِلّا أَذرَتهَا وَ لَا خِبَاءً إِلّا طَرَحَتهُ وَ لَا رُمحاً إِلّا أَلقَتهُ حَتّي جَعَلُوا يَتَتَرّسُونَ مِنَ الحَصَي فَجَعَلنَا نَسمَعُ وَقعَ الحَصَي فِي الأَترِسَةِ فَجَلَسَ حُذَيفَةُ بَينَ رَجُلَينِ مِنَ المُشرِكِينَ فَقَامَ إِبلِيسُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مُطَاعٍ فِي المُشرِكِينَ فَقَالَ أَيّهَا النّاسُ إِنّكُم قَد نَزَلتُم بِسَاحَةِ هَذَا السّاحِرِ الكَذّابِ أَلَا وَ إِنّهُ لَن يَفُوتَكُم مِن أَمرِهِ شَيءٌ فَإِنّهُ لَيسَ سَنَةَ مُقَامٍ قَد هَلَكَ الخُفّ وَ الحَافِرُ فَارجِعُوا فَليَنظُر كُلّ رَجُلٍ مِنكُم مَن جَلِيسُهُ قَالَ حُذَيفَةُ فَنَظَرتُ عَن يمَيِنيِ‌ فَضَرَبتُ بيِدَيِ‌ فَقُلتُ مَن أَنتَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَقُلتُ للِذّيِ‌ عَن يسَاَريِ‌ مَن أَنتَ فَقَالَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو قَالَ حُذَيفَةُ وَ أَقبَلَ جُندُ اللّهِ الأَعظَمُ فَقَامَ أَبُو سُفيَانَ إِلَي رَاحِلَتِهِ ثُمّ صَاحَ فِي قُرَيشٍ النّجَاءَ النّجَاءَ وَ قَالَ طَلحَةُ الأزَديِ‌ّ لَقَد رَادّكُم مُحَمّدٌ بِشَرّ ثُمّ قَامَ إِلَي رَاحِلَتِهِ وَ صَاحَ فِي بنَيِ‌ أَشجَعَ النّجَاءَ النّجَاءَ وَ فَعَلَ عُيَينَةُ بنُ حِصنٍ مِثلَهَا ثُمّ فَعَلَ الحَارِثُ بنُ عَوفٍ المزُنَيِ‌ّ مِثلَهَا ثُمّ فَعَلَ الأَقرَعُ بنُ حَابِسٍ مِثلَهَا وَ ذَهَبَ الأَحزَابُ وَ رَجَعَ حُذَيفَةُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ وَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّهُ كَانَ لَيُشبِهُ بِيَومِ القِيَامَةِ


صفحه : 270

بيان القر بالضم البرد والضر بالضم سوء الحال والجندل الحجارة وهي‌ أكبر من الحصي قوله النجاء قال الجزري‌ هومصدر منصوب بفعل مضمر أي أنجو النجاء وتكراره للتأكيد والنجاء السرعة ونجا من الأرض خلص وأنجاه غيره والرود الطلب

24-كا،[الكافي‌]العِدّةُ عَن سَهلٍ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن بَعضِ رِجَالِهِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ لَمّا حَفَرَ رَسُولُ اللّهِص الخَندَقَ مَرّوا بِكُديَةٍ فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللّهِص المِعوَلَ مِن يَدِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ أَو مِن يَدِ سَلمَانَ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ فَضَرَبَ بِهَا ضَربَةً فَتَفَرّقَ بِثَلَاثِ فِرقٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لَقَد فُتِحَ عَلَيّ فِي ضرَبتَيِ‌ هَذِهِ


صفحه : 271

كُنُوزُ كِسرَي وَ قَيصَرَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ يَعِدُنَا كُنُوزَ كِسرَي وَ قَيصَرَ وَ مَا يَقدِرُ أَحَدُنَا يَخرُجُ يَتَخَلّي

بيان الكدية بالضم الأرض الصلبة والضمير في أحدهما راجع إلي أبي بكر وعمر.أقول قدمضي كثير من أخبار تلك الواقعة في أبواب المعجزات . وذكر الطبرسي‌ في إعلام الوري و ابن شهرآشوب في المناقب نحوا مما مر وقالا كان غزوة الخندق في شوال سنة خمس


صفحه : 272

25- وَ قَالَ ابنُ شَهرَآشُوبَ كَانَ المُشرِكُونَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلفَ رَجُلٍ وَ المُسلِمُونَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَ كَانَ المُشرِكُونَ عَلَي الخَمرِ وَ الغِنَاءِ وَ المَدَدِ وَ الشّوكَةِ وَ المُسلِمُونَ كَأَنّ عَلَي رُءُوسِهِمُ الطّيرَ لِمَكَانِ عَمرٍو وَ النّبِيّص جَاثٍ عَلَي رُكبَتَيهِ بَاسِطٌ يَدَيهِ بَاكٍ عينيه [عَينَاهُ]ينُاَديِ‌ بِأَشجَي صَوتٍ يَا صَرِيخَ المَكرُوبِينَ يَا مُجِيبَ دَعوَةِ المُضطَرّينَ اكشِف همَيّ‌ وَ كرَبيِ‌ فَقَد تَرَي حاَليِ‌ وَ دَعَا عَلَيهِم فَقَالَ أللّهُمّ مُنزِلَ الكِتَابِ سَرِيعَ الحِسَابِ اهزِمِ الأَحزَابَ وَ كَانَت غَزوَةُ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ فِي ذيِ‌ القَعدَةِ

26- وَ قَالَ الطبّرسِيِ‌ّ لَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص مِن غَزوَةِ الأَحزَابِ وَ دَخَلَ المَدِينَةَ ضَرَبَت لَهُ ابنَتُهُ فَاطِمَةُ غَسُولًا فهَيِ‌َ تَغسِلُ رَأسَهُ إِذ أَتَاهُ جَبرَئِيلُ عَلَي بَغلَةٍ مُعتَجِراً بِعِمَامَةٍ بَيضَاءَ عَلَيهِ قَطِيفَةٌ مِن إِستَبرَقٍ مُعَلّقٌ عَلَيهَا الدّرّ وَ اليَاقُوتُ عَلَيهِ الغُبَارُ فَقَامَ رَسُولُ اللّهِص فَمَسَحَ الغُبَارَ عَن وَجهِهِ فَقَالَ لَهُ جَبرَئِيلُ رَحِمَكَ رَبّكَ وَضَعتَ السّلَاحَ وَ لَم يَضَعهُ أَهلُ السّمَاءِ مَا زِلتُ أَتّبِعُهُم حَتّي بَلَغتُ الرّوحَاءَ ثُمّ قَالَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ انهَض إِلَي إِخوَانِهِم مِن أَهلِ الكِتَابِ فَوَ اللّهِ لَأُدِقّنّهُم دَقّ البَيضَةِ عَلَي الصّخرَةِ فَدَعَا رَسُولُ اللّهِص عَلِيّاً فَقَالَ قَدّم رَايَةَ المُهَاجِرِينَ إِلَي بنَيِ‌ قُرَيظَةَ وَ قَالَ عَزَمتُ عَلَيكُم أَن لَا تُصَلّوا العَصرَ إِلّا فِي بنَيِ‌ قُرَيظَةَ فَأَقبَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ وَ مَعَهُ المُهَاجِرُونَ وَ بَنُو عَبدِ الأَشهَلِ وَ بَنُو النّجّارِ كُلّهَا لَم يَتَخَلّف عَنهُ مِنهُم أَحَدٌ وَ جَعَلَ النّبِيّص يُسَرّبُ إِلَيهِ الرّجَالَ فَمَا صَلّي بَعضُهُمُ العَصرَ إِلّا بَعدَ العِشَاءِ فَأَشرَفُوا عَلَيهِ وَ سَبّوهُ وَ قَالُوا فَعَلَ اللّهُ بِكَ وَ بِابنِ عَمّكَ وَ هُوَ وَاقِفٌ لَا يُجِيبُهُم فَلَمّا أَقبَلَ رَسُولُ اللّهِص وَ المُسلِمُونَ حَولَهُ تَلَقّاهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ قَالَ لَا تَأتِهِم يَا رَسُولَ اللّهِص جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ فَإِنّ اللّهَ سَيَجزِيهِم فَعَرَفَ رَسُولُ اللّهِص


صفحه : 273

أَنّهُم قَد شَتَمُوهُ فَقَالَ أَمَا إِنّهُم لَو رأَوَنيِ‌ مَا قَالُوا شَيئاً مِمّا سَمِعتَ وَ أَقبَلَ ثُمّ قَالَ يَا إِخوَةَ القِرَدَةِ إِنّا إِذَا نَزَلنَا بِسَاحَةِ قَومٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنذَرِينَ يَا عِبَادَ الطّوَاغِيتِ اخسَئُوا أَخسَأَكُمُ اللّهُ فَصَاحُوا يَمِيناً وَ شِمَالًا يَا أَبَا القَاسِمِ مَا كُنتَ فَحّاشاً فَمَا بَدَا لَكَ قَالَ الصّادِقُ عَلَيهِ السّلَامُ فَسَقَطَتِ العَنَزَةُ مِن يَدِهِ وَ سَقَطَ رِدَاؤُهُ مِن خَلفِهِ وَ رَجَعَ يمَشيِ‌ إِلَي وَرَائِهِ حَيَاءً مِمّا قَالَ لَهُم

27-أَقُولُ قَالَ عَبدُ الحَمِيدِ بنُ أَبِي الحَدِيدِ فِي شَرحِ نَهجِ البَلَاغَةِ،فَأَمّا الجِرَاحَةُ التّيِ‌ جَرَحَهَا يَومَ الخَندَقِ إِلَي عَمرِو بنِ عَبدٍ فَإِنّهَا أَجَلّ مِن أَن يُقَالَ جَلِيلَةٌ وَ أَعظَمُ مِن أَن يُقَالَ عَظِيمَةٌ وَ مَا هيِ‌َ إِلّا كَمَا قَالَ شَيخُنَا أَبُو الهُذَيلِ وَ قَد سَأَلَهُ سَائِلٌ أَيّمَا أَعظَمُ مَنزِلَةً عِندَ اللّهِ عَلِيّ أَم أَبُو بَكرٍ فَقَالَ يَا ابنَ أخَيِ‌ وَ اللّهِ لَمُبَارَزَةُ عَلِيّ عَمراً يَومَ الخَندَقِ تَعدِلُ أَعمَالَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ وَ طَاعَاتِهِم كُلّهَا فَضلًا عَن أَبِي بَكرٍ وَحدَهُ وَ قَد روُيِ‌َ عَن حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ مَا يُنَاسِبُ هَذَا بَل مَا هُوَ أَبلَغُ مِنهُ ثُمّ ذَكَرَ خَبَرَ حُذَيفَةَ كَمَا مَرّ فِي رِوَايَةِ المُفِيدِ رَحِمَهُ اللّهُ وَ ذَكَرَ أَكثَرَ الرّوَايَاتِ التّيِ‌ رَوَاهَا المُفِيدُ فِي هَذَا البَابِ وَ قَالَ وَ جَاءَ فِي الحَدِيثِ المَرفُوعِ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ ذَلِكَ اليَومُ حِينَ بَرَزَ إِلَيهِ بَرَزَ الإِيمَانُ كُلّهُ إِلَي الشّركِ كُلّهِ وَ فِي الحَدِيثِ المَرفُوعِ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ عِندَ قَتلِ عَمرٍو ذَهَبَ رِيحُهُم وَ لَا يَغزُونَنَا بَعدَ اليَومِ وَ نَحنُ نَغزُوهُم إِن شَاءَ اللّهُ ثُمّ سَاقَ القِصّةَ إِلَي أَن قَالَ فَقَالَ عَمرٌو مَن أَنتَ وَ كَانَ شَيخاً كَبِيراً قَد جَاوَزَ


صفحه : 274

الثّمَانِينَ وَ كَانَ نَدِيمَ أَبِي طَالِبٍ فِي الجَاهِلِيّةِ فَانتَسَبَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ لَهُ وَ قَالَ أَنَا ابنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَجَل لَقَد كَانَ أَبُوكَ نَدِيماً لِي وَ صَدِيقاً فَارجِع فإَنِيّ‌ لَا أُحِبّ أَن أَقتُلَكَ وَ كَانَ شَيخُنَا أَبُو الخَيرِ مُصَدّقُ بنُ شَبِيبٍ النحّويِ‌ّ يَقُولُ إِذَا مَرَرنَا فِي القِرَاءَةِ عَلَيهِ بِهَذَا المَوضِعِ وَ اللّهِ مَا أَمَرَهُ بِالرّجُوعِ إِبقَاءً عَلَيهِ بَل خَوفاً مِنهُ فَقَد عَرَفَ قَتلَاهُ بِبَدرٍ وَ أُحُدٍ وَ عَلِمَ أَنّهُ إِن نَاهَضَهُ قَتَلَهُ فَاستَحيَا أَن يُظهِرَ الفَشَلَ فَأَظهَرَ الإِبقَاءَ وَ إِنّهُ لَكَاذِبٌ فِيهَا ثُمّ سَاقَ القِصّةَ إِلَي أَن قَالَ لَمّا قُتِلَ عَمرٌو فَرّ أَصحَابُهُ لِيَعبُرُوا الخَندَقَ فَطَفَرَت بِهِم خَيلُهُم إِلّا نَوفَلُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَإِنّهُ قَصَرَ فَرَسُهُ فَوَقَعَ فِي الخَندَقِ فَنَزَلَ إِلَيهِ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَتَلَهُ وَ نَاوَشَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ ضِرَارَ بنَ عَمرٍو فَحَمَلَ عَلَيهِ ضِرَارٌ حَتّي إِذَا وَجَدَ عُمَرُ مَسّ الرّمحِ رَفَعَهُ عَنهُ وَ قَالَ إِنّهَا لَنِعمَةٌ مَشكُورَةٌ فَاحفَظهَا يَا ابنَ الخَطّابِ إنِيّ‌ كُنتُ آلَيتُ أَن لَا يمُكنِنَيِ‌ يدَاَي‌َ مِن قَتلِ قرُشَيِ‌ّ فَأَقتُلَهُ وَ انصَرَفَ ضِرَارٌ رَاجِعاً إِلَي أَصحَابِهِ وَ قَد كَانَ جَرَي لَهُ مَعَهُ مِثلُ هَذِهِ فِي يَومِ أُحُدٍ ذَكَرَهُمَا الواَقدِيِ‌ّ فِي كِتَابِ المغَاَزيِ‌

28-أقول و قال الكازروني‌ إن بني‌ قريظة لماحوصروا بعثوا إلي رسول الله ص أن ابعث إلينا أبالبابة عبدالمنذر أخا بني‌ عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الأوس نستشيره في أمورنا فأرسله ص إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه الصبيان


صفحه : 275

والنساء يبكون في وجهه فَرَقّ لهم فقالوا يابا لبابة أتري أن ننزل علي حكم محمد قال نعم وأشار بيده إلي حلقه أنه الذبح قال أبولبابة فو الله مازالت قدماي‌ حتي عرفت أني‌ قدخنت الله ورسوله ثم انطلق أبولبابة علي وجهه و لم يأت رسول الله ص حتي ارتبط في المسجد إلي عمود من عمده قال لاأبرح مكاني‌ حتي يتوب الله علي مما صنعت وعاهد الله لايطأ بني‌ قريظة أبدا و لايراني‌ الله في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا فلما بلغ رسول الله ص خبره وأبطأ عليه قال أماإنه لوجاءني‌ لاستغفرت له فأما إذافعل مافعل ما أنابالذي‌ أطلقه عن مكانه حتي يتوب الله عليه ثم إن الله أنزل توبة أبي لبابة علي رسول الله ص و هو في بيت أم سلمة قالت أم سلمة فسمعت رسول الله ص يضحك فقلت مم تضحك يا رسول الله أضحك الله سنك قال تيب علي أبي لبابة فقلت أ لاأبشره بذلك يا رسول الله قال بلي إن شئت قال فقامت علي باب حجرتها و ذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت يابا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك قال فثار الناس عليه ليطلقوه قال لا و الله حتي يكون رسول الله ص هو ألذي يطلقني‌ بيده فلما مر عليه رسول الله ص خارجا إلي الصبح أطلقه .


صفحه : 276

قال ثم إن ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسيد بن عبيد وهم نفر من بني‌ هذيل ليسوا من بني‌ قريظة و لاالنضير نسبهم فوق ذلك هم بنو عم القوم أسلموا تلك الليلة التي‌ نزلت فيهابنو قريظة علي حكم رسول الله ص . وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدي‌ القرظي‌ فمر بحرس رسول الله ص وعليها محمد بن مسلمة الأنصاري‌ تلك الليلة فلما رآه قال من هذا قال عمرو بن سعدي‌ و كان عمرو قدأبي أن يدخل مع بني‌ قريظة في غدرهم برسول الله ص و قال لاأغدر بمحمد أبدا فقال محمد بن مسلمة حين عرفه أللهم لاتحرمني‌ عثرات الكرام ثم خلي سبيله فخرج علي وجهه حتي بات في مسجد رسول الله ص بالمدينة تلك الليلة ثم ذهب فلايدري أين ذهب من أرض الله فذكر لرسول الله ص شأنه فقال ذاك رجل قدنجاه الله بوفائه وبعض الناس يزعم أنه كان قدأوثق برمته فيمن أوثق من بني‌ قريظة حين نزلوا فأصبحت رمته ملقاة لايدري أين ذهب فقال رسول الله ص تلك المقالة. وروي محمد بن إسحاق عن الزهري‌ أن الزبير بن باطا كان قدمر علي ثابت


صفحه : 277

بن قيس بن شماس في الجاهلية يوم بغاث فأخذه فجز ناصيته ثم خلي سبيله فجاء يوم قريظة و هوشيخ كبير فقال يابا عبدالرحمن هل تعرفني‌ قال وهل يجهل مثلي‌ مثلك قال إني‌ أريد أن أجزيك بيدك عندي‌ قال إن الكريم يجزي‌ بجزاء الكريم قال ثم أتي ثابت رسول الله ص فقال يا رسول الله قد كان للزبير عندي‌ يد و له علي منة و قدأحببت أن أجزيه بهافهب لي دمه فقال رسول الله ص هو لك فأتاه فقال له إن رسول الله قدوهب لي دمك فقال شيخ كبير لا أهل له و لاولد فما يصنع بالحياة فأتي ثابت رسول الله ص فقال يا رسول الله أهله وولده قال هم لك فأتاه فقال إن رسول الله ص أعطاني‌ امرأتك وولدك قال أهل بيت بالحجاز لامال لهم فما بقاؤهم علي ذلك فأتي ثابت رسول الله ص فقال ماله يا رسول الله ص قال هو لك فأتاه فقال إن رسول الله ص قدأعطاني‌ مالك فهو لك وفاء فقال أي ثابت مافعل ألذي كان وجهه مرآة حسنة تتراءي فيه عذاري الحي‌ كعب بن أسد قال قتل قال فما فعل سيد الحاضر والبادي‌ حيي‌ بن أخطب قال قتل قال فما فعل مقدمتنا إذاشددنا وحسامنا إذاكررنا غزال بن شمول قال قتل قال فإني‌ أسألك بيدي‌ عندك ياثابت إلا ماألحقتني‌ بالقوم فو الله ما في العيش بعدهؤلاء من خير فما أنابصابر حتي ألقي الأحبة فقدمه ثابت فضرب عنقه


صفحه : 278

ثم قسم النبي ص أموال بني‌ قريظة ونساءهم علي المسلمين ثم بعث رسول الله ص سعد بن زيد الأنصاري‌ بسبايا بني‌ قريظة إلي نجد فابتاع له بهم خيلا وسلاحا. و كان رسول الله ص قداصطفي لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة إحدي نساء بني‌ عمرو بن قريظة فكانت عند رسول الله ص حتي توفي‌ عنها وهي‌ في ملكه و قد كان رسول الله ص يحرص عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فقالت يا رسول الله بل تتركني‌ في ملكك فهو أخف علي وعليك فتركها و قدكانت حين سباها كرهت الإسلام وأبت إلااليهودية فعزلها رسول الله ص ووجد في نفسه بذلك من أمرها فبينا هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه فقال إن هذالثعلبة بن سعية يبشرني‌ بإسلام ريحانة فجاءه فقال يا رسول الله قدأسلمت ريحانة فبشر بذلك رسول الله ص .أقول سيأتي‌ بعض أخبار غزوة الخندق في باب أحوال أولاد النبي ص

29- وَ فِي الدّيوَانِ، فِي وَصفِ الظّفَرِ فِي الخَندَقِ B


صفحه : 279


وَ كَانُوا عَلَي الإِسلَامِ إِلباً ثَلَاثَةً   فَقَد خَرّ مِن تِلكَ الثّلَاثَةِ وَاحِدٌ

وَ فَرّ أَبُو عَمرٍو هُبَيرَةُ لَم يَعُد   وَ لَكِن أَخُو الحَربِ المُجَرّبِ عَائِدٌ

نَهَتهُم سُيُوفُ الهِندِ أَن يَقِفُوا لَنَا   غَدَاةَ التَقَينَا وَ الرّمَاحُ مَصَائِدُ

بيان الضمير في كانوا راجع إلي بني‌ قريظة وغطفان وقريش وألبت الجيش جمعته وهم ألب بالفتح والكسر إذاكانوا مجتمعين و ألذي خر قريش إذ قتل منهم ابن عبدود ونوفل بن عبد الله وغداة مضاف إلي الجملة. وَ مِنهُ فِي مِثلِهِ قَالَهُ يَومَ الخَندَقِ رَوَاهُ مُحَمّدُ بنُ إِسحَاقَ


الحَمدُ لِلّهِ الجَمِيلِ المُفضِلِ.   المُسبِغِ المُولِي العَطَاءِ المُجزِلِ.

شُكراً عَلَي تَمكِينِهِ لِرَسُولِهِ.   بِالنّصرِ مِنهُ عَلَي الغُوَاةِ الجُهّلِ.

كَم نِعمَةٍ لَا أَستَطِيعُ بُلُوغَهَا.   جَهداً وَ لَو أَعمَلتُ طَاقَةَ مِقوَلٍ.

لِلّهِ أَصبَحَ فَضلُهُ مُتَظَاهِراً.   مِنهُ عَلَيّ سَأَلتُ أَم لَم أَسأَلِ.

قَد عَايَنَ الأَحزَابُ مِن تَأيِيدِهِ.   جُندَ النّبِيّ وَ ذيِ‌ البَيَانِ المُرسَلِ.

مَا فِيهِ مَوعِظَةٌ لِكُلّ مُفَكّرٍ.   إِن كَانَ ذَا عَقلٍ وَ إِن لَم يَعقِلِ.

بيان المقول بالكسر اللسان واللام في لله للقسم والجند مفعول التأييد و ما فيه مفعول عاين .

وَ مِنهُ مُخَاطِباً لِعَمرِو بنِ عَبدِ وُدّ کْ


يَا عَمرُو قَد لَاقَيتَ فَارِسَ بُهمَةٍ.   عِندَ اللّقَاءِ مُعَاوِدَ الأَقدَامِ.

مِن آلِ هَاشِمٍ مِن سَنَاءٍ بَاهِرٍ.   وَ مُهَذّبِينَ مُتَوّجِينَ كِرَامٍ.

يَدعُو إِلَي دِينِ الإِلَهِ وَ نَصرِهِ.   وَ إِلَي الهُدَي وَ شَرَائِعِ الإِسلَامِ.

صفحه : 280


بِمُهَنّدٍ عَضبٍ رَقِيقٍ حَدّهُ.   ذيِ‌ رَونَقٍ يقري‌[BA]يفَريِ‌]الفِقَارَ حُسَامٍ.

وَ مُحَمّدٌ فِينَا كَأَنّ جَبِينَهُ.   شَمسٌ تَجَلّت مِن خِلَالِ غَمَامٍ.

وَ اللّهُ نَاصِرُ دِينِهِ وَ نَبِيّهِ.   وَ مُعِينُ كُلّ مُوَحّدٍ مِقدَامٍ.

شَهِدَت قُرَيشٌ وَ القَبَائِلُ كُلّهَا.   أَن لَيسَ فِيهَا مَن يَقُومُ مقَاَميِ‌.

بيان قال الجوهري‌ البهمة بالضم الفارس ألذي لايدري من أين يؤتي من شدة بأسه ويقال أيضا للجيش بهمة و منه قولهم فلان فارس بهمة وليث غابة ومعاود الأقدام أي معاود فيه ويقال الشجاع معاود


صفحه : 281

باب 81-غزوة بني‌ المصطلق في المريسيع وسائر الغزوات والحوادث إلي غزوة الحديبية

الآيات سورة المنافقين إلي آخرها.تفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي وَ إِذا قِيلَ لَهُمنزلت الآيات في عبد الله بن أبي المنافق وأصحابه و ذلك أن رسول الله ص بلغه أن بني‌ المصطلق يجمعون لحربه وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبوجويرية زوج النبي ص فلما سمع بهم رسول الله ص خرج إليهم حتي لقيهم علي ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلي الساحل فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله بني‌ المصطلق وقتل منهم من قتل ونفل رسول الله ص أبناءهم ونساءهم وأموالهم فبينا الناس علي ذلك الماء إذ وردت واردة الناس و مع عمر بن الخطاب أجير له من بني‌ غفار يقال له جهجاه بن سعيد يقود له فرسه فازدحم جهجاه وسنان الجهني‌ من بني‌ عوف


صفحه : 282

بن الخزرج علي الماء فاقتتلا فصرخ الجهني‌ يامعشر الأنصار وصرخ الغفاري‌ يامعشر المهاجرين فأعان الغفاري‌ رجل من المهاجرين يقال له جعال و كان فقيرا فقال عبد الله بن أبي لجعال وإنك لهناك فقال و مايمنعني‌ أن أفعل ذلك واشتد لسان جعال علي عبد الله فقال عبد الله و ألذي يحلف به لأذرنك ويهمك غير هذا وغضب ابن أبي وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم حديث السن فقال ابن أبي قدنافرونا وكاثرونا في بلادنا و الله مامثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل سمن كلبك يأكلك أما و الله لَئِن رَجَعنا إِلَي المَدِينَةِ لَيُخرِجَنّ الأَعَزّ مِنهَا الأَذَلّيعني‌ بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله ص ثم أقبل علي من حضره من قومه فقال هذا مافعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم أما و الله لوأمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم ولأوشكوا أن يتحولوا من بلادكم ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم فقال زيد بن أرقم أنت و الله الذليل القليل المبغض في قومك و محمد في عز من الرحمن ومودة من المسلمين و الله لاأحبك بعدكلامك هذا فقال عبد الله اسكت فإنما كنت ألعب فمشي زيد بن أرقم إلي رسول الله ص و ذلك بعدفراغه من الغزو فأخبره الخبر فأمر رسول الله ص بالرحيل وأرسل إلي عبد الله فأتاه فقال ما هذا ألذي بلغني‌ عنك فقال عبد الله و ألذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك قط و إن زيدا


صفحه : 283

لكاذب و قال من حضر من الأنصار يا رسول الله شيخنا وكبيرنا لاتصدق عليه كلام غلام من غلمان الأنصار عسي أن يكون هذاالغلام وهم في حديثه فعذره ص وفشت الملامة من الأنصار لزيد و لمااستقل رسول الله فسار لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة ثم قال يا رسول الله لقد رحت في ساعة منكرة ماكنت تروح فيها فقال له رسول الله ص أ و مابلغك ما قال صاحبكم زعم أنه إن رجع إلي المدينة أخرج الأعز منها الأذل فقال أسيد فأنت و الله يا رسول الله تخرجه إن شئت هو و الله الذليل و أنت العزيز ثم قال يا رسول الله ارفق به فو الله لقد جاء الله بك و إن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه وإنه ليري أنك قداستلبته ملكا وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه فأتي رسول الله ص فقال يا رسول الله إنه قدبلغني‌ أنك تريد قتل أبي فإن كنت لابد فاعلا فمرني‌ به فأنا أحمل إليك رأسه فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبر بوالديه مني‌ وإني‌ أخشي أن تأمر به غيري‌ فيقتله فلاتدعني‌ نفسي‌ أن أنظر إلي قاتل عبد الله بن أبي أن يمشي‌ في الناس فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار فقال ص بل ترفق به وتحسن صحبته مابقي‌ معنا.قالوا وسار رسول الله ص بالناس يومهم ذلك حتي أمسي وليلتهم حتي أصبح وصدر يومهم ذلك حتي آذتهم الشمس ثم نزل بالناس فلم يكن إلا أن


صفحه : 284

وجدوا مس الأرض وقعوا نياما وإنما فعل ذلك ليشتغل الناس عن الحديث ألذي خرج من ابن أبي ثم راح بالناس حتي نزل علي ماء بالحجاز فويق البقيع يقال له بقعاء فهاجت ريح شديدة آذتهم وتخوفوها وضلت ناقة رسول الله و ذلك ليلا فقال ص مات اليوم منافق عظيم النفاق بالمدينة قيل من هو قال رفاعة فقال رجل من المنافقين كيف يزعم أنه يعلم الغيب و لايعلم مكان ناقته أ لايخبره ألذي يأتيه بالوحي‌ فأتاه جبرئيل فأخبره بقول المنافق وبمكان الناقة وأخبر رسول الله بذلك أصحابه و قال ماأزعم أني‌ أعلم الغيب و ماأعلمه ولكن الله تعالي أخبرني‌ بقول المنافق وبمكان ناقتي‌ هي‌ في الشعب فإذاهي‌ كما قال فجاءوا بها وآمن ذلك المنافق فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد في التابوت أحد بني‌ قينقاع و كان من عظماء اليهود قدمات ذلك اليوم . قال زيد بن أرقم فلما وافي رسول الله ص المدينة جلست في البيت لمابي‌ من الهم والحياء فنزلت سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبد الله ثم أخذ رسول الله ص بأذن زيد فرفعه عن الرحل ثم قال ياغلام صدق فوك ووعت أذناك ووعي قلبك و قدأنزل الله فيما قلت قرآنا. و كان عبد الله بن أبي بقرب المدينة فلما أراد أن يدخلها جاء ابنه عبد الله بن عبد الله حتي أناخ علي مجامع طرق المدينة فقال ما لك ويلك قال و الله لاتدخلها إلابإذن رسول الله ص ولتعلمن اليوم من الأعز و من الأذل فشكا عبد الله ابنه إلي رسول الله ص فأرسل إليه أن خل عنه يدخل فقال أما إذاجاء أمر رسول الله فنعم فدخل فلم يلبث إلاأياما قلائل حتي اشتكي ومات فلما نزلت هذه الآيات وبان كذب عبد الله قيل له إنه نزل فيك آي‌ شداد فاذهب إلي


صفحه : 285

رسول الله ص يستغفر لك فلوي رأسه ثم قال أمرتموني‌ أن أومن فقد آمنت وأمرتموني‌ أن أعطي‌ زكاة مالي‌ فقد أعطيت فما بقي‌ إلا أن أسجد لمحمد فنزل وَ إِذا قِيلَ لَهُم تَعالَوا أي هلموايَستَغفِر لَكُم رَسُولُ اللّهِ لَوّوا رُؤُسَهُم أي أكثروا تحريكها استهزاء وقيل أمالوها إعراضا عن الحق وَ رَأَيتَهُم يَصُدّونَ عن سبيل الحق وَ هُم مُستَكبِرُونَمظهرون أنه لاحاجة لهم إلي استغفاره سَواءٌ عَلَيهِم أَستَغفَرتَ لَهُم أَم لَم تَستَغفِر لَهُم أي يتساوي الاستغفار لهم وعدمه لَن يَغفِرَ اللّهُ لَهُملأنهم يبطنون الكفرإِنّ اللّهَ لا يهَديِ‌ القَومَ الفاسِقِينَ أي لايهدي‌ القوم الخارجين عن الدين والإيمان إلي طريق الجنة قال الحسن أخبره سبحانه أنهم يموتون علي الكفر فلم يستغفر لهم هُمُ الّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلي مَن عِندَ رَسُولِ اللّهِ من المؤمنين المحتاجين حَتّي يَنفَضّوا أي يتفرقوا عنه وَ لِلّهِ خَزائِنُ السّماواتِ وَ الأَرضِ و مابينهما من الأرزاق والأموال والأعلاق فلو شاء لأغناهم ولكنه تعالي يفعل ما هوالأصلح لهم ويمتحنهم بالفقر ويتعبدهم بالصبر ليصبروا فيؤجروا وينالوا الثواب وكريم المآب وَ لكِنّ المُنافِقِينَ لا يَفقَهُونَ ذلك لجهلهم بوجوه الحكمةيَقُولُونَ لَئِن رَجَعنا إِلَي المَدِينَةِ من غزوة بني‌ المصطلق لَيُخرِجَنّ الأَعَزّيعنون نفوسهم مِنهَا الأَذَلّيعنون رسول الله ص و المؤمنين وَ لِلّهِ العِزّةُ وَ لِرَسُولِهِبإعلاء الله كلمته وإظهار دينه علي الأديان وَ لِلمُؤمِنِينَبنصرته إياهم في الدنيا وإدخالهم الجنة في العقبي‌وَ لكِنّ المُنافِقِينَ لا يَعلَمُونَفيظنون أن العزة لهم

1-فس ،[تفسير القمي‌]إِذا جاءَكَ المُنافِقُونَ قالُوا نَشهَدُ إِنّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَ اللّهُ يَعلَمُ إِنّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللّهُ يَشهَدُ إِنّ المُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ قَالَ نَزَلَت فِي غَزوَةِ المُرَيسِيعِ وَ هيِ‌َ غَزوَةُ بنَيِ‌ المُصطَلِقِ فِي سَنَةِ خَمسٍ مِنَ الهِجرَةِ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص خَرَجَ إِلَيهَا


صفحه : 286

فَلَمّا رَجَعَ مِنهَا نَزَلَ عَلَي بِئرٍ وَ كَانَ المَاءُ قَلِيلًا فِيهَا وَ كَانَ أَنَسُ بنُ سَيّارٍ حَلِيفَ الأَنصَارِ وَ كَانَ جَهجَاهُ بنُ سَعِيدٍ الغفِاَريِ‌ّ أَجِيراً لِعُمَرَ بنِ الخَطّابِ فَاجتَمَعُوا عَلَي البِئرِ فَتَعَلّقَ دَلوُ سَيّارٍ بِدَلوِ جَهجَاهٍ فَقَالَ سَيّارٌ دلَويِ‌ وَ قَالَ جَهجَاهٌ دلَويِ‌ فَضَرَبَ جَهجَاهٌ يَدَهُ عَلَي وَجهِ سَيّارٍ فَسَالَ مِنهُ الدّمُ فَنَادَي سَيّارٌ بِالخَزرَجِ وَ نَادَي جَهجَاهٌ بِالقُرَيشِ وَ أَخَذَ النّاسُ السّلَاحَ وَ كَادَ أَن تَقَعَ الفِتنَةُ فَسَمِعَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ النّدَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا فَأَخبَرُوهُ الخَبَرَ فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً ثُمّ قَالَ قَد كُنتُ كَارِهاً لِهَذَا المَسِيرِ إنِيّ‌ لَأُذِلّ العَرَبَ مَا ظَنَنتُ أنَيّ‌ أَبقَي إِلَي أَن أَسمَعَ مِثلَ هَذَا فَلَا يَكُونُ عنِديِ‌ تَغيِيرٌ ثُمّ أَقبَلَ عَلَي أَصحَابِهِ فَقَالَ هَذَا عَمَلُكُم أَنزَلتُمُوهُم مَنَازِلَكُم وَ وَاسَيتُمُوهُم بِأَموَالِكُم وَ وَقَيتُمُوهُم بِأَنفُسِكُم وَ أَبرَزتُم نُحُورَكُم لِلقَتلِ فَأَرمَلَ نِسَاءَكُم وَ أَيتَمَ صِبيَانَكُم وَ لَو أَخرَجتُمُوهُم لَكَانُوا عِيَالًا عَلَي غَيرِكُم ثُمّ قَالَلَئِن رَجَعنا إِلَي المَدِينَةِ لَيُخرِجَنّ الأَعَزّ مِنهَا الأَذَلّ وَ كَانَ فِي القَومِ زَيدُ بنُ أَرقَمَ وَ كَانَ غُلَامٌ قَد رَاهَقَ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص فِي ظِلّ شَجَرَةٍ فِي وَقتِ الهَاجِرَةِ وَ عِندَهُ قَومٌ مِن أَصحَابِهِ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ فَجَاءَ زَيدٌ فَأَخبَرَهُ بِمَا قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لَعَلّكَ وَهَمتَ يَا غُلَامُ قَالَ لَا وَ اللّهِ مَا وَهَمتُ فَقَالَ فَلَعَلّكَ غَضِبتَ عَلَيهِ قَالَ لَا وَ اللّهِ مَا غَضِبتُ عَلَيهِ قَالَ فَلَعَلّهُ سَفِهَ عَلَيكَ قَالَ لَا وَ اللّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص


صفحه : 287

لِشُقرَانَ مَولَاهُ احدِج فَحَدَجَ رَاحِلَتَهُ وَ رَكِبَ وَ تَسَامَعَ النّاسُ بِذَلِكَ فَقَالُوا مَا كَانَ رَسُولُ اللّهِص لِيَرحَلَ فِي مِثلِ هَذَا الوَقتِ فَرَحَلَ النّاسُ وَ لَحِقَهُ سَعدُ بنُ عُبَادَةَ فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ وَ عَلَيكُمُ السّلَامُ فَقَالَ مَا كُنتَ لِتَرحَلَ فِي مِثلِ هَذَا الوَقتِ فَقَالَ أَ وَ مَا سَمِعتَ قَولًا قَالَ صَاحِبُكُم قَالَ وَ أَيّ صَاحِبٍ لَنَا غَيرُكَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ زَعَمَ أَنّهُ إِن رَجَعَ إِلَي المَدِينَةِلَيُخرِجَنّ الأَعَزّ مِنهَا الأَذَلّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ فَأَنتَ وَ أَصحَابُكَ الأَعَزّ وَ هُوَ وَ أَصحَابُهُ الأَذَلّ فَسَارَ رَسُولُ اللّهِ يَومَهُ كُلّهُ لَا يُكَلّمُهُ أَحَدٌ فَأَقبَلَتِ الخَزرَجُ عَلَي عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ يَعذِلُونَهُ فَحَلَفَ عَبدُ اللّهِ أَنّهُ لَم يَقُل شَيئاً مِن ذَلِكَ فَقَالُوا فَقُم بِنَا إِلَي رَسُولِ اللّهِص حَتّي تَعتَذِرَ إِلَيهِ فَلَوّي عُنُقَهُ فَلَمّا جَنّ اللّيلُ سَارَ رَسُولُ اللّهِص لَيلَهُ كُلّهُ وَ النّهَارَ فَلَم يَنزِلُوا إِلّا لِلصّلَاةِ فَلَمّا كَانَ مِنَ الغَدِ نَزَلَ رَسُولُ اللّهِص وَ نَزَلَ أَصحَابُهُ وَ قَد أَمهَدَهُمُ الأَرضُ مِنَ السّهَرِ ألّذِي أَصَابَهُم فَجَاءَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَحَلَفَ لَهُ أَنّهُ لَم يَقُل ذَلِكَ وَ إِنّهُ لَيَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَإِنّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَ إِنّ زَيداً قَد كَذَبَ عَلَيّ فَقَبِلَ رَسُولُ اللّهِ مِنهُ وَ أَقبَلَتِ الخَزرَجُ عَلَي زَيدِ بنِ أَرقَمَ يَشتِمُونَهُ وَ يَقُولُونَ لَهُ كَذَبتَ عَلَي عَبدِ اللّهِ سَيّدِنَا فَلَمّا رَحَلَ رَسُولُ اللّهِص كَانَ زَيدٌ مَعَهُ يَقُولُ أللّهُمّ إِنّكَ لَتَعلَمُ أنَيّ‌ لَم أَكذِب عَلَي عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ فَمَا سَارَ إِلّا قَلِيلًا حَتّي أَخَذَ رَسُولَ اللّهِص مَا كَانَ يَأخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ عِندَ نُزُولِ الوحَي‌ِ عَلَيهِ فَثَقُلَ حَتّي كَادَت نَاقَتُهُ تَبَرّكَ مِن ثِقَلِ الوحَي‌ِ فسَرُيّ‌َ عَن رَسُولِ اللّهِص وَ هُوَ يَسلِتُ العَرَقَ عَن جَبهَتِهِ ثُمّ أَخَذَ بِأُذُنِ زَيدٍ فَرَفَعَهُ مِنَ الرّحلِ ثُمّ قَالَ يَا غُلَامُ صَدَقَ قَولُكَ وَ وَعَي قَلبُكَ وَ أَنزَلَ اللّهُ فِيمَا قُلتَ قُرآناً فَلَمّا نَزَلَ جَمَعَ أَصحَابَهُ وَ قَرَأَ عَلَيهِم سُورَةَ المُنَافِقِينَ


صفحه : 288

بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ إِذا جاءَكَ المُنافِقُونَ قالُوا نَشهَدُ إِنّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَ اللّهُ يَعلَمُ إِنّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللّهُ يَشهَدُ إِنّ المُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ اتّخَذُوا أَيمانَهُم جُنّةً فَصَدّوا عَن سَبِيلِ اللّهِ إِنّهُم ساءَ ما كانُوا يَعمَلُونَ إِلَي قَولِهِوَ لكِنّ المُنافِقِينَ لا يَعلَمُونَفَفَضَحَ اللّهُ عَبدَ اللّهِ بنَ أُبَيّ

حَدّثَنَا مُحَمّدُ بنُ أَحمَدَ بنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدّثَنَا أَحمَدُ بنُ مِيثَمٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ قَالَ سَارَ رَسُولُ اللّهِص يَوماً وَ لَيلَةً وَ مِنَ الغَدِ حَتّي ارتَفَعَ الضّحَي فَنَزَلَ وَ نَزَلَ النّاسُ فَرَمَوا بِأَنفُسِهِم نِيَاماً وَ إِنّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللّهِص أَن يَكُفّ النّاسَ عَنِ الكَلَامِ وَ إِنّ وَلَدَ عَبدِ اللّهِ بنِ أُبَيّ أَتَي رَسُولَ اللّهِص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إِن كُنتَ عَزَمتَ عَلَي قَتلِهِ فمَرُنيِ‌ أَن أَكُونَ أَنَا ألّذِي أَحمِلُ إِلَيكَ رَأسَهُ فَوَ اللّهِ لَقَد عَلِمَتِ الأَوسُ وَ الخَزرَجُ أنَيّ‌ أَبَرّهُم وَلَداً بِوَالِدٍ فإَنِيّ‌ أَخَافُ أَن تَأمُرَ غيَريِ‌ فَيَقتُلَهُ فَلَا تَطِيبَ نفَسيِ‌ أَن أَنظُرَ إِلَي قَاتِلِ عَبدِ اللّهِ فَأَقتُلَ مُؤمِناً بِكَافِرٍ فَأَدخُلَ النّارَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص بَل نَحنُ لَكَ صَاحِبُهُ مَا دَامَ مَعَنَا وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الجَارُودِ عَن أَبِي جَعفَرٍ عَلَيهِ السّلَامُ

فِي قَولِهِكَأَنّهُم خُشُبٌ مُسَنّدَةٌ يَقُولُ لَا يَسمَعُونَ وَ لَا يَعقِلُونَ قَولُهُيَحسَبُونَ كُلّ صَيحَةٍ عَلَيهِميعَنيِ‌ كُلّ صَوتٍهُمُ العَدُوّ فَاحذَرهُم قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّي يُؤفَكُونَ فَلَمّا نَعَتَهُمُ اللّهُ لِرَسُولِهِ وَ عَرَفَهُ مَشَي إِلَيهِم عَشَائِرُهُم فَقَالُوا لَهُم قَدِ افتَضَحتُم وَيلَكُم فَأتُوا نبَيِ‌ّ اللّهِ يَستَغفِر لَكُم فَلَوّوا رُءُوسَهُم وَ زَهِدُوا فِي الِاستِغفَارِ


صفحه : 289

يَقُولُ اللّهُوَ إِذا قِيلَ لَهُم تَعالَوا يَستَغفِر لَكُم رَسُولُ اللّهِ لَوّوا رُؤُسَهُم

بيان قال الفيروزآبادي‌ المريسيع مصغر مرسوع بئر أوماء لخزاعة علي يوم من الفرع و إليه تضاف غزوة بني‌ المصطلق و قال الجزري‌ الحدج شد الأحمال وتوثيقها وشد الحداجة وهي‌ القتب بأداته والعذل الملامة كالتعذيل قوله و قدأمهدهم الأرض أي صارت لهم مهادا فلما وقعوا عليها ناموا وبرحاء الحمي وغيرها شدة الأذي وسري‌ عنه الهم علي بناء المجهول مشددا وانسري انكشف ويقال سلت الدم أماطه

2-شا،[الإرشاد] ثُمّ كَانَ مِن بَلَائِهِص ببِنَيِ‌ المُصطَلِقِ مَا اشتَهَرَ عِندَ العُلَمَاءِ وَ كَانَ الفَتحُ لَهُ فِي هَذِهِ الغَزَاةِ بَعدَ أَن أُصِيبَ يَومَئِذٍ نَاسٌ مِن بنَيِ‌ عَبدِ المُطّلِبِ فَقَتَلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ رَجُلَينِ مِنَ القَومِ وَ هُمَا مَالِكٌ وَ ابنُهُ وَ أَصَابَ رَسُولُ اللّهِص مِنهُم سَبياً كَثِيراً وَ قَسَمَهُ فِي المُسلِمِينَ وَ كَانَ مِمّن أُصِيبَ يَومَئِذٍ مِنَ السّبَايَا جُوَيرِيَةُ بِنتُ الحَارِثِ أَبِي ضِرَارٍ وَ كَانَ شِعَارُ المُسلِمِينَ يَومَ بنَيِ‌ المُصطَلِقِ يَا مَنصُورُ أَمِت وَ كَانَ ألّذِي سَبَي جُوَيرِيَةَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَجَاءَ بِهَا إِلَي النّبِيّص فَاصطَفَاهَا النّبِيّص فَجَاءَ أَبُوهَا إِلَي النّبِيّص بَعدَ إِسلَامِ بَقِيّةِ القَومِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ ابنتَيِ‌ لَا تُسبَي لِأَنّهَا امرَأَةٌ كَرِيمَةٌ فَقَالَ لَهُ اذهَب فَخَيّرهَا قَالَ أَحسَنتَ


صفحه : 290

وَ أَجمَلتَ وَ جَاءَ إِلَيهَا أَبُوهَا فَقَالَ لَهَا يَا بُنَيّةُ لَا تفَضحَيِ‌ قَومَكِ فَقَالَت قَدِ اختَرتُ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا فَعَلَ اللّهُ بِكِ وَ فَعَلَ فَأَعتَقَهَا رَسُولُ اللّهِص وَ جَعَلَهَا فِي جُملَةِ أَزوَاجِهِ

3-عم ،[إعلام الوري ]كانت بعدغزوة بني‌ قريظة غزوة بني‌ المصطلق من خزاعة ورأسهم الحارث بن أبي ضرار و قدتهيأ للمسير إلي رسول الله ص وهي‌ غزوة المريسيع و هوماء وقعت في شعبان سنة خمس وقيل في شعبان سنة ست و الله أعلم قالت جويرية بنت الحارث زوجة الرسول أتانا رسول الله ص ونحن علي المريسيع فأسمع أبي و هو يقول أتانا ما لاقبل لنا به قالت وكنت أري من الناس والخيل والسلاح ما لاأصف من الكثرة فلما أن أسلمت وتزوجني‌ رسول الله ص ورجعنا جعلت أنظر إلي المسلمين فليسوا كماكنت أراه فعرفت أنه رعب من الله عز و جل يلقيه في قلوب المشركين قالت ورأيت قبل قدوم النبي ص بثلاث ليال كأن القمر يسير من يثرب حتي وقع في حجري‌ فكرهت أن أخبر بهاأحدا من الناس فلما سبينا رجوت الرؤيا فأعتقني‌ رسول الله ص وتزوجني‌ وأمر رسول الله ص أصحابه أن يحملوا عليهم حملة رجل واحد فما أفلت منهم إنسان وقتل عشرة منهم وأسر سائرهم و كان شعار المسلمين يومئذ يامنصور أمت وسبي رسول الله ص الرجال والنساء والذراري‌ والنعم والشاء فلما بلغ الناس أن رسول الله ص تزوج جويرية بنت الحارث قالوا أصهار رسول الله ص فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني‌ المصطلق فما علم امرأة أعظم بركة علي قومها منها.


صفحه : 291

و في هذه الغزوة قال عبد الله بن أبي لَئِن رَجَعنا إِلَي المَدِينَةِ لَيُخرِجَنّ الأَعَزّ مِنهَا الأَذَلّ وأنزلت الآيات . و فيهاكانت قصة إفك عائشة. وبعث رسول الله ص في سنة ست في شهر ربيع الأول عكاشة بن محصن في أربعين رجلا إلي الغمرة وبكر القوم فهربوا وأصاب مائتي‌ بعير لهم فساقها إلي المدينة. و فيهابعث أباعبيدة بن الجراح إلي القصة في أربعين رجلا فأغار عليهم وأعجزهم هربا في الجبال وأصابوا رجلا واحدا فأسلم .


صفحه : 292

و فيهاكانت سرية زيد بن حارثة إلي الجموم من أرض بني‌ سليم فأصابوا نعما وشاء وأسري . و فيهاكانت سرية زيد بن حارثة إلي العيص في جمادي الأولي . و فيهاسرية زيد بن حارثة إلي الطرف إلي بني‌ ثعلبة في خمسة عشر رجلا فهربوا وأصاب منهم عشرين بعيرا.


صفحه : 293

و فيهاكانت غزوة علي بن أبي طالب عليه السلام إلي بني‌ عبد الله بن سعد من أهل فدك و ذلك أنه بلغ رسول الله ص أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر. و فيهاسرية عبدالرحمن بن عوف إلي دومة الجندل في شعبان و قال له رسول الله ص إن أطاعوا فتزوج ابنة ملكهم فأسلم القوم وتزوج عبدالرحمن


صفحه : 294

تماضر بنت الأصبغ و كان أبوها رأسهم وملكهم . و فيهابعث رسول الله ص في قول الواقدي‌ إلي العرينين الذين قتلوا راعي‌ رسول الله ص واستاقوا الإبل عشرين فارسا فأتي‌ بهم فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركوا بالحرة حتي ماتوا. و عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ص دعا عليهم فقال أللهم أعم عليهم الطريق قال فعمي‌ عليهم الطريق . و فيهاأخذت أموال أبي العاص بن الربيع و قدخرج تاجرا إلي الشام ومعه بضائع قريش فلقيته سرية لرسول الله واستاقوا عيره وأفلت وقدموا علي رسول الله ص فقسمه بينهم وأتي أبوالعاص فاستجار بزينب بنت رسول الله ص وسألها أن تطلب من رسول الله ص رد ماله عليه و ما كان معه من أموال الناس فدعا رسول الله ص السرية و قال إن هذا الرجل منا بحيث قدعلمتم فإن رأيتم تردوا عليه فافعلوا فردوا عليه ماأصابوا ثم خرج وقدم مكة ورد علي الناس بضائعهم ثم قال أما و الله مامنعني‌ أن أسلم قبل أن أقدم عليكم إلاتوقيا


صفحه : 295

أن تظنوا أني‌ أسلمت لأذهب بأموالكم وإني‌ أشهد أن لاإله إلا الله و أن محمدا عبده ورسوله

4-أقول قال الكازروني‌ في حوادث السنة الخامسة في هذه السنة كانت غزاة المريسيع و ذلك أن بني‌ المصطلق كانوا ينزلون علي بئر يقال لها المريسيع و كان سيدهم الحارث بن أبي ضرار فسار في قومه و من قدر عليه فدعاهم إلي حرب رسول الله ص فأجابوه وتهيئوا للمسير معه فبلغ ذلك رسول الله ص فأرسل بريدة بن الحصيب ليعلم علم ذلك فأتاهم ولقي‌ الحارث بن أبي ضرار وكلمه ورجع إلي رسول الله ص فأخبره فندب رسول الله ص الناس إليهم فأسرعوا الخروج ومعهم ثلاثون فرسا وخرج معهم جماعة من المنافقين واستخلف رسول الله ص علي المدينة زيد بن حارثة وخرج يوم الإثنين لليلتين خلتا من شعبان وبلغ الحارث بن أبي ضرار و من معه مسير رسول الله ص و أنه قتل عينه ألذي كان يأتيه بخبر رسول الله ص فسي‌ء بذلك وخاف وتفرق من معه من العرب وانتهي رسول الله ص إلي المريسيع وضرب عليه قبته ومعه عائشة وأم سلمة فتهيئوا للقتال وصف رسول الله ص وأصحابه فتراموا بالنبل ساعة ثم أمر رسول الله ص أصحابه فحملوا حملة رجل واحد فقتل عشرة من العدو وأسر الباقون وسبي رسول الله ص الرجال والنساء والذرية والنعم والشاء وكانت الإبل ألفي‌ بعير والشاء خمسة آلاف والسبي‌ مائتي‌ أهل بيت سوي رجل واحد و لمارجع


صفحه : 296

المسلمون بالسبي‌ قدم أهاليهم فافتدوهم وخلصت جويرة بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس و ابن عم له فكاتباها فسألت رسول الله ص في كتابتها فأدي عنها وتزوجها وسماها برة وقيل إنه جعل صداقها عتق أربعين من قومها وبعث رسول الله ص أبانضلة الطائي‌ بشيرا إلي المدينة بفتح المريسيع . وروي‌ عن عائشة أنها قالت أصاب رسول الله ص نساء بني‌ المصطلق فأخرج الخمس منه ثم قسمه بين الناس فأعطي الفارس سهمين فوقعت جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس وكانت تحت ابن عم لها يقال له صفوان بن مالك فقتل عنها وكاتبها ثابت بن قيس علي تسع أواق وكانت امرأة حلوة لايكاد يراها أحد إلاأخذت بنفسه فبينا النبي ص عندي‌ إذ دخلت عليه جويرية تسأله في كتابتها فو الله ما هو إلا أن رأيتها فكرهت دخولها علي النبي ص وعرفت أنه سيري منها مثل ألذي رأيت فقالت يا رسول الله أناجويرية بنت الحارث سيد قومه و قدأصابني‌ من الأمر ما قدعلمت فوقعت في سهم ثابت بن قيس وكاتبني‌ علي تسع أواق فأعني‌ في فكاكي‌ فقال أ وخير من ذلك فقالت و ما هو فقال أؤدي‌ عنك كتابتك وأتزوجك فقالت نعم يا رسول الله فقال قدفعلت وخرج الخبر إلي الناس فقالوا أصهار رسول الله ص يسترقون فأعتقوا ما كان في أيديهم من نساء بني‌ المصطلق فبلغ عتقهم مائة أهل بيت بتزويجه إياها و لاأعلم امرأة أعظم بركة علي قومها منها.


صفحه : 297

و في هذه الغزاة نزلت آية التيمم . و فيها كان حديث الإفك . و فيهاتزوج رسول الله ص زينب بنت جحش بن رباب وأمها أميمة بنت عبدالمطلب وكانت ممن هاجر مع رسول الله ص فخطبها رسول الله ص لزيد فقالت لاأرضاه لنفسي‌ قال فإني‌ قدرضيته لك فتزوجها زيد بن حارثة ثم تزوجها رسول الله ص لهلال ذي‌ القعدة سنة خمس من الهجرة وهي‌ يومئذ بنت خمس وثلاثين سنة.


صفحه : 298

أقول ستأتي‌ قصتها في أبواب أحوال أزواجه ص . ثم قال و في هذه السنة في ذي‌ الحجة ركب رسول الله ص فرسا إلي الغابة فسقط عنه فجحش فخذه الأيمن فأقام في البيت خمسا يصلي‌ قاعدا. و في هذه السنة نزلت فريضة الحج وأخره رسول الله ص من غيرمانع فإنه خرج إلي مكة سنة سبع لقضاء العمرة و لم يحج وفتح مكة سنة ثمان وبعث أبابكر علي الحاج سنة تسع وحج رسول الله سنة عشر. و قال عندذكر حوادث السنة السادسة فيهازار رسول الله ص أمه مرجعه من غزاة بني‌ لحيان وكانوا بناحية عسفان وكانت في ربيع الأول سنة ست فسمعت بنو لحيان فهربوا في رءوس الجبال فلم يقدروا علي أحد منهم فجاز علي قبر أمه . و فيهاكانت غزاة رسول الله ص الغابة وهي‌ علي بريد من المدينة بطريق الشام في ربيع الأول روي‌ عن سلمة بن الأكوع قال خرجت قبل أن يؤذن بالأولي وكانت لقاح رسول الله ص ترعي بذي‌ قرد قال فلقيني‌ غلام لعبد الرحمن بن عوف فقال أخذت لقاح رسول الله ص فقلت من أخذها قال غطفان قال فصرخت ثلاث صرخات ياصباحاه فأسمعت ما بين لابتي‌ المدينة ثم اندفعت علي وجهي‌ حتي أدركتهم و قدأخذوا يستقون من الماء فجعلت أرميهم بنبل وكنت راميا وأقول


أنا ابن الأكوع   . واليوم يوم الرضع .

وأرتجز حتي استنقذت اللقاح منهم واستلبت منهم ثلاثين بردة قال وجاء النبي ص و الناس فقلت يا رسول الله قدحميت الماء وهم عطاش فابعث إليهم


صفحه : 299

الساعة فقال يا ابن الأكوع إذاملكت فأسجح قال ثم رجعنا ويردفني‌ رسول الله ص علي ناقته حتي دخلنا المدينة. و في هذه السنة صلي رسول الله ص صلاة الاستسقاء بالإسناد عن الزهري‌ عن أنس قال قحل الناس علي عهد رسول الله ص فأتاه المسلمون فقالوا يا رسول الله قحط المطر ويبس الشجر وهلكت المواشي‌ وأسنت الناس فاستسق لنا ربك عز و جل فقال إذا كان يوم كذا وكذا فاخرجوا وأخرجوا معكم بصدقات قال فلما كان ذلك اليوم خرج رسول الله ص و الناس معه يمشي‌ ويمشون عليهم السكينة والوقار حتي أتوا المصلي فتقدم النبي ص فصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة و كان ص يقرأ في العيدين والاستسقاء في الأولي بفاتحة الكتاب والأعلي و في الثانية بفاتحة الكتاب والغاشية فلما قضي صلاته استقبل القوم بوجهه وقلب رداءه لكي‌ ينقلب القحط إلي الخصب ثم جثا علي ركبتيه ورفع يديه وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي‌ ثم قال أللهم اسقنا وأغثنا غيثا مغيثا وحيا ربيعا وجدا طبقا غدقا مغدقا عاما هنيئا مريئا مريعا وابلا شاملا مسبلا مجلجلا دائما دررا نافعا غيرضار عاجلا غيررائث غيثا أللهم تحيي‌ به البلاد وتغيث به العباد وتجعله بلاغا للحاضر منا والباد أللهم أنزل في أرضنا زينتها وأنزل عليها سكنها أللهم أنزل علينا من السماء ماء طهورا تحيي‌ به بلدة ميتا واسقه مما خلقت أَنعاماً وَ أنَاسيِ‌ّ كَثِيراً قال فما برحنا حتي أقبل قزع من السحاب فالتأم بعضه إلي بعض ثم مطرت عليهم سبعة أيام ولياليهن لاتقلع عن المدينة فأتاه


صفحه : 300

المسلمون فقالوا يا رسول الله قدغرقت الأرض وتهدمت البيوت وانقطعت السبل فادع الله تعالي أن يصرفها عنها فضحك رسول الله ص و هو علي المنبر حتي بدت نواجذه تعجبا لسرعة ملالة ابن آدم ثم رفع يديه ثم قال حوالينا و لاعلينا أللهم علي رءوس الظراب ومنابت الشجر وبطون الأودية وظهور الآكام فتصدعت عن المدينة حتي كانت في مثل الترس عليها كالفسطاط تمطر مراعيها و لاتمطر فيهاقطرة. و في بعض الروايات أنه لماصارت المدينة كالفسطاط ضحك رسول الله ص حتي بدت نواجذه ثم قال لله أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه من ألذي ينشدنا قوله فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال يا رسول الله كأنك أردت


وأبيض يستسقي الغمام بوجهه .   ثمال اليتامي عصمة للأرامل .

يلوذ به الهلاك من آل هاشم .   فهم عنده في نعمة وفواضل .

كذبتم وبيت الله يبزي محمد.   و لمانقاتل دونه ونناضل .

ونسلمه حتي نصرع حوله .   ونذهل عن أبنائنا والحلائل .

فقال رسول الله ص أجل فقام رجل من كنانة فقال


لك الحمد والشكر ممن شكر.   سقينا بوجه النبي المطر.

دعا الله خالقه دعوة.   إليه وأشخص منه البصر.

فلم يك إلاكإلقا الردا.   وأسرع حتي رأينا المطر.

دفاق العزائل جم البعاق .   أغاث به الله عليا مضر.

و كان كماقاله عمه .   أبوطالب أبيض ذو غرر.

صفحه : 301


به الله يسقي‌ صوب الغمام .   و هذاالعيان لذاك الخبر.

فمن يشكر الله يلقي المزيد.   و من يكفر الله يلقي الغير.

فقال رسول الله ص إن يك شاعر أحسن فقد أحسنت .بيان الجحش سحج الجلد أي تقشره قوله يوم الرضع بضم الراء وتشديد الضاد جمع راضع و هواللئيم أي خذ الرمية واليوم يوم هلاك اللئام قوله فأسجح أي فسهل وأحسن العفو قوله قحل الناس قال الجزري‌ أي يبسوا من شدة القحط و قدقحل يقحل قحلا إذاالتزق جلده بعظمه من الهزال . وأسنت الناس أي دخلوا في السنة وهي‌ القحط والحيا مقصورا المطر وقيل الخصب و مايحيا به الناس والجدا بالقصر أيضا المطر العام والطبق ألذي يطبق الأرض أي يعم وجهها والغدق الكبير القطر. قوله ص مريعا أي عاما يغني‌ عن الارتياد والنجعة فالناس يربعون حيث شاءوا أي يقيمون و لايحتاجون إلي الانتقال في طلب الكلإ أو من أربع الغيث إذاأنبت الربيع ويروي مرتعا بالتاء المثناة من فوق من رتعت الإبل إذارعت وأرتعها الله أي أنبت لها ماترتع فيه والوابل المطر الشديد الكبير القطر والمسبل من السبل و هوالمطر أيضا والمجلل ألذي يستر الأرض بمائه أوبالنبات ألذي ينبت بمائه كأنه يكسوها ذلك قوله ص دائما و في بعض النسخ ديما وهي‌ جمع ديمة وهي‌ مطر يدوم في سكون والدرر جمع الدرة ودرة السحاب صبه والرائث البطي‌ء. قوله بلاغا أي مايكفي‌ أهل حضرنا وبدونا وزينة الأرض حياتها بنباتها والسكن القوت ألذي يسكن به في الدار كالنزل و هوالطعام ألذي ينزل عليه ويكتفي به .


صفحه : 302

قوله حوالينا في موضع نصب أي أمطر حوالينا و لاتمطر علينا والظراب جمع ظرب ككتف وهي‌ الجبال الصغار والقزع بالتحريك قطع من السحاب رقيقة الواحدة قزعة و هو مايفرق بين جمعه وواحده بالتاء كمايقال سحاب وسحابة و قوله عليها أي علي المدينة وكلمة في كأنها زائدة أي حتي كانت المدينة أوالسماء مثل الترس وسط السحاب والسحاب عليها كالفسطاط وهي‌ الخيمة والثمال بالكسر الملجأ والغياث أوالمطعم في الشدة وعصمة للأرامل أي يمنعهن من الضياع والحاجة ويبزي أي يقهر ويغلب . قوله ممن شكر أي ألذي يحمد الله إنما يشكره بما أولاه من نعمه أوالحمد بتوفيق الله ألذي شكر من عباده العمل اليسير في جنب النعمة الكثيرة قوله إليه أي إلي إنزال الغيث قوله كإلقا الرداء هذا من الممدود ألذي قصر لأجل الشعر كمايمد المقصور للشعر والدفاق المطر الواسع الكثير المندفق والعزائل مقلوب من العزالي‌ جمع العزلاء وهي‌ فم المزادة شبه مايمطر من السحاب بما يتدفق من فم المزادة والبعاق بالضم السحاب ألذي يتبعق بالماء أي يتصبب وقيل البعاق المطر العظيم والجم الكثير قوله به الله يسقي‌ فيه انكسار اللفظ والوزن ويرويه بعضهم به الله أنزل والصوب نزول المطر والغير التغير و من يكفر الله في نعمه تغير حاله . قال و في هذه السنة كانت سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق وقيل سلام بن أبي الحقيق بإسنادي‌ في سماع البخاري‌ إليه بإسناده عن البراء قال بعث رسول الله ص إلي أبي رافع اليهودي‌ جماعة من الأنصار وأمر عليهم عبد الله و كان أبورافع يؤذي‌ رسول الله ص ويعين عليه و كان في حصن له بأرض الحجاز فلما دنوا منه و قدغربت الشمس وراح الناس بسرحهم قال عبد الله لأصحابه اجلسوا مكانكم فإني‌ منطلق ومتلطف للبواب لعلي‌ أدخل فأقبل حتي دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي‌ حاجته و قددخل الناس فهتف به البواب


صفحه : 303

يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني‌ أريد أن أغلق الباب فدخلت فكمنت فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الأغاليق علي ود قال فقمت علي الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب و كان أبورافع يسمر عنده و كان في علالي‌ فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه فجعلت كلما فتحت بابا أغلق علي من داخل فقلت إن القوم نذروا بي‌ لم يخلصوا إلي‌ حتي أقتله فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لاأدري‌ أين هو من البيت قلت أبارافع قال من هذافأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف و أنادهش فما أغنيت شيئا وصاح فخرجت من البيت فأمكث غيربعيد ثم دخلت إليه فقلت ما هذاالصوت يابا رافع فقال لأمك الويل إن معي‌ رجلا في البيت ضربني‌ قبل بالسيف قال فأضربه ضربة أثخنته و لم أقتله ثم وضعت ظبة السيف في بطنه حتي أخذ في ظهره فعرفت أني‌ قتلته فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتي انتهيت إلي درجة له فوضعت رجلي‌ و أناأري أني‌ قدانتهيت إلي الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي‌ فعصبتها بعمامتي‌ ثم انطلقت حتي جلست علي الباب فقلت لاأخرج الليلة حتي أعلم أقتلته فلما صاح الديك قام الناعي‌ علي السور فقال أنعي أبارافع تاجر أهل الحجاز فانطلقت إلي أصحابي‌ فقلت النجاء فقد قتل الله أبارافع فانتهيت إلي النبي ص فحدثته فقال ابسط رجلك فبسطت رجلي‌ فمسحها


صفحه : 304

وكأنما لم أشتكها قط.السرح الإبل والمواشي‌ تسرح للرعي‌ بالغداة والأغاليق المفاتيح والأقاليد جمع إقليد و هوالمفتاح في لغة اليمن والود بفتح الواو الوتد وهي‌ لغة تميم والعلالي‌ جمع علية وهي‌ الغرفة قوله نذروا بكسر الذال أي علموا. و في هذه السنة كان قصة العرنيين في شوالها قالوا قدم نفر من عرنية ثمانية علي رسول الله ص فأسلموا واجتووا المدينة فأمر بهم رسول الله ص إلي لقاحه و قال لوخرجتم إلي ذود لنا فشربتم من ألبانها فقتلوا الراعي‌ وقطعوا يده ورجله وغرسوا الشوك في لسانه وعينيه حتي مات وبلغ رسول الله ص الخبر فبعث في أثرهم عشرين فارسا واستعمل عليهم كرز بن جابر الفهري‌ فأدركهم فأحاطوا بهم وأسروهم وربطوهم حتي قدموا بهم المدينة و كان رسول الله ص بالغابة فخرجوا بهم نحوه فأمرهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وصلبوا هناك وكانت اللقاح خمس عشرة لقحة فردوها إلاواحدة نحروها


صفحه : 305

5-أَقُولُ وَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي الكَامِلِ فِي حَوَادِثِ السّنَةِ السّادِسَةِ كَانَت غَزوَةُ بنَيِ‌ لِحيَانَ فِي جُمَادَي الأُولَي مِنهَا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي بنَيِ‌ لِحيَانَ يَطلُبُ بِأَصحَابِ الرّجِيعِ خُبَيبِ بنِ عدَيِ‌ّ وَ أَصحَابِهِ وَ أَظهَرَ أَنّهُ يُرِيدُ الشّامَ لِيُصِيبَ مِنَ القَومِ غِرّةً وَ أَغَذّ السّيرَ حَتّي نَزَلَ عَلَي عِرَارٍ مَنَازِلِ بنَيِ‌ لِحيَانَ فَوَجَدَهُم قَد حَذِرُوا وَ تَمَنّعُوا فِي رُءُوسِ الجِبَالِ فَلَمّا أَخطَأَهُ مَا أَرَادَ مِنهُم خَرَجَ فِي ماِئتَيَ‌ رَاكِبٍ حَتّي نَزَلَ عُسفَانَ تَخوِيفاً لِأَهلِ مَكّةَ وَ أَرسَلَ فَارِسَينِ مِنَ الصّحَابَةِ حَتّي بَلَغَا كُرَاعَ الغَمِيمِ ثُمّ عَادُوا ثُمّ ذَكَرَ بَعدَ ذَلِكَ غَزوَةَ ذيِ‌ قَرَدٍ كَمَا ذَكَرنَاهَا سَابِقاً وَ قَالَ وَ الرّوَايَةُ الصّحِيحَةُ عَن سَلَمَةَ أَنّهَا كَانَت بَعدَ مَقدَمِهِ المَدِينَةَ مُنصَرِفاً مِنَ الحُدَيبِيَةِ

6-فس وَدّوا لَو تَكفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً إِلَي قَولِهِوَ لا تَتّخِذُوا مِنهُم وَلِيّا وَ لا نَصِيراًفَإِنّهَا نَزَلَت فِي أَشجَعَ وَ بنَيِ‌ ضَمرَةَ وَ كَانَ خَبَرُهُ أَنّهُ لَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي بَدرٍ لِمَوعِدٍ مَرّ قَرِيباً مِن بِلَادِهِم وَ قَد كَانَ رَسُولُ اللّهِص صَادَرَ بنَيِ‌ ضَمرَةَ وَ وَادَعَهُم قَبلَ ذَلِكَ فَقَالَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص يَا رَسُولَ اللّهِ هَذِهِ بَنُو ضَمرَةَ قَرِيباً مِنّا وَ نَخَافُ أَن يُخَالِفُونَا إِلَي المَدِينَةِ أَو يُعِينُوا عَلَينَا قُرَيشاً فَلَو بَدَأنَا بِهِم فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص كَلّا إِنّهُم أَبَرّ العَرَبِ بِالوَالِدَينِ


صفحه : 306

وَ أَوصَلُهُم لِلرّحِمِ وَ أَوفَاهُم بِالعَهدِ وَ كَانَ أَشجَعُ بِلَادُهُم قَرِيباً مِن بِلَادِ بنَيِ‌ ضَمرَةَ وَ هُم بَطنٌ مِن كِنَانَةَ وَ كَانَت أَشجَعُ بَينَهُم وَ بَينَ بنَيِ‌ ضَمرَةَ حِلفٌ بِالمُرَاعَاةِ وَ الأَمَانِ فَأَجدَبَت بِلَادُ أَشجَعَ وَ أَخصَبَت بِلَادُ بنَيِ‌ ضَمرَةَ فَصَارَت أَشجَعُ إِلَي بِلَادِ بنَيِ‌ ضَمرَةَ فَلَمّا بَلَغَ رَسُولَ اللّهِ مَسِيرُهُم إِلَي بنَيِ‌ ضَمرَةَ تَهَيّأَ لِلمَسِيرِ إِلَي أَشجَعَ فَيَغزُوهُم لِلمُوَادَعَةِ التّيِ‌ كَانَت بَينَهُ وَ بَينَ بنَيِ‌ ضَمرَةَ فَأَنزَلَ اللّهُوَدّوا لَو تَكفُرُونَ كَما كَفَرُواالآيَةَ ثُمّ استَثنَي بِأَشجَعَ فَقَالَإِلّا الّذِينَ يَصِلُونَ إِلي قَومٍ بَينَكُم وَ بَينَهُم مِيثاقٌ أَو جاؤُكُم حَصِرَت صُدُورُهُم أَن يُقاتِلُوكُم أَو يُقاتِلُوا قَومَهُم إِلَي قَولِهِفَما جَعَلَ اللّهُ لَكُم عَلَيهِم سَبِيلًا وَ كَانَت أَشجَعُ مَحَالّهَا البَيضَاءُ وَ الحِلّ وَ المُستَبَاحُ وَ قَد كَانُوا قَرُبُوا مِن رَسُولِ اللّهِص فَهَابُوا لِقُربِهِم مِن رَسُولِ اللّهِص أَن يَبعَثَ إِلَيهِم مَن يَغزُوهُم وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص قَد خَافَهُم أَن يُصِيبُوا مِن أَطرَافِهِ شَيئاً فَهَمّ بِالمَسِيرِ إِلَيهِم فَبَينَا هُوَ عَلَي ذَلِكَ إِذ جَاءَت أَشجَعُ وَ رَئِيسُهَا مَسعُودُ بنُ رُجَيلَةَ وَ هُم سَبعُمِائَةٍ فَنَزَلُوا شِعبَ سَلعٍ وَ ذَلِكَ فِي شَهرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ سِتّ فَدَعَا رَسُولُ اللّهِص أُسَيدَ بنَ حُصَينٍ فَقَالَ لَهُ اذهَب فِي نَفَرٍ مِن أَصحَابِكَ حَتّي تَنظُرَ مَا أَقدَمَ أَشجَعَ فَخَرَجَ أُسَيدٌ وَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِن أَصحَابِهِ فَوَقَفَ عَلَيهِم فَقَالَ مَا أَقدَمَكُم فَقَامَ إِلَيهِ مَسعُودُ بنُ رُجَيلَةَ وَ هُوَ رَئِيسُ أَشجَعَ فَسَلّمَ عَلَي أُسَيدٍ وَ عَلَي أَصحَابِهِ وَ قَالُوا


صفحه : 307

جِئنَا لِنُوَادِعَ مُحَمّداً فَرَجَعَ أُسَيدٌ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَخبَرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص خَافَ القَومُ أَن أَغزُوَهُم فَأَرَادُوا الصّلحَ بيَنيِ‌ وَ بَينَهُم ثُمّ بَعَثَ إِلَيهِم بِعَشَرَةِ أَحمَالِ تَمرٍ فَقَدّمَهَا أَمَامَهُ ثُمّ قَالَ نِعمَ الشيّ‌ءُ الهَدِيّةُ أَمَامَ الحَاجَةِ ثُمّ أَتَاهُم فَقَالَ يَا مَعشَرَ أَشجَعَ مَا أَقدَمَكُم قَالُوا قَرُبَت دَارُنَا مِنكَ وَ لَيسَ فِي قَومِنَا أَقَلّ عَدَداً مِنّا فَضِقنَا بِحَربِكَ لِقُربِ دَارِنَا مِنكَ وَ ضِقنَا لِحَربِ قَومِنَا لِقِلّتِنَا فِيهِم فَجِئنَا لِنُوَادِعَكَ فَقَبِلَ النّبِيّص ذَلِكَ مِنهُم وَ وَادَعَهُم فَأَقَامُوا يَومَهُم ثُمّ رَجَعُوا إِلَي بِلَادِهِم وَ فِيهِم نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُإِلّا الّذِينَ يَصِلُونَ إِلي قَومٍ بَينَكُم وَ بَينَهُم مِيثاقٌالآيَةَ

7-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] ثُمّ بَعدَ غَزَاةِ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِص عَبدَ اللّهِ بنَ عَتِيكٍ إِلَي خَيبَرَ فَقَتَلَ أَبَا رَافِعِ بنَ أَبِي الحَقِيقِ بَنُو المُصطَلِقِ مِن خُزَاعَةَ وَ هُوَ المُرَيسِيعُ غَزَاهُم عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فِي شَعبَانَ وَ رَأسُهُمُ الحَارِثُ بنُ أَبِي ضِرَارٍ وَ أُصِيبَ يَومَئِذٍ نَاسٌ مِن بنَيِ‌ عَبدِ المُطّلِبِ فَقَتَلَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ مَالِكاً وَ ابنَهُ فَأَصَابَ النّبِيّص سَبياً كَثِيراً وَ كَانَ سَبَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ جُوَيرِيَةَ بِنتَ الحَارِثِ بنِ أَبِي ضِرَارٍ فَاصطَفَاهَا النّبِيّص فَجَاءَ أَبُوهَا إِلَي النّبِيّص بِفِدَاءِ ابنَتِهِ فَسَأَلَهُ النّبِيّص عَن جَمَلَينِ خَبَأَهُمَا فِي شِعبِ كَذَا فَقَالَ الرّجُلُ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ وَ اللّهِ مَا عَرَفَهُمَا أَحَدٌ سوِاَي‌َ ثُمّ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ ابنتَيِ‌ لَا تُسبَي إِنّهَا امرَأَةٌ كَرِيمَةٌ قَالَ فَاذهَب فَخَيّرهَا قَالَ قَد أَحسَنتَ وَ أَجمَلتَ وَ جَاءَ إِلَيهَا أَبُوهَا فَقَالَ لَهَا يَا بُنَيّةُ لَا تفَضحَيِ‌ قَومَكِ فَقَالَت


صفحه : 308

قَدِ اختَرتُ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَدَعَا عَلَيهَا أَبُوهَا فَأَعتَقَهَا رَسُولُ اللّهِص وَ جَعَلَهَا فِي جُملَةِ أَزوَاجِهِ وَ فِي هَذِهِ الغَزَاةِ نَزَلَتإِنّ الّذِينَ جاؤُ بِالإِفكِ وَ فِيهَا قَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُبَيّلَئِن رَجَعنا إِلَي المَدِينَةِ

8-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]سَنَةَ سِتّ فِي شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ بَعَثَ عُكّاشَةَ بنَ مِحصَنٍ فِي أَربَعِينَ رَجُلًا إِلَي الغَمرَةِ فَهَرَبُوا وَ أَصَابَ ماِئتَيَ‌ بَعِيرٍ وَ فِيهَا بَعَثَ أَبَا عُبَيدَةَ بنَ الجَرّاحِ إِلَي القَصّةِ فِي أَربَعِينَ رَجُلًا فَأَغَارَ عَلَيهِم وَ فِيهَا سَرِيّةُ زَيدِ بنِ حَارِثَةَ إِلَي الجَمُومِ مِن أَرضِ بنَيِ‌ سُلَيمٍ فَأَصَابُوا وَ وَصَلُوا إِلَي بنَيِ‌ ثَعلَبَةَ فِي خَمسَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَهَرَبُوا وَ أَصَابَ مِنهُم عِشرِينَ بَعِيراً وَ غَزوَةُ زَيدٍ إِلَي العِيصِ فِي جُمَادَي الأُولَي وَ غَزوَةُ بنَيِ‌ قَرَدٍ وَ ذَلِكَ أَنّ أُنَاساً مِنَ الأَعرَابِ قَدِمُوا وَ سَاقُوا الإِبِلَ فَخَرَجَ إِلَيهِم رَسُولُ اللّهِص وَ قَدّمَ أَبَا قَتَادَةَ الأنَصاَريِ‌ّ مَعَ جَمَاعَةٍ فَاستَرَدّ مِنهُم وَ بَعَثَ مُحَمّدَ بنَ مَسلَمَةَ إِلَي قَومٍ مِن هَوَازِنَ فَكَمَنَ القَومُ لَهُم وَ أَفلَتَ مُحَمّدٌ وَ قُتِلَ أَصحَابُهُ ذَاتَ السّلَاسِلِ وَ هُوَ حِصنٌ وَ ذَلِكَ أَنّ أَعرَابِيّاً جَاءَ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ إِنّ لِي نَصِيحَةً قَالَ وَ مَا نَصِيحَتُكَ قَالَ اجتَمَعَ بَنُو سُلَيمٍ بوِاَديِ‌ الرّملِ عِندَ الحَرّةِ عَلَي أَن يُبِيتُوكَ بِهَا القَصّةَ وَ فِيهَا غَزوَةُ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي بنَيِ‌ عَبدِ اللّهِ بنِ سَعدٍ مِن أَهلِ فَدَكَ وَ ذَلِكَ أَنّهُ بَلَغَ رَسُولُ اللّهِص لَهُم جَمعاً يُرِيدُونَ أَن يُمِدّوا يَهُودَ خَيبَرَ


صفحه : 309

وَ فِيهَا سَرِيّةُ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ إِلَي دُومَةِ الجَندَلِ فِي شَعبَانَ وَ سَرِيّةُ العُرَنِيّينَ الّذِينَ قَتَلُوا راَعيِ‌َ النّبِيّص وَ استَاقُوا الإِبِلَ وَ كَانُوا عِشرِينَ فَارِساً وَ فِيهَا أُخِذَت أَموَالُ أَبِي العَاصِ بنِ الرّبِيعِ وَ فِيهَا غَزوَةُ الغَابَةِ

باب 91-آخر في قصة الإفك

الآيات النورإِنّ الّذِينَ جاؤُ بِالإِفكِ عُصبَةٌ مِنكُم لا تَحسَبُوهُ شَرّا لَكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَكُم لِكُلّ امر‌ِئٍ مِنهُم مَا اكتَسَبَ مِنَ الإِثمِ وَ ألّذِي تَوَلّي كِبرَهُ مِنهُم لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ لَو لا إِذ سَمِعتُمُوهُ ظَنّ المُؤمِنُونَ وَ المُؤمِناتُ بِأَنفُسِهِم خَيراً وَ قالُوا هذا إِفكٌ مُبِينٌ لَو لا جاؤُ عَلَيهِ بِأَربَعَةِ شُهَداءَ فَإِذ لَم يَأتُوا بِالشّهَداءِ فَأُولئِكَ عِندَ اللّهِ هُمُ الكاذِبُونَ وَ لَو لا فَضلُ اللّهِ عَلَيكُم وَ رَحمَتُهُ فِي الدّنيا وَ الآخِرَةِ لَمَسّكُم فِيما أَفَضتُم فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِذ تَلَقّونَهُ بِأَلسِنَتِكُم وَ تَقُولُونَ بِأَفواهِكُم ما لَيسَ لَكُم بِهِ عِلمٌ وَ تَحسَبُونَهُ هَيّناً وَ هُوَ عِندَ اللّهِ عَظِيمٌ وَ لَو لا إِذ سَمِعتُمُوهُ قُلتُم ما يَكُونُ لَنا أَن نَتَكَلّمَ بِهذا سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ وَ يُبَيّنُ اللّهُ لَكُمُ الآياتِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنّ الّذِينَ يُحِبّونَ أَن تَشِيعَ الفاحِشَةُ فِي الّذِينَ آمَنُوا لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدّنيا وَ الآخِرَةِ وَ اللّهُ يَعلَمُ وَ أَنتُم لا تَعلَمُونَ وَ لَو لا فَضلُ اللّهِ عَلَيكُم وَ رَحمَتُهُ وَ أَنّ اللّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّبِعُوا خُطُواتِ الشّيطانِ وَ مَن يَتّبِع خُطُواتِ الشّيطانِ فَإِنّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ وَ المُنكَرِ وَ لَو لا فَضلُ اللّهِ عَلَيكُم وَ رَحمَتُهُ ما زَكي مِنكُم مِن أَحَدٍ أَبَداً وَ لكِنّ


صفحه : 310

اللّهَ يزُكَيّ‌ مَن يَشاءُ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَ لا يَأتَلِ أُولُوا الفَضلِ مِنكُم وَ السّعَةِ أَن يُؤتُوا أوُليِ‌ القُربي وَ المَساكِينَ وَ المُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ليَعفُوا وَ ليَصفَحُوا أَ لا تُحِبّونَ أَن يَغفِرَ اللّهُ لَكُم وَ اللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنّ الّذِينَ يَرمُونَ المُحصَناتِ الغافِلاتِ المُؤمِناتِ لُعِنُوا فِي الدّنيا وَ الآخِرَةِ وَ لَهُم عَذابٌ عَظِيمٌ يَومَ تَشهَدُ عَلَيهِم أَلسِنَتُهُم وَ أَيدِيهِم وَ أَرجُلُهُم بِما كانُوا يَعمَلُونَ يَومَئِذٍ يُوَفّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الحَقّ وَ يَعلَمُونَ أَنّ اللّهَ هُوَ الحَقّ المُبِينُ الخَبِيثاتُ لِلخَبِيثِينَ وَ الخَبِيثُونَ لِلخَبِيثاتِ وَ الطّيّباتُ لِلطّيّبِينَ وَ الطّيّبُونَ لِلطّيّباتِ أُولئِكَ مُبَرّؤُنَ مِمّا يَقُولُونَ لَهُم مَغفِرَةٌ وَ رِزقٌ كَرِيمٌ.تفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي إِنّ الّذِينَ جاؤُ بِالإِفكِروي الزهري‌ عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وغيرهما عن عائشة أنها قالت كان رسول الله ص إذاأراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بهافأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيهاسهمي‌ و ذلك بعد ماأنزل الحجاب فخرجت مع رسول الله ص حتي فرغ من غزوه وقفل . وروي‌ أنها كانت غزوة بني‌ المصطلق من خزاعة.قالت ودنونا من المدينة فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتي جاوزت الجيش فلما قضيت شأني‌ أقبلت إلي الرحل فلمست صدري‌ فإذابعقد من جزع ظفار قدانقطع فرجعت فالتمست عقدي‌ فحبسني‌ ابتغاؤه . وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلوني‌ فحملوا هودجي‌ علي بعيري‌ ألذي كنت أركب وهم يحسبون أني‌ فيه وكانت النساء إذ ذاك خفافا و لم يهبلهن اللحم وإنما يأكلن العلفة من الطعام فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي‌ وجئت منازلهم و ليس بهاداع و لامجيب فدنوت من منزلي‌ ألذي كنت فيه وظننت


صفحه : 311

أن القوم سيفقدونني‌ فيرجعون إلي‌ فبينا أناجالسة إذ غلبتني‌ عيناي‌ فنمت و كان صفوان بن المعطل السلمي‌ قدعرس من وراء الجيش فأصبح عندمنزلي‌ فرأي سواد إنسان نائم فعرفني‌ حين رآني‌ فخمرت وجهي‌ بجلبابي‌ و و الله ماكلمني‌ بكلمة حتي أناخ راحلته فركبتها فانطلق يقود الراحلة حتي أتينا الجيش بعد مانزلوا موغرين في حر الظهيرة فهلك من هلك في و كان ألّذِي تَوَلّي كِبرَهُ مِنهُم عبد الله بن أبي سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمتها شهرا و الناس يفيضون في قول أهل الإفك و لاأشعر بشي‌ء من ذلك و هويربيني‌ في وجعي‌ غيرأني‌ لاأعرف من رسول الله ص اللطف ألذي كنت أري منه حين اشتكي إنما يدخل ويسلم و يقول كيف تيكم فذلك يحزنني‌ و لاأشعر بالشر حتي خرجت بعد مانقهت وخرجت معي‌ أم مسطح قبل المصانع و هومتبرزنا و لانخرج إلاليلا إلي ليل و ذلك قبل أن يتخذ الكنف وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه وكنا نتأذي بالكنف أن نتخذها عندبيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وأمها بنت صخر بن عام خالة أبي فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا قدشهد بدرا قالت أي هنتاه أ لم تسمعي‌ ما قال قلت و ماذا قال فأخبرتني‌ بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلي مرضي‌ فلما رجعت إلي منزلي‌ دخل علي رسول الله ص ثم قال كيف تيكم قلت تأذن لي أن آتي‌ أبوي‌ قالت و أناأريد أتيقن الخبر من قبله فأذن لي رسول الله فجئت أبوي‌ و قلت لأمي‌ ياأمه ماذا يتحدث الناس فقالت أي بنية هوني‌ عليك


صفحه : 312

فو الله لعل ماكانت امرأة قط وصبية عند رجل يحبها ولها ضرائر إلاأكثرن عليها قلت سبحان الله أ و قدتحدث الناس بهذا قالت نعم فمكثت تلك الليلة حتي أصبحت لايرقأ لي دمع و لاأكتحل بنوم حتي أصبحت أبكي‌ ودعا رسول الله ص أسامة بن زيد و علي بن أبي طالب عليه السلام حين استلبث الوحي‌ يستشيرهما في فراق أهله فأما أسامة فأشار علي رسول الله ص بالذي‌ علم من براءة أهله بالذي‌ يعلم في نفسه من الود فقال يا رسول الله هم أهلك و لانعلم إلاخيرا و أما علي بن أبي طالب عليه السلام فقال لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير و إن تسأل الجارية تصدقك فدعا رسول الله ص بريرة فقال يابريرة هل رأيت شيئا يريبك من عائشة قالت بريرة و ألذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها قالت و أنا و الله أعلم أني‌ بريئة و ماكنت أظن أن ينزل في شأني‌ وحي‌ يتلي ولكني‌ كنت أرجو أن يري رسول الله ص رؤيا يبرئني‌ الله بهافأنزل الله علي نبيه وأخذه ما كان يأخذه من برحاء الوحي‌ حتي أنه لينحدر عنه مثل الجمان من العرق و هو في اليوم الشاتي‌ من القول ألذي أنزل عليه فلما سري‌ عن رسول الله ص قال أبشري‌ ياعائشة أما و الله فقد برأك الله فقالت أمي‌ قومي‌ إليه فقلت و الله لاأقوم إليه و لا أحمد إلا الله و هو ألذي برأني‌ فأنزل الله تعالي إِنّ الّذِينَ جاؤُ بِالإِفكِ


صفحه : 313

بيان الجزع بالفتح الحرز اليماني‌ وظفار بلد باليمن . و قال الجزري‌ في حديث الإفك والنساء يومئذ لم يهبلوه اللحم أي لم يكثر عليهن يقال هبله اللحم إذاكثر عليه وركب بعضه بعضا. والعلقة بالضم البلغة من الطعام . و قال موغرين في نحر الظهيرة أي في وقت الهاجرة وقت توسط الشمس السماء يقال وغرت الهاجرة وغرا وأوغر الرجل دخل في ذلك الوقت و قال نحر الظهيرة هوحين تبلغ الشمس منتهاها من الارتفاع كأنها وصلت إلي النحر و هوأعلي الصدر. و قال الجوهري‌ تا اسم يشار به إلي المؤنث مثل ذا للمذكر فإن خاطبت جئت بالكاف فقلت تيك وتلك وتاك . و قال الجزري‌ في حديث الإفك و كان متبرز النساء بالمدينة قبل أن تبني الكنف في الدور المناصع هي‌ المواضع التي‌ يتخلي فيهالقضاء الحاجة واحدها منصع لأنه يبرز إليها ويظهر قال الأزهري‌ أراها مواضع مخصوصة خارج المدينة و قال تنزه تنزها بعد و قال ياهنتاه أي يا هذه وتفتح النون وتسكن وتضم الهاء الأخيرة وتسكن و قال الداجن هوالشاة التي‌ يعلفها الناس في منازلهم و قديقع علي غيرالشاة من كل مايألف البيوت من الطير وغيرها و في حديث الإفك يدخل الداجن فيأكل عجينها. والغمص العيب والطعن علي الناس والجمان كغراب اللؤلؤ أوهنوات أشكال اللؤلؤ من فضة. و قال البيضاوي‌ في قوله تعالي بالإفك أي بأبلغ ما يكون من الكذب عصبة منكم جماعة منكم وهي‌ من العشرة إلي الأربعين يريد عبد الله بن أبي وزيد بن رفاعة وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش و من ساعدهم وهي‌ خبر إن و قوله لاتحسبوه شرا لكم مستأنف والخطاب للرسول ص و أبي


صفحه : 314

بكر وعائشة وصفوان والهاء للإفك بَل هُوَ خَيرٌ لَكُملاكتسابكم به الثواب لِكُلّ امر‌ِئٍ مِنهُم مَا اكتَسَبَ مِنَ الإِثمِلكل جزاء مااكتسب بقدر ماخاض فيه مختصا به وَ ألّذِي تَوَلّي كِبرَهُمعظمه مِنهُم من الخائضين و هو ابن أبي فإنه بدأ به وأذاعه عداوة لرسول الله ص أو هو وحسان ومسطح فإنهما شايعاه في التصريح به و ألذي بمعني الذين لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ في الآخرة أو في الدنيا بأن جلدوا وصار ابن أبي مطرودا مشهورا بالنفاق وحسان أعمي أشل اليدين ومسطح مكفوف البصرلَو لاهلاإِذ سَمِعتُمُوهُ ظَنّ المُؤمِنُونَ وَ المُؤمِناتُ بِأَنفُسِهِم خَيراًبالذين منهم من المؤمنين والمؤمنات وَ قالُوا هذا إِفكٌ مُبِينٌ كما يقول المستيقن المطلع علي الحال لَو لا جاؤُ إلي قوله الكاذِبُونَ من جملة المقول تقريرا لكونه كذبا فإن ما لاحجة عليه فكذب عند الله أي في حكمه ولذلك رتب عليه الحدوَ لَو لا فَضلُ اللّهِ عَلَيكُم في الدنيا بأنواع النعمة التي‌ من جملتها الإمهال للتوبةوَ رَحمَتُهُ في الآخرة بالعفو والمغفرة المقدران لكم لَمَسّكُمعاجلافِيما أَفَضتُمخضتم فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌيستحقر دونه اللوم والجلد.إِذظرف لمسكم أوأفضتم تَلَقّونَهُ بِأَلسِنَتِكُميأخذ بعضكم من بعض بالسؤال عنه وَ تَقُولُونَ بِأَفواهِكُمبلا مساعدة من القلوب ما لَيسَ لَكُم بِهِ عِلمٌلأنه ليس تعبيرا عن علم به في قلوبكم وَ تَحسَبُونَهُ هَيّناًسهلا لاتبعة له وَ هُوَ عِندَ اللّهِ عَظِيمٌ في الوزروَ لَو لا إِذ سَمِعتُمُوهُ قُلتُم ما يَكُونُ لَنا ماينبغي‌ و مايصح لناأَن نَتَكَلّمَ بِهذاإشارة إلي القول المخصوص أو إلي نوعه سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظِيمٌتعجب من ذلك وأصله أن يذكر عند كل متعجب تنزيها لله تعالي من أن يصعب عليه مثله ثم كثر فاستعمل لكل متعجب أوتنزيه لله تعالي من أن يكون حرم نبيه فاجرة فإن فجورها تنفير عنه بخلاف كفرهايَعِظُكُمُ اللّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثلِهِكراهة أن تعودوا أو في أن تعودواأَبَداً مادمتم أحياء مكلفين إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ


صفحه : 315

فإن الإيمان يمنع منه وَ يُبَيّنُ اللّهُ لَكُمُ الآياتِالدالة علي الشرائع ومحاسن الآداب كي‌ تتعظوا وتتأدبواوَ اللّهُ عَلِيمٌبالأحوال كلهاحَكِيمٌ في تدابيره إِنّ الّذِينَ يُحِبّونَيريدون أَن تَشِيعَ أن تنتشرالفاحِشَةُ فِي الّذِينَ آمَنُوا لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدّنيا وَ الآخِرَةِالحد والسعير إلي غير ذلك وَ اللّهُ يَعلَمُ ما في الضمائروَ أَنتُم لا تَعلَمُونَفعاقبوا في الدنيا علي مادل عليه الظاهر و الله سبحانه يعاقب علي ما في القلوب من حب الإشاعةوَ لَو لا فَضلُ اللّهِ عَلَيكُم وَ رَحمَتُهُتكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب للدلالة علي عظم الجريمة ولذا عطف وَ أَنّ اللّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ علي حصول فضله ورحمته عليهم وحذف الجواب و هومستغني [مستغن ] عنه لذكره مرةيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّبِعُوا خُطُواتِ الشّيطانِبإشاعة الفاحشةوَ مَن يَتّبِع إلي قوله بِالفَحشاءِ وَ المُنكَرِالفحشاء ماأفرط قبحه والمنكر ماأنكره الشرع وَ لَو لا فَضلُ اللّهِ عَلَيكُم وَ رَحمَتُهُبتوفيق التوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لهاما زَكي ماطهر من دنسهامِنكُم مِن أَحَدٍ أَبَداًآخر الدهروَ لكِنّ اللّهَ يزُكَيّ‌ مَن يَشاءُبحمله علي التوبة وقبولهاوَ اللّهُ سَمِيعٌلمقالهم عَلِيمٌبنياتهم .وَ لا يَأتَلِ و لايحلف أو و لايقصر روي‌ أنه نزل في أبي بكر و قدحلف أن لاينفق علي مسطح بعد و كان ابن خالته و كان من فقراء المهاجرين أُولُوا الفَضلِ مِنكُم وَ السّعَةِ في المال أَن يُؤتُوا علي أن لايؤتوا أو في أن يؤتواأوُليِ‌ القُربي وَ المَساكِينَ وَ المُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللّهِصفات لموصوف واحد أي ناسا جامعين لها لأن الكلام فيمن كان كذلك أولموصوفات أقيمت مقامها فيكون أبلغ في تعليل المقصودوَ ليَعفُوا مافرط منهم وَ ليَصفَحُوابالإغماض عنهم أَ لا تُحِبّونَ أَن يَغفِرَ اللّهُ لَكُم علي عفوكم وصفحكم وإحسانكم إلي من أساء إليكم وَ اللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مع كمال قدرته فتخلقوا بأخلاقه إِنّ الّذِينَ يَرمُونَ


صفحه : 316

المُحصَناتِالعفائف الغافِلاتِمما قذفن به المُؤمِناتِبالله ورسوله استباحة لعرضهن وطعنا في الرسول كابن أبي لُعِنُوا فِي الدّنيا وَ الآخِرَةِ لماطعنوا فيهن وَ لَهُم عَذابٌ عَظِيمٌلعظم ذنوبهم . قوله دِينَهُمُ الحَقّ أي جزاؤهم المستحق قوله الخَبِيثاتُ لِلخَبِيثِينَ أي الخبيثات يتزوجن الخبائث وبالعكس وكذا أهل الطيب فيكون كالدليل علي قوله أُولئِكَ أي أهل بيت النبي ص أوالرسول أوعائشة وصفوان مُبَرّؤُنَ مِمّا يَقُولُونَإذ لوصدق لم تكن زوجته و لم تقرر عليه لَهُم مَغفِرَةٌ وَ رِزقٌ كَرِيمٌيعني‌ الجنة

1-فس ،[تفسير القمي‌] قَولُهُإِنّ الّذِينَ جاؤُ بِالإِفكِ إِنّ العَامّةَ رَوَت أَنّهَا نَزَلَت فِي عَائِشَةَ وَ مَا رُمِيَت بِهِ فِي غَزوَةِ بنَيِ‌ المُصطَلِقِ مِن خُزَاعَةَ وَ أَمّا الخَاصّةُ فَإِنّهُم رَوَوا أَنّهَا نَزَلَت فِي مَارِيَةَ القِبطِيّةِ وَ مَا رَمَتهَا بِهِ عَائِشَةُ

أقول سيأتي‌ ذكر القصة في باب أحوال ابراهيم ومارية

2- وَ فِي تَفسِيرِ النعّماَنيِ‌ّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ وَ مِنهُ الحَدِيثُ فِي أَمرِ عَائِشَةَ وَ مَا رَمَاهَا بِهِ عَبدُ اللّهِ بنُ أَبِي سَلُولٍ وَ حَسّانُ بنُ ثَابِتٍ وَ مِسطَحُ بنُ أُثَاثَةَ فَأَنزَلَ اللّهُ تَعَالَيإِنّ الّذِينَ جاؤُ بِالإِفكِالآيَةَ فَكُلّمَا كَانَ مِن هَذَا وَ شِبهِهِ فِي كِتَابِ اللّهِ فَهُوَ مِمّا تَأوِيلُهُ قَبلَ تَنزِيلِهِ


صفحه : 317

باب 02-غزوة الحديبية وبيعة الرضوان وعمرة القضاء وسائر الوقائع

الآيات البقرةوَ مَن أَظلَمُ مِمّن مَنَعَ مَساجِدَ اللّهِ أَن يُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ وَ سَعي فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُم أَن يَدخُلُوها إِلّا خائِفِينَ و قال سبحانه وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقاتِلُونَكُم وَ لا تَعتَدُوا إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ المُعتَدِينَ وَ اقتُلُوهُم حَيثُ ثَقِفتُمُوهُم وَ أَخرِجُوهُم مِن حَيثُ أَخرَجُوكُم وَ الفِتنَةُ أَشَدّ مِنَ القَتلِ وَ لا تُقاتِلُوهُم عِندَ المَسجِدِ الحَرامِ حَتّي يُقاتِلُوكُم فِيهِ فَإِن قاتَلُوكُم فَاقتُلُوهُم كَذلِكَ جَزاءُ الكافِرِينَ فَإِنِ انتَهَوا فَإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ قاتِلُوهُم حَتّي لا تَكُونَ فِتنَةٌ وَ يَكُونَ الدّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَوا فَلا عُدوانَ إِلّا عَلَي الظّالِمِينَ الشّهرُ الحَرامُ بِالشّهرِ الحَرامِ وَ الحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعتَدي عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدي عَلَيكُم وَ اتّقُوا اللّهَ وَ اعلَمُوا أَنّ اللّهَ مَعَ المُتّقِينَ إلي قوله تعالي وَ أَتِمّوا الحَجّ وَ العُمرَةَ لِلّهِ فَإِن أُحصِرتُم فَمَا استَيسَرَ مِنَ الهدَي‌ِ وَ لا تَحلِقُوا رُؤُسَكُم حَتّي يَبلُغَ الهدَي‌ُ مَحِلّهُالمائدةيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لَيَبلُوَنّكُمُ اللّهُ بشِيَ‌ءٍ مِنَ الصّيدِ تَنالُهُ أَيدِيكُم وَ رِماحُكُم لِيَعلَمَ اللّهُ مَن يَخافُهُ بِالغَيبِ فَمَنِ اعتَدي بَعدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌالأنفال وَ ما لَهُم أَلّا يُعَذّبَهُمُ اللّهُ وَ هُم يَصُدّونَ عَنِ المَسجِدِ الحَرامِ وَ ما كانُوا أَولِياءَهُ إِن أَولِياؤُهُ إِلّا المُتّقُونَ وَ لكِنّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمُونَالحج إِنّ الّذِينَ كَفَرُوا وَ يَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَ المَسجِدِ الحَرامِ ألّذِي جَعَلناهُ لِلنّاسِ سَواءً العاكِفُ فِيهِ وَ البادِ وَ مَن يُرِد فِيهِ بِإِلحادٍ بِظُلمٍ نُذِقهُ مِن عَذابٍ أَلِيمٍ


صفحه : 318

الفتح إِنّ الّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنّما يُبايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوقَ أَيدِيهِم فَمَن نَكَثَ فَإِنّما يَنكُثُ عَلي نَفسِهِ وَ مَن أَوفي بِما عاهَدَ عَلَيهُ اللّهَ فَسَيُؤتِيهِ أَجراً عَظِيماً سَيَقُولُ لَكَ المُخَلّفُونَ مِنَ الأَعرابِ شَغَلَتنا أَموالُنا وَ أَهلُونا فَاستَغفِر لَنا يَقُولُونَ بِأَلسِنَتِهِم ما لَيسَ فِي قُلُوبِهِم قُل فَمَن يَملِكُ لَكُم مِنَ اللّهِ شَيئاً إِن أَرادَ بِكُم ضَرّا أَو أَرادَ بِكُم نَفعاً بَل كانَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ خَبِيراً بَل ظَنَنتُم أَن لَن يَنقَلِبَ الرّسُولُ وَ المُؤمِنُونَ إِلي أَهلِيهِم أَبَداً وَ زُيّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُم وَ ظَنَنتُم ظَنّ السّوءِ وَ كُنتُم قَوماً بُوراً وَ مَن لَم يُؤمِن بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ فَإِنّا أَعتَدنا لِلكافِرِينَ سَعِيراً وَ لِلّهِ مُلكُ السّماواتِ وَ الأَرضِ يَغفِرُ لِمَن يَشاءُ وَ يُعَذّبُ مَن يَشاءُ وَ كانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِيماً سَيَقُولُ المُخَلّفُونَ إِذَا انطَلَقتُم إِلي مَغانِمَ لِتَأخُذُوها ذَرُونا نَتّبِعكُم يُرِيدُونَ أَن يُبَدّلُوا كَلامَ اللّهِ قُل لَن تَتّبِعُونا كَذلِكُم قالَ اللّهُ مِن قَبلُ فَسَيَقُولُونَ بَل تَحسُدُونَنا بَل كانُوا لا يَفقَهُونَ إِلّا قَلِيلًا قُل لِلمُخَلّفِينَ مِنَ الأَعرابِ سَتُدعَونَ إِلي قَومٍ أوُليِ‌ بَأسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُم أَو يُسلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤتِكُمُ اللّهُ أَجراً حَسَناً وَ إِن تَتَوَلّوا كَما تَوَلّيتُم مِن قَبلُ يُعَذّبكُم عَذاباً أَلِيماً لَيسَ عَلَي الأَعمي حَرَجٌ وَ لا عَلَي الأَعرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَي المَرِيضِ حَرَجٌ وَ مَن يُطِعِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ يُدخِلهُ جَنّاتٍ تجَريِ‌ مِن تَحتِهَا الأَنهارُ وَ مَن يَتَوَلّ يُعَذّبهُ عَذاباً أَلِيماً لَقَد رضَيِ‌َ اللّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبايِعُونَكَ تَحتَ الشّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِم فَأَنزَلَ السّكِينَةَ عَلَيهِم وَ أَثابَهُم فَتحاً قَرِيباً وَ مَغانِمَ كَثِيرَةً يَأخُذُونَها وَ كانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً وَعَدَكُمُ اللّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأخُذُونَها فَعَجّلَ لَكُم هذِهِ وَ كَفّ أيَديِ‌َ النّاسِ عَنكُم وَ لِتَكُونَ آيَةً لِلمُؤمِنِينَ وَ يَهدِيَكُم صِراطاً مُستَقِيماً إلي قوله تعالي الفتح وَ لَو قاتَلَكُمُ الّذِينَ كَفَرُوا لَوَلّوُا الأَدبارَ ثُمّ لا يَجِدُونَ وَلِيّا وَ لا نَصِيراً سُنّةَ اللّهِ التّيِ‌ قَد خَلَت مِن قَبلُ وَ لَن تَجِدَ لِسُنّةِ اللّهِ تَبدِيلًا وَ هُوَ ألّذِي كَفّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَ أَيدِيَكُم عَنهُم بِبَطنِ مَكّةَ مِن بَعدِ أَن أَظفَرَكُم عَلَيهِم وَ كانَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ بَصِيراً هُمُ الّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدّوكُم عَنِ المَسجِدِ الحَرامِ وَ الهدَي‌َ مَعكُوفاً أَن يَبلُغَ مَحِلّهُ وَ لَو لا رِجالٌ مُؤمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤمِناتٌ لَم تَعلَمُوهُم أَن تَطَؤُهُم فَتُصِيبَكُم مِنهُم مَعَرّةٌ بِغَيرِ عِلمٍ لِيُدخِلَ


صفحه : 319

اللّهُ فِي رَحمَتِهِ مَن يَشاءُ لَو تَزَيّلُوا لَعَذّبنَا الّذِينَ كَفَرُوا مِنهُم عَذاباً أَلِيماً إِذ جَعَلَ الّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الحَمِيّةَ حَمِيّةَ الجاهِلِيّةِ فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلي رَسُولِهِ وَ عَلَي المُؤمِنِينَ وَ أَلزَمَهُم كَلِمَةَ التّقوي وَ كانُوا أَحَقّ بِها وَ أَهلَها وَ كانَ اللّهُ بِكُلّ شَيءٍ عَلِيماً لَقَد صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرّؤيا بِالحَقّ لَتَدخُلُنّ المَسجِدَ الحَرامَ إِن شاءَ اللّهُ آمِنِينَ مُحَلّقِينَ رُؤُسَكُم وَ مُقَصّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَم تَعلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذلِكَ فَتحاً قَرِيباً

الممتحنةيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامتَحِنُوهُنّ اللّهُ أَعلَمُ بِإِيمانِهِنّ فَإِن عَلِمتُمُوهُنّ مُؤمِناتٍ فَلا تَرجِعُوهُنّ إِلَي الكُفّارِ لا هُنّ حِلّ لَهُم وَ لا هُم يَحِلّونَ لَهُنّ وَ آتُوهُم ما أَنفَقُوا وَ لا جُناحَ عَلَيكُم أَن تَنكِحُوهُنّ إِذا آتَيتُمُوهُنّ أُجُورَهُنّ وَ لا تُمسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ وَ سئَلُوا ما أَنفَقتُم وَ ليَسئَلُوا ما أَنفَقُوا ذلِكُم حُكمُ اللّهِ يَحكُمُ بَينَكُم وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَ إِن فاتَكُم شَيءٌ مِن أَزواجِكُم إِلَي الكُفّارِ فَعاقَبتُم فَآتُوا الّذِينَ ذَهَبَت أَزواجُهُم مِثلَ ما أَنفَقُوا وَ اتّقُوا اللّهَ ألّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَتفسير قال الطبرسي‌ رضي‌ الله عنه في قوله تعالي وَ مَن أَظلَمُ مِمّن مَنَعَ مَساجِدَ اللّهِاختلفوا في المعني بهذه الآية فقال ابن عباس ومجاهد إنهم الروم غزوا بيت المقدس وسعوا في خرابه حتي كان أيام عمر فأظهر الله المسلمين عليهم وصاروا لايدخلونها إلاخائفين و قال الحسن وقتادة هوبختنصر خرب بيت المقدس وأعانه عليه النصاري وَ روُيِ‌َ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ أَنّهُم قُرَيشٌ حِينَ مَنَعُوا رَسُولَ اللّهِص دُخُولَ مَكّةَ وَ المَسجِدِ الحَرَامَ وَ بِهِ قَالَ البلَخيِ‌ّ وَ الرمّاّنيِ‌ّ وَ الجبُاّئيِ‌ّ

و قال في قوله تعالي وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ عن ابن عباس نزلت هذه الآية في صلح الحديبية و ذلك أن رسول الله ص لماخرج هو وأصحابه في العام ألذي


صفحه : 320

أرادوا فيه العمرة وكانوا ألفا وأربعمائة فساروا حتي نزلوا الحديبية فصدهم المشركون عن البيت الحرام فنحروا الهدي‌ بالحديبية ثم صالحهم المشركون علي أن يرجع في عامه ويعود العام القابل ويخلوا له مكة ثلاثة أيام فيطوف بالبيت ويفعل مايشاء فيرجع إلي المدينة من فوره فلما كان العام المقبل تجهز النبي ص وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لاتفي‌ لهم قريش بذلك و أن يصدوهم عن البيت الحرام ويقاتلوهم فكره رسول الله ص قتالهم في الشهر الحرام في الحرم فأنزل الله هذه الآية و عن الربيع بن أنس و عبدالرحمن بن زيد بن أسلم هذه أولي آية نزلت في القتال فلما نزلت كان رسول الله ص يقاتل من قاتله ويكف عمن كف عنه حتي نزلت فَاقتُلُوا المُشرِكِينَ حَيثُ وَجَدتُمُوهُمفنسخت هذه الآيةوَ لا تَعتَدُوا أي لاتجاوزوا من قتال من هو أهل القتال إلي قتال من لم تؤمروا بقتاله وقيل معناه لاتعتدوا بقتال من لم يبدأكم بقتال إِنّ اللّهَ لا يُحِبّ المُعتَدِينَ واختلف في الآية فقال بعضهم منسوخة كماذكرنا وروي‌ عن ابن عباس ومجاهد أنها غيرمنسوخة بل هي‌ خاصة في النساء والذراري‌ وقيل أمر بقتال أهل مكة وروي‌ عن أئمتنا عليهم السلام أن هذه الآية ناسخة لقوله تعالي كُفّوا أَيدِيَكُم وَ أَقِيمُوا الصّلاةَ وكذلك قوله وَ اقتُلُوهُم حَيثُ ثَقِفتُمُوهُمناسخ لقوله وَ لا تُطِعِ الكافِرِينَ وَ المُنافِقِينَ وَ دَع أَذاهُموَ اقتُلُوهُم أي الكفارحَيثُ ثَقِفتُمُوهُم أي وجدتموهم وَ أَخرِجُوهُم مِن حَيثُ أَخرَجُوكُميعني‌ أخرجوهم من مكة كماأخرجوكم منهاوَ الفِتنَةُ أَشَدّ مِنَ القَتلِ أي شركهم بالله وبرسوله أعظم من القتل في الشهر الحرام و ذلك أن رجلا


صفحه : 321

من الصحابة قتل رجلا من الكفار في الشهر الحرام فعابوا المؤمنين بذلك فبين الله سبحانه أن الفتنة في الدين و هوالشرك أعظم من قتل المشركين في الشهر الحرام و إن كان غيرجائزوَ لا تُقاتِلُوهُم عِندَ المَسجِدِ الحَرامِ حَتّي يُقاتِلُوكُم فِيهِنهي عن ابتدائهم بقتال أوقتل في الحرم حتي يبتد‌ئ المشركون بذلك فَإِن قاتَلُوكُم أي بدءوكم بذلك فَاقتُلُوهُم كَذلِكَ جَزاءُ الكافِرِينَ أن يقتلوا حيث ماوجدوافَإِنِ انتَهَوا أي امتنعوا من كفرهم بالتوبةفَإِنّ اللّهَ غَفُورٌلهم رَحِيمٌبهم وَ قاتِلُوهُم حَتّي لا تَكُونَ فِتنَةٌ أي شرك عن ابن عباس و هوالمروي‌ عن أبي جعفر عليه السلام وَ يَكُونَ الدّينُ لِلّهِ أي و حتي تكون الطاعة لله والانقياد لأمره أو حتي يكون الإسلام لله فَإِنِ انتَهَوا عن الكفرفَلا عُدوانَ إِلّا عَلَي الظّالِمِينَ أي فلاعقوبة عليهم وإنما العقوبة بالقتل علي الكافرين المقيمين علي الكفر فسمي‌ القتل عدوانا من حيث كان عقوبة علي العدوان و هوالظلم الشّهرُ الحَرامُ بِالشّهرِ الحَرامِالمراد به هاهنا ذو القعدة و هوشهر الصد عام الحديبية والأشهر الحرم أربعة ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب كانوا يحرمون فيهاالقتال وإنما قيل ذو القعدة لقعودهم فيه عن القتال وقيل في تقديره وجهان أحدهما قتال الشهر الحرام بقتال الشهر الحرام فحذف المضاف وقيل إنه الشهر الحرام علي جهة العوض لمافات في السنة الأولي ومعناه الشهر الحرام ذو القعدة ألذي دخلتم فيه مكة واعتمرتم وقضيتم منها وطركم في سنة سبع بالشهر الحرام ذي‌ القعدة ألذي صددتم فيه عن البيت ومنعتم من مرادكم سنة ست والحرمات قصاص فيه قولان أحدهما أن الحرمات قصاص بالمراغمة بدخول البيت في الشهر الحرام قال مجاهد لأن قريشا فخرت بردها رسول الله عام الحديبية


صفحه : 322

محرما في ذي‌ القعدة عن البلد الحرام فأدخله الله تعالي مكة في العام المقبل في ذي‌ القعدة وقضي عمرته وروي‌ ذلك عن أبي جعفر عليه السلام والثاني‌ أن الحرمات قصاص بالقتل في الشهر الحرام أي لايجوز للمسلمين إلاقصاصا قال الحسن إن مشركي‌ العرب قالوا لرسول الله ص أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام قال نعم وإنما أراد المشركون أن يغيروه في الشهر الحرام فيقاتلوه فأنزل الله سبحانه هذا أي إن استحلوا منكم في الشهر الحرام شيئا فاستحلوا منهم مثل مااستحلوا منكم وإنما جمع الحرمات لأنه أراد حرمة الشهر وحرمة البلد وحرمة الإحرام وقيل أراد كل حرمة تستحل فلاتجوز إلا علي وجه المجازاةفَمَنِ اعتَدي عَلَيكُم أي ظلمكم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدي عَلَيكُم أي فجازوه باعتدائه وقابلوه بمثله وَ اتّقُوا اللّهَفيما أمركم به ونهاكم عنه وَ اعلَمُوا أَنّ اللّهَ مَعَ المُتّقِينَبالنصرة لهم وَ أَتِمّوا الحَجّ وَ العُمرَةَ لِلّهِ أي أتموهما بمناسكهما وحدودهما واقصدوا بهما التقرب إلي الله فَإِن أُحصِرتُم أي إن منعكم خوف أوعدو أومرض فامتنعتم لذلك و هوالمروي‌ عن أئمتنا عليهم السلام فَمَا استَيسَرَ مِنَ الهدَي‌ِ أي فعليكم ماسهل من الهدي‌ أوفاهدوا ماتيسر من الهدي‌ إذاأردتم الإحلال وَ لا تَحلِقُوا رُؤُسَكُم حَتّي يَبلُغَ الهدَي‌ُ مَحِلّهُ أي لاتتحللوا من إحرامكم حتي يبلغ الهدي‌ محله وينحر أويذبح واختلف في محل الهدي‌ فقيل إنه الحرم وقيل إنه الموضع ألذي يصد فيه لأن النبي ص نحر هديه بالحديبية وأمر أصحابه ففعلوا ذلك وليست الحديبية من الحرم و أما علي مذهبنا فالأول حكم المحصر بالمرض والثاني‌ حكم المحصور بالعدو


صفحه : 323

و إن كان الإحرام بالحج فمحله مني يوم النحر و إن كان الإحرام بالعمرة فمحله مكة. قوله تعالي لَيَبلُوَنّكُمُ اللّهُ بشِيَ‌ءٍ مِنَ الصّيدِ. قال البيضاوي‌ نزلت عام الحديبية ابتلاهم الله بالصيد وكانت الوحوش تغشاهم في رحابهم بحيث يتمكنون من صيدها أخذا بأيديهم وطعنا برماحهم وهم محرمون والتقليل والتحقير في بشي‌ء للتنبيه علي أنه ليس من العظائم التي‌ تدحض الإقدام كالابتلاء ببذل الأنفس والأموال فمن لم يثبت عنده كيف يثبت عند ما هوأشد منه لِيَعلَمَ اللّهُ مَن يَخافُهُ بِالغَيبِليتميز الخائف من عقابه و هوغائب منتظر لقوة إيمانه ممن لايخافه لضعف قلبه وقلة إيمانه فذكر العلم وأراد وقوع المعلوم وظهوره أوتعلق العلم فَمَنِ اعتَدي بَعدَ ذلِكَ بعد ذلك الابتلاء بالصيد. قوله تعالي وَ ما لَهُم أَلّا يُعَذّبَهُمُ اللّهُ قال البيضاوي‌ أي و مالهم مما يمنع تعذيبهم متي ذلك وكيف لايعذبون وَ هُم يَصُدّونَ عَنِ المَسجِدِ الحَرامِ وحالهم ذلك و من صدهم عنه إلجاء الرسول ص و المؤمنين إلي الهجرة وإحصارهم عام الحديبيةوَ ما كانُوا أَولِياءَهُمستحقين ولاية أمره مع شركهم و هورد لماكانوا يقولون نحن ولاة البيت والحرم فنصد من نشاء وندخل من نشاءإِن أَولِياؤُهُ إِلّا المُتّقُونَ من الشرك الذين لايعبدون فيه غيره وقيل الضميران لله وَ لكِنّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمُونَ أن لاولاية لهم عليه .إِنّ الّذِينَ كَفَرُوا وَ يَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ لايريد به حالا و لااستقبالا وإنما يريد استمرار الصد منهم ولذلك حسن عطفه علي الماضي‌وَ المَسجِدِ الحَرامِ


صفحه : 324

عطف علي اسم الله ألّذِي جَعَلناهُ لِلنّاسِ سَواءً العاكِفُ فِيهِ وَ البادِ أي المقيم والطار‌ئوَ مَن يُرِد فِيهِمما ترك مفعوله ليتناول كل متناول بِإِلحادٍعدول عن القصدبِظُلمٍبغير حق وهما حالان مترادفان أوالثاني‌ بدل من الأول بإعادة الجار أوصلة له أي ملحدا بسبب الظلم كالإشراك واقتراف الآثام نُذِقهُ مِن عَذابٍ أَلِيمٍجواب لمن . و قال الطبرسي‌ رحمه الله قيل إن الآية نزلت في الذين صدوا رسول الله ص عام الحديبية. و قال رحمه الله في قوله تعالي إِنّ الّذِينَ يُبايِعُونَكَالمراد بالبيعة هنا بيعة الحديبية وهي‌ بيعة الرضوان بايعوا رسول الله ص علي الموت إِنّما يُبايِعُونَ اللّهَيعني‌ أن المبايعة معك تكون مبايعة مع الله لأن طاعتك طاعة الله وإنما سميت بيعة لأنها عقدت علي بيع أنفسهم بالجنة للزومهم في الحرب النصرةيَدُ اللّهِ فَوقَ أَيدِيهِم أي عقد الله في هذه البيعة فوق عقدهم لأنهم بايعوا الله ببيعة نبيه فكأنهم بايعوه من غيرواسطة وقيل معناه قوة الله في نصرة نبيه فوق نصرتهم إياه أي ثق بنصرة الله لك لابنصرتهم و إن بايعوك وقيل نعمة الله عليهم بنبيه فوق أيديهم بالطاعة والمبايعة وقيل يد الله بالثواب و ماوعدهم علي بيعتهم من الجزاء فوق أيديهم بالصدق والوفاءفَمَن نَكَثَ أي نقض ماعقد من البيعةفَإِنّما يَنكُثُ عَلي نَفسِهِ أي يرجع ضرر ذلك النقض عليه و ليس له الجنة و لاكرامةوَ مَن أَوفي أي ثبت علي الوفاءبِما عاهَدَ عَلَيهُ اللّهَ من البيعةفَسَيُؤتِيهِ أَجراً عَظِيماً أي ثوابا جزيلاسَيَقُولُ لَكَ المُخَلّفُونَ مِنَ الأَعرابِ أي الذين تخلفوا عن صحبتك في وجهتك وعمرتك و ذلك أنه ص لماأراد المسير إلي مكة عام الحديبية معتمرا و كان في ذي‌ القعدة من سنة ست من الهجرة استنفر من حول المدينة من الأعراب إلي الخروج معه وهم غفار وأسلم ومزينة وجهينة و


صفحه : 325

أشجع والدئل حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب أوبصد وأحرم بالعمرة وساق معه الهدي‌ ليعلم الناس أنه لايريد حربا فتثاقل عنه كثير من الأعراب فقالوا نذهب معه إلي قوم قدجاءوه وقتلوا أصحابه فتخلفوا عنه واعتلوا بالشغل فقال سبحانه إنهم يقولون لك إذاانصرفت إليهم فعاتبتهم علي التخلف عنك شَغَلَتنا أَموالُنا وَ أَهلُونا عن الخروج معك فَاستَغفِر لَنا في قعودنا عنك فكذبهم الله تعالي فقال يَقُولُونَ بِأَلسِنَتِهِم ما لَيسَ فِي قُلُوبِهِم أي لايبالون استغفر لهم النبي أم لاقُل فَمَن يَملِكُ لَكُم مِنَ اللّهِ شَيئاً إِن أَرادَ بِكُم ضَرّا أَو أَرادَ بِكُم نَفعاً أي غنيمة و ذلك أنهم ظنوا أن تخلفهم عن النبي ص يدفع عنهم الضر أويعجل لهم النفع بالسلامة في أنفسهم وأموالهم فأخبرهم سبحانه أنه إن أراد بهم شيئا من ذلك لم يقدر أحد علي دفعه عنهم بَل كانَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ خَبِيراً أي عالما بما كنتم تعملون في تخلفكم بَل ظَنَنتُم أَن لَن يَنقَلِبَ الرّسُولُ وَ المُؤمِنُونَ إِلي أَهلِيهِم أَبَداً أي ظننتم أنهم لايرجعون إلي من خلفوا بالمدينة من الأهل والأولاد لأن العدو يستأصلهم ويصطلمهم وَ زُيّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُم أي زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم وَ ظَنَنتُم ظَنّ السّوءِ في هلاك النبي ص و المؤمنين و كل هذا من الغيب ألذي لايطلع عليه أحد إلا الله فصار معجزا لنبيناص وَ كُنتُم قَوماً بُوراً أي هلكي لاتصلحون لخير وقيل قوما فاسدين .سَيَقُولُ المُخَلّفُونَيعني‌ هؤلاءإِذَا انطَلَقتُم إِلي مَغانِمَ لِتَأخُذُوهايعني‌ غنائم خيبرذَرُونا نَتّبِعكُم أي اتركونا نجي‌ء معكم و ذلك أنهم لماانصرفوا من الحديبية بالصلح وعدهم الله سبحانه فتح خيبر وخص بغنائمها من شهد الحديبية فلما انطلقوا إليها قال هؤلاء المخلفون ذَرُونا نَتّبِعكُم فقال سبحانه يُرِيدُونَ أَن يُبَدّلُوا كَلامَ اللّهِ أي مواعيد الله لأهل الحديبية بغنيمة خيبر خاصة أرادوا تغيير ذلك بأن يشاركوهم فيها وقيل يريد أمر الله لنبيه أن لايسير معه منهم أحدقُل


صفحه : 326

لَن تَتّبِعُونا كَذلِكُم قالَ اللّهُ مِن قَبلُ

أي قال الله بالحديبية قبل خيبر وقبل مرجعنا إليكم أن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية لايشركهم فيهاغيرهم فَسَيَقُولُونَ بَل تَحسُدُونَنا أن نشارككم في الغنيمةبَل كانُوا لا يَفقَهُونَالحق إِلّا قَلِيلًا أي إلافقها قليلا أوشيئا قليلا. قوله تعالي إِلي قَومٍ أوُليِ‌ بَأسٍ شَدِيدٍ قدمر تفسيره في باب نوادر الغزوات لَيسَ عَلَي الأَعمي حَرَجٌ أي ضيق في ترك الحضور مع المؤمنين في الجهاد قال مقاتل عذر الله أهل الزمانة والآفات الذين تخلفوا عن المسير إلي الحديبية بهذه الآية. قوله تعالي إِذ يُبايِعُونَكَ تَحتَ الشّجَرَةِيعني‌ بيعة الحديبية تحت الشجرة المعروفة وهي‌ شجرة السمرة وتسمي بيعة الرضوان لهذه الآية ورضي الله سبحانه عنهم هوإرادته تعظيمهم وإثابتهم فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِم من صدق النية في القتال والكراهة له لأنه بايعهم علي القتال وقيل ما في قلوبهم من الصبر واليقين والوفاءفَأَنزَلَ السّكِينَةَ عَلَيهِم وهي‌ اللطف المقوي‌ لقلوبهم والطمأنينةوَ أَثابَهُم فَتحاً قَرِيباًيعني‌ فتح خيبر وقيل فتح مكةوَ مَغانِمَ كَثِيرَةً يَأخُذُونَهايعني‌ غنائم خيبر فإنها كانت مشهورة بكثرة المال والعقار وقيل يعني‌ غنائم هوازن بعدفتح مكة.أقول قدمضي تفسير بقية الآيات في باب نوادر الغزوات . قوله تعالي وَ هُوَ ألّذِي كَفّ أَيدِيَهُم عَنكُم أي بالرعب قيل سبب نزوله أن المشركين بعثوا أربعين رجلا عام الحديبية ليصيبوا من المسلمين فأتي‌ بهم إلي النبي ص أساري فخلي سبيلهم عن ابن عباس وقيل إنهم كانوا ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا من جبل التنعيم عندصلاة الفجر عام الحديبية ليقتلوهم


صفحه : 327

فأخذهم رسول الله ص وأعتقهم عن أنس وقيل كان رسول الله ص جالسا في ظل شجرة و بين يديه علي عليه السلام يكتب كتاب الصلح فخرج ثلاثون شابا عليهم السلاح فدعا عليهم النبي ص فأخذ الله تعالي بأبصارهم فقمنا فأخذناهم فخلي ص سبيلهم فنزلت هذه الآية عن عبد الله بن المغفل وَ أَيدِيَكُم عَنهُمبالنهي‌مِن بَعدِ أَن أَظفَرَكُم عَلَيهِمذكر الله تعالي منته علي المؤمنين بحجزه بين الفريقين حتي لم يقتتلا و حتي اتفق بينهم الصلح ألذي كان أعظم من الفتح وَ صَدّوكُم عَنِ المَسجِدِ الحَرامِ أن تطوفوا وتحلوا من عمرتكم يعني‌ قريشاوَ الهدَي‌َ مَعكُوفاً أَن يَبلُغَ مَحِلّهُ أي وصدوا الهدي‌ وهي‌ البدن التي‌ ساقها رسول الله ص معه وكانت سبعين بدنة حتي بلغ ذا الحليفة فقلد البدن التي‌ ساقها وأشعرها وأحرم بالعمرة حتي نزل بالحديبية ومنعه المشركون و كان الصلح فلما تم الصلح نحروا البدن و ذلك قوله مَعكُوفاً أي محبوسا من أَن يَبلُغَ مَحِلّهُ أي منحره يعني‌ مكةوَ لَو لا رِجالٌ مُؤمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤمِناتٌيعني‌ المستضعفين الذين كانوا بمكة بين الكفار من أهل الإيمان لَم تَعلَمُوهُمبأعيانهم لاختلاطهم بغيرهم أَن تَطَؤُهُمبالقتل وتوقعوا بهم فَتُصِيبَكُم مِنهُم مَعَرّةٌ أي إثم وجناية أوعيب يعيبكم المشركون بأنهم قتلوا أهل دينهم وقيل هي‌ غرم الدية والكفارة في قتل الخطإ عن ابن عباس و ذلك أنهم لوكبسوا مكة و فيهاقوم مؤمنون لم يتميزوا من الكفار و لم يأمنوا أن يقتلوا المؤمنين فتلزمهم الكفارة وتلحقهم السيئة بقتل من علي دينهم فهذه المعرة التي‌ صان الله المؤمنين عنها وجواب لو لامحذوف وتقديره لو لاالمؤمنون الذين لم تعلموهم لوطئتم رقاب المشركين بنصرنا إياكم و قوله بِغَيرِ عِلمٍموضعه التقديم لأن التقدير لو لا أن تطئوهم بغير علم و قوله لِيُدخِلَ اللّهُ فِي رَحمَتِهِ مَن يَشاءُاللام متعلق بمحذوف دل عليه معني الكلام تقديره فحال بينكم وبينهم ليدخل الله في رحمته من يشاء يعني‌ من أسلم من الكفار بعدالصلح وقيل ليدخل الله في رحمته أولئك


صفحه : 328

بسلامتهم من القتل ويدخل هؤلاء في رحمته بسلامتهم من الطعن والعيب لَو تَزَيّلُوا أي لوتميز المؤمنون من الكافرين لَعَذّبنَا الّذِينَ كَفَرُوا مِنهُم أي من أهل مكةعَذاباً أَلِيماًبالسيف والقتل بأيديكم ولكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفارإِذ جَعَلَ الّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الحَمِيّةَإذ يتعلق بقوله لَعَذّبنَا أي لعذبنا الذين كفروا وأذنا لك في قتالهم حين جعلوا في قلوبهم الأنفة التي‌ تحمي‌ الإنسان أي حميت قلوبهم بالغضب ثم فسر تلك الحمية فقال حَمِيّةَ الجاهِلِيّةِ أي عادة آبائهم في الجاهلية أن لايذعنوا لأحد و لاينقادوا له و ذلك أن كفار مكة قالوا قدقتل محمد وأصحابه آباءنا وإخواننا ويدخلون علينا في منازلنا فتتحدث العرب أنهم دخلوا علينا علي رغم أنفنا واللات والعزي لايدخلونها علينا فهذه حمية الجاهلية التي‌ دخلت قلوبهم وقيل هي‌ أنفتهم من الإقرار لمحمدص بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم حيث أراد أن يكتب كتاب العهد بينهم عن الزهري‌فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ إلي قوله كَلِمَةَ التّقوي وهي‌ قول لاإله إلا الله وَ كانُوا أَحَقّ بِها وَ أَهلَهاقيل إن فيه تقديما وتأخيرا والتقدير كانوا أهلها وأحق بها أي كان المؤمنون أهل تلك الكلمة وأحق بها من المشركين وقيل كانوا أحق بنزول السكينة عليهم وأهلا لها وقيل كانوا أحق بمكة أن يدخلوها وأهلهاوَ كانَ اللّهُ بِكُلّ شَيءٍ عَلِيماً لماذم الكفار بالحمية ومدح المؤمنين بلزوم الكلمة والسكينة بين علمه ببواطن سرائرهم و ماينطوي‌ عليه عقد ضمائرهم لَقَد صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرّؤيا بِالحَقّقالوا إن الله تعالي أري نبيه في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلي الحديبية أن المسلمين دخلوا المسجد الحرام فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم دخلوا مكة عامهم ذلك فلما انصرفوا و لم يدخلوا مكة قال المنافقون ماحلقنا و لاقصرنا و لادخلنا المسجد الحرام فأنزل الله هذه الآية وأخبر أنه أري رسوله الصدق في منامه لاالباطل وأنهم يدخلونه وأقسم علي ذلك فقال لَتَدخُلُنّ المَسجِدَ الحَرامَيعني‌ العام المقبل إِن شاءَ اللّهُ قال أبوالعباس استثني الله فيما يعلم


صفحه : 329

ليستثني‌ الناس فيما لايعلمون وقيل إن الاستثناء من الدخول و كان بين نزول الآية والدخول سنة و قدمات منهم ناس في السنة فيكون تقديره ليدخلن كلكم إن شاء الله إذ علم أن منهم من يموت قبل السنة أويمرض فلايدخلها فأدخل الاستثناء لئلا يقع في الخبر خلف وقيل إن الاستثناء داخل علي الخوف والأمن فأما الدخول فلاشك فيه وتقديره لتدخلن آمنين من العدو إن شاء الله وقيل إن إن هاهنا بمعني إذ أي إذ شاء الله حين أري رسوله ذلك عن أبي عبيدةمُحَلّقِينَ رُؤُسَكُم وَ مُقَصّرِينَ أي محرمين يحلق بعضكم رأسه ويقصر بعض و هو أن يأخذ بعض الشعرلا تَخافُونَمشركافَعَلِمَ من الصلاح في صلح الحديبيةما لَم تَعلَمُوا وقيل علم في تأخير دخول المسجد الحرام من الخير والصلاح ما لم تعلموا أنتم و هوخروج المؤمنين من بينهم و غير ذلك فَجَعَلَ مِن دُونِ ذلِكَ أي قبل الدخول فَتحاً قَرِيباًيعني‌ فتح خيبر أوصلح الحديبية. ثم قال رحمه الله قصة فتح الحديبية قال ابن عباس إن رسول الله ص خرج يريد مكة فلما بلغ الحديبية وقفت ناقته وزجرها فلم تنزجر وبركت الناقة فقال أصحابه خلأت الناقة فقال ص ما هذالها عادة ولكن حبسها حابس الفيل ودعا عمر بن الخطاب ليرسله إلي أهل مكة ليأذنوا له بأن يدخل مكة ويحل من عمرته وينحر هديه فقال يا رسول الله ما لي بهاحميم وإني‌ أخاف قريشا لشدة عداوتي‌ إياها ولكن أدلك علي رجل هوأعز بهامني‌ عثمان بن عفان فقال صدقت فدعا رسول الله ص عثمان فأرسله إلي أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته فاحتبسته


صفحه : 330

قريش عندها فبلغ رسول الله ص والمسلمين أن عثمان قدقتل فقال ص لانبرح حتي نناجز القوم فدعا الناس إلي البيعة فقام رسول الله ص إلي الشجرة فاستند إليها وبايع الناس علي أن يقاتلوا المشركين و لايفروا قال عبد الله بن مغفل كنت قائما علي رأس رسول الله ص ذلك اليوم وبيدي‌ غصن من السمرة أذب عنه و هويبايع الناس فلم يبايعهم علي الموت وإنما بايعهم علي أن لايفروا. وروي الزهري‌ وعروة بن الزبير والمسور بن مخرمة قالوا خرج رسول الله ص من المدينة في بضع عشرة مائة من أصحابه حتي إذاكانوا بذي‌ الحليفة قلد رسول الله ص الهدي‌ وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخبره عن قريش وسار رسول الله ص حتي إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان أتاه عينه الخزاعي‌ فقال إني‌ تركت كعب بن لؤي‌ وعامر بن لؤي‌ قدجمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك جموعا وهم قاتلوك أومقاتلوك وصادوك عن البيت فقال ص روحوا فراحوا حتي إذاكانوا ببعض الطريق قال النبي ص إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل القريش طليعة فخذوا ذات اليمين وسارص حتي إذا كان بالثنية بركت راحلته فقال ص ماخلأت القصوي ولكن حبسها حابس الفيل ثم قال و الله لايسألوني‌ خطة يعظمون فيهاحرمات الله


صفحه : 331

إلاأعطيتهم إياها ثم زجرها فوثبت به قال فعدل حتي نزل بأقصي الحديبية علي ثمد قليل الماء إنما يتبرضه الناس تبرضا فشكوا إليه العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه في الماء فو الله مازال يجيش لهم بالري‌ حتي صدروا عنه فبينما هم كذلك إذ جاءهم بديل بن ورقاء الخزاعي‌ في نفر من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله ص من أهل تهامة فقال إني‌ تركت كعب بن لؤي‌ وعامر بن لؤي‌ ومعهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت فقال رسول الله ص إنا لم نجئ لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين و إن قريشا قدنهكتهم الحرب وأضرت بهم فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني‌ و بين الناس و إن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا و إلافقد جموا و إن أبوا فو ألذي نفسي‌ بيده لأقاتلنهم علي أمري‌ هذا حتي تنفرد سالفتي‌ أولينفذن الله تعالي أمره فقال بديل سأبلغهم ماتقول فانطلق حتي أتي قريشا فقال إنا قدجئناكم من عند هذا الرجل وإنه يقول كذا وكذا فقام عروة بن مسعود الثقفي‌ فقال إنه قدعرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني‌ آته فقالوا ائته فأتاه فجعل يكلم النبي ص و قال له رسول الله ص نحوا من قوله لبديل فقال عروة عند ذلك أي محمد أرأيت إن استأصلت قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك و إن تكن الأخري فو الله إني‌ لأري وجوها وأري أوباشا من الناس خلقا أن يفروا ويدعوك فقال له أبوبكر امصص بظر اللات أنحن نفر عنه وندعه فقال من ذا قالوا أبوبكر قال أما و ألذي نفسي‌ بيده لو لايد كانت لك عندي‌ لم أجزك


صفحه : 332

بهالأجبتك قال وجعل يكلم النبي ص وكلما كلمه أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم علي رأس النبي ص ومعه السيف و عليه المغفر فكلما أهوي عروة بيده إلي لحية رسول الله ص ضرب يده بنعل السيف و قال أخر يدك عن لحية رسول الله ص قبل أن لاترجع إليك فقال من هذاقالوا المغيرة بن شعبة قال أي غدر أ ولست أسعي في غدرتك قال و كان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النبي ص أماالإسلام فقد قبلنا و أماالمال فإنه مال غدر لاحاجة لنا فيه . ثم إن عروة جعل يرمق صحابة النبي ص إذاأمرهم رسول الله ص ابتدروا أمره و إذاتوضأ ثاروا يقتتلون علي وضوئه و إذاتكلموا خفضوا أصواتهم عنده و مايحدون إليه النظر تعظيما له قال فرجع عروة إلي أصحابه و قال أي قوم و الله لقد وفدت علي الملوك ووفدت علي قيصر وكسري والنجاشي‌ و الله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه مايعظم أصحاب محمدمحمدا إذاأمرهم ابتدروا أمره و إذاتوضأ كادوا يقتتلون علي وضوئه و إذاتكلموا خفضوا أصواتهم عنده و مايحدون إليه النظر تعظيما له وإنه قدعرض عليكم خطة رشد فاقبلوها فقال رجل من بني‌ كنانة دعوني‌ آته فقال ائته فلما أشرف عليهم قال رسول الله ص هذافلان و هو من قوم يعظمون البدن فابعثوها فبعثت له واستقبله القوم يلبون فلما رأي ذلك قال سبحان الله ماينبغي‌ لهؤلاء أن يصدوا عن البيت فقام رجل


صفحه : 333

منهم يقال له مكرز بن حفص فقال دعوني‌ آته فقالوا ائته فلما أشرف عليهم قال النبي ص هذامكرز و هو رجل فاجر فجعل يكلم النبي ص فبينا هويكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو فقال ص قدسهل الله عليكم أمركم فقال اكتب بيننا وبينك كتابا فدعا رسول الله ص علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل أماالرحمن فو الله ماأدري‌ ما هو ولكن اكتب باسمك أللهم فقال المسلمون و الله لانكتبها إلابسم الله الرحمن الرحيم فقال النبي ص اكتب باسمك أللهم هذا ماقاضي عليه محمد رسول الله ص فقال سهيل لوكنا نعلم أنك رسول الله ماصددناك عن البيت و لاقاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال النبي ص إني‌ لرسول الله و إن كذبتموني‌ ثم قال لعلي‌ عليه السلام امح رسول الله فقال يا رسول الله إن يدي‌ لاتنطلق بمحو اسمك من النبوة فأخذه رسول الله ص فمحاه ثم قال اكتب هذا ماقاضي عليه محمد بن عبد الله


صفحه : 334

سهيل بن عمرو واصطلحا علي وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض و علي أنه من قدم مكة من أصحاب محمدحاجا أومعتمرا أويبتغي‌ من فضل الله فهو آمن علي دمه وماله و من قدم المدينة من قريش مجتازا إلي مصر أوالشام فهو آمن علي دمه وماله فإن بيننا عيبة مكفوفة و أنه لاإسلال و لاإغلال و أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه و من أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه .فتواثبت خزاعة فقالوا نحن في عقد محمد وعهده وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عقد قريش وعهدهم فقال رسول الله ص علي أن يخلو بيننا و بين البيت فنطوف فقال سهيل و الله ماتتحدث العرب أناأخذنا ضغطة ولكن ذلك من العام المقبل فكتب فقال سهيل علي أنه لايأتيك منا رجل و إن كان علي دينك إلارددته إلينا و من جاءنا ممن معك لم نرده عليك فقال المسلمون سبحان الله كيف يرد إلي المشركين و قدجاء مسلما فقال رسول الله ص من جاءهم منا فأبعده الله و من جاءنا منهم رددناه إليهم فلو علم الله الإسلام من قلبه جعل له مخرجا فقال سهيل و علي أنك ترجع عنا عامك هذا فلاتدخل علينا مكة فإذا كان عام قابل خرجنا عنها لك فدخلتها بأصحابك فأقمت بهاثلاثا و لاتدخلها بالسلاح إلاالسيوف في القراب وسلاح الراكب و علي أن هذاالهدي‌ حيث ماحبسناه محله لاتقدمه علينا فقال ص نحن نسوق وأنتم تردون فبينا هم كذلك إذ جاء أبوجندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده قدخرج من أسفل مكة حتي رمي بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل هذا يا محمدأول ماأقاضيك عليه أن ترده فقال النبي ص إنا لم نرض بالكتاب بعد قال و الله إذا لاأصالحك علي


صفحه : 335

شيءأبدا فقال النبي ص فأجره لي قال ما أنابمجيره لك قال بلي فافعل قال ما أنابفاعل قال مكرز بلي قدأجرناه قال أبوجندل بن سهيل معاشر المسلمين أرد إلي المشركين و قدجئت مسلما أ لاترون ما قدلقيت و كان قدعذب عذابا شديدا فقال عمر بن الخطاب و الله ماشككت منذ أسلمت إلايومئذ فأتيت النبي ص فقلت ألست نبي‌ الله قال بلي قلت ألسنا علي الحق وعدونا علي الباطل قال بلي قلت فلم نعطي‌ الدنية في ديننا إذا قال إني‌ رسول الله ولست أعصيه و هوناصري‌ قلت أ ولست تحدثنا أناسنأتي‌ البيت ونطوف حقا قال بلي أفأخبرتك أنانأتيه العام قلت لا قال فإنك تأتيه وتطوف به فنحر رسول الله ص بدنة ودعا بحالقه فحلق شعره ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالي يا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجِراتٍالآية قال محمد بن إسحاق بن بشار وحدثني‌ بريدة بن سفيان عن محمد بن كعب أن كاتب رسول الله ص في هذاالصلح كان علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له رسول الله ص اكتب هذا ماصالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو فجعل علي عليه السلام يتلكأ ويأبي أن يكتب إلا محمد رسول الله ص فقال رسول الله ص فإن لك مثلها تعطيها و أنت مضطهد فكتب ماقالوا ثم رجع رسول الله ص إلي المدينة فجاءه أبوبصير رجل من قريش و هومسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا


صفحه : 336

العهد ألذي جعلت لنا فدفعه إلي الرجلين فخرجا به حتي بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبوبصير لأحد الرجلين إني‌ لأري سيفك هذاجيدا فاستله و قال أجل إنه لجيد وجربت به ثم جربت فقال أبوبصير أرني‌ أنظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتي برد وفر الآخر حتي بلغ المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله ص حين رآه لقد رأي هذاذعرا فلما انتهي إلي النبي ص قال قتل و الله صاحبي‌ وإني‌ لمقتول قال فجاء أبوبصير فقال يانبي‌ الله قدأوفي الله ذمتك ورددتني‌ إليهم ثم أنجاني‌ الله منهم فقال النبي ص ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتي أتي سيف البحر وانفلت منهم أبوجندل بن سهيل فلحق بأبي‌ بصير فلايخرج من قريش رجل قدأسلم إلالحق بأبي‌ بصير حتي اجتمعت عليه عصابة قال فو الله لايسمعون بعير لقريش قدخرجت إلي الشام إلااعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلي النبي ص تناشده الله والرحم لماأرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمن فأرسل ص إليهم فأتوه . ثم قال رحمه الله في ذكر عمرة القضاء وكذلك جري الأمر في عمرة القضاء في السنة التالية للحديبية وهي‌ سنة سبع من الهجرة في ذي‌ القعدة و هوالشهر ألذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام فخرج النبي ص ودخل مكة مع أصحابه معتمرين وأقاموا بمكة ثلاثة أيام ثم رجعوا إلي المدينة. و عن الزهري‌ قال بعث رسول الله ص جعفر بن أبي طالب بين يديه إلي


صفحه : 337

ميمونة بنت الحارث العامرية فخطبهاص فجعلت أمرها إلي العباس بن عبدالمطلب وكانت تحته أختها أم الفضل بنت الحارث فزوجها العباس من رسول الله ص فلما قدم رسول الله ص أمر أصحابه فقال اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف ليري المشركون جلدهم وقوتهم فاستكف أهل مكة الرجال والنساء والصبيان ينظرون إلي رسول الله ص وأصحابه وهم يطوفون بالبيت و عبد الله بن رواحة يرتجز بين يدي‌ رسول الله متوشحا بالسيف يقول


خلوا بني‌ الكفار عن سبيله .   قدأنزل الرحمن في تنزيله .

في صحف تتلي علي رسوله .   اليوم نضربكم علي تأويله .

كماضربناكم علي تنزيله .   ضربا يزيل الهام عن مقيله .

ويذهل الخليل عن خليله .   يارب إني‌ مؤمن بقيله .

  ني‌ رأيت الحق في قبوله .

ويشير بيده إلي رسول الله ص وأنزل الله في تلك العمرةالشّهرُ الحَرامُ بِالشّهرِ الحَرامِ و هو أن رسول الله ص اعتمر في الشهر الحرام ألذي صد فيه و قال في قوله تعالي إِذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجِراتٍ قال ابن عباس صالح رسول الله ص بالحديبية مشركي‌ مكة علي أن من أتاه من أهل مكة رده عليهم و من أتي أهل مكة من أصحاب رسول الله ص فهو لهم و لم يردوه عليه وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعدالفراغ من الكتاب و النبي ص بالحديبية فأقبل زوجها مسافر من بني‌ مخزوم و قال مقاتل هوصيفي‌ بن الراهب في طلبها و كان كافرا فقال يا محمداردد علي امرأتي‌ فإنك قدشرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا و هذه طينة الكتاب لم تجف بعدفنزلت الآيةيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجِراتٍ من دار الكفر إلي دار الإسلام فَامتَحِنُوهُنّ قال ابن عباس امتحانهن أن يستحلفن ماخرجن


صفحه : 338

من بغض زوج و لارغبة عن أرض إلي أرض و لاالتماس دنيا و لاخرجت إلاحبا لله ولرسوله فاستحلفها رسول الله ص ماخرجت بغضا لزوجها و لاعشقا لرجل منا و ماخرجت إلارغبة في الإسلام فحلفت بالله ألذي لاإله إلا هو علي ذلك فأعطي رسول الله ص زوجها مهرها و ماأنفق عليها و لم يردها عليه فتزوجها عمر بن الخطاب فكان رسول الله يرد من جاءه من الرجال ويحبس من جاءه من النساء إذاامتحن ويعطي‌ أزواجهن مهورهن قال الزهري‌ و لمانزلت هذه الآية و فيها قوله وَ لا تُمسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِطلق عمر بن الخطاب امرأتين كانتا له بمكة مشركتين قريبة بنت أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما علي شركهما بمكة والأخري أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر فتزوجها أبوجهم بن حذافر بن غانم رجل من قومه وهما علي شركهما وكانت عندطلحة بن عبيد الله أروي بنت ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب ففرق بينهما الإسلام حين نهي القرآن عن التمسك بعصم الكوافر و كان طلحة قدهاجر وهي‌ بمكة عندقومها كافرة ثم تزوجها في الإسلام بعدطلحة خالد بن سعيد بن العاص بن أمية وكانت ممن فر إلي رسول الله ص من نساء الكفار فحبسها وزوجها خالدا وأميمة بنت بشر كانت عندثابت بن الدحداحة ففرت منه و هويومئذ كافر إلي رسول الله ص فزوجها رسول الله ص سهل بن حنيف فولدت عبد الله بن سهل .


صفحه : 339

قال الشعبي‌ وكانت زينب بنت رسول الله ص امرأة أبي العاص بن الربيع فأسلمت ولحقت بالنبي‌ص في المدينة وأقام أبوالعاص مشركا بمكة ثم أتي المدينة فأمنته زينب ثم أسلم فردها عليه رسول الله ص . و قال الجبائي‌ لم يدخل في شرط صلح الحديبية إلارد الرجال دون النساء و لم يجر للنساء ذكر و إن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط جاءت مسلمة مهاجرة من مكة فجاء أخواها إلي المدينة فسألا رسول الله ص ردها عليهما فقال رسول الله ص إن الشرط بيننا في الرجال لا في النساء فلم يردها عليهما قال الجبائي‌ وإنما لم يجر هذاالشرط في النساء لأن المرأة إذاأسلمت لم تحل لزوجها الكافر فكيف ترد عليه و قدوقعت الفرقة بينهمافَامتَحِنُوهُنّبالإيمان أي استوصفوهن الإيمان وسماهن مؤمنات قبل أن يؤمن لأنهن اعتقدن الإيمان اللّهُ أَعلَمُ بِإِيمانِهِنّ أي كنتم تعلمون بالامتحان ظاهر إيمانهن و الله يعلم حقيقة إيمانهن في الباطن ثم اختلفوا في الامتحان علي وجوه أحدها أن الامتحان أن يشهدن أن لاإله إلا الله و أن محمدا رسول الله عن ابن عباس . وثانيها ماروي‌ عن ابن عباس أيضا في رواية أخري أن امتحانهن أن يحلفن ماخرجن إلاللدين والرغبة في الإسلام ولحب الله ورسوله و لم يخرجن لبغض زوج و لالالتماس دنيا وروي‌ ذلك عن قتادة. وثالثها أن امتحانهن بما في الآية التي‌ بعد و هوأَن لا يُشرِكنَ بِاللّهِ شَيئاً وَ لا يَسرِقنَ وَ لا يَزنِينَالآية عن عائشة ثم قال سبحانه فَإِن عَلِمتُمُوهُنّ مُؤمِناتٍيعني‌ في الظاهرفَلا تَرجِعُوهُنّ إِلَي الكُفّارِ أي لاتردوهن إليهم لا هُنّ حِلّ لَهُم وَ لا هُم يَحِلّونَ لَهُنّ و هذايدل علي وقوع الفرقة بينهما لخروجها مسلمة و إن لم يطلق المشرك وَ آتُوهُم ما أَنفَقُوا أي وآتوا أزواجهن الكفار ماأنفقوا عليهن من المهر عن ابن عباس ومجاهد وقتادة قال الزهري‌ لو لاالهدنة لم يرد إلي المشركين الصداق كما كان يفعل قبل وَ لا جُناحَ عَلَيكُم أَن تَنكِحُوهُنّ إِذا آتَيتُمُوهُنّ


صفحه : 340

أُجُورَهُنّ أي و لاجناح عليكم معاشر المسلمين أن تنكحوا المهاجرات إذاأعطيتموهن مهورهن التي‌ يستحل بهافروجهن لأنهم بالإسلام قد بن من أزواجهن وَ لا تُمسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِ أي لاتتمسكوا بنكاح الكافرات وأصل العصمة المنع وسمي‌ النكاح عصمة لأن المنكوحة تكون في حبالة الزوج وعصمته وَ سئَلُوا ما أَنفَقتُم أي إن لحقت امرأة منكم بأهل العهد من الكفار مرتدة فاسألوهم ماأنفقتم من المهر إذامنعوها و لم يدفعوها إليكم كمايسألونكم مهور نسائهم إذاهاجرن إليكم و هو قوله وَ ليَسئَلُوا ما أَنفَقُوا ذلِكُميعني‌ ماذكر الله في هذه الآيةحُكمُ اللّهِ يَحكُمُ بَينَكُم وَ اللّهُ عَلِيمٌبجميع الأشياءحَكِيمٌفيما يفعل ويأمر به قال الحسن كان في صدر الإسلام تكون المسلمة تحت الكافر والكافرة تحت المسلم فنسخته هذه الآية قال الزهري‌ و لمانزلت هذه الآية آمن المؤمنون بحكم الله وأدوا ماأمروا به من نفقات المشركين علي نسائهم وأبي المشركون أن يقروا بحكم الله فيما أمرهم به من أداء نفقات المسلمين فنزل وَ إِن فاتَكُم شَيءٌ مِن أَزواجِكُم أي أحد من أزواجكم إِلَي الكُفّارِفلحقن بهم مرتدات فَعاقَبتُممعناه فغزوتم وأصبتم من الكفار عقبي وهي‌ الغنيمة وظفرتم وكانت العاقبة لكم وقيل معناه فخلفتم من بعدهم وصار الأمر إليكم وقيل إن عقب وعاقب مثل صغر وصاغر بمعني وقيل عاقبتم بمصير أزواج الكفار إليكم إما من جهة سبي‌ أومجيئهن مؤمنات فَآتُوا الّذِينَ ذَهَبَت أَزواجُهُم أي نساؤهم من المؤمنين مِثلَ ما أَنفَقُوا من المهور عليهن من رأس الغنيمة وكذلك من ذهبت زوجته إلي من بينكم وبينه عهد فنكث في إعطاء المهر فالذي‌ ذهب زوجته يعطي المهر من الغنيمة و لاينقص شيء من حقه بل يعطي كملا عن ابن عباس والجبائي‌ وقيل معناه إن فاتكم أحد من


صفحه : 341

أزواجكم إلي الكفار الذين بينكم وبينهم عهد فغنمتم فأعطوا زوجها صداقها ألذي كان ساق إليها من الغنيمة ثم نسخ هذاالحكم في براءة فنبذ إلي كل ذي‌ عهد عهده عن قتادة و قال علي بن عيسي معناه فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ماأنفقوا من المهور كماعليهم أن يردوا عليكم مثل ماأنفقتم لمن ذهب من أزواجكم وَ اتّقُوا اللّهَ ألّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَ أي اجتنبوا معاصي‌ الله ألذي أنتم تصدقون به و لاتجاوزوا أمره و قال الزهري‌ فكان جميع من لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين راجعات عن الإسلام ست نسوة أم الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن شداد الفهري‌ وفاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة أخت أم سلمة كانت تحت عمر بن الخطاب فلما أراد عمر أن يهاجر أبت وارتدت ويروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان وعبدة بنت عبدالعزي بن فضلة وزوجها عمرو بن عبدود وهند بنت أبي جهل بن هشام كانت تحت هشام بن العاص بن وائل وكلثوم بنت جرول كانت تحت عمر فأعطاهم رسول الله ص مهور نسائهم من الغنيمة انتهي . ولنوضح بعض ماربما يشتبه علي بعض من اللغات قال الجزري‌ الحديبية قرية قريبة من مكة سميت ببئر هناك وهي‌ مخففة وكثير من المحدثين يشددونها.


صفحه : 342

و قال الجوهري‌ خلأت الناقة أي حرنت وبركت من غيرعلة. و قال الجزري‌ الخطة بالضم الحال والأمر والخطب و قال الثمد بالتحريك الماء القليل و قال يتبرضه الناس تبرضا أي يأخذونه قليلا قليلا والبرض الشي‌ء القليل و قال يجيش أي يفور ماؤه ويرتفع . قوله عيبة نصح رسول الله ص قال في جامع الأصول يقال عيبة نصح فلان إذا كان موضع سره وثقته في ذلك . قوله معهم العوذ المطافيل قال الجزري‌ يريد النساء والصبيان والعوذ في الأصل جمع عائذ وهي‌ الناقة إذاوضعت و بعد ماتضع أياما حتي يقوي ولدها والمطافيل الإبل مع أولادها والمطفل الناقة القريب العهد بالنتاج معها طفلها يقال أطفلت فهي‌ مطفل ومطفلة والجمع مطافل ومطافيل بالإشباع يريد أنهم جاءوا بأجمعهم كبارهم وصغارهم . قوله قدنهكتهم الحرب أي أضرت بهم وأثرت فيهم قوله ماددتهم أي جعلت بيني‌ وبينهم أمدا طويلا أصالحهم فيه و هوفاعل من المد قوله فقد جموا أي استراحوا والجمام الراحة بعدالتعب أوكثروا من الجم الغفير قوله ص حتي تنفرد سالفتي‌ السالفة صفحة العنق وهما سالفتان من جانبيه كني بانفرادها عن الموت لأنها لاتنفرد عما يليها إلابالموت وقيل أراد حتي يفرق بين رأسي‌ وجسدي‌ ذكره الجزري‌ وقيل السالفة حبل العنق و هوالعرق ألذي بينه و بين الكتف قوله أوباشا أي أخلاطا وسفلة في بعض النسخ أشوابا بمعناه و في بعضها أشابا و في بعضها أوشابا والمعني واحد. قوله امصص ببظر اللات قال الجزري‌ البظر بفتح الباء الهنة التي‌ تقطعها الخافضة من فرج المرأة عندالختان و منه الحديث يا ابن المقطعة البظور ودعاه بذلك لأن أمه كانت تختن النساء والعرب تطلق هذااللفظ في معرض الذم و إن لم تكن أم من يقال له خاتنة انتهي .


صفحه : 343

وقيل البظر هنة بين ناحيتي‌ الفرج وهي‌ ماتبقيه الخافضة عندالقطع واللات المراد بهاالصنم . و قال الفيروزآبادي‌ هويمصه ويبظره أي قاله له امصص بظر فلانة. و قال الجزري‌ فيه قال عروة بن مسعود للمغيرة ياغدر وهل غسلت غدرتك إلابالأمس غدر معدول عن غادر للمبالغة يقال للذكر غدر وللأنثي غدار كقطام وهما مختصان بالنداء في الغالب انتهي . و في جامع الأصول ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي ص بعينه قال فو الله ماتنخم رسول الله ص نخامة إلاوقعت في كف رجل منهم فدلك بهاوجهه وجلده و إذاأمرهم ابتدروا أمره إلي آخر القصة. قوله هذا ماقضي و في بعض النسخ قاضي قال الجزري‌ في صلح الحديبية هذا ماقاضي عليه محمد هوفاعل من القضاء الفصل والحكم لأنه كان بينه و بين أهل مكة. قوله عيبة مكفوفة قال الجزري‌ أي بينهم صدر نقي‌ من الغل والخداع مطوي‌ علي الوفاء بالصلح والمكفوفة المشرجة المشدودة وقيل أراد أن بينهم موادعة ومكافة عن الحرب تجريان مجري المودة التي‌ تكون بين المتصافين الذين يثق بعضهم إلي بعض و قال في مكفوفة أي مشرجة علي ما فيهامقفلة ضربها مثلا للصدور وإنها نقية من الغل والغش فيما اتفقوا عليه من الصلح والهدنة وقيل معناه أن يكون الشر بينهم مكفوفا كماتكف العيبة علي ما فيها من المتاع يريد أن الذحول التي‌ كانت بينهم اصطلحوا علي أن لاينشروها فكأنهم قدجعلوها في وعاء وأشرجوا عليه و قال الإسلال السرقة الخفية يقال سل البعير أوغيره في جوف الليل إذاانتزعه من بين الإبل وهي‌ السلة وأسل أي صار ذا سلة ويقال الإسلال الغارة الظاهرة والإغلال الخيانة أوالسرقة الخفية يقال غل يغل فأما أغل وأسل فمعناه صار ذا غلول وذا سلة و يكون أيضا أن يعين غيره عليهما


صفحه : 344

وقيل الإغلال لبس الدروع والإسلال سل السيوف . قوله ضغطة قال الجزري‌ أي قهرا يقال أخذت فلانا ضغطة بالضم إذاضيقت عليه لتكرهه علي الشي‌ء. قوله ص نحن نسوق الظاهر أنه علي الاستفهام الإنكاري‌ قوله يرسف بضم السين وكسرها الرسف مشي‌ المقيد إذاجاء يتحامل برجله مع القيد قوله أجزه لي في جامع الأصول بالزاء المعجمة من الإجازة أي اجعله جائزا غيرممنوع أوأطلقه أوبالراء المهملة من الإجارة بمعني الحماية والحفظ والأمان و كان سهيلا لم يجز أمان مكرز أو كان أراد مكرز إجارته من التعذيب و في بعض رواياتهم بعد ذلك ثم جعل سهيل يجره ليرده إلي قريش . و قال الجزري‌ الدنية الخصلة المذمومة والأصل فيه الهمز و قديخفف و قال تلكأت أي توقفت وتباطأت و قال سعرت النار والحرب أوقدتهما وسعرتهما بالتشديد للمبالغة والمسعر والمسعار ماتحرك به النار من آلة الحديد يصفه بالمبالغة في الحرب والنجدة.أقول رَوَي فِي جَامِعِ الأُصُولِ عِندَ سِيَاقِ قِصّةِ الحُدَيبِيَةِ عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ لَمّا كَانَ يَومُ الحُدَيبِيَةِ خَرَجَ إِلَينَا نَاسٌ مِنَ المُشرِكِينَ مِنهُم سُهَيلُ بنُ عَمرٍو وَ أُنَاسٌ مِن رُؤَسَاءِ المُشرِكِينَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ قَد خَرَجَ إِلَيكَ نَاسٌ مِن أَبنَائِنَا وَ إِخوَانِنَا وَ أَرِقّائِنَا وَ لَيسَ بِهِم فِقهٌ فِي الدّينِ وَ إِنّمَا خَرَجُوا فِرَاراً مِن أَموَالِنَا وَ ضِيَاعِنَا فَاردُدهُم إِلَينَا فَإِن لَم يَكُن فِقهٌ فِي الدّينِ سَنُفَقّهُهُم فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ لَتَنتَهِيَنّ أَو لَيَبعَثَنّ اللّهُ عَلَيكُم مَن يَضرِبُ رِقَابَكُم بِالسّيفِ عَلَي الدّينِ قَدِ امتَحَنَ اللّهُ قُلُوبَهُم عَلَي الإِيمَانِ قَالَ أَبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ مَن هُوَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ هُوَ خَاصِفُ النّعلِ وَ كَانَ


صفحه : 345

قَد أَعطَي عَلِيّاً نَعلَهُ يَخصِفُهَا ثُمّ التَفَتَ إِلَينَا عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ مَن كَذَبَ عَلَيّ مُتَعَمّداً فَليَتَبَوّأ مَقعَدَهُ مِنَ النّارِ

قوله فاستكف أهل مكة يقال استكفوا حوله أي أحاطوا به ينظرون إليه .أقول قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُبِيناًقيل المراد بالفتح هنا صلح الحديبية و كان فتحا بغير قتال و قال الزهري‌ لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية و ذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير وكثر بهم سواد الإسلام و قال الشعبي‌ بويع بالحديبية بيعة الرضوان وأطعم نخيل خيبر وظهرت الروم علي فارس وفرح المسلمون بظهور أهل الكتاب وهم الروم علي المجوس إذ كان فيه مصداق قوله تعالي أنهم سيغلبون وبلغ الهدي‌ محله والحديبية بئر وروي‌ أنه نفد ماؤها فظهر فيها من أعلام النبوة مااشتهرت به الروايات قال البراء بن عازب تعدون أنتم الفتح فتح مكة و قد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية كنا مع النبي ص أربع عشر مائة والحديبية بئر فنزحناها فما ترك منها قطرة فبلغ ذلك النبي ص فأتاها فجلس علي شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها وتركها ثم إنها أصدرتنا نحن وركابنا. و في حديث سلمة بن الأكوع إما دعا أوبصق فيهافجاشت فسقينا واستقينا. و عن محمد بن إسحاق عن الزهري‌ عن عروة بن الزبير عن مسور بن مخرمة


صفحه : 346

أن رسول الله ص خرج لزيارة البيت لايريد حربا فذكر الحديث إلي أن قال قال رسول الله ص انزلوا فقالوا يا رسول الله مابالوادي‌ ماء فأخرج رسول الله ص من كنانته سهما فأعطاه رجلا من أصحابه فقال له انزل في بعض هذه القلب فاغرزه في جوفه ففعل فجاش بالماء الرواء حتي ضرب الناس بعطن . و عن عروة وذكر خروج رسول الله ص قال وخرجت قريش من مكة فسبقوه إلي بلد حينئذ و إلي الماء فنزلوا عليه فلما رأي رسول الله ص أنه قدسبق نزل علي الحديبية و ذلك في حر شديد و ليس فيها إلابئر واحدة فأشفق القوم من الظمأ والقوم كثير فنزل فيهارجال يميحونها ودعا رسول الله ص بدلو من ماء فتوضأ من الدلو ومضمض فاه ثم مج فيه وأمر أن يصب في البئر ونزع سهما من كنانته وألقاه في البئر ودعا الله تعالي ففارت بالماء حتي جعلوا يغترفون بأيديهم منها وهم جلوس علي شفيرها. وروي سالم بن أبي الجعد قال قلت لجابر كم كنتم يوم الشجرة قال كنا ألفا وخمسمائة وذكر عطشا أصابهم قال فأتي‌ رسول الله ص بماء في تور فوضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنه العيون قال فشربنا ووسعنا وكفانا قال قلت كم كنتم قال لوكنا مائة ألف لكفانا كنا ألفا وخمسمائة

1-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن حَمّادٍ وَ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّلَيَبلُوَنّكُمُ اللّهُ بشِيَ‌ءٍ مِنَ الصّيدِ تَنالُهُ أَيدِيكُم


صفحه : 347

وَ رِماحُكُم قَالَ حُشِرَت لِرَسُولِ اللّهِص فِي عُمرَةِ الحُدَيبِيَةِ الوُحُوشُ حَتّي نَالَتهَا أَيدِيهِم وَ رِمَاحُهُم

شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن مُعَاوِيَةَ مِثلَهُ وَ فِي آخِرِهِ لِيَبلُوَهُمُ اللّهُ بِهِ

2-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن حَمّادٍ عَنِ الحلَبَيِ‌ّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّيا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لَيَبلُوَنّكُمُ اللّهُ بشِيَ‌ءٍ مِنَ الصّيدِ تَنالُهُ أَيدِيكُم وَ رِماحُكُم قَالَ حُشِرَ عَلَيهِمُ الصّيدُ فِي كُلّ مَكَانٍ حَتّي دَنَا مِنهُم لِيَبلُوَهُمُ اللّهُ بِهِ

شي‌،[تفسير العياشي‌] عن الحلبي‌ مثله

3-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن سَمَاعَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ فِي قَولِ اللّهِلَيَبلُوَنّكُمُ اللّهُ بشِيَ‌ءٍ مِنَ الصّيدِ قَالَ ابتَلَاهُمُ اللّهُ بِالوَحشِ فَرَكِبَتهُم مِن كُلّ مَكَانٍ

4-فس ،[تفسير القمي‌] إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً قَالَ فَإِنّهُ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ

كَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ السّورَةِ وَ هَذَا الفَتحِ العَظِيمِ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَمَرَ رَسُولَ اللّهِص فِي النّومِ أَن يَدخُلَ المَسجِدَ الحَرَامَ وَ يَطُوفَ وَ يَحلِقَ مَعَ المُحَلّقِينَ فَأَخبَرَ أَصحَابَهُ وَ أَمَرَهُم بِالخُرُوجِ فَخَرَجُوا فَلَمّا نَزَلَ ذَا الحُلَيفَةِ أَحرَمُوا بِالعُمرَةِ وَ سَاقُوا البُدنَ وَ سَاقَ رَسُولُ اللّهِص سِتّاً


صفحه : 348

وَ سِتّينَ بَدَنَةً وَ أَشعَرَهَا عِندَ إِحرَامِهِ وَ أَحرَمُوا مِن ذيِ‌ الحُلَيفَةِ مُلَبّينَ بِالعُمرَةِ وَ قَد سَاقَ مَن سَاقَ مِنهُمُ الهدَي‌َ مُعَرّاتٍ مُجَلّلَاتٍ فَلَمّا بَلَغَ قريش [قُرَيشاً] ذَلِكَ بَعَثُوا خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ فِي ماِئتَيَ‌ فَارِسٍ كَمِيناً لِيَستَقبِلَ رَسُولَ اللّهِص فَكَانَ يُعَارِضُهُ عَلَي الجِبَالِ فَلَمّا كَانَ فِي بَعضِ الطّرِيقِ حَضَرَت صَلَاةُ الظّهرِ فَأَذّنَ بِلَالٌ وَ صَلّي رَسُولُ اللّهِص بِالنّاسِ فَقَالَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ لَو كُنّا حَمَلنَا عَلَيهِم فِي الصّلَاةِ لَأَصَبنَاهُم فَإِنّهُم لَا يَقطَعُونَ صَلَاتَهُم وَ لَكِن يجَيِ‌ءُ لَهُمُ الآنَ صَلَاةٌ أُخرَي أَحَبّ إِلَيهِم مِن ضِيَاءِ أَبصَارِهِم فَإِذَا دَخَلُوا فِي الصّلَاةِ أَغَرنَا عَلَيهِم فَنَزَلَ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السّلَامُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص بِصَلَاةِ الخَوفِ فِي قَولِهِوَ إِذا كُنتَ فِيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصّلاةَالآيَةَ فَلَمّا كَانَ فِي اليَومِ الثاّنيِ‌ نَزَلَ رَسُولُ اللّهِص الحُدَيبِيَةَ وَ هيِ‌َ عَلَي طَرَفِ الحَرَمِ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص يَستَنفِرُ الأَعرَابَ فِي طَرِيقِهِ مَعَهُ فَلَم يَتّبِعهُ مِنهُم أَحَدٌ وَ يَقُولُونَ أَ يَطمَعُ مُحَمّدٌ وَ أَصحَابُهُ أَن يَدخُلُوا الحَرَمَ وَ قَد غَزَتهُم قُرَيشٌ فِي عُقرِ دِيَارِهِم فَقَتَلُوهُم إِنّهُ لَا يَرجِعُ مُحَمّدٌ وَ أَصحَابُهُ إِلَي المَدِينَةِ أَبَداً فَلَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللّهِص الحُدَيبِيَةَ خَرَجَت قُرَيشٌ يَحلِفُونَ بِاللّاتِ وَ العُزّي لَا يَدَعُونَ مُحَمّداً يَدخُلُ مَكّةَ وَ فِيهِم عَينٌ تَطرِفُ فَبَعَثَ إِلَيهِم رَسُولُ اللّهِص أنَيّ‌ لَم آتِ لِحَربٍ وَ إِنّمَا


صفحه : 349

جِئتُ لأِقَضيِ‌َ نسُكُيِ‌ وَ أَنحَرَ بدُنيِ‌ وَ أخُلَيّ‌َ بَينَكُم وَ بَينَ لَحَمَاتِهَا فَبَعَثُوا عُروَةَ بنَ مَسعُودٍ الثقّفَيِ‌ّ وَ كَانَ عَاقِلًا لَبِيباً وَ هُوَ ألّذِي أَنزَلَ اللّهُ فِيهِوَ قالُوا لَو لا نُزّلَ هذَا القُرآنُ عَلي رَجُلٍ مِنَ القَريَتَينِ عَظِيمٍ فَلَمّا أَقبَلَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص عَظّمَ ذَلِكَ وَ قَالَ يَا مُحَمّدُ تَرَكتَ قَومَكَ وَ قَد ضَرَبُوا الأَبنِيَةَ وَ أَخرَجُوا العُوذَ المَطَافِيلَ يَحلِفُونَ بِاللّاتِ وَ العُزّي لَا يَدَعُوكَ تَدخُلُ حَرَمَهُم وَ فِيهِم عَينٌ تَطرِفُ أَ فَتُرِيدُ أَن تُبِيرَ أَهلَكَ وَ قَومَكَ يَا مُحَمّدُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا جِئتُ لِحَربٍ وَ إِنّمَا جِئتُ لأِقَضيِ‌َ نسُكُيِ‌ فَأَنحَرَ بدُنيِ‌ وَ أخُلَيّ‌َ بَينَكُم وَ بَينَ لَحَمَاتِهَا فَقَالَ عُروَةُ بِاللّهِ مَا رَأَيتُ كَاليَومِ أَحَداً صُدّ عَمّا صُدِدتَ فَرَجَعَ إِلَي قُرَيشٍ وَ أَخبَرَهُم فَقَالَت قُرَيشٌ وَ اللّهِ لَئِن دَخَلَ مُحَمّدٌ مَكّةَ وَ تَسَامَعَت بِهِ العَرَبُ لَنَذِلّنّ وَ لَتَجتَرِئَنّ عَلَينَا العَرَبُ فَبَعَثُوا حَفصَ بنَ الأَحنَفِ وَ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِمَا رَسُولُ اللّهِص قَالَ وَيحَ قُرَيشٍ قَد نَهَكَتهُمُ الحَربُ أَلَا خَلّوا بيَنيِ‌ وَ بَينَ العَرَبِ فَإِن أَكُ صَادِقاً فَإِنّمَا أَجُرّ المُلكَ إِلَيهِم مَعَ النّبُوّةِ وَ إِن أَكُ كَاذِباً كَفَتهُم ذُؤبَانُ العَرَبِ لَا يَسأَلُ اليَومَ امرُؤٌ مِن قُرَيشٍ خُطّةً لَيسَ لِلّهِ فِيهَا سَخَطٌ إِلّا أَجَبتُهُم إِلَيهِ قَالَ فَوَافَوا رَسُولَ اللّهِص فَقَالُوا يَا مُحَمّدُ إِلَي أَن نَنظُرَ إِلَي مَا ذَا يَصِيرُ أَمرُكَ وَ أَمرُ العَرَبِ عَلَي أَن تَرجِعَ مِن عَامِكَ


صفحه : 350

هَذَا فَإِنّ العَرَبَ قَد تَسَامَعَت بِمَسِيرِكَ فَإِن دَخَلتَ بِلَادَنَا وَ حَرَمَنَا استَذَلّتنَا العَرَبُ وَ اجتَرَأَت عَلَينَا وَ نخُلَيّ‌ لَكَ البَيتَ فِي القَابِلِ فِي هَذَا الشّهرِ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ حَتّي تقَضيِ‌َ نُسُكَكَ وَ تَنصَرِفَ عَنّا فَأَجَابَهُم رَسُولُ اللّهِص إِلَي ذَلِكَ وَ قَالُوا لَهُ وَ تَرُدّ إِلَينَا كُلّ مَن جَاءَكَ مِن رِجَالِنَا وَ نَرُدّ إِلَيكَ كُلّ مَن جَاءَنَا مِن رِجَالِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن جَاءَكُم مِن رِجَالِنَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ وَ لَكِن عَلَي أَنّ المُسلِمِينَ بِمَكّةَ لَا يُؤذَونَ فِي إِظهَارِهِمُ الإِسلَامَ وَ لَا يُكرَهُونَ وَ لَا يُنكَرُ عَلَيهِم شَيءٌ يَفعَلُونَهُ مِن شَرَائِعِ الإِسلَامِ فَقَبِلُوا ذَلِكَ فَلَمّا أَجَابَهُم رَسُولُ اللّهِص إِلَي الصّلحِ أَنكَرَ عَلَيهِ عَامّةُ أَصحَابِهِ وَ أَشَدّ مَا كَانَ إِنكَاراً عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ لَسنَا عَلَي الحَقّ وَ عَدُوّنَا عَلَي البَاطِلِ فَقَالَ نَعَم قَالَ فنَعُطيِ‌ الدّنِيّةَ فِي دِينِنَا فَقَالَ إِنّ اللّهَ قَد وعَدَنَيِ‌ وَ لَن يخُلفِنَيِ‌ قَالَ لَو أَنّ معَيِ‌ أَربَعِينَ رَجُلًا لَخَالَفتُهُ وَ رَجَعَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو وَ حَفصُ بنُ الأَحنَفِ إِلَي قُرَيشٍ فَأَخبَرَاهُم بِالصّلحِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَ لَم تَقُل لَنَا أَن نَدخُلَ المَسجِدَ الحَرَامَ وَ نَحلِقَ مَعَ المُحَلّقِينَ فَقَالَ أَ مِن عَامِنَا هَذَا وَعَدتُكَ


صفحه : 351

قُلتُ لَكَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَد وعَدَنَيِ‌ أَن أَفتَحَ مَكّةَ وَ أَطُوفَ وَ أَسعَي وَ أَحلِقَ مَعَ المُحَلّقِينَ فَلَمّا أَكثَرُوا عَلَيهِ قَالَ لَهُم إِن لَم تَقبَلُوا الصّلحَ فَحَارِبُوهُم فَمَرّوا نَحوَ قُرَيشٍ وَ هُم مُستَعِدّونَ لِلحَربِ وَ حَمَلُوا عَلَيهِم فَانهَزَمَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص هَزِيمَةً قَبِيحَةً وَ مَرّوا بِرَسُولِ اللّهِص فَتَبَسّمَ رَسُولُ اللّهِص ثُمّ قَالَ يَا عَلِيّ خُذِ السّيفَ وَ استَقبِل قُرَيشاً فَأَخَذَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ سَيفَهُ وَ حَمَلَ عَلَي قُرَيشٍ فَلَمّا نَظَرُوا إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ تَرَاجَعُوا وَ قَالُوا يَا عَلِيّ بَدَا لِمُحَمّدٍ فِيمَا أَعطَانَا قَالَ لَا فَرَجَعَ أَصحَابُ رَسُولِ اللّهِص مُستَحيِينَ وَ أَقبَلُوا يَعتَذِرُونَ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ لَهُم رَسُولُ اللّهِص أَ لَستُم أصَحاَبيِ‌ يَومَ بَدرٍ إِذ أَنزَلَ اللّهُ فِيكُمإِذ تَستَغِيثُونَ رَبّكُم فَاستَجابَ لَكُم أنَيّ‌ مُمِدّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفِينَ أَ لَستُم أصَحاَبيِ‌ يَومَ أُحُدٍإِذ تُصعِدُونَ وَ لا تَلوُونَ عَلي أَحَدٍ وَ الرّسُولُ يَدعُوكُم فِي أُخراكُم أَ لَستُم أصَحاَبيِ‌ يَومَ كَذَا أَ لَستُم أصَحاَبيِ‌ يَومَ كَذَا فَاعتَذَرُوا إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ نَدِمُوا عَلَي مَا كَانَ مِنهُم وَ قَالُوا اللّهُ أَعلَمُ وَ رَسُولُهُ فَاصنَع مَا بَدَا لَكَ وَ رَجَعَ حَفصُ بنُ الأَحنَفِ وَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَا يَا مُحَمّدُ قَد أَجَابَت قُرَيشٌ إِلَي مَا اشتَرَطتَ مِن إِظهَارِ الإِسلَامِ وَ أَن لَا يُكرَهَ أَحَدٌ عَلَي دِينِهِ فَدَعَا رَسُولُ اللّهِص بِالمُكتِبِ وَ دَعَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ فَقَالَ لَهُ اكتُب فَكَتَبَ


صفحه : 352

أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ قَالَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو لَا نَعرِفُ الرّحمَنَ اكتُب كَمَا كَانَ يَكتُبُ آبَاؤُكَ بِاسمِكَ أللّهُمّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص اكتُب بِاسمِكَ أللّهُمّ فَإِنّهُ اسمٌ مِن أَسمَاءِ اللّهِ ثُمّ كَتَبَ هَذَا مَا تَقَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِص وَ المَلَأُ مِن قُرَيشٍ فَقَالَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو وَ لَو عَلِمنَا أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ مَا حَارَبنَاكَ اكتُب هَذَا مَا تَقَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ أَ تَأنَفُ مِن نَسَبِكَ يَا مُحَمّدُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنَا رَسُولُ اللّهِ وَ إِن لَم تُقِرّوا ثُمّ قَالَ امحُ يَا عَلِيّ وَ اكتُب مُحَمّدَ بنَ عَبدِ اللّهِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ مَا أَمحُو اسمَكَ مِنَ النّبُوّةِ أَبَداً فَمَحَاهُ رَسُولُ اللّهِص بِيَدِهِ ثُمّ كَتَبَ هَذَا مَا تَقَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ وَ المَلَأُ مِن قُرَيشٍ وَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو اصطَلَحُوا عَلَي وَضعِ الحَربِ بَينَهُم عَشرَ سِنِينَ عَلَي أَن يَكُفّ بَعضُنَا عَن بَعضٍ وَ عَلَي أَنّهُ لَا إِسلَالَ وَ لَا إِغلَالَ وَ أَنّ بَينَنَا وَ بَينَهُم عَيبَةً مَكفُوفَةً وَ أَنّهُ مَن أَحَبّ أَن يَدخُلَ فِي عَهدِ مُحَمّدٍ وَ عَقدِهِ فَعَلَ وَ أَنّهُ مَن أَحَبّ أَن يَدخُلَ فِي عقد[عَهدِ]قُرَيشٍ وَ عَقدِهَا فَعَلَ وَ أَنّهُ مَن أَتَي مُحَمّداً بِغَيرِ إِذنِ وَلِيّهِ يَرُدّهُ إِلَيهِ وَ أَنّهُ مَن أَتَي قُرَيشاً مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍ لَم يَرُدّوهُ إِلَيهِ وَ أَن يَكُونَ الإِسلَامُ ظَاهِراً بِمَكّةَ لَا يُكرَهُ أَحَدٌ عَلَي دِينِهِ وَ لَا يُؤذَي وَ لَا يُعَيّرُ وَ أَنّ مُحَمّداً يَرجِعُ عَنهُم عَامَهُ هَذَا وَ أَصحَابَهُ ثُمّ يَدخُلُ عَلَينَا فِي العَامِ القَابِلِ مَكّةَ فَيُقِيمُ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيّامٍ وَ لَا يَدخُلُ عَلَينَا بِسِلَاحٍ إِلّا سِلَاحِ المُسَافِرِ السّيُوفُ فِي القُرُبِ وَ كَتَبَ


صفحه : 353

عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ شَهِدَ عَلَي الكِتَابِ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا عَلِيّ إِنّكَ أَبَيتَ أَن تَمحُوَ اسميِ‌ مِنَ النّبُوّةِ فَوَ ألّذِي بعَثَنَيِ‌ بِالحَقّ نَبِيّاً لَتُجِيبَنّ أَبنَاءَهُم إِلَي مِثلِهَا وَ أَنتَ مَضِيضٌ مُضطَهَدٌ فَلَمّا كَانَ يَومُ صِفّينَ وَ رَضُوا بِالحَكَمَينِ كَتَبَ هَذَا مَا اصطَلَحَ عَلَيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ فَقَالَ عَمرُو بنُ العَاصِ لَو عَلِمنَا أَنّكَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ مَا حَارَبنَاكَ وَ لَكِنِ اكتُب هَذَا مَا اصطَلَحَ عَلَيهِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ صَدَقَ اللّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُص أخَبرَنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص بِذَلِكَ ثُمّ كَتَبَ الكِتَابَ قَالَ فَلَمّا كَتَبُوا الكِتَابَ قَامَت خُزَاعَةُ فَقَالَت نَحنُ فِي عَهدِ مُحَمّدٍ وَ عَقدِهِ وَ قَامَت بَنُو بَكرٍ فَقَالَت نَحنُ فِي عَهدِ قُرَيشٍ وَ عَقدِهَا وَ كَتَبُوا نُسخَتَينِ نُسخَةً عِندَ رَسُولِ اللّهِص وَ نُسخَةً عِندَ سُهَيلِ بنِ عَمرٍو وَ رَجَعَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو وَ حَفصُ بنُ الأَحنَفِ إِلَي قُرَيشٍ فَأَخبَرَاهُم وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لِأَصحَابِهِ انحَرُوا بُدنَكُم وَ احلِقُوا رُءُوسَكُم فَامتَنَعُوا وَ قَالُوا كَيفَ نَنحَرُ وَ نَحلِقُ وَ لَم نَطُف بِالبَيتِ وَ لَم نَسعَ بَينَ الصّفَا وَ المَروَةِ فَاغتَمّ رَسُولُ اللّهِص مِن ذَلِكَ وَ شَكَا ذَلِكَ إِلَي أُمّ سَلَمَةَ فَقَالَت يَا رَسُولَ اللّهِ انحَر أَنتَ وَ احلِق فَنَحَرَ رَسُولُ اللّهِص وَ حَلَقَ فَنَحَرَ القَومُ عَلَي خُبثِ يَقِينٍ وَ شَكّ وَ ارتِيَابٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص تَعظِيماً لِلبُدنِ رَحِمَ اللّهُ المُحَلّقِينَ وَ قَالَ قَومٌ لَم يَسُوقُوا البُدنَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ المُقَصّرِينَ لِأَنّ مَن لَم يَسُق هَدياً لَم يَجِب عَلَيهِ الحَلقُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ثَانِياً رَحِمَ اللّهُ المُحَلّقِينَ الّذِينَ


صفحه : 354

لَم يَسُوقُوا الهدَي‌َ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ وَ المُقَصّرِينَ فَقَالَ رَحِمَ اللّهُ المُقَصّرِينَ ثُمّ رَحَلَ رَسُولُ اللّهِص نَحوَ المَدِينَةِ فَرَجَعَ إِلَي التّنعِيمِ وَ نَزَلَ تَحتَ الشّجَرَةِ فَجَاءَ أَصحَابُهُ الّذِينَ أَنكَرُوا عَلَيهِ الصّلحَ وَ اعتَذَرُوا وَ أَظهَرُوا النّدَامَةَ عَلَي مَا كَانَ مِنهُم وَ سَأَلُوا رَسُولَ اللّهِص أَن يَستَغفِرَ لَهُم فَنَزَلَ آيَةُ الرّضوَانِ وَ قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي قَولِهِهُوَ ألّذِي أَنزَلَ السّكِينَةَالآيَةَ فَهُمُ الّذِينَ لَم يُخَالِفُوا رَسُولَ اللّهِص وَ لَم يُنكِرُوا عَلَيهِ الصّلحَ ثُمّ قَالَلِيُدخِلَ المُؤمِنِينَ وَ المُؤمِناتِ إِلَي قَولِهِالظّانّينَ بِاللّهِ ظَنّ السّوءِ عَلَيهِم دائِرَةُ السّوءِهُمُ الّذِينَ أَنكَرُوا الصّلحَ وَ اتّهَمُوا رَسُولَ اللّهِص وَ نَزَلَت فِي بِيعَةِ الرّضوَانِلَقَد رضَيِ‌َ اللّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبايِعُونَكَ تَحتَ الشّجَرَةِاشتَرَطَ عَلَيهِم أَن لَا يُنكِرُوا بَعدَ ذَلِكَ عَلَي رَسُولِ اللّهِص شَيئاً يَفعَلُهُ وَ لَا يُخَالِفُوهُ فِي شَيءٍ يَأمُرُهُم بِهِ فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بَعدَ نُزُولِ آيَةِ الرّضوَانِإِنّ الّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنّما يُبايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوقَ أَيدِيهِم فَمَن نَكَثَ فَإِنّما يَنكُثُ عَلي نَفسِهِ وَ مَن أَوفي بِما عاهَدَ عَلَيهُ اللّهَ فَسَيُؤتِيهِ أَجراً عَظِيماً وَ إِنّمَا رضَيِ‌َ عَنهُم بِهَذَا الشّرطِ أَن يَفُوا بَعدَ ذَلِكَ بِعَهدِ اللّهِ وَ مِيثَاقِهِ وَ لَا يَنقُضُوا عَهدَهُ وَ عَقدَهُ فَبِهَذَا العَقدِ رضَيِ‌َ عَنهُم فَقَد قَدّمُوا فِي التّألِيفِ آيَةَ الشّرطِ عَلَي بَيعَةِ الرّضوَانِ وَ إِنّمَا نَزَلَت أَوّلًا بَيعَةُ الرّضوَانِ ثُمّ آيَةُ الشّرطِ عَلَيهِم فِيهَا


صفحه : 355

ثُمّ ذَكَرَ الأَعرَابَ الّذِينَ تَخَلّفُوا عَن رَسُولِ اللّهِص فَقَالَسَيَقُولُ لَكَ المُخَلّفُونَ إِلَي قَولِهِوَ كُنتُم قَوماً بُوراً أَي قَومَ سَوءٍ وَ هُمُ الّذِينَ استَنفَرَهُم فِي الحُدَيبِيَةِ وَ لَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَدِينَةِ مِنَ الحُدَيبِيَةِ غَزَا خَيبَراً فَاستَأذَنَهُ المُخَلّفُونَ أَن يَخرُجُوا مَعَهُ فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّسَيَقُولُ لَكَ المُخَلّفُونَ ثُمّ قَالَوَعَدَكُمُ اللّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأخُذُونَها فَعَجّلَ لَكُم هذِهِيعَنيِ‌ فَتحَ خَيبَرَ ثُمّ قَالَوَ هُوَ ألّذِي كَفّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَ أَيدِيَكُم عَنهُم بِبَطنِ مَكّةَ مِن بَعدِ أَن أَظفَرَكُم عَلَيهِم أَي مِن بَعدِ أَن أَمَمتُم مِنَ المَدِينَةِ إِلَي الحَرَمِ وَ طَلَبُوا مِنكُمُ الصّلحَ بَعدَ أَن كَانُوا يَغزُونَكُم بِالمَدِينَةِ صَارُوا يَطلُبُونَ الصّلحَ بَعدَ إِذ كُنتُم أَنتُم تَطلُبُونَ الصّلحَ مِنهُم ثُمّ أَخبَرَ بِعِلّةِ الصّلحِ وَ مَا أَجَازَ اللّهُ لِنَبِيّهِص فَقَالَهُمُ الّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدّوكُم إِلَي قَولِهِوَ لَو لا رِجالٌ مُؤمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤمِناتٌيعَنيِ‌ بِمَكّةَلَم تَعلَمُوهُم أَن تَطَؤُهُمفَأَخبَرَ اللّهُ أَنّ عِلّةَ الصّلحِ إِنّمَا كَانَ لِلمُؤمِنِينَ وَ المُؤمِنَاتِ الّذِينَ كَانُوا بِمَكّةَ وَ لَو لَم يَكُن صُلحٌ وَ كَانَتِ الحَربُ لَقُتِلُوا فَلَمّا كَانَ الصّلحُ آمَنُوا وَ أَظهَرُوا الإِسلَامَ وَ يُقَالُ إِنّ ذَلِكَ الصّلحَ كَانَ أَعظَمَ فَتحاً عَلَي المُسلِمِينَ مِن غَلَبِهِم ثُمّ قَالَ


صفحه : 356

لَو تَزَيّلُوايعَنيِ‌ هَؤُلَاءِ الّذِينَ كَانُوا بِمَكّةَ مِنَ المُؤمِنِينَ وَ المُؤمِنَاتِ يعَنيِ‌ لَو زَالُوا عَنهُم وَ خَرَجُوا مِن بَينِهِم ثُمّ قَالَإِذ جَعَلَ الّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الحَمِيّةَ حَمِيّةَ الجاهِلِيّةِيعَنيِ‌ قُرَيشاً وَ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو حِينَ قَالُوا لَا نَعرِفُ الرّحمَنَ الرّحِيمَ وَ قَولَهُم وَ لَو عَلِمنَا أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ مَا حَارَبنَاكَ فَاكتُب مُحَمّدَ بنَ عَبدِ اللّهِ وَ نَزَلَ فِي تَطهِيرِ الرّؤيَا التّيِ‌ رَآهَا رَسُولُ اللّهِص لَقَد صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرّؤيا بِالحَقّ إِلَي قَولِهِفَتحاً قَرِيباًيعَنيِ‌ فَتحَ خَيبَرَ لِأَنّ رَسُولَ اللّهِص لَمّا رَجَعَ مِنَ الحُدَيبِيَةِ غَزَا خَيبَراً

بيان قوله معرات أي كانت بعضها عرات وبعضها مجللات والمكتب علي بناء الإفعال ألذي يعلم الكتابة وقراب السيف بالكسر جفنته و هووعاء يكون فيه السيف بغمده وحمالته ومضه الشي‌ء مضا ومضيضا بلغ من قلبه الحزن به ومضض كفرح ألم واضطهده قهره

5-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ عَن عِيسَي بنِ عَبدِ اللّهِ الهاَشمِيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن عَلِيّ عَلَيهِمُ السّلَامُ قَالَ لَمّا كَانَ يَومَ القَضِيّةِ حِينَ رَدّ المُشرِكُونَ النّبِيّص وَ مَن مَعَهُ وَ


صفحه : 357

دَافَعُوهُ عَنِ المَسجِدِ أَن يَدخُلُوهُ هَادَنَهُم رَسُولُ اللّهِص فَكَتَبُوا بَينَهُم كِتَاباً قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ فَكُنتُ أَنَا ألّذِي كَتَبَ فَكَتَبتُ بِاسمِكَ أللّهُمّ هَذَا كِتَابٌ بَينَ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِص وَ بَينَ قُرَيشٍ فَقَالَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو لَو أَقرَرنَا أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ لَم يُنَازِعكَ أَحَدٌ فَقُلتُ بَل هُوَ رَسُولُ اللّهِ وَ إِنّكَ رَاغِمٌ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللّهِص اكتُب لَهُ مَا أَرَادَ سَتُعطَي يَا عَلِيّ بعَديِ‌ مِثلَهَا قَالَ فَلَمّا كَتَبتُ الصّلحَ بيَنيِ‌ وَ بَينَ أَهلِ الشّامِ كَتَبتُ بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ بَينَ عَلِيّ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ بَينَ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَ عَمرُو بنُ العَاصِ لَو عَلِمنَا أَنّكَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ لَم نُنَازِعكَ فَقَالَ اكتُبُوا مَا رَأَيتُم فَعَلِمتُ أَنّ قَولَ رَسُولِ اللّهِ حَقّ قَد جَاءَ

6-يج ،[الخرائج والجرائح ] روُيِ‌َ أَنّهُ لَمّا صَدّهُ المُشرِكُونَ بِالحُدَيبِيَةِ شَكَا إِلَيهِ النّاسُ قِلّةَ المَاءِ فَدَعَا بِدَلوٍ مِن مَاءِ البِئرِ فَتَوَضّأَ مِنهُ ثُمّ تَمَضمَضَ وَ مَجّ فِي الدّلوِ وَ أَخرَجَ مِن كِنَانَتِهِ سَهماً ثُمّ أَمَرَ بِأَن يُصَبّ فِي البِئرِ تِلكَ الدّلوُ وَ أَن يُغرَزَ ذَلِكَ السّهمُ فِي أَسفَلِ البِئرِ فَعَمِلُوا فَفَارَتِ البِئرُ بِالمَاءِ إِلَي شَفِيرِهَا وَ اغتَرَفَ النّاسُ فَعِندَ ذَلِكَ قَالَ أَوسُ بنُ خوَلَيِ‌ّ لِعَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي سَلُولٍ أَ بَعدَ هَذَا شَيءٌ أَ مَا آنَ لَكَ أَن تُبصِرَ

7-يج ،[الخرائج والجرائح ] روُيِ‌َ أَنّهُ لَمّا أَصَابَ النّاسَ بِالحُدَيبِيَةِ جُوعٌ شَدِيدٌ وَ قَلّت أَزوَادُهُم لِأَنّهُم أَقَامُوا بِهَا بَضعَةَ عَشَرَ يَوماً فَشَكَوا إِلَيهِ ذَلِكَ فَأَمَرَ بِالنّطعِ أَن يُبسَطَ وَ أَمَرَهُم أَن يَأتُوا بِبَقِيّةِ أَزوَادِهِم فَيَطرَحُوا فَأَتَوا بِدَقِيقٍ قَلِيلٍ وَ تُمَيرَاتٍ فَقَامَ وَ دَعَا بِالبَرَكَةِ فِيهَا وَ أَمَرَهُم بِأَن يَأتُوا بِأَوعِيَتِهِم فَمَلَئُوهَا حَتّي لَم يَجِدُوا لَهَا مَحَلّا


صفحه : 358

8-يج ،[الخرائج والجرائح ] مِن مُعجِزَاتِهِص أَنّهُ لَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص لِلعُمرَةِ سَنَةَ الحُدَيبِيَةِ مَنَعَت قُرَيشٌ مِن دُخُولِهِ مَكّةَ وَ تَحَالَفُوا أَنّهُ لَا يَدخُلُهَا وَ مِنهُم عَينٌ تَطرِفُ وَ قَالَ لَهُم رَسُولُ اللّهِص مَا جِئتُ مُحَارِباً لَكُم إِنّمَا جِئتُ مُعتَمِراً قَالُوا لَا نَدَعُكَ تَدخُلُ مَكّةَ عَلَي هَذِهِ الحَالِ فَتَستَذِلّنَا العَرَبُ وَ تُعَيّرَنَا وَ لَكِنِ اجعَل بَينَنَا وَ بَينَكَ هُدنَةً لَا تَكُونُ لِغَيرِنَا فَاتّفَقُوا عَلَيهِ وَ قَد نَفِدَ مَاءُ المُسلِمِينَ وَ كَظّهُم وَ بَهَائِمَهُمُ العَطَشُ فجَيِ‌ءَ بِرَكوَةٍ فِيهَا قَلِيلٌ مِنَ المَاءِ فَأَدخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَفَاضَتِ الرّكوَةُ وَ نوُديِ‌َ فِي العَسكَرِ مَن أَرَادَ المَاءَ فَليَأتِهِ فَسَقَوا وَ استَقَوا وَ مَلَئُوا القِرَبَ

بيان يقال كظني‌ هذاالأمر أي جهدني‌ من الكرب

9-شا،[الإرشاد] ثم تلا بني‌ المصطلق الحديبية و كان اللواء يومئذ إلي أمير المؤمنين عليه السلام كما كان إليه في المشاهد قبلها و كان من بلائه في ذلك اليوم عندصف القوم في الحرب والقتال ماظهر خبره واستفاض ذكره و ذلك بعدالبيعة التي‌ أخذها النبي ص علي أصحابه والعهود عليهم في الصبر و كان أمير المؤمنين عليه السلام المبايع للنساء عن النبي ص فكانت بيعته لهن يومئذ أن طرح ثوبا بينهن وبينه ثم مسحه بيده فكانت مبايعتهن للنبي‌ص بمسح الثوب و رسول الله ص يمسح ثوب علي عليه السلام مما يليه و لمارأي سهيل بن عمرو توجه الأمر عليهم ضرع إلي النبي ص في الصلح ونزل عليه الوحي‌ بالإجابة إلي ذلك و أن يجعل أمير المؤمنين عليه السلام كاتبه يومئذ والمتولي‌ لعقد الصلح بخطه فقال له النبي ص اكتب يا علي بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو هذا كتاب بيننا وبينك يا محمدفافتتحه بما نعرفه


صفحه : 359

واكتب باسمك أللهم فقال النبي ص لأمير المؤمنين عليه السلام امح ماكتبت واكتب باسمك أللهم فقال أمير المؤمنين عليه السلام لو لاطاعتك يا رسول الله مامحوت بسم الله الرحمن الرحيم ثم محاها وكتب باسمك أللهم فقال النبي ص اكتب هذا ماقاضي عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو فقال سهيل لوأجبتك في الكتاب ألذي بيننا إلي هذالأقررت لك بالنبوة فسواء شهدت علي نفسي‌ بالرضا بذلك أوأطلقته من لساني‌ امح هذاالاسم واكتب هذا ماقاضي عليه محمد بن عبد الله فقال له أمير المؤمنين عليه السلام إنه و الله لرسول الله علي رغم أنفك فقال سهيل اكتب اسمه يمضي‌ الشرط فقال له أمير المؤمنين ويلك ياسهيل كف عن عنادك فقال له النبي ص امحها يا علي فقال يا رسول الله إن يدي‌ لاتنطلق بمحو اسمك من النبوة قال له فضع يدي‌ عليها فمحاها رسول الله ص بيده و قال لأمير المؤمنين عليه السلام ستدعي إلي مثلها فتجيب و أنت علي مضض ثم تمم أمير المؤمنين عليه السلام الكتاب و لماتم الصلح نحر رسول الله ص هديه في مكانه فكان نظام تدبير هذه الغزاة معلقا بأمير المؤمنين و كان ماجري فيها من البيعة وصف الناس للحرب ثم الهدنة والكتاب كله لأمير المؤمنين عليه السلام و كان فيما هيأه الله له من ذلك حقن الدماء وصلاح أمر الإسلام و قدروي الناس له في هذه الغزاة بعد ألذي ذكرناه فضيلتين اختص بهما وانضافتا إلي فضائله العظام ومناقبه الجسام .فروي ابراهيم بن عمر عن رجاله عن قائد مولي عبد الله بن سالم قال لما


صفحه : 360

خرج رسول لله ص في غزوة الحديبية نزل الجحفة فلم يجد فيهاماء فبعث سعد بن مالك بالروايا حتي إذا كان غيربعيد رجع سعد بالروايا و قال يا رسول الله ماأستطيع أن أمضي‌ لقد وقفت قدماي‌ رعبا من القوم فقال له النبي ص اجلس ثم بعث رجلا آخر فخرج بالروايا حتي إذا كان بالمكان ألذي انتهي إليه الأول رجع فقال له رسول الله ص لم رجعت فقال يا رسول الله و ألذي بعثك بالحق نبيا مااستطعت أن أمضي‌ رعبا فدعا رسول الله ص أمير المؤمنين عليه السلام فأرسله بالروايا وخرج السقاة وهم لايشكون في رجوعه لمارأوا من جزع من تقدمه فخرج علي عليه السلام بالروايا حتي ورد الحرار واستسقي ثم أقبل بها إلي النبي ص ولها زجل فلما دخل كبر النبي ص ودعا له بخير. وَ فِي هَذِهِ الغَزَاةِ أَقبَلَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو إِلَي النّبِيّص فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمّدُ إِنّ أَرِقّاءَنَا لَحِقُوا بِكَ فَاردُدهُم عَلَينَا فَغَضِبَ رَسُولُ اللّهِص حَتّي تَبَيّنَ الغَضَبُ فِي وَجهِهِ ثُمّ قَالَ لَتَنتَهُنّ يَا مَعَاشِرَ قُرَيشٍ أَو لَيَبعَثَنّ اللّهُ عَلَيكُم رَجُلًا امتَحَنَ اللّهُ قَلبَهُ بِالإِيمَانِ يَضرِبُ رِقَابَكُم عَلَي الدّينِ فَقَالَ بَعضُ مَن حَضَرَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَبُو بَكرٍ ذَلِكَ الرّجُلُ قَالَ لَا قَالَ فَعُمَرُ قَالَ لَا وَ لَكِنّهُ خَاصِفُ النّعلِ فِي الحُجرَةِ فَتَبَادَرَ النّاسُ إِلَي الحُجرَةِ يَنظُرُونَ مَنِ الرّجُلُ فَإِذَا هُوَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع .

و قدروي هذاالحديث جماعة عن أمير المؤمنين عليه السلام وقالوا فيه إن عليا


صفحه : 361

قص هذه القصة

ثُمّ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ مَن كَذَبَ عَلَيّ مُتَعَمّداً فَليَتَبَوّأ مَقعَدَهُ مِنَ النّارِ

و كان ألذي أصلحه أمير المؤمنين عليه السلام من نعل النبي ص شسعها فإنه كان انقطع فخصف موضعه وأصلحه

10-عم ،[إعلام الوري ] فِي سَنَةِ خَمسٍ كَانَت غَزوَةُ الحُدَيبِيَةِ فِي ذيِ‌ القَعدَةِ وَ خَرَجَ فِي نَاسٍ كَثِيرٍ مِن أَصحَابِهِ يُرِيدُ العُمرَةَ وَ سَاقَ مَعَهُ سَبعِينَ بَدَنَةً وَ بَلَغَ ذَلِكَ المُشرِكِينَ مِن قُرَيشٍ فَبَعَثُوا خَيلًا لِيَصُدّوهُ عَنِ المَسجِدِ الحَرَامِ وَ كَانَص يَرَي أَنّهُم لَا يُقَاتِلُونَهُم لِأَنّهُ خَرَجَ فِي الشّهرِ الحَرَامِ وَ كَانَ مِن أَمرِ سُهَيلِ بنِ عَمرٍو وَ أَبِي جَندَلٍ ابنِهِ وَ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللّهِص مَا شَكّ بِهِ مَن زَعَمَ أَنّهُ مَا شَكّ إِلّا يَومَئِذٍ فِي الدّينِ وَ أَتَي بُدَيلُ بنُ وَرقَاءَ إِلَي قُرَيشٍ فَقَالَ لَهُم يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ خَفّضُوا عَلَيكُم وَ إِنّهُ لَم يَأتِ يُرِيدُ قِتَالَكُم وَ إِنّمَا يُرِيدُ زِيَارَةَ هَذَا البَيتِ فَقَالُوا وَ اللّهِ لَا نَسمَعُ مِنكَ وَ لَا تُحَدّثُ العَرَبُ أَنّهُ دَخَلَهَا عَنوَةً وَ لَا نَقبَلُ مِنهُ إِلّا أَن يَرجِعَ عَنّا ثُمّ بَعَثُوا إِلَيهِ بِكُرزِ بنِ حَفصٍ وَ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ وَ صَدّوا الهدَي‌َ وَ بَعَثَص عُثمَانَ بنَ عَفّانَ إِلَي أَهلِ مَكّةَ يَستَأذِنُهُم فِي أَن يَدخُلَ مَكّةَ مُعتَمِراً فَأَبَوا أَن يَترُكُوهُ وَ احتُبِسَ عُثمَانُ فَظَنّ رَسُولُ اللّهِص أَنّهُم قَتَلُوهُ فَقَالَ لِأَصحَابِهِ أَ تبُاَيعِوُنيّ‌ عَلَي المَوتِ فَبَايَعُوهُ تَحتَ الشّجَرَةِ عَلَي أَن لَا يَفِرّوا عَنهُ أَبَداً ثُمّ إِنّهُم بَعَثُوا سُهَيلَ بنَ عَمرٍو فَقَالَ يَا أَبَا القَاسِمِ إِنّ مَكّةَ حَرَمُنَا وَ عِزّنَا وَ قَد تَسَامَعَتِ العَرَبُ بِكَ أَنّكَ قَد غَزَوتَنَا وَ مَتَي مَا تَدخُلُ عَلَينَا مَكّةَ عَنوَةً تَطمَعُ فِينَا فَنُتَخَطّفُ وَ إِنّا نَذكُرُكَ الرّحِمَ فَإِنّ مَكّةَ بَيضَتُكَ التّيِ‌ تَفَلّقَت عَن رَأسِكَ قَالَ فَمَا تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَن أَكتُبَ بيَنيِ‌ وَ بَينَكَ هُدنَةً عَلَي أَن أُخَلّيَهَا


صفحه : 362

لَكَ فِي قَابِلٍ فَتَدخُلَهَا وَ لَا تَدخُلَهَا بِخَوفٍ وَ لَا فَزَعٍ وَ لَا سِلَاحٍ إِلّا سِلَاحِ الرّاكِبِ السّيفُ فِي القِرَابِ وَ القَوسُ فَدَعَا رَسُولُ اللّهِص عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ فَأَخَذَ أَدِيماً أَحمَرَ فَوَضَعَهُ عَلَي فَخِذِهِ ثُمّ كَتَبَ بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ فَقَالَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو هَذَا كِتَابٌ بَينَنَا وَ بَينَكَ يَا مُحَمّدُ فَافتَتِحهُ بِمَا نَعرِفُهُ اكتُب بِاسمِكَ أللّهُمّ فَقَالَ اكتُب بِاسمِكَ أللّهُمّ وَ امحُ مَا كَتَبتَ فَقَالَ لَو لَا طَاعَتُكَ يَا رَسُولَ اللّهِ لَمَا مَحَوتُ فَقَالَ النّبِيّص اكتُب هَذَا مَا قَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو فَقَالَ سُهَيلٌ لَو أَجَبتُكَ فِي الكِتَابِ إِلَي هَذَا لَأَقرَرتُ لَكَ بِالنّبُوّةِ فَامحُ هَذَا الِاسمَ وَ اكتُب مُحَمّدَ بنَ عَبدِ اللّهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ إِنّهُ وَ اللّهِ لَرَسُولُ اللّهِ عَلَي رَغمِ أَنفِكَ فَقَالَ النّبِيّص امحُهَا يَا عَلِيّ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ يدَيِ‌ لَا تَنطَلِقُ لِمَحوِ اسمِكَ مِنَ النّبُوّةِ قَالَ فَضَع يدَيِ‌ عَلَيهَا فَمَحَاهَا رَسُولُ اللّهِص بِيَدِهِ وَ قَالَ لعِلَيِ‌ّ عَلَيهِ السّلَامُ سَتُدعَي إِلَي مِثلِهَا فَتُجِيِبُ وَ أَنتَ عَلَي مَضَضٍ ثُمّ كَتَبَ بِاسمِكَ أللّهُمّ هَذَا مَا قَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ وَ مَن مَعَهُ مِنَ المُسلِمِينَ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو وَ مَن مَعَهُ مِن أَهلِ مَكّةَ عَلَي أَنّ الحَربَ مَكفُوفَةٌ فَلَا إِغلَالَ وَ لَا إِسلَالَ وَ لَا قِتَالَ وَ عَلَي أَن لَا يُستَكرَهَ أَحَدٌ عَلَي دِينِهِ وَ عَلَي أَن يُعبَدَ اللّهُ بِمَكّةَ عَلَانِيَةً وَ عَلَي أَنّ مُحَمّداً يَنحَرُ الهدَي‌َ مَكَانَهُ وَ عَلَي أَن يُخَلّيَهَا لَهُ فِي قَابِلٍ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ فَيَدخُلَهَا بِسِلَاحِ الرّاكِبِ وَ يَخرُجَ قُرَيشٌ كُلّهَا مِن مَكّةَ إِلّا رَجُلٌ وَاحِدٌ مِن قُرَيشٍ يُخَلّفُونَهُ مَعَ مُحَمّدٍ وَ أَصحَابِهِ وَ مَن لَحِقَ مُحَمّداً وَ أَصحَابَهُ مِن قُرَيشٍ فَإِنّ مُحَمّداً يَرُدّهُ إِلَيهِم وَ مَن رَجَعَ مِن أَصحَابِ مُحَمّدٍ إِلَي قُرَيشٍ بِمَكّةَ فَإِنّ قُرَيشاً لَا تَرُدّهُ إِلَي مُحَمّدٍ وَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِذَا سَمِعَ كلَاَميِ‌ ثُمّ جَاءَكُم فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَ إِنّ قُرَيشاً لَا يُعِينُ عَلَي مُحَمّدٍ وَ أَصحَابِهِ أَحَداً بِنَفسٍ وَ لَا سِلَاحٍ إِلَي آخِرِهِ فَجَاءَ أَبُو جَندَلٍ إِلَي النّبِيّص حَتّي جَلَسَ إِلَي جَنبِهِ فَقَالَ أَبُوهُ سُهَيلٌ رُدّهُ


صفحه : 363

عَلَيّ فَقَالَ المُسلِمُونَ لَا نَرُدّهُ فَقَامَص وَ أَخَذَ بِيَدِهِ فَقَالَ أللّهُمّ إِن كُنتَ تَعلَمُ إِنّ أَبَا جَندَلٍ لَصَادِقٌ فَاجعَل لَهُ فَرَجاً وَ مَخرَجاً ثُمّ أَقبَلَ عَلَي النّاسِ وَ قَالَ إِنّهُ لَيسَ عَلَيهِ بَأسٌ إِنّمَا يَرجِعُ إِلَي أَبِيهِ وَ أُمّهِ وَ إنِيّ‌ أُرِيدُ أَن أُتِمّ لِقُرَيشٍ شَرطَهَا وَ رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَدِينَةِ وَ أَنزَلَ اللّهُ فِي الطّرِيقِ سُورَةَ الفَتحِإِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُبِيناً قَالَ الصّادِقُ عَلَيهِ السّلَامُ فَمَا انقَضَت تِلكَ المُدّةُ حَتّي كَادَ الإِسلَامُ يسَتوَليِ‌ عَلَي أَهلِ مَكّةَ وَ لَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي المَدِينَةِ انفَلَتَ أَبُو بَصِيرِ بنُ أُسَيدِ بنِ حَارِثَةَ الثقّفَيِ‌ّ مِنَ المُشرِكِينَ وَ بَعَثَ الأَخنَسُ بنُ شُرَيقٍ فِي أَثَرِهِ رَجُلَينِ فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا وَ أَتَي رَسُولَ اللّهِص مُسلِماً مُهَاجِراً فَقَالَ مُسعِرُ حَربٍ لَو كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ ثُمّ قَالَ شَأنَكَ بِسَلبِ صَاحِبِكَ وَ اذهَب حَيثُ شِئتَ فَخَرَجَ أَبُو بَصِيرٍ وَ مَعَهُ خَمسَةُ نَفَرٍ كَانُوا قَدِمُوا مَعَهُ مُسلِمِينَ حَتّي كَانُوا بَينَ العِيصِ وَ ذيِ‌ المَروَةِ مِن أَرضِ جُهَينَةَ عَلَي طَرِيقِ عِيرَاتِ قُرَيشٍ مِمّا يلَيِ‌ سَيفَ البَحرِ وَ انفَلَتَ أَبُو جَندَلِ بنُ عَمرٍو فِي سَبعِينَ رَاكِباً أَسلَمُوا فَلَحِقَ بأِبَيِ‌ بَصِيرٍ وَ اجتَمَعَ إِلَيهِم نَاسٌ مِن غِفَارٍ وَ أَسلَمَ وَ جُهَينَةَ حَتّي بَلَغُوا ثَلَاثَمِائَةِ مُقَاتِلٍ وَ هُم مُسلِمُونَ لَا يَمُرّ بِهِم عِيرٌ لِقُرَيشٍ إِلّا أَخَذُوهَا وَ قَتَلُوا أَصحَابَهَا فَأَرسَلَت قُرَيشٌ أَبَا سُفيَانَ بنَ حَربٍ إِلَي رَسُولِ اللّهِص يَسأَلُونَهُ وَ يَتَضَرّعُونَ إِلَيهِ أَن يَبعَثَ إِلَي أَبِي بَصِيرٍ وَ أَبِي جَندَلٍ وَ مَن مَعَهُم فَيَقدَمُوا عَلَيهِ وَ قَالُوا مَن خَرَجَ مِنّا إِلَيكَ فَأَمسِكهُ غَيرَ حَرَجٍ أَنتَ فِيهِ فَعَلِمَ الّذِينَ كَانُوا أَشَارُوا عَلَي رَسُولِ اللّهِص أَن يَمنَعَ أَبَا جَندَلٍ مِن أَبِيهِ بَعدَ القِصّةِ أَنّ طَاعَةَ رَسُولِ اللّهِص خَيرٌ لَهُم فِيمَا أَحَبّوا وَ فِيمَا


صفحه : 364

كَرِهُوا وَ كَانَ أَبُو بَصِيرٍ وَ أَبُو جَندَلٍ وَ أَصحَابُهُمَا هُمُ الّذِينَ مَرّ بِهِم أَبُو العَاصِ بنُ الرّبِيعِ مِنَ الشّامِ فِي نَفَرٍ مِن قُرَيشٍ فَأَسَرُوهُم فَأَخَذُوا مَا مَعَهُم وَ لَم يَقتُلُوا مِنهُم أَحَداً لِصِهرِ أَبِي العَاصِ رَسُولَ اللّهِص وَ خَلّوا سَبِيلَ أَبِي العَاصِ فَقَدِمَ المَدِينَةَ عَلَي امرَأَتِهِ وَ كَانَ أَذِنَ لَهَا حِينَ خَرَجَ إِلَي الشّامِ أَن تَقدَمَ المَدِينَةَ فَتَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللّهِص وَ أَبُو العَاصِ هُوَ ابنُ أُختِ خَدِيجَةَ بِنتِ خُوَيلِدٍ

بيان قال في النهاية في حديث الإفك و رسول الله يخفضهم أي يسكنهم ويهون عليهم الأمر من الخفض الدعة والسكون و منه حديث أبي بكر قال لعائشة في شأن الإفك خفضي‌ عليك أي هوني‌ الأمر عليك و لاتحزني‌ له و قال عنوة أي قهرا وغلبة و قال الخطف استلاب الشي‌ء وأخذه بسرعة

11-عم ،[إعلام الوري ]ربِعيِ‌ّ بنُ خِرَاشٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ أَقبَلَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو وَ رَجُلَانِ أَو ثَلَاثَةٌ مَعَهُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فِي الحُدَيبِيَةِ فَقَالُوا لَهُ إِنّهُ يَأتِيكَ قَومٌ مِن سَفَلَتِنَا وَ عُبدَانِنَا فَاردُدهُم عَلَينَا فَغَضِبَ حَتّي احمَارّ وَجهُهُ وَ كَانَ إِذَا غَضِبَص يَحمَارّ وَجهُهُ ثُمّ قَالَ لَتَنتَهُنّ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ أَو لَيَبعَثَنّ اللّهُ عَلَيكُم رَجُلًا امتَحَنَ اللّهُ قَلبَهُ لِلإِيمَانِ يَضرِبُ رِقَابَكُم وَ أَنتُم مُجفِلُونَ عَنِ الدّينِ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ لَا قَالَ عُمَرُ أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ لَا وَ لَكِنّهُ ذَلِكُم خَاصِفُ النّعلِ فِي الحُجرَةِ وَ أَنَا أَخصِفُ نَعلَ رَسُولِ اللّهِص ثُمّ قَالَ أَمَا إِنّهُ قَد قَالَص مَن كَذَبَ عَلَيّ مُتَعَمّداً فَليَتَبَوّأ مَقعَدَهُ مِنَ النّارِ

بيان في القاموس العبد الإنسان حرا كان أورقيقا والمملوك والجمع عبدون وعبيد وأعبد وعباد وعبدان وعبدان عبدان بكسرتين مشددة الدال و قال


صفحه : 365

جفل الظليم جفولا أسرع وذهب في الأرض كأجفل

12-كا،[الكافي‌]العِدّةُ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ حُكَيمٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الصيّرفَيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص فِي عُمرَةِ القَضَاءِ شَرَطَ عَلَيهِم أَن يَرفَعُوا الأَصنَامَ مِنَ الصّفَا وَ المَروَةِ فَتَشَاغَلَ رَجُلٌ حَتّي تَرَكَ السعّي‌َ حَتّي انقَضَتِ الأَيّامُ وَ أُعِيدَتِ الأَصنَامُ فَجَاءُوا إِلَيهِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ فُلَاناً لَم يَسعَ بَينَ الصّفَا وَ المَروَةِ وَ قَد أُعِيدَتِ الأَصنَامُ فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّفَلا جُناحَ عَلَيهِ أَن يَطّوّفَ بِهِما أَي وَ عَلَيهِمَا الأَصنَامُ

13-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ وَ غَيرِهِ عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمّارٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السّلَامُ قَالَ لَمّا خَرَجَ النّبِيّص فِي غَزوَةِ الحُدَيبِيَةِ خَرَجَ فِي ذيِ‌ القَعدَةِ فَلَمّا انتَهَي إِلَي المَكَانِ ألّذِي أَحرَمَ فِيهِ أَحرَمُوا وَ لَبِسُوا السّلَاحَ فَلَمّا بَلَغَهُ أَنّ المُشرِكِينَ قَد أَرسَلُوا إِلَيهِ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ لِيَرُدّهُ قَالَ ابغوُنيِ‌ رَجُلًا يأَخذُنُيِ‌ عَلَي غَيرِ هَذَا الطّرِيقِ فأَتُيِ‌َ بِرَجُلٍ مِن مُزَينَةَ أَو جُهَينَةَ فَسَأَلَهُ فَلَم يُوَافِقهُ قَالَ ابغوُنيِ‌ رَجُلًا غَيرَهُ فأَتُيِ‌َ بِرَجُلٍ آخَرَ إِمّا مِن مُزَينَةَ وَ إِمّا مِن جُهَينَةَ قَالَ فَذَكَرَ لَهُ فَأَخَذَهُ مَعَهُ حَتّي انتَهَي إِلَي العَقَبَةِ فَقَالَ مَن يَصعَدهَا حَطّ اللّهُ عَنهُ كَمَا حَطّ اللّهُ عَن بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ فَقَالَ لَهُمادخُلُوا البابَ سُجّداً نَغفِر لَكُم خَطِيئاتِكُم قَالَ فَابتَدَرَهَا خَيلُ الأَنصَارِ الأَوسُ وَ الخَزرَجُ قَالَ وَ كَانُوا أَلفاً وَ ثَمَانَمِائَةٍ قَالَ فَلَمّا هَبَطُوا إِلَي الحُدَيبِيَةِ إِذَا امرَأَةٌ مَعَهَا ابنُهَا عَلَي القَلِيبِ فَسَعَي ابنُهَا هَارِباً فَلَمّا أَثبَتَت أَنّهُ رَسُولُ اللّهِ صَرَخَت بِهِ هَؤُلَاءِ الصّابِئُونَ لَيسَ عَلَيكَ مِنهُم بَأسٌ فَأَتَاهَا


صفحه : 366

رَسُولُ اللّهِص فَأَمَرَهَا فَاستَقَت دَلواً مِن مَاءٍ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللّهِص فَشَرِبَ وَ غَسَلَ وَجهَهُ فَأَخَذَت فَضلَتَهُ فَأَعَادَتهُ فِي البِئرِ فَلَم تَبرَح حَتّي السّاعَةِ وَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص فَأَرسَلَ إِلَيهِ المُشرِكُونَ أَبَانَ بنَ سَعِيدٍ فِي الخَيلِ فَكَانَ بِإِزَائِهِ ثُمّ أَرسَلُوا الجَيشَ فَرَأَي البُدنَ وَ هيِ‌َ تَأكُلُ بَعضُهَا أَوبَارَ بَعضٍ فَرَجَعَ وَ لَم يَأتِ رَسُولَ اللّهِص وَ قَالَ لأِبَيِ‌ سُفيَانَ يَا بَا سُفيَانَ أَمَا وَ اللّهِ مَا عَلَي هَذَا حَالَفنَاكُم عَلَي أَن تَرُدّوا الهدَي‌َ عَن مَحِلّهِ فَقَالَ اسكُت فَإِنّمَا أَنتَ أعَراَبيِ‌ّ فَقَالَ أَ مَا وَ اللّهِ لَتُخَلّيَنّ عَن مُحَمّدٍ وَ مَا أَرَادَ أَو لَأَنفَرِدَنّ فِي الأَحَابِيشِ فَقَالَ اسكُت حَتّي نَأخُذَ مِن مُحَمّدٍ وَلثاً فَأَرسَلُوا إِلَيهِ عُروَةَ بنَ مَسعُودٍ وَ قَد كَانَ جَاءَ إِلَي قُرَيشٍ فِي القَومِ الّذِينَ أَصَابَهُمُ المُغِيرَةُ بنُ شُعبَةَ كَانَ خَرَجَ مَعَهُم مِنَ الطّائِفِ وَ كَانُوا تُجّاراً فَقَتَلَهُم وَ جَاءَ بِأَموَالِهِم إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَأَبَي رَسُولُ اللّهِص أَن يَقبَلَهَا وَ قَالَ هَذَا غَدرٌ وَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ فَأَرسَلُوا إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ هَذَا عُروَةُ بنُ مَسعُودٍ قَد أَتَاكُم وَ هُوَ يُعَظّمُ البُدنَ قَالَ فَأَقِيمُوهَا فَأَقَامُوهَا فَقَالَ يَا مُحَمّدُ مجَيِ‌ءَ مَن جِئتَ قَالَ جِئتُ أَطُوفُ بِالبَيتِ وَ أَسعَي بَينَ الصّفَا وَ المَروَةِ وَ أَنحَرُ هَذِهِ الإِبِلَ وَ أخُلَيّ‌ عَنكُم وَ عَن لُحمَانِهَا قَالَ لَا وَ اللّاتِ وَ العُزّي فَمَا رَأَيتُ مِثلَكَ رُدّ عَمّا جِئتَ لَهُ إِنّ قَومَكَ يُذَكّرُونَكَ اللّهَ وَ الرّحِمَ أَن تَدخُلَ عَلَيهِم بِلَادَهُم بِغَيرِ إِذنِهِم وَ أَن تَقطَعَ أَرحَامَهُم وَ أَن تجُرَ‌ّئَ عَلَيهِم عَدُوّهُم فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا أَنَا بِفَاعِلٍ حَتّي أَدخُلَهَا قَالَ وَ كَانَ عُروَةُ بنُ مَسعُودٍ حِينَ كَلّمَ رَسُولَ اللّهِص تَنَاوَلَ لِحيَتَهُ وَ المُغِيرَةُ قَائِمٌ عَلَي رَأسِهِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَقَالَ مَن هَذَا يَا مُحَمّدُ فَقَالَ هَذَا ابنُ أَخِيكَ المُغِيرَةُ فَقَالَ يَا غُدَرُ وَ اللّهِ مَا جِئتُ[جِئتَ] إِلّا فِي غَسلِ سَلحَتِكَ قَالَ فَرَجَعَ إِلَيهِم فَقَالَ لأِبَيِ‌ سُفيَانَ وَ أَصحَابِهِ لَا وَ اللّهِ مَا رَأَيتُ مِثلَ مُحَمّدٍ رُدّ عَمّا جَاءَ لَهُ


صفحه : 367

فَأَرسَلُوا إِلَيهِ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو وَ حُوَيطِبَ بنَ عَبدِ العُزّي فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِص فَأُثِيرَت فِي وُجُوهِهِمُ البُدنُ فَقَالَا مجَيِ‌ءَ مَن جِئتَ قَالَ جِئتُ لِأَطُوفَ بِالبَيتِ وَ أَسعَي بَينَ الصّفَا وَ المَروَةِ وَ أَنحَرَ البُدنَ وَ أخُلَيّ‌َ بَينَكُم وَ بَينَ لُحمَانِهَا فَقَالَا إِنّ قَومَكَ يُنَاشِدُونَكَ اللّهَ وَ الرّحِمَ أَن تَدخُلَ عَلَيهِم بِلَادَهُم بِغَيرِ إِذنِهِم وَ تُقَطّعَ أَرحَامَهُم وَ تجُرَ‌ّئَ عَلَيهِم عَدُوّهُم قَالَ فَأَبَي عَلَيهِمَا رَسُولُ اللّهِص إِلّا أَن يَدخُلَهَا وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص أَرَادَ أَن يَبعَثَ عُمَرَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ عشَيِرتَيِ‌ قَلِيلٌ وَ إنِيّ‌ فِيهِم عَلَي مَا تَعلَمُ وَ لكَنِيّ‌ أَدُلّكَ عَلَي عُثمَانَ بنِ عَفّانَ فَأَرسَلَ إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِ فَقَالَ انطَلِق إِلَي قَومِكَ مِنَ المُؤمِنِينَ فَبَشّرهُم بِمَا وعَدَنَيِ‌ ربَيّ‌ مِن فَتحِ مَكّةَ فَلَمّا انطَلَقَ عُثمَانُ إِلَي أَبَانِ بنِ سَعِيدٍ فَتَأَخّرَ عَنِ السّرجِ فَحَمَلَ عُثمَانَ بَينَ يَدَيهِ وَ دَخَلَ عُثمَانُ فَأَعلَمَهُم وَ كَانَتِ المُنَاوَشَةُ فَجَلَسَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو عِندَ رَسُولِ اللّهِص وَ جَلَسَ عُثمَانُ فِي عَسكَرِ المُشرِكِينَ وَ بَايَعَ رَسُولُ اللّهِص المُسلِمِينَ وَ ضَرَبَ بِإِحدَي يَدَيهِ عَلَي الأُخرَي لِعُثمَانَ وَ قَالَ المُسلِمُونَ طُوبَي لِعُثمَانَ قَد طَافَ بِالبَيتِ وَ سَعَي بَينَ الصّفَا وَ المَروَةِ وَ أَحَلّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص وَ مَا كَانَ لِيَفعَلَ فَلَمّا جَاءَ عُثمَانُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص أَ طُفتَ بِالبَيتِ فَقَالَ مَا كُنتُ لِأَطُوفَ بِالبَيتِ وَ رَسُولُ اللّهِص لَم يَطُف بِهِ ثُمّ ذَكَرَ القَضِيّةَ وَ مَا كَانَ فِيهَا


صفحه : 368

فَقَالَ لعِلَيِ‌ّ عَلَيهِ السّلَامُ اكتُب بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ فَقَالَ سُهَيلٌ مَا أدَريِ‌ مَا الرّحمَنُ الرّحِيمُ إِلّا أنَيّ‌ أَظُنّ هَذَا ألّذِي بِاليَمَامَةِ وَ لَكِنِ اكتُب كَمَا يُكتَبُ بِاسمِكَ أللّهُمّ قَالَ وَ اكتُب هَذَا مَا قَاضَي رَسُولُ اللّهِص سُهَيلَ بنَ عَمرٍو فَقَالَ سُهَيلٌ فَعَلَي مَا نُقَاتِلُكَ يَا مُحَمّدُ فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللّهِ وَ أَنَا مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَقَالَ النّاسُ أَنتَ رَسُولُ اللّهِ قَالَ اكتُب فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَقَالَ النّاسُ أَنتَ رَسُولُ اللّهِ وَ كَانَ فِي القَضِيّةِ إِن كَانَ مِنّا أَتَي إِلَيكُم رَدَدتُمُوهُ إِلَينَا وَ رَسُولُ اللّهِص غَيرُ مُستَكرَهٍ عَن دِينِهِ وَ مَن جَاءَ إِلَينَا مِنكُم لَم نَرُدّهُ إِلَيكُم فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِم وَ عَلَي أَن يُعبَدَ اللّهُ فِيكُم عَلَانِيَةً غَيرَ سِرّ وَ إِن كَانُوا لَيَتَهَادَونَ السّيُورَ فِي المَدِينَةِ إِلَي مَكّةَ وَ مَا كَانَت قَضِيّةٌ أَعظَمَ بَرَكَةً مِنهَا لَقَد كَادَ أَن يسَتوَليِ‌َ عَلَي أَهلِ مَكّةَ الإِسلَامُ فَضَرَبَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو عَلَي أَبِي جَندَلٍ ابنِهِ فَقَالَ أَوّلُ مَا قَاضَينَا عَلَيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص وَ هَل قَاضَيتُ عَلَي شَيءٍ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ مَا كُنتَ بِغَدّارٍ قَالَ فَذَهَبَ بأِبَيِ‌ جَندَلٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ تدَفعَنُيِ‌ إِلَيهِ قَالَ وَ لَم أَشتَرِط لَكَ قَالَ وَ قَالَ أللّهُمّ اجعَل لأِبَيِ‌ جَندَلٍ مَخرَجاً

بيان قال الجزري‌ يقال ابغني‌ كذا بهمزة الوصل أي اطلب لي وأبغني‌ بهمزة القطع أي أعني‌ علي الطلب قوله أو من جهينة الترديد من الراوي‌ في الموضعين ويقال أثبته أي عرفه حق المعرفة ويقال صبأ فلان إذاخرج من


صفحه : 369

دين إلي غيره قوله عليه السلام فلم تبرح أي لم يزل الماء من تلك البئر قوله عليه السلام فكان بإزائه أي أتي حتي قام بحذاء النبي ص أوالمراد أنه كان قائد عسكر المشركين كما أنه ص كان قائد عسكر المسلمين قوله وهي‌ تأكل كناية عن كثرتها وازدحامها واجتماعها قوله حالفناكم لأنهم كان وقع بينهم الحلف علي معاداة النبي ص أو علي تعاونهم مطلقا. قوله أولأنفردن في الأحابيش أي أعتزل معهم عنكم وأمنعهم عن معاونتكم . قال الجزري‌ في حديث الحديبية أن قريشا جمعوا لك الأحابيش هي‌ أحياء من القارة انضموا إلي بني‌ ليث في محاربتهم قريشا والتحبش التجمع وقيل حالفوا قريشا تحت جبل يسمي حبشيا فسموا بذلك . و قال الفيروزآبادي‌ حبشي‌ بالضم جبل بأسفل مكة و منه أحابيش قريش لأنهم تحالفوا بالله إنهم ليد علي غيرهم ماسجا ليل ووضح نهار و مارسا حبشي‌ انتهي . والولث العهد بين القوم يقع من غيرقصد أو يكون غيرمؤكد. قوله و قد كان جاء كانت هذه القصة علي ماذكره الواقدي‌ أنه ذهب المغيرة مع ثلاثة عشر رجلا من بني‌ مالك إلي مقوقس سلطان الإسكندرية وفضل مقوقس بني‌ مالك علي المغيرة في العطاء فلما رجعوا وكانوا في الطريق شرب بنو مالك ذات ليلة خمرا وسكروا فقتلهم المغيرة حسدا وأخذ أموالهم وأتي النبي ص وأسلم فقبل ص إسلامه و لم يقبل من ماله شيئا و لم يأخذ منه الخمس لغدره فلما بلغ ذلك أباسفيان أخبر عروة بذلك فأتي عروة رئيس بني‌ مالك و هومسعود بن عمرة فكلمه في أن يرضي بالدية فلم يرض بنو مالك بذلك وطلبوا القصاص من عشائر المغيرة واشتعلت بينهم نائرة الحرب فأطفأها عروة بلطائف حيله وضمن دية


صفحه : 370

الجماعة من ماله فضمير الفاعل في قوله جاء راجع إلي عروة و قوله في القوم أي لأن يتكلم ويشفع في الأمر المقتولين والضمير في خرج راجع إلي المغيرة قوله فأرسلوا أي قريش عروة إلي رسول الله ص لذلك فقالوا أي الصحابة أوضمير أرسلوا أيضا راجع إلي الصحابة أي الذين كانوا بإزاء العدو قوله مارأيت مثلك هذاتعجب منه أي كيف يكون مثلك في الشرافة وعظم الشأن مردودا عن مثل هذاالمقصد ألذي لاينبغي‌ أن يرد عنه أحد. قوله إلا في غسل سلحتك قال في المغرب السلح التغوط أقول الظاهر أن جئت بصيغة المتكلم أي جئت الآن أوقبل ذلك عندإطفاء نائرة الفتنة لإصلاح قبائح أعمالك ويمكن أن يقرأ بصيغة الخطاب أي لم يكن مجيئك إلي النبي ص للإسلام بل للهرب مما صنعت من الخيانة وأتيت من الجناية. قوله وكانت المناوشة المناوشة المناولة في القتال أي كان المشركون في تهيئة القتال قوله وضرب بإحدي يديه لعله ص إنما فعل ذلك لتتأكد عليه الحجة والعهد والميثاق فيستوجب بنكثه أشد العذاب كما قال تعالي فيه و في أخويه وأضرابهم فَمَن نَكَثَ فَإِنّما يَنكُثُ عَلي نَفسِهِ. قوله ثم ذكر لعله كلام الراوي‌ أي ثم ذكر الصادق القضية وكتابة الكتاب و ماجري فيها وترك الراوي‌ ذكرها اختصارا ويحتمل أن يكون كلامه أي ثم ذكر عثمان ماجري بينه و بين قريش من حبسه ومنعه عن الرجوع أو من طلبهم الصلح أوإصرارهم في عدم دخوله ص في تلك السنة. قوله هذا ألذي باليمامة إنهم كانوا يقولون لمسيلمة رحمان اليمامة. قوله ص و إن كانوا ليتهادون الستور في بعض النسخ بالتاء المثناة الفوقانية و في بعضها بالمثناة التحتانية فعلي الأول هوجمع الستر المعلق علي الأبواب وغيرها و علي الثاني‌ إما المراد السير المعروف المتخذ من الجلود أونوع من الثياب قال


صفحه : 371

الفيروزآبادي‌ السير بالفتح ألذي يقد من الجلود والجمع سيور و قال الجوهري‌ السير من الثياب ألذي فيه خطوط كالسيور و علي التقادير هذاكلام الصادق عليه السلام لبيان ثمرة تلك المصالحة وكثرة فوائدها بأنها صارت موجبة لأمن المسلمين بحيث كانوا يبعثون الهدايا من المدينة إلي مكة من غيرمنع ورعب ورغب أهل مكة في الإسلام وأسلم جم غفير منهم من غيرحرب قوله ص وهل قاضيت علي شيء أي لم يتم الصلح و لم يكتب الكتاب بعدفليس هذاداخلا فيما نقاضي‌ عليه قوله ص و لم أشترط لك أي ليس هذاشرطا يخصك بل هذا ماقاضينا عليه لمصلحة عامة المسلمين و لابد من ذلك أو لم تكن داخلا فيه لمجيئك قبل تمام الكتاب لكن هؤلاء يجبروننا عليه أو ماكنت اشترطت لك عليهم أن تكون مستثني من ذلك و لايمكننا الغدر معهم ولعله أظهر ويحتمل علي بعد أن يكون استفهاما إنكاريا أي أ لم أشترط لك وأعدك بالنجاة منهم قريبا.أقول إنما أوردت آيات عمرة القضاء وأخبارها في هذاالباب لاشتراك بعض الآيات والأخبار وشدة الارتباط بينهما وسيأتي‌ لها ذكر في موضعه إن شاء الله تعالي

14- وَ روُيِ‌َ فِي جَامِعِ الأُصُولِ مِن صِحَاحِهِم عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قَالَاعتَمَرَ رَسُولُ اللّهِص فِي ذيِ‌ القَعدَةِ فَأَبَي أَهلُ مَكّةَ أَن يَدَعُوهُ يَدخُلُ مَكّةَ حَتّي قَاضَاهُم عَلَي أَن يَدخُلَ يعَنيِ‌ مِنَ العَامِ المُقبِلِ يُقِيمُ فِيهَا ثَلَاثَةً فَلَمّا كَتَبُوا الكِتَابَ كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِص قَالُوا مَا نُقِرّ بِهَا فَلَو نَعلَمُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ مَا مَنَعنَاكَ وَ لَكِن أَنتَ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللّهِ وَ أَنَا مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ ثُمّ قَالَ لعِلَيِ‌ّ بنِ أَبِي طَالِبٍ امحُ رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ لَا وَ اللّهِ لَا أَمحُوكَ أَبَداً فَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِص وَ لَيسَ يُحسِنُ يَكتُبُ


صفحه : 372

فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَي عَلَيهِ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ لَا يُدخِلُ مَكّةَ السّلَاحَ إِلّا السّيفَ فِي القِرَابِ وَ أَن لَا يَخرُجَ مِن أَهلِهَا بِأَحَدٍ إِن أَرَادَ أَن يَتبَعَهُ وَ أَن لَا يَمنَعَ مِن أَصحَابِهِ أَحَداً إِن أَرَادَ أَن يُقِيمَ بِهَا فَلَمّا دَخَلَهَا وَ مَضَي الأَجَلُ أَتَوا عَلِيّاً فَقَالُوا قُل لِصَاحِبِكَ اخرُج عَنّا فَقَد مَضَي الأَجَلُ فَخَرَجَ النّبِيّص فَتَبِعَتهُ ابنَةُ حَمزَةَ تنُاَديِ‌ يَا عَمّ يَا عَمّ فَتَنَاوَلَهَا عَلِيّ وَ قَالَ لِفَاطِمَةَ دُونَكَ بِنتُ عَمّكَ فَحَمَلَتهَا فَاختَصَمَ فِيهَا عَلِيّ وَ زَيدٌ وَ جَعفَرٌ قَالَ عَلِيّ أَنَا أَخَذتُهَا


صفحه : 373

قَالَ الحمَيِديِ‌ّ أَنَا أَحَقّ بِهَا وَ هيِ‌َ بِنتُ عمَيّ‌ وَ قَالَ جَعفَرٌ بِنتُ عمَيّ‌ وَ خَالَتُهَا تحَتيِ‌ وَ قَالَ زَيدٌ بِنتُ أخَيِ‌ فَقَضَي بِهَا النّبِيّص لِخَالَتِهَا وَ قَالَ الخَالَةُ بِمَنزِلَةِ الأُمّ وَ قَالَ لعِلَيِ‌ّ أَنتَ منِيّ‌ وَ أَنَا مِنكَ وَ قَالَ لِجَعفَرٍ أَشبَهتَ خلَقيِ‌ وَ خلُقُيِ‌ وَ قَالَ لِزَيدٍ أَنتَ أَخُونَا وَ مَولَانَا

15-أقول ذكر ابن الأثير في الكامل في حوادث السنة السادسة فيهانزلت سورة الفتح وهاجر إلي رسول الله ص نسوة مؤمنات فيهن أم كلثوم ابنة عقبة بن أبي معيط فجاء أخواها عمارة والوليد يطلبانها فأنزل الله فَإِن عَلِمتُمُوهُنّ مُؤمِناتٍ فَلا تَرجِعُوهُنّ إِلَي الكُفّارِفلم يرسل امرأة مؤمنة إلي مكة وأنزل الله وَ لا تُمسِكُوا بِعِصَمِ الكَوافِرِفطلق عمر بن الخطاب امرأتين له . و فيهاكانت سرية عكاشة بن محصن في أربعين رجلا إلي الغمر فنذر القوم بهم فهربوا فسعت الطلائع فوجدوا مائتي‌ بعير فأخذوها إلي المدينة وكانت في ربيع الآخر. و فيهاكانت سرية محمد بن مسلمة أرسله رسول الله ص في عشرة فوارس في ربيع الأول إلي بني‌ ثعلبة بن سعد فكمن القوم له حتي نام هو وأصحابه فظهروا عليهم فقتل أصحابه ونجا هووحده جريحا.


صفحه : 374

و فيهاكانت سرية أبي عبيدة بن الجراح إلي ذي‌ القصة في ربيع الآخر في أربعين رجلا فهرب أهله منهم وأصابوا نعما ورجلا فأسلم فتركه رسول الله ص . و فيهاكانت سرية زيد بن حارثة بالجموم فأصاب امرأة من مزينة اسمها حليمة فدلتهم علي محلة من محال بني‌ سليم فأصابوا نعما وشاء وأسراء فيهم زوجها فأطلقها رسول الله ص وزوجها معها. و فيهاسرية زيد أيضا إلي العيص في جمادي الأولي . و فيهاأخذت الأموال التي‌ كانت مع أبي العاص بن الربيع واستجار بزينب بنت رسول الله ص فأجارته كماتقدم . و فيهاسرية زيد أيضا إلي الطرف في جمادي الآخرة في بني‌ تغلبة في خمسة عشر رجلا فهربوا منه وأصاب من تميم عشرين بعيرا. و فيهاسرية زيد بن حارثة إلي خمس في جمادي الآخرة وسببها أن رفاعة بن زيد الجدلي‌ ثم الضبي‌ قدم علي رسول الله ص في هدنة الحديبية وأهدي لرسول الله ص غلاما وأسلم فحسن إسلامه وكتب له رسول الله ص كتابا إلي قومه يدعوهم إلي الإسلام فأسلموا ثم ساروا إلي الحرة ثم إن دحية بن خليفة أقبل من الشام من عندقيصر حتي إذا كان بأرض حذام أغار إليه الهنيد وابنه العوص الصليعيان و هوبطن من حذام فأخذا كل شيءمعه فبلغ ذلك


صفحه : 375

نفرا من بني‌ الضب قوم رفاعة ممن كان أسلم فنفروا إلي الهنيد وابنه فلقوهم فاقتتلوا فظفر بنو الضب واستنقذوا كل شيء كان أخذ من دحية وردوه عليه فخرج دحية حتي لقي‌ رسول الله ص وطلب منه دم الهنيد وابنه العوص فبعث رسول الله ص إليهم زيد بن حارثة في جيش فأغاروا وجمعوا ماوجدوا من مال وقتلوا الهنيد وابنه فلما سمع ذلك بنو الضب رهط رفاعة سار بعضهم إلي زيد بن حارثة فقالوا إنا قوم مسلمون فقال زيد نادوا في الجيش أن الله حرم علينا ماأخذ من طريق القوم الذين جاءوا منها وأراد أن يسلم إليهم سباياهم فأخبره بعض أصحابه عنهم بما أوجب أن يحتاط فتوقف في تسليم السبايا و قال هم في حكم الله تعالي ونهي الجيش أن يهبطوا واديهم وعاد أولئك الركب إلي رفاعة بن زيد لم يشعر بشي‌ء من أمرهم فقال له بعضهم إنك لجالس تحلب المعزي ونساء حذام أساري فسار رفاعة والقوم معه إلي المدينة وعرض كتاب رسول الله ص عليه فقال كيف أصنع بالقتيل فقالوا لنا من كان حيا و من قتل فهو تحت أقدامنا فأجابهم إلي ذلك وأرسل معهم علي بن أبي طالب إلي زيد بن حارثة فرد علي القوم مالهم حتي كانوا ينتزعون لبد المرأة من تحت الرجل .


صفحه : 376

و فيهاسرية زيد أيضا إلي وادي‌ القري في رجب . و فيهاسرية عبدالرحمن بن عوف إلي دومة الجندل في شعبان فأسلموا فتزوج عبدالرحمن تمامة بنت الإصبع رئيسهم وهي‌ أم أبي سلمة. و فيهاسرية علي بن أبي طالب عليه السلام إلي فدك في شعبان في مائة رجل و ذلك أن رسول الله ص بلغه أن حيا من بني‌ سعد قدتجمعوا له يريدون أن يمدوا أهل خيبر فسار إليهم علي عليه السلام فأصاب عينا لهم فأخبره أنهم ساروا إلي أهل خيبر يعرضون عليهم نصرهم علي أن يجعلوا لهم تمر خيبر

16-أَقُولُ ذَكَرَ فِي رَوضَةِ الأَحبَابِ أَنّهُ عَلَيهِ السّلَامُ سَارَ بِاللّيلِ وَ كَمَنَ بِالنّهَارِ حَتّي أَتَي الهَمَجَ فَأَصَابَ عَيناً لَهُم فَذَهَبَ بِعَسكَرِ المُسلِمِينَ إِلَيهِم فَأَغَارُوا عَلَيهِم فَانهَزَمَ بَنُو سَعدٍ وَ غَنِمَ المُسلِمُونَ مِنهُم مِائَةَ بَعِيرٍ وَ ألَفيَ‌ شَاةٍ فَاصطَفَي عَلِيّ عَلَيهِ السّلَامُ للِنبّيِ‌ّص عِدّةً مِنَ الإِبِلِ وَ قَسَمَ سَائِرَ المَالِ عَلَي أَهلِ السّرِيّةِ وَ رَجَعَ قَالَ وَ فِيهَا أَجدَبَ النّاسُ جَدباً شَدِيداً فَاستَسقَي رَسُولُ اللّهِص بِالنّاسِ فِي شَهرِ رَمَضَانَ وَ فِيهَا سَرِيّةُ زَيدِ بنِ حَارِثَةَ إِلَي واَديِ‌ القُرَي وَ ذَلِكَ أَنّ زَيداً كَانَ يَذهَبُ إِلَي الشّامِ فِي تِجَارَةٍ وَ مَعَهُ بَضَائِعُ مِن أَصحَابِ النّبِيّص فَلَمّا قَرُبُوا مِن واَديِ‌ القُرَي


صفحه : 377

أَغَارَ عَلَيهِم قَومٌ مِن فَزَارَةَ فَقَتَلُوا المُسلِمِينَ وَ هَرَبَ زَيدٌ إِلَي المَدِينَةِ وَ فِي رِوَايَةٍ ارتُثّ زَيدٌ مِن بَينِ القَتلَي فَنَذَرَ أَن لَا يَمَسّ طِيباً وَ لَا مَاءً مِن جَنَابَةٍ حَتّي يَغزُوَ فَزَارَةَ فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللّهِص إِلَي بنَيِ‌ فَزَارَةَ فَلَقِيَهُم بوِاَديِ‌ القُرَي فَأَصَابَ مِنهُم وَ قَتَلَ وَ أَسَرَ أُمّ فَروَةَ وَ هيِ‌َ فَاطِمَةُ بِنتُ رَبِيعَةَ فَقَتَلَهَا

باب 12-مراسلاته ص إلي ملوك العجم والروم وغيرهم و ماجري بينه وبينهم وبعض ماجري إلي غزوة خيبر

1-يج ،[الخرائج والجرائح ] روُيِ‌َ أَنّ كِسرَي كَتَبَ إِلَي فَيرُوزَ الديّلمَيِ‌ّ وَ هُوَ مِن بَقِيّةِ أَصحَابِ سَيفِ بنِ ذيِ‌ يَزَنَ أَنِ احمِل إلِيَ‌ّ هَذَا العَبدَ ألّذِي يَبدَأُ بِاسمِهِ قَبلَ اسميِ‌ فَاجتَرَأَ عَلَيّ وَ دعَاَنيِ‌ إِلَي غَيرِ ديِنيِ‌ فَأَتَاهُ فَيرُوزُ وَ قَالَ لَهُ إِنّ ربَيّ‌ أمَرَنَيِ‌ أَن آتِيَهُ بِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص إِنّ ربَيّ‌ خبَرّنَيِ‌ أَنّ رَبّكَ قُتِلَ البَارِحَةَ فَجَاءَ الخَبَرُ أَنّ ابنَهُ شِيرَوَيهِ وَثَبَ عَلَيهِ فَقَتَلَهُ فِي تِلكَ اللّيلَةِ فَأَسلَمَ فَيرُوزُ وَ مَن مَعَهُ فَلَمّا خَرَجَ الكَذّابُ العبَسيِ‌ّ أَنفَذَهُ رَسُولُ اللّهِص لِيَقتُلَهُ فَتَسَلّقَ سَطحاً فَلَوّي عُنُقَهُ فَقَتَلَهُ

بيان فتسلق أي صعد


صفحه : 378

2-يج ،[الخرائج والجرائح ] روُيِ‌َ أَنّ هِرَقلَ بَعَثَ رَجُلًا مِن غَسّانَ وَ أَمَرَهُ أَن يَأتِيَهُ بِخَبَرِ مُحَمّدٍ وَ قَالَ لَهُ احفَظ لِي مِن أَمرِهِ ثَلَاثاً انظُر عَلَي أَيّ شَيءٍ تَجِدُهُ جَالِساً وَ مَن عَلَي يَمِينِهِ وَ إِنِ استَطَعتَ أَن تَنظُرَ إِلَي خَاتَمِ النّبُوّةِ فَافعَل فَخَرَجَ الغسَاّنيِ‌ّ حَتّي أَتَي النّبِيّص فَوَجَدَهُ جَالِساً عَلَي الأَرضِ وَ وَجَدَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلَامُ عَن يَمِينِهِ وَ جَعَلَ رِجلَيهِ فِي مَاءٍ يَفُورُ فَقَالَ مَن هَذَا عَلَي يَمِينِهِ قِيلَ ابنُ عَمّهِ فَكَتَبَ ذَلِكَ وَ نسَيِ‌َ الغسَاّنيِ‌ّ الثّالِثَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِص تَعَالَ فَانظُر إِلَي مَا أَمَرَكَ بِهِ صَاحِبُكَ فَنَظَرَ إِلَي خَاتَمِ النّبُوّةِ فَانصَرَفَ الرّجُلُ إِلَي هِرَقلَ قَالَ مَا صَنَعتَ قَالَ وَجَدتُهُ جَالِساً عَلَي الأَرضِ وَ المَاءُ يَفُورُ تَحتَ قَدَمَيهِ وَ وَجَدتُ عَلِيّاً ابنَ عَمّهِ عَن يَمِينِهِ وَ أُنسِيتُ مَا قُلتَ لِي فِي الخَاتَمِ فدَعَاَنيِ‌ فَقَالَ هَلُمّ إِلَي مَا أَمَرَكَ بِهِ صَاحِبُكَ فَنَظَرتُ إِلَي خَاتَمِ النّبُوّةِ فَقَالَ هِرَقلُ هَذَا ألّذِي بَشّرَ بِهِ عِيسَي ابنُ مَريَمَ أَنّهُ يَركَبُ البَعِيرَ فَاتّبِعُوهُ وَ صَدّقُوهُ ثُمّ قَالَ لِلرّسُولِ اخرُج إِلَي أخَيِ‌ فَأَعرِض عَلَيهِ فَإِنّهُ شرَيِكيِ‌ فِي المُلكِ فَقُلتُ لَهُ فَمَا طَابَ نَفسُهُ عَن ذَهَابِ مُلكِهِ

بيان قوله فقلت له لعله من كلام الراوي‌ قال للإمام عليه السلام إنما قال هرقل شريكي‌ لأنه لم يطب نفسه أن يذهب ملكه ويحتمل أن يكون في الأصل فقال أي النبي ص والأظهر أن المراد أن هرقل قال لرسوله اخرج إلي أخي‌ فأعرض عليه الإسلام فإن أسلم أسلمت و كان أخوه شريكه في السلطنة و قوله فقلت كلام الرسول علي الالتفات وضمير له للأخ وكذا ضمير نفسه

3-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّ دِحيَةَ الكلَبيِ‌ّ قَالَبعَثَنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص بِكِتَابٍ إِلَي قَيصَرَ فَأَرسَلَ إِلَي الأُسقُفّ فَأَخبَرَهُ بِمُحَمّدٍ وَ كِتَابِهِ فَقَالَ هَذَا النّبِيّ ألّذِي كُنّا نَنتَظِرُهُ


صفحه : 379

بَشّرَنَا بِهِ عِيسَي ابنُ مَريَمَ وَ قَالَ الأُسقُفّ أَمّا أَنَا فَمُصَدّقُهُ وَ مُتّبِعُهُ فَقَالَ قَيصَرُ أَمّا أَنَا إِن فَعَلتُ ذَلِكَ ذَهَبَ ملُكيِ‌ ثُمّ قَالَ قَيصَرُ التَمِسُوا لِي مِن قَومِهِ هَاهُنَا أَحَداً أَسأَلُهُ عَنهُ وَ كَانَ أَبُو سُفيَانَ وَ جَمَاعَةٌ مِن قُرَيشٍ دَخَلُوا الشّامَ تُجّاراً فَأَحضَرَهُم وَ قَالَ لِيَدنُ منِيّ‌ أَقرَبُكُم نَسَباً بِهِ فَأَتَاهُ أَبُو سُفيَانَ فَقَالَ أَنَا سَائِلٌ عَن هَذَا الرّجُلِ ألّذِي يَقُولُ إِنّهُ نبَيِ‌ّ ثُمّ قَالَ لِأَصحَابِهِ إِن كَذَبَ فَكَذّبُوهُ قَالَ أَبُو سُفيَانَ لَو لَا حيَاَئيِ‌ أَن يَأثِرَ أصَحاَبيِ‌ عنَيّ‌ الكَذِبَ لَأَخبَرتُهُ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيهِ فَقَالَ كَيفَ نَسَبُهُ فِيكُم قُلتُ ذُو نَسَبٍ قَالَ هَل قَالَ هَذَا القَولَ مِنكُم أَحَدٌ قُلتُ لَا قَالَ فَهَل كُنتُم تَتّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبلُ قُلتُ لَا قَالَ فَأَشرَافُ النّاسِ اتّبَعُوهُ أَو ضُعَفَاؤُهُم قُلتُ ضُعَفَاؤُهُم قَالَ فَهَل يَزِيدُونَ أَو يَنقُصُونَ قُلتُ يَزِيدُونَ قَالَ يَرتَدّ أَحَدٌ مِنهُم سَخَطاً لِدِينِهِ قُلتُ لَا قَالَ فَهَل يَغدِرُ قُلتُ لَا قَالَ فَهَل قَاتَلتُمُوهُ قُلتُ نَعَم قَالَ فَكَيفَ حَربُكُم وَ حَربُهُ قُلتُ ذُو سِجَالٍ مَرّةً لَهُ وَ مَرّةً عَلَيهِ قَالَ هَذَا آيَةُ النّبُوّةِ قَالَ فَمَا يَأمُرُكُم قُلتُ يَأمُرُنَا أَن نَعبُدَ اللّهَ وَحدَهُ وَ لَا نُشرِكَ بِهِ شَيئاً وَ يَنهَانَا عَمّا كَانَ يَعبُدُ آبَاؤُنَا وَ يَأمُرُنَا بِالصّلَاةِ وَ الصّومِ وَ العَفَافِ وَ الصّدقِ وَ أَدَاءِ الأَمَانَةِ وَ الوَفَاءِ بِالعَهدِ قَالَ هَذِهِ صِفَةُ نبَيِ‌ّ وَ قَد كُنتُ أَعلَمُ أَنّهُ يَخرُجُ وَ لَم أَظُنّ أَنّهُ مِنكُم فَإِنّهُ يُوشِكُ أَن يَملِكَ مَا تَحتَ قدَمَيَ‌ّ هَاتَينِ وَ لَو أَرجُو أَن أُخلِصَ إِلَيهِ لَتَجَشّمتُ لُقيَاهُ وَ لَو كُنتُ عِندَهُ لَغَسَلتُ قَدَمَيهِ وَ إِنّ النّصَارَي اجتَمَعُوا عَلَي الأُسقُفّ لِيَقتُلُوهُ فَقَالَ اذهَب إِلَي صَاحِبِكَ فَاقرَأ عَلَيهِ السّلَامَ وَ أَخبِرهُ أنَيّ‌ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ وَ أَنّ النّصَارَي أَنكَرُوا ذَلِكَ


صفحه : 380

عَلَيّ ثُمّ خَرَجَ إِلَيهِم فَقَتَلُوهُ

بيان قال الجوهري‌ تقول أثرت الحديث آثره إذاذكرته عن غيرك و قال الجزري‌ السجل الدلو الملأي ماء ويجمع علي سجال و منه حديث أبي سفيان وهرقل والحرب بيننا سجال أي مرة لنا ومرة علينا وأصله أن المستقين بالسجل يكون لكل واحد منهم سجل و قال تجشمت الأمر تكلفته

4-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّهُ لَمّا بُعِثَ مُحَمّدٌص بِالنّبُوّةِ بَعَثَ كِسرَي رَسُولًا إِلَي بَاذَانَ عَامِلِهِ فِي أَرضِ المَغرِبِ بلَغَنَيِ‌ أَنّهُ خَرَجَ رَجُلٌ قِبَلَكَ يَزعُمُ أَنّهُ نبَيِ‌ّ فَلتَقُل لَهُ فَليَكفُف عَن ذَلِكَ أَو لَأَبعَثَنّ إِلَيهِ مَن يَقتُلُهُ وَ يَقتُلُ قَومَهُ فَبَعَثَ بَاذَانُ إِلَي النّبِيّص بِذَلِكَ فَقَالَ لَو كَانَ شَيءٌ قُلتُهُ مِن قبِلَيِ‌ لَكَفَفتُ عَنهُ وَ لَكِنّ اللّهَ بعَثَنَيِ‌ وَ تَرَكَ رُسُلَ بَاذَانَ وَ هُم خَمسَةَ عَشَرَ نَفَراً لَا يُكَلّمُهُم خَمسَةَ عَشَرَ يَوماً ثُمّ دَعَاهُم فَقَالَ اذهَبُوا إِلَي صَاحِبِكُم فَقُولُوا لَهُ إِنّ ربَيّ‌ قَتَلَ رَبّهُ اللّيلَةَ إِنّ ربَيّ‌ قَتَلَ كِسرَي اللّيلَةَ وَ لَا كِسرَي بَعدَ اليَومِ وَ قَتَلَ قَيصَرَ وَ لَا قَيصَرَ بَعدَ اليَومِ فَكَتَبُوا قَولَهُ فَإِذَا هُمَا قَد مَاتَا فِي الوَقتِ ألّذِي حَدّثَهُ مُحَمّدٌص

5-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ عَن جَرِيرِ بنِ عَبدِ اللّهِ البجَلَيِ‌ّ قَالَبعَثَنَيِ‌ النّبِيّص بِكِتَابِهِ إِلَي ذيِ‌ الكَلَاعِ وَ قَومِهِ فَدَخَلتُ عَلَيهِ فَعَظّمَ كِتَابَهُ وَ تَجَهّزَ وَ خَرَجَ فِي جَيشٍ عَظِيمٍ وَ خَرَجتُ مَعَهُ نَسِيرُ إِذ رُفِعَ لَنَا دَيرُ رَاهِبٍ فَقَالَ أُرِيدُ هَذَا الرّاهِبَ فَلَمّا دَخَلنَا عَلَيهِ سَأَلَهُ أَينَ تُرِيدُ قَالَ هَذَا النّبِيّ ألّذِي خَرَجَ فِي قُرَيشٍ وَ هَذَا رَسُولُهُ قَالَ الرّاهِبُ لَقَد مَاتَ هَذَا الرّسُولُ فَقُلتُ مِن أَينَ عَلِمتَ بِوَفَاتِهِ قَالَ إِنّكُم قَبلَ أَن تَصِلُوا إلِيَ‌ّ كُنتُ أَنظُرُ فِي كِتَابِ دَانِيَالَ مَرَرتُ بِصِفَةِ مُحَمّدٍ وَ نَعتِهِ وَ أَيّامِهِ وَ أَجَلِهِ فَوَجَدتُ أَنّهُ توُفُيّ‌َ فِي هَذِهِ السّاعَةِ فَقَالَ ذُو الكَلَاعِ أَنَا أَنصَرِفُ قَالَ جَرِيرٌ فَرَجَعتُ فَإِذَا رَسُولُ


صفحه : 381

اللّهِص توُفُيّ‌َ ذَلِكَ اليَومَ

6-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]الزهّريِ‌ّ عَن أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ قَالَ بَعَثَ اللّهُ إِلَي كِسرَي مَلَكاً وَقتَ الهَاجِرَةِ وَ قَالَ يَا كِسرَي تُسلِمُ أَو أَكسِرُ هَذِهِ العَصَا فَقَالَ بهل بهل فَانصَرَفَ عَنهُ فَدَعَا حُرّاسَهُ وَ قَالَ مَن أَدخَلَ هَذَا الرّجُلَ عَلَيّ فَقَالُوا مَا رَأَينَاهُ ثُمّ أَتَاهُ فِي العَامِ المُقبِلِ وَ وَقتِهِ فَكَانَ كَمَا كَانَ أَوّلًا ثُمّ أَتَاهُ فِي العَامِ الثّالِثِ فَقَالَ تُسلِمُ أَو أَكسِرُ هَذِهِ العَصَا فَقَالَ بهل بهل فَكَسَرَ العَصَا ثُمّ خَرَجَ فَلَم يَلبَث أَن وَثَبَ عَلَيهِ ابنُهُ فَقَتَلَهُ

7-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] ابنُ مهَديِ‌ّ الماَمطَيِريِ‌ّ فِي مَجَالِسِهِ أَنّ النّبِيّ كَتَبَ إِلَي كِسرَي مِن مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ إِلَي كِسرَي بنِ هُرمُزدَ أَمّا بَعدُ فَأَسلِم تَسلَم وَ إِلّا فَأذَن بِحَربٍ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِوَ السّلامُ عَلي مَنِ اتّبَعَ الهُدي فَلَمّا وَصَلَ إِلَيهِ الكِتَابُ مَزّقَهُ وَ استَخَفّ بِهِ وَ قَالَ مَن هَذَا ألّذِي يدَعوُنيِ‌ إِلَي دِينِهِ وَ يَبدَأُ بِاسمِهِ قَبلَ اسميِ‌ وَ بَعَثَ إِلَيهِ بِتُرَابٍ فَقَالَص مَزّقَ اللّهُ مُلكَهُ كَمَا مَزّقَ كتِاَبيِ‌ أَمَا إِنّهُ سَتُمَزّقُونَ مُلكَهُ وَ بَعَثَ إلِيَ‌ّ بِتُرَابٍ أَمَا إِنّكُم سَتَملِكُونَ أَرضَهُ فَكَانَ كَمَا قَالَ


صفحه : 382

الماَورَديِ‌ّ فِي أَعلَامِ النّبُوّةِ إِنّ كِسرَي كَتَبَ فِي الوَقتِ إِلَي عَامِلِهِ بِاليَمَنِ بَاذَانَ وَ يُكَنّي أَبَا مِهرَانَ أَنِ احمِل إلِيَ‌ّ هَذَا ألّذِي يَذكُرُ أَنّهُ نبَيِ‌ّ وَ بَدَأَ بِاسمِهِ قَبلَ اسميِ‌ وَ دعَاَنيِ‌ إِلَي غَيرِ ديِنيِ‌ فَبَعَثَ إِلَيهِ فَيرُوزَ الديّلمَيِ‌ّ فِي جَمَاعَةٍ مَعَ كِتَابٍ يَذكُرُ فِيهِ مَا كَتَبَ بِهِ كِسرَي فَأَتَاهُ فَيرُوزُ بِمَن مَعَهُ فَقَالَ لَهُ إِنّ كِسرَي أمَرَنَيِ‌ أَحمِلُكَ إِلَيهِ فَاستَنظَرَهُ لَيلَةً فَلَمّا كَانَ مِنَ الغَدِ حَضَرَ فَيرُوزُ مُستَحِثّاً فَقَالَ النّبِيّص أخَبرَنَيِ‌ ربَيّ‌ أَنّهُ قَتَلَ رَبّكَ البَارِحَةَ سَلّطَ اللّهُ عَلَيهِ ابنَهُ شِيرَوَيهِ عَلَي سَبعِ سَاعَاتٍ مِنَ اللّيلِ فَأَمسِك حَتّي يَأتِيَكَ الخَبَرُ فَرَاعَ ذَلِكَ فَيرُوزَ وَ هَالَهُ وَ عَادَ إِلَي بَاذَانَ فَأَخبَرَهُ فَقَالَ لَهُ بَاذَانُ كَيفَ وَجَدتَ نَفسَكَ حِينَ دَخَلتَ عَلَيهِ فَقَالَ وَ اللّهِ مَا هِبتُ أَحَداً كَهَيبَةِ هَذَا الرّجُلِ فَوَصَلَ الخَبَرُ بِقَتلِهِ فِي تِلكَ اللّيلَةِ مِن تِلكَ السّاعَةِ فَأَسلَمَا جَمِيعاً وَ ظَهَرَ العبَسيِ‌ّ وَ مَا افتَرَاهُ مِنَ الكَذِبِ فَأَرسَلَ عَلَيهِ السّلَامُ إِلَي فَيرُوزَ اقتُلهُ قَتَلَهُ اللّهُ فَقَتَلَهُ

8-أقول قال الكازروني‌ في المنتقي ، في حوادث السنة السادسة فيهااتخذ رسول الله ص الخاتم و ذلك أنه قيل إن الملوك لايقرءون كتابا إلامختوما. و فيهابعث رسول الله ص ستة نفر فخرجوا مصطحبين في ذي‌ الحجة حاطب بن أبي بلتعة إلي المقوقس ودحية بن خليفة الكلبي‌ إلي قيصر و عبد الله بن حذافة إلي كسري وعمرو بن أمية الضميري‌ إلي النجاشي‌ وشجاع


صفحه : 383

بن وهب إلي الحارث بن أبي شمر الغساني‌ وسليط بن عمرو العامري‌ إلي هوذة بن علي النخعي‌ أماالمقوقس فإنه لماوصل إليه حاطب أكرمه وأخذ كتاب رسول الله ص وكتب في جوابه قدعلمت أن نبيا قدبقي‌ و قدأكرمت رسولك وأهدي إلي رسول الله ص أربع جوار منهن مارية أم ابراهيم وأختها سيرين وحمارا يقال له عفير وقيل يعفور وبغلة يقال لها الدلدل و لم يسلم فقبل رسول الله ص هديته و قال ضن الخبيث بملكه و لابقاء لملكه واصطفي مارية لنفسه و أماسيرين فوهبها لحسان بن وهب و أماالحمار


صفحه : 384

فنفق منصرفه من حجة الوداع و أماالبغلة فبقيت إلي زمان معاوية. و أماقيصر و هوهرقل ملك الروم فإنه أصبح يوما مهموما فقالت له بطارقته في ذلك فقال أجل أريت في هذه الليلة أن ملك الختان صار ظاهرا قالوا مانعلم أمة تختتن إلايهود وهم في سلطانك وسألوه أن يقتلهم جميعا فيستريح فبينا هم في ذلك من رأيهم إذ أتاهم رسول صاحب بصري برجل من العرب يقوده فقال أيها الملك إن هذا من العرب يحدث عن أمر حدث ببلاده عجب فقال هرقل لترجمانه سله ما هذاالحدث ألذي كان ببلاده فسأله فقال خرج من بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي‌ فاتبعه ناس وخالفه الآخرون وكانت بينهم ملاحم فتركتهم علي ذلك قال جردوه فجردوه فإذا هومختون فقال هرقل هذا و الله ألذي رأيت أعطوه ثوبه انطلق ثم دعا صاحب شرطته فقال قلب لي الشام ظهرا وبطنا حتي تأتيني‌ برجل من قوم هذا الرجل يعني‌ النبي ص قال أبوسفيان وكنت قدخرجت في تجارة في زمن الهدنة فهجم علينا صاحب شرطته فقال أنتم من قوم هذا الرجل فقلنا نعم فدعانا. وبإسنادي‌ في سماع البخاري‌ إليه بإسناده عن عبد الله بن عباس أن أباسفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشام في المدة التي‌ كان رسول الله ص ماد فيها أباسفيان وكفار قريش فأتوهم بإيليا فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم ودعا ترجمانه فقال أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل ألذي يزعم أنه نبي‌ فقال أبوسفيان فقلت أناأقربهم نسبا فقال أدنوه مني‌ وقربوا أصحابه فاجعلوه عندظهره ثم قال لترجمانه قل


صفحه : 385

لهم إني‌ سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني‌ فكذبوه قال أبوسفيان فو الله لو لاالحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه ثم كان أول ماسألني‌ عنه أن قال كيف نسبه فيكم قلت هوفينا ذو نسب قال فهل قال هذاالقول منكم أحد قبله قط قلت لا قال فهل كان في آبائه من ملك قلت لا قال فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم قلت بل ضعفاؤهم قال أيزيدون أم ينقصون قلت بل يزيدون قال فهل يرتد منهم أحد سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه قلت لا قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال قلت لا قال فهل يغدر قلت لا ونحن في مدة لاندري‌ ما هوفاعل فيها قال و لم يمكني‌ كلمة أدخل فيهاشيئا غير هذه الكلمة قال فهل قاتلتموه قلت نعم قال فكيف كان قتالكم إياه قلت الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه قال فما ذا يأمركم قلت يقول اعبدوا الله وحده و لاتشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والصلة فقال للترجمان قل له سألتك عن نسبه فذكرت أنه ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها وسألتك هل قال أحد منكم هذاالقول فذكرت أنه لافقلت لو قال أحد هذاالقول قبله لقلت رجل يأتيني‌ بقول قيل قبله وسألتك هل كان من آبائه من ملك فذكرت أن لا قلت فلو كان من آبائه من ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لافقد علمت أنه لم يكن ليذر الكذب علي الناس ويكذب علي الله وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل وسألتك أيزيدون أم ينقصون فذكرت أنهم يزيدون وكذلك أمر الإيمان حتي يتم وسألتك أيرتد أحد سخطه


صفحه : 386

لدينه بعد أن يدخل فيه فذكرت أن لا وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشة القلوب وسألتك هل يغدر فذكرت أن لا وكذلك الرسل لاتغدر وسألتك بما يأمركم فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله و لاتشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الأوثان ويأمركم بالصلاة والصدقة والعفاف فإن كان ماتقول حقا فسيملك موضع قدمي‌ هاتين و قدكنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم فلو أني‌ أعلم أني‌ أخلص إليه لتجشمت لقاه و لوكنت عنده لغسلت قدمه ثُمّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللّهِص ألّذِي بَعَثَ بِهِ دِحيَةَ إِلَي عَظِيمِ بُصرَي فَدَفَعَهُ إِلَي هِرَقلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ مِن مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ عَبدِهِ وَ رَسُولِهِ إِلَي هِرَقلَ عَظِيمِ الرّومِ وَ سَلَامٌعَلي مَنِ اتّبَعَ الهُدي أَمّا بَعدُ فإَنِيّ‌ أَدعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسلَامِ أَسلِم تَسلَم أَسلِم يُؤتِكَ اللّهُ أَجرَكَ مَرّتَينِ فَإِن تَوَلّيتَ فَإِنّ عَلَيكَ إِثمَ اليَرِيسِينَ وَيا أَهلَ الكِتابِ تَعالَوا إِلي كَلِمَةٍ سَواءٍ بَينَنا وَ بَينَكُم أَلّا نَعبُدَ إِلّا اللّهَ وَ لا نُشرِكَ بِهِ شَيئاً وَ لا يَتّخِذَ بَعضُنا بَعضاً أَرباباً مِن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلّوا فَقُولُوا اشهَدُوا بِأَنّا مُسلِمُونَ.

قال أبوسفيان فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات فأخرجنا فقلت لأصحابي‌ حين أخرجنا لقد أمر أمر ابن أبي كبشة أنه يخافه ملك بني‌ الأصفر فما زلت موقنا أنه سيظهر حتي أدخل الله علي الإسلام .


صفحه : 387

هرقل عظيم الروم ملك إحدي وثلاثين سنة و في ملكه توفي‌ النبي ص .ماد فيها أي ضرب لهم مدة في الهدنة إلي انقضاء المدة وإيليا بيت المقدس ومعناه بيت الله وحكي‌ فيه القصر وبلغة ثالثة إلياء بحذف الياء الأولي وسكون اللام والمد والترجمان بفتح التاء وضم الجيم وروي‌ بضمهما و هوالمفسر لغة بلغة قوله أن يأثروا علي أي عني‌ والسخطة الكراهية للشي‌ء وعدم الرضاء به قوله سجال أي مرة علي هؤلاء ومرة علي هؤلاء من مساجلة المستقين علي البئر بالدلاء وبشاشة القلوب أنسها ولطفها قوله لتجشمت أي تكلفت ما فيه من مشقة وبصري مدينة فيصارية من الشام والدعاية الدعوة وهي‌ من دعوت كالشكاية من شكيت قوله يؤتك الله أجرك مرتين مرة لاتباع عيسي أوغيره ومرة لاتباعه ص قوله إثم الأريسيين هكذا أورده جل الرواة وروي‌ اليريسين وروي‌ الأريسين قيل هم الأكارون وقيل الخدم والأعوان معناه إن عليك إثم رعاياك ممن صددته عن الإسلام فاتبعوك علي كفرك أي إن عليك مثل إثمهم


صفحه : 388

قوله أمر أمر ابن أبي كبشة أي عظم و أبوكبشة اسم الحارث بن عبدالعزي رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأصنام و عبدالشعري و قدمر ذكره في آباء النبي ص وقيل هوزوج حليمة مرضعة النبي ص وبنو الأصفر الروم وجدهم الأصفر بن روم بن إسحاق وقيل بل لأن جيشا من الحبش غلب عليهم في الزمان الأول فوطئ نساؤهم فولدوا أولادا صفرا نسبوا إليهم .


صفحه : 389

و أماكسري فلما بلغه كتاب رسول الله ص قرأه فمزقه فدعا عليهم رسول الله ص أن يمزقوا كل ممزق .

وَ روُيِ‌َ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ قَالَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِص عَبدَ اللّهِ بنَ حُذَافَةَ بنِ قَيسٍ إِلَي كِسرَي بنِ هُرمُزَ مَلِكِ فَارِسَ وَ كَتَبَ بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ مِن مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ إِلَي كِسرَي عَظِيمِ فَارِسَ سَلَامٌعَلي مَنِ اتّبَعَ الهُدي وَ آمَنَ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ شَهِدَ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَدعُوكَ بِدَاعِيَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فإَنِيّ‌ أَنَا رَسُولُ اللّهِص إِلَي النّاسِ كَافّةً لِأُنذِرَمَن كانَ حَيّا وَ يَحِقّ القَولُ عَلَي الكافِرِينَفَأَسلِم تَسلَم فَإِن أَبَيتَ فَإِنّ إِثمَ المَجُوسِ عَلَيكَ. فَلَمّا قَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللّهِص شَقّقَهُ وَ قَالَ يَكتُبُ إلِيَ‌ّ بِهَذَا الكِتَابِ وَ هُوَ عبَديِ‌ فبَلَغَنَيِ‌ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ مَزّقَ اللّهُ مُلكَهُ حِينَ بَلَغَهُ أَنّهُ شَقّقَ كِتَابَهُ ثُمّ كَتَبَ كِسرَي إِلَي بَاذَانَ وَ هُوَ عَلَي اليَمَنِ أَنِ ابعَث إِلَي هَذَا الرّجُلِ ألّذِي بِالحِجَازِ مِن عِندِكَ رَجُلَينِ جَلَدَينِ فلَيأَتيِاَنيِ‌ بِهِ.

و في رواية كتب إلي باذان أن بلغني‌ أن في أرضك رجلا يتنبأ فاربطه وابعث


صفحه : 390

به إلي‌ فبعث باذان قهرمانه و هوبانوبه و كان كاتبا حاسبا وبعث معه برجل من الفرس يقال له خرخسك فكتب معهما إلي رسول الله ص يأمره أن ينصرف معهما إلي كسري و قال لبانوبه ويلك انظر ما الرجل وكلمه وأتني‌ بخبره فخرجا حتي قدما المدينة علي رسول الله ص وكلمه بانوبه و قال إن شاهنشاه ملك الملوك كسري كتب إلي الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك و قدبعثني‌ إليك لتنطلق معي‌ فإن فعلت كتبت فيك إلي ملك الملوك بكتاب ينفعك ويكف عنك به و إن أبيت فهو من قدعلمت فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك وكانا قددخلا علي رسول الله ص و قدحلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما و قال ويلكما من أمركما بهذا قالا أمرنا بهذا ربنا يعنيان كسري فقال رسول الله ص لكن ربي‌ أمرني‌ بإعفاء لحيتي‌ وقص شاربي‌ ثم قال لهما ارجعا حتي تأتياني‌ غدا وأتي رسول الله ص الخبر من السماء أن الله عز و جل قدسلط علي كسري ابنه شيرويه فقتله في شهر كذا وكذا لكذا وكذا من الليل فلما أتيا رسول الله ص قال لهما إن ربي‌ قدقتل ربكما ليلة كذا وكذا من شهر كذا وكذا بعد مامضي من الليل كذا وكذا سلط عليه شيرويه فقتله فقالا هل تدري‌ ماتقول إنا قدنقمنا منك ما هوأيسر من هذافنكتب بهاعنك ونخبر الملك قال نعم أخبراه ذلك عني‌ وقولا له إن ديني‌ وسلطاني‌ سيبلغ مابلغ ملك كسري وينتهي‌ إلي منتهي الخف والحافر


صفحه : 391

وقولا له إنك إن أسلمت أعطيتك ماتحت يديك وملكتك علي قومك . ثم أعطي خرخسك منطقة فيهاذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عنده حتي قدما علي باذان وأخبراه الخبر فقال و الله ما هذابكلام ملك وإني‌ لأري الرجل نبيا كما يقول ولننظر ما قد قال فلئن كان ما قد قال حقا ما فيه كلام أنه نبي‌ مرسل و إن لم يكن فستري فيه رأينا فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه أما بعدفإني‌ قدقتلت كسري و لم أقتله إلاغضبا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم فإذاجاءك كتابي‌ هذافخذ لي الطاعة ممن قبلك وانظر الرجل ألذي كان كسري كتب إليك فيه فلاتهجه حتي يأتيك أمري‌ فيه . فلما انتهي كتاب شيرويه باذان قال إن هذا الرجل لرسول فأسلم وأسلمت الأبناء من فارس من كان منهم باليمن .

وَ أَمّا النجّاَشيِ‌ّ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِص بَعَثَ عَمرَو بنَ أُمَيّةَ إِلَيهِ فِي شَأنِ جَعفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَصحَابِهِ وَ كَتَبَ


صفحه : 392

بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ مِن مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ إِلَي النجّاَشيِ‌ّ مَلِكِ الحَبَشَةِ إنِيّ‌ أَحمَدُ إِلَيكَ اللّهَ المَلِكَ القُدّوسَ السّلَامَ المُهَيمِنَ وَ أَشهَدُ أَنّ عِيسَي ابنَ مَريَمَ رُوحُ اللّهِوَ كَلِمَتُهُ أَلقاها إِلي مَريَمَالبَتُولِ الطّيّبَةِ فَحَمَلَت بِعِيسَي وَ إنِيّ‌ أَدعُوكَ إِلَي اللّهِ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَإِن تبَعِتنَيِ‌ وَ تُؤمِن باِلذّيِ‌ جاَءنَيِ‌ فإَنِيّ‌ رَسُولُ اللّهِ وَ قَد بَعَثتُ إِلَيكَ ابنَ عمَيّ‌ جَعفَراً وَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنَ المُسلِمِينَوَ السّلامُ عَلي مَنِ اتّبَعَ الهُدي.فَكَتَبَ النجّاَشيِ‌ّ إِلَي رَسُولِ اللّهِص بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ إِلَي مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ مِنَ النجّاَشيِ‌ّ سَلَامٌ عَلَيكَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ ألّذِي هدَاَنيِ‌ إِلَي الإِسلَامِ أَمّا بَعدُ فَقَد بلَغَنَيِ‌ كِتَابُكَ يَا رَسُولَ اللّهِ فِيمَا ذَكَرتَ مِن أَمرِ عِيسَي فَوَ رَبّ السّمَاءِ وَ الأَرضِ إِنّ عِيسَي مَا يَزِيدُ عَلَي مَا ذَكَرتَ ثُفرُوقاً إِنّهُ كَمَا قُلتَ وَ قَد عَرَفنَا مَا بَعَثتَ بِهِ إِلَينَا وَ قَدِمَ ابنُ عَمّكَ وَ أَصحَابُكَ وَ أَشهَدُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ وَ قَد بَايَعتُكَ وَ بَايَعتُ ابنَ عَمّكَ وَ أَسلَمتُ عَلَي يَدَيهِ لِلّهِ رَبّ العَالَمِينَ وَ قَد بَعَثتُ إِلَيكَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ فَإِن شِئتَ أَن آتِيَكَ فَعَلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ فإَنِيّ‌ أَشهَدُ أَنّ مَا تَقُولُ حَقّ وَ السّلَامُ عَلَيكَ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

قال ابن إسحاق فذكر لي أنه بعث ابنه في ستين من الحبشة في سفينة حتي إذاتوسطوا البحر غرقت بهم السفينة فهلكوا.


صفحه : 393

قال الواقدي‌ عن أشياخه كتب رسول الله إلي النجاشي‌ كتابين يدعوه في أحدهما إلي الإسلام ويتلو عليه القرآن فأخذ كتاب رسول الله ص فوضعه علي عينه ونزل من سريره ثم جلس علي الأرض تواضعا ثم أسلم وشهد شهادته الحق و قال لوكنت أستطيع أن آتيه لآتينه وكتب إلي رسول الله ص بإجابته وتصديقه وإسلامه علي يد جعفر بن أبي طالب . و في الكتاب الآخر يأمره أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت قدهاجرت إلي الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش الأسدي‌ فتنصر هناك ومات وأمره في الكتاب أن يبعث إليه بمن قبله من أصحابه ففعل ذلك و هذه الأخبار دالة علي أن النجاشي‌ هو ألذي كانت الهجرة إلي أرضه وروي‌ أنه غير ذلك . و أماالحارث بن أبي الشمر الغساني‌ فقال شجاع بن وهب انتهيت بكتاب رسول الله و هوبغوطة دمشق و هومشغول بتهية الأنزال والألطاف لقيصر و هوجاء من حمص إلي إيليا فأقمت علي بابه يومين أوثلاثة فقلت لحاجبه إني‌ رسول رسول الله ص فقال لاتصل إليه حتي يخرج يوم كذا وكذا وجعل حاجبه و كان روميا يسألني‌ عن رسول الله ص فكنت أحدثه عن صفة رسول الله ص و مايدعو إليه فيرق حتي يغلبه البكاء و يقول إني‌ قرأت الإنجيل وأجد صفة هذا النبي بعينه و أناأومن به وأصدقه وأخاف من الحارث أن يقتلني‌ و كان يكرمني‌ ويحسن ضيافتي‌ فخرج الحارث يوما فجلس ووضع التاج علي رأسه وأذن لي عليه فدفعت إليه كتاب رسول الله ص فقرأه ثم رمي به و قال من


صفحه : 394

ينتزع مني‌ ملكي‌ أناسائر إليه و لو كان باليمن جئته علي بالناس فلم يزل يعرض حتي قام وأمر بالخيول تنعل ثم قال أخبر صاحبك بما تري وكتب إلي قيصر يخبره خبري‌ و ماعظم عليه فكتب إليه قيصر أن لاتسر إليه واله عنه ووافني‌ بإيليا فلما جاءه جواب كتابه دعاني‌ فقال متي تريد أن تخرج إلي صاحبك فقلت غدا فأمر لي بمائة مثقال ذهب ووصلني‌ حاجبه بنفقة وكسوة فقال اقرأ علي رسول الله ص مني‌ السلام فقدمت علي النبي ص فأخبرته فقال باد ملكه ومات الحارث بن أبي الشمر عام الفتح . و أماهوذة بن علي فإنه كان من الملوك العقلاء إلا أن التوفيق عزيز. قال الواقدي‌ عن أشياخه بعث رسول الله ص سليط بن عمرو العامري‌ إلي هوذة بن علي الحنفي‌ يدعوه إلي الإسلام وكتب معه كتابا فقدم عليه فأنزله وحياه وقرأ كتاب رسول الله ص وكتب إليه وأجمله و أناشاعر قومي‌ وخطيبهم والعرب تهاب مكاني‌ فاجعل لي بعض الأمر أتبعك . وأجاز سليط بن عمرو بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر فقدم بذلك كله علي رسول الله ص وأخبره عنه بما قال فقرأ كتابه و قال لوسألني‌ سبابة من


صفحه : 395

الأرض مافعلت باد وباد ما في يده فلما انصرف رسول الله ص من الفتح جاءه جبرئيل فأخبره أنه قدمات .بيان قال الجزري‌ البش فرح الصديق بالصديق واللطف في المسألة والإقبال عليه و منه حديث قيصر وكذلك الإيمان إذاخالط بشاشة القلوب بشاشة اللقاء الفرح بالمرئي‌ والانبساط إليه والأنس به . و قال في كتابه إلي هرقل أدعوك بدعاية الإسلام أي بدعوته وهي‌ كلمة الشهادة يدعي إليها أهل الملل الكافرة و في رواية بداعية الإسلام وهي‌ مصدر بمعني الدعوة كالعافية والعاقبة و قال أمر أي كثر وارتفع شأنه و قال كان المشركون ينسبون النبي ص إلي أبي كبشة و هو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان و عبدالشعري العبور فلما خالفهم النبي ص في عبادة الأوثان شبهوه به وقيل إنه كان جد النبي ص من قبل أمه فأرادوا أنه نزع في الشبه إليه . و قال في كتاب النبي ص إلي هرقل فإن أبيت فعليك إثم الأريسين قداختلف في هذه اللفظة صفة ومعني فروي‌ الأريسين بوزن الكريمين وروي‌ الأريسيين بوزن الشريبيين فقال أبوعبيد هم الخدم والخول يعني‌ بصدهم إياهم عن الدين كما قال ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا أي عليك مثل إثمهم و قال ابن الأعرابي‌ أرس يأرس أرسا فهو أريس وأرس يؤرس تأريسا فهو أريس وجمعها أريسون وإريسون وآرارسة هم الأكارون وإنما قال ذلك لأن الأكارين كانوا عندهم من الفرس وهم عبدة النار فجعل عليه إثمهم و قال أبوعبيدة أصحاب الحديث يقولون الأريسيين منسوبا مجموعا والصحيح الأريسين


صفحه : 396

يعني‌ بغير نسب ورده الطحاوي‌ عليه و قال بعضهم إن في رهط هرقل فرقة تعرف بالأروسية فجاء علي النسب إليهم وقيل إنهم أتباع عبد الله بن أريس رجل كان في الزمن الأول قتلوا نبيا بعث الله إليهم وقيل الأريسون الملوك واحدهم أريس وقيل هم العشارون انتهي . قوله ثفروقا أي شيئا قال الفيروزآبادي‌ الثفروق بالضم قمع التمرة أو مايلتزق به قمعها و ما له ثفروق أي شيء.أقول ثم قال الكازروني‌ و في هذه السنة جاءت خولة بنت ثعلبة و كان زوجها أوس بن الصامت فأخبرت رسول الله ص بأنه ظاهر منها.أقول سيأتي‌ شرح القصة في باب ماجري بينه ص و بين أصحابه . ثم قال و فيهاماتت أم رومان أم عائشة و فيهاأسلم أبوهريرة

9- وَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ وَ أَرسَلَ العَلَاءُ بنُ الحضَرمَيِ‌ّ إِلَي المُنذِرِ بنِ شاَديِ‌ّ أخَيِ‌ عَبدِ القَيسِ وَ قِيلَ إِنّ إِرسَالَهُ كَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ فَلَمّا أَتَاهُ العَلَاءُ يَدعُوهُ


صفحه : 397

وَ مَن مَعَهُ بِالبَحرَينِ إِلَي الإِسلَامِ أَوِ الجِزيَةِ وَ كَانَت وِلَايَةُ البَحرَينِ لِلفُرسِ فَأَسلَمَ المُنذِرُ وَ أَسلَمَ جَمعٌ مِنَ العَرَبِ فَأَمّا أَهلُ البِلَادِ مِنَ اليَهُودِ وَ النّصَارَي وَ المَجُوسِ فَإِنّهُم صَالَحُوا العَلَاءَ وَ المُنذِرَ عَلَي الجِزيَةِ وَ لَم يَكُن بِالبَحرَينِ قِتَالٌ إِنّمَا بَعضُهُم أَسلَمَ وَ بَعضُهُم صَالَحَ

10-نُقِلَ مِن خَطّ الشّهِيدِ رَحِمَهُ اللّهُ قِيلَ كَتَبَ النجّاَشيِ‌ّ رَحِمَهُ اللّهُ كِتَاباً إِلَي النّبِيّص فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص لعِلَيِ‌ّ عَلَيهِ السّلَامُ اكتُب جَوَاباً وَ أَوجِز فَكَتَبَ بِسمِ اللّهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ أَمّا بَعدُ فَكَأَنّكَ مِنَ الرّقّةِ عَلَينَا مِنّا وَ كَأَنّا مِنَ الثّقَةِ بِكَ مِنكَ لِأَنّا لَا نَرجُو شَيئاً مِنكَ إِلّا نِلنَاهُ وَ لَا نَخَافُ مِنكَ أَمراً إِلّا أَمِنّاهُ وَ بِاللّهِ التّوفِيقُ فَقَالَ النّبِيّص الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي جَعَلَ مِن أهَليِ‌ مِثلَكَ وَ شَدّ أزَريِ‌ بِكَ