صفحه : 1

الجزء الخامس عشر

كتاب تاريخ نبيناص

بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِالحمد لله ألذي أكرم سيد أنبيائه محمدا بالرسالة وشرفها به شرائف الصلوات وكرائم التحيات والتسليمات عليه و علي الأفاخم الأنجبين من عترته وآله . أما بعدفيقول الخاطئ القاصر العاثر محمد بن محمدالتقي‌ المدعو بباقر عفا الله عن عثراتهما وحشرهما مع مواليهما وساداتهما هذا هوالمجلد السادس من كتاب بحار الأنوار المشتمل علي تاريخ سيد الأبرار ونخبة الأخيار زين الرسالة والنبوة وينبوع الحكمة والفتوة نبي‌ الأنبياء وصفي‌ الأصفياء نجي‌ الله ونجيبه وخليل الله وحبيبه محمول الأفلاك ومخدوم الأملاك صاحب المقام المحمود وغاية إيجاد كل موجود شمس سماء العرفان وأس بناء الإيمان شرف الأشراف وغرة عبدمناف بحر السخاء ومعدن الحياء رحمة العباد وربيع البلاد ألذي به اكتسي الفخر فخرا والشرف شرفا و به تضمنت الجنان غرفا والقصور شرفا فركعت السماوات لأعباء نعمه وسجدت الأرضون لموطئ قدمه وبنوره استضاءت الأنوار واستنارت الشموس والأقمار وبظهوره تجلّت الأسرار عن جلابيب الأستار إمام المرسلين وفخر العالمين أبي القاسم محمد بن عبد الله خاتم النبيين صلوات الله عليه و علي أهل بيته الأطهرين وبيان فضائله ومناقبه ومعجزاته ومكارمه وغزواته وسائر أحواله ص


صفحه : 2

باب 1-بدء خلقه و ماجري له في الميثاق وبدء نوره وظهوره ص من لدن آدم ع وبيان حال آبائه العظام وأجداده الكرام لاسيما عبدالمطلب ووالديه عليهم الصلاة و السلام وبعض أحوال العرب في الجاهلية وقصة الفيل وبعض النوادر

الآيات آل عمران وَ إِذ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النّبِيّينَ لَما آتَيتُكُم مِن كِتابٍ وَ حِكمَةٍ ثُمّ جاءَكُم رَسُولٌ مُصَدّقٌ لِما مَعَكُم لَتُؤمِنُنّ بِهِ وَ لَتَنصُرُنّهُ قالَ أَ أَقرَرتُم وَ أَخَذتُم عَلي ذلِكُم إصِريِ‌ قالُوا أَقرَرنا قالَ فَاشهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُم مِنَ الشّاهِدِينَالأعراف وَ إِذ أَخَذَ رَبّكَ مِن بنَيِ‌ آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرّيّتَهُم وَ أَشهَدَهُم عَلي أَنفُسِهِم أَ لَستُ بِرَبّكُم قالُوا بَلي شَهِدنا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيامَةِ إِنّا كُنّا عَن هذا غافِلِينَ أَو تَقُولُوا إِنّما أَشرَكَ آباؤُنا مِن قَبلُ وَ كُنّا ذُرّيّةً مِن بَعدِهِم أَ فَتُهلِكُنا بِما فَعَلَ المُبطِلُونَالشعراءألّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَالأحزاب وَ إِذ أَخَذنا مِنَ النّبِيّينَ مِيثاقَهُم وَ مِنكَ وَ مِن نُوحٍ وَ اِبراهِيمَ وَ مُوسي وَ عِيسَي ابنِ مَريَمَ وَ أَخَذنا مِنهُم مِيثاقاً غَلِيظاً لِيَسئَلَ الصّادِقِينَ عَن صِدقِهِم وَ أَعَدّ لِلكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماًتفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي وَ إِذ أَخَذنا مِنَ النّبِيّينَ مِيثاقَهُم أي واذكر يا محمدحين أخذ الله الميثاق من النبيين خصوصا بأن يصدق بعضهم بعضا ويتبع بعضهم بعضا وقيل أخذ ميثاقهم علي أن يعبدوا الله ويدعوا إلي عبادة الله و أن يصدق


صفحه : 3

بعضهم بعضا و أن ينصحوا لقومهم وَ مِنكَ يا محمد وإنما قدمه لفضله وشرفه وَ مِن نُوحٍ وَ اِبراهِيمَ وَ مُوسي وَ عِيسَي ابنِ مَريَمَخص هؤلاء لأنهم أصحاب الشرائع وَ أَخَذنا مِنهُم مِيثاقاً غَلِيظاً أي عهدا شديدا علي الوفاء بما حملوا من أعباء الرسالة وتبليغ الشرائع وقيل علي أن يعلنوا أن محمدا رسول الله ويعلن محمد أن لانبي‌ بعده لِيَسئَلَ الصّادِقِينَ عَن صِدقِهِمقيل معناه إنما فعل ذلك ليسأل الأنبياء والمرسلين ما ألذي جاءت به أممكم وقيل ليسأل الصادقين في توحيد الله وعدله والشرائع عَن صِدقِهِم أي عما كانوا يقولونه فيه تعالي فيقال لهم هل ظلم الله أحدا هل جازي كل إنسان بفعله هل عذب بغير ذنب ونحو ذلك فيقولون نعم عدل في حكمه وجازي كلا بفعله وقيل معناه ليسأل الصادقين في أقوالهم عن صدقهم في أفعالهم وقيل ليسأل الصادقين ماذا قصدتم بصدقكم وجه الله أوغيره .أقول سيأتي‌ تفسير سائر الآيات وسنورد الأخبار المتضمنة لتأويلها في هذاالباب وغيره

1-فس ،[تفسير القمي‌] مُحَمّدُ بنُ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدِ بنِ الفُرَاتِ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ ألّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ فِي النّبُوّةِوَ تَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَ قَالَ فِي أَصلَابِ النّبِيّينَ

2-كنز،[كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة] مُحَمّدُ بنُ العَبّاسِ عَنِ الحُسَينِ بنِ هَارُونَ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ عَن أَخِيهِ عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ حَمّادٍ عَن أَبِي الجَارُودِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِهِ عَزّ وَ جَلّوَ تَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَ قَالَ يَرَي تَقَلّبَهُ فِي أَصلَابِ النّبِيّينَ مِن نبَيِ‌ّ إِلَي نبَيِ‌ّ حَتّي أَخرَجَهُ مِن صُلبِ أَبِيهِ مِن نِكَاحٍ غَيرِ سِفَاحٍ مِن لَدُن آدَمَ ع

3-ير،[بصائر الدرجات ]بَعضُ أَصحَابِنَا عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن عَلِيّ بنِ أَسبَاطٍ عَن عَلِيّ بنِ مَعمَرٍ عَن أَبِيهِ قَالَسَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيهذا نَذِيرٌ مِنَ النّذُرِ الأُولي


صفحه : 4

قَالَ يعَنيِ‌ بِهِ مُحَمّداًص حَيثُ دَعَاهُم إِلَي الإِقرَارِ بِاللّهِ فِي الذّرّ الأَوّلِ

4-ل ،[الخصال ] مع ،[معاني‌ الأخبار]الحَاكِمُ أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ المرَوزَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ الجرُجاَنيِ‌ّ عَن عَبدِ الصّمَدِ بنِ يَحيَي الواَسطِيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ المدَنَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُبَارَكِ عَن سُفيَانَ الثوّريِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الصّادِقِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ نُورَ مُحَمّدٍص قَبلَ أَن خَلَقَ[يَخلُقَ]السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ وَ العَرشَ وَ الكرُسيِ‌ّ وَ اللّوحَ وَ القَلَمَ وَ الجَنّةَ وَ النّارَ وَ قَبلَ أَن خَلَقَ[يَخلُقَ]آدَمَ وَ نُوحاً وَ اِبرَاهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ وَ إِسحَاقَ وَ يَعقُوبَ وَ مُوسَي وَ عِيسَي وَ دَاوُدَ وَ سُلَيمَانَ ع وَ كُلّ مَن قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي قَولِهِوَ وَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَ يَعقُوبَ إِلَي قَولِهِوَ هَدَيناهُم إِلي صِراطٍ مُستَقِيمٍ وَ قَبلَ أَن خَلَقَ الأَنبِيَاءَ كُلّهُم بِأَربَعِ مِائَةِ أَلفِ سَنَةٍ وَ أَربَعٍ وَ عِشرِينَ أَلفَ سَنَةٍ وَ خَلَقَ عَزّ وَ جَلّ مَعَهُ اثنيَ‌ عَشَرَ حِجَاباً حِجَابَ القُدرَةِ وَ حِجَابَ العَظَمَةِ وَ حِجَابَ المِنّةِ وَ حِجَابَ الرّحمَةِ وَ حِجَابَ السّعَادَةِ وَ حِجَابَ الكَرَامَةِ وَ حِجَابَ المَنزِلَةِ وَ حِجَابَ الهِدَايَةِ وَ حِجَابَ النّبُوّةِ وَ حِجَابَ الرّفعَةِ وَ حِجَابَ الهَيبَةِ وَ حِجَابَ الشّفَاعَةِ ثُمّ حَبَسَ نُورَ مُحَمّدٍص فِي حِجَابِ القُدرَةِ اثنيَ‌ عَشَرَ أَلفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ربَيّ‌َ الأَعلَي وَ فِي حِجَابِ العَظَمَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَلفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ عَالِمِ السّرّ وَ فِي حِجَابِ المِنّةِ عَشرَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن هُوَ قَائِمٌ لَا يَلهُو وَ فِي حِجَابِ الرّحمَةِ تِسعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ الرّفِيعِ الأَعلَي وَ فِي حِجَابِ السّعَادَةِ ثَمَانِيَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن هُوَ دَائِمٌ لَا يَسهُو وَ فِي حِجَابِ الكَرَامَةِ سَبعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن هُوَ غنَيِ‌ّ لَا يَفتَقِرُ وَ فِي حِجَابِ المَنزِلَةِ سِتّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ العَلِيمِ الكَرِيمِ وَ فِي حِجَابِ الهِدَايَةِ خَمسَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ذيِ‌ العَرشِ العَظِيمِ وَ فِي حِجَابِ النّبُوّةِ أَربَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ رَبّ


صفحه : 5

العِزّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَ فِي حِجَابِ الرّفعَةِ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ذيِ‌ المُلكِ وَ المَلَكُوتِ وَ فِي حِجَابِ الهَيبَةِ ألَفيَ‌ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ اللّهِ وَ بِحَمدِهِ وَ فِي حِجَابِ الشّفَاعَةِ أَلفَ سَنَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ربَيّ‌َ العَظِيمِ وَ بِحَمدِهِ ثُمّ أَظهَرَ اسمَهُ عَلَي اللّوحِ فَكَانَ عَلَي اللّوحِ مُنَوّراً أَربَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ ثُمّ أَظهَرَهُ عَلَي العَرشِ فَكَانَ عَلَي سَاقِ العَرشِ مُثبَتاً سَبعَةَ آلَافِ سَنَةٍ إِلَي أَن وَضَعَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي صُلبِ آدَمَ ع ثُمّ نَقَلَهُ مِن صُلبِ آدَمَ ع إِلَي صُلبِ نُوحٍ ع ثُمّ مِن صُلبٍ إِلَي صُلبٍ حَتّي أَخرَجَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن صُلبِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ فَأَكرَمَهُ بِسِتّ كِرَامَاتٍ أَلبَسَهُ قَمِيصَ الرّضَا وَ رَدّاهُ بِرِدَاءِ الهَيبَةِ وَ تَوّجَهُ بِتَاجِ الهِدَايَةِ وَ أَلبَسَهُ سَرَاوِيلَ المَعرِفَةِ وَ جَعَلَ تِكّتَهُ تِكّةَ المَحَبّةِ يَشُدّ بِهَا سَرَاوِيلَهُ وَ جَعَلَ نَعلَهُ نَعلَ الخَوفِ وَ نَاوَلَهُ عَصَا المَنزِلَةِ ثُمّ قَالَ يَا مُحَمّدُ اذهَب إِلَي النّاسِ فَقُل لَهُم قُولُوا لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَ كَانَ أَصلُ ذَلِكَ القَمِيصِ مِن سِتّةِ أَشيَاءَ قَامَتُهُ مِنَ اليَاقُوتِ وَ كُمّاهُ مِنَ اللّؤلُؤِ وَ دِخرِيصُهُ مِنَ البِلّورِ الأَصفَرِ وَ إِبطَاهُ مِنَ الزّبَرجَدِ وَ جُرُبّانُهُ مِنَ المَرجَانِ الأَحمَرِ وَ جَيبُهُ مِن نُورِ الرّبّ جَلّ جَلَالُهُ فَقَبِلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ تَوبَةَ آدَمَ ع بِذَلِكَ القَمِيصِ وَ رَدّ خَاتَمَ سُلَيمَانَ ع بِهِ وَ رَدّ يُوسُفَ ع إِلَي يَعقُوبَ ع بِهِ وَ نَجّي يُونُسَ ع مِن بَطنِ الحُوتِ بِهِ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ الأَنبِيَاءِ ع أَنجَاهُم مِنَ المِحَنِ بِهِ وَ لَم يَكُن ذَلِكَ القَمِيصُ إِلّا قَمِيصَ مُحَمّدٍص


صفحه : 6

بيان قوله ثم حبس نور محمدص ليس الغرض ذكر جميع أحواله ص في الذر لعدم موافقة العدد بل قدجري علي نوره أحوال قبل تلك الأحوال أوبعدها أوبينها لم تذكر في الخبر والدخريص بالكسر لبنة القميص وجربان القميص بضم الجيم والراء وتشديد الباء معرب گريبان

5-فر،[تفسير فرات بن ابراهيم ] عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الفزَاَريِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن قَبِيصَةَ بنِ يَزِيدَ الجعُفيِ‌ّ قَالَ دَخَلتُ عَلَي الصّادِقِ ع وَ عِندَهُ ابنُ ظَبيَانَ وَ القَاسِمُ الصيّرفَيِ‌ّ فَسَلّمتُ وَ جَلَستُ وَ قُلتُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ أَينَ كُنتُم قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ سَمَاءً مَبنِيّةً وَ أَرضاً مَدحِيّةً أَو ظُلمَةً أَو نُوراً قَالَ كُنّا أَشبَاحَ نُورٍ حَولَ العَرشِ نُسَبّحُ اللّهَ قَبلَ أَن يَخلُقَ آدَمَ ع بِخَمسَةَ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ آدَمَ ع فَرّغَنَا فِي صُلبِهِ فَلَم يَزَل يَنقُلُنَا مِن صُلبٍ طَاهِرٍ إِلَي رَحِمٍ مُطَهّرٍ حَتّي بَعَثَ اللّهُ مُحَمّداًص الخَبَرَ

6-فر،[تفسير فرات بن ابراهيم ] جَعفَرُ بنُ مُحَمّدِ بنِ بِشرَوَيهِ القَطّانُ بِإِسنَادِهِ عَنِ الأوَزاَعيِ‌ّ عَن


صفحه : 7

صَعصَعَةَ بنِ صُوحَانَ وَ الأَحنَفِ بنِ قَيسٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص خلَقَنَيِ‌َ اللّهُ نُوراً تَحتَ العَرشِ قَبلَ أَن يَخلُقَ آدَمَ ع باِثنيَ‌ عَشَرَ أَلفَ سَنَةٍ فَلَمّا أَن خَلَقَ اللّهُ آدَمَ ع أَلقَي النّورَ فِي صُلبِ آدَمَ ع فَأَقبَلَ يَنتَقِلُ ذَلِكَ النّورُ مِن صُلبٍ إِلَي صُلبٍ حَتّي افتَرَقنَا فِي صُلبِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ وَ أَبِي طَالِبٍ فخَلَقَنَيِ‌ ربَيّ‌ مِن ذَلِكَ النّورِ لَكِنّهُ لَا نبَيِ‌ّ بعَديِ‌

7- ع ،[علل الشرائع ] اِبرَاهِيمُ بنُ هَارُونَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ أَبِي الثّلجِ عَن عِيسَي بنِ مِهرَانَ عَن مُنذِرٍ الشّرَاكِ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ عُلَيّةَ عَن أَسلَمَ بنِ مَيسَرَةَ العجِليِ‌ّ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ عَن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِص قَالَ إِنّ اللّهَ خلَقَنَيِ‌ وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ مِن قَبلِ أَن يَخلُقَ الدّنيَا بِسَبعَةِ آلَافِ عَامٍ قُلتُ فَأَينَ كُنتُم يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ قُدّامَ العَرشِ نُسَبّحُ اللّهَ وَ نَحمَدُهُ وَ نُقَدّسُهُ وَ نُمَجّدُهُ قُلتُ عَلَي أَيّ مِثَالٍ قَالَ أَشبَاحِ نُورٍ حَتّي إِذَا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يَخلُقَ صُوَرَنَا صَيّرَنَا عَمُودَ نُورٍ ثُمّ قَذَفَنَا فِي صُلبِ آدَمَ ثُمّ أَخرَجَنَا إِلَي أَصلَابِ الآبَاءِ وَ أَرحَامِ الأُمّهَاتِ وَ لَا يُصِيبُنَا نَجَسُ الشّركِ وَ لَا سِفَاحُ الكُفرِ يَسعَدُ بِنَا قَومٌ وَ يَشقَي بِنَا آخَرُونَ فَلَمّا صَيّرَنَا إِلَي صُلبِ عَبدِ المُطّلِبِ أَخرَجَ ذَلِكَ النّورَ فَشَقّهُ نِصفَينِ فَجَعَلَ نِصفَهُ فِي عَبدِ اللّهِ وَ نِصفَهُ فِي أَبِي طَالِبٍ ثُمّ أَخرَجَ ألّذِي لِي إِلَي آمِنَةَ وَ النّصفَ إِلَي فَاطِمَةَ بِنتِ أَسَدٍ فأَخَرجَتَنيِ‌ آمِنَةُ وَ


صفحه : 8

أَخرَجَت فَاطِمَةُ عَلِيّاً ثُمّ أَعَادَ عَزّ وَ جَلّ العَمُودَ إلِيَ‌ّ فَخَرَجَت منِيّ‌ فَاطِمَةُ ثُمّ أَعَادَ عَزّ وَ جَلّ العَمُودَ إِلَي عَلِيّ فَخَرَجَ مِنهُ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ يعَنيِ‌ مِنَ النّصفَينِ جَمِيعاً فَمَا كَانَ مِن نُورِ عَلِيّ فَصَارَ فِي وُلدِ الحَسَنِ وَ مَا كَانَ مِن نوُريِ‌ صَارَ فِي وُلدِ الحُسَينِ فَهُوَ يَنتَقِلُ فِي الأَئِمّةِ مِن وُلدِهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

8-فر،[تفسير فرات بن ابراهيم ] جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ الأحَمسَيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي ذَرّ الغفِاَريِ‌ّ عَنِ النّبِيّص فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ فِي وَصفِ المِعرَاجِ سَاقَهُ إِلَي أَن قَالَ قُلتُ يَا مَلَائِكَةَ ربَيّ‌ هَل تَعرِفُونّا حَقّ مَعرِفَتِنَا فَقَالُوا يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ وَ كَيفَ لَا نَعرِفُكُم وَ أَنتُم أَوّلُ مَا خَلَقَ اللّهُ خَلَقَكُم أَشبَاحَ نُورٍ مِن نُورِهِ فِي نُورٍ مِن سَنَاءِ عِزّهِ وَ مِن سَنَاءِ مُلكِهِ وَ مِن نُورِ وَجهِهِ الكَرِيمِ وَ جَعَلَ لَكُم مَقَاعِدَ فِي مَلَكُوتِ سُلطَانِهِ وَ عَرشُهُ عَلَي المَاءِ قَبلَ أَن تَكُونَ السّمَاءُ مَبنِيّةً وَ الأَرضُ مَدحِيّةً ثُمّخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ رَفَعَ العَرشَ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ فَاستَوَي عَلَي عَرشِهِ وَ أَنتُم أَمَامَ عَرشِهِ تُسَبّحُونَ وَ تُقَدّسُونَ وَ تُكَبّرُونَ ثُمّ خَلَقَ المَلَائِكَةَ مِن بَدءِ مَا أَرَادَ مِن أَنوَارٍ شَتّي وَ كُنّا نَمُرّ بِكُم وَ أَنتُم تُسَبّحُونَ وَ تَحمَدُونَ وَ تُهَلّلُونَ وَ تُكَبّرُونَ وَ تُمَجّدُونَ وَ تُقَدّسُونَ فَنُسَبّحُ وَ نُقَدّسُ وَ نُمَجّدُ وَ نُكَبّرُ وَ نُهَلّلُ بِتَسبِيحِكُم وَ تَحمِيدِكُم وَ تَهلِيلِكُم وَ تَكبِيرِكُم وَ تَقدِيسِكُم وَ تَمجِيدِكُم فَمَا أُنزِلَ مِنَ اللّهِ فَإِلَيكُم وَ مَا صَعِدَ إِلَي اللّهِ فَمِن عِندِكُم فَلِمَ لَا نَعرِفُكُم أقَر‌ِئ عَلِيّاً مِنّا السّلَامَ وَ سَاقَهُ إِلَي أَن قَالَ ثُمّ عُرِجَ بيِ‌ إِلَي


صفحه : 9

السّمَاءِ السّابِعَةِ فَسَمِعتُ المَلَائِكَةَ يَقُولُونَ لَمّا أَن رأَوَنيِ‌ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي صَدَقَنَا وَعدَهُ ثُمّ تلَقَوّنيِ‌ وَ سَلّمُوا عَلَيّ وَ قَالُوا لِي مِثلَ مَقَالَةِ أَصحَابِهِم فَقُلتُ يَا مَلَائِكَةَ ربَيّ‌ سَمِعتُكُم تَقُولُونَالحَمدُ لِلّهِ ألّذِي صَدَقَنا وَعدَهُفَمَا ألّذِي صَدَقَكُم قَالُوا يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَمّا أَن خَلَقَكُم أَشبَاحَ نُورٍ مِن سَنَاءِ نُورِهِ وَ مِن سَنَاءِ عِزّهِ وَ جَعَلَ لَكُم مَقَاعِدَ فِي مَلَكُوتِ سُلطَانِهِ عَرَضَ وَلَايَتَكُم عَلَينَا وَ رَسَخَت فِي قُلُوبِنَا فَشَكَونَا مَحَبّتَكَ إِلَي اللّهِ فَوَعَدَ رَبّنَا أَن يُرِيَنَاكَ فِي السّمَاءِ مَعَنَا وَ قَد صَدَقَنَا وَعدَهُ الخَبَرَ

9-خص ،[منتخب البصائر] الحُسَينُ بنُ حَمدَانَ عَنِ الحُسَينِ المقُريِ‌ الكوُفيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ زِيَادٍ الدّهقَانِ عَنِ المُخَوّلِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن رَشدَةَ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن خَالِدٍ المخَزوُميِ‌ّ عَن سَلمَانَ الفاَرسِيِ‌ّ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ قَالَ النّبِيّص يَا سَلمَانُ فَهَل عَلِمتَ مَن نقُبَاَئيِ‌ وَ مَنِ الِاثنَا عَشَرَ الّذِينَ اختَارَهُمُ اللّهُ لِلإِمَامَةِ بعَديِ‌ فَقُلتُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ يَا سَلمَانُ خلَقَنَيِ‌َ اللّهُ مِن صَفوَةِ نُورِهِ وَ دعَاَنيِ‌ فَأَطَعتُ وَ خَلَقَ مِن نوُريِ‌ عَلِيّاً فَدَعَاهُ فَأَطَاعَهُ وَ خَلَقَ مِن نوُريِ‌ وَ نُورِ عَلِيّ فَاطِمَةَ فَدَعَاهَا فَأَطَاعَتهُ وَ خَلَقَ منِيّ‌ وَ مِن عَلِيّ وَ فَاطِمَةَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ فَدَعَاهُمَا فَأَطَاعَاهُ فَسَمّانَا بِالخَمسَةِ الأَسمَاءِ مِن أَسمَائِهِ اللّهُ المَحمُودُ وَ أَنَا مُحَمّدٌ وَ اللّهُ العلَيِ‌ّ وَ هَذَا عَلِيّ وَ اللّهُ الفَاطِرُ وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ وَ اللّهُ ذُو الإِحسَانِ وَ هَذَا الحَسَنُ وَ اللّهُ المُحسِنُ وَ هَذَا الحُسَينُ ثُمّ خَلَقَ مِنّا مِن صُلبِ الحُسَينِ تِسعَةَ أَئِمّةٍ فَدَعَاهُم فَأَطَاعُوهُ قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ سَمَاءً مَبنِيّةً وَ أَرضاً مَدحِيّةً أَو هَوَاءً أَو مَاءً أَو مَلَكاً أَو بَشَراً وَ كُنّا بِعِلمِهِ نُوراً نُسَبّحُهُ وَ نَسمَعُ وَ نُطِيعُ الخَبَرَ

10-كنز،[كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة] مِن كِتَابِ الوَاحِدَةِ عَن أَبِي مُحَمّدٍ الحَسَنِ بنِ عَبدِ اللّهِ الكوُفيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ البجَلَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ حُمَيدٍ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ


صفحه : 10

ع إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَحَدٌ وَاحِدٌ تَفَرّدَ فِي وَحدَانِيّتِهِ ثُمّ تَكَلّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَت نُوراً ثُمّ خَلَقَ مِن ذَلِكَ النّورِ مُحَمّداًص وَ خلَقَنَيِ‌ وَ ذرُيّتّيِ‌ ثُمّ تَكَلّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَت رُوحاً فَأَسكَنَهُ اللّهُ فِي ذَلِكَ النّورِ وَ أَسكَنَهُ فِي أَبدَانِنَا فَنَحنُ رُوحُ اللّهِ وَ كَلِمَاتُهُ وَ بِنَا احتَجَبَ عَن خَلقِهِ فَمَا زِلنَا فِي ظُلّةٍ خَضرَاءَ حَيثُ لَا شَمسَ وَ لَا قَمَرَ وَ لَا لَيلَ وَ لَا نَهَارَ وَ لَا عَينَ تَطرِفُ نَعبُدُهُ وَ نُقَدّسُهُ وَ نُسَبّحُهُ قَبلَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ الخَبَرَ

11-كنز،[كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة] عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ الطوّسيِ‌ّ رَحِمَهُ اللّهُ فِي كِتَابِهِ مِصبَاحِ الأَنوَارِ بِإِسنَادِهِ عَن أَنَسٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ إِنّ اللّهَ خلَقَنَيِ‌ وَ خَلَقَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ قَبلَ أَن يَخلُقَ آدَمَ ع حِينَ لَا سَمَاءَ مَبنِيّةً وَ لَا أَرضَ مَدحِيّةً وَ لَا ظُلمَةَ وَ لَا نُورَ وَ لَا شَمسَ وَ لَا قَمَرَ وَ لَا جَنّةَ وَ لَا نَارَ فَقَالَ العَبّاسُ فَكَيفَ كَانَ بَدءُ خَلقِكُم يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ يَا عَمّ لَمّا أَرَادَ اللّهُ أَن يَخلُقَنَا تَكَلّمَ بِكَلِمَةٍ خَلَقَ مِنهَا نُوراً ثُمّ تَكَلّمَ بِكَلِمَةٍ أُخرَي فَخَلَقَ مِنهَا رُوحاً ثُمّ مَزَجَ النّورَ بِالرّوحِ فخَلَقَنَيِ‌ وَ خَلَقَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الحَسَنَ وَ الحُسَينَ فَكُنّا نُسَبّحُهُ حِينَ لَا تَسبِيحَ وَ نُقَدّسُهُ حِينَ لَا تَقدِيسَ فَلَمّا أَرَادَ اللّهُ تَعَالَي أَن يُنشِئَ خَلقَهُ فَتَقَ نوُريِ‌ فَخَلَقَ مِنهُ العَرشَ فَالعَرشُ مِن نوُريِ‌ وَ نوُريِ‌ مِن نُورِ اللّهِ وَ نوُريِ‌ أَفضَلُ مِنَ العَرشِ ثُمّ فَتَقَ نُورَ أخَيِ‌ عَلِيّ فَخَلَقَ مِنهُ المَلَائِكَةَ فَالمَلَائِكَةُ مِن نُورِ عَلِيّ وَ نُورُ عَلِيّ مِن نُورِ اللّهِ وَ عَلِيّ أَفضَلُ مِنَ المَلَائِكَةِ ثُمّ فَتَقَ نُورَ ابنتَيِ‌ فَخَلَقَ مِنهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فَالسّمَاوَاتُ وَ الأَرضُ مِن نُورِ ابنتَيِ‌ فَاطِمَةَ وَ نُورُ ابنتَيِ‌ فَاطِمَةَ مِن نُورِ اللّهِ وَ ابنتَيِ‌ فَاطِمَةُ أَفضَلُ مِنَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ ثُمّ فَتَقَ نُورَ ولَدَيِ‌َ الحَسَنِ فَخَلَقَ مِنهُ الشّمسَ وَ القَمَرَ فَالشّمسُ وَ القَمَرُ مِن نُورِ ولَدَيِ‌َ الحَسَنِ وَ نُورُ الحَسَنِ مِن نُورِ اللّهِ وَ الحَسَنُ أَفضَلُ مِنَ الشّمسِ


صفحه : 11

وَ القَمَرِ ثُمّ فَتَقَ نُورَ ولَدَيِ‌َ الحُسَينِ فَخَلَقَ مِنهُ الجَنّةَ وَ الحُورَ العِينَ فَالجَنّةُ وَ الحُورُ العِينُ مِن نُورِ ولَدَيِ‌َ الحُسَينِ وَ نُورُ ولَدَيِ‌َ الحُسَينِ مِن نُورِ اللّهِ وَ ولَدَيِ‌َ الحُسَينُ أَفضَلُ مِنَ الجَنّةِ وَ الحُورِ العِينِ الخَبَرَ

12- مع ،[معاني‌ الأخبار]القَطّانُ عَنِ الطاّلقَاَنيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ عَن وَكِيعٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسرَائِيلَ عَن أَبِي صَالِحٍ عَن أَبِي ذَرّ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص وَ هُوَ يَقُولُ خُلِقتُ أَنَا وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ مِن نُورٍ وَاحِدٍ نُسَبّحُ اللّهَ يَمنَةَ العَرشِ قَبلَ أَن خَلَقَ آدَمَ بأِلَفيَ‌ عَامٍ فَلَمّا أَن خَلَقَ اللّهُ آدَمَ ع جَعَلَ ذَلِكَ النّورَ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد سَكَنَ الجَنّةَ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد هَمّ بِالخَطِيئَةِ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد رَكِبَ نُوحٌ ع السّفِينَةَ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد قُذِفَ اِبرَاهِيمُ ع فِي النّارِ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ فَلَم يَزَل يَنقُلُنَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن أَصلَابٍ طَاهِرَةٍ إِلَي أَرحَامٍ طَاهِرَةٍ حَتّي انتَهَي بِنَا إِلَي عَبدِ المُطّلِبِ فَقَسَمَنَا بِنِصفَينِ فجَعَلَنَيِ‌ فِي صُلبِ عَبدِ اللّهِ وَ جَعَلَ عَلِيّاً فِي صُلبِ أَبِي طَالِبٍ وَ جَعَلَ فِيّ النّبُوّةَ وَ البَرَكَةَ وَ جَعَلَ فِي عَلِيّ الفَصَاحَةَ وَ الفُرُوسِيّةَ وَ شَقّ لَنَا اسمَينِ مِن أَسمَائِهِ فَذُو العَرشِ مَحمُودٌ وَ أَنَا مُحَمّدٌ وَ اللّهُ الأَعلَي وَ هَذَا عَلِيّ

13- مع ،[معاني‌ الأخبار]المُكَتّبُ عَنِ الوَرّاقِ عَن بِشرِ بنِ سَعِيدٍ عَن عَبدِ الجَبّارِ بنِ كَثِيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ حَربٍ الهلِاَليِ‌ّ أَمِيرِ المَدِينَةِ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ إِنّ مُحَمّداً وَ عَلِيّاًص كَانَا نُوراً بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ جَلّ جَلَالُهُ قَبلَ خَلقِ الخَلقِ بأِلَفيَ‌ عَامٍ وَ إِنّ المَلَائِكَةَ لَمّا رَأَت ذَلِكَ النّورَ رَأَت لَهُ أَصلًا وَ قَدِ انشَعَبَ مِنهُ شُعَاعٌ لَامِعٌ فَقَالَت إِلَهَنَا وَ سَيّدَنَا مَا هَذَا النّورُ


صفحه : 12

فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِم هَذَا نُورٌ مِن نوُريِ‌ أَصلُهُ نُبُوّةٌ وَ فَرعُهُ إِمَامَةٌ فَأَمّا النّبُوّةُ فَلِمُحَمّدٍ عبَديِ‌ وَ رسَوُليِ‌ وَ أَمّا الإِمَامَةُ فلَعِلَيِ‌ّ حجُتّيِ‌ وَ ولَيِيّ‌ وَ لَولَاهُمَا مَا خَلَقتُ خلَقيِ‌ الخَبَرَ

14- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ البصَريِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ اِبرَاهِيمَ القمُيّ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الأَحمَرِ عَن نَصرِ بنِ عَلِيّ عَن حُمَيدٍ عَن أَنَسٍ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ كُنتُ أَنَا وَ عَلِيّ عَن يَمِينِ العَرشِ نُسَبّحُ اللّهَ قَبلَ أَن يَخلُقَ آدَمَ بأِلَفيَ‌ عَامٍ فَلَمّا خَلَقَ آدَمَ جَعَلَنَا فِي صُلبِهِ ثُمّ نَقَلَنَا مِن صُلبٍ إِلَي صُلبٍ فِي أَصلَابِ الطّاهِرِينَ وَ أَرحَامِ المُطَهّرَاتِ حَتّي انتَهَينَا إِلَي صُلبِ عَبدِ المُطّلِبِ فَقَسَمَنَا قِسمَينِ فَجَعَلَ فِي عَبدِ اللّهِ نِصفاً وَ فِي أَبِي طَالِبٍ نِصفاً وَ جَعَلَ النّبُوّةَ وَ الرّسَالَةَ فِيّ وَ جَعَلَ الوَصِيّةَ وَ القَضِيّةَ فِي عَلِيّ ثُمّ اختَارَ لَنَا اسمَينِ اشتَقّهُمَا مِن أَسمَائِهِ فَاللّهُ المَحمُودُ وَ أَنَا مُحَمّدٌ وَ اللّهُ العلَيِ‌ّ وَ هَذَا عَلِيّ فَأَنَا لِلنّبُوّةِ وَ الرّسَالَةِ وَ عَلِيّ لِلوَصِيّةِ وَ القَضِيّةِ

15- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]الفَحّامُ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ الهاَشمِيِ‌ّ عَن عِيسَي بنِ أَحمَدَ بنِ عِيسَي عَن أَبِي الحَسَنِ العسَكرَيِ‌ّ عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ قَالَ النّبِيّص


صفحه : 13

يَا عَلِيّ خلَقَنَيِ‌َ اللّهُ تَعَالَي وَ أَنتَ مِن نُورِ اللّهِ حِينَ خَلَقَ آدَمَ فَأَفرَغَ ذَلِكَ النّورَ فِي صُلبِهِ فَأَفضَي بِهِ إِلَي عَبدِ المُطّلِبِ ثُمّ افتَرَقَ مِن عَبدِ المُطّلِبِ أَنَا فِي عَبدِ اللّهِ وَ أَنتَ فِي أَبِي طَالِبٍ لَا تَصلُحُ النّبُوّةُ إِلّا لِي وَ لَا تَصلُحُ الوَصِيّةُ إِلّا لَكَ فَمَن جَحَدَ وَصِيّتَكَ جَحَدَ نبُوُتّيِ‌ وَ مَن جَحَدَ نبُوُتّيِ‌ كَبّهُ اللّهُ عَلَي مَنخِرَيهِ فِي النّارِ

16- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]بِإِسنَادِهِ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ قُلتُ للِنبّيِ‌ّص يَا رَسُولَ اللّهِ عَلِيّ أَخُوكَ قَالَ نَعَم عَلِيّ أخَيِ‌ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ صِف لِي كَيفَ عَلِيّ أَخُوكَ قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ مَاءً تَحتَ العَرشِ قَبلَ أَن يَخلُقَ آدَمَ بِثَلَاثَةِ آلَافِ عَامٍ وَ أَسكَنَهُ فِي لُؤلُؤَةٍ خَضرَاءَ فِي غَامِضِ عِلمِهِ إِلَي أَن خَلَقَ آدَمَ فَلَمّا خَلَقَ آدَمَ نَقَلَ ذَلِكَ المَاءَ مِنَ اللّؤلُؤَةِ فَأَجرَاهُ فِي صُلبِ آدَمَ إِلَي أَن قَبَضَهُ اللّهُ ثُمّ نَقَلَهُ إِلَي صُلبِ شَيثٍ فَلَم يَزَل ذَلِكَ المَاءُ يَنتَقِلُ مِن ظَهرٍ إِلَي ظَهرٍ حَتّي صَارَ فِي عَبدِ المُطّلِبِ ثُمّ شَقّهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ


صفحه : 14

نِصفَينِ فَصَارَ نِصفُهُ فِي أَبِي عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ وَ نِصفُهُ فِي أَبِي طَالِبٍ فَأَنَا مِن نِصفِ المَاءِ وَ عَلِيّ مِنَ النّصفِ الآخَرِ فعَلَيِ‌ّ أخَيِ‌ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ ثُمّ قَرَأَ رَسُولُ اللّهِص وَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهراً وَ كانَ رَبّكَ قَدِيراً

أقول سيأتي‌ الأخبار الكثيرة في بدء خلقه ص في كتاب أحوال أمير المؤمنين ع و كتاب الإمامة

17- ع ،[علل الشرائع ]القَطّانُ عَنِ ابنِ زَكَرِيّا عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ دَاهِرٍ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا مُفَضّلُ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بَعَثَ رَسُولَ اللّهِص وَ هُوَ رُوحٌ إِلَي الأَنبِيَاءِ ع وَ هُم أَروَاحٌ قَبلَ خَلقِ الخَلقِ بأِلَفيَ‌ عَامٍ قُلتُ بَلَي قَالَ أَ مَا عَلِمتَ أَنّهُ دَعَاهُم إِلَي تَوحِيدِ اللّهِ وَ طَاعَتِهِ وَ اتّبَاعِ أَمرِهِ وَ وَعَدَهُمُ الجَنّةَ عَلَي ذَلِكَ وَ أَوعَدَ مَن خَالَفَ مَا أَجَابُوا إِلَيهِ وَ أَنكَرَهُ النّارَ فَقُلتُ بَلَي الخَبَرَ

18- مع ،[معاني‌ الأخبار]بِإِسنَادِهِ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لعِلَيِ‌ّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع لَمّا خَلَقَ اللّهُ عَزّ ذِكرُهُ آدَمَ وَ نَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ وَ أَسجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ أَسكَنَهُ جَنّتَهُ وَ زَوّجَهُ حَوّاءَ أَمَتَهُ فَرَفَعَ طَرفَهُ نَحوَ العَرشِ فَإِذَا هُوَ بِخَمسَةِ سُطُورٍ مَكتُوبَاتٍ قَالَ آدَمُ يَا رَبّ مَن هَؤُلَاءِ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهُ هَؤُلَاءِ الّذِينَ إِذَا تَشَفّعَ بِهِم إلِيَ‌ّ خلَقيِ‌ شَفّعتُهُم فَقَالَ آدَمُ يَا رَبّ بِقَدرِهِم عِندَكَ مَا اسمُهُم قَالَ أَمّا الأَوّلُ فَأَنَا المَحمُودُ وَ هُوَ مُحَمّدٌ وَ


صفحه : 15

الثاّنيِ‌ فَأَنَا العاَليِ‌ الأَعلَي وَ هَذَا عَلِيّ وَ الثّالِثُ فَأَنَا الفَاطِرُ وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ وَ الرّابِعُ فَأَنَا المُحسِنُ وَ هَذَا حَسَنٌ وَ الخَامِسُ فَأَنَا ذُو الإِحسَانِ وَ هَذَا حُسَينٌ كُلّ يَحمَدُ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ

أقول سيأتي‌ في ذلك أخبار كثيرة في كتاب الإمامة

19- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ مهَديِ‌ّ وَ غَيرِهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ عَمرٍو عَن أَبِيهِ عَن جَمِيلِ بنِ صَالِحٍ عَن أَبِي خَالِدٍ الكاَبلُيِ‌ّ عَنِ ابنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَلَا إنِيّ‌ عَبدُ اللّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ وَ صِدّيقُهُ الأَوّلُ قَد صَدّقتُهُ وَ آدَمُ بَينَ الرّوحِ وَ الجَسَدِ ثُمّ إنِيّ‌ صِدّيقُهُ الأَوّلُ فِي أُمّتِكُم حَقّاً فَنَحنُ الأَوّلُونَ وَ نَحنُ الآخِرُونَ الخَبَرَ

20-فس ،[تفسير القمي‌] أَبِي عَنِ النّضرِ عَن يَحيَي الحلَبَيِ‌ّ عَنِ ابنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَوّلُ مَن سَبَقَ مِنَ الرّسُلِ إِلَيبَلي رَسُولُ اللّهِص وَ ذَلِكَ أَنّهُ كَانَ أَقرَبَ الخَلقِ إِلَي اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي الخَبَرَ

21- ع ،[علل الشرائع ]الصّائِغُ عَن أَحمَدَ الهمَداَنيِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن صَالِحِ بنِ سَهلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ بَعضَ قُرَيشٍ قَالَ لِرَسُولِ اللّهِص بأِيَ‌ّ شَيءٍ سَبَقتَ الأَنبِيَاءَ وَ فُضّلتَ عَلَيهِم وَ أَنتَ بُعِثتَ آخِرَهُم وَ خَاتَمَهُم قَالَ إنِيّ‌ كُنتُ أَوّلَ مَن أَقَرّ برِبَيّ‌ جَلّ جَلَالُهُ وَ أَوّلَ مَن أَجَابَ حَيثُ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النّبِيّينَوَ أَشهَدَهُم


صفحه : 16

عَلي أَنفُسِهِم أَ لَستُ بِرَبّكُم قالُوا بَليفَكُنتُ أَوّلَ نبَيِ‌ّ قَالَ بَلَي فَسَبَقتُهُم إِلَي الإِقرَارِ بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ

ير،[بصائر الدرجات ] ابن محبوب عن صالح مثله شي‌،[تفسير العياشي‌] عن صالح

مثله

22- ع ،[علل الشرائع ] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ عَن دَاوُدَ الرقّيّ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَمّا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يَخلُقَ الخَلقَ خَلَقَهُم وَ نَشَرَهُم بَينَ يَدَيهِ ثُمّ قَالَ لَهُم مَن رَبّكُم فَأَوّلُ مَن نَطَقَ رَسُولُ اللّهِص وَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ الأَئِمّةُص فَقَالُوا أَنتَ رَبّنَا فَحَمّلَهُمُ العِلمَ وَ الدّينَ ثُمّ قَالَ لِلمَلَائِكَةِ هَؤُلَاءِ حَمَلَةُ ديِنيِ‌ وَ علِميِ‌ وَ أمُنَاَئيِ‌ فِي خلَقيِ‌ وَ هُمُ المَسئُولُونَ ثُمّ قَالَ لبِنَيِ‌ آدَمَ أَقِرّوا لِلّهِ بِالرّبُوبِيّةِ وَ لِهَؤُلَاءِ النّفَرِ بِالطّاعَةِ وَ الوَلَايَةِ فَقَالُوا نَعَم رَبّنَا أَقرَرنَا فَقَالَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ لِلمَلَائِكَةِ اشهَدُوا فَقَالَتِ المَلَائِكَةُ شَهِدنَا عَلَي أَن لَا يَقُولُوا غَداًإِنّا كُنّا عَن هذا غافِلِينَ أَو يَقُولُواإِنّما أَشرَكَ آباؤُنا مِن قَبلُ وَ كُنّا ذُرّيّةً مِن بَعدِهِم أَ فَتُهلِكُنا بِما فَعَلَ المُبطِلُونَ يَا دَاوُدُ الأَنبِيَاءُ مُؤَكّدَةٌ عَلَيهِم فِي المِيثَاقِ

23-ير،[بصائر الدرجات ] عَلِيّ بنُ إِسمَاعِيلَ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن سَعدَانَ عَن صَالِحِ بنِ سَهلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللّهِص بأِيَ‌ّ شَيءٍ سَبَقتَ وُلدَ آدَمَ قَالَ إنِيّ‌ أَوّلُ مَن أَقَرّ بِبَلَي إِنّ اللّهَ أَخَذَ مِيثَاقَ النّبِيّينَوَ أَشهَدَهُم عَلي أَنفُسِهِم أَ لَستُ بِرَبّكُم قالُوا بَليفَكُنتُ أَوّلَ مَن أَجَابَ


صفحه : 17

24-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن زُرَارَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِوَ إِذ أَخَذَ رَبّكَ مِن بنَيِ‌ آدَمَ مِن ظُهُورِهِم إِلَيقالُوا بَلي قَالَ كَانَ مُحَمّدٌ عَلَيهِ وَ آلِهِ السّلَامُ أَوّلَ مَن قَالَ بَلَي

25-فس ،[تفسير القمي‌] قَالَ الصّادِقُ ع فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ إِذ أَخَذَ رَبّكَ مِن بنَيِ‌ آدَمَالآيَةَ كَانَ المِيثَاقُ مَأخُوذاً عَلَيهِم لِلّهِ بِالرّبُوبِيّةِ وَ لِرَسُولِهِ بِالنّبُوّةِ وَ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ وَ الأَئِمّةِ بِالإِمَامَةِ فَقَالَأَ لَستُ بِرَبّكُم وَ مُحَمّدٌ نَبِيّكُم وَ عَلِيّ إِمَامَكُم وَ الأَئِمّةُ الهَادُونَ أَئِمّتَكُم فَقَالُوا بَلَي فَقَالَ اللّهُأَن تَقُولُوا يَومَ القِيامَةِ أَي لِئَلّا تَقُولُوا يَومَ القِيَامَةِإِنّا كُنّا عَن هذا غافِلِينَفَأَوّلُ مَا أَخَذَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ المِيثَاقُ عَلَي الأَنبِيَاءِ لَهُ بِالرّبُوبِيّةِ وَ هُوَ قَولُهُوَ إِذ أَخَذنا مِنَ النّبِيّينَ مِيثاقَهُمفَذَكَرَ جُملَةَ الأَنبِيَاءِ ثُمّ أَبرَزَ أَفضَلَهُم باِلأسَاَميِ‌ فَقَالَوَ مِنكَ يَا مُحَمّدُ فَقَدّمَ رَسُولَ اللّهِص لِأَنّهُ أَفضَلُهُم وَ مِن نُوحٍ وَ اِبرَاهِيمَ وَ مُوسَي وَ عِيسَي ابنِ مَريَمَ فَهَؤُلَاءِ الخَمسَةُ أَفضَلُ الأَنبِيَاءِ وَ رَسُولُ اللّهِ أَفضَلُهُم ثُمّ أَخَذَ بَعدَ ذَلِكَ مِيثَاقَ رَسُولِ اللّهِص عَلَي الأَنبِيَاءِ بِالإِيمَانِ بِهِ وَ عَلَي أَن يَنصُرُوا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ فَقَالَوَ إِذ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النّبِيّينَ لَما آتَيتُكُم مِن كِتابٍ وَ حِكمَةٍ ثُمّ جاءَكُم رَسُولٌ مُصَدّقٌ لِما مَعَكُميعَنيِ‌ رَسُولَ اللّهِص لَتُؤمِنُنّ بِهِ وَ لَتَنصُرُنّهُيعَنيِ‌ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع تُخبِرُوا أُمَمَكُم بِخَبَرِهِ وَ خَبَرِ وَلِيّهِ وَ الأَئِمّةِ

26- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ عُمَرَ عَنِ ابنِ سِنَانٍ عَن أَبِي سَعِيدٍ القَمّاطِ عَن بُكَيرٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبدِ اللّهِ ع هَل تدَريِ‌ مَا كَانَ الحَجَرُ قَالَ قُلتُ لَا قَالَ كَانَ مَلَكاً عَظِيماً مِن عُظَمَاءِ المَلَائِكَةِ عِندَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَلَمّا أَخَذَ اللّهُ


صفحه : 18

المِيثَاقَ مِنَ المَلَائِكَةِ لَهُ بِالرّبُوبِيّةِ وَ لِمُحَمّدٍص بِالنّبُوّةِ وَ لعِلَيِ‌ّ بِالوَصِيّةِ اصطَكّت فَرَائِصُ المَلَائِكَةِ وَ أَوّلُ مَن أَسرَعَ إِلَي الإِقرَارِ ذَلِكَ المَلَكُ وَ لَم يَكُن فِيهِم أَشَدّ حُبّاً لِمُحَمّدٍ وَ آلِ مُحَمّدٍ مِنهُ فَلِذَلِكَ اختَارَهُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن بَينِهِم وَ أَلقَمَهُ المِيثَاقَ فَهُوَ يجَيِ‌ءُ يَومَ القِيَامَةِ وَ لَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ وَ عَينٌ نَاظِرَةٌ لِيَشهَدَ لِكُلّ مَن وَافَاهُ إِلَي ذَلِكَ المَكَانِ وَ حَفِظَ المِيثَاقَ

أقول سيأتي‌ الخبر بتمامه مع سائر الأخبار في ذلك في كتاب الإمامة و كتاب الحج إن شاء الله تعالي

27- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَنِ ابنِ قُولَوَيهِ عَن أَبِيهِ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن طَلحَةَ بنِ زَيدٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا قَبَضَ اللّهُ نَبِيّاً حَتّي أَمَرَهُ أَن يوُصيِ‌َ إِلَي عَشِيرَتِهِ مِن عَصَبَتِهِ وَ أمَرَنَيِ‌ أَن أوُصيِ‌َ فَقُلتُ إِلَي مَن يَا رَبّ فَقَالَ أَوصِ يَا مُحَمّدُ إِلَي ابنِ عَمّكَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ فإَنِيّ‌ قَد أَثبَتّهُ فِي الكُتُبِ السّالِفَةِ وَ كَتَبتُ فِيهَا أَنّهُ وَصِيّكَ وَ عَلَي ذَلِكَ أَخَذتُ مِيثَاقَ الخَلَائِقِ وَ مَوَاثِيقَ أنَبيِاَئيِ‌ وَ رسُلُيِ‌ أَخَذتُ مَوَاثِيقَهُم لِي بِالرّبُوبِيّةِ وَ لَكَ يَا مُحَمّدُ بِالنّبُوّةِ وَ لعِلَيِ‌ّ بنِ أَبِي طَالِبٍ بِالوَلَايَةِ

أقول سيأتي‌ سائر الأخبار في ذلك في كتاب الإمامة فإن ذكرها في الموضعين يوجب التكرار

28-كا،[الكافي‌] أَحمَدُ بنُ إِدرِيسَ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي وَ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن عَلِيّ بنِ حَدِيدٍ عَن مُرَازِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَا مُحَمّدُ إنِيّ‌ خَلَقتُكَ وَ عَلِيّاً نُوراً يعَنيِ‌ رُوحاً بِلَا بَدَنٍ قَبلَ أَن أَخلُقَ سمَاَواَتيِ‌ وَ أرَضيِ‌ وَ عرَشيِ‌


صفحه : 19

وَ بحَريِ‌ فَلَم تَزَل تهُلَلّنُيِ‌ وَ تمُجَدّنُيِ‌ ثُمّ جَمَعتُ رُوحَيكُمَا فَجَعَلتُهُمَا وَاحِدَةً فَكَانَت تمُجَدّنُيِ‌ وَ تقُدَسّنُيِ‌ وَ تهُلَلّنُيِ‌ ثُمّ قَسَمتُهَا ثِنتَينِ وَ قَسَمتُ الثّنتَينِ ثِنتَينِ فَصَارَت أَربَعَةً مُحَمّدٌ وَاحِدٌ وَ عَلِيّ وَاحِدٌ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ ثِنتَانِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ فَاطِمَةَ مِن نُورٍ ابتَدَأَهَا رُوحاً بِلَا بَدَنٍ ثُمّ مَسَحَنَا بِيَمِينِهِ فَأَفضَي نُورَهُ فِينَا

29-كا،[الكافي‌] الحُسَينُ بنُ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ قَالَ كُنتُ عِندَ أَبِي جَعفَرٍ الثاّنيِ‌ ع فَأَجرَيتُ اختِلَافَ الشّيعَةِ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَم يَزَل مُتَفَرّداً بِوَحدَانِيّتِهِ ثُمّ خَلَقَ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ فَمَكَثُوا أَلفَ دَهرٍ ثُمّ خَلَقَ جَمِيعَ الأَشيَاءِ فَأَشهَدَهُم خَلقَهَا وَ أَجرَي طَاعَتَهُم عَلَيهَا وَ فَوّضَ أُمُورَهَا إِلَيهِم فَهُم يُحِلّونَ مَا يَشَاءُونَ وَ يُحَرّمُونَ مَا يَشَاءُونَ وَ لَن يَشَاءُوا إِلّا أَن يَشَاءَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي ثُمّ قَالَ يَا مُحَمّدُ هَذِهِ الدّيَانَةُ التّيِ‌ مَن تَقَدّمَهَا مَرَقَ وَ مَن تَخَلّفَ عَنهَا مَحَقَ[مُحِقَ] وَ مَن لَزِمَهَا لَحِقَ خُذهَا إِلَيكَ يَا مُحَمّدُ

30- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن رَجَاءِ بنِ يَحيَي عَن دَاوُدَ بنِ القَاسِمِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الفَضلِ عَن هَارُونَ بنِ عِيسَي بنِ بُهلُولٍ عَن بَكّارِ بنِ مُحَمّدِ بنِ شُعبَةَ عَن أَبِيهِ عَن بَكرِ بنِ عَبدِ المَلِكِ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ


صفحه : 20

قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا عَلِيّ خَلَقَ اللّهُ النّاسَ مِن أَشجَارٍ شَتّي وَ خلَقَنَيِ‌ وَ أَنتَ مِن شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَا أَصلُهَا وَ أَنتَ فَرعُهَا فَطُوبَي لِعَبدٍ تَمَسّكَ بِأَصلِهَا وَ أَكَلَ مِن فَرعِهَا

31- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ إِسحَاقَ بنِ اِبرَاهِيمَ المدَاَئنِيِ‌ّ عَن عُثمَانَ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ لَهِيعَةَ عَن أَبِي الزّبَيرِ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ قَالَ بَينَا النّبِيّص بِعَرَفَاتٍ وَ عَلِيّ ع تُجَاهَهُ وَ نَحنُ مَعَهُ إِذ أَومَأَ النّبِيّص إِلَي عَلِيّ ع فَقَالَ ادنُ منِيّ‌ يَا عَلِيّ فَدَنَا مِنهُ فَقَالَ ضَع خَمسَكَ يعَنيِ‌ كَفّكَ فِي كفَيّ‌ فَأَخَذَ بِكَفّهِ فَقَالَ يَا عَلِيّ خُلِقتُ أَنَا وَ أَنتَ مِن شَجَرَةٍ أَنَا أَصلُهَا وَ أَنتَ فَرعُهَا وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ أَغصَانُهَا فَمَن تَعَلّقَ بِغُصنٍ مِن أَغصَانِهَا أَدخَلَهُ اللّهُ الجَنّةَ

32- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]الغضَاَئرِيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ العلَوَيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ صَالِحٍ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن إِسحَاقَ بنِ إِسمَاعِيلَ النيّساَبوُريِ‌ّ عَنِ الصّادِقِ ع عَن آبَائِهِ ع عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ ع قَالَ سَمِعتُ جدَيّ‌ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ خُلِقتُ مِن نُورِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ خَلَقَ أَهلَ بيَتيِ‌ مِن نوُريِ‌ وَ خَلَقَ مُحِبّيهِم مِن نُورِهِم وَ سَائِرُ الخَلقِ فِي النّارِ

33- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]الغضَاَئرِيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ العلَوَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحُسَينِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ بنِ أَسبَاطٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ مَروَانَ الغَزّالِ عَن عُبَيدِ بنِ يَحيَي عَن يَحيَي بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ الحَسَنِ عَن جَدّهِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ فِي الفِردَوسِ لَعَيناً أَحلَي مِنَ الشّهدِ وَ أَليَنَ مِنَ الزّبدِ وَ أَبرَدَ مِنَ


صفحه : 21

الثّلجِ وَ أَطيَبَ مِنَ المِسكِ فِيهَا طِينَةٌ خَلَقَنَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِنهَا وَ خَلَقَ شِيعَتَنَا مِنهَا فَمَن لَم يَكُن مِن تِلكَ الطّينَةِ فَلَيسَ مِنّا وَ لَا مِن شِيعَتِنَا وَ هيِ‌َ المِيثَاقُ ألّذِي أَخَذَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي وَلَايَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع

34- كِتَابُ فَضَائِلِ الشّيعَةِ،بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدُريِ‌ّ قَالَكُنّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللّهِص إِذ أَقبَلَ إِلَيهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أخَبرِنيِ‌ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ لِإِبلِيسَأَستَكبَرتَ أَم كُنتَ مِنَ العالِينَفَمَن هُم يَا رَسُولَ اللّهِ الّذِينَ هُم أَعلَي مِنَ المَلَائِكَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنَا وَ عَلِيّ وَ فَاطِمَةُ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ كُنّا فِي سُرَادِقِ العَرشِ نُسَبّحُ اللّهَ وَ تُسَبّحُ المَلَائِكَةُ بِتَسبِيحِنَا قَبلَ أَن يَخلُقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ آدَمَ بأِلَفيَ‌ عَامٍ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ آدَمَ أَمَرَ المَلَائِكَةَ أَن يَسجُدُوا لَهُ وَ لَم يَأمُرنَا بِالسّجُودِ فَسَجَدَتِ المَلَائِكَةُ كُلّهُم إِلّا إِبلِيسَ فَإِنّهُ أَبَي أَن يَسجُدَ فَقَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيأَستَكبَرتَ أَم كُنتَ


صفحه : 22

مِنَ العالِينَ أَي مِن هَؤُلَاءِ الخَمسِ المَكتُوبِ أَسمَاؤُهُم فِي سُرَادِقِ العَرشِ

35-ير،[بصائر الدرجات ] ابنُ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن بِشرِ بنِ أَبِي عُقبَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ وَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ خَلَقَ مُحَمّداً مِن طِينَةٍ مِن جَوهَرَةٍ تَحتَ العَرشِ وَ إِنّهُ كَانَ لِطِينَتِهِ نَضحٌ فَجَبَلَ طِينَةَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع مِن نَضحِ طِينَةِ رَسُولِ اللّهِص وَ كَانَ لِطِينَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع نَضحٌ فَجَبَلَ طِينَتَنَا مِن نَضحِ طِينَةِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ كَانَ لِطِينَتِنَا نَضحٌ فَجَبَلَ طِينَةَ شِيعَتِنَا مِن نَضحِ طِينَتِنَا فَقُلُوبُهُم تَحِنّ إِلَينَا وَ قُلُوبُنَا تَعَطّفُ[تَعطِفُ]عَلَيهِم تَعَطّفَ الوَالِدِ عَلَي الوَلَدِ وَ نَحنُ خَيرٌ لَهُم وَ هُم خَيرٌ لَنَا وَ رَسُولُ اللّهِص لَنَا خَيرٌ وَ نَحنُ لَهُ خَيرٌ

36-ير،[بصائر الدرجات ] مُحَمّدُ بنُ حَمّادٍ عَن أَخِيهِ أَحمَدَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي الحَسَنِ الأَوّلِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ خَلَقَ اللّهُ الأَنبِيَاءَ وَ الأَوصِيَاءَ يَومَ الجُمُعَةِ وَ هُوَ اليَومُ ألّذِي أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَهُم وَ قَالَ خُلِقنَا نَحنُ وَ شِيعَتُنَا مِن طِينَةٍ مَخزُونَةٍ لَا يَشِذّ مِنهَا شَاذّ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

37-ير،[بصائر الدرجات ] أَحمَدُ بنُ مُوسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ مُوسَي عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ مُحَمّداً وَ عِترَتَهُ مِن طِينَةِ العَرشِ فَلَا يَنقُصُ مِنهُم وَاحِدٌ وَ لَا يَزِيدُ مِنهُم وَاحِدٌ

38-ير،[بصائر الدرجات ]بَعضُ أَصحَابِنَا عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن عُثمَانَ بنِ عِيسَي عَن عَبدِ الرّحمَنِ


صفحه : 23

بنِ الحَجّاجِ قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ مُحَمّداً وَ آلَ مُحَمّدٍ مِن طِينَةِ عِلّيّينَ وَ خَلَقَ قُلُوبَهُم مِن طِينَةٍ فَوقَ ذَلِكَ الخَبَرَ

39-ك ،[إكمال الدين ]العَطّارُ عَن أَبِيهِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَن أَبِي سَعِيدٍ الغضَنَفرَيِ‌ّ عَن عَمرِو بنِ ثَابِتٍ عَن أَبِي حَمزَةَ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع يَقُولُ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً وَ الأَئِمّةَ الأَحَدَ عَشَرَ مِن نُورِ عَظَمَتِهِ أَروَاحاً فِي ضِيَاءِ نُورِهِ يَعبُدُونَهُ قَبلَ خَلقِ الخَلقِ يُسَبّحُونَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وَ يُقَدّسُونَهُ وَ هُمُ الأَئِمّةُ الهَادِيَةُ مِن آلِ مُحَمّدٍص أَجمَعِينَ

40-ك ،[إكمال الدين ] ابنُ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ بنِ زَيدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُوسَي عَن عَلِيّ بنِ سَمَاعَةَ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ رِبَاطٍ عَن أَبِيهِ عَنِ المُفَضّلِ قَالَ قَالَ الصّادِقُ ع إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ أَربَعَةَ عَشَرَ نُوراً قَبلَ خَلقِ الخَلقِ بِأَربَعَةَ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ فهَيِ‌َ أَروَاحُنَا فَقِيلَ لَهُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ وَ مَنِ الأَربَعَةَ عَشَرَ فَقَالَ مُحَمّدٌ وَ عَلِيّ وَ فَاطِمَةُ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ وَ الأَئِمّةُ مِن وُلدِ الحُسَينِ آخِرُهُمُ القَائِمُ ألّذِي يَقُومُ بَعدَ غَيبَتِهِ فَيَقتُلُ الدّجّالَ وَ يُطَهّرُ الأَرضَ مِن كُلّ جَورٍ وَ ظُلمٍ

41- مِن رِيَاضِ الجِنَانِ لِفَضلِ اللّهِ بنِ مَحمُودٍ الفاَرسِيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ إِلَي جَابِرٍ الجعُفيِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ يَا جَابِرُ كَانَ اللّهُ وَ لَا شَيءَ غَيرُهُ لَا مَعلُومَ وَ لَا مَجهُولَ فَأَوّلُ مَا ابتَدَأَ مِن خَلقِهِ أَن خَلَقَ مُحَمّداًص وَ خَلَقَنَا أَهلَ البَيتِ مَعَهُ مِن نُورِ عَظَمَتِهِ فَأَوقَفَنَا أَظِلّةً خَضرَاءَ بَينَ يَدَيهِ حَيثُ لَا سَمَاءَ وَ لَا أَرضَ وَ لَا مَكَانَ وَ لَا لَيلَ وَ لَا نَهَارَ وَ لَا شَمسَ وَ لَا قَمَرَ الخَبَرَ


صفحه : 24

42- وَ رَوَي أَحمَدُ بنُ حَنبَلٍ بِإِسنَادِهِ عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَ كُنتُ أَنَا وَ عَلِيّ نُوراً بَينَ يدَيَ‌ِ الرّحمَنِ قَبلَ أَن يَخلُقَ عَرشَهُ بِأَربَعَةَ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ

43- وَ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ قَالَ قُلتُ لِرَسُولِ اللّهِص أَوّلُ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي مَا هُوَ فَقَالَ نُورُ نَبِيّكَ يَا جَابِرُ خَلَقَهُ اللّهُ ثُمّ خَلَقَ مِنهُ كُلّ خَيرٍ

44- وَ عَن جَابِرٍ أَيضاً قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَوّلُ مَا خَلَقَ اللّهُ نوُريِ‌ ابتَدَعَهُ مِن نُورِهِ وَ اشتَقّهُ مِن جَلَالِ عَظَمَتِهِ

أقول سيأتي‌ تمام هذه الأخبار مع سائر الأخبار الواردة في بدء خلقهم ع في كتاب الإمامة

45-كا،[الكافي‌] عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ عَن سَهلِ بنِ زِيَادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن عَلِيّ بنِ حَمّادٍ عَنِ المُفَضّلِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع كَيفَ كُنتُم حَيثُ كُنتُم فِي الأَظِلّةِ فَقَالَ يَا مُفَضّلُ كُنّا عِندَ رَبّنَا لَيسَ عِندَهُ أَحَدٌ غَيرُنَا فِي ظُلّةٍ خَضرَاءَ نُسَبّحُهُ وَ نُقَدّسُهُ وَ نُهَلّلُهُ وَ نُمَجّدُهُ وَ مَا مِن مَلَكٍ مُقَرّبٍ وَ لَا ذيِ‌ رُوحٍ غَيرُنَا حَتّي بَدَا لَهُ فِي خَلقِ الأَشيَاءِ فَخَلَقَ مَا شَاءَ كَيفَ شَاءَ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ غَيرِهِم ثُمّ أَنهَي عِلمَ ذَلِكَ إِلَينَا

46-كا،[الكافي‌] أَحمَدُ بنُ إِدرِيسَ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ الصّغِيرِ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ الجعَفرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ كَانَ إِذ لَا كَانَ فَخَلَقَ الكَانَ وَ المَكَانَ وَ خَلَقَ نُورَ الأَنوَارِ ألّذِي نُوّرَت مِنهُ الأَنوَارُ وَ أَجرَي فِيهِ مِن نُورِهِ ألّذِي نُوّرَت مِنهُ الأَنوَارُ وَ هُوَ النّورُ ألّذِي خَلَقَ مِنهُ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً فَلَم يَزَالَا نُورَينِ أَوّلَينِ إِذ لَا شَيءَ كُوّنَ قَبلَهُمَا فَلَم يَزَالَا يَجرِيَانِ طَاهِرَينِ مُطَهّرَينِ فِي الأَصلَابِ الطّاهِرَةِ حَتّي افتَرَقَا فِي أَطهَرِ طَاهِرِينَ فِي عَبدِ اللّهِ وَ أَبِي طَالِبٍ ع


صفحه : 25

بيان قوله إذ لا كان لعله مصدر بمعني الكون كالقال والقول والمراد به الحدوث أي لم يحدث شيء بعد أو هوبمعني الكائن ولعل المراد بنور الأنوار أولا نور النبي ص إذ هومنور أرواح الخلائق بالعلوم والهدايات والمعارف بل سبب لوجود الموجودات وعلة غائية لها وأجري فيه أي في نور الأنوار من نوره أي من نور ذاته من إفاضاته وهداياته التي‌ نورت منها جميع الأنوار حتي نور الأنوار المذكور أولا قوله و هوالنور ألذي أي نور الأنوار المذكور أولا و الله يعلم أسرار أهل بيت نبيه ص

47-كا،[الكافي‌] أَحمَدُ بنُ إِدرِيسَ عَنِ الحُسَينِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن جَابِرِ بنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعفَرٍ ع يَا جَابِرُ إِنّ اللّهَ أَوّلَ مَا خَلَقَ خَلَقَ مُحَمّداً وَ عِترَتَهُ الهُدَاةَ المُهتَدِينَ فَكَانُوا أَشبَاحَ نُورٍ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ قُلتُ وَ مَا الأَشبَاحُ قَالَ ظِلّ النّورِ أَبدَانٌ نُورَانِيّةٌ بِلَا أَروَاحٍ وَ كَانَ مُؤَيّداً بِرُوحٍ وَاحِدٍ وَ هيِ‌َ رُوحُ القُدُسِ فَبِهِ كَانَ يَعبُدُ اللّهَ وَ عِترَتُهُ وَ لِذَلِكَ خَلَقَهُم حُلَمَاءَ عُلَمَاءَ بَرَرَةً أَصفِيَاءَ يَعبُدُونَ اللّهَ بِالصّلَاةِ وَ الصّومِ وَ السّجُودِ وَ التّسبِيحِ وَ التّهلِيلِ وَ يُصَلّونَ الصّلَوَاتِ وَ يَحُجّونَ وَ يَصُومُونَ

بيان قوله ع أشباح نور لعل الإضافة بيانية أي أشباحا نورانية والمراد أماالأجساد المثالية فقوله بلا أرواح لعله أراد به بلا أرواح حيوانية أوالأرواح بنفسها سواء كانت مجردة أومادية لأن الأرواح إذا لم تتعلق بالأبدان فهي‌ مستقلة بنفسها أرواح من جهة وأجساد من جهة فهي‌ أبدان نورانية لم تتعلق بهاأرواح أخر وظل النور أيضا إضافته بيانية وتسمي عالم الأرواح والمثال بعالم الضلال لأنها ضلال تلك العالم وتابعة لها أولأنها لتجردها أولعدم كثافتها شبيهة بالظل و علي الاحتمال الثاني‌ يحتمل أن تكون الإضافة لامية بأن يكون المراد بالنور نور ذاته تعالي فإنها من آثار تلك النور والمعني دقيق فتفطن


صفحه : 26

48-أقول قال الشيخ أبو الحسن البكري‌ أستاد الشهيد الثاني‌ قدس الله روحهما في كتابه المسمي بكتاب الأنوار حدثناأشياخنا وأسلافنا الرواة لهذا الحديث عن أبي عمر الأنصاري‌سألت عن كعب الأحبار ووهب بن منبه و ابن عباس قالوا جميعا لماأراد الله أن يخلق محمداص قال لملائكته إني‌ أريد أن أخلق خلقا أفضله وأشرفه علي الخلائق أجمعين وأجعله سيد الأولين والآخرين وأشفعه فيهم يوم الدين فلولاه مازخرفت الجنان و لاسعرت النيران فاعرفوا محله وأكرموه لكرامتي‌ وعظموه لعظمتي‌ فقالت الملائكة إلهنا وسيدنا و مااعتراض العبيد علي مولاهم سمعنا وأطعنا فعند ذلك أمر الله تعالي جبرئيل وملائكة الصفيح الأعلي وحملة العرش فقبضوا تربة رسول الله ص من


صفحه : 27

موضع ضريحه وقضي أن يخلقه من التراب ويميته في التراب ويحشره علي التراب فقبضوا من تربة نفسه الطاهرة قبضة طاهرة لم يمش عليها قدم مشت إلي المعاصي‌ فعرج بهاالأمين جبرئيل فغمسها في عين السلسبيل حتي نقيت كالدرة البيضاء فكانت تغمس كل يوم في نهر من أنهار الجنة وتعرض علي الملائكة فتشرق أنوارها فتستقبلها الملائكة بالتحية والإكرام و كان يطوف بهاجبرئيل في صفوف الملائكة فإذانظروا إليها قالوا إلهنا وسيدنا إن أمرتنا بالسجود سجدنا فقد اعترفت الملائكة بفضله وشرفه قبل خلق آدم ع و لماخلق الله آدم ع سمع في ظهره نشيشا كنشيش الطير وتسبيحا وتقديسا فقال آدم يارب و ما هذا فقال ياآدم هذاتسبيح محمدالعربي‌ سيد الأولين والآخرين فالسعادة لمن تبعه وأطاعه والشقاء لمن خالفه فخذ ياآدم بعهدي‌ و لاتودعه إلاالأصلاب الطاهرة من الرجال والأرحام من النساء الطاهرات الطيبات العفيفات ثم قال آدم ع يارب لقد زدتني‌ بهذا المولود شرفا ونورا وبهاء ووقارا و كان نور رسول الله ص في غرة آدم كالشمس في دوران قبة الفلك أوكالقمر في الليلة المظلمة و قدأنارت منه السماوات و الأرض والسرادقات والعرش والكرسي‌ و كان آدم ع إذاأراد أن يغشي حواء أمرها أن تتطيب وتتطهر و يقول لها الله يرزقك هذاالنور ويخصك به فهو وديعة الله وميثاقه فلايزال نور رسول الله ص في غرة آدم ع

فرَوُيِ‌َ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ كَانَ اللّهُ وَ لَا شَيءَ مَعَهُ فَأَوّلُ


صفحه : 28

مَا خَلَقَ نُورُ حَبِيبِهِ مُحَمّدٍص قَبلَ خَلقِ المَاءِ وَ العَرشِ وَ الكرُسيِ‌ّ وَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ اللّوحِ وَ القَلَمِ وَ الجَنّةِ وَ النّارِ وَ المَلَائِكَةِ وَ آدَمَ وَ حَوّاءَ بِأَربَعَةٍ وَ عِشرِينَ وَ أَربَعِمِائَةِ أَلفِ عَامٍ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي نُورَ نَبِيّنَا مُحَمّدٍص بقَيِ‌َ أَلفَ عَامٍ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَاقِفاً يُسَبّحُهُ وَ يَحمَدُهُ وَ الحَقّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَنظُرُ إِلَيهِ وَ يَقُولُ يَا عبَديِ‌ أَنتَ المُرَادُ وَ المُرِيدُ وَ أَنتَ خيِرَتَيِ‌ مِن خلَقيِ‌ وَ عزِتّيِ‌ وَ جلَاَليِ‌ لَولَاكَ مَا خَلَقتُ الأَفلَاكَ مَن أَحَبّكَ أَحبَبتُهُ وَ مَن أَبغَضَكَ أَبغَضتُهُ فَتَلَألَأَ نُورُهُ وَ ارتَفَعَ شُعَاعُهُ فَخَلَقَ اللّهُ مِنهُ اثنيَ‌ عَشَرَ حِجَاباً أَوّلُهَا حِجَابُ القُدرَةِ ثُمّ حِجَابُ العَظَمَةِ ثُمّ حِجَابُ العِزّةِ ثُمّ حِجَابُ الهَيبَةِ ثُمّ حِجَابُ الجَبَرُوتِ ثُمّ حِجَابُ الرّحمَةِ ثُمّ حِجَابُ النّبُوّةِ ثُمّ حِجَابُ الكِبرِيَاءِ ثُمّ حِجَابُ المَنزِلَةِ ثُمّ حِجَابُ الرّفعَةِ ثُمّ حِجَابُ السّعَادَةِ ثُمّ حِجَابُ الشّفَاعَةِ ثُمّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي أَمَرَ نُورَ رَسُولِ اللّهِص أَن يَدخُلَ فِي حِجَابِ القُدرَةِ فَدَخَلَ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ العلَيِ‌ّ الأَعلَي وَ بقَيِ‌َ عَلَي ذَلِكَ اثنيَ‌ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ أَمَرَهُ أَن يَدخُلَ فِي حِجَابِ العَظَمَةِ فَدَخَلَ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ عَالِمِ السّرّ وَ أَخفَي أَحَدَ عَشَرَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ العِزّةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ المَلِكِ المَنّانِ عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الهَيبَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن هُوَ غنَيِ‌ّ لَا يَفتَقِرُ تِسعَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الجَبَرُوتِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ الكَرِيمِ الأَكرَمِ ثَمَانِيَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الرّحمَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ سَبعَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ النّبُوّةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ رَبّكَ رَبّ العِزّةِ عَمّا يَصِفُونَ سِتّةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الكِبرِيَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ العَظِيمِ الأَعظَمِ خَمسَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ المَنزِلَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ العَلِيمِ الكَرِيمِ أَربَعَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الرّفعَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ ذيِ‌ المُلكِ وَ المَلَكُوتِ ثَلَاثَةَ آلَافِ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ السّعَادَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ مَن يُزِيلُ الأَشيَاءَ وَ لَا يَزُولُ ألَفيَ‌ عَامٍ ثُمّ دَخَلَ فِي حِجَابِ الشّفَاعَةِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبحَانَ اللّهِ وَ بِحَمدِهِ سُبحَانَ اللّهِ العَظِيمِ أَلفَ عَامٍ


صفحه : 29

قَالَ الإِمَامُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع ثُمّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي خَلَقَ مِن نُورِ مُحَمّدٍص عِشرِينَ بَحراً مِن نُورٍ فِي كُلّ بَحرٍ عُلُومٌ لَا يَعلَمُهَا إِلّا اللّهُ تَعَالَي ثُمّ قَالَ لِنُورِ مُحَمّدٍص انزِل فِي بَحرِ العِزّ فَنَزَلَ ثُمّ فِي بَحرِ الصّبرِ ثُمّ فِي بَحرِ الخُشُوعِ ثُمّ فِي بَحرِ التّوَاضُعِ ثُمّ فِي بَحرِ الرّضَا ثُمّ فِي بَحرِ الوَفَاءِ ثُمّ فِي بَحرِ الحِلمِ ثُمّ فِي بَحرِ التّقَي ثُمّ فِي بَحرِ الخَشيَةِ ثُمّ فِي بَحرِ الإِنَابَةِ ثُمّ فِي بَحرِ العَمَلِ ثُمّ فِي بَحرِ المَزِيدِ ثُمّ فِي بَحرِ الهُدَي ثُمّ فِي بَحرِ الصّيَانَةِ ثُمّ فِي بَحرِ الحَيَاءِ حَتّي تَقَلّبَ فِي عِشرِينَ بَحراً فَلَمّا خَرَجَ مِن آخِرِ الأَبحُرِ قَالَ اللّهُ تَعَالَي يَا حبَيِبيِ‌ وَ يَا سَيّدَ رسُلُيِ‌ وَ يَا أَوّلَ مخَلوُقاَتيِ‌ وَ يَا آخِرَ رسُلُيِ‌ أَنتَ الشّفِيعُ يَومَ المَحشَرِ فَخَرّ النّورُ سَاجِداً ثُمّ قَامَ فَقَطَرَت مِنهُ قَطَرَاتٌ كَانَ عَدَدُهَا مِائَةَ أَلفٍ وَ أَربَعَةً وَ عِشرِينَ أَلفَ قَطرَةٍ فَخَلَقَ اللّهُ تَعَالَي مِن كُلّ قَطرَةٍ مِن نُورِهِ نَبِيّاً مِنَ الأَنبِيَاءِ فَلَمّا تَكَامَلَتِ الأَنوَارُ صَارَت تَطُوفُ حَولَ نُورِ مُحَمّدٍص كَمَا تَطُوفُ الحُجّاجُ حَولَ بَيتِ اللّهِ الحَرَامِ وَ هُم يُسَبّحُونَ اللّهَ وَ يَحمَدُونَهُ وَ يَقُولُونَ سُبحَانَ مَن هُوَ عَالِمٌ لَا يَجهَلُ سُبحَانَ مَن هُوَ حَلِيمٌ لَا يَعجَلُ سُبحَانَ مَن هُوَ غنَيِ‌ّ لَا يَفتَقِرُ فَنَادَاهُمُ اللّهُ تَعَالَي تَعرِفُونَ مَن أَنَا فَسَبَقَ نُورُ مُحَمّدٍص قَبلَ الأَنوَارِ وَ نَادَي أَنتَ اللّهُ ألّذِي لَا إِلَهَ إِلّا أَنتَ وَحدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ رَبّ الأَربَابِ وَ مَلِكُ المُلُوكِ فَإِذَا بِالنّدَاءِ مِن قِبَلِ الحَقّ أَنتَ صفَيِيّ‌ وَ أَنتَ حبَيِبيِ‌ وَ خَيرُ خلَقيِ‌ أُمّتُكَ خَيرُ أُمّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ ثُمّ خَلَقَ مِن نُورِ مُحَمّدٍص جَوهَرَةً وَ قَسَمَهَا قِسمَينِ فَنَظَرَ إِلَي القِسمِ الأَوّلِ بِعَينِ الهَيبَةِ فَصَارَ مَاءً عَذباً وَ نَظَرَ إِلَي القِسمِ الثاّنيِ‌ بِعَينِ الشّفَقَةِ فَخَلَقَ مِنهَا العَرشَ فَاستَوَي عَلَي وَجهِ المَاءِ فَخَلَقَ الكرُسيِ‌ّ مِن نُورِ العَرشِ وَ خَلَقَ مِن نُورِ الكرُسيِ‌ّ اللّوحَ وَ خَلَقَ مِن نُورِ اللّوحِ القَلَمَ وَ قَالَ لَهُ اكتُب توَحيِديِ‌ فبَقَيِ‌َ القَلَمُ أَلفَ عَامٍ سَكرَانَ مِن كَلَامِ اللّهِ تَعَالَي فَلَمّا أَفَاقَ قَالَ اكتُب قَالَ يَا رَبّ وَ مَا أَكتُبُ قَالَ اكتُب لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ فَلَمّا سَمِعَ القَلَمُ اسمَ مُحَمّدٍص خَرّ سَاجِداً وَ قَالَ سُبحَانَ الوَاحِدِ القَهّارِ سُبحَانَ العَظِيمِ الأَعظَمِ ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ السّجُودِ وَ كَتَبَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ ثُمّ قَالَ يَا رَبّ وَ مَن مُحَمّدٌ ألّذِي قَرَنتَ اسمَهُ بِاسمِكَ وَ ذِكرَهُ بِذِكرِكَ قَالَ اللّهُ تَعَالَي لَهُ يَا قَلَمُ فَلَولَاهُ مَا خَلَقتُكَ وَ لَا خَلَقتُ خلَقيِ‌ إِلّا لِأَجلِهِ فَهُوَ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ


صفحه : 30

وَ سِرَاجٌ مُنِيرٌ وَ شَفِيعٌ وَ حَبِيبٌ فَعِندَ ذَلِكَ انشَقّ القَلَمُ مِن حَلَاوَةِ ذِكرِ مُحَمّدٍص ثُمّ قَالَ القَلَمُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ اللّهُ تَعَالَي وَ عَلَيكَ السّلَامُ منِيّ‌ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَلِأَجلِ هَذَا صَارَ السّلَامُ سُنّةً وَ الرّدّ فَرِيضَةً ثُمّ قَالَ اللّهُ تَعَالَي اكتُب قضَاَئيِ‌ وَ قدَرَيِ‌ وَ مَا أَنَا خَالِقُهُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ مَلَائِكَةً يُصَلّونَ عَلَي مُحَمّدٍ وَ آلِ مُحَمّدٍ وَ يَستَغفِرُونَ لِأُمّتِهِ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي مِن نُورِ مُحَمّدٍص الجَنّةَ وَ زَيّنَهَا بِأَربَعَةِ أَشيَاءَ التّعظِيمِ وَ الجَلَالَةِ وَ السّخَاءِ وَ الأَمَانَةِ وَ جَعَلَهَا لِأَولِيَائِهِ وَ أَهلِ طَاعَتِهِ ثُمّ نَظَرَ إِلَي باَقيِ‌ الجَوهَرَةِ بِعَينِ الهَيبَةِ فَذَابَت فَخَلَقَ مِن دُخَانِهَا السّمَاوَاتِ وَ مِن زَبَدِهَا الأَرَضِينَ فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي الأَرضَ صَارَت تَمُوجُ بِأَهلِهَا كَالسّفِينَةِ فَخَلَقَ اللّهُ الجِبَالَ فَأَرسَاهَا بِهَا ثُمّ خَلَقَ مَلَكاً مِن أَعظَمِ مَا يَكُونُ فِي القُوّةِ فَدَخَلَ تَحتَ الأَرضِ ثُمّ لَم يَكُن لقِدَمَيَ‌ِ المَلَكِ قَرَارٌ فَخَلَقَ اللّهُ صَخرَةً عَظِيمَةً وَ جَعَلَهَا تَحتَ قدَمَيَ‌ِ المَلَكِ ثُمّ لَم يَكُن لِلصّخرَةِ قَرَارٌ فَخَلَقَ لَهَا ثَوراً عَظِيماً لَم يَقدِر أَحَدٌ يَنظُرُ إِلَيهِ لِعِظَمِ خِلقَتِهِ وَ بَرِيقِ عُيُونِهِ حَتّي لَو وُضِعَتِ البِحَارُ كُلّهَا فِي إِحدَي مَنخِرَيهِ مَا كَانَت إِلّا كَخَردَلَةٍ مُلقَاةٍ فِي أَرضِ فَلَاةٍ فَدَخَلَ الثّورُ تَحتَ الصّخرَةِ وَ حَمَلَهَا عَلَي ظَهرِهِ وَ قُرُونِهِ وَ اسمُ ذَلِكَ الثّورِ لهوتا ثُمّ لَم يَكُن لِذَلِكَ الثّورِ قَرَارٌ فَخَلَقَ اللّهُ لَهُ حُوتاً عَظِيماً وَ اسمُ ذَلِكَ الحُوتِ بهموت فَدَخَلَ الحُوتُ تَحتَ قدَمَيَ‌ِ الثّورِ فَاستَقَرّ الثّورُ عَلَي ظَهرِ الحُوتِ فَالأَرضُ كُلّهَا عَلَي كَاهِلِ المَلَكِ وَ المَلَكُ عَلَي الصّخرَةِ


صفحه : 31

وَ الصّخرَةُ عَلَي الثّورِ وَ الثّورُ عَلَي الحُوتِ وَ الحُوتُ عَلَي المَاءِ وَ المَاءُ عَلَي الهَوَاءِ وَ الهَوَاءُ عَلَي الظّلمَةِ ثُمّ انقَطَعَ عِلمُ الخَلَائِقِ عَمّا تَحتَ الظّلمَةِ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي العَرشَ مِن ضِيَاءَينِ أَحَدُهُمَا الفَضلُ وَ الثاّنيِ‌ العَدلُ ثُمّ أَمَرَ الضّيَاءَينِ فَانتَفَسَا بِنَفَسَينِ فَخَلَقَ مِنهُمَا أَربَعَةَ أَشيَاءَ العَقلَ وَ الحِلمَ وَ العِلمَ وَ السّخَاءَ ثُمّ خَلَقَ مِنَ العَقلِ الخَوفَ وَ خَلَقَ مِنَ العِلمِ الرّضَا وَ مِنَ الحِلمِ المَوَدّةَ وَ مِنَ السّخَاءِ المَحَبّةَ ثُمّ عَجَنَ هَذِهِ الأَشيَاءَ فِي طِينَةِ مُحَمّدٍص ثُمّ خَلَقَ مِن بَعدِهِم أَروَاحَ المُؤمِنِينَ مِن أُمّةِ مُحَمّدٍص ثُمّ خَلَقَ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومَ وَ اللّيلَ وَ النّهَارَ وَ الضّيَاءَ وَ الظّلَامَ وَ سَائِرَ المَلَائِكَةِ مِن نُورِ مُحَمّدٍص فَلَمّا تَكَامَلَتِ الأَنوَارُ سَكَنَ نُورُ مُحَمّدٍ تَحتَ العَرشِ ثَلَاثَةً وَ سَبعِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ انتَقَلَ نُورُهُ إِلَي الجَنّةِ فبَقَيِ‌َ سَبعِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ انتَقَلَ إِلَي سِدرَةِ المُنتَهَي فبَقَيِ‌َ سَبعِينَ أَلفَ عَامٍ ثُمّ انتَقَلَ نُورُهُ إِلَي السّمَاءِ السّابِعَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ السّادِسَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الخَامِسَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الرّابِعَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الثّالِثَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الثّانِيَةِ ثُمّ إِلَي السّمَاءِ الدّنيَا فبَقَيِ‌َ نُورُهُ فِي السّمَاءِ الدّنيَا إِلَي أَن أَرَادَ اللّهُ تَعَالَي أَن يَخلُقَ آدَمَ ع أَمَرَ جَبرَئِيلَ ع أَن يَنزِلَ إِلَي الأَرضِ وَ يَقبِضَ مِنهَا قَبضَةً فَنَزَلَ جَبرَئِيلُ فَسَبَقَهُ اللّعِينُ إِبلِيسُ فَقَالَ لِلأَرضِ إِنّ اللّهَ تَعَالَي يُرِيدُ أَن يَخلُقَ مِنكِ خَلقاً وَ يُعَذّبَهُ بِالنّارِ فَإِذَا أَتَتكِ مَلَائِكَتُهُ فقَوُليِ‌ أَعُوذُ بِاللّهِ مِنكُم أَن تَأخُذُوا منِيّ‌ شَيئاً يَكُونُ لِلنّارِ فِيهِ نَصِيبٌ فَجَاءَهَا جَبرَئِيلُ ع فَقَالَت إنِيّ‌ أَعُوذُ باِلذّيِ‌ أَرسَلَكَ أَن تَأخُذَ منِيّ‌ شَيئاً فَرَجَعَ جَبرَئِيلُ وَ لَم يَأخُذ مِنهَا شَيئاً فَقَالَ يَا رَبّ قَدِ استَعَاذَت بِكَ منِيّ‌ فَرَحِمتُهَا فَبَعَثَ مِيكَائِيلَ فَعَادَ كَذَلِكَ ثُمّ أَمَرَ إِسرَافِيلَ فَرَجَعَ كَذَلِكَ


صفحه : 32

فَبَعَثَ عِزرَائِيلَ فَقَالَ وَ أَنَا أَعُوذُ بِعِزّةِ اللّهِ أَن أعَصيِ‌َ لَهُ أَمراً فَقَبَضَ قَبضَةً مِن أَعلَاهَا وَ أَدوَنِهَا وَ أَبيَضِهَا وَ أَسوَدِهَا وَ أَحمَرِهَا وَ أَخشَنِهَا وَ أَنعَمِهَا فَلِذَلِكَ اختَلَفَت أَخلَاقُهُم وَ أَلوَانُهُم فَمِنهُمُ الأَبيَضُ وَ الأَسوَدُ وَ الأَصفَرُ فَقَالَ لَهُ تَعَالَي أَ لَم تَتَعَوّذ مِنكَ الأَرضُ بيِ‌ فَقَالَ نَعَم لَكِن لَم أَلتَفِت لَهُ فِيهَا وَ طَاعَتُكَ يَا موَلاَي‌َ أَولَي مِن رحَمتَيِ‌ لَهَا فَقَالَ لَهُ اللّهُ تَعَالَي لِمَ لَا رَحِمتَهَا كَمَا رَحِمَهَا أَصحَابُكَ قَالَ طَاعَتُكَ أَولَي فَقَالَ اعلَم أنَيّ‌ أُرِيدُ أَن أَخلُقَ مِنهَا خَلقاً أَنبِيَاءَ وَ صَالِحِينَ وَ غَيرَ ذَلِكَ وَ أَجعَلَكَ القَابِضَ لِأَروَاحِهِم فَبَكَي عِزرَائِيلُ ع فَقَالَ لَهُ الحَقّ تَعَالَي مَا يُبكِيكَ قَالَ إِذَا كُنتُ كَذَلِكَ كرَهِوُنيِ‌ هَؤُلَاءِ الخَلَائِقُ فَقَالَ لَا تَخَف إنِيّ‌ أَخلُقُ لَهُم عِلَلًا فَيَنسُبُونَ المَوتَ إِلَي تِلكَ العِلَلِ ثُمّ بَعدَ ذَلِكَ أَمَرَ اللّهُ تَعَالَي جَبرَئِيلَ ع أَن يَأتِيَهُ بِالقَبضَةِ البَيضَاءِ التّيِ‌ كَانَت أَصلًا فَأَقبَلَ جَبرَئِيلُ ع وَ مَعَهُ المَلَائِكَةُ الكَرُوبِيّونَ وَ الصّافّونَ وَ المُسَبّحُونَ فَقَبَضُوهَا مِن مَوضِعِ ضَرِيحِهِ وَ هيِ‌َ البُقعَةُ المُضِيئَةُ المُختَارَةُ مِن بِقَاعِ الأَرضِ فَأَخَذَهَا جَبرَئِيلُ مِن ذَلِكَ المَكَانِ فَعَجَنَهَا بِمَاءِ التّسنِيمِ وَ مَاءِ التّعظِيمِ وَ مَاءِ التّكرِيمِ وَ مَاءِ التّكوِينِ وَ مَاءِ الرّحمَةِ وَ مَاءِ الرّضَا وَ مَاءِ العَفوِ فَخَلَقَ مِنَ الهِدَايَةِ رَأسَهُ وَ مِنَ الشّفَقَةِ صَدرَهُ وَ مِنَ السّخَاءِ كَفّيهِ وَ مِنَ الصّبرِ فُؤَادَهُ وَ مِنَ العِفّةِ فَرجَهُ وَ مِنَ الشّرَفِ قَدَمَيهِ وَ مِنَ اليَقِينِ قَلبَهُ وَ مِنَ الطّيبِ أَنفَاسَهُ ثُمّ خَلَطَهَا بِطِينَةِ آدَمَ ع فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي آدَمَ ع أَوحَي إِلَي المَلَائِكَةِإنِيّ‌ خالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ فَإِذا سَوّيتُهُ وَ نَفَختُ فِيهِ مِن روُحيِ‌ فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَفَحَمَلَتِ المَلَائِكَةُ جَسَدَ آدَمَ ع وَ وَضَعُوهُ عَلَي بَابِ الجَنّةِ وَ هُوَ جَسَدٌ لَا رُوحَ فِيهِ وَ المَلَائِكَةُ يَنتَظِرُونَ مَتَي يُؤمَرُونَ بِالسّجُودِ وَ كَانَ ذَلِكَ يَومَ الجُمُعَةِ بَعدَ الظّهرِ ثُمّ إِنّ اللّهَ تَعَالَي أَمَرَ المَلَائِكَةَ بِالسّجُودِ لآِدَمَ ع فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَلَعَنَهُ اللّهُ ثُمّ خَلَقَ اللّهُ بَعدَ ذَلِكَ الرّوحَ وَ قَالَ لَهَا ادخلُيِ‌ فِي هَذَا الجِسمِ فَرَأَتِ الرّوحُ مَدخَلًا ضَيّقاً فَوَقَفَت فَقَالَ لَهَا ادخلُيِ‌ كَرهاً وَ اخرجُيِ‌ كَرهاً قَالَ فَدَخَلَتِ الرّوحُ فِي اليَافُوخِ إِلَي العَينَينِ فَجَعَلَ يَنظُرُ إِلَي نَفسِهِ فَسَمِعَ تَسبِيحَ


صفحه : 33

المَلَائِكَةِ فَلَمّا وَصَلَت إِلَي الخَيَاشِيمِ عَطَسَ آدَمُ ع فَأَنطَقَهُ اللّهُ تَعَالَي بِالحَمدِ فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ وَ هيِ‌َ أَوّلُ كَلِمَةٍ قَالَهَا آدَمُ ع فَقَالَ الحَقّ تَعَالَي رَحِمَكَ اللّهُ يَا آدَمُ لِهَذَا خَلَقتُكَ وَ هَذَا لَكَ وَ لِوُلدِكَ أَن قَالُوا مِثلَ مَا قُلتَ فَلِذَلِكَ صَارَ تَسمِيتُ العَاطِسِ سُنّةً وَ لَم يَكُن عَلَي إِبلِيسَ أَشَدّ مِن تَسمِيتِ العَاطِسِ ثُمّ إِنّ آدَمَ ع فَتَحَ عَينَيهِ فَرَأَي مَكتُوباً عَلَي العَرشِ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ فَلَمّا وَصَلَتِ الرّوحُ إِلَي سَاقِهِ قَامَ قَبلَ أَن تَصِلَ إِلَي قَدَمَيهِ فَلَم يُطِق فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَيخُلِقَ الإِنسانُ مِن عَجَلٍ

قَالَ الصّادِقُ ع كَانَتِ الرّوحُ فِي رَأسِ آدَمَ ع مِائَةَ عَامٍ وَ فِي صَدرِهِ مِائَةَ عَامٍ وَ فِي ظَهرِهِ مِائَةَ عَامٍ وَ فِي فَخِذَيهِ مِائَةَ عَامٍ وَ فِي سَاقَيهِ وَ قَدَمَيهِ مِائَةَ عَامٍ فَلَمّا استَوَي آدَمُ ع قَائِماً أَمَرَ اللّهُ المَلَائِكَةَ بِالسّجُودِ وَ كَانَ ذَلِكَ بَعدَ الظّهرِ يَومَ الجُمُعَةِ فَلَم تَزَل فِي سُجُودِهَا إِلَي العَصرِ فَسَمِعَ آدَمُ ع مِن ظَهرِهِ نَشِيشاً كَنَشِيشِ الطّيرِ وَ تَسبِيحاً وَ تَقدِيساً فَقَالَ آدَمُ يَا رَبّ وَ مَا هَذَا قَالَ يَا آدَمُ هَذَا تَسبِيحُ مُحَمّدٍ العرَبَيِ‌ّ سَيّدِ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ ثُمّ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ مِن ضِلعِهِ الأَعوَجِ حَوّاءَ وَ قَد أَنَامَهُ اللّهُ تَعَالَي فَلَمّا انتَبَهَ رَآهَا عِندَ رَأسِهِ فَقَالَ مَن أَنتِ قَالَت أَنَا حَوّاءُ خلَقَنَيِ‌َ اللّهُ لَكَ قَالَ مَا أَحسَنَ خِلقَتَكِ فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ هَذِهِ أمَتَيِ‌ حَوّاءُ وَ أَنتَ عبَديِ‌ آدَمُ خَلَقتُكُمَا لِدَارٍ اسمُهَا جنَتّيِ‌ فسَبَحّاَنيِ‌ وَ احمدَاَنيِ‌ يَا آدَمُ اخطُب حَوّاءَ منِيّ‌ وَ ادفَع مَهرَهَا إلِيَ‌ّ فَقَالَ آدَمُ وَ مَا مَهرُهَا يَا رَبّ قَالَ تصُلَيّ‌ عَلَي حبَيِبيِ‌ مُحَمّدٍص عَشرَ مَرّاتٍ فَقَالَ آدَمُ جَزَاؤُكَ يَا رَبّ عَلَي ذَلِكَ الحَمدُ وَ الشّكرُ مَا بَقِيتُ فَتَزَوّجَهَا عَلَي ذَلِكَ وَ كَانَ القاَضيِ‌ الحَقّ وَ العَاقِدُ جَبرَئِيلَ وَ الزّوجَةُ حَوّاءَ وَ الشّهُودُ المَلَائِكَةَ فَوَاصَلَهَا وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ يَقِفُونَ مِن وَرَاءِ آدَمَ ع قَالَ آدَمُ ع لأِيَ‌ّ شَيءٍ يَا رَبّ تَقِفُ المَلَائِكَةُ مِن ورَاَئيِ‌ فَقَالَ


صفحه : 34

لِيَنظُرُوا إِلَي نُورِ وَلَدِكَ مُحَمّدٍص قَالَ يَا رَبّ اجعَلهُ أمَاَميِ‌ حَتّي تسَتقَبلِنَيِ‌َ المَلَائِكَةُ فَجَعَلَهُ فِي جَبهَتِهِ فَكَانَتِ المَلَائِكَةُ تَقِفُ قُدّامَهُ صُفُوفاً ثُمّ سَأَلَ آدَمُ ع رَبّهُ أَن يَجعَلَهُ فِي مَكَانٍ يَرَاهُ آدَمُ فَجَعَلَهُ فِي الإِصبَعِ السّبّابَةِ فَكَانَ نُورُ مُحَمّدٍص فِيهَا وَ نُورُ عَلِيّ ع فِي الإِصبَعِ الوُسطَي وَ فَاطِمَةَ ع فِي التّيِ‌ تَلِيهَا وَ الحَسَنِ ع فِي الخِنصِرِ وَ الحُسَينِ ع فِي الإِبهَامِ وَ كَانَت أَنوَارُهُم كَغُرّةِ الشّمسِ فِي قُبّةِ الفَلَكِ أَو كَالقَمَرِ فِي لَيلَةِ البَدرِ وَ كَانَ آدَمُ ع إِذَا أَرَادَ أَن يَغشَي حَوّاءَ يَأمُرُهَا أَن تَتَطَيّبَ وَ تَتَطَهّرَ وَ يَقُولُ لَهَا يَا حَوّاءُ اللّهُ يَرزُقُكِ هَذَا النّورَ وَ يَخُصّكِ بِهِ فَهُوَ وَدِيعَةُ اللّهِ وَ مِيثَاقُهُ فَلَم يَزَل نُورُ رَسُولِ اللّهِص فِي غُرّةِ آدَمَ ع حَتّي حَمَلَت حَوّاءُ بِشَيثٍ وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ يَأتُونَ حَوّاءَ وَ يُهَنّئُونَهَا فَلَمّا وَضَعَتهُ نَظَرَت بَينَ عَينَيهِ إِلَي نُورِ رَسُولِ اللّهِص يَشتَعِلُ اشتِعَالًا فَفَرِحَت بِذَلِكَ وَ ضَرَبَ جَبرَئِيلُ ع بَينَهَا وَ بَينَهُ حِجَاباً مِن نُورٍ غِلَظُهُ مِقدَارُ خَمسِمِائَةِ عَامٍ فَلَم يَزَل مَحجُوباً مَحبُوساً حَتّي بَلَغَ شَيثٌ ع مَبَالِغَ الرّجَالِ وَ النّورُ يُشرِقُ فِي غُرّتِهِ فَلَمّا عَلِمَ آدَمُ ع أَنّ وَلَدَهُ شَيثَ بَلَغَ مَبَالِغَ الرّجَالِ قَالَ لَهُ يَا بنُيَ‌ّ إنِيّ‌ مُفَارِقُكَ عَن قَرِيبٍ فَادنُ منِيّ‌ حَتّي آخُذَ عَلَيكَ العَهدَ وَ المِيثَاقَ كَمَا أَخَذَهُ اللّهُ تَعَالَي عَلَي مَن قَبلَكَ ثُمّ رَفَعَ آدَمُ ع رَأسَهُ نَحوَ السّمَاءِ وَ قَد عَلِمَ اللّهُ مَا أَرَادَ فَأَمَرَ اللّهُ المَلَائِكَةَ أَن يُمسِكُوا عَنِ التّسبِيحِ وَ لَفّت أَجنِحَتَهَا وَ أَشرَفَت سُكّانَ الجِنَانِ مِن غُرُفَاتِهَا وَ سَكَنَ صَرِيرُ أَبوَابِهَا وَ جَرَيَانُ أَنهَارِهَا وَ تَصفِيقُ أَورَاقِ أَشجَارِهَا وَ تَطَاوَلَت لِاستِمَاعِ مَا يَقُولُ آدَمُ ع وَ نوُديِ‌َ يَا آدَمُ قُل مَا أَنتَ قَائِلٌ فَقَالَ آدَمُ ع أللّهُمّ رَبّ القِدَمِ قَبلَ النّفسِ وَ مُنِيرَ القَمَرِ وَ الشّمسِ خلَقَتنَيِ‌ كَيفَ شِئتَ وَ قَد أوَدعَتنَيِ‌ هَذَا النّورَ ألّذِي أَرَي مِنهُ التّشرِيفَ وَ الكَرَامَةَ وَ قَد صَارَ


صفحه : 35

لوِلَدَيِ‌ شَيثٍ وَ إنِيّ‌ أُرِيدُ أَن آخُذَ عَلَيهِ العَهدَ وَ المِيثَاقَ كَمَا أَخَذتَهُ عَلَيّ أللّهُمّ وَ أَنتَ الشّاهِدُ عَلَيهِ وَ إِذَا بِالنّدَاءِ مِن قِبَلِ اللّهِ تَعَالَي يَا آدَمُ خُذ عَلَي وَلَدِكَ شَيثٍ العَهدَ وَ أَشهِد عَلَيهِ جَبرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ المَلَائِكَةَ أَجمَعِينَ قَالَ فَأَمَرَ اللّهُ تَعَالَي جَبرَئِيلَ ع أَن يَهبِطَ إِلَي الأَرضِ فِي سَبعِينَ أَلفاً مِنَ المَلَائِكَةِ بِأَيدِيهِم أَلوِيَةُ الحَمدِ وَ بِيَدِهِ حَرِيرَةٌ بَيضَاءُ وَ قَلَمٌ مُكَوّنٌ مِن مَشِيّةِ اللّهِ رَبّ العَالَمِينَ فَأَقبَلَ جَبرَئِيلُ عَلَي آدَمَ ع وَ قَالَ لَهُ يَا آدَمُ رَبّكَ يُقرِئُكَ السّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ اكتُب عَلَي وَلَدِكَ شَيثٍ كِتَاباً وَ أَشهِد عَلَيهِ جَبرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ المَلَائِكَةَ أَجمَعِينَ فَكَتَبَ الكِتَابَ وَ أَشهَدَ عَلَيهِ وَ خَتَمَهُ جَبرَئِيلُ بِخَاتَمِهِ وَ دَفَعَهُ إِلَي شَيثٍ وَ كَسَا قَبلَ انصِرَافِهِ حُلّتَينِ حَمرَاوَينِ أَضوَأَ مِن نُورِ الشّمسِ وَ أَروَقَ مِنَ السّمَاءِ لَم يُقطَعَا وَ لَم يُفصَلَا بَل قَالَ لَهُمَا الجَلِيلُ كُونِيَا فَكَانَتَا ثُمّ تَفَرّقَا وَ قَبِلَ شَيثٌ العَهدَ وَ أَلزَمَهُ نَفسَهُ وَ لَم يَزَل ذَلِكَ النّورُ بَينَ عَينَيهِ حَتّي تَزَوّجَ المُحَاوَلَةَ البَيضَاءَ وَ كَانَت بِطُولِ حَوّاءَ وَ اقتَرَنَ إِلَيهَا بِخُطبَةِ جَبرَئِيلَ فَلَمّا وَطِئَهَا حَمَلَت بِأَنُوشَ فَلَمّا حَمَلَت بِهِ سَمِعَت مُنَادِياً ينُاَديِ‌ هَنِيئاً لَكِ يَا بَيضَاءُ لَقَدِ استَودَعَكِ اللّهُ نُورَ سَيّدِ المُرسَلِينَ سَيّدِ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ فَلَمّا وَلَدَتهُ أَخَذَ عَلَيهِ شَيثٌ العَهدَ كَمَا أَخَذَ عَلَيهِ وَ انتَقَلَ إِلَي وَلَدِهِ قينان وَ مِنهُ إِلَي مَهلَائِيلَ وَ مِنهُ إِلَي أُدَدَ وَ مِنهُ إِلَي أَخنُوخَ وَ هُوَ إِدرِيسُ ع ثُمّ أَودَعَهُ إِدرِيسُ وَلَدَهُ متوشلخ وَ أَخَذَ عَلَيهِ العَهدَ ثُمّ انتَقَلَ إِلَي


صفحه : 36

مَلَكٍ[لَمَكَ] ثُمّ إِلَي نُوحٍ وَ مِن نُوحٍ إِلَي سَامٍ وَ مِن سَامٍ إِلَي وَلَدِهِ أَرفَخشَدَ ثُمّ إِلَي وَلَدِهِ عَابَرَ ثُمّ إِلَي قالع ثُمّ إِلَي أرغو وَ مِنهُ إِلَي شارغ وَ مِنهُ إِلَي تاخور ثُمّ انتَقَلَ إِلَي تَارَخَ وَ مِنهُ إِلَي اِبرَاهِيمَ ثُمّ إِلَي إِسمَاعِيلَ ثُمّ إِلَي قَيذَارَ وَ مِنهُ إِلَي الهَمَيسَعِ ثُمّ انتَقَلَ إِلَي نَبتٍ ثُمّ إِلَي يَشحُبَ وَ مِنهُ إِلَي أُدَدَ وَ مِنهُ إِلَي عَدنَانَ وَ مِنهُ إِلَي مَعَدّ وَ مِنهُ إِلَي نِزَارٍ وَ مِنهُ إِلَي مُضَرَ وَ مِن مُضَرَ إِلَي إِليَاسَ وَ مِن إِليَاسَ إِلَي مُدرِكَةَ وَ مِنهُ إِلَي خُزَيمَةَ وَ مِنهُ إِلَي كِنَانَةَ وَ مِن كِنَانَةَ إِلَي قصُيَ‌ّ وَ مِن قصُيَ‌ّ إِلَي لوُيَ‌ّ وَ مِن لوُيَ‌ّ إِلَي غَالِبٍ وَ مِنهُ إِلَي فِهرٍ وَ مِن فِهرٍ إِلَي عَبدِ مَنَافٍ وَ مِن عَبدِ مَنَافٍ إِلَي هَاشِمٍ وَ إِنّمَا سمُيّ‌َ هَاشِماً لِأَنّهُ هَشَمَ الثّرِيدَ لِقَومِهِ وَ كَانَ اسمُهُ عَمرَو العَلَاءِ


صفحه : 37

وَ كَانَ نُورُ رَسُولِ اللّهِص فِي وَجهِهِ إِذَا أَقبَلَ تضُيِ‌ءُ مِنهُ الكَعبَةُ وَ تكَتسَيِ‌ مِن نُورِهِ نُوراً شَعشَعَانِيّاً وَ يَرتَفِعُ مِن وَجهِهِ نُورٌ إِلَي السّمَاءِ وَ خَرَجَ مِن بَطنِ أُمّهِ عَاتِكَةُ بِنتُ مُرّةَ بِنتِ فَالَجِ بنِ ذَكوَانَ وَ لَهُ ضَفِيرَتَانِ كضَفَيِرتَيَ‌ِ إِسمَاعِيلَ ع يَتَوَقّدُ نُورُهُمَا إِلَي السّمَاءِ فَعَجِبَ أَهلُ مَكّةَ مِن ذَلِكَ وَ سَارَت إِلَيهِ قَبَائِلُ العَرَبِ مِن كُلّ جَانِبٍ وَ مَاجَت مِنهُ الكُهّانُ وَ نَطَقَتِ الأَصنَامُ بِفَضلِ النّبِيّ المُختَارِ وَ كَانَ هَاشِمٌ لَا يَمُرّ بِحَجَرٍ وَ لَا مَدَرٍ إِلّا وَ يُنَادِيهِ أَبشِر يَا هَاشِمُ فَإِنّهُ سَيَظهَرُ مِن ذُرّيّتِكَ أَكرَمُ الخَلقِ عَلَي اللّهِ تَعَالَي وَ أَشرَفُ العَالَمِينَ مُحَمّدٌ خَاتَمُ النّبِيّينَ وَ كَانَ هَاشِمٌ إِذَا مَشَي فِي الظّلَامِ أَنَارَت مِنهُ الحَنَادِسُ وَ يُرَي مِن حَولِهِ كَمَا يُرَي مِن ضَوءِ المِصبَاحِ فَلَمّا حَضَرَت عَبدَ مَنَافٍ الوَفَاةُ أَخَذَ العَهدَ عَلَي هَاشِمٍ أَن يُوَدّعَ نُورَ رَسُولِ اللّهِص فِي الأَرحَامِ الزّكِيّةِ مِنَ النّسَاءِ فَقَبِلَ هَاشِمٌ العَهدَ وَ أَلزَمَهُ نَفسَهُ وَ جُعِلَتِ المُلُوكُ تَتَطَاوَلُ إِلَي هَاشِمٍ لِيَتَزَوّجَ مِنهُم وَ يَبذُلُونَ إِلَيهِ الأَموَالَ الجَزِيلَةَ وَ هُوَ يَأبَي عَلَيهِم وَ كَانَ كُلّ يَومٍ يأَتيِ‌ الكَعبَةَ وَ يَطُوفُ بِهَا سَبعاً وَ يَتَعَلّقُ بِأَستَارِهَا وَ كَانَ هَاشِمٌ إِذَا قَصَدَهُ قَاصِدٌ أَكرَمَهُ وَ كَانَ يَكسُو العُريَانَ وَ يُطعِمُ الجَائِعَ وَ يُفَرّجُ عَنِ المُعسِرِ وَ يوُفيِ‌ عَنِ المَديُونِ وَ مَن أُصِيبَ بِدَمٍ دَفَعَ عَنهُ وَ كَانَ بَابُهُ لَا يُغلَقُ عَن صَادِرٍ وَ لَا وَارِدٍ وَ إِذَا أَولَمَ وَلِيمَةً أَوِ اصطَنَعَ طَعَاماً لِأَحَدٍ وَ فَضَلَ مِنهُ شَيءٌ يَأمُرُ بِهِ أَن يُلقَي إِلَي الوَحشِ وَ الطّيُورِ حَتّي تَحَدّثُوا بِهِ وَ بِجُودِهِ فِي الآفَاقِ وَ سَوّدَهُ أَهلُ مَكّةَ بِأَجمَعِهِم وَ شَرّفُوهُ وَ عَظّمُوهُ وَ سَلّمُوا إِلَيهِ مَفَاتِيحَ الكَعبَةِ وَ السّقَايَةَ وَ الحِجَابَةَ وَ الرّفَادَةَ


صفحه : 38

وَ مَصَادِرَ أُمُورِ النّاسِ وَ مَوَارِدَهَا وَ سَلّمُوا إِلَيهِ لِوَاءَ نِزَارٍ وَ قَوسَ إِسمَاعِيلَ ع وَ قَمِيصَ اِبرَاهِيمَ ع وَ نَعلَ شَيثٍ ع وَ خَاتَمَ نُوحٍ ع فَلَمّا احتَوَي عَلَي ذَلِكَ كُلّهِ ظَهَرَ فَخرُهُ وَ مَجدُهُ وَ كَانَ يَقُومُ بِالحَاجّ وَ يَرعَاهُم وَ يَتَوَلّي أُمُورَهُم وَ يُكرِمُهُم وَ لَا يَنصَرِفُونَ إِلّا شَاكِرِينَ

قال أبو الحسن البكري‌ و كان هاشم إذا أهل هلال ذي‌ الحجة يأمر الناس بالاجتماع إلي الكعبة فإذااجتمعوا قام خطيبا و يقول معاشر الناس إنكم جيران الله وجيران بيته وإنه سيأتيكم في هذاالموسم زوار بيت الله وهم أضياف الله والأضياف هم أولي بالكرامة و قدخصكم الله تعالي بهم وأكرمكم وإنهم سيأتونكم شعثا غبرا من كل فج عميق ويقصدونكم من كل مكان سحيق فاقروهم واحموهم وأكرموهم يكرمكم الله تعالي وكانت قريش تخرج المال الكثير من أموالهم و كان هاشم ينصب أحواض الأديم ويجعل فيهاماء من ماء زمزم ويملي‌ باقي‌ الحياض من سائر الآبار بحيث تشرب الحاج و كان من عادته أنه يطعمهم قبل التروية بيوم و كان يحمل لهم الطعام إلي مني وعرفة و كان يثرد لهم اللحم والسمن والتمر ويسقيهم اللبن إلي حيث تصدر الناس من مني ثم يقطع عنهم الضيافة. قال أبو الحسن البكري‌ بلغنا أنه كان بأهل مكة ضيق وجذب وغلاء و لم يكن عندهم مايزودون به الحاج فبعث هاشم إلي نحو الشام أباعر فباعها واشتري بأثمانها


صفحه : 39

كعكا وزيتا و لم يترك عنده من ذلك قوت يوم واحد بل بذل ذلك كله للحاج فكفاهم جميعهم وصدر الناس يشكرونه في الآفاق و فيه يقول الشاعر.


ياأيها الرجل المجد رحيله .   هلا مررت بدار عبدمناف .

ثكلتك أمك لومررت ببابهم .   لعجبت من كرم و من أوصاف .

عمرو العلاء هشم الثريد لقومه .   والقوم فيهامسنتون عجاف .

بسطوا إليه الرحلتين كليهما.   عندالشتاء ورحلة الأصياف .

قال فبلغ خبره إلي النجاشي‌ ملك الحبشة و إلي قيصر ملك الروم فكاتبوه وراسلوه أن يهدوا له بناتهم رغبة في النور ألذي في وجهه و هونور محمدص لأن رهبانهم وكهانهم أعلموهم بأن ذلك النور نور رسول الله ص فأبي هاشم عن ذلك وتزوج من نساء قومه ورزق منهن أولادا و كان أولاده الذكور أسد ومضر وعمرو وصيفي‌ و أماالبنات فصعصعة ورقية وخلادة والشعثاء فهذه جملة الذكور والإناث ونور رسول الله ص في غرته لم يزل فعظم ذلك عليه وكبر لديه فلما كان في بعض الليالي‌ و قدطاف بالبيت سأل الله تعالي أن يرزقه ولدا يكون فيه نور رسول الله ص فأخذه النعاس فمال عن البيت ثم اضطجع فأتاه آت يقول في منامه عليك بسلمي بنت عمرو فإنها طاهرة مطهرة الأذيال فخذها وادفع لها المهر الجزيل فلم تجد


صفحه : 40

لها مشبها من النساء فإنك ترزق منها ولدا يكون منه النبي ص فصاحبها ترشد واسع إلي أخذ الكريمة عاجلا قال فانتبه هاشم فزعا مرعوبا وأحضر بني‌ عمه وأخاه المطلب وأخبرهم بما رآه في منامه وبما قال الهاتف فقال له أخوه المطلب يا ابن أم إن المرأة لمعروفة في قومها كبيرة في نفسها قدكملت عفة واعتدالا وهي‌ سلمي بنت عمرو بن لبيد بن حداث بن زيد بن عامر بن غنم بن مازن بن النجار وهم أهل الأضياف والعفاف و أنت أشرف منهم حسبا وأكرم منهم نسبا قدتطاولت إليك الملوك والجبابرة و إن شئت فنحن لك خطّابا فقال لهم الحاجة لاتقضي إلابصاحبها و قدجمعت فضلات وتجارة وأريد أن أخرج إلي الشام للتجارة ولوصال هذه المرأة فقال له أصحابه نحن نفرح لفرحك ونسر لسرورك وننظر ما يكون من أمرك ثم إن هاشما خرج للسفر وخرج معه أصحابه بأسلحتهم وخرج معه العبيد يقودون الخيل والجمال وعليها أحمال الأديم و عندخروجه نادي في أهل مكة فخرجت معه السادات والأكابر وخرج معه العبيد والنساء لتوديع هاشم فأمرهم بالرجوع وسار هو


صفحه : 41

وبنو عمه وأخوه المطلب إلي يثرب كالأسود طالبي‌ بني‌ النجار. فلما وصلوا المدينة أشرق بنور رسول الله ص ذلك الوادي‌ من غرة هاشم حتي دخل جملة البيوت فلما رآهم أهل يثرب بادروا إليهم مسرعين وقالوا من أنتم أيها الناس فما رأينا أحسن منكم جمالا و لاسيما صاحب هذاالنور الساطع والضياء اللامع قال لهم المطلب نحن أهل بيت الله وسكان حرم الله نحن بني‌ لوي‌ بن غالب و هذاأخونا هاشم بن عبدمناف و قدجئناكم خاطبين وفيكم راغبين و قدعلمتم أن أخانا هذاخطبه الملوك والأكابر فما رغب إلافيكم ونحب أن ترشدونا إلي سلمي و كان أبوها يسمع الخطاب فقال لهم مرحبا بكم أنتم أرباب الشرف والمفاخر والعز والمآثر والسادات الكرام المطعمون الطعام ونهاية الجود والإكرام ولكم عندنا ماتطلبون غير أن المرأة التي‌ خرجتم لأجلها وجئتم لها طالبين هي‌ ابنتي‌ وقرة عيني‌ وهي‌ مالكة نفسها و مع ذلك أنها خرجت بالأمس إلي سوق من أسواقنا مع نساء من قومها يقال لها سوق بني‌ قينقاع فإن أقمتم عندنا فأنتم في العناية والكلاية و إن أردتم أن تسيروا إليها ففي‌ الرعاية و من الخاطب لها والراغب فيهاقالوا صاحب هذاالنور الساطع والضياء اللامع سراج بيت الله الحرام ومصباح الظلام الموصوف بالجود والإكرام هاشم بن عبدمناف صاحب رحلة الإيلاف وذروة الأحقاف فقال أبوها بخ بخ لقد علونا وفخرنا بخطبتكم اعلموا يا من حضر أني‌


صفحه : 42

قدرغبت في هذا الرجل أكثر من رغبته فينا غيرأني‌ أخبركم أن أمري‌ دون أمرها وها أناأسير معكم إليها فانزلوا ياخير زوار و يافخر بني‌ نزار قال فنزل هاشم وأخوه وأصحابه وحطوا رحالهم ومتاعهم وسبق أبوها عمرو إلي قومه ونحر لهم النحائر وعقر لهم العقائر وأصلح لهم الطعام وخرجت لهم العبيد بالجفان فأكلت القوم منه حسب الحاجة و لم يبق من أهل يثرب أحد إلاخرج ينظر إلي هاشم ونور وجهه وخرج الأوس والخزرج و الناس متعجبين من ذلك النور وخرج اليهود فلما نظروا إليه عرفوه بالصفة التي‌ وجدوها في التوراة والعلامات فعظم ذلك عليهم وبكوا بكاء شديدا فقال بعض اليهود لحبر من أحبارهم مابكاؤكم قال من هذا الرجل ألذي يظهر منه سفك دمائكم و قدجاءكم السفاك القتال ألذي تقاتل معه الأملاك المعروف في كتبكم بالماحي‌ و هذه أنواره قدابتدرت قال فبكي اليهود من قوله وقالوا له ياأبانا فهل هذا ألذي ذكرت نصل إلي قتله ونكفي‌ شره فقال لهم هيهات حيل بينكم و بين ماتشتهون وعجزتم عما تأملون إن هذا هوالمولود ألذي ذكرت لكم تقاتل معه الأملاك من الهواء ويخاطب من السماء و يقول قال جبرئيل عن رب السماء فقالوا هذاتكون له هذه المنزلة قال أعز من الولد عندالوالد فإنه أكرم أهل الأرض علي الله تعالي وأكرم أهل السماوات فقالوا أيها السيد الكريم نحن نسعي في إطفاء ضوء هذاالمصباح قبل أن يتمكن ويحدث علينا منه كل مكروه وأضمر القوم لهاشم العداوة و كان بدء عداوة اليهود من ذلك اليوم لرسول الله ص فلما أصبح هاشم أمر أصحابه أن يلبسوا أفخر أثوابهم و أن يظهروا


صفحه : 43

زينتهم فلبسوا ما كان عندهم من الثياب و ما قدأعدوه للزينة والجمال وأظهروا التيجان والجواشن والدروع والبيض فأقبلوا يريدون سوق بني‌ قينقاع و قدشدوا لواء نزار علي قناة وأحاطوا بهاشم عن يمينه وشماله ومشي قدامه العبيد و أبوسلمي معهم وأكابر قومه ومعهم جماعة من اليهود فلما أشرفوا علي السوق و كان تجتمع إليه الناس من أقاصي‌ البلاد وأقطارها و أهل الحضر وسكانها فنظر القوم إلي هاشم وأصحابه وتركوا معاشهم وأقبلوا ينظرون إلي هاشم ويتعجبون من حسنه وجماله و كان هاشم بين أصحابه كالبدر المنير بين الكواكب و عليه السكينة والوقار فأذهل بجماله أهل السوق وجعلوا ينظرون إلي النور ألذي بين عينيه وكانت سلمي بنت عمرو واقفة مع الناس تنظر إلي هاشم وحسنه وجماله و ما عليه من الهيبة والوقار إذ أقبل عليها أبوها و قال لها ياسلمي أبشرك بما يسرك و لايضرك وكانت معجبة بنفسها من حسنها وجمالها فلما نظرت إلي هاشم وجماله نسيت حسنها وجمالها وقالت ياأبت بما تبشرني‌ قال إن هذا الرجل إليك خاطب وفيك راغب و هو ياسلمي من أهل الكفاف والعفاف والجود والأضياف هاشم بن عبدمناف وإنه لم يخرج من الحرم لغير ذلك فلما سمعت سلمي كلام أبيها أعرضت عنه بوجهها وأدركها الحياء منه فأمسكت عن الكلام ثم قالت ياأبت إن النساء يفتخرون علي الرجال بالحسن والجمال والقدر والكمال و إذا كان زوج المرأة سيدا من سادات العرب و كان مليح المنظر والمخبر فما أقول لك و قدعرفت ماجري بيني‌ و بين أحيحة بن الجلاح الأوسي‌ وحيلتي‌ عليه حتي خلعت نفسي‌ منه لماعلمت أنه لم يكن من الكرام و إن هذا الرجل يدل عظمته ونور وجهه علي مروته وإحسانه يدل علي فخره فإن يكن القوم كماذكرت قدخطبونا ورغبوا فينا فإني‌ فيهم راغبة


صفحه : 44

ولكن لابد أن أطلب منهم المهر و لاأصغر نفسي‌ وسيكون لنا ولهم خطاب وجواب و كان القول منها لحال أبيها لأنها لم تصدق بذلك حتي نزل هاشم قريبا من السوق واعتزل ناحية عنه فأقبل أهل السوق إليه مسرعين ينظرون إلي نوره حتي ضاع كثير من متاعهم ومعاشهم من نظرهم إليه و قدنصبت له خيمة من الحرير الأحمر ووضعت له سرادقات فلما دخل هاشم وأصحابه الخيمة تفرق أهل السوق عنهم وجعل يسأل بعضهم بعضا عن أمر هاشم وقومه و ماأقدمهم عليه من مكة فقيل إنه جاء خاطبا لسلمي فحسدوها عليه وكانت أجمل أهل زمانها وأكملهم حسنا وجمالا وكانت جارية تامة معتدلة لها منظر ومخبر كاملة الأوصاف معتدلة الأطراف سريعة الجواب حسنة الآداب عاقلة طريفة عفيفة لبيبة طاهرة من الأدناس فحسدوها كلهم علي هاشم حتي حسدها إبليس لعنه الله و كان قدتصور لها في صورة شيخ كبير و قال ياسلمي أنا من أصحاب هاشم قدجئتك ناصحا لك اعلمي‌ أن لصاحبنا هذا من الحسن والجمال مارأيت إلا أنه رجل ملول للنساء لاتقيم المرأة عنده أكثر من شهرين إذاأراد و إلافعشرة أيام لا غير و قدتزوج نساء كثيرة و مع ذلك أنه جبان في الحروب فقالت سلمي إليك عني‌


صفحه : 45

فو الله لوملأ لي حصنا من المال ماقبلته و لوملأ لي حصون خيبر ذهبا وفضة مارغبت فيه لهذه الخصال التي‌ ذكرت ولقد كنت أجبته ورغبت فيه و قد قلت رغبتي‌ فيه لهذه الخصال اذهب عني‌ فانصرف عنها وتركها في همها وغمها ثم إن إبليس لعنه الله تصور لها بصورة أخري وزعم أنه من أصحاب هاشم وذكر لها مثل الأول فقالت أ و ليس ألذي قدأرسلتك إليه أنه لايرسل إلي‌ رسولا بعد ذلك فسكت إبليس لعنه الله فقالت إن أرسل رسولا بعدك أمرت بضرب عنقه فخرج إبليس فرحا مسرورا و قدألقي في قلبها البغضة لهاشم وظن أن هاشما يرجع خائنا فعند ذلك دخل عليها أبوها فوجدها في سكرتها وحيرتها فقال ياسلمي ما ألذي حل بك هذااليوم و هذا يوم سرورك فقالت ياأبت لاتزيدني‌ كلاما فقد فضحتني‌ وأشهرت أمري‌ أردت أن تزوجني‌ برجل ملول للنساء كثير الطلاق جبان في الحروب فضحك أبوها و قال ياسلمي و الله مالهذا الرجل شيء من هذه الخصال الثلث وإنه إلي كرمه الغاية و إلي جوده النهاية وإنما سمي‌ هاشما لأنه أول من هشم الثريد لقومه و أماقولك كثير الطلاق فإنه ماطلق امرأة قط و أماقولك جبان فهو واحد أهل زمانه في الشجاعة وإنه لمعروف عند الناس بالجواب والخطاب والصواب فقالت ياأبت لو أنه ماجاءني‌ عنه إلاواحد كذبته و قلت إنه عدو فقد جاءني‌ ثلاثة نفر كل واحد منهم يقول مثل مقالة الآخر فقال أبوها مارأينا منه رسولا و لاجاءنا منه خبر و كان الشيطان يظهر لهم في ذلك الزمان ويأمرهم وينهاهم و قدصح عندها ماقاله الشيطان الرجيم وهي‌ تظن أنه من بني‌ آدم وهاشم لايعلم شيئا من ذلك و كان قدعول علي جمع من قومه في خطبتها ثم إن سلمي خرجت في بعض حوائجها وهي‌ تحب أن تنظر إلي هاشم


صفحه : 46

فجمع الله بينهما في الطريق فوقع في قلبها أمر عظيم من محبته و كان في ذلك الزمان لاتستحيي‌ النساء من الرجال و لايضرب بينهن حجاب إلي أن بعث محمدص ونزل طائفة من اليهود من جهة خيمة هاشم و لمااجتمعت سلمي بهاشم عرفته بالنور ألذي في وجهه وعرفها أيضا هوفقالت له ياهاشم قدأحببتك وأردتك فإذا كان غدا فأخطبني‌ من أبي و لايعز عليك مايطلب أبي منك فإن لم تصله يدك ساعدتك عليه فلما أصبح تأهب هاشم للقاء القوم فتزينوا بزينتهم و إذا أهل سلمي قدقدموا فقام من كان في الخيمة إجلالا لهم وجلس هاشم وأخوه وبنو عمه في صدر الخيمة فتطاولت القوم إلي هاشم فابتدأهم المطلب بالكلام و قال يا أهل الشرف والإكرام والفضل والإنعام نحن وفد بيت الله الحرام والمشاعر العظام وإلينا سعة الأقدام وأنتم تعلمون شرفنا وسؤددنا و ما قدخصصنا الله به من النور الساطع والضياء اللامع ونحن بنو لوي‌ بن غالب قدانتقل هذاالنور إلي عبدمناف ثم إلي أخينا هاشم و هومعنا من آدم إلي أن صار إلي هاشم و قدساقه الله إليكم وأقدمه عليكم فنحن لكريمتكم خاطبون وفيكم راغبون ثم أمسك عن الكلام فقال عمرو أبوسلمي لكم التحية والإكرام والإجابة والإعظام و قدقبلنا خطبتكم وأجبنا دعوتكم وأنتم تعرفون عليتنا و لايخفي عليكم أحوالنا و لابد من تقديم المهر كما كان سلفنا و


صفحه : 47

آباؤنا و لو لا ذلك ماواجهناكم بشي‌ء من ذلك و لاقابلناكم به أبدا فعند ذلك قال المطلب لكم عندي‌ مائة ناقة سود الحدق حمر الوبر لم يعلها جمل فبكي إبليس لعنه الله و كان من جملة من حضر وجلس عند أبي سلمي وأشار إليه أن اطلب الزيادة فقال أبوسلمي معاشر السادات ما هذا هذاقدر ابنتنا عندكم فقال المطلب ولكم ألف مثقال من الذهب الأحمر فغمز إبليس لعنه الله أباسلمي وأشار إليه أن اطلب الزيادة فقال يافتي قصرت في حقنا فيما قلت وأقللت فيما بذلت فقال ولكم عندنا حمل عنبر وعشرة أثواب من قباطي‌ مصر وعشرة من أراضي‌ العراق فقد أنصفناكم فغمز إبليس لعنه الله أباسلمي وأشار إليه أن اطلب الزيادة فقال يافتي قدقاربت وأجملت قال له المطلب ولكم خمس وصائف برسم الخدمة فهل تريدون أكثر من ذلك فأشار إليه إبليس لعنه الله أن اطلب الزيادة فقال أبوسلمي يافتي إن ألذي بذلتموه لنا إليكم راجع فقال المطلب ولكم عشر أواق من المسك الأذفر وخمسة أقداح من الكافور فهل رضيتم أم لافهم إبليس أن يغمز أباسلمي فصاح به أبوسلمي و قال له ياشيخ السوء اخرج لَقَد جِئتَ شَيئاً نُكراًفو الله لقد أخجلتني‌ فقال له المطلب اخرج ياشيخ السوء فقام الشيطان وخرج وخرج اليهود معه فقال إبليس ياعمرو إن ألذي شرطته في مهر ابنتك قليل وإنما أردت أن أطلب من القوم ماتفتخر به ابنتك علي سائر نسائها و أهل زمانها ولقد هممت أن أشرط عليه أن يبني‌ لها قصرا طوله عشرة فراسخ وعرضه مثل ذلك و يكون شاهقا في الهواء باسقا في السماء و في أعلاه مجلس ينظر منه إلي إيوان كسري وينظر إلي المراكب منحدرات في البحر ثم يجلب إليه نهرا من الدجلة والفرات عرضه مائة ذراع تجري‌ فيه المراكب ثم يغرس حول النهر


صفحه : 48

نخلات معتدلات لاينقطع ثمرها صيفا و لاشتاء قال المطلب ياويلك و من يقدر علي ذلك ياشيخ السوء فقد أسرفت فيما قلت من يصل إلي ماأردت فصاح به أبوسلمي والمطلب فأخذته الصيحة من كل مكان و كان مراد إبليس لعنه الله تفرق المجلس ثم قال أرمون بن قيطون ياقوم إن هذاالشيخ أحكم الحكماء و هومعروف في بلادنا بالحكمة و في الشام والعراق و بعد ذلك إننا مانزوج ابنتنا برجل غريب من غيربلدنا فقامت اليهود وهم أربع مائة يهودي‌ و أهل الحرم أربعون سيدا وجردوا سيوفهم و قال هاشم لأصحابه دونكم القوم فهذا تأويل رؤياي‌ فقامت الصيحة فيهم فوثب المطلب علي أرمون بن قيطون ووثب هاشم علي إبليس لعنه الله فانحاز يريد الهرب فأدركه هاشم وقبضه ورفعه وجلد به الأرض فصرخ صرخة عظيمة لماغشاه نور رسول الله ص وصار ريحا فالتفت هاشم إلي أخيه المطلب فوجده قدقتل أرمون بن قيطون وقسمه نصفين وقتل هاشم وأصحابه جمعا كثيرا من اليهود ووقعت الرجفة في المدينة وخرج الرجال والنساء وانهزم اليهود علي وجوههم ورجع أبوسلمي و قال لقومه مزجتم الفرح بالترح و ما كان سبب الفتنة إلا من إبليس لعنه الله فوضع السيف عن اليهود بعد أن قتل منهم سبعين رجلا وكانت عداوة اليهود لرسول الله ص من ذلك اليوم ثم إن هاشما قال لأصحابه هذاتأويل رؤياي‌ فافتقد اليهود الحبر فلم يجدوه فقال هاشم يامعاشر اليهود إنما أغواكم الشيطان الرجيم فانظروا إلي صاحبكم فإن وجدتموه فاعلموا أنه كمازعمتم حكيم من حكمائكم و إن لم تجدوه فقد حيل بينكم


صفحه : 49

وبينه وظننتم أنه من أحباركم و ما هو إلاالشيطان أغواكم ثم إن أباسلمي عمد إلي إصلاح شأنه ورجع القوم إلي أماكنهم و قدامتلئوا غيظا علي اليهود فأقبل هاشم إلي منزله وأصلح الولائم وأمر العبيد أن يحملوا الجفان المترعة باللبن ولحوم الضأن والإبل ثم إن عمرا مضي إلي ابنته و قال لها إن الرجل ألذي يقول لك إن هاشما لجبان قدنطق بالمحال و الله لو لاأمسكته وأحلف عليه ماترك من القوم واحدا فقالت ياأبت امض معهم علي كل حال و لاملامة للائم قال فلما أكلوا ورفعوا أيديهم قال لهم أبوسلمي يامعاشر السادات اصرفوا عن قلوبكم الغيظ و كل هم فنحن لكم وابنتنا هدية فقال له المطلب لك ماذكرناه وزيادة ثم قال ياأخي‌ هاشم أرضيت بما تكلمت به عنك قال نعم فعند ذلك تصافحوا ومضي أبوسلمي وأخرج من كمه دنانير ودراهم فنثر الدنانير علي هاشم وأخيه المطلب ونثر الدراهم علي أصحابه ونثر عليهم زرير المسك الأذفر والكافور والعنبر حتي غمر أطمارهم ثم قال ياهاشم تحب الدخول علي زوجتك هذه الليلة أوتصبر لها حتي تصلح لها شأنها قال بل أصبر حتي تصلح شأنها فعند ذلك أمر بتقديم مطاياهم فركبوا وخرجوا ثم إن هاشما دفع إلي أخيه المطلب ماحضره من المال وأمره أن يدفعه إلي سلمي فلما جاءها المطلب فرحت به وبذلك المال وقبلته وقالت ياسيد الحرم وخير من مشي علي قدم سلم علي أخيك وقل له ماالرغبة إلافيك فاحفظ منا ماحفظنا منك ثم قالت قل له ماأقول لك قال قولي‌ مابدا لك قالت قل لأخيك إني‌ امرأة كان لي رجل اسمه أحيحة بن الجلاح الأوسي‌ و كان كثير المال فلما تزوجته اشترطت عليه أنه متي أساء إلي‌


صفحه : 50

فارقته و كان من قصتي‌ أني‌ رزقت منه ولدا فأردت فراقه فأخذت خيطا وربطته في رجل الطفل فجعل الطفل يبكي‌ تلك الليلة حتي مضي من الليل ثلثه أونصفه وقطعت الخيط من رجل الطفل فنام الطفل وأبوه فخرجت إلي أهلي‌ فانتبه الرجل فلم يجدني‌ فعلم أنها حيلة مني‌ عليه و أنا قدحدثتك بهذا الحديث لتخبر به أخاك لكيلا يخفي عليه شيء من أمري‌ و لايشتغل عني‌ بباقي‌ نسائه فقال المطلب عند ذلك اعلمي‌ أن أخي‌ قدتطاولت إليه الملوك في خطبته ورغبوا في تزويجه فأبي حتي أتاه آت في منامه فأخبره بخبرك فرغب فيك وأراد أن يستودعك هذاالنور ألذي استودعه الله إياه بعدالأنبياء فأسأل الله أن يتم لكم السرور و أن يكفيكم كل محذور ثم إنه خرج وهي‌ تشيعه ومعها نساء من قومها فمضي إلي أخيه وأخبره بما قالت له سلمي فضحك لذلك و قال له بلغت الرسالة قال ثم أقام هاشم أياما ودخل علي زوجته سلمي في مدينة يثرب وحضر عرسها الحاضر والبادي‌ من جميع الآفاق فلما دخل بهارأي مايسره من الحسن والجمال والهيئة والكمال ثم إن سلمي دفعت إليه جميع المال ألذي دفعه إليها وزادته أضعافا فلما واقعها حملت منه في ليلتها بعبد المطلب جد رسول الله ص و هذاحديث تزويج سلمي بهاشم و كان أهل يثرب يعملون الولائم ويطعمون الناس إكراما لهاشم وأصحابه و قدزاد سلمي حسنا وجمالا وصار أهل يثرب يهنئونها بما خصها الله تعالي به . قال أبو الحسن البكري‌ حدثناأشياخنا وأسلافنا الرواة لهذا الحديث أنه لما


صفحه : 51

تزوج هاشم بن عبدمناف بسلمي بنت عمرو النجارية ودخل بهاحملت بعبد المطلب جد رسول الله ص وانتقل النور ألذي كان في وجهه إلي سلمي زادها حسنا وجمالا وبهجة وكمالا حتي شاع حسنها في الآفاق و كان يناديها الشجر والحجر والمدر بالتحية والإكرام وتسمع قائلا يقول عن يمينها السلام عليك ياخير البشر و لم تزل تحدث بما تري حتي حذرها هاشم فكانت تكتم أمرها عن قومها حتي إذا كان ذات ليلة سمعت قائلا يقول .


لك البشر إذ أوتيت أكرم من مشي .   وخير الناس من حضر وبادي‌.

و قال لماسمعت ذلك لم تدع هاشما يلامسها بعد ذلك قال ثم إن هاشما أقام في المدينة أياما حتي اشتهر حمل سلمي فقال لها ياسلمي إني‌ أودعتك الوديعة التي‌ أودعها الله تعالي آدم ع وأودعها آدم ع ولدها شيثا ع و لم يزالوا يتوارثونها من واحد إلي واحد إلي أن وصلت إلينا وشرفنا الله بهذا النور و قدأودعته إياك وها أناآخذ عليك العهد والميثاق بأن تقيه وتحفظيه و إن أتيت به و أناغائب عنك فليكن عندك بمنزلة الحدقة من العين والروح بين الجنبين و إن قدرت علي أن لاتراه العيون فافعلي‌ فإن له حسادا وأضدادا وأشد الناس عليه اليهود و قدرأيت ماجري بيننا وبينهم يوم خطبتك و إن لم أرجع من سفري‌ هذا أوسمعت أني‌ قدهلكت فليكن عندك محفوظا مكرما إلي أن يترعرع واحمليه إلي الحرم إلي عمومته في دار عزه ونصرته ثم قال لها اسمعي‌ واحفظي‌ ما قلت لك قالت نعم قدسمعت وأطعت ولقد أوجعتني‌


صفحه : 52

بكلامك فأنا أسأل الله العظيم أن يردك سالما ثم خرج هاشم وأخوه المطلب وأصحابه وأقبل عليهم و قال يابني‌ أبي وعشيرتي‌ من بني‌ لوي‌ إن الموت سبيل لابد منه و أناغائب عنكم و لاأدري‌ أني‌ أرجع إليكم أم لا و أناأوصيكم إياكم والتفرق والشتات فتذهب حميتكم وتقل قيمتكم ويهين قدركم عندالملوك ويطمع فيكم الطامع فهل أنت ياأخي‌ لماأقول لك سامع وإني‌ مخلف فيكم ومقدم عليكم أخي‌ المطلب دون إخوتي‌ لأنه من أبي وأمي‌ وأعز الخلق عندي‌ و إن سمعتم وصيتي‌ وقدمتموه وسلمتم إليه مفاتيح الكعبة وسقاية الحاج ولواء نزار و كل ما كان من مكارم الأنبياء سعدتم وإني‌ أوصيكم بولدي‌ ألذي اشتملت عليه سلمي فإنه سيكون له شأن عظيم و لاتخالفوا قولي‌ قالوا سمعنا وأطعنا غيرأنك كسرت قلوبنا بوصيتك وأزعجت أفئدتنا بقولك قال ثم إن هاشما سافر إلي غزة الشام فحضر موسمها وباع أمتعته وشري ما كان يصلح له واشتري لسلمي طرفا وتحفا ثم إنه تجهز للسفر فلما كان الليلة التي‌ عزم فيها علي الرحيل طرقته حوادث الزمان وأتته العلة فأصبح مثقلا وارتحل رفقاءه وبقي‌ هاشم وعبيده وأصحابه فقال لهم الحقوا بأصحابكم فإني‌ هالك لامحالة وارجعوا إلي مكة و إن مررتم علي يثرب فأقرءوا زوجتي‌ سلمي عني‌ السلام وأخبروها بخبري‌ وعزوها في شخصي‌ وأوصوها بولدي‌ فهو أكبر همي‌ ولولاه مانلت أمري‌ فبكي القوم بكاء شديدا فقالوا مانبرح عنك حتي ننظر ما يكون من أمرك وأقاموا يومهم فلما أصبحوا ترادفت عليه الأمراض فقالوا له كيف تجد نفسك فقال


صفحه : 53

لامقام لي معكم أكثر من يومي‌ هذا وغدا توسدوني‌ التراب فبكي القوم بكاء شديدا وعلموا أنه مفارق الدنيا و لم يزالوا يشاهدونه حتي طلع الفجر الأول فاشتد به الأمر فقال لهم أقعدوني‌ وسندوني‌ وآتوني‌ بدواة وقرطاس فأتوه بما طلب وجعل يكتب وأصابعه ترتعد فقال باسمك أللهم هذا كتاب كتبه عبدذليل جاءه أمر مولاه بالرحيل أما بعدفإني‌ كتبت إليكم هذاالكتاب وروحي‌ بالموت تجاذب لأنه لالأحد من الموت مهرب وإني‌ قدنفذت إليكم أموالي‌ فتقاسموها بينكم بالسوية و لاتنسوا البعيدة عنكم التي‌ آخذت نوركم وحوت عزكم سلمي وأوصيكم بولدي‌ ألذي منها وقولوا لخلادة وصفية ورقية يبكين علي ويندبن ندب الثاكلات ثم بلغوا سلمي عني‌ السلام وقولوا لها آه ثم آه إني‌ لم أشبع من قربها والنظر إليها و إلي ولدها و السلام عليكم ورحمة الله إلي يوم النشور ثم طوي الكتاب وختمه ودفعه إلي أصحابه و قال أضجعوني‌ فأضجعوه فشخص ببصره نحو السماء ثم قال رفقا رفقا أيها الرسول بحق ماحملت من نور المصطفي وكأنه كان مصباحا وانطفأ ثم لمامات جهزوه ودفنوه وقبره معروف هناك ثم عزم عبيدة وغلمانه علي الرحيل بأمواله و فيه يقول الشاعر.


اليوم هاشم قدمضي لسبيله .   ياعين جودي‌ منك بالعبرات .

وابكي‌ علي البدر المنير بحرقة.   وابكي‌ علي الضرغام طول حياتي‌.

آه أبوكعب مضي لسبيله .   ياعين فابكي‌ الجود بالعبرات .

صعب العريكة لا به لؤم و لا.   فشل غداة الروع والكربات .

ياعين ابكي‌ غيث جود هاطل .   أعني‌ ابن عبدمناف ذي‌ الخيرات .

صفحه : 54


وابكي‌ لأكرم من مشي فوق الثري .   فلأجله قدأردفت زفراتي‌

قال وسار القوم حتي أشرفوا علي يثرب فبكوا بكاء شديدا ونادوا وا هاشماه وا عزاه وخرج الناس وخرجت سلمي وأبوها وعشيرتها فنظروا و إذابخيل هاشم قدجزوا نواصيها وشعورها وعبيد هاشم يبكون فلما سمعت سلمي بموت هاشم مزقت أثوابها ولطمت خدها وقالت وا هاشماه مات و الله لفقدك الكرم والعز من بعدك ياهاشماه يانور عيني‌ من لولدك ألذي لم تر عيناك قال فضج الناس بالبكاء والنحيب ثم إن سلمي أخذت سيفا من سيوف هاشم وعطفت به علي ركابه وعقرتها عن آخرها وحسبت ثمنها علي نفسها وقالت لوصي‌ هاشم أقر‌ئ المطلب عني‌ السلام وقل له إني‌ علي عهد أخيه و إن الرجال بعده علي حرام ثم إن العبيد والغلمان ساروا إلي مكة و قدسبقهم الناعي‌ إلي أولاده وعياله فأكثر أهل مكة البكاء والنحيب وخرج الرجال وخرجت نساء قريش منشرات الشعور ومشققات الجيوب وخرجت نساء سادات بني‌ عبدمناف وتقدمت خلادة تلومهم حيث إنهم لم يحملوه إلي الحرم وأنشأت تقول .


ياأيها الناعون أفضل من مشي .   الفاضل بن الفاضل بن الفاضل .

أسد الثري مازال يحمي‌ أهله .   من ظالم أومعتد بالباطل .

ماضي‌ العزيمة أروع ذي‌ همة.   عليا وجود كالسحاب الهاطل .

زين العشيرة كلها وعمادها.   عندالهزاهز طاعن بالذابل .

إن السميدع قدمضي في بلدة.   بالشام بين صحاصح وجنادل .

قال فلما فرغت من شعرها أتت إليهم بنته الشعثاء فحثت التراب علي وجههم


صفحه : 55

وقالت بئس العشيرة أنتم ضيعوا سيدهم وأسلموا عمادهم أ ما كان هاشم مشفقا عليكم إذانزل به الموت أن تحملوه إلي بلده وعشيرته حتي نشاهده وأنشأت بعد ذلك تقول .


ياعين جودي‌ وسحي‌ دمعك الهطلا.   علي كريم ثوي في الشام ثم خلا.

زين الوري ذاك ألذي سن القري .   كرما و لم ير في يديه مذ نشأ بخلا.

قال فلما فرغت من شعرها أقبلت ابنة الطليعة حليلة هاشم تقول .


ألا ياأيها الركب الذين تركتموا.   كريمكم بالشام رهن مقام .

أ لم تعرفوا ماقدره وفخاره .   ألا إنكم أولي‌ الوري بملام .

أيا عبرتي‌ سحي‌ عليه فقد مضي .   أخو الجود والأضياف تحت رخام .

قال و كان آخر من رثاه من بناته رقية فإنها جعلت تندب وتقول .


عين جودي‌ بالبكاء والعويل .   لأخ الفضل والسخاء الفضيل .

طيب الأصل في العزيمة ماض .   سمهري‌ في النائبات أصيل .

قال فبكي القوم عند ذلك وفكوا كتابه وقرءوه فجددوا حزنهم ثم قدموا أخاه المطلب وسودوه عليهم فقال إن أخي‌ عبدشمس أكبر مني‌ وأحق بهذا الأمر فقال عبدشمس وايم الله إنك خليفة أخي‌ هاشم قال فرضوا أهل مكة بذلك وسلموا له لواء نزار ومفاتيح الكعبة والسقاية والرفادة ودار الندوة وقوس إسماعيل ع ونعل شيث ع وقميص ابراهيم ع وخاتم نوح ع و ما كان في أيديهم من مكارم الأنبياء وأقام المطلب أياما فلما اشتد بسلمي الحمل وجاءها المخاض وهي‌ لاتجد ألما إذ سمعت هاتفا يقول .


صفحه : 56


يازينة النساء من بني‌ النجار.   بالله اسدلي‌ عليه بالأستار.

واحجبيه عن أعين النظار.   كي‌ تسعدي‌ في جملة الأقطار.

قال فلما سمعت شعر الهاتف أغلقت بابها وأسدلت سترها وكتمت أمرها فبينما هي‌ تعالج نفسها إذ نظرت إلي حجاب من نور قدضرب عليها من البيت إلي عنان السماء وحبس الله عنها الشيطان الرجيم فولدت شيبة الحمد وقامت وتولت أمرها و لماوضعته سطع منه نور شعشعاني‌ و كان ذلك النور نور رسول الله ص فضحك وتبسم فتعجبت أمه من ذلك ثم نظرت إليه فإذاهي‌ بشعرة بيضاء تلوح في رأسه فقالت نعم أنت شيبة كماسميت ثم إن سلمي درجته في ثوب من صوف وقمطته وهيأته و لم تعلم به أحدا من قومها حتي مضت له أيام وصارت تلاعبه ويهش إليها فلما كمل له شهر علم الناس فأقبلت القوابل إليها فوجدوها تلاعبه فلما صار له شهران مشي و لم يكن علي اليهود أشد منه وأكثر ضررا وكانوا إذانظروا إليه امتلئوا غيظا وخنقا لمايعلمون بما سيظهر منه من تدميرهم وخراب أوطانهم وديارهم وقطع آثارهم وكانت أمه إذاركبت ركب معها أبطال الأوس والخزرج وكانت مطاعة بينهم و كان إذاخرج يلعب يقفون الناس من حوله يفرحون به أولادهم وكانت أمه لاتأمن عليه أحدا فلما تم له سبع سنين اشتد حبله وقوي‌ بأسه وتبين


صفحه : 57

للناس فضله و كان يحمل الشي‌ء الثقيل ويأخذ الصبي‌ ويصرعه فلم يشكوه إلي أمه و كان يهشم عظامهم . قال أبو الحسن البكري‌ بلغنا أن رجلا من بني‌ الحارث دخل يثرب في حاجة فإذا هوبابن هاشم يلعب مع الصبيان قدغمرهم بنوره فوقف الرجل ينظر إلي الصبي‌ و هو يقول ماأسعد من أنت في ديارهم ساكن و كان يلعب و هو يقول


أنا ابن زمزم والصفا   أنا ابن هاشم وكفي

قال فناداه الرجل يافتي فأجاب و قال ماتريد ياعم قال مااسمك قال شيبة بن هاشم بن عبدمناف مات أبي وجفوني‌ عمومتي‌ وبقيت مع أمي‌ وأخوالي‌ فمن أين أقبلت ياعم قال من مكة قال وهل أنت متحمل لي رسالة ومتقلد لي أمانة قال الحارث وحق أبي وأبيك إني‌ فاعل ماتأمرني‌ به قال ياعم إذارجعت إلي بلدك سالما ورأيت بني‌ عبدمناف فأقرئهم مني‌ السلام وقل لهم إن معي‌ رسالة غلام يتيم مات أبوه وجفوه عمومته يابني‌ عبدمناف ماأسرع مانسيتم وصية هاشم وضيعتم نسله و إذاهبت الريح تحمل روائحكم إلي‌ قال فبكي الرجل واستوي علي مطيته وأرسل زمامها حتي قدم مكة فلم يكن له همة إلارسالة الغلام ثم أتي مجلس بني‌ عبدمناف فوجدهم جلوسا فأنعمهم صباحا و قال يا أهل الفضل والأشراف يابني‌ عبدمناف أراكم قدغفلتم عن عزكم وتركتم مصباحكم يستضي‌ء به غيركم قالوا و ما ذلك فأخبرهم بوصية ابن أخيهم فقالوا وايم الله ماظننا أنه صار إلي هذاالأمر فقال لهم الحارث وإنه ليعجز الفصحاء عن فصاحته ويعجز اللبيب عن خطابه وإنه لفصيح اللسان جري‌ الجنان يتحير في كلامه اللبيب فائق علي العلماء عاقل أديب إلي عقله الكفاية و إلي جماله النهاية فقال عمه المطلب بن عبدمناف شعرا.


صفحه : 58


أقسمت بالسلف الماضين من مضر.   وهاشم الفاضل المشهور في الأمم .

لأمضين إليه الآن مجتهدا.   وأقطعن إليه البيد في الظلم .

السيد الماجد المشهور من مضر.   نور الأنام و أهل البيت والحرم .

قال و كان المطلب أشد أهل زمانه بأسا في الشجاعة فقال له إخوته نخشي عليك إن علمت أمه لم تدعه يخرج معك لأنها شرطت علي أخيك ذلك فقال ياقوم إن لي في ذلك أمرا أدبره ثم إنه تهيأ للخروج وأفرغ علي نفسه لأمة حربه وركب مطيته وخرج و قدأخفي نفسه خوفا أن يشعر به أحد فيخبر سلمي ثم أقبل يجد السير حتي أقبل علي مدينة يثرب و قدضيق لثامه ودخل المدينة فوجد شيبة يلعب فعرفه بالنور ألذي أودعه الله فيه و هو قدرفع صخرة عظيمة و قال أنا ابن هاشم المعروف بالعظائم فلما سمع كلامه عمه أناخ مطيته وناداه ادن مني‌ يا ابن أخي‌ فأسرع إليه شيبة فقال له من أنت يا هذافقد مال قلبي‌ إليك وأظنك أحد عمومتي‌ فقال له أناعمك المطلب وأسبل عبرته وجعل يقبله و قال يا ابن أخي‌ أحب أن تمضي‌ معي‌ إلي بلد أبيك وعمومتك وتكون في دار عزك فقال نعم فركب المطلب وركب شيبة معه وسارا فقال له شيبة ياعم أسرع بنا لأني‌ أخشي أن يعلموا بنا أمي‌ وعشيرتها فيلحقوا بنا فيأخذوني‌ قهرا أ ماعلمت أنه يركب لركوبها أبطال الأوس والخزرج فقال له يا ابن أخي‌ في الله الكفاية ثم سارا وركبا الجادة الكبري حتي أدركهم المساء بذي‌ الحليفة فنزلا وسقيا مطيتهما ثم إن المطلب ركب مطية وأخذ


صفحه : 59

ابن أخيه شيبة قدامه وأرسل زمامها وسارا فبينما هما كذلك إذ سمعا صهيل الخيل وقعقعة اللجم وهمهمة الرجال في جوف الليل فقال المطلب يا ابن أخي‌ دهينا ورب الكعبة فما نصنع قال شيبة أ لم أقل لك إن القوم يلحقون بنا فانحرف بنا عن الجادة إلي الطريق السفلي قال المطلب وكيف يخفي أمرنا عليهم ونورك يدل علينا قال استر وجهي‌ فعسي أن يخفي أمرنا عليهم قال فأخذ المطلب ثوبا وطواه ثلاث طيات وستر به وجهه و إذابالنور علا من وجهه كما كان فقال يا ابن أخي‌ إن لك شأنا عظيما عند الله فإن ألذي أعطاك هذاالنور يصرف عنا كل محذور قال فبينا هويخاطب ابن أخيه إذ أدركتهما الخيل وكانوا من اليهود فلما رأوا شيبة علموا أنه هو ألذي يخرج من ذريته من يسومهم سوء العذاب و يكون خراب ديارهم علي يديه و قدبلغهم في ذلك اليوم أن شيبة قدخرج هو وعمه و لاثالث لهما فأدركهم الطمع في قتله فخرجوا وخرج معهم سيد من سادات اليهود يقال له دحية و كان له ولد يقال له لاطية فخرج يوما يلعب مع الصبيان فأخذ شيبة عظم بعير وضرب به ابن دحية فهشم رأسه وشجه شجة موضحة و قال له يا ابن اليهودية قدقرب أجلك ودنا خراب دياركم فبلغ الخبر إلي أبيه دحية فامتلأ غيظا فلما علم أنه قدخرج مع


صفحه : 60

عمه نادي يامعاشر اليهود هذاالغلام ألذي تخشونه قدخرج مع عمه و مالهما ثالث فأسرعوا إليه واقتلوه فخرجوا و كان عددهم سبعين فارسا فلحقوا بشيبة وعمه فقال لعمه شيبة ياعم أنزلني‌ حتي أراك قدرة الله تعالي فأنزله عمه فقصده القوم فجثا علي الطريق وجعل يمرغ وجهه في التراب ويدعو و يقول في دعائه يارب الظلام الغامر والفلك الدائر يارب السبع الطباق يامقسم الأرزاق أسألك بحق الشفيع المشفع والنور المستودع أن ترد عنا كيد أعدائنا فما استتم دعاؤه حتي كادت الخيل تهجم عليهم فوقفت الخيل فقال ابن دحية لاطية يا ابن هاشم اصرف عنا هذاالخطاب وكثرة الجواب فنحن لانشك فيك يا ابن عبدمناف فأنتم السادات اعلموا أنا ماخرجنا طالبين كيدكم ولكن خرجنا كي‌ نردك إلي أمك فلقد كنت مصباح بلدتنا فقال شيبة أراكم تنظرون إلي‌ بعين مغضب فكيف تكون في قلوبكم المحبة لي لكن لمارأيتم قدرة الله تعالي قلتم هذاالكلام وتركهم وسار إلي عمه فقال له المطلب يا ابن أخي‌ إن لك عند الله شأنا ثم جعل يقبله وسارا وسار القوم راجعين قال لهم لاطية


صفحه : 61

أ لم تعلموا أن هؤلاء معدن السحر قالوا بلي قال يابني‌ إسرائيل ياأمة الكليم قدسحركم هذاالغلام وعمه فدعونا نترجل فاتبعوهم من ورائهم شاهرين سيوفهم وقصدوا شيبة فلما قربوا قال المطلب الآن قدحققت الحقائق وأخذ المطلب قوسه وجعل فيه سهما ورمي بهااليهود فقتل بها عبدلاطية فأتاه سيده و قدمات و قدأخذ أخري ورمي بهافأصابت رجلا آخر فقتله فصاحوا بأجمعهم وهموا بالرجوع فقال لهم لاطية عار عليكم الرجوع عن اثنين فإلي متي يصيبون منا بنبلهم فلابد أن يفرغ نبلهم ونقتلهم و لم يكن في القوم أشجع منه و كان من يهود خيبر فعند ذلك حملوا عليهما حملة رجل واحد وجاء لاطية إلي المطلب و قال قف لي أكلمك بما فيه المصلحة ونرجع عنكم قال شيبة ياعم إن القوم قدعزموا علينا فقال المطلب يامعاشر اليهود ليس فيكم شفيق و لاحبيب والمقام له بين عمومته خير له فانصرفوا راجعين فقال لهم لاطية كيف يرجع هذاالجمع خائبا ونحن قدخرجنا ومرادنا أن نرده إلي أمه


صفحه : 62

فقال لهم المطلب أنتم قوم ظالمون لقد أكثرتم الكلام وأطلتم الملام ثم قال المطلب إنما غرضي‌ أن تمضي‌ إلي عمومتك فإن كنت تعرف من القوم الصدق فارجع معهم حتي تكبر وتبلغ مبالغ الرجال ثم تعود إلي بلد عمومتك قال ياعم لايغرنك كلامهم إنهم أعداؤنا قال عمه صدقت قال ثم إن المطلب قال لهم ياحزب الشيطان بنا تمكرون وعلينا تحتالون إنما ساقكم إلينا آجالكم فمن شاء منكم أن يبرز إلي القتال فليبرز فلما سمعوا كلام المطلب قال لهم لاطية أ ماتعلمون أن هذافارس بني‌ عبدمناف ألذي يفرق العرب من يبرز إليه فله عندي‌ مائة نخلة حاملة ليس فيهاذكر فقال له رجل يقال له جميع من بني‌ قريظة و كان للاطية عليه دين أناأبرز إليه واترك دينك عني‌ قال نعم و لك مثله فاشهدوا يا من حضر ثم خرج جميع إلي المطلب و هو لايعلم به حتي قرب منه فقال له المطلب لاأشك أنه قدساقك قصر أجلك ثم ضربه بالسيف فقال خذها و أناالمطلب بن عبدمناف فمات من ساعته فأقبل اليهود وأحاطوا به فلما رأي لاطية ماحل بأصحابه غضب غضبا شديدا و قال من يبرز إليه فله عندي‌ مايريد فقال له غلاب مالهذا البطل إلابطل مثله ابرز إليه أنت


صفحه : 63

قال نعم أناأبرز إليه وجرد سيفه ودنا من المطلب فتقاتلا من أول النهار حتي مضي من الليل أكثره واليهود فرحون إذ برز لاطية للمطلب هذا وعينا شيبة يهملان دموعا خوفا علي عمه المطلب فبينا هم كذلك و إذابغبرة قدثارت كأنها الليل المظلم و قدسدت الأفق و إذابصهيل الخيل وقعقعة اللجم واصطفاق الأسنة و إذاهم أربعمائة وهم فرسان الأوس والخزرج و قدأقبلوا من المدينة مع سلمي وأبيها فلما نظرت إلي اليهود مجتمعين علي حرب المطلب صاحت بهم صيحة عظيمة وقالت ياويلكم ما هذاالفعال فهم لاطية بالهزيمة فقال له المطلب إلي أين ياعدو الله الفرار من الموت ثم ضربه بالسيف علي عاتقه فقسمه نصفين وعجل الله بروحه إلي النار وبئس القرار وجالت الفرسان علي اليهود فما كان إلاقليلا حتي باد جميع اليهود فعند ذلك عطفوا علي المطلب والسيف مشهور في يده و قددفع القوس إلي ابن أخيه فلما جالت الكتائب خافت سلمي علي ولدها فأومأت إلي القوم وكانت مطاعة فيهم فأمسكوا عن القتال فتقدمت سلمي إلي المطلب ونادته وقالت من الهاجم علي مرابط الأسد والخاطف من اللبوة شبلها قال المطلب هو من يزيده شرفا علي شرفه وعزا إلي عزه و هوأشفق عليه منكم و أناأرجو أن يكون صاحب الحرم والمتولي‌ علي الأمم و أناعمه المطلب فلما سمعت كلامه قالت مرحبا وأهلا وسهلا و لم لاتستأذني‌ في حملك ولدنا


صفحه : 64

من بلدنا و أنا قدشرطت علي أبيه إن رزقت منه ولدا يكون عندي‌ و لايفارقني‌ فقال لها المطلب كان ذلك ثم أقبلت علي ولدها وقالت ياولدي‌ خرجت مع عمك وتركتني‌ والآن إن أردت أن ترجع معي‌ فارجع و إن اخترت عمك فامض راشدا فلما سمع كلام أمه أطرق إلي الأرض فقالت له أمه يابني‌ لم تسكت و أنت طلق اللسان جري‌ء الجنان فو حق أبيك إني‌ لاأمنعك عن شهوتك و إن عز علي فراقك ياولدي‌ فرفع رأسه و قدسبقته العبرة فقال ياأماه أخشي مخالفتك لأنه محرم علي عصياني‌ لك ولكن أحب مجاورة بيت ربي‌ وأنظر إلي عمومتي‌ وعشيرتي‌ فإن أمرتني‌ بالمسير سرت و إلارجعت فعند ذلك بكت وقالت له إذا كان كذلك فقد سمحت لك برضي مني‌ و قدكنت مستأنسة بغرتك فلاتنسني‌ و لاتقطع أخبارك عني‌ ثم قبلته وودعته وقالت يا ابن عبدمناف قدسلمت إليك الوديعة التي‌ استودعنيها أخوك هاشم بالعهد والميثاق فاحتفظ بها فإذابلغ ولدي‌ مبالغ الرجال و لم أكن حاضرة فانظروا بمن تزوجونه فقال لها المطلب تكرمت بما فعلت وأجملت فيما وصفت ونحن لاننسي حقك ماحيينا ثم عطف عليها يودعها فقالت سلمي خذوا من هذاالثياب والخيل ماتريدون فشكرها المطلب وأردف ابن أخيه وسارا حتي قربا من مكة فأضاءت شعابها وأنارت الكعبة فأقبلت الناس ينظرون إليه و إذاهم بالمطلب يحمل ابن أخيه فسألوه عنه وقالوا من هذا يا ابن عبدمناف ألذي قدأضاءت به البلاد فقال لهم المطلب هذا عبد لي فقالوا ماأجمل هذاالعبد فسموه الناس من ذلك عبدالمطلب وأقبل إلي منزله وكتم أمره و قدعجب الناس منه و من نوره وهم لايعلمون أنه جد رسول الله ص ثم إنه ظهرت له آيات ومعجزات ومناقب ودلالات تدل علي النبوة.


صفحه : 65

و قال أبو الحسن البكري‌ حدثناأشياخنا وأسلافنا الرواة لهذا الحديث أنه لماقدم المطلب وشيبة إلي الحرم و كان بين عينيه نور رسول الله ص كانت قريش تتبرك به فإذاأصابتهم مصيبة أونزلت بهم نازلة أودهمهم طارق أونزل بهم قحط توسلوا بنور رسول الله ص فيكشف الله عنهم مانزل بهم قال و كان أعجب نازلة نزلت بهم وأعجب آية ظهرت لهم ماجري من أصحاب الفيل و هوأبرهة بن الصباح و كان ملك اليمن وقيل ملك الحبشة ألذي ذكره الله في كتابه العزيز و كان قدأشرف منه أهل مكة علي الهلاك و قدحلف أنه يقطع آثارهم ويهدم الكعبة ويرمي‌ بأحجارها في بحر جدة ويحفر أساسها فكشفه الله عن البيت وأهله ببركة عبدالمطلب جد رسول الله ص قال صاحب الحديث فأما مااجتمعت عليه الروايات وأصحاب الحديث أنه نزلت جماعة من أهل مكة بأرض الحبشة في تجارة فدخلوا في كنيسة من كنائس النصاري وأوقدوا بهانارا يصطلون عليها ويصلحون بهاطعاما لهم ورحلوا لم يطفئوها فهبت ريح فأحرقت جميع ما في الكنيسة فلما دخلوا قالوا من فعل هذاقالوا كان بهاتجار من عرب مكة فأخبروا بذلك النجاشي‌ و كان ملك اليمن أوملك الحبشة و الله أعلم قال ماأحرق معبدنا إلاالعرب فغضب لذلك غضبا شديدا و قال لأحرقن معبدهم كماأحرقوا معبدنا فأرسل وزيره أبرهة بن الصباح وأرسل معه أربعمائة فيل وأرسل معه مائة ألف مقاتل و قال له امض إلي كعبتهم وانقضها حجرا حجرا وارمها في بحر جدة واقتل رجالهم وانهب أموالهم وذراريهم و لاتترك لهم رجالا قال فأمر المنادي‌ ينادي‌ في الجيوش بالمسير إلي مكة واجتمعوا من كل جانب ومكان وأعدوا مايصلح للسفر من الزاد والماء والعدد والسلاح والدواب وأمرهم بالمسير قال فسار القوم وجعل في مقدمة الجيوش رجلا من أخيار دولته يقال له الأسود بن مقصود وأمره بالمسير أمامه


صفحه : 66

ومعه عشرون ألف فارس و قال امض بمن معك وانزل علي الكعبة وخذ رجالها ونساءها و لاتقتل منهم أحدا حتي آتيك فإني‌ أريد أن أعذبهم عذابا شديدا لم يعذب به أحد من العالمين قال فسار بجيشه سيرا عنيفا يقطع الفيافي‌ والقفار ويجوز السهل والوعار و لم يقروا و لم يهدءوا حتي نزلوا ببطن مكة فلما سمع أهل مكة أنه قدنزل بهم صاحب الفيل جمعوا أموالهم وأهليهم ودوابهم وهموا بالخروج من مكة هاربين من أصحاب الفيل فلما نظر إليهم عبدالمطلب قال لهم ياقوم أيجمل منكم هذاالأمر وإنه لعار عليكم خروجكم عن كعبتكم قالوا له إن الملك أقسم بمعبوده أن لابد له من ذلك أن يهدم الكعبة ويرمي‌ أحجارها في البحر ويذبح أطفالها ويرمل نساءها ويقتل رجالها فاتركنا نخرج قبل أن يحل بنا الويل فقال لهم عبدالمطلب إن الكعبة لايصلون إليها لأن لها مانعا يمنعهم عنها وصادا يصدهم عنها فإن أنتم التجأتم إليها واعتصمتم بهافهو خير لكم فلم تطمئن القلوب إلي كلامه وغلب عليهم الخوف والجزع وخرجوا هاربين يطلبون الشعاب ومنهم من طلب الجبال ومنهم من ركب البحر قال فعند ذلك قالوا لعبد المطلب مايمنعك أن تهرب مع الناس قال أستحيي‌ من الله أن أهرب عن بيته وحرمه فو الله لابرحت من مكاني‌ و لانأيت عن بيت ربي‌ حتي يحكم الله بما يشاء قال و لم يبق يومئذ بمكة إلا عبدالمطلب وأقاربه وهم غيرآمنين علي أنفسهم فلما نظر عبدالمطلب إلي الكعبة خالية وديارها خاوية قال أللهم أنت أنيس المستوحشين و لاوحشة معك فالبيت بيتك والحرم حرمك والدار دارك ونحن جيرانك تمنع عنه ماتشاء ورب الدار أولي بالدار قال وأقام الأسود بن


صفحه : 67

مقصود بجيشه حتي ورد عليه أبرهة بن الصباح ومعه بقية الجيش وهم أربعمائة فيل فكدر المياه وحطم المراعي‌ وسد المسالك والفجاج وحطموا الأرض فأضر بهم العطش والجوع لكثرتهم فشكوا ذلك إلي أبرهة فقال لهم سيروا إلي مكة مسرعين فنزلوا بالأبطح وساقوا جميع المواشي‌ وكانت لعبد المطلب ثمانون ناقة حمراء فأخذها القوم وتقاسموها وسبق بعض الرعاة فأخبر عبدالمطلب بذلك فقال الحمد لله هي‌ مال الله وضيافة لأهل بيته وزواره وحجاجه فإن سلمها فهي‌ له و إن ردها إلينا فهي‌ إحسانه وهي‌ عارية عندنا ثم إن عبدالمطلب لبس قميصه وتردي برداء لوي‌ وتحزم بمنطقة الخليل ع وتنكب قوس إسماعيل ع واستوي علي مطيته وعزم علي الخروج فقام إليه أقاربه وقالوا له أين تريد قال إلي هذا الرجل الظالم ألذي أخذ مال الله عز و جل وتعرض لحرم الله قالوا ماكنا بالذي‌ نطلق سبيلك حتي تمضي‌ إليه لأن هذامثل البحر من دخله غرق و أنت اعتصمت برب الكعبة واعتصمنا معك ورضينا لأنفسنا مارضيت لنفسك أماالخروج من الحرم إلي شر الأمم فما نسمح لك بذلك قال ياقوم إني‌ أعلم من فضل ربي‌ ما لاتعلمون فخلوا سبيلي‌ فإني‌ سأرجع إليكم عن قريب فخلوا سبيله فمرت به مطيته كالريح فلما أشرف علي القوم نظروا إليه من بعيد فإذا هوكالبدر إذابدا والصبح إذاأسفر فلما عاينوه من قريب بهتوا فيه فجاءوه و قدحبس الله أيديهم عنه فقالوا له من أنت أيها الرجل الجميل الطلعة المليح الغرة من أنت ياذا النور الساطع والضياء اللامع فإن كنت من هذه البلدة نسألك أن ترد


صفحه : 68

عن قربنا شفقة منا عليك فقال لهم إني‌ أريد الملك فقالوا له إن ملكنا قدأقسم بمعبوده أن لايترك من قومك أحدا فقال لهم عبدالمطلب إني‌ قدأتيته قاصدا فعند ذلك تصارخت القوم و قال بعضهم لبعض مارأينا مثل هذا الرجل في الجمال والكمال إلا أنه ناقص العقل نحن نقول إن ملكنا قدأقسم بمعبوده أن لايترك أحدا من أهل هذه البلدة و هو يقول لابد لي منه قال فخلوا سبيله فمضي قاصدا إلي الملك فأوصلوا خبره إلي الملك وقالوا أيها الملك قدقدم علينا رجل صفته كذا وكذا من أهل مكة و لم يفزع و لم يجزع فقال الملك علي به فو حق ماأعتقده من ديني‌ لوسألني‌ أهل الأرض ماقبلت فيه سؤالا قال فعند ذلك أقبلوا إلي عبدالمطلب ليأتوا به قال لهم عبدالمطلب إني‌ قادم إلي الملك بنفسي‌ فأمر الملك قومه أن يشهروا السلاح ويجردوا السيوف وجعل الملك علي رأسه تاجا وشد عمامته علي جبينه وأمر سياس الفيل أن يحضروه فأحضروه و كان فيهم فيل يقال له المذموم و كان قدركبوا علي رأسه قرنين من حديد لونطح جبلا راسيا بهما لألقاه وكانوا قدعلقوا علي خرطومه سيفين هنديين وعلموه الحرب ووقف سياسه من ورائه فقال لهم الملك إذارأيتموني‌ قدأشرت لكم عنددخول هذاالمكي‌ فأطلقوه عليه حتي يدوسه بكلكله قال فدخل عليهم عبدالمطلب وهم صفوف ينظرون مايأمرهم الملك في عبدالمطلب وهم باهتون و هو لايلتفت إلي أحد منهم حتي جاوز أصحاب الفيل فأمرهم الملك بإطلاق الفيل فأطلقوه فلما قرب من عبدالمطلب برك الفيل إلي الأرض وجثا علي ركبتيه وسكن ارتجاجه و كان قبل ذلك إذاأحضره سياسه علي القتال تحمر عيناه ويضرب بخرطومه و فيه سيفان فلما قرب من عبدالمطلب سكن و لم يفعل شيئا فتعجب الملك وأصحابه من ذلك وألقي الله


صفحه : 69

في قلبه الجزع والفزع وارتعدت فرائصه ورق قلبه فأقبل علي عبدالمطلب حتي أجلسه بجانبه ورحب به والتفت إلي الأسود بن مقصود و قال أي شيءيطلب هذا الرجل المكي‌ فأقضي‌ حاجته و قد كان الملك يحلف علي هلاكه قبل ذلك ثم قال له الملك من أنت و مااسمك فما رأيت أجمل منك وجها و لاأحسن منك بهجة و لك عندي‌ ماسألت و لوسألتني‌ الرجوع عن بلدك لفعلت فقال له عبدالمطلب لاأسألك في شيء من ذلك إلا أن قومك أغاروا علينا وأخذوا لي ثمانين ناقة وكنت قدأعددتها للحجاج الذين يقصدوننا من جميع النواحي‌ فإن رأيت أن تردها علي فافعل فأمر الملك رجاله بإحضارهن ثم قال الملك هل لك من حاجة غيرها فاسألني‌ فيها فقال عبدالمطلب أيها الملك ماأريد غير هذه فقال له الملك فلم لاتسألني‌ في بلدك فإني‌ أقسمت لأهدمن كعبتكم وأقتل رجالكم لكن لعظم قدرك عندنا لوسألتني‌ فيهاقبلت سؤالك فقال عبدالمطلب لاأسألك في شيء من ذلك قال و لم ذلك قال إن لها مانعا يمنعها غيري‌ فقال الملك اعلم يا عبدالمطلب إني‌ أخرج علي أثرك بجنودي‌ ورجالي‌ فنخرب الكعبة ونواحيها وأقتل سكانها فقال له عبدالمطلب إن قدرت فافعل قال فانصرف عبدالمطلب ومر علي الفيل المذموم فلما نظر الفيل إلي عبدالمطلب سجد له فقام الوزراء والحجاب يلومون الملك في أمر عبدالمطلب كيف خلي سبيله فقال لهم الملك ويحكم لاتلوموني‌ أ لم تروا كيف سجد له الفيل بين يديه و الله لقد وقع لهذا الرجل في قلبي‌ هيبة عظيمة ولكن أشيروا علي بما يكون من هذاالأمر فقالوا لابد لنا أن نسير إلي مكة فنخربها ونرمي‌ أحجارها في بحر جدة فعند ذلك أمر الملك بالجموع والجيوش أن تزحف إلي مكة و لماوصل عبدالمطلب بالنوق إلي


صفحه : 70

مكة خرج إليه أقاربه وبنو عمه يهنئونه بالسلامة و قدكانوا آيسوا منه فلما نظروا إليه فرحوا به وجعلوا يتعلقون به ويقبلون يديه وقالوا الحمد لله ألذي حماك وحفظك بهذا النور الحسن ثم سألوه عن الجيش فأخبرهم بقصته وخبر الفيل فقالوا له ما ألذي تأمرنا به فقال ياقوم اخرجوا إلي جبل أبي قبيس حتي ينفذ الله حكمه ومشيته قال فخرج القوم بأولادهم ونسائهم ودوابهم وخرج عبدالمطلب وبنو عمه وإخوته وأقاربه وأخرج مفاتيح الكعبة إلي جبل أبي قبيس وجعل يسير بهم إلي الصفا ويدعو ويبكي‌ ويتوسل بنور محمدص وجعل يقول يارب إليك المهرب و أنت المطلب أسألك بالكعبة العلياء ذات الحج والموقف العظيم المقرب يارب ارم الأعادي‌ بسهام العطب حتي يكونوا كالحصيد المنقلب ثم رجع وأتي إلي باب البيت فأخذ بحلقته و هو يقول .


لاهم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك   لايغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك

إن كنت تاركهم وكعبتنا فأمر مابدا لك   جروا جميع بلادهم والفيل كي‌ يسبوا عيالك

عمدوا جمالك بكيدهم جهلا و ماراقبوا جلالك   فانصر علي آل الصليب وعابديه اليوم آلك .

و قال أيضا شعرا.


يارب لاأرجو لهم سواكا.   يارب فامنع منهم حماكا.

إن عدو البيت من عاداكا.   امنعهم أن يخربوا قراكا

و إذابهاتف يسمع صوته و لايري شخصه و هو يقول قدأجبت دعوتك وبلغت مسرتك إكراما للنور ألذي في وجهك فنظر يمينا وشمالا فلم ير أحدا ثم قال لمن معه وهم علي جبل أبي قبيس و قدنشروا شعورهم وهم يبتهلون بالدعاء ويستبشرون بالإجابة ثم قال أبشروا فإني‌ رأيت النور ألذي في وجهي‌ قدعلا وإنما كان ذلك كاشفا لما


صفحه : 71

طرقكم ففرح القوم وتضرعوا إلي الله تعالي فبينما هم كذلك إذاأشرفت عليهم غبرة القوم وتقاربت الصفوف ولاح لهم بريق الأسنة ثم انكشف الغبار عن الفيل فنظروا إليه كأنه الجبل العظيم و قدألبسوه الحديد وزينوه بزينة فاشتد قلقهم وانهملت عبراتهم وتضرع عبدالمطلب ودعا فو الله ماأتم عبدالمطلب دعاءه وتضرعه حتي وقف الفيل مكانه فصرخت عليه الفيالة وزجرته الساسة فلم يلتفت إليهم فوقفت الجيوش ودهشوا فقال الأسود بن مقصود و هو علي الساقة ماالخبر قالوا إن الفيل قدوقف فقال للساسة اضربوه فضربوه فما حال و لازال فتعجبوا من ذلك ثم أمرهم أن يعطفوا رأسه ففعلوا فهرول راجعا فأمر برده فردوه فوقف فقال الأسود سحروا فيلكم ثم بعث إلي الملك وأعلمه بذلك فقال له أشر علينا فبعث أبرهة إلي ابن مقصود فقال ليس من جرب كمن لايجرب ابعث للقوم رسولا واطلب الصلح و لاتخبرهم بأمر الفيل لئلا يكون طريقا لطمعهم فيكم واطلب منهم رجالا بعدد من قتل منا ويقومون لنا بما أفسدوا من كنيستنا فإذافعلوا ذلك رجعنا عنهم قال فلما دخل رسول أبرهة علي الأسود و كان اسمه حناطة الحميري‌ و كان يهزم الجيوش وحده و كان له خلقة هائلة فقال له الأسود هل لك أن تكون أنت الرسول إليهم فعسي أن يكون الصلح علي يديك فقال حناطة ها أناسائر إليهم فإن صالحونا و إلا


صفحه : 72

رجعت برءوسهم ثم سار و هومعجب بنفسه فسأل عن سيد قريش فقالوا هوالشيبة النجار و كان عبدالمطلب قدرآه وعلم أنه رسول من القوم فلما نظر حناطة إلي عبدالمطلب دهش وحار فقال له عبدالمطلب ما ألذي أتي بك قال يامولاي‌ إن أبرهة قدعرف فضلكم ووهب لكم الحرم والبيت و قدأرسل إليك أن تقوم بدية من قتل له أوتسلم من رجالك بعددهم ثم تقوم له بثمن ماعدم من الكنيسة فإذافعلتم هذارجع عنكم فقال عبدالمطلب أيؤخذ البري‌ء بالسقيم ونحن من شيمتنا الأمانة والصيانة ونقبض أيدينا عن المظالم ونصرف جوارحنا عن المآثم فبلغ صاحبك عنا ذلك و أما هذاالبيت فقد سبق مني‌ القول فيه إن له ربا يمنع عنه فو الله ماكبر علي ماجمعتموه من الرجال فإن أراد صاحبك المسير فليسر و إن أراد المقام فليقم قال فلما سمع حناطة كلامه غضب وأراد أن يقتل عبدالمطلب فظهر لعبد المطلب ما في وجهه فلم يمهله دون أن قبض علي محزمه ومراق بطنه وشاله وضرب به الأرض و قال وعزة ربي‌ لو لاأنك رسول لأهلكتك قبل أن تأتي‌ صاحبك فرجع حناطة إلي الأسود وأعلمه بما كان من أمره ثم قال هؤلاء قوم قدغلت دماؤهم والرأي‌ عندي‌ أن تراسل القوم بعد هذا واعلم أن مكة خلية من أهلها فأسرع إلي الغنيمة. قال الراوي‌ فأمر الجيوش بالزحف فساروا نحو الحرم فلما قربوا منه جاءهم أمر الله من حيث لايشعرون و إذاهم بأفواج من الطير كالسحابة المترادفة يتبع بعضها بعضا وهي‌ كأمثال الخطاطيف يحمل كل طير ثلاثة أحجار أحدها في منقاره واثنين


صفحه : 73

بين رجليه كالعدس وكبيرها كالحمص و قدتعالت الطيور وارتفعت وامتدت فوق العسكر وانتشرت بطولهم وعرضهم فلما نظر القوم إلي ذلك خافوا وقالوا ما هذه الطيور التي‌ لم نر مثلها قبل هذااليوم فقال الأسود ماعليكم بأس لأنها طير تحمل رزقها لفراخها ثم قال علي بقوسي‌ ونبلي‌ حتي أردها عنكم فأخذ قوسه وأراد الرمي‌ فتصارخت الطيور مستأذنة لربها في هلاك القوم فما أتمت صراخها حتي فتحت أبواب السماء و إذابالنداء أيها الطيور المطيعة لربها افعلوا ماأمرتم به فقد اشتد غضب الجبار علي الكفار ففتحت الطيور أفواهها و كان أول حصاة وقعت علي رأس حناطة فنزلت من البيضة إلي الرأس إلي الحلقوم ونزلت إلي الصدر وخرجت من دبره ونزلت إلي الأرض وغاصت فانقلب صريعا فتناثرت القوم يمينا وشمالا والطيور تتبعهم لاتحول و لاتزول عن الرجل حتي ترميه بالحصاة علي رأسه فتخرج من دبره و لايردها درقة و لاحديد و إن أبرهة لمانظر إلي الطير وفعلها علم أنه قدأحيط بهم فولي هاربا علي وجهه و أماالأسود فإنه لمانظر إلي مانزل بقومه والحصي تتساقط عليهم وهم يقعون علي وجوههم فإذابطير قدألقي حجرا فوقع في فيه حتي خرج من دبره وأتاه آخر فضربه في هامته فطلع من قفاه فخر صريعا وأعجب من ذلك أن رجلا من حضرموت كان له أخ فسأله المسير معه فأبي و قال ما أناممن يتعرض لبيت الله فلما نزل بهم البلاء خرج هاربا علي وجهه والطير يتبعه فلما وصل إلي أخيه وصف له العذاب ألذي حل بالقوم ورفع رأسه و إذا هوبطير قدرماه بحصاة


صفحه : 74

علي هامته وخرجت من دبره و أماأبرهة فإنه سار مجدا علي فرسه إذ سقطت يده اليمني فتحير في أمره فسقطت يده اليسري ثم رجله اليمني ثم اليسري فأتي منزله فحكي لهم جميع ماجري لهم كلهم فما أتم حديثه إلا ورأسه قدوقع هذا ماجري لهم و أما عبدالمطلب و من معه فإنهم أقاموا في ابتهال ودعاء وتضرع و قداستجيب لهم ببركة رسول الله ص وقالوا في دعائهم أللهم ببركة هذاالنور ألذي وهبتنا اجعل لنا من كل كيدهم فرجا وانصرنا علي أعدائنا ونظروا هياكل الأعداء علي وجه الأرض مطروحة والفيل ولي هاربا و أما ما كان ممن فر من أهل مكة وسمع بما نزل بأصحاب الفيل أتوا فرحين مستبشرين وأقاموا مدة ينقلون الأسلاب والرحال و كان سعادتهم وسرورهم ببركة رسول الله ص . ثم إن عبدالمطلب كان ذات يوم نائما في الحجر إذ أتاه آت فقال له احفر طيبة قال فقلت له و ماطيبة فغاب عني‌ إلي غد فنمت في مكاني‌ فأتي الهاتف فقال احفر برة فقلت و مابرة فغاب عني‌ فنمت في اليوم الثالث فأتي و قال احفر مضنونة فقلت و مامضنونة فغاب عني‌ وأتاني‌ في اليوم الرابع و قال احفر زمزم فقلت و مازمزم قال لاتنزف أبدا و لاتذم تسقي‌ الحجيج الأعظم عندقرية النمل فلما دله علي الموضع أخذ عبدالمطلب معوله وولده الحارث و لم يكن له يومئذ ولد غيره فلما ظهر له البناء وعلمت قريش بذلك قالوا له هذابئر زمزم بئر أبينا إسماعيل ع ونحن فيه شركاء قال لاأفعل لأنه أمر خصصت به دونكم فتشاوروا علي أن يجعلوا


صفحه : 75

بينهم حكما و هوسعيد بن خثيمة و كان بأطراف الشام فخرجوا حتي إذاكانوا بمفازة بين الحجاز والشام بلغ بهم الجهد والعطش و لم يجدوا ماء فقالوا لعبد المطلب ماتفعل قال كل واحد منكم يحفر حفيرة لنفسه ففعلوا ثم ركب عبدالمطلب راحلته وسار بهافنبع الماء من تحت خفها فكبر وكبرت أصحابه وشربوا جميعهم وملئوا قربهم وحلفوا أن لايخالفوه في زمزم فقالوا إن ألذي أسقاه الماء في هذه الفلاة هو ألذي أعطاه زمزم ورجعوا ومكنوه من الحفر. فلما تمادي علي الحفر وجد غزالين من ذهب وهما اللذان دفنهما جرهم ووجد أسيافا كثيرة ودروعا فطلبوه بنصيبهم فيها فقال لهم هلموا إلي من ينصف بيننا فنضرب القداح فنجعل للكعبة قدحين و لي قدحين ولكم قدحين فمن خرج قدحاه كان هذا له قالوا أنصفت فجعل قدحين أصفرين للكعبة وقدحين أسودين له وقدحين أبيضين لقريش ثم أعطاه لصاحب القداح و هو عندهبل وهبل صنم في الكعبة فضرب بهما فخرج الأصفران علي الغزالين وخرج الأسودان علي الأسياف والدروع لعبد المطلب وتخلف قدحا قريش فضرب عبدالمطلب الأسياف ما بين الكعبة فضرب في الباب الغزالين من الذهب وأقام عبدالمطلب بسقاية زمزم للحاج و ما كان بمكة من يحسده ويضاده إلا رجل واحد و هوعدي‌ بن نوفل و كان أيضا صاحب منعة وبسطة وطول يد و كان المشار إليه قبل قدوم عبدالمطلب فلما قدم


صفحه : 76

عبدالمطلب إلي مكة وسوده أهل مكة عليهم كبر ذلك علي عدي‌ بن نوفل إذ مال الناس إلي عبدالمطلب وكبر ذلك عليه فلما كان بعض الأيام تناسبا وتقاولا ووقع الخصام فقال عدي‌ بن نوفل لعبد المطلب أمسك عليك ماأعطيناك و لايغرنك ماخولناك فإنما أنت غلام من غلمان قومك ليس لك ولد و لامساعد فبم تستطيل علينا ولقد كنت في يثرب وحيدا حتي جاء بك عمك إلينا وقدم بك علينا فصار لك كلام فغضب عبدالمطلب لذلك و قال له ياويلك تعيرني‌ بقلة الولد لله علي عهد وميثاق لازم لئن رزقني‌ الله عشرة أولاد ذكورا وزاد عليهم لأنحرن أحدهم إكراما وإجلالا لحقه وطلبا بثأري‌ بالوفاء أللهم فكثر لي العيال و لاتشمت بي‌ أحدا إنك أنت الفرد الصمد و لاأعاين بمثل قولك أبدا ثم مضي وأخذ في خطبة النساء والتزويج حرصا علي الأولاد ثم تزوج بست نساء فرزق منهن عشرة أولاد و كل امرأة تزوجها هي‌ كانت ذات حسن وجمال و عز في قومها منهن منعة بنت حباب الكلابية والطائفية والطليقية بنت غيدق اسمها سمراء وهاجرة الخزاعية وسعدي بنت حبيب الكلابية وهالة بنت وهب وفاطمة بنت عمرو المخزومية و أمامنعة بنت الحباب فإنها ولدت له الغيداق واسمه الحجل وإنما سمي‌ الغيداق لمروته وبذل ماله و أماالفرعي فولدت له أبالهب واسمه عبدالعزي و أماسعدي فولدت له ولدين أحدهما ضرار والآخر العباس و أمافاطمة فولدت له ولدين أحدهما عبدمناف ويقال له أبوطالب


صفحه : 77

والآخر عبد الله أبو رسول الله ص و كان عبد الله أصغر أولاده و كان في وجهه نور رسول الله ص فأولاد عبدالمطلب الحارث و أبولهب والعباس وضرار وحمزة والمقوم والحجل والزبير و أبوطالب و عبد الله و كان عبدالمطلب قائما مجتهدا في خدمة الكعبة و كان عبدالمطلب نائما في بعض الليالي‌ قريبا من حائط الكعبة فرأي رؤيا فانتبه فزعا مرعوبا فقام يجر أذياله ويجر رداءه إلي أن وقف علي جماعته و هويرتعد فزعا فقالوا له ماوراءك يا أباالحارث إنا نراك مرعوبا طائشا فقال إني‌ رأيت كأن قدخرج من ظهري‌ سلسلة بيضاء مضيئة يكاد ضوؤها يخطف الأبصار لها أربعة أطراف طرف منها قدبلغ المشرق وطرف منها قدبلغ المغرب وطرف منها قدغاص تحت الثري وطرف منها قدبلغ عنان السماء فنظرت و إذارأيت تحتها شخصين عظيمين بهيين فقلت لأحدهما من أنت فقال أنانوح نبي‌ رب العالمين و قلت للآخر من أنت قال أنا ابراهيم الخليل جئنا نستظل بهذه الشجرة فطوبي لمن استظل بها والويل لمن تنحي عنها فانتبهت لذلك فزعا مرعوبا فقال له الكهنة يا أباالحارث هذه بشارة لك وخير يصل إليك ليس لأحد فيها شيء و إن صدقت رؤياك ليخرجن من ظهرك من يدعو أهل المشرق والمغرب و يكون رحمة لقوم وعذابا علي قوم فانصرف عبدالمطلب فرحا مسرورا و قال في نفسه ليت شعري‌ من يقبض النور من ولدي‌ و كان يخرج كل يوم إلي الصيد وحده فأخذه ذات يوم العطش فنظر إلي ماء صاف في حجر معين فشرب منه فوجده أبرد من الثلج وأحلي من العسل وأقبل من وقته وغشي‌ زوجته فاطمة بنت عمرو فحملت بعبد الله أبي رسول الله ص فانتقل النور ألذي كان في وجهه إلي زوجته فاطمة فما مرت بهاالليالي‌ والأيام حتي ولدت عبد الله أبا رسول الله ص فانتقل النور إليه فلما ولدته


صفحه : 78

سطع النور في غرته حتي لحق عنان السماء فلما نظر إليه عبدالمطلب فرح فرحا شديدا و لم يخف مولده علي الكهنة والأحبار فأما الكهنة فعظم أمره عليهم لإبطال كهانتهم و أماأحبار اليهود فكانت معهم جبة بيضاء وكانت جبة يحيي بن زكريا ع و كان الدم يابسا عليها قدغمست في دمه و كان في كتبهم أن هذاالدم ألذي في الجبة إذاقطر منها قطرة واحدة من الدم يكون قدقرب خروج صاحب السيف المسلول فنظروا إلي ذلك الدم فوجدوا الجبة و إذا بها قدصارت رطبة يقطر منها الدم فعلموا أنه قددنا خروجه فاغتموا لذلك غما شديدا وبعثوا إلي مكة رجالا منهم يكشفون لهم عن الخبر ويأتونهم بخبر مولده و كان عبد الله يشب في اليوم مثل مايشب أولاد الناس في السنة و كان الناس يزورونه ويتعجبون من حسنه وجماله وأنواره وقيل إنه لقي‌ عبد الله في زمانه مالقي‌ يوسف الصديق في زمانه و ذلك من عداوة اليهود وجرت عليه أمور عظيمة وأحوال جسيمة. فلما كملت لعبد المطلب عشرة أولاد ذكورا وولد له الحارث فصاروا أحد عشر ولدا ذكرا فذكر نذره ألذي نذر والعهد ألذي عاهد لئن بلغت أولادي‌ أحد عشر ولدا ذكورا لأقربن أحدهم لوجه الله تعالي فجمع عبدالمطلب أولاده بين يديه وصنع لهم طعاما وجمعهم حوله واغتم لذلك غما شديدا ثم قال لهم ياأولادي‌ إنكم كنتم تعلمون أنكم عندي‌ بمنزلة واحدة وأنتم الحدقة من العين والروح بين الجنبين


صفحه : 79

و لو أن أحدكم أصابته شوكة لساءني‌ ذلك ولكن حق الله أوجب من حقكم و قدعاهدته ونذرت له متي رزقني‌ الله أحد عشر ولدا ذكرا لأنحرن أحدهم قربانا و قدأعطاني‌ ماسألته وبقي‌ الآن ماعاهدته و قدجمعتكم لأشاوركم فما أنتم قائلون فجعل بعضهم ينظر إلي بعض وهم سكوت لايتكلمون فأول من تكلم منهم عبد الله أبو رسول الله ص و كان أصغر أولاده فقال ياأبت أنت الحاكم علينا ونحن أولادك و في طوع يدك وحق الله أوجب من حقنا وأمره أوجب من أمرنا ونحن لك طائعون وصابرون علي حكم الله وحكمك و قدرضينا بأمر الله وأمرك وصبرنا علي حكم الله وحكمك ونعوذ بالله من مخالفتك فشكره أبوه و كان لعبد الله في ذلك اليوم إحدي عشرة سنة فلما سمع أبوه كلامه بكي بكاء شديدا حتي بل لحيته من دموعه ثم قال لهم ياأولادي‌ ما ألذي تقولون فقالوا له سمعنا وأطعنا فافعل مابدا لك و لونحرتنا عن آخرنا فكيف واحدا منا فشكرهم علي مقالتهم ثم قال لهم يابني‌ امضوا إلي أمهاتكم وأخبروهن بما قلت لكم وقولوا لهن يغسلنكم ويكحلنكم ويطيبنكم والبسوا أفخر ثيابكم وودعوا أمهاتكم وداع من لايرجع أبدا فتفرقوا إلي أمهاتهم وأخبروهن بما قال لهم أبوهم ففاضت لأجل ذلك العيون وترادفت الأحزان قال ثم إن عبدالمطلب بات تلك الليلة مهموما مغموما لم يطعم طعاما و لم يشرب شرابا و لم يغمض عينا حتي طلع الفجر ثم لبس أفخر أثوابه وتردي برداء آدم ع وتنعل بنعل شيث ع وتختم بخاتم نوح ع وأخذ بيده خنجرا ماضيا ليذبح به بعض أولاده


صفحه : 80

وخرج يناديهم من عندأمهاتهم واحدا واحدا فأقبلوا إليه مسرعين و قدتزينوا بأحسن الزينة فلم يتأخر غير عبد الله لأنه كان أصغرهم فسألهم عنه فقالوا لانعلمه منهم أحد فخرج إليه بنفسه حتي ورد منزل فاطمة زوجته فأخذه بيده فتعلقت به أمه فجعل أبوه يجذبه منها وهي‌ تجذبه منه و هويريد أباه و هو يقول ياأماه اتركيني‌ أمضي‌ مع أبي ليفعل بي‌ مايريد فتركته وشقت جيبها وصرخت وقالت لفعلك يا أباالحارث فعل لم يفعله أحد غيرك فكيف تطيب نفسك بذبح ولدك و إن كان و لابد من ذلك فخل عبد الله لأنه طفل صغير وارحمه لأجل صغره ولأجل هذاالنور ألذي في غرته فلم يكترث بكلامها ثم جذبه من يدها فقامت عند ذلك تودعه فضمته إلي صدرها وقالت حاشاك يارب أن يطفئ نورك و قد قلت حيلتي‌ فيك ياولدي‌ وا حزنا عليك ياولدي‌ ليتني‌ قبل غيبتك عني‌ وقبل ذبحك ياولدي‌ غيبت تحت الثري لئلا أري فيك ماأري ولكن ذلك بالرغم مني‌ لابالرضا


صفحه : 81

سوقك من عندي‌ من غيراختياري‌ فلما سمع ذلك أبوه بكي بكاء شديدا حتي غشي‌ عليه وتغير لونه فقال عبد الله لأمه دعيني‌ أمضي‌ مع أبي فإن اختارني‌ ربي‌ كنت راضيا سامحا ببذل روحي‌ له و إن كان غير ذلك عدت إليك فأطلقته أمه فمشي وراء أبيه وجملة أولاده إلي الكعبة فارتفعت الأصوات من كل ناحية وأقبلوا ينظرون مايصنع عبدالمطلب بأولاده وأقبلت اليهود والكهنة وقالوا لعله يذبح ألذي نخافه ثم عزم علي القرعة بينهم وجاء بهم جميعا للمنحر وبيده خنجر يلوح الموت من جوانبه ثم نادي بأعلي صوته يسمع القريب والبعيد و قال أللهم رب هذاالبيت والحرم والحطيم وزمزم ورب الملائكة الكرام ورب جملة الأنام اكشف عنا بنورك الظلام بحق ماجري به القلم أللهم إنك خلقت الخلق بقدرتك وأمرتهم بعبادتك لامانع منك إلا أنت وإنما يحتاج الضعيف إلي القوي‌ والفقير إلي الغني‌ يارب و أنت تعلم أني‌ نذرت نذرا وعاهدتك عهدا علي إن وهبتني‌ عشرة أولاد ذكور لأقربن لوجهك الكريم واحدا منهم وها أنا وهم بين يديك فاختر منهم من أحببت أللهم كماقضيت وأمضيت فاجعله في الكبار و لاتجعله في الصغار لأن الكبير أصبر علي البلاء من الصغير


صفحه : 82

والصغير أولي بالرحمة أللهم رب البيت والأستار والركن والأحجار وساطح الأرض ومجري البحار ومرسل السحاب والأمطار اصرف البلاء عن الصغار ثم دعا بصاحب الجرائد فقدها فقذفها وكتب علي كل واحدة اسم ولد ثم دعا بصاحب القداح وهي‌ الأزلام التي‌ ذكرها الله تعالي وكانوا يقسمون بها في الجاهلية فأخذ الجرائد من يده وساق أولاد عبدالمطلب وقصد بهم الكعبة فأخذت أمهاتهم في الصراخ والنياح والشق للجيوب كل واحدة تبكي‌ علي ولدها وجميع الناس يبكون لبكائهم وجعل عبدالمطلب يقوم مرة ويقعد أخري و هويدعو يارب أسرع في قضائك فتطاولت الأعناق وفاضت العبرات واشتدت الحسرات فبينما هم في ذلك و إذابصاحب القداح قدخرج من الكعبة و هوقابض علي عبد الله أبي رسول الله ص و قدجعل رداءه في عنقه و هويجره و قدزالت النضارة من وجهه واصفر لونه وارتعدت فرائصه و قال له يا عبدالمطلب هذاولدك قدخرج عليه السهم فإن شئت فاذبحه أواتركه فلما سمع كلامه خر مغشيا عليه ووقع إلي الأرض وخرج بقية أولاده من الكعبة وهم يبكون علي أخيهم و كان أشدهم عليه حزنا أبوطالب لأنه شقيقه من أمه و أبيه و كان لايصبر عنه ساعة واحدة و كان يقبل غرته وموضع النور من وجهه و يقول ياأخي‌ ليتني‌ لاأموت حتي أري ولدك الوارث لهذا النور ألذي فضله الله علي الخلق أجمعين ألذي يغسل الأرض من الدنس ويزيل دولة الأوثان ويبطل كهانة الكهان .


صفحه : 83

فلما ولد النبي ص كان يحبه أبوطالب حبا شديدا و يقول له فدتك نفسي‌ يا ابن أخي‌ يا ابن الذبيحين إسماعيل و عبد الله .رجعنا إلي الحديث الأول ثم لماأفاق عبدالمطلب سمع البكاء من الرجال والنساء من كل ناحية فنظر و إذافاطمة بنت عمرو أم عبد الله وهي‌ تحثو التراب علي وجهها وتضرب علي صدرها فلما نظر إليها عبدالمطلب لم يجد صبرا وقبض علي يد ولده وأراد أن يذبحه فتعلقت به سادات قريش وبنو عبدمناف فصاح بهم صيحة منكرة و قال ياويلكم لستم أشفق علي ولدي‌ مني‌ ولكن أمضي‌ حكم ربي‌ و أبوطالب متعلق بأذيال عبد الله و هويبكي‌ و يقول لأبيه اترك أخي‌ واذبحني‌ مكانه فإني‌ راض أن أكون قربانك لربك فقال عبدالمطلب ماكنت بالذي‌ أتعرض علي ربي‌ وأخالف حكمه فهو الآمر و أناالمأمور ثم اجتمع أكابر قومه وعشيرته وقالوا له يا عبدالمطلب عد إلي صاحب القداح مرة ثانية فعسي أن يقع السهم في غيره ويقضي‌ الله ما فيه الفرج فعاد ثانية فعاد السهم علي عبد الله فقال عبدالمطلب قضي‌ الأمر ورب الكعبة ثم ساق ولده عبد الله إلي المنحر و الناس من ورائه صفوف فلما وصل المنحر عقل رجليه فعند ذلك ضربت أمه وجهها ونشرت شعرها ومزقت أثوابها ثم أضجعه و هوذاهل لايدري‌ مايصنع مما بقلبه من الحزن فلما رأته أمه أنه لامحالة عازم علي ذبحه مضت مسرعة إلي قومها وهي‌ قداضطربت جوارحها لمارأت عبدالمطلب قدأضجع


صفحه : 84

عبد الله ولده ليذبحه و هو لايسمع عذل عاذل و لاقول قائل وضجت الملائكة بالتسبيح ونشرت أجنحتها ونادي جبرئيل وتضرع إسرافيل وهم يستغيثون إلي ربهم فقال الله ياملائكتي‌ إني‌ بكل شيءعليم و قدابتليت عبدي‌ لأنظر صبره علي حكمي‌ فبينما عبدالمطلب كذلك إذ أتاه عشرة رجال عراة حفاة في أيديهم السيوف وحالوا بينه و بين ولده فقال لهم ماشأنكم قالوا له لاندعك تذبح ابن أختنا و لوقتلتنا عن آخرنا ولقد كلفت هذه المرأة ما لاتطيق ونحن أخواله من بني‌ مخزوم فلما رآهم قدحالوا بينه و بين ولده رفع رأسه إلي السماء و قال يارب قدمنعوني‌ أن أمضي‌ حكمك وأوفي‌ بعهدك فاحكم بيني‌ وبينهم بالحق و أنت خير الحاكمين فبينما هم كذلك إذ أقبل عليهم رجل من كبار قومه يقال له عكرمة بن عامر فأشار بيده إلي الناس أن اسكتوا ثم قال يا أباالحارث اعلم أنك قدأصبحت سيد الأبطح فلو فعلت بولدك هذالصار سنة بعدك يلزمك عارها وشنارها و هذا لايليق بك فقال أتري ياعكرمة أغضب ربي‌ قال إني‌ أدلك علي ما فيه الصلاح قال ما هو ياعكرمة قال إن معنا في بلادنا كاهنة عارفة ليس في الكهان أعرف منها تحدث بما يكون في ضمائر الناس و مايخفي في سرائرهم و ذلك أن لها صاحبا من الجن يخبرها بذلك فلما سمع كلامه سكن ما به فأجمع رأيهم علي ذلك فقالوا يا أباالحارث لقد تكلم عكرمة بالصواب فأخذ عبدالمطلب ولده وأقبل إلي منزله وأخذ


صفحه : 85

أهبة السفر إلي الكاهنة وأخذ معه هدية عظيمة و كان اسم الكاهنة أم ملخان فلما كان بعدثلاثة أيام خرج عبدالمطلب في قومه إلي الكاهنة فتقدم عبدالمطلب إليها بعد أن دفع إليها الهدية فسألها عن أمره فقالت انزلوا وغدا أظهر لكم العجب فلما كان غداة غد اجتمعوا عندها فأنشأت تقول .


يامرحبا بالفتية الأخيار.   الساكني‌ البيت مع الأستار.

قدخلقوا من صلصل الفخار.   و من صميم العز والأنوار.

خذوا بقولي‌ صح في الآثار.   أنبئكم بالعلم والأخبار.

أهل الضياء والنور والفخار.   من هاشم سماه في الأقدار.

قدرام من خالقه الجبار.   أن يعطه عشرا من الأذكار.

من غير مانقص بإذن الباري‌.   فواحد ينحره للأنذار.

ثم إنها التفتت إلي عبدالمطلب وقالت له أنت الناذر قال نعم جئناك لتنظري‌ في أمرنا وتعملي‌ الحيلة في ولدنا فقالت ورب البنية وناصب الجبال المرسية وساطح الأرض المدحية إن هذاالفتي ألذي ذكرتموه سوف يعلو ذكره ويعظم


صفحه : 86

أمره وإني‌ سأرشدكم إلي خلاصه فكم الدية عندكم قالوا عشرة من الإبل قالت ارجعوا إلي بلدكم واستقسموا بالأزلام علي عشرة من الإبل و علي ولدكم فإن خرج عليه السهم فزيدوا عشرة أخري وارموا عليها بالسهام فإن خرج عليه دونها فزيدوا عشرة أخري هكذا إلي المائة فإن لم تخرج علي الإبل اذبحوا ولدكم ففرح القوم ورجعوا إلي مكة وأقبل عبدالمطلب علي ولده يقبله فقال عبد الله يعز علي ياأبتاه شقاؤك من أجلي‌ وحزنك علي ثم أمر عبدالمطلب أن يخرج كل مامعه من الإبل فأحضرت وأرسل إلي بني‌ عمه أن يأتوا بالإبل علي قدر طاقتهم و قال إن أراد الله بي‌ خيرا وقاني‌ في ولدي‌ و إن كان غير ذلك فحكمه ماض فجعل أهل مكة يسوقون له كل مامعهم من الإبل وأقبل عبدالمطلب علي فاطمة أم عبد الله و قدأقرحت عيناها بالبكاء فأخبرها بذلك ففرحت وقالت أرجو من ربي‌ أن يقبل مني‌ الفداء ويسامحني‌ في ولدي‌ وكانت ذات يسار ومال كثير وكانت أمها سرحانة زوجة عمرو المخزومي‌ وكانت كثيرة الأموال والذخائر و كان لها جمال تسافر إلي العراق وجمال تسافر إلي الشام فقالت علي بمالي‌ ومال أمي‌ و لوطلب مني‌ ربي‌ ألف ناقة لقدمتها إليه و علي الزيادة فشكرها عبدالمطلب و قال أرجو أن يكون في مالي‌ مايرضي ربي‌ ويفرج كربي‌ و أما الناس بمكة ففي‌ فرح وسرور وبات عبدالمطلب فرحا مسرورا ثم أقبل إلي الكعبة وطاف بهاسبعا و هويسأل الله تعالي أن يفرج عنه فلما طلع الصباح أمر رعاة الإبل أن يحضروها فأحضروها وأخذ عبدالمطلب ابنه فطيبه وزينه وألبسه أفخر


صفحه : 87

أثوابه وأقبل به إلي الكعبة و في يده الحبل والسكين فلما رأته أمه فاطمة قالت يا عبدالمطلب ارم ما في يدك حتي يطمئن قلبي‌ قال إني‌ قاصد إلي ربي‌ أسأله أن يقبل مني‌ الفداء في ولدي‌ فإن نفدت أموالي‌ وأموال قومي‌ ركبت جوادي‌ وخرجت إلي كسري وقيصر وملوك الهند والصين مستطعما علي وجهي‌ حتي أرضي‌ ربي‌ و أناأرجو أن يفديه كمافدي أبي إسماعيل من الذبح وسار إلي الكعبة و الناس حوله ينظرون فقال لهم يامعاشر من حضر إياكم أن تعودوا إلي‌ في ولدي‌ كمافعلتم بالأمس وتحولوا بيني‌ و بين ذبح ولدي‌ ثم إنه قدم عشرة من الإبل وأوقفها وتعلق بأستار الكعبة و قال أللهم أمرك نافذ ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي عبد الله فقال عبدالمطلب لربي‌ القضاء فزاد علي الإبل عشرة وأمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي عبد الله فقال أشراف قريش لوقدمت غيرك يا عبدالمطلب لكان خيرا فإنا نخشي أن يكون ربك ساخطا عليك فقال لهم إن كان الأمر كمازعمتم فالمسي‌ء أولي بالاعتذار ثم قال أللهم إن كان دعائي‌ عنك قدحجب من كثرة الذنوب فإنك غفار الذنوب كاشف الكروب تكرم علي بفضلك وإحسانك ثم زاد عشرة أخري من الإبل ورمق بطرفه نحو السماء و قال أللهم أنت تعلم السر وأخفي و أنت بالمنظر الأعلي اصرف عنا البلاء كماصرفته عن ابراهيم ألذي وفي ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي


صفحه : 88

عبد الله فقال عبدالمطلب إن هذالشي‌ء يراد ثم قال لعل بعدالعسر يسرا ثم أضاف إلي الثلاثين عشرة أخري فقال .


يارب هذاالبيت والعباد.   إن بني‌ أقرب الأولاد.

وحبه في السمع والفؤاد.   وأمه صارخة تنادي‌.

فوقّه من شفرة الحداد.   فإنه كالبدر في البلاد

ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي عبد الله فقال عبدالمطلب كيف أبذل فيك ياولدي‌ الفداء و قدحكم فيك الرب بما يشاء ثم أضاف إلي الأربعين عشرة أخري وأمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي عبد الله فقالت أمه يا عبدالمطلب أريد منك أن تتركني‌ أسأل الله في ولدي‌ فعسي أن يرحمني‌ ويرحم ضعفي‌ وحالتي‌ هذه فقامت فاطمة وأضافت إلي الخمسين عشرة أخري وقالت يارب رزقتني‌ ولدا و قدحسدني‌ عليه أكثر الناس وعاندني‌ فيه و قدرجوته أن يكون لي سندا وعضدا و أن يوسدني‌ في لحدي‌ و يكون ذكري‌ بعدي‌ فعارضني‌ فيه أمرك و أنت تعلم يارب أنه أحب أولادي‌ إلي‌ وأكرمهم لدي‌ وإني‌ يارب فديته بهذه الفداء فاقبلها و لاتشمت بي‌ الأعداء ثم أمرت صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي عبد الله فقال عبدالمطلب إن لكل شيءدليلا ونهاية و هذاالأمر ليس لي و لا لك فيه حيلة فلاتعودي‌ إلي التعرض في أمري‌ ثم أضاف إلي الستين عشرة أخري فقال أللهم منك المنع ومنك العطاء وأمرك نافذ كماتشاء و قدتعرضت عليك بجهلي‌ وقبيح عملي‌ فلاتؤاخذني‌ و لاتخيب أملي‌ ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي عبد الله فعند ذلك ضج الناس بالبكاء والنحيب فقال عبدالمطلب ما بعدالمنع إلاالعطاء و ما بعدالشدة إلاالرخاء و أنت عالم السر وأخفي ثم ضم إلي السبعين عشرة أخري وأمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي عبد الله فأخذ عبدالمطلب الحبل والسكين بيده وهمّ الناس أن يمنعوه مثل المرة الأولي فقال لهم أقسمت بالله إن عارضني‌ في ولدي‌ أحد لأضربن نفسي‌ بهذا السكين وأذبح نفسي‌ اتركوني‌ حتي أنفذ حكم ربي‌ فأنا عبده وولدي‌ عبده يفعل بنا مايشاء


صفحه : 89

ويحكم مايريد فأمسك الناس عنه ثم أضاف إلي الثمانين عشرة وجعل يقول يارب إليك المرجع و أنت تري وتسمع ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي عبد الله فوقع عبدالمطلب مغشيا عليه فلما أفاق قال وا غوثاه إليك يارب وجذب ابنه للذبح وضجت الناس بالبكاء والعويل رجالا ونساء فعند ذلك صاح عبد الله في وثاقه و قال ياأبت أ ماتستحيي‌ من الله كم ترد أمره وتلح عليه هلم إلي‌ فانحرني‌ فإني‌ قدخجلت من تعرضك إلي ربك في حقي‌ فإني‌ صابر علي قضائه وحكمه و إن كنت ياأبت لاتقدر علي ذلك من رقة قلبك علي ياأبتاه فخذ بيدي‌ ورجلي‌ واربطهما بعضهما إلي بعض وغط وجهي‌ لئلا تري عينك عيني‌ واقبض ثيابك عن دمي‌ لكيلا تتلطخ بالدم فتكون إذالبست أثوابك تذكرك الحزن علي ياأبت وأوصيك ياأبتاه بأمي‌ خيرا فإني‌ أعلم أنها بعدي‌ هالكة لامحالة من أجل حزنها علي فسكنها وسكن دمعتها وإني‌ أعلم أنها لاتلتذ بعدي‌ بعيش وأوصيك بنفسك خيرا فإن خفت ذلك فغمض عينيك فإنك تجدني‌ صابرا ثم قال عبدالمطلب يعز علي ياولدي‌ كلامك هذا ثم بكي حتي اخضلت لحيته بالدموع ثم قال ياقوم ماتقولون كيف أتعرض علي ربي‌ في قضائه وإني‌ أخاف أن ينتقم مني‌ ثم قام ونهض إلي الكعبة فطاف بهاسبعا ودعا الله ومرغ وجهه وزاد في دعائه و قال يارب أمض أمرك فإني‌ راغب في رضاك ثم زاد علي الإبل عشرة فصارت مائة و قال من أكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له ثم قال رب ارحم تضرعي‌ وتوسلي‌ وكبري‌ ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي الإبل فنزع الناس عبد الله من يد أبيه وأقبلت الناس من كل مكان يهنئونه بالخلاص وأقبلت أمه وهي‌ تعثر في أذيالها فأخذت ولدها وقبلته وضمته إلي صدرها ثم قالت الحمد لله ألذي لم يبتلني‌ بذبحك


صفحه : 90

و لم يشمت بي‌ الأعداء و أهل العناد فبينما هم كذلك إذ سمعوا هاتفا من داخل الكعبة و هو يقول قدقبل الله منكم الفداء و قدقرب خروج المصطفي فقالت قريش بخ بخ لك يا أباالحارث هتفت بك وبابنك الهواتف وهم الناس بذبح الإبل فقال عبدالمطلب مهلا أراجع ربي‌ مرة أخري فإن هذه القداح تصيب وتخطئ و قدخرجت علي ولدي‌ تسع مرات متواليات و هذه مرة واحدة فلاأدري‌ ما يكون من الثانية اتركوني‌ أعاود ربي‌ مرة واحدة فقالوا له افعل ماتريد ثم إنه استقبل الكعبة و قال أللهم سامع الدعاء وسابغ النعم ومعدن الجود والكرم فإن كنت يامولاي‌ مننت علي بولدي‌ هبة منك فأظهر لنا برهانه مرة ثانية ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم علي الإبل فأخذت فاطمة ولدها وذهبت به إلي بيتها وأتي إليه الناس من كل جانب ومكان سحيق وفج عميق يهنئونها بمنة الله ع ثم أمر عبدالمطلب أن تنحر الإبل فنحرت عن آخرها وتناهبها الناس و قال لهم لاتمنعوا منها الوحوش والطير وانصرف فجرت سنة في الدية مائة من الإبل إلي هذاالزمان ومضي عبدالمطلب وأولاده فلما رأته الكهنة والأحبار و قدتخلص خاب أملهم فقال بعضهم لبعض تعالوا نسع في هلاكه من حيث لايشعر به أحد فقال كبيرهم و كان يسمي ربيان وكانوا له سامعين فقال لهم اعملوا طعاما وضعوا فيه سما ثم ابعثوا به إلي عبدالمطلب علي حال الهدية إكراما لخلاص ولده فعزم القوم علي ذلك فصنعوا طعاما ووضعوا فيه سما وأرسلوه مع نساء متبرقعات إلي بيت عبدالمطلب وهن خافيات أنفسهن بحيث لاتعلم إحداهن فقرعوا الباب فخرجت إليهم فاطمة ورحبت بهن وقالت من أين أنتن


صفحه : 91

قلن لها نحن من قرابتك من بني‌ عبدمناف دخل علينا السرور لخلاص ابنك فأخذت فاطمة منهن الطعام وأقبلت إلي عبدالمطلب فقال من أين هذافذكرت له الخبر فقال عبدالمطلب هلموا إلي ماخصكم به قرابتكم فقاموا وأرادوا الأكل منه و إذابالطعام قدنطق بلسان فصيح و قال لاتأكلوا مني‌ فإني‌ مسموم و كان هذا من دلائل نور رسول الله ص فامتنعوا من أكله وخرجوا يقتفون النساء فلم يروا لهن أثرا فعلموا أنه مكيدة من الأعداء فحفروا للطعام حفيرة ووضعوه فيها. و قال أبو الحسن البكري‌ حدثناأشياخنا وأسلافنا الرواة لهذا الحديث أنه لماقبل الله الفداء من عبدالمطلب في ولده عبد الله فرح فرحا شديدا فلما لحق عبد الله ملاحق الرجال تطاولت إليه الخطاب وبذلوا في طلبه الجزيل من المال كل ذلك رغبة في نور رسول الله ص و لم يكن في زمانه أجمل و لاأبهي و لاأكمل منه و كان إذامر بالناس في النهار يشمون منه رائحة المسك الأذفر والكافور والعنبر و كان إذامر بهم ليلا تضي‌ء من نوره الحنادس والظلم فسموه أهل مكة مصباح الحرم وأقام عبدالمطلب وابنه عبد الله بمكة حتي تزوج عبد الله بآمنة بنت وهب و كان السبب في تزويجها به أن الأحبار اجتمعوا بأرض الشام وتكلموا في مولد رسول الله ص والدم ألذي قدجري من جبة يحيي بن زكريا ع كماتقدم ذكره فلما أيقنوا أنه قدقرب خروج صاحب السيف وظهرت أنواره تشاوروا فيما بينهم وساروا إلي حبر لهم و كان في


صفحه : 92

قرية من قري الأردن وكانوا يقتبسون من علمه و كان ممن عمر في زمانه فقصده القوم فلما وصلوا إليه قال لهم ما ألذي أزعجكم قالوا له إنا نظرنا في كتبنا فوجدنا صفة هذا الرجل السفاك ألذي تقاتل معه الأملاك و مانلقي عندظهوره من الأهوال والهلاك و قدجئناك نشاورك في أمره قبل ظهوره وعلو ذكره قال ياقوم إن من أراد إبطال ماأراد الله فهو جاهل مغرور وإنه لكائن بكم و هذا ألذي ذكرتم قدسبق أمره عند الله فكيف تقدرون علي إبطاله و هومبطل كهانة الكهان ومزيل دولة الصلبان وسيكون له وزير وقريب فلما سمعوا كلامه خافوا وحاروا فقام حبر من أحبارهم يقال له هيوبا بن داحورا و كان كافرا متمردا شديد البأس فقال لهم هذا رجل قدكبر وخرف وقل عقله فلاتسمعوا من قوله ثم قال لهم أرأيتم الشجرة إذاقطعت من أصلها فهل تعود خضرا قالوا لا قال فإن قتلتم صاحبكم هذا ألذي يخرج من صلبه هذاالمولود فما ألذي تخافون منه فقوموا هذه الساعة وخذوا معكم تجارة وسيروا إلي البلد ألذي هو فيهايعني‌ مكة فإذاوصلتم دبرتم الحيلة في هلاكه فتبعوا قوله وقالوا له أنت سيدنا قال لهم افعلوا ماآمركم به و أنامعكم بسيفي‌ ورمحي‌ ولكن ماأسير معكم حتي تعاهدوني‌ فيعمد كل واحد منكم إلي


صفحه : 93

سيفه ليسقيه سما فأجابوه إلي ذلك وافترقوا ثم اجتمعوا بأيلة وخرجوا بجمالهم محملة بالتجارة وساروا حتي وصلوا مكة فلما دخلوها سمعوا من ورائهم صوتا و هو يقول .


قصدتم لأزر القوم في السر والجهر.   تريدون مكرا بالمعظم في القدر.

و من غالب الرحمن لاشك أنه .   سيرميه باريه بقاصمة الظهر.

ستضحون ياشر الأنام كأنكم .   نعام أسيقت للذباحة والنحر

فلما سمعوا كلام الهاتف هالهم ذلك وهموا بالرجوع فقال لهم هيوبا لاتخافوا من كلام هذاالهاتف فإن هذاالوادي‌ قدكثر فيه الكهان والشياطين و إن هذاالهاتف هوشيطان قدعلم قصدكم فعند ذلك تبادر القوم فكان كل من لقاهم يحدثهم بحسن عبد الله وجماله فوقع في قلوبهم الكمد والحسد فجعلوا يسومون متاعهم و لايبيعون منه شيئا وإنما يريدون بذلك المقام بمكة والحيلة في قتل عبد الله فأقبل يوما عبدالمطلب و هوقابض علي يد ولده عبد الله ومر باليهود و كان عبد الله قدرأي رؤيا أفزعته فخرج مرعوبا إلي أبيه فقال ماأصابك يابني‌ قال رؤيا هالتني‌ قال رأيت سيوفا مجردة في أيدي‌ قردة وهم قعود علي أدبارهم و أناأنظر إليهم وهم يهزون السيوف ويشيرون بهاإلي‌ّ فعلوت عنها في الهواء فبينما أناكذلك و إذابنار قدنزلت من السماء فزادتني‌ خوفا و قلت كيف خلاصي‌ منها فبينما أناكذلك و إذابالنار قدوقعت علي القردة فأحرقتهم عن آخرهم فزادني‌ ذلك رعبا فقال له أبوه وقاك الله يابني‌ شر ماتحاذر من الحساد والأضداد فإن الناس يحسدونك علي هذاالنور ألذي في وجهك ولكن


صفحه : 94

لواجتمعت أهل الأرض إنسها وجنها لم يقدروا علي شيءلأنه وديعة من الله عز و جل لخاتم الأنبياء وهاهنا أحبار اليهود من الشام وفيهم الحكمة والمعرفة فقم معي‌ حتي أقص عليهم رؤياك فقبض عبدالمطلب علي يد ولده عبد الله ودخلا عليهم فلما نظر إليه الأحبار و هوكأنه البدر المنير نظر بعضهم إلي بعض وقالوا هذا ألذي نطلبه فقال لهم عبدالمطلب يامعاشر اليهود جئنا إليكم نخبركم برؤيا رآها ولدي‌ هذافقالوا له و ماذا فقص عليهم الرؤيا فزادهم حنقا عليه و قال له هيوبا أيها السيد إنها أضغاث أحلام وأنتم سادات كرام ليس لكم معاند و لامضاد ثم انصرف عبدالمطلب بولده وأقاموا بعد ذلك أياما يريدون الحيلة فلم يجدوا إلي ذلك سبيلا و كان عبد الله مغرما بالصيد و كان إذاخرج إلي الصيد لايرجع إلاليلا و كان يخرج مع أبيه فلم يجدوا إلي ذلك سبيلا حتي خرج ذات يوم وحده فخرجوا وراءه من حيث لايشعر بهم أحد فقال لهم هيوبا ماانتظاركم و قدخرج ألذي تطلبونه فقالوا له إنا نخاف من فتيان مكة وفرسان بني‌ هاشم وهم لايطاقون و قدذلت لهم العمالقة وغيرهم ونخشي أن يشعروا بنا فلما سمع هيوبا مقالتهم قال خاب سعيكم فإذاكنتم هكذا فما ألذي أتي بكم إلي هاهنا فلابد من قتل هذاالغلام و لوطال عليكم المقام و لم تجدوا يوما مثل هذااليوم فإذاقتلناه وخفتم التهمة به فعلي‌ ديته وكانوا قدبعثوا عبدا من


صفحه : 95

عبيدهم ينظر إلي أين يتوجه عبد الله فرجع العبد وأخبرهم أنه قدغاب بين الجبال والشعاب و قدخرج من العمران و ليس عنده إنسان فعزم القوم علي ماأملوه وجعلوا نصفا عندالأمتعة والنصف الآخر أخذوا السيوف تحت ثيابهم وخرجوا قاصدين عبد الله والعبد أمامهم حتي أوقفهم عليه و كان عبد الله قدصاد حمار وحش و هويسلخه فنظر إلي القوم و قدأقبلوا عليه فقال لهم هيوبا هذاصاحبكم ألذي خرجتم من أوطانكم في طلبه فما أحس عبد الله إلا و قدأحاطوا به وكانوا قدافترقوا فرقتين وقالوا للذين خلفوهم عندمتاعهم إذادعوناكم أجيبونا مسرعين فلما أشرفوا علي عبد الله و قدسدوا الطرقات وزعموا أنهم قدحكموا عليه فرفع عبد الله رأسه إلي السماء ودعا الله تعالي وأقبل إليهم و قال ياقوم ماشأنكم فو الله مابسطت يدي‌ إلي واحد منكم بمكروه أبدا فتطالبوني‌ به و لاغصبت مالا قط و لاقتلت أحدا فأقتل به فما حاجتكم فإن يكن سبقت مني‌ فعلة سوء إليكم فأخبروني‌ حتي أعرفها واليهود يومئذ تلثموا و لم يبين منهم إلاحماليق الحدق فلم يردوا عليه جوابا وأشار بعضهم إلي بعض وهموا بالهجوم عليه فجعل نبلة في كبد قوسه ورمي بهانحوهم فأصابت رجلا منهم فوقع ميتا ثم رماهم بأربع نبال أصابت أربعة رجال فاشتغلوا عنه بأنفسهم فأخذ الخامسة ليرميهم بها وأنشأ يقول .


و لي همة تعلو علي كل همة.   وقلب صبور لايروع من الحرب .

و لي نبلة أرمي‌ بها كل ضيغم .   فتنفذ في اللبات والنحر والقلب .

فأربعة منها أصابت لأربع .   و لوكاثروني‌ صلت بالطعن والضرب .

أخذت نبالي‌ ثم أرسلت بعضها.   فصارت كبرق لاح في خلل السحب .

صفحه : 96

فلما سمعوا ذلك منه قال له هيوبا يافتي احبس عنا نبالك فقد أسرفت في فعالك ولقد قتلت منا رجالا من غيرذنب و لاسابقة سبقت منا إليك ونحن قوم تجار ونحن الذين وقفت علينا بالأمس مع أبيك و كان لنا عبد قدهرب منا فلما رأيناك أنكرناك فعند ماعرفناك أنك عبد الله فنحن مالنا معك طلابة وإنك لأعز الخلق علينا وأكرمهم لدينا فامض لسبيلك فقد سمحنا لك بما فعلت فينا فقال لهم ياويلكم ما ألذي تبين لكم مني‌ أني‌ عبدكم فهل عبدكم مثلي‌ أوصفته صفتي‌ أو له نور كنوري‌ فقالوا له إنما دخلنا الشك و أنت متباعد عنا فلما قربت منا عرفناك فاسمح لنا بما كان منا إليك فإنا سمحنا لك بما كان و إن كان وأعظم من ذلك أنك قتلت منا رجالا لاذنب لهم ونحن حيث أكلنا طعام أبيك وشربنا شرابه فنحن لك شاكرون و أنت أولي بكتمان ما كان اليوم منا فلما سمع عبد الله كلامهم زعم أنه حق و هوخديعة ثم إنه ركب جواده وأخذ قوسه وعطف إلي ناحية المضيق فلما رآه القوم قدأقبل عليهم يريد الخروج بادروا إليه بأجمعهم وجعلوا يرمونه بالحجارة وقاموا إليه بالسيوف فجعل يكر فيهم كرة بعدكرة فعند ذلك صاح فيهم هيوبا فتبادروا إليه بأجمعهم و هويكر فيهم يمينا وشمالا وكلما رمي رجلا خر صريعا ونزل عبد الله عن فرسه واستند إلي المضيق و قدأقبلوا إليه من كل جانب يرمونه بالحجارة فبينما هم في المعركة و إذاهم برجال قدأقبلوا بأيديهم السيوف مشهورة وهم عراة مسرعون نحوهم فإذاهم بنو هاشم و أبوطالب وفتيان مكة و كان في أولهم أبوطالب وحمزة والعباس فعند


صفحه : 97

ذلك ناداه أبوه فقال يابني‌ هذاتأويل رؤياك من قبل فما استتم كلامه حتي أحاط بعبد الله إخوته وأقاربه . قال البكري‌ و كان قدأخبرهم بالخبر رجل يقال له وهب بن عبدمناف لأنه أشرف عليهم في المعركة فهم أن ينزل فخاف علي نفسه من كثرتهم فأتي إلي الحرم ونادي في بني‌ هاشم فلما رآهم اليهود أيقنوا بالهلاك وقالوا لعبد الله إنما أردنا أن نعلم حقيقة الحال فقال لهم عبد الله هيهات لقد أجهدتم أنفسكم في هلاكي‌ فهرب منهم جماعة والتجئوا إلي جبل وظنوا أنهم قدنجوا فإذاأتاهم أمر الله فسقطت عليهم قطعة من الجبل فسدت عليهم المضيق فلم يجدوا مهربا ولحقهم عبدالمطلب وأصحابه والفرقة التي‌ كانت من الجانب الآخر مع هيوبا قتلوا منهم أناسا كثيرة و قال رجل منهم دعونا نصل مكة وافعلوا فينا ماتريدون فإن لنا مع الناس أمتعة وأموالا كنا قدأخفيناها وأنتم أحق بهاخذوها و لاتقتلونا فكتفوهم عن آخرهم وأقبلوا بهم إلي مكة وأقبل عبدالمطلب علي ولده يقبله و يقول ياولدي‌ لو لاوهب بن عبدمناف أخبرنا بأمرك ماكنا علمنا ولكن الله تعالي يحفظك فلما أشرفوا علي مكة خرج الناس يهنئونهم بالسلامة و إذاباليهود مكتوفين فجعل جملة الناس يرمونهم بالحجارة فقام لهم عبدالمطلب و قال أرسلوا بهم إلي دار وهب حتي يستقصوا علي أموالهم و لم يبق لهم شيءفأرسلوهم إلي دار وهب فلما كان في تلك الليلة أقبل وهب علي زوجته برة بنت عبدالعزي و قال لها يابرة لقد رأيت اليوم عجبا من عبد الله مارأيته من أحد و هويكر علي هؤلاء القوم وكلما رماهم بنبلة قتل منهم إنسانا و هوأجمل الناس وجها مما


صفحه : 98

خصه الله تعالي من الضياء الساطع فامضي‌ إلي أبيه واخطبيه لابنتنا واعرضيها عليه فعسي أن يقبلها فإن قبلها سعدنا سعادة عظيمة قالت له ياوهب إن رؤساء مكة وأبطال الحرم وأشراف البطحاء قدرغبوا فيه فأبي عن ذلك و قدكاتبه ملوك الشام والعراق علي ذلك فأبي عليهم فكيف يتزوج بابنتنا وهي‌ قليلة المال قال لها إن لي عليهم اليد أنني‌ أخبرتهم بأمر عبد الله مع هذااليهود ثم إن برة قامت ولبست أفخر أثوابها وخرجت حتي أتت دار عبدالمطلب فوجدته يحدث أولاده بالخبر فقالت أنعم الله مساءكم ودامت نعماؤكم فرد عليها عبدالمطلب التحية والإكرام و قال لها لقد سلف لبعلك اليوم علينا يد لانقدر أن نكافيه أبدا و له أياد بالغة بذلك وسنجازيه بما فعل إن شاء الله تعالي فطمعت برة في كلامه ثم قال بلغي‌ بعلك عنا التحية والإكرام وقولي‌ له إن كان له لدينا حاجة تقضي إن شاء الله مهما كانت فقالت له برة يا أباالحارث قدطلبنا تعجيل المسرة و قدعلمنا أن ملوك الشام والعراق وغيرهم تطاولت إليكم و قدرغبوا في ولدكم يطلبون أولادكم وأنواركم المضيئة ونحن أيضا طمعنا فيمن طمع في ولدكم عبد الله ورجوناه مثل من رجا و قدرجا وهب أن يكون عبد الله بعلا لابنتنا و قدجئناكم طامعين وراغبين في النور ألذي في وجه ولدكم عبد الله ونسألكم أن تقبلونا فإن كان مالها قليلا فعلينا مانجملها به وهي‌ هدية منا لابنك عبد الله فلما سمع عبدالمطلب كلامها نظر إلي ولده و كان قبل ذلك إذاعرض عليه التزويج


صفحه : 99

من بنات الملوك يظهر في وجهه الامتناع و قال أبوه ماتقول يابني‌ فيما سمعت فو الله ما في بنات أهل مكة مثلها لأنها محتشمة في نفسها طاهرة مطهرة عاقلة ديّنة فسكت عبد الله و لم يرد جوابا فعلم أبوه أنه قدمال إليها فقال عبدالمطلب قدقبلنا دعوتكم وأجبنا ورضينا بابنتكم قالت فاطمة زوجة عبدالمطلب أناأمضي‌ معك إليها حتي أنظر إلي آمنة فإن كانت تصلح لولدي‌ رضينا بهافرجعت برة مسرورة بما سمعت ثم سارت إلي زوجها مسرعة وبشرته وسمعت أم آمنة هاتفا في الطريق يقول بخ بخ لكم يامعشر أهل الصفا قدقرب خروج المصطفي فدخلت علي زوجها فقال و ماوراءك قالت لقد سعدت سعادة علا قدرك في جملة العالمين اعلم أن عبدالمطلب قدرضي‌ بابنتك ولكن مع الفرح ترحة قال و ماهي‌ قالت إن فاطمة خارجة تنظر إلي ابنتك آمنة فإن رضيت بها و إلا لم يكن شيئا وإني‌ أخاف أن لاترضي بها فقال لها وهب بن عبدمناف اخرجي‌ هذه الساعة إلي ابنتك وزينيها وألبسيها أفخر الثياب وقلديها أفخر ماعندك فعسي ولعل فعمدت برة إلي بنتها وألبستها أفخر ماعندها من الثياب والحلي‌ وضفرت شعرها وأرخت ذوائبها علي أكتافها وقالت لها ياابنتي‌ إذاأتتك فاطمة فتأدبي‌ لها أحسن الأدب وارغبي‌ في النور ألذي في وجه ولدها عبد الله فبينما هما في ذلك إذ أقبلت فاطمة وخرج وهب من المنزل و إذابعبد المطلب فأدخلوا فاطمة فقامت لها آمنة إجلالا وتعظيما ورحبت بهاأحسن


صفحه : 100

المرحب فنظرت إليها فاطمة و إذا بها قدكساها الله جمالا لايوصف فلما رأت فاطمة ذلك الحسن والجمال و قدأضاء من نور وجهها ذلك المجلس قالت فاطمة يابرة ماكنت عهدت أن آمنة علي هذه الصورة ولقد رأيتها قبل ذلك مرارا فقالت برة يافاطمة كل ذلك ببركتكم علينا ثم خاطبت فاطمة آمنة و إذاهي‌ أفصح نساء أهل مكة فقامت فاطمة وأتت إلي عبدالمطلب و عبد الله وقالت ياولدي‌ ما في بنات العرب مثلها أبدا ولقد ارتضيتها و إن الله تعالي لايودع هذاالنور إلا في مثل هذه . و لماوقع الحديث بين وهب و بين عبدالمطلب في أمر ابنته آمنة قال وهب يا أباالحارث هذه آمنة هدية مني‌ إليك بغير صداق معجل و لامؤجل فقال عبدالمطلب جزيت خيرا و لابد من صداق و يكون بيننا وبينك من يشهد به من قومنا ثم إن عبدالمطلب هم أن يمد إليه شيئا من المال ليصلح به شأنها إذ سمع همهمة وأصواتا فوثب وهب وسيفه مسلول ثم قاموا جميعا قال أبو الحسن البكري‌ و كان سبب ذلك أن اليهود الذين كانوا محبوسين في دار وهب خدعهم الشيطان وزين لهم هيوبا أنكم مقتولون لامحالة فقوموا جميعا وخاطروا بأنفسكم علي عبدالمطلب وابنه عبد الله فإن الموت قدوقع بكم واهربوا علي وجوهكم ثم إن هيوبا تمطي في كتافه فقطعه ثم


صفحه : 101

حل جملة أصحابه فلما خصلهم قالوا بم نهجم عليهم و ليس معنا سلاح فقال هيوبا نهجم عليهم بالحجارة هجمة رجل واحد وهم غافلون فسار القوم وأقبلوا و عبدالمطلب وولده عبد الله ووهب في دار وهب والمصباح عندهم واليهود يرونهم وهم لايرون اليهود فرموهم بالحجارة التي‌ كانت معهم فرد الله تعالي عليهم الحجارة فهشمت وجوههم ومنهم من وقع حجره في رأسه ومنهم من وقع في صدره و ذلك بقدرة الله تعالي لأجل النور ألذي في وجه عبد الله فحمل عليهم عبدالمطلب و من كان معه فقتلوهم عن آخرهم و كان عبدالمطلب لايفارقه سيفه حيث ماتوجه و بعد ذلك خرج عبدالمطلب وولده وزوجته إلي منزلهم وقالوا ياوهب إذا كان في غداة غد جمعنا قومنا وقومك ليشهدون بما يكون من الصداق فقال جزاك الله خيرا فلما طلع الفجر أرسل عبدالمطلب إلي بني‌ عمه ليحضروا خطبتهم ولبس عبدالمطلب أفخر أثوابه وجمع وهب أيضا قرابته وبني‌ عمه فاجتمعوا في الأبطح فلما أشرف عليهم الناس قاموا إجلالا لعبد المطلب وأولاده فلما استقر بهم المجلس خطبوا خطبتهم وعقدوا عقد النكاح وقام عبدالمطلب فيهم خطيبا


صفحه : 102

فقال الحمد لله حمد الشاكرين حمدا أستوجبه بما أنعم علينا وأعطانا وجعلنا لبيته جيرانا ولحرمه سكانا وألقي محبتنا في قلوب عباده وشرفنا علي جميع الأمم ووقانا شر الآفات والنقم والحمد لله ألذي أحل لنا النكاح وحرم علينا السفاح وأمرنا بالاتصال وحرم علينا الحرام اعلموا أن ولدنا عبد الله هذا ألذي تعرفونه قدخطب فتاتكم آمنة بصداق معجل ومؤجل كذا وكذا فهل رضيتم بذلك من ولدنا قال وهب قدرضينا منكم فقال عبدالمطلب اشهدوا يا من حضر ثم تصافحوا وتهانوا وتصافقوا وتعانقوا وأولم عبدالمطلب وليمة عظيمة فيهاجميع أهل مكة وأوديتها وشعابها وسوادها فأقام الناس في مكة أربعة أيام . قال أبو الحسن البكري‌ و لماتزوج عبد الله بآمنة أقامت معه زمانا والنور في وجهه لم يزل حتي نفذت مشية الله تعالي وقدرته وأراد أن يخرج خيرة خلقه محمدا رسول الله و أن يشرف به الأرض وينورها بعدظلامها ويطهرها بعدتنجيسها أمر الله تعالي جبرئيل ع أن ينادي‌ في جنة المأوي أن الله جل جلاله قدتمت كلمته ومشيته و أن ألذي وعده من ظهور البشير النذير السراج المنير ألذي يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويدعو إلي الله و هوصاحب الأمانة والصيانة يظهر نوره في البلاد و يكون


صفحه : 103

رحمة علي العباد و من أحبه بشر بالشرف والحباء و من أبغضه بسوء القضاء و هو ألذي عرض عليكم من قبل أن يخلق آدم ع ألذي يسمي في السماء أحمد و في الأرض محمدا و في الجنة أباالقاسم فأجابته الملائكة بالتسبيح والتهليل والتقديس والتكبير لله رب العالمين وفتحت أبواب الجنان وغلقت أبواب النيران وأشرفت الحور العين وسبحت الأطيار علي رءوس الأشجار فلما فرغ جبريل من أهل السماوات أمره الله أن ينزل في مائة ألف من الملائكة إلي أقطار الأرض و إلي جبل قاف و إلي خازن السحاب وجملة ماخلق الله يبشرهم بخروج رسول الله ص ثم نزل إلي الأرض السابعة فأخبرهم بخبره و من أراد الله به خيرا ألهمه محبته و من أراد به شرا ألهمه بغضه وزلزلت الشياطين وصفدت وطردت عن الأماكن التي‌ كانوا يسترقون فيهاالسمع ورجموا بالشهب . قال صاحب الحديث و لماكانت ليلة الجمعة عشية عرفة و كان عبد الله قدخرج هو وإخوته وأبوه فبينما هم سائرون و إذابنهر عظيم فيه ماء زلال و لم يكن قبل ذلك اليوم هناك ماء فبقي‌ عبدالمطلب وأولاده متعجبين فبينما عبد الله كذلك إذ نودي‌ يا عبد الله اشرب من هذاالنهر فشرب منه و إذا هوأبرد من الثلج وأحلي من العسل وأزكي من المسك فنهض مسرعا والتفت إلي إخوته فلم يروا للنهر أثرا فتعجبوا منه ثم إن عبد الله مضي مسرعا إلي منزله فرأته آمنة طائشا فقالت له مابالك صرف الله عنك الطوارق


صفحه : 104

فقال لها قومي‌ فتطهري‌ وتطيبي‌ وتعطري‌ واغتسلي‌ فعسي الله أن يستودعك هذاالنور فقامت وفعلت ماأمرها ثم جاءت إليه فغشيها تلك الليلة المباركة فحملت برسول الله ص فانتقل النور من وجه عبد الله في ساعته إلي آمنة بنت وهب قالت آمنة لمادنا مني‌ و لامسني‌ أضاء منه نور ساطع وضياء لامع فأنارت منه السماء و الأرض فأدهشني‌ مارأيت وكانت آمنة بعد ذلك يري النور في وجهها كأنه المرآة المضيئة.بيان النشيش صوت الماء وغيره إذاغلا والإراض بالكسر بساط ضخم من صوف أووبر وانحاز عنه عدل وانحاز القوم تركوا مراكزهم والترح بالتحريك ضد الفرح والأروع من الرجال ألذي يعجبك حسنه الذابل الرمح الرقيق والسميدع بالفتح السيد الموطأ الأكناف والصحاصح جمع الصحصاح و هوالمكان المستوي‌ والجندل الحجارة والاسمهرار الصلابة والشدة قوله دهينا أي أصابتنا الداهية والدرقة الترس والغيداق الكريم والضيغم الأسد.أقول إنما أوردت هذاالخبر مع غرابته وإرساله للاعتماد علي مؤلفه واشتماله علي كثير من الآيات والمعجزات التي‌ لاتنافيها سائر الأخبار بل تؤيدها و الله تعالي يعلم

49-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ سمُيّ‌َ بِذَلِكَ لِأَنّ هَاشِماً دَخَلَ مَكّةَ وَ هُوَ رَدِيفُهُ وَ عَبدُ المُطّلِبِ اسمُهُ شَيبَةُ الحَمدِ بنُ هَاشِمٍ سمُيّ‌َ بِذَلِكَ لِأَنّهُ هَشَمَ الثّرِيدَ لِلنّاسِ فِي أَيّامِ الغَلَاءِ وَ هُوَ عَمرُو بنُ عَبدِ مَنَافٍ سمُيّ‌َ بِذَلِكَ لِأَنّهُ عَلَا وَ أَنَافَ وَ اسمُهُ المُغِيرَةُ


صفحه : 105

بنُ قصُيَ‌ّ وَ اسمُهُ زَيدٌ أقُصيِ‌َ عَن دَارِ قَومِهِ لِأَنّهُ حُمِلَ مِن مَكّةَ فِي صِغَرِهِ إِلَي بِلَادِ أَزدِ شَنُوءَةَ فسَمُيّ‌َ قُصَيّاً وَ يُلَقّبُ بِالمُجَمّعِ لِأَنّهُ جَمَعَ قَبَائِلَ قُرَيشٍ بَعدَ مَا كَانُوا فِي الجِبَالِ وَ الشّعَابِ وَ قَسَمَ بَينَهُمُ المَنَازِلَ بِالبَطحَاءِ ابنُ كِلَابِ بنِ مُرّةَ بنِ كَعبِ بنِ لوُيَ‌ّ بنِ غَالِبِ بنِ فِهرِ بنِ مَالِكِ بنِ النّضرِ وَ هُوَ قُرَيشٌ وَ سمُيّ‌َ النّضرَ لِأَنّ اللّهَ تَعَالَي اختَارَهُ وَ النّضرُ النّضرَةُ بنُ خُزَيمَةَ وَ إِنّمَا سمُيّ‌َ بِذَلِكَ لِأَنّهُ خَزَمَ نُورَ آبَائِهِ ابنُ مُدرِكَةَ لِأَنّهُم أَدرَكُوا الشّرَفَ فِي أَيّامِهِ وَ قِيلَ لِإِدرَاكِهِ صَيداً لِأَبِيهِ وَ سمُيّ‌َ أَبُوهُ طَابِخَةَ لِطَبخِهِ لِأَبِيهِ ابنُ إِليَاسَ النّبِيّ ع وَ سمُيّ‌َ بِذَلِكَ لِأَنّهُ جَاءَ عَلَي إِيَاسٍ وَ انقِطَاعٍ ابنُ مُضَرَ وَ سمُيّ‌َ بِذَلِكَ لِأَخذِهِ بِالقُلُوبِ وَ لَم يَكُن يَرَاهُ أَحَدٌ إِلّا أَحَبّهُ ابنُ نِزَارٍ وَ اسمُهُ عَمرٌو وَ سمُيّ‌َ بِذَلِكَ لِأَنّ معد[مَعَدّاً]نَظَرَ إِلَي نُورِ النّبِيّص فِي وَجهِهِ فَقَرّبَ لَهُ قُربَاناً عَظِيماً وَ قَالَ لَهُ لَقَدِ استَقلَلتُ هَذَا القُربَانَ وَ إِنّهُ لَقَلِيلٌ نَزرٌ وَ يُقَالُ إِنّهُ اسمٌ أعَجمَيِ‌ّ وَ كَانَ رَجُلًا هِزّيلًا فَدَخَلَ عَلَي يَستَاسِفَ فَقَالَ هَذَا نِزَارُ بنُ مَعَدّ وَ سمُيّ‌َ بِذَلِكَ لِأَنّهُ كَانَ صَاحِبَ حُرُوبٍ وَ غَارَاتٍ عَلَي اليَهُودِ وَ كَانَ مَنصُوراً ابنُ عَدنَانَ لِأَنّ أَعيُنَ الحيَ‌ّ كُلّهَا تَنظُرُ إِلَيهِ

وَ روُيِ‌َ عَنهُص إِذَا بَلَغَ نسَبَيِ‌ إِلَي عَدنَانَ فَأَمسِكُوا

وَ عَنهُص كَذَبَ النّسّابُونَ قَالَ اللّهُ تَعَالَيوَ قُرُوناً بَينَ ذلِكَ كَثِيراً

قَالَ القاَضيِ‌ عَبدُ الجَبّارِ بنُ أَحمَدَ المُرَادُ بِذَلِكَ أَنّ اتّصَالَ الأَنسَابِ غَيرُ مَعلُومٍ فَلَا يَخلُو إِمّا أَن يَكُونَ كَاذِباً أَو فِي حُكمِ الكَاذِبِ وَ قَد روُيِ‌َ أَنّهُ انتَسَبَ إِلَي اِبرَاهِيمَ

أُمّ سَلَمَةَ سَمِعتُ النّبِيّص يَقُولُمَعَدّ بنُ عَدنَانَ بنِ أُدَدَ وَ سمُيّ‌َ أُدَدَ لِأَنّهُ كَانَ مَادّ الصّوتِ كَثِيرَ الغُرّ ابنُ زَيدِ بنِ ثَرَا بنِ أَعرَاقِ الثّرَي قَالَت أُمّ سَلَمَةَ زَيدٌ هَمَيسَعٌ وَ ثَرَا نَبتٌ وَ أَعرَاقُ الثّرَي إِسمَاعِيلُ بنُ اِبرَاهِيمَ قَالَت ثُمّ قَرَأَ ع وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصحابَ الرّسّالآيَةَ وَ اعتَمَدَ النّسّابَةُ وَ أَصحَابُ التّوَارِيخِ أَنّ عَدنَانَ هُوَ ابنُ أَدّ بنِ أُدَدَ بنِ اليَسَعِ بنِ الهَمَيسَعِ بنِ سَلَامَانَ بنِ نَبتِ بنِ حَمَلِ


صفحه : 106

بنِ قَيذَارِ بنِ إِسمَاعِيلَ

وَ قَالَ ابنُ بَابَوَيهِعَدنَانُ بنُ أَدّ بنِ أُدَدَ بنِ زَيدِ بنِ يقدد بنِ يَقدُمَ بنِ الهَمَيسَعِ بنِ نَبتِ بنِ قَيذَارِ بنِ إِسمَاعِيلَ وَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ عَدنَانُ بنُ أَدّ بنِ أُدَدَ بنِ اليَسَعِ بنِ الهَمَيسَعِ وَ يُقَالُ ابنُ ياحين بنِ يخشب بنِ مَنحَرِ بنِ صابوغ بنِ الهَمَيسَعِ بنِ نَبتِ بنِ قَيذَارِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ تَارَخَ بنِ ناخور بنِ سروغ بنِ أرغو وَ هُوَ هُودٌ وَ يُقَالُ بنُ قالغ بنِ غابر[عَابَرَ] وَ هُوَ هُودُ بنُ أَرفَخشَدَ بنِ متوشلخ بنِ سَامِ بنِ نُوحِ بنِ لَمَكَ بنِ أَخنُوخَ وَ يُقَالُ أحنوخ وَ هُوَ إِدرِيسُ بنُ مهلايل وَ يُقَالُ مهاييل بنُ زبارز[زِيَادٍ] وَ يُقَالُ مارد وَ يُقَالُ إِيَادُ بنُ قينان بنِ أَنُوشَ وَ يُقَالُ قينان بنُ أُدَدَ بنِ أَنُوشَ بنِ شَيثٍ وَ هُوَ هِبَةُ اللّهِ بنُ آدَمَ أُمّهُ آمِنَةُ بِنتُ وَهبِ بنِ عَبدِ مَنَافِ بنِ زُهرَةَ بنِ كِلَابِ بنِ مُرّةَ إِلَي آخِرِ النّسَبِ


صفحه : 107

وَ يُقَالُ إِنّهُ يُنسَبُ إِلَي آدَمَ بِتِسعَةٍ وَ أَربَعِينَ أَباً

50-د،[العدد القوية] رَسُولُ اللّهِص أَبُو القَاسِمِ مُحَمّدٌ وَ أَحمَدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبدِ مَنَافِ بنِ قصُيَ‌ّ بنِ كِلَابِ بنِ مُرّةَ بنِ لوُيَ‌ّ بنِ غَالِبِ بنِ فِهرِ بنِ مَالِكِ بنِ النّضرِ بنِ كِنَانَةَ بنِ خُزَيمَةَ بنِ مُدرِكَةَ بنِ إِليَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدّ بنِ عَدنَانَ بنِ أَدّ بنِ أُدَدَ بنِ اليَسَعِ بنِ الهَمَيسَعِ بنِ سَلَامَانَ بنِ النّبتِ بنِ حَمَلِ بنِ قَيدَارِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ الخَلِيلِ ع بنِ تَارَخَ بنِ ناخور بنِ شروغ بِالشّينِ المُعجَمَةِ وَ الغَينِ المُعجَمَةِ بنِ أرغو بنِ فالغ بِالغَينِ المُعجَمَةِ فِيهِمَا بنِ عَابَرَ بِفَتحِ البَاءِ وَ العَينِ غَيرِ المُعجَمَةِ بنِ شالخ بنِ أَرفَخشَدَ بنِ سَامِ بنِ نُوحِ بنِ مَلَكٍ[لَمَكَ] بنِ متوشلِخ بِكَسرِ اللّامِ بنِ أَخنُوخَ بنِ اليارذ بالذال المُعجَمَةِ بنِ مهلايل بنِ فينان بنِ أَنُوشَ بنِ شَيثِ بنِ آدَمَ ع وَ قَالَ ابنُ بَابَوَيهِ عَدنَانُ بنُ أَدّ بنِ أُدَدَ بنِ زَيدِ بنِ يعدد بنِ يَقدُمَ بنِ الهَمَيسَعِ بنِ نَبتِ بنِ قَيذَارِ بنِ إِسمَاعِيلَ وَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ عَدنَانُ بنُ أَدّ بنِ أُدَدَ بنِ اليَسَعِ بنِ الهَمَيسَعِ وَ يُقَالُ ابنُ يَامِينَ بنُ يحشب بنِ منحد بنِ صابوع بنِ الهَمَيسَعِ بنِ نَبتِ بنِ قَيذَارِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ تَارَخَ بنِ سروع بنِ أرغو وَ هُوَ هُودٌ وَ يُقَالُ ابنُ قالع بنِ عَامِرِ بنِ أَرفَخشَدَ بنِ نَاحُورَ بنِ متوشلح بنِ سَامِ بنِ نُوحِ بنِ لَمَكَ بنِ أحنوح وَ هُوَ إِدرِيسُ بنُ مهلائيل وَ يُقَالُ مهائيل بنُ زِيَادٍ وَ يُقَالُ مَارِدٌ وَ يُقَالُ إِيَادُ بنُ قينان بنِ أَنُوشَ وَ يُقَالُ قينان بنُ


صفحه : 108

أَودِ بنِ أَنُوشَ بنِ شَيثٍ وَ هُوَ هِبَةُ اللّهِ بنُ آدَمَ ع

51-ب ،[قرب الإسناد]السنّديِ‌ّ بنُ مُحَمّدٍ عَن صَفوَانَ الجَمّالِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إنِيّ‌ مُستَوهِبٌ مِن ربَيّ‌ أَربَعَةً وَ هُوَ وَاهِبُهُم لِي إِن شَاءَ اللّهُ آمِنَةُ بِنتُ وَهبٍ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ وَ أَبُو طَالِبِ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ وَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ جَرَت بيَنيِ‌ وَ بَينَهُ مِلحَةٌ

بيان قال الفيروزآبادي‌ بينهما ملح وملحة حرمة وحلف و هذاالخبر يدل علي إيمان هؤلاء فإن النبي ص لايستوهب و لايشفع لكافر و قدنهي الله عن موادة الكافر والشفاعة لهم والدعاء لهم كمادلت عليه الآيات الكثيرة

52- مع ،[معاني‌ الأخبار] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ الهاَشمِيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ الصّادِقَ ع يَقُولُ نَزَلَ جِبرِيلُ عَلَي النّبِيّص فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ اللّهَ جَلّ جَلَالُهُ يُقرِئُكَ السّلَامَ وَ يَقُولُ إنِيّ‌ قَد حَرّمتُ النّارَ عَلَي صُلبٍ أَنزَلَكَ وَ بَطنٍ حَمَلَكَ وَ حَجرٍ كَفَلَكَ فَقَالَ يَا جِبرِيلُ بَيّن لِي ذَلِكَ فَقَالَ أَمّا الصّلبُ ألّذِي أَنزَلَكَ فَعَبدُ اللّهِ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ وَ أَمّا البَطنُ ألّذِي حَمَلَكَ فَآمِنَةُ بِنتُ وَهبٍ وَ أَمّا الحَجرُ ألّذِي كَفَلَكَ فَأَبُو طَالِبٍ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ وَ فَاطِمَةُ بِنتُ أَسَدٍ

بيان هذاالخبر أيضا يدل علي إيمان هؤلاء فإن الله تعالي أوجب النار علي جميع المشركين والكفار كمادلت عليه الآيات والأخبار

53- ع ،[علل الشرائع ] مع ،[معاني‌ الأخبار] مُحَمّدُ بنُ عَمرِو بنِ عَلِيّ البصَريِ‌ّ عَن عَبدِ السّلَامِ بنِ مُحَمّدِ بنِ هَارُونَ الهاَشمِيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عُقبَةَ الشيّباَنيِ‌ّ عَنِ الخَضِرِ بنِ أَبَانٍ عَن أَبِي هدية[هُدبَةَ] اِبرَاهِيمَ بنِ هدية[هُدبَةَ] عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَأَتَي أَبُو ذَرّ يَوماً إِلَي مَسجِدِ رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ


صفحه : 109

مَا رَأَيتُ كَمَا رَأَيتُ البَارِحَةَ قَالُوا وَ مَا رَأَيتَ البَارِحَةَ قَالَ رَأَيتُ رَسُولَ اللّهِص بِبَابِهِ فَخَرَجَ لَيلًا فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ خَرَجَا إِلَي البَقِيعِ فَمَا زِلتُ أَقفُو أَثَرَهُمَا إِلَي أَن أَتَيَا مَقَابِرَ مَكّةَ فَعَدَلَ إِلَي قَبرِ أَبِيهِ فَصَلّي عِندَهُ رَكعَتَينِ فَإِذَا بِالقَبرِ قَدِ انشَقّ وَ إِذَا بِعَبدِ اللّهِ جَالِسٌ وَ هُوَ يَقُولُ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ فَقَالَ لَهُ مَن وَلِيّكَ يَا أَبَه فَقَالَ وَ مَا الولَيِ‌ّ يَا بنُيَ‌ّ قَالَ هُوَ هَذَا عَلِيّ قَالَ وَ إِنّ عَلِيّاً ولَيِيّ‌ قَالَ فَارجِع إِلَي رَوضَتِكَ ثُمّ عَدَلَ إِلَي قَبرِ أُمّهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ عِندَ قَبرِ أَبِيهِ فَإِذَا بِالقَبرِ قَدِ انشَقّ فَإِذَا هيِ‌َ تَقُولُ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّكَ نبَيِ‌ّ اللّهِ وَ رَسُولُهُ فَقَالَ لَهَا مَن وَلِيّكِ يَا أُمّاه فَقَالَت وَ مَنِ الولَيِ‌ّ يَا بنُيَ‌ّ فَقَالَ هُوَ هَذَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَت إِنّ عَلِيّاً ولَيِيّ‌ فَقَالَ ارجعِيِ‌ إِلَي حُفرَتِكِ وَ رَوضَتِكِ فَكَذّبُوهُ وَ لَبّبُوهُ وَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ كَذَبَ عَلَيكَ اليَومَ فَقَالَ وَ مَا كَانَ مِن ذَلِكَ قَالُوا إِنّ جُندَبَ[جُندَباً]حَكَي عَنكَ كَيتَ وَ كَيتَ فَقَالَ النّبِيّص مَا أَظَلّتِ الخَضرَاءُ وَ لَا أَقَلّتِ الغَبرَاءُ عَلَي ذيِ‌ لَهجَةٍ أَصدَقَ مِن أَبِي ذَرّ قَالَ عَبدُ السّلَامِ بنُ مُحَمّدٍ فَعَرَضتُ هَذَا الخَبَرَ عَلَي الهجُيَميِ‌ّ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الأَعلَي فَقَالَ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ النّبِيّص قَالَ أتَاَنيِ‌ جَبرَئِيلُ ع فَقَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ حَرّمَ النّارَ عَلَي ظَهرٍ أَنزَلَكَ وَ بَطنٍ حَمَلَكَ وَ ثدَي‌ٍ أَرضَعَكَ وَ حَجرٍ كَفَلَكَ

بيان هذاالخبر أيضا يدل علي إيمان والديه ع إذ لوكانا ماتا علي الشرك لم


صفحه : 110

ينفعهم الإيمان بعدالإحياء لأن الله تعالي ختم علي من مات علي الكفر والشرك دخول النار فهوص إنما أحياهما ليدركا أيام نبوته ويشهدا برسالته وبإمامة وصيه فيكمل بذلك إيمانهما ويشهد له قوله ص فارجع إلي روضتك

54-فس ،[تفسير القمي‌] قَالَ رَسُولُ اللّهِص لَو قُمتُ المَقَامَ المَحمُودَ لَشَفَعتُ لأِبَيِ‌ وَ أمُيّ‌ وَ أَخٍ كَانَ لِي مُوَاخِياً فِي الجَاهِلِيّةِ

55-فس ،[تفسير القمي‌] أَبِي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن سَيفِ بنِ عَمِيرَةَ وَ عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ وَ أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ قَالُوا سَمِعنَا أَبَا عَبدِ اللّهِ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ ع يَقُولُ لَمّا حَجّ رَسُولُ اللّهِص حَجّةَ الوَدَاعِ نَزَلَ بِالأَبطَحِ وَ وُضِعَت لَهُ وِسَادَةٌ فَجَلَسَ عَلَيهَا ثُمّ رَفَعَ يَدَهُ إِلَي السّمَاءِ وَ بَكَي بُكَاءً شَدِيداً ثُمّ قَالَ يَا رَبّ إِنّكَ وعَدَتنَيِ‌ فِي أَبِي وَ أمُيّ‌ وَ عمَيّ‌ أَن لَا تُعَذّبَهُم قَالَ فَأَوحَي اللّهُ إِلَيهِ أنَيّ‌ آلَيتُ عَلَي نفَسيِ‌ أَن لَا يَدخُلَ جنَتّيِ‌ إِلّا مَن شَهِدَ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّكَ عبَديِ‌ وَ رسَوُليِ‌ وَ لَكِنِ ائتِ الشّعبَ فَنَادِهِم فَإِن أَجَابُوكَ فَقَد وَجَبَت لَهُم رحَمتَيِ‌ فَقَامَ النّبِيّص إِلَي الشّعبِ فَنَادَاهُم يَا أَبَتَاه وَ يَا أُمّاه وَ يَا عَمّاه فَخَرَجُوا يَنفُضُونَ التّرَابَ عَن رُءُوسِهِم فَقَالَ لَهُم رَسُولُ اللّهِص أَ لَا تَرَونَ إِلَي هَذِهِ الكَرَامَةِ التّيِ‌ أكَرمَنَيِ‌َ اللّهُ بِهَا فَقَالُوا نَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ حَقّاً حَقّاً وَ أَنّ جَمِيعَ مَا أَتَيتَ بِهِ مِن عِندِ اللّهِ فَهُوَ الحَقّ فَقَالَ ارجِعُوا إِلَي مَضَاجِعِكُم وَ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِص مَكّةَ وَ قَدِمَ عَلَيهِ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ اليَمَنِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَ لَا أُبَشّرُكَ يَا عَلِيّ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع بأِبَيِ‌ أَنتَ وَ أمُيّ‌ لَم تَزَل مُبَشّراً فَقَالَ أَ لَا تَرَي إِلَي مَا رَزَقَنَا اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فِي سَفَرِنَا هَذَا وَ أَخبَرَهُ الخَبَرَ فَقَالَ عَلِيّ الحَمدُ لِلّهِ قَالَ فَأَشرَكَ رَسُولُ اللّهِص فِي بُدنِهِ أَبَاهُ وَ أُمّهُ وَ عَمّهُ


صفحه : 111

بيان هذاالخبر إما محمول علي التقية أو علي أنه إنما فعل ذلك ليظهر للناس إسلامهم ثم اعلم أن هذه الأخبار مخالفة لمااشتهر من أن والديه ع ماتا في غيرمكة ويمكن الجمع بينهما بأن يكونوا نقلوهما بعدموتهما إلي مكة كماذكره بعض أهل السير أوانتقلا بعدندائه ص بإعجازه إليها

56-ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ] إِنّ أَبَاهُ توُفُيّ‌َ وَ أُمّهُ حُبلَي وَ قَدِمَت أُمّهُ آمِنَةُ بِنتُ وَهبٍ عَلَي أَخوَالِهِ مِن بنَيِ‌ عدَيِ‌ّ مِنَ النّجّارِ بِالمَدِينَةِ ثُمّ رَجَعَت بِهِ حَتّي إِذَا كَانَت بِالأَبوَاءِ مَاتَت وَ أَرضَعَتهُ حَتّي شَبّ حَلِيمَةُ بِنتُ عَبدِ اللّهِ السّعدِيّةُ

57-يج ،[الخرائج والجرائح ] روُيِ‌َ أَنّ عَبدَ اللّهِ بنَ عَبدِ المُطّلِبِ لَمّا تَرَعرَعَ رَكِبَ يَوماً لِيَصِيدَ وَ قَد نَزَلَ بِالبَطحَاءِ قَومٌ مِنَ اليَهُودِ قَدِمُوا لِيُهلِكُوا وَالِدَ مُحَمّدٍص لِيُطفِئُوا نُورَ اللّهِ فَنَظَرُوا إِلَي عَبدِ اللّهِ فَرَأَوا حِليَةَ أُبُوّةِ النّبُوّةِ فِيهِ فَقَصَدُوهُ وَ كَانُوا ثَمَانِينَ نَفَراً بِالسّيُوفِ وَ السّكَاكِينِ وَ كَانَ وَهبُ بنُ عَبدِ مَنَافِ بنِ زُهرَةَ وَالِدُ آمِنَةَ أُمّ مُحَمّدٍص فِي ذَلِكَ الصّوبِ يَصِيدُ وَ قَد رَأَي عَبدَ اللّهِ وَ قَد صَفّ بِهِ اليَهُودُ لِيَقتُلُوهُ فَقَصَدَ أَن يَدفَعَهُم عَنهُ وَ إِذَا بِكَثِيرٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مَعَهُمُ الأَسلِحَةُ طَرَدُوا عَنهُ اليَهُودَ فَعَجِبَ مِن ذَلِكَ وَ انصَرَفَ وَ دَخَلَ عَلَي عَبدِ المُطّلِبِ وَ قَالَ أُزَوّجُ بنِتيِ‌ آمِنَةَ مِن عَبدِ اللّهِ وَ عَقَدَ فَوَلَدَت رَسُولَ اللّهِص

58-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] تُصُوّرَ لِعَبدِ المُطّلِبِ أَنّ ذَبحَ الوَلَدِ أَفضَلُ قُربَةٍ لِمَا عَلِمَ مِن حَالِ إِسمَاعِيلَ ع فَنَذَرَ أَنّهُ مَتَي رُزِقَ عَشَرَةَ أَولَادٍ ذُكُورٍ أَن يَنحَرَ أَحَدَهُم لِلكَعبَةِ شُكراً لِرَبّهِ فَلَمّا وَجَدَهُم عَشَرَةً قَالَ لَهُم يَا بنَيِ‌ّ مَا تَقُولُونَ فِي نذَريِ‌ فَقَالُوا الأَمرُ إِلَيكَ وَ نَحنُ بَينَ يَدَيكَ فَقَالَ لِيَنطَلِق كُلّ وَاحِدٍ مِنكُم إِلَي قِدحِهِ وَ ليَكتُب عَلَيهِ اسمَهُ فَفَعَلُوا وَ أَتَوهُ بِالقِدَاحِ فَأَخَذَهَا وَ قَالَ


عَاهَدتُهُ وَ الآنَ أوُفيِ‌ عَهدَهُ   إِذ كَانَ موَلاَي‌َ وَ كُنتُ عَبدَهُ

صفحه : 112


نَذَرتُ نَذراً لَا أُحِبّ رَدّهُ   وَ لَا أُحِبّ أَن أَعِيشَ بَعدَهُ

فَقَدّمَهُم ثُمّ تَعَلّقَ بِأَستَارِ الكَعبَةِ وَ نَادَي أللّهُمّ رَبّ البَلَدِ الحَرَامِ وَ الرّكنِ وَ المَقَامِ وَ رَبّ المَشَاعِرِ العِظَامِ وَ المَلَائِكَةِ الكِرَامِ أللّهُمّ أَنتَ خَلَقتَ الخَلقَ لِطَاعَتِكَ وَ أَمَرتَهُم بِعِبَادَتِكَ لَا حَاجَةَ مِنكَ فِي كَلَامٍ لَهُ ثُمّ أَمَرَ بِضَربِ القِدَاحِ وَ قَالَ أللّهُمّ إِلَيكَ أَسلَمتُهُم وَ لَكَ أَعطَيتُهُم فَخُذ مَن أَحبَبتَ مِنهُم فإَنِيّ‌ رَاضٍ بِمَا حَكَمتَ وَ هَب لِي أَصغَرَهُم سِنّاً فَإِنّهُ أَضعَفُهُم رُكناً ثُمّ أَنشَأَ يَقُولُ


يَا رَبّ لَا تُخرِج عَلَيهِ قدِحيِ‌   وَ اجعَل لَهُ وَاقِيَةً مِن ذبَحيِ‌

فَخَرَجَ السّهمُ عَلَي عَبدِ اللّهِ فَأَخَذَ الشّفرَةَ وَ أَتَي عَبدَ اللّهِ حَتّي أَضجَعَهُ فِي الكَعبَةِ وَ قَالَ


هَذَا بنُيَ‌ّ قَد أُرِيدُ نَحرَهُ   وَ اللّهِ لَا يَقدِرُ شَيءٌ قَدرَهُ

  فَإِن يُؤَخّرهُ يَقبَل عُذرَهُ

وَ هَمّ بِذَبحِهِ فَأَمسَكَ أَبُو طَالِبٍ يَدَهُ وَ قَالَ


كَلّا وَ رَبّ البَيتِ ذيِ‌ الأَنصَابِ   مَا ذَبحُ عَبدِ اللّهِ بِالتّلعَابِ

ثُمّ قَالَ أللّهُمّ اجعلَنيِ‌ فِديَتَهُ وَ هَب لِي ذِبحَتَهُ ثُمّ قَالَ


خُذهَا إِلَيكَ هَديَةً يَا خاَلقِيِ‌   روُحيِ‌ وَ أَنتَ مَلِيكُ هَذَا الخَافِقِ

وَ عَاوَنَهُ أَخوَالُهُ مِن بنَيِ‌ مَخزُومٍ وَ قَالَ بَعضُهُم


يَا عَجَباً مِن فِعلِ عَبدِ المُطّلِبِ   وَ ذَبحِهِ ابناً كَتِمثَالِ الذّهَبِ

فَأَشَارُوا عَلَيهِ بِكَاهِنَةِ بنَيِ‌ سَعدٍ فَخَرَجَ فِي ثَمَانِ مِائَةِ رَجُلٍ وَ هُوَ يَقُولُ


صفحه : 113


تعَاَورَنَيِ‌ أَمرٌ فَضِقتُ بِهِ ذَرعاً   وَ لَم أَستَطِع مِمّا تجُلَلّنُيِ‌ دَفعاً

نَذَرتُ وَ نَذرُ المَرءِ دَينٌ مُلَازِمٌ   وَ مَا لِلفَتَي مِمّا قَضَي رَبّهُ مَنعاً

وَ عَاهَدتُهُ عَشراً إِذَا مَا تَكَمّلُوا   أُقَرّبُ مِنهُم وَاحِداً مَا لَهُ رَجعاً

فَأُكمِلُهُم عَشراً فَلَمّا هَمَمتُ أَن   أفَيِ‌َ بِذَاكَ النّذرِ ثَارَ لَهُ جَمعاً

يصَدُوّننَيِ‌ عَن أَمرِ ربَيّ‌ وَ إنِنّيِ‌   سَأُرضِيهِ مَشكُوراً ليِلُبسِنَيِ‌ نَفعاً

فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيهَا قَالَ


يَا رَبّ إنِيّ‌ فَاعِلٌ لِمَا تَرِدُ[BA]تَوَدّ]   إِن شِئتَ أَلهَمتَ الصّوَابَ وَ الرّشَدَ

فَقَالَت كَم دِيَةُ الرّجُلِ عِندَكُم قَالُوا عَشَرَةٌ مِنَ الإِبِلِ قَالَت وَ اضرِبُوا عَلَي الغُلَامِ وَ عَلَي الإِبِلِ القِدَاحَ فَإِن خَرَجَ القِدَاحُ عَلَي الإِبِلِ فَانحَرُوهَا وَ إِن خَرَجَ عَلَيهِ فَزِيدُوا فِي الإِبِلِ عَشَرَةً عَشَرَةً حَتّي يَرضَي رَبّكُم وَ كَانُوا يَضرِبُونَ القِدَاحَ عَلَي عَبدِ اللّهِ وَ عَلَي عَشَرَةٍ فَيَخرُجُ السّهمُ عَلَي عَبدِ اللّهِ إِلَي أَن جَعَلَهَا مِائَةً وَ ضَرَبَ فَخَرَجَ القِدحُ عَلَي الإِبِلِ فَكَبّرَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ كَبّرَت قُرَيشٌ وَ وَقَعَ عَبدُ المُطّلِبِ مَغشِيّاً عَلَيهِ وَ تَوَاثَبَت بَنُو مَخزُومٍ فَحَمَلُوهُ عَلَي أَكتَافِهِم فَلَمّا أَفَاقَ مِن غَشيَتِهِ قَالُوا قَد قَبِلَ اللّهُ مِنكَ فِدَاءَ وَلَدِكَ فَبَينَا هُم كَذَلِكَ فَإِذَا بِهَاتِفٍ يَهتِفُ فِي دَاخِلِ البَيتِ وَ هُوَ يَقُولُ قُبِلَ الفِدَاءُ وَ نَفَذَ القَضَاءُ وَ آنَ ظُهُورُ مُحَمّدٍ المُصطَفَي فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ القِدَاحُ تُخطِئُ وَ تُصِيبُ حَتّي أَضرِبَ ثَلَاثاً فَلَمّا ضَرَبَهَا خَرَجَ عَلَي الإِبِلِ فَارتَجَزَ يَقُولُ


دَعَوتُ ربَيّ‌ مُخلِصاً وَ جَهراً   يَا رَبّ لَا تَنحَر بنُيَ‌ّ نَحراً

فَنَحَرَهَا كُلّهَا فَجَرَتِ السّنّةُ فِي الدّيَةِ بِمِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ


صفحه : 114

59-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] كَانَتِ امرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنتُ مُرّةَ قَد قَرَأَتِ الكُتُبَ فَمَرّ بِهَا عَبدُ اللّهِ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ فَقَالَت أَنتَ ألّذِي فَدَاكَ أَبُوكَ بِمِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ قَالَ نَعَم فَقَالَت هَل لَكَ أَن تَقَعَ عَلَيّ مَرّةً وَ أُعطِيَكَ مِنَ الإِبِلِ مِائَةً فَنَظَرَ إِلَيهَا وَ أَنشَأَ


أَمّا الحَرَامُ فَالمَمَاتُ دُونَهُ   وَ الحِلّ لَا حِلّ فَأَستَبِينَهُ

  َكَيفَ بِالأَمرِ ألّذِي تَبغِينَهُ

وَ مَضَي مَعَ أَبِيهِ فَزَوّجَهُ أَبُوهُ آمِنَةَ فَظَلّ عِندَهَا يَوماً وَ لَيلَةً فَحَمَلَت باِلنبّيِ‌ّص ثُمّ انصَرَفَ عَبدُ اللّهِ فَمَرّ بِهَا فَلَم يَرَ بِهَا حِرصاً عَلَي مَا قَالَت أَوّلًا فَقَالَ لَهَا عِندَ ذَلِكَ مُختَبِراً


  َل لَكِ فِيمَا قُلتِ لِي فَقُلتُ لَا

قَالَت


  َد كَانَ ذَاكَ مَرّةً فَاليَومَ لَا

فَذَهَبَت كَلِمَتَاهُمَا مَثَلًا ثُمّ قَالَت أَيّ شَيءٍ صَنَعتَ بعَديِ‌ قَالَ زوَجّنَيِ‌ أَبِي آمِنَةَ فَبِتّ عِندَهَا فَقَالَت


لِلّهِ مَا زُهرِيّةُ سَلَبَت   ثَوبَيكَ مَا سَلَبَت وَ مَا تدَريِ‌

ثُمّ قَالَت رَأَيتُ فِي وَجهِكَ نُورَ النّبُوّةِ فَأَرَدتُ أَن يَكُونَ فِيّ وَ أَبَي اللّهُ إِلّا أَن يَضَعَهُ حَيثُ يُحِبّ ثُمّ قَالَت


بنَيِ‌ هَاشِمٍ قَد غَادَرَت مِن أَخِيكُم   أُمَينَةُ إِذ لِلبَاهِ يَعتَلِجَانِ

كَمَا غَادَرَ المِصبَاحُ بَعدَ خُبُوّهِ   فَتَائِلَ قَد شُبّت لَهُ بِدُخَانٍ

وَ مَا كُلّ مَا يحَويِ‌ الفَتَي مِن نَصِيبِهِ   بِحِرصٍ وَ لَا مَا فَاتَهُ بتِوَاَنيِ‌

وَ يُقَالُ إِنّهُ مَرّ بِهَا وَ بَينَ عَينَيهِ غُرّةٌ كَغُرّةِ الفَرَسِ وَ كَانَ عِندَ الأَحبَارِ جُبّةُ صُوفٍ بَيضَاءُ قَد غُمِسَت فِي دَمِ يَحيَي بنِ زَكَرِيّا ع وَ كَانُوا قَد قَرَءُوا فِي كُتُبِهِم إِذَا رَأَيتُم هَذِهِ الجُبّةَ تَقطُرُ دَماً فَاعلَمُوا أَنّهُ قَد وُلِدَ أَبُو السّفّاكِ الهَتّاكِ فَلَمّا رَأَوا ذَلِكَ مِنَ الجُبّةِ اغتَمّوا وَ


صفحه : 115

اجتَمَعَ خَلقٌ عَلَي أَن يَقتُلُوا عَبدَ اللّهِ فَوَجَدُوا الفُرصَةَ مِنهُ لِكَونِ عَبدِ المُطّلِبِ فِي الصّيدِ فَقَصَدُوهُ فَأَدرَكَ وَهبُ بنُ عَبدِ مَنَافٍ الزهّريِ‌ّ فَجَازَ مِنهُ فَنَظَرَ إِلَي رِجَالٍ نَزَلُوا مِنَ السّمَاءِ وَ كَشَفُوهُم عَنهُ فَزَوّجَ ابنَتَهُ مِن عَبدِ اللّهِ قَالَ فَمِتنَ مِن نِسَاءِ قُرَيشٍ مِائَتَا امرَأَةٍ غَيرَةً وَ يُقَالُ إِنّ عَبدَ اللّهِ كَانَ فِي جَبِينِهِ نُورٌ يَتَلَألَأُ فَلَمّا قَرُبَ مِن حَملِ مُحَمّدٍص لَم يُطِق أَحَدٌ رُؤيَتَهُ وَ مَا مَرّ بِحَجَرٍ وَ لَا شَجَرٍ إِلّا سَجَدَ لَهُ وَ سَلّمَ عَلَيهِ فَنَقَلَ اللّهُ مِنهُ نُورَهُ يَومَ عَرَفَةَ وَقتَ العَصرِ وَ كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ إِلَي آمِنَةَ

بيان قولها مازهريّة المراد بالزهريّة آمنة أي آمنة ماسلبت ثوبيك فقط حين قاربتها ماسلبت أي أي شيءسلبت أي سلبت منك شيئا عظيما و هونور النبوة و ماتدري‌ قولها قدغادرت أي تركت قولها للباه يعتلجان أي للجماع يتصارعان وينضمّان والخبوّ الانطفاء قدشبّت له علي بناء المجهول أي أوقدت والضمير للمصباح والحاصل أنها خاطبت بني‌ هاشم أن آمنة ذهبت بالنور من عبد الله كمصباح أطفئ فلم يبق منه إلافتيلة فيهادخان ثم ذكرت لنفسها عذرا فيما فاتها بأن الحرص لايسوق شيئا لم يقدر و ليس كل مافات من الإنسان بالتواني‌ والتقصير بل هو من تقدير الحكيم الخبير

60-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]توُفُيّ‌َ أَبُوهُص وَ هُوَ ابنُ شَهرَينِ الواَقدِيِ‌ّ وَ هُوَ ابنُ سَبعَةِ أَشهُرٍ الطبّرَيِ‌ّ توُفُيّ‌َ أَبُوهُ بِالمَدِينَةِ وَ دُفِنَ فِي دَارِ النّابِغَةِ ابنُ إِسحَاقَ توُفُيّ‌َ أَبُوهُ وَ أُمّهُ حَامِلٌ بِهِ وَ مَاتَت أُمّهُ وَ هُوَ ابنُ أَربَعِ سِنِينَ الكلَبيِ‌ّ وَ هُوَ ابنُ ثَمَانِيَةٍ وَ عِشرِينَ شَهراً مُحَمّدُ بنُ إِسحَاقَ تُوُفّيَت أُمّهُ بِالأَبوَاءِ مُنصَرِفَةً إِلَي مَكّةَ وَ هُوَ ابنُ سِتّ وَ رَبّاهُ


صفحه : 116

عَبدُ المُطّلِبِ وَ توُفُيّ‌َ عَنهُ وَ هُوَ ابنُ ثَمَانِيَةِ سِنِينَ وَ شَهرَينِ وَ عَشَرَةِ أَيّامٍ فَأَوصَي بِهِ إِلَي أَبِي طَالِبٍ فَرَبّاهُ

61-د،[العدد القوية] قِيلَ إِنّهُ لَمّا شَبّ رَسُولُ اللّهِص وَ تَرَعرَعَ وَ سَعَي رَدّتهُ حَلِيمَةُ إِلَي أُمّهِ فَافتَصَلَتهُ وَ قَدِمَت بِهِ عَلَي أَخوَالِهِ مِن بنَيِ‌ عدَيِ‌ّ بنِ النّجّارِ بِالمَدِينَةِ ثُمّ رَجَعَت بِهِ حَتّي إِذَا كَانَ بِالأَبوَاءِ هَلَكَت بِهَا فَيَتِمَ رَسُولُ اللّهِص وَ كَانَ عُمُرُهُ يَومَئِذٍ سِتّ سِنِينَ فَرَجَعَت بِهِ أُمّ أَيمَنَ إِلَي مَكّةَ وَ كَانَت تَحضُنُهُ وَ وَرِثَ رَسُولُ اللّهِص مِن أُمّهِ أُمّ أَيمَنَ وَ خَمسَةَ أَجمَالٍ أَودَاكٍ وَ قَطِيعَةَ غَنَمٍ فَلَمّا تَزَوّجَ بِخَدِيجَةَ أَعتَقَ أُمّ أَيمَنَ

وَ روُيِ‌َ أَنّ آمِنَةَ لَمّا قَدِمَت بِرَسُولِ اللّهِص المَدِينَةَ نَزَلَت بِهِ فِي دَارِ النّابِغَةِ رَجُلٍ مِن بنَيِ‌ عدَيِ‌ّ بنِ النّجّارِ فَأَقَامَت بِهَا شَهراً فَكَانَ رَسُولُ اللّهِص يَذكُرُ أُمُوراً كَانَت فِي مُقَامِهِ ذَلِكَ فَقَالَص نَظَرتُ إِلَي رَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ يَختَلِفُ وَ يَنظُرُ إلِيَ‌ّ ثُمّ يَنصَرِفُ عنَيّ‌ فلَقَيِنَيِ‌ يَوماً خَالِياً فَقَالَ لِي يَا غُلَامُ مَا اسمُكَ قُلتُ أَحمَدُ فَنَظَرَ إِلَي ظهَريِ‌ فَأَسمَعُهُ يَقُولُ هَذَا نبَيِ‌ّ هَذِهِ الأُمّةِ ثُمّ رَاحَ إِلَي أخَواَليِ‌ فَخَبّرَهُمُ الخَبَرَ فَأَخبَرُوا أمُيّ‌ فَخَافَت عَلَيّ وَ خَرَجنَا مِنَ المَدِينَةِ

وَ حَدّثَت أُمّ أَيمَنَ قَالَت أتَاَنيِ‌ رَجُلَانِ مِنَ اليَهُودِ يَوماً نِصفَ النّهَارِ بِالمَدِينَةِ فَقَالَا أخَرجِيِ‌ لَنَا أَحمَدَ فَأَخرَجتُهُ فَنَظَرَا إِلَيهِ وَ قَلّبَاهُ مَلِيّاً وَ نَظَرَا إِلَي سُرّتِهِ ثُمّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ هَذَا نبَيِ‌ّ هَذِهِ الأُمّةِ وَ هَذِهِ دَارُ هِجرَتِهِ وَ سَيَكُونُ بِهَذِهِ البَلدَةِ مِنَ القَتلِ وَ السبّي‌ِ أَمرٌ عَظِيمٌ


صفحه : 117

62-د،[العدد القوية] عَبدُ اللّهِ أَنفَذَهُ أَبُوهُ يَمتَارُ لَهُ تَمراً مِن يَثرِبَ فتَوُفُيّ‌َ بِهَا

63-عد،[العقائد] قال الشيخ أبو جعفررضي‌ الله عنه اعتقادنا في آباء النبي ص أنهم مسلمون من آدم إلي أبيه عبد الله و أن أباطالب كان مسلما وآمنة بنت وهب بن عبدمناف أم رسول الله ص كانت مسلمة

وَ قَالَ النّبِيّص خَرَجتُ مِن نِكَاحٍ وَ لَم أَخرُج مِن سِفَاحٍ مِن لَدُن آدَمَ وَ قَد روُيِ‌َ أَنّ عَبدَ المُطّلِبِ كَانَ حُجّةً وَ أَبُو طَالِبٍ كَانَ وَصِيّهُ ع

بيان اتفقت الإمامية رضوان الله عليهم علي أن والدي‌ الرسول و كل أجداده إلي آدم ع كانوا مسلمين بل كانوا من الصديقين إما أنبياء مرسلين أوأوصياء معصومين ولعل بعضهم لم يظهر الإسلام لتقية أولمصلحة دينية. قال أمين الدين الطبرسي‌ رحمه الله في مجمع البيان قال أصحابنا إن آزر كان جد ابراهيم ع لأمه أو كان عمه من حيث صح عندهم أن آباء النبي ص إلي آدم ع كلهم كانوا موحدين وأجمعت الطائفة علي ذلك وَ رَوَوا عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ لَم يَزَل ينَقلُنُيِ‌َ اللّهُ مِن أَصلَابِ الطّاهِرِينَ إِلَي أَرحَامِ المُطَهّرَاتِ حَتّي أخَرجَنَيِ‌ فِي عَالَمِكُم هَذَا لَم يدُنَسّنيِ‌ بِدَنَسِ الجَاهِلِيّةِ

. و لو كان في آبائه ع كافر لم يصف جميعهم بالطهارة مع قوله سبحانه إِنّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ ولهم في ذلك أدلة ليس هنا موضع ذكرها انتهي . و قال إمامهم الرازي‌ في تفسيره قالت الشيعة إن أحدا من آباء الرسول ص وأجداده ما كان كافرا وأنكروا أن يقال إن والد ابراهيم كان كافرا وذكروا أن آزر كان عم ابراهيم ع واحتجوا علي قولهم بوجوه


صفحه : 118

الأولي أن آباء نبينا ماكانوا كفارا ويدل عليه وجوه منها قوله تعالي ألّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَقيل معناه أنه كان ينقل روحه من ساجد إلي ساجد وبهذا التقدير فالآية دالة علي أن جميع آباء محمدص كانوا مسلمين فيجب القطع بأن والد ابراهيم كان مسلما ومما يدل علي أن أحدا من آباء محمدص ماكانوا من المشركين قوله ص لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلي أرحام الطاهرات و قال تعالي إِنّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ.أقول ثم أورد بعض الاعتراضات والأجوبة التي‌ لاحاجة لنا إلي إيرادها ثم قال و أماأصحابنا فقد زعموا أن والد رسول الله ص كان كافرا وذكروا أن نص الكتاب في هذه الآية تدل علي أن آزر كان كافرا و كان والد ابراهيم ع إلي آخر ما قال وإنما أوردنا كلامه ليعلم أن اتفاق الشيعة علي ذلك كان معلوما بحيث اشتهر بين المخالفين . و أماالمخالفون فذهب أكثرهم إلي كفر والدي‌ الرسول ص وكثير من أجداده كعبد المطلب وهاشم و عبدمناف ص وإجماعنا وأخبارنا متضافرة


صفحه : 119

علي خلافهم وسيأتي‌ الأخبار الكثيرة الدالة علي ذلك في سائر أبواب الكتاب . ووجدت في بعض الكتب أن عبدالمطلب اسمه شيبة ويقال شيبة الحمد و قدقيل إن اسمه عامر والصحيح الأول ويقال إنه سمي‌ شيبة لأنه ولد و في رأسه


صفحه : 120

شعرة بيضاء ويكني أباالحارث ويلقب الفياض لجوده وإنما سمي‌ عبدالمطلب لأن أباه هاشما مر بيثرب في بعض أسفاره فنزل علي عمرو بن زيد وقيل زيد بن عمرو بن خداش بن أمية بن وليد بن غنم بن عدي‌ بن النجار والراوي‌ الأول يقول عمرو


صفحه : 121

بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي‌ بن النجار و هوتيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج و هوالمعتمد فرأي ابنته سلمي فخطبها إليه فزوجه إياها وشرط عليه أنها إذاحملت أتي بهالتلد في دار قومها وبني عليها هاشم بيثرب ومضي بها إلي مكة


صفحه : 122

فلما أثقلت أتي بها إلي يثرب في السفرة التي‌ مات فيها وذهب إلي الشام فمات هناك بغزة من أرض الشام وولدت سلمي عبدالمطلب وشب عندأمه فمر به رجل من بني‌ الحارث بن عبدمناف و هو مع صبيان يتناضلون فرآه أجملهم وأحسنهم إصابة وكلما رمي فأصاب قال أنا ابن هاشم أنا ابن السيد البطحاء فأعجب الرجل مارأي منه ودنا إليه فقال من أنت قال أناشيبة بن هاشم بن عبدمناف قال بارك الله فيك وكثر فينا مثلك قال


صفحه : 123

من أنت ياعم قال رجل من قومك قال حياك الله ومرحبا بك وسأله عن أحواله وحاجته فرأي الرجل منه ماأعجبه فلما أتي مكة لم يبدأ بشي‌ء حتي أتي المطلب بن عبدمناف فأصابه جالسا في الحجر فخلا به وأخبره خبر الغلام و مارأي منه فقال المطلب و الله لقد أغفلته ثم ركب قلوصا ولحق بالمدينة وقصد محلة بني‌ النجار فإذا هوبالغلام في غلمان منهم فلما رآه أناخ قلوصه وقصد إليه فأخبره بنفسه و أنه جاء للذهاب به فما لبث أن جلس علي عجز الرحل وركب المطلب القلوص ومضي به وقيل بل كانت أمه قدعلمت بمجي‌ء المطلب ونازعته فغلبها عليه ومضي به إلي مكة و هوخلفه فلما رآه قريش قامت إليه وسلمت عليه وقالوا من أين أقبلت قال من يثرب قالوا و من هذامعك قال عبدابتعته فلما أتي محله اشتري له حلة فألبسه إياها وأتي به في مجلس بني‌ عبدمناف فقال هذا ابن أخيكم هاشم وأخبرهم خبره فغلب عليه عبدالمطلب لقول عمه إنه عبدابتعته وساد عبدالمطلب قريشا وأذعنت له سائر العرب بالسيادة والرئاسة وأخباره مشهورة مع أصحاب الفيل وحفر زمزم و في سقياه حين استسقي مرتين مرة لقريش ومرة لقيس إلي غير ذلك من فضائله وأخباره وأشعاره تدل علي أنه كان يعلم أن سبطه محمدا نبي‌ و هو ابن هاشم واسمه عمرو ويقال له عمرو العلي ويكني أبانضلة وإنما سمي‌ هاشما لهشمه الثريد للحجاج وكانت إليه الوفادة والرفادة و هو ألذي سن الرحلتين رحلة الشتاء إلي اليمن و


صفحه : 124

العراق ورحلة الصيف إلي الشام ومات بغزة من أرض الشام و فيه يقول مطرود بن كعب الخزاعي‌ شعر


عمرو العلي هشم الثريد لقومه .   ورجال مكة مسنتون عجاف .

و كان هاشم يدعي القمر ويسمي ذات الركب و قدسمي‌ بهذا آخرون من قريش أيضا و هو ابن عبدمناف واسمه المغيرة وإنما سمته عبدمناف أمه ومناف اسم صنم كان مستقبل الركن الأسود و كان أيضا يدعي القمر لجماله ويدعي السيد لشرفه وسؤدده و هو ابن قصي‌ واسمه زيد وإنما سمي‌ قصيا لأن أمه فاطمة بنت سعد بن سنبل الأزدية من أزد شنوءة تزوجها بعد أبيه كلاب ربيعة بن حزام بن سعد بن زيد القضاعي‌ فمضي بها إلي قومه و كان زهرة بن كلاب كبيرا فتركته عندقومه وحملت زيدا معها لأنه كان فطيما فسمي‌ قصيا لأنه أقصي‌ عن داره وشب في حجر ربيعة بن حزام لايري إلا أنه أبوه إلي أن كبر فنازع بعض بني‌ عذرة فقال له العذري‌ الحق بقومك فإنك لست منا قال وممن أنا قال سل أمك تخبرك فقالت أنت و الله أكبر منهم نفسا ووالدا ونسبا أنت ابن كلاب بن مرة وقومك آل الله في حرمه و عندبيته فكره قصي‌ المقام دون مكة فأشارت عليه أمه أن يقيم حتي يدخل الشهر الحرام ثم يخرج مع حجاج قضاعة ففعل و لماصار إلي مكة تزوج إلي خليل بن الحبشية الخزاعي‌ ابنته حيي‌ و كان خليل يلي‌ أمر الكعبة وعظم أمر قصي‌ حتي استخلص البيت من خزاعة وحاربهم وأجلاهم عن الحرم وصارت إليه السدانة والوفادة والسقاية وجمع قبائل قريش وكانت متفرقة. و قال محمد بن مسعود الكازروني‌ في كتاب المنتقي ولد عبد الله لأربع وعشرين سنة


صفحه : 125

مضت من ملك كسري أنوشيروان فبلغ سبع عشرة سنة ثم تزوج آمنة فلما حملت برسول الله ص توفي‌ و ذلك أن عبد الله بن عبدالمطلب خرج إلي الشام في عير من عيرات قريش يحملون تجارات ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا فمروا بالمدينة و عبد الله بن عبدالمطلب يومئذ مريض فقال أتخلف عندأخوالي‌ بني‌ عدي‌ بن النجار فأقام عندهم مريضا شهرا ومضي أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبدالمطلب عن عبد الله فقالوا خلفناه عندأخواله بني‌ عدي‌ بن النجار و هومريض فبعث إليه عبدالمطلب أعظم ولده الحارث فوجده قدتوفي‌ في دار النابغة فرجع إلي أبيه فأخبره فوجد عليه عبدالمطلب وإخوته وأخواته وجدا شديدا و رسول الله ص يومئذ حمل ولعبد الله يوم توفي‌ خمس وعشرون سنة. وروي‌ أنه توفي‌ بعد ماأتي علي رسول الله ص ثمانية وعشرون شهرا ويقال سبعة أشهر والأول أصح . قال الواقدي‌ ترك عبد الله أم أيمن وخمسة جمال أوراك يعني‌ قدأكلت الأراك وقطيعة غنم فورث رسول الله ص وكانت أم أيمن تحضنه واسمها بركة

64-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ الرّيّانِ بنِ الصّلتِ قَالَ أنَشدَنَيِ‌َ الرّضَا ع لِعَبدِ المُطّلِبِ شِعرَ


يَعِيبُ النّاسُ كُلّهُم زَمَاناً   وَ مَا لِزَمَانِنَا عَيبٌ سِوَانَا

نَعِيبُ زَمَانَنَا وَ العَيبُ فِينَا   وَ لَو نَطَقَ الزّمَانُ بِنَا هَجَانَا

صفحه : 126


وَ إِنّ الذّئبَ يَترُكُ لَحمَ ذِئبٍ   وَ يَأكُلُ بَعضُنَا بَعضاً عِيَاناً

أقول سيأتي‌ في باب مولد النبي ص بعض أخباره

65-ل ،[الخصال ]الفاَميِ‌ّ وَ ابنُ مَسرُورٍ مَعاً عَنِ ابنِ بُطّةَ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَن حَمّادٍ عَن حَرِيزٍ عَمّن أَخبَرَهُ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ أَوّلُ مَن سُوهِمَ عَلَيهِ مَريَمُ بِنتُ عِمرَانَ وَ هُوَ قَولُ اللّهِوَ ما كُنتَ لَدَيهِم إِذ يُلقُونَ أَقلامَهُم أَيّهُم يَكفُلُ مَريَمَ وَ السّهَامُ سِتّةٌ ثُمّ استَهَمُوا فِي يُونُسَ ع لَمّا رَكِبَ مَعَ القَومِ فَوَقَفَتِ السّفِينَةُ فِي اللّجّةِ فَاستَهَمُوا فَوَقَعَ السّهمُ عَلَي يُونُسَ ع ثَلَاثَ مَرّاتٍ قَالَ فَمَضَي يُونُسُ ع إِلَي صَدرِ السّفِينَةِ فَإِذَا الحُوتُ فَاتِحٌ فَاهُ فَرَمَي بِنَفسِهِ ثُمّ كَانَ عَبدُ المُطّلِبِ وُلِدَ لَهُ تِسعَةٌ فَنَذَرَ فِي العَاشِرِ إِن يَرزُقهُ اللّهُ غُلَاماً أَن يَذبَحَهُ قَالَ فَلَمّا وُلِدَ عَبدُ اللّهِ لَم يَكُن يَقدِرُ أَن يَذبَحَهُ وَ رَسُولُ اللّهِص فِي صُلبِهِ فَجَاءَ بِعَشرٍ مِنَ الإِبِلِ وَ سَاهَمَ عَلَيهَا وَ عَلَي عَبدِ اللّهِ فَخَرَجَتِ السّهَامُ عَلَي عَبدِ اللّهِ فَزَادَ عَشراً فَلَم يَزَل السّهَامُ تَخرُجُ عَلَي عَبدِ اللّهِ وَ يَزِيدُ عَشراً فَلَمّا بَلَغَت مِائَةً خَرَجَتِ السّهَامُ عَلَي الإِبِلِ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ مَا أَنصَفتُ ربَيّ‌ فَأَعَادَ السّهَامَ ثَلَاثاً فَخَرَجَت عَلَي الإِبِلِ فَقَالَ الآنَ عَلِمتُ أَنّ ربَيّ‌ قَد رضَيِ‌َ فَنَحَرَهَا

66-ل ،[الخصال ] أَبِي عَن سَعدٍ عَن أَبِي مُحَمّدٍ الفَضلِ اليمَاَنيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ جُمهُورٍ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ حَدِيدٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ الحَجّاجِ عَن هَارُونَ بنِ خَارِجَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَهَبَطَ جَبرَئِيلُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَد شَفّعَكَ فِي خَمسَةٍ فِي بَطنٍ حَمَلَكَ وَ هيِ‌َ آمِنَةُ بِنتُ وَهبِ بنِ عَبدِ مَنَافٍ وَ فِي صُلبٍ أَنزَلَكَ وَ هُوَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ وَ فِي حَجرٍ كَفَلَكَ وَ هُوَ عَبدُ المُطّلِبِ بنُ هَاشِمٍ وَ فِي بَيتٍ آوَاكَ وَ هُوَ عَبدُ مَنَافِ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ أَبُو طَالِبٍ وَ فِي أَخٍ كَانَ لَكَ فِي الجَاهِلِيّةِ قِيلَ


صفحه : 127

يَا رَسُولَ اللّهِ مَن هَذَا الأَخُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ كَانَ آنسِيِ‌ وَ كُنتُ آنِسَهُ وَ كَانَ سَخِيّاً يُطعِمُ الطّعَامَ

67-ل ،[الخصال ] مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ بنِ الشّاهِ عَن أَبِي حَامِدٍ عَن أَبِي يَزِيدَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ صَالِحٍ التمّيِميِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن أَنَسِ بنِ مُحَمّدٍ أَبِي مَالِكٍ عَن أَبِيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ فِي وَصِيّتِهِ لَهُ يَا عَلِيّ إِنّ عَبدَ المُطّلِبِ سَنّ فِي الجَاهِلِيّةِ خَمسَ سُنَنٍ أَجرَاهَا اللّهُ لَهُ فِي الإِسلَامِ حَرّمَ نِسَاءَ الآبَاءِ عَلَي الأَبنَاءِ فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ لا تَنكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُم مِنَ النّساءِ وَ وَجَدَ كَنزاً فَأَخرَجَ مِنهُ الخُمُسَ وَ تَصَدّقَ بِهِ فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّوَ اعلَمُوا أَنّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنّ لِلّهِ خُمُسَهُالآيَةَ وَ لَمّا حَفَرَ زَمزَمَ سَمّاهَا سِقَايَةَ الحَاجّ فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّأَ جَعَلتُم سِقايَةَ الحاجّ وَ عِمارَةَ المَسجِدِ الحَرامِ كَمَن آمَنَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِالآيَةَ وَ سَنّ فِي القَتلِ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ فَأَجرَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ ذَلِكَ فِي الإِسلَامِ وَ لَم يَكُن لِلطّوَافِ عَدَدٌ عِندَ قُرَيشٍ فَسَنّ فِيهِم عَبدُ المُطّلِبِ سَبعَةَ أَشوَاطٍ فَأَجرَي اللّهُ ذَلِكَ فِي الإِسلَامِ يَا عَلِيّ إِنّ عَبدَ المُطّلِبِ كَانَ لَا يَستَقسِمُ بِالأَزلَامِ وَ لَا يَعبُدُ الأَصنَامَ وَ لَا يَأكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَي النّصُبِ وَ يَقُولُ أَنَا عَلَي دِينِ أَبِي اِبرَاهِيمَ ع

بيان لعله ع فعل هذه الأمور بإلهام من الله تعالي أوكانت في ملة ابراهيم ع فتركتها قريش فأجراها فيهم فلما جاء الإسلام لم ينسخ هذه الأمور لماسنه عبدالمطلب

68-ل ،[الخصال ]الهمَداَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبَانٍ الأَحمَرِ قَالَ سَمِعتُ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ ع يُحَدّثُ عَن أَبِيهِ ع قَالَ سَمِعتُ جَابِرَ بنَ عَبدِ اللّهِ الأنَصاَريِ‌ّ يَقُولُ سُئِلَ رَسُولُ اللّهِص عَن وُلدِ عَبدِ المُطّلِبِ فَقَالَ عَشَرَةٌ وَ العَبّاسُ

قال الصدوق ره وهم عبد الله و أبوطالب والزبير وحمزة والحارث و هوأسنّهم والغيداق والمقوم وحجل و عبدالعزّي و هو أبولهب وضرار والعباس و من الناس


صفحه : 128

من يقول إن المقوم هوحجل ولعبد المطّلب عشرة أسماء تعرفه بهاالعرب وملوك القياصرة وملوك العجم وملوك الحبشة فمن أسمائه عامر وشيبة الحمد وسيّد البطحاء وساقي‌ الحجيج وساقي‌ الغيث وغيث الوري في العام الجدب و أبوالسادة العشرة و عبدالمطّلب وحافر زمزم و ليس ذلك لمن تقدّمه

69-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]القَطّانُ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ فَضّالٍ عَن أَبِيهِ قَالَسَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ الرّضَا ع عَن مَعنَي قَولِ النّبِيّص أَنَا ابنُ الذّبِيحَينِ قَالَ يعَنيِ‌ إِسمَاعِيلَ بنَ اِبرَاهِيمَ الخَلِيلِ ع وَ عَبدَ اللّهِ بنَ عَبدِ المُطّلِبِ أَمّا إِسمَاعِيلُ فَهُوَ الغُلَامُ الحَلِيمُ ألّذِي بَشّرَ اللّهُ تَعَالَي بِهِ اِبرَاهِيمَ ع فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السعّي‌َ وَ هُوَ لَمّا عَمِلَ مِثلَ عَمَلِهِقالَ يا بنُيَ‌ّ إنِيّ‌ أَري فِي المَنامِ أنَيّ‌ أَذبَحُكَ فَانظُر ما ذا تَري قالَ يا أَبَتِ افعَل ما تُؤمَرُ وَ لَم يَقُل لَهُ يَا أَبَتِ افعَل مَا رَأَيتَستَجَدِنُيِ‌ إِن شاءَ اللّهُ مِنَ الصّابِرِينَ فَلَمّا عَزَمَ عَلَي ذَبحِهِ فَدَاهُ اللّهُ تَعَالَيبِذِبحٍ عَظِيمٍبِكَبشٍ أَملَحَ يَأكُلُ فِي سَوَادٍ وَ يَشرَبُ فِي سَوَادٍ وَ يَنظُرُ فِي سَوَادٍ وَ يمَشيِ‌ فِي سَوَادٍ وَ يَبُولُ وَ يَبعَرُ فِي سَوَادٍ وَ كَانَ يَرتَعُ قَبلَ ذَلِكَ فِي رِيَاضِ الجَنّةِ أَربَعِينَ عَاماً وَ مَا خَرَجَ مِن رَحِمِ أُنثَي وَ إِنّمَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَهُ


صفحه : 129

كُن فَكَانَ ليِفَديِ‌َ بِهِ إِسمَاعِيلَ فَكُلّ مَا يُذبَحُ بِمِنًي فَهُوَ فِديَةٌ لِإِسمَاعِيلَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَهَذَا أَحَدُ الذّبِيحَينِ وَ أَمّا الآخَرُ فَإِنّ عَبدَ المُطّلِبِ كَانَ تَعَلّقَ بِحَلقَةِ بَابِ الكَعبَةِ وَ دَعَا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَن يَرزُقَهُ عَشَرَةَ بَنِينَ وَ نَذَرَ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ أَن يَذبَحَ وَاحِداً مِنهُم مَتَي أَجَابَ اللّهُ دَعوَتَهُ فَلَمّا بَلَغُوا عَشَرَةً قَالَ قَد وَفَي اللّهُ تَعَالَي لِي فَلَأَفِيَنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ فَأَدخَلَ وُلدَهُ الكَعبَةَ وَ أَسهَمَ بَينَهُم فَخَرَجَ سَهمُ عَبدِ اللّهِ أَبِي رَسُولِ اللّهِص وَ كَانَ أَحَبّ وُلدِهِ إِلَيهِ ثُمّ أَجَالَهَا ثَانِيَةً فَخَرَجَ سَهمُ عَبدِ اللّهِ ثُمّ أَجَالَهَا ثَالِثَةً فَخَرَجَ سَهمُ عَبدِ اللّهِ فَأَخَذَهُ وَ حَبَسَهُ وَ عَزَمَ عَلَي ذَبحِهِ فَاجتَمَعَت قُرَيشٌ وَ مَنَعَتهُ مِن ذَلِكَ وَ اجتَمَعَ نِسَاءُ عَبدِ المُطّلِبِ يَبكِينَ وَ يَصِحنَ فَقَالَت لَهُ ابنَتُهُ عَاتِكَةُ يَا أَبَتَاه أَعذِر فِيمَا بَينَكَ وَ بَينَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي قَتلِ ابنِكَ قَالَ وَ كَيفَ أُعذِرُ يَا بُنَيّةُ فَإِنّكِ مُبَارَكَةٌ قَالَت اعمِد عَلَي تِلكَ السّوَائِمِ التّيِ‌ لَكَ فِي الحَرَمِ فَاضرِب بِالقِدَاحِ عَلَي ابنِكَ وَ عَلَي الإِبِلِ وَ أَعطِ رَبّكَ حَتّي يَرضَي فَبَعَثَ عَبدُ المُطّلِبِ إِلَي إِبِلِهِ فَأَحضَرَهَا وَ عَزَلَ مِنهَا عَشراً وَ ضَرَبَ بِالسّهَامِ فَخَرَجَ سَهمُ عَبدِ اللّهِ فَمَا زَالَ يَزِيدُ عَشراً عَشراً حَتّي بَلَغَت مِائَةً فَضَرَبَ فَخَرَجَ السّهمُ عَلَي الإِبِلِ فَكَبّرَت قُرَيشٌ تَكبِيرَةً ارتَجّت لَهَا جِبَالُ تِهَامَةَ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ لَا حَتّي أَضرِبَ بِالقِدَاحِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ فَضَرَبَ ثَلَاثاً كُلّ ذَلِكَ يَخرُجُ السّهمُ عَلَي الإِبِلِ فَلَمّا كَانَ فِي الثّالِثَةِ اجتَذَبَهُ الزّبَيرُ وَ أَبُو طَالِبٍ وَ أَخَوَاتُهُمَا مِن تَحتِ رِجلَيهِ فَحَمَلُوهُ وَ قَدِ انسَلَخَت جَلدَةُ خَدّهِ ألّذِي كَانَ عَلَي الأَرضِ وَ أَقبَلُوا يَرفَعُونَهُ وَ يُقَبّلُونَهُ وَ يَمسَحُونَ عَنهُ التّرَابَ وَ أَمَرَ عَبدُ المُطّلِبِ أَن تُنحَرَ الإِبِلُ بِالحَزوَرَةِ وَ لَا يُمنَعَ أَحَدٌ مِنهَا وَ كَانَت مِائَةً فَكَانَت لِعَبدِ المُطّلِبِ خَمسٌ مِنَ السّنَنِ أَجرَاهَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي الإِسلَامِ حَرّمَ نِسَاءَ الآبَاءِ عَلَي الأَبنَاءِ وَ سَنّ الدّيَةَ فِي القَتلِ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ وَ كَانَ يَطُوفُ بِالبَيتِ سَبعَةَ أَشوَاطٍ وَ وَجَدَ كَنزاً فَأَخرَجَ مِنهُ الخُمُسَ وَ سَمّي زَمزَمَ حِينَ حَفَرَهَا سِقَايَةَ الحَاجّ وَ لَو لَا أَنّ عَبدَ المُطّلِبِ كَانَ حُجّةً وَ أَنّ عَزمَهُ عَلَي ذَبحِ ابنِهِ عَبدِ اللّهِ شَبِيهٌ بِعَزمِ اِبرَاهِيمَ ع عَلَي ذَبحِ ابنِهِ إِسمَاعِيلَ لَمَا افتَخَرَ النّبِيّص بِالِانتِسَابِ إِلَيهِمَا لِأَجلِ


صفحه : 130

أَنّهُمَا الذّبِيحَانِ فِي قَولِهِص أَنَا ابنُ الذّبِيحَينِ وَ العِلّةُ التّيِ‌ مِن أَجلِهَا دَفَعَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الذّبحَ عَن إِسمَاعِيلَ هيِ‌َ العِلّةُ التّيِ‌ مِن أَجلِهَا دَفَعَ الذّبحَ عَن عَبدِ اللّهِ وَ هيِ‌َ كَونُ النّبِيّ وَ الأَئِمّةِص فِي صُلبَيهِمَا فَبِبَرَكَةِ النّبِيّ وَ الأَئِمّةِص دَفَعَ اللّهُ الذّبحَ عَنهُمَا فَلَم تَجرِ السّنّةُ فِي النّاسِ بِقَتلِ أَولَادِهِم وَ لَو لَا ذَلِكَ لَوَجَبَ عَلَي النّاسِ كُلّ أَضحًي التّقَرّبُ إِلَي اللّهِ تَعَالَي ذِكرُهُ بِقَتلِ أَولَادِهِم كُلّ مَا يَتَقَرّبُ النّاسُ بِهِ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مِن أُضحِيّةٍ فَهُوَ فِدَاءٌ لِإِسمَاعِيلَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ

70-جا،[المجالس للمفيد] ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]المُفِيدُ عَن عَلِيّ بنِ بِلَالٍ المهُلَبّيِ‌ّ عَن عَبدِ الوَاحِدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ يُونُسَ عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَامِرٍ عَنِ المُعَلّي عَنِ العمَيّ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ بَشِيرٍ عَن سُلَيمَانَ بنِ سَمَاعَةَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ القَاسِمِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ لَمّا قَصَدَ أَبرَهَةُ بنُ الصّبّاحِ مَلِكُ الحَبَشَةِ لِهَدمِ البَيتِ تَسَرّعَتِ الحَبَشَةُ فَأَغَارُوا عَلَيهَا فَأَخُذُوا سَرحاً لِعَبدِ المُطّلِبِ بنِ هَاشِمٍ فَجَاءَ عَبدُ المُطّلِبِ فَاستَأذَنَ عَلَيهِ فَأَذِنَ لَهُ وَ هُوَ فِي قُبّةِ دِيبَاجٍ عَلَي سَرِيرٍ لَهُ فَسَلّمَ عَلَيهِ فَرَدّ أَبرَهَةُ السّلَامَ وَ جَعَلَ يَنظُرُ فِي وَجهِهِ فَرَاقَهُ حُسنُهُ وَ جَمَالُهُ وَ هَيبَتُهُ فَقَالَ لَهُ هَل كَانَ فِي آبَائِكَ مِثلُ هَذَا النّورِ ألّذِي أَرَاهُ لَكَ وَ الجَمَالِ قَالَ نَعَم أَيّهَا المَلِكُ كُلّ آباَئيِ‌ كَانَ لَهُم هَذَا الجَمَالُ وَ النّورُ وَ البَهَاءُ فَقَالَ لَهُ أَبرَهَةُ لَقَد فُقتُم فَخراً وَ شَرَفاً وَ يَحِقّ لَكَ أَن تَكُونَ سَيّدَ قَومِكَ ثُمّ أَجلَسَهُ مَعَهُ عَلَي سَرِيرِهِ وَ قَالَ لِسَائِسِ فِيلِهِ الأَعظَمِ وَ كَانَ فِيلًا أَبيَضَ عَظِيمَ الخَلقِ لَهُ نَابَانِ مُرَصّعَانِ بِأَنوَاعِ الدّرّ وَ الجَوَاهِرِ وَ كَانَ المَلِكُ يبُاَهيِ‌ بِهِ مُلُوكَ الأَرضِ ايتنِيِ‌ بِهِ فَجَاءَ بِهِ سَائِسُهُ وَ قَد زُيّنَ بِكُلّ زِينَةٍ حَسَنَةٍ فَحِينَ قَابَلَ وَجهَ عَبدِ المُطّلِبِ سَجَدَ لَهُ وَ لَم يَكُن يَسجُدُ لِمَلِكِهِ وَ أَطلَقَ اللّهُ لِسَانَهُ بِالعَرَبِيّةِ فَسَلّمَ عَلَي عَبدِ المُطّلِبِ فَلَمّا رَأَي المَلِكُ ذَلِكَ ارتَاعَ


صفحه : 131

لَهُ وَ ظَنّهُ سِحراً فَقَالَ رُدّوا الفِيلَ إِلَي مَكَانِهِ ثُمّ قَالَ لِعَبدِ المُطّلِبِ فِيمَ جِئتَ فَقَد بلَغَنَيِ‌ سَخَاؤُكَ وَ كَرَمُكَ وَ فَضلُكَ وَ رَأَيتُ مِن هَيبَتِكَ وَ جَمَالِكَ وَ جَلَالِكَ مَا يقَتضَيِ‌ أَن أَنظُرَ فِي حَاجَتِكَ فسَلَنيِ‌ مَا شِئتَ وَ هُوَ يَرَي أَنّهُ يَسأَلُهُ فِي الرّجُوعِ مِن مَكّةَ فَقَالَ لَهُ عَبدُ المُطّلِبِ إِنّ أَصحَابَكَ غَدَوا عَلَي سَرحٍ لِي فَذَهَبُوا بِهِ فَمُرهُم بِرَدّهِ عَلَيّ قَالَ فَتَغَيّظَ الحبَشَيِ‌ّ مِن ذَلِكَ وَ قَالَ لِعَبدِ المُطّلِبِ لَقَد سَقَطتَ مِن عيَنيِ‌ جئِتنَيِ‌ تسَألَنُيِ‌ فِي سَرحِكَ وَ أَنَا قَد جِئتُ لِهَدمِ شَرَفِكَ وَ شَرَفِ قَومِكَ وَ مَكرُمَتِكُمُ التّيِ‌ تَتَمَيّزُونَ بِهَا مِن كُلّ جِيلٍ وَ هُوَ البَيتُ ألّذِي يُحَجّ إِلَيهِ مِن كُلّ صُقعٍ فِي الأَرضِ فَتَرَكتَ مسَألَتَيِ‌ فِي ذَلِكَ وَ سأَلَتنَيِ‌ فِي سَرحِكَ فَقَالَ لَهُ عَبدُ المُطّلِبِ لَستُ بِرَبّ البَيتِ ألّذِي قَصَدتَ لِهَدمِهِ وَ أَنَا رَبّ سرَحيِ‌َ ألّذِي أَخَذَهُ أَصحَابُكَ فَجِئتُ أَسأَلُكَ فِيمَا أَنَا رَبّهُ وَ لِلبَيتِ رَبّ هُوَ أَمنَعُ لَهُ مِنَ الخَلقِ كُلّهِم وَ أَولَي بِهِ مِنهُم فَقَالَ المَلِكُ رُدّوا عَلَيهِ سَرحَهُ وَ انصَرَفَ إِلَي مَكّةَ وَ أَتبَعَهُ المَلِكُ بِالفِيلِ الأَعظَمِ مَعَ الجَيشِ لِهَدمِ البَيتِ فَكَانُوا إِذَا حَمَلُوهُ عَلَي دُخُولِ الحَرَمِ أَنَاخَ وَ إِذَا تَرَكُوهُ رَجَعَ مُهَروِلًا فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ لِغِلمَانِهِ ادعُوا إلِيَ‌ّ ابنيِ‌ فجَيِ‌ءَ بِالعَبّاسِ فَقَالَ لَيسَ هَذَا أُرِيدُ ادعُوا إلِيَ‌ّ ابنيِ‌ فجَيِ‌ءَ بأِبَيِ‌ طَالِبٍ فَقَالَ لَيسَ هَذَا أُرِيدُ ادعُوا إلِيَ‌ّ ابنيِ‌ فجَيِ‌ءَ بِعَبدِ اللّهِ أَبِ النّبِيّص فَلَمّا أَقبَلَ إِلَيهِ قَالَ اذهَب يَا بنُيَ‌ّ حَتّي تَصعَدَ أَبَا قُبَيسٍ ثُمّ اضرِب بِبَصَرِكَ نَاحِيَةَ البَحرِ فَانظُر أَيّ شَيءٍ يجَيِ‌ءُ مِن هُنَاكَ وَ خبَرّنيِ‌ بِهِ قَالَ فَصَعِدَ عَبدُ اللّهِ أَبَا قُبَيسٍ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِطَيرٍ أَبَابِيلَ مِثلَ السّيلِ وَ اللّيلِ فَسَقَطَ عَلَي أَبِي قُبَيسٍ ثُمّ صَارَ إِلَي البَيتِ فَطَافَ سَبعاً ثُمّ صَارَ إِلَي الصّفَا وَ المَروَةِ فَطَافَ بِهِمَا سَبعاً فَجَاءَ عَبدُ اللّهِ إِلَي أَبِيهِ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ فَقَالَ انظُر يَا بنُيَ‌ّ مَا يَكُونُ مِن أَمرِهَا بَعدُ فأَخَبرِنيِ‌ بِهِ فَنَظَرَهَا فَإِذَا هيِ‌َ قَد أَخَذَت نَحوَ عَسكَرِ الحَبَشَةِ فَأَخبَرَ عَبدَ المُطّلِبِ بِذَلِكَ فَخَرَجَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ هُوَ يَقُولُ يَا أَهلَ مَكّةَ اخرُجُوا إِلَي العَسكَرِ فَخُذُوا غَنَائِمَكُم قَالَ


صفحه : 132

فَأَتَوُا العَسكَرَ وَ هُم أَمثَالُ الخُشُبِ النّخِرَةِ وَ لَيسَ مِنَ الطّيرِ إِلّا مَا مَعَهُ ثَلَاثَةُ أَحجَارٍ فِي مِنقَارِهِ وَ يَدَيهِ يَقتُلُ بِكُلّ حَصَاةٍ مِنهَا وَاحِداً مِنَ القَومِ فَلَمّا أَتَوا عَلَي جَمِيعِهِم انصَرَفَ الطّيرُ فَلَم يُرَ قَبلَ ذَلِكَ وَ لَا بَعدَهُ فَلَمّا هَلَكَ القَومُ بِأَجمَعِهِم جَاءَ عَبدُ المُطّلِبِ إِلَي البَيتِ فَتَعَلّقَ بِأَستَارِهِ وَ قَالَ


يَا حَابِسَ الفِيلِ بذِيِ‌ المُغَمّسِ   حَبَستَهُ كَأَنّهُ مُكَوّسٌ

  فِي مَجلِسٍ تَزهَقُ فِيهِ الأَنفُسُ

فَانصَرَفَ وَ هُوَ يَقُولُ فِي فِرَارِ قُرَيشٍ وَ جَزَعِهِم مِنَ الحَبَشَةِ


طَارَت قُرَيشٌ إِذ رَأَت خَمِيساً   فَظَلّت فَرداً لَا أَرَي أَنِيساً

وَ لَا أَحَسّ مِنهُم حَسِيساً   إِلّا أَخاً لِي مَاجِداً نَفِيساً

  ُسوَدّاً فِي أَهلِهِ رَئِيساً

بيان رَاقَهُ أعجبه قال الفيروزآبادي‌ المغمّس كمعظّم ومحدّث موضع بطريق الطائف فيه قبر أبي رِغَال دليل أبرهة ويُرجَمُ و قال المكوّس كمعظّم حمار.أقول روي‌ في كتاب العدد مثله إلا أنه زاد فيه فحين قابل الفيل وجه عبدالمطلب سجد له و لم يكن سجد لملكه وأطلق الله لسانه بالعربية فسلم علي عبدالمطلب و قال بلسان فصيح يانور خير البرية و ياصاحب البيت والسقاية و ياجد سيد المرسلين السلام علي نور ألذي في ظهرك يا عبدالمطلب معك العز والشرف لن تذل ولن تغلب أبدا فلما رأي الملك ذلك ارتاع له وظنه سحرا فقال ردوا الفيل إلي مكانه ثم قال لعبد المطلب فيم جئت فقد بلغني‌ سخاؤك وكرمك وفضلك ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك مايقتضي‌ أن أنظر في حاجتك فسل ماشئت وساق الحديث إلي آخره

71-فس ،[تفسير القمي‌]أَ لَم تَرَ أَ لَم تَعلَم يَا مُحَمّدُكَيفَ فَعَلَ رَبّكَ بِأَصحابِ الفِيلِ قَالَ


صفحه : 133

نَزَلَت فِي الحَبَشَةِ حِينَ جَاءُوا بِالفِيلِ لِيَهدِمُوا بِهِ الكَعبَةَ فَلَمّا أَدنَوهُ[دَنَوا] مِن بَابِ المَسجِدِ قَالَ لَهُ عَبدُ المُطّلِبِ تدَريِ‌ أَينَ يَأُمّ بِكَ قَالَ بِرَأسِهِ لَا قَالَ أَتَوا بِكَ لِتَهدِمَ كَعبَةَ اللّهِ أَ تَفعَلُ ذَلِكَ فَقَالَ بِرَأسِهِ لَا فَجَهَدَتِ بِهِ الحَبَشَةُ لِيَدخُلَ المَسجِدَ فَأَبَي فَحَمَلُوا عَلَيهِ بِالسّيُوفِ وَ قَطَعُوهُوَ أَرسَلَ عَلَيهِم طَيراً أَبابِيلَ قَالَ بَعضُهَا عَلَي أَثَرِ بَعضٍتَرمِيهِم بِحِجارَةٍ مِن سِجّيلٍ قَالَ كَانَ مَعَ كُلّ طَيرٍ حَجَرٌ فِي مِنقَارِهِ وَ حَجَرَانِ فِي مَخَالِيبِهِ وَ كَانَت تُرَفرِفُ عَلَي رُءُوسِهِم وَ ترَميِ‌ فِي دِمَاغِهِم فَيَدخُلُ الحَجَرُ فِي دِمَاغِهِم وَ يَخرُجُ مِن أَدبَارِهِم وَ تَنتَفِضُ أَبدَانُهُم فَكَانُوا كَمَا قَالَفَجَعَلَهُم كَعَصفٍ مَأكُولٍ قَالَ العَصفُ التّبنُ وَ المَأكُولُ هُوَ ألّذِي يَبقَي مِن فَضلِهِ قَالَ الصّادِقُ ع وَ أَهلُ الجدُرَيِ‌ّ مِن ذَلِكَ ألّذِي أَصَابَهُم فِي زَمَانِهِم جدُرَيِ‌ّ

بيان قال الطبرسي‌ ره أجمعت الرواة علي أن ملك اليمن ألذي قصد هدم الكعبة هوأبرهة بن الصباح وقيل إن كنيته أبويكسوم قال الواقدي‌ هوصاحب النجاشي‌ جدّ النجاشي‌ ألذي كان علي عهد رسول الله ص و قال محمد بن إسحاق أقبل تبّع حتي نزل علي المدينة فنزل بوادي‌ قباء فحفر بهابئرا تدعي اليوم ببئر الملك قال وبالمدينة إذ ذاك يهود والأوس والخزرج فقاتلوه وجعلوا يقاتلونه بالنهار فإذاأمسي أرسلوا إليه بالضيافة فاستحيا وأراد صلحهم فخرج إليه رجل من الأوس يقال له أحيحة


صفحه : 134

بن الجلاح وخرج إليه من اليهود بنيامين القرطي‌ فقال له أحيحة أيها الملك نحن قومك و قال بنيامين هذه بلدة لاتقدر أن تدخلها و لوجهدت قال و لم قال لأنها منزل نبي‌ من الأنبياء يبعثه الله من قريش قال ثم خرج يسير حتي إذا كان من مكة علي ليلتين بعث الله عليه ريحا قصفت يديه ورجليه وشنجت جسده فأرسل إلي من معه من اليهود فقال ويحكم ما هذا ألذي أصابني‌ قالوا حدثت نفسك بشي‌ء قال نعم وذكر ماأجمع عليه من هدم البيت وأصابه ما فيه قالوا ذاك بيت الله الحرام و من أراده هلك قال ويحكم و ماالمخرج مما دخلت فيه قالوا تحدث نفسك بأن تطوف به وتكسوه وتهدي‌ له فحدث نفسه بذلك فأطلقه الله ثم سار حتي دخل مكة فطاف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة وكسا البيت وذكر الحديث في نحره بمكة وإطعامه الناس ثم رجوعه إلي اليمن وقتله وخروج ابنه إلي قيصر واستعانته به فيما فعل قومه بأبيه و أن قيصرا كتب له إلي النجاشي‌ ملك الحبشة و أن النجاشي‌ بعث معه ستين ألفا واستعمل عليهم روزبه حتي قاتلوا حمير قتلة أبيه ودخلوا صنعاء فملكوها وملكوا اليمن و كان في أصحاب روزبه رجل يقال له أبرهة و هو أبويكسوم فقال لروزبه أناأولي بهذا الأمر منك وقتله مكرا وأرضي النجاشي‌ ثم إنه بني كعبة باليمن وجعل فيهاقبابا من ذهب وأمر أهل مملكته بالحج إليها يضاهي‌ بذلك البيت الحرام و أن رجلا من بني‌ كنانة خرج حتي قدم اليمن فنظر إليها ثم قعد فيهايعني‌ لحاجة الإنسان فدخلها أبرهة فوجد تلك العذرة فيها فقال من اجترأ علي بهذا ونصرانيتي‌ لأهدمن ذلك البيت حتي لايحجه حاج أبدا فدعا بالفيل وأذن قومه بالخروج


صفحه : 135

و من اتبعه من أهل اليمن و كان أكثر من تبعه منهم عك والأشعريون وخثعم قال ثم خرج يسير حتي إذا كان ببعض طريقه بعث رجلا من بني‌ سليم ليدعو الناس إلي حج بيته ألذي بناه فتلقاه رجل من الخمس من بني‌ كنانة فقتله فازداد بذلك حنقا وأحث السير والانطلاق وطلب من أهل الطائف دليلا فبعثوا معه رجلا من هذيل يقال له نفيل فخرج بهم يهديهم حتي إذاكانوا بالمغمس نزلوا و هو من مكة علي ستة أميال فبعثوا مقدماتهم إلي مكة فخرجت قريش عباديد في رءوس الجبال وقالوا لاطاقة لنا اليوم بقتال هؤلاء القوم و لم يبق بمكة غير عبدالمطلب بن هاشم أقام علي سقايته و غيرشيبة بن عثمان بن عبدالدار أقام علي حجابة البيت فجعل عبدالمطلب يأخذ بعضادتي‌ الباب ثم يقول .


لاهمّ إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك .   لايغلبوا بصليبهم ومحالهم عدوا محالك .

  إن يدخلوا البيت الحرام إذافأمر مابدا لك

ثم إن مقدمات أبرهة أصابت نعما لقريش فأصابت فيهامائتي‌ بعير لعبد المطلب بن هاشم فلما بلغه ذلك خرج حتي أتي القوم و كان حاجب أبرهة رجلا من الأشعريين وكانت له بعبد المطلب معرفة فاستأذن له علي الملك و قال له أيها


صفحه : 136

الملك جاءك سيد قريش ألذي يطعم إنسها في الحي‌ ووحشها في الجبل فقال ائذن له و كان عبدالمطلب رجلا جسيما جميلا فلما رآه أبويكسوم أجله أن يجلسه تحته وكره أن يجلسه معه علي سريره فنزل من سريره فجلس علي الأرض وأجلس عبدالمطلب معه ثم قال ماحاجتك قال حاجتي‌ مائتا بعير لي أصابتها مقدمتك فقال أبويكسوم و الله لقد رأيتك فأعجبتني‌ ثم تكلمت فزهدت فيك فقال و لم أيها الملك قال لأني‌ جئت إلي بيت عزكم ومنعتكم من العرب وفضلكم في الناس وشرفكم عليهم ودينكم ألذي تعبدون فجئت لأكسره وأصيبت لك مائتا بعير فسألتك عن حاجتك فكلمتني‌ في إبلك و لم تطلب إلي‌ في بيتكم فقال له عبدالمطلب أيها الملك إنما أكلمك فيما لي ولهذا البيت رب هويمنعه لست أنا منه في شيءفراع ذلك أبايكسوم وأمر برد إبل عبدالمطلب عليه ثم رجع وأمست ليلتهم تلك ليلة كالحة نجومها كأنها تكلمهم كلاما لاقترابها منهم فأحست نفوسهم بالعذاب وخرج دليلهم حتي دخل الحرم وتركهم وقام الأشعريون وخثعم وكسروا رماحهم وسيوفهم وبرءوا إلي الله أن يعينوا علي هدم البيت فباتوا كذلك بأخبث ليلة ثم أدلجوا بسحر فبعثوا فيلهم يريدون أن يصبحوا بمكة فوجهوه إلي مكة فربض فضربوه فتمرغ فلم يزالوا كذلك حتي كادوا أن يصبحوا ثم إنهم أقبلوا علي الفيل فقالوا لك الله أن لانوجهك إلي مكة فانبعث فوجهوه إلي اليمن راجعا فتوجه يهرول فعطفوه حين رأوه منطلقا حتي إذاردوه إلي مكانه الأول ربض فلما رأوا ذلك عادوا إلي القسم فلم يزالوا كذلك يعالجونه حتي إذا كان مع طلوع الشمس طلعت عليهم الطير


صفحه : 137

معها الحجارة فجعلت ترميهم و كل طائر في منقاره حجر و في رجليه حجران و إذارمت بتلك مضت وطلعت أخري فلايقع حجر من حجارتهم تلك علي بطن إلاخرقه و لاعظم إلاأوهاه وثقبه وثاب أبويكسوم راجعا قدأصابته بعض الحجارة فجعل كلما قدم أرضا انقطع له فيهاإرب حتي إذاانتهي إلي اليمن لم يبق شيء إلاأباده فلما قدمها انصدع صدره وانشق بطنه فهلك و لم يصب من خثعم والأشعريين أحد قال و كان عبدالمطلب يرتجز ويدعو علي الحبشة يقول .


يارب لاأرجو لهم سواكا.   يارب فامنع منهم حماكا.

إن عدو البيت من عاداكا.   إنهم لم يقهروا قواكا.

قال و لم تصب تلك الحجارة أحدا إلاهلك و ليس كل القوم أصابت وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق ألذي منه جاءوا ويسألون عن نفيل ليدلهم علي الطريق . و قال مقاتل السبب ألذي جر أصحاب الفيل إلي مكة هو أن فئة من قريش خرجوا تجارا إلي أرض النجاشي‌ فساروا حتي دنوا من ساحل البحر و في حقف من أحقافها بيعة للنصاري تسميها قريش الهيكل ويسميها النجاشي‌ و أهل أرضه ماسرخشان فنزل القوم فجمعوا حطبا ثم أججوا نارا فاشتووا لحما فلما ارتحلوا تركوا النار كماهي‌ في يوم عاصف فذهبت الرياح بالنار فاضطرم الهيكل نارا فغضب النجاشي‌ لذلك فبعث أبرهة لهدم الكعبة.


صفحه : 138

وَ رَوَي العيَاّشيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ أَرسَلَ اللّهُ عَلَي أَهلِ الفِيلِ طَيراً مِثلَ الخُطّافِ أَو نَحوِهِ فِي مِنقَارِهِ حَجَرٌ مِثلَ العَدَسَةِ فَكَانَ يحُاَذيِ‌ بِرَأسِ الرّجُلِ فَيَرمِيهِ بِالحَجَرِ فَيَخرُجُ مِن دُبُرِهِ فَلَم تَزَل بِهِم حَتّي أَتَت عَلَيهِم قَالَ فَأَفلَتَ رَجُلٌ مِنهُم فَجَعَلَ يُخبِرُ النّاسَ بِالقِصّةِ فَبَينَا هُوَ يُخبِرُهُم إِذ أَبصَرَ طَيراً مِنهَا فَقَالَ هَذَا هُوَ مِنهَا قَالَ فَحَاذَي بِهِ فَطَرَحَهُ عَلَي رَأسِهِ فَخَرَجَ مِن دُبُرِهِ

. و قال عبيد بن عمير لماأراد الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا نشأت من البحر كأنها الخطاطيف كل طير منها معه ثلاثة أحجار ثم جاءت حتي صفت علي رءوسهم ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها فما من حجر وقع منها علي رجل إلاخرج من الجانب الآخر إن وقع علي رأسه خرج من دبره و إن وقع علي شيء من جسده خرج من الجانب الآخر. و عن ابن عباس قال دعا الله الطير الأبابيل فأعطاها حجارة سودا عليها الطين فلما حاذت بهم رمتهم فما بقي‌ أحد منهم إلاأخذته الحكة فكان لايحك إنسان منهم جلده إلاتساقط لحمه قال وكانت الطير نشأت من قبل البحر لها خراطيم الطيور ورءوس السباع لم تر قبل ذلك و لابعده فقال تعالي أَ لَم تَرَ أ لم تعلم كَيفَ فَعَلَ رَبّكَ بِأَصحابِ الفِيلِ ألذي قصدوا تخريب الكعبة و كان معهم فيل واحد اسمه محمود وقيل ثمانية أفيال وقيل اثنا عشر فيلا وإنما وحد لأنه أراد الجنس و كان ذلك في العام ألذي ولد فيه رسول الله ص و عليه أكثر العلماء وقيل كان أمر الفيل قبل مولده ص بثلاث وعشرين سنة وقيل بأربعين سنةأَ لَم يَجعَل كَيدَهُم فِي تَضلِيلٍ أي ضل سعيهم


صفحه : 139

حتي لم يصلوا إلي ماأرادوه بكيدهم وَ أَرسَلَ عَلَيهِم طَيراً أَبابِيلَ أي أقاطيع يتبع بعضها بعضا كالإبل المؤبلة وكانت لها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب وقيل لها أنياب كأنياب السباع وقيل طير خضر لها مناقير صفر وقيل طير سود بحرية تحمل في مناقيرها وأكفها الحجارة ويمكن أن يكون بعضها خضرا وبعضها سوداتَرمِيهِم بِحِجارَةٍ مِن سِجّيلٍ أي تقذفهم تلك الطير بحجارة صلبة شديدة و قال موسي بن عائشة كانت أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة. و قال البيضاوي‌مِن سِجّيلٍ من طين متحجر معرب سنگ گل وقيل من السجل و هوالدلو الكبير أوالإسجال و هوالإرسال أو من السجل ومعناه من جملة العذاب المكتوب المدون .فَجَعَلَهُم كَعَصفٍ مَأكُولٍكورق زرع وقع فيه الأكال و هو أن يأكله الدود أوأكل حبه فبقي‌ صفرا منه أوكتبن أكلته الدواب وراشته

72-كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ الواَسطِيِ‌ّ عَنِ التلّعّكُبرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ هَمّامٍ وَ أَحمَدَ بنِ هَوذَةَ جَمِيعاً عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ جُمهُورٍ عَن أَبِيهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ الحَجّاجِ عَن هَارُونَ بنِ خَارِجَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ ع قَالَ لَمّا ظَهَرَتِ الحَبَشَةُ بِاليَمَنِ وَجّهَ يَكسُومُ مَلِكُ الحَبَشَةِ بِقَائِدَينِ مِن قُوّادِهِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا أَبرَهَةُ وَ الآخَرِ أَربَاطُ فِي عَشَرَةٍ مِنَ الفِيَلَةِ كُلّ فِيلٍ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ لِهَدمِ بَيتِ اللّهِ الحَرَامِ فَلَمّا صَارُوا بِبَعضِ الطّرِيقِ وَقَعَ بَأسُهُم بَينَهُم وَ اختَلَفُوا فَقَتَلَ أَبرَهَةُ أَربَاطَ وَ استَولَي عَلَي الجَيشِ فَلَمّا قَارَبَ مَكّةَ طَرَدَ أَصحَابُهُ عِيراً لِعَبدِ المُطّلِبِ بنِ هَاشِمٍ فَصَارَ عَبدُ المُطّلِبِ إِلَي أَبرَهَةَ وَ كَانَ تَرجُمَانُ أَبرَهَةَ وَ المسُتوَليِ‌ عَلَيهِ ابنَ دَايَةٍ لِعَبدِ المُطّلِبِ فَقَالَ التّرجُمَانُ لِأَبرَهَةَ هَذَا سَيّدُ العَرَبِ وَ دَيّانُهَا فَأَجّلهُ وَ أَعظِمهُ ثُمّ قَالَ لِكَاتِبِهِ سَلهُ مَا حَاجَتُهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ إِنّ أَصحَابَ المَلِكِ طَرَدُوا لِي نَعَماً فَأمُر بِرَدّهَا ثُمّ أَقبَلَ عَلَي


صفحه : 140

التّرجُمَانِ فَقَالَ قُل لَهُ عَجَباً لِقَومٍ سَوّدُوكَ وَ رَأّسُوكَ عَلَيهِم حَيثُ تسَألَنُيِ‌ فِي عِيرٍ لَكَ وَ قَد جِئتُ لِأَهدِمَ شَرَفَكَ وَ مَجدَكَ وَ لَو سأَلَتنَيِ‌ الرّجُوعَ عَنهُ لَفَعَلتُ فَقَالَ أَيّهَا المَلِكُ إِنّ هَذِهِ العِيرَ لِي وَ أَنَا رَبّهَا فَسَأَلتُكَ إِطلَاقَهَا وَ إِنّ لِهَذِهِ البَنِيّةِ رَبّاً يَدفَعُ عَنهَا قَالَ فإَنِيّ‌ عَادٍ[غَادٍ]لِهَدمِهَا حَتّي أَنظُرَ مَا ذَا يَفعَلُ فَلَمّا انصَرَفَ عَبدُ المُطّلِبِ رَحَلَ أَبرَهَةُ بِجَيشِهِ فَإِذَا هَاتِفٌ يَهتِفُ فِي السّحَرِ الأَكبَرِ يَا أَهلَ مَكّةَ أَتَاكُم أَهلُ عَكّةَ بِجَحفَلٍ جَرّارٍ يَملَأُ الأَندَارَ ملِ ءَ الجِفَارِ فَعَلَيهِم لَعنَةُ الجَبّارِ فَأَنشَأَ عَبدُ المُطّلِبِ يَقُولُ شِعرَ


أَيّهَا الداّعيِ‌ لَقَد أسَمعَتنَيِ‌   كُلّ مَا قُلتَ وَ مَا بيِ‌ مِن صَمَمٍ

إِنّ لِلبَيتِ لَرَبّاً مَانِعاً   مَن يَرِدهُ بِأَثَامٍ يُصطَلَم

رَامَهُ تُبّعٌ فِي أَجنَادِهِ   حِميَرٌ وَ الحيَ‌ّ مِن آلِ إِرَمَ

هَلَكَت باِلبغَي‌ِ فِيهِم جُرهُمٌ   بَعدَ طَسمٍ وَ حَدِيسٍ[BA]جَدِيسٍ] وَ جُشَمٍ

وَ كَذَاكَ الأَمرُ فِيمَن كَادَهُ   لَيسَ أَمرُ اللّهِ بِالأَمرِ الأَمَمِ

نَحنُ آلُ اللّهِ فِيمَا قَد خَلَا   لَم يَزَل ذَاكَ عَلَي عَهدِ إِبرَهَمَ

نَعرِفُ اللّهَ وَ فِينَا شِيمَةٌ   صِلَةُ الرّحِمِ وَ نوُفيِ‌ بِالذّمَمِ

لَم يَزَل لِلّهِ فِينَا حُجّةٌ   يَدفَعُ اللّهُ بِهَا عَنهَا النّقَمَ

وَ لَنَا فِي كُلّ دَورٍ كَرّةٌ   نَعرِفُ الدّينَ وَ طَوراً فِي العَجَمِ

صفحه : 141


فَإِذَا مَا بَلَغَ الدّورُ إِلَي   مُنتَهَي الوَقتِ أَتَي الطّينَ فَدمٌ

بِكِتَابٍ فُصّلَت آيَاتُهُ   فِيهِ تِبيَانُ أَحَادِيثِ الأُمَمِ

فَلَمّا أَصبَحَ عَبدُ المُطّلِبِ جَمَعَ بَنِيهِ وَ أَرسَلَ الحَارِثَ ابنَهُ الأَكبَرَ إِلَي أَعلَي أَبِي قُبَيسٍ فَقَالَ انظُر يَا بنُيَ‌ّ مَا ذَا يَأتِيكَ مِن قِبَلِ البَحرِ فَرَجَعَ فَلَم يَرَ شَيئاً فَأَرسَلَ وَاحِداً بَعدَ آخَرَ مِن وُلدِهِ فَلَم يَأتِهِ أَحَدٌ مِنهُم عَنِ البَحرِ بِخَبَرٍ فَدَعَا عَبدَ اللّهِ وَ إِنّهُ لَغُلَامٌ حِينَ أَيفَعَ وَ عَلَيهِ ذُؤَابَةٌ تَضرِبُ إِلَي عَجُزِهِ فَقَالَ اذهَب فِدَاكَ أَبِي وَ أمُيّ‌ فَاعلُ أَبَا قُبَيسٍ فَانظُر مَا ذَا تَرَي يجَيِ‌ءُ مِنَ البَحرِ فَنَزَلَ مُسرِعاً فَقَالَ يَا سَيّدَ الناّديِ‌ رَأَيتُ سَحَاباً مِن قِبَلِ البَحرِ مُقبِلًا يَستَفِلُ تَارَةً وَ يَرتَفِعُ أُخرَي إِن قُلتُ غَيماً قُلتُهُ وَ إِن قُلتُ جَهَاماً خِلتُهُ يَرتَفِعُ تَارَةً وَ يَنحَدِرُ أُخرَي فَنَادَي عَبدُ المُطّلِبِ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ ادخُلُوا مَنَازِلَكُم فَقَد أَتَاكُمُ اللّهُ بِالنّصرِ مِن عِندِهِ فَأَقبَلَتِ الطّيرُ الأَبَابِيلُ فِي مِنقَارِ كُلّ طَائِرٍ حَجَرٌ وَ فِي رِجلَيهِ حَجَرَانِ فَكَانَ الطّائِرُ الوَاحِدُ يَقتُلُ ثَلَاثَةً مِن أَصحَابِ أَبرَهَةَ كَانَ يلُقيِ‌ الحَجَرَ فِي قِمّةِ رَأسِ الرّجُلِ فَيَخرُجُ مِن دُبُرِهِ وَ قَد قَصّ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي نَبَأَهُم فِي كِتَابِهِ فَقَالَ سُبحَانَهُأَ لَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبّكَ بِأَصحابِ الفِيلِالسّورَةَ السّجّيلُ الصّلبُ مِنَ الحِجَارَةِ وَ العَصفُ وَرَقُ الزّرعِ وَ مَأكُولٌ يعَنيِ‌ كَأَنّهُ قَد أُخِذَ مَا فِيهِ مِنَ الحَبّ فَأُكِلَ وَ بقَيِ‌َ لَا حَبّ فِيهِ وَ قِيلَ إِنّ الحِجَارَةَ كَانَت إِذَا وَقَعَت عَلَي رُءُوسِهِم وَ خَرَجَت مِن أَدبَارِهِم بَقِيَت أَجوَافُهُم فَارِغَةً خَالِيَةً حَتّي يَكُونُ الجِسمُ كَقِشرِ الحَنظَلَةِ

بيان قال الجوهري‌ العكة بالضم آنية السمن ورملة حميت عليها الشمس وفورة الحر وعكة اسم بلد في الثغور والجحفل الجيش والأندر البيدر ولعل فيه تصحيفا والجفار جمع جفر و هو من أولاد الشاة ماعظم وجمع جفرة وهي‌ جوف الصدر وسعة في الأرض مستديرة والأمم محركة اليسير والفَدم الأحمر المشبع حمرة ولعله


صفحه : 142

هنا كناية عن الدم والجهام السحاب لاماء فيه

73- ع ،[علل الشرائع ] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن جَمِيلِ بنِ صَالِحٍ عَن أَبِي مَريَمَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِوَ أَرسَلَ عَلَيهِم طَيراً أَبابِيلَ تَرمِيهِم بِحِجارَةٍ مِن سِجّيلٍ فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَهلُ مَدِينَةٍ كَانَت عَلَي سَاحِلِ البَحرِ إِلَي المَشرِقِ فِيمَا بَينَ اليَمَامَةِ وَ البَحرَينِ يُخِيفُونَ السّبِيلَ وَ يَأتُونَ المُنكَرَ فَأَرسَلَ عَلَيهِم طَيراً جَاءَتهُم مِن قِبَلِ البَحرِ رُءُوسُهَا كَأَمثَالِ رُءُوسِ السّبَاعِ وَ أَبصَارُهَا كَأَبصَارِ السّبَاعِ مَعَ كُلّ طَيرٍ ثَلَاثَةُ أَحجَارٍ حَجَرَانِ فِي مَخَالِيبِهِ وَ حَجَرٌ فِي مِنقَارِهِ فَجَعَلَت تَرمِيهِم بِهَا حَتّي جُدّرَت أَجسَادُهُم فَقَتَلَهُمُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِهَا وَ مَا كَانُوا قَبلَ ذَلِكَ رَأَوا شَيئاً مِن ذَلِكَ الطّيرِ وَ لَا شَيئاً مِنَ الجدُرَيِ‌ّ وَ مَن أَفلَتَ مِنهُمُ انطَلَقُوا حَتّي بَلَغُوا حَضرَمَوتَ واَديِ‌[وَادٍ]بِاليَمَنِ أَرسَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهِم سَيلًا فَغَرّقَهُم وَ لَا رَأَوا فِي ذَلِكَ الواَديِ‌ مَاءً قَبلَ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ سمُيّ‌َ حَضرَمَوتَ حِينَ مَاتُوا فِيهِ

بيان هذاحديث غريب مخالف لمامر لم أره إلا من هذاالطريق ويمكن أن تكون السورة إشارة إلي الواقعتين معا ويحتمل أن يكون الذين أرادوا البيت هؤلاء القوم وسيأتي‌ الخبر من الكافي‌ بهذا السند بوجه آخر لايخالف شيئا من الأخبار

74-ك ،[إكمال الدين ] ابنُ مُوسَي عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَنِ الهَيثَمِ بنِ عَمرٍو المغَربِيِ‌ّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَقِيلٍ الهذُلَيِ‌ّ عَن عِكرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ كَانَ يُوضَعُ لِعَبدِ المُطّلِبِ فِرَاشٌ فِي ظِلّ الكَعبَةِ لَا يَجلِسُ عَلَيهِ أَحَدٌ إِلّا هُوَ إِجلَالًا لَهُ وَ كَانَ بَنُوهُ يَجلِسُونَ حَولَهُ حَتّي يَخرُجَ عَبدُ المُطّلِبِ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِص يَخرُجُ وَ هُوَ غُلَامٌ صبَيِ‌ّ فيَجَيِ‌ءُ حَتّي يَجلِسَ عَلَي الفِرَاشِ فَيُعظِمُ ذَلِكَ


صفحه : 143

أَعمَامُهُ وَ يَأخُذُونَهُ لِيُؤَخّرُوهُ فَيَقُولُ لَهُم عَبدُ المُطّلِبِ إِذَا رَأَي ذَلِكَ مِنهُم دَعُوا ابنيِ‌ فَوَ اللّهِ إِنّ لَهُ لَشَأناً عَظِيماً إنِيّ‌ أَرَي أَنّهُ سيَأَتيِ‌ عَلَيكُم يَومٌ وَ هُوَ سَيّدُكُم إنِيّ‌ أَرَي غُرّتَهُ غُرّةً تَسُودُ النّاسَ ثُمّ يَحمِلُهُ فَيُجلِسُهُ مَعَهُ وَ يَمسَحُ ظَهرَهُ وَ يُقَبّلُهُ وَ يَقُولُ مَا رَأَيتُ قُبلَةً أَطيَبَ مِنهُ وَ لَا أَطهَرَ قَطّ وَ لَا جَسَداً أَليَنَ مِنهُ وَ لَا أَطيَبَ ثُمّ يَلتَفِتُ إِلَي أَبِي طَالِبٍ وَ ذَلِكَ أَنّ عَبدَ اللّهِ وَ أَبَا طَالِبٍ لِأُمّ وَاحِدَةٍ فَيَقُولُ يَا أَبَا طَالِبٍ إِنّ لِهَذَا الغُلَامِ لَشَأناً عَظِيماً فَاحفَظهُ وَ استَمسِك بِهِ فَإِنّهُ فَردٌ وَحِيدٌ وَ كُن لَهُ كَالأُمّ لَا يَصِلُ إِلَيهِ شَيءٌ يَكرَهُهُ ثُمّ يَحمِلُهُ عَلَي عُنُقِهِ فَيَطُوفُ بِهِ أُسبُوعاً وَ كَانَ عَبدُ المُطّلِبِ قَد عَلِمَ أَنّهُ يَكرَهُ اللّاتَ وَ العُزّي فَلَا يُدخِلُهُ عَلَيهِمَا فَلَمّا تَمّت لَهُ سِتّ سِنِينَ مَاتَت أُمّهُ آمِنَةُ بِالأَبوَاءِ بَينَ المَكّةِ وَ المَدِينَةِ وَ كَانَت قَدِمَت بِهِ عَلَي أَخوَالِهِ مِن بنَيِ‌ عدَيِ‌ّ فبَقَيِ‌َ رَسُولُ اللّهِص يَتِيماً لَا أَبَ لَهُ وَ لَا أُمّ فَازدَادَ عَبدُ المُطّلِبِ لَهُ رِقّةً وَ حِفظاً وَ كَانَت هَذِهِ حَالَهُ حَتّي أَدرَكَ عَبدَ المُطّلِبِ الوَفَاةُ فَبَعَثَ إِلَي أَبِي طَالِبٍ وَ مُحَمّدٌ عَلَي صَدرِهِ وَ هُوَ فِي غَمَرَاتِ المَوتِ وَ هُوَ يبَكيِ‌ وَ يَلتَفِتُ إِلَي أَبِي طَالِبٍ وَ يَقُولُ يَا أَبَا طَالِبٍ انظُر أَن تَكُونَ حَافِظاً لِهَذَا الوَحِيدِ ألّذِي لَم يَشَمّ رَائِحَةَ أَبِيهِ وَ لَم يَذُق شَفَقَةَ أُمّهِ انظُر يَا أَبَا طَالِبٍ أَن يَكُونَ مِن جَسَدِكَ بِمَنزِلَةِ كَبِدِكَ فإَنِيّ‌ قَد تَرَكتُ بنَيِ‌ّ كُلّهُم وَ أَوصَيتُكَ بِهِ لِأَنّكَ مِن أُمّ أَبِيهِ يَا أَبَا طَالِبٍ إِن أَدرَكتَ أَيّامَهُ تَعلَمُ[فَاعلَم]أنَيّ‌ كُنتُ مِن أَبصَرِ النّاسِ بِهِ وَ أَنظَرِ النّاسِ وَ أَعلَمَ فَإِنِ استَطَعتَ أَن تَتّبِعَهُ فَافعَل وَ انصُرهُ بِلِسَانِكَ وَ يَدِكَ وَ مَالِكَ فَإِنّهُ وَ اللّهِ سَيَسُودُكُم وَ يَملِكُ مَا لَم يَملِك أَحَدٌ مِن بنَيِ‌ آباَئيِ‌ يَا أَبَا طَالِبٍ مَا أَعلَمُ أَحَداً مِن آبَائِكَ مَاتَ عَنهُ أَبُوهُ عَلَي حَالِ أَبِيهِ وَ لَا أُمّهُ عَلَي حَالِ أُمّهِ فَاحفَظهُ لِوَحدَتِهِ هَل قَبِلتَ وصَيِتّيِ‌ قَالَ نَعَم قَد قَبِلتُ وَ اللّهُ عَلَيّ بِذَلِكَ


صفحه : 144

شَاهِدٌ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ فَمُدّ يَدَكَ إلِيَ‌ّ فَمَدّ يَدَهُ فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَي يَدِهِ ثُمّ قَالَ عَبدُ المُطّلِبِ الآنَ خُفّفَ عَلَيّ المَوتُ ثُمّ لَم يَزَل يُقَبّلُهُ وَ يَقُولُ أَشهَدُ أنَيّ‌ لَم أُقَبّل أَحَداً مِن ولُديِ‌ أَطيَبَ رِيحاً مِنكَ وَ لَا أَحسَنَ وَجهاً مِنكَ وَ يَتَمَنّي أَن يَكُونَ قَد بقَيِ‌َ حَتّي يُدرِكَ زَمَانَهُ فَمَاتَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ هُوَ ابنُ ثَمَانِ سِنِينَ فَضَمّهُ أَبُو طَالِبٍ إِلَي نَفسِهِ لَا يُفَارِقُهُ سَاعَةً مِن لَيلٍ وَ لَا نَهَارٍ وَ كَانَ يَنَامُ مَعَهُ حَتّي بَلَغَ لَا يَأمَنُ عَلَيهِ أَحَداً

75-ك ،[إكمال الدين ] أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن مُحَمّدِ بنُ يَعقُوبَ الأَصَمّ عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ الجَبّارِ العطُاَردِيِ‌ّ عَن يُونُسَ بنِ بُكَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ بنِ بَشّارٍ الهذُلَيِ‌ّ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ سَعِيدٍ عَن بَعضِ أَهلِهِ قَالَ كَانَ يُوضَعُ لِعَبدِ المُطّلِبِ جَدّ رَسُولِ اللّهِص فِرَاشٌ فِي ظِلّ الكَعبَةِ وَ كَانَ لَا يَجلِسُ عَلَيهِ أَحَدٌ مِن بَنِيهِ إِجلَالًا لَهُ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص يأَتيِ‌ حَتّي يَجلِسَ عَلَيهِ فَيَذهَبُ أَعمَامُهُ لِيُؤَخّرُوهُ فَيَقُولُ جَدّهُ عَبدُ المُطّلِبِ دَعُوا ابنيِ‌ فَيَمسَحُ عَلَي ظَهرِهِ وَ يَقُولُ إِنّ لاِبنيِ‌ هَذَا لَشَأناً فتَوُفُيّ‌َ عَبدُ المُطّلِبِ وَ النّبِيّص ابنُ ثَمَانِ سِنِينَ بَعدَ الفِيلِ بِثَمَانِ سِنِينَ

76-ك ،[إكمال الدين ] أَحمَدُ بنُ مُحَمّدٍ الصّائِغُ عَن مُحَمّدِ بنِ أَيّوبَ عَن صَالِحِ بنِ أَسبَاطٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ الرّبِيعِ بنِ مُحَمّدٍ السلّمَيِ‌ّ عَن سَعدِ بنِ طَرِيفٍ عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُبَاتَةَ قَالَ سَمِعتُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع يَقُولُ وَ اللّهِ مَا عَبَدَ أَبِي وَ لَا جدَيّ‌ عَبدُ المُطّلِبِ وَ لَا هَاشِمٌ وَ لَا عَبدُ مَنَافٍ صَنَماً قَطّ قِيلَ فَمَا كَانُوا يَعبُدُونَ قَالَ كَانُوا يُصَلّونَ إِلَي البَيتِ عَلَي دِينِ اِبرَاهِيمَ ع مُتَمَسّكِينَ بِهِ


صفحه : 145

77-يج ،[الخرائج والجرائح ] مِن مُعجِزَاتِ النّبِيّص أَنّ أَبرَهَةَ بنَ يَكسُومَ قَادَ الفِيَلَةَ إِلَي بَيتِ اللّهِ الحَرَامِ لِيَهدِمَهُ قَبلَ مَبعَثِهِ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ لِأَبرَهَةَ وَ قَد حَضَرَهُ بَعدَ أَن عَظّمَ شَأنَهُ لِسُؤَالِهِ بَعِيرَهُ إِنّ لِهَذَا البَيتِ رَبّاً يَمنَعُهُ ثُمّ رَجَعَ إِلَي أَهلِ مَكّةَ فَدَعَا عَبدُ المُطّلِبِ عَلَي أَبِي قُبَيسٍ وَ أَهلُ مَكّةَ قَد صَعِدُوا وَ تَرَكُوا مَكّةَ ثُمّ قَالَ لأِبَيِ‌ طَالِبٍ اخرُج وَ انظُر مَا ذَا تَرَي فِي السّمَاءِ فَرَجَعَ قَالَ طُيُوراً لَم تَكُن فِي وِلَايَتِنَا وَ قَد أَخبَرَهُ سَيفُ بنُ ذيِ‌ يَزَنَ وَ غَيرُهُ بِهِ فَأَرسَلَ اللّهُ عَلَيهِم طَيراً أَبَابِيلَ وَ دَفَعَهُم عَن مَكّةَ وَ أَهلِهَا

78-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] لَمّا قَصَدَ أَبرَهَةُ بنُ الصّبّاحِ لِهَدمِ الكَعبَةِ أَتَاهُ عَبدُ المُطّلِبِ لِيَستَرِدّ مِنهُ إِبِلَهُ فَقَالَ تعُلمِنُيِ‌ فِي مِائَةِ بَعِيرٍ وَ تَترُكُ دِينَكَ وَ دِينَ آبَائِكَ وَ قَد جِئتُ لِهَدمِهِ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ أَنَا رَبّ الإِبِلِ وَ إِنّ لِلبَيتِ رَبّاً سَيَمنَعُهُ مِنكَ فَرَدّ إِلَيهِ إِبِلَهُ فَانصَرَفَ إِلَي قُرَيشٍ فَأَخبَرَهُمُ الخَبَرَ وَ أَخَذَ بِحَلقَةِ البَابِ قَائِلًا


يَا رَبّ لَا أَرجُو لَهُم سِوَاكَا   يَا رَبّ فَامنَع مِنهُم حِمَاكَا

إِنّ عَدُوّ البَيتِ مَن عَادَاكَا   امنَعهُم أَن يُخرِبُوا قِرَاكَا

وَ لَهُ أَيضاً


لَاهُمّ إِنّ المَرءَ يَمنَعُ رَحلَهُ فَامنَع رِحَالَكَ   لَا يَغلِبَنّ صَلِيبُهُم وَ مِحَالُهُم عَدواً مِحَالَكَ

فَانجَلَي نُورُهُ عَلَي الكَعبَةِ فَقَالَ لِقَومِهِ انصَرِفُوا فَوَ اللّهِ مَا انجَلَي مِن جبَيِنيِ‌ هَذَا النّورُ إِلّا ظَفِرتُ وَ الآنَ قَدِ انجَلَي عَنهُ وَ سَجَدَ الفِيلُ لَهُ فَقَالَ لِلفِيلِ يَا مَحمُودُ فَحَرّكَ الفِيلُ رَأسَهُ فَقَالَ لَهُ تدَريِ‌ لِمَ جَاءُوا بِكَ فَقَالَ الفِيلُ بِرَأسِهِ لَا فَقَالَ جَاءُوا بِكَ لِتَهدِمَ بَيتَ رَبّكَ أَ فَتَرَاكَ فَاعِلَ ذَلِكَ فَقَالَ الفِيلُ بِرَأسِهِ لَا

بيان المحال بالكسر الكيد والقوة


صفحه : 146

79-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]عِكرِمَةُ قَالَ كَانَ يُوضَعُ فِرَاشٌ لِعَبدِ المُطّلِبِ فِي ظِلّ الكَعبَةِ وَ لَا يَجلِسُ عَلَيهِ أَحَدٌ إِجلَالًا لَهُ وَ كَانَ بَنُوهُ يَجلِسُونَ حَولَهُ حَتّي يَخرُجَ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِص يَجلِسُ عَلَيهِ فَيَأخُذُهُ أَعمَامُهُ لِيُؤَخّرُوهُ فَيَقُولُ لَهُم عَبدُ المُطّلِبِ دَعُوا ابنيِ‌ فَوَ اللّهِ إِنّ لَهُ لَشَأناً عَظِيماً إنِيّ‌ أَرَي أَنّهُ سيَأَتيِ‌ عَلَيكُم وَ هُوَ سَيّدُكُم ثُمّ يَحمِلُهُ فَيَجلِسُهُ مَعَهُ وَ يَمسَحُ ظَهرَهُ وَ يُقَبّلُهُ وَ يُوصِيهِ إِلَي أَبِي طَالِبٍ

80-فض ،[ كتاب الروضة] قال الواقدي‌ كان في زمان عبدالمطلب رجل يقال له سيف بن ذي‌ يَزَن و كان من ملوك اليمن و قدأنفذ ابنه إلي مكة والياً من قبله وتقدم إليه باستعمال العدل والإنصاف ففعل ماأمره به أبوه ثم إن عبدالمطلب دعا برؤساء قريش مثل عتبة بن ربيعة ومثل الوليد بن المغيرة وعقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف ورؤساء بني‌ هاشم فاجتمعوا في دار الندوة فلما قعدوا وأخذوا مراتبهم فتكلم عبدالمطلب و قال اعلموا أني‌ قددبرت تدبيرا فقال المشايخ و مادبرت يارئيس قريش وكبير بني‌ هاشم فقال ياقوم إنكم تحتاجون أن تخرجوا معي‌ نحو سيف بن ذي‌ يَزَن لتهنيته في ولايته وهلاك عدوه ليكون أرفق بنا وأميل إلينا فقالوا له بأجمعهم نعم مارأيت ونعم مادبرت قال فخرج عبدالمطلب ومعه سبعة وعشرون رجلا علي نوق جياد نحو اليمن فلما وصلوا إلي سيف بن ذي‌ يَزَن بعدأيام سألوا عن الوصول إليه قالوا لهم إن الملك في القصر الوردي‌ و كان من عاداته في أوان الورد أن يدخل قصر غمدان و لايخرج إلا بعدنيف وأربعين يوما و لايصل إليه ذو حاجة و لازائر وأنتم قصدتم الملك في أيام الورد فذهب عبدالمطلب


صفحه : 147

إلي باب بستانه و كان لقصر غمدان في وسط البستان أبواب و كان لهذا البستان باب يفتح إلي البرية و قدوكل بذلك البستان بوابا واحدا فقال عبدالمطلب لأصحابه لعلنا يتهيأ لنا الدخول بحيلة و لايتهيأ إلاهي‌ فقال القوم صدقت قال الواقدي‌ ثم إن عبدالمطلب نزل وأخذ نحو الباب فنظر إلي البواب وسلم عليه فقال له يابواب دعني‌ أن أدخل هذاالبستان فقال البواب وا عجبا منك ماأقل فهمك وأضعف رأيك أمصروع أنت فقال له عبدالمطلب مارأيت من جنوني‌ فقال له البواب ماعلمت أن سيف بن ذي‌ يزن في القصر مع جواريه وخدمه قاعدا فإن بصر بك في بستانه أمر بقتلك و إن سفك دمك عنده أهون من شربة ماء فقال له عبدالمطلب دعني‌ أدخل و يكون من الملك إلي‌ ما يكون فقال له البواب يامغلوب العقل إن الملك في القصر وعيناه للباب والبواب إنه قدر مايرمق أن يأمر بقتلك فقال عقيل بن أبي وقاص يا أباالحارث أ ماعلمت أن المصابيح لاتضي‌ء إلابالدهن فقال عبدالمطلب صدقت قال الواقدي‌ ثم إن عبدالمطلب دعا بكيس من أديم فيه ألف دينار و قال بعد أن صب الكيس بين يدي‌ البواب يا هذا إن تركتني‌ أدخل البستان جعلت هذابريّ‌ إليك فاقبل صلتي‌ وخل سبيلي‌ فلما نظر البواب إلي الدرهم خر مبهوتا و قال له البواب ياشيخ إن دخلت ونظر إليك وسألك عن كيفية دخولك ما أنت قائل قال عبدالمطلب أقول له كان البواب نائما وشرط عليه عبدالمطلب أن لايكذبه إن دعاه الملك للمسألة فيقول غفوت و ليس لي بدخوله علم قال نعم فقال عبدالمطلب إن كذبتني‌ في هذاصدقت الملك عن الصلة التي‌ وصلتك بها فقال له البواب ادخل ياشيخ فدخل عبدالمطلب البستان و كان قصر غمدان في وسط الميدان والبستان كأنه جنة من الجنان قدحف بالورد والياسمين وأنواع الرياحين والفواكه و فيه أنهار جارية وسطه و إذاسيف بن ذي‌ يزن قداتكأ علي عمود المنظرة من قصره فلما نظر إلي عبدالمطلب غضب


صفحه : 148

و قال لغلمانه من ذا ألذي دخل علي بغير إذني‌ ايتوني‌ به سريعا فسعي إليه الغلمان والخدم فاختطفوه من البستان فلما دخل عبدالمطلب عليه رأي قصرا مبنيا علي حجر مطلّي بطلاء الوردي‌ منقشا بنقش اللازوردي‌ وورد علي أمثال الورد ورأي عن يمين الملك و عن شماله و بين يديه من الجواري‌ ما لاعدد لهن ورأي بقرب الملك عمودا من عقيق أحمر و له رأس من ياقوت أزرق مجوف محشي بالمسك ورأي عن يساره تورا من ذهب أحمر و علي فخذه سيف نقمته مكتوب عليه بماء الذهب شعر.


رب ليث مدجج كان يحمي‌.   ألف قرن منغمد الأغمادي‌.

وخميس ملفف بخميس .   بدد الدهر جمعهم في البلاد.

قال الواقدي‌ فوقف عبدالمطلب بين يديه و لم يتكلم له الملك و لا عبدالمطلب حتي كرع الملك في التور ألذي بين يديه فلما فرغ من شربه نظر إليه و كان سيف قدشاهد عبدالمطلب قبل هذا ولكنه أنكره حتي استنطقه فقال له الملك من الرجل فقال أنا عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي‌ بن كلاب بن مرة بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان حتي بلغ آدم ع فقال له الملك أنت ابن أختي‌ فقال نعم أيها الملك أنا ابن أختك و ذلك أن سيف بن ذي‌ يزن كان من آل قحطان وآل قحطان من الأخ وآل إسماعيل من الأخت فعلم سيف بن ذي‌ يزن أن عبدالمطلب ابن أخته فقال سيف أهلا وسهلا وناقة ورحلا ومد الملك يده إلي عبدالمطلب وكذلك عبدالمطلب إلي نحو الملك فأمره الملك بالقعود وكناه بأبي‌ الحارث أنتم معاشر أهل الشار رجال الليل والنهار وغيوث الجدب والغلاء وليوث الحرب بضرب الطلا ثم قال يا أباالحارث فيم جئت فقال له عبدالمطلب نحن جيران بيت الله الحرام وسدنة البيت و قدجئت إليك وأصحابي‌ بالباب لنهنئك بولايتك و مافوضه الله تعالي من النصر لك وأجراه علي يديك من هلاك عدوك فالحمد لله ألذي نصرك وأقر عينيك وأفلج حجتك وأقر


صفحه : 149

عيوننا بخذلان عدوك فأطال الله تعالي في سوابغ نعمه مدتك وهنأك بما منحك ووصلها بالكرامة الأبدية فلاخيب دعائي‌ فيك أيها الملك ففرح سيف بدعائه واستقر له بالمحبة بما سمع من تهنيته ثم أمره أن يصير هو و من معه بالباب من أصحابه إلي دار الضيافة إلي أن يؤمر بإحضارهم بعد هذااليوم إلي مجلسه فمضي وحجابه وخدمه بين يديه إلي حيث أمرهم وخرج عبدالمطلب واستوي علي جمله واتبعه أصحابه و بين يديه غلمان الملك وحوله حتي أنزلوه وأصحابه الدار وبالغوا بالتوصية به وبأصحابه فأمر الملك أن يجري‌ عليهم في كل يوم ألف درهم بيض فبقي‌ عبدالمطلب في دار الضيافة سريرا حتي تصرمت أيام الورد فلما كان في اليوم ألذي أراد فيه مجلسه للتسليم عليه والنظر في أمره ذكر عبدالمطلب في شطر من ليلته فأمر بإحضاره وحده فدخل عليه الرسول فأمره وأعلمه بمراد الملك منه فقام معه إليه فإذاالملك في مجلسه وحده فقال لخدمه تباعدوا عنا فلم يبق في المجلس غيرالملك و عبدالمطلب وثالثهم رب العزة تبارك و تعالي فقال له الملك يا أباالحارث إن من آرائي‌ أن أفوض إليك علما كنت كتمته عن غيرك وأريد أن أضعه عندك فإنك موضع ذلك وأريد أن تطويه وتكتمه إلي أن يظهره الله تعالي فقال عبدالمطلب السمع والطاعة للملك وكذا الظن بك فقال الملك اعلم يا أباالحارث أن بأرضكم غلاما حسن الوجه والبدن جميل القد والقامة بين كتفيه شامة المبعوث من تهامة أنبت الله تعالي علي رأسه شجرة النبوة وظللته الغمامة صاحب الشفاعة يوم القيامة مكتوب بخاتم النبوة علي كتفيه سطران لاإله إلا الله والثاني‌ محمد رسول الله و الله تعالي أمات أمه وأباه وتكون تربيته علي جده وعمه وأني‌ وجدت في كتب بني‌ إسرائيل صفته أبين وأشرح من القمر بين الكواكب وأني‌ أراك جده فقال عبدالمطلب أناجده أيها الملك فقال الملك مرحبا بك وسهلا يا أباالحارث ثم قال له الملك أشهدك علي نفسي‌ يا أباالحارث أني‌ مؤمن به وبما يأتي‌


صفحه : 150

به من عندربه ثم تأوه سيف ثلاث مرات بأن يراه فكان ينصره وينظره يتعجب منه الطير في الهواء ثم قال يا أباالحارث عليك بكتمان ماألقيت عليك و لاتظهره إلي أن يظهره الله تعالي فقال عبدالمطلب السمع والطاعة للملك ونظر عبدالمطلب في لحية سيف بن ذي‌ يزن سوادا وبياضا وخرج من عنده و قدوعده في الحباء في غد ليرحلوا إلي أرض الحرم إن شاء الله تعالي فلما رجع إلي أصحابه وجدهم وجلين شاحبين و قدأكثروا الفكر فيه حين دعاه الملك في مثل ساعته التي‌ دعاه فيهافقالوا له ما كان يريد الملك منك قال عبدالمطلب يسألني‌ عن رسوم مكة وآثارها و لم يخبر عبدالمطلب أحدا بما كان بينه و بين الملك وغدا عليهم رسول الملك من غد يحضرهم مجلسه فتطيبوا وتزينوا ودخلوا القصر و عبدالمطلب يقدمهم فدخلوا عليه فنظر عبدالمطلب فإذابرأسه ولحيته حالكا فقال له عبدالمطلب إني‌ تركتك أبيض اللحية فما هذا فقال له الملك إني‌ أستعمل الخضاب فقال أصحاب عبدالمطلب إن رأي الملك أن يرانا أهلا لذلك الخضاب فليفعل قال فأمر الملك أن يؤخذ بهم إلي الحمام و كان القوم بيض الرءوس واللحاء فخضبوا هناك فخرجوا ولشعورهم بريق كأسود ما يكون من الشعر ويقال إن سيفا أول من خضب رأسه ولحيته قال الواقدي‌ ثم إن الملك أمر لكل واحد منهم ببدرة بيض فحمل كل واحد منهم علي دابة وبغل وأمر لكل واحد منهم بجارية وغلام وبتخت ثياب فاخرة ولعبد المطلب بضعفي‌ ماوهب لهم ثم دعا الملك بفرسه العقاب وبغلته الشهباء وناقته العضباء و قال يا أباالحارث إن ألذي أسلمه إليك أمانة في عنقك تحفظها إلي


صفحه : 151

أن تسلمها إلي محمدص إذابلغ مبلغ الرجال فقال له اعلم أني‌ ماطلبت علي ظهر هذه الفرس شيئا إلاوجدته و ماقصدني‌ عدو و أناراكب عليها إلانجاني‌ الله تعالي منه و أماالبغلة فإني‌ كنت أقطع بهاالدكداك والجبال لحسن سيرها و لاأنزل عنها ليلي‌ ونهاري‌ فأمره أن يتحفظ ويجعلها لي تذكرة وبلغه عني‌ التحية الكثيرة فقال عبدالمطلب السمع والطاعة لأمر الملك ثم ودعوه وخرجوا نحو الحرم حتي دخلوا مكة فوقعت الصيحة في البلد بقدومهم فخرج الناس يستقبلونهم وخرج أولاد عبدالمطلب وقعد النبي علي صخرة و قدألقي كمه علي وجهه لئلا تناله الشمس حتي تقارب عبدالمطلب فنظر أولاده إليه وقالوا ياأبانا خرجت إلي اليمن شيخا ورجعت شابا قال نعم أيها الفتيان سأخبركم بما ذكرتم ثم قال لهم أين سيدي‌ محمدفقالوا إنه قعد في بعض الطريق ينتظركم ثم إن عبدالمطلب سار نحوه حتي وصل إليه مع أصحابه فنزل عن مركوبه وعانقه وقبل ما بين عينيه و قال له إن هذاالفرس والبغلة والناقة أهداها إليك سيف بن ذي‌ يزن ويقرأ عليك التحية الطيبة ثم أمر أن يحمل رسول الله ص علي الفرس فلما استوي النبي ص علي ظهر الفرس انتشط وصهل صهيلا شديدا فرحا برسول الله ص ونسب هذاالفرس أنه عقاب بن ينزوب بن قابل بن بطال بن زاد الراكب بن الكفاح بن الجنح بن موج بن ميمون بن ريح أمر الله تعالي قال كن فكان بأمره . قال الواقدي‌ وأخذ أبوطالب بلجام فرسه وحف برسول ص أعمامه فقال ص خلوا عني‌ فإن ربي‌ يحفظني‌ ويكلؤني‌ فخلوا عنه فدخل النبي ص إلي مكة علي حالته فشاع خبره في قريش وبني‌ هاشم فتعجب من أمره الخلق وبقي‌ النبي ص فرحا مسرورا عند عبدالمطلب . قال الواقدي‌ ودب النبي ص ودرج وأتي عليه ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام فعندها اعتل عبدالمطلب علة شديدة فأمر أن يحمل سريره إلي عندالبيت الحرام وينصب هناك عندأستار الكعبة و كان لعبد المطلب سرير من خيزران أسود ورثه من جده عبدمناف و كان السرير له شبكات من عاج وآبنوس وصندل وعود أحسن ما يكون إحكاما


صفحه : 152

وهيئة وأمر عبدالمطلب أن يزين السرير بألوان الفرش والديباج الرقاق وأمر أن ينصب فوق سريره فسطاط من ديباج أحمر ففعل ذلك وحمل عبدالمطلب إلي بيت الله الحرام ونام علي ذلك السرير المزين وقعد حوله أولاده و كان له من البنين عشرة أنفس فمات منهم عبد الله وبقي‌ بعده تسعة أنفس شجعان يعد كل واحد منهم بألف وقعدوا حوله وحفوا بعبد المطلب يبكون ودموعهم تتقاطر كالمطر وقعد النبي ص واجتمعت عند عبدالمطلب بطون العرب وكبار قريش مصطفون مامنهم أحد إلا وعيناه تهملان بالدموع فعند ذلك ظهر أبولهب لعنه الله وأخزاه وأخذ برأس رسول الله ص لينحيه عن عبدالمطلب فصاح عبدالمطلب وانتهره و قال له مه يا عبدالعزي أنت من عداوتك لاتنفك من إظهارك ببغضك لولدي‌ محمداقعد مكانك وأمسك عنه وقام أبولهب وقعد عند رجل عبدالمطلب خجلا مخذولا لأن أبالهب كان من الفراعنة المبغضين لرسول الله ص ثم مال عبدالمطلب إلي جنبه وأقبل بوجهه علي أبي طالب لأنه لم يكن في أولاد عبدالمطلب أرفق منه برسول الله ص و لاأميل منه ثم أنشأ يقول شعر.


أوصيك يا عبدمناف بعدي‌.   بموحد بعد أبيه فردي‌.

فارقه و هوضجيع المهدي‌.   فكنت كالأم له في الوجدي‌.

قدكنت ألصقه الحشي والكبدي‌.   حتي إذاخفت فراق الوحدي‌.

أوصيك أرجي أهلنا بالرفدي‌.   يا ابن ألذي غيبته في اللحدي‌.

بالكره مني‌ ثم لابالعمدي‌.   وخيرة الله يشاء في العبدي‌.

ثم قال عبدالمطلب يا أباطالب إنني‌ ألقي‌ إليك بعدوصيتي‌ قال أبوطالب ماهي‌ قال يابني‌ أوصيك بعدي‌ بقرة عيني‌ محمدص و أنت تعلم محله مني‌ ومقامه لدي‌ فأكرمه بأجل الكرامة و يكون عندك ليله ونهاره و مادمت في الدنيا الله ثم الله في حبيبه ثم


صفحه : 153

قال لأولاده أكرموا وجللوا محمداص وكونوا عندإعزازه وإكرامه فسترون منه أمرا عظيما عليا وسترون آخر أمره ما أناأصفه لكم عندبلوغه فقالوا بأجمعهم السمع والطاعة ياأبانا نفديه بأنفسنا وأموالنا ونحن له فدية قال أبوطالب قدأوصيتنا بمن هوأفضل مني‌ و من إخواني‌ قال نعم و لم يكن في أعمام النبي ص أرفق من أبي طالب قديما وحديثا في أمر محمدص ثم قال إن نفسي‌ ومالي‌ دونه فداء أنازع معاديه وأنصر مواليه فلايهمنك أمره . قال الواقدي‌ ثم إن عبدالمطلب غمض عينيه وفتحهما ونظر قريشا و قال ياقوم أ ليس حقي‌ عليكم واجبا فقالوا بأجمعهم نعم حقك علي الكبير والصغير واجب فنعم القائد ونعم السائق فينا كنت فجزاك الله تعالي عنا خيرا ويهون عليك سكرات الموت وغفر لك ماسلف من ذنوبك فقال عبدالمطلب أوصيك بولدي‌ محمد بن عبد الله ع فأحلوه محل الكرامة فيكم وبروه و لاتجفوه و لاتستقبلوه بما يكره فقالوا بأجمعهم قدسمعنا منك وأطعناك فيه ثم قال لهم عبدالمطلب إن الرئيس عليكم من بعدي‌ الوليد بن المغيرة أبو عبدالشمس بن أبي العاص بن نقية بن عبدشمس بن عبدمناف فضجت الخلق بأجمعهم وقالوا قبلنا أمرك فنعم مارأيته رأيا ونعم ماخلفته فينا بعدك وصارت قريش وبنو هاشم تحت ركاب الوليد بن المغيرة فعند ذلك تغير وجه عبدالمطلب واخضرت أظافير يديه ورجليه ووقع علي وجنتيه غبار الموت يكثر التقلب من جنب إلي جنب ومرة يقبض رجلا ويبسط أخري والخلائق من قريش وبني‌ هاشم حاضرون و قدصارت مكة في ضجة واحدة وأراد النبي ص أن يقوم من عنده ففتح عبدالمطلب عينيه و قال يا محمدتريد أن تقوم قال نعم فقال عبدالمطلب ياولدي‌ فإني‌ وحق رب السماء لفي‌ راحة مادمت عندي‌ قال فقعد النبي ص فما كان إلا عن قليل حتي قضي نحبه .


صفحه : 154

قال الواقدي‌ ثم قاموا في تغسيله فغسلوه وكفنوه وحنطوه وجعلوه في أعواد المنايا وحملوه إلي ذيل الصفا و مابقي‌ في مكة شيخ و لاشاب و لاحر و لا عبد من الرجال والنساء إلا و قدذهبوا إلي جنازته وعظموها ودفنوه فرجع الخلق من جنازته باكين عليه لفقده من مكة فقالت عاتكة بنت عبدالمطلب ترثي‌ أباها وتقول .


ألا ياعين ويحك فاسعديني‌.   بدمع واكف هطل غزير.

علي رجل أجل الناس أصلا.   وفرعا في المعالي‌ والظهور.

طويل الباع أروع شيظميا.   أغر كغرة القمر المنير.

وقالت صفية ترثي‌ أباها.


أعيني‌ جودا بالدموع السواكب .   علي خير شخص من لوي‌ بن غالب .

أعيني‌ جودا عبرة بعدعبرة.   علي الأسد الضرغام محض الضرائب .

وقالت برة بنت عبدالمطلب تبكي‌ أباها وترثيه .


أعيني‌ جودا بالدموع الهواطل .   علي النحر مني‌ مثل فيض الجداول .

و لاتسأما أن تبكيا كل ليلة.   و يوم علي مولي كريم الشمائل .

أباالحارث الفياض ذو الباع والندي .   رئيس قريش كلها في القبائل .

فأسقي مليك الناس موضع قبره .   بنوء الثريا ديمة بعدوابل .

صفحه : 155

وقالت أروي بنت عبدالمطلب ترثي‌ أباها.


ألا ياعين ويحك فاسعديني‌.   بويل واكف من بعدويل .

بدمع من دموعك ذو غروب .   فقد فارقت ذا كرم ونبل .

طويل الباع أروع ذي‌ المعالي‌.   أبوك الخير وارث كل فضل .

وقالت آمنة بنت عبدالمطلب تبكي‌ أباها وترثيه .


بكت عيني‌ وحق لها البكاء.   علي سمح السجية والحياء.

علي سمح الخليقة أبطحي‌.   كريم الخيم ينميه العلاء.

أقب الكشح أروع ذي‌ أصول .   له المجد المقدم والثناء.

و كان هوالفتي كرما وجودا.   وبأسا حين يشتبك القناء.

بيان قال الجزري‌ فيه ذكر غمدان هوبضم الغين وسكون الميم البناء العظيم بناحية صنعاء اليمن قيل هو من بناء سليمان ع انتهي والمدجج ألذي دخل في سلاحه والأغماد جمع الغمد بالكسر و هوجفن السيف وغمده يغمده جعله في الغمد وكرع الماء تناوله بفيه من غير أن يشرب بكفه و لابإناء كماتشرب البهائم والشارة والشيار الحسن والجمال والهيئة واللباس والزينة والطلا بالضم الأعناق .


صفحه : 156

ويقال رجل برّ سرّ أي يبرّ ويسرّ والحالك الأسود الشديد السواد والدكداك من الرمل ماالتبد منه بالأرض و لم يرتفع والشيظم الطويل الجسم والغروب مجاري‌ الدمع والخيم بالكسر السجية والطبيعة لاواحد له من لفظه

81-د،[العدد القوية] لَمّا مَاتَت آمِنَةُ ضَمّ عَبدُ المُطّلِبِ رَسُولَ اللّهِص إِلَي نَفسِهِ وَ كَانَ يَرِقّ عَلَيهِ وَ يُحِبّهُ وَ يُقَرّبُهُ إِلَيهِ وَ يُدنِيهِ وَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص يَوماً يَلعَبُ مَعَ الغِلمَانِ حَتّي بَلَغَ الرّدمَ فَرَآهُ قَومٌ مِن بنَيِ‌ مُدلِجٍ فَدَعَوهُ فَنَظَرُوا إِلَي قَدَمَيهِ وَ إِلَي أَثَرِهِ ثُمّ خَرَجُوا فِي أَثَرِهِ فَصَادَفُوا عَبدَ المُطّلِبِ قَدِ اعتَنَقَهُ فَقَالُوا لَهُ مَا هَذَا مِنكَ قَالَ ابنيِ‌ قَالُوا احتَفِظ بِهِ فَإِنّا لَم نَرَ قَدَماً أَشبَهَ بِالقَدَمِ التّيِ‌ فِي المَقَامِ مِنهُ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ لأِبَيِ‌ طَالِبٍ اسمَع مَا يَقُولُ هَذَا فَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَحتَفِظُ بِهِ

82-رَوَي كُمَيلُ بنُ سَعِيدٍ عَن أَبِيهِ قَالَ حَجَجتُ فِي الجَاهِلِيّةِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يَطُوفُ بِالبَيتِ وَ هُوَ يَرتَجِزُ وَ يَقُولُ


يَا رَبّ رُدّ راَكبِيِ‌ مُحَمّداً   رُدّ إلِيَ‌ّ وَ اصطَنِع عنِديِ‌ يَداً

قَالَ فَقُلتُ مَن هَذَا قِيلَ هُوَ عَبدُ المُطّلِبِ بنُ هَاشِمٍ ذَهَبَت إِبِلٌ لَهُ فَأَرسَلَ ابنَ ابنِهِ فِي طَلَبِهَا وَ لَم يُرسِلهُ فِي حَاجَةٍ قَطّ إِلّا جَاءَ بِهَا وَ قَدِ احتَبَسَ عَلَيهِ قَالَ فَمَا بَرِحتُ أَن جَاءَ النّبِيّص وَ جَاءَ بِالإِبِلِ فَقَالَ لَهُ يَا بنُيَ‌ّ قَد حَزِنتُ عَلَيكَ حَزَناً لَا يفُاَرقِنُيِ‌ أَبَداً وَ توُفُيّ‌َ عَبدُ المُطّلِبِ وَ النّبِيّص لَهُ ثَمَانُ سِنِينَ وَ شَهرَانِ وَ عَشَرَةُ أَيّامٍ وَ كَانَ خَلفَ جِنَازَتِهِ يبَكيِ‌ حَتّي دُفِنَ بِالحَجُونِ فَكَفَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمّهُ وَ كَانَ أَخَا عَبدِ اللّهِ لِأَبِيهِ وَ أُمّهِ


صفحه : 157

83-كنز الكراجكي‌،روي‌ أنه قيل لأكثم بن صيفي‌ و كان حكيم العرب و كان من المعمرين إنك لأعلم أهل زمانك وأحكمهم وأعقلهم وأحلمهم فقال وكيف لاأكون كذلك و قدجالست أباطالب بن عبدالمطلب دهره و عبدالمطلب دهره وهاشما دهره و عبدمناف دهره وقصيا دهره و كل هؤلاء سادات أبناء سادات فتخلقت بأخلاقهم وتعلمت من حلمهم واقتبست سوددهم واتبعت آثارهم

84-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يُحشَرُ عَبدُ المُطّلِبِ يَومَ القِيَامَةِ أُمّةً وَحدَهُ عَلَيهِ سِيمَاءُ الأَنبِيَاءِ وَ هَيبَةُ المُلُوكِ

بيان قوله ع أمة وحده أي إذاحشر الناس فوجا فوجا هويحشر وحده لأنه كان في زمانه متفردا بدين الحق من بين قومه قال في النهاية في حديث قس إنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة الأمة الرجل المتفرد بدين كقوله تعالي إِنّ اِبراهِيمَ كانَ أُمّةً

85-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ الأَصَمّ عَنِ الهَيثَمِ بنِ وَاقِدٍ عَن مُقَرّنٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ عَبدَ المُطّلِبِ أَوّلُ مَن قَالَ بِالبَدَاءِ يُبعَثُ يَومَ القِيَامَةِ أُمّةً وَحدَهُ عَلَيهِ بَهَاءُ المُلُوكِ وَ سِيمَاءُ الأَنبِيَاءِ

86-كا،[الكافي‌]بَعضُ أَصحَابِنَا عَنِ ابنِ جُمهُورٍ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ الحَجّاجِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ جَمِيعاً عَن أَبِي


صفحه : 158

عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يُبعَثُ عَبدُ المُطّلِبِ أُمّةً وَحدَهُ عَلَيهِ بَهَاءُ المُلُوكِ وَ سِيمَاءُ الأَنبِيَاءِ وَ ذَلِكَ أَنّهُ أَوّلُ مَن قَالَ بِالبَدَاءِ قَالَ وَ كَانَ عَبدُ المُطّلِبِ أَرسَلَ رَسُولَ اللّهِص إِلَي رُعَاتِهِ فِي إِبِلٍ قَد نَدّت لَهُ فَجَمَعَهَا فَأَبطَأَ عَلَيهِ فَأَخَذَ بِحَلقَةِ بَابِ الكَعبَةِ وَ جَعَلَ يَقُولُ يَا رَبّ أَ تُهلِكُ آلَكَ إِن تَفعَل فَأَمرٌ مَا بَدَا لَكَ فَجَاءَ رَسُولُ اللّهِص بِالإِبِلِ وَ قَد وَجّهَ عَبدُ المُطّلِبِ فِي كُلّ طَرِيقٍ وَ فِي كُلّ شِعبٍ فِي طَلَبِهِ وَ جَعَلَ يَصِيحُ يَا رَبّ أَ تُهلِكُ آلَكَ إِن تَفعَل فَأَمرٌ مَا بَدَا لَكَ وَ لَمّا رَأَي رَسُولَ اللّهِص أَخَذَهُ فَقَبّلَهُ فَقَالَ يَا بنُيَ‌ّ لَا وَجّهتُكَ بَعدَ هَذَا فِي شَيءٍ فإَنِيّ‌ أَخَافُ أَن تُغتَالَ فَتُقتَلَ

توضيح قوله ع و ذلك أنه تعليل لقوله عليه سيماء الأنبياء وندّ البعير نفر وذهب علي وجهه شاردا قوله أتهلك آلك أي أتهلك من جعلته أهلك ووعدت أنه سيصير نبيا ثم تفطّن بإمكان البداء فقال إن تفعل فَأَمرٌ آخر بدا لك فيه فظهر أنه كان قائلا بالبداء ويمكن أن يقرأ بصيغة الأمر أي فَأمُر مابدا لك فيّ وأهلكني‌ فإني‌ لاأحبّ الحياة بعده والأول أظهر والاغتيال هو أن يخدع ويقتل في موضع لايراه أحد

87-كا،[الكافي‌]العِدّةُ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ حُمرَانَ عَنِ ابنِ تَغلِبَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَمّا أَن وَجّهَ صَاحِبُ الحَبَشَةِ بِالخَيلِ وَ مَعَهُمُ الفِيلُ لِيَهدِمَ البَيتَ مَرّوا بِإِبِلٍ لِعَبدِ المُطّلِبِ فَسَاقُوهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبدَ المُطّلِبِ فَأَتَي صَاحِبَ الحَبَشَةِ فَدَخَلَ الآذِنُ فَقَالَ هَذَا عَبدُ المُطّلِبِ بنُ هَاشِمٍ قَالَ وَ مَا يَشَاءُ قَالَ التّرجُمَانُ جَاءَ فِي إِبِلٍ لَهُ سَاقُوهَا يَسأَلُكَ رَدّهَا فَقَالَ مَلِكُ الحَبَشَةِ لِأَصحَابِهِ هَذَا رَئِيسُ قَومٍ وَ زَعِيمُهُم جِئتُ إِلَي بَيتِهِ ألّذِي يَعبُدُهُ لِأَهدِمَهُ وَ هُوَ يسَألَنُيِ‌ إِطلَاقَ إِبِلِهِ أَمَا لَو سأَلَنَيِ‌َ الإِمسَاكَ عَن هَدمِهِ لَفَعَلتُ رُدّوا عَلَيهِ إِبِلَهُ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ لِتَرجُمَانِهِ مَا قَالَ المَلِكُ فَأَخبَرَهُ فَقَالَ


صفحه : 159

عَبدُ المُطّلِبِ أَنَا رَبّ الإِبِلِ وَ لِهَذَا البَيتِ رَبّ يَمنَعُهُ فَرُدّت عَلَيهِ إِبِلُهُ وَ انصَرَفَ عَبدُ المُطّلِبِ نَحوَ مَنزِلِهِ فَمَرّ بِالفِيلِ فِي مُنصَرَفِهِ فَقَالَ لِلفِيلِ يَا مَحمُودُ فَحَرّكَ الفِيلُ رَأسَهُ فَقَالَ لَهُ أَ تدَريِ‌ لِمَ جَاءُوا بِكَ فَقَالَ الفِيلُ بِرَأسِهِ لَا فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ جَاءُوا بِكَ لِتَهدِمَ بَيتَ رَبّكَ أَ فَتَرَاكَ فَاعِلَ ذَلِكَ فَقَالَ بِرَأسِهِ لَا فَانصَرَفَ عَبدُ المُطّلِبِ إِلَي مَنزِلِهِ فَلَمّا أَصبَحُوا غَدَوا بِهِ لِدُخُولِ الحَرَمِ فَأَبَي وَ امتَنَعَ عَلَيهِم فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ لِبَعضِ مَوَالِيهِ عِندَ ذَلِكَ اعلُ الجَبَلَ فَانظُر تَرَي شَيئاً فَقَالَ أَرَي سَوَاداً مِن قِبَلِ البَحرِ فَقَالَ لَهُ يُصِيبُهُ بَصَرُكَ أَجمَعَ فَقَالَ لَهُ لَا وَ لَأَوشَكَ أَن يُصِيبَ فَلَمّا أَن قَرُبَ قَالَ هُوَ طَيرٌ كَثِيرٌ وَ لَا أَعرِفُهُ يَحمِلُ كُلّ طَيرٍ فِي مِنقَارِهِ حَصَاةً مِثلَ حَصَاةِ الخَذفِ أَو دُونَ حَصَاةِ الخَذفِ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ رَبّ عَبدِ المُطّلِبِ مَا يُرِيدُ إِلّا القَومَ حَتّي لَمّا صَارُوا فَوقَ رُءُوسِهِم أَجمَعَ أَلقَتِ الحَصَاةَ فَوَقَعَت كُلّ حَصَاةٍ عَلَي هَامَةِ رَجُلٍ فَخَرَجَت مِن دُبُرِهِ فَقَتَلَتهُ فَمَا انفَلَتَ مِنهُم إِلّا رَجُلٌ وَاحِدٌ يُخبِرُ النّاسَ فَلَمّا أَن أَخبَرَهُم أَلقَت عَلَيهِ حَصَاةً فَقَتَلَتهُ

88-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي نَصرٍ عَن رِفَاعَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ عَبدُ المُطّلِبِ يُفرَشُ لَهُ بِفِنَاءِ الكَعبَةِ لَا يُفرَشُ لِأَحَدٍ غَيرَهُ وَ كَانَ لَهُ وُلدٌ يَقُومُونَ عَلَي رَأسِهِ فَيَمنَعُونَ مَن دَنَا مِنهُ فَجَاءَ رَسُولُ اللّهِص وَ هُوَ طِفلٌ يَدرِجُ حَتّي جَلَسَ عَلَي فَخِذَيهِ فَأَهوَي بَعضُهُم إِلَيهِ لِيُنَحّيَهُ عَنهُ فَقَالَ لَهُ عَبدُ المُطّلِبِ دَعِ ابنيِ‌ فَإِنّ المَلَكَ قَد أَتَاهُ

89-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن جَمِيلِ بنِ صَالِحٍ عَن أَبِي مَريَمَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَسَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ أَرسَلَ عَلَيهِم طَيراً أَبابِيلَ تَرمِيهِم بِحِجارَةٍ مِن سِجّيلٍ قَالَ كَانَ طَيرٌ سَافّ جَاءَهُم مِن قِبَلِ البَحرِ رُءُوسُهَا كَأَمثَالِ رُءُوسِ السّبَاعِ وَ أَظفَارُهَا كَأَظفَارِ السّبَاعِ مِنَ الطّيرِ مَعَ كُلّ طَائِرٍ ثَلَاثَةُ أَحجَارٍ فِي رِجلَيهِ حَجَرَانِ وَ فِي مِنقَارِهِ حَجَرٌ فَجَعَلَت تَرمِيهِم بِهَا حَتّي جُدّرَت


صفحه : 160

أَجسَادُهُم فَقَتَلَهُم بِهَا وَ مَا كَانَ قَبلَ ذَلِكَ رئُيِ‌َ شَيءٌ مِنَ الجدُرَيِ‌ّ وَ لَا رَأَوا ذَلِكَ مِنَ الطّيرِ قَبلَ ذَلِكَ اليَومِ وَ لَا بَعدَهُ قَالَ وَ مَن أَفلَتَ مِنهُم يَومَئِذٍ انطَلَقَ حَتّي إِذَا بَلَغُوا حَضرَمَوتَ وَ هُوَ وَادٍ دُونَ اليَمَنِ أَرسَلَ اللّهُ عَلَيهِم سَيلًا فَغَرّقَهُم أَجمَعِينَ قَالَ وَ مَا رئُيِ‌َ فِي ذَلِكَ الواَديِ‌ مَاءٌ قَبلَ ذَلِكَ اليَومِ بِخَمسَ عَشرَةَ سَنَةً قَالَ فَلِذَلِكَ سمُيّ‌َ حَضرَمَوتَ حِينَ مَاتُوا فِيهِ

90-ختص ،[الإختصاص ] مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أخَيِ‌ الأصَمعَيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ خَالِدِ بنِ أَبِي الحَسَنِ مَولَي المَنصُورِ قَالَ أَخرَجَ إلِيَ‌ّ بَعضُ وُلدِ سُلَيمَانَ بنِ عَلِيّ كِتَاباً بِخَطّ عَبدِ المُطّلِبِ وَ إِذًا شَبِيهٌ بِخَطّ الصّبيَانِ بِاسمِكَ أللّهُمّ ذِكرُ حَقّ عَبدِ المُطّلِبِ بنِ هَاشِمٍ مِن أَهلِ مَكّةَ عَلَي فُلَانِ بنِ فُلَانٍ الحمِيرَيِ‌ّ مِن أَهلِ زَولِ صَنعَاءَ عَلَيهِ أَلفُ دِرهَمٍ فِضّةً طَيّبَةً كَيلًا بِالجَدِيدِ وَ مَتَي دَعَاهُ بِهَا أَجَابَهُ شَهِدَ اللّهُ وَ المَلَكَانِ

91- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] مُحَمّدُ بنُ أَحمَدَ بنِ شَاذَانَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ المذَاَريِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَنِ القَائِمِ فِي طَرِيقِ الغرَيِ‌ّ فَقَالَ نَعَم إِنّهُ لَمّا جَازُوا بِسَرِيرِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ ع انحَنَي أَسَفاً وَ حَزَناً عَلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع وَ كَذَلِكَ سَرِيرُ أَبرَهَةَ لَمّا دَخَلَ عَلَيهِ عَبدُ المُطّلِبِ انحَنَي وَ مَالَ


صفحه : 161

92-د،[العدد القوية] كان لهاشم خمسة بنين عبدالمطلب وأسد ونضلة وصيفي‌ و أبوصيفي‌ وسمي‌ هاشما لهشمه الثريد للناس في زمن المسغبة وكنيته أبونضلة واسمه عمرو العلي قال ابن الزبعري


كانت قريش بيضة فتقلقت   فالمخ خالصها لعبد مناف

الرائشون و ليس يوجد رائش   والقائلون هلم للأضياف

والخالطون فقيرهم بغنيهم   حتي يكون فقيرهم كالكافي‌

عمرو العلي هشم الثريد لقومه   ورجال مكة مسنتون عجاف

ولد هاشم و عبدشمس توأمان في بطن فقيل إنه أخرج أحدهما وإصبعه ملتصقة بجبهة الآخر فلما أزيلت من موضعها أدميت فقيل يكون بينهما دم و كان عبدمناف وصي إلي هاشم ودفع إليه مفتاح البيت وسقاية الحاج وقوس إسماعيل ومات هاشم بغزة من آخر عمل الشام ومات عبدالمطلب بالطائف وأسد من ولد هاشم انقرض عقبه إلا من ابنته فاطمة أم أمير المؤمنين ع و أبوصيفي‌ انقرض عقبه إلا من ابنته رفيقة وهي‌ أم مخزومة بن نوفل وصيفي‌ لاعقب له ونضلة لاعقب له والبقية من سائر ولد هاشم من عبدالمطلب و عبدمناف اسمه المغيرة بن قصي‌ واسمه زيد قصا عن دار قومه لأنه حمل من مكة في صغره إلي بلاد أزدشنوءة وسمي‌ قصيا ويلقب بالمجمع لأنه جمع قبايل قريش بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي‌ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وسمي‌ قريشا ابن خزيمة بن مدركة لأنهم أدركوا الشرف في أيامه ابن إلياس لأنه جاء


صفحه : 162

علي إياس وانقطاع ابن مضر لأخذه بالقلوب و لم يكن يراه أحد إلاأحبه ابن نزار واسمه عمرو بن معد بن عدنان بيان راش جمع المال والأثاث والصديق أطعمه وسقاه وكساه وأصلح حاله

93-أَقُولُ قَالَ صَاحِبُ المُنتَقَي وَ غَيرُهُ وَ روُيِ‌َ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ غَيرِ وَاحِدٍ قَالُوا كَانَ رَسُولُ اللّهِص مَعَ أُمّهِ آمِنَةَ بِنتِ وَهبٍ فَلَمّا بَلَغَ سِتّ سِنِينَ خَرَجَت بِهِ إِلَي أَخوَالِهِ بنَيِ‌ عدَيِ‌ّ بنِ النّجّارِ بِالمَدِينَةِ تَزُورُهُم بِهِ وَ مَعَهُ أُمّ أَيمَنَ تَحضُنُهُ وَ هُم عَلَي بَعِيرَينِ فَنَزَلَت بِهِ فِي دَارِ النّابِغَةِ فَأَقَامَت بِهِ عِندَهُم شَهراً وَ كَانَ قَومٌ مِنَ اليَهُودِ يَختَلِفُونَ وَ يَنظُرُونَ قَالَت أُمّ أَيمَنَ فَسَمِعتُ أَحَدَهُم يَقُولُ هُوَ نبَيِ‌ّ هَذِهِ الأُمّةِ وَ هَذِهِ دَارُ هِجرَتِهِ ثُمّ رَجَعَت بِهِ أُمّهُ إِلَي مَكّةَ فَلَمّا كَانُوا بِالأَبوَاءِ تُوُفّيَت أُمّهُ آمِنَةُ فَقَبَرَهَا هُنَاكَ فَرَجَعَت بِهِ أُمّ أَيمَنَ إِلَي مَكّةَ ثُمّ لَمّا مَرّ رَسُولُ اللّهِص فِي عُمرَةِ الحُدَيبِيَةِ بِالأَبوَاءِ قَالَ إِنّ اللّهَ قَد أَذِنَ لِي فِي زِيَارَةِ قَبرِ أمُيّ‌ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللّهِص فَأَصلَحَهُ وَ بَكَي عِندَهُ وَ بَكَي المُسلِمُونَ لِبُكَاءِ رَسُولِ اللّهِص فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ أدَركَتَنيِ‌ رَحمَةُ رَحمَتِهَا فَبَكَيتُ

وَ روُيِ‌َ عَن بُرَيدَةَ قَالَ لَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللّهِص مَكّةَ أَتَي قَبراً فَجَلَسَ إِلَيهِ وَ جَلَسَ النّاسُ حَولَهُ فَجَعَلَ يَتَكَلّمُ كَهَيئَةِ المُخَاطَبِ ثُمّ قَامَ وَ هُوَ يبَكيِ‌ فَاستَقبَلَهُ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا ألّذِي أَبكَاكَ قَالَ هَذَا قَبرُ أمُيّ‌ سَأَلتُ ربَيّ‌َ الزّيَارَةَ فَأَذِنَ لِي

ثُمّ قَالَ فِي المُنتَقَي وَجهُ الجَمعِ أَنّهُ يَجُوزُ أَنّهَا تُوُفّيَت بِالأَبوَاءِ ثُمّ حُمِلَت إِلَي مَكّةَ فَدُفِنَت بِهَا وَ أَمّا عَبدُ المُطّلِبِ ع فَمَاتَ وَ للِنبّيِ‌ّص ثَمَانُ سِنِينَ وَ هُوَ ابنُ ثِنتَينِ وَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَ يُقَالُ ابنُ مِائَةٍ وَ عِشرِينَ سَنَةً وَ سُئِلَ رَسُولُ اللّهِص أَ تَذكُرُ مَوتَ عَبدِ المُطّلِبِ فَقَالَ نَعَم أَنَا يَومَئِذٍ ابنُ ثَمَانِ سِنِينَ قَالَت أُمّ أَيمَنَ رَأَيتُ رَسُولَ اللّهِص يبَكيِ‌ خَلفَ سَرِيرِ عَبدِ المُطّلِبِ

وَ فِي رِوَايَةٍ توُفُيّ‌َ عَبدُ المُطّلِبِ وَ للِنبّيِ‌ّ ثَمَانِيَةٌ وَ عِشرُونَ شَهراً وَ الأُولَي أَصَحّ وَ توُفُيّ‌َ عَبدُ المُطّلِبِ فِي مُلكِ هُرمُزَ بنِ أَنُوشِيرَوَانَ


صفحه : 163

94-د،[العدد القوية] كَانَ لِعَبدِ المُطّلِبِ عَشَرَةُ أَسمَاءٍ عُمَرُ وَ شَيبَةُ الحَمدِ وَ سَيّدُ البَطحَاءِ وَ ساَقيِ‌ الحَجِيجِ وَ ساَقيِ‌ الغَيثِ وَ غَيثُ الوَرَي فِي العَامِ الجَدبِ وَ أَبُو السّادَةِ العَشَرَةِ وَ حَافِرُ زَمزَمَ وَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ لَهُ عَشَرَةُ بَنِينَ الحَارِثُ وَ الزّبَيرُ وَ حَجلٌ وَ هُوَ الغَيدَاقُ وَ ضِرَارٌ وَ هُوَ نَوفَلٌ وَ المُقَوّمُ وَ أَبُو لَهَبٍ وَ هُوَ عَبدُ العُزّي وَ عَبدُ اللّهِ وَ أَبُو طَالِبٍ وَ حَمزَةُ وَ العَبّاسُ وَ كَانُوا مِن أُمّهَاتٍ شَتّي إِلّا عَبدَ اللّهِ وَ أَبُو[ أَبَا]طَالِبٍ وَ الزّبَيرَ فَإِنّ أُمّهُم فَاطِمَةُ بِنتُ عَمرِو بنِ عَائِذٍ وَ أَعقَبَ مِنَ البَنِينَ خَمسَةٌ عَبدُ اللّهِ أَعقَبَ مُحَمّداًص سَيّدَ البَشَرِ وَ أَبُو طَالِبٍ أَعقَبَ جَعفَراً وَ عَقِيلًا وَ عَلِيّاً ع سَيّدَ الوَصِيّينَ وَ العَبّاسُ أَعقَبَ عَبدَ اللّهِ وَ قُثَمَ وَ الفَضلَ وَ عُبَيدَ اللّهِ وَ الحَارِثُ أَعقَبَ عُتبَةَ وَ معتبةَ وَ عَتِيقاً وَ كَانَ لِعَبدِ المُطّلِبِ سِتّ بَنَاتٍ عَاتِكَةُ وَ أُمَيمَةُ وَ البَيضَاءُ وَ هيِ‌َ أُمّ حَكِيمٍ وَ بَرّةُ وَ صَفِيّةُ وَ هيِ‌َ أُمّ الزّبَيرِ وَ أَروَي وَ يُقَالُ وريدةُ وَ أَسلَمَ مِن أَعمَامِ النّبِيّص أَبُو طَالِبٍ وَ حَمزَةُ وَ العَبّاسُ وَ مِن عَمّاتِهِ صَفِيّةُ وَ أَروَي وَ عَاتِكَةُ وَ آخِرُ مَن مَاتَ مِن أَعمَامِهِ العَبّاسُ وَ مِن عَمّاتِهِ صَفِيّةُ

95-كا،[الكافي‌] عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ وَ غَيرُهُ رَفَعُوهُ قَالَ كَانَ فِي الكَعبَةِ غَزَالَانِ مِن ذَهَبٍ وَ خَمسَةُ أَسيَافٍ فَلَمّا غَلَبَت خُزَاعَةُ جُرهُمَ عَلَي الحَرَمِ أَلقَت جُرهُمُ الأَسيَافَ وَ الغَزَالَينِ فِي بِئرِ زَمزَمَ وَ أَلقَوا فِيهَا الحِجَارَةَ وَ طَمّوهَا وَ عَمّوا أَثَرَهَا فَلَمّا غَلَبَت قصُيَ‌ّ عَلَي خُزَاعَةَ لَم يَعرِفُوا مَوضِعَ زَمزَمَ وَ عمَيِ‌َ عَلَيهِم مَوضِعُهَا فَلَمّا غَلَبَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ كَانَ يُفرَشُ لَهُ فِي فِنَاءِ الكَعبَةِ وَ لَم يَكُن يُفرَشُ لِأَحَدٍ هُنَاكَ غَيرَهُ فَبَينَمَا هُوَ نَائِمٌ فِي ظِلّ الكَعبَةِ فَرَأَي فِي مَنَامِهِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ احفِر بَرّةَ قَالَ وَ مَا بَرّةُ ثُمّ أَتَاهُ فِي اليَومِ الثاّنيِ‌ فَقَالَ احفِر طِيبَةَ ثُمّ أَتَاهُ فِي اليَومِ الثّالِثِ فَقَالَ احفِرِ المَضنُونَةَ قَالَ ثُمّ أَتَاهُ فِي الرّابِعِ فَقَالَ احفِر زَمزَمَ لَا تَنزَحُ وَ لَا تُذَمّ لسِقَي‌ِ الحَجِيجِ الأَعظَمِ عِندَ الغُرَابِ الأَعصَمِ عِندَ قَريَةِ النّملِ وَ كَانَ عِندَ زَمزَمَ حَجَرٌ يَخرُجُ مِنهُ النّملُ فَيَقَعُ عَلَيهِ الغُرَابُ الأَعصَمُ فِي كُلّ يَومٍ يَلتَقِطُ


صفحه : 164

النّملَ فَلَمّا رَأَي عَبدُ المُطّلِبِ هَذَا عَرَفَ مَوضِعَ زَمزَمَ فَقَالَ لِقُرَيشٍ إنِيّ‌ عبرت [أُمِرتُ] فِي أَربَعِ لَيَالٍ فِي حَفرِ زَمزَمَ فهَيِ‌َ مَأثُرَتُنَا وَ عِزّنَا فَهَلُمّوا نَحفِرهَا فَلَم يُجِيبُوهُ إِلَي ذَلِكَ فَأَقبَلَ يَحفِرُهَا هُوَ بِنَفسِهِ وَ كَانَ لَهُ ابنٌ وَاحِدٌ وَ هُوَ الحَارِثُ وَ كَانَ يُعِينُهُ عَلَي الحَفرِ فَلَمّا صَعُبَ ذَلِكَ عَلَيهِ تَقَدّمَ إِلَي بَابِ الكَعبَةِ ثُمّ رَفَعَ يَدَيهِ وَ دَعَا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وَ نَذَرَ لَهُ إِن رَزَقَهُ عَشرَ بَنِينَ أَن يَنحَرَ أَحَبّهُم إِلَيهِ تَقَرّباً إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَلَمّا حَفَرَ وَ بَلَغَ الطوّيِ‌ّ طوَيِ‌ّ إِسمَاعِيلَ وَ عَلِمَ أَنّهُ قَد وَقَعَ عَلَي المَاءِ كَبّرَ وَ كَبّرَت قُرَيشٌ فَقَالُوا يَا أَبَا الحَارِثِ هَذِهِ مَأثُرَتُنَا وَ لَنَا فِيهَا نَصِيبٌ قَالَ لَهُم لَم تعُيِنوُنيِ‌ عَلَي حَفرِهَا هيِ‌َ لِي وَ لوِلُديِ‌ إِلَي آخِرِ الأَبَدِ

تبيين عمي‌ عليه الأمر التبس قال الجزري‌ّ في حديث زمزم أتاه آت فقال احفر برّة سماه برّة لكثرة منافعها وسعة مائها و قال الفيروزآبادي‌ طِيبة بالكسر اسم زمزم و قال الجزري‌ فيه احفر المضنونة أي التي‌ يضنّ بهالنفاستها وعزّتها و قال فيه أري عبدالمطلب في منامه احفر زمزم لاتنزف و لاتذمّ أي لايفني ماؤها علي كثرة الاستسقاء و لاتذمّ أي لاتعاب أو لاتلفي مذموما من أذممته إذاوجدته مذموما وقيل لايوجد ماؤها قليلا من قولهم بئر ذمّة إذاكانت قليلة الماء و قال الغراب الأعصم الأبيض الجناحين وقيل الأبيض الرجلين انتهي . والمأثرة بفتح الثاء وضمّها المكرمة والطوي‌ّ علي فعيل البئر المطويّة بالحجارة

96-كا،[الكافي‌]عِدّةٌ مِن أَصحَابِنَا عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ يَحيَي عَن جَدّهِ الحَسَنِ بنِ رَاشِدٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا اِبرَاهِيمَ ع يَقُولُ لَمّا احتَفَرَ عَبدُ المُطّلِبِ زَمزَمَ وَ انتَهَي إِلَي قَعرِهَا خَرَجَت عَلَيهِ مِن أَحَدِ جَوَانِبِ البِئرِ رَائِحَةٌ مُنتِنَةٌ أَفظَعَتهُ فَأَبَي أَن ينَثنَيِ‌َ وَ خَرَجَ ابنُهُ الحَارِثُ عَنهُ ثُمّ حَفَرَ حَتّي أَمعَنَ فَوَجَدَ فِي قَعرِهَا عَيناً تَخرُجُ عَلَيهِ بِرَائِحَةِ المِسكِ ثُمّ احتَفَرَ


صفحه : 165

فَلَم يَحفِر إِلّا ذِرَاعاً حَتّي تَجَلّاهُ النّومُ فَرَأَي رَجُلًا طَوِيلَ البَاعِ حَسَنَ الشّعرِ جَمِيلَ الوَجهِ جَيّدَ الثّوبِ طَيّبَ الرّائِحَةِ يَقُولُ احفِر تَغنَم وَ جُد تَسلَم وَ لَا تَذّخِرهَا لِلمَقسَمِ الأَسيَافُ لِغَيرِكَ وَ التّبرُ[البِئرُ] لَكَ أَنتَ أَعظَمُ العَرَبِ قَدراً وَ مِنكَ يَخرُجُ نَبِيّهَا وَ وَلِيّهَا وَ الأَسبَاطُ وَ النّجَبَاءُ الحُكَمَاءُ العُلَمَاءُ البُصَرَاءُ وَ السّيُوفُ لَهُم وَ لَيسُوا اليَومَ مِنكَ وَ لَا لَكَ وَ لَكِن فِي القَرنِ الثاّنيِ‌ مِنكَ بِهِم يُنِيرُ اللّهُ الأَرضَ وَ يُخرِجُ الشّيَاطِينَ مِن أَقطَارِهَا وَ يُذِلّهَا فِي عِزّهَا وَ يُهلِكُهَا بَعدَ قُوّتِهَا وَ يُذِلّ الأَوثَانَ وَ يَقتُلُ عُبّادَهَا حَيثُ كَانُوا ثُمّ يَبقَي بَعدَهُ نَسلٌ مِن نَسلِكَ هُوَ أَخُوهُ وَ وَزِيرُهُ وَ دُونَهُ فِي السّنّ وَ قَد كَانَ القَادِرَ عَلَي الأَوثَانِ لَا يَعصِيهِ حَرفاً وَ لَا يَكتُمُهُ شَيئاً وَ يُشَاوِرُهُ فِي كُلّ أَمرٍ حجم [هَجَمَ] عَلَيهِ وَ استَعيَا عَنهَا عَبدُ المُطّلِبِ فَوَجَدَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَيفاً مُسنَدَةً إِلَي جَنبِهِ فَأَخَذَهَا وَ أَرَادَ أَن يَبُثّ فَقَالَ وَ كَيفَ وَ لَم أَبلُغِ المَاءَ ثُمّ حَفَرَ فَلَم يَحفِر شِبراً حَتّي بَدَا لَهُ قَرنُ الغَزَالِ وَ رَأسُهُ فَاستَخرَجَهُ وَ فِيهِ طُبِعَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ عَلِيّ ولَيِ‌ّ اللّهِ فُلَانٌ خَلِيفَةُ اللّهِ فَسَأَلتُهُ فَقُلتُ فُلَانٌ مَتَي كَانَ قَبلَهُ أَو بَعدَهُ قَالَ لَم يَجِئ بَعدُ وَ لَا جَاءَ شَيءٌ مِن أَشرَاطِهِ فَخَرَجَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ قَدِ استَخرَجَ المَاءَ وَ أَدرَكَ وَ هُوَ يَصعَدُ فَإِذَا أَسوَدُ لَهُ ذَنَبٌ طَوِيلٌ يَسبِقُهُ بِدَاراً إِلَي فَوقُ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ أَكثَرَ ذَنَبِهِ ثُمّ طَلَبَهُ فَفَاتَهُ وَ فُلَانٌ قَاتِلُهُ إِن شَاءَ اللّهُ وَ مِن رأَي‌ِ عَبدِ المُطّلِبِ أَن يُبطِلَ الرّؤيَا التّيِ‌ رَآهَا فِي البِئرِ وَ يَضرِبَ السّيُوفَ صَفَائِحَ لِلبَيتِ فَأَتَاهُ اللّهُ بِالنّومِ فَغَشِيَهُ وَ هُوَ فِي حِجرِ الكَعبَةِ فَرَأَي ذَلِكَ الرّجُلَ بِعَينِهِ وَ هُوَ يَقُولُ يَا شَيبَةَ الحَمدِ احمَد رَبّكَ فَإِنّهُ سَيَجعَلُكَ


صفحه : 166

لِسَانَ الأَرضِ وَ يَتبَعُكَ قُرَيشٌ خَوفاً وَ رَهبَةً وَ طَمَعاً ضَعِ السّيُوفَ فِي مَوَاضِعِهَا فَاستَيقَظَ عَبدُ المُطّلِبِ فَأَجَابَهُ أَنّهُ يأَتيِنيِ‌ فِي النّومِ فَإِن يَكُن مِن ربَيّ‌ فَهُوَ أَحَبّ إلِيَ‌ّ وَ إِن يَكُن مِن شَيطَانٍ فَأَظُنّهُ مَقطُوعَ الذّنَبِ فَلَم يَرَ شَيئاً وَ لَم يَسمَع كَلَاماً فَلَمّا أَن كَانَ اللّيلُ أَتَاهُ فِي مَنَامِهِ بِعِدّةٍ مِن رِجَالٍ وَ صِبيَانٍ فَقَالُوا لَهُ نَحنُ أَتبَاعُ وَلَدِكَ وَ نَحنُ مِن سُكّانِ السّمَاءِ السّادِسَةِ السّيُوفُ لَيسَت لَكَ تَزَوّج فِي مَخزُومٍ تَقوَي[تَقوَ] وَ اضرِب بَعدُ فِي بُطُونِ العَرَبِ فَإِن لَم يَكُن مَعَكَ مَالٌ فَلَكَ حَسَبٌ فَادفَع هَذِهِ الثّلَاثَةَ عَشَرَ سَيفاً إِلَي وَلَدِ المَخزُومِيّةِ وَ لَا بَيَانَ[يُبَانُ] لَكَ أَكثَرَ مِن هَذَا وَ سَيفٌ لَكَ مِنهَا وَاحِدٌ يَقَعُ مِن يَدِكَ فَلَا تَجِدُ لَهُ أَثَراً إِلّا أَن يَستَجِنّهُ جَبَلُ كَذَا وَ كَذَا فَيَكُونُ مِن أَشرَاطِ قَائِمِ آلِ مُحَمّدٍص فَانتَبَهَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ انطَلَقَ وَ السّيُوفُ عَلَي رَقَبَتِهِ فَأَتَي نَاحِيَةً مِن نوَاَحيِ‌ مَكّةَ فَفَقَدَ مِنهَا سَيفاً كَانَ أَرَقّهَا عِندَهُ فَيَظهَرُ مِن ثَمّ ثُمّ دَخَلَ مُعتَمِراً وَ طَافَ بِهَا عَلَي رَقَبَتِهِ وَ الغَزَالَينِ أَحَدَ عَشَرَ طَوَافاً وَ قُرَيشٌ تَنظُرُ إِلَيهِ وَ هُوَ يَقُولُ أللّهُمّ صَدّق وَعدَكَ فَأَثبِت لِي قوَليِ‌ وَ انشُر ذكِريِ‌ وَ شُدّ عضَدُيِ‌ وَ كَانَ هَذَا تَردَادَ كَلَامِهِ وَ مَا طَافَ حَولَ البَيتِ بَعدَ رُؤيَاهُ فِي البَيتِ بِبَيتِ شِعرٍ حَتّي مَاتَ وَ لَكِن قَدِ ارتَجَزَ عَلَي بَنِيهِ يَومَ أَرَادَ نَحرَ عَبدِ اللّهِ فَدَفَعَ الأَسيَافَ جَمِيعَهَا إِلَي بنَيِ‌ المَخزُومِيّةِ إِلَي الزّبَيرِ وَ إِلَي أَبِي طَالِبٍ وَ إِلَي عَبدِ اللّهِ


صفحه : 167

فَصَارَ لأِبَيِ‌ طَالِبٍ مِن ذَلِكَ أَربَعَةُ أَسيَافٍ سَيفٌ لأِبَيِ‌ طَالِبٍ وَ سَيفٌ لعِلَيِ‌ّ وَ سَيفٌ لِجَعفَرٍ وَ سَيفٌ لِطَالِبٍ وَ كَانَ لِلزّبَيرِ سَيفَانِ وَ كَانَ لِعَبدِ اللّهِ سَيفَانِ ثُمّ عَادَت فَصَارَ لعِلَيِ‌ّ الأَربَعَةُ البَاقِيَةُ اثنَينِ مِن فَاطِمَةَ وَ اثنَينِ مِن أَولَادِهَا فَطَاحَ سَيفُ جَعفَرٍ يَومَ أُصِيبَ فَلَم يُدرَ فِي يَدِ مَن وَقَعَ حَتّي السّاعَةِ وَ نَحنُ نَقُولُ لَا يَقَعُ سَيفٌ مِن أَسيَافِنَا فِي يَدِ غَيرِنَا إِلّا رَجُلٌ يُعِينُ بِهِ مَعَنَا إِلّا صَارَ فَحماً قَالَ وَ إِنّ مِنهَا لَوَاحِداً فِي نَاحِيَةٍ يَخرُجُ كَمَا تَخرُجُ الحَيّةُ فَيَبِينُ مِنهُ ذِرَاعٌ وَ مَا يُشبِهُهُ فَتَبرُقُ لَهُ الأَرضُ مِرَاراً ثُمّ يَغِيبُ فَإِذَا كَانَ اللّيلُ فَعَلَ مِثلَ ذَلِكَ فَهَذَا دَأبُهُ حَتّي يجَيِ‌ءَ صَاحِبُهُ وَ لَو شِئتُ أَن أسُمَيّ‌َ مَكَانَهُ لَسَمّيتُهُ وَ لَكِن أَخَافُ عَلَيكُم مِن أَن أُسَمّيَهُ فَتُسَمّوهُ فَيُنسَبَ إِلَي غَيرِ مَا هُوَ عَلَيهِ

بيان حتي تجلاه النوم أي غشيه وغلب عليه وجد من الجود أو من الجد والأول أنسب بترك الذخيرة والضمير في قوله و لاتذخرها راجع إلي الغنيمة المدلول عليها بقوله تغنم والمقسم مصدر ميمي‌ بمعني القسمة أي لاتجعلها ذخيرة لأن تقسم بعدك والتبر بالكسر الذهب والفضة و في بعض النسخ البئر. قوله ع واستعيا عنها عبدالمطلب لعله من قولهم عيي‌ إذا لم يهتد لوجهه وأعيا الرجل في المشي‌ وأعيا عليه الأمر والمعني أنه تحير في الأمر و لم يدر معني مارأي في منامه أوضعف وعجز عن البئر وحفرها و في بعض النسخ بالغين المعجمة والباء الموحدة من قولهم غبي‌ عليه الشي‌ء إذا لم يعرفه و هوقريب من الأول . قوله ع وأراد أن يبث أي ينشر ويذكر خبر الرؤيا فكتمه أويفرق السيوف علي الناس فأخره و في بعض النسخ يثب بتقديم المثلثة من الوثوب أي يثب عليها فيتصرف فيها أويثب علي الناس بهذه السيوف . قوله فلان خليفة الله أي القائم ع والأسود لعله كان الشيطان والقائم ع يقتله كماسيأتي‌ في كتاب الغيبة ولذا قال عبدالمطلب فأظنه مقطوع الذنب . قوله ع ويضرب السيوف صفائح للبيت أي يلصقها بباب البيت لتكون


صفحه : 168

صفائح لها أويبيعها ويصنع من ثمنها صفائح البيت و في بعض النسخ مفاتيح للبيت فيحتمل أن يكون المراد أن يجاهد المشركين فيستولي‌ عليهم ويخلص البيت من أيديهم . قوله ع فأجابه أي أجاب عبدالمطلب الرجل ألذي كلمه في المنام قوله تزوج في مخزوم تزوج عبدالمطلب فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمر بن مخزوم أم عبد الله والزبير و أبي طالب قوله واضرب بعد في بطون العرب أي تزوج في أي بطن منهم شئت والحاصل أنك لابد لك أن تتزوج في بني‌ مخزوم ليحصل والد النبي والأوصياءص ويرثوا السيوف و أماسائر القبائل فالأمر إليك ويحتمل أن يكون المراد جاهد بطون العرب وقاتلهم والأول أظهر. قوله إلا أن يستجنه و في بعض النسخ يسجنه أي يخفيه ويستره قوله فيظهر من ثم أي يظهر في زمن القائم ع من هذاالموضع ألذي فقد فيه أو من الجبل ألذي تقدم ذكره ولعله كان كل سيف لمعصوم و كان بعددهم وسيف القائم ع أخفاه الله في هذاالمكان ليظهر له عندخروجه . قوله فصار لعلي‌ يحتمل أن يكون المراد بالأربعة الباقية تتمة الثمانية المذكورة إلي اثني‌ عشر و يكون المراد بفاطمة أمه ع أي صارت الأربعة الباقية أيضا إلي علي ع من قبل أمه وإخوته حيث وصل إليهم من جهة أبي طالب زائدا علي ماتقدم أو يكون المراد بفاطمة بنت النبي ص بأن يكون النبي ص أعطاها سيفين غيرالثمانية وأعطي الحسنين ع سيفين ويحتمل أن يراد بالأربعة سيوف الزبير و عبد الله فيكون الأربعة الأخري مسكوتا عنها. قوله ع إلاصار فحما أي يسود ويبطل و لايأتي‌ منه شيء حتي يرجع إلينا. قوله ع و إن منها لواحدا لعله هو ألذي فقد من عبدالمطلب يظهر هكذا عندظهوره القائم ع ليأخذه . قوله ع فينسب إلي غير ما هو عليه أي يتغير مكانه أويأخذه غيرالقائم ع .


صفحه : 169

أقول قال عبدالحميد بن أبي الحديد قال محمد بن إسحاق لماأنبط عبدالمطلب الماء في زمزم حسدته قريش فقالت له يا عبدالمطلب إنها بئر أبينا إسماعيل و إن لنا فيهاحقا فأشركنا معك قال ما أنابفاعل إن هذاالأمر أمر خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم فقالوا له فإنا غيرتاركيك حتي نخاصمك فيها قال فاجعلوا بيني‌ وبينكم حكما أحاكمكم إليه قالوا كاهنة بني‌ سعد بن هزيم قال نعم وكانت بأشراف الشام فركب عبدالمطلب في نفر من بني‌ عبدمناف وخرج من كل قبيلة من قبائل قريش قوم و الأرض إذ ذاك مفاوز حتي إذاكانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام نفد ما كان مع عبدالمطلب وبني‌ أبيه من الماء وعطشوا عطشا شديدا فاستسقوا قومهم فأبوا أن يسقوهم وقالوا نحن بمفازة ونخشي علي أنفسنا مثل ألذي أصابكم فلما رأي عبدالمطلب ماصنع القوم وخاف علي نفسه وأصحابه الهلاك قال لأصحابه ماترون قالوا مارأينا إلاتبع لرأيك فمرنا بما أحببت قال فإني‌ أري أن يحفر كل رجل منا حفرة لنفسه بما معه من القوة فكلما مات رجل دفنه أصحابه في حفرته حتي يكون آخركم رجل واحد فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب قالوا نعم ماأشرت فقام كل رجل منهم فحفر حفيرة لنفسه وقعدوا ينتظرون الموت ثم إن عبدالمطلب قال لأصحابه و الله إن إلقاءنا بأيدينا كذا للموت لانضرب في الأرض فنطلب الماء لعجز فقوموا فعسي الله أن يرزقنا ماء ببعض الأرض ارتحلوا فارتحلوا و من معهم من قبائل قريش ينظرون إليهم ماهم صانعون فتقدم عبدالمطلب إلي راحلته فركبها فلما انبعثت به انفجر من تحت خفها عين من ماء عذب فكبر عبدالمطلب وكبر أصحابه


صفحه : 170

ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستقوا حتي ملئوا أسقيتهم ثم دعا القبائل من قريش فقال لهم هلموا إلي الماء فقد سقانا الله فاشربوا واستقوا فجاءوا فشربوا واستقوا ثم قالوا له قد و الله قضي‌ لك علينا و الله لانخاصمك في زمزم أبدا إن ألذي سقاك هذاالماء بهذه المفازة هوسقاك زمزم فارجع إلي سقايتك راشدا فرجع ورجعوا معه لم يصلوا إلي الكاهنة وخلوا بينه و بين زمزم

97-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ وَ مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ جَمِيعاً عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ عَن أَبَانٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ لَم يَزَل بَنُو إِسمَاعِيلَ وُلَاةَ البَيتِ يُقِيمُونَ لِلنّاسِ حَجّهُم وَ أَمرَ دِينِهِم يَتَوَارَثُونَهُ كَابِرٌ عَن كَابِرٍ حَتّي كَانَ زَمَنُ عَدنَانَ بنِ أُدَدَ فَطَالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَت قُلُوبُهُم وَ أَفسَدُوا وَ أَحدَثُوا فِي دِينِهِم وَ أَخرَجَ بَعضُهُم بَعضاً فَمِنهُم مَن خَرَجَ فِي طَلَبِ المَعِيشَةِ وَ مِنهُم مَن خَرَجَ كَرَاهِيَةَ القِتَالِ وَ فِي أَيدِيهِم أَشيَاءُ كَثِيرَةٌ مِنَ الحَنِيفِيّةِ مِن تَحرِيمِ الأُمّهَاتِ وَ البَنَاتِ وَ مَا حَرّمَ اللّهُ فِي النّكَاحِ إِلّا أَنّهُم كَانُوا يَستَحِلّونَ امرَأَةَ الأَبِ وَ ابنَةَ الأُختِ وَ الجَمعَ بَينَ الأُختَينِ وَ كَانَ فِي أَيدِيهِمُ الحَجّ وَ التّلبِيَةُ وَ الغُسلُ مِنَ الجَنَابَةِ إِلّا مَا أَحدَثُوا فِي تَلبِيَتِهِم وَ فِي حَجّهِم مِنَ الشّركِ وَ كَانَ فِيمَا بَينَ إِسمَاعِيلَ وَ عَدنَانَ بنِ أُدَدَ مُوسَي ع وَ روُيِ‌َ أَنّ مَعَدّ بنَ عَدنَانَ خَافَ أَن يَدرُسَ الحَرَمُ فَوَضَعَ أَنصَابَهُ وَ كَانَ أَوّلَ مَن وَضَعَهَا ثُمّ غَلَبَت جُرهُمُ بِمَكّةَ عَلَي وِلَايَةِ البَيتِ فَكَانَ يلَيِ‌ مِنهُم كَابِرٌ عَن كَابِرٍ حَتّي بَغَت جُرهُمُ بِمَكّةَ وَ استَحَلّوا حُرمَتَهَا وَ أَكَلُوا مَالَ الكَعبَةِ وَ ظَلَمُوا مَن دَخَلَ مَكّةَ وَ عَتَوا وَ بَغَوا وَ كَانَت مَكّةُ فِي الجَاهِلِيّةِ لَا يَظلِمُ وَ لَا يبَغيِ‌ فِيهَا وَ لَا يَستَحِلّ حُرمَتَهَا مَلِكٌ إِلّا هَلَكَ مَكَانَهُ وَ كَانَت تُسَمّي بَكّةَ لِأَنّهَا تَبُكّ أَعنَاقَ البَاغِينَ


صفحه : 171

إِذَا بَغَوا فِيهَا وَ تُسَمّي بَسّاسَةَ كَانُوا إِذَا ظَلَمُوا فِيهَا بَسّتهُم وَ أَهلَكَتهُم وَ سمُيّ‌َ أُمّ رُحمٍ كَانُوا إِذَا لَزِمُوهَا رُحِمُوا فَلَمّا بَغَت جُرهُمُ وَ استَحَلّوا فِيهَا بَعَثَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهِمُ الرّعَافَ وَ النّملَ وَ أَفنَاهُم فَغَلَبَت خُزَاعَةُ وَ اجتَمَعَت لِيُجلُوا مَن بقَيِ‌َ مِن جُرهُمَ عَنِ الحَرَمِ وَ رَئِيسُ خُزَاعَةَ عَمرُو بنُ رَبِيعَةَ بنِ حَارِثَةَ بنِ عَمرٍو وَ رَئِيسُ جُرهُمَ عَمرُو بنُ الحَارِثِ بنِ مُصَاصٍ الجرُهمُيِ‌ّ فَهَزَمَت خُزَاعَةُ جُرهُمَ وَ خَرَجَ مَن بقَيِ‌َ مِن جُرهُمَ إِلَي أَرضٍ مِن أَرضِ جُهَينَةَ فَجَاءَهُم سَيلٌ أتَيِ‌ّ لَهُم فَذَهَبَ بِهِم وَ وَلِيَت خُزَاعَةُ البَيتَ فَلَم يَزَل فِي أَيدِيهِم حَتّي جَاءَ قصُيَ‌ّ بنُ كِلَابٍ وَ أَخرَجَ خُزَاعَةَ مِنَ الحَرَمِ وَ ولَيِ‌َ البَيتَ وَ غَلَبَ عَلَيهِ

بيان أدد كعمر بضمتين والدرس الانمحاء وجرهم كقنفذ حي‌ّ من اليمن والرّحم بالضم الرحمة والرعاف في بعض النسخ بالراء المهملة و هوبالضم خروج الدم من الأنف و في بعضها بالمعجمة يقال موت زعاف أي سريع فالمراد به الطاعون . و قال الفيروزآبادي‌ النملة قروح في الجنب كالنمل وبثر يخرج في الجسد بالتهاب واحتراق ويرم مكانها يسيرا ويدبّ إلي موضع آخر كالنملة قوله ع سيل أتي‌ّ


صفحه : 172

هوبالتشديد علي وزن فعيل سيل جاءك و لم يصبك مطره والسيل الأتي‌ أيضا الغريب

98-كا،[الكافي‌] أَبُو عَلِيّ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن عَلِيّ بنِ النّعمَانِ عَن سَعِيدٍ الأَعرَجِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ العَرَبَ لَم يَزَالُوا عَلَي شَيءٍ مِنَ الحَنِيفِيّةِ يَصِلُونَ الرّحِمَ وَ يَقرُونَ الضّيفَ وَ يَحُجّونَ البَيتَ وَ يَقُولُونَ اتّقُوا مَالَ اليَتِيمِ فَإِنّ مَالَ اليَتِيمِ عِقَالٌ وَ يَكُفّونَ عَن أَشيَاءَ مِنَ المَحَارِمِ مَخَافَةَ العُقُوبَةِ وَ كَانُوا لَا يُملَي لَهُم إِذَا انتَهَكُوا المَحَارِمَ وَ كَانُوا يَأخُذُونَ مِن لِحَاءِ شَجَرِ الحَرَمِ فَيُعَلّقُونَهُ فِي أَعنَاقِ الإِبِلِ فَلَا يجَترَ‌ِئُ أَحَدٌ أَن يَأخُذَ مِن تِلكَ الإِبِلِ حَيثُ مَا ذَهَبَت وَ لَا يجَترَ‌ِئُ أَحَدٌ أَن يُعَلّقَ مِن غَيرِ لِحَاءِ شَجَرِ الحَرَمِ أَيّهُم فَعَلَ ذَلِكَ عُوقِبَ وَ أَمّا اليَومَ فأَمُليِ‌َ لَهُم وَ لَقَد جَاءَ أَهلُ الشّامِ فَنَصَبُوا المَنجَنِيقَ عَلَي أَبِي قُبَيسٍ فَبَعَثَ اللّهُ عَلَيهِم سَحَابَةً كَجَنَاحِ الطّيرِ فَأَمطَرَت عَلَيهِم صَاعِقَةً فَأَحرَقَت سَبعِينَ رَجُلًا حَولَ المَنجَنِيقِ

بيان الإقراء الضيافة والإملاء المهلة وانتهاك الحرمة تناولها بما لايحل واللحاء بالكسر ممدودا ومقصورا ما علي العود من القشر والظاهر أن نصب المنجنيق كان لتخريب البيت

99-كا،[الكافي‌] الحُسَينُ بنُ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي عَنِ الوَشّاءِ عَن أَحمَدَ بنِ عَائِذٍ عَن


صفحه : 173

أَبِي خَدِيجَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ إنِيّ‌ وَلَدتُ بِنتاً وَ رَبّيتُهَا حَتّي إِذَا بَلَغَت فَأَلبَستُهَا وَ حَلّيتُهَا ثُمّ جِئتُ بِهَا إِلَي قَلِيبٍ فَدَفَعتُهَا فِي جَوفِهِ وَ كَانَ آخِرُ مَا سَمِعتُ مِنهَا وَ هيِ‌َ تَقُولُ يَا أَبَتَاه فَمَا كَفّارَةُ ذَلِكَ قَالَ أَ لَكَ أُمّ حَيّةٌ قَالَ لَا قَالَ فَلَكَ خَالَةٌ حَيّةٌ قَالَ نَعَم قَالَ فَابرَرهَا فَإِنّهَا بِمَنزِلَةِ الأُمّ تُكَفّر عَنكَ مَا صَنَعتَ قَالَ أَبُو خَدِيجَةَ فَقُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ مَتَي كَانَ هَذَا قَالَ كَانَ فِي الجَاهِلِيّةِ وَ كَانُوا يَقتُلُونَ البَنَاتِ مَخَافَةَ أَن يُسبَينَ فَيَلِدنَ فِي قَومٍ آخَرِينَ

100-كنز الكراجكي‌، عن الحسين بن عبيد الله عن هارون بن موسي عن محمد بن همام عن الحسن بن جمهور عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن عليّ بن رئاب عن مالك بن عطية قال لمّا حفر عبدالمطّلب بن هاشم زمزم وأنبط منها الماء أخرج منها غزالين من ذهب وسيوفا وأدراعا فجعل الغزالين زينة للكعبة وأخذ السيوف والدروع و قال هذه وديعة كان أودعها مضاض الجرهمي‌ بن الحارث بن عمرو بن مضاض والحارث ألذي يقول شعر


كأن لم يكن بين الحجون إلي الصفا   أنيس و لم يسمر بمكة سامر

بلي نحن كنّا أهلها فأبادنا   صروف الليّالي‌ والجدود العواثر

ويمنعنا من كلّ فجّ نريده   أقبّ كسرحان الإباءة ضامر

و كل لجوج في الجراء طمرّة   كعجزاء فتحاء الجناحين كاسر

صفحه : 174

والقصيدة طويلة فحسدته قريش بذلك فقالوا نحن شركاؤك فيها فقال هذه فضيلة بنت [نبئت ] بهادونكم أريتها في منامي‌ ثلاث ليال تباعا قالوا فحاكمنا إلي من شئت من حكام العرب فخرجوا إلي الشام يريدون أحد كهانها وعلمائها فأصابهم عطش شديد فأوصي بعضهم إلي بعض فبينا هم علي تلك الحال إذ بركت ناقة عبدالمطّلب فنبع الماء من بين أخفافها فشربوا وتزودوا وقالوا يا عبدالمطلب إن ألذي سقاك في هذه البادية القفر هو ألذي سقاك بمكة فرجعوا وسلموا له هذه المأثرة بيان القبب الضمر وخمص البطن والإباءة أجمة القصب والجراء بالكسر جمع الجر و هوبالضم والكسر ولد الكلب والسباع وفرس طمرّ بالكسر وتشديد الراء و هوالمستفزّ للوثب والعدو وعقاب عجزاء قصيرة الذنب ويقال كسر الطائر إذاضم جناحيه حين ينقض والكاسر العقاب ذكرها الجوهري‌

باب 2-البشائر بمولده ونبوته من الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليه وعليهم وغيرهم من الكهنة وسائر الخلق وذكر بعض المؤمنين في الفترة

الآيات البقرةوَ لَمّا جاءَهُم كِتابٌ مِن عِندِ اللّهِ مُصَدّقٌ لِما مَعَهُم وَ كانُوا مِن قَبلُ يَستَفتِحُونَ عَلَي الّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهُم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعنَةُ اللّهِ عَلَي الكافِرِينَ و قال تعالي وَ لَمّا جاءَهُم رَسُولٌ مِن عِندِ اللّهِ مُصَدّقٌ لِما مَعَهُم نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ كِتابَ اللّهِ وَراءَ ظُهُورِهِم كَأَنّهُم لا يَعلَمُونَ و قال سبحانه وَ ابعَث فِيهِم رَسُولًا مِنهُم يَتلُوا عَلَيهِم آياتِكَ وَ يُعَلّمُهُمُ الكِتابَ وَ الحِكمَةَ وَ يُزَكّيهِم إِنّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ


صفحه : 175

و قال تعالي الّذِينَ آتَيناهُمُ الكِتابَ يَعرِفُونَهُ كَما يَعرِفُونَ أَبناءَهُم وَ إِنّ فَرِيقاً مِنهُم لَيَكتُمُونَ الحَقّ وَ هُم يَعلَمُونَآل عمران وَ إِذ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النّبِيّينَ لَما آتَيتُكُم مِن كِتابٍ وَ حِكمَةٍ ثُمّ جاءَكُم رَسُولٌ مُصَدّقٌ لِما مَعَكُم لَتُؤمِنُنّ بِهِ وَ لَتَنصُرُنّهُ قالَ أَ أَقرَرتُم وَ أَخَذتُم عَلي ذلِكُم إصِريِ‌ قالُوا أَقرَرنا قالَ فَاشهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُم مِنَ الشّاهِدِينَ فَمَن تَوَلّي بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ و قال تعالي وَ إِذ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ لَتُبَيّنُنّهُ لِلنّاسِ وَ لا تَكتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِم وَ اشتَرَوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئسَ ما يَشتَرُونَ لا تَحسَبَنّ الّذِينَ يَفرَحُونَ بِما أَتَوا وَ يُحِبّونَ أَن يُحمَدُوا بِما لَم يَفعَلُوا فَلا تَحسَبَنّهُم بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ وَ لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌالأعراف الّذِينَ يَتّبِعُونَ الرّسُولَ النّبِيّ الأمُيّ‌ّ ألّذِي يَجِدُونَهُ مَكتُوباً عِندَهُم فِي التّوراةِ وَ الإِنجِيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعرُوفِ وَ يَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ وَ يُحِلّ لَهُمُ الطّيّباتِ وَ يُحَرّمُ عَلَيهِمُ الخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَ الأَغلالَ التّيِ‌ كانَت عَلَيهِم فَالّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتّبَعُوا النّورَ ألّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ و قال تعالي وَ إِذ تَأَذّنَ رَبّكَ لَيَبعَثَنّ عَلَيهِم إِلي يَومِ القِيامَةِ مَن يَسُومُهُم سُوءَ العَذابِ إِنّ رَبّكَ لَسَرِيعُ العِقابِ وَ إِنّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌالأنبياءوَ لَقَد كَتَبنا فِي الزّبُورِ مِن بَعدِ الذّكرِ أَنّ الأَرضَ يَرِثُها عبِاديِ‌َ الصّالِحُونَالشعراءوَ إِنّهُ لفَيِ‌ زُبُرِ الأَوّلِينَ أَ وَ لَم يَكُن لَهُم آيَةً أَن يَعلَمَهُ عُلَماءُ بنَيِ‌ إِسرائِيلَالقصص وَ ما كُنتَ بِجانِبِ الغرَبيِ‌ّ إِذ قَضَينا إِلي مُوسَي الأَمرَ وَ ما كُنتَ مِنَ الشّاهِدِينَ إلي قوله تعالي وَ ما كُنتَ بِجانِبِ الطّورِ إِذ نادَينا وَ لكِن رَحمَةً مِن رَبّكَ لِتُنذِرَ قَوماً ما أَتاهُم مِن نَذِيرٍ مِن قَبلِكَ لَعَلّهُم يَتَذَكّرُونَالصف وَ إِذ قالَ عِيسَي ابنُ مَريَمَ يا بنَيِ‌ إِسرائِيلَ إنِيّ‌ رَسُولُ اللّهِ إِلَيكُم مُصَدّقاً


صفحه : 176

لِما بَينَ يدَيَ‌ّ مِنَ التّوراةِ وَ مُبَشّراً بِرَسُولٍ يأَتيِ‌ مِن بعَديِ‌ اسمُهُ أَحمَدُ فَلَمّا جاءَهُم بِالبَيّناتِ قالُوا هذا سِحرٌ مُبِينٌ وَ مَن أَظلَمُ مِمّنِ افتَري عَلَي اللّهِ الكَذِبَ وَ هُوَ يُدعي إِلَي الإِسلامِ وَ اللّهُ لا يهَديِ‌ القَومَ الظّالِمِينَ.تفسير قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي وَ لَمّا جاءَهُم كِتابٌ مِن عِندِ اللّهِ قال ابن عباس كانت اليهوديَستَفتِحُونَ أي يستنصرون علي الأوس والخزرج برسول الله ص قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب و لم يكن من بني‌ إسرائيل كفروا به وجحدوا ماكانوا يقولونه فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور يامعشر اليهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل الشرك وتصفونه وتذكرون أنه مبعوث فقال سلام بن مشكم أخو بني‌ النضير ماجاءنا بشي‌ء نعرفه و ما هوبالذي‌ كنا نذكر لكم فأنزل الله تعالي هذه الآية. و في قوله مُصَدّقٌ لِما مَعَهُممصدق لكتبهم من التوراة والإنجيل لأنه جاء علي الصفة التي‌ تقدم بهاالبشارة. و في قوله وَ إِذ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النّبِيّينَروي‌ عن أمير المؤمنين ع و ابن عباس وقتادة أن الله تعالي أخذ الميثاق علي الأنبياء قبل نبينا أن يخبروا أممهم بمبعثه ونعته ويبشروهم به ويأمروهم بتصديقه و قال طاوس أخذ الله الميثاق علي الأنبياء علي الأول والآخر فأخذ ميثاق الأول بما جاء به الآخر. وَ قَالَ الصّادِقُ ع تَقدِيرُهُ وَ إِذ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ أُمَمِ النّبِيّينَ بِتَصدِيقِ نَبِيّهَا وَ العَمَلِ بِمَا جَاءَهُم بِهِ وَ أَنّهُم خَالَفُوهُ بَعدَ مَا جَاءَ وَ مَا وَفَوا بِهِ وَ تَرَكُوا كَثِيراً مِن شَرَائِعِهِ وَ حَرّفُوا كَثِيراً مِنهَا

والإصر العهد. و في قوله تعالي وَ إِذ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَقيل أراد به اليهود


صفحه : 177

وقيل اليهود والنصاري وقيل كل من أوتي‌ علما بشي‌ء من الكتب لَتُبَيّنُنّهُ لِلنّاسِ أي محمداص لأن في كتابهم أنه رسول الله وقيل أي الكتاب فيدخل فيه بيان أمر النبي ص لا تَحسَبَنّ الّذِينَ يَفرَحُونَ بِما أَتَواقيل هم اليهود الذين فرحوا بكتمان أمر النبي ص وأحبوا أن يحمدوا بأنهم أئمة وليسوا كذلك و قال البلخي‌ إن اليهود قالوانَحنُ أَبناءُ اللّهِ وَ أَحِبّاؤُهُ و أهل الصلاة والصوم وليسوا كذلك ولكنهم أهل الشرك والنفاق و هوالمروي‌ عن الباقر ع والأقوي أن يكون المعني بالآية من أخبر الله عنهم أنه أخذ ميثاقهم في أن يبينوا أمر محمدص و لايكتموه . و في قوله فِي التّوراةِ وَ الإِنجِيلِمعناه يجدون نعته وصفته ونبوته مكتوبا في التوراة في السفر الخامس أني‌ سأقيم لهم نبيا من إخوتهم مثلك وأجعل كلامي‌ في فيه فيقول لهم كل ماأوصيه به . و فيهاأيضا مكتوب و أما ابن الأمة فقد باركت عليه جدا جدا وسيلد اثني‌ عشر عظيما وأؤخره لأمة عظيمة. و فيهاأيضا أتانا الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران . و في الإنجيل بشارة بالفارقليط في مواضع منها نعطيكم فارقليط آخر يكون معكم آخر الدهر كله و فيه أيضا قول المسيح للحواريين أناأذهب وسيأتيكم


صفحه : 178

الفارقليط روح الحق ألذي لايتكلم من قبل نفسه أنه نذيركم يجمع الحق ويخبركم بالأمور المزمعة ويمدحني‌ ويشهد لي . و فيه أيضا أنه إذاجاء قيد أهل العالم . قوله تعالي إِصرَهُم أي ثقلهم و هوالتكاليف الشاقةوَ الأَغلالَ التّيِ‌ كانَت عَلَيهِم أي العهود التي‌ كانت في ذمتهم وقيل يريد بالأغلال ماامتحنوا به من قتل نفوسهم في التوبة وقرض مايصيبه البول من أجسادهم و ماأشبه ذلك وَ عَزّرُوهُ أي عظموه ووقروه وَ اتّبَعُوا النّورَ ألّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أي القرآن .أقول سيأتي‌ في الروايات أنه أمير المؤمنين ع . و في قوله تعالي وَ إِذ تَأَذّنَ رَبّكَ أي آذن وأعلم لَيَبعَثَنّ عَلَيهِم أي علي اليهودإِلي يَومِ القِيامَةِ مَن يَسُومُهُم سُوءَ العَذابِ أي من يذيقهم ويوليهم شدة العذاب بالقتل وأخذ الجزية منهم والمعني‌ به أمة محمدص عندجميع المفسرين و هوالمروي‌ عن أبي جعفر ع . و في قوله تعالي وَ لَقَد كَتَبنا فِي الزّبُورِ مِن بَعدِ الذّكرِقيل الزبور كتب الأنبياء والذكر اللوح المحفوظ وقيل الزبور الكتب المنزلة بعدالتوراة والذكر التوراة وقيل الزبور كتاب داود ع والذكر التوراةأَنّ الأَرضَ يَرِثُها عبِاديِ‌َ الصّالِحُونَ أي أرض الجنة أو الأرض المعروفة يرثها أمة محمدص و قال أبو جعفر ع هم أصحاب المهدي‌ في آخر الزمان . و في قوله سبحانه وَ إِنّهُ لفَيِ‌ زُبُرِ الأَوّلِينَ أي ذكر القرآن وخبره في كتب الأولين علي وجه البشارة و به وبمحمدص أَ وَ لَم يَكُن لَهُم آيَةً أَن يَعلَمَهُ عُلَماءُ بنَيِ‌

إِسرائِيلَ أي أ و لم يكن علم علماء بني‌ إسرائيل بمجيئه علي ماتقدمت البشارة به دلالة لهم علي صحة نبوته وهم عبد الله بن سلام وأصحابه وقيل هم خمسة عبد الله بن سلام و ابن يامين وثعلبة وأسد وأسيد. و في قوله تعالي وَ ما كُنتَ بِجانِبِ الغرَبيِ‌ّ أي في الجانب الغربي‌ من الجبل ألذي كلم الله فيه موسي وقيل بجانب الوادي‌ الغربي‌إِذ قَضَينا إِلي مُوسَي الأَمرَ أي عهدنا إليه بالرسالة وقيل أراد كلامه معه في وصف نبينا محمدص ونبوته وَ لكِن رَحمَةً مِن رَبّكَ أي الله أعلمك ذلك وعرفك إياه نعمة من ربك أنعم بهاعليك و هو أن بعثك نبيا واختارك لإنباء العلم بذلك معجزة لك لتنذر العرب الذين لم يأتهم رسول قبلك لكي‌ يتفكروا ويعتبروا

1-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن حَبِيبٍ السجّسِتاَنيِ‌ّ قَالَسَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِوَ إِذ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النّبِيّينَ لَما آتَيتُكُم مِن كِتابٍ وَ حِكمَةٍ ثُمّ جاءَكُم رَسُولٌ مُصَدّقٌ لِما مَعَكُم لَتُؤمِنُنّ بِهِ وَ لَتَنصُرُنّهُفَكَيفَ يُؤمِنُ مُوسَي ع بِعِيسَي ع وَ يَنصُرُهُ وَ لَم يُدرِكهُ وَ كَيفَ يُؤمِنُ عِيسَي ع بِمُحَمّدٍص وَ يَنصُرُهُ وَ لَم يُدرِكهُ فَقَالَ يَا حَبِيبُ إِنّ القُرآنَ قَد طُرِحَ مِنهُ آي‌ٌ كَثِيرَةٌ وَ لَم يُزَد فِيهِ إِلّا حُرُوفٌ أَخطَأَت بِهَا الكَتَبَةُ وَ تَوَهّمَتهَا الرّجَالُ وَ هَذَا وَهَمٌ فَاقرَأهَا وَ إِذ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ أُمَمِ النّبِيّينَ لَمّا آتَيتُكُم مِن كِتَابٍ وَ حِكمَةٍ ثُمّ جَاءَكُم رَسُولٌ مُصَدّقٌ لِمَا مَعَكُم لَتُؤمِنُنّ بِهِ وَ لَتَنصُرُنّهُ هَكَذَا أَنزَلَهَا اللّهُ يَا حَبِيبُ فَوَ اللّهِ مَا وَفَت أُمّةٌ مِنَ الأُمَمِ التّيِ‌ كَانَت قَبلَ مُوسَي بِمَا أَخَذَ اللّهُ عَلَيهَا مِنَ المِيثَاقِ لِكُلّ نبَيِ‌ّ بَعَثَهُ اللّهُ بَعدَ نَبِيّهَا وَ لَقَد كَذّبَتِ الأُمّةُ التّيِ‌ جَاءَهَا مُوسَي لَمّا جَاءَهَا مُوسَي وَ لَم يُؤمِنُوا بِهِ وَ لَا نَصَرُوهُ


صفحه : 180

لِمَا جَاءَهَا إِلّا القَلِيلُ مِنهُم وَ لَقَد كَذّبَت أُمّةُ عِيسَي ع بِمُحَمّدٍص وَ لَم يُؤمِنُوا بِهِ وَ لَا نَصَرُوهُ لَمّا جَاءَهُم إِلّا القَلِيلُ مِنهُم وَ لَقَد جَحَدَت هَذِهِ الأُمّةُ بِمَا أَخَذَ عَلَيهَا رَسُولُ اللّهِ مِنَ المِيثَاقِ لعِلَيِ‌ّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع يَومَ أَقَامَهُ لِلنّاسِ وَ نَصَبَهُ لَهُم وَ دَعَاهُم إِلَي وَلَايَتِهِ وَ طَاعَتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَ أَشهَدَهُم بِذَلِكَ عَلَي أَنفُسِهِم فأَيَ‌ّ مِيثَاقٍ أَوكَدُ مِن قَولِ رَسُولِ اللّهِص فِي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَوَ اللّهِ مَا وَفَوا بِهِ بَل جَحَدُوا وَ كَذّبُوا

2-فس ،[تفسير القمي‌] الّذِينَ آتَيناهُمُ الكِتابَ يَعرِفُونَهُ كَما يَعرِفُونَ أَبناءَهُمُالآيَةَ فَإِنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ قَالَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ سَلَامٍ هَل تَعرِفُونَ مُحَمّداً فِي كِتَابِكُم قَالَ نَعَم وَ اللّهِ نَعرِفُهُ بِالنّعتِ ألّذِي نَعَتَهُ اللّهُ لَنَا إِذَا رَأَينَاهُ فِيكُم كَمَا يَعرِفُ أَحَدُنَا ابنَهُ إِذَا رَآهُ مَعَ الغِلمَانِ وَ ألّذِي يَحلِفُ بِهِ ابنُ سَلَامٍ لَأَنَا بِمُحَمّدٍ هَذَا أَشَدّ مَعرِفَةً منِيّ‌ باِبنيِ‌ قَالَ اللّهُالّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم فَهُم لا يُؤمِنُونَ

3-نجم ،[ كتاب النجوم ] في كتاب دلائل النبوة جمع أبي القاسم الحسين بن محمدالسكوني‌ عن محمد بن علي بن الحسين عن الحسن عن عبد الله بن غانم عن هناد عن يونس عن أبي إسحاق عن صالح بن ابراهيم عن عبدالرحمن بن أسعد عن ابن مسيب عن حسان بن ثابت قال إني‌ و الله لغلام يفعاء[يفقه ] ابن سبع أوثمان سنين أعقل كل ماسمعت


صفحه : 181

إذ سمعت يهوديا و هو علي أكمة يثرب يصرخ يامعشر اليهود فلما اجتمعوا قالوا ويلك ما لك قال طلع نجم أحمد ألذي يبعث به الليلة

4-ل ،[الخصال ]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ الرقّيّ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَبَلَةَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن آبَائِهِ عَن جَدّهِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ جَاءَ نَفَرٌ مِنَ اليَهُودِ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَسَأَلَهُ أَعلَمُهُم عَن أَشيَاءَ فَأَجَابَهُ ع فَأَسلَمَ وَ أَخرَجَ رَقّاً أَبيَضَ فِيهِ جَمِيعُ مَا قَالَ النّبِيّص وَ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ ألّذِي بَعَثَكَ بِالحَقّ نَبِيّاً مَا استَنسَختُهَا إِلّا مِنَ الأَلوَاحِ التّيِ‌ كَتَبَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِمُوسَي بنِ عِمرَانَ ع وَ لَقَد قَرَأتُ فِي التّورَاةِ فَضلَكَ حَتّي شَكَكتُ فِيهِ يَا مُحَمّدُ وَ لَقَد كُنتُ أَمحُو اسمَكَ مُنذُ أَربَعِينَ سَنَةً مِنَ التّورَاةِ وَ كُلّمَا مَحَوتُهُ وَجَدتُهُ مُثبَتاً فِيهَا وَ لَقَد قَرَأتُ فِي التّورَاةِ أَنّ هَذِهِ المَسَائِلَ لَا يُخرِجُهَا غَيرُكَ وَ أَنّ فِي السّاعَةِ التّيِ‌ تُرَدّ عَلَيكَ فِيهَا هَذِهِ المَسَائِلُ يَكُونُ جَبرَئِيلُ عَن يَمِينِكَ وَ مِيكَائِيلُ عَن يَسَارِكَ وَ وَصِيّكَ بَينَ يَدَيكَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص صَدَقتَ هَذَا جَبرَئِيلُ عَن يمَيِنيِ‌ وَ مِيكَائِيلُ عَن يسَاَريِ‌ وَ وصَيِيّ‌ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ بَينَ يدَيَ‌ّ فَآمَنَ اليهَوُديِ‌ّ وَ حَسُنَ إِسلَامُهُ

5-ك ،[إكمال الدين ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَن أَبِي عِيسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن عُمَرَ بنِ أَبَانٍ رَفَعَهُ أَنّ تُبّعَ قَالَ فِي مَسِيرِهِ


صفحه : 182


حَتّي أتَاَنيِ‌ مِن قُرَيظَةَ عَالِمٌ   حِبرٌ لَعَمرُكَ فِي اليَهُودِ مُسَدّدٌ

قَالَ ازدَجِر عَن قَريَةٍ مَحجُوبَةٍ   لنِبَيِ‌ّ مَكّةَ مِن قُرَيشٍ مُهتَدٍ

فَعَفَوتُ عَنهُم عَفوَ غَيرِ مُثَرّبٍ   وَ تَرَكتُهُم لِعِقَابِ يَومٍ سَرمَدٍ

وَ تَرَكتُهَا لِلّهِ أَرجُو عَفوَهُ   يَومَ الحِسَابِ مِنَ الحَمِيمِ المُوقَدِ

فَلَقَد تَرَكتُ لَهُ بِهَا مِن قَومِنَا   نَفَراً أوُليِ‌ حَسَبٍ وَ مِمّن يُحمَدُ

نَفَراً يَكُونُ النّصرُ فِي أَعقَابِهِم   أَرجُو بِذَاكَ ثَوَابَ رَبّ مُحَمّدٍ

مَا كُنتُ أَحسَبُ أَنّ بَيتاً طَاهِراً   لِلّهِ فِي بَطحَاءِ مَكّةَ يُعبَدُ

قَالُوا بِمَكّةَ بَيتُ مَالٍ دَاثِرٍ   وَ كُنُوزُهُ مِن لُؤلُؤٍ وَ زَبَرجَدٍ

فَأَرَدتُ أَمراً حَالَ ربَيّ‌ دُونَهُ   وَ اللّهُ يَدفَعُ عَن خَرَابِ المَسجِدِ

فَتَرَكتُ مَا أَمّلتُهُ فِيهِ لَهُم   وَ تَرَكتُهُم مِثلًا لِأَهلِ المَشهَدِ

قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع كَانَ الخَبَرَ أَنّهُ سَيَخرُجُ مِن هَذِهِ يعَنيِ‌ مَكّةَ نبَيِ‌ّ يَكُونُ مُهَاجَرُهُ يَثرِبَ فَأَخَذَ قَوماً مِن اليَمَنِ فَأَنزَلَهُم مَعَ اليَهُودِ لِيَنصُرُوهُ إِذَا خَرَجَ وَ فِي ذَلِكَ يَقُولُ


شَهِدتُ عَلَي أَحمَدَ أَنّهُ   رَسُولٌ مِنَ اللّهِ باَر‌ِئِ النّسَمِ

فَلَو مُدّ عمُرُيِ‌ إِلَي عُمُرِهِ   لَكُنتُ وَزِيراً لَهُ وَ ابنَ عَمّ

وَ كُنتُ عَذَاباً عَلَي المُشرِكِينَ   أَسقِيهِم كَأسَ حَتفٍ وَ غَمّ

6-ك ،[إكمال الدين ] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَنِ الوَلِيدِ بنِ صَبِيحٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِن تُبّعَ قَالَ لِلأَوسِ وَ الخَزرَجِ كُونُوا


صفحه : 183

هَاهُنَا حَتّي يَخرُجَ هَذَا النّبِيّ فَأَمّا أَنَا فَلَو أَدرَكتُهُ لَخَدَمتُهُ وَ خَرَجتُ مَعَهُ

7-ك ،[إكمال الدين ] أحمد بن محمد بن الحسين البزاز عن محمد بن يعقوب الأصم عن أحمد بن عبدالجبار عن يونس بن بكر عن زكريا بن يحيي عن عكرمة قال سمعت ابن عباس يقول لايشتبهن عليكم أمر تبع فإنه كان مسلما بيان اختلف في تبع هل كان مسلما أم لا و هذه الروايات تدل علي إسلامه . قال الطبرسي‌ رحمه الله في قوله تعالي أَ هُم خَيرٌ أَم قَومُ تُبّعٍ أي أمشركو قريش أظهر نعمة وأكثر أموالا وأعز في القوة والقدرة أم قوم تبع الحميري‌ ألذي سار بالجيوش حتي حير الحيرة وأتي سمرقند فهدمها ثم بناها و كان إذاكتب كتب بسم ألذي ملك برا وبحرا وضحا وريحا عن قتادة سمي‌ تبعا لكثرة أتباعه من الناس وقيل لأنه تبع من قبله من ملوك اليمن والتبابعة اسم ملوك اليمن فتبع لقب له كمايقال خاقان لملك الترك وقيصر لملك الروم واسمه أسعد أبوكرب وَ رَوَي سَهلُ بنُ سَعدٍ عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ

لَا تَسُبّوا تُبّعاً فَإِنّهُ كَانَ قَد أَسلَمَ

قال كعب نعم الرجل الصالح ذم الله قومه و لم يذمه . و قال البيضاوي‌ و كان مؤمنا وقومه كافرين ولذلك ذمهم دونه

وَ عَنهُ ع مَا أدَريِ‌ أَ كَانَ تُبّعٌ نَبِيّاً أَو غَيرَ نبَيِ‌ّ

8-ك ،[إكمال الدين ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ العَلَاءِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَبَينَا رَسُولُ اللّهِص ذَاتَ يَومٍ بِفِنَاءِ الكَعبَةِ يَومَ افتَتَحَ مَكّةَ إِذ أَقبَلَ إِلَيهِ وَفدٌ فَسَلّمُوا عَلَيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص مَنِ القَومُ قَالُوا وَفدٌ مِن بَكرِ بنِ


صفحه : 184

وَائِلٍ قَالَ فَهَل عِندَكُم عِلمٌ مِن خَبَرِ قُسّ بنِ سَاعِدَةَ الإيِاَديِ‌ّ قَالُوا نَعَم يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ فَمَا فَعَلَ قَالُوا مَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص الحَمدُ لِلّهِ رَبّ المَوتِ وَ رَبّ الحَيَاةِكُلّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِكأَنَيّ‌ أَنظُرُ إِلَي قُسّ بنِ سَاعِدَةَ الإيِاَديِ‌ّ وَ هُوَ بِسُوقِ عُكَاظٍ عَلَي جَمَلٍ لَهُ أَحمَرَ وَ هُوَ يَخطُبُ النّاسَ وَ يَقُولُ اجتَمِعُوا أَيّهَا النّاسُ فَإِذَا اجتَمَعتُم فَأَنصِتُوا فَإِذَا أَنصَتّم فَاستَمِعُوا فَإِذَا أَسمَعتُم فَعُوا فَإِذَا وَعَيتُم فَاحفَظُوا فَإِذَا حَفِظتُم فَاصدُقُوا أَلَا إِنّ مَن عَاشَ مَاتَ وَ مَن مَاتَ فَاتَ وَ مَن فَاتَ فَلَيسَ بِآتٍ إِنّ فِي السّمَاءِ خَبَراً وَ فِي الأَرضِ عِبَراً سَقفٌ مَرفُوعٌ وَ مِهَادٌ مَوضُوعٌ وَ نُجُومٌ تَمُورُ وَ لَيلٌ يَدُورُ وَ بِحَارُ مَاءٍ لَا تَغُورُ يَحلِفُ قُسّ مَا هَذَا بِلَعِبٍ وَ إِنّ مِن وَرَاءِ هَذَا لَعَجَباً مَا لِي أَرَي النّاسَ يَذهَبُونَ فَلَا يَرجِعُونَ أَ رَضُوا بِالمُقَامِ فَأَقَامُوا أَم تَرَكُوا فَنَامُوا يَحلِفُ قُسّ يَمِيناً غَيرَ كَاذِبَةٍ أَنّ لِلّهِ دِيناً هُوَ خَيرٌ مِنَ الدّينِ ألّذِي أَنتُم عَلَيهِ ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِص رَحِمَ اللّهُ قُسّاً يُحشَرُ يَومَ القِيَامَةِ أُمّةً وَاحِدَةً ثُمّ قَالَ هَل فِيكُم أَحَدٌ يُحسِنُ مِن شِعرِهِ شَيئاً فَقَالَ بَعضُهُم سَمِعتُهُ يَقُولُ


فِي الأَوّلِينَ الذّاهِبِينَ مِنَ القُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ   لَمّا رَأَيتُ مَوَارِداً لِلمَوتِ لَيسَ لَهَا مَصَادِرُ

وَ رَأَيتُ قوَميِ‌ نَحوَهَا يمَضيِ‌ الأَكَابِرُ وَ الأَصَاغِرُ   لَا يَرجِعُ الماَضيِ‌ إلِيَ‌ّ وَ لَا مِنَ البَاقِينَ غَابِرٌ

  َيقَنتُ أنَيّ‌ لَا مَحَالَةَ حَيثُ صَارَ القَومُ صَائِرٌ

وَ بَلَغَ مِن حِكمَةِ قُسّ بنِ سَاعِدَةَ وَ مَعرِفَتِهِ أَنّ النّبِيّص كَانَ يَسأَلُ مَن يَقدَمُ عَلَيهِ مِن إِيَادٍ عَن حِكمَتِهِ وَ يَصغَي إِلَيهَا

9-كنز الكراجكي‌، عن أسد بن ابراهيم السلمي‌ عن محمد بن أحمد بن موسي


صفحه : 185

عن عبد الله بن محمد عن جعفر بن محمد عن محمد بن حسان عن محمد بن الحجاج عن مجالد عن الشعبي‌ عن ابن عباس مثله إلي قوله حيث صار القوم صائر بيان مار الشي‌ء يمور مورا تحرك وجاء وذهب

10-ك ،[إكمال الدين ] الحَسَنُ بنُ عَبدِ اللّهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن مُحَمّدِ بنِ زَكَرِيّا عَن عَبدِ اللّهِ بنِ الضّحّاكِ عَن هِشَامٍ عَن أَبِيهِ أَنّ وَفداً مِن إِيَادٍ قَدِمُوا عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَسَأَلَهُم عَن حُكمِ قُسّ بنِ سَاعِدَةَ فَقَالُوا قَالَ قُسّ شِعراً


يَا ناَعيِ‌َ المَوتِ وَ الأَموَاتِ فِي جَدَثٍ   عَلَيهِم مِن بَقَايَا تُرَبِهِم[BA]بَزّهِم]خِرَقٌ

دَعهُم فَإِنّ لَهُم يَوماً يُصَاحُ بِهِم   كَمَا يُنَبّهُ مِن نَومَاتِهِ الصّعقُ

مِنهُم عُرَاتٌ وَ مِنهُم فِي ثِيَابِهِم   مِنهَا جَدِيدٌ وَ مِنهَا الآنَ ذُو الخَلَقِ

مَطَرٌ وَ نَبَاتٌ وَ آبَاءٌ وَ أُمّهَاتٌ وَ ذَاهِبٌ وَ آتٍ وَ آيَاتٌ فِي أَثَرِ آيَاتٍ وَ أَموَاتٌ بَعدَ أَموَاتٍ وَ ضَوءٌ وَ ظَلَامٌ وَ لَيَالٍ وَ أَيّامٌ وَ فَقِيرٌ وَ غنَيِ‌ّ وَ سَعِيدٌ وَ شقَيِ‌ّ وَ مُحسِنٌ وَ مسُيِ‌ءٌ أَينَ الأَربَابُ الفَعَلَةُ لِيُصلِحَنّ كُلّ عَامِلٍ عَمَلَهُ كَلّا بَل هُوَ اللّهُ وَاحِداً[وَاحِدٌ] لَيسَ بِمَولُودٍ وَ لَا وَالِدٍ أَعَادَ وَ أَبدَأَ وَ إِلَيهِ المَآبُ غَداً أَمّا بَعدُ يَا مَعشَرَ إِيَادٍ أَينَ ثَمُودُ وَ عَادٌ وَ أَينَ الآبَاءُ وَ الأَجدَادُ أَينَ الحَسَنُ ألّذِي لَم يُشكَر وَ القَبِيحُ ألّذِي لَم يُنقَم كَلّا وَ رَبّ الكَعبَةِ لَيَعُودَنّ مَا بَدَأَ وَ لَئِن ذَهَبَ يَوماً[ يَومٌ]لَيَعُودَنّ يَوماً[ يَومٌ]


صفحه : 186

وَ هُوَ قُسّ بنُ سَاعِدَةَ بنِ حداق [حُذَاقَةَ] بنِ زُهرِ بنِ إِيَادِ بنِ نِزَارٍ أَوّلُ مَن آمَنَ بِالبَعثِ مِن أَهلِ الجَاهِلِيّةِ وَ أَوّلُ مَن تَوَكّأَ عَلَي عَصًا وَ يُقَالُ إِنّهُ عَاشَ سِتّ مِائَةِ سَنَةٍ وَ كَانَ يَعرِفُ النّبِيّ بِاسمِهِ وَ نَسَبِهِ وَ يُبَشّرُ النّاسَ بِخُرُوجِهِ وَ كَانَ يَستَعمِلُ التّقِيّةَ وَ يَأمُرُ بِهَا فِي خِلَالِ مَا يَعِظُ بِهِ النّاسَ

بيان الترب يحتمل أن يكون بالمثلثة يقال ثرب المريض نزع عنه ثوبه ويحتمل أن يكون تصحيف ثوبهم و في بعض النسخ بزّهم و هوأظهر.أقول سيأتي‌ وصية قس في أبواب المواعظ و في باب كونهم أفضل من الأنبياء في كتاب الإمامة

11-ك ،[إكمال الدين ]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ الكوُفيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ حُكَيمٍ عَن عَمرِو بنِ بَكّارٍ العبَسيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ السّائِبِ عَن أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ حَاتِمٍ البرَمكَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ أَزهَرَ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ البصَريِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ حَربٍ عَن أَحمَدَ بنِ عُثمَانَ بنِ حُكَيمٍ عَن عَمرِو بنِ بُكَيرٍ عَن أَحمَدَ بنِ القَاسِمِ عَن مُحَمّدِ بنِ السّائِبِ عَن أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ لَمّا ظَفِرَ سَيفُ بنُ ذيِ‌ يَزَنَ بِالحَبَشَةِ وَ ذَلِكَ بَعدَ مَولِدِ النّبِيّص بِسَنَتَينِ أَتَاهُ وَفدُ العَرَبِ وَ أَشرَافُهَا وَ شُعَرَاؤُهَا لِتُهَنّئَهُ وَ تَمدَحَهُ وَ تَذكُرَ مَا كَانَ مِن بَلَائِهِ وَ طَلَبِهِ بِثَأرِ قَومِهِ فَأَتَاهُ وَفدٌ مِن قُرَيشٍ وَ مَعَهُم عَبدُ المُطّلِبِ بنُ هَاشِمٍ وَ أُمَيّةُ بنُ عَبدِ شَمسٍ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ جُذعَانَ وَ أَسَدُ بنُ خُوَيلِدِ بنِ عَبدِ العُزّي وَ وَهبُ بنُ عَبدِ مَنَافٍ فِي أُنَاسٍ مِن وُجُوهِ قُرَيشٍ فَقَدِمُوا عَلَيهِ


صفحه : 187

صَنعَاءَ فَاستَأذَنُوا فَإِذَا هُوَ فِي رَأسِ قَصرٍ يُقَالُ لَهُ غُمدَانُ وَ هُوَ ألّذِي يَقُولُ فِيهِ أُمَيّةُ بنُ أَبِي الصّلتِ


اشرَب هَنِيئاً عَلَيكَ التّاجُ مُرتَفِقاً   فِي رَأسِ غُمدَانَ دَاراً مِنكَ مِحلَالًا

فَدَخَلَ عَلَيهِ الآذِنُ فَأَخبَرَهُ بِمَكَانِهِم فَأَذِنَ لَهُم فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيهِ دَنَا عَبدُ المُطّلِبِ مِنهُ فَاستَأذَنَهُ فِي الكَلَامِ فَقَالَ لَهُ إِن كُنتَ مِمّن يَتَكَلّمُ بَينَ يدَيَ‌ِ المُلُوكِ فَقَد أَذِنّا لَكَ قَالَ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ إِنّ اللّهَ أَحَلّكَ أَيّهَا المَلِكُ مَحَلّا رَفِيعاً صَعباً مَنِيعاً شَامِخاً بَاذِخاً وَ أَنبَتَكَ مَنبِتاً طَابَت أَرُومَتُهُ وَ عَذُبَت جُرثُومَتُهُ وَ ثَبَتَ أَصلُهُ وَ بَسَقَ فَرعُهُ فِي أَكرَمِ مَوطِنٍ وَ أَطيَبِ مَعدِنٍ فَأَنتَ أَبَيتَ اللّعنَ مَلِكَ العَرَبِ وَ رَبِيعَهَا ألّذِي تُخصِبُ بِهِ وَ أَنتَ أَيّهَا المَلِكُ رَأسُ العَرَبِ ألّذِي لَهُ تَنقَادُ وَ عَمُودُهَا ألّذِي عَلَيهِ العِمَادُ وَ مَعقِلُهَا ألّذِي يَلجَأُ إِلَيهِ العِبَادُ سَلَفُكَ خَيرُ سَلَفٍ وَ أَنتَ لَنَا مِنهُم خَيرُ خَلَفٍ فَلَن يَخمُلَ مَن أَنتَ سَلَفُهُ وَ لَن يَهلِكَ مَن أَنتَ خَلَفُهُ نَحنُ أَيّهَا المَلِكُ أَهلُ حَرَمِ اللّهِ وَ سَدَنَةُ بَيتِهِ أَشخَصَنَا إِلَيكَ ألّذِي أَبهَجَنَا مِن كَشفِكَ الكَربَ ألّذِي فَدَحَنَا فَنَحنُ وَفدُ التّهنِئَةِ لَا وَفدُ المَرزِئَةِ قَالَ وَ أَيّهُم أَنتَ أَيّهَا المُتَكَلّمُ قَالَ أَنَا عَبدُ المُطّلِبِ بنُ هَاشِمٍ قَالَ ابنُ أُختِنَا قَالَ نَعَم قَالَ ادنُ فَأَدنَاهُ ثُمّ أَقبَلَ عَلَي القَومِ وَ عَلَيهِ فَقَالَ مَرحَباً وَ أَهلًا وَ نَاقَةً وَ رَحلًا وَ مُستَنَاخاً


صفحه : 188

سَهلًا وَ مَلِكاً وَ رِبَحلًا يُعطَي عَطَاءً جَزلًا قَد سَمِعَ المَلِكُ مَقَالَتَكُم وَ عَرَفَ قَرَابَتَكُم وَ قَبِلَ وَسِيلَتَكُم وَ أَنتُم أَهلُ اللّيلِ وَ أَهلُ النّهَارِ وَ لَكُمُ الكَرَامَةُ مَا أَقَمتُم وَ الحَبَاءُ إِذَا ظَعَنتُم قَالَ ثُمّ انهَضُوا إِلَي دَارِ الضّيَافَةِ وَ الوُفُودِ فَأَقَامُوا شَهراً لَا يَصِلُونَ إِلَيهِ وَ لَا يَأذَنُ لَهُم بِالِانصِرَافِ ثُمّ انتَبَهَ لَهُم انتِبَاهَةً فَأَرسَلَ إِلَي عَبدِ المُطّلِبِ فَأَدنَي مَجلِسَهُ وَ أَخلَاهُ ثُمّ قَالَ أَيَا عَبدَ المُطّلِبِ إنِيّ‌ مُفَوّضٌ إِلَيكَ مِن سِرّ علِميِ‌ أَمراً لَو كَانَ غَيرُكَ لَم أُبِح لَهُ بِهِ وَ لكَنِيّ‌ رَأَيتُكَ مَعدِنَهُ فَأُطلِعُكَ عَلَيهِ طِلعَةً فَليَكُن عِندَكَ مَطوِيّاً حَتّي يَأذَنَ اللّهُ فِيهِ فَإِنّ اللّهَ بَالِغُ أَمرِهِ إنِيّ‌ أَجِدُ فِي الكِتَابِ المَكنُونِ وَ العِلمِ المَخزُونِ ألّذِي اختَرنَاهُ لِأَنفُسِنَا وَ أُخبِرنَاهُ دُونَ غَيرِنَا خَبَراً عَظِيماً وَ خَطَراً جَسِيماً فِيهِ شَرَفُ الحَيَاةِ وَ فَضِيلَةُ الوَفَاةِ لِلنّاسِ عَامّةً وَ لِرَهطِكَ كَافّةً وَ لَكَ خَاصّةً فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ مِثلُكَ أَيّهَا المَلِكُ مَن سَرّ وَ بَرّ فَمَا هُوَ فِدَاكَ أَهلُ الوَبَرِ زُمَراً بَعدَ زُمَرٍ فَقَالَ إِذَا وُلِدَ بِتِهَامَةَ غُلَامٌ بَينَ كَتِفَيهِ شَامَةٌ كَانَت لَهُ الإِمَامَةُ وَ لَكُم بِهِ الزّعَامَةُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَقَالَ لَهُ عَبدُ المُطّلِبِ أَبَيتَ اللّعنَ لَقَد أُبتَ بِخَيرٍ مَا آبَ بِمِثلِهِ وَافِدٌ وَ لَو لَا هَيبَةُ المَلِكِ وَ إِجلَالُهُ وَ إِعظَامُهُ


صفحه : 189

لَسَأَلتُهُ مِن أَسرَارِهِ مَا أَزدَادُ بِهِ سُرُوراً فَقَالَ ابنُ ذيِ‌ يَزَنَ هَذَا حِينُهُ ألّذِي يُولَدُ فِيهِ أَو قَد وُلِدَ فِيهِ اسمُهُ مُحَمّدٌ يَمُوتُ أَبُوهُ وَ أُمّهُ وَ يَكفُلُهُ جَدّهُ وَ عَمّهُ وَ قَد وَلَدَاهُ سِرَاراً وَ اللّهُ بَاعِثُهُ جِهَاراً وَ جَاعِلٌ لَهُ مِنّا أَنصَاراً يُعِزّ بِهِم أَولِيَاءَهُ وَ يُذِلّ بِهِم أَعدَاءَهُ يَضرِبُ بِهِمُ النّاسَ عَن عُرضٍ وَ يَستَفتِحُ بِهِم كَرَائِمَ الأَرضِ يَكسِرُ الأَوثَانَ وَ يُخمِدُ النّيرَانَ وَ يَعبُدُ الرّحمَنَ وَ يَزجُرُ الشّيطَانَ قَولُهُ فَصلٌ وَ حُكمُهُ عَدلٌ يَأمُرُ بِالمَعرُوفِ وَ يَفعَلُهُ وَ يَنهَي عَنِ المُنكَرِ وَ يُبطِلُهُ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ أَيّهَا المَلِكُ عَزّ جَدّكَ وَ عَلَا كَعبُكَ وَ دَامَ مُلكُكَ وَ طَالَ عُمُرُكَ فَهَلِ المَلِكُ ساَريّ‌ بِإِفصَاحٍ فَقَد أَوضَحَ لِي بَعضَ الإِيضَاحِ فَقَالَ ابنُ ذيِ‌ يَزَنَ وَ البَيتِ ذيِ‌ الحُجُبِ وَ العَلَامَاتِ عَلَي البَيتِ إِنّكَ يَا عَبدَ المُطّلِبِ لَجَدّهُ غَيرُ كَذِبٍ قَالَ فَخَرّ عَبدُ المُطّلِبِ سَاجِداً فَقَالَ لَهُ ارفَع رَأسَكَ ثَلَجَ صَدرُكَ وَ عَلَا أَمرُكَ فَهَل أَحسَستَ شَيئاً مِمّا ذَكَرتُهُ لَكَ فَقَالَ كَانَ لِيَ ابنٌ وَ كُنتُ بِهِ مُعجَباً وَ عَلَيهِ رَفِيقاً فَزَوّجتُهُ كَرِيمَةً مِن كَرَائِمِ قوَميِ‌ آمِنَةَ بِنتَ وَهبٍ فَجَاءَت بِغُلَامٍ فَسَمّيتُهُ مُحَمّداً مَاتَ أَبُوهُ وَ أُمّهُ


صفحه : 190

وَ كَفَلتُهُ أَنَا وَ عَمّهُ فَقَالَ ابنُ ذيِ‌ يَزَنَ إِنّ ألّذِي قُلتُ لَكَ كَمَا قُلتُ فَاحتَفِظ بِابنِكَ وَ احذَر عَلَيهِ اليَهُودَ فَإِنّهُم لَهُ أَعدَاءٌ وَ لَن يَجعَلَ اللّهُ لَهُم عَلَيهِ سَبِيلًا وَ اطوِ مَا ذَكَرتُ لَكَ دُونَ هَؤُلَاءِ الرّهطِ الّذِينَ مَعَكَ فإَنِيّ‌ لَستُ آمَنُ أَن تَدخُلَهُمُ النّفَاسَةُ أَن تَكُونَ لَهُ الرّئَاسَةُ فَيَطلُبُونَ لَهُ الغَوَائِلَ وَ يَنصِبُونَ لَهُ الحَبَائِلَ وَ هُم فَاعِلُونَ أَو أَبنَاؤُهُم وَ لَو لَا علِميِ‌ بِأَنّ المَوتَ مجُتاَحيِ‌ قَبلَ مَبعَثِهِ لَسِرتُ بخِيَليِ‌ وَ رجَلِيِ‌ حَتّي صِرتُ بِيَثرِبَ دَارِ مُلكِهِ نُصرَةً لَهُ لكَنِيّ‌ أَجِدُ فِي الكِتَابِ النّاطِقِ وَ العِلمِ السّابِقِ أَنّ يَثرِبَ دَارُ مُلكِهِ وَ بِهَا استِحكَامُ أَمرِهِ وَ أَهلُ نُصرَتِهِ وَ مَوضِعُ قَبرِهِ وَ لَو لَا أنَيّ‌ أَخَافُ فِيهِ العَاهَاتِ وَ أَحذَرُ عَلَيهِ العَاهَاتِ لَأَعلَنتُ عَلَي حَدَاثَةِ سِنّهِ أَمرَهُ فِي هَذَا الوَقتِ وَ لَأَوطَأتُ أَسنَانَ العَرَبِ عَقِبَهُ وَ لكَنِيّ‌ صَارِفٌ إِلَيكَ عَن ذَلِكَ غَيرَ تَقصِيرٍ منِيّ‌ بِمَن مَعَكَ قَالَ ثُمّ أَمَرَ لِكُلّ رَجُلٍ مِنَ القَومِ بِعَشَرَةِ أَعبُدٍ وَ عَشرِ إِمَاءٍ وَ حُلّتَينِ مِنَ البُرُودِ وَ مِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ وَ خَمسَةِ أَرطَالِ ذَهَبٍ وَ عَشَرَةِ أَرطَالِ فِضّةٍ وَ كَرِشٍ مَملُوّةٍ عَنبَراً وَ أَمَرَ لِعَبدِ المُطّلِبِ بِعَشَرَةِ أَضعَافِ ذَلِكَ وَ قَالَ إِذَا حَالَ الحَولُ فأَتنِيِ‌ فَمَاتَ ابنُ ذيِ‌ يَزَنَ قَبلَ أَن يَحُولَ الحَولُ قَالَ وَ كَانَ عَبدُ المُطّلِبِ كَثِيراً مَا يَقُولُ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ لَا يغَبطِنُيِ‌ رَجُلٌ مِنكُم بِجَزِيلِ عَطَاءِ المَلِكِ وَ إِن كَثُرَ فَإِنّهُ إِلَي نَفَادٍ وَ لَكِن يغَبطِنُيِ‌ بِمَا يَبقَي لِي وَ لعِقَبِيِ‌ مِن بعَديِ‌ ذِكرُهُ وَ فَخرُهُ


صفحه : 191

وَ شَرَفُهُ فَإِذَا قِيلَ مَتَي ذَلِكَ قَالَ سَتَعلَمُنّ نَبَأَ مَا أَقُولُ وَ لَو بَعدَ حِينٍ وَ فِي ذَلِكَ يَقُولُ أُمَيّةُ بنُ عَبدِ شَمسٍ يَذكُرُ مَسِيرَهُم إِلَي ابنِ ذيِ‌ يَزَنَ


جَلَبنَا الضّحّ تَحمِلُهُ المَطَايَا   عَلَي أَكوَارِ أَجمَالٍ وَ نُوقٍ

مُغَلغَلَةً مَرَافِقُهَا تَعَالَي   إِلَي صَنعَاءَ مِن فَجّ عَمِيقٍ

تَؤُمّ بِنَا ابنُ ذيِ‌ يَزَنَ وَ تُهدَي   ذَوَاتُ بُطُونِهَا أُمّ الطّرِيقِ

وَ تزُجيِ‌ مِن مَخَائِلِهِ بُرُوقاً   مُوَاصَلَةَ الوَمِيضِ إِلَي بُرُوقٍ

فَلَمّا وَافَقَت صَنعَاءَ صَارَت   بِدَارِ المُلكِ وَ الحَسَبِ العَرِيقِ

إِلَي مَلِكٍ يَدُرّ لَنَا العَطَايَا   بِحُسنِ بَشَاشَةِ الوَجهِ الطّلِيقِ

12-عم ،[إعلام الوري ] عَن أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ مِثلَهُ ثُمّ قَالَ رَوَي هَذَا الحَدِيثَ الشّيخُ أَبُو بَكرٍ أَحمَدُ بنُ الحُسَينِ البيَهقَيِ‌ّ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النّبُوّةِ مِن طَرِيقَينِ

13-كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ، عَنِ الحُسَينِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ الواَسطِيِ‌ّ عَنِ التلّعّكُبرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ هَمّامٍ وَ أَحمَدَ بنِ هَوذَةَ عَنِ الحُسَينِ بنِ مُحَمّدِ بنِ جُمهُورٍ عَن أَبِيهِ عَن عَلِيّ بنِ حَربٍ مِثلَهُ

إيضاح قوله مرتفقا قال الجزري‌ّ المرتفق المتكئ علي المرفقة وهي‌ كالوسادة و منه حديث ابن ذي‌ يزن اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا. و قال الفيروزآبادي‌ روضة محلال تحل كثيرا انتهي .


صفحه : 192

والأرومة بالفتح أصل الشجرة قوله وعذبت في أكثر النسخ بالباء الموحدة و في بعضها بالمثناة من العذاة الأرض الطيّبة البعيدة من الماء والسباخ و في بعضها عزّت و في بعضها عظمت والجرثومة بالضمّ الأصل وبسق النخل طال . قوله أبيت اللعن قال الجزري‌ كان هذا في تحايا الملوك في الجاهلية والدعاء لهم معناه أبيت أن تفعل فعلا تلعن بسببه وتذمّ انتهي وقيل أي أجارك الله أن تفعل ماتلعن به والسدنة جمع السادن و هوالخادم وأشخصنا أي أخرجنا وأتي بنا وأبهجنا أي أفرحنا وفدحنا أي ثقل علينا والمرزئة المصيبة والربحل بكسر الراء وفتح الباء الواسع العطاء والجزل العظيم . قوله وأنتم أهل الليل و أهل النار أي نصحبكم ونأنس بكم في الليل والنهار والحباء العطاء والظعن الارتحال قوله انتبه لهم أي ذكرهم مفاجاة. قوله أخبرناه في بعض النسخ اختبيناه أي أخفيناه و في روايات العامة احتجناه بالحاء المهملة ثم التاء ثم الجيم ثم النون المشدّدة قال الجزري‌ّ الاحتجان جمع الشي‌ء وضمّه إليك و منه حديث ابن ذي‌ يزن واحتجناه دون غيرنا والشأمة بالهمزة و قديخفّف الخال في الجسد والمراد بهاهنا خاتم النبوّة والزعامة الشرف والرئاسة. قوله ولداه سرارا في بعض الروايات و قدولدناه مرارا أي كانت غيرواحدة من جداته من قبيلتنا من اليمن . قوله عن عرض بالضم أي من اعترض لهم من أيّ ناحية وجانب كان يعني‌ إذا لم يوافقهم في دينهم قال الفيروزآبادي‌ ويضربون الناس عن عرض لايبالون من يضربون و قال الكعب الشرف والمجد و قال الجزري‌ لايزال كعبك عاليا أي لاتزال شريفا مرتفعا علي من يعاديك قوله والعلامات علي البيت في بعض الروايات علي النصب وفسر بحجارة كانوا يذبحون عليها للأصنام ويحتمل أن يكون المراد أنصاب الحرم و قال الجزري‌ ثلجت نفسي‌ بالأمر إذااطمأنت إليه وسكنت وثبت فيها ووثقت به و منه حديث ابن


صفحه : 193

ذي‌ يزن وثلج صدرك والمراد بالنفاسة الحسد و في الأصل بمعني البخل والاستبداد بالشي‌ء والرغبة فيه والغوائل جمع الغائلة وهي‌ الشر والحبائل المصائد والاجتياح الإهلاك والاستيصال . و قال الجزري‌ في حديث ابن ذي‌ يزن لأوطئن أسنان العرب كعبه يريد ذوي‌ أسنانهم وهم الأكابر والأشراف انتهي أي لرفعته علي أشرافهم وجعلتهم موضع قدمه و قال الجزري‌ فيه يكون رسول الله في الضح والريح قال الهروي‌ أراد كثرة الخيل والجيش يقال جاء فلان بالضح والريح أي بما طلعت عليه الشمس وهبت عليه الريح يعنون المال الكثير و قال الأكوار جمع كور بالضم و هورحل الناقة بأداته و قال في حديث ابن ذي‌ يزن .


مغلغلة مغالقها تعالي .   إلي صنعاء من فج عميق .

المغلغلة بفتح الغينين الرسالة المحمولة من بلد إلي بلد وبكسر الثانية المسرعة من الغلغلة سرعة السير. قوله تعالي أي تتصاعد وتذهب قوله وتهدي في أكثر الروايات وتفري أي تقطع وأم الطريق معظمه والإزجاء السوق والدفع والمخايل جمع المخيلة وهي‌ السحابة التي‌ تحسبها ماطرة والوميض لمعان البرق

14-ك ،[إكمال الدين ]القَطّانُ وَ ابنُ مُوسَي وَ مُحَمّدُ بنُ أَحمَدَ الشيّباَنيِ‌ّ جَمِيعاً عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَنِ الهَيثَمِ عَن مُحَمّدِ بنِ السّائِبِ عَن أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ عَن أَبِيهِ العَبّاسِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ عَن أَبِي طَالِبٍ قَالَخَرَجتُ إِلَي الشّامِ تَاجِراً سَنَةَ ثَمَانٍ مِن مَولِدِ رَسُولِ اللّهِص وَ كَانَ فِي أَشَدّ مَا يَكُونُ مِنَ الحَرّ فَلَمّا أَجمَعتُ عَلَي السّيرِ قَالَ لِي رِجَالُ قوَميِ‌ مَا تُرِيدُ أَن تَفعَلَ بِمُحَمّدٍ وَ عَلَي مَن تُخَلّفُهُ فَقُلتُ لَا أُرِيدُ أَن أُخَلّفَهُ عَلَي أَحَدٍ يَكُونُ معَيِ‌ فَقِيلَ صَغِيرٌ فِي حَرّ


صفحه : 194

مِثلِ هَذَا تُخرِجُهُ مَعَكَ فَقُلتُ وَ اللّهِ لَا يفُاَرقِنُيِ‌ حَيثُ تَوَجّهتُ أَبَداً وَ إنِيّ‌ لَأُوَطّئُ لَهُ الرّحلَ فَذَهَبتُ فَحَشَوتُ لَهُ حَشِيّةً زَكتاً وَ كُنّا رُكبَاناً كَثِيراً فَكَانَ وَ اللّهِ البَعِيرُ ألّذِي عَلَيهِ مُحَمّدٌ أمَاَميِ‌ لَا يفُاَرقِنُيِ‌ وَ كَانَ يَسبِقُ الرّكبَ كُلّهُم وَ كَانَ إِذَا اشتَدّ الحَرّ جَاءَت سَحَابَةٌ بَيضَاءُ مِثلَ قِطعَةِ ثَلجٍ فَتُسَلّمُ عَلَيهِ وَ تَقِفُ عَلَي رَأسِهِ وَ لَا تُفَارِقُهُ وَ كَانَت رُبّمَا أَمطَرَت عَلَينَا السّحَابَةُ بِأَنوَاعِ الفَوَاكِهِ وَ هيِ‌َ تَسِيرُ مَعَنَا وَ ضَاقَ المَاءُ بِنَا فِي طَرِيقِنَا حَتّي كُنّا لَا نُصِيبُ قِربَةً إِلّا بِدِينَارَينِ وَ كُنّا حَيثُ مَا نَزَلنَا تمَتلَيِ‌ الحِيَاضُ وَ يَكثُرُ المَاءُ وَ تَخضَرّ الأَرضُ فَكُنّا فِي كُلّ خِصبٍ وَ طِيبٍ مِنَ الخَيرِ وَ كَانَ فِينَا قَومٌ قَد وَقَفَت جِمَالُهُم فَمَشَي إِلَيهَا رَسُولُ اللّهِ وَ مَسَحَ عَلَيهَا فَسَارَت فَلَمّا قَرُبنَا مِن بُصرَي إِذَا نَحنُ بِصَومَعَةٍ قَد أَقبَلَت تمَشيِ‌ كَمَا تمَشيِ‌ الدّابّةُ السّرِيعَةُ حَتّي إِذَا قَرُبَت مِنّا وَقَفَت فَإِذَا فِيهَا رَاهِبٌ وَ كَانَتِ السّحَابَةُ لَا تُفَارِقُ رَسُولَ اللّهِص سَاعَةً وَاحِدَةً وَ كَانَ الرّاهِبُ لَا يُكَلّمُ النّاسَ وَ لَا يدَريِ‌ مَا الرّكبُ وَ مَا فِيهِ مِنَ التّجّارِ[التّجَارَةِ] فَلَمّا نَظَرَ إِلَي النّبِيّص عَرَفَهُ فَسَمِعتُهُ يَقُولُ إِن كَانَ أَحَدٌ فَأَنتَ أَنتَ قَالَ فَنَزَلنَا تَحتَ شَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ قَرِيبَةٍ مِنَ الرّاهِبِ قَلِيلَةِ الأَغصَانِ لَيسَ لَهَا حَملٌ وَ كَانَ الرّكبُ يَنزِلُ تَحتَهَا فَلَمّا نَزَلَهَا رَسُولُ اللّهِص اهتَزّتِ الشّجَرَةُ وَ أَلقَت أَغصَانَهَا عَلَي رَسُولِ اللّهِ وَ حَمَلَت مِن ثَلَاثَةِ أَنوَاعٍ مِنَ الفَاكِهَةِ فَاكِهَتَانِ لِلصّيفِ وَ فَاكِهَةٌ لِلشّتَاءِ فَتَعَجّبَ جَمِيعُ مَن مَعَنَا مِن ذَلِكَ فَلَمّا رَأَي بَحِيرَاءُ الرّاهِبُ ذَهَبَ فَاتّخَذَ طَعَاماً لِرَسُولِ اللّهِ بِقَدرِ مَا يَكفِيهِ ثُمّ جَاءَ وَ قَالَ مَن يَتَوَلّي أَمرَ هَذَا الغُلَامِ فَقُلتُ أَنَا فَقَالَ أَيّ شَيءٍ تَكُونُ مِنهُ فَقُلتُ أَنَا عَمّهُ فَقَالَ يَا هَذَا إِنّ لَهُ أَعمَاماً فأَيَ‌ّ الأَعمَامِ أَنتَ فَقُلتُ أَنَا أَخُو أَبِيهِ مِن أُمّ وَاحِدَةٍ


صفحه : 195

فَقَالَ أَشهَدُ أَنّهُ هُوَ وَ إِلّا فَلَستُ بَحِيرَاءَ ثُمّ قَالَ يَا هَذَا أَ تَأذَنُ لِي أَن أُقَرّبَ هَذَا الطّعَامَ مِنهُ لِيَأكُلَهُ فَقُلتُ لَهُ قَرّبهُ إِلَيهِ فَالتَفَتّ إِلَي النّبِيّص فَقُلتُ لَهُ يَا بنُيَ‌ّ رَجُلٌ أَحَبّ أَن يُكرِمَكَ فَكُل فَقَالَ هُوَ لِي دُونَ أصَحاَبيِ‌ فَقَالَ بَحِيرَاءُ نَعَم هُوَ لَكَ خَاصّةً فَقَالَ النّبِيّص فإَنِيّ‌ لَا آكُلُ دُونَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ بَحِيرَاءُ إِنّهُ لَم يَكُن عنِديِ‌ أَكثَرُ مِن هَذَا فَقَالَ أَ فَتَأذَنُ يَا بَحِيرَاءُ أَن يَأكُلُوا معَيِ‌ فَقَالَ نَعَم فَقَالَ بِسمِ اللّهِ فَأَكَلَ وَ أَكَلنَا مَعَهُ فَوَ اللّهِ لَقَد كُنّا مِائَةً وَ سَبعِينَ رَجُلًا وَ أَكَلَ كُلّ وَاحِدٍ مِنّا حَتّي شَبِعَ وَ تَجَشّأَ وَ بَحِيرَاءُ قَائِمٌ عَلَي رَأسِ رَسُولِ اللّهِص يَذُبّ عَنهُ وَ يَتَعَجّبُ مِن كَثرَةِ الرّجَالِ وَ قِلّةِ الطّعَامِ وَ فِي كُلّ سَاعَةٍ يُقَبّلُ رَأسَهُ وَ يَافُوخَهُ وَ يَقُولُ هُوَ هُوَ وَ رَبّ المَسِيحِ وَ النّاسُ لَا يَفقَهُونَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الرّكبِ إِنّ لَكَ لَشَأناً وَ قَد كُنّا نَمُرّ بِكَ قَبلَ اليَومِ فَلَا تَفعَلُ بِنَا هَذَا البِرّ فَقَالَ بَحِيرَاءُ وَ اللّهِ إِنّ لِي لَشَأناً وَ شَأناً وَ إنِيّ‌ لَأَرَي مَا لَا تَرَونَ وَ أَعلَمُ مَا لَا تَعلَمُونَ وَ إِنّ تَحتَ هَذِهِ الشّجَرَةِ لَغُلَاماً لَو كُنتُم تَعلَمُونَ مِنهُ مَا أَعلَمُ لَحَمَلتُمُوهُ عَلَي أَعنَاقِكُم حَتّي تَرُدّوهُ إِلَي وَطَنِهِ وَ اللّهِ مَا أَكرَمتُكُم إِلّا لَهُ وَ لَقَد رَأَيتُ وَ قَد أَقبَلَ نُورٌ مِن أَمَامِهِ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ لَقَد رَأَيتُ رِجَالًا فِي أَيدِيهِم مَرَاوِحُ اليَاقُوتِ وَ الزّبَرجَدِ يُرَوّحُونَهُ وَ آخَرِينَ يَنثُرُونَ عَلَيهِ أَنوَاعَ الفَوَاكِهِ ثُمّ هَذِهِ السّحَابَةُ لَا تُفَارِقُهُ وَ صوَمعَتَيِ‌ مَشَت إِلَيهِ كَمَا تمَشيِ‌ الدّابّةُ عَلَي رِجلِهَا ثُمّ هَذِهِ الشّجَرَةُ لَم تَزَل يَابِسَةً قَلِيلَةَ الأَغصَانِ وَ قَد كَثُرَت أَغصَانُهَا وَ اهتَزّت وَ


صفحه : 196

حَمَلَت ثَلَاثَةَ أَنوَاعٍ مِنَ الفَوَاكِهِ فَاكِهَتَانِ لِلصّيفِ وَ فَاكِهَةٌ لِلشّتَاءِ ثُمّ هَذِهِ الحِيَاضُ التّيِ‌ غَارَت وَ ذَهَبَ مَاؤُهَا أَيّامَ تَمَرّجِ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ بَعدَ الحَوَارِيّينَ حِينَ وَرَدُوا عَلَيهِم فَوَجَدنَا فِي كِتَابِ شَمعُونَ الصّفَا أَنّهُ دَعَا عَلَيهِم فَغَارَت وَ ذَهَبَ مَاؤُهَا ثُمّ قَالَ مَتَي مَا رَأَيتُم قَد ظَهَرَ فِي هَذِهِ الحِيَاضِ المَاءُ فَاعلَمُوا أَنّهُ لِأَجلِ نبَيِ‌ّ يَخرُجُ فِي أَرضِ تِهَامَةَ مُهَاجَرُهُ إِلَي المَدِينَةِ اسمُهُ فِي قَومِهِ الأَمِينُ وَ فِي السّمَاءِ أَحمَدُ وَ هُوَ مِن عِترَةِ إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ لِصُلبِهِ فَوَ اللّهِ إِنّهُ لَهُوَ ثُمّ قَالَ بَحِيرَاءُ يَا غُلَامُ أَسأَلُكَ عَن ثَلَاثِ خِصَالٍ بِحَقّ اللّاتِ وَ العُزّي إِلّا مَا أَخبَرتَنِيهَا فَغَضِبَ رَسُولُ اللّهِص عِندَ ذِكرِ اللّاتِ وَ العُزّي وَ قَالَ لَا تسَألَنيِ‌ بِهِمَا فَوَ اللّهِ مَا أَبغَضتُ شَيئاً كَبُغضِهِمَا إِنّهُمَا صَنَمَانِ مِن حِجَارَةٍ لقِوَميِ‌ فَقَالَ بَحِيرَاءُ هَذِهِ وَاحِدَةٌ ثُمّ قَالَ فَبِاللّهِ إِلّا مَا أخَبرَتنَيِ‌ فَقَالَ سَل عَمّا بَدَا لَكَ فَإِنّكَ قَد سأَلَتنَيِ‌ بإِلِهَيِ‌ وَ إِلَهِكَ ألّذِي لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ فَقَالَ أَسأَلُكَ عَن نَومِكَ وَ يَقَظَتِكَ فَأَخبَرَهُ عَن نَومِهِ وَ يَقَظَتِهِ وَ أُمُورِهِ وَ جَمِيعِ شَأنِهِ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَا عِندَ بَحِيرَاءَ فَأَكَبّ عَلَيهِ بَحِيرَاءُ يُقَبّلُ رِجلَيهِ وَ يَقُولُ يَا بنُيَ‌ّ مَا أَطيَبَ رِيحَكَ يَا أَكثَرَ النّبِيّينَ أَتبَاعاً يَا مَن بَهَاءُ نُورِ الدّنيَا مِن نُورِهِ يَا مَن بِذِكرِهِ تُعمَرُ المَسَاجِدُ كأَنَنّيِ‌ بِكَ قَد قُدتَ الأَجنَادَ وَ الخَيلَ الجِيَادَ وَ تَبِعَكَ العَرَبُ وَ العَجَمُ طَوعاً وَ كَرهاً وَ كأَنَنّيِ‌ بِاللّاتِ وَ العُزّي وَ قَد كَسَرتَهُمَا وَ قَد صَارَ البَيتُ العَتِيقُ لَا يَملِكُهُ غَيرُكَ تَضَعُ مَفَاتِيحَهُ حَيثُ تُرِيدُ كَم مِن بَطَلٍ مِن قُرَيشٍ وَ العَرَبِ تَصرَعُهُ مَعَكَ مَفَاتِيحُ الجِنَانِ وَ النّيرَانِ مَعَكَ الذّبحُ الأَكبَرُ وَ هَلَاكُ الأَصنَامِ أَنتَ ألّذِي لَا تَقُومُ السّاعَةُ حَتّي تَدخُلَ المُلُوكُ كُلّهَا فِي دِينِكَ صَاغِرَةً قَمِئَةً فَلَم يَزَل يُقَبّلُ يَدَيهِ مَرّةً وَ رِجلَيهِ مَرّةً وَ يَقُولُ لَئِن أَدرَكتُ زَمَانَكَ لَأَضرِبَنّ بَينَ يَدَيكَ بِالسّيفِ ضَربَ الزّندِ بِالزّندِ أَنتَ سَيّدُ وُلدِ آدَمَ وَ


صفحه : 197

سَيّدُ المُرسَلِينَ وَ إِمَامُ المُتّقِينَ وَ خَاتَمُ النّبِيّينَ وَ اللّهِ لَقَد ضَحِكَتِ الأَرضُ يَومَ وُلِدتَ فهَيِ‌َ ضَاحِكَةٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَرَحاً بِكَ وَ اللّهِ لَقَد بَكَتِ البِيَعُ وَ الأَصنَامُ وَ الشّيَاطِينُ فهَيِ‌َ بَاكِيَةٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ أَنتَ بِدَعوَةِ اِبرَاهِيمَ وَ بِشَارَةِ عِيسَي أَنتَ المُقَدّسُ المُطَهّرُ مِن أَنجَاسِ الجَاهِلِيّةِ ثُمّ التَفَتَ إِلَي أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ مَا يَكُونُ هَذَا الغُلَامُ مِنكَ فإَنِيّ‌ أَرَاكَ لَا تُفَارِقُهُ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ هُوَ ابنيِ‌ فَقَالَ مَا هُوَ ابنَكَ وَ مَا ينَبغَيِ‌ لِهَذَا الغُلَامِ أَن يَكُونَ وَالِدُهُ ألّذِي وَلَدَهُ حَيّاً وَ لَا أُمّهُ فَقَالَ إِنّهُ ابنُ أخَيِ‌ وَ قَد مَاتَ أَبُوهُ وَ أُمّهُ حَامِلَةٌ بِهِ وَ مَاتَت أُمّهُ وَ هُوَ ابنُ سِتّ سِنِينَ فَقَالَ صَدَقتَ هَكَذَا هُوَ وَ لكَنِيّ‌ أَرَي لَكَ أَن تَرُدّهُ إِلَي بَلَدِهِ عَن هَذَا الوَجهِ فَإِنّهُ مَا بقَيِ‌َ عَلَي ظَهرِ الأَرضِ يهَوُديِ‌ّ وَ لَا نصَراَنيِ‌ّ وَ لَا صَاحِبُ كِتَابٍ إِلّا وَ قَد عَلِمَ بِوِلَادَةِ هَذَا الغُلَامِ وَ لَئِن رَأَوهُ وَ عَرَفُوا مِنهُ مَا قَد عَرَفتُ أَنَا مِنهُ لَيَبغُنّهُ شَرّاً وَ أَكثَرُ ذَلِكَ مِنَ اليَهُودِ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنّهُ كَائِنٌ لِابنِ أَخِيكَ الرّسَالَةُ وَ النّبُوّةُ وَ يَأتِيهِ النّامُوسُ الأَكبَرُ ألّذِي كَانَ يأَتيِ‌ مُوسَي وَ عِيسَي فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ كَلّا إِن شَاءَ اللّهُ لَم يَكُنِ اللّهُ لِيُضَيّعَهُ ثُمّ خَرَجنَا بِهِ إِلَي الشّامِ فَلَمّا قَرُبنَا مِنَ الشّامِ رَأَيتُ وَ اللّهِ قُصُورَ الشّامَاتِ كُلّهَا قَدِ اهتَزّت وَ عَلَا مِنهَا نُورٌ أَعظَمُ مِن نُورِ الشّمسِ فَلَمّا تَوَسّطتُ[تَوَسّطنَا]الشّامَ مَا قَدَرنَا أَن نَجُوزَ سُوقَ الشّامِ مِن كَثرَةِ مَا ازدَحَمَ النّاسُ يَنظُرُونَ إِلَي وَجهِ رَسُولِ اللّهِص وَ ذَهَبَ الخَبَرُ إِلَي جَمِيعِ الشّامَاتِ حَتّي مَا بقَيِ‌َ فِيهَا حِبرٌ وَ لَا رَاهِبٌ إِلّا اجتَمَعَ عَلَيهِ فَجَاءَ حِبرٌ عَظِيمٌ كَانَ اسمُهُ نسطور فَجَلَسَ مُقَابِلَهُ يَنظُرُ إِلَيهِ وَ لَا يُكَلّمُهُ بشِيَ‌ءٍ حَتّي فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ مُتَوَالِيَةٍ فَلَمّا كَانَتِ اللّيلَةُ الثّالِثَةُ لَم يَصبِر حَتّي قَامَ إِلَيهِ فَدَارَ خَلفَهُ كَأَنّهُ يَلتَمِسُ مِنهُ شَيئاً فَقُلتُ يَا رَاهِبُ كَأَنّكَ تُرِيدُ مِنهُ شَيئاً قَالَ أَجَل إنِيّ‌ أُرِيدُ مِنهُ شَيئاً مَا اسمُهُ قُلتُ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ فَتَغَيّرَ وَ اللّهِ لَونُهُ ثُمّ قَالَ


صفحه : 198

فَتَرَي أَن تَأمُرَهُ أَن يَكشِفَ لِي عَن ظَهرِهِ لِأَنظُرَ إِلَيهِ فَكَشَفَ عَن ظَهرِهِ فَلَمّا رَأَي الخَاتَمَ أَكَبّ عَلَيهِ يُقَبّلُهُ وَ يبَكيِ‌ ثُمّ قَالَ يَا هَذَا أَسرِع بِرَدّ هَذَا الغُلَامِ إِلَي مَوضِعِهِ ألّذِي وُلِدَ فِيهِ فَإِنّكَ لَو تدَريِ‌ كَم عَدُوّ لَهُ فِي أَرضِنَا لَم تَكُن باِلذّيِ‌ تُقَدّمُهُ مَعَكَ فَلَم يَزَل يَتَعَاهَدُهُ فِي كُلّ يَومٍ وَ يَحمِلُ إِلَيهِ الطّعَامَ فَلَمّا خَرَجنَا مِنهَا أَتَاهُ بِقَمِيصٍ مِن عِندِهِ فَقَالَ لَهُ تَرَي أَن تَلبَسَ هَذَا القَمِيصَ لتِذَكرُنَيِ‌ بِهِ فَلَم يَقبَلهُ وَ رَأَيتُهُ كَارِهاً لِذَلِكَ فَأَخَذتُ أَنَا القَمِيصَ مَخَافَةَ أَن يَغتَمّ وَ قُلتُ أَنَا أَلبَسُهُ وَ عَجّلتُ بِهِ حَتّي رَدَدتُهُ إِلَي مَكّةَ فَوَ اللّهِ مَا بقَيِ‌َ بِمَكّةَ يَومَئِذٍ امرَأَةٌ وَ لَا كَهلٌ وَ لَا شَابّ وَ لَا صَغِيرٌ وَ لَا كَبِيرٌ إِلّا استَقبَلَهُ شَوقاً إِلَيهِ مَا خَلَا أَبُو[ أَبَا]جَهلٍ لَعَنَهُ اللّهُ فَإِنّهُ كَانَ فَاتِكاً مَاجِناً قَد ثَمِلَ مِنَ السّكَرِ

بيان قوله حشية زكتا الزكت المل ء و في بعض النسخ دكتا و لم أعرف له معني و في بعضها ريشا وكتانا كثيرا و هوأصوب قوله وضاق الماء بنا لعل المراد به في غير هذه المرة أوأولا والمرج بالتحريك الفساد والغلق والاضطراب قوله قمئة أي ذليلة والزند ألذي يقدح به النار والفاتك ألذي يرتكب مادعت إليه النفس والجري‌ الشجاع والماجن ألذي لايبالي‌ قولا وفعلا والثمل السكر يقال ثمل كفرح والمراد هنا شدته أوالسكر بالتحريك و هوالخمر ونبيذ يتخذ من التمر

15-ك ،[إكمال الدين ]بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ وَ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي بَكرِ بنِ عَمرِو بنِ هَرثَمٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ أَنّ أَبَا طَالِبٍ قَالَ لَمّا فَارَقَهُ بَحِيرَاءُ بَكَي بُكَاءً شَدِيداً وَ أَخَذَ يَقُولُ ابنَ آمِنَةَ كأَنَيّ‌ بِكَ وَ قَد رَمَتكَ العَرَبُ بِوَترِهَا


صفحه : 199

وَ قَد قَطَعَكَ الأَقَارِبُ وَ لَو عَلِمُوا لَكُنتَ لَهُم بِمَنزِلَةِ الأَولَادِ ثُمّ التَفَتَ إلِيَ‌ّ وَ قَالَ أَمّا أَنتَ يَا عَمّ فَارعَ فِيهِ قَرَابَتَكَ المَوصُولَةَ وَ احفَظ فِيهِ وَصِيّةَ أَبِيكَ فَإِنّ قُرَيشاً سَتَهجُرُكَ فِيهِ فَلَا تُبَالِ فإَنِيّ‌ أَعلَمُ أَنّكَ لَا تُؤمِنُ بِهِ وَ لَكِن سَيُؤمِنُ بِهِ وَلَدٌ تَلِدُهُ وَ سَيَنصُرُهُ نَصراً عَزِيزاً اسمُهُ فِي السّمَاوَاتِ البَطَلُ الهَاصِرُ وَ الشّجَاعُ الأَقرَعُ مِنهُ الفَرخَانِ المُستَشهَدَانِ وَ هُوَ سَيّدُ العَرَبِ وَ رَئِيسُهَا وَ ذُو قَرنَيهَا وَ هُوَ فِي الكُتُبِ أَعرَفُ مِن أَصحَابِ عِيسَي ع فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ قَد رَأَيتُ وَ اللّهِ كُلّ ألّذِي وَصَفَهُ بَحِيرَاءُ وَ أَكثَرَ

16-عم ،[إعلام الوري ] أورد محمد بن إسحاق بن يسار وساق مثل هذاالخبر ثم قال و في ذلك يقول أبوطالب في قصيدته الدالية أوردها محمد بن إسحاق بن يسار


إن ابن آمنة النبي محمدا   عندي‌ بمثل منازل الأولاد

لماتعلق بالزمام رحمته   والعيس قدقلصن بالأزواد

فارفض من عيني‌ دمع ذارف   مثل الجمان مفرد الأفراد

راعيت فيه قرابة موصولة   وحفظت فيه وصية الأجداد

وأمرته بالسير بين عمومة   بيض الوجوه مصالت الأنجاد

ساروا لأبعد طية معلومة   ولقد تباعد طية المرتاد

حتي إذا ماالقوم بصري عاينوا   لاقوا علي شرف من المرصاد

صفحه : 200


حبرا فأخبرهم حديثا صادقا   عنه ورد معاشر الحساد

قوما يهودا قدرأوا ما قدرأي   ظل الغمام و عزذي‌ الأكباد

ساروا لقتل محمدفنهاهم   عنه وأجهد أحسن الإجهاد

بيان البطل الشجاع والهاصر الأسد الشديد ألذي يفترس ويكسر والأقرع المراد به الأصلع و أما قوله أعلم أنك لاتؤمن به المراد به الإيمان الظاهري‌ والعيس بالكسر الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة قوله قدقلصن أي اجتمعن وانضممن والأزواد جمع الزاد و هوالطعام المتخذ للسفر والجمان هواللؤلؤ الصغار وقيل حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ والمصالت جمع المصلت بالكسر و هوالماضي‌ في الأمور والأنجاد جمع نجد بالفتح و هوالشجاع و قال الجوهري‌ قال الخليل الطية تكون منزلا وتكون منتأي تقول من مضي لطية أي لنيته التي‌ انتواها وبعدت عنا طيته و هوالمنزل ألذي انتواه

17-ك ،[إكمال الدين ] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ يَرفَعُهُ قَالَ لَمّا بَلَغَ رَسُولُ اللّهِص أَرَادَ أَبُو طَالِبٍ يَخرُجُ إِلَي الشّامِ فِي عِيرِ قُرَيشٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللّهِص وَ تَشَبّثَ بِالزّمَامِ وَ قَالَ يَا عَمّ عَلَي مَن تخُلَفّنُيِ‌ لَا عَلَي أُمّ وَ لَا عَلَي أَبٍ وَ قَد كَانَت أُمّهُ تُوُفّيَت فَرَقّ لَهُ أَبُو طَالِبٍ وَ رَحِمَهُ وَ أَخرَجَهُ مَعَهُ وَ كَانُوا إِذَا سَارُوا


صفحه : 201

تَسِيرُ عَلَي رَأسِ رَسُولِ اللّهِ الغَمَامَةُ تُظِلّهُ مِنَ الشّمسُ فَمَرّوا فِي طَرِيقِهِم بِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ بَحِيرَاءُ فَلَمّا رَأَي الغَمَامَةَ تَسِيرُ مَعَهُم نَزَلَ مِن صَومَعَتِهِ فَأَخَذَ لِقُرَيشٍ طَعَاماً وَ بَعَثَ إِلَيهِم يَسأَلُهُم أَن يَأتُوهُ فَأَتَوهُ وَ خَلّفُوا رَسُولَ اللّهِص فِي الرّحلِ فَنَظَرَ بَحِيرَاءُ إِلَي الغَمَامَةِ قَائِمَةً فَقَالَ لَهُم هَل بقَيِ‌َ مِنكُم أَحَدٌ لَم يأَتنِيِ‌ فَقَالُوا مَا بقَيِ‌َ مِنّا إِلّا غُلَامٌ حَدَثٌ خَلّفنَاهُ فِي الرّحلِ فَقَالَ لَا ينَبغَيِ‌ أَن يَتَخَلّفَ عَن طعَاَميِ‌ أَحَدٌ مِنكُم فَبَعَثُوا إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَلَمّا أَقبَلَ أَقبَلَتِ الغَمَامَةُ فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِ بَحِيرَاءُ قَالَ مَن هَذَا الغُلَامُ قَالُوا ابنُ هَذَا وَ أَشَارُوا إِلَي أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ بَحِيرَاءُ هَذَا ابنُكَ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ هَذَا ابنُ أخَيِ‌ قَالَ مَا فَعَلَ أَبُوهُ قَالَ توُفُيّ‌َ وَ هُوَ حَملٌ فَقَالَ بَحِيرَاءُ لأِبَيِ‌ طَالِبٍ رُدّ هَذَا الغُلَامَ فِي بِلَادِهِ فَإِنّهُ إِن عَلِمَت مِنهُ اليَهُودُ مَا أَعلَمُ مِنهُ قَتَلُوهُ فَإِنّ لِهَذَا شَأناً مِنَ الشّأنِ هَذَا نبَيِ‌ّ هَذِهِ الأُمّةِ هَذَا نبَيِ‌ّ السّيفِ

18-ك ،[إكمال الدين ]القَطّانُ وَ ابنُ مُوسَي وَ السنّاَنيِ‌ّ جَمِيعاً عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي وَ حدَثّنَيِ‌ الهَيثَمُ بنُ عُمَرَ المزُنَيِ‌ّ عَن عَمّهِ عَن يَعلَي النّسّابَةِ قَالَخَرَجَ خَالِدُ بنُ أُسَيدِ بنِ أَبِي العَاصِ وَ طَلِيقُ بنُ أَبِي سُفيَانَ بنِ أُمَيّةَ تُجّاراً إِلَي الشّامِ سَنَةَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص فِيهَا فَكَانَا مَعَهُ وَ كَانَا يَحكِيَانِ أَنّهُمَا رَأَيَا فِي مَسِيرِهِ وَ رُكُوبِهِ مِمّا يَصنَعُ الوَحشُ وَ الطّيرُ فَلَمّا تَوَسّطنَا سُوقَ بُصرَي إِذَا نَحنُ بِقَومٍ مِنَ الرّهبَانِ قَد جَاءُوا متُغَيَرّيِ‌ الأَلوَانِ كَأَنّ عَلَي وُجُوهِهِمُ الزّعفَرَانَ نَرَي مِنهُمُ الرّعدَ فَقَالُوا يَجِبُ أَن تَأتُوا أَكبَرَنَا فَإِنّهُ هَاهُنَا قَرِيبٌ فِي الكَنِيسَةِ العُظمَي فَقُلنَا مَا لَنَا وَ لَكُم فَقَالُوا لَيسَ يَضُرّكُم مِن هَذَا شَيءٌ وَ لَعَلّنَا نُكرِمُكُم وَ ظَنّوا أَنّ وَاحِداً مِنّا مُحَمّدٌ فَذَهَبنَا مَعَهُم حَتّي دَخَلنَا مَعَهُمُ الكَنِيسَةَ العَظِيمَةَ البُنيَانِ فَإِذَا كَبِيرُهُم قَد تَوَسّطَهُم وَ حَولَهُ تَلَامِذَتُهُ وَ قَد نَشَرَ كِتَاباً فِي يَدِهِ فَأَخَذَ يَنظُرُ


صفحه : 202

إِلَينَا مَرّةً وَ فِي الكِتَابِ مَرّةً فَقَالَ لِأَصحَابِهِ مَا صَنَعتُم شَيئاً لَم تأَتوُنيِ‌ باِلذّيِ‌ أُرِيدُ وَ هُوَ الآنَ هَاهُنَا ثُمّ قَالَ لَنَا مَن أَنتُم قُلنَا رَهطٌ مِن قُرَيشٍ فَقَالَ مِن أَيّ قُرَيشٍ فَقُلنَا مِن بنَيِ‌ عَبدِ شَمسٍ فَقَالَ لَنَا مَعَكُم غَيرُكُم فَقُلنَا نَعَم شَابّ مِن بنَيِ‌ هَاشِمٍ نُسَمّيهِ يَتِيمَ بنَيِ‌ عَبدِ المُطّلِبِ فَوَ اللّهِ لَقَد نَخَرَ نَخرَةً كَادَ أَن يُغشَي عَلَيهِ ثُمّ وَثَبَ فَقَالَ أَوّه أَوّه هَلَكَتِ النّصرَانِيّةُ وَ المَسِيحُ ثُمّ قَامَ وَ اتّكَأَ عَلَي صَلِيبٍ مِن صُلبَانِهِ وَ هُوَ مُفَكّرٌ وَ حَولَهُ ثَمَانُونَ رَجُلًا مِنَ البَطَارِقَةِ وَ التّلَامِذَةِ فَقَالَ لَنَا فَيَخِفّ عَلَيكُم أَن تُرُونِيهِ فَقُلنَا لَهُ نَعَم فَجَاءَ مَعَنَا فَإِذَا نَحنُ بِمُحَمّدٍ قَائِمٌ فِي سُوقِ بُصرَي وَ اللّهِ لَكَأَنّا لَم نَرَ وَجهَهُ إِلّا يَومَئِذٍ كَأَنّ هِلَالًا يَتَلَألَأُ مِن وَجهِهِ قَد رَبِحَ الكَثِيرُ وَ اشتَرَي الكَثِيرُ فَأَرَدنَا أَن نَقُولَ لِلقَينِ هُوَ هَذَا فَإِذَا هُوَ قَد سَبَقَنَا فَقَالَ هُوَ قَد عَرَفتُهُ وَ المَسِيحِ فَدَنَا مِنهُ وَ قَبّلَ رَأسَهُ وَ قَالَ أَنتَ المُقَدّسُ ثُمّ أَخَذَ يَسأَلُهُ عَن أَشيَاءَ مِن عَلَامَاتِهِ فَأَخَذَ النّبِيّص يُخبِرُهُ فَسَمِعنَاهُ يَقُولُ لَئِن أَدرَكتُ زَمَانَكَ لَأُعطِيَنّ السّيفَ حَقّهُ ثُمّ قَالَ لَنَا أَ تَعلَمُونَ مَا مَعَهُ مَعَهُ الحَيَاةُ وَ المَوتُ مَن تَعَلّقَ بِهِ حيَيِ‌َ طَوِيلًا وَ مَن زَاغَ عَنهُ مَاتَ مَوتاً لَا يَحيَا بَعدَهُ أَبَداً هُوَ ألّذِي مَعَهُ الرّبحُ الأَعظَمُ ثُمّ قَبّلَ وَجهَهُ وَ رَجَعَ رَاجِعاً

بيان قوله للقين القين العبد ولعلهم أرادوا أن يغلطوه ويكذبوه فأرادوا أن يشيروا إلي عبد أنه هوفعرفه قبل ذلك و في بعض النسخ للقس و هوالظاهر

19-ك ،[إكمال الدين ]القَطّانُ وَ ابنُ مُوسَي وَ السنّاَنيِ‌ّ جَمِيعاً عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ وَ قَيسِ بنِ سَعدٍ الدؤّلَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ بَحِيرٍ الفقَعسَيِ‌ّ عَن بَكرِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأشَجعَيِ‌ّ عَن آبَائِهِ قَالُواخَرَجَ سَنَةَ خَرَجَ


صفحه : 203

رَسُولُ اللّهِص إِلَي الشّامِ عَبدُ مَنَاةَ بنُ كِنَانَةَ وَ نَوفَلُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ عُروَةَ بنِ صَخرِ بنِ نُعمَانَ بنِ عدَيِ‌ّ تُجّاراً إِلَي الشّامِ فَلَقَاهُمَا[فَلَقِيَهُمَا] أَبُو المُوَيهِبِ الرّاهِبُ فَقَالَ لَهُمَا مَن أَنتُمَا قَالَا نَحنُ تُجّارٌ مِن أَهلِ الحَرَمِ مِن قُرَيشٍ فَقَالَ لَهُمَا مِن أَيّ قُرَيشٍ فَأَخبَرَاهُ فَقَالَ لَهُمَا هَل قَدِمَ مَعَكُمَا مِن قُرَيشٍ غَيرُكُمَا قَالَا نَعَم شَابّ مَعَ[ مِن]بنَيِ‌ هَاشِمٍ اسمُهُ مُحَمّدٌ فَقَالَ أَبُو المُوَيهِبِ إِيّاهُ وَ اللّهِ أَرَدتُ فَقَالَا وَ اللّهِ مَا فِي قُرَيشٍ أَخمَلُ مِنهُ ذِكراً إِنّمَا يُسَمّونَهُ بِيَتِيمِ قُرَيشٍ وَ هُوَ أَجِيرٌ لِامرَأَةٍ مِنّا يُقَالُ لَهَا خَدِيجَةُ فَمَا حَاجَتُكَ إِلَيهِ فَأَخَذَ يُحَرّكُ رَأسَهُ وَ يَقُولُ هُوَ هُوَ فَقَالَ لَهُمَا تدَلُاّنيِ‌ عَلَيهِ فَقَالَا تَرَكنَاهُ فِي سُوقِ بُصرَي فَبَينَا هُم فِي الكَلَامِ إِذ طَلَعَ رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ هُوَ هَذَا فَخَلَا بِهِ سَاعَةً يُنَاجِيهِ وَ يُكَلّمُهُ ثُمّ أَخَذَ يُقَبّلُ بَينَ عَينَيهِ وَ أَخرَجَ شَيئاً مِن كُمّهِ لَا ندَريِ‌ مَا هُوَ وَ رَسُولُ اللّهِص يَأبَي أَن يَقبَلَهُ فَلَمّا فَارَقَهُ قَالَ لَنَا تَسمَعَانِ منِيّ‌ هَذَا وَ اللّهِ نبَيِ‌ّ آخِرِ الزّمَانِ وَ اللّهِ سَيَخرُجُ إِلَي قَرِيبٍ يَدعُو النّاسَ إِلَي شَهَادَةِ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ فَإِذَا رَأَيتُم ذَلِكَ فَاتّبِعُوهُ ثُمّ قَالَ هَل وُلِدَ لِعَمّهِ أَبِي طَالِبٍ وَلَدٌ يُقَالُ لَهُ عَلِيّ فَقُلنَا لَا فَقَالَ إِمّا أَن يَكُونَ قَد وُلِدَ أَو يُولَدُ فِي سَنَتِهِ هُوَ أَوّلُ مَن يُؤمِنُ بِهِ نَعرِفُهُ وَ إِنّا لَنَجِدُ صِفَتَهُ عِندَنَا بِالوَصِيّةِ كَمَا نَجِدُ صِفَةَ مُحَمّدٍ بِالنّبُوّةِ وَ إِنّهُ سَيّدُ العَرَبِ وَ رَبّانِيّهَا وَ ذُو قَرنَيهَا يعُطيِ‌ السّيفَ حَقّهُ اسمُهُ فِي المَلَإِ الأَعلَي عَلِيّ وَ هُوَ أَعلَي الخَلَائِقِ يَومَ القِيَامَةِ بَعدَ الأَنبِيَاءِ ذِكراً وَ تُسَمّيهِ المَلَائِكَةُ البَطَلَ الأَزهَرَ المُفلِحَ لَا يَتَوَجّهُ إِلَي وَجهٍ إِلّا أَفلَحَ وَ ظَفِرَ وَ اللّهِ هُوَ


صفحه : 204

أَعرَفُ بَينَ أَصحَابِهِ فِي السّمَاءِ مِنَ الشّمسِ الطّالِعَةِ

20-ك ،[إكمال الدين ] أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن مُحَمّدِ بنُ يَعقُوبَ بنِ يُوسُفَ عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ الجَبّارِ العطُاَردِيِ‌ّ عَن يُونُسَ بنِ بُكَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ بنِ بَشّارٍ المدَنَيِ‌ّ قَالَ كَانَ زَيدُ بنُ عَمرِو بنِ نُفَيلٍ أَجمَعَ عَلَي الخُرُوجِ مِن مَكّةَ يَضرِبُ فِي الأَرضِ وَ يَطلُبُ الحَنِيفِيّةَ دِينَ اِبرَاهِيمَ ع وَ كَانَتِ امرَأَتُهُ صَفِيّةَ بِنتَ الحضَرمَيِ‌ّ كُلّمَا أَبصَرَتهُ قَد نَهَضَ إِلَي الخُرُوجِ وَ أَرَادَهُ آذَنَت بِهِ الخَطّابَ بنَ نُفَيلٍ فَخَرَجَ زَيدٌ إِلَي الشّامِ يَلتَمِسُ وَ يَطلُبُ فِي أَهلِ الكِتَابِ دِينَ اِبرَاهِيمَ ع وَ يَسأَلُ عَنهُ فَلَم يَزَل فِي ذَلِكَ فِيمَا يَزعُمُونَ حَتّي أَتَي المَوصِلَ وَ الجَزِيرَةَ كُلّهَا ثُمّ أَقبَلَ حَتّي أَتَي الشّامَ فَجَالَ فِيهَا حَتّي أَتَي رَاهِباً مِن أَهلِ البَلقَاءِ فَتَبِعَهُ كَانَ ينَتهَيِ‌ إِلَيهِ عِلمُ النّصرَانِيّةِ فِيمَا يَزعُمُونَ فَسَأَلَهُ عَنِ الحَنِيفِيّةِ دِينِ اِبرَاهِيمَ ع فَقَالَ لَهُ الرّاهِبُ إِنّكَ لَتَسأَلُ عَن دِينٍ مَا أَنتَ بِوَاجِدٍ مَن يَحمِلُكَ عَلَيهِ اليَومَ لَقَد دَرَسَ عِلمُهُ وَ ذَهَبَ مَن كَانَ يَعرِفُهُ وَ لَكِنّهُ قَد أَظَلّكَ خُرُوجُ نبَيِ‌ّ يُبعَثُ بِأَرضِكَ التّيِ‌ خَرَجتَ مِنهَا بِدِينِ اِبرَاهِيمَ الحَنِيفِيّةِ فَعَلَيكَ بِبِلَادِكَ فَإِنّهُ مَبعُوثٌ الآنَ هَذَا زَمَانُهُ وَ لَقَد كَانَ شَامّ اليَهُودِيّةَ وَ النّصرَانِيّةَ فَلَم يَرضَ شَيئاً مِنهُمَا فَخَرَجَ مُسرِعاً حِينَ قَالَ لَهُ الرّاهِبُ مَا قَالَ يُرِيدُ مَكّةَ حَتّي إِذَا كَانَ بِأَرضِ لَخَمٍ عَدَوا عَلَيهِ فَقَتَلُوهُ فَقَالَ وَرَقَةُ بنُ نَوفَلٍ وَ كَانَ قَدِ اتّبَعَ مِثلَ


صفحه : 205

رأَي‌ِ زَيدٍ وَ لَم يَفعَل فِي ذَلِكَ مَا فَعَلَ فَبَكَاهُ وَرَقَةُ وَ قَالَ فِيهِ


رُشِدتَ وَ أُنعِمتَ ابنَ عَمرٍو وَ إِنّمَا   تَجَنّبتَ تَنّوراً مِنَ النّارِ حَامِياً

بِدِينِكَ رَبّاً لَيسَ رَبّ كَمِثلِهِ   وَ تَركُكَ أَوثَانَ الطوّاَغيِ‌ كَمَا هِيَا

وَ قَد تُدرِكُ الإِنسَانَ رَحمَةُ رَبّهِ   وَ لَو كَانَ تَحتَ الأَرضِ سِتّينَ وَادِياً

21-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ مِثلَهُ

بيان قوله شامّ اليهودية بتشديد الميم قال الجزري‌ يقال شاممت فلانا إذاقاربته وتعرفت ماعنده بالاختبار والكشف وهي‌ مفاعلة من الشم كأنك تشم ماعندك ويشم ماعنده لتعملا بمقتضي ذلك انتهي . واللخم بالتحريك واد بالحجاز وبسكون الخاء بلا لام حي‌ّ باليمن

22-ك ،[إكمال الدين ]بِهَذَا الإِسنَادِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ بنِ بَشّارٍ المدَنَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرِ بنِ الأَثِيرِ وَ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ الحُصَينِ التمّيِميِ‌ّ أَنّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ وَ سَعِيدَ بنَ زَيدٍ قَالَا يَا رَسُولَ اللّهِ تَستَغفِرُ لِزَيدٍ قَالَ نَعَم فَاستَغفِرُوا لَهُ إِنّهُ يُبعَثُ أُمّةً وَاحِدَةً

23-ك ،[إكمال الدين ]بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَن يُونُسَ بنِ بُكَيرٍ عَنِ المسَعوُديِ‌ّ عَن نُفَيلِ بنِ هِشَامٍ عَن أَبِيهِ أَنّ جَدّهُ سَعِيدَ بنَ زَيدٍ سَأَلَ رَسُولَ اللّهِص عَن أَبِيهِ زَيدِ بنِ عَمرٍو فَقَالَ يَا رَسُولَ


صفحه : 206

اللّهِ إِنّ زَيدَ بنَ عَمرٍو كَانَ كَمَا رَأَيتَ وَ كَمَا بَلَغَكَ فَلَو أَدرَكَكَ لَآمَنَ بِكَ فَأَستَغفِرُ لَهُ قَالَ نَعَم فَاستَغفِر لَهُ وَ قَالَ إِنّهُ يجَيِ‌ءُ يَومَ القِيَامَةِ أُمّةً وَاحِدَةً وَ كَانَ فِيمَا ذَكَرُوا أَنّهُ يَطلُبُ الدّينَ فَمَاتَ وَ هُوَ فِي طَلَبِهِ

24-ك ،[إكمال الدين ] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ وَ البزَنَطيِ‌ّ مَعاً عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن عِكرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ لَمّا دَعَا رَسُولُ اللّهِص بِكَعبِ بنِ أَسَدٍ لِيَضرِبَ عُنُقَهُ فَأُخرِجَ وَ ذَلِكَ فِي غَزوَةِ بنَيِ‌ قُرَيظَةَ نَظَرَ إِلَيهِ رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ لَهُ يَا كَعبُ أَ مَا نَفَعَكَ وَصِيّةُ ابنِ حَوّاشٍ الحِبرِ المُقبِلِ مِنَ الشّامِ فَقَالَ تَرَكتُ الخَمرَ وَ الخَمِيرَ وَ جِئتُ إِلَي البُؤسِ وَ التّمُورِ لنِبَيِ‌ّ يُبعَثُ هَذَا أَوَانُ خُرُوجِهِ يَكُونُ مَخرَجُهُ بِمَكّةَ وَ هَذِهِ دَارُ هِجرَتِهِ وَ هُوَ الضّحُوكُ القَتّالُ يجَتزَ‌ِئُ بِالكِسرَةِ وَ التّمَيرَاتِ وَ يَركَبُ الحِمَارَ العاَريِ‌َ فِي عَينَيهِ حُمرَةٌ وَ بَينَ كَتِفَيهِ خَاتَمُ النّبُوّةِ يَضَعُ سَيفَهُ عَلَي عَاتِقِهِ لَا يبُاَليِ‌ بِمَن لَاقَي يَبلُغُ سُلطَانُهُ مُنقَطَعَ الخُفّ وَ الحَافِرِ قَالَ كَعبٌ قَد كَانَ ذَلِكَ يَا مُحَمّدُ وَ لَو لَا أَنّ اليَهُودَ تعُيَرّنُيِ‌ أنَيّ‌ جَبُنتُ عِندَ القَتلِ لَآمَنتُ بِكَ وَ صَدّقتُكَ وَ لكَنِيّ‌ عَلَي دِينِ اليَهُودِيّةِ عَلَيهِ أَحيَا وَ عَلَيهِ أَمُوتُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص قَدّمُوهُ وَ اضرِبُوا عُنُقَهُ فَقُدّمَ وَ ضُرِبَت عُنُقُهُ

25-ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ]بِالإِسنَادِ إِلَي الصّدُوقِ بِإِسنَادِهِ إِلَي ابنِ أُورَمَةَ عَن عِيسَي بنِ العَبّاسِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الكَرِيمِ التفّليِسيِ‌ّ عَن عَبدِ المُؤمِنِ بنِ مُحَمّدٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَوحَي اللّهُ تَعَالَي جَلّت عَظَمَتُهُ إِلَي عِيسَي ع جِدّ فِي أمَريِ‌ وَ لَا تَترُك إنِيّ‌ خَلَقتُكَ مِن غَيرِ فَحلٍ آيَةً لِلعَالَمِينَ أَخبِرهُم آمِنُوا بيِ‌ وَ برِسَوُليِ‌ النّبِيّ الأمُيّ‌ّ نَسلُهُ مِن مُبَارَكَةٍ


صفحه : 207

وَ هيِ‌َ مَعَ أُمّكَ فِي الجَنّةِ طُوبَي لِمَن سَمِعَ كَلَامَهُ وَ أَدرَكَ زَمَانَهُ وَ شَهِدَ أَيّامَهُ قَالَ عِيسَي يَا رَبّ وَ مَا طُوبَي قَالَ شَجَرَةٌ فِي الجَنّةِ تَحتَهَا عَينٌ مَن شَرِبَ مِنهَا شَربَةً لَم يَظمَأ بَعدَهُ أَبَداً قَالَ عِيسَي يَا رَبّ اسقنِيِ‌ مِنهَا شَربَةً قَالَ كَلّا يَا عِيسَي إِنّ تِلكَ العَينَ مُحَرّمَةٌ عَلَي الأَنبِيَاءِ حَتّي يَشرَبَهَا ذَلِكَ النّبِيّ وَ تِلكَ الجَنّةُ مُحَرّمَةٌ عَلَي الأُمَمِ حَتّي يَدخُلَهَا أُمّةُ ذَلِكَ النّبِيّ

26-يج ،[الخرائج والجرائح ]فصل ونذكر هاهنا شيئا مما في الكتب المقدمة من ذكر نبينا وكيف بشرت الأنبياء قبله بألفاظهم منها ألفاظ التوراة في هذاالباب في السفر الأول منه إن الملك نزل علي ابراهيم فقال له إنه يولد في هذاالعالم لك غلام اسمه إسحاق فقال ابراهيم ليت إسماعيل يعيش بين أيديك يخدمنك فقال الله لإبراهيم لك ذلك قداستجيب في إسماعيل وإني‌ أبركه وآمنه وأعظمه بما استجبت فيه وتفسير هذاالحرف محمد ويلد اثني‌ عشر عظيما وأصيره لأمة كثيرة. و قال في التوراة إن الملك نزل علي هاجر أم إسماعيل و قدكانت خرجت مغاضبة لسارة وهي‌ تبكي‌ فقال لها ارجعي‌ واخدمي‌ مولاتك واعلمي‌ أنك تلدين غلاما يسمي إسماعيل و هو يكون معظما في الأمم ويده علي كل يد. و لم يكن ذلك لإسماعيل و لالأحد من ولده غيرنبينا. و قال في التوراة إن ابراهيم لماأخرج إسماعيل وأمه هاجر أصابهما عطش فنزل عليهما ملك و قال لها لاتهاوني‌ بالغلام وشدي‌ يديك به فإني‌ أريد أن أصيره لأمر عظيم . فإن قيل هذاتبشير بملك و ليس فيه ذكر نبوة قلنا الملك ملكان ملك كفر وملك هدي و لايجوز أن يبشر الله ابراهيم ع وهاجر بظهور الكفر في ولدهما ويصفه بالعظم .


صفحه : 208

و قال في التوراة أقبل من سيناء وتجلي من ساعير وظهر من جبل فاران .فسيناء جبل كلم الله عليه موسي وساعير هوالجبل ألذي بالشام كان فيه عيسي وجبل فاران مكة. و في التوراة أن إسماعيل سكن برية فاران ونشأ فيها وتعلم الرمي‌.فذكر الله مع طور سيناء وساعير التي‌ جاء منها بأنبيائه ومجي‌ء الله إتيان دينه وأحكامه فلقد ظهر دين الله من مكة وهي‌ فاران فأتم الله تعالي هذه المواعيد لإبراهيم ع بمحمدص فظهر دين الله في مكة بالحج إليها واستعلن ذكره بصراخ أصحابه بالتلبية علي رءوس الجبال وبطون الأودية و لم يكن موجودا إلابمجي‌ء محمدص وغيره من ولد إسماعيل عباد أصنام فلم يظهر الله بهم تبجيله . ويدل علي تأويلنا ما قال في كتاب حيقوق سيد يجي‌ء من اليمن يقدس من جبل فاران يغطي‌ السماء بهاء ويملأ الأرض نورا ويسيل الموت بين يديه وينقر الطير بموضع قدميه . و قال في كتاب حزقيل النبي لبني‌ إسرائيل إني‌ مؤيد بني‌ قيدار بالملائكة وقيدار جد العرب ابن إسماعيل لصلبه وأجعل الدين تحت أقدامهم فيريثونكم بدينهم وليشمون أنفسكم بالحمية والغضب و لاترفعون أبصاركم و لاتنظرون إليهم وجميع رضاي‌ يصنعونه بكم . و إن محمدا أخرج إليهم بمن أطاعه من بني‌ قيدار فيقتل مقاتليهم وأيدهم الله


صفحه : 209

بالملائكة في بدر والخندق وحنين . و قال في التوراة في السفر الخامس إني‌ أقيم لبني‌ إسرائيل نبيا من إخوتهم مثلك وأجعل كلامي‌ علي فمه . وإخوة بني‌ إسرائيل ولد إسماعيل و لم يكن في بني‌ إسماعيل نبي‌ مثل موسي و لاأتي بكتاب ككتاب موسي غيرنبيناص . و من قول حيقوق النبي و من قول دانيال جاء الله من اليمن والتقديس من جبال فاران فامتلأت الأرض من تحميد أحمد وتقديسه وملك الأرض بهيبته . و قال أيضا يضي‌ء له نوره الأرض وتحمل خيله في البر والبحر. و قال أيضا سننزع في قبيك أغرافا وترتوي‌ السهام بأمرك يا محمدارتواء. و هذاإيضاح باسمه وصفاته . و في كتاب شعيا النبي عبدي‌ خيرتي‌ من خلقي‌ رضي‌ نفسي‌ أفيض عليه روحي‌ أو قال أنزل فيظهر في الأمم عدلي‌ لايسمع صوته في الأسواق يفتح العيون العور ويسمع الآذان الصم و لايميل إلي اللهو ركن المتواضعين و هونور الله ألذي لايطفأ حتي تثبت في الأرض حجتي‌ وينقطع به العذر. و قال في الفصل الخامس أثر سلطانه علي كتفه .يعني‌ علامة النبوة و كان علي كتفه خاتم النبوة. وأعلامه في الزبور قال داود في الزبور سبحوا الرب تسبيحا حديثا وليفرح إسرائيل بخالقه ونبوءة صهيون من أجل أن الله اصطفي له أمته وأعطاه النصر وسدد الصالحين منهم بالكرامة يسبحونه علي مضاجعهم وبأيديهم سيوف ذات شفرتين لينتقم الله تعالي من الأمم الذين لايعبدونه .


صفحه : 210

و في مرموز آخر من الزبور تقلد أيها الخيار السيف فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك وسهامك مشنونة والأمم يجرون تحتك . و في مرموز آخر أن الله أظهر من صهيون إكليلا محمودا.ضرب الإكليل مثلا للرئاسة والإمامة ومحمود هو محمدص . وذكر أيضا في صفته ويجوز من البحر إلي البحر من لدن الأنهار إلي مقطع الأرض وإنه ليخر أهل الخزائن بين يديه يأتيه ملوك الفرس وتسجد له وتدين له الأمم بالطاعة ينقذ الضعيف ويرق بالمساكين . و في مرموز آخر أللهم ابعث جاعل السنة كي‌ يعلم الناس أنه بشر. هذاإخبار عن محمديخبر الناس أن المسيح بشر. و في كتاب شعيا النبي قيل لي قم نظارا فانظر ماذا تري فخبر به فقلت أري راكبين مقبلين أحدهما علي حمار والآخر علي جمل يقول أحدهما لصاحبه سقطت بابل وأصنامها.فكل أهل الكتاب يؤمن بهذه الكتب وتنفرد النصاري بالإنجيل وأعلامه في الإنجيل قال المسيح للحواريين أناأذهب وسيأتيكم الفارقليط بروح الحق ألذي لايتكلم من قبل نفسه إنما هو كمايقال له ويشهد علي وأنتم تشهدون لأنكم معه من قبل الناس و كل شيءأعده الله لكم يخبركم به . و في حكاية يوحنا عن المسيح قال الفارقليط لايجيئكم ما لم أذهب فإذاجاء وبخ العالم علي الخطيئة و لا يقول من تلقاء نفسه ولكنه يكلمكم مما يسمع وسيؤتيكم


صفحه : 211

بالحق ويخبركم بالحوادث والغيوب . و قال في حكاية أخري الفارقليط روح الحق ألذي يرسله باسمي‌ هويعلمكم كل شيء. و قال إني‌ سائل ربي‌ أن يبعث إليكم فارقليط آخر يكون معكم إلي الأبد و هويعلمكم كل شيء. و قال في حكاية أخري ابن البشر ذاهب والفارقليط يأتي‌ بعده يحيي‌ لكم الأسرار ويفسر لكم كل شيء و هويشهد لي كماشهدت له فإني‌ أجيئكم بالأمثال و هويجيئكم بالتأويل . و من أعلامه في الإنجيل أنه لماحبس يحيي بن زكريا ليقتل بعث بتلاميذه إلي المسيح و قال لهم قولوا أنت هوالآتي‌ أونتوقع غيرك فأجابه المسيح و قال الحق اليقين أقول لكم إنه لم تقم النساء علي أفضل من يحيي بن زكريا و إن التوراة وكتب الأنبياء يتلو بعضها بعضا بالنبوة والوحي‌ حتي جاء يحيي فأما الآن فإن شئتم فاقبلوا أن الإليا متوقع أن يأتي‌ فمن كانت له أذنان سامعتان فليسمع .روي‌ أنه كان فيه أن أحمدمتوقع فغيروا الاسم وجعلوا إليا لقوله يحرفون الكلم عن مواضعه وإليا هو علي بن أبي طالب ع وقيل إنما ذكر إليا لأن عليا قدام محمدص في كل حرب و في كل حال حتي يوم القيامة فإنه صاحب رايته و كان اسم محمدبالسريانية مشفحا ومشفح هو محمدبالعربية وإنهم يقولون شفح لالاها إذاأرادوا أن يقولوا الحمد لله و إذا كان الشفح الحمد فمشفح محمد. و في كتاب شيعا في ذكر الحج ستمتلي‌ البادية فتصفر لهم من أقاصي‌ الأرض


صفحه : 212

فإذاهم سراع يأتون يبثون تسبيحه في البر والبحر يأتون من المشرق كالصعيد كثرة. و قال شعيا قال الرب ها أناذا مؤسس بصهيون من بيت الله حجرا و في رواية مكرمة فمن كان مؤمنا فلايستعجلنا و قال دانيال في الرؤيا التي‌ رآها بخت نصّر ملك بابل وعبرها أيها الملك رأيت رؤيا هائلة رأيت صنما بارع الجمال قائما بين يديك رأسه من الذهب وساعده من الفضة وبطنه وفخذه نحاس وساقاه حديد وبعض رجليه خزف ورأيت حجرا صك رجلي‌ ذلك الصنم فدقهما دقا شديدا فتفتت ذلك الصنم كله حديدة ونحاسه وفضته وذهبه وصار رفاتا كدقاق البيدر وعصفته الريح فلم يوجد له أثر وصار ذلك الحجر ألذي دق الصنم جبلا عاليا امتلأت منه الأرض فهذه رؤياك قال نعم ثم عبرها له فقال إن الرأس ألذي رأيت من الذهب مملكتك فتقوم بعدك مملكة أخري دونك والمملكة الثالثة التي‌ تشبه النحاس تتسلط علي الأرض كلها والمملكة الرابعة قوتها قوة الحديد كما أن الحديد يدق كل شيء و أما الرجل ألذي كان بعضها من حديد وبعضها من خزف فإن بعض تلك المملكة يكون عزا وبعضها ذلا و يكون كلمة أهل المملكة متشتتة ويقيم إله السماء في تلك الأيام ملكا عظيما دائما أبديا لايتغير و لايتبدل و لايزول و لايدع لغيره من الأمم سلطانا ويقوم دهر الداهرين .فتأويل الرؤيا بعث محمدتمزقت الجنود لنبوته و لم ينتقض مملكة فارس لأحد قبله و كان ملكها أعز ملوك الأرض وأشدها شوكة و كان أول مابدأ فيه انتقاص قتل شِيرَوَيهِ بن أَبرَوَيز أباه ثم ظهر الطاعون في مملكته وهلك فيه ثم هلك ابنه أردشير ثم ملك رجل ليس من أهل بيت الملك فقتلته بوران بنت كسري ثم ملك بعده رجل يقال له كسري بن قباد ولد بأرض الترك ثم ملكت بوران بنت كسري فبلغ رسول الله ص ملكها فقال لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلي امرأة ثم ملكت بنت أخري لكسري فسمت وماتت ثم ملك رجل ثم قتل فلما رأي أهل فارس ماهم فيه من الانتشار أمر ابن لكسري يقال له يزدجرد فملكوه عليهم فأقام بالمدائن علي الانتشار ثماني‌


صفحه : 213

سنين وبعث إلي الصين بأمواله وخلف أخا بالمدائن لرستم فأتي لقتال المسلمين ونزل بالقادسية وقتل بهافبلغ ذلك يزدجرد فهرب إلي سجستان وقتل هناك . و قال في التوراة أحمدعبدي‌ المختار لافظ و لاغليظ و لاصخاب في الأسواق و لايجز‌ئ بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر مولده بمكة وهجرته طيبة وملكه بالشام وأمته الحامدون يحمدون الله علي كل نجد ويسبحونه في كل منزل ويقومون علي أطرافهم وهم رعاة الشمس مودتهم في جو السماء صفهم في الصلاة وصفهم في القتال سواء رهبان بالليل أسد بالنهار لهم دوي‌ كدوي‌ النحل يصلون الصلاة حيثما أدركهم الصلاة. ومما أوحي الله إلي آدم أنا الله ذو بكة أهلها جيرتي‌ وزوارها وفدي‌ وأضيافي‌ أعمره بأهل السماء و أهل الأرض يأتونه أفواجا شعثا غبرا يعجون بالتكبير والتلبية فمن اعتمره لايريد غيره فقد زارني‌ و هووفد لي ونزل بي‌ وحق لي أن أتحفه بكرامتي‌ أجعل ذلك البيت ذكره وشرفه ومجده وسناءه لنبي‌ من ولدك يقال له ابراهيم أبني‌ له قواعده وأجري‌ علي يديه عمارته وأنبط له سقايته وأريه حله وحرمه وأعلمه مشاعره ثم يعمره الأمم والقرون حتي ينتهي‌ إلي نبي‌ من ولدك يقال له محمد و هوخاتم النبيين فأجعله من سكانه وولاته . و من أعلامه اسمه إن الله حفظ اسمه حتي لم يسم باسمه أحد قبله صيانة من الله لاسمه ومنع منه كمافعل بيحيي بن زكريالَم نَجعَل لَهُ مِن قَبلُ سَمِيّا و كما


صفحه : 214

فعل بإبراهيم وإسحاق ويعقوب وصالح وأنبياء كثيرة منع من مسماتهم قبل مبعثهم ليعرفوا به إذاجاءوا و يكون ذلك أحد أعلامهم . و عن سراقة بن جعشم قال خرجت رابع أربعة فلما قدمنا الشام نزلنا علي غدير فيه شجرات وقربه قائم لديراني‌ فأشرف علينا قال من أنتم قلنا قوم من مضر قال من أي المضرين قلنا من خندف قال أماإنه سيبعث فيكم وشيكا نبي‌ اسمه محمد فلما صرنا إلي أهلنا ولد لكل رجل منا غلام فسماه محمدا و هذاأيضا من أعلامه

27-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَن تُبّعَ بنَ حَسّانَ سَارَ إِلَي يَثرِبَ وَ قَتَلَ مِنَ اليَهُودِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ خَمسِينَ رَجُلًا صَبراً وَ أَرَادَ خَرَابَهَا فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ لَهُ مِائَتَانِ وَ خَمسُونَ سَنَةً وَ قَالَ أَيّهَا المَلِكُ مِثلُكَ لَا يَقبَلُ قَولَ الزّورِ وَ لَا يَقتُلُ عَلَي الغَضَبِ وَ إِنّكَ لَا تَستَطِيعُ أَن تَخرَبَ هَذِهِ القَريَةَ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنّهُ يَخرُجُ مِنهَا مِن وُلدِ إِسمَاعِيلَ نبَيِ‌ّ يَظهَرُ مِن هَذِهِ البَنِيّةِ يعَنيِ‌ البَيتَ الحَرَامَ فَكَفّ تُبّعٌ وَ مَضَي يُرِيدُ مَكّةَ وَ مَعَهُ اليَهُودُ وَ كَسَا البَيتَ وَ أَطعَمَ النّاسَ وَ هُوَ القَائِلُ


شَهِدتُ عَلَي أَحمَدَ أَنّهُ   رَسُولٌ مِنَ اللّهِ باَر‌ِئِ النّسَمِ

فَلَو مُدّ عمُرُيِ‌ إِلَي عُمُرِهِ   لَكُنتُ وَزِيراً لَهُ وَ ابنَ عَمّ

وَ يُقَالُ هُوَ تُبّعٌ الأَصغَرُ وَ قِيلَ هُوَ الأَوسَطُ

28-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَفَنَشَأَ رَسُولُ اللّهِص فِي حَجرِ أَبِي طَالِبٍ


صفحه : 215

فَبَينَمَا هُوَ غُلَامٌ يجَيِ‌ءُ بَينَ الصّفَا وَ المَروَةِ إِذ نَظَرَ إِلَيهِ رَجُلٌ مِن أَهلِ الكِتَابِ فَقَالَ مَا اسمُكَ قَالَ اسميِ‌ مُحَمّدٌ قَالَ ابنُ مَن قَالَ ابنُ عَبدِ اللّهِ قَالَ ابنُ مَن قَالَ ابنُ عَبدِ المُطّلِبِ قَالَ فَمَا اسمُ هَذِهِ وَ أَشَارَ إِلَي السّمَاءِ قَالَ السّمَاءُ قَالَ فَمَا اسمُ هَذِهِ وَ أَشَارَ إِلَي الأَرضِ قَالَ الأَرضُ قَالَ فَمَن رَبّهُمَا قَالَ اللّهُ قَالَ فَهَل لَهُمَا رَبّ غَيرُهُ قَالَ لَا ثُمّ إِنّ أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ بِهِ مَعَهُ إِلَي الشّامِ فِي تِجَارَةِ قُرَيشٍ فَلَمّا انتَهَي بِهِ إِلَي بُصرَي وَ فِيهَا رَاهِبٌ لَم يُكَلّم أَهلَ مَكّةَ إِذَا مَرّوا بِهِ وَ رَأَي عَلَامَةَ رَسُولِ اللّهِص فِي الرّكبِ فَإِنّهُ رَأَي غَمَامَةً تُظِلّهُ فِي مَسِيرِهِ وَ نَزَلَ تَحتَ شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِن صَومَعَتِهِ فَثُنِيَت[فَتَثَنّت]أَغصَانُ الشّجَرَةِ عَلَيهِ وَ الغَمَامَةُ عَلَي رَأسِهِ بِحَالِهَا فَصَنَعَ لَهُم طَعَاماً وَ اجتَمَعُوا إِلَيهِ وَ تَخَلّفَ النّبِيّ مُحَمّدٌ فَلَمّا نَظَرَ بَحِيرَاءُ الرّاهِبُ إِلَيهِم وَ لَم يَرَ الصّفَةَ التّيِ‌ يَعرِفُ قَالَ فَهَل تَخَلّفَ مِنكُم أَحَدٌ قَالُوا لَا وَ اللّاتِ وَ العُزّي إِلّا صبَيِ‌ّ فَاستَحضَرَهُ فَلَمّا لَحَظَ إِلَيهِ نَظَرَ إِلَي أَشيَاءَ مِن جَسَدِهِ قَد كَانَ يَعرِفُهَا مِن صِفَتِهِ فَلَمّا تَفَرّقُوا قَالَ يَا غُلَامُ أَ تخُبرِنُيِ‌ عَن أَشيَاءَ أَسأَلُكَ عَنهَا قَالَ سَل قَالَ أَنشُدُكَ بِاللّاتِ وَ العُزّي إِلّا أخَبرَتنَيِ‌ عَمّا أَسأَلُكَ عَنهُ وَ إِنّمَا أَرَادَ أَن يَعرِفَ لِأَنّهُ سَمِعَهُم يَحلِفُونَ بِهِمَا فَذَكَرُوا أَنّ النّبِيّ قَالَ لَهُ لَا تسَألَنيِ‌ بِاللّاتِ وَ العُزّي فإَنِيّ‌ وَ اللّهِ لَم أُبغِض بُغضَهُمَا شَيئاً قَطّ قَالَ فَوَ اللّهِ لأَخَبرَتنَيِ‌ عَمّا أَسأَلُكَ عَنهُ قَالَ فَجَعَلَ يَسأَلُهُ عَن حَالِهِ فِي نَومِهِ وَ هَيئَتِهِ فِي أُمُورِهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِص يُخبِرُهُ فَكَانَ يَجِدُهَا مُوَافِقَةً لِمَا عِندَهُ فَقَالَ لَهُ اكشِف عَن ظَهرِكَ فَكَشَفَ عَن ظَهرِهِ فَرَأَي خَاتَمَ النّبُوّةِ بَينَ كَتِفَيهِ عَلَي المَوضِعِ ألّذِي يَجِدُهُ عِندَهُ فَأَخَذَهُ الأَفكَلُ وَ هُوَ الرّعدَةُ وَ اهتَزّ الديّراَنيِ‌ّ فَقَالَ مَن أَبُو هَذَا الغُلَامِ قَالَ أَبُو طَالِبٍ هُوَ ابنيِ‌ قَالَ لَا وَ اللّهِ لَا يَكُونُ أَبُوهُ حَيّاً قَالَ أَبُو طَالِبٍ إِنّهُ هُوَ ابنُ أخَيِ‌ قَالَ فَمَا فَعَلَ أَبُوهُ قَالَ مَاتَ وَ هُوَ ابنُ شَهرَينِ قَالَ صَدَقتَ فَارجِع بِابنِ أَخِيكَ إِلَي بِلَادِكَ وَ احذَر عَلَيهِ اليَهُودَ فَوَ اللّهِ لَئِن رَأَتهُ وَ عَرَفُوا مِنهُ ألّذِي عَرَفتُهُ لَيَبغُنّهُ شَرّاً فَخَرَجَ أَبُو طَالِبٍ فَرَدّهُ إِلَي مَكّةَ


صفحه : 216

29-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّ قُرَيشاً أَرسَلَتِ النّضرَ بنَ الحَارِثِ وَ عَلقَمَةَ بنَ أَبِي مُعَيطٍ بِيَثرِبَ إِلَي اليَهُودِ فَقَالُوا لَهُمَا إِذَا قَدِمتُمَا عَلَيهِم فَاسأَلُوهُم عَنهُ فَلَمّا قَدِمَا سَأَلُوهُم فَقَالُوا صِفُوا لَنَا صِفَتَهُ فَوَصَفُوهُ قَالُوا وَ مَن تَبِعَهُ قَالُوا سَفِلَتُنَا فَصَاحَ حِبرٌ مِنهُم ثُمّ قَالَ هَذَا النّبِيّ ألّذِي نَجِدُ نَعتَهُ فِي التّورَاةِ وَ نَجِدُ قَومَهُ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لَهُ

30-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّ سَيفَ بنَ ذيِ‌ يَزَنَ حِينَ ظَهَرَ بِالحَبَشَةِ وَفَدَ عَلَيهِم قُرَيشٌ وَ فِيهِم عَبدُ المُطّلِبِ فَسَأَلَهُ عَن مُحَمّدٍ سِرّاً فَأَخبَرَهُ بِهِ ثُمّ بَعدَ مُدّةٍ طَوِيلَةٍ دَخَلُوا عَلَيهِ فَسَأَلَهُم عَنهُ وَ وَصَفَ لَهُم صِفَتَهُ فَأَقَرّوا جَمِيعاً أَنّ هَذِهِ الصّفَةَ فِي مُحَمّدٍ فَقَالَ هَذَا أَوَانُ مَبعَثِهِ وَ مُستَقَرّهُ يَثرِبَ وَ مَوتُهُ بِهَا

31-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ عَن أَبِي عُبَيدَةَ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعُودٍ عَن أَبِيهِ قَالَ إِنّ اللّهَ أَمَرَ نَبِيّهُ أَن يَدخُلَ الكَنِيسَةَ لِيَدخُلَ رَجُلٌ الجَنّةَ فَلَمّا دَخَلَهَا وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَإِذَا هُوَ بِيَهُودٍ يَقرَءُونَ التّورَاةَ وَ قَد وَصَلُوا إِلَي صِفَةِ النّبِيّص فَلَمّا رَأَوهُ أَمسَكُوا وَ فِي نَاحِيَةِ الكَنِيسَةِ رَجُلٌ مَرِيضٌ فَقَالَ النّبِيّص مَا لَكُم أَمسَكتُم فَقَالَ المَرِيضُ إِنّهُم أَتَوا عَلَي صِفَةِ النّبِيّص فَأَمسَكُوا ثُمّ جَاءَ المَرِيضُ يَجثُو حَتّي أَخَذَ التّورَاةَ فَقَرَأَهَا حَتّي أَتَي عَلَي آخِرِ صِفَةِ النّبِيّ وَ أُمّتِهِ فَقَالَ هَذِهِ صِفَتُكَ وَ صِفَةُ أُمّتِكَ وَ أَنَا أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ ثُمّ مَاتَ فَقَالَ النّبِيّص وَلّوا أَخَاكُم

32-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ عَن بَعضِهِم قَالَ حَضَرتُ سُوقَ بُصرَي فَإِذَا رَاهِبٌ فِي صَومَعَةٍ يَقُولُ سَلُوا أَهلَ هَذَا المَوسِمِ هَل فِيكُم أَحَدٌ مِن أَهلِ الحَرَمِ قَالُوا نَعَم فَقَالُوا سَلُوهُ هَل ظَهَرَ أَحمَدُ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ فَهَذَا هُوَ الشّهرُ ألّذِي يَخرُجُ فِيهِ وَ هُوَ آخِرُ الأَنبِيَاءِ وَ مَخرَجُهُ مِنَ الحَرَمِ وَ مُهَاجَرَتُهُ إِلَي نَخلٍ وَ حَرّةٍ وَ سِبَاخٍ قَالَ الراّويِ‌ فَلَمّا رَجَعتُ إِلَي مَكّةَ قُلتُ هَل هَاهُنَا مِن حَدَثٍ قَالُوا أَتَانَا مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأَمِينُ


صفحه : 217

33-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ عَن زَيدِ بنِ سَلّامٍ أَنّ جَدّهُ أَبَا سَلّامٍ حَدّثَهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِص بَينَمَا هُوَ فِي البَطحَاءِ قَبلَ النّبُوّةِ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَينِ عَلَيهِمَا ثِيَابُ سَفَرٍ فَقَالَا السّلَامُ عَلَيكَ فَقَالَ لَهُمَا النّبِيّص وَ عَلَيكُمَا السّلَامُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مَا لَقِيتُ أَحَداً مُنذُ ولَدَتَنيِ‌ أمُيّ‌ يَرُدّ السّلَامَ قَبلَكَ وَ قَالَ الآخَرُ سُبحَانَ اللّهِ مَا لَقِيتُ رَجُلًا يُسَلّمُ مُنذُ ولَدَتَنيِ‌ أمُيّ‌ فَقَالَ لَهُ الرّاكِبُ هَل فِي القَريَةِ رَجُلٌ يُدعَي أَحمَدَ فَقَالَ مَا فِيهَا أَحمَدُ وَ لَا مُحَمّدٌ غيَريِ‌ قَالَ مِن أَهلِهَا أَنتَ قَالَ نَعَم مِن أَهلِهَا وَ وُلِدتُ فِيهَا فَضَرَبَ ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ وَ أَنَاخَهَا ثُمّ كَشَفَ عَن كَتِفِ رَسُولِ اللّهِص حَتّي نَظَرَ إِلَي الخَاتَمِ ألّذِي بَينَ كَتِفَيهِ فَقَالَ أَشهَدُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ وَ تُبعَثُ بِضَربِ رِقَابِ قَومِكَ فَهَل مِن زَادٍ تزُوَدّنُيِ‌ فَأَتَاهُ بِخُبزٍ وَ تُمَيرَاتٍ فَجَعَلَهُنّ فِي ثَوبِهِ حَتّي أَتَي صَاحِبُهُ وَ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَم يمُتِنيِ‌ حَتّي حَمَلَ لِي نبَيِ‌ّ اللّهِ الزّادَ فِي ثَوبِهِ ثُمّ قَالَ النّبِيّص هَل مِن حَاجَةٍ سِوَي هَذَا قَالَ تَدعُو اللّهَ أَن يُعَرّفَ بيَنيِ‌ وَ بَينَكَ يَومَ القِيَامَةِ فَدَعَا لَهُ ثُمّ انطَلَقَ وَ فِي كُتُبِ اللّهِ المُتَقَدّمَةِ لَمّا خَلَقَ اللّهُ آدَمَ وَ نَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ عَطَسَ فَقَالَ لَهُ رَبّهُ قُلِ الحَمدُ لِلّهِ ثُمّ قَالَ لَهُ رَبّهُ يَرحَمُكَ رَبّكَ ائتِ أُولَئِكَ المَلَأَ مِنَ المَلَائِكَةِ وَ قُل لَهُمُ السّلَامُ عَلَيكُم فَقَالُوا وَ عَلَيكَ السّلَامُ وَ رَحمَةُ اللّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ثُمّ قَالَ لَهُ رَبّهُ هَذِهِ تَحِيّتُكَ وَ تَحِيّةُ ذُرّيّتِكَ

34-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّهُ سُئِلَ ابنُ عَبّاسٍ بَلَغَنَا أَنّكَ تَذكُرُ سَطِيحاً وَ تَزعُمُ أَنّ اللّهَ خَلَقَهُ وَ لَم يَخلُق مِن وُلدِ آدَمَ شَيئاً يُشبِهُهُ قَالَ نَعَم إِنّ اللّهَ خَلَقَ سَطِيحاً الغسَاّنيِ‌ّ لَحماً عَلَي وَضَمٍ وَ الوَضَمُ شَرَائِجُ مِن جَرَائِدِ النّخلِ وَ كَانَ يُحمَلُ عَلَي وَضَمٍ وَ يُؤتَي بِهِ حَيثُ يَشَاءُ وَ لَم يَكُن فِيهِ عَظمٌ وَ لَا عَصَبٌ إِلّا الجُمجُمَةُ وَ العُنُقُ وَ كَانَ يُطوَي مِن رِجلَيهِ إِلَي تَرقُوَتِهِ كَمَا يُطوَي الثّوبُ وَ لَم يَكُن يَتَحَرّكُ مِنهُ شَيءٌ سِوَي لِسَانِهِ فَلَمّا أَرَادَ الخُرُوجَ


صفحه : 218

إِلَي مَكّةَ حُمِلَ عَلَي وَضَمَةٍ فأَتُيِ‌َ بِهِ مَكّةَ فَخَرَجَ إِلَيهِ أَربَعَةٌ مِن قُرَيشٍ فَقَالُوا أَتَينَاكَ لِنَزُورَكَ لِمَا بَلَغَنَا مِن عِلمِكَ فَأَخبِرنَا عَمّا يَكُونُ فِي زَمَانِنَا وَ مَا يَكُونُ مِن بَعدُ قَالَ يَا مَعشَرَ العَرَبِ لَا عِلمَ عِندَكُم وَ لَا فَهمَ وَ يَنشَأُ مِن عَقِبِكُم دَهمٌ يَطلُبُونَ أَنوَاعَ العِلمِ يَكسِرُونَ الصّنَمَ وَ يَقتُلُونَ العَجَمَ وَ يَطلُبُونَ المَغنَمَ قَالُوا يَا سَطِيحُ مَن يَكُونُونَ أُولَئِكَ قَالَ وَ البَيتِ ذيِ‌ الأَركَانِ لَيَنشَأَنّ مِن عَقِبِكُم وِلدَانٌ يُوَحّدُونَ الرّحمَنَ وَ يَترُكُونَ عِبَادَةَ الشّيطَانِ قَالُوا فَمِن نَسلِ مَن يَكُونُونَ أُولَئِكَ قَالَ أَشرَفُ الأَشرَافِ مِن عَبدِ مَنَافٍ قَالُوا مِن أَيّ بَلدَةٍ يَخرُجُ قَالَ وَ الباَقيِ‌ الأَبَدِ لَيَخرُجَنّ مِن ذَا البَلَدِ يهَديِ‌ إِلَي الرّشَدِ يَعبُدُ رَبّاً انفَرَدَ

بيان قال الجوهري‌ الوضم كل شيءيجعل عليه اللحم من خشب أوبارية يوقي به من الأرض و قال الدهم العدد الكثير

35-يج ،[الخرائج والجرائح ] روُيِ‌َ أَنّ عَبدَ المُطّلِبِ قَدِمَ اليَمَنَ فَقَالَ لَهُ حِبرٌ مِن أَهلِ الزّبُورِ أَ تَأذَنُ لِي أَن أَنظُرَ إِلَي بَعضِكَ قَالَ نَعَم إِلّا إِلَي عَورَةٍ فَفَتَحَ إِحدَي مَنخِرَيهِ فَنَظَرَ فِيهِ ثُمّ نَظَرَ فِي الأُخرَي فَقَالَ أَشهَدُ أَنّ فِي إِحدَي يَدَيكَ المُلكَ وَ فِي الأُخرَي النّبُوّةَ وَ إِنّا نَجِدُ فِي بنَيِ‌ زُهرَةَ فَكَيفَ ذَلِكَ قَالَ قُلتُ لَا أدَريِ‌ قَالَ هَل مِن شَاعَةٍ قُلتُ مَا الشّاعَةُ قَالَ الزّوجَةُ قَالَ فَإِذَا رَجَعتَ فَتَزَوّج مِنهُم فَرَجَعَ إِلَي مَكّةَ فَتَزَوّجَ هَالَةَ بِنتَ وَهبِ بنِ عَبدِ مَنَافِ بنِ زُهرَةَ

36-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّ بَعدَ مَولِدِ النّبِيّص بِسَنَتَينِ أَتَت أَشرَافُ العَرَبِ سَيفَ بنَ ذيِ‌ يَزَنَ الحمِيرَيِ‌ّ لَمّا ظَهَرَ عَلَي الحَبَشَةِ وَفَدَ عَلَيهِ قُرَيشٌ لِلتّهنِئَةِ وَ فِيهِم عَبدُ المُطّلِبِ وَ


صفحه : 219

قَالَ أَيّهَا المَلِكُ سَلَفُكَ خَيرُ سَلَفٍ وَ أَنتَ لَنَا خَيرُ خَلَفٍ قَالَ مَن أَنتَ قَالَ عَبدُ المُطّلِبِ بنُ هَاشِمٍ قَالَ ابنُ أُختِنَا ثُمّ أَدنَاهُ وَ قَالَ إنِيّ‌ مُفضٍ إِلَيكَ خَيراً[خَبَراً]عَظِيماً يُولَدُ نبَيِ‌ّ أَو قَد وُلِدَ اسمُهُ مُحَمّدٌ اللّهُ بَاعِثُهُ جِهَاراً وَ جَاعِلٌ لَهُ مِنّا أَنصَاراً فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ كَانَ لِيَ ابنٌ زَوّجتُهُ كَرِيمَةً فَجَاءَت بِغُلَامٍ سَمّيتُهُ مُحَمّداً ثُمّ أَمَرَ لِكُلّ قرُشَيِ‌ّ بِنِعمَةٍ عَظِيمَةٍ وَ لِعَبدِ المُطّلِبِ بِأَضعَافِهَا عَشَرَةً وَ هُم يَغبِطُونَهُ بِهَا فَقَالَ لَو عَلِمتُم بفِخَريِ‌ وَ ذكِريِ‌ لَغَبَطتُم بِهِ

37-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّ جُبَيرَ بنَ مُطعِمٍ قَالَ كُنتُ آذَي قُرَيشٍ بِمُحَمّدٍ فَلَمّا ظَنَنتُ أَنّهُم سَيَقتُلُونَهُ خَرَجتُ حَتّي لَحِقتُ بِدَيرٍ فَأَقَامُوا لِيَ الضّيَافَةَ ثَلَاثاً فَلَمّا رأَوَنيِ‌ لَا أَخرُجُ قَالُوا إِنّ لَكَ لَشَأناً قُلتُ إنِيّ‌ مِن قَريَةِ اِبرَاهِيمَ وَ ابنُ عمَيّ‌ يَزعُمُ أَنّهُ نبَيِ‌ّ فَآذَاهُ قَومُهُ فَأَرَادُوا قَتلَهُ فَخَرَجتُ لِئَلّا أَشهَدَ ذَلِكَ فَأَخرَجُوا إلِيَ‌ّ صُورَةً قُلتُ مَا رَأَيتُ شَيئاً أَشبَهَ بشِيَ‌ءٍ مِن هَذِهِ الصّورَةِ بِمُحَمّدٍ كَأَنّهُ طُولُهُ وَ جِسمُهُ وَ بُعدُ مَا بَينَ مَنكِبَيهِ فَقَالُوا لَا يَقتُلُونَهُ وَ لَيَقتُلَنّ مَن يُرِيدُ قَتلَهُ وَ إِنّهُ لنَبَيِ‌ّ وَ لَيُظهِرَنّهُ اللّهُ فَلَمّا قَدِمتُ مَكّةَ إِذَا هُوَ خَرَجَ إِلَي المَدِينَةِ وَ سُئِلُوا مِن أَينَ لَكُم هَذِهِ الصّورَةُ قَالُوا إِنّ آدَمَ ع سَأَلَ رَبّهُ أَن يُرِيَهُ الأَنبِيَاءَ مِن وُلدِهِ فَأَنزَلَ عَلَيهِ صُوَرَهُم وَ كَانَ فِي خِزَانَةِ آدَمَ عِندَ مَغرِبِ الشّمسِ فَاستَخرَجَهَا ذُو القَرنَينِ مِن هُنَاكَ فَدَفَعَهَا إِلَي دَانِيَالَ

38-يج ،[الخرائج والجرائح ] مِن مُعجِزَاتِهِص حَدِيثُ كَعبِ بنِ مَانِعٍ بَينَمَا هُوَ فِي مَجلِسٍ وَ


صفحه : 220

رَجُلٌ مِنَ القَومِ مَعَهُم يُحَدّثُ أَصحَابَهُ يَقُولُ رَأَيتُ فِي النّومِ أَنّ النّاسَ حُشِرُوا وَ أَنّ الأُمَمَ تَمُرّ كُلّ أُمّةٍ مَعَ نَبِيّهَا وَ مَعَ كُلّ نبَيِ‌ّ نُورَانِ يمَشيِ‌ بَينَهُمَا وَ مَعَ كُلّ مَنِ اتّبَعَهُ نُورٌ يمَشيِ‌ بِهِ حَتّي مَرّ مُحَمّدٌص فِي أُمّتِهِ فَإِذاً لَيسَ مَعَهُ شَعرَةٌ إِلّا وَ فِيهَا نُورَانِ مِن رَأسِهِ وَ جِلدِهِ وَ لَا مَنِ اتّبَعَهُ مِن أُمّتِهِ إِلّا وَ مَعَهُ نُورَانِ مِثلَ الأَنبِيَاءِ فَقَالَ كَعبٌ وَ التَفَتّ إِلَيهِمَا مَا هَذَا ألّذِي يُحَدّثُ بِهِ فَقَالَ رُؤيَا رَأَيتُهَا فَقَالَ وَ ألّذِي بَعَثَ مُحَمّداًص بِالحَقّ إِنّهُ لفَيِ‌ كِتَابِ اللّهِ كَمَا رَأَيتَ

39-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّ زَيدَ بنَ عَمرِو بنِ نُفَيلٍ وَ وَرَقَةَ بنَ نَوفَلٍ خَرَجَا يَلتَمِسَانِ الدّينَ حَتّي انتَهَيَا إِلَي رَاهِبٍ بِالمَوصِلِ فَقَالَ لِزَيدٍ مِن أَينَ أَقبَلتَ يَا صَاحِبَ البَعِيرِ قَالَ مِن بَنِيّةِ اِبرَاهِيمَ قَالَ وَ مَا تَلتَمِسُ قَالَ الدّينَ قَالَ ارجِع فَإِنّهُ يُوشِكُ أَن يَظهَرُ ألّذِي تَطلُبُ فِي أَرضِكَ فَرَجَعَ يُرِيدُ مَكّةَ حَتّي إِذَا كَانَ بِأَرضِ لَخَمٍ عَدَوا عَلَيهِ فَقَتَلُوهُ وَ كَانَ يَقُولُ أَنَا عَلَي دِينِ اِبرَاهِيمَ ع وَ أَنَا سَاجِدٌ عَلَي نَحوِ البَنِيّةِ التّيِ‌ بَنَاهَا اِبرَاهِيمُ ع وَ كَانَ يَقُولُ إِنّا نَنتَظِرُ نَبِيّاً مِن وُلدِ إِسمَاعِيلَ مِن وُلدِ عَبدِ المُطّلِبِ

40-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ عَن جَرِيرِ بنِ عَبدِ اللّهِ البجَلَيِ‌ّ قَالَ بعَثَنَيِ‌ النّبِيّص بِكِتَابِهِ إِلَي ذيِ‌ الكَلَاعِ وَ قَومِهِ فَدَخَلتُ عَلَيهِ فَعَظّمَ كِتَابَهُ وَ تَجَهّزَ وَ خَرَجَ فِي جَيشٍ عَظِيمٍ وَ خَرَجتُ مَعَهُ فَبَينَمَا نَسِيرُ إِذ رُفِعَ إِلَينَا دَيرُ رَاهِبٍ فَقَالَ أُرِيدُ هَذَا الرّاهِبَ فَلَمّا دَخَلنَا عَلَيهِ سَأَلَهُ أَينَ تُرِيدُ قَالَ هَذَا النّبِيّ ألّذِي خَرَجَ فِي قُرَيشٍ وَ هَذَا رَسُولُهُ قَالَ الرّاهِبُ لَقَد مَاتَ هَذَا الرّسُولُ فَقُلتُ مِن أَينَ عَلِمتَ بِوَفَاتِهِ قَالَ إِنّكُم قَبلَ أَن تَصِلُوا إلِيَ‌ّ كُنتُ أَنظُرُ فِي كِتَابِ دَانِيَالَ مَرَرتُ بِصِفَةِ مُحَمّدٍ وَ نَعتِهِ وَ أَيّامِهِ وَ أَجَلِهِ فَوَجَدتُ أَنّهُ توُفُيّ‌َ فِي هَذِهِ السّاعَةِ فَقَالَ ذُو الكَلَاعِ أَنَا أَنصَرِفُ قَالَ جَرِيرٌ فَرَجَعتُ فَإِذَا رَسُولُ اللّهِ توُفُيّ‌َ ذَلِكَ اليَومَ


صفحه : 221

41-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] قَالَ دَاوُدُ فِي زَبُورِهِ أللّهُمّ ابعَث مُقِيمَ السّنّةِ بَعدَ الفَترَةِ

وَ قَالَ عِيسَي فِي الإِنجِيلِ إِنّ البِرّ ذَاهِبٌ وَ البَارَقَلِيطَا جاَئيِ‌ٌ[جَاءٍ] مِن بَعدِهِ وَ هُوَ يُخَفّفُ الآصَارَ وَ يُفَسّرُ لَكُم كُلّ شَيءٍ وَ يَشهَدُ لِي كَمَا شَهِدتُ لَهُ أَنَا جِئتُكُم بِالأَمثَالِ وَ هُوَ يَأتِيكُم بِالتّأوِيلِ

42-د،[العدد القوية]قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] كَانَ كَعبُ بنُ لوُيَ‌ّ بنِ غَالِبٍ يَجتَمِعُ إِلَيهِ النّاسُ فِي كُلّ جُمُعَةٍ وَ كَانُوا يُسَمّونَهَا عَرُوبَةَ فَسَمّاهُ كَعبٌ يَومَ الجُمُعَةِ وَ كَانَ يَخطُبُ فِيهِ النّاسَ وَ يَذكُرُ فِيهِ خَبَرَ النّبِيّ آخِرَ خُطبَتِهِ كُلّمَا خَطَبَ وَ بَينَ مَوتِهِ وَ الفِيلِ خَمسُمِائَةٍ وَ عِشرُونَ سَنَةً فَقَالَ أَم وَ اللّهِ لَو كُنتُ فِيهَا ذَا سَمعٍ وَ بَصَرٍ وَ يَدٍ وَ رِجلٍ لَتَنَصّبتُ فِيهَا تَنَصّبَ الجَمَلِ وَ لَأَرقَلتُ فِيهَا إِرقَالَ الفَحلِ ثُمّ قَالَ


يَا ليَتنَيِ‌ شَاهِدٌ فَحوَي دَعوَتِهِ   حِينَ العَشِيرَةُ تبَغيِ‌ الحَقّ خِذلَانَا

بيان قوله لتنصبت أي حملت النصب والتعب أوانتصبت وقمت بخدمته والإرقال الإسراع

43- وَ رَوَي مُحَمّدُ بنُ مَسعُودٍ الكاَزرِوُنيِ‌ّ فِي كِتَابِ المُنتَقَي بِإِسنَادِهِ عَن أَبِي سَلَمَةَ قَالَ كَانَ كَعبُ بنُ لوُيَ‌ّ بنِ غَالِبٍ يَجمَعُ قَومَهُ يَومَ الجُمُعَةِ وَ كَانَت قُرَيشٌ تسُمَيّ‌ الجُمُعَةَ عَرُوبَةَ فَيَخطُبُهُم فَيَقُولُ أَمّا بَعدُ فَاسمَعُوا وَ تَعَلّمُوا وَ افهَمُوا وَ اعلَمُوا لَيلٌ سَاجٍ وَ نَهَارٌ ضَاحٍ وَ الأَرضُ مِهَادٌ وَ السّمَاءُ بِنَاءٌ وَ الجِبَالُ أَوتَادٌ وَ النّجُومُ أَعلَامٌ وَ الأَوّلُونَ كَالآخِرِينَ


صفحه : 222

وَ الأُنثَي وَ الذّكَرُ زَوجٌ فَصِلُوا أَرحَامَكُم وَ احفَظُوا أَصهَارَكُم وَ ثَمّرُوا أَولَادَكُم فَهَل رَأَيتُم مِن هَالِكٍ رَجَعَ أَو مَيّتٍ نَشَرَ الدّارُ أَمَامَكُم وَ أَظُنّ غَيرَ مَا تَقُولُونَ عَلَيكُم بِحَرَمِكُم زَيّنُوهُ وَ عَظّمُوهُ وَ تَمَسّكُوا بِهِ فسَيَأَتيِ‌ لَهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ وَ سَيَخرُجُ مِنهُ نبَيِ‌ّ كَرِيمٌ ثُمّ يَقُولُ


نَهَارٌ وَ لَيلٌ كُلّ أَوبٍ بِحَادِثٍ   سَوَاءٌ عَلَينَا لَيلُهَا وَ نَهَارُهَا

يَؤُبّانِ بِالأَحدَاثِ حِينَ تَأَوّبَا   وَ مَا لِلفَمِ الضاّفيِ‌ عَلَيهَا سُتُورُهَا

عَلَي غَفلَةٍ يأَتيِ‌ النّبِيّ مُحَمّدٌ   فَيُخبِرُ أَخبَاراً صَدُوقاً خَبِيرُهَا

ثُمّ يَقُولُ وَ اللّهِ لَو كُنتُ فِيهَا لَتَنَصّبتُ فِيهَا تَنَصّبَ الجَمَلِ وَ أَرقَلتُ فِيهَا إِرقَالَ الفَحلِ قَالَ أَهلُ العِلمِ إِنّمَا ذَكَرَ كَعبٌ صِفَةَ النّبِيّص وَ نُبُوّتَهُ مِن صُحُفِ اِبرَاهِيمَ ع

44-د،[العدد القوية]قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] كَانَ تُبّعٌ الأَوّلُ مِن الخَمسَةِ التّيِ‌ كَانَت لَهُمُ الدّنيَا بِأَسرِهَا


صفحه : 223

فَسَارَ فِي الآفَاقِ وَ كَانَ يَختَارُ مِن كُلّ بَلدَةٍ عَشَرَةَ أَنفُسٍ مِن حُكَمَائِهِم فَلَمّا وَصَلَ إِلَي مَكّةَ كَانَ مَعَهُ أَربَعَةُ آلَافِ رَجُلٍ مِنَ العُلَمَاءِ فَلَم يُعَظّمهُ أَهلُ مَكّةَ فَغَضِبَ عَلَيهِم وَ قَالَ لِوَزِيرِهِ عمياريسا فِي ذَلِكَ فَقَالَ الوَزِيرُ إِنّهُم جَاهِلُونَ وَ يُعجَبُونَ بِهَذَا البَيتِ فَعَزَمَ المَلِكُ فِي نَفسِهِ أَن يُخَرّبَهَا وَ يَقتُلَ أَهلَهَا فَأَخَذَهُ اللّهُ بِالصّدَامِ وَ فَتَحَ عَن عَينَيهِ وَ أُذُنَيهِ وَ أَنفِهِ وَ فَمِهِ مَاءً مُنتِناً عَجَزَتِ الأَطِبّاءُ عَنهُ وَ قَالُوا هَذَا أَمرٌ سمَاَويِ‌ّ وَ تَفَرّقُوا فَلَمّا أَمسَي جَاءَ عَالِمٌ إِلَي وَزِيرِهِ وَ أَسَرّ إِلَيهِ إِن صَدَقَ الأَمِيرُ بِنِيّتِهِ عَالَجتُهُ فَاستَأذَنَ الوَزِيرُ لَهُ فَلَمّا خَلَا بِهِ قَالَ لَهُ هَل أَنتَ نَوَيتَ فِي هَذَا البَيتِ أَمراً قَالَ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ العَالِمُ تُب مِن ذَلِكَ وَ لَكَ خَيرُ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ فَقَالَ قَد تُبتُ مِمّا كُنتُ نَوَيتُ فعَوُفيِ‌َ فِي الحَالِ فَآمَنَ بِاللّهِ وَ بِإِبرَاهِيمَ الخَلِيلِ ع وَ خَلَعَ عَلَي الكَعبَةِ سَبعَةَ أَثوَابٍ وَ هُوَ أَوّلُ مَن كَسَا الكَعبَةَ وَ خَرَجَ إِلَي يَثرِبَ وَ يَثرِبُ هيِ‌َ أَرضٌ فِيهَا عَينُ مَاءٍ فَاعتَزَلَ مِن بَينِ أَربَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ عَالِمٍ أَربَعُمِائَةِ رَجُلٍ عَالِمٍ عَلَي أَنّهُم يَسكُنُونَ فِيهَا وَ جَاءُوا إِلَي بَابِ المَلِكِ وَ قَالُوا إِنّا خَرَجنَا مِن بُلدَانِنَا وَ طُفنَا مَعَ المَلِكِ زَمَاناً وَ جِئنَا إِلَي هَذَا المَكَانِ وَ نُرِيدُ المُقَامَ إِلَي أَن نَمُوتَ فِيهِ فَقَالَ الوَزِيرُ مَا الحِكمَةُ فِي ذَلِكَ قَالُوا اعلَم أَيّهَا الوَزِيرُ أَنّ شَرَفَ هَذَا البَيتِ بِشَرَفِ مُحَمّدٍ صَاحِبِ القُرآنِ وَ القِبلَةِ وَ اللّوَاءِ وَ المِنبَرِ مَولِدُهُ بِمَكّةَ وَ هِجرَتُهُ إِلَي هَاهُنَا إِنّا عَلَي رَجَاءِ أَن نُدرِكَهُ أَو تُدرِكَهُ أَولَادُنَا فَلَمّا سَمِعَ المَلِكُ ذَلِكَ تَفَكّرَ أَن يُقِيمَ مَعَهُم سَنَةً رَجَاءَ أَن يُدرِكَ مُحَمّداًص وَ أَمَرَ أَن يَبنُوا أَربَعَ مِائَةِ دَارٍ لِكُلّ وَاحِدٍ دَارٌ وَ زَوّجَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم بِجَارِيَةٍ مُعتَقَةٍ وَ أَعطَي لِكُلّ وَاحِدٍ مِنهُم مَالًا جَزِيلًا

بيان قال الفيروزآبادي‌ّ الصّدام ككتاب داء في رءوس الدوابّ

45-د،[العدد القوية]قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]رَوَي ابنُ بَابَوَيهِ فِي كِتَابِ النّبُوّةِ أَنّهُ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ تُبّعاً قَالَ لِلأَوسِ وَ الخَزرَجِ كُونُوا هَاهُنَا حَتّي يَخرُجَ هَذَا النّبِيّ أَمّا أَنَا لَو أَدرَكتُهُ لَخَدَمتُهُ وَ لَخَرَجتُ مَعَهُ وَ روُيِ‌َ أَنّهُ قَالَ


قَالُوا بِمَكّةَ بَيتُ مَالٍ دَاثِرٍ   وَ كُنُوزُهُ مِن لُؤلُؤٍ وَ زَبَرجَدٍ

بَادَرتُ أَمراً حَالَ ربَيّ‌ دُونَهُ   وَ اللّهُ يَدفَعُ عَن خَرَابِ المَسجِدِ

فَتَرَكتُ فِيهِ مِن رجِاَليِ‌ عُصبَةً   نُجَبَاءَ ذوَيِ‌ حَسَبٍ وَ رَبّ مُحَمّدٍ

صفحه : 224

وَ كَتَبَ كِتَاباً إِلَي النّبِيّص يَذكُرُ فِيهِ إِيمَانَهُ وَ إِسلَامَهُ وَ أَنّهُ مِن أُمّتِهِ فَليَجعَلهُ تَحتَ شَفَاعَتِهِ وَ عُنوَانُ الكِتَابِ إِلَي مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ خَاتَمِ النّبِيّينَ وَ رَسُولِ رَبّ العَالَمِينَ مِن تُبّعٍ الأَوّلِ وَ دَفَعَ الكِتَابَ إِلَي العَالِمِ ألّذِي نَصَحَ لَهُ وَ صَارَ حَتّي مَاتَ بِغلسان بَلَدٍ مِن بِلَادِ الهِندِ وَ كَانَ بَينَ مَوتِهِ وَ مَولِدِ النّبِيّص أَلفُ سَنَةٍ ثُمّ إِنّ النّبِيّ لَمّا بُعِثَ وَ آمَنَ بِهِ أَكثَرُ أَهلِ المَدِينَةِ أَنفَذُوا الكِتَابَ إِلَيهِ عَلَي يَدِ أَبِي لَيلَي فَوَجَدَ النّبِيّص فِي قَبِيلَةِ بنَيِ‌ سُلَيمٍ فَعَرَفَهُ رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ لَهُ أَنتَ أَبُو لَيلَي قَالَ نَعَم قَالَ وَ مَعَكَ كِتَابُ تُبّعٍ الأَوّلِ فَتَحَيّرَ الرّجُلُ فَقَالَ هَاتِ الكِتَابَ فَأَخرَجَهُ وَ دَفَعَهُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص فَدَفَعَهُ النّبِيّ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَرَأَهُ عَلَيهِ فَلَمّا سَمِعَ النّبِيّص كَلَامَ تُبّعٍ قَالَ مَرحَباً بِالأَخِ الصّالِحِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ وَ أَمَرَ أَبَا لَيلَي بِالرّجُوعِ إِلَي المَدِينَةِ

46-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] أَبُو بَكرٍ البيَهقَيِ‌ّ فِي دَلَائِلِ النّبُوّةِ أَنّهُ قَالَ قَالَ رَاهِبٌ لِطَلحَةَ فِي سُوقِ بُصرَي هَل ظَهَرَ أَحمَدُ فَهَذَا شَهرُهُ ألّذِي يَظهَرُ فِيهِ فِي كَلَامٍ لَهُ وَ قَالَ عَفكَلَانُ الحمِيرَيِ‌ّ لِعَبدِ الرّحمَنِ بنِ عَوفٍ أَ لَا أُبَشّرُكَ بِبِشَارَةٍ وَ هيِ‌َ خَيرٌ لَكَ مِنَ التّجَارَةِ أُنَبّئُكَ بِالمُعَجّبَةِ وَ أُبَشّرُكَ بِالمُرَغّبَةِ إِنّ اللّهَ قَد بَعَثَ فِي الشّهرِ الأَوّلِ مِن قَومِكَ نَبِيّاً ارتَضَاهُ وَ صَفِيّاً أَنزَلَ عَلَيهِ كِتَاباً جَعَلَ لَهُ ثَوَاباً يَنهَي عَنِ الأَصنَامِ وَ يَدعُو إِلَي الإِسلَامِ أَخِفّ الوَقفَةَ وَ عَجّلِ الرّجعَةَ وَ كَتَبَ إِلَي النّبِيّص


أَشهَدُ بِاللّهِ رَبّ مُوسَي   أَنّكَ أُرسِلتَ بِالبِطَاحِ

فَكُن شفَيِعيِ‌ إِلَي مَلِيكٍ   يَدعُو البَرَايَا إِلَي الفَلَاحِ

فَلَمّا دَخَلَ عَلَي النّبِيّص قَالَ أَ حَمَلتَ إلِيَ‌ّ وَدِيعَةً أَم أَرسَلَكَ إلِيَ‌ّ مُرسِلٌ بِرِسَالَةٍ فَهَاتِهَا وَ بَشّرَ أَوسُ بنُ حَارِثَةَ بنِ ثَعلَبَةَ قَبلَ مَبعَثِهِ بِثَلَاثِمِائَةِ عَامٍ وَ أَوصَي أَهلَهُ بِاتّبَاعِهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَ هُوَ القَائِلُ


إِذَا بُعِثَ المَبعُوثُ مِن آلِ غَالِبٍ   بِمَكّةَ فِيمَا بَينَ زَمزَمَ وَ الحَجَرِ

صفحه : 225


هُنَالِكَ فَاشرُوا نَصرَهُ بِبِلَادِكُم   بنَيِ‌ عَامِرٍ إِنّ السّعَادَةَ فِي النّصرِ

وَ فِيهِ يَقُولُ النّبِيّص رَحِمَ اللّهُ أَوساً مَاتَ فِي الحَنِيفِيّةِ وَ حَثّ عَلَي نُصرَتِنَا فِي الجَاهِلِيّةِ

د،[العدد القوية] وبشر أوس بن حارثة وذكر نحوه

47-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] ذَكَرَ الماَورَديِ‌ّ أَنّ عَبدَ المُطّلِبِ رَأَي فِي مَنَامِهِ كَأَنّهُ خَرَجَ مِن ظَهرِهِ سِلسِلَةٌ بَيضَاءُ لَهَا أَربَعَةُ أَطرَافٍ طَرَفٌ قَد أَخَذَ المَغرِبَ وَ طَرَفٌ أَخَذَ المَشرِقَ وَ طَرَفٌ لَحِقَ بِأَعنَانِ السّمَاءِ وَ طَرَفٌ لَحِقَ بِثَرَي الأَرضِ فَبَينَمَا هُوَ يَتَعَجّبُ إِذِ التَفّتِ الأَنوَارُ فَصَارَت شَجَرَةً خَضرَاءَ مُجتَمِعَةَ الأَغصَانِ مُتَدَلّيَةَ الأَثمَارِ كَثِيرَةَ الأَورَاقِ قَد أَخَذَ أَغصَانُهَا أَقطَارَ الأَرضِ فِي الطّولِ وَ العَرضِ وَ لَهَا نُورٌ قَد أَخَذَ الخَافِقَينِ وَ كأَنَيّ‌ قَد جَلَستُ تَحتَ الشّجَرَةِ وَ بإِزِاَئيِ‌ شَخصَانِ بَهِيّانِ وَ هُمَا نُوحٌ وَ اِبرَاهِيمُ ع قَدِ استَظَلّا بِهِ فَقَصّ ذَلِكَ عَلَي كَاهِنٍ فَفَسّرَهُ بِوِلَادَةِ النّبِيّص

48-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]المُفَسّرُونَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ فِي قَولِهِلِإِيلافِ قُرَيشٍ أَنّهُ كَانَت لَهُم فِي كُلّ سَنَةٍ رِحلَتَانِ بِاليَمَنِ وَ الشّامِ فَكَانَ مِن وِقَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنّهُ عَزَمَ عَلَي الخُرُوجِ فِي رَكبٍ مِن قُرَيشٍ إِلَي الشّامِ تَاجِراً سَنَةَ ثَمَانٍ مِن مَولِدِهِ أَخَذَ النّبِيّص بِزِمَامِ نَاقَتِهِ وَ قَالَ يَا عَمّ عَلَي مَن تخُلَفّنُيِ‌ وَ لَا أَبٌ لِي وَ لَا أُمّ وَ كَانَ قِيلَ لِي[ لَهُ] مَا يَفعَلُ بِهِ فِي هَذَا الحَرّ وَ هُوَ غُلَامٌ صَغِيرٌ فَقَالَ وَ اللّهِ لَأَخرُجَنّ بِهِ وَ لَا أُفَارِقُهُ أَبَداً

49-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِهِوَ كانُوا مِن قَبلُ يَستَفتِحُونَ عَلَي الّذِينَ كَفَرُوا فَقَالَ كَانَتِ اليَهُودُ تَجِدُ فِي كُتُبِهَا أَنّ مُهَاجَرَ مُحَمّدٍص


صفحه : 226

مَا بَينَ عَيرٍ وَ أُحُدٍ فَخَرَجُوا يَطلُبُونَ المَوضِعَ فَمَرّوا بِجَبَلٍ تُسَمّي حداد[حَدَداً]فَقَالُوا حداد[حَدَدٌ] وَ أُحُدٌ سَوَاءٌ فَتَفَرّقُوا عِندَهُ فَنَزَلَ بَعضُهُم بِفَدَكَ وَ بَعضُهُم بِخَيبَرَ وَ بَعضُهُم بِتَيمَاءَ فَاشتَاقَ الّذِينَ بِتَيمَاءَ إِلَي بَعضِ إِخوَانِهِم فَمَرّ بِهِم أعَراَبيِ‌ّ مِن قَيسٍ فَتَكَارَوا مِنهُ وَ قَالَ لَهُم أَمُرّ بِكُم مَا بَينَ عَيرٍ وَ أُحُدٍ فَقَالُوا لَهُ إِذَا مَرَرتَ بِهِمَا فَأَرِنّاهُمَا فَلَمّا تَوَسّطَ بِهِم أَرضُ المَدِينَةِ قَالَ لَهُم ذَاكَ عَيرٌ وَ هَذَا أُحُدٌ فَنَزَلُوا عَن ظَهرِ إِبِلِهِ فَقَالُوا لَهُ قَد أَصَبنَا بُغيَتَنَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ فَاذهَب حَيثُ شِئتَ وَ كَتَبُوا إِلَي إِخوَانِهِمُ الّذِينَ بِفَدَكَ وَ خَيبَرَ أَنّا قَد أَصَبنَا المَوضِعَ فَهَلُمّوا إِلَينَا فَكَتَبُوا إِلَيهِم أَنّا قَدِ استَقَرّت بِنَا الدّارُ وَ اتّخَذنَا الأَموَالَ وَ مَا أَقرَبَنَا مِنكُم وَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمَا أَسرَعَنَا إِلَيكُم فَاتّخَذُوا بِأَرضِ المَدِينَةِ الأَموَالَ فَلَمّا كَثُرَت أَموَالُهُم بَلَغَ تُبّعَ فَغَزَاهُم فَتَحَصّنُوا مِنهُ فَحَاصَرَهُم وَ كَانُوا يَرِقّونَ لِضُعَفَاءِ أَصحَابِ تُبّعٍ فَيُلقُونَ إِلَيهِم بِاللّيلِ التّمرَ وَ الشّعِيرَ فَبَلَغَ ذَلِكَ تُبّعَ فَرَقّ لَهُم وَ آمَنَهُم فَنَزَلُوا إِلَيهِ فَقَالَ لَهُم إنِيّ‌ قَدِ استَطَبتُ بِلَادَكُم وَ لَا أرَاَنيِ‌ إِلّا مُقِيماً فِيكُم فَقَالُوا لَهُ إِنّهُ لَيسَ ذَلِكَ لَكَ إِنّهَا مُهَاجَرُ نبَيِ‌ّ وَ لَيسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ حَتّي يَكُونَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُم فإَنِيّ‌ مُخَلّفٌ فِيكُم مِن أسُرتَيِ‌ مَن إِذَا كَانَ ذَلِكَ سَاعَدَهُ وَ نَصَرَهُ فَخَلّفَ فِيهِم حِينَ بَوّأَهُمُ الأَوسَ وَ الخَزرَجَ فَلَمّا كَثُرُوا بِهَا كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ أَموَالَ اليَهُودِ فَكَانَتِ اليَهُودُ يَقُولُ لَهُم أَمَا لَو بُعِثَ مُحَمّدٌ لَنُخرِجَنّكُم مِن دِيَارِنَا وَ أَموَالِنَا فَلَمّا بَعَثَ اللّهُ مُحَمّداً ع آمَنَت بِهِ الأَنصَارُ وَ كَفَرَت بِهِ اليَهُودُ وَ هُوَ قَولُ اللّهِ


صفحه : 227

وَ كانُوا مِن قَبلُ يَستَفتِحُونَ عَلَي الّذِينَ كَفَرُوا إِلَيفَلَعنَةُ اللّهِ عَلَي الكافِرِينَ

كا،[الكافي‌] محمد بن يحيي عن ابن عيسي عن الأهوازي‌ عن النضر عن زرعة عن أبي بصير مثله

50-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ قَولُهُيَجِدُونَهُيعَنيِ‌ اليَهُودَ وَ النّصَارَي صِفَةَ مُحَمّدٍ وَ اسمَهُمَكتُوباً عِندَهُم فِي التّوراةِ وَ الإِنجِيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعرُوفِ وَ يَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ

51-جا،[المجالس للمفيد] الحُسَينُ بنُ مُحَمّدٍ التّمّارُ عَن مُحَمّدِ بنِ القَاسِمِ الأنَباَريِ‌ّ عَن حُمَيدِ بنِ مُحَمّدِ بنِ حُمَيدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ نُعَيمٍ العبَديِ‌ّ عَن أَبِي عَلِيّ الروّاّسيِ‌ّ عَبدِ اللّهِ عَن عُبَيدِ بنِ سُمَيعٍ عَنِ الكلَبيِ‌ّ عَن أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ لَمّا قَدِمَ عَلَي النّبِيّص وَفدُ إِيَادٍ قَالَ لَهُم مَا فَعَلَ قُسّ بنُ سَاعِدَةَ كأَنَيّ‌ أَنظُرُ إِلَيهِ بِسُوقِ عُكَاظٍ عَلَي جَمَلٍ أَورَقَ وَ هُوَ يَتَكَلّمُ بِكَلَامٍ عَلَيهِ حَلَاوَةٌ مَا أجَدِنُيِ‌ أَحفَظُهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ أَنَا أَحفَظُهُ يَا رَسُولَ اللّهِ سَمِعتُهُ وَ هُوَ يَقُولُ بِسُوقِ عُكَاظٍ أَيّهَا النّاسُ اسمَعُوا وَ عُوا وَ احفَظُوا مَن عَاشَ مَاتَ وَ مَن مَاتَ فَاتَ وَ كُلّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ لَيلٌ دَاجٍ وَ سَمَاءٌ ذَاتُ أَبرَاجٍ وَ بِحَارٌ تُرَجرِجُ وَ نُجُومٌ تَزهَرُ وَ مَطَرٌ وَ نَبَاتٌ وَ آبَاءٌ وَ أُمّهَاتٌ وَ ذَاهِبٌ وَ آتٍ وَ ضَوءٌ وَ ظَلَامٌ وَ بِرّ وَ أَثَامٌ وَ لِبَاسٌ وَ رِيَاشٌ وَ مَركَبٌ وَ مَطعَمٌ وَ مَشرَبٌ إِنّ فِي السّمَاءِ لَخَبَراً وَ إِنّ فِي الأَرضِ لَعِبَراً مَا لِي أَرَي النّاسَ يَذهَبُونَ وَ لَا يَرجِعُونَ أَ رَضُوا بِالمُقَامِ هُنَاكَ فَأَقَامُوا أَم تَرَكُوا فَنَامُوا يُقسِمُ بِاللّهِ قُسّ بنُ سَاعِدَةَ قَسَماً بِرّاً لَا إِثمَ فِيهِ مَا لِلّهِ عَلَي الأَرضِ دِينٌ أَحَبّ إِلَيهِ مِن دِينٍ


صفحه : 228

قَد أَظَلّكُم زَمَانُهُ وَ أَدرَكَكُم أَوَانُهُ طُوبَي لِمَن أَدرَكَ صَاحِبَهُ فَبَايَعَهُ وَ وَيلٌ لِمَن أَدرَكَهُ فَفَارَقَهُ ثُمّ أَنشَأَ يَقُولُ


فِي الذّاهِبِينَ الأَوّلِينَ مِنَ القُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ   لَمّا رَأَيتُ مَوَارِداً لِلمَوتِ لَيسَ لَهَا مَصَادِرُ

وَ رَأَيتُ قوَميِ‌ نَحوَهَا يمَضيِ‌ الأَصَاغِرُ وَ الأَكَابِرُ   لَا يَرجِعُ الماَضيِ‌ إِلَيكَ وَ لَا مِنَ المَاضِينَ غَابِرٌ

  َيقَنتُ أنَيّ‌ لَا مَحَالَةَ حَيثُ صَارَ القَومُ صَائِرٌ

فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص يَرحَمُ اللّهُ قُسّ بنَ سَاعِدَةَ إنِيّ‌ لَأَرجُو أَن يأَتيِ‌َ يَومَ القِيَامَةِ أُمّةً وَحدَهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ يَا رَسُولَ اللّهِ لَقَد رَأَيتُ مِن قُسّ عَجَباً قَالَ وَ مَا ألّذِي رَأَيتَ قَالَ بَينَمَا أَنَا يَوماً بِجَبَلٍ فِي نَاحِيَتِنَا يُقَالُ لَهُ سِمعَانُ فِي يَومٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الحَرّ إِذَا أَنَا بِقُسّ بنِ سَاعِدَةَ فِي ظِلّ شَجَرَةٍ عِندَهَا عَينُ مَاءٍ وَ إِذَا حَوَالَيهِ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ وَ قَد وَرَدَت حَتّي تَشرَبَ مِنَ المَاءِ وَ إِذَا زَأَرَ سَبُعٌ مِنهَا عَلَي صَاحِبِهِ ضَرَبَهُ بِيَدِهِ وَ قَالَ كُفّ حَتّي يَشرَبَ ألّذِي وَرَدَ قَبلَكَ فَلَمّا رَأَيتُهُ وَ مَا حَولَهُ مِنَ السّبَاعِ هاَلنَيِ‌ ذَلِكَ وَ دخَلَنَيِ‌ رُعبٌ شَدِيدٌ فَقَالَ لِي لَا بَأسَ عَلَيكَ لَا تَخَف إِن شَاءَ اللّهُ وَ إِذَا أَنَا بِقَبرَينِ بَينَهُمَا مَسجِدٌ فَلَمّا آنَستُ بِهِ قُلتُ مَا هَذَانِ القَبرَانِ قَالَ قَبرُ أَخَوَينِ كَانَا لِي يَعبُدَانِ اللّهَ فِي هَذَا المَوضِعِ معَيِ‌ فَمَاتَا فَدَفَنتُهُمَا فِي هَذَا المَوضِعِ وَ اتّخَذتُ فِيمَا بَينَهُمَا مَسجِداً أَعبُدُ اللّهَ فِيهِ حَتّي أُلحَقَ بِهِمَا ثُمّ ذَكَرَ أَيّامَهُمَا وَ فِعَالَهُمَا فَبَكَي ثُمّ قَالَ


خلَيِليَ‌ّ هَبّا طَالَ مَا قَد رَقَدتُمَا   أَجِدُكُمَا لَا تَقضِيَانِ كَرَاكُمَا

أَ لَم تَعلَمَا أنَيّ‌ بِسِمعَانَ مُفرَدٌ   وَ مَا لِي بِهَا مِمّن حَبَبتُ سِوَاكُمَا

أُقِيمُ عَلَي قَبرَيكُمَا لَستُ بَارِحاً   طِوَالَ الليّاَليِ‌ أَو يُجِيبَ صَدَاكُمَا

أَبكِيكُمَا طُولَ الحَيَاةِ وَ مَا ألّذِي   يَرُدّ عَلَي ذيِ‌ عَولَةٍ إِن بَكَاكُمَا

كَأَنّكُمَا وَ المَوتَ أَقرَبُ غَايَةٍ   برِوُحيِ‌ فِي قبَريِ‌ كَمَا قَد أَتَاكُمَا

صفحه : 229


فَلَو جُعِلَت نَفسٌ لِنَفسٍ وِقَايَةً   لَجُدتُ بنِفَسيِ‌ أَن أَكُونَ فِدَاكُمَا

بيان قوله ص ماأجدني‌ لعله كان في الأصل ماأجودني‌ فصحّف ويحتمل أن يكون قال ذلك علي جهة المصلحة ليسمع الناس من القوم والزئير صوت الأسد من صدره و قدزأر كضرب ومنع وسمع والهبّ الانتباه من النوم ونشاط كل سائر وسرعته والكري النوم . و قال الجوهري‌ الصدي ألذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها يقال صمّ صداه وأصمّ الله صداه أي أهلكه لأن الرجل إذامات لم يسمع الصدي منه شيئا فيجيبه . و قال الفيروزآبادي‌ الصدي الجسد من الآدمي‌ بعدموته وطائر يخرج من رأس المقتول إذابلي‌ بزعم الجاهلية انتهي و ما في البيت يحتمل المعنيين و علي التقديرين أوبمعني إلي أن أي أقيم علي قبريكما إلي أن تحييا وتجيباني‌

52-نجم ،[ كتاب النجوم ]وَجَدتُ فِي كِتَابِ دُرّةِ الإِكلِيلِ تَألِيفِ مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ عَمرِو بنِ حُسَينٍ القطَيِعيِ‌ّ فِي الجُزءِ الثّالِثِ مِنهُ عِندَ قَولِهِ مَفَارِيدُ الأَسمَاءِ عَلَي التّقيِيدِ فَذَكَرَ فِي تَرجَمَةِ عَبدِ الأَوّلِ بنِ عِيسَي بنِ شُعَيبِ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ الشجّرَيِ‌ّ الأَصلِ الهرَوَيِ‌ّ المَولِدِ الصوّفيِ‌ّ الشّيخِ الثّقَةِ أَبِي الوَقتِ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ حَدِيثَ دَلَالَةِ النّجُومِ عِندَ هِرَقلَ مَلِكِ الرّومِ عَلَي نُبُوّةِ نَبِيّنَا مُحَمّدٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ عَلَي آلِهِ وَ الحَدِيثُ طَوِيلٌ يَتَضَمّنُ سُؤَالَ هِرَقلَ لِبَعضِ قُرَيشٍ


صفحه : 230

عَن صِفَاتِ النّبِيّص وَ لَفظَ كِتَابِ النّبِيّص إِلَي هِرَقلَ ثُمّ قَالَ مَا هَذَا لَفظُهُ وَ كَانَ ابنُ النّاطُورِ صَاحِبَ إِيلِيَا وَ هِرَقلُ أُسقُفّاً عَلَي نَصَارَي الشّامِ يُحَدّثُ أَنّ هِرَقلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَا أَصبَحَ يَوماً خَبِيثَ النّفسِ فَقَالَ بَعضُ بَطَارِقَتِهِ قَدِ استَنكَرنَا هَيئَتَكَ قَالَ ابنُ النّاطُورِ وَ كَانَ هِرَقلُ جَيّداً يَنظُرُ فِي النّجُومِ فَقَالَ لَهُم حِينَ سَأَلُوهُ إنِيّ‌ رَأَيتُ اللّيلَةَ حِينَ نَظَرتُ مَلِكٌ[مَلِكاً] قَد ظَهَرَ مِن مُختَتِنِ هَذِهِ الأُمّةِ قَالُوا لَيسَ مُختَتِنٌ إِلّا اليَهُودَ فَلَا يُهِمّنّكَ شَأنُهُم وَ اكتُب إِلَي مَدَائِنِ مُلكِكَ يَقتُلُونَ مَن بِهِم[ فِيهَا] مِنَ اليَهُودِ فَبَينَا هُم عَلَي أَمرِهِم إِذ أتُيِ‌َ هِرَقلُ بِرَجُلٍ أَرسَلَ إِلَيهِ مَلِكُ غَسّانَ يُخبِرُ عَن رَسُولِ اللّهِص فَلَمّا استَخبَرَهُ هِرَقلُ قَالَ اذهَبُوا فَانظُرُوا أَ مُختَتِنٌ هُوَ أَم لَا فَنَظَرُوا فَحَدّثُوهُ أَنّهُ مُختَتِنٌ وَ سَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ فَقَالَ هُم يَختَتِنُونَ فَقَالَ هِرَقلُ هَذَا مَلِكُ هَذِهِ الأُمّةِ قَد ظَهَرَ ثُمّ كَتَبَ إِلَي صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيّةٍ وَ كَانَ نَظِيرَهُ فِي العِلمِ وَ سَارَ هِرَقلُ إِلَي حِمصَ فَلَم يَرِم حِمصَ حَتّي أَتَاهُ كِتَابٌ مِن صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رأَي‌َ هِرَقلَ عَلَي خُرُوجِ النّبِيّص أَنّهُ نبَيِ‌ّ فَأَذِنَ هِرَقلُ لِعُظَمَاءِ الرّومِ فِي دَسكَرَةٍ لَهُ بِحِمصَ ثُمّ أَمَرَ بِأَبوَابِهَا فَغُلّقَت ثُمّ أَطلَعَ فَقَالَ يَا مَعشَرَ الرّومِ هَل لَكُم فِي الفَلَاحِ وَ الرّشدِ وَ أَن يَثبُتَ مُلكُكُم فَبَايِعُوا هَذَا الرّجُلَ


صفحه : 231

فَحَاصُوا حَيصَةَ حُمُرِ الوَحشِ إِلَي الأَبوَابِ فَوَجَدُوهَا قَد غُلّقَت فَلَمّا رَأَي هِرَقلُ نَفرَتَهُم وَ آيَسَ مِنَ الإِيمَانِ قَالَ رُدّوهُم عَلَيّ وَ قَالَ إنِيّ‌ قُلتُ مقَاَلتَيِ‌ آنِفاً أَختَبِرُ بِهَا شِدّتَكُم عَلَي دِينِكُم وَ قَد رَأَيتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَ رَضُوا عَنهُ فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأنِ هِرَقلَ

بيان قوله فلم يرم حمص أي لم يبرحه و لم يزل عنه من رام يريم والدسكرة القرية والصومعة وحاص عنه يحيص حيصا وحيصة عدل وحاد

53-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن إِسحَاقَ بنِ عَمّارٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيوَ كانُوا مِن قَبلُ يَستَفتِحُونَ عَلَي الّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهُم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ قَالَ كَانَ قَومٌ فِيمَا بَينَ مُحَمّدٍص وَ عِيسَي ع وَ كَانُوا يَتَوَعّدُونَ أَهلَ الأَصنَامِ باِلنبّيِ‌ّص وَ يَقُولُونَ لَيَخرُجَنّ نبَيِ‌ّ فَلَيُكَسّرَنّ أَصنَامَكُم وَ لَيَفعَلَنّ بِكُم وَ لَيَفعَلَنّ فَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص كَفَرُوا بِهِ

54-د،[العدد القوية] البَشَائِرُ بِهِ مِن ذَلِكَ بَشَائِرُ مُوسَي فِي السّفرِ الأَوّلِ وَ بَشَائِرُ اِبرَاهِيمَ ع فِي السّفرِ الثاّنيِ‌ وَ فِي السّفرِ الخَامِسَ عَشَرَ وَ فِي الثّالِثِ وَ الخَمسِينَ مِن مَزَامِيرِ دَاوُدَ ع وَ بَشَائِرُ عويديا وَ حَيقُوقَ وَ حِزقِيلَ وَ دَانِيَالَ وَ شَعيَا وَ قَالَ دَاوُدُ فِي زَبُورِهِ أللّهُمّ ابعَث مُقِيمَ السّنّةِ بَعدَ الفَترَةِ

وَ قَالَ عِيسَي ع فِي الإِنجِيلِ إِنّ البِرّ ذَاهِبٌ وَ البَارَقَلِيطَا جاَئيِ‌ٌ[جَاءٍ] مِن بَعدِهِ وَ هُوَ يُخَفّفُ الآصَارَ وَ يُفَسّرُ كُلّ شَيءٍ وَ يَشهَدُ لِي كَمَا شَهِدتُ لَهُ أَنَا جِئتُكُم بِالأَمثَالِ


صفحه : 232

وَ هُوَ يَأتِيكُم بِالتّأوِيلِ

55-كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ، قَالَذَكَرَ الرّوَاةُ مِن أَهلِ العِلمِ أَنّ رَبِيعَةَ بنَ نَصرٍ رَأَي رُؤيَا هَالَتهُ فَبَعَثَ فِي أَهلِ مَملَكَتِهِ فَلَم يَدَع كَاهِناً وَ لَا سَاحِراً وَ لَا قَائِفاً وَ لَا مُنَجّماً إِلّا أَحضَرَهُ إِلَيهِ فَلَمّا جَمَعَهُم قَالَ لَهُم إنِيّ‌ قَد رَأَيتُ رُؤيَا هاَلتَنيِ‌ فأَخَبرِوُنيِ‌ بِتَأوِيلِهَا قَالُوا اقصُصهَا عَلَينَا لِنُخبِرَكَ بِتَأوِيلِهَا قَالَ إنِيّ‌ إِن أَخبَرتُكُم بِهَا لَم أَطمَئِنّ إِلَي خَبَرِكُم عَن تَأوِيلِهَا إِنّهُ لَا يَعرِفُ تَأوِيلَهَا إِلّا مَن يَعرِفُهَا قَبلَ أَن أُخبِرَهُ بِهَا فَلَمّا قَالَ لَهُم ذَلِكَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ إِن كَانَ المَلِكُ يُرِيدُ هَذَا فَليَبعَث إِلَي سَطِيحٍ وَ شِقّ فَإِنّهُ لَيسَ أَحَدٌ أَعلَمَ مِنهُمَا فَهُمَا يُخبِرَانِكَ بِمَا سَأَلتَ فَلَمّا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيهِمَا فَقَدِمَ عَلَيهِ سَطِيحٌ قَبلَ شِقّ وَ لَم يَكُن فِي زَمَانِهِمَا مِثلُهُمَا مِنَ الكُهّانِ فَلَمّا قَدِمَ عَلَيهِ سَطِيحٌ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا سَطِيحُ إنِيّ‌ قَد رَأَيتُ رُؤيَا هاَلتَنيِ‌ وَ فَظِعتُ بِهَا فأَخَبرِنيِ‌ بِهَا فَإِنّكَ إِن أَصَبتَهَا أَصَبتَ تَأوِيلَهَا قَالَ أَفعَلُ رَأَيتَ جُمجُمَةً خَرَجَت مِن ظُلمَةٍ فَوَقَعَت بِأَرضِ تَهِمَةٍ فَأَكَلَت مِنهَا كُلّ ذَاتِ جُمجُمَةٍ قَالَ لَهُ المَلِكُ مَا أَخطَأتَ مِنهَا شَيئاً يَا سَطِيحُ فَمَا عِندَكَ فِي تَأوِيلِهَا فَقَالَ أَحلِفُ بِمَا بَينَ الحَرّتَينِ مِن حَنَشٍ لَيَهبِطَنّ أَرضَكُمُ الحَبَشُ فَلَيَملِكَنّ مَا بَينَ أَنِينٍ إِلَي جَرَشٍ قَالَ لَهُ المَلِكُ وَ أَبِيكَ يَا سَطِيحُ إِنّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ فَمَتَي هُوَ كَائِنٌ يَا سَطِيحُ أَ فِي زمَاَنيِ‌ أَم بَعدَهُ قَالَ


صفحه : 233

لَا بَل بَعدَهُ بِحِينٍ أَكثَرَ مِن سِتّينَ أَو سَبعِينَ يَمضِينَ مِنَ السّنِينَ ثُمّ يُقتَلُونَ بِهَا أَجمَعُونَ وَ يُخرِجُونَ مِنهَا هَارِبِينَ قَالَ المَلِكُ مَن ذَا ألّذِي يلَيِ‌ ذَلِكَ مِن قَتلِهِم وَ إِخرَاجِهِم قَالَ يَلِيهِ إِرَمُ ذيِ‌ يَزَنَ يَخرُجُ عَلَيهِم مِن عَدَنٍ فَلَا يَترُكُ مِنهُم أَحَداً بِاليَمَنِ قَالَ أَ فَيَدُومُ ذَلِكَ مِن سُلطَانِهِ أَو يَنقَطِعُ قَالَ بَل يَنقَطِعُ قَالَ وَ مَن يَقطَعُهُ قَالَ نبَيِ‌ّ زكَيِ‌ّ يَأتِيهِ الوحَي‌ُ مِن قِبَلِ العلَيِ‌ّ قَالَ وَ مِمّن هَذَا النّبِيّ قَالَ رَجُلٌ مِن وُلدِ غَالِبِ بنِ فِهرِ بنِ مَالِكِ بنِ النّضرِ يَكُونُ المُلكُ فِي قَومِهِ إِلَي آخِرِ الدّهرِ قَالَ وَ هَل لِلدّهرِ يَا سَطِيحُ مِن آخِرٍ قَالَ نَعَم يَومَ يُجمَعُ فِيهِ الأَوّلُونَ وَ الآخِرُونَ وَ يَسعَدُ فِيهِ المُحسِنُونَ وَ يَشقَي فِيهِ المُسِيئُونَ قَالَ أَ حَقّ مَا تُخبِرُنَا يَا سَطِيحُ قَالَ نَعَم وَ الشّفَقِ وَ الفَلَقِ وَ اللّيلِ إِذَا اتّسَقَ إِنّ مَا أَنبَأتُكَ بِهِ لَحَقّ فَلَمّا فَرَغَ قَدِمَ عَلَيهِ شِقّ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا شِقّ إنِيّ‌ رَأَيتُ رُؤيَا هاَلتَنيِ‌ وَ فَظِعتُ بِهَا فأَخَبرِنيِ‌ عَنهَا فَإِنّكَ إِن أَصَبتَهَا أَصَبتَ تَأوِيلَهَا كَمَا قَالَ لِسَطِيحٍ وَ قَد كَتَمَهُ مَا قَالَ سَطِيحٌ لِيَنظُرَ أَ يَتّفِقَانِ أَم يَختَلِفَانِ قَالَ نَعَم رَأَيتَ جُمجُمَةً خَرَجَت مِن ظُلمَةٍ فَوَقَعَت بَينَ رَوضَةٍ وَ أَكَمَةٍ فَأَكَلَت مِنهَا كُلّ ذَاتِ نَسَمَةٍ قَالَ لَهُ المَلِكُ مَا أَخطَأتَ مِنهَا فَمَا عِندَكَ فِي تَأوِيلِهَا قَالَ أَحلِفُ بِمَا بَينَ الحَرّتَينِ مِن إِنسَانٍ لَيَنزِلَنّ أَرضَكُمُ الحُبشَانُ فَلَيَغلِبَنّ عَلَي كُلّ طَفلَةِ البَنَانِ وَ لَيَملِكَنّ مَا بَينَ أَنِينٍ إِلَي نَجرَانَ فَقَالَ لَهُ المَلِكُ وَ أَبِيكَ إِنّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ فَمَتَي كَائِنٌ أَ فِي زمَاَنيِ‌ أَم بَعدَهُ قَالَ بَعدَهُ بِزَمَانٍ ثُمّ يَستَنقِذُكُم مِنهُم عَظِيمُ الشّأنِ وَ يُذِيقُهُم أَشَدّ الهَوَانِ قَالَ وَ مَن هَذَا العَظِيمُ الشّأنِ قَالَ غُلَامٌ لَيسَ بدِنَيِ‌ّ وَ لَا مُدَنّ يَخرُجُ مِن بَيتِ ذيِ‌ يَزَنَ قَالَ فَهَل يَدُومُ سُلطَانُهُ أَو يَنقَطِعُ


صفحه : 234

قَالَ بَل يَنقَطِعُ بِرَسُولٍ مُرسَلٌ يأَتيِ‌ بِالحَقّ وَ العَدلِ بَينَ أَهلِ الدّينِ وَ الفَضلِ يَكُونُ المُلكُ فِي قَومِهِ إِلَي يَومِ الفَصلِ قَالَ وَ مَا يَومُ الفَصلِ قَالَ يَومٌ يُجزَي فِيهِ الوُلَاةُ يُدعَي فِيهِ مِنَ السّمَاءِ بِدَعَوَاتٍ يَسمَعُ مِنهَا الأَحيَاءُ وَ الأَموَاتُ وَ يُجمَعُ النّاسُ لِلمِيقَاتِ يَكُونُ فِيهِ لِمَنِ اتّقَي الفَوزُ وَ الخَيرَاتُ قَالَ أَ حَقّ مَا تَقُولُ يَا شِقّ قَالَ إيِ‌ وَ رَبّ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ مَا بَينَهُمَا مِن رَفعٍ وَ خَفضٍ إِنّمَا أَنبَأتُكَ لِحَقّ[ إِنّ مَا أَنبَأتُكَ لَحَقّ] مَا فِيهِ أَمضٌ

بيان قال في النهاية قيل الحنش ماأشبه رأسه رءوس الحيّات من الوزغ والحرباء وغيرهما وقيل الأحناش هوأمّ الأرض و منه حديث سطيح أحلف بما بين الحرّتين من حنش و في القاموس الجرش بالتحريك بلد بالأردن و قال أمض كفَرِحَ لم يبال من المعاتبة وعزيمته ماضية في قلبه وكذا إذاأبدي لسانه غير مايريده

56-كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ،روُيِ‌َ أَنّ رَجُلًا حَدّثَ رَسُولَ اللّهِص فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ خَرَجتُ فِي طَلَبِ بَعِيرٍ لِي ضَلّ فَوَجَدتُهُ فِي ظِلّ شَجَرَةٍ يَهُشّ مِن وَرَقِهَا فَدَنَوتُ مِنهُ فَزَمَمتُهُ وَ استَوَيتُ عَلَي كُورِهِ ثُمّ اقتَحَمتُ وَادِياً فَإِذَا أَنَا بِعَينٍ خَرّارَةٍ وَ رَوضَةٍ مُدهَامّةٍ وَ شَجَرَةٍ عَادِيَةٍ وَ إِذَا أَنَا بِقُسّ قَائِماً يصُلَيّ‌ بَينَ قَبرَينِ قَدِ اتّخَذَ لَهُ بَينَهُمَا مَسجِداً قَالَ فَلَمّا انفَتَلَ مِن صَلَاتِهِ قُلتُ لَهُ مَا هَذَانِ القَبرَانِ فَقَالَ هَذَانِ قَبرَا أَخَوَينِ كَانَا لِي يَعبُدَانِ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ معَيِ‌ فِي هَذَا المَكَانِ فَأَنَا أَعبُدُ اللّهَ بَينَهُمَا إِلَي أَن أُلحَقَ بِهِمَا قَالَ ثُمّ التَفَتَ إِلَي القَبرَينِ فَجَعَلَ يبَكيِ‌ وَ هُوَ يَقُولُ


صفحه : 235


خلَيِليَ‌ّ هَبّا طَالَ مَا قَد رَقَدتُمَا   أَجِدُكُمَا أَم تَقضِيَانِ كَرَاكُمَا

أَرَي خَلَلًا فِي الجِلدِ وَ العَظمِ مِنكُمَا   كَأَنّ ألّذِي يسَقيِ‌ العُقَارَ سَقَاكُمَا

أَ لَم تَعلَمَا أنَيّ‌ بِسِمعَانَ مُفرَدٌ   وَ مَا لِي بِسِمعَانَ حَبِيبٌ سِوَاكُمَا

فَلَو جُعِلَت نَفسٌ لِنَفسٍ فِدَاءَهَا   لَجُدتُ بنِفَسيِ‌ أَن تَكُونَ فِدَاكُمَا

قَالَ فَقُلتُ لَهُ فَلِمَ لَا تَلحَقُ بِقَومِكَ فَتَكُونَ مَعَهُم فِي خَيرِهِم وَ شَرّهِم فَقَالَ ثَكِلَتكَ أُمّكَ أَ مَا عَلِمتَ أَنّ وُلدَ إِسمَاعِيلَ تَرَكُوا دِينَ أَبِيهِم وَ اتّبَعُوا الأَضدَادَ وَ عَظّمُوا الأَندَادَ قُلتُ فَمَا هَذِهِ الصّلَاةُ التّيِ‌ لَا تَعرِفُهَا العَرَبُ فَقَالَ أُصَلّيهَا لِإِلَهِ السّمَاءِ فَقُلتُ وَ لِلسّمَاءِ إِلَهٌ غَيرَ اللّاتِ وَ العُزّي فَأَسقَطَ وَ امتُقِعَ لَونُهُ وَ قَالَ إِلَيكَ عنَيّ‌ يَا أَخَا إِيَادٍ إِنّ لِلسّمَاءِ إِلَهاً هُوَ ألّذِي خَلَقَهَا وَ بِالكَوَاكِبِ زَيّنَهَا وَ بِالقَمَرِ المُنِيرِ أَشرَقَهَا أَظلَمَ لَيلَهَا وَ أَضحَي نَهَارَهَا وَ سَوفَ تَعُمّهُم مِن هَذِهِ الرّحمَةِ وَ أَومَأَ بِيَدِهِ نَحوَ مَكّةَ بِرَجُلٍ أَبلَجَ مِن وُلدِ لوُيَ‌ّ بنِ غَالِبٍ يُقَالُ لَهُ مُحَمّدٌ يَدعُو إِلَي كَلِمَةِ الإِخلَاصِ مَا أَظُنّ أنَيّ‌ أُدرِكُهُ وَ لَو أَدرَكتُ أَيّامَهُ لَصَفَقتُ بكِفَيّ‌ عَلَي كَفّهِ وَ لَسَعَيتُ مَعَهُ حَيثُ يَسعَي فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص رَحِمَ اللّهُ أخَيِ‌ قُسّاً يُحشَرُ يَومَ القِيَامَةِ أُمّةً وَحدَهُ

بيان قال في النهاية في حديث قسّ ذكر العقار و هوبالضم من أسماء الخمر و في القاموس العقار بالضم الخمر لمعاقرته أي ملازمته الدنّ أولعقرها شاربها عن المشي‌


صفحه : 236

57-أَقُولُ وَجَدتُ فِي كِتَابِ سُلَيمِ بنِ قَيسٍ عَن أَبَانِ بنِ أَبِي عَيّاشٍ عَنهُ قَالَأَقبَلنَا مِن صِفّينَ مَعَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَنَزَلَ العَسكَرُ قَرِيباً مِن دَيرِ نصَراَنيِ‌ّ إِذ خَرَجَ عَلَينَا مِنَ الدّيرِ شَيخٌ جَمِيلٌ حَسَنُ الوَجهِ حَسَنُ الهَيئَةِ وَ السّمتِ مَعَهُ كِتَابٌ فِي يَدِهِ حَتّي أَتَي أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع فَسَلّمَ عَلَيهِ بِالخِلَافَةِ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع مَرحَباً يَا أخَيِ‌ شَمعُونَ بنَ حَمّونَ كَيفَ حَالُكَ رَحِمَكَ اللّهُ فَقَالَ بِخَيرٍ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ سَيّدَ المُسلِمِينَ وَ وصَيِ‌ّ رَسُولِ رَبّ العَالَمِينَ إنِيّ‌ مِن نَسلِ رَجُلٍ مِن حوَاَريِ‌ّ عِيسَي ابنِ مَريَمَ ع وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي أَنَا مِن نَسلِ حوَاَريِ‌ّ أَخِيكَ عِيسَي ابنِ مَريَمَ ع مِن نَسلِ شَمعُونَ بنِ يُوحَنّا وَ كَانَ أَفضَلَ حوَاَريِ‌ّ عِيسَي ابنِ مَريَمَ ع الاِثنيَ‌ عَشَرَ وَ أَحَبّهُم إِلَيهِ وَ آثَرَهُم عِندَهُ وَ إِلَيهِ أَوصَي عِيسَي ع وَ إِلَيهِ دَفَعَ كُتُبَهُ وَ عِلمَهُ وَ حِكمَتَهُ فَلَم يَزَل أَهلُ بَيتِهِ عَلَي دِينِهِ مُتَمَسّكِينَ عَلَيهِ لَم يَكفُرُوا وَ لَم يُبَدّلُوا وَ لَم يُغَيّرُوا وَ تِلكَ الكُتُبُ عنِديِ‌ إِملَاءُ عِيسَي ابنِ مَريَمَ ع وَ خَطّ أَبِينَا بِيَدِهِ وَ فِيهِ كُلّ شَيءٍ يَفعَلُ النّاسُ مِن بَعدِهِ مَلِكٌ مَلَكَ وَ مَا يَملِكُ وَ مَا يَكُونُ فِي زَمَانِ كُلّ مَلِكٍ مِنهُم حَتّي يَبعَثَ اللّهُ رَجُلًا مِنَ العَرَبِ مِن وُلدِ إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ خَلِيلِ اللّهِ مِن أَرضٍ تُدعَي تِهَامَةَ مِن قَريَةٍ يُقَالُ لَهَا مَكّةُ يُقَالُ لَهُ أَحمَدُ الأَنجَلُ العَينَينِ المَقرُونُ الحَاجِبَينِ صَاحِبُ النّاقَةِ وَ الحِمَارِ وَ القَضِيبِ وَ التّاجِ يعَنيِ‌ العِمَامَةَ لَهُ اثنَا عَشَرَ اسماً ثُمّ ذَكَرَ مَبعَثَهُ وَ مَولِدَهُ وَ هِجرَتَهُ وَ مَن يُقَاتِلُهُ وَ مَن يَنصُرُهُ وَ مَن يُعَادِيهِ وَ كَم يَعِيشُ وَ مَا تَلقَي أُمّتُهُ بَعدَهُ إِلَي أَن يُنزِلَ اللّهُ عِيسَي ابنَ مَريَمَ ع مِنَ السّمَاءِ فَذَكَرَ فِي ذَلِكَ الكِتَابِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا


صفحه : 237

مِن وُلدِ إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ خَلِيلِ اللّهِص هُم خَيرُ مَن خَلَقَ اللّهُ وَ أَحَبّ مَن خَلَقَ اللّهُ إِلَي اللّهِ وَ إِنّ اللّهَ ولَيِ‌ّ مَن وَالَاهُم وَ عَدُوّ مَن عَادَاهُم مَن أَطَاعَهُمُ اهتَدَي وَ مَن عَصَاهُم ضَلّ طَاعَتُهُم لِلّهِ طَاعَةٌ وَ مَعصِيَتُهُم لِلّهِ مَعصِيَةٌ مَكتُوبَةٌ فِيهِ أَسمَاؤُهُم وَ أَنسَابُهُم وَ نَعتُهُم وَ كَم يَعِيشُ كُلّ رَجُلٍ مِنهُم وَاحِدٌ بَعدَ وَاحِدٍ وَ كَم رَجُلٍ مِنهُم يَستُرُ أَدِلّةً لِلنّاسِ حَتّي يُنزِلَ اللّهُ عِيسَي ع عَلَي آخِرِهِم فيَصُلَيّ‌ عِيسَي ع خَلفَهُ وَ يَقُولُ إِنّكُم أَئِمّةٌ لَا ينَبغَيِ‌ لِأَحَدٍ أَن يَتَقَدّمَكُم فَيَتَقَدّمُ فيَصُلَيّ‌ بِالنّاسِ وَ عِيسَي ع خَلفَهُ فِي الصّفّ أَوّلُهُم وَ أَفضَلُهُم وَ خَيرُهُم لَهُ مِثلُ أُجُورِهِم وَ أُجُورِ مَن أَطَاعَهُم وَ اهتَدَي بِهُدَاهُم أَحمَدُ رَسُولُ اللّهِص وَ اسمُهُ مُحَمّدٌ وَ يَاسِينُ وَ الفَتّاحُ وَ الخَتّامُ وَ الحَاشِرُ وَ العَاقِبُ وَ الماَحيِ‌ وَ فِي نُسخَةٍ أُخرَي مَكَانَ الماَحيِ‌ الفَتّاحُ وَ القَائِدُ وَ هُوَ نبَيِ‌ّ اللّهِ وَ خَلِيلُ اللّهِ وَ حَبِيبُ اللّهِ وَ صَفِيّهُ وَ أَمِينُهُ وَ خِيَرَتُهُ يَرَي تَقَلّبَهُ فِي السّاجِدِينَ وَ فِي نُسخَةٍ أُخرَي يَرَاهُ تَقَلّبَهُ فِي السّاجِدِينَ يعَنيِ‌ فِي أَصلَابِ النّبِيّينَ وَ يُكَلّمُهُ بِرَحمَتِهِ فَيَذكُرُ إِذَا ذَكَرَ وَ هُوَ أَكرَمُ خَلقِ اللّهِ عَلَي اللّهِ وَ أَحَبّهُم إِلَي اللّهِ لَم يَخلُقِ اللّهُ خَلقاً مَلَكاً مُقَرّباً وَ لَا نَبِيّاً مُرسَلًا آدَمَ فَمَن سِوَاهُ خَيراً عِندَ اللّهِ وَ لَا أَحَبّ إِلَي اللّهِ مِنهُ يُقعِدُهُ يَومَ القِيَامَةِ عَلَي عَرشِهِ وَ يُشَفّعُهُ فِي كُلّ مَن شَفَعَ فِيهِ بِاسمِهِ جَرَي القَلَمُ فِي اللّوحِ المَحفُوظِ فِي أُمّ الكِتَابِ ثُمّ أَخُوهُ صَاحِبُ اللّوَاءِ إِلَي يَومِ المَحشَرِ الأَكبَرِ وَ وَصِيّهُ وَ وَزِيرُهُ وَ خَلِيفَتُهُ فِي أُمّتِهِ وَ أَحَبّ خَلقِ اللّهِ إِلَي اللّهِ بَعدَهُ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع ولَيِ‌ّ كُلّ مُؤمِنٍ بَعدَهُ ثُمّ أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً مِن وُلدِ مُحَمّدٍ وَ وُلدِ الأَوّلِ اثنَانِ مِنهُم سَمّيَا ابنيَ‌ هَارُونَ شَبّرَ وَ شَبِيرٍ


صفحه : 238

وَ فِي نُسخَةٍ أُخرَي ثُمّ أَحَدَ عَشَرَ مِن وُلدِ وَلَدِهِ أَوّلُهُم شَبّرُ وَ الثاّنيِ‌ شَبِيرٌ وَ تِسعَةٌ مِن شَبِيرٍ وَاحِدٌ بَعدَ وَاحِدٍ وَ فِي نُسخَةِ الأُولَي وَ تِسعَةٌ مِن وُلدِ أَصغَرِهِمَا وَ هُوَ الحُسَينُ وَاحِدٌ بَعدَ وَاحِدٍ آخِرُهُم ألّذِي يصُلَيّ‌ عِيسَي ابنُ مَريَمَ ع خَلفَهُ فِيهِ تَسمِيَةُ كُلّ مَن يَملِكُ مِنهُم وَ مَن يَستَتِرُ بِدِينِهِ وَ مَن يَظهَرُ فَأَوّلُ مَن يَظهَرُ مِنهُم يَملَأُ جَمِيعَ بِلَادِ اللّهِ قِسطاً وَ عَدلًا وَ يَملِكُ مَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ حَتّي يُظهِرَهُ اللّهُ عَلَي الأَديَانِ كُلّهَا فَلَمّا بُعِثَ النّبِيّص وَ أَبِي حيَ‌ّ صَدّقَ بِهِ وَ آمَنَ بِهِ وَ شَهِدَ أَنّهُ رَسُولُ اللّهِص وَ كَانَ شَيخاً كَبِيراً لَم يَكُن بِهِ شُخُوصٌ فَمَاتَ وَ قَالَ يَا بنُيَ‌ّ إِنّ وصَيِ‌ّ مُحَمّدٍص وَ خَلِيفَتَهُ ألّذِي اسمُهُ فِي هَذَا الكِتَابِ وَ نَعتُهُ سَيَمُرّ بِكَ إِذَا مَضَي ثَلَاثَةٌ مِن أَئِمّةِ الضّلَالَةِ يُسَمّونَ بِأَسمَائِهِم وَ قَبَائِلِهِم فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ نَعتِهِم وَ كَم يَملِكُ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم فَإِذَا مَرّ بِكَ فَاخرُج إِلَيهِ وَ بَايِعهُ وَ قَاتِل مَعَهُ عَدُوّهُ فَإِنّ الجِهَادَ مَعَهُ كَالجِهَادِ مَعَ مُحَمّدٍص وَ الموُاَليِ‌َ لَهُ كاَلموُاَليِ‌ لِمُحَمّدٍص وَ المعُاَديِ‌َ لَهُ كاَلمعُاَديِ‌ لِمُحَمّدٍص وَ فِي هَذَا الكِتَابِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ[ إِنّ]اثنيَ‌ عَشَرَ إِمَاماً مِن قُرَيشٍ وَ مِن قَومِهِ مِن أَئِمّةِ الضّلَالَةِ يُعَادُونَ أَهلَ بَيتِهِ وَ يَدّعُونَ حَقّهُم وَ يَمنَعُونَهُم مِنهُ وَ يَطرُدُونَهُم وَ يَحرِمُونَهُم وَ يَتَبَرّءُونَ مِنهُم وَ يُخِيفُونَهُم مُسَمّونَ وَاحِداً وَاحِداً بِأَسمَائِهِم وَ نَعتِهِم وَ كَم يَملِكُ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم وَ مَا يَلقَي مِنهُم وُلدُكَ وَ أَنصَارُكَ وَ شِيعَتُكَ مِنَ القَتلِ وَ الحَربِ وَ البَلَاءِ وَ الخَوفِ وَ كَيفَ يُدِيلُكُمُ اللّهُ مِنهُم وَ مِن أَولِيَائِهِم وَ أَنصَارِهِم وَ مَا يَلقَونَ مِن الذّلّ وَ الحَربِ وَ البَلَاءِ وَ الخزِي‌ِ وَ القَتلِ وَ الخَوفِ مِنكُم


صفحه : 239

أَهلَ البَيتِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ابسُط يَدَكَ أُبَايِعكَ بأِنَيّ‌ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَشهَدُ أَنّكَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللّهِص فِي أُمّتِهِ وَ وَصِيّهُ وَ شَاهِدُهُ عَلَي خَلقِهِ وَ حُجّتُهُ فِي أَرضِهِ وَ أَنّ الإِسلَامَ دِينُ اللّهِ وَ أنَيّ‌ أَبرَأُ مِن كُلّ دِينٍ خَالَفَ دِينَ الإِسلَامِ فَإِنّهُ دِينُ اللّهِ ألّذِي اصطَفَاهُ لِنَفسِهِ وَ رَضِيَهُ لِأَولِيَائِهِ وَ إِنّهُ دِينُ عِيسَي ابنِ مَريَمَ ع وَ مَن كَانَ قَبلَهُ مِن أَنبِيَاءِ اللّهِ وَ رُسُلِهِ وَ هُوَ ألّذِي دَانَ بِهِ مَن مَضَي مِن آباَئيِ‌ وَ إنِيّ‌ أَتَوَلّاكَ وَ أَتَوَلّي أَولِيَاءَكَ وَ أَبرَأُ مِن عَدُوّكَ وَ أَتَوَلّي الأَئِمّةَ مِن وُلدِكَ وَ أَبرَأُ مِن عَدُوّهِم وَ مِمّن خَالَفَهُم وَ برَ‌ِئَ مِنهُم وَ ادّعَي حَقّهُم وَ ظَلَمَهُم مِنَ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ ثُمّ تَنَاوَلَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ ثُمّ قَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع ناَولِنيِ‌ كِتَابَكَ فَنَاوَلَهُ إِيّاهُ وَ قَالَ عَلِيّ ع لِرَجُلٍ مِن أَصحَابِهِ قُم مَعَ الرّجُلِ فَأَحضِر تَرجُمَاناً يَفهَمُ كَلَامَهُ فَليَنسَخهُ لَكَ بِالعَرَبِيّةِ فَلَمّا أَتَاهُ بِهِ قَالَ لِابنِهِ الحَسَنِ يَا بنُيَ‌ّ ايتنِيِ‌ بِالكِتَابِ ألّذِي دَفَعتُهُ إِلَيكَ يَا بنُيَ‌ّ اقرَأهُ وَ انظُر أَنتَ يَا فُلَانُ فِي نُسخَةِ هَذَا الكِتَابِ فَإِنّهُ خطَيّ‌ بيِدَيِ‌ وَ إِملَاءُ رَسُولِ اللّهِص فَقَرَأَهُ فَمَا خَالَفَ حَرفاً وَاحِداً لَيسَ فِيهِ تَقدِيمٌ وَ لَا تَأخِيرٌ كَأَنّهُ إِملَاءُ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَي رَجُلَينِ فَحَمِدَ اللّهَ وَ أَثنَي عَلَيهِ وَ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَو شَاءَ لَم تَختَلِفِ الأُمّةُ وَ لَم تَفتَرِق وَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَم ينَسنَيِ‌ وَ لَم يَضَع أمَريِ‌ وَ لَم يُخمِل ذكِريِ‌ عِندَهُ وَ عِندَ أَولِيَائِهِ إِذ صَغُرَ وَ خَمَلَ عِندَهُ ذِكرُ أَولِيَاءِ الشّيطَانِ وَ حِزبِهِ فَفَرِحَ بِذَلِكَ مَن حَضَرَ مِن شِيعَةِ عَلِيّ ع وَ شَكَرَ كَثِيرٌ مِمّن حَولَهُ حَتّي عَرَفنَا ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِم وَ أَلوَانِهِم

58- وَ قَالَ السّيّدُ بنُ طَاوُسٍ رَوّحَ اللّهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِ سَعدِ السّعُودِوَجَدتُ فِي صُحُفِ إِدرِيسَ النّبِيّ ع فِيمَا خَاطَبَ اللّهُ بِهِ إِبلِيسَ وَ أَنظَرَهُ إِلَي يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ قَالَ وَ انتَخَبتُ لِذَلِكَ الوَقتِ عِبَاداً لِي امتَحَنتُ قُلُوبَهُم لِلإِيمَانِ إِلَي أَن قَالَ أُولَئِكَ أوَليِاَئيِ‌ اختَرتُ لَهُم نَبِيّاً مُصطَفًي وَ أَمِيناً مُرتَضًي فَجَعَلتُهُ لَهُم نَبِيّاً وَ رَسُولًا وَ جَعَلتُهُم لَهُ أَولِيَاءَ وَ أَنصَاراً تِلكَ أُمّةٌ اختَرتُهَا لنِبَيِيّ‌َ المُصطَفَي وَ أمَيِنيِ‌َ المُرتَضَي ثُمّ قَالَ وَ نَظَرَ آدَمُ إِلَي


صفحه : 240

طَائِفَةٍ مِن ذُرّيّتِهِ يَتَلَألَأُ نُورُهُم قَالَ آدَمُ مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الأَنبِيَاءُ مِن ذُرّيّتِكَ قَالَ يَا رَبّ فَمَا بَالُ نُورِ هَذَا الأَخِيرِ سَاطِعاً عَلَي نُورِهِم جَمِيعاً قَالَ لِفَضلِهِ عَلَيهِم جَمِيعاً قَالَ وَ مَن هَذَا النّبِيّ يَا رَبّ وَ مَا اسمُهُ قَالَ هَذَا مُحَمّدٌ نبَيِيّ‌ وَ رسَوُليِ‌ وَ أمَيِنيِ‌ وَ نجَيِبيِ‌ وَ نجَيِيّ‌ وَ خيِرَتَيِ‌ وَ صفَوتَيِ‌ وَ خاَلصِتَيِ‌ وَ حبَيِبيِ‌ وَ خلَيِليِ‌ وَ أَكرَمُ خلَقيِ‌ عَلَيّ وَ أَحَبّهُم إلِيَ‌ّ وَ آثَرُهُم عنِديِ‌ وَ أَقرَبُهُم منِيّ‌ وَ أَعرَفُهُم لِي وَ أَرجَحُهُم حِلماً وَ عِلماً وَ إِيمَاناً وَ يَقِيناً وَ صِدقاً وَ بِرّاً وَ عَفَافاً وَ عِبَادَةً وَ خُشُوعاً وَ وَرَعاً وَ سِلماً وَ إِسلَاماً أَخَذتُ لَهُ مِيثَاقَ حَمَلَةِ عرَشيِ‌ فَمَا دُونَهُم مِن خلَاَئقِيِ‌ فِي السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ بِالإِيمَانِ بِهِ وَ الإِقرَارِ بِنُبُوّتِهِ فَآمِن بِهِ يَا آدَمُ تَزدَد منِيّ‌ قُربَةً وَ مَنزِلَةً وَ فَضلًا وَ نُوراً وَ وَقَاراً قَالَ آمَنتُ بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ مُحَمّدٍص قَالَ اللّهُ قَد أَوجَبتُ لَكَ يَا آدَمُ وَ قَد زِدتُكَ فَضلًا وَ كَرَامَةً وَ أَنتَ يَا آدَمُ أَوّلُ الأَنبِيَاءِ وَ الرّسُلِ وَ ابنُكَ مُحَمّدٌ خَاتَمُ الأَنبِيَاءِ وَ الرّسُلِ وَ أَوّلُ مَن تَنشَقّ عَنهُ الأَرضُ يَومَ القِيَامَةِ وَ أَوّلُ مَن يُكسَي وَ يُحمَلُ إِلَي المَوقِفِ وَ أَوّلُ شَافِعٍ وَ أَوّلُ مُشَفّعٍ وَ أَوّلُ قَارِعٍ لِأَبوَابِ الجِنَانِ وَ أَوّلُ مَن يُفتَحُ لَهُ وَ أَوّلُ مَن يَدخُلُ الجَنّةَ وَ قَد كَنَيتُكَ بِهِ فَأَنتَ أَبُو مُحَمّدٍ فَقَالَ آدَمُ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي جَعَلَ مِن ذرُيّتّيِ‌ مَن فَضّلَهُ بِهَذِهِ الفَضَائِلِ وَ سبَقَنَيِ‌ إِلَي الجَنّةِ وَ لَا أَحسُدُهُ ثُمّ ذَكَرَ مَا نَقَلَهُ الراّونَديِ‌ّ عَنِ التّورَاةِ وَ الإِنجِيلِ وَ بَسَطَ الكَلَامَ فِيهَا وَ إِنّمَا تَرَكنَاهُ مَخَافَةَ التّطوِيلِ ثُمّ قَالَ رَأَيتُ فِي السّورَةِ السّابِعَةَ عَشَرَ مِنَ الزّبُورِ دَاوُدُ اسمَع مَا أَقُولُ وَ مُر سُلَيمَانَ يَقُولُ بَعدَكَ إِنّ الأَرضَ أُورِثَهَا[يَرِثُهَا] مُحَمّدٌ وَ أُمّتُهُ وَ هُم خِلَافُكُم وَ لَا تَكُونُ صَلَاتُهُم بِالطّنَابِيرِ وَ لَا يُقَدّسُونَ الأَوتَارَ فَازدَد مِن تَقدِيسِكَ وَ إِذَا زَمَرتُم بتِقَديِسيِ‌ فَأَكثِرُوا البُكَاءَ بِكُلّ سَاعَةٍ وَ سَاعَةٌ لَا تذَكرُنُيِ‌ فِيهَا عَدِمتَهَا مِن سَاعَةٍ انتَهَي

59-أَقُولُ وَ رَوَي مُحَمّدُ بنُ مَسعُودٍ الكاَزرِوُنيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ إِلَي الأَعمَشِ عَن أَبِي صَالِحٍ عَن كَعبٍ قَالَنَجِدُ مَكتُوباً مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ لَا فَظّ وَ لَا غَلِيظٌ وَ لَا صَخّابٌ بِالأَسوَاقِ


صفحه : 241

وَ لَا يجَزيِ‌ بِالسّيّئَةِ السّيّئَةَ وَ لَكِن يَعفُو وَ يَغفِرُ أُمّتُهُ الحَامِدُونَ يُكَبّرُونَ اللّهَ عَلَي كُلّ نَجدٍ وَ يَحمَدُونَهُ فِي كُلّ مَنزِلٍ يَتَأَزّرُونَ عَلَي أَنصَافِهِم وَ يَتَوَضّئُونَ عَلَي أَطرَافِهِم مُنَادِيهِم يُنَادِيهِم فِي جَوّ السّمَاءِ صَفّهُم فِي القِتَالِ وَ صَفّهُم فِي الصّلَاةِ سَوَاءٌ لَهُم بِاللّيلِ دوَيِ‌ّ كدَوَيِ‌ّ النّحلِ مَولِدُهُ بِمَكّةَ وَ مُهَاجَرُهُ بِطَابَةَ وَ مُلكُهُ بِالشّامِ

أقول وذكر بشائر كثيرة في كتابه لانطيل الكلام بإيرادها و في ماذكرناه كفاية

60-مُقتَضَبُ الأَثَرِ فِي النّصّ عَلَي الاِثنيَ‌ عَشَرَ،لِأَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَيّاشٍ عَن مُحَمّدِ بنِ لَاحِقِ بنِ سَابِقٍ الأنَباَريِ‌ّ عَن جَدّهِ سَابِقِ بنِ قَرِينٍ عَن هِشَامِ بنِ مُحَمّدِ بنِ السّائِبِ الكلَبيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ الشرّقيِ‌ّ بنِ قطُاَميِ‌ّ عَن تَمِيمِ بنِ وَهلَةَ المرُيّ‌ّ عَنِ الجَارُودِ بنِ المُنذِرِ العبَديِ‌ّ وَ كَانَ نَصرَانِيّاً فَأَسلَمَ عَامَ الحُدَيبِيَةِ وَ حَسُنَ إِسلَامُهُ وَ كَانَ قَارِئاً لِلكُتُبِ عَالِماً بِتَأوِيلِهَا عَلَي وَجهِ الدّهرِ وَ سَالِفِ العَصرِ بَصِيراً بِالفَلسَفَةِ وَ الطّبّ ذَا رأَي‌ٍ أَصِيلٍ وَ وَجهٍ جَمِيلٍ أَنشَأَ يُحَدّثُنَا فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ قَالَوَفَدتُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فِي رِجَالٍ مِن عَبدِ القَيسِ ذوَيِ‌ أَحلَامٍ وَ أَسنَانٍ وَ فَصَاحَةٍ وَ بَيَانٍ وَ حُجّةٍ وَ بُرهَانٍ فَلَمّا بَصُرُوا بِهِص رَاعَهُم مَنظَرُهُ وَ مَحضَرُهُ وَ أُفحِمُوا عَن بَيَانِهِم وَ عَنّ بِهِمُ العُرَوَاءُ فِي أَبدَانِهِم فَقَالَ زَعِيمُ القَومِ لِي دُونَكَ مَن أَقَمتَ بِنَا أممه فَمَا نَستَطِيعُ كَلِمَةً فَاستَقدَمتُ دُونَهُم إِلَيهِ وَ وَقَفتُ بَينَ يَدَيهِ وَ قُلتُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ بأِبَيِ‌ أَنتَ وَ أمُيّ‌ ثُمّ أَنشَأتُ أَقُولُ شِعرٌ


صفحه : 242


يَا نبَيِ‌ّ الهُدَي أَتَتكَ رِجَالٌ   قَطَعَت قَردَداً وَ آلًا فَآلًا

جَابَتِ البِيدَ وَ المَهَامَةَ حَتّي   غَالَهَا مِن طوَيِ‌ّ السرّيِ‌ّ مَا غَالَا

قَطَعَت دُونَكَ الصّحَاصِحَ تَهوَي   لَا تَعُدّ الكَلَالَ فِيكَ كَلَالًا

كُلّ دَهنَاءَ تَقصُرُ الطّرفُ عَنهَا   أَرقَلَتهَا قِلَاصُنَا إِرقَالًا

وَ طَوَتهَا العِتَاقُ تَجمَحُ فِيهَا   بِكُمَاةٍ مِثلِ النّجُومِ تَلَالَا

ثُمّ لَمّا رَأَتكَ أَحسَنَ مَرأًي   أُفحِمَت عَنكَ هَيبَةً وَ جَلَالًا

تتَقّيِ‌ شَرّ بَأسِ يَومٍ عَصِيبٍ   هَائِلٍ أَوجَلَ القُلُوبَ وَ هَالَا

وَ نِدَاءً لِمَحشَرِ النّاسِ طُرّاً   وَ حِسَاباً لِمَن تَأَدّي ضَلَالًا

نَحوَ نُورٍ مِنَ الإِلَهِ وَ بُرهَانٍ   وَ بز[BA]بِرّ] وَ نِعمَةٍ لَن تَنَالَا

وَ أَمَانٌ مِنهُ لَدَي الحَشرِ وَ النّشرِ   إِذِ الخَلقُ لَا يُطِيقُ السّؤَالَا

فَلَكَ الحَوضُ وَ الشّفَاعَةُ وَ الكَوثَرُ   وَ الفَضلُ إِذ يَنُصّ السّؤَالَا

فَلَكَ الحَوضُ خَصّكَ يَا ابنَ آمِنَةَ   الخَيرَ إِذَا مَا تَلَت سِجَالٌ سِجَالًا

أَنبَأَ الأَوّلُونَ بِاسمِكَ فِينَا   وَ بِأَسمَاءٍ بَعدَهُ تَتَتَالَا

صفحه : 243

فَأَقبَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللّهِ بِصَفحَةِ وَجهِهِ المُبَارَكِ شِمتُ مِنهُ ضِيَاءً لَامِعاً سَاطِعاً كَوَمِيضِ البَرقِ فَقَالَ يَا جَارُودُ لَقَد تَأَخّرَ بِكَ وَ بِقَومِكَ الوَعدُ وَ قَد كُنتُ وَعَدتُهُ قَبلَ عاَميِ‌ ذَلِكَ أَن أَفِدَ إِلَيهِ بقِوَميِ‌ فَلَم آتِهِ وَ أَتَيتُهُ فِي عَامِ الحُدَيبِيَةِ فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ بأِبَيِ‌ أَنتَ مَا كَانَ إبِطاَئيِ‌ عَنكَ إِلّا أَنّ جُلّةَ قوَميِ‌ أَبطَئُوا عَن إجِاَبتَيِ‌ حَتّي سَاقَهَا اللّهُ إِلَيكَ لَمّا أَرَادَ لَهَا بِهِ إِلَيكَ مِنَ الخَيرِ فَأَمّا مَن تَأَخّرَ فَحَظّهُ فَاتَ مِنكَ فَتِلكَ أَعظَمُ حَوبَةً وَ أَكبَرُ عُقُوبَةً وَ لَو كَانُوا مِمّن سَمِعَ بِكَ أَو رَآكَ لَمَا ذَهَبُوا عَنكَ فَإِنّ بُرهَانَ الحَقّ فِي مَشهَدِكَ[ وَ]مَحتِدِكَ وَ قَد كُنتُ عَلَي دِينِ النّصرَانِيّةِ قَبلَ أتَيتَيِ‌ إِلَيكَ الأُولَي فَهَا أَنَا تَارِكُهُ بَينَ يَدَيكَ إِذ ذَلِكَ مِمّا يُعظِمُ الأَجرَ وَ يَمحُو المَآثِمَ وَ الحُوبَ وَ يرُضيِ‌ الرّبّ عَنِ المَربُوبِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَنَا ضَامِنٌ لَكَ يَا جَارُودُ قُلتُ أَعلَمُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَنّكَ مُذ كُنتَ ضَمِينٌ قَمِينٌ قَالَ فَدِنِ الآنَ بِالوَحدَانِيّةِ وَ دَع عَنكَ النّصرَانِيّةَ قُلتُ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنّكَ عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ لَقَد أَسلَمتُ عَلَي عِلمٍ بِكَ وَ نَبَإٍ فِيكَ عَلِمتُهُ مِن قَبلُ فَتَبَسّمَص كَأَنّهُ عَلِمَ مَا أَرَدتُهُ مِنَ الإِنبَاءِ فِيهِ فَأَقبَلَ عَلَيّ وَ عَلَي قوَميِ‌ فَقَالَ أَ فِيكُم مَن يَعرِفُ قُسّ بنَ سَاعِدَةَ الإيِاَديِ‌ّ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ كُلّنَا نَعرِفُهُ غَيرَ أنَيّ‌ مِن بَينِهِم عَارِفٌ بِخَبَرِهِ وَاقِفٌ عَلَي أَثَرِهِ كَانَ قُسّ بنُ سَاعِدَةَ يَا رَسُولَ اللّهِ سِبطاً مِن أَسبَاطِ العَرَبِ عُمّرَ خَمسَمِائَةِ عَامٍ تَقَفّرَ[يُقفِرُ]مِنهَا فِي البرَاَريِ‌ خَمسَةَ أَعمَارٍ يَضِجّ بِالتّسبِيحِ عَلَي مِنهَاجِ المَسِيحِ لَا يُقِرّهُ قَرَارٌ وَ لَا يَكُنّهُ جِدَارٌ وَ لَا يَستَمِعُ مِنهُ جَارٌ لَا يَفتُرُ مِنَ


صفحه : 244

الرّهبَانِيّةِ وَ يَدِينُ اللّهَ بِالوَحدَانِيّةِ يَلبَسُ المُسُوحَ وَ يَتَحَسّي فِي سِيَاحَتِهِ بَيضَ النّعَامِ وَ يَعتَبِرُ بِالنّورِ وَ الظّلَامِ يُبصِرُ فَيَتَفَكّرُ وَ يُفَكّرُ فَيَختَبِرُ يَضرِبُ بِحِكمَتِهِ الأَمثَالَ أَدرَكَ رَأسَ الحَوَارِيّينَ شَمعُونَ وَ أَدرَكَ لُوقَا وَ يُوحَنّا وَ فَقِهَ مِنهُم تَحَوّبَ الدّهرَ وَ جَانَبَ الكُفرَ وَ هُوَ القَائِلُ بِسُوقِ عُكَاظٍ وَ ذيِ‌ المَجَازِ شَرقٌ وَ غَربٌ وَ يَابِسٌ وَ رَطبٌ وَ أُجَاجٌ وَ عَذبٌ وَ حَبّ وَ نَبَاتٌ وَ جَمعٌ وَ أَشتَاتٌ وَ ذَهَابٌ وَ مَمَاتٌ وَ آبَاءٌ وَ أُمّهَاتٌ وَ سُرُورٌ مَولُودٌ وَ رُزءٌ مَفقُودٌ نَبَأٌ لِأَربَابِ الغَفلَةِ لَيُصلِحَنّ العَامِلُ عَمَلَهُ قَبلَ أَن يَفقِدَ أَجَلَهُ كَلّا بَل هُوَ اللّهُ الوَاحِدُ لَيسَ بِمَولُودٍ وَ لَا وَالِدٍ أَمَاتَ وَ أَحيَا وَ خَلَقَ الذّكَرَ وَ الأُنثَي وَ هُوَ رَبّ الآخِرَةِ وَ الأُولَي ثُمّ أَنشَدَ شعر كَلِمَةً لَهُ


ذِكرُ القَلبِ مِن جَوَاهُ أَذكَارٌ   وَ لَيَالٌ خَلَا لَهُنّ نَهَارٌ

وَ شُمُوسٌ تَحتَهَا قَمَرٌ   اللّيلُ وَ كُلّ مُتَابِعٍ مَوّارٌ

وَ جِبَالٌ شَوَامِخُ رَاسِيَاتٌ   وَ بِحَارٌ مِيَاهُهُنّ غِزَارٌ

وَ صَغِيرٌ وَ أَشمَطُ وَ رَضِيعٌ   كُلّهُم فِي الصّعِيدِ يَوماً بَوَارٌ

كُلّ هَذَا هُوَ الدّلِيلُ عَلَي اللّهِ   فَفِيهِ لَنَا هُدًي وَ اعتِبَارٌ

ثُمّ صَاحَ يَا مَعشَرَ إِيَادٍ فَأَينَ ثَمُودُ وَ أَينَ عَادٌ وَ أَينَ الآبَاءُ وَ الأَجدَادُ وَ أَينَ العَلِيلُ


صفحه : 245

وَ العُوّادُ وَ أَينَ الطّالِبُونَ وَ الرّوّادُ كُلّ لَهُ مَعَادٌ أَقسَمَ قُسّ بِرَبّ العِبَادِ وَ سَاطِحِ المِهَادِ وَ خَالِقِ سَبعِ الشّدَادِ سَمَاوَاتٍ بِلَا عِمَادٍ لَيُحشَرُنّ عَلَي الِانفِرَادِ وَ عَلَي قُربٍ وَ بِعَادٍ إِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ وَ نُقِرَ فِي النّاقُورِ وَ أَشرَقَتِ الأَرضُ بِالنّورِ فَقَد وَعَظَ الوَاعِظُ وَ انتَبَهَ القَائِظُ وَ أَبصَرَ اللّاحِظُ وَ لَفَظَ اللّافِظُ فَوَيلٌ لِمَن صَدَفَ عَنِ الحَقّ الأَشهَرِ وَ كَذّبَ بِيَومِ المَحشَرِ وَ السّرَاجِ الأَزهَرِ فِي يَومِ الفَصلِ وَ مِيزَانِ العَدلِ ثُمّ أَنشَأَ يَقُولُ شِعرٌ


يَا ناَعيِ‌َ المَوتِ وَ الأَموَاتِ فِي جَدَثٍ   عَلَيهِم مِن بَقَايَا بَزّهِم خَرَقٌ

مِنهُم عرات [BA]عُرَاةٌ] وَ مَوتَي فِي ثِيَابِهِم   مِنهَا الجَدِيدُ وَ مِنهَا الأَورَقُ الخَلَقُ

دَعهُم فَإِنّ لَهُم يَوماً يُصَاحُ بِهِم   كَمَا يُنَبّهُ مِن رَقَدَاتِهِ الصّعِقُ

حَتّي يَجِيئُوا بِحَالٍ غَيرِ حَالِهِم   خَلقٌ مَضَوا ثُمّ مَا ذَا بَعدَ ذَاكَ لَقُوا

ثُمّ أَقبَلتُ عَلَي أَصحَابِهِ فَقُلتُ عَلَي عِلمٍ بِهِ آمَنتُم قَبلَ مَبعَثِهِ كَمَا آمَنتُ بِهِ أَنَا فَنَصّت إِلَي رَجُلٍ مِنهُم وَ أَشَارَت إِلَيهِ وَ قَالُوا هَذَا صَاحِبُهُ وَ طَالِبُهُ عَلَي وَجهِ الدّهرِ وَ سَالِفِ العَصرِ وَ لَيسَ فِينَا خَيرٌ مِنهُ وَ لَا أَفضَلُ فَبَصُرتُ بِهِ أَغَرّ أَبلَجَ قَد وَقَذَتهُ الحِكمَةُ أَعرِفُ ذَلِكَ فِي أَسَارِيرِ وَجهِهِ وَ إِن لَم أُحِط عِلماً بِكُنهِهِ قُلتُ وَ مَن هُوَ قَالُوا هَذَا سَلمَانُ الفاَرسِيِ‌ّ ذُو البُرهَانِ العَظِيمِ وَ الشّأنِ القَدِيمِ فَقَالَ سَلمَانُ عَرَفتُهُ يَا أَخَا عَبدِ القَيسِ مِن قَبلِ إِتيَانِهِ فَأَقبَلتُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص وَ هُوَ يَتَلَألَأُ وَ يُشرِقُ وَجهُهُ نُوراً وَ سُرُوراً فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ قُسّاً كَانَ يَنتَظِرُ زَمَانَكَ وَ يَتَوَكّفُ إِبّانَكَ وَ يَهتِفُ بِاسمِكَ وَ أَبِيكَ


صفحه : 246

وَ أُمّكَ وَ بِأَسمَاءٍ لَستُ أُصِيبُهَا مَعَكَ وَ لَا أَرَاهَا فِيمَنِ اتّبَعَكَ قَالَ سَلمَانُ فَأَخبِرنَا فَأَنشَأتُ أُحَدّثُهُم وَ رَسُولُ اللّهِص يَسمَعُ وَ القَومُ سَامِعُونَ وَاعُونَ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ لَقَد شَهِدتُ قُسّاً خَرَجَ مِن نَادٍ مِن أَندِيَةِ إِيَادٍ إِلَي صحصيح [صَحصَحٍ]ذيِ‌ قَتَادٍ وَ سَمُرَةٍ وَ عَتَادٍ وَ هُوَ مُشتَمِلٌ بِنِجَادٍ فَوَقَفَ فِي إِضحِيَانِ لَيلٍ كَالشّمسِ رَافِعاً إِلَي السّمَاءِ وَجهَهُ وَ إِصبَعَهُ فَدَنَوتُ مِنهُ فَسَمِعتُهُ يَقُولُ أللّهُمّ رَبّ هَذِهِ السّبعَةِ الأَرقِعَةِ وَ الأَرَضِينَ المُمرِعَةِ وَ بِمُحَمّدٍ وَ الثّلَاثَةِ المَحَامِدَةِ مَعَهُ وَ العَلِيّينَ الأَربَعَةِ وَ سِبطَيهِ التّبَعَةِ وَ الأَرفِعَةِ الفَرعَةِ وَ السرّيِ‌ّ اللّامِعَةِ وَ سمُيّ‌َ الكَلِيمُ الضّرَعَةَ أُولَئِكَ النّقَبَاءُ الشّفَعَةُ وَ الطّرِيقُ المَهيَعَةُ دَرَسَةُ الإِنجِيلِ وَ حَفَظَةُ التّنزِيلِ عَلَي عَدَدِ النّقَبَاءِ مِن بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ مُحَاةُ الأَضَالِيلِ وَ نُفَاةُ الأَبَاطِيلِ الصّادِقُو القِيلِ عَلَيهِم تَقُومُ السّاعَةُ وَ بِهِم تُنَالُ الشّفَاعَةُ وَ لَهُم مِنَ اللّهِ فَرضُ الطّاعَةِ ثُمّ قَالَ أللّهُمّ ليَتنَيِ‌ مُدرِكُهُم وَ لَو بَعدَ لأَي‌ٍ مِن عمُرُيِ‌ وَ محَياَي‌َ ثُمّ أَنشَأَ يَقُولُ شِعرٌ


مَتَي أَنَا قَبلَ المَوتِ لِلحَقّ مُدرِكٌ   وَ إِن كَانَ لِي مِن بَعدِ هَاتِيكَ مُهلِكٌ

وَ إِن غاَلنَيِ‌ الدّهرُ الخَئُونُ بِغَولِهِ   فَقَد غَالَ مَن قبِلَيِ‌ وَ مَن بَعدُ يُوشِكُ

فَلَا غَروَ إنِيّ‌ سَالِكٌ مَسلَكَ الأُولَي   وَشِيكاً وَ مَن ذَا لِلرّدَي لَيسَ يَسلُكُ

ثُمّ آبَ يُكَفكِفُ دَمعَهُ وَ يَرِنّ رَنِينَ البَكَرَةِ وَ قَد برئت [بُرِيَت]ببراة[بِمِبرَاةٍ] وَ هُوَ يَقُولُ


صفحه : 247


أَقسَمَ قُسّ قَسَماً لَيسَ بِهِ مُكتَتِماً   لَو عَاشَ ألَفيَ‌ سَنَةٍ لَم يَلقَ مِنهَا سَأَماً

حَتّي يلُاَقيِ‌َ أَحمَداً وَ النّقَبَاءَ الحُكَمَاءَ   هُم أَوصِيَاءُ أَحمَدَ أَكرَمَ مَن تَحتَ السّمَاءِ

يَعمَي العِبَادُ عَنهُم وَ هُم جِلَاءٌ لِلعَمَي   لَيسَ بِنَاسٍ ذِكرَهُم حَتّي أَحَلّ الرّجَمَا

ثُمّ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ أنَبئِنيِ‌ أَنبَأَكَ اللّهُ بِخَيرٍ عَن هَذِهِ الأَسمَاءِ التّيِ‌ لَم نَشهَدهَا وَ أَشهَدَنَا قُسّ ذِكرَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص يَا جَارُودُ لَيلَةَ أسُريِ‌َ بيِ‌ إِلَي السّمَاءِ أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إلِيَ‌ّ أَن سَل مَن أَرسَلنَا مِن قَبلِكَ مِن رُسُلِنَا عَلَي مَا بُعِثُوا فَقُلتُ عَلَي مَا بُعِثتُم قَالُوا عَلَي نُبُوّتِكَ وَ وَلَايَةِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الأَئِمّةِ مِنكُمَا ثُمّ أَوحَي إلِيَ‌ّ أَنِ التَفِت عَن يَمِينِ العَرشِ فَالتَفَتّ فَإِذَا عَلِيّ وَ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ وَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ وَ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ وَ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ وَ مُوسَي بنُ جَعفَرٍ وَ عَلِيّ بنُ مُوسَي وَ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ وَ عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ وَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ وَ المهَديِ‌ّ فِي ضَحضَاحٍ مِن نُورٍ يُصَلّونَ فَقَالَ الرّبّ تَعَالَي هَؤُلَاءِ الحُجَجُ لأِوَليِاَئيِ‌ وَ هَذَا المُنتَقِمُ مِن أعَداَئيِ‌ قَالَ الجَارُودُ فَقَالَ سَلمَانُ يَا جَارُودُ هَؤُلَاءِ المَذكُورُونَ فِي التّورَاةِ وَ الإِنجِيلِ وَ الزّبُورِ كَذَلِكَ فَانصَرَفتُ بقِوَميِ‌ وَ قُلتُ فِي توَجَهّيِ‌ إِلَي قوَميِ‌ شِعرٌ


أَتَيتُكَ يَا ابنَ آمِنَةَ الرّسُولَا   لكِيَ‌ بِكَ أهَتدَيِ‌ النّهجَ السّبِيلَا

فَقُلتَ وَ كَانَ قَولُكَ قَولَ حَقّ   وَ صِدقٌ مَا بَدَا لَكَ أَن تَقُولَا

وَ بَصّرتَ العَمَي مِن عَبدِ قَيسٍ   وَ كُلّ كَانَ مِن عَمَهٍ ضَلِيلًا

وَ أَنبَأنَاكَ عَن قُسّ الإيِاَديِ‌ّ   مَقَالًا فِيكَ ظِلتَ بِهِ جَدِيلًا

وَ أَسمَاءً عَمَت عَنّا فَآلَت   إِلَي عِلمٍ وَ كُنّ[BA]كُنتُ] بِهَا جَهُولًا

صفحه : 248

بيان قال الجوهري‌ العرواء مثال الغلواء قرة الحمي ومسها في أول ماتأخذ بالرعدة وفلان قمين بكذا أي جدير خليق وفلان يتحوب من كذا أي يتأثم والتحوب أيضا التوجع والتحزن . قوله قدوقذته الحكمة أي أثرت فيه وبانت فيه آثارها قال الجوهري‌ وقذه يقذه وقذا ضربه حتي استرخي وأشرف علي الموت ويقال وقذه النعاس إذاغلبه و في النهاية فيه فيقذه الورع أي يسكنه ويمنعه من انتهاك ما لايحل و لايحمد يقال وقذه الحلم إذاسكته .أقول سيأتي‌ الخبر مختصرا مع شرح بعض أجزائه في باب المعراج

باب 3-تاريخ ولادته ص و مايتعلق بها و ماظهر عندها من المعجزات والكرامات والمنامات

اعلم أنه اتفقت الإمامية إلا من شذ منهم علي أن ولادته ص في سابع عشر شهر ربيع الأول وذهب أكثر المخالفين إلي أنها كانت في الثاني‌ عشر منه واختاره الكليني‌ رحمه الله علي ماسيأتي‌ إما اختيارا أوتقية وذهب شاذ من المخالفين إلي أنه ولد في شهر رمضان لأنهم اتفقوا علي أن بدء الحمل به ص كان في عشية عرفة


صفحه : 249

أوأوسط أيام التشريق واشتهر بينهم أن مدة الحمل كانت تسعة أشهر فيلزم أن تكون الولادة في شهر رمضان وسيأتي‌ الكلام فيه وذهب شرذمة منهم إلي أن الولادة كانت في ثامن ربيع الأول فأما يوم الولادة فالمشهور بين علمائنا ومدلول أخبارنا أنه كان يوم الجمعة والمشهور بين المخالفين يوم الإثنين ثم الأشهر بيننا وبينهم أنه ص ولد بعدطلوع الفجر وقيل عندالزوال وذكر جماعة من المؤرخين وأرباب السير أنه كان في ساعة الولادة غفر من منازل القمر طالعا و كان اليوم موافقا للعشرين أوللثامن والعشرين أوالغرة من شهر نيسان الرومي‌ والسابع عشر من دي‌ ماه بحساب الفرس وكانت في عهد كسري أنوشيروان بعدمضي‌ اثنين وأربعين من ملكه و بعدمضي‌ اثنين وثمانين وثمانمائة من وفاة إسكندر الرومي‌ و كان في عام الفيل بعدمضي‌ خمس وخمسين أوأربعين من الواقعة وقيل في يوم الواقعة وقيل بعدثلاثين سنة منها وقيل بعدأربعين منها والأصح أنها كانت في تلك العام . وذكر أبومعشر البلخي‌ من المنجمين أنه كان طالع ولادته ص الدرجة العشرون من الجدي‌ و كان الزحل والمشتري‌ في العقرب والمريخ في بيته في الحمل و


صفحه : 250

الشمس في الحمل في الشرف والزهرة في الحوت في الشرف والعطارد أيضا في الحوت والقمر في أول الميزان والرأس في الجوزاء والذنب في القوس وكانت في الدار المعروف بدار محمد بن يوسف و كان للنبي‌ص فوهبه لعقيل بن أبي طالب فباعه أولاده محمد بن يوسف أخا الحجاج فأدخله في داره فلما كان زمن هارون أخذته خيزران أمه فأخرجته وجعلته مسجدا و هوالآن معروف يزار ويصلي فيه وسنذكر الأخبار والأقوال في تفاصيل تلك الأحوال

1-د،[العدد القوية] فِي كِتَابِ أَسمَاءِ حُجَجِ اللّهِ وُلِدَص سَابِعَ عَشرَةَ لَيلَةً مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ فِي عَامِ الفِيلِ

فِي كِتَابِ الدّرّ الصّحِيحِ أَنّهُ وُلِدَص عِندَ طُلُوعِ الفَجرِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ السّابِعَ عَشَرَ مِن رَبِيعٍ الأَوّلِ بَعدَ خَمسٍ وَ خَمسِينَ يَوماً مِن هَلَاكِ أَصحَابِ الفِيلِ وَ قَالَ العَامّةُ يَومَ الإِثنَينِ الثّامِنَ أَوِ العَاشِرَ مِن رَبِيعٍ الأَوّلِ لِسَبعٍ بَقِينَ مِن مُلكِ أَنُوشِيرَوَانَ وَ يُقَالُ فِي مُلكِ هُرمُزَ بنِ أَنُوشِيرَوَانَ وَ ذَكَرَ الطبّرَيِ‌ّ أَنّ مَولِدَهُص كَانَ لاِثنتَيَ‌[لِاثنَتَينِ] وَ أَربَعِينَ سَنَةً مِن مُلكِ أَنُوشِيرَوَانَ وَ هُوَ الصّحِيحُ لِقَولِهِص وُلِدتُ فِي زَمَنِ المَلِكِ العَادِلِ أَنُوشِيرَوَانَ وَ وَافَقَ شَهرَ الرّومِ العِشرِينَ مِن سُبَاطَ

فِي كِتَابِ مَوَالِيدِ الأَئِمّةِ ع وُلِدَ النّبِيّص لِثَلَاثَ عَشرَةَ بَقِيَت مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ فِي عَامِ الفِيلِ يَومَ الجُمُعَةِ مَعَ الزّوَالِ وَ روُيِ‌َ عِندَ طُلُوعِ الفَجرِ قَبلَ المَبعَثِ بِأَربَعِينَ


صفحه : 251

سَنَةً وَ حَمَلَت بِهِ أُمّهُ فِي أَيّامِ التّشرِيقِ عِندَ الجَمرَةِ الوُسطَي وَ كَانَت فِي مَنزِلِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ وَ وَلَدَتهُ فِي شِعبِ أَبِي طَالِبٍ فِي دَارِ مُحَمّدِ بنِ يُوسُفَ فِي الزّاوِيَةِ القُصوَي وَ قِيلَ وُلِدَ يَومَ الإِثنَينِ آخِرَ النّهَارِ ثاَنيِ‌َ عَشَرَ شَهرَ رَبِيعٍ الأَوّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ تِسعِمِائَةٍ لِلإِسكَندَرِ فِي شِعبِ أَبِي طَالِبٍ فِي مُلكِ أَنُوشِيرَوَانَ

2-قل ،[إقبال الأعمال ]ذَكَرَ مُحَمّدُ بنُ بَابَوَيهِ رِضوَانُ اللّهِ عَلَيهِ فِي الجُزءِ الرّابِعِ مِن كِتَابِ النّبُوّةِ حَدِيثَ أَنّ الحَملَ بِسَيّدِنَا رَسُولِ اللّهِص كَانَ لَيلَةَ الجُمُعَةِ لاِثنتَيَ‌ عَشرَةَ لَيلَةً بَقِيَت مِن جُمَادَي الآخِرَةِ

3-قل ،[إقبال الأعمال ] إِنّ الّذِينَ أَدرَكنَاهُم مِنَ العُلَمَاءِ كَانَ عَمَلُهُم عَلَي أَنّ وِلَادَتَهُ المُقَدّسَةَص كَانَ يَومَ الجُمُعَةِ السّابِعَ عَشَرَ مِن رَبِيعٍ الأَوّلِ فِي عَامِ الفِيلِ عِندَ طُلُوعِ فَجرِهِ

4- وَ ذَكَرَ شَيخُنَا المُفِيدُ فِي كِتَابِ حَدَائِقِ الرّيَاضِ، السّابِعَ عَشَرَ مِنهُ مَولِدُ سَيّدِنَا رَسُولِ اللّهِص عِندَ طُلُوعِ الفَجرِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ عَامَ الفِيلِ وَ قَالَ رَحِمَهُ اللّهُ فِي كِتَابِ التّوَارِيخِ الشّرعِيّةِ نَحوَهُ

5-كا،[الكافي‌]وُلِدَ النّبِيّص لاِثنتَيَ‌ عَشرَةَ لَيلَةً مَضَت مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ فِي عَامِ الفِيلِ يَومَ الجُمُعَةِ مَعَ الزّوَالِ وَ روُيِ‌َ أَيضاً عِندَ طُلُوعِ الفَجرِ قَبلَ أَن يُبعَثَ بِأَربَعِينَ سَنَةً وَ حَمَلَت بِهِ أُمّهُ فِي أَيّامِ التّشرِيقِ عِندَ الجَمرَةِ الوُسطَي وَ كَانَت فِي مَنزِلِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ


صفحه : 252

وَ وَلَدَتهُ فِي شِعبِ أَبِي طَالِبٍ فِي دَارِ مُحَمّدِ بنِ يُوسُفَ فِي الزّاوِيَةِ القُصوَي عَن يَسَارِكَ وَ أَنتَ دَاخِلٌ وَ قَد أَخرَجَتِ الخَيزُرَانُ ذَلِكَ البَيتَ فَصَيّرَتهُ مَسجِداً يصُلَيّ‌ النّاسُ فِيهِ

بيان اعلم أن هاهنا إشكالا مشهورا أورده الشهيد الثاني‌ رحمه الله وجماعة و هو أنه يلزم علي ماذكره الكليني‌ رحمه الله من كون الحمل به ص في أيام التشريق وولادته في ربيع الأول أن يكون مدة حمله إما ثلاثة أشهر أوسنة وثلاثة أشهر مع أن الأصحاب اتفقوا علي أنه لا يكون الحمل أقل من ستة أشهر و لاأكثر من سنة و لم يذكر أحد من العلماء أن ذلك من خصائصه والجواب أن ذلك مبني‌ علي النسي‌ء ألذي كانوا يفعلونه في الجاهلية و قدنهي الله تعالي عنه و قال إِنّمَا النسّيِ‌ءُ زِيادَةٌ فِي الكُفرِ قال الشيخ الطبرسي‌ رحمه الله في تفسيره هذه الآية نقلا عن مجاهد كان المشركون يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي‌ الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين وكذلك في الشهور حتي وافقت الحجة التي‌ قبل حجة الوداع في ذي‌ القعدة ثم حج النبي ص في العام القابل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة فقال في خطبته ألا و إن الزمان قداستدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب مضر بين جمادي وشعبان أراد بذلك أن أشهر الحرم رجعت إلي مواضعها وعاد الحج إلي ذي‌ الحجة وبطل النسي‌ء انتهي .


صفحه : 253

إذاعرفت هذافقيل إنه علي هذايلزم أن يكون الحج عام مولده ص في جمادي الأولي لأنه ص توفي‌ و هو ابن ثلاث وستين سنة ودورة النسي‌ء أربع وعشرون سنة ضعف عدد الشهور فإذاأخذنا من السنة الثانية والستين ورجعنا تصير السنة الخامس عشر ابتداء الدورة لأنه إذانقص من اثنتين وستين ثماني‌ وأربعون تبقي أربع عشرة الاثنتان الأخيرتان منها لذي‌ القعدة واثنتان قبلهما لشوال وهكذا فتكون الأوليان منها لجمادي الأولي فكان الحج عام مولد النبي ص و هوعام الفيل في جمادي الأولي فإذافرض أنه ص حملت به أمه في الثاني‌ عشر منه ووضعت في الثاني‌ عشر من ربيع الأول تكون مدة الحمل عشرة أشهر بلا مزيد و لانقيصة.أقول ويرد عليه أنه قدأخطأ رحمه الله في حساب الدورة وجعلها أربعا وعشرين سنة إذاالدورة علي ماذكر إنما تتم في خمس وعشرين سنة إذ في كل سنتين يسقط شهر من شهور السنة باعتبار النسي‌ء ففي‌ كل خمس وعشرين سنة تحصل أربع وعشرون حجة تمام الدورة وأيضا علي ماذكره يكون مدة الحمل أحد عشر شهرا إذ لما كان عام مولده أول حج في جمادي الأولي يكون في عام الحمل الحج في ربيع الثاني‌ فالصواب أن يقال كان في عام حمله ص الحج في جمادي الأولي و في عام مولده في جمادي الثانية فعلي ماذكرنا يتم من عام مولده إلي خمسين سنة من عمره ص دورتان في الحادية والخمسين تبتد‌ئ الدورة الثالثة من جمادي الثانية وتكون لكل شهر حجتان إلي أن ينتهي‌ إلي الحادية والستين والثانية والستين فيكون الحج فيهما في ذي‌ القعدة و يكون في حجة الوداع الحج في ذي‌ الحجة فتكون مدة الحمل عشرة أشهر. فإن قلت علي ماقررت من أن في كل دورة متأخر سنة ففي‌ نصف الدورة تتأخر ستة أشهر و من ربيع الأول ألذي هوشهر المولد إلي جمادي الثانية التي‌ هي‌ شهر الحج نحو من ثلاثة أشهر فكيف يستقيم الحساب علي ماذكرت قلت تاريخ السنة محسوبة من شهر الولادة فمن ربيع الأول من سنة الولادة إلي مثله من سنة ثلاث وستين تتم اثنتان وستون و يكون السابع عشر منه ابتداء سنة الثالث والستين و في الشهر العاشر من تلك السنة أعني‌ ذي‌ الحجة وقع الحج الحادي‌ والستون وتوفي‌ قبل إتمام


صفحه : 254

تلك السنة علي ماذهبت إليه الشيعة بتسعة عشر يوما فصار عمره ص ثلاثا وستين إلاتلك الأيام المعدودة و أما مارواه في كتاب النبوة فيمكن أن يكون الحمل في أول سنة وقع الحج في جمادي الثانية و من سنة الحمل إلي سنة حجة الوداع أربع وستون سنة و في الخمسين تمام الدورتين وتبتد‌ئ الثالثة من جمادي الثانية و يكون في حجة الوداع والتي‌ قبلها الحج في ذي‌ الحجة و لايخالف شيئا إلا مامر عن مجاهد أن حجة الوداع كانت مسبوقة بالحج في ذي‌ القعدة و قوله غيرمعتمد في مقابلة الخبر إن ثبت أنه رواه خبرا وتكون مدة الحمل علي هذاتسعة أشهر إلايوما فيوافق ما هوالمشهور في مدة حمله ص عندالمخالفين

6-ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ]روُيِ‌َ أَنّهُص وُلِدَ فِي السّابِعَ عَشَرَ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ عَامَ الفِيلِ يَومَ الإِثنَينِ وَ قِيلَ يَومَ الجُمُعَةِ وَ قَالَص وُلِدتُ فِي زَمَنِ المَلِكِ العَادِلِ يعَنيِ‌ أَنُوشِيرَوَانَ بنَ قُبَادَ قَاتِلَ مَزدَكَ وَ الزّنَادِقَةِ

7-ك ،[إكمال الدين ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]الدّقّاقُ عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن خَالِدِ بنِ إِليَاسَ عَن أَبِي بَكرِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ أَبِي جَهمٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا طَالِبٍ حَدّثَ عَن عَبدِ المُطّلِبِ قَالَبَينَا أَنَا نَائِمٌ فِي الحِجرِ إِذ رَأَيتُ رُؤيَا هاَلتَنيِ‌ فَأَتَيتُ كَاهِنَةَ قُرَيشٍ وَ عَلَيّ مِطرَفُ خَزّ وَ جمُتّيِ‌ تَضرِبُ منَكبِيِ‌ فَلَمّا نَظَرَت إلِيَ‌ّ عَرَفَت فِي وجَهيِ‌َ التّغَيّرَ فَاستَوَت وَ أَنَا يَومَئِذٍ سَيّدُ قوَميِ‌ فَقَالَت مَا شَأنُ سَيّدِ العَرَبِ مُتَغَيّرَ اللّونِ هَل رَابَهُ مِن حَدَثَانِ الدّهرِ رَيبٌ فَقُلتُ لَهَا بَلَي إنِيّ‌ رَأَيتُ اللّيلَةَ وَ أَنَا نَائِمٌ فِي الحِجرِ كَأَنّ شَجَرَةً قَد نَبَتَت عَلَي ظهَريِ‌ قَد نَالَ رَأسُهَا السّمَاءَ وَ ضَرَبَت بِأَغصَانِهَا الشّرقَ وَ الغَربَ وَ رَأَيتُ نُوراً يَزهَرُ مِنهَا أَعظَمَ مِن نُورِ الشّمسِ سَبعِينَ ضِعفاً وَ رَأَيتُ العَرَبَ وَ العَجَمَ سَاجِدَةً لَهَا وَ هيِ‌َ كُلّ يَومٍ تَزدَادُ عِظَماً وَ نُوراً وَ رَأَيتُ رَهطاً مِن قُرَيشٍ يُرِيدُونَ قَطعَهَا فَإِذَا دَنَوا مِنهَا أَخَذَهُم شَابّ مِن أَحسَنِ النّاسِ وَجهاً وَ أَنظَفِهِم ثِيَاباً فَيَأخُذُهُم وَ يَكسِرُ ظُهُورَهُم وَ يَقلَعُ أَعيُنَهُم فَرَفَعتُ يدَيِ‌ لِأَتَنَاوَلَ غُصناً مِن أَغصَانِهَا فَصَاحَ بيِ‌َ الشّابّ وَ قَالَ مَهلًا


صفحه : 255

لَيسَ لَكَ مِنهَا نَصِيبٌ فَقُلتُ لِمَنِ النّصِيبُ وَ الشّجَرَةُ منِيّ‌ فَقَالَ النّصِيبُ لِهَؤُلَاءِ الّذِينَ قَد تَعَلّقُوا بِهَا وَ سَيَعُودُ إِلَيهَا فَانتَبَهتُ مَذعُوراً فَزِعاً مُتَغَيّرَ اللّونِ فَرَأَيتُ لَونَ الكَاهِنَةِ قَد تَغَيّرَ ثُمّ قَالَت لَئِن صَدَقتَ لَيَخرُجَنّ مِن صُلبِكَ وَلَدٌ يَملِكُ الشّرقَ وَ الغَربَ وَ يُنَبّأُ فِي النّاسِ فَتَسَرّي[فَسَرَي]عنَيّ‌ غمَيّ‌ فَانظُر أَبَا طَالِبٍ لَعَلّكَ تَكُونُ أَنتَ وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ يُحَدّثُ بِهَذَا الحَدِيثِ وَ النّبِيّص قَد خَرَجَ وَ يَقُولُ كَانَتِ الشّجَرَةُ وَ اللّهِ أَبَا القَاسِمِ الأَمِينَ

توضيح قال الجزري‌ المطرف بكسر الميم وفتحها وضمها الثوب ألذي في طرفيه علمان و قال الجمة من شعر الرأس ماسقط علي المنكبين و قال الجوهري‌ هي‌ بالضم مجتمع شعر الرأس .أقول لعل ذكر هذاإما لبيان شرافته بأن يكون إرسال الجمة من خواص الشرفاء أواضطرابه وارتعاده والريب نازلة الدهر ورابه أمر رأي منه مايكره قوله وسيعود إليها يحتمل أن يكون المراد بالذين تعلقوا بهاالذين يريدون قلعها و يكون قوله وستعود بالتاء أي ستعود تلك الجماعة بعدمنازعتهم ومحاربتهم إلي هذه الشجرة ويؤمنون بهافيكون لهم النصيب منها أوبالياء فيكون المستتر راجعا إلي الرسول ص والبارز في منها إلي الجماعة أي سيعود النبي ص إليهم بعدإخراجهم له فيؤمنون به فيكون إشارة إلي فتح مكة أو يكون المستتر راجعا إلي الشاب والبارز إلي الشجرة أي سيرجع هذاالشاب إلي الشجرة في اليقظة كماتعلق بها في النوم و علي هذايحتمل أن يكون المراد بالذين تعلقوا بها أباطالب وأضرابه ممن لم يذكروا قبل ويحتمل أن يكون المستتر راجعا إلي النصيب والبارز إلي الشجرة أي يكون له ص ثواب إسلامهم ويحتمل أن يكون ستعود بصيغة الخطاب أي ستعود يا عبدالمطلب إليه ص عندولادته لكن لاتبلغ و لاتدرك وقت نبوته قوله لعلك تكون أنت أي ذلك الشاب ويحتمل أن يكون الشاب أمير المؤمنين ع


صفحه : 256

8-ك ،[إكمال الدين ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]القَطّانُ عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن سَعِيدِ بنِ مُسلِمٍ مَولًي لبِنَيِ‌ مَخزُومٍ عَن سَعِيدِ بنِ أَبِي صَالِحٍ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ سَمِعتُ أَبِي العَبّاسَ يُحَدّثُ قَالَوُلِدَ لأِبَيِ‌ عَبدِ المُطّلِبِ عَبدُ اللّهِ فَرَأَينَا فِي وَجهِهِ نُوراً يَزهَرُ كَنُورِ الشّمسِ فَقَالَ أَبِي إِنّ لِهَذَا الغُلَامِ شَأناً عَظِيماً قَالَ فَرَأَيتُ فِي منَاَميِ‌ أَنّهُ خَرَجَ مِن مَنخِرِهِ طَائِرٌ أَبيَضُ فَطَارَ فَبَلَغَ المَشرِقَ وَ المَغرِبَ ثُمّ رَجَعَ رَاجِعاً حَتّي سَقَطَ عَلَي بَيتِ الكَعبَةِ فَسَجَدَت لَهُ قُرَيشٌ كُلّهَا فَبَينَمَا النّاسُ يَتَأَمّلُونَهُ إِذ صَارَ نُوراً بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ امتَدّ حَتّي بَلَغَ المَشرِقَ وَ المَغرِبَ فَلَمّا انتَبَهتُ سَأَلتُ كَاهِنَةَ بنَيِ‌ مَخزُومٍ فَقَالَت يَا عَبّاسُ لَئِن صَدَقَت رُؤيَاكَ لَيَخرُجَنّ مِن صُلبِهِ وَلَدٌ يَصِيرُ أَهلُ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ تَبَعاً لَهُ قَالَ أَبِي فهَمَنّيِ‌ أَمرُ عَبدِ اللّهِ إِلَي أَن تَزَوّجَ بِآمِنَةَ وَ كَانَت مِن أَجمَلِ نِسَاءِ قُرَيشٍ وَ أَتَمّهَا خَلقاً فَلَمّا مَاتَ عَبدُ اللّهِ وَ وَلَدَت آمِنَةُ رَسُولَ اللّهِص أَتَيتُهُ فَرَأَيتُ النّورَ بَينَ عَينَيهِ يَزهَرُ فَحَمَلتُهُ وَ تَفَرّستُ فِي وَجهِهِ فَوَجَدتُ مِنهُ رِيحَ المِسكِ وَ صِرتُ كأَنَيّ‌ قِطعَةُ مِسكٍ مِن شِدّةِ ريِحيِ‌ فحَدَثّتَنيِ‌ آمِنَةُ وَ قَالَت لِي إِنّهُ لَمّا أخَذَنَيِ‌ الطّلقُ وَ اشتَدّ بيِ‌َ الأَمرُ سَمِعتُ جَلَبَةً وَ كَلَاماً لَا يُشبِهُ كَلَامَ الآدَمِيّينَ وَ رَأَيتُ عَلَماً مِن سُندُسٍ عَلَي قَضِيبٍ مِن يَاقُوتٍ قَد ضُرِبَ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ رَأَيتُ نُوراً يَسطَعُ مِن رَأسِهِ حَتّي بَلَغَ السّمَاءَ وَ رَأَيتُ قُصُورَ الشّامَاتِ كَأَنّهَا شُعلَةُ نَارٍ نُوراً وَ رَأَيتُ حوَليِ‌ مِنَ القَطَاةِ أَمراً عَظِيماً قَد نَشَرَت أَجنِحَتَهَا حوَليِ‌ وَ رَأَيتُ شَعِيرَةَ الأَسَدِيّةَ قَد مَرّت وَ هيِ‌َ تَقُولُ آمِنَةُ مَا لَقِيَتِ الكُهّانُ وَ الأَصنَامُ مِن وَلَدِكِ وَ رَأَيتُ رَجُلًا شَابّاً مِن أَتَمّ النّاسِ طُولًا وَ أَشَدّهِم بَيَاضاً وَ أَحسَنِهِم ثِيَاباً مَا ظَنَنتُهُ إِلّا عَبدَ المُطّلِبِ قَد دَنَا منِيّ‌ فَأَخَذَ المَولُودَ فَتَفَلَ فِي فِيهِ وَ مَعَهُ طَستٌ مِن ذَهَبٍ مَضرُوبٍ بِالزّمُرّدِ وَ مُشطٌ مِن ذَهَبٍ فَشَقّ بَطنَهُ شَقّاً ثُمّ أَخرَجَ قَلبَهُ فَشَقّهُ فَأَخرَجَ مِنهُ نُكتَةً سَودَاءَ فَرَمَي بِهَا ثُمّ أَخرَجَ صُرّةً مِن حَرِيرَةٍ خَضرَاءَ فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا كَالذّرِيرَةِ البَيضَاءِ فَحَشَاهُ ثُمّ رَدّهُ إِلَي مَا كَانَ وَ مَسَحَ عَلَي بَطنِهِ وَ استَنطَقَهُ فَنَطَقَ


صفحه : 257

فَلَم أَفهَم مَا قَالَ إِلّا أَنّهُ قَالَ فِي أَمَانِ اللّهِ وَ حِفظِهِ وَ كِلَاءَتِهِ قَد حَشَوتُ قَلبَكَ إِيمَاناً وَ عِلماً وَ حِلماً وَ يَقِيناً وَ عَقلًا وَ شَجَاعَةً أَنتَ خَيرُ البَشَرِ طُوبَي لِمَن اتّبَعَكَ وَ وَيلٌ لِمَن تَخَلّفَ عَنكَ ثُمّ أَخرَجَ صُرّةً أُخرَي مِن حَرِيرَةٍ بَيضَاءَ فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا خَاتَمٌ فَضَرَبَ عَلَي كَتِفَيهِ ثُمّ قَالَ أمَرَنَيِ‌ ربَيّ‌ أَن أَنفُخَ فِيكَ مِن رُوحِ القُدُسِ فَنَفَخَ فِيهِ وَ أَلبَسَهُ قَمِيصاً وَ قَالَ هَذَا أَمَانُكَ مِن آفَاتِ الدّنيَا فَهَذَا مَا رَأَيتُ يَا عَبّاسُ بعِيَنيِ‌ قَالَ العَبّاسُ وَ أَنَا يَومَئِذٍ أَقرَأُ فَكَشَفتُ عَن ثَوبِهِ فَإِذَا خَاتَمُ النّبُوّةِ بَينَ كَتِفَيهِ فَلَم أَزَل أَكتُمُ شَأنَهُ وَ أُنسِيتُ الحَدِيثَ فَلَم أَذكُرهُ إِلَي يَومِ إسِلاَميِ‌ حَتّي ذكَرّنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص

بيان الجلبة اختلاط الأصوات والسندس بالضم مارق من الديباج ورفع

9- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع قَالَ كَانَ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ يَختَرِقُ السّمَاوَاتِ السّبعَ فَلَمّا وُلِدَ عِيسَي ع حُجِبَ عَن ثَلَاثِ سَمَاوَاتٍ وَ كَانَ يَختَرِقُ أَربَعَ سَمَاوَاتٍ فَلَمّا وُلِدَ رَسُولُ اللّهِص حُجِبَ عَنِ السّبعِ كُلّهَا وَ رُمِيَتِ الشّيَاطِينُ بِالنّجُومِ وَ قَالَت قُرَيشٌ هَذَا قِيَامُ السّاعَةِ ألّذِي كُنّا نَسمَعُ أَهلَ الكُتُبِ يَذكُرُونَهُ وَ قَالَ عَمرُو بنُ أُمَيّةَ وَ كَانَ مِن أَزجَرِ أَهلِ الجَاهِلِيّةِ انظُرُوا هَذِهِ النّجُومَ التّيِ‌ يُهتَدَي بِهَا وَ يُعرَفُ بِهَا أَزمَانُ الشّتَاءِ وَ الصّيفِ فَإِن كَانَ رمُيِ‌َ بِهَا فَهُوَ هَلَاكُ كُلّ شَيءٍ وَ إِن كَانَت ثَبَتَت وَ رمُيِ‌َ بِغَيرِهَا فَهُوَ أَمرٌ حَدَثٌ وَ أَصبَحَتِ الأَصنَامُ كُلّهَا صَبِيحَةَ وُلِدَ النّبِيّص لَيسَ مِنهَا صَنَمٌ إِلّا وَ هُوَ مُنكَبّ عَلَي وَجهِهِ وَ ارتَجَسَ فِي تِلكَ اللّيلَةِ إِيوَانُ كِسرَي وَ سَقَطَت مِنهُ أَربَعَ عَشرَةَ شُرفَةً وَ غَاضَت بُحَيرَةُ سَاوَةَ وَ فَاضَ واَديِ‌ السّمَاوَةِ


صفحه : 258

وَ خَمَدَت نِيرَانُ فَارِسَ وَ لَم تَخمُد قَبلَ ذَلِكَ بِأَلفِ عَامٍ وَ رَأَي المُؤبَذَانُ فِي تِلكَ اللّيلَةِ فِي المَنَامِ إِبِلًا صِعَاباً تَقُودُ خَيلًا عِرَاباً قَد قُطِعَت دِجلَةُ وَ انسَرَبَت فِي بِلَادِهِم وَ انقَصَمَ طَاقُ المَلِكِ كِسرَي مِن وَسَطِهِ وَ انخَرَقَت عَلَيهِ دِجلَةُ العَورَاءِ وَ انتَشَرَ فِي تِلكَ اللّيلَةِ نُورٌ مِن قِبَلِ الحِجَازِ ثُمّ استَطَارَ حَتّي بَلَغَ المَشرِقَ وَ لَم يَبقَ سَرِيرٌ لِمَلِكٍ مِن مُلُوكِ الدّنيَا إِلّا أَصبَحَ مَنكُوساً وَ المَلِكُ مُخرِساً لَا يَتَكَلّمُ يَومَهُ ذَلِكَ وَ انتُزِعَ عِلمُ الكَهَنَةِ وَ بَطَلَ سِحرُ السّحَرَةِ وَ لَم تَبقَ كَاهِنَةٌ فِي العَرَبِ إِلّا حُجِبَت عَن صَاحِبِهَا وَ عَظُمَت قُرَيشٌ فِي العَرَبِ وَ سُمّوا آلَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ الصّادِقُ ع إِنّمَا سُمّوا آلَ اللّهِ لِأَنّهُم فِي بَيتِ اللّهِ الحَرَامِ وَ قَالَت آمِنَةُ إِنّ ابنيِ‌ وَ اللّهِ سَقَطَ فَاتّقَي الأَرضَ بِيَدِهِ ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيهَا ثُمّ خَرَجَ منِيّ‌ نُورٌ أَضَاءَ لَهُ كُلّ شَيءٍ وَ سَمِعتُ فِي الضّوءِ قَائِلًا يَقُولُ إِنّكِ قَد وَلَدتِ سَيّدَ النّاسِ فَسَمّيهِ مُحَمّداً وَ أتُيِ‌َ بِهِ عَبدُ المُطّلِبِ لِيَنظُرَ إِلَيهِ وَ قَد بَلَغَهُ مَا قَالَت أُمّهُ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حَجرِهِ ثُمّ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي أعَطاَنيِ‌ هَذَا الغُلَامَ الطّيّبَ الأَردَانِ قَد سَادَ فِي المَهدِ عَلَي الغِلمَانِ ثُمّ عَوّذَهُ بِأَركَانِ الكَعبَةِ وَ قَالَ فِيهِ أَشعَاراً قَالَ وَ صَاحَ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ فِي أَبَالِسَتِهِ فَاجتَمَعُوا إِلَيهِ فَقَالُوا مَا ألّذِي أَفزَعَكَ يَا سَيّدَنَا فَقَالَ لَهُم وَيلَكُم لَقَد أَنكَرتُ السّمَاءَ وَ الأَرضَ مُنذُ اللّيلَةِ لَقَد حَدَثَ فِي الأَرضِ حَدَثٌ عَظِيمٌ مَا حَدَثَ مِثلُهُ مُنذُ رُفِعَ عِيسَي ابنُ مَريَمَ ع فَاخرُجُوا وَ انظُرُوا مَا هَذَا الحَدَثُ ألّذِي قَد حَدَثَ فَافتَرَقُوا ثُمّ اجتَمَعُوا إِلَيهِ فَقَالُوا مَا وَجَدنَا شَيئاً فَقَالَ إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ أَنَا لِهَذَا الأَمرِ ثُمّ انغَمَسَ فِي الدّنيَا فَجَالَهَا حَتّي انتَهَي إِلَي الحَرَمِ فَوَجَدَ الحَرَمَ مَحفُوظاً بِالمَلَائِكَةِ فَذَهَبَ لِيَدخُلَ فَصَاحُوا بِهِ فَرَجَعَ ثُمّ صَارَ مِثلَ الصّرّ وَ هُوَ العُصفُورُ فَدَخَلَ مِن قِبَلِ حَرَي فَقَالَ لَهُ جَبرَئِيلُ وَرَاكَ لَعَنَكَ اللّهُ فَقَالَ لَهُ حَرفٌ أَسأَلُكَ عَنهُ يَا جَبرَئِيلُ مَا هَذَا الحَدَثُ ألّذِي حَدَثَ مُنذُ اللّيلَةِ فِي الأَرضِ


صفحه : 259

فَقَالَ لَهُ وُلِدَ مُحَمّدٌص فَقَالَ لَهُ هَل لِي فِيهِ نَصِيبٌ قَالَ لَا قَالَ ففَيِ‌ أُمّتِهِ قَالَ نَعَم قَالَ رَضِيتُ

توضيح الزجر بالفتح العيافة و هونوع من التكهن تقول زجرت أنه يكون كذا والارتجاس الاضطراب والتزلزل ألذي يسمع منه الصوت الشديد وغاض الماء بالغين والضاد المعجمتين أي قل ونضب قال الجزري‌ و منه حديث سطيح وغاضت بحيرة ساوة أي غار ماؤها وذهب والسماوة بالفتح موضع بين الكوفة والشام و قال الخليل في العين هي‌ فلاة بالبادية تتصل بالشام والمؤبذان بضم الميم وفتح الباء فقيه الفرس وحاكم المجوس كالمؤبذ ذكره الفيروزآبادي‌ و قال الجزري‌ في حديث سطيح فأرسل كسري إلي المؤبذان المؤبذان للمجوس كقاضي‌ القضاة للمسلمين والمؤبذ كالقاضي‌ وانسرب الثعلب في حجره [جحره ] أي دخل . قوله ع وانخرقت عليه دجلة العوراء يظهر مما سيأتي‌ أن كسري كان سكر بعض الدجلة وبني عليها بناء فلعله لذلك وصفوا الدجلة بعد ذلك بالعوراء لأنه عور وطم بعضها فانخرقت عليه وانهدم بنيانه ورأيت في بعض المواضع بالغين المعجمة من إضافة الموصوف إلي الصفة أي العميقة والأردان جمع الردن بالضم و هوأصل الكم ولعله إنما خصها بالطيب لأن الرائحة الخبيثة غالبا تكون فيهالمجاورتها للآباط قال الشاعر.


وعمرة من سروات النساء.   تنفح بالمسك أردانها.

قوله ثم عوذه بأركان الكعبة أي مسحه بها أودعا له عندها أوكتب أسماءها وعلقه عليه ص . قال الفيروزآبادي‌ الصر طائر كالعصفور أصفر و قال الجزري‌ هوعصفور


صفحه : 260

أوطائر في قده أصفر اللون و في بعض النسخ والعصفور و قال الفيروزآبادي‌ حَرَي كعَلَي جبل بمكة معروف فيه الغار و قال الجوهري‌ وغيره إنه بالكسر والمد

10- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]الجعِاَبيِ‌ّ عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَن أَحمَدَ بنِ يُوسُفَ الجعُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ حَسّانَ عَن حَفصِ بنِ رَاشِدٍ الهلِاَليِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبّادٍ عَن[ بنِ]سَرِيعٍ الباَرقِيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ ع يَقُولُ لَمّا وُلِدَ النّبِيّص وُلِدَ لَيلًا فَأَتَي رَجُلٌ مِن أَهلِ الكِتَابِ إِلَي المَلَإِ مِن قُرَيشٍ وَ هُم مُجتَمِعُونَ هِشَامُ بنُ المُغِيرَةِ وَ الوَلِيدُ بنُ المُغِيرَةِ وَ عُتبَةُ وَ شَيبَةُ فَقَالَ أَ وُلِدَ فِيكُمُ اللّيلَةَ مَولُودٌ قَالُوا لَا وَ مَا ذَاكَ قَالَ لَقَد وُلِدَ فِيكُمُ اللّيلَةَ أَو بِفِلَسطِينَ مَولُودٌ اسمُهُ أَحمَدُ بِهِ شَامَةٌ يَكُونُ هَلَاكُ أَهلِ الكِتَابِ عَلَي يَدَيهِ فَسَأَلُوا فَأُخبِرُوا فَطَلَبُوهُ فَقَالُوا لَقَد وُلِدَ فِينَا غُلَامٌ فَقَالَ قَبلَ أَن أُنَبّئَكُم أَو بَعدُ قَالُوا قَبلُ قَالَ فَانطَلِقُوا معَيِ‌ أَنظُر إِلَيهِ فَأَتَوا أُمّهُ وَ هُوَ مَعَهُم فَأَخبَرَتهُم كَيفَ سَقَطَ وَ مَا رَأَت مِنَ النّورِ قَالَ اليهَوُديِ‌ّ فَأَخرِجِيهِ فَنَظَرَ إِلَيهِ وَ نَظَرَ إِلَي الشّامَةِ فَخَرّ مَغشِيّاً عَلَيهِ فَأَدخَلَتهُ أُمّهُ فَلَمّا أَفَاقَ قَالُوا لَهُ وَيلَكَ مَا لَكَ قَالَ ذَهَبَت نُبُوّةُ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ هَذَا وَ اللّهِ مُبِيرُهُم فَفَرِحَت قُرَيشٌ بِذَلِكَ فَلَمّا رَأَي فَرَحَهُم قَالَ وَ اللّهِ لَيَسطُوَنّ بِكُم سَطوَةً يَتَحَدّثُ بِهَا أَهلُ الشّرقِ وَ أَهلُ الغَربِ

بيان فلسطين بكسر الفاء وفتح اللام الكورة المعروفة ما بين الأردن وديار مصر وأم بلادها بيت المقدس ولعل ترديده لأنه رأي علامة ولادة نبي‌ فشك أنه خاتم الأنبياء فيكون مولده بمكة أوغيره فيكون في بيت المقدس أو لم يكن يتبين له أن مولد خاتم الأنبياء مكة أوفلسطين والسطو القهر والبطش يقال سطا به و عليه

11-ج ،[الإحتجاج ] عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع فِي خَبَرِ اليهَوُديِ‌ّ ألّذِي سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع عَن مُعجِزَاتِ الرّسُولِص قَالَ فَإِنّ هَذَا عِيسَي ابنُ مَريَمَ يَزعُمُونَ أَنّهُ تَكَلّمَ فِي المَهدِ


صفحه : 261

صَبِيّاً قَالَ لَهُ عَلِيّ ع لَقَد كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمّدٌص سَقَطَ مِن بَطنِ أُمّهِ وَاضِعاً يَدَهُ اليُسرَي عَلَي الأَرضِ وَ رَافِعاً يَدَهُ اليُمنَي إِلَي السّمَاءِ وَ يُحَرّكُ شَفَتَيهِ بِالتّوحِيدِ وَ بَدَا مِن فِيهِ نُورٌ رَأَي أَهلُ مَكّةَ مِنهُ قُصُورَ بُصرَي مِنَ الشّامِ وَ مَا يَلِيهَا وَ القُصُورَ الحُمرَ مِن أَرضِ اليَمَنِ وَ مَا يَلِيهَا وَ القُصُورَ البِيضَ مِن إِصطَخرَ وَ مَا يَلِيهَا وَ لَقَد أَضَاءَتِ الدّنيَا لَيلَةَ وُلِدَ النّبِيّص حَتّي فَزِعَتِ الجِنّ وَ الإِنسُ وَ الشّيَاطِينُ وَ قَالُوا يَحدُثُ فِي الأَرضِ حَدَثٌ وَ لَقَد رَأَتِ المَلَائِكَةَ لَيلَةَ وُلِدَ تَصعَدُ وَ تَنزِلُ وَ تُسَبّحُ وَ تُقَدّسُ وَ تَضطَرِبُ النّجُومُ وَ تَتَسَاقَطُ النّجُومُ عَلَامَاتٍ[عَلَامَةً]لِمِيلَادِهِ وَ لَقَد هَمّ إِبلِيسُ بِالظّعنِ فِي السّمَاءِ لِمَا رَأَي مِنَ الأَعَاجِيبِ فِي تِلكَ اللّيلَةِ وَ كَانَ لَهُ مَقعَدٌ فِي السّمَاءِ الثّالِثَةِ وَ الشّيَاطِينُ يَستَرِقُونَ السّمعَ فَلَمّا رَأَوُا الأَعَاجِيبَ أَرَادُوا أَن يَستَرِقُوا السّمعَ فَإِذَا هُم قَد حُجِبُوا مِنَ السّمَاوَاتِ كُلّهَا وَ رُمُوا بِالشّهُبِ دَلَالَةً لِنُبُوّتِهِص

بيان بصري بلد بالشام وإصطخر بالفارس معروف قوله ع ولقد رأت الملائكةَ أي الشياطين رأوهم

12- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن زِيَادِ بنِ المُنذِرِ عَن لَيثِ بنِ سَعدٍ قَالَ قُلتُ لِكَعبٍ وَ هُوَ عِندَ مُعَاوِيَةَ كَيفَ تَجِدُونَ صِفَةَ مَولِدِ النّبِيّص وَ هَل تَجِدُونَ لِعِترَتِهِ فَضلًا فَالتَفَتَ كَعبٌ إِلَي مُعَاوِيَةَ لِيَنظُرَ كَيفَ هَوَاهُ فَأَجرَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي لِسَانِهِ فَقَالَ هَاتِ يَا أَبَا إِسحَاقَ رَحِمَكَ اللّهُ مَا عِندَكَ فَقَالَ كَعبٌ إنِيّ‌ قَد قَرَأتُ اثنَينِ وَ سَبعِينَ كِتَاباً كُلّهَا أُنزِلَت مِنَ السّمَاءِ وَ قَرَأتُ صُحُفَ دَانِيَالَ كُلّهَا وَ وَجَدتُ فِي كُلّهَا ذِكرَ مَولِدِهِ وَ مَولِدِ عِترَتِهِ وَ إِنّ اسمَهُ لَمَعرُوفٌ وَ إِنّهُ لَم يُولَد نبَيِ‌ّ قَطّ فَنَزَلَت عَلَيهِ المَلَائِكَةُ مَا خَلَا عِيسَي وَ أَحمَدَص وَ مَا ضُرِبَ عَلَي آدَمِيّةٍ حُجُبُ الجَنّةِ غَيرَ مَريَمَ وَ آمِنَةَ أُمّ أَحمَدَص وَ مَا وُكّلَتِ المَلَائِكَةُ بِأُنثَي حَمَلَت غَيرَ مَريَمَ أُمّ المَسِيحِ ع وَ آمِنَةَ أُمّ أَحمَدَص وَ كَانَ مِن عَلَامَةِ حَملِهِ أَنّهُ لَمّا كَانَتِ اللّيلَةُ التّيِ‌ حَمَلَت آمِنَةُ بِهِص


صفحه : 262

نَادَي مُنَادٍ فِي السّمَاوَاتِ السّبعِ أَبشِرُوا فَقَد حَمَلَ اللّيلَةَ بِأَحمَدَ وَ فِي الأَرَضِينَ كَذَلِكَ حَتّي فِي البُحُورِ وَ مَا بقَيِ‌َ يَومَئِذٍ فِي الأَرضِ دَابّةٌ تَدِبّ وَ لَا طَائِرٌ يَطِيرُ إِلّا عَلِمَ بِمَولِدِهِ وَ لَقَد بنُيِ‌َ فِي الجَنّةِ لَيلَةَ مَولِدِهِ سَبعُونَ أَلفَ قَصرٍ مِن يَاقُوتٍ أَحمَرَ وَ سَبعُونَ أَلفَ قَصرٍ مِن لُؤلُؤٍ رَطبٍ فَقِيلَ هَذِهِ قُصُورُ الوِلَادَةِ وَ نُجّدَتِ الجِنَانُ وَ قِيلَ لَهَا اهتزَيّ‌ وَ تزَيَنّيِ‌ فَإِنّ نبَيِ‌ّ أَولِيَائِكِ قَد وُلِدَ فَضَحِكَتِ الجَنّةُ يَومَئِذٍ فهَيِ‌َ ضَاحِكَةٌ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ بلَغَنَيِ‌ أَنّ حُوتاً مِن حِيتَانِ البَحرِ يُقَالُ لَهُ طُمُوسَا وَ هُوَ سَيّدُ الحِيتَانِ لَهُ سَبعُمِائَةِ أَلفِ ذَنَبٍ يمَشيِ‌ عَلَي ظَهرِهِ سَبعُمِائَةِ أَلفِ ثَورٍ الوَاحِدُ مِنهَا أَكبَرُ مِنَ الدّنيَا لِكُلّ ثَورٍ سَبعُمِائَةِ أَلفِ قَرنٍ مِن زُمُرّدٍ أَخضَرَ لَا يُشعِرُ بِهِنّ اضطَرَبَ فَرَحاً بِمَولِدِهِ وَ لَو لَا أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي ثَبّتَهُ لَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَ لَقَد بلَغَنَيِ‌ أَنّ يَومَئِذٍ مَا بقَيِ‌َ جَبَلٌ إِلّا نَادَي صَاحِبَهُ بِالبِشَارَةِ وَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ لَقَد خَضَعَتِ الجِبَالُ كُلّهَا لأِبَيِ‌ قُبَيسٍ كَرَامَةً لِمُحَمّدٍص وَ لَقَد قَدّسَتِ الأَشجَارُ أَربَعِينَ يَوماً بِأَنوَاعِ أَفنَانِهَا وَ ثِمَارِهَا فَرَحاً بِمَولِدِهِص وَ لَقَد ضُرِبَ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ سَبعُونَ عَمُوداً مِن أَنوَاعِ الأَنوَارِ لَا يُشبِهُ كُلّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَ قَد بُشّرَ آدَمُ ع بِمَولِدِهِ فَزِيدَ فِي حُسنِهِ سَبعِينَ صِنفاً[ضِعفاً] وَ كَانَ قَد وَجَدَ مَرَارَةَ المَوتِ وَ كَانَ قَد مَسّهُ ذَلِكَ فسَرُيّ‌َ عَنهُ ذَلِكَ وَ لَقَد بلَغَنَيِ‌ أَنّ الكَوثَرَ اضطَرَبَ فِي الجَنّةِ وَ اهتَزّ فَرَمَي بِسَبعِمِائَةِ أَلفِ قَصرٍ مِن قُصُورِ الدّرّ وَ اليَاقُوتِ نِثَاراً لِمَولِدِ مُحَمّدٍص وَ لَقَد زُمّ إِبلِيسُ وَ كُبِلَ وَ ألُقيِ‌َ فِي الحِصنِ أَربَعِينَ يَوماً وَ غَرِقَ عَرشُهُ أَربَعِينَ يَوماً وَ لَقَد تَنَكّسَتِ الأَصنَامُ كُلّهَا وَ صَاحَت وَ وَلوَلَت وَ لَقَد سَمِعُوا صَوتاً مِنَ الكَعبَةِ يَا آلَ قُرَيشٍ قَد جَاءَكُمُ البَشِيرُ جَاءَكُمُ النّذِيرُ مَعَهُ العِزّ الأَبَدُ وَ الرّبحُ الأَكبَرُ وَ هُوَ خَاتَمُ الأَنبِيَاءِ وَ نَجِدُ فِي الكُتُبِ أَنّ عِترَتَهُ خَيرُ النّاسِ بَعدَهُ وَ أَنّهُ لَا يَزَالُ النّاسُ فِي أَمَانٍ مِنَ العَذَابِ مَا دَامَ مِن عِترَتِهِ فِي دَارِ الدّنيَا


صفحه : 263

خَلقٌ يمَشيِ‌ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا أَبَا إِسحَاقَ وَ مَن عِترَتُهُ قَالَ كَعبٌ وُلدُ فَاطِمَةَ فَعَبَسَ وَجهُهُ وَ عَضّ عَلَي شفييه [شَفَتَيهِ] وَ أَخَذَ يَعبَثُ بِلِحيَتِهِ فَقَالَ كَعبٌ وَ إِنّا نَجِدُ صِفَةَ الفَرخَينِ المُستَشهَدَينِ وَ هُمَا فَرخَا فَاطِمَةَ ع يَقتُلُهُمَا شَرّ البَرِيّةِ قَالَ فَمَن يَقتُلُهُمَا قَالَ رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ فَقَامَ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ قُومُوا إِن شِئتُم فَقُمنَا

بيان التنجيد التزيين والأفنان الأغصان وسري‌ عنه الهم بالتشديد علي بناء المفعول أي انكشف والزمّ الشد والكبل القيد الضخم يقال كبلت الأسير وكبلته

13- مع ،[معاني‌ الأخبار]الدّقّاقُ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي الفاَرسِيِ‌ّ عَن أَبِي حَنِيفَةَ مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَنِ الوَلِيدِ بنِ أَبَانٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ مُسكَانَ عَن أَبِيهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ فَاطِمَةَ بِنتَ أَسَدٍ رَحِمَهَا اللّهُ جَاءَت إِلَي أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللّهُ تُبَشّرُهُ بِمَولِدِ النّبِيّص فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ اصبرِيِ‌ لِي سَبتاً آتِيكِ بِمِثلِهِ إِلّا النّبُوّةَ وَ قَالَ السّبتُ ثَلَاثُونَ سَنَةً وَ كَانَ بَينَ رَسُولِ اللّهِ وَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع ثَلَاثُونَ سَنَةً

بيان قال الجوهري‌ والفيروزآبادي‌ السبت الدهر

14-ك ،[إكمال الدين ] أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ رُزمَةَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ نَصرٍ عَن عَلِيّ بنِ حَربٍ الموَصلِيِ‌ّ عَن يَعلَي بنِ عِمرَانَ عَن وَلَدِ جَرِيرِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مَخزُومِ بنِ هاَنيِ‌ عَن أَبِيهِ وَ أَتَت لَهُ مِائَةٌ وَ خَمسُونَ سَنَةً قَالَ لَمّا كَانَت لَيلَةٌ وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللّهِص ارتَجَسَ إِيوَانُ كِسرَي وَ سَقَطَت مِنهُ أَربَعَ عَشرَةَ شُرفَةً وَ غَاضَت بُحَيرَةُ سَاوَةَ وَ خَمَدَت نَارُ فَارِسَ وَ لَم تَخمُد قَبلَ ذَلِكَ أَلفَ سَنَةٍ وَ رَأَي المُؤبَذَانُ إِبِلًا صِعَاباً تَقُودُ خَيلًا عِرَاباً قَد قُطِعَت دِجلَةُ


صفحه : 264

وَ انتَشَرَت فِي بِلَادِهَا فَلَمّا أَصبَحَ كِسرَي هَالَهُ مَا رَأَي فتصير[فَتَصَبّرَ]عَلَيهَا تَشَجّعاً ثُمّ رَأَي أَن لَا يُسَرّ ذَلِكَ عَن وُزَرَائِهِ فَلَبِسَ تَاجَهُ وَ جَلَسَ عَلَي سَرِيرِهِ وَ جَمَعَهُم فَأَخبَرَهُم بِمَا رَأَي فَبَينَا هُم كَذَلِكَ إِذ وَرَدَ عَلَيهِم كِتَابٌ بِخُمُودِ النّارِ فَازدَادَ غَمّاً إِلَي غَمّهِ فَقَالَ المُؤبَذَانُ وَ أَنَا أَصلَحَ اللّهُ المَلِكَ قَد رَأَيتُ فِي هَذِهِ اللّيلَةِ ثُمّ قَصّ عَلَيهِ رُؤيَاهُ فِي الإِبِلِ وَ الخَيلِ فَقَالَ أَيّ شَيءٍ يَكُونُ هَذَا يَا مُؤبَذَانُ وَ كَانَ أَعلَمَهُم فِي أَنفُسِهِم فَقَالَ حَادِثٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ المَغرِبِ فَكَتَبَ عِندَ ذَلِكَ مِن كِسرَي المَلِكِ إِلَي النّعمَانِ بنِ المُنذِرِ أَمّا بَعدُ فَتَوَجّه[فَوَجّه]إلِيَ‌ّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ بِمَا أُرِيدُ أَن أَسأَلَهُ عَنهُ فَوَجّهَ إِلَيهِ بِعَبدِ المَسِيحِ بنِ عَمرِو بنِ حَيّانَ بنِ تَغلِبَةَ الغسَاّنيِ‌ّ فَلَمّا قَدِمَ عَلَيهِ قَالَ عِندَكَ عِلمُ مَا أُرِيدُ أَن أَسأَلَكَ عَنهُ قَالَ ليِسَألَنيِ‌ المَلِكُ وَ يخُبرِنُيِ‌ فَإِن كَانَ عنِديِ‌ عِلمٌ مِنهُ وَ إِلّا أَخبَرتُهُ مَن يَعلَمُهُ فَأَخبَرَهُ بِمَا رَأَي فَقَالَ عِلمُ ذَلِكَ عِندَ خَالٍ لِي يَسكُنُ بِمَشَارِفِ الشّارِمِ يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ قَالَ فَأتِهِ فَاسأَلهُ وَ أخَبرِنيِ‌ بِمَا يَرُدّ عَلَيكَ فَخَرَجَ عَبدُ المَسِيحِ حَتّي وَرَدَ عَلَي سَطِيحٍ وَ قَد أَشرَفَ عَلَي المَوتِ فَسَلّمَ عَلَيهِ وَ حَيّاهُ فَلَم يَرُدّ عَلَيهِ سَطِيحٌ جَوَاباً فَأَنشَأَ عَبدُ المَسِيحِ يَقُولُ


أَ صَمّ أَم يَسمَعُ غِطرِيفُ اليَمَنِ   أَم فَازَ فَازلَمّ بِهِ شَأوُ العَنَنِ

يَا فَاصِلَ الخُطّةِ أَعيَت مَن وَ مَن   وَ كَاشِفَ الكُربَةِ فِي الوَجهِ الغَضَنِ

صفحه : 265


أَتَاكَ شَيخُ الحيَ‌ّ مِن آلِ سَنَنٍ   وَ أُمّهُ مِن آلِ ذِئبِ بنِ حَجَنٍ

أَزرَقُ ضَخمِ النّابِ صَرّارُ الأُذُنِ   أَبيَضُ فَضفَاضُ الرّدَاءِ وَ البَدَنِ

رَسُولُ قَيلِ العُجمِ كِسرَي لِلوَسَنِ   لَا يَرهَبُ الرّعدَ وَ لَا رَيبَ الزّمَنِ

تَجُوبُ فِي الأَرضِ عَلَندَاةٌ شَجَنٌ   ترَفعَنُيِ‌ طَوراً وَ تهَويِ‌ بيِ‌ دَجَنٌ

حَتّي أَتَي عاَريِ‌ الجَآجِئِ وَ القَطَنِ   تَلُفّهُ فِي الرّيحِ بَوغَاءُ الدّمَنِ

فَلَمّا سَمِعَ سَطِيحٌ شِعرَهُ فَتَحَ عَينَيهِ فَقَالَ عَبدُ المَسِيحِ عَلَي جَمِيلٍ يَسِيحُ إِلَي سَطِيحٍ وَ قَد أَوفَي عَلَي الضّرِيحِ بَعَثَكَ مَلِكُ بنَيِ‌ سَاسَانَ لِارتِجَاسِ الإِيوَانِ وَ خُمُودِ النّيرَانِ وَ رُؤيَا المُؤبَذَانِ رَأَي إِبِلًا صِعَاباً تَقُودُ خَيلًا عِرَاباً قَد قُطِعَت دِجلَةُ وَ انتَشَرَت فِي بِلَادِهَا وَ غَاضَ بُحَيرَةُ سَاوَةَ فَقُل يَا عَبدَ المَسِيحِ إِذَا كَثُرَتِ التّلَاوَةُ وَ بُعِثَ صَاحِبُ الهِرَاوَةِ وَ فَاضَ واَديِ‌ السّمَاوَةِ وَ غَاضَت بُحَيرَةُ سَاوَةَ فَلَيسَ الشّامُ لِسَطِيحٍ شَاماً يَملِكُ مِنهُم مُلُوكٌ وَ مَلِكَاتٌ عَلَي عَدَدِ الشّرُفَاتِ وَ كُلّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ ثُمّ قَضَي سَطِيحٌ مَكَانَهُ فَنَهَضَ عَبدُ المَسِيحِ إِلَي رَحلِهِ وَ هُوَ يَقُولُ


شَمّر فَإِنّكَ ماَضيِ‌ العَزمِ شِمّيرٌ   لَا يُفزِعَنّكَ تَفرِيقٌ وَ تَغيِيرٌ

إِن يُمسِ مُلكُ بنَيِ‌ سَاسَانَ أَفرَطَهُم   فَإِنّ ذَا الدّهرَ أَطوَارٌ دَهَارِيرُ

وَ رُبّمَا كَانَ قَد أصخو[BA]أَضحَوا]بِمَنزِلَةٍ   تَهَابُ صَولَهُمُ الأُسدُ المَهَاصِيرُ

فِيهِم أَخُو الصّرحِ بَهرَامُ وَ إِخوَتُهُ   وَ الهُرمُزَانُ وَ سَابُورٌ وَ سَابُورٌ

وَ النّاسُ أَولَادُ عَلّاتٍ فَمَن عَلِمُوا   أَن قَد أَقَلّ فَمَحقُورٌ وَ مَهجُورٌ

وَ هُم بَنُو الأُمّ إِمّا إِن رَأَوا نَشَباً   فَذَاكَ بِالغَيبِ مَحفُوظٌ وَ مَنصُورٌ

صفحه : 266


وَ الخَيرُ وَ الشّرّ مَقرُونَانِ فِي قَرَنٍ   وَ الخَيرُ مُتّبَعٌ وَ الشّرّ مَحذُورٌ

قَالَ فَلَمّا قَدِمَ عَلَي كِسرَي أَخبَرَهُ بِمَا قَالَ سَطِيحٌ فَقَالَ إِلَي أَن يَملِكَ مِنّا أَربَعَةَ عَشَرَ مَلِكاً قَد كَانَت أُمُورٌ قَالَ فَمَلَكَ مِنهُم عَشَرَةٌ فِي أَربَعِ سِنِينَ وَ مَلَكَ البَاقُونَ إِلَي إِمَارَةِ عُثمَانَ وَ كَانَ سَطِيحٌ وُلِدَ فِي سَيلِ العَرِمِ فَعَاشَ إِلَي مُلكِ ذيِ‌ نُوَاسٍ وَ ذَلِكَ أَكثَرُ مِن ثَلَاثِينَ قَرناً وَ كَانَ مَسكَنُهُ بِالبَحرَينِ فَتَزعُمُ عَبدُ القَيسِ أَنّهُ مِنهُم وَ تَزعُمُ الأَزدُ أَنّهُ مِنهُم وَ أَكثَرُ المُحَدّثِينَ قَالُوا إِنّهُ مِنَ الأَزدِ وَ لَا يُدرَي مِمّن هُوَ غَيرُ أَنّ عَقِبَهُ يَقُولُونَ نَحنُ مِنَ الأَزدِ

إيضاح قال في النهاية المشارف القري التي‌ تقرب من المدن وقيل القري التي‌ بين بلاد الريف وجزيرة العرب قيل لها ذلك لأنها أشرفت علي السواد والغطريف بالكسر السيد و قال الجزري‌ فاز يفوز فوزا مات و قال يردي بالدال بمعناه و قال ازلمّ أي ذهب مسرعا وأصله ازلأم فحذفت الهمزة تخفيفا والشأو السبق والغاية والعنن الاعتراض وشأو العنن اعتراض الموت وسبقه وقيل ازلم قبض والعنن الموت أي عرض له الموت فقبضه قوله يافاصل الخطة الفاصل المبين الحاكم والخطة بضم الخاء وتشديد الطاء الخطب والأمر والحال أي يا من يبين ويظهر أمورا أعيت وأعجزت من و من أي جماعة كثيرة قال في الفائق أراد أن تلك الخطة لصعوبتها أعجزت من الحكماء والبصراء من جل قدره فحذفت الصلة كماحذفت في قولهم بعداللتيا والتي‌ إيذانا بأن ذلك مما تقصر العبارة عنه لعظمه . و قال الجزري‌ الوجه الغضن هوالوجه ألذي فيه تكسر وتجعد من شدة الهم والكرب ألذي نزل به والأزرق صفة البعير ولونه و في بعض الكتب أورق و هوأيضا لون و في بعضها أصك أي ألذي يصطك قدماه . قوله ضخم الناب في بعض الروايات مهم الناب قيل أي تام السن و قال الجزري‌ في حديث سطيح أزرق مهم الناب صرار الأذن أي حديد الناب قال الأزهري‌ هكذا روي‌ وأظنه مهو الناب بالواو يقال سيف مهو أي حديد ماض


صفحه : 267

وأورده الزمخشري‌ ممهي‌ الناب و قال الممهي‌ المحدد من أمهيت الحديدة إذاحددتها شبه بعيره بالنمر لزرقة عينيه وسرعة سيره و قال صر أذنه وصررها سواها ونصبها والأصوب كون هذاالمصرع بعد ذلك في سياق ذكر البعير كما في سائر الكتب فإنه فيها بعد قوله والقطن . والفضفاض الواسع والبدن الدرع قال الجزري‌ يريد به كثرة العطاء و قال غيره كناية عن سعة الصدر والقيل بالفتح الملك . قوله للوسن أي لشأن الرؤيا التي‌ رآها الملك و في بعض النسخ يسري‌ بدل كسري أي يجري‌ لايرهب الرعد في بعض الروايات لايرهب الدهر وتجوب أي تقطع والعلنداة الناقة الصلبة القوية والشجن بالتحريك الناقة المتداخلة الخلق كأنها شجرة متشجنة أي متصلة الأغصان و في بعض الروايات شزن أي تمشي‌ من نشاطها علي جانب وشزن فلان إذانشط وقيل الشزن ألذي أعيا من الجفاء وقيل الغليظ المرتفع كأنه مصدر أي ذات شجن ويقال بات فلان علي شزن أي علي قلق يتقلب من جنب إلي جنب وأشزان الخيل ضروب نشاطها. قوله ترفعني‌ طورا في الفائق والنهاية وغيرهما ترفعني‌ وجنا وتهوي‌ بي‌ وجن . و في بعض الكتب وجناء تهوي‌ من وجن والوجن والوجن جمع الوجين و هو الأرض الغليظة والوجناء الناقة الشديدة أي لم تزل الناقة التي‌ هذه صفتها ترفعني‌ مرة في الأرض بهذه الصفة وتخفضني‌ أخري و في أكثر نسخ الكتاب دجن بالدال المهملة والدجنة الظلمة ولعله تصحيف والجآجي‌ جمع الجؤجؤ و هوالصدر والقطن بالتحريك ما بين الوركين يعني‌ أن السير قدهزلها وذهب بلحمها و في بعض الروايات عالي‌ الجآجي‌ و هوقريب من العاري‌ لأن العظم إذاعري‌ عن اللحم يري مرتفعا عاليا والبوغاء التراب الناعم والدمن بكسر الدال وفتح الميم ماتجمع وتلبد منه قال الجزري‌ كأنه من المقلوب تقديره تلفه الريح في بوغاء الدمن وتشهد له الرواية الأخري


صفحه : 268

تلفه الريح ببوغاء الدمن . و في الفائق والنهاية وغيرها بعدها كأنما حثحث من حضني‌ تكن .حثحث أسرع وحث والحضن الجانب وتكن اسم جبل حجازي‌ والمعني أن من كثرة التراب والغبار ألذي أصابه في سرعة سيره كأنما أعجل من هذاالموضع ألذي اجتمع فيه التراب الكثير. قوله علي جمل يسيح في سائر الكتب علي جمل مشيح جاء إلي سطيح والمشيح بضم الميم والحاء المهملة الجاد المسرع و قدأوفي أي أشرف والضريح القبر أي قرب أن يدخل القبر. قوله إذاكثرت التلاوة أي تلاوة القرآن والهراوة العصا وصاحب الهراوة النبي ص لأنه كان يأخذ العنزة بيده ويصلي‌ إليها. قوله فليس الشام لسطيح شاما أي لم يبق حينئذ سطيح أويتغير أحوال الشام و في بعض الروايات بعد قوله علي عدد الشرفات ثم تكون هنات وهنات أي شدائد وأمور عظام والشمير الشديد التشمير. قوله تفريق وتغيير في بعض الروايات تشريد وتغرير. قوله أفرطهم علي صيغة الماضي‌ أي تركهم وزال عنهم والأطوار الحالات . قوله دهارير قال الجزري‌ حكي الهروي‌ عن الأزهري‌ أن الدهارير جمع الدهور أراد أن الدهر ذو حالتين من بؤس ونعم و قال الجوهري‌ يقال دهر دهارير أي شديد كقولهم يوم أيوم و قال الزمخشري‌ الدهارير تصاريف الدهر ونوائبه مشتق من لفظ الدهر ليس له واحد من لفظه كعباديد والمهاصير جمع المهصار و هوالشديد ألذي يفترس والصرح القصر قوله أولاد علات أي من أمهات شتي كناية عن عدم الألفة والمحبة بينهم قوله أن قدأقل أي افتقر وقل ما في يده .


صفحه : 269

قوله وهم بنو الأم أي يعطف بعضهم علي بعض كما هوشأن أولاد أم واحدة والنشب بالتحريك المال والعقار وكلمة إما زائدة و في بعض النسخ لما و هوأظهر

15-ك ،[إكمال الدين ] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبَانِ بنِ عُثمَانَ يَرفَعُهُ بِإِسنَادِهِ قَالَ لَمّا بَلَغَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ زَوّجَهُ عَبدُ المُطّلِبِ آمِنَةَ بِنتَ وَهبٍ الزهّريِ‌ّ فَلَمّا تَزَوّجَهَا حَمَلَت بِرَسُولِ اللّهِص فرَوُيِ‌َ عَنهَا أَنّهَا قَالَت لَمّا حَمَلتُ بِرَسُولِ اللّهِص لَم أَشعُر بِالحَملِ وَ لَم يصُبِنيِ‌ مَا يُصِيبُ النّسَاءَ مِن ثِقَلِ الحَملِ وَ رَأَيتُ فِي نوَميِ‌ كَأَنّ آتِياً أتَاَنيِ‌ وَ قَالَ لِي قَد حَمَلتِ بِخَيرِ الأَنَامِ فَلَمّا حَانَ وَقتُ الوِلَادَةِ خَفّ ذَلِكَ عَلَيّ حَتّي وَضَعتُهُص وَ هُوَ يتَقّيِ‌ الأَرضَ بِيَدَيهِ وَ سَمِعتُ قَائِلًا يَقُولُ وَضَعتِ خَيرَ البَشَرِ فَعَوّذِيهِ بِالوَاحِدِ الصّمَدِ مِن شَرّ كُلّ بَاغٍ وَ حَاسِدٍ فَوَلَدتُ رَسُولَ اللّهِص عَامَ الفِيلِ لاِثنتَيَ‌ عَشرَةَ لَيلَةً مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ يَومَ الإِثنَينِ فَقَالَت آمِنَةُ لَمّا سَقَطَ إِلَي الأَرضِ اتّقَي الأَرضَ بِيَدَيهِ وَ رُكبَتَيهِ وَ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ وَ خَرَجَ منِيّ‌ نُورٌ أَضَاءَ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ رُمِيَتِ الشّيَاطِينُ بِالنّجُومِ وَ حُجِبُوا عَنِ السّمَاءِ وَ رَأَت قُرَيشٌ الشّهُبَ وَ النّجُومَ تَسِيرُ فِي السّمَاءِ فَفَزِعُوا لِذَلِكَ وَ قَالُوا هَذَا قِيَامُ السّاعَةِ وَ اجتَمَعُوا إِلَي الوَلِيدِ بنِ المُغِيرَةِ فَأَخبَرُوهُ بِذَلِكَ وَ كَانَ شَيخاً كَبِيراً مُجَرّباً فَقَالَ انظُرُوا إِلَي هَذِهِ النّجُومِ التّيِ‌ يُهتَدَي بِهَا فِي البَرّ وَ البَحرِ فَإِن كَانَت قَد زَالَت فَهُوَ قِيَامُ السّاعَةِ وَ إِن كَانَت هَذِهِ ثَابِتَةً فَهُوَ لِأَمرٍ قَد حَدَثَ وَ أَبصَرَتِ الشّيَاطِينُ ذَلِكَ فَاجتَمَعُوا إِلَي إِبلِيسَ فَأَخبَرُوهُ بِأَنّهُم قَد مُنِعُوا مِنَ السّمَاءِ وَ رُمُوا بِالشّهُبِ فَقَالَ اطلُبُوا فَإِنّ أَمراً قَد حَدَثَ فَجَالُوا فِي الدّنيَا وَ رَجَعُوا فَقَالُوا لَم نَرَ شَيئاً فَقَالَ أَنَا لِهَذَا فَخَرَقَ مَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ فَانتَهَي إِلَي الحَرَمِ


صفحه : 270

فَوَجَدَ الحَرَمَ مَحفُوفاً بِالمَلَائِكَةِ فَلَمّا أَرَادَ أَن يَدخُلَ صَاحَ بِهِ جَبرَئِيلُ فَقَالَ اخسَأ يَا مَلعُونُ فَجَاءَ مِن قِبَلِ حِرَاءَ فَصَارَ مِثلَ الصّرّ قَالَ يَا جَبرَئِيلُ مَا هَذَا قَالَ هَذَا نبَيِ‌ّ قَد وُلِدَ وَ هُوَ خَيرُ الأَنبِيَاءِ قَالَ هَل لِي فِيهِ نَصِيبٌ قَالَ لَا قَالَ ففَيِ‌ أُمّتِهِ قَالَ نَعَم قَالَ قَد رَضِيتُ قَالَ وَ كَانَ بِمَكّةَ يهَوُديِ‌ّ يُقَالُ لَهُ يُوسُفُ فَلَمّا رَأَي النّجُومَ يُقذَفُ بِهَا وَ تَتَحَرّكُ قَالَ هَذَا نبَيِ‌ّ قَد وُلِدَ فِي هَذِهِ اللّيلَةِ وَ هُوَ ألّذِي نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا أَنّهُ إِذَا وُلِدَ وَ هُوَ آخِرُ الأَنبِيَاءِ رُجِمَتِ الشّيَاطِينُ وَ حُجِبُوا عَنِ السّمَاءِ فَلَمّا أَصبَحَ جَاءَ إِلَي ناَديِ‌ قُرَيشٍ وَ قَالَ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ هَل وُلِدَ فِيكَه[فِيكُمُ]اللّيلَةَ مَولُودٌ قَالُوا لَا قَالَ أَخطَأَكُم[أَخطَأتُم] وَ التّورَاةِ وُلِدَ إِذاً بِفِلَسطِينَ وَ هُوَ آخِرُ الأَنبِيَاءِ وَ أَفضَلُهُم فَتَفَرّقَ القَومُ فَلَمّا رَجَعُوا إِلَي مَنَازِلِهِم أَخبَرَ كُلّ رَجُلٍ أَهلَهُ بِمَا قَالَ اليهَوُديِ‌ّ فَقَالُوا لَقَد وُلِدَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ ابنٌ فِي هَذِهِ اللّيلَةِ فَأَخبَرُوا بِذَلِكَ يُوسُفَ اليهَوُديِ‌ّ فَقَالَ قَبلَ أَن أَسأَلَكُم أَو بَعدَهُ فَقَالُوا قَبلَ ذَلِكَ قَالَ فَاعرِضُوهُ عَلَيّ فَمَشَوا إِلَي بَابِ آمِنَةَ فَقَالُوا أخَرجِيِ‌ ابنَكِ يَنظُر إِلَيهِ هَذَا اليهَوُديِ‌ّ فَأَخرَجَتهُ فِي قِمَاطِهِ فَنَظَرَ فِي عَينَيهِ وَ كَشَفَ عَن كَتِفَيهِ فَرَأَي شَامَةً سَودَاءَ بَينَ كَتِفَيهِ عَلَيهَا شَعَرَاتٌ فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِ وَقَعَ إِلَي الأَرضِ مَغشِيّاً عَلَيهِ فَتَعَجّبَت مِنهُ قُرَيشٌ وَ ضَحِكُوا فَقَالَ أَ تَضحَكُونَ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ هَذَا نبَيِ‌ّ السّيفِ لَيُبِيرَنّكُم وَ قَد ذَهَبَتِ النّبُوّةُ مِن بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ إِلَي آخِرِ الأَبَدِ وَ تَفَرّقَ النّاسُ يَتَحَدّثُونَ بِمَا أَخبَرَ اليهَوُديِ‌ّ وَ نَشَأَ رَسُولُ اللّهِص اليَومَ كَمَا يَنشَأُ غَيرُهُ فِي الجُمعَةِ وَ يَنشَأُ فِي الجُمعَةِ كَمَا يَنشَأُ غَيرُهُ فِي الشّهرِ


صفحه : 271

فس ،[تفسير القمي‌]روي‌ عن آمنة أم النبي ص أنها قالت لماحملت برسول الله ص لم أشعر بالحمل وساق الحديث إلي آخره بأدني تغيير في اللفظ والترتيب و لم يذكر فيه التاريخ

16-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ لَمّا وُلِدَ رَسُولُ اللّهِص قَالَ إِبلِيسُ الأَبَالِسَةِ قَد أَنكَرتُ اللّيلَةَ الأَرضَ فَصَاحَ فِي الأَبَالِسَةِ فَاجتَمَعُوا إِلَيهِ فَقَالَ اخرُجُوا فَانظُرُوا مَا هَذَا الأَمرُ ألّذِي حَدَثَ فَذَهَبُوا ثُمّ رَجَعُوا وَ قَالُوا مَا وَجَدنَا شَيئاً قَالَ أَنَا لَهَا ثُمّ ضَرَبَ بِذَنَبِهِ عَلَي قَذَالِهِ ثُمّ اغتَمَسَ فِي الدّنيَا حَتّي انتَهَي إِلَي الحَرَمِ فَوَجَدَهُ مُنطَبِقاً بِالمَلَائِكَةِ فَذَهَبَ لِيَدخُلَ فَصَاحَ بِهِ جَبرَئِيلُ ع فَقَالَ وَرَاءَكَ فَقَالَ حَرفٌ أَسأَلُكَ عَنهُ أَ لِيَ فِيهِ نَصِيبٌ قَالَ لَا قَالَ فِي أُمّتِهِ قَالَ نَعَم فَلَمّا أَصبَحُوا أَقبَلَ رَجُلٌ مِن أَهلِ الكِتَابِ إِلَي المَلَإِ مِن قُرَيشٍ قَالَ أَ وُلِدَ فِيكُم مَولُودٌ اللّيلَةَ قَالُوا لَا قَالَ فَوُلِدَ إِذاً بِفِلَسطِينَ غُلَامٌ اسمُهُ أَحمَدُ بِهِ شَامَةٌ كَلَونِ الخَزّ الأَدكَنِ فَتَفَرّقَ القَومُ فَبَلَغَهُم أَنّهُ وُلِدَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ غُلَامٌ قَالُوا فَطَلَبنَاهُ وَ قُلنَا لَهُ إِنّهُ وُلِدَ فِينَا غُلَامٌ قَالَ قَبلَ أَن قُلتُ لَكُم أَو بَعدَهُ قَالُوا قَبلُ قَالَ فَانطَلِقُوا بِنَا نَنظُر إِلَيهِ فَانطَلَقُوا فَقَالُوا لِأُمّهِ أخَرجِيِ‌ ابنَكِ حَتّي نَنظُرَ إِلَيهِ قَالَت إِنّ ابنيِ‌ وَ اللّهِ لَقَد سَقَطَ فَمَا سَقَطَ كَمَا تَسقُطُ الصّبيَانُ لَقَدِ اتّقَي الأَرضَ بِيَدِهِ ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيهَا ثُمّ خَرَجَ مِنهُ نُورٌ حَتّي نَظَرتُ إِلَي قُصُورِ بُصرَي وَ سَمِعتُ هَاتِفاً يَقُولُ قَد وَلَدتِهِ سَيّدَ هَذِهِ الأُمّةِ فَإِذَا وَضَعتِهِ فقَوُليِ‌


أُعِيذُهُ بِالوَاحِدِ   مِن شَرّ كُلّ حَاسِدٍ

وَ كُلّ خَلقٍ مَارِدٍ   يَأخُذُ بِالمَرَاصِدِ

فِي طُرُقِ المَوَارِدِ   مِن قَائِمٍ وَ قَاعِدٍ

وَ سَمّيهِ مُحَمّداً فَأَخرَجَتهُ فَنَظَرَ إِلَيهِ وَ إِلَي الشّامَةِ التّيِ‌ بَينَ كَتِفَيهِ فَخَرّ مَغشِيّاً عَلَيهِ فَأَخَذُوا الغُلَامَ وَ رَدّوهُ إِلَي أُمّهِ وَ قَالُوا بَارَكَ اللّهُ لَكِ فِيهِ فَلَمّا أَفَاقَ قَالَت لَهُ مَا لَكَ قَالَ ذَهَبَت نُبُوّةُ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ هَذَا وَ اللّهِ الغُلَامُ ألّذِي يُبِيرُهُم ثُمّ قَالَ لِقُرَيشٍ أَ فَرِحتُم أَمَا وَ اللّهِ لَيَسطُوَنّ بِكُم سَطوَةً يَتَحَدّثُ بِهَا أَهلُ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ فَكَانَ


صفحه : 272

أَبُو سُفيَانَ يَقُولُ إِنّمَا يَسطُو بِمُضَرَ وَ أتُيِ‌َ بِهِ عَبدُ المُطّلِبِ فَأَخَذَهُ وَ وَضَعَهُ فِي حَجرِهِ فَقَالَ


الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي أعَطاَنيِ‌   هَذَا الغُلَامَ الطّيّبَ الأَردَانِ

  قَد سَادَ فِي المَهدِ عَلَي الغِلمَانِ

بيان قال الفيروزآبادي‌ القذال كسحاب جماع مؤخر الرأس ومقعد العذار من الفرس خلف الناصية و قال الدكنة بالضم لون إلي السواد

17-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]أَبَانُ بنُ عُثمَانَ رَفَعَهُ بِإِسنَادِهِ قَالَت آمِنَةُ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهَا لَمّا قَرُبَت وِلَادَةُ رَسُولِ اللّهِص رَأَيتُ جَنَاحَ طَائِرٍ أَبيَضَ قَد مَسَحَ عَلَي فؤُاَديِ‌ فَذَهَبَ الرّعبُ عنَيّ‌ وَ أُتِيتُ بِشَربَةٍ بَيضَاءَ وَ كُنتُ عَطشَي فَشَرِبتُهَا فأَصَاَبنَيِ‌ نُورٌ عَالٍ ثُمّ رَأَيتُ نِسوَةً كَالنّخلِ طِوَالًا تحُدَثّنُيِ‌ وَ سَمِعتُ كَلَاماً لَا يُشبِهُ كَلَامَ الآدَمِيّينَ حَتّي رَأَيتُ كَالدّيبَاجِ الأَبيَضِ قَد مَلَأَ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ قَائِلٌ يَقُولُ خُذُوهُ مِن أَعَزّ النّاسِ وَ رَأَيتُ رِجَالًا وُقُوفاً فِي الهَوَاءِ بِأَيدِيهِم أَبَارِيقُ وَ رَأَيتُ مَشَارِقَ الأَرضِ وَ مَغَارِبَهَا وَ رَأَيتُ عَلَماً مِن سُندُسٍ عَلَي قَضِيبٍ مِن يَاقُوتَةٍ قَد ضُرِبَ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ فِي ظَهرِ الكَعبَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِص رَافِعاً إِصبَعَهُ إِلَي السّمَاءِ وَ رَأَيتُ سَحَابَةً بَيضَاءَ تَنزِلُ مِنَ السّمَاءِ حَتّي غَشِيَتهُ فَسَمِعتُ نِدَاءً طُوفُوا بِمُحَمّدٍ شَرقَ الأَرضِ وَ غَربَهَا وَ البِحَارَ لِتُعَرّفُوهُ بِاسمِهِ وَ نَعتِهِ وَ صُورَتِهِ ثُمّ انجَلَت عَنهُ الغَمَامَةُ فَإِذَا أَنَا بِهِ فِي ثَوبٍ أَبيَضَ مِنَ اللّبَنِ وَ تَحتَهُ حَرِيرَةٌ خَضرَاءُ وَ قَد قُبِضَ عَلَي ثَلَاثَةِ مَفَاتِيحَ مِنَ اللّؤلُؤِ الرّطبِ وَ قَائِلٌ يَقُولُ قُبِضَ مُحَمّدٌ عَلَي مَفَاتِيحِ النّصرَةِ وَ الرّيحِ وَ النّبُوّةِ ثُمّ أَقبَلَت سَحَابَةٌ أُخرَي فَغَيّبَتهُ عَن وجَهيِ‌ أَطوَلَ مِنَ المَرّةِ الأُولَي وَ سَمِعتُ نِدَاءً طُوفُوا بِمُحَمّدٍ الشّرقَ وَ الغَربَ وَ اعرِضُوهُ عَلَي روُحاَنيِ‌ّ الجِنّ وَ الإِنسِ وَ الطّيرِ وَ السّبَاعِ وَ أَعطُوهُ صَفَاءَ آدَمَ وَ رِقّةَ نُوحٍ وَ خُلّةَ اِبرَاهِيمَ وَ لِسَانَ إِسمَاعِيلَ وَ كَمَالَ يُوسُفَ وَ بُشرَي يَعقُوبَ وَ صَوتَ دَاوُدَ وَ زُهدَ يَحيَي وَ كَرَمَ عِيسَي ثُمّ انكَشَفَ عَنهُ فَإِذَا أَنَا بِهِ وَ بِيَدِهِ حَرِيرَةٌ بَيضَاءُ قَد طُوِيَت طَيّاً شَدِيداً وَ قَد قُبِضَ عَلَيهَا وَ قَائِلٌ يَقُولُ قَد قُبِضَ مُحَمّدٌ عَلَي الدّنيَا كُلّهَا فَلَم يَبقَ شَيءٌ إِلّا دَخَلَ فِي قَبضَتِهِ ثُمّ إِنّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ كَأَنّ الشّمسَ


صفحه : 273

تَطلُعُ مِن وُجُوهِهِم فِي يَدِ أَحَدِهِم إِبرِيقُ فِضّةٍ وَ نَافِجَةُ مِسكٍ وَ فِي يَدِ الثاّنيِ‌ طَستٌ مِن زُمُرّدَةٍ خَضرَاءَ لَهَا أَربَعُ جَوَانِبَ مِن كُلّ جَانِبٍ لُؤلُؤَةٌ بَيضَاءُ وَ قَائِلٌ يَقُولُ هَذِهِ الدّنيَا فَاقبِض عَلَيهَا يَا حَبِيبَ اللّهِ فَقَبَضَ عَلَي وَسَطِهَا وَ قَائِلٌ يَقُولُ قُبِضَ الكَعبَةُ وَ فِي يَدِ الثّالِثِ حَرِيرَةٌ بَيضَاءُ مَطوِيّةٌ فَنَشَرَهَا فَأَخرَجَ مِنهَا خَاتَماً تَحَارُ أَبصَارُ النّاظِرِينَ فِيهِ فَغَسَلَ بِذَلِكَ المَاءِ مِنَ الإِبرِيقِ سَبعَ مَرّاتٍ ثُمّ ضَرَبَ الخَاتَمَ عَلَي كَتِفَيهِ وَ تَفَلَ فِي فِيهِ فَاستَنطَقَهُ فَنَطَقَ فَلَم أَفهَم مَا قَالَ إِلّا أَنّهُ قَالَ فِي أَمَانِ اللّهِ وَ حِفظِهِ وَ كِلَاءَتِهِ قَد حَشَوتُ قَلبَكَ إِيمَاناً وَ عِلماً وَ يَقِيناً وَ عَقلًا وَ شَجَاعَةً أَنتَ خَيرُ البَشَرِ طُوبَي لِمَنِ اتّبَعَكَ وَ وَيلٌ لِمَن تَخَلّفَ عَنكَ ثُمّ أُدخِلَ بَينَ أَجنِحَتِهِم سَاعَةً وَ كَانَ الفَاعِلُ بِهِ هَذَا رِضوَانَ ثُمّ انصَرَفَ وَ جَعَلَ يَلتَفِتُ إِلَيهِ وَ يَقُولُ أَبشِر يَا عِزّ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ وَ رَأَيتُ نُوراً يَسطَعُ مِن رَأسِهِ حَتّي بَلَغَ السّمَاءَ وَ رَأَيتُ قُصُورَ الشّامَاتِ كَأَنّهَا شُعلَةُ نَارٍ نُوراً وَ رَأَيتُ حوَليِ‌ مِنَ القَطَا أَمراً عَظِيماً قَد نُشِرَت أَجنِحَتُهَا

18-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]المُفَضّلُ بنُ عُمَرَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ لَمّا وُلِدَ رَسُولُ اللّهِ فُتِحَ لِآمِنَةَ بَيَاضُ فَارِسَ وَ قُصُورُ الشّامِ فَجَاءَت فَاطِمَةُ بِنتُ أَسَدٍ إِلَي أَبِي طَالِبٍ ضَاحِكَةً مُستَبشِرَةً فَأَعلَمَتهُ مَا قَالَتهُ آمِنَةُ فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ وَ تَتَعَجّبِينَ مِن هَذَا إِنّكِ تَحبَلِينَ وَ تَلِدِينَ بِوَصِيّهِ وَ وَزِيرِهِ

19-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] قَالَ عَبدُ المُطّلِبِ لَمّا انتَصَفَت تِلكَ اللّيلَةُ إِذَا أَنَا بِبَيتِ اللّهِ قَدِ اشتَمَلَ بِجَوَانِبِهِ الأَربَعَةِ وَ خَرّ سَاجِداً فِي مَقَامِ اِبرَاهِيمَ ثُمّ استَوَي البَيتُ مُنَادِياً اللّهُ أَكبَرُ رَبّ مُحَمّدٍ المُصطَفَي


صفحه : 274

الآنَ قَد طهَرّنَيِ‌ ربَيّ‌ مِن أَنجَاسِ المُشرِكِينَ وَ أَرجَاسِ الكَافِرِينَ ثُمّ انتَقَضَتِ الأَصنَامُ وَ خَرّت عَلَي وُجُوهِهَا وَ إِذَا أَنَا بِطَيرِ الأَرضِ حَاشِرَةً إِلَيهَا وَ إِذَا جِبَالُ مَكّةَ مُشرِفَةٌ عَلَيهَا وَ إِذَا بِسَحَابَةٍ بَيضَاءَ بِإِزَاءِ حُجرَتِهَا فَأَتَيتُهَا وَ قُلتُ أَنَا نَائِمٌ أَو يَقظَانُ قَالَت بَل يَقظَانُ قُلتُ فَأَينَ نُورُ جَبهَتِكِ قَالَت قَد وَضَعتُهُ وَ هَذِهِ الطّيرُ تنُاَزعِنُيِ‌ أَن أَدفَعَهُ إِلَيهَا فَتَحمِلَهُ إِلَي أَعشَاشِهَا وَ هَذِهِ السّحَابُ تظُلِنّيِ‌ لِذَلِكَ قُلتُ فَهَاتِيهِ أَنظُر إِلَيهِ قَالَت حِيلَ بَينَكَ وَ بَينَهُ إِلَي ثَلَاثَةِ أَيّامٍ فَسَلَلتُ سيَفيِ‌ وَ قُلتُ لَتُخرِجَنّهُ أَو لَأَقتُلَنّكِ قَالَت شَأنُكَ وَ إِيّاهُ فَلَمّا هَمَمتُ أَن أَلِجَ البَيتَ بَدَرَ إلِيَ‌ّ مِن دَاخِلِ البَيتِ رَجُلٌ وَ قَالَ لِي ارجِع وَرَاكَ فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ مِن وُلدِ آدَمَ إِلَي رُؤيَتِهِ أَو أَن تنَقضَيِ‌َ زِيَارَةُ المَلَائِكَةِ فَارتَعَدتُ وَ خَرَجتُ

20-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ لَمّا وُلِدَ رَسُولُ اللّهِص أُلقِيَتِ الأَصنَامُ فِي الكَعبَةِ عَلَي وُجُوهِهَا فَلَمّا أَمسَي سُمِعَ صَيحَةٌ مِنَ السّمَاءِجاءَ الحَقّ وَ زَهَقَ الباطِلُ إِنّ الباطِلَ كانَ زَهُوقاً

وَ وَرَدَ أَنّهُ أَضَاءَ تِلكَ اللّيلَةَ جَمِيعُ الدّنيَا وَ ضَحِكَ كُلّ حَجَرٍ وَ مَدَرٍ وَ شَجَرٍ وَ سَبّحَ كُلّ شَيءٍ فِي السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ انهَزَمَ الشّيطَانُ وَ هُوَ يَقُولُ خَيرُ الأُمَمِ وَ خَيرُ الخَلقِ وَ أَكرَمُ العَبِيدِ وَ أَعظَمُ العَالَمِ مُحَمّدٌص

21-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] مِن إِبَانَةَ بنِ بُطّةَ قَالَ وُلِدَ النّبِيّص مَختُوناً مَسرُوراً فحَكُيِ‌َ ذَلِكَ عِندَ جَدّهِ عَبدِ المُطّلِبِ فَقَالَ لَيَكُونَنّ لاِبنيِ‌ هَذَا شَأنٌ

22-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] قَالَ المَأمُونُ لِلحَكِيمِ إِيزَدخَواهَ مَا شَاءَ اللّهُ لَمّا صَحّحَ عِندَهُ أَحكَاماً لِمَ


صفحه : 275

لَا تُؤمِنُ بِنَبِيّنَا وَ أَنتَ بِهَذَا المَحَلّ مِنَ العِلمِ وَ الكِيَاسَةِ فَقَالَ كَيفَ أُؤمِنُ وَ أُصَدّقُ كَاذِباً وَ أَنَا أَعلَمُ كَذِبَهُ وَ النّبِيّ لَا يَكذِبُ فَقَالَ المَأمُونُ كَيفَ قَالَ قَولُهُ أَنَا آخِرُ نبَيِ‌ّ وَ خَاتَمُ الأَنبِيَاءِ وَ لَا يَكُونُ بعَديِ‌ نبَيِ‌ّ أَبَداً وَ هُوَ ألّذِي قَالَ فِي علِميِ‌ كَذِبٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنّهُ وُلِدَ بِالطّالِعِ ألّذِي لَو وُلِدَ فِيهِ مَولُودٌ لَا بُدّ أَن يَكُونَ نَبِيّاً فَظَهَرَ لِي بِهَذَا كَذِبُهُ إِذ قَالَ لَا نبَيِ‌ّ بعَديِ‌ فَكَيفَ أُؤمِنُ بِهِ وَ أُصَدّقُهُ فَخَجِلَ المَأمُونُ مِن ذَلِكَ وَ تَحَيّرَ الفُقَهَاءُ فَقَالَ مُتَكَلّمٌ مِن هَاهُنَا قُلنَا إِنّهُ صَادِقٌ وَ إِنّهُ خَاتَمُ الأَنبِيَاءِ لِأَنّ الحُكَمَاءَ كُلّهُمُ اجتَمَعُوا عَلَي أَنّ نَجمَهُص كَانَ المشُترَيِ‌َ وَ عُطَارِدَ وَ الزّهَرَةَ وَ المِرّيخَ وَ لَا يُولَدُ بِهَا وَلَدٌ إِلّا وَ يَمُوتُ مِن سَاعَتِهِ وَ إِن عَاشَ فَيَمُوتُ لَا مَحَالَةَ وَ لَا يُجَاوِزُ يَومَ السّابِعِ وَ هُوَ قَد عَاشَ وَ بقَيِ‌َ ثَلَاثاً وَ سِتّينَ سَنَةً فَصَحّ أَنّهُ آيَةٌ وَ قَد أَتَي مِنَ المُعجِزَاتِ البَاهِرَةِ بِمَا لَم يَأتِ بِمِثلِهِ أَحَدٌ قَبلَهُ وَ لَا بَعدَهُ فَأَقَرّ إِيزَدخَواهُ وَ أَسلَمَ فسَمُيّ‌َ مَا شَاءَ اللّهُ الحَكِيمَ فَمِن نَظَرِ المشُترَيِ‌ لَهُ العِلمُ وَ الحِكمَةُ وَ الفِطنَةُ وَ السّيَاسَةُ وَ الرّئَاسَةُ وَ مِن نَظَرِ عُطَارِدَ اللّطَافَةُ وَ الظّرَافَةُ وَ المَلَاحَةُ وَ الفَصَاحَةُ وَ الحَلَاوَةُ وَ مِن نَظَرِ الزّهَرَةِ الصّبَاحَةُ وَ الهَشَاشَةُ وَ البَشَاشَةُ وَ الحُسنُ وَ الطّيبُ وَ الجَمَالُ وَ البَهَاءُ وَ الغُنجُ وَ الدّلَالُ وَ مِن نَظَرِ المِرّيخِ السّيفُ وَ الجَلَادَةُ وَ القِتَالُ وَ القَهرُ وَ الغَلَبَةُ وَ المُحَارَبَةُ فَجَمَعَ اللّهُ فِيهِ جَمِيعَ المَدَائِحِ وَ قَالَ بَعضُ المُنَجّمِينَ مَوَالِدُ الأَنبِيَاءِ السّنبُلَةُ وَ المِيزَانُ وَ كَانَ طَالِعُ النّبِيّص المِيزَانَ وَ قَالَص وُلِدتُ بِالسّمَاكِ وَ فِي حِسَابِ المُنَجّمِينَ أَنّهُ السّمَاكُ الرّامِحُ

23-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]حملت به أمه في أيام التشريق عندجمرة العقبة الوسطي في منزل


صفحه : 276

عبد الله بن عبدالمطلب وولد بمكة عندطلوع الفجر من يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول بعدخمس وخمسين يوما من هلاك أصحاب الفيل وقالت العامة يوم الإثنين الثاني‌ أوالعاشر منه لسبع بقين من ملك أنوشيروان ويقال في ملك هرمز لثمان سنين وثمانية أشهر مضت من ملك عمرو بن هند ملك العرب ووافق شهر الروم العشرين من شباط في السنة الثانية من ملك هرمز بن أنوشيروان والأول هوالصحيح لقوله ولدت في زمن الملك العادل أنوشيروان قال الكليني‌ في شعب أبي طالب في دار محمد بن يوسف في الزاوية القصوي عن يسارك و أنت داخل الدار و قال الطبري‌ في بيت من الدار التي‌ تعرف اليوم بدار يوسف و هوأخو الحجاج بن يوسف و كان قداشتراها من عقيل وأدخل ذلك البيت في الدار حتي أخرجته خيزران واتخذته مسجدا يصلي فيه الزهرة عن أبي عبد الله الطرابلسي‌ البيت ألذي ولد فيه رسول الله في دار محمد بن يوسف

24-نجم ،[ كتاب النجوم ] حَدّثَنَا ابنُ حُمَيدٍ عَن سَلَمَةَ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ قَالَ كَانَ مِن حَدِيثِ كِسرَي كَمَا حدَثّنَيِ‌ بِهِ بَعضُ أصَحاَبيِ‌ عَن وَهبِ بنِ مُنَبّهٍ كَانَ سَكَرَ دِجلَةَ


صفحه : 277

الغَورَاءَ وَ أَنفَقَ عَلَيهَا مِنَ الأَموَالِ مَا يُدرَي مَا هُوَ وَ كَانَ طَاقُ مَجلِسِهِ قَد بَنَي بُنيَاناً لَم يُرَ مِثلُهُ وَ كَانَ يُعَلّقُ بِهِ تَاجَهُ فَيَجلِسُ فِيهِ إِذَا جَلَسَ لِلنّاسِ وَ كَانَ عِندَهُ سِتّونَ وَ ثَلَاثُ مِائَةِ رَجُلٍ مِنَ العُلَمَاءِ مِن بَينِ كَاهِنٍ وَ سَاحِرٍ وَ مُنَجّمٍ قَالَ وَ كَانَ فِيهِم رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ يُقَالُ لَهُ السّائِبُ يَعتَافُ اعتِيَافَ العَرَبِ قَلّمَا يُخطِئُ بَعَثَ إِلَيهِ بَاذَانُ مِنَ اليَمَنِ وَ كَانَ كِسرَي إِذَا حَزَنَهُ أَمرٌ جَمَعَ كُهّانَهُ وَ سُحّارَهُ وَ مُنَجّمِيهِ وَ قَالَ انظُرُوا فِي هَذَا الأَمرِ مَا هُوَ فَلَمّا أَن بَعَثَ اللّهُ نَبِيّهُ مُحَمّداًص أَصبَحَ كِسرَي ذَاتَ غَدَاةٍ وَ قَدِ انقَضّت طَاقُ مُلكِهِ مِن وَسَطِهَا وَ انخَرَقَت عَلَيهِ دِجلَةُ الغَورَاءُ فَلَمّا رَأَي ذَلِكَ حَزَنَهُ وَ قَالَ انقَضّت طَاقُ ملُكيِ‌ مِن وَسَطِهَا مِن غَيرِ ثِقَلٍ وَ انخَرَقَت دِجلَةُ الغَورَاءُ شاه بشكست يَقُولُ المَلِكُ انكَسَرَ ثُمّ دَعَا بِكُهّانِهِ وَ سُحّارِهِ وَ مُنَجّمِهِ وَ دَعَا السّائِبَ مَعَهُم وَ قَالَ انقَضّت طَاقُ ملُكيِ‌ مِن غَيرِ ثِقَلٍ وَ انخَرَقَت دِجلَةُ الغَورَاءُ شاه بشكست انظُرُوا فِي هَذَا الأَمرِ مَا هُوَ فَخَرَجُوا مِن عِندِهِ فَنَظَرُوا فِي أَمرِهِ فَأُخِذَ عَلَيهِم بِأَقطَارِ السّمَاءِ وَ أَظلَمَت عَلَيهِمُ الأَرضُ وَ تَسَكّعُوا فِي عِلمِهِم فَلَا يمَضيِ‌ لِسَاحِرٍ سِحرُهُ وَ لَا لِكَاهِنٍ كِهَانَتُهُ وَ لَا يَستَقِيمُ لِمُنَجّمٍ عِلمُ نُجُومِهِ وَ بَاتَ السّائِبُ فِي لَيلَةِ ظِلّ عَلَي رَبوَةٍ مِنَ الأَرضِ يَرمُقُ بَرقاً نَشَأَ مِن قِبَلِ الحِجَازِ ثُمّ استَطَارَ حَتّي بَلَغَ المَشرِقَ فَلَمّا أَصبَحَ ذَهَبَ يَنظُرُ إِلَي مَا تَحتَ قَدَمَيهِ فَإِذَا رَوضَةٌ خَضرَاءُ فَقَالَ فِيمَا يَعتَافُ لَئِن صَدَقَ لَيَخرُجَنّ مِنَ الحِجَازِ سُلطَانٌ يَبلُغُ المَشرِقَ يُخصِبُ عَنهُ الأَرضُ كَأَفضَلِ مَا أَخصَبَت عَن مَلِكٍ كَانَ قَبلَهُ فَلَمّا خَلَصَ الكُهّانُ وَ المُنَجّمُونَ بَعضُهُم إِلَي بَعضٍ وَ رَأَوا مَا قَد أَصَابَهُم وَ رَأَي السّائِبُ مَا قَد رَأَي قَالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ تَعلَمُونَ وَ اللّهِ


صفحه : 278

مَا حِيلَ بَينَكُم وَ بَينَ عِلمِكُم إِلّا لِأَمرٍ جَاءَ مِنَ السّمَاءِ وَ إِنّهُ لنَبَيِ‌ّ قَد بُعِثَ أَو هُوَ مَبعُوثٌ يَسلُبُ هَذَا المُلكَ وَ يَكسِرُهُ وَ لَئِن نَفَيتُم لِكِسرَي مُلكَهُ لَيَقتُلَنّكُم فَأَقِيمُوا بَينَكُم أَمراً تَقُولُونَهُ حَتّي تُؤَخّرُونَهُ عَنكُم إِلَي أَمرٍ مَا شَاعَ فَجَاءُوا إِلَي كِسرَي فَقَالُوا لَهُ قَد نَظَرنَا فِي هَذَا الأَمرِ فَوَجَدنَا حِسَابَكَ ألّذِي وُضِعَت بِهِ طَاقُ مُلكِكَ وَ سُكِرَت دِجلَةُ الغَورَاءُ وَضَعُوهُ عَلَي النّحُوسِ فَلَمّا اختَلَفَ عَلَيهِمُ اللّيلُ وَ النّهَارُ وَقَعَتِ النّحُوسُ عَلَي مَوَاقِعِهَا فَذَلِكَ كُلّ وُضِعَ عَلَيهَا وَ إِنّا سَنَحسُبُ لَكَ حِسَاباً تَضَعُ عَلَيهِ بُنيَانَكَ فَلَا تَزُولُ قَالَ فَاحسُبُوا فَحَسَبُوا لَهُ ثُمّ قَالُوا لَهُ ابنِهِ فَبَنَي فَعَمِلَ فِي دِجلَةَ ثَمَانِيَةَ أَشهُرٍ وَ أَنفَقَ فِيهَا مِنَ الأَموَالِ مَا لَا يُدرَي مَا هُوَ حَتّي إِذَا فَرَغَ قَالَ لَهُم أَجلِسُ عَلَي سُورِهَا قَالُوا نَعَم فَأَمَرَ البُسُطَ وَ الفُرُشَ وَ الرّيَاحِينَ فَوُضِعَت عَلَيهَا وَ أَمَرَ بِالمَرَازِبَةِ فَجَمَعُوا إِلَيهِ النّقّابُونَ ثُمّ خَرَجَ حَتّي جَلَسَ عَلَيهَا فَبَينَا هُوَ هُنَالِكَ إِذِ انتَسَفَت دِجلَةُ بِالبُنيَانِ مِن تَحتِهِ فَلَم يُخرَج إِلّا بِآخِرِ رَمَقٍ فَلَمّا أَخرَجُوهُ جَمَعَ كُهّانَهُ وَ سُحّارَهُ وَ مُنَجّمِيهِ فَقَتَلَ مِنهُم قَرِيباً مِن مِائَةٍ وَ قَالَ نَمّيتُكُم وَ أَدنَيتُكُم دُونَ النّاسِ فَأَجرَيتُ عَلَيكُم أرَزاَقيِ‌ تَلعَبُونَ بيِ‌ قَالُوا أَيّهَا المَلِكُ أَخطَأنَا كَمَا أَخطَأَ مَن قَبلَنَا وَ لَكِنّا سَنَحسُبُ حِسَاباً فَنُبَيّنُهُ حَتّي تَضَعَهَا عَلَي الوَثَاقِ مِنَ السّعُودِ قَالَ انظُرُوا مَا تَقُولُونَ قَالُوا فَإِنّا نَفعَلُ قَالَ فَاحسُبُوا فَحَسَبُوا ثُمّ قَالُوا لَهُ ابنِهِ فَبَنَي وَ أَنفَقَ مِنَ الأَموَالِ مَا لَا يُدرَي مَا هُوَ ثَمَانِيَةَ أَشهُرٍ فَلَمّا فَرَغُوا قَالَ أَ فَأَخرُجُ وَ أَقعُدُ عَلَيهَا قَالُوا نَعَم فَهَابَ الجُلُوسَ عَلَيهَا وَ رَكِبَ بِرذَوناً لَهُ وَ خَرَجَ يَسِيرُ عَلَيهَا


صفحه : 279

فَبَينَا هُوَ يَسِيرُ إِذَا انتَسَفَت دِجلَةُ بِالبُنيَانِ فَلَم يُدرَك إِلّا بِآخِرِ رَمَقٍ فَدَعَاهُم فَقَالَ وَ اللّهِ لَآمُرَنّ عَلَي آخِرِكُم وَ لَأَنزِعَنّ أَكتَافَكُم وَ لَأَطرَحَنّكُم تَحتَ أيَديِ‌ الفِيَلَةِ أَو لتَصَدقُنُيّ‌ مَا هَذَا الأَمرُ ألّذِي تُلَفّقُونَ عَلَيّ قَالُوا لَا نَكذِبَنّكَ أَيّهَا المَلِكُ أَمَرتَنَا حِينَ انخَرَقَت عَلَيكَ دِجلَةُ وَ انقَضّت عَلَيكَ طَاقُ مَجلِسِكَ مِن غَيرِ ثِقَلٍ أَن نَنظُرَ فِي عِلمِنَا فَأَظلَمَت عَلَينَا بِأَقطَارِ السّمَاءِ فَتَرَدّدَ عِلمُنَا فِي أَيدِينَا فَلَا يَستَقِيمُ لِسَاحِرٍ سِحرُهُ وَ لَا لِكَاهِنٍ كِهَانَتُهُ وَ لَا لِمُنَجّمٍ عِلمُ نُجُومِهِ فَعَرَفنَا أَنّ هَذَا الأَمرَ حَدَثَ مِنَ السّمَاءِ وَ أَنّهُ قَد بُعِثَ نبَيِ‌ّ أَو هُوَ مَبعُوثٌ فَلِذَلِكَ حِيلَ بَينَنَا وَ بَينَ عِلمِنَا فَخَشِينَا إِن نَفَينَا إِلَيكَ مُلكَكَ أَن تَقتُلَنَا فَكَرِهنَا مِنَ المَوتِ مَا يَكرَهُ النّاسُ فَعَلّلنَاكَ عَن أَنفُسِنَا بِمَا رَأَيتَ قَالَ وَيحَكُم فَهَلّا يَكُونُ بَيّنتُم لِي هَذَا فَأَرَي فِيهِ رأَييِ‌ قَالُوا مَنَعَنَا مِن ذَلِكَ مَا تَخَوّفنَا مِنكَ فَتَرَكَهُم وَلَهاً عَن دِجلَةَ حِينَ غَلَبَتِهِ

بيان التسكع التحير والتمادي‌ في الباطل والمرازبة رؤساء الفرس وأمراؤهم ويقال نميته تنمية أي رفعته ولفق الحديث زخرفه ثم الظاهر أن قوله فلما أن بعث الله نبيه من سهو الرواة أوالكتاب و كان مكانه فلما ولد النبي ص كماعرفت في الأخبار السابقة علي أنه يحتمل وقوع مثل هذا في الوقتين معا

25-عم ،[إعلام الوري ]وُلِدَص يَومَ الجُمُعَةِ عِندَ طُلُوعِ الشّمسِ السّابِعَ عَشَرَ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ عَامَ الفِيلِ وَ فِي رِوَايَةِ العَامّةِ وُلِدَص يَومَ الإِثنَينِ ثُمّ اختَلَفُوا فَمِن قَائِلٍ يَقُولُ لِلَيلَتَينِ مِن شَهرِ رَبِيعٍ الأَوّلِ وَ مِن قَائِلٍ يَقُولُ لِعَشرِ لَيَالٍ خَلَونَ مِنهُ وَ ذَلِكَ لِأَربَعٍ وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ ثَمَانِيَةِ أَشهُرٍ مَضَت مِن مُلكِ كِسرَي أَنُوشِيرَوَانَ بنِ قُبَادَ وَ هُوَ قَاتِلُ مَزدَكَ وَ الزّنَادِقَةِ وَ مُبِيرُهُم وَ هُوَ ألّذِي عَنَي رَسُولُ اللّهِص عَلَي مَا يَزعُمُونَ وُلِدتُ فِي زَمَانِ المَلِكِ الصّالِحِ


صفحه : 280

وَ لثِمَاَنيِ‌ سِنِينَ وَ ثَمَانِيَةِ أَشهُرٍ مِن مُلكِ عَمرِو بنِ هِندٍ مَلِكِ العَرَبِ وَ كُنيَتُهُ أَبُو القَاسِمِ

وَ رَوَي أَنَسُ بنُ مَالِكٍ قَالَ لَمّا وُلِدَ اِبرَاهِيمُ بنُ النّبِيّص مِن مَارِيَةَ أَتَاهُ جَبرَئِيلُ فَقَالَ السّلَامُ عَلَيكَ أَبَا اِبرَاهِيمَ أَو يَا أَبَا اِبرَاهِيمَ وَ نَسَبُهُ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ وَ اسمُهُ شَيبَةُ الحَمدِ بنُ هَاشِمٍ وَ اسمُهُ عَمرُو بنُ عَبدِ مَنَافٍ وَ اسمُهُ المُغِيرَةُ بنُ قصُيَ‌ّ وَ اسمُهُ زَيدُ بنُ كِلَابِ بنِ مُرّةَ بنِ كَعبِ بنِ لوُيَ‌ّ بنِ غَالِبِ بنِ فِهرِ بنِ مَالِكِ بنِ النّضرِ وَ هُوَ قُرَيشُ بنُ كِنَانَةَ بنِ خُزَيمَةَ بنِ مُدرِكَةَ بنِ إِليَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدّ بنِ عَدنَانَ

روُيِ‌َ عَنهُص أَنّهُ قَالَ إِذَا بَلَغَ نسَبَيِ‌ عَدنَانَ فَأَمسِكُوا

وَ روُيِ‌َ عَن أُمّ سَلَمَةَ زَوجِ النّبِيّص قَالَت سَمِعتُ النّبِيّص يَقُولُ مَعَدّ بنُ عَدنَانَ بنِ أُدَدَ بنِ زَيدِ بنِ ثَرَا بنِ أَعرَاقِ الثّرَي

قَالَت أُمّ سَلَمَةَ زَيدٌ هَمَيسَعُ وَ ثَرَا نَبتٌ وَ أَعرَاقُ الثّرَي إِسمَاعِيلُ بنُ اِبرَاهِيمَ ع قَالَت ثُمّ قَرَأَ رَسُولُ اللّهِص وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصحابَ الرّسّ وَ قُرُوناً بَينَ ذلِكَ كَثِيراًلا يَعلَمُهُم إِلّا اللّهُ

وَ ذَكَرَ الشّيخُ أَبُو جَعفَرِ بنُ بَابَوَيهِ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ عَدنَانُ بنُ أَدّ بنِ أُدَدَ بنِ يَامِينَ بنِ يَشجُبَ بنِ مَنحَرِ بنِ صَابُوغَ بنِ الهَمَيسَعِ

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَيعَدنَانُ بنُ أُدَدَ بنِ زَيدِ بنِ يقدد بنِ يَقدَمَ بنِ الهَمَيسَعِ بنِ نَبتِ بنِ قَيذَارَ بنِ إِسمَاعِيلَ ع وَ قِيلَ الأَصَحّ ألّذِي اعتَمَدَ عَلَيهِ أَكثَرُ النّسّابِ وَ أَصحَابِ التّوَارِيخِ أَنّ عَدنَانَ هُوَ أَدّ بنُ أُدَدَ بنِ اليَسَعِ بنِ الهَمَيسَعِ بنِ سَلَامَانَ بنِ نَبتِ بنِ حمل بنِ قَيذَارَ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ ع بنِ تَارَخَ بنِ نَاحُورَ بنِ سَارُوعَ بنِ أرغوا بنِ فالع بنِ عَابَرَ وَ هُوَ هُودُ ع بنُ شَالَحَ بنِ أَرفَخشَدَ بنِ سَامِ بنِ نُوحِ بنِ مَلَكِ[لَمَكِ] بنِ متوشلح بنِ أُخنُوخَ وَ يُقَالُ أُحنُوخُ وَ هُوَ إِدرِيسُ ع بنُ يازد بنِ هلايل بنِ قينان بنِ أنوش بنِ شَيثِ بنِ آدَمَ أَبِي البَشَرِ ع وَ أُمّهُ آمِنَةُ


صفحه : 281

بِنتُ وَهبِ بنِ عَبدِ مَنَافِ بنِ زُهرَةَ بنِ كِلَابِ بنِ مُرّةَ بنِ كَعبِ بنِ لوُيَ‌ّ بنِ غَالِبٍ وَ أَرضَعَتهُ حَتّي شَبّ حَلِيمَةُ بِنتُ عَبدِ اللّهِ بنِ الحَارِثِ بنِ شِجنَةَ السّعدِيّةُ مِن بنَيِ‌ سَعدِ بنِ بَكرِ بنِ هَوَازِنَ وَ كَانَت ثُوَيبَةُ مَولَاةُ أَبِي لَهَبِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ أَرضَعَتهُ أَيضاً بِلَبَنِ ابنِهَا مَسرُوحٍ وَ ذَلِكَ قَبلَ أَن تَقدِمَ حَلِيمَةُ وَ تُوُفّيَت ثُوَيبَةُ مُسلِمَةً سَنَةَ سَبعٍ مِنَ الهِجرَةِ وَ مَاتَ ابنُهَا قَبلَهَا وَ كَانَت قَد أَرضَعَت ثُوَيبَةُ قَبلُ حَمزَةَ بنَ عَبدِ المُطّلِبِ عَمّهُ فَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص لِابنَةِ حَمزَةَ إِنّهَا ابنَةُ أخَيِ‌ مِنَ الرّضَاعَةِ وَ كَانَ حَمزَةُ أَسَنّ مِن رَسُولِ اللّهِ بِأَربَعِ سِنِينَ وَ أَمّا جَدّتُهُ أُمّ أَبِيهِ عَبدِ اللّهِ فهَيِ‌َ فَاطِمَةُ بِنتُ عُمَرَ بنِ عَائِذِ بنِ عِمرَانَ بنِ مَخزُومٍ وَ أُمّ عَبدِ المُطّلِبِ سَلمَي بِنتُ عُمرَةَ مِن بنَيِ‌ النّجّارِ وَ أُمّ هَاشِمٍ عَاتِكَةُ بِنتُ مَرّةَ بنِ هِلَالٍ مِن بنَيِ‌ سُلَيمٍ وَ أُمّ قصُيَ‌ّ وَ زُهرَةَ فَاطِمَةُ بِنتُ سَعدٍ مِن أَزدِ السّرَاةِ وَ صَدَعَص بِالرّسَالَةِ يَومَ السّابِعِ وَ العِشرِينَ مِن رَجَبٍ وَ لَهُ يَومَئِذٍ أَربَعُونَ سَنَةً وَ قُبِضَص يَومَ الإِثنَينِ لِلَيلَتَينِ بَقِيَتَا مِن صَفَرٍ سَنَةَ عِشرِينَ مِنَ الهِجرَةِ وَ هُوَ ابنُ ثَلَاثٍ وَ سِتّينَ سَنَةً

26-نجم ،[ كتاب النجوم ]ذَكَرَ الزمّخَشرَيِ‌ّ فِي رَبِيعِ الأَبرَارِ أَنّهُ قَالَ بَعضُ المُنَجّمِينَ إِنّ مَوَالِيدَ الأَنبِيَاءِ السّنبُلَةَ وَ المِيزَانَ وَ كَانَ طَالِعُ النّبِيّص المِيزَانَ وَ قَالَص وُلِدتُ بِالسّمَاكِ وَ فِي حِسَابِ المُنَجّمِينَ أَنّهُ السّمَاكُ الرّامِحُ وَ كَانَ فِي ثاَنيِ‌ طَالِعِهِ زُحَلُ فَلَم يَكُن لَهُ مِلكٌ وَ لَا عَقَارٌ

27-يل ،[الفضائل لابن شاذان ] قال الواقدي‌ أول ماافتتح به عقيل بن أبي وقاص أن قال بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِالحمد لله ألذي جعلنا من نسل ابراهيم و من شجرة إسماعيل و من غصن نزار و من ثمرة عبدمناف ثم أثني علي الله تعالي ثناء بليغا و قال فيه جميلا وأثني


صفحه : 282

علي اللات والعزي وذكرهم بالجميل وعقد النكاح ونظر إلي وهب و قال يا أباالوداح زوجت كريمتك آمنة من ابن سيدنا عبدالمطلب علي صداق أربعة آلاف درهم بيض هجرية جياد وخمس مائة مثقال ذهب أحمر قال نعم ثم قال يا عبد الله قبلت هذاالصداق ياأيها السيد الخاطب قال نعم ثم دعا لهما بالخير والكرامة ثم أمر وهب أن تقدم المائدة فقدمت مائدة خضرة فأتي‌ من الطعام الحار والبارد والحلو والحامض فأكلوا وشربوا قال ونثر عبدالمطلب علي ولده قيمة ألف درهم من النثار و كان متخذا من مسك بنادق و من عنبر و من سكر و من كافور ونثر وهب بقيمة ألف درهم عنبرا وفرح الخلق بذلك فرحا شديدا. قال الواقدي‌ فلما فرغوا من ذلك نظر عبدالمطلب إلي وهب و قال ورب السماء إني‌ لاأفارق هذاالسقف أوأؤلف بين ولدي‌ وحليلته فقال وهب بهذه السرعة لا يكون فقال عبدالمطلب لابد من ذلك فقام وهب ودخل علي امرأته برة و قال لها اعلمي‌ أن عبدالمطلب قدحلف برب السماء أنه لايفارق هذاالسقف أويؤلف بين ولده عبد الله و بين زوجته آمنة فقامت المرأة من وقتها ودعت بعشر من المشاطات وأمرتهن أن يأخذن في زينة آمنة فقعدن حول آمنة فواحدة منهن تنقش يديها وواحدة تخضب وواحدة تسرح ذؤابتها فلما كان عندغروب الشمس و قدفرغن من زينتها نصبوا سريرا من الخيزران و قدفرشوا عليه من ألوان الديباج والوشي‌ وقعدت الجارية علي السرير وعقدن علي رأسها تاجا و علي جبينيها إكليلا و علي عنقها مخانق الدر والجواهر وتخوتمت بأنواع الخواتيم وجاء وهب و قال لعبد المطلب ياسيدي‌ اقدم علي العروس فقام عبدالمطلب إلي العروس وهي‌ كأنها فلقة قمر من حسنها وتقدم عبدالمطلب إلي السرير وقبله وقبل عين العروس فقال عبدالمطلب لولده عبد الله اجلس ياولدي‌ معها علي السرير وافرح برؤيتها قال فرفع عبد الله قدمه وصعد إلي السرير وقعد إلي جنب العروس وفرح عبدالمطلب و كان من عبد الله إلي أهله ما يكون من الرجال إلي النساء


صفحه : 283

فواقعها فحملت بسيد المرسلين وخاتم النبيين وقام من عندها إلي عند أبيه فنظر إليه أبوه و إذاالنور قدفارق من بين عينيه وبقي‌ عليه من أثر النور كالدرهم الصحيح وذهب النور إلي ثدي‌ آمنة فقام عبدالمطلب إلي عندآمنة ونظر إلي وجهها فلم يكن النور كما كان في عبد الله بل أنور فذهب عبدالمطلب إلي عندحبيب الراهب فسأله عن ذلك فقال حبيب اعلم أن هذاالنور هوصاحب النور بعينه وصار في بطن أمه فقام عبدالمطلب وخرج مع الرجل وبقي‌ عبد الله عندأهله إلي أن ذهبت الصفرة من يديه و ذلك أن العرب كانوا إذادخلوا بأهلهم خضبوا أيديهم بالحناء و لايخرجون من عندهم و علي أيديهم أثر من الحناء وبقي‌ عبد الله أربعين يوما وخرج ونظر أهل مكة إلي عبد الله والنور قدفارق موضعه فرجع عبدالمطلب من عندحبيب و قدأتي علي رسول الله ص شهر واحد في بطن أمه ونادت الجبال بعضها بعضا والأشجار بعضها بعضا والسماوات بعضها بعضا يستبشرون ويقولون ألا إن محمدا قدوقع في رحم أمه آمنة و قدأتي عليه شهر ففرح بذلك الجبال والبحار والسماوات والأرضون فورد عليه كتاب من يثرب بموت فاطمة بنت عبدالمطلب و كان في الكتاب أنها ورثت مالا كثيرا خطيرا فاخرج أسرع ماتقدر عليه فقال عبدالمطلب لولده عبد الله ياولدي‌ لابد لك أن تجي‌ء معي‌ إلي المدينة فسافر مع أبيه ودخلا مدينة يثرب وقبض عبدالمطلب المال و لمامضي من دخولهما المدينة عشرة أيام اعتل عبد الله علة شديدة وبقي‌ خمسة عشر يوما فلما كان اليوم السادس عشر مات عبد الله فبكي عليه أبوه عبدالمطلب بكاء شديدا وشق سقف البيت لأجله في دار فاطمة بنت عبدالمطلب و إذابهاتف يهتف و يقول قدمات من كان في صلبه خاتم النبيين و أي نفر لايموت فقام عبدالمطلب فغسله وكفنه ودفنه في سكة يقال لها شين وبني علي قبره قبة عظيمة من جص وآجر ورجع إلي مكة واستقبلته رؤساء قريش وبنو هاشم واتصل الخبر إلي آمنة بوفاة زوجها فبكت ونتفت شعرها وخدشت وجهها ومزقت جيبها ودعت بالنائحات ينحن علي


صفحه : 284

عبد الله فجاء بعد ذلك عبدالمطلب إلي دار آمنة وطيب قلبها ووهب لها في ذلك الوقت ألف درهم بيض وتاجين قداتخذهما عبدمناف لبعض بناته و قال لها ياآمنة لاتحزني‌ فإنك عندي‌ جليلة لأجل من في بطنك ورحمك فلاتهتك أمرك فسكتت وطيب قلبها. قال الواقدي‌ فلما أتي علي رسول الله ص في بطن أمه شهران أمر الله تعالي مناديا في سماواته وأرضه أن ناد في السماوات و الأرض والملائكة أن استغفروا لمحمدص وأمته كل هذاببركة النبي ص . قال الواقدي‌ فلما أتي علي رسول الله ص في بطن أمه ثلاثة أشهر كان أبوقحافة راجعا من الشام فلما بلغ قريبا من مكة وضعت ناقته جمجمتها علي الأرض ساجدة و كان بيد أبي قحافة قضيب فضربها بأوجع ضرب فلم ترفع رأسها فقال أبوقحافة فما أري ناقة تركت صاحبها و إذابهاتف يهتف و يقول لاتضرب يا أباقحافة من لايطيعك أ لاتري أن الجبال والبحار والأشجار سوي الآدميين سجدوا لله فقال أبوقحافة ياهاتف و ماالسبب في ذلك قال اعلم أن النبي الأمي‌ قدأتي عليه في بطن أمه ثلاثة أشهر قال أبوقحافة ومتي يكون خروجه قال ستري يا أباقحافة إن شاء الله تعالي فالويل كل الويل لعبدة الأصنام من سيفه وسيف أصحابه فقال أبوقحافة فوقفت ساعة حتي رفعت الناقة رأسها وجئت إلي عبدالمطلب فأخبرته . قال الواقدي‌ فلما أتي علي رسول الله ص أربعة أشهر كان زاهد علي الطريق من الطائف و كان له صومعة بمكة علي مرحلة قال فخرج الزاهد و كان اسمه حبيبا فجاء إلي بعض أصدقائه بمكة فلما بلغ أرض الموقف إذابصبي‌ قدوضع جبينه علي الأرض و قدسجد علي جمجمته قال حبيب فدنوت منه فأخذته و إذابهاتف يهتف و يقول خل عنه ياحبيب أ لاتري إلي الخلائق من البر والبحر والسهل والجبل قد


صفحه : 285

سجدوا لله شكرا لماأتي علي النبي الزكي‌ الرضي‌ المرضي‌ في بطن أمه خمسة أشهر و هذاالصبي‌ قدسجد لله قال حبيب فتركت الصبي‌ ودخلت مكة وبينت ذلك لعبد المطلب و عبدالمطلب يقول اكتم هذاالاسم فإن لهذا الاسم أعداء قال وذهب حبيب إلي صومعته فإذاالصومعة تهتز و لاتستقر و إذا علي محرابه مكتوب و علي محراب كل راهب يا أهل البيع والصوامع آمنوا بالله وبرسوله محمد بن عبد الله فقد آن خروجه فطوبي ثم طوبي لمن آمن به والويل كل الويل لمن كفر به ورد عليه حرفا مما يأتي‌ به من عندربه قال حبيب فقلت السمع والطاعة إني‌ لمؤمن وطائع غيرمنكر. قال الواقدي‌ فلما أتي علي رسول الله ص في بطن أمه ستة أشهر خرج أهل المدينة واليمن إلي العيد و كان رسمهم أنهم يمرون في كل سنة ستة أعياد وكانوا يذهبون عندشجرة عظيمة يقال لها ذات أنواط وهي‌ التي‌ سماها الله تعالي في كتابه وَ مَناةَ الثّالِثَةَ الأُخريفذهبوا في ذلك وأكلوا وشربوا وفرحوا وتقاربوا من الشجرة و إذابصيحة عظيمة من وسط الشجرة و هوهاتف يقول يا أهل اليمن و يا أهل اليمامة و يا أهل البحرين و يا من عبدالأصنام و يا من سجد للأوثان جاءَ الحَقّ وَ زَهَقَ الباطِلُ إِنّ الباطِلَ كانَ زَهُوقاً ياقوم قدجاءكم الهلاك قدجاءكم التلف قدجاءكم الويل والثبور قال ففزعوا من ذلك وانهزموا راجعين إلي منازلهم متحيرين متعجبين من ذلك . قال الواقدي‌ فلما أتي علي رسول الله ص في بطن أمه سبعة أشهر جاء سواد بن قارب إلي عبدالمطلب و قال له اعلم يا أباالحارث أني‌ كنت البارحة بين النوم واليقظة فرأيت أبواب السماء مفتحة ورأيت الملائكة ينزلون إلي الأرض معهم ألوان الثياب يقولون زينوا الأرض فقد قرب خروج من اسمه محمد و هونافلة عبدالمطلب رسول الله


صفحه : 286

إلي الأرض و إلي الأسود والأحمر والأصفر و إلي الصغير والكبير والذكر والأنثي صاحب السيف القاطع والسهم النافذ فقلت لبعض الملائكة من هذاتزعمون فقال ويلك هذا محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف فهذا مارأيت فقال له عبدالمطلب اكتم الرؤيا و لاتخبر به أحدا لننظر ما يكون . قال الواقدي‌ فلما أتي علي النبي ص في بطن أمه ثمانية أشهر كان في بحر الهواء حوتة يقال لها طينوسا وهي‌ سيدة الحيتان فتحركت الحيتان وتحركت الحوتة واستوت قائمة علي ذنبها وارتفعت وارتفع الأمواج عنها فقالت الملائكة إلهنا وسيدنا تري إلي ماتفعل طينوسا و لاتطيعنا و ليس لنا بهاقوة قال فصاح إستحيائيل الملك صيحة عظيمة و قال لها قري‌ ياطينوسا أ لاتعرفين من تحتك فقالت طينوسا ياإستحيائيل أمر ربي‌ يوم خلقني‌ إذاولد محمد بن عبد الله استغفري‌ له ولأمته والآن سمعت الملائكة يبشر بعضهم بعضا فلذلك قمت وتحركت فناداها إستحيائيل قري‌ واستغفري‌ فإن محمدا قدولد فلذلك انبطحت في البحر وأخذت في التسبيح والتهليل والتكبير والثناء علي رب العالمين . قال الواقدي‌ فلما أتي علي رسول الله ص في بطن أمه تسعة أشهر أوحي الله إلي الملائكة في كل سماء أن اهبطوا إلي الأرض فهبط عشرة آلاف ملك بيد كل ملك قنديل يشتعل بالنور بلا دهن مكتوب علي كل قنديل لاإله إلا الله محمد رسول الله يقرأه كل عربي‌ كاتب ووقفوا حول مكة في المفاوز و إذابهاتف يهتف و يقول هذانور محمد رسول الله ص قال فورد الخبر علي عبدالمطلب فأمر بكتمانه إلي أن يكون . قال الواقدي‌ فلما كملت تسعة أشهر لرسول الله ص صار لايستقر كوكب في السماء إلا من موضع إلي موضع يبشرون بعضهم بعضا و الناس ينظرون إلي الكواكب


صفحه : 287

في السماء مسيرات لايستقرون فأقام ذلك ثلاثين يوما قال الواقدي‌ فلما تم لرسول الله ص تسعة أشهر نظرت أم رسول الله ص آمنة إلي أمها برة وقالت ياأماه إني‌ أحب أن أدخل البيت فأبكي‌ علي زوجي‌ ساعة وأقطر دمعي‌ علي شبابه وحسن وجهه فإذادخلت البيت وحدي‌ فلايدخل علي أحد فقالت لها برة ادخلي‌ ياآمنة فابكي‌ فحق لك البكاء قال فدخلت آمنة البيت وحدها وقعدت وبكت و بين يديها شمع يشتعل وبيدها مغزل من آبنوس و علي مغزلها فلقة من عقيق أحمر وآمنة تبكي‌ وتنوح إذاأصابها الطلق فوثبت إلي الباب لتفتحه فلم ينفتح فرجعت إلي مكانها وقالت وا وحدتاه وأخذها الطلق والنفاس و ماشعرت بشي‌ء حتي انشق السقف ونزلت من فوق أربع حوريات وأضاء البيت لنور وجوههن وقلن لآمنة لابأس عليك ياجارية إنا جئناك لنخدمك فلايهمنك أمرك وقعدت الحوريات واحدة علي يمينها وواحدة علي شمالها وواحدة بين يديها وواحدة من ورائها فهومت عين آمنة وغفت غفوة قال ابن عباس ما كان من أمر أم الصبي‌ إلاأنها كانت نائمة عندخروج ولدها من بطنها فانتبهت أم النبي ص فإذا النبي تحت ذيلها قدوضع جبينه علي الأرض ساجدا لله ورفع سبابتيه مشيرا بهما لاإله إلا الله . قال الواقدي‌ ولد رسول الله ص في ليلة الجمعة قبل طلوع الفجر في شهر ربيع الأول لسبعة عشر منه في سنة تسعة آلاف سنة وتسعمائة وأربعة أشهر وسبعة أيام من وفاة آدم ع . قال الواقدي‌ ونظرت أمه آمنة إلي وجه رسول الله ص فإذا هومكتحل العينين منقط الجبين والذقن وأشرق من وجنتي‌ النبي ص نور ساطع في ظلمة الليل ومر


صفحه : 288

في سقف البيت وشق السقف ورأت آمنة من نور وجهه كل منظر حسن وقصر بالحرم وسقط في تلك الليلة أربعة وعشرون شرفا من إيوان كسري وأخمدت في تلك الليلة نيران فارس وأبرق في تلك الليلة برق ساطع في كل بيت وغرفة في الدنيا ممن قدعلم الله تعالي وسبق في علمه أنهم يؤمنون بالله ورسوله محمدص و لم يسطع في بقاع الكفر بأمر الله تعالي و مابقي‌ في مشارق الأرض ومغاربها صنم و لاوثن إلا وخرت علي وجوهها ساقطة علي جباهها خاشعة و ذلك كله إجلالا للنبي‌ص . قال الواقدي‌ فلما رأي إبليس لعنه الله تعالي وأخزاه ذلك وضع التراب علي رأسه وجمع أولاده و قال لهم ياأولادي‌ اعلموا أنني‌ ماأصابني‌ منذ خلقت مثل هذه المصيبة قالوا و ما هذه المصيبة قال اعلموا أنه قدولد في هذه الليلة مولود اسمه محمد بن عبد الله ص يبطل عبادة الأوثان ويمنع السجود للأصنام ويدعو الناس إلي عبادة الرحمن قال فنثروا التراب علي رءوسهم ودخل إبليس لعنه الله تعالي في البحر الرابع وقعد فيه للمصيبة هو وأولاده مكروبين أربعين يوما. قال الواقدي‌ فعند ذلك أخذت الحوريات محمداص ولففنه في منديل رومي‌ ووضعنه بين يدي‌ آمنة ورجعن إلي الجنة يبشرون الملائكة في السماوات بمولد النبي ص ونزل جبرئيل وميكائيل ع ودخلا البيت علي صورة الآدميين وهما شابان و مع جبرئيل طشت من ذهب و مع ميكائيل إبريق من عقيق أحمر فأخذ جبرئيل رسول الله ص وغسله وميكائيل يصب الماء عليه فغسلاه وآمنة في زاوية البيت قاعدة فزعة مبهوتة فقال لها جبرئيل ياآمنة لانغسله من النجاسة فإنه لم يكن نجسا ولكن نغسله من ظلمات بطنك فلما فرغوا من غسله وكحلوا عينيه ونقطوا جبينيه بورقة كانت معهم مسك وعنبر وكافور مسحوق بعضه ببعض فذروه فوق رأسه ص قالت آمنة وسمعت جلبة وكلاما علي الباب فذهب جبرئيل إلي الباب فنظر ورجع إلي البيت و قال ملائكة سبع سماوات يريدون السلام علي النبي ص فاتسع البيت ودخلوا عليه


صفحه : 289

موكب بعدموكب وسلموا عليه وقالوا السلام عليك يا محمد السلام عليك يامحمود السلام عليك يا أحمد السلام عليك ياحامد. قال الواقدي‌ فلما دخل من الليل ثلثه أمر الله تعالي جبرئيل ع أن يحمل من الجنة أربعة أعلام فحمل جبرئيل الأعلام ونزل إلي الدنيا ونصب علما أخضر علي جبل قاف مكتوبا عليه بالبياض سطران لاإله إلا الله محمد رسول الله ص ونصب علما آخر علي جبل أبي قبيس له ذؤابتان مكتوب علي واحدة منهما شهادة أن لاإله إلا الله و في الثانية لادين إلادين محمد بن عبد الله ونصب علما آخر علي سطح بيت الله الحرام له ذؤابتان مكتوب علي واحدة منهما طوبي لمن آمن بالله وبمحمد والويل لمن كفر به ورد عليه حرفا مما يأتي‌ به من عندربه ونصب علما آخر علي ضراح بيت الله المقدس و هوأبيض عليه خطان مكتوبان بالسواد الأول لاغالب إلا الله والثاني‌ النصر لله ولمحمدص . قال الواقدي‌ وذهب إستحيائيل ووقف علي ركن جبل أبي قبيس ونادي بأعلي صوته يا أهل مكة آمنوا بالله ورسوله والنور ألذي أنزلنا وأمر الله غمامة أن ترفع فوق بيت الله الحرام وتنثر علي البيت الحرام ريش الزعفران والمسك والعنبر وتمطر علي البيت فلما أصبحوا رأوا ريش الزعفران والمسك والعنبر وارتفعت الغمامة وأمطرت علي البيت وخرجت الأصنام من بيت الله الحرام وجاءوا إلي عندالحجر وانكبوا علي وجوههم وجاء جبرئيل بقنديل أحمر له سلسلة من جزع أصفر و هويشتعل بلا دهن بقدرة الله تعالي . قال الواقدي‌ وبرق من وجه النبي ص برق وذهب في الهواء حتي التزق بعنان السماء و مابقي‌ بمكة دار و لامنظر إلادخله ذلك النور ممن سبق في قدر الله تعالي وعلمه أنه يؤمن بالله وبرسوله محمدص و مابقي‌ في تلك الليلة كتاب من التوراة والإنجيل والزبور ومما كان فيه اسمه ص أونعته إلا وقطر تحت اسمه قطرة دم و قال


صفحه : 290

لأن الله تعالي بعثه بالسيف و مابقي‌ في تلك الليلة دير و لاصومعة إلا وكتب علي محاريبها اسم محمدص فبقيت الكتابة إلي الصباح حتي قرأ الرهبانية والديرانية وعلموا أن النبي الأمي‌ص قدولد. قال الواقدي‌ فعندها قامت آمنة رضي‌ الله عنها وفتحت الباب وصاحت صيحة وغشي‌ عليها ثم دعت بأمها برة وأبيها وهب وقالت ويحكما أين أنتما فما رأيتما ماجري علي إني‌ وضعت ولدي‌ و كان كذا وكذا تصف لهما مارأته قال فقام وهب ودعا بغلام و قال اذهب إلي عبدالمطلب وبشره و أهل مكة علي المغاير قدصعدوا والصروح ينظرون إلي العجائب و لايدرون ماالخبر وكذلك عبدالمطلب قدصعد مع أولاده فما شعروا بشي‌ء حتي قرع الغلام الباب ودخل علي عبدالمطلب و قال ياسيدنا أبشر فإن آمنة قدوضعت ولدا ذكرا فاستبشر بذلك و قال قدعلمت أن هذه براهين ودلائل لمولودي‌ فذهب عبدالمطلب إلي آمنة مع أولاده ونظروا إلي وجه رسول الله ص ووجهه كالقمر ليلة البدر يسبح ويكبر في نفسه فتعجب منه عبدالمطلب . قال الواقدي‌ فأصبح أهل مكة يوم الثاني‌ ونظروا إلي القنديل و إلي السلسلة و إلي ريش الزعفران والعنبر ينزل من الغمامة و إلي الأصنام و قدخرجن منكبات علي وجوههن وبقي‌ الخلق علي ذلك وجاء إبليس أخزاه الله علي صورة شيخ زاهد و قال يا أهل مكة لايهمنكم أمر هذافإنما أخرج الأصنام الليل العفاريت والمردة وسجدوا لهن فلايهمنكم وأمر إبليس لعنه الله أن تدخل الأصنام إلي جوف بيت الله الحرام ففعلوا ذلك و إذابهاتف يهتف و يقول جاءَ الحَقّ وَ زَهَقَ الباطِلُ إِنّ الباطِلَ كانَ زَهُوقاً. قال الواقدي‌ فأرسل الله تعالي إلي البيت جللا من الديباج الأبيض مكتوب عليها


صفحه : 291

بخط أسودبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِيا أَيّهَا النّبِيّ إِنّا أَرسَلناكَ شاهِداً وَ مُبَشّراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَي اللّهِ بِإِذنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً. قال الواقدي‌ فتعجب الناس من ذلك وبقيت الجلل علي البيت أربعين يوما فذهب رجل من آل إدريس و كان بيده مد سمنا فتمسح بذلك الجلل والتحف به فارتفع الجلل من ليلته و لو لم يلتحف به لبقي‌ علي بيت الله الحرام هذاالديباج إلي يوم القيامة. قال الواقدي‌ فاجتمع رؤساء بني‌ هاشم وذهبوا إلي حبيب الراهب وقالوا ياحبيب بين لنا خبر هذاالجلل وإخراج الأصنام من جوف بيت الله الحرام والكواكب السائرات والبرق ألذي برق في هذه الليلة والجلبات التي‌ سمعنا مما هي‌ فقال حبيب أنتم تعلمون أن ديني‌ ليس دينكم و أناأقول الحق إن شئتم فاقبلوا و إن شئتم لاتقبلوا ما هذه العلامات إلاعلامات نبي‌ مرسل في زمانكم ونحن وجدنا في التوراة ذكر وصفه و في الإنجيل نعته و في الزبور اسمه واسمه في الصحف و هو ألذي يبطل عبادة الأوثان والأصنام ويدعو إلي عبادة الرحمن و يكون علي العلم قاطع السيف طاعن الرمح نافذ السهم تخضع له ملوك الدنيا وجبابرتها فالويل الويل لأهل الكفر والطغيان وعبدة الأوثان من سيفه ورمحه وسهمه فمن آمن به نجا و من كفر به هلك فقام الخلق من عنده مغمومين مكروبين ورجعوا إلي مكة محزونين قال الواقدي‌ وأصبح عبدالمطلب اليوم الثاني‌ ودعا بآمنة و قال لها هاتي‌ ولدي‌ وقرة عيني‌ وثمرة فؤادي‌ فجاءت آمنة و محمد علي ساعدها فقال عبدالمطلب اكتميه ياآمنة و لاتبديه لأحد فإن قريشا وبني‌ أمية يرصدون في أمره قالت آمنة السمع والطاعة فجاء عبدالمطلب و محمد علي ساعده وأتي به إلي بيت الله الحرام وأراد أن يمسح بدنه باللات والعزي لتسكن دمدمة قريش وبني‌ هاشم ودخل عبدالمطلب بيت الله الحرام فلما وضع


صفحه : 292

رجله في البيت سمع النبي ص يقول بسم الله وبالله و إذاالبيت يقول السلام عليك يا محمد ورحمة الله وبركاته و إذابهاتف يهتف و يقول جاءَ الحَقّ وَ زَهَقَ الباطِلُ إِنّ الباطِلَ كانَ زَهُوقاًفتعجب عبدالمطلب من صغر سنه وكلامه ومما قال له البيت فأمر عبدالمطلب خزنة البيت أن يكتموا ماسمعوا من البيت و من محمدص . قال الواقدي‌ فتقدم عبدالمطلب إلي اللات والعزي وأراد أن يمسح بدن النبي ص باللات والعزي فجذب من ورائه فالتفت إلي ورائه فلم ير أحدا فتقدم ثانية فجذبه من ورائه جاذب فنظر إلي ورائه فلم ير أحدا ثم تقدم ثالثة فجذبه الجاذب جذبة شديدة حتي أقعده علي عجزه و قال يا أباالحارث أتمسح بدنا طاهرا ببدن نجس . قال الواقدي‌ فعند ذلك وقف عبدالمطلب علي باب بيت الله الحرام و النبي علي ساعده وأنشأ يقول .


الحمد لله ألذي أعطاني‌.   هذاالغلام طيب الأرداني‌.

قدساد في المهد علي الغلماني‌.   أعيذه بالبيت ذي‌ الأركاني‌.

حتي أراه مبلغ الغشياني‌.   أعيذه من كل ذي‌ شنآني‌.

  من حاسد ذي‌ طرف العيناني‌.

قال وخرج عبدالمطلب متفكرا مما سمع ورأي من محمدص إلي أمه و قدوقعت الدمدمة في قريش و بين بني‌ هاشم بسبب محمدص . قال الواقدي‌ فلما كان اليوم الثالث اشتري عبدالمطلب مهدا من خيزران أسود له شبكات من عاج مرصع بالذهب الأحمر و له بركتان من فضة بيضاء ولونه من جزع أصفر وغشاه بجلال ديباج أبيض مكوكب بذهب وبعث إليها من الدر واللؤلؤ الكبار ألذي تلعب به الصبيان في المهد بألوان الخرز و كان النبي ص إذاانتبه من نومه


صفحه : 293

يسبح الله تعالي بتلك الخرز. قال الواقدي‌ فلما كان اليوم الرابع جاء سواد بن قارب إلي عبدالمطلب و كان عبدالمطلب قاعدا علي باب بيت الله الحرام و قدحف به قريش وبنو هاشم فدنا سواد بن قارب و قال يا أباالحارث اعلم أني‌ قدسمعت أنه قدولد لعبد الله ذكر وأنهم يقولون فيه عجائب فأريد أن أنظر إلي وجهه هنيئة و كان سواد بن قارب رجلا إذاتكلم سمع منه و كان رجلا صدوقا فقام عبدالمطلب ومعه سواد بن قارب وجاء إلي دار آمنة رضي‌ الله عنها ودخلا جميعا و النبي ص نائم فلما دخلا القبة قال عبدالمطلب اسكت ياسواد حتي ينتبه من نومه فسكت فدخلا قليلا قليلا حتي دخلا القبة ونظر إلي وجه النبي ص و هو في مهده نائم و عليه هيئة الأنبياء فلما كشف الغطاء عن وجهه برق من وجهه برق شق السقف بنوره والتزق بأعنان السماء فألقي عبدالمطلب وسواد أكمامهما علي وجهيهما من شدة الضوء فعندها انكب سواد علي النبي ص و قال لعبد المطلب أشهدك علي نفسي‌ أني‌ آمنت بهذا الغلام وبما يأتي‌ به من عندربه ثم قبل وجنات النبي ص وخرجا جميعا ورجع سواد إلي موضعه وبقي‌ عبدالمطلب فرحا نشيطا. قال محمد بن عمر الواقدي‌ فلما أتي علي النبي ص شهر كان إذانظر إليه الناظرون توهموا أنه من أبناء سنة لوقارة جسمه وتمام فهمه وكانوا يسمعون من مهده التسبيح والتحميد والثناء علي الله تعالي . قال الواقدي‌ فلما أتي علي رسول الله ص شهران مات وهب جده أبوأمه آمنة وجاء عبدالمطلب وجماعة من قريش وبني‌ هاشم وغسلوا وهبا وحنطوه وكفنوه ودفنوه علي ذيل الصفا.


صفحه : 294

بيان المخانق جمع المخنقة كمكنسة وهي‌ القلادة والتهويم هز الرأس من النعاس وغفت نامت والصرح القصر و كل بناء عال

28-كا،[الكافي‌] عَلِيّ بنُ مُحَمّدِ بنِ بُندَارَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ الأَحمَرِ عَن أَحمَدَ بنِ الحُسَينِ عَن أَبِي العَبّاسِ عَن جَعفَرِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن إِدرِيسَ عَن أَبِي السّائِبِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ ع قَالَ عَقّ أَبُو طَالِبٍ عَن رَسُولِ اللّهِص يَومَ السّابِعِ وَ دَعَا آلَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا مَا هَذِهِ فَقَالَ هَذِهِ عَقِيقَةُ أَحمَدَ قَالُوا لأِيَ‌ّ شَيءٍ سَمّيتَهُ أَحمَدَ قَالَ سَمّيتُهُ أَحمَدَ لِمَحمَدَةِ أَهلِ السّمَاءِ وَ الأَرضِ

29-كا،[الكافي‌] عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَن أَبَانٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ لَمّا وُلِدَ النّبِيّص جَاءَ رَجُلٌ مِن أَهلِ الكِتَابِ إِلَي مَلَإٍ مِن قُرَيشٍ فِيهِم هِشَامُ بنُ المُغِيرَةِ وَ الوَلِيدُ بنُ المُغِيرَةِ وَ العَاصُ بنُ هِشَامٍ وَ أَبُو وَجزَةَ بنُ أَبِي عَمرِو بنِ أُمَيّةَ وَ عُتبَةُ بنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ أَ وُلِدَ فِيكُم مَولُودٌ اللّيلَةَ فَقَالُوا لَا قَالَ فَوُلِدَ إِذاً بِفِلَسطِينَ غُلَامٌ اسمُهُ أَحمَدُ بِهِ شَامَةٌ كَلَونِ الخَزّ الأَدكَنِ وَ يَكُونُ هَلَاكُ أَهلِ الكِتَابِ وَ اليَهُودِ عَلَي يَدَيهِ قَد أَخطَأَكُم وَ اللّهِ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ فَتَفَرّقُوا وَ سَأَلُوا فَأُخبِرُوا أَنّهُ وُلِدَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ غُلَامٌ فَطَلَبُوا الرّجُلَ فَلَقُوهُ فَقَالُوا إِنّهُ قَد وُلِدَ فِينَا وَ اللّهِ غُلَامٌ قَالَ قَبلَ أَن أَقُولَ لَكُم أَو بَعدَ مَا قُلتُ لَكُم قَالُوا قَبلَ أَن تَقُولَ لَنَا قَالَ فَانطَلِقُوا بِنَا إِلَيهِ حَتّي نَنظُرَ إِلَيهِ فَانطَلَقُوا حَتّي أَتَوا أُمّهُ فَقَالُوا أخَرجِيِ‌ ابنَكِ حَتّي نَنظُرَ إِلَيهِ فَقَالَت إِنّ ابنيِ‌ وَ اللّهِ لَقَد سَقَطَ وَ مَا سَقَطَ كَمَا يَسقُطُ الصّبيَانُ لَقَدِ اتّقَي الأَرضَ بِيَدَيهِ وَ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيهَا ثُمّ خَرَجَ مِنهُ نُورٌ حَتّي نَظَرتُ إِلَي قُصُورِ بُصرَي وَ سَمِعتُ هَاتِفاً فِي الجَوّ يَقُولُ لَقَد وَلَدتِيهِ سَيّدَ الأُمّةِ فَإِذَا وَضَعتِيهِ فقَوُليِ‌ أُعِيذُهُ بِالوَاحِدِ مِن شَرّ كُلّ حَاسِدٍ وَ سَمّيهِ مُحَمّداً قَالَ الرّجُلُ فَأَخرَجَتهُ فَنَظَرَ إِلَيهِ ثُمّ قَلّبَهُ وَ نَظَرَ إِلَي الشّامَةِ بَينَ كَتِفَيهِ فَخَرّ مَغشِيّاً عَلَيهِ فَأَخَذُوا الغُلَامَ فَأَدخَلُوهُ إِلَي أُمّهِ وَ قَالُوا بَارَكَ اللّهُ لَكِ فِيهِ فَلَمّا خَرَجُوا أَفَاقَ فَقَالُوا لَهُ مَا لَكَ وَيلَكَ قَالَ ذَهَبَت نُبُوّةُ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ هَذَا وَ اللّهِ مَن يُبِيرُهُم فَفَرِحَت قُرَيشٌ


صفحه : 295

بِذَلِكَ فَلَمّا رَآهُم قَد فَرِحُوا قَالَ فَرِحتُم أَمَا وَ اللّهِ لَيَسطُوَنّ بِكُم سَطوَةً يَتَحَدّثُ بِهَا أَهلُ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ كَانَ أَبُو سُفيَانَ يَقُولُ يَسطُو بِمِصرِهِ

30-كا،[الكافي‌]حُمَيدُ بنُ زِيَادٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أَيّوبَ عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ عَن أَسبَاطِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَ حَيثُ طُلِقَت آمِنَةُ بِنتُ وَهبٍ وَ أَخَذَهَا المَخَاضُ باِلنبّيِ‌ّص حَضَرَتهَا فَاطِمَةُ بِنتُ أَسَدٍ امرَأَةُ أَبِي طَالِبٍ فَلَم تَزَل مَعَهَا حَتّي وَضَعَت فَقَالَت إِحدَاهُمَا لِلأُخرَي هَل تَرَينَ مَا أَرَي فَقَالَت وَ مَا تَرَينَ قَالَت هَذَا النّورَ ألّذِي قَد سَطَعَ مَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ فَبَينَمَا هُمَا كَذَلِكَ إِذ دَخَلَ عَلَيهِمَا أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَهُمَا مَا لَكُمَا مِن أَيّ شَيءٍ تَعجَبَانِ فَأَخبَرَتهُ فَاطِمَةُ بِالنّورِ ألّذِي قَد رَأَت فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ أَ لَا أُبَشّرُكِ فَقَالَت بَلَي فَقَالَ أَمَا إِنّكِ سَتَلِدِينَ غُلَاماً يَكُونُ وصَيِ‌ّ هَذَا المَولُودِ

31-كا،[الكافي‌] الحُسَينُ بنُ مُحَمّدٍ عَنِ المُعَلّي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ اِبرَاهِيمَ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ إِسحَاقَ بنَ جَعفَرٍ يَقُولُ سَمِعتُ أَبِي يَقُولُالأَوصِيَاءُ إِذَا حَمَلَت بِهِم أُمّهَاتُهُم أَصَابَهَا فَترَةٌ شِبهُ الغَشيَةِ فَأَقَامَت فِي ذَلِكَ يَومَهَا ذَلِكَ إِن كَانَ نَهَاراً أَو لَيلَتَهَا إِن كَانَ لَيلًا ثُمّ تَرَي فِي مَنَامِهَا رَجُلًا يُبَشّرُهَا بِغُلَامٍ عَلِيمٍ حَلِيمٍ فَتَفرَحُ لِذَلِكَ ثُمّ تَنتَبِهُ مِن نَومِهَا فَتَسمَعُ مِن جَانِبِهَا الأَيمَنِ فِي جَانِبِ البَيتِ صَوتاً يَقُولُ حَمَلتِ بِخَيرٍ وَ تَصِيرِينَ إِلَي خَيرٍ وَ جِئتِ بِخَيرٍ أبَشرِيِ‌ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ عَلِيمٍ وَ تَجِدُ خِفّةً فِي بَدَنِهَا ثُمّ تَجِدُ بَعدَ ذَلِكَ اتّسَاعاً مِن جَنبَيهَا وَ بَطنِهَا فَإِذَا كَانَ لِتِسعٍ مِن شُهُورِهَا سَمِعَت فِي البَيتِ حِسّاً شَدِيداً فَإِذَا كَانَتِ اللّيلَةُ التّيِ‌ تَلِدُ فِيهَا ظَهَرَ لَهَا فِي البَيتِ نُورٌ تَرَاهُ لَا يَرَاهُ غَيرُهَا


صفحه : 296

إِلّا أَبُوهُ فَإِذَا وَلَدَتهُ وَلَدَتهُ قَاعِداً وَ تَفَتّحَت لَهُ حَتّي يَخرُجَ مُتَرَبّعاً ثُمّ يَستَدِيرُ بَعدَ وُقُوعِهِ إِلَي الأَرضِ فَلَا يُخطِئُ القِبلَةَ حَيثُ كَانَت بِوَجهِهِ ثُمّ يَعطِسُ ثَلَاثاً يُشِيرُ بِإِصبَعِهِ بِالتّحمِيدِ وَ يَقَعُ مَسرُوراً مَختُوناً وَ رَبَاعِيَتَاهُ مِن فَوقٍ وَ أَسفَلَ وَ نَابَاهُ وَ ضَاحِكَاهُ وَ مِن بَينِ يَدَيهِ مِثلُ سَبِيكَةِ الذّهَبِ نُورٌ وَ يُقِيمُ يَومَهُ وَ لَيلَتَهُ تَسِيلُ يَدَاهُ ذَهَباً وَ كَذَلِكَ الأَنبِيَاءُ إِذَا وُلِدُوا وَ إِنّمَا الأَوصِيَاءُ أَعلَاقٌ مِنَ الأَنبِيَاءِ

أقول سيأتي‌ شرح الخبر مع سائر الأخبار في ذلك في كتاب الإمامة

32-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] فِي خَبَرِ الشاّميِ‌ّ أَنّهُ سَأَلَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع مَن خَلَقَ اللّهُ مِنَ الأَنبِيَاءِ مَختُوناً قَالَ خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ آدَمَ ع مَختُوناً وَ وُلِدَ شَيثٌ ع مَختُوناً وَ إِدرِيسُ وَ نُوحٌ وَ سَامُ بنُ نُوحٍ وَ اِبرَاهِيمُ وَ دَاوُدُ وَ سُلَيمَانُ وَ لُوطٌ وَ إِسمَاعِيلُ وَ مُوسَي وَ عِيسَي وَ مُحَمّدٌص

33-د،[العدد القوية]روُيِ‌َ أَنّ قُرَيشاً كَانَت فِي جَدبٍ شَدِيدٍ وَ ضِيقٍ مِنَ الزّمَانِ فَلَمّا حَمَلَت آمِنَةُ بِنتُ وَهبٍ بِرَسُولِ اللّهِص اخضَرّت لَهُمُ الأَرضُ وَ حَمَلَت لَهُمُ الأَشجَارُ وَ أَتَاهُمُ الوَفدُ مِن كُلّ مَكَانٍ فَأَخصَبَ أَهلُ مَكّةَ خِصباً عَظِيماً فَسُمّيَتِ السّنَةُ التّيِ‌ حَمَلَ فِيهَا بِرَسُولِ اللّهِص سَنَةَ الفَتحِ وَ الِاستِيفَاءِ وَ الِابتِهَاجِ وَ لَم تَبقَ كَاهِنَةٌ إِلّا حُجِبَت عَن صَاحِبِهَا


صفحه : 297

وَ انتُزِعَ عِلمُ الكَهَنَةِ وَ بَطَلَ سِحرُ السّحَرَةِ وَ لَم يَبقَ سَرِيرٌ لِمَلِكٍ مِنَ المُلُوكِ إِلّا أَصبَحَ مَنكُوساً وَ المَلِكُ مُخرِساً لَا يَتَكَلّمُ يَومَهُ ذَلِكَ وَ فِي كُلّ شَهرٍ مِنَ الشّهُورِ نِدَاءٌ مِنَ السّمَاءِ أَن أَبشِرُوا فَقَد آنَ لِمُحَمّدٍ أَن يَخرُجَ إِلَي الأَرضِ مَيمُوناً مُبَارَكاً

34-د،[العدد القوية] عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُ آباَئيِ‌ يُحَدّثُونَ كَانَت لِقُرَيشٍ كَاهِنَةٌ يُقَالُ لَهَا جُرهُمَانِيّةُ وَ كَانَ لَهَا ابنٌ مِن أَشَدّ قُرَيشٍ عِبَادَةً لِلأَصنَامِ فَلَمّا كَانَتِ اللّيلَةُ التّيِ‌ وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللّهِص جَاءَت إِلَيهَا تَابِعَتُهَا وَ قَالَت لَهَا جُرهُمَانِيّةُ حِيلَ بيَنيِ‌ وَ بَينَكِ جَاءَ النّورُ المَمدُودُ ألّذِي مَن دَخَلَ فِي نُورِهِ نَجَا وَ مَن تَخَلّفَ عَن نُورِهِ هَلَكَ أَحمَدُ صَاحِبُ اللّوَاءِ الأَكبَرِ وَ العِزّ الأبَدَيِ‌ّ وَ ابنُهَا يَسمَعُ فَلَمّا كَانَتِ اللّيلَةُ الثّانِيَةُ عَادَ بِمِثلِ قَولِهِ ثُمّ مَرّ فَلَمّا كَانَتِ اللّيلَةُ الثّالِثَةُ عَادَ بِمِثلِ قَولِهِ فَقَالَت وَيحَكِ وَ مَن أَحمَدُ قَالَت ابنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ يَتِيمُ قُرَيشٍ صَاحِبُ الغُرّةِ الحَجلَاءِ وَ النّورِ السّاطِعِ فَلَمّا تَكَلّمَت بِهَذَا الكَلَامِ نَظَرَت إِلَي صَنَمِهَا يمَشيِ‌ مَرّةً وَ يَعدُو مَرّةً وَ يَقُولُ ويَليِ‌ مَن هَذَا المَولُودُ هَلَكَتِ الأَصنَامُ قَالَ فَكَانَتِ الجُرهُمَانِيّةُ تَنُوحُ عَلَي نَفسِهَا بِهَذَا الحَدِيثِ

35-د،[العدد القوية]قِيلَ لَمّا وُلِدَ رَسُولُ اللّهِص قَالَ أَبُو طَالِبٍ لِفَاطِمَةَ بِنتِ أَسَدٍ أَيّ شَيءٍ خَبّرَتكِ بِهِ آمِنَةُ أَنّهَا رَأَت حِينَ وَلَدَت هَذَا المَولُودَ قَالَت خبَرّتَنيِ‌ أَنّهَا لَمّا وَلَدَتهُ خَرَجَ مُعتَمِداً عَلَي يَدِهِ اليُمنَي رَافِعاً رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ يَصعَدُ مِنهُ نُورٌ فِي الهَوَاءِ حَتّي مَلَأَ الأُفُقَ فَقَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ استرُيِ‌ هَذَا وَ لَا تعُلمِيِ‌ بِهِ أَحَداً أَمَا إِنّكِ سَتَلِدِينَ مَولُوداً يَكُونُ وَصِيّهُ

36-كا،[الكافي‌] عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ إِسحَاقَ العلَوَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ زَيدٍ الرزّاَميِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ الديّلمَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَحَجَجنَا مَعَ أَبِي عَبدِ اللّهِ


صفحه : 298

ع فِي السّنَةِ التّيِ‌ وُلِدَ فِيهَا ابنُهُ مُوسَي ع وَ سَاقَ الحَدِيثَ إِلَي أَن قَالَ وَ ذَكَرَت حَمِيدَةُ أَنّهُ سَقَطَ مِن بَطنِهَا حِينَ سَقَطَ وَاضِعاً يَدَهُ عَلَي الأَرضِ رَافِعاً رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ فَأَخبَرتُهَا أَنّ ذَلِكَ أَمَارَةُ رَسُولِ اللّهِص وَ أَمَارَةُ الوصَيِ‌ّ ع مِن بَعدِهِ فَقَالَ لِي إِنّهُ لَمّا كَانَتِ اللّيلَةُ التّيِ‌ عُلِقَ فِيهَا بجِدَيّ‌ أَتَي آتٍ جَدّ أَبِي بِكَأسٍ فِيهِ شَربَةٌ أَرَقّ مِنَ المَاءِ وَ أَليَنُ مِنَ الزّبدِ وَ أَحلَي مِنَ الشّهدِ وَ أَبرَدُ مِنَ الثّلجِ وَ أَبيَضُ مِنَ اللّبَنِ فَسَقَاهُ إِيّاهُ وَ أَمَرَهُ بِالجِمَاعِ فَقَامَ فَجَامَعَ فَعُلِقَ بجِدَيّ‌ وَ لَمّا أَن كَانَتِ اللّيلَةُ التّيِ‌ عُلِقَ فِيهَا بأِبَيِ‌ أَتَي آتٍ جدَيّ‌ فَسَقَاهُ كَمَا سَقَي جَدّ أَبِي وَ أَمَرَهُ بِمِثلِ ألّذِي أَمَرَهُ فَقَامَ فَجَامَعَ فَعُلِقَ بأِبَيِ‌ وَ لَمّا أَن كَانَتِ اللّيلَةُ التّيِ‌ عُلِقَ فِيهَا بيِ‌ أَتَي آتٍ أَبِي فَسَقَاهُ بِمَا سَقَاهُم وَ أَمَرَهُ باِلذّيِ‌ أَمَرَهُم بِهِ فَقَامَ فَجَامَعَ فَعُلِقَ بيِ‌ وَ لَمّا أَن كَانَتِ اللّيلَةُ التّيِ‌ عُلِقَ فِيهَا باِبنيِ‌ أتَاَنيِ‌ آتٍ كَمَا أَتَاهُم فَفَعَلَ بيِ‌ كَمَا فَعَلَ بِهِم فَقُمتُ بِعِلمِ اللّهِ وَ إنِيّ‌ مَسرُورٌ بِمَا يَهَبُ اللّهُ لِي فَجَامَعتُ فَعُلِقَ باِبنيِ‌ هَذَا المَولُودِ فَدُونَكُم فَهُوَ وَ اللّهِ صَاحِبُكُم مِن بعَديِ‌ وَ إِنّ نُطفَةَ الإِمَامِ مِمّا أَخبَرتُكَ وَ إِذَا سَكَنَتِ النّطفَةُ فِي الرّحِمِ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَ أُنشِئَ فِيهَا الرّوحُ بَعَثَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي مَلَكاً يُقَالُ لَهُ حَيَوَانُ فَكَتَبَ عَلَي عَضُدِهِ الأَيمَنِوَ تَمّت كَلِمَةُ رَبّكَ صِدقاً وَ عَدلًا لا مُبَدّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ وَ إِذَا وَقَعَ مِن بَطنِ أُمّهِ وَقَعَ وَاضِعاً يَدَيهِ عَلَي الأَرضِ رَافِعاً رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ فَأَمّا وَضعُهُ يَدَيهِ عَلَي الأَرضِ فَإِنّهُ يَقبِضُ كُلّ عِلمٍ لِلّهِ أَنزَلَهُ مِنَ السّمَاءِ إِلَي الأَرضِ وَ أَمّا رَفعُهُ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ فَإِنّ مُنَادِياً ينُاَديِ‌ بِهِ مِن بُطنَانِ العَرشِ مِن قِبَلِ رَبّ العِزّةِ مِنَ الأُفُقِ الأَعلَي بِاسمِهِ وَ اسمِ أَبِيهِ يَقُولُ يَا فُلَانَ بنَ فُلَانٍ اثبُت تُثبَت فَلِعَظِيمٍ مَا


صفحه : 299

خَلَقتُكَ أَنتَ صفَوتَيِ‌ مِن خلَقيِ‌ وَ مَوضِعُ سرِيّ‌ وَ عَيبَةُ علِميِ‌ وَ أمَيِنيِ‌ عَلَي وحَييِ‌ وَ خلَيِفتَيِ‌ فِي أرَضيِ‌ لَكَ وَ لِمَن تَوَلّاكَ أَوجَبتُ رحَمتَيِ‌ وَ مَنَحتُ جنِاَنيِ‌ وَ أَحلَلتُ جوِاَريِ‌ ثُمّ وَ عزِتّيِ‌ وَ جلَاَليِ‌ لَأَصلِيَنّ مَن عَادَاكَ أَشَدّ عذَاَبيِ‌ وَ إِن وَسّعتُ عَلَيهِ فِي دنُياَي‌َ مِن سَعَةِ رزِقيِ‌ فَإِذَا انقَضَي الصّوتُ صَوتُ المنُاَديِ‌ أَجَابَهُ هُوَ وَاضِعاً يَدَيهِ رَافِعاً رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ يَقُولُشَهِدَ اللّهُ أَنّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَ المَلائِكَةُ وَ أُولُوا العِلمِ قائِماً بِالقِسطِ لا إِلهَ إِلّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ قَالَ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ أَعطَاهُ اللّهُ العِلمَ الأَوّلَ وَ العِلمَ الآخِرَ وَ استَحَقّ زِيَارَةَ الرّوحِ فِي لَيلَةِ القَدرِ

37-أقول روي الشيخ أبو الحسن البكري‌ في كتاب الأنوار عن أبي عمرو الشيباني‌ وجماعة من أهل الحديث أن السحرة والكهنة والشياطين والمردة والجان قبل مولد رسول الله ص كانوا يظهرون العجائب ويأتون بالغرائب ويحدثون الناس بما يخفون من السرائر ويكتمون في الضمائر وتنطق السحرة والكهنة علي ألسنة الجن والشياطين والمردة بما يسترقون من السمع من الملائكة و لم تحجب السماء عن الشياطين حتي بعث النبي ص . قال البكري‌ ولقد بلغنا أنه كان بأرض اليمامة كاهنان عظيمان فاقا علي أهل زمانهما في الكهانة ويتحدث الناس بهما في كل مكان و كان أحدهما اسمه ربيعة بن مازن ويعرف بسطيح و هوأعلم الكهان والآخر اسمه وشق بن باهلة اليماني‌ فأما سطيح فإن الله تعالي قدخلقه قطعة لحم بلا عظم و لاعصب سوي جمجمة رأسه و كان يطوي كما


صفحه : 300

يطوي الثوب وينشر ويجعل علي وضمة كمايجعل اللحم علي وضمة القصاب لاينام من الليل إلااليسير يقلب طرفه إلي السماء وينظر إلي النجوم الزاهرات والأفلاك الدائرات والبروق اللامعات ويحمل علي وضمة إلي الأمصار ويرفع إلي الملوك في تلك الأعصار يسألونه عن غوامض الأخبار وينبئهم بما في قلوبهم من الأسرار ويخبر بما يحدث في الزمان من العجائب و هوملقي علي ظهره شاخص ببصره لايتحرك منه غيرعينيه ولسانه قدلبث دهرا طويلا علي هذه الحالة فبينا هوكذلك ذات ليلة شاخصا إلي السماء إذ لاحت له برقة مما يلي‌ مكة ملأت الأقطار ثم رأي الكواكب قدعلا منها النيران فظهر بهادخان وتصادم بعضها ببعض واحد بعدواحد حتي غابت في الثري فلم ير لها نور و لاضياء فلما نظر سطيح إلي ذلك دهش وحار وأيقن بالهلاك والدمار و قال كواكب تظهر بالنهار وبرق يلمع بالأنوار يدل علي عجائب وأخبار وظل يومه ذلك حتي انقضي النهار فلما أدركه الليل أمر غلمانه أن يحملونه إلي موضع فيه جبل هناك و كان شامخا في الجبال فأمرهم أن يرفعوه عليه فجعل يقلب طرفه يمينا وشمالا فإذا هوبنور ساطع وضياء لامع قدعلا علي الأنوار وأحاط علي الأقطار وملأ الآفاق فقال لغلمانه أنزلوني‌ فإن


صفحه : 301

عقلي‌ قدطار ولبي‌ قدحار من أجل هذه الأنوار وإني‌ أري أمرا جليلا و قددنا مني‌ الرحيل بلا شك عن قليل قالوا له وكيف ظهر لك ذلك ياسطيح قال ياويلكم إني‌ رأيت أنوارا قدنزلت من السماء إلي الأرض وأري الكواكب قدتساقطت إلي الأرض وتهافتت وإني‌ أظن أن خروج الهاشمي‌ قددنا فإن كان الأمر كذلك فالسلام علي الوطن من أهل الأمصار واليمن إلي آخر الزمن فحار غلمانه من كلامه وأنزلوه و قدأرق تلك الليلة أرقا وأصبح قلقا لم يتهنأ برقاد و لم يوطأ له مهاد كثير الفكر والسهاد وجمع قومه وعشيرته و قال لهم إني‌ أري أمرا عظيما وخطبا جسيما و قدغاب عني‌ خبره وخفي‌ علي أثره وسأبعث إلي جميع إخواني‌ من الكهان فكتب إلي سائر البلدان وكتب إلي وشق يخبره عن الحال ويشرح له المقال فرد عليه الجواب قدظهر عندي‌ بعض ألذي ذكرت وسيظهر نور ألذي وصفت غيرأني‌ لاعلم لي فيه و لاأعرف شيئا من دواعيه فعند ذلك كتب إلي الزرقاء ملكة اليمن وكانت من أعظم الكهنة والسحرة قدملكت قومها بشرها وسحرها و كان المجاورون لها آمنين في معايشهم لايخافون من عدو و لايجزعون من أحد وكانت حادة البصر عظيمة الخطر تنظر من مسيرة ثلاثة أيام كماينظر الإنسان ألذي بين يديه وإذ أراد أحد من أعدائها الخروج إلي بلدها تخبر قومها وتقول احذروا فقد جاءكم عدوكم من جهة كذا وكذا فيجدون الأمر كماذكرت . قال أبو الحسن البكري‌ ولقد بلغني‌ أن أهل اليمامة قتلوا قتيلا من غسان و كان قدقتل منهم رجلا قبل ذلك فبلغ قومه قتله فأجمعوا أن يكبسوا قومها في أربعة آلاف


صفحه : 302

مدرع و قال لهم سيدهم من غسان ياويحكم أتطمعون في الدخول إلي اليمامة و فيهاالزرقاء أ ماتعلمون أنها تنظر إلي الوافدين وتعاين الواردين من البعد فكيف إذارأت ركائبكم قدأقبلت فتخبر قومها ويأخذون حذرهم وأنشأ يقول .


إني‌ أخاف من الزرقاء وصولتها.   إذارأت جمعكم يسري‌ إلي البلد.

ترميكم بأسود لاقوام لكم .   بشرها ثم لاتبقي‌ علي أحد.

كم من جموع أتوها قاصدين لها.   فراح جمعهم بالخوف والنكد.

فقالوا ما ألذي تشير به علينا قال رأيت رأيا و أناأرجو أن يكون فيه الظفر إن ساعدني‌ فيه القدر قالوا و ما ذلك قال إني‌ أقول لكم انزلوا عن خيلكم ثم اعمدوا إلي الشجر فيقطع كل واحد منكم مايستره ثم تحملونه في أيديكم ثم تقودون خيلكم وتسيرون في ظل الشجر فعسي أن يتغير عليها النظر قالوا نعم الرأي‌ مارأيت ففعلوا ما قال حتي بقي‌ بينهم و بين اليمامة ثلاثة أيام جعلوا أمامهم رجلا معه كتف بعير يلوح به ونعل يخصفه لينكر عليها النظر فلما نظرت إليهم الزرقاء وكانت في صومعتها صاحت بأعلي صوتها وقالت يا أهل اليمامة أقبلوا فأقبل إليها الناس وقالوا ماعندك من خبر قالت إني‌ رأيت عجبا عجيبا وأظن أن الملبسة تسير إلينا في ظل الشجر وهم جمع كثير يتقدمهم رجل في يده كتف بعير ومعه


صفحه : 303

نعل يخصفه تارة وتارة يلوح بكتف البعير فلما سمعوا كلامها أعرضوا عنها و قال بعضهم لبعض إن الزرقاء قدخرفت وتغير نظرها فهل رأيتم شجرا يسير ورجلا يلوح بكتف بعير إن هذاوسواس وجنون قدعارضها فلما سمعت منهم ذلك أغلقت صومعتها و كان لايقدر عليها أحد قط فلم يلبثوا بعد ذلك إلاقليلا حتي كبسوا اليمامة وهدموا البنيان وسبوا النسوان وقتلوا الرجال وأخذوا الأموال ثم ولوا راجعين فوقع بقومها الندامة وأعقبتهم الملامة حيث لم يسمعوا منها وخالفوها ثم إن سطيحا كتب إليها كتابا يقول فيه باسمك أللهم من سطيح صاحب القول الفصيح إلي فتاة اليمامة المنعوتة بالشهامة من سطيح الغساني‌ ألذي ليس له في عصره ثاني‌ أما بعدفإني‌ كتبت إليك كتابي‌ و أنا في هموم وسكرات وغموم وخطرات و قدتعلمين ما ألذي يحل بنا من الدمار والهلاك من خروج التهامي‌ الهاشمي‌ الأبطحي‌ العربي‌ المكي‌ المدني‌ السفاك للدماء و قدرأيت برقة لمعت وكواكبا سطعت وإني‌ أظن أن ذلك من علاماته و لاشك أنه قرب أوانه و ماكتبت إليك إلابما أري عندك من التحصيل و ما في نساء عصرنا لك من مثيل فإذاورد رسولي‌ إليك وقدم كتابي‌ عليك ردي‌ جوابي‌ بما عندك من الخطاب و ماترينه من الصواب فإنه لايقر لي قرار لا في الليل و لا في النهار و لم أقف علي هذه الدلائل والآثار و السلام . ثم دعا بغلام له اسمه صبيح و قال له سر بهذا الكتاب إلي اليمامة وأتني‌


صفحه : 304

بالجواب فأخذ صبيح الكتاب ومضي به حتي صار بينه و بين اليمامة ثلاثة أيام فرمقته الزرقاء والكتاب في طي‌ عمامته فصاحت في قومها قدجاءكم راكب قاصد إلي بلدكم وارد قدأرسل زمام ناقته والكتاب في طي‌ عمامته فجعل القوم يرتقبونه إلي أن وصل بعدثلاثة أيام فلما رأته انحدرت إليه وفتحت الباب فدفع إليها الكتاب فقرأته ثم قالت خبر قبيح أتانا به صبيح من كاهن اليمن سطيح يسأل عن نور ساطع وضياء لامع ذلك ورب الكعبة من دلائل خراب الأطلال ويتم الأطفال فإنه يظهر من عبدمناف محمد النبي بلا خلاف قال صبيح فتعجبت من كلامها وطلبت الجواب فكتبت إلي سطيح يقول بسم الله من الزرقاء ألذي ليس عليها شيءيخفي إلي سيد غسان وأفضل الكهان المعروف بسطيح صاحب القول الفصيح أما بعدفإنه ورد كتابك علي وقدم رسولك لدي‌ تذكر أمرا عظيما قدهجس بقلبك واختلج بلبك أمانزول الكواكب فكأنك بآيات الهاشمي‌ قدقربت فإذاقرأت كتابي‌ فأيقظ نفسك واحذر من الغفلة والتقصير وبادر إلي التشمير والمسير لنلتقي‌ بمكة فإني‌ راحلة إليها لأعرف هذاالأمر علي حقيقته فلعلنا نتساعد علي هذاالمولود فنعمل فيه الحيلة عسي أن نظفر بهلاكه ونخمد نوره قبل إشراقه فلما قرأ كتابها انتحب وبكي بكاء شديدا ثم قال .


صفحه : 305


لاصبر لاصبر أضحي بعدمعرفة.   تعذو الجلادة كالمستضعف الوهن .

إن كان حقا خروج الهاشمي‌ دنا.   فارحل بنفسك لاتبكي‌ علي اليمن .

ثم اجعل القفر أوطانا تقيم بها.   واغد عن الأهل ثم الدار والوطن .

فالعيش في مهمه من غير ماجزع .   أهنأ من العيش في ذل و في حزن .

قال ثم أخذ في أهبة السفر وخرج من ساعته إلي مكة و قال لقومه إني‌ سائر إلي نار قدتأججت فإن أدركت إخمادها رجعت إليكم و إن كانت الأخري فالسلام مني‌ عليكم فإني‌ لاحق بالشام أقيم بها حتي أموت فلما وصل مكة أقبل إلي سطيح رجال من قريش وفيهم أبوجهل وأخوه أبوالبختري‌ وشيبة وعتبة بن أبي معيط والعاص بن وائل فقالوا ياسطيح ماقدمت إلالأمر عظيم أ لك حاجة فتقضي فقال لهم بورك فيكم ما لي يديكم حاجة فقالوا له تمضي‌ معنا إلي منازلنا فقال بل أنزل عند من إليهم قصدت ونحوهم أردت وبفنائهم أنخت و قدعلمتم فضلي‌ و قدجئتكم أحدثكم بما كان و ما يكون إلهاما ألهمني‌ الله بالصواب وأنطقني‌ بالجواب فأين المتقدمون في العهد و من لهم السابقة في الحمد والمجد لقد أردت أفضل قريش من بني‌ عبدمناف فأنا لهم المبشر بالبشير النذير والقمر المستنير فقد قرب ماذكرته فأين عبدالمطلب وسلالته الأشبال فعظم ذلك علي أبي جهل وتفرقوا عنه يمينا وشمالا واتصل الخبر إلي بني‌ عبدمناف فجمع أبوطالب إخوته عبد الله والعباس وحمزة و عبدالعزي و قال لهم إن هذاالقادم عليكم هوكاهن اليمن


صفحه : 306

وسيدها و قد كان قديما ورد علي أبيكم وأخبره بمولود يخرج من ظهره مبارك في عمره يملك الأقطار ويدعو إلي عبادة الملك الجبار فساروا إليه و قال لهم أنكروه أنسابكم و لاتعرفن أحسابكم ثم إن أباطالب سار في إخوته حتي وردوا إليه و كان في ظل الكعبة جالسا و الناس حوله فلما نظر إليهم فرح بهم ثم دفع أبوطالب سيفه ورمحه إلي غلامه و قال هذه هدية مني‌ إلي سطيح فإنه لواجب الحق علينا ثم انحرف إليه من قبل أن يخبره غلامه فلما وصل إليه قال حييت بالكرامة وخلدت في النعمة فإنا قدأتيناك زائرين ولواجب حقك غيرمنكرين فقال سطيح حييتم بالسلام وأتحفتم بالإنعام فمن أي العرب أنتم فأراد أبوطالب أن يعلم مقدار علمه قال نحن قوم من بني‌ جمح فقال سطيح ادن مني‌ أيها الشيخ وضع يدك علي وجهي‌ فإن لي في ذلك حاجة فدنا منه ووضع يده علي وجهه فقال سطيح وعلام الأسرار المحتجب عن الأبصار الغافر للخطيئة وكاشف البلية إنك صاحب الذمم الرفيعة والأخلاق المرضية والمسلم إلي غلامي‌ الهدية قناة خطية وصفيحة هندية وإنكم لأشرف البرية و إن لك ولأخيك أشرف الذرية وإنك و من أتي معك من سلالة هاشم الأخيار وإنك لاشك عم نبي‌ المختار المنعوت في الكتب والأخبار فلاتكتم نسبك فإني‌ عارف بنسبكم فتعجب أبوطالب من كلامه و قال له ياشيخ لقد صدقت في المقال وأحسنت الخصال فنريد أن تخبرنا بما يكون في زماننا


صفحه : 307

و مايجري‌ علينا فقال سطيح والدائم الأبد ورافع السماء بلا عمد الواحد الأحد الفرد الصمد ليبعثن من هذا وأشار إلي عبد الله عن قريب الأمد نبي‌ يهدي‌ إلي الرشد يدمر كل صنم ويهلك كل من لها عبد لايرفع سيفه عن أحد يدعو إلي عبادة الله الأحد يعينه علي ذلك معين هو ابن عمه له قرين صاحب صولات عظام وضربات بالحسام وأبوه لاشك هذا وأشار بيده إلي أبي طالب فقالوا له ياشيخ نحب أن تصف لنا هذا النبي وتبين لنا نعته فقال اسمعوا مني‌ كاملا صحيحا سيظهر منكم عن قليل شخص نبيل و هو رسول الملك الجليل و إن لسان سطيح عنه لكليل و هو رجل لابالقصير اللاصق و لابالطويل الشاهق حسن القامة مدور الهامة بين كتفيه علامة علي رأسه عمامة تقوم له الدعامة إلي يوم القيامة ذلك و الله سيد تهامة يزهر وجهه في الدجي و إذاتبسم أشرقت الأرض بالضياء أحسن من مشي وأكرم من نشأ حلو الكلام طلق اللسان نقي‌ زاهد خاشع عابد لامتجبر و لامتكبر إن نطق أصاب و إن سئل أجاب طاهر الميلاد بري‌ء من الفساد رحمة علي العباد بالنور محفوف وبالمؤمنين رءوف و علي أصحابه عطوف اسمه في التوراة والإنجيل معروف يجير الملهوف وبالكرامة موصوف اسمه في السماء أحمد و في الأرض محمدص . فقال له أبوطالب ياسطيح هذاالشخص ألذي ذكرت أنه يعينه ويقاربه في حسبه ونسبه انعته لنا كمانعت لنا هذا فقال إنه همام وليث ضرغام وأسد قمقام وقائد مقدام كثير الانتقام يسقي‌ كأس الحمام عظيم الجولة شديد الصولة كثير الذكر في الملإ يكون لمحمدص وزيرا ويدعي بعدموته أميرا اسمه في التوراة برئيا و في الإنجيل إليا و عندقومه عليا ثم أمسك مليا كأنه قدسلب عقله و هومتفكر في أمره و الناس ينظرون إليه ثم التفت إلي أبي طالب و قال


صفحه : 308

أيها السيد رد يدك علي وجهي‌ ثانية ففعل أبوطالب فلما حس سطيح بيد أبي طالب تنفس الصعداء و أن كمدا و قال يا أباطالب خذ بيد أخيك عبد الله فقد ظهر سعدكما فأبشرا بعلو مجدكما فالغصنان من شجرتكما محمدلأخيك و علي لك فبهت أبوطالب من كلامه وشاع في قريش ماقاله سطيح فعند ذلك قال أبوجهل لعنه الله معاشر الناس من قريش ليس هذه بأول حادثة نزلت بنا من بني‌ هاشم فقد سمعتم من سطيح من ظهور هذا الرجل ألذي يفسد أدياننا و من يشاركه من ولد أبي طالب فبينا هم كذلك إذ جاء أبوطالب ووقف وسط الناس ونادي بأعلي صوته يامعاشر قريش اصرفوا عن قلوبكم الطيش و لاتنكروا ماسمعتم فنحن بالقدمة أولي و علي يدنا نبعت زمزم و الله ماسطيح بكاذب بل إنه في كلامه لصائب و مانطق بكلمة إلاظهر برهانها أ ليس هوالقائل لكم بأنه يطلع عليكم سيف لايترك منكم أحدا في بلد اليمن فلم يكن إلاكرقدة النائم و إذا قدظهر ما قال و عن قليل سيظهر ماذكر علي رغم من يعاديه ثم إن أباطالب أمر بسطيح أن يرفع إلي منزله فأكرمه وحباه وقربه وخلع عليه وكساه وباتت مكة تموج تلك الليلة فلما برق الصباح فأول


صفحه : 309

من خرج إلي الأبطح أبوجهل ثم بعث عبيده إلي سادات قريش فقدموا عليه فلما ارتفع النهار ضاق الأبطح من كل جانب فقام أبوجهل ونادي ياآل غالب ياآل طالب ياذوي‌ العلا والمراتب أترضون لأنفسكم أن ترموا بالمناكب كماذكر أبوطالب إن هذا من العجائب لنقل جلاميد الصفا إلي البحر الأقصي أيسر مما ذكر سطيح أنه سيظهر من بني‌ عبدمناف نبي‌ عن قليل يرمينا بالبوار والتنكيل تبا لكم إن كانت أنفسكم بما ذكره راضية و إلي ماأخبر به واعية فإن رضيتم بذلك فمن الآن عليكم مني‌ السلام و أناراحل عنكم خارج عن أرضكم فمجاورة الترك أحب إلي‌ من المقام عندكم ثم تركهم ومضي فضجت المحافل وبقي‌ الأبطح يموج بأهله فمضوا إليه وقالوا له يا أباالحكم أنت السيد فينا و إن رأينا رأيك وأمرنا إليك فقال إني‌ أري من الرأي‌ أن تحضروا منزل أبي طالب وتخاطبوه في قول هذاالكاهن لئلا يكون سبب العداوة بيننا وبينه فإما أن يسلم إلينا سطيحا أويخرجه من أرضنا فإن أبي كان السيف أمضي والموت أقضي وأنشد شعرا.


لضرب عنقي‌ بسيفي‌ ياقوم عمدا بكفي‌.   وقطع أحجار أرض إلي قرار بخسف .

  ولي وأهون عندي‌ من أن أرام بعسف

فلما بلغ أباطالب مقالة أبي جهل جمع إخوته وأقاربه و قال تجللوا بالسلاح واستعدوا للكفاح و قال إني‌ أري دماء قدغلت وآجالا قدقربت ثم سار


صفحه : 310

حتي قدم الأبطح فشخصت إليهم الأبصار وخرست الألسن وجلس كل قائم هيبة لأبي‌ طالب ثم تحظي القبائل حتي توسط الناس ثم رفع صوته و قال ياسكان زمزم والصفا و أبي قبيس وحري من الثالب لبني‌ عبدالمطلب منكم وإني‌ أذكركم بهذا اليوم العبوس ألذي تقطع فيه الرءوس و يكون بأيدينا هذه النفوس وإني‌ قائل لكم وحق إله الحرم وبار‌ئ النسم إني‌ لأعلم عن قليل ليظهرن المنعوت في التوراة والإنجيل الموصوف بالكرم والتفضيل ألذي ليس له في عصره مثيل ولقد تواترت الأخبار أنه يبعث في هذه الأعصار رسول الملك الجبار المتوج بالأنوار ثم قصد الكعبة وأتي الناس وراءه إلا أباجهل وحده و قدحلت به الذلة والصغار والذل والانكسار فلما دنا أبوطالب من الكعبة قال أللهم رب هذه الكعبة اليمانية و الأرض المدحية والجبال المرسية إن كان قدسبق في حكمك وغامض علمك أن تزيدنا شرفا فوق شرفنا وعزا فوق عزنا بالنبي‌ المشفع ألذي بشر به سطيح فأظهر أللهم يارب تبيانه وعجل برهانه واصرف عنا كيد المعاندين ياأرحم الراحمين . ثم جلس أبوطالب و الناس حوله فوثب إليه منبه بن الحجاج و كان جسورا عليه فقام وتطاولت الناس تنظر ما يقول له فنادي برفيع صوته يا أباطالب ظهرت عزتك وأنارت طلعتك وابتهج شكرك بالكرم السني‌ والشرف العلي‌ و قدعلمت رؤساؤكم من القبائل و أهل النهي والفضائل أنكم أهل الشرف الأصيل و أنت سيد مطاع قاهر


صفحه : 311

ولكن ليس لمثلك أن يسمع ماقاله كاهن و أنت تعلم أنهم أوعية الشيطان يأتون بالكذب والبهتان فلعلك أن تصيره إلينا ولعله يظهر شيئا مما قاله فإن النبوة لها دلائل وآثار لاتخفي علي العاقل فأمر أبوطالب أن يحضر سطيح فلما وضعوه علي الأرض نادي سطيح يامعاشر قريش لقد أكثرتم الاختلاف وزادت قلوبكم بالارتجاف بذيتم بألسنتكم علي آل عبدمناف تكذبونه فيما نطق وتلومونه إذاصدق و قدأرسلتم إلي‌ تسألوني‌ عن الحال الظاهر و عن أمر النبي الطاهر صاحب البرهان وقاصم الأوثان ومذل الكهان وايم الله مافرحنا بظهوره لأن الكهانة عندولادته تزول ولكني‌ أقول إذا كان ذلك فلاخير لسطيح في الحياة وعندها يتمني الوفاة فإنه قدقرب فأتوني‌ بأمهاتكم ونسائكم لترون العجب العجيب ألذي ليس فيه تكذيب حتي أوقفكم هذه الساعة وأعرفكم أيتهن الحامل به فقالوا له أتعلم الغيب قال لا ولكن لي صاحب من الجن يخبرني‌ ويسترق السمع ثم إن القوم افترقوا إلي منازلهم وأتوا بنسائهم و لم تبق واحدة من النساء إلاجاءوا بهافأقبل أبوطالب و قال لأخيه أمسك زوجك و لاتحضرها وأمسك هوزوجته فاطمة رضي‌ الله عنها وأقبلت النسوان جمع فنظر إليهن ثم قال اعزلوا النساء عن الرجال ثم أمر النساء أن يتقدمن إليه فجعل سطيح ينظر إليهن بعينه و لايتكلم قالوا له خرس لسانك وخاب ظنك فقال و الله ماخاب ظني‌ ورفع رأسه وطرفه إلي السماء و قال وحق الحرمين لقد تركتم من نسائكم اثنتين الواحدة منهن الحامل بالمولود الهادي‌ إلي الرشاد محمد والأخري ستحمل عن قريب وتلد غلاما أمينا يدعي بأمير المؤمنين وسيد الوصيين ووارث علوم الأنبياء والمرسلين فلما سمع العرب منه ذلك دهشوا وخابوا وانطلق أبوطالب إلي منزله وعنده إخوته وأتي بزوجته فاطمة بنت أسد وآمنة زوجة أخيه عبد الله فلما وصلتا بجمع الناس من النساء صاح سطيح بأعلي صوته


صفحه : 312

وجعل يبكي‌ و يقول ياذوي‌ الشرف هذه و الله الحاملة بالنبي‌ المختار رسول الله ص فلما دنت آمنة منه قال لها ألست حاملة قالت نعم فالتفت عند ذلك إلي قريش و قال الآن شهد قلبي‌ وثبت لبي‌ وصدقني‌ صاحباي‌ هذه سيدة نساء العرب والعجم وهي‌ الحامل بأفضل الأمم مبيد كل وثن وصنم ياويح العرب منه قددنا ظهوره ولاح نوره وكأني‌ أري من يخالفه قتيلا و في التراب جديلا وطوبي لمن صدق منكم بنبوته وآمن برسالته ثم طوبي له قدأخذ الأرض ورجعت له بالأمن طولها والعرض ثم التفت إلي فاطمة وصاح صيحة وشهق شهقة وخر مغشيا عليه فلما أفاق من غشيته انتحب وبكي و قال بأعلي صوته هذه و الله فاطمة بنت أسد أم الإمام ألذي يكسر الأصنام و هوالأمير ألذي ليس في عقله طيش قاتل الشجعان ومبيد الأقران الفارس الكمي‌ والضيغم القوي‌ المسمي بأمير المؤمنين علي ابن عم النبي عليهما أفضل الصلاة و السلام آه ثم آه كم تري عيني‌ من بطل مكبوب وفارس منهوب فلما سمع قريش كلام سطيح وثبوا عليه بالسيوف ليقتلوه فمنعهم بنو هاشم وجميع قريش ونادي أبوجهل لعنه الله افسحوا لي عن هذاالكاهن فلابد لنا من قتله حتي نشتفي‌ منه و إن حلتم دونه لأجعلن لكم الدمار ولأردنكم البوار فالتفت أبوطالب إليه


صفحه : 313

و قال له ويحك ياأخس العرب وأذلها إني‌ أراك تحب فراق العشيرة مثلك من يتكلم بهذا الكلام و أنت أخس اللئام ثم عاجله بضربة وحالوا بينه وبينه فلحقه بعض السيف فشجه شجة موضحة وصار الدم يسيل علي وجهه فنادي أبوجهل ياآل المحافل ورؤساء القبائل أترضون أن تحملوا العار وترموا بالشنار اقتلوا سطيحا وآمنة وفاطمة بنت أسد وبني‌ هاشم جميعا وأخمدوا نارهم وأطفئوا شرارهم فحمل قريش بأجمعهم علي سطيح و لم يكن لبني‌ هاشم طاقة فالتجأت النساء بالكعبة وثار الغبار وطار الشرار وكثرت الزعقات وارتجت الأرض بطولها والعرض . ويروي عن آمنة أم النبي ص قالت حين رأيت السيوف قددارت حولي‌ ذهلت في أمري‌ والقوم يريدون قتلي‌ فبينا أناكذلك إذ اضطرب الجنين في بطني‌ وسمعت شيئا كالأنين و إذابالقوم قدصيح بهم صيحة من السماء وصرخ بهم صارخ من الهواء فذهلت العقول وسقطت الرجال والنساء علي الوجوه صرعي كأنهم موتي قالت آمنة فرفعت بصري‌ نحو السماء فرأيت أبواب السماء قدفتحت و إذا أنابفارس في يده حربة من نار و هوينادي‌ و يقول لاسبيل لكم إلي رسول الملك الجليل و أناأخوه جبرئيل قالت فعند ذلك سكن قلبي‌ ورجع إلي‌ جناني‌ وتحققت دلائل النبوة لولدي‌ محمدص ثم انصرفنا إلي منازلنا وأقبل أبوطالب آخذا بيد أخيه عبد الله وجلسا بفناء الكعبة يهنئان أنفسهما بما رزقا من الكرامة والنصر والقوم صرعي فلبثوا كذلك ثلاث ساعات من النهار ثم قاموا كأنهم سكاري ثم تقدم منبه بن الحجاج ووقف إلي جانب أبي طالب و قال إنك لم تزل عاليا في المراتب ولمن ناواك غالبا لكن نريد منك أن تصرف عنا سطيحا فإن كان ماتكلم به صحيحا فنحن أولي بأن نعاضده وأنشأ يقول .


أباطالب إنا إليك عصابة.   لنرجوك فارحم من أتي لك راجيا.

ونحن فجيران لكم ومعاضد.   علي كل من أضحي وأمسي معاديا.

صفحه : 314


أباطالب حييت بالرشد والحبا.   ووقيت ريب الدهر مادمت باقيا.

فإن كان رب العرش يرسل منكم .   إلينا رسولا و هوللحق هاديا.

فنحن لنرجو أحمدا في زماننا.   نجالد عنه بالسيوف الأعاديا.

أباطالب فاصرف سطيحا فإنه .   أتي منه آت بالأذي والدواهيا.

ودع عنك حرب الأهل والطف تكرما.   و لاتتركن الدم في الأرض جاريا.

فرق أبوطالب رحمة لقريش و قال حبا وكرامة سأصرفه عنكم إذاكرهتموه ولكن سوف تعلمون صحة ماذكر لكم ثم أمر بسطيح أن يحضر فلما حضر قال أتدري‌ لماذا أحضرتك فقال نعم لقد سألوني‌ الخروج عن مكانهم والانتزاح عن بلادهم و أناعازم ثم قال إذاظهر فيكم البشير النذير فأقرءوه مني‌ السلام الكثير وقولوا له إن سطيحا أخبرنا بخروجك فكذبناه و من جوارك طردناه وستأتيكم مبشرة عندها من العلم أكثر مما عندي‌ و لاشك أنها قددخلت بلادكم وحلت بساحتكم ثم إن سطيحا عزم علي الخروج ورفعوه علي بعيره وأحاط به بنو هاشم ليودعوه فبينما هم كذلك إذ أشرفت راحلة تركض براكبها والغبار يطير من تحت أخفافها فنظر إليها عمرو بن عامر و قال ياسادات مكة أتتكم الداهية الدهياء زرقاء اليمامة بنت مرهل كاهنة اليمامة فما استتم كلامه و إذا بها قدصارت في أوساطهم ونادت بأعلي صوتها


صفحه : 315

يامعاشر قريش حييتم بالإكثار وعمرت بكم الديار فإني‌ فارقت أهلي‌ وخرجت من أوطاني‌ وجعلت قصدي‌ إليكم لأخبركم عن أشياء قددنت وقربت وسوف يظهر في دياركم عن قريب العجب العجيب فإن أذنتم لي بالنزول نزلت و إن أحببتم الرحيل رحلت ثم قالت شعرا.


إني‌ لأعلم مايأتي‌ من العجب .   بأرضكم هذه يامعشر العرب .

لقد دنا وقت مبعوث لأمته .   محمدالمصطفي المنعوت في الكتب .

فعن قليل سيأتي‌ وقت بعثته .   يرمي‌ معانده بالذل والحرب .

يدعو إلي دين غيراللات مجتهدا.   و لا يقول بأصنام و لانصب .

و قدأتيت لأخبركم ببينة.   مما رأيت من الأنوار والشهب .

عما قليل تري النيران مضرمة.   ببطن مكة ترمي‌ الجمع باللهب .

فإن أذنتم و إلارحت راجعة.   وتندمون إذا ماجاء بالعطب .

وآخر بذباب السيف يعضده .   قرن يدانيه في الأحساب والنسب

فلما سمع قريش كلامها وشعرها أمروها بالنزول فنزلت وقالوا هل تنطق بما نطق به سطيح أم لا فقال لها عتبة ما ألذي راع سيدة اليمامة هل لك من حاجة فتقضي فقالت إني‌ لست ذات فقر و لاإقلال و لامحتاجة إلي رفد و لامال بل جئتكم ببشارة أبشركم وحذر أحذركم وليست البشارة لي بل هي‌ وبال علي فقال عتبة يازرقاء و ما هذاالكلام أراك توعدين نفسك وإيانا بالبوار والدمار فقالت يا أباالوليد و من هوبالمرصاد ليخرجن من هذاالواد نبي‌ يدعو إلي الرشاد وينهي عن


صفحه : 316

الفساد نوره في وجهه يتردد واسمه محمد عليه أفضل الصلاة و السلام كأني‌ به عن قريب يولد يساعده علي ذلك مساعد ويعاضده معاضد يقاربه في الحسب ويدانيه في النسب مبيد الأقران ومجدل الشجعان أسد ضرغام وسيف قصام جسور في الغمرات هزبر في الفلوات له ساعد قوي‌ وقلب جري‌ء واسمه أمير المؤمنين علي ثم قالت آه ثم آه من يوم سألقاه وأعظم مصيبتاه ستكون لي قصة عجيبة ومصيبة و أي مصيبة فلو أردت النجاة سارعت إلي إجابته وتركت ما أنا عليه من مكايدته ولكن أري خوض البحار والعرض علي النار أيسر من الذل والصغار و لا أناشارية بعزيّ‌ ذلا و لابعلمي‌ جهلا ثم أنشأت تقول .


ذوي‌ القبائل والسادات ويحكم .   إني‌ أقول مقالا كالجلاميد.

لوكنت من هاشم أو عبدمطلب .   أو عبدشمس ذوي‌ الفخر الصناديد.

أو من لوي‌ سراة الناس كلهم .   ذوي‌ السماحة والإفضال والجود.

أو من بني‌ نوفل أو من بني‌ أسد.   أو من بني‌ زهرة الغر الأماجيد.

لكنت أول من يحظي بصاحبكم .   إذاجري ماؤه في يابس العود.

لكن أري أجلي‌ قدحان مدته .   لمادنا مولد ياخير مولود.

ثم قالت هيهات لاجزع مما هوآت وخالق الشمس والقمر و من إليه مصير البشر لقد صدقكم سطيح الخبر فلما سمعوا ماقالت حاروا ثم نظرت إلي أبي طالب وأخيه عبد الله وكانت عارفة بعبد الله قبل ذلك لأنه كان مسافرا إلي نحو اليمن قبل أن


صفحه : 317

يتزوج بآمنة بنت وهب و كان نور النبي ص في وجهه و أن الزرقاء نظرت إليه و قدنزل بقصر من قصور اليمامة وذهب أبوه عبدالمطلب في حاجة وتركه عندمتاعه وسيفه عندرأسه فنزلت الزرقاء مسرعة و في يدها كيس من الورق فوثبت عليه ثم قالت له يافتي حياك الله بالسلام وجللك بالإنعام من أي العرب أنت فما رأيت أحسن منك وجها قال أنا عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف سيد الأشراف ومطعم الأضياف سادات الحرم و من لهم السابقة في القدم فقالت فهل لك ياسيدي‌ من فرحتين عاجلتين قال و ماهما قالت تجامعني‌ الساعة وتأخذ هذه الدراهم وأبذل لك مائة من الإبل محملة تمرا وبسرا وسمنا فلما استتم كلامها قال إليك عني‌ فما أقبح صورتك ياويلك أ ماعلمت أناقوم لانركب الآثام اذهبي‌ وتناول سيفا كان عنده فانهزمت ورجعت خائبة فأقبل أبوه فوجده وسيفه مسلول و هو يقول شعرا.


أنرتكب الحرام بغير حل .   ونحن ذوو المكارم في الأنام .

إذاذكر الحرام فنحن قوم .   جوارحنا تصان عن الحرام .

فقال له أبوه ياولدي‌ ماجري عليك بعدي‌ فأخبره بخبره ووصف له صفاتها فعرفها و قال له يابني‌ هذه زرقاء اليمامة قدنظرت إلي النور ألذي في وجهك يلوح فعرفت أنه الشرف الوكيد والعز ألذي لايبيد فأرادت أن تسلبه منك والحمد لله ألذي عصمك عنها ثم رحل به إلي مكة وزوجه بآمنة بنت وهب فلما رأته الزرقاء عرفته وعلمت أنه تزوج فقالت ألست صاحبي‌ باليمامة في يوم كذا قال لها


صفحه : 318

نعم فلاأهلا بك و لاسهلا ياابنة اللخناء قالت أين نور ألذي كان في غرتك قال في بطن زوجتي‌ آمنة بنت وهب قالت لاشك أنها لذلك أهل ثم نادت برفيع صوتها ياذوي‌ العز والمراتب إن الوقت متقارب و إن الأمر لواقع ما له من دافع فتفرقوا عني‌ فقد جاء المساء و في الصباح يسمع مني‌ الأخبار وأوقفكم علي حقيقة الآثار فتفرقوا عنها. قال فلما مضي من الليل شطره مضت إلي سطيح و قدخرج من مكة فقالت له ماتري قال أري العجب والوقت قدقرب وحدثها بما قدجري من قريش قالت له ماتشير به علي قال لها أما أنافقد كبر سني‌ و لو لاخيفة العار لأمرت من يريحني‌ من الحياة ولكني‌ سأذهب إلي الشام وأقيم بها حتي يأتيني‌ الحمام فإنه لاطاقة لي به فإنه المؤيد المنصور و من يعاديه مقهور قالت ياسطيح وأين أعوانك لم لايساعدونك علي هذاالأمر ويعينونك علي هلاك آمنة قبل أن يخرج من الأحشاء قال لها يازرقاء وهل يقدر أحد أن يتعرض لآمنة فإن من تعرض لها عاجله التدمير من اللطيف الخبير أما أنا وأصحابي‌ فلانتعرض لها والآن أنصحك فإياك أن تصلي‌ إلي آمنة فإن حافظها رب السماوات و الأرض فإن لم تقبلي‌ نصيحتي‌ فدعيني‌ و ما أنا عليه فلعلي‌ أموت الليلة أوغدا فلما سمعت مقالته أعرضت عنه وباتت ليلتها ساهرة فلما أصبح الصباح أقبلت إلي بني‌ هاشم وقالت أنعم الله لكم الصباح لقد أشرفت بكم المحافل ووفقتم إذ ظهر فيكم المنعوت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان فيا ويل من يعاديه


صفحه : 319

وطوبي لمن اتبعه فلم يبق أحد من بني‌ هاشم إلافرح بما ذكرت الزرقاء ووعدوها بخير فقالت لهم لست محتاجة إلي مال و لارفاد ولكن ماجئت من الأقطار إلالأخبركم بحقيقة الأخبار فقال أبوطالب قدوجب حقك علينا فهل لك من حاجة قالت نعم أريد أن تجمع بيني‌ و بين آمنة حتي أتحقق ماأخبركم به قال سمعا وطاعة فجاء بها إلي منزل آمنة فطرق الباب فقامت آمنة لفتح الباب فلاح من وجهها نور ساطع وضياء لامع فسقطت الزرقاء حسدا وأظهرت تجلدا فلما دخلت المنزل أتوها بطعام فلم تأكل وقالت سوف يكون لمولودكم هذاعجب عجيب وسوف تسقط الأصنام وتخمد الأزلام وينزل علي عبادها الدمار ويحل بهم البوار ثم إنها خرجت من المنزل متفكرة في قتل آمنة وكيف تعمل الحيلة وجعلت تتردد إلي سطيح وتطلب منه المساعدة فلم يلتفت إليها و لا إلي قولها فأقبلت حتي نزلت علي امرأة من الخزرج اسمها تكنا وكانت ماشطة لآمنة فلما كان في بعض الليالي‌ استيقظت تكنا فرأت عندرأس الزرقاء شخصا يحدثها و يقول .


كاهنة اليمامة.   جاءت بذي‌ تهامة.

صفحه : 320


ستدرك الندامة.   إذاأتاها من له العمامة.

فلما سمعت الزرقاء ذلك وثبت قائمة وقالت له لقد كنت صاحب الوفاء فلم حبست نفسك عني‌ هذه المدة فإني‌ في هموم متواترات وأهوال وكربات فقال لها ياويلك يازرقاء لقد نزل بنا أمر عظيم لقد كنا نصعد إلي السماء السابعة ونسترق السمع فلما كان في هذه الأيام القليلة طردنا من السماء وسمعنا مناديا ينادي‌ في السماوات أن الله قدأراد أن يظهر المكسر للأصنام ومظهر عبادة الرحمن فامتنعوا جملة الشياطين من السماء وتحدرت علينا ملائكة بأيديهم شهب من نار فسقطنا كأننا جذوع النخل و قدجئتك لأحذرك فلما سمعت كلامه قالت له انصرف عني‌ فلابد أن أجتهد غاية المجهود في قتل هذاالمولود فراح عنها و هو يقول .


إني‌ نصحتك بالنصيحة جاهدا.   فخذي‌ لنفسك واسمعي‌ من ناصح .

لاتطلبي‌ أمرا عليك وباله .   فلقد أتيتك باليقين الواضح .

هيهات أن تصلي‌ إلي ماتطلبي‌.   من دون ذلك عظم أمر فادح .

فالله ينصر عبده ورسوله .   من شر ساحرة وخطب فاضح .

عودي‌ إلي أرض اليمامة واحذري‌.   من شر يوم سوف يأتي‌ كادح .

ثم إنه طار عنها وتكنا تسمع ماجري بينهما وكأنها لم تسمع ماجري


صفحه : 321

فلما أصبحت جلست بين يدي‌ الزرقاء فقالت ما لي أراك مغمومة قالت لها ياأختاه إن ألذي نزل بي‌ من الهموم والغموم لخروجي‌ من الأوطان وذهابي‌ من البلدان وتشتتي‌ في كل مكان وتفردي‌ عن الخلان قالت لها و لم ذلك قالت لها ياويلك من حامل مولود يدعو إلي أكرم معبود يكسر الأصنام ويذل السحرة والكهان يخرب الديار و لايترك بمكة أحدا من ذوي‌ الأبصار و أنت تعلمين أن القعود علي النار أيسر من الذل والصغار فلو وجدت من يساعدني‌ علي قتل آمنة بذلت له المنا وأعطيته الغنا وعمدت إلي كيس كان معها فأفرغته بين يدي‌ تكنا و كان مالا جزيلا فلما نظرت تكنا إلي المال لعب بقلبها وأخذ بعقلها وقالت لها يازرقاء لقد ذكرت أمرا عظيما وخطبا جسيما والوصول إليه بعيد وإني‌ ماشطة لجملة نساء بني‌ هاشم و لايدخل عليهن غيري‌ ولكن سوف أفكر لك فيما ذكرت وكيف أجسر علي ماوصفت والوصول إلي ماذكرت قالت الزرقاء إذادخلت علي آمنة وجلست عندها فاقبضي‌ علي ذوائبها واضربيها بهذا الخنجر فإنه مسموم فإذااختلط الدم بالسم هلكت فإذاوقع عليك تهمة أووجب عليك دية فأنا أقوم بخلاصك وأدفع عنك عشر ديات غير ألذي دفعته إليك في وقتي‌ هذافما أنت قائلة قالت إني‌ أجبتك لكن أريد منك الحيلة بأن تشغلي‌ بني‌ هاشم عني‌ قالت الزرقاء إني‌ هذه الساعة آمر عبيدي‌ أن يذبحوا الذبائح ويعملوا الخمور ويطرحوها في الجفان فإذاأكلوا وشربوا من ذلك ظفرت بحاجتك قالت لها تكنا الآن تمت الحيلة فافعلي‌ ماذكرت فصنعت


صفحه : 322

الزرقاء ماذكرت وأمرت عبيدها ينادون في شوارع مكة أن يجمعوا الناس فلم يبق أحد إلا وحضر وليمتها من أهل مكة فلما أكلوا وشربوا وعلمت أن القوم قدخالط عقولهم الشراب أقبلت إلي تكنا وقالت قومي‌ إلي حاجتك فقامت تكنا وجاءت بالخنجر ورشت في جوانبه السم ودخلت علي آمنة فرحبت بهاآمنة وسألتها عن حالها وقالت ياتكنا ماعودتيني‌ بالجفاء فقالت اشتغلت بهمي‌ وحزني‌ و لو لاأياديكم الباسطة علينا لكنا بأقبح حال و لاأحد أعز علي منك هلمي‌ يابنية إلي‌ حتي أزينك فجاءت آمنة وجلست بين يدي‌ تكنا فلما فرغت من تسريح شعرها عمدت إلي الخنجر وهمت أن تضربها به فحست تكنا كأن أحدا قبض علي قلبها فغشي‌ علي بصرها وكأن ضاربا ضرب علي يدها فسقط الخنجر من يدها إلي الأرض فصاحت وا حزناه فالتفتت آمنة إليها و إذاالخنجر قدسقط من يد تكنا فصاحت آمنة فتبادرت النسوان إليها وقلن لها مادهاك قالت ياويلكن أ ماترين ماجري علي من تكنا كادت أن تقتلني‌ بهذا الخنجر فقلن ياتكنا ماأصابك ويلك تريدين أن تقتلي‌ آمنة علي أي جرم فقالت ياويلكن قدأردت قتل آمنة والحمد لله ألذي صرف عنها البلاء فقالت الحمد لله علي السلامة من كيدك ياتكنا فقالت لها النساء ياتكنا ماحملك علي ذلك قالت لاتلوموني‌ حملني‌ طمع الدنيا الغرور ثم أخبرتهن بالقصة وقالت لهن ويحكن دونكن الزرقاء اقتلنها قبل أن تفوتكن ثم سقطت ميتة فصاحت النسوان صيحة عالية فأقبل بنو هاشم إلي منزل آمنة فإذا


صفحه : 323

بتكنا ميتة و قدتجلل نور آمنة ونظروا إلي الخنجر وحكوا لهم القصة فخرج أبوطالب ينادي‌ أدركوا الزرقاء و قدوصلها الخبر فخرجت هاربة فتبعها الناس من بني‌ هاشم وغيرهم فلم يدركوها و لم يلحقوها فسمع أبوجهل ذلك فقال وددت أنها قتلت آمنة ولكن حاد عنها أجلها وأرجو بسطيح أن يعمل أحسن مما عملت الزرقاء فلما سمع سطيح بخبر الزرقاء أمر غلمانه أن يحملوه علي راحلته وسافر إلي الشام . فلما ولد رسول الله ص لم يبق صنم إلاسقط وغارت بحيرة ساوه وفاض وادي‌ سماوة وخمدت نيران فارس وارتج إيوان كسري و هوجالس ووقع منه أربع عشرة شرفة فلما أصبح كسري نظر إلي ذلك وهاله فدعا بوزرائه و قال لهم ما هذا ألذي حدث في هذه البلاد فهل عندكم من علم فقال المؤبذان أيها الملك العظيم الشأن لقد رأيت إبلا صعابا تقودها خيل عراب و قدخاضت في الوادي‌ وانتشرت في البلاد و ماذاك إلالأمر عظيم فبينما هم كذلك إذاورد عليهم كتاب بخمود النيران كلها فزادهم هما وغما ثم أتاه بعد ذلك خبر البحيرة والوادي‌ فأقبل علي المؤبذان فقال إنا لانعلم أحدا من العلماء نسأله عن ذلك فقال المؤبذان إنا نكتب إلي النعمان بن المنذر كتابا لعله يعرف أحدا يعلم ذلك فكتب إلي النعمان كتابا فأرسل إليه رجلا اسمه عبدالمسيح و كان ابن أخت سطيح فقال له كسري هل عندك علم مما أريد أن أسألك عنه فقال لا ولكن لي خال اسمه سطيح يسكن في مشارف الشام يعرف خبرك ويعرف ماتريد فقال له كسري اخرج إليه واسأله عما أريد أن أسألك عنه


صفحه : 324

فإن أجاب عد إلي‌ بالجواب أجزل لك الجائزة والنوال ثم خرج عبدالمسيح إلي أن وصل إلي الشام فوجد سطيحا يجود بنفسه ويعالج سكرات الحمام فسلم عليه فلم يرد عليه السلام فلما كان بعدساعة فتح عينيه و قال جاء عبدالمسيح علي جمل يسيح من عندكسري يصيح بلسان فصيح مرسولا إلي سطيح سيد بني‌ غسان يسأل عن ارتجاج الإيوان وخمود النيران ورؤيا المؤبذان كان إبلا صعابا تقودها خيل عراب و قدقطعت الوادي‌ وانتشرت في البلاد ذلك و الله ماكنا نتوقع من خروج السفاك ومالك الأملاك يا عبدالمسيح أقول لك قولا صحيحا إذافاض وادي‌ سماوة وغارت بحيرة ساوه فليست الشام لسطيح بشام تظهر الدلالات ويملك منهم ملوك علي عدد الشرفات المتساقطات و كل ما هوآت آت و يكون الراحة لسطيح في الممات ثم صرخ صرخة ومات ثم إن عبدالمسيح خرج إلي كسري فأخبره بما قاله سطيح فأعطاه وأنعم عليه لماأخبر بأن يملك منهم أربعة عشر ملكا. قال أبو الحسن البكري‌ حدثناأشياخنا وأسلافنا الرواة لهذا الحديث أنه لماتتابعت أشهر آمنة سمعت مناديا ينادي‌ من السماء مضي لحبيب الله كذا وكذا و كان تهتف بآمنة الهواتف في الليل والنهار وتخبر زوجها عبد الله بذلك فيقول لها اكتمي‌ أمرك عن كل أحد فلما مضي لها ستة أشهر لم تجد ثقلا و لما كان الشهر


صفحه : 325

السابع دعا عبدالمطلب ولده عبد الله و قال يابني‌ إنه قرب ولادة آمنة ونحن نريد أن نعمل وليمة و ليس عندنا شيءفامض إلي يثرب واشتر لنا منها مايصلح لذلك فخرج عبد الله من وقته وسافر حتي وصل إلي يثرب وطرقته حوادث الزمان فمات بها ووصل خبره إلي مكة فعظم عليهم ذلك وبكي أهل مكة جميعا عليه وأقيمت المأتم في كل ناحية وناح عليه أبوه وآمنة وإخوته و كان مصابا هائلا فظيعا فلما كان الشهر التاسع أراد الله تعالي خروج النبي ص وهي‌ لم يظهر لها أثر الحمل و لا ماتعتاده النساء وكانت تحدث نفسها كيف وضعي‌ و لم يعلم بي‌ أحد من قومي‌ وكانت دار آمنة وحدها فبينما هي‌ كذلك إذ سمعت وجبة عظيمة ففزعت من ذلك فإذا قددخل عليها طير أبيض ومسح بجناحه علي بطنها فزال عنها ماكانت تجده من الخوف فبينما هي‌ كذلك إذ دخل عليها نسوان طوال يفوح منهن رائحة المسك والعنبر و قدتنقبن بأطمارهن وكانت من العبقري‌ الأحمر وبأيديهن أكواب من البلور الأبيض قالت آمنة فقلن لي اشربي‌ ياآمنة من هذاالشراب فلما شربت أضاء نور وجهي‌ وعلاه نور ساطع وضياء لامع وجعلت أقول من أين دخلن علي هذه النسوة وكنت قدأغلقت الباب فجعلت أنظر إليهن و لم أعرفهن ثم قلن ياآمنة اشربي‌ من هذاالشراب وأبشري‌ بسيد الأولين والآخرين محمدالمصطفي ص وسمعت قائلا يقول .


صلي الإله و كل عبدصالح .   والطيبون علي السراج الواضح .

المصطفي خير الأنام محمد.   الطاهر العلم الضياء اللائح .

زين الأنام المصطفي علم الهدي .   الصادق البر التقي‌ الناصح .

صلي عليه الله ماهب الصبا.   وتجاوبت ورق الحمام النائح .

صفحه : 326

ثم قمن النسوة وخرجن فإذا أنابأثواب من الديباج قدنشرت بين السماء و الأرض وسمعت قائلا يقول خذوه وغيبوه عن أعين الناظرين والحاسدين فإنه ولي‌ رب العالمين قالت آمنة فداخلني‌ الجزع والفزع و إذا أنابخفقان أجنحة الملائكة و إذابهاتف قدنزل وسمعت تسبيحا وتقديسا وأرياشا مختلفة هذا و لم يكن في البيت أحد إلا أنافبينما أناأقول في نفسي‌ أنانائمة أويقظانة إذ لمع نور أضاء لأهل السماء و الأرض حتي شق سقف البيت وسمعت تسبيح الملائكة فبينما أنامتعجبة من ذلك إذ وضعت ولدي‌ محمداص فلما سقط إلي الأرض سجد تلقاء الكعبة رافعا يديه إلي السماء كالمتضرع إلي ربه وسمعت من داخل البيت جلبة عظيمة وقائلا يقول شعرا.


كم آية من أجله ظهرت فما.   تخفي وزادت في الأنام ظهورا.

ورأته آمنة يسبح ساجدا.   عندالولادة للسماء مشيرا.

قالت آمنة وسمعت أصواتا مختلفة و إذابسحابة بيضاء قدنزلت علي ولدي‌ فأخذته وغيبته عني‌ فلم أره فصحت خوفا علي ولدي‌ و إذابقائل يقول لي لاتخافي‌ وسمعت قائلا يقول طوفوا بمحمد مشارق الأرض ومغاربها وبرها وبحرها ووعرها واعرضوه علي الجن والإنس ليعرفوا نعته قالت آمنة كان ما بين غيبته ورجوعه أسرع من طرفة عين و إذا هو قدجاءوا به إلي‌ و هومدرج في ثوب أبيض من صوف و هوقابض علي مفاتيح ثلاثة و رجل قائم علي رأسه و هو يقول قبض محمد علي مفاتيح النصر ومفاتيح النبوة ومفاتيح الكعبة فبينا أناكذلك و إذا أنابسحابة أخري أعظم من الأولي


صفحه : 327

وسمعت منها تسبيحا وخفقان أجنحة الملائكة فنزلت وأخذت ولدي‌ فدمعت عيني‌ ورجف قلبي‌ و إذا أنابقائل يقول طوفوا بمحمد علي مولد النبيين واعرضوه علي سائر المرسلين وأعطوه صفوة آدم ع ورأفة نوح ع وحلم ابراهيم ع ولسان إسماعيل ع وجمال يوسف ع وصبر أيوب ع وصوت داود ع وزهد يحيي ع وكرم عيسي ع وشجاعة موسي ع وأعطوه من أخلاق الأنبياء قالت آمنة ورأيته قابضا علي حريرة بيضاء مطوية طيا شديدا والماء يخرج منها وقائل يقول قبض محمد علي الدنيا بأسرها و لم يبق شيئا إلا و قددخل في قبضته قالت فبينما أناكذلك و إذا أنابثلاثة نفر قددخلوا علي والنور يظهر من وجوههم يكاد نورهم يخطف الأبصار في يد أحدهم إبريق من فضة و في يد آخر طست من زبرجد أخضر فوضع الطست بين يديه و قال له ياحبيب الله اقبض من حيث شئت قالت آمنة فنظرت إلي موضع قبضته فإذا هو قدقبض علي وسطها قالت فسمعت قائلا يقول قبض محمد علي الكعبة و ماحولها ورأيت في يد الثالث حريرة مطوية و إذابخاتم من نور يشرق كالشمس ثم حمل ولدي‌ فناوله صاحب الطست وصب عليه الآخر من الإبريق سبع مرات ثم ختم بذلك الخاتم بين كتفيه ثم لفه تحت جناحه وغيبه عني‌ و كان ذلك رضوان خازن الجنان ثم أخرجه وتكلم في أذنه بكلام لاأفهمه ثم قبله و قال أبشر يا محمدفإنك سيد الأولين والآخرين و أنت الشفيع فيهم يوم الدين ثم خرجوا وتركوه ثم رأيت ثلاثة أعلام منصوبة واحد بالمشرق وواحد بالمغرب والثالث علي الكعبة وتلك الأعلام من النور مثل قوس السحاب .قالت آمنة ثم رأيت بعد ذلك غمامة بيضاء قدنزلت من السماء علي ولدي‌ وغيبته عني‌ ساعة طويلة فلم أره فحن عليه قلبي‌ و قدحيل بيني‌ وبينه وكأني‌ نائمة مما جري عليه فبينا أناكذلك و إذابولدي‌ قدردوه علي و إذا به مكحول مقمط بقماط


صفحه : 328

من حرير الجنة تفوح منه رائحة المسك الأذفر قال عبدالمطلب كنت في الساعة التي‌ ولد فيها رسول الله ص أطوف بالكعبة و إذابالأصنام قدتساقطت وتناثرت والصنم الكبير سقط علي وجهه وسمعت قائلا يقول الآن آمنة قدولدت رسول الله ص فلما رأيت ماحل بالأصنام تلجلج لساني‌ وتحير عقلي‌ وخفق فؤادي‌ حتي صرت لم أستطع الكلام فخرجت مسرعا أريد باب بني‌ شيبة و إذاالصفا والمروة يركضان بالنور فرحا و لم أزل مسرعا إلي أن قربت من منزل آمنة و إذابغمامة بيضاء قدعمت منزلها فقربت من الباب و إذاروائح المسك الأذفر والند والعنبر قدعبقت بكل مكان حتي عمتني‌ الرائحة فدخلت علي آمنة و إذا بهاقاعدة و ليس عليها أثر النفاس فقلت أين مولودك أريد أن أنظر إليه قالت قدحيل بيني‌ وبينه ولقد سمعت مناديا ينادي‌ لاتخافي‌ علي مولودك وسيرد عليك بعدثلاثة أيام فسل عبدالمطلب سيفه و قال أخرجي‌ لي ولدي‌ هذه الساعة و إلاعلوتك به فقالت إنهم قددخلوا به هذه الدار قال عبدالمطلب فهممت بالدخول إلي الدار إذ برز لي شخص من داخل الدار كأنه النخلة السحوق لم أر أهول منه وبيده سيف و قال لي ارجع ليس لك إلي ذلك من سبيل و لالغيرك حتي تنقضي‌ زيارة الملائكة فخرجت خائفا مما رأيت من الأهوال . قال صاحب الحديث بلغنا أن الساعة التي‌ ولد فيها رسول الله ص طردت الشياطين والمردة هاربين ومنهم من غمي‌ عليه ومنهم من مات و أماسطيح ووشق فماتا في تلك الليلة و أمازرقاء اليمامة فإنها كانت جالسة مع خدمها وجواريها إذ صرخت


صفحه : 329

صرخة عظيمة وغشي‌ عليها فلما أفاقت أنشأت تقول .


أماالمحال فقد مضي لسبيله .   ومضت كهانة معشر الكهان .

جاء البشير فكيف لي بهلاكه .   هيهات جاء الوحي‌ بالإعلان .

فلما تمت له ثلاثة أيام دخل عليه جده عبدالمطلب فلما نظر إليه قبله و قال الحمد لله ألذي أخرجك إلينا حيث وعدنا بقدومك فبعد هذااليوم لاأبالي‌ أصابني‌ الموت أم لا ثم دفعه إلي آمنة فجعل يهش ويضحك لجده وأمه كأنه ابن سنة قال عبدالمطلب ياآمنة احفظي‌ ولدي‌ هذافسوف يكون له شأن عظيم وأقبل الناس من كل فج عميق يهنئون عبدالمطلب وجاءت جملة النساء إلي آمنة وقلن لها لم لم ترسلي‌ إلينا فهنأنها بالمولود و قدعبقت بهن جمع رائحة المسك فكان يقول الرجل لزوجته من أين لك هذافتقول هذا من طيب مولود آمنة فأقبلت القوابل ليقطعن سرته فوجدنه مقطوع السرة فقلن لآمنة ماكفاك أنك وضعت به حتي قطعت سرته بنفسك فقالت لهن و الله لم أره إلا علي هذه الحالة فتعجبت القوابل من ذلك وكانت تأتيها القوابل بعد ذلك و إذا به مكحولا مقموطا فيتعجبن منه فلما مضي له من الوضع سبعة أيام أولم عبدالمطلب وليمة عظيمة وذبح الأغنام ونحر الإبل وأكل الناس ثلاثة أيام ثم التمس له مرضعة تربيه علي عادة أهل مكة.إيضاح الأطلال جمع الطلل بالتحريك و هو ماشخص من آثار الدار والهمام


صفحه : 330

بالضم وتخفيف الميم الملك العظيم الهمة والضرغام بالكسر الأسد والقمقام بالفتح السيد والمقدام بالكسر الرجل الكثير الإقدام علي العدو والحمام بالكسر الموت والمناكب لعله من النكبة بمعني المصيبة ويقال كافحوهم إذااستقبلوهم في الحرب بوجوههم ليس دونها ترس و لاغيره والكمي‌ الشجاع وذباب السيف بالضم طرفه ألذي يضرب به والقصم الكسر والهزبر بكسر الهاء وفتح الزاء الأسد والجلاميد جمع الجلمود و هوالصخر والسراة بالضم جمع سري‌ و هوالشريف قولها من يحظي هو علي بناء المجهول من الحظوة وهي‌ القدر والمنزلة و قال الجوهري‌ لخن السقاء بالكسر أي أنتن و منه قولهم أمة لخناء ويقال اللخناء التي‌ لم تختن انتهي والورق بالضم جمع الأورق و هو ألذي في لونه بياض إلي سواد و في القاموس الند طيب معروف أوالعنبر والسحوق من النخل الطويلة وغمي‌ علي المريض وأغمي‌ مضمومتين غشي‌ عليه ثم أفاق .تتمة مفيدة اعلم أن ظاهر أخبار المولد السعيد أن الشهب لم تكن قبله وإنما حدثت في هذاالوقت و هوخلاف المشهور ويمكن أن تكون كثرتها إنما حدثت عند ذلك وكانت قبل ذلك نادرة. قال الرازي‌ في تفسير قوله سبحانه فَمَن يَستَمِعِ الآنَ يَجِد لَهُ شِهاباً رَصَداً ماملخصه فإن قيل هذه الشهب كانت موجودة قبل المبعث لأن جميع الفلاسفة تكلموا في أسباب انقضاضها و قدجاء وصفها في شعر الجاهلية و قدروي‌ عن ابن عباس أيضا مايدل علي كونها في الجاهلية فما معني تخصيصها بمبعثه ص ثم أجاب بوجهين الأول أنها ماكانت قبل المبعث و هذاقول ابن عباس و أبي بن كعب وجماعة وهؤلاء زعموا أن كتب الأوائل قدتوالت عليها التحريفات فلعل المتأخرين ألحقوا هذه المسألة طعنا منهم في هذه المعجزة وكذا الأشعار المنسوبة إلي أهل الجاهلية لعلها مختلقة عليهم ومنحولة والخبر غيرثابت . والثاني‌ و هوالأقرب إلي الصواب أنها كانت موجودة إلاأنها زيدت بعدالمبعث


صفحه : 331

وجعلت أكبر وأقوي انتهي . وأقول يحتمل وجه ثالث و هو أن تكون هذه موجود قبل الإسلام بمدة ثم ارتفعت وزالت مدة مديدة ثم حدثت بعدالولادة أوالبعثة ويؤيده ماروي‌ عن أبي بن كعب أنه قال لم يرم بنجم منذ رفع عيسي ع حتي بعث رسول الله ص وسيأتي‌ مزيد تحقيق في كتاب السماء والعالم إن شاء الله تعالي

باب 4-منشئه ورضاعه و ماظهر من إعجازه عند ذلك إلي نبوته ص

1-يج ،[الخرائج والجرائح ]روُيِ‌َ أَنّهُ لَمّا وُلِدَ النّبِيّص قَدِمَت حَلِيمَةُ بِنتُ أَبِي ذُؤَيبٍ فِي نِسوَةٍ مِن بنَيِ‌ سَعدِ بنِ بَكرٍ تَلتَمِسُ الرّضَعَاءَ بِمَكّةَ قَالَت فَخَرَجتُ مَعَهُنّ عَلَي أَتَانٍ وَ معَيِ‌ زوَجيِ‌ وَ مَعَنَا شَارِفٌ لَنَا مَا بَيّضَ[تَبِضّ]بِقَطرَةٍ مِن لَبَنٍ وَ مَعَنَا وَلَدٌ مَا نَجِدُ فِي ثدَييَ‌ّ مَا نُعَلّلُهُ بِهِ وَ مَا نَامَ لَيلَنَا جُوعاً فَلَمّا قَدِمنَا مَكّةَ لَم تَبقَ مِنّا امرَأَةٌ إِلّا عُرِضَ عَلَيهَا مُحَمّدٌ فَكَرِهنَاهُ فَقُلنَا يَتِيمٌ وَ إِنّمَا يُكرِمُ الظّئرَ الوَالِدُ فَكُلّ صوَاَحبِيِ‌ أَخَذنَ رَضِيعاً وَ لَم آخُذ شَيئاً فَلَمّا لَم أَجِد غَيرَهُ رَجَعتُ إِلَيهِ فَأَخَذتُهُ فَأَتَيتُ بِهِ الرّحلَ فَأَمسَيتُ وَ أَقبَلَ ثدَياَي‌َ بِاللّبَنِ حَتّي أَروَيتُهُ وَ أَروَيتُ ولَدَيِ‌ أَيضاً وَ قَامَ زوَجيِ‌ إِلَي شَارِفِنَا تِلكَ يَلمِسُهَا بِيَدِهِ فَإِذَا هيِ‌َ حَافِلٌ فَحَلَبَهَا وَ أرَواَنيِ‌ مِن لَبَنِهَا وَ رَوّي الغِلمَانَ فَقَالَ يَا حَلِيمَةُ لَقَد أَصَبنَا نَسَمَةً مُبَارَكَةً فَبِتنَا بِخَيرٍ وَ رَجَعنَا فَرَكِبتُ أتَاَنيِ‌ ثُمّ حَمَلتُ مُحَمّداً معَيِ‌ فَوَ ألّذِي نَفسُ حَلِيمَةَ بِيَدِهِ لَقَد طُفتُ بِالرّكبِ حَتّي إِنّ النّسوَةَ يَقُلنَ يَا حَلِيمَةُ أمَسكِيِ‌ عَلَينَا أَ هَذِهِ أَتَانُكِ التّيِ‌ خَرَجتِ عَلَيهَا قُلتُ نَعَم مَا شَأنُهَا قُلنَ حَمَلتِ غُلَاماً مُبَارَكاً وَ يَزِيدُنَا اللّهُ كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ خَيراً وَ البِلَادُ


صفحه : 332

قَحطٌ وَ الرّعَاةُ يَسرَحُونَ ثُمّ يُرِيحُونَ فَتَرُوحُ أَغنَامُ بنَيِ‌ سَعدٍ جِيَاعاً وَ تَرُوحُ غنَمَيِ‌ شِبَاعاً بِطَاناً حُفَلَاءَ فَتُحلَبُ وَ تُشرَبُ

بيان الشارف المسنة من النوق قوله مابيض أي الإناء قال الجوهري‌ بيضت الإناء أي ملأته من الماء أواللبن والأصوب أنه ماتبضّ بالتاء ثم الباء التحتانية الموحدة المكسورة ثم الضاد المشددة قال الجزري‌ فيه ماتبض ببلال أي مايقطر منها لبن يقال بض الماء إذاقطر وسال و قال الجوهري‌ ضرع حافل أي ممتلئ لبنا

2-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]ذَكَرَت حَلِيمَةُ بِنتُ أَبِي ذُؤَيبٍ عَبدِ اللّهِ بنِ الحَارِثِ مِن مُضَرَ زَوجَةُ الحَارِثِ بنِ عَبدِ العُزّي المضُرَيِ‌ّ أَنّ البوَاَديِ‌َ أَجدَبَت وَ حَمَلَنَا الجَهدُ عَلَي دُخُولِ البَلَدِ فَدَخَلتُ مَكّةَ وَ نِسَاءُ بنَيِ‌ سَعدٍ قَد سَبَقنَ إِلَي مَرَاضِعِهِنّ فَسَأَلتُ مُرضَعاً فدَلَوّنيِ‌ عَلَي عَبدِ المُطّلِبِ وَ ذُكِرَ أَنّ لَهُ مَولُوداً يَحتَاجُ إِلَي مُرضِعٍ لَهُ فَأَتَيتُ إِلَيهِ فَقَالَ يَا هَذِهِ عنِديِ‌ بنُيَ‌ّ لِي يَتِيمٌ اسمُهُ مُحَمّدٌ فَحَمَلتُهُ فَفَتَحَ عَينَيهِ لِيَنظُرَ إلِيَ‌ّ بِهِمَا فَسَطَعَ مِنهُمَا نُورٌ فَشَرِبَ مِن ثدَييِ‌َ الأَيمَنِ سَاعَةً وَ لَم يَرغَب فِي الأَيسَرِ أَصلًا وَ استَعمَلَ فِي رَضَاعِهِ عَدلًا فَنَاصَفَ فِيهِ شَرِيكَهُ وَ اختَارَ اليَمِينُ اليَمِينَ وَ كَانَ ابنيِ‌ لَا يَشرَبُ حَتّي يَشرَبَ رَسُولُ اللّهِص فَحَمَلتُهُ عَلَي الأَتَانِ وَ كَانَت قَد ضَعُفَت عِندَ قدُوُميِ‌ مَكّةَ فَجَعَلَت تُبَادِرُ سَائِرَ الحُمُرِ إِسرَاعاً قُوّةً وَ نَشَاطاً وَ استَقبَلتُ الكَعبَةَ وَ سَجَدتُ لَهَا ثَلَاثَ مَرّاتٍ وَ قَالَت بَرَأتُ مِن مرَضَيِ‌ وَ سَلِمتُ مِن غثَيّ‌ وَ عَلَيّ سَيّدُ المُرسَلِينَ وَ خَاتَمُ النّبِيّينَ وَ خَيرُ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ فَكَانَ النّاسُ يَتَعَجّبُونَ مِنهَا وَ مِن سمِنَيِ‌ وَ برَئيِ‌ وَ دَرّ لبَنَيِ‌ فَلَمّا انتَهَينَا إِلَي غَارٍ خَرَجَ رَجُلٌ يَتَلَألَأُ نُورُهُ إِلَي عَنَانِ السّمَاءِ وَ سَلّمَ عَلَيهِ وَ قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي وكَلّنَيِ‌ بِرِعَايَتِهِ وَ قَابَلَنَا ظِبَاءٌ وَ قُلنَ يَا حَلِيمَةُ


صفحه : 333

لَا تَعرِفِينَ مَن تُرَبّينَ هُوَ أَطيَبُ الطّيّبِينَ وَ أَطهَرُ الطّاهِرِينَ وَ مَا عَلَونَا تَلعَةً وَ لَا هَبَطنَا وَادِياً إِلّا سَلّمُوا عَلَيهِ فَعَرَفتُ البَرَكَةَ وَ الزّيَادَةَ فِي مَعَاشِنَا وَ رِيَاشِنَا حَتّي أَثرَينَا وَ كَثُرَت مَوَاشِينَا وَ أَموَالُنَا وَ لَم يُحدِث فِي ثِيَابِهِ وَ لَم تَبدُ عَورَتُهُ وَ لَم يَحتَج فِي يَومٍ إِلّا مَرّةً وَ كَانَ مَسرُوراً مَختُوناً وَ كُنتُ أَرَي شَابّاً عَلَي فِرَاشِهِ يَعدِلُهُ ثِيَابَهُ فَرَبّيتُهُ خَمسَ سِنِينَ وَ يَومَينِ فَقَالَ لِي يَوماً أَينَ يَذهَبُ إخِواَنيِ‌ كُلّ يَومٍ قُلتُ يَرعَونَ غَنَماً فَقَالَ إنِنّيِ‌ اليَومَ أُوَافِقُهُم فَلَمّا ذَهَبَ مَعَهُم أَخَذَهُ مَلَائِكَةٌ وَ عَلَوهُ عَلَي قُلّةِ جَبَلٍ وَ قَامُوا بِغَسلِهِ وَ تَنظِيفِهِ فأَتَاَنيِ‌َ ابنيِ‌ وَ قَالَ أدَركِيِ‌ مُحَمّداً فَإِنّهُ قَد سُلِبَ فَأَتَيتُهُ فَإِذَا هُوَ بِنُورٍ يَسطَعُ فِي السّمَاءِ فَقَبّلتُهُ فَقُلتُ مَا أَصَابَكَ قَالَ لَا تحَزنَيِ‌ إِنّ اللّهَ مَعَنَا وَ قَصّ عَلَيهَا قِصّتَهُ فَانتَشَرَ مِنهُ فَوحُ مِسكٍ أَذفَرَ وَ قَالَ النّاسُ غَلَبَت عَلَيهِ الشّيَاطِينُ وَ هُوَ يَقُولُ مَا أصَاَبنَيِ‌ شَيءٌ وَ مَا عَلَيّ مِن بَأسٍ فَرَآهُ كَاهِنٌ وَ صَاحَ وَ قَالَ هَذَا ألّذِي يَقهَرُ المُلُوكَ وَ يُفَرّقُ العَرَبَ

إيضاح قوله واختار اليمين أي صاحب اليمن والبركة والغث المهزول والمراد هنا المصدر ويقال أثري الرجل إذاكثرت أمواله

3-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] روُيِ‌َ عَن حَلِيمَةَ أَنّهُ جَلَسَ مُحَمّدٌ وَ هُوَ ابنُ ثَلَاثَةِ أَشهُرٍ وَ لَعِبَ مَعَ الصّبيَانِ وَ هُوَ ابنُ تِسعَةٍ وَ طَلَبَ منِيّ‌ أَن يَسِيرَ مَعَ الغَنَمِ يَرعَي وَ هُوَ ابنُ عَشَرَةٍ وَ نَاضَلَ الغِلمَانَ بِالنّبَلِ وَ هُوَ ابنُ خَمسَةَ عَشَرَ وَ صَارَعَ الغِلمَانَ وَ هُوَ ابنُ ثَلَاثِينَ ثُمّ رَدَدتُهُ إِلَي جَدّهِ

ابنُ عَبّاسٍ أَنّهُ كَانَ يُقَرّبُ إِلَي الصّبيَانِ تَصبِيحُهُم فَيَخلِسُونَ وَ يَكُفّ وَ يُصبِحُ الصّبيَانُ غُمصاً رُمصاً وَ يُصبِحُ صَقِيلًا دَهِيناً وَ نَادَي شَيخٌ عَلَي الكَعبَةِ يَا عَبدَ المُطّلِبِ إِنّ حَلِيمَةَ امرَأَةٌ عَرَبِيّةٌ وَ قَد فَقَدَتِ ابناً اسمُهُ مُحَمّدٌ فَغَضِبَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ كَانَ إِذَا غَضِبَ خَافَ


صفحه : 334

النّاسُ مِنهُ فَنَادَي يَا بنَيِ‌ هَاشِمٍ وَ يَا بنَيِ‌ غَالِبٍ اركَبُوا فُقِدَ مُحَمّدٌ وَ حَلَفَ أَن لَا أَنزِلَ حَتّي أَجِدَ مُحَمّداً أَو أَقتُلَ أَلفَ أعَراَبيِ‌ّ وَ مِائَةَ قرُشَيِ‌ّ وَ كَانَ يَطُوفُ حَولَ الكَعبَةِ وَ يُنشِدُ أَشعَاراً مِنهَا


يَا رَبّ رُدّ راَكبِيِ‌ مُحَمّداً   رُدّ إلِيَ‌ّ وَ اتّخِذ عنِديِ‌ يَداً

يَا رَبّ إِنّ مُحَمّداً لَن يُوجَدَا   تُصبِحُ قُرَيشٌ كُلّهُم مُبَدّداً

فَسَمِعَ نِدَاءً أَنّ اللّهَ لَا يُضَيّعُ مُحَمّداً فَقَالَ أَينَ هُوَ قَالَ فِي واَديِ‌ فُلَانٍ تَحتَ شَجَرَةِ أُمّ غَيلَانَ قَالَ ابنُ مَسعُودٍ فَأَتَينَا الواَديِ‌َ فَرَأَينَاهُ يَأكُلُ الرّطَبَ مِن أُمّ غَيلَانَ وَ حَولَهُ شَابّانِ فَلَمّا قَرُبنَا مِنهُ ذَهَبَ الشّابّانِ وَ كَانَا جَبرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ ع فَسَأَلنَاهُ مَن أَنتَ وَ مَا ذَا تَصنَعُ قَالَ أَنَا ابنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ فَحَمَلَهُ عَبدُ المُطّلِبِ عَلَي عُنُقِهِ وَ طَافَ بِهِ حَولَ الكَعبَةِ وَ كَانَتِ النّسَاءُ اجتَمَعنَ عِندَ آمِنَةَ عَلَي مُصِيبَتِهِ فَلَمّا رَآهَا تَمَسّكَ بِهَا وَ مَا التَفَتَ إِلَي أَحَدٍ وَ كَانَ عَبدُ المُطّلِبِ أَرسَلَ رَسُولَ اللّهِص إِلَي رُعَاتِهِ فِي إِبِلٍ قَد نَدّت لَهُ يَجمَعُهَا فَلَمّا أَبطَأَ عَلَيهِ نَفَذَ وَرَاءَهُ فِي كُلّ طَرِيقٍ وَ كُلّ شِعبٍ وَ أَخَذَ بِحَلقَةِ بَابِ الكَعبَةِ وَ هُوَ يَقُولُ يَا رَبّ إِن تَهلِك آلَكَ إِن تَفعَل فَأَمرٌ مَا بَدَا لَكَ فَجَاءَ رَسُولُ اللّهِص بِالإِبِلِ فَلَمّا رَآهُ أَخَذَهُ فَقَبّلَهُ فَقَالَ بأِبَيِ‌ لَا وَجّهتُكَ بَعدَ هَذَا فِي شَيءٍ فإَنِيّ‌ أَخَافُ أَن تُغتَالَ فَتُقتَلَ

بيان قال الجزري‌ في حديث المولد إنه كان يتيما في حجر أبي طالب و كان يقرب إلي الصبيان تصبيحهم فيختلسون ويكف أي غداءهم و هواسم علي تفعيل كالترغيب


صفحه : 335

والتنوير و قال حديث ابن عباس كان الصبيان غمصا رمصا ويصبح رسول الله صقيلا دهينا يقال غمصت عينيه مثل رمصت يقال غمصت العين ورمصت من الغمص والرمص و هوالبياض ألذي يجمع في زوايا الأجفان فالرمص الرطب والغمص اليابس والغمص والرمص جمع أغمص وأرمص وانتصبا علي الحال لا علي الخبر لأن أصبح تامة وهي‌ بمعني الدخول في الصباح قاله الزمخشري‌

4-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ أَبُو طَالِبٍ لِأَخِيهِ يَا عَبّاسُ أُخبِرُكَ عَن مُحَمّدٍ أنَيّ‌ ضَمَمتُهُ فَلَم أُفَارِقهُ سَاعَةً مِن لَيلٍ أَو نَهَارٍ فَلَم آتَمِن أَحَداً حَتّي نَوّمتُهُ فِي فرِاَشيِ‌ فَأَمَرتُهُ أَن يَخلَعَ ثِيَابَهُ وَ يَنَامَ معَيِ‌ فَرَأَيتُ فِي وَجهِهِ الكَرَاهِيَةَ فَقَالَ يَا عَمّاه اصرِف بِوَجهِكَ عنَيّ‌ حَتّي أَخلَعَ ثيِاَبيِ‌ وَ أَدخُلَ فرِاَشيِ‌ فَقُلتُ لَهُ وَ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ لَا ينَبغَيِ‌ لِأَحَدٍ أَن يَنظُرَ إِلَي جسَدَيِ‌ فَتَعَجّبتُ مِن قَولِهِ وَ صَرَفتُ بصَرَيِ‌ عَنهُ حَتّي دَخَلَ فِرَاشَهُ فَإِذَا دَخَلتُ أَنَا الفِرَاشَ إِذَا بيَنيِ‌ وَ بَينَهُ ثَوبٌ وَ اللّهِ مَا أَدخَلتُهُ فِي فرِاَشيِ‌ فَأَمَسّهُ فَإِذَا هُوَ أَليَنُ ثَوبٍ ثُمّ شَمِمتُهُ كَأَنّهُ غُمِسَ فِي مِسكٍ وَ كُنتُ إِذَا أَصبَحتُ فَقَدتُ الثّوبَ فَكَانَ هَذَا دأَبيِ‌ وَ دَأبَهُ وَ كُنتُ كَثِيراً مَا أَفتَقِدُهُ فِي فرِاَشيِ‌ فَإِذَا قُمتُ لِأَطلُبَهُ باَدرَنَيِ‌ مِن فرِاَشيِ‌ هَا أَنَا ذَا يَا عَمّ فَارجِع إِلَي مَكَانِكَ وَ كَانَ النّبِيّص يأَتيِ‌ زَمزَمَ فَيَشرَبُ مِنهَا شَربَةً فَرُبّمَا عَرَضَ عَلَيهِ أَبُو طَالِبٍ الغَدَاءَ فَيَقُولُ لَا أُرِيدُهُ أَنَا شَبعَانُ وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ إِذَا أَرَادَ أَن يعُشَيّ‌َ أَولَادَهُ أَو يُغَدّيَهُم يَقُولُ كَمَا أَنتُم حَتّي يَحضُرَ ابنيِ‌ فيَأَتيِ‌ رَسُولُ اللّهِ فَيَأكُلُ مَعَهُم فَيَبقَي الطّعَامُ

5-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ]القاَضيِ‌ المُعتَمَدُ فِي تَفسِيرِهِ قَالَ أَبُو طَالِبٍلَقَد كُنتُ كَثِيراً مَا أَسمَعُ مِنهُ إِذَا ذَهَبَ مِنَ اللّيلِ كَلَاماً يعُجبِنُيِ‌ وَ كُنّا لَا نسُمَيّ‌ عَلَي الطّعَامِ وَ لَا عَلَي الشّرَابِ حَتّي سَمِعتُهُ يَقُولُ بِسمِ اللّهِ الأَحَدِ ثُمّ يَأكُلُ فَإِذَا فَرَغَ مِن طَعَامِهِ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ كَثِيراً


صفحه : 336

فَتَعَجّبتُ مِنهُ وَ كُنتُ رُبّمَا أَتَيتُ غَفلَةً فَأَرَي مِن لَدُن رَأسِهِ نُوراً مَمدُوداً قَد بَلَغَ السّمَاءَ ثُمّ لَم أَرَ مِنهُ كَذِبَةً قَطّ وَ لَا جَاهِلِيّةً قَطّ وَ لَا رَأَيتُهُ يَضحَكُ فِي مَوضِعِ الضّحِكِ وَ لَا وَقَفَ مَعَ صِبيَانٍ فِي لَعِبٍ وَ لَا التَفَتَ إِلَيهِم وَ كَانَ الوَحدَةُ أَحَبّ إِلَيهِ وَ التّوَاضُعُ وَ كَانَ النّبِيّ ابنَ سَبعِ سِنِينَ فَقَالَتِ اليَهُودُ وَجَدنَا فِي كُتُبِنَا أَنّ مُحَمّداً يُجَنّبُهُ رَبّهُ مِنَ الحَرَامِ وَ الشّبُهَاتِ فَجَرّبُوهُ فَقَدّمُوا إِلَي أَبِي طَالِبٍ دَجَاجَةً مُسمَنَةً فَكَانَت قُرَيشٌ يَأكُلُونَ مِنهَا وَ الرّسُولُ تَعدِلُ يَدُهُ عَنهَا فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ أَرَاهَا حَرَاماً يصَوُننُيِ‌ ربَيّ‌ عَنهَا فَقَالُوا هيِ‌َ حَلَالٌ فَنُلقِمُكَ قَالَ فَافعَلُوا إِن قَدَرتُم فَكَانَت أَيدِيهِم يُعدَلُ بِهَا إِلَي الجِهَاتِ فَجَاءُوهُ بِدَجَاجَةٍ أُخرَي قَد أَخَذُوهَا لِجَارٍ لَهُم غَائِبٍ عَلَي أَن يُؤَدّوا ثَمَنَهَا إِذَا جَاءَ فَتَنَاوَلَ مِنهَا لُقمَةً فَسَقَطَت مِن يَدِهِ فَقَالَ ع وَ مَا أَرَاهَا إِلّا مِن شُبهَةٍ يصَوُننُيِ‌ ربَيّ‌ عَنهَا فَقَالُوا نُلقِمُكَ مِنهَا فَكُلّمَا تَنَاوَلُوا مِنهَا ثَقُلَت فِي أَيدِيهِم فَقَالُوا لِهَذَا شَأنٌ عَظِيمٌ وَ لَمّا ظَهَرَ أَمرُهُص عَادَاهُ أَبُو جَهلٍ وَ جَمَعَ صِبيَانَ بنَيِ‌ مَخزُومٍ وَ قَالَ أَنَا أَمِيرُكُم وَ انعَقَدَ صِبيَانُ بنَيِ‌ هَاشِمٍ وَ بنَيِ‌ عَبدِ المُطّلِبِ عَلَي النّبِيّ وَ قَالُوا أَنتَ الأَمِيرُ قَالَت أُمّ عَلِيّ ع وَ كَانَ فِي صَحنِ داَريِ‌ شَجَرَةٌ قَد يَبِسَت وَ خَاسَت وَ لَهَا زَمَانٌ يَابِسَةً فَأَتَي النّبِيّص يَوماً إِلَي الشّجَرَةِ فَمَسّهَا بِكَفّهِ فَصَارَت مِن وَقتِهَا وَ سَاعَتِهَا خَضرَاءَ وَ حَمَلَتِ الرّطَبَ فَكُنتُ فِي كُلّ يَومٍ أَجمَعُ لَهُ الرّطَبَ فِي دَوخَلّةٍ فَإِذَا كَانَت وَقتُ ضاَحيِ‌ النّهَارِ يَدخُلُ يَقُولُ يَا أُمّاه أعَطيِنيِ‌ دِيوَانَ العَسكَرِ وَ كَانَ يَأخُذُ الدّوخَلّةَ ثُمّ يَخرُجُ وَ يَقسِمُ الرّطَبَ عَلَي صِبيَانِ بنَيِ‌ هَاشِمٍ فَلَمّا كَانَ بَعضُ الأَيّامِ دَخَلَ وَ قَالَ يَا أُمّاه أعَطيِنيِ‌ دِيوَانَ العَسكَرِ فَقُلتُ يَا ولَدَيِ‌َ اعلَم أَنّ النّخلَةَ مَا أَعطَتنَا اليَومَ شَيئاً قَالَت فَوَ حَقّ نُورِ وَجهِهِ لَقَد رَأَيتُهُ وَ قَد تَقَدّمَ نَحوَ النّخلَةِ وَ تَكَلّمَ بِكَلِمَاتٍ وَ إِذَا بِالنّخلَةِ قَدِ انحَنَت حَتّي صَارَ رَأسُهَا عِندَهُ فَأَخَذَ مِنَ الرّطَبِ مَا أَرَادَ ثُمّ عَادَتِ النّخلَةُ إِلَي مَا كَانَت فَمِن ذَلِكَ اليَومِ قُلتُ أللّهُمّ رَبّ السّمَاءِ ارزقُنيِ‌ وَلَداً ذَكَراً يَكُونُ أَخاً لِمُحَمّدٍ ففَيِ‌ تِلكَ اللّيلَةِ واَقعَنَيِ‌ أَبُو طَالِبٍ فَحَمَلتُ بعِلَيِ‌ّ بنِ أَبِي طَالِبٍ فَرُزِقتُهُ فَمَا كَانَ يَقرُبُ صَنَماً وَ لَا يَسجُدُ لِوَثَنٍ كُلّ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ مُحَمّدٍص


صفحه : 337

بيان خاست أي لم تثمر من قولهم خاس بوعده إذاأخلفه أوفسدت من قولهم خاس الشي‌ء إذافسد والدوخلة بالتشديد كالزنبيل يعمل من الخوص والقوصرة يترك فيهاالتمر وغيره و في الخبر غرابة من جهة أن الحمل بأمير المؤمنين ع إنما كان بعدثلاثين من سنه ص ويظهر منه أنه كان في صباه

6-قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] كِتَابُ العَرُوسِ وَ تَارِيخِ الطبّرَيِ‌ّ أَنّهُ أَرضَعَتهُ ثُوَيبَةُ مَولَاةُ أَبِي لَهَبٍ بِلَبَنِ ابنِهَا مَسرُوحٍ أَيّاماً وَ تُوُفّيَت مُسلِمَةً سَنَةَ سَبعٍ مِنَ الهِجرَةِ وَ مَاتَ ابنُهَا قَبلَهَا ثُمّ أَرضَعَتهُ حَلِيمَةُ السّعدِيّةُ فَلَبِثَ فِيهِم خَمسَ سِنِينَ وَ كَانَت أَرضَعَت قَبلَهُ حَمزَةَ وَ بَعدَهُ أَبَا سَلَمَةَ المخَزوُميِ‌ّ وَ خَرَجَ مَعَ أَبِي طَالِبٍ فِي تِجَارَتِهِ وَ هُوَ ابنُ تِسعِ سِنِينَ وَ يُقَالُ ابنُ اثنتَيَ‌ عَشرَةَ سَنَةً وَ خَرَجَ إِلَي الشّامِ فِي تِجَارَةٍ لِخَدِيجَةَ وَ لَهُ خَمسٌ وَ عِشرُونَ سَنَةً

7-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ النّعمَانِ عَن سَعِيدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الأَعرَجِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ قُرَيشاً فِي الجَاهِلِيّةِ هَدَمُوا البَيتَ فَلَمّا أَرَادُوا بِنَاءَهُ حِيلَ بَينَهُم وَ بَينَهُ وَ ألُقيِ‌َ فِي رُوعِهِم حَتّي قَالَ قَائِلٌ مِنهُم ليَأَتيِ‌ كُلّ رَجُلٍ مِنكُم بِأَطيَبِ مَالِهِ وَ لَا تَأتُوا بِمَالٍ اكتَسَبتُمُوهُ مِن قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَو حَرَامٍ فَفَعَلُوا فَخَلّي بَينَهُم وَ بَينَ بِنَائِهِ فَبَنَوهُ حَتّي انتَهَوا إِلَي مَوضِعِ الحَجَرِ الأَسوَدِ فَتَشَاجَرُوا فِيهِم أَيّهُم يَضَعُ الحَجَرَ الأَسوَدَ فِي مَوضِعِهِ حَتّي كَادَ أَن يَكُونَ بَينَهُم شَرّ فَحَكّمُوا أَوّلَ مَن يَدخُلُ مِن بَابِ المَسجِدِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللّهِص فَلَمّا أَتَاهُم أَمَرَ بِثَوبٍ فَبَسَطَ ثُمّ وَضَعَ الحَجَرَ فِي وَسَطِهِ ثُمّ أَخَذَتِ القَبَائِلُ بِجَوَانِبِ الثّوبِ فَرَفَعُوهُ ثُمّ تَنَاوَلَهُص فَوَضَعَهُ فِي مَوضِعِهِ فَخَصّهُ اللّهُ بِهِ

8-كا،[الكافي‌] عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ وَ غَيرُهُ بِأَسَانِيدَ مُختَلِفَةٍ رَفَعُوهُ قَالُواإِنّمَا هَدَمَت قُرَيشٌ


صفحه : 338

الكَعبَةَ لِأَنّ السّيلَ كَانَ يَأتِيهِم مِن أَعلَي مَكّةَ فَيَدخُلُهَا فَانصَدَعَت وَ سُرِقَ مِنَ الكَعبَةِ غَزَالٌ مِن ذَهَبٍ رِجلَاهُ جَوهَرٌ وَ كَانَ حَائِطُهَا قَصِيراً وَ كَانَ ذَلِكَ قَبلَ مَبعَثِ النّبِيّص بِثَلَاثِينَ سَنَةً فَأَرَادَت قُرَيشٌ أَن يَهدِمُوا الكَعبَةَ وَ يَبنُوهَا وَ يَزِيدُوا فِي عَرصَتِهَا ثُمّ أَشفَقُوا مِن ذَلِكَ وَ خَافُوا إِن وَضَعُوا فِيهَا المَعَاوِلَ أَن تَنزِلَ عَلَيهِم عُقُوبَةٌ فَقَالَ الوَلِيدُ بنُ المُغِيرَةِ دعَوُنيِ‌ أَبدَأُ فَإِن كَانَ لِلّهِ رِضًي لَم يصُبِنيِ‌ شَيءٌ وَ إِن كَانَ غَيرَ ذَلِكَ كَفَفتُ فَصَعِدَ عَلَي الكَعبَةِ وَ حَرّكَ مِنهَا حَجَراً فَخَرَجَت عَلَيهِ حَيّةٌ وَ انكَسَفَتِ الشّمسُ فَلَمّا رَأَوا ذَلِكَ بَكَوا وَ تَضَرّعُوا وَ قَالُوا أللّهُمّ إِنّا لَا نُرِيدُ إِلّا الصّلَاحَ فَغَابَت عَنهُمُ الحَيّةُ فَهَدَمُوهُ وَ نَحّوا حِجَارَتَهُ حَولَهُ حَتّي بَلَغُوا القَوَاعِدَ التّيِ‌ وَضَعَهَا اِبرَاهِيمُ ع فَلَمّا أَرَادُوا أَن يَزِيدُوا فِي عَرصَتِهِ وَ حَرّكُوا القَوَاعِدَ التّيِ‌ وَضَعَهَا اِبرَاهِيمُ ع أَصَابَتهُم زَلزَلَةٌ شَدِيدَةٌ وَ ظُلمَةٌ فَكَفّوا عَنهُ وَ كَانَ بُنيَانُ اِبرَاهِيمَ ع الطّولُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعاً وَ العَرضُ اثنَانِ وَ عِشرُونَ ذِرَاعاً وَ السّمكُ تِسعَةُ أَذرُعٍ فَقَالَت قُرَيشٌ نَزِيدُ فِي سَمكِهَا فَبَنَوهَا فَلَمّا بَلَغَ البِنَاءُ إِلَي مَوضِعِ الحَجَرِ الأَسوَدِ تَشَاجَرَت قُرَيشٌ فِي وَضعِهِ قَالَ كُلّ قَبِيلَةٍ نَحنُ أَولَي بِهِ وَ نَحنُ نَضَعُهُ فَلَمّا كَثُرَ بَينَهُم تَرَاضَوا بِقَضَاءِ مَن يَدخُلُ مِن بَابِ بنَيِ‌ شَيبَةَ فَطَلَعَ رَسُولُ اللّهِص فَقَالُوا هَذَا الأَمِينُ قَد جَاءَ فَحَكّمُوهُ فَبَسَطَ رِدَاءَهُ وَ قَالَ بَعضُهُم كِسَاءٌ طاَروُنيِ‌ّ كَانَ لَهُ وَ وَضَعَ الحَجَرَ فِيهِ ثُمّ قَالَ يأَتيِ‌ مِن كُلّ رَبعٍ مِن قُرَيشٍ رَجُلٌ فَكَانُوا عُتبَةَ بنَ رَبِيعَةَ مِن عَبدِ شَمسٍ وَ الأَسوَدَ بنَ المُطّلِبِ مِن بنَيِ‌ أَسَدِ بنِ عَبدِ العُزّي وَ أَبُو[ أَبَا]حُذَيفَةَ بنَ المُغِيرَةِ مِن بنَيِ‌ مَخزُومٍ وَ قَيسَ بنَ عدَيِ‌ّ مِن بنَيِ‌ سَهمٍ فَرَفَعُوهُ وَ وَضَعَهُ النّبِيّص فِي مَوضِعِهِ وَ قَد كَانَ بَعَثَ مَلِكُ الرّومِ بِسَفِينَةٍ فِيهَا سُقُوفٌ وَ آلَاتٌ وَ خُشُبٌ وَ قَومٌ مِنَ الفَعَلَةِ إِلَي الحَبَشَةِ ليِبَنيِ‌َ لَهُ


صفحه : 339

هُنَاكَ بِيعَةً فَطَرَحَتهَا الرّيحُ إِلَي سَاحِلِ الشّرِيعَةِ فَبُطِحَت فَبَلَغَ قُرَيشاً خَبَرُهَا فَخَرَجُوا إِلَي السّاحِلِ فَوَجَدُوا مَا يَصلُحُ لِلكَعبَةِ مِن خَشَبٍ وَ زِينَةٍ وَ غَيرِ ذَلِكَ فَابتَاعُوهُ وَ صَارُوا بِهِ إِلَي مَكّةَ فَوَافَقَ ذَلِكَ ذَرعُ الخَشَبِ البِنَاءَ مَا خَلَا الحَجَرَ فَلَمّا بَنَوهَا كَسَوهَا الوَصَائِلَ وَ هيِ‌َ الأَردِيَةُ

بيان الطاروني‌ ضرب من الخز والربع المحلة ويحتمل الضم قوله ع فبطحت علي بناء المجهول أي انقلبت يقال بطحه أي ألقاه علي وجهه و قوله ذرع الخشب بيان لقوله ذلك والبناء مفعول وافق و قوله ماخلا الحجر لعل المراد به الأحجار المنصوبة في ظاهر البيت أي كان طول الخشب موافقا لطول بناء البيت إلابقدر الحجر المنصوب في الجانبين لئلا تظهر رءوس الأخشاب من خارج ويحتمل علي بعد أن يقرأ الحجر بالكسر أي لم يكن حجر إسماعيل داخلا في طول الخشب و قال الجوهري‌ الوصائل ثياب مخططة يمانية و في بعض النسخ بالدال أي الثياب المنسوخة قال في القاموس الوصد محركة النسج والأول أظهر

9-كا،[الكافي‌] عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ عَن دَاوُدَ بنِ سِرحَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص سَاهَمَ قُرَيشاً فِي بِنَاءِ البَيتِ فَصَارَ لِرَسُولِ اللّهِ مِن بَابِ الكَعبَةِ إِلَي النّصفِ مَا بَينَ الرّكنِ اليمَاَنيِ‌ّ إِلَي الحَجَرِ الأَسوَدِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي كَانَ لبِنَيِ‌ هَاشِمٍ مِنَ الحَجَرِ الأَسوَدِ إِلَي الرّكنِ الشاّميِ‌ّ

بيان قوله ع ما بين الركن اليماني‌ أي إلي منتصف الضلع ألذي بين الركن اليماني‌ والحجر والرواية الأخري تنافي‌ ذلك إذ لو كان المراد جميع بني‌ هاشم فكان ينبغي‌ أن يدخل فيه جميع ما كان للنبي‌ص مع أنه لايدخل فيه إلا ما


صفحه : 340

كان منه بين الحجر والباب و إن كان المراد سائر بني‌ هاشم غيره ص فكان ينبغي‌ أن لايدخل فيه ما بين الحجر إلي الباب إلا أن يتكلف بأنهم كانوا أشركوه مع بني‌ هاشم في هذاالضلع وخصوه من الضلع الآخر بالنصف فجعل بنو هاشم له ص ما بين الحجر والباب و في بعض النسخ بدل الشامي‌ اليماني‌ والإشكال والتوجيه مشتركان

10-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن أَبِي عُبَيدَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ لَا تُنكَحُ المَرأَةُ عَلَي عَمّتِهَا وَ لَا عَلَي خَالَتِهَا وَ لَا عَلَي أُختِهَا مِنَ الرّضَاعَةِ وَ قَالَ إِنّ عَلِيّاً ع ذَكَرَ لِرَسُولِ اللّهِص ابنَةَ حَمزَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص أَ مَا عَلِمتَ أَنّهَا ابنَةُ أخَيِ‌ مِنَ الرّضَاعَةِ وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص وَ عَمّهُ حَمزَةُ ع قَد رَضَعَا مِنِ امرَأَةٍ

11-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الثقّفَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ المُعَلّي عَن أَخِيهِ مُحَمّدٍ عَن دُرُستَ بنِ أَبِي مَنصُورٍ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ لَمّا وُلِدَ النّبِيّص مَكَثَ أَيّاماً لَيسَ لَهُ لَبَنٌ فَأَلقَاهُ أَبُو طَالِبٍ عَلَي ثدَي‌ِ نَفسِهِ فَأَنزَلَ اللّهُ فِيهِ لَبَناً فَرَضَعَ مِنهُ أَيّاماً حَتّي وَقَعَ أَبُو طَالِبٍ عَلَي حَلِيمَةَ السّعدِيّةِ فَدَفَعَهُ إِلَيهَا

قب ،[المناقب لابن شهرآشوب ] عنه ع مثله

12-د،[العدد القوية]قَالَت حَلِيمَةُ السّعدِيّةُكَانَت فِي بنَيِ‌ سَعدٍ شَجَرَةٌ يَابِسَةٌ مَا حَمَلَت قَطّ فَنَزَلنَا يَوماً عِندَهَا وَ رَسُولُ اللّهِص فِي حجَريِ‌ فَمَا قُمتُ حَتّي اخضَرّت وَ أَثمَرَت بِبَرَكَةٍ مِنهُ وَ مَا أَعلَمُ أنَيّ‌ جَلَستُ مَوضِعاً قَطّ إِلّا كَانَ لَهُ أَثَرٌ إِمّا نَبَاتٌ وَ إِمّا خِصبٌ وَ لَقَد دَخَلتُ عَلَي


صفحه : 341

امرَأَةٍ مِن بنَيِ‌ سَعدٍ يُقَالُ لَهَا أُمّ مِسكِينٍ وَ كَانَت سَيّئَةَ الحَالِ فَحَمَلَتهُ فَأَدخَلَتهُ مَنزِلَهَا فَإِذَا هيِ‌َ قَد أَخصَبَت وَ حَسُنَ حَالُهَا فَكَانَت تجَيِ‌ءُ كُلّ يَومٍ فَتُقَبّلُ رَأسَهُ قَالَت حَلِيمَةُ مَا نَظَرتُ فِي وَجهِ رَسُولِ اللّهِص وَ هُوَ نَائِمٌ إِلّا وَ رَأَيتُ عَينَيهِ مَفتُوحَتَينِ كَأَنّهُ يَضحَكُ وَ كَانَ لَا يُصِيبُهُ حَرّ وَ لَا بَردٌ قَالَت حَلِيمَةُ مَا تَمَنّيتُ شَيئاً قَطّ فِي منَزلِيِ‌ إِلّا أُعطِيتُهُ مِنَ الغَدِ وَ لَقَد أَخَذَ ذِئبٌ عُنَيزَةً لِي فتَدَاَخلَنَيِ‌ مِن ذَلِكَ حُزنٌ شَدِيدٌ فَرَأَيتُ النّبِيّص رَافِعاً رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ فَمَا شَعَرتُ إِلّا وَ الذّئبُ وَ العُنَيزَةُ عَلَي ظَهرِهِ قَد رَدّهَا عَلَيّ مَا عَقَرَ مِنهَا شَيئاً قَالَت حَلِيمَةُ مَا أَخرَجتُهُ قَطّ فِي شَمسٍ إِلّا وَ سَحَابَةٌ تُظِلّهُ وَ لَا فِي مَطَرٍ إِلّا وَ سَحَابَةٌ تَكُنّهُ مِنَ المَطَرِ قَالَت حَلِيمَةُ فَمَا زَالَ مِن خيَمتَيِ‌ نُورٌ مَمدُودٌ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ لَقَد كَانَ النّاسُ يُصِيبُهُمُ الحَرّ وَ البَردُ فَمَا أصَاَبنَيِ‌ حَرّ وَ لَا بَردٌ مُنذُ كَانَ عنِديِ‌ وَ لَقَد هَمَمتُ يَوماً أَن أَغسِلَ رَأسَهُ فَجِئتُهُ وَ قَد غُسِلَ رَأسُهُ وَ دُهّنَ وَ طُيّبَ وَ مَا غَسَلتُ لَهُ ثَوباً قَطّ وَ كُلّمَا هَمَمتُ بِغَسلِ ثَوبِهِ سُبِقتُ إِلَيهِ فَوَجَدتُ عَلَيهِ ثَوباً غَيرَهُ جَدِيداً قَالَت مَا كُنتُ أُخرِجُ لِمُحَمّدٍ ثدَييِ‌ إِلّا وَ سَمِعتُ لَهُ نَغمَةً وَ لَا شَرِبَ قَطّ إِلّا وَ سَمِعتُهُ يَنطِقُ بشِيَ‌ءٍ فَتَعَجّبتُ مِنهُ حَتّي إِذَا نَطَقَ وَ عَقَدَ كَانَ يَقُولُ بِسمِ اللّهِ رَبّ مُحَمّدٍ إِذَا أَكَلَ وَ فِي آخِرِ مَا يَفرُغُ مِن أَكلِهِ وَ شُربِهِ يَقُولُ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ مُحَمّدٍ

13-يل ،[الفضائل لابن شاذان ] قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَلَمّا أَتَي عَلَي رَسُولِ اللّهِص أَربَعَةُ أَشهُرٍ مَاتَت أُمّهُ آمِنَةُ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهَا فبَقَيِ‌َص بِلَا أَبٍ وَ لَا أُمّ وَ هُوَ مِن أَبنَاءِ أَربَعَةِ أَشهُرٍ فبَقَيِ‌َ يَتِيماً فِي حَجرِ جَدّهِ عَبدِ المُطّلِبِ فَاشتَدّ عَلَيهِ مَوتُ آمِنَةَ لِيُتمِ مُحَمّدٍص وَ لَم يَأكُل وَ لَم يَشرَب ثَلَاثَةَ أَيّامٍ فَبَعَثَ عَبدُ المُطّلِبِ إِلَي بِنتَيهِ عَاتِكَةَ وَ صَفِيّةَ وَ قَالَ لَهُمَا خُذَا مُحَمّداًص


صفحه : 342

وَ النّبِيّص لَا يَزدَادُ إِلّا بُكَاءً وَ لَا يَسكُنُ وَ كَانَت عَاتِكَةُ تُلعِقُهُ عَسَلًا صَافِياً مَعَ الثّرِيدِ وَ هُوَ لَا يَزدَادُ إِلّا تَمَادِياً فِي البُكَاءِ. قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَضَجِرَ عَبدُ المُطّلِبِ فَقَالَ لِعَاتِكَةَ فَلَعَلّهُ يَقبَلُ ثدَي‌َ وَاحِدَةٍ مِنهُنّ وَ يُرضِعنَ ولَدَيِ‌ وَ قُرّةَ عيَنيِ‌ فَبَعَثَت عَاتِكَةُ باِلجوَاَريِ‌ وَ العَبِيدِ نَحوَ نِسَاءِ بنَيِ‌ هَاشِمٍ وَ قُرَيشٍ وَ دَعَتهُنّ إِلَي رَضَاعِ النّبِيّص فَجِئنَ إِلَي عَاتِكَةَ وَ اجتَمَعنَ عِندَهَا فِي أَربَعِمِائَةٍ وَ سِتّينَ جَارِيَةً مِن بَنَاتِ صَنَادِيدِ قُرَيشٍ فَتَقَدّمَت كُلّ وَاحِدَةٍ مِنهُنّ وَ وَضَعنَ ثَديَهُنّ فِي فَمِ رَسُولِ اللّهِص فَمَا قَبِلَ مِنهُنّ أَحَداً وَ بَقِينَ مُتَحَيّرَاتٍ وَ كَانَ عَبدُ المُطّلِبِ جَالِساً فَأَمَرَ بِإِخرَاجِهِنّ وَ النّبِيّص لَا يَزدَادُ إِلّا بُكَاءً وَ حُزناً فَخَرَجَ عَبدُ المُطّلِبِ مَهمُوماً وَ قَعَدَ عِندَ سِتَارَةِ الكَعبَةِ وَ رَأسُهُ بَينَ رُكبَتَيهِ كَأَنّهُ امرَأَةٌ ثَكلَاءُ وَ إِذَا بِعَقِيلِ بنِ أَبِي وَقّاصٍ وَ قَد أَقبَلَ وَ هُوَ شَيخُ قُرَيشٍ وَ أَسَنّهُم فَلَمّا رَأَي عَبدَ المُطّلِبِ مَغمُوماً قَالَ لَهُ يَا أَبَا الحَارِثِ مَا لِي أَرَاكَ مَغمُوماً قَالَ يَا سَيّدَ قُرَيشٍ إِنّ ناَفلِتَيِ‌ يبَكيِ‌ وَ لَا يَسكُنُ شَوقاً إِلَي اللّبَنِ مِن حِينَ مَاتَت أُمّهُ وَ أَنَا لَا أَتَهَنّأُ بِطَعَامٍ وَ لَا شَرَابٍ وَ عَرَضتُ عَلَيهِ نِسَاءَ قُرَيشٍ وَ بنَيِ‌ هَاشِمٍ فَلَم يَقبَل ثدَي‌َ وَاحِدَةٍ مِنهُنّ فَتَحَيّرتُ وَ انقَطَعَت حيِلتَيِ‌ فَقَالَ عَقِيلٌ يَا أَبَا الحَارِثِ إنِيّ‌ لَأَعرِفُ فِي أَربَعَةٍ وَ أَربَعِينَ صِندِيداً مِن صَنَادِيدِ العَرَبِ امرَأَةً عَاقِلَةً هيِ‌َ أَفصَحُ لِسَاناً وَ أَصبَحُ وَجهاً وَ أَرفَعُ


صفحه : 343

حَسَباً وَ نَسَباً وَ هيِ‌َ حَلِيمَةُ بِنتُ أَبِي ذُؤَيبٍ عَبدِ اللّهِ بنِ الحَارِثِ بنِ سُخنَةَ بنِ نَاصِرِ بنِ سَعدِ بنِ بَكرِ بنِ زَهرِ بنِ مَنصُورِ بنِ عِكرِمَةَ بنِ قَيسِ بنِ غَيلَانَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدّ بنِ عَدنَانَ بنِ أكدد[أُدَدَ] بنِ يَشخَبَ بنِ يَعرُبَ بنِ نَبتِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ خَلِيلِ الرّحمَنِ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ يَا سَيّدَ قُرَيشٍ لَقَد نبَهّتنَيِ‌ لِأَمرٍ عَظِيمٍ وَ فَرّجتَ عنَيّ‌ ثُمّ دَعَا عَبدُ المُطّلِبِ بِغُلَامٍ اسمُهُ شَمَردَلٌ وَ قَالَ لَهُ قُم يَا غُلَامُ وَ اركَب نَاقَتَكَ وَ اخرُج نَحوَ حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدِ بنِ بَكرٍ وَ ادعُ لِي أَبَا ذُؤَيبٍ عَبدَ اللّهِ بنَ الحَارِثِ العدَوَيِ‌ّ فَذَهَبَ الغُلَامُ وَ استَوَي عَلَي ظَهرِ نَاقَتِهِ وَ كَانَ حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدٍ مِن مَكّةَ عَلَي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا فِي طَرِيقِ جُدّةَ قَالَ فَذَهَبَ الغُلَامُ نَحوَ حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدٍ فَلَحِقَ بِهِم وَ إِذَا خَيمَتُهُم مِن مِسحٍ وَ خُوصٍ وَ كَذَلِكَ خِيَمُ الأَعرَابِ وَ البوَاَديِ‌ فَدَخَلَ شَمَردَلٌ الحيَ‌ّ وَ سَأَلَ عَن خَيمَةِ عَبدِ اللّهِ بنِ الحَارِثِ فَأَعطَوهُ الأَثَرَ فَذَهَبَ شَمَردَلٌ إِلَي الخَيمَةِ فَإِذَا بِخَيمَةٍ عَظِيمَةٍ وَ إِذَا عَلَي بَابِ الخَيمَةِ غُلَامٌ أَسوَدُ فَاستَأذَنَ شَمَردَلٌ فِي الدّخُولِ فَدَخَلَ الغُلَامُ وَ قَالَ أَنعِم صَبَاحاً يَا أَبَا ذُؤَيبٍ قَالَ فَحَيّاهُ عَبدُ اللّهِ وَ قَالَ لَهُ مَا الخَبَرُ يَا شَمَردَلُ فَقَالَ اعلَم يَا سيَدّيِ‌ أَنّ موَلاَي‌َ أَبَا الحَارِثِ عَبدَ المُطّلِبِ قَد وجَهّنَيِ‌ نَحوَكَ وَ هُوَ يَدعُوكَ فَإِن رَأَيتَ يَا سيَدّيِ‌ أَن تُجِيبَهُ فَافعَل قَالَ عَبدُ اللّهِ السّمعَ وَ الطّاعَةَ وَ قَامَ عَبدُ اللّهِ مِن سَاعَتِهِ وَ دَعَا بِمِفتَاحِ الخِزَانَةِ فأَعُطيِ‌َ المِفتَاحَ فَفَتَحَ بَابَ الخِزَانَةِ وَ أَخرَجَ مِنهَا جَوشَنَهُ فَأَفرَغَهَا عَلَي نَفسِهِ وَ أَخرَجَ بَعدَ ذَلِكَ دِرعاً فَاضِلًا فَأَفرَغَهُ عَلَي نَفسِهِ فَوقَ جَوشَنِهِ وَ استَخرَجَ بَيضَةً عَادِيَةً فَقَلّبَهَا عَلَي رَأسِهِ وَ تَقَلّدَ بِسَيفَينِ وَ اعتَقَلَ رُمحاً وَ دَعَا بِنَجِيبٍ فَرَكِبَهُ وَ جَاءَ نَحوَ عَبدِ المُطّلِبِ فَلَمّا دَخَلَ تَقَدّمَ شَمَردَلٌ وَ أَخبَرَ عَبدَ المُطّلِبِ


صفحه : 344

وَ كَانَ جَالِساً مَعَ رُؤَسَاءِ مَكّةَ مِثلِ عُتبَةَ بنِ رَبِيعَةَ وَ الوَلِيدِ بنِ عُتبَةَ وَ عُقبَةَ بنِ أَبِي مُعَيطٍ وَ جَمَاعَةٍ مِن قُرَيشٍ فَلَمّا رَأَي عَبدُ المُطّلِبِ عَبدَ اللّهِ قَامَ عَلَي قَدَمَيهِ وَ استَقبَلَهُ وَ عَانَقَهُ وَ صَافَحَهُ وَ أَقعَدَهُ إِلَي جَنبِهِ وَ أَلزَقَ رُكبَتَيهِ بِرُكبَتَيهِ وَ لَم يَتَكَلّم حَتّي استَرَاحَ ثُمّ قَالَ لَهُ عَبدُ المُطّلِبِ يَا أَبَا ذُؤَيبٍ أَ تدَريِ‌ بِمَا دَعَوتُكَ قَالَ يَا سيَدّيِ‌ وَ سَيّدَ قُرَيشٍ وَ رَئِيسَ بنَيِ‌ هَاشِمٍ حَتّي تَقُولَ فَأَسمَعَ مِنكَ وَ أَعمَلَ بِأَحسَنِهِ قَالَ اعلَم يَا أَبَا ذُؤَيبٍ أَنّ ناَفلِتَيِ‌ مُحَمّدَ بنَ عَبدِ اللّهِ مَاتَ أَبُوهُ وَ لَم يَبِن عَلَيهِ أَثَرُهُ ثُمّ مَاتَت أُمّهُ وَ هُوَ ابنُ أَربَعَةِ أَشهُرٍ وَ هُوَ لَا يَسكُنُ مِنَ البُكَاءِ عَيمَةً إِلَي اللّبَنِ وَ قَد أَحضَرتُ عِندَهُ أَربَعَمِائَةٍ وَ سِتّينَ جَارِيَةً مِن أَشرَفِ وَ أَجَلّ بنَيِ‌ هَاشِمٍ فَلَم يَقبَل مِن وَاحِدَةٍ مِنهُنّ لَبَناً وَ الآنَ سَمِعنَا أَنّ لَكَ بِنتاً ذَاتَ لَبَنٍ فَإِن رَأَيتَ أَن تُنفِذَهَا لِتُرضِعَ ولَدَيِ‌ مُحَمّداً فَإِن قَبِلَ لَبَنَهَا فَقَد جَاءَتكَ الدّنيَا بِأَسرِهَا وَ عَلَيّ غِنَاكَ وَ غِنَي أَهلِكَ وَ عَشِيرَتِكَ وَ إِن كَانَ غَيرَ ذَلِكَ تَرَي مِمّا رَأَيتَ مِنَ النّسَاءِ غَيرِهَا فَافعَل فَفَرِحَ عَبدُ اللّهِ فَرَحاً شَدِيداً ثُمّ قَالَ يَا أَبَا الحَارِثِ إِنّ لِي بِنتَينِ فَأَيّتَهُمَا تُرِيدُ قَالَ عَبدُ المُطّلِبِ أُرِيدُ أَكمَلَهُمَا عَقلًا وَ أَكثَرَهُمَا لَبَناً وَ أَصوَنَهُمَا عِرضاً فَقَالَ عَبدُ اللّهِ هَاتِيكَ حَلِيمَةُ لَم تَكُن كَأَخَوَاتِهَا بَل خَلَقَهَا اللّهُ تَعَالَي أَكمَلَ عَقلًا وَ أَتَمّ فَهماً وَ أَفصَحَ لِسَاناً وَ أَثَجّ لَبَناً وَ أَصدَقَ لَهجَةً وَ أَرحَمَ قَلباً مِنهُنّ جُمَعَ. قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ إنِيّ‌ وَ رَبّ السّمَاءِ مَا أُرِيدُ إِلّا ذَلِكَ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ السّمعَ وَ الطّاعَةَ فَقَامَ مِن سَاعَتِهِ وَ استَوَي عَلَي مَتنِ جَوَادِهِ وَ أَخَذَ نَحوَ بنَيِ‌ سَعدٍ بَعدَ أَن أَضَافَهُ فَلَمّا أَن وَصَلَ إِلَي مَنزِلِهِ دَخَلَ عَلَي ابنَتِهِ حَلِيمَةَ وَ قَالَ لَهَا أبَشرِيِ‌ فَقَد جَاءَتكِ الدّنيَا بِأَسرِهَا فَقَالَت حَلِيمَةُ مَا الخَبَرُ قَالَ عَبدُ اللّهِ اعلمَيِ‌ أَنّ عَبدَ المُطّلِبِ رَئِيسَ قُرَيشٍ وَ سَيّدَ بنَيِ‌ هَاشِمٍ سأَلَنَيِ‌ إِنفَاذَكِ إِلَيهِ لتِرُضعِيِ‌ وَلَدَهُ وَ تبُشَرّيِ‌ بِالعَطَاءِ الجَزِيلِ فَفَرِحَت حَلِيمَةُ بِذَلِكَ وَ قَامَت مِن وَقتِهَا وَ سَاعَتِهَا وَ اغتَسَلَت وَ تَطَيّبَت وَ تَبَخّرَت وَ فَرَغَت مِن زِينَتِهَا فَلَمّا ذَهَبَ مِنَ اللّيلِ نِصفُهُ قَامَ عَبدُ اللّهِ وَ زَيّنَ نَاقَتَهُ فَرَكِبَت عَلَيهَا حَلِيمَةُ وَ رَكِبَ


صفحه : 345

عَبدُ اللّهِ فَرَسَهُ وَ كَذَلِكَ زَوجُهَا بَكرُ بنُ سَعدٍ السعّديِ‌ّ وَ خَرَجُوا مِن دَارِهِم فِي دَاجٍ مِنَ اللّيلِ فَلَمّا أَصبَحُوا كَانُوا عَلَي بَابِ مَكّةَ وَ دَخَلُوهَا وَ ذَهَبَت إِلَي دَارِ عَاتِكَةَ وَ كَانَت تُلَاطِفُ مُحَمّداً وَ تُلعِقُهُ العَسَلَ وَ الزّبدَ الطرّيِ‌ّ فَلَمّا دَخَلَتِ الدّارَ وَ سَمِعَ عَبدُ المُطّلِبِ بِمَجِيئِهَا جَاءَ مِن سَاعَتِهِ وَ دَخَلَ الدّارَ وَ وَقَفَ بَينَ يدَيَ‌ حَلِيمَةَ فَفَتَحَت حَلِيمَةُ جَيبَهَا وَ أَخرَجَت ثَديَهَا الأَيسَرَ وَ أَخَذَت رَسُولَ اللّهِص فَوَضَعَتهُ فِي حَجرِهَا وَ وَضَعَت ثَديَهَا فِي فَمِهِ وَ النّبِيّص تَرَكَ ثَديَهَا الأَيسَرَ وَ اضطَرَبَ إِلَي ثَديِهَا الأَيمَنِ فَأَخَذَت حَلِيمَةُ ثَديَهَا الأَيمَنَ مِن يَدِ النّبِيّص وَ وَضَعَت ثَديَهَا الأَيسَرَ فِي فَمِهِ وَ ذَلِكَ أَنّ ثَديَهَا الأَيمَنَ كَانَ جَهَاماً لَم يَكُن فِيهِ لَبَنٌ وَ خَافَت حَلِيمَةُ أَنّ النّبِيّص إِذَا مَصّ الثدّي‌َ وَ لَم يَجِد فِيهِ شَيئاً لَا يَأخُذُ بَعدَهُ الأَيسَرَ فَيَأمُرَ عَبدُ المُطّلِبِ بِإِخرَاجِهَا مِنَ الدّارِ فَلَمّا أَلَحّت عَلَي النّبِيّص أَن يَأخُذَ الأَيسَرَ وَ النّبِيّ يَمِيلُ إِلَي الأَيمَنِ فَصَاحَت عَلَيهِ وَ قَالَت يَا ولَدَيِ‌ مُصّ الأَيمَنَ حَتّي تَعلَمَ أَنّهُ جَهَامٌ يَابِسٌ لَا شَيءَ فِيهِ قَالَ فَلَمّا مَصّ النّبِيّ الأَيمَنَ امتَلَأَ فَانفَتَحَ بِاللّبَنِ حَتّي مَلَأَ شِدقَيهِ بِأَمرِ اللّهِ تَعَالَي وَ بِبَرَكَتِهِ فَضَجّت حَلِيمَةُ وَ قَالَت وَا عَجَبَاه مِنكَ يَا ولَدَيِ‌ وَ حَقّ رَبّ السّمَاءِ رَبّيتُ بثِدَي‌ِ الأَيسَرِ اثنيَ‌ عَشَرَ وَلَداً وَ مَا ذَاقُوا مِن ثدَييِ‌َ الأَيمَنِ شَيئاً وَ الآنَ قَدِ انفَتَحَ بِبَرَكَتِكَ وَ أَخبَرَت بِذَلِكَ عَبدَ اللّهِ فَأَمَرَهَا بِكِتمَانِ ذَلِكَ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ تَكُونِينَ عنِديِ‌ فَآمُرُ لَكِ بِإِفرَاغِ قَصرٍ بِجَنبِ قصَريِ‌ وَ أُعطِيكِ كُلّ شَهرٍ أَلفَ دِرهَمٍ بِيضٍ وَ دَستَ ثِيَابٍ رُومِيّةٍ وَ كُلّ يَومٍ عَشَرَةَ أَمنَانِ خُبزٍ حُوّارَي وَ لَحماً مَشوِيّاً قَالَ فَلَمّا سَمِعَ أَبُوهَا عَبدُ اللّهِ ذَلِكَ أَوحَي لَهَا أَن لَا تقُيِميِ‌ عِندَهُ قَالَت يَا أَبَا الحَارِثِ لَو جَعَلتَ لِي مَالَ الدّنيَا مَا أَقَمتُ عِندَكَ وَ لَا تَرَكتُ الزّوجَ وَ الأَولَادَ قَالَ عَبدُ المُطّلِبِ فَإِن كَانَ هَكَذَا فَأَدفَعُ إِلَيكَ مُحَمّداً عَلَي شَرطَينِ قَالَت وَ مَا الشّرطَينِ[الشّرطَانِ] قَالَ عَبدُ المُطّلِبِ أَن تحُسنِيِ‌ إِلَيهِ وَ تُنَوّمِيهِ إِلَي جَنبِكَ وَ تُدَثّرِيهِ


صفحه : 346

بِيَمِينِكِ وَ تُوَسّدِيهِ بِيَسَارِكِ وَ لَا تَنبِذِيهِ وَرَاءَ ظَهرِكِ قَالَت حَلِيمَةُ وَ حَقّ رَبّ السّمَاءِ إنِيّ‌ مُنذُ وَقَعَ عَلَيهِ نظَرَيِ‌ قَد ثَبَتَ حُبّهُ فِي فؤُاَديِ‌ فَلَكَ السّمعُ وَ الطّاعَةُ يَا أَبَا الحَارِثِ ثُمّ قَالَ وَ أَمّا الشّرطُ الثاّنيِ‌ أَن تَحمِلِيهِ إلِيَ‌ّ فِي كُلّ جُمعَةٍ حَتّي أَتَمَتّعَ بِرُؤيَتِهِ فإَنِيّ‌ لَا أَقدِرُ عَلَي مُفَارَقَتِهِ قَالَت أَفعَلُ ذَلِكَ إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي فَأَمَرَ عَبدُ المُطّلِبِ أَن تَغسِلَ رَأسَ مُحَمّدٍص فَغَسَلَت رَأسَهُ وَ لَفّفَتهُ فِي خِرَقِ السّندُسِ ثُمّ إِنّ عَبدَ المُطّلِبِ دَفَعَهُ إِلَيهَا وَ أَخَذَ أَربَعَةَ آلَافِ دِرهَمٍ وَ قَالَ لَهَا يَا حَلِيمَةُ نمَضيِ‌ إِلَي بَيتِ اللّهِ حَتّي أُسَلّمَهُ إِلَيكِ فِيهِ فَحَمَلَهُ عَلَي سَاعِدِهِ وَ دَخَلَ وَ طَافَ باِلنبّيِ‌ّص سَبعاً وَ هُوَ عَلَي سَاعِدِهِ مُلَفّفاً بِخِرَقِ السّندُسِ ثُمّ إِنّهُ دَفَعَهُ إِلَيهَا وَ أَربَعَةَ آلَافِ دِرهَمٍ بِيضٍ وَ أَربَعِينَ ثَوباً مِن خَوَاصّ كِسوَتِهِ وَ وَهَبَ لَهَا أَربَعَ جَوَارٍ رُومِيّةٍ وَ حُلَلَ سُندُسٍ ثُمّ إِنّ عَبدَ اللّهِ بنَ الحَارِثِ أَتَي بِالنّاقَةِ فَرَكِبَتهَا حَلِيمَةُ وَ أَخَذَت رَسُولَ اللّهِص فِي حَجرِهَا وَ شَيّعَهُ عَبدُ المُطّلِبِ إِلَي خَارِجِ مَكّةَ ثُمّ أَخَذَت حَلِيمَةُ رَسُولَ اللّهِص إِلَي جَنبِهَا مِن دَاخِلِ خِمَارِهَا فَلَمّا بَلَغَت حَلِيمَةُ حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدٍ كَشَفَت عَن وَجهِ رَسُولِ اللّهِص فَأَبرَقَ مِن وَجَنَاتِهِ نُورٌ فَارتَفَعَ فِي الهَوَاءِ طُولًا وَ عَرضاً إِلَي أَعنَانِ السّمَاءِ قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَلَمّا رَأَي الخَلقُ ذَلِكَ لَم يَبقَ فِي حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدٍ صَغِيرٌ وَ لَا كَبِيرٌ وَ لَا شَيخٌ وَ لَا شَابّ إِلّا استَقبَلُوا حَلِيمَةَ وَ هَنّئُوهَا بِمَا رَزَقَهَا اللّهُ تَعَالَي مِنَ الكَرَامَةِ الكُبرَي فَذَهَبَت حَلِيمَةُ إِلَي بَابِ خَيمَتِهَا وَ بَرَكَتِ النّاقَةُ وَ النّبِيّص فِي حَجرِهَا فَمَا وَضَعَتهُ عِندَ الصّغِيرِ إِلّا حَمَلَهُ الكَبِيرُ وَ مَا وَضَعَتهُ عِندَ الكَبِيرِ إِلّا وَ أَخَذَهُ الصّغِيرُ وَ ذَلِكَ كُلّهُ لِمَحَبّةِ النّبِيّص . قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فبَقَيِ‌َ النّبِيّص عِندَ حَلِيمَةَ تُرضِعُهُ وَ كَانَت تَقُولُ يَا ولَدَيِ‌ وَ رَبّ السّمَاءِ إِنّكَ لعَنِديِ‌ أَعَزّ مِن ولَدَيِ‌[ولَدَيَ‌ّ]ضَمرَةَ وَ قُرّةَ[قُرّةُ]عيَنيِ‌ أَ تَرَي أَعِيشُ حَتّي أَرَاكَ كَبِيراً كَمَا رَأَيتُكَ صَغِيراً وَ كَانَت تُؤثِرُ مُحَمّداً عَلَي أَولَادِهَا جِدّاً وَ لَا تُفَارِقُهُ سَاعَةً.


صفحه : 347

قَالَ الواَقدِيِ‌ّ قَالَت حَلِيمَةُ وَ اللّهِ مَا غَسَلتُ لِمُحَمّدٍ ثَوباً مِن بَولٍ وَ لَا غَائِطٍ بَل كَانَ إِذَا جَاءَ وَقتُ حَاجَتِهِ يَنقَلِبُ مِن جَنبٍ إِلَي جَنبٍ حَتّي تَعلَمَ حَلِيمَةُ بِذَلِكَ وَ تَأخُذُهُ وَ تَخدُمُهُ حَتّي تقَضيِ‌َ حَاجَتَهُ وَ لَا شَمِمتُ وَ رَبّ السّمَاءِ مِن مُحَمّدٍ رَائِحَةَ النّتنِ قَطّ بَل كَانَ إِذَا خَرَجَ مِن قُبُلِهِ أَو دُبُرِهِ شَيءٌ يَفُوحُ مِنهُ رَائِحَةُ المِسكِ وَ الكَافُورِ قَالَت حَلِيمَةُ فَلَمّا أَتَي عَلَي النّبِيّص تِسعَةُ أَشهُرٍ مَا رَأَيتُ مَا يَخرُجُ مِن دُبُرِهِ لِأَنّ الأَرضَ كَانَت تَبتَلِعُ مَا يَخرُجُ مِنهُ فَلِهَذَا لَم أَرَهُ. قَالَ الواَقدِيِ‌ّ وَ لَمّا كَمَلَت لَهُ عَشَرَةُ أَشهُرٍ قَامَت حَلِيمَةُ يَومَ الخَمِيسِ وَ قَعَدَت عَلَي بَابِ الخَيمَةِ مُنتَظِرَةً لِانتِبَاهِ النّبِيّص لِتُزَيّنَهُ وَ تَحمِلَهُ إِلَي عِندِ جَدّهِ عَبدِ المُطّلِبِ قَالَ فَلَم يَنتَبِهِ النّبِيّص وَ أَبطَأَ الخُرُوجَ مِنَ الخَيمَةِ إِلَي حَلِيمَةَ فَلَم يَخرُج إِلّا بَعدَ أَربَعِ سَاعَاتٍ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ مَغسُولَ الرّأسِ مُسَرّحَ الذّوَائِبِ وَ قَد زُوّقَ جَبِينُهُ وَ ذَقَنُهُ وَ عَلَيهِ أَلوَانُ الثّيَابِ مِنَ السّندُسِ وَ الإِستَبرَقِ فَتَعَجّبَت حَلِيمَةُ مِن زِينَةِ النّبِيّص وَ مِن لِبَاسِهِ مِمّا رَأَت عَلَيهِ فَقَالَت يَا ولَدَيِ‌ مِن أَينَ لَكَ هَذِهِ الثّيَابُ الفَاخِرَةُ وَ الزّينَةُ الكَامِلَةُ فَقَالَ لَهَا مُحَمّدٌص أَمّا الثّيَابُ فَمِنَ الجَنّةِ وَ أَمّا الزّينَةِ فَمِنَ المَلَائِكَةِ قَالَ فَتَعَجّبَت حَلِيمَةُ مِن ذَلِكَ عَجَباً شَدِيداً ثُمّ حَمَلَتهُ إِلَي جَدّهِ فِي يَومِ الجُمُعَةِ فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِ عَبدُ المُطّلِبِ قَامَ إِلَيهِ وَ اعتَنَقَهُ وَ أَخَذَهُ إِلَي حَجرِهِ فَقَالَ لَهُ يَا ولَدَيِ‌ مِن أَينَ لَكَ هَذِهِ الثّيَابُ الفَاخِرَةُ وَ الزّينَةُ الكَامِلَةُ فَقَالَ لَهُ النّبِيّص يَا جَدّ استَخبِر ذَلِكَ مِن حَلِيمَةَ فَكَلّمَتهُ حَلِيمَةُ وَ قَالَت لَيسَ ذَلِكَ مِن أَفعَالِنَا فَأَمَرَ عَبدُ المُطّلِبِ حَلِيمَةَ أَن تَكتُمَ ذَلِكَ وَ أَمَرَ لَهَا بِأَلفِ دِرهَمٍ بِيضٍ وَ عَشَرَةِ دُسُوتِ ثِيَابٍ وَ جَارِيَةٍ رُومِيّةٍ فَخَرَجَت حَلِيمَةُ مِن عِندِهِ فَرِحَةً مَسرُورَةً إِلَي حَيّهَا. قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَلَمّا أَتَي عَلَي النّبِيّ خَمسَةَ عَشَرَ شَهراً كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَيهِ النّاظِرُ يَتَوَهّمُ أَنّهُ مِن أَبنَاءِ خَمسِ سِنِينَ لِإِتمَامِ وَقَارَةِ جِسمِهِ وَ مَلَاحَةِ بَدَنِهِ.


صفحه : 348

قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَلَمّا حَمَلَت حَلِيمَةُ النّبِيّص إِلَي حَيّهَا حِينَ أَخَذَتهُ مِن عِندِ عَبدِ المُطّلِبِ وَ كَانَ لَهَا اثنَانِ وَ عِشرُونَ رَأساً مِنَ الموَاَشيِ‌ فَوَضَعَت فِي تِلكَ السّنَةِ كُلّ شَاةٍ تَوأَماً بِبَرَكَةِ النّبِيّص وَ خَرَجَ مِن عِندِهَا وَ لَهَا أَلفٌ وَ ثَلَاثُونَ رَأساً مِنَ الشّاغِيَةِ[الثّاغِيَةِ] وَ الرّاغِيَةِ. قَالَ الواَقدِيِ‌ّ وَ كَانَ لِرَسُولِ اللّهِص إِخوَةٌ مِنَ الرّضَاعَةِ يَخرُجُونَ بِالنّهَارِ إِلَي الرّعَايَةِ وَ يَعُودُونَ بِاللّيلِ إِلَي مَنَازِلِهِم فَرَجَعُوا ذَاتَ لَيلَةٍ مَغمُومِينَ فَلَمّا دَخَلُوا الدّارَ قَالَت لَهُم حَلِيمَةُ مَا لِي أَرَاكُم مَغمُومِينَ قَالُوا يَا أُمّنَا إِنّ فِي هَذَا اليَومِ جَاءَ ذِئبٌ وَ أَخَذَ شَاتَينِ مِن شِيَاهِنَا وَ ذَهَبَ بِهِمَا فَقَالَت حَلِيمَةُ الخَلَفُ وَ الخَيرُ عَلَي اللّهِ تَعَالَي فَسَمِعَ النّبِيّ قَولَهُم فَقَالَ لَهُم لَا عَلَيكُم فإَنِيّ‌ أَستَرجِعُ الشّاتَينِ مِنَ الذّئبِ بِمَشِيّةِ اللّهِ تَعَالَي فَقَالَ ضَمرَةُ وَا عَجَبَا مِنكَ يَا أخَيِ‌ قَد أَخَذَهُمَا بِالأَمسِ فَكَيفَ تَستَرجِعُهُمَا بِاليَومِ فَقَالَ النّبِيّص إِنّهُ صَغِيرٌ فِي قُدرَةِ اللّهِ تَعَالَي فَلَمّا أَصبَحُوا قَامَ ضَمرَةُ وَ أَخَذَ رَسُولُ اللّهِ عَلَي كَتِفِهِ فَقَالَ النّبِيّص مُرّ بيِ‌ إِلَي المَوضِعِ ألّذِي أَخَذَ الذّئبُ فِيهِ الشّاتَينِ قَالَ فَذَهَبَ بِرَسُولِ اللّهِص إِلَي ذَلِكَ المَوضِعِ فَعِندَ ذَلِكَ نَزَلَ النّبِيّص عَن كَتِفِ أَخِيهِ ضَمرَةَ وَ سَجَدَ سَجدَةً لِلّهِ تَعَالَي وَ قَالَ إلِهَيِ‌ وَ سيَدّيِ‌ وَ موَلاَي‌َ تَعلَمُ حَقّ حَلِيمَةَ عَلَيّ وَ قَد تَعَدّي ذِئبٌ عَلَي مَوَاشِيهَا فَأَسأَلُكَ أَن تُلزِمَ الذّئبَ بِرَدّ الموَاَشيِ‌ إلِيَ‌ّ قَالَ فَمَا استَتَمّ دُعَاءَهُ حَتّي أَوحَي اللّهُ تَعَالَي إِلَي الذّئبِ أَن يَرُدّ الموَاَشيِ‌َ إِلَي صَاحِبِهَا. قَالَ الواَقدِيِ‌ّ إِنّ الذّئبَ لَمّا ذَهَبَ بِالشّاتَينِ حِينَ أَخَذَهُمَا نَادَي مُنَادٍ يَا أَيّهَا الذّئبُ احذَرِ اللّهَ وَ بَأسَهُ وَ عُقُوبَتَهُ وَ احفَظِ الشّاتَينِ اللّتَينِ أَخَذتَهُمَا حَتّي تَرُدّهُمَا عَلَي خَيرِ الأَنبِيَاءِ وَ المُرسَلِينَ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِص فَلَمّا سَمِعَ الذّئبُ النّدَاءَ تَحَيّرَ وَ دَهِشَ وَ وَكّلَ بِهِمَا رَاعِياً يَرعَاهُمَا إِلَي الصّبَاحِ فَلَمّا حَضَرَ النّبِيّ ع وَ دَعَا بِدُعَائِهِ قَامَ الذّئبُ وَ رَدّهُمَا وَ قَبّلَ قَدَمَ النّبِيّص وَ قَالَ يَا مُحَمّدُ اعذرِنيِ‌ فإَنِيّ‌ لَم أَعلَم أَنّهُمَا لَكَ فَأَخَذَ ضَمرَةُ الشّاتَينِ وَ لَم يَنقُص مِنهُمَا شَيءٌ فَقَالَ ضَمرَةُ يَا مُحَمّدُ مَا أَعجَبَ شَأنَكَ وَ أَنفَذَ أَمرَكَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبدَ المُطّلِبِ فَأَمَرَهُم بِكِتمَانِهِ فَكَتَمُوهُ مَخَافَةَ أَن يَحسُدَهُ قُرَيشٌ.


صفحه : 349

قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فبَقَيِ‌َ رَسُولُ اللّهِص سَنَتَينِ وَ نَظَرَ إِلَي حَلِيمَةَ وَ قَالَ لَهَا مَا لِي لَا أَرَي إخِوتَيِ‌ بِالنّهَارِ وَ أَرَاهُم بِاللّيلِ فَقَالَت لَهُ يَا سيَدّيِ‌ سأَلَتنَيِ‌ عَن إِخوَتِكَ وَ هُم يَخرُجُونَ فِي النّهَارِ إِلَي الرّعَاءِ فَقَالَ لَهَا النّبِيّص يَا أُمّاه أُحِبّ أَن أَخرُجَ مَعَهُم إِلَي الرّعَاءِ وَ أَنظُرَ إِلَي البَرّ وَ السّهلِ وَ الجَبَلِ وَ أَنظُرَ إِلَي الإِبِلِ كَيفَ تَشرَبُ اللّبَنَ مِن أُمّهَاتِهَا وَ أَنظُرَ إِلَي القَطَائِعِ وَ إِلَي عَجَائِبِ اللّهِ تَعَالَي فِي أَرضِهِ وَ أَعتَبِرَ مِن ذَلِكِ وَ أَعرِفَ المَنفَعَةَ مِنَ المَضَرّةِ فَقَالَت لَهُ حَلِيمَةُ أَ فَتُحِبّ يَا ولَدَيِ‌ ذَلِكَ قَالَ نَعَم فَلَمّا أَصبَحُوا اليَومَ الثاّنيِ‌َ قَامَت حَلِيمَةُ فَغَسَلَت رَأسَ مُحَمّدٍص وَ سَرّحَت شَعرَهُ وَ دَهَنَتهُ وَ مَشَطَتهُ وَ أَلبَسَتهُ ثِيَاباً فَاخِرَةً وَ جَعَلَت فِي رِجلَيهِ نَعلَينِ مِن حِذَاءِ مَكّةَ وَ عَمَدَت إِلَي سَلّةٍ وَ جَعَلَت فِيهَا أَطعِمَةً جَيّدَةً وَ بَعَثَتهُ مَعَ أَولَادِهَا وَ قَالَت لَهُم يَا أوَلاَديِ‌ أُوصِيكُم بسِيَدّيِ‌ مُحَمّدٍص أَن تَحفَظُوهُ وَ إِذَا جَاعَ فَأَطعِمُوهُ وَ إِذَا عَطِشَ فَاسقُوهُ فَإِذَا عيَ‌ّ فَأَقعِدُوهُ حَتّي يَستَرِيحَ فَخَرَجَ النّبِيّص وَ عَلَي يَمِينِهِ عَبدُ اللّهِ بنُ الحَارِثِ وَ عَن يَسَارِهِ ضَمرَةُ وَ قُرّةُ قُدّامَهُ وَ النّبِيّص بَينَهُم كَالبَدرِ بَينَ النّجُومِ فَمَا بقَيِ‌َ حَجَرٌ وَ لَا مَدَرٌ إِلّا وَ هُم يُنَادُونَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مُحَمّدُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا أَحمَدُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا حَامِدُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مَحمُودُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ القَولِ العَدلِ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ طُوبَي لِمَن آمَنَ بِكَ وَ الوَيلُ لِمَن كَفَرَ بِكَ وَ رَدّ عَلَيكَ حَرفاً تأَتيِ‌ بِهِ مِن عِندِ رَبّكَ وَ النّبِيّص يَرُدّ عَلَيهِمُ السّلَامَ وَ قَد تَحَيّرَ الّذِينَ مَعَهُ مِمّا يَرَونَ مِنَ العَجَائِبِ ثُمّ إِنّ النّبِيّص أَصَابَهُ حَرّ الشّمسِ فَأَوحَي اللّهُ تَعَالَي إِلَي إِستِحيَائِيلَ أَن مُدّ فَوقَ رَأسِ مُحَمّدٍص سَحَابَةً بَيضَاءَ فَمَدّهَا فَأَرسَلَت عَزَالِيَهَا كَأَفوَاهِ القِرَبِ وَ رَشّ القَطرُ عَلَي السّهلِ وَ الجَبَلِ وَ لَم تَقطُر عَلَي رَأسِ


صفحه : 350

مُحَمّدٍص قَطرَةٌ وَ سَالَت مِن ذَلِكَ المَطَرِ الأَودِيَةُ وَ صَارَ الوَحَلُ فِي الأَرضِ مَا خَلَا طَرِيقَ مُحَمّدٍص وَ كَانَ يَنزِلُ مِن تِلكَ السّحَابَةِ رِيشُ الزّعفَرَانِ وَ سَنَابِلُ المِسكِ وَ كَانَ فِي تِلكَ البَرّيّةِ نَخلَةٌ يَابِسَةٌ عَادِيَةٌ قَد يَبِسَت أَغصَانُهَا وَ تَنَاثَرَت أَورَاقُهَا مُنذُ سَنَتَينِ فَاستَنَدَ النّبِيّص إِلَيهَا فَأَورَقَت وَ أَرطَبَت وَ أَثمَرَت وَ أَرسَلَت ثِمَارَهَا مِن ثَلَاثَةِ أَجنَاسٍ أَخضَرَ وَ أَحمَرَ وَ أَصفَرَ وَ قَعَدَ النّبِيّص هُنَالِكَ يُكَلّمُ إِخوَتَهُ وَ رَأَي النّبِيّص رَوضَةً خَضرَاءَ فَقَالَ يَا إخِوتَيِ‌ أُرِيدُ أَن أَمُرّ بِهَذِهِ الرّوضَةِ وَ كَانَ وَرَاءَ الرّوضَةِ تَلّ كَئُودٌ وَ عَلَيهِ أَنوَاعُ النّبَاتَاتِ فَقَالَ يَا إخِوتَيِ‌ مَا ذَلِكَ التّلّ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمّدُ وَرَاءَ ذَلِكَ التّلّ البرَاَريِ‌ وَ المَفَاوِزُ فَقَالَ النّبِيّص إنِيّ‌ قَدِ اشتَهَيتُ أَن أَنظُرَ إِلَيهِ فَقَالَ القَومُ نَحنُ نمَضيِ‌ مَعَكَ إِلَيهِ فَقَالَ لَهُمُ النّبِيّص بَلِ اشتَغِلُوا أَنتُم بِأَعمَالِكُم وَ أَنَا أمَضيِ‌ وحَديِ‌ وَ أَرجِعُ إِلَيكُم سَرِيعاً إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي فَقَالُوا جَمِيعاً مُرّ يَا مُحَمّدُ فَإِنّ قُلُوبَنَا مُتَفَكّرَةٌ بِسَبَبِكَ. قَالَ الواَقدِيِ‌ّ ثُمّ إِنّ النّبِيّص مَرّ فِي تِلكَ الرّوضَةِ وَحدَهُ وَ نَظَرَ إِلَي تِلكَ البرَاَريِ‌ وَ المَفَاوِزِ وَ هُوَ يَعتَبِرُ وَ يَتَعَجّبُ مِنَ الرّوضَةِ حَتّي بَلَغَ التّلّ وَ نَظَرَ إِلَي جَبَلٍ شَاهِقٍ فِي الهَوَاءِ كَالحَائِطِ وَ لَا يَتَهَيّأُ لَهُ صُعُودُهُ لِاعتِدَالِهِ وَ ارتِفَاعِهِ فِي الهَوَاءِ فَقَالَ النّبِيّص فِي نَفسِهِ إنِيّ‌ أُرِيدُ أَن أَصعَدَ هَذَا التّلّ فَأَنظُرَ إِلَي مَا وَرَاءَهُ مِنَ العَجَائِبِ قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَأَرَادَ النّبِيّص أَن يَصعَدَ الجَبَلَ فَلَم يَتَهَيّأ لَهُ ذَلِكَ لِاستِوَائِهِ فِي الهَوَاءِ فَصَاحَ إِستِحيَائِيلُ فِي الجَبَلِ صَيحَةً أَرعَشَتهُ فَاهتَزّ اهتِزَازاً وَ قَالَ لَهُ أَيّهَا الجَبَلُ وَيحَكَ أَطِع مُحَمّداًص خَيرَ المُرسَلِينَ فَإِنّهُ يُرِيدُ أَن يَصعَدَ عَلَيكَ فَفَرِحَ الجَبَلُ وَ تَرَاكَمَ بَعضُهُ إِلَي بَعضٍ كَمَا يَتَرَاكَمُ الجِلدُ فِي النّارِ فَصَعِدَ النّبِيّص أَعلَاهُ وَ كَانَت تَحتَ


صفحه : 351

هَذَا الجَبَلِ حَيّاتٌ كَثِيرَةٌ مِن أَلوَانٍ شَتّي وَ عَقَارِبُ كَالبِغَالِ فَلَمّا هَمّ النّبِيّص بِالنّزُولِ إِلَي تَحتِ الجَبَلِ صَاحَ المَلَكُ إِستِحيَائِيلُ صَيحَةً عَظِيمَةً وَ قَالَ أَيّتُهَا الحَيّاتُ وَ العَقَارِبُ غَيّبُوا أَنفُسَكُم فِي جُحُورِكُم وَ تَحتَ صُخُورِكُم لَا يَرَاكُم سَيّدُ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ فَسَارَعَ الحَيّاتُ وَ العَقَارِبُ إِلَي مَا أَمَرَهُم إِستِحيَائِيلُ وَ غَيّبُوا أَنفُسَهُم فِي كُلّ جُحرٍ وَ تَحتَ كُلّ حَجَرٍ وَ نَزَلَ النّبِيّص مِنَ الجَبَلِ فَرَأَي عَينَ مَاءٍ بَارِدٍ أَحلَي مِنَ العَسَلِ وَ أَليَنَ مِنَ الزّبدِ فَقَعَدَ النّبِيّص عِندَ العَينِ فَنَزَلَ جَبرَئِيلُ ع فِي ذَلِكَ المَوضِعِ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسرَافِيلُ وَ دَردَائِيلُ فَقَالَ جَبرَئِيلُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مُحَمّدُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا أَحمَدُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا حَامِدُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مَحمُودُ السّلَامُ عَلَيكَ يَاطه السّلَامُ عَلَيكَيا أَيّهَا المُدّثّرُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا أَيّهَا المَلِيحُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا طَابُ[ يَا]طَابُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا سَيّدُ يَا سَيّدُ السّلَامُ عَلَيكَ يَا فَارِقلِيطُ السّلَامُ عَلَيكَ يَاطس السّلَامُ عَلَيكَ يَاطسم السّلَامُ عَلَيكَ يَا شَمسَ الدّنيَا السّلَامُ عَلَيكَ يَا قَمَرَ الآخِرَةِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا نُورَ الدّنيَا وَ الآخِرَةِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا شَمسَ القِيَامَةِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا خَاتَمَ النّبِيّينَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا زُهرَةَ المَلَائِكَةِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا شَفِيعَ المُذنِبِينَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ التّاجِ وَ الهِرَاوَةِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ القُرآنِ وَ النّاقَةِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ الحَجّ وَ الزّيَارَةِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ الرّكنِ وَ المَقَامِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ السّيفِ القَاطِعِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ الرّمحِ الطّاعِنِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ السّهمِ النّافِذِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ المسَاَعيِ‌ السّلَامُ عَلَيكَ يَا أَبَا القَاسِمِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مِفتَاحَ الجَنّةِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مِصبَاحَ الدّينِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ الحَوضِ المَورُودِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا قَائِدَ المُسلِمِينَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مُبطِلَ عِبَادَةِ الأَوثَانِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا قَائِدَ المُرسَلِينَ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مُظهِرَ الإِسلَامِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا صَاحِبَ قَولِ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ طُوبَي لِمَن آمَنَ بِكَ وَ الوَيلُ لِمَن كَفَرَ بِكَ وَ رَدّ عَلَيكَ حَرفاً مِمّا تأَتيِ‌ بِهِ مِن عِندِ رَبّكَ وَ النّبِيّص يَرُدّ عَلَيهِ السّلَامَ فَقَالَ لَهُم مَن


صفحه : 352

أَنتُم قَالُوا نَحنُ عِبَادُ اللّهِ وَ قَعَدُوا حَولَهُ قَالَ فَنَظَرَ النّبِيّص إِلَي جَبرَائِيلَ ع قَالَ مَا اسمُكَ قَالَ عَبدُ اللّهِ وَ نَظَرَ إِلَي إِسرَافِيلَ وَ قَالَ لَهُ مَا اسمُكَ قَالَ اسميِ‌ عَبدُ اللّهِ وَ نَظَرَ إِلَي مِيكَائِيلَ وَ قَالَ لَهُ مَا اسمُكَ قَالَ عَبدُ الجَبّارِ وَ نَظَرَ إِلَي دَردَائِيلَ وَ قَالَ لَهُ مَا اسمُكَ قَالَ عَبدُ الرّحمَنِ فَقَالَ النّبِيّص كُلّنَا عِبَادُ اللّهِ وَ كَانَ مَعَ جَبرَئِيلَ طَستٌ مِن يَاقُوتٍ أَحمَرَ وَ مَعَ مِيكَائِيلَ إِبرِيقٌ مِن يَاقُوتٍ أَخضَرَ وَ فِي الإِبرِيقِ مَاءٌ مِنَ الجَنّةِ فَتَقَدّمَ جَبرَئِيلُ ع وَ وَضَعَ فَمَهُ عَلَي فَمِ مُحَمّدٍص إِلَي أَن ذَهَبَت ثَلَاثُ سَاعَاتٍ مِنَ النّهَارِ ثُمّ قَالَ يَا مُحَمّدُ اعلَم وَ افهَم مَا بَيّنتُهُ لَكَ قَالَ نَعَم إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي وَ قَد مَلَأَ جَوفَهُ عِلماً وَ فَهماً وَ حُكماً وَ بُرهَاناً وَ زَادَ اللّهُ تَعَالَي فِي نُورِ وَجهِهِ سَبعَةً وَ سَبعِينَ ضِعفاً فَلَم يَتَهَيّأ لِأَحَدٍ أَن يَملَأَ بَصَرَهُ مِن رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ لَهُ جَبرَائِيلُ ع لَا تَخَف يَا مُحَمّدُ فَقَالَ لَهُ النّبِيّص وَ مثِليِ‌ مَن يَخَافُ وَ عِزّةِ ربَيّ‌ وَ جَلَالِهِ وَ جُودِهِ وَ كَرَمِهِ وَ ارتِفَاعِهِ فِي عُلُوّ مَكَانِهِ لَو عَلِمتُ شَيئاً دُونَ جَلَالِ عَظَمَتِهِ لَقُلتُ لَم أَعرِف ربَيّ‌ قَطّ قَالَ وَ نَزَلَ جَبرَائِيلُ إِلَي مِيكَائِيلَ وَ قَالَ حَقّ لِرَبّنَا أَن يَتّخِذَ مِثلَ هَذَا حَبِيباً وَ يَجعَلَهُ سَيّدَ وُلدِ آدَمَ ثُمّ إِنّ جَبرَائِيلَ ع أَلقَي رَسُولَ اللّهِص عَلَي قَفَاهُ وَ رَفَعَ أَثوَابَهُ فَقَالَ لَهُ النّبِيّص مَا تُرِيدُ تَصنَعُ يَا أخَيِ‌ جَبرَائِيلُ فَقَالَ جَبرَائِيلُ لَا بَأسَ عَلَيكَ فَأَخرَجَ جَنَاحَهُ وَ شَقّ بَطنَ النّبِيّص وَ أَدخَلَ جَنَاحَهُ فِي بَطنِهِ وَ خَرَقَ قَلبَهُ وَ شَقّ المقلبة وَ أَظهَرَ نُكتَةً سَودَاءَ فَأَخَذَهَا جَبرَائِيلُ ع فَغَسَلَهَا وَ مِيكَائِيلُ يَصُبّ المَاءَ عَلَيهِ فَنَادَي مُنَادٍ مِنَ السّمَاءِ يَقُولُ يَا جَبرَائِيلُ لَا تَقشِر قَلبَ مُحَمّدٍص فَتُوجِعَهُ وَ لَكِنِ اغسِلهُ بِزَغَبِكَ وَ الزّغَبُ هُوَ الرّيشُ ألّذِي تَحتَ الجَنَاحِ فَأَخَذَ جَبرَئِيلُ زَغَبَةً وَ غَسَلَ بِهَا قَلبَ مُحَمّدٍص ثُمّ رَدّ المقلبة إِلَي القَلبِ وَ القَلبَ إِلَي الصّدرِ فَقَالَ عَبدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ ذَاتَ يَومٍ وَ النّبِيّص قَد بَلَغَ مَبلَغَ الرّجَالِ سَأَلتُ النّبِيّص بأِيَ‌ّ شَيءٍ غُسِلَ قَلبُكَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ مِن أَيّ شَيءٍ قَالَ غُسِلَ مِنَ الشّكّ وَ اليَقِينِ لَا مِنَ الكُفرِ فإَنِيّ‌ لَم أَكُن كَافِراً قَطّ لأِنَيّ‌ كُنتُ مُؤمِناً بِاللّهِ مِن قَبلِ أَن


صفحه : 353

أَكُونَ فِي صُلبِ آدَمَ ع فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ مَتَي نُبّئتَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ يَا أَبَا حَفصٍ نُبّئتُ وَ آدَمُ بَينَ الرّوحِ وَ الجَسَدِ. قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَقَالَ إِسرَافِيلُ لِمُحَمّدٍص مَا اسمُكَ يَا فَتَي فَقَالَ النّبِيّص أَنَا مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبدِ مَنَافٍ وَ لِيَ اسمٌ غَيرُ هَذَا قَالَ إِسرَافِيلُ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ وَ لكَنِيّ‌ أُمِرتُ بِأَمرٍ فَأَفعَلُ قَالَ النّبِيّص افعَل مَا أُمِرتَ بِهِ فَقَامَ إِسرَافِيلُ إِلَي رَسُولِ اللّهِص وَ حَلّ أَزرَارَ قَمِيصِهِ وَ أَلقَاهُ عَلَي قَفَاهُ وَ أَخرَجَ خَاتَماً كَانَ مَعَهُ وَ عَلَيهِ سَطرَانِ الأَوّلُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ الثاّنيِ‌ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَ ذَلِكَ خَاتَمُ النّبُوّةِ فَوَضَعَ الخَاتَمَ بَينَ كتَفِيَ‌ِ النّبِيّص فَصَارَ الخَاتَمُ بَينَ كَتِفَيهِ كَالهِلَالِ الطّالِعِ بِجِسمِهِ وَ استَبَانَ السّطرَانِ بَينَ كَتِفَيهِ كَالشّامَةِ يَقرَؤُهُمَا كُلّ عرَبَيِ‌ّ كَاتِبٍ ثُمّ دَنَا دَردَائِيلُ وَ قَالَ يَا مُحَمّدُ تَنَامُ السّاعَةَ فَقَالَ لَهُ نَعَم فَوَضَعَ النّبِيّص رَأسَهُ فِي حَجرِ دَردَائِيلَ وَ غَفَا غَفوَةً فَرَأَي فِي المَنَامِ كَأَنّ شَجَرَةً نَابِتَةٌ فَوقَ رَأسِهِ وَ عَلَي الشّجَرَةِ أَغصَانٌ غِلَاظٌ مُستَوِيَاتٌ كُلّهَا وَ عَلَي كُلّ غُصنٍ مِن أَغصَانِهَا غُصنٌ وَ غُصنَانِ وَ ثَلَاثَةُ وَ أَربَعَةُ أَغصَانٍ وَ رَأَي عِندَ سَاقِ الشّجَرَةِ مِنَ الحَشِيشِ مَا لَا يَتَهَيّأُ وَصفُهُ وَ كَانَتِ الشّجَرَةُ عَظِيمَةً غَلِيظَةَ السّاقِ ذَاهِبَةً فِي الهَوَاءِ ثَابِتَةَ الأَصلِ بَاسِقَةَ الفَرعِ فَنَادَي مُنَادِياً[مُنَادٍ] يَا مُحَمّدُ أَ تدَريِ‌ مَا هَذِهِ الشّجَرَةُ فَقَالَ


صفحه : 354

النّبِيّص لَا يَا أخَيِ‌ قَالَ اعلَم أَنّ هَذِهِ الشّجَرَةَ أَنتَ وَ الأَغصَانَ أَهلُ بَيتِكَ وَ ألّذِي تَحتَهَا مُحِبّوكَ وَ مَوَالِيكَ فَأَبشِر يَا مُحَمّدُ بِالنّبُوّةِ الأَثِيرَةِ وَ الرّئَاسَةِ الخَطِيرَةِ ثُمّ إِنّ دَردَائِيلَ أَخرَجَ مِيزَاناً عَظِيماً كُلّ كِفّةٍ مِنهُ مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ فَأَخَذَ النّبِيّص وَ وَضَعَهُ فِي كِفّةٍ وَ وَضَعَ مِائَةً مِن أَصحَابِهِ فِي كِفّةٍ فَرَجَحَ بِهِمُ النّبِيّص ثُمّ عَمَدَ إِلَي أَلفِ رَجُلٍ مِن خَوَاصّ أُمّتِهِ فَوَضَعَهُم فِي الكِفّةِ الثّانِيَةِ فَرَجَحَ بِهِمُ النّبِيّص ثُمّ عَمَدَ إِلَي أَربَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ مِن أُمّتِهِ فَوَضَعَهُم فِي الكِفّةِ فَرَجَحَ بِهِمُ النّبِيّص ثُمّ عَمَدَ إِلَي نِصفِ أُمّتِهِ فَرَجَحَ بِهِمُ النّبِيّ ثُمّ عَمَدَ إِلَي أُمّتِهِ كُلّهِم ثُمّ الأَنبِيَاءِ وَ المُرسَلِينَ ثُمّ المَلَائِكَةِ كُلّهِم أَجمَعِينَ ثُمّ الجِبَالِ وَ البِحَارِ ثُمّ الرّمَالِ ثُمّ الأَشجَارِ ثُمّ الأَمطَارِ ثُمّ جَمِيعِ مَا خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي فَوَزَنَ بِهِمُ النّبِيّص فَلَم يَعدِلُوهُ وَ رَجَحَ النّبِيّص بِهِم فَلِهَذَا قَالَ خَيرُ الخَلقِ مُحَمّدٌص لِأَنّهُ رَجَحَ بِالخَلقِ أَجمَعِينَ وَ هَذَا كُلّهُ يَرَاهُ بَينَ النّومِ وَ اليَقَظَةِ فَقَالَ دَردَائِيلُ يَا مُحَمّدُ طُوبَي لَكَ ثُمّ طُوبَي لَكَ وَ لِأُمّتِكَ وَ حُسنُ مَآبٍ وَ الوَيلُ كُلّ الوَيلِ لِمَن كَفَرَ بِكَ وَ رَدّ عَلَيكَ حَرفاً مِمّا تأَتيِ‌ بِهِ مِن عِندِ رَبّكَ ثُمّ عَرَجَ المَلَائِكَةُ إِلَي السّمَاءِ. قَالَ الواَقدِيِ‌ّ فَلَمّا طَالَ مَكثُ النّبِيّ طَلَبَهُ فِي تِلكَ المَفَاوِزِ إِخوَتُهُ أَولَادُ حَلِيمَةَ فَلَم يَجِدُوهُ فَرَجَعُوا إِلَي حَلِيمَةَ فَأَعلَمُوهَا بِقِصّتِهِ فَقَامَت ذَاهِلَةَ العَقلِ تَصِيحُ فِي حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدٍ فَوَقَعَتِ الصّيحَةُ فِي حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدٍ أَنّ مُحَمّداً قَدِ افتُقِدَ فَقَامَت حَلِيمَةُ وَ مَزّقَت أَثوَابَهَا وَ خَدَشَت وَجهَهَا وَ كَشَفَت شَعرَهَا وَ هيِ‌َ تَعدُو فِي البرَاَريِ‌ وَ المَفَاوِزِ وَ القِفَارِ حَافِيَةَ القَدَمِ وَ الشّوكُ يَدخُلُ فِي رِجلَيهَا وَ الدّمُ يَسِيلُ مِنهُمَا وَ هيِ‌َ تنُاَديِ‌ وَا وَلَدَاه وَا قُرّةَ عَينَاه وَا ثَمَرَةَ فُؤَادَاه وَ مَعَهَا نِسَاءُ بنَيِ‌ سَعدٍ يَبكِينَ مَعَهَا مُكَشّفَاتِ الشّعُورِ مُخَدّشَاتِ الوُجُوهِ وَ حَلِيمَةُ


صفحه : 355

تَسقُطُ مَرّةً وَ تَقُومُ أُخرَي وَ مَا بقَيِ‌َ فِي الحيَ‌ّ شَيخٌ وَ لَا شَابّ وَ لَا حُرّ وَ لَا عَبدٌ إِلّا يَعدُو فِي البَرّيّةِ فِي طَلَبِ مُحَمّدٍص وَ هُم يَبكُونَ كُلّهُم بِقَلبٍ مُحتَرِقٍ وَ رَكِبَ عَبدُ اللّهِ بنُ الحَارِثِ وَ رَكِبَ مَعَهُ آلُ بنَيِ‌ سَعدٍ وَ حَلَفَ إِن لَا وَجَدتُ مُحَمّداًص السّاعَةَ وَضَعتُ سيَفيِ‌ فِي آلِ بنَيِ‌ سَعدٍ وَ غَطَفَانَ وَ أَقتُلُهُم عَن آخِرِهِم وَ أَطلُبُ بِدَمِ مُحَمّدٍص وَ ذَهَبَت حَلِيمَةُ عَلَي حَالَتِهَا مَعَ نِسَاءِ بنَيِ‌ سَعدٍ نَحوَ مَكّةَ وَ دَخَلَهَا وَ كَانَ عَبدُ المُطّلِبِ قَاعِداً عِندَ أَستَارِ الكَعبَةِ مَعَ رُؤَسَاءِ قُرَيشٍ وَ بنَيِ‌ هَاشِمٍ فَلَمّا نَظَرَ إِلَي حَلِيمَةَ عَلَي تِلكَ الحَالَةِ ارتَعَدَت فَرَائِصُهُ وَ صَاحَ وَ قَالَ مَا الخَبَرُ فَقَالَت حَلِيمَةُ اعلَم أَنّ مُحَمّداً قَد فَقَدنَاهُ مُنذُ أَمسِ وَ قَد تَفَرّقَ آلُ سَعدٍ فِي طَلَبِهِ قَالَ فغَشُيِ‌َ عَلَيهِ سَاعَةً ثُمّ أَفَاقَ وَ قَالَ كَلِمَةً لَا يُخذَلُ قَائِلُهُا لَا حَولَ وَ لَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ العلَيِ‌ّ العَظِيمِ ثُمّ قَالَ يَا غُلَامُ هَاتِ فرَسَيِ‌ وَ سيَفيِ‌ وَ جوَشنَيِ‌ فَقَامَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ صَعِدَ إِلَي أَعلَي الكَعبَةِ وَ نَادَي يَا آلَ غَالِبٍ يَا آلَ عَدنَانَ يَا آلَ فِهرٍ يَا آلَ نِزَارٍ يَا آلَ كِنَانَةَ يَا آلَ مُضَرَ يَا آلَ مَالِكٍ فَاجتَمَعَ عَلَيهِ بُطُونُ العَرَبِ وَ رُؤَسَاءُ بنَيِ‌ هَاشِمٍ وَ قَالُوا لَهُ مَا الخَبَرُ يَا سَيّدَنَا فَقَالَ لَهُم عَبدُ المُطّلِبِ إِنّ مُحَمّداًص لَا يُرَي مُنذُ أَمسِ فَاركَبُوا وَ تَسَلّحُوا فَرَكِبَ ذَلِكَ اليَومَ مَعَ عَبدِ المُطّلِبِ عَشَرَةُ آلَافِ رَجُلٍ فَبَكَي الخَلقُ كُلّهُم رَحمَةً لِعَبدِ المُطّلِبِ وَ قَامَتِ الصّيحَةُ وَ البُكَاءُ فِي كُلّ جَانِبٍ حَتّي المُخَدّرَاتُ خَرَجنَ مِنَ السّتُورِ مُرَافَقَةً لِعَبدِ المُطّلِبِ مَعَ القَومِ إِلَي حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدٍ وَ سَائِرِ الأَطرَافِ وَ انجَذَبَ عَبدُ المُطّلِبِ نَحوَ حيَ‌ّ عَبدِ اللّهِ بنِ الحَارِثِ وَ أَصحَابِهِ بَاكِينَ العُيُونُ مُمَزّقِينَ الثّيَابُ فَلَمّا نَظَرَ عَبدُ اللّهِ إِلَي عَبدِ المُطّلِبِ رَفَعَ صَوتَهُ بِالبُكَاءِ وَ قَالَ يَا أَبَا الحَارِثِ وَ اللّاتِ وَ العُزّي وَ أثاف [إِسَافٍ] وَ نَائِلَةَ إِن لَم أَجِد مُحَمّداً


صفحه : 356

وَضَعتُ سيَفيِ‌ فِي حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدٍ وَ غَطَفَانَ وَ أَقتُلُهُم عَن آخِرِهِم قَالَ فَرَقّ قَلبُ عَبدِ المُطّلِبِ عَلَي حيَ‌ّ آلِ سَعدٍ وَ قَالَ ارجِعُوا أَنتُم إِلَي حَيّكُم إِن لَم أَجِد مُحَمّداً السّاعَةَ رَجَعتُ إِلَي مَكّةَ وَ لَا أَدَعُ فِيهَا يَهُودِيّاً وَ لَا يَهُودِيّةً وَ لَا أَحَداً مِمّن أَتّهِمُهُ بِمُحَمّدٍ فَأَمُدّهُم تَحتَ سيَفيِ‌ مَدّاً طَلَباً لِدَمِ مُحَمّدٍص قَالَ الواَقدِيِ‌ّ وَ أَقبَلَ مِنَ اليَمَنِ أَبُو مَسعُودٍ الثقّفَيِ‌ّ وَ وَرَقَةُ بنُ نَوفَلٍ وَ عَقِيلُ بنُ أَبِي وَقّاصٍ وَ جَازُوا عَلَي الطّرِيقِ ألّذِي فِيهِ مُحَمّدٌص وَ إِذَا بِشَجَرَةٍ نَابِتَةٍ فِي الواَديِ‌ فَقَالَ وَرَقَةُ لأِبَيِ‌ مَسعُودٍ إنِيّ‌ سَلَكتُ هَذَا الطّرِيقَ ثَلَاثِينَ مَرّةً وَ مَا رَأَيتُ قَطّ هَاهُنَا هَذِهِ الشّجَرَةَ قَالَ عَقِيلٌ صَدَقتَ فَمُرّوا بِنَا حَتّي نَنظُرَ مَا هيِ‌َ قَالَ فَذَهَبُوا جَمِيعاً وَ تَرَكُوا الطّرِيقَ الأَوّلَ فَلَمّا قَرُبُوا مِنَ الشّجَرَةِ رَأَوا تَحتَ الشّجَرَةِ غُلَاماً أَمرَدَ مَا رَأَي الرّاءُونَ مِثلَهُ كَأَنّهُ قَمَرٌ فَقَالَ عَقِيلٌ وَ وَرَقَةُ مَا هُوَ إِلّا جنِيّ‌ّ فَقَالَ أَبُو مَسعُودٍ مَا هُوَ إِلّا مِنَ المَلَائِكَةِ وَ هُم يَقُولُونَ وَ النّبِيّص يَسمَعُ كَلَامَهُم فَاستَوَي قَاعِداً فَرَأَي القَومَ وَرَاءَهُ فَقَالَ أَبُو مَسعُودٍ مَن أَنتَ يَا غُلَامُ أَ جنِيّ‌ّ أَنتَ أَم إنِسيِ‌ّ فَقَالَ النّبِيّص بَل أَنَا إنِسيِ‌ّ فَقَالَ مَا اسمُكَ قَالَ مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبدِ مَنَافٍ فَقَالَ أَبُو مَسعُودٍ أَنتَ نَافِلَةُ عَبدِ المُطّلِبِ قَالَ نَعَم قَالَ كَيفَ وَقَعتَ هَاهُنَا فَقَصّ عَلَيهِمُ القِصّةَ مِن أَوّلِهَا إِلَي آخِرِهَا فَنَزَلَ أَبُو مَسعُودٍ عَن ظَهرِ نَاقَتِهِ وَ قَالَ لَهُ أَ تُرِيدُ أَن أَمُرّ بِكَ إِلَي جَدّكَ فَقَالَ النّبِيّص نَعَم فَأَخَذَهُ عَلَي قَرَبُوسِ سَرجِهِ وَ مَرّوا جَمِيعاً حَتّي بَلَغُوا قَرِيباً مِن حيَ‌ّ بنَيِ‌ سَعدٍ فَنَظَرَ النّبِيّص فِي البَرِيّةِ فَرَأَي جَدّهُ عَبدَ المُطّلِبِ وَ أَصحَابُهُ لَا يَرَونَهُ فَقَالُوا يَا مُحَمّدُ إِنّا لَا نَرَاهُ وَ ذَلِكَ أَنّ نَظرَتَهُ نَظرَةُ الأَنبِيَاءِ ع فَقَالَ لَهُم مُرّوا حَتّي أَرَاكُم[أُرِيَكُم]فَمَرّوا وَ إِذَا عَبدُ المُطّلِبِ مُقبِلٌ هُوَ وَ أَصحَابُهُ فَلَمّا نَظَرَ عَبدُ المُطّلِبِ إِلَي مُحَمّدٍص وَثَبَ عَن فَرَسِهِ وَ أَخَذَ


صفحه : 357

رَسُولَ اللّهِص إِلَي سَرجِهِ وَ قَالَ لَهُ أَينَ كُنتَ يَا ولَدَيِ‌ وَ قَد كُنتُ عَزَمتُ أَن أَقتُلَ أَهلَ مَكّةَ جَمِيعاً فَقَصّ النّبِيّص القِصّةَ عَلَي جَدّهِ مِن أَوّلِهَا إِلَي آخِرِهَا فَفَرِحَ عَبدُ المُطّلِبِ فَرَحاً شَدِيداً وَ خَرَجَ مِن خَيلِهِ وَ رَجِلِهِ وَ دَخَلَ مَكّةَ وَ دَفَعَ إِلَي أَبِي مَسعُودٍ خَمسِينَ نَاقَةً وَ إِلَي وَرَقَةَ بنِ نَوفَلٍ وَ عَقِيلٍ سِتّينَ نَاقَةً قَالَ وَ ذَهَبَت حَلِيمَةُ إِلَي عَبدِ المُطّلِبِ وَ قَالَت لَهُ ادفَع إلِيَ‌ّ مُحَمّداًص فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ يَا حَلِيمَةُ إنِيّ‌ أَحبَبتُ أَن تكَوُنيِ‌ مَعَنَا بِمَكّةَ وَ إِلّا مَا كُنتُ باِلذّيِ‌ أُسَلّمُهُ إِلَيكِ مَرّةً أُخرَي فَوَهَبَ لِعَبدِ اللّهِ بنِ الحَارِثِ أَبِيهَا أَلفَ مِثقَالِ ذَهَبٍ أَحمَرَ وَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرهَمٍ بِيضٍ وَ وَهَبَ لِبَكرِ بنِ سَعدٍ جُملَةً بِغَيرِ وَزنٍ وَ وَهَبَ لِإِخوَانِ النّبِيّص أَولَادِ حَلِيمَةَ وَ هُمَا ضَمرَةُ وَ قُرّةُ أَخَوَاهُ مِنَ الرّضَاعَةِ ماِئتَيَ‌ نَاقَةٍ وَ أَذِنَ لَهُم بِالرّجُوعِ إِلَي حَيّهِم.

بيان اعتقل رمحه أي جعله بين ركابه وساقه والعيمة شهوة اللبن والثج السيلان والجهام بالفتح السحاب لاماء فيه والحواري بالضم وتشديد الواو والراء المفتوحة ماحور من الطعام أي بيض والوحي‌ الإشارة والكلام الخفي‌ والتزويق التزيين والتحسين والنقش والثاغية الشاة والراغية البعير ولعل المقلبة ما في جوف القلب و لم أجده في كتب اللغة والأثيرة المكرمة المختارة.أقول هذاالخبر و إن لم نعتمد عليه كثيرا لكونه من طرق المخالفين إنما أوردته لما فيه من الغرائب التي‌ لاتأبي عنها العقول ولذكره في مؤلفات أصحابنا

14-د،[العدد القوية] عَن آمِنَةَ بِنتِ أَبِي سَعِيدٍ السهّميِ‌ّ قَالَتامتَنَعَ أَبُو طَالِبٍ مِن إِتيَانِ اللّاتِ


صفحه : 358

وَ العُزّي بَعدَ رُجُوعِهِ مِنَ الشّامِ فِي المَرّةِ الأُولَي حَتّي وَقَعَ بَينَهُ وَ بَينَ قُرَيشٍ كَلَامٌ كَثِيرٌ فَقَالَ لَهُم أَبُو طَالِبٍ إِنّهُ لَا يمُكنِنُيِ‌ أَن أُفَارِقَ هَذَا الغُلَامَ وَ لَا مُخَالَفَتُهُ وَ إِنّهُ يَأبَي أَن يَصِيرَ إِلَيهِمَا وَ لَا يَقدِرُ أَن يَسمَعَ بِذِكرِهِمَا وَ يَكرَهُ أَن آتِيَهُمَا أَنَا قَالُوا فَلَا تَدَعهُ وَ أَدّبهُ حَتّي يَفعَلَ وَ يَعتَادَ عِبَادَتَهُمَا فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ هَيهَاتَ مَا أَظُنّكُم تَجِدُونَهُ وَ لَا تَرَونَهُ يَفعَلُ هَذَا أَبَداً قَالُوا وَ لِمَ ذَاكَ قَالَ لأِنَيّ‌ سَمِعتُ بِالشّامِ جَمِيعَ الرّهبَانِ يَقُولُونَ هَلَاكُ الأَصنَامِ عَلَي يَدِ هَذَا الغُلَامِ قَالُوا فَهَل رَأَيتَ يَا أَبَا طَالِبٍ مِنهُ شَيئاً غَيرَ هَذَا ألّذِي تَحكِيهِ عَنِ الرّهبَانِ فَإِنّهُ غَيرُ كَائِنٍ أَبَداً أَو نُهلَكَ جَمِيعاً قَالَ نَعَم نَزَلنَا تَحتَ شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ فَاخضَرّت وَ أَثمَرَت فَلَمّا ارتَحَلنَا وَ سِرنَا نَثَرَت عَلَي رَأسِهِ جَمِيعَ ثَمَرِهَا وَ نَطَقَت فَمَا رَأَيتُ شَجَرَةً قَطّ تَنطِقُ قَبلَهَا وَ هيِ‌َ تَقُولُ يَا أَطيَبَ النّاسِ فَرعاً وَ أَزكَاهُم عُوداً امسَح بِيَدَيكَ المُبَارَكَتَينِ عَلَيّ لِأَبقَي خَضرَاءَ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ قَالَ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيهَا فَازدَادَتِ الضّعفَ نُوراً وَ خُضرَةً فَلَمّا رَجَعنَا لِلِانصِرَافِ وَ مَرَرنَا عَلَيهَا وَ نَزَلنَا تَحتَهَا فَإِذَا كُلّ طَيرٍ عَلَي ظَهرِ الأَرضِ لَهُ فِيهَا عُشّ وَ فَرخٌ وَ لَهَا بِعَدَدِ كُلّ صِنفٍ مِنَ الطّيرِ أَغصَانٌ كَأَعظَمِ الأَشجَارِ عَلَي ظُهُورِ الأَرَضِينَ قَالَ فَمَا بقَيِ‌َ طَيرٌ إِلّا استَقبَلَهُ يَمُدّ جَنَاحَهُ عَلَي رَأسِهِ قَالَ فَسَمِعتُ صَوتاً مِن فَوقِهَا وَ هيِ‌َ تَقُولُ بِبَرَكَتِكَ يَا سَيّدَ النّبِيّينَ وَ المُرسَلِينَ قَد صَارَت هَذِهِ الشّجَرَةُ لَنَا مَأوًي فَهَذَا مَا رَأَيتُ فَضَحِكَت قُرَيشٌ فِي وَجهِهِ وَ هُم يَقُولُونَ أَ تَرَي يَطمَعُ أَبُو طَالِبٍ أَن يَكُونَ ابنُ أَخِيهِ مَلِكَ هَذَا الزّمَانِ

15-د،[العدد القوية] عَن أَبِي جَعفَرٍ مُحَمّدٍ البَاقِرِ ع قَالَ لَمّا أَتَي عَلَي رَسُولِ اللّهِص اثنَانِ وَ عِشرُونَ شَهراً مِن يَومِ وِلَادَتِهِ رَمِدَت عَينَاهُ فَقَالَ عَبدُ المُطّلِبِ لأِبَيِ‌ طَالِبٍ اذهَب بِابنِ أَخِيكَ إِلَي عَرّافِ الجُحفَةِ وَ كَانَ بِهَا رَاهِبٌ طَبِيبٌ فِي صَومَعَتِهِ فَحَمَلَهُ غُلَامٌ لَهُ فِي سَفَطٍ هنِديِ‌ّ حَتّي أَتَي بِهِ الرّاهِبَ فَوَضَعَهُ تَحتَ الصّومَعَةِ ثُمّ نَادَاهُ أَبُو طَالِبٍ يَا رَاهِبُ فَأَشرَفَ عَلَيهِ فَنَظَرَ حَولَ الصّومَعَةِ إِلَي نُورٍ سَاطِعٍ وَ سَمِعَ حَفِيفَ أَجنِحَةِ المَلَائِكَةِ فَقَالَ لَهُ مَن أَنتَ قَالَ أَبُو طَالِبِ بنُ عَبدِ المُطّلِبِ جِئتُكَ بِابنِ أخَيِ‌ لتِدُاَويِ‌َ عَينَهُ فَقَالَ وَ أَينَ هُوَ قَالَ فِي السّفَطِ قَد غَطّيتُهُ مِنَ الشّمسِ قَالَ اكشِف عَنهُ فَكَشَفَ عَنهُ فَإِذَا هُوَ بِنُورٍ سَاطِعٍ


صفحه : 359

فِي وَجهِهِ قَد أَذعَرَ الرّاهِبَ فَقَالَ لَهُ غَطّهِ فَغَطّاهُ ثُمّ أَدخَلَ الرّاهِبُ رَأسَهُ فِي صَومَعَتِهِ فَقَالَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ حَقّاً حَقّاً وَ أَنّكَ ألّذِي بُشّرَ بِهِ فِي التّورَاةِ وَ الإِنجِيلِ عَلَي لِسَانِ مُوسَي وَ عِيسَي ع فَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّكَ رَسُولُهُ ثُمّ أَخرَجَ رَأسَهُ وَ قَالَ يَا بنُيَ‌ّ انطَلِق بِهِ فَلَيسَ عَلَيهِ بَأسٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ وَيلَكَ يَا رَاهِبُ لَقَد سَمِعتُ مِنكَ قَولًا عَظِيماً فَقَالَ يَا بنُيَ‌ّ شَأنُ ابنِ أَخِيكَ أَعظَمُ مِمّا سَمِعتَ منِيّ‌ وَ أَنتَ مُعِينُهُ عَلَي ذَلِكَ وَ مَانِعُهُ مِمّن يُرِيدُ قَتلَهُ مِن قُرَيشٍ قَالَ فَأَتَي أَبُو طَالِبٍ عَبدَ المُطّلِبِ فَأَخبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عَبدُ المُطّلِبِ اسكُت يَا بنُيَ‌ّ لَا يَسمَع هَذَا الكَلَامَ مِنكَ أَحَدٌ فَوَ اللّهِ مَا يَمُوتُ مُحَمّدٌ حَتّي يَسُودَ العَرَبَ وَ العَجَمَ

16-د،[العدد القوية]حَدّثَ بَكرُ بنُ عَبدِ اللّهِ الأشَجعَيِ‌ّ عَن آبَائِهِ قَالُواخَرَجَ سَنَةَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي الشّامِ عَبدُ مَنَافِ بنُ كِنَانَةَ وَ نَوفَلُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ عُروَةَ تُجّاراً إِلَي الشّامِ فلقاهما[فَلَقِيَهُمَا] أَبُو المُوَيهِبِ الرّاهِبُ فَقَالَ لَهُمَا مَن أَنتُمَا قَالَا نَحنُ تُجّارٌ مِن أَهلِ الحَرَمِ مِن قُرَيشٍ قَالَ لَهُمَا مِن أَيّ قُرَيشٍ فَأَخبَرَاهُ فَقَالَ لَهُمَا هَل قَدِمَ مَعَكُمَا مِن قُرَيشٍ غَيرُكُمَا قَالَا نَعَم شَابّ مِن بنَيِ‌ هَاشِمٍ اسمُهُ مُحَمّدٌ فَقَالَ أَبُو المُوَيهِبِ إِيّاهُ وَ اللّهِ أَرَدتُ فَقَالَا وَ اللّهِ مَا فِي قُرَيشٍ أَخمَلُ ذِكراً مِنهُ إِنّمَا يُسَمّونَهُ يَتِيمَ قُرَيشٍ وَ هُوَ أَجِيرٌ لِامرَأَةٍ مِنّا يُقَالُ لَهَا خَدِيجَةُ فَمَا حَاجَتُكَ إِلَيهِ فَأَخَذَ يُحَرّكُ رَأسَهُ وَ يَقُولُ هُوَ هُوَ فَقَالَ لَهُمَا تدَلُاّنيِ‌ عَلَيهِ فَقَالَا تَرَكنَاهُ فِي سُوقِ بُصرَي فَبَينَمَا هُم فِي الكَلَامِ إِذ طَلَعَ عَلَيهِم رَسُولُ اللّهِص فَقَالَ هُوَ هَذَا فَخَلَا بِهِ سَاعَةً يُنَاجِيهِ وَ يُكَلّمُهُ ثُمّ أَخَذَ يُقَبّلُ بَينَ عَينَيهِ وَ أَخرَجَ شَيئاً مِن كُمّهِ لَا ندَريِ‌ مَا هُوَ وَ رَسُولُ اللّهِص يَأبَي أَن يُقَبّلَهُ فَلَمّا فَارَقَهُ قَالَ لَنَا تَسمَعَانِ منِيّ‌ هَذَا وَ اللّهِ نبَيِ‌ّ هَذَا الزّمَانِ سَيَخرُجُ إِلَي قَرِيبٍ يَدعُو النّاسَ إِلَي شَهَادَةِ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ فَإِذَا رَأَيتُم ذَلِكَ فَاتّبِعُوهُ ثُمّ قَالَ هَل وُلِدَ لِعَمّهِ أَبِي طَالِبٍ وَلَدٌ يُقَالُ لَهُ عَلِيّ فَقُلنَا لَا قَالَ إِمّا أَن يَكُونَ قَد وُلِدَ أَو يُولَدُ فِي سَنَتِهِ وَ هُوَ أَوّلُ مَن يُؤمِنُ بِهِ نَعرِفُهُ وَ إِنّا لَنَجِدُ صِفَتَهُ عِندَنَا فِي الوَصِيّةِ كَمَا نَجِدُ صِفَةَ مُحَمّدٍ بِالنّبُوّةِ وَ إِنّهُ سَيّدُ العَرَبِ وَ رَبّانِيّهَا وَ ذُو قَرِنَيهَا يعُطيِ‌ السّيفَ حَقّهُ اسمُهُ فِي المَلَإِ الأَعلَي عَلِيّ هُوَ أَعلَي الخَلَائِقِ يَومَ


صفحه : 360

القِيَامَةِ بَعدَ الأَنبِيَاءِ ذِكراً وَ تُسَمّيهِ المَلَائِكَةُ البَطَلَ الأَزهَرَ المُفلِحَ لَا يَتَوَجّهُ إِلَي وَجهٍ إِلّا أَفلَحَ وَ ظَفِرَ وَ اللّهِ لَهُوَ أَعرَفُ بَينَ أَصحَابِهِ فِي السّمَاوَاتِ مِنَ الشّمسِ الطّالِعَةِ

وَ حَدّثَ العَبّاسُ عَن أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَبُو طَالِبٍ يَا عَبّاسُ أَ لَا أُخبِرُكَ عَن مُحَمّدٍص بِمَا رَأَيتُ مِنهُ قُلتُ بَلَي قَالَ إنِيّ‌ ضَمَمتُهُ إلِيَ‌ّ فَلَم أُفَارِقهُ فِي لَيلٍ وَ لَا نَهَارٍ وَ كُنتُ أُنَوّمُهُ فِي فرِاَشيِ‌ وَ آمُرُهُ أَن يَخلَعَ ثِيَابَهُ وَ يَنَامَ معَيِ‌ فَرَأَيتُ فِي وَجهِهِ الكَرَاهَةَ وَ كَرِهَ أَن يخُاَلفِنَيِ‌ فَقَالَ يَا عَمّاه اصرِف وَجهَكَ عنَيّ‌ حَتّي أَخلَعَ ثيِاَبيِ‌ وَ أَدخُلَ فرِاَشيِ‌ قُلتُ لَهُ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ لَا ينَبغَيِ‌ لِأَحَدٍ مِنَ النّاسِ أَن يَنظُرَ إِلَي جسَدَيِ‌ قَالَ فَتَعَجّبتُ مِن ذَلِكَ وَ صَرَفتُ بصَرَيِ‌ عَنهُ حَتّي دَخَلَ فِرَاشَهُ فَلَمّا دَخَلتُ أَنَا الفِرَاشَ إِذَا بيَنيِ‌ وَ بَينَهُ ثَوبٌ أَليَنُ ثَوبٍ مَسِستُهُ قَطّ ثُمّ شَمِمتُهُ فَإِذَا كَأَنّهُ قَد غُمِسَ فِي المِسكِ فَكُنتُ إِذَا أَصبَحتُ افتَقَدتُ الثّوبَ فَلَم أَجِدهُ فَكَانَ هَذَا دأَبيِ‌ وَ دَأبَهُ فَجَهَدتُ وَ تَعَمّدتُ أَن أَنظُرَ إِلَي جَسَدِهِ فَوَ اللّهِ مَا رَأَيتُ لَهُ جَسَداً وَ لَقَد كُنتُ كَثِيراً مَا أَسمَعُ إِذَا ذَهَبَ مِنَ اللّيلِ شَيءٌ كَلَاماً يعُجبِنُيِ‌ وَ كُنتُ رُبّمَا آتَيتُهُ غَفلَةً فَأَرَي مِن لَدُن رَأسِهِ نُوراً مَمدُوداً قَد بَلَغَ السّمَاءَ فَهَذَا مَا رَأَيتُ يَا عَبّاسُ

قَالَ لَيثُ بنُ أَبِي نُعَيمٍ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَن جدَيّ‌ عَن أَبِي طَالِبٍ قَالَكُنّا لَا نسُمَيّ‌ عَلَي الطّعَامِ وَ لَا عَلَي الشّرَابِ وَ لَا ندَريِ‌ مَا هُوَ حَتّي ضَمَمتُ مُحَمّداًص إلِيَ‌ّ فَأَوّلُ مَا سَمِعتُهُ يَقُولُ بِسمِ اللّهِ الأَحَدِ ثُمّ يَأكُلُ فَإِذَا فَرَغَ مِن طَعَامِهِ قَالَ الحَمدُ لِلّهِ كَثِيراً فَتَعَجّبنَا مِنهُ وَ كَانَ يَقُولُ مَا رَأَيتُ جَسَدَ مُحَمّدٍ قَطّ وَ كَانَ لَا يفُاَرقِنُيِ‌ اللّيلَ وَ النّهَارَ وَ كَانَ يَنَامُ معَيِ‌ فِي فرِاَشيِ‌ فَأَفقِدُهُ مِن فِرَاشِهِ فَإِذَا قُمتُ لِأَطلُبَهُ باَدرَنَيِ‌ مِن فِرَاشِهِ فَيَقُولُ هَا أَنَا يَا عَمّ ارجِع إِلَي مَكَانِكَ وَ لَقَد رَأَيتُ ذِئباً يَوماً قَد جَاءَهُ وَ شَمّهُ وَ بَصبَصَ حَولَهُ ثُمّ رَبَضَ بَينَ يَدَيهِ ثُمّ انصَرَفَ عَنهُ وَ لَقَد دَخَلَ لَيلًا البَيتَ فَأَضَاءَ مَا حَولَهُ وَ لَم أَرَ مِنهُ نَجواً قَطّ وَ لَا رَأَيتُهُ يَضحَكُ فِي غَيرِ مَوضِعِ الضّحِكِ وَ لَا وَقَفَ مَعَ صِبيَانٍ فِي لَعِبٍ وَ لَا التَفَتَ إِلَيهِم وَ كَانَ الوَحدَةُ أَحَبّ إِلَيهِ وَ التّوَاضُعُ وَ لَقَد كُنتُ أَرَي أَحيَاناً رَجُلًا أَحسَنَ النّاسِ وَجهاً يجَيِ‌ءُ حَتّي


صفحه : 361

يَمسَحَ عَلَي رَأسِهِ وَ يَدعُوَ لَهُ ثُمّ يَغِيبُ وَ لَقَد رَأَيتُ رُؤيَا فِي أَمرِهِ مَا رَأَيتُهَا قَطّ رَأَيتُهُ وَ كَانَ الدّنيَا قَد سِيقَت إِلَيهِ وَ جَمِيعُ النّاسِ يَذكُرُونَهُ وَ رَأَيتُهُ وَ قَد رُفِعَ فَوقَ النّاسِ كُلّهِم وَ هُوَ يَدخُلُ فِي السّمَاءِ وَ لَقَد غَابَ عنَيّ‌ يَوماً فَذَهَبتُ فِي طَلَبِهِ فَإِذَا أَنَا بِهِ يجَيِ‌ءُ وَ مَعَهُ رَجُلٌ لَم أَرَ مِثلَهُ قَطّ فَقُلتُ لَهُ يَا بنُيَ‌ّ أَ لَيسَ قَد نَهَيتُكَ أَن تفُاَرقِنَيِ‌ فَقَالَ الرّجُلُ إِذَا فَارَقَكَ كُنتُ أَنَا مَعَهُ أَحفَظُهُ فَلَم أَرَ مِنهُ فِي كُلّ يَومٍ إِلّا مَا أُحِبّ حَتّي شَبّ وَ خَرَجَ يَدعُو إِلَي الدّينِ

17-سر،[السرائر] مِن جَامِعِ البزَنَطيِ‌ّ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ وَ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولَانِ حَجّ رَسُولُ اللّهِص عِشرِينَ حَجّةً مُستَسِرّاً مِنهَا عَشَرَةُ حِجَجٍ أَو قَالَ سَبعَةٌ الوَهمُ مِنَ الراّويِ‌ قَبلَ النّبُوّةِ وَ قَد كَانَ صَلّي قَبلَ ذَلِكَ وَ هُوَ ابنُ أَربَعِ سِنِينَ وَ هُوَ مَعَ أَبِي طَالِبٍ فِي أَرضِ بُصرَي وَ هُوَ مَوضِعٌ كَانَت قُرَيشٌ تَتّجِرُ إِلَيهِ مِن مَكّةَ

18-نهج ،[نهج البلاغة] فِي وَصفِ الرّسُولِص وَ لَقَد قَرَنَ اللّهُ بِهِ مِن لَدُن كَانَ فَطِيماً أَعظَمَ مَلَكٍ مِن مَلَائِكَتِهِ يَسلُكُ بِهِ طَرِيقَ المَكَارِمِ وَ مَحَاسِنَ أَخلَاقِ العَالَمِ لَيلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَقَد كُنتُ مَعَهُ أَتّبِعُهُ اتّبَاعَ الفَصِيلِ أَثَرَ أُمّهِ يَرفَعُ لِي فِي كُلّ يَومٍ عَلَماً مِن أَخلَاقِهِ وَ يأَمرُنُيِ‌ بِالِاقتِدَاءِ بِهِ وَ لَقَد كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَ لَا يَرَاهُ غيَريِ‌ وَ لَم يَجمَع بَيتٌ وَاحِدٌ يَومَئِذٍ فِي الإِسلَامِ غَيرَ رَسُولِ اللّهِ وَ خَدِيجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَي نُورَ الوحَي‌ِ وَ الرّسَالَةِ وَ أَشَمّ رِيحَ النّبُوّةِ

أَقُولُ قَالَ عَبدُ الحَمِيدِ بنُ أَبِي الحَدِيدِ روُيِ‌َ أَنّ بَعضَ أَصحَابِ أَبِي جَعفَرٍ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ البَاقِرِ ع سَأَلَهُ عَن قَولِ اللّهِ تَعَالَيإِلّا مَنِ ارتَضي مِن رَسُولٍ فَإِنّهُ يَسلُكُ مِن بَينِ


صفحه : 362

يَدَيهِ وَ مِن خَلفِهِ رَصَداً فَقَالَ ع يُوَكّلُ اللّهُ تَعَالَي بِأَنبِيَائِهِ مَلَائِكَةً يُحصُونَ أَعمَالَهُم وَ يُؤَدّونَ إِلَيهِم تَبلِيغَهُمُ الرّسَالَةَ وَ وَكّلَ بِمُحَمّدٍ مَلَكاً عَظِيماً مُنذُ فُصِلَ عَنِ الرّضَاعِ يُرشِدُهُ إِلَي الخَيرَاتِ وَ مَكَارِمِ الأَخلَاقِ وَ يَصُدّهُ عَنِ الشّرّ وَ مسَاَويِ‌ الأَخلَاقِ وَ هُوَ ألّذِي كَانَ يُنَادِيهِ السّلَامُ عَلَيكَ يَا مُحَمّدُ يَا رَسُولَ اللّهِ وَ هُوَ شَابّ لَم يَبلُغ دَرَجَةَ الرّسَالَةِ بَعدُ فَيَظُنّ أَنّ ذَلِكَ مِنَ الحَجَرِ وَ الأَرضِ فَيَتَأَمّلُ فَلَا يَرَي شَيئاً

وَ رَوَي الطبّرَيِ‌ّ فِي التّارِيخِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَنَفِيّةِ عَن أَبِيهِ عَلِيّ ع قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ مَا هَمَمتُ بشِيَ‌ءٍ مِمّا كَانَ أَهلُ الجَاهِلِيّةِ يَعمَلُونَ بِهِ غَيرَ مَرّتَينِ كُلّ ذَلِكَ يَحُولُ اللّهُ بيَنيِ‌ وَ بَينَ مَا أُرِيدُ مِن ذَلِكَ ثُمّ مَا هَمَمتُ بِسُوءٍ حَتّي أكَرمَنَيِ‌َ اللّهُ بِرِسَالَتِهِ قُلتُ لَيلَةً لِغُلَامٍ مِن قُرَيشٍ كَانَ يَرعَي معَيِ‌ بِأَعلَي مَكّةَ لَو أَبصَرتَ لِي غنَمَيِ‌ حَتّي أَدخُلَ مَكّةَ فَأَسمُرَ بِهَا كَمَا يَسمُرُ الشّبَابُ فَخَرَجتُ أُرِيدُ ذَلِكَ حَتّي إِذَا جِئتُ أَوّلَ دَارٍ مِن دُورِ مَكّةَ سَمِعتُ عَزفاً بِالدّفّ وَ المَزَامِيرِ فَقُلتُ مَا هَذَا قَالُوا هَذَا فُلَانٌ تَزَوّجَ ابنَةَ فُلَانٍ فَجَلَستُ أَنظُرُ إِلَيهِم فَضَرَبَ اللّهُ عَلَي أذُنُيِ‌ فَكُنّت[فَنِمتُ]فَمَا أيَقظَنَيِ‌ إِلّا مَسّ الشّمسِ فَجِئتُ إِلَي صاَحبِيِ‌ فَقَالَ مَا فَعَلتَ فَقُلتُ مَا صَنَعتُ شَيئاً ثُمّ أَخبَرتُهُ الخَبَرَ ثُمّ قُلتُ لَهُ لَيلَةً أُخرَي مِثلَ ذَلِكَ فَقَالَ افعَل فَخَرَجتُ فَسَمِعتُ حِينَ دَخَلتُ مَكّةَ مِثلَ مَا سَمِعتُ حِينَ دَخَلتُهَا تِلكَ اللّيلَةَ فَجَلَستُ أَنظُرُ فَضَرَبَ اللّهُ عَلَي أذُنُيِ‌ فَمَا أيَقظَنَيِ‌ إِلّا مَسّ الشّمسِ فَرَجَعتُ إِلَي صاَحبِيِ‌ فَأَخبَرتُهُ الخَبَرَ ثُمّ مَا هَمَمتُ بَعدَهَا بِسُوءٍ حَتّي أكَرمَنَيِ‌َ اللّهُ بِرِسَالَتِهِ

وَ رَوَي مُحَمّدُ بنُ حَبِيبٍ فِي أَمَالِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص أَذكُرُ وَ أَنَا غُلَامٌ ابنُ سَبعِ سِنِينَ وَ قَد بَنَي ابنُ جُذعَانَ دَاراً لَهُ بِمَكّةَ فَجِئتُ مَعَ الغِلمَانِ نَأخُذُ التّرَابَ وَ المَدَرَ فِي حُجُورِنَا فَنَنقُلُهُ فَمَلَأتُ حجَريِ‌ تُرَاباً فَانكَشَفَت عوَرتَيِ‌ فَسَمِعتُ نِدَاءً مِن فَوقِ رأَسيِ‌ يَا


صفحه : 363

مُحَمّدُ أَرخِ إِزَارَكَ فَجَعَلتُ أَرفَعُ رأَسيِ‌ فَلَا أَرَي شَيئاً إِلّا أنَيّ‌ أَسمَعُ الصّوتَ فَتَمَاسَكتُ لَم أُرخِهِ فَكَأَنّ إِنسَاناً ضرَبَنَيِ‌ عَلَي ظهَريِ‌ فَخَرَرتُ لوِجَهيِ‌ وَ انحَلّ إزِاَريِ‌ وَ سَقَطَ التّرَابُ إِلَي الأَرضِ فَقُمتُ إِلَي دَارِ أَبِي طَالِبٍ عمَيّ‌ وَ لَم أَعُد

فَأَمّا حَدِيثُ مُجَاوَرَتِهِص بِحِرَاءَ فَمَشهُورٌ وَ قَد وَرَدَ فِي الكُتُبِ الصّحَاحِ أَنّهُ كَانَ يُجَاوِرُ فِي حِرَاءَ مِن كُلّ سَنَةٍ شَهراً وَ كَانَ يُطعِمُ فِي ذَلِكَ الشّهرِ مَن جَاءَهُ مِنَ المَسَاكِينِ فَإِذَا قَضَي جِوَارَهُ مِن حِرَاءَ كَانَ أَوّلَ مَا يَبدَأُ بِهِ إِذَا انصَرَفَ أَن يأَتيِ‌َ بَابَ الكَعبَةِ قَبلَ أَن يَدخُلَ بَيتَهُ فَيَطُوفُ بِهَا سَبعاً أَو مَا شَاءَ اللّهُ مِن ذَلِكَ ثُمّ يَرجِعُ إِلَي بَيتِهِ حَتّي جَاءَتِ السّنَةُ التّيِ‌ أَكرَمَهُ اللّهُ تَعَالَي فِيهَا بِالرّسَالَةِ فَجَاوَرَ فِي حِرَاءَ فِي شَهرِ رَمَضَانَ وَ مَعَهُ أَهلُهُ خَدِيجَةُ وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَ خَادِمٌ لَهُم فَجَاءَهُ جَبرَئِيلُ بِالرّسَالَةِ قَالَص جاَءنَيِ‌ وَ أَنَا نَائِمٌ بِنَمَطٍ فِيهِ كِتَابٌ فَقَالَ اقرَأ قُلتُ مَا أَقرَأُ ففَتَنّيِ‌ حَتّي ظَنَنتُ أَنّهُ المَوتُ ثُمّ أرَسلَنَيِ‌ فَقَالَاقرَأ بِاسمِ رَبّكَ ألّذِي خَلَقَ إِلَي قَولِهِعَلّمَ الإِنسانَ ما لَم يَعلَمفَقَرَأتُهُ ثُمّ انصَرَفَ عنَيّ‌ فَهَبَبتُ مِن نوَميِ‌ وَ كَأَنّمَا كُتِبَ فِي قلَبيِ‌ كِتَابٌ وَ ذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيثِ

و أماحديث أن الإسلام لم يجتمع عليه بيت واحد يومئذ إلا النبي و هوعليهما السلام وخديجة فخبر عفيف الكندي‌ مشهور و قدذكرناه من قبل و أن أباطالب قال له أتدري‌ من هذا قال لا قال هذا محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب و هذاابني‌ علي بن أبي طالب و هذه المرأة خلفهما خديجة بنت خويلد زوجة محمد ابن أخي‌ وايم الله ماأعلم علي الأرض كلها أحدا علي هذاالدين غيرهؤلاء الثلاثة


صفحه : 364

و قال أيضا روي محمد بن إسحاق بن يسار في كتاب السيرة النبوية ورواه أيضا محمد بن جرير الطبري‌ في تاريخه قال كانت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله ص أرضعته تحدث أنها خرجت من بلدها ومعها زوجها و ابن لها ترضعه في نسوة من بني‌ سعد بن بكر يلتمس الرضعاء بمكة في سنة شهباء لم تبق شيئا قالت فخرجت علي أتان لنا قمراء عجفاء ومعنا شارف لنا ماتبض بقطرة و لاننام ليلنا أجمع من بكاء صبينا ألذي معنا من الجوع ما في ثديي‌ مايغنيه و لا في شارفنا مايغذيه ولكنا نرجو الغيث والفرج فخرجت علي أتاني‌ تلك ولقد راثت بالركب ضعفا وعجفا حتي شق ذلك عليهم حتي قدمنا مكة نلتمس الرضعاء فما منا امرأة إلا و قدعرض عليها محمدفتأباه إذاقيل لها إنه يتيم و ذلك أناإنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي‌ فكنا نقول يتيم ماعسي أن تصنع أمه وجده فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة ذهبت معي‌ إلاأخذت رضيعا غيري‌ فلما اجتمعنا للانطلاق قلت لصاحبي‌ و الله إني‌ لأكره أن أرجع من بين صواحبي‌ لم آخذ رضيعا و الله لأذهبن إلي ذلك اليتيم فآخذنه قال لاعليك أن تفعلي‌ وعسي الله أن يجعل لنا فيه بركة فذهبت إليه فأخذته و مايحملني‌ علي أخذه إلاأني‌ لم أجد غيره قالت فلما أخذته رجعت إلي رحلي‌ فلما وضعته في حجري‌ أقبل عليه ثدياي‌ بما شاء من لبن فرضع حتي روي‌ وشرب معه أخوه حتي روي‌ و ماكنا ننام قبل ذلك من بكاء صبينا جوعا فنام وقام زوجي‌ إلي شارفنا تلك فنظر إليها فإذاأنها حافل فحلب منها ماشرب وشربت حتي انتهينا ريا وشبعا فبتنا بخير ليلة قالت يقول صاحبي‌ حين أصبحنا تعلمين و الله ياحليمة لقد أخذت نسمة مباركة فقلت و الله إني‌ لأرجو ذلك ثم خرجنا وركبت أتاني‌ تلك وحملته معي‌ عليها فو الله لقطعت بالركب مايقدر عليها شيء من حميرهم حتي إن صواحبي‌ ليقلن لي


صفحه : 365

ويحك يابنت أبي ذؤيب اربعي‌ علينا أ ليس هذه أتانك التي‌ كنت خرجت عليها فأقول لهن بلي و الله إنها لهي‌ فيقلن و الله إن لها لشأنا قالت ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني‌ سعد و ماأعلم أرضا من أرض العرب أجدب منها فكانت غنمي‌ تروح علي حين قدمنا به معنا شباعا ملاء لبنا فكنا نحتلب ونشرب و مايحلب إنسان قطرة لبن و لايجدها في ضرع حتي أن الحاضر من قومنا ليقولون لرعاتهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي‌ ابنة أبي ذؤيب فيفعلون فيروح أغنامهم جياعا ماتبض بقطرة وتروح غنمي‌ شباعا لبنا فلم نزل نعرف من الله الزيادة والخير به حتي مضت سنتاه وفصلته فكان يشب شبابا لايشبه الغلمان حتي كان غلاما جفرا فقدمنا به علي أمه آمنة بنت وهب ونحن أحرص شيء علي مكثه فينا لماكنا نري من بركته فكلمنا أمه وقلنا لها لوتركتيه عندنا حتي يغلظ فإنا نخشي عليه وباء مكة فلم نزل بها حتي ردته معنا فرجعنا به إلي بلاد بني‌ سعد فو الله إنه لبعد ماقدمنا بأشهر مع أخيه في بهم لنا خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشد فقال لي ولأبيه ها هوذاك أخي‌ القرشي‌ قدجاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه وشقا بطنه فهما يسوطانه قالت فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه فوجدناه قائما منتقعا وجهه فالتزمته والتزمه أبوه وقلنا ما لك يابني‌ قال جاءني‌ رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني‌ ثم شقا بطني‌ فالتمسا فيه شيئا لاأدري‌ ما هوقالت فرجعنا به إلي خبائنا و قال لي أبوه ياحليمة لقد خشيت أن يكون هذاالغلام قدأصيب فألحقيه بأهله قالت فاحتملته حتي قدمت به علي أمه فقالت ماأقدمك به ياظئر و قدكنت حريصة عليه و علي مكثه عندك فقلت لها قد


صفحه : 366

بلغ الله بابني‌ وقضيت ألذي علي وتخوفت عليه الأحداث وأديته إليك كماتحبين قالت ما هذاشأنك فاصدقيني‌ خبرك قالت فلم تدعني‌ حتي أخبرتها الخبر قالت أفتخوفت عليه الشيطان قلت نعم قالت كلا و الله ماللشيطان عليه من سبيل و إن لابني‌ لشأنا أ فلاأخبرك خبره قلت بلي قالت رأيته حين حملت به أنه خرج مني‌ نور أضاءت له قصور بصري من الشام ثم حملت به فو الله مارأيت حملا قط كان أخف و لاأيسر منه ثم وقع حين ولدته وإنه واضع يديه بالأرض ورافع رأسه إلي السماء دعيه عنك وانطلقي‌ راشدة. وَ رَوَي الطبّرَيِ‌ّ فِي تَارِيخِهِ عَن شَدّادِ بنِ أَوسٍ قَالَسَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يُحَدّثُ عَن نَفسِهِ وَ يَذكُرُ مَا جَرَي لَهُ وَ هُوَ طِفلٌ فِي أَرضِ بنَيِ‌ سَعدِ بنِ بَكرٍ قَالَ لَمّا وُلِدتُ استَرضَعتُ فِي بنَيِ‌ سَعدٍ فَبَينَا أَنَا ذَاتَ يَومٍ مُنتَبِذاً[مُنتَبِذٌ] مِن أهَليِ‌ فِي بَطنِ وَادٍ مَعَ أَترَابٍ لِي مِنَ الصّبيَانِ نَتَقَاذَفُ بِالجَلّةِ إِذ أتَاَنيِ‌ رَهطٌ ثَلَاثَةٌ مَعَهُم طَستٌ مِن ذَهَبٍ مَملُوّةٌ ثَلجاً فأَخَذَوُنيِ‌ مِن بَينَ أصَحاَبيِ‌ فَخَرَجَ أصَحاَبيِ‌ هُرّاباً حَتّي انتَهَوا إِلَي شَفِيرِ الواَديِ‌ ثُمّ عَادُوا إِلَي الرّهطِ فَقَالُوا مَا رَابَكُم إِلَي هَذَا الغُلَامِ فَإِنّهُ لَيسَ مِنّا هَذَا ابنُ سَيّدِ قُرَيشٍ وَ هُوَ مُستَرضِعٌ فِينَا غُلَامٌ يَتِيمٌ لَيسَ لَهُ أَبٌ فَمَا ذَا يَرُدّ عَلَيكُم قَتلُهُ وَ مَا ذَا تُصِيبُونَ مِن ذَلِكَ وَ لَكِن إِن كُنتُم لَا بُدّ قَاتِلِيهِ فَاختَارُوا مِنّا أَيّنَا شِئتُم فَاقتُلُوهُ مَكَانَهُ وَ دَعُوا هَذَا الغُلَامَ فَإِنّهُ يَتِيمٌ فَلَمّا رَأَي الصّبيَانُ أَنّ القَومَ لَا يُحِيرُونَ لَهُم جَوَاباً انطَلَقُوا هُرّاباً مُسرِعِينَ إِلَي الحيَ‌ّ يُؤذِنُوهُم[يُؤذِنُونَهُم] وَ يَستَصرِخُونَهُم عَلَي القَومِ فَعَمَدَ أَحَدُهُم فأَضَجعَنَيِ‌ إِضجَاعاً لَطِيفاً ثُمّ شَقّ مَا بَينَ مَفرَقِ صدَريِ‌ إِلَي مُنتَهَي عاَنتَيِ‌ وَ أَنَا أَنظُرُ إِلَيهِ فَلَم أَجِد لِذَلِكَ مَسّاً ثُمّ أَخرَجَ


صفحه : 367

أَحشَاءَ بطَنيِ‌ فَغَسَلَهَا بِذَلِكَ الثّلجِ فَأَنعَمَ غَسلَهَا ثُمّ أَعَادَهَا مَكَانَهَا ثُمّ قَامَ الثاّنيِ‌ مِنهُم فَقَالَ لِصَاحِبِهِ تَنَحّ فَنَحّاهُ عنَيّ‌ ثُمّ أَدخَلَ يَدَهُ فِي جوَفيِ‌ وَ أَخرَجَ قلَبيِ‌ وَ أَنَا أَنظُرُ إِلَيهِ فَصَدَعَهُ ثُمّ أَخرَجَ مِنهُ مُضغَةً سَودَاءَ فَرَمَاهَا ثُمّ قَالَ بِيَدِهِ يَمنَةً مِنهُ وَ كَأَنّهُ يَتَنَاوَلُ شَيئاً فَإِذَا فِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِن نُورٍ تَحَارُ أَبصَارُ النّاظِرِينَ دُونَهُ فَخَتَمَ بِهِ قلَبيِ‌ ثُمّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ فَوَجَدتُ بَردَ ذَلِكَ الخَاتَمِ فِي قلَبيِ‌ دَهراً ثُمّ قَالَ الثّالِثُ لِصَاحِبِهِ تَنَحّ عَنهُ فَأَمَرّ يَدَهُ مَا بَينَ مَفرَقِ صدَريِ‌ إِلَي مُنتَهَي عاَنتَيِ‌ فَالتَأَمَ ذَلِكَ الشّقّ ثُمّ أَخَذَ بيِدَيِ‌ فأَنَهضَنَيِ‌ مِن مكَاَنيِ‌ إِنهَاضاً لَطِيفاً وَ قَالَ لِلأَوّلِ ألّذِي شَقّ بطَنيِ‌ زِنهُ بِعَشَرَةٍ مِن أُمّتِهِ فوَزَنَنَيِ‌ بِهِم فَرَجَحتُهُم فَقَالَ دَعُوهُ فَلَو وَزَنتُمُوهُ بِأُمّتِهِ كُلّهَا لَرَجَحَهُم ثُمّ ضمَوّنيِ‌ إِلَي صُدُورِهِم وَ قَبّلُوا رأَسيِ‌ وَ مَا بَينَ عيَنيَ‌ّ وَ قَالُوا يَا حَبِيبُ لَا تَرُع إِنّكَ لَو تدَريِ‌ مَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الخَيرِ لَقَرّت عَينَاكَ فَبَينَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا باِلحيَ‌ّ قَد جَاءُوا بِحَذَافِيرِهِم وَ إِذَا أمُيّ‌ وَ هيِ‌َ ظئِريِ‌ أَمَامَ الحيَ‌ّ تَهتِفُ بِأَعلَي صَوتِهَا وَ تَقُولُ يَا ضَعِيفَاه فَانكَبّ عَلَيّ أُولَئِكَ الرّهطُ فَقَبّلُوا رأَسيِ‌ وَ بَينَ عيَنيَ‌ّ وَ قَالُوا حَبّذَا أَنتَ مِن ضَعِيفٍ ثُمّ قَالَت ظئِريِ‌ يَا وَحِيدَاه فَانكَبّوا عَلَيّ وَ ضمَوّنيِ‌ إِلَي صُدُورِهِم وَ قَبّلُوا رأَسيِ‌ وَ بَينَ عيَنيَ‌ّ ثُمّ قَالُوا حَبّذَا أَنتَ مِن وَحِيدٍ وَ مَا أَنتَ بِوَحِيدٍ إِنّ اللّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ مَعَكَ وَ المُؤمِنِينَ مِن أَهلِ الأَرضِ ثُمّ قَالَت ظئِريِ‌ يَا يَتِيمَاه استُضعِفتَ مِن بَينِ أَصحَابِكَ فَقُتِلتَ لِضَعفِكَ فَانكَبّوا عَلَيّ وَ ضمَوّنيِ‌ إِلَي صُدُورِهِم وَ قَبّلُوا رأَسيِ‌ وَ مَا بَينَ عيَنيَ‌ّ وَ قَالُوا حَبّذَا أَنتَ مِن يَتِيمٍ مَا أَكرَمَكَ عَلَي اللّهِ لَو تَعلَمُ مَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الخَيرِ قَالَ فَوَصَلَ الحيَ‌ّ إِلَي شَفِيرِ الواَديِ‌ فَلَمّا بَصُرَت بيِ‌ أمُيّ‌ وَ هيِ‌َ ظئِريِ‌ قَالَت يَا بنُيَ‌ّ لَا أَرَاكَ حَيّاً بَعدُ فَجَاءَت حَتّي انكَبّت عَلَيّ وَ ضمَتّنيِ‌ إِلَي صَدرِهَا فَوَ ألّذِي نفَسيِ‌ بِيَدِهِ إنِيّ‌ لفَيِ‌ حَجرِهَا قَد ضمَتّنيِ‌ إِلَيهَا وَ إِنّ يدَيِ‌ لفَيِ‌ يَدِ بَعضِهِم فَجَعَلتُ أَلتَفِتُ إِلَيهِم وَ ظَنَنتُ أَنّ القَومَ يُبصِرُونَهُم فَإِذَا هُم لَا يُبصِرُونَهُم فَيَقُولُ بَعضُ القَومِ إِنّ هَذَا الغُلَامَ قَد أَصَابَهُ لَمَمٌ أَو طَائِفٌ مِنَ الجِنّ فَانطَلِقُوا بِهِ إِلَي كَاهِنِ بنَيِ‌ فُلَانٍ حَتّي يَنظُرَ إِلَيهِ وَ يُدَاوِيَهُ فَقُلتُ مَا


صفحه : 368

بيِ‌ شَيءٌ مِمّا يَذكُرُ إِنّ نفَسيِ‌ سَلِيمَةٌ وَ إِنّ فؤُاَديِ‌ صَحِيحٌ لَيسَت بيِ‌ قَلَبَةٌ فَقَالَ أَبِي وَ هُوَ زَوجُ ظئِريِ‌ أَ لَا تَرَونَ كَلَامَهُ صَحِيحاً إنِيّ‌ لَأَرجُو أَن لَا يَكُونَ عَلَي ابنيِ‌ بَأسٌ فَاتّفَقُوا عَلَي أَن يَذهَبُوا بيِ‌ إِلَي الكَاهِنِ فاَحتمَلَوُنيِ‌ حَتّي ذَهَبُوا بيِ‌ إِلَيهِ فَقَصّوا عَلَيهِ قصِتّيِ‌ فَقَالَ اسكُتُوا حَتّي أَسمَعَ مِنَ الغُلَامِ فَهُوَ أَعلَمُ بِأَمرِهِ مِنكُم فسَأَلَنَيِ‌ فَقَصَصتُ عَلَيهِ أمَريِ‌ وَ أَنَا يَومَئِذٍ ابنُ خَمسِ سِنِينَ فَلَمّا سَمِعَ قوَليِ‌ وَثَبَ وَ قَالَ يَا لَلعَرَبِ اقتُلُوا هَذَا الغُلَامَ فَهُوَ وَ اللّاتِ وَ العُزّي لَئِن عَاشَ لَيُبدِلَنّ دِينَكُم وَ لَيُخَالِفَنّ أَمرَكُم وَ لَيَأتِيَنّكُم بِمَا لَم تَسمَعُوا بِهِ قَطّ فاَنتزَعَتَنيِ‌ ظئِريِ‌ مِن حَجرِهِ وَ قَالَت لَو عَلِمتُ أَنّ هَذَا يَكُونُ مِن قَولِكَ مَا أَتَيتُكَ بِهِ ثُمّ احتمَلَوُنيِ‌ فَأَصبَحتُ وَ قَد صَارَ فِي جسَدَيِ‌ أَثَرُ الشّقّ مَا بَينَ صدَريِ‌ إِلَي مُنتَهَي عاَنتَيِ‌ كَأَنّهُ الشّرَاكُ

.بيان أقول رواه الكازروني‌ في المنتقي بأسانيد ولنشرح بعض ألفاظها الرضعاء جمع رضيع و قال الجزري‌ في حديث حليمة في سنة شهباء أي ذات قحط وجدب و قال القمراء الشديدة البياض قولها راثت من الريث بمعني الإبطاء و في أكثر رواياتهم ولقد أذمت قال الجزري‌ و منه حديث حليمة فلقد أذمت بالركب أي حبستهم لانقطاع سيرها كأنها حملت الناس علي ذمها انتهي والعجف الهزال حتي انتهينا ريا أي بلغنا غايته لقطعت بالركب أي من سرعة سيرها وشدة تقدمها انقطع الركب عنها


صفحه : 369

واربعي‌ أي ارفقي‌ بنا وانتظري‌ بنا واللبن بمعني اللبون . و قال الجزري‌ في حديث حليمة كان يشب في اليوم شباب الصبي‌ في الشهر فبلغ ستا و هوجفر استجفر الصبي‌ إذاقوي‌ علي الأكل وأصله في أولاد المعز إذابلغ أربعة أشهر وفصل عن أمه وأخذ في الرعي‌ قيل له جفر والأنثي جفرة انتهي . والبهم جمع بهمة وهي‌ أولاد الضأن والسوط خلط الشي‌ء بعضه ببعض والمسواط مايساط به القدر ليختلط بعضه ببعض قوله منتقعا أي متغيرا والجلة بالفتح البعر قوله مارابكم أي ماشككم ومعناه هاهنا مادعاكم إلي أخذ هذا قوله ماذا يرد عليكم أي ماينفعكم ذلك قوله فأنعم غسلها أي بالغ فيه قوله ثم قال بيده يمنة أي إشارة بيده أومدها إلي جانب يمينه والقلبة الداء

19-د،[العدد القوية] كِتَابُ التّذكِرَةِوُلِدَص مَختُوناً مَسرُوراً فَأَعجَبَ جَدّهُ عَبدُ المُطّلِبِ وَ قَالَ لَيَكُونَنّ لاِبنيِ‌ هَذَا شَأنٌ فَكَانَ لَهُ أَعظَمُ شَأنٍ وَ أَرفَعُهُ أُمّهُ آمِنَةُ بِنتُ وَهبِ بنِ عَبدِ مَنَافِ بنِ زُهَيرِ بنِ كِلَابِ بنِ مُرّةَ بنِ كَعبِ بنِ لؤُيَ‌ّ بنِ غَالِبٍ شَهِدَ الفِجَارَ وَ هيِ‌َ حَربٌ كَانَت بَينَ قُرَيشٍ وَ قَيسٍ وَ هُوَ ابنُ عِشرِينَ سَنَةً وَ بُنِيَتِ الكَعبَةُ بَعدَ الفِجَارِ بِخَمسَ عَشرَةَ سَنَةً فَرَضِيَت بِهِ قُرَيشٌ فِي نَصبِ الحَجَرِ الأَسوَدِ وَ كَانَ طُولُ الكَعبَةِ قَبلَ ذَلِكَ تِسعَةَ أَذرُعٍ وَ لَم تَكُن تُسقَفُ فَبَنَتهَا قُرَيشٌ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً وَ سَقَفَتهَا وَ كَانَ يُدعَي فِي قُرَيشٍ بِالصّادِقِ الأَمِينِ وَ خَرَجَ مَعَ عَمّهِ أَبِي طَالِبٍ فِي تِجَارَةٍ إِلَي الشّامِ وَ لَهُ تِسعُ سِنِينَ وَ قِيلَ اثنَتَا عَشرَةَ سَنَةً وَ نَظَرَ إِلَيهِ بَحِيرَاءُ الرّاهِبُ فَقَالَ احفَظُوا بِهِ فَإِنّهُ نبَيِ‌ّ وَ خَرَجَ إِلَي الشّامِ فِي تِجَارَةٍ لِخَدِيجَةَ بِنتِ خُوَيلِدٍ وَ لَهُ خَمسٌ وَ عِشرُونَ سَنَةً وَ تَزَوّجَهَا بَعدَ ذَلِكَ بِشَهرَينِ


صفحه : 370

وَ أَيّامٍ وَ دَفَعَهُ جَدّهُ عَبدُ المُطّلِبِ إِلَي الحَارِثِ بنِ عَبدِ العُزّي بنِ رِفَاعَةَ السعّديِ‌ّ زَوجِ حَلِيمَةَ التّيِ‌ أَرضَعَتهُ وَ هيِ‌َ بِنتُ أَبِي ذُؤَيبٍ عَبدِ اللّهِ بنِ الحَارِثِ وَ أُختُهُ أَسمَاءُ وَ هيِ‌َ التّيِ‌ كَانَت تَحضُنُهُ وَ سُبِيَت يَومَ حُنَينٍ وَ مَاتَ عَبدُ المُطّلِبِ وَ لَهُ ثَمَانُ سِنِينَ وَ أَوصَي بِهِ إِلَي أَبِي طَالِبٍ وَ دَخَلَ الشّعبَ مَعَ بنَيِ‌ هَاشِمٍ بَعدَ خَمسِ سِنِينَ مِن مَبعَثِهِ وَ قِيلَ بَعدَ سَبعٍ لَمّا حَصَرَتهُم قُرَيشٌ وَ خَرَجَ مِنهُ سَنَةَ تِسعٍ مِن مَبعَثِهِ ثُمّ رَجَعَ إِلَي مَكّةَ فِي جِوَارِ مَطعَمِ بنِ عدَيِ‌ّ ثُمّ كَانَت بَيعَةُ العَقَبَةِ مَعَ الأَنصَارِ ثُمّ كَانَ مِن حَدِيثِهَا أَنّهُ خَرَجَ فِي مَوسِمٍ مِنَ المَوَاسِمِ يَعرِضُ نَفسَهُ وَ يَدعُو النّاسَ إِلَي الإِسلَامِ فلَقَيِ‌َ سِتّةَ نَفَرٍ مِنَ الأَنصَارِ وَ هُم أَبُو أُمَامَةَ أَسعَدُ بنُ زُرَارَةَ وَ عُقبَةُ بنُ عَامِرِ بنِ ناي‌ وَ قُطنَةُ بنُ عَامِرٍ وَ عَونُ بنُ الحَارِثِ وَ رَافِعُ بنُ مَالِكٍ وَ جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ ثُمّ كَانَت بَيعَةُ العَقَبَةِ الأُولَي بَايَعَهُ اثنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنهُم ثُمّ بَيعَةُ العَقَبَةِ الثّانِيَةِ وَ كَانُوا سَبعِينَ رَجُلًا وَ امرَأَتَينِ وَ اختَارَص مِنهُمُ اثنيَ‌ عَشَرَ نَقِيباً لِيَكُونُوا كُفَلَاءَ قَومِهِ جَابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ وَ البَرَاءُ بنُ مَعرُورٍ وَ عُبَادَةُ بنُ الصّامِتِ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ حِزَامٍ وَ أَبُو سَاعِدَةَ سَعدُ بنُ عُبَادَةَ وَ المُنذِرُ بنُ عَمرٍو وَ عَبدُ اللّهِ بنُ رَوَاحَةَ وَ سَعدُ بنُ الرّبِيعِ وَ رَافِعُ بنُ مَالِكٍ العَجلَانُ وَ أَبُو عَبدِ الأَشهَلِ أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ وَ أَبُو الهَيثَمِ بنُ التّيّهَانِ حَلِيفُ بنَيِ‌ عَمرِو بنِ عَوفٍ وَ سَعدُ بنُ خُثَيمَةَ فَكَانُوا تِسعَةً مِنَ الخَزرَجِ وَ ثَلَاثَةً مِنَ الأَوسِ وَ أَوّلُ مَن بَايَعَ مِنهُمُ البَرَاءُ بنُ مَعرُورٍ ثُمّ تَبَايَعَ النّاسُ ثُمّ هَاجَرَ إِلَي المَدِينَةِ وَ مَعَهُ أَبُو بَكرٍ وَ عَامِرُ بنُ فِهرٍ مَولَي أَبِي بَكرٍ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ أُرَيقِطٍ وَ خَلَفَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ آخِرَ لَيلَةٍ مِن صَفَرٍ وَ أَقَامَ فِي الغَارِ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ وَ دُخُولُهُ إِلَي المَدِينَةِ يَومَ الإِثنَينِ لاِثنتَيَ‌ عَشرَةَ لَيلَةً خَلَت مِن رَبِيعٍ الأَوّلِ فَنَزَلَ بِقُبَاءَ فِي بنَيِ‌ عَمرِو بنِ عَوفٍ عَلَي كُلثُومِ بنِ الهرم [الهِدمِ]فَأَقَامَ إِلَي يَومِ الجُمُعَةِ وَ دَخَلَ المَدِينَةَ فَجَمّعَ فِي بنَيِ‌ سَالِمٍ فَكَانَت أَوّلَ جُمُعَةٍ جَمّعَهَاص فِي الإِسلَامِ وَ يُقَالُ


صفحه : 371

إِنّهُم كَانُوا مِائَةَ رَجُلٍ وَ يُقَالُ بَل كَانُوا أَربَعِينَ ثُمّ نَزَلَ عَلَي أَبِي أَيّوبَ الأنَصاَريِ‌ّ فَأَقَامَ عِندَهُ سَبعَةَ أَيّامٍ ثُمّ بَنَي المَسجِدَ فَكَانَ يَبنِيهِ بِنَفسِهِ وَ يبَنيِ‌ مَعَهُ المُهَاجِرُونَ وَ الأَنصَارُ ثُمّ بَنَي البُيُوتَ وَ كَانَ يصُلَيّ‌ حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ رَكعَتَينِ رَكعَتَينِ فَأَمَرَ بِإِتمَامِ أَربَعٍ لِلمُقِيمِ وَ ذَلِكَ فِي يَومِ الثّلَاثَاءِ لاِثنتَيَ‌ عَشرَةَ لَيلَةً خَلَت مِن رَبِيعٍ الثاّنيِ‌ بَعدَ مَقدَمِهِ بِشَهرٍ

20-أقول قال أبو الحسن البكري‌ في كتاب الأنوار حدثناأشياخنا وأسلافنا الرواة لهذه الأحاديث أنه كان من عادة أهل مكة إذاتم للمولود سبعة أيام التمسوا له مرضعة ترضعه فذكر الناس لعبد المطلب انظر لابنك مرضعة ترضعه فتطاولت النساء لرضاعته وتربيته وكانت آمنة يوما نائمة إلي جانب ولدها فهتف بهاهاتف ياآمنة إن أردت مرضعة لابنك ففي‌ نساء بني‌ سعد امرأة تسمي حليمة بنت أبي ذؤيب فتطاولت آمنة إلي ذلك و كان كلما أتتها من النساء تسألهن عن أسمائهن فلم تسمع بذكر حليمة بنت أبي ذؤيب و كان سبب تحريك حليمة لرضاعة رسول الله ص أن البلاد التي‌ تلي‌ مكة أصابها قحط وجدب إلامكة فإنها كانت مخصبة زاهرة ببركة رسول الله ص وكانت العرب تدخل وتنزل بنواحيها من كل مكان فخرجت حليمة مع نساء من بني‌ سعد قالت حليمة كنا نبقي اليوم واليومين لانقتات فيه بشي‌ء وكنا قدشاركنا المواشي‌ في مراعيها فكنت ذات ليلة بين النوم واليقظة و إذا قدأتاني‌ آت ورماني‌ في نهر ماء أبيض من اللبن وأحلي من العسل و قال لي اشربي‌ فشربت


صفحه : 372

ثم ردني‌ إلي مكاني‌ و قال لي ياحليمة عليك ببطحاء مكة فإن لك بهارزقا واسعا وسوف تسعدين ببركة مولود ولد بها وضرب بيده علي صدري‌ و قال أدر الله لك اللبن وجنبك المحق والمحن قالت حليمة فانتبهت و أنا لاأطيق حمل ثديي‌ من كثرة اللبن واكتسيت حسنا وجمالا وأصبحت بحالة غيرالحالة الأولي ففزعت إلي‌ نساء قومي‌ وقلن ياحليمة قدعجبنا من حالك فما ألذي حل بك و من أين لك هذا الحسن والجمال ألذي ظهر فيك قالت فكتمت أمري‌ عليهن فتركنني‌ وهن أحسد الناس لي ثم بعديومين هتف بي‌ هاتف فسمعه بنو سعد عن آخرهم و هو يقول يانساء بني‌ سعد نزلت عليكم البركات وزالت عنكم الترحات برضاعة مولود ولد بمكة فضّله الواحد الأحد فهنيئا لمن له قصد فلما سمعوا ماقاله الهاتف قالوا إن لهذا المولود شأنا عظيما فرحل بنو سعد عن آخرهم إلي مكة قالت حليمة و لم يبق أحد إلا و قدخرج إلي مكة قالت وكنا أهل بيت فقر و لم يك عندنا شيءنحمل عليه و قدماتت مواشينا من القحط وكانت حليمة من أطهر نساء قومها وأعفهن ولذلك ارتضاها الله تعالي لترضع رسول الله ص وكانت النساء إذادخلن علي آمنة تسألهن عن أسمائهن فإذا لم تسمع بذكر حليمة تقول ولدي‌ يتيم لاأب له و لامال فيذهبن عنها فأقبلت حليمة مع بعلها ودخلت مكة وخلفت بعلها خارج البلد وقالت له مكانك حتي أدخل مكة وأسأل عن هذاالمولود ألذي بشرنا به فلما دخلت حليمة مكة أرشدها


صفحه : 373

الله تعالي إلي أن دخلت علي عبدالمطلب و هوجالس بالصفا و كان له سرير منصوب عندالكعبة يجلس عليه للقضاء بين الناس فلما أتته قالت له نعمت صباحا أيها السيد فقال لها من أين أنت أيتها المرأة قالت من بني‌ سعد أتينا نطلب رضيعا نتعيش من أجرته و قدأرشدت إليك فقال نعم عندي‌ ولد لم تلد النساء مثله أبدا غير أنه يتيم من أبيه و أناجده أقوم مقام أبيه فإن أردت أن ترضعيه دفعته إليك وأعطيتك كفايتك فلما سمعت ذلك أمسكت عن الكلام ثم قالت ياسيد بني‌ عبدمناف لي بعل بظهر مكة و هومالك أمري‌ و أناأرجع إليه أشاوره في ذلك فإن أمرني‌ بأخذه رجعت إليه وأخذته فقال لها عبدالمطلب شأنك فوصلت إلي بعلها وقالت له إني‌ وردت علي عبدالمطلب فقال عندي‌ مولود أبوه ميت و أناأقوم مقامه فما تقول قال يرجعن نساء بني‌ سعد بالإحسان والإكرام وترجعين أنت بصبي‌ يتيم وكانت جملة نساء بني‌ سعد قددخلن مكة فمنهن من حصل لها رضيع ومنهن من لم يحصل لها شيءفقالت حليمة ترجع نساء بني‌ سعد بالغنائم وأرجع أناخائبة وأسبلت عبرتها فقال بعلها ارجعي‌ إلي هذاالطفل اليتيم وخذيه فعسي أن يجعل الله فيه خيرا كثيرا فإن جده مشكور بالإحسان فرجعت حليمة فوجدته في مكانه الأول فذكرت له قول زوجها فقام عبدالمطلب ومضي بها إلي منزل آمنة وأخبرها بذلك وأعلمها باسمها وقومها فقالت هذه التي‌ أمرت أن أدفع إليها ولدي‌ فقالت لها آمنة أبشري‌ ياحليمة بولدي‌ هذافو الله ماأخصبت بلادنا إلاببركة ولدي‌ هذا ثم أدخلتها آمنة البيت ألذي فيه المصطفي ص فقالت حليمة أتوقدين ياآمنة مع ولدك المصباح في النهار قالت لافو الله من حيث ولد ماأوقدت عنده النار بل هويغنيني‌ عن المصباح فنظرت حليمة إلي رسول الله ص و هوملفوف في ثوب من صوف أبيض يفوح منه رائحة المسك والعنبر فوقعت في قلبها محبة محمدص وفرحت وسرت به سرورا عظيما و كان نائما فأشفقت عليه أن توقظه من


صفحه : 374

نومه فأمسكت عنه ساعة فخشيت أن تبطئ علي بعلها فمدت يدها إليه لتوقظه ففتح عينيه وجعل يهش لها ويضحك في وجهها فخرج من فمه نور فتعجبت حليمة من ذلك ثم ناولته ثديها اليمني فرضع فناولته الأخري فلم يرضع و كان ذلك إلهاما من الله عز و جل ألهمه العدل والإنصاف من صغره إذ كان لها ابن ترضعه و كان لايرضع حتي يرضع أخوه ضمرة فرجعت حليمة بمحمدص فقال لها عبدالمطلب مهلا ياحليمة حتي نزودك قالت حسبي‌ من الزاد هذاالمولود و هوأحب إلي‌ من الذهب والفضة و من جميع الأطعمة وأعطاها من المال والزاد والكسوة فوق الطاقة والكفاية وأعطتها آمنة كذلك فأخذت عند ذلك آمنة ولدها وقبلته وبكت لفراقه فربط الله علي قلبها فدفعته إلي حليمة وقالت ياحليمة احفظي‌ نور عيني‌ وثمرة فؤادي‌ ثم خرجت حليمة من بيت آمنة وشيعها عبدالمطلب قالت حليمة و الله مامررت بحجر و لامدر إلا ويهنئوني‌ بما وصل إلي‌ فلما أقبلت علي بعلها نظر إلي النور يشرق في غرته فتعجب من ذلك وألقي الله في قلبه الرحمة له فقال لها ياحليمة قدفضلنا الله بهذا المولود علي سائر العالم فلاشك أنه من أبناء الملوك فلما ارتحلت القافلة ركبت حليمة علي أتان وجعلت تقول لزوجها لقد سعدنا بهذا المولود سعادة الدنيا والآخرة. وسمعت آمنة هاتفا يقول .


قفي‌ ساعة حتي نشاهد حسنه .   قليلا ونمسي‌ في وصال و في قرب .

فأين ذهاب الركب عن ساكن الحمي .   وأين رواح الصب عن ساكن الشعب .

إذاجئت واديه وجئت خيامه .   وعاينت بدر الحسن في طيبه قف بي‌.

وطف بالمطايا حول حجره حسنة.   و عندطواف العيس ياصاحبي‌ طف بي‌.

صفحه : 375


فعند مليح اللون مهجتي‌ التي‌.   براها الأسي وجدا كماعنده قلبي‌.

قفي‌ ياحليمة ساعة فلعلني‌.   أناشده إذ كان ذا شخصه قربي‌.

إذاطفت ياعيني‌ اليمين تقربا.   إلي الله يوم الحج يامهجتي‌ طف بي‌.

طواف شجي‌ القلب لا شيءمثله .   فإن دموعي‌ جاريات من السحب .

ألا أيها الركب الميمم قاصدا.   إلي ساكن الأحباب هل عندكم حبي‌

قالت حليمة فصارت الأتان تمر كالريح العاصف فبينا نحن سائرون إذ مررنا علي أربعين راهبا من نصاري نجران و إذابواحد يصف لهم النبي ص و يقول إنه يظهر في هذاالزمان أو قدظهر بمكة مولود من صفاته كذا وكذا يكون علي يده خراب دياركم وقطع آثاركم و إذاإبليس قدتصور لهم في صورة إنسان و قال لهم ألذي تذكرونه مع هذه المرأة التي‌ مرت بكم قالت حليمة فقاموا إليه ونظروا و إذاالنور يخرج من وجهه ثم زعق بهم الشيطان و قال لهم اقتلوه فشهروا سيوفهم وقصدوني‌ فرفع ولدي‌ محمدرأسه إلي السماء شاخصا فإذاهم بداهية عظيمة كالرعد العاصف نزلت إلي الأرض وفتحت أبواب السماء ونزلت منها نيران و إذابهاتف يقول خاب سعي‌ الكهان قالت حليمة فعاينت نارا قدنزلت فخفت علي ولدي‌ منها فنزلت علي واديهم فأحرقته و من فيه عن آخرهم فخفت وكدت أن أسقط عن الأتان و كان ذلك


صفحه : 376

أول ماظهر من فضائله ص . قال صاحب الحديث إن أول ليلة نزل رسول الله ص بحي‌ بني‌ سعد اخضرت أرضهم وأثمرت أشجارهم وكانوا في قحط عظيم وكانوا يحبونه لذلك محبة عظيمة و كان إذامرض منهم مريض يأتون به إليه فيشفي وكثرت معجزاته فكان بنو سعد يقولون ياحليمة لقد أسعدنا الله بولدك هذاقالت و الله ماغسلت له ثوبا قط من نجاسة و كان له وقت يتوضأ فيه و لايعود إلا إلي الغداة وكنت أسمع منه الحكمة فلما كبر وترعرع كان يقول الحمد لله ألذي أخرجني‌ من أفضل نبات من الشجرة التي‌ خلق منها الأنبياء وكنت أتعجب منه و من كلامه و كان يصبح صغيرا ويمسي‌ كبيرا ويزيد في اليوم مثل مايزيد غيره في الشهر ويزيد في الشهر مثل مايزيد غيره في السنة حتي كبر ونشأ و لم يكن في زمانه أحسن منه خلقا و لاأيسر منه مئونة ولقد كنا نجعل القليل من الطعام قدامنا ونجتمع عليه ونأخذ يده ونضعها فيه فنأكل ويبقي أكثر الطعام فلما صار ابن سبع سنين قال لأمه حليمة ياأمي‌ أين إخوتي‌ قالت يابني‌ إنهم يرعون الغنم التي‌ رزقنا الله إياها ببركتك قال ياأماه ماأنصفتني‌ قالت كيف ذلك ياولدي‌ قال أكون أنا في الظل وإخوتي‌ في الشمس والحر الشديد و أناأشرب منها اللبن قالت يابني‌ أخشي عليك من الحساد وأخاف أن يطرقك طارق فيطلبني‌ بك جدك قال لها لاتخشي‌ علي ياأماه من شيء ولكن إذا كان غداة غد أخرج مع إخوتي‌ فلما رأته و قدعزم علي الخروج وهي‌ خائفة عليه


صفحه : 377

عمدت إليه وشدته من وسطه وجعلت في رجليه نعلين وأخذ بيده عكازا وخرج مع إخوته فلما رأي أهل الحي‌ أتوا مسرعين إلي حليمة فقالوا لها كيف يطيب قلبك بخروج هذاالبدر و مايصلح له الرعاية قالت ياقوم ما ألذي تأمرونني‌ به ولقد نهيته فلم ينته فأسأل الله تعالي أن يصرف عنه السوء ثم قالت شعرا.


يارب بارك في الغلام الفاضل .   محمدسليل ذي‌ الأفاضل .

وأبلغه في الأعوام غيرآفل .   حتي يكون سيد المحافل .

فلما كان وقت العشاء أقبل مع إخوته كأنه البدر الطالع فقالت له ياولدي‌ لقد اشتغلت قلبي‌ بخروجك عني‌ في هذه البرية قالت حليمة و كان في الغنم شاة قدضربها ولدي‌ ضمرة فكسر رجلها فأقبلت إلي ولدي‌ محمدص تلوذ به كأنها تشكو إليه فمسح عليها بيده وجعل يتكلم عليها حتي انطلقت مع الأغنام كأنها غزال و كان كل يوم يظهر منه آيات ومعجزات و كان إذا قال للغنم سيري‌ سارت و إذاأمرها بالوقوف وقفت وهي‌ مطيعة له فخرج في بعض الأيام مع إخوته و قدوصلوا إلي واد عشيب وكانت الرعاة تهابه لكثرة سباعه و إذا قدأقبل عليهم أسد و هويزمجر


صفحه : 378

هائل الخلقة فلما وصل إلي الأغنام فتح فاه وهم أن يهجم عليها فتقدم إليه محمد رسول الله ص فلما نظر إليه الأسد نكس رأسه وولي هاربا فعند ذلك تقدم إخوته إليه فقال لهم ماشأنكم قالوا لقد خفنا عليك من هذاالأسد و أنت ماخفت منه وكنت تكلمه قال نعم كنت أقول له لاتعود بقرب هذاالوادي‌ بعد هذااليوم فلما كان بعد ذلك رأت حليمة رؤيا وانتبهت فزعة مرعوبة وقالت لبعلها إن سمعت مني‌ أحمل محمدا إلي جده فإني‌ أخشي أن يطرقه طارق فيعظم مصيبتنا عندجده ولقد رأيت كأن ولدي‌ محمدا مع إخوته كما كان يخرج كل يوم إذ أتاه رجلان عظيمان لم أر أعظم منهما عليهما ثياب من إستبرق وقصداه فجاءه واحد منهما بخنجر وشق به جوفه فانتبهت فزعة مرعوبة والرأي‌ عندي‌ أن تحمله إلي جده فقال لها إن ألذي تذكرينه في حق محمدممتنع فإنه معصوم من الله تعالي ولقد رأيت الرهبان والأسد وغيره قالت نعم ولكن لكل شيءآخر ونهاية فكم كبير مات وصغير عاش فقال لها إن منامك ألذي رأيتها أضغاث أحلام ثم لماأصبح الصباح وأراد محمدص أن يخرج مع إخوته علي العادة قالت لاتخرج اليوم ياقرة عيني‌ فإني‌ أحب أن تكون معي‌ هذااليوم حتي أشبع من النظر إليك فإنك في كل يوم تخرج بكرة و لاتأتي‌ إلاعشية فقال لها وكيف ذلك ياأماه و أي شيءخفت علي منه لاتخافي‌ علي من شيءفلم يقدر أحد أن يصل إلي‌ بسوء و لاضر و لانفع إلا الله ربي‌ فخرج مع إخوته


صفحه : 379

وهي‌ راعبة عليه فلما كان وقت القائلة أقبل أولاد حليمة يبكون فخرجت حليمة تعثر في أذيالها حيث سمعت أولادها يبكون وحثت التراب علي وجهها وشعرها وشهرت بنفسها فقالت ما ألذي دهاكم أخبروني‌ قالوا خرجنا نحن وأخونا محمدص وجلسنا تحت شجرة و إذا قدأقبل عليه رجلان عظيمان لم نر مثلهما فلما وصلا إلينا أخذ أخانا محمداص من بيننا ومضيا به إلي أعلي الجبل فأضجعه واحد منهما وأخذ سكينا وشق بطنه وأخرج قلبه وأمعاءه و لاشك أنك لاتلحقيه إلاهالكا فعند ذلك لطمت خدها وقالت هذاتأويل رؤياي‌ البارحة وا أسفي‌ عليك يامحمداه وا جزعي‌ عليك ياولداه ياقرة عيني‌ ثم صرخت في الحي‌ وخرجت وخرج بنو سعد كلهم في أثرها وخرج زوجها الحارث يجر قناته وبيده حربة فلما أشرفوا علي رسول الله ص وجدوه جالسا والأغنام حوله محيطة به فتبادر القوم إليه ورفعوه وأتوا به وهم يقولون كل شيءتلقاه نحن وأولادنا وأموالنا فداك فجاءت إليه حليمة وأخذته وقبلته وهي‌ تبكي‌ بكاء عظيما وكشفت عن بطنه فلم تر أثرا فيه و لم تر في أثوابه دما فرجعت إلي أولادها وقالت كيف كذبتم علي أخيكم فقال رسول الله ص لاتلوميهم فإني‌ كنت عندهم إذ أتاني‌ رجلان وأخذاني‌ وأضجعاني‌ وأخذ واحد منهما سكينا فشق بهافؤادي‌ وأخرج منه نكتة سوداء ورمي بها و قال لي هذاحظ الشيطان منك يا محمد ثم غسلا فؤادي‌ بالماء وأعاداه كما كان ثم أخرج أحدهما خاتما يشرق منه النور فختم به فؤادي‌ ثم مسح علي ماشقه فعاد كما كان ثم قالا لي يا محمد لوعلمت مالله عليك من السابقة لقرت عيناك ثم قال أحدهما للآخر زنه فوزنني‌ بعشرة من أمتي‌


صفحه : 380

فرجحت بهم ثم زاد عشرة فرجحت بهم ثم قال لووزنته بجميع الأمم لرجح بهم ثم عرجا نحو السماء و أناأنظر إليهما فقالت حليمة لبعلها الرأي‌ أنانحمل محمدا إلي جده فقال يمنعني‌ من ذلك خبث نفسي‌ من فراقنا له وإنه أعز عندنا من الأولاد فلما سمعت كلام بعلها قالت مايوصل هذاالصبي‌ إلي جده إلا أنابنفسي‌ ثم أقبلت إليه وقالت ياولدي‌ إن جدك إليك مشتاق وعمومتك فهل لك أن تسير إليهم قال نعم فقامت حليمة وشدت علي راحلتها وركبت وأخذت محمدا قدامها وسارت طالبة مكة و كان عبدالمطلب قدأنفذ إليها أن تحمل ولده إليه فكانت إذانزلت في هبوط ضمته إليها و إذارأت راكبا غمته خوفا عليه إلي أن وصلت حيا من أحياء العرب و كان عندهم كاهن و قدسقط حاجباه علي عينيه من طول السنين و الناس عاكفون عليه فلما جازت عليهم غشي‌ عليه فلما أفاق قال ياويلكم بادروا إلي المرأة التي‌ مرت راكبة وخذوا منها الصبي‌ ألذي عندها واقتلوه قبل أن يخرب بلادكم قالت حليمة و إذا أنابالرجال قدأقبلوا إلي‌ فوقعت عليهم ريح صرعتهم في الحال فسرت عنهم و لم أحفل بهم وجعلت أسير حتي بلغت إلي مكة فوضعت ولدي‌ محمداص عندأناس جلوس ومضيت عنه ناحية لحاجة فسمعت وجبة وصوتا عاليا فالتفت إلي ولدي‌ فلم أره فسألت عنه القوم الذين كانوا جلوسا قالوا مارأيناه فسألوني‌ عن اسمه فقلت محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف فقلت وحق الكعبة والمقام لئن لم أجده رميت بنفسي‌ من أعلي هذاالحائط حتي أموت وسألتهم وأخذت في جد السؤال فلم تعط خبرا فأخذت جيبها ومزقت أثوابها ولطمت وجهها وبكت وأكثرت البكاء وحثت التراب علي


صفحه : 381

رأسها وجعلت تقول وا ولداه وا قرة عيناه وا ثمرة فؤاداه وا محمداه فبينا هي‌ كذلك إذ خرج إليها شيخ كبير يتوكأ علي عصا فقال لها ماقصتك أيتها المرأة فقالت فقدت ولدي‌ محمدا و لم أدر أين مضي قال لها لاتبكين أناأدلك علي من يعلم أين ذهب قالت افعل ياسيدي‌ فمضي قدامها إلي أن أتي الكعبة وطاف علي صنم يقال له هبل و قال ياهبل أين محمدفسقط الصنم لماذكر محمدا فخرج الرجال خائفا قالت حليمة فحسست في نفسي‌ أنه قدأخذه آخذ وذهب به إلي جده فقصدته مسرعة فلما رآني‌ قال ماقصتك قلت ولدك محمدأتيت به ووضعته علي باب مكة أقضي‌ حاجة فرجعت فلم أره فقال إني‌ أخشي أن يكون أخذه بعض الكهان فنادي عبدالمطلب ياآل غالب وكانوا يتباركون بهذه الكلمة فلما سمع قريش صوت عبدالمطلب أجابوه من كل مكان فقال لهم إن حليمة قدأقبلت بولدي‌ محمد وطرحته علي باب الكعبة ومضت لقضاء حاجة لها وعادت فلم تره و أناأخاف عليه أن يغتاله ساحر أوكاهن فقالوا نحن معك سر بنا أين شئت إن خضت بحرا خضناه و إن ركبت برا ركبناه ثم ركبوا وساروا فلم يقفوا له علي خبر فأتي عبدالمطلب إلي الكعبة وطاف بهاسبعا وتعلق بأستارها ثم دعا وتضرع في دعائه فسمع هاتفا يقول يا عبدالمطلب لاتخف علي ولدك ولكن اطلبه بوادي‌ دعاية عندشجرة الموز فمضي عبدالمطلب إلي المكان المذكور فوجده قاعدا تحت الشجرة و قدتدلت عليه أثمارها فبادر إليه جده فأخذه وقبله و قال له ياولدي‌ من أتي بك إلي هذاالموضع قال اختطف بي‌ طير أبيض وحملني‌ علي


صفحه : 382

جناحه وأتي بي‌ إلي هاهنا و قدجعت وعطشت فأكلت من ثمرة هذه الشجرة وشربت من الماء و كان الطائر جبريل ع . ثم إن حليمة قالت لعبد المطلب إن ولدك قدصار له عندنا كذا وكذا قال ياحليمة لابأس عليك امضي‌ إلي أمه وأخبريها بذلك فإنها أخبرتني‌ يوم ولد أنه سطع منه نور صعد إلي السماء. و ذلك قوله تعالي أَ لَم نَشرَح لَكَ صَدرَكَالآية ثم إن عبدالمطلب كفل النبي ص إلي أن رمد النبي ص رمدة شديدة و كان بالجحفة طبيب فوطأ له جده راحلة وسار به إلي الجحفة فلما دخل صاح عبدالمطلب أيها الطبيب عندي‌ غلام أريد أن تطب عينه فرفع رأسه و قال له اكشف لي عن وجهه فلما كشف عن وجهه سقطت الصومعة فرفع الراهب رأسه ونادي بالشهادتين والإقرار بنبوة محمدص ثم قال و ماعسي أن أقول فيه لابأس عليه مما نزل به ولكن أيها الشيخ اسمع ماأقول لك إنه سيد العرب بل سيد الأولين والآخرين والمشفع فيهم يوم الدين تنصره الملائكة المقربون ويأمره الله أن يقاتل من يخالفه وينصره الله نصرا عزيزا وأشد الناس عليه قومه فقال عبدالمطلب ياراهب ماتقول فقال و ألذي لاإله إلا هولئن أدركت زمانه لأنصرنه فاحفظ ولدك فرجع بولده إلي مكة


صفحه : 383

فأقام بها حتي حضرته الوفاة فأوصي به إلي عمه أبي طالب فكفله أبوطالب وأقبل به إلي منزله ودعا بزوجته فاطمة بنت أسد وكانت شديدة المحبة لرسول الله ص شفيقة عليه فقال لها أبوطالب اعلمي‌ أن هذا ابن أخي‌ و هوأعز عندي‌ من نفسي‌ ومالي‌ وإياك أن يتعرض عليه أحد فيما يريد فتبسمت فاطمة من قوله وكانت تؤثره علي سائر أولادها و كان لها عقيل و جعفرفقالت له توصيني‌ في ولدي‌ محمد وإنه أحب إلي‌ من نفسي‌ وأولادي‌ ففرح أبوطالب بذلك فجعلت تكرمه علي جملة أولادها و لاتجعله يخرج عنها طرفة عين أبدا و كان يطعم من يريد فلايمنع و قد كان يشب في اليوم مايشب غيره في السنة وينمو فتعجب أهل مكة من ذلك وحسنه وجماله فلما نظر أبوطالب إلي حسنه وجماله قال شعرا.


نور وجهك ألذي فاق في الحسن .   علي نور شمسنا والهلال .

أنت و الله يامناي‌ وسؤلي‌.   ألذي فاق نوره المتعالي‌.

أنت نور الأنام من هاشم الغر.   فقت كل العلا و كل الكمال .

وعلو الفخار والمجد أيضا.   ولقد فقت أهل كل المعالي‌.

ثم بعد ذلك شاع ذكره في البلاد ثم إنه توجه يوما إلي نحو الكعبة و أهل مكة حولها و كان قدعمروا فيهاعمارة وشالوا الحجر الأسود من مكانه فلما عزموا


صفحه : 384

أن يردوه إلي مكانه الأول اختلفوا فيمن يرده فكان كل منهم يقول أناأرده يريد الفخر لنفسه فقال لهم ابن المغيرة ياقوم حكموا في أمركم من يدخل من هذاالباب وأجمعوا علي ذلك و إذابالنبي‌ص قدأقبل عليهم فقالوا هذا محمدنعم الصادق الأمين ذو الشرف الأصيل ثم نادوه فأقبل عليهم فقالوا قدحكمناك في أمرنا من يحمل الحجر الأسود إلي محله فقال ص هذه فتنة ايتوني‌ بثوب فأتوه به فقال ضعوا الحجر فوقه وارفعوه من كل طرف قبيلة فرفعوه إلي مكانه و النبي ص هو ألذي وضعه في مكانه فتعجبت القبائل من فعله .بيان الزعق الصياح والزمجرة الصوت قوله غمته أي غطته

21-أَقُولُ رَوَي الكاَزرِوُنيِ‌ّ فِي المُنتَقَي عَن بَرّةَ قَالَأَوّلُ مَن أَرضَعَ رَسُولَ اللّهِص ثُوَيبَةُ بِلَبَنِ ابنٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ مَسرُوحٌ أَيّاماً قَبلَ أَن تَقدَمَ حَلِيمَةُ وَ كَانَت قَد أَرضَعَت قَبلَهُ حَمزَةَ بنَ عَبدِ المُطّلِبِ وَ أَرضَعَت بَعدَهُ أَبَا سَلَمَةَ بنَ عَبدِ الأَسَدِ المخَزوُميِ‌ّ وَ كَانَت تَدخُلُ عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَيُكرِمُهَا وَ كَانَ رَسُولُ اللّهِص يَبعَثُ إِلَيهَا بَعدَ الهِجرَةِ بِكِسوَةٍ


صفحه : 385

وَ صِلَةٍ حَتّي مَاتَت بَعدَ فَتحِ خَيبَرَ

22- وَ أَورَدَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ الأصَبهَاَنيِ‌ّ فِي دَلَائِلِ النّبُوّةِ مُسنَداً عَنِ العَبّاسِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ قَالَ قُلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ دعَاَنيِ‌ إِلَي الدّخُولِ فِي دِينِكَ أَمَارَةٌ لِنُبُوّتِكَ رَأَيتُكَ فِي المَهدِ تنُاَغيِ‌ القَمَرَ وَ تُشِيرُ إِلَيهِ بِإِصبَعِكَ فَحَيثُ أَشَرتَ إِلَيهِ مَالَ قَالَ إنِيّ‌ كُنتُ أُحَدّثُهُ وَ يحُدَثّنُيِ‌ وَ يلُهيِنيِ‌ عَنِ البُكَاءِ وَ أَسمَعُ وَجبَتَهُ يَسجُدُ تَحتَ الكرُسيِ‌ّ

قوله وجبته أي سقطته

23- وَ روُيِ‌َ عَن مُجَاهِدٍ قَالَ قُلتُ لِابنِ عَبّاسٍ وَ قَد تَنَازَعَتِ الظّئرُ فِي رَضَاعِ مُحَمّدٍص قَالَ إيِ‌ وَ اللّهِ وَ كُلّ نِسَاءِ الجِنّ وَ ذَلِكَ لَمّا رُدّ إِلَي آمِنَةَ مِنَ السّمَاوَاتِ نَادَي المَلَكُ فِي سَمَاءِ الدّنيَا هَذَا مُحَمّدٌ سَيّدُ الأَنبِيَاءِ فَطُوبَي لثِدَي‌ٍ أَرضَعَتهُ فَتَنَافَسَتِ الطّيرُ وَ الجِنّ فِي رَضَاعِهِ قَالَ فَنُودِيَت كُلّهَا أَن كُفّوا فَقَد أَجرَي اللّهُ ذَلِكَ عَلَي أيَديِ‌ الإِنسِ فَخَصّ اللّهُ بِذَلِكَ حَلِيمَةَ

24- وَ روُيِ‌َ أَنّهُ لَمّا مَضَي عَلَي رَسُولِ اللّهِص شَهرَانِ وَ هُوَ عِندَ حَلِيمَةَ تُرضِعُهُ خَرَجَ عَبدُ المُطّلِبِ فَأَتَي إِلَيهَا فَقَالَ لَهَا ادفعَيِ‌ إلِيَ‌ّ ابنيِ‌ فَقَالَت لَهُ جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ يَا عَبدَ المُطّلِبِ دَعهُ عنِديِ‌ فَإِنّهُ قَد ألَفِنَيِ‌ قَالَ كَيفَ لَم تُرِيدِيهِ قَبلَ اليَومِ وَ تَمتَسِكِينَ بِهِ الآنَ قَالَت لِأَنّهُ وَ اللّهِ نَسَمَةٌ مُبَارَكَةٌ قَد بُورِكَ لَنَا فِي جَمِيعِ أَبدَانِنَا وَ أَموَالِنَا فَدَعهُ عنِديِ‌ لَا أُرِيدُ مِنكَ عَلَيهِ شَيئاً أَبَداً فَتَرَكَهُ عِندَهَا وَ انصَرَفَ عَبدُ المُطّلِبِ فَمَكَثَت حَلِيمَةُ لَا تَدخُلُ فِي اللّيلِ إِلَي بَيتِهَا إِلّا وَ نَظَرَت إِلَي السّترِ قَدِ انفَجَرَ وَ نَزَلَ عَلَيهِ القَمَرُ يُنَاغِيهِ فَيَقُولُ زَوجُهَا إِنّ لِهَذَا الغُلَامِ لَشَأناً عَظِيماً لَيَسُودَنّ العَرَبَ كُلّهَا

25- وَ روُيِ‌َ حَدِيثُ حَلِيمَةَ بِرِوَايَةٍ أُخرَي عَنِ ابنِ عَبّاسٍأَورَدتُهَا أَيضاً لِفَوَائِدَ فِيهَا


صفحه : 386

وَ هيِ‌َ أَنّهُ روُيِ‌َ أَنّهُ كَانَ مِن سَبَبِهَا أَنّ اللّهَ أَجدَبَ البِلَادَ وَ الزّمَانَ فَدَخَلَ ذَلِكَ عَلَي عَامّةِ النّاسِ وَ كَانَت حَلِيمَةُ تُحَدّثُ عَن زَمَانِهَا وَ تَقُولُ كَانَ النّاسُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللّهِص فِي جَهدٍ شَدِيدٍ وَ كُنّا أَهلَ بَيتٍ مُجدِبِينَ وَ كُنتُ امرَأَةً طَوّافَةً أَطُوفُ البرَاَريِ‌َ وَ الجِبَالَ أَلتَمِسُ الحَشِيشَ وَ النّبَاتَ فَكُنتُ لَا أَمَرّ عَلَي شَيءٍ مِنَ النّبَاتِ إِلّا قُلتُ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي أَنزَلَ بيِ‌ هَذَا الجَهدَ وَ البَلَاءَ وَ لَمّا وُلِدَ النّبِيّص خَرَجتُ إِلَي نَاحِيَةِ مَكّةَ وَ لَم أَكُن ذُقتُ شَيئاً مُنذُ ثَلَاثَةِ أَيّامٍ وَ كُنتُ ألَتوَيِ‌ كَمَا تلَتوَيِ‌ الحَيّةُ وَ كُنتُ وَلَدتُ ليَلتَيِ‌ تِلكَ غُلَاماً فَلَم أَدرِ أَ جَهدَ الوِلَادَةِ أَشكُو أَم جَهدَ نفَسيِ‌ فَلَمّا بِتّ ليَلتَيِ‌ تِلكَ أتَاَنيِ‌ رَجُلٌ فِي منَاَميِ‌ فحَمَلَنَيِ‌ حَتّي قذَفَنَيِ‌ فِي مَاءٍ أَشَدّ بَيَاضاً مِنَ اللّبَنِ وَ قَالَ يَا حَلِيمَةُ أكَثرِيِ‌ مِن شُربِ هَذَا المَاءِ لِيَكثُرَ لَبَنُكِ فَقَد أَتَاكِ العِزّ وَ غَنَاءُ الدّهرِ تعَرفِيِننَيِ‌ قُلتُ لَا قَالَ أَنَا الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي كُنتِ تَحمَدِينَهُ فِي سَرّائِكِ وَ ضَرّائِكِ فاَنطلَقِيِ‌ إِلَي بَطحَاءِ مَكّةَ فَإِنّ لَكِ فِيهَا رِزقاً وَاسِعاً اكتمُيِ‌ شَأنَكِ وَ لَا تخُبرِيِ‌ أَحَداً ثُمّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَي صدَريِ‌ فَقَالَ أَدَرّ اللّهُ لَكِ اللّبَنَ وَ أَكثَرَ لَكِ الرّزقَ فَانتَبَهتُ وَ أَنَا أَجمَلُ نِسَاءِ بنَيِ‌ سَعدٍ لَا أُطِيقُ أَن أُسبِلَ ثدَييَ‌ّ كَأَنّهُمَا الجَرّ العَظِيمُ يَتَسَيّبُ[يَتَسَبسَبُ]مِنهُمَا لَبَنٌ وَ أَرَي النّاسَ حوَليِ‌ مِن نِسَاءِ بنَيِ‌ سَعدٍ وَ رِجَالِهِم فِي جَهدٍ مِنَ العَيشِ إِنّمَا كُنّا نَرَي البُطُونَ لَازِقَةً بِالظّهُورِ وَ الأَلوَانَ شَاحِبَةً مُتَغَيّرَةً لَا نَرَي فِي الجِبَالِ الرّاسِيَاتِ شَيئاً وَ لَا فِي الأَرضِ شَجَراً وَ إِنّمَا كُنّا نَسمَعُ مِن كُلّ جَانِبٍ أَنِيناً كَأَنِينِ المَرضَي وَ كَادَتِ العَرَبِ أَن تَهلِكَ هُزَالًا وَ جُوعاً فَلَمّا أَصبَحَت حَلِيمَةُ وَ إِنّهَا لفَيِ‌ جَهدٍ مِنَ العَيشِ وَ تَغَيّرٍ مِنَ الحَالِ وَ قَد أَصبَحَتِ اليَومَ تُشبِهُ بَنَاتِ المُلُوكِ قُلنَ إِنّ لَهَا شَأناً عَظِيماً ثُمّ أَحدَقنَ بيِ‌ يسَألَننَيِ‌ عَن قصِتّيِ‌ فَكُنتُ لَا أُحِيرُ جَوَاباً فَكَتَمتُ شأَنيِ‌ لأِنَيّ‌ بِذَلِكَ كُنتُ أُمِرتُ وَ لَم تَبقَ امرَأَةٌ فِي بنَيِ‌ سَعدٍ ذَاتُ زَوجٍ إِلّا وَضَعَت غُلَاماً وَ رَأَيتُ الرّءُوسَ المُشتَعِلَةَ بِالشّيبِ قَد عَادَت سُوداً لِبَرَكَةِ مَولِدِ رَسُولِ اللّهِص فَبَينَا نَحنُ كَذَلِكَ إِذ سَمِعنَا صَوتاً ينُاَديِ‌ أَلَا إِنّ قُرَيشاً قَد وَضَعَتِ العَامَ كُلّ بُطُونِهَا وَ إِنّ اللّهَ قَد


صفحه : 387

حَرّمَ عَلَي نِسَاءِ العَامِ أَن يَلِدنَ البَنَاتِ مِن أَجلِ مَولِدٍ فِي قُرَيشٍ وَ شَمسِ النّهَارِ وَ قَمَرِ اللّيلِ فَطُوبَي لثِدَي‌ٍ أَرضَعَتهُ أَلَا فَبَادِرنَ إِلَيهِ يَا نِسَاءَ بنَيِ‌ سَعدٍ قَالَت فَنَزَلنَا فِي جَبَلٍ وَ عَزَمنَا عَلَي الخُرُوجِ إِلَي مَكّةَ فَخَرَجَ نِسَاءُ بنَيِ‌ سَعدٍ عَلَي جَهدٍ مِنهُنّ وَ مَخمَصَةٍ وَ خَرَجتُ أَنَا مَعَ بنُيَ‌ّ لِي عَلَي أَتَانٍ لِي مِعنَاقٍ تُسمَعُ لَهَا فِي جَوفِهَا خَضخَضَةٌ قَد بَدَا عِظَامُهَا مِن سُوءِ حَالِهَا وَ كَانَت تخَفضِنُيِ‌ طَوراً وَ ترَفعَنُيِ‌ آخَرَ وَ معَيِ‌ زوَجيِ‌ فَكُنتُ فِي طرَيِقيِ‌ أَسمَعُ العَجَائِبَ مِن كُلّ نَاحِيَةٍ لَا أَمُرّ بشِيَ‌ءٍ إِلّا استَطَالَ إلِيَ‌ّ فَرَحاً وَ قَالَ لِي طُوبَي لِثَديِكِ يَا حَلِيمَةُ انطلَقِيِ‌ فَإِنّكِ سَتَأتِينَ بِالنّورِ السّاطِعِ وَ الهِلَالِ البدَريِ‌ّ فاَكتمُيِ‌ شَأنَكِ وَ كوُنيِ‌ مِن وَرَاءِ القَومِ فَقَد نَزَلَت بِشَارَاتُكِ قَالَت فَكُنتُ أَقُولُ لصِاَحبِيِ‌ تَسمَعُ مَا أَسمَعُ فَيَقُولُ لَا مَا لِي أَرَاكِ كَالخَائِفَةِ الوَجِلَةِ تَلتَفِتِينَ يَمنَةً وَ يَسرَةً مرُيّ‌ أَمَامَكِ فَقَد تَقَدّمَ نِسَاءُ بنَيِ‌ سَعدٍ وَ إنِيّ‌ أَخَافُ أَن يسَبقِنَيِ‌ إِلَي كُلّ مَولُودٍ بِمَكّةَ قَالَت فَجَعَلنَا نَجِدّ فِي المَسِيرِ وَ الأَتَانُ كَأَنّهَا تَنزِعُ حَوَافِرَهَا مِنَ الظّهرِ نَزعاً فَبَينَا أَنَا فِي مسَيِريِ‌ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ فِي بَيَاضِ الثّلجِ وَ طُولِ النّخلَةِ البَاسِقَةِ ينُاَديِ‌ مِنَ الجَبَلِ يَا حَلِيمَةُ مرُيّ‌ أَمَامَكِ فَقَد أمَرَنَيِ‌َ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن أَدفَعَ عَنكِ كُلّ شَيطَانٍ رَجِيمٍ قَالَت حَتّي إِذَا صِرنَا عَلَي فَرسَخَينِ مِن مَكّةَ بِتنَا لَيلَتَنَا تِلكَ فَرَأَيتُ فِي منَاَميِ‌ كَأَنّ عَلَي رأَسيِ‌ شَجَرَةً خَضرَاءَ قَد أَلقَت بِأَغصَانِهَا حوَليِ‌ وَ رَأَيتُ فِي فُرُوعِهَا شَجَرَةً كَالنّخلَةِ قَد حَمَلَت مِن أَنوَاعِ الرّطَبِ وَ كَانَ جَمِيعُ مَن خَرَجَ معَيِ‌ مِن نِسَاءِ بنَيِ‌ سَعدٍ حوَليِ‌ فَقُلنَ يَا حَلِيمَةُ أَنتِ المَلِكَةُ عَلَينَا فَبَينَا أَنَا كَذَلِكَ إِذ سَقَطَت مِن تِلكَ الشّجَرَةِ فِي حجَريِ‌ تَمرَةٌ فَتَنَاوَلتُهَا وَ وَضَعتُهَا فِي فمَيِ‌ فَوَجَدتُ لَهَا حَلَاوَةً كَحَلَاوَةِ العَسَلِ فَلَم أَزَل أَجِدُ طَعمَ ذَلِكَ فِي فمَيِ‌ حَتّي فاَرقَنَيِ‌ رَسُولُ اللّهِص فَلَمّا أَصبَحتُ كَتَمتُ شأَنيِ‌ قُلتُ إِن قَضَي اللّهُ لِي أَمراً فَسَوفَ يَكُونُ ثُمّ ارتَحَلنَا حَتّي نَزَلنَا مَكّةَ يَومَ الإِثنَينِ وَ قَد سبَقَنَيِ‌ نِسَاءُ بنَيِ‌ سَعدٍ وَ كَانَ الصبّيِ‌ّ ألّذِي معَيِ‌ قَد وَلَدتُهُ لَا يبَكيِ‌ وَ لَا يَتَحَرّكُ وَ لَا يَطلُبُ لَبَناً فَكُنتُ أَقُولُ لصِاَحبِيِ‌ هَذَا الصبّيِ‌ّ مَيّتٌ


صفحه : 388

لَا مَحَالَةَ فَكُنتُ إِذَا قُلتُ ذَلِكَ يَلتَفِتُ إلِيَ‌ّ الصبّيِ‌ّ فَيَفتَحُ عَينَيهِ وَ يَضحَكُ فِي وجَهيِ‌ وَ أَنَا مُتَعَجّبَةٌ مِن ذَلِكَ فَلَمّا تَوَسّطنَا مَكّةَ قُلتُ لصِاَحبِيِ‌ سَل مِن أَعظَمِ النّاسِ قَدراً بِمَكّةَ فَسَأَلَ عَن ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ عَبدُ المُطّلِبِ بنُ هَاشِمٍ فَقُلتُ لَهُ سَل مِن أَعظَمِ قُرَيشٍ مِمّن وُلِدَ لَهُ فِي عَامِهِ هَذَا فَقِيلَ لِي آلُ مَخزُومٍ قَالَت فَأَجلَستُ صاَحبِيِ‌ فِي الرّحلِ وَ انطَلَقتُ إِلَي بنَيِ‌ مَخزُومٍ فَإِذَا أَنَا بِجَمِيعِ نِسَاءِ بنَيِ‌ سَعدٍ قَد سبَقَننَيِ‌ إِلَي كُلّ مَولُودٍ بِمَكّةَ فَبَقِيتُ لَا أدَريِ‌ مَا أَقُولُ وَ نَدِمتُ عَلَي دخُوُليِ‌ مَكّةَ فَبَينَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا بِعَبدِ المُطّلِبِ وَ جُمّتُهُ تَضرِبُ مَنكِبَهُ ينُاَديِ‌ بِنَفسِهِ بِأَعلَي صَوتِهِ هَل بقَيِ‌َ مِنَ الرّضّاعِ أَحَدٌ فَإِنّ عنِديِ‌ بُنَيّاً لِي يَتِيماً وَ مَا عِندَ اليَتِيمِ مِنَ الخَيرِ إِنّمَا يُلتَمَسُ كَرَامَةُ الآبَاءِ قَالَت فَوَقَفتُ لِعَبدِ المُطّلِبِ وَ هُوَ يَومَئِذٍ كَالنّخلَةِ طُولًا فَقُلتُ أَنعِم صَبَاحاً أَيّهَا المَلِكُ المنُاَديِ‌ عِندَكَ رَضِيعٌ أُرضِعُهُ فَقَالَ هلَمُيّ‌ فَدَنَوتُ مِنهُ فَقَالَ لِي مِن أَينَ أَنتِ فَقُلتُ امرَأَةٌ مِن بنَيِ‌ سَعدٍ فَقَالَ لِي إِيهِ إِيهِ كَرَمٌ وَ زَجرٌ ثُمّ قَالَ لِي مَا اسمُكِ فَقُلتُ حَلِيمَةُ فَضَحِكَ وَ قَالَ بَخ بَخ خَلّتَانِ حَسَنَتَانِ سَعدٌ وَ حِلمٌ هَاتَانِ خَلّتَانِ فِيهَا غِنَي الدّهرِ وَيحَكِ يَا حَلِيمَةُ عنِديِ‌ بنُيَ‌ّ لِي يَتِيمٌ اسمُهُ مُحَمّدٌ وَ قَد عَرَضتُهُ عَلَي جَمِيعِ نِسَاءِ بنَيِ‌ سَعدٍ فَأَبَينَ أَن يَقبَلنَهُ وَ أَنَا أَرجُو أَن تسَعدَيِ‌ بِهِ قَالَت فَقُلتُ لَهُ إنِيّ‌ مُنطَلِقَةٌ إِلَي صاَحبِيِ‌ وَ مُشَاوَرَتِهِ فِي ذَلِكَ قَالَ لِي إِنّكِ لَتُرضِعِينَ غَيرَ كَارِهَةٍ قَالَت قُلتُ بِاللّهِ لَأَرجِعَنّ إِلَيكَ قَالَت فَرَجَعتُ إِلَي صاَحبِيِ‌ فَلَمّا أَخبَرتُهُ الخَبَرَ كَأَنّ اللّهَ قَد قَذَفَ فِي قَلبِهِ فَرَحاً ثُمّ قَالَ لِي يَا حَلِيمَةُ باَدرِيِ‌ إِلَيهِ لَا يَسبِقُكِ إِلَيهِ أَحَدٌ قَالَت وَ كَانَ معَيِ‌َ ابنُ أُختٍ لِي يَتِيمٌ قَالَ هَيهَاتَ إنِيّ‌ أَرَاكُم لَا تُصِيبُونَ فِي سَفَرِكُم هَذَا خَيراً هَؤُلَاءِ نِسَاءُ بنَيِ‌ سَعدٍ يَرجِعنَ بِالرّضَاعِ وَ الشّرَفِ وَ تَرجِعُونَ أَنتُم بِاليَتِيمِ قَالَت فَأَرَدتُ وَ اللّهِ لِأَرجِعَ[ لَا أَرجِعُ] إِلَيهِ فَكَأَنّ اللّهَ قَذَفَ فِي قلَبيِ‌ إِن فَارَقَكِ مُحَمّدٌ لَا تُفلِحِينَ وَ أخَذَتَنيِ‌ الحَمِيّةُ وَ قُلتُ هَؤُلَاءِ نِسَاءُ بنَيِ‌ سَعدٍ يَرجِعنَ بِالرّضَاعِ وَ الشّرَفِ وَ أَرجِعُ أَنَا بِلَا رَضَاعٍ وَ اللّهِ لَآخُذَنّهُ وَ إِن كَانَ يَتِيماً فَلَعَلّ اللّهَ أَن يَجعَلَ فِيهِ خَيراً قَالَت فَرَجَعتُ إِلَي عَبدِ المُطّلِبِ فَقُلتُ لَهُ


صفحه : 389

أَيّهَا المَلِكُ الكَرِيمُ هَلُمّ الصبّيِ‌ّ قَالَ هَل نَشِطتِ لِأَخذِهِ قَالَت قُلتُ نَعَم فَخَرّ عَبدُ المُطّلِبِ سَاجِداً وَ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ أللّهُمّ رَبّ المَروَةِ وَ الحَطِيمِ أَسعِدهَا بِمُحَمّدٍ ثُمّ مَرّ بَينَ يدَيَ‌ّ يَجُرّ حُلّتَهُ فَرَحاً حَتّي دَخَلَ بيِ‌ عَلَي آمِنَةَ أُمّ رَسُولِ اللّهِص فَإِذَا أَنَا بِامرَأَةٍ مَا رَأَيتُ فِي الآدَمِيّينَ أَجمَلَ وَجهاً مِنهَا هِلَالِيّةً بَدرِيّةً فَلَمّا نَظَرَت إلِيَ‌ّ ضَحِكَت فِي وجَهيِ‌ وَ قَالَتِ ادخلُيِ‌ يَا حَلِيمَةُ فَدَخَلتُ الدّارَ فَأَخَذَت بيِدَيِ‌ فأَدَخلَتَنيِ‌ بَيتاً كَانَ فِيهِ رَسُولُ اللّهِص فَإِذَا أَنَا بِهِ وَ وَجهُهُ كَالشّمسِ إِذَا طَلَعَت فِي يَومِ دَيجَانِهَا فَلَمّا رَأَيتُهُ عَلَي هَذِهِ الصّفَةِ استَدَرّ كُلّ عِرقٍ فِي جسَدَيِ‌ بِالضّرَبَانِ فنَاَولَتَنيِ‌ النّبِيّص فَلَمّا أَن وَضَعتُهُ فِي حجَريِ‌ فَتَحَ عَينَيهِ لِيَنظُرَ إلِيَ‌ّ فَسَطَعَ مِنهُمَا نُورٌ كَنُورِ البَرقِ إِذَا خَرَجَ مِن خِلَالِ السّحَابَ فَأَلقَمتُهُ ثدَييِ‌َ الأَيمَنَ فَشَرِبَ مِنهُ سَاعَةً ثُمّ حَوّلتُهُ إِلَي الأَيسَرِ فَلَم يَقبَلهُ وَ جَعَلَ يَمِيلُ إِلَي اليُمنَي فَكَانَ ابنُ عَبّاسٍ يَقُولُ أُلهِمَ العَدلَ فِي رَضَاعِهِ عَلِمَ أَنّ لَهُ شَرِيكاً فَنَاصَفَهُ عَدلًا وَ كَانَتِ الثدّي‌ُ اليُمنَي تَدِرّ لِرَسُولِ اللّهِص وَ الثدّي‌ُ اليُسرَي تَدِرّ لاِبنيِ‌ وَ كَانَ ابنيِ‌ لَا يَشرَبُ حَتّي يَنظُرَ إِلَي مُحَمّدٍص قَد شَرِبَ وَ كُنتُ كَثِيراً مَا أَسبِقُ إِلَي مَسحِ شَفَتَيهِ فَكُنتُ أَسبِقُ إِلَي ذَلِكَ فَنَامَ فِي حجَريِ‌ فَجَعَلتُ أَنظُرُ إِلَي وَجهِهِ فَرَأَيتُ عَينَيهِ مَفتُوحَتَينِ وَ هُوَ كَالنّائِمِ فَلَم أَتَمَالَك فَرَحاً وَ أخَذَتَنيِ‌ العَجَلَةُ بِالرّجُوعِ إِلَي صاَحبِيِ‌ فَلَمّا أَن نَظَرَ إِلَيهِ صاَحبِيِ‌ لَم يَتَمَالَك أَن قَامَ وَ سَجَدَ وَ قَالَ يَا حَلِيمَةُ مَا رَأَيتُ فِي الآدَمِيّينَ أَجمَلَ وَجهاً مِن هَذَا قَالَت فَلَمّا كَانَ فِي اللّيلِ وَ طَابَ النّومُ وَ هَدَأَتِ الأَصوَاتُ انتَبَهتُ فَإِذَا بِهِ وَ قَد خَرَجَ مِنهُ نُورٌ مُتَلَألِئٌ وَ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَائِمٌ عِندَ رَأسِهِ عَلَيهِ ثَوبٌ أَخضَرُ فَأَنبَهتُ صاَحبِيِ‌ وَ قُلتُ وَيحَكَ أَ لَا تَرَي إِلَي هَذَا المَولُودِ قَالَت فَرَفَعَ رَأسَهُ فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِ قَالَ لِي يَا حَلِيمَةُ اكتمُيِ‌ شَأنَهُ فَقَد أَخَذتِ شَجَرَةً كَرِيمَةً لَا يَذهَبُ رَسمُهَا أَبَداً قَالَت فَأَقَمنَا بِمَكّةَ سَبعَةَ أَيّامٍ بِلَيَالِيهِنّ مَا مِن يَومٍ إِلّا وَ أَنَا أَدخُلُ عَلَي آمِنَةَ فَلَمّا عَزَمنَا عَلَي الخُرُوجِ دعَتَنيِ‌ آمِنَةُ فَقَالَت لَا تخَرجُيِ‌ مِن بَطحَاءِ مَكّةَ حَتّي تعُلمِيِنيِ‌ فَإِنّ لِي فِيكِ وَصَايَا أُوصِيكِ بِهَا قَالَت فَبِتنَا فَلَمّا كَانَ فِي بَعضِ اللّيلِ انتَبَهتُ لأِقَضيِ‌َ حَاجَةً فَإِذَا بِرَجُلٍ عَلَيهِ ثِيَابٌ خُضرٌ


صفحه : 390

قَاعِدٌ عِندَ رَأسِهِ يُقَبّلُ بَينَ عَينَيهِ فَأَنبَهتُ صاَحبِيِ‌ رُوَيداً فَقُلتُ انظُر إِلَي العَجَبِ العَجِيبِ قَالَ اسكتُيِ‌ وَ اكتمُيِ‌ شَأنَكِ فَمُنذُ وُلِدَ هَذَا الغُلَامُ قَد أَصبَحَت أَحبَارُ الدّنيَا عَلَي أَقدَامِهَا قِيَاماً لَا يَهنَئُهَا عَيشُ النّهَارِ وَ لَا نَومُ اللّيلِ وَ مَا رَجَعَ أَحَدٌ مِنَ البِلَادِ أَغنَي مِنّا فَلَمّا أَصبَحنَا مِنَ الغَدِ وَ عَزَمنَا عَلَي الخُرُوجِ رَكِبتُ أتَاَنيِ‌ وَ حَمَلتُ بَينَ يدَيَ‌ّ مُحَمّداًص وَ خَرَجَت معَيِ‌ آمِنَةُ تشُيَعّنُيِ‌ فَجَعَلَتِ الأَتَانُ تَضرِبُ بِيَدِهَا وَ رِجلِهَا الأَرضَ وَ تَرفَعُ رَأسَهَا إِلَي السّمَاءِ فَرِحَةً مُستَبشِرَةً ثُمّ تَحَوّلَت بيِ‌ نَحوَ الكَعبَةِ فَسَجَدتُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ حَتّي استَوَينَا مَعَ الرّكبِ سَبَقَتِ الأَتَانُ كُلّ دَوَابّهِم فَقَالَت نِسَاءُ بنَيِ‌ سَعدٍ يَا بِنتَ أَبِي ذُؤَيبٍ أَ لَيسَ هَذَا أَتَانَكِ التّيِ‌ كَانَت تَخفِضُكِ طَوراً وَ تَرفَعُكِ آخَرَ فَقُلتُ نَعَم فَقُلنَ بِاللّهِ إِنّ لَهَا لَشَأناً عَظِيماً فَكُنتُ أَسمَعُ الأَتَانَ تَقُولُ إيِ‌ وَ اللّهِ إِنّ لِي لَشَأناً ثُمّ شَأناً أحَياَنيِ‌َ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بَعدَ موَتيِ‌ وَ رَدّ عَلَيّ سمِنَيِ‌ بَعدَ هزُاَليِ‌ وَيحَكُنّ يَا نِسَاءَ بنَيِ‌ سَعدٍ إِنّكُنّ لفَيِ‌ غَفلَةٍ أَ تَدرِينَ مَن حَمَلتُ حَمَلتُ سَيّدَ العَرَبِ مُحَمّداً رَسُولَ اللّهِ رَبّ العَالَمِينَ هَذَا رَبِيعُ الدّنيَا وَ زَهرَةُ الآخِرَةِ وَ أَنَا أُنَادَي مِن كُلّ جَانِبٍ استَغنَيتِ يَا حَلِيمَةُ آخِرَ دَهرِكِ فَأَنتِ سَيّدَةُ نِسَاءِ بنَيِ‌ سَعدٍ قَالَت فَمَرَرتُ بِرَاعٍ يَرعَي غَنَماً لَهُ فَلَمّا نَظَرَتِ الغَنَمُ إلِيَ‌ّ جَعَلنَ يَستَقبِلنَ وَ تَعدُو إلِيَ‌ّ كَمَا تَعدُو سِخَالُهَا فَسَمِعتُ مِن بَينِهَا قَائِلًا يَقُولُ أَقَرّ اللّهُ عَينَكِ يَا حَلِيمَةُ أَ تَدرِينَ مَا حَمَلتِ هَذَا مُحَمّدٌ رَسُولُ رَبّ العَالَمِينَ إِلَي كُلّ وُلدِ آدَمَ مِنَ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ قَالَت فشَيَعّتَنيِ‌ أُمّهُ سَاعَةً وَ أوَصتَنيِ‌ فِيهِ بِوَصَايَا وَ رَجَعَت كَالبَاكِيَةِ قَالَت وَ لَيسَ كُلّ ألّذِي رَأَيتُ فِي طرَيِقيِ‌ أُحسِنُ وَصفَهُ إِلّا أنَيّ‌ لَم أَنزِل مَنزِلًا إِلّا أَنبَتَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِيهِ عُشباً وَ خَيراً كَثِيراً وَ أَشجَاراً قَد حَمَلَت مِن أَنوَاعِ الثّمَرِ حَتّي أَتَيتُ بِهِ مَنزِلَ بنَيِ‌ سَعدٍ وَ مَا نَعلَمُ وَ اللّهِ أَنّ أَرضاً كَانَت أَجدَبَ مِنهَا وَ لَا أَقَلّ خَيراً وَ كَانَت لَنَا غُنَيمَاتٌ دَبِرَاتٌ مَهزُولَاتٌ فَلَمّا صَارَ رَسُولُ اللّهِص فِي منَزلِيِ‌ صَارَت غنَمَيِ‌ تَرُوحُ شِبَاعاً حَافِلَةً تَحمِلُ وَ تَضَعُ وَ تَدِرّ وَ تُحلَبُ وَ لَا تَدِرّ فِي بنَيِ‌ سَعدٍ لِأَحَدٍ مِنَ النّاسِ غيَريِ‌ فَجَمَعَت بَنُو سَعدٍ رُعَاتَهَا


صفحه : 391

وَ قَالُوا لَهُم مَا بَالُ أَغنَامِ حَلِيمَةَ بِنتِ أَبِي ذُؤَيبٍ تَحمِلُ وَ تَضَعُ وَ تَدِرّ وَ تُحلَبُ وَ أَغنَامُنَا لَا تَحمِلُ وَ لَا تَضَعُ وَ لَا تأَتيِ‌ بِخَيرٍ اسرَحُوا حَيثُ تَسرَحُ رُعَاةُ بِنتِ أَبِي ذُؤَيبٍ حَتّي تَرُوحَ غَنَمُكُم شِبَاعاً حَافِلَةً قَالَت فَلَم نَزَل نَتَعَرّفُ مِنَ اللّهِ الزّيَادَةَ وَ البَرَكَةَ وَ الفَضلَ وَ الخَيرَ بِبَرَكَةِ النّبِيّص حَتّي كُنّا نَتَفَضّلُ عَلَي قَومِنَا وَ صَارُوا يَعِيشُونَ فِي أَكنَافِنَا فَكُنتُ أَرَي مِن يَومِهِ عَجَباً مَا رَأَيتُ لَهُ بَولًا قَطّ وَ لَا غَسَلتُ لَهُ وُضُوءاً قَطّ طَهَارَةً وَ نَظَافَةً وَ ذَلِكَ أنَيّ‌ كُنتُ أَسبِقُ إِلَي ذَلِكَ وَ كَانَ لَهُ فِي كُلّ يَومٍ وَقتٌ وَاحِدٌ يَتَوَضّأُ فِيهِ وَ لَا يَعُودُ إِلَي وَقتِهِ مِنَ الغَدِ وَ لَم يَكُن شَيءٌ أَبغَضَ إِلَيهِ مِن أَن يُرَي جَسَدُهُ مَكشُوفاً فَكُنتُ إِذَا كَشَفتُ عَن جَسَدِهِ يَصِيحُ حَتّي أَستُرَ عَلَيهِ فَانتَبَهتُ لَيلَةً مِنَ الليّاَليِ‌ فَسَمِعتُهُ يَتَكَلّمُ بِكَلَامٍ لَم أَسمَع كَلَاماً قَطّ أَحسَنَ مِنهُ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ قُدّوساً قُدّوساً وَ قَد نَامَتِ العُيُونُ وَ الرّحمَنُلا تَأخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَومٌ وَ هُوَ عِندَ أَوّلِ مَا تَكَلّمَ فَكُنتُ أَتَعَجّبُ مِن ذَلِكَ وَ كَانَ يَشِبّ شَبَاباً لَا يُشبِهُ الغِلمَانَ وَ لَم يَبكِ قَطّ وَ لَم يُسِئ خُلُقَهُ وَ لَم يَتَنَاوَل بِيَسَارِهِ وَ كَانَ يَتَنَاوَلُ بِيَمِينِهِ فَلَمّا بَلَغَ المَنطِقَ لَم يَمَسّ شَيئاً إِلّا قَالَ بِسمِ اللّهِ فَكُنتُ مَعَهُ فِي كُلّ دَعَةٍ وَ عَيشٍ وَ سُرُورٍ وَ كُنتُ قَدِ اجتَنَبتُ الزّوجَ لَا أَغتَسِلُ مِنهُ هَيبَةً لِرَسُولِ اللّهِص حَتّي تَمّت لَهُ سَنَتَانِ كَامِلَتَانِ وَ قَد ثَمّرَ اللّهُ لَنَا الأَموَالَ وَ أَكثَرَ لَنَا مِنَ الخَيرِ فَكَانَت تَحمِلُ لَنَا الأَغنَامُ وَ تَنبُتُ لَنَا الأَرضُ وَ قَد أَلقَي اللّهُ مَحَبّتَهُ عَلَي كُلّ مَن رَآهُ فَبَينَا هُوَ قَاعِدٌ فِي حجَريِ‌ إِذَا مَرّت بِهِ غنُيَماَتيِ‌ فَأَقبَلَت شَاةٌ مِنَ الغَنَمِ حَتّي سَجَدَت لَهُ وَ قَبّلَت رَأسَهُ فَرَجَعَت إِلَي صُوَيحِبَاتِهَا وَ كَانَ يَنزِلُ عَلَيهِ فِي كُلّ يَومٍ نُورٌ كَنُورِ الشّمسِ فَيَغشَاهُ ثُمّ ينَجلَيِ‌ عَنهُ وَ كَانَ أَخَوَاهُ مِنَ الرّضَاعَةِ يَخرُجَانِ فَيَمُرّانِ بِالغِلمَانِ فَيَلعَبَانِ مَعَهُم وَ إِذَا رَآهُم مُحَمّدٌص اجتَنَبَهُم وَ أَخَذَ بِيَدِ أَخَوَيهِ ثُمّ قَالَ لَهُمَا إِنّا لَم نُخلَق لِهَذَا فَلَمّا


صفحه : 392

تَمّ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ قَالَ لِي يَوماً يَا أُمّاه مَا لِي لَا أَرَي أخَوَيَ‌ّ بِالنّهَارِ قُلتُ لَهُ يَا بنُيَ‌ّ إِنّهُمَا يَرعَيَانِ غُنَيمَاتٍ قَالَ فَمَا لِي لَا أَخرُجُ مَعَهُمَا قُلتُ لَهُ تُحِبّ ذَلِكَ قَالَ نَعَم فَلَمّا أَصبَحَ دَهّنتُهُ وَ كَحَلتُهُ وَ عَلّقتُ فِي عُنُقِهِ خَيطاً فِيهِ جَزعٌ يَمَانِيّةٌ فَنَزَعَهَا ثُمّ قَالَ لِي مَهلًا يَا أُمّاه فَإِنّ معَيِ‌ مَن يحَفظَنُيِ‌ قَالَت ثُمّ دَعَوتُ باِبنيَ‌ّ فَقُلتُ لَهُمَا أُوصِيكُمَا بِمُحَمّدٍ خَيراً لَا تُفَارِقَاهُ وَ ليَكُن نُصبَ أَعيُنِكُمَا قَالَت فَخَرَجَ مَعَ أَخَوَيهِ فِي الغَنَمِ فَبَينَا هُم يَتَرَامَونَ بِالجَلّةِ يعَنيِ‌ البَعرَ إِذ هَبَطَ جَبرَائِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ مَعَهُمَا طَستٌ مِن ذَهَبٍ فِيهِ مَاءٌ وَ ثَلجٌ فَاستَخرَجَاهُ مِنَ الغَنَمِ وَ الصّبِيّةِ فَأَضجَعَاهُ وَ شَقّا بَطنَهُ وَ شَرَحَا صَدرَهُ فَاستَخرَجَا مِنهُ نُكتَةً سَودَاءَ وَ غَسَلَاهُ بِذَلِكَ المَاءِ وَ الثّلجِ وَ حَشَيَا بَطنَهُ نُوراً وَ مَسَحَا عَلَيهِ فَعَادَ كَمَا كَانَ قَالَت فَلَمّا رَأَي أَخَوَاهُ ذَلِكَ أَقبَلَ أَحَدُهُمَا اسمُهُ ضَمرَةُ يَعدُو وَ قَد عَلَاهُ النّفَسُ وَ هُوَ يَقُولُ يَا أُمّه أدَركِيِ‌ أخَيِ‌ مُحَمّداً وَ مَا أَرَاكِ تُدرِكِينَهُ قَالَت فَقُلتُ وَ مَا ذَاكَ قَالَ أَتَاهُ رَجُلَانِ عَلَيهِمَا ثِيَابٌ خُضرٌ فَاستَخرَجَاهُ مِن بَينِنَا وَ بَينِ الغَنَمِ فَأَضجَعَاهُ وَ شَقّا بَطنَهُ وَ هُمَا يَتَوَطّئَانِهِ قَالَت فَخَرَجتُ أَنَا وَ أَبُوهُ وَ نِسوَةٌ مِنَ الحيَ‌ّ فَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِماً يَنظُرُ إِلَي السّمَاءِ كَأَنّ الشّمسَ تَطلُعُ مِن وَجهِهِ فَالتَزَمتُهُ وَ التَزَمَهُ أَبُوهُ وَ وَ اللّهِ لَكَأَنّمَا غُمِسَ فِي المِسكِ غَمسَةً وَ قَالَ لَهُ أَبُوهُ يَا بنُيَ‌ّ مَا لَكَ قَالَ خَيرٌ يَا أَبَه أتَاَنيِ‌ رَجُلَانِ انقَضّا عَلَيّ مِنَ السّمَاءِ كَمَا يَنقَضّ الطّيرُ فأَضَجعَاَنيِ‌ وَ شَقّا بطَنيِ‌ وَ حَشَيَاهُ بشِيَ‌ءٍ كَانَ مَعَهُمَا مَا رَأَيتُ أَليَنَ مِنهُ وَ لَا أَطيَبَ رِيحاً وَ مَسَحَا عَلَي بطَنيِ‌ فَعُدتُ كَمَا كُنتُ ثُمّ وزَنَاَنيِ‌ بِعَشَرَةٍ مِن أمُتّيِ‌ فَرَجَحتُهُم فَقَالَ أَحَدُهُمَا فَلَو وَزَنتَهُ بِأُمّتِهِ كُلّهَا لَرَجَحَ وَ طَارَا كَذَلِكَ حَتّي دَخَلَا السّمَاءَ قَالَت فَحَمَلنَاهُ إِلَي خِيَمٍ لَنَا فَقَالَ النّاسُ اذهَبُوا بِهِ إِلَي كَاهِنٍ حَتّي يَنظُرَ إِلَيهِ وَ يُدَاوِيَهُ فَقَالَ مُحَمّدٌ مَا بيِ‌ شَيءٌ مِمّا تَذكُرُونَ وَ إنِيّ‌ أَرَي نفَسيِ‌ سَلِيمَةً وَ فؤُاَديِ‌ صَحِيحاً بِحَمدِ اللّهِ فَقَالَ النّاسُ أَصَابَهُ لَمَمٌ أَو طَائِفٌ مِنَ الجِنّ


صفحه : 393

قَالَت فغَلَبَوُنيِ‌ عَلَي رأَييِ‌ حَتّي انطَلَقتُ بِهِ إِلَي كَاهِنٍ فَقَصَصتُ قِصّتَهُ قَالَ دعَيِنيِ‌ أَن أَسمَعَ مِنَ الغُلَامِ فَإِنّ الغُلَامَ أَبصَرُ بِأَمرِهِ مِنكُم تَكَلّم يَا غُلَامُ قَالَت حَلِيمَةُ فَقَصّ ابنيِ‌ مُحَمّدٌص قِصّتَهُ مِن أَوّلِهَا إِلَي آخِرِهَا فَوَثَبَ الكَاهِنُ قَائِماً عَلَي قَدَمَيهِ وَ ضَمّهُ إِلَي صَدرِهِ وَ نَادَي بِأَعلَي صَوتِهِ يَا آلَ العَرَبِ يَا آلَ العَرَبِ مِن شَرّ قَدِ اقتَرَبَ اقتُلُوا هَذَا الغُلَامَ وَ اقتلُوُنيِ‌ مَعَهُ فَإِنّكُم إِن تَرَكتُمُوهُ وَ أَدرَكَ مُدرَكَ الرّجَالِ لَيُسَفّهَنّ أَحلَامَكُم وَ لَيُبدِلَنّ أَديَانَكُم وَ لَيَدعُوَنّكُم إِلَي رَبّ لَا تَعرِفُونَهُ وَ دَينٍ تُنكِرُونَهُ قَالَت فَلَمّا سَمِعتُ مَقَالَتَهُ انتَزَعتُهُ مِن يَدِهِ وَ قُلتُ أَنتَ أَعتَهُ وَ أَجَنّ مِنِ ابنيِ‌ وَ لَو عَلِمتُ أَنّ هَذَا يَكُونُ مِنكَ مَا أَتَيتُكَ بِهِ اطلُب لِنَفسِكَ مَن يَقتُلُكَ فَإِنّا لَا نَقتُلُ مُحَمّداً فَاحتَمَلتُهُ وَ أَتَيتُ بِهِ منَزلِيِ‌ فَمَا بقَيِ‌َ يَومَئِذٍ فِي بنَيِ‌ سَعدٍ بَيتٌ إِلّا وَ وُجِدَ مِنهُ رِيحُ المِسكِ. وَ كَانَ يَنقَضّ عَلَيهِ كُلّ يَومٍ طَيرَانِ أَبيَضَانِ يَغِيبَانِ فِي ثِيَابِهِ وَ لَا يَظهَرَانِ فَلَمّا رَأَي أَبُوهُ ذَلِكَ قَالَ لِي يَا حَلِيمَةُ إِنّا لَا نَأمَنُ عَلَي هَذَا الغُلَامِ وَ قَد خَشِيتُ عَلَيهِ مِن تُبّاعِ الكَهَنَةِ فَأَلحِقِيهِ بِأَهلِهِ قَبلَ أَن يُصِيبَهُ عِندَنَا شَيءٌ قَالَت فَلَمّا عَزَمتُ عَلَي ذَلِكَ سَمِعتُ صَوتاً فِي جَوفِ اللّيلِ ينُاَديِ‌ ذَهَبَ رَبِيعُ الخَيرِ وَ أَمَانُ بنَيِ‌ سَعدٍ هَنِيئاً لِبَطحَاءِ مَكّةَ إِذَا كَانَ مِثلُكَ فِيهَا يَا مُحَمّدُ فَالآنَ قَد أَمِنَت أَن تَخرَبَ أَو يُصِيبَهَا بُؤسٌ بِدُخُولِكَ إِلَيهَا يَا خَيرَ البَشَرِ قَالَت فَلَمّا أَصبَحتُ رَكِبتُ أتَاَنيِ‌ وَ وَضَعتُ النّبِيّص بَينَ يدَيَ‌ّ فَلَم أَكُن أَقدِرُ أُفَارِقُهُ مِمّا كُنتُ أُنَادَي يَمنَةً وَ يَسرَةً حَتّي انتَهَيتُ بِهِ إِلَي البَابِ الأَعظَمِ مِن أَبوَابِ مَكّةَ وَ عَلَيهِ جَمَاعَةٌ مُجتَمِعُونَ فَنَزَلتُ لأِقَضيِ‌َ حَاجَةً وَ أَنزَلتُ النّبِيّص فغَشَيِتَنيِ‌ كَالسّحَابَةِ البَيضَاءِ وَ سَمِعتُ وَجبَةً شَدِيدَةً فَفَزِعتُ وَ جَعَلتُ أَلتَفِتُ يَمنَةً وَ يَسرَةً وَ نَظَرتُ فَلَم أَرَ النّبِيّص فَصِحتُ يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ الغُلَامَ الغُلَامَ قَالُوا وَ مَنِ الغُلَامُ قُلتُ مُحَمّدُ بنُ آمِنَةَ قَالُوا وَ مِن أَينَ كَانَ مَعَكِ مُحَمّدٌ لَعَلّكِ تَحلُمِينَ أَو مِنكِ هَذَيَانٌ قُلتُ لَا وَ اللّهِ مَا حَلَمتُ وَ إنِيّ‌ لفَيِ‌ يَقِينٍ مِن أمَريِ‌ فَجَعَلتُ أبَكيِ‌ وَ أنُاَديِ‌ وَا مُحَمّدَاه فَبَينَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِشَيخٍ كَبِيرٍ فَقَالَ لِي أَيّتُهَا السّعدِيّةُ


صفحه : 394

إِنّ لَكِ لَقِصّةً عَجِيبَةً قَالَت قُلتُ إيِ‌ وَ اللّهِ لقَصِتّيِ‌ عَجِيبَةٌ مُحَمّدُ بنُ آمِنَةَ أَرضَعتُهُ ثَلَاثَةَ أَحوَالٍ لَا أُفَارِقُهُ لَيلَهُ وَ نَهَارَهُ فنَعَشَنَيِ‌َ اللّهُ بِهِ وَ أَنضَرَ وجَهيِ‌ وَ مَنّ عَلَيّ وَ أَفضَلَ بِبَرَكَتِهِ حَتّي إِذَا ظَنَنتُ أنَيّ‌ قَد بَلَغتُ بِهِ الغَايَةَ أَدّيتُ إِلَي أُمّهِ الأَمَانَةَ لِأَخرُجَ مِن عهَديِ‌ وَ أمَاَنتَيِ‌ فَاختُلِسَ منِيّ‌ اختِلَاساً قَبلَ أَن يَمَسّ قَدَمُهُ الأَرضَ وَ إنِيّ‌ أَحلِفُ بِإِلَهِ اِبرَاهِيمَ لَئِن لَم أَجِدهُ لَأَرمِيَنّ بنِفَسيِ‌ مِن حَالِقِ الجَبَلِ قَالَت وَ قَالَ لِيَ الشّيخُ لَا تبَكيِ‌ أَيّتُهَا السّعدِيّةُ ادخلُيِ‌ عَلَي هُبَلَ فتَضَرَعّيِ‌ إِلَيهِ فَلَعَلّهُ يَرُدّهُ عَلَيكِ فَإِنّهُ القوَيِ‌ّ عَلَي ذَلِكِ العَالِمُ بِأَمرِهِ قَالَت فَقُلتُ لَهُ أَيّهَا الشّيخُ كَأَنّكَ لَم تَشهَد وِلَادَةَ مُحَمّدٍ لَيلَةَ وُلِدَ مَا نَزَلَ بِاللّاتِ وَ العُزّي فَقَالَ لِي أَيّتُهَا السّعدِيّةُ إنِيّ‌ أَرَاكِ جَزِعَةً فَأَنَا أَدخُلُ عَلَي هُبَلَ وَ أَذكُرُ أَمرَكِ لَهُ فَقَد قُطِعَت أَكبَادُنَا بِبُكَائِكِ مَا لِأَحَدٍ مِنَ النّاسِ عَلَي هَذَا صَبرٌ قَالَت فَقَعَدتُ مكَاَنيِ‌ مُتَحَيّرَةً وَ دَخَلَ الشّيخُ عَلَي هُبَلَ وَ عَينَاهُ تَذرِفَانِ بِالدّمُوعِ فَسَجَدَ لَهُ طَوِيلًا وَ طَافَ بِهِ أُسبُوعاً ثُمّ نَادَي يَا عَظِيمَ المَنّ يَا قَوِيّاً فِي الأُمُورِ إِنّ مِنّتَكَ عَلَي قُرَيشٍ لَكَثِيرَةٌ وَ هَذِهِ السّعدِيّةَ رَضِيعَةُ مُحَمّدٍ تبَكيِ‌ قَد قَطَعَ بُكَاؤُهَا الأَنيَاطَ وَ أَبرَزَ العَذَارَي فَإِن رَأَيتَ أَن تَرُدّهُ عَلَيهَا إِن شِئتَ قَالَت فَارتَجّ وَ اللّهِ الصّنَمُ وَ تَنَكّسَ وَ مَشَي عَلَي رَأسِهِ وَ سَمِعتُ مِنهُ صَوتاً يَقُولُ أَيّهَا الشّيخُ أَنتَ فِي غُرُورٍ مَا لِي وَ لِمُحَمّدٍ وَ إِنّمَا يَكُونُ هَلَاكُنَا عَلَي يَدَيهِ وَ إِنّ رَبّ مُحَمّدٍ لَم يَكُن لِيُضَيّعَهُ وَ يَحفَظُهُ أَبلِغ عَبدَةَ الأَوثَانِ أَنّ مَعَهُ الذّبحَ الأَكبَرَ إِلّا أَن يَدخُلُوا فِي دِينِهِ قَالَت فَخَرَجَ الشّيخُ فَزِعاً مَرعُوباً نَسمَعُ لِسِنّهِ قَعقَعَةً وَ لِرُكبَتَيهِ اصطِكَاكاً يَقُولُ لِي يَا حَلِيمَةُ مَا رَأَيتُ مِن هُبَلَ مِثلَ هَذَا فاَطلبُيِ‌


صفحه : 395

ابنَكِ إنِيّ‌ أَرَي لِهَذَا الغُلَامِ شَأناً عَظِيماً قَالَت فَقُلتُ لنِفَسيِ‌ كَم تَكتُمُ مِن أَمرِهِ عَبدَ المُطّلِبِ أُبلِغُهُ الخَبَرَ قَبلَ أَن يَأتِيَهُ مِن غيَريِ‌ قَالَت فَدَخَلتُ عَلَي عَبدِ المُطّلِبِ فَلَمّا نَظَرَ إلِيَ‌ّ قَالَ لِي يَا حَلِيمَةُ مَا لِي أَرَاكِ جَزِعَةً بَاكِيَةً وَ لَا أَرَي مَعَكِ مُحَمّداً قَالَت قُلتُ يَا أَبَا الحَارِثِ جِئتُ بِمُحَمّدٍ أَسَرّ مَا كَانَ فَلَمّا صِرتُ عَلَي البَابِ الأَعظَمِ مِن أَبوَابِ مَكّةَ نَزَلتُ لأِقَضيِ‌َ حَاجَةً فَاختُلِسَ منِيّ‌ اختِلَاساً قَبلَ أَن يَمَسّ قَدَمُهُ الأَرضَ فَقَالَ لِيَ اقعدُيِ‌ يَا حَلِيمَةُ قَالَت ثُمّ عَلَا الصّفَا فَنَادَي يَا آلَ غَالِبٍ يعَنيِ‌ يَا آلَ قُرَيشٍ فَاجتَمَعَ إِلَيهِ الرّجَالُ فَقَالُوا لَهُ قُل يَا أَبَا الحَارِثِ فَقَد أَجَبنَاكَ فَقَالَ لَهُم إِنّ ابنيِ‌ مُحَمّداً قَد فُقِدَ قَالُوا لَهُ فَاركَب يَا أَبَا الحَارِثِ حَتّي نَركَبَ مَعَكَ قَالَت فَدَعَا عَبدُ المُطّلِبِ بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا وَ رَكِبَ النّاسُ مَعَهُ فَأَخَذَ أَعلَي مَكّةَ وَ انحَدَرَ عَلَي أَسفَلِهَا فَلَمّا أَن لَم يَرَ شَيئاً تَرَكَ النّاسَ وَ اتّزَرَ بِثَوبٍ وَ ارتَدَي بِآخَرَ وَ أَقبَلَ إِلَي البَيتِ الحَرَامِ فَطَافَ بِهِ أُسبُوعاً وَ أَنشَأَ يَقُولُ شِعرٌ.


يَا رَبّ رُدّ راَكبِيِ‌ مُحَمّداً.   رُدّ إلِيَ‌ّ وَ اتّخِذ عنِديِ‌ يَداً.

أَنتَ ألّذِي جَعَلتَهُ لِي عَضُداً.   يَا رَبّ إِنّ مُحَمّداً لَم يُوجَدَا.

  َجَمعُ قوَميِ‌ كُلّهِم تَبَدّداً.

قَالَ فَسَمِعنَا مُنَادِياً ينُاَديِ‌ مِن جَوّ الهَوَاءِ مَعَاشِرَ النّاسِ لَا تَضِجّوا فَإِنّ لِمُحَمّدٍ رَبّاً لَا يُضَيّعُهُ وَ لَا يَخذُلُهُ قَالَ عَبدُ المُطّلِبِ يَا أَيّهَا الهَاتِفُ مَن لَنَا بِهِ وَ أَينَ هُوَ قَالَ بوِاَديِ‌ تِهَامَةَ فَأَقبَلَ عَبدُ المُطّلِبِ رَاكِباً مُتَسَلّحاً فَلَمّا صَارَ فِي بَعضِ الطّرِيقِ تَلَقّاهُ وَرَقَةُ بنُ نَوفَلٍ فَصَارَا جَمِيعاً يَسِيرَانِ فَبَينَمَا هُم كَذَلِكَ إِذَا النّبِيّص تَحتَ شَجَرَةٍ وَ قَالَ بَعضُهُم بَينَا أَبُو مَسعُودٍ الثقّفَيِ‌ّ وَ عَمرُو بنُ نَوفَلٍ يَدُورَانِ عَلَي رَوَاحِلِهِمَا إِذَا هُمَا بِرَسُولِ اللّهِ قَائِماً عِندَ شَجَرَةِ الطّلحَةِ وَ هيِ‌َ المَوزُ يَتَنَاوَلُ مِن وَرَقِهَا فَقَالَ أَبُو مَسعُودٍ لِعَمرٍو شَأنَكَ بِالغُلَامِ فَأَقبَلَ إِلَيهِ عَمرٌو وَ هُوَ لَا يَعرِفُهُ فَقَالَ لَهُ مَن أَنتَ يَا غُلَامُ فَقَالَ أَنَا مُحَمّدُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ المُطّلِبِ بنِ هَاشِمٍ فَاحتَمَلَهُ بَينَ يَدَيهِ عَلَي الرّاحِلَةِ حَتّي أَتَي بِهِ عَبدَ المُطّلِبِ. قَالَ إِسحَاقُ فحَدَثّنَيِ‌ سَلَمَةُ عَن مُحَمّدٍ عَن يَزِيدَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ قَالَ لَمّا أَن رَدّ اللّهُ مُحَمّداً عَلَي عَبدِ المُطّلِبِ تَصَدّقَ ذَلِكَ اليَومَ عَلَي فُقَرَاءِ قُرَيشٍ بِأَلفِ نَاقَةٍ كَومَاءَ وَ


صفحه : 396

خَمسِينَ رِطلًا مِن ذَهَبٍ ثُمّ جَهّزَ حَلِيمَةَ بِأَفضَلِ الجَهَازِ

26- وَ روُيِ‌َ أَنّهُ لَمّا سَلّمَتهُ أُمّهُ إِلَي حَلِيمَةَ السّعدِيّةِ لِتُرضِعَهُ وَ قَامَت سُوقَ عُكَاظَ انطَلَقَت بِهِ إِلَي عَرّافٍ مِن هُذَيلٍ يُرِيهِ النّاسُ صِبيَانَهُم فَلَمّا نَظَرَ إِلَيهِ صَاحَ يَا مَعشَرَ هُذَيلٍ يَا مَعشَرَ العَرَبِ فَاجتَمَعَ النّاسُ مِن أَهلِ المَوَاسِمِ فَقَالَ اقتُلُوا هَذَا الصبّيِ‌ّ فَانسَلّت بِهِ حَلِيمَةُ فَجَعَلَ النّاسُ يَقُولُونَ أَيّ صبَيِ‌ّ فَيَقُولُ هَذَا الصبّيِ‌ّ فَلَا يَرَونَ شَيئاً قَدِ انطَلَقَت بِهِ أُمّهُ فَيُقَالُ مَا هُوَ فَيَقُولُ رَأَيتُ غُلَاماً وَ آلِهَتِهِ لَيَقتُلَنّ أَهلَ دِينِكُم وَ لَيَكسِرَنّ آلِهَتَكُم وَ لَيُظهِرَنّ أَمرَهُ عَلَيكُم فَطُلِبَ بِعُكَاظَ فَلَم يُوجَد وَ رَجَعَت بِهِ حَلِيمَةُ إِلَي مَنزِلِهَا فَكَانَت بَعدُ لَا تَعرِضُهُ لِعَرّافٍ وَ لَا لِأَحَدٍ مِنَ النّاسِ

27- وَ رَوَي بِإِسنَادٍ ذَكَرَهُ عَن شَدّادِ بنِ أَوسٍ قَالَبَينَا رَسُولُ اللّهِص يُحَدّثُنَا عَلَي بَابِ الحُجُرَاتِ إِذ أَقبَلَ شَيخٌ مِن بنَيِ‌ عَامِرٍ هُوَ مَدَرَةُ قَومِهِ وَ سَيّدُهُم شَيخٌ كَبِيرٌ يَتَوَكّأُ عَلَي عَصَاهُ فَمَثَلَ بَينَ يدَيَ‌ رَسُولِ اللّهِص وَ نَسَبَهُ إِلَي جَدّهِ فَقَالَ يَا ابنَ عَبدِ المُطّلِبِ إنِيّ‌ أُنبِئتُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ إِلَي النّاسِ أَرسَلَكَ بِمَا أَرسَلَ بِهِ اِبرَاهِيمَ وَ مُوسَي وَ عِيسَي وَ غَيرَهُم مِنَ الأَنبِيَاءِ ع أَلَا وَ إِنّكَ تَفَوّهتَ بِعَظِيمٍ إِنّمَا كَانَتِ الأَنبِيَاءُ وَ الخُلَفَاءُ فِي بَيتَينِ مِن بُيُوتِ بنَيِ‌ إِسرَائِيلَ بَيتِ خِلَافَةٍ وَ بَيتِ نُبُوّةٍ فَلَا أَنتَ مِن أَهلِ هَذَا البَيتِ وَ لَا مِن أَهلِ هَذَا البَيتِ إِنّمَا أَنتَ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ مِمّن كَانَ يَعبُدُ هَذِهِ الحِجَارَةَ وَ الأَوثَانَ فَمَا لَكَ وَ لِلنّبُوّةِ وَ لَكِن لِكُلّ قَولٍ حَقِيقَةٌ فأَتنِيِ‌ بِحَقِيقَةِ قَولِكَ وَ بَدءِ شَأنِكَ فَأَعجَبَ النّبِيّص مُسَاءَلَتَهُ ثُمّ قَالَ يَا أَخَا بنَيِ‌ عَامِرٍ إِنّ لِلحَدِيثِ ألّذِي تَسأَلُ عَنهُ نَبَأً فَاجلِس فَسَل فَثَنَي رِجلَهُ


صفحه : 397

وَ بَرَكَ كَمَا يَبرُكُ البَعِيرُ فَاستَقبَلَهُ رَسُولُ اللّهِص بِالحَدِيثِ فَقَالَ يَا أَخَا بنَيِ‌ عَامِرٍ إِنّ حَقِيقَةَ قوَليِ‌ وَ بَدءَ شأَنيِ‌ أنَيّ‌ دَعوَةُ اِبرَاهِيمَ ع وَ بُشرَي أخَيِ‌ عِيسَي ابنِ مَريَمَ ع وَ أنَيّ‌ كُنتُ بِكرَ أمُيّ‌ وَ أَنّهَا حمَلَتَنيِ‌ كَأَثقَلِ مَا تَحمِلُ النّسَاءُ حَتّي جَعَلَت تشَتكَيِ‌ إِلَي صَوَاحِبَاتِهَا ثِقَلَ مَا تَجِدُ ثُمّ إِنّ أمُيّ‌ رَأَت فِي المَنَامِ أَنّ ألّذِي فِي بَطنِهَا نُورٌ حَتّي أَضَاءَت لَهُ مَشَارِقُ الأَرضِ وَ مَغَارِبُهَا ثُمّ إِنّهَا ولَدَتَنيِ‌ فَلَمّا نَشَأتُ بَغُضَت إلِيَ‌ّ الأَوثَانُ وَ بَغُضَ إلِيَ‌ّ الشّعرُ وَ كُنتُ مُستَرضِعاً فِي بنَيِ‌ بَكرٍ فَبَينَا أَنَا ذَاتَ يَومٍ مَعَ أَترَابٍ لِي مِنَ الصّبيَانِ فِي بَطنِ وَادٍ وَ إِذَا أَنَا بِرَهطٍ مَعَهُم طَشتٌ مِن ذَهَبٍ مَلآنُ ثَلجاً فأَخَذَوُنيِ‌ مِن بَينِ أصَحاَبيِ‌ وَ انطَلَقُوا أصَحاَبيِ‌ هُرّاباً حَتّي إِذَا انتَهَوا إِلَي شَفِيرِ الواَديِ‌ أَقبَلُوا عَلَي الرّهطِ فَقَالُوا مَا رَابَكُم إِلَي هَذَا الغُلَامِ فَإِنّهُ لَيسَ مِنّا هَذَا ابنُ سَيّدِ قُرَيشٍ وَ هُوَ مُستَرضِعٌ فِينَا مِن غُلَامٍ لَيسَ لَهُ أَبٌ وَ لَا أُمّ فَمَا ذَا يَرُدّ عَلَيكُم قَتلُهُ وَ مَا تُصِيبُونَ مِن ذَلِكَ فَإِن كُنتُم لَا بُدّ قَاتِلِيهِ فَاختَارُوا مِنّا أَيّنَا شِئتُم فَاقتُلُوهُ مَكَانَهُ وَ دَعُوا هَذَا الغُلَامَ فَلَمّا رَأَي الصّبيَانُ أَنّ القَومَ لَا يُحِيرُونَ إِلَيهِم جَوَاباً انطَلَقُوا هُرّاباً مُسرِعِينَ إِلَي الحيَ‌ّ يُؤذِنُونَهُم بيِ‌ وَ يَستَصرِخُونَهُم عَلَي القَومِ فَعَمَدَ أَحَدُهُم فأَضَجعَنَيِ‌ عَلَي الأَرضِ إِضجَاعاً لَطِيفاً ثُمّ شَقّ مَا بَينَ مَفرَقِ صدَريِ‌ إِلَي مُنتَهَي عاَنتَيِ‌ وَ أَنَا أَنظُرُ إِلَيهِ لَا أَجِدُ لِذَلِكَ مَسّاً ثُمّ أَخرَجَ أَحشَاءَ بطَنيِ‌ فَغَسَلَهَا بِذَلِكَ الثّلجِ فَأَنعَمَ غَسلَهَا ثُمّ أَعَادَهَا مَكَانَهَا ثُمّ قَامَ الثاّنيِ‌ مِنهُم فَقَالَ لِصَاحِبِهِ تَنَحّ فَنَحّاهُ عنَيّ‌ ثُمّ أَدخَلَ يَدَهُ فِي جوَفيِ‌ فَأَخرَجَ قلَبيِ‌ فَصَدَعَهُ فَأَخرَجَ مِنهُ مُضغَةً سَودَاءَ فَرَمَي بِهَا ثُمّ قَالَ بِيَدِهِ يَمنَةً مِنهُ كَأَنّهُ تَنَاوَلَ شَيئاً فَإِذَا أَنَا فِي يَدِهِ بِخَاتَمِ نُورٍ تَحَارُ أَبصَارُ النّاظِرِينَ دُونَهُ فَخَتَمَ بِهِ قلَبيِ‌ فَامتَلَأَ نُوراً وَ ذَلِكَ نُورُ النّبُوّةِ وَ الحِكمَةِ ثُمّ أَعَادَهُ إِلَي مَكَانِهِ فَوَجَدتُ بَردَ ذَلِكَ الخَاتَمِ ثُمّ قَامَ الثّالِثُ مِنهُم فَقَالَ لِصَاحِبِهِ تَنَحّ فَنَحّاهُ عنَيّ‌ وَ أَمَرّ يَدَهُ مَا بَينَ مَفرَقِ صدَريِ‌ إِلَي مُنتَهَي عاَنتَيِ‌ فَالتَأَمَ ذَلِكَ الشّقّ بِإِذنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ ثُمّ أَخَذَ بيِدَيِ‌ فأَنَهضَنَيِ‌ مِن مكَاَنيِ‌ إِنهَاضاً لَطِيفاً ثُمّ قَالَ لِلأَوّلِ ألّذِي شَقّ بطَنيِ‌ زِنهُ بِعَشَرَةٍ مِن أُمّتِهِ فوَزَنَنَيِ‌ بِهِم فَرَجَحتُهُم ثُمّ قَالَ زِنهُ بِمِائَةٍ مِن أُمّتِهِ فوَزَنَنَيِ‌ بِهِم فَرَجَحتُهُم ثُمّ قَالَ زِنهُ بِأَلفٍ مِن أُمّتِهِ فوَزَنَنَيِ‌ بِهِم فَرَجَحتُهُم فَقَالَ دَعُوهُ فَلَو وَزَنتُمُوهُ بِأُمّتِهِ كُلّهَا


صفحه : 398

رَجَحَهُم ثُمّ انكَبّوا عَلَيّ فضَمَوّنيِ‌ إِلَي صُدُورِهِم فَقَبّلُوا رأَسيِ‌ وَ مَا بَينَ عيَنيَ‌ّ ثُمّ قَالُوا يَا حَبِيبُ لَم تَرُع إِنّكَ لَو تدَريِ‌ مَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الخَيرِ لَقَرّت عَينُكَ فَبَينَا نَحنُ كَذَلِكَ إِذَا نَحنُ باِلحيَ‌ّ قَد جَاءُوا بِحَذَافِيرِهِم وَ إِذَا أمُيّ‌ وَ هيِ‌َ ظئِريِ‌ أَمَامَ الحيَ‌ّ تَهتِفُ بِأَعلَي صَوتِهَا وَ هيِ‌َ تَقُولُ يَا ضَعِيفَاه استُضعِفتَ مِن بَينِ أَصحَابِكَ فَقُتِلتَ لِضَعفِكَ فَانكَبّوا عَلَيّ وَ ضمَوّنيِ‌ إِلَي صُدُورِهِم وَ قَبّلُوا رأَسيِ‌ وَ مَا بَينَ عيَنيَ‌ّ وَ قَالُوا حَبّذَا أَنتَ مِن ضَعِيفٍ قَالَت ظئِريِ‌ يَا وَحِيدَاه فَانكَبّوا عَلَيّ وَ قَالُوا حَبّذَا أَنتَ مِن وَحِيدٍ وَ مَا أَنتَ بِوَحِيدٍ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ مَعَكَ وَ المَلَائِكَةُ وَ المُؤمِنُونَ مِن أَهلِ الأَرضِ ثُمّ قَالَت ظئِريِ‌ يَا يَتِيمَاه فَانكَبّوا عَلَيّ وَ قَالُوا حَبّذَا أَنتَ مِن يَتِيمٍ مَا أَكرَمَكَ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ لَو تدَريِ‌ مَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الخَيرِ فَلَمّا بَصُرَت بيِ‌ أمُيّ‌ وَ هيِ‌َ ظئِريِ‌ قَالَت يَا بنُيَ‌ّ لَا أَرَاكَ حَيّاً بَعدُ فَجَاءَت فأَخَذَتَنيِ‌ وَ ضمَتّنيِ‌ إِلَي صَدرِهَا وَ أجَلسَتَنيِ‌ فِي حَجرِهَا فَوَ ألّذِي نفَسيِ‌ بِيَدِهِ إنِيّ‌ لفَيِ‌ حَجرِهَا وَ إِنّ يدَيِ‌ لفَيِ‌ يَدِ بَعضِهِم فَجَعَلتُ أَلتَفِتُ إِلَيهِم فَظَنَنتُ أَنّهُم يُبصِرُونَهُم فَإِذَا هُم لَا يُبصِرُونَهُم فَيَقُولُ بَعضُ القَومِ قَد أَصَابَ هَذَا الغُلَامَ لَمَمٌ أَو طَيفٌ مِنَ الجِنّ فَاذهَبُوا بِهِ إِلَي كَاهِنِنَا حَتّي يَنظُرَ إِلَيهِ وَ يُدَاوِيَهُ فَقُلتُ يَا هَذَا مَا بيِ‌ شَيءٌ مِمّا تَذكُرُونَ إنِيّ‌ لَأَرَي نفَسيِ‌ سَلِيمَةً وَ فؤُاَديِ‌ صَحِيحاً لَيسَ بيِ‌ قَلَبَةٌ فَقَالَ أَبِي وَ هُوَ زَوجُ ظئِريِ‌ أَ لَا تَرَونَ إِلَي كَلَامِهِ صَحِيحاً إنِيّ‌ لَأَرجُو أَن لَا يَكُونَ باِبنيِ‌ بَأسٌ فَأَتَوا بيِ‌ كَاهِنَهُم فَقَصّوا عَلَيهِ قصِتّيِ‌ فَقَالَ اسكُتُوا حَتّي أَسمَعَ مِنَ الغُلَامِ أَمرَهُ فَهُوَ أَعلَمُ بِأَمرِهِ مِنكُم فسَأَلَنَيِ‌ فَقَصَصتُ عَلَيهِ أمَريِ‌ مِن أَوّلِهِ إِلَي آخِرِهِ فَوَثَبَ إلِيَ‌ّ وَ ضمَنّيِ‌ إِلَي صَدرِهِ ثُمّ نَادَي بِأَعلَي صَوتِهِ يَا لَلعَرَبِ مَرّتَينِ اقتُلُوا هَذَا الغُلَامَ وَ اقتلُوُنيِ‌ مَعَهُ فَوَ اللّاتِ وَ العُزّي لَئِن تَرَكتُمُوهُ وَ أَدرَكَ لَيُخَالِفَنّ أَمرَكُم وَ لَيُسَفِهَنّ عُقُولَكُم وَ عُقُولَ آبَائِكُم وَ لَيُبدِلَنّ دِينَكُم وَ لَيَأتِيَنّكُم بِدِينٍ لَم تَسمَعُوا بِمِثلِهِ فَعَمَدَت ظئِريِ‌ فاَنتزَعَتَنيِ‌ مِن حَجرِهِ وَ قَالَت لَأَنتَ أَعتَهُ وَ أَجَنّ مِنِ ابنيِ‌ هَذَا وَ لَو عَلِمتُ


صفحه : 399

أَنّ هَذَا قَولُكَ مَا آتَيتُكَ بِهِ فَاطلُب لِنَفسِكَ مَن يَقتُلُكَ فَإِنّا غَيرُ قَاتِلٍ هَذَا الغُلَامَ ثُمّ احتمَلَوُنيِ‌ فأَدَوّنيِ‌ إِلَي أهَليِ‌ وَ أَصبَحتُ مُعَرّي مِمّا فُعِلَ بيِ‌ وَ أَصبَحَ أَثَرُ الشّقّ مَا بَينَ مَفرَقِ صدَريِ‌ إِلَي مُنتَهَي عاَنتَيِ‌ كَأَنّهُ الشّرَاكُ فَذَاكَ يَا أَخَا بنَيِ‌ عَامِرٍ حَقِيقَةُ أمَريِ‌ وَ بَدءُ نشَأتَيِ‌ فَقَالَ العاَمرِيِ‌ّ أَشهَدُ بِاللّهِ ألّذِي لَا إِلَهَ غَيرُهُ أَنّ أَمرَكَ حَقّ فأَنَبئِنيِ‌ عَن أَشيَاءَ أَسأَلُكَ عَنهَا قَالَ سَل عَنكَ كَلّمَهُ بِلُغَةِ عَامِرٍ قَالَ يَا ابنَ عَبدِ المُطّلِبِ مَا ذَا يَزِيدُ فِي العِلمِ قَالَ التّعَلّمُ قَالَ فَمَا يَزِيدُ فِي الشّرّ قَالَ التمّاَديِ‌ قَالَ هَل يَنفَعُ البِرّ بَعدَ الفُجُورِ قَالَ نَعَم التّوبَةُ تَغسِلُ الحَوبَةَ وَ الحَسَنَاتُ يُذهِبنَ السّيّئَاتِ وَ إِذَا ذَكَرَ العَبدُ رَبّهُ عَزّ وَ جَلّ فِي الرّخَاءِ أَجَابَهُ عِندَ البَلَاءِ قَالَ يَا ابنَ عَبدِ المُطّلِبِ وَ كَيفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُ وَ عزِتّيِ‌ وَ جلَاَليِ‌ لَا أَجمَعُ أَبَداً لعِبَديِ‌ أَمنَينِ وَ لَا أَجمَعُ عَلَيهِ أَبَداً خَوفَينِ إِن هُوَ آمنَنَيِ‌ فِي الدّنيَا خاَفنَيِ‌ يَومَ أَجمَعُ فِيهِ عبِاَديِ‌ لِمِيقَاتِ يَومٍ مَعلُومٍ فَيَدُومُ لَهُ خَوفُهُ وَ إِن هُوَ خاَفنَيِ‌ فِي الدّنيَا آمنَنَيِ‌ يَومَ أَجمَعُ فِيهِ عبِاَديِ‌ فِي حَظِيرَةِ القُدسِ فَيَدُومُ لَهُ أَمنُهُ وَ لَا أَمحَقُهُ فِيمَن أَمحَقُ قَالَ يَا ابنَ عَبدِ المُطّلِبِ فَإِلَي مَا تَدعُو قَالَ أَدعُو إِلَي عِبَادَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَن تَخلَعَ الأَندَادَ وَ تَكفُرَ بِاللّاتِ وَ العُزّي وَ تُقِرّ بِمَا جَاءَ بِهِ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن كِتَابٍ أَو رَسُولٍ وَ تصُلَيّ‌َ الصّلَوَاتِ الخَمسَ بِحَقَائِقِهِنّ وَ تؤُدَيّ‌َ زَكَاةَ مَالِكَ يُطَهّرُكَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ وَ يُطَهّرُ لَكَ مَالَكَ وَ تَصُومَ شَهراً مِنَ السّنَةِ وَ تَحُجّ البَيتَ إِذَا وَجَدتَ إِلَيهِ سَبِيلًا وَ تَغتَسِلَ مِنَ الجَنَابَةِ وَ تُؤمِنَ بِالمَوتِ وَ بِالبَعثِ بَعدَ المَوتِ وَ بِالجَنّةِ وَ النّارِ قَالَ يَا ابنَ عَبدِ المُطّلِبِ فَإِذَا فَعَلتُ ذَلِكَ فَمَا لِي قَالَجَنّاتُ عَدنٍ تجَريِ‌ مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدِينَ فِيها وَ ذلِكَ جَزاءُ مَن تَزَكّي قَالَ يَا ابنَ عَبدِ المُطّلِبِ فَهَل مَعَ هَذَا شَيءٌ مِنَ الدّنيَا فَإِنّهُ يعُجبِنُيِ‌ الوَطَاءَةُ فِي العَيشِ قَالَ نَعَم النّصرُ وَ التّمكِينُ فِي البِلَادِ فَأَحَابَ[فَأَجَابَ] وَ أَنَابَ


صفحه : 400

هذاحديث حسن غريب بهذا السياق يعد في إفراد محمد بن يعلي . ومدرة القوم خطيبهم والمتكلم عنهم و قوله فمثل أي قام وتفوهت أي تكلمت و قوله دعوة ابراهيم هي‌ قول الله عز و جل عن ابراهيم ع رَبّنا وَ ابعَث فِيهِم رَسُولًا مِنهُم و قوله تعالي قالَ وَ مِن ذرُيّتّيِ‌ و قوله إني‌ كنت بكر أمي‌ أي أول ولد ولدته و في نسخة كنت في بطن أمي‌ و قوله مارابكم أي ماشكككم ومعناه هاهنا مادعاكم إلي أخذ هذاالغلام و قوله فما ذا يرد عليكم قتله أي ماينفعكم ذلك و لايحيرون أي لايرجعون و لايردون ويؤذنونهم يعلمونهم ويستصرخون أي يستغيثون بهم و قوله فأنعم غسلها أي بالغ فيه و قوله فصدعه أي فشقه و قوله ثم قال بيده يمنة منه أي أشار بيده إلي جانب يمينه قوله فإذا أنا في يده بخاتم نور أي رأيت حينئذ ذلك في يده و قوله رجحهم أي رجح بهم وعليهم و قوله لم ترع أي لاتخف وجواب قوله و لوتدري‌ مايراد بك في المرة الأخيرة محذوف تقديره لقرت عينك والقلبة الداء واللام في ياللعرب للاستغاثة و قوله معري من العرواء وهي‌ الرعدة و قوله سل عنك و في رواية أخري قال كان النبي ص يقول للسائلين قبل ذلك سل عما شئت وعما بدا لك فقال للعامري‌ سل عنك لأنها لغة بني‌ عامر فكلمه بما يعرف قوله فأتني‌ بحقيقة ذلك و في رواية فأنبئني‌ والحوبة الإثم والوطء النعمة

28-كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ،روُيِ‌َ عَن حَلِيمَةَ السّعدِيّةِ قَالَت لَمّا تَمّت للِنبّيِ‌ّص


صفحه : 401

سَنَةٌ تَكَلّمَ بِكَلَامٍ لَم أَسمَع أَحسَنَ مِنهُ سَمِعتُهُ يَقُولُ قُدّوسٌ قُدّوسٌ نَامَتِ العُيُونُ وَ الرّحمَنُلا تَأخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَومٌ وَ لَقَد ناَولَتَنيِ‌ امرَأَةٌ كَفّ تَمرٍ مِن صَدَقَةٍ فَنَاوَلتُهُ مِنهُ وَ هُوَ ابنُ ثَلَاثِ سِنِينَ فَرَدّهُ عَلَيّ وَ قَالَ يَا أُمّةِ لَا تأَكلُيِ‌ الصّدَقَةَ فَقَد عَظُمَت نِعمَتُكِ وَ كَثُرَ خَيرُكِ فإَنِيّ‌ لَا آكُلُ الصّدَقَةَ قَالَت فَوَ اللّهِ مَا قَبِلتُهَا بَعدَ ذَلِكَ

29- ثم قال الكازروني‌ روي‌ أن شق صدره ص كان في سنة ثلاث من مولده وقيل في سنة أربع علي ماروي‌ عن محمد بن سعد عن محمد بن عمر عن أصحابه قال مكث ص عندهم سنتين حتي فطم و كان ابن أربع سنين فقدموا به علي أمه زائرين لها به وأخبرتها حليمة خبره و مارأوا من بركته فقالت آمنة ارجعي‌ بابني‌ فإني‌ أخاف عليه وباء مكة فو الله ليكونن له شأن فرجعت به و لمابلغ أربع سنين أتاه الملكان فشقا بطنه ثم نزلت به إلي آمنة وأخبرتها خبره ثم رجعت به أيضا و كان عندها سنة ونحوها لاتدعه يذهب مكانا بعيدا ثم رأت غمامة تظله إذاوقف وقفت و إذاسار سارت فأفزعها ذلك أيضا من أمره فقدمت به إلي أمه لترده و هو ابن خمس سنين فأضلته في الناس فالتمسته فلم تجده وذكر نحو ماتقدم . و قدروي‌ أن عبدالمطلب بعثه ص في حاجة وضاع و في الأخبار أن حليمة قدمت علي رسول الله ص بمكة و قدتزوج بخديجة فشكت إليه جدب البلاد وهلاك الماشية فكلم رسول الله ص خديجة فأعطتها أربعين شاة وبعيرا وانصرفت إلي أهلها ثم قدمت عليه ص بعدالإسلام فأسلمت هي‌ وزوجها. وروُيِ‌َ فِي الحَدِيثِ

استَأذَنَتِ امرَأَةٌ عَلَي النّبِيّص كَانَت أَرضَعَتهُ فَلَمّا دَخَلَت


صفحه : 402

عَلَيهِ قَالَ أمُيّ‌ أمُيّ‌ وَ عَمَدَ إِلَي رِدَائِهِ فَبَسَطَهُ لَهَا فَقَعَدَت عَلَيهِ

. وروي‌ عن أبي حازم قال قدم كاهن مكة و رسول الله ابن خمس سنين و قدقدمت به ظئره إلي عبدالمطلب وكانت تأتيه به في كل عام فنظر إليه الكاهن مع عبدالمطلب فقال يامعشر قريش اقتلوا هذاالصبي‌ فإنه يفرقكم ويقتلكم فهرب به عبدالمطلب فلم يزل قريش تخشي من أمره ما كان الكاهن حذرهم من أمره . و في سنة ست من مولده ص ماتت أمه كمامر ذكره . ولنذكر ماحدث في سنة سبع من مولده ص روي‌ عن نافع بن حسين قال كان رسول الله ص يكون مع أمه آمنة فلما توفيت قبضه إليه جده عبدالمطلب وضمه ورق عليه رقة لم يرقها علي ولده و كان يقر به منه ويدنيه ويدخل عليه إذاخلا و إذانام و كان يجلس علي فراشه فيقول عبدالمطلب إذارأي ذلك دعوا ابني‌ فإنه يؤنس ملكا و قال قوم من بني‌ مدلج لعبد المطلب احتفظ به فإنا لم نر قدما أشبه بالقدم التي‌ في المقام منه فقال عبدالمطلب لأبي‌ طالب اسمع ما يقول هؤلاء فكان أبوطالب يحتفظه و قال عبدالمطلب لأم أيمن وكانت تحضن رسول الله ص يابركة لاتغفلي‌ عن ابني‌ فإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني‌ نبي‌ هذه الأمة و كان عبدالمطلب لايأكل طعاما إلا قال علي بابني‌ فيؤتي به إليه فلما حضرت عبدالمطلب الوفاة أوصي أباطالب بحفظ رسول الله ص وحياطته . ومما وقع في تلك السنة ماروي‌ أنه أصاب رسول الله ص رمد شديد فعولج بمكة


صفحه : 403

فلم يغن عنه فقيل لعبد المطلب إن في ناحية عكاظ راهبا يعالج الأعين فركب إليه فناداه وديره مغلق فلم يجب فتزلزل به ديره حتي خاف أن يسقط عليه فخرج مبادرا فقال يا عبدالمطلب إن هذاالغلام نبي‌ هذه الأمة و لو لم أخرج إليك لخر علي ديري‌ فارجع به واحفظه لايغتاله بعض أهل الكتاب ثم عالجه وأعطاه مايعالج به وألقي الله له المحبة في قلوب قومه و كل من يراه . و من ذلك خروج عبدالمطلب برسول الله ص يستسقون كماروي‌ بإسناد ذكره عن رقيقة بنت صيفي‌ بن هاشم قالت تتابعت علي قريش سنون أقحلت الضرع وأرمت العظم ويروي وأرقت وأدقت فبينا أناراقدة أللهم أومهومة ومعي‌ صنوي‌ فإذا أنابهاتف صيت يصرخ بصوت صحل يقول يامعشر قريش إن هذا النبي المبعوث منكم هذاإبان نجومه فحي‌ هلا بالحيا والخصب ألا فانظروا رجلا منكم طوالا عظاما أبيض بضا أشم العرنين سهل الخدين له فخر يكظم عليه ويروي رجلا وسيطا عظاما جساما أوطف الأهداب ألا فليخلص هو وولده وليدلف إليه من كل بطن رجل ألا فليشنوا من الماء وليمسوا من الطيب وليطوفوا بالبيت سبعا ألا وفيهم الطيب الطاهر لداته ألا فليستسق الرجل وليؤمن القوم ألا فغثتم إذا ماشئتم وعشتم


صفحه : 404

قالت فأصبحت مذعورة قدقف جلدي‌ ودله عقلي‌ واقتصصت رؤياي‌ فو الحرمة والحرم إن بقي‌ أبطحي‌ إلا قال هذاشيبة الحمد وتتامت عنده قريش وانقض إليه من كل بطن رجل فشنوا ومسوا واستلموا وطوفوا ثم ارتقوا أباقبيس وطفق القوم يدفون حوله ما إن يدرك سعيهم مهله حتي قروا بذروة الجبل واستكفوا جنابيه فقام عبدالمطلب فاعتضد ابن ابنه محمدا فرفعه علي عاتقه و هويومئذ غلام قدأيفع أوكرب ثم قال أللهم ساد الخلة وكاشف الكربة أنت عالم غيرمعلم مسئول غيرمبخل و هذه عبداؤك وإماؤك بعذرات حرمك يشكون إليك سنتهم التي‌ أذهبت الخف والظلف فاسمعن أللهم وأمطرن علينا غيثا مريعا مغدقا فما راموا البيت حتي انفجرت السماء بمائها وكظ الوادي‌ بثجيجه فسمعت شيخان العرب وجلها عبد الله بن جدعان وحرب بن أمية وشهاب بن المغيرة يقولون لعبد المطلب هنيئا لك أباالبطحاء و في ذلك قالت رقيقة شعر.


بشيبة الحمد أسقي الله بلدتنا.   فقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر.

فجاد بالماء جوني‌ له سبل .   سحا فعاشت به الأنعام والشجر.

منا من الله بالميمون طائره .   وخير من بشرت يوما به مضر.

مبارك الاسم يستسقي الغمام به .   ما في الأنام له عدل و لاخطر.

قوله أقحلت من قحل قحولا إذايبس راقدة أي نائمة مهومة يقال هوم أي هز رأسه من النعاس صيت فيعل من صات يصوت كالميت من مات والصحل ألذي في صوته مايذهب بحدته من بحة و هومستلذ في السمع إبان نجومه وقت


صفحه : 405

ظهوره و هوفعلان من آب الشي‌ء إذاتهيأ وحي‌ هلا أي ابدأ به واعجل بذكره والحيا بفتح الحاء مقصورا المطر لأنه حياة الأرض وطوال مبالغة في طويل وكذا عظام وجسام وفعال مبالغة في فعيل وفعال أبلغ منه نحو كرام وكرام والكظم الإمساك وترك الإبداء أي إنه من ذوي‌ الحسب والفخر و هو لايبدي‌ ذلك والبض بالباء الموحدة المفتوحة والضاد المعجمة من البضاضة و هورقة اللون وصفاء البشرة والعرنين بالكسر الأنف وقيل رأسه والوسيط أفضل القوم من الوسط أوطف الأهداب طويلها فليخلص أي فليتميز هو وولده من الناس من قوله تعالي خَلَصُوا نَجِيّا وليدلف إليه وليقبل إليه من الدليف و هوالمشي‌ الرويد والتقدم في رفق وشن الماء صبه علي رأسه وقيل الشن صب الماء متفرقا قوله لداته علي وجهين أن يكون جمع لدة مصدر ولد نحو عدة وزنة يعني‌ أن مولده ومواليد من مضي من آبائه كلها موصوف بالطهر والذكاء و أن يراد أترابه وذكر الأتراب أسلوب من أساليبهم في تثبيت الصفة وتمكينها لأنه إذاجعل من جماعة وأقران ذوي‌ طهارة فذاك أثبت لطهارته وأدل علي قدسه غثتم مطرتم بكسر الغين أوبضمه قف تقبض واقشعر والقفة الرعدة دله دهش وتحير شيبة الحمد اسم لعبد المطلب عامر وإنما قيل له شيبة لشيبة كانت في رأسه حين ولد و قدمر سبب تسميته بعبد المطلب تتامت التتام التوافر يدفون الدفيف المر السريع والمهل بالإسكان التؤدة استكفوا أحدقوا من الكفة وهي‌ مااستدار ككفة الميزان جنابيه أي جانبيه أيفع ارتفع كرب قرب من الإيفاع و منه الكروبيون المقربون من الملائكة والعبداء والعبدي بالمد والقصر العبيد والعذرة الفناء وكظيظ الوادي‌ امتلاؤه والثجيج الماء المثجوج أي المصبوب والشيخان جمع شيخ كالضيفان في ضيف وقيل له أبوالبطحاء لأن أهلها عاشوا به وانتعشوا كمايقال للطعام أبوالأضياف واجلوذ أي كثر وامتد جوني‌ سحاب


صفحه : 406

أسود وسبل جار سحا أي منصبا والعدل المثل وكذلك الخطر. ثم قال و من ذلك خروج عبدالمطلب لتهنئة سيف بن ذي‌ يزن كما حدثناإسماعيل بن المظفر بإسناده عن عفير بن زرعة بن سيف بن ذي‌ يزن قال لماظفر جدي‌ سيف علي الحبشة و ذلك بعدمولد النبي ص بسنتين أتت وفود العرب وأشرافها وشعراؤها لتهنئته وتذكر ما كان من بلائه وطلبه ثبار قومه .أقول وساق الحديث مثل ماتقدم برواية الصدوق في باب البشائر. ثم قال هذاالحديث دال علي أن الوفادة إلي ابن ذي‌ يزن كان في سنة ثلاث من مولد رسول الله ص والأصح أنها كانت سنة سبع لأنه يقول عبدالمطلب توفي‌ أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه وأم رسول الله ص لم تمت حتي بلغ ست سنين . ثم قال و أما ما كان سنة ثمان من مولده ص فمن ذلك موت عبدالمطلب رضي‌ الله عنه و كان يوصي‌ برسول الله ص عمه أباطالب و ذلك أن أباطالب و عبد الله أبا رسول الله ص كانا لأم و كان الزبير من أمهما أيضا لكن كانت كفالة أبي طالب له بسبب فيه ثلاثة أقوال أحدها وصية عبدالمطلب لأبي‌ طالب والثاني‌ أنهما اقترعا فخرجت القرعة لأبي‌ طالب والثالث أن رسول الله ص اختاره ومات عبدالمطلب و هويومئذ ابن ثنتين وثمانين سنة ويقال ابن مائة وعشرين سنة


صفحه : 407

و من ذلك كفالة أبي طالب رسول الله ص قالوا لماتوفي‌ عبدالمطلب قبض أبوطالب رسول الله ص إليه فكان يكون معه و كان أبوطالب لامال له و كان يحبه حبا شديدا لايحب ولده كذلك و كان لاينام إلا إلي جنبه ويخرج فيخرج معه و قد كان يخصه بالطعام و إذاأكل عيال أبي طالب جميعا أوفرادي لم يشبعوا و إذاأكل معهم رسول الله ص شبعوا فكان إذاأراد أن يغديهم قال كماأنتم حتي يحضر ابني‌ فيأتي‌ رسول الله ص فيأكل معهم وكانوا يفضلون من طعامهم و إذا لم يكن معهم لم يشبعوا فيقول أبوطالب إنك لمبارك و كان الصبيان يصبحون رمصا شعثا ويصبح رسول الله ص دهينا كحيلا و كان أبوطالب يلقي‌ له وسادة يقعد عليها فجاء النبي ص فقعد عليها فقال أبوطالب وآله ربيعة إن ابن أخي‌ ليحس بنعيم . وروي‌ عن عمرو بن سعيد أن أباطالب قال كنت بذي‌ المجاز ومعي‌ ابن أخي‌ يعني‌ النبي ص فأدركني‌ العطش فشكوت إليه فقلت يا ابن أخي‌ قدعطشت و ما قلت له و أناأري أن عنده شيئا إلاالجزع قال فثني وركه ثم برك فقال ياعم أعطشت قال قلت نعم فأهوي بعقبيه إلي الأرض فإذابالماء فقال اشرب ياعم فشربت و من ذلك هلاك حاتم ألذي يضرب به المثل في الجود والكرم . و من ذلك موت كسري أنوشيروان وولاية ابنه هرمز. ومما كان في سنة تسع من مولده ص ماروي‌ في بعض الروايات أن أباطالب خرج برسول الله ص إلي بصري و هو ابن تسع سنين . ومما كان سنة عشر من مولده ص الفجار الأول و هوقتال وقع بعكاظ وكانت الحرب فيه ثلاثة أيام .


صفحه : 408

ومما كان سنة إحدي عشرة من مولده ص ماروي‌ عن أبي بن كعب قال إن أباهريرة سأل رسول الله ص ماأول مارأيت من أمر النبوة فاستوي جالسا و قال لقد سألت يا أباهريرة إني‌ لفي‌ صحراء ابن عشر سنين وأشهر و إذابكلام فوق رأسي‌ و إذا رجل يقول لرجل أ هو هوفاستقبلاني‌ بوجوه لم أرها لخلق قط وأرواح لم أجدها من خلق قط وثياب لم أرها علي خلق قط فأقبلا إلي‌ يمشيان حتي أخذ كل واحد منهما بعضدي‌ لاأجد لأخذهما مسا فقال أحدهما لصاحبه أضجعه فأضجعاني‌ بلا قصر و لاهصر فقال أحدهما لصاحبه افلق صدره ففلق أحدهما صدري‌ بلا دم و لاوجع فقال له أخرج الغل والحسد فأخرج شيئا كرصة العلقة ثم نبذها فطرحها ثم قال له أدخل الرأفة والرحمة فإذامثل ألذي أخرج شبه الفضة ثم هز إبهام رجلي‌ فقال اعدوا بنبيكم فرجعت بهما أعدوا بهما رأفة علي الصغير ورحمة للكبير. و أما ما كان سنة اثنتي‌ عشرة من مولده ص إلي ثلاث عشرة منه فخروجه ص مع أبي طالب إلي الشام روي‌ أنه لماأتت لرسول الله ص اثنتي‌ عشرة سنة وشهران وعشرة أيام ارتحل به أبوطالب للخروج إلي الشام و ذلك أنه لماتهيأ للخروج أضب به رسول الله ص فرق له أبوطالب و في رواية لماتهيأ أبوطالب للرحيل وأجمع علي السير هب له رسول الله ص فأخذ بزمام ناقته و قال ياعم إلي من تكلني‌ لاأب لي و لاأم فرق فقال و الله لأخرجن به معي‌ و لايفارقني‌ و لاأفارقه أبدا فخرج به معه فلما نزل الركب بصري من أرض الشام و بهاراهب يقال له بحيرا في صومعة له


صفحه : 409

و كان ذا علم في النصرانية و لم يزل في تلك الصومعة راهب يصير إليه علمهم من كتاب فيما يزعمون يتوارثون كابرا عن كابر.يقال أضب علي ما في نفسه إذاأخرجه وأضب تكلم ويقال جاء فلان يضب لسانه أي اشتد حرصه . وروي‌ عن داود بن الحصين قال لماخرج أبوطالب إلي الشام وخرج معه رسول الله ص في المرة الأولي و هو ابن اثنتي‌ عشرة سنة فلما نزل الركب بصري الشام و بهاراهب يقال له بحيرا في صومعة له و كان علماء النصاري يكونون في تلك الصومعة يتوارثونها عن كتاب يدرسونه فلما نزلوا ببحيرا و كان كثيرا مايمرون به لايكلمهم حتي إذا كان ذلك العام ونزلوا منزلا قريبا من صومعته قدكانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا فصنع لهم طعاما ثم دعاهم وإنما حمله علي دعائهم أنه رأي حين طلعوا غمامة تظل رسول الله ص من بين القوم حتي نزلوا تحت الشجرة ثم نظر إلي تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة وأخضلت أغصان الشجرة علي النبي ص حين استظل تحتها فلما رأي بحيرا ذلك نزل من صومعته وأمر بذلك الطعام فأتي‌ به فأرسل إليهم فقال إني‌ قدصنعت لكم طعاما يامعشر قريش و أناأحب أن تحضروه كلكم و لاتخلفون منكم صغيرا و لاكبيرا حرا و لاعبدا فإن هذا شيءتكرموني‌ به فقال له رجل إن لك لشأنا يابحيرا ماكنت تصنع بنا هذافما شأنك اليوم قال فإني‌ أحببت أن أكرمكم ولكم حق فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله ص من بين القوم لحداثة سنه ليس في القوم أصغر منه في رحالهم تحت الشجرة فلما نظر بحيرا إلي القوم فلم ير الصفة التي‌ يعرفها ويجدها عنده وجعل ينظر فلايري الغمامة علي أحد من القوم ويراها متخلفة علي رأس رسول الله ص قال بحيرا يامعشر قريش لايتخلفن أحد منكم عن طعامي‌ قالوا ماتخلف أحد إلاغلام هوأحدث القوم سنا في رحالهم فقال ادعوه فليحضر طعامي‌ فما أقبح أن تحضروا ويتخلف رجل واحد مع أني‌ أراه من أنفسكم فقال القوم هو و الله


صفحه : 410

أوسطنا نسبا و هو ابن أخي‌ هذا الرجل يعنون أباطالب و هو من ولد عبدالمطلب فقام الحارث بن عبدالمطلب بن عبدمناف و قال و الله أن كان بنا للوم أن يتخلف ابن عبدالمطلب من بيننا ثم قام إليه فاحتضنه وأقبل به حتي أجلسه علي الطعام والغمامة تسير علي رأسه وجعل بحيرا يلحظه لحظا شديدا وينظر إلي أشياء في جسده قد كان يجدها عنده من صفته فلما تفرقوا عن طعامهم قام إليه الراهب فقال ياغلام أسألك بحق اللات والعزي إلاأخبرتني‌ عما أسألك فقال رسول الله ص لاتسألني‌ باللات والعزي فو الله ماأبغضت شيئا بغضهما قال بالله إلا ماأخبرتني‌ عما أسألك عنه قال سلني‌ عما بدا لك فجعل يسأله عن أشياء من حاله حتي نومه فجعل رسول الله ص يخبره فيوافق ذلك ماعنده ثم جعل ينظر بين عينيه ثم كشف عن ظهره فرأي خاتم النبوة بين كتفيه علي موضع الصفة التي‌ عنده فقبل موضع الخاتم وقالت قريش إن لمحمدص عند هذاالراهب لقدرا وجعل أبوطالب لمايري من الراهب يخاف علي ابن أخيه قال الراهب لأبي‌ طالب ما هذاالغلام منك قال أبوطالب ابني‌ قال ما هوابنك و ماينبغي‌ لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا قال فابن أخي‌ قال فما فعل أبوه قال هلك وأمه حبلي به قال فما فعلت أمه قال توفيت قريبا قال صدقت ارجع بابن أخيك إلي بلده واحذر عليه اليهود فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ماأعرف ليبلعنه غثا فإنه كائن لابن أخيك هذاشأن عظيم نجده في كتبنا و ماروينا عن آبائنا واعلم أني‌ قدأديت إليك النصيحة فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعا و كان رجال من يهود قدرأوا رسول الله ص وعرفوا صفته فأرادوا أن يغتالوه فذهبوا إلي بحيرا فذاكروه أمره فنهاهم أشد النهي‌ و قال لهم أتجدون صفته قالوا نعم قال فما لكم إليه سبيل فصدقوه وتركوه ورجع به أبوطالب فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه و كان في سنة أربع عشرة من مولده ص الفجار الآخر بين هوازن وقريش وحضره رسول الله ص . و في سنة سبع عشرة وثبت العظماء والأشراف بالمدائن فخلعوا هرمز وسملوا


صفحه : 411

عينيه وتركوه . و في سنة تسع عشرة قتلوا هرمز بعدخلعه و فيهاولي‌ ابنه برويز و كان يسمي كسري . و في سنة ثلاث وعشرين كان هدم الكعبة وبنيانها في قول بعض العلماء. و في سنة خمس وعشرين كان تزويج خديجة رضي‌ الله عنها كماسيأتي‌ شرحه . و في سنة خمس وثلاثين من مولده ص هدمت قريش الكعبة علي الأصح قال ابن إسحاق كانت الكعبة رضمة فوق القامة فأرادت قريش رفعها وتسقيفها و كان نفر من قريش وغيرهم قدسرقوا كنز الكعبة و كان يكون في بئر في جوف الكعبة فهدموها لذلك و ذلك في سنة خمس وثلاثين من مولده ص وقيل في سبب هدمها إنه كان الجرف يطل علي مكة و كان السيل يدخل من أعلاها حتي يدخل البيت فانصدع فخافوا أن ينهدم وسرق منه حلية وغزال من ذهب كان عليه در وجوهر ولذلك هدم البيت ثم إن سفينة أقبلت في البحر من الروم ورأسهم باقوم و كان بانيا فتحطمت السفينة بنواحي‌ جدة فخرج الوليد بن المغيرة في نفر من قريش إلي السفينة فابتاعوا خشبها وكلموا الرومي‌ باقوم فقدم معهم وقالوا لوبنينا بيت ربنا فأمروا بالحجارة فجمعت فبينا رسول الله ص ينقل معهم و هويومئذ ابن خمس وثلاثين سنة وكانوا يضعون أزرهم علي عواتقهم ويحملون الحجارة ففعل ذلك رسول الله ص فلبط به ونودي‌ عورتك و كان ذلك أول مانودي‌ فقال له أبوطالب يا ابن أخي‌ اجعل إزارك علي رأسك قال ماأصابني‌ ماأصابني‌ إلا في التعري‌ فما رئيت لرسول الله ع عورة. و في البخاري‌ عن جابر بن عبد الله قال لمابنيت الكعبة ذهب النبي ص وعباس ينقلان الحجارة فقال العباس للنبي‌ اجعل إزارك علي رقبتك من الحجارة فخر إلي الأرض وطمحت عيناه إلي السماء ثم أفاق فقال إزاري‌ إزاري‌ فشد عليه إزاره ثم


صفحه : 412

إنهم أخذوا في بنائها وميزوا البيت واقترعوا عليه فوقع لعبد مناف وزهرة ما بين الركن الأسود إلي ركن الحجر وجه البيت ووقع لبني‌ أسد بن عبدالعزي وبني‌ عبدالدار ما بين الحجر إلي ركن الحجر الآخر ووقع لتيم ما بين ركن الحجر إلي الركن اليماني‌ ووقع لسهم وجمح وعدي‌ وعامر بن لؤي‌ ما بين الركن اليماني‌ إلي الركن الأسود فبنوا فلما انتهوا إلي حيث موضع الركن من البيت قالت كل قبيلة نحن أحق بوضعه فاختلفوا حتي خافوا القتال ثم جعلوا بينهم أول رجل يدخل من باب بني‌ شيبة فيكون هو ألذي يضعه فقالوا رضينا وسلمنا فكان رسول الله ص أول من دخل من باب بني‌ شيبة فلما رأوه قالوا هذاالأمين قدرضينا بما قضي بيننا ثم أخبروه الخبر فوضع رسول الله ص رداءه وبسطه في الأرض ثم وضع الركن فيه ثم قال ليأت من كل ربع من أرباع قريش رجل و كان في ربع عبدمناف عتبة بن ربيعة و كان في الربع الثاني‌ أبوزمعة و كان في الربع الثالث أبوحذيفة بن المغيرة و كان في الربع الرابع قيس بن عدي‌ ثم قال رسول الله ص ليأخذ كل رجل منكم بزاوية من زوايا الثوب ثم ارفعوه جميعا فرفعوه ثم وضعه رسول الله ص بيده في موضعه ذلك فذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي ص حجرا يسد به الركن فقال العباس بن عبدالمطلب لا ونحاه وناول العباس رسول الله ص حجرا فسد به الركن فغضب النجدي‌ حين نحي‌ فقال رسول الله ص إنه ليس يبني‌ معنا في البيت إلامنا ثم بنوا حتي انتهوا إلي موضع الخشب وسقفوا البيت وبنوه علي ستة أعمدة وأخرجوا الحجر من البيت . و في هذه السنة ولدت فاطمة ع بنت رسول الله ص و فيهامات زيد بن عمرو بن نفيل . وروي‌ عن عامر بن ربيعة قال كان زيد بن عمرو بن نفيل يطلب الدين وكره


صفحه : 413

النصرانية واليهودية وعبادة الأوثان والحجارة وأظهر خلاف قومه واعتزل آلهتهم و ما كان يعبد آباؤهم و لايأكل ذبائحهم فقال لي ياعامر إني‌ خالفت قومي‌ واتبعت ملة ابراهيم ع و ما كان يعبده وإسماعيل ع من بعده فقال وكانوا يصلون إلي هذه القبلة و أناأنتظر نبيا من ولد إسماعيل ع يبعث لاأراني‌ أدركه و أناأؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي‌ فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني‌ السلام قال عامر فلما نبئ رسول الله ص أسلمت وأخبرته بقول زيد وأقرأته منه السلام فرد عليه رسول الله ص السلام وترحم عليه و قال قدرأيته في الجنة يسحب ذيولا رضي‌ الله عنه . و أما ما كان سنة ثمان وثلاثين من مولده ص ففي‌ هذه السنة رأي الضوء والنور و كان يسمع الصوت و لايدري‌ ما هو. و أماسنة أربعين من مولده ص ففي‌ هذه السنة قتل كسري برويز النعمان بن المنذر لغضب كان له عليه قتله قبل المبعث بسبعة أشهر.بيان قوله ليحس بنعيم أي يري ويعلم أن له ملكا ونعيما والهصر الجذب والإمالة والكسر والدفع والإدناء وعطف شيءرطب ويقال هصر ظهره أي ثناه إلي الركوع كرصة العلقة أي كعلقة ارتص والتزق بعضها ببعض أوالتزقت بشي‌ء وهب أي نهض وأسرع و في القاموس الخضل ككتف وصاحب كل ندي يترشف نداه واخضأل الشجر كاطمأن واخضال كاحمار كثرت أغصانها ليبلعنه بالعين المهملة غثا بالغين المعجمة والثاء المثلثة أي و إن كان مهزولا أوبالتاء المثناة من غت الماء إذاشرب جرعا بعدجرع من غيرإبانة الإناء عن فمه و في بعض النسخ ليبلغنه عنتا و هوظاهر و قال الجزري‌ الرضمة واحدة الرضم والرضام وهي‌ دون الهضاب


صفحه : 414

وقيل صخور بعضها علي بعض قوله فلبط به علي بناء المجهول أي صرع وسقط إلي الأرض .أقول إنما أوردت سياق هذه القصص مع عدم الوثوق عليها لاشتمالها علي تعيين أوقات ماأسلفناه في الأخبار المتفرقة وكونها موضحة لبعض ماأبهم فيها