صفحه : 1

الجزء الثالث

بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ والصلاة علي سيد الموحدين وفخر العارفين محمد و أهل بيته الطاهرين الغر الميامين

كتاب التوحيد

و هوالمجلد الثاني‌ من كتاب بحار الأنوار تأليف المذنب الخاطي‌ الخاسر محمدالمدعو بباقر ابن مروج أخبار الأئمة الطاهرين ومحيي‌ آثار أهل بيت سيد المرسلين صلي الله عليه وآله أجمعين محمدالملقب بالتقي‌ حشره الله تعالي مع مواليه شفعاء يوم الدين

باب 1-ثواب الموحدين والعارفين وبيان وجوب المعرفة وعلته وبيان ما هوحق معرفته تعالي

1-يد،[التوحيد] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]حَمزَةُ بنُ مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ جَعفَرٍ العلَوَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ النهّاَونَديِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ حَمّادٍ الأنَصاَريِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ يَحيَي بنِ الحُسَينِ عَن عَمرِو بنِ طَلحَةَ عَن أَسبَاطِ بنِ نَصرٍ عَن عِكرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص وَ ألّذِي بعَثَنَيِ‌ بِالحَقّ بَشِيراً لَا يُعَذّبُ اللّهُ بِالنّارِ مُوَحّداً أَبَداً وَ إِنّ أَهلَ التّوحِيدِ لَيَشفَعُونَ فَيُشَفّعُونَ ثُمّ قَالَص إِنّهُ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ أَمَرَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بِقَومٍ سَاءَت أَعمَالُهُم فِي دَارِ الدّنيَا إِلَي النّارِ فَيَقُولُونَ يَا رَبّنَا كَيفَ تُدخِلُنَا النّارَ وَ قَد كُنّا نُوَحّدُكَ فِي دَارِ الدّنيَا وَ كَيفَ تُحرِقُ بِالنّارِ أَلسِنَتَنَا وَ قَد نَطَقَت بِتَوحِيدِكَ


صفحه : 2

فِي دَارِ الدّنيَا وَ كَيفَ تُحرِقُ قُلُوبَنَا وَ قَد عَقَدَت عَلَي أَن لَا إِلَهَ إِلّا أَنتَ أَم كَيفَ تُحرِقُ وُجُوهَنَا وَ قَد عَفّرنَاهَا لَكَ فِي التّرَابِ أَم كَيفَ تُحرِقُ أَيدِيَنَا وَ قَد رَفَعنَاهَا بِالدّعَاءِ إِلَيكَ فَيَقُولُ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ عبِاَديِ‌ سَاءَت أَعمَالُكُم فِي دَارِ الدّنيَا فَجَزَاؤُكُم نَارُ جَهَنّمَ فَيَقُولُونَ يَا رَبّنَا عَفوُكَ أَعظَمُ أَم خَطِيئَتُنَا فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بَل عفَويِ‌ فَيَقُولُونَ رَحمَتُكَ أَوسَعُ أَم ذُنُوبُنَا فَيَقُولُ عَزّ وَ جَلّ بَل رحَمتَيِ‌ فَيَقُولُونَ إِقرَارُنَا بِتَوحِيدِكَ أَعظَمُ أَم ذُنُوبُنَا فَيَقُولُ تَعَالَي بَل إِقرَارُكُم بتِوَحيِديِ‌ أَعظَمُ فَيَقُولُونَ يَا رَبّنَا فَليَسَعنَا عَفوُكَ وَ رَحمَتُكَ التّيِ‌ وَسِعَت كُلّ شَيءٍ فَيَقُولُ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ ملَاَئكِتَيِ‌ وَ عزِتّيِ‌ وَ جلَاَليِ‌ مَا خَلَقتُ خَلقاً أَحَبّ إلِيَ‌ّ مِنَ المُقِرّينَ بتِوَحيِديِ‌ وَ أَن لَا إِلَهَ غيَريِ‌ وَ حَقّ عَلَيّ أَن لَا أصُليِ‌َ أَهلَ توَحيِديِ‌ أَدخِلُوا عبِاَديِ‌َ الجَنّةَ

بيان قوله وحق علي الظاهر أنه اسم أي واجب ولازم علي ويمكن أن يقرأ علي صيغة الماضي‌ المعلوم والمجهول قال الجوهري‌ قال الكسائي‌ يقال حق لك أن تفعل هذا وحققت أن تفعل هذابمعني وحق له أن يفعل كذا و هوحقيق به ومحقوق به أي خليق له وحق الشي‌ء يحق بالكسر أي وجب و قال يقال صليت الرجل نارا إذاأدخلته النار وجعلته يصلاها فإن ألقيته فيهاإلقاء كأنك تريد الإحراق قلت أصليته بالألف وصليته تصلية و قال صلي‌ فلان النار يصلي صليا احترق

2-يد،[التوحيد] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] الحَسَنُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ سَعِيدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ حَمدَانَ القشُيَريِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ عِيسَي الكلِاَبيِ‌ّ عَن مُوسَي بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ


صفحه : 3

عَن أَبِيهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّهَل جَزاءُ الإِحسانِ إِلّا الإِحسانُ قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ قَالَ مَا جَزَاءُ مَن أَنعَمتُ عَلَيهِ بِالتّوحِيدِ إِلّا الجَنّةُ

ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]شيخ الطائفة عن الحسين بن عبيد الله الغضائري‌ عن الصدوق بالإسناد مثله ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جماعة عن أبي المفضل عن أحمد بن إسحاق بن عباس بن إسحاق بن موسي بن جعفر عن أبيه عن جده عن أبيه موسي بن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين ع

مثله

3- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ العلَوَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ زَيدٍ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص التّوحِيدُ ثَمَنُ الجَنّةِ الخَبَرَ

4- ع ،[علل الشرائع ]ل ،[الخصال ] فِي خَبَرِ أَسمَاءِ النّبِيّ وَ أَوصَافِهِص وَ جَعَلَ اسميِ‌ فِي التّورَاةِ أُحَيدَ[أَحيَدَ]فَبِالتّوحِيدِ حَرّمَ أَجسَادَ أمُتّيِ‌ عَلَي النّارِ

5-ثو،[ثواب الأعمال ]يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ هِلَالٍ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَن أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ مَا مِن شَيءٍ أَعظَمَ ثَوَاباً مِن شَهَادَةِ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ لِأَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَا يَعدِلُهُ شَيءٌ وَ لَا يَشرَكُهُ فِي الأَمرِ أَحَدٌ

بيان لعل التعليل مبني‌ علي أنه إذا لم يعدله تعالي شيء لايعدل مايتعلق بألوهيته وكماله ووحدانيته شيءإذ هذه الكلمة الطيبة أدل الأذكار علي وجوده ووحدانيته واتصافه بالكمالات وتنزهه عن النقائص ويحتمل أن يكون المراد أنها لماكانت أصدق الأقوال فكانت أعظمها ثوابا

6-يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ النخّعَيِ‌ّ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي ضَمِنَ لِلمُؤمِنِ ضَمَاناً قَالَ قُلتُ وَ مَا هُوَ قَالَ ضَمِنَ لَهُ إِن هُوَ أَقَرّ لَهُ بِالرّبُوبِيّةِ وَ لِمُحَمّدٍص بِالنّبُوّةِ وَ لعِلَيِ‌ّ ع بِالإِمَامَةِ وَ أَدّي مَا افتَرَضَهُ عَلَيهِ أَن يُسكِنَهُ فِي جِوَارِهِ قَالَ قُلتُ فَهَذِهِ


صفحه : 4

وَ اللّهِ هيِ‌َ الكَرَامَةُ التّيِ‌ لَا يُشبِهُهَا كَرَامَةُ الآدَمِيّينَ قَالَ ثُمّ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع اعمَلُوا قَلِيلًا تَتَنَعّمُوا كَثِيراً

7-يد،[التوحيد]الهمَدَاَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ زِيَادٍ الكرَخيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن مَاتَ وَ لَا يُشرِكُ بِاللّهِ شَيئاً أَحسَنَ أَو أَسَاءَ دَخَلَ الجَنّةَ

يد،[التوحيد]القطان عن السكري‌ عن الجوهري‌ عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي ص مثله

8-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ عَنِ ابنِ أَسبَاطٍ عَنِ البطَاَئنِيِ‌ّ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّهُوَ أَهلُ التّقوي وَ أَهلُ المَغفِرَةِ قَالَ قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَنَا أَهلٌ أَن أُتّقَي وَ لَا يُشرِكَ بيِ‌ عبَديِ‌ شَيئاً وَ أَنَا أَهلٌ إِن لَم يُشرِك بيِ‌ عبَديِ‌ شَيئاً أَن أُدخِلَهُ الجَنّةَ وَ قَالَ ع إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَقسَمَ بِعِزّتِهِ وَ جَلَالِهِ أَن لَا يُعَذّبَ أَهلَ تَوحِيدِهِ بِالنّارِ أَبَداً

9-يد،[التوحيد]السنّاَنيِ‌ّ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ النخّعَيِ‌ّ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي حَرّمَ أَجسَادَ المُوَحّدِينَ عَلَي النّارِ

10-ثو،[ثواب الأعمال ]يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ سَيفٍ عَن أَخِيهِ


صفحه : 5

عَلِيّ عَن أَبِيهِ سَيفِ بنِ عَمِيرَةَ عَنِ الحَجّاجِ بنِ أَرطَاةَ عَن أَبِي الزّبَيرِ عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَنِ النّبِيّص أَنّهُ قَالَ المُوجِبَتَانِ مَن مَاتَ يَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ دَخَلَ الجَنّةَ وَ مَن مَاتَ يُشرِكُ بِاللّهِ شَيئاً يَدخُلُ النّارَ

11-ثو،[ثواب الأعمال ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]يد،[التوحيد]بِالإِسنَادِ المُتَقَدّمِ عَن سَيفٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ الصّبّاحِ عَن أَنَسٍ عَنِ النّبِيّص قَالَ كُلّ جَبّارٍ عَنِيدٍ مَن أَبَي أَن يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ

بيان إشارة إلي قوله تعالي وَ خابَ كُلّ جَبّارٍ عَنِيدٍ

12-يد،[التوحيد] أَحمَدُ بنُ اِبرَاهِيمَ بنِ أَبِي بَكرٍ الخوُزيِ‌ّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدِ بنِ مَروَانَ الخوُزيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ اللّهِ الجوُيَباَريِ‌ّ وَ يُقَالُ لَهُ الهرَوَيِ‌ّ وَ النهّروَاَنيِ‌ّ وَ الشيّباَنيِ‌ّ عَنِ الرّضَا عَلِيّ بنِ مُوسَي عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَا جَزَاءُ مَن أَنعَمَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهِ بِالتّوحِيدِ إِلّا الجَنّةُ

13-يد،[التوحيد] وَ بِهَذَا الإِسنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ كَرِيمَةٌ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مَن قَالَهَا مُخلِصاً استَوجَبَ الجَنّةَ وَ مَن قَالَهَا كَاذِباً عَصَمَت مَالَهُ وَ دَمَهُ وَ كَانَ مَصِيرُهُ إِلَي النّارِ

بيان قوله ع و من قالها كاذبا أي في الإخبار عن الإذعان لها والتصديق بها

14-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]يد،[التوحيد] مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ بنِ الشّاهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ النيّساَبوُريِ‌ّ قَالَ حَدّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبدُ اللّهِ بنُ أَحمَدَ بنِ عَبّاسٍ الطاّئيِ‌ّ بِالبَصرَةِ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي فِي سَنَةِ سِتّينَ وَ مِائَتَينِ قَالَ حدَثّنَيِ‌ عَلِيّ بنُ مُوسَي الرّضَا ع سَنَةَ أَربَعٍ وَ سِتّينَ وَ مِائَةٍ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي


صفحه : 6

مُوسَي بنُ جَعفَرٍ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَلِيّ بنُ الحُسَينِ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي الحُسَينُ بنُ عَلِيّ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَقُولُ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ حصِنيِ‌ فَمَن دَخَلَهُ أَمِنَ مِن عذَاَبيِ‌

15-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]يد،[التوحيد] مُحَمّدُ بنُ الفَضلِ النيّساَبوُريِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الخزَرجَيِ‌ّ عَن أَبِي الصّلتِ الهرَوَيِ‌ّ قَالَ كُنتُ مَعَ عَلِيّ بنِ مُوسَي الرّضَا ع حِينَ رَحَلَ مِن نَيسَابُورَ وَ هُوَ رَاكِبٌ بَغلَةً شَهبَاءَ فَإِذَا مُحَمّدُ بنُ رَافِعٍ وَ أَحمَدُ بنُ حَربٍ وَ يَحيَي بنُ يَحيَي وَ إِسحَاقُ بنُ رَاهَوَيهِ وَ عِدّةٌ مِن أَهلِ العِلمِ قَد تَعَلّقُوا بِلِجَامِ بَغلَتِهِ فِي المَربَعَةِ فَقَالُوا بِحَقّ آبَائِكَ الطّاهِرِينَ حَدّثنَا بِحَدِيثٍ سَمِعتَهُ مِن أَبِيكَ فَأَخرَجَ رَأسَهُ مِنَ العَمّارِيّةِ وَ عَلَيهِ مِطرَفُ خَزّ ذُو وَجهَينِ وَ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي العَبدُ الصّالِحُ مُوسَي بنُ جَعفَرٍ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي الصّادِقُ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي أَبُو جَعفَرٍ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ بَاقِرُ عِلمِ الأَنبِيَاءِ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَلِيّ بنُ الحُسَينِ سَيّدُ العَابِدِينَ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي سَيّدُ شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ الحُسَينُ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ سَمِعتُ النّبِيّص يَقُولُ قَالَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ إنِيّ‌ أَنَا اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنَا فاَعبدُوُنيِ‌ وَ مَن جَاءَ مِنكُم بِشَهَادَةِ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ بِالإِخلَاصِ دَخَلَ فِي حصِنيِ‌ وَ مَن دَخَلَ فِي حصِنيِ‌ أَمِنَ مِن عذَاَبيِ‌

بيان قال الجوهري‌ الشهبة في الألوان البياض ألذي غلب علي السواد و قال المربع موضع القوم في الربيع خاصة أقول يحتمل أن يكون المراد بالمربعة الموضع المتسع ألذي كانوا يخرجون إليه في الربيع للتنزه أوالموضع ألذي كانوا يجتمعون فيه للعب من قولهم ربع الحجر إذاأشاله ورفعه لإظهار القوة وسمعت جماعة من أفاضل نيسابور أن المربعة اسم للموضع ألذي عليه الآن نيسابور إذ كانت البلدة في زمانه ع في مكان آخر قريب من هذاالموضع وآثارها الآن معلومة و كان هذاالموضع من أعمالها وقراها وإنما كان يسمي بالمربعة لأنهم كانوا يقسمونه بالرباع


صفحه : 7

الأربعة فكانوا يقولون ربع كذا وربع كذا وقالوا هذاالاصطلاح الآن أيضا دائر بيننا معروف في دفاتر السلطان وغيرها و قال الجوهري‌ المطرف والمطرف واحد المطارف وهي‌ أردية من خز مربعة لها أعلام قال الفراء وأصله الضم لأنه في المعني مأخوذ من أطرف أي جعل في طرفيه العلمان ولكنهم استثقلوا الضمة فكسروه

16-ثو،[ثواب الأعمال ] مع ،[معاني‌ الأخبار]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ الصوّفيِ‌ّ عَن يُوسُفَ بنِ عَقِيلٍ عَن إِسحَاقَ بنِ رَاهَوَيهِ قَالَ لَمّا وَافَي أَبُو الحَسَنِ الرّضَا ع نَيسَابُورَ وَ أَرَادَ أَن يَخرُجَ مِنهَا إِلَي المَأمُونِ اجتَمَعَ عَلَيهِ أَصحَابُ الحَدِيثِ فَقَالُوا لَهُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ تَرحَلُ عَنّا وَ لَا تُحَدّثُنَا بِحَدِيثٍ فَنَستَفِيدُهُ مِنكَ وَ كَانَ قَد قَعَدَ فِي العَمّارِيّةِ فَأَطلَعَ رَأسَهُ وَ قَالَ سَمِعتُ أَبِي مُوسَي بنَ جَعفَرٍ يَقُولُ سَمِعتُ أَبِي جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ يَقُولُ سَمِعتُ أَبِي مُحَمّدَ بنَ عَلِيّ يَقُولُ سَمِعتُ أَبِي عَلِيّ بنَ الحُسَينِ يَقُولُ سَمِعتُ أَبِي الحُسَينَ بنَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ سَمِعتُ أَبِي أَمِيرَ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع يَقُولُ سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ سَمِعتُ جَبرَئِيلَ يَقُولُ سَمِعتُ اللّهَ جَلّ جَلَالُهُ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ حصِنيِ‌ فَمَن دَخَلَ حصِنيِ‌ أَمِنَ عذَاَبيِ‌ قَالَ فَلَمّا مَرّتِ الرّاحِلَةُ نَادَانَا بِشُرُوطِهَا وَ أَنَا مِن شُرُوطِهَا

قال الصدوق رحمه الله من شروطها الإقرار للرضا ع بأنه إمام من قبل الله عز و جل علي العباد مفترض الطاعة عليهم

17-يد،[التوحيد] أَبُو نَصرٍ مُحَمّدُ بنُ أَحمَدَ بنِ تَمِيمٍ السرّخَسيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ إِدرِيسَ الشاّميِ‌ّ عَن إِسحَاقَ بنِ إِسرَائِيلَ عَن جَرِيرٍ عَن عَبدِ العَزِيزِ عَن زَيدِ بنِ وَهبٍ عَن أَبِي ذَرّ رَحِمَهُ اللّهُ قَالَخَرَجتُ لَيلَةً مِنَ الليّاَليِ‌ فَإِذَا رَسُولُ اللّهِص يمَشيِ‌ وَحدَهُ لَيسَ مَعَهُ إِنسَانٌ فَظَنَنتُ أَنّهُ يَكرَهُ أَن يمَشيِ‌َ مَعَهُ أَحَدٌ قَالَ فَجَعَلتُ أمَشيِ‌ فِي ظِلّ القَمَرِ فَالتَفَتَ فرَآَنيِ‌ فَقَالَ مَن هَذَا قُلتُ أَبُو ذَرّ جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ قَالَ يَا أَبَا ذَرّ تَعَالَ فَمَشَيتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ إِنّ المُكثِرِينَ هُمُ الأَقَلّونَ يَومَ القِيَامَةِ إِلّا مَن أَعطَاهُ اللّهُ خَيراً فَنَفَخَ فِيهِ بِيَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ وَ بَينَ يَدَيهِ وَ وَرَاءَهُ وَ عَمِلَ فِيهِ خَيراً قَالَ فَمَشَيتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ اجلِس هَاهُنَا


صفحه : 8

وَ أجَلسَنَيِ‌ فِي قَاعٍ حَولَهُ حِجَارَةٌ فَقَالَ لِي اجلِس حَتّي أَرجِعَ إِلَيكَ قَالَ وَ انطَلَقَ فِي الحَرّةِ حَتّي لَم أَرَهُ وَ تَوَارَي عنَيّ‌ فَأَطَالَ اللّبثَ ثُمّ إنِيّ‌ سَمِعتُهُ ع وَ هُوَ مُقبِلٌ وَ هُوَ يَقُولُ وَ إِن زَنَي وَ إِن سَرَقَ قَالَ فَلَمّا جَاءَ لَم أَصبِر حَتّي قُلتُ يَا نبَيِ‌ّ اللّهِ جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ مَن تُكَلّمُهُ فِي جَانِبِ الحَرّةِ فإَنِيّ‌ مَا سَمِعتُ أَحَداً يَرُدّ عَلَيكَ شَيئاً قَالَ ذَاكَ جَبرَئِيلُ عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الحَرّةِ فَقَالَ بَشّر أُمّتَكَ أَنّهُ مَن مَاتَ لَا يُشرِكُ بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ شَيئاً دَخَلَ الجَنّةَ قَالَ قُلتُ يَا جَبرَئِيلُ وَ إِن زَنَي وَ إِن سَرَقَ قَالَ نَعَم وَ إِن شَرِبَ الخَمرَ

قال الصدوق رحمه الله يعني‌ بذلك أنه يوفق للتوبة حتي يدخل الجنة

بيان قال الجزري‌ فيه المكثرون هم المقلون إلا من نفخ فيه يمينه وشماله أي ضرب يديه فيه بالعطاء النفخ الضرب والرمي‌.أقول يظهر من الأخبار أن الإخلال بكل مايجب الاعتقاد به وإنكاره يوجب الخروج عن الإسلام داخل في الشرك والتوحيد الموجب لدخول الجنة مشروط بعدمه فلايلزم من ذلك دخول المخالفين الجنة و أماأصحاب الكبائر من الشيعة فلااستبعاد في عدم دخولهم النار و إن عذبوا في البرزخ و في القيامة مع أنه ليس في الخبر أنهم لايدخلون النار و قدورد في بعض الأخبار أن ارتكاب بعض الكبائر وترك بعض الفرائض أيضا داخلان في الشرك فلاينبغي‌ الاغترار بتلك الأخبار والاجتراء بها علي المعاصي‌ و علي ماعرفت لاحاجة إلي ماتكلفه الصدوق قدس سره

18- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] مُحَمّدُ بنُ أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ شَاذَانَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ بِلَالٍ عَن مُحَمّدِ بنِ بَشِيرٍ الدّهّانِ عَن مُحَمّدِ بنِ سَمَاعَةَ قَالَ سَأَلَ بَعضُ أَصحَابِنَا الصّادِقَ ع فَقَالَ لَهُ أخَبرِنيِ‌ أَيّ الأَعمَالِ أَفضَلُ قَالَ تَوحِيدُكَ لِرَبّكَ قَالَ فَمَا أَعظَمُ الذّنُوبِ قَالَ تَشبِيهُكَ لِخَالِقِكَ

19-يد،[التوحيد] أَحمَدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ غَالِبٍ الأنَماَطيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ غَزوَانَ


صفحه : 9

عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَحمَدَ عَن دَاوُدَ بنِ عَمرٍو عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ عَن زَيدِ بنِ أَسلَمَ عَن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص بَينَمَا رَجُلٌ مُستَلقٍ عَلَي ظَهرِهِ يَنظُرُ إِلَي السّمَاءِ وَ إِلَي النّجُومِ وَ يَقُولُ وَ اللّهِ إِنّ لَكَ لَرَبّاً هُوَ خَالِقُكَ أللّهُمّ اغفِر لِي قَالَ فَنَظَرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَيهِ فَغَفَرَ لَهُ

قال الصدوق رحمه الله و قد قال الله عز و جل أَ وَ لَم يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ ما خَلَقَ اللّهُ مِن شَيءٍيعني‌ بذلك أ و لم يتفكروا في ملكوت السماوات و الأرض و في عجائب صنعها و لم ينظروا في ذلك نظر مستدل معتبر فيعرفوا بما يرون ماأقامه الله عز و جل من السماوات و الأرض مع عظم أجسامها وثقلها علي غيرعمد وتسكينه إياها بغير آلة فيستدلوا بذلك علي خالقها ومالكها ومقيمها أنه لايشبه الأجسام و لا مايتخذه الكافرون إلها من دون الله عز و جل إذ كانت الأجسام لاتقدر علي إقامة الصغير من الأجسام في الهواء بغير عمد وبغير آلة فيعرفوا بذلك خالق السماوات و الأرض وسائر الأجسام ويعرفوا أنه لايشبهها و لاتشبهه في قدرة الله وملكه و أماملكوت السماوات و الأرض فهو ملك الله لها واقتداره عليها وأراد بذلك أ لم ينظروا ويتفكروا في السماوات و الأرض في خلق الله عز و جل إياهما علي مايشاهدونهما عليه فيعلموا أن الله عز و جل هومالكها والمقتدر عليها لأنهما مملوكة مخلوقة وهي‌ في قدرته وسلطانه وملكه فجعل نظرهم في السماوات و الأرض و في خلق الله لها نظرا في ملكوتها و في ملك الله لها لأن الله عز و جل لايخلق إلا مايملكه ويقدر عليه وعني بقوله وَ ما خَلَقَ اللّهُ مِن شَيءٍيعني‌ من أصناف خلقه فيستدلوا به علي أن الله خالقها و أنه أولي بالإلهية من الأجسام المحدثة المخلوقة

20-يد،[التوحيد] عَبدُ الحَمِيدِ بنُ عَبدِ الرّحمَنِ عَن أَبِي يَزِيدَ بنِ مَحبُوبٍ المزُنَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ عِيسَي البسِطاَميِ‌ّ عَن عَبدِ الصّمَدِ بنِ عَبدِ الوَارِثِ عَن شُعبَةَ عَن خَالِدٍ الحَذّاءِ عَن


صفحه : 10

أَبِي بَشِيرٍ العنَبرَيِ‌ّ عَن حُمرَانَ عَن عُثمَانَ بنِ عَفّانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص مَن مَاتَ وَ هُوَ يَعلَمُ أَنّ اللّهَ حَقّ دَخَلَ الجَنّةَ

21-يد،[التوحيد] الحَسَنُ بنُ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ العَطّارُ عَن مُحَمّدِ بنِ مَحمُودٍ عَن حُمرَانَ عَن مَالِكِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن حُصَينٍ عَنِ الأَسوَدِ بنِ هِلَالٍ عَن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ قَالَ كُنتُ رَدِفَ النّبِيّص قَالَ يَا مُعَاذُ هَل تدَريِ‌ مَا حَقّ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ عَلَي العِبَادِ يَقُولُهَا ثَلَاثاً قَالَ قُلتُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِص حَقّ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ عَلَي العِبَادِ أَن لَا يُشرِكُوا بِهِ شَيئاً ثُمّ قَالَص هَل تدَريِ‌ مَا حَقّ العِبَادِ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ قَالَ قُلتُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ قَالَ أَن لَا يُعَذّبَهُم أَو قَالَ أَن لَا يُدخِلَهُمُ النّارَ

22-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] أَبُو نَصرٍ أَحمَدُ بنُ الحُسَينِ عَن أَبِي القَاسِمِ مُحَمّدِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ النقّيِ‌ّ عَن آبَائِهِ ع عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ عَنِ النّبِيّص عَن جَبرَئِيلَ سَيّدِ المَلَائِكَةِ قَالَ قَالَ اللّهُ سَيّدُ السّادَاتِ جَلّ وَ عَزّ إنِيّ‌ أَنَا اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنَا مَن أَقَرّ لِي بِالتّوحِيدِ دَخَلَ حصِنيِ‌ وَ مَن دَخَلَ حصِنيِ‌ أَمِنَ عذَاَبيِ‌

23-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] ع ،[علل الشرائع ] فِي عِلَلِ الفَضلِ عَنِ الرّضَا ع فَإِن قَالَ قَائِلٌ لِمَ أَمَرَ اللّهُ الخَلقَ بِالإِقرَارِ بِاللّهِ وَ بِرُسُلِهِ وَ حُجَجِهِ وَ بِمَا جَاءَ مِن عِندِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ قِيلَ لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ مِنهَا أَنّ مَن لَم يُقِرّ بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ لَم يَجتَنِب مَعَاصِيَهُ وَ لَم يَنتَهِ عَنِ ارتِكَابِ الكَبَائِرِ وَ لَم يُرَاقِب أَحَداً فِيمَا يشَتهَيِ‌ وَ يَستَلِذّ مِنَ الفَسَادِ وَ الظّلمِ فَإِذَا فَعَلَ النّاسُ هَذِهِ الأَشيَاءَ وَ ارتَكَبَ كُلّ إِنسَانٍ مَا يشَتهَيِ‌ وَ يَهوَاهُ مِن غَيرِ مُرَاقَبَةٍ لِأَحَدٍ كَانَ فِي ذَلِكَ فَسَادُ الخَلقِ أَجمَعِينَ وَ وُثُوبُ بَعضِهِم عَلَي بَعضٍ فَغَصَبُوا الفُرُوجَ وَ الأَموَالَ وَ أَبَاحُوا الدّمَاءَ وَ النّسَاءَ وَ قَتَلَ بَعضُهُم بَعضاً مِن غَيرِ حَقّ وَ لَا جُرمٍ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ خَرَابُ الدّنيَا وَ هَلَاكُ الخَلقِ وَ فَسَادُ الحَرثِ وَ النّسلِ وَ مِنهَا أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ حَكِيمٌ وَ لَا يَكُونُ الحَكِيمُ وَ لَا يُوصَفُ بِالحِكمَةِ إِلّا ألّذِي يَحظُرُ الفَسَادَ وَ يَأمُرُ بِالصّلَاحِ وَ يَزجُرُ عَنِ الظّلمِ وَ يَنهَي عَنِ الفَوَاحِشِ وَ لَا يَكُونُ


صفحه : 11

حَظرُ الفَسَادِ وَ الأَمرُ بِالصّلَاحِ وَ النهّي‌ُ عَنِ الفَوَاحِشِ إِلّا بَعدَ الإِقرَارِ بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ مَعرِفَةِ الآمِرِ وَ الناّهيِ‌ فَلَو تُرِكَ النّاسُ بِغَيرِ إِقرَارٍ بِاللّهِ وَ لَا مَعرِفَتِهِ لَم يَثبُت أَمرٌ بِصَلَاحٍ وَ لَا نهَي‌ٌ عَن فَسَادٍ إِذ لَا آمِرَ وَ لَا ناَهيِ‌َ وَ مِنهَا أَنّا وَجَدنَا الخَلقَ قَد يُفسِدُونَ بِأُمُورٍ بَاطِنِيّةٍ مَستُورَةٍ عَنِ الخَلقِ فَلَو لَا الإِقرَارُ بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ خَشيَتُهُ بِالغَيبِ لَم يَكُن أَحَدٌ إِذَا خَلَا بِشَهوَتِهِ وَ إِرَادَتِهِ يُرَاقِبُ أَحَداً فِي تَركِ مَعصِيَةٍ وَ انتِهَاكِ حُرمَةٍ وَ ارتِكَابِ كَبِيرَةٍ إِذَا كَانَ فِعلُهُ ذَلِكَ مَستُوراً عَنِ الخَلقِ غَيرَ مُرَاقَبٍ لِأَحَدٍ وَ كَانَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ هَلَاكُ الخَلقِ أَجمَعِينَ فَلَم يَكُن قِوَامُ الخَلقِ وَ صَلَاحُهُم إِلّا بِالإِقرَارِ مِنهُم بِعَلِيمٍ خَبِيرٍيَعلَمُ السّرّ وَ أَخفيآمِرٍ بِالصّلَاحِ نَاهٍ عَنِ الفَسَادِ وَ لَا تَخفَي عَلَيهِ خَافِيَةٌ لِيَكُونَ فِي ذَلِكَ انزِجَارٌ لَهُم عَمّا يَخلُونَ بِهِ مِن أَنوَاعِ الفَسَادِ فَإِن قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَيهِمُ الإِقرَارُ وَ المَعرِفَةُ بِأَنّ اللّهَ تَعَالَي وَاحِدٌ أَحَدٌ قِيلَ لِعِلَلٍ مِنهَا أَنّهُ لَو لَم يَجِب عَلَيهِمُ الإِقرَارُ وَ المَعرِفَةُ لَجَازَ أَن يَتَوَهّمُوا مُدَبّرَينِ أَو أَكثَرَ مِن ذَلِكَ وَ إِذَا جَازَ ذَلِكَ لَم يَهتَدُوا إِلَي الصّانِعِ لَهُم مِن غَيرِهِ لِأَنّ كُلّ إِنسَانٍ مِنهُم كَانَ لَا يدَريِ‌ لَعَلّهُ إِنّمَا يَعبُدُ غَيرَ ألّذِي خَلَقَهُ وَ يُطِيعُ غَيرَ ألّذِي أَمَرَهُ فَلَا يَكُونُونَ عَلَي حَقِيقَةٍ مِن صَانِعِهِم وَ خَالِقِهِم وَ لَا يَثبُتُ عِندَهُم أَمرُ آمِرٍ وَ لَا نهَي‌ُ نَاهٍ إِذ لَا يَعرِفُ الآمِرَ بِعَينِهِ وَ لَا الناّهيِ‌َ مِن غَيرِهِ وَ مِنهَا أَن لَو جَازَ أَن يَكُونَ اثنَينِ لَم يَكُن أَحَدُ الشّرِيكَينِ أَولَي بِأَن يُعبَدَ وَ يُطَاعَ مِنَ الآخَرِ وَ فِي إِجَازَةِ أَن يُطَاعَ ذَلِكَ الشّرِيكُ إِجَازَةُ أَن لَا يُطَاعَ اللّهُ وَ فِي أَن لَا يُطَاعَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الكُفرُ بِاللّهِ وَ بِجَمِيعِ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ إِثبَاتُ كُلّ بَاطِلٍ وَ تَركُ كُلّ حَقّ وَ تَحلِيلُ كُلّ حَرَامٍ وَ تَحرِيمُ كُلّ حَلَالٍ وَ الدّخُولُ فِي كُلّ مَعصِيَةٍ وَ الخُرُوجُ مِن كُلّ طَاعَةٍ وَ إِبَاحَةُ كُلّ فَسَادٍ وَ إِبطَالُ كُلّ حَقّ وَ مِنهَا أَنّهُ لَو جَازَ أَن يَكُونَ أَكثَرَ مِن وَاحِدٍ لَجَازَ لِإِبلِيسَ أَن يدَعّيِ‌َ أَنّهُ ذَلِكَ الآخَرُ حَتّي يُضَادّ اللّهَ تَعَالَي فِي جَمِيعِ حُكمِهِ وَ يَصرِفَ العِبَادَ إِلَي نَفسِهِ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ أَعظَمُ الكُفرِ وَ أَشَدّ النّفَاقِ فَإِن قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَيهِمُ الإِقرَارُ بِاللّهِ بِأَنّهُلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌقِيلَ لِعِلَلٍ مِنهَا أَن يَكُونُوا قَاصِدِينَ نَحوَهُ بِالعِبَادَةِ وَ الطّاعَةِ دُونَ غَيرِهِ غَيرَ مُشتَبِهٍ عَلَيهِم أَمرُ رَبّهِم وَ


صفحه : 12

صَانِعِهِم وَ رَازِقِهِم وَ مِنهَا أَنّهُم لَو لَم يَعلَمُوا أَنّهُلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ لَم يَدرُوا لَعَلّ رَبّهُم وَ صَانِعَهُم هَذِهِ الأَصنَامُ التّيِ‌ نَصَبَتهَا لَهُم آبَاؤُهُم وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ وَ النّيرَانُ إِذَا كَانَ جَائِزاً أَن يَكُونَ عَلَيهِم مُشتَبِهَةٌ وَ كَانَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الفَسَادُ وَ تَركُ طَاعَاتِهِ كُلّهَا وَ ارتِكَابُ مَعَاصِيهِ كُلّهَا عَلَي قَدرِ مَا يَتَنَاهَي إِلَيهِم مِن أَخبَارِ هَذِهِ الأَربَابِ وَ أَمرِهَا وَ نَهيِهَا وَ مِنهَا أَنّهُ لَو لَم يَجِب عَلَيهِم أَن يَعرِفُوا أَنلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌلَجَازَ عِندَهُم أَن يجَريِ‌َ عَلَيهِ مَا يجَريِ‌ عَلَي المَخلُوقِينَ مِنَ العَجزِ وَ الجَهلِ وَ التّغَيّرِ وَ الزّوَالِ وَ الفَنَاءِ وَ الكَذِبِ وَ الِاعتِدَاءِ وَ مَن جَازَت عَلَيهِ هَذِهِ الأَشيَاءُ لَم يُؤمَن فِنَاؤُهُ وَ لَم يُوثَق بِعَدلِهِ وَ لَم يُحَقّق قَولُهُ وَ أَمرُهُ وَ نَهيُهُ وَ وَعدُهُ وَ وَعِيدُهُ وَ ثَوَابُهُ وَ عِقَابُهُ وَ فِي ذَلِكَ فَسَادُ الخَلقِ وَ إِبطَالُ الرّبُوبِيّةِ

24-ثو،[ثواب الأعمال ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي وَ ابنِ هَاشِمٍ وَ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِ‌ّ جَمِيعاً عَنِ الحُسَينِ بنِ سَيفٍ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي حَازِمٍ المدَيِنيِ‌ّ عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ الأنَصاَريِ‌ّ قَالَ سَأَلتُ رَسُولَ اللّهِص عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ ما كُنتَ بِجانِبِ الطّورِ إِذ نادَينا قَالَ كَتَبَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ كِتَاباً قَبلَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ بأِلَفيَ‌ عَامٍ فِي وَرَقِ آسٍ ثُمّ وَضَعَهَا عَلَي العَرشِ ثُمّ نَادَي يَا أُمّةَ مُحَمّدٍ إِنّ رحَمتَيِ‌ سَبَقَت غضَبَيِ‌ أَعطَيتُكُم قَبلَ أَن تسَألَوُنيِ‌ وَ غَفَرتُ لَكُم قَبلَ أَن تسَتغَفرِوُنيِ‌ فَمَن لقَيِنَيِ‌ مِنكُم يَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا أَنَا وَ أَنّ مُحَمّداً عبَديِ‌ وَ رسَوُليِ‌ أَدخَلتُهُ الجَنّةَ برِحَمتَيِ‌

25-سن ،[المحاسن ]الوَشّاءُ عَن أَحمَدَ بنِ عَائِذٍ عَن أَبِي الحَسَنِ السّوّاقِ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ يَا أَبَانُ إِذَا قَدِمتَ الكُوفَةَ فَاروِ هَذَا الحَدِيثَ مَن شَهِدَ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُخلِصاً وَجَبَت لَهُ الجَنّةُ قَالَ قُلتُ لَهُ إِنّهُ يأَتيِنيِ‌ كُلّ صِنفٍ مِنَ الأَصنَافِ فأَرَويِ‌ لَهُم هَذَا الحَدِيثَ قَالَ نَعَم يَا أَبَانُ إِنّهُ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ وَ جَمَعَ اللّهُ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ فَيُسلَبُ مِنهُم لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ إِلّا مَن كَانَ عَلَي هَذَا الأَمرِ

سن ،[المحاسن ] ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن أبان بن تغلب مثله

26-سن ،[المحاسن ]صَالِحُ بنُ السنّديِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ بَشِيرٍ عَنِ الصّبّاحِ الحَذّاءِ عَن أَبَانِ بنِ تَغلِبَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ نَادَي مُنَادٍ مَن شَهِدَ أَن لَا إِلَهَ


صفحه : 13

إِلّا اللّهُ فَيَدخُلَ الجَنّةَ قَالَ قُلتُ فَعَلَي مَ تَخَاصُمُ النّاسِ إِذَا كَانَ مَن شَهِدَ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ دَخَلَ الجَنّةَ فَقَالَ إِنّهُ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ نَسُوهَا

27-صح ،[صحيفة الرضا عليه السلام ] عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ حصِنيِ‌ فَمَن دَخَلَ حصِنيِ‌ أَمِنَ مِن عذَاَبيِ‌

28-ضا،[فقه الرضا عليه السلام ]نرَويِ‌ أَنّ رَجُلًا أَتَي أَبَا جَعفَرٍ ع فَسَأَلَهُ عَنِ الحَدِيثِ ألّذِي روُيِ‌َ عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَ مَن قَالَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ دَخَلَ الجَنّةَ فَقَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع الخَبَرُ حَقّ فَوَلّي الرّجُلُ مُدبِراً فَلَمّا خَرَجَ أَمَرَ بِرَدّهِ ثُمّ قَالَ يَا هَذَا إِنّ لِلَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ شُرُوطاً أَلَا وَ إنِيّ‌ مِن شُرُوطِهَا

29-غو،[غوالي‌ اللئالي‌] قَالَ النّبِيّص مَن قَالَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ دَخَلَ الجَنّةَ وَ إِن زَنَي وَ إِن سَرَقَ

30- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَن أَحمَدَ بنِ عِيسَي بنِ مُحَمّدٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الحَمِيدِ عَن مُعَتّبٍ مَولَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع عَنهُ عَن أَبِيهِ ع قَالَ جَاءَ أعَراَبيِ‌ّ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ هَل لِلجَنّةِ مِن ثَمَنٍ قَالَ نَعَم قَالَ مَا ثَمَنُهَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ يَقُولُهَا العَبدُ مُخلِصاً بِهَا قَالَ وَ مَا إِخلَاصُهَا قَالَ العَمَلُ بِمَا بُعِثتُ بِهِ فِي حَقّهِ وَ حُبّ أَهلِ بيَتيِ‌ قَالَ فَدَاكَ أَبِي وَ أمُيّ‌ وَ إِنّ حُبّ أَهلِ البَيتِ لَمِن حَقّهَا قَالَ إِنّ حُبّهُم لَأَعظَمُ حَقّهَا

31-كَنزُ الكرَاَجكُيِ‌ّ،روُيِ‌َ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ اللّهَ رَفَعَ دَرَجَةَ اللّسَانِ فَأَنطَقَهُ بِتَوحِيدِهِ مِن بَينِ الجَوَارِحِ

32-ضا،[فقه الرضا عليه السلام ] إِنّ أَوّلَ مَا افتَرَضَ اللّهُ عَلَي عِبَادِهِ وَ أَوجَبَ عَلَي خَلقِهِ مَعرِفَةُ الوَحدَانِيّةِ قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيوَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقّ قَدرِهِ يَقُولُ مَا عَرَفُوا اللّهَ حَقّ مَعرِفَتِهِ

33- وَ نرَويِ‌ عَن بَعضِ العُلَمَاءِ ع أَنّهُ قَالَ فِي تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِهَل جَزاءُ الإِحسانِ إِلّا الإِحسانُ مَا جَزَاءُ مَن أَنعَمَ اللّهُ عَلَيهِ بِالمَعرِفَةِ إِلّا الجَنّةُ


صفحه : 14

34- وَ أرَويِ‌ أَنّ المَعرِفَةَ التّصدِيقُ وَ التّسلِيمُ وَ الإِخلَاصُ فِي السّرّ وَ العَلَانِيَةِ

وَ أرَويِ‌ أَنّ حَقّ المَعرِفَةِ أَن تُطِيعَ وَ لَا تعَصيِ‌َ وَ تَشكُرَ وَ لَا تَكفُرَ

35-مص ،[مصباح الشريعة] قَالَ الصّادِقُ ع العَارِفُ شَخصُهُ مَعَ الخَلقِ وَ قَلبُهُ مَعَ اللّهِ لَو سَهَا قَلبُهُ عَنِ اللّهِ طَرفَةَ عَينٍ لَمَاتَ شَوقاً إِلَيهِ وَ العَارِفُ أَمِينُ وَدَائِعِ اللّهِ وَ كَنزُ أَسرَارِهِ وَ مَعدِنُ نُورِهِ وَ دَلِيلُ رَحمَتِهِ عَلَي خَلقِهِ وَ مَطِيّةُ عُلُومِهِ وَ مِيزَانُ فَضلِهِ وَ عَدلِهِ قَد غنَيِ‌َ عَنِ الخَلقِ وَ المُرَادِ وَ الدّنيَا فَلَا مُونِسَ لَهُ سِوَي اللّهِ وَ لَا نُطقَ وَ لَا إِشَارَةَ وَ لَا نَفَسَ إِلّا بِاللّهِ وَ لِلّهِ وَ مِنَ اللّهِ وَ مَعَ اللّهِ فَهُوَ فِي رِيَاضِ قُدسِهِ مُتَرَدّدٌ وَ مِن لَطَائِفِ فَضلِهِ إِلَيهِ مُتَزَوّدٌ وَ المَعرِفَةُ أَصلٌ فَرعُهُ الإِيمَانُ

36-جع ،[جامع الأخبار] جَاءَ رَجُلٌ إِلَي رَسُولِ اللّهِص قَالَ مَا رَأسُ العِلمِ قَالَ مَعرِفَةُ اللّهِ حَقّ مَعرِفَتِهِ قَالَ وَ مَا حَقّ مَعرِفَتِهِ قَالَ أَن تَعرِفَهُ بِلَا مِثَالٍ وَ لَا شَبَهٍ وَ تَعرِفَهُ إِلَهاً وَاحِداً خَالِقاً قَادِراً أَوّلًا وَ آخِراً وَ ظَاهِراً وَ بَاطِناً لَا كُفوَ لَهُ وَ لَا مِثلَ لَهُ فَذَاكَ مَعرِفَةُ اللّهِ حَقّ مَعرِفَتِهِ

37-جع ،[جامع الأخبار] قَالَ النّبِيّص أَفضَلُكُم إِيمَاناً أَفضَلُكُم مَعرِفَةً

38-أَقُولُ،رَوَي الصّدُوقُ رَحِمَهُ اللّهُ فِي كِتَابِ صِفَاتِ الشّيعَةِ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ رَفَعَهُ إِلَي أَحَدِهِم ع أَنّهُ قَالَ بَعضُكُم أَكثَرُ صَلَاةً مِن بَعضٍ وَ بَعضُكُم أَكثَرُ حَجّاً مِن بَعضٍ وَ بَعضُكُم أَكثَرُ صَدَقَةً مِن بَعضٍ وَ بَعضُكُم أَكثَرُ صِيَاماً مِن بَعضٍ وَ أَفضَلُكُم أَفضَلُكُم مَعرِفَةً

39- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌]جَمَاعَةٌ عَن أَبِي المُفَضّلِ عَنِ اللّيثِ بنِ مُحَمّدٍ العنَبرَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ الصّمَدِ عَن خَالِهِ أَبِي الصّلتِ الهرَوَيِ‌ّ قَالَكُنتُ مَعَ الرّضَا ع لَمّا دَخَلَ نَيسَابُورَ وَ هُوَ رَاكِبٌ بَغلَةً شَهبَاءَ وَ قَد خَرَجَ عُلَمَاءُ نَيسَابُورَ فِي استِقبَالِهِ فَلَمّا صَارَ إِلَي المَربَعَةِ تَعَلّقُوا بِلِجَامِ بَغلَتِهِ وَ قَالُوا يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ حَدّثنَا بِحَقّ آبَائِكَ الطّاهِرِينَ حَدِيثاً عَن آبَائِكَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم أَجمَعِينَ فَأَخرَجَ رَأسَهُ مِنَ الهَودَجِ وَ عَلَيهِ مِطرَفُ خَزّ فَقَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي مُوسَي بنُ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَبِيهِ الحُسَينِ سَيّدِ شَبَابِ أَهلِ الجَنّةِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع عَن رَسُولِ اللّهِص قَالَ أخَبرَنَيِ‌ جَبرَئِيلُ الرّوحُ الأَمِينُ عَنِ اللّهِ تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ وَ جَلّ وَجهُهُ قَالَ إنِيّ‌


صفحه : 15

أَنَا اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنَا وحَديِ‌ عبِاَديِ‌ فاَعبدُوُنيِ‌ وَ ليَعلَم مَن لقَيِنَيِ‌ مِنكُم بِشَهَادَةِ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُخلِصاً بِهَا أَنّهُ قَد دَخَلَ حصِنيِ‌ وَ مَن دَخَلَ حصِنيِ‌ أَمِنَ عذَاَبيِ‌ قَالُوا يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ وَ مَا إِخلَاصُ الشّهَادَةِ لِلّهِ قَالَ طَاعَةُ اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ وَلَايَةُ أَهلِ بَيتِهِ ع

باب 2-علة احتجاب الله عز و جل عن خلقه

1- ع ،[علل الشرائع ] الحُسَينُ بنُ أَحمَدَ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ بُندَارَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الخرُاَساَنيِ‌ّ خَادِمِ الرّضَا ع قَالَ قَالَ بَعضُ الزّنَادِقَةِ لأِبَيِ‌ الحَسَنِ ع لِمَ احتَجَبَ اللّهُ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع إِنّ الحِجَابَ عَنِ الخَلقِ لِكَثرَةِ ذُنُوبِهِم فَأَمّا هُوَ فَلَا يَخفَي عَلَيهِ خَافِيَةٌ فِي آنَاءِ اللّيلِ وَ النّهَارِ قَالَ فَلِمَ لَا تُدرِكُهُ حَاسّةُ البَصَرِ قَالَ لِلفَرقِ بَينَهُ وَ بَينَ خَلقِهِ الّذِينَ تُدرِكُهُم حَاسّةُ الأَبصَارِ ثُمّ هُوَ أَجَلّ مِن أَن تُدرِكَهُ الأَبصَارُ أَو يُحِيطَ بِهِ وَهمٌ أَو يَضبِطَهُ عَقلٌ قَالَ فَحُدّهُ لِي قَالَ إِنّهُ لَا يُحَدّ قَالَ لِمَ قَالَ لِأَنّ كُلّ مَحدُودٍ مُتَنَاهٍ إِلَي حَدّ فَإِذَا احتَمَلَ التّحدِيدُ احتَمَلَ الزّيَادَةُ وَ إِذَا احتَمَلَ الزّيَادَةُ احتَمَلَ النّقصَانُ فَهُوَ غَيرُ مَحدُودٍ وَ لَا مُتَزَايِدٍ وَ لَا مُتَجَزّ وَ لَا مُتَوَهّمٍ

2- ع ،[علل الشرائع ] عَلِيّ بنُ حَاتِمٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن حَمدَانَ بنِ الحُسَينِ عَنِ الحُسَينِ بنِ الوَلِيدِ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي حَمزَةَ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ قُلتُ لعِلَيِ‌ّ بنِ الحُسَينِ ع لأِيَ‌ّ عِلّةٍ حَجَبَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الخَلقَ عَن نَفسِهِ قَالَ لِأَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بَنَاهُم بُنيَةً عَلَي الجَهلِ فَلَو أَنّهُم كَانُوا يَنظُرُونَ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ لَمَا كَانُوا بِالّذِينَ يَهَابُونَهُ وَ لَا يُعَظّمُونَهُ نَظِيرُ ذَلِكَ أَحَدُكُم إِذَا نَظَرَ إِلَي بَيتِ اللّهِ الحَرَامِ أَوّلَ مَرّةٍ عَظّمَهُ فَإِذَا أَتَت عَلَيهِ أَيّامٌ وَ هُوَ يَرَاهُ لَا يَكَادُ أَن يَنظُرَ إِلَيهِ إِذَا مَرّ بِهِ وَ لَا يُعَظّمُهُ ذَلِكَ التّعظِيمَ

بيان لعل المراد بالنظر الألطاف الخاصة التي‌ تستلزم غاية العرفان والوصول


صفحه : 16

أي لوكانت مبذولة لعامة الناس لكانت لعدم استحقاقهم ذلك مورثا لتهاونهم بربهم أوالنظر إلي آثار عظمته التي‌ لاتظهر إلاللأنبياء والأوصياء ع كنزول الملائكة وعروجهم ومواقفهم ومنازلهم والعرش والكرسي‌ واللوح والقلم وغيرها علي أنه يحتمل أن يكون دليلا آخر مع التنزل عن استحالة إدراكه بالبصر علي وفق الأفهام العامية

باب 3-إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه علي وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته

الآيات البقرةألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِراشاً وَ السّماءَ بِناءً وَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثّمَراتِ رِزقاً لَكُم فَلا تَجعَلُوا لِلّهِ أَنداداً وَ أَنتُم تَعلَمُونَ و قال تعالي إِنّ فِي خَلقِ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ اختِلافِ اللّيلِ وَ النّهارِ وَ الفُلكِ التّيِ‌ تجَريِ‌ فِي البَحرِ بِما يَنفَعُ النّاسَ وَ ما أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السّماءِ مِن ماءٍ فَأَحيا بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها وَ بَثّ فِيها مِن كُلّ دَابّةٍ وَ تَصرِيفِ الرّياحِ وَ السّحابِ المُسَخّرِ بَينَ السّماءِ وَ الأَرضِ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَيونس إِنّ فِي اختِلافِ اللّيلِ وَ النّهارِ وَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتّقُونَ و قال قُلِ انظُرُوا ما ذا فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ ما تغُنيِ‌ الآياتُ وَ النّذُرُ عَن قَومٍ لا يُؤمِنُونَالرعداللّهُ ألّذِي رَفَعَ السّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ يجَريِ‌ لِأَجَلٍ مُسَمّي يُدَبّرُ الأَمرَ يُفَصّلُ الآياتِ لَعَلّكُم بِلِقاءِ رَبّكُم تُوقِنُونَ وَ هُوَ ألّذِي مَدّ الأَرضَ وَ جَعَلَ فِيها روَاسيِ‌َ وَ أَنهاراً وَ مِن كُلّ الثّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوجَينِ اثنَينِ يغُشيِ‌ اللّيلَ النّهارَ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَ وَ فِي الأَرضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَ جَنّاتٌ مِن أَعنابٍ وَ زَرعٌ وَ نَخِيلٌ صِنوانٌ وَ غَيرُ صِنوانٍ يُسقي بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضّلُ بَعضَها عَلي بَعضٍ فِي الأُكُلِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ ابراهيم اللّهُ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثّمَراتِ رِزقاً لَكُم وَ سَخّرَ لَكُمُ الفُلكَ لتِجَريِ‌َ فِي البَحرِ بِأَمرِهِ وَ سَخّرَ لَكُمُ الأَنهارَ


صفحه : 17

وَ سَخّرَ لَكُمُ الشّمسَ وَ القَمَرَ دائِبَينِ وَ سَخّرَ لَكُمُ اللّيلَ وَ النّهارَ وَ آتاكُم مِن كُلّ ما سَأَلتُمُوهُ وَ إِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللّهِ لا تُحصُوها إِنّ الإِنسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌالحجروَ لَقَد جَعَلنا فِي السّماءِ بُرُوجاً وَ زَيّنّاها لِلنّاظِرِينَ وَ حَفِظناها مِن كُلّ شَيطانٍ رَجِيمٍ إِلّا مَنِ استَرَقَ السّمعَ فَأَتبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ وَ الأَرضَ مَدَدناها وَ أَلقَينا فِيها روَاسيِ‌َ وَ أَنبَتنا فِيها مِن كُلّ شَيءٍ مَوزُونٍ وَ جَعَلنا لَكُم فِيها مَعايِشَ وَ مَن لَستُم لَهُ بِرازِقِينَ وَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا عِندَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزّلُهُ إِلّا بِقَدَرٍ مَعلُومٍ وَ أَرسَلنَا الرّياحَ لَواقِحَ فَأَنزَلنا مِنَ السّماءِ ماءً فَأَسقَيناكُمُوهُ وَ ما أَنتُم لَهُ بِخازِنِينَ وَ إِنّا لَنَحنُ نحُييِ‌ وَ نُمِيتُ وَ نَحنُ الوارِثُونَالنحل خَلَقَ الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَ الأَنعامَ خَلَقَها لَكُم فِيها دفِ ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنها تَأكُلُونَ وَ لَكُم فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسرَحُونَ وَ تَحمِلُ أَثقالَكُم إِلي بَلَدٍ لَم تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلّا بِشِقّ الأَنفُسِ إِنّ رَبّكُم لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ وَ الخَيلَ وَ البِغالَ وَ الحَمِيرَ لِتَركَبُوها وَ زِينَةً وَ يَخلُقُ ما لا تَعلَمُونَ و قال تعالي هُوَ ألّذِي أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً لَكُم مِنهُ شَرابٌ وَ مِنهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزّرعَ وَ الزّيتُونَ وَ النّخِيلَ وَ الأَعنابَ وَ مِن كُلّ الثّمَراتِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَ وَ سَخّرَ لَكُمُ اللّيلَ وَ النّهارَ وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومُ مُسَخّراتٌ بِأَمرِهِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ وَ ما ذَرَأَ لَكُم فِي الأَرضِ مُختَلِفاً أَلوانُهُ إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَذّكّرُونَ وَ هُوَ ألّذِي سَخّرَ البَحرَ لِتَأكُلُوا مِنهُ لَحماً طَرِيّا وَ تَستَخرِجُوا مِنهُ حِليَةً تَلبَسُونَها وَ تَرَي الفُلكَ مَواخِرَ فِيهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ وَ أَلقي فِي الأَرضِ روَاسيِ‌َ أَن تَمِيدَ بِكُم وَ أَنهاراً وَ سُبُلًا لَعَلّكُم تَهتَدُونَ وَ عَلاماتٍ وَ بِالنّجمِ هُم يَهتَدُونَ و قال تعالي وَ اللّهُ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَحيا بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَسمَعُونَ وَ إِنّ لَكُم فِي الأَنعامِ لَعِبرَةً نُسقِيكُم مِمّا فِي بُطُونِهِ مِن بَينِ فَرثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشّارِبِينَ وَ مِن ثَمَراتِ النّخِيلِ وَ الأَعنابِ تَتّخِذُونَ مِنهُ سَكَراً وَ رِزقاً حَسَناً إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَعقِلُونَ وَ أَوحي رَبّكَ إِلَي النّحلِ أَنِ اتخّذِيِ‌ مِنَ الجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشّجَرِ وَ مِمّا يَعرِشُونَ ثُمّ كلُيِ‌ مِن كُلّ الثّمَراتِ فاَسلكُيِ‌ سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلًا يَخرُجُ مِن بُطُونِها شَرابٌ مُختَلِفٌ أَلوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَ وَ اللّهُ خَلَقَكُم ثُمّ يَتَوَفّاكُم وَ مِنكُم مَن يُرَدّ إِلي أَرذَلِ العُمُرِ لكِيَ‌ لا يَعلَمَ بَعدَ عِلمٍ شَيئاً إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ


صفحه : 18

و قال تعالي وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجاً وَ جَعَلَ لَكُم مِن أَزواجِكُم بَنِينَ وَ حَفَدَةً وَ رَزَقَكُم مِنَ الطّيّباتِ أَ فَبِالباطِلِ يُؤمِنُونَ وَ بِنِعمَتِ اللّهِ هُم يَكفُرُونَ و قال تعالي وَ اللّهُ أَخرَجَكُم مِن بُطُونِ أُمّهاتِكُم لا تَعلَمُونَ شَيئاً وَ جَعَلَ لَكُمُ السّمعَ وَ الأَبصارَ وَ الأَفئِدَةَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ أَ لَم يَرَوا إِلَي الطّيرِ مُسَخّراتٍ فِي جَوّ السّماءِ ما يُمسِكُهُنّ إِلّا اللّهُ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يُؤمِنُونَ وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُم مِن بُيُوتِكُم سَكَناً وَ جَعَلَ لَكُم مِن جُلُودِ الأَنعامِ بُيُوتاً تَستَخِفّونَها يَومَ ظَعنِكُم وَ يَومَ إِقامَتِكُم وَ مِن أَصوافِها وَ أَوبارِها وَ أَشعارِها أَثاثاً وَ مَتاعاً إِلي حِينٍ وَ اللّهُ جَعَلَ لَكُم مِمّا خَلَقَ ظِلالًا وَ جَعَلَ لَكُم مِنَ الجِبالِ أَكناناً وَ جَعَلَ لَكُم سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرّ وَ سَرابِيلَ تَقِيكُم بَأسَكُم كَذلِكَ يُتِمّ نِعمَتَهُ عَلَيكُم لَعَلّكُم تُسلِمُونَالإسراءوَ جَعَلنَا اللّيلَ وَ النّهارَ آيَتَينِ فَمَحَونا آيَةَ اللّيلِ وَ جَعَلنا آيَةَ النّهارِ مُبصِرَةً لِتَبتَغُوا فَضلًا مِن رَبّكُم وَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السّنِينَ وَ الحِسابَ وَ كُلّ شَيءٍ فَصّلناهُ تَفصِيلًا و قال تعالي رَبّكُمُ ألّذِي يزُجيِ‌ لَكُمُ الفُلكَ فِي البَحرِ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ إِنّهُ كانَ بِكُم رَحِيماً وَ إِذا مَسّكُمُ الضّرّ فِي البَحرِ ضَلّ مَن تَدعُونَ إِلّا إِيّاهُ فَلَمّا نَجّاكُم إِلَي البَرّ أَعرَضتُم وَ كانَ الإِنسانُ كَفُوراًطه ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ مَهداً وَ سَلَكَ لَكُم فِيها سُبُلًا وَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَخرَجنا بِهِ أَزواجاً مِن نَباتٍ شَتّي كُلُوا وَ ارعَوا أَنعامَكُم إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لأِوُليِ‌ النّهي مِنها خَلَقناكُم وَ فِيها نُعِيدُكُم وَ مِنها نُخرِجُكُم تارَةً أُخريالأنبياءأَ وَ لَم يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّ السّماواتِ وَ الأَرضَ كانَتا رَتقاً فَفَتَقناهُما وَ جَعَلنا مِنَ الماءِ كُلّ شَيءٍ حيَ‌ّ أَ فَلا يُؤمِنُونَ وَ جَعَلنا فِي الأَرضِ روَاسيِ‌َ أَن تَمِيدَ بِهِم وَ جَعَلنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلّهُم يَهتَدُونَ وَ جَعَلنَا السّماءَ سَقفاً مَحفُوظاً وَ هُم عَن آياتِها مُعرِضُونَ وَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ اللّيلَ وَ النّهارَ وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَ


صفحه : 19

المؤمنون وَ أَنزَلنا مِنَ السّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسكَنّاهُ فِي الأَرضِ وَ إِنّا عَلي ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ فَأَنشَأنا لَكُم بِهِ جَنّاتٍ مِن نَخِيلٍ وَ أَعنابٍ لَكُم فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَ مِنها تَأكُلُونَ وَ شَجَرَةً تَخرُجُ مِن طُورِ سَيناءَ تَنبُتُ بِالدّهنِ وَ صِبغٍ لِلآكِلِينَ وَ إِنّ لَكُم فِي الأَنعامِ لَعِبرَةً نُسقِيكُم مِمّا فِي بُطُونِها وَ لَكُم فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَ مِنها تَأكُلُونَ وَ عَلَيها وَ عَلَي الفُلكِ تُحمَلُونَ و قال تعالي وَ هُوَ ألّذِي ذَرَأَكُم فِي الأَرضِ وَ إِلَيهِ تُحشَرُونَ وَ هُوَ ألّذِي يحُييِ‌ وَ يُمِيتُ وَ لَهُ اختِلافُ اللّيلِ وَ النّهارِ أَ فَلا تَعقِلُونَ و قال تعالي قُل لِمَنِ الأَرضُ وَ مَن فِيها إِن كُنتُم تَعلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُل أَ فَلا تَذَكّرُونَ قُل مَن رَبّ السّماواتِ السّبعِ وَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُل أَ فَلا تَتّقُونَ قُل مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَيءٍ وَ هُوَ يُجِيرُ وَ لا يُجارُ عَلَيهِ إِن كُنتُم تَعلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُل فَأَنّي تُسحَرُونَالنورأَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يُسَبّحُ لَهُ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ الطّيرُ صَافّاتٍ كُلّ قَد عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسبِيحَهُ وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِما يَفعَلُونَ وَ لِلّهِ مُلكُ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ إِلَي اللّهِ المَصِيرُ أَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يزُجيِ‌ سَحاباً ثُمّ يُؤَلّفُ بَينَهُ ثُمّ يَجعَلُهُ رُكاماً فَتَرَي الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلالِهِ وَ يُنَزّلُ مِنَ السّماءِ مِن جِبالٍ فِيها مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشاءُ وَ يَصرِفُهُ عَن مَن يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرقِهِ يَذهَبُ بِالأَبصارِ يُقَلّبُ اللّهُ اللّيلَ وَ النّهارَ إِنّ فِي ذلِكَ لَعِبرَةً لأِوُليِ‌ الأَبصارِ وَ اللّهُ خَلَقَ كُلّ دَابّةٍ مِن ماءٍ فَمِنهُم مَن يمَشيِ‌ عَلي بَطنِهِ وَ مِنهُم مَن يمَشيِ‌ عَلي رِجلَينِ وَ مِنهُم مَن يمَشيِ‌ عَلي أَربَعٍ يَخلُقُ اللّهُ ما يَشاءُ إِنّ اللّهَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌالفرقان أَ لَم تَرَ إِلي رَبّكَ كَيفَ مَدّ الظّلّ وَ لَو شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمّ جَعَلنَا الشّمسَ عَلَيهِ دَلِيلًا ثُمّ قَبَضناهُ إِلَينا قَبضاً يَسِيراً وَ هُوَ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيلَ لِباساً وَ النّومَ سُباتاً وَ جَعَلَ النّهارَ نُشُوراً وَ هُوَ ألّذِي أَرسَلَ الرّياحَ بُشراً بَينَ يدَيَ‌ رَحمَتِهِ وَ أَنزَلنا مِنَ السّماءِ ماءً طَهُوراً لنِحُييِ‌َ بِهِ بَلدَةً مَيتاً وَ نُسقِيَهُ مِمّا خَلَقنا أَنعاماً وَ أنَاسيِ‌ّ كَثِيراً و قال تعالي وَ هُوَ ألّذِي مَرَجَ البَحرَينِ هذا عَذبٌ فُراتٌ وَ هذا مِلحٌ أُجاجٌ وَ جَعَلَ بَينَهُما بَرزَخاً وَ حِجراً مَحجُوراً وَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهراً وَ كانَ رَبّكَ قَدِيراً و قال تعالي


صفحه : 20

تَبارَكَ ألّذِي جَعَلَ فِي السّماءِ بُرُوجاً وَ جَعَلَ فِيها سِراجاً وَ قَمَراً مُنِيراً وَ هُوَ ألّذِي جَعَلَ اللّيلَ وَ النّهارَ خِلفَةً لِمَن أَرادَ أَن يَذّكّرَ أَو أَرادَ شُكُوراًالشعراءأَ وَ لَم يَرَوا إِلَي الأَرضِ كَم أَنبَتنا فِيها مِن كُلّ زَوجٍ كَرِيمٍ إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكثَرُهُم مُؤمِنِينَالقصص قُل أَ رَأَيتُم إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيكُمُ اللّيلَ سَرمَداً إِلي يَومِ القِيامَةِ مَن إِلهٌ غَيرُ اللّهِ يَأتِيكُم بِضِياءٍ أَ فَلا تَسمَعُونَ قُل أَ رَأَيتُم إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيكُمُ النّهارَ سَرمَداً إِلي يَومِ القِيامَةِ مَن إِلهٌ غَيرُ اللّهِ يَأتِيكُم بِلَيلٍ تَسكُنُونَ فِيهِ أَ فَلا تُبصِرُونَ وَ مِن رَحمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللّيلَ وَ النّهارَ لِتَسكُنُوا فِيهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَالعنكبوت خَلَقَ اللّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَ بِالحَقّ إِنّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلمُؤمِنِينَ و قال تعالي وَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن نَزّلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَحيا بِهِ الأَرضَ مِن بَعدِ مَوتِها لَيَقُولُنّ اللّهُ قُلِ الحَمدُ لِلّهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعقِلُونَ و قال تعالي فَإِذا رَكِبُوا فِي الفُلكِ دَعَوُا اللّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدّينَ فَلَمّا نَجّاهُم إِلَي البَرّ إِذا هُم يُشرِكُونَالروم وَ مِن آياتِهِ أَن خَلَقَكُم مِن تُرابٍ ثُمّ إِذا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ وَ مِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجاً لِتَسكُنُوا إِلَيها وَ جَعَلَ بَينَكُم مَوَدّةً وَ رَحمَةً إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَ وَ مِن آياتِهِ خَلقُ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ اختِلافُ أَلسِنَتِكُم وَ أَلوانِكُم إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلعالِمِينَ وَ مِن آياتِهِ مَنامُكُم بِاللّيلِ وَ النّهارِ وَ ابتِغاؤُكُم مِن فَضلِهِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَسمَعُونَ وَ مِن آياتِهِ يُرِيكُمُ البَرقَ خَوفاً وَ طَمَعاً وَ يُنَزّلُ مِنَ السّماءِ ماءً فيَحُييِ‌ بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ وَ مِن آياتِهِ أَن تَقُومَ السّماءُ وَ الأَرضُ بِأَمرِهِ ثُمّ إِذا دَعاكُم دَعوَةً مِنَ الأَرضِ إِذا أَنتُم تَخرُجُونَ وَ لَهُ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ كُلّ لَهُ قانِتُونَ و قال عز و جل وَ مِن آياتِهِ أَن يُرسِلَ الرّياحَ مُبَشّراتٍ وَ لِيُذِيقَكُم مِن رَحمَتِهِ وَ لتِجَريِ‌َ الفُلكُ بِأَمرِهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ و قال تعالي اللّهُ ألّذِي يُرسِلُ الرّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبسُطُهُ فِي السّماءِ كَيفَ يَشاءُ وَ يَجعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَي الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ إِذا هُم يَستَبشِرُونَ وَ إِن كانُوا مِن قَبلِ أَن يُنَزّلَ عَلَيهِم مِن قَبلِهِ لَمُبلِسِينَ فَانظُر إِلي آثارِ رَحمَتِ اللّهِ كَيفَ يحُي‌ِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها إِنّ ذلِكَ لمَحُي‌ِ المَوتي وَ هُوَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ


صفحه : 21

و قال تعالي اللّهُ ألّذِي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍ ثُمّ جَعَلَ مِن بَعدِ ضَعفٍ قُوّةً ثُمّ جَعَلَ مِن بَعدِ قُوّةٍ ضَعفاً وَ شَيبَةً يَخلُقُ ما يَشاءُ وَ هُوَ العَلِيمُ القَدِيرُلقمان خَلَقَ السّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها وَ أَلقي فِي الأَرضِ روَاسيِ‌َ أَن تَمِيدَ بِكُم وَ بَثّ فِيها مِن كُلّ دابّةٍ وَ أَنزَلنا مِنَ السّماءِ ماءً فَأَنبَتنا فِيها مِن كُلّ زَوجٍ كَرِيمٍ هذا خَلقُ اللّهِ فأَرَوُنيِ‌ ما ذا خَلَقَ الّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ و قال تعالي أَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ يُولِجُ اللّيلَ فِي النّهارِ وَ يُولِجُ النّهارَ فِي اللّيلِ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ يجَريِ‌ إِلي أَجَلٍ مُسَمّي وَ أَنّ اللّهَ بِما تَعمَلُونَ خَبِيرٌ ذلِكَ بِأَنّ اللّهَ هُوَ الحَقّ وَ أَنّ ما يَدعُونَ مِن دُونِهِ الباطِلُ وَ أَنّ اللّهَ هُوَ العلَيِ‌ّ الكَبِيرُ أَ لَم تَرَ أَنّ الفُلكَ تجَريِ‌ فِي البَحرِ بِنِعمَتِ اللّهِ لِيُرِيَكُم مِن آياتِهِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ وَ إِذا غَشِيَهُم مَوجٌ كَالظّلَلِ دَعَوُا اللّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدّينَ فَلَمّا نَجّاهُم إِلَي البَرّ فَمِنهُم مُقتَصِدٌ وَ ما يَجحَدُ بِآياتِنا إِلّا كُلّ خَتّارٍ كَفُورٍالتنزيل أَ وَ لَم يَرَوا أَنّا نَسُوقُ الماءَ إِلَي الأَرضِ الجُرُزِ فَنُخرِجُ بِهِ زَرعاً تَأكُلُ مِنهُ أَنعامُهُم وَ أَنفُسُهُم أَ فَلا يُبصِرُونَفاطرالحَمدُ لِلّهِ فاطِرِ السّماواتِ وَ الأَرضِ جاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلًا أوُليِ‌ أَجنِحَةٍ مَثني وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ يَزِيدُ فِي الخَلقِ ما يَشاءُ إِنّ اللّهَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ ما يَفتَحِ اللّهُ لِلنّاسِ مِن رَحمَةٍ فَلا مُمسِكَ لَها وَ ما يُمسِك فَلا مُرسِلَ لَهُ مِن بَعدِهِ وَ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ و قال تعالي وَ اللّهُ خَلَقَكُم مِن تُرابٍ ثُمّ مِن نُطفَةٍ ثُمّ جَعَلَكُم أَزواجاً و قال تعالي أَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَأَخرَجنا بِهِ ثَمَراتٍ مُختَلِفاً أَلوانُها وَ مِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَ حُمرٌ مُختَلِفٌ أَلوانُها وَ غَرابِيبُ سُودٌ وَ مِنَ النّاسِ وَ الدّوَابّ وَ الأَنعامِ مُختَلِفٌ أَلوانُهُ كَذلِكَ إِنّما يَخشَي اللّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُيس وَ آيَةٌ لَهُمُ الأَرضُ المَيتَةُ أَحيَيناها وَ أَخرَجنا مِنها حَبّا فَمِنهُ يَأكُلُونَ وَ جَعَلنا فِيها جَنّاتٍ مِن نَخِيلٍ وَ أَعنابٍ وَ فَجّرنا فِيها مِنَ العُيُونِ لِيَأكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَ ما


صفحه : 22

عَمِلَتهُ أَيدِيهِم أَ فَلا يَشكُرُونَ سُبحانَ ألّذِي خَلَقَ الأَزواجَ كُلّها مِمّا تُنبِتُ الأَرضُ وَ مِن أَنفُسِهِم وَ مِمّا لا يَعلَمُونَ وَ آيَةٌ لَهُمُ اللّيلُ نَسلَخُ مِنهُ النّهارَ فَإِذا هُم مُظلِمُونَ وَ الشّمسُ تجَريِ‌ لِمُستَقَرّ لَها ذلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ وَ القَمَرَ قَدّرناهُ مَنازِلَ حَتّي عادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِ لَا الشّمسُ ينَبغَيِ‌ لَها أَن تُدرِكَ القَمَرَ وَ لَا اللّيلُ سابِقُ النّهارِ وَ كُلّ فِي فَلَكٍ يَسبَحُونَ وَ آيَةٌ لَهُم أَنّا حَمَلنا ذُرّيّتَهُم فِي الفُلكِ المَشحُونِ وَ خَلَقنا لَهُم مِن مِثلِهِ ما يَركَبُونَ وَ إِن نَشَأ نُغرِقهُم فَلا صَرِيخَ لَهُم وَ لا هُم يُنقَذُونَ إِلّا رَحمَةً مِنّا وَ مَتاعاً إِلي حِينٍ و قال تعالي أَ وَ لَم يَرَوا أَنّا خَلَقنا لَهُم مِمّا عَمِلَت أَيدِينا أَنعاماً فَهُم لَها مالِكُونَ وَ ذَلّلناها لَهُم فَمِنها رَكُوبُهُم وَ مِنها يَأكُلُونَ وَ لَهُم فِيها مَنافِعُ وَ مَشارِبُ أَ فَلا يَشكُرُونَ و قال سبحانه أَ وَ لَم يَرَ الإِنسانُ أَنّا خَلَقناهُ مِن نُطفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌالصافات فَاستَفتِهِم أَ هُم أَشَدّ خَلقاً أَم مَن خَلَقنا إِنّا خَلَقناهُم مِن طِينٍ لازِبٍالزمرخَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ بِالحَقّ يُكَوّرُ اللّيلَ عَلَي النّهارِ وَ يُكَوّرُ النّهارَ عَلَي اللّيلِ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ يجَريِ‌ لِأَجَلٍ مُسَمّي أَلا هُوَ العَزِيزُ الغَفّارُ خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ ثُمّ جَعَلَ مِنها زَوجَها وَ أَنزَلَ لَكُم مِنَ الأَنعامِ ثَمانِيَةَ أَزواجٍ يَخلُقُكُم فِي بُطُونِ أُمّهاتِكُم خَلقاً مِن بَعدِ خَلقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللّهُ رَبّكُم لَهُ المُلكُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَأَنّي تُصرَفُونَ و قال تعالي أَ لَم تَرَ أَنّ اللّهَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الأَرضِ ثُمّ يُخرِجُ بِهِ زَرعاً مُختَلِفاً أَلوانُهُ ثُمّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصفَرّا ثُمّ يَجعَلُهُ حُطاماً إِنّ فِي ذلِكَ لَذِكري لأِوُليِ‌ الأَلبابِالمؤمن هُوَ ألّذِي يُرِيكُم آياتِهِ وَ يُنَزّلُ لَكُم مِنَ السّماءِ رِزقاً وَ ما يَتَذَكّرُ إِلّا مَن يُنِيبُ


صفحه : 23

و قال تعالي اللّهُ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيلَ لِتَسكُنُوا فِيهِ وَ النّهارَ مُبصِراً إِنّ اللّهَ لَذُو فَضلٍ عَلَي النّاسِ وَ لكِنّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرُونَ ذلِكُمُ اللّهُ رَبّكُم خالِقُ كُلّ شَيءٍ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَأَنّي تُؤفَكُونَ كَذلِكَ يُؤفَكُ الّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللّهِ يَجحَدُونَ اللّهُ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ قَراراً وَ السّماءَ بِناءً وَ صَوّرَكُم فَأَحسَنَ صُوَرَكُم وَ رَزَقَكُم مِنَ الطّيّباتِ ذلِكُمُ اللّهُ رَبّكُم فَتَبارَكَ اللّهُ رَبّ العالَمِينَ هُوَ الحيَ‌ّ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَادعُوهُ مُخلِصِينَ لَهُ الدّينَ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ قُل إنِيّ‌ نُهِيتُ أَن أَعبُدَ الّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لَمّا جاءنَيِ‌ البَيّناتُ مِن ربَيّ‌ وَ أُمِرتُ أَن أُسلِمَ لِرَبّ العالَمِينَ هُوَ ألّذِي خَلَقَكُم مِن تُرابٍ ثُمّ مِن نُطفَةٍ ثُمّ مِن عَلَقَةٍ ثُمّ يُخرِجُكُم طِفلًا ثُمّ لِتَبلُغُوا أَشُدّكُم ثُمّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنكُم مَن يُتَوَفّي مِن قَبلُ وَ لِتَبلُغُوا أَجَلًا مُسَمّي وَ لَعَلّكُم تَعقِلُونَ هُوَ ألّذِي يحُييِ‌ وَ يُمِيتُ فَإِذا قَضي أَمراً فَإِنّما يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ و قال عز و جل اللّهُ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنعامَ لِتَركَبُوا مِنها وَ مِنها تَأكُلُونَ وَ لَكُم فِيها مَنافِعُ وَ لِتَبلُغُوا عَلَيها حاجَةً فِي صُدُورِكُم وَ عَلَيها وَ عَلَي الفُلكِ تُحمَلُونَ وَ يُرِيكُم آياتِهِ فأَيَ‌ّ آياتِ اللّهِ تُنكِرُونَفصلت قُل أَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ وَ تَجعَلُونَ لَهُ أَنداداً ذلِكَ رَبّ العالَمِينَ وَ جَعَلَ فِيها روَاسيِ‌َ مِن فَوقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدّرَ فِيها أَقواتَها فِي أَربَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ وَ هيِ‌َ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلأَرضِ ائتِيا طَوعاً أَو كَرهاً قالَتا أَتَينا طائِعِينَ فَقَضاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ فِي يَومَينِ وَ أَوحي فِي كُلّ سَماءٍ أَمرَها وَ زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ وَ حِفظاً ذلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ و قال تعالي سَنُرِيهِم آياتِنا فِي الآفاقِ وَ فِي أَنفُسِهِم حَتّي يَتَبَيّنَ لَهُم أَنّهُ الحَقّ أَ وَ لَم يَكفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ شَهِيدٌ أَلا إِنّهُم فِي مِريَةٍ مِن لِقاءِ رَبّهِم أَلا إِنّهُ بِكُلّ شَيءٍ مُحِيطٌحمعسق فاطِرُ السّماواتِ وَ الأَرضِ جَعَلَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجاً وَ مِنَ الأَنعامِ أَزواجاً يَذرَؤُكُم فِيهِ و قال تعالي وَ مِن آياتِهِ خَلقُ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ ما بَثّ فِيهِما مِن دابّةٍ وَ هُوَ عَلي جَمعِهِم إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ و قال سبحانه وَ مِن آياتِهِ الجَوارِ فِي البَحرِ كَالأَعلامِ إِن يَشَأ يُسكِنِ الرّيحَ فَيَظلَلنَ رَواكِدَ عَلي ظَهرِهِ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ أَو يُوبِقهُنّ بِما كَسَبُوا وَ يَعفُ عَن كَثِيرٍ وَ يَعلَمَ الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُم مِن مَحِيصٍ


صفحه : 24

الزخرف وَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ لَيَقُولُنّ خَلَقَهُنّ العَزِيزُ العَلِيمُ ألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ مَهداً وَ جَعَلَ لَكُم فِيها سُبُلًا لَعَلّكُم تَهتَدُونَ وَ ألّذِي نَزّلَ مِنَ السّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرنا بِهِ بَلدَةً مَيتاً كَذلِكَ تُخرَجُونَ وَ ألّذِي خَلَقَ الأَزواجَ كُلّها وَ جَعَلَ لَكُم مِنَ الفُلكِ وَ الأَنعامِ ما تَركَبُونَ لِتَستَوُوا عَلي ظُهُورِهِ ثُمّ تَذكُرُوا نِعمَةَ رَبّكُم إِذَا استَوَيتُم عَلَيهِ وَ تَقُولُوا سُبحانَ ألّذِي سَخّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقرِنِينَ وَ إِنّا إِلي رَبّنا لَمُنقَلِبُونَالجاثيةإِنّ فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ لَآياتٍ لِلمُؤمِنِينَ وَ فِي خَلقِكُم وَ ما يَبُثّ مِن دابّةٍ آياتٌ لِقَومٍ يُوقِنُونَ وَ اختِلافِ اللّيلِ وَ النّهارِ وَ ما أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السّماءِ مِن رِزقٍ فَأَحيا بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها وَ تَصرِيفِ الرّياحِ آياتٌ لِقَومٍ يَعقِلُونَ و قال تعالي اللّهُ ألّذِي سَخّرَ لَكُمُ البَحرَ لتِجَريِ‌َ الفُلكُ فِيهِ بِأَمرِهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ وَ سَخّرَ لَكُم ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ جَمِيعاً مِنهُ إِنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكّرُونَ و قال سبحانه وَ قالُوا ما هيِ‌َ إِلّا حَياتُنَا الدّنيا نَمُوتُ وَ نَحيا وَ ما يُهلِكُنا إِلّا الدّهرُ وَ ما لَهُم بِذلِكَ مِن عِلمٍ إِن هُم إِلّا يَظُنّونَالذاريات وَ فِي الأَرضِ آياتٌ لِلمُوقِنِينَ وَ فِي أَنفُسِكُم أَ فَلا تُبصِرُونَ و قال جل وعلاوَ السّماءَ بَنَيناها بِأَيدٍ وَ إِنّا لَمُوسِعُونَ وَ الأَرضَ فَرَشناها فَنِعمَ الماهِدُونَ وَ مِن كُلّ شَيءٍ خَلَقنا زَوجَينِ لَعَلّكُم تَذَكّرُونَالطورأَم خُلِقُوا مِن غَيرِ شَيءٍ أَم هُمُ الخالِقُونَ أَم خَلَقُوا السّماواتِ وَ الأَرضَ بَل لا يُوقِنُونَالرحمن الرّحمنُ عَلّمَ القُرآنَ خَلَقَ الإِنسانَ إلي آخر الآيات الواقعةنَحنُ خَلَقناكُم فَلَو لا تُصَدّقُونَ أَ فَرَأَيتُم ما تُمنُونَ أَ أَنتُم تَخلُقُونَهُ أَم نَحنُ الخالِقُونَ نَحنُ قَدّرنا بَينَكُمُ المَوتَ وَ ما نَحنُ بِمَسبُوقِينَ عَلي أَن نُبَدّلَ أَمثالَكُم وَ نُنشِئَكُم فِي ما لا تَعلَمُونَ وَ لَقَد عَلِمتُمُ النّشأَةَ الأُولي فَلَو لا تَذَكّرُونَ أَ فَرَأَيتُم ما تَحرُثُونَ أَ أَنتُم تَزرَعُونَهُ أَم نَحنُ الزّارِعُونَ لَو نَشاءُ لَجَعَلناهُ حُطاماً فَظَلتُم تَفَكّهُونَ إِنّا لَمُغرَمُونَ بَل نَحنُ مَحرُومُونَ أَ فَرَأَيتُمُ الماءَ ألّذِي تَشرَبُونَ أَ أَنتُم أَنزَلتُمُوهُ مِنَ المُزنِ أَم نَحنُ المُنزِلُونَ لَو نَشاءُ جَعَلناهُ أُجاجاً فَلَو لا تَشكُرُونَ أَ فَرَأَيتُمُ النّارَ التّيِ‌ تُورُونَ أَ أَنتُم أَنشَأتُم شَجَرَتَها أَم نَحنُ المُنشِؤُنَ نَحنُ جَعَلناها تَذكِرَةً


صفحه : 25

وَ مَتاعاً لِلمُقوِينَ فَسَبّح بِاسمِ رَبّكَ العَظِيمِالطلاق اللّهُ ألّذِي خَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الأَرضِ مِثلَهُنّ يَتَنَزّلُ الأَمرُ بَينَهُنّ لِتَعلَمُوا أَنّ اللّهَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَ أَنّ اللّهَ قَد أَحاطَ بِكُلّ شَيءٍ عِلماًالملك ألّذِي خَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَري فِي خَلقِ الرّحمنِ مِن تَفاوُتٍ فَارجِعِ البَصَرَ هَل تَري مِن فُطُورٍ ثُمّ ارجِعِ البَصَرَ كَرّتَينِ يَنقَلِب إِلَيكَ البَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ وَ لَقَد زَيّنّا السّماءَ الدّنيا بِمَصابِيحَ وَ جَعَلناها رُجُوماً لِلشّياطِينِ و قال تعالي أَ وَ لَم يَرَوا إِلَي الطّيرِ فَوقَهُم صافّاتٍ وَ يَقبِضنَ ما يُمسِكُهُنّ إِلّا الرّحمنُ إِنّهُ بِكُلّ شَيءٍ بَصِيرٌ و قال سبحانه أَمّن هذَا ألّذِي يَرزُقُكُم إِن أَمسَكَ رِزقَهُ بَل لَجّوا فِي عُتُوّ وَ نُفُورٍ و قال تعالي قُل هُوَ ألّذِي أَنشَأَكُم وَ جَعَلَ لَكُمُ السّمعَ وَ الأَبصارَ وَ الأَفئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشكُرُونَ قُل هُوَ ألّذِي ذَرَأَكُم فِي الأَرضِ وَ إِلَيهِ تُحشَرُونَ و قال سبحانه قُل هُوَ الرّحمنُ آمَنّا بِهِ وَ عَلَيهِ تَوَكّلنا فَسَتَعلَمُونَ مَن هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قُل أَ رَأَيتُم إِن أَصبَحَ ماؤُكُم غَوراً فَمَن يَأتِيكُم بِماءٍ مَعِينٍالمرسلات أَ لَم نَخلُقكُم مِن ماءٍ مَهِينٍ فَجَعَلناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ إِلي قَدَرٍ مَعلُومٍ فَقَدَرنا فَنِعمَ القادِرُونَ وَيلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذّبِينَ أَ لَم نَجعَلِ الأَرضَ كِفاتاً أَحياءً وَ أَمواتاً وَ جَعَلنا فِيها روَاسيِ‌َ شامِخاتٍ وَ أَسقَيناكُم ماءً فُراتاً وَيلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذّبِينَالنبأأَ لَم نَجعَلِ الأَرضَ مِهاداً وَ الجِبالَ أَوتاداً وَ خَلَقناكُم أَزواجاً وَ جَعَلنا نَومَكُم سُباتاً وَ جَعَلنَا اللّيلَ لِباساً وَ جَعَلنَا النّهارَ مَعاشاً وَ بَنَينا فَوقَكُم سَبعاً شِداداً وَ جَعَلنا سِراجاً وَهّاجاً وَ أَنزَلنا مِنَ المُعصِراتِ ماءً ثَجّاجاً لِنُخرِجَ بِهِ حَبّا وَ نَباتاً وَ جَنّاتٍ أَلفافاًالنازعات أَ أَنتُم أَشَدّ خَلقاً أَمِ السّماءُ بَناها رَفَعَ سَمكَها فَسَوّاها وَ أَغطَشَ لَيلَها وَ أَخرَجَ ضُحاها وَ الأَرضَ بَعدَ ذلِكَ دَحاها أَخرَجَ مِنها ماءَها وَ مَرعاها وَ الجِبالَ أَرساها مَتاعاً لَكُم وَ لِأَنعامِكُمعبس فَليَنظُرِ الإِنسانُ إِلي طَعامِهِ أَنّا صَبَبنَا الماءَ صَبّا ثُمّ شَقَقنَا الأَرضَ


صفحه : 26

شَقّا فَأَنبَتنا فِيها حَبّا وَ عِنَباً وَ قَضباً وَ زَيتُوناً وَ نَخلًا وَ حَدائِقَ غُلباً وَ فاكِهَةً وَ أَبّا مَتاعاً لَكُم وَ لِأَنعامِكُمالغاشيةأَ فَلا يَنظُرُونَ إِلَي الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَت وَ إِلَي السّماءِ كَيفَ رُفِعَت وَ إِلَي الجِبالِ كَيفَ نُصِبَت وَ إِلَي الأَرضِ كَيفَ سُطِحَت

1-ج ،[الإحتجاج ] عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ لَو فَكّرُوا فِي عَظِيمِ القُدرَةِ وَ جَسِيمِ النّعمَةِ لَرَجَعُوا إِلَي الطّرِيقِ وَ خَافُوا عَذَابَ الحَرِيقِ وَ لَكِنِ القُلُوبُ عَلِيلَةٌ وَ الأَبصَارُ مَدخُولَةٌ أَ فَلَا يَنظُرُونَ إِلَي صَغِيرِ مَا خَلَقَ كَيفَ أَحكَمَ خَلقَهُ وَ أَتقَنَ تَركِيبَهُ وَ فَلَقَ لَهُ السّمعَ وَ البَصَرَ وَ سَوّي لَهُ العَظمَ وَ البَشَرَ انظُرُوا إِلَي النّملَةِ فِي صِغَرِ جُثّتِهَا وَ لِطَافَةِ هَيئَتِهَا لَا تَكَادُ تُنَالُ بِلَحظِ البَصَرِ وَ لَا بِمُستَدرَكِ الفِكَرِ كَيفَ دَبّت عَلَي أَرضِهَا وَ ضَنّت عَلَي رِزقِهَا تَنقُلُ الحَبّةَ إِلَي جُحرِهَا وَ تُعِدّهَا فِي مُستَقَرّهَا تَجمَعُ فِي حَرّهَا لِبَردِهَا وَ فِي وُرُودِهَا لِصُدُورِهَا مَكفُولٌ بِرِزقِهَا مَرزُوقَةٌ بِوَفقِهَا لَا يُغفِلُهَا المَنّانُ وَ لَا يَحرِمُهَا الدّيّانُ وَ لَو فِي الصّفَا اليَابِسِ وَ الحَجَرِ الجَامِسِ لَو فَكّرتَ فِي مجَاَريِ‌ أَكلِهَا وَ فِي عُلوِهَا وَ سُفلِهَا وَ مَا فِي الجَوفِ مِن شَرَاسِيفِ بَطنِهَا وَ مَا فِي الرّأسِ مِن عَينِهَا وَ أُذُنِهَا لَقَضَيتَ مِن خَلقِهَا عَجَباً وَ لَقِيتَ مِن وَصفِهَا تَعَباً فَتَعَالَي ألّذِي أَقَامَهَا عَلَي قَوَائِمِهَا وَ بَنَاهَا عَلَي دَعَائِمِهَا لَم يَشرَكهُ فِي فِطرَتِهَا فَاطِرٌ وَ لَم يُعِنهُ عَلَي خَلقِهَا قَادِرٌ وَ لَو ضَرَبتَ فِي مَذَاهِبِ فِكرِكَ لِتَبلُغَ غَايَاتِهِ مَا دَلّتكَ الدّلَالَةُ إِلّا عَلَي أَنّ فَاطِرَ النّملَةِ هُوَ فَاطِرُ النّحلَةِ[النّخلَةِ]لِدَقِيقِ تَفصِيلِ كُلّ شَيءٍ وَ غَامِضِ اختِلَافِ كُلّ حيَ‌ّ وَ مَا الجَلِيلُ وَ اللّطِيفُ وَ الثّقِيلُ وَ الخَفِيفُ وَ القوَيِ‌ّ وَ الضّعِيفُ فِي خَلقِهِ إِلّا سَوَاءٌ كَذَلِكَ السّمَاءُ وَ الهَوَاءُ وَ الرّيحُ وَ المَاءُ فَانظُر إِلَي الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ النّبَاتِ وَ الشّجَرِ وَ المَاءِ وَ الحَجَرِ وَ اختِلَافِ هَذَا اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ تَفَجّرِ هَذِهِ البِحَارِ وَ كَثرَةِ هَذِهِ الجِبَالِ وَ طُولِ هَذِهِ القِلَالِ وَ تَفَرّقِ هَذِهِ اللّغَاتِ وَ الأَلسُنِ المُختَلِفَاتِ فَالوَيلُ لِمَن أَنكَرَ المُقَدّرَ وَ جَحَدَ المُدَبّرَ زَعَمُوا أَنّهُم كَالنّبَاتِ مَا لَهُم زَارِعٌ وَ لَا لِاختِلَافِ صُوَرِهِم صَانِعٌ لَم يَلجَئُوا إِلَي حُجّةٍ فِيمَا ادّعَوا وَ لَا تَحقِيقٍ لِمَا وَعَوا وَ هَل يَكُونُ بِنَاءٌ مِن غَيرِ بَانٍ


صفحه : 27

أَو جِنَايَةٌ مِن غَيرِ جَانٍ وَ إِن شِئتَ قُلتَ فِي الجَرَادَةِ إِذ خَلَقَ لَهَا عَينَينِ حَمرَاوَينِ وَ أَسرَجَ لَهَا حَدَقَتَينِ قَمرَاوَينِ وَ جَعَلَ لَهَا السّمعَ الخفَيِ‌ّ وَ فَتَحَ لَهَا الفَمَ السوّيِ‌ّ وَ جَعَلَ لَهَا الحِسّ القوَيِ‌ّ وَ نَابَينِ بِهِمَا تَقرِضُ وَ مِنجَلَينِ بِهِمَا تَقبِضُ تَرهَبُهَا[يَرهَبُهَا]الزّرّاعُ فِي زَرعِهِم وَ لَا يَستَطِيعُونَ ذَبّهَا وَ لَو أَجلَبُوا بِجَمعِهِم حَتّي تَرِدَ الحَرثَ فِي نَزَوَاتِهَا وَ تقَضيِ‌َ مِنهُ شَهَوَاتِهَا وَ خَلقُهَا كُلّهُ لَا يَكُونُ إِصبَعاً مُستَدِقّةً فَتَبَارَكَ ألّذِي يَسجُدُ لَهُمَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ طَوعاً وَ كَرهاً وَ يُعَفّرُ لَهُ خَدّاً وَ وَجهاً وَ يلُقيِ‌ بِالطّاعَةِ إِلَيهِ سِلماً وَ ضَعفاً وَ يعُطيِ‌ لَهُ القِيَادَ رَهبَةً وَ خَوفاً فَالطّيرُ مُسَخّرَةٌ لِأَمرِهِ أَحصَي عَدَدَ الرّيشِ مِنهَا وَ النّفَسِ وَ أَرسَي قَوَائِمَهَا عَلَي النّدَي وَ اليَبَسِ قَدّرَ أَقوَاتَهَا وَ أَحصَي أَجنَاسَهَا فَهَذَا غُرَابٌ وَ هَذَا عُقَابٌ وَ هَذَا حَمَامٌ وَ هَذَا نَعَامٌ دَعَا كُلّ طَائِرٍ بِاسمِهِ وَ كَفَلَ لَهُ بِرِزقِهِ وَ أَنشَأَ السّحَابَ الثّقَالَ فَأَهطَلَ دِيَمَهَا وَ عَدّدَ قِسَمَهَا فَبَلّ الأَرضَ بَعدَ جُفُوفِهَا وَ أَخرَجَ نَبتَهَا بَعدَ جُدُوبِهَا

إيضاح مدخولة أي معيوبة من الدخل بالتحريك و هوالعيب والغش والفساد وفلق أي شق والبشر ظاهر جلد الإنسان و لابمستدرك الفكر إما مصدر ميمي‌ أي بإدراك الفكر أواسم مفعول من قبيل إضافة الصفة إلي الموصوف أي بإدراك الفكر ألذي يدركه الإنسان بغاية سعيه أواسم مكان والباء بمعني في أي في محل إدراكه والغرض المبالغة في صغرها بحيث لايمكن إدراك تفاصيل أعضائه لابالنظر و لابالفكر كيف دبت أي نشت وضنت بالضاد المعجمة والنون أي بخلت و في بعض النسخ صبت بالصاد المهملة والباء الموحدة علي بناء المجهول إما علي القلب أي صب عليها الرزق أوكناية عن هجومها واجتماعها علي رزقها بإلهامه تعالي فكأنها صبت علي الرزق ويمكن أن يقرأ علي بناء المعلوم من الصبابة وهي‌ حرارة الشوق لصدرها الصدر بالتحريك رجوع المسافر من مقصده والشاربة من الورد أي تجمع في أيام التمكن من الحركة لأيام العجز عنها فإنها تخفي‌ في شدة الشتاء لعجزها عن البرد والمنان هوكثير المن والعطاء والديان القهار والقاضي‌ والحاكم والسائس و


صفحه : 28

المجازي‌ والصفا مقصورا جمع الصفاة وهي‌ الحجر الصلد الضخم ألذي لاينبت والجامس اليابس الجامد قال الخليل في كتاب العين جمس الماء جمد وصخرة جامسة لزمت مكانا انتهي والضمير في علوها وسفلها إما راجع إلي المجاري‌ أو إلي النملة أي ارتفاع أجزاء بدنها وانخفاضها علي وجه تقتضيه الحكمة و قال الجوهري‌ الشراسيف مقاط الأضلاع وهي‌ أطرافها التي‌ تشرف علي البطن ويقال الشرسوف غضروف معلق بكل ضلع مثل غضروف الكتف لقضيت من خلقها عجبا القضاء بمعني الأداء أي لأديت عجبا ويحتمل أن يكون بمعني الموت أي لقضيت نحبك من شدة تعجبك و يكون عجبا مفعولا لأجله و لوضربت أي سرت كما قال تعالي إذاضربتم في الأرض غاياته أي غايات فكرك إلاسواء أي في دقة الصنعة وغموض الخلقة أو في الدلالة علي الفاطر وكمال قدرته وعلمه والقلال بالكسر جمع قلة بالضم وهي‌ أعلي الجبل زعموا أنهم كالنبات أي كمازعموا في النبات أوكنبات لازارع له حيث لاينسب إلي الزارع و إن نسب إلي ربه تعالي لماوعوا أي جمعوا وحفظوا وأسرج لها حدقتين أي جعلهما مضيئتين كالسراج ويقال حدقة قمراء أي منيرة كمايقال ليلة قمراء أي نيرة بضوء القمر بهما تقرض بكسر الراء أي تقطع والمنجل كمنبر حديدة يقضب بهاالزرع شبهت بهايداها والذب الدفع والمنع في نزواتها أي وثباتها وخلقها كله الواو حالية سلما بالكسر وبالتحريك أي استسلاما وانقيادا وأرسي أي أثبت أي جعل لها رجلين يمكنها الاستقرار بهما علي الأراضي‌ اليابسة والندية والهطل تتابع المطر والديم بكسر الدال وفتح الياء جمع الديمة بالكسر وهي‌ المطر ألذي ليس فيه رعد و لابرق والجذوب قلة النبات والزرع

2-ج ،[الإحتجاج ] عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ البَاقِرِ ع فِي قَولِهِ تَعَالَيوَ مَن كانَ فِي هذِهِ أَعمي فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمي قَالَ فَمَن لَم يَدُلّهُ خَلقُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ اختِلَافُ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ دَوَرَانُ الفَلَكِ بِالشّمسِ وَ القَمَرِ وَ الآيَاتُ العَجِيبَاتُ عَلَي أَنّ وَرَاءَ ذَلِكَ أَمراً هُوَ أَعظَمُ مِنهُ فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمَي قَالَ فَهُوَ عَمّا لَم يُعَايِن أَعمَي وَ أَضَلّ سَبِيلًا

بيان لعل المراد علي هذاالتفسير فهو في أمر الآخرة التي‌ لم ير آثارها أشد عمي وضلالة


صفحه : 29

3-ج ،[الإحتجاج ]روُيِ‌َ عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ أَنّهُ قَالَ كَانَ مِن سُؤَالِ الزّندِيقِ ألّذِي أَتَي أَبَا عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا الدّلِيلُ عَلَي صَانِعِ العَالَمِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع وُجُودُ الأَفَاعِيلِ التّيِ‌ دَلّت عَلَي أَنّ صَانِعَهَا صَنَعَهَا أَ لَا تَرَي أَنّكَ إِذَا نَظَرتَ إِلَي بِنَاءٍ مُشَيّدٍ مبَنيِ‌ّ عَلِمتَ أَنّ لَهُ بَانِياً وَ إِن كُنتَ لَم تَرَ الباَنيِ‌َ وَ لَم تُشَاهِدهُ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ هُوَ شَيءٌ بِخِلَافِ الأَشيَاءِ ارجِع بقِوَليِ‌ شَيءٌ إِلَي إِثبَاتِهِ وَ أَنّهُ شَيءٌ بِحَقِيقَةِ الشّيئِيّةِ غَيرَ أَنّهُ لَا جِسمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا يُحَسّ وَ لَا يُجَسّ وَ لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ الخَمسِ لَا تُدرِكُهُ الأَوهَامُ وَ لَا تَنقُصُهُ الدّهُورُ وَ لَا يُغَيّرُهُ الزّمَانُ قَالَ السّائِلُ فَإِنّا لَم نَجِد مَوهُوماً إِلّا مَخلُوقاً قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَو كَانَ ذَلِكَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَ التّوحِيدُ مِنّا مُرتَفِعاً فَإِنّا لَم نُكَلّف أَن نَعتَقِدَ غَيرَ مَوهُومٍ لَكِنّا نَقُولُ كُلّ مَوهُومٍ بِالحَوَاسّ مُدرَكٌ بِهَا تَحُدّهُ الحَوَاسّ مُمَثّلًا فَهُوَ مَخلُوقٌ وَ لَا بُدّ مِن إِثبَاتِ صَانِعِ الأَشيَاءِ خَارِجاً مِنَ الجِهَتَينِ المَذمُومَتَينِ إِحدَاهُمَا النفّي‌ُ إِذ كَانَ النفّي‌ُ هُوَ الإِبطَالَ وَ العَدَمَ وَ الجِهَةُ الثّانِيَةُ التّشبِيهُ بِصِفَةِ المَخلُوقِ الظّاهِرِ التّركِيبِ وَ التّألِيفِ فَلَم يَكُن بُدّ مِن إِثبَاتِ الصّانِعِ لِوُجُودِ المَصنُوعِينَ وَ الِاضطِرَارِ مِنهُم إِلَيهِ أَنّهُم مَصنُوعُونَ وَ أَنّ صَانِعَهُم غَيرُهُم وَ لَيسَ مِثلَهُم إِذ كَانَ مِثلُهُم شَبِيهاً بِهِم فِي ظَاهِرِ التّركِيبِ وَ التّألِيفِ وَ فِيمَا يجَريِ‌ عَلَيهِم مِن حُدُوثِهِم بَعدَ أَن لَم يَكُونُوا وَ تَنَقّلِهِم مِن صِغَرٍ إِلَي كِبَرٍ وَ سَوَادٍ إِلَي بَيَاضٍ وَ قُوّةٍ إِلَي ضَعفٍ وَ أَحوَالٍ مَوجُودَةٍ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَي تَفسِيرِهَا لِثَبَاتِهَا وَ وُجُودِهَا قَالَ السّائِلُ فَأَنتَ قَد حَدَدتَهُ إِذ أَثبَتّ وُجُودَهُ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَم أَحدُدهُ وَ لَكِن أَثبَتّهُ إِذ لَم يَكُن بَينَ الإِثبَاتِ وَ النفّي‌ِ مَنزِلَةٌ قَالَ السّائِلُ فَقَولُهُالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع بِذَلِكَ وَصَفَ نَفسَهُ وَ كَذَلِكَ هُوَ مُستَولٍ عَلَي العَرشِ بَائِنٌ مِن خَلقِهِ مِن غَيرِ أَن يَكُونَ العَرشُ حَامِلًا لَهُ وَ لَا أَنّ العَرشَ مَحَلّ لَهُ لَكِنّا نَقُولُ هُوَ حَامِلٌ لِلعَرشِ وَ مُمسِكٌ لِلعَرشِ وَ نَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَفَثَبّتنَا مِنَ العَرشِ وَ الكرُسيِ‌ّ مَا ثَبّتَهُ وَ نَفَينَا أَن يَكُونَ العَرشُ وَ الكرُسيِ‌ّ


صفحه : 30

حَاوِياً لَهُ وَ أَن يَكُونَ عَزّ وَ جَلّ مُحتَاجاً إِلَي مَكَانٍ أَو إِلَي شَيءٍ مِمّا خَلَقَ بَل خَلقُهُ مُحتَاجُونَ إِلَيهِ قَالَ السّائِلُ فَمَا الفَرقُ بَينَ أَن تَرفَعُوا أَيدِيَكُم إِلَي السّمَاءِ وَ بَينَ أَن تَخفِضُوهَا نَحوَ الأَرضِ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع ذَلِكَ فِي عِلمِهِ وَ إِحَاطَتِهِ وَ قُدرَتِهِ سَوَاءٌ وَ لَكِنّهُ عَزّ وَ جَلّ أَمَرَ أَولِيَاءَهُ وَ عِبَادَهُ بِرَفعِ أَيدِيهِم إِلَي السّمَاءِ نَحوَ العَرشِ لِأَنّهُ جَعَلَهُ مَعدِنَ الرّزقِ فَثَبّتنَا مَا ثَبّتَهُ القُرآنُ وَ الأَخبَارُ عَنِ الرّسُولِص حِينَ قَالَ ارفَعُوا أَيدِيَكُم إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ هَذَا تُجمِعُ عَلَيهِ فِرَقُ الأُمّةِ كُلّهَا

يد،[التوحيد]الدقاق عن أبي القاسم العلوي‌ عن البرمكي‌ عن الحسين بن الحسن عن ابراهيم بن هاشم القمي‌ عن العباس بن عمرو الفقيمي‌ عن هشام بن الحكم مثله مع زيادة أثبتناها في باب احتجاج الصادق ع علي الزنادقة بيان قوله ع و أنه شيءبحقية الشيئية المراد بالشيئية إما الوجود أومعني مساوق له و علي التقديرين فالمراد إما بيان عينية الوجود أوقطع طمع السائل عن تعقل كنهه تعالي بل بأنه شيء و أنه بخلاف الأشياء والجس بالجيم المس قوله فإنا لم نجد موهوما إلامخلوقا أي يلزم مما ذكرت أنه لاتدركه الأوهام أن كل مايحصل في الوهم يكون مخلوقا فأجاب ع بما حاصله أن مرادنا أنه تعالي لايدرك كنه حقيقته العقول والأوهام و لايتمثل أيضا في الحواس إذ هومستلزم للتشبيه بالمخلوقين و لو كان كماتوهمت من أنه لايمكن تصوره تعالي بوجه من الوجوه لكان تكليفنا بالتصديق بوجوده وتوحيده وسائر صفاته تكليفا بالمحال إذ لايمكن التصديق بثبوت شيءلشي‌ء بدون تصور ذلك الشي‌ء فهذا القول مستلزم لنفي‌ وجوده وسائر صفاته عنه تعالي بل لابد في التوحيد من إخراجه عن حد النفي‌ والتعطيل و عن حد التشبيه بالمخلوقين ثم استدل ع بتركيبهم وحدوثهم وتغير أحوالهم وتبدل أوضاعهم علي احتياجهم إلي صانع منزه عن جميع ذلك غيرمشابه لهم في الصفات الإمكانية و إلالكان هوأيضا مفتقرا إلي صانع لاشتراك علة الافتقار. قوله فقد حددته إذاثبتت وجوده أي إثبات الوجود له يوجب التحديد إما


صفحه : 31

بناء علي توهم أن كل موجود لابد أن يكون محدودا بحدود جسمانية أوبحدود عقلانية أوباعتبار التحدد بصفة هوالوجود أوباعتبار كونه محكوما عليه فيكون موجودا في الذهن محاطا به فأجاب ع بأنه لايلزم أن يكون كل موجود جسما أوجسمانيا حتي يكون محدودا بحدود جسمانية و لا أن يكون مركبا حتي يكون محدودا بحدود عقلانية أو لايلزم كون حقيقته حاصلة في الذهن أومحدودة بصفة فإن الحكم لايستدعي‌ حصول الحقيقة في الذهن والوجود ليس من الصفات الموجودة المغايرة التي‌ تحد بهاالأشياء

4-ج ،[الإحتجاج ] عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ دَخَلَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ عَلَي الصّادِقِ ع فَقَالَ لَهُ الصّادِقُ يَا ابنَ أَبِي العَوجَاءِ أَ مَصنُوعٌ أَنتَ أَم غَيرُ مَصنُوعٍ قَالَ لَستُ بِمَصنُوعٍ فَقَالَ لَهُ الصّادِقُ ع فَلَو كُنتَ مَصنُوعاً كَيفَ كُنتَ تَكُونُ فَلَم يُحِرِ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ جَوَاباً وَ قَامَ وَ خَرَجَ

يد،[التوحيد]الهمداني‌ عن علي عن أبيه عن العباس بن عمرو الفقيمي‌ عن هشام مثله بيان لما كان التصديق بوجود الصانع تعالي ضروريا نبهه ع بأن العقل يحكم بديهة بالفرق بين المصنوع وغيره وفيك جميع صفات المصنوعين فكيف لم تكن مصنوعا

5-ج ،[الإحتجاج ]دَخَلَ أَبُو شَاكِرٍ الديّصَاَنيِ‌ّ وَ هُوَ زِندِيقٌ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ لَهُ يَا جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ دلُنّيِ‌ عَلَي معَبوُديِ‌ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ اجلِس فَإِذَا غُلَامٌ صَغِيرٌ فِي كَفّهِ بَيضَةٌ يَلعَبُ بِهَا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع ناَولِنيِ‌ يَا غُلَامُ البَيضَةَ فَنَاوَلَهُ إِيّاهَا فَقَالَ


صفحه : 32

أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا ديَصَاَنيِ‌ّ هَذَا حِصنٌ مَكنُونٌ لَهُ جِلدٌ غَلِيظٌ وَ تَحتَ الجِلدِ الغَلِيظِ جِلدٌ رَقِيقٌ وَ تَحتَ الجِلدِ الرّقِيقِ ذَهَبَةٌ مَائِعَةٌ وَ فِضّةٌ ذَائِبَةٌ فَلَا الذّهَبَةُ المَائِعَةُ تَختَلِطُ بِالفِضّةِ الذّائِبَةِ وَ لَا الفِضّةُ الذّائِبَةُ تَختَلِطُ بِالذّهَبَةِ المَائِعَةِ فهَيِ‌َ عَلَي حَالِهَا لَم يَخرُج مِنهَا خَارِجٌ مُصلِحٌ فَيُخبِرَ عَن إِصلَاحِهَا وَ لَم يَدخُل فِيهَا دَاخِلٌ مُفسِدٌ فَيُخبِرَ عَن إِفسَادِهَا لَا يُدرَي لِلذّكَرِ خُلِقَت أَم لِلأُنثَي تَنفَلِقُ عَن مِثلِ أَلوَانِ الطّوَاوِيسِ أَ تَرَي لَهَا مُدَبّراً قَالَ فَأَطرَقَ مَلِيّاً ثُمّ قَالَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَشهَدُ أَنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنّكَ إِمَامٌ وَ حُجّةٌ مِنَ اللّهِ عَلَي خَلقِهِ وَ أَنَا تَائِبٌ مِمّا كُنتُ فِيهِ

6-يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ أَبِي إِسحَاقَ الخَفّافِ عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِنَا أَنّ عَبدَ اللّهِ الديّصَاَنيِ‌ّ أَتَي بَابَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَاستَأذَنَ عَلَيهِ فَأَذِنَ لَهُ فَلَمّا قَعَدَ قَالَ لَهُ يَا جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ دلُنّيِ‌ عَلَي معَبوُديِ‌ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مَا اسمُكَ فَخَرَجَ عَنهُ وَ لَم يُخبِرهُ بِاسمِهِ فَقَالَ لَهُ أَصحَابُهُ كَيفَ لَم تُخبِرهُ بِاسمِكَ قَالَ لَو كُنتُ قُلتُ لَهُ عَبدُ اللّهِ كَانَ يَقُولُ مَن هَذَا ألّذِي أَنتَ لَهُ عَبدٌ فَقَالُوا لَهُ عُد إِلَيهِ فَقُل يَدُلّكَ عَلَي مَعبُودِكَ وَ لَا يَسأَلُكَ عَنِ اسمِكَ فَرَجَعَ إِلَيهِ فَقَالَ لَهُ يَا جَعفَرُ دلُنّيِ‌ عَلَي معَبوُديِ‌ وَ لَا تسَألَنيِ‌ عَنِ اسميِ‌ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع اجلِس وَ إِذَا غُلَامٌ صَغِيرٌ إِلَي آخِرِ الخَبَرِ

بيان قدأوردنا الخبر بتمامه في باب القدرة وتقرير استدلاله ع أن ما في البيضة من الإحكام والإتقان والاشتمال علي ما به صلاحها وعدم اختلاط ما فيها من الجسمين السيالين والحال أنه ليس فيهاحافظ لها من الأجسام فيخرج مخبرا عن صلاحها و لايدخلها جسماني‌ من خارج فيفسدها وهي‌ تنفلق عن مثل ألوان الطواويس يدل علي أن له مبدأ غيرجسم و لاجسماني‌ و لايخفي لطف نسبة الإصلاح إلي مايخرج منها والإفساد إلي مايدخل فيهالأن هذاشأن أهل الحصن الحافظين له وحال الداخل فيه بالقهر والغلبة


صفحه : 33

7-ج ،[الإحتجاج ] عَن عِيسَي بنِ يُونُسَ قَالَ كَانَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ مِن تَلَامِذَةِ الحَسَنِ البصَريِ‌ّ فَانحَرَفَ عَنِ التّوحِيدِ فَقِيلَ لَهُ تَرَكتَ مَذهَبَ صَاحِبِكَ وَ دَخَلتَ فِيمَا لَا أَصلَ لَهُ وَ لَا حَقِيقَةَ قَالَ إِنّ صاَحبِيِ‌ كَانَ مِخلَطاً يَقُولُ طَوراً بِالقَدَرِ وَ طَوراً بِالجَبرِ فَمَا أَعلَمُهُ اعتَقَدَ مَذهَباً دَامَ عَلَيهِ فَقَدِمَ مَكّةَ تَمَرّداً وَ إِنكَاراً عَلَي مَن يَحُجّ وَ كَانَ يَكرَهُ العُلَمَاءُ مُجَالَسَتَهُ وَ مُسَاءَلَتَهُ لِخُبثِ لِسَانِهِ وَ فَسَادِ ضَمِيرِهِ فَأَتَي أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَجَلَسَ إِلَيهِ فِي جَمَاعَةٍ مِن نُظَرَائِهِ فَقَالَ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ إِنّ المَجَالِسَ بِالأَمَانَاتِ وَ لَا بُدّ لِكُلّ مَن بِهِ سُعَالٌ أَن يَسعُلَ أَ فَتَأذَنُ لِي فِي الكَلَامِ فَقَالَ الصّادِقُ ع تَكَلّم بِمَا شِئتَ فَقَالَ إِلَي كَم تَدُوسُونَ هَذَا البَيدَرَ وَ تَلُوذُونَ بِهَذَا الحَجَرِ وَ تَعبُدُونَ هَذَا البَيتَ المَرفُوعَ بِالطّوبِ وَ المَدَرِ وَ تُهَروِلُونَ حَولَهُ كَهَروَلَةِ البَعِيرِ إِذَا نَفَرَ إِنّ مَن فَكّرَ فِي هَذَا وَ قَدّرَ عَلِمَ أَنّ هَذَا فِعلٌ أَسّسَهُ غَيرُ حَكِيمٍ وَ لَا ذيِ‌ نَظَرٍ فَقُل فَإِنّكَ رَأسُ هَذَا الأَمرِ وَ سَنَامُهُ وَ أَبُوكَ أُسّهُ وَ نِظَامُهُ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّ مَن أَضَلّهُ اللّهُ وَ أَعمَي قَلبَهُ استَوخَمَ الحَقّ وَ لَم يَستَعذِبهُ وَ صَارَ الشّيطَانُ وَلِيّهُ يُورِدُهُ مَنَاهِلَ الهَلَكَةِ ثُمّ لَا يُصدِرُهُ وَ هَذَا بَيتٌ استَعبَدَ اللّهُ بِهِ عِبَادَهُ لِيَختَبِرَ طَاعَتَهُم فِي إِتيَانِهِ فَحَثّهُم عَلَي تَعظِيمِهِ وَ زِيَارَتِهِ وَ جَعَلَهُ مَحَلّ أَنبِيَائِهِ وَ قِبلَةً لِلمُصَلّينَ لَهُ فَهُوَ شُعبَةٌ مِن رِضوَانِهِ وَ طَرِيقٌ يؤُدَيّ‌ إِلَي غُفرَانِهِ مَنصُوبٌ عَلَي استِوَاءِ الكَمَالِ وَ مُجتَمَعِ العَظَمَةِ وَ الجَلَالِ خَلَقَهُ اللّهُ قَبلَ دَحوِ الأَرضِ بأِلَفيَ‌ عَامٍ فَأَحَقّ مَن أُطِيعَ فِيمَا أَمَرَ وَ انتهُيِ‌َ عَمّا نَهَي عَنهُ وَ زَجَرَ اللّهُ المُنشِئُ لِلأَروَاحِ وَ الصّوَرِ فَقَالَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ ذَكَرتَ اللّهَ فَأَحَلتَ عَلَي غَائِبٍ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع وَيلَكَ كَيفَ يَكُونُ غَائِباً مَن هُوَ مَعَ خَلقِهِ شَاهِدٌ وَ إِلَيهِم أَقرَبُ مِن حَبلِ الوَرِيدِ يَسمَعُ كَلَامَهُم وَ يَرَي أَشخَاصَهُم وَ يَعلَمُ أَسرَارَهُم


صفحه : 34

فَقَالَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ فَهُوَ فِي كُلّ مَكَانٍ أَ لَيسَ إِذَا كَانَ فِي السّمَاءِ كَيفَ يَكُونُ فِي الأَرضِ وَ إِذَا كَانَ فِي الأَرضِ كَيفَ يَكُونُ فِي السّمَاءِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِنّمَا وَصَفتَ المَخلُوقَ ألّذِي إِذَا انتَقَلَ مِن مَكَانٍ اشتَغَلَ بِهِ مَكَانٌ وَ خَلَا مِنهُ مَكَانٌ فَلَا يدَريِ‌ فِي المَكَانِ ألّذِي صَارَ إِلَيهِ مَا حَدَثَ فِي المَكَانِ ألّذِي كَانَ فِيهِ فَأَمّا اللّهُ العَظِيمُ الشّأنِ المَلِكُ الدّيّانُ فَلَا يَخلُو مِنهُ مَكَانٌ وَ لَا يَشتَغِلُ بِهِ مَكَانٌ وَ لَا يَكُونُ إِلَي مَكَانٍ أَقرَبَ مِنهُ إِلَي مَكَانٍ

لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي‌ عن الفضل بن يونس مثله ع ،[علل الشرائع ]الهمداني‌ والمكتب والوراق جميعا عن علي عن أبيه عن الفضل

مثله

8-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَن حَمزَةَ بنِ القَاسِمِ العلَوَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَن دَاوُدَ بنِ عَبدِ اللّهِ عَن عَمرِو بنِ مُحَمّدٍ عَن عِيسَي بنِ يُونُسَ مِثلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ وَ ألّذِي بَعَثَهُ بِالآيَاتِ المُحكَمَةِ وَ البَرَاهِينِ الوَاضِحَةِ وَ أَيّدَهُ بِنَصرِهِ وَ اختَارَهُ لِتَبلِيغِ رِسَالَتِهِ صَدّقنَا قَولَهُ بِأَنّ رَبّهُ بَعَثَهُ وَ كَلّمَهُ فَقَامَ عَنهُ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ وَ قَالَ لِأَصحَابِهِ مَن ألَقاَنيِ‌ فِي بَحرِ هَذَا وَ فِي رِوَايَةِ ابنِ الوَلِيدِ مَن ألَقاَنيِ‌ فِي بَحرِ هَذَا سَأَلتُكُم أَن تَلتَمِسُوا لِي خُمرَةً فأَلَقيَتمُوُنيِ‌ عَلَي جَمرَةٍ قَالُوا مَا كُنتَ فِي مَجلِسِهِ إِلّا حَقِيراً قَالَ إِنّهُ ابنُ مَن حَلَقَ رُءُوسَ مَن تَرَونَ

بيان الطوب بالضم الآجر وطعام وخيم غيرموافق واستوخمه أي لم يستمرئه و لم يستعذبه أي لم يدرك عذوبته وحاصل ماذكره ع أنه تعالي إنما استعبدهم بذلك ليختبرهم في إطاعتهم له والاختبار فيما خفي‌ وجه الحكمة فيه علي أكثر العقول مع أن لخصوص هذاالمكان الشريف مزايا وشرائف لكونه محل الأنبياء وقبلة المصلين وسابقا في الخلق علي جميع الأرض و قدأشار ع بقوله فهو شعبة مع الفقرات التي‌ بعدها إلي ماجعل الله فيه من الكمالات المعنوية والأسرار الخفية حيث جعله محلا لقربه ورضوانه ومهبطا لرحماته وغفرانه و ماأفاض عليه من أنوار جبروته وأخفي فيه من أسرار ملكوته والاستواء الاعتدال والوريد هوالعرق ألذي في صفحة العنق وبقطعه تزول الحياة ففي‌ التشبيه به دون سائر الأعضاء إشعار بكيفية قربه بأن قربه قرب بالعلية والتأثير وفيما بعدها من الفقر إشارة إلي جهة أخري من قربه وهي‌


صفحه : 35

الإحاطة العلمية والخمرة بالضم حصيرة صغيرة من السعف أي طلبت منكم أن تطلبوا لي خصما ألعب به كالخمرة فألقيتموني‌ علي جمرة ملتهبة

9-ج ،[الإحتجاج ] وَ روُيِ‌َ أَنّ الصّادِقَ ع قَالَ لِابنِ أَبِي العَوجَاءِ إِن يَكُنِ الأَمرُ كَمَا تَقُولُ وَ لَيسَ كَمَا تَقُولُ نَجَونَا وَ نَجَوتَ وَ إِن يَكُنِ الأَمرُ كَمَا نَقُولُ نَجَونَا وَ هَلَكتَ

10-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]م ،[تفسير الإمام عليه السلام ]ج ،[الإحتجاج ] وَ بِالإِسنَادِ عَن أَبِي مُحَمّدٍ ع أَنّهُ قَالَ فِي تَفسِيرِ قَولِهِ تَعَالَيألّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِراشاًالآيَةَ جَعَلَهَا مُلَائِمَةً لِطَبَائِعِكُم مُوَافِقَةً لِأَجسَادِكُم لَم يَجعَلهَا شَدِيدَةَ الحمَي‌ِ وَ الحَرَارَةِ فَتُحرِقَكُم وَ لَا شَدِيدَةَ البُرُودَةِ فَتُجمِدَكُم وَ لَا شَدِيدَةَ طِيبِ الرّيحِ فَتُصَدّعَ هَامَاتُكُم وَ لَا شَدِيدَةَ النّتنِ فَتُعطِبَكُم وَ لَا شَدِيدَةَ اللّينِ كَالمَاءِ فَتُغرِقَكُم وَ لَا شَدِيدَةَ الصّلَابَةِ فَتَمتَنِعَ عَلَيكُم فِي حَرثِكُم وَ أَبنِيَتِكُم وَ دَفنِ مَوتَاكُم وَ لَكِنّهُ جَعَلَ فِيهَا مِنَ المَتَانَةِ مَا تَنتَفِعُونَ بِهِ وَ تَتَمَاسَكُونَ وَ تَتَمَاسَكُ عَلَيهَا أَبدَانُكُم وَ جَعَلَ فِيهَا مِنَ اللّينِ مَا تَنقَادُ بِهِ لِحَرثِكُم وَ قُبُورِكُم وَ كَثِيرٍ مِن مَنَافِعِكُم فَلِذَلِكَ جَعَلَ الأَرضَ فِرَاشاً لَكُم ثُمّ قَالَوَ السّماءَ بِناءًيعَنيِ‌ سَقفاً مِن فَوقِكُم مَحفُوظاً يُدَبّرُ فِيهَا شَمسَهَا وَ قَمَرَهَا وَ نُجُومَهَا لِمَنَافِعِكُم ثُمّ قَالَوَ أَنزَلَ مِنَ السّماءِ ماءًيعَنيِ‌ المَطَرَ يُنزِلُهُ مِن عَلًا لِيَبلُغَ قُلَلَ جِبَالِكُم وَ تِلَالَكُم وَ هِضَابَكُم وَ أَوهَادَكُم ثُمّ فَرّقَهُ رَذَاذاً وَ وَابِلًا وَ هَطلًا وَ طَلّا لِتَنشَفَهُ أَرضُكُم وَ لَم يَجعَل ذَلِكَ المَطَرَ نَازِلًا عَلَيكُم قِطعَةً وَاحِدَةً فَتَفسُدَ أَرضُكُم وَ أَشجَارُكُم وَ زُرُوعُكُم وَ ثِمَارُكُم ثُمّ قَالَفَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثّمَراتِ رِزقاً لَكُميعَنيِ‌ مِمّا يُخرِجُهُ مِنَ الأَرضِ رِزقاً لَكُمفَلا تَجعَلُوا لِلّهِ أَنداداً أَي أَشبَاهاً وَ أَمثَالًا مِنَ الأَصنَامِ التّيِ‌ لَا تَعقِلُ وَ لَا تَسمَعُ وَ لَا تُبصِرُ وَ لَا تَقدِرُ عَلَي شَيءٍوَ أَنتُم تَعلَمُونَأَنّهَا لَا تَقدِرُ عَلَي شَيءٍ مِن هَذِهِ النّعَمِ الجَلِيلَةِ التّيِ‌ أَنعَمَهَا عَلَيكُم رَبّكُم


صفحه : 36

بيان الهضاب جمع الهضبة وهي‌ الجبل المنبسط علي الأرض أوجبل خلق من صخرة واحدة والرذاذ كسحاب المطر الضعيف أوالساكن الدائم الصغار القطر والوابل المطر الشديد الضخم القطر والهطل المطر الضعيف الدائم وتتابع المطر المتفرق العظيم القطر والطل المطر الضعيف أوأخف المطر وأضعفه أوالندي أوفوقه ودون المطر كل ذلك ذكرها الفيروزآبادي‌

11-يد،[التوحيد] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]العَطّارُ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَن عَلِيّ بنِ مَعبَدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي الحَسَنِ عَلِيّ بنِ مُوسَي الرّضَا ع أَنّهُ دَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ مَا الدّلِيلُ عَلَي حُدُوثِ العَالَمِ فَقَالَ أَنتَ لَم تَكُن ثُمّ كُنتَ وَ قَد عَلِمتَ أَنّكَ لَم تُكَوّن نَفسَكَ وَ لَا كَوّنَكَ مَن هُوَ مِثلُكَ

ج ،[الإحتجاج ]مرسلا مثله

12-يد،[التوحيد]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ أَبِي سَمِينَةَ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِ‌ّ الصيّرفَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الخرُاَساَنيِ‌ّ خَادِمِ الرّضَا ع قَالَدَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الزّنَادِقَةِ عَلَي الرّضَا ع وَ عِندَهُ جَمَاعَةٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو الحَسَنِ ع أَ رَأَيتَ إِن كَانَ القَولُ قَولَكُم وَ لَيسَ هُوَ كَمَا تَقُولُونَ أَ لَسنَا وَ إِيّاكُم شَرَعاً سَوَاءً وَ لَا يَضُرّنَا مَا صَلّينَا وَ صُمنَا وَ زَكّينَا وَ أَقرَرنَا فَسَكَتَ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع إِن يَكُن القَولُ قَولَنَا وَ هُوَ كَمَا نَقُولُ أَ لَستُم قَد هَلَكتُم وَ نَجَونَا قَالَ رَحِمَكَ اللّهُ فأَوَجدِنيِ‌ كَيفَ هُوَ وَ أَينَ هُوَ قَالَ وَيلَكَ إِنّ ألّذِي ذَهَبتَ إِلَيهِ غَلَطٌ هُوَ أَيّنَ الأَينَ وَ كَانَ وَ لَا أَينَ وَ هُوَ كَيّفَ الكَيفَ وَ كَانَ وَ لَا كَيفَ فَلَا يُعرَفُ بِكَيفُوفِيّةٍ وَ لَا بِأَينُونِيّةٍ وَ لَا بِحَاسّةٍ وَ لَا يُقَاسُ بشِيَ‌ءٍ قَالَ الرّجُلُ فَإِذَن


صفحه : 37

إِنّهُ لَا شَيءَ إِذَا لَم يُدرَك بِحَاسّةٍ مِنَ الحَوَاسّ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع وَيلَكَ لَمّا عَجَزَت حَوَاسّكَ عَن إِدرَاكِهِ أَنكَرتَ رُبُوبِيّتَهُ وَ نَحنُ إِذَا عَجَزَت حَوَاسّنَا عَن إِدرَاكِهِ أَيقَنّا أَنّهُ رَبّنَا وَ أَنّهُ شَيءٌ بِخِلَافِ الأَشيَاءِ قَالَ الرّجُلُ فأَخَبرِنيِ‌ مَتَي كَانَ قَالَ أَبُو الحَسَنِ ع أخَبرِنيِ‌ مَتَي لَم يَكُن فَأُخبِرَكَ مَتَي كَانَ قَالَ الرّجُلُ فَمَا الدّلِيلُ عَلَيهِ قَالَ أَبُو الحَسَنِ ع إنِيّ‌ لَمّا نَظَرتُ إِلَي جسَدَيِ‌ فَلَم يمُكنِيّ‌ فِيهِ زِيَادَةٌ وَ لَا نُقصَانٌ فِي العَرضِ وَ الطّولِ وَ دَفعُ المَكَارِهِ عَنهُ وَ جَرّ المَنفَعَةِ إِلَيهِ عَلِمتُ أَنّ لِهَذَا البُنيَانِ بَانِياً فَأَقرَرتُ بِهِ مَعَ مَا أَرَي مِن دَوَرَانِ الفَلَكِ بِقُدرَتِهِ وَ إِنشَاءِ السّحَابِ وَ تَصرِيفِ الرّيَاحِ وَ مَجرَي الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ النّجُومِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِنَ الآيَاتِ العَجِيبَاتِ المُتقَنَاتِ عَلِمتُ أَنّ لِهَذَا مُقَدّراً وَ مُنشِئاً قَالَ الرّجُلُ فَلِمَ احتَجَبَ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع إِنّ الحِجَابَ عَلَي الخَلقِ لِكَثرَةِ ذُنُوبِهِم فَأَمّا هُوَ فَلَا تَخفَي عَلَيهِ خَافِيَةٌ فِي آنَاءِ اللّيلِ وَ النّهَارِ قَالَ فَلِمَ لَا تُدرِكُهُ حَاسّةُ البَصَرِ قَالَ لِلفَرقِ بَينَهُ وَ بَينَ خَلقِهِ الّذِينَ تُدرِكُهُم حَاسّةُ الأَبصَارِ مِنهُم وَ مِن غَيرِهِم ثُمّ هُوَ أَجَلّ مِن أَن يُدرِكَهُ بَصَرٌ أَو يُحِيطَ بِهِ وَهمٌ أَو يَضبِطَهُ عَقلٌ قَالَ فَحُدّهُ لِي فَقَالَ لَا حَدّ لَهُ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنّ كُلّ مَحدُودٍ مُتَنَاهٍ إِلَي حَدّ وَ إِذَا احتَمَلَ التّحدِيدَ احتَمَلَ الزّيَادَةَ وَ إِذَا احتَمَلَ الزّيَادَةَ احتَمَلَ النّقصَانَ فَهُوَ غَيرُ مَحدُودٍ وَ لَا مُتَزَايِدٍ وَ لَا مُتَنَاقِصٍ وَ لَا متُجَزَ‌ّئٍ وَ لَا مُتَوَهّمٍ قَالَ الرّجُلُ فأَخَبرِنيِ‌ عَن قَولِكُم إِنّهُ لَطِيفٌ وَ سَمِيعٌ وَ بَصِيرٌ وَ عَلِيمٌ وَ حَكِيمٌ أَ يَكُونُ السّمِيعُ إِلّا بِالأُذُنِ وَ البَصِيرُ إِلّا بِالعَينِ وَ اللّطِيفُ إِلّا بِعَمَلِ اليَدَينِ وَ الحَكِيمُ إِلّا بِالصّنعَةِ فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ ع إِنّ اللّطِيفَ مِنّا عَلَي حَدّ اتّخَاذِ الصّنعَةِ أَ وَ مَا رَأَيتَ الرّجُلَ يَتّخِذُ شَيئاً فَيَلطُفُ فِي اتّخَاذِهِ فَيُقَالُ مَا أَلطَفَ فُلَاناً فَكَيفَ لَا يُقَالُ لِلخَالِقِ الجَلِيلِ لَطِيفٌ إِذ خَلَقَ خَلقاً لَطِيفاً وَ جَلِيلًا وَ رَكّبَ فِي الحَيَوَانِ مِنهُ أَروَاحَهَا وَ خَلَقَ كُلّ جِنسٍ مُتَبَايِناً مِن جِنسِهِ فِي الصّورَةِ وَ لَا يُشبِهُ بَعضُهُ بَعضاً فَكُلّ لَهُ لُطفٌ مِنَ الخَالِقِ اللّطِيفِ الخَبِيرِ فِي تَركِيبِ صُورَتِهِ ثُمّ نَظَرنَا إِلَي الأَشجَارِ وَ حَملِهَا أَطَايِبَهَا المَأكُولَةَ مِنهَا وَ غَيرَ المَأكُولَةِ فَقُلنَا عِندَ


صفحه : 38

ذَلِكَ إِنّ خَالِقَنَا لَطِيفٌ لَا كَلُطفِ خَلقِهِ فِي صَنعَتِهِم وَ قُلنَا إِنّهُ سَمِيعٌ لِأَنّهُ لَا يَخفَي عَلَيهِ أَصوَاتُ خَلقِهِ مَا بَينَ العَرشِ إِلَي الثّرَي مِنَ الذّرّةِ إِلَي أَكبَرَ مِنهَا فِي بَرّهَا وَ بَحرِهَا وَ لَا تَشتَبِهُ عَلَيهِ لُغَاتُهَا فَقُلنَا عِندَ ذَلِكَ إِنّهُ سَمِيعٌ لَا بِأُذُنٍ وَ قُلنَا إِنّهُ بَصِيرٌ لَا بِبَصَرٍ لِأَنّهُ يَرَي أَثَرَ الذّرّةِ السّحمَاءِ فِي اللّيلَةِ الظّلمَاءِ عَلَي الصّخرَةِ السّودَاءِ وَ يَرَي دَبِيبَ النّملِ فِي اللّيلَةِ الدّجنَةِ وَ يَرَي مَضَارّهَا وَ مَنَافِعَهَا وَ أَثَرَ سِفَادِهَا وَ فَرَاخَهَا وَ نَسلَهَا فَقُلنَا عِندَ ذَلِكَ إِنّهُ بَصِيرٌ لَا كَبَصَرِ خَلقِهِ قَالَ فَمَا بَرِحَ حَتّي أَسلَمَ وَ فِيهِ كَلَامٌ غَيرُ هَذَا

ج ،[الإحتجاج ]رواه مرسلا عن محمد بن عبد الله الخراساني‌ إلي آخر الخبربيان أوجدني‌ أي أفدني‌ كيفيته ومكانه وأظفرني‌ بمطلبي‌ ألذي هوالعلم بهما هوأين الأين أي جعل الأين أينا بناء علي مجعولية الماهيات أوأوجد حقيقة الأين وكذا الكيف والكيفوفية والأينونية الاتصاف بالكيف والأين قوله فإذن إنه لا شيء هذاالسائل لما كان وهمه غالبا علي عقله زعم أن الموجود مايمكن إحساسه فنفي الوجود عنه تعالي بناء علي أنه ع نفي عنه أن يحس فأجاب ع بأنك جعلت تعاليه عن أن يدرك بالحواس دليلا علي عدمه ونحن إذاعرفناه بتعاليه عن أن يدرك بالحواس أيقنا أنه ربنا بخلاف شيء من الأشياء إذاالمحسوسية تستلزم أمورا كل منها مناف للربوبية علي مابرهن عليه في محله قوله فأخبرني‌ متي كان الظاهر أنه سأل عن ابتداء كونه ووجوده ويحتمل أن يكون السؤال عن أصل زمان وجوده تعالي فعلي الأول حاصل جوابه ع أن ابتداء الزمان إنما يكون لحادث كان معدوما ثم صار موجودا و هو تعالي يستحيل عليه العدم و علي الثاني‌ فالمراد أن الكائن في الزمان إنما يكون فيه بتغير وتبدل في ذاته وصفاته لأن الزمان نسبة المتغير إلي المتغير فيكون بحال في زمان لا يكون كذلك في زمان آخر و هومتعال عن التغير في الذات والصفات قوله فلم احتجب توهم السائل أن احتجابه تعالي عبارة عن كونه وراء حجاب فأجاب ع بأنا غيرمحجوبين عنه لإحاطة علمه بنا وكنه ذاته وصفاته محجوبة عنا لعجزنا وقصورنا عن إدراكه بأن يكون المراد بالذنوب الحجب الظلمانية الإمكانية ويحتمل أن يكون


صفحه : 39

المراد أن عدم ظهوره تعالي علي عامة الخلق كظهوره علي أوليائه لغاية المعرفة إنما هولذنوبهم التي‌ حالت بينهم و بين تلك المعرفة و إلافهو تعالي قدتجلي لأوليائه فظهر لهم ظهورا فوق الإحساس والجواب عن الإحساس ظاهر إذ الفرق بينه و بين خلقه و هوكونه غيرجسم و لاجسماني‌ و لاحاصلا في جهة ومكان هو ألذي صار سببا لعدم إمكان رؤيته قوله فحده يحتمل أن يكون المراد التحديد بالحدود الجسمانية فحاصل جوابه ع أن الحد نهاية لشي‌ء ذي‌ مقدار يمكن أن ينتهي‌ إلي نهاية أخري بعدتلك النهاية فيزيد مقداره ومثل هذايمكن نقصانه لكون المقادير قابلة للانقسام فيكون ذا أجزاء فيكون محتاجا إلي أجزائه فيكون ممكنا فلا يكون صانعا بل يكون مصنوعا أواحتمال النقص ينافي‌ الكمال ألذي يحكم الوجدان باتصاف الصانع به والسحماء السوداء والدجنة بكسر الجيم أي المتغيمة المظلمة وسيأتي‌ تفسير آخر الخبر في باب معاني‌ الأسماء قوله و فيه كلام غير هذا أي قيل إنه لم يسلم أو في الخبر تتمة تركناها

13- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] أَحمَدُ بنُ عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ دَخَلَ أَبُو شَاكِرٍ الديّصَاَنيِ‌ّ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع فَقَالَ لَهُ إِنّكَ أَحَدُ النّجُومِ الزّوَاهِرِ وَ كَانَ آبَاؤُكَ بُدُوراً بَوَاهِرَ وَ أُمّهَاتُكَ عَقِيلَاتٍ عَبَاهِرَ وَ عُنصُرُكَ مِن أَكرَمِ العَنَاصِرِ وَ إِذَا ذُكِرَ العُلَمَاءُ فَبِكَ تُثنَي الخَنَاصِرُ فخَبَرّنيِ‌ أَيّهَا البَحرُ الخِضَمّ الزّاخِرُ مَا الدّلِيلُ عَلَي حُدُوثِ العَالَمِ فَقَالَ الصّادِقُ ع يُستَدَلّ عَلَيهِ بِأَقرَبِ الأَشيَاءِ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ فَدَعَا الصّادِقُ ع بِبَيضَةٍ فَوَضَعَهَا عَلَي رَاحَتِهِ ثُمّ قَالَ هَذَا حِصنٌ مَلمُومٌ دَاخِلُهُ غِرقِئٌ رَقِيقٌ تُطِيفُ بِهِ فِضّةٌ سَائِلَةٌ وَ ذَهَبَةٌ مَائِعَةٌ ثُمّ تَنفَلِقُ عَن مِثلِ الطّاوُسِ أَ دَخَلَهَا شَيءٌ قَالَ لَا قَالَ فَهَذَا الدّلِيلُ عَلَي حُدُوثِ العَالَمِ قَالَ أَخبَرتَ فَأَوجَزتَ وَ قُلتَ فَأَحسَنتَ وَ قَد عَلِمتَ أَنّا لَا نَقبَلُ إِلّا مَا أَدرَكنَاهُ بِأَبصَارِنَا أَو سَمِعنَاهُ بِآذَانِنَا أَو لَمَسنَاهُ بِأَكُفّنَا أَو شَمِمنَاهُ بِمَنَاخِرِنَا أَو ذُقنَاهُ بِأَفوَاهِنَا أَو تُصُوّرَ فِي القُلُوبِ بَيَاناً وَ استَنبَطَتهُ الرّوَايَاتُ إِيقَاناً فَقَالَ الصّادِقُ ع ذَكَرتَ الحَوَاسّ الخَمسَ وَ هيِ‌َ لَا تَنفَعُ شَيئاً بِغَيرِ دَلِيلٍ كَمَا لَا تُقطَعُ الظّلمَةُ بِغَيرِ مِصبَاحٍ


صفحه : 40

يد،[التوحيد] ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسي عن الحسين بن سعيد عن علي بن منصور عن هشام بن الحكم مثله بيان قال الجوهري‌ العقيلة كريمة الحي‌ والدرة عقيلة البحر و قال الفيروزآبادي‌ العبهر الممتلي‌ الجسيم والعظيم الناعم الطويل من كل شيءكالعباهر فيهما وبهاء الجامعة للحسن والجسم والخلق انتهي والعنصر الأصل قوله فبك تثني الخناصر أي أنت تعد أولا قبلهم لكونك أفضل وأشهر منهم وإنما يبدأ في العد بالخنصر والثني‌ العطف والخضم بكسر الخاء وفتح الضاد المشددة الكثير العطاء و قال الجوهري‌ زخر الوادي‌ إذاامتد جدا وارتفع يقال بحر زاخر و قال كتيبة ملمومة مضمومة بعضها إلي بعض و قال الغرقئ قشر البيض التي‌ تحت القيض والقيض ماتفلق من قشور البيض قوله ع وهي‌ لاتنفع شيئا بغير دليل أي هي‌ عاجزة تتوقف إدراكها علي شرائط فكيف تنفي‌ ما لم تدركه بحسك كما أن البصر لايبصر الأشياء بغير مصباح ويحتمل أن يكون المراد بالدليل العقل أي لاتنفع الحواس بدون دلالة العقل فهو كالسراج لإحساس الحواس و أنت قدعزلت العقل وحكمه واقتصرت علي حكم الحواس

14-م ،[تفسير الإمام عليه السلام ]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] مُحَمّدُ بنُ القَاسِمِ المُفَسّرُ عَن يُوسُفَ بنِ مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَيّارٍ عَن أَبَوَيهِمَا عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ الرّضَا عَلِيّ بنِ مُوسَي عَن أَبِيهِ مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ عَن أَبِيهِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّهُوَ ألّذِي خَلَقَ لَكُم ما فِي الأَرضِ جَمِيعاً ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ فَسَوّاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلّ شَيءٍ عَلِيمٌ قَالَهُوَ ألّذِي خَلَقَ لَكُم ما فِي الأَرضِ جَمِيعاًلِتَعتَبِرُوا بِهِ وَ تَتَوَصّلُوا بِهِ إِلَي رِضوَانِهِ وَ تَتَوَقّوا بِهِ مِن عَذَابِ نِيرَانِهِثُمّ استَوي إِلَي السّماءِأَخَذَ فِي خَلقِهَا وَ إِتقَانِهَافَسَوّاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلّ شَيءٍ


صفحه : 41

عَلِيمٌ وَ لِعِلمِهِ بِكُلّ شَيءٍ عَلِمَ المَصَالِحَ فَخَلَقَ لَكُم كُلّ مَا فِي الأَرضِ لِمَصَالِحِكُم يَا بنَيِ‌ آدَمَ

15-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]الطاّلقَاَنيِ‌ّ عَنِ ابنِ عُقدَةَ عَن عَلِيّ بنِ الحَسَنِ بنِ فَضّالٍ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع قَالَ قُلتُ لَهُ لِمَ خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ الخَلقَ عَلَي أَنوَاعٍ شَتّي وَ لَم يَخلُقهُم نَوعاً وَاحِداً فَقَالَ لِئَلّا يَقَعَ فِي الأَوهَامِ أَنّهُ عَاجِزٌ فَلَا تَقَعُ صُورَةٌ فِي وَهمِ مُلحِدٍ إِلّا وَ قَد خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهَا خَلقاً وَ لَا يَقُولُ قَائِلٌ هَل يَقدِرُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَي أَن يَخلُقَ عَلَي صُورَةِ كَذَا وَ كَذَا إِلّا وَجَدَ ذَلِكَ فِي خَلقِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فَيَعلَمُ بِالنّظَرِ إِلَي أَنوَاعِ خَلقِهِ أَنّهُ عَلَي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ

16-م ،[تفسير الإمام عليه السلام ] مع ،[معاني‌ الأخبار] مُحَمّدُ بنُ القَاسِمِ المُفَسّرُ عَن يُوسُفَ بنِ مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ وَ عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَيّارٍ وَ كَانَا مِنَ الشّيعَةِ الإِمَامِيّةِ عَن أَبَوَيهِمَا عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ فَقَالَ اللّهُ هُوَ ألّذِي يَتَأَلّهُ إِلَيهِ عِندَ الحَوَائِجِ وَ الشّدَائِدِ كُلّ مَخلُوقٍ عِندَ انقِطَاعِ الرّجَاءِ مِن كُلّ مَن دُونَهُ وَ تَقَطّعِ الأَسبَابِ مِن جَمِيعِ مَن سِوَاهُ تَقُولُ بِسمِ اللّهِ أَي أَستَعِينُ عَلَي أمُوُريِ‌ كُلّهَا بِاللّهِ ألّذِي لَا تَحِقّ العِبَادَةُ إِلّا لَهُ المُغِيثُ إِذَا استُغِيثَ وَ المُجِيبُ إِذَا دعُيِ‌َ وَ هُوَ مَا قَالَ رَجُلٌ لِلصّادِقِ ع يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ دلُنّيِ‌ عَلَي اللّهِ مَا هُوَ فَقَد أَكثَرَ عَلَيّ المُجَادِلُونَ وَ حيَرّوُنيِ‌ فَقَالَ لَهُ يَا عَبدَ اللّهِ هَل رَكِبتَ سَفِينَةً قَطّ قَالَ نَعَم قَالَ فَهَل كُسِرَ بِكَ حَيثُ لَا سَفِينَةَ تُنجِيكَ وَ لَا سِبَاحَةَ تُغنِيكَ قَالَ نَعَم قَالَ فَهَل تَعَلّقَ قَلبُكَ هُنَالِكَ أَنّ شَيئاً مِنَ الأَشيَاءِ قَادِرٌ عَلَي أَن يُخَلّصَكَ مِن وَرطَتِكَ قَالَ نَعَم قَالَ الصّادِقُ ع فَذَلِكَ الشيّ‌ءُ هُوَ اللّهُ القَادِرُ عَلَي الإِنجَاءِ حَيثُ لَا منُجيِ‌َ وَ عَلَي الإِغَاثَةِ حَيثُ لَا مُغِيثَ

بيان قال الفيروزآبادي‌ أله إليه كفرح فزع ولاذ وألهه أجاره وآمنه


صفحه : 42

17-ل ،[الخصال ]الفاَميِ‌ّ وَ ابنُ مَسرُورٍ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرِ بنِ بُطّةَ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُ أَبِي يُحَدّثُ عَن أَبِيهِ ع أَنّ رَجُلًا قَامَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ بِمَا عَرَفتَ رَبّكَ قَالَ بِفَسخِ العَزمِ وَ نَقضِ الهِمَمِ لَمّا أَن هَمَمتُ حَالَ بيَنيِ‌ وَ بَينَ همَيّ‌ وَ عَزَمتُ فَخَالَفَ القَضَاءُ عزَميِ‌ فَعَلِمتُ أَنّ المُدَبّرَ غيَريِ‌ قَالَ فَبِمَا ذَا شَكَرتَ نَعمَاءَهُ قَالَ نَظَرتُ إِلَي بَلَاءٍ قَد صَرَفَهُ عنَيّ‌ وَ أَبلَي بِهِ غيَريِ‌ فَعَلِمتُ أَنّهُ قَد أَنعَمَ عَلَيّ فَشَكَرتُهُ قَالَ فَبِمَا ذَا أَحبَبتَ لِقَاءَهُ قَالَ لَمّا رَأَيتُهُ قَدِ اختَارَ لِي دِينَ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ أَنبِيَائِهِ عَلِمتُ أَنّ ألّذِي أكَرمَنَيِ‌ بِهَذَا لَيسَ ينَساَنيِ‌ فَأَحبَبتُ لِقَاءَهُ

يد،[التوحيد]الهمداني‌ عن علي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر عن أبيه عن جده ع مثله

18-يد،[التوحيد]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِ‌ّ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ مُحَمّدِ بنِ أَبِي هَاشِمٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَسّنٍ الميِثمَيِ‌ّ قَالَكُنتُ عِندَ أَبِي مَنصُورٍ المُتَطَبّبِ فَقَالَ أخَبرَنَيِ‌ رَجُلٌ مِن أصَحاَبيِ‌ قَالَ كُنتُ أَنَا وَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ وَ عَبدُ اللّهِ بنُ المُقَفّعِ فِي المَسجِدِ الحَرَامِ فَقَالَ ابنُ المُقَفّعِ تَرَونَ هَذَا الخَلقَ وَ أَومَي بِيَدِهِ إِلَي مَوضِعِ الطّوَافِ مَا مِنهُم أَحَدٌ أُوجِبُ لَهُ اسمَ الإِنسَانِيّةِ إِلّا ذَلِكَ الشّيخَ الجَالِسَ يعَنيِ‌ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ ع فَأَمّا البَاقُونَ فَرَعَاعٌ وَ بَهَائِمُ فَقَالَ لَهُ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ وَ كَيفَ أَوجَبتَ هَذَا الِاسمَ لِهَذَا الشّيخِ دُونَ هَؤُلَاءِ قَالَ لأِنَيّ‌ رَأَيتُ عِندَهُ مَا لَم أَرَ عِندَهُم فَقَالَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ مَا بُدّ مِنِ اختِبَارِ مَا قُلتَ فِيهِ مِنهُ فَقَالَ لَهُ ابنُ المُقَفّعِ لَا تَفعَل فإَنِيّ‌ أَخَافُ أَن


صفحه : 43

يُفسِدَ عَلَيكَ مَا فِي يَدِكَ فَقَالَ لَيسَ ذَا رَأيَكَ وَ لَكِنّكَ تَخَافُ أَن يَضعُفَ رَأيُكَ عنِديِ‌ فِي إِحلَالِكَ إِيّاهُ المَحَلّ ألّذِي وَصَفتَ فَقَالَ ابنُ المُقَفّعِ أَمّا إِذَا تَوَهّمتَ عَلَيّ هَذَا فَقُم إِلَيهِ وَ تَحَفّظ مَا استَطَعتَ مِنَ الزّلَلِ وَ لَا تَثنِ عِنَانَكَ إِلَي استِرسَالٍ يُسَلّمكَ إِلَي عِقَالٍ وَ سِمهُ[سُمّهُ][سُمهُ] مَا لَكَ أَو عَلَيكَ قَالَ فَقَامَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ وَ بَقِيتُ وَ ابنُ المُقَفّعِ فَرَجَعَ إِلَينَا وَ قَالَ يَا ابنَ المُقَفّعِ مَا هَذَا بِبَشَرٍ وَ إِن كَانَ فِي الدّنيَا روُحاَنيِ‌ّ يَتَجَسّدُ إِذَا شَاءَ ظَاهِراً وَ يَتَرَوّحُ إِذَا شَاءَ بَاطِناً فَهُوَ هَذَا فَقَالَ لَهُ وَ كَيفَ ذَاكَ قَالَ جَلَستُ إِلَيهِ فَلَمّا لَم يَبقَ عِندَهُ غيَريِ‌ ابتدَأَنَيِ‌ فَقَالَ إِن يَكُنِ الأَمرُ عَلَي مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ وَ هُوَ عَلَي مَا يَقُولُونَ يعَنيِ‌ أَهلَ الطّوَافِ فَقَد سَلِمُوا وَ عَطِبتُم وَ إِن يَكُنِ الأَمرُ كَمَا تَقُولُونَ وَ لَيسَ كَمَا تَقُولُونَ فَقَدِ استَوَيتُم وَ هُم فَقُلتُ لَهُ يَرحَمُكَ اللّهُ وَ أَيّ شَيءٍ نَقُولُ وَ أَيّ شَيءٍ يَقُولُونَ مَا قوَليِ‌ وَ قَولُهُم إِلّا وَاحِدٌ فَقَالَ كَيفَ يَكُونُ قَولُكَ وَ قَولُهُم وَاحِداً وَ هُم يَقُولُونَ إِنّ لَهُم مَعَاداً وَ ثَوَاباً وَ عِقَاباً وَ يَدِينُونَ بِأَنّ لِلسّمَاءِ إِلَهاً وَ أَنّهَا عُمرَانٌ وَ أَنتُم تَزعُمُونَ أَنّ السّمَاءَ خَرَابٌ لَيسَ فِيهَا أَحَدٌ قَالَ فَاغتَنَمتُهَا مِنهُ فَقُلتُ لَهُ مَا مَنَعَهُ إِن كَانَ الأَمرُ كَمَا تَقُولُ أَن يَظهَرَ لِخَلقِهِ وَ يَدعُوهُم إِلَي عِبَادَتِهِ حَتّي لَا يَختَلِفَ مِنهُمُ اثنَانِ وَ لِمَا احتَجَبَ عَنهُم وَ أَرسَلَ إِلَيهِمُ الرّسُلَ وَ لَو بَاشَرَهُم بِنَفسِهِ كَانَ أَقرَبَ إِلَي الإِيمَانِ بِهِ فَقَالَ لِي وَيلَكَ وَ كَيفَ احتَجَبَ عَنكَ مَن أَرَاكَ قُدرَتَهُ فِي نَفسِكَ نُشُوءَكَ وَ لَم تَكُن وَ كِبَرَكَ بَعدَ صِغَرِكَ وَ قُوّتَكَ بَعدَ ضَعفِكَ وَ ضَعفَكَ بَعدَ قُوّتِكَ وَ سُقمَكَ بَعدَ صِحّتِكَ وَ صِحّتَكَ بَعدَ سُقمِكَ وَ رِضَاكَ بَعدَ غَضَبِكَ وَ غَضَبَكَ بَعدَ رِضَاكَ وَ حُزنَكَ بَعدَ فَرَحِكَ وَ فَرَحَكَ بَعدَ حُزنِكَ وَ حُبّكَ بَعدَ بُغضِكَ وَ بُغضَكَ بَعدَ حُبّكَ وَ عَزمَكَ بَعدَ إِبَائِكَ وَ إِبَاءَكَ بَعدَ عَزمِكَ وَ شَهوَتَكَ بَعدَ كَرَاهَتِكَ وَ كَرَاهَتَكَ بَعدَ شَهوَتِكَ وَ رَغبَتَكَ بَعدَ رَهبَتِكَ وَ رَهبَتَكَ بَعدَ رَغبَتِكَ وَ رَجَاءَكَ بَعدَ يَأسِكَ وَ يَأسَكَ بَعدَ رَجَائِكَ وَ خَاطِرَكَ بِمَا لَم يَكُن فِي وَهمِكَ وَ عُزُوبَ مَا أَنتَ مُعتَقِدُهُ مِن ذِهنِكَ وَ مَا زَالَ يَعُدّ عَلَيّ قُدرَتَهُ التّيِ‌ فِي نفَسيِ‌ التّيِ‌ لَا أَدفَعُهَا حَتّي ظَنَنتُ أَنّهُ سَيَظهَرُ فِيمَا بيَنيِ‌ وَ بَينَهُ

بيان قال الجزري‌ رعاع الناس أي غوغاؤهم وسقاطهم وأخلاطهم الواحد رعاعة قوله و لاتثن من الثني‌ و هوالعطف والميل أي لاترخ عنانك إليه بأن تميل إلي الرفق والاسترسال والتساهل فتقبل منه بعض مايلقي‌ إليك فيسلمك من التسليم أو


صفحه : 44

الإسلام إلي عقال أي يعقلك بتلك المقدمات التي‌ تسلمت منه بحيث لايبقي لك مفر كالبعير المعقول قوله وسمه ما لك أوعليك نقل عن الشيخ البهائي‌ قدس الله روحه أنه من السوم من سام البائع السلعة يسوم سوما إذاعرضها علي المشتري‌ وسامها المشتري‌ بمعني استامها والضمير راجع إلي الشيخ علي طريق الحذف والإيصال والموصول مفعوله ويروي عن الفاضل التستري‌ نور ضريحه أنه كان يقرأ سمه بضم السين وفتح الميم المشددة أمرا من سم الأمر يسمه إذاسبره ونظر إلي غوره والضمير راجع إلي مايجري‌ بينهما والموصول بدل عنه وقيل هو من سممت سمك أي قصدت قصدك والهاء للسكت أي أقصد ما لك و ماعليك والأظهر أنه من وسم يسم سمة بمعني الكي‌ والضمير راجع إلي مايريد أن يتكلم به أي اجعل علي ماتريد أن تتكلم به علامة لتعلم أي شيء لك و أي شيءعليك فالموصول بدل من الضمير قوله ع و هو علي مايقولون اعترض ع الجملة الحالية بين الشرط والجزاء للإشارة إلي ما هوالحق ولئلا يتوهم أنه ع في شك من ذلك والعطب الهلاك قوله ع ليس فيهاأحد أي لها أوعليها أوبالظرفية المجازية لجريان حكمه وحصول تقديره تعالي فيها وحاصل استدلاله ع أنك لماوجدت في نفسك آثار القدرة التي‌ ليست من مقدوراتك ضرورة علمت أن لها بارئا قادرا وكيف يكون غائبا عن الشخص من لايخلو الشخص ساعة عن آثار كثيرة يصل منه إليه

19-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن أَبِيهِ عَن سَعِيدِ بنِ جَنَاحٍ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَا خَلَقَ اللّهُ خَلقاً أَصغَرَ مِنَ البَعُوضِ وَ الجِرجِسُ أَصغَرُ مِنَ البَعُوضِ وَ ألّذِي يُسَمّونَهُ الوَلَغَ[الوَلَعَ]أَصغَرَ مِنَ الجِرجِسِ وَ مَا فِي الفِيلِ شَيءٌ إِلّا وَ فِيهِ مِثلُهُ وَ فُضّلَ عَلَي الفِيلِ بِالجَنَاحَينِ


صفحه : 45

بيان قال الفيروزآبادي‌ الجرجس بالكسر البعوض الصغار انتهي فالمراد أن الجرجس أصغر من سائر أصناف البعوض ليوافق أول الكلام وكلام أهل اللغة علي أنه يحتمل أن يكون الحصر في الأول إضافيا كما أن الظاهر أنه لابد من تخصيصه بالطيور إذ قديحس من الحيوانات ما هوأصغر من البعوض إلا أن يقال يمكن أن يكون للبعوض أنواع صغار لا يكون شيء من الحيوانات أصغر منها والولغ هنا بالغين المعجمة و في الكافي‌ بالمهملة وهما غيرمذكورين فيما عندنا من كتب اللغة والظاهر أنه أيضا صنف من البعوض والغرض بيان كمال قدرته تعالي فإن القدرة في خلق الأشياء الصغار أكثر وأظهر منها في الكبار كما هوالمعروف بين الصناع من المخلوقين فتبارك الله أحسن الخالقين

20-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ بِإِسنَادِهِ رَفَعَ الحَدِيثَ أَنّ ابنَ أَبِي العَوجَاءِ حِينَ كَلّمَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع عَادَ إِلَيهِ فِي اليَومِ الثاّنيِ‌ فَجَلَسَ وَ هُوَ سَاكِتٌ لَا يَنطِقُ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع كَأَنّكَ جِئتَ تُعِيدُ بَعضَ مَا كُنّا فِيهِ فَقَالَ أَرَدتُ ذَاكَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع مَا أَعجَبَ هَذَا تُنكِرُ اللّهَ وَ تَشهَدُ أنَيّ‌ ابنُ رَسُولِ اللّهِ فَقَالَ العَادَةُ


صفحه : 46

تحَملِنُيِ‌ عَلَي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ العَالِمُ ع فَمَا يَمنَعُكَ مِنَ الكَلَامِ قَالَ إِجلَالًا لَكَ وَ مَهَابَةً مَا يَنطِقُ لسِاَنيِ‌ بَينَ يَدَيكَ فإَنِيّ‌ شَاهَدتُ العُلَمَاءَ وَ نَاظَرتُ المُتَكَلّمِينَ فَمَا تدَاَخلَنَيِ‌ هَيبَةٌ قَطّ مِثلُ مَا تدَاَخلَنَيِ‌ مِن هَيبَتِكَ قَالَ يَكُونُ ذَلِكَ وَ لَكِن أَفتَحُ عَلَيكَ بِسُؤَالٍ وَ أَقبَلَ عَلَيهِ فَقَالَ لَهُ أَ مَصنُوعٌ أَنتَ أَو غَيرُ مَصنُوعٍ فَقَالَ عَبدُ الكَرِيمِ بنُ أَبِي العَوجَاءِ بَل أَنَا غَيرُ مَصنُوعٍ فَقَالَ لَهُ العَالِمُ ع فَصِف لِي لَو كُنتَ مَصنُوعاً كَيفَ كُنتَ تَكُونُ فبَقَيِ‌َ عَبدُ الكَرِيمِ مَلِيّاً لَا يُحِيرُ جَوَاباً وَ وَلَعَ بِخَشَبَةٍ كَانَت بَينَ يَدَيهِ وَ هُوَ يَقُولُ طَوِيلٌ عَرِيضٌ عَمِيقٌ قَصِيرٌ مُتَحَرّكٌ سَاكِنٌ كُلّ ذَلِكَ صِفَةُ خَلقِهِ فَقَالَ لَهُ العَالِمُ ع فَإِن كُنتَ لَم تَعلَم صِفَةَ الصّنعَةِ غَيرَهَا فَاجعَل نَفسَكَ مَصنُوعاً لِمَا تَجِدُ فِي نَفسِكَ مِمّا يَحدُثُ مِن هَذِهِ الأُمُورِ فَقَالَ لَهُ عَبدُ الكَرِيمِ سأَلَتنَيِ‌ عَن مَسأَلَةٍ لَم يسَألَنيِ‌ عَنهَا أَحَدٌ قَبلَكَ وَ لَا يسَألَنُيِ‌ أَحَدٌ بَعدَكَ عَن مِثلِهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع هَبكَ عَلِمتَ أَنّكَ لَم تُسأَل فِيمَا مَضَي فَمَا عِلمُكَ أَنّكَ لَا تُسأَلُ فِيمَا بَعدُ عَلَي أَنّكَ يَا عَبدَ الكَرِيمِ نَقَضتَ قَولَكَ لِأَنّكَ تَزعُمُ أَنّ الأَشيَاءَ مِنَ الأَوّلِ سَوَاءٌ فَكَيفَ قَدّمتَ وَ أَخّرتَ ثُمّ قَالَ يَا عَبدَ الكَرِيمِ أَزِيدُكَ وُضُوحاً أَ رَأَيتَ لَو كَانَ مَعَكَ كِيسٌ فِيهِ جَوَاهِرُ فَقَالَ لَكَ قَائِلٌ هَل فِي الكِيسِ دِينَارٌ فَنَفَيتَ كَونَ الدّينَارِ فِي الكِيسِ فَقَالَ لَكَ قَائِلٌ صِف لِيَ الدّينَارَ وَ كُنتَ غَيرَ عَالِمٍ بِصِفَتِهِ هَل كَانَ لَكَ أَن تنَفيِ‌َ كَونَ الدّينَارِ عَنِ الكِيسِ وَ أَنتَ لَا تَعلَمُ قَالَ لَا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَالعَالَمُ أَكبَرُ وَ أَطوَلُ وَ أَعرَضُ مِنَ الكِيسِ فَلَعَلّ فِي العَالَمِ صَنعَةً مِن حَيثُ لَا تَعلَمُ صِفَةَ الصّنعَةِ مِن غَيرِ الصّنعَةِ فَانقَطَعَ عَبدُ الكَرِيمِ وَ أَجَابَ إِلَي الإِسلَامِ بَعضُ أَصحَابِهِ وَ بقَيِ‌َ مَعَهُ بَعضٌ فَعَادَ فِي اليَومِ الثّالِثِ فَقَالَ أَقلِبُ السّؤَالَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع اسأَل عَمّا شِئتَ فَقَالَ مَا الدّلِيلُ عَلَي حُدُوثِ الأَجسَامِ فَقَالَ إنِيّ‌ مَا وَجَدتُ شَيئاً صَغِيراً وَ لَا كَبِيراً إِلّا وَ إِذَا ضُمّ إِلَيهِ مِثلُهُ صَارَ أَكبَرَ وَ فِي ذَلِكَ زَوَالٌ وَ انتِقَالٌ عَنِ الحَالَةِ الأُولَي وَ لَو كَانَ قَدِيماً مَا زَالَ وَ لَا حَالَ لِأَنّ ألّذِي يَزُولُ وَ يَحُولُ يَجُوزُ أَن يُوجَدَ وَ يُبطَلَ فَيَكُونُ بِوُجُودِهِ بَعدَ عَدَمِهِ دُخُولٌ فِي الحُدُوثِ وَ فِي كَونِهِ فِي الأَزَلِ دُخُولُهُ فِي القِدَمِ وَ لَن تَجتَمِعَ صِفَةُ الأَزَلِ وَ الحُدُوثِ وَ القِدَمِ وَ العَدَمِ


صفحه : 47

فِي شَيءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ عَبدُ الكَرِيمِ هَبكَ عَلِمتَ فِي جرَي‌ِ الحَالَتَينِ وَ الزّمَانَينِ عَلَي مَا ذَكَرتَ وَ استَدلَلتَ عَلَي حُدُوثِهِا فَلَو بَقِيَتِ الأَشيَاءُ عَلَي صِغَرِهَا مِن أَينَ كَانَ لَكَ أَن تَستَدِلّ عَلَي حُدُوثِهِا فَقَالَ العَالِمُ ع إِنّمَا نَتَكَلّمُ عَلَي هَذَا العَالَمِ المَوضُوعِ فَلَو رَفَعنَاهُ وَ وَضَعنَا عَالَماً آخَرَ كَانَ لَا شَيءَ أَدَلّ عَلَي الحُدُوثِ مِن رَفعِنَا إِيّاهُ وَ وَضعِنَا غَيرَهُ وَ لَكِن أَجَبتُكَ مِن حَيثُ قَدّرتَ أَن تُلزِمَنَا وَ نَقُولَ إِنّ الأَشيَاءَ لَو دَامَت عَلَي صِغَرِهَا لَكَانَ فِي الوَهمِ أَنّهُ مَتَي مَا ضُمّ شَيءٌ إِلَي مِثلِهِ كَانَ أَكبَرَ وَ فِي جَوَازِ التّغيِيرِ عَلَيهِ خُرُوجُهُ مِنَ القِدَمِ كَمَا بَانَ فِي تَغيِيرِهِ دُخُولُهُ فِي الحَدَثِ لَيسَ لَكَ وَرَاءَهُ شَيءٌ يَا عَبدَ الكَرِيمِ فَانقَطَعَ وَ خزَيِ‌َ فَلَمّا أَن كَانَ مِنَ العَامِ القَابِلِ التَقَي مَعَهُ فِي الحَرَمِ فَقَالَ لَهُ بَعضُ شِيعَتِهِ إِنّ ابنَ أَبِي العَوجَاءِ قَد أَسلَمَ فَقَالَ العَالِمُ ع هُوَ أَعمَي مِن ذَلِكَ لَا يُسلِمُ فَلَمّا بَصُرَ بِالعَالِمِ قَالَ سيَدّيِ‌ وَ موَلاَي‌َ فَقَالَ لَهُ العَالِمُ ع مَا جَاءَ بِكَ عَلَي هَذَا المَوضِعِ فَقَالَ عَادَةُ الجَسَدِ وَ سُنّةُ البَلَدِ وَ لِنُبصِرَ مَا النّاسُ فِيهِ مِنَ الجُنُونِ وَ الحَلقِ وَ رمَي‌ِ الحِجَارَةِ فَقَالَ لَهُ العَالِمُ أَنتَ بَعدُ عَلَي عُتُوّكَ وَ ضَلَالِكَ يَا عَبدَ الكَرِيمِ فَذَهَبَ يَتَكَلّمُ فَقَالَ لَهُ لَا جِدَالَ فِي الحَجّ وَ نَفَضَ رِدَاءَهُ مِن يَدِهِ وَ قَالَ إِن يَكُنِ الأَمرُ كَمَا تَقُولُ وَ لَيسَ كَمَا تَقُولُ نَجَونَا وَ نَجَوتَ وَ إِن يَكُنِ الأَمرُ كَمَا نَقُولُ وَ هُوَ كَمَا نَقُولُ نَجَونَا وَ هَلَكتَ فَأَقبَلَ عَبدُ الكَرِيمِ عَلَي مَن مَعَهُ فَقَالَ وَجَدتُ فِي قلَبيِ‌ حَرَارَةً فرَدُوّنيِ‌ فَرَدّوهُ وَ مَاتَ لَا رَحِمَهُ اللّهُ

ج ،[الإحتجاج ]روي‌ مرسلابعض الخبر تنوير لايحير جوابا بالمهملة أي لايقدر عليه والولوع بالشي‌ء الحرص عليه والمبالغة في تناوله قوله كل ذلك صفة خلقه أي خلق الخالق والصانع ويمكن أن يقرأ بالتاء أي صفة المخلوقية والحاصل أنه لماسأل الإمام ع عنه أنك لوكنت مصنوعا هل كنت علي غيرتلك الأحوال والصفات التي‌ أنت عليها الآن أم لاأقبل يتفكر


صفحه : 48

في ذلك فتنبه أن صفاته كلها صفات المخلوقين وكانت معاندته مانعة عن الإذعان بالصانع تعالي فبقي‌ متحيرا فقال ع إذارجعت إلي نفسك ووجدت في نفسك صفة المخلوقين فلم لاتذعن بالصانع فاعترف بالعجز عن الجواب و قال سألتني‌ عن مسألة لم يسألني‌ عنها أحد قبلك و لايسألني‌ أحد بعدك قوله ع هبك أي افرض نفسك أنك علمت مامضي وسلمنا ذلك لك قال الفيروزآبادي‌ هبني‌ فعلت أي احسبني‌ فعلت واعددني‌ كلمة للأمر فقط وحاصل جوابه ع أولا أنك بنيت أمورك كلها علي الظن والوهم لأنك تقطع بأنك لاتسأل بعد ذلك عن مثلها مع أنه لاسبيل لك إلي القطع به . و أما قوله ع علي أنك يا عبدالكريم نقضت قولك يحتمل وجوها الأول أن يكون المراد أن نفيك للصانع مبني‌ علي أنك تزعم أن لا عليه بين الأشياء و لانسبة الوجود والعدم إليها علي السواء والاستدلال علي الأشياء الغير المحسوسة إنما يكون بالعلية والمعلولية فكيف حكمت بعدم حصول الشي‌ء في المستقبل فيكون المراد بالتقدم والتأخر العلية والمعلولية أو مايساوقهما.الثاني‌ أن يكون مبنيا علي مالعلهم كانوا قائلين به وربما أمكن إلزامهم بذلك بناء علي نفي‌ الصانع من أن الأشياء متساوية غيرمتفاوتة في الكمال والنقص فالمراد أنك كيف حكمت بتفضيلي‌ علي غيري‌ و هومناف للمقدمة المذكورة فالمراد بالتقدم والتأخر ما هوبحسب الشرف .الثالث أن يكون مبنيا علي ماينسب إلي أكثر الملاحدة من القول بالكمون والبروز أي مع قولك بكون كل حقيقة حاصلة في كل شيءكيف يمكنك الحكم بتقدم بعض الأشياء علي بعض في الفضل والشرف . قوله ع و في ذلك زوال وانتقال حاصل استدلاله ع إما راجع إلي دليل المتكلمين من أن عدم الانفكاك عن الحوادث يستلزم الحدوث أو إلي أنه لايخلو إما أن يكون بعض تلك الأحوال الزائلة المتغيرة قديما أم لابل يكون كلها حوادث و كل منهما محال أماالأول فلما تقرر عندالحكماء من أن ماثبت قدمه امتنع عدمه و أماالثاني‌ فللزوم التسلسل بناء علي جريان دلائل إبطاله في الأمور المتعاقبة ويمكن


صفحه : 49

أن يكون مبنيا علي مايظهر من الأخبار الكثيرة من أن كل قديم يكون واجبا بالذات و لا يكون المعلول إلاحادثا ووجوب الوجود ينافي‌ التغير و لا يكون الواجب محلا للحوادث كمابرهن عليه ثم قال ابن أبي العوجاء لوفرضنا بقاء الأشياء علي صغرها لم يمكنك الاستدلال علي حدوثها بالتغير فأجاب ع أولا علي سبيل الجدل بأن كلامنا كان في هذاالعالم ألذي نشاهد فيه التغيرات فلو فرضت رفع هذاالعالم ووضع عالم آخر مكانه لايعتريه التغير فزوال هذاالعالم دل علي كونه حادثا و إلا لمازال وحدوث العالم الثاني‌ أظهر ثم قال ولكن أجيبك من حيث قدرت بتشديد الدال أي فرضت لأن تلزمنا أوبالتخفيف أي زعمت أنك تقدر أن تلزمنا و هوبأن تفرض في الأول مكان هذاالعالم عالما لا يكون فيه التغير فنقول يحكم العقل بأن الأجسام يجوز عليها ضم شيءإليها وقطع شيءمنها وجواز التغير عليه يكفي‌ لحدوثها بنحو مامر من التقرير

21-يد،[التوحيد] ابنُ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ هِشَامِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ قَالَ سُئِلَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَقِيلَ لَهُ بِمَ عَرَفتَ رَبّكَ قَالَ بِفَسخِ العَزمِ وَ نَقضِ الهَمّ عَزَمتُ فَفُسِخَ عزَميِ‌ وَ هَمَمتُ فَنُقِضَ همَيّ‌

22-يد،[التوحيد]المكتب عن الأسدي‌ عن البرمكي‌ عن محمد بن عبدالرحمن الخزاز عن سليمان بن جعفر عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم قال حضرت محمد بن نعمان الأحول فقام إليه رجل فقال له بم عرفت ربك قال بتوفيقه وإرشاده وتعريفه وهدايته قال فخرجت من عنده فلقيت هشام بن الحكم فقلت له ماأقول لمن يسألني‌ فيقول لي بم عرفت ربك فقال إن سأل سائل فقال بم عرفت ربك قلت عرفت الله جل جلاله بنفسي‌ لأنها أقرب الأشياء إلي‌ و ذلك أني‌ أجدها أبعاضا مجتمعة وأجزاء مؤتلفة ظاهرة التركيب متينة الصنعة مبنية علي ضروب من التخطيط والتصوير زائدة من بعدنقصان وناقصة من بعدزيادة قدأنشئ لها حواس مختلفة وجوارح متبائنة من بصر وسمع وشام وذائق ولامس مجبولة علي الضعف والنقص والمهانة لاتدرك واحدة منها مدرك صاحبتها و لاتقوي علي ذلك عاجزة عن اجتلاب


صفحه : 50

المنافع إليها ودفع المضار عنها واستحال في العقول وجود تأليف لامؤلف له وثبات صورة لامصور لها فعلمت أن لها خالقا خلقها ومصورا صورها مخالفا لها في جميع جهاتها قال الله جل جلاله وَ فِي أَنفُسِكُم أَ فَلا تُبصِرُونَ

23-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ المَأمُونِ القرُشَيِ‌ّ عَن عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو شَاكِرٍ الديّصَاَنيِ‌ّ إِنّ لِي مَسأَلَةً تَستَأذِنُ لِي عَلَي صَاحِبِكَ فإَنِيّ‌ قَد سَأَلتُ عَنهَا جَمَاعَةً مِنَ العُلَمَاءِ فَمَا أجَاَبوُنيِ‌ بِجَوَابٍ مُشبِعٍ فَقُلتُ هَل لَكَ أَن تخُبرِنَيِ‌ بِهَا فَلَعَلّ عنِديِ‌ جَوَاباً تَرتَضِيهِ فَقَالَ إنِيّ‌ أُحِبّ أَن أَلقَي بِهَا أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَاستَأذَنتُ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ لَهُ أَ تَأذَنُ لِي فِي السّؤَالِ فَقَالَ لَهُ سَل عَمّا بَدَا لَكَ فَقَالَ لَهُ مَا الدّلِيلُ عَلَي أَنّ لَكَ صَانِعاً فَقَالَ وَجَدتُ نفَسيِ‌ لَا تَخلُو مِن إِحدَي جِهَتَينِ إِمّا أَن أَكُونَ صَنَعتُهَا أَنَا فَلَا أَخلُو مِن أَحَدِ مَعنَيَينِ إِمّا أَن أَكُونَ صَنَعتُهَا وَ كَانَت مَوجُودَةً أَو صَنَعتُهَا وَ كَانَت مَعدُومَةً فَإِن كُنتُ صَنَعتُهَا وَ كَانَت مَوجُودَةً فَقَدِ استَغنَيتُ بِوُجُودِهَا عَن صَنعَتِهَا وَ إِن كَانَت مَعدُومَةً فَإِنّكَ تَعلَمُ أَنّ المَعدُومَ لَا يُحدِثُ شَيئاً فَقَد ثَبَتَ المَعنَي الثّالِثُ أَنّ لِي صَانِعاً وَ هُوَ اللّهُ رَبّ العَالَمِينَ فَقَامَ وَ مَا أَجَابَ جَوَاباً

بيان هذابرهان متين مبني‌ علي توقف التأثير والإيجاد علي وجود الموجد والمؤثر والضرورة الوجدانية حاكمة بحقيتها و لامجال للعقل في إنكارها

24-يد،[التوحيد] أَبِي وَ ابنُ الوَلِيدِ مَعاً عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ وَ مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن سَهلٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن عَلِيّ بنِ يَعقُوبَ الهاَشمِيِ‌ّ عَن مَروَانَ بنِ مُسلِمٍ قَالَدَخَلَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ أَ لَيسَ تَزعُمُ أَنّ اللّهَ خَالِقُ كُلّ شَيءٍ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع بَلَي فَقَالَ لَهُ أَنَا أَخلُقُ فَقَالَ لَهُ كَيفَ تَخلُقُ قَالَ أُحدِثُ فِي المَوضِعِ ثُمّ أَلبَثُ عَنهُ فَيَصِيرُ دَوَابّاً[دَوَابّ]فَأَكُونُ أَنَا ألّذِي خَلَقتُهَا فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ


صفحه : 51

ع أَ لَيسَ خَالِقُ الشيّ‌ءِ يَعرِفُ كَم خَلَقَهُ قَالَ لَهُ بَلَي قَالَ فَتَعرِفُ الذّكَرَ مِنهَا مِنَ الأُنثَي وَ تَعرِفُ كَم عُمُرُهَا فَسَكَتَ

25-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَن مُحَمّدِ بنِ حَمّادٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن يُونُسَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَن يُونُسَ بنِ يَعقُوبَ قَالَ قَالَ لِي عَلِيّ بنُ مَنصُورٍ قَالَ لِي هِشَامُ بنُ الحَكَمِ كَانَ زِندِيقٌ بِمِصرَ يَبلُغُهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَخَرَجَ إِلَي المَدِينَةِ لِيُنَاظِرَهُ فَلَم يُصَادِفهُ بِهَا فَقِيلَ لَهُ هُوَ بِمَكّةَ فَخَرَجَ الزّندِيقُ إِلَي مَكّةَ وَ نَحنُ مَعَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَارَبَنَا الزّندِيقُ وَ نَحنُ مَعَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي الطّوَافِ فَضَرَبَ كَتِفَهُ كَتِفَ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ لَهُ جَعفَرٌ ع مَا اسمُكَ قَالَ اسميِ‌ عَبدُ المَلِكِ قَالَ فَمَا كُنيَتُكَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ قَالَ فَمَنِ المَلِكُ ألّذِي أَنتَ لَهُ عَبدٌ أَ مِن مُلُوكِ السّمَاءِ أَم مِن مُلُوكِ الأَرضِ وَ أخَبرِنيِ‌ عَنِ ابنِكَ أَ عَبدُ إِلَهِ السّمَاءِ أَم عَبدُ إِلَهِ الأَرضِ فَسَكَتَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع قُل مَا شِئتَ تُخصَمُ قَالَ هِشَامُ بنُ الحَكَمِ قُلتُ لِلزّندِيقِ أَ مَا تَرُدّ عَلَيهِ فَقَبّحَ قوَليِ‌ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِذَا فَرَغتَ مِنَ الطّوَافِ فَأتِنَا فَلَمّا فَرَغَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَتَاهُ الزّندِيقُ فَقَعَدَ بَينَ يَدَيهِ وَ نَحنُ مُجتَمِعُونَ عِندَهُ فَقَالَ لِلزّندِيقِ أَ تَعلَمُ أَنّ لِلأَرضِ تَحتاً وَ فَوقاً قَالَ نَعَم قَالَ فَدَخَلتَ تَحتَهَا قَالَ لَا قَالَ فَمَا يُدرِيكَ بِمَا تَحتَهَا قَالَ لَا أدَريِ‌ إِلّا أنَيّ‌ أَظُنّ أَن لَيسَ تَحتَهَا شَيءٌ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَالظّنّ عَجزٌ مَا لَم تَستَيقِن قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَصَعِدتَ إِلَي السّمَاءِ قَالَ لَا قَالَ فتَدَريِ‌ مَا فِيهَا قَالَ لَا قَالَ فَعَجَباً لَكَ لَم تَبلُغِ المَشرِقَ وَ لَم تَبلُغِ المَغرِبَ وَ لَم تَنزِل تَحتَ الأَرضِ وَ لَم تَصعَد إِلَي السّمَاءِ وَ لَم تَجُز هُنَالِكَ فَتَعرِفَ مَا خَلَقَهُنّ[خَلفَهُنّ] وَ أَنتَ جَاحِدٌ مَا فِيهِنّ وَ هَل يَجحَدُ العَاقِلُ مَا لَا يَعرِفُ فَقَالَ الزّندِيقُ مَا كلَمّنَيِ‌ بِهَذَا أَحَدٌ غَيرُكَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع فَأَنتَ فِي شَكّ مِن ذَلِكَ فَلَعَلّ هُوَ أَو لَعَلّ لَيسَ هُوَ قَالَ الزّندِيقُ وَ لَعَلّ ذَاكَ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَيّهَا الرّجُلُ لَيسَ لِمَن لَا يَعلَمُ حُجّةٌ عَلَي مَن يَعلَمُ فَلَا حُجّةَ لِلجَاهِلِ يَا أَخَا أَهلِ مِصرَ تَفهَمُ عنَيّ‌ فَإِنّا لَا نَشُكّ فِي اللّهِ أَبَداً أَ مَا تَرَي الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ اللّيلَ وَ النّهَارَ يَلِجَانِ


صفحه : 52

لَيسَ لَهُمَا مَكَانٌ إِلّا مَكَانُهُمَا فَإِن كَانَا يَقدِرَانِ عَلَي أَن يَذهَبَا وَ لَا يَرجِعَانِ فَلِمَ يَرجِعَانِ وَ إِن لَم يَكُونَا مُضطَرّينِ فَلِمَ لَا يَصِيرُ اللّيلُ نَهَاراً وَ النّهَارُ لَيلًا اضطُرّا وَ اللّهِ يَا أَخَا أَهلِ مِصرَ إِلَي دَوَامِهِمَا وَ ألّذِي اضطَرّهُمَا أَحكَمُ مِنهُمَا وَ أَكبَرُ مِنهُمَا قَالَ الزّندِيقُ صَدَقتَ ثُمّ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا أَخَا أَهلِ مِصرَ ألّذِي تَذهَبُونَ إِلَيهِ وَ تَظُنّونَهُ بِالوَهمِ فَإِن كَانَ الدّهرُ يَذهَبُ بِهِم لِمَ لَا يَرُدّهُم وَ إِن كَانَ يَرُدّهُم لِمَ لَا يَذهَبُ بِهِمُ القَومُ مُضطَرّونَ يَا أَخَا أَهلِ مِصرَ السّمَاءُ مَرفُوعَةٌ وَ الأَرضُ مَوضُوعَةٌ لِمَ لَا تَسقُطُ السّمَاءُ عَلَي الأَرضِ وَ لِمَ لَا تَنحَدِرُ الأَرضُ فَوقَ طِبَاقِهَا فَلَا يَتَمَاسَكَانِ وَ لَا يَتَمَاسَكُ مَن عَلَيهِمَا فَقَالَ الزّندِيقُ أَمسَكَهُمَا وَ اللّهِ رَبّهُمَا وَ سَيّدُهُمَا فَآمَنَ الزّندِيقُ عَلَي يدَيَ‌ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ لَهُ حُمرَانُ بنُ أَعيَنَ جُعِلتُ فِدَاكَ إِن آمَنَتِ الزّنَادِقَةُ عَلَي يَدَيكَ فَقَد آمَنَتِ الكُفّارُ عَلَي يدَيَ‌ أَبِيكَ فَقَالَ المُؤمِنُ ألّذِي آمَنَ عَلَي يدَيَ‌ أَبِي عَبدِ اللّهِ ع اجعلَنيِ‌ مِن تَلَامِذَتِكَ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لِهِشَامِ بنِ الحَكَمِ خُذهُ إِلَيكَ فَعَلّمهُ فَعَلّمَهُ هِشَامٌ فَكَانَ مُعَلّمَ أَهلِ مِصرَ وَ أَهلِ الشّامِ وَ حَسُنَت طَهَارَتُهُ حَتّي رضَيِ‌َ بِهَا أَبُو عَبدِ اللّهِ ع

ج ،[الإحتجاج ] عن هشام بن الحكم مثله إيضاح قوله ع فمن الملك لعله ع سلك أولا في الاحتجاج عليه مسلك الجدل لبنائه علي الأمر المشهور عند الناس أن الاسم مطابق لمعناه ويحتمل أن يكون علي سبيل المطايبة والمزاح لبيان عجزه عن فهم الواضحات ورد الجواب عن أمثال تلك المطايبات أو يكون منبها علي ماارتكز في العقول من الإذعان بوجود الصانع و إن أنكروه ظاهرا لكفرهم وعنادهم ثم ابتدأ ع بإزالة إنكار الخصم وإخراجه منه إلي الشك لتستعد نفسه لقبول الحق فأزال إنكاره بأنه غيرعالم بما تحت الأرض و ليس له سبيل إلي الجزم بأن ليس تحتها شيء ثم زاده بيانا بأن السماء التي‌ لم يصعدها كيف يكون له الجزم والمعرفة بما فيها و ما ليس فيها وكذا المشرق والمغرب فلما عرف قبح إنكاره وتنزل عنه وأقر بالشك بقوله ولعل ذاك أخذ ع في هدايته و قال ليس للشاك دليل وللجاهل حجة فليس لك إلاطلب الدليل فاستمع وتفهم فإنا لانشك فيه أبدا والمراد بولوج الشمس والقمر غروبهما أودخولهما بالحركات


صفحه : 53

الخاصة في بروجهما وبولوج الليل والنهار دخول تمام كل منهما في الآخر أودخول بعض من كل منهما في الآخر بحسب الفصول . وحاصل الاستدلال أن لهذه الحركات انضباطا واتساقا واختلافا وتركبا فالانضباط يدل علي عدم كونها إرادية كما هوالمشاهد من أحوال ذوي‌ الإرادات من الممكنات والاختلاف يدل علي عدم كونها طبيعية فإن الطبيعة العادمة للشعور لاتختلف مقتضياتها كمانشاهد من حركات العناصر كماقالوا إن الطبيعة الواحدة لاتقتضي‌ التوجه إلي جهة والانصراف عنه ويمكن أن يقال حاصل الدليل راجع إلي مايحكم به الوجدان من أن مثل تلك الأفعال المحكمة المتقنة الجارية علي قانون الحكمة لايصدر عن الدهر والطبائع العادمة للشعور والإرادة و إلي هذايرجع قوله ع إن كان الدهر يذهب بهم أي الدهر العديم الشعور كيف يصدر عنه الذهاب الموافق للحكمة و لايصدر عنه بدله الرجوع أوالمراد أنه لم يقتضي‌ طبعه ذهاب شيء و لايقتضي‌ رده وبالعكس بناء علي أن مقتضيات الطبائع تابعة لتأثير الفاعل القادر القاهر ويمكن أن يكون المراد بالذهاب بهم إعدامهم وبردهم إيجادهم والمراد بالدهر الطبيعة كما هوظاهر كلام أكثر الدهرية أي نسبة الوجود والعدم إلي الطبائع الإمكانية علي السواء فإن كان الشي‌ء يوجد بطبعه فلم لايعدم فترجح أحدهما ترجح بلا مرجح يحكم العقل باستحالته ويجري‌ جميع تلك الاحتمالات في قوله ع السماء مرفوعة إلي آخر كلامه و قوله ع لم لاتسقط السماء علي الأرض أي لاتتحرك بالحركة المستقيمة حتي تقع علي الأرض و قوله و لم لاتنحدر الأرض أي تتحرك إلي جهة التحت حتي تقع علي أطباق السماء أوالمراد الحركة الدورية فيغرق الناس في الماء فيكون ضمير طباقها راجعا إلي الأرض وطباق الأرض أعلاها أي تنحدر الأرض بحيث تصير فوق ماعلا منها الآن قوله ع فلايتماسكان أي في صورة السقوط والانحدار أوالمراد فظهر أنه لايمكنهما التمسك بأنفسهما بل لابد من ماسك يمسكهما.أقول تفصيل القول في شرح تلك الأخبار الغامضة يقتضي‌ مقاما آخر وإنما نشير في هذاالكتاب إلي مالعله يتبصر به أولو الأذهان الثاقبة من أولي‌ الألباب


صفحه : 54

وسنبسط الكلام فيها في كتاب مرآة العقول إن شاء الله تعالي

26-م ،[تفسير الإمام عليه السلام ] قَالَ الإِمَامُ ع لَمّا تَوَعّدَ رَسُولُ اللّهِص اليَهُودَ وَ النّوَاصِبَ فِي جَحدِ النّبُوّةِ وَ الخِلَافَةِ قَالَ مَرَدَةُ اليَهُودِ وَ عُتَاةُ النّوَاصِبِ مَن هَذَا ألّذِي يَنصُرُ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً عَلَي أَعدَائِهِمَا فَأَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّإِنّ فِي خَلقِ السّماواتِ وَ الأَرضِبِلَا عَمَدٍ مِن تَحتِهَا وَ لَا عِلَاقَةٍ مِن فَوقِهَا تَحبِسُهَا مِنَ الوُقُوعِ عَلَيكُم وَ أَنتُم يَا أَيّهَا العِبَادُ وَ الإِمَاءُ أسُرَاَئيِ‌ وَ فِي قبَضيِ‌ الأَرضُ مِن تَحتِكُم لَا مَنجَي لَكُم مِنهَا إِن هَرَبتُم وَ السّمَاءُ مِن فَوقِكُم وَ لَا مَحِيصَ لَكُم عَنهَا إِن ذَهَبتُم فَإِن شِئتُ أَهلَكتُكُم بِهَذِهِ وَ إِن شِئتُ أَهلَكتُكُم بِتِلكَ ثُمّ مَا فِي السّمَاوَاتِ مِنَ الشّمسِ المُنِيرَةِ فِي نَهَارِكُم لِتَنتَشِرُوا فِي مَعَايِشِكُم وَ مِنَ القَمَرِ المضُيِ‌ءِ لَكُم فِي لَيلِكُم لِتُبصِرُوا فِي ظُلُمَاتِهِ وَ إِلجَائِكُم بِالِاستِرَاحَةِ بِالظّلمَةِ إِلَي تَركِ مُوَاصَلَةِ الكَدّ ألّذِي يَنهَكُ أَبدَانَكُموَ اختِلافِ اللّيلِ وَ النّهارِالمُتَتَابِعَينِ الكَادّينِ عَلَيكُم بِالعَجَائِبِ التّيِ‌ يُحدِثُهَا رَبّكُم فِي عَالَمِهِ مِن إِسعَادٍ وَ إِشقَاءٍ وَ إِعزَازٍ وَ إِذلَالٍ وَ إِغنَاءٍ وَ إِفقَارٍ وَ صَيفٍ وَ شِتَاءٍ وَ خَرِيفٍ وَ رَبِيعٍ وَ خِصبٍ وَ قَحطٍ وَ خَوفٍ وَ أَمنٍوَ الفُلكِ التّيِ‌ تجَريِ‌ فِي البَحرِ بِما يَنفَعُ النّاسَالتّيِ‌ جَعَلَهَا اللّهُ مَطَايَاكُم لَا تَهدَأُ لَيلًا وَ لَا نَهَاراً وَ لَا تَقتَضِيكُم عَلَفاً وَ لَا مَاءً وَ كَفَاكُم بِالرّيَاحِ مَئُونَةً تُسَيّرُهَا بِقُوَاكُم التّيِ‌ كَانَت لَا تَقُومُ بِهَا لَو رَكَدَت عَنهَا الرّيَاحُ لِتَمَامِ مَصَالِحِكُم وَ مَنَافِعِكُم وَ بُلُوغِ الحَوَائِجِ لِأَنفُسِكُموَ ما أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السّماءِ مِن ماءٍوَابِلًا وَ هَطلًا وَ رَذَاذاً لَا يُنزِلُ عَلَيكُم دَفعَةً وَاحِدَةً فَيُغرِقَكُم وَ يُهلِكَ مَعَايِشَكُم لَكِنّهُ يُنزِلُ مُتَفَرّقاً مِن عَلًا حَتّي يَعُمّ الأَوهَادَ وَ التّلَالَ وَ التّلَاعَفَأَحيا بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِهافَيُخرِجُ نَبَاتَهَا وَ ثِمَارَهَا وَ حُبُوبَهَاوَ بَثّ فِيها


صفحه : 55

مِن كُلّ دَابّةٍمِنهَا مَا هُوَ لِأَكلِكُم وَ مَعَايِشِكُم وَ مِنهَا سِبَاعٌ ضَارِيَةٌ حَافِظَةٌ عَلَيكُم لِأَنعَامِكُم لِئَلّا تَشُذّ عَلَيكُم خَوفاً مِنِ افتِرَاسِهَا لَهَاوَ تَصرِيفِ الرّياحِالمُرَبّيَةِ لِحُبُوبِكُم المُبَلّغَةِ لِثِمَارِكُم النّافِيَةِ لركد[لِرُكُودِ]الهَوَاءِ وَ الأَقتَارِ عَنكُموَ السّحابِ المُسَخّرِ بَينَ السّماءِ وَ الأَرضِيَحمِلُ أَمطَارَهَا وَ يجَريِ‌ بِإِذنِ اللّهِ وَ يَصُبّهَا مِن حَيثُ يُؤمَرُلَآياتٍدَلَائِلَ وَاضِحَاتٍلِقَومٍ يَعقِلُونَيَتَفَكّرُونَ بِعُقُولِهِم أَنّ مَن هَذِهِ العَجَائِبُ مِن آثَارِ قُدرَتِهِ قَادِرٌ عَلَي نُصرَةِ مُحَمّدٍ وَ عَلِيّ وَ آلِهِمَا ع عَلَي مَن يَشَاءُ

بيان الكادين من الكد بمعني الشدة والإلحاح في الطلب كناية عن عدم تخلفهما والباء في قوله ع بالعجائب بمعني مع و قوله والأقتار كأنه جمع القترة بمعني الغبرة أي يذهب الأغبرة والأبخرة المجتمعة في الهواء الموجبة لكثافتها وتعفنها والضمير في قوله أمطارها إما راجع إلي الأرض أو إلي السحاب للجمعية

27-جع ،[جامع الأخبار] سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَن إِثبَاتِ الصّانِعِ فَقَالَ البَعرَةُ تَدُلّ عَلَي البَعِيرِ وَ الرّوثَةُ تَدُلّ عَلَي الحَمِيرِ وَ آثَارُ القَدَمِ تَدُلّ عَلَي المَسِيرِ فَهَيكَلٌ علُويِ‌ّ بِهَذِهِ اللّطَافَةِ وَ مَركَزٌ سفُليِ‌ّ بِهَذِهِ الكَثَافَةِ كَيفَ لَا يَدُلّانِ عَلَي اللّطِيفِ الخَبِيرِ

28- وَ قَالَ ع بِصُنعِ اللّهِ يُستَدَلّ عَلَيهِ وَ بِالعُقُولِ تُعتَقَدُ مَعرِفَتُهُ وَ بِالتّفَكّرِ تَثبُتُ حُجّتُهُ مَعرُوفٌ بِالدّلَالَاتِ مَشهُورٌ بِالبَيّنَاتِ

29-جع ،[جامع الأخبار] سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ مَا الدّلِيلُ عَلَي إِثبَاتِ الصّانِعِ قَالَ ثَلَاثَةُ أَشيَاءَ تَحوِيلُ الحَالِ وَ ضَعفُ الأَركَانِ وَ نَقضُ الهِمّةِ

أقول سيأتي‌ مايناسب هذاالباب في أبواب الاحتجاجات وأبواب المواعظ والخطب والحكم إن شاء الله تعالي ولنذكر بعد ذلك توحيد المفضل بن عمر ورسالة الإهليلجة المرويتين عن الصادق ع لاشتمالهما علي دلائل وبراهين علي إثبات الصانع تعالي و لايضر إرسالهما لاشتهار انتسابهما إلي المفضل و قدشهد بذلك السيد بن طاوس وغيره و لاضعف محمد بن سنان والمفضل لأنه في محل المنع بل يظهر من الأخبار


صفحه : 56

الكثيرة علو قدرهما وجلالتهما مع أن متن الخبرين شاهدا صدق علي صحتهما وأيضا هما يشتملان علي براهين لاتتوقف إفادتها العلم علي صحة الخبر


صفحه : 57

باب 4-الخبر المشتهر بتوحيد المفضل بن عمر

1-رَوَي مُحَمّدُ بنُ سِنَانٍ قَالَ حَدّثَنَا المُفَضّلُ بنُ عُمَرَ قَالَ كُنتُ ذَاتَ يَومٍ بَعدَ العَصرِ جَالِساً فِي الرّوضَةِ بَينَ القَبرِ وَ المِنبَرِ وَ أَنَا مُفَكّرٌ فِيمَا خَصّ اللّهُ بِهِ سَيّدَنَا مُحَمّداًص مِنَ الشّرَفِ وَ الفَضَائِلِ وَ مَا مَنَحَهُ وَ أَعطَاهُ وَ شَرّفَهُ بِهِ وَ حَبَاهُ مِمّا لَا يَعرِفُهُ الجُمهُورُ مِنَ الأُمّةِ وَ مَا جَهِلُوهُ مِن فَضلِهِ وَ عَظِيمِ مَنزِلَتِهِ وَ خَطَرِ مَرتَبَتِهِ فإَنِيّ‌ لَكَذَلِكَ إِذ أَقبَلَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ فَجَلَسَ بِحَيثُ أَسمَعُ كَلَامَهُ فَلَمّا استَقَرّ بِهِ المَجلِسُ إِذَا رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ قَد جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيهِ فَتَكَلّمَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ فَقَالَ لَقَد بَلَغَ صَاحِبُ هَذَا القَبرِ العِزّ بِكَمَالِهِ وَ حَازَ الشّرَفَ بِجَمِيعِ خِصَالِهِ وَ نَالَ الحُظوَةَ فِي كُلّ أَحوَالِهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إِنّهُ كَانَ فَيلَسُوفاً ادّعَي المَرتَبَةَ العُظمَي وَ المَنزِلَةَ الكُبرَي وَ أَتَي عَلَي ذَلِكَ بِمُعجِزَاتٍ بَهَرَتِ العُقُولَ وَ ضَلّت فِيهَا الأَحلَامُ وَ غَاصَتِ الأَلبَابُ عَلَي طَلَبِ عِلمِهَا فِي بِحَارِ الفِكرِ فَرَجَعَت خَاسِئَاتٌ وَ هيِ‌َ حَسِيرٌ فَلَمّا استَجَابَ لِدَعوَتِهِ العُقَلَاءُ وَ الفُصَحَاءُ وَ الخُطَبَاءُ دَخَلَ النّاسُ فِي دِينِهِ أَفوَاجاً فَقَرَنَ اسمَهُ بِاسمِ نَامُوسِهِ فَصَارَ يَهتِفُ بِهِ عَلَي رُءُوسِ الصَوَامِعِ فِي جَمِيعِ البُلدَانِ وَ المَوَاضِعِ التّيِ‌ انتَهَت إِلَيهَا دَعوَتُهُ وَ عَلَت بِهَا كَلِمَتُهُ وَ ظَهَرَت فِيهَا حُجّتُهُ بَرّاً وَ بَحراً وَ سَهلًا وَ جَبَلًا فِي كُلّ يَومٍ وَ لَيلَةٍ خَمسُ مَرّاتٍ مُرَدّداً فِي الأَذَانِ وَ الإِقَامَةِ لِيَتَجَدّدَ فِي كُلّ سَاعَةٍ ذِكرُهُ لِئَلّا يُخمَلَ أَمرُهُ فَقَالَ ابنُ أَبِي العَوجَاءِ دَع ذِكرَ مُحَمّدٍص فَقَد تَحَيّرَ فِيهِ عقَليِ‌ وَ ضَلّ فِي أَمرِهِ فكِريِ‌ وَ حَدّثنَا فِي ذِكرِ الأَصلِ ألّذِي يمَشيِ‌ بِهِ ثُمّ ذَكَرَ ابتِدَاءً الأَشيَاءَ وَ زَعَمَ أَنّ ذَلِكَ بِإِهمَالٍ لَا صَنعَةَ فِيهِ وَ لَا تَقدِيرَ وَ لَا صَانِعَ لَهُ وَ لَا مُدَبّرَ بَلِ الأَشيَاءُ تَتَكَوّنُ مِن ذَاتِهَا بِلَا مُدَبّرٍ وَ عَلَي هَذَا كَانَتِ الدّنيَا لَم تَزَل وَ لَا تَزَالُ

بيان الحوز الجمع و كل من ضمّ إلي نفسه شيئا فقد حازه والحظوة بالضم والكسر والحاء المهملة والظاء المعجمة المكانة والمنزلة والفيلسوف العالم وخساء


صفحه : 58

البصر أي كل والناموس صاحب السر المطلع علي أمرك أوصاحب سر الخير وجبرئيل ع والحاذق و من يلطف مدخله ذكرها الفيروزآبادي‌ ومراده هنا الرب تعالي شأنه وخمل ذكره خفي‌ والخامل الساقط ألذي لانباهة له و قوله ألذي يمشي‌ به أي يذهب إلي دين محمدص وغيره بسببه أويهتدي‌ به كقوله تعالي نُوراً يمَشيِ‌ بِهِ فِي النّاسِ و في بعض النسخ يسمي‌ إما بالتشديد أي يذكر اسمه أوبالتخفيف أي يرتفع الناس به ويدعون الانتساب إليه

قَالَ المُفَضّلُ فَلَم أَملِك نفَسيِ‌ غَضَباً وَ غَيظاً وَ حَنَقاً فَقُلتُ يَا عَدُوّ اللّهِ أَلحَدتَ فِي دِينِ اللّهِ وَ أَنكَرتَ الباَر‌ِئَ جَلّ قُدسُهُ ألّذِي خَلَقَكَ فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ وَ صَوّرَكَ فِي أَتَمّ صُورَةٍ وَ نَقَلَكَ فِي أَحوَالِكَ حَتّي بَلَغَ بِكَ إِلَي حَيثُ انتَهَيتَ فَلَو تَفَكّرتَ فِي نَفسِكَ وَ صَدَقَكَ لَطِيفُ حِسّكَ لَوَجَدتَ دَلَائِلَ الرّبُوبِيّةِ وَ آثَارَ الصّنعَةِ فِيكَ قَائِمَةً وَ شَوَاهِدَهُ جَلّ وَ تَقَدّسَ فِي خَلقِكَ وَاضِحَةً وَ بَرَاهِينَهُ لَكَ لَائِحَةً فَقَالَ يَا هَذَا إِن كُنتَ مِن أَهلِ الكَلَامِ كَلّمنَاكَ فَإِن ثَبَتَ لَكَ حُجّةٌ تَبِعنَاكَ وَ إِن لَم تَكُن مِنهُم فَلَا كَلَامَ لَكَ وَ إِن كُنتَ مِن أَصحَابِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الصّادِقِ فَمَا هَكَذَا يُخَاطِبُنَا وَ لَا بِمِثلِ دَلِيلِكَ يُجَادِلُنَا وَ لَقَد سَمِعَ مِن كَلَامِنَا أَكثَرَ مِمّا سَمِعتَ فَمَا أَفحَشَ فِي خِطَابِنَا وَ لَا تَعَدّي فِي جَوَابِنَا وَ إِنّهُ لَلحَلِيمُ الرّزِينُ العَاقِلُ الرّصِينُ لَا يَعتَرِيهِ خُرقٌ وَ لَا طَيشٌ وَ لَا نَزَقٌ وَ يَسمَعُ كَلَامَنَا وَ يصُغيِ‌ إِلَينَا وَ يَستَعرِفُ حُجّتَنَا حَتّي استَفرَغنَا مَا عِندَنَا وَ ظَنَنّا أَنّا قَد قَطَعنَاهُ أَدحَضَ حُجّتَنَا بِكَلَامٍ يَسِيرٍ وَ خِطَابٍ قَصِيرٍ يُلزِمُنَا بِهِ الحُجّةَ وَ يَقطَعُ العُذرَ وَ لَا نَستَطِيعُ لِجَوَابِهِ رَدّاً فَإِن كُنتَ مِن أَصحَابِهِ فَخَاطِبنَا بِمِثلِ خِطَابِهِ

بيان وصدقك بالتخفيف أي قال لك صدقا لطيف حسك أي حسك اللطيف أي لم يلتبس علي حسك غرائب صنع الله فيك لمعاندتك للحق و في بعض النسخ حسنك فالمراد بصدق الحسن ظهور ماأخفي الله فيه منه علي الناظر و علي الوجهين يمكن أن يقرأ صدقك بالتشديد بتكلف لايخفي علي المتأمل والرزين الوقور والرصين بالصاد


صفحه : 59

المهملة الحكم الثابت والخرق بالضم ضد الرفق والنزق الطيش والخفة عندالغضب و قوله استفرغنا لعله من الإفراغ بمعني الصب قال الفيروزآبادي‌ استفرغ مجهوده بذل طاقته والإدحاض الإبطال

قَالَ المُفَضّلُ فَخَرَجتُ مِنَ المَسجِدِ مَحزُوناً مُفَكّراً فِيمَا بلُيِ‌َ بِهِ الإِسلَامُ وَ أَهلُهُ مِن كُفرِ هَذِهِ العِصَابَةِ وَ تَعطِيلِهَا فَدَخَلتُ عَلَي موَلاَي‌َ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ فرَآَنيِ‌ مُنكَسِراً فَقَالَ مَا لَكَ فَأَخبَرتُهُ بِمَا سَمِعتُ مِنَ الدّهرِيّينَ وَ بِمَا رَدَدتُ عَلَيهِمَا فَقَالَ لَأُلقِيَنّ إِلَيكَ مِن حِكمَةِ الباَر‌ِئِ جَلّ وَ عَلَا وَ تَقَدّسَ اسمُهُ فِي خَلقِ العَالَمِ وَ السّبَاعِ وَ البَهَائِمِ وَ الطّيرِ وَ الهَوَامّ وَ كُلّ ذيِ‌ رُوحٍ مِنَ الأَنعَامِ وَ النّبَاتِ وَ الشّجَرَةِ المُثمِرَةِ وَ غَيرِ ذَاتِ الثّمَرِ وَ الحُبُوبِ وَ البُقُولِ المَأكُولِ مِن ذَلِكَ وَ غَيرِ المَأكُولِ مَا يَعتَبِرُ بِهِ المُعتَبِرُونَ وَ يَسكُنُ إِلَي مَعرِفَتِهِ المُؤمِنُونَ وَ يَتَحَيّرُ فِيهِ المُلحِدُونَ فَبَكّر عَلَيّ غَداً قَالَ المُفَضّلُ فَانصَرَفتُ مِن عِندِهِ فَرَحاً مَسرُوراً وَ طَالَت عَلَيّ تِلكَ اللّيلَةُ انتِظَاراً لِمَا وعَدَنَيِ‌ بِهِ فَلَمّا أَصبَحتُ غَدَوتُ فَاستُوذِنَ لِي فَدَخَلتُ وَ قُمتُ بَينَ يَدَيهِ فأَمَرَنَيِ‌ بِالجُلُوسِ فَجَلَستُ ثُمّ نَهَضَ إِلَي حُجرَةٍ كَانَ يَخلُو فِيهَا فَنَهَضتُ بِنُهُوضِهِ فَقَالَ اتبعَنيِ‌ فَتَبِعتُهُ فَدَخَلَ وَ دَخَلتُ خَلفَهُ فَجَلَسَ وَ جَلَستُ بَينَ يَدَيهِ فَقَالَ يَا مُفَضّلُ كأَنَيّ‌ بِكَ وَ قَد طَالَت عَلَيكَ هَذِهِ اللّيلَةُ انتِظَاراً لِمَا وَعَدتُكَ فَقُلتُ أَجَل يَا موَلاَي‌َ فَقَالَ يَا مُفَضّلُ إِنّ اللّهَ كَانَ وَ لَا شَيءَ قَبلَهُ وَ هُوَ بَاقٍ وَ لَا نِهَايَةَ لَهُ فَلَهُ الحَمدُ عَلَي مَا أَلهَمَنَا وَ لَهُ الشّكرُ عَلَي مَا مَنَحَنَا وَ قَد خَصّنَا مِنَ العُلُومِ بِأَعلَاهَا وَ مِنَ المعَاَليِ‌ بِأَسنَاهَا وَ اصطَفَانَا عَلَي جَمِيعِ الخَلقِ بِعِلمِهِ وَ جَعَلَنَا مُهَيمِنِينَ عَلَيهِم بِحِكَمِهِ فَقُلتُ يَا موَلاَي‌َ أَ تَأذَنُ لِي أَن أَكتُبَ مَا تَشرَحُهُ وَ كُنتُ أَعدَدتُ معَيِ‌ مَا أَكتُبُ فِيهِ فَقَالَ لِي افعَل

بيان أسناها أي أرفعها أوأضوؤها والمهيمن الأمين والمؤتمن والشاهد

يَا مُفَضّلُ إِنّ الشّكّاكَ جَهِلُوا الأَسبَابَ وَ المعَاَنيِ‌َ فِي الخِلقَةِ وَ قَصُرَت أَفهَامُهُم عَن تَأَمّلِ الصّوَابِ وَ الحِكمَةِ فِيمَا ذَرَأَ الباَر‌ِئُ جَلّ قُدسُهُ وَ بَرَأَ مِن صُنُوفِ خَلقِهِ فِي


صفحه : 60

البَرّ وَ البَحرِ وَ السّهلِ وَ الوَعرِ فَخَرَجُوا بِقِصَرِ عُلُومِهِم إِلَي الجُحُودِ وَ بِضَعفِ بَصَائِرِهِم إِلَي التّكذِيبِ وَ العُنُودِ حَتّي أَنكَرُوا خَلقَ الأَشيَاءِ وَ ادّعَوا أَنّ كَونَهَا بِالإِهمَالِ لَا صَنعَةَ فِيهَا وَ لَا تَقدِيرَ وَ لَا حِكمَةَ مِن مُدَبّرٍ وَ لَا صَانِعٍ تَعَالَي اللّهُ عَمّا يَصِفُونَ وَقاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّي يُؤفَكُونَفَهُم فِي ضَلَالِهِم وَ عَمَاهُم وَ تَحَيّرِهِم بِمَنزِلَةِ عُميَانٍ دَخَلُوا دَاراً قَد بُنِيَت أَتقَنَ بِنَاءٍ وَ أَحسَنَهُ وَ فُرِشَت بِأَحسَنِ الفُرُشِ وَ أَفخَرِهِ وَ أُعِدّ فِيهَا ضُرُوبُ الأَطعِمَةِ وَ الأَشرِبَةِ وَ المَلَابِسِ وَ المَآرِبِ التّيِ‌ يُحتَاجُ إِلَيهَا لَا يُستَغنَي عَنهَا وَ وُضِعَ كُلّ شَيءٍ مِن ذَلِكَ مَوضِعَهُ عَلَي صَوَابٍ مِنَ التّقدِيرِ وَ حِكمَةٍ مِنَ التّدبِيرِ فَجَعَلُوا يَتَرَدّدُونَ فِيهَا يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ يَطُوفُونَ بُيُوتَهَا إِدبَاراً وَ إِقبَالًا مَحجُوبَةً أَبصَارُهُم عَنهَا لَا يُبصِرُونَ بُنيَةَ الدّارِ وَ مَا أُعِدّ فِيهَا وَ رُبّمَا عَثَرَ بَعضُهُم باِلشيّ‌ءِ ألّذِي قَد وُضِعَ مَوضِعَهُ وَ أُعِدّ لِلحَاجَةِ إِلَيهِ وَ هُوَ جَاهِلٌ بِالمَعنَي فِيهِ وَ لِمَا أُعِدّ وَ لِمَا ذَا جُعِلَ كَذَلِكَ فَتَذَمّرَ وَ تَسَخّطَ وَ ذَمّ الدّارَ وَ بَانِيَهَا فَهَذِهِ حَالُ هَذَا الصّنفِ فِي إِنكَارِهِم مَا أَنكَرُوا مِن أَمرِ الخِلقَةِ وَ ثَبَاتِ الصّنعَةِ فَإِنّهُم لَمّا غَرَبَت أَذهَانُهُم عَن مَعرِفَةِ الأَسبَابِ وَ العِلَلِ فِي الأَشيَاءِ صَارُوا يَجُولُونَ فِي هَذَا العَالَمِ حَيَارَي وَ لَا يَفهَمُونَ مَا هُوَ عَلَيهِ مِن إِتقَانِ خِلقَتِهِ وَ حُسنِ صَنعَتِهِ وَ صَوَابِ تَهيِئَتِهِ وَ رُبّمَا وَقَفَ بَعضُهُم عَلَي الشيّ‌ءِ لِجَهلِ سَبَبِهِ وَ الإِربِ فِيهِ فَيُسرِعُ إِلَي ذَمّهِ وَ وَصفِهِ بِالإِحَالَةِ وَ الخَطَإِ كاَلذّيِ‌ أَقدَمَت عَلَيهِ المَانَوِيّةُ الكَفَرَةُ وَ جَاهَرَت بِهِ المُلحِدَةُ المَارِقَةُ الفَجَرَةُ وَ أَشبَاهُهُم مِن أَهلِ الضّلَالِ المُعَلّلِينَ أَنفُسَهُم بِالمُحَالِ فَيَحِقّ عَلَي مَن أَنعَمَ اللّهُ عَلَيهِ بِمَعرِفَتِهِ وَ هَدَاهُ لِدِينِهِ وَ وَفّقَهُ لِتَأَمّلِ التّدبِيرِ فِي صَنعَةِ الخَلَائِقِ وَ الوُقُوفِ عَلَي مَا خُلِقُوا لَهُ مِن لَطِيفِ التّدبِيرِ وَ صَوَابِ التّعبِيرِ بِالدّلَالَةِ القَائِمَةِ الدّالّةِ عَلَي صَانِعِهَا أَن يُكثِرَ حَمدَ اللّهِ مَولَاهُ عَلَي ذَلِكَ وَ يَرغَبَ إِلَيهِ فِي الثّبَاتِ عَلَيهِ وَ الزّيَادَةِ مِنهُ فَإِنّهُ جَلّ اسمُهُ يَقُولُلَئِن شَكَرتُم لَأَزِيدَنّكُم وَ لَئِن كَفَرتُم إِنّ عذَابيِ‌ لَشَدِيدٌ


صفحه : 61

بيان قاتلهم الله أي قتلهم أولعنهم أَنّي يُؤفَكُونَكيف يصرفون عن الحق و قال الجوهري‌ ظل يتذمر علي فلان إذاتنكر له وأوعده انتهي وغربت بمعني غابت والإرب بالفتح والكسر الحاجة ووصفه بالإحالة أي بأنه يستحيل أن يكون له خالق مدبر أويستحيل أن يكون من فعله تعالي والمانوية فرقة من الثنوية أصحاب ماني‌ ألذي ظهر في زمان سابور بن أردشير وأحدث دينا بين المجوسية والنصرانية و كان يقول بنبوة المسيح علي نبينا وآله و عليه السلام و لا يقول بنبوة موسي علي نبينا وآله و عليه السلام وزعم أن العالم مصنوع مركب من أصلين قديمين أحدهما نور والآخر ظلمة وهؤلاء ينسبون الخيرات إلي النور والشرور إلي الظلمة وينسبون خلق السباع والموذيات والعقارب والحيات إلي الظلمة فأشار ع إلي فساد وهمهم بأن هذالجهلهم بمصالح هذه السباع والعقارب والحيات التي‌ يزعمون أنها من الشرور التي‌ لايليق بالحكيم خلقها قوله ع المعللين أي الشاغلين أنفسهم عن طاعة ربهم بأمور يحكم العقل السليم باستحالته قال الفيروزآبادي‌ علله بطعام وغيره تعليلا شغله به

يَا مُفَضّلُ أَوّلُ العِبَرِ وَ الأَدِلّةِ عَلَي الباَر‌ِئِ جَلّ قُدسُهُ تَهيِئَةُ هَذَا العَالَمِ وَ تَألِيفُ أَجزَائِهِ وَ نَظمُهَا عَلَي مَا هيِ‌َ عَلَيهِ فَإِنّكَ إِذَا تَأَمّلتَ العَالَمَ بِفِكرِكَ وَ مَيّزتَهُ بِعَقلِكَ وَجَدتَهُ كَالبَيتِ المبَنيِ‌ّ المُعَدّ فِيهِ جَمِيعُ مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ عِبَادُهُ فَالسّمَاءُ مَرفُوعَةٌ كَالسّقفِ وَ الأَرضُ مَمدُودَةٌ كَالبِسَاطِ وَ النّجُومُ مَنضُودَةٌ كَالمَصَابِيحِ وَ الجَوَاهِرُ مَخزُونَةٌ كَالذّخَائِرِ وَ كُلّ شَيءٍ فِيهَا لِشَأنِهِ مُعَدّ وَ الإِنسَانُ كَالمُمَلّكِ ذَلِكَ البَيتَ وَ المُخَوّلِ جَمِيعَ مَا فِيهِ وَ ضُرُوبُ النّبَاتِ مُهَيّأَةٌ لِمَآرِبِهِ وَ صُنُوفُ الحَيَوَانِ مَصرُوفَةٌ فِي مَصَالِحِهِ وَ مَنَافِعِهِ ففَيِ‌ هَذَا دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَي أَنّ العَالَمَ مَخلُوقٌ بِتَقدِيرٍ وَ حِكمَةٍ وَ نِظَامٍ وَ مُلَائَمَةٍ وَ أَنّ الخَالِقَ لَهُ وَاحِدٌ وَ هُوَ ألّذِي أَلّفَهُ وَ نَظّمَهُ بَعضاً إِلَي بَعضٍ جَلّ قُدسُهُ وَ تَعَالَي جَدّهُ وَ كَرُمَ وَجهُهُ وَ لَا إِلَهَ غَيرُهُ تَعَالَي عَمّا يَقُولُ الجَاحِدُونَ وَ جَلّ وَ عَظُمَ عَمّا يَنتَحِلُهُ المُلحِدُونَ

بيان قال الفيروزآبادي‌ نضد متاعه ينضده جعل بعضه فوق بعض فهو منضود انتهي والتخويل الإعطاء والتمليك قوله ع و أن الخالق له واحد


صفحه : 62

أقول أشار ع بذلك إلي أقوي براهين التوحيد و هو أن ائتلاف أجزاء العالم واحتياج بعضها إلي بعض وانتظام بعضها ببعض يدل علي وحدة مدبرها كما أن ارتباط أجزاء الشخص بعضها ببعض وانتظام بعض أعضائه مع بعض يدل علي وحدة مدبره و قدقيل في تطبيق العالم الكبير علي العالم الصغير لطائف لايسع المقام ذكرها وربما يستدل عليه أيضا بما قدتقرر من أن المتلازمين إما أن يكون أحدهما علة للآخر أوهما معلولا علة ثالثة وسيأتي‌ الكلام فيه في باب التوحيد

نبَتدَ‌ِئُ يَا مُفَضّلُ بِذِكرِ خَلقِ الإِنسَانِ فَاعتَبِر بِهِ فَأَوّلُ ذَلِكَ مَا يُدَبّرُ بِهِ الجَنِينُ فِي الرّحِمِ وَ هُوَ مَحجُوبٌ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ظُلمَةِ البَطنِ وَ ظُلمَةِ الرّحِمِ وَ ظُلمَةِ المَشِيمَةِ حَيثُ لَا حِيلَةَ عِندَهُ فِي طَلَبِ غِذَاءٍ وَ لَا دَفعِ أَذًي وَ لَا استِجلَابِ مَنفَعَةٍ وَ لَا دَفعِ مَضَرّةٍ فَإِنّهُ يجَريِ‌ إِلَيهِ مِن دَمِ الحَيضِ مَا يَغذُوهُ كَمَا يَغذُو المَاءُ النّبَاتَ فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ غِذَاؤَهُ حَتّي إِذَا كَمَلَ خَلقُهُ وَ استَحكَمَ بَدَنُهُ وَ قوَيِ‌َ أَدِيمُهُ عَلَي مُبَاشَرَةِ الهَوَاءِ وَ بَصّرَهُ عَلَي مُلَاقَاةِ الضّيَاءِ هَاجَ الطّلقُ بِأُمّهِ فَأَزعَجَهُ أَشَدّ إِزعَاجٍ وَ أَعنَفَهُ حَتّي يُولَدَ وَ إِذَا وُلِدَ صَرَفَ ذَلِكَ الدّمَ ألّذِي كَانَ يَغذُوهُ مِن دَمِ أُمّهِ إِلَي ثَديَيهَا فَانقَلَبَ الطّعمُ وَ اللّونُ إِلَي ضَربٍ آخَرَ مِنَ الغِذَاءِ وَ هُوَ أَشَدّ مُوَافَقَةً لِلمَولُودِ مِنَ الدّمِ فَيُوَافِيهِ فِي وَقتِ حَاجَتِهِ إِلَيهِ فَحِينَ يُولَدُ قَد تَلَمّظَ وَ حَرّكَ شَفَتَيهِ طَلَباً لِلرّضَاعِ فَهُوَ يَجِدُ ثدَييَ‌ أُمّهِ كَالإِدَاوَتَينِ المُعَلّقَتَينِ لِحَاجَتِهِ إِلَيهِ فَلَا يَزَالُ يغَتذَيِ‌ بِاللّبَنِ مَا دَامَ رَطبَ البَدَنِ رَقِيقَ الأَمعَاءِ لَيّنَ الأَعضَاءِ حَتّي إِذَا تَحَرّكَ وَ احتَاجَ إِلَي غِذَاءٍ فِيهِ صَلَابَةٌ لِيَشتَدّ وَ يَقوَي بَدَنُهُ طَلَعَت لَهُ الطّوَاحِنُ مِنَ الأَسنَانِ وَ الأَضرَاسِ لِيَمضَغَ بِهِ الطّعَامَ فَيَلِينَ عَلَيهِ وَ يَسهُلَ لَهُ إِسَاغَتُهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتّي يُدرِكَ فَإِذَا أَدرَكَ وَ كَانَ ذَكَراً طَلَعَ الشّعرُ فِي وَجهِهِ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَامَةَ الذّكَرِ وَ عِزّ الرّجُلِ ألّذِي يَخرُجُ بِهِ مِن حَدّ الصّبَا وَ شِبهِ النّسَاءِ وَ إِن كَانَت أُنثَي يَبقَي وَجهُهَا نَقِيّاً مِنَ الشّعرِ لِتَبقَي لَهَا البَهجَةُ وَ النّضَارَةُ التّيِ‌ تَحَرّكَ الرّجَالَ لِمَا فِيهِ دَوَامُ النّسلِ وَ بَقَاؤُهُ


صفحه : 63

بيان الأديم الجلد والطلق وجع الولادة ويقال أزعجه أي قلعه عن مكانه ويقال تلمظ إذاأخرج لسانه فمسح به شفتيه وتلمظت الحية إذاأخرجت لسانها كتلمظت الأكل والإداوة بالكسر إناء صغير من جلد يتخذ للماء والطواحن الأضراس ويطلق الأضراس غالبا علي المآخير والأسنان علي المقاديم كما هوالظاهر هنا و إن لم يفرق اللغويون بينهما والمراد بالطواحن هنا جميع الأسنان والإساغة الأكل والشرب بسهولة

اعتَبِر يَا مُفَضّلُ فِيمَا يُدَبّرُ بِهِ الإِنسَانُ فِي هَذِهِ الأَحوَالِ المُختَلِفَةِ هَل تَرَي يُمكِنُ أَن يَكُونَ بِالإِهمَالِ أَ فَرَأَيتَ لَو لَم يَجرِ إِلَيهِ ذَلِكَ الدّمُ وَ هُوَ فِي الرّحِمِ أَ لَم يَكُن سيَذَويِ‌ وَ يَجِفّ كَمَا يَجِفّ النّبَاتُ إِذَا فَقَدَ المَاءَ وَ لَو لَم يُزعِجهُ المَخَاضُ عِندَ استِحكَامِهِ أَ لَم يَكُن سَيَبقَي فِي الرّحِمِ كَالمَوءُودِ فِي الأَرضِ وَ لَو لَم يُوَافِقهُ اللّبَنُ مَعَ وِلَادَتِهِ أَ لَم يَكُن سَيَمُوتُ جُوعاً أَو يغَتذَيِ‌ بِغِذَاءٍ لَا يُلَائِمُهُ وَ لَا يَصلُحُ عَلَيهِ بَدَنُهُ وَ لَو لَم تَطلُع عَلَيهِ الأَسنَانُ فِي وَقتِهَا أَ لَم يَكُن سَيَمتَنِعُ عَلَيهِ مَضغُ الطّعَامِ وَ إِسَاغَتُهُ أَو يُقِيمُهُ عَلَي الرّضَاعِ فَلَا يَشُدّ بَدَنُهُ وَ لَا يَصلُحُ لِعَمَلٍ ثُمّ كَانَ تَشتَغِلُ أُمّهُ بِنَفسِهِ عَن تَربِيَةِ غَيرِهِ مِنَ الأَولَادِ وَ لَو لَم يَخرُجِ الشّعرُ فِي وَجهِهِ فِي وَقتِهِ أَ لَم يَكُن سَيَبقَي فِي هَيئَةِ الصّبيَانِ وَ النّسَاءِ فَلَا تَرَي لَهُ جَلَالَةً وَ لَا وَقَاراً فَقَالَ المُفَضّلُ فَقُلتُ يَا موَلاَي‌َ فَقَد رَأَيتُ مَن يَبقَي عَلَي حَالَتِهِ وَ لَا يَنبُتُ الشّعرُ فِي وَجهِهِ وَ إِن بَلَغَ حَالَ الكِبَرِ فَقَالَ ذَلِكَ بِمَا قَدّمَت أَيدِيهِم وَ إِنّ اللّهَ لَيسَ بِظَلّامٍ لِلعَبِيدِ فَمَن هَذَا ألّذِي يَرصُدُهُ حَتّي يُوَافِيَهُ بِكُلّ شَيءٍ مِن هَذِهِ المَآرِبِ إِلّا ألّذِي أَنشَأَهُ خَلقاً بَعدَ أَن لَم يَكُن ثُمّ تَوَكّلَ لَهُ بِمَصلَحَتِهِ بَعدَ أَن كَانَ فَإِن كَانَ الإِهمَالُ يأَتيِ‌ بِمِثلِ هَذَا التّدبِيرِ فَقَد يَجِبُ أَن يَكُونَ العَمدُ وَ التّقدِيرُ يَأتِيَانِ بِالخَطَإِ وَ المُحَالِ لِأَنّهُمَا ضِدّ الإِهمَالِ وَ هَذَا فَظِيعٌ مِنَ القَولِ وَ جَهلٌ مِن قَائِلِهِ لِأَنّ الإِهمَالَ لَا يأَتيِ‌ بِالصّوَابِ وَ التّضَادّ لَا يأَتيِ‌ بِالنّظَامِ تَعَالَي اللّهُ عَمّا يَقُولُ المُلحِدُونَ عُلُوّاً كَبِيراً وَ لَو كَانَ المَولُودُ يُولَدُ فَهِماً عَاقِلًا لَأَنكَرَ العَالَمَ عِندَ وِلَادَتِهِ وَ لبَقَيِ‌َ حَيرَانَ تَائِهَ العَقلِ إِذَا رَأَي مَا لَم يَعرِف وَ وَرَدَ عَلَيهِ


صفحه : 64

مَا لَم يَرَ مِثلَهُ مِنِ اختِلَافِ صُوَرِ العَالَمِ مِنَ البَهَائِمِ وَ الطّيرِ إِلَي غَيرِ ذَلِكَ مِمّا يُشَاهِدُهُ سَاعَةً بَعدَ سَاعَةٍ وَ يَوماً بَعدَ يَومٍ وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِأَنّ مَن سبُيِ‌َ مِن بَلَدٍ إِلَي بَلَدٍ وَ هُوَ عَاقِلٌ يَكُونُ كَالوَالِهِ الحَيرَانِ فَلَا يُسرِعُ فِي تَعَلّمِ الكَلَامِ وَ قَبُولِ الأَدَبِ كَمَا يُسرِعُ ألّذِي يُسبَي صَغِيراً غَيرَ عَاقِلٍ ثُمّ لَو وُلِدَ عَاقِلًا كَانَ يَجِدُ غَضَاضَةً إِذَا رَأَي نَفسَهُ مَحمُولًا مُرضَعاً مُعَصّباً بِالخِرَقِ مُسَجّي فِي المَهدِ لِأَنّهُ لَا يسَتغَنيِ‌ عَن هَذَا كُلّهِ لِرِقّةِ بَدَنِهِ وَ رُطُوبَتِهِ حِينَ يُولَدُ ثُمّ كَانَ لَا يُوجَدُ لَهُ مِنَ الحَلَاوَةِ وَ الوَقعِ مِنَ القُلُوبِ مَا يُوجَدُ لِلطّفلِ فَصَارَ يَخرُجُ إِلَي الدّنيَا غَبِيّاً غَافِلًا عَمّا فِيهِ أَهلُهُ فَيَلقَي الأَشيَاءَ بِذِهنٍ ضَعِيفٍ وَ مَعرِفَةٍ نَاقِصَةٍ ثُمّ لَا يَزَالُ يَتَزَايَدُ فِي المَعرِفَةِ قَلِيلًا قَلِيلًا وَ شَيئاً بَعدَ شَيءٍ وَ حَالًا بَعدَ حَالٍ حَتّي يَألَفَ الأَشيَاءَ وَ يَتَمَرّنَ وَ يَستَمِرّ عَلَيهَا فَيَخرُجُ مِن حَدّ التّأَمّلِ لَهَا وَ الحَيرَةِ فِيهَا إِلَي التّصَرّفِ وَ الِاضطِرَابِ إِلَي المَعَاشِ بِعَقلِهِ وَ حِيلَتِهِ وَ إِلَي الِاعتِبَارِ وَ الطّاعَةِ وَ السّهوِ وَ الغَفلَةِ وَ المَعصِيَةِ وَ فِي هَذَا أَيضاً وُجُوهٌ أُخَرُ فَإِنّهُ لَو كَانَ يُولَدُ تَامّ العَقلِ مُستَقِلّا بِنَفسِهِ لَذَهَبَ مَوضِعُ حَلَاوَةِ تَربِيَةِ الأَولَادِ وَ مَا قُدّرَ أَن يَكُونَ لِلوَالِدَينِ فِي الِاشتِغَالِ بِالوَلَدِ مِنَ المَصلَحَةِ وَ مَا يُوجِبُ تَربِيَةً لِلآبَاءِ عَلَي الأَبنَاءِ مِنَ المُكَلّفَاتِ بِالبِرّ وَ العَطفِ عَلَيهِم عِندَ حَاجَتِهِم إِلَي ذَلِكَ مِنهُم ثُمّ كَانَ الأَولَادُ لَا يَألَفُونَ آبَاءَهُم وَ لَا يَألَفُ الآبَاءُ أَبنَاءَهُم لِأَنّ الأَولَادَ كَانُوا يَستَغنُونَ عَن تَربِيَةِ الآبَاءِ وَ حِيَاطَتِهِم فَيَتَفَرّقُونَ عَنهُم حِينَ يُولَدُونَ فَلَا يَعرِفُ الرّجُلُ أَبَاهُ وَ أُمّهُ وَ لَا يَمتَنِعُ مِن نِكَاحِ أُمّهِ وَ أُختِهِ وَ ذَوَاتِ المَحَارِمِ مِنهُ إِذَا كَانَ لَا يَعرِفُهُنّ وَ أَقَلّ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ القَبَاحَةِ بَل هُوَ أَشنَعُ وَ أَعظَمُ وَ أَفظَعُ وَ أَقبَحُ وَ أَبشَعُ لَو خَرَجَ المَولُودُ مِن بَطنِ أُمّهِ وَ هُوَ يَعقِلُ أَن يَرَي مِنهَا مَا لَا يَحِلّ لَهُ وَ لَا يُحسِنُ بِهِ أَن يَرَاهُ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ أُقِيمَ كُلّ شَيءٍ مِنَ الخِلقَةِ عَلَي غَايَةِ الصّوَابِ وَ خَلَا مِنَ الخَطَإِ دَقِيقُهُ وَ جَلِيلُهُ

بيان أفرأيت أي أخبرني‌ قال الزمخشري‌ لماكانت مشاهدة الأشياء ورؤيتها طريقا إلي الإحاطة بهاعلما وصحة الخبر عنها استعملوا أرأيت بمعني أخبر انتهي ويقال ذوي العود أي يبس والموءود ألذي دفن في الأرض حيا كما كان المشركون


صفحه : 65

يفعلون في الجاهلية ببناتهم قوله ع أويقيمه أي عدم طلوع الأسنان قوله ع ذلك بما قدمت أيديهم يحتمل أن يكون هذالتعذيب الآباء و إن كان الأولاد يؤجرون لقباحة منظرهم أوللأولاد لما كان في علمه تعالي صدوره عنهم باختيارهم ويرصده أي يرقبه قوله ع فإن كان الإهمال أي إذا لم يكن الأشياء منوطة بأسبابها و لم ترتبط الأمور بعللها فكما جاز أن يحصل هذاالترتيب والنظام التام بلا سبب فجاز أن يصير التدبير في الأمور سببا لاختلالها و هذاخلاف مايحكم به عقول كافة الخلق لمانري من سعيهم في تدبير الأمور وذمهم من يأتي‌ بها علي غيرتأمل وروية ويحتمل أن يكون المراد أن الوجدان يحكم بتضاد آثار الأمور المتضادة وربما أمكن إقامة البرهان عليه أيضا فإذاأتي الإهمال بالصواب يجب أن يأتي‌ ضده و هوالتدبير بالخطإ و هذاأفظع وأشنع والمراد بالمحال الأمر الباطل ألذي لم يأت علي وجهه ألذي ينبغي‌ أن يكون عليه قال الفيروزآبادي‌ المحال من الكلام بالضم ماعدل عن وجهه انتهي والتيه الضلال والحيرة والغضاضة بالفتح الذلة والمنقصة و قوله ع معصبا أي مشدودا والتسجية التغطية بثوب يمد عليه والغبي‌ علي فعيل قليل الفطنة والاعتبار من العبرة وذكر في مقابله السهو والغفلة و قوله ماقدر و مايوجب كلاهما معطوفان علي موضع و قوله من المكلفات بيان لمايوجب أي لذهب التكاليف المتعلقة بالأولاد بأن يبروا آباءهم ويعطفوا عليهم عندحاجة الآباء إلي تربيتهم وإعانتهم لكبرهم وضعفهم جزاء لماقاسوا من الشدائد في تربيتهم قوله أن يري خبر لقوله أقل ما في ذلك

اعرِف يَا مُفَضّلُ مَا لِلأَطفَالِ فِي البُكَاءِ مِنَ المَنفَعَةِ وَ اعلَم أَنّ فِي أَدمِغَةِ الأَطفَالِ رُطُوبَةً إِن بَقِيَت فِيهَا أَحدَثَت عَلَيهِم أَحدَاثاً جَلِيلَةً وَ عِلَلًا عَظِيمَةً مِن ذَهَابِ البَصَرِ وَ غَيرِهِ فَالبُكَاءُ يُسِيلُ تِلكَ الرّطُوبَةَ مِن رُءُوسِهِم فَيُعقِبُهُم ذَلِكَ الصّحّةَ فِي أَبدَانِهِم وَ السّلَامَةَ فِي أَبصَارِهِم أَ فَلَيسَ قَد جَازَ أَن يَكُونَ الطّفلُ يَنتَفِعُ بِالبُكَاءِ وَ وَالِدَاهُ لَا يَعرِفَانِ ذَلِكَ فَهُمَا دَائِبَانِ لِيُسكِتَاهُ وَ يَتَوَخّيَانِ فِي الأُمُورِ مَرضَاتِهِ لِئَلّا يبَكيِ‌ وَ هُمَا لَا يَعلَمَانِ أَنّ البُكَاءَ أَصلَحُ لَهُ وَ أَجمَلُ عَاقِبَةً فَهَكَذَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَشيَاءِ مَنَافِعُ لَا يَعرِفُهَا القَائِلُونَ


صفحه : 66

بِالإِهمَالِ وَ لَو عَرَفُوا ذَلِكَ لَم يَقضُوا عَلَي الشيّ‌ءِ أَنّهُ لَا مَنفَعَةَ فِيهِ مِن أَجلِ أَنّهُم لَا يَعرِفُونَهُ وَ لَا يَعلَمُونَ السّبَبَ فِيهِ فَإِنّ كُلّ مَا لَا يَعرِفُهُ المُنكِرُونَ يَعلَمُهُ العَارِفُونَ وَ كَثِيرٌ مِمّا يَقصُرُ عَنهُ عِلمُ المَخلُوقِينَ مُحِيطٌ بِهِ عِلمُ الخَالِقِ جَلّ قُدسُهُ وَ عَلَت كَلِمَتُهُ فَأَمّا مَا يَسِيلُ مِن أَفوَاهِ الأَطفَالِ مِنَ الرّيقِ ففَيِ‌ ذَلِكَ خُرُوجُ الرّطُوبَةِ التّيِ‌ لَو بَقِيَت فِي أَبدَانِهِم لَأُحدِثَت عَلَيهِمُ الأُمُورُ العَظِيمَةُ كَمَن تَرَاهُ قَد غَلَبَت عَلَيهِ الرّطُوبَةُ فَأَخرَجَتهُ إِلَي حَدّ البُلهِ وَ الجُنُونِ وَ التّخلِيطِ إِلَي غَيرِ ذَلِكَ مِنَ الأَمرَاضِ المُختَلِفَةِ كَالفَالِجِ وَ اللّقوَةِ وَ مَا أَشبَهَهُمَا فَجَعَلَ اللّهُ تِلكَ الرّطُوبَةَ تَسِيلُ مِن أَفوَاهِهِم فِي صِغَرِهِم لِمَا لَهُم فِي ذَلِكَ مِنَ الصّحّةِ فِي كِبَرِهِم فَتَفَضّلَ عَلَي خَلقِهِ بِمَا جَهِلُوهُ وَ نَظَرَ لَهُم بِمَا لَم يَعرِفُوهُ وَ لَو عَرَفُوا نِعَمَهُ عَلَيهِم لَشَغَلَهُم ذَلِكَ عَنِ التمّاَديِ‌ فِي مَعصِيَتِهِ فَسُبحَانَهُ مَا أَجَلّ نِعمَتَهُ وَ أَسبَغَهَا عَلَي المُستَحِقّينَ وَ غَيرِهِم مِن خَلقِهِ وَ تَعَالَي عَمّا يَقُولُ المُبطِلُونَ عُلُوّاً كَبِيراً

بيان الدءوب الجدّ والتعب والتوخيّ‌ التحري‌ والقصد و قوله ع كل ما لايعرفه أي مما لايقصر عنه علم المخلوقين ويقال أبطل أي جاء بالباطل

انظُرِ الآنَ يَا مُفَضّلُ كَيفَ جُعِلَت آلَاتُ الجِمَاعِ فِي الذّكَرِ وَ الأُنثَي جَمِيعاً عَلَي مَا يُشَاكِلُ ذَلِكَ فَجُعِلَ لِلذّكَرِ آلَةٌ نَاشِزَةٌ تَمتَدّ حَتّي تَصِلَ النّطفَةُ إِلَي الرّحِمِ إِذ كَانَ مُحتَاجاً إِلَي أَن يَقذِفَ مَاءَهُ فِي غَيرِهِ وَ خُلِقَ لِلأُنثَي وِعَاءٌ قَعِرٌ لِيَشتَمِلَ عَلَي المَاءَينِ جَمِيعاً وَ يَحتَمِلَ الوَلَدَ وَ يَتّسِعَ لَهُ وَ يَصُونَهُ حَتّي يَستَحكِمَ أَ لَيسَ ذَلِكَ مِن تَدبِيرِ حَكِيمٍ لَطِيفٍ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي عَمّا يُشرِكُونَ

بيان المشاكلة المشابهة والمناسبة واسم الإشارة راجع إلي مامضي من التدبير في الخلق ويحتمل إرجاعه إلي الجماع


صفحه : 67

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي أَعضَاءِ البَدَنِ أَجمَعَ وَ تَدبِيرِ كُلّ مِنهَا لِلإِربِ فَاليَدَانِ لِلعِلَاجِ وَ الرّجلَانِ للِسعّي‌ِ وَ العَينَانِ لِلِاهتِدَاءِ وَ الفَمُ لِلِاغتِذَاءِ وَ المَعِدَةُ لِلهَضمِ وَ الكَبِدُ لِلتّخلِيصِ وَ المَنَافِذُ لِتَنفِيذِ الفُضُولِ وَ الأَوعِيَةُ لِحَملِهَا وَ الفَرجُ لِإِقَامَةِ النّسلِ وَ كَذَلِكَ جَمِيعُ الأَعضَاءِ إِذَا تَأَمّلتَهَا وَ أَعمَلتَ فِكرَكَ فِيهَا وَ نَظَرَكَ وَجَدتَ كُلّ شَيءٍ مِنهَا قَد قُدّرَ لشِيَ‌ءٍ عَلَي صَوَابٍ وَ حِكمَةٍ قَالَ المُفَضّلُ فَقُلتُ يَا موَلاَي‌َ إِنّ قَوماً يَزعُمُونَ أَنّ هَذَا مِن فِعلِ الطّبِيعَةِ فَقَالَ سَلهُم عَن هَذِهِ الطّبِيعَةِ أَ هيِ‌َ شَيءٌ لَهُ عِلمٌ وَ قُدرَةٌ عَلَي مِثلِ هَذِهِ الأَفعَالِ أَم لَيسَت كَذَلِكَ فَإِن أَوجَبُوا لَهَا العِلمَ وَ القُدرَةَ فَمَا يَمنَعُهُم مِن إِثبَاتِ الخَالِقِ فَإِنّ هَذِهِ صَنعَتُهُ وَ إِن زَعَمُوا أَنّهَا تَفعَلُ هَذِهِ الأَفعَالَ بِغَيرِ عِلمٍ وَ لَا عَمدٍ وَ كَانَ فِي أَفعَالِهَا مَا قَد تَرَاهُ مِنَ الصّوَابِ وَ الحِكمَةِ عُلِمَ أَنّ هَذَا الفِعلَ لِلخَالِقِ الحَكِيمِ وَ أَنّ ألّذِي سَمّوهُ طَبِيعَةً هُوَ سُنّةٌ فِي خَلقِهِ الجَارِيَةُ عَلَي مَا أَجرَاهَا عَلَيهِ

إيضاح قوله ع فما يمنعهم لعل المراد أنهم إذاقالوا بذلك فقد أثبتوا الصانع فلم يسمونه بالطبيعة وهي‌ ليست بذات علم وإرادة وقدرة قوله ع علم أن هذاالفعل أي ظاهر بطلان هذاالزعم و ألذي صار سببا لذهولهم أن الله تعالي أجري عادته بأن يخلق الأشياء بأسبابها فذهبوا إلي استقلال تلك الأسباب في ذلك وبعبارة أخري إن سنة الله وعادته قدجرت لحكم كثيرة أن تكون الأشياء بحسب باد‌ئ النظر مستندة إلي غيره تعالي ثم يعلم بعدالاعتبار والتفكر أن الكل مستند إلي قدرته وتأثيره تعالي وإنما هذه الأشياء وسائل وشرائط لذلك فلذا تحيروا في الصانع تعالي فالضمير المنصوب في قوله أجراها راجع إلي السنة وضمير عليه راجع إلي الموصول

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي وُصُولِ الغِذَاءِ إِلَي البَدَنِ وَ مَا فِيهِ مِنَ التّدبِيرِ فَإِنّ الطّعَامَ يَصِيرُ


صفحه : 68

إِلَي المَعِدَةِ فَتَطبُخُهُ وَ تَبعَثُ بِصَفوِهِ إِلَي الكَبِدِ فِي عُرُوقٍ رِقَاقٍ وَاشِجَةٍ بَينَهَا قَد جُعِلَت كاَلمصُفَيّ‌ لِلغِذَاءِ لِكَيلَا يَصِلَ إِلَي الكَبِدِ مِنهُ شَيءٌ فَيَنكَأَهَا وَ ذَلِكَ أَنّ الكَبِدَ رَقِيقَةٌ لَا تَحتَمِلُ العُنفَ ثُمّ إِنّ الكَبِدَ تَقبَلُهُ فَيَستَحِيلُ بِلُطفِ التّدبِيرِ دَماً وَ يَنفُذُ إِلَي البَدَنِ كُلّهِ فِي مجَاَريِ‌َ مُهَيّأَةٍ لِذَلِكَ بِمَنزِلَةِ المجَاَريِ‌ التّيِ‌ تُهَيّأُ لِلمَاءِ حَتّي يَطّرِدَ فِي الأَرضِ كُلّهَا وَ يَنفُذُ مَا يَخرُجُ مِنهُ مِنَ الخَبَثِ وَ الفُضُولِ إِلَي مَفَايِضَ قَد أُعِدّت لِذَلِكَ فَمَا كَانَ مِنهُ مِن جِنسِ المِرّةِ الصّفرَاءِ جَرَي إِلَي المَرَارَةِ وَ مَا كَانَ مِن جِنسِ السّودَاءِ جَرَي إِلَي الطّحَالِ وَ مَا كَانَ مِنَ البِلّةِ وَ الرّطُوبَةِ جَرَي إِلَي المَثَانَةِ فَتَأَمّل حِكمَةَ التّدبِيرِ فِي تَركِيبِ البَدَنِ وَ وَضعِ هَذِهِ الأَعضَاءِ مِنهُ مَوَاضِعَهَا وَ إِعدَادِ هَذِهِ الأَوعِيَةِ فِيهِ لِتَحمِلَ تِلكَ الفُضُولَ لِئَلّا تَنتَشِرَ فِي البَدَنِ فَتُسقِمَهُ وَ تَنهَكَهُ فَتَبَارَكَ مَن أَحسَنَ التّقدِيرَ وَ أَحكَمَ التّدبِيرَ وَ لَهُ الحَمدُ كَمَا هُوَ أَهلُهُ وَ مُستَحِقّهُ قَالَ المُفَضّلُ فَقُلتُ صِف نُشُوءَ الأَبدَانِ وَ نُمُوّهَا حَالًا بَعدَ حَالٍ حَتّي تَبلُغَ التّمَامَ وَ الكَمَالَ فَقَالَ ع أَوّلُ ذَلِكَ تَصوِيرُ الجَنِينِ فِي الرّحِمِ حَيثُ لَا تَرَاهُ عَينٌ وَ لَا تَنَالُهُ يَدٌ وَ يُدَبّرُهُ حَتّي يَخرُجَ سَوِيّاً مُستَوفِياً جَمِيعَ مَا فِيهِ قِوَامُهُ وَ صَلَاحُهُ مِنَ الأَحشَاءِ وَ الجَوَارِحِ وَ العَوَامِلِ إِلَي مَا فِي تَركِيبِ أَعضَائِهِ مِنَ العِظَامِ وَ اللّحمِ وَ الشّحمِ وَ المُخّ وَ العَصَبِ وَ العُرُوقِ وَ الغَضَارِيفِ فَإِذَا خَرَجَ إِلَي العَالَمِ تَرَاهُ كَيفَ ينَميِ‌ بِجَمِيعِ أَعضَائِهِ وَ هُوَ ثَابِتٌ عَلَي شَكلٍ وَ هَيئَةٍ لَا تَتَزَايَدُ وَ لَا تَنقُصُ إِلَي أَن يَبلُغَ أَشُدّهُ إِن مُدّ فِي عُمُرِهِ أَو يسَتوَفيِ‌َ مُدّتَهُ قَبلَ ذَلِكَ هَل هَذَا إِلّا مِن لَطِيفِ التّدبِيرِ وَ الحِكمَةِ يَا مُفَضّلُ انظُر إِلَي مَا خُصّ بِهِ الإِنسَانُ فِي خَلقِهِ تَشرِيفاً وَ تَفضِيلًا عَلَي البَهَائِمِ فَإِنّهُ خُلِقَ يَنتَصِبُ قَائِماً وَ يسَتوَيِ‌ جَالِساً لِيَستَقبِلَ الأَشيَاءَ بِيَدَيهِ وَ جَوَارِحِهِ وَ يُمكِنَهُ العِلَاجُ وَ العَمَلُ بِهِمَا فَلَو كَانَ مَكبُوباً عَلَي وَجهِهِ كَذَاتِ الأَربَعِ لَمَا استَطَاعَ أَن يَعمَلَ شَيئاً مِنَ الأَعمَالِ


صفحه : 69

بيان قال الفيروزآبادي‌ وشجت العروق والأغصان اشتبكت و قال نكأ القرحة كمنع قشرها قبل أن تبرأ فنديت انتهي والمفايض في بعض النسخ بالفاء أي مجاري‌ من فاض الماء و في بعضها بالغين من غاض الماء غيضا أي نضب وذهب في الأرض والمغيض المكان ألذي يغيض فيه و إلي في قوله إلي ما في تركيب بمعني مع و قال الفيروزآبادي‌ الغضروف كل عظم رخو يؤكل و هومارن الأنف وبعض الكتف ورءوس الأضلاع ورهابة الصدر وداخل فوق الأذن انتهي و قوله تتزايد و لاتنقص أي النسبة بين الأعضاء وبلوغ الأشد و هوالقوة أن يكتهل ويستوفي‌ السنّ ألذي يستحكم فيهاقوّته وعقله وتميزه

انظُرِ الآنَ يَا مُفَضّلُ إِلَي هَذِهِ الحَوَاسّ التّيِ‌ خُصّ بِهَا الإِنسَانُ فِي خَلقِهِ وَ شُرّفَ بِهَا عَلَي غَيرِهِ كَيفَ جُعِلَتِ العَينَانِ فِي الرّأسِ كَالمَصَابِيحِ فَوقَ المَنَارَةِ لِيَتَمَكّنَ مِنَ مُطَالَعَةِ الأَشيَاءِ وَ لَم تُجعَل فِي الأَعضَاءِ التّيِ‌ تَحتَهُنّ كَاليَدَينِ وَ الرّجلَينِ فَتَعرِضَهَا الآفَاتُ وَ تُصِيبَهَا مِن مُبَاشَرَةِ العَمَلِ وَ الحَرَكَةِ مَا يُعَلّلُهَا وَ يُؤَثّرُ فِيهَا وَ يَنقُصُ مِنهَا وَ لَا فِي الأَعضَاءِ التّيِ‌ وَسَطَ البَدَنِ كَالبَطنِ وَ الظّهرِ فَيَعسُرَ تَقَلّبُهَا وَ اطّلَاعُهَا نَحوَ الأَشيَاءِ فَلَمّا لَم يَكُن لَهَا فِي شَيءٍ مِن هَذِهِ الأَعضَاءِ مَوضِعٌ كَانَ الرّأسُ أَسنَي المَوَاضِعِ لِلحَوَاسّ وَ هُوَ بِمَنزِلَةِ الصّومَعَةِ لَهَا فَجُعِلَ الحَوَاسّ خَمساً تَلقَي خَمساً لكِيَ‌ لَا يَفُوتَهَا شَيءٌ مِنَ المَحسُوسَاتِ فَخُلِقَ البَصَرُ لِيُدرِكَ الأَلوَانَ فَلَو كَانَتِ الأَلوَانُ وَ لَم يَكُن بَصَرٌ يُدرِكُهَا لَم يَكُن مَنفَعَةٌ فِيهَا وَ خُلِقَ السّمعُ لِيُدرِكَ الأَصوَاتَ فَلَو كَانَتِ الأَصوَاتُ وَ لَم يَكُن سَمعٌ يُدرِكُهَا لَم يَكُن فِيهَا إِربٌ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ الحَوَاسّ ثُمّ هَذَا يَرجِعُ مُتَكَافِئاً فَلَو كَانَ بَصَرٌ وَ لَم يَكُن أَلوَانٌ لَمَا كَانَ لِلبَصَرِ مَعنًي وَ لَو كَانَ سَمعٌ وَ لَم يَكُن أَصوَاتٌ لَم يَكُن لِلسّمعِ مَوضِعٌ فَانظُر كَيفَ قَدّرَ بَعضَهَا يَلقَي بَعضاً فَجَعَلَ لِكُلّ حَاسّةٍ مَحسُوساً يَعمَلُ فِيهِ وَ لِكُلّ مَحسُوسٍ حَاسّةً تُدرِكُهُ وَ مَعَ هَذَا فَقَد جُعِلَت أَشيَاءُ مُتَوَسّطَةً بَينَ الحَوَاسّ وَ المَحسُوسَاتِ لَا يَتِمّ الحَوَاسّ إِلّا بِهَا كَمَثَلِ الضّيَاءِ وَ الهَوَاءِ فَإِنّهُ لَو لَم يَكُن ضِيَاءٌ يُظهِرُ اللّونَ لِلبَصَرِ لَم يَكُنِ البَصَرُ يُدرِكُ اللّونَ


صفحه : 70

وَ لَو لَم يَكُن هَوَاءٌ يؤُدَيّ‌ الصّوتَ إِلَي السّمعِ لَم يَكُنِ السّمعُ يُدرِكُ الصّوتَ فَهَل يَخفَي عَلَي مَن صَحّ نَظَرُهُ وَ أَعمَلَ فِكرَهُ أَنّ مِثلَ هَذَا ألّذِي وَصَفتُ مِن تَهيِئَةِ الحَوَاسّ وَ المَحسُوسَاتِ بَعضُهَا يَلقَي بَعضاً وَ تَهيِئَةِ أَشيَاءَ أُخَرَ بِهَا تَتِمّ الحَوَاسّ لَا يَكُونُ إِلّا بِعَمدٍ وَ تَقدِيرٍ مِن لَطِيفٍ خَبِيرٍ

بيان قوله ع بعضها يلقي بعضا حال أوصفة بتأويل أوتقدير

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِيمَن عَدِمَ البَصَرَ مِنَ النّاسِ وَ مَا يَنَالُهُ مِنَ الخَلَلِ فِي أُمُورِهِ فَإِنّهُ لَا يَعرِفُ مَوضِعَ قَدَمِهِ وَ لَا يُبصِرُ مَا بَينَ يَدَيهِ فَلَا يَفرُقُ بَينَ الأَلوَانِ وَ بَينَ المَنظَرِ الحَسَنِ وَ القَبِيحِ وَ لَا يَرَي حُفرَةً إِن هَجَمَ عَلَيهَا وَ لَا عَدُوّاً إِن أَهوَي إِلَيهِ بِسَيفٍ وَ لَا يَكُونُ لَهُ سَبِيلٌ إِلَي أَن يَعمَلَ شَيئاً مِن هَذِهِ الصّنَاعَاتِ مِثلِ الكِتَابَةِ وَ التّجَارَةِ وَ الصّيَاغَةِ حَتّي إِنّهُ لَو لَا نَفَاذُ ذِهنِهِ لَكَانَ بِمَنزِلَةِ الحَجَرِ المُلقَي وَ كَذَلِكَ مَن عَدِمَ السّمعَ يَختَلّ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ فَإِنّهُ يَفقِدُ رَوحَ المُخَاطَبَةِ وَ المُحَاوَرَةِ وَ يَعدَمُ لَذّةَ الأَصوَاتِ وَ اللّحُونِ الشّجِيّةِ[ وَ]المُطرِبَةِ وَ يُعظِمُ المَئُونَةَ عَلَي النّاسِ فِي مُحَاوَرَتِهِ حَتّي يَتَبَرّمُوا بِهِ وَ لَا يَسمَعُ شَيئاً مِن أَخبَارِ النّاسِ وَ أَحَادِيثِهِم حَتّي يَكُونُ كَالغَائِبِ وَ هُوَ شَاهِدٌ أَو كَالمَيّتِ وَ هُوَ حيَ‌ّ فَأَمّا مَن عَدِمَ العَقلَ فَإِنّهُ يُلحَقُ بِمَنزِلَةِ البَهَائِمِ بَل يَجهَلُ كَثِيراً مِمّا يهَتدَيِ‌ إِلَيهِ البَهَائِمُ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ صَارَتِ الجَوَارِحُ وَ العَقلُ وَ سَائِرُ الخِلَالِ التّيِ‌ بِهَا صَلَاحُ الإِنسَانِ وَ التّيِ‌ لَو فَقَدَ مِنهَا شَيئاً لَعَظُمَ مَا يَنَالُهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الخَلَلِ يوُاَفيِ‌ خِلقَةً عَلَي التّمَامِ حَتّي لَا يَفقِدَ شَيئاً مِنهَا فَلِمَ كَانَ كَذَلِكَ إِلّا لِأَنّهُ خُلِقَ بِعِلمٍ وَ تَقدِيرٍ

بيان روح المخاطبة بالفتح أي راحتها ولذتها والشجو الحزن و لايتوهم جواز الاستدلال به علي عدم حرمة الغناء مطلقا لاحتمال أن يكون المراد الأفراد المحللة منها كماذكرها الأصحاب وسيأتي‌ ذكرها في بابه أو يكون فائدة إدراك تلك اللذة عظم الثواب في تركها لوجهه تعالي و قوله ع يوافي‌ خلقة خبر صارت

قَالَ المُفَضّلُ فَقُلتُ فَلِمَ صَارَ بَعضُ النّاسِ يَفقِدُ شَيئاً مِن هَذِهِ الجَوَارِحِ فَيَنَالُهُ فِي


صفحه : 71

ذَلِكَ مِثلُ مَا وَصَفتَهُ يَا موَلاَي‌َ قَالَ ع ذَلِكَ لِلتّأدِيبِ وَ المَوعِظَةِ لِمَن يَحِلّ ذَلِكَ بِهِ وَ لِغَيرِهِ بِسَبَبِهِ كَمَا قَد يُؤَدّبُ المُلُوكُ النّاسَ لِلتّنكِيلِ وَ المَوعِظَةِ فَلَا يُنكَرُ ذَلِكَ عَلَيهِم بَل يُحمَدُ مِن رَأيِهِم وَ يُصَوّبُ مِن تَدبِيرِهِم ثُمّ لِلّذِينَ يَنزِلُ بِهِم هَذِهِ البَلَايَا مِنَ الثّوَابِ بَعدَ المَوتِ إِن شَكَرُوا وَ أَنَابُوا مَا يَستَصغِرُونَ مَعَهُ مَا يَنَالُهُم مِنهَا حَتّي إِنّهُم لَو خُيّرُوا بَعدَ المَوتِ لَاختَارُوا أَن يُرَدّوا إِلَي البَلَايَا لِيَزدَادُوا مِنَ الثّوَابِ فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي الأَعضَاءِ التّيِ‌ خُلِقَت أَفرَاداً وَ أَزوَاجاً وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الحِكمَةِ وَ التّقدِيرِ وَ الصّوَابِ فِي التّدبِيرِ فَالرّأسُ مِمّا خُلِقَ فَرداً وَ لَم يَكُن لِلإِنسَانِ صَلَاحٌ فِي أَن يَكُونَ أَكثَرَ مِن وَاحِدٍ أَ لَا تَرَي أَنّهُ لَو أُضِيفَ إِلَي رَأسِ الإِنسَانِ رَأسٌ آخَرُ لَكَانَ ثِقلًا عَلَيهِ مِن غَيرِ حَاجَةٍ إِلَيهِ لِأَنّ الحَوَاسّ التّيِ‌ يَحتَاجُ إِلَيهَا مُجتَمِعَةٌ فِي رَأسٍ وَاحِدٍ ثُمّ كَانَ الإِنسَانُ يَنقَسِمُ قِسمَينِ لَو كَانَ لَهُ رَأسَانِ فَإِن تَكَلّمَ مِن أَحَدِهِمَا كَانَ الآخَرُ مُعَطّلًا لَا إِربَ فِيهِ وَ لَا حَاجَةَ إِلَيهِ وَ إِن تَكَلّمَ مِنهُمَا جَمِيعاً بِكَلَامٍ وَاحِدٍ كَانَ أَحَدُهُمَا فَضلًا لَا يَحتَاجُ إِلَيهِ وَ إِن تَكَلّمَ بِأَحَدِهِمَا بِغَيرِ ألّذِي تَكَلّمَ بِهِ مِنَ الآخَرِ لَم يَدرِ السّامِعُ بأِيَ‌ّ ذَلِكَ يَأخُذُ وَ أَشبَاهُ هَذَا مِنَ الأَخلَاطِ وَ اليَدَانِ مِمّا خُلِقَ أَزوَاجاً وَ لَم يَكُن لِلإِنسَانِ خَيرٌ فِي أَن يَكُونَ لَهُ يَدٌ وَاحِدَةٌ لِأَنّ ذَلِكَ كَانَ يُخِلّ بِهِ فِيمَا يَحتَاجُ إِلَي مُعَالَجَتِهِ مِنَ الأَشيَاءِ أَ لَا تَرَي أَنّ النّجّارَ وَ البَنّاءَ لَو شَلّت إِحدَي يَدَيهِ لَا يَستَطِيعُ أَن يُعَالِجَ صِنَاعَتَهُ وَ إِن تَكَلّفَ ذَلِكَ لَم يُحكِمهُ وَ لَم يَبلُغ مِنهُ مَا يَبلُغُهُ إِذَا كَانَت لَهُ يَدَانِ يَتَعَاوَنَانِ عَلَي العَمَلِ أَطِلِ الفِكرَ يَا مُفَضّلُ فِي الصّوتِ وَ الكَلَامِ وَ تَهيِئَةِ آلَاتِهِ فِي الإِنسَانِ فَالحَنجَرَةُ كَالأُنبُوبَةِ لِخُرُوجِ الصّوتِ وَ اللّسَانُ وَ الشّفَتَانِ وَ الأَسنَانُ لِصِيَاغَةِ الحُرُوفِ وَ النّغمِ أَ لَا تَرَي أَنّ مَن سَقَطَت أَسنَانُهُ لَم يُقِمِ السّينَ وَ مَن سَقَطَت شَفَتُهُ لَم يُصَحّحِ الفَاءَ وَ مَن ثَقُلَ لِسَانُهُ لَم يُفصِحِ الرّاءَ وَ أَشبَهُ شَيءٍ بِذَلِكَ المِزمَارُ الأَعظَمُ فَالحَنجَرَةُ يُشبِهُ قَصَبَةَ المِزمَارِ وَ الرّئَةُ يُشبِهُ الزّقّ ألّذِي يُنفَخُ فِيهِ لِتَدخُلَ الرّيحُ وَ العَضُلَاتُ التّيِ‌ تَقبِضُ عَلَي الرّئَةِ لِيَخرُجَ الصّوتُ كَالأَصَابِعِ التّيِ‌ تَقبِضُ عَلَي الزّقّ حَتّي تجَريِ‌َ الرّيحُ فِي المِزمَارِ وَ الشّفَتَانِ


صفحه : 72

وَ الأَسنَانُ التّيِ‌ تَصُوغُ الصّوتَ حُرُوفاً وَ نَغماً كَالأَصَابِعِ التّيِ‌ يَختَلِفُ فِي فَمِ المِزمَارِ فَتَصُوغُ صَفِيرَهُ أَلحَاناً غَيرُ أَنّهُ وَ إِن كَانَ مَخرَجُ الصّوتِ يُشبِهُ المِزمَارَ بِالدّلَالَةِ وَ التّعرِيفِ فَإِنّ المِزمَارَ بِالحَقِيقَةِ هُوَ المُشَبّهُ بِمَخرَجِ الصّوتِ قَد أَنبَأتُكَ بِمَا فِي الأَعضَاءِ مِنَ الغَنَاءِ فِي صَنعَةِ الكَلَامِ وَ إِقَامَةِ الحُرُوفِ وَ فِيهَا مَعَ ألّذِي ذَكَرتُ لَكَ مَآرِبُ أُخرَي فَالحَنجَرَةُ لِيُسلَكَ فِيهَا هَذَا النّسِيمُ إِلَي الرّئَةِ فَتَرَوّحَ عَلَي الفُؤَادِ بِالنّفَسِ الدّائِمِ المُتَتَابِعِ ألّذِي لَوِ احتَبَسَ شَيئاً يَسِيراً لَهَلَكَ الإِنسَانُ وَ بِاللّسَانِ تُذَاقُ الطّعُومُ فَيُمَيّزُ بَينَهَا وَ يَعرِفُ كُلّ وَاحِدٍ مِنهَا حُلوَهَا مِن مُرّهَا وَ حَامِضَهَا مِن مُزّهَا وَ مَالِحَهَا مِن عَذبِهَا وَ طَيّبَهَا مِن خَبِيثِهَا وَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ مَعُونَةٌ عَلَي إِسَاغَةِ الطّعَامِ وَ الشّرَابِ وَ الأَسنَانُ تَمضَغُ الطّعَامَ حَتّي تُلِينَ وَ يَسهُلَ إِسَاغَتُهُ وَ هيِ‌َ مَعَ ذَلِكَ كَالسّنَدِ لِلشّفَتَينِ تُمسِكُهُمَا وَ تَدعَمُهُمَا مِن دَاخِلِ الفَمِ وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِأَنّكَ تَرَي مَن سَقَطَت أَسنَانُهُ مسُترَخيِ‌َ الشّفَةِ وَ مُضطَرِبَهَا وَ بِالشّفَتَينِ يَتَرَشّفُ الشّرَابَ حَتّي يَكُونَ ألّذِي يَصِلُ إِلَي الجَوفِ مِنهُ بِقَصدٍ وَ قَدرٍ لَا يَثُجّ ثَجّاً فَيَغَصّ بِهِ الشّارِبُ أَو يَنكَأَ فِي الجَوفِ ثُمّ هُمَا بَعدَ ذَلِكَ كَالبَابِ المُطبَقِ عَلَي الفَمِ يَفتَحُهُمَا الإِنسَانُ إِذَا شَاءَ وَ يُطبِقُهُمَا إِذَا شَاءَ فَفِيمَا وَصَفنَا مِن هَذَا بَيَانُ أَنّ كُلّ وَاحِدٍ مِن هَذِهِ الأَعضَاءِ يَتَصَرّفُ وَ يَنقَسِمُ إِلَي وُجُوهٍ مِنَ المَنَافِعِ كَمَا تَتَصَرّفُ الأَدَاةُ الوَاحِدَةُ فِي أَعمَالٍ شَتّي وَ ذَلِكَ كَالفَأسِ يُستَعمَلُ فِي النّجَارَةِ وَ الحَفرِ وَ غَيرِهِمَا مِنَ الأَعمَالِ وَ لَو رَأَيتَ الدّمَاغَ إِذَا كُشِفَ عَنهُ لَرَأَيتَهُ قَد لُفّ بِحُجُبٍ بَعضُهَا فَوقَ بَعضٍ لِتَصُونَهُ مِنَ الأَعرَاضِ وَ تُمسِكَهُ فَلَا يَضطَرِبَ وَ لَرَأَيتَ عَلَيهِ الجُمجُمَةَ بِمَنزِلَةِ البَيضَةِ كَيمَا يَفُتّهُ هَدّ الصّدمَةِ وَ الصّكّةِ التّيِ‌ رُبّمَا وَقَعَت فِي الرّأسِ ثُمّ قَد جُلّلَتِ الجُمجُمَةُ بِالشّعرِ حَتّي صَارَ بِمَنزِلَةِ الفَروِ لِلرّأسِ يَستُرُهُ مِن شِدّةِ الحَرّ


صفحه : 73

وَ البَردِ فَمَن حَصّنَ الدّمَاغَ هَذَا التّحصِينَ إِلّا ألّذِي خَلَقَهُ وَ جَعَلَهُ يَنبُوعَ الحِسّ وَ المُستَحِقّ لِلحِيطَةِ وَ الصّيَانَةِ بِعُلُوّ مَنزِلَتِهِ مِنَ البَدَنِ وَ ارتِفَاعِ دَرَجَتِهِ وَ خَطَرِ مَرتَبَتِهِ

بيان المز بين الحلو والحامض والثج السيلان والغصص أن يقف الشي‌ء في الحلق فلم يكد يسيغه والجمجمة عظم الرأس المشتمل علي الدماغ والبيضة هي‌ التي‌ توضع علي الرأس في الحرب والفت الكسر وهد البناء كسره وضعضعه وهدته المصيبة أي أوهنت ركنه والحيطة بالكسر الحياطة والرعاية

تَأَمّل يَا مُفَضّلُ الجَفنَ عَلَي العَينِ كَيفَ جُعِلَ كَالغِشَاءِ وَ الأَشفَارَ كَالأَشرَاجِ وَ أَولَجَهَا فِي هَذَا الغَارِ وَ أَظَلّهَا بِالحِجَابِ وَ مَا عَلَيهِ مِنَ الشّعرِ

بيان الجفن غطاء العين من أعلي وأسفل والأشفار هي‌ حروف الأجفان التي‌ عليها الشعر والأشراج العري وكأنه ع شبه الأشفار بالعري والخيط المشدود بها فإن بهما ترفع الأستار وتسدل عندالحاجة إليهما أوبالعري التي‌ تكون في العيبة من الأدم وغيره يكون فيهاخيط إذاشدت به يكون ما في العيبة محفوظا مستورا وكلاهما مناسب والأول أنسب بالغشاء قال الجزري‌ في حديث الأحنف فأدخلت ثياب صوني‌ العيبة فأشرجتها يقال أشرجت العيبة وشرجتها إذاشددتها بالشرج وهي‌ العري انتهي وأولجها يعني‌ أدخلها

يَا مُفَضّلُ مَن غَيّبَ الفُؤَادَ فِي جَوفِ الصّدرِ وَ كَسَاهُ المِدرَعَةَ التّيِ‌ هيِ‌َ غِشَاؤُهُ وَ حَصّنَهُ بِالجَوَانِحِ وَ مَا عَلَيهَا مِنَ اللّحمِ وَ العَصَبِ لِئَلّا يَصِلَ إِلَيهِ مَا يَنكَؤُهُ مَن جَعَلَ فِي الحَلقِ مَنفَذَينِ أَحَدُهُمَا لِمَخرَجِ الصّوتِ وَ هُوَ الحُلقُومُ المُتّصِلُ بِالرّئَةِ وَ الآخَرُ مَنفَذُ الغِذَاءِ وَ هُوَ المرَيِ‌ءُ المُتّصِلُ بِالمَعِدَةِ المُوصِلُ الغِذَاءِ إِلَيهَا وَ جَعَلَ عَلَي الحُلقُومِ طَبَقاً يَمنَعُ الطّعَامَ أَن يَصِلَ إِلَي الرّئَةِ فَيَقتُلَ مَن جَعَلَ الرّئَةَ مِروَحَةَ الفُؤَادِ لَا تَفتُرُ وَ لَا تُخِلّ لِكَيلَا تَتَحَيّزَ الحَرَارَةُ فِي الفُؤَادِ فتَؤُدَيّ‌َ إِلَي التّلَفِ مَن جَعَلَ لِمَنَافِذِ البَولِ وَ الغَائِطِ أَشرَاجاً تَضبِطُهُمَا لِئَلّا يَجرِيَا جَرَيَاناً دَائِماً فَيَفسُدَ عَلَي الإِنسَانِ عَيشُهُ فَكَم عَسَي أَن يحُصيِ‌َ المحُصيِ‌ مِن هَذَا بَلِ ألّذِي لَا يُحصَي مِنهُ وَ لَا يَعلَمُهُ النّاسُ أَكثَرُ مَن جَعَلَ المَعِدَةَ عَصَبَانِيّةً شَدِيدَةً وَ قَدّرَهَا


صفحه : 74

لِهَضمِ الطّعَامِ الغَلِيظِ وَ مَن جَعَلَ الكَبِدَ رَقِيقَةً نَاعِمَةً لِقَبُولِ الصّفوِ اللّطِيفِ مِنَ الغِذَاءِ وَ لِتَهضِمَ وَ تَعمَلَ مَا هُوَ أَلطَفُ مِن عَمَلِ المَعِدَةِ إِلّا اللّهُ القَادِرُ أَ تَرَي الإِهمَالَ يأَتيِ‌ بشِيَ‌ءٍ مِن ذَلِكَ كَلّا بَل هُوَ تَدبِيرٌ مِن مُدَبّرٍ حَكِيمٍ قَادِرٍ عَلِيمٍ بِالأَشيَاءِ قَبلَ خَلقِهِ إِيّاهَا لَا يُعجِزُهُ شَيءٌوَ هُوَ اللّطِيفُ الخَبِيرُ

تبيان الجوانح الأضلاع التي‌ مما يلي‌ الصدر و قوله ع لاتخل من الإخلال بالشي‌ء بمعني تركه و قوله تتحيّز إما من الحيز أي تسكن أو من قولهم تحيزت الحية أي تلوت

فَكّر يَا مُفَضّلُ لِمَ صَارَتِ المُخّ الرّقِيقُ مُحَصّناً فِي أَنَابِيبِ العِظَامِ هَل ذَلِكَ إِلّا لِيَحفَظَهُ وَ يَصُونَهُ لِمَ صَارَ الدّمُ السّائِلُ مَحصُوراً فِي العُرُوقِ بِمَنزِلَةِ المَاءِ فِي الظّرُوفِ إِلّا لِتَضبِطَهُ فَلَا يَفِيضَ لِمَ صَارَتِ الأَظفَارُ عَلَي أَطرَافِ الأَصَابِعِ إِلّا وِقَايَةً لَهَا وَ مَعُونَةً عَلَي العَمَلِ لِمَ صَارَ دَاخِلُ الأُذُنِ مُلتَوِياً كَهَيئَةِ الكَوكَبِ[اللّولَبِ] إِلّا لِيَطّرِدَ فِيهِ الصّوتُ حَتّي ينَتهَيِ‌َ إِلَي السّمعِ وَ لِيَتَكَسّرَ حُمّةُ الرّيحِ فَلَا يَنكَأَ فِي السّمعِ لِمَ حَمَلَ الإِنسَانُ عَلَي فَخِذَيهِ وَ أَليَتَيهِ هَذَا اللّحمَ إِلّا لِيَقِيَهُ مِنَ الأَرضِ فَلَا يَتَأَلّمُ مِنَ الجُلُوسِ عَلَيهِمَا كَمَا يَألَمُ مَن نَحَلَ جِسمُهُ وَ قَلّ لَحمُهُ إِذَا لَم يَكُن بَينَهُ وَ بَينَ الأَرضِ حَائِلٌ يَقِيهِ صَلَابَتُهَا مَن جَعَلَ الإِنسَانَ ذَكَراً وَ أُنثَي إِلّا مَن خَلَقَهُ مُتَنَاسِلًا وَ مَن خَلَقَهُ مُتَنَاسِلًا إِلّا مَن خَلَقَهُ مُؤَمّلًا وَ مَن خَلَقَهُ مُؤَمّلًا وَ مَن أَعطَاهُ آلَاتِ العَمَلِ إِلّا مَن خَلَقَهُ عَامِلًا وَ مَن خَلَقَهُ عَامِلًا إِلّا مَن جَعَلَهُ مُحتَاجاً وَ مَن جَعَلَهُ مُحتَاجاً إِلّا مَن ضَرَبَهُ بِالحَاجَةِ وَ مَن ضَرَبَهُ بِالحَاجَةِ إِلّا مَن تَوَكّلَ بِتَقوِيمِهِ مَن خَصّهُ بِالفَهمِ إِلّا مَن أَوجَبَ لَهُ الجَزَاءَ وَ مَن وَهَبَ لَهُ الحِيلَةَ إِلّا مَن مَلّكَهُ الحَولَ وَ مَن مَلّكَهُ الحَولَ إِلّا مَن أَلزَمَهُ الحُجّةَ مَن يَكفِيهِ مَا لَا تَبلُغُهُ حِيلَتُهُ إِلّا مَن لَم يَبلُغ مَدَي شُكرِهِ فَكّر وَ تَدَبّر مَا وَصَفتُهُ هَل تَجِدُ الإِهمَالَ عَلَي هَذَا النّظَامِ وَ التّرتِيبِ تَبَارَكَ اللّهُ عَمّا يَصِفُونَ


صفحه : 75

بيان الكوكب المحبس واطّرد الشي‌ء تبع بعضه بعضا وجري و قال الجوهري‌ حمّة الحرّ معظمه و قوله ع إلا من خلقه مؤمّلا إشارة إلي أن الأمل والرجاء في البقاء هوالسبب لتحصيل النسل ولذا جعل الإنسان ذا أمل لبقاء نوعه قوله ع إلا من ضربه بالحاجة أي سبّب له أسباب الاحتياج وخلقه بحيث يحتاج قوله ع إلا من توكّل بتقويمه أي تكفّل برفع حاجته وتقويم أوده والحول القوّة

أَصِفُ لَكَ الآنَ يَا مُفَضّلُ الفُؤَادَ اعلَم أَنّ فِيهِ ثُقَباً مُوَجّهَةً نَحوَ الثّقَبِ التّيِ‌ فِي الرّئَةِ تُرَوّحُ عَنِ الفُؤَادِ حَتّي لَوِ اختَلَفَت تِلكَ الثّقَبُ وَ تَزَايَلَ بَعضُهَا عَن بَعضٍ لَمَا وَصَلَ الرّوحُ إِلَي الفُؤَادِ وَ لَهَلَكَ الإِنسَانُ أَ فَيَستَجِيزُ ذُو فِكرٍ وَ رَوِيّةٍ أَن يَزعُمَ أَنّ مِثلَ هَذَا يَكُونُ بِالإِهمَالِ وَ لَا يَجِدُ شَاهِداً مِن نَفسِهِ يَنزِعُهُ عَن هَذَا القَولِ لَو رَأَيتَ فَرداً مِن مِصرَاعَينِ فِيهِ كَلّوبٌ أَ كُنتَ تَتَوَهّمُ أَنّهُ جُعِلَ كَذَلِكَ بِلَا مَعنًي بَل كُنتَ تَعلَمُ ضَرُورَةً أَنّهُ مَصنُوعٌ يَلقَي فَرداً آخَرَ فَتُبرِزُهُ لِيَكُونَ فِي اجتِمَاعِهِمَا ضَربٌ مِنَ المَصلَحَةِ وَ هَكَذَا تَجِدُ الذّكَرَ مِنَ الحَيَوَانِ كَأَنّهُ فَردٌ مِن زَوجٍ مُهَيّأٌ مِن فَردٍ أُنثَي فَيَلتَقِيَانِ لِمَا فِيهِ مِن دَوَامِ النّسلِ وَ بَقَائِهِ فَتَبّاً وَ خَيبَةً وَ تَعساً لمِنُتحَلِيِ‌ الفَلسَفَةِ كَيفَ عَمِيَت قُلُوبُهُم عَن هَذِهِ الخِلقَةِ العَجِيبَةِ حَتّي أَنكَرُوا التّدبِيرَ وَ العَمدَ فِيهَا لَو كَانَ فَرجُ الرّجُلِ مُستَرخِياً كَيفَ كَانَ يَصِلُ إِلَي قَعرِ الرّحِمِ حَتّي يُفرِغَ النّطفَةَ فِيهِ وَ لَو كَانَ مُنعَظاً أَبَداً كَيفَ كَانَ الرّجُلُ يَتَقَلّبُ فِي الفِرَاشِ أَو يمَشيِ‌ بَينَ النّاسِ وَ شَيءٌ شَاخِصٌ أَمَامَهُ ثُمّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَعَ قُبحِ المَنظَرِ تَحرِيكُ الشّهوَةِ فِي كُلّ وَقتٍ مِنَ الرّجَالِ وَ النّسَاءِ جَمِيعاً فَقَدّرَ اللّهُ جَلّ اسمُهُ أَن يَكُونَ أَكثَرَ ذَلِكَ لَا يَبدُو لِلبَصَرِ فِي كُلّ وَقتٍ وَ لَا يَكُونُ عَلَي الرّجَالِ مِنهُ مَئُونَةٌ بَل جَعَلَ فِيهِ القُوّةَ عَلَي الِانتِصَابِ وَقتَ الحَاجَةِ إِلَي ذَلِكَ لِمَا قَدّرَ أَن يَكُونَ فِيهِ دَوَامُ النّسلِ وَ بَقَاؤُهُ

توضيح قال الجوهري‌ وزعته أزعه وزعا كففته انتهي والكلوب بالتشديد حديدة معوجة الرأس و في بعض النسخ كلون و هوفارسي‌ قوله ع مهيأة في بعض النسخ بالياء فلفظة من تعليلية و في بعضها بالنون فمن تعليلية أو


صفحه : 76

ابتدائية أي إنما يتم عيشه بأنثي و علي التقديرين يحتمل أن يكون بمعني مع أن جوز استعماله فيه و قال الجوهري‌ تبا لفلان تنصبه علي المصدر بإضمار فعل أي ألزمه الله هلاكا وخسرانا و قال التعس الهلاك يقال تعسا لفلان أي ألزمه الله هلاكا

اعتَبِرِ الآنَ يَا مُفَضّلُ بِعَظِيمِ النّعمَةِ عَلَي الإِنسَانِ فِي مَطعَمِهِ وَ مَشرَبِهِ وَ تَسهِيلِ خُرُوجِ الأَذَي أَ لَيسَ مِن حُسنِ التّقدِيرِ فِي بِنَاءِ الدّارِ أَن يَكُونَ الخَلَاءُ فِي أَستَرِ مَوضِعٍ فِيهَا فَكَذَا جَعَلَ اللّهُ سُبحَانَهُ المَنفَذَ المُهَيّأَ لِلخَلَاءِ مِنَ الإِنسَانِ فِي أَستَرِ مَوضِعٍ مِنهُ فَلَم يَجعَلهُ بَارِزاً مِن خَلفِهِ وَ لَا نَاشِراً مِن بَينِ يَدَيهِ بَل هُوَ مُغَيّبٌ فِي مَوضِعٍ غَامِضٍ مِنَ البَدَنِ مَستُورٌ مَحجُوبٌ يلَتقَيِ‌ عَلَيهِ الفَخِذَانِ وَ تَحجُبُهُ الأَليَتَانِ بِمَا عَلَيهِمَا مِنَ اللّحمِ فَيُوَارِيَانِهِ فَإِذَا احتَاجَ الإِنسَانُ إِلَي الخَلَاءِ وَ جَلَسَ تِلكَ الجِلسَةَ أَلفَي ذَلِكَ المَنفَذَ مِنهُ مُنصَبّاً[مُنَصّباً]مُهَيّئاً لِانحِدَارِ الثّفلِ فَتَبَارَكَ اللّهُ مَن تَظَاهَرَت آلَاؤُهُ وَ لَا تُحصَي نَعمَاؤُهُ

بيان ألفي أي وجد و قوله ع منصبا إما من الانصباب كناية عن التدلي‌ أو من باب التفعيل من النصب قال الفيروزآبادي‌ نصب الشي‌ء وضعه ورفعه ضد كنصبه فانتصب وتنصب

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي هَذِهِ الطَوَاحِنِ التّيِ‌ جُعِلَت لِلإِنسَانِ فَبَعضُهَا حُدَادٌ لِقَطعِ الطّعَامِ وَ قَرضِهِ وَ بَعضُهَا عُرَاضٌ لِمَضغِهِ وَ رَضّهِ فَلَم يَنقُص وَاحِدٌ مِنَ الصّفَتَينِ إِذ كَانَ مُحتَاجاً إِلَيهِمَا جَمِيعاً تَأَمّل وَ اعتَبِر بِحُسنِ التّدبِيرِ فِي خَلقِ الشّعرِ وَ الأَظفَارِ فَإِنّهُمَا لَمّا كَانَا مِمّا يَطُولُ وَ يَكثُرُ حَتّي يُحتَاجَ إِلَي تَخفِيفِهِ أَوّلًا فَأَوّلًا جُعِلَا عدَيِميَ‌ِ الحِسّ لِئَلّا يُؤلِمَ الإِنسَانَ الأَخذُ مِنهُمَا وَ لَو كَانَ قَصّ الشّعرِ وَ تَقلِيمُ الأَظفَارِ مِمّا يُوجَدُ لَهُ مَسّ مِن ذَلِكَ لَكَانَ الإِنسَانُ مِن ذَلِكَ بَينَ مَكرُوهَينِ إِمّا أَن يَدَعَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا حَتّي يَطُولَ فَيَثقُلَ عَلَيهِ وَ إِمّا أَن يُخَفّفَهُ بِوَجَعٍ وَ أَلَمٍ يَتَأَلّمُ مِنهُ


صفحه : 77

قَالَ المُفَضّلُ فَقُلتُ فَلِمَ لَم يَجعَل ذَلِكَ خِلقَةً لَا تَزِيدُ فَيَحتَاجُ الإِنسَانُ إِلَي النّقصَانِ مِنهُ فَقَالَ ع إِنّ لِلّهِ تَبَارَكَ اسمُهُ فِي ذَلِكَ عَلَي العَبدِ نِعَماً لَا يَعرِفُهَا فَيَحمَدَ عَلَيهَا اعلَم أَنّ آلَامَ البَدَنِ وَ أَدوَاءَهُ تَخرُجُ بِخُرُوجِ الشّعرِ فِي مَسَامّهِ وَ بِخُرُوجِ الأَظفَارِ مِن أَنَامِلِهَا وَ لِذَلِكَ أُمِرَ الإِنسَانُ بِالنّورَةِ وَ حَلقِ الرّأسِ وَ قَصّ الأَظفَارِ فِي كُلّ أُسبُوعٍ لِيُسرِعَ الشّعرُ وَ الأَظفَارُ فِي النّبَاتِ فَتَخرُجَ الآلَامُ وَ الأَدوَاءُ بِخُرُوجِهَا وَ إِذَا طَالَا تَحَيّرَا وَ قَلّ خُرُوجُهُمَا فَاحتُبِسَتِ الآلَامُ وَ الأَدوَاءُ فِي البَدَنِ فَأَحدَثَت عِلَلًا وَ أَوجَاعاً وَ مَنَعَ مَعَ ذَلِكَ الشّعرَ مِنَ المَوَاضِعِ التّيِ‌ يُضِرّ بِالإِنسَانِ وَ يُحدِثُ عَلَيهِ الفَسَادَ وَ الضّرَرَ لَو نَبَتَ الشّعرُ فِي العَينِ أَ لَم يَكُن سَيَعمَي البَصَرُ وَ لَو نَبَتَ فِي الفَمِ أَ لَم يَكُن سَيَغَصّ عَلَي الإِنسَانِ طَعَامَهُ وَ شَرَابَهُ وَ لَو نَبَتَ فِي بَاطِنِ الكَفّ أَ لَم يَكُن سَيَعُوقُهُ عَن صِحّةِ اللّمسِ وَ بَعضِ الأَعمَالِ فَلَو نَبَتَ فِي فَرجِ المَرأَةِ أَو عَلَي ذَكَرِ الرّجُلِ أَ لَم يَكُن سَيُفسِدُ عَلَيهِمَا لَذّةَ الجِمَاعِ فَانظُر كَيفَ تَنَكّبَ الشّعرُ هَذِهِ المَوَاضِعَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ المَصلَحَةِ ثُمّ لَيسَ هَذَا فِي الإِنسَانِ فَقَط بَل تَجِدُهُ فِي البَهَائِمِ وَ السّبَاعِ وَ سَائِرِ المُتَنَاسِلاتِ فَإِنّكَ تَرَي أَجسَامَهُنّ مُجَلّلَةً بِالشّعرِ وَ تَرَي هَذِهِ المَوَاضِعَ خَالِيَةً مِنهُ لِهَذَا السّبَبِ بِعَينِهِ فَتَأَمّلِ الخِلقَةَ كَيفَ تَتَحَرّزُ وُجُوهَ الخَطَإِ وَ المَضَرّةِ وَ تأَتيِ‌ بِالصّوَابِ وَ المَنفَعَةِ إِنّ المَنّانِيّةَ وَ أَشبَاهَهُم حِينَ اجتَهَدُوا فِي عَيبِ الخِلقَةِ وَ العَمدِ عَابُوا الشّعرَ النّابِتَ عَلَي الرّكَبِ وَ الإِبطَينِ وَ لَم يَعلَمُوا أَنّ ذَلِكَ مِن رُطُوبَةٍ تَنصَبّ إِلَي هَذِهِ المَوَاضِعِ فَيَنبُتُ فِيهَا الشّعرُ كَمَا يَنبُتُ العُشبُ فِي مُستَنقَعِ المِيَاهِ أَ فَلَا تَرَي إِلَي هَذِهِ المَوَاضِعِ أَستَرَ وَ أَهيَأَ لِقَبُولِ تِلكَ الفَضلَةِ مِن غَيرِهَا ثُمّ إِنّ هَذِهِ تُعَدّ مِمّا يَحمِلُ الإِنسَانُ مِن مَئُونَةِ هَذَا البَدَنِ وَ تَكَالِيفِهِ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ المَصلَحَةِ فَإِنّ اهتِمَامَهُ بِتَنظِيفِ بَدَنِهِ وَ أَخذِ مَا يَعلُوهُ مِنَ الشّعرِ مِمّا يَكسِرُ بِهِ شِرّتَهُ وَ يَكُفّ عَادِيَتَهُ وَ يَشغَلُهُ عَن بَعضِ مَا يُخرِجُهُ إِلَيهِ الفَرَاغُ مِنَ الأَشَرِ وَ البِطَالَةِ تَأَمّلِ الرّيقَ وَ مَا فِيهِ مِنَ المَنفَعَةِ فَإِنّهُ جَعَلَ يجَريِ‌ جَرَيَاناً دَائِماً إِلَي الفَمِ لِيَبُلّ الحَلقَ وَ اللّهَوَاتِ فَلَا يَجِفّ


صفحه : 78

فَإِنّ هَذِهِ المَوَاضِعَ لَو جُعِلَت كَذَلِكَ كَانَ فِيهِ هَلَاكُ الإِنسَانِ ثُمّ كَانَ لَا يَستَطِيعُ أَن يُسِيغَ طَعَاماً إِذَا لَم يَكُن فِي الفَمِ بِلّةٌ تُنفِذُهُ تَشهَدُ بِذَلِكَ المُشَاهَدَةُ وَ اعلَم أَنّ الرّطُوبَةَ مَطِيّةُ الغِذَاءِ وَ قَد تجَريِ‌ مِن هَذِهِ البِلّةِ إِلَي مَوضِعٍ آخَرَ مِنَ المِرّةِ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ صَلَاحٌ تَامّ لِلإِنسَانِ وَ لَو يَبِسَتِ المِرّةُ لَهَلَكَ الإِنسَانُ وَ لَقَد قَالَ قَومٌ مِن جَهَلَةِ المُتَكَلّمِينَ وَ ضَعَفَةِ المُتَفَلسِفِينَ بِقِلّةِ التّمَيّزِ وَ قُصُورِ العِلمِ لَو كَانَ بَطنُ الإِنسَانِ كَهَيئَةِ القَبَاءِ يَفتَحُهُ الطّبِيبُ إِذَا شَاءَ فَيُعَايِنُ مَا فِيهِ وَ يُدخِلُ يَدَهُ فَيُعَالِجُ مَا أَرَادَ عِلَاجَهُ أَ لَم يَكُن أَصلَحَ مِن أَن يَكُونَ مُصمَتاً مَحجُوباً عَنِ البَصَرِ وَ اليَدِ لَا يُعرَفُ مَا فِيهِ إِلّا بِدَلَالَاتٍ غَامِضَةٍ كَمِثلِ النّظَرِ إِلَي البَولِ وَ حِسّ[جَسّ]العِرقِ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ مِمّا يَكثُرُ فِيهِ الغَلَطُ وَ الشّبهَةُ حَتّي رُبّمَا كَانَ ذَلِكَ سَبَباً لِلمَوتِ فَلَو عَلِمَ هَؤُلَاءِ الجَهَلَةُ أَنّ هَذَا لَو كَانَ هَكَذَا كَانَ أَوّلَ مَا فِيهِ أَنّهُ كَانَ يَسقُطُ عَنِ الإِنسَانِ الوَجَلُ مِنَ الأَمرَاضِ وَ المَوتِ وَ كَانَ يَستَشعِرُ البَقَاءَ وَ يَغتَرّ بِالسّلَامَةِ فَيُخرِجُهُ ذَلِكَ إِلَي العُتُوّ وَ الأَشَرِ ثُمّ كَانَتِ الرّطُوبَاتُ التّيِ‌ فِي البَطنِ تَتَرَشّحُ وَ تَتَحَلّبُ فَيُفسِدُ عَلَي الإِنسَانِ مَقعَدَهُ وَ مَرقَدَهُ وَ ثِيَابَ بِذلَتِهِ وَ زِينَتِهِ بَل كَانَ يُفسِدُ عَلَيهِ عَيشَهُ ثُمّ إِنّ المَعِدَةَ وَ الكَبِدَ وَ الفُؤَادَ إِنّمَا تَفعَلُ أَفعَالَهَا بِالحَرَارَةِ الغَرِيزِيّةِ التّيِ‌ جَعَلَهَا اللّهُ مُحتَبِسَةً فِي الجَوفِ فَلَو كَانَ فِي البَطنِ فَرجٌ يَنفَتِحُ حَتّي يَصِلَ البَصَرُ إِلَي رُؤيَتِهِ وَ اليَدُ إِلَي عِلَاجِهِ لَوَصَلَ بَردُ الهَوَاءِ إِلَي الجَوفِ فَمَازَجَ الحَرَارَةَ الغَرِيزِيّةَ وَ بَطَلَ عَمَلُ الأَحشَاءِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ هَلَاكُ الإِنسَانِ أَ فَلَا تَرَي أَنّ كُلّ مَا تَذهَبُ إِلَيهِ الأَوهَامُ سِوَي مَا جَاءَت بِهِ الخِلقَةُ خَطَأٌ وَ خَطَلٌ

إيضاح الركب بالتحريك منبت العانة ومستنقع الماء بالفتح مجتمعه وشرة الشباب بالكسر حرصه ونشاطه والعادية الظلم والشرّ والأشر بالتحريك البطر وشدة الفرح واللهوات جمع لهات وهي‌ اللحمة في سقف أقصي الفم و قوله ع من المرة بيان لموضع آخر وعتا عتوا استكبر وجاوز الحد ويقال تحلب العرق أي سال والخطل المنطق الفاسد المضطرب

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي الأَفعَالِ التّيِ‌ جُعِلَت فِي الإِنسَانِ مِنَ الطّعمِ وَ النّومِ وَ الجِمَاعِ وَ مَا دُبّرَ فِيهَا فَإِنّهُ جُعِلَ لِكُلّ وَاحِدٍ مِنهَا فِي الطّبَاعِ نَفسِهِ مُحَرّكٌ يَقتَضِيهِ وَ يَستَحِثّ بِهِ


صفحه : 79

فَالجُوعُ يقَتضَيِ‌ الطّعمَ ألّذِي بِهِ حَيَاةُ البَدَنِ وَ قِوَامُهُ وَ الكَرَي تقَتضَيِ‌ النّومَ ألّذِي فِيهِ رَاحَةُ البَدَنِ وَ إِجمَامُ قُوَاهُ وَ الشّبَقُ يقَتضَيِ‌ الجِمَاعَ ألّذِي فِيهِ دَوَامُ النّسلِ وَ بَقَاؤُهُ وَ لَو كَانَ الإِنسَانُ إِنّمَا يَصِيرُ إِلَي أَكلِ الطّعَامِ لِمَعرِفَتِهِ بِحَاجَةِ بَدَنِهِ إِلَيهِ وَ لَم يَجِد مِن طِبَاعِهِ شَيئاً يَضطَرّهُ إِلَي ذَلِكَ كَانَ خَلِيقاً أَن يَتَوَانَي عَنهُ أَحيَاناً بِالتّثَقّلِ وَ الكَسَلِ حَتّي يَنحَلَ بَدَنُهُ فَيَهلِكَ كَمَا يَحتَاجُ الوَاحِدُ إِلَي الدّوَاءِ بشِيَ‌ءٍ مِمّا يَصلُحُ بِبَدَنِهِ فَيُدَافِعُ بِهِ حَتّي يُؤَدّيَهُ ذَلِكَ إِلَي المَرَضِ وَ المَوتِ وَ كَذَلِكَ لَو كَانَ إِنّمَا يَصِيرُ إِلَي النّومِ بِالتّفَكّرِ فِي حَاجَتِهِ إِلَي رَاحَةِ البَدَنِ وَ إِجمَامِ قُوَاهُ كَانَ عَسَي أَن يَتَثَاقَلَ عَن ذَلِكَ فَيَدمَغُهُ حَتّي يَنهَكَ بَدَنَهُ وَ لَو كَانَ إِنّمَا يَتَحَرّكُ لِلجِمَاعِ بِالرّغبَةِ فِي الوَلَدِ كَانَ غَيرَ بَعِيدٍ أَن يَفتُرَ عَنهُ حَتّي يَقِلّ النّسلُ أَو يَنقَطِعَ فَإِنّ مِنَ النّاسِ مَن لَا يَرغَبُ فِي الوَلَدِ وَ لَا يَحفِلُ بِهِ فَانظُر كَيفَ جُعِلَ لِكُلّ وَاحِدٍ مِن هَذِهِ الأَفعَالِ التّيِ‌ بِهَا قِوَامُ الإِنسَانِ وَ صَلَاحُهُ مُحَرّكٌ مِن نَفسِ الطّبعِ يُحَرّكُهُ لِذَلِكَ وَ يَحدُوهُ عَلَيهِ وَ اعلَم أَنّ فِي الإِنسَانِ قُوًي أَربَعاً قُوّةٌ جَاذِبَةٌ تَقبَلُ الغِذَاءَ وَ تُورِدُهُ عَلَي المَعِدَةِ وَ قُوّةٌ مُمسِكَةٌ تَحبِسُ الطّعَامَ حَتّي تَفعَلَ فِيهِ الطّبِيعَةُ فِعلَهَا وَ قُوّةٌ هَاضِمَةٌ وَ هيِ‌َ التّيِ‌ تَطبُخُهُ وَ تَستَخرِجُ صَفوَهُ وَ تَبُثّهُ فِي البَدَنِ وَ قُوّةٌ دَافِعَةٌ تَدفَعُهُ وَ تَحدُرُ الثّفلَ الفَاضِلَ بَعدَ أَخذِ الهَاضِمَةِ حَاجَتَهَا تَفَكّر فِي تَقدِيرِ هَذِهِ القُوَي الأَربَعَةِ التّيِ‌ فِي البَدَنِ وَ أَفعَالِهَا وَ تَقدِيرِهَا لِلحَاجَةِ إِلَيهَا وَ الإِربِ فِيهَا وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ التّدبِيرِ وَ الحِكمَةِ وَ لَو لَا الجَاذِبَةُ كَيفَ يَتَحَرّكُ الإِنسَانُ لِطَلَبِ الغِذَاءِ التّيِ‌ بِهَا قِوَامُ البَدَنِ وَ لَو لَا المَاسِكَةُ كَيفَ كَانَ يَلبَثُ الطّعَامُ فِي الجَوفِ حَتّي تَهضِمَهُ المَعِدَةُ وَ لَو لَا الهَاضِمَةُ كَيفَ كَانَ يَنطَبِخُ حَتّي يَخلُصَ مِنهُ الصّفوُ ألّذِي يَغذُو البَدَنَ وَ يَسُدّ خُلَلَهُ وَ لَو لَا الدّافِعَةُ كَيفَ كَانَ الثّفلُ ألّذِي تُخَلّفُهُ الهَاضِمَةُ يَندَفِعُ وَ يَخرُجُ أَوّلًا فَأَوّلًا أَ فَلَا تَرَي كَيفَ وَكّلَ اللّهُ سُبحَانَهُ بِلَطِيفِ صُنعِهِ وَ حُسنِ تَقدِيرِهِ هَذِهِ القُوَي بِالبَدَنِ وَ القِيَامِ بِمَا فِيهِ صَلَاحُهُ وَ سَأُمَثّلُ لَكَ فِي ذَلِكَ مِثَالًا إِنّ البَدَنَ بِمَنزِلَةِ دَارِ المَلِكِ وَ لَهُ فِيهَا حَشَمٌ وَ صِبيَةٌ وَ قُوّامٌ مُوَكّلُونَ بِالدّارِ فَوَاحِدٌ لِإِقضَاءِ حَوَائِجِ الحَشَمِ وَ إِيرَادِهَا عَلَيهِم وَ آخَرُ لِقَبضِ مَا يَرِدُ وَ خَزنِهِ إِلَي أَن يُعَالَجَ


صفحه : 80

وَ يُهَيّأَ وَ آخَرُ لِعِلَاجِ ذَلِكَ وَ تَهيِئَتِهِ وَ تَفرِيقِهِ وَ آخَرُ لِتَنظِيفِ مَا فِي الدّارِ مِنَ الأَقذَارِ وَ إِخرَاجِهِ مِنهَا فَالمَلِكُ فِي هَذَا هُوَ الخَلّاقُ الحَكِيمُ مَلِكُ العَالَمِينَ وَ الدّارُ هيِ‌َ البَدَنُ وَ الحَشَمُ هيِ‌َ الأَعضَاءِ وَ القُوّامُ هيِ‌َ هَذِهِ القُوَي الأَربَعُ وَ لَعَلّكَ تَرَي ذِكرَنَا هَذِهِ القُوَي الأَربَعَ وَ أَفعَالَهَا بَعدَ ألّذِي وُصِفَت فَضلًا وَ تَزدَاداً وَ لَيسَ مَا ذَكَرتُهُ مِن هَذِهِ القُوَي عَلَي الجِهَةِ التّيِ‌ ذُكِرَت فِي كُتُبِ الأَطِبّاءِ وَ لَا قَولُنَا فِيهِ كَقَولِهِم لِأَنّهُم ذَكَرُوهَا عَلَي مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ فِي صِنَاعَةِ الطّبّ وَ تَصحِيحِ الأَبدَانِ وَ ذَكَرنَاهَا عَلَي مَا يَحتَاجُ فِي صَلَاحِ الدّينِ وَ شِفَاءِ النّفُوسِ مِنَ الغيَ‌ّ كاَلذّيِ‌ أَوضَحتُهُ بِالوَصفِ الشاّفيِ‌ وَ المَثَلِ المَضرُوبِ مِنَ التّدبِيرِ وَ الحِكمَةِ فِيهَا

تبيان الطعم بالضم الأكل [المذكور في كتب اللغة بالفتح ] والكرا السهر والجمام بالفتح الراحة يقال جمّ الفرس جمّا وجماما إذاذهب إعياؤه والشبق بالتحريك شدّة شهوة الجماع وتواني في حاجته أي قصّر و لايحفل به أي لايبالي‌ به وتحدر الثفل كتنصر أي ترسل و قوله ع و لو لاالجاذبة يدلّ علي أن لها مدخلا في شهوة الطعام و قوله ع خلله كأنه بالضم جمع الخلة وهي‌ الحاجة أوبالكسر أي الخلال والفرج التي‌ حصلت في البدن بتحلّل الرطوبات قوله ع ولعلك تري يحتمل أن يكون الغرض دفع توهّم السائل كون ذكر التمثيل بعدذكر القوي ومنافعها علي الوجه ألذي ذكره الأطباء واكتفوا به إطنابا وتكرارا وحاصله أن الأطباء إنما ذكروها علي مايحتاجون إليه في صناعتهم من ذكر أفعال تلك القوي وسبب تعطلها ولذا لم يحتاجوا إلي ذكر ماأوردنا من التمثيل ونحن إنما ذكرنا هذاالتمثيل لتتضح دلالتها علي صانعها ومدبرها إذ هذه مقصودنا من ذكرها ويحتمل أن يكون الغرض رفع توهم أن ذكره هذه القوي بعدكونها مذكورة في كتب الأطباء فضل لاحاجة إليه بأن الغرض مختلف في بياننا وبيانهم وبذلك يختلف التقرير أيضا فلذا ذكرنا هاهنا بهذا التقرير الشافي‌ فالضمير في قوله وصفت علي بناء المجهول راجع إلي القوي والعائد محذوف أي وصفت به لكنه بعيد

تَأَمّل يَا مُفَضّلُ هَذِهِ القُوَي التّيِ‌ فِي النّفسِ وَ مَوقِعُهَا مِنَ الإِنسَانِ أعَنيِ‌ الفِكرَ وَ الوَهمَ وَ العَقلَ وَ الحِفظَ وَ غَيرَ ذَلِكَ أَ فَرَأَيتَ لَو نَقَصَ الإِنسَانُ مِن هَذِهِ الخِلَالِ الحِفظَ


صفحه : 81

وَحدَهُ كَيفَ كَانَت تَكُونُ حَالُهُ وَ كَم مِن خَلَلٍ كَانَ يَدخُلُ عَلَيهِ فِي أُمُورِهِ وَ مَعَاشِهِ وَ تَجَارِبِهِ إِذَا لَم يَحفَظ مَا لَهُ وَ عَلَيهِ وَ مَا أَخَذَهُ وَ مَا أَعطَي وَ مَا رَأَي وَ مَا سَمِعَ وَ مَا قَالَ وَ مَا قِيلَ لَهُ وَ لَم يَذكُر مَن أَحسَنَ إِلَيهِ مِمّن أَسَاءَ بِهِ وَ مَا نَفَعَهُ مِمّا ضَرّهُ ثُمّ كَانَ لَا يهَتدَيِ‌ لِطَرِيقٍ لَو سَلَكَهُ مَا لَا يُحصَي وَ لَا يَحفَظُ عِلماً وَ لَو دَرَسَهُ عُمُرَهُ وَ لَا يَعتَقِدُ دِيناً وَ لَا يَنتَفِعُ بِتَجرِبَةٍ وَ لَا يَستَطِيعُ أَن يَعتَبِرَ شَيئاً عَلَي مَا مَضَي بَل كَانَ حَقِيقاً أَن يَنسَلِخَ مِنَ الإِنسَانِيّةِ أَصلًا فَانظُر إِلَي النّعمَةِ عَلَي الإِنسَانِ فِي هَذِهِ الخِلَالِ وَ كَيفَ مَوقِعُ الوَاحِدَةِ مِنهَا دُونَ الجَمِيعِ وَ أَعظَمُ مِنَ النّعمَةِ عَلَي الإِنسَانِ فِي الحِفظِ النّعمَةُ فِي النّسيَانِ فَإِنّهُ لَو لَا النّسيَانُ لَمَا سَلَا أَحَدٌ عَن مُصِيبَةٍ وَ لَا انقَضَت لَهُ حَسرَةٌ وَ لَا مَاتَ لَهُ حِقدٌ وَ لَا استَمتَعَ بشِيَ‌ءٍ مِن مَتَاعِ الدّنيَا مَعَ تَذَكّرِ الآفَاتِ وَ لَا رَجَا غَفلَةً مِن سُلطَانٍ وَ لَا فَترَةً مِن حَاسِدٍ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ جُعِلَ فِي الإِنسَانِ الحِفظُ وَ النّسيَانُ وَ هُمَا مُختَلِفَانِ مُتَضَادّانِ وَ جُعِلَ لَهُ فِي كُلّ مِنهُمَا ضَربٌ مِنَ المَصلَحَةِ وَ مَا عَسَي أَن يَقُولَ الّذِينَ قَسّمُوا الأَشيَاءَ بَينَ خَالِقَينِ مُتَضَادّينِ فِي هَذِهِ الأَشيَاءِ المُتَضَادّةِ المُتَبَايَنَةِ وَ قَد تَرَاهَا تَجتَمِعُ عَلَي مَا فِيهِ الصّلَاحُ وَ المَنفَعَةُ

بيان دون الجميع أي فضلا عن الجميع ويقال سلا عنه أي نسيه و قدمضي منا مايمكن أن يستعمل في فهم آخر الكلام في موضعين فتذكر

انظُر يَا مُفَضّلُ إِلَي مَا خُصّ بِهِ الإِنسَانُ دُونَ جَمِيعِ الحَيَوَانِ مِن هَذَا الخَلقِ الجَلِيلُ قَدرُهُ العَظِيمُ غَنَاؤُهُ أعَنيِ‌ الحَيَاءَ فَلَولَاهُ لَم يُقرَ ضَيفٌ وَ لَم يُوَفّ بِالعِدَاتِ وَ لَم تُقضَ الحَوَائِجُ وَ لَم يُتَحَرّ الجَمِيلُ وَ لَم يَتَنَكّبِ القَبِيحُ فِي شَيءٍ مِنَ الأَشيَاءِ حَتّي إِنّ كَثِيراً مِنَ الأُمُورِ المُفتَرَضَةِ أَيضاً إِنّمَا يُفعَلُ لِلحَيَاءِ فَإِنّ مِنَ النّاسِ مَن لَو لَا الحَيَاءُ لَم يَرعَ حَقّ وَالِدَيهِ وَ لَم يَصِل ذَا رَحِمٍ وَ لَم يُؤَدّ أَمَانَةً وَ لَم يَعفُ عَن فَاحِشَةٍ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ وفُيّ‌َ لِلإِنسَانِ جَمِيعُ الخِلَالِ التّيِ‌ فِيهَا صَلَاحُهُ وَ تَمَامُ أَمرِهِ

بيان إقراء الضيف ضيافتهم وإكرامهم والتنكّب التجنّب ووفي‌ علي بناء المجهول من التوفية وهي‌ إعطاء الشي‌ء وافيا


صفحه : 82

تَأَمّل يَا مُفَضّلُ مَا أَنعَمَ اللّهُ تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ بِهِ عَلَي الإِنسَانِ مِن هَذَا النّطقِ ألّذِي يُعَبّرُ بِهِ عَمّا فِي ضَمِيرِهِ وَ مَا يَخطُرُ بِقَلبِهِ وَ نَتِيجَةِ فِكرِهِ وَ بِهِ يَفهَمُ عَن غَيرِهِ مَا فِي نَفسِهِ وَ لَو لَا ذَلِكَ كَانَ بِمَنزِلَةِ البَهَائِمِ المُهمَلَةِ التّيِ‌ لَا تُخبِرُ عَن نَفسِهَا بشِيَ‌ءٍ وَ لَا تَفهَمُ عَن مُخبِرٍ شَيئاً وَ كَذَلِكَ الكِتَابَةُ التّيِ‌ بِهَا تُقَيّدُ أَخبَارُ المَاضِينَ لِلبَاقِينَ وَ أَخبَارُ البَاقِينَ لِلآتِينَ وَ بِهَا تُخَلّدُ الكُتُبُ فِي العُلُومِ وَ الآدَابِ وَ غَيرِهَا وَ بِهَا يَحفَظُ الإِنسَانُ ذِكرَ مَا يجَريِ‌ بَينَهُ وَ بَينَ غَيرِهِ مِنَ المُعَامَلَاتِ وَ الحِسَابِ وَ لَولَاهُ لَانقَطَعَ أَخبَارُ بَعضِ الأَزمِنَةِ عَن بَعضٍ وَ أَخبَارُ الغَائِبِينَ عَن أَوطَانِهِم وَ دَرَسَتِ العُلُومُ وَ ضَاعَتِ الآدَابُ وَ عَظُمَ مَا يَدخُلُ عَلَي النّاسِ مِنَ الخَلَلِ فِي أُمُورِهِم وَ مُعَامَلَاتِهِم وَ مَا يَحتَاجُونَ إِلَي النّظَرِ فِيهِ مِن أَمرِ دِينِهِم وَ مَا روُيِ‌َ لَهُم مِمّا لَا يَسَعُهُم جَهلُهُ وَ لَعَلّكَ تَظُنّ أَنّهَا مِمّا يُخلَصُ إِلَيهِ بِالحِيلَةِ وَ الفِطنَةِ وَ لَيسَت مِمّا أُعطِيَهُ الإِنسَانُ مِن خَلقِهِ وَ طِبَاعِهِ وَ كَذَلِكَ الكَلَامُ إِنّمَا هُوَ شَيءٌ يَصطَلِحُ عَلَيهِ النّاسُ فيَجَريِ‌ بَينَهُم وَ لِهَذَا صَارَ يَختَلِفُ فِي الأُمَمِ المُختَلِفَةِ بِأَلسُنٍ مُختَلِفَةٍ وَ كَذَلِكَ الكِتَابَةُ كَكِتَابَةِ العرَبَيِ‌ّ وَ السرّياَنيِ‌ّ وَ العبِراَنيِ‌ّ وَ الروّميِ‌ّ وَ غَيرِهَا مِن سَائِرِ الكِتَابَةِ التّيِ‌ هيِ‌َ مُتَفَرّقَةٌ فِي الأُمَمِ إِنّمَا اصطَلَحُوا عَلَيهَا كَمَا اصطَلَحُوا عَلَي الكَلَامِ فَيُقَالُ لِمَن ادّعَي ذَلِكَ إِنّ الإِنسَانَ وَ إِن كَانَ لَهُ فِي الأَمرَينِ جَمِيعاً فِعلٌ أَو حِيلَةٌ فَإِنّ الشيّ‌ءَ ألّذِي يَبلُغُ بِهِ ذَلِكَ الفِعلَ وَ الحِيلَةَ عَطِيّةٌ وَ هِبَةٌ مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي خَلقِهِ فَإِنّهُ لَو لَم يَكُن لِسَانٌ مُهَيّأٌ لِلكَلَامِ وَ ذِهنٌ يهَتدَيِ‌ بِهِ لِلأُمُورِ لَم يَكُن لِيَتَكَلّمَ أَبَداً وَ لَو لَم يَكُن لَهُ كَفّ مُهَيّأَةٌ وَ أَصَابِعُ لِلكِتَابَةِ لَم يَكُن لِيَكتُبَ أَبَداً وَ اعتَبِر ذَلِكَ مِنَ البَهَائِمِ التّيِ‌ لَا كَلَامَ لَهَا وَ لَا كِتَابَةَ فَأَصلُ ذَلِكَ فِطرَةُ الباَر‌ِئِ جَلّ وَ عَزّ وَ مَا تَفَضّلَ بِهِ عَلَي خَلقِهِ فَمَن شَكَرَ أُثِيبَوَ مَن كَفَرَ فَإِنّ اللّهَ غنَيِ‌ّ عَنِ العالَمِينَ

بيان كلامه هاهنا مشعر بأن واضع اللغات البشر فتدبّر

ذَكّر يَا مُفَضّلُ فِيمَا أعُطيِ‌َ الإِنسَانُ عِلمَهُ وَ مَا مُنِعَ فَإِنّهُ أعُطيِ‌َ عِلمَ جَمِيعِ مَا فِيهِ


صفحه : 83

صَلَاحُ دِينِهِ وَ دُنيَاهُ فَمِمّا فِيهِ صَلَاحُ دِينِهِ مَعرِفَةُ الخَالِقِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بِالدّلَائِلِ وَ الشّوَاهِدِ القَائِمَةِ فِي الخَلقِ وَ مَعرِفَةُ الوَاجِبِ عَلَيهِ مِنَ العَدلِ عَلَي النّاسِ كَافّةً وَ بِرّ الوَالِدَينِ وَ أَدَاءِ الأَمَانَةِ وَ مُوَاسَاةِ أَهلِ الخُلّةِ وَ أَشبَاهِ ذَلِكَ مِمّا قَد تُوجَدُ مَعرِفَتُهُ وَ الإِقرَارُ وَ الِاعتِرَافُ بِهِ فِي الطّبعِ وَ الفِطرَةِ مِن كُلّ أُمّةٍ مُوَافِقَةً أَو مُخَالِفَةً وَ كَذَلِكَ أعُطيِ‌َ عِلمَ مَا فِيهِ صَلَاحُ دُنيَاهُ كَالزّرَاعَةِ وَ الغِرَاسِ وَ استِخرَاجِ الأَرَضِينَ وَ اقتِنَاءِ الأَغنَامِ وَ الأَنعَامِ وَ استِنبَاطِ المِيَاهِ وَ مَعرِفَةِ العَقَاقِيرِ التّيِ‌ يُستَشفَي بِهَا مِن ضُرُوبِ الأَسقَامِ وَ المَعَادِنِ التّيِ‌ يُستَخرَجُ مِنهَا أَنوَاعُ الجَوَاهِرِ وَ رُكُوبِ السّفُنِ وَ الغَوصِ فِي البَحرِ وَ ضُرُوبِ الحِيَلِ فِي صَيدِ الوَحشِ وَ الطّيرِ وَ الحِيتَانِ وَ التّصَرّفِ فِي الصّنَاعَاتِ وَ وُجُوهِ المَتَاجِرِ وَ المَكَاسِبِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِمّا يَطُولُ شَرحُهُ وَ يَكثُرُ تَعدَادُهُ مِمّا فِيهِ صَلَاحُ أَمرِهِ فِي هَذِهِ الدّارِ فأَعُطيِ‌َ عِلمَ مَا يُصلِحُ بِهِ دِينَهُ وَ دُنيَاهُ وَ مُنِعَ مَا سِوَي ذَلِكَ مِمّا لَيسَ فِي شَأنِهِ وَ لَا طَاقَتِهِ أَن يَعلَمَ كَعِلمِ الغَيبِ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ وَ بَعضُ مَا قَد كَانَ أَيضاً كَعِلمِ مَا فَوقَ السّمَاءِ وَ مَا تَحتَ الأَرضِ وَ مَا فِي لُجَجِ البِحَارِ وَ أَقطَارِ العَالَمِ وَ مَا فِي قُلُوبِ النّاسِ وَ مَا فِي الأَرحَامِ وَ أَشبَاهِ هَذَا مِمّا حُجِبَ عَلَي النّاسِ عِلمُهُ وَ قَدِ ادّعَت طَائِفَةٌ مِنَ النّاسِ هَذِهِ الأُمُورَ فَأَبطَلَ دَعوَاهُم مَا بُيّنَ مِن خَطَائِهِم فِيمَا يَقضُونَ عَلَيهِ وَ يَحكُمُونَ بِهِ فِيمَا ادّعَوا عِلمَهُ فَانظُر كَيفَ أعُطيِ‌َ الإِنسَانُ عِلمَ جَمِيعِ مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ لِدِينِهِ وَ دُنيَاهُ وَ حُجِبَ عَنهُ مَا سِوَي ذَلِكَ لِيَعرِفَ قَدرَهُ وَ نَقصَهُ وَ كِلَا الأَمرَينِ فِيهِمَا صَلَاحُهُ تَأَمّلِ الآنَ يَا مُفَضّلُ مَا سُتِرَ عَنِ الإِنسَانِ عِلمُهُ مِن مُدّةِ حَيَاتِهِ فَإِنّهُ لَو عَرَفَ مِقدَارَ عُمُرِهِ وَ كَانَ قَصِيرَ العُمُرِ لَم يَتَهَنّأ بِالعَيشِ مَعَ تَرَقّبِ المَوتِ وَ تَوَقّعِهِ لِوَقتٍ قَد عَرَفَهُ


صفحه : 84

بَل كَانَ يَكُونُ بِمَنزِلَةِ مَن قَد فنَيِ‌َ مَالُهُ أَو قَارَبَ الفَنَاءَ فَقَدِ استَشعَرَ الفَقرَ وَ الوَجَلَ مِن فَنَاءِ مَالِهِ وَ خَوفِ الفَقرِ عَلَي أَنّ ألّذِي يَدخُلُ عَلَي الإِنسَانِ مِن فَنَاءِ العُمُرِ أَعظَمُ مِمّا يَدخُلُ عَلَيهِ مِن فَنَاءِ المَالِ لِأَنّ مَن يَقِلّ مَالُهُ يَأمُلُ أَن يَستَخلِفَ مِنهُ فَيَسكُنَ إِلَي ذَلِكَ وَ مَن أَيقَنَ بِفَنَاءِ العُمُرِ استَحكَمَ عَلَيهِ اليَأسُ وَ إِن كَانَ طَوِيلَ العُمُرِ ثُمّ عَرَفَ ذَلِكَ وَثِقَ بِالبَقَاءِ وَ انهَمَكَ فِي اللّذّاتِ وَ المعَاَصيِ‌ وَ عَمِلَ عَلَي أَنّهُ يَبلُغُ مِن ذَلِكَ شَهوَتَهُ ثُمّ يَتُوبُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَ هَذَا مَذهَبٌ لَا يَرضَاهُ اللّهُ مِن عِبَادِهِ وَ لَا يَقبَلُهُ أَ لَا تَرَي لَو أَنّ عَبداً لَكَ عَمِلَ عَلَي أَنّهُ يُسخِطُكَ سَنَةً وَ يُرضِيكَ يَوماً أَو شَهراً لَم تَقبَل ذَلِكَ مِنهُ وَ لَم يَحِلّ عِندَكَ مَحَلّ العَبدِ الصّالِحِ دُونَ أَن يُضمِرَ طَاعَتَكَ وَ نُصحَكَ فِي كُلّ الأُمُورِ وَ فِي كُلّ الأَوقَاتِ عَلَي تَصَرّفِ الحَالَاتِ فَإِن قُلتَ أَ وَ لَيسَ قَد يُقِيمُ الإِنسَانُ عَلَي المَعصِيَةِ حِيناً ثُمّ يَتُوبُ فَتُقبَلُ تَوبَتُهُ قُلنَا إِنّ ذَلِكَ شَيءٌ يَكُونُ مِنَ الإِنسَانِ لِغَلَبَةِ الشّهَوَاتِ وَ تَركِهِ مُخَالَفَتَهَا مِن غَيرِ أَن يُقَدّرَهَا فِي نَفسِهِ وَ يبَنيِ‌َ عَلَيهِ أَمرَهُ فَيَصفَحُ اللّهُ عَنهُ وَ يَتَفَضّلُ عَلَيهِ بِالمَغفِرَةِ فَأَمّا مَن قَدّرَ أَمرَهُ عَلَي أَن يعَصيِ‌َ مَا بَدَا لَهُ ثُمّ يَتُوبَ آخِرَ ذَلِكَ فَإِنّمَا يُحَاوِلُ خَدِيعَةَ مَن لَا يُخَادَعُ بِأَن يَتَسَلّفَ التّلَذّذَ فِي العَاجِلِ وَ يَعِدَ وَ يمُنَيّ‌َ نَفسَهُ التّوبَةَ فِي الآجِلِ وَ لِأَنّهُ لَا يفَيِ‌ بِمَا يَعِدُ مِن ذَلِكَ فَإِنّ النُزُوعَ مِنَ التّرَفّهِ وَ التّلَذّذِ وَ مُعَانَاةَ التّوبَةِ وَ لَا سِيّمَا عِندَ الكِبَرِ وَ ضَعفِ البَدَنِ أَمرٌ صَعبٌ وَ لَا يُؤمَنُ عَلَي الإِنسَانِ مَعَ مُدَافَعَتِهِ بِالتّوبَةِ أَن يُرهِقَهُ المَوتُ فَيَخرُجَ مِنَ الدّنيَا غَيرَ تَائِبٍ كَمَا قَد يَكُونُ عَلَي الوَاحِدِ دَينٌ إِلَي أَجَلٍ وَ قَد يَقدِرُ عَلَي قَضَائِهِ فَلَا يَزَالُ يُدَافِعُ بِذَلِكَ حَتّي يَحِلّ الأَجَلُ وَ قَد نَفِدَ المَالُ فَيَبقَي الدّينُ قَائِماً عَلَيهِ فَكَانَ خَيرَ الأَشيَاءِ لِلإِنسَانِ أَن يُستَرَ عَنهُ مَبلَغُ عُمُرِهِ فَيَكُونَ طُولَ عُمُرِهِ يَتَرَقّبُ المَوتَ فَيَترُكَ المعَاَصيِ‌َ وَ يُؤثِرَ العَمَلَ الصّالِحَ فَإِن قُلتَ وَ هَا هُوَ الآنَ قَد سُتِرَ عَنهُ مِقدَارُ حَيَاتِهِ وَ صَارَ يَتَرَقّبُ المَوتَ فِي كُلّ سَاعَةٍ يُقَارِفُ الفَوَاحِشَ وَ يَنتَهِكُ المَحَارِمَ قُلنَا إِنّ وَجهَ التّدبِيرِ فِي هَذَا البَابِ هُوَ ألّذِي جَرَي


صفحه : 85

عَلَيهِ الأَمرُ فِيهِ فَإِن كَانَ الإِنسَانُ مَعَ ذَلِكَ لَا يرَعوَيِ‌ وَ لَا يَنصَرِفُ عَنِ المسَاَويِ‌ فَإِنّمَا ذَلِكَ مِن مَرَحِهِ وَ مِن قَسَاوَةِ قَلبِهِ لَا مِن خَطَإٍ فِي التّدبِيرِ كَمَا أَنّ الطّبِيبَ قَد يَصِفُ لِلمَرِيضِ مَا يَنتَفِعُ بِهِ فَإِن كَانَ المَرِيضُ مُخَالِفاً لِقَولِ الطّبِيبِ لَا يَعمَلُ بِمَا يَأمُرُهُ وَ لَا ينَتهَيِ‌ عَمّا يَنهَاهُ عَنهُ لَم يَنتَفِع بِصِفَتِهِ وَ لَم يَكُنِ الإِسَاءَةُ فِي ذَلِكَ لِلطّبِيبِ بَل لِلمَرِيضِ حَيثُ لَم يَقبَل مِنهُ وَ لَئِن كَانَ الإِنسَانُ مَعَ تَرَقّبِهِ لِلمَوتِ كُلّ سَاعَةٍ لَا يَمتَنِعُ عَنِ المعَاَصيِ‌ فَإِنّهُ لَو وَثِقَ بِطُولِ البَقَاءِ كَانَ أَحرَي بِأَن يَخرُجَ إِلَي الكَبَائِرِ الفَظِيعَةِ فَتَرَقّبُ المَوتِ عَلَي كُلّ حَالٍ خَيرٌ لَهُ مِنَ الثّقَةِ بِالبَقَاءِ ثُمّ إِنّ تَرَقّبَ المَوتِ وَ إِن كَانَ صِنفٌ مِنَ النّاسِ يَلهَونَ عَنهُ وَ لَا يَتّعِظُونَ بِهِ فَقَد يَتّعِظُ بِهِ صِنفٌ آخَرُ مِنهُم وَ يَنزِعُونَ عَنِ المعَاَصيِ‌ وَ يُؤثِرُونَ العَمَلَ الصّالِحَ وَ يَجُودُونَ بِالأَموَالِ وَ العَقَائِلِ النّفِيسَةِ فِي الصّدَقَةِ عَلَي الفُقَرَاءِ وَ المَسَاكِينِ فَلَم يَكُن مِنَ العَدلِ أَن يُحرَمَ هَؤُلَاءِ الِانتِفَاعَ بِهَذِهِ الخَصلَةِ لِتَضيِيعِ أُولَئِكَ حَظّهُم مِنهَا

بيان انهمك الرجل في الأمر أي جدّ ولجّ والتسلّف الاقتراض كأنه يجري‌ معاملة مع ربه بأن يتصرّف في اللذات عاجلا ويعد ربه في عوضها التوبة ليؤديّ‌ إليه آجلا و في بعض النسخ يستسلف و هوطلب بيع الشي‌ء سلفا والمعاناة مقاساة العناء والمشقّة ويرهقه أي يغشاه ويلحقه وانتهاك المحارم المبالغة في خرقها وإتيانها والارعواء الكفّ عن الشي‌ء وقيل الندم علي الشي‌ء والانصراف عنه وتركه والمرح شدّة الفرح و قال الفيروزآبادي‌ العقيلة من كل شيءأكرمه وكريمة الإبل و قال العقال ككتاب زكاة عام من الإبل

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي الأَحلَامِ كَيفَ دَبّرَ الأَمرَ فِيهَا فَمَزّجَ صَادِقَهَا بِكَاذِبِهَا فَإِنّهَا لَو كَانَت كُلّهَا تَصدُقُ لَكَانَ النّاسُ كُلّهُم أَنبِيَاءَ وَ لَو كَانَت كُلّهَا تَكذِبُ لَم يَكُن فِيهَا مَنفَعَةٌ بَل كَانَت فَضلًا لَا مَعنَي لَهُ فَصَارَت تَصدُقُ أَحيَاناً فَيَنتَفِعُ بِهَا النّاسُ فِي مَصلَحَةٍ يهَتدَيِ‌ لَهَا أَو مَضَرّةٍ يَتَحَذّرُ مِنهَا وَ تَكذِبُ كَثِيراً لِئَلّا يَعتَمِدَ عَلَيهَا كُلّ الِاعتِمَادِ


صفحه : 86

فَكّر فِي هَذِهِ الأَشيَاءِ التّيِ‌ تَرَاهَا مَوجُودَةً مُعَدّةً فِي العَالَمِ مِن مَآرِبِهِم فَالتّرَابُ لِلبِنَاءِ وَ الحَدِيدُ لِلصّنَاعَاتِ وَ الخَشَبُ لِلسّفُنِ وَ غَيرِهَا وَ الحِجَارَةُ لِلأَرحَاءِ وَ غَيرِهَا وَ النّحَاسُ للِأوَاَنيِ‌ وَ الذّهَبُ وَ الفِضّةُ لِلمُعَامَلَةِ وَ الجَوهَرُ لِلذّخِيرَةِ وَ الحُبُوبُ لِلغِذَاءِ وَ الثّمَارُ لِلتّفَكّهِ وَ اللّحمُ لِلمَأكَلِ وَ الطّيبُ لِلتّلَذّذِ وَ الأَدوِيَةُ لِلتّصحِيحِ وَ الدّوَابّ لِلحُمُولَةِ وَ الحَطَبُ لِلتّوَقّدِ وَ الرّمَادُ لِلكِلسِ وَ الرّملُ لِلأَرضِ وَ كَم عَسَي أَن يحُصيِ‌َ المحُصيِ‌ مِن هَذَا وَ شِبهِهِ أَ رَأَيتَ لَو أَنّ دَاخِلًا دَخَلَ دَاراً فَنَظَرَ إِلَي خَزَائِنَ مَملُوّةٍ مِن كُلّ مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ النّاسُ وَ رَأَي كُلّ مَا فِيهَا مَجمُوعاً مُعَدّاً لِأَسبَابٍ مَعرُوفَةٍ لَكَانَ يَتَوَهّمُ أَنّ مِثلَ هَذَا يَكُونُ بِالإِهمَالِ وَ مِن غَيرِ عَمدٍ فَكَيفَ يَستَجِيزُ قَائِلٌ أَن يَقُولَ هَذَا فِي العَالَمِ وَ مَا أُعِدّ فِيهِ مِن هَذِهِ الأَشيَاءِ

بيان التفكّه التنعّم الكلس بالكسر الصاروج قوله ع للأرض أي لفرشها

اعتَبِر يَا مُفَضّلُ بِأَشيَاءَ خُلِقَت لِمَآرِبِ الإِنسَانِ وَ مَا فِيهَا مِنَ التّدبِيرِ فَإِنّهُ خُلِقَ لَهُ الحَبّ لِطَعَامِهِ وَ كُلّفَ طَحنَهُ وَ عَجنَهُ وَ خُبزَهُ وَ خُلِقَ لَهُ الوَبَرُ لِكِسوَتِهِ فَكُلّفَ نَدفَهُ وَ غَزلَهُ وَ نَسجَهُ وَ خُلِقَ لَهُ الشّجَرُ فَكُلّفَ غَرسَهَا وَ سَقيَهَا وَ القِيَامَ عَلَيهَا وَ خُلِقَت لَهُ العَقَاقِيرُ لِأَدوِيَتِهِ فَكُلّفَ لَقطَهَا وَ خَلطَهَا وَ صُنعَهَا وَ كَذَلِكَ تَجِدُ سَائِرَ الأَشيَاءِ عَلَي هَذَا المِثَالِ فَانظُر كَيفَ كفُيِ‌َ الخِلقَةُ التّيِ‌ لَم يَكُن عِندَهُ فِيهَا حِيلَةٌ وَ تُرِكَ عَلَيهِ فِي كُلّ شَيءٍ مِنَ الأَشيَاءِ مَوضِعُ عَمَلٍ وَ حَرَكَةٍ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الصّلَاحِ لِأَنّهُ لَو كفُيِ‌َ هَذَا كُلّهُ حَتّي لَا يَكُونَ لَهُ فِي الأَشيَاءِ مَوضِعُ شُغُلٍ وَ عَمَلٍ لَمَا حَمَلَتهُ الأَرضُ أَشَراً وَ بَطَراً وَ لَبَلَغَ بِهِ كَذَلِكَ إِلَي أَن يَتَعَاطَي أُمُوراً فِيهَا تَلَفُ نَفسِهِ وَ لَو كفُيِ‌َ النّاسُ كُلّ مَا يَحتَاجُونَ إِلَيهِ لَمَا تَهَنّئُوا بِالعَيشِ وَ لَا وَجَدُوا لَهُ لَذّةً أَ لَا تَرَي لَو أَنّ امرَأً نَزَلَ بِقَومٍ فَأَقَامَ حِيناً بَلَغَ جَمِيعَ مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ مِن مَطعَمٍ وَ مَشرَبٍ وَ خِدمَةٍ لَتَبَرّمَ بِالفَرَاغِ وَ نَازَعَتهُ نَفسُهُ إِلَي التّشَاغُلِ بشِيَ‌ءٍ فَكَيفَ لَو كَانَ طُولُ


صفحه : 87

عُمُرِهِ مَكفِيّاً لَا يَحتَاجُ إِلَي شَيءٍ وَ كَانَ مِن صَوَابِ التّدبِيرِ فِي هَذِهِ الأَشيَاءِ التّيِ‌ خُلِقَت لِلإِنسَانِ أَن جُعِلَ لَهُ فِيهَا مَوضِعُ شُغُلٍ لِكَيلَا تَبَرّمَهُ البِطَالَةُ وَ لِتَكُفّهُ عَن تعَاَطيِ‌ مَا لَا يَنَالُهُ وَ لَا خَيرَ فِيهِ إِن نَالَهُ وَ اعلَم يَا مُفَضّلُ أَنّ رَأسَ مَعَاشِ الإِنسَانِ وَ حَيَاتِهِ الخُبزُ وَ المَاءُ فَانظُر كَيفَ دُبّرَ الأَمرُ فِيهِمَا فَإِنّ حَاجَةَ الإِنسَانِ إِلَي المَاءِ أَشَدّ مِن حَاجَتِهِ إِلَي الخُبزِ وَ ذَلِكَ أَنّ صَبرَهُ عَلَي الجُوعِ أَكثَرُ مِن صَبرِهِ عَلَي العَطَشِ وَ ألّذِي يَحتَاجُ إِلَيهِ مِنَ المَاءِ أَكثَرُ مِمّا يَحتَاجُ إِلَيهِ مِنَ الخُبزِ لِأَنّهُ يَحتَاجُ إِلَيهِ لِشُربِهِ وَ وُضُوئِهِ وَ غُسلِهِ وَ غَسلِ ثِيَابِهِ وَ سقَي‌ِ أَنعَامِهِ وَ زَرعِهِ فَجُعِلَ المَاءُ مَبذُولًا لَا يُشتَرَي لِتَسقُطَ عَنِ الإِنسَانِ المَئُونَةُ فِي طَلَبِهِ وَ تَكَلّفِهِ وَ جُعِلَ الخُبزُ مُتَعَذّراً لَا يُنَالُ إِلّا بِالحِيلَةِ وَ الحَرَكَةِ لِيَكُونَ لِلإِنسَانِ فِي ذَلِكَ شُغُلٌ يَكُفّهُ عَمّا يُخرِجُهُ إِلَيهِ الفَرَاغُ مِنَ الأَشَرِ وَ العَبَثِ أَ لَا تَرَي أَنّ الصبّيِ‌ّ يُدفَعُ إِلَي المُؤَدّبِ وَ هُوَ طِفلٌ لَم يَكمُل ذَاتُهُ لِلتّعلِيمِ كُلّ ذَلِكَ لِيَشتَغِلَ عَنِ اللّعِبِ وَ العَبَثِ اللّذَينِ رُبّمَا جَنَيَا عَلَيهِ وَ عَلَي أَهلِهِ المَكرُوهَ العَظِيمَ وَ هَكَذَا الإِنسَانُ لَو خَلَا مِنَ الشّغُلِ لَخَرَجَ مِنَ الأَشَرِ وَ العَبَثِ وَ البَطَرِ إِلَي مَا يَعظُمُ ضَرَرُهُ عَلَيهِ وَ عَلَي مَن قَرُبَ مِنهُ وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِمَن نَشَأَ فِي الجِدَةِ وَ رَفَاهِيَةِ العَيشِ وَ التّرَفّهِ وَ الكِفَايَةِ وَ مَا يُخرِجُهُ ذَلِكَ إِلَيهِ اعتَبِر لِمَ لَا يَتَشَابَهُ النّاسُ وَاحِدٌ بِآخَرَ كَمَا يَتَشَابَهُ الوُحُوشُ وَ الطّيرُ وَ غَيرُ ذَلِكَ فَإِنّكَ تَرَي السّربَ مِنَ الظّبَاءِ وَ القَطَا تَتَشَابَهُ حَتّي لَا يُفَرّقُ بَينَ وَاحِدٍ مِنهَا وَ بَينَ الأُخرَي وَ تَرَي النّاسَ مُختَلِفَةً صُوَرُهُم وَ خَلقُهُم حَتّي لَا يَكَادَ اثنَانِ مِنهُم يَجتَمِعَانِ فِي صِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَ العِلّةُ فِي ذَلِكَ أَنّ النّاسَ مُحتَاجُونَ إِلَي أَن يَتَعَارَفُوا بِأَعيَانِهِم وَ حَلّاهُم لِمَا يجَريِ‌ بَينَهُم مِنَ المُعَامَلَاتِ وَ لَيسَ يجَريِ‌ بَينَ البَهَائِمِ مِثلُ ذَلِكَ فَيَحتَاجُ إِلَي مَعرِفَةِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهَا بِعَينِهِ وَ حِليَتِهِ أَ لَا تَرَي أَنّ التّشَابُهَ فِي الطّيرِ وَ الوَحشِ لَا يَضُرّهُمَا شَيئاً وَ لَيسَ كَذَلِكَ الإِنسَانُ فَإِنّهُ رُبّمَا تَشَابَهَ التَوأَمَانِ تَشَابُهاً شَدِيداً فَتَعظُمُ المَئُونَةُ عَلَي النّاسِ فِي مُعَامَلَتِهِمَا


صفحه : 88

حَتّي يُعطَي أَحَدُهُمَا بِالآخَرِ وَ يُؤخَذُ أَحَدُهُمَا بِذَنبِ الآخَرِ وَ قَد يُحدَثُ مِثلُ هَذَا فِي تَشَابُهِ الأَشيَاءِ فَضلًا عَن تَشَابُهِ الصّورَةِ فَمَن لَطُفَ لِعِبَادِهِ بِهَذِهِ الدّقَائِقِ التّيِ‌ لَا تَكَادُ تَخطُرُ بِالبَالِ حَتّي وَقَفَ بِهَا عَلَي الصّوَابِ إِلّا مَن وَسِعَت رَحمَتُهُ كُلّ شَيءٍ لَو رَأَيتَ تِمثَالَ الإِنسَانِ مُصَوّراً عَلَي حَائِطٍ فَقَالَ لَكَ قَائِلٌ إِنّ هَذَا ظَهَرَ هَاهُنَا مِن تِلقَاءِ نَفسِهِ لَم يَصنَعهُ صَانِعٌ أَ كُنتَ تَقبَلُ ذَلِكَ بَل كُنتَ تسَتهَز‌ِئُ بِهِ فَكَيفَ تُنكِرُ هَذَا فِي تِمثَالٍ مُصَوّرٍ جَمَادٍ وَ لَا تُنكِرُ فِي الإِنسَانِ الحيَ‌ّ النّاطِقِ لِمَ صَارَت أَبدَانُ الحَيَوَانِ وَ هيِ‌َ تغَتذَيِ‌ أَبَداً لَا تنَميِ‌ بَل تنَتهَيِ‌ إِلَي غَايَةٍ مِنَ النّمُوّ ثُمّ تَقِفُ وَ لَا تَتَجَاوَزُهَا لَو لَا التّدبِيرُ فِي ذَلِكَ فَإِنّ مِن تَدبِيرِ الحَكِيمِ فِيهَا أَن يَكُونَ أَبدَانُ كُلّ صِنفٍ مِنهَا عَلَي مِقدَارٍ مَعلُومٍ غَيرَ مُتَفَاوِتٍ فِي الكَبِيرِ وَ الصّغِيرِ وَ صَارَت تنَميِ‌ حَتّي تَصِلَ إِلَي غَايَتِهَا ثُمّ يَقِفُ ثُمّ لَا يَزِيدُ وَ الغِذَاءُ مَعَ ذَلِكَ دَائِمٌ لَا يَنقَطِعُ وَ لَو كَانَت تنَميِ‌ نُمُوّاً دَائِماً لَعَظُمَت أَبدَانُهَا وَ اشتَبَهَت مَقَادِيرُهَا حَتّي لَا يَكُونَ لشِيَ‌ءٍ مِنهَا حَدّ يُعرَفُ لِمَ صَارَت أَجسَامُ الإِنسِ خَاصّةً تُثقِلُ عَنِ الحَرَكَةِ وَ المشَي‌ِ وَ يَجفُو عَنِ الصّنَاعَاتِ اللّطِيفَةِ إِلّا لِتَعظِيمِ المَئُونَةِ فِيمَا يَحتَاجُ إِلَيهِ النّاسُ لِلمَلبَسِ وَ المَضجَعِ وَ التّكفِينِ وَ غَيرِ ذَلِكَ لَو كَانَ الإِنسَانُ لَا يُصِيبُهُ أَلَمٌ وَ لَا وَجَعٌ بِمَ كَانَ يَرتَدِعُ عَنِ الفَوَاحِشِ وَ يَتَوَاضَعُ لِلّهِ وَ يَتَعَطّفُ عَلَي النّاسِ أَ مَا تَرَي الإِنسَانَ إِذَا عَرَضَ لَهُ وَجَعٌ خَضَعَ وَ استَكَانَ وَ رَغِبَ إِلَي رَبّهِ فِي العَافِيَةِ وَ بَسَطَ يَدَيهِ بِالصّدَقَةِ وَ لَو كَانَ لَا يَألَمُ مِنَ الضّربِ بِمَ كَانَ السّلطَانُ يُعَاقِبُ الدّعّارَ وَ يُذِلّ العُصَاةَ المَرَدَةَ وَ بِمَ كَانَ الصّبيَانُ يَتَعَلّمُونَ العُلُومَ وَ الصّنَاعَاتِ وَ بِمَ كَانَ العَبِيدُ يَذِلّونَ لِأَربَابِهِم وَ يُذعِنُونَ لِطَاعَتِهِم أَ فَلَيسَ هَذَا تَوبِيخٌ لِابنِ أَبِي العَوجَاءِ وَ ذَوِيّهِ الّذِينَ جَحَدُوا التّدبِيرَ وَ المَانَوِيّةِ الّذِينَ أَنكَرُوا الأَلَمَ وَ الوَجَعَ لَو لَم يُولَد مِنَ الحَيَوَانِ إِلّا ذَكَرٌ فَقَط أَو إِنَاثٌ فَقَط أَ لَم يَكُنِ النّسلُ مُنقَطِعاً وَ بَادَ مَعَ ذَلِكَ أَجنَاسُ الحَيَوَانِ فَصَارَ بَعضُ الأَولَادِ يأَتيِ‌ ذُكُوراً وَ بَعضُهَا يأَتيِ‌ إِنَاثاً لِيَدُومَ التّنَاسُلُ وَ لَا يَنقَطِعُ لِمَ صَارَ الرّجُلُ وَ المَرأَةُ إِذَا أَدرَكَا نَبَتَت لَهُمَا العَانَةُ ثُمّ نَبَتَتِ اللّحيَةُ لِلرّجُلِ وَ تَخَلّفَت عَنِ المَرأَةِ لَو لَا التّدبِيرُ فِي ذَلِكَ فَإِنّهُ لَمَا جَعَلَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ


صفحه : 89

تَعَالَي الرّجُلَ قَيّماً وَ رَقِيباً عَلَي المَرأَةِ وَ جَعَلَ المَرأَةَ عِرساً وَ خَوَلًا لِلرّجُلِ أَعطَي الرّجُلَ اللّحيَةَ لِمَا لَهُ مِنَ العِزّةِ وَ الجَلَالَةِ وَ الهَيبَةِ وَ مَنَعَهَا المَرأَةَ لِتَبقَي لَهَا نِظَارَةُ الوَجهِ وَ البَهجَةُ التّيِ‌ تُشَاكِلُ المُفَاكَهَةَ وَ المُضَاجَعَةَ أَ فَلَا تَرَي الخِلقَةَ كَيفَ يأَتيِ‌ بِالصّوَابِ فِي الأَشيَاءِ وَ تَتَخَلّلُ مَوَاضِعَ الخَطَإِ فَتُعطَي وَ تَمنَعُ عَلَي قَدرِ الإِربِ وَ المَصلَحَةِ بِتَدبِيرِ الحَكِيمِ عَزّ وَ جَلّ

بيان جني الذنب عليه يجنيه جناية جرّه إليه والجدة بالتخفيف الغناء قوله ع في تشابه الأشياء أي قديشبه مال شخص بمال شخص آخر كثوب أونعل أودينار أودرهم فيصير سببا للاشتباه والتشاجر والتنازع فضلا عن تشابه الصورة فإنه أعظم فسادا والمراد أن الناس كثيرا مايشتبه عليهم أمر رجلين لتشابه لباسهما ومركوبهما و غير ذلك فيؤخذ أحدهما بالآخر فكيف مع تشابه الصورة قوله ع واشتبهت مقاديرها أي لم يعرف غاية ماينتهي‌ إليه مقداره فيشتبه الأمر عليه فيما يريد أن يهيئه لنفسه من دار ودابة وثياب وزوجة قوله ع ويجفو أي يبعد ويجتنب و لايداوم علي الصناعات اللطيفة أي التي‌ فيهادقة ولطافة قال الجزري‌ و في الحديث اقرءوا القرآن و لاتجفوا عنه أي تعاهدوه وتبعدوا عن تلاوته انتهي . والحاصل أن الله تعالي جعل الإنسان بحيث تثقل عن الحركة والمشي‌ قبل سائر الحيوانات وتكل عن الأعمال الدقيقة لتعظم عليه مئونة تحصيل مايحتاج إليه فلايبطر و لايطغي أوليكون لهذه الأعمال أجر فيصير سببا لمعايش أقوام يزاولونها والدعار في بعض النسخ بالمهملة من الدعر محركة الفساد والفسق والخبث و في بعضها بالمعجمة من الدغرة وهي‌ أخذ الشي‌ء اختلاسا والعرس بالكسر امرأة الرجل والخول محركة ماأعطاك الله من النعم والعبيد والإماء والمفاكهة الممازحة والمضاحكة قوله ع وتخلل مواضع الخطإ يحتمل أن تكون الجملة حالية أي تأتي‌ بالصواب مع أنها تدخل مواضع هي‌ مظنة الخطإ من قولهم تخللت القوم أي دخلت خلالهم ويحتمل أن يكون المراد بالتخلل التخلف أوالخروج من خلالها لكن تطبيقهما علي المعاني‌ اللغوية يحتاج إلي تكلف

قَالَ المُفَضّلُ ثُمّ حَانَ وَقتُ الزّوَالِ فَقَامَ موَلاَي‌َ إِلَي الصّلَاةِ وَ قَالَ بَكّر إلِيَ‌ّ غَداً


صفحه : 90

إِن شَاءَ اللّهُ فَانصَرَفتُ مِن عِندِهِ مَسرُوراً بِمَا عَرَفتُهُ مُبتَهِجاً بِمَا أُوتِيتُهُ حَامِداً لِلّهِ عَلَي مَا أَنعَمَ بِهِ عَلَيّ شَاكِراً لِأَنعُمِهِ عَلَي مَا منَحَنَيِ‌ بِمَا عَرّفَنِيهِ موَلاَي‌َ وَ تَفَضّلَ بِهِ عَلَيّ فَبِتّ فِي ليَلتَيِ‌ مَسرُوراً بِمَا مَنَحَنِيهِ مَحبُوراً بِمَا عَلّمَنِيهِ

تم المجلس الأول ويتلوه المجلس الثاني‌ من كتاب الأدلة علي الخلق والتدبير والرد علي القائلين بالإهمال ومنكري‌ العمد برواية المفضل عن الصادق صلوات الله عليه و علي آبائه

قَالَ المُفَضّلُ فَلَمّا كَانَ اليَومُ الثاّنيِ‌ بَكّرتُ إِلَي موَلاَي‌َ فَاستُوذِنَ لِي فَدَخَلتُ فأَمَرَنَيِ‌ بِالجُلُوسِ فَجَلَستُ فَقَالَ الحَمدُ لِلّهِ مُدِيرِ الأَدوَارِ وَ مُعِيدِ الأَكوَارِ طَبَقاً عَن طَبَقٍ وَ عَالَماً بَعدَ عَالَمٍليِجَزيِ‌َ الّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يجَزيِ‌َ الّذِينَ أَحسَنُوا بِالحُسنَيعَدلًا مِنهُ تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ وَ جَلّت آلَاؤُهُلا يَظلِمُ النّاسَ شَيئاً وَ لكِنّ النّاسَ أَنفُسَهُم يَظلِمُونَيَشهَدُ بِذَلِكَ قَولُهُ جَلّ قُدسُهُفَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرّةٍ خَيراً يَرَهُ وَ مَن يَعمَل مِثقالَ ذَرّةٍ شَرّا يَرَهُ فِي نَظَائِرَ لَهَا فِي كِتَابِهِ ألّذِي فِيهِ تِبيَانُ كُلّ شَيءٍ وَلا يَأتِيهِ الباطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَ لا مِن خَلفِهِ تَنزِيلٌ مِن حَكِيمٍ حَمِيدٍ وَ لِذَلِكَ قَالَ سَيّدُنَا مُحَمّدٌ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ إِنّمَا هيِ‌َ أَعمَالُكُم تُرَدّ إِلَيكُم ثُمّ أَطرَقَ هُنَيّةً ثُمّ قَالَ يَا مُفَضّلُ الخَلقُ حَيَارَي عَمِهُونَ سُكَارَي فِي طُغيَانِهِم يَتَرَدّدُونَ وَ بِشَيَاطِينِهِم وَ طَوَاغِيتِهِم يَقتَدُونَ بُصَرَاءُ عمُي‌ٌ لَا يُبصِرُونَ نُطَقَاءُ بُكمٌ لَا يَعقِلُونَ سُمَعَاءُ صُمّ لَا يَسمَعُونَ رَضُوا بِالدّونِ وَ حَسِبُوا أَنّهُم مُهتَدُونَ حَادُوا عَن مَدرَجَةِ الأَكيَاسِ وَ رَتَعُوا فِي مَرعَي الأَرجَاسِ الأَنجَاسِ كَأَنّهُم مِن مُفَاجَأَةِ المَوتِ آمِنُونَ وَ عَنِ المُجَازَاتِ مُزَحزَحُونَ يَا وَيلَهُم مَا أَشقَاهُم وَ أَطوَلَ عَنَاءَهُم وَ أَشَدّ بَلَاءَهُميَومَ لا يغُنيِ‌ مَولًي عَن مَولًي شَيئاً وَ لا هُم يُنصَرُونَ إِلّا مَن رَحِمَ اللّهُ قَالَ المُفَضّلُ فَبَكَيتُ لِمَا سَمِعتُ مِنهُ فَقَالَ لَا تَبكِ تَخَلّصتَ إِذ قَبِلتَ وَ نَجَوتَ إِذ عَرَفتَ ثُمّ قَالَ أبَتدَ‌ِئُ لَكَ بِذِكرِ الحَيَوَانِ لِيَتّضِحَ لَكَ مِن أَمرِهِ مَا وَضَحَ لَكَ مِن غَيرِهِ فَكّر فِي أَبنِيَةِ أَبدَانِ الحَيَوَانِ وَ تَهيِئَتِهَا عَلَي مَا هيِ‌َ عَلَيهِ فَلَا هيِ‌َ صِلَابٌ كَالحِجَارَةِ وَ لَو كَانَت كَذَلِكَ لَا تنَثنَيِ‌ وَ لَا تَتَصَرّفُ فِي الأَعمَالِ وَ لَا هيِ‌َ عَلَي غَايَةِ اللّينِ وَ الرّخَاوَةِ فَكَانَت


صفحه : 91

لَا تَتَحَامَلُ وَ لَا تَستَقِلّ بِأَنفُسِهَا فَجُعِلَت مِن لَحمٍ رَخوٍ تنَثنَيِ‌ تَتَدَاخَلُهُ عِظَامٌ صِلَابٌ يُمسِكُهُ عَصَبٌ وَ عُرُوقٌ تَشُدّهُ وَ يُضَمّ بَعضُهُ إِلَي بَعضٍ وَ غُلِفَت فَوقَ ذَلِكَ بِجِلدٍ يَشتَمِلُ عَلَي البَدَنِ كُلّهِ وَ مِن أَشبَاهِ ذَلِكَ هَذِهِ التّمَاثِيلُ التّيِ‌ تُعمَلُ مِنَ العِيدَانِ وَ تُلَفّ بِالخِرَقِ وَ تُشَدّ بِالخُيُوطِ وَ يُطّلَي فَوقَ ذَلِكَ بِالصّمغِ فَيَكُونُ العِيدَانُ بِمَنزِلَةِ العِظَامِ وَ الخِرَقُ بِمَنزِلَةِ اللّحمِ وَ الخُيُوطُ بِمَنزِلَةِ العَصَبِ وَ العُرُوقِ وَ الطّلَا بِمَنزِلَةِ الجِلدِ فَإِن جَازَ أَن يَكُونَ الحَيَوَانُ المُتَحَرّكُ حَدَثَ بِالإِهمَالِ مِن غَيرِ صَانِعٍ جَازَ أَن يَكُونَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ التّمَاثِيلِ المَيّتَةِ فَإِن كَانَ هَذَا غَيرَ جَائِزٍ فِي التّمَاثِيلِ فبَاِلحرَيِ‌ّ أَن لَا يَجُوزَ فِي الحَيَوَانِ وَ فَكّر بَعدَ هَذَا فِي أَجسَادِ الأَنعَامِ فَإِنّهَا حِينَ خُلِقَت عَلَي أَبدَانِ الإِنسِ مِنَ اللّحمِ وَ العَظمِ وَ العَصَبِ أُعطِيَت أَيضاً السّمعَ وَ البَصَرَ لِيَبلُغَ الإِنسَانُ حَاجَتَهُ فَإِنّهَا لَو كَانَت عُمياً صُمّاً لَمَا انتَفَعَ بِهَا الإِنسَانُ وَ لَا تَصَرّفَت فِي شَيءٍ مِن مَآرِبِهِ ثُمّ مُنِعَتِ الذّهنَ وَ العَقلَ لِتَذِلّ لِلإِنسَانِ فَلَا تَمتَنِعَ عَلَيهِ إِذَا كَدّهَا الكَدّ الشّدِيدَ وَ حَمَلَهَا الحِملَ الثّقِيلَ فَإِن قَالَ قَائِلٌ إِنّهُ قَد يَكُونُ لِلإِنسَانِ عَبِيدٌ مِنَ الإِنسِ يَذِلّونَ وَ يُذعِنُونَ بِالكَدّ الشّدِيدِ وَ هُم مَعَ ذَلِكَ غَيرُ عدَيِميِ‌ العَقلِ وَ الذّهنِ فَيُقَالُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ إِنّ هَذَا الصّنفَ مِنَ النّاسِ قَلِيلٌ فَأَمّا أَكثَرُ النّاسِ فَلَا يُذعِنُونَ بِمَا تُذعِنُ بِهِ الدّوَابّ مِنَ الحَملِ وَ الطّحنِ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ وَ لَا يُغرَونَ بِمَا يُحتَاجُ إِلَيهِ مِنهُ ثُمّ لَو كَانَ النّاسُ يُزَاوِلُونَ مِثلَ هَذِهِ الأَعمَالِ بِأَبدَانِهِم لَشُغِلُوا بِذَلِكَ عَن سَائِرِ الأَعمَالِ لِأَنّهُ كَانَ يُحتَاجُ مَكَانَ الجَمَلِ الوَاحِدِ وَ البَغلِ الوَاحِدِ إِلَي عِدّةِ أنَاَسيِ‌ّ فَكَانَ هَذَا العَمَلُ يَستَفرِغُ النّاسَ حَتّي لَا يَكُونَ فِيهِم عَنهُ فَضلٌ لشِيَ‌ءٍ مِنَ الصّنَاعَاتِ مَعَ مَا يَلحَقُهُم مِنَ التّعَبِ الفَادِحِ فِي أَبدَانِهِم وَ الضّيقِ وَ الكَدّ فِي مَعَاشِهِم

إيضاح مدير الأدوار لعل فيه مضافا محذوفا أي ذوي‌ الأدوار أوالإسناد مجازي‌


صفحه : 92

و في بعض النسخ بالباء الموحدة و هوأظهر والأكوار جمع كور بالفتح و هوالجماعة الكثيرة من الإبل والقطيع من الغنم ويقال كل دور كور والمراد إما استئناف قرن بعدقرن وزمان بعدزمان أوإعادة أهل الأكوار والأدوار جميعا في القيامة والأول أظهر و قال الجزري‌ قيل للقرن طبق لأنهم طبق للأرض ثم ينقرضون فيأتي‌ طبق آخر قوله ع في نظائر أي قالها في ضمن نظائر لها أو مع نظائرها قوله ص إنما هي‌ أي المثوبات والعقوبات أعمالكم أي جزاؤها والعمه التحير والتردد والحيد الميل والمدرجة المذهب والمسلك وزحزحه أبعده والانثناء الانعطاف والميل قوله ع و لايغرون في بعض النسخ بالغين المعجمة والراء المهملة علي بناء المفعول من قولهم أغريت الكلب بالصيد أي لايؤثر فيهم الإغراء والتحريص علي جميع الأعمال التي‌ يحتاج إليها الخلق من ذلك العمل ألذي تأتي‌ به الدواب و في بعضها بالعين المهملة والزاي‌ المعجمة من عزي‌ من باب تعب أي صبر علي مانابه والأول أظهر والفادح من قولهم فدحه الدين أثقله ثم اعلم أنه ينبغي‌ حمل السؤال علي أنه كان يمكن أن يكتفي بخلق الحيوانات لأن بعضهم ينقادون ويطيعون بعضا فالجواب منطبق من غيرتكلف

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي هَذِهِ الأَصنَافِ الثّلَاثَةِ مِنَ الحَيَوَانِ وَ فِي خَلقِهَا عَلَي مَا هيِ‌َ عَلَيهِ بِمَا فِيهِ صَلَاحُ كُلّ وَاحِدٍ مِنهَا فَالإِنسُ لَمّا قُدّرُوا أَن يَكُونُوا ذوَيِ‌ ذِهنٍ وَ فِطنَةٍ وَ عِلَاجٍ لِمِثلِ هَذِهِ الصّنَاعَاتِ مِنَ البِنَاءِ وَ التّجَارَةِ وَ الصّيَاغَةِ وَ غَيرِ ذَلِكَ خُلِقَت لَهُم أَكُفّ كِبَارٌ ذَوَاتُ أَصَابِعَ غِلَاظٍ لِيَتَمَكّنُوا مِنَ القَبضِ عَلَي الأَشيَاءِ وَ أَوكَدُهَا هَذِهِ الصّنَاعَاتُ وَ آكِلَاتُ اللّحمِ لَمّا قُدّرَ أَن يَكُونَ مَعَايِشُهَا مِنَ الصّيدِ خُلِقَت لَهُم أَكُفّ لِطَافٌ مُدّمِجَةٌ ذَوَاتُ بَرَاثِنَ وَ مَخَالِيبَ تَصلُحُ لِأَخذِ الصّيدِ وَ لَا تَصلُحُ لِلصّنَاعَاتِ وَ آكِلَاتُ النّبَاتِ لَمّا قُدّرَ أَن يَكُونُوا لَا ذَاتَ صَنعَةٍ وَ لَا ذَاتَ صَيدٍ خُلِقَت لِبَعضِهَا أَظلَافٌ تَقِيهَا خُشُونَةَ الأَرضِ


صفحه : 93

إِذَا حَاوَلَ طَلَبَ الرعّي‌ِ وَ لِبَعضِهَا حَوَافِرُ مُلَملَمَةٌ ذَوَاتُ قَعرٍ كَأَخمَصِ القَدَمِ تَنطَبِقُ عَلَي الأَرضِ لِيَتَهَيّأَ لِلرّكُوبِ وَ الحَمُولَةِ تَأَمّلِ التّدبِيرَ فِي خَلقِ آكِلَاتِ اللّحمِ مِنَ الحَيَوَانِ حِينَ خُلِقَت ذَوَاتُ أَسنَانٍ حِدَادٍ وَ بَرَاثِنَ شِدَادٍ وَ أَشدَاقٍ وَ أَفوَاهٍ وَاسِعَةٍ فَإِنّهُ لَمّا قُدّرَ أَن يَكُونَ طُعمُهَا اللّحمَ خُلِقَت خِلقَةً تُشَاكِلُ ذَلِكَ وَ أُعِينَت بِسِلَاحٍ وَ أَدَوَاتٍ تَصلُحُ لِلصّيدِ وَ كَذَلِكَ تَجِدُ سِبَاعَ الطّيرِ ذَوَاتَ مَنَاقِيرَ وَ مَخَالِيبَ مُهَيّأَةٍ لِفِعلِهَا وَ لَو كَانَتِ الوُحُوشُ ذَوَاتَ مَخَالِبَ كَانَت قَد أُعطِيَت مَا لَا يُحتَاجُ إِلَيهِ لِأَنّهَا لَا تَصِيدُ وَ لَا تَأكُلُ اللّحمَ وَ لَو كَانَتِ السّبَاعُ ذَوَاتَ أَظلَافٍ كَانَت قَد مُنِعَت مَا تَحتَاجُ إِلَيهِ أعَنيِ‌ السّلَاحَ ألّذِي بِهِ تَصِيدُ وَ تَتَعَيّشُ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ أعُطيِ‌َ كُلّ وَاحِدٍ مِنَ الصّنفَينِ مَا يُشَاكِلُ صِنفَهُ وَ طَبَقَتَهُ بَل مَا فِيهِ بَقَاؤُهُ وَ صَلَاحُهُ انظُرِ الآنَ إِلَي ذَوَاتِ الأَربَعِ كَيفَ تَرَاهَا تَتبَعُ أُمّاتِهَا مُستَقِلّةً بِأَنفُسِهَا لَا تَحتَاجُ إِلَي الحَملِ وَ التّربِيَةِ كَمَا تَحتَاجُ أَولَادُ الإِنسِ فَمِن أَجلِ أَنّهُ لَيسَ عِندَ أُمّهَاتِهَا مَا عِندَ أُمّهَاتِ البَشَرِ مِنَ الرّفقِ وَ العِلمِ بِالتّربِيَةِ وَ القُوّةِ عَلَيهَا بِالأَكُفّ وَ الأَصَابِعِ المُهَيّأَةِ لِذَلِكَ أُعطِيَتِ النّهُوضَ وَ الِاستِقلَالَ بِأَنفُسِهَا وَ كَذَلِكَ تَرَي كَثِيراً مِنَ الطّيرِ كَمِثلِ الدّجَاجِ وَ الدّرّاجِ وَ القَبجِ تَدرُجُ وَ تَلقُطُ حِينَ يَنقَابُ عَنهَا البَيضُ فَأَمّا مَا كَانَ مِنهَا ضَعِيفاً لَا نُهُوضَ فِيهِ كَمِثلِ فِرَاخِ الحَمَامِ وَ اليَمَامِ وَ الحُمّرِ فَقَد جُعِلَ فِي الأُمّهَاتِ فَضلُ عَطفٍ عَلَيهَا فَصَارَت تَمُجّ الطّعَامَ فِي أَفوَاهِهَا بَعدَ مَا تُوعِيهِ حَوَاصِلُهَا فَلَا تَزَالُ تَغذُوهَا حَتّي تَستَقِلّ بِأَنفُسِهَا وَ لِذَلِكَ لَم تُرزَقِ الحَمَامُ فِرَاخاً كَثِيرَةً مِثلَ مَا تُزرَقُ الدّجَاجُ لِتَقوَي الأُمّ عَلَي تَربِيَةِ فِرَاخِهَا فَلَا تَفسُدُ وَ لَا تَمُوتُ فَكُلّ أعُطيِ‌َ بِقِسطٍ مِن تَدبِيرِ الحَكِيمِ اللّطِيفِ الخَبِيرِ انظُر إِلَي قَوَائِمِ الحَيَوَانِ كَيفَ تأَتيِ‌ أَزوَاجاً لِتَتَهَيّأَ للِمشَي‌ِ وَ لَو كَانَت أَفرَاداً لَم تَصلُح لِذَلِكَ لِأَنّ الماَشيِ‌َ يَنقُلُ قَوَائِمَهُ وَ يَعتَمِدُ عَلَي بَعضٍ فَذُو القَائِمَتَينِ يَنقُلُ وَاحِدَةً وَ يَعتَمِدُ عَلَي وَاحِدَةٍ وَ ذُو الأَربَعِ يَنقُلُ اثنَينِ وَ يَعتَمِدُ عَلَي اثنَينِ وَ ذَلِكَ مِن خِلَافٍ لِأَنّ ذَا الأَربَعِ لَو كَانَ يَنقُلُ قَائِمَينِ مِن أَحَدِ جَانِبَيهِ وَ يَعتَمِدُ عَلَي قَائِمَينِ مِنَ الجَانِبِ الآخَرِ


صفحه : 94

لَمَا يَثبُتُ عَلَي الأَرضِ كَمَا لَا يَثبُتُ السّرِيرُ وَ مَا أَشبَهَهُ فَصَارَ يَنقُلُ اليُمنَي مِن مَقَادِيمِهِ مَعَ اليُسرَي مِن مَآخِيرِهِ وَ يَنقُلُ الأُخرَيَينِ أَيضاً مِن خِلَافٍ فَيَثبُتُ عَلَي الأَرضِ وَ لَا يَسقُطُ إِذَا مَشَي أَ مَا تَرَي الحِمَارَ كَيفَ يَذِلّ لِلطّحنِ وَ الحَمُولَةِ وَ هُوَ يَرَي الفَرَسَ مُوَدّعاً مُنَعّماً وَ البَعِيرَ لَا يُطِيقُهُ عِدّةُ رِجَالٍ لَوِ استَعصَي كَيفَ كَانَ يَنقَادُ للِصبّيِ‌ّ وَ الثّورَ الشّدِيدَ كَيفَ كَانَ يُذعِنُ لِصَاحِبِهِ حَتّي يَضَعَ النّيرَ عَلَي عُنُقِهِ وَ يَحرِثَ بِهِ وَ الفَرَسَ الكَرِيمَ يَركَبُ السّيُوفَ وَ الأَسِنّةَ بِالمُؤَاتَاةِ لِفَارِسِهِ وَ القَطِيعَ مِنَ الغَنَمِ يَرعَاهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ لَو تَفَرّقَتِ الغَنَمُ فَأَخَذَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهَا فِي نَاحِيَةٍ لَم يَلحَقهَا وَ كَذَلِكَ جَمِيعُ الأَصنَافِ مُسَخّرَةٌ لِلإِنسَانِ فَبِمَ كَانَت كَذَلِكَ إِلّا بِأَنّهَا عُدِمَتِ العَقلَ وَ الرّوِيّةَ فَإِنّهَا لَو كَانَت تَعقِلُ وَ ترُوَيّ‌ فِي الأُمُورِ كَانَت خَلِيقَةً أَن تلَتوَيِ‌َ عَلَي الإِنسَانِ فِي كَثِيرٍ مِن مَآرِبِهِ حَتّي يَمتَنِعَ الجَمَلُ عَلَي قَائِدِهِ وَ الثّورُ عَلَي صَاحِبِهِ وَ تَتَفَرّقُ الغَنَمُ عَن رَاعِيهَا وَ أَشبَاهُ هَذَا مِن الأُمُورِ وَ كَذَلِكَ هَذِهِ السّبَاعُ لَو كَانَت ذَاتَ عَقلٍ وَ رَوِيّةٍ فَتَوَازَرَت عَلَي النّاسِ كَانَت خَلِيقَةً أَن تَجتَاحَهُم فَمَن كَانَ يَقُومُ لِلأُسدِ وَ الذّئَابِ وَ النّمُورَةِ وَ الدّبَبَةِ لَو تَعَاوَنَت وَ تَظَاهَرَت عَلَي النّاسِ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ حُجِرَ ذَلِكَ عَلَيهَا وَ صَارَت مَكَانَ مَا كَانَ يُخَافُ مِن إِقدَامِهَا وَ نِكَايَتِهَا تَهَابُ مَسَاكِنَ النّاسِ وَ تُحجِمُ عَنهَا ثُمّ لَا تَظهُرُ وَ لَا تَنشُرُ لِطَلَبِ قُوتِهَا إِلّا بِاللّيلِ فهَيِ‌َ مَعَ صَولَتِهَا كَالخَائِفِ لِلإِنسِ بَل مَقمُوعَةٍ مَمنُوعَةٍ مِنهُم وَ لَو لَا ذَلِكَ لَسَاوَرَتهُم فِي مَسَاكِنِهِم وَ ضَيّعَت عَلَيهِم ثُمّ جُعِلَ فِي الكَلبِ مِن بَينِ هَذِهِ السّبَاعِ عَطفٌ عَلَي مَالِكِهِ وَ مُحَامَاةٌ عَنهُ وَ حِفَاظٌ لَهُ فَهُوَ يَنتَقِلُ عَلَي الحِيطَانِ وَ السّطُوحِ فِي ظُلمَةِ اللّيلِ لِحِرَاسَةِ مَنزِلِ صَاحِبِهِ وَ ذَبّ الدّغّارِ عَنهُ وَ يَبلُغُ مِن مَحَبّتِهِ لِصَاحِبِهِ أَن يَبذُلَ نَفسَهُ لِلمَوتِ دُونَهُ وَ دُونَ مَاشِيَتِهِ وَ مَالِهِ وَ يَألَفُهُ غَايَةَ الإِلفِ حَتّي يَصبِرَ مَعَهُ عَلَي الجُوعِ وَ الجَفوَةِ فَلِمَ طُبِعَ الكَلبُ عَلَي هَذَا


صفحه : 95

الإِلفِ إِلّا لِيَكُونَ حَارِساً لِلإِنسَانِ لَهُ عَينٌ بِأَنيَابٍ وَ مَخَالِبَ وَ نُبَاحٌ هَائِلٌ لِيَذعَرَ مِنهُ السّارِقَ وَ يَتَجَنّبَ المَوَاضِعَ التّيِ‌ يَحمِيهَا وَ يَخفِرُهَا

بيان وأوكدها أي أوكد الأشياء وأحوجها إلي هذاالنوع من الخلق هذه الصناعات ويحتمل إرجاع الضمير إلي جنس البشر فيكون فعلا أي ألزمها أوألهمها هذه الصناعات و لايبعد إرجاعه إلي الأكف أيضا قوله ع مدمجة أي انضم بعضها إلي بعض قال الجوهري‌ دمج الشي‌ء دموجا إذادخل في الشي‌ء واستحكم فيه وأدمجت الشي‌ء إذالففته في ثوب و في بعض النسخ مدبحة بالباء والحاء المهملة ولعل المراد معوجة من قولهم دبح تدبيحا أي بسط ظهره وطأطأ رأسه و هوتصحيف والبراثن من السباع والطير بمنزلة الأصابع من الإنسان والمخلب ظفر البرثن والململم بفتح اللامين المجتمع المدور المصموم والأخمص من باطن القدم ما لايصيب الأرض والشدق جانب الفم والطعم بالضم الطعام والأمات جمع الأم وقيل إنما تستعمل في البهائم و أما في الناس فيقال أمهات ويقال قاب الطير بيضته فلقها فانقابت واليمام حمام الوحش والحمر بضم الحاء وفتح الميم طائر و قديشدد الميم ويقال مج الرجل الطعام من فيه إذارمي به والمودع من الخيل بفتح الدال المستريح ونير الفدان بالكسر الخشبة المعترضة في عنق الثورين قوله ع يركب السيوف أي يستقبلها بجرأة كأنه يركبها أوبمعني يرتكب مواجهتها والمواتاة الموافقة والدببة كعنبة جمع الدب ويقال أحجم القوم عنه أي نكصوا وتأخروا وتهيبوا أخذه وساوره واثبه ويقال حاميت عنه أي منعت منه والعين بالفتح الغلظ في الجسم والخشونة والخفر المنع

يَا مُفَضّلُ تَأَمّل وَجهَ الدّابّةِ كَيفَ هُوَ فَإِنّكَ تَرَي العَينَينِ شَاخِصَتَينِ أَمَامَهَا لِتُبصِرَ مَا بَينَ يَدَيهَا لِئَلّا تَصدِمَ حَائِطاً أَو تَتَرَدّي فِي حُفرَةٍ وَ تَرَي الفَمَ مَشقُوقاً شَقّاً فِي أَسفَلِ الخَطمِ وَ لَو شُقّ كَمَكَانِ الفَمِ مِنَ الإِنسَانِ فِي مُقَدّمِ الذّقَنِ لَمَا استَطَاعَ أَن يَتَنَاوَلَ بِهِ شَيئاً مِنَ الأَرضِ أَ لَا تَرَي أَنّ الإِنسَانَ لَا يَتَنَاوَلُ الطّعَامَ بِفِيهِ وَ لَكِن بِيَدِهِ تَكرِمَةً لَهُ عَلَي سَائِرِ الآكِلَاتِ فَلَمّا لَم يَكُن لِلدّابّةِ يَدٌ تَتَنَاوَلُ بِهَا العَلَفَ جُعِلَ خَطمُهَا مَشقُوقاً مِن أَسفَلِهِ


صفحه : 96

لِتَقبِضَ بِهِ عَلَي العَلَفِ ثُمّ تَقضَمُهُ وَ أُعِينَت بِالجَحفَلَةِ تَتَنَاوَلُ بِهَا مَا قَرُبَ وَ مَا بَعُدَ اعتَبِر بِذَنَبِهَا وَ المَنفَعَةِ لَهَا فِيهِ فَإِنّهُ بِمَنزِلَةِ الطّبَقِ عَلَي الدّبُرِ وَ الحَيَاءِ جَمِيعاً يُوَارِيهِمَا وَ يَستُرُهُمَا وَ مِن مَنَافِعِهَا فِيهِ أَنّ مَا بَينَ الدّبُرِ وَ مرَاَقيِ‌ البَطنِ مِنهَا وَضَرٌ يَجتَمِعُ عَلَيهِ الذّبَابُ وَ البَعُوضُ فَجُعِلَ لَهَا الذّنَبُ كَالمَذَبّةِ تَذُبّ بِهَا عَن ذَلِكَ المَوضِعِ وَ مِنهَا أَنّ الدّابّةَ تَستَرِيحُ إِلَي تَحرِيكِهِ وَ تَصرِيفِهِ يَمنَةً وَ يَسرَةً فَإِنّهُ لَمّا كَانَ قِيَامُهَا عَلَي الأَربَعِ بِأَسرِهَا وَ شُغِلَتِ المُقَدّمَتَانِ بِحَملِ البَدَنِ عَنِ التّصَرّفِ وَ التّقَلّبِ كَانَ لَهَا فِي تَحرِيكِ الذّنَبِ رَاحَةٌ وَ فِيهِ مَنَافِعُ أُخرَي يَقصُرُ عَنهَا الوَهمُ يُعرَفُ مَوَاقِعُهَا فِي وَقتِ الحَاجَةِ إِلَيهَا فَمِن ذَلِكَ أَنّ الدّابّةَ تَرتَطِمُ فِي الوَحَلِ فَلَا يَكُونُ شَيءٌ أَعوَنُ عَلَي نُهُوضِهَا مِنَ الأَخذِ بِذَنَبِهَا وَ فِي شَعرِ الذّنَبِ مَنَافِعُ لِلنّاسِ كَثِيرَةٌ يَستَعمِلُونَهَا فِي مَآرِبِهِم ثُمّ جُعِلَ ظَهرُهَا مُسَطّحاً مَبطُوحاً عَلَي قَوَائِمَ أَربَعٍ لِيَتَمَكّنَ مِن رُكُوبِهَا وَ جُعِلَ حَيَاهَا بَارِزاً مِن وَرَائِهَا لِيَتَمَكّنَ الفَحلُ مِن ضَربِهَا وَ لَو كَانَ أَسفَلَ البَطنِ كَمَكَانِ الفَرجِ مِنَ المَرأَةِ لَم يَتَمَكّنِ الفَحلُ مِنهَا أَ لَا تَرَي أَنّهُ لَا يَستَطِيعُ أَن يَأتِيَهَا كِفَاحاً كَمَا يأَتيِ‌ الرّجُلُ المَرأَةَ تَأَمّل مِشفَرَ الفِيلِ وَ مَا فِيهِ مِن لَطِيفِ التّدبِيرِ فَإِنّهُ يَقُومُ مَقَامَ اليَدِ فِي تَنَاوُلِ العَلَفِ وَ المَاءِ وَ ازدِرَادِهِمَا إِلَي جَوفِهِ وَ لَو لَا ذَلِكَ مَا استَطَاعَ أَن يَتَنَاوَلَ شَيئاً مِنَ الأَرضِ لِأَنّهُ لَيسَت لَهُ رَقَبَةٌ يَمُدّهَا كَسَائِرِ الأَنعَامِ فَلَمّا عَدِمَ العُنُقَ أُعِينَ مَكَانَ ذَلِكَ بِالخُرطُومِ الطّوِيلِ لِيَسدُلَهُ فَيَتَنَاوَلَ بِهِ حَاجَتَهُ فَمَن ذَا ألّذِي عَوّضَهُ مَكَانَ العُضوِ ألّذِي عَدِمَهُ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ إِلّا الرّءُوفُ بِخَلقِهِ وَ كَيفَ يَكُونُ هَذَا بِالإِهمَالِ كَمَا قَالَتِ الظّلَمَةُ فَإِن قَالَ قَائِلٌ فَمَا بَالُهُ لَم يَخلُق ذَا عُنُقٍ كَسَائِرِ الأَنعَامِ قِيلَ لَهُ إِنّ رَأسَ الفِيلِ وَ أُذُنَيهِ أَمرٌ عَظِيمٌ وَ ثِقلٌ ثَقِيلٌ وَ لَو كَانَ ذَلِكَ عَلَي عُنُقٍ عَظِيمَةٍ لَهَدّهَا وَ أَوهَنَهَا فَجَعَلَ رَأسَهُ مُلصَقاً بِجِسمِهِ لِكَيلَا يَنَالَ مِنهُ مَا وَصَفنَا وَ خَلَقَ لَهُ مَكَانَ العُنُقِ هَذَا المِشفَرَ لِيَتَنَاوَلَ بِهِ غِذَاءَهُ فَصَارَ مَعَ عَدَمِهِ العُنُقَ مُستَوفِياً مَا فِيهِ بُلُوغُ حَاجَتِهِ انظُرِ الآنَ كَيفَ جُعِلَ حَيَاءُ الأُنثَي مِنَ الفِيَلَةِ فِي أَسفَلِ بَطنِهَا فَإِذَا هَاجَت لِلضّرَابِ


صفحه : 97

ارتَفَعَ وَ بَرَزَ حَتّي يَتَمَكّنَ الفَحلُ مِن ضَربِهَا فَاعتَبِر كَيفَ جُعِلَ حَيَاءُ الأُنثَي مِنَ الفِيَلَةِ عَلَي خِلَافِ مَا عَلَيهِ فِي غَيرِهَا مِنَ الأَنعَامِ ثُمّ جُعِلَت فِيهِ هَذِهِ الخُلّةِ لِيَتَهَيّأَ لِلأَمرِ ألّذِي فِيهِ قِوَامُ النّسلِ وَ دَوَامُهُ فَكّر فِي خَلقِ الزّرَافَةِ وَ اختِلَافِ أَعضَائِهَا وَ شِبهِهَا بِأَعضَاءِ أَصنَافٍ مِنَ الحَيَوَانِ فَرَأسُهَا رَأسُ فَرَسٍ وَ عُنُقُهَا عُنُقُ جَمَلٍ وَ أَظلَافُهَا أَظلَافُ بَقَرَةٍ وَ جِلدُهَا جِلدُ نَمِرٍ وَ زَعَمَ نَاسٌ مِنَ الجُهّالِ بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ أَنّ نِتَاجَهَا مِن فُحُولٍ شَتّي قَالُوا وَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنّ أَصنَافاً مِن حَيَوَانِ البَرّ إِذَا وَرَدَتِ المَاءَ تَنزُو عَلَي بَعضِ السّائِمَةِ وَ يُنتَجُ مِثلُ هَذَا الشّخصِ ألّذِي هُوَ كَالمُلتَقَطِ مِن أَصنَافٍ شَتّي وَ هَذَا جَهلٌ مِن قَائِلِهِ وَ قِلّةُ مَعرِفَتِهِ باِلباَر‌ِئِ جَلّ قُدسُهُ وَ لَيسَ كُلّ صِنفٍ مِنَ الحَيَوَانِ يُلقِحُ كُلّ صِنفٍ فَلَا الفَرَسُ يُلقِحُ الجَمَلَ وَ لَا الجَمَلُ يُلقِحُ البَقَرَ وَ إِنّمَا يَكُونُ التّلقِيحُ مِن بَعضِ الحَيَوَانِ فِيمَا يُشَاكِلُهُ وَ يَقرُبُ مِن خَلقِهِ كَمَا يُلقِحُ الفَرَسُ الحِمَارَةَ[الفَرَسَ الحِمَارُ]فَيَخرُجُ بَينَهُمَا البَغلُ وَ يُلقِحُ الذّئبُ الضّبُعَ فَيَخرُجُ بَينَهُمَا السّمعُ عَلَي أَنّهُ لَيسَ يَكُونُ فِي ألّذِي يَخرُجُ مِن بَينِهِمَا عُضوٌ مِن كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا كَمَا فِي الزّرَافَةِ عُضوٌ مِنَ الفَرَسِ وَ عُضوٌ مِنَ الجَمَلِ وَ أَظلَافٌ مِنَ البَقَرَةِ بَل يَكُونُ كَالمُتَوَسّطِ بَينَهُمَا المُمتَزَجِ مِنهُمَا كاَلذّيِ‌ تَرَاهُ فِي البَغلِ فَإِنّكَ تَرَي رَأسَهُ وَ أُذُنَيهِ وَ كَفَلَهُ وَ ذَنَبَهُ وَ حَوَافِرَهُ وَسَطاً بَينَ هَذِهِ الأَعضَاءِ مِنَ الفَرَسِ وَ الحِمَارِ وَ شَحِيجَهُ كَالمُمتَزَجِ مِن صَهِيلِ الفَرَسِ وَ نَهِيقِ الحِمَارِ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَي أَنّهُ لَيسَتِ الزّرَافَةُ مِن لِقَاحِ أَصنَافٍ شَتّي مِنَ الحَيَوَانِ كَمَا زَعَمَ الجَاهِلُونَ بَل هيِ‌َ خَلقٌ عَجِيبٌ مِن خَلقِ اللّهِ لِلدّلَالَةِ عَلَي قُدرَتِهِ التّيِ‌ لَا يُعجِزُهَا شَيءٌ وَ لِيُعلِمَ أَنّهُ خَالِقُ أَصنَافِ الحَيَوَانِ كُلّهَا يَجمَعُ بَينَ مَا يَشَاءُ مِن أَعضَائِهَا فِي أَيّهَا شَاءَ وَ يُفَرّقُ مَا شَاءَ مِنهَا فِي أَيّهَا شَاءَ وَ يَزِيدُ فِي الخِلقَةِ مَا شَاءَ وَ يَنقُصُ مِنهَا مَا شَاءَ دَلَالَةً عَلَي قُدرَتِهِ عَلَي الأَشيَاءِ وَ أَنّهُ لَا يُعجِزُهُ شَيءٌ أَرَادَهُ جَلّ وَ تَعَالَي فَأَمّا طُولُ عُنُقِهَا وَ المَنفَعَةُ لَهَا فِي ذَلِكَ فَإِنّ مَنشَأَهَا وَ مَرعَاهَا فِي غَيَاطِلِ ذَوَاتِ أَشجَارٍ شَاهِقَةٍ ذَاهِبَةٍ طُولًا فِي الهَوَاءِ فهَيِ‌َ تَحتَاجُ إِلَي طُولِ العُنُقِ لِتَنَاوَلَ بِفِيهَا أَطرَافَ تِلكَ الأَشجَارِ فَتَتَقَوّتَ مِن ثِمَارِهَا تَأَمّل خَلقَ القِردِ وَ شِبهَهُ بِالإِنسَانِ فِي كَثِيرٍ مِن أَعضَائِهِ أعَنيِ‌ الرّأسَ وَ الوَجهَ وَ المَنكِبَينِ وَ الصّدرَ وَ كَذَلِكَ أَحشَاؤُهُ شَبِيهَةٌ أَيضاً بِأَحشَاءِ الإِنسَانِ وَ خُصّ مِن ذَلِكَ بِالذّهنِ


صفحه : 98

وَ الفِطنَةِ التّيِ‌ بِهَا يَفهَمُ عَن سَائِسِهِ مَا يُومِئُ إِلَيهِ وَ يحَكيِ‌ كَثِيراً مِمّا يَرَي الإِنسَانَ يَفعَلُهُ حَتّي إِنّهُ يَقرُبُ مِن خَلقِ الإِنسَانِ وَ شَمَائِلِهِ فِي التّدبِيرِ فِي خِلقَتِهِ عَلَي مَا هيِ‌َ عَلَيهِ أَن يَكُونَ عِبرَةً لِلإِنسَانِ فِي نَفسِهِ فَيَعلَمُ أَنّهُ مِن طِينَةِ البَهَائِمِ وَ سِنخِهَا إِذ كَانَ يَقرُبُ مِن خَلقِهَا هَذَا القُربَ وَ أَنّهُ لَو لَا فَضِيلَةٌ فَضّلَهُ اللّهُ بِهَا فِي الذّهنِ وَ العَقلِ وَ النّطقِ كَانَ كَبَعضِ البَهَائِمِ عَلَي أَنّ فِي جِسمِ القِردِ فُضُولًا أُخرَي يُفَرّقُ بَينَهُ وَ بَينَ الإِنسَانِ كَالخَطمِ وَ الذّنَبِ المُسَدّلِ وَ الشّعرِ المُجَلّلِ لِلجِسمِ كُلّهِ وَ هَذَا لَم يَكُن مَانِعاً لِلقِردِ أَن يُلحَقَ بِالإِنسَانِ لَو أعُطيِ‌َ مِثلَ ذِهنِ الإِنسَانِ وَ عَقلِهِ وَ نُطقِهِ وَ الفَصلُ الفَاصِلُ بَينَهُ وَ بَينَ الإِنسَانِ بِالصّحّةِ هُوَ النّقصُ فِي العَقلِ وَ الذّهنِ وَ النّطقِ

بيان شخص البصر ارتفع وشخص الرجل بصره إذافتح عينيه والخطم بالفتح من كل طائر منقاره و من كل دابة مقدم أنفه وفمه وقضم كسمع أكل بأطراف أسنانه والجحفلة بمنزلة الشفة للبغال والحمير والخيل وهي‌ بتقديم الجيم علي الحاء المهملة والطبق محرّكة غطاء كلّ شيء والحياء الفرج والمراد بمراقي‌ البطن ماارتفع منه من وسط أوقرب منه والوضر الدرن والمذبّة بكسر الميم مايذبّ به الذباب وبطحه ألقاه علي وجهه وكفحته كفحا وكفاحا إذااستقبلته والمشفر من البعير كالجحفلة من الفرس و قال الجوهري‌ الزرافة والزرافة بفتح الزاي‌ وضمها مخففة الفاء دابّة يقال لها بالفارسية أشتر گاو پلنگ و قال الفيروزآبادي‌ السمع بكسر السين وسكون الميم ولد الذئب من الضبع لايموت حتف أنفه كالحية وعدوه أسرع من الطير ووثبته تزيد علي ثلاثين ذراعا و قال شحيج البغل والحمار صوته والغياطل جمع الغيطل و هوالشجر الكثير الملتفّ قوله ع أن يكون أي خلق كذلك لأن يكون عبرة للإنسان والسنخ بالكسر الأصل قوله بالصحة هوالنقص في العقل أي الفصل الصحيح ألذي يصلح واقعا أن يكون فاصلا و في أكثر النسخ و هو و علي هذا لايبعد أن تكون تصحيف القحة أي قلة الحياء

انظُر يَا مُفَضّلُ إِلَي لُطفِ اللّهِ جَلّ اسمُهُ بِالبَهَائِمِ كَيفَ كُسِيَت أَجسَامُهُم هَذِهِ الكِسوَةَ مِنَ الشّعرِ وَ الوَبَرِ وَ الصّوفِ لِيَقِيَهَا مِنَ البَردِ وَ كَثرَةِ الآفَاتِ وَ أُلبِسَت قَوَائِمُهَا الأَظلَافَ وَ


صفحه : 99

الحَوَافِرَ وَ الأَخفَافَ لِيَقِيَهَا مِنَ الحَفَا إِذ كَانَت لَا أيَديِ‌َ لَهَا وَ لَا أَكُفّ وَ لَا أَصَابِعَ مُهَيّأَةً لِلغَزلِ وَ النّسجِ فَكُفُوا بِأَن جُعِلَ كِسوَتُهُم فِي خِلقَتِهِم بَاقِيَةً عَلَيهِم مَا بَقُوا لَا يَحتَاجُونَ إِلَي تَجدِيدِهَا وَ الِاستِبدَالِ بِهَا فَأَمّا الإِنسَانُ فَإِنّهُ ذُو حِيلَةٍ وَ كَفّ مُهَيّأَةٍ لِلعَمَلِ فَهُوَ يَنسِجُ وَ يَغزِلُ وَ يَتّخِذُ لِنَفسِهِ الكِسوَةَ وَ يَستَبدِلُ بِهَا حَالًا بَعدَ حَالٍ وَ لَهُ فِي ذَلِكَ صَلَاحٌ مِن جِهَاتٍ مِن ذَلِكَ أَنّهُ يَشتَغِلُ بِصَنعَةِ اللّبَاسِ عَنِ العَبَثِ وَ مَا يُخرِجُهُ إِلَيهِ الكِفَايَةُ وَ مِنهَا أَنّهُ يَستَرِيحُ إِلَي خَلعِ كِسوَتِهِ إِذَا شَاءَ وَ لُبسِهَا إِذَا شَاءَ وَ مِنهَا أَن يَتّخِذَ لِنَفسِهِ مِنَ الكِسوَةِ ضُرُوباً لَهَا جَمَالٌ وَ رَوعَةٌ فَيَتَلَذّذُ بِلُبسِهَا وَ تَبدِيلِهَا وَ كَذَلِكَ يَتّخِذُ بِالرّفقِ مِنَ الصّنعَةِ ضُرُوباً مِنَ الخِفَافِ وَ النّعَالِ يقَيِ‌ بِهَا قَدَمَيهِ وَ فِي ذَلِكَ مَعَايِشُ لِمَن يَعمَلُهُ مِنَ النّاسِ وَ مَكَاسِبُ يَكُونُ فِيهَا مَعَاشُهُم وَ مِنهَا أَقوَاتُهُم وَ أَقوَاتُ عِيَالِهِم فَصَارَ الشّعرُ وَ الوَبَرُ وَ الصّوفُ يَقُومُ لِلبَهَائِمِ مَقَامَ الكِسوَةِ وَ الأَظلَافُ وَ الحَوَافِرُ وَ الأَخفَافُ مَقَامَ الحِذَاءِ

بيان قال الجوهري‌ قال الكسائي‌ رجل حاف بيّن الحفوة والحفاء بالمد و هو ألذي يمشي‌ بلا خفّ و لانعل و قال و أما ألذي حفي‌ من كثرة المشي‌ أي رقّت قدمه أوحافره فإنه حفّ بيّن الحفا مقصورا وأحفاه غيره انتهي قوله ع وروعه من قولهم راعني‌ الشي‌ء أعجبني‌

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي خِلقَةٍ عَجِيبَةٍ جُعِلَت فِي البَهَائِمِ فَإِنّهُم يُوَارُونَ أَنفُسَهُم إِذَا مَاتُوا كَمَا يوُاَريِ‌ النّاسُ مَوتَاهُم وَ إِلّا فَأَينَ جِيَفُ هَذِهِ الوُحُوشِ وَ السّبَاعِ وَ غَيرِهَا لَا يُرَي مِنهَا شَيءٌ وَ لَيسَت قَلِيلَةً فَتَخفَي لِقِلّتِهَا بَل لَو قَالَ قَائِلٌ إِنّهَا أَكثَرُ مِنَ النّاسِ لَصَدَقَ فَاعتَبِر ذَلِكَ بِمَا تَرَاهُ فِي الصحّاَريِ‌ وَ الجِبَالِ مِن أَسرَابِ الظّبَاءِ وَ المَهَا وَ الحَمِيرِ وَ الوُعُولِ وَ الأَيَائِلِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِنَ الوُحُوشِ وَ أَصنَافِ السّبَاعِ مِنَ الأُسدِ وَ الضّبَاعِ وَ الذّئَابِ وَ النّمُورِ وَ غَيرِهَا وَ ضُرُوبِ الهَوَامّ وَ الحَشَرَاتِ وَ دَوَابّ الأَرضِ وَ كَذَلِكَ أَسرَابُ الطّيرِ مِنَ الغِربَانِ وَ القَطَا وَ الإِوَزّ وَ الكرَاَكيِ‌ وَ الحَمَامِ وَ سِبَاعِ الطّيرِ جَمِيعاً وَ كُلّهَا لَا يُرَي مِنهَا شَيءٌ إِذَا


صفحه : 100

مَاتَت إِلّا الوَاحِدَ بَعدَ الوَاحِدِ يَصِيدُهُ قَانِصٌ أَو يَفتَرِسُهُ سَبُعٌ فَإِذَا أَحَسّوا بِالمَوتِ كَمَنُوا فِي مَوَاضِعَ خَفِيّةٍ فَيَمُوتُونَ فِيهَا وَ لَو لَا ذَلِكَ لَامتَلَأَتِ الصحّاَريِ‌ مِنهَا حَتّي تَفسُدَ رَائِحَةُ الهَوَاءِ وَ يُحدَثُ الأَمرَاضُ وَ الوَبَاءُ فَانظُر إِلَي هَذَا ألّذِي يَخلُصُ إِلَيهِ النّاسُ وَ عَمِلُوهُ بِالتّمثِيلِ الأَوّلِ ألّذِي مُثّلَ لَهُم كَيفَ جُعِلَ طَبعاً وَ ادّكَاراً فِي البَهَائِمِ وَ غَيرِهَا لِيَسلَمَ النّاسُ مِن مَعَرّةِ مَا يُحدَثُ عَلَيهِم مِنَ الأَمرَاضِ وَ الفَسَادِ

توضيح السرب بالكسر والسربة القطيع من الظباء والقطا والخيل ونحوها والجمع أسراب والمهاة البقرة الوحشية والجمع مها والوعل بالفتح وككتف تيس الجبل والجمع وعال ووعول والأيل بضم الهمزة وكسرها وفتح الياء المشددة وكسيد الذكر من الأوعال ويقال هو ألذي يسمي بالفارسية گوزن والجمع أياييل والقانص الصائد وخلص إليه وصل والمراد بالتمثيل ماذكره الله تعالي في قصة قابيل والمعرة الأذي

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي الفَطَنِ التّيِ‌ جُعِلَت فِي البَهَائِمِ لِمَصلَحَتِهَا بِالطّبعِ وَ الخِلقَةِ لُطفاً مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ لَهُم لِئَلّا يَخلُوَ مِن نِعَمِهِ جَلّ وَ عَزّ أَحَدٌ مِن خَلقِهِ لَا بِعَقلٍ وَ رَوِيّةٍ فَإِنّ الأُيّلَ يَأكُلُ الحَيّاتِ فَيَعطَشُ عَطَشاً شَدِيداً فَيَمتَنِعُ مِن شُربِ المَاءِ خَوفاً مِن أَن يَدِبّ السّمّ فِي جِسمِهِ فَيَقتُلَهُ وَ يَقِفُ عَلَي الغَدِيرِ وَ هُوَ مَجهُودٌ عَطَشاً فَيَعِجّ عَجِيجاً عَالِياً وَ لَا يَشرَبُ مِنهُ وَ لَو شَرِبَ لَمَاتَ مِن سَاعَتِهِ فَانظُر إِلَي مَا جُعِلَ مِن طِبَاعِ هَذِهِ البَهِيمَةِ مِن تَحَمّلِ الظّمَاءِ الغَالِبِ خَوفاً مِنَ المَضَرّةِ فِي الشّربِ وَ ذَلِكَ مِمّا لَا يَكَادُ الإِنسَانُ العَاقِلُ المُمَيّزُ يَضبِطُهُ مِن نَفسِهِ وَ الثّعلَبَ إِذَا أَعوَزَهُ الطّعمُ تَمَاوَتَ وَ نَفَخَ بَطنَهُ حَتّي يَحسُبَهُ الطّيرُ مَيّتاً فَإِذَا وَقَعَت عَلَيهِ لِتَنهَشَهُ وَثَبَ عَلَيهَا فَأَخَذَهَا فَمَن أَعَانَ الثّعلَبَ العَدِيمَ النّطقِ وَ الرّوِيّةِ بِهَذِهِ الحِيلَةِ إِلّا مَن تَوَكّلَ بِتَوجِيهِ الرّزقِ لَهُ مِن هَذَا وَ شِبهِهِ فَإِنّهُ لَمّا كَانَ الثّعلَبُ يَضعُفُ عَن كَثِيرٍ مِمّا يَقوَي عَلَيهِ السّبَاعُ مِن مُسَاوَرَةِ الصّيدِ أُعِينَ بِالدّهَاءِ وَ الفِطنَةِ وَ الِاحتِيَالِ لِمَعَاشِهِ وَ الدّلفِينَ يَلتَمِسُ صَيدَ الطّيرِ فَيَكُونُ حِيلَتُهُ فِي ذَلِكَ أَن يَأخُذَ السّمَكَ فَيَقتُلَهُ وَ


صفحه : 101

يَشرَحَهُ حَتّي يَطفُوَ عَلَي المَاءِ يَكمُنُ تَحتَهُ وَ يُثَوّرُ المَاءَ ألّذِي عَلَيهِ حَتّي لَا يَتَبَيّنَ شَخصُهُ فَإِذَا وَقَعَ الطّيرُ عَلَي السّمَكِ الطاّفيِ‌ وَثَبَ إِلَيهَا فَاصطَادَهَا فَانظُر إِلَي هَذِهِ الحِيلَةِ كَيفَ جُعِلَت طَبَعاً فِي هَذِهِ البَهِيمَةِ لِبَعضِ المَصلَحَةِ قَالَ المُفَضّلُ فَقُلتُ خبَرّنيِ‌ يَا موَلاَي‌َ عَنِ التّنّينِ وَ السّحَابِ فَقَالَ ع إِنّ السّحَابَ كَالمُوَكّلِ بِهِ يَختَطِفُهُ حَيثُمَا ثَقِفَهُ كَمَا يَختَطِفُ حَجَرُ المِغنَاطِيسِ الحَدِيدَ فَهُوَ لَا يَطلُعُ رَأسَهُ فِي الأَرضِ خَوفاً مِنَ السّحَابِ وَ لَا يَخرُجُ إِلّا فِي القَيظِ مَرّةً إِذَا صَحَتِ السّمَاءُ فَلَم يَكُن فِيهَا نُكتَةٌ مِن غَيمَةٍ قُلتُ فَلِمَ وَكّلَ السّحَابَ بِالتّنّينِ يَرصُدُهُ وَ يَختَطِفُهُ إِذَا وَجَدَهُ قَالَ لِيَدفَعَ عَنِ النّاسِ مَضَرّتَهُ

بيان قوله لابعقل وروية لعل المراد أن هذه الأمور من محض لطفه تعالي حيث يلهمهم ذلك لابعقل وروية و في أكثر النسخ لايعقل ومروته و هوتصحيف والمراد معلوم والجهد الطاقة والمشقة أي أصابته مشقة عظيمة من العطش والعجيج الصياح ورفع الصوت وأعوزه الشي‌ء أي احتاج إليه والتماوت إظهار الموت حيلة والمساورة هي‌ الوثوب علي وجه الصيد و قال الفيروزآبادي‌ الدلفين بالضم دابّة بحريّة تنجي‌ الغريق و قوله ع يثور الماء أي يهيجه ويحركه والتنين حيّة عظيمة معروفة وثقفه أي وجده والقيظ صميم الصيف من طلوع الثريا إلي طلوع سهيل والصحو ذهاب الغيم

قَالَ المُفَضّلُ فَقُلتُ قَد وَصَفتَ لِي موَلاَي‌َ مِن أَمرِ البَهَائِمِ مَا فِيهِ مُعتَبَرٌ لِمَنِ اعتَبَرَ فَصِف لِيَ الذّرّةَ وَ النّملَ وَ الطّيرَ فَقَالَ ع يَا مُفَضّلُ تَأَمّل وَجهَ الذّرّةِ الحَقِيرَةِ الصّغِيرَةِ هَل تَجِدُ فِيهَا نَقصاً عَمّا فِيهِ صَلَاحُهَا


صفحه : 102

فَمِن أَينَ هَذَا التّقدِيرُ وَ الصّوَابُ فِي خَلقِ الذّرّةِ إِلّا مِنَ التّدبِيرِ القَائِمِ فِي صَغِيرِ الخَلقِ وَ كَبِيرِهِ انظُر إِلَي النّملِ وَ احتِشَادِهَا فِي جَمعِ القُوتِ وَ إِعدَادِهِ فَإِنّكَ تَرَي الجَمَاعَةَ مِنهَا إِذَا نَقَلَتِ الحَبّ إِلَي زُبيَتِهَا بِمَنزِلَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ النّاسِ يَنقُلُونَ الطّعَامَ أَو غَيرَهُ بَل لِلنّملِ فِي ذَلِكَ مِنَ الجِدّ وَ التّشمِيرِ مَا لَيسَ لِلنّاسِ مِثلُهُ أَ مَا تَرَاهُم يَتَعَاوَنُونَ عَلَي النّقلِ كَمَا يَتَعَاوَنُ النّاسُ عَلَي العَمَلِ ثُمّ يَعمِدُونَ إِلَي الحَبّ فَيُقَطّعُونَهُ قِطَعاً لِكَيلَا يَنبُتَ فَيَفسُدَ عَلَيهِم فَإِن أَصَابَهُ نَدًي أَخرَجُوهُ فَنَشَرُوهُ حَتّي يَجِفّ ثُمّ لَا يَتّخِذُ النّملُ الزّبيَةَ إِلّا فِي نَشرٍ مِنَ الأَرضِ كيَ‌ لَا يُفِيضَ السّيلُ فَيُغرِقَهَا فَكُلّ هَذَا مِنهُ بِلَا عَقلٍ وَ لَا رَوِيّةٍ بَل خِلقَةٌ خُلِقَ عَلَيهَا لِمَصلَحَةٍ لُطفاً مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ انظُر إِلَي هَذَا ألّذِي يُقَالُ لَهُ اللّيثُ وَ تُسَمّيهِ العَامّةُ أَسَدَ الذّبَابِ وَ مَا أعُطيِ‌َ مِنَ الحِيلَةِ وَ الرّفقِ فِي مَعَاشِهِ فَإِنّكَ تَرَاهُ حِينَ يُحِسّ بِالذّبَابِ قَد وَقَعَ قَرِيباً مِنهُ تَرَكَهُ مَلِيّاً حَتّي كَأَنّهُ مَوَاتٌ لَا حَرَاكَ بِهِ فَإِذَا رَأَي الذّبَابَ قَدِ اطمَأَنّ وَ غَفَلَ عَنهُ دَبّ دَبِيباً دَقِيقاً حَتّي يَكُونَ مِنهُ بِحَيثُ يَنَالُهُ وَثبُهُ ثُمّ يَثِبُ عَلَيهِ فَيَأخُذُهُ فَإِذَا أَخَذَهُ اشتَمَلَ عَلَيهِ بِجِسمِهِ كُلّهِ مَخَافَةَ أَن يَنجُوَ مِنهُ فَلَا يَزَالُ قَابِضاً عَلَيهِ حَتّي يُحِسّ بِأَنّهُ قَد ضَعُفَ وَ استَرخَي ثُمّ يُقبِلُ عَلَيهِ فَيَفتَرِسُهُ وَ يَحيَا بِذَلِكَ مِنهُ فَأَمّا العَنكَبُوتُ فَإِنّهُ يَنسِجُ ذَلِكَ النّسجَ فَيَتّخِذُهُ شَرَكاً وَ مَصِيدَةً لِلذّبَابِ ثُمّ يَكمُنُ فِي جَوفِهِ فَإِذَا نَشِبَ فِيهِ الذّبَابُ أَجَالَ عَلَيهِ يَلدَغُهُ سَاعَةً بَعدَ سَاعَةٍ فَيَعِيشُ بِذَلِكَ مِنهُ فَكَذَلِكَ يُحكَي صَيدُ الكِلَابِ وَ الفُهُودِ وَ هَكَذَا يُحكَي صَيدُ الأَشرَاكِ وَ الحَبَائِلِ


صفحه : 103

فَانظُر إِلَي هَذِهِ الدّوَيبّةِ الضّعِيفَةِ كَيفَ جُعِلَ فِي طَبعِهَا مَا لَا يَبلُغُهُ الإِنسَانُ إِلّا بِالحِيلَةِ وَ استِعمَالِ آلَاتٍ فِيهَا فَلَا تَزدَرِ باِلشيّ‌ءِ إِذَا كَانَتِ العِبرَةُ فِيهِ وَاضِحَةً كَالذّرّةِ وَ النّملَةِ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ فَإِنّ المَعنَي النّفِيسَ قَد يُمَثّلُ باِلشيّ‌ءِ الحَقِيرِ فَلَا يَضَعُ مِنهُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَضَعُ مِنَ الدّينَارِ وَ هُوَ مِن ذَهَبٍ أَن يُوزَنَ بِمِثقَالٍ مِن حَدِيدٍ

بيان الاحتشاد الاجتماع والزبية بالضم الحفرة والنشر بالفتح وبالتحريك المكان المرتفع و قال الجوهري‌ الليث الأسد وضرب من العناكب يصطاد الذباب بالوثب انتهي والموات بالفتح ما لاروح فيه ويقال ما به حراك كسحاب أي حركه والشرك بالتحريك حبالة الصائد ويقال أحال عليه بالسوط يضربه أي أقبل قوله ع فكذلك أي كفعل الليث و قوله هكذا أي كالعنكبوت والازدراء الاحتقار قوله ع فلايضع منه أي لاينقص من قدر المعني النفيس تمثيله بالشي‌ء الحقير قال الفيروزآبادي‌ وضع عنه حط من قدره

تَأَمّل يَا مُفَضّلُ جِسمَ الطّائِرِ وَ خِلقَتَهُ فَإِنّهُ حِينَ قُدّرَ أَن يَكُونَ طَائِراً فِي الجَوّ خُفّفَ جِسمُهُ وَ أُدمِجَ خَلقُهُ فَاقتَصَرَ بِهِ مِنَ القَوَائِمِ الأَربَعِ عَلَي اثنَتَينِ وَ مِنَ الأَصَابِعِ الخَمسِ عَلَي أَربَعٍ وَ مِن مَنفَذَينِ لِلزّبلِ وَ البَولِ عَلَي وَاحِدٍ يَجمَعُهُمَا ثُمّ خُلِقَ ذَا جُؤجُؤٍ مُحَدّدٍ لِيَسهُلَ عَلَيهِ أَن يَخرِقَ الهَوَاءَ كَيفَ مَا أَخَذَ فِيهِ كَمَا جُعِلَ السّفِينَةُ بِهَذِهِ الهَيئَةِ لِتَشُقّ المَاءَ وَ تَنفُذَ فِيهِ وَ جُعِلَ فِي جَنَاحَيهِ وَ ذَنَبِهِ رِيشَاتٌ طِوَالٌ مِتَانٌ لِيَنهَضَ بِهَا لِلطّيَرَانِ وَ كسُيِ‌َ كُلّهُ الرّيشَ لِيُدَاخِلَهُ الهَوَاءُ فَيُقِلّهُ وَ لَمّا قُدّرَ أَن يَكُونَ طُعمُهُ الحَبّ وَ اللّحمَ يَبلَعُهُ بَلعاً بِلَا مَضغٍ نُقِصَ مِن خَلقِهِ الأَسنَانُ وَ خُلِقَ لَهُ مِنقَارٌ صُلبٌ جَاسٍ يَتَنَاوَلُ بِهِ طُعمَهُ فَلَا ينسجح [يَنسَحِجُ] مِن لَقطِ الحَبّ وَ لَا يَتَقَصّفُ مِن نَهشِ اللّحمِ وَ لَمّا عَدِمَ الأَسنَانَ وَ صَارَ يَزدَرِدُ الحَبّ صَحِيحاً وَ اللّحمَ غَرِيضاً أُعِينَ بِفَضلِ حَرَارَةٍ فِي الجَوفِ تَطحَنُ لَهُ الطّعمَ طَحناً يسَتغَنيِ‌ بِهِ عَنِ المَضغِ وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِأَنّ عَجَمَ العِنَبِ وَ غَيرِهِ يَخرُجُ مِن أَجوَافِ الإِنسِ صَحِيحاً وَ يُطحَنُ فِي أَجوَافِ الطّيرِ لَا يُرَي لَهُ أَثَرٌ ثُمّ جُعِلَ مِمّا يَبِيضُ بَيضاً وَ لَا يَلِدُ وِلَادَةً لِكَيلَا يَثقُلَ عَنِ الطّيَرَانِ فَإِنّهُ لَو كَانَتِ الفِرَاخُ فِي جَوفِهِ تَمكُثُ حَتّي تَستَحكِمَ لَأَثقَلَتهُ وَ عَاقَتهُ عَنِ النّهُوضِ


صفحه : 104

وَ الطّيَرَانِ فَجُعِلَ كُلّ شَيءٍ مِن خَلقِهِ مُشَاكِلًا لِلأَمرِ ألّذِي قُدّرَ أَن يَكُونَ عَلَيهِ ثُمّ صَارَ الطّائِرُ السّائِحُ فِي هَذَا الجَوّ يَقعُدُ عَلَي بَيضِهِ فَيَحضُنُهُ أُسبُوعاً وَ بَعضُهَا أُسبُوعَينِ وَ بَعضُهَا ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ حَتّي يَخرُجَ الفَرخُ مِنَ البَيضَةِ ثُمّ يُقبِلُ عَلَيهِ فَيَزُقّهُ الرّيحَ لِتَتّسِعَ حَوصَلَتُهُ لِلغِذَاءِ ثُمّ يُرَبّيهِ وَ يُغَذّيهِ بِمَا يَعِيشُ بِهِ فَمَن كَلّفَهُ أَن يَلقُطَ الطّعمَ وَ يَستَخرِجَهُ بَعدَ أَن يَستَقِرّ فِي حَوصَلَتِهِ وَ يَغذُو بِهِ فِرَاخَهُ وَ لأِيَ‌ّ مَعنًي يَحتَمِلُ هَذِهِ المَشَقّةَ وَ لَيسَ بذِيِ‌ رَوِيّةٍ وَ لَا تَفَكّرٍ وَ لَا يَأمُلُ فِي فِرَاخِهِ مَا يَأمُلُ الإِنسَانُ فِي وَلَدِهِ مِنَ العِزّ وَ الرّفدِ وَ بَقَاءِ الذّكرِ فَهَذَا هُوَ فِعلٌ يَشهَدُ بِأَنّهُ مَعطُوفٌ عَلَي فِرَاخِهِ لِعِلّةٍ لَا يَعرِفُهَا وَ لَا يُفَكّرُ فِيهَا وَ هيِ‌َ دَوَامُ النّسلِ وَ بَقَاؤُهُ لُطفاً مِنَ اللّهِ تَعَالَي ذِكرُهُ انظُر إِلَي الدّجَاجَةِ كَيفَ تُهَيّجُ لِحِضنِ البَيضِ وَ التّفرِيخِ وَ لَيسَ لَهَا بَيضٌ مُجتَمَعٌ وَ لَا وَكرٌ مُوَطّأٌ بَل تَنبَعِثُ وَ تَنتَفِخُ وَ تقُوَقيِ‌ وَ تَمتَنِعُ مِنَ الطّعمِ حَتّي يُجمَعَ لَهَا البَيضُ فَتَحضُنُهُ وَ تُفَرّخُ فَلِمَ كَانَ ذَلِكَ مِنهَا إِلّا لِإِقَامَةِ النّسلِ وَ مَن أَخَذَهَا بِإِقَامَةِ النّسلِ وَ لَا رَوِيّةَ وَ لَا تَفَكّرَ لَو لَا أَنّهَا مَجبُولَةٌ عَلَي ذَلِكَ اعتَبِر بِخَلقِ البَيضَةِ وَ مَا فِيهَا مِنَ المُحّ الأَصفَرِ الخَاثِرِ وَ المَاءِ الأَبيَضِ الرّقِيقِ فَبَعضُهُ لِيَنتَشِرَ مِنهُ الفَرخُ وَ بَعضُهُ لِيُغَذّي بِهِ إِلَي أَن تَنقَابَ عَنهُ البَيضَةُ وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ التّدبِيرِ فَإِنّهُ لَو كَانَ نُشُوءُ الفَرخِ فِي تِلكَ القِشرَةِ المُستَحصَنَةِ التّيِ‌ لَا مَسَاغَ لشِيَ‌ءٍ إِلَيهَا لَجُعِلَ مَعَهُ فِي جَوفِهَا مِنَ الغِذَاءِ مَا يكَتفَيِ‌ بِهِ إِلَي وَقتِ خُرُوجِهِ مِنهَا كَمَن يُحبَسُ فِي حَبسٍ حَصِينٍ لَا يُوصَلُ إِلَي مَن فِيهِ فَيُجعَلُ مَعَهُ مِنَ القُوتِ مَا يكَتفَيِ‌ بِهِ إِلَي وَقتِ خُرُوجِهِ مِنهُ فَكّر فِي حَوصَلَةِ الطّائِرِ وَ مَا قُدّرَ لَهُ فَإِنّ مَسلَكَ الطّعمِ إِلَي القَانِصَةِ ضَيّقٌ لَا يَنفُذُ فِيهِ الطّعَامُ إِلّا قَلِيلًا قَلِيلًا فَلَو كَانَ الطّائِرُ لَا يَلقُطُ حَبّةً ثَانِيَةً حَتّي تَصِلَ الأُولَي إِلَي القَانِصَةِ لَطَالَ عَلَيهِ وَ مَتَي كَانَ يسَتوَفيِ‌ طُعمَهُ فَإِنّمَا يَختَلِسُهُ اختِلَاساً لِشِدّةِ الحَذَرِ


صفحه : 105

فَجُعِلَتِ الحَوصَلَةُ كَالمِخلَاةِ المُعَلّقَةِ أَمَامَهُ ليِوُعيِ‌َ فِيهَا مَا أَدرَكَ مِنَ الطّعمِ بِسُرعَةٍ ثُمّ تُنفِذُهُ إِلَي القَانِصَةِ عَلَي مَهلٍ وَ فِي الحَوصَلَةِ أَيضاً خُلّةٌ أُخرَي فَإِنّ مِنَ الطّائِرِ مَا يَحتَاجُ إِلَي أَن يَزُقّ فِرَاخَهُ فَيَكُونُ رَدّهُ لِلطّعمِ مِن قُربٍ أَسهَلَ عَلَيهِ

توضيح أقلّه أي حمله ورفعه وجسا كدعا صلب ويبس ويقال سحجت جلده فانسحج أي قشرته فانقشر والتقصّف التكسّر والغريض الطري‌ّ أي غيرمطبوخ والعجم بالتحريك النوي وحضن الطائر بيضته يحضنه إذاضمّه إلي نفسه تحت جناحه وزقّ الطائر فرخه يزقّه أي أطعمه بفيه وتقوقي‌ أي تصيح والمحّ بضم الميم والحاء المهملة صفرة البيض و في بعض النسخ بالخاء المعجمة و قال الأصمعي‌ أخثرت الزبد تركته خاثرا و ذلك إذا لم تذبه وتنقاب أي تنفلق

قَالَ المُفَضّلُ فَقُلتُ يَا موَلاَي‌َ إِنّ قَوماً مِنَ المُعَطّلَةِ يَزعُمُونَ أَنّ اختِلَافَ الأَلوَانِ وَ الأَشكَالِ فِي الطّيرِ إِنّمَا يَكُونُ مِن قِبَلِ امتِزَاجِ الأَخلَاطِ وَ اختِلَافِ مَقَادِيرِهَا بِالمَرَجِ وَ الإِهمَالِ فَقَالَ يَا مُفَضّلُ هَذَا الوشَي‌ُ ألّذِي تَرَاهُ فِي الطّوَاوِيسِ وَ الدّرّاجِ وَ التّدَارِجِ عَلَي استِوَاءٍ وَ مُقَابَلَةٍ كَنَحوِ مَا يَخُطّ بِالأَقلَامِ كَيفَ يأَتيِ‌ بِهِ الِامتِزَاجُ المُهمَلُ عَلَي شَكلٍ وَاحِدٍ لَا يَختَلِفُ وَ لَو كَانَ بِالإِهمَالِ لَعَدِمَ الِاستِوَاءَ وَ لَكَانَ مُختَلِفاً تَأَمّل رِيشَ الطّيرِ كَيفَ هُوَ فَإِنّكَ تَرَاهُ مَنسُوجاً كَنَسجِ الثّوبِ مِن سُلُوكٍ دِقَاقٍ قَد أُلّفَ بَعضُهُ إِلَي بَعضٍ كَتَألِيفِ الخَيطِ إِلَي الخَيطِ وَ الشّعرَةِ إِلَي الشّعرَةِ ثُمّ تَرَي ذَلِكَ النّسجَ إِذَا مَدَدتَهُ يَنفَتِحُ قَلِيلًا وَ لَا يَنشَقّ لِتُدَاخِلَهُ الرّيحُ فَيَقِلّ الطّائِرُ إِذَا طَارَ وَ تَرَي فِي وَسَطِ الرّيشَةِ عَمُوداً غَلِيظاً مَتِيناً قَد نُسِجَ عَلَيهِ ألّذِي هُوَ مِثلُ الشّعرِ لِيُمسِكَهُ بِصَلَابَتِهِ وَ هُوَ القَصَبَةُ التّيِ‌ هُوَ فِي وَسَطِ الرّيشَةِ وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ أَجوَفُ لِيَخِفّ عَلَي الطّائِرِ وَ لَا يَعُوقَهُ عَنِ الطّيَرَانِ


صفحه : 106

بيان المرج بالتحريك الفساد والاضطراب والاختلاط و في بعض النسخ بالزاي‌ المعجمة والأول أظهر والوشي‌ نقش الثوب و يكون من كل لون والسلوك جمع السلك و هوجمع السلكة بالكسر الخيط يخاط بها

هَل رَأَيتَ يَا مُفَضّلُ هَذَا الطّائِرَ الطّوِيلَ السّاقَينِ وَ عَرَفتَ مَا لَهُ مِنَ المَنفَعَةِ فِي طُولِ سَاقَيهِ فَإِنّهُ أَكثَرُ ذَلِكَ فِي ضَحضَاحٍ مِنَ المَاءِ فَتَرَاهُ بِسَاقَينِ طَوِيلَينِ كَأَنّهُ رَبِيئَةٌ فَوقَ مَرقَبٍ وَ هُوَ يَتَأَمّلُ مَا يَدِبّ فِي المَاءِ فَإِذَا رَأَي شَيئاً مِمّا يَتَقَوّتُ بِهِ خَطَا خُطُوَاتٍ رَقِيقاً حَتّي يَتَنَاوَلَهُ وَ لَو كَانَ قَصِيرَ السّاقَينِ وَ كَانَ يَخطُو نَحوَ الصّيدِ لِيَأخُذَهُ يُصِيبُ بَطنُهُ المَاءَ فَيَثُورُ وَ يَذعَرُ مِنهُ فَيَتَفَرّقُ عَنهُ فَخُلِقَ لَهُ ذَلِكَ العَمُودَانِ لِيُدرِكَ بِهِمَا حَاجَتَهُ وَ لَا يَفسُدَ عَلَيهِ مَطلَبُهُ تَأَمّل ضُرُوبَ التّدبِيرِ فِي خَلقِ الطّائِرِ فَإِنّكَ تَجِدُ كُلّ طَائِرٍ طَوِيلِ السّاقَينِ طَوِيلَ العُنُقِ وَ ذَلِكَ لِيَتَمَكّنَ مِن تَنَاوُلِ طُعمِهِ مِنَ الأَرضِ وَ لَو كَانَ طَوِيلَ السّاقَينِ قَصِيرَ العُنُقِ لَمَا استَطَاعَ أَن يَتَنَاوَلَ شَيئاً مِنَ الأَرضِ وَ رُبّمَا أُعِينَ مَعَ طُولِ العُنُقِ بِطُولِ المَنَاقِيرِ لِيَزدَادَ الأَمرُ عَلَيهِ سُهُولَةً لَهُ وَ إِمكَاناً أَ فَلَا تَرَي أَنّكَ لَا تُفَتّشُ شَيئاً مِنَ الخِلقَةِ إِلّا وَجَدتَهُ عَلَي غَايَةِ الصّوَابِ وَ الحِكمَةِ

توضيح ماء ضحضاح أي قريب القعر والربيئة بالهمز العين والطليعة ألذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو و لا يكون إلا علي جبل أوشرف والمرقب الموضع المشرف يرتفع عليه الرقيب والذعر الخوف

انظُر إِلَي العَصَافِيرِ كَيفَ تَطلُبُ أُكلَهَا بِالنّهَارِ فهَيِ‌َ لَا تَفقِدُهُ وَ لَا هيِ‌َ تَجِدُهُ مَجمُوعاً مُعَدّاً بَل تَنَالُهُ بِالحَرَكَةِ وَ الطّلَبِ وَ كَذَلِكَ الخَلقُ كُلّهُ فَسُبحَانَ مَن قَدّرَ الرّزقَ كَيفَ قَوّتَهُ فَلَم يَجعَل مِمّا لَا يُقدَرُ عَلَيهِ إِذ جَعَلَ لِلخَلقِ حَاجَةً إِلَيهِ وَ لَم يَجعَلهُ مَبذُولًا وَ يُنَالُ بِالهُوَينَا إِذ كَانَ لِإِصلَاحٍ فِي ذَلِكَ فَإِنّهُ لَو كَانَ يُوجَدُ مَجمُوعاً مُعَدّاً كَانَتِ البَهَائِمُ تَتَقَلّبُ عَلَيهِ وَ لَا تَنقَلِعُ حَتّي تَبشَمَ فَتَهلِكَ وَ كَانَ النّاسُ أَيضاً يَصِيرُونَ بِالفَرَاغِ إِلَي غَايَةِ الأَشَرِ وَ البَطَرِ حَتّي يَكثُرَ الفَسَادُ وَ يَظهَرَ الفَوَاحِشُ


صفحه : 107

أَ عَلِمتَ مَا طُعمُ هَذِهِ الأَصنَافِ مِنَ الطّيرِ التّيِ‌ لَا تَخرُجُ إِلّا بِاللّيلِ كَمِثلِ البُومِ وَ الهَامِ وَ الخُفّاشِ قُلتُ لَا يَا موَلاَي‌َ قَالَ إِنّ مَعَاشَهَا مِن ضُرُوبٍ تَنتَشِرُ فِي هَذَا الجَوّ مِنَ البَعُوضِ وَ الفَرَاشِ وَ أَشبَاهِ الجَرَادِ وَ اليَعَاسِيبِ وَ ذَلِكَ أَنّ هَذِهِ الضّرُوبَ مَبثُوثَةٌ فِي الجَوّ لَا يَخلُو مِنهَا مَوضِعٌ وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِأَنّكَ إِذَا وَضَعتَ سِرَاجاً بِاللّيلِ فِي سَطحٍ أَو عَرصَةِ دَارٍ اجتَمَعَ عَلَيهِ مِن هَذَا شَيءٌ كَثِيرٌ فَمِن أَينَ يأَتيِ‌ ذَلِكَ كُلّهُ إِلّا مِنَ القُربِ فَإِن قَالَ قَائِلٌ إِنّهُ يأَتيِ‌ مِنَ الصحّاَريِ‌ وَ البرَاَريِ‌ قِيلَ لَهُ كَيفَ يوُاَفيِ‌ تِلكَ السّاعَةَ مِن مَوضِعٍ بَعِيدٍ وَ كَيفَ يُبصِرُ مِن ذَلِكَ البُعدِ سِرَاجاً فِي دَارٍ مَحفُوفَةٍ بِالدّورِ فَيَقصِدُ إِلَيهِ مَعَ أَنّ هَذِهِ عِيَاناً تَتَهَافَتُ عَلَي السّرَاجِ مِن قُربٍ فَيَدُلّ ذَلِكَ عَلَي أَنّهَا مُنتَشِرَةٌ فِي كُلّ مَوضِعٍ مِنَ الجَوّ فَهَذِهِ الأَصنَافُ مِنَ الطّيرِ تَلتَمِسُهَا إِذَا خَرَجَت فَتَتَقَوّتُ بِهَا فَانظُر كَيفَ وُجّهَ الرّزقُ لِهَذِهِ الطّيُورِ التّيِ‌ لَا تَخرُجُ إِلّا بِاللّيلِ مِن هَذِهِ الضّرُوبِ المُنتَشِرَةِ فِي الجَوّ وَ اعرِف مَعَ ذَلِكَ المَعنَي فِي خَلقِ هَذِهِ الضّرُوبِ المُنتَشِرَةِ التّيِ‌ عَسَي أَن يَظُنّ ظَانّ أَنّهَا فَضلٌ لَا مَعنَي لَهُ خُلِقَ الخُفّاشُ خِلقَةً عَجِيبَةً بَينَ خِلقَةِ الطّيرِ وَ ذَوَاتِ الأَربَعِ[بَل هُوَ إِلَي ذَوَاتِ الأَربَعِ]أَقرَبُ وَ ذَلِكَ أَنّهُ ذُو أُذُنَينِ نَاشِزَتَينِ وَ أَسنَانٍ وَ وَبَرٍ وَ هُوَ يَلِدُ وِلَاداً وَ يَرضِعُ وَ يَبُولُ وَ يمَشيِ‌ إِذَا مَشَي عَلَي أَربَعٍ وَ كُلّ هَذَا خِلَافُ صِفَةِ الطّيرِ ثُمّ هُوَ أَيضاً مِمّا يَخرُجُ بِاللّيلِ وَ يَتَقَوّتُ مِمّا يسَريِ‌ فِي الجَوّ مِنَ الفَرَاشِ وَ مَا أَشبَهَهُ وَ قَد قَالَ قَائِلُونَ إِنّهُ لَا طُعمَ لِلخُفّاشِ وَ إِنّ غِذَاءَهُ مِنَ النّسِيمِ وَحدَهُ وَ ذَلِكَ يَفسُدُ وَ يَبطُلُ مِن جِهَتَينِ إِحدَاهُمَا خُرُوجُ مَا يَخرُجُ مِنهُ مِنَ الثّفلِ وَ البَولِ فَإِنّ هَذَا لَا يَكُونُ مِن غَيرِ طُعمٍ وَ الأُخرَي أَنّهُ ذُو أَسنَانٍ وَ لَو كَانَ لَا يَطعَمُ شَيئاً لَم يَكُن لِلأَسنَانِ فِيهِ مَعنًي وَ لَيسَ فِي الخِلقَةِ شَيءٌ لَا مَعنَي لَهُ وَ أَمّا المَآرِبُ فِيهِ فَمَعرُوفَةٌ


صفحه : 108

حَتّي إِنّ زِبلَهُ يَدخُلُ فِي بَعضِ الأَعمَالِ وَ مِن أَعظَمِ الإِربِ فِيهِ خِلقَتُهُ العَجِيبَةُ الدّالّةُ عَلَي قُدرَةِ الخَالِقِ جَلّ شَأنُهُ وَ تَصَرّفِهَا فِيمَا شَاءَ كَيفَ شَاءَ لِضَربٍ مِنَ المَصلَحَةِ فَأَمّا الطّائِرُ الصّغِيرُ ألّذِي يُقَالُ لَهُ ابنُ تُمّرَةَ فَقَد عَشّشَ فِي بَعضِ الأَوقَاتِ فِي بَعضِ الشّجَرِ فَنَظَرَ إِلَي حَيّةٍ عَظِيمَةٍ قَد أَقبَلَت نَحوَ عُشّهِ فَاغِرَةً فَاهَا لِتَبلَعَهُ فَبَينَمَا هُوَ يَتَقَلّبُ وَ يَضطَرِبُ فِي طَلَبِ حِيلَةٍ مِنهَا إِذَا وَجَدَ حَسَكَةً فَحَمَلَهَا فَأَلقَاهَا فِي فَمِ الحَيّةِ فَلَم تَزَلِ الحَيّةُ تلَتوَيِ‌ وَ تَتَقَلّبُ حَتّي مَاتَت أَ فَرَأَيتَ لَو لَم أُخبِركَ بِذَلِكَ كَانَ يَخطُرُ بِبَالِكَ أَو بِبَالِ غَيرِكَ أَنّهُ يَكُونُ مِن حَسَكَةٍ مِثلُ هَذِهِ المَنفَعَةِ العَظِيمَةِ أَو يَكُونُ مِن طَائِرٍ صَغِيرٍ أَو كَبِيرٍ مِثلُ هَذِهِ الحِيلَةِ اعتَبِر بِهَذَا وَ كَثِيرٍ مِنَ الأَشيَاءِ تَكُونُ فِيهَا مَنَافِعُ لَا تُعرَفُ إِلّا بِحَادِثٍ يُحدَثُ بِهِ أَو خَبَرٍ يُسمَعُ بِهِ انظُر إِلَي النّحلِ وَ احتِشَادِهِ فِي صَنعَةِ العَسَلِ وَ تَهيِئَةِ البُيُوتِ المُسَدّسَةِ وَ مَا تَرَي فِي ذَلِكَ اجتِمَاعَهُ مِن دَقَائِقِ الفِطنَةِ فَإِنّكَ إِذَا تَأَمّلتَ العَمَلَ رَأَيتَهُ عَجِيباً لَطِيفاً وَ إِذَا رَأَيتَ المَعمُولَ وَجَدتَهُ عَظِيماً شَرِيفاً مَوقِعُهُ مِنَ النّاسِ وَ إِذَا رَجَعتَ إِلَي الفَاعِلِ أَلفَيتَهُ غَبِيّاً جَاهِلًا بِنَفسِهِ فَضلًا عَمّا سِوَي ذَلِكَ ففَيِ‌ هَذَا أَوضَحُ الدّلَالَةِ عَلَي أَنّ الصّوَابَ وَ الحِكمَةَ فِي هَذِهِ الصّنعَةِ لَيسَ لِلنّحلِ بَل هيِ‌َ للِذّيِ‌ طَبَعَهُ عَلَيهَا وَ سَخّرَهُ فِيهَا لِمَصلَحَةِ النّاسِ انظُر إِلَي هَذَا الجَرَادِ مَا أَضعَفَهُ وَ أَقوَاهُ فَإِنّكَ إِذَا تَأَمّلتَ خَلقَهُ رَأَيتَهُ كَأَضعَفِ الأَشيَاءِ وَ إِن دَلَفَت عَسَاكِرُهُ نَحوَ بَلَدٍ مِنَ البُلدَانِ لَم يَستَطِع أَحَدٌ أَن يَحمِيَهُ مِنهُ أَ لَا تَرَي أَنّ مَلِكاً مِن مُلُوكِ الأَرضِ لَو جَمَعَ خَيلَهُ وَ رَجِلَهُ ليِحَميِ‌َ بِلَادَهُ مِنَ الجَرَادِ لَم يَقدِر عَلَي ذَلِكَ أَ فَلَيسَ مِنَ الدّلَائِلِ عَلَي قُدرَةِ الخَالِقِ أَن يَبعَثَ أَضعَفَ خَلقِهِ إِلَي أَقوَي خَلقِهِ فَلَا يَستَطِيعُ دَفعَهُ انظُر إِلَيهِ كَيفَ يَنسَابُ عَلَي وَجهِ الأَرضِ مِثلَ السّيلِ فيَغُشيِ‌ السّهلَ وَ الجَبَلَ وَ البَدوَ وَ الحَضَرَ حَتّي يَستُرَ نُورَ الشّمسِ بِكَثرَتِهِ فَلَو كَانَ هَذَا مِمّا يُصنَعُ باِلأيَديِ‌


صفحه : 109

مَتَي كَانَ يَجتَمِعُ مِنهُ هَذِهِ الكَثرَةُ وَ فِي كَم مِن سَنَةٍ كَانَ يَرتَفِعُ فَاستَدِلّ بِذَلِكَ عَلَي القُدرَةِ التّيِ‌ لَا يَئُودُهَا شَيءٌ وَ يُكثِرُ عَلَيهَا تَأَمّل خَلقَ السّمَكِ وَ مُشَاكَلَتَهُ لِلأَمرِ ألّذِي قُدّرَ أَن يَكُونَ عَلَيهِ فَإِنّهُ خُلِقَ غَيرَ ذيِ‌ قَوَائِمَ لِأَنّهُ لَا يَحتَاجُ إِلَي المشَي‌ِ إِذَا كَانَ مَسكَنُهُ المَاءَ وَ خُلِقَ غَيرَ ذيِ‌ رِيَةٍ لِأَنّهُ لَا يَستَطِيعُ أَن يَتَنَفّسَ وَ هُوَ مُنغَمِسٌ فِي اللّجّةِ وَ جُعِلَت لَهُ مَكَانَ القَوَائِمَ أَجنِحَةٌ شِدَادٌ يَضرِبُ بِهَا فِي جَانِبَيهِ كَمَا يَضرِبُ المَلّاحُ بِالمَجَاذِيفِ مِن جاَنبِيَ‌ِ السّفِينَةِ وَ كسُيِ‌َ جِسمُهُ قُشُوراً مِتَاناً مُتَدَاخِلَةً كَتَدَاخُلِ الدّرُوعِ وَ الجَوَاشِنِ لِتَقِيَهُ مِنَ الآفَاتِ فَأُعِينَ بِفَضلِ حِسّ فِي الشّمّ لِأَنّ بَصَرَهُ ضَعِيفٌ وَ المَاءُ يَحجُبُهُ فَصَارَ يَشَمّ الطّعمَ مِنَ البُعدِ البَعِيدِ فَيَنتَجِعُهُ وَ إِلّا فَكَيفَ يَعلَمُ بِهِ وَ بِمَوضِعِهِ وَ اعلَم أَنّ مِن فِيهِ إِلَي صِمَاخَيهِ مَنَافِذَ فَهُوَ يَعُبّ المَاءَ بِفِيهِ وَ يُرسِلُهُ مِن صِمَاخَيهِ فَتَرَوّحَ إِلَي ذَلِكَ كَمَا يَتَرَوّحُ غَيرُهُ مِنَ الحَيَوَانِ إِلَي تَنَسّمِ هَذَا النّسِيمِ فَكّرِ الآنَ فِي كَثرَةِ نَسلِهِ وَ مَا خُصّ بِهِ مِن ذَلِكَ فَإِنّكَ تَرَي فِي جَوفِ السّمَكَةِ الوَاحِدَةِ مِنَ البَيضِ مَا لَا يُحصَي كَثرَةً وَ العِلّةُ فِي ذَلِكَ أَن يَتّسِعَ لِمَا يغَتذَيِ‌ بِهِ مِن أَصنَافِ الحَيَوَانِ فَإِنّ أَكثَرَهَا يَأكُلُ السّمَكَ حَتّي إِنّ السّبَاعَ أَيضاً فِي حَافَاتِ الآجَامِ عَاكِفَةٌ عَلَي المَاءِ أَيضاً كيَ‌ تُرصِدَ السّمَكَ فَإِذَا مَرّ بِهَا خَطِفَتهُ فَلَمّا كَانَتِ السّبَاعُ تَأكُلُ السّمَكَ وَ الطّيرُ يَأكُلُ السّمَكَ وَ النّاسُ يَأكُلُونَ السّمَكَ وَ السّمَكُ يَأكُلُ السّمَكَ كَانَ مِنَ التّدبِيرِ فِيهِ أَن يَكُونَ عَلَي مَا هُوَ عَلَيهِ مِنَ الكَثرَةِ فَإِذَا أَرَدتَ أَن تَعرِفَ سَعَةَ حِكمَةِ الخَالِقِ وَ قِصَرَ عِلمِ المَخلُوقِينَ فَانظُر إِلَي مَا فِي البِحَارِ مِن ضُرُوبِ السّمَكِ وَ دَوَابّ المَاءِ وَ الأَصدَافِ وَ الأَصنَافِ التّيِ‌ لَا تُحصَي وَ لَا تُعرَفُ مَنَافِعُهَا إِلّا الشيّ‌ءُ بَعدَ الشيّ‌ءِ يُدرِكُهُ النّاسُ بِأَسبَابٍ تُحدَثُ مِثلُ القِرمِزِ فَإِنّهُ إِنّمَا عَرَفَ النّاسُ صِبغَهُ بِأَنّ كَلبَةً تَجُولُ عَلَي شَاطِئِ البَحرِ فَوَجَدَت شَيئاً مِنَ الصّنفِ ألّذِي يُسَمّي الحَلَزُونَ فَأَكَلَتهُ فَاختَضَبَ خَطمُهَا بِدَمِهِ فَنَظَرَ النّاسُ إِلَي حُسنِهِ فَاتّخَذُوهُ صِبغاً وَ أَشبَاهُ هَذَا مِمّا يَقِفُ النّاسُ عَلَيهِ حَالًا بَعدَ حَالٍ وَ زَمَاناً بَعدَ زَمَانٍ


صفحه : 110

قَالَ المُفَضّلُ حَانَ وَقتُ الزّوَالِ فَقَامَ موَلاَي‌َ ع إِلَي الصّلَاةِ وَ قَالَ بَكّر إلِيَ‌ّ غَداً إِن شَاءَ اللّهُ تَعَالَي فَانصَرَفتُ وَ قَد تُضَاعَفُ سرُوُريِ‌ بِمَا عَرّفَنِيهِ مُبتَهِجاً بِمَا مَنَحَنِيهِ حَامِداً لِلّهِ عَلَي مَا آتَانِيهِ فَبِتّ ليَلتَيِ‌ مَسرُوراً مُبتَهِجاً

بيان البشم محركة التخمة والسأمة بشم كفرح وأبشمه الطعام والفراش هي‌ التي‌ تقع في السراج واليعسوب أميرالنحل وطائر أصغر من الجرادة أوأعظم و قوله ع ناشزتين بالمعجمة أي مرتفعين و في بعض النسخ بالمهملة أي مبسوطتين والسري‌ السير بالليل و قال الفيروزآبادي‌ والتمرة كقبرة و ابن تمرة طائر أصغر من العصفور انتهي وفغر فاه أي فتحه والحسك محركة نبات تعلق ثمرته بصوف الغنم قوله ع غبيا جاهلا أي ليس له عقل يتصرف في سائر الأشياء علي نحو تصرفه في ذلك الأمر المخصوص فظهر أن خصوص هذاالأمر إلهام من مدبر حكيم أوخلقة وطبيعة جبله عليها ليصدر عنه خصوص هذاالأمر لما فيه من المصلحة مع كونه غافلا عن المصلحة أيضا ولعل هذايؤيد مايقال إن الحيوانات العجم غيرمدركة للكليات ويقال دلفت الكتيبة في الحرب أي تقدمت ويقال دلفناهم فالعساكر تحتمل الرفع والنصب و الرجل بالفتح جمع راجل خلاف الفارس وانساب جري ومشي مسرعا و لايئودها أي لايثقلها ولجة الماء معظمه والمجذاف ماتجري‌ به السفينة وانتجع طلب الكلاء في موضعه وحافات الآجام جوانبها وعكف علي الشي‌ء أقبل عليه مواظبا و قال الفيروزآبادي‌ القرمز صبغ أرمني‌ يكون من عصارة دود في آجامهم و قال الحلزون محركة دابة تكون في الرمث أي بعض مراعي‌ الإبل ويظهر من كلامه ع اتحادهما ويحتمل أن يكون المراد أن من صبغ الحلزون تفطنوا بإعمال القرمز للصبغ لتشابههما تم المجلس الثاني‌


صفحه : 111

المَجلِسُ الثّالِثُ قَالَ المُفَضّلُ فَلَمّا كَانَ اليَومُ الثّالِثُ بَكّرتُ إِلَي موَلاَي‌َ فَاستُوذِنَ لِي فَدَخَلتُ فَأَذِنَ لِي بِالجُلُوسِ فَجَلَستُ فَقَالَ ع الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي اصطَفَانَا وَ لَم يَصطَفِ عَلَينَا اصطَفَانَا بِعِلمِهِ وَ أَيّدَنَا بِحِلمِهِ مَن شَذّ عَنّا فَالنّارُ مَأوَاهُ وَ مَن تَفَيّأَ بِظِلّ دَوحَتِنَا فَالجَنّةُ مَثوَاهُ قَد شَرَحتُ لَكَ يَا مُفَضّلُ خَلقَ الإِنسَانِ وَ مَا دُبّرَ بِهِ وَ تَنَقّلَهُ فِي أَحوَالِهِ وَ مَا فِيهِ مِنَ الِاعتِبَارِ وَ شَرَحتُ لَكَ أَمرَ الحَيَوَانِ وَ أَنَا أبَتدَ‌ِئُ الآنَ بِذِكرِ السّمَاءِ وَ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ النّجُومِ وَ الفَلَكِ وَ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ الحَرّ وَ البَردِ وَ الرّيَاحِ وَ الجَوَاهِرِ الأَربَعَةِ الأَرضِ وَ المَاءِ وَ الهَوَاءِ وَ النّارِ وَ المَطَرِ وَ الصّخرِ وَ الجِبَالِ وَ الطّينِ وَ الحِجَارَةِ وَ المَعَادِنِ وَ النّبَاتِ وَ النّخلِ وَ الشّجَرِ وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الأَدِلّةِ وَ العِبَرِ فَكّر فِي لَونِ السّمَاءِ وَ مَا فِيهِ مِن صَوَابِ التّدبِيرِ فَإِنّ هَذَا اللّونَ أَشَدّ الأَلوَانِ مُوَافِقَةً لِلبَصَرِ وَ تَقوِيَةً حَتّي إِنّ مِن صِفَاتِ الأَطِبّاءِ لِمَن أَصَابَهُ شَيءٌ أَضَرّ بِبَصَرِهِ إِدمَانَ النّظَرِ إِلَي الخُضرَةِ وَ مَا قَرُبَ مِنهَا إِلَي السّوَادِ وَ قَد وَصَفَ الحُذّاقُ مِنهُم لِمَن كَلّ بَصَرُهُ الإِطلَاعَ فِي إِجّانَةٍ خَضرَاءَ مَملُوّةٍ مَاءً فَانظُر كَيفَ جَعَلَ اللّهُ جَلّ وَ تَعَالَي أَدِيمَ السّمَاءِ بِهَذَا اللّونِ الأَخضَرِ إِلَي السّوَادِ لِيُمسِكَ الأَبصَارَ المُنقَلِبَةَ عَلَيهِ فَلَا ينَكيِ‌َ فِيهَا بِطُولِ مُبَاشَرَتِهَا لَهُ فَصَارَ هَذَا ألّذِي أَدرَكَهُ النّاسُ بِالفِكرِ وَ الرّوِيّةِ وَ التّجَارِبِ يُوجَدُ مَفرُوغاً مِنهُ فِي الخِلقَةِحِكمَةٌ بالِغَةٌلِيَعتَبِرَ بِهَا المُعتَبِرُونَ وَ يُفَكّرَ فِيهَا المُلحِدُونَقاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّي يُؤفَكُونَ

بيان اصطفانا بعلمه أي اختارنا وفضلنا علي الخلق بأن أعطانا من علمه ما لم يعط أحدا وأيدنا بحلمه أي قوانا علي تبليغ الرسالة بما حلانا به من حلمه لنصبر علي مايلقانا من أذي الناس وتكذيبهم والدوحة الشجرة العظيمة والصخر الحجر العظام وأديم السماء وجهها كمايطلق أديم الأرض علي وجهها ويمكن أن يكون ع شبهها بالأديم و قوله ع حِكمَةٌ بالِغَةٌبالرفع خبر مبتدإ محذوف أوبالنصب بالحالية أوبكونه مفعولا لأجله


صفحه : 112

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي طُلُوعِ الشّمسِ وَ غُرُوبِهَا لِإِقَامَةِ دوَلتَيَ‌ِ النّهَارِ وَ اللّيلِ فَلَو لَا طُلُوعُهَا لَبَطَلَ أَمرُ العَالَمِ كُلّهِ فَلَم يَكُنِ النّاسُ يَسعَونَ فِي مَعَايِشِهِم وَ يَتَصَرّفُونَ فِي أُمُورِهِم وَ الدّنيَا مُظلِمَةٌ عَلَيهِم وَ لَم يَكُونُوا يَتَهَنّئُونَ بِالعَيشِ مَعَ فَقدِهِم لَذّةَ النّورِ وَ رَوحَهُ وَ الإِربُ فِي طُلُوعِهَا ظَاهِرٌ مُستَغنٍ بِظُهُورِهِ عَنِ الإِطنَابِ فِي ذِكرِهِ وَ الزّيَادَةِ فِي شَرحِهِ بَل تَأَمّلِ المَنفَعَةَ فِي غُرُوبِهَا فَلَو لَا غَربُهَا لَم يَكُن لِلنّاسِ هَدءٌ وَ لَا قَرَارٌ مَعَ عِظَمِ حَاجَتِهِم إِلَي الهَدءِ وَ الرّاحَةِ لِسُكُونِ أَبدَانِهِم وَ جُمُومِ حَوَاسّهِم وَ انبِعَاثِ القُوّةِ الهَاضِمَةِ لِهَضمِ الطّعَامِ وَ تَنفِيذِ الغِذَاءِ إِلَي الأَعضَاءِ ثُمّ كَانَ الحِرصُ يَستَحمِلُهُم مِن مُدَاوَمَةِ العَمَلِ وَ مُطَاوَلَتِهِ عَلَي مَا يَعظُمُ نِكَايَتُهُ فِي أَبدَانِهِم فَإِنّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ لَو لَا جُثُومُ هَذَا اللّيلِ لِظُلمَتِهِ عَلَيهِم لَم يَكُن لَهُم هَدءٌ وَ لَا قَرَارٌ حِرصاً عَلَي الكَسبِ وَ الجَمعِ وَ الِادّخَارِ ثُمّ كَانَتِ الأَرضُ تسَتحَميِ‌ بِدَوَامِ الشّمسِ بِضِيَائِهَا وَ تحُميِ‌ كُلّ مَا عَلَيهَا مِن حَيَوَانٍ وَ نَبَاتٍ فَقَدّرَهَا اللّهُ بِحِكمَتِهِ وَ تَدبِيرِهِ تَطلُعُ وَقتاً وَ تَغرُبُ وَقتاً بِمَنزِلَةِ سِرَاجٍ يُرفَعُ لِأَهلِ البَيتِ تَارَةً لِيَقضُوا حَوَائِجَهُم ثُمّ يَغِيبُ عَنهُم مِثلَ ذَلِكَ لِيَهدَءُوا وَ يَقِرّوا فَصَارَ النّورُ وَ الظّلمَةُ مَعَ تَضَادّهِمَا مُنقَادَينِ مُتَظَاهِرَينِ عَلَي مَا فِيهِ صَلَاحُ العَالَمِ وَ قِوَامُهُ ثُمّ فَكّر بَعدَ هَذَا فِي ارتِفَاعِ الشّمسِ وَ انحِطَاطِهَا لِإِقَامَةِ هَذِهِ الأَزمِنَةِ الأَربَعَةِ مِنَ السّنَةِ وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ التّدبِيرِ وَ المَصلَحَةِ ففَيِ‌ الشّتَاءِ تَعُودُ الحَرَارَةُ فِي الشّجَرِ وَ النّبَاتِ فَيَتَوَلّدُ فِيهِمَا مَوَادّ الثّمَارِ وَ يَستَكثِفُ الهَوَاءُ فَيَنشَأُ مِنهُ السّحَابُ وَ المَطَرُ وَ تَشُدّ أَبدَانُ الحَيَوَانِ وَ تَقوَي وَ فِي الرّبِيعِ تَتَحَرّكُ وَ تَظهَرُ المَوَادّ المُتَوَلّدَةُ فِي الشّتَاءِ فَيَطلُعُ النّبَاتُ وَ تَنَوّرُ الأَشجَارُ وَ يَهِيجُ الحَيَوَانُ لِلسّفَادِ وَ فِي الصّيفِ يَحتَدِمُ الهَوَاءُ فَتَنضَجُ الثّمَارُ وَ تَتَحَلّلُ فُضُولُ الأَبدَانِ وَ يَجِفّ وَجهُ الأَرضِ فَتَهَيّأُ لِلبِنَاءِ وَ الأَعمَالِ وَ فِي الخَرِيفِ يَصفُو الهَوَاءُ وَ يَرتَفِعُ الأَمرَاضُ وَ يَصِحّ الأَبدَانُ وَ يَمتَدّ اللّيلُ فَيُمكِنُ فِيهِ بَعضُ الأَعمَالِ لِطُولِهِ وَ يَطِيبُ الهَوَاءُ فِيهِ إِلَي مَصَالِحَ أُخرَي لَو تَقَصّيتُ لِذِكرِهَا لَطَالَ فِيهَا الكَلَامُ فَكّرِ الآنَ فِي تَنَقّلِ الشّمسِ فِي البُرُوجِ الاِثنيَ‌ عَشَرَ لِإِقَامَةِ دَورِ السّنَةِ وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ التّدبِيرِ فَهُوَ الدّورُ ألّذِي تَصِحّ بِهِ الأَزمِنَةُ الأَربَعَةُ مِنَ السّنَةِ الشّتَاءُ وَ الرّبِيعُ وَ الصّيفُ وَ الخَرِيفُ وَ يَستَوفِيهَا عَلَي التّمَامِ وَ فِي هَذَا المِقدَارِ مِن دَوَرَانِ الشّمسِ تُدرِكُ


صفحه : 113

الغَلّاتُ وَ الثّمَارُ وَ تنَتهَيِ‌ إِلَي غَايَاتِهَا ثُمّ تَعُودُ فَيَستَأنِفُ النّشُوءُ وَ النّمُوّ أَ لَا تَرَي أَنّ السّنَةَ مِقدَارُ مَسِيرِ الشّمسِ مِنَ الحَمَلِ إِلَي الحَمَلِ فَبِالسّنَةِ وَ أَخَوَاتِهَا يُكَالُ الزّمَانُ مِن لَدُن خَلَقَ اللّهُ تَعَالَي العَالَمَ إِلَي كُلّ وَقتٍ وَ عَصرٍ مِن غَابِرِ الأَيّامِ وَ بِهَا يَحسَبُ النّاسُ الأَعمَالَ وَ الأَوقَاتَ المُوَقّتَةَ لِلدّيُونِ وَ الإِجَارَاتِ وَ المُعَامَلَاتِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِن أُمُورِهِم وَ بِمَسِيرِ الشّمسِ يَكمُلُ السّنَةُ وَ يَقُومُ حِسَابُ الزّمَانِ عَلَي الصّحّةِ انظُر إِلَي شُرُوقِهَا عَلَي العَالَمِ كَيفَ دُبّرَ أَن يَكُونَ فَإِنّهَا لَو كَانَت تَبزُغُ فِي مَوضِعٍ مِنَ السّمَاءِ فَتَقِفُ لَا تَعدُوهُ لَمَا وَصَلَ شُعَاعُهَا وَ مَنفَعَتُهَا إِلَي كَثِيرٍ مِنَ الجِهَاتِ لِأَنّ الجِبَالَ وَ الجُدرَانَ كَانَت تَحجُبُهَا عَنهَا فَجُعِلَت تَطلُعُ فِي أَوّلِ النّهَارِ مِنَ المَشرِقِ فَتَشرُقُ عَلَي مَا قَابَلَهَا مِن وَجهِ المَغرِبِ ثُمّ لَا تَزَالُ تَدُورُ وَ تمَشيِ‌ جِهَةً بَعدَ جِهَةٍ حَتّي تنَتهَيِ‌َ إِلَي المَغرِبِ فَتَشرُقَ عَلَي مَا استَتَرَ عَنهَا فِي أَوّلِ النّهَارِ فَلَا يَبقَي مَوضِعٌ مِنَ المَوَاضِعِ إِلّا أَخَذَ بِقِسطِهِ مِنَ المَنفَعَةِ مِنهَا وَ الإِربِ التّيِ‌ قُدّرَت لَهُ وَ لَو تَخَلّفَت مِقدَارَ عَامٍ أَو بَعضَ عَامٍ كَيفَ كَانَ يَكُونُ حَالُهُم بَل كَيفَ كَانَ يَكُونُ لَهُم مَعَ ذَلِكَ بَقَاءٌ أَ فَلَا يَرَي النّاسُ كَيفَ هَذِهِ الأُمُورُ الجَلِيلَةُ التّيِ‌ لَم تَكُن عِندَهُم فِيهَا حِيلَةٌ فَصَارَ تجَريِ‌ عَلَي مَجَارِيهَا لَا تَعتَلّ وَ لَا تَتَخَلّفُ عَن مَوَاقِيتِهَا لِصَلَاحِ العَالَمِ وَ مَا فِيهِ بَقَاؤُهُ استَدِلّ بِالقَمَرِ فَفِيهِ دَلَالَةٌ جَلِيلَةٌ تَستَعمِلُهَا العَامّةُ فِي مَعرِفَةِ الشّهُورِ وَ لَا يَقُومُ عَلَيهِ حِسَابُ السّنَةِ لِأَنّ دَورَهُ لَا يسَتوَفيِ‌ الأَزمِنَةَ الأَربَعَةَ وَ نُشُوءَ الثّمَارِ وَ تَصَرّمَهَا وَ لِذَلِكَ صَارَت شُهُورُ القَمَرِ وَ سِنُوهُ تَتَخَلّفُ عَن شُهُورِ الشّمسِ وَ سِنِيهَا وَ صَارَ الشّهرُ مِن شُهُورِ القَمَرِ يَنتَقِلُ فَيَكُونُ مَرّةً بِالشّتَاءِ وَ مَرّةً بِالصّيفِ فَكّر فِي إِنَارَتِهِ فِي ظُلمَةِ اللّيلِ وَ الإِربِ فِي ذَلِكَ فَإِنّهُ مَعَ الحَاجَةِ إِلَي الظّلمَةِ لِهَدءِ الحَيَوَانِ وَ بَردِ الهَوَاءِ عَلَي النّبَاتِ لَم يَكُن صَلَاحٌ فِي أَن يَكُونَ اللّيلُ ظُلمَةً دَاجِيَةً لَا ضِيَاءَ فِيهَا فَلَا يُمكِنُ فِيهِ شَيءٌ مِنَ العَمَلِ لِأَنّهُ رُبّمَا احتَاجَ النّاسُ إِلَي العَمَلِ بِاللّيلِ لِضِيقِ الوَقتِ عَلَيهِم فِي تقَصَيّ‌ الأَعمَالِ بِالنّهَارِ أَو لِشِدّةِ الحَرّ وَ إِفرَاطِهِ فَيَعمَلُ فِي ضَوءِ القَمَرِ أَعمَالًا


صفحه : 114

شَتّي كَحَرثِ الأَرضِ وَ ضَربِ اللّبَنِ وَ قَطعِ الخَشَبِ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ فَجُعِلَ ضَوءُ القَمَرِ مَعُونَةً لِلنّاسِ عَلَي مَعَايِشِهِم إِذَا احتَاجُوا إِلَي ذَلِكَ وَ أُنساً لِلسّائِرِينَ وَ جُعِلَ طُلُوعُهُ فِي بَعضِ اللّيلِ دُونَ بَعضٍ وَ نُقِصَ مَعَ ذَلِكَ مِن نُورِ الشّمسِ وَ ضِيَائِهَا لِكَيلَا تَنبَسِطَ النّاسُ فِي العَمَلِ انبِسَاطَهُم بِالنّهَارِ وَ يَمتَنِعُوا مِنَ الهَدءِ وَ القَرَارِ فَيُهلِكَهُم ذَلِكَ وَ فِي تَصَرّفِ القَمَرِ خَاصّةً فِي مُهَلّهِ وَ مُحَاقِهِ وَ زِيَادَتِهِ وَ نُقصَانِهِ وَ كُسُوفِهِ مِنَ التّنبِيهِ عَلَي قُدرَةِ اللّهِ خَالِقِهِ المُصَرّفِ لَهُ هَذَا التّصرِيفَ لِصَلَاحِ العَالَمِ مَا يَعتَبِرُ بِهِ المُعتَبِرُونَ

إيضاح الدولة بالفتح والضم انقلاب الزمان ودالت الأيام دارت و الله يداولها بين الناس وهدأ كمنع هدءا وهدوءا سكن ويقال نكيت في العدو نكاية إذاقتلت فيهم وجرحت وجثم الإنسان والطائر والنعام يجثم جثما وجثوما لزم مكانه لم يبرح والمراد جثومهم في الليل والتظاهر التعاون ونور الشجر أي أخرج نوره وحدم النار شدة احتراقها والتقصي‌ بلوغ أقصي الشي‌ء ونهايته والغابر الباقي‌ والماضي‌ والمراد هنا الثاني‌ وبزغت الشمس بزوغا شرقت أوالبزوغ ابتداء الطلوع و قال الجوهري‌ اعتل عليه واعتله إذااعتاقه عن أمر انتهي وليلة داجية أي مظلمة

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي النّجُومِ وَ اختِلَافِ مَسِيرِهَا فَبَعضُهَا لَا تُفَارِقُ مَرَاكِزَهَا مِنَ الفَلَكِ وَ لَا تَسِيرُ إِلّا مُجتَمِعَةً وَ بَعضُهَا مُطلَقَةٌ تَنتَقِلُ فِي البُرُوجِ وَ تَفتَرِقُ فِي مَسِيرِهَا فَكُلّ وَاحِدٍ مِنهَا يَسِيرُ سَيرَينِ مُختَلِفَينِ أَحَدُهُمَا عَامّ مَعَ الفَلَكِ نَحوَ المَغرِبِ وَ الآخَرُ خَاصّ لِنَفسِهِ نَحوَ المَشرِقِ كَالنّملَةِ التّيِ‌ تَدُورُ عَلَي الرّحَي فَالرّحَي تَدُورُ ذَاتَ اليَمِينِ وَ النّملَةُ تَدُورُ ذَاتَ الشّمَالِ وَ النّملَةُ فِي تِلكَ تَتَحَرّكُ حَرَكَتَينِ مُختَلِفَتَينِ إِحدَاهُمَا بِنَفسِهَا فَتَتَوَجّهُ أَمَامَهَا وَ الأُخرَي مُستَكرَهَةٌ مَعَ الرّحَي تَجذِبُهَا إِلَي خَلفِهَا فَاسأَلِ الزّاعِمِينَ أَنّ النّجُومَ صَارَت عَلَي مَا هيِ‌َ عَلَيهِ بِالإِهمَالِ مِن غَيرِ عَمدٍ وَ لَا صَانِعٍ لَهَا مَا مَنَعَهَا أَن تَكُونَ كُلّهَا رَاتِبَةً أَو تَكُونَ كُلّهَا مُنتَقِلَةً فَإِنّ الإِهمَالَ مَعنًي وَاحِدٌ فَكَيفَ صَارَ يأَتيِ‌ بِحَرَكَتَينِ مُختَلِفَتَينِ عَلَي وَزنٍ وَ تَقدِيرٍ ففَيِ‌ هَذَا بَيَانُ أَنّ مَسِيرَ الفَرِيقَينِ عَلَي مَا يَسِيرَانِ عَلَيهِ بِعَمدٍ وَ تَدبِيرٍ وَ حِكمَةٍ وَ تَقدِيرٍ وَ لَيسَ بِإِهمَالٍ كَمَا تَزعُمُ المُعَطّلَةُ


صفحه : 115

فَإِن قَالَ قَائِلٌ وَ لِمَ صَارَ بَعضُ النّجُومِ رَاتِباً وَ بَعضُهَا مُنتَقِلًا قُلنَا إِنّهَا لَو كَانَت كُلّهَا رَاتِبَةً لَبَطَلَتِ الدّلَالَاتُ التّيِ‌ يُستَدَلّ بِهَا مِن تَنَقّلِ المُنتَقِلَةِ وَ مَسِيرِهَا فِي كُلّ بُرجٍ مِنَ البُرُوجِ كَمَا قَد يُستَدَلّ عَلَي أَشيَاءَ مِمّا يُحدَثُ فِي العَالَمِ بِتَنَقّلِ الشّمسِ وَ النّجُومِ فِي مَنَازِلِهَا وَ لَو كَانَت كُلّهَا مُنتَقِلَةً لَم يَكُن لِمَسِيرِهَا مَنَازِلُ تُعرَفُ وَ لَا رَسمٌ يُوقَفُ عَلَيهِ لِأَنّهُ إِنّمَا يُوقَفُ بِمَسِيرِ المُنتَقِلَةِ مِنهَا بِتَنَقّلِهَا فِي البُرُوجِ الرّاتِبَةِ كَمَا يُستَدَلّ عَلَي سَيرِ السّائِرِ عَلَي الأَرضِ بِالمَنَازِلِ التّيِ‌ يَجتَازُ عَلَيهَا وَ لَو كَانَ تَنَقّلُهَا بِحَالٍ وَاحِدَةٍ لَاختَلَطَ نِظَامُهَا وَ بَطَلَتِ المَآرِبُ فِيهَا وَ لَسَاغَ لِقَائِلٍ أَن يَقُولَ إِنّ كَينُونَتَهَا عَلَي حَالٍ وَاحِدَةٍ تُوجِبُ عَلَيهَا الإِهمَالَ مِنَ الجِهَةِ التّيِ‌ وَصَفنَا ففَيِ‌ اختِلَافِ سَيرِهَا وَ تَصَرّفِهَا وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ المَآرِبِ وَ المَصلَحَةِ أَبيَنُ دَلِيلٍ عَلَي العَمدِ وَ التّدبِيرِ فِيهَا فَكّر فِي هَذِهِ النّجُومِ التّيِ‌ تَظهَرُ فِي بَعضِ السّنَةِ وَ تَحتَجِبُ فِي بَعضِهَا كَمِثلِ الثّرَيّا وَ الجَوزَاءِ وَ الشّعرَيَينِ وَ سُهَيلٍ فَإِنّهَا لَو كَانَت بِأَسرِهَا تَظهَرُ فِي وَقتٍ وَاحِدٍ لَم تَكُن لِوَاحِدٍ فِيهَا عَلَي حِيَالِهِ دَلَالَاتٌ يَعرِفُهَا النّاسُ وَ يَهتَدُونَ بِهَا لِبَعضِ أُمُورِهِم كَمَعرِفَتِهِمُ الآنَ بِمَا يَكُونُ مِن طُلُوعِ الثّورِ وَ الجَوزَاءِ إِذَا طَلَعَت وَ احتِجَابِهَا إِذَا احتَجَبَت فَصَارَ ظُهُورُ كُلّ وَاحِدٍ وَ احتِجَابُهُ فِي وَقتٍ غَيرِ وَقتِ الآخَرِ لِيَنتَفِعَ النّاسُ بِمَا يَدُلّ عَلَيهِ كُلّ وَاحِدٍ مِنهَا عَلَي حِدَتِهِ وَ كَمَا جُعِلَتِ الثّرَيّا وَ أَشبَاهُهَا تَظهَرُ حِيناً وَ تَحجُبُ حِيناً لِضَربٍ مِنَ المَصلَحَةِ كَذَلِكَ جُعِلَت بَنَاتُ النّعشِ ظَاهِرَةً لَا تَغِيبُ لِضَربٍ آخَرَ مِنَ المَصلَحَةِ فَإِنّهَا بِمَنزِلَةِ الأَعلَامِ التّيِ‌ يهَتدَيِ‌ بِهَا النّاسُ فِي البَرّ وَ البَحرِ لِلطّرُقِ المَجهُولَةِ وَ ذَلِكَ أَنّهَا لَا تَغِيبُ وَ لَا تَتَوَارَي فَهُم يَنظُرُونَ إِلَيهَا مَتَي أَرَادُوا أَن يَهتَدُوا بِهَا إِلَي حَيثُ شَاءُوا وَ صَارَ الأَمرَانِ جَمِيعاً عَلَي اختِلَافِهِمَا مُوَجّهَينِ نَحوَ الإِربِ وَ المَصلَحَةِ وَ فِيهِمَا مَآرِبُ أُخرَي عَلَامَاتٌ وَ دَلَالَاتٌ عَلَي أَوقَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الأَعمَالِ كَالزّرَاعَةِ وَ الغِرَاسِ وَ السّفَرِ فِي البَرّ وَ البَحرِ وَ أَشيَاءَ مِمّا يَحدُثُ فِي الأَزمِنَةِ مِنَ الأَمطَارِ وَ الرّيَاحِ وَ الحَرّ وَ البَردِ وَ بِهَا يهَتدَيِ‌ السّائِرُونَ فِي ظُلمَةِ اللّيلِ لِقَطعِ القِفَارِ


صفحه : 116

المُوحِشَةِ وَ اللّجَجِ الهَائِلَةِ مَعَ مَا فِي تَرَدّدِهَا فِي كَبَدِ السّمَاءِ مُقبِلَةً وَ مُدبِرَةً وَ مُشرِقَةً وَ مُغرِبَةً مِنَ العِبَرِ فَإِنّهَا تَسِيرُ أَسرَعَ السّيرِ وَ أَحَثّهُ أَ رَأَيتَ لَو كَانَتِ الشّمسُ وَ القَمَرُ وَ النّجُومُ بِالقُربِ مِنّا حَتّي يَتَبَيّنَ لَنَا سُرعَةُ سَيرِهَا بِكُنهِ مَا هيِ‌َ عَلَيهِ أَ لَم تَكُن سَتَخطَفُ الأَبصَارَ بِوَهجِهَا وَ شُعَاعِهَا كاَلذّيِ‌ يَحدُثُ أَحيَاناً مِنَ البُرُوقِ إِذَا تَوَالَت وَ اضطَرَمَت فِي الجَوّ وَ كَذَلِكَ أَيضاً لَو أَنّ أُنَاساً كَانُوا فِي قُبّةٍ مُكَلّلَةٍ بِمَصَابِيحَ تَدُورُ حَولَهُم دَوَرَاناً حَثِيثاً لَحَارَت أَبصَارُهُم حَتّي يَخِرّوا لِوُجُوهِهِم فَانظُر كَيفَ قُدّرَ أَن يَكُونَ مَسِيرُهَا فِي البُعدِ البَعِيدِ لِكَيلَا تَضُرّ فِي الأَبصَارِ وَ تُنكَأَ فِيهَا وَ بِأَسرَعِ السّرعَةِ لِكَيلَا تَتَخَلّفَ عَن مِقدَارِ الحَاجَةِ فِي مَسِيرِهَا وَ جُعِلَ فِيهَا جُزءٌ يَسِيرٌ مِنَ الضّوءِ لِيَسُدّ مَسَدّ الأَضوَاءِ إِذَا لَم يَكُن قَمَرٌ وَ يُمكِنُ فِيهِ الحَرَكَةُ إِذَا حُدِثَت ضَرُورَةٌ كَمَا قَد يَحدُثُ الحَادِثُ عَلَي المَرءِ فَيَحتَاجُ إِلَي التجّاَفيِ‌ فِي جَوفِ اللّيلِ وَ إِن لَم يَكُن شَيءٌ مِنَ الضّوءِ يهَتدَيِ‌ بِهِ لَم يَستَطِع أَن يَبرَحَ مَكَانَهُ فَتَأَمّل اللّطفَ وَ الحِكمَةَ فِي هَذَا التّقدِيرِ حِينَ جُعِلَ لِلظّلمَةِ دَولَةٌ وَ مُدّةٌ لِحَاجَةٍ إِلَيهَا وَ جُعِلَ خِلَالَهَا شَيءٌ مِنَ الضّوءِ لِلمَآرِبِ التّيِ‌ وَصَفنَا فَكّر فِي هَذَا الفَلَكِ بِشَمسِهِ وَ قَمَرِهِ وَ نُجُومِهِ وَ بُرُوجِهِ تَدُورُ عَلَي العَالَمِ فِي هَذَا الدّوَرَانِ الدّائِمِ بِهَذَا التّقدِيرِ وَ الوَزنِ لِمَا فِي اختِلَافِ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ هَذِهِ الأَزمَانِ الأَربَعَةِ المُتَوَالِيَةِ عَلَي الأَرضِ وَ مَا عَلَيهَا مِن أَصنَافِ الحَيَوَانِ وَ النّبَاتِ مِن ضُرُوبِ المَصلَحَةِ كاَلذّيِ‌ بَيّنتُ وَ شَخّصتُ لَكَ آنِفاً وَ هَل يَخفَي عَلَي ذيِ‌ لُبّ أَنّ هَذَا تَقدِيرٌ مُقَدّرٌ وَ صَوَابٌ وَ حِكمَةٌ مِن مُقَدّرٍ حَكِيمٍ فَإِن قَالَ قَائِلٌ إِنّ هَذَا شَيءٌ اتّفَقَ أَن يَكُونَ هَكَذَا فَمَا مَنَعَهُ أَن يَقُولَ مِثلَ هَذَا فِي دُولَابٍ تَرَاهُ يَدُورُ وَ يسَقيِ‌ حَدِيقَةً فِيهَا شَجَرٌ وَ نَبَاتٌ فَتَرَي كُلّ شَيءٍ مِن آلَتِهِ مُقَدّراً بَعضُهُ يَلقَي بَعضاً عَلَي مَا فِيهِ صَلَاحُ تِلكَ الحَدِيقَةِ وَ مَا فِيهَا وَ بِمَ كَانَ يُثبِتُ هَذَا القَولَ لَو قَالَهُ وَ مَا تَرَي النّاسَ كَانُوا قَائِلِينَ لَهُ لَو سَمِعُوهُ مِنهُ أَ فَيُنكِرُ أَن يَقُولَ فِي دُولَابِ خَشَبٍ


صفحه : 117

مَصنُوعٍ بِحِيلَةٍ قَصِيرَةٍ لِمَصلَحَةِ قِطعَةٍ مِنَ الأَرضِ أَنّهُ كَانَ بِلَا صَانِعٍ وَ مُقَدّرٍ وَ يُقَدّرُ أَن يَقُولَ فِي هَذَا الدّولَابِ الأَعظَمِ المَخلُوقِ بِحِكمَةٍ يَقصُرُ عَنهَا أَذهَانُ البَشَرِ لِصَلَاحِ جَمِيعِ الأَرضِ وَ مَا عَلَيهَا أَنّهُ شَيءٌ اتّفَقَ أَن يَكُونَ بِلَا صَنعَةٍ وَ لَا تَدبِيرٍ لَوِ اعتَلّ هَذَا الفَلَكُ كَمَا تَعتَلّ الآلَاتُ التّيِ‌ تُتّخَذُ لِلصّنَاعَاتِ وَ غَيرِهَا أَيّ شَيءٍ كَانَ عِندَ النّاسِ مِنَ الحِيلَةِ فِي إِصلَاحِهِ

بيان قوله ع لاتفارق مراكزها لعل المراد أنه ليس لها حركة بيّنة ظاهرة كما في السيارات أو لاتختلف نسب بعضها إلي بعض بالقرب والبعد بأن تكون الجملة التالية مفسّرة لها ويحتمل أن يكون المراد بمراكزها البروج التي‌ تنسب إليها علي ما هوالمصطلح بين العرب من اعتبار محاذاة تلك الأشكال في الانتقال إلي البروج و إن انتقلت عن مواضعها و عليه ينبغي‌ أن يحمل قوله ع وبعضها مطلقة تنتقل في البروج أو علي ماذكرنا سابقا من كون انتقالها في البروج ظاهرة بينة يعرفه كل أحد والأول أظهر كماسيظهر من كلامه ع قوله فإن الإهمال معني واحد يحتمل أن يكون المراد أن الطبيعة أوالدهر اللذين يجعلونهما أصحاب الإهمال مؤثّرين كل منهما أمر واحد غيرذي‌ شعور وإرادة و لايمكن صدور الأمرين المختلفين عن مثل ذلك كمامرّ أوالمراد أن العقل يحكم بأن هذين الأمرين المتّسقين الجاريين علي قانون الحكمة لا يكون إلا من حكيم راعي فيهما دقائق الحكم أوالمراد أن الإهمال أي عدم الحاجة إلي العلة وترجيح الأمر الممكن من غيرمرجح كماتزعمون أمر واحد حاصل فيهما فلم صارت إحداهما راتبة والأخري منتقلة و لم لم يعكس الأمر والأول أظهر كما لايخفي قوله ع لبطلت الدلالات ظاهره كون الأوضاع النجومية علامات للحوادث قوله ع في البروج الراتبة يدل ظاهرا علي ماأشرنا إليه من أنه ع راعي في انتقال البروج محاذاة نفس الأشكال و إن أمكن أن يكون المراد بيان حكمة بطء الحركة ليصلح كون تلك الأشكال علامات للبروج و لوبقربها منها لكنه بعيد قوله ع والشعريين قال الجوهري‌ الشعري الكوكب ألذي يطلع


صفحه : 118

بعدالجوزاء وطلوعه في شدة الحر وهما الشعريان والشعري العبور التي‌ في الجوزاء والشعري القميصاء التي‌ في الذراع تزعم العرب أنهما أختا سهيل انتهي والقفار جمع قفر و هوالخلأ من الأرض وخطف البرق البصر ذهب به ووهج النار بالتسكين توقدها و قوله حثيثا أي مسرعا وتجافي أي لم يلزم مكانه وبرح مكانه زال عنه

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي مَقَادِيرِ النّهَارِ وَ اللّيلِ كَيفَ وَقَعَت عَلَي مَا فِيهِ صَلَاحُ هَذَا الخَلقِ فَصَارَ مُنتَهَي كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا إِذَا امتَدّ إِلَي خَمسَ عَشرَةَ سَاعَةً لَا يُجَاوِزُ ذَلِكَ أَ فَرَأَيتَ لَو كَانَ النّهَارُ يَكُونُ مِقدَارُهُ مِائَةَ سَاعَةٍ أَو ماِئتَيَ‌ سَاعَةٍ أَ لَم يَكُن فِي ذَلِكَ بَوَارُ كُلّ مَا فِي الأَرضِ مِن حَيَوَانٍ وَ نَبَاتٍ أَمّا الحَيَوَانُ فَكَانَ لَا يَهدَأُ وَ لَا يَقِرّ طُولَ هَذِهِ المُدّةِ وَ لَا البَهَائِمُ كَانَت تُمسِكُ عَنِ الرعّي‌ِ لَو دَامَ لَهَا ضَوءُ النّهَارِ وَ لَا الإِنسَانُ كَانَ يَفتُرُ عَنِ العَمَلِ وَ الحَرَكَةِ وَ كَانَ ذَلِكَ سَيُهلِكُهَا أَجمَعَ وَ يُؤَدّيهَا إِلَي التّلَفِ وَ أَمّا النّبَاتُ فَكَانَ يَطُولُ عَلَيهِ حَرّ النّهَارِ وَ وَهجُ الشّمسِ حَتّي يَجِفّ وَ يَحتَرِقَ وَ كَذَلِكَ اللّيلُ لَوِ امتَدّ مِقدَارُ هَذِهِ المُدّةِ كَانَ يَعُوقُ أَصنَافَ الحَيَوَانِ عَنِ الحَرَكَةِ وَ التّصَرّفِ فِي طَلَبِ المَعَاشِ حَتّي تَمُوتَ جُوعاً وَ تَخمُدُ الحَرَارَةُ الطّبِيعِيّةُ مِنَ النّبَاتِ حَتّي يَعفِنَ وَ يَفسُدَ كاَلذّيِ‌ تَرَاهُ يَحدُثُ عَلَي النّبَاتِ إِذَا كَانَ فِي مَوضِعٍ لَا تَطلُعُ عَلَيهِ الشّمسُ اعتَبِر بِهَذِهِ الحَرّ وَ البَردِ كَيفَ يَتَعَاوَرَانِ العَالَمَ وَ يَتَصَرّفَانِ هَذَا التّصَرّفَ مِنَ الزّيَادَةِ وَ النّقصَانِ وَ الِاعتِدَالِ لِإِقَامَةِ هَذِهِ الأَزمِنَةِ الأَربَعَةِ مِنَ السّنَةِ وَ مَا فِيهِمَا مِنَ المَصَالِحِ ثُمّ هُمَا بَعدَ دِبَاغِ الأَبدَانِ التّيِ‌ عَلَيهَا بَقَاؤُهُا وَ فِيهَا صَلَاحُهَا فَإِنّهُ لَو لَا الحَرّ وَ البَردُ وَ تَدَاوُلُهُمَا الأَبدَانَ لَفَسَدَت وَ أَخوَت وَ انتَكَثَت فَكّر فِي دُخُولِ أَحَدِهِمَا عَلَي الآخَرِ بِهَذَا التّدرِيجِ وَ التّرَسّلِ فَإِنّكَ تَرَي أَحَدَهُمَا يَنقُصُ شَيئاً بَعدَ شَيءٍ وَ الآخَرَ يَزِيدُ مِثلَ ذَلِكَ حَتّي ينَتهَيِ‌َ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا مُنتَهَاهُ فِي الزّيَادَةِ وَ النّقصَانِ وَ لَو كَانَ دُخُولُ إِحدَاهُمَا عَلَي الأُخرَي مُفَاجَأَةً لَأَضَرّ ذَلِكَ بِالأَبدَانِ وَ أَسقَمَهَا كَمَا أَنّ أَحَدَكُم لَو خَرَجَ مِن حَمّامٍ حَارّ إِلَي مَوضِعِ البُرُودَةِ لَضَرّهُ ذَلِكَ وَ أَسقَمَ


صفحه : 119

بَدَنَهُ فَلِمَ جَعَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ هَذَا التّرَسّلَ فِي الحَرّ وَ البَردِ إِلّا لِلسّلَامَةِ مِن ضَرَرِ المُفَاجَأَةِ وَ لِمَ جَرَي الأَمرُ عَلَي مَا فِيهِ السّلَامَةُ مِن ضَرّ المُفَاجَأَةِ لَو لَا التّدبِيرُ فِي ذَلِكَ فَإِن زَعَمَ زَاعِمٌ أَنّ هَذَا التّرَسّلَ فِي دُخُولِ الحَرّ وَ البَردِ إِنّمَا يَكُونُ لِإِبطَاءِ مَسِيرِ الشّمسِ فِي الِارتِفَاعِ وَ الِانحِطَاطِ سُئِلَ عَنِ العِلّةِ فِي إِبطَاءِ مَسِيرِ الشّمسِ فِي ارتِفَاعِهَا وَ انحِطَاطِهَا فَإِنِ اعتَلّ فِي الإِبطَاءِ بِبُعدِ مَا بَينَ المَشرِقَينِ سُئِلَ عَنِ العِلّةِ فِي ذَلِكَ فَلَا تَزَالُ هَذِهِ المَسأَلَةُ تَرقَي مَعَهُ إِلَي حَيثُ رقَيِ‌َ مِن هَذَا القَولِ حَتّي استَقَرّ عَلَي العَمدِ وَ التّدبِيرِ لَو لَا الحَرّ لَمَا كَانَتِ الثّمَارُ الجَاسِيَةُ المُرّةُ تَنضَجُ فَتَلِينُ وَ تَعذُبُ حَتّي يُتَفَكّهَ بِهَا رَطبَةً وَ يَابِسَةً وَ لَو لَا البَردُ لَمَا كَانَ الزّرعُ يُفرِخُ هَكَذَا وَ يَرِيعُ الرّيعَ الكَثِيرَ ألّذِي يَتّسِعُ لِلقُوتِ وَ مَا يُرَدّ فِي الأَرضِ لِلبَذرِ أَ فَلَا تَرَي مَا فِي الحَرّ وَ البَردِ مِن عَظِيمِ الغِنَاءِ وَ المَنفَعَةِ وَ كِلَاهُمَا مَعَ غِنَائِهِ وَ المَنفَعَةِ فِيهِ يُؤلِمُ الأَبدَانَ وَ يَمَضّهَا وَ فِي ذَلِكَ عِبرَةٌ لِمَن فَكّرَ وَ دَلَالَةٌ عَلَي أَنّهُ مِن تَدبِيرِ الحَكِيمِ فِي مَصلَحَةِ العَالَمِ وَ مَا فِيهِ

بيان قوله ع لايجاوز ذلك أي في معظم المعمورة و قال الفيروزآبادي‌ خوت الدار تهدمت والنجوم خيّا أمحلت فلم تمطر كأخوت و قال المنتكث المهزول و قال الترسل الرفق والتؤدة انتهي قوله ع ببعد ما بين المشرقين أي المشرق والمغرب كناية عن عظم الدائرة التي‌ يقطع عليها البروج أومشرق الصيف والشتاء والأول أظهر قوله ع الجاسية أي الصلبة ويتفكه بها أي يتمتع بها والريع النماء والزيادة و قال الجوهري‌ أمضني‌ الجرح إمضاضا إذاأوجعك و فيه لغة أخري مضني‌ الجرح و لم يعرفها الأصمعي‌

وَ أُنَبّهُكَ يَا مُفَضّلُ عَلَي الرّيحِ وَ مَا فِيهَا أَ لَستَ تَرَي رُكُودَهَا إِذَا رَكَدَت كَيفَ يُحدِثُ الكَربَ ألّذِي يَكَادُ أَن يأَتيِ‌َ عَلَي النّفُوسِ وَ يُحَرّضُ الأَصِحّاءَ وَ يَنهَكُ المَرضَي وَ يُفسِدُ الثّمَارَ وَ يَعفِنُ البُقُولَ وَ يُعَقّبُ الوَبَاءَ فِي الأَبدَانِ وَ الآفَةَ فِي الغَلّاتِ ففَيِ‌ هَذَا بَيَانُ أَنّ هُبُوبَ الرّيحِ مِن تَدبِيرِ الحَكِيمِ فِي صَلَاحِ الخَلقِ وَ أُنَبّئُكَ عَنِ الهَوَاءِ بِخَلّةٍ أُخرَي فَإِنّ الصّوتَ أَثَرٌ يُؤَثّرُهُ اصطِكَاكُ الأَجسَامِ فِي الهَوَاءِ وَ الهَوَاءُ يُؤَدّيهِ إِلَي المَسَامِعِ وَ النّاسُ يَتَكَلّمُونَ فِي حَوَائِجِهِم وَ مُعَامَلَاتِهِم طُولَ


صفحه : 120

نَهَارِهِم وَ بَعضَ لَيلِهِم فَلَو كَانَ أَثَرُ هَذَا الكَلَامِ يَبقَي فِي الهَوَاءِ كَمَا يَبقَي الكِتَابُ فِي القِرطَاسِ لَامتَلَأَ العَالَمُ مِنهُ فَكَانَ يَكرُبُهُم وَ يَفدَحُهُم وَ كَانُوا يَحتَاجُونَ فِي تَجدِيدِهِ وَ الِاستِبدَالِ بِهِ إِلَي أَكثَرَ مِمّا يُحتَاجُ إِلَيهِ فِي تَجدِيدِ القَرَاطِيسِ لِأَنّ مَا يُلقَي مِنَ الكَلَامِ أَكثَرُ مِمّا يُكتَبُ فَجَعَلَ الخَلّاقُ الحَكِيمُ جَلّ قُدسُهُ هَذَا الهَوَاءَ قِرطَاساً خَفِيّاً يَحمِلُ الكَلَامَ رَيثَمَا يَبلُغُ العَالَمُ حَاجَتَهُم ثُمّ يُمحَي فَيَعُودُ جَدِيداً نَقِيّاً وَ يَحمِلُ مَا حَمَلَ أَبَداً بِلَا انقِطَاعٍ وَ حَسبُكَ بِهَذَا النّسِيمِ المُسَمّي هَوَاءً عِبرَةً وَ مَا فِيهِ مِنَ المَصَالِحِ فَإِنّهُ حَيَاةُ هَذِهِ الأَبدَانِ وَ المُمسِكُ لَهَا مِن دَاخِلٍ بِمَا تَستَنشِقُ مِنهُ وَ مِن خَارِجٍ بِمَا تُبَاشِرُ مِن رَوحِهِ وَ فِيهِ تَطّرِدُ هَذِهِ الأَصوَاتُ فيَؤُدَيّ‌ بِهَا مِنَ البُعدِ البَعِيدِ وَ هُوَ الحَامِلُ لِهَذِهِ الأَرَايِيحِ يَنقُلُهَا مِن مَوضِعٍ إِلَي مَوضِعٍ أَ لَا تَرَي كَيفَ تَأتِيكَ الرّائِحَةُ مِن حَيثُ تَهُبّ الرّيحُ فَكَذَلِكَ الصّوتُ وَ هُوَ القَابِلُ لِهَذَا الحَرّ وَ البَردِ اللّذَينِ يَتَعَاقَبَانِ عَلَي العَالَمِ لِصَلَاحِهِ وَ مِنهُ هَذِهِ الرّيحُ الهَابّةُ فَالرّيحُ تَرُوحُ عَنِ الأَجسَامِ وَ تزُجيِ‌ السّحَابَ مِن مَوضِعٍ إِلَي مَوضِعٍ لِيَعُمّ نَفعُهُ حَتّي يَستَكثِفَ فَيَمطُرَ وَ تَفُضّهُ حَتّي يَستَخِفّ فَيَتَفَشّي وَ تُلقِحُ الشّجَرَ وَ تُسِيرُ السّفُنَ وَ ترُخيِ‌ الأَطعِمَةَ وَ تُبَرّدُ المَاءَ وَ تَشُبّ النّارَ وَ تُجَفّفُ الأَشيَاءَ النّدِيّةَ وَ بِالجُملَةِ أَنّهَا تحُييِ‌ كُلّمَا فِي الأَرضِ فَلَو لَا الرّيحُ لَذَوَي النّبَاتُ وَ مَاتَ الحَيَوَانُ وَ حُمّتِ الأَشيَاءُ وَ فَسَدَت

توضيح ركود الريح سكونها والحرض فساد البدن ويقال نهكته الحمّي أي أضنّته وهزلته و قوله ع والهواء يؤدّيه يدل علي ما هوالمنصور من تكيّف الهواء بكيفية الصوت علي مافصّل في محله ويقال كربه الأمر أي شقّ عليه وفدحه الدين أي أثقله وريثما فعل كذا أي قدر مافعله ويبلغ إما علي بناء المجرد فالعالم فاعله أو علي التفعيل فالهواء فاعله والروح بالفتح الراحة ونسيم الريح واطرد الشي‌ء تبع بعضه بعضا وجري والأراييح جمع للريح وتزجي‌ السحاب علي بناء الإفعال


صفحه : 121

أي تسوقه وتفضّه أي تفرّقه والتفشيّ‌ الانتشار وترخي‌ الأطعمة علي التفعيل أوالإفعال أي تصيرها رخوة لطيفة وتشبّ النار أي توقدها

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِيمَا خَلَقَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ عَلَيهِ هَذِهِ الجَوَاهِرَ الأَربَعَةَ لِيَتّسِعَ مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ مِنهَا فَمِن ذَلِكَ سَعَةُ هَذِهِ الأَرضِ وَ امتِدَادُهَا فَلَو لَا ذَلِكَ كَيفَ كَانَت تَتّسِعُ لِمَسَاكِنِ النّاسِ وَ مَزَارِعِهِم وَ مَرَاعِيهِم وَ مَنَابِتِ أَخشَابِهِم وَ أَحطَابِهِم وَ العَقَاقِيرِ العَظِيمَةِ وَ المَعَادِنِ الجَسِيمَةِ غَنَاؤُهَا وَ لَعَلّ مَن يُنكِرُ هَذِهِ الفَلَوَاتِ الخَاوِيَةَ وَ القِفَارَ المُوحِشَةَ فَيَقُولُ مَا المَنفَعَةُ فِيهَا فهَيِ‌َ مَأوَي هَذِهِ الوُحُوشِ وَ مَحَالّهَا وَ مَرعَاهَا ثُمّ فِيهَا بَعدُ مُتَنَفّسٌ وَ مُضطَرَبٌ لِلنّاسِ إِذَا احتَاجُوا إِلَي الِاستِبدَالِ بِأَوطَانِهِم فَكَم بَيدَاءَ وَ كَم فَدفَدٍ حَالَت قُصُوراً وَ جِنَاناً بِانتِقَالِ النّاسِ إِلَيهَا وَ حُلُولِهِم فِيهَا وَ لَو لَا سَعَةُ الأَرضِ وَ فُسحَتُهَا لَكَانَ النّاسُ كَمَن هُوَ فِي حِصَارٍ ضَيّقٍ لَا يَجِدُ مَندُوحَةً عَن وَطَنِهِ إِذَا حَزّ بِهِ أَمرٌ يَضطَرّهُ إِلَي الِانتِقَالِ عَنهُ ثُمّ فَكّر فِي خَلقِ هَذِهِ الأَرضِ عَلَي مَا هيِ‌َ عَلَيهِ حِينَ خُلِقَت رَاتِبَةً رَاكِنَةً فَتَكُونُ مَوطِناً مُستَقَرّاً لِلأَشيَاءِ فَيَتَمَكّنُ النّاسُ مِنَ السعّي‌ِ عَلَيهَا فِي مَآرِبِهِم وَ الجُلُوسِ عَلَيهَا لِرَاحَتِهِم وَ النّومِ لِهَدئِهِم وَ الإِتقَانِ لِأَعمَالِهِم فَإِنّهَا لَو كَانَت رَجرَاجَةً مُتَكَفّئَةً لَم يَكُونُوا يَستَطِيعُونَ أَن يُتقِنُوا البِنَاءَ وَ التّجَارَةَ وَ الصّنَاعَةَ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ بَل كَانُوا لَا يَتَهَنّئُونَ بِالعَيشِ وَ الأَرضُ تَرتَجّ مِن تَحتِهِم وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِمَا يُصِيبُ النّاسَ حِينَ الزّلَازِلِ عَلَي قِلّةِ مَكثِهَا حَتّي يَصِيرُوا إِلَي تَركِ مَنَازِلِهِم وَ الهَرَبِ عَنهَا فَإِن قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ صَارَت هَذِهِ الأَرضُ تُزَلزَلُ قِيلَ لَهُ إِنّ الزّلزَلَةَ وَ مَا أَشبَهَهَا مَوعِظَةٌ وَ تَرهِيبٌ يُرَهّبُ بِهَا النّاسُ لِيَرعَوُوا وَ يَنزِعُوا عَنِ المعَاَصيِ‌ وَ كَذَلِكَ مَا يَنزِلُ بِهِم مِنَ البَلَاءِ فِي أَبدَانِهِم وَ أَموَالِهِم يجَريِ‌ فِي التّدبِيرِ عَلَي مَا فِيهِ صَلَاحُهُم وَ استِقَامَتُهُم وَ يُدّخَرُ لَهُم إِن صَلَحُوا مِنَ الثّوَابِ وَ العِوَضِ فِي الآخِرَةِ مَا لَا يَعدِلُهُ شَيءٌ مِن أُمُورِ الدّنيَا وَ رُبّمَا عُجّلَ ذَلِكَ فِي الدّنيَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الدّنيَا صَلَاحاً لِلخَاصّةِ وَ العَامّةِ ثُمّ إِنّ الأَرضَ فِي طِبَاعِهَا ألّذِي طَبَعَهَا اللّهُ عَلَيهِ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ وَ كَذَلِكَ الحِجَارَةُ وَ إِنّمَا الفَرقُ بَينَهَا وَ بَينَ الحِجَارَةِ فَضلُ يُبسٍ فِي الحِجَارَةِ أَ فَرَأَيتَ لَو أَنّ اليُبسَ أَفرَطَ عَلَي الأَرضِ قَلِيلًا حَتّي تَكُونَ حَجَراً صَلداً أَ كَانَت تُنبِتُ هَذَا النّبَاتَ ألّذِي بِهِ حَيَاةُ الحَيَوَانِ


صفحه : 122

وَ كَانَ يُمكِنُ بِهَا حَرثٌ أَو بِنَاءٌ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ تُنصَبُ[نُقِصَت] مِن يُبسِ الحِجَارَةِ وَ جُعِلَت عَلَي مَا هيِ‌َ عَلَيهِ مِنَ اللّينِ وَ الرّخَاوَةِ وَ لِتَهَيّأَ لِلِاعتِمَادِ وَ مِن تَدبِيرِ الحَكِيمِ جَلّ وَ عَلَا فِي خِلقَةِ الأَرضِ أَنّ مَهَبّ الشّمَالِ أَرفَعُ مِن مَهَبّ الجَنُوبِ فَلِمَ جَعَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ كَذَلِكَ إِلّا لِيَنحَدِرَ المِيَاهُ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَتَسقِيَهَا وَ تَروِيَهَا ثُمّ تُفِيضَ آخِرَ ذَلِكَ إِلَي البَحرِ فَكَأَنّمَا يَرفَعُ أَحَدُ جاَنبِيَ‌ِ السّطحِ وَ يَخفِضُ الآخَرُ لِيَنحَدِرَ المَاءُ عَنهُ وَ لَا يَقُومَ عَلَيهِ كَذَلِكَ جُعِلَ مَهَبّ الشّمَالِ أَرفَعَ مِن مَهَبّ الجَنُوبِ لِهَذِهِ العِلّةِ بِعَينِهَا وَ لَو لَا ذَلِكَ لبَقَيِ‌َ المَاءُ مُتَحَيّراً عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَكَانَ يَمنَعُ النّاسَ مِن أَعمَالِهَا وَ يَقطَعُ الطّرُقَ وَ المَسَالِكَ ثُمّ المَاءُ لَو لَا كَثرَتُهُ وَ تَدَفّقُهُ فِي العُيُونِ وَ الأَدوِيَةِ وَ الأَنهَارِ لَضَاقَ عَمّا يَحتَاجُ النّاسُ إِلَيهِ لِشُربِهِم وَ شُربِ أَنعَامِهِم وَ مَوَاشِيهِم وَ سقَي‌ِ زُرُوعِهِم وَ أَشجَارِهِم وَ أَصنَافِ غَلّاتِهِم وَ شُربِ مَا يَرِدُهُ مِنَ الوُحُوشِ وَ الطّيرِ وَ السّبَاعِ وَ تَتَقَلّبُ فِيهِ الحِيتَانُ وَ دَوَابّ المَاءِ وَ فِيهِ مَنَافِعُ أُخَرُ أَنتَ بِهَا عَارِفٌ وَ عَن عِظَمِ مَوقِعِهَا غَافِلٌ فَإِنّهُ سِوَي الأَمرِ الجَلِيلِ المَعرُوفِ مِن غَنَائِهِ فِي إِحيَاءِ جَمِيعِ مَا عَلَي الأَرضِ مِنَ الحَيَوَانِ وَ النّبَاتِ يَمزُجُ بِالأَشرِبَةِ فَتَلِينُ وَ تَطَيّبُ لِشَارِبِهَا وَ بِهِ تُنَظّفُ الأَبدَانُ وَ الأَمتِعَةُ مِنَ الدّرَنِ ألّذِي يَغشَاهَا وَ بِهِ يُبَلّ التّرَابُ فَيَصلُحُ لِلِاعتِمَالِ وَ بِهِ يُكَفّ عَادِيَةُ النّارِ إِذَا اضطَرَمَت وَ أَشرَفَ النّاسُ عَلَي المَكرُوهِ وَ بِهِ يُسِيغُ الغَصّانُ مَا غَصّ بِهِ وَ بِهِ يَستَحِمّ المُتعِبُ الكَالّ فَيَجِدُ الرّاحَةَ مِن أَوصَابِهِ إِلَي أَشبَاهِ هَذَا مِنَ المَآرِبِ التّيِ‌ تَعرِفُ عِظَمَ مَوقِعِهَا فِي وَقتِ الحَاجَةِ إِلَيهَا فَإِن شَكَكتَ فِي مَنفَعَةِ هَذَا المَاءِ الكَثِيرِ المُتَرَاكِمِ فِي البِحَارِ وَ قُلتَ مَا الإِربُ فِيهِ فَاعلَم أَنّهُ مُكتَنَفٌ وَ مُضطَرَبٌ مَا لَا يُحصَي مِن أَصنَافِ السّمَكِ وَ دَوَابّ البَحرِ وَ مَعدِنِ اللّؤلُؤِ وَ اليَاقُوتِ وَ العَنبَرِ وَ أَصنَافٍ شَتّي تُستَخرَجُ مِنَ البَحرِ وَ فِي سَوَاحِلِهِ مَنَابِتُ العُودِ وَ اليَلَنجُوجِ وَ ضُرُوبٍ مِنَ الطّيبِ وَ العَقَاقِيرِ ثُمّ هُوَ بَعدُ مَركَبُ النّاسِ وَ مَحمِلٌ لِهَذِهِ التّجَارَاتِ التّيِ‌ تُجلَبُ مِنَ البُلدَانِ البَعِيدَةِ كَمَثَلِ مَا يُجلَبُ مِنَ الصّينِ إِلَي العِرَاقِ وَ مِنَ العِرَاقِ


صفحه : 123

إِلَي العِرَاقِ فَإِنّ هَذِهِ التّجَارَاتِ لَو لَم يَكُن لَهَا مَحمِلٌ إِلّا عَلَي الظّهرِ لَبَارَت وَ بَقِيَت فِي بُلدَانِهَا وَ أيَديِ‌ أَهلِهَا لِأَنّ أَجرَ حَملِهَا كَانَ يُجَاوِزُ أَثمَانَهَا فَلَا يَتَعَرّضُ أَحَدٌ لِحَملِهَا وَ كَانَ يَجتَمِعُ فِي ذَلِكَ أَمرَانِ أَحَدُهُمَا فَقدُ أَشيَاءَ كَثِيرَةٍ تَعظُمُ الحَاجَةُ إِلَيهَا وَ الآخَرُ انقِطَاعُ مَعَاشِ مَن يَحمِلُهَا وَ يَتَعَيّشُ بِفَضلِهَا وَ هَكَذَا الهَوَاءُ لَو لَا كَثرَتُهُ وَ سَعَتُهُ لَاختَنَقَ هَذَا الأَنَامُ مِنَ الدّخَانِ وَ البُخَارِ التّيِ‌ يَتَحَيّرُ فِيهِ وَ يَعجِزُ عَمّا يُحَوّلُ إِلَي السّحَابِ وَ الضّبَابِ أَوّلًا أَوّلًا وَ قَد تَقَدّمَ مِن صِفَتِهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَ النّارُ أَيضاً كَذَلِكَ فَإِنّهَا لَو كَانَت مَبثُوثَةً كَالنّسِيمِ وَ المَاءِ كَانَت تُحرِقُ العَالَمَ وَ مَا فِيهِ وَ لَم يَكُن بُدّ مِن ظُهُورِهَا فِي الأَحَايِينِ لِغَنَائِهَا فِي كَثِيرٍ مِنَ المَصَالِحِ فَجُعِلَت كَالمَخزُونَةِ فِي الأَخشَابِ تُلتَمَسُ عِندَ الحَاجَةِ إِلَيهَا وَ تُمسَكُ بِالمَادّةِ وَ الحَطَبِ مَا احتِيجَ إِلَي بَقَائِهَا لِئَلّا تَخبُوَ فَلَا هيِ‌َ تُمسَكُ بِالمَادّةِ وَ الحَطَبِ فَتَعظُمَ المَئُونَةُ فِي ذَلِكَ وَ لَا هيِ‌َ تَظهَرُ مَبثُوثَةً فَتُحرِقَ كُلّ مَا هيِ‌َ فِيهِ بَل هيِ‌َ عَلَي تَهيِئَةٍ وَ تَقدِيرٍ اجتَمَعَ فِيهَا الِاستِمتَاعُ بِمَنَافِعِهَا وَ السّلَامَةُ مِن ضَرَرِهَا ثُمّ فِيهِ خُلّةٌ أُخرَي وَ هيِ‌َ أَنّهَا مِمّا خُصّ بِهِ الإِنسَانُ دُونَ جَمِيعِ الحَيَوَانِ لِمَا لَهُ فِيهَا مِنَ المَصلَحَةِ فَإِنّهُ لَو فَقَدَ النّارَ لَعَظُمَ مَا يَدخُلُ عَلَيهِ مِنَ الضّرَرِ فِي مَعَاشِهِ فَأَمّا البَهَائِمُ فَلَا تَستَعمِلُ النّارَ وَ لَا تَستَمتِعُ بِهَا وَ لَمّا قَدّرَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ أَن يَكُونَ هَذَا هَكَذَا خَلَقَ لِلإِنسَانِ كَفّاً وَ أَصَابِعَ مُهَيّأَةً لِقَدحِ النّارِ وَ استِعمَالِهَا وَ لَم يُعطِ البَهَائِمَ مِثلَ ذَلِكَ لَكِنّهَا أُعِينَت بِالصّبرِ عَلَي الجَفَاءِ وَ الخَلَلِ فِي المَعَاشِ لِكَيلَا يَنَالَهَا فِي فَقدِ النّارِ مَا يَنَالُ الإِنسَانَ وَ أُنَبّئُكَ مِن مَنَافِعِ النّارِ عَلَي خِلقَةٍ صَغِيرَةٍ عَظِيمَ مَوقِعِهَا وَ هيِ‌َ هَذَا المِصبَاحُ ألّذِي يَتّخِذُهُ النّاسُ فَيَقضُونَ بِهِ حَوَائِجَهُم مَا شَاءُوا مِن لَيلِهِم وَ لَو لَا هَذِهِ الخُلّةُ لَكَانَ النّاسُ تُصرَفُ أَعمَارُهُم بِمَنزِلَةِ مَن فِي القُبُورِ فَمَن كَانَ يَستَطِيعُ أَن يَكتُبَ أَو يَحفَظَ أَو يَنسِجَ


صفحه : 124

فِي ظُلمَةِ اللّيلِ وَ كَيفَ كَانَت حَالُ مَن عَرَضَ لَهُ وَجَعٌ فِي وَقتٍ مِن أَوقَاتِ اللّيلِ فَاحتَاجَ أَن يُعَالِجَ ضِمَاداً أَو سَفُوفاً أَو شَيئاً يسَتشَفيِ‌ بِهِ فَأَمّا مَنَافِعُهَا فِي نَضجِ الأَطعِمَةِ وَ دَفَاءِ الأَبدَانِ وَ تَجفِيفِ أَشيَاءَ وَ تَحلِيلِ أَشيَاءَ وَ أَشبَاهِ ذَلِكَ فَأَكثَرُ مِن أَن تُحصَي وَ أَظهَرُ مِن أَن تَخفَي

تبيان العقاقير أصول الأدوية والغناء بالفتح المنفعة والخاوية الخالية والفدفد الفلاة والمكان الصلب الغليظ والمرتفع و الأرض المستوية والفسحة بالضم السعة ويقال لي عن هذاالأمر مندوحة ومنتدح أي سعة وحزبه أمر أي أصابه والراتبة الثابتة والراكنة الساكنة وهدأ هدءا وهدوءا سكن و قوله ع رجراجة أي متزلزلة متحرّكة والتكفّئ الانقلاب والتمايل والتحرك والارتجاج الاضطراب والارعواء الرجوع عن الجهل والكف عن القبيح والصلد ويكسر الصلب الأملس قوله ع كيف تنصب كذا في أكثر النسخ والنصب يكون بمعني الرفع والوضع ولعل المراد هنا الثاني‌ والظاهر أنه تصحيف نقصت أونحوه قوله ع إن مهبّ الشمال أرفع أي بعد ماخرجت الأرض من الكروية الحقيقية صار مايلي‌ الشمال منها في أكثر المعمورة أرفع مما يلي‌ الجنوب ولذا تري أكثر الأنهار كدجلة والفرات وغيرهما تجري‌ من الشمال إلي الجنوب و لما كان الماء الساكن في جوف الأرض تابعا للأرض في ارتفاعه وانخفاضه فلذا صارت العيون المتفجرة تجري‌ هكذا من الشمال إلي الجنوب حتي تجري‌ علي وجه الأرض ولذا حكموا بفوقيّة الشمال علي الجنوب في حكم اجتماع البئر والبالوعة و إذاتأملت فيما ذكرنا يظهر لك مابينه ع من الحكم في ذلك و أنه لاينافي‌ كرويّة الأرض والتدفّق التصبّب قوله ع فإنه سوي الأمر الجليل الضمير راجع إلي الماء و هواسم إن ويمزج خبره أي للماء سوي النفع الجليل المعروف و هوكونه سببا لحياة كل شيءمنافع أخري منها أنه يمزج مع الأشربة و قال الجوهري‌ الحميم الماء الحار و قداستحممت إذااغتسلت به ثم صار كل اغتسال


صفحه : 125

استحماما بأي‌ ماء كان انتهي والوصب محركة المرض والمكتنف بفتح النون من الكنف بمعني الحفظ والإحاطة واكتنفه أي أحاط به ويظهر منه أن نوعا من الياقوت يتكون في البحر وقيل أطلق علي المرجان مجازا ويحتمل أن يكون المراد مايستخرج منه بالغوص و إن لم يتكون فيه واليلنجوج عود البخور و من العراق أي البصرة و إلي العراق أي الكوفة أوبالعكس قوله ع ويعجز أي لو لاكثرة الهواء لعجز الهواء عما يستحيل الهواء إليه من السحاب والضباب التي‌ تتكون من الهواء أولا أولا أي تدريجا أي كان الهواء لايفي‌ بذلك أو لايتسع لذلك الضباب بالفتح ندي كالغيم أوسحاب رقيق كالدخان والأحايين جمع أحيان و هوجمع حين بمعني الدهر والزمان قوله ع فلاهي‌ تمسك بالمادة والحطب أي دائما بحيث إذاانطفأت لم يمكن إعادتها والمادة الزيادة المتصلة والمراد هنا الدهن ومثله ودفاء الأبدان بالكسر دفع البرد عنها

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي الصّحوِ وَ المَطَرِ كَيفَ يَعتَقِبَانِ عَلَي هَذَا العَالَمِ لِمَا فِيهِ صَلَاحُهُ وَ لَو دَامَ وَاحِدٌ مِنهُمَا عَلَيهِ كَانَ فِي ذَلِكَ فَسَادُهُ أَ لَا تَرَي أَنّ الأَمطَارَ إِذَا تَوَالَت عَفِنَتِ البُقُولُ وَ الخُضَرُ وَ استَرخَت أَبدَانُ الحَيَوَانِ وَ خَصِرَ الهَوَاءُ فَأَحدَثَ ضُرُوباً مِنَ الأَمرَاضِ وَ فَسَدَتِ الطّرُقُ وَ المَسَالِكُ وَ أَنّ الصّحوَ إِذَا دَامَ جَفّتِ الأَرضُ وَ احتَرَقَ النّبَاتُ وَ غِيضَ مَاءُ العُيُونِ وَ الأَودِيَةِ فَأَضَرّ ذَلِكَ بِالنّاسِ وَ غَلَبَ اليُبسُ عَلَي الهَوَاءِ فَأَحدَثَ ضُرُوباً أُخرَي مِنَ الأَمرَاضِ فَإِذَا تَعَاقَبَا عَلَي العَالَمِ هَذَا التّعَاقُبَ اعتَدَلَ الهَوَاءُ وَ دَفَعَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا عَادِيَةَ الآخَرِ فَصَلَحَتِ الأَشيَاءُ وَ استَقَامَت فَإِن قَالَ قَائِلٌ وَ لِمَ لَا يَكُونُ فِي شَيءٍ مِن ذَلِكَ مَضَرّةٌ البَتّةَ قِيلَ لَهُ لِيَمُضّ ذَلِكَ الإِنسَانَ وَ يُؤلِمَهُ بَعضَ الأَلَمِ فيَرَعوَيِ‌َ عَنِ المعَاَصيِ‌ فَكَمَا أَنّ الإِنسَانَ إِذَا سَقُمَ بَدَنُهُ احتَاجَ إِلَي الأَدوِيَةِ المُرّةِ البَشِعَةِ لِيَقُومَ طِبَاعُهُ وَ يَصلُحَ مَا فَسَدَ مِنهُ كَذَلِكَ إِذَا طَغَي وَ أَشِرَ


صفحه : 126

احتَاجَ إِلَي مَا يَعَضّهُ وَ يُؤلِمُهُ ليِرَعوَيِ‌َ وَ يَقصُرَ عَن مَسَاوِيهِ وَ يُثبِتَهُ عَلَي مَا فِيهِ حَظّهُ وَ رُشدُهُ وَ لَو أَنّ مَلِكاً مِنَ المُلُوكِ قَسَمَ فِي أَهلِ مَملَكَتِهِ قَنَاطِيرَ مِن ذَهَبٍ وَ فِضّةٍ أَ لَم يَكُن سَيَعظُمُ عِندَهُم وَ يَذهَبُ لَهُ بِهِ الصّوتُ فَأَينَ هَذَا مِن مَطَرَةٍ رَوَاءٍ إِذ يُعمَرُ بِهِ البِلَادُ وَ يَزِيدُ فِي الغَلّاتِ أَكثَرَ مِن قَنَاطِيرِ الذّهَبِ وَ الفِضّةِ فِي أَقَالِيمِ الأَرضِ كُلّهَا أَ فَلَا تَرَي المَطَرَةَ الوَاحِدَةَ مَا أَكبَرَ قَدرَهَا وَ أَعظَمَ النّعمَةَ عَلَي النّاسِ فِيهَا وَ هُم عَنهَا سَاهُونَ وَ رُبّمَا عَاقَت عَن أَحَدِهِم حَاجَةٌ لَا قَدرَ لَهَا فَيَذمُرُ وَ يَسخَطُ إِيثَاراً لِلخَسِيسِ قَدرُهُ عَلَي العَظِيمِ نَفعُهُ جَهلًا بِمَحمُودِ العَاقِبَةِ وَ قِلّةَ مَعرِفَةٍ لِعَظِيمِ الغَنَاءِ وَ المَنفَعَةِ فِيهَا تَأَمّل نُزُولَهُ عَلَي الأَرضِ وَ التّدبِيرَ فِي ذَلِكَ فَإِنّهُ جُعِلَ يَنحَدِرُ عَلَيهَا مِن عُلُوّ لِيَتَفَشّي مَا غَلُظَ وَ ارتَفَعَ مِنهَا فَيُروِيَهُ وَ لَو كَانَ إِنّمَا يَأتِيهَا مِن بَعضِ نَوَاحِيهَا لَمَا عَلَا عَلَي المَوَاضِعِ المُشرِفَةِ مِنهَا وَ يَقِلّ مَا يُزرَعُ فِي الأَرضِ أَ لَا تَرَي أَنّ ألّذِي يُزرَعُ سَيحاً أَقَلّ مِن ذَلِكَ فَالأَمطَارُ هيِ‌َ التّيِ‌ تُطَبّقُ الأَرضَ وَ رُبّمَا تَزرَعُ هَذِهِ البرَاَريِ‌َ الوَاسِعَةَ وَ سُفُوحَ الجِبَالِ وَ ذُرَاهَا فَتُغِلّ الغَلّةَ الكَثِيرَةَ وَ بِهَا يَسقُطُ عَنِ النّاسِ فِي كَثِيرٍ مِنَ البُلدَانِ مَئُونَةُ سِيَاقِ المَاءِ مِن مَوضِعٍ إِلَي مَوضِعٍ وَ مَا يجَريِ‌ فِي ذَلِكَ بَينَهُم مِنَ التّشَاجُرِ وَ التّظَالُمِ حَتّي يَستَأثِرَ بِالمَاءِ ذَوُو العِزّةِ وَ القُوّةِ وَ يُحرَمَهُ الضّعَفَاءُ ثُمّ إِنّهُ حِينَ قُدّرَ أَن يَنحَدِرَ عَلَي الأَرضِ انحِدَاراً جُعِلَ ذَلِكَ قَطراً شَبِيهاً بِالرّشّ لِيَغُورَ فِي قُطرِ الأَرضِ فَيُروِيَهَا وَ لَو كَانَ يَسكُبُهُ انسِكَاباً كَانَ يَنزِلُ عَلَي وَجهِ الأَرضِ فَلَا يَغُورُ فِيهَا ثُمّ كَانَ يَحطِمُ الزّرعَ القَائِمَةَ إِذَا اندَفَقَ عَلَيهَا فَصَارَ يَنزِلُ نُزُولًا رَقِيقاً فَيُنبِتُ الحَبّ المَزرُوعَ وَ يحُييِ‌ الأَرضَ وَ الزّرعَ القَائِمَ وَ فِي نُزُولِهِ أَيضاً مَصَالِحُ أُخرَي فَإِنّهُ يُلَيّنُ الأَبدَانَ وَ يَجلُو كَدَرَ الهَوَاءِ فَيَرتَفِعُ الوَبَاءُ الحَادِثُ مِن ذَلِكَ وَ يَغسِلُ مَا يَسقُطُ عَلَي


صفحه : 127

الشّجَرِ وَ الزّرعِ مِنَ الدّاءِ المُسَمّي بِاليَرَقَانِ إِلَي أَشبَاهِ هَذَا مِنَ المَنَافِعِ فَإِن قَالَ قَائِلٌ أَ وَ لَيسَ قَد يَكُونُ مِنهُ فِي بَعضِ السّنِينَ الضّرَرُ العَظِيمُ الكَثِيرُ لِشِدّةِ مَا يَقَعُ مِنهُ أَو بَردٍ يَكُونُ فِيهِ تَحطِمُ الغَلّاتِ وَ بَخُورَةٍ يُحدِثُهَا فِي الهَوَاءِ فَيُوَلّدُ كَثِيراً مِنَ الأَمرَاضِ فِي الأَبدَانِ وَ الآفَاتِ فِي الغَلّاتِ قِيلَ بَلَي قَد يَكُونُ ذَلِكَ الفَرطُ لِمَا فِيهِ مِن صَلَاحِ الإِنسَانِ وَ كَفّهِ عَن رُكُوبِ المعَاَصيِ‌ وَ التمّاَديِ‌ فِيهَا فَيَكُونُ المَنفَعَةُ فِيمَا يَصلُحُ لَهُ مِن دِينِهِ أَرجَحَ مِمّا عَسَي أَن يَرزَأَ فِي مَالِهِ

بيان يعتقبان أي يأتي‌ كل منهما عقيب صاحبه وخصر الهواء بكسر الصاد المهملة يقال خصر يومنا أي اشتد برده وماء خاصر بارد و في أكثر النسخ بالحاء المهملة والسين من حسر أي كل و هو لايستقيم إلابتكلف وتجوز و في بعضها بالخاء المعجمة والثاء المثلثة من قولهم خثر اللبن خثرا إذاغلظ والبشع الكريه الطعم ألذي يأخذ بالحلق والقنطار معيار ويروي أنه ألف ومائتا أوقية ويقال هومائة وعشرون رطلا ويقال هومل ء مسك الثور ذهبا قوله ع ويذهب له به الصوت أي يملأ صيت كرمه وجوده الآفاق والذمر الملامة والتهدد قوله ليتفشي التفشي‌ الاتساع والأظهر ليغشي بالغين المعجمة كما في بعض النسخ والحطم الكسر والاندفاق الانصباب واليرقان آفة للزرع و قوله مما عسي أن يرزأ من الرزء المصيبة

انظُر يَا مُفَضّلُ إِلَي هَذِهِ الجِبَالِ المَركُومَةِ مِنَ الطّينِ وَ الحِجَارَةِ التّيِ‌ يَحسُبُهَا الغَافِلُونَ فَضلًا لَا حَاجَةَ إِلَيهَا وَ المَنَافِعُ فِيهَا كَثِيرَةٌ فَمِن ذَلِكَ أَن يَسقُطَ عَلَيهَا الثّلُوجُ فَيَبقَي فِي قِلَالِهَا لِمَن يَحتَاجُ إِلَيهِ وَ يَذُوبَ مَا ذَابَ مِنهُ فتَجَريِ‌َ مِنهُ العُيُونُ الغَزِيرَةُ التّيِ‌ تَجتَمِعُ مِنهَا الأَنهَارُ العِظَامُ وَ يَنبُتَ فِيهَا ضُرُوبٌ مِنَ النّبَاتِ وَ العَقَاقِيرِ التّيِ‌ لَا يَنبُتُ مِثلُهَا فِي السّهلِ وَ يَكُونَ فِيهَا كُهُوفٌ وَ مَقَايِلُ لِلوُحُوشِ مِنَ السّبَاعِ العَادِيَةِ وَ يُتّخَذَ مِنهَا الحُصُونُ


صفحه : 128

وَ القُلَاعُ المَنِيعَةُ لِلتّحَرّزِ مِنَ الأَعدَاءِ وَ يُنحَتَ مِنهَا الحِجَارَةُ لِلبِنَاءِ وَ الأَرحَاءِ وَ يُوجَدَ فِيهَا مَعَادِنُ لِضُرُوبٍ مِنَ الجَوَاهِرِ وَ فِيهَا خِلَالٌ أُخرَي لَا يَعرِفُهَا إِلّا المُقَدّرُ لَهَا فِي سَابِقِ عِلمِهِ

تفسير المقايل في بعض النسخ بالقاف وكأنه من القيلولة و في بعضها بالغين ولعله من الغيل الشجر الملتف و في بعض كتب اللغة المغالة العش و في بعض النسخ معاقل جمع المعقل و هوالملجأ

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي هَذِهِ المَعَادِنِ وَ مَا يُخرَجُ مِنهَا مِنَ الجَوَاهِرِ المُختَلِفَةِ مِثلِ الجِصّ وَ الكِلسِ وَ الجِبسِ وَ الزّرَانِيخِ وَ المَرتَكِ وَ القونيا[التّوتِيَاءِ] وَ الزّئبَقِ وَ النّحَاسِ وَ الرّصَاصِ وَ الفِضّةِ وَ الذّهَبِ وَ الزّبَرجَدِ وَ اليَاقُوتِ وَ الزّمُرّدِ وَ ضُرُوبِ الحِجَارَةِ وَ كَذَلِكَ مَا يُخرَجُ مِنهَا مِنَ القَارِ وَ المُومِيَا وَ الكِبرِيتِ وَ النّفطِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِمّا يَستَعمِلُهُ النّاسُ فِي مَآرِبِهِم فَهَل يَخفَي عَلَي ذيِ‌ عَقلٍ أَنّ هَذِهِ كُلّهَا ذَخَائِرُ ذُخِرَت لِلإِنسَانِ فِي هَذِهِ الأَرضِ لِيَستَخرِجَهَا فَيَستَعمِلَهَا عِندَ الحَاجَةِ إِلَيهَا ثُمّ قَصُرَت حِيلَةُ النّاسِ عَمّا حَاوَلُوا مِن صَنعَتِهَا عَلَي حِرصِهِم وَ اجتِهَادِهِم فِي ذَلِكَ فَإِنّهُم لَو ظَفِرُوا بِمَا حَاوَلُوا مِن هَذَا العِلمِ كَانَ لَا مَحَالَةَ سَيَظهَرُ وَ يَستَفِيضُ فِي العَالَمِ حَتّي تَكثُرَ الذّهَبُ وَ الفِضّةُ وَ يَسقُطَا عِندَ النّاسِ فَلَا يَكُونَ لَهُمَا قِيمَةٌ وَ يَبطُلَ الِانتِفَاعُ بِهِمَا فِي الشّرَاءِ وَ البَيعِ وَ المُعَامَلَاتِ وَ لَا كَانَ يجَبيِ‌ السّلطَانُ الأَموَالَ وَ لَا يَدّخِرُهُمَا أَحَدٌ لِلأَعقَابِ وَ قَد أعُطيِ‌َ النّاسُ مَعَ هَذَا صَنعَةَ الشّبَهِ مِنَ النّحَاسِ وَ الزّجَاجِ مِنَ الرّملِ وَ الفِضّةِ مِنَ الرّصَاصِ وَ الذّهَبِ مِنَ الفِضّةِ وَ أَشبَاهِ ذَلِكَ مِمّا لَا مَضَرّةَ فِيهِ فَانظُر كَيفَ أُعطُوا إِرَادَتَهُم فِيمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَ مُنِعُوا ذَلِكَ فِيمَا كَانَ ضَارّاً لَهُم لَو نَالُوهُ وَ مَن أَوغَلَ فِي المَعَادِنِ انتَهَي إِلَي وَادٍ عَظِيمٍ يجَريِ‌ مُنصَلِتاً بِمَاءٍ غَزِيرٍ لَا يُدرَكُ غَورُهُ وَ لَا حِيلَةَ فِي عُبُورِهِ وَ مِن وَرَائِهِ أَمثَالُ الجِبَالِ مِنَ الفِضّةِ تَفَكّرِ الآنَ فِي هَذَا مِن تَدبِيرِ الخَالِقِ الحَكِيمِ فَإِنّهُ أَرَادَ جَلّ ثَنَاؤُهُ أَن يرُيِ‌َ العِبَادَ


صفحه : 129

قُدرَتَهُ وَ سَعَةَ خَزَائِنِهِ لِيَعلَمُوا أَنّهُ لَو شَاءَ أَن يَمنَحَهُم كَالجِبَالِ مِنَ الفِضّةِ لَفَعَلَ لَكِن لَا صَلَاحَ لَهُم فِي ذَلِكَ لِأَنّهُ لَو كَانَ فَيَكُونُ فِيهَا كَمَا ذَكَرنَا سُقُوطُ هَذَا الجَوهَرِ عِندَ النّاسِ وَ قِلّةُ انتِفَاعِهِم بِهِ وَ اعتَبِر ذَلِكَ بِأَنّهُ قَد يَظهَرُ الشيّ‌ءُ الطّرِيفُ مِمّا يُحدِثُهُ النّاسُ مِنَ الأوَاَنيِ‌ وَ الأَمتِعَةِ فَمَا دَامَ عَزِيزاً قَلِيلًا فَهُوَ نَفِيسٌ جَلِيلٌ آخِذُ الثّمَنِ فَإِذَا فَشَا وَ كَثُرَ فِي أيَديِ‌ النّاسِ سَقَطَ عِندَهُم وَ خَسَت قِيمَتُهُ وَ نَفَاسَةُ الأَشيَاءِ مِن عِزّتِهَا

بيان الكلس بالكسر الصاروج والجبس بالكسر الجص و في أكثر النسخ الجبسين و لم أجده فيما عندنا من كتب اللغة لكن في كتب الطب كما في أكثر النسخ والمرتك كمقعد المرداسنج والقونيا بالباء الموحدة أوالياء المثناة من تحت و لم أجدهما في كتب اللغة لكن في القاموس القونة القطعة من الحديد أوالصفر يرفع بهاالإناء و في بعض النسخ والتوتياء و في كتب اللغة أنه حجر يكتحل به والقار القير وجبي الخراج جباية جمعه والإيغال المبالغة في الدخول والذهاب وانصلت مضي وسبق

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي هَذَا النّبَاتِ وَ مَا فِيهِ مِن ضُرُوبِ المَآرِبِ فَالثّمَارُ لِلغِذَاءِ وَ الأَتبَانُ لِلعَلَفِ وَ الحَطَبُ لِلوُقُودِ وَ الخَشَبُ لِكُلّ شَيءٍ مِن أَنوَاعِ النّجَارَةِ وَ غَيرِهَا وَ اللّحَاءُ وَ الوَرَقُ وَ الأُصُولُ وَ العُرُوقُ وَ الصّمُوغُ لِضُرُوبٍ مِنَ المَنَافِعِ أَ رَأَيتَ لَو كُنّا نَجِدُ الثّمَارَ التّيِ‌ نغَتذَيِ‌ بِهَا مَجمُوعَةً عَلَي وَجهِ الأَرضِ وَ لَم تَكُن تَنبُتُ عَلَي هَذِهِ الأَغصَانِ الحَامِلَةِ لَهَا كَم كَانَ يَدخُلُ عَلَينَا مِنَ الخَلَلِ فِي مَعَاشِنَا وَ إِن كَانَ الغِذَاءُ مَوجُوداً فَإِنّ المَنَافِعَ بِالخَشَبِ وَ الحَطَبِ وَ الأَتبَانِ وَ سَائِرِ مَا عَدَدنَاهُ كَثِيرَةٌ عَظِيمٌ قَدرُهَا جَلِيلٌ مَوقِعُهَا هَذَا مَعَ مَا فِي النّبَاتِ مِنَ التّلَذّذِ بِحُسنِ مَنظَرِهِ وَ نَضَارَتِهِ التّيِ‌ لَا يُعَدّ لَهَا شَيءٌ مِن مَنَاظِرِ العَالَمِ وَ مَلَاهِيهِ

بيان لحاء الشجرة بالكسر قشرها

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي هَذَا الرّيعِ ألّذِي جُعِلَ فِي الزّرعِ فَصَارَتِ الحَبّةُ الوَاحِدَةُ تُخَلّفُ


صفحه : 130

مِائَةَ حَبّةٍ وَ أَكثَرَ وَ أَقَلّ وَ كَانَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الحَبّةُ تأَتيِ‌ بِمِثلِهَا فَلِمَ صَارَت تَرِيعُ هَذَا الرّيعَ إِلّا لِيَكُونَ فِي الغَلّةِ مُتّسَعٌ لِمَا يُرَدّ فِي الأَرضِ مِنَ البَذرِ وَ مَا يَتَقَوّتُ الزّرّاعُ إِلَي إِدرَاكِ زَرعِهَا المُستَقبَلِ أَ لَا تَرَي أَنّ المَلِكَ لَو أَرَادَ عِمَارَةَ بَلَدٍ مِنَ البُلدَانِ كَانَ السّبِيلُ فِي ذَلِكَ أَن يعُطيِ‌َ أَهلَهُ مَا يَبذُرُونَهُ فِي أَرضِهِم وَ مَا يَقُوتُهُم إِلَي إِدرَاكِ زَرعِهِم فَانظُر كَيفَ تَجِدُ هَذَا المِثَالَ قَد تَقَدّمَ فِي تَدبِيرِ الحَكِيمِ فَصَارَ الزّرعُ يَرِيعُ هَذَا الرّيعَ ليِفَيِ‌َ بِمَا يُحتَاجُ إِلَيهِ لِلقُوتِ وَ الزّرَاعَةِ وَ كَذَلِكَ الشّجَرُ وَ النّبتُ وَ النّخلُ يَرِيعُ الرّيعَ الكَثِيرَ فَإِنّكَ تَرَي الأَصلَ الوَاحِدَ حَولَهُ مِن فِرَاخِهِ أَمراً عَظِيماً فَلِمَ كَانَ كَذَلِكَ إِلّا لِيَكُونَ فِيهِ مَا يَقطَعُهُ النّاسُ وَ يَستَعمِلُونَهُ فِي مَآرِبِهِم وَ مَا يُرَدّ فَيُغرَسُ فِي الأَرضِ وَ لَو كَانَ الأَصلُ مِنهُ يَبقَي مُنفَرِداً لَا يُفرِخُ وَ لَا يَرِيعُ لَمَا أَمكَنَ أَن يُقطَعَ مِنهُ شَيءٌ لِعَمَلٍ وَ لَا لِغَرسٍ ثُمّ كَانَ إِن أَصَابَتهُ آفَةٌ انقَطَعَ أَصلُهُ فَلَم يَكُن مِنهُ خَلَفٌ تَأَمّل نَبَاتَ هَذِهِ الحُبُوبِ مِنَ العَدَسِ وَ المَاشِ وَ البَاقِلَاءِ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ فَإِنّهَا تَخرُجُ فِي أَوعِيَةٍ مِثلِ الخَرَائِطِ لِتَصُونَهَا وَ تَحجُبَهَا مِنَ الآفَاتِ إِلَي أَن تَشُدّ وَ تَستَحكِمَ كَمَا قَد تَكُونُ المَشِيمَةُ عَلَي الجَنِينِ لِهَذَا المَعنَي بِعَينِهِ فَأَمّا البُرّ وَ مَا أَشبَهَهُ فَإِنّهُ يَخرُجُ مَدرَجاً فِي قُشُورٍ صِلَابٍ عَلَي رُءُوسِهَا مِثَالُ الأَسِنّةِ مِنَ السّنبُلِ لِيَمنَعَ الطّيرَ مِنهُ لِيَتَوَفّرَ عَلَي الزّرّاعِ فَإِن قَالَ قَائِلٌ أَ وَ لَيسَ قَد يَنَالُ الطّيرُ مِنَ البُرّ وَ الحُبُوبِ قِيلَ لَهُ بَلَي عَلَي هَذَا قُدّرَ الأَمرُ فِيهَا لِأَنّ الطّيرَ خَلقٌ مِن خَلقِ اللّهِ وَ قَد جَعَلَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَهُ فِيمَا تُخرِجُ الأَرضُ حَظّاً وَ لَكِن حُضِنَتِ الحُبُوبُ بِهَذِهِ الحُجُبِ لِئَلّا يَتَمَكّنَ الطّيرُ مِنهَا كُلّ التّمَكّنِ فَيَعبَثَ فِيهَا وَ يُفسِدَ الفَسَادَ الفَاحِشَ فَإِنّ الطّيرَ لَو صَادَفَ الحَبّ بَارِزاً لَيسَ عَلَيهِ شَيءٌ يَحُولُ دُونَهُ لَأَكَبّ عَلَيهِ حَتّي يَنسِفَهُ أَصلًا فَكَانَ يَعرِضُ مِن ذَلِكَ أَن يَبشَمَ الطّيرُ فَيَمُوتَ وَ يَخرُجَ الزّرّاعُ مِن زَرعِهِ صِفراً فَجُعِلَت عَلَيهِ هَذِهِ الوَقَايَاتُ لِتَصُونَهُ فَيَنَالَ الطّائِرُ مِنهُ شَيئاً يَسِيراً يَتَقَوّتُ بِهِ وَ يَبقَي أَكثَرُهُ لِلإِنسَانِ فَإِنّهُ أَولَي بِهِ إِذ كَانَ هُوَ ألّذِي كَدَحَ فِيهِ وَ شقَيِ‌َ بِهِ وَ كَانَ ألّذِي يَحتَاجُ إِلَيهِ أَكثَرَ مِمّا يَحتَاجُ إِلَيهِ الطّيرُ تَأَمّلِ الحِكمَةَ فِي خَلقِ الشّجَرِ وَ أَصنَافِ النّبَاتِ فَإِنّهَا لَمّا كَانَت تَحتَاجُ إِلَي الغِذَاءِ


صفحه : 131

الدّائِمِ كَحَاجَةِ الحَيَوَانِ وَ لَم يَكُن لَهَا أَفوَاهٌ كَأَفوَاهِ الحَيَوَانِ وَ لَا حَرَكَةٌ تَنبَعِثُ بِهَا لِتَنَاوُلِ الغِذَاءِ جُعِلَت أُصُولُهَا مَركُوزَةً فِي الأَرضِ لِتَنزِعَ مِنهَا الغِذَاءَ فَتُؤَدّيَهُ إِلَي الأَغصَانِ وَ مَا عَلَيهَا مِنَ الوَرَقِ وَ الثّمَرِ فَصَارَتِ الأَرضُ كَالأُمّ المُرَبّيَةِ لَهَا وَ صَارَت أُصُولُهَا التّيِ‌ هيِ‌َ كَالأَفوَاهِ مُلتَقِمَةً لِلأَرضِ لِتَنزِعَ مِنهَا الغِذَاءَ كَمَا يُرضِعُ أَصنَافَ الحَيَوَانِ أُمّهَاتُهَا أَ لَا تَرَي إِلَي عَمَدِ الفَسَاطِيطِ وَ الخِيَمِ كَيفَ تَمُدّ بِالأَطنَابِ مِن كُلّ جَانِبٍ لِتَثبُتَ مُنتَصِبَةً فَلَا تَسقُطَ وَ لَا تَمِيلَ فَهَكَذَا تَجِدُ النّبَاتَ كُلّهُ لَهُ عُرُوقٌ مُنتَشِرَةٌ فِي الأَرضِ مُمتَدّةٌ إِلَي كُلّ جَانِبٍ لِتُمسِكَهُ وَ تُقِيمَهُ وَ لَو لَا ذَلِكَ كَيفَ كَانَ يَثبُتُ هَذَا النّخلُ الطّوَالُ وَ الدّوحُ العِظَامُ فِي الرّيحِ العَاصِفِ فَانظُر إِلَي حِكمَةِ الخِلقَةِ كَيفَ سَبَقَت حِكمَةَ الصّنَاعَةِ فَصَارَتِ الحِيلَةُ التّيِ‌ تَستَعمِلُهَا الصّنّاعُ فِي ثَبَاتِ الفَسَاطِيطِ وَ الخِيَمِ مُتَقَدّمَةً فِي خَلقِ الشّجَرِ لِأَنّ خَلقَ الشّجَرِ قَبلَ صَنعَةِ الفَسَاطِيطِ وَ الخِيَمِ أَ لَا تَرَي عَمَدَهَا وَ عِيدَانَهَا مِنَ الشّجَرِ فَالصّنَاعَةُ مَأخُوذَةٌ مِنَ الخِلقَةِ

بيان ينسفه بالكسر أي يقلعه وبشم الحيوان بشما من باب تعب اتخم من كثرة الأكل والكدح العمل والسعي‌ والشقا الشدة والعسر شقي‌ كرضي‌ والدوح بفتح الدال وسكون الواو جمع الدوحة وهي‌ الشجرة العظيمة

تَأَمّل يَا مُفَضّلُ خَلقَ الوَرَقِ فَإِنّكَ تَرَي فِي الوَرَقَةِ شِبهَ العُرُوقِ مَبثُوثَةً فِيهَا أَجمَعَ فَمِنهَا غِلَاظٌ مُمتَدّةٌ فِي طُولِهَا وَ عَرضِهَا وَ مِنهَا دِقَاقٌ تَتَخَلّلُ الغِلَاظَ مَنسُوجَةٌ نَسجاً دَقِيقاً مُعجَماً لَو كَانَ مِمّا يُصنَعُ باِلأيَديِ‌ كَصَنعَةِ البَشَرِ لَمَا فُرِغَ مِن وَرَقِ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي عَامٍ كَامِلٍ وَ لَاحتِيجَ إِلَي آلَاتٍ وَ حَرَكَةٍ وَ عِلَاجٍ وَ كَلَامٍ فَصَارَ يأَتيِ‌ مِنهُ فِي أَيّامٍ قَلَائِلَ مِنَ الرّبِيعِ مَا يَملَأُ الجِبَالَ وَ السّهلَ وَ بِقَاعَ الأَرضِ كُلّهَا بِلَا حَرَكَةٍ وَ لَا كَلَامٍ إِلّا بِالإِرَادَةِ النّافِذَةِ فِي كُلّ شَيءٍ وَ الأَمرِ المُطَاعِ وَ اعرِف مَعَ ذَلِكَ العِلّةَ فِي تِلكَ العُرُوقِ الدّقَاقِ فَإِنّهَا جُعِلَت تَتَخَلّلُ الوَرَقَةَ بِأَسرِهَا لِتَسقِيَهَا وَ تُوصِلَ المَاءَ إِلَيهَا بِمَنزِلَةِ العُرُوقِ المَبثُوثَةِ فِي البَدَنِ لِتُوصِلَ الغِذَاءَ إِلَي كُلّ جُزءٍ مِنهَا وَ فِي الغِلَاظِ مِنهَا مَعنًي آخَرُ فَإِنّهَا تُمسِكُ الوَرَقَةَ بِصَلَابَتِهَا وَ مِتَانَتِهَا لِئَلّا


صفحه : 132

تَنهَتِكَ وَ تَتَمَزّقَ فَتَرَي الوَرَقَةَ شَبِيهَةً بِوَرَقَةٍ مَعمُولَةٍ بِالصّنعَةِ مِن خِرَقٍ قَد جُعِلَت فِيهَا عِيدَانٌ مَمدُودَةٌ فِي طُولِهَا وَ عَرضِهَا لِتَتَمَاسَكَ فَلَا تَضطَرِبَ فَالصّنَاعَةُ تحَكيِ‌ الخِلقَةَ وَ إِن كَانَت لَا تُدرِكُهَا عَلَي الحَقِيقَةِ فَكّر فِي هَذَا العَجَمِ وَ النّوَي وَ العِلّةِ فِيهِ فَإِنّهُ جُعِلَ فِي جَوفِ الثّمَرَةِ لِيَقُومَ مَقَامَ الغَرسِ إِن عَاقَ دُونَ الغَرسِ عَائِقٌ كَمَا يُحرَزُ الشيّ‌ءُ النّفِيسُ ألّذِي تَعظُمُ الحَاجَةُ إِلَيهِ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ فَإِن حَدَثَ عَلَي ألّذِي فِي بَعضِ المَوَاضِعِ مِنهُ حَادِثٌ وُجِدَ فِي مَوضِعٍ آخَرَ ثُمّ بَعدُ يُمسِكُ بِصَلَابَتِهِ رَخَاوَةَ الثّمَارِ وَ رِقّتَهَا وَ لَو لَا ذَلِكَ لَتَشَدّخَت وَ تَفَسّخَت وَ أَسرَعَ إِلَيهِ الفَسَادُ وَ بَعضُهُ يُؤكَلُ وَ يُستَخرَجُ دُهنُهُ فَيُستَعمَلُ مِنهُ ضُرُوبٌ مِنَ المَصَالِحِ وَ قَد تَبَيّنَ لَكَ مَوضِعُ الإِربِ فِي العَجَمِ وَ النّوَي فَكّرِ الآنَ فِي هَذَا ألّذِي تَجِدُهُ فَوقَ النّوَاةِ مِنَ الرّطبَةِ وَ فَوقَ العَجَمِ مِنَ العِنَبَةِ فَمَا العِلّةُ فِيهِ وَ لِمَا ذَا يَخرُجُ فِي هَذِهِ الهَيئَةِ وَ قَد كَانَ يُمكِنُ أَن يَكُونَ مَكَانَ ذَلِكَ مَا لَيسَ فِيهِ مَأكَلٌ كَمِثلِ مَا يَكُونُ فِي السّروِ وَ الدّلبِ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ فَلِمَ صَارَ يَخرُجُ فَوقَهُ هَذِهِ المَطَاعِمُ اللّذِيذَةُ إِلّا لِيَستَمتِعَ بِهَا الإِنسَانُ فَكّر فِي ضُرُوبٍ مِنَ التّدبِيرِ فِي الشّجَرِ فَإِنّكَ تَرَاهُ يَمُوتُ فِي كُلّ سَنَةٍ مَوتَةً فَيَحتَبِسُ الحَرَارَةَ الغَرِيزِيّةَ فِي عُودِهِ وَ يَتَوَلّدُ فِيهِ مَوَادّ الثّمَارِ ثُمّ تَحيَا وَ تَنتَشِرُ فَتَأتِيكَ بِهَذِهِ الفَوَاكِهِ نَوعاً بَعدَ نَوعٍ كَمَا تَقَدّمَ إِلَيكَ أَنوَاعُ الأَطبِخَةِ التّيِ‌ تُعَالَجُ باِلأيَديِ‌ وَاحِداً بَعدَ وَاحِدٍ فَتَرَي الأَغصَانَ فِي الشّجَرِ تَتَلَقّاكَ بِثِمَارِهَا حَتّي كَأَنّهَا تُنَاوِلُكَهَا عَن يَدٍ وَ تَرَي الرّيَاحِينَ تَلَقّاكَ فِي أَفنَانِهَا كَأَنّهَا تَجِيئُكَ بِأَنفُسِهَا فَلِمَن هَذَا التّقدِيرُ إِلّا لِمُقَدّرٍ حَكِيمٍ وَ مَا العِلّةُ فِيهِ إِلّا تَفكِيهُ الإِنسَانِ بِهَذِهِ الثّمَارِ وَ الأَنوَارِ وَ العَجَبُ مِن أُنَاسٍ جَعَلُوا مَكَانَ الشّكرِ عَلَي النّعمَةِ جُحُودَ المُنعِمِ بِهَا اعتَبِر بِخَلقِ الرّمّانَةِ وَ مَا تَرَي فِيهَا مِن أَثَرِ العَمدِ وَ التّدبِيرِ فَإِنّكَ تَرَي فِيهَا كَأَمثَالِ التّلَالِ مِن شَحمٍ مَركُومٍ فِي نَوَاحِيهَا وَ حَبّاً مَرصُوفاً رَصفاً كَنَحوِ مَا يُنضَدُ باِلأيَديِ‌


صفحه : 133

وَ تَرَي الحَبّ مَقسُوماً أَقسَاماً وَ كُلّ قِسمٍ مِنهَا مَلفُوفاً بِلَفَائِفَ مِن حُجُبٍ مَنسُوجَةٍ أَعجَبَ النّسجِ وَ أَلطَفَهُ وَ قِشرَهُ يَضُمّ ذَلِكَ كُلّهُ فَمِنَ التّدبِيرِ فِي هَذِهِ الصّنعَةِ أَنّهُ لَم يَكُن يَجُوزُ أَن يَكُونَ حَشوُ الرّمّانَةِ مِنَ الحَبّ وَحدَهُ وَ ذَلِكَ أَنّ الحَبّ لَا يَمُدّ بَعضُهُ بَعضاً فَجُعِلَ ذَلِكَ الشّحمُ خِلَالَ الحَبّ لِيَمُدّهُ بِالغِذَاءِ أَ لَا تَرَي أَنّ أُصُولَ الحَبّ مَركُوزَةٌ فِي ذَلِكَ الشّحمِ ثُمّ لُفّ بِتِلكَ اللّفَائِفِ لِتَضُمّهُ وَ تُمسِكَهُ فَلَا يَضطَرِبَ وَ غشُيِ‌َ فَوقَ ذَلِكَ بِالقِشرَةِ المُستَحصِنَةِ لِيَصُونَهُ وَ يُحصِنَهُ مِنَ الآفَاتِ فَهَذَا قَلِيلٌ مِن كَثِيرٍ وَ هيِ‌َ وَصفُ الرّمّانِ وَ فِيهِ أَكثَرُ مِن هَذَا لِمَن أَرَادَ الإِطنَابَ وَ التّذَرّعَ فِي الكَلَامِ وَ لَكِن فِيمَا ذَكَرتُ لَكَ كِفَايَةٌ فِي الدّلَالَةِ وَ الِاعتِبَارِ

بيان قوله ع معجما لعل المراد شدّة ارتباطها قال الفيروزآبادي‌ باب معجم كمكرم مقفل انتهي ويحتمل أن يكون كناية عن خفائها كقوله ص صلاة النهار عجماء و قوله ع إن عاق دون الغرس أي غرس الأغصان عائق تغرس النوي بدلها والشدخ الكسر والغمز والمشدخ هوبسر يغمز وييبس للشتاء والدلب بالضم الصنار قوله ع فيحتبس الحرارة الغريزية يدل علي أن الحرارة الغريزية لايختصّ بالحيوان بل يوجد في النبات أيضا كماصرح به جماعة من المحققين ويقال رصفت الحجارة في البناء رصفا أي ضممت بعضها إلي بعض واستحصف استحكم والتذرّع كثرة الكلام والإفراط فيه

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي حَملِ اليَقطِينِ الضّعِيفِ مِثلَ هَذِهِ الثّمَارِ الثّقِيلَةِ مِنَ الدّبّاءِ وَ القِثّاءِ وَ البِطّيخِ وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ التّدبِيرِ وَ الحِكمَةِ فَإِنّهُ حِينَ قُدّرَ أَن يَحتَمِلَ مِثلَ هَذِهِ الثّمَارَ جُعِلَ نَبَاتُهُ مُنبَسِطاً عَلَي الأَرضِ وَ لَو كَانَ يَنتَصِبُ قَائِماً كَمَا يَنتَصِبُ الزّرعُ وَ الشّجَرُ لَمَا استَطَاعَ أَن يَحمِلَ مِثلَ هَذِهِ الثّمَارِ الثّقِيلَةِ وَ لَيَنقَصِفُ قَبلَ إِدرَاكِهَا وَ انتِهَائِهَا إِلَي غَايَتِهَا فَانظُر كَيفَ صَارَ يَمتَدّ عَلَي وَجهِ الأَرضِ ليِلُقيِ‌َ عَلَيهَا ثِمَارَهَا[ثِمَارَهُ]فَتَحمِلَهَا عَنهُ فَتَرَي الأَصلَ مِنَ القَرعِ وَ البِطّيخِ مُفتَرِشاً لِلأَرضِ ثِمَارَهُ مَبثُوثَةً عَلَيهَا وَ حَوَالَيهِ كَأَنّهُ هِرّةٌ مُمتَدّةٌ وَ قَدِ اكتَنَفَتهَا أَجرَاؤُهَا لِتَرضِعَ مِنهَا


صفحه : 134

وَ انظُر كَيفَ صَارَتِ الأَصنَافُ توُاَفيِ‌ فِي وَقتِ المَشَاكِلِ لَهَا مِن حَمَارّةِ الصّيفِ وَ وَقدَةِ الحَرّ فَتَلَقّاهَا النّفُوسُ بِانشِرَاحٍ وَ تَشَوّقٍ إِلَيهَا وَ لَو كَانَت توُاَفيِ‌ فِي الشّتَاءِ لَوَافَقَت مِنَ النّاسِ كَرَاهَةً لَهَا وَ اقشِعرَاراً مِنهَا مَعَ مَا يَكُونُ فِيهَا مِنَ المَضَرّةِ لِلأَبدَانِ أَ لَا تَرَي أَنّهُ رُبّمَا أَدرَكَ شَيءٌ مِنَ الخِيَارِ فِي الشّتَاءِ فَيَمتَنِعُ النّاسُ مِن أَكلِهِ إِلّا الشّرِهَ ألّذِي لَا يَمتَنِعُ مِن أَكلِ مَا يَضُرّهُ وَ ليَستَوخِم مَغَبّتَهُ

توضيح قال الفيروزآبادي‌ اليقطين ما لاساق له من النبات ونحوه والقصف الكسر و قال الجوهري‌ الجِرو والجُرو والجَرو ولد الكلب والسباع والجمع أجرٍ وأصله أجرو علي أفعل وجراء وجمع الجراء أجرية والجرو والجروة الصغير من القثاء انتهي والحمارّة بتخفيف الميم وتشديد الراء و قديخفّف في الشعر شدّة الحرّ و في الأساس ما لي أراك تشرح إلي كلّ رتبة و هوإظهار الرغبة إليها و فيه هوشره العين يطمع في كل مايراه يرمي‌ نفسه عليه ويتمنّاه انتهي واستوخمه لم يجده مريئا موافقا والمغبّة العاقبة

فَكّر يَا مُفَضّلُ فِي النّخلِ فَإِنّهُ لَمّا صَارَ فِيهِ إِنَاثٌ يَحتَاجُ إِلَي التّلقِيحِ جُعِلَت فِيهِ ذُكُورَةٌ لِلّقَاحِ مِن غَيرِ غِرَاسٍ فَصَارَ الذّكَرُ مِنَ النّخلِ بِمَنزِلَةِ الذّكَرِ مِنَ الحَيَوَانِ ألّذِي يُلقِحُ الإِنَاثَ لِتَحمِلَ وَ هُوَ لَا يَحمِلُ تَأَمّل خِلقَةَ الجِذعِ كَيفَ هُوَ فَإِنّكَ تَرَاهُ كَالمَنسُوجِ نَسجاً مِن غَيرِ خُيُوطٍ مَمدُودَةٍ كَالسّدَي وَ أُخرَي مَعَهُ مُعتَرِضَةٌ كَاللّحمَةِ كَنَحوِ مَا يُنسَجُ باِلأيَديِ‌ وَ ذَلِكَ لِيَشتَدّ وَ يَصلُبَ وَ لَا يَنقَصِفَ مِن حَملِ القِنوَانِ الثّقِيلَةِ وَ هَزّ الرّيَاحِ العَوَاصِبِ إِذَا صَارَ نَخلَةً وَ لِيَتَهَيّأَ لِلسّقُوفِ وَ الجُسُورِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِمّا يُتّخَذُ مِنهُ إِذَا صَارَ جِذعاً وَ كَذَلِكَ تَرَي الخَشَبَ مِثلَ النّسجِ فَإِنّكَ تَرَي بَعضَهُ مُدَاخِلًا بَعضاً طُولًا وَ عَرضاً كَتَدَاخُلِ أَجزَاءِ اللّحَمِ وَ فِيهِ


صفحه : 135

مَعَ ذَلِكَ مَتَانَةٌ لِيَصلُحَ لِمَا يُتّخَذُ مِنهُ مِنَ الآلَاتِ فَإِنّهُ لَو كَانَ مُستَحصَفاً كَالحِجَارَةِ لَم يُمكِن أَن يُستَعمَلَ فِي السّقُوفِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِمّا يُستَعمَلُ فِيهِ الخَشَبَةُ كَالأَبوَابِ وَ الأَسِرّةِ وَ التّوَابِيتِ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ وَ مِن جَسِيمِ المَصَالِحِ فِي الخَشَبِ أَنّهُ يَطفُو عَلَي المَاءِ فَكُلّ النّاسِ يَعرِفُ هَذَا مِنهُ وَ لَيسَ كُلّهُم يَعرِفُ جَلَالَةَ الأَمرِ فِيهِ فَلَو لَا هَذِهِ الخُلّةُ كَيفَ كَانَت هَذِهِ السّفُنُ وَ الأَظرَافُ تَحمِلُ أَمثَالَ الجِبَالِ مِنَ الحَمُولَةِ وَ أَنّي كَانَ يَنَالُ النّاسُ هَذَا الوَفقَ وَ خِفّةَ المَئُونَةِ فِي حَملِ التّجَارَاتِ مِن بَلَدٍ إِلَي بَلَدٍ وَ كَانَت تَعظُمُ المَئُونَةُ عَلَيهِم فِي حَملِهَا حَتّي يُلقَي كَثِيرٌ مِمّا يُحتَاجُ إِلَيهِ فِي بَعضِ البُلدَانِ مَفقُوداً أَصلًا أَو عُسراً وُجُودُهُ فَكّر فِي هَذِهِ العَقَاقِيرِ وَ مَا خُصّ بِهَا كُلّ وَاحِدٍ مِنهَا مِنَ العَمَلِ فِي بَعضِ الأَدوَاءِ فَهَذَا يَغُورُ فِي المَفَاصِلِ فَيَستَخرِجُ الفُضُولَ الغَلِيظَةَ مِثلَ الشّيطَرَجِ وَ هَذَا يَنزِفُ المِرّةَ السّودَاءَ مِثلَ الأَفتِيمُونِ وَ هَذَا ينَفيِ‌ الرّيَاحَ مِثلَ السّكبِينَجِ وَ هَذَا يُحَلّلُ الأَورَامَ وَ أَشبَاهِ هَذَا مِن أَفعَالِهَا فَمَن جَعَلَ هَذِهِ القُوَي فِيهَا إِلّا مَن خَلَقَهَا لِلمَنفَعَةِ وَ مَن فَطّنَ النّاسَ بِهَا إِلّا مَن جَعَلَ هَذَا فِيهَا وَ مَتَي كَانَ يُوقَفُ عَلَي هَذَا مِنهَا بِالعَرَضِ وَ الِاتّفَاقِ كَمَا قَالَ قَائِلُونَ وَ هَبِ الإِنسَانُ فَطَنَ لِهَذِهِ الأَشيَاءِ بِذِهنِهِ وَ لَطِيفِ رَوِيّتِهِ وَ تَجَارِبِهِ فَالبَهَائِمُ كَيفَ فَطَنَت لَهَا حَتّي صَارَ بَعضُ السّبَاعِ يَتَدَاوَي مِن جِرَاحَةٍ إِن أَصَابَتهُ بِبَعضِ العَقَاقِيرِ فَيَبرَأُ وَ بَعضُ الطّيرِ يَحتَقِنُ مِنَ الحُصرِ يُصِيبُهُ بِمَاءِ البَحرِ فَيَسلَمُ وَ أَشبَاهُ هَذَا كَثِيرٌ وَ لَعَلّكَ تُشَكّكُ فِي هَذَا النّبَاتِ النّابِتِ فِي الصحّاَريِ‌ وَ البرَاَريِ‌ حَيثُ لَا أُنسَ وَ لَا أَنِيسَ فَتَظُنّ أَنّهُ فَضلٌ لَا حَاجَةَ إِلَيهِ وَ لَيسَ كَذَلِكَ بَل هُوَ طُعمٌ لِهَذِهِ الوُحُوشِ وَ حَبّهُ عَلَفٌ لِلطّيرِ وَ عُودُهُ وَ أَفنَانُهُ حَطَبٌ فَيَستَعمِلُهُ النّاسُ وَ فِيهِ بَعدُ أَشيَاءُ تُعَالَجُ بِهِ الأَبدَانُ وَ أُخرَي تُدبَغُ بِهِ الجُلُودُ وَ أُخرَي تُصبَغُ بِهِ الأَمتِعَةُ وَ أَشبَاهُ هَذَا مِنَ المَصَالِحِ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ أَخَسّ النّبَاتِ وَ أَحقَرَهُ


صفحه : 136

هَذَا البرَديِ‌ّ وَ مَا أَشبَهَهَا فَفِيهَا مَعَ هَذَا مِن ضُرُوبِ المَنَافِعِ فَقَد يُتّخَذُ مِنَ البرَديِ‌ّ القَرَاطِيسُ التّيِ‌ يَحتَاجُ إِلَيهَا المُلُوكُ وَ السّوقَةُ وَ الحُصُرُ التّيِ‌ يَستَعمِلُهَا كُلّ صِنفٍ مِنَ النّاسِ وَ لَيُعمَلُ مِنهُ الغُلُفُ التّيِ‌ يُوقَي بِهَا الأوَاَنيِ‌ وَ يُجعَلُ حَشواً بَينَ الظّرُوفِ فِي الأَسفَاطِ لِكَيلَا تَعِيبَ وَ تَنكَسِرَ وَ أَشبَاهُ هَذَا مِنَ المَنَافِعِ فَاعتَبِر بِمَا تَرَي مِن ضُرُوبِ المَآرِبِ فِي صَغِيرِ الخَلقِ وَ كَبِيرِهِ وَ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ وَ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ وَ أَخَسّ مِن هَذَا وَ أَحقَرُهُ الزّبلُ وَ العَذِرَةُ التّيِ‌ اجتَمَعَت فِيهَا الخَسَاسَةُ وَ النّجَاسَةُ مَعاً وَ مَوقِعُهَا مِنَ الزّرُوعِ وَ البُقُولِ وَ الخُضَرِ أَجمَعَ المَوقِعُ ألّذِي لَا يَعدِلُهُ شَيءٌ حَتّي أَنّ كُلّ شَيءٍ مِنَ الخُضَرِ لَا يَصلُحُ وَ لَا يَزكُو إِلّا بِالزّبلِ وَ السّمَادِ ألّذِي يَستَقذِرُهُ النّاسُ وَ يَكرَهُونَ الدّنُوّ مِنهُ وَ اعلَم أَنّهُ لَيسَ مَنزِلَةُ الشيّ‌ءِ عَلَي حَسَبِ قِيمَتِهِ بَل هُمَا قِيمَتَانِ مُختَلِفَتَانِ بِسُوقَينِ وَ رُبّمَا كَانَ الخَسِيسُ فِي سُوقِ المُكتَسَبِ نَفِيساً فِي سُوقِ العِلمِ فَلَا تَستَصغِرِ العِبرَةَ فِي الشيّ‌ءِ لِصِغَرِ قِيمَتِهِ فَلَو فَطَنُوا طَالِبُوا الكِيمِيَاءِ لِمَا فِي العَذِرَةِ لَاشتَرَوهَا بِأَنفَسِ الأَثمَانِ وَ غَالَوا بِهَا قَالَ المُفَضّلُ وَ حَانَ وَقتُ الزّوَالِ فَقَامَ موَلاَي‌َ إِلَي الصّلَاةِ وَ قَالَ بَكّر إلِيَ‌ّ غَداً إِن شَاءَ اللّهُ فَانصَرَفتُ وَ قَد تَضَاعَفَ سرُوُريِ‌ بِمَا عَرّفَنِيهِ مُبتَهِجاً بِمَا آتَانِيهِ حَامِداً لِلّهِ عَلَي مَا مَنَحَنِيهِ فَبِتّ ليَلتَيِ‌ مَسرُوراً

بيان قوله ع ليصلح بيان لمايتحصل مما مر لاللمتانة فقط والنزف النزح قوله ع هب الإنسان أي سلمنا أنه كذلك والحصر بالضم اعتقال البطن والسوقة بالضم الرعية للواحد والجمع والمذكر والمؤنث والغلف بضمة وبضمتين وكركع جمع غلاف والزبل بالكسر السرقين و قال الفيروزآبادي‌ السماد السرقين برماد و قال الجزري‌ هو مايطرح في أصول الزرع والخضر من العذرة والزبل ليجود نباته أقول يدل ظاهرا علي جواز استعمال العذرات النجسة في ذلك وربما يستدل به علي تطهير الاستحالة


صفحه : 137

المَجلِسُ الرّابِعُ قَالَ المُفَضّلُ فَلَمّا كَانَ اليَومُ الرّابِعُ بَكّرتُ إِلَي موَلاَي‌َ فَاستُوذِنَ لِي فأَمَرَنَيِ‌ بِالجُلُوسِ فَجَلَستُ فَقَالَ ع مِنّا التّحمِيدُ وَ التّسبِيحُ وَ التّعظِيمُ وَ التّقدِيسُ لِلِاسمِ الأَقدَمِ وَ النّورِ الأَعظَمِ العلَيِ‌ّ العَلّامِ ذيِ‌ الجَلَالِ وَ الإِكرَامِ وَ مُنشِئِ الأَنَامِ وَ مفُتيِ‌ العَوَالِمِ وَ الدّهُورِ وَ صَاحِبِ السّرّ المَستُورِ وَ الغَيبِ المَحظُورِ وَ الِاسمِ المَخزُونِ وَ العِلمِ المَكنُونِ وَ صَلَوَاتُهُ وَ بَرَكَاتُهُ عَلَي مُبَلّغِ وَحيِهِ وَ مؤُدَيّ‌ رِسَالَتِهِ ألّذِي ابتَعَثَهُبَشِيراً وَ نَذِيراًوَ داعِياً إِلَي اللّهِ بِإِذنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراًلِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَ يَحيي مَن حيَ‌ّ عَن بَيّنَةٍفَعَلَيهِ وَ عَلَي آلِهِ مِن بَارِئِهِ الصّلَوَاتُ الطّيّبَاتُ وَ التّحِيّاتُ الزّاكِيَاتُ النّامِيَاتُ وَ عَلَيهِ وَ عَلَيهِمُ السّلَامُ وَ الرّحمَةُ وَ البَرَكَاتُ فِي المَاضِينَ وَ الغَابِرِينَ أَبَدَ الآبِدِينَ وَ دَهرَ الدّاهِرِينَ وَ هُم أَهلُهُ وَ مُستَحِقّهُ قَد شَرَحتُ لَكَ يَا مُفَضّلُ مِنَ الأَدِلّةِ عَلَي الخَلقِ وَ الشّوَاهِدِ عَلَي صَوَابِ التّدبِيرِ وَ العَمدِ فِي الإِنسَانِ وَ الحَيَوَانِ وَ النّبَاتِ وَ الشّجَرِ وَ غَيرِ ذَلِكَ مِمّا فِيهِ عِبرَةٌ لِمَنِ اعتَبَرَ وَ أَنَا أَشرَحُ لَكَ الآنَ الآفَاتِ الحَادِثَةَ فِي بَعضِ الأَزمَانِ التّيِ‌ اتّخَذَهَا أُنَاسٌ مِنَ الجُهّالِ ذَرِيعَةً إِلَي جُحُودِ الخَالِقِ وَ الخَلقِ وَ العَمدِ وَ التّدبِيرِ وَ مَا أَنكَرَتِ المُعَطّلَةُ وَ المَنَانِيّةُ مِنَ المَكَارِهِ وَ المَصَائِبِ وَ مَا أَنكَرُوهُ مِنَ المَوتِ وَ الفَنَاءِ وَ مَا قَالَهُ أَصحَابُ الطّبَائِعِ وَ مَن زَعَمَ أَنّ كَونَ الأَشيَاءِ بِالعَرَضِ وَ الِاتّفَاقِ لَيَتّسِعُ ذَلِكَ القَولُ فِي الرّدّ عَلَيهِمقاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّي يُؤفَكُونَاتّخَذَ أُنَاسٌ مِنَ الجُهّالِ هَذِهِ الآفَاتِ الحَادِثَةَ فِي بَعضِ الأَزمَانِ كَمِثلِ الوَبَاءِ وَ اليَرَقَانِ وَ البَردِ وَ الجَرَادِ ذَرِيعَةً إِلَي جُحُودِ الخَلقِ وَ التّدبِيرِ وَ الخَالِقِ فَيُقَالُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ إِنّهُ إِن لَم يَكُن خَالِقٌ وَ مُدَبّرٌ فَلِمَ لَا يَكُونُ مَا هُوَ أَكثَرُ مِن هَذَا وَ أَفظَعُ فَمِن ذَلِكَ أَن يَسقُطَ السّمَاءُ عَلَي الأَرضِ وَ تهَويِ‌َ الأَرضُ فَتَذهَبَ سُفلًا وَ تَتَخَلّفَ الشّمسُ عَنِ الطّلُوعِ أَصلًا وَ تَجِفّ الأَنهَارُ وَ العُيُونُ حَتّي لَا يُوجَدَ مَاءٌ لِلشّفَةِ وَ تَركُدَ الرّيحُ حَتّي


صفحه : 138

تُحَمّ الأَشيَاءُ وَ تَفسُدَ وَ يَفِيضَ مَاءُ البَحرِ عَلَي الأَرضِ فَيَغرِقَهَا ثُمّ هَذِهِ الآفَاتُ التّيِ‌ ذَكَرنَاهَا مِنَ الوَبَاءِ وَ الجَرَادِ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ مَا بَالُهَا لَا تَدُومُ وَ تَمتَدّ حَتّي تَجتَاحَ كُلّ مَا فِي العَالَمِ بَل تَحدُثُ فِي الأَحَايِينِ ثُمّ لَا تَلبَثُ أَن تُرفَعَ أَ فَلَا تَرَي أَنّ العَالَمَ يُصَانُ وَ يُحفَظُ مِن تِلكَ الأَحدَاثِ الجَلِيلَةِ التّيِ‌ لَو حَدَثَ عَلَيهِ شَيءٌ مِنهَا كَانَ فِيهِ بَوَارُهُ وَ يُلذَعُ أَحيَاناً بِهَذِهِ الآفَاتِ اليَسِيرَةِ لِتَأدِيبِ النّاسِ وَ تَقوِيمِهِم ثُمّ لَا تَدُومُ هَذِهِ الآفَاتُ بَل تَكشِفُ عَنهُم عِندَ القُنُوطِ مِنهُم فَتَكُونُ وُقُوعُهَا بِهِم مَوعِظَةً وَ كَشفُهَا عَنهُم رَحمَةً وَ قَد أَنكَرَتِ المُعَطّلَةُ مَا أَنكَرَتِ المَنَانِيّةُ مِنَ المَكَارِهِ وَ المَصَائِبِ التّيِ‌ تُصِيبُ النّاسَ فَكِلَاهُمَا يَقُولُ إِن كَانَ لِلعَالَمِ خَالِقٌ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَلِمَ يُحدِثُ فِيهِ هَذِهِ الأُمُورَ المَكرُوهَةَ وَ القَائِلُ بِهَذَا القَولِ يَذهَبُ بِهِ إِلَي أَنّهُ ينَبغَيِ‌ أَن يَكُونَ عَيشُ الإِنسَانِ فِي هَذِهِ الدّنيَا صَافِياً مِن كُلّ كَدَرٍ وَ لَو كَانَ هَكَذَا كَانَ الإِنسَانُ سَيَخرُجُ مِنَ الأَشَرِ وَ العُتُوّ إِلَي مَا لَا يَصلُحُ فِي دِينٍ وَ دُنيَا كاَلذّيِ‌ تَرَي كَثِيراً مِنَ المُترَفِينَ وَ مَن نَشَأَ فِي الجِدَةِ وَ الأَمنِ يَخرُجُونَ إِلَيهِ حَتّي أَنّ أَحَدَهُم يَنسَي أَنّهُ بَشَرٌ أَو أَنّهُ مَربُوبٌ أَو أَنّ ضَرَراً يَمَسّهُ أَو أَنّ مَكرُوهاً يَنزِلُ بِهِ أَو أَنّهُ يَجِبُ عَلَيهِ أَن يَرحَمَ ضَعِيفاً أَو يوُاَسيِ‌َ فَقِيراً أَو يرَثيِ‌َ لِمُبتَلًي أَو يَتَحَنّنَ عَلَي ضَعِيفٍ أَو يَتَعَطّفَ عَلَي مَكرُوبٍ فَإِذَا عَضّتهُ المَكَارِهُ وَ وَجَدَ مَضَضَهَا اتّعَظَ وَ أَبصَرَ كَثِيراً مِمّا كَانَ جَهِلَهُ وَ غَفَلَ عَنهُ وَ رَجَعَ إِلَي كَثِيرٍ مِمّا كَانَ يَجِبُ عَلَيهِ وَ المُنكِرُونَ لِهَذِهِ الأُمُورِ المُوذِيَةِ بِمَنزِلَةِ الصّبيَانِ الّذِينَ يَذُمّونَ الأَدوِيَةَ المُرّةَ البَشِعَةَ وَ يَتَسَخّطُونَ مِنَ المَنعِ مِنَ الأَطعِمَةِ الضّارّةِ وَ يَتَكَرّهُونَ الأَدَبَ وَ العَمَلَ وَ يُحِبّونَ أَن يَتَفَرّغُوا لِلّهوِ وَ البِطَالَةِ وَ يَنَالُوا كُلّ مَطعَمٍ وَ مَشرَبٍ وَ لَا يَعرِفُونَ مَا تُؤَدّيهِم إِلَيهِ البِطَالَةُ مِن سُوءِ النّشُوءِ وَ العَادَةِ وَ مَا تُعَقّبُهُمُ الأَطعِمَةُ اللّذِيذَةُ الضّارّةُ مِنَ الأَدوَاءِ وَ الأَسقَامِ وَ مَا لَهُم فِي الأَدَبِ مِنَ الصّلَاحِ وَ فِي الأَدوِيَةِ مِنَ المَنفَعَةِ وَ إِن شَابَ ذَلِكَ بَعضُ الكَرَاهَةِ فَإِن قَالُوا وَ لِمَ لَم يَكُنِ الإِنسَانُ مَعصُوماً مِنَ المسُاَويِ‌ حَتّي لَا يَحتَاجَ إِلَي أَن


صفحه : 139

يَلذَعَهُ بِهَذِهِ المَكَارِهِ قِيلَ إِذًا كَانَ يَكُونُ غَيرَ مَحمُودٍ عَلَي حَسَنَةٍ يَأتِيهَا وَ لَا مُستَحِقّ لِلثّوَابِ عَلَيهَا فَإِن قَالُوا وَ مَا كَانَ يَضُرّهُ أَن لَا يَكُونَ مَحمُوداً عَلَي الحَسَنَاتِ مُستَحِقّاً لِلثّوَابِ بَعدَ أَن يَصِيرَ إِلَي غَايَةِ النّعِيمِ وَ اللّذّةِ قِيلَ لَهُمُ اعرِضُوا عَلَي امر‌ِئٍ صَحِيحِ الجِسمِ وَ العَقلِ أَن يَجلِسَ مُنعَماً وَ يُكفَي كُلّ مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ بِلَا سعَي‌ٍ وَ لَا استِحقَاقٍ فَانظُرُوا هَل تَقبَلُ نَفسُهُ ذَلِكَ بَل سَتَجِدُونَهُ بِالقَلِيلِ مِمّا يَنَالُهُ باِلسعّي‌ِ وَ الحَرَكَةِ أَشَدّ اغتِبَاطاً وَ سُرُوراً مِنهُ بِالكَثِيرِ مِمّا يَنَالُهُ بِغَيرِ الِاستِحقَاقِ وَ كَذَلِكَ نَعِيمُ الآخِرَةِ أَيضاً يَكمُلُ لِأَهلِهِ بِأَن يَنَالُوهُ باِلسعّي‌ِ فِيهِ وَ الِاستِحقَاقِ لَهُ فَالنّعمَةُ عَلَي الإِنسَانِ فِي هَذَا البَابِ مُضَاعَفَةٌ بِأَن أُعِدّ لَهُ الثّوَابُ الجَزِيلُ عَلَي سَعيِهِ فِي هَذِهِ الدّنيَا وَ جُعِلَ لَهُ السّبِيلُ إِلَي أَن يَنَالَ بسِعَي‌ٍ وَ استِحقَاقٍ فَيَكمُلَ لَهُ السّرُورُ وَ الِاغتِبَاطُ بِمَا يَنَالُهُ مِنهُ فَإِن قَالُوا أَ وَ لَيسَ قَد يَكُونُ مِنَ النّاسِ مَن يَركَنُ إِلَي مَا نَالَ مِن خَيرٍ وَ إِن كَانَ لَا يَستَحِقّهُ فَمَا الحُجّةُ فِي مَنعِ مَن رضَيِ‌َ أَن يَنَالَ نَعِيمَ الآخِرَةِ عَلَي هَذِهِ الجُملَةِ قِيلَ لَهُم إِنّ هَذَا بَابٌ لَو صَحّ لِلنّاسِ لَخَرَجُوا إِلَي غَايَةِ الكَلبِ وَ الضّرَاوَةِ عَلَي الفَوَاحِشِ وَ انتِهَاكِ المَحَارِمِ فَمَن كَانَ يَكُفّ نَفسَهُ عَن فَاحِشَةٍ أَو يَتَحَمّلُ المَشَقّةَ فِي بَابٍ مِن أَبوَابِ البِرّ لَو وَثِقَ بِأَنّهُ صَائِرٌ إِلَي النّعِيمِ لَا مَحَالَةَ أَو مَن كَانَ يَأمَنُ عَلَي نَفسِهِ وَ أَهلِهِ وَ مَالِهِ مِنَ النّاسِ لَو لَم يَخَافُوا الحِسَابَ وَ العِقَابَ فَكَانَ ضَرَرُ هَذَا البَابِ سَيَنَالُ النّاسَ فِي هَذِهِ الدّنيَا قَبلَ الآخِرَةِ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ تَعطِيلُ العَدلِ وَ الحِكمَةِ مَعاً وَ مَوضِعٌ لِلطّعنِ عَلَي التّدبِيرِ بِخِلَافِ الصّوَابِ وَ وَضعُ الأُمُورِ غَيرَ مَوَاضِعِهَا وَ قَد يَتَعَلّقُ هَؤُلَاءِ بِالآفَاتِ التّيِ‌ تُصِيبُ النّاسَ فَتَعُمّ البَرّ وَ الفَاجِرَ أَو يُبتَلَي بِهَا البَرّ وَ يَسلَمُ الفَاجِرُ مِنهَا فَقَالُوا كَيفَ يَجُوزُ هَذَا فِي تَدبِيرِ الحَكِيمِ وَ مَا الحُجّةُ فِيهِ فَيُقَالُ لَهُم إِنّ هَذِهِ الآفَاتِ وَ إِن كَانَت تَنَالُ الصّالِحَ وَ الطّالِحَ جَمِيعاً فَإِنّ اللّهَ جَعَلَ ذَلِكَ صَلَاحاً لِلصّنفَينِ كِلَيهِمَا أَمّا الصّالِحُونَ فَإِنّ ألّذِي يُصِيبُهُم مِن هَذَا يردهم [يَزِدهُم]نِعَمَ رَبّهِم عِندَهُم فِي سَالِفِ


صفحه : 140

أَيّامِهِم فَيَحدُوهُم ذَلِكَ عَلَي الشّكرِ وَ الصّبرِ وَ أَمّا الطّالِحُونَ فَإِنّ مِثلَ هَذَا إِذَا نَالَهُم كَسَرَ شِرّتَهُم وَ رَدَعَهُم عَنِ المعَاَصيِ‌ وَ الفَوَاحِشِ وَ كَذَلِكَ يَجعَلُ لِمَن سَلِمَ مِنهُم مِنَ الصّنفَينِ صَلَاحاً فِي ذَلِكَ أَمّا الأَبرَارُ فَإِنّهُم يَغتَبِطُونَ بِمَا هُم عَلَيهِ مِنَ البِرّ وَ الصّلَاحِ وَ يَزدَادُونَ فِيهِ رَغبَةً وَ بَصِيرَةً وَ أَمّا الفُجّارُ فَإِنّهُم يَعرِفُونَ رَأفَةَ رَبّهِم وَ تَطَوّلَهُ عَلَيهِم بِالسّلَامَةِ مِن غَيرِ استِحقَاقِهِم فَيَحُضّهُم ذَلِكَ عَلَي الرّأفَةِ بِالنّاسِ وَ الصّفحِ عَمّن أَسَاءَ إِلَيهِم وَ لَعَلّ قَائِلًا يَقُولُ إِنّ هَذِهِ الآفَاتِ التّيِ‌ تُصِيبُ النّاسَ فِي أَموَالِهِم فَمَا قَولُكَ فِيمَا يُبتَلَونَ بِهِ فِي أَبدَانِهِم فَيَكُونُ فِيهِ تَلَفُهُم كَمِثلِ الحَرَقِ وَ الغَرَقِ وَ السّيلِ وَ الخَسفِ فَيُقَالُ لَهُم إِنّ اللّهَ جَعَلَ فِي هَذَا أَيضاً صَلَاحاً لِلصّنفَينِ جَمِيعاً أَمّا الأَبرَارُ فَلِمَا لَهُم فِي مُفَارَقَةِ هَذِهِ الدّنيَا مِنَ الرّاحَةِ مِن تَكَالِيفِهَا وَ النّجَاةِ مِن مَكَارِهِهَا وَ أَمّا الفُجّارُ فَلِمَا لَهُم فِي ذَلِكَ مِن تَمحِيصِ أَوزَارِهِم وَ حَبسِهِم عَنِ الِازدِيَادِ مِنهَا وَ جُملَةُ القَولِ أَنّ الخَالِقَ تَعَالَي ذِكرُهُ بِحِكمَتِهِ وَ قُدرَتِهِ قَد يَصرِفُ هَذِهِ الأُمُورَ كُلّهَا إِلَي الخِيَرَةِ وَ المَنفَعَةِ فَكَمَا أَنّهُ إِذَا قَطَعَتِ الرّيحُ شَجَرَةً أَو قَطَعَت نَخلَةً أَخَذَهَا الصّانِعُ الرّفِيقُ وَ استَعمَلَهَا فِي ضُرُوبٍ مِنَ المَنَافِعِ فَكَذَلِكَ يَفعَلُ المُدَبّرُ الحَكِيمُ فِي الآفَاتِ التّيِ‌ تَنزِلُ بِالنّاسِ فِي أَبدَانِهِم وَ أَموَالِهِم فَيُصَيّرُهَا جَمِيعاً إِلَي الخِيَرَةِ وَ المَنفَعَةِ فَإِن قَالَ وَ لِمَ يَحدُثُ عَلَي النّاسِ قِيلَ لَهُ لِكَيلَا يَركَنُوا إِلَي المعَاَصيِ‌ مِن طُولِ السّلَامَةِ فَيُبَالِغَ الفَاجِرُ فِي رُكُوبِ المعَاَصيِ‌ وَ يَفتُرَ الصّالِحُ عَنِ الِاجتِهَادِ فِي البِرّ فَإِنّ هَذَينِ الأَمرَينِ جَمِيعاً يَغلِبَانِ عَلَي النّاسِ فِي حَالِ الخَفضِ وَ الدّعَةِ وَ هَذِهِ الحَوَادِثُ التّيِ‌ تَحدُثُ عَلَيهِم تَردَعُهُم وَ تُنَبّهُهُم عَلَي مَا فِيهِ رُشدُهُم فَلَو أُخلُوا مِنهُمَا لَغَلَوا فِي الطّغيَانِ وَ المَعصِيَةِ كَمَا عَلَي النّاسِ فِي أَوّلِ الزّمَانِ حَتّي وَجَبَ عَلَيهِمُ البَوَارُ بِالطّوفَانِ وَ تَطهِيرِ الأَرضِ مِنهُم


صفحه : 141

وَ مِمّا يَنتَقِدُهُ الجَاحِدُونَ لِلعَمدِ وَ التّقدِيرِ المَوتُ وَ الفَنَاءُ فَإِنّهُم يَذهَبُونَ إِلَي أَنّهُ ينَبغَيِ‌ أَن يَكُونَ النّاسُ مُخَلّدِينَ فِي هَذِهِ الدّنيَا مُبَرّءِينَ مِنَ الآفَاتِ فيَنَبغَيِ‌ أَن يُسَاقَ هَذَا الأَمرُ إِلَي غَايَتِهِ فَيُنظَرَ مَا مَحصُولُهُ أَ فَرَأَيتَ لَو كَانَ كُلّ مَن دَخَلَ العَالَمَ وَ يَدخُلُهُ يَبقَونَ وَ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ مِنهُم أَ لَم تَكُنِ الأَرضُ تَضِيقُ بِهِم حَتّي تَعُوزُهُمُ المَسَاكِنُ وَ المَزَارِعُ وَ المَعَاشُ فَإِنّهُم وَ المَوتُ يَفنِيهِم أَوّلًا أَوّلًا يَتَنَافَسُونَ فِي المَسَاكِنِ وَ المَزَارِعِ حَتّي يَنشَبَ بَينَهُم فِي ذَلِكَ الحُرُوبُ وَ يُسفَكَ فِيهِمُ الدّمَاءُ فَكَيفَ كَانَت تَكُونُ حَالُهُم لَو كَانُوا يُولَدُونَ وَ لَا يَمُوتُونَ وَ كَانَ يَغلِبُ عَلَيهِمُ الحِرصُ وَ الشّرَهُ وَ قَسَاوَةُ القُلُوبِ فَلَو وَثِقُوا بِأَنّهُم لَا يَمُوتُونَ لَمَا قَنِعَ الوَاحِدُ مِنهُم بشِيَ‌ءٍ يَنَالُ وَ لَا أَفرَجَ لِأَحَدٍ عَن شَيءٍ يَسأَلُهُ وَ لَا سَلَا عَن شَيءٍ مِمّا يَحدُثُ عَلَيهِ ثُمّ كَانُوا يَمَلّونَ الحَيَاةَ وَ كُلّ شَيءٍ مِن أُمُورِ الدّنيَا كَمَا قَد يَمَلّ الحَيَاةَ مَن طَالَ عُمُرُهُ حَتّي يَتَمَنّي المَوتَ وَ الرّاحَةَ مِنَ الدّنيَا فَإِن قَالُوا إِنّهُ كَانَ ينَبغَيِ‌ أَن يُرفَعَ عَنهُمُ المَكَارِهُ وَ الأَوصَابُ حَتّي لَا يَتَمَنّوُا المَوتَ وَ لَا يَشتَاقُوا إِلَيهِ فَقَد وَصَفنَا مَا كَانَ يُخرِجُهُم إِلَيهِ مِنَ العُتُوّ وَ الأَشَرِ الحَامِلِ لَهُم عَلَي مَا فِيهِ فَسَادُ الدّينِ وَ الدّنيَا وَ إِن قَالُوا إِنّهُ كَانَ ينَبغَيِ‌ أَن لَا يَتَوَالَدُوا كَيلَا تَضِيقَ عَنهُمُ المَسَاكِنُ وَ المَعَاشُ قِيلَ لَهُم إِذاً كَانَ يَحرُمُ أَكثَرُ هَذَا الخَلقِ دُخُولَ العَالَمِ وَ الِاستِمتَاعَ بِنِعَمِ اللّهِ وَ مَوَاهِبِهِ فِي الدّارَينِ جَمِيعاً إِذَا لَم يَدخُلِ العَالَمَ إِلّا قَرنٌ وَاحِدٌ لَا يَتَوَالَدُونَ وَ لَا يَتَنَاسَلُونَ فَإِن قَالُوا كَانَ ينَبغَيِ‌ أَن يَخلُقَ فِي ذَلِكَ القَرنِ الوَاحِدِ مِنَ النّاسِ مِثلَ مَا خَلَقَ وَ يَخلُقُ إِلَي انقِضَاءِ العَالَمِ يُقَالُ لَهُم رَجَعَ الأَمرُ إِلَي مَا ذَكَرنَا مِن ضِيقِ المَسَاكِنِ وَ المَعَاشِ عَنهُم ثُمّ لَو كَانُوا لَا يَتَوَالَدُونَ وَ لَا يَتَنَاسَلُونَ لَذَهَبَ مَوضِعُ الأُنسِ بِالقَرَابَاتِ وَ ذوَيِ‌ الأَرحَامِ وَ الِانتِصَارِ بِهِم عِندَ الشّدَائِدِ وَ مَوضِعُ تَربِيَةِ الأَولَادِ وَ السّرُورِ بِهِم ففَيِ‌ هَذَا دَلِيلٌ عَلَي أَنّ كُلّ مَا تَذهَبُ إِلَيهِ الأَوهَامُ سِوَي مَا جَرَي بِهِ التّدبِيرُ خَطَأٌ وَ سَفَاهٌ مِنَ الرأّي‌ِ وَ القَولِ وَ لَعَلّ طَاعِناً يَطعُنُ عَلَي التّدبِيرِ مِن جِهَةٍ أُخرَي فَيَقُولَ كَيفَ يَكُونُ هَاهُنَا تَدبِيرٌ وَ نَحنُ نَرَي النّاسَ فِي هَذِهِ الدّنيَا مَن عَزّ بَزّ فاَلقوَيِ‌ّ يَظلِمُ وَ يَغصِبُ وَ الضّعِيفُ يُظلَمُ وَ يَسأَمُ الخَسفَ وَ الصّالِحُ فَقِيرٌ مُبتَلًي وَ الفَاسِقُ مُعَافًي مُوَسّعٌ عَلَيهِ وَ مَن رَكِبَ فَاحِشَةً أَوِ انتَهَكَ مُحَرّماً لَم يُعَاجَل بِالعُقُوبَةِ فَلَو كَانَ فِي العَالَمِ تَدبِيرٌ لَجَرَتِ الأُمُورُ عَلَي


صفحه : 142

القِيَاسِ القَائِمِ فَكَانَ الصّالِحُ هُوَ المَرزُوقَ وَ الطّالِحُ هُوَ المَحرُومَ وَ كَانَ القوَيِ‌ّ يُمنَعُ مِن ظُلمِ الضّعِيفِ وَ المُتَهَتّكُ لِلمَحَارِمِ يُعَاجَلُ بِالعُقُوبَةِ فَيُقَالُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ إِنّ هَذَا لَو كَانَ هَكَذَا لَذَهَبَ مَوضِعُ الإِحسَانِ ألّذِي فُضّلَ بِهِ الإِنسَانُ عَلَي غَيرِهِ مِنَ الخَلقِ وَ حَملِ النّفسِ عَلَي البِرّ وَ العَمَلِ الصّالِحِ احتِسَاباً لِلثّوَابِ وَ ثِقَةً بِمَا وَعَدَ اللّهُ مِنهُ وَ لَصَارَ النّاسُ بِمَنزِلَةِ الدّوَابّ التّيِ‌ تُسَاسُ بِالعَصَا وَ العَلَفِ وَ يُلمَعُ لَهَا بِكُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا سَاعَةً فَسَاعَةً فَتَستَقِيمُ عَلَي ذَلِكَ وَ لَم يَكُن أَحَدٌ يَعمَلُ عَلَي يَقِينٍ بِثَوَابٍ أَو عِقَابٍ حَتّي كَانَ هَذَا يُخرِجُهُم عَن حَدّ الإِنسِيّةِ إِلَي حَدّ البَهَائِمِ ثُمّ لَا يَعرِفُ مَا غَابَ وَ لَا يَعمَلُ إِلّا عَلَي الحَاضِرِ وَ كَانَ يَحدُثُ مِن هَذَا أَيضاً أَن يَكُونَ الصّالِحُ إِنّمَا يَعمَلُ الصّالِحَاتِ لِلرّزقِ وَ السّعَةِ فِي هَذِهِ الدّنيَا وَ يَكُونَ المُمتَنِعُ مِنَ الظّلمِ وَ الفَوَاحِشِ إِنّمَا يَعِفّ عَن ذَلِكَ لِتَرَقّبِ عُقُوبَةٍ تَنزِلُ بِهِ مِن سَاعَتِهِ حَتّي يَكُونَ أَفعَالُ النّاسِ كُلّهَا تجَريِ‌ عَلَي الحَاضِرِ لَا يَشُوبُهَا شَيءٌ مِنَ اليَقِينِ بِمَا عِندَ اللّهِ وَ لَا يَستَحِقّونَ ثَوَابَ الآخِرَةِ وَ النّعِيمَ الدّائِمَ فِيهَا مَعَ أَنّ هَذِهِ الأُمُورَ التّيِ‌ ذَكَرَهَا الطّاعِنُ مِنَ الغِنَي وَ الفَقرِ وَ العَافِيَةِ وَ البَلَاءِ لَيسَت بِجَارِيَةٍ عَلَي خِلَافِ قِيَاسِهِ بَل قَد تجَريِ‌ عَلَي ذَلِكَ أَحيَاناً وَ الأَمرُ المَفهُومُ فَقَد تَرَي كَثِيراً مِنَ الصّالِحِينَ يُرزَقُونَ المَالَ لِضُرُوبٍ مِنَ التّدبِيرِ وَ كَيلَا يَسبِقَ إِلَي قُلُوبِ النّاسِ أَنّ الكُفّارَ هُمُ المَرزُوقُونَ وَ الأَبرَارَ هُمُ المَحرُومُونَ فيؤثرون [فَيُؤثِرُوا]الفِسقَ عَلَي الصّلَاحِ وَ تَرَي كَثِيراً مِنَ الفُسّاقِ يُعَاجَلُونَ بِالعُقُوبَةِ إِذَا تَفَاقَمَ طُغيَانُهُم وَ عَظُمَ ضَرَرُهُم عَلَي النّاسِ وَ عَلَي أَنفُسِهِم كَمَا عُوجِلَ فِرعَونُ بِالغَرَقِ وَ بُختُنَصّرُ بِالتّيهِ وَ بُلبَيسُ بِالقَتلِ وَ إِن أُمهِلَ بَعضُ الأَشرَارِ بِالعُقُوبَةِ وَ أُخّرَ بَعضُ الأَخيَارِ بِالثّوَابِ إِلَي الدّارِ الآخِرَةِ لِأَسبَابٍ تَخفَي عَلَي العِبَادِ لَم يَكُن هَذَا مِمّا يُبطِلُ التّدبِيرَ فَإِنّ مِثلَ هَذَا قَد يَكُونُ مِن مُلُوكِ الأَرضِ وَ لَا يُبطِلُ تَدبِيرَهُم بَل يَكُونُ تَأخِيرُهُم مَا أَخّرُوهُ أَو تَعجِيلُهُم مَا عَجّلُوهُ دَاخِلًا فِي صَوَابِ الرأّي‌ِ وَ التّدبِيرِ وَ إِذَا كَانَتِ الشّوَاهِدُ تَشهَدُ وَ قِيَاسُهُم يُوجِبُ أَنّ لِلأَشيَاءِ خَالِقاً حَكِيماً قَادِراً فَمَا يَمنَعُهُ أَن يُدَبّرَ خَلقَهُ فَإِنّهُ لَا يَصِحّ فِي قِيَاسِهِم أَن يَكُونَ الصّانِعُ يُهمِلُ صَنَعتَهُ إِلّا بِإِحدَي ثَلَاثِ خِلَالٍ إِمّا عَجزٍ وَ إِمّا جَهلٍ وَ إِمّا شِرَارَةٍ وَ كُلّ هَذِهِ مُحَالٌ فِي صَنَعتِهِ عَزّ وَ جَلّ


صفحه : 143

وَ تَعَالَي ذِكرُهُ وَ ذَلِكَ أَنّ العَاجِزَ لَا يَستَطِيعُ أَن يأَتيِ‌َ بِهَذِهِ الخَلَائِقِ الجَلِيلَةِ العَجِيبَةِ وَ الجَاهِلَ لَا يهَتدَيِ‌ لِمَا فِيهَا مِنَ الصّوَابِ وَ الحِكمَةِ وَ الشّرِيرَ لَا يَتَطَاوَلُ لِخَلقِهَا وَ إِنشَائِهَا وَ إِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا وَجَبَ أَن يَكُونَ الخَالِقُ لِهَذِهِ الخَلَائِقِ يُدَبّرُهَا لَا مَحَالَةَ وَ إِن كَانَ لَا تُدرَكُ كُنهُ ذَلِكَ التّدبِيرِ وَ مَخَارِجُهُ فَإِنّ كَثِيراً مِن تَدبِيرِ المُلُوكِ لَا تَفهَمُهُ العَامّةُ وَ لَا تَعرِفُ أَسبَابَهُ لِأَنّهَا لَا تَعرِفُ دَخلَةَ أَمرِ المُلُوكِ وَ أَسرَارَهُم فَإِذَا عُرِفَ سَبَبَهُ وُجِدَ قَائِماً عَلَي الصّوَابِ وَ الشّاهِدُ المِحنَةُ وَ لَو شَكَكتَ فِي بَعضِ الأَدوِيَةِ وَ الأَطعِمَةِ فَيَتَبَيّنُ لَكَ مِن جِهَتَينِ أَو ثَلَاثٍ أَنّهُ حَارّ أَو بَارِدٌ أَ لَم تَكُن ستَقَضيِ‌ عَلَيهِ بِذَلِكَ وَ تنَفيِ‌ الشّكّ فِيهِ عَن نَفسِكَ فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الجَهَلَةِ لَا يَقضُونَ عَلَي العَالَمِ بِالخَالِقِ وَ التّدبِيرِ مَعَ هَذِهِ الشّوَاهِدِ الكَثِيرَةِ وَ أَكثَرُ مِنهَا مَا لَا يُحصَي كَثرَةً لَو كَانَ نِصفُ العَالَمِ وَ مَا فِيهِ مُشكِلًا صَوَابُهُ لَمَا كَانَ مِن حَزمِ الرأّي‌ِ وَ سَمتِ الأَدَبِ أَن يُقضَي عَلَي العَالَمِ بِالإِهمَالِ لِأَنّهُ كَانَ فِي النّصفِ الآخَرِ وَ مَا يَظهَرُ فِيهِ مِنَ الصّوَابِ وَ الإِتقَانِ مَا يَردَعُ الوَهمَ عَنِ التّسَرّعِ إِلَي هَذِهِ القَضِيّةِ فَكَيفَ وَ كُلّ مَا كَانَ فِيهِ إِذَا فُتّشَ وُجِدَ عَلَي غَايَةِ الصّوَابِ حَتّي لَا يَخطُرُ بِالبَالِ شَيءٌ إِلّا وُجِدَ مَا عَلَيهِ الخِلقَةُ أَصَحّ وَ أَصوَبَ مِنهُ

بيان قوله ع للاسم الأقدم لعل المراد بالاسم المسمّي أوالمراد الاسم ألذي أظهره وأثبته في اللوح قبل سائر الأسماء أوالمراد الاسم ألذي يخص الذات فهو أسبق الأسماء في الاعتبار وأشرفها كمايظهر من الآثار قوله والغيب المحظور أي الممنوع عن غيره تعالي إلا من ارتضاه لذلك قوله بالعرض قال الفيروزآبادي‌ عرض الشي‌ء ظهر والعرض أن يموت الإنسان من غيرعلة والاجتياح الاستيصال قوله ع ويلذع يقال لذعته النار أي أحرقته ولذعه بلسانه أي أوجعه بكلام


صفحه : 144

و في بعض النسخ بإهمال الأول وإعجام الثاني‌ من لدغ العقرب ويقال رثيت لفلان أي رققت له والمضض محركة وجع المصيبة قوله ع إذا كان يكون غيرمحمود يمكن أن يقرأ إذابالتنوين وبدونها و علي الثاني‌ يكون خبر كان محذوفا أي إذا كان الإنسان كذلك . ثم اعلم أنه ينبغي‌ أن تحمل العصمة المأخوذة في السؤال علي غيرالمعني المشهور ألذي سيأتي‌ تحقيقه في باب عصمة الأئمة ع بل المراد العصمة بمعني الإلجاء ألذي لم يبق معه اختيار ولذا فرع ع عليه عدم استحقاق الثواب و إلافالعصمة التي‌ اتصفت بهاالأنبياء والأئمة ع لاينافي‌ ذلك كماسنحققه في مقامه إن شاء الله تعالي ويمكن أن يقال علي تقدير أن يكون المراد هذاالمعني أيضا بأنه إذاصار هذاعاما في جميع البشر لايتأتي في بعض المواد التي‌ لاتستحق ذلك من نفوس الأشرار والفجار إلابالإلجاء الرافع للاستحقاق قوله ع إلي غاية الكلب والضراوة قال الجوهري‌ دفعت عنك كلب فلان أي شره وأذاه والكلب أيضا شبيه بالجنون و قال ضري‌ الكلب بالصيد ضراوة أي تعود أقول لما كان السؤال مبنيا علي فرض العصمة ظاهرا فتصحيح هذاالجواب في غاية الإشكال وخطر بالبال وجوه الأول أن لا يكون السؤال مبنيا علي فرض العصمة بل يكون المراد أنه لماذكرت أن العصمة تنافي‌ الاستحقاق فنقول لم لم يبذل لهم الثواب علي أي حال بأن يكلفهم العمل ليستحقوا الثواب إن أرادوا استحقاقه و إلاأعطاهم من غيراستحقاق إذ كثير من الناس يطلبون النعيم بغير استحقاق فلا يكون عليهم في الدنيا والآخرة سخط علي المخالفة و علي هذاالجواب ظاهر الانطباق علي السؤال كما لايخفي .الثاني‌ أن يكون السؤال مبنيا علي فرض العصمة في بعضهم وهم الذين يطلبون الثواب و لايريدون استحقاقه كما هوظاهر السياق و يكون حاصل الجواب أنه لو كان المجبور علي الخيرات مثابا فمقتضي العدل أن يكون غيرالمجبور الطالب للخير والاستحقاق غيرمعاقب علي حال و إلالكان له الحجة علي ربه بأنك لم تعصمني‌ كماعصمت غيري‌ ومنعت عني‌ اللطف بالبلايا والصوارف عن المعاصي‌ في الدنيا ثم تعذبني‌ علي المعاصي‌


صفحه : 145

فعلي هذافلو علم غيرالمعصومين ذلك لدعتهم الدواعي‌ النفسانية إلي غاية الفساد و هذاوجه وجيه لكن يحتاج إلي طي‌ بعض المقدمات .الثالث أن يكون السؤال مبنيا علي ذلك الفرض أيضا لكن يكون الجواب مبنيا علي أنه قديستلزم المحال نقيضه إذ الكلام في هذاالنوع من الخلق المسمي بالإنسان ألذي اقتضت الحكمة أن يكون قدركبت فيه أنواع الشهوات والدواعي‌ فلو فرضته علي غيرتلك الحالة لكان من قبيل فرض الشي‌ء إنسانا وملكا وهما لايجتمعان فعلي هذايلزمه أيضا لفرض كونه إنسانا أن يدعوه عدم خوف العقاب والفراغ إلي الأشر والبطر وأنواع المعاصي‌ وحاصله يرجع إلي تغيير الجواب الأول إلي جواب آخر لايرد عليه السؤال علي غاية اللطف والدقة. والردع الكف والمنع و قوله يغتبطون علي البناء للفاعل من الاغتباط و هوحسن الحال بحيث يتمني غيره حاله والحض الحث والتحريص وتمحيص الأوزار تنقيصها أوإزالتها قوله ع فإن قال و لم يحدث علي الناس أقول لما كان آخر الكلام موهما لأن هذه الأمور بعدحدوثها يصيرها الله تعالي إلي الحكمة والصلاح سأل ثانيا ماالسبب في أصل الحدوث حتي يحتاج إلي أن يجعله الله صلاحا ويحتمل أن يكون مراده أناعلمنا أن في وجودها صلاحا فهل في عدمها فساد والجواب علي التقديرين ظاهر و قال الفيروزآبادي‌ عوز الشي‌ء كفرح لم يوجد وأعوزه الشي‌ء احتاج إليه والدهر أحوجه و قال تناشبوا تضاموا وتعلق بعضهم ببعض ونشبه الأمر كلزم زنة ومعني و قال أفرجوا عن الطريق والقتيل انكشفوا و عن المكان تركوه انتهي والمراد هنا عدم التخلية بين أحد و بين مايريده قوله ع و لاسلا عن شيء أي لاينسي ويتسلي عن شيء من المصائب إذ بتذكر الموت تزول شدة المحن من قولهم سلا عن الشي‌ء أي نسيه و قال الجوهري‌ بزه يبزه بزا سلبه و في المثل من عزبز أي من غلب أخذ السلب و قال سامه خسفا وخسفا بالضم أي أولاه ذلا و قال الفيروزآبادي‌ لمع بيده أشار و قال تفاقم الأمر عظم قوله ع وبخت نصر بالتيه أقول لعله إشارة إلي ماذكره جماعة من المؤرخين أن ملكا من الملائكة لطم بخت نصر لطمة


صفحه : 146

ومسخه وصار في الوحش في صورة أسد و هو مع ذلك يعقل مايفعله الإنسان ثم رده الله تعالي إلي صورة الإنس وأعاد إليه ملكه فلما عاد إلي ملكه أراد قتل دانيال فقتله الله علي يد واحد من غلمانه وقيل في سبب قتله أن الله أرسل عليه بعوضة فدخلت في منخره وصعدت إلي رأسه فكان لايقر و لايسكن حتي يدق رأسه فمات من ذلك وبلبيس غيرمعروف عندالمؤرخين والتطاول هنا مبالغة في الطول بمعني الفضل والإحسان ودخلة الرجل مثلثة نيته ومذهبه وجمع أمره وبطانته قوله ع والشاهد المحنة أي بالشاهد يمكن امتحان الغائب

وَ اعلَم يَا مُفَضّلُ أَنّ اسمَ هَذَا العَالَمِ بِلِسَانِ اليُونَانِيّةِ الجاَريِ‌ المَعرُوفِ عِندَهُم قوسموس وَ تَفسِيرُهُ الزّينَةُ وَ كَذَلِكَ سَمّتهُ الفَلَاسِفَةُ وَ مَنِ ادّعَي الحِكمَةَ أَ فَكَانُوا يُسَمّونَهُ بِهَذَا الِاسمِ إِلّا لِمَا رَأَوا فِيهِ مِنَ التّقدِيرِ وَ النّظَامِ فَلَم يَرضَوا أَن يُسَمّوهُ تَقدِيراً وَ نِظَاماً حَتّي سَمّوهُ زِينَةً لِيُخبِرُوا أَنّهُ مَعَ مَا هُوَ عَلَيهِ مِنَ الصّوَابِ وَ الإِتقَانِ عَلَي غَايَةِ الحُسنِ وَ البَهَاءِ أَعجَبُ يَا مُفَضّلُ مِن قَومٍ لَا يَقضُونَ صِنَاعَةَ الطّبّ بِالخَطَإِ وَ هُم يَرَونَ الطّبِيبَ يُخطِئُ وَ يَقضُونَ عَلَي العَالَمِ بِالإِهمَالِ وَ لَا يَرَونَ شَيئاً مِنهُ مُهمَلًا بَل أَعجَبُ مِن أَخلَاقِ مَنِ ادّعَي الحِكمَةَ حَتّي جَهِلُوا مَوَاضِعَهَا فِي الخَلقِ فَأَرسَلُوا أَلسِنَتَهُم بِالذّمّ لِلخَالِقِ جَلّ وَ عَلَا بَلِ العَجَبُ مِنَ المَخذُولِ ماَنيِ‌ حِينَ ادّعَي عِلمَ الأَسرَارِ وَ عمَيِ‌َ عَن دَلَائِلِ الحِكمَةِ فِي الخَلقِ حَتّي نَسَبَهُ إِلَي الخَطَإِ وَ نَسَبَ خَالِقَهُ إِلَي الجَهلِ تَبَارَكَ الحَلِيمُ الكَرِيمُ وَ أَعجَبُ مِنهُم جَمِيعاً المُعَطّلَةُ الّذِينَ رَامُوا أَن يُدرَكَ بِالحِسّ مَا لَا يُدرَكُ بِالعَقلِ فَلَمّا أَعوَزَهُم ذَلِكَ خَرَجُوا إِلَي الجُحُودِ وَ التّكذِيبِ فَقَالُوا وَ لِمَ لَا يُدرَكُ بِالعَقلِ قِيلَ لِأَنّهُ فَوقَ مَرتَبَةِ العَقلِ كَمَا لَا يُدرِكُ البَصَرُ مَا هُوَ فَوقَ مَرتَبَتِهِ فَإِنّكَ لَو رَأَيتَ حَجَراً يَرتَفِعُ فِي الهَوَاءِ عَلِمتَ أَنّ رَامِياً رَمَي بِهِ فَلَيسَ هَذَا العِلمُ مِن قِبَلِ البَصَرِ بَل مِن قِبَلِ العَقلِ لِأَنّ العَقلَ هُوَ ألّذِي يُمَيّزُهُ فَيَعلَمُ أَنّ الحَجَرَ لَا يَذهَبُ عُلُوّاً مِن تِلقَاءِ نَفسِهِ أَ فَلَا تَرَي كَيفَ وَقَفَ البَصَرُ


صفحه : 147

عَلَي حَدّهِ فَلَم يَتَجَاوَزهُ فَكَذَلِكَ يَقِفُ العَقلُ عَلَي حَدّهِ مِن مَعرِفَةِ الخَالِقِ فَلَا يَعدُوهُ وَ لَكِن يَعقِلُهُ بِعَقلٍ أَقَرّ أَنّ فِيهِ نَفساً وَ لَم يُعَايِنهَا وَ لَم يُدرِكهَا بِحَاسّةٍ مِنَ الحَوَاسّ وَ عَلَي حَسَبِ هَذَا أَيضاً نَقُولُ إِنّ العَقلَ يَعرِفُ الخَالِقَ مِن جِهَةٍ تُوجِبُ عَلَيهِ الإِقرَارَ وَ لَا يَعرِفُهُ بِمَا يُوجِبُ لَهُ الإِحَاطَةَ بِصِفَتِهِ فَإِن قَالُوا فَكَيفَ يُكَلّفُ العَبدُ الضّعِيفُ مَعرِفَتَهُ بِالعَقلِ اللّطِيفِ وَ لَا يُحِيطُ بِهِ قِيلَ لَهُم إِنّمَا كُلّفَ العِبَادُ مِن ذَلِكَ مَا فِي طَاقَتِهِم أَن يَبلُغُوهُ وَ هُوَ أَن يُوقِنُوا بِهِ وَ يَقِفُوا عِندَ أَمرِهِ وَ نَهيِهِ وَ لَم يُكَلّفُوا الإِحَاطَةَ بِصِفَتِهِ كَمَا أَنّ المَلِكَ لَا يُكَلّفُ رَعِيّتَهُ أَن يَعلَمُوا أَ طَوِيلٌ هُوَ أَم قَصِيرٌ أَبيَضُ هُوَ أَم أَسمَرُ وَ إِنّمَا يُكَلّفُهُمُ الإِذعَانَ بِسُلطَانِهِ وَ الِانتِهَاءَ إِلَي أَمرِهِ أَ لَا تَرَي أَنّ رَجُلًا لَو أَتَي بَابَ المَلِكِ فَقَالَ أَعرِض عَلَيّ نَفسَكَ حَتّي أَتَقَصّي مَعرِفَتَكَ وَ إِلّا لَم أَسمَع لَكَ كَانَ قَد أَحَلّ نَفسَهُ العُقُوبَةَ فَكَذَا القَائِلُ إِنّهُ لَا يُقِرّ بِالخَالِقِ سُبحَانَهُ حَتّي يُحِيطَ بِكُنهِهِ مُتَعَرّضٌ لِسَخَطِهِ فَإِن قَالُوا أَ وَ لَيسَ قَد نَصِفُهُ فَنَقُولُ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ الجَوَادُ الكَرِيمُ قِيلَ لَهُم كُلّ هَذِهِ صِفَاتُ إِقرَارٍ وَ لَيسَت صِفَاتِ إِحَاطَةٍ فَإِنّا نَعلَمُ أَنّهُ حَكِيمٌ وَ لَا نَعلَمُ بِكُنهِ ذَلِكَ مِنهُ وَ كَذَلِكَ قَدِيرٌ وَ جَوَادٌ وَ سَائِرُ صِفَاتِهِ كَمَا قَد نَرَي السّمَاءَ وَ لَا ندَريِ‌ مَا جَوهَرُهَا وَ نَرَي البَحرَ وَ لَا ندَريِ‌ أَينَ مُنتَهَاهُ بَل فَوقَ هَذَا المِثَالِ بِمَا لَا نِهَايَةَ لَهُ لِأَنّ الأَمثَالَ كُلّهَا تَقصُرُ عَنهُ وَ لَكِنّهَا تَقُودُ العَقلَ إِلَي مَعرِفَتِهِ فَإِن قَالُوا وَ لِمَ يُختَلَفُ فِيهِ قِيلَ لَهُم لِقِصَرِ الأَوهَامِ عَن مَدَي عَظَمَتِهِ وَ تَعَدّيهَا أَقدَارَهَا فِي طَلَبِ مَعرِفَتِهِ وَ أَنّهَا تَرُومُ الإِحَاطَةَ بِهِ وَ هيِ‌َ تَعجِزُ عَن ذَلِكَ وَ مَا دُونَهُ فَمِن ذَلِكَ هَذِهِ الشّمسُ التّيِ‌ تَرَاهَا تَطلُعُ عَلَي العَالَمِ وَ لَا يُوقَفُ عَلَي حَقِيقَةِ أَمرِهَا وَ لِذَلِكَ كَثُرَتِ الأَقَاوِيلُ فِيهَا وَ اختَلَفَتِ الفَلَاسِفَةُ المَذكُورُونَ فِي وَصفِهَا فَقَالَ بَعضُهُم هُوَ فَلَكٌ أَجوَفُ مَملُوّ نَاراً لَهُ فَمٌ يَجِيشُ بِهَذَا الوَهَجِ وَ الشّعَاعِ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ سَحَابَةٌ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ جِسمٌ زجُاَجيِ‌ّ يُقبِلُ نَارِيّةً فِي العَالَمِ وَ يُرسِلُ عَلَيهِ شُعَاعَهَا وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ صَفوٌ


صفحه : 148

لَطِيفٌ يَنعَقِدُ مِن مَاءِ البَحرِ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ أَجزَاءٌ كَثِيرَةٌ مُجتَمِعَةٌ مِنَ النّارِ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ مِن جَوهَرٍ خَامِسٍ سِوَي الجَوَاهِرِ الأَربَعِ ثُمّ اختَلَفُوا فِي شَكلِهَا فَقَالَ بَعضُهُم هيِ‌َ بِمَنزِلَةِ صَفِيحَةٍ عَرِيضَةٍ وَ قَالَ آخَرُونَ هيِ‌َ كَالكُرَةِ المُدَحرَجَةِ وَ كَذَلِكَ اختَلَفُوا فِي مِقدَارِهَا فَزَعَمَ بَعضُهُم أَنّهَا مِثلُ الأَرضِ سَوَاءً وَ قَالَ آخَرُونَ بَل هيِ‌َ أَقَلّ مِن ذَلِكَ وَ قَالَ آخَرُونَ هيِ‌َ أَعظَمُ مِنَ الجَزِيرَةِ العَظِيمَةِ وَ قَالَ أَصحَابُ الهَندَسَةِ هيِ‌َ أَضعَافُ الأَرضِ مِائَةٌ وَ سَبعُونَ مَرّةً ففَيِ‌ اختِلَافِ هَذِهِ الأَقَاوِيلِ مِنهُم فِي الشّمسِ دَلِيلٌ عَلَي أَنّهُم لَم يَقِفُوا عَلَي الحَقِيقَةِ مِن أَمرِهَا وَ إِذَا كَانَت هَذِهِ الشّمسُ التّيِ‌ يَقَعُ عَلَيهَا البَصَرُ وَ يُدرِكُهَا الحِسّ قَد عَجَزَتِ العُقُولُ عَنِ الوُقُوفِ عَلَي حَقِيقَتِهَا فَكَيفَ مَا لَطُفَ عَنِ الحِسّ وَ استَتَرَ عَنِ الوَهمِ فَإِن قَالُوا وَ لِمَ استَتَرَ قِيلَ لَهُم لَم يَستَتِر بِحِيلَةٍ يَخلُصُ إِلَيهَا كَمَن يَحتَجِبُ عَنِ النّاسِ بِالأَبوَابِ وَ السّتُورِ وَ إِنّمَا مَعنَي قَولِنَا استَتَرَ أَنّهُ لَطُفَ عَن مَدَي مَا تَبلُغُهُ الأَوهَامُ كَمَا لَطُفَتِ النّفسُ وَ هيِ‌َ خَلقٌ مِن خَلقِهِ وَ ارتَفَعَت عَن إِدرَاكِهَا بِالنّظَرِ فَإِن قَالُوا وَ لِمَ لَطُفَ وَ تَعَالَي عَن ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً كَانَ ذَلِكَ خَطَأً مِنَ القَولِ لِأَنّهُ لَا يَلِيقُ باِلذّيِ‌ هُوَ خَالِقُ كُلّ شَيءٍ إِلّا أَن يَكُونَ مُبَايِناً لِكُلّ شَيءٍ مُتَعَالِياً عَن كُلّ شَيءٍ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي فَإِن قَالُوا كَيفَ يُعقَلُ أَن يَكُونَ مُبَايِناً لِكُلّ شَيءٍ مُتَعَالِياً قِيلَ لَهُمُ الحَقّ ألّذِي تُطلَبُ مَعرِفَتُهُ مِنَ الأَشيَاءِ هُوَ الأَربَعَةُ أَوجُهٍ فَأَوّلُهَا أَن يُنظَرَ أَ مَوجُودٌ هُوَ أَم لَيسَ بِمَوجُودٍ وَ الثاّنيِ‌ أَن يُعرَفَ مَا هُوَ فِي ذَاتِهِ وَ جَوهَرِهِ وَ الثّالِثُ أَن يُعرَفَ كَيفَ هُوَ وَ مَا صِفَتُهُ وَ الرّابِعُ أَن يُعلَمَ لِمَا ذَا هُوَ وَ لِأَيّةِ عِلّةٍ فَلَيسَ مِن هَذِهِ الوُجُوهِ شَيءٌ يُمكِنُ المَخلُوقَ أَن يَعرِفَهُ مِنَ الخَالِقِ حَقّ مَعرِفَتِهِ غَيرُ أَنّهُ مَوجُودٌ فَقَط فَإِذَا قُلنَا كَيفَ وَ مَا هُوَ فَمُمتَنِعٌ عِلمُ كُنهِهِ وَ كَمَالُ المَعرِفَةِ بِهِ وَ أَمّا لِمَا ذَا هُوَ فَسَاقِطٌ فِي صِفَةِ الخَالِقِ لِأَنّهُ جَلّ ثَنَاؤُهُ عِلّةُ كُلّ شَيءٍ وَ لَيسَ شَيءٌ بِعِلّةٍ لَهُ ثُمّ لَيسَ عِلمُ الإِنسَانِ بِأَنّهُ مَوجُودٌ يُوجِبُ لَهُ أَن يَعلَمَ مَا هُوَ كَمَا أَنّ عِلمَهُ بِوُجُودِ النّفسِ لَا يُوجِبُ أَن يَعلَمَ مَا هيِ‌َ وَ كَيفَ هيِ‌َ وَ كَذَلِكَ الأُمُورُ الرّوحَانِيّةُ اللّطِيفَةُ


صفحه : 149

فَإِن قَالُوا فَأَنتُمُ الآنَ تَصِفُونَ مِن قُصُورِ العِلمِ عَنهُ وَصفاً حَتّي كَأَنّهُ غَيرُ مَعلُومٍ قِيلَ لَهُم هُوَ كَذَلِكَ مِن جِهَةٍ إِذَا رَامَ العَقلُ مَعرِفَةَ كُنهِهِ وَ الإِحَاطَةَ بِهِ وَ هُوَ مِن جِهَةٍ أُخرَي أَقرَبُ مِن كُلّ قَرِيبٍ إِذَا استَدَلّ عَلَيهِ بِالدّلَائِلِ الشّافِيَةِ فَهُوَ مِن جِهَةٍ كَالوَاضِحِ لَا يَخفَي عَلَي أَحَدٍ وَ هُوَ مِن جِهَةٍ كَالغَامِضِ لَا يُدرِكُهُ أَحَدٌ وَ كَذَلِكَ العَقلُ أَيضاً ظَاهِرٌ بِشَوَاهِدَ[بِشَوَاهِدِهِ] وَ مَستُورٌ بِذَاتِهِ فَأَمّا أَصحَابُ الطّبَائِعِ فَقَالُوا إِنّ الطّبِيعَةَ لَا تَفعَلُ شَيئاً لِغَيرِ مَعنًي وَ لَا تَتَجَاوَزُ عَمّا فِيهِ تَمَامُ الشيّ‌ءِ فِي طَبِيعَتِهِ وَ زَعَمُوا أَنّ الحِكمَةَ تَشهَدُ بِذَلِكَ فَقِيلَ لَهُم فَمَن أَعطَي الطّبِيعَةَ هَذِهِ الحِكمَةَ وَ الوُقُوفَ عَلَي حُدُودِ الأَشيَاءِ بِلَا مُجَاوَزَةٍ لَهَا وَ هَذَا قَد تَعجِزُ عَنهُ العُقُولُ بَعدَ طُولِ التّجَارِبِ فَإِن أَوجَبُوا لِلطّبِيعَةِ الحِكمَةَ وَ القُدرَةَ عَلَي مِثلِ هَذِهِ الأَفعَالِ فَقَد أَقَرّوا بِمَا أَنكَرُوا لِأَنّ هَذِهِ هيِ‌َ صِفَاتُ الخَالِقِ وَ إِن أَنكَرُوا أَن يَكُونَ هَذَا لِلطّبِيعَةِ فَهَذَا وَجهُ الخَلقِ يَهتِفُ بِأَنّ الفِعلَ لِخَالِقِ[لِلخَالِقِ]الحَكِيمِ وَ قَد كَانَ مِنَ القُدَمَاءِ طَائِفَةٌ أَنكَرُوا العَمدَ وَ التّدبِيرَ فِي الأَشيَاءِ وَ زَعَمُوا أَنّ كَونَهَا بِالعَرَضِ وَ الِاتّفَاقِ وَ كَانَ مِمّا احتَجّوا بِهِ هَذِهِ الآفَاتُ التّيِ‌ تلد[تَكُونُ عَلَي] غَيرِ مَجرَي العُرفِ وَ العَادَةِ كَالإِنسَانِ يُولَدُ نَاقِصاً أَو زَائِداً إِصبَعاً أَو يَكُونُ المَولُودُ مُشَوّهاً مُبَدّلَ الخَلقِ فَجَعَلُوا هَذَا دَلِيلًا عَلَي أَنّ كَونَ الأَشيَاءِ لَيسَ بِعَمدٍ وَ تَقدِيرٍ بَل بِالعَرَضِ كَيفَ مَا اتّفَقَ أَن يَكُونَ وَ قَد كَانَ أَرَسطَاطَالِيسُ رَدّ عَلَيهِم فَقَالَ إِنّ ألّذِي يَكُونُ بِالعَرَضِ وَ الِاتّفَاقِ إِنّمَا هُوَ شَيءٌ يأَتيِ‌ فِي الفَرطِ مَرّةً لِأَعرَاضٍ تَعرِضُ لِلطّبِيعَةِ فَتُزِيلُهَا عَن سَبِيلِهَا وَ لَيسَ بِمَنزِلَةِ الأُمُورِ الطّبِيعِيّةِ الجَارِيَةِ عَلَي شَكلٍ وَاحِدٍ جَرياً دَائِماً مُتَتَابِعاً وَ أَنتَ يَا مُفَضّلُ تَرَي أَصنَافَ الحَيَوَانِ أَن يجَريِ‌َ أَكثَرَ ذَلِكَ عَلَي مِثَالٍ وَ مِنهَاجٍ وَاحِدٍ كَالإِنسَانِ يُولَدُ وَ لَهُ يَدَانِ وَ رِجلَانِ وَ خَمسُ أَصَابِعَ كَمَا عَلَيهِ الجُمهُورُ مِنَ النّاسِ فَأَمّا مَا يُولَدُ عَلَي خِلَافِ ذَلِكَ فَإِنّهُ لِعِلّةٍ تَكُونُ فِي الرّحِمِ أَو فِي المَادّةِ التّيِ‌ يَنشَأُ مِنهَا الجَنِينُ كَمَا يَعرِضُ فِي الصّنَاعَاتِ حِينَ يَتَعَمّدُ الصّانِعُ الصّوَابَ فِي صَنعَتِهِ فَيَعُوقُ دُونَ ذَلِكَ


صفحه : 150

عَائِقٌ فِي الأَدَاةِ أَو فِي الآلَةِ التّيِ‌ يَعمَلُ فِيهَا الشيّ‌ءَ فَقَد يَحدُثُ مِثلُ ذَلِكَ فِي أَولَادِ الحَيَوَانِ لِلأَسبَابِ التّيِ‌ وَصَفنَا فيَأَتيِ‌ الوَلَدُ زَائِداً أَو نَاقِصاً أَو مُشَوّهاً وَ يَسلَمُ أَكثَرُهَا فيَأَتيِ‌ سَوِيّاً لَا عِلّةَ فِيهِ فَكَمَا أَنّ ألّذِي يُحدِثُ فِي بَعضِ الأَعمَالِ الأَعرَاضَ لِعِلّةٍ فِيهِ لَا تُوجِبُ[يُوجِبُ]عَلَيهَا جَمِيعاً الإِهمَالَ وَ عَدَمَ الصّانِعِ كَذَلِكَ مَا يَحدُثُ عَلَي بَعضِ الأَفعَالِ الطّبِيعِيّةِ لِعَائِقٍ يَدخُلُ عَلَيهَا لَا يُوجِبُ أَن يَكُونَ جَمِيعُهَا بِالعَرَضِ وَ الِاتّفَاقِ فَقَولُ مَن قَالَ فِي الأَشيَاءِ إِنّ كَونَهَا بِالعَرَضِ وَ الِاتّفَاقِ مِن قِبَلِ أَنّ شَيئاً مِنهَا يأَتيِ‌ عَلَي خِلَافِ الطّبِيعَةِ[بِعَرَضٍ]يَعرِضُ لَهُ خَطَأٌ وَ خَطَلٌ فَإِن قَالُوا وَ لِمَ صَارَ مِثلُ هَذَا يَحدُثُ فِي الأَشيَاءِ قِيلَ لَهُم لِيُعلَمَ أَنّهُ لَيسَ كَونُ الأَشيَاءِ بِاضطِرَارٍ مِنَ الطّبِيعَةِ وَ لَا يُمكِنُ أَن يَكُونَ سِوَاهُ كَمَا قَالَ[ال]قَائِلُونَ بَل هُوَ تَقدِيرٌ وَ عَمدٌ مِن خَالِقٍ حَكِيمٍ إِذ جَعَلَ الطّبِيعَةَ تجَريِ‌ أَكثَرَ ذَلِكَ عَلَي مَجرًي وَ مِنهَاجٍ مَعرُوفٍ وَ يَزُولُ أَحيَاناً عَن ذَلِكَ لِأَعرَاضٍ تَعرِضُ لَهَا فَيُستَدَلّ بِذَلِكَ عَلَي أَنّهَا مُصَرّفَةٌ مُدَبّرَةٌ فَقِيرَةٌ إِلَي إِبدَاءِ الخَالِقِ وَ قُدرَتِهِ فِي بُلُوغِ غَايَتِهَا وَ إِتمَامِ عَمَلِهَافَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالِقِينَ يَا مُفَضّلُ خُذ مَا آتَيتُكَ وَ احفَظ مَا مَنَحتُكَ وَ كُن لِرَبّكَ مِنَ الشّاكِرِينَ وَ لِآلَائِهِ مِنَ الحَامِدِينَ وَ لِأَولِيَائِهِ مِنَ المُطِيعِينَ فَقَد شَرَحتُ لَكَ مِنَ الأَدِلّةِ عَلَي الخَلقِ وَ الشّوَاهِدِ عَلَي صَوَابِ التّدبِيرِ وَ العَمدِ قَلِيلًا مِن كَثِيرٍ وَ جُزءاً مِن كُلّ فَتَدَبّرهُ وَ فَكّر فِيهِ وَ اعتَبِر بِهِ فَقُلتُ بِمَعُونَتِكَ يَا موَلاَي‌َ أَقوَي عَلَي ذَلِكَ وَ أُبَلّغُهُ إِن شَاءَ اللّهُ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَي صدَريِ‌ فَقَالَ احفَظ بِمَشِيّةِ اللّهِ وَ لَا تَنسَ إِن شَاءَ اللّهُ فَخَرَرتُ مَغشِيّاً عَلَيّ فَلَمّا أَفَقتُ قَالَ كَيفَ تَرَي نَفسَكَ يَا مُفَضّلُ فَقُلتُ قَد استَغنَيتُ بِمَعُونَةِ موَلاَي‌َ وَ تَأيِيدِهِ عَنِ الكِتَابِ ألّذِي كَتَبتُهُ وَ صَارَ ذَلِكَ بَينَ يدَيَ‌ّ كَأَنّمَا أَقرَؤُهُ مِن كفَيّ‌ وَ لمِوَلاَي‌َ الحَمدُ وَ الشّكرُ كَمَا هُوَ أَهلُهُ وَ مُستَحِقّهُ فَقَالَ يَا مُفَضّلُ فَرّغ قَلبَكَ وَ اجمَع إِلَيكَ ذِهنَكَ وَ عَقلَكَ وَ طُمَأنِينَتَكَ فسَأَلُقيِ‌ إِلَيكَ مِن عِلمِ مَلَكُوتِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ مَا خَلَقَ اللّهُ بَينَهُمَا وَ فِيهِمَا مِن عَجَائِبِ خَلقِهِ وَ أَصنَافِ المَلَائِكَةِ وَ صُفُوفِهِم وَ مَقَامَاتِهِم وَ مَرَاتِبِهِم إِلَي سِدرَةِ المُنتَهَي وَ سَائِرِ الخَلقِ مِنَ


صفحه : 151

الجِنّ وَ الإِنسِ إِلَي الأَرضِ السّابِعَةِ السّفلَي وَ مَا تَحتَ الثّرَي حَتّي يَكُونَ مَا وَعَيتَهُ جُزءاً مِن أَجزَاءٍ انصَرِف إِذَا شِئتُ مُصَاحَباً مَكلُوءاً فَأَنتَ مِنّا بِالمَكَانِ الرّفِيعِ وَ مَوضِعُكَ مِن قُلُوبِ المُؤمِنِينَ مَوضِعُ المَاءِ مِنَ الصّدَي وَ لَا تَسأَلَنّ عَمّا وَعَدتُكَ حَتّي أُحدِثَ لَكَ مِنهُ ذِكراً قَالَ المُفَضّلُ فَانصَرَفتُ مِن عِندِ موَلاَي‌َ بِمَا لَم يَنصَرِف أَحَدٌ بِمِثلِهِ

بيان جاش البحر والقدر وغيرهما يجيش جيشا غلا قوله ع قال أصحاب الهندسة أقول المشهور بين متأخّريهم أن جرم الشمس مائة وستة وستون مثلا وربع وثمن لجرم الأرض و ماذكره ع لعله كان مذهب قدمائهم مع أنه قريب من المشهور والاختلاف بين قدمائهم ومتأخّريهم في أمثال ذلك كثير قوله ع الحقّ ألذي أي الأمور الحقّة الثابتة التي‌ تطلب معرفتها من بين الأشياء و في بعض النسخ لحقّ أي مايحقّ وينبغي‌ أن تطلب معرفته من أحوال الأشياء هوأربعة أوجه و قال الجوهري‌ قولهم لقيته في الفرط بعدالفرط إي‌ الحين بعدالحين والصدي بالفتح العطش . ثم اعلم أن بعض تلك الفقرات تومئ إلي تجرّد النفس و الله يعلم وحججه صلوات الله عليهم أجمعين


صفحه : 152

باب 5-الخبر المروي‌ عن المفضل بن عمر في التوحيد المشتهر بالإهليلجة

1-حدَثّنَيِ‌ مُحرِزُ بنُ سَعِيدٍ النحّويِ‌ّ بِدِمَشقَ قَالَ حدَثّنَيِ‌ مُحَمّدُ بنُ أَبِي مُسهِرٍ بِالرّملَةِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ قَالَكَتَبَ المُفَضّلُ بنُ عُمَرَ الجعُفيِ‌ّ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الصّادِقِ ع يُعلِمُهُ أَنّ أَقوَاماً ظَهَرُوا مِن أَهلِ هَذِهِ المِلّةِ يَجحَدُونَ الرّبُوبِيّةَ وَ يُجَادِلُونَ عَلَي ذَلِكَ وَ يَسأَلُهُ أَن يَرُدّ عَلَيهِم قَولَهُم وَ يَحتَجّ عَلَيهِم فِيمَا ادّعَوا بِحَسَبِ مَا احتَجّ بِهِ عَلَي غَيرِهِم فَكَتَبَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع بِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ أَمّا بَعدُ وَفّقَنَا اللّهُ وَ إِيّاكَ لِطَاعَتِهِ وَ أَوجَبَ لَنَا بِذَلِكَ رِضوَانَهُ بِرَحمَتِهِ وَصَلَ كِتَابُكَ تَذكُرُ فِيهِ مَا ظَهَرَ فِي مِلّتِنَا وَ ذَلِكَ مِن قَومٍ مِن أَهلِ الإِلحَادِ بِالرّبُوبِيّةِ قَد كَثُرَت عِدّتُهُم وَ اشتَدّت خُصُومَتُهُم وَ تَسأَلُ أَن أَصنَعَ لِلرّدّ عَلَيهِم وَ النّقضِ لِمَا فِي أَيدِيهِم كِتَاباً عَلَي نَحوِ مَا رَدَدتُ عَلَي غَيرِهِم مِن أَهلِ البِدَعِ وَ الِاختِلَافِ وَ نَحنُ نَحمَدُ اللّهَ عَلَي النّعَمِ السّابِغَةِ وَ الحُجَجِ البَالِغَةِ وَ البَلَاءِ المَحمُودِ عِندَ الخَاصّةِ وَ العَامّةِ فَكَانَ مِن نِعَمِهِ العِظَامِ وَ آلَائِهِ الجِسَامِ التّيِ‌ أَنعَمَ بِهَا تَقرِيرُهُ قُلُوبَهُم بِرُبُوبِيّتِهِ وَ أَخذُهُ مِيثَاقَهُم بِمَعرِفَتِهِ وَ إِنزَالُهُ عَلَيهِم كِتَاباً فِيهِ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصّدُورِ مِن أَمرَاضِ الخَوَاطِرِ وَ مُشتَبِهَاتِ الأُمُورِ وَ لَم يَدَع لَهُم وَ لَا لشِيَ‌ءٍ مِن خَلقِهِ حَاجَةً إِلَي مَن سِوَاهُ وَ استَغنَي عَنهُموَ كانَ اللّهُ غَنِيّا حَمِيداً وَ لعَمَريِ‌ مَا أتُيِ‌َ الجُهّالُ مِن قِبَلِ رَبّهِم وَ إِنّهُم لَيَرَونَ الدّلَالَاتِ الوَاضِحَاتِ وَ العَلَامَاتِ البَيّنَاتِ فِي خَلقِهِم وَ مَا يُعَايِنُونَ فِي مَلَكُوتِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ الصّنعَ العَجِيبَ المُتقَنَ الدّالّ عَلَي الصّانِعِ وَ لَكِنّهُم قَومٌ فَتَحُوا عَلَي أَنفُسِهِم أَبوَابَ المعَاَصيِ‌ وَ سَهّلُوا لَهَا سَبِيلَ الشّهَوَاتِ فَغَلَبَتِ الأَهوَاءُ عَلَي قُلُوبِهِم وَ استَحوَذَ الشّيطَانُ بِظُلمِهِم عَلَيهِم وَ كَذَلِكَ يَطبَعُ اللّهُعَلي قُلُوبِ المُعتَدِينَ وَ العَجَبُ مِن مَخلُوقٍ يَزعُمُ أَنّ اللّهَ يَخفَي عَلَي عِبَادِهِ وَ هُوَ يَرَي أَثَرَ الصّنعِ فِي نَفسِهِ بِتَركِيبٍ يَبهَرُ عَقلَهُ وَ تَألِيفٍ يُبطِلُ حُجّتَهُ


صفحه : 153

وَ لعَمَريِ‌ لَو تَفَكّرُوا فِي هَذِهِ الأُمُورِ العِظَامِ لَعَايَنُوا مِن أَمرِ التّركِيبِ البَيّنِ وَ لُطفِ التّدبِيرِ الظّاهِرِ وَ وُجُودِ الأَشيَاءِ مَخلُوقَةً بَعدَ أَن لَم تَكُن ثُمّ تَحَوّلِهَا مِن طَبِيعَةٍ إِلَي طَبِيعَةٍ وَ صَنِيعَةٍ بَعدَ صَنِيعَةٍ مَا يَدُلّهُم ذَلِكَ عَلَي الصّانِعِ فَإِنّهُ لَا يَخلُو شَيءٌ مِنهَا مِن أَن يَكُونَ فِيهِ أَثَرُ تَدبِيرٍ وَ تَركِيبٍ يَدُلّ عَلَي أَنّ لَهُ خَالِقاً مُدَبّراً وَ تَألِيفٌ بِتَدبِيرٍ يهَديِ‌ إِلَي وَاحِدٍ حَكِيمٍ وَ قَد واَفاَنيِ‌ كِتَابُكَ وَ رَسَمتُ لَكَ كِتَاباً كُنتُ نَازَعتُ فِيهِ بَعضَ أَهلِ الأَديَانِ مِن أَهلِ الإِنكَارِ وَ ذَلِكَ أَنّهُ كَانَ يحَضرُنُيِ‌ طَبِيبٌ مِن بِلَادِ الهِندِ وَ كَانَ لَا يَزَالُ ينُاَزعِنُيِ‌ فِي رَأيِهِ وَ يجُاَدلِنُيِ‌ عَلَي ضَلَالَتِهِ فَبَينَا هُوَ يَوماً يَدُقّ إِهلِيلَجَةً لِيَخلِطَهَا دَوَاءً احتَجتُ إِلَيهِ مِن أَدوِيَتِهِ إِذ عَرَضَ لَهُ شَيءٌ مِن كَلَامِهِ ألّذِي لَم يَزَل ينُاَزعِنُيِ‌ فِيهِ مِنِ ادّعَائِهِ أَنّ الدّنيَا لَم تَزَل وَ لَا تَزَالُ شَجَرَةٌ تَنبُتُ وَ أُخرَي تَسقُطُ نَفسٌ تُولَدُ وَ أُخرَي تَتلَفُ وَ زَعَمَ أَنّ انتحِاَليِ‌ المَعرِفَةَ لِلّهِ تَعَالَي دَعوَي لَا بَيّنَةَ لِي عَلَيهَا وَ لَا حُجّةَ لِي فِيهَا وَ أَنّ ذَلِكَ أَمرٌ أَخَذَهُ الآخِرُ عَنِ الأَوّلِ وَ الأَصغَرُ عَنِ الأَكبَرِ وَ أَنّ الأَشيَاءَ المُختَلِفَةَ وَ المُؤتَلِفَةَ وَ البَاطِنَةَ وَ الظّاهِرَةَ إِنّمَا تُعرَفُ بِالحَوَاسّ الخَمسِ نَظَرِ العَينِ وَ سَمعِ الأُذُنِ وَ شَمّ الأَنفِ وَ ذَوقِ الفَمِ وَ لَمسِ الجَوَارِحِ ثُمّ قَادَ مَنطِقُهُ عَلَي الأَصلِ ألّذِي وَضَعَهُ فَقَالَ لَم يَقَع شَيءٌ مِن حوَاَسيّ‌ عَلَي خَالِقٍ يؤُدَيّ‌ إِلَي قلَبيِ‌ إِنكَاراً لِلّهِ تَعَالَي ثُمّ قَالَ أخَبرِنيِ‌ بِمَ تَحتَجّ فِي مَعرِفَةِ رَبّكَ ألّذِي تَصِفُ قُدرَتَهُ وَ رُبُوبِيّتَهُ وَ إِنّمَا يَعرِفُ القَلبُ الأَشيَاءَ كُلّهَا بِالدّلَالَاتِ الخَمسِ التّيِ‌ وَصَفتُ لَكَ قُلتُ بِالعَقلِ ألّذِي فِي قلَبيِ‌ وَ الدّلِيلِ ألّذِي أَحتَجّ بِهِ فِي مَعرِفَتِهِ قَالَ فَأَنّي يَكُونُ مَا تَقُولُ وَ أَنتَ تَعرِفُ أَنّ القَلبَ لَا يَعرِفُ شَيئاً بِغَيرِ الحَوَاسّ الخَمسِ فَهَل عَايَنتَ رَبّكَ بِبَصَرٍ أَو سَمِعتَ صَوتَهُ بِأُذُنٍ أَو شَمَمتَهُ بِنَسِيمٍ أَو ذُقتَهُ بِفَمٍ أَو مَسِستَهُ بِيَدٍ فَأَدّي ذَلِكَ المَعرِفَةَ إِلَي قَلبِكَ قُلتُ أَ رَأَيتَ إِذ أَنكَرتَ اللّهَ وَ جَحَدتَهُ


صفحه : 154

لِأَنّكَ زَعَمتَ أَنّكَ لَا تُحِسّهُ بِحَوَاسّكَ التّيِ‌ تَعرِفُ بِهَا الأَشيَاءَ وَ أَقرَرتُ أَنَا بِهِ هَل بُدّ مِن أَن يَكُونَ أَحَدُنَا صَادِقاً وَ الآخَرُ كَاذِباً قَالَ لَا قُلتُ أَ رَأَيتَ إِن كَانَ القَولُ قَولَكَ فَهَل يُخَافُ عَلَيّ شَيءٌ مِمّا أُخَوّفُكَ بِهِ مِن عِقَابِ اللّهِ قَالَ لَا قُلتُ أَ فَرَأَيتَ إِن كَانَ كَمَا أَقُولُ وَ الحَقّ فِي يدَيِ‌ أَ لَستُ قَد أَخَذتُ فِيمَا كُنتُ أُحَاذِرُ مِن عِقَابِ الخَالِقِ بِالثّقَةِ وَ أَنّكَ قَد وَقَعتَ بِجُحُودِكَ وَ إِنكَارِكَ فِي الهَلَكَةِ قَالَ بَلَي قُلتُ فَأَيّنَا أَولَي بِالحَزمِ وَ أَقرَبُ مِنَ النّجَاةِ قَالَ أَنتَ إِلّا أَنّكَ مِن أَمرِكَ عَلَي ادّعَاءٍ وَ شُبهَةٍ وَ أَنَا عَلَي يَقِينٍ وَ ثِقَةٍ لأِنَيّ‌ لَا أَرَي حوَاَسيّ‌َ الخَمسَ أَدرَكَتهُ وَ مَا لَم تُدرِكهُ حوَاَسيّ‌ فَلَيسَ عنِديِ‌ بِمَوجُودٍ قُلتُ إِنّهُ لَمّا عَجَزَت حَوَاسّكَ عَن إِدرَاكِ اللّهِ أَنكَرتَهُ وَ أَنَا لَمّا عَجَزَت حوَاَسيّ‌ عَن إِدرَاكِ اللّهِ تَعَالَي صَدّقتُ بِهِ قَالَ وَ كَيفَ ذَلِكَ قُلتُ لِأَنّ كُلّ شَيءٍ جَرَي فِيهِ أَثَرُ تَركِيبٍ لَجِسمٌ أَو وَقَعَ عَلَيهِ بَصَرٌ لَلَونٌ فَمَا أَدرَكَتهُ الأَبصَارُ وَ نَالَتهُ الحَوَاسّ فَهُوَ غَيرُ اللّهِ سُبحَانَهُ لِأَنّهُ لَا يُشبِهُ الخَلقَ وَ أَنّ هَذَا الخَلقَ يَنتَقِلُ بِتَغيِيرٍ وَ زَوَالٍ وَ كُلّ شَيءٍ أَشبَهَ التّغيِيرَ وَ الزّوَالَ فَهُوَ مِثلُهُ وَ لَيسَ المَخلُوقُ كَالخَالِقِ وَ لَا المُحدَثُ كَالمُحدِثِ

شرح قوله ع والبلاء المحمود عندالخاصّة والعامّة أي النعمة التي‌ يحمدها ويقر بهاالخاصّ والعامّ لنا و هوالعلم أوالنعم التي‌ شملت الخاصّ والعامّ كماسيفصّله ع بعد ذلك قوله ع ماأتُيِ‌َ الجهّال أي ماأتاهم الضرر والهلاك إلا من قبلهم قال الفيروزآبادي‌ أتُيِ‌َ كعني‌ أشرف عليه العدو و قال الجزري‌ في حديث أبي هريرة في العَدوَي أنّي قلت أُتِيتَ أي دهيت وتغير عليك حسك فتوهمت ما ليس بصحيح صحيحا قوله ع استحوذ الشيطان أي غلب واستولي قوله ع وصنيعة أي إحسان ويحتمل أن يراد بهاهنا الخلقة المصنوعة قوله ع لجسم بفتح اللام أي البتة هوجسم وكذا قوله للون ويدل علي أن التركيب الخارجي‌ إنما يكون في الجسم و أن المبصر بالذات هواللون قوله ع أشبه التغيير أي المتغير أوذا التغيير بتقدير مضاف


صفحه : 155

قَالَ إِنّ هَذَا لَقَولٌ وَ لكَنِيّ‌ لَمُنكِرٌ مَا لَم تُدرِكهُ حوَاَسيّ‌ فَتُؤَدّيَهُ إِلَي قلَبيِ‌ فَلَمّا اعتَصَمَ بِهَذِهِ المَقَالَةِ وَ لَزِمَ هَذِهِ الحُجّةَ قُلتُ أَمّا إِذَا أَبَيتَ إِلّا أَن تَعتَصِمَ بِالجَهَالَةِ وَ تَجعَلَ المُحَاجَزَةَ حُجّةً فَقَد دَخَلتَ فِي مِثلِ مَا عِبتَ وَ امتَثَلتَ مَا كَرِهتَ حَيثُ قُلتَ إنِيّ‌ اختَرتُ الدّعوَي لنِفَسيِ‌ لِأَنّ كُلّ شَيءٍ لَم تُدرِكهُ حوَاَسيّ‌ عنِديِ‌ بِلَا شَيءٍ قَالَ وَ كَيفَ ذَلِكَ قُلتُ لِأَنّكَ نَقَمتَ عَلَيّ الِادّعَاءَ وَ دَخَلتَ فِيهِ فَادّعَيتَ أَمراً لَم تُحِط بِهِ خُبراً وَ لَم تَقُلهُ عِلماً فَكَيفَ استَجَزتَ لِنَفسِكَ الدّعوَي فِي إِنكَارِكَ اللّهَ وَ دَفعِكَ أَعلَامَ النّبُوّةِ وَ الحُجّةَ الوَاضِحَةَ وَ عِبتَهَا عَلَيّ أخَبرِنيِ‌ هَل أَحَطتَ بِالجِهَاتِ كُلّهَا وَ بَلَغتَ مُنتَهَاهَا قَالَ لَا قُلتُ فَهَل رَقِيتَ إِلَي السّمَاءِ التّيِ‌ تَرَي أَوِ انحَدَرتَ إِلَي الأَرضِ السّفلَي فَجُلتَ فِي أَقطَارِهَا أَو هَل خُضتَ فِي غَمَرَاتِ البُحُورِ وَ اختَرَقتَ نوَاَحيِ‌َ الهَوَاءِ فِيمَا فَوقَ السّمَاءِ وَ تَحتَهَا إِلَي الأَرضِ وَ مَا أَسفَلَ مِنهَا فَوَجَدتَ ذَلِكَ خَلَاءً مِن مُدَبّرٍ حَكِيمٍ عَالِمٍ بَصِيرٍ قَالَ لَا قُلتُ فَمَا يُدرِيكَ لَعَلّ ألّذِي أَنكَرَهُ قَلبُكَ هُوَ فِي بَعضِ مَا لَم تُدرِكهُ حَوَاسّكَ وَ لَم يُحِط بِهِ عِلمُكَ قَالَ لَا أدَريِ‌ لَعَلّ فِي بَعضِ مَا ذَكَرتَ مُدَبّراً وَ مَا أدَريِ‌ لَعَلّهُ لَيسَ فِي شَيءٍ مِن ذَلِكَ شَيءٌ قُلتُ أَمّا إِذ خَرَجتَ مِن حَدّ الإِنكَارِ إِلَي مَنزِلَةِ الشّكّ فإَنِيّ‌ أَرجُو أَن تَخرُجَ إِلَي المَعرِفَةِ قَالَ فَإِنّمَا دَخَلَ عَلَيّ الشّكّ لِسُؤَالِكَ إيِاّي‌َ عَمّا لَم يُحِط بِهِ علِميِ‌ وَ لَكِن مِن أَينَ يَدخُلُ عَلَيّ اليَقِينُ بِمَا لَم تُدرِكهُ حوَاَسيّ‌ قُلتُ مِن قِبَلِ إِهلِيلَجَتِكَ هَذِهِ قَالَ ذَاكَ إِذاً أَثبَتُ لِلحُجّةِ لِأَنّهَا مِن آدَابِ الطّبّ ألّذِي أُذعِنُ بِمَعرِفَتِهِ قُلتُ إِنّمَا أَرَدتُ أَن آتِيَكَ بِهِ مِن قِبَلِهَا لِأَنّهَا أَقرَبُ الأَشيَاءِ إِلَيكَ وَ لَو كَانَ شَيءٌ أَقرَبَ إِلَيكَ مِنهَا لَأَتَيتُكَ مِن قِبَلِهِ لِأَنّ فِي كُلّ شَيءٍ أَثَرَ تَركِيبٍ وَ حِكمَةٍ وَ شَاهِداً يَدُلّ عَلَي


صفحه : 156

الصّنعَةِ الدّالّةِ عَلَي مَن صَنَعَهَا وَ لَم تَكُن شَيئاً وَ يُهلِكُهُا حَتّي لَا تَكُونَ شَيئاً قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ هَل تَرَي هَذِهِ إِهلِيلَجَةً قَالَ نَعَم قُلتُ أَ فَتَرَي غَيبَ مَا فِي جَوفِهَا قَالَ لَا قُلتُ أَ فَتَشهَدُ أَنّهَا مُشتَمِلَةٌ عَلَي نَوَاةٍ وَ لَا تَرَاهَا قَالَ مَا يدُريِنيِ‌ لَعَلّ لَيسَ فِيهَا شَيءٌ قُلتُ أَ فَتَرَي أَنّ خَلفَ هَذَا القِشرِ مِن هَذِهِ الإِهلِيلَجَةِ غَائِبٌ لَم تَرَهُ مِن لَحمٍ أَو ذيِ‌ لَونٍ قَالَ مَا أدَريِ‌ لَعَلّ مَا ثَمّ غَيرُ ذيِ‌ لَونٍ وَ لَا لَحمٍ قُلتُ أَ فَتُقِرّ أَنّ هَذِهِ الإِهلِيلَجَةَ التّيِ‌ تُسَمّيهَا النّاسُ بِالهِندِ مَوجُودَةٌ لِاجتِمَاعِ أَهلِ الِاختِلَافِ مِنَ الأُمَمِ عَلَي ذِكرِهَا قَالَ مَا أدَريِ‌ لَعَلّ مَا اجتَمَعُوا عَلَيهِ مِن ذَلِكَ بَاطِلٌ قُلتُ أَ فَتُقِرّ أَنّ الإِهلِيلَجَةَ فِي أَرضٍ تَنبُتُ قَالَ تِلكَ الأَرضُ وَ هَذِهِ وَاحِدَةٌ وَ قَد رَأَيتُهَا قُلتُ أَ فَمَا تَشهَدُ بِحُضُورِ هَذِهِ الإِهلِيلَجَةِ عَلَي وُجُودِ مَا غَابَ مِن أَشبَاهِهَا قَالَ مَا أدَريِ‌ لَعَلّهُ لَيسَ فِي الدّنيَا إِهلِيلَجَةٌ غَيرُهَا فَلَمّا اعتَصَمَ بِالجَهَالَةِ قُلتُ أخَبرِنيِ‌ عَن هَذِهِ الإِهلِيلَجَةِ أَ تُقِرّ أَنّهَا خَرَجَت مِن شَجَرَةٍ أَو تَقُولُ إِنّهَا هَكَذَا وُجِدَت قَالَ لَا بَل مِن شَجَرَةٍ خَرَجَت قُلتُ فَهَل أَدرَكَت حَوَاسّكَ الخَمسُ مَا غَابَ عَنكَ مِن تِلكَ الشّجَرَةِ قَالَ لَا قُلتُ فَمَا أَرَاكَ إِلّا قَد أَقرَرتَ بِوُجُودِ شَجَرَةٍ لَم تُدرِكهَا حَوَاسّكَ قَالَ أَجَل وَ لكَنِيّ‌ أَقُولُ إِنّ الإِهلِيلَجَةَ وَ الأَشيَاءَ المُختَلِفَةَ شَيءٌ لَم تَزَل تُدرَكُ فَهَل عِندَكَ فِي هَذَا شَيءٌ تَرُدّ بِهِ قوَليِ‌ قُلتُ نَعَم أخَبرِنيِ‌ عَن هَذِهِ الإِهلِيلَجَةِ هَل كُنتَ عَايَنتَ شَجَرَتَهَا وَ عَرَفتَهَا قَبلَ أَن تَكُونَ هَذِهِ الإِهلِيلَجَةُ فِيهَا قَالَ نَعَم قُلتُ فَهَل كُنتَ تُعَايِنُ هَذِهِ الإِهلِيلَجَةَ قَالَ لَا قُلتُ أَ فَمَا تَعلَمُ أَنّكَ كُنتَ عَايَنتَ الشّجَرَةَ وَ لَيسَ فِيهَا الإِهلِيلَجَةُ ثُمّ عُدتَ إِلَيهَا فَوَجَدتَ فِيهَا الإِهلِيلَجَةَ أَ فَمَا تَعلَمُ أَنّهُ قَد حَدَثَ فِيهَا مَا لَم تَكُن قَالَ مَا أَستَطِيعُ أَن أُنكِرَ ذَلِكَ وَ لكَنِيّ‌ أَقُولُ إِنّهَا كَانَت فِيهَا مُتَفَرّقَةً قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ هَل رَأَيتَ تِلكَ الإِهلِيلَجَةَ التّيِ‌ تَنبُتُ مِنهَا شَجَرَةُ هَذِهِ الإِهلِيلَجَةِ قَبلَ أَن تُغرَسَ قَالَ نَعَم قُلتُ فَهَل يَحتَمِلُ عَقلُكَ أَنّ الشّجَرَةَ التّيِ‌ تَبلُغُ أَصلُهَا وَ عُرُوقُهَا وَ فُرُوعُهَا وَ لِحَاؤُهَا وَ كُلّ ثَمَرَةٍ جُنِيَت وَ وَرَقَةٍ سَقَطَت أَلفَ أَلفَ رِطلٍ كَانَت كَامِنَةً فِي هَذِهِ الإِهلِيلَجَةِ قَالَ مَا


صفحه : 157

يَحتَمِلُ هَذَا العَقلُ وَ لَا يَقبَلُهُ القَلبُ قُلتُ أَقرَرتَ أَنّهَا حَدَثَت فِي الشّجَرَةِ قَالَ نَعَم وَ لكَنِيّ‌ لَا أَعرِفُ أَنّهَا مَصنُوعَةٌ فَهَل تَقدِرُ أَن تقُرَرّنَيِ‌ بِذَلِكَ قُلتُ نَعَم أَ رَأَيتَ أنَيّ‌ إِن أَرَيتُكَ تَدبِيراً أَ تُقِرّ أَنّ لَهُ مُدَبّراً وَ تَصوِيراً أَنّ لَهُ مُصَوّراً قَالَ لَا بُدّ مِن ذَلِكَ قُلتُ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ هَذِهِ الإِهلِيلَجَةَ لَحمٌ رَكِبَ عَلَي عَظمٍ فَوُضِعَ فِي جَوفٍ مُتّصِلٍ بِغُصنٍ مُرَكّبٍ عَلَي سَاقٍ يَقُومُ عَلَي أَصلٍ فَيَقوَي بِعُرُوقٍ مِن تَحتِهَا عَلَي جِرمٍ مُتّصِلٍ بَعضٌ بِبَعضٍ قَالَ بَلَي قُلتُ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ هَذِهِ الإِهلِيلَجَةَ مُصَوّرَةٌ بِتَقدِيرٍ وَ تَخطِيطٍ وَ تَألِيفٍ وَ تَركِيبٍ وَ تَفصِيلٍ مُتَدَاخِلٍ بِتَألِيفِ شَيءٍ فِي بَعضِ شَيءٍ بِهِ طَبَقٌ بَعدَ طَبَقٍ وَ جِسمٌ عَلَي جِسمٍ وَ لَونٌ مَعَ لَونٍ أَبيَضُ فِي صُفرَةٍ وَ لَيّنٌ عَلَي شَدِيدٍ فِي طَبَائِعَ مُتَفَرّقَةٍ وَ طَرَائِقَ مُختَلِفَةٍ وَ أَجزَاءٍ مُؤتَلِفَةٍ مَعَ لِحَاءٍ تَسقِيهَا وَ عُرُوقٍ يجَريِ‌ فِيهَا المَاءُ وَ وَرَقٍ يَستُرُهَا وَ تَقِيهَا مِنَ الشّمسِ أَن تُحرِقَهَا وَ مِنَ البَردِ أَن يُهلِكَهُا وَ الرّيحِ أَن تَذبِلَهَا قَالَ أَ فَلَيسَ لَو كَانَ الوَرَقُ مُطَبّقاً عَلَيهَا كَانَ خَيراً لَهَا قُلتُ اللّهُ أَحسَنُ تَقدِيراً لَو كَانَ كَمَا تَقُولُ لَم يَصِل إِلَيهَا رِيحٌ يَرُوحُهَا وَ لَا بَردٌ يُشَدّدُهَا وَ لَعَفِنَت عِندَ ذَلِكَ وَ لَو لَم يَصِل إِلَيهَا حَرّ الشّمسِ لَمَا نَضِجَت وَ لَكِن شَمسٌ مَرّةً وَ رِيحٌ مَرّةً وَ بَردٌ مَرّةً قَدّرَ اللّهُ ذَلِكَ بِقُوّةٍ لَطِيفَةٍ وَ دَبّرَهُ بِحِكمَةٍ بَالِغَةٍ قَالَ حسَبيِ‌ مِنَ التّصوِيرِ فَسّر لِيَ التّدبِيرَ ألّذِي زَعَمتَ أَنّكَ تَرَيَنّهُ قُلتُ أَ رَأَيتَ الإِهلِيلَجَةَ قَبلَ أَن تَعقِدَ إِذ هيِ‌َ فِي قِمَعِهَا مَاءً بِغَيرِ نَوَاةٍ وَ لَا لَحمٍ وَ لَا قِشرٍ وَ لَا لَونٍ وَ لَا طَعمٍ وَ لَا شِدّةٍ قَالَ نَعَم قُلتُ أَ رَأَيتَ لَو لَم يَرفُقِ الخَالِقُ ذَلِكَ المَاءَ الضّعِيفَ ألّذِي هُوَ مِثلُ الخَردَلَةِ فِي القِلّةِ وَ الذّلّةِ وَ لَم يُقَوّهِ بِقُوّتِهِ وَ يُصَوّرهُ بِحِكمَتِهِ وَ يُقَدّرهُ بِقُدرَتِهِ هَل كَانَ ذَلِكَ المَاءُ يَزِيدُ عَلَي أَن يَكُونَ فِي قِمَعِهِ غَيرَ مَجمُوعٍ بِجِسمٍ وَ قِمَعٍ وَ تَفصِيلٍ فَإِن زَادَ زَادَ مَاءً مُتَرَاكِباً غَيرَ مُصَوّرٍ وَ لَا مُخَطّطٍ وَ لَا مُدَبّرٍ بِزِيَادَةِ أَجزَاءٍ وَ لَا تَألِيفِ أَطبَاقٍ قَالَ قَد أرَيَتنَيِ‌ مِن تَصوِيرِ شَجَرَتِهَا وَ تَألِيفِ خِلقَتِهَا وَ حَملِ ثَمَرَتِهَا وَ زِيَادَةِ أَجزَائِهَا وَ تَفصِيلِ تَركِيبِهَا أَوضَحَ


صفحه : 158

الدّلَالَاتِ وَ أَظهَرَ البَيّنَةِ عَلَي مَعرِفَةِ الصّانِعِ وَ لَقَد صَدَقتَ بِأَنّ الأَشيَاءَ مَصنُوعَةٌ وَ لكَنِيّ‌ لَا أدَريِ‌ لَعَلّ الإِهلِيلَجَةَ وَ الأَشيَاءَ صَنَعَت أَنفُسَهَا قُلتُ أَ وَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ خَالِقَ الأَشيَاءِ وَ الإِهلِيلَجَةِ حَكِيمٌ عَالِمٌ بِمَا عَايَنتَ مِن قُوّةِ تَدبِيرِهِ قَالَ بَلَي قُلتُ فَهَل ينَبغَيِ‌ للِذّيِ‌ هُوَ كَذَلِكَ أَن يَكُونَ حَدَثاً قَالَ لَا قُلتُ أَ فَلَستَ قَد رَأَيتَ الإِهلِيلَجَةَ حِينَ حَدَثَت وَ عَايَنتَهَا بَعدَ أَن لَم تَكُن شَيئاً ثُمّ هَلَكَ كَأَن لَم تَكُن شَيئاً قَالَ بَلَي وَ إِنّمَا أَعطَيتُكَ أَنّ الإِهلِيلَجَةَ حَدَثَت وَ لَم أُعطِكَ أَنّ الصّانِعَ لَا يَكُونُ حَادِثاً لَا يَخلُقُ نَفسَهُ قُلتُ أَ لَم تعُطنِيِ‌ أَنّ الحَكِيمَ الخَالِقَ لَا يَكُونُ حَدَثاً وَ زَعَمتَ أَنّ الإِهلِيلَجَةَ حَدَثَت فَقَد أعَطيَتنَيِ‌ أَنّ الإِهلِيلَجَةَ مَصنُوعَةٌ فَهُوَ عَزّ وَ جَلّ صَانِعُ الإِهلِيلَجَةِ وَ إِن رَجَعتَ إِلَي أَن تَقُولَ إِنّ الإِهلِيلَجَةَ صَنَعَت نَفسَهَا وَ دَبّرَت خَلقَهَا فَمَا زِدتَ أَن أَقرَرتَ بِمَا أَنكَرتَ وَ وَصَفتَ صَانِعاً مُدَبّراً أَصَبتَ صِفَتَهُ وَ لَكِنّكَ لَم تَعرِفهُ فَسَمّيتَهُ بِغَيرِ اسمِهِ قَالَ كَيفَ ذَلِكَ قُلتُ لِأَنّكَ أَقرَرتَ بِوُجُودِ حَكِيمٍ لَطِيفٍ مُدَبّرٍ فَلَمّا سَأَلتُكَ مَن هُوَ قُلتَ الإِهلِيلَجَةُ قَد أَقرَرتَ بِاللّهِ سُبحَانَهُ وَ لَكِنّكَ سَمّيتَهُ بِغَيرِ اسمِهِ وَ لَو عَقَلتَ وَ فَكّرتَ لَعَلِمتَ أَنّ الإِهلِيلَجَةَ أَنقَصُ قُوّةً مِن أَن تَخلُقَ نَفسَهَا وَ أَضعَفُ حِيلَةً مِن أَن تُدَبّرَ خَلقَهَا قَالَ هَل عِندَكَ غَيرُ هَذَا قُلتُ نَعَم أخَبرِنيِ‌ عَن هَذِهِ الإِهلِيلَجَةِ التّيِ‌ زَعَمتَ أَنّهَا صَنَعَت نَفسَهَا وَ دَبّرَت أَمرَهَا كَيفَ صَنَعَت نَفسَهَا صَغِيرَةَ الخِلقَةِ صَغِيرَةَ القُدرَةِ نَاقِصَةَ القُوّةِ لَا تَمتَنِعُ أَن تُكسَرَ وَ تُعصَرَ وَ تُؤكَلَ وَ كَيفَ صَنَعَت نَفسَهَا مَفضُولَةً مَأكُولَةً مُرّةً قَبِيحَةَ المَنظَرِ لَا بَهَاءَ لَهَا وَ لَا مَاءَ قَالَ لِأَنّهَا لَم تَقوَ إِلّا عَلَي مَا صَنَعَت نَفسَهَا أَو لَم تَصنَع إِلّا مَا هَوِيَت قُلتُ أَمّا إِذ أَبَيتَ إِلّا التمّاَديِ‌َ فِي البَاطِلِ فأَعَلمِنيِ‌ مَتَي خَلَقَت نَفسَهَا وَ دَبّرَت خَلقَهَا قَبلَ أَن تَكُونَ أَو بَعدَ أَن كَانَت فَإِن زَعَمتَ أَنّ الإِهلِيلَجَةَ خَلَقَت نَفسَهَا بَعدَ مَا كَانَت فَإِنّ هَذَا لَمِن أَبيَنِ المُحَالِ كَيفَ تَكُونُ مَوجُودَةً مَصنُوعَةً ثُمّ تَصنَعُ نَفسَهَا مَرّةً أُخرَي فَيَصِيرُ كَلَامُكَ إِلَي أَنّهَا مَصنُوعَةٌ مَرّتَينِ وَ لَئِن قُلتَ إِنّهَا خَلَقَت نَفسَهَا وَ دَبّرَت خَلقَهَا قَبلَ أَن تَكُونَ إِنّ هَذَا مِن أَوضَحِ البَاطِلِ وَ أَبيَنِ الكَذِبِ لِأَنّهَا قَبلَ أَن تَكُونَ لَيسَ بشِيَ‌ءٍ فَكَيفَ يَخلُقُ لَا شَيءَ شَيئاً وَ كَيفَ تَعِيبُ قوَليِ‌ إِنّ شَيئاً يَصنَعُ لَا شَيئاً وَ لَا تَعِيبُ قَولَكَ إِنّ لَا شَيءَ يَصنَعُ لَا شَيئاً فَانظُر أَيّ القَولَينِ أَولَي بِالحَقّ قَالَ


صفحه : 159

قَولُكَ قُلتُ فَمَا يَمنَعُكَ مِنهُ قَالَ قَد قَبِلتُهُ وَ استَبَانَ لِي حَقّهُ وَ صِدقُهُ بِأَنّ الأَشيَاءَ المُختَلِفَةَ وَ الإِهلِيلَجَةَ لَم يَصنَعنَ أَنفُسَهُنّ وَ لَم يُدَبّرنَ خَلقَهُنّ وَ لَكِنّهُ تَعرِضُ لِي أَنّ الشّجَرَةَ هيِ‌َ التّيِ‌ صَنَعَتِ الإِهلِيلَجَةَ لِأَنّهَا خَرَجَت مِنهَا قُلتُ فَمَن صَنَعَ الشّجَرَةَ قَالَ الإِهلِيلَجَةُ الأُخرَي قُلتُ اجعَل لِكَلَامِكَ غَايَةً أنَتهَيِ‌ إِلَيهَا فَإِمّا أَن تَقُولَ هُوَ اللّهُ سُبحَانَهُ فَيُقبَلُ مِنكَ وَ إِمّا أَن تَقُولَ الإِهلِيلَجَةُ فَنَسأَلُكَ قَالَ سَل قُلتُ أخَبرِنيِ‌ عَنِ الإِهلِيلَجَةِ هَل تَنبُتُ مِنهَا الشّجَرَةُ إِلّا بَعدَ مَا مَاتَت وَ بَلِيَت وَ بَادَت قَالَ لَا قُلتُ إِنّ الشّجَرَةَ بَقِيَت بَعدَ هَلَاكِ الإِهلِيلَجَةِ مِائَةَ سَنَةٍ فَمَن كَانَ يَحمِيهَا وَ يَزِيدُ فِيهَا وَ يُدَبّرُ خَلقَهَا وَ يُرَبّيهَا وَ يُنبِتُ وَرَقَهَا مَا لَكَ بُدّ مِن أَن تَقُولَ هُوَ ألّذِي خَلَقَهَا وَ لَئِن قُلتَ الإِهلِيلَجَةُ وَ هيِ‌َ حَيّةٌ قَبلَ أَن تَهلِكَ وَ تَبلَي وَ تَصِيرَ تُرَاباً وَ قَد رَبّتِ الشّجَرَةَ وَ هيِ‌َ مَيتَةٌ إِنّ هَذَا القَولَ مُختَلِفٌ قَالَ لَا أَقُولُ ذَلِكَ قُلتُ أَ فَتُقِرّ بِأَنّ اللّهَ خَلَقَ الخَلقَ أَم قَد بقَيِ‌َ فِي نَفسِكَ شَيءٌ مِن ذَلِكَ قَالَ إنِيّ‌ مِن ذَلِكَ عَلَي حَدّ وُقُوفٍ مَا أَتَخَلّصُ إِلَي أَمرٍ يَنفُذُ لِي فِيهِ الأَمرُ قُلتُ أَمّا إِذ أَبَيتَ إِلّا الجَهَالَةَ وَ زَعَمتَ أَنّ الأَشيَاءَ لَا يُدرَكُ إِلّا بِالحَوَاسّ فإَنِيّ‌ أُخبِرُكَ أَنّهُ لَيسَ لِلحَوَاسّ دَلَالَةٌ عَلَي الأَشيَاءِ وَ لَا فِيهَا مَعرِفَةٌ إِلّا بِالقَلبِ فَإِنّهُ دَلِيلُهَا وَ مُعَرّفُهَا الأَشيَاءَ التّيِ‌ تدَعّيِ‌ أَنّ القَلبَ لَا يَعرِفُهَا إِلّا بِهَا

شرح قوله ع وامتثلت قال الفيروزآبادي‌ امتثل طريقته تبعها فلم يعدها قوله نقمت علي أي عبت وكرهت قوله من لحم قال الفيروزآبادي‌ لحم كل شيءلبّه قوله تلك الأرض أي أشار إلي الأرض و قال أقرّ بوجود هذه الأرض التي‌ أري والإهليلجة الواحدة التي‌ في يدي‌ قوله كانت فيهامتفرّقة لعله اختار مذهب أنكساغورس و من تبعه من الدهرية القائلين بالكمون والبروز و أن كل شيءكامن ويومئ إليه جوابه قوله ع في قمعها قال الفيروزآبادي‌ القمع محركة بثرة تخرج في أصول الأشفار و قال القمع بالفتح والكسر وكعنب ماالتزق بأسفل التمرة والبسرة ونحوهما انتهي و علي التقديرين استعير لمايبدو من الإهليلجة ابتداء في شجرها من القشرة الرقيقة الصغيرة التي‌ فيهاماء والأول أبلغ قوله ع غيرمجموع بجسم أي هل كان يزيد بغير أن يضم إليه جسم آخر من خارج أوقمع آخر مثله أوبغير قمعه


صفحه : 160

أي قلعه وتفصيله أي تفريقه ليدخل فيه شيء أويضم إلي شيء قوله ع فإن زاد أي فإن سلم أنه كان يمكن أن يزيد بطبيعته بغير ماذكر كانت زيادته ماء متراكبا بعضه فوق بعض فقط كما كان أولا لابتخطيط وتصوير وتدبير وتأليف إذ يحكم العقل بديهة أن مثل تلك الأفاعيل المختلفة المنطبقة علي قانون الحكمة لاتصدر عن طبيعة عادمة للشعور والإرادة قوله ع فهل ينبغي‌ إشارة إلي مايحكم به الوجدان من أن من كان علي هذاالمبلغ من العلم والحكمة والتدبير لا يكون ممكنا محدثا محتاجا في العلم وسائر الأمور إلي غيره إلا أن يفيض عليه من العالم بالذات و هوإقرار بالصانع قوله و لم أعطك غفل الهندي‌ عما كان يلزم من اعترافيه قوله ع و إن رجعت أي إن قلت إن الصانع القديم الحكيم هوطبيعة الإهليلجة صنعت هذاالشخص منها فقد أقررت بالصانع وسميته الطبيعة إذ هي‌ غيرحكيم و لاذات إرادة فقد أقررت بالصانع وأخطأت في التسمية أوالمراد أنك بعدالاعتراف بالخالق الحكيم القديم لو قلت إنه هذه الإهليلجة فقد أقررت بما أنكرت أي نقضت قولك الأول و قلت بالنقيضين و لامحمل لتصحيحه إلا أن تقول سميت ماأقررت به بهذا الاسم و هذا لايضرنا بعد ماتيسر لنا من إقرارك ويحتمل أن يكون هذاكلاما علي سبيل الاستظهار في المجادلة أي إن تنزلنا عما أقررت به من قدم الحكيم وحدوث الإهليلجة يكفينا إقرارك بكون الخالق حكيما إذ معلوم أنها ليست كذلك فقد سميت الصانع الحكيم بهذا الاسم قوله ع مفضولة إذ ظاهر أن كثيرا من المخلوقات أفضل وأشرف منها قوله ع هو ألذي خلقها أي لابد أن يكون مربيها هوخالقها فإن قلت إن الخالق والمربي‌ واحد وهي‌ الإهليلجة خلقت عندكونها حية وربت بعدموتها فالقول مختلف إذ خلقها تدريجي‌ و عندخلق أي مقدار من الشجرة لابد من انقلاب بعضها شجرة فلم تكن الإهليلجة باقية بعدتمام خلق ذلك المقدار والخلق والتربية ممزوجان لايصلح القول بكونها حية عندأحدهما ميتة عندالآخر ويحتمل أن يكون المراد أن القول بأن الخالق والمربي‌ واحد والقول بأن الإهليلجة بعدموتها ربت متنافيان لأن موتها عبارة عن استحالتها بشي‌ء آخر فالمربي‌ شيءآخر سوي الإهليلجة و في بعض النسخ و قدرأيت الشجرة قوله


صفحه : 161

ماأتخلص أي ماأصل إلي أمر يجري‌ فيه أمري‌ أي حكمي‌ ويمكنني‌ أن أحكم بصحته ثم لماعلم ع أن سبب توقفه اقتصاره علي حكم الحواس بين ع أن الحواس داخلة تحت حكم العقل و لابد من الرجوع إلي العقل في معرفة الأشياء

فَقَالَ أَمّا إِذ نَطَقتَ بِهَذَا فَمَا أَقبَلُ مِنكَ إِلّا بِالتّخلِيصِ وَ التّفَحّصِ مِنهُ بِإِيضَاحٍ وَ بَيَانٍ وَ حُجّةٍ وَ بُرهَانٍ قُلتُ فَأَوّلُ مَا أَبدَأُ بِهِ أَنّكَ تَعلَمُ أَنّهُ رُبّمَا ذَهَبَ الحَوَاسّ أَو بَعضُهَا وَ دَبّرَ القَلبُ الأَشيَاءَ التّيِ‌ فِيهَا المَضَرّةُ وَ المَنفَعَةُ مِنَ الأُمُورِ العَلَانِيَةِ وَ الخَفِيّةِ فَأَمَرَ بِهَا وَ نَهَي فَنَفَذَ فِيهَا أَمرُهُ وَ صَحّ فِيهَا قَضَاؤُهُ قَالَ إِنّكَ تَقُولُ فِي هَذَا قَولًا يُشبِهُ الحُجّةَ وَ لكَنِيّ‌ أُحِبّ أَن تُوضِحَهُ لِي غَيرَ هَذَا الإِيضَاحِ قُلتُ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ القَلبَ يَبقَي بَعدَ ذَهَابِ الحَوَاسّ قَالَ نَعَم وَ لَكِن يَبقَي بِغَيرِ دَلِيلٍ عَلَي الأَشيَاءِ التّيِ‌ تَدُلّ عَلَيهَا الحَوَاسّ قُلتُ أَ فَلَستَ تَعلَمُ أَنّ الطّفلَ تَضَعُهُ أُمّهُ مُضغَةً لَيسَ تَدُلّهُ الحَوَاسّ عَلَي شَيءٍ يُسمَعُ وَ لَا يُبصَرُ وَ لَا يُذَاقُ وَ لَا يُلمَسُ وَ لَا يُشَمّ قَالَ بَلَي قُلتُ فَأَيّةُ الحَوَاسّ دَلّتهُ عَلَي طَلَبِ اللّبَنِ إِذَا جَاعَ وَ الضّحِكِ بَعدَ البُكَاءِ إِذَا روَيِ‌َ مِنَ اللّبَنِ وَ أَيّ حَوَاسّ سِبَاعِ الطّيرِ وَ لَاقِطِ الحَبّ مِنهَا دَلّهَا عَلَي أَن تلُقيِ‌َ بَينَ أَفرَاخِهَا اللّحمَ وَ الحَبّ فَتَهوَي سِبَاعُهَا إِلَي اللّحمِ وَ الآخَرُونَ إِلَي الحَبّ وَ أخَبرِنيِ‌ عَن فِرَاخِ طَيرِ المَاءِ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ فِرَاخَ طَيرِ المَاءِ إِذَا طُرِحَت فِيهِ سَبَحَت وَ إِذَا طُرِحَت فِيهِ فِرَاخُ طَيرِ البَرّ غَرِقَت وَ الحَوَاسّ وَاحِدَةٌ فَكَيفَ انتَفَعَ بِالحَوَاسّ طَيرُ المَاءِ وَ أَعَانَتهُ عَلَي السّبَاحَةِ وَ لَم تَنتَفِع طَيرُ البَرّ فِي المَاءِ بِحَوَاسّهَا وَ مَا بَالُ طَيرِ البَرّ إِذَا غَمَستَهَا فِي المَاءِ سَاعَةً مَاتَت وَ إِذَا أَمسَكتَ طَيرَ المَاءِ عَنِ المَاءِ سَاعَةً مَاتَت فَلَا أَرَي الحَوَاسّ فِي هَذَا إِلّا مُنكَسِراً عَلَيكَ وَ لَا ينَبغَيِ‌ ذَلِكَ أَن يَكُونَ إِلّا مِن مُدَبّرٍ حَكِيمٍ جَعَلَ لِلمَاءِ خَلقاً وَ لِلبَرّ خَلقاً أَم أخَبرِنيِ‌ مَا بَالُ الذّرّةِ التّيِ‌ لَا تُعَايِنُ المَاءَ قَطّ تُطرَحُ فِي المَاءِ فَتَسبَحُ وَ تَلقَي الإِنسَانَ ابنَ خَمسِينَ سَنَةً مِن أَقوَي الرّجَالِ وَ أَعقَلِهِم لَم يَتَعَلّمِ السّبَاحَةَ فَيَغرَقُ كَيفَ لَم يَدُلّهُ عَقلُهُ وَ لُبّهُ وَ تَجَارِبُهُ وَ بَصَرُهُ بِالأَشيَاءِ مَعَ اجتِمَاعِ حَوَاسّهِ وَ صِحّتِهَا أَن يُدرِكَ ذَلِكَ بِحَوَاسّهِ كَمَا أَدرَكَتهُ الذّرّةُ إِن كَانَ ذَلِكَ إِنّمَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ أَ فَلَيسَ ينَبغَيِ‌ لَكَ أَن تَعلَمَ أَنّ القَلبَ ألّذِي هُوَ مَعدِنُ العَقلِ فِي الصبّيِ‌ّ ألّذِي وَصَفتُ وَ غَيرِهِ مِمّا سَمِعتَ مِنَ الحَيَوَانِ


صفحه : 162

هُوَ ألّذِي يُهَيّجُ الصبّيِ‌ّ إِلَي طَلَبِ الرّضَاعِ وَ الطّيرَ اللّاقِطَ عَلَي لَقطِ الحَبّ وَ السّبَاعَ عَلَي ابتِلَاعِ اللّحمِ قَالَ لَستُ أَجِدُ القَلبَ يَعلَمُ شَيئاً إِلّا بِالحَوَاسّ قُلتُ أَمّا إِذ أَبَيتَ إِلّا النّزُوعَ إِلَي الحَوَاسّ فَإِنّا لَنَقبَلُ نُزُوعَكَ إِلَيهَا بَعدَ رَفضِكَ لَهَا وَ نُجِيبُكَ فِي الحَوَاسّ حَتّي يَتَقَرّرَ عِندَكَ أَنّهَا لَا تَعرِفُ مِن سَائِرِ الأَشيَاءِ إِلّا الظّاهِرَ مِمّا هُوَ دُونَ الرّبّ الأَعلَي سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي فَأَمّا مَا يَخفَي وَ لَا يَظهَرُ فَلَيسَت تَعرِفُهُ وَ ذَلِكَ أَنّ خَالِقَ الحَوَاسّ جَعَلَ لَهَا قَلباً احتَجّ بِهِ عَلَي العِبَادِ وَ جَعَلَ لِلحَوَاسّ الدّلَالَاتِ عَلَي الظّاهِرِ ألّذِي يُستَدَلّ بِهَا عَلَي الخَالِقِ سُبحَانَهُ فَنَظَرَتِ العَينُ إِلَي خَلقٍ مُتّصِلٍ بَعضُهُ بِبَعضٍ فَدَلّتِ القَلبَ عَلَي مَا عَايَنَت وَ تَفَكّرَ القَلبُ حِينَ دَلّتهُ العَينُ عَلَي مَا عَايَنَت مِن مَلَكُوتِ السّمَاءِ وَ ارتِفَاعِهَا فِي الهَوَاءِ بِغَيرِ عَمَدٍ يُرَي وَ لَا دَعَائِمَ تُمسِكُهَا لَا تُؤَخّرُ مَرّةً فَتَنكَشِطَ وَ لَا تُقَدّمُ أُخرَي فَتَزُولَ وَ لَا تَهبِطُ مَرّةً فَتَدنُوَ وَ لَا تَرتَفِعُ أُخرَي فَتَنأَي لَا تَتَغَيّرُ لِطُولِ الأَمَدِ وَ لَا تَخلُقُ لِاختِلَافِ الليّاَليِ‌ وَ الأَيّامِ وَ لَا تَتَدَاعَي مِنهَا نَاحِيَةٌ وَ لَا يَنهَارُ مِنهَا طَرَفٌ مَعَ مَا عَايَنَت مِنَ النّجُومِ الجَارِيَةِ السّبعَةِ المُختَلِفَةِ بِمَسِيرِهَا لِدَوَرَانِ الفَلَكِ وَ تَنَقّلِهَا فِي البُرُوجِ يَوماً بَعدَ يَومٍ وَ شَهراً بَعدَ شَهرٍ وَ سَنَةً بَعدَ سَنَةٍ مِنهَا السّرِيعُ وَ مِنهَا البطَيِ‌ءُ وَ مِنهَا المُعتَدِلُ السّيرِ ثُمّ رُجُوعُهَا وَ استِقَامَتُهَا وَ أَخذُهَا عَرضاً وَ طُولًا وَ خُنُوسُهَا عِندَ الشّمسِ وَ هيِ‌َ مُشرِقَةٌ وَ ظُهُورُهَا إِذَا غَرَبَت وَ جَرَي الشّمسُ وَ القَمَرُ فِي البُرُوجِ دَائِبَينِ لَا يَتَغَيّرَانِ فِي أَزمِنَتِهِمَا وَ أَوقَاتِهِمَا يَعرِفُ ذَلِكَ مَن يَعرِفُ بِحِسَابٍ مَوضُوعٍ وَ أَمرٍ مَعلُومٍ بِحِكمَةٍ يَعرِفُ ذَوُو الأَلبَابِ أَنّهَا لَيسَت مِن حِكمَةِ الإِنسِ وَ لَا تَفتِيشِ الأَوهَامِ وَ لَا تَقلِيبِ التّفَكّرِ فَعَرَفَ القَلبُ حِينَ دَلّتهُ العَينُ عَلَي مَا عَايَنَت أَنّ لِذَلِكَ الخَلقِ وَ التّدبِيرِ وَ الأَمرِ العَجِيبِ صَانِعاً يُمسِكُ السّمَاءَ المُنطَبِقَةَ أَن تهَويِ‌َ إِلَي الأَرضِ وَ أَنّ ألّذِي جَعَلَ الشّمسَ وَ النّجُومَ فِيهَا خَالِقُ السّمَاءِ ثُمّ نَظَرَتِ العَينُ إِلَي مَا استَقَلّهَا مِنَ الأَرضِ فَدَلّتِ القَلبَ عَلَي مَا عَايَنَت فَعَرَفَ القَلبُ بِعَقلِهِ أَنّ مُمسِكَ الأَرضِ المُمتَدّةِ أَن تَزُولَ أَو تهَويِ‌َ فِي الهَوَاءِ وَ هُوَ يَرَي الرّيشَةَ يُرمَي بِهَا فَتَسقُطُ مَكَانَهَا وَ هيِ‌َ فِي الخِفّةِ عَلَي


صفحه : 163

مَا هيِ‌َ عَلَيهِ هُوَ ألّذِي يُمسِكُ السّمَاءَ التّيِ‌ فَوقَهَا وَ أَنّهُ لَو لَا ذَلِكَ لَخَسَفَت بِمَا عَلَيهَا مِن ثِقلِهَا وَ ثِقلِ الجِبَالِ وَ الأَنَامِ وَ الأَشجَارِ وَ البُحُورِ وَ الرّمَالِ فَعَرَفَ القَلبُ بِدَلَالَةِ العَينِ أَنّ مُدَبّرَ الأَرضِ هُوَ مُدَبّرُ السّمَاءِ ثُمّ سَمِعَتِ الأُذُنُ صَوتَ الرّيَاحِ الشّدِيدَةِ العَاصِفَةِ وَ اللّيّنَةِ الطّيّبَةِ وَ عَايَنَتِ العَينُ مَا يُقلَعُ مِن عِظَامِ الشّجَرِ وَ يُهدَمُ مِن وَثِيقِ البُنيَانِ وَ تسُفيِ‌ مِن ثِقَالِ الرّمَالِ تخُلَيّ‌ مِنهَا نَاحِيَةً وَ تَصُبّهَا فِي أُخرَي بِلَا سَائِقٍ تُبصِرُهُ العَينُ وَ لَا تَسمَعُهُ الأُذُنُ وَ لَا يُدرَكُ بشِيَ‌ءٍ مِنَ الحَوَاسّ وَ لَيسَت مُجَسّدَةً تُلمَسُ وَ لَا مَحدُودَةً تُعَايَنُ فَلَم تَزِدِ العَينُ وَ الأُذُنُ وَ سَائِرُ الحَوَاسّ عَلَي أَن دَلّتِ القَلبَ أَنّ لَهَا صَانِعاً وَ ذَلِكَ أَنّ القَلبَ يُفَكّرُ بِالعَقلِ ألّذِي فِيهِ فَيَعرِفُ أَنّ الرّيحَ لَم تَتَحَرّك مِن تِلقَائِهَا وَ أَنّهَا لَو كَانَت هيِ‌َ المُتَحَرّكَةَ لَم تَكفُف عَنِ التّحَرّكِ وَ لَم تَهدِم طَائِفَةً وَ تعُفيِ‌ أُخرَي وَ لَم تَقلَع شَجَرَةً وَ تَدَعُ أُخرَي إِلَي جَنبِهَا وَ لَم تَصُبّ أَرضاً وَ تَنصَرِفُ عَن أُخرَي فَلَمّا تَفَكّرَ القَلبُ فِي أَمرِ الرّيحِ عَلِمَ أَنّ لَهَا مُحَرّكاً هُوَ ألّذِي يَسُوقُهَا حَيثُ يَشَاءُ وَ يُسَكّنُهَا إِذَا شَاءَ وَ يُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَ يَصرِفُهَا عَمّن يَشَاءُ فَلَمّا نَظَرَ القَلبُ إِلَي ذَلِكَ وَجَدَهَا مُتّصِلَةً بِالسّمَاءِ وَ مَا فِيهَا مِنَ الآيَاتِ فَعَرَفَ أَنّ المُدَبّرَ القَادِرَ عَلَي أَن يُمسِكَ الأَرضَ وَ السّمَاءَ هُوَ خَالِقُ الرّيحِ وَ مُحَرّكُهَا إِذَا شَاءَ وَ مُمسِكُهَا كَيفَ شَاءَ وَ مُسَلّطُهَا عَلَي مَن يَشَاءُ وَ كَذَلِكَ دَلّتِ العَينُ وَ الأُذُنُ القَلبَ عَلَي هَذِهِ الزّلزَلَةِ وَ عَرَفَ ذَلِكَ بِغَيرِهِمَا مِن حَوَاسّهِ حِينَ حَرّكَتهُ فَلَمّا دَلّ الحَوَاسّ عَلَي تَحرِيكِ هَذَا الخَلقِ العَظِيمِ مِنَ الأَرضِ فِي غِلَظِهَا وَ ثِقلِهَا وَ طُولِهَا وَ عَرضِهَا وَ مَا عَلَيهَا مِن ثِقلِ الجِبَالِ وَ المِيَاهِ وَ الأَنَامِ وَ غَيرِ ذَلِكَ وَ إِنّمَا تَتَحَرّكُ فِي نَاحِيَةٍ وَ لَم تَتَحَرّك فِي نَاحِيَةٍ أُخرَي وَ هيِ‌َ مُلتَحِمَةٌ جَسَداً وَاحِداً وَ خَلقاً مُتّصِلًا بِلَا فَصلٍ وَ لَا وَصلٍ تَهدِمُ نَاحِيَةً وَ تَخسِفُ بِهَا وَ تُسَلّمُ أُخرَي فَعِندَهَا عَرَفَ القَلبُ أَنّ مُحَرّكَ مَا حُرّكَ مِنهَا هُوَ مُمسِكُ مَا أُمسِكَ مِنهَا وَ هُوَ مُحَرّكُ الرّيحِ وَ مُمسِكُهَا وَ هُوَ مُدَبّرُ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ مَا بَينَهُمَا وَ أَنّ الأَرضَ لَو كَانَت هيِ‌َ المُزَلزِلَةَ لِنَفسِهَا لَمَا تَزَلزَلَت وَ لَمَا تَحَرّكَت وَ لَكِنّهُ ألّذِي دَبّرَهَا وَ خَلَقَهَا حَرّكَ مِنهَا مَا شَاءَ ثُمّ نَظَرَتِ العَينُ إِلَي العَظِيمِ مِنَ الآيَاتِ مِنَ السّحَابِ


صفحه : 164

المُسَخّرِ بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ بِمَنزِلَةِ الدّخَانِ لَا جَسَدَ لَهُ يُلمَسُ بشِيَ‌ءٍ مِنَ الأَرضِ وَ الجِبَالِ يَتَخَلّلُ الشّجَرَةَ فَلَا يُحَرّكُ مِنهَا شَيئاً وَ لَا يَهصِرُ مِنهَا غُصناً وَ لَا يَعلَقُ مِنهَا بشِيَ‌ءٍ يَعتَرِضُ الرّكبَانُ فَيَحُولُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ مِن ظُلمَتِهِ وَ كَثَافَتِهِ وَ يَحتَمِلُ مِن ثِقلِ المَاءِ وَ كَثرَتِهِ مَا لَا يُقدَرُ عَلَي صِفَتِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الصّوَاعِقِ الصّادِعَةِ وَ البُرُوقِ اللّامِعَةِ وَ الرّعدِ وَ الثّلجِ وَ البَرَدِ وَ الجَلِيدِ مَا لَا تَبلُغُ الأَوهَامُ صِفَتَهُ وَ لَا تهَتدَيِ‌ القُلُوبُ إِلَي كُنهِ عَجَائِبِهِ فَيَخرُجُ مُستَقِلّا فِي الهَوَاءِ يَجتَمِعُ بَعدَ تَفَرّقِهِ وَ يَلتَحِمُ بَعدَ تَزَايُلِهِ تُفَرّقُهُ الرّيَاحُ مِنَ الجِهَاتِ كُلّهَا إِلَي حَيثُ تَسُوقُهُ بِإِذنِ اللّهِ رَبّهَا يَسفُلُ مَرّةً وَ يَعلُو أُخرَي مُتَمَسّكٌ بِمَا فِيهِ مِنَ المَاءِ الكَثِيرِ ألّذِي إِذَا أَزجَاهُ صَارَت مِنهُ البُحُورُ يَمُرّ عَلَي الأرَاَضيِ‌ الكَثِيرَةِ وَ البُلدَانِ المُتَنَائِيَةِ لَا تَنقُصُ مِنهُ نُقطَةٌ حَتّي ينَتهَيِ‌َ إِلَي مَا لَا يُحصَي مِنَ الفَرَاسِخِ فَيُرسِلَ مَا فِيهِ قَطرَةً بَعدَ قَطرَةٍ وَ سَيلًا بَعدَ سَيلٍ مُتَتَابِعٌ عَلَي رِسلِهِ حَتّي يَنقَعَ البِرَكُ وَ تمَتلَيِ‌َ الفُجَاجُ وَ تعَتلَيِ‌َ الأَودِيَةُ بِالسّيُولِ كَأَمثَالِ الجِبَالِ غَاصّةً بِسُيُولِهَا مصمخة[مُصَمّمَةَ]الآذَانِ لِدَوِيّهَا وَ هَدِيرِهَا فَتُحيَا بِهَا الأَرضُ المَيتَةُ فَتُصبِحُ مُخضَرّةً بَعدَ أَن كَانَت مُغبَرّةً وَ مُعشِبَةً بَعدَ أَن كَانَت مُجدِبَةً قَد كُسِيَت أَلوَاناً مِن نَبَاتٍ عُشبٍ نَاضِرَةٍ زَاهِرَةٍ مُزَيّنَةٍ مَعَاشاً لِلنّاسِ وَ الأَنعَامِ فَإِذَا أَفرَغَ الغَمَامُ مَاءَهُ أَقلَعَ وَ تَفَرّقَ وَ ذَهَبَ حَيثُ لَا يُعَايَنُ وَ لَا يُدرَي أَينَ تَوَارَي فَأَدّتِ العَينُ ذَلِكَ إِلَي القَلبِ فَعَرَفَ القَلبُ أَنّ ذَلِكَ السّحَابَ لَو كَانَ بِغَيرِ مُدَبّرٍ وَ كَانَ مَا وَصَفتُ مِن تِلقَاءِ نَفسِهِ مَا احتَمَلَ نِصفَ ذَلِكَ مِنَ الثّقلِ مِنَ المَاءِ وَ إِن كَانَ هُوَ ألّذِي يُرسِلُهُ لِمَا احتَمَلَهُ ألَفيَ‌ فَرسَخٍ أَو أَكثَرَ وَ لَأَرسَلَهُ فِيمَا هُوَ أَقرَبُ مِن ذَلِكَ وَ لَمَا أَرسَلَهُ قَطرَةً بَعدَ قَطرَةٍ بَل كَانَ يُرسِلُهُ إِرسَالًا فَكَانَ يَهدِمُ البُنيَانَ وَ يُفسِدُ النّبَاتَ وَ لَمَا جَازَ إِلَي بَلَدٍ وَ


صفحه : 165

تَرَكَ آخَرَ دُونَهُ فَعَرَفَ القَلبُ بِأَعلَامِ المُنِيرَةِ الوَاضِحَةِ أَنّ مُدَبّرَ الأُمُورِ وَاحِدٌ وَ أَنّهُ لَو كَانَ اثنَينِ أَو ثَلَاثَةً لَكَانَ فِي طُولِ هَذِهِ الأَزمِنَةِ وَ الأَبَدِ وَ الدّهرِ اختِلَافٌ فِي التّدبِيرِ وَ تَنَاقُضٌ فِي الأُمُورِ وَ لَتَأَخّرَ بَعضٌ وَ تَقَدّمَ بَعضٌ وَ لَكَانَ تَسَفّلَ بَعضُ مَا قَد عَلَا وَ لَعَلَا بَعضُ مَا قَد سَفَلَ وَ لَطَلَعَ شَيءٌ وَ غَابَ فَتَأَخّرَ عَن وَقتِهِ أَو تَقَدّمَ مَا قَبلَهُ فَعَرَفَ القَلبُ بِذَلِكَ أَنّ مُدَبّرَ الأَشيَاءِ مَا غَابَ مِنهَا وَ مَا ظَهَرَ هُوَ اللّهُ الأَوّلُ خَالِقُ السّمَاءِ وَ مُمسِكُهَا وَ فَارِشُ الأَرضِ وَ دَاحِيهَا وَ صَانِعُ مَا بَينَ ذَلِكَ مِمّا عَدَدنَا وَ غَيرِ ذَلِكَ مِمّا لَم يُحصَ وَ كَذَلِكَ عَايَنَتِ العَينُ اختِلَافَ اللّيلِ وَ النّهَارِ دَائِبَينِ جَدِيدَينِ لَا يَبلَيَانِ فِي طُولِ كَرّهِمَا وَ لَا يَتَغَيّرَانِ لِكَثرَةِ اختِلَافِهِمَا وَ لَا يَنقُصَانِ عَن حَالِهِمَا النّهَارُ فِي نُورِهِ وَ ضِيَائِهِ وَ اللّيلُ فِي سَوَادِهِ وَ ظُلمَتِهِ يَلِجُ أَحَدُهَمَا فِي الآخَرِ حَتّي ينَتهَيِ‌َ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا إِلَي غَايَةٍ مَحدُودَةٍ مَعرُوفَةٍ فِي الطّولِ وَ القِصَرِ عَلَي مَرتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَ مَجرًي وَاحِدٍ مَعَ سُكُونِ مَن يَسكُنُ فِي اللّيلِ وَ انتِشَارِ مَن يَنتَشِرُ فِي اللّيلِ وَ انتِشَارِ مَن يَنتَشِرُ فِي النّهَارِ وَ سُكُونِ مَن يَسكُنُ فِي النّهَارِ ثُمّ الحَرّ وَ البَردُ وَ حُلُولُ أَحَدِهِمَا بِعَقِبِ الآخَرِ حَتّي يَكُونَ الحَرّ بَرداً وَ البَرّ حَرّاً فِي وَقتِهِ وَ إِبّانِهِ فَكُلّ هَذَا مِمّا يَستَدِلّ بِهِ القَلبُ عَلَي الرّبّ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي فَعَرَفَ القَلبُ بِعَقلِهِ أَنّ مُدَبّرَ هَذِهِ الأَشيَاءِ هُوَ الوَاحِدُ العَزِيزُ الحَكِيمُ ألّذِي لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ وَ أَنّهُ لَو كَانَ فِي السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ آلِهَةٌ مَعَهُ سُبحَانَهُلَذَهَبَ كُلّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعضُهُم عَلي بَعضٍ وَ لَفَسَدَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم عَلَي صَاحِبِهِ وَ كَذَلِكَ سَمِعَتِ الأُذُنُ مَا أَنزَلَ المُدَبّرُ مِنَ الكُتُبِ تَصدِيقاً لِمَا أَدرَكَتهُ القُلُوبُ بِعُقُولِهَا وَ تَوفِيقِ اللّهِ إِيّاهَا وَ مَا قَالَهُ مَن عَرَفَهُ كُنهَ مَعرِفَتِهِ بِلَا وَلَدٍ وَ لَا صَاحِبَةٍ وَ لَا شَرِيكٍ فَأَدّتِ الأُذُنُ مَا سَمِعَت مِنَ اللّسَانِ بِمَقَالَةِ الأَنبِيَاءِ إِلَي القَلبِ

شرح قوله ع ربما ذهب الحواسّ إما بالنوم كماسيأتي‌ أوبآفة فإن العقل لامحالة يدلّه علي أن يشير إلي بعض مايصلحه ويطلب مايقيمه بأي‌ وجه كان علي أن ذهاب الحواسّ الخمس لاينافي‌ بقاء النطق قوله ع إلاالنزوع إلي الحواسّ أي الاشتياق إليها والحاصل أنانوافقك ونستدلّ لك بما تدلّ عليه الحواسّ و إن كنت رفضتها وتركتها وسلمت فيما مضي كونها معزولة عن بعض الأشياء فنقول إن حكم


صفحه : 166

العقل بوجود الصانع إنما هو من جهة مادلته الحواس عليه مما نشاهده من آثار صنعه تعالي قوله ع فتنكشط الانكشاط الانكشاف و قوله تعالي وَ إِذَا السّماءُ كُشِطَت أي قلعت كمايقلع السقف ولعل المراد بالتأخر تأخر مايحاذي‌ رءوسنا بحيث يري ماوراءه وبالتقدم أن يتحرك جميعها حركة أينية حتي يخرج من بينها ويحتمل أن يكون المراد فيهما معا أماالأول أوالثاني‌ و يكون التعبير عن أحدهما بالانكشاط و عن الآخر بالزوال لمحض تفنن العبارة و علي التقادير المراد بالزوال الزوال عنا و عن محاذاتنا قوله ع و لايتداعي قال الجوهري‌ تداعت الحيطان للخراب أي تهادمت و قال انهار أي انهدم قوله ع ثم رجوعها إشارة إلي مايعرض للمتحيرة من الرجعة والاستقامة والإقامة و قوله ع وأخذها عرضا وطولا إشارة إلي كونها تارة عن جنوب المعدل وتارة عن شمالها وكون بعضها تارة عن جنوب منطقة البروج وتارة عن شمالها و إلي حركة المائل في السفليين وعرض الوراب والانحراف والاستواء فيهما و إلي ميل الذروة والحضيض في المتحيرة وخنوسها غيبتها واستتارها تحت شعاع الشمس قوله ع المنطبقة أي المحيطة بجميع الخلق و في بعض النسخ المظلة واستقلها أي حملها ورفعها قوله ع متصلة بالسماء أي داخلة في ذلك النظام شبيهة بها فيه قوله ع يلمس بشي‌ء لعل المراد الاصطكاك ألذي يحصل منه صوت و في بعض النسخ كشي‌ء ويحتمل أن يكون تصحيف يشبه بشي‌ء و قال الفيروزآبادي‌ الهصر الجذب والإمالة والكسر والدفع والإدناء وعطف شيءرطب كغصن ونحوه وكسره من غيربينونة و قال الجليد مايسقط علي الأرض من الندي فيجمد انتهي و قوله ع أزجاه أي دفعه والرسل بالكسر التأني‌ والرفق وينقع بالياء علي المعلوم أوبالتاء علي المجهول والبرك كعنب جمع بركة وهي‌ معروفة والفجاج بالضم الطريق الواسع بين جبلين وبالكسر جمع الفج بمعناه والاعتلاء الارتفاع و قوله ع غاصة أي ممتلئة والمصمخة لعلها مشتقة من الصماخ أي


صفحه : 167

تؤدي‌ الصماخ والأظهر مصممة قوله ع من نبات بالإضافة علي أن يكون مصدرا أوبالتنوين ليكون عشب بدل بعض له والإقلاع عن الأمر الكف عنه والكر الرجوع قوله ع مع سكون من يسكن في الليل أي جعل في معظم المعمورة طول كل منهما وقصره علي حد محدود لايتجاوزه لئلا تفوت مصلحة كل منهما من السكون في الليل والانتشار في النهار ويحتمل أن يكون إشارة إلي أصل الحكمة في حصول الليل والنهار قوله ع وانتشار من ينتشر في الليل كالخفاش والبعوضة وسائر ماينتشر في الليل من الهوام وكالخائف والمسافر ألذي تصلحه حركة الليل قوله إِذاً لَذَهَبَ أي لو كان معه آلهة كمايقولون لذهب كل إله منهم بما خلقه واستبد به وامتاز ملكه عن ملك الآخرين ووقع بينهم التجاذب والتغالب كما هوحال ملوك الدنيا إذ يستحيل كونهما واجبين كاملين و هذاشأن الناقص ويحتمل أن يكون الغرض نفي‌ الآلهة الناقصة الممكنة التي‌ جعلوها شريكا للواجب تعالي شأنه وسيأتي‌ الكلام فيه في باب التوحيد و في بعض النسخ هكذا ولعلا بعضهم علي بعض ولأفسد كل واحد منهم علي صاحبه وكذلك سمعت الأذن ماأنزل الله من كتبه علي ألسن أنبيائه تصديقا لماأدركته العقول بتوفيق الله إياها وعونه لها إذاأرادت ماعنده أنه الأول لاشبيه له و لامثل له و لاضد له و لاتحيط به العيون و لاتدركه الأوهام كيف هولأنه لاكيف له وإنما الكيف للمكيف المخلوق المحدود المحدث غير أنانوقن أنه معروف بخلقه موجود بصنعه فتبارك الله و تعالي اسمه لاشريك له فعرف القلب بعقله أنه لو كان معه شريك كان ضعيفا ناقصا و لو كان ناقصا ماخلق الإنسان ولاختلفت التدابير وانتقضت الأمور مع النقص ألذي يوصف به الأرباب المتفردون والشركاء المتعانتون قال قدأتيتني‌

فَقَالَ قَد أتَيَتنَيِ‌ مِن أَبوَابٍ لَطِيفَةٍ بِمَا لَم يأَتنِيِ‌ بِهِ أَحَدٌ غَيرُكَ إِلّا أَنّهُ لَا يمَنعَنُيِ‌ مِن تَركِ مَا فِي يدَيِ‌ إِلّا الإِيضَاحُ وَ الحُجّةُ القَوِيّةُ بِمَا وَصَفتَ لِي وَ فَسّرتَ قُلتُ أَمّا إِذَا حَجَبتَ عَنِ الجَوَابِ وَ اختَلَفَ مِنكَ المَقَالُ فَسَيَأتِيكَ مِنَ الدّلَالَةِ مِن قِبَلِ نَفسِكَ خَاصّةً مَا يَستَبِينُ لَكَ أَنّ الحَوَاسّ لَا تَعرِفُ شَيئاً إِلّا بِالقَلبِ فَهَل رَأَيتَ فِي المَنَامِ أَنّكَ تَأكُلُ


صفحه : 168

وَ تَشرَبُ حَتّي وَصَلَت لَذّةُ ذَلِكَ إِلَي قَلبِكَ قَالَ نَعَم قُلتُ فَهَل رَأَيتَ أَنّكَ تَضحَكُ وَ تبَكيِ‌ وَ تَجُولُ فِي البُلدَانِ التّيِ‌ لَم تَرَهَا وَ التّيِ‌ قَد رَأَيتَهَا حَتّي تَعلَمَ مَعَالِمَ مَا رَأَيتَ مِنهَا قَالَ نَعَم مَا لَا أحُصيِ‌ قُلتُ هَل رَأَيتَ أَحَداً مِن أَقَارِبِكَ مِن أَخٍ أَو أَبٍ أَو ذيِ‌ رَحِمٍ قَد مَاتَ قَبلَ ذَلِكَ حَتّي تَعلَمَهُ وَ تَعرِفَهُ كَمَعرِفَتِكَ إِيّاهُ قَبلَ أَن يَمُوتَ قَالَ أَكثَرَ مِنَ الكَثِيرِ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ أَيّ حَوَاسّكَ أَدرَكَ هَذِهِ الأَشيَاءَ فِي مَنَامِكَ حَتّي دَلّت قَلبَكَ عَلَي مُعَايَنَةِ المَوتَي وَ كَلَامِهِم وَ أَكلِ طَعَامِهِم وَ الجَوَلَانِ فِي البُلدَانِ وَ الضّحِكِ وَ البُكَاءِ وَ غَيرِ ذَلِكَ قَالَ مَا أَقدِرُ أَن أَقُولَ لَكَ أَيّ حوَاَسيّ‌ أَدرَكَ ذَلِكَ أَو شَيئاً مِنهُ وَ كَيفَ تُدرِكُ وَ هيِ‌َ بِمَنزِلَةِ المَيّتِ لَا تَسمَعُ وَ لَا تُبصِرُ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ حَيثُ استَيقَظتَ أَ لَستَ قَد ذَكَرتَ ألّذِي رَأَيتَ فِي مَنَامِكَ تَحفَظُهُ وَ تَقُصّهُ بَعدَ يَقَظَتِكَ عَلَي إِخوَانِكَ لَا تَنسَي مِنهُ حَرفاً قَالَ إِنّهُ كَمَا تَقُولُ وَ رُبّمَا رَأَيتُ الشيّ‌ءَ فِي منَاَميِ‌ ثُمّ لَا أمُسيِ‌ حَتّي أَرَاهُ فِي يقَظَتَيِ‌ كَمَا رَأَيتُهُ فِي منَاَميِ‌ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ أَيّ حَوَاسّكَ قَرّرَت عِلمَ ذَلِكَ فِي قَلبِكَ حَتّي ذَكَرتَهُ بَعدَ مَا استَيقَظتَ قَالَ إِنّ هَذَا الأَمرَ مَا دَخَلَت فِيهِ الحَوَاسّ قُلتُ أَ فَلَيسَ ينَبغَيِ‌ لَكَ أَن تَعلَمَ حَيثُ بَطَلَتِ الحَوَاسّ فِي هَذَا أَنّ ألّذِي عَايَنَ تِلكَ الأَشيَاءَ وَ حَفِظَهَا فِي مَنَامِكَ قَلبُكَ ألّذِي جَعَلَ اللّهُ فِيهِ العَقلَ ألّذِي احتَجّ بِهِ عَلَي العِبَادِ قَالَ إِنّ ألّذِي رَأَيتُ فِي منَاَميِ‌ لَيسَ بشِيَ‌ءٍ إِنّمَا هُوَ بِمَنزِلَةِ السّرَابِ ألّذِي يُعَايِنُهُ صَاحِبُهُ وَ يَنظُرُ إِلَيهِ لَا يَشُكّ فِيهِ أَنّهُ مَاءٌ فَإِذَا انتَهَي إِلَي مَكَانِهِ لَم يَجِدهُ شَيئاً فَمَا رَأَيتُ فِي منَاَميِ‌ فَبِهَذِهِ المَنزِلَةِ قُلتُ كَيفَ شَبّهتَ السّرَابَ بِمَا رَأَيتَ فِي مَنَامِكَ مِن أَكلِكَ الطّعَامَ الحُلوَ وَ الحَامِضَ وَ مَا رَأَيتَ مِنَ الفَرَحِ وَ الحَزَنِ قَالَ لِأَنّ السّرَابَ حَيثُ انتَهَيتُ إِلَي مَوضِعِهِ صَارَ لَا شَيءَ وَ كَذَلِكَ صَارَ مَا رَأَيتُ فِي منَاَميِ‌ حِينَ انتَبَهتُ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ إِن أَتَيتُكَ بِأَمرٍ وَجَدتَ لَذّتَهُ فِي مَنَامِكَ وَ خَفَقَ لِذَلِكَ قَلبُكَ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ الأَمرَ عَلَي مَا وَصَفتُ لَكَ قَالَ بَلَي قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ هَل احتَلَمتَ قَطّ حَتّي قَضَيتَ فِي امرَأَةٍ نَهمَتَكَ عَرَفتَهَا أَم لَم تَعرِفهَا قَالَ بَلَي مَا لَا أُحصِيهِ قُلتُ أَ لَستَ وَجَدتَ لِذَلِكَ لَذّةً عَلَي قَدرِ لَذّتِكَ فِي يَقَظَتِكَ فَتَنتَبِهَ وَ قَد أَنزَلتَ الشّهوَةَ حَتّي تَخرُجَ مِنكَ بِقَدرِ مَا تَخرُجُ مِنكَ فِي اليَقَظَةِ هَذَا كَسرٌ لِحُجّتِكَ فِي السّرَابِ قَالَ مَا يَرَي المُحتَلِمُ فِي مَنَامِهِ شَيئاً إِلّا مَا كَانَت


صفحه : 169

حَوَاسّهُ دَلّت عَلَيهِ فِي اليَقَظَةِ قُلتُ مَا زِدتَ عَلَي أَن قَوّيتَ مقَاَلتَيِ‌ وَ زَعَمتَ أَنّ القَلبَ يَعقِلُ الأَشيَاءَ وَ يَعرِفُهَا بَعدَ ذَهَابِ الحَوَاسّ وَ مَوتِهَا فَكَيفَ أَنكَرتَ أَنّ القَلبَ يَعرِفُ الأَشيَاءَ وَ هُوَ يَقظَانُ مُجتَمِعَةً لَهُ حَوَاسّهُ وَ مَا ألّذِي عَرّفَهُ إِيّاهَا بَعدَ مَوتِ الحَوَاسّ وَ هُوَ لَا يَسمَعُ وَ لَا يُبصِرُ وَ لَكُنتَ حَقِيقاً أَن لَا تُنكِرَ لَهُ المَعرِفَةَ وَ حَوَاسّهُ حَيّةٌ مُجتَمِعَةٌ إِذَا أَقرَرتَ أَنّهُ يَنظُرُ إِلَي الِامرَأَةِ بَعدَ ذَهَابِ حَوَاسّهِ حَتّي نَكَحَهَا وَ أَصَابَ لَذّتَهُ مِنهَا فيَنَبغَيِ‌ لِمَن يَعقِلُ حَيثُ وَصَفَ القَلبَ بِمَا وَصَفَهُ بِهِ مِن مَعرِفَتِهِ بِالأَشيَاءِ وَ الحَوَاسّ ذَاهِبَةٌ أَن يَعرِفَ أَنّ القَلبَ مُدَبّرُ الحَوَاسّ وَ مَالِكُهَا وَ رَائِسُهَا وَ القاَضيِ‌ عَلَيهَا فَإِنّهُ مَا جَهِلَ الإِنسَانُ مِن شَيءٍ فَمَا يَجهَلُ أَنّ اليَدَ لَا تَقدِرُ عَلَي العَينِ أَن تَقلَعَهَا وَ لَا عَلَي اللّسَانِ أَن تَقطَعَهُ وَ أَنّهُ لَيسَ يَقدِرُ شَيءٌ مِنَ الحَوَاسّ أَن يَفعَلَ بشِيَ‌ءٍ مِنَ الجَسَدِ شَيئاً بِغَيرِ إِذنِ القَلبِ وَ دَلَالَتِهِ وَ تَدبِيرِهِ لِأَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي جَعَلَ القَلبَ مُدَبّراً لِلجَسَدِ بِهِ يَسمَعُ وَ بِهِ يُبصِرُ وَ هُوَ القاَضيِ‌ وَ الأَمِيرُ عَلَيهِ وَ لَا يَتَقَدّمُ الجَسَدُ إِن هُوَ تَأَخّرَ وَ لَا يَتَأَخّرُ إِن هُوَ تَقَدّمَ وَ بِهِ سَمِعَتِ الحَوَاسّ وَ أَبصَرَت إِن أَمَرَهَا ائتَمَرَت وَ إِن نَهَاهَا انتَهَت وَ بِهِ يَنزِلُ الفَرَحُ وَ الحَزَنُ وَ بِهِ يَنزِلُ الأَلَمُ إِن فَسَدَ شَيءٌ مِنَ الحَوَاسّ بقَيِ‌َ عَلَي حَالِهِ وَ إِن فَسَدَ القَلبُ ذَهَبَ جَمِيعاً حَتّي لَا يَسمَعُ وَ لَا يُبصِرُ قَالَ لَقَد كُنتُ أَظُنّكَ لَا تَتَخَلّصُ مِن هَذِهِ المَسأَلَةِ وَ قَد جِئتَ بشِيَ‌ءٍ لَا أَقدِرُ عَلَي رَدّهِ قُلتُ وَ أَنَا أُعطِيكَ تَصَادِيقَ مَا أَنبَأتُكَ بِهِ وَ مَا رَأَيتَ فِي مَنَامِكَ فِي مَجلِسِكَ السّاعَةَ قَالَ افعَل فإَنِيّ‌ قَد تَحَيّرتُ فِي هَذِهِ المَسأَلَةِ قُلتُ أخَبرِنيِ‌ هَل تُحَدّثُ نَفسَكَ مِن تِجَارَةٍ أَو صِنَاعَةٍ أَو بِنَاءٍ أَو تَقدِيرِ شَيءٍ وَ تَأمُرُ بِهِ إِذَا أَحكَمتَ تَقدِيرَهُ فِي ظَنّكَ قَالَ نَعَم قُلتُ فَهَل أَشرَكتَ قَلبَكَ فِي ذَلِكَ الفِكرِ شَيئاً مِن حَوَاسّكَ قَالَ لَا قُلتُ أَ فَلَا تَعلَمُ أَنّ ألّذِي أَخبَرَكَ بِهِ قَلبُكَ حَقّ قَالَ اليَقِينُ هُوَ فزَدِنيِ‌ مَا يُذهِبُ الشّكّ عنَيّ‌ وَ يُزِيلُ الشّبَهَ مِن قلَبيِ‌

شرح خفق القلب اضطرابه والنهمة بلوغ الهمّة في الشي‌ء والنهم بالتحريك إفراط الشهوة في الطعام أقول قدعرفت أن القلب يطلق في مصطلح الأخبار علي النفس الناطقة و لما كان السائل منكرا لإدراك ماسوي الحواسّ الظاهرة نبّهه ع علي خطائه بمدركات الحواسّ الباطنة التي‌ هي‌ آلات النفس .


صفحه : 170

أَقُولُ ذَكَرَ السّيّدُ ابنُ طَاوُسٍ قَدّسَ اللّهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِ النّجُومِ مِن هَذِهِ الرّسَالَةِ جُملَةً لَيسَت فِيمَا عِندَنَا مِنَ النّسَخِ فَلنَذكُرهَا قُلتُ أخَبرِنيِ‌ هَل يَعرِفُ أَهلُ بِلَادِكَ عِلمَ النّجُومِ قَالَ إِنّكَ لَغَافِلٌ عَن عِلمِ أَهلِ بلِاَديِ‌ بِالنّجُومِ قُلتُ وَ مَا بَلَغَ مِن عِلمِهِم بِهَا فَقَالَ إِنّا نُخبِرُكَ عَن عِلمِهِم بِخَصلَتَينِ تكَتفَيِ‌ بِهِمَا عَمّا سِوَاهُمَا قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ وَ لَا تخُبرِنيِ‌ إِلّا بِحَقّ قَالَ بدِيِنيِ‌ لَا أُخبِرُكَ إِلّا بِحَقّ وَ بِمَا عَايَنتُ قُلتُ هَاتِ قَالَ أَمّا إِحدَي الخَصلَتَينِ فَإِنّ مُلُوكَ الهِندِ لَا يَتّخِذُونَ إِلّا الخِصيَانَ قُلتُ وَ لِمَ ذَاكَ قَالَ لِأَنّ لِكُلّ رَجُلٍ مِنهُم مُنَجّماً حَاسِباً فَإِذَا أَصبَحَ أَتَي بَابَ المَلِكِ فَقَاسَ الشّمسَ وَ حَسَبَ فَأَخبَرَهُ بِمَا يَحدُثُ فِي يَومِهِ ذَلِكَ وَ مَا حَدَثَ فِي لَيلَتِهِ التّيِ‌ كَانَ فِيهَا فَإِن كَانَتِ امرَأَةٌ مِن نِسَائِهِ قَارَفَت شَيئاً يَكرَهُهُ أَخبَرَهُ فَقَالَ فُلَانٌ قَارَفَ كَذَا وَ كَذَا مَعَ فُلَانَةَ وَ يَحدُثُ فِي هَذَا اليَومِ كَذَا وَ كَذَا قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ عَنِ الخَصلَةِ الأُخرَي قَالَ قَومٌ بِالهِندِ بِمَنزِلَةِ الخَنّاقِينَ عِندَكُم يَقتُلُونَ النّاسَ بِلَا سِلَاحٍ وَ لَا خَنقٍ وَ يَأخُذُونَ أَموَالَهُم قُلتُ وَ كَيفَ يَكُونُ هَذَا قَالَ يَخرُجُونَ مَعَ الرّفقَةِ وَ التّجّارِ بِقَدرِ مَا فِيهَا مِنَ الرّجّالَةِ فَيَمشُونَ مَعَهُم أَيّاماً لَيسَ مَعَهُم سِلَاحٌ وَ يُحَدّثُونَ الرّجَالَ وَ يَحسُبُونَ حِسَابَ كُلّ رَجُلٍ مِنَ التّجّارِ فَإِذَا عَرَفَ أَجمَعُهُم مَوضِعَ النّفسِ مِن صَاحِبِهِ وَكَزَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُم صَاحِبَهُ ألّذِي حَسَبَ بِهِ فِي ذَلِكَ المَوضِعِ فَيَقَعُ جَمِيعُ التّجّارِ مَوتَي قُلتُ إِنّ هَذَا أَرفَعُ مِنَ البَابِ الأَوّلِ إِن كَانَ مَا تَقُولُ حَقّاً قَالَ أَحلِفُ لَكَ بدِيِنيِ‌ أَنّهُ حَقّ وَ لَرُبّمَا رَأَيتُ بِبِلَادِ الهِندِ قَد أُخِذَ بَعضُهُم وَ أُمِرَ بِقَتلِهِ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ كَيفَ كَانَ هَذَا حَتّي اطّلَعُوا عَلَيهِ قَالَ بِحِسَابِ النّجُومِ قُلتُ فَمَا سَمِعتُ كَهَذَا عِلماً قَطّ وَ مَا أَشُكّ أَنّ وَاضِعَهُ الحَكِيمُ العَلِيمُ فأَخَبرِنيِ‌ مَن وَضَعَ هَذَا العِلمَ الدّقِيقَ ألّذِي لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ وَ لَا بِالعُقُولِ وَ لَا بِالفِكرِ قَالَ حِسَابُ النّجُومِ وَضَعَتهُ الحُكَمَاءُ وَ تَوَارَثَهُ النّاسُ


صفحه : 171

قُلتُ أخَبرِنيِ‌ هَل يَعلَمُ أَهلُ بِلَادِكَ عِلمَ النّجُومِ قَالَ إِنّكَ لَغَافِلٌ عَن عِلمِ أَهلِ بلِاَديِ‌ بِالنّجُومِ فَلَيسَ أَحَدٌ أَعلَمَ بِذَلِكَ مِنهُم قُلتُ أخَبرِنيِ‌ كَيفَ وَقَعَ عِلمُهُم بِالنّجُومِ وَ هيِ‌َ مِمّا لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ وَ لَا بِالفِكرِ قَالَ حِسَابٌ وَضَعَتهُ الحُكَمَاءُ وَ تَوَارَثَتهُ النّاسُ فَإِذَا سَأَلتَ الرّجُلَ مِنهُم عَن شَيءٍ قَاسَ الشّمسَ وَ نَظَرَ فِي مَنَازِلِ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ مَا لِلطّالِعِ مِنَ النّحُوسِ وَ مَا لِلبَاطِنِ مِنَ السّعُودِ ثُمّ يَحسُبُ وَ لَا يُخطِئُ وَ يُحمَلُ إِلَيهِ المَولُودُ فَيَحسُبُ لَهُ وَ يُخبِرُ بِكُلّ عَلَامَةٍ فِيهِ بِغَيرِ مُعَايَنَةٍ وَ مَا هُوَ مُصِيبُهُ إِلَي يَومِ يَمُوتُ قُلتُ كَيفَ دَخَلَ الحِسَابُ فِي مَوَالِيدِ النّاسِ قَالَ لِأَنّ جَمِيعَ النّاسِ إِنّمَا يُولَدُونَ بِهَذِهِ النّجُومِ وَ لَو لَا ذَلِكَ لَم يَستَقِم هَذَا الحِسَابُ فَمِن ثَمّ لَا يُخطِئُ إِذَا عَلِمَ السّاعَةَ وَ اليَومَ وَ الشّهرَ وَ السّنَةَ التّيِ‌ يُولَدُ فِيهَا المَولُودُ قُلتُ لَقَد تَوَصّفتَ عِلماً عَجِيباً لَيسَ فِي عِلمِ الدّنيَا أَدَقّ مِنهُ وَ لَا أَعظَمُ إِن كَانَ حَقّاً كَمَا ذَكَرتَ يُعرَفُ بِهِ المَولُودُ الصبّيِ‌ّ وَ مَا فِيهِ مِنَ العَلَامَاتِ وَ مُنتَهَي أَجَلِهِ وَ مَا يُصِيبُهُ فِي حَيَاتِهِ أَ وَ لَيسَ هَذَا حِسَاباً تُولَدُ بِهِ جَمِيعُ أَهلِ الدّنيَا مَن كَانَ مِنَ النّاسِ قَالَ لَا أَشُكّ فِيهِ قُلتُ فَتَعَالَ نَنظُر بِعُقُولِنَا كَيفَ عَلِمَ النّاسُ هَذَا العِلمَ وَ هَل يَستَقِيمُ أَن يَكُونَ لِبَعضِ النّاسِ إِذَا كَانَ جَمِيعُ النّاسِ يُولَدُونَ بِهَذِهِ النّجُومِ وَ كَيفَ عَرَفَهَا بِسُعُودِهَا وَ نُحُوسِهَا وَ سَاعَاتِهَا وَ أَوقَاتِهَا وَ دَقَائِقِهَا وَ دَرَجَاتِهَا وَ بَطِيئِهَا وَ سَرِيعِهَا وَ مَوَاضِعِهَا مِنَ السّمَاءِ وَ مَوَاضِعِهَا تَحتَ الأَرضِ وَ دَلَالَتِهَا عَلَي غَامِضِ هَذِهِ الأَشيَاءِ التّيِ‌ وَصَفتَ فِي السّمَاءِ وَ مَا تَحتَ الأَرضِ فَقَد عَرَفتَ أَنّ بَعضَ هَذِهِ البُرُوجِ فِي السّمَاءِ وَ بَعضَهَا تَحتَ الأَرضِ وَ كَذَلِكَ النّجُومُ السّبعَةُ مِنهَا تَحتَ الأَرضِ وَ مِنهَا فِي السّمَاءِ فَمَا يَقبَلُ عقَليِ‌ أَنّ مَخلُوقاً مِن أَهلِ الأَرضِ قَدَرَ عَلَي هَذَا قَالَ وَ مَا أَنكَرتَ مِن هَذَا قُلتُ إِنّكَ زَعَمتَ أَنّ جَمِيعَ أَهلِ الأَرضِ إِنّمَا يَتَوَالَدُونَ بِهَذِهِ النّجُومِ فَأَرَي الحَكِيمَ ألّذِي وَضَعَ هَذَا الحِسَابَ بِزَعمِكَ مِن بَعضِ أَهلِ الدّنيَا وَ لَا شَكّ إِن كُنتَ صَادِقاً أَنّهُ وُلِدَ بِبَعضِ هَذِهِ النّجُومِ وَ السّاعَاتِ وَ الحِسَابِ ألّذِي كَانَ قَبلَهُ إِلّا أَن تَزعُمَ أَنّ ذَلِكَ الحَكِيمَ لَم يُولَد بِهَذِهِ النّجُومِ كَمَا وُلِدَ سَائِرُ النّاسِ قَالَ وَ هَل هَذَا الحَكِيمُ إِلّا كَسَائِرِ النّاسِ قُلتُ أَ فَلَيسَ ينَبغَيِ‌ أَن يَدُلّكَ عَقلُكَ عَلَي أَنّهَا قَد خُلِقتَ قَبلَ هَذَا الحَكِيمِ ألّذِي زَعَمتَ أَنّهُ وَضَعَ هَذَا الحِسَابَ وَ قَد زَعَمتَ أَنّهُ وُلِدَ بِبَعضِ هَذِهِ النّجُومِ قَالَ بَلَي


صفحه : 172

قُلتُ فَكَيفَ اهتَدَي لِوَضعِ هَذِهِ النّجُومِ وَ هَل هَذَا العِلمُ إِلّا مِن مُعَلّمٍ كَانَ قَبلَهُمَا وَ هُوَ ألّذِي أَسّسَ هَذَا الحِسَابَ ألّذِي زَعَمتَ أَنّهُ أَسَاسُ المَولُودِ وَ الأَسَاسُ أَقدَمُ مِنَ المَولُودِ وَ الحَكِيمُ ألّذِي زَعَمتَ أَنّهُ وَضَعَ هَذَا إِنّمَا يَتبَعُ أَمرَ مُعَلّمٍ هُوَ أَقدَمُ مِنهُ وَ هُوَ ألّذِي خَلَقَهُ مَولُوداً بِبَعضِ هَذَا النّجُومِ وَ هُوَ ألّذِي أَسّسَ هَذِهِ البُرُوجَ التّيِ‌ وُلِدَ بِهَا غَيرُهُ مِنَ النّاسِ فَوَاضِعُ الأَسَاسِ ينَبغَيِ‌ أَن يَكُونَ أَقدَمَ مِنهَا هَب أَنّ هَذَا الحَكِيمَ عُمّرَ مُذ كَانَتِ الدّنيَا عَشَرَةَ أَضعَافٍ هَل كَانَ نَظَرُهُ فِي هَذِهِ النّجُومِ إِلّا كَنَظَرِكَ إِلَيهَا مُعَلّقَةً فِي السّمَاءِ أَ وَ تَرَاهُ كَانَ قَادِراً عَلَي الدّنُوّ مِنهَا وَ هيِ‌َ فِي السّمَاءِ حَتّي يَعرِفَ مَنَازِلَهَا وَ مَجَارِيَهَا نُحُوسَهَا وَ سُعُودَهَا وَ دَقَائِقَهَا وَ بِأَيّتِهَا تَكسِفُ الشّمسُ وَ القَمَرُ وَ بِأَيّتِهَا يُولَدُ كُلّ مَولُودٍ وَ أَيّهَا السّعدُ وَ أَيّهَا النّحسُ وَ أَيّهَا البطَيِ‌ءُ وَ أَيّهَا السّرِيعُ ثُمّ يَعرِفَ بَعدَ ذَلِكَ سُعُودَ سَاعَاتِ النّهَارِ وَ نُحُوسَهَا وَ أَيّهَا السّعدُ وَ أَيّهَا النّحسُ وَ كَم سَاعَةٍ يَمكُثُ كُلّ نَجمٍ مِنهَا تَحتَ الأَرضِ وَ فِي أَيّ سَاعَةٍ تَغِيبُ وَ أَيّ سَاعَةٍ تَطلُعُ وَ كَم سَاعَةً يَمكُثُ طَالِعاً وَ فِي أَيّ سَاعَةٍ تَغِيبُ وَ كَمِ استَقَامَ لِرَجُلٍ حَكِيمٍ كَمَا زَعَمتَ مِن أَهلِ الدّنيَا أَن يَعلَمَ عِلمَ السّمَاءِ مِمّا لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ وَ لَا يَقَعُ عَلَيهِ الفِكرُ وَ لَا يَخطُرُ عَلَي الأَوهَامِ وَ كَيفَ اهتَدَي أَن يَقِيسَ الشّمسَ حَتّي يَعرِفَ فِي أَيّ بُرجٍ وَ فِي أَيّ بُرجٍ القَمَرُ وَ فِي أَيّ بُرجٍ مِنَ السّمَاءِ هَذِهِ السّبعَةُ السّعُودُ وَ النّحُوسُ وَ مَا الطّالِعُ مِنهَا وَ مَا البَاطِنُ وَ هيِ‌َ مُعَلّقَةٌ فِي السّمَاءِ وَ هُوَ مِن أَهلِ الأَرضِ لَا يَرَاهَا إِذَا تَوَارَت بِضَوءِ الشّمسِ إِلّا أَن تَزعُمَ أَنّ هَذَا الحَكِيمَ ألّذِي وَضَعَ هَذَا العِلمَ قَد رقَيِ‌َ إِلَي السّمَاءِ وَ أَنَا أَشهَدُ أَنّ هَذَا العَالِمَ لَم يَقدِر عَلَي هَذَا العِلمِ إِلّا بِمَن فِي السّمَاءِ لِأَنّ هَذَا لَيسَ مِن عِلمِ أَهلِ الأَرضِ قَالَ مَا بلَغَنَيِ‌ أَنّ أَحَداً مِن أَهلِ الأَرضِ رقَيِ‌َ إِلَي السّمَاءِ قُلتُ فَلَعَلّ هَذَا الحَكِيمَ فَعَلَ ذَلِكَ وَ لَم يَبلُغكَ قَالَ وَ لَو بلَغَنَيِ‌ مَا كُنتُ مُصَدّقاً قُلتُ فَأَنَا أَقُولُ قَولَكَ هَبهُ رقَيِ‌َ إِلَي السّمَاءِ هَل كَانَ لَهُ بُدّ مِن أَن يجَريِ‌َ مَعَ كُلّ بُرجٍ مِن هَذِهِ البُرُوجِ وَ نَجمٍ مِن هَذِهِ النّجُومِ مِن حَيثُ يَطلُعُ إِلَي حَيثُ يَغِيبُ ثُمّ يَعُودَ إِلَي الآخَرِ حَتّي يَفعَلَ مِثلَ ذَلِكَ حَتّي يأَتيِ‌َ عَلَي آخِرِهَا فَإِنّ مِنهَا مَا يَقطَعُ السّمَاءَ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ مِنهَا مَا يَقطَعُ دُونَ ذَلِكَ وَ هَل كَانَ لَهُ بُدّ مِن أَن يَجُولَ فِي أَقطَارِ السّمَاءِ حَتّي يَعرِفَ مَطَالِعَ السّعُودِ مِنهَا وَ النّحُوسِ


صفحه : 173

وَ البطَيِ‌ءَ وَ السّرِيعَ حَتّي يحُصيِ‌َ ذَلِكَ أَو هَبهُ قَدَرَ عَلَي ذَلِكَ حَتّي فَرَغَ مِمّا فِي السّمَاءِ هَل كَانَ يَستَقِيمُ لَهُ حِسَابُ مَا فِي السّمَاءِ حَتّي يُحكِمَ حِسَابَ مَا فِي الأَرضِ وَ مَا تَحتَهَا وَ أَن يَعرِفَ ذَلِكَ مِثلَ مَا قَد عَايَنَ فِي السّمَاءِ لِأَنّ مَجَارِيَهَا تَحتَ الأَرضِ عَلَي غَيرِ مَجَارِيهَا فِي السّمَاءِ فَلَم يَكُن يَقدِرُ عَلَي إِحكَامِ حِسَابِهَا وَ دَقَائِقِهَا وَ سَاعَاتِهَا إِلّا بِمَعرِفَةِ مَا غَابَ عَنهُ تَحتَ الأَرضِ مِنهَا لِأَنّهُ ينَبغَيِ‌ أَن يَعرِفَ أَيّ سَاعَةٍ مِنَ اللّيلِ يَطلُعُ طَالِعُهَا وَ كَم يَمكُثُ تَحتَ الأَرضِ وَ أَيّةَ سَاعَةٍ مِنَ النّهَارِ يَغِيبُ غَائِبُهَا لِأَنّهُ لَا يُعَايِنُهَا وَ لَا مَا طَلَعَ مِنهَا وَ لَا مَا غَابَ وَ لَا بُدّ مِن أَن يَكُونَ العَالِمُ بِهَا وَاحِداً وَ إِلّا لَم يَنتَفِع بِالحِسَابِ أَ لَا تَزعُمُ أَنّ ذَلِكَ الحَكِيمَ قَد دَخَلَ فِي ظُلُمَاتِ الأَرَضِينَ وَ البِحَارِ فَسَارَ مَعَ النّجُومِ وَ الشّمسِ وَ القَمَرِ فِي مَجَارِيهَا عَلَي قَدرِ مَا سَارَ فِي السّمَاءِ حَتّي عَلِمَ الغَيبَ مِنهَا وَ عَلِمَ مَا تَحتَ الأَرضِ عَلَي قَدرِ مَا عَايَنَ مِنهَا فِي السّمَاءِ قَالَ وَ هَل أرَيَتنَيِ‌ أَجَبتُكَ إِلَي أَنّ أَحَداً مِن أَهلِ الأَرضِ رقَيِ‌َ إِلَي السّمَاءِ وَ قَدَرَ عَلَي ذَلِكَ حَتّي أَقُولَ إِنّهُ دَخَلَ فِي ظُلُمَاتِ الأَرَضِينَ وَ البُحُورِ قُلتُ فَكَيفَ وَقَعَ هَذَا العِلمُ ألّذِي زَعَمتَ أَنّ الحُكَمَاءَ مِنَ النّاسِ وَضَعُوهُ وَ أَنّ النّاسَ كُلّهُم مَولُودُونَ بِهِ وَ كَيفَ عَرَفُوا ذَلِكَ الحِسَابَ وَ هُوَ أَقدَمُ مِنهُم

أقول في نسخة السيد ابن طاوس هاهنا زيادة

قَالَ أَ رَأَيتَ إِن قُلتُ لَكَ إِنّ البُرُوجَ لَم تَزَل وَ هيِ‌َ التّيِ‌ خَلَقَت أَنفُسَهَا عَلَي هَذَا الحِسَابِ مَا ألّذِي تَرُدّ عَلَيّ قُلتُ أَسأَلُكَ كَيفَ يَكُونُ بَعضُهَا سَعداً وَ بَعضُهَا نَحساً وَ بَعضُهَا مُضِيئاً وَ بَعضُهَا مُظلِماً وَ بَعضُهَا صَغِيراً وَ بَعضُهَا كَبِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَرَادَت أَن تَكُونَ بِمَنزِلَةِ النّاسِ فَإِنّ بَعضَهُم جَمِيلٌ وَ بَعضَهُم قَبِيحٌ وَ بَعضَهُم قَصِيرٌ وَ بَعضَهُم طَوِيلٌ وَ بَعضَهُم أَبيَضُ وَ بَعضَهُم أَسوَدُ وَ بَعضَهُم صَالِحٌ وَ بَعضَهُم طَالِحٌ قُلتُ فَالعَجَبُ مِنكَ إنِيّ‌ أُرَاوِدُكَ مُنذُ اليَومِ عَلَي أَن تُقِرّ بِصَانِعٍ فَلَم تجُبِنيِ‌ إِلَي ذَلِكَ حَتّي كَانَ الآنَ أَقرَرتَ بِأَنّ القِرَدَةَ وَ الخَنَازِيرَ خَلَقنَ أَنفُسَهُنّ قَالَ لَقَد بهَتَنّيِ‌ بِمَا لَم يَسمَعِ النّاسُ منِيّ‌ قُلتُ أَ فَمُنكِرٌ أَنتَ لِذَلِكَ قَالَ


صفحه : 174

أَشَدّ إِنكَارٍ قُلتُ فَمَن خَلَقَ القِرَدَةَ وَ الخَنَازِيرَ إِن كَانَ النّاسُ وَ النّجُومُ خَلَقنَ أَنفُسَهُنّ فَلَا بُدّ مِن أَن تَقُولَ إِنّهُنّ مِن خَلقِ النّاسِ أَو خَلَقنَ أَنفُسَهُنّ أَ فَتَقُولُ إِنّهَا مِن خَلقِ النّاسِ قَالَ لَا قُلتُ فَلَا بُدّ مِن أَن يَكُونَ لَهَا خَالِقٌ أَو هيِ‌َ خَلَقَت أَنفُسَهَا فَإِن قُلتَ إِنّهَا مِن خَلقِ النّاسِ أَقرَرتَ أَنّ لَهَا خَالِقاً فَإِن قُلتَ لَا بُدّ أَن يَكُونَ لَهَا خَالِقٌ فَقَد صَدَقتَ وَ مَا أَعرَفَنَا بِهِ وَ لَئِن قُلتَ إِنّهُنّ خَلَقنَ أَنفُسَهُنّ فَقَد أعَطيَتنَيِ‌ فَوقَ مَا طَلَبتُ مِنكَ مِنَ الإِقرَارِ بِصَانِعٍ ثُمّ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ بَعضُهُنّ قَبلَ بَعضٍ خَلَقنَ أَنفُسَهُنّ أَم كَانَ ذَلِكَ فِي يَومٍ وَاحِدٍ فَإِن قُلتَ بَعضُهُنّ قَبلَ بَعضٍ فأَخَبرِنيِ‌ السّمَاوَاتُ وَ مَا فِيهِنّ وَ النّجُومُ قَبلَ الأَرضِ وَ الإِنسِ وَ الذّرّ خُلِقنَ أَم بَعدَ ذَلِكَ فَإِن قُلتَ إِنّ الأَرضَ قَبلُ أَ فَلَا تَرَي قَولَكَ إِنّ الأَشيَاءَ لَم تَزَل قَد بَطَلَ حَيثُ كَانَتِ السّمَاءُ بَعدَ الأَرضِ قَالَ بَلَي وَ لَكِن أَقُولُ مَعاً جَمِيعاً خُلِقنَ قُلتُ أَ فَلَا تَرَي أَنّكَ قَد أَقرَرتَ أَنّهَا لَم تَكُن شَيئاً قَبلَ أَن خُلِقنَ وَ قَد أَذهَبتَ حُجّتَكَ فِي الأَزَلِيّةِ قَالَ إنِيّ‌ لَعَلَي حَدّ وُقُوفٍ مَا أدَريِ‌ مَا أُجِيبُكَ فِيهِ لأِنَيّ‌ أَعلَمُ أَنّ الصّانِعَ إِنّمَا سمُيّ‌َ صَانِعاً لِصِنَاعَتِهِ وَ الصّنَاعَةُ غَيرُ الصّانِعِ وَ الصّانِعُ غَيرُ الصّنَاعَةِ لِأَنّهُ يُقَالُ لِلرّجُلِ الباَنيِ‌ لِصِنَاعَتِهِ البَنّاءُ وَ البِنَاءُ غَيرُ الباَنيِ‌ وَ الباَنيِ‌ غَيرُ البِنَاءِ وَ كَذَلِكَ الحَارِثُ غَيرُ الحَرثِ وَ الحَرثُ غَيرُ الحَارِثِ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ عَن قَولِكَ إِنّ النّاسَ خَلَقُوا أَنفُسَهُم فَبِكَمَالِهِم خَلَقُوهَا أَروَاحَهُم وَ أَجسَادَهُم وَ صُوَرَهُم وَ أَنفَاسَهُم أَم خَلَقَ بَعضَ ذَلِكَ غَيرُهُم قَالَ بِكَمَالِهِم لَم يَخلُق ذَلِكَ وَ لَا شَيئاً مِنهُم غَيرُهُم قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ الحَيَاةُ أَحَبّ إِلَيهِم أَمِ المَوتُ قَالَ أَ وَ تَشُكّ أَنّهُ لَا شَيءَ أَحَبّ إِلَيهِم مِنَ الحَيَاةِ وَ لَا أَبغَضُ إِلَيهِم مِنَ المَوتِ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ مَن خَلَقَ المَوتَ ألّذِي يُخرِجُ أَنفُسَهُمُ التّيِ‌ زَعَمتَ أَنّهُم خَلَقُوهَا فَإِنّكَ لَا تُنكِرُ أَنّ المَوتَ غَيرُ الحَيَاةِ وَ أَنّهُ هُوَ ألّذِي يَذهَبُ بِالحَيَاةِ فَإِن قُلتَ إِنّ ألّذِي خَلَقَ المَوتَ غَيرُهُم فَإِنّ ألّذِي خَلَقَ المَوتَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ الحَيَاةَ وَ لَئِن قُلتَ هُمُ الّذِينَ خَلَقُوا المَوتَ لِأَنفُسِهِم إِنّ هَذَا لَمُحَالٌ مِنَ القَولِ وَ كَيفَ خَلَقُوا لِأَنفُسِهِم مَا يَكرَهُونَ إِن كَانُوا كَمَا زَعَمتَ خَلَقُوا أَنفُسَهُم هَذَا مَا يُستَنكَرُ مِن ضَلَالِكَ إِن تَزعُم أَنّ النّاسَ قَدَرُوا عَلَي خَلقِ أَنفُسِهِم بِكَمَالِهِم وَ أَنّ الحَيَاةَ أَحَبّ إِلَيهِم مِنَ المَوتِ وَ خَلَقُوا مَا يَكرَهُونَ لِأَنفُسِهِم


صفحه : 175

قَالَ مَا أَجِدُ وَاحِداً مِنَ القَولَينِ يَنقَادُ لِي وَ لَقَد قَطَعتَهُ عَلَيّ قَبلَ الغَايَةِ التّيِ‌ كُنتُ أُرِيدُهَا قُلتُ دعَنيِ‌ فَإِنّ مِنَ الدّخُولِ فِي أَبوَابِ الجَهَالَاتِ مَا لَا يَنقَادُ مِنَ الكَلَامِ وَ إِنّمَا أَسأَلُكَ عَن مُعَلّمِ هَذَا الحِسَابِ ألّذِي عَلّمَ أَهلَ الأَرضِ عِلمَ هَذِهِ النّجُومِ المُعَلّقَةِ فِي السّمَاءِ

أقول رجعنا إلي ما في النسخ المشهورة

قَالَ مَا أَجِدُ يَستَقِيمُ أَن أَقُولَ إِنّ أَحَداً مِن أَهلِ الأَرضِ وَضَعَ عِلمَ هَذِهِ النّجُومِ المُعَلّقَةِ فِي السّمَاءِ قُلتُ فَلَا بُدّ لَكَ أَن تَقُولَ إِنّمَا عَلّمَهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ بِأَمرِ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ مُدَبّرُهُمَا قَالَ إِن قُلتُ هَذَا فَقَد أَقرَرتُ لَكَ بِإِلَهِكَ ألّذِي تَزعُمُ أَنّهُ فِي السّمَاءِ قُلتُ أَمّا أَنّكَ فَقَد أعَطيَتنَيِ‌ أَنّ حِسَابَ هَذِهِ النّجُومِ حَقّ وَ أَنّ جَمِيعَ النّاسِ وُلِدُوا بِهَا قَالَ الشّكّ فِي غَيرِ هَذَا قُلتُ وَ كَذَلِكَ أعَطيَتنَيِ‌ أَنّ أَحَداً مِن أَهلِ الأَرضِ لَم يَقدِر عَلَي أَن يَغِيبَ مَعَ هَذِهِ النّجُومِ وَ الشّمسِ وَ القَمَرِ فِي المَغرِبِ حَتّي يَعرِفَ مَجَارِيَهَا وَ يَطلُعَ مَعَهَا إِلَي المَشرِقِ قَالَ الطّلُوعُ إِلَي السّمَاءِ دُونَ هَذَا قُلتُ فَلَا أَرَاكَ تَجِدُ بُدّاً مِن أَن تَزعُمَ أَنّ المُعَلّمَ لِهَذَا مِنَ السّمَاءِ قَالَ لَئِن قُلتُ أَن لَيسَ لِهَذَا الحِسَابِ مُعَلّمٌ لَقَد قُلتُ إِذاً غَيرَ الحَقّ وَ لَئِن زَعَمتُ أَنّ أَحَداً مِن أَهلِ الأَرضِ عَلّمَ مَا فِي السّمَاءِ وَ مَا تَحتَ الأَرضِ لَقَد أَبطَلتُ لِأَنّ أَهلَ الأَرضِ لَا يَقدِرُونَ عَلَي عِلمِ مَا وَصَفتُ لَكَ مِن حَالِ هَذِهِ النّجُومِ وَ البُرُوجِ بِالمُعَايَنَةِ وَ الدّنُوّ مِنهَا فَلَا يَقدِرُونَ عَلَيهِ لِأَنّ عِلمَ أَهلِ الدّنيَا لَا يَكُونُ عِندَنَا إِلّا بِالحَوَاسّ وَ مَا يُدرَكُ عِلمُ هَذِهِ النّجُومِ التّيِ‌ وَصَفتُ بِالحَوَاسّ لِأَنّهَا مُعَلّقَةٌ فِي السّمَاءِ وَ مَا زَادَتِ الحَوَاسّ عَلَي النّظَرِ إِلَيهَا حَيثُ تَطلُعُ وَ حَيثُ تَغِيبُ فَأَمّا حِسَابُهَا وَ دَقَائِقُهَا وَ نُحُوسُهَا وَ سُعُودُهَا وَ بَطِيئُهَا وَ سَرِيعُهَا وَ خُنُوسُهَا وَ رُجُوعُهَا فَأَنّي تُدرَكُ بِالحَوَاسّ أَو يُهتَدَي إِلَيهَا بِالقِيَاسِ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ لَو كُنتَ مُتَعَلّماً مُستَوصِفاً لِهَذَا الحِسَابِ مِن أَهلِ الأَرضِ أَحَبّ إِلَيكَ أَن تَستَوصِفَهُ وَ تَتَعَلّمَهُ أَم مِن أَهلِ السّمَاءِ قَالَ مِن أَهلِ السّمَاءِ إِذ كَانَتِ النّجُومُ مُعَلّقَةً فِيهَا حَيثُ لَا يَعلَمُهَا أَهلُ الأَرضِ


صفحه : 176

قُلتُ فَافهَم وَ أَدِقّ النّظَرَ وَ نَاصِح نَفسَكَ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّهُ حَيثُ كَانَ جَمِيعُ أَهلِ الدّنيَا إِنّمَا يُولَدُونَ بِهَذِهِ النّجُومِ عَلَي مَا وَصَفتَ فِي النّحُوسِ وَ السّعُودِ أَنّهُنّ كُنّ قَبلَ النّاسِ قَالَ مَا أَمتَنِعُ أَن أَقُولَ هَذَا قُلتُ أَ فَلَيسَ ينَبغَيِ‌ لَكَ أَن تَعلَمَ أَنّ قَولَكَ إِنّ النّاسَ لَم يَزَالُوا وَ لَا يَزَالُونَ قَدِ انكَسَرَ عَلَيكَ حَيثُ كَانَتِ النّجُومُ قَبلَ النّاسِ فَالنّاسُ حَدَثٌ بَعدَهَا وَ لَئِن كَانَتِ النّجُومُ خُلِقَت قَبلَ النّاسِ مَا تَجِدُ بُدّاً مِن أَن تَزعُمَ أَنّ الأَرضَ خُلِقَت قَبلَهُم قَالَ وَ لِمَ تَزعُمُ أَنّ الأَرضَ خُلِقَت قَبلَهُم قُلتُ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّهَا لَو لَم تَكُنِ الأَرضُ جَعَلَ اللّهُ لِخَلقِهِ فِرَاشاً وَ مِهَاداً مَا استَقَامَ النّاسُ وَ لَا غَيرُهُم مِنَ الأَنَامِ وَ لَا قَدَرُوا أَن يَكُونُوا فِي الهَوَاءِ إِلّا أَن يَكُونَ لَهُم أَجنِحَةٌ قَالَ وَ مَا ذَا يغُنيِ‌ عَنهُمُ الأَجنِحَةُ إِذَا لَم تَكُن لَهُم مَعِيشَةٌ قُلتُ ففَيِ‌ شَكّ أَنتَ مِن أَنّ النّاسَ حَدَثٌ بَعدَ الأَرضِ وَ البُرُوجِ قَالَ لَا وَ لَكِن عَلَي اليَقِينِ مِن ذَلِكَ قُلتُ آتِيكَ أَيضاً بِمَا تُبصِرُهُ قَالَ ذَلِكَ أَنفَي لِلشّكّ عنَيّ‌ قُلتُ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ ألّذِي تَدُورُ عَلَيهِ هَذِهِ النّجُومُ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ هَذَا الفَلَكُ قَالَ بَلَي قُلتُ أَ فَلَيسَ قَد كَانَ أَسَاساً لِهَذِهِ النّجُومِ قَالَ بَلَي قُلتُ فَمَا أَرَي هَذِهِ النّجُومَ التّيِ‌ زَعَمتَ أَنّهَا مَوَالِيدُ النّاسِ إِلّا وَ قَد وُضِعَت بَعدَ هَذَا الفَلَكِ لِأَنّهُ بِهِ تَدُورُ البُرُوجُ وَ تَسفُلُ مَرّةً وَ تَصعَدُ أُخرَي قَالَ قَد جِئتَ بِأَمرٍ وَاضِحٍ لَا يُشكِلُ عَلَي ذيِ‌ عَقلٍ أَنّ الفَلَكَ ألّذِي تَدُورُ بِهِ النّجُومُ هُوَ أَسَاسُهَا ألّذِي وُضِعَ لَهَا لِأَنّهَا إِنّمَا جَرَت بِهِ قُلتُ أَقرَرتَ أَنّ خَالِقَ النّجُومِ التّيِ‌ يُولَدُ بِهَا النّاسُ سُعُودُهُم وَ نُحُوسُهُم هُوَ خَالِقُ الأَرضِ لِأَنّهُ لَو لَم يَكُن خَلَقَهَا لَم يَكُن ذَرءٌ قَالَ مَا أَجِدُ بُدّاً مِن إِجَابَتِكَ إِلَي ذَلِكَ قُلتُ أَ فَلَيسَ ينَبغَيِ‌ لَكَ أَن يَدُلّكَ عَقلُكَ عَلَي أَنّهُ لَا يَقدِرُ عَلَي خَلقِ السّمَاءِ إِلّا ألّذِي خَلَقَ الأَرضَ وَ الذّرءَ وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ وَ النّجُومَ وَ أَنّهُ لَو لَا السّمَاءُ وَ مَا فِيهَا لَهَلَكَ ذَرءُ الأَرضِ

شرح أن يكون لبعض الناس أي هذاالعلم اعلم أن كلامه واحتجاجه ع


صفحه : 177

مبني‌ّ علي أحد أمرين الأول مايحكم به الوجدان من أن العلم بدقائق حركات هذه الكواكب وخواص آثارها والمناسبة بينها و بين ماهي‌ علامة لحدوثها لايتأتّي إلالخالقها ألذي جعلها كذلك أو من ينتهي‌ علمه إليه ومعلوم أن ما هوالحق من هذه العلوم إنما وصل إلي الخلق من الأنبياء كمااعترفوا به و لما لم يحيطوا بجميع ذلك وضاع عنهم بعض مااستفادوا من الأنبياء ع أيضا فلذا تري الرياضيين يتحيرون في بعض الحركات التي‌ لاتستقيم علي أصولهم ويسمونها ما لاينحل وتري المنجمين يخطئون في كثير من أحكامهم لذلك ثم ذكر ع علي سبيل التنزل أنه لوسلمنا أنه يمكن أن يتيسر ذلك لمخلوق من البشر فلايتأتّي ذلك إلالمن كان معها في حركاتها ويعاشرها مدة طويلة ليعلم كيفية حركاتها وجرب بكثرة المعاشرة خواصها وآثارها. والثاني‌ أن يكون المراد أنك إذااعترفت أن كل الخلق يولدون بهذه النجوم فلا يكون أحد منهم علة لها ولآثارها لتقدمها عليهم و لاشك في أنه لابد من حكيم عالم بجميع الأمور قادر عليها أسّس ذلك الأساس وبني عليها تلك الآثار والأحكام التي‌ أمكن للخلق بهااستعلام ما لم يأت من الأمور فقد أقررت بالصانع فهو أول عالم بهذا العلم لاالحكيم ألذي تزعم أنه يولد بتلك النجوم ويحتمل أن يكون المقصود من الكلام الإشارة إلي كلا الدليلين كما لايخفي بعدالتأمّل قوله ع مواضعها من السماء أي عندكونها فوق الأرض ومواضعها تحت الأرض أي بعدغروبها واستتارها عنا بالأرض قوله ع إلابمن في السماء أي بمن أحاط علمه وقدرته وحكمه بالسماء و ما فيها قوله ع فأنا أقول قولك أي أناأعتقد ما قلت من أن الحكماء الذين تزعمهم عالمين به لم يرقوا إلي السماء أوأعتقد أنه لايمكنهم أن يرقوا إلي السماء بأنفسهم بدون تعلق إرادة الرب تعالي به و مع ذلك فإن سلمناه فلايكفي‌ محض الصعود للإحاطة بذلك قوله ع مع كل برج أي فيه أوبالحركة السريعة قوله ع في ثلاثين سنة و هوزحل و هوأبطأ السيارات وإنما لم يتعرض ع للثوابت مع


صفحه : 178

كونها أبطأ لأن مبني أحكامهم علي السيارات قوله ع لأن مجاريها تحت الأرض لماذكر ع سابقا سيره مع الكواكب من الطلوع إلي الغروب أشار ع هاهنا إلي أنه لايكفي‌ ذلك للعلم بجميع الحركات حتي يسير معها بعدالغروب فيحاذي‌ ماتحت الأرض من البحار والمواضع المظلمة بالبخارات أويسير مع سائر الكواكب عندكون الشمس فوق الأرض حتي يحاذي‌ ماتحتها الظلمة ثم بين ع الحاجة إلي ذلك بأنه لاتكفي‌ الإحاطة ببعض مسيرها للعلم بحركاتها لأن حركاتها الخاصة عندهم مختلفة بالنسبة إلي مركز العالم بسبب التداوير والأفلاك الخارجة المراكز وغيرها فتارة تسرع وتارة تبطئ فلاتتأتي مقايسة بعض حركاتها ببعض . قوله ع كيف يكون بعضها سعدا أي يرجع قولك إلي أنها مع صفاتها وجدت من غيرصانع فكيف صار بعضها هكذا وبعضها هكذا فترجح هذه الأحوال الممكنة وحصولها من غيرعلة مما يحكم العقل باستحالته أوالمراد أنها لوكانت خالقة لأنفسها لكان كل منها يختار لنفسه أفضل الأحوال وأشرفها فكان جميعها علي حالة واحدة هي‌ أفضل الأحوال و هذاأظهر ثم لما لم يفهم السائل ذلك غيرالكلام وصرفه إلي ما هوأوضح و قوله ع قدأقررت أنها لم تكن شيئا إما مبني‌ علي أن الصنع والخلق لايتعلقان إلابالحادث أو علي ما كان ظاهر كلام السائل أن لوجودها مبدأ ثم إن السائل لماتفطن بفساد كون الشي‌ء صانعا لنفسه رجع وأقر بأن العقل يحكم بديهة بأن المصنوع غيرالصانع والباني‌ غيرالبناء و ماذكره ع من أن خالق الحياة والموت لابد أن يكون واحدا مما يحكم به الوجدان مع أن الظاهر من خالق الحياة من يكون مستقلا فيه والموت ليس إلارفع الحياة فلو كان مستندا إلي غيره لم يكن خالق الحياة مستقلا فيه . قوله ع دون هذا أي أناأنكر الصعود إلي السماء ألذي هوأسهل مما ذكرت فكيف أقر به أوالمراد أن الصعود إلي السماء أسهل علي من الإقرار بما ذكرت قوله ع إنهن كن قبل الناس أي بالعلية والسببية كماظن السائل أوبالزمان أي تقدمها علي كل شخص أو علي الجميع بناء علي لزوم التقدم علي كل


صفحه : 179

من الأشخاص التقدم علي الجميع كماقيل أو علي أنه ع كان يعلم أن السائل كان قائلا بذلك فذكره ع إلزاما عليه كمااعترف به و علي الأول يكون المراد بقوله لم يزالوا و لايزالون عدم استنادهم إلي علة و علي الثاني‌ فالمراد إما قدم مادتهم أوصورهم أيضا بناء علي القول بالكمون و علي الثالث فالمراد قدم نوعهم قوله ع بعد هذاالفلك أي هي‌ محتاجة إلي الفلك والفلك متقدمة عليها بالعلية فلايصح كون النجوم علة لها للزوم الدور قوله ع لم يكن ذرء أي مذروء ومخلوق من الإنس . ثم اعلم أن حاصل استدلاله علي ماظهر لهذا القاصر هو أنه ع لماقرر السائل سالفا علي أن النجوم ليست خالقة لأنفسها وآنفا علي أنها ليست مخلوقة للناس وغيرها مما يحدث بزعمه بتأثيرها لتأخرها عنها و علي أن الأرض أيضا متقدمة علي ماعليها من الخلق فلاتكون مخلوقة لماعليها و علي أن الفلك لتقدمه علي النجوم المتقدمة علي الناس لايجوز كونه مخلوقا لشي‌ء منها استدل ع هاهنا علي أنه لابد أن يكون خالق السماء و الأرض و ما في السماء من الشمس والقمر والنجوم و ما علي الأرض من الخلق واحدا. أمااتحاد خالق الأرض والنجوم فيمكن تقريره بوجهين الأول أن الناس محتاجون إلي الأرض كماعرفت وظاهر أنها من أعظم مصالحهم فالوجدان الصحيح يحكم بأن من خلق شيئا يعد له مايصلحه ويهيئ له ماسيحتاج إليه فظهر أنه لابد أن يكون خالق الناس وخالق الأرض واحدا و الناس بزعمك مخلوقون للنجوم ولزمك القول بوجود خالق للنجوم فلابد من القول بكون الأرض منسوبة إلي خالق النجوم إما بلا واسطة أوبواسطة النجوم أوغيرها فثبت المطلوب .الثاني‌ أنانري التلازم بين الناس و الأرض لحكم العقل بأن كلا منهما يرتفع عندارتفاع الآخر إذ الظاهر أن غاية خلق الأرض هوالإنسان ونحوه وهم محتاجون في أمورهم إليها و قدتقرر أن المتلازمين إما أن يكون أحدهما علة للآخر أو كل منهما معلول علة ثالثة و لايجوز أن يكون الناس عللا للأرض لماعرفت و لامعلولة


صفحه : 180

لها لانتسابها عندك إلي النجوم فلابد من أن يكونا معلولي‌ علة واحدة وبأحد هذين التقريرين يثبت اتحاد خالق السماء وخالق هذه الأمور السابقة لاحتياج ما علي الأرض من الخلق إلي السماء و ما فيها من النجوم و إليه أشار ع بقوله وإنه لو لاالسماء و ما فيهالهلك ذرء الأرض هذا ماأحاط به نظري‌ العاثر وسيأتي‌ في تضاعيف كلامه ع توضيح ماقلناه والتصريح ببعض ماقررناه و الله يعلم وحججه ع حقائق كلامهم ودقائق مرامهم ثم لايتوهم متوهم من كلامه ع أن للنجوم تأثيرا فإنه ظاهر أنه ع إنما ذكرها إلزاما عليه ومماشاة معه لإتمام الحجة عليه بل لايمكن الاستدلال علي سعودها ونحوسها وكونها علامات للكائنات أيضا بهذا الوجه لكن ظاهره أن لها سعادة ونحوسة وأنها علامات وسيأتي‌ القول في ذلك مفصلا في كتاب السماء والعالم

قَالَ أَشهَدُ أَنّ الخَالِقَ وَاحِدٌ مِن غَيرِ شَكّ لِأَنّكَ قَد أتَيَتنَيِ‌ بِحُجّةٍ ظَهَرَت لعِقَليِ‌ وَ انقَطَعَت بِهَا حجُتّيِ‌ وَ مَا أَرَي يَستَقِيمُ أَن يَكُونَ وَاضِعُ هَذَا الحِسَابِ وَ مُعَلّمُ هَذِهِ النّجُومِ وَاحِداً مِن أَهلِ الأَرضِ لِأَنّهَا فِي السّمَاءِ وَ لَا مَعَ ذَلِكَ يَعرِفُ مَا تَحتَ الأَرضِ مِنهَا إِلّا مُعَلّمُ مَا فِي السّمَاءِ مِنهَا وَ لَكِن لَستُ أدَريِ‌ كَيفَ سَقَطَ أَهلُ الأَرضِ عَلَي هَذَا العِلمِ ألّذِي هُوَ فِي السّمَاءِ حَتّي اتّفَقَ حِسَابُهُم عَلَي مَا رَأَيتَ مِنَ الدّقّةِ وَ الصّوَابِ فإَنِيّ‌ لَو لَم أَعرِف مِن هَذَا الحِسَابِ مَا أَعرِفُهُ لَأَنكَرتُهُ وَ لَأَخبَرتُكَ أَنّهُ بَاطِلٌ فِي بَدءِ الأَمرِ فَكَانَ أَهوَنَ عَلَيّ قُلتُ فأَعَطنِيِ‌ مَوثِقاً إِن أَنَا أَعطَيتُكَ مِن قِبَلِ هَذِهِ الإِهلِيلَجَةِ التّيِ‌ فِي يَدِكَ وَ مَا تدَعّيِ‌ مِنَ الطّبّ ألّذِي هُوَ صِنَاعَتُكَ وَ صِنَاعَةُ آبَائِكَ حَتّي يَتّصِلَ الإِهلِيلَجَةُ وَ مَا يُشبِهُهَا مِنَ الأَدوِيَةِ بِالسّمَاءِ لَتُذعِنَنّ بِالحَقّ وَ لَتُنصِفَنّ مِن نَفسِكَ قَالَ ذَلِكَ لَكَ قُلتُ هَل كَانَ النّاسُ عَلَي حَالٍ وَ هُم لَا يَعرِفُونَ الطّبّ وَ مَنَافِعَهُ مِن هَذِهِ الإِهلِيلَجَةِ وَ أَشبَاهِهَا قَالَ نَعَم قُلتُ فَمِن أَينَ اهتَدَوا لَهُ قَالَ بِالتّجرِبَةِ وَ طُولِ المُقَايَسَةِ قُلتُ فَكَيفَ خَطَرَ


صفحه : 181

عَلَي أَوهَامِهِم حَتّي هَمّوا بِتَجرِبَتِهِ وَ كَيفَ ظَنّوا أَنّهُ مَصلَحَةٌ لِلأَجسَادِ وَ هُم لَا يَرَونَ فِيهِ إِلّا المَضَرّةَ أَو كَيفَ عَزَمُوا عَلَي طَلَبِ مَا لَا يَعرِفُونَ مِمّا لَا تَدُلّهُم عَلَيهِ الحَوَاسّ قَالَ بِالتّجَارِبِ قُلتُ أخَبرِنيِ‌ عَن وَاضِعِ هَذَا الطّبّ وَ وَاصِفِ هَذِهِ العَقَاقِيرِ المُتَفَرّقَةِ بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ هَل كَانَ بُدّ مِن أَن يَكُونَ ألّذِي وَضَعَ ذَلِكَ وَ دَلّ عَلَي هَذِهِ العَقَاقِيرِ رجل حكيم [رَجُلًا حَكِيماً] مِن بَعضِ أَهلِ هَذِهِ البُلدَانِ قَالَ لَا بُدّ أَن يَكُونَ كَذَلِكَ وَ أَن يَكُونَ رَجُلًا حَكِيماً وَضَعَ ذَلِكَ وَ جَمَعَ عَلَيهِ الحُكَمَاءُ فَنَظَرُوا فِي ذَلِكَ وَ فَكّرُوا فِيهِ بِعُقُولِهِم قُلتُ كَأَنّكَ تُرِيدُ الإِنصَافَ مِن نَفسِكَ وَ الوَفَاءَ بِمَا أَعطَيتَ مِن مِيثَاقِكَ فأَعَلمِنيِ‌ كَيفَ عَرَفَ الحَكِيمُ ذَلِكَ وَ هَبهُ قَد عَرَفَ بِمَا فِي بِلَادِهِ مِنَ الدّوَاءِ وَ الزّعفَرَانِ ألّذِي بِأَرضِ فَارِسَ أَ تَرَاهُ اتّبَعَ جَمِيعَ نَبَاتِ الأَرضِ فَذَاقَهُ شَجَرَةً شَجَرَةً حَتّي ظَهَرَ عَلَي جَمِيعِ ذَلِكَ وَ هَل يَدُلّكَ عَقلُكَ عَلَي أَنّ رِجَالًا حُكَمَاءَ قَدَرُوا عَلَي أَن يَتّبِعُوا جَمِيعَ بِلَادِ فَارِسَ وَ نَبَاتِهَا شَجَرَةً شَجَرَةً حَتّي عَرَفُوا ذَلِكَ بِحَوَاسّهِم وَ ظَهَرُوا عَلَي تِلكَ الشّجَرَةِ التّيِ‌ يَكُونُ فِيهَا خِلطُ بَعضِ هَذِهِ الأَدوِيَةِ التّيِ‌ لَم تُدرِك حَوَاسّهُم شَيئاً مِنهَا وَ هَبهُ أَصَابَ تِلكَ الشّجَرَةَ بَعدَ بَحثِهِ عَنهَا وَ تَتَبّعِهِ جَمِيعَ شَجَرِ فَارِسَ وَ نَبَاتِهَا كَيفَ عَرَفَ أَنّهُ لَا يَكُونُ دَوَاءً حَتّي يَضُمّ إِلَيهِ الإِهلِيلَجَ مِنَ الهِندِ وَ المَصطَكَي مِنَ الرّومِ وَ المِسكَ مِن التّبّتِ وَ الداّرصَيِنيِ‌ّ مِنَ الصّينِ وَ خُصَي بِيدَستَرَ مِنَ التّركِ وَ الأَفيُونَ مِن مِصرَ وَ الصّبِرَ مِنَ اليَمَنِ وَ البُورَقَ مِن إرمنية[إِرمِينِيّةَ] وَ غَيرَ ذَلِكَ مِن أَخلَاطِ الأَدوِيَةِ التّيِ‌ تَكُونُ فِي أَطرَافِ الأَرضِ وَ كَيفَ عَرَفَ أَنّ بَعضَ تِلكَ الأَدوِيَةِ وَ هيِ‌َ عَقَاقِيرُ مُختَلِفَةٌ يَكُونُ المَنفَعَةُ بِاجتِمَاعِهَا وَ لَا يَكُونُ مَنفَعَتُهَا فِي الحَالَاتِ بِغَيرِ اجتِمَاعٍ أَم كَيفَ اهتَدَي لِمَنَابِتِ هَذِهِ الأَدوِيَةِ وَ هيِ‌َ أَلوَانٌ مُختَلِفَةٌ وَ عَقَاقِيرُ مُتَبَايِنَةٌ فِي بُلدَانٍ مُتَفَرّقَةٍ فَمِنهَا عُرُوقٌ وَ مِنهَا لِحَاءٌ وَ مِنهَا وَرَقٌ وَ مِنهَا ثَمَرٌ وَ مِنهَا عَصِيرٌ وَ مِنهَا مَائِعٌ وَ مِنهَا صَمغٌ وَ مِنهَا دُهنٌ وَ مِنهَا


صفحه : 182

مَا يُعصَرُ وَ يُطبَخُ وَ مِنهَا مَا يُعصَرُ وَ لَا يُطبَخُ مِمّا سمُيّ‌َ بِلُغَاتٍ شَتّي لَا يُصلَحُ بَعضُهَا إِلّا بِبَعضٍ وَ لَا يَصِيرُ دَوَاءً إِلّا بِاجتِمَاعِهَا وَ مِنهَا مَرَائِرُ السّبَاعِ وَ الدّوَابّ البَرّيّةِ وَ البَحرِيّةِ وَ أَهلُ هَذِهِ البُلدَانِ مَعَ ذَلِكَ مُتَعَادُونَ مُختَلِفُونَ مُتَفَرّقُونَ بِاللّغَاتِ مُتَغَالِبُونَ بِالمُنَاصَبَةِ وَ مُتَحَارِبُونَ بِالقَتلِ وَ السبّي‌ِ أَ فَتَرَي ذَلِكَ الحَكِيمَ تَتَبّعَ هَذِهِ البُلدَانَ حَتّي عَرَفَ كُلّ لُغَةٍ وَ طَافَ كُلّ وَجهٍ وَ تَتَبّعَ هَذِهِ العَقَاقِيرَ مَشرِقاً وَ مَغرِباً آمِناً صَحِيحاً لَا يَخَافُ وَ لَا يَمرَضُ سَلِيماً لَا يَعطَبُ حَيّاً لَا يَمُوتُ هَادِياً لَا يَضِلّ قَاصِداً لَا يَجُورُ حَافِظاً لَا يَنسَي نَشِيطاً لَا يَمَلّ حَتّي عَرَفَ وَقتَ أَزمِنَتِهَا وَ مَوَاضِعَ مَنَابِتِهَا مَعَ اختِلَاطِهَا وَ اختِلَافِ صِفَاتِهَا وَ تَبَايُنِ أَلوَانِهَا وَ تَفَرّقِ أَسمَائِهَا ثُمّ وَضَعَ مِثَالَهَا عَلَي شِبهِهَا وَ صِفَتِهَا ثُمّ وَصَفَ كُلّ شَجَرَةٍ بِنَبَاتِهَا وَ وَرَقِهَا وَ ثَمَرِهَا وَ رِيحِهَا وَ طَعمِهَا أَم هَل كَانَ لِهَذَا الحَكِيمِ بُدّ مِن أَن يَتّبِعَ جَمِيعَ أَشجَارِ الدّنيَا وَ بُقُولِهَا وَ عُرُوقِهَا شَجَرَةً شَجَرَةً وَ وَرَقَةً وَرَقَةً شَيئاً شَيئاً فَهَبهُ وَقَعَ عَلَي الشّجَرَةِ التّيِ‌ أَرَادَ فَكَيفَ دَلّتهُ حَوَاسّهُ عَلَي أَنّهَا تُصلِحُ لِدَوَاءٍ وَ الشّجَرُ مُختَلِفٌ مِنهُ الحُلوُ وَ الحَامِضُ وَ المُرّ وَ المَالِحُ وَ إِن قُلتَ يَستَوصِفُ فِي هَذِهِ البُلدَانِ وَ يَعمَلُ بِالسّؤَالِ فَأَنّي يَسأَلُ عَمّا لَم يُعَايِن وَ لَم يُدرِكهُ بِحَوَاسّهِ أَم كَيفَ يهَتدَيِ‌ إِلَي مَن يَسأَلُهُ عَن تِلكَ الشّجَرَةِ وَ هُوَ يُكَلّمُهُ بِغَيرِ لِسَانِهِ وَ بِغَيرِ لُغَتِهِ وَ الأَشيَاءُ كَثِيرَةٌ فَهَبهُ فَعَلَ كَيفَ عَرَفَ مَنَافِعَهَا وَ مَضَارّهَا وَ تَسكِينَهَا وَ تَهيِيجَهَا وَ بَارِدَهَا وَ حَارّهَا وَ حُلوَهَا وَ مَرَارَتَهَا وَ حَرَافَتَهَا وَ لَيّنَهَا وَ شَدِيدَهَا فَلَئِن قُلتَ بِالظّنّ إِنّ ذَلِكَ مِمّا لَا يُدرَكُ وَ لَا يُعرَفُ بِالطّبَائِعِ وَ الحَوَاسّ وَ لَئِن قُلتَ بِالتّجرِبَةِ وَ الشّربِ لَقَد كَانَ ينَبغَيِ‌ لَهُ أَن يَمُوتَ فِي أَوّلِ مَا شَرِبَ وَ جَرّبَ تِلكَ الأَدوِيَةَ بِجَهَالَتِهِ بِهَا وَ قِلّةِ مَعرِفَتِهِ بِمَنَافِعِهَا وَ مَضَارّهَا وَ أَكثَرُهَا السّمّ القَاتِلُ وَ لَئِن قُلتَ بَل طَافَ فِي كُلّ بَلَدٍ وَ أَقَامَ فِي كُلّ أُمّةٍ يَتَعَلّمُ لُغَاتِهِم وَ يُجَرّبُ بِهِم أَدوِيَتَهُم تُقتَلُ الأَوّلَ فَالأَوّلَ مِنهُم مَا كَانَ لِتَبلُغَ مَعرِفَتُهُ الدّوَاءَ الوَاحِدَ إِلّا بَعدَ قَتلِ قَومٍ كَثِيرٍ فَمَا كَانَ أَهلُ تِلكَ البُلدَانِ


صفحه : 183

الّذِينَ قُتِلَ مِنهُم مَن قُتِلَ بِتَجرِبَتِهِ بِالّذِينَ يَنقَادُونَهُ بِالقَتلِ وَ لَا يَدعُونَهُ أَن يُجَاوِرَهُم وَ هَبهُ تَرَكُوهُ وَ سَلّمُوا لِأَمرِهِ وَ لَم يَنهَوهُ كَيفَ قوَيِ‌َ عَلَي خَلطِهَا وَ عَرَفَ قَدرَهَا وَ وَزنَهَا وَ أَخَذَ مَثَاقِيلَهَا وَ قَرَطَ قَرَارِيطَهَا وَ هَبهُ تَتَبّعَ هَذَا كُلّهُ وَ أَكثَرُهُ سَمّ قَاتِلٌ إِن زِيدَ عَلَي قَدرِهَا قَتَلَ وَ إِن نَقَصَ عَن قَدرِهَا بَطَلَ وَ هَبهُ تَتَبّعَ هَذَا كُلّهُ وَ جَالَ مَشَارِقَ الأَرضِ وَ مَغَارِبَهَا وَ طَالَ عُمُرُهُ فِيهَا تَتّبَعَهُ شَجَرَةً شَجَرَةً وَ بُقعَةً بُقعَةً كَيفَ كَانَ لَهُ تَتَبّعُ مَا لَم يَدخُل فِي ذَلِكَ مِن مَرَارَةِ الطّيرِ وَ السّبَاعِ وَ دَوَابّ البَحرِ هَل كَانَ بُدّ حَيثُ زَعَمتَ أَنّ ذَلِكَ الحَكِيمَ تَتَبّعَ عَقَاقِيرَ الدّنيَا شَجَرَةً شَجَرَةً وَ ثَمَرَةً ثَمَرَةً حَتّي جَمَعَهَا كُلّهَا فَمِنهَا مَا لَا يُصلَحُ وَ لَا يَكُونُ دَوَاءً إِلّا بِالمَرَارِ هَل كَانَ بُدّ مِن أَن يَتّبِعَ جَمِيعَ طَيرِ الدّنيَا وَ سِبَاعِهَا وَ دَوَابّهَا دَابّةً دَابّةً وَ طَائِراً طَائِراً يَقتُلُهَا وَ يُجَرّبُ مَرَارَتَهَا كَمَا بَحَثَ عَن تِلكَ العَقَاقِيرِ عَلَي مَا زَعَمتَ بِالتّجَارِبِ وَ لَو كَانَ ذَلِكَ فَكَيفَ بَقِيَتِ الدّوَابّ وَ تَنَاسَلَت وَ لَيسَت بِمَنزِلَةِ الشّجَرَةِ إِذَا قُطِعَت شَجَرَةٌ نَبَتَت أُخرَي وَ هَبهُ أَتَي عَلَي طَيرِ الدّنيَا كَيفَ يَصنَعُ بِمَا فِي البَحرِ مِنَ الدّوَابّ التّيِ‌ كَانَ ينَبغَيِ‌ أَن يَتّبِعَهَا بَحراً بَحراً وَ دَابّةً دَابّةً حَتّي أَحَاطَ بِهِ كَمَا أَحَاطَ بِجَمِيعِ عَقَاقِيرِ الدّنيَا التّيِ‌ بَحَثَ عَنهَا حَتّي عَرَفَهَا وَ طَلَبَ ذَلِكَ فِي غَمَرَاتِ المَاءِ فَإِنّكَ مَهمَا جَهِلتَ شَيئاً مِن هَذَا فَإِنّكَ لَا تَجهَلُ أَنّ دَوَابّ البَحرِ كُلّهَا تَحتَ المَاءِ فَهَل يَدُلّ العَقلُ وَ الحَوَاسّ عَلَي أَنّ هَذَا يُدرَكُ بِالبَحثِ وَ التّجَارِبِ قَالَ لَقَد ضَيّقتَ عَلَيّ المَذَاهِبَ فَمَا أدَريِ‌ مَا أُجِيبُكَ بِهِ قُلتُ فإَنِيّ‌ آتِيكَ بِغَيرِ ذَلِكَ مِمّا هُوَ أَوضَحُ وَ أَبيَنُ مِمّا اقتَصَصتُ عَلَيكَ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ هَذِهِ العَقَاقِيرَ التّيِ‌ مِنهَا الأَدوِيَةُ وَ المِرَارُ مِنَ الطّيرِ وَ السّبَاعِ لَا يَكُونُ دَوَاءً إِلّا بَعدَ الِاجتِمَاعِ قَالَ هُوَ كَذَلِكَ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ كَيفَ حَوَاسّ هَذَا الحَكِيمِ وَضَعَت هَذِهِ الأَدوِيَةَ مَثَاقِيلَهَا وَ قَرَارِيطَهَا فَإِنّكَ مِن أَعلَمِ النّاسِ بِذَلِكَ لِأَنّ صِنَاعَتَكَ الطّبّ وَ أَنتَ تُدخِلُ فِي الدّوَاءِ الوَاحِدِ مِنَ اللّونِ الوَاحِدِ زِنَةَ أَربَعِمِائَةِ مِثقَالٍ وَ مِنَ الآخَرِ مَثَاقِيلَ وَ قَرَارِيطَ فَمَا فَوقَ ذَلِكَ وَ دُونَهُ حَتّي يجَيِ‌ءَ بِقَدرِ وَاحِدٍ مَعلُومٍ إِذَا سَقَيتَ مِنهُ صَاحِبَ البِطنَةِ بِمِقدَارٍ عَقَدَ بَطنَهُ وَ إِن سَقَيتَ صَاحِبَ القُولَنجِ أَكثَرَ مِن ذَلِكَ استَطلَقَ بَطنُهُ وَ أَلَانَ فَكَيفَ أَدرَكَت حَوَاسّهُ عَلَي هَذَا


صفحه : 184

أَم كَيفَ عَرَفَت حَوَاسّهُ أَنّ ألّذِي يُسقَي لِوَجَعِ الرّأسِ لَا يَنحَدِرُ إِلَي الرّجلَينِ وَ الِانحِدَارُ أَهوَنُ عَلَيهِ مِنَ الصّعُودِ وَ ألّذِي يُسقَي لِوَجَعِ القَدَمَينِ لَا يَصعَدُ إِلَي الرّأسِ وَ هُوَ إِلَي الرّأسِ عِندَ السّلُوكِ أَقرَبُ مِنهُ وَ كَذَلِكَ كُلّ دَوَاءٍ يُسقَي صَاحِبَهُ لِكُلّ عُضوٍ لَا يَأخُذُ إِلّا طَرِيقَهُ فِي العُرُوقِ التّيِ‌ تُسقَي لَهُ وَ كُلّ ذَلِكَ يَصِيرُ إِلَي المَعِدَةِ وَ مِنهَا يَتَفَرّقُ أَم كَيفَ لَا يَسفُلُ مِنهُ مَا صَعِدَ وَ لَا يَصعَدُ مِنهُ مَا انحَدَرَ أَم كَيفَ عَرَفَتِ الحَوَاسّ هَذَا حَتّي عَلِمَ أَنّ ألّذِي ينَبغَيِ‌ لِلأُذُنِ لَا يَنفَعُ العَينَ وَ مَا يَنتَفِعُ بِهِ العَينُ لَا يغُنيِ‌ مِن وَجَعِ الأُذُنِ وَ كَذَلِكَ جَمِيعُ الأَعضَاءِ يَصِيرُ كُلّ دَاءٍ مِنهَا إِلَي ذَلِكَ الدّوَاءِ ألّذِي ينَبغَيِ‌ لَهُ بِعَينِهِ فَكَيفَ أَدرَكَتِ العُقُولُ وَ الحِكمَةُ وَ الحَوَاسّ هَذَا وَ هُوَ غَائِبٌ فِي الجَوفِ وَ العُرُوقُ فِي اللّحمِ وَ فَوقَهُ الجِلدُ لَا يُدرَكُ بِسَمعٍ وَ لَا بِبَصَرٍ وَ لَا بِشَمّ وَ لَا بِلَمسٍ وَ لَا بِذَوقٍ قَالَ لَقَد جِئتَ بِمَا أَعرِفُهُ إِلّا أَنّنَا نَقُولُ إِنّ الحَكِيمَ ألّذِي وَضَعَ هَذِهِ الأَدوِيَةَ وَ أَخلَاطَهَا كَانَ إِذَا سَقَي أَحَداً شَيئاً مِن هَذِهِ الأَدوِيَةِ فَمَاتَ شَقّ بَطنَهُ وَ تَتَبّعَ عُرُوقَهُ وَ نَظَرَ مجَاَريِ‌َ تِلكَ الأَدوِيَةِ وَ أَتَي المَوَاضِعَ التّيِ‌ تِلكَ الأَدوِيَةُ فِيهَا قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ الدّوَاءَ كُلّهُ إِذَا وَقَعَ فِي العُرُوقِ اختَلَطَ بِالدّمِ فَصَارَ شَيئاً وَاحِداً قَالَ بَلَي قُلتُ أَ مَا تَعلَمُ أَنّ الإِنسَانَ إِذَا خَرَجَت نَفسُهُ بَرَدَ دَمُهُ وَ جَمَدَ قَالَ بَلَي قُلتُ فَكَيفَ عَرَفَ ذَلِكَ الحَكِيمُ دَوَاءَهُ ألّذِي سَقَاهُ لِلمَرِيضِ بَعدَ مَا صَارَ غَلِيظاً عَبِيطاً لَيسَ بِأَمشَاجٍ يُستَدَلّ عَلَيهِ بِلَونٍ فِيهِ غَيرِ لَونِ الدّمِ قَالَ لَقَد حمَلَتنَيِ‌ عَلَي مَطِيّةٍ صَعبَةٍ مَا حُمِلتُ عَلَي مِثلِهَا قَطّ وَ لَقَد جِئتَ بِأَشيَاءَ لَا أَقدِرُ عَلَي رَدّهَا

شرح قوله ع خلط بعض هذه الأدوية الخلط بالكسر مايخلط بالشي‌ء أي مايدخل في بعض هذه الأدوية المركّبة قوله ع ثم وضع مثالها علي شبهها أي ضمّ كلما وجد من كل نوع إلي مثله لأنه يشبهه ويوافقه في الصفة أوترك الأشياء التي‌ تشبه مايريده و إن كانت موافقة له في الصفات فإن كثيرا من العقاقير تشتبه بغيرها لاتفاقهما في كثير من الصفات قوله ع فكيف بقيت لعل المفروض أن ذلك كان


صفحه : 185

في مبادي‌ خلق العالم لقدم ذلك العلم فيلزم من التجارب الكثيرة فناء الحيوانات لقلّتها في تلك الأزمنة قوله ع ليس بأمشاج أي أشياء مختلطة متمايزة.أقول كلامه ع يدلّ علي أن خواصّ الأدوية وأجناسها ومنافعها ومناسبتها للأمراض إنما وصل إلي الخلق بإخبار الرسل عليهم الصلاة و السلام و لم يصل الخلق إليها بعقولهم وتجاربهم

قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ مِن أَينَ عَلِمَ العِبَادُ مَا وَصَفتَ مِن هَذِهِ الأَدوِيَةِ التّيِ‌ فِيهَا المَنَافِعُ لَهُم حَتّي خَلَطُوهَا وَ تَتّبَعُوا عَقَاقِيرَهَا فِي هَذِهِ البُلدَانِ المُتَفَرّقَةِ وَ عَرَفُوا مَوَاضِعَهَا وَ مَعَادِنَهَا فِي الأَمَاكِنِ المُتَبَايِنَةِ وَ مَا يَصلُحُ مِن عُرُوقِهَا وَ زِنَتَهَا مِن مَثَاقِيلِهَا وَ قَرَارِيطِهَا وَ مَا يَدخُلُهَا مِنَ الحِجَارَةِ وَ مِرَارِ السّبَاعِ وَ غَيرِ ذَلِكَ قَالَ قَد أَعيَيتُ عَن إِجَابَتِكَ لِغُمُوضِ مَسَائِلِكَ وَ إِلجَائِكَ إيِاّي‌َ إِلَي أَمرٍ لَا يُدرَكُ عِلمُهُ بِالحَوَاسّ وَ لَا بِالتّشبِيهِ وَ القِيَاسِ وَ لَا بُدّ أَن يَكُونَ وَضَعَ هَذِهِ الأَدوِيَةَ وَاضِعٌ لِأَنّهَا لَم تَضَع هيِ‌َ أَنفُسَهَا وَ لَا اجتَمَعَت حَتّي جَمَعَهَا غَيرُهَا بَعدَ مَعرِفَتِهِ إِيّاهَا فأَخَبرِنيِ‌ كَيفَ عَلِمَ العِبَادُ هَذِهِ الأَدوِيَةَ التّيِ‌ فِيهَا المَنَافِعُ حَتّي خَلَطُوهَا وَ طَلَبُوا عَقَاقِيرَهَا فِي هَذِهِ البُلدَانِ المُتَفَرّقَةِ قُلتُ إنِيّ‌ ضَارِبٌ لَكَ مَثَلًا وَ نَاصِبٌ لَكَ دَلِيلًا تَعرِفُ بِهِ وَاضِعَ هَذِهِ الأَدوِيَةِ وَ الدّالّ عَلَي هَذِهِ العَقَاقِيرِ المُختَلِفَةِ وَ باَنيِ‌َ الجَسَدِ وَ وَاضِعَ العُرُوقِ التّيِ‌ يَأخُذُ فِيهَا الدّوَاءُ إِلَي الدّاءِ قَالَ فَإِن قُلتَ ذَلِكَ لَم أَجِد بُدّاً مِنَ الِانقِيَادِ إِلَي ذَلِكَ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ عَن رَجُلٍ أَنشَأَ حَدِيقَةً عَظِيمَةً وَ بَنَي عَلَيهَا حَائِطاً وَثِيقاً ثُمّ غَرَسَ فِيهَا الأَشجَارَ وَ الأَثمَارَ وَ الرّيَاحِينَ وَ البُقُولَ وَ تَعَاهَدَ سَقيَهَا وَ تَربِيَتَهَا وَ وَقَاهَا مَا يَضُرّهَا حَتّي لَا يَخفَي عَلَيهِ مَوضِعُ كُلّ صِنفٍ مِنهَا فَإِذَا أَدرَكَت أَشجَارُهَا وَ أَينَعَت أَثمَارُهَا وَ اهتَزّت بُقُولُهَا دَفَعتَ إِلَيهِ فَسَأَلتَهُ أَن يُطعِمَكَ لَوناً مِنَ الثّمَارِ وَ البُقُولِ سَمّيتَهُ لَهُ أَ تَرَاهُ كَانَ قَادِراً عَلَي


صفحه : 186

أَن يَنطَلِقَ قَاصِداً مُستَمِرّاً لَا يَرجِعُ وَ لَا يهَويِ‌ إِلَي شَيءٍ يَمُرّ بِهِ مِنَ الشّجَرَةِ وَ البُقُولِ حَتّي يأَتيِ‌َ الشّجَرَةَ التّيِ‌ سَأَلتَهُ أَن يَأتِيَكَ بِثَمَرِهَا وَ البَقلَةَ التّيِ‌ طَلَبتَهَا حَيثُ كَانَت مِن أَدنَي الحَدِيقَةِ أَو أَقصَاهَا فَيَأتِيَكَ بِهَا قَالَ نَعَم قُلتُ أَ فَرَأَيتَ لَو قَالَ لَكَ صَاحِبُ الحَدِيقَةِ حَيثُ سَأَلتَهُ الثّمَرَةَ ادخُلِ الحَدِيقَةَ فَخُذ حَاجَتَكَ فإَنِيّ‌ لَا أَقدِرُ عَلَي ذَلِكَ هَل كُنتَ تَقدِرُ أَن تَنطَلِقَ قَاصِداً لَا تَأخُذُ يَمِيناً وَ لَا شِمَالًا حَتّي تنَتهَيِ‌َ إِلَي الشّجَرَةِ فتَجَتنَيِ‌َ مِنهَا قَالَ وَ كَيفَ أَقدِرُ عَلَي ذَلِكَ وَ لَا عِلمَ لِي فِي أَيّ مَوَاضِعِ الحَدِيقَةِ هيِ‌َ قُلتُ أَ فَلَيسَ تَعلَمُ أَنّكَ لَم تَكُن لِتُصِيبَهَا دُونَ أَن تَهجُمَ عَلَيهَا بِتَعَسّفٍ وَ جَوَلَانٍ فِي جَمِيعِ الحَدِيقَةِ حَتّي تَستَدِلّ عَلَيهَا بِبَعضِ حَوَاسّكَ بَعدَ مَا تَتَصَفّحُ فِيهَا مِنَ الشّجَرَةِ شَجَرَةً شَجَرَةً وَ ثَمَرَةً ثَمَرَةً حَتّي تَسقُطَ عَلَي الشّجَرَةِ التّيِ‌ تَطلُبُ بِبَعضِ حَوَاسّكَ أَن تَأتِيَهَا وَ إِن لَم تَرَهَا انصَرَفتَ قَالَ وَ كَيفَ أَقدِرُ عَلَي ذَلِكَ وَ لَم أُعَايِن مَغرِسَهَا حَيثُ غُرِسَت وَ لَا مَنبِتَهَا حَيثُ نَبَتَت وَ لَا ثَمَرَتَهَا حَيثُ طَلَعَت قُلتُ فَإِنّهُ ينَبغَيِ‌ لَكَ أَن يَدُلّكَ عَقلُكَ حَيثُ عَجَزَت حَوَاسّكَ عَن إِدرَاكِ ذَلِكَ أَنّ ألّذِي غَرَسَ هَذَا البُستَانَ العَظِيمَ فِيمَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ غَرَسَ فِيهِ هَذِهِ الأَشجَارَ وَ البُقُولَ هُوَ ألّذِي دَلّ الحَكِيمَ ألّذِي زَعَمتَ أَنّهُ وَضَعَ الطّبّ عَلَي تِلكَ العَقَاقِيرِ وَ مَوَاضِعِهَا فِي المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ كَذَلِكَ ينَبغَيِ‌ لَكَ أَن تَستَدِلّ بِعَقلِكَ عَلَي أَنّهُ هُوَ ألّذِي سَمّاهَا وَ سَمّي بَلدَتَهَا وَ عَرَفَ مَوَاضِعَهَا كَمَعرِفَةِ صَاحِبِ الحَدِيقَةِ ألّذِي سَأَلتَهُ الثّمَرَةَ وَ كَذَلِكَ لَا يَستَقِيمُ وَ لَا ينَبغَيِ‌ أَن يَكُونَ الغَارِسُ وَ الدّالّ عَلَيهَا إِلّا الدّالّ عَلَي مَنَافِعِهَا وَ مَضَارّهَا وَ قَرَارِيطِهَا وَ مَثَاقِيلِهَا قَالَ إِنّ هَذَا لَكَمَا تَقُولُ قُلتُ أَ فَرَأَيتَ لَو كَانَ خَالِقُ الجَسَدِ وَ مَا فِيهِ مِنَ العَصَبِ وَ اللّحمِ وَ الأَمعَاءِ وَ العُرُوقِ التّيِ‌ يَأخُذُ فِيهَا الأَدوِيَةُ إِلَي الرّأسِ وَ إِلَي القَدَمَينِ وَ إِلَي مَا سِوَي ذَلِكَ غَيرَ خَالِقِ الحَدِيقَةِ وَ غَارِسِ العَقَاقِيرِ هَل كَانَ يَعرِفُ زِنَتَهَا وَ مَثَاقِيلَهَا وَ قَرَارِيطَهَا وَ مَا يَصلُحُ لِكُلّ دَاءٍ مِنهَا وَ مَا كَانَ يَأخُذُ فِي كُلّ عِرقٍ قَالَ وَ كَيفَ يَعرِفُ ذَلِكَ أَو يَقدِرُ عَلَيهِ وَ هَذَا لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ مَا ينَبغَيِ‌ أَن يَعرِفَ هَذَا إِلّا ألّذِي غَرَسَ الحَدِيقَةَ وَ عَرَفَ كُلّ شَجَرَةٍ وَ بَقلَةٍ وَ مَا فِيهَا مِنَ المَنَافِعِ وَ المَضَارّ قُلتُ أَ فَلَيسَ كَذَلِكَ ينَبغَيِ‌ أَن يَكُونَ الخَالِقُ وَاحِداً لِأَنّهُ لَو كَانَ اثنَينِ أَحَدُهُمَا خَالِقُ


صفحه : 187

الدّوَاءِ وَ الآخَرُ خَالِقُ الجَسَدِ وَ الدّاءِ لَم يَهتَدِ غَارِسُ العَقَاقِيرِ لِإِيصَالِ دَوَائِهِ إِلَي الدّاءِ ألّذِي بِالجَسَدِ مِمّا لَا عِلمَ لَهُ بِهِ وَ لَا اهتَدَي خَالِقُ الجَسَدِ إِلَي عِلمِ مَا يُصلِحُ ذَلِكَ الدّاءَ مِن تِلكَ العَقَاقِيرِ فَلَمّا كَانَ خَالِقُ الدّاءِ وَ الدّوَاءِ وَاحِداً أَمضَي الدّوَاءَ فِي العُرُوقِ التّيِ‌ بَرَأَ وَ صَوّرَ إِلَي الدّاءِ ألّذِي عَرَفَ وَ وَضَعَ فَعَلِمَ مِزَاجَهَا مِن حَرّهَا وَ بَردِهَا وَ لَيّنِهَا وَ شَدِيدِهَا وَ مَا يَدخُلُ فِي كُلّ دَوَاءٍ مِنهُ مِنَ القَرَارِيطِ وَ المَثَاقِيلِ وَ مَا يَصعَدُ إِلَي الرّأسِ مِنهَا وَ مَا يَهبِطُ إِلَي القَدَمَينِ مِنهَا وَ مَا يَتَفَرّقُ مِنهُ فِيمَا سِوَي ذَلِكَ قَالَ لَا أَشُكّ فِي هَذَا لِأَنّهُ لَو كَانَ خَالِقُ الجَسَدِ غَيرَ خَالِقِ العَقَاقِيرِ لَم يَهتَدِ وَاحِدٌ مِنهُمَا إِلَي مَا وَصَفتَ قُلتُ فَإِنّ ألّذِي دَلّ الحَكِيمَ ألّذِي وَصَفتَ أَنّهُ أَوّلُ مَن خَلَطَ هَذِهِ الأَدوِيَةَ وَ دَلّ عَلَي عَقَاقِيرِهَا المُتَفَرّقَةِ فِيمَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ وَضَعَ هَذَا الطّبّ عَلَي مَا وَصَفتُ لَكَ هُوَ صَاحِبُ الحَدِيقَةِ فِيمَا بَينَ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ وَ هُوَ باَنيِ‌ الجَسَدِ وَ هُوَ دَلّ الحَكِيمَ بوِحَي‌ٍ مِنهُ عَلَي صِفَةِ كُلّ شَجَرَةٍ وَ بَلَدِهَا وَ مَا يَصلُحُ مِنهَا مِنَ العُرُوقِ وَ الثّمَارِ وَ الدّهنِ وَ الوَرَقِ وَ الخَشَبِ وَ اللّحَاءِ وَ كَذَلِكَ دَلّهُ عَلَي أَوزَانِهَا مِن مَثَاقِيلِهَا وَ قَرَارِيطِهَا وَ مَا يَصلُحُ لِكُلّ دَاءٍ مِنهَا وَ كَذَلِكَ هُوَ خَالِقُ السّبَاعِ وَ الطّيرِ وَ الدّوَابّ التّيِ‌ فِي مِرَارِهَا المَنَافِعُ مِمّا يَدخُلُ فِي تِلكَ الأَدوِيَةِ فَإِنّهُ لَو كَانَ غَيرَ خَالِقِهَا لَم يَدرِ مَا يُنتَفَعُ بِهِ مِن مِرَارِهَا وَ مَا يَضُرّ وَ مَا يَدخُلُ مِنهَا فِي العَقَاقِيرِ فَلَمّا كَانَ الخَالِقُ سُبحَانَهُ وَ تَعَالَي وَاحِداً دَلّ عَلَي مَا فِيهِ مِنَ المَنَافِعِ مِنهَا فَسَمّاهُ بِاسمِهِ حَتّي عُرِفَ وَ تُرِكَ مَا لَا مَنفَعَةَ فِيهِ مِنهَا فَمِن ثَمّ عَلِمَ الحَكِيمُ أَيّ السّبَاعِ وَ الدّوَابّ وَ الطّيرِ فِيهِ المَنَافِعُ وَ أَيّهَا لَا مَنفَعَةَ فِيهِ وَ لَو لَا أَنّ خَالِقَ هَذِهِ الأَشيَاءِ دَلّهُ عَلَيهَا مَا اهتَدَي بِهَا قَالَ إِنّ هَذَا لَكَمَا تَقُولُ وَ قَد بَطَلَتِ الحَوَاسّ وَ التّجَارِبُ عِندَ هَذِهِ الصّفَاتِ قُلتُ أَمّا إِذَا صَحّت نَفسُكَ فَتَعَالَ نَنظُر بِعُقُولِنَا وَ نَستَدِلّ بِحَوَاسّنَا هَل كَانَ يَستَقِيمُ لِخَالِقِ هَذِهِ الحَدِيقَةِ وَ غَارِسِ هَذِهِ الأَشجَارِ وَ خَالِقِ هَذِهِ الدّوَابّ وَ الطّيرِ وَ النّاسِ ألّذِي خَلَقَ هَذِهِ الأَشيَاءَ لِمَنَافِعِهِم أَن يَخلُقَ هَذَا الخَلقَ وَ يَغرِسَ هَذَا الغَرسَ فِي أَرضِ غَيرِهِ مِمّا إِذَا شَاءَ مَنَعَهُ ذَلِكَ قَالَ مَا ينَبغَيِ‌ أَن تَكُونَ الأَرضُ التّيِ‌ خُلِقَت فِيهَا الحَدِيقَةُ العَظِيمَةُ وَ غُرِسَت فِيهِ


صفحه : 188

الأَشجَارُ إِلّا لِخَالِقِ هَذَا الخَلقِ وَ مِلكَ يَدِهِ قُلتُ فَقَد أَرَي الأَرضَ أَيضاً لِصَاحِبِ الحَدِيقَةِ لِاتّصَالِ هَذِهِ الأَشيَاءِ بَعضِهَا بِبَعضٍ قَالَ مَا فِي هَذَا شَكّ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ وَ نَاصِح نَفسَكَ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ هَذِهِ الحَدِيقَةَ وَ مَا فِيهَا مِنَ الخِلقَةِ العَظِيمَةِ مِنَ الإِنسِ وَ الدّوَابّ وَ الطّيرِ وَ الشّجَرِ وَ العَقَاقِيرِ وَ الثّمَارِ وَ غَيرِهَا لَا يُصلِحُهَا إِلّا شُربُهَا وَ رَيّهَا مِنَ المَاءِ ألّذِي لَا حَيَاةَ لشِيَ‌ءٍ إِلّا بِهِ قَالَ بَلَي قُلتُ أَ فَتَرَي الحَدِيقَةَ وَ مَا فِيهَا مِنَ الذّرءِ خَالِقُهَا وَاحِدٌ وَ خَالِقَ المَاءِ غَيرَهُ يَحبِسُهُ عَن هَذِهِ الحَدِيقَةِ إِذَا شَاءَ وَ يُرسِلُهُ إِذَا شَاءَ فَيُفسِدُ عَلَي خَالِقِ الحَدِيقَةِ قَالَ مَا ينَبغَيِ‌ أَن يَكُونَ خَالِقُ هَذِهِ الحَدِيقَةِ وَ ذاَر‌ِئُ هَذَا الذّرءِ الكَثِيرِ وَ غَارِسُ هَذِهِ الأَشجَارِ إِلّا المُدَبّرَ الأَوّلَ وَ مَا ينَبغَيِ‌ أَن يَكُونَ ذَلِكَ المَاءُ لِغَيرِهِ وَ إِنّ اليَقِينَ عنِديِ‌ لَهُوَ إِنّ ألّذِي يجُريِ‌ هَذِهِ المِيَاهَ مِن أَرضِهِ وَ جِبَالِهِ لَغَارِسُ هَذِهِ الحَدِيقَةِ وَ مَا فِيهَا مِنَ الخَلِيقَةِ لِأَنّهُ لَو كَانَ المَاءُ لِغَيرِ صَاحِبِ الحَدِيقَةِ لَهَلَكَ الحَدِيقَةُ وَ مَا فِيهَا وَ لَكِنّهُ خَالِقُ المَاءِ قَبلَ الغَرسِ وَ الذّرءِ وَ بِهِ استَقَامَتِ الأَشيَاءُ وَ صَلَحَت قُلتُ أَ فَرَأَيتَ لَو لَم يَكُن لِهَذِهِ المِيَاهِ المُنفَجِرَةِ فِي الحَدِيقَةِ مَغِيضٌ لِمَا يَفضُلُ مِن شُربِهَا يَحبِسُهُ عَنِ الحَدِيقَةِ أَن يَفِيضَ عَلَيهَا أَ لَيسَ كَانَ يَهلِكُ مَا فِيهَا مِنَ الخَلقِ عَلَي حَسَبِ مَا كَانُوا يَهلِكُونَ لَو لَم يَكُن لَهَا مَاءٌ قَالَ بَلَي وَ لكَنِيّ‌ لَا أدَريِ‌ لَعَلّ هَذَا البَحرَ لَيسَ لَهُ حَابِسٌ وَ أَنّهُ شَيءٌ لَم يَزَل قُلتُ أَمّا أَنتَ فَقَد أعَطيَتنَيِ‌ أَنّهُ لَو لَا البَحرُ وَ مَغِيضُ المِيَاهِ إِلَيهِ لَهَلَكَتِ الحَدِيقَةُ قَالَ أَجَل قُلتُ فإَنِيّ‌ أُخبِرُكَ عَن ذَلِكَ بِمَا تَستَيقِنُ بِأَنّ خَالِقَ البَحرِ هُوَ خَالِقُ الحَدِيقَةِ وَ مَا فِيهَا مِنَ الخَلِيقَةِ وَ أَنّهُ جَعَلَهُ مَغِيضاً لِمِيَاهِ الحَدِيقَةِ مَعَ مَا جَعَلَ فِيهِ مِنَ المَنَافِعِ لِلنّاسِ قَالَ فاَجعلَنيِ‌ مِن ذَلِكَ عَلَي يَقِينٍ كَمَا جعَلَتنَيِ‌ مِن غَيرِهِ قُلتُ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ فُضُولَ مَاءِ الدّنيَا يَصِيرُ فِي البَحرِ قَالَ بَلَي قُلتُ فَهَل رَأَيتَهُ زَائِداً قَطّ فِي كَثرَةِ المَاءِ وَ تَتَابُعِ الأَمطَارِ عَلَي الحَدّ ألّذِي لَم يَزَل عَلَيهِ أَو هَل رَأَيتَهُ نَاقِصاً فِي قِلّةِ المِيَاهِ وَ شِدّةِ الحَرّ وَ شِدّةِ القَحطِ قَالَ لَا قُلتُ أَ فَلَيسَ ينَبغَيِ‌ أَن يَدُلّكَ عَقلُكَ عَلَي أَنّ خَالِقَهُ وَ خَالِقَ الحَدِيقَةِ وَ مَا فِيهَا مِنَ الخَلِيقَةِ وَاحِدٌ وَ أَنّهُ هُوَ ألّذِي وَضَعَ لَهُ حَدّاً لَا يُجَاوِزُهُ لِكَثرَةِ المَاءِ وَ لَا لِقِلّتِهِ وَ أَنّ مِمّا يُستَدَلّ عَلَي مَا أَقُولُ أَنّهُ يَقبَلُ بِالأَموَاجِ أَمثَالَ الجِبَالِ يُشرِفُ عَلَي


صفحه : 189

السّهلِ وَ الجَبَلِ فَلَو لَم تُقبَض أَموَاجُهُ وَ لَم تُحبَس فِي المَوَاضِعِ التّيِ‌ أُمِرَت بِالِاحتِبَاسِ فِيهَا لَأَطبَقَت عَلَي الدّنيَا حَتّي إِذَا انتَهَت عَلَي تِلكَ المَوَاضِعِ التّيِ‌ لَم تَزَل تنَتهَيِ‌ إِلَيهَا ذَلّت أَموَاجُهُ وَ خَضَعَ إِشرَافُهُ قَالَ إِنّ ذَلِكَ لَكَمَا وَصَفتَ وَ لَقَد عَايَنتُ مِنهُ كُلّ ألّذِي ذَكَرتَ وَ لَقَد أتَيَتنَيِ‌ بِبُرهَانٍ وَ دَلَالَاتٍ وَ مَا أَقدِرُ عَلَي إِنكَارِهَا وَ لَا جُحُودِهَا لِبَيَانِهَا قُلتُ وَ غَيرَ ذَلِكَ سَآتِيكَ بِهِ مِمّا تَعرِفُ اتّصَالَ الخَلقِ بَعضِهِ بِبَعضٍ وَ أَنّ ذَلِكَ مِن مُدَبّرٍ حَكِيمٍ عَالِمٍ قَدِيرٍ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ عَامّةَ الحَدِيقَةِ لَيسَ شُربُهَا مِنَ الأَنهَارِ وَ العُيُونِ وَ أَنّ أَعظَمَ مَا يَنبُتُ فِيهَا مِنَ العَقَاقِيرِ وَ البُقُولِ التّيِ‌ فِي الحَدِيقَةِ وَ مَعَاشِ مَا فِيهَا مِنَ الدّوَابّ وَ الوَحشِ وَ الطّيرِ مِنَ البرَاَريِ‌ التّيِ‌ لَا عُيُونَ لَهَا وَ لَا أَنهَارَ إِنّمَا يَسقِيهِ السّحَابُ قَالَ بَلَي قُلتُ أَ فَلَيسَ ينَبغَيِ‌ أَن يَدُلّكَ عَقلُكَ وَ مَا أَدرَكتَ بِالحَوَاسّ التّيِ‌ زَعَمتَ أَنّ الأَشيَاءَ لَا تُعرَفُ إِلّا بِهَا أَنّهُ لَو كَانَ السّحَابُ ألّذِي يَحتَمِلُ مِنَ المِيَاهِ إِلَي البُلدَانِ وَ المَوَاضِعِ التّيِ‌ لَا تَنَالُهَا مَاءُ العُيُونِ وَ الأَنهَارِ وَ فِيهَا العَقَاقِيرُ وَ البُقُولُ وَ الشّجَرُ وَ الأَنعَامُ لِغَيرِ صَاحِبِ الحَدِيقَةِ لَأَمسَكَهُ عَنِ الحَدِيقَةِ إِذَا شَاءَ وَ لَكَانَ خَالِقُ الحَدِيقَةِ مِن بَقَاءِ خَلِيقَتِهِ التّيِ‌ ذَرَأَ وَ بَرَأَ عَلَي غَرُورٍ وَ وَجَلٍ خَائِفاً عَلَي خَلِيقَتِهِ أَن يَحبِسَ صَاحِبُ المَطَرِ المَاءَ ألّذِي لَا حَيَاةَ لِلخَلِيقَةِ إِلّا بِهِ قَالَ إِنّ ألّذِي جِئتَ بِهِ لَوَاضِحٌ مُتّصِلٌ بَعضُهُ بِبَعضٍ وَ مَا ينَبغَيِ‌ أَن يَكُونَ ألّذِي خَلَقَ هَذِهِ الحَدِيقَةَ وَ هَذِهِ الأَرضَ وَ جَعَلَ فِيهَا الخَلِيقَةَ وَ خَلَقَ لَهَا هَذَا المَغِيضَ وَ أَنبَتَ فِيهَا هَذِهِ الثّمَارَ المُختَلِفَةَ إِلّا خَالِقَ السّمَاءِ وَ السّحَابِ يُرسِلُ مِنهَا مَا شَاءَ مِنَ المَاءِ إِذَا شَاءَ أَن يسَقيِ‌َ الحَدِيقَةَ وَ يحُييِ‌َ مَا فِي الحَدِيقَةِ مِنَ الخَلِيقَةِ وَ الأَشجَارِ وَ الدّوَابّ وَ البُقُولِ وَ غَيرِ ذَلِكَ إِلّا أنَيّ‌ أُحِبّ أَن تأَتيِنَيِ‌ بِحُجّةٍ أَزدَادُ بِهَا يَقِيناً وَ أَخرُجُ بِهَا مِنَ الشّكّ قُلتُ فإَنِيّ‌ آتِيكَ بِهَا إِن شَاءَ اللّهُ مِن قِبَلِ إِهلِيلَجَتِكَ وَ اتّصَالِهَا بِالحَدِيقَةِ وَ مَا فِيهَا مِنَ الأَشيَاءِ المُتّصِلَةِ بِأَسبَابِ السّمَاءِ لِتَعلَمَ أَنّ ذَلِكَ بِتَدبِيرِ عَلِيمٍ حَكِيمٍ قَالَ وَ كَيفَ تأَتيِنيِ‌ بِمَا يُذهِبُ عنَيّ‌ الشّكّ مِن قِبَلِ الإِهلِيلَجَةِ قُلتُ فِيمَا أُرِيكَ فِيهَا مِن إِتقَانِ الصّنعِ وَ أَثَرِ التّركِيبِ المُؤَلّفِ وَ اتّصَالِ مَا بَينَ عُرُوقِهَا إِلَي فُرُوعِهَا وَ احتِيَاجِ بَعضِ ذَلِكَ إِلَي بَعضٍ حَتّي يَتّصِلَ بِالسّمَاءِ قَالَ إِن أرَيَتنَيِ‌ ذَلِكَ لَم أَشُكّ قُلتُ أَ لَستَ


صفحه : 190

تَعلَمُ أَنّ الإِهلِيلَجَةَ نَابِتَةٌ فِي الأَرضِ وَ أَنّ عُرُوقَهَا مُؤَلّفَةٌ إِلَي أَصلٍ وَ أَنّ الأَصلَ مُتَعَلّقٌ بِسَاقٍ مُتّصِلٍ بِالغُصُونِ وَ الغُصُونُ مُتّصِلَةٌ بِالفُرُوعِ وَ الفُرُوعُ مَنظُومَةٌ بِالأَكمَامِ وَ الوَرَقِ وَ مَلبَسُ ذَلِكَ كُلّهِ الوَرَقُ وَ يَتّصِلُ جَمِيعُهُ بِظِلّ يَقِيهِ حَرّ الزّمَانِ وَ بَردَهُ قَالَ أَمّا الإِهلِيلَجَةُ فَقَد تَبَيّنَ لِيَ اتّصَالُ لِحَائِهَا وَ مَا بَينَ عُرُوقِهَا وَ بَينَ وَرَقِهَا وَ مَنبِتِهَا مِنَ الأَرضِ فَأَشهَدُ أَنّ خَالِقَهَا وَاحِدٌ لَا يَشرَكُهُ فِي خَلقِهَا غَيرُهُ لِإِتقَانِ الصّنعِ وَ اتّصَالِ الخَلقِ وَ ائتِلَافِ التّدبِيرِ وَ إِحكَامِ التّقدِيرِ قُلتُ إِن أَرَيتُكَ التّدبِيرَ مُؤتَلِفاً بِالحِكمَةِ وَ الإِتقَانَ مُعتَدِلًا بِالصّنعَةِ مُحتَاجاً بَعضُهُ إِلَي بَعضٍ مُتّصِلًا بِالأَرضِ التّيِ‌ خَرَجَت مِنهُ الإِهلِيلَجَةُ فِي الحَالَاتِ كُلّهَا أَ تُقِرّ بِخَالِقِ ذَلِكَ قَالَ إِذَن لَا أَشُكّ فِي الوَحدَانِيّةِ قُلتُ فَافهَم وَ افقَه مَا أَصِفُ لَكَ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ الأَرضَ مُتّصِلَةٌ بِإِهلِيلَجَتِكَ وَ إِهلِيلَجَتَكَ مُتّصِلَةٌ بِالتّرَابِ وَ التّرَابَ مُتّصِلٌ بِالحَرّ وَ البَردِ وَ الحَرّ وَ البَردَ مُتّصِلَانِ بِالهَوَاءِ وَ الهَوَاءَ مُتّصِلٌ بِالرّيحِ وَ الرّيحَ مُتّصِلَةٌ بِالسّحَابِ وَ السّحَابَ مُتّصِلٌ بِالمَطَرِ وَ المَطَرَ مُتّصِلٌ بِالأَزمِنَةِ وَ الأَزمِنَةَ مُتّصِلَةٌ بِالشّمسِ وَ القَمَرِ وَ الشّمسَ وَ القَمَرَ مُتّصِلَتَانِ بِدَوَرَانِ الفَلَكِ وَ الفَلَكَ مُتّصِلٌ بِمَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ صَنعَةً ظَاهِرَةً وَ حِكمَةً بَالِغَةً وَ تَألِيفَ مُتقِنٍ وَ تَدبِيرَ مُحكِمٍ مُتّصِلٌ كُلّ هَذَا مَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ لَا يَقُومُ بَعضُهُ إِلّا بِبَعضٍ وَ لَا يَتَأَخّرُ وَاحِدٌ مِنهُمَا عَن وَقتِهِ وَ لَو تَأَخّرَ عَن وَقتِهِ لَهَلَكَ جَمِيعُ مَن فِي الأَرضِ مِنَ الأَنَامِ وَ النّبَاتَاتِ قَالَ إِنّ هَذِهِ لهَيِ‌َ العَلَامَاتُ البَيّنَاتُ وَ الدّلَالَاتُ الوَاضِحَاتُ التّيِ‌ يجَريِ‌ مَعَهَا أَثَرُ التّدبِيرِ بِإِتقَانِ الخَلقِ وَ التّألِيفِ مَعَ إِتقَانِ الصّنعِ لكَنِيّ‌ لَستُ أدَريِ‌ لَعَلّ مَا تَرَكتَ غَيرُ مُتّصِلٍ بِمَا ذَكَرتَ قُلتُ وَ مَا تَرَكتُ قَالَ النّاسَ قُلتُ أَ لَستَ تَعلَمُ أَنّ هَذَا كُلّهُ مُتّصِلٌ بِالنّاسِ سَخّرَهُ لَهَا المُدَبّرُ ألّذِي أَعلَمتُكَ أَنّهُ إِن تَأَخّرَ شَيءٌ مِمّا عَدّدتُ عَلَيكَ هَلَكَتِ الخَلِيقَةُ وَ بَادَ جَمِيعُ مَا فِي الحَدِيقَةِ وَ ذَهَبَتِ الإِهلِيلَجَةُ التّيِ‌ تَزعُمُ أَنّ فِيهَا مَنَافِعَ النّاسِ قَالَ فَهَل تَقدِرُ أَن تُفَسّرَ لِي هَذَا البَابَ عَلَي مَا لَخّصتَ لِي غَيرَهُ قُلتُ نَعَم أُبَيّنُ لَكَ ذَلِكَ مِن قِبَلِ إِهلِيلَجَتِكَ حَتّي تَشهَدَ أَنّ ذَلِكَ كُلّهُ مُسَخّرٌ لبِنَيِ‌ آدَمَ قَالَ وَ كَيفَ ذَلِكَ قُلتُ خَلَقَ اللّهُ السّمَاءَ سَقفاً مَرفُوعاً وَ لَو لَا ذَلِكَ اغتَمّ خَلقُهُ لِقُربِهَا وَ أَحرَقَتهُمُ


صفحه : 191

الشّمسُ لِدُنُوّهَا وَ خَلَقَ لَهُم شُهُباً وَ نُجُوماً يُهتَدَي بِهَا فِي ظُلُمَاتِ البَرّ وَ البَحرِ لِمَنَافِعِ النّاسِ وَ نُجُوماً يُعرَفُ بِهَا أَصلُ الحِسَابِ فِيهَا الدّلَالَاتُ عَلَي إِبطَالِ الحَوَاسّ وَ وُجُودِ مُعَلّمِهَا ألّذِي عَلّمَهَا عِبَادَهُ مِمّا لَا يُدرَكُ عِلمُهَا بِالعُقُولِ فَضلًا عَنِ الحَوَاسّ وَ لَا يَقَعُ عَلَيهَا الأَوهَامُ وَ لَا يَبلُغُهَا العُقُولُ إِلّا بِهِ لِأَنّهُ العَزِيزُ الجَبّارُ ألّذِي دَبّرَهَا وَ جَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَ قَمَراً مُنِيراً يَسبَحَانِ فِي فَلَكٍ يَدُورُ بِهِمَا دَائِبَينِ يُطلِعُهُمَا تَارَةً وَ يُؤفِلُهُمَا أُخرَي فَبَنَي عَلَيهِ الأَيّامَ وَ الشّهُورَ وَ السّنِينَ التّيِ‌ هيِ‌َ مِن سَبَبِ الشّتَاءِ وَ الصّيفِ وَ الرّبِيعِ وَ الخَرِيفِ أَزمِنَةً مُختَلِفَةَ الأَعمَالِ أَصلُهَا اختِلَافُ اللّيلِ وَ النّهَارِ اللّذَينِ لَو كَانَ وَاحِدٌ مِنهُمَا سَرمَداً عَلَي العِبَادِ لَمَا قَامَت لَهُم مَعَايِشُ أَبَداً فَجَعَلَ مُدَبّرُ هَذِهِ الأَشيَاءِ وَ خَالِقُهَا النّهَارَ مُبصِراً وَ اللّيلَ سَكَناً وَ أَهبَطَ فِيهِمَا الحَرّ وَ البَردَ مُتَبَايِنَينِ لَو دَامَ وَاحِدٌ مِنهُمَا بِغَيرِ صَاحِبِهِ مَا نَبَتَت شَجَرَةٌ وَ لَا طَلَعَت ثَمَرَةٌ وَ لَهَلَكَتِ الخَلِيقَةُ لِأَنّ ذَلِكَ مُتّصِلٌ بِالرّيحِ المُصَرّفَةِ فِي الجِهَاتِ الأَربَعِ بَارِدَةً تُبَرّدُ أَنفَاسَهُم وَ حَارّةً تَلقَحُ أَجسَادَهُم وَ تَدفَعُ الأَذَي عَن أَبدَانِهِم وَ مَعَايِشِهِم وَ رُطُوبَةً تُرَطّبُ طَبَائِعَهُم وَ يُبُوسَةً تُنَشّفُ رُطُوبَاتِهِم وَ بِهَا يَأتَلِفُ المُفتَرِقُ وَ بِهَا يَتَفَرّقُ الغَمَامُ المُطَبّقُ حَتّي يَنبَسِطَ فِي السّمَاءِ كَيفَ يَشَاءُ مُدَبّرُهُ فَيَجعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَي الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلالِهِبِقَدَرٍ مَعلُومٍ لِمَعَاشٍ مَفهُومٍ وَ أَرزَاقٍ مَقسُومَةٍ وَ آجَالٍ مَكتُوبَةٍ وَ لَوِ احتُبِسَ عَن أَزمِنَتِهِ وَ وَقتِهِ هَلَكَتِ الخَلِيقَةُ وَ يَبِسَتِ الحَدِيقَةُ فَأَنزَلَ اللّهُ المَطَرَ فِي أَيّامِهِ وَ وَقتِهِ إِلَي الأَرضِ التّيِ‌ خَلَقَهَا لبِنَيِ‌ آدَمَ وَ جَعَلَهَا فَرشاً وَ مِهَاداً وَ حَبَسَهَا أَن تَزُولَ بِهِم وَ جَعَلَ الجِبَالَ لَهَا أَوتَاداً وَ جَعَلَ فِيهَا يَنَابِيعَ تجَريِ‌ فِي الأَرضِ بِمَا تَنبُتُ فِيهَا لَا تَقُومُ الحَدِيقَةُ وَ الخَلِيقَةُ إِلّا بِهَا وَ لَا يُصلِحُونَ إِلّا عَلَيهَا مَعَ البِحَارِ التّيِ‌ يَركَبُونَهَا وَ يَستَخرِجُونَ مِنهَا حِليَةً يَلبَسُونَهَا وَ لَحماً طَرِيّاً وَ غَيرَهُ يَأكُلُونَهُ فَعُلِمَ أَنّ إِلَهَ البَرّ وَ البَحرِ وَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ مَا بَينَهُمَا وَاحِدٌ حيَ‌ّ قَيّومٌ مُدَبّرٌ حَكِيمٌ وَ أَنّهُ لَو كَانَ غَيرَهُ لَاختَلَفَتِ الأَشيَاءُ وَ كَذَلِكَ السّمَاءُ نَظِيرُ الأَرضِ التّيِ‌ أَخرَجَ اللّهُ مِنهَاحَبّا وَ عِنَباً وَ قَضباً وَ زَيتُوناً


صفحه : 192

وَ نَخلًا وَ حَدائِقَ غُلباً وَ فاكِهَةً وَ أَبّابِتَدبِيرٍ مُؤَلّفٍ مُبَيّنٍ بِتَصوِيرِ الزّهرَةِ وَ الثّمَرَةِ حَيَاةً لبِنَيِ‌ آدَمَ وَ مَعَاشاً يَقُومُ بِهِ أَجسَادُهُم وَ تَعِيشُ بِهَا أَنعَامُهُمُ التّيِ‌ جَعَلَ اللّهُ فِيأَصوافِها وَ أَوبارِها وَ أَشعارِها أَثاثاً وَ مَتاعاً إِلي حِينٍ وَ الِانتِفَاعِ بِهَا وَ البَلَاغِ عَلَي ظُهُورِهَا مَعَاشاً لَهُم لَا يَحيَونَ إِلّا بِهِ وَ صَلَاحاً لَا يَقُومُونَ إِلّا عَلَيهِ وَ كَذَلِكَ مَا جَهِلتَ مِنَ الأَشيَاءِ فَلَا تَجهَل أَنّ جَمِيعَ مَا فِي الأَرضِ شَيئَانِ شَيءٌ يُولَدُ وَ شَيءٌ يَنبُتُ أَحَدُهُمَا آكِلٌ وَ الآخَرُ مَأكُولٌ وَ مِمّا يَدُلّكَ عَقلُكَ أَنّهُ خَالِقُهُم مَا تَرَي مِن خَلقِ الإِنسَانِ وَ تَهيِئَةِ جَسَدِهِ لِشَهوَةِ الطّعَامِ وَ المَعِدَةِ لِتَطحَنَ المَأكُولَ وَ مجَاَريِ‌ العُرُوقِ لِصَفوَةِ الطّعَامِ وَ هَيّأَ لَهَا الأَمعَاءَ وَ لَو كَانَ خَالِقُ المَأكُولِ غَيرَهُ لَمَا خَلَقَ الأَجسَادَ مُشتَهِيَةً لِلمَأكُولِ وَ لَيسَ لَهُ قُدرَةٌ عَلَيهِ قَالَ لَقَد وَصَفتَ صِفَةً أَعلَمُ أَنّهَا مِن مُدَبّرٍ حَكِيمٍ لَطِيفٍ قَدِيرٍ عَلِيمٍ قَد آمَنتُ وَ صَدّقتُ أَنّ الخَالِقَ وَاحِدٌ سُبحَانَهُ وَ بِحَمدِهِ غَيرَ أنَيّ‌ أَشُكّ فِي هَذِهِ السّمَائِمِ القَاتِلَةِ أَن يَكُونَ هُوَ ألّذِي خَلَقَهَا لِأَنّهَا ضَارّةٌ غَيرُ نَافِعَةٍ قُلتُ أَ لَيسَ قَد صَارَ عِندَكَ أَنّهَا مِن غَيرِ خَلقِ اللّهِ قَالَ نَعَم لِأَنّ الخَلقَ عَبِيدُهُ وَ لَم يَكُن لِيَخلُقَ مَا يَضُرّهُم قُلتُ سَأُبَصّرُكَ مِن هَذَا شَيئاً تَعرِفُهُ وَ لَا أُنَبّئُكَ إِلّا مِن قِبَلِ إِهلِيلَجَتِكَ هَذِهِ وَ عِلمِكَ بِالطّبّ قَالَ هَاتِ قُلتُ هَل تَعرِفُ شَيئاً مِنَ النّبتِ لَيسَ فِيهِ مَضَرّةٌ لِلخَلقِ قَالَ نَعَم قُلتُ مَا هُوَ قَالَ هَذِهِ الأَطعِمَةُ قُلتُ أَ لَيسَ هَذَا الطّعَامُ ألّذِي وَصَفتَ يُغَيّرُ أَلوَانَهُم وَ يُهَيّجُ أَوجَاعَهُم حَتّي يَكُونَ مِنهَا الجُذَامُ وَ البَرَصُ وَ السّلَالُ وَ المَاءُ الأَصفَرُ وَ غَيرُ ذَلِكَ مِنَ الأَوجَاعِ قَالَ هُوَ كَذَلِكَ قُلتُ أَمّا هَذَا البَابُ فَقَدِ انكَسَرَ عَلَيكَ قَالَ أَجَل قُلتُ هَل تَعرِفُ شَيئاً مِنَ النّبتِ لَيسَ فِيهِ مَنفَعَةٌ قَالَ نَعَم قُلتُ أَ لَيسَ يُدخَلُ فِي الأَدوِيَةِ التّيِ‌ يُدفَعُ بِهَا الأَوجَاعُ مِنَ الجُذَامِ وَ البَرَصِ وَ السّلَالِ وَ غَيرِ ذَلِكَ وَ يَدفَعُ الدّاءَ وَ يُذهِبُ السّقمَ مِمّا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ لِطُولِ مُعَالَجَتِكَ قَالَ إِنّهُ كَذَلِكَ قُلتُ فأَخَبرِنيِ‌ أَيّ الأَدوِيَةِ عِندَكُم أَعظَمُ فِي السّمَائِمِ القَاتِلَةِ أَ لَيسَ التّريَاقُ


صفحه : 193

قَالَ نَعَم هُوَ رَأسُهَا وَ أَوّلُ مَا يُفرَغُ إِلَيهِ عِندَ نَهشِ الحَيّاتِ وَ لَسعِ الهَوَامّ وَ شُربِ السّمَائِمِ قُلتُ أَ لَيسَ تَعلَمُ أَنّهُ لَا بُدّ لِلأَدوِيَةِ المُرتَفِعَةِ وَ الأَدوِيَةِ المُحرِقَةِ فِي أَخلَاطِ التّريَاقِ إِلّا أَن تُطبَخَ باِلأفَاَعيِ‌ القَاتِلَةِ قَالَ نَعَم هُوَ كَذَلِكَ وَ لَا يَكُونُ التّريَاقُ المُنتَفَعَ بِهِ الدّافِعَ لِلسّمَائِمِ القَاتِلَةِ إِلّا بِذَلِكَ وَ لَقَدِ انكَسَرَ عَلَيّ هَذَا البَابُ فَأَنَا أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنّهُ خَالِقُ السّمَائِمِ القَاتِلَةِ وَ الهَوَامّ العَادِيَةِ وَ جَمِيعِ النّبتِ وَ الأَشجَارِ وَ غَارِسُهَا وَ مُنبِتُهَا وَ باَر‌ِئُ الأَجسَادِ وَ سَائِقُ الرّيَاحِ وَ مُسَخّرُ السّحَابِ وَ أَنّهُ خَالِقُ الأَدوَاءِ التّيِ‌ تُهَيّجُ بِالإِنسَانِ كَالسّمَائِمِ القَاتِلَةِ التّيِ‌ تجَريِ‌ فِي أَعضَائِهِ وَ عِظَامِهِ وَ مُستَقَرّ الأَدوَاءِ وَ مَا يُصلِحُهَا مِنَ الدّوَاءِ العَارِفُ بِالرّوحِ وَ مَجرَي الدّمِ وَ أَقسَامِهِ فِي العُرُوقِ وَ اتّصَالِهِ بِالعَصَبِ وَ الأَعضَاءِ وَ العَصَبِ وَ الجَسَدِ وَ أَنّهُ عَارِفٌ بِمَا يُصلِحُهُ مِنَ الحَرّ وَ البَردِ عَالِمٌ بِكُلّ عُضوٍ بِمَا فِيهِ وَ أَنّهُ هُوَ ألّذِي وَضَعَ هَذِهِ النّجُومَ وَ حِسَابَهَا وَ العَالِمُ بِهَا وَ الدّالّ عَلَي نُحُوسِهَا وَ سُعُودِهَا وَ مَا يَكُونُ مِنَ المَوَالِيدِ وَ أَنّ التّدبِيرَ وَاحِدٌ لَم يَختَلِف مُتّصِلٌ فِيمَا بَينَ السّمَاءِ وَ الأَرضِ وَ مَا فِيهَا فَبَيّن لِي كَيفَ قُلتَهُوَ الأَوّلُ وَ الآخِرُوَ هُوَ اللّطِيفُ الخَبِيرُ وَ أَشبَاهَ ذَلِكَ قُلتُ هُوَ الأَوّلُ بِلَا كَيفٍ وَ هُوَ الآخَرُ بِلَا نِهَايَةٍ لَيسَ لَهُ مِثلٌ خَلَقَ الخَلقَ وَ الأَشيَاءَ لَا مِن شَيءٍ وَ لَا كَيفٍ بِلَا عِلَاجٍ وَ لَا مُعَانَاةٍ وَ لَا فِكرٍ وَ لَا كَيفٍ كَمَا أَنّهُ لَا كَيفَ لَهُ وَ إِنّمَا الكَيفُ بِكَيفِيّةِ المَخلُوقِ لِأَنّهُ الأَوّلُ لَا بَدءَ لَهُ وَ لَا شِبهَ وَ لَا مِثلَ وَ لَا ضِدّ وَ لَا نِدّ لَا يُدرَكُ بِبَصَرٍ وَ لَا يُحَسّ بِلَمسٍ وَ لَا يُعرَفُ إِلّا بِخَلقِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَالَ فَصِف لِي قُوّتَهُ قُلتُ إِنّمَا سمُيّ‌َ رَبّنَا جَلّ جَلَالُهُ قَوِيّاً لِلخَلقِ العَظِيمِ القوَيِ‌ّ ألّذِي خَلَقَ مِثلَ الأَرضِ وَ مَا عَلَيهَا مِن جِبَالِهَا وَ بِحَارِهَا وَ رِمَالِهَا وَ أَشجَارِهَا وَ مَا عَلَيهَا مِنَ الخَلقِ المُتَحَرّكِ مِنَ الإِنسِ وَ مِنَ الحَيَوَانِ وَ تَصرِيفِ الرّيَاحِ وَ السّحَابِ المُسَخّرِ المُثَقّلِ بِالمَاءِ الكَثِيرِ وَ الشّمسِ وَ القَمَرِ وَ عِظَمِهِمَا وَ عِظَمِ نُورِهِمَا ألّذِي لَا تُدرِكُهُ الأَبصَارُ بُلُوغاً وَ لَا مُنتَهًي وَ النّجُومِ الجَارِيَةِ وَ دَوَرَانِ الفَلَكِ وَ غِلَظِ السّمَاءِ وَ عِظَمِ الخَلقِ العَظِيمِ


صفحه : 194

وَ السّمَاءِ المُسَقّفَةِ فَوقَنَا رَاكِدَةً فِي الهَوَاءِ وَ مَا دُونَهَا مِنَ الأَرضِ المَبسُوطَةِ وَ مَا عَلَيهَا مِنَ الخَلقِ الثّقِيلِ وَ هيِ‌َ رَاكِدَةٌ لَا تَتَحَرّكُ غَيرَ أَنّهُ رُبّمَا حُرّكَ فِيهَا نَاحِيَةٌ وَ النّاحِيَةُ الأُخرَي ثَابِتَةٌ وَ رُبّمَا خَسَفَ مِنهَا نَاحِيَةٌ وَ النّاحِيَةُ الأُخرَي قَائِمَةٌ يُرِينَا قُدرَتَهُ وَ يَدُلّنَا بِفِعلِهِ عَلَي مَعرِفَتِهِ فَلِهَذَا سمُيّ‌َ قَوِيّاً لَا لِقُوّةِ البَطشِ المَعرُوفَةِ مِنَ الخَلقِ وَ لَو كَانَت قُوّتُهُ تُشبِهُ قُوّةَ الخَلقِ لَوَقَعَ عَلَيهِ التّشبِيهُ وَ كَانَ مُحتَمِلًا لِلزّيَادَةِ وَ مَا احتَمَلَ الزّيَادَةَ كَانَ نَاقِصاً وَ مَا كَانَ نَاقِصاً لَم يَكُن تَامّاً وَ مَا لَم يَكُن تَامّاً كَانَ عَاجِزاً ضَعِيفاً وَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لَا يُشَبّهُ بشِيَ‌ءٍ وَ إِنّمَا قُلنَا إِنّهُ قوَيِ‌ّ لِلخَلقِ القوَيِ‌ّ وَ كَذَلِكَ قَولُنَا العَظِيمُ وَ الكَبِيرُ وَ لَا يُشَبّهُ بِهَذِهِ الأَسمَاءِ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي قَالَ أَ فَرَأَيتَ قَولَهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَالِمٌ قُلتُ إِنّمَا يُسَمّي تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بِهَذِهِ الأَسمَاءِ لِأَنّهُ لَا يَخفَي عَلَيهِ شَيءٌ مِمّا لَا تُدرِكُهُ الأَبصَارُ مِن شَخصٍ صَغِيرٍ أَو كَبِيرٍ أَو دَقِيقٍ أَو جَلِيلٍ وَ لَا نَصِفُهُ بَصِيراً بِلَحظِ عَينٍ كَالمَخلُوقِ وَ إِنّمَا سمُيّ‌َ سَمِيعاً لِأَنّهُما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَ لا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَ لا أَدني مِن ذلِكَ وَ لا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانُوايَسمَعُ النّجوَي وَ دَبِيبَ النّملِ عَلَي الصّفَا وَ خَفَقَانَ الطّيرِ فِي الهَوَاءِ لَا تَخفَي عَلَيهِ خَافِيَةٌ وَ لَا شَيءٌ مِمّا أَدرَكَتهُ الأَسمَاعُ وَ الأَبصَارُ وَ مَا لَا تُدرِكُهُ الأَسمَاعُ وَ الأَبصَارُ مَا جَلّ مِن ذَلِكَ وَ مَا دَقّ وَ مَا صَغُرَ وَ مَا كَبُرَ وَ لَم نَقُل سَمِيعاً بَصِيراً كَالسّمعِ المَعقُولِ مِنَ الخَلقِ وَ كَذَلِكَ إِنّمَا سمُيّ‌َ عَلِيماً لِأَنّهُ لَا يَجهَلُ شَيئاً مِنَ الأَشيَاءِ لَا تَخفَي عَلَيهِ خَافِيَةٌ فِي الأَرضِ وَ لَا فِي السّمَاءِ عَلِمَ مَا يَكُونُ وَ مَا لَا يَكُونُ وَ مَا لَو كَانَ كَيفَ يَكُونُ وَ لَم نَصِف عَلِيماً بِمَعنَي غَرِيزَةٍ يَعلَمُ بِهَا كَمَا أَنّ لِلخَلقِ غَرِيزَةً يَعلَمُونَ بِهَا فَهَذَا مَا أَرَادَ مِن قَولِهِ عَلِيمٌ فَعَزّ مَن جَلّ عَنِ الصّفَاتِ وَ مَن نَزّهَ نَفسَهُ عَن أَفعَالِ خَلقِهِ فَهَذَا هُوَ المَعنَي وَ لَو لَا ذَلِكَ مَا فَصّلَ بَينَهُ وَ بَينَ خَلقِهِ فَسُبحَانَهُ وَ تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ قَالَ إِنّ هَذَا لَكَمَا تَقُولُ وَ لَقَد عَلِمتُ إِنّمَا غرَضَيِ‌ أَن أَسأَلَ عَن رَدّ الجَوَابِ فِيهِ عِندَ مُصَرّفٍ يَسنَحُ عنَيّ‌ فأَخَبرِنيِ‌ لعَلَيّ‌ أُحكِمُهُ فَيَكُونَ الحُجّةُ قَدِ انشَرَحَت لِلمُتَعَنّتِ المُخَالِفِ أَوِ السّائِلِ المُرتَابِ أَوِ الطّالِبِ المُرتَادِ مَعَ مَا فِيهِ لِأَهلِ المُوَافَقَةِ مِنَ الِازدِيَادِ فأَخَبرِنيِ‌ عَن قَولِهِ لَطِيفٌ وَ قَد عَرَفتُ أَنّهُ لِلفِعلِ وَ لَكِن قَد رَجَوتُ أَن تَشرَحَ لِي ذَلِكَ بِوَصفِكَ قُلتُ إِنّمَا


صفحه : 195

سَمّينَاهُ لَطِيفاً لِلخَلقِ اللّطِيفِ وَ لِعِلمِهِ باِلشيّ‌ءِ اللّطِيفِ مِمّا خَلَقَ مِنَ البَعُوضِ وَ الذّرّةِ وَ مِمّا هُوَ أَصغَرُ مِنهُمَا لَا يَكَادُ تُدرِكُهُ الأَبصَارُ وَ العُقُولُ لِصِغَرِ خَلقِهِ مِن عَينِهِ وَ سَمعِهِ وَ صُورَتِهِ لَا يُعرَفُ مِن ذَلِكَ لِصِغَرِهِ الذّكَرُ مِنَ الأُنثَي وَ لَا الحَدِيثُ المَولُودُ مِنَ القَدِيمِ الوَالِدِ فَلَمّا رَأَينَا لُطفَ ذَلِكَ فِي صِغَرِهِ وَ مَوضِعِ العَقلِ فِيهِ وَ الشّهوَةِ لِلسّفَادِ وَ الهَرَبِ مِنَ المَوتِ وَ الحَدَبِ عَلَي نَسلِهِ مِن وُلدِهِ وَ مَعرِفَةِ بَعضِهَا بَعضاً وَ مَا كَانَ مِنهَا فِي لُجَجِ البِحَارِ وَ أَعنَانِ السّمَاءِ وَ المَفَاوِزِ وَ القِفَارِ وَ مَا هُوَ مَعَنَا فِي مَنزِلِنَا وَ يَفهَمُ بَعضُهُم بَعضاً مِن مَنطِقِهِم وَ مَا يَفهَمُ مِن أَولَادِهَا وَ نَقلِهَا الطّعَامَ إِلَيهَا وَ المَاءَ عَلِمنَا أَنّ خَالِقَهَا لَطِيفٌ وَ أَنّهُ لَطِيفٌ بِخَلقِ اللّطِيفِ كَمَا سَمّينَاهُ قَوِيّاً بِخَلقِ القوَيِ‌ّ قَالَ إِنّ ألّذِي جِئتَ بِهِ لَوَاضِحٌ فَكَيفَ جَازَ لِلخَلقِ أَن يَتَسَمّوا بِأَسمَاءِ اللّهِ تَعَالَي قُلتُ إِنّ اللّهَ جَلّ ثَنَاؤُهُ وَ تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ أَبَاحَ لِلنّاسِ الأَسمَاءَ وَ وَهَبَهَا لَهُم وَ قَد قَالَ القَائِلُ مِنَ النّاسِ لِلوَاحِدِ وَاحِدٌ وَ يَقُولُ لِلّهِ وَاحِدٌ وَ يَقُولُ قوَيِ‌ّ وَ اللّهُ تَعَالَي قوَيِ‌ّ وَ يَقُولُ صَانِعٌ وَ اللّهُ صَانِعٌ وَ يَقُولُ رَازِقٌ وَ اللّهُ رَازِقٌ وَ يَقُولُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَ اللّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ فَمَن قَالَ لِلإِنسَانِ وَاحِدٌ فَهَذَا لَهُ اسمٌ وَ لَهُ شَبِيهٌ وَ اللّهُ وَاحِدٌ وَ هُوَ لَهُ اسمٌ وَ لَا شَيءَ لَهُ شَبِيهٌ وَ لَيسَ المَعنَي وَاحِداً وَ أَمّا الأَسمَاءُ فهَيِ‌َ دَلَالَتُنَا عَلَي المُسَمّي لِأَنّا قَد نَرَي الإِنسَانَ وَاحِداً وَ إِنّمَا نُخبِرُ وَاحِداً إِذَا كَانَ مُفرَداً فَعُلِمَ أَنّ الإِنسَانَ فِي نَفسِهِ لَيسَ بِوَاحِدٍ فِي المَعنَي لِأَنّ أَعضَاءَهُ مُختَلِفَةٌ وَ أَجزَاءَهُ لَيسَت سَوَاءً وَ لَحمَهُ غَيرُ دَمِهِ وَ عَظمَهُ غَيرُ عَصَبِهِ وَ شَعرَهُ غَيرُ ظُفُرِهِ وَ سَوَادَهُ غَيرُ بَيَاضِهِ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ الخَلقِ وَ الإِنسَانُ وَاحِدٌ فِي


صفحه : 196

الِاسمِ وَ لَيسَ بِوَاحِدٍ فِي الِاسمِ وَ المَعنَي وَ الخَلقِ فَإِذَا قِيلَ لِلّهِ فَهُوَ الوَاحِدُ ألّذِي لَا وَاحِدَ غَيرُهُ لِأَنّهُ لَا اختِلَافَ فِيهِ وَ هُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي سَمِيعٌ وَ بَصِيرٌ وَ قوَيِ‌ّ وَ عَزِيزٌ وَ حَكِيمٌ وَ عَلِيمٌ فَتَعَالَي اللّهُ أَحسَنُ الخَالِقِينَ قَالَ فأَخَبرِنيِ‌ عَن قَولِهِ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَ عَن رِضَاهُ وَ مَحَبّتِهِ وَ غَضَبِهِ وَ سَخَطِهِ قُلتُ إِنّ الرّحمَةَ وَ مَا يَحدُثُ لَنَا مِنهَا شَفَقَةٌ وَ مِنهَا جُودٌ وَ إِنّ رَحمَةَ اللّهِ ثَوَابُهُ لِخَلقِهِ وَ الرّحمَةَ مِنَ العِبَادِ شَيئَانِ أَحَدُهُمَا يَحدُثُ فِي القَلبِ الرّأفَةُ وَ الرّقّةُ لِمَا يُرَي بِالمَرحُومِ مِنَ الضّرّ وَ الحَاجَةِ وَ ضُرُوبِ البَلَاءِ وَ الآخَرُ مَا يَحدُثُ مِنّا مِن بَعدِ الرّأفَةِ وَ اللّطفِ عَلَي المَرحُومِ وَ الرّحمَةُ مِنّا مَا نَزَلَ بِهِ وَ قَد يَقُولُ القَائِلُ انظُر إِلَي رَحمَةِ فُلَانٍ وَ إِنّمَا يُرِيدُ الفِعلَ ألّذِي حَدَثَ عَنِ الرّقّةِ التّيِ‌ فِي قَلبِ فُلَانٍ وَ إِنّمَا يُضَافُ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مِن فَعلِ مَا حَدَثَ عَنّا مِن هَذِهِ الأَشيَاءِ وَ أَمّا المَعنَي ألّذِي هُوَ فِي القَلبِ فَهُوَ منَفيِ‌ّ عَنِ اللّهِ كَمَا وَصَفَ عَن نَفسِهِ فَهُوَ رَحِيمٌ لَا رَحمَةَ رِقّةٍ وَ أَمّا الغَضَبُ فَهُوَ مِنّا إِذَا غَضِبنَا تَغَيّرَت طَبَائِعُنَا وَ تَرتَعِدُ أَحيَاناً مَفَاصِلُنَا وَ حَالَت أَلوَانُنَا ثُمّ نجَيِ‌ءُ مِن بَعدِ ذَلِكَ بِالعُقُوبَاتِ فسَمُيّ‌َ غَضَباً فَهَذَا كَلَامُ النّاسِ المَعرُوفُ وَ الغَضَبُ شَيئَانِ أَحَدُهُمَا فِي القَلبِ وَ أَمّا المَعنَي ألّذِي هُوَ فِي القَلبِ فَهُوَ منَفيِ‌ّ عَنِ اللّهِ جَلّ جَلَالُهُ وَ كَذَلِكَ رِضَاهُ وَ سَخَطُهُ وَ رَحمَتُهُ عَلَي هَذِهِ الصّفَةِ جَلّ وَ عَزّ لَا شَبِيهَ لَهُ وَ لَا مِثلَ فِي شَيءٍ مِنَ الأَشيَاءِ قَالَ فأَخَبرِنيِ‌ عَن إِرَادَتِهِ قُلتُ إِنّ الإِرَادَةَ مِنَ العِبَادِ الضّمِيرُ وَ مَا يَبدُو بَعدَ ذَلِكَ مِنَ الفِعلِ وَ أَمّا مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَالإِرَادَةُ لِلفِعلِ إِحدَاثُهُ إِنّمَايَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُبِلَا تَعَبٍ وَ لَا كَيفٍ قَالَ قَد بَلّغتَ حَسبُكَ فَهَذِهِ كَافِيَةٌ لِمَن عَقَلَوَ الحَمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ ألّذِي هَدَانَا مِنَ الضّلَالِ وَ عَصَمَنَا مِن أَن نُشَبّهَهُ بشِيَ‌ءٍ مِن خَلقِهِ وَ أَن نَشُكّ فِي عَظَمَتِهِ وَ قُدرَتِهِ وَ لَطِيفِ صُنعِهِ وَ جَبَرُوتِهِ جَلّ عَنِ الأَشبَاهِ وَ الأَضدَادِ وَ تَكَبّرَ عَنِ الشّرَكَاءِ وَ الأَندَادِ

شرح قوله ع دفعت إليه علي بناء المجهول أي دفعتك الحاجة والضرورة إليه و في الأساس دفع فلان إلي فلان انتهي إليه قوله ع مغيض هوبفتح الميم وكسر الغين المعجمة موضع يجري‌ إليه الماء ويغيب أويجتمع فيه و في الثاني‌ مصدر ميمي‌


صفحه : 197

قوله ع في الجهات الأربع أي الشمال والجنوب والصبا والدبور ويحتمل أن يكون المراد المتغيرة بسبب الصفات الأربعة التي‌ فسرها ع قوله ع تلقح أجسادهم أي تنميها مستعارا من لقاح الشجر كما قال تعالي وَ أَرسَلنَا الرّياحَ لَواقِحَ و في أكثر النسخ بالفاء و هوبمعني الإحراق فيكون كناية عن نضجها والودق المطر قوله وَ قَضباًيعني‌ الرطبة سميت بمصدر قضبه إذاقطعه لأنها تقضب مرة بعدأخري وَ حَدائِقَ غُلباً أي عظاما وصفت به الحدائق لتكاثفها وكثرة أشجارها أولأنها ذات أشجار غلاظ مستعار من وصف الرقاب وَ أَبّامرعي من أب إذاأم لأنه يؤم وينتجع أو من أب لكذا إذاتهيأ له لأنه متهيأ للرعي‌ وفاكهة يابسة تؤب للشتاء و قال الجوهري‌ الأثاث متاع البيت قال الفراء لاواحد له و قال أبوزيد الأثاث المال أجمع الإبل والغنم والعبيد والمتاع الواحدة أثاثة انتهي وَ مَتاعاً أي شيئا ينتفع به إِلي حِينٍ إلي أن تقضوا منه أوطاركم أو إلي أن يبلي ويفني أو إلي أن تموتوا قوله ع والانتفاع عطف علي أصوافها أو في أصوافها قوله ع ومستقر اسم مكان معطوف علي الأدواء قوله ع هوالأول بلا كيف أي كان أزليا من غيراتصاف بكيفية أو من غير أن تعرف كيفية أوليته بمقارنة زمان قديم بل بلا زمان قوله ع لا من شيء و لاكيف أي لا من مادة و لا من شبه ومثال وتصور وخيال تمثل فيه كيفية الخلق ثم خلق علي مثال ذلك كما في المخلوقين قوله ع ثانيا و لاكيف أي ليس لخلقه وإيجاده كيفية كما في المخلوقين من حركة ومزاولة عمل فكما أنه لاكيف لذاته لاكيف لإيجاده و إذاوصف خلقه وإيجاده بالكيف فهو يرجع إلي كيفية مخلوقه فإذاقيل كيف خلق الأشياء فالمعني الصحيح له كيف مخلوقاته لا أنه كيف كان فعله وإيجاده و إليه أشار ع بقوله وإنما الكيف بكيفية المخلوق ثم علل ذلك بأن هذه صفات المحدثين و هوالأول لابدء له و لاشبه فكيف يتصف بها قوله ع ألذي خلق خبر مبتدإ محذوف أي هو ألذي و قوله ع وتصريف الرياح عطف علي الخلق العظيم ويحتمل العطف علي قوله مثل الأرض قوله ع بلوغا و لامنتهي لعل المراد أنه لايبلغ الأبصار إليهما و لا إلي منتهي نورهما أومنتهي جسمهما


صفحه : 198

قوله ع وعظم الخلق العظيم أي السماء أو ماعليها من الملائكة قوله و لايشبه بهذه الأسماء علي بناء المجهول من باب التفعيل أي لايصير إطلاق هذه الأسماء عليه سببا لأن يظن أنه شبيه بخلقه قوله إنما غرضي‌ أي غرضي‌ من السؤال أن تجيب عما يعرض لي من إشكال يصرفّني‌ عن الحق يسنح ويظهر عني‌ و في بعض النسخ عن رد الجواب فيه عندمتعرف غبي‌ أي إني‌ قدآمنت وأيقنت وإنما المقصود من السؤال أن أقدر علي أن أجيب عن سؤال متعرف غبي‌ جاهل أحمق لأهديه إلي الحق و هوأظهر والحدب العطف والشفقة ولعل المراد بما في أعنان السماء مايطير في الهواء و قدمر تفسير بعض الفقرات وسيأتي‌ تفسير بعضها

باب 6-التوحيد ونفي‌ الشريك ومعني الواحد والأحد والصمد وتفسير سورة التوحيد

الآيات البقرةوَ إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلّا هُوَ الرّحمنُ الرّحِيمُ و قال تعالي وَ مِنَ النّاسِ مَن يَتّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَنداداً يُحِبّونَهُم كَحُبّ اللّهِ وَ الّذِينَ آمَنُوا أَشَدّ حُبّا لِلّهِ و قال سبحانه اللّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ الحيَ‌ّ القَيّومُ و قال تعالي لِلّهِ ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِآل عمران وَ ما مِن إِلهٍ إِلّا اللّهُ و قال تعالي قُل يا أَهلَ الكِتابِ تَعالَوا إِلي كَلِمَةٍ سَواءٍ بَينَنا وَ بَينَكُم أَلّا نَعبُدَ إِلّا اللّهَ وَ لا نُشرِكَ بِهِ شَيئاً وَ لا يَتّخِذَ بَعضُنا بَعضاً أَرباباً مِن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلّوا فَقُولُوا اشهَدُوا بِأَنّا مُسلِمُونَ


صفحه : 199

النساءإِنّ اللّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَ يَغفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ وَ مَن يُشرِك بِاللّهِ فَقَدِ افتَري إِثماً عَظِيماً و قال تعالي وَ مَن يُشرِك بِاللّهِ فَقَد ضَلّ ضَلالًا بَعِيداً إِن يَدعُونَ مِن دُونِهِ إِلّا إِناثاً وَ إِن يَدعُونَ إِلّا شَيطاناً مَرِيداً و قال وَ لِلّهِ ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ وَ كَفي بِاللّهِ وَكِيلًاأنعام قُل أَ رَأَيتَكُم إِن أَتاكُم عَذابُ اللّهِ أَو أَتَتكُمُ السّاعَةُ أَ غَيرَ اللّهِ تَدعُونَ إِن كُنتُم صادِقِينَ بَل إِيّاهُ تَدعُونَ فَيَكشِفُ ما تَدعُونَ إِلَيهِ إِن شاءَ وَ تَنسَونَ ما تُشرِكُونَ و قال تعالي قُل إنِيّ‌ نُهِيتُ أَن أَعبُدَ الّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِالأعراف ما لَكُم مِن إِلهٍ غَيرُهُ في مواضع يونس وَ ما يَتّبِعُ الّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكاءَ إِن يَتّبِعُونَ إِلّا الظّنّ وَ إِن هُم إِلّا يَخرُصُونَ و قال تعالي قُل يا أَيّهَا النّاسُ إِن كُنتُم فِي شَكّ مِن ديِنيِ‌ فَلا أَعبُدُ الّذِينَ تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَ لكِن أَعبُدُ اللّهَ ألّذِي يَتَوَفّاكُم وَ أُمِرتُ أَن أَكُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ وَ أَن أَقِم وَجهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً وَ لا تَكُونَنّ مِنَ المُشرِكِينَ وَ لا تَدعُ مِن دُونِ اللّهِ ما لا يَنفَعُكَ وَ لا يَضُرّكَ فَإِن فَعَلتَ فَإِنّكَ إِذاً مِنَ الظّالِمِينَهودأَلّا تَعبُدُوا إِلّا اللّهَ إنِنّيِ‌ لَكُم مِنهُ نَذِيرٌ وَ بَشِيرٌيوسف ما كانَ لَنا أَن نُشرِكَ بِاللّهِ مِن شَيءٍ و قال يا صاحبِيَ‌ِ السّجنِ أَ أَربابٌ مُتَفَرّقُونَ خَيرٌ أَمِ اللّهُ الواحِدُ القَهّارُ ما تَعبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلّا أَسماءً سَمّيتُمُوها أَنتُم وَ آباؤُكُم ما أَنزَلَ اللّهُ بِها مِن سُلطانٍ إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلّهِ أَمَرَ أَلّا تَعبُدُوا إِلّا إِيّاهُ ذلِكَ الدّينُ القَيّمُ وَ لكِنّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمُونَ و قال وَ ما يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللّهِ إِلّا وَ هُم مُشرِكُونَالرعدلَهُ دَعوَةُ الحَقّ وَ الّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِهِ لا يَستَجِيبُونَ لَهُم بشِيَ‌ءٍ إِلّا كَباسِطِ كَفّيهِ إِلَي الماءِ لِيَبلُغَ فاهُ وَ ما هُوَ بِبالِغِهِ وَ ما دُعاءُ الكافِرِينَ إِلّا فِي ضَلالٍ وَ لِلّهِ يَسجُدُ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ طَوعاً وَ كَرهاً وَ ظِلالُهُم بِالغُدُوّ وَ الآصالِ قُل مَن رَبّ السّماواتِ وَ الأَرضِ قُلِ اللّهُ قُل أَ فَاتّخَذتُم مِن دُونِهِ أَولِياءَ لا يَملِكُونَ لِأَنفُسِهِم نَفعاً وَ لا ضَرّا قُل هَل يسَتوَيِ‌ الأَعمي وَ البَصِيرُ أَم هَل تسَتوَيِ‌ الظّلُماتُ وَ النّورُ أَم جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلقِهِ فَتَشابَهَ الخَلقُ عَلَيهِم قُلِ اللّهُ خالِقُ كُلّ شَيءٍ وَ هُوَ الواحِدُ القَهّارُ


صفحه : 200

و قال قُل هُوَ ربَيّ‌ لا إِلهَ إِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكّلتُ وَ إِلَيهِ مَتابِ و قال أَ فَمَن هُوَ قائِمٌ عَلي كُلّ نَفسٍ بِما كَسَبَت وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ قُل سَمّوهُم أَم تُنَبّئُونَهُ بِما لا يَعلَمُ فِي الأَرضِ أَم بِظاهِرٍ مِنَ القَولِ بَل زُيّنَ لِلّذِينَ كَفَرُوا مَكرُهُم وَ صُدّوا عَنِ السّبِيلِ و قال قُل إِنّما أُمِرتُ أَن أَعبُدَ اللّهَ وَ لا أُشرِكَ بِهِ إِلَيهِ أَدعُوا وَ إِلَيهِ مَآبِ ابراهيم وَ لِيَعلَمُوا أَنّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌالنحل يُنَزّلُ المَلائِكَةَ بِالرّوحِ مِن أَمرِهِ عَلي مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ أَن أَنذِرُوا أَنّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنَا فَاتّقُونِ خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ بِالحَقّ تَعالي عَمّا يُشرِكُونَ و قال تعالي وَ قالَ اللّهُ لا تَتّخِذُوا إِلهَينِ اثنَينِ إِنّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فإَيِاّي‌َ فَارهَبُونِ وَ لَهُ ما فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ لَهُ الدّينُ واصِباً أَ فَغَيرَ اللّهِ تَتّقُونَ وَ ما بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمّ إِذا مَسّكُمُ الضّرّ فَإِلَيهِ تَجئَرُونَ ثُمّ إِذا كَشَفَ الضّرّ عَنكُم إِذا فَرِيقٌ مِنكُم بِرَبّهِم يُشرِكُونَ لِيَكفُرُوا بِما آتَيناهُم فَتَمَتّعُوا فَسَوفَ تَعلَمُونَ وَ يَجعَلُونَ لِما لا يَعلَمُونَ نَصِيباً مِمّا رَزَقناهُم تَاللّهِ لَتُسئَلُنّ عَمّا كُنتُم تَفتَرُونَ وَ يَجعَلُونَ لِلّهِ البَناتِ سُبحانَهُ وَ لَهُم ما يَشتَهُونَالإسراءلا تَجعَل مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقعُدَ مَذمُوماً مَخذُولًا وَ قَضي رَبّكَ أَلّا تَعبُدُوا إِلّا إِيّاهُ و قال تعالي وَ لا تَجعَل مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلقي فِي جَهَنّمَ مَلُوماً مَدحُوراً و قال تعالي قُل لَو كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابتَغَوا إِلي ذيِ‌ العَرشِ سَبِيلًا سُبحانَهُ وَ تَعالي عَمّا يَقُولُونَ عُلُوّا كَبِيراً و قال تعالي قُلِ ادعُوا الّذِينَ زَعَمتُم مِن دُونِهِ فَلا يَملِكُونَ كَشفَ الضّرّ عَنكُم وَ لا تَحوِيلًا أُولئِكَ الّذِينَ يَدعُونَ يَبتَغُونَ إِلي رَبّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيّهُم أَقرَبُ وَ يَرجُونَ رَحمَتَهُ وَ يَخافُونَ عَذابَهُ إِنّ عَذابَ رَبّكَ كانَ مَحذُوراًالكهف فَقالُوا رَبّنا رَبّ السّماواتِ وَ الأَرضِ لَن نَدعُوَا مِن دُونِهِ إِلهاً لَقَد قُلنا إِذاً شَطَطاً هؤُلاءِ قَومُنَا اتّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَو لا يَأتُونَ عَلَيهِم بِسُلطانٍ بَيّنٍ فَمَن أَظلَمُ مِمّنِ افتَري عَلَي اللّهِ كَذِباً و قال الله تعالي 38-لكِنّا هُوَ اللّهُ ربَيّ‌ وَ لا أُشرِكُ برِبَيّ‌ أَحَداً


صفحه : 201

و قال تعالي وَ يَقُولُ يا ليَتنَيِ‌ لَم أُشرِك برِبَيّ‌ أَحَداً و قال تعالي أَ فَحَسِبَ الّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتّخِذُوا عبِاديِ‌ مِن دوُنيِ‌ أَولِياءَ و قال تعالي قُل إِنّما أَنَا بَشَرٌ مِثلُكُم يُوحي إلِيَ‌ّ أَنّما إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَمَن كانَ يَرجُوا لِقاءَ رَبّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبّهِ أَحَداًمريم وَ اتّخَذُوا مِن دُونِ اللّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُم عِزّا كَلّا سَيَكفُرُونَ بِعِبادَتِهِم وَ يَكُونُونَ عَلَيهِم ضِدّاالأنبياءوَ لَهُ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ مَن عِندَهُ لا يَستَكبِرُونَ عَن عِبادَتِهِ وَ لا يَستَحسِرُونَ يُسَبّحُونَ اللّيلَ وَ النّهارَ لا يَفتُرُونَ أَمِ اتّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرضِ هُم يُنشِرُونَ لَو كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلّا اللّهُ لَفَسَدَتا فَسُبحانَ اللّهِ رَبّ العَرشِ عَمّا يَصِفُونَ لا يُسئَلُ عَمّا يَفعَلُ وَ هُم يُسئَلُونَ أَمِ اتّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُل هاتُوا بُرهانَكُم هذا ذِكرُ مَن معَيِ‌َ وَ ذِكرُ مَن قبَليِ‌ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمُونَ الحَقّ فَهُم مُعرِضُونَ وَ ما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسُولٍ إِلّا نوُحيِ‌ إِلَيهِ أَنّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنَا فَاعبُدُونِ و قال تعالي وَ إِذا رَآكَ الّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتّخِذُونَكَ إِلّا هُزُواً أَ هذَا ألّذِي يَذكُرُ آلِهَتَكُم وَ هُم بِذِكرِ الرّحمنِ هُم كافِرُونَ و قال تعالي قُل مَن يَكلَؤُكُم بِاللّيلِ وَ النّهارِ مِنَ الرّحمنِ بَل هُم عَن ذِكرِ رَبّهِم مُعرِضُونَ أَم لَهُم آلِهَةٌ تَمنَعُهُم مِن دُونِنا لا يَستَطِيعُونَ نَصرَ أَنفُسِهِم وَ لا هُم مِنّا يُصحَبُونَ و قال تعالي إِنّكُم وَ ما تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنّمَ أَنتُم لَها وارِدُونَ لَو كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَ كُلّ فِيها خالِدُونَ لَهُم فِيها زَفِيرٌ وَ هُم فِيها لا يَسمَعُونَ إِنّ الّذِينَ سَبَقَت لَهُم مِنّا الحُسني أُولئِكَ عَنها مُبعَدُونَ و قال تعالي قُل إِنّما يُوحي إلِيَ‌ّ أَنّما إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَهَل أَنتُم مُسلِمُونَ


صفحه : 202

الحج حُنَفاءَ لِلّهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِ وَ مَن يُشرِك بِاللّهِ فَكَأَنّما خَرّ مِنَ السّماءِ فَتَخطَفُهُ الطّيرُ أَو تهَويِ‌ بِهِ الرّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ و قال وَ يَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ما لَم يُنَزّل بِهِ سُلطاناً وَ ما لَيسَ لَهُم بِهِ عِلمٌ وَ ما لِلظّالِمِينَ مِن نَصِيرٍالمؤمنون مَا اتّخَذَ اللّهُ مِن وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِن إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعضُهُم عَلي بَعضٍ سُبحانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ عالِمِ الغَيبِ وَ الشّهادَةِ فَتَعالي عَمّا يُشرِكُونَ و قال عز و جل فَتَعالَي اللّهُ المَلِكُ الحَقّ لا إِلهَ إِلّا هُوَ رَبّ العَرشِ الكَرِيمِ وَ مَن يَدعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرهانَ لَهُ بِهِ فَإِنّما حِسابُهُ عِندَ رَبّهِ إِنّهُ لا يُفلِحُ الكافِرُونَالفرقان وَ اتّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لا يَخلُقُونَ شَيئاً وَ هُم يُخلَقُونَ وَ لا يَملِكُونَ لِأَنفُسِهِم ضَرّا وَ لا نَفعاً وَ لا يَملِكُونَ مَوتاً وَ لا حَياةً وَ لا نُشُوراًالشعراءفَلا تَدعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ المُعَذّبِينَالنمل اللّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِ و قال تعالي قُلِ الحَمدُ لِلّهِ وَ سَلامٌ عَلي عِبادِهِ الّذِينَ اصطَفي آللّهُ خَيرٌ أَمّا يُشرِكُونَ أَمّن خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ أَنزَلَ لَكُم مِنَ السّماءِ ماءً فَأَنبَتنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهجَةٍ ما كانَ لَكُم أَن تُنبِتُوا شَجَرَها أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ بَل هُم قَومٌ يَعدِلُونَ أَمّن جَعَلَ الأَرضَ قَراراً وَ جَعَلَ خِلالَها أَنهاراً وَ جَعَلَ لَها روَاسيِ‌َ وَ جَعَلَ بَينَ البَحرَينِ حاجِزاً أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمُونَ أَمّن يُجِيبُ المُضطَرّ إِذا دَعاهُ وَ يَكشِفُ السّوءَ وَ يَجعَلُكُم خُلَفاءَ الأَرضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ قَلِيلًا ما تَذَكّرُونَ أَمّن يَهدِيكُم فِي ظُلُماتِ البَرّ وَ البَحرِ وَ مَن يُرسِلُ الرّياحَ بُشراً بَينَ يدَيَ‌ رَحمَتِهِ أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ تَعالَي اللّهُ عَمّا يُشرِكُونَ أَمّن يَبدَؤُا الخَلقَ ثُمّ يُعِيدُهُ وَ مَن يَرزُقُكُم مِنَ السّماءِ وَ الأَرضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ قُل هاتُوا بُرهانَكُم إِن كُنتُم صادِقِينَ


صفحه : 203

القصص وَ يَومَ يُنادِيهِم فَيَقُولُ أَينَ شرُكَائيِ‌َ الّذِينَ كُنتُم تَزعُمُونَ قالَ الّذِينَ حَقّ عَلَيهِمُ القَولُ رَبّنا هؤُلاءِ الّذِينَ أَغوَينا أَغوَيناهُم كَما غَوَينا تَبَرّأنا إِلَيكَ ما كانُوا إِيّانا يَعبُدُونَ وَ قِيلَ ادعُوا شُرَكاءَكُم فَدَعَوهُم فَلَم يَستَجِيبُوا لَهُم وَ رَأَوُا العَذابَ لَو أَنّهُم كانُوا يَهتَدُونَ و قال تعالي وَ لا تَكُونَنّ مِنَ المُشرِكِينَ وَ لا تَدعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلّا هُوَ كُلّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهَهُ لَهُ الحُكمُ وَ إِلَيهِ تُرجَعُونَالعنكبوت وَ إِن جاهَداكَ لِتُشرِكَ بيِ‌ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ فَلا تُطِعهُما إلِيَ‌ّ مَرجِعُكُم فَأُنَبّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلُونَ و قال عز و جل مَثَلُ الّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُونِ اللّهِ أَولِياءَ كَمَثَلِ العَنكَبُوتِ اتّخَذَت بَيتاً وَ إِنّ أَوهَنَ البُيُوتِ لَبَيتُ العَنكَبُوتِ لَو كانُوا يَعلَمُونَ إِنّ اللّهَ يَعلَمُ ما يَدعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيءٍ وَ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَ تِلكَ الأَمثالُ نَضرِبُها لِلنّاسِ وَ ما يَعقِلُها إِلّا العالِمُونَالروم وَ لا تَكُونُوا مِنَ المُشرِكِينَ مِنَ الّذِينَ فَرّقُوا دِينَهُم وَ كانُوا شِيَعاً كُلّ حِزبٍ بِما لَدَيهِم فَرِحُونَ وَ إِذا مَسّ النّاسَ ضُرّ دَعَوا رَبّهُم مُنِيبِينَ إِلَيهِ ثُمّ إِذا أَذاقَهُم مِنهُ رَحمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنهُم بِرَبّهِم يُشرِكُونَ لِيَكفُرُوا بِما آتَيناهُم فَتَمَتّعُوا فَسَوفَ تَعلَمُونَ أَم أَنزَلنا عَلَيهِم سُلطاناً فَهُوَ يَتَكَلّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشرِكُونَ و قال تعالي اللّهُ ألّذِي خَلَقَكُم ثُمّ رَزَقَكُم ثُمّ يُمِيتُكُم ثُمّ يُحيِيكُم هَل مِن شُرَكائِكُم مَن يَفعَلُ مِن ذلِكُم مِن شَيءٍ سُبحانَهُ وَ تَعالي عَمّا يُشرِكُونَلقمان يا بنُيَ‌ّ لا تُشرِك بِاللّهِ إِنّ الشّركَ لَظُلمٌ عَظِيمٌ و قال وَ إِن جاهَداكَ عَلي أَن تُشرِكَ بيِ‌ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ فَلا تُطِعهُماسبأقُلِ ادعُوا الّذِينَ زَعَمتُم مِن دُونِ اللّهِ لا يَملِكُونَ مِثقالَ ذَرّةٍ فِي السّماواتِ وَ لا


صفحه : 204

فِي الأَرضِ وَ ما لَهُم فِيهِما مِن شِركٍ وَ ما لَهُ مِنهُم مِن ظَهِيرٍ و قال تعالي قُل أرَوُنيِ‌َ الّذِينَ أَلحَقتُم بِهِ شُرَكاءَ كَلّا بَل هُوَ اللّهُ العَزِيزُ الحَكِيمُ و قال سبحانه وَ يَومَ يَحشُرُهُم جَمِيعاً ثُمّ يَقُولُ لِلمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيّاكُم كانُوا يَعبُدُونَ قالُوا سُبحانَكَ أَنتَ وَلِيّنا مِن دُونِهِم بَل كانُوا يَعبُدُونَ الجِنّ أَكثَرُهُم بِهِم مُؤمِنُونَفاطريا أَيّهَا النّاسُ اذكُرُوا نِعمَتَ اللّهِ عَلَيكُم هَل مِن خالِقٍ غَيرُ اللّهِ يَرزُقُكُم مِنَ السّماءِ وَ الأَرضِ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَأَنّي تُؤفَكُونَ و قال سبحانه وَ ما يسَتوَيِ‌ البَحرانِ هذا عَذبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَ هذا مِلحٌ أُجاجٌ وَ مِن كُلّ تَأكُلُونَ لَحماً طَرِيّا وَ تَستَخرِجُونَ حِليَةً تَلبَسُونَها وَ تَرَي الفُلكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلّكُم تَشكُرُونَ يُولِجُ اللّيلَ فِي النّهارِ وَ يُولِجُ النّهارَ فِي اللّيلِ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ كُلّ يجَريِ‌ لِأَجَلٍ مُسَمّي ذلِكُمُ اللّهُ رَبّكُم لَهُ المُلكُ وَ الّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِهِ ما يَملِكُونَ مِن قِطمِيرٍ إِن تَدعُوهُم لا يَسمَعُوا دُعاءَكُم وَ لَو سَمِعُوا مَا استَجابُوا لَكُم وَ يَومَ القِيامَةِ يَكفُرُونَ بِشِركِكُم وَ لا يُنَبّئُكَ مِثلُ خَبِيرٍ و قال تعالي قُل أَ رَأَيتُم شُرَكاءَكُمُ الّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ أرَوُنيِ‌ ما ذا خَلَقُوا مِنَ الأَرضِ أَم لَهُم شِركٌ فِي السّماواتِ أَم آتَيناهُم كِتاباً فَهُم عَلي بَيّنَةٍ مِنهُ بَل إِن يَعِدُ الظّالِمُونَ بَعضُهُم بَعضاً إِلّا غُرُوراًيس وَ اتّخَذُوا مِن دُونِ اللّهِ آلِهَةً لَعَلّهُم يُنصَرُونَ لا يَستَطِيعُونَ نَصرَهُم وَ هُم لَهُم جُندٌ مُحضَرُونَ


صفحه : 205

والصافات وَ الصّافّاتِ صَفّا فَالزّاجِراتِ زَجراً فَالتّالِياتِ ذِكراً إِنّ إِلهَكُم لَواحِدٌ رَبّ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ ما بَينَهُما وَ رَبّ المَشارِقِص وَ ما مِن إِلهٍ إِلّا اللّهُ الواحِدُ القَهّارُ رَبّ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ ما بَينَهُمَا العَزِيزُ الغَفّارُالزمرذلِكُمُ اللّهُ رَبّكُم لَهُ المُلكُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَأَنّي تُصرَفُونَ و قال تعالي وَ إِذا مَسّ الإِنسانَ ضُرّ دَعا رَبّهُ مُنِيباً إِلَيهِ ثُمّ إِذا خَوّلَهُ نِعمَةً مِنهُ نسَيِ‌َ ما كانَ يَدعُوا إِلَيهِ مِن قَبلُ وَ جَعَلَ لِلّهِ أَنداداً لِيُضِلّ عَن سَبِيلِهِ قُل تَمَتّع بِكُفرِكَ قَلِيلًا إِنّكَ مِن أَصحابِ النّارِ و قال تعالي قُلِ اللّهَ أَعبُدُ مُخلِصاً لَهُ ديِنيِ‌ فَاعبُدُوا ما شِئتُم مِن دُونِهِ و قال سبحانه ضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَل يَستَوِيانِ مَثَلًا الحَمدُ لِلّهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمُونَ و قال تعالي قُل أَ فَغَيرَ اللّهِ تأَمرُوُنيّ‌ أَعبُدُ أَيّهَا الجاهِلُونَ وَ لَقَد أوُحيِ‌َ إِلَيكَ وَ إِلَي الّذِينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنّ مِنَ الخاسِرِينَ بَلِ اللّهَ فَاعبُد وَ كُن مِنَ الشّاكِرِينَالمؤمن ذلِكُم بِأَنّهُ إِذا دعُيِ‌َ اللّهُ وَحدَهُ كَفَرتُم وَ إِن يُشرَك بِهِ تُؤمِنُوا و قال وَ اللّهُ يقَضيِ‌ بِالحَقّ وَ الّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِهِ لا يَقضُونَ بشِيَ‌ءٍ إِنّ اللّهَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ و قال تعالي وَ يا قَومِ ما لِي أَدعُوكُم إِلَي النّجاةِ وَ تدَعوُننَيِ‌ إِلَي النّارِ تدَعوُننَيِ‌ لِأَكفُرَ بِاللّهِ وَ أُشرِكَ بِهِ ما لَيسَ لِي بِهِ عِلمٌ وَ أَنَا أَدعُوكُم إِلَي العَزِيزِ الغَفّارِ و قال تعالي ذلِكُمُ اللّهُ رَبّكُم خالِقُ كُلّ شَيءٍ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَأَنّي تُؤفَكُونَ إلي قوله تعالي هُوَ الحيَ‌ّ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَادعُوهُ مُخلِصِينَ لَهُ الدّينَ إلي قوله تعالي فَلَمّا رَأَوا بَأسَنا قالُوا آمَنّا بِاللّهِ وَحدَهُ وَ كَفَرنا بِما كُنّا بِهِ مُشرِكِينَفصلت قُل إِنّما أَنَا بَشَرٌ مِثلُكُم يُوحي إلِيَ‌ّ أَنّما إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَاستَقِيمُوا إِلَيهِ وَ استَغفِرُوهُ وَ وَيلٌ لِلمُشرِكِينَ إلي قوله تعالي قُل أَ إِنّكُم لَتَكفُرُونَ باِلذّيِ‌ خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ وَ تَجعَلُونَ لَهُ أَنداداً ذلِكَ رَبّ العالَمِينَ و قال تعالي إِذ جاءَتهُمُ الرّسُلُ مِن بَينِ أَيدِيهِم وَ مِن خَلفِهِم أَلّا تَعبُدُوا إِلّا اللّهَ و قال تعالي وَ يَومَ يُنادِيهِم أَينَ شرُكَائيِ‌ قالُوا آذَنّاكَ ما مِنّا مِن شَهِيدٍ وَ ضَلّ عَنهُم ما كانُوا يَدعُونَ مِن قَبلُ وَ ظَنّوا ما لَهُم مِن مَحِيصٍ و قال تعالي


صفحه : 206

وَ مِن آياتِهِ اللّيلُ وَ النّهارُ وَ الشّمسُ وَ القَمَرُ لا تَسجُدُوا لِلشّمسِ وَ لا لِلقَمَرِ وَ اسجُدُوا لِلّهِ ألّذِي خَلَقَهُنّ إِن كُنتُم إِيّاهُ تَعبُدُونَ فَإِنِ استَكبَرُوا فَالّذِينَ عِندَ رَبّكَ يُسَبّحُونَ لَهُ بِاللّيلِ وَ النّهارِ وَ هُم لا يَسأَمُونَحمعسق أَمِ اتّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِياءَ فَاللّهُ هُوَ الولَيِ‌ّ وَ هُوَ يحُي‌ِ المَوتي وَ هُوَ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ و قال تعالي كَبُرَ عَلَي المُشرِكِينَ ما تَدعُوهُم إِلَيهِالزخرف وَ إِذ قالَ اِبراهِيمُ لِأَبِيهِ وَ قَومِهِ إنِنّيِ‌ بَراءٌ مِمّا تَعبُدُونَ إِلّا ألّذِي فطَرَنَيِ‌ فَإِنّهُ سَيَهدِينِ و قال تعالي وَ سئَل مَن أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رُسُلِنا أَ جَعَلنا مِن دُونِ الرّحمنِ آلِهَةً يُعبَدُونَ و قال تعالي وَ لَمّا ضُرِبَ ابنُ مَريَمَ مَثَلًا إِذا قَومُكَ مِنهُ يَصِدّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيرٌ أَم هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلّا جَدَلًا بَل هُم قَومٌ خَصِمُونَالجاثيةوَ لا يغُنيِ‌ عَنهُم ما كَسَبُوا شَيئاً وَ لا مَا اتّخَذُوا مِن دُونِ اللّهِ أَولِياءَ وَ لَهُم عَذابٌ عَظِيمٌ محمدفَاعلَم أَنّهُ لا إِلهَ إِلّا اللّهُق ألّذِي جَعَلَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلقِياهُ فِي العَذابِ الشّدِيدِالذاريات وَ لا تَجعَلُوا مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ إنِيّ‌ لَكُم مِنهُ نَذِيرٌ مُبِينٌالطورأَم لَهُم إِلهٌ غَيرُ اللّهِ سُبحانَ اللّهِ عَمّا يُشرِكُونَالممتحنةقَد كانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ فِي اِبراهِيمَ وَ الّذِينَ مَعَهُ إِذ قالُوا لِقَومِهِم إِنّا بُرَآؤُا مِنكُم وَ مِمّا تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِالجن قُل إِنّما أَدعُوا ربَيّ‌ وَ لا أُشرِكُ بِهِ أَحَداًالمزمل رَبّ المَشرِقِ وَ المَغرِبِ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَاتّخِذهُ وَكِيلًاالتوحيدقُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ اللّهُ الصّمَدُ لَم يَلِد وَ لَم يُولَد وَ لَم يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ

1-يد،[التوحيد]ل ،[الخصال ]الطاّلقَاَنيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سَعِيدِ بنِ يَحيَي عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الهَيثَمِ البلَدَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ المُعَافَي بنِ عِمرَانَ عَن إِسرَائِيلَ عَنِ المِقدَامِ بنِ شُرَيحِ بنِ هاَنيِ‌ عَن أَبِيهِ قَالَ إِنّ أَعرَابِيّاً قَامَ يَومَ الجَمَلِ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَ تَقُولُ إِنّ اللّهَ وَاحِدٌ قَالَ فَحَمَلَ النّاسُ عَلَيهِ وَ قَالُوا يَا أعَراَبيِ‌ّ أَ مَا تَرَي مَا فِيهِ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ


صفحه : 207

مِن تَقَسّمِ القَلبِ فَقَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع دَعُوهُ فَإِنّ ألّذِي يُرِيدُهُ الأعَراَبيِ‌ّ هُوَ ألّذِي نُرِيدُهُ مِنَ القَومِ ثُمّ قَالَ يَا أعَراَبيِ‌ّ إِنّ القَولَ فِي أَنّ اللّهَ وَاحِدٌ عَلَي أَربَعَةِ أَقسَامٍ فَوَجهَانِ مِنهَا لَا يَجُوزُ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ وَجهَانِ يَثبُتَانِ فِيهِ فَأَمّا اللّذَانِ لَا يَجُوزَانِ عَلَيهِ فَقَولُ القَائِلِ وَاحِدٌ يَقصِدُ بِهِ بَابَ الأَعدَادِ فَهَذَا مَا لَا يَجُوزُ لِأَنّ مَا لَا ثاَنيِ‌َ لَهُ لَا يَدخُلُ فِي بَابِ الأَعدَادِ أَ مَا تَرَي أَنّهُ كَفَرَ مَن قَالَ إِنّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَ قَولُ القَائِلِ هُوَ وَاحِدٌ مِنَ النّاسِ يُرِيدُ بِهِ النّوعَ مِنَ الجِنسِ فَهَذَا مَا لَا يَجُوزُ لِأَنّهُ تَشبِيهٌ وَ جَلّ رَبّنَا وَ تَعَالَي عَن ذَلِكَ وَ أَمّا الوَجهَانِ اللّذَانِ يَثبُتَانِ فِيهِ فَقَولُ القَائِلِ هُوَ وَاحِدٌ لَيسَ لَهُ فِي الأَشيَاءِ شِبهٌ كَذَلِكَ رَبّنَا وَ قَولُ القَائِلِ إِنّهُ عَزّ وَ جَلّ أحَدَيِ‌ّ المَعنَي يعَنيِ‌ بِهِ أَنّهُ لَا يَنقَسِمُ فِي وُجُودٍ وَ لَا عَقلٍ وَ لَا وَهمٍ كَذَلِكَ رَبّنَا عَزّ وَ جَلّ

مع [معاني‌ الأخبار] عبد الله بن محمد بن عبدالوهاب بن نصر بن عبدالوهاب بن عطاء بن واصل السنجري‌ عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الشعراني‌ العماري‌ من ولد عمار بن ياسر عن أبي محمدعبيد الله بن يحيي بن عبدالباقي‌ الآذني‌ عن أبي المقدام بن شريح بن هاني‌ عن أبيه مثله

بيان التقسم التفرق والمعني الأول المنفي‌ هوالوحدة العددية بمعني أن يكون له ثان من نوعه والثاني‌ أن يكون المراد به صنفا من نوع فإن النوع يطلق في اللغة علي الصنف وكذا الجنس علي النوع فإذاقيل لرومي‌ مثلا هذاواحد من الناس بهذا المعني يكون المعني أن صنف هذاصنف من أصناف الناس أو هذا من صنف من أصنافهم ويحتمل أن يكون المراد بالأول ألذي له ثان في الإلهية وبالثاني‌ الواحد من نوع داخل تحت جنس فالمراد أنه يريد به أي بالناس أنه نوع لهذا الشخص و يكون ذكر الجنس لبيان أن النوع يستلزم الجنس غالبا فيلزم التركيب من الأجزاء العقلية والمعنيان المثبتان الأول منهما إشارة إلي نفي‌ الشريك والثاني‌ منهما إلي نفي‌ التركيب و قوله في وجود أي في الخارج


صفحه : 208

2-يد،[التوحيد] مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن أَبِي هَاشِمٍ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ الثاّنيِ‌َ ع مَا مَعنَي الوَاحِدِ قَالَ المُجتَمَعُ عَلَيهِ بِجَمِيعِ الأَلسُنِ بِالوَحدَانِيّةِ

سن ،[المحاسن ] أبي عن داود بن القاسم مثله

3-ج ،[الإحتجاج ] عَن أَبِي هَاشِمٍ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ الثاّنيِ‌ ع قُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ مَا مَعنَي الأَحَدِ قَالَ المُجمَعُ عَلَيهِ بِالوَحدَانِيّةِ أَ مَا سَمِعتَهُ يَقُولُوَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ وَ سَخّرَ الشّمسَ وَ القَمَرَ لَيَقُولُنّ اللّهُ بَعدَ ذَلِكَ لَهُ شَرِيكٌ وَ صَاحِبَةٌ

بيان قوله ع بعد ذلك استفهام علي الإنكار أي كيف يكون له شريك وصاحبة بعدإجماع القول علي خلافه

4-يد،[التوحيد] ابنُ عِصَامٍ وَ الدّقّاقُ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ جَمِيعاً عَن سَهلٍ عَن أَبِي هَاشِمٍ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ الثاّنيِ‌َ ع مَا مَعنَي الوَاحِدِ قَالَ ألّذِي اجتِمَاعُ الأَلسُنِ عَلَيهِ بِالتّوحِيدِ كَمَا قَالَ عَزّ وَ جَلّوَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ لَيَقُولُنّ اللّهُ


صفحه : 209

بيان يحتمل تلك الأخبار وجوها الأول أن يكون ع أحال معني الواحد علي ما هوالمعروف بين الناس وأعرض عنه واستدل عليه بما جبل عليه جميع العقول من الإذعان بتوحيده .الثاني‌ أن يكون المراد به أن معني الواحد هو ألذي أقر به كل ذي‌ عقل إذاصرف عنه الأغراض النفسانية.الثالث أن يكون هذااللفظ بحسب الشرع موضوعا لهذا المعني مأخوذا فيه إجماع الألسن . ثم الظاهر أن يكون الآية احتجاجا علي مشركي‌ قريش حيث كانوا يقرون بأن الخالق لجميع المخلوقات هو الله تعالي و مع ذلك كانوا يعبدون الأصنام وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِندَ اللّهِ ويحتمل أن يكون المراد أن غرائز الخلق كلها مجبولة علي الإذعان بتوحيده فإذارجعوا إلي أنفسهم وتركوا العصبية والعناد يرون أنفسهم مذعنة بذلك وينبه علي ذلك أنهم عنداضطرارهم في المهالك والمخاوف لايلجئون إلا إليه كمانبه تعالي عليه في مواضع من القرآن المجيد والأول أظهر فإن للتوحيد ثلاثة معان الأول توحيد واجب الوجود والثاني‌ توحيد صانع العالم ومدبر النظام والثالث توحيد الإله و هوالمستحق للعبادة و كان مشركو القريش مخالفين في المعني الثالث

5-ج ،[الإحتجاج ] عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ أَنّهُ سَأَلَ الزّندِيقُ الصّادِقَ ع عَن قَولِ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ لَم يَزَل مَعَهُ طِينَةٌ مُوذِيَةٌ فَلَم يَستَطِعِ التفّصَيّ‌َ مِنهَا إِلّا بِامتِزَاجِهِ بِهَا وَ دُخُولِهِ فِيهَا فَمِن تِلكَ الطّينَةِ خَلَقَ الأَشيَاءَ قَالَ سُبحَانَ اللّهِ وَ تَعَالَي مَا أَعجَزَ إِلَهاً يُوصَفُ بِالقُدرَةِ لَا يَستَطِيعُ التفّصَيّ‌َ مِنَ الطّينَةِ إِن كَانَتِ الطّينَةُ حَيّةً أَزَلِيّةً فَكَانَا إِلَهَينِ قَدِيمَينِ فَامتَزَجَا


صفحه : 210

وَ دَبّرَا العَالَمَ مِن أَنفُسِهِمَا فَإِن كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمِن أَينَ جَاءَ المَوتُ وَ الفَنَاءُ وَ إِن كَانَتِ الطّينَةُ مَيّتَةً فَلَا بَقَاءَ لِلمَيّتِ مَعَ الأزَلَيِ‌ّ القَدِيمِ وَ المَيّتُ لَا يجَيِ‌ءُ مِنهُ حيَ‌ّ هَذِهِ مَقَالَةُ الدّيَصَانِيّةِ أَشَدّ الزّنَادِقَةِ قَولًا وَ أَهمَلِهِم مَثَلًا نَظَرُوا فِي كُتُبٍ قَد صَنّفَتهَا أَوَائِلُهُم وَ حَبّرُوهَا لَهُم بِأَلفَاظٍ مُزَخرَفَةٍ مِن غَيرِ أَصلٍ ثَابِتٍ وَ لَا حُجّةٍ تُوجِبُ إِثبَاتَ مَا ادّعَوا كُلّ ذَلِكَ خِلَافاً عَلَي اللّهِ وَ عَلَي رُسُلِهِ وَ تَكذِيباً بِمَا جَاءُوا بِهِ عَنِ اللّهِ فَأَمّا مَن زَعَمَ أَنّ الأَبدَانَ ظُلمَةٌ وَ الأَروَاحَ نُورٌ وَ أَنّ النّورَ لَا يَعمَلُ الشّرّ وَ الظّلمَةَ لَا تَعمَلُ الخَيرَ فَلَا يَجِبُ عَلَيهِم أَن يَلُومُوا أَحَداً عَلَي مَعصِيَةٍ وَ لَا رُكُوبِ حُرمَةٍ وَ لَا إِتيَانِ فَاحِشَةٍ وَ إِنّ ذَلِكَ عَلَي الظّلمَةِ غَيرُ مُستَنكَرٍ لِأَنّ ذَلِكَ فِعلُهَا وَ لَا لَهُ أَن يَدعُوَ رَبّاً وَ لَا يَتَضَرّعَ إِلَيهِ لِأَنّ النّورَ رَبّ وَ الرّبّ لَا يَتَضَرّعُ إِلَي نَفسِهِ وَ لَا يَستَعِيذُ بِغَيرِهِ وَ لَا لِأَحَدٍ مِن أَهلِ هَذِهِ المَقَالَةِ أَن يَقُولَ أَحسَنتُ وَ أَسَأتُ لِأَنّ الإِسَاءَةَ مِن فِعلِ الظّلمَةِ وَ ذَلِكَ فِعلُهَا وَ الإِحسَانُ مِنَ النّورِ وَ لَا يَقُولُ النّورُ لِنَفسِهِ أَحسَنتَ يَا مُحسِنُ وَ لَيسَ هُنَاكَ ثَالِثٌ فَكَانَتِ الظّلمَةُ عَلَي قِيَاسِ قَولِهِم أَحكَمَ فِعلًا وَ أَتقَنَ تَدبِيراً وَ أَعَزّ أَركَاناً مِنَ النّورِ لِأَنّ الأَبدَانَ مُحكَمَةٌ فَمَن صَوّرَ هَذَا الخَلقَ صُورَةً وَاحِدَةً عَلَي نُعُوتٍ مُختَلِفَةٍ وَ كُلّ شَيءٍ يُرَي ظَاهِراً مِنَ الظّهرِ وَ الأَشجَارِ وَ الثّمَارِ وَ الطّيرِ وَ الدّوَابّ يَجِبُ أَن يَكُونَ إِلَهاً ثُمّ حَبَسَتِ النّورَ فِي حَبسِهَا وَ الدّولَةُ لَهَا وَ مَا ادّعَوا بِأَنّ العَاقِبَةَ سَوفَ تَكُونُ لِلنّورِ فَدَعوَي وَ ينَبغَيِ‌ عَلَي قِيَاسِ قَولِهِم أَن لَا يَكُونَ لِلنّورِ فِعلٌ لِأَنّهُ أَسِيرٌ وَ لَيسَ لَهُ سُلطَانٌ فَلَا فِعلَ لَهُ وَ لَا تَدبِيرَ وَ إِن كَانَ لَهُ مَعَ الظّلمَةِ تَدبِيرٌ فَمَا هُوَ بِأَسِيرٍ بَل هُوَ مُطلَقٌ عَزِيزٌ فَإِن لَم يَكُن كَذَلِكَ وَ كَانَ أَسِيرَ الظّلمَةِ فَإِنّهُ يَظهَرُ فِي هَذَا العَالَمِ إِحسَانٌ وَ خَيرٌ مَعَ فَسَادٍ وَ شَرّ فَهَذَا يَدُلّ عَلَي أَنّ الظّلمَةَ تُحسِنُ الخَيرَ وَ تَفعَلُهُ كَمَا تُحسِنُ الشّرّ وَ تَفعَلُهُ فَإِن قَالُوا مُحَالٌ ذَلِكَ فَلَا نُورَ يُثبَتُ وَ لَا ظُلمَةَ وَ بَطَلَت دَعوَاهُم وَ يَرجِعُ الأَمرُ إِلَي أَنّ اللّهَ وَاحِدٌ وَ مَا سِوَاهُ بَاطِلٌ فَهَذِهِ مَقَالَةُ ماَنيِ‌ الزّندِيقِ وَ أَصحَابِهِ وَ أَمّا مَن قَالَ النّورُ وَ الظّلمَةُ بَينَهُمَا حَكَمٌ فَلَا بُدّ مِن أَن يَكُونَ أَكبَرَ الثّلَاثَةِ


صفحه : 211

الحَكَمُ لِأَنّهُ لَا يَحتَاجُ إِلَي الحَاكِمِ إِلّا مَغلُوبٌ أَو جَاهِلٌ أَو مَظلُومٌ وَ هَذِهِ مَقَالَةُ المَدقُونِيّةِ وَ الحِكَايَةُ عَنهُم تَطُولُ قَالَ فَمَا قِصّةُ ماَنيِ‌ قَالَ مُتَفَحّصٌ أَخَذَ بَعضَ المَجُوسِيّةِ فَشَابَهَا بِبَعضِ النّصرَانِيّةِ فَأَخطَأَ المِلّتَينِ وَ لَم يُصِب مَذهَباً وَاحِداً مِنهُمَا وَ زَعَمَ أَنّ العَالَمَ دُبّرَ مِن إِلَهَينِ نُورٍ وَ ظُلمَةٍ وَ أَنّ النّورَ فِي حِصَارٍ مِنَ الظّلمَةِ عَلَي مَا حَكَينَا مِنهُ فَكَذّبَتهُ النّصَارَي وَ قَبِلَتهُ المَجُوسُ الخَبَرَ

توضيح وتحقيق اعلم أنه ع أشار في هذاالخبر إلي إبطال مذاهب ثلاث فرق من الثنوية ولنحقق أصل مذاهبهم ليتضح ماأفاده ع في الرد عليهم .الأول مذهب الديصانية وهم أصحاب ديصان وهم أثبتوا أصلين نورا وظلاما فالنور يفعل الخير قصدا واختيارا والظلام يفعل الشر طبعا واضطرارا فما كان من خير ونفع وطيب وحسن فمن النور و ما كان من شر وضر ونتن وقبح فمن الظلام وزعموا أن النور حي‌ عالم قادر حساس دراك و منه تكون الحركة والحياة والظلام ميت جاهل عاجز جماد موات لافعل لها و لاتمييز وزعموا أن الشر يقع منه طباعا وزعموا أن النور جنس واحد وكذلك الظلام جنس واحد و أن إدراك النور إدراك متفق و أن سمعه وبصره هوحواسه وإنما قيل سميع بصير لاختلاف التركيب لالأنهما في نفسهما شيئان مختلفان . وزعموا أن اللون هوالطعم و هوالرائحة و هوالمجسّة وإنما وجده لونا لأن الظلمة خالطته ضربا من المخالطة ووجده طعما لأنها خالطته بخلاف ذلك الضرب وكذلك يقول في لون الظلمة وطعمها ورائحتها ومجستها وزعموا أن النور بياض كله و أن الظلمة سواد كلها وزعموا أن النور لم يزل يلقي الظلمة بأسفل صفيحة منه و أن الظلمة لم تزل تلقاه بأعلي صفيحة منها.


صفحه : 212

واختلفوا في المزاج والخلاص فزعم بعضهم أن النور دخل الظلمة والظلمة تلقاه بخشونة وغلظ فتأذي بها وأحب أن يرققها ويلينها ثم يتخلص منها و ليس ذلك لاختلاف جسمها ولكن كما أن المنشار جنسه حديد وصفيحته لينة وأسنانه خشنة فاللين في النور والخشونة في الظلمة وهما جنس واحد فيلطف النور بلينه حتي يدخل فيما بين تلك الفرج فما أمكنه إلابتلك الخشونة فلايتصور الوصول إلي كمال ووجود إلابلين وخشونة. و قال بعضهم بل الظلام لمااحتال حتي تشبث بالنور من أسفل صفيحته ودرجه فاجتهد النور حتي يتخلص منه ويدفعها عن نفسه اعتمد عليه فلجج فيه و ذلك بمنزلة الإنسان ألذي يريد الخروج من وحل وقع فيه فيعتمد علي رجله ليخرج فيزداد لجوجا فيه فاحتاج النور إلي زمان ليعالج التخلص منه والتفرد بعالمه . و قال بعضهم إن النور إنما دخل الظلام اختيارا ليصلحها ويستخرج منه أجزاء صالحة لعالمه فلما دخل تشبث به زمانا فصار يفعل الجور والقبيح اضطرارا لااختيارا و لوانفرد في عالمه ما كان يحصل منه إلاالخير المحض و الحسن البحت وفرق بين الفعل الضروري‌ و بين الفعل الاختياري‌.الثاني‌ مذهب المانوية أصحاب ماني‌ الحكيم ألذي ظهر في زمان سابور بن أردشير و ذلك بعدعيسي ع أخذ دينا بين المجوسية والنصرانية و كان يقول بنبوة المسيح ع و لا يقول بنبوة موسي ع حكي محمد بن هارون المعروف بأبي‌ عيسي الوراق أن الحكيم ماني‌ زعم أن العالم مصنوع مركب من أصلين قديمين أحدهما نور والآخر ظلمة وأنهما أزليان لم يزالا ولن يزالا وأنكر وجود شيء لا من الأصل قديما وزعم أنهما لم يزالا قويين حساسين سميعين بصيرين وهما مع ذلك في النفس والصورة والفعل والتدبير متضادان والخير والشر متحاذيان تحاذي‌ الشخص والظل والنور جوهره حسن فاضل كريم صاف نقي‌ طيب الريح حسن المنظر ونفسه خيرة كريمة حليمة نافعة عالمة وفعله الخير والصلاح والنفع والسرور والترتيب


صفحه : 213

والنظام والاتفاق وجهته فوق وأكثرهم علي أنه مرتفع من ناحية الشمال . وزعم بعضهم أنه بجنب الظلمة وأجناسه خمسة أربعة منها أبدان والخامسة روحها فالأبدان النار والريح والنور والماء وروحها النسيم وهي‌ تتحرك في هذه الأبدان وصفاته حسنة خيرة طاهرة زكية. و قال بعضهم كون النور لم يزل علي مثال هذاالعالم له أرض وجو وأرض النور لم تزل لطيفة علي غيرصورة هذه الأرض بل علي صورة جرم الشمس وشعاعها كشعاع الشمس ورائحتها طيبة أطيب رائحة وألوانها ألوان قوس قزح . و قال بعضهم و لا شيء إلاالجسم والأجسام علي ثلاثة أنواع أرض النور وهي‌ خمسة وهناك جسم آخر ألطف منه و هوالجو و هونفس النور وجسم آخر ألطف منه و هوالنسيم و هوروح النور قال و لم يزل يولد ملائكة وآلهة أولياء ليس علي سبيل المناكحة بل كمايتولد الحكمة من الحكيم والنطق الطيب من الناطق وملك ذلك العالم هوروحه ويجمع عالمه الخير والحمد والنور. و أماالظلمة فجوهرها قبيح ناقص لئيم كدر خبيث منتن الريح قبيح المنظر ونفسها شريرة لئيمة سفيهة ضارة جاهلة وفعلها الشر والفساد والضرر والغم والتشويش والاختلاف وجهتها تحت وأكثرهم علي أنها منحطة من جانب الجنوب . وزعم بعضهم أنها بجنب النور وأجناسها خمسة أربعة منها أبدان والخامسة روحها فالأبدان هي‌ الحريق والظلمة والسموم والضباب وروحها الدخان و هويتحرك في هذه الأبدان و أماصفاتها فهي‌ خبيثة شريرة نجسة دنسة. و قال بعضهم كون الظلمة لم يزل علي مثال هذاالعالم له أرض وجو فأرض الظلمة لم تزل كثيفة علي غيرصورة هذه الأرض بل هي‌ أكثف وأصلب ورائحتها كريهة أنتن الروائح وألوانها السواد. و قال بعضهم و لا شيء إلاالجسم والأجسام علي ثلاثة أنواع أرض الظلمة وجسم آخر أظلم منه و هوالدخان وجسم آخر أظلم منه و هوالسموم و قال و لم يزل تولد الظلمة شياطين وعفاريت لا علي سبيل المناكحة بل كمايتولد الحشرات من


صفحه : 214

العفونات القذرة قال وملك ذلك العالم هوروحه ويجمع عالمه الشر والذميمة والظلمة. ثم اختلفت المانوية في المزاج وسببه والخلاص وسببه قال بعضهم إن النور والظلام امتزجا بالخبط والاتفاق لابالقصد والاختيار و قال أكثرهم إن سبب الامتزاج أن أبدان الظلمة تشاغلت عن روحها بعض التشاغل فنظرت الروح فرأت الأبدان علي ممازجة النور فأجابتها لإسراعها إلي الشر فلما رأي ذلك ملك النور وجه إليها ملكا من ملائكته في خمسة أجزاء من أجناسها الخمسة فاختلطت الخمسة النورية بالخمس الظلامية فخالط الدخان النسيم وإنما الحياة والروح في هذاالعالم من النسيم والهلاك والآفات من الدخان وخالط الحريق النار والنور الظلمة والسموم الريح والضباب الماء فما في العالم من منفعة وخير وبركة فمن أجناس النور و ما فيه من مضرة وشر وفساد فمن أجناس الظلمة فلما رأي ملك النور هذه الامتزاج أمر ملكا من ملائكته فخلق هذاالعالم علي هذه الهيئة ليخلص أجناس النور من أجناس الظلمة وإنما سارت الشمس والنجوم والقمر لاستصفاء أجزاء النور من أجزاء الظلمة هذا ماذكر الشهرستاني‌ من تحقيق مذهبهم مع خرافات آخر نقلها عنهم . و قال ابن أبي الحديد قالت المانوية إن النور لانهاية له من جهة فوق و أما من جهة تحت فله نهاية والظلمة لانهاية لها من جهة أسفل و أما من جهة فوق فلها نهاية و كان النور والظلمة هكذا قبل خلق العالم وبينهما فرجة و إن بعض أجزاء النور اقتحم تلك الفرجة لينظر إلي الظلمة فأشرقت الظلمة فأقبل عالم كثير من النور فجاءت الظلمة ليستخلص المأمورين [المأسورين ] من تلك الأجزاء وطالت الحرب واختلط كثير من أجزاء النور بكثير من أجزاء الظلمة فاقتضي حكمة نور الأنوار و هوالبار‌ئ سبحانه عندهم أن عمل الأرض من لحوم القتلي والجبال من عظامهم والبحار من صديدهم ودمائهم والسماء من جلودهم وخلق الشمس والقمر وسيرهما لاستصفاء ما في العالم


صفحه : 215

من أجزاء النور المختلطة بأجزاء الظلمة وجعل حول العالم خندقا خارج الفلك الأعلي يطرح فيه الظلام المستصفي فهو لايزال يزيد ويتضاعف ويكثر في ذلك الخندق و هوظلام صرف قداستصفي‌ نوره . و أماالنور المستخلص فيلحق بعدالاستصفاء بعالم الأنوار فلاتزال الأفلاك متحركة والعالم مستمرا إلي أن يتم استصفاء النور الممتزج وحينئذ يبقي من النور الممتزج شيءمنعقد باطل لاتقدر النيران علي استصفائه فعند ذلك تسقط الأجسام العالية وهي‌ الأفلاك علي الأجسام السافلة وهي‌ الأرضون وتفور نار تضطرم في تلك الأسافل وهي‌ المسماة بجهنم و يكون الاضطرام مقدار ألف وأربعمائة سنة فتحلل بتلك النار تلك الأجزاء المنعقدة من النور الممتزجة بأجزاء الظلمة التي‌ عجز الشمس والقمر عن استصفائها فيرتفع إلي عالم الأنوار ويبطل حينئذ ويعود النور كله إلي حالة الأولي قبل الامتزاج وكذلك الظلمة الثالث المرقوبيّة أثبتوا أصلين متضادين أحدهما النور والثاني‌ الظلمة وأثبتوا أصلا ثالثا هوالمعدل الجامع و هوسبب المزاج فإن المتنافرين المتضادين لايمتزجان إلابجامع وقالوا الجامع دون النور في الرتبة وفوق الظلمة وحصل من الاجتماع والامتزاج هذاالعالم . ومنهم من يقول الامتزاج إنما يحصل بين الظلمة والمعدل إذ هوقريب منها فامتزج به ليتطيب به ويلتذ ملاذه فبعث النور إلي العالم الممتزج روحا مسيحية و هوروح الله وابنه تحننا علي المعدل السليم الواقع في شبكة الظلام الرجيم حتي يخلصه من حبائل الشياطين فمن اتبعه فلم يلامس النساء و لم يقرب الزهومات أفلت ونجا و من خالفه خسر وهلك قالوا وإنما أثبتنا المعدل لأن النور ألذي هو الله تعالي لاتجوز عليه مخالطة الشيطان فإن الضدين يتنافران طبعا ويتمانعان ذاتا ونفسا فيكف يجوز اجتماعهما وامتزاجهما فلابد من معدل تكون منزلته دون النور وفوق الظلام فيقع المزاج معه كذا ذكره الشهرستاني‌. و قال ابن أبي الحديد قول المجوس هو أن الغرض من خلق العالم أن يتحصن


صفحه : 216

الخالق جل اسمه من العدو و أن يجعل العالم شبكة له ليوقع العدو فيه ويجعله في ربط ووثاق والعدو عندهم هوالشيطان وبعضهم يعتقد قدمه وبعضهم حدوثه . قال قوم منهم إن البار‌ئ عز و جل استوحش ففكر فكرة ردية فتولد منها الشيطان و قال آخرون بل شك شكا رديا فتولد الشيطان من شكه و قال آخرون بل تولد من عفونة ردية قديمة. وزعموا أن الشيطان حارب البار‌ئ سبحانه و كان في الظلمة لم يزل بعيدا عن سلطان البار‌ئ سبحانه فلم يزل يزحف حتي رأي النور فوثب وثبة عظيمة فصار في سلطان الله تعالي في النور وأدخل معه البلايا والشرور فبني الله سبحانه هذه الأفلاك و الأرض والعناصر شبكة له و هو فيهامحبوس لايمكنه الرجوع إلي سلطانه الأول والظلمة فهو أبدا يضطرب ويرمي‌ الآفات علي خلق الله سبحانه فمن أحياه الله رماه الشيطان بالموت و من أصحه رماه الشيطان بالسقم و من سره رماه الشيطان بالحزن والكأبة فلايزال كذلك و كل يوم ينتقص سلطانه وقوته لأن الله تعالي يحتال له كل يوم ويضعفه إلي أن تذهب قوته كلها ويخمد ويصير جمادا جامدا هوائيا ويجمع الله تعالي أهل الأديان فيعذبهم بقدر مايطهرهم ويصفيهم من طاعة الشيطان ويغسلهم من الأدناس ثم يدخلهم الجنة وهي‌ لاأكل فيها و لاشرب و لاتمتع ولكنها موضع لذة وسرور.أقول لماعرفت هذه المذاهب السخيفة المزخرفة التي‌ يغني‌ تقريرها عن التعرض لإبطالها وتزييفها فلنرجع إلي توضيح الخبر.فنقول يظهر من كلامه ع أن الديصانية قالوا بقدم الطينة أي الظلمة وبحدوث الامتزاج ويحتمل أن يكون إشارة إلي مانسبه الشهرستاني‌ إلي الزروانية حيث قال زعم بعضهم أنه كان لم يزل مع الله شيءردي‌ إما فكرة ردية وإما عفونة ردية و ذلك هومصدر الشيطان وزعموا أن الدنيا كانت سليمة من الشرور والآفات و كان أهلها في خير محض ونعيم خالص فلما حدث أهرمن حدثت الشرور والآفات والفتن و كان بمعزل من السماء فاحتال حتي خرق السماء وصعد.


صفحه : 217

ثم إنه استدل ع علي إبطال مذهبهم بوجهين الأول أن قولكم إنه تعالي كان لم يزل متأذيا من تلك الطينة و لم يستطع التفصي‌ منها يستلزم عجزه تعالي والعجز نقص يحكم العقل ببراءة صانع مثل هذاالنظام عنه وأيضا يوجب الاحتياج إلي من يرفع ويدفع ذلك عنه و هوينافي‌ وجوب الوجود ألذي قام البرهان علي اتصاف الصانع تعالي به . والثاني‌ أنه لايخلو إما أن تكون تلك الطينة الأزلية حية عالمة قادرة فيكون كل منهما إلها واجبا بالذات لما قدثبت بالعقل والنقل أن الممكن لا يكون قديما فإذاحصل العالم من امتزاجها فلايجوز علي شيء من أجزاء العالم الموت والفناء إذ انتفاء المركب إنما يكون بانتفاء أحد أجزائه والجزءان هنا قديمان ويحتمل أن يكون هذاإلزاما عليهم حيث أثبتوا الظلمة وجعلوها ميتة جاهلة عاجزة جمادا لينسبوا إليها الموت والفناء زعما منهم أن مثل هذه الأمور لايصدر عن النور الحي‌ العالم القادر وإما أن تكون ميتة أي عادمة للقدرة والعلم والإرادة و هذامحال إذ القدم يستلزم وجوب الوجود و هويستلزم الاتصاف بالعلم والقدرة وسائر الكمالات و إليه أشار ع بقوله فلابقاء للميت مع الأزلي‌ القديم ثم أبطل ع ذلك بوجه آخر و هوأنهم ينسبون خلق الموذيات كالحيات والعقارب والسباع إلي الظلمة و لوكانت ميتة لايجوز نسبة خلقها إليها إذ العقل يحكم بديهة أنه يجب أن يكون الصانع أشرف من المصنوع من جميع الجهات وكيف يفيض الحياة والعلم والقدرة ممن لم يكن له حظ منها. و أماالمانوية فيظهر من كلامه ع في تقرير مذهبهم غير مامر من نقل الناقلين لمذهبهم و لاعبرة بنقلهم فإنهم كثيرا ماينسبون أشياء إلي جماعة من الشيعة وغيرهم مما قدنعلم خلافها مع أنه يحتمل أن يكون كلامهم مرموزا وعلم ع أن مرادهم بالنور الروح وبالظلمة الجسد والنور هوالرب تعالي ويؤيده أنه كان الملعون نصرانيا ومذهب النصاري في المسيح ع قريب من ذلك ويحتمل أن يكون ماذكره ع مذهبا لجماعة من قدمائهم ثم غيروه إلي مانقل عنهم وكون النور أسيرا


صفحه : 218

للظلمة يحتمل أن يكون كناية عن عدم استقلاله في التدبير ومعارضة أهرمن له في كثير مما يريده و قداستدل ع علي بطلان مذهبهم بوجوه الأول أن لا يكون الناس قادرين علي ترك الشرور والمساوي‌ والمعاصي‌ لأنها من فعل الجسد ألذي هوالظلمة و لايتأتي منه الخير و لايستحق أحد الملامة علي الشر لكونه مجبورا عليه و قدنراهم يلومون الناس علي الشرور والمساوي‌ فهذا دليل علي بطلان مذهبهم .الثاني‌ أنهم يستحسنون التضرع إلي الرب تعالي وعبادته والاستعانة به وأمثال تلك الأعمال فعل الروح ألذي هوالرب بزعمهم فيكف يعبد نفسه ويستعين بنفسه ويتضرع إليها و إن قالوا إنه يتضرع إلي الظلمة فكيف يليق بالرب أن يستعيذ بغيره .الثالث أنه يلزم أن لايجوز أن يقول أحد لأحد أحسنت و لاأسأت و هذاباطل اتفاقا وبديهة و أمابيان الملازمة فلأن الحاكم بذلك إما النور أوالظلمة إذ المفروض أنه لا شيءغيرهما وكلاهما باطلان أماالأول فلأن الظاهر من هذاالكلام المغايرة بين المادح والممدوح والمفروض اتحادهما ويحتمل أن يكون هذامنبها علي مايحكم به العقل بديهة من المغايرة بين الأشخاص مع أنهم يقولون بأن أرواح جميع الخلق شخص واحد هوالنور و هوالرب تعالي و هذاقريب من الوحدة التي‌ قالت به الصوفية و أماالثاني‌ فلأن الظلمة فعلها الإساءة وتعدها حسنة فكيف تحكم بقبحها. ويمكن تقرير الملازمة بوجه آخر بأن يقال ظاهر أن التحسين والتشنيع من فعل النور و لايتصور منه شيءمنهما لأن المخاطب في أسأت هوالظلمة و هومجبور علي فعل القبيح بزعمهم فلايستحق اللوم و هوالمراد بقوله و ذلك فعلها والمخاطب في أحسنت هوالنور لأن الحسن فعله فيتحد المادح والممدوح .الرابع أنهم يحكمون بأن النور هوالرب تعالي ويجب علي هذا أن يكون أقوي وأحكم وأتقن من الظلمة التي‌ هي‌ مخلوقة ويلزمهم بمقتضي أقوالهم الفاسدة


صفحه : 219

عكس ذلك لأن الأبدان عندهم من فعل الظلمة و لانحكم بقدرة الرب وعلمه وحكمته إلابما نشاهد من تلك الأبدان المختلفة والأشجار والثمار والطيور والدواب و لانشاهد مما يقولون من الأرواح شيئا فيلزمهم علي قياس ذلك أن تكون الظلمة إلها قادرا حكيما عليما فقوله ع من صور مبتدأ و قوله يجب أن يكون إلها خبره و قوله كل شيءمعطوف علي قوله هذاالخلق .الخامس قولهم بأن النور في حبس الظلمة ينافي‌ القول بربوبيته لأن كونه محبوسا يستلزم عجزه ونقصه و كل منهما ينافي‌ الربوبية كمامر و ماادعوا من أنه في القيامة يغلب النور عليها فمع أنه لاينفع في دفع الفساد فهو دعوي من غيرحجة وأيضا يلزمهم أن لا يكون للنور فعل لأنه أسير و إن قالوا بأن له أيضا فعلا من الخلق والتدبير فليس بأسير لأن العقل يحكم بأن الخالق المدبر لابد من أن يكون عزيزا منيعا قادرا قاهرا علي كل من سواه فلما ثبت علي قياس قولهم إنه أسير فيلزمهم بما قررنا أن يكون ما في العالم من الإحسان والخير أيضا من فعل الظلمة فإن حكموا باستحالة ذلك أي كون الخير من الظلمة فقد بطل أصل كلامهم و هوالحكم بتوزيع الخلق وثبت ماقلناه من أن الرب تعالي واحد لايشاركه و لايضاده في ملكه أحد. و أمامذهب المرقوبية فقد بين ع بطلانه بأن القول بالحكم ينافي‌ القول بربوبية النور لأن الحكم يكون قاهرا والنور مقهورا وبديهة العقل حاكمة ببطلان كون الرب مقهورا وأيضا يلزم أن يكون الحكم أعلم بالحكمة من النور ألذي حكمتم أنه رب والضرورة قاضية بأن الرب الخالق لمثل هذاالخلق المدبر لهذا النظام لا يكون جاهلا هذاجملة القول في هذاالخبر علي ماناله فهمي‌ القاصر وبسط القول فيه يحتاج إلي كتاب مفرد معمول لذلك و الله الموفق لكل خير

6-فس ،[تفسير القمي‌] ثُمّ رَدّ عَلَي الثّنَوِيّةِ الّذِينَ قَالُوا بِإِلَهَينِ فَقَالَ تَعَالَيمَا اتّخَذَ اللّهُ مِن وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِن إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعضُهُم عَلي بَعضٍ قَالَ لَو كَانَ إِلَهَينِ كَمَا زَعَمتُم لَكَانَا يَخلُقَانِ فَيَخلُقُ هَذَا وَ لَا يَخلُقُ هَذَا وَ يُرِيدُ هَذَا وَ لَا يُرِيدُ هَذَا وَ لَطَلَبَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا الغَلَبَةَ وَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا خَلقَ إِنسَانٍ وَ أَرَادَ الآخَرُ


صفحه : 220

خَلقَ بَهِيمَةٍ فَيَكُونُ إِنسَاناً وَ بَهِيمَةً فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَ هَذَا غَيرُ مَوجُودٍ فَلَمّا بَطَلَ هَذَا ثَبَتَ التّدبِيرُ وَ الصّنعُ لِوَاحِدٍ وَ دَلّ أَيضاً التّدبِيرُ وَ ثَبَاتُهُ وَ قِوَامُ بَعضِهِ بِبَعضٍ عَلَي أَنّ الصّانِعَ وَاحِدٌ جَلّ جَلَالُهُ وَ ذَلِكَ قَولُهُمَا اتّخَذَ اللّهُ مِن وَلَدٍالآيَةَ ثُمّ قَالَ أَنَفاً[آنِفاً]سُبحانَ اللّهِعَمّا يَصِفُونَ

بيان أنفا بالتحريك أي استنكافا وتنزها

7-يد،[التوحيد] مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن سَعدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَنِ الرّبِيعِ بنِ مُحَمّدٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ ع وَ سُئِلَ عَنِ الصّمَدِ فَقَالَالصّمَدُ ألّذِي لَا جَوفَ لَهُ

8-يد،[التوحيد] مع ،[معاني‌ الأخبار]الدّقّاقُ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن عَلّانٍ عَن سَهلٍ عَن مُحَمّدِ بنِ وَلِيدٍ وَ لَقَبُهُ شَبَابٌ الصيّرفَيِ‌ّ عَن دَاوُدَ بنِ القَاسِمِ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع جُعِلتُ فِدَاكَ مَاالصّمَدُ قَالَ السّيّدُ المَصمُودُ إِلَيهِ فِي القَلِيلِ وَ الكَثِيرِ

9-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَنِ الميِثمَيِ‌ّ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن أَبِي أَيّوبَ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اليَهُودَ سَأَلُوا رَسُولَ اللّهِص فَقَالُوا انسِب لَنَا رَبّكَ فَلَبِثَ ثَلَاثاً لَا يُجِيبُهُم ثُمّ نَزَلَت هَذِهِ السّورَةُ إِلَي آخِرِهَا فَقُلتُ مَاالصّمَدُ فَقَالَ ألّذِي لَيسَ بِمُجَوّفٍ

10-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي السرّيِ‌ّ عَن جَابِرِ بنِ يَزِيدَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن شَيءٍ مِنَ التّوحِيدِ فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَت أَسمَاؤُهُ التّيِ‌ يُدعَي بِهَا وَ تَعَالَي فِي عُلُوّ كُنهِهِ وَاحِدٌ تَوَحّدَ بِالتّوحِيدِ فِي عُلُوّ تَوحِيدِهِ ثُمّ أَجرَاهُ عَلَي خَلقِهِ فَهُوَ وَاحِدٌ صَمَدٌ قُدّوسٌ يَعبُدُهُ كُلّ شَيءٍ وَ يَصمِدُ إِلَيهِ كُلّ شَيءٍ وَوَسِعَ كُلّ شَيءٍ عِلماً

إيضاح واحد خبر إن والجملتان معترضتان أي تطهرت أسماؤه عن النقائص أوكثرت صفات جلاله وعظمته أوثبت و لايعتريها التغير وكلمة في في قوله في علو كنهه تعليلية و قوله ع توحد بالتوحيد أي لم يكن في الأزل أحد يوحده


صفحه : 221

فهو كان يوحد نفسه فكان متفردا بالوجود متوحدا بتوحيد نفسه ثم بعدالخلق عرفهم نفسه وأمرهم أن يوحدوه أوالمراد أن توحده لايشبه توحد غيره فهو متفرد بالتوحيد أو كان قبل الخلق كذلك وأجري سائر أنواع التوحيد علي خلقه إذ الوحدة تساوق الوجود أوتستلزمه لكن وحداتهم مشوبة بأنواع الكثرة

11-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ سَيفِ بنِ عَمِيرَةَ عَن مُحَمّدِ بنِ عُبَيدٍ قَالَ دَخَلتُ عَلَي الرّضَا ع فَقَالَ لِي قُل لِلعَبّاسِ يَكُفّ عَنِ الكَلَامِ فِي التّوحِيدِ وَ غَيرِهِ وَ يُكَلّمُ النّاسَ بِمَا يَعرِفُونَ وَ يَكُفّ عَمّا يُنكِرُونَ وَ إِذَا سَأَلُوكَ عَنِ التّوحِيدِ فَقُل كَمَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّقُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ اللّهُ الصّمَدُ لَم يَلِد وَ لَم يُولَد وَ لَم يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وَ إِذَا سَأَلُوكَ عَنِ الكَيفِيّةِ فَقُل كَمَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَ إِذَا سَأَلُوكَ عَنِ السّمعِ فَقُل كَمَا قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّهُوَ السّمِيعُ العَلِيمُكَلّمِ النّاسَ بِمَا يَعرِفُونَ

12-يد،[التوحيد] حَدّثَنَا أَبُو مُحَمّدٍ جَعفَرُ بنُ عَلِيّ بنِ أَحمَدَ الفَقِيهُ القمُيّ‌ّ ثُمّ الإيِلاَقيِ‌ّ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ قَالَ حَدّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبدَانُ بنُ الفَضلِ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبُو الحَسَنِ مُحَمّدُ بنُ يَعقُوبَ بنِ مُحَمّدِ بنِ يُوسُفَ بنِ جَعفَرِ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ بِمَدِينَةِ خُجَندَةَ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبُو بَكرٍ مُحَمّدُ بنُ أَحمَدَ بنِ شُجَاعٍ الفرَغاَنيِ‌ّ قَالَ حدَثّنَيِ‌ أَبُو مُحَمّدٍ الحَسَنُ بنُ حَمّادٍ القبَريِ‌ّ بِمِصرَ قَالَ حدَثّنَيِ‌ إِسمَاعِيلُ بنُ عَبدِ الجَلِيلِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِي البخَترَيِ‌ّ وَهبِ بنِ وَهبٍ القرُشَيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ البَاقِرِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّقُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ قَالَقُل أَي أَظهِر مَا أَوحَينَا إِلَيكَ وَ نَبّأنَاكَ بِهِ بِتَألِيفِ الحُرُوفِ التّيِ‌ قَرَأنَاهَا لَكَ ليِهَتدَيِ‌َ بِهَا مَنأَلقَي السّمعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ وَهُوَاسمٌ مُشَارٌ وَ مكَنيِ‌ّ إِلَي غَائِبٍ فَالهَاءُ تَنبِيهٌ عَن مَعنًي ثَابِتٍ وَ الوَاوُ إِشَارَةٌ إِلَي الغَائِبِ عَنِ الحَوَاسّ كَمَا أَنّ قَولَكَ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَي الشّاهِدِ عِندَ الحَوَاسّ وَ ذَلِكَ أَنّ


صفحه : 222

الكُفّارَ نَبّهُوا عَن آلِهَتِهِم بِحَرفِ إِشَارَةِ الشّاهِدِ المُدرَكِ فَقَالُوا هَذِهِ آلِهَتُنَا المَحسُوسَةُ المُدرَكَةُ بِالأَبصَارِ فَأَشِر أَنتَ يَا مُحَمّدُ إِلَي إِلَهِكَ ألّذِي تَدعُو إِلَيهِ حَتّي نَرَاهُ وَ نُدرِكَهُ وَ لَا نَألَهَ فِيهِ فَأَنزَلَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيقُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌفَالهَاءُ تَثبِيتٌ لِلثّابِتِ وَ الوَاوُ إِشَارَةٌ إِلَي الغَائِبِ عَن دَركِ الأَبصَارِ وَ لَمسِ الحَوَاسّ وَ اللّهُ تَعَالَي عَن ذَلِكَ بَل هُوَ مُدرِكُ الأَبصَارِ وَ مُبدِعُ الحَوَاسّ

حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَن أَبِيهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ رَأَيتُ الخَضِرَ ع فِي المَنَامِ قَبلَ بَدرٍ بِلَيلَةٍ فَقُلتُ لَهُ علَمّنيِ‌ شَيئاً أُنصَر بِهِ عَلَي الأَعدَاءِ فَقَالَ قُل يَا هُوَ يَا مَن لَا هُوَ إِلّا هُوَ فَلَمّا أَصبَحتُ قَصَصتُهَا عَلَي رَسُولِ اللّهِص فَقَالَ لِي يَا عَلِيّ عُلّمتَ الِاسمَ الأَعظَمَ وَ كَانَ عَلَي لسِاَنيِ‌ يَومَ بَدرٍ وَ أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع قَرَأَقُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ فَلَمّا فَرَغَ قَالَ يَا هُوَ يَا مَن لَا هُوَ إِلّا هُوَ اغفِر لِي وَ انصرُنيِ‌ عَلَي القَومِ الكَافِرِينَ وَ كَانَ عَلِيّ ع يَقُولُ ذَلِكَ يَومَ صِفّينَ وَ هُوَ يُطَارِدُ فَقَالَ لَهُ عَمّارُ بنُ يَاسِرٍ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَا هَذِهِ الكِنَايَاتُ قَالَ اسمُ اللّهِ الأَعظَمُ وَ عِمَادُ التّوحِيدِ لِلّهِ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ ثُمّ قَرَأَشَهِدَ اللّهُ أَنّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَ أَوَاخِرَ الحَشرِ ثُمّ نَزَلَ فَصَلّي أَربَعَ رَكَعَاتٍ قَبلَ الزّوَالِ قَالَ وَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع اللّهُ مَعنَاهُ المَعبُودُ ألّذِي يَألَهُ فِيهِ الخَلقُ وَ يُؤلَهُ إِلَيهِ وَ اللّهُ هُوَ المَستُورُ عَن دَركِ الأَبصَارِ المَحجُوبُ عَنِ الأَوهَامِ وَ الخَطَرَاتِ

قَالَ البَاقِرُ ع اللّهُ مَعنَاهُ المَعبُودُ ألّذِي أَلِهَ الخَلقُ عَن دَركِ مَائِيّتِهِ وَ الإِحَاطَةِ بِكَيفِيّتِهِ وَ يَقُولُ العَرَبُ أَلِهَ الرّجُلُ إِذَا تَحَيّرَ فِي الشيّ‌ءِ فَلَم يُحِط بِهِ عِلماً وَ وَلِهَ إِذَا فَزِعَ إِلَي شَيءٍ مِمّا يَحذَرُهُ وَ يَخَافُهُ فَالإِلَهُ هُوَ المَستُورُ عَن حَوَاسّ الخَلقِ

قَالَ البَاقِرُ ع الأَحَدُ الفَردُ المُتَفَرّدُ وَ الأَحَدُ وَ الوَاحِدُ بِمَعنًي وَاحِدٍ وَ هُوَ


صفحه : 223

المُتَفَرّدُ ألّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ وَ التّوحِيدُ الإِقرَارُ بِالوَحدَةِ وَ هُوَ الِانفِرَادُ وَ الوَاحِدُ المُتَبَايِنُ ألّذِي لَا يَنبَعِثُ مِن شَيءٍ وَ لَا يَتّحِدُ بشِيَ‌ءٍ وَ مِن ثَمّ قَالُوا إِنّ بِنَاءَ العَدَدِ مِنَ الوَاحِدِ وَ لَيسَ الوَاحِدُ مِنَ العَدَدِ لِأَنّ العَدَدَ لَا يَقَعُ عَلَي الوَاحِدِ بَل يَقَعُ عَلَي الِاثنَينِ فَمَعنَي قَولِهِاللّهُ أَحَدٌ أَيِ المَعبُودُ ألّذِي يَألَهُ الخَلقُ عَن إِدرَاكِهِ وَ الإِحَاطَةِ بِكَيفِيّتِهِ فَردٌ بِإِلَهِيّتِهِ مُتَعَالٍ عَن صِفَاتِ خَلقِهِ

قَالَ البَاقِرُ ع وَ حدَثّنَيِ‌ أَبِي زَينُ العَابِدِينَ عَن أَبِيهِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ ع أَنّهُ قَالَ الصّمَدُ ألّذِي لَا جَوفَ لَهُ وَ الصّمَدُ ألّذِي قَدِ انتَهَي سُؤدُدُهُ وَالصّمَدُ ألّذِي لَا يَأكُلُ وَ لَا يَشرَبُ وَالصّمَدُ ألّذِي لَا يَنَامُ وَالصّمَدُالدّائِمُ ألّذِي لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ

قَالَ البَاقِرُ ع كَانَ مُحَمّدُ بنُ الحَنَفِيّةِ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ يَقُولُ الصّمَدُالقَائِمُ بِنَفسِهِ الغنَيِ‌ّ عَن غَيرِهِ وَ قَالَ غَيرُهُالصّمَدُالمتُعَاَليِ‌ عَنِ الكَونِ وَ الفَسَادِ وَالصّمَدُ ألّذِي لَا يُوصَفُ بِالتّغَايُرِ

قَالَ البَاقِرُ ع الصّمَدُالسّيّدُ المُطَاعُ ألّذِي لَيسَ فَوقَهُ آمِرٌ وَ نَاهٍ

قَالَ وَ سُئِلَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ زَينُ العَابِدِينَ ع عَنِ الصّمَدِ فَقَالَالصّمَدُ ألّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ وَ لَا يَئُودُهُ حِفظُ شَيءٍ وَ لَا يَعزُبُ عَنهُ شَيءٌ

13- قَالَ وَهبُ بنُ وَهبٍ القرُشَيِ‌ّ قَالَ زَيدُ بنُ عَلِيّ ع الصّمَدُ ألّذِي إِذَا أَرَادَ شَيئاً قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ وَالصّمَدُ ألّذِي أَبدَعَ الأَشيَاءَ فَخَلَقَهَا أَضدَاداً وَ أَشكَالًا وَ أَزوَاجاً وَ تَفَرّدَ بِالوَحدَةِ بِلَا ضِدّ وَ لَا شَكلٍ وَ لَا مِثلٍ وَ لَا نِدّ

14- قَالَ وَهبُ بنُ وَهبٍ القرُشَيِ‌ّ وَ حدَثّنَيِ‌ الصّادِقُ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ البَاقِرِ عَن أَبِيهِ ع أَنّ أَهلَ البَصرَةِ كَتَبُوا إِلَي الحُسَينِ بنِ عَلِيّ ع يَسأَلُونَهُ عَنِ الصّمَدِ فَكَتَبَ إِلَيهِمبِسمِ اللّهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ أَمّا بَعدُ فَلَا تَخُوضُوا فِي القُرآنِ وَ لَا تُجَادِلُوا فِيهِ وَ لَا تَتَكَلّمُوا فِيهِ بِغَيرِ عِلمٍ فَقَد سَمِعتُ جدَيّ‌ رَسُولَ اللّهِص يَقُولُ مَن قَالَ فِي القُرآنِ بِغَيرِ عِلمٍ فَليَتَبَوّأ مَقعَدَهُ مِنَ النّارِ وَ إِنّهُ سُبحَانَهُ قَد فَسّرَ الصّمَدَ فَقَالَاللّهُ أَحَدٌ اللّهُ الصّمَدُ


صفحه : 224

ثُمّ فَسّرَهُ فَقَالَلَم يَلِد وَ لَم يُولَد وَ لَم يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌلَم يَلِد لَم يَخرُج مِنهُ شَيءٌ كَثِيفٌ كَالوَلَدِ وَ سَائِرِ الأَشيَاءِ الكَثِيفَةِ التّيِ‌ تَخرُجُ مِنَ المَخلُوقِينَ وَ لَا شَيءٌ لَطِيفٌ كَالنّفسِ وَ لَا يَتَشَعّبُ مِنهُ البَدَاوَاتُ كَالسّنَةِ وَ النّومِ وَ الخَطرَةِ وَ الهَمّ وَ الحَزَنِ وَ البَهجَةِ وَ الضّحِكِ وَ البُكَاءِ وَ الخَوفِ وَ الرّجَاءِ وَ الرّغبَةِ وَ السّأمَةِ وَ الجُوعِ وَ الشّبَعِ تَعَالَي أَن يَخرُجَ مِنهُ شَيءٌ وَ أَن يَتَوَلّدَ مِنهُ شَيءٌ كَثِيفٌ أَو لَطِيفٌوَ لَم يُولَد لَم يَتَوَلّد مِن شَيءٍ وَ لَم يَخرُج مِن شَيءٍ كَمَا تَخرُجُ الأَشيَاءُ الكَثِيفَةُ مِن عَنَاصِرِهَا كاَلشيّ‌ءِ مِنَ الشيّ‌ءِ وَ الدّابّةِ مِنَ الدّابّةِ وَ النّبَاتِ مِنَ الأَرضِ وَ المَاءِ مِنَ اليَنَابِيعِ وَ الثّمَارِ مِنَ الأَشجَارِ وَ لَا كَمَا تَخرُجُ الأَشيَاءُ اللّطِيفَةُ مِن مَرَاكِزِهَا كَالبَصَرِ مِنَ العَينِ وَ السّمعِ مِنَ الأُذُنِ وَ الشّمّ مِنَ الأَنفِ وَ الذّوقِ مِنَ الفَمِ وَ الكَلَامِ مِنَ اللّسَانِ وَ المَعرِفَةِ وَ التّميِيزِ مِنَ القَلبِ وَ كَالنّارِ مِنَ الحَجَرِ لَا بَل هُوَ اللّهُ الصّمَدُ ألّذِي لَا مِن شَيءٍ وَ لَا فِي شَيءٍ وَ لَا عَلَي شَيءٍ مُبدِعُ الأَشيَاءِ وَ خَالِقُهَا وَ مُنشِئُ الأَشيَاءِ بِقُدرَتِهِ يَتَلَاشَي مَا خَلَقَ لِلفَنَاءِ بِمَشِيئَتِهِ وَ يَبقَي مَا خَلَقَ لِلبَقَاءِ بِعِلمِهِ فَذَلِكُمُاللّهُ الصّمَدُ ألّذِيلَم يَلِد وَ لَم يُولَدعالِمُ الغَيبِ وَ الشّهادَةِ الكَبِيرُ المُتَعالِوَ لَم يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ

15- قَالَ وَهبُ بنُ وَهبٍ القرُشَيِ‌ّ سَمِعتُ الصّادِقَ ع يَقُولُقَدِمَ وَفدٌ مِن فِلَسطِينَ عَلَي البَاقِرِ ع فَسَأَلُوهُ عَن مَسَائِلَ فَأَجَابَهُم ثُمّ سَأَلُوهُ عَنِ الصّمَدِ فَقَالَ تَفسِيرُهُ فِيهِالصّمَدُخَمسَةُ أَحرُفٍ فَالأَلِفُ دَلِيلٌ عَلَي إِنّيّتِهِ وَ هُوَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّشَهِدَ اللّهُ أَنّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَ ذَلِكَ تَنبِيهٌ وَ إِشَارَةٌ إِلَي الغَائِبِ عَن دَركِ الحَوَاسّ وَ اللّامُ دَلِيلٌ عَلَي إِلَهِيّتِهِ بِأَنّهُ هُوَ اللّهُ وَ الأَلِفُ وَ اللّامُ مُدغَمَانِ لَا يَظهَرَانِ عَلَي اللّسَانِ وَ لَا يَقَعَانِ فِي السّمعِ وَ يَظهَرَانِ فِي الكِتَابَةِ دَلِيلَانِ عَلَي أَنّ إِلَهِيّتَهُ لَطِيفَةٌ خَافِيَةٌ لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ وَ لَا يَقَعُ فِي لِسَانِ وَاصِفٍ وَ لَا أُذُنِ سَامِعٍ لِأَنّ تَفسِيرَ الإِلَهِ هُوَ ألّذِي أَلِهَ الخَلقُ عَن دَركِ مَائِيّتِهِ وَ كَيفِيّتِهِ بِحِسّ أَو بِوَهمٍ لَا بَل هُوَ مُبدِعُ الأَوهَامِ وَ خَالِقُ الحَوَاسّ وَ إِنّمَا يَظهَرُ ذَلِكَ عِندَ الكِتَابَةِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَي أَنّ اللّهَ سُبحَانَهُ أَظهَرَ رُبُوبِيّتَهُ فِي إِبدَاعِ الخَلقِ وَ تَركِيبِ أَروَاحِهِمُ اللّطِيفَةِ


صفحه : 225

فِي أَجسَادِهِمُ الكَثِيفَةِ فَإِذَا نَظَرَ عَبدٌ إِلَي نَفسِهِ لَم يَرَ رُوحَهُ كَمَا أَنّ لَامَ الصّمَدِ لَا تَتَبَيّنُ وَ لَا تَدخُلُ فِي حَاسّةٍ مِن حَوَاسّهِ الخَمسِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَي الكِتَابَةِ ظَهَرَ لَهُ مَا خفَيِ‌َ وَ لَطُفَ فَمَتَي تَفَكّرَ العَبدُ فِي مائية[مَاهِيّةِ]الباَر‌ِئِ وَ كَيفِيّتِهِ أَلِهَ فِيهِ وَ تَحَيّرَ وَ لَم تُحِط فِكرَتُهُ بشِيَ‌ءٍ يَتَصَوّرُ لَهُ لِأَنّهُ عَزّ وَ جَلّ خَالِقُ الصّوَرِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَي خَلقِهِ ثَبَتَ لَهُ أَنّهُ عَزّ وَ جَلّ خَالِقُهُم وَ مُرَكّبُ أَروَاحِهِم فِي أَجسَادِهِم وَ أَمّا الصّادُ فَدَلِيلٌ عَلَي أَنّهُ عَزّ وَ جَلّ صَادِقٌ وَ قَولُهُ صِدقٌ وَ كَلَامُهُ صِدقٌ وَ دَعَا عِبَادَهُ إِلَي اتّبَاعِ الصّدقِ بِالصّدقِ وَ وَعَدَ بِالصّدقِ دَارَ الصّدقِ وَ أَمّا المِيمُ فَدَلِيلٌ عَلَي مُلكِهِ وَ أَنّهُ المَلِكُ الحَقّ لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ وَ لَا يَزُولُ مُلكُهُ وَ أَمّا الدّالُ فَدَلِيلٌ عَلَي دَوَامِ مُلكِهِ وَ أَنّهُ عَزّ وَ جَلّ دَائِمٌ تَعَالَي عَنِ الكَونِ وَ الزّوَالِ بَل هُوَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مُكَوّنُ الكَائِنَاتِ ألّذِي كَانَ بِتَكوِينِهِ كُلّ كَائِنٍ ثُمّ قَالَ ع لَو وَجَدتُ لعِلِميِ‌َ ألّذِي آتاَنيِ‌َ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ حَمَلَةً لَنَشَرتُ التّوحِيدَ وَ الإِسلَامَ وَ الإِيمَانَ وَ الدّينَ وَ الشّرَائِعَ مِنَ الصّمَدِ وَ كَيفَ لِي بِذَلِكَ وَ لَم يَجِد جدَيّ‌ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع حَمَلَةً لِعِلمِهِ حَتّي كَانَ يَتَنَفّسُ الصّعَدَاءَ وَ يَقُولُ عَلَي المِنبَرِ سلَوُنيِ‌ قَبلَ أَن تفَقدِوُنيِ‌ فَإِنّ بَينَ الجَوَانِحِ منِيّ‌ عِلماً جَمّاً هَاه هَاه أَلَا لَا أَجِدُ مَن يَحمِلُهُ أَلَا وَ إنِيّ‌ عَلَيكُم مِنَ اللّهِ الحُجّةُ البَالِغَةُ فَلا تَتَوَلّوا قَوماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيهِم قَد يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَما يَئِسَ الكُفّارُ مِن أَصحابِ القُبُورِ ثُمّ قَالَ البَاقِرُ ع الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي مَنّ عَلَينَا وَ وَفّقَنَا لِعِبَادَتِهِ الأَحَدِ الصّمَدِ ألّذِيلَم يَلِد وَ لَم يُولَد وَ لَم يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وَ جَنّبَنَا عِبَادَةَ الأَوثَانِ حَمداً سَرمَداً وَ شُكراً وَاصِباً وَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّلَم يَلِد وَ لَم يُولَد يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّلَم يَلِدفَيَكُونَ لَهُ وَلَدٌ يَرِثُهُ مُلكَهُ وَلَم يُولَدفَيَكُونَ لَهُ وَالِدٌ يَشرَكُهُ فِي رُبُوبِيّتِهِ وَ مُلكِهِوَ لَم يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌفَيَعَازّهُ فِي سُلطَانِهِ

بيان روي‌ في معاني‌ الأخبار مايتعلق بتأويل الصمد من هذاالخبر بهذا الإسناد ثم اعلم أن تحقيق معني هوبهذا الوجه غيرمعروف و لايبعد أن يكون في أصل الوضع


صفحه : 226

كذلك و قوله و لانأله صيغة المتكلم من أله بمعني تحير واختلف في لفظ الجلالة فالمشهور أنه عربي‌ مشتق إما من أله بمعني عبد أو من أله إذاتحير إذ العقول تتحير في معرفته أو من ألهت إلي فلان أي سكنت إليه لأن القلوب تطمئن بذكره والأرواح تسكن إلي معرفته أو من أله إذافزع من أمر نزل عليه وألهه غيره أجاره إذ العابد يفزع إليه و هويجيره أو من أله الفصيل إذاولع بأمه إذ العباد يولعون بالتضرع إليه في الشدائد أو من وله إذاتحير وتخبط عقله و كان أصله ولاه فقلبت الواو همزة لاستثقال الكسرة عليها أو من لاه مصدر لاه يليه ليها ولاها إذااحتجب وارتفع لأنه تعالي محجوب عن إدراك الأبصار ومرتفع علي كل شيء وعما لايليق به وقيل إنه غيرمشتق و هوعلم للذات المخصوصة وضع لها ابتداء وقيل أصله لاها بالسريانية فعرب بحذف الألف الأخيرة وإدخال اللام عليه . و قال الرازي‌ ذكروا في الفرق بين الواحد والأحد وجوها أحدها أن الواحد يدخل في العدد والأحد لايدخل فيه وثانيها أنك إذا قلت فلان لايقاومه واحد جاز أن يقال لكنه يقاومه اثنان بخلاف الأحد وثالثها أن الواحد يستعمل في الإثبات والأحد في النفي‌ انتهي . و قوله ع و من ثم لبيان أن الواحد الحقيقي‌ هو ألذي لا يكون فيه شيء من أنحاء التعدد لأن الوحدة تقابل العدد. ثم اعلم أنهم اختلفوا في معني الصمد فقيل إنه فعل بمعني المفعول من صمد إليه إذاقصده و هوالسيد المقصود إليه في الحوائج وَ رَوَتِ العَامّةُ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ أَنّهُ لَمّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ قَالُوا مَاالصّمَدُ قَالَص هُوَ السّيّدُ ألّذِي يُصمَدُ إِلَيهِ فِي الحَوَائِجِ

وقيل إن الصمد هو ألذي لاجوف له و قال ابن قتيبة الدال فيه مبدلة من التاء و هوالصمت و قال بعض اللغويين الصّمَدُ هوالأملس من الحجر لايقبل الغبار و لايدخله و لايخرج منه شيء.


صفحه : 227

فعلي الأول عبارة عن وجوب الوجود والاستغناء المطلق واحتياج كل شيء في جميع أموره إليه أي ألذي يكون عنده مايحتاج إليه كل شيء و يكون رفع حاجة الكل إليه و لم يفقد في ذاته شيئا مما يحتاج إليه الكل و إليه يتوجه كل شيءبالعبادة والخضوع و هوالمستحق لذلك و إليه يومئ خبر الجعفري‌. و أما علي الثاني‌ فهو مجاز عن أنه تعالي أحدي‌ الذات أحدي‌ المعني ليست له أجزاء ليكون بين الأجزاء جوف و لاصفات زائدة فيكون بينها و بين الذات جوف أو عن أنه الكامل بالذات ليس فيه جهة استعداد وإمكان و لاخلو له عما يليق به فلا يكون له جوف يصلح أن يدخله ما ليس له في ذاته فيستكمل به فالجوف كناية عن الخلو عما لايصح اتصافه به . و أما علي الثالث فيكون كناية عن عدم الانفعال والتأثر عن الغير وكونه محلا للحوادث كماسيأتي‌ في جواب من

سَأَلَ الصّادِقَ ع عَن رِضَا اللّهِ وَ سَخَطِهِ فَقَالَ لَيسَ ذَلِكَ عَلَي مَا يُوجَدُ مِنَ المَخلُوقِينَ وَ ذَلِكَ أَنّ الرّضَا دِخَالٌ يَدخُلُ عَلَيهِ فَيَنقُلُهُ مِن حَالٍ إِلَي حَالٍ لِأَنّ المَخلُوقَ أَجوَفُ مُعتَمِلٌ مُرَكّبٌ لِلأَشيَاءِ فِيهِ مَدخَلٌ وَ خَالِقُنَا لَا مَدخَلَ لِلأَشيَاءِ فِيهِ لِأَنّهُ وَاحِدٌ وَ أحَدَيِ‌ّ الذّاتِ وَ أحَدَيِ‌ّ المَعنَي

و هذاالخبر يؤيد بعض المعاني‌ السابقة أيضا. و قدنقل بعض المفسرين عن الصحابة والتابعين والأئمة واللغويين قريبا من عشرين معني ويمكن إدخال جميعها فيما ذكرنا من المعني الأول لأنه لاشتماله علي


صفحه : 228

الوجوب الذاتي‌ يدل علي جميع السلوب ولدلالته علي كونه مبدأ للكل يدل علي اتصافه بجميع الصفات الكمالية وبهذا الوجه يمكن الجمع بين الأخبار المختلفة الواردة في هذاالمعني . و قوله ع لايوصف بالتغاير أي بالصفات الموجودة المغايرة للذات ويحتمل علي بعد أن يكون مأخوذا من الغيرة كناية عن أنه ليس له ضد و لاند وفيما رواه الطبرسي‌ رحمه الله لايوصف بالنظائر والبدوات بالفتحات مايبدو ويسنح ويظهر من الحوادث والحالات المتغيرة والآراء المتبدلة يقال بدا أي ظهر وبدا له في الأمر نشأ له فيه رأي‌ و هوذو بدوات والإنية التحقق والوجود والصعداء بضم الصاد وفتح العين تنفس طويل والجوانح الضلوع تحت الترائب مما يلي‌ الصدر والواصب الدائم والثابت والمعازة المغالبة

16-يد،[التوحيد] ابنُ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَنِ ابنِ بَزِيعٍ عَن يُونُسَ عَنِ الحَسَنِ بنِ السرّيِ‌ّ عَن جَابِرٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ تَبَارَكَت أَسمَاؤُهُ وَ تَعَالَي فِي عُلُوّ كُنهِهِ أَحَدٌ تَوَحّدَ بِالتّوحِيدِ فِي تَوَحّدِهِ ثُمّ أَجرَاهُ عَلَي خَلقِهِ فَهُوَ أَحَدٌ صَمَدٌ مَلِكٌ قُدّوسٌ يَعبُدُهُ كُلّ شَيءٍ وَ يَصمِدُ إِلَيهِ وَ فَوقَ ألّذِي عَسَينَا أَن نَبلُغَ رَبّنَاوَسِعَ كُلّ شَيءٍ عِلماً

سن ،[المحاسن ]اليقطيني‌ عن يونس عن الحسن بن السري‌ مثله

17-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ الحلَبَيِ‌ّ وَ زُرَارَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَحَدٌ صَمَدٌ لَيسَ لَهُ جَوفٌ وَ إِنّمَا الرّوحُ خَلقٌ مِن خَلقِهِ نَصرٌ وَ تَأيِيدٌ وَ قُوّةٌ يَجعَلُهُ اللّهُ فِي قُلُوبِ الرّسُلِ وَ المُؤمِنِينَ

18-يد،[التوحيد] ابنُ عُبدُوسٍ عَنِ ابنِ قُتَيبَةَ عَنِ الفَضلِ بنِ شَاذَانَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الثّنَوِيّةِ أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بنَ مُوسَي الرّضَا ع وَ أَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ إنِيّ‌ أَقُولُ إِنّ صَانِعَ العَالَمِ اثنَانِ فَمَا الدّلِيلُ عَلَي أَنّهُ وَاحِدٌ فَقَالَ قَولُكَ إِنّهُ اثنَانِ دَلِيلٌ عَلَي أَنّهُ وَاحِدٌ لِأَنّكَ لَم تَدّعِ الثاّنيِ‌َ إِلّا بَعدَ إِثبَاتِكَ الوَاحِدَ فَالوَاحِدُ مُجمَعٌ عَلَيهِ وَ أَكثَرُ مِن وَاحِدٍ مُختَلَفٌ فِيهِ


صفحه : 229

قال الصدوق رحمه الله الدليل علي أن الصانع واحد لاأكثر من ذلك أنهما لوكانا اثنين لم يخل الأمر فيهما من أن يكون كل واحد منهما قادرا علي منع صاحبه مما يريد أو غيرقادر فإن كانا كذلك فقد جاز عليهما المنع و من جاز عليه ذلك فمحدث كما أن المصنوع محدث و إن لم يكونا قادرين لزمهما العجز والنقص وهما من دلالات الحدث فصح أن القديم واحد. ودليل آخر و هو أن كل واحد منهما لايخلو من أن يكون قادرا علي أن يكتم الآخر شيئا فإن كان كذلك فالذي‌ جاز الكتمان عليه حادث و إن لم يكن قادرا فهو عاجز والعاجز حادث بما بيناه و هذاالكلام يحتج به في إبطال قديمين صفة كل واحد منهما صفة القديم ألذي أثبتناه فأما ماذهب إليه ماني‌ و ابن ديصان من خرافاتهما في الامتزاج ودانت به المجوس من حماقاتها في أهرمن ففاسد بما به يفسد قدم الأجسام ولدخولهما في تلك الجملة اقتصرت علي الكلام فيهما و لم أفرد كلا منهما بما يسأل عنه منه

19-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع مَا الدّلِيلُ عَلَي أَنّ اللّهَ وَاحِدٌ قَالَ اتّصَالُ التّدبِيرِ وَ تَمَامُ الصّنعِ كَمَا قَالَ عَزّ وَ جَلّلَو كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلّا اللّهُ لَفَسَدَتا

بيان إما إشارة إلي برهان التمانع أو إلي التلازم وسيأتي‌ بعض تقريراتهما

20-ف ،[تحف العقول ] عَن دَاوُدَ بنِ القَاسِمِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَنِ الصّمَدِ فَقَالَ ألّذِي لَا سُرّةَ لَهُ قُلتُ فَإِنّهُم يَقُولُونَ إِنّهُ ألّذِي لَا جَوفَ لَهُ فَقَالَ كُلّ ذيِ‌ جَوفٍ لَهُ سُرّةٌ

بيان الغرض أنه ليس فيه تعالي صفات البشر وسائر الحيوانات و هوأحد أجزاء معني الصمد كماعرفت و هو لايستلزم كونه تعالي جسما مصمتا


صفحه : 230

21-جع ،[جامع الأخبار]سُئِلَ ابنُ الحَنَفِيّةِ عَنِ الصّمَدِ فَقَالَ قَالَ عَلِيّ ع تَأوِيلُ الصّمَدِ لَا اسمٌ وَ لَا جِسمٌ وَ لَا مِثلٌ وَ لَا شِبهٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا تِمثَالٌ وَ لَا حَدّ وَ لَا حُدُودٌ وَ لَا مَوضِعٌ وَ لَا مَكَانٌ وَ لَا كَيفٌ وَ لَا أَينٌ وَ لَا هُنَا وَ لَا ثَمّةَ وَ لَا مَلَأٌ وَ لَا خَلَأٌ وَ لَا قِيَامٌ وَ لَا قُعُودٌ وَ لَا سُكُونٌ وَ لَا حَرَكَةٌ وَ لَا ظلُماَنيِ‌ّ وَ لَا نوُراَنيِ‌ّ وَ لَا روُحاَنيِ‌ّ وَ لَا نفَساَنيِ‌ّ وَ لَا يَخلُو مِنهُ مَوضِعٌ وَ لَا يَسَعُهُ مَوضِعٌ وَ لَا عَلَي لَونٍ وَ لَا عَلَي خَطَرِ قَلبٍ وَ لَا عَلَي شَمّ رَائِحَةٍ منَفيِ‌ّ عَنهُ هَذِهِ الأَشيَاءُ

22-ج ،[الإحتجاج ] عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ أَنّهُ قَالَ مِن سُؤَالِ الزّندِيقِ عَنِ الصّادِقِ ع أَن قَالَ لِمَ لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ صَانِعُ العَالَمِ أَكثَرَ مِن وَاحِدٍ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَا يَخلُو قَولُكَ إِنّهُمَا اثنَانِ مِن أَن يَكُونَا قَدِيمَينِ قَوِيّينِ أَو يَكُونَا ضَعِيفَينِ أَو يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَوِيّاً وَ الآخَرُ ضَعِيفاً فَإِن كَانَا قَوِيّينِ فَلِمَ لَا يَدفَعُ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا صَاحِبَهُ وَ يَتَفَرّدُ بِالرّبُوبِيّةِ وَ إِن زَعَمتَ أَنّ أَحَدَهُمَا قوَيِ‌ّ وَ الآخَرَ ضَعِيفٌ ثَبَتَ أَنّهُ وَاحِدٌ كَمَا نَقُولُ لِلعَجزِ الظّاهِرِ فِي الثاّنيِ‌ وَ إِن قُلتَ إِنّهُمَا اثنَانِ لَم يَخلُ مِن أَن يَكُونَا مُتّفِقَينِ مِن كُلّ جِهَةٍ أَو مُفتَرِقَينِ مِن كُلّ جِهَةٍ فَلَمّا رَأَينَا الخَلقَ مُنتَظِماً وَ الفَلَكَ جَارِياً وَ اختِلَافَ اللّيلِ وَ النّهَارِ وَ الشّمسِ وَ القَمَرِ دَلّ صِحّةُ الأَمرِ وَ التّدبِيرِ وَ ائتِلَافُ الأَمرِ عَلَي أَنّ المُدَبّرَ وَاحِدٌ

يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَن أَبِي القَاسِمِ العلَوَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ القمُيّ‌ّ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَمرٍو الفقُيَميِ‌ّ عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ مِثلَهُ وَ زَادَ فِيهِ ثُمّ يَلزَمُكَ إِنِ ادّعَيتَ اثنَينِ فَلَا بُدّ مِن فُرجَةٍ بَينَهُمَا حَتّي يَكُونَا اثنَينِ فَصَارَتِ الفُرجَةُ ثَالِثاً بَينَهُمَا قَدِيماً مَعَهُمَا فَيَلزَمُكَ ثَلَاثَةٌ وَ إِنِ ادّعَيتَ ثَلَاثَةً لَزِمَكَ مَا قُلنَا فِي الِاثنَينِ حَتّي يَكُونَ بَينَهُم فُرجَتَانِ فَيَكُونُوا خَمسَةً ثُمّ يَتَنَاهَي فِي العَدَدِ إِلَي مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فِي الكَثرَةِ

كا،[الكافي‌] علي عن أبيه مثله بيان ولنشر هاهنا إلي بعض براهين التوحيد علي وجه الاختصار ثم لنذكر مايمكن أن يقال في حل هذاالخبر ألذي هو من غوامض الأخبار.


صفحه : 231

فأما البراهين
فالأول

أنه لماثبت كون الوجود عين حقيقة الواجب فلو تعدد لكان امتياز كل منهما عن الآخر بأمر خارج عن الذات فيكونان محتاجين في تشخصهما إلي أمر خارج و كل محتاج ممكن .

والثاني‌

أنه لوتعدد الواجب لذاته فإما أن يكون امتياز كل منهما عن الآخر بذاته فيكون مفهوم واجب الوجود محمولا عليهما بالحمل العرضي‌ والعارض معلول للمعروض فيرجع إلي كون كل منهما علة لوجوب وجوده و قدثبت بطلانه وإما أن يكون ذلك الامتياز بالأمر الزائد علي ذاتهما و هوأفحش فإنه إما أن يكون معلولا لماهيتهما أولغيرهما و علي الأول إن اتحد ماهيتهما كان التعين مشتركا و هذاخلف و إن تعددت الماهية كان كل منهما شيئا عرض له وجوب الوجود أعني‌ الوجود المتأكد للواجب و قدتبين بدلائل عينية الوجود بطلانه و علي الثاني‌ يلزم الاحتياج إلي الغير والإمكان وبالجملة لو كان الواجب متعددا لكان نسبة الوجوب إليهما نسبة العوارض فكان ممكنا لاواجبا.

الثالث

أنه لو كان لله سبحانه شريك لكان لمجموع الواجبين وجود غيروجود الآحاد سواء كان ذلك الوجود عين مجموع الوجودين أوأمرا زائدا عليه ولكان هذاالوجود محتاجا إلي وجود الأجزاء والمحتاج إلي الغير ممكن محتاج إلي مؤثر والمؤثر في الشي‌ء يجب أن يكون مؤثرا في واحد من أجزائه و إلا لم يكن مؤثرا في ذلك الشي‌ء و قدادعوا الضرورة فيه و لايمكن التأثير فيما نحن فيه في شيء من الأجزاء لكون كل من الجزءين واجبا فالشريك يستلزم التأثير فيما لايمكن التأثير فيه أوإمكان مافرض وجوبه إلي غير ذلك من المفاسد.

الرابع برهان التمانع

وأظهر تقريراته أن وجوب الوجود يستلزم القدرة والقوة علي جميع الممكنات قوة كاملة بحيث يقدر علي إيجاده ودفع مايضاده مطلقا وعدم القدرة علي هذاالوجه نقص والنقص عليه تعالي محال ضرورة بدليل إجماع العقلاء عليه و من المحال عادة إجماعهم علي نظري‌ ولئن لم يكن ضروريا فنظري‌ ظاهر متسق الطريق واضح الدليل واستحالة إجماعهم علي نظري‌ لا يكون كذلك أظهر فنقول


صفحه : 232

حينئذ لو كان في الوجود واجبان لكانا قويين وقوتهما يستلزم عدم قوتهما لأن قوة كل منهما علي هذاالوجه يستلزم قوته علي دفع الآخر عن إرادة ضد مايريده نفسه من الممكنات والمدفوع غيرقوي‌ بهذا المعني ألذي زعمنا أنه لازم لسلب النقص . فإن قلت هذاإنما يتم لو كان إرادة كل منهما للممكن بشرط إرادة الآخر لضده ممكنا وبالعكس و ليس كذلك بل إرادة كل منهما له بشرط إرادة الآخر لضده ممتنع ونظير ذلك أن إرادة الواجب للممكن بشرط وجود ضده محال و لايلزم منه نقص قلت امتناع الإرادة بشرط إرادة الآخر هوالامتناع بالغير وامتناعه بالغير تحقق النقص والعجز تعالي عن ذلك و أماامتناع إرادة الشي‌ء بشرط وجود ضده فمن باب امتناع إرادة المحال الذاتي‌ و إن كان امتناع الإرادة امتناعا بالغير ومثله غيرملزوم للنقص بخلاف مانحن فيه فإن المراد ممتنع بالغير. فإن قلت وجود الشي‌ء كمايمتنع بشرط ضده ونقيضه كذلك يمتنع بشرط ملزوم ضده ونقيضه والأول امتناع بالذات والثاني‌ امتناع بالغير و كما أن إرادة الأول منه تعالي محال و لانقص فيه كذلك إرادة الثاني‌ وظاهر أن إرادة إيجاد الممكن بشرط إرادة الآخر له من قبل الثاني‌ فينبغي‌ أن لا يكون فيه نقص قلت فرق بين الأمرين فإن وجود الممكن إذاقيد واشترط بملزوم نقيضه كان ممتنعا و لوبالغير و لم يتعلق به إرادة ضرورة و أما إذا لم يقيد الوجود به بل أطلق فغير ممتنع فيمكن تعلق الإرادة به و لو في زمان وجود ملزوم النقيض بأن يدفع الملزوم و إن لم يندفع هو من قبل نفسه أو من دافع آخر بخلاف إرادة الآخر له فإنه لو لم يندفع من قبل نفسه و لم يدفعه دافع آخر لم يتعلق به الإرادة ضرورة فهو مدفوع و إلافالآخر مدفوع فصار حاصل الفرق حينئذ أن الصانع تعالي قادر علي إيجاد أحد الضدين في زمان الضد الآخر بدون حاجة إلي واسطة غيرمستندة إليه تعالي و هو أي الحاجة إلي الواسطة المستندة إلي الفاعل لاينافي‌ الاستقلال والقدرة كما لاينافي‌ الاحتياج إلي الواسطة المستندة إلي الذات الوجوب الذاتي‌ بخلاف مانحن فيه فإنه احتياج إلي واسطة غيرمستندة إلي الذات .


صفحه : 233

لايقال لعل انتفاء إرادة الآخر واجب بنفسه و لانسلم منافاة توسط الواجب بالذات بين الفاعل وفعله لاستقلاله واستلزامه النقص لأنا نقول الأول بين البطلان فإن تحقق إرادة الآخر وانتفاعها ممكن في نفسه لكنه ينتفي‌ فيما نحن فيه من قبل ذي‌ الإرادة لوانتفي فيكون واسطة ممكنة غيرصادرة عن الفاعل و لامستندة إليه و أماالثاني‌ فربما تدعي البداهة في استلزامه النقص و هو غيربعيد وبهذا التقرير يندفع كثير من الشكوك والشبه .

الخامس تقرير آخر لبرهان التمانع ذكره المحقق الدواني‌

و هو أنه لايخلو أن يكون قدرة كل واحد منهما وإرادته كافية في وجود العالم أو لا شيءمنهما كاف أوأحدهما كاف فقط و علي الأول يلزم اجتماع المؤثرين التامين علي معلول واحد و علي الثاني‌ يلزم عجزهما لأنهما لايمكن لهما التأثير إلاباشتراك الآخر و علي الثالث لا يكون الآخر خالقا فلا يكون إلها أفمن يخلق كمن لايخلق . لايقال إنما يلزم العجز إذاانتفت القدرة علي الإيجاد بالاستقلال أما إذا كان كل منهما قادرا علي الإيجاد بالاستقلال ولكن اتفقا علي الإيجاد باشتراك فلايلزم العجز كما أن القادرين علي حمل خشبة بالانفراد قديشتركان في حملها و ذلك لايستلزم عجزهما لأن إرادتهما تعلقت بالاشتراك وإنما يلزم العجز لوأرادا الاستقلال و لم يحصل لأنا نقول تعلق إرادة كل منهما إن كان كافيا لزم المحذور الأول و إن لم يكن كافيا لزم المحذور الثاني‌ والملازمتان بينتان لاتقبلان المنع و ماأوردتم من المثال في سند المنع لايصلح للسندية إذ في هذه الصورة ينقص ميل كل واحد منهما من الميل ألذي يستقل في الحمل قدر مايتم الميل الصادر من الآخر حتي تنقل الخشبة بمجموع الميلين و ليس كل واحد منهما بهذا القدر من الميل فاعلا مستقلا و في مبحثنا هذا ليس المؤثر إلاتعلق القدرة والإرادة و لايتصور الزيادة والنقصان في شيءمنهما

السادس

أن كل من جاء من الأنبياء وأصحاب الكتب المنزلة إنما ادعي الاستناد إلي واحد أسند إليه الآخر و لو كان في الوجود واجبان لكان يخبر مخبر من قبله بوجوده وحكمه واحتمال أن يكون في الوجود واجب لايرسل إلي هذاالعالم أو لايؤثر و لا


صفحه : 234

يدبر أيضا فيه مع تدبيره ووجود خبره في عالم آخر أوعدمه مما لايذهب إليه وهم واهم فإن الوجوب يقتضي‌ العلم والقدرة وغيرهما من الصفات و مع هذه الصفات الكمالية يمتنع عدم الإعلام ونشر الآثار بحيث يبلغ إلينا وجوده و أما مازعمت الثنوية من الإله الثاني‌ فليس بهذه المثابة ومما يرسل ويحكم فيهم و إن قالوا بوجود الواجب الآخر فقد نفوا لازمه فهو باطل بحكم العقل . و قدأثبتنا في كتاب الروضة فيما أوصي به أمير المؤمنين ابنه الحسن صلوات الله عليهما مايومئ إلي هذاالدليل حيث قَالَ ع وَ اعلَم أَنّهُ لَو كَانَ لِرَبّكَ شَرِيكٌ لَأَتَتكَ رُسُلُهُ وَ لَرَأَيتَ آثَارَ مُلكِهِ وَ سُلطَانِهِ وَ لَعَرَفتَ صِفَتَهُ وَ فِعَالَهُ وَ لَكِنّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفسَهُ لَا يُضَادّهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَ لَا يُحَاجّهُ وَ أَنّهُ خَالِقُ كُلّ شَيءٍ.

السابع الأدلة السمعية

من الكتاب والسنة وهي‌ أكثر من أن تحصي و قدمر بعضها و لامحذور في التمسك بالأدلة السمعية في باب التوحيد و هذه هي‌ المعتمد عليها عندي‌ وبسط الكلام في تلك الأدلة و ماسواها مما لم نشر إليها موكول إلي مظانها

ولنرجع إلي حل الخبر وشرحه و قدقيل فيه وجوه
الأول

أن المراد بالقوي‌ القوي‌ علي فعل الكل بالإرادة مع إرادة استبداده به والمراد بالضعيف ألذي لايقوي علي فعل الكل و لايستبد به و لايقاوم القوي‌ فإن كانا قويين فلم لايدفع كل منهما صاحبه ويتفرد به أي يلزم من قوتهما انفراد كل بالتدبير ويلزم منه عدم وقوع الفعل و إن زعمت أن أحدهما قوي‌ والآخر ضعيف ثبت أنه واحد أي المبدأ للعالم واحد لعجز الضعيف عن المقاومة والتأثير وثبت احتياج الضعيف إلي العلة الموجدة لأن القوي‌ أقوي وجودا من الضعيف وضعف الوجود لايتصور إلابجواز خلو الماهية عن الوجود ويلزم منه الاحتياج إلي المبدإ المباين الموجد له . و إن قلت إنهما اثنان أي المبدأ اثنان و هذا هوالشق الثاني‌ أي كونهما ضعيفين بأن يقدر ويقوي كل منهما علي بعض أويفعل بعضا دون بعض بالإرادة و إن كان يقدر علي الكل و في هذاالشق لايخلو من أن يكونا متفقين أي في الحقيقة من كل جهة ويلزم من هذاعدم الامتياز بالتعين للزوم المغايرة بين الحقيقة والتعينين المختلفين واستحالة


صفحه : 235

استنادهما إلي الحقيقة واستحالة استنادهما إلي الغير فيكون لهما مبدأ أومختلفين مفترقين من كل جهة و ذلك معلوم الانتفاء فإنا لمارأينا الخلق منتظما والفلك جاريا والتدبير واحدا والليل والنهار والشمس والقمر دل صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر علي أن المدبر واحد لااثنان مختلفان من كل جهة ثم ذلك المدبر الواحد لايجوز أن يكون واحدا بجهة من حيث الحقيقة مختلفا بجهة أخري فيكون المدبر اثنين ويلزمك إن ادعيت اثنين فرجة مابينهما لأن لهما وحدة فلايتمايزان إلابمميز فاصل بينهما حتي يكونا اثنين لامتناع الاثنينية بلا مميز بينهما وعبر عن الفاصل المميز بالفرجة حيث إن الفاصل بين الأجسام يعبر عنه بالفرجة وأولئك الزنادقة لم يكونوا يدركون غيرالمحسوسات تنبيها علي أنكم لاتستحقون أن تخاطبوا إلابما يليق استعماله في المحسوسات و ذلك المميز لابد أن يكون وجوديا داخلا في حقيقة أحدهما إذ لايجوز التعدد مع الاتفاق في تمام الحقيقة كماذكرنا و لايجوز أن يكون ذلك المميز ذا حقيقة يصح انفكاكها عن الوجود وخلوها عنه و لوعقلا و إلالكان معلولا محتاجا إلي المبدإ فلا يكون مبدأ و لاداخلا فيه فيكون المميز الفاصل بينهما قديما موجودا بذاته كالمتفق فيه فيكون الواحد المشتمل علي المميز الوجودي‌ اثنين لاواحدا و يكون الاثنان اللذان ادعيتهما ثلاثة فإن قلت به وادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين من تحقق المميز بين الثلاثة و لابد من مميزين وجوديين حتي تكون بين الثلاثة فرجتان و لابد من كونهما قديمين كمامر فيكونوا خمسة وهكذا ثم يتناهي في العدد إلي ما لانهاية له في الكثرة أي يتناهي الكلام في التعدد إلي القول بما لانهاية له في الكثرة أويبلغ عدده إلي كثرة غيرمتناهية أوالمراد أنه يلزمك أن يتناهي المعدود المنتهي‌ ضرورة بمعروض ماينتهي‌ إليه العدد أي الواحد إلي كثير لانهاية له في الكثرة فيكون عددا بلا واحد وكثرة بلا وحدة و علي هذا يكون الكلام برهانيا لايحتاج إلي ضميمة و علي الأولين يصير بضم ماذكرناه من ثالث الاحتمالات برهانيا.

الثاني‌

أن يكون إشارة إلي ثلاثة براهين وتقرير الأول بعد ماتقرر أن ما لا يكون قويا علي إيجاد أي ممكن كان لا يكون واجبا بالذات أن يقال لايصح أن يكون الواجب بالذات اثنين و إلا كان كل منهما قويا علي إيجاد أي ممكن كان


صفحه : 236

و كل ممكن بحيث يكون استناده إلي أي منهما كافيا في تصحح خروجه من القوة إلي الفعل وحينئذ لم يكن محيص إما من لزوم استناد كل معلول شخصي‌ إلي علتين مستبدتين بالإفاضة و ذلك محال أو من لزوم الترجح بلا مرجح و هوفطري‌ الاستحالة أو من كون أحدهما غيرواجب بالذات و هوخلاف المفروض و هذاالبرهان يتم عند قوله ع للعجز الظاهر في الثاني‌. و قوله ع و إن قلت إلي قوله علي أن المدبر واحد إشارة إلي برهان ثان و هوأحد الوجوه البرهانية في قوله تعالي لَو كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلّا اللّهُ لَفَسَدَتا وتلخيص تقريره أن التلازم بين أجزاء النظام الجملي‌ المنتظم المتسق كما بين السماء و الأرض مثلا علي ما قدأحقته القوانين الحكمية لايستتب إلابالاستناد إلي فاعل واحد يصنع الجميع بحكمته وقدرته إذ التلازم بين شيئين لايتصحح إلابعلية أحدهما للآخر أوبمعلوليتهما لعلة واحدة موجبة فلو تعدد اختل الأمر وفسد النظام . وتقرير الثالث هوأنك لوادعيت اثنين كان لامحالة بينهما انفصال في الوجود وافتراق في الهوية و يكون هناك موجود ثالث هوالمركب من مجموع الاثنين و هوالمراد بالفرجة لأنه منفصل الذات والهوية و هذاالمركب لتركبه عن الواجبات بالذات المستغنيات عن الجاعل موجود لا من تلقاء الصانع إذ افتقار المركب إلي الجاعل بحسب افتقار أجزائه فإذا لم تفتقر أجزاؤه لم يفتقر هوبالضرورة فإذن قدلزمك أن يكون هذاالموجود الثالث أيضا قديما فيلزمك ثلاثة و قدادعيت اثنين وهكذا ويرد عليه مع بعدإطلاق الفرجة بهذا المعني أنه يلزم في الفرض الثاني‌ سبعة لاخمسة.

الثالث

أن يكون إشارة إلي حجتين إحداهما عامية مشهورية والأخري خاصية برهانية أماالأولي فقوله لايخلو قولك إلي قوله في الثاني‌ ومعناه أنه لوفرض قديمان فلايخلو أن يكون كلاهما قويين أوكلاهما ضعيفين أوأحدهما قويا والآخر ضعيفا والثلاثة بأسرها باطلة أماالأول فلأنه إذاكانا قويين و كل منهما في غاية القوة من غيرضعف وعجز كما هوالمفروض والقوة يقتضي‌ الغلبة والقهر علي كل شيءسواه فما السبب المانع لأن يدفع كل واحد منهما صاحبه حتي يتفرد بالتدبير والقهر علي


صفحه : 237

غيره إذ اقتضاء الغلبة والاستعلاء مركوزة في كل ذي‌ قوة علي قدر قوته والمفروض أن كلا منهما في غاية القوة و أمافساد الشق الثاني‌ فهو ظاهر عندجمهور الناس لماحكموا بالفطرة من أن الضعف ينافي‌ الإلهية ولظهوره لم يذكره ع وأيضا يعلم فساده بفساد الشق الثالث و هو قوله و إن زعمت أن أحدهما قوي‌ والآخر ضعيف ثبت أنه أي الإله واحد كمانحن نقول للعجز الظاهر في المفروض ثانيا لأن الضعف منشأ العجز والعاجز لا يكون إلها بل مخلوقا محتاجا لأنه محتاج إلي من يعطيه القوة والكمال والخيرية و أماالحجة البرهانية فأشار إليها بقوله و إن قلت إنهما اثنان وبيانه أنه لوفرض موجودان قديمان فإما أن يتفقا من كل جهة أويختلفا من كل جهة أويتفقا بجهة ويختلفا بأخري والكل محال أمابطلان الأول فلأن الاثنينية لاتتحقق إلابامتياز أحد الاثنين عن صاحبه و لوبوجه من الوجوه و أمابطلان الثاني‌ فلما نبه عليه بقوله فلما رأينا الخلق منتظما وتقريره أن العالم كله كشخص واحد كثير الأجزاء والأعضاء مثل الإنسان فإنا نجد أجزاء العالم مع اختلاف طبائعها الخاصة وتباين صفاتها وأفعالها المخصوصة يرتبط بعضها ببعض ويفتقر بعضها إلي بعض و كل منها يعين بطبعه صاحبه وهكذا نشاهد الأجرام العالية و ماارتكز فيها من الكواكب النيرة في حركاتها الدورية وأضوائها الواقعة منها نافعة للسفليات محصلة لأمزجة المركبات التي‌ يتوقف عليها صور الأنواع ونفوسها وحياة الكائنات ونشوء الحيوان والنبات فإذاتحقق ماذكرنا من وحدة العالم لوحدة النظام واتصال التدبير دل علي أن إلهه واحد و إليه أشار بقوله دل صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر علي أن المدبر واحد. و أمابطلان الشق الثالث و هوأنهما متفقان من وجه ومختلفان من وجه آخر فبأن يقال كماأشار إليه ع بقوله ثم يلزمك أنه لابد فيهما من شيءيمتاز به أحدهما عن صاحبه وصاحبه عنه و ذلك الشي‌ء يجب أن يكون أمرا وجوديا يوجد في أحدهما و لم يوجد في الآخر أوأمران وجوديان يختص كل منهما بواحد فقط و أماكون الفارق المميز لكل منهما عن صاحبه أمرا عدميا فهو ممتنع بالضرورة إذ الأعدام


صفحه : 238

بما هي‌ أعدام لاتمايز بينها و لاتمييز بها فإذافرض قديمان فلاأقل من وجود أمر ثالث يوجد لأحدهما ويسلب عن الآخر و هوالمراد بالفرجة إذ به يحصل الانفراج أي الافتراق بينهما لوجوده في أحدهما وعدمه في الآخر و هوأيضا لامحالة قديم موجود معهما و إلا لم يكونا اثنين قديمين فيلزم أن يكون القدماء ثلاثة و قدفرض اثنان و هذاخلف ثم يلزم من فرض كونهم ثلاثة أن يكونوا خمسة وهكذا إلي أن يبلغ عددهم إلي ما لانهاية له و هومحال .أقول الأظهر علي هذاالتقرير أن تحمل الوحدة في قوله ع علي أن المدبر واحد علي الأعم من الوحدة النوعية والشخصية و لوحملت علي الشخصية يمكن أن يستخرج منه ثلاث حجج بهذا التقرير و لايخفي توجيهها.

الرابع

أن يكون إشارة إلي ثلاث حجج لكن علي وجه آخر وتقرير الأول أنه لو كان اثنين فإما أن يكونا قويين أي مستقلين بالقدرة علي كل ممكن في نفسه سواء كان موافقا للمصلحة أومخالفا و هوإنما يتصور بكونهما قديمين وإما أن يكونا ضعيفين أي غيرمستقلين بالقدرة علي ممكن ما في نفسه وإما أن يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا والأول محال لاشتماله علي التناقض لأن كون كل منهما قويا بهذا المعني يستلزم أن يكون قويا علي دفع الآخر عن أن يصدر عنه مراد الأول بعينه أومثله أوضده في محله لأن عدم المنافي‌ شرط في صدور كل ممكن وعدم القوة علي الشرط ينافي‌ القوة علي المشروط و لاشك أن المدفوع كذلك ضعيف مسخر فقوة كل منهما في فعل صدر عنه يستلزم دفعه الآخر فيه وضعف ذلك الآخر و في فعل تركه حتي فعل الآخر ضده يستلزم تمكينه الآخر في فعله و هذاتفرد بالتدبير فالاستفهام في لم لايدفع إنكاري‌ أي معلوم ضرورة أنه يدفع كل منهما الآخر ويتفرد بالتدبير وبطلان الشق الثالث لكونه مستلزما لعجز أحدهما أي ضعفه وعدم كونه ممن ينتهي‌ إليه شيء من تدبير العالم يستلزم بطلان الشق الثاني‌ بطريق أولي وتقرير الثاني‌ هو أنه لو كان المدبر اثنين فنسبة معلول معلول إليهما إما متساوية من جميع الوجوه بأن لا يكون في واحد منهما و لا في كل منهما مايختص به ويرجح صدوره عنه علي صدوره عن الآخر من الداعي‌ والمصلحة


صفحه : 239

ونحوهما وإما غيرمتساوية من جميع الوجوه وكلاهما باطل . أماالأول فلأنه إما أن يكون ترك كل منهما لذلك المعلول مستلزما لفعل الآخر إياه لحكمة كل منهما أم لافعلي الأول إحداث أحدهما ذلك المعلول يستلزم الترجيح بلا مرجح لأن إحداث كل منهما ذلك المعلول ليس أولي بوجه من تركه إياه وإحداث الآخر إياه و علي الثاني‌ إما أن يكون ترك التارك له مع تجويزه الترك علي الآخر قبيحا وخلاف الحكمة أم لا والأول يستلزم النقص والثاني‌ يستلزم عدم إمكان رعاية المصالح التي‌ لاتحصي في خلق العالم لأنه اتفاقي‌ حينئذ ومعلوم بديهة أن الاتفاقي‌ لا يكون منتظما في أمر سهل كصدور مثل قصيدة من قصائد البلغاء المشهورين عمن لم يمارس البلاغة و إن كان يمكن أن يصدر عنه اتفاقا مصراع بليغ أومصراعان فضلا عما نحن فيه . و أمابطلان الثاني‌ فلأنه يستلزم أن يكون مختلفة من جميع الوجوه بأن لا يكون أحدهما قادرا عليه أصلا لأن اختلاف نسبة قادرين إلي معلول واحد شخصي‌ إنما يتصور فيما يمكن أن يكون صدوره عن أحدهما أصلح وأنفع من صدوره عن الآخر و هذاإنما يتصور فيما كان نفع فعله راجعا إليه كالعباد و أما إذا كان القادران بريئين من الانتفاع كمافيما نحن فيه فلايتصور ذلك فيه بديهة وينبه عليه أن الغني‌ المطلق إنما يفعل ما هوالخير في نفسه من غير أن يكون له فيه نفع سواء كان لغيره فيه نفع كما في ثواب المطيع أو لم يكن ومثاله عقاب الكافر إن لم يكن للمطيعين فيه نفع . وتقرير الثالث أنه إن كان المدبر اثنين فنسبة معلول معلول إليهما إما متساوية من جميع الوجوه أو لا وكلاهما باطل أماالأول فلان صدور بعض المعلولات عن أحدهما وبعض آخر منها عن الآخر منهما حينئذ يحتاج إلي ثالث هوالفرجة بينهما أي مايميز ويعين كل معلول معلول لواحد معين منهما حتي يكون المدبران اثنين لامتناع الترجيح من جهة الفاعلين بلا مرجح أي بلا داع أصلا كما هوالمفروض فيلزم خلاف الفرض و هو أن يكون المدبر ثلاثة ثم ننقل الكلام إلي الثلاثة وهكذا إلي ما لانهاية له في الكثرة ويلزم التسلسل وإنما لم يكتف ع بعدنقل الكلام إلي الثلاثة بالاحتياج إلي فرجة


صفحه : 240

واحدة للتميزين حتي يكون المجموع أربعة لاخمسة و إن كان المطلوب و هولزوم التسلسل حاصلا به أيضا لأن هناك ثلاثة تمييزات وتخصيص واحد منهما بمميز كما هوالمفروض واشتراك اثنين منهما بواحد مع اتحاد النسبة تحكم و أمابطلان الثاني‌ فلما مر في بيان بطلان الشق الثاني‌ من الدليل الثاني‌.أقول لايخفي بعد هذاالتقرير عن الأفهام واحتياجه إلي تقدير كثير من المقدمات في الكلام .

الخامس

أن يكون الأول إشارة إلي برهان التمانع بأحد تقريراته المشهورة والثاني‌ إلي التلازم كمامر والثالث يكون إلزاما علي المجسمة المشركة القائلين بإلهين مجسمين متباعدين في المكان كما هوالظاهر من كلام المجوس لعنهم الله و يكون الفرجة محمولة علي معناها المتبادر من جسم يملأ البعد بينهما لبطلان الخلإ أوسطح فاصل بينهما لتحقق الاثنينية هذا ماقيل أويمكن أن يقال في حل هذاالخبر ألذي تحيرت فيه الأفهام والفكر و لم نتعرض لبسط الكلام في كل وجه و لالإيراد مايرد علي كل منها من الإشكالات والاعتراضات احترازا عن الإسهاب والإطناب و الله الموفق للصواب

23-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَن عَبّادِ بنِ سُلَيمَانَ عَن سَعدِ بنِ سَعدٍ قَالَ سَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ الرّضَا ع عَنِ التّوحِيدِ فَقَالَ هُوَ ألّذِي أَنتُم عَلَيهِ

24-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ وَ يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَمِعتُهُ وَ هُوَ يَقُولُ فِي قَولِهِ عَزّ وَ جَلّوَ لَهُ أَسلَمَ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ طَوعاً وَ كَرهاً قَالَ هُوَ تَوحِيدُهُم لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ

25-يد،[التوحيد]الأشُناَنيِ‌ّ عَنِ ابنِ مَهرَوَيهِ عَنِ الفَرّاءِ عَنِ الرّضَا عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص التّوحِيدُ نِصفُ الدّينِ وَ استَنزِلُوا الرّزقَ بِالصّدَقَةِ

قال الصدوق في كتاب التوحيد بعدنقل خبر أعرابي‌ سمعت من أثق بدينه ومعرفته باللغة والكلام يقول إن قول القائل واحد واثنان وثلاثة إلي آخره إنما وضع في أصل اللغة للإبانة عن كمية مايقال عليه لالأن له مسمّي يتسمّي به بعينه أولأن


صفحه : 241

له معني سوي مايتعلّمه الإنسان لمعرفة الحساب ويدور عليه عقد الأصابع عندضبط الآحاد والعشرات والمئات والألوف ولذلك متي أراد مريد أن يخبر غيره عن كمية شيءبعينه سمّاه باسمه الأخصّ ثم قرن لفظة الواحد به وعلّقه عليه يدلّ به علي كمية لا علي ماعدا ذلك من أوصافه و من أجله يقول القائل درهم واحد وإنما يعني‌ به أنه درهم فقط و قد يكون الدرهم درهما بالوزن ودرهما بالضرب فإذاأراد المخبر أن يخبر عن وزنه قال درهم واحد بالوزن و إذاأراد أن يخبر عن عدده أوضربه قال درهم واحد بالعدد ودرهم واحد بالضرب و علي هذاالأصل يقول القائل هو رجل واحد و قد يكون الرجل واحدا بمعني أنه إنسان و ليس بإنسانين و رجل ليس برجلين وشخص ليس بشخصين و يكون واحدا في الفضل واحدا في العلم واحدا في السخاء واحدا في الشجاعة فإذاأراد القائل أن يخبر عن كميته قال هو رجل واحد فدل ذلك من قوله علي أنه رجل و ليس هوبرجلين و إذاأراد أن يخبر عن فضله قال هذاواحد عصره فدلّ ذلك علي أنه لاثاني‌ له في الفضل و إذاأراد أن يدل علي علمه قال إنه واحد في علمه فلو دلّ قوله واحد بمجرده علي الفضل والعلم كمادل بمجرده علي الكمية لكان كل من أطلق عليه لفظة واحد أراد فاضلا لاثاني‌ له في فضله وعالما لاثاني‌ له في علمه وجوادا لاثاني‌ له في جوده فلما لم يكن كذلك صح أنه بمجرده لايدل إلا علي كمية الشي‌ء دون غيره و إلا لم يكن لماأضيف إليه من قول القائل واحد عصره ودهره فائدة و لا كان لتقييده بالعلم والشجاعة معني لأنه كان يدل بغير تلك الزيادة وبغير ذلك التقييد علي غاية الفضل وغاية العلم والشجاعة فلما احتيج معه إلي زيادة لفظ واحتيج إلي التقييد بشي‌ء صح ماقلناه فقد تقرر أن لفظة القائل واحد إذاقيل علي الشي‌ء دل بمجرده علي كمية في اسمه الأخص ويدل بما يقترن به علي فضل المقول عليه و علي كماله و علي توحده بفضله وعلمه وجوده وتبين أن الدرهم الواحد قد يكون درهما واحدا بالوزن ودرهما واحدا بالعدد ودرهما واحدا بالضرب و قد يكون بالوزن درهمين وبالضرب درهما واحدا و يكون بالدوانيق ستة دوانيق وبالفلوس


صفحه : 242

ستين فلسا و يكون بالأجزاء كثيرا وكذلك يكون العبد عبدا واحدا و لا يكون عبدين بوجه و يكون شخصا واحدا و لا يكون شخصين بوجه و يكون أجزاء كثيرة وأبعاضا كثيرة و كل بعض من أبعاضه يكون جواهر كثيرة متحدة اتحد بعضها ببعض وتركب بعضها مع بعض و لا يكون العبد واحدا و إن كان كل واحد منه في نفسه إنما هو عبدواحد وإنما لم يكن العبد واحدا لأنه ما من عبد إلا و له مثل في الوجود أو في المقدور وإنما صح أن يكون للعبد مثل لأنه لم يتوحد بأوصافه التي‌ من أجلها صار عبدا مملوكا ووجب لذلك أن يكون الله عز و جل متوحدا بأوصافه العلي وأسمائه الحسني ليكون إلها واحدا فلا يكون له مثل و يكون واحدا لاشريك له و لاإله غيره فالله تبارك و تعالي إله واحد لاإله إلا هو وقديم واحد لاقديم إلا هو وموجود واحد ليس بحال و لامحل و لاموجود كذلك إلا هو و شيءواحد لايجانسه و لايشاكله شيء و لايشبهه شيء و لا شيءكذلك إلا هوفهو كذلك موجود غيرمنقسم في الوجود و لا في الوهم و شيء لايشبهه شيءبوجه وإله لاإله غيره بوجه وصار قولنا ياواحد ياأحد في الشريعة اسما خاصا له دون غيره لايسمي به إلا هو عز و جل كما أن قولنا الله اسم لايسمي به غيره . وفصل آخر في ذلك و هو أن الشي‌ء قديعد مع ماجانسه وشاكله وماثله يقال هذا رجل وهذان رجلان وثلاثة رجال و هذا عبد و هذاسواد وهذان عبدان وهذان سوادان و لايجوز علي هذاالأصل أن يقال هذان إلهان إذ لاإله إلاإله واحد فالله لايعد علي هذاالوجه و لايدخل في العدد من هذاالوجه بوجه و قديعد الشي‌ء مع ما لايجانسه و لايشاكله يقال هذابياض وهذان بياض وسواد و هذامحدث وهذان محدثان وهذان ليسا بمحدثين و لابمخلوقين بل أحدهما قديم والآخر محدث وأحدهما رب والآخر مربوب فعلي هذاالوجه يصح دخوله في العدد و علي هذاالنحو قال الله تبارك و تعالي ما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَ لا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَ لا أَدني مِن ذلِكَ وَ لا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانُواالآية و كما أن قولنا فلان إنما هو رجل واحد لايدل علي فضله بمجرده كذلك قولنا فلان ثاني‌ فلان لايدل بمجرده إلا علي كونه وإنما يدل علي فضله متي قيل إنه ثانية في الفضل أو في الكمال أوالعلم .


صفحه : 243

فأما توحيد الله تعالي ذكره فهو توحيده بصفاته العلي وأسمائه الحسني ولذلك كان إلها واحدا لاشريك له و لاشبيه والموحد هو من أقر به علي ما هو عليه عز و جل من أوصافه العلي وأسمائه الحسني علي بصيرة منه ومعرفة وإيقان وإخلاص و إذا كان ذلك كذلك فمن لم يعرف الله عز و جل متوحدا بأوصافه العلي وأسمائه الحسني و لم يقر بتوحيده بأوصافه العلي فهو غيرموحد وربما قال جاهل من الناس إن من وحد الله وأقر أنه واحد فهو موحد و إن لم يصفه بصفاته التي‌ توحد بهالأن من وحد الشي‌ء فهو موحد في أصل اللغة فيقال له أنكرنا ذلك لأن من زعم أن ربه إله واحد و شيءواحد ثم أثبت معه موصوفا آخر بصفاته التي‌ توحد بهافهو عندجميع الأمة وسائر أهل الملل ثنوي‌ غيرموحد ومشرك مشبه غيرمسلم و إن زعم أن ربه إله واحد و شيءواحد وموجود واحد و إذا كان كذلك وجب أن يكون الله تبارك و تعالي متوحدا بصفاته التي‌ تفرد بالإلهية من أجلها وتوحد بالوحدانية لتوحده بهاليستحيل أن يكون إله آخر و يكون الله واحدا والإله واحدا لاشريك له و لاشبيه لأنه إن لم يتوحد بها كان له شريك وشبيه كما أن العبد لما لم يتوحد بأوصافه التي‌ من أجلها كان عبدا كان له شبيه و لم يكن العبد واحدا و إن كان كل واحد منا عبدا واحدا و إذا كان كذلك فمن عرفه متوحدا بصفاته وأقر بما عرفه واعتقد ذلك كان موحدا وبتوحيد ربه عارفا والأوصاف التي‌ توحد الله تعالي بها وتوحد بربوبيته لتفرده بها في الأوصاف التي‌ يقتضي‌ كل واحد منها أن لا يكون الموصوف بها إلاواحدا لايشاركه فيه غيره و لايوصف به إلا هو وتلك الأوصاف هي‌ كوصفنا له بأنه موجود واحد لايصح أن يكون حالا في شيء و لايجوز أن يحله شيء و لايجوز عليه العدم والفناء والزوال مستحق للوصف بذلك بأنه أول الأولين وآخر الآخرين قادر يفعل مايشاء لايجوز عليه ضعف و لاعجز مستحق للوصف بذلك لأنه أقدر القادرين وأقهر القاهرين عالم لايخفي عليه شيء و لايعزب عنه شيء لايجوز عليه جهل و لاسهو و لاشك و لانسيان مستحق للوصف بذلك بأنه أعلم العالمين حي‌ لايجوز عليه موت و لانوم


صفحه : 244

و لاترجع إليه منفعة و لاتناله مضرة مستحق للوصف بذلك بأنه أبقي الباقين وأكمل الكاملين فاعل لايشغله شيء عن شيء و لايعجزه شيء و لايفوته شيءمستحق للوصف بذلك بأنه إله الأولين والآخرين وأحسن الخالقين وأسرع الحاسبين غني‌ لا يكون له قلة مستغن لا يكون له حاجة عدل لاتلحقه مذمة و لاترجع إليه منقصة حكيم لايقع منه سفاهة رحيم لا يكون له رقة و يكون في رحمته سعة حليم لايلحقه موجدة و لايقع منه عجلة مستحق للوصف بذلك بأنه أعدل العادلين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين و ذلك لأن أول الأولين لا يكون إلاواحدا وكذلك أقدر القادرين وأعلم العالمين وأحكم الحاكمين وأحسن الخالقين و كل ماجاء علي هذاالوزن فصح بذلك ماقلناه وبالله التوفيق و منه العصمة والتسديد

باب 7-عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أوقرب إليها قربانا

الآيات الأنعام قُل أَ نَدعُوا مِن دُونِ اللّهِ ما لا يَنفَعُنا وَ لا يَضُرّناالأعراف أَ يُشرِكُونَ ما لا يَخلُقُ شَيئاً وَ هُم يُخلَقُونَ وَ لا يَستَطِيعُونَ لَهُم نَصراً وَ لا أَنفُسَهُم يَنصُرُونَ وَ إِن تَدعُوهُم إِلَي الهُدي لا يَتّبِعُوكُم سَواءٌ عَلَيكُم أَ دَعَوتُمُوهُم أَم أَنتُم صامِتُونَ إِنّ الّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبادٌ أَمثالُكُم فَادعُوهُم فَليَستَجِيبُوا لَكُم إِن كُنتُم صادِقِينَ أَ لَهُم أَرجُلٌ يَمشُونَ بِها أَم لَهُم أَيدٍ يَبطِشُونَ بِها أَم لَهُم أَعيُنٌ يُبصِرُونَ بِها أَم لَهُم آذانٌ يَسمَعُونَ بِها قُلِ ادعُوا شُرَكاءَكُم ثُمّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ إِنّ ولَيِيّ‌َ اللّهُ ألّذِي نَزّلَ الكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلّي الصّالِحِينَ وَ الّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِهِ لا يَستَطِيعُونَ نَصرَكُم وَ لا أَنفُسَهُم يَنصُرُونَ وَ إِن تَدعُوهُم إِلَي الهُدي لا يَسمَعُوا وَ تَراهُم يَنظُرُونَ إِلَيكَ وَ هُم لا يُبصِرُونَيونس وَ يَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ما لا يَضُرّهُم وَ لا يَنفَعُهُم وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِندَ اللّهِ قُل أَ تُنَبّئُونَ اللّهَ بِما لا يَعلَمُ فِي السّماواتِ وَ لا فِي الأَرضِ سُبحانَهُ وَ تَعالي عَمّا يُشرِكُونَ


صفحه : 245

و قال تعالي قُل هَل مِن شُرَكائِكُم مَن يَبدَؤُا الخَلقَ ثُمّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبدَؤُا الخَلقَ ثُمّ يُعِيدُهُ فَأَنّي تُؤفَكُونَ قُل هَل مِن شُرَكائِكُم مَن يهَديِ‌ إِلَي الحَقّ قُلِ اللّهُ يهَديِ‌ لِلحَقّ أَ فَمَن يهَديِ‌ إِلَي الحَقّ أَحَقّ أَن يُتّبَعَ أَمّن لا يهَدِيّ‌ إِلّا أَن يُهدي فَما لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَهودفَلا تَكُ فِي مِريَةٍ مِمّا يَعبُدُ هؤُلاءِ ما يَعبُدُونَ إِلّا كَما يَعبُدُ آباؤُهُم مِن قَبلُ وَ إِنّا لَمُوَفّوهُم نَصِيبَهُم غَيرَ مَنقُوصٍالنحل أَ فَمَن يَخلُقُ كَمَن لا يَخلُقُ أَ فَلا تَذَكّرُونَ و قال تعالي وَ الّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لا يَخلُقُونَ شَيئاً وَ هُم يُخلَقُونَ أَمواتٌ غَيرُ أَحياءٍ وَ ما يَشعُرُونَ أَيّانَ يُبعَثُونَ إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَالّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُنكِرَةٌ وَ هُم مُستَكبِرُونَ و قال تعالي وَ اللّهُ فَضّلَ بَعضَكُم عَلي بَعضٍ فِي الرّزقِ فَمَا الّذِينَ فُضّلُوا برِاَديّ‌ رِزقِهِم عَلي ما مَلَكَت أَيمانُهُم فَهُم فِيهِ سَواءٌ أَ فَبِنِعمَةِ اللّهِ يَجحَدُونَ و قال تعالي وَ يَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ما لا يَملِكُ لَهُم رِزقاً مِنَ السّماواتِ وَ الأَرضِ شَيئاً وَ لا يَستَطِيعُونَ فَلا تَضرِبُوا لِلّهِ الأَمثالَ إِنّ اللّهَ يَعلَمُ وَ أَنتُم لا تَعلَمُونَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا عَبداً مَملُوكاً لا يَقدِرُ عَلي شَيءٍ وَ مَن رَزَقناهُ مِنّا رِزقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنهُ سِرّا وَ جَهراً هَل يَستَوُونَ الحَمدُ لِلّهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمُونَ وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا رَجُلَينِ أَحَدُهُما أَبكَمُ لا يَقدِرُ عَلي شَيءٍ وَ هُوَ كَلّ عَلي مَولاهُ أَينَما يُوَجّههُ لا يَأتِ بِخَيرٍ هَل يسَتوَيِ‌ هُوَ وَ مَن يَأمُرُ بِالعَدلِ وَ هُوَ عَلي صِراطٍ مُستَقِيمٍمريم يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَ لا يُبصِرُ وَ لا يغُنيِ‌ عَنكَ شَيئاًالحج يَدعُوا مِن دُونِ اللّهِ ما لا يَضُرّهُ وَ ما لا يَنفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضّلالُ البَعِيدُ يَدعُوا لَمَن ضَرّهُ أَقرَبُ مِن نَفعِهِ لَبِئسَ المَولي وَ لَبِئسَ العَشِيرُ و قال يا أَيّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستَمِعُوا لَهُ إِنّ الّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لَن يَخلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجتَمَعُوا لَهُ وَ إِن يَسلُبهُمُ الذّبابُ شَيئاً لا يَستَنقِذُوهُ مِنهُ ضَعُفَ الطّالِبُ وَ المَطلُوبُ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقّ قَدرِهِ إِنّ اللّهَ لقَوَيِ‌ّ عَزِيزٌالفرقان وَ إِذا رَأَوكَ إِن يَتّخِذُونَكَ إِلّا هُزُواً أَ هذَا ألّذِي بَعَثَ اللّهُ رَسُولًا إِن كادَ لَيُضِلّنا عَن آلِهَتِنا لَو لا أَن صَبَرنا عَلَيها وَ سَوفَ يَعلَمُونَ حِينَ يَرَونَ العَذابَ مَن أَضَلّ سَبِيلًا أَ رَأَيتَ مَنِ اتّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنتَ تَكُونُ عَلَيهِ وَكِيلًا


صفحه : 246

و قال الله تعالي وَ يَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ما لا يَنفَعُهُم وَ لا يَضُرّهُم وَ كانَ الكافِرُ عَلي رَبّهِ ظَهِيراًالشعراءوَ اتلُ عَلَيهِم نَبَأَ اِبراهِيمَ إِذ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَومِهِ ما تَعبُدُونَ قالُوا نَعبُدُ أَصناماً فَنَظَلّ لَها عاكِفِينَ قالَ هَل يَسمَعُونَكُم إِذ تَدعُونَ أَو يَنفَعُونَكُم أَو يَضُرّونَ قالُوا بَل وَجَدنا آباءَنا كَذلِكَ يَفعَلُونَ قالَ أَ فَرَأَيتُم ما كُنتُم تَعبُدُونَ أَنتُم وَ آباؤُكُمُ الأَقدَمُونَ فَإِنّهُم عَدُوّ لِي إِلّا رَبّ العالَمِينَ إلي قوله تعالي وَ بُرّزَتِ الجَحِيمُ لِلغاوِينَ وَ قِيلَ لَهُم أَينَ ما كُنتُم تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ هَل يَنصُرُونَكُم أَو يَنتَصِرُونَ فَكُبكِبُوا فِيها هُم وَ الغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبلِيسَ أَجمَعُونَ قالُوا وَ هُم فِيها يَختَصِمُونَ تَاللّهِ إِن كُنّا لفَيِ‌ ضَلالٍ مُبِينٍ إِذ نُسَوّيكُم بِرَبّ العالَمِينَ وَ ما أَضَلّنا إِلّا المُجرِمُونَ فَما لَنا مِن شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ فَلَو أَنّ لَنا كَرّةً فَنَكُونَ مِنَ المُؤمِنِينَالنمل وَجَدتُها وَ قَومَها يَسجُدُونَ لِلشّمسِ مِن دُونِ اللّهِ وَ زَيّنَ لَهُمُ الشّيطانُ أَعمالَهُم فَصَدّهُم عَنِ السّبِيلِ فَهُم لا يَهتَدُونَ أَلّا يَسجُدُوا لِلّهِ ألّذِي يُخرِجُ الخبَ ءَ فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ يَعلَمُ ما تُخفُونَ وَ ما تُعلِنُونَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ رَبّ العَرشِ العَظِيمِالعنكبوت إِنّما تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ أَوثاناً وَ تَخلُقُونَ إِفكاً إِنّ الّذِينَ تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ لا يَملِكُونَ لَكُم رِزقاً فَابتَغُوا عِندَ اللّهِ الرّزقَ وَ اعبُدُوهُ وَ اشكُرُوا لَهُ إِلَيهِ تُرجَعُونَ إلي قوله تعالي وَ قالَ إِنّمَا اتّخَذتُم مِن دُونِ اللّهِ أَوثاناً مَوَدّةَ بَينِكُم فِي الحَياةِ الدّنيا ثُمّ يَومَ القِيامَةِ يَكفُرُ بَعضُكُم بِبَعضٍ وَ يَلعَنُ بَعضُكُم بَعضاً وَ مَأواكُمُ النّارُ وَ ما لَكُم مِن ناصِرِينَالروم وَ يَومَ تَقُومُ السّاعَةُ يُبلِسُ المُجرِمُونَ وَ لَم يَكُن لَهُم مِن شُرَكائِهِم شُفَعاءُ وَ كانُوا بِشُرَكائِهِم كافِرِينَ إلي قوله تعالي ضَرَبَ لَكُم مَثَلًا مِن أَنفُسِكُم هَل لَكُم مِن ما مَلَكَت أَيمانُكُم مِن شُرَكاءَ فِي ما رَزَقناكُم فَأَنتُم فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُم كَخِيفَتِكُم أَنفُسَكُم كَذلِكَ نُفَصّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعقِلُونَيس أَ أَتّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدنِ الرّحمنُ بِضُرّ لا تُغنِ عنَيّ‌ شَفاعَتُهُم شَيئاً وَ لا يُنقِذُونِ إنِيّ‌ إِذاً لفَيِ‌ ضَلالٍ مُبِينٍ


صفحه : 247

الصافات إِنّهُم كانُوا إِذا قِيلَ لَهُم لا إِلهَ إِلّا اللّهُ يَستَكبِرُونَ وَ يَقُولُونَ أَ إِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجنُونٍ و قال تعالي أَ إِفكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ فَما ظَنّكُم بِرَبّ العالَمِينَ إلي قوله أَ تَعبُدُونَ ما تَنحِتُونَ وَ اللّهُ خَلَقَكُم وَ ما تَعمَلُونَ و قال تعالي أَ تَدعُونَ بَعلًا وَ تَذَرُونَ أَحسَنَ الخالِقِينَ اللّهَ رَبّكُم وَ رَبّ آبائِكُمُ الأَوّلِينَص أَ جَعَلَ الآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنّ هذا لشَيَ‌ءٌ عُجابٌ وَ انطَلَقَ المَلَأُ مِنهُم أَنِ امشُوا وَ اصبِرُوا عَلي آلِهَتِكُم إِنّ هذا لشَيَ‌ءٌ يُرادُ ما سَمِعنا بِهذا فِي المِلّةِ الآخِرَةِ إِن هذا إِلّا اختِلاقٌالزمرفَاعبُدِ اللّهَ مُخلِصاً لَهُ الدّينَ أَلا لِلّهِ الدّينُ الخالِصُ وَ الّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِياءَ ما نَعبُدُهُم إِلّا لِيُقَرّبُونا إِلَي اللّهِ زُلفي إِنّ اللّهَ يَحكُمُ بَينَهُم فِي ما هُم فِيهِ يَختَلِفُونَ و قال عز و جل 38-وَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ لَيَقُولُنّ اللّهُ قُل أَ فَرَأَيتُم ما تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ إِن أرَادنَيِ‌َ اللّهُ بِضُرّ هَل هُنّ كاشِفاتُ ضُرّهِ أَو أرَادنَيِ‌ بِرَحمَةٍ هَل هُنّ مُمسِكاتُ رَحمَتِهِ قُل حسَبيِ‌َ اللّهُ عَلَيهِ يَتَوَكّلُ المُتَوَكّلُونَ و قال تعالي أَمِ اتّخَذُوا مِن دُونِ اللّهِ شُفَعاءَ قُل أَ وَ لَو كانُوا لا يَملِكُونَ شَيئاً وَ لا يَعقِلُونَ قُل لِلّهِ الشّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلكُ السّماواتِ وَ الأَرضِ ثُمّ إِلَيهِ تُرجَعُونَ وَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَحدَهُ اشمَأَزّت قُلُوبُ الّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَ إِذا ذُكِرَ الّذِينَ مِن دُونِهِ إِذا هُم يَستَبشِرُونَالمؤمن قُل إنِيّ‌ نُهِيتُ أَن أَعبُدَ الّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لَمّا جاءنَيِ‌ البَيّناتُ مِن ربَيّ‌ وَ أُمِرتُ أَن أُسلِمَ لِرَبّ العالَمِينَ إلي قوله تعالي إِذِ الأَغلالُ فِي أَعناقِهِم وَ السّلاسِلُ يُسحَبُونَ فِي الحَمِيمِ ثُمّ فِي النّارِ يُسجَرُونَ ثُمّ قِيلَ لَهُم أَينَ ما كُنتُم تُشرِكُونَ مِن دُونِ اللّهِ قالُوا ضَلّوا عَنّا بَل لَم نَكُن نَدعُوا مِن قَبلُ شَيئاً كَذلِكَ يُضِلّ اللّهُ الكافِرِينَالسجدةلا تَسجُدُوا لِلشّمسِ وَ لا لِلقَمَرِ وَ اسجُدُوا لِلّهِ ألّذِي خَلَقَهُنّ إِن كُنتُم إِيّاهُ تَعبُدُونَحمعسق وَ الّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِياءَ اللّهُ حَفِيظٌ عَلَيهِم


صفحه : 248

الزخرف وَ لا يَملِكُ الّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِهِ الشّفاعَةَ إِلّا مَن شَهِدَ بِالحَقّ وَ هُم يَعلَمُونَ وَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَهُم لَيَقُولُنّ اللّهُ فَأَنّي يُؤفَكُونَالجاثيةأَ فَرَأَيتَ مَنِ اتّخَذَ إِلهَهُ هَواهُالأحقاف قُل أَ رَأَيتُم ما تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ أرَوُنيِ‌ ما ذا خَلَقُوا مِنَ الأَرضِ أَم لَهُم شِركٌ فِي السّماواتِ ائتوُنيِ‌ بِكِتابٍ مِن قَبلِ هذا أَو أَثارَةٍ مِن عِلمٍ إِن كُنتُم صادِقِينَ وَ مَن أَضَلّ مِمّن يَدعُوا مِن دُونِ اللّهِ مَن لا يَستَجِيبُ لَهُ إِلي يَومِ القِيامَةِ وَ هُم عَن دُعائِهِم غافِلُونَ وَ إِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُم أَعداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِم كافِرِينَ و قال تعالي أَلّا تَعبُدُوا إِلّا اللّهَ إنِيّ‌ أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ عَظِيمٍ قالُوا أَ جِئتَنا لِتَأفِكَنا عَن آلِهَتِنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ إلي قوله تعالي فَلَو لا نَصَرَهُمُ الّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُونِ اللّهِ قُرباناً آلِهَةً بَل ضَلّوا عَنهُم وَ ذلِكَ إِفكُهُم وَ ما كانُوا يَفتَرُونَالنجم أَ فَرَأَيتُمُ اللّاتَ وَ العُزّي وَ مَناةَ الثّالِثَةَ الأُخري أَ لَكُمُ الذّكَرُ وَ لَهُ الأُنثي تِلكَ إِذاً قِسمَةٌ ضِيزي إِن هيِ‌َ إِلّا أَسماءٌ سَمّيتُمُوها أَنتُم وَ آباؤُكُم ما أَنزَلَ اللّهُ بِها مِن سُلطانٍالجحدقُل يا أَيّهَا الكافِرُونَ لا أَعبُدُ ما تَعبُدُونَ إلي آخر السورة أقول سيأتي‌ الآيات الكثيرة في ذلك في كتاب النبوة و كتاب الاحتجاج و كتاب المعاد

1-فس ،[تفسير القمي‌] قَولُهُوَ قالُوا لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُم وَ لا تَذَرُنّ وَدّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسراً قَالَ كَانَ قَومٌ مُؤمِنُونَ قَبلَ نُوحٍ ع فَمَاتُوا فَحَزِنَ عَلَيهِمُ النّاسُ فَجَاءَ إِبلِيسُ فَاتّخَذَ لَهُم صُوَرَهُم لِيَأنَسُوا بِهَا فَأَنِسُوا بِهَا فَلَمّا جَاءَهُمُ الشّتَاءُ أَدخَلُوهُمُ البُيُوتَ فَمَضَي ذَلِكَ القَرنُ وَ جَاءَ القَرنُ الآخَرُ فَجَاءَهُم إِبلِيسُ فَقَالَ لَهُم إِنّ هَؤُلَاءِ آلِهَةٌ كَانُوا آبَاؤُكُم يَعبُدُونَهَا فَعَبَدُوهُم وَ ضَلّ مِنهُم بَشَرٌ كَثِيرٌ فَدَعَا عَلَيهِم نُوحٌ فَأَهلَكَهُمُ اللّهُ

2-فس ،[تفسير القمي‌]وَ لا تَذَرُنّ وَدّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسراً قَالَ كَانَت وَدّ صَنَماً لِكَلبٍ وَ كَانَت سُوَاعٌ لِهُذَيلٍ وَ يَغُوثُ لِمُرَادٍ وَ كَانَت يَعُوقُ لِهَمدَانَ وَ كَانَت


صفحه : 249

نَسرٌ لِحُصَينٍ

3-ب ،[قرب الإسناد]هَارُونُ عَنِ ابنِ صَدَقَةَ عَن جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ أَنّ عَلِيّاً صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ سُئِلَ عَن أَسَافٍ وَ نَائِلَةَ وَ عِبَادَةِ قُرَيشٍ لَهُمَا فَقَالَ نَعَم كَانَا شَابّينِ صَبِيحَينِ وَ كَانَ بِأَحَدِهِمَا تَأنِيثٌ وَ كَانَا يَطُوفَانِ بِالبَيتِ فَصَادَفَا مِنَ البَيتِ خَلوَةً فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَفَعَلَ فَمَسَخَهُمَا اللّهُ حَجَرَينِ فَقَالَت قُرَيشٌ لَو لَا أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي رضَيِ‌َ أَن يُعبَدَا مَعَهُ مَا حَوّلَهُمَا عَن حَالِهِمَا

4- ع ،[علل الشرائع ] فِي أَسئِلَةِ الشاّميِ‌ّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ سُئِلَ عَن أَوّلِ مَن كَفَرَ وَ أَنشَأَ الكُفرَ فَقَالَ ع إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ

5- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ أَبِي الخَطّابِ وَ ابنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ جَابِرٍ وَ كَرّامِ بنِ عَمرٍو عَن عَبدِ الحَمِيدِ بنِ أَبِي الدّيلَمِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ قَابِيلَ لَمّا رَأَي النّارَ قَد قَبِلَت قُربَانَ هَابِيلَ قَالَ لَهُ إِبلِيسُ إِنّ هَابِيلَ كَانَ يَعبُدُ تِلكَ النّارَ فَقَالَ قَابِيلُ لَا أَعبُدُ النّارَ التّيِ‌ عَبَدَهَا هَابِيلُ وَ لَكِن أَعبُدُ نَاراً أُخرَي وَ أُقَرّبُ قُربَاناً لَهَا فَتَقَبّلُ قرُباَنيِ‌ فَبَنَي بُيُوتَ النّارِ فَقَرّبَ وَ لَم يَكُن لَهُ عِلمٌ بِرَبّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ لَم يَرِث مِنهُ وُلدُهُ إِلّا عِبَادَةَ النّيرَانِ

ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ]بالإسناد إلي الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن ابن سنان مثله

6- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ النّعمَانِ عَن بُرَيدٍ العجِليِ‌ّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّمَا سمُيّ‌َ العُودُ خِلَافاً لِأَنّ إِبلِيسَ عَمِلَ صُورَةَ سُوَاعٍ عَلَي خِلَافِ صُورَةِ وَدّ فسَمُيّ‌َ العُودُ خِلَافاً

و هذا في حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة بيان إنما سمي‌ العود أي الشجرة المعهودة خلافا لأن إبليس عمل سواعا منها علي خلاف ود فلذلك سميت بها


صفحه : 250

7- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن مُحَمّدٍ البرَقيِ‌ّ عَن حَمّادِ بنِ عِيسَي عَن حَرِيزٍ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ قالُوا لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُم وَ لا تَذَرُنّ وَدّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسراً قَالَ كَانُوا يَعبُدُونَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فَمَاتُوا فَضَجّ قَومُهُم وَ شَقّ ذَلِكَ عَلَيهِم فَجَاءَهُم إِبلِيسُ لَعَنَهُ اللّهُ فَقَالَ لَهُم أَتّخِذُ لَكُم أَصنَاماً عَلَي صُوَرِهِم فَتَنظُرُونَ إِلَيهِم وَ تَأنِسُونَ بِهِم وَ تَعبُدُونَ اللّهَ فَأَعَدّ لَهُم أَصنَاماً عَلَي مِثَالِهِم فَكَانُوا يَعبُدُونَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ وَ يَنظُرُونَ إِلَي تِلكَ الأَصنَامِ فَلَمّا جَاءَهُمُ الشّتَاءُ وَ الأَمطَارُ أَدخَلُوا الأَصنَامَ البُيُوتَ فَلَم يَزَالُوا يَعبُدُونَ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ حَتّي هَلَكَ ذَلِكَ القَرنُ وَ نَشَأَ أَولَادُهُم فَقَالُوا إِنّ آبَاءَنَا كَانُوا يَعبُدُونَ هَؤُلَاءِ فَعَبَدُوهُم مِن دُونِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَذَلِكَ قَولُ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيوَ لا تَذَرُنّ وَدّا وَ لا سُواعاًالآيَةَ

8-ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ]بِالإِسنَادِ عَنِ الصّدُوقِ رَحِمَهُ اللّهُ عَنِ ابنِ المُتَوَكّلِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ الأَحوَلِ عَن بُرَيدِ بنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ ع يَقُولُ فِي مَسجِدِ النّبِيّص إِنّ إِبلِيسَ اللّعِينَ هُوَ أَوّلُ مَن صَوّرَ صُورَةً عَلَي مِثَالِ آدَمَ ع لِيَفتِنَ بِهِ النّاسَ وَ يُضِلّهُم عَن عِبَادَةِ اللّهِ تَعَالَي وَ كَانَ وَدّ فِي وُلدِ قَابِيلَ وَ كَانَ خَلِيفَةَ قَابِيلَ عَلَي وُلدِهِ وَ عَلَي مَن بِحَضرَتِهِم فِي سَفحِ الجَبَلِ يُعَظّمُونَهُ وَ يُسَوّدُونَهُ فَلَمّا أَن مَاتَ وَدّ جَزِعَ عَلَيهِ إِخوَتُهُ وَ خَلّفَ عَلَيهِم ابناً يُقَالُ لَهُ سُوَاعٌ فَلَم يُغنِ غَنَاءَ أَبِيهِ مِنهُم فَأَتَاهُم إِبلِيسُ فِي صُورَةِ شَيخٍ فَقَالَ قَد بلَغَنَيِ‌ مَا أُصِبتُم بِهِ مِن مَوتِ وَدّ عَظِيمِكُم فَهَل لَكُم فِي أَن أُصَوّرَ لَكُم عَلَي مِثَالِ وَدّ صُورَةً تَستَرِيحُونَ إِلَيهَا وَ تَأنِسُونَ بِهَا قَالُوا افعَل فَعَمَدَ الخَبِيثُ إِلَي الآنُكِ فَأَذَابَهُ حَتّي صَارَ مِثلَ المَاءِ ثُمّ صَوّرَ لَهُم صُورَةً مِثَالَ وَدّ فِي بَيتِهِ فَتَدَافَعُوا عَلَي الصّورَةِ يَلثِمُونَهَا وَ يَضَعُونَ خُدُودَهُم عَلَيهَا وَ يَسجُدُونَ لَهَا وَ أَحَبّ سُوَاعٌ أَن يَكُونَ التّعظِيمُ وَ السّجُودُ لَهُ فَوَثَبَ عَلَي صُورَةِ وَدّ فَحَكّهَا حَتّي لَم يَدَع مِنهَا


صفحه : 251

شَيئاً وَ هَمّوا بِقَتلِ سُوَاعٍ فَوَعَظَهُم وَ قَالَ أَنَا أَقُومُ لَكُم بِمَا كَانَ يَقُومُ بِهِ وَدّ وَ أَنَا ابنُهُ فَإِن قتَلَتمُوُنيِ‌ لَم يَكُن لَكُم رَئِيسٌ فَمَالُوا إِلَي السّوَاعِ بِالطّاعَةِ وَ التّعظِيمِ فَلَم يَلبَث سُوَاعٌ أَن مَاتَ وَ خَلّفَ ابناً يُقَالُ لَهُ يَغُوثُ فَجَزِعُوا عَلَي سُوَاعٍ فَأَتَاهُم إِبلِيسُ وَ قَالَ أَنَا ألّذِي صَوّرتُ لَكُم صُورَةَ وَدّ فَهَل لَكُم أَن أَجعَلَ لَكُم مِثَالَ سُوَاعٍ عَلَي وَجهٍ لَا يَستَطِيعُ أَحَدٌ أَن يُغَيّرَهُ قَالُوا فَافعَل فَعَمَدَ إِلَي عُودٍ فَنَجَرَهُ وَ نَصَبَهُ لَهُم فِي مَنزِلِ سُوَاعٍ وَ إِنّمَا سمُيّ‌َ ذَلِكَ العُودُ خِلَافاً لِأَنّ إِبلِيسَ عَمِلَ صُورَةَ سُوَاعٍ عَلَي خِلَافِ صُورَةِ وَدّ قَالَ فَسَجَدُوا لَهُ وَ عَظّمُوهُ وَ قَالُوا لِيَغُوثَ مَا نَأمَنُكَ عَلَي هَذَا الصّنَمِ أَن تَكِيدَهُ كَمَا كَادَ أَبُوكَ مِثَالَ وَدّ فَوَضَعُوا عَلَي البَيتِ حُرّاساً وَ حُجّاباً ثُمّ كَانُوا يَأتُونَ الصّنَمَ فِي يَومٍ وَاحِدٍ وَ يُعَظّمُونَهُ أَشَدّ مَا كَانُوا يُعَظّمُونَ سُوَاعاً فَلَمّا رَأَي ذَلِكَ يَغُوثُ قَتَلَ الحَرَسَةَ وَ الحُجّابَ لَيلًا وَ جَعَلَ الصّنَمَ رَمِيماً فَلَمّا بَلَغَهُم ذَلِكَ أَقبَلُوا لِيَقتُلُوهُ فَتَوَارَي مِنهُم إِلَي أَن طَلَبُوهُ وَ رَأّسُوهُ وَ عَظّمُوهُ ثُمّ مَاتَ وَ خَلّفَ ابناً يُقَالُ لَهُ يَعُوقُ فَأَتَاهُم إِبلِيسُ فَقَالَ قَد بلَغَنَيِ‌ مَوتُ يَغُوثُ وَ أَنَا جَاعِلٌ لَكُم مِثَالَهُ فِي شَيءٍ لَا يَقدِرُ أَحَدٌ أَن يُغَيّرَهُ قَالُوا فَافعَل فَعَمَدَ الخَبِيثُ إِلَي حَجَرٍ أَبيَضَ فَنَقَرَهُ بِالحَدِيدِ حَتّي صَوّرَ لَهُم مِثَالَ يَغُوثَ فَعَظّمُوهُ أَشَدّ مِمّا مَضَي وَ بَنَوا عَلَيهِ بَيتاً مِن حَجَرٍ وَ تَبَايَعُوا أَن لَا يَفتَحُوا بَابَ ذَلِكَ البَيتِ إِلّا فِي رَأسِ كُلّ سَنَةٍ وَ سُمّيَتِ البَيعَةَ يَومَئِذٍ لِأَنّهُم تَبَايَعُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَيهِ فَاشتَدّ ذَلِكَ عَلَي يَعُوقَ فَعَمَدَ إِلَي رَيطَةٍ وَ خَلَقٍ فَأَلقَاهَا فِي الحَائِرِ ثُمّ رَمَاهَا بِالنّارِ لَيلًا فَأَصبَحَ القَومُ وَ قَدِ احتَرَقَ البَيتُ وَ الصّنَمُ وَ الحَرَسُ وَ ارفَضّ الصّنَمُ مُلقًي فَجَزِعُوا وَ هَمّوا بِقَتلِ يَعُوقَ فَقَالَ لَهُم إِن قَتَلتُم رَئِيسَكُم فَسَدَت أُمُورُكُم فَكَفّوا فَلَم يَلبَث أَن مَاتَ يَعُوقُ وَ خَلّفَ ابناً يُقَالُ لَهُ نَسرٌ فَأَتَاهُم إِبلِيسُ فَقَالَ بلَغَنَيِ‌ مَوتُ عَظِيمِكُم فَأَنَا جَاعِلٌ لَكُم مِثَالَ يَعُوقَ فِي شَيءٍ لَا يَبلَي فَقَالُوا افعَل فَعَمَدَ إِلَي الذّهَبِ وَ أَوقَدَ عَلَيهِ النّارَ حَتّي صَارَ كَالمَاءِ وَ عَمِلَ مِثَالًا مِنَ الطّينِ عَلَي صُورَةِ يَعُوقَ ثُمّ أَفرَغَ الذّهَبَ فِيهِ ثُمّ نَصَبَهُ لَهُم فِي دَيرِهِم وَ اشتَدّ ذَلِكَ عَلَي نَسرٍ وَ لَم يَقدِر عَلَي دُخُولِ تِلكَ الدّيرِ فَانحَازَ عَنهُم فِي فِرقَةٍ قَلِيلَةٍ مِن إِخوَتِهِ يَعبُدُونَ نَسراً وَ الآخَرُونَ يَعبُدُونَ الصّنَمَ حَتّي مَاتَ نَسرٌ وَ ظَهَرَت نُبُوّةُ إِدرِيسَ فَبَلَغَهُ حَالُ القَومِ وَ أَنّهُم يَعبُدُونَ جِسماً عَلَي مِثَالِ يَعُوقَ وَ أَنّ نَسراً كَانَ يُعبَدُ مِن دُونِ اللّهِ فَسَارَ إِلَيهِم بِمَن مَعَهُ حَتّي نَزَلَ مَدِينَةَ


صفحه : 252

نَسرٍ وَ هُم فِيهَا فَهَزَمَهُم وَ قُتِلَ مَن قُتِلَ وَ هَرَبَ مَن هَرَبَ فَتَفَرّقُوا فِي البِلَادِ وَ أَمَرَ بِالصّنَمِ فَحُمِلَ وَ ألُقيِ‌َ فِي البَحرِ فَاتّخَذَت كُلّ فِرقَةٍ مِنهُم صَنَماً وَ سَمّوهَا بِأَسمَائِهَا فَلَم يَزَالُوا بَعدَ ذَلِكَ قَرناً بَعدَ قَرنٍ لَا يَعرِفُونَ إِلّا تِلكَ الأَسمَاءَ ثُمّ ظَهَرَت نُبُوّةُ نُوحٍ ع فَدَعَاهُم إِلَي عِبَادَةِ اللّهِ وَحدَهُ وَ تَركِ مَا كَانُوا يَعبُدُونَ مِنَ الأَصنَامِ فَقَالَ بَعضُهُملا تَذَرُنّ آلِهَتَكُم وَ لا تَذَرُنّ وَدّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسراً

بيان ارفضاض الشي‌ء تفرّقه وترفّض تكسّر وانحاز عنه عدل

9-ثو،[ثواب الأعمال ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِي الجَوزَاءِ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُلوَانَ عَن مُنذِرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ ذَكَرَ أَنّ سَلمَانَ قَالَ إِنّ رَجُلًا دَخَلَ الجَنّةَ فِي ذُبَابٍ وَ آخَرَ دَخَلَ النّارَ فِي ذُبَابٍ فَقِيلَ لَهُ وَ كَيفَ ذَلِكَ يَا أَبَا عَبدِ اللّهِ قَالَ مَرّا عَلَي قَومٍ فِي عِيدٍ لَهُم وَ قَد وَضَعُوا أَصنَاماً لَهُم لَا يَجُوزُ بِهِم أَحَدٌ حَتّي يُقَرّبَ إِلَي أَصنَامِهِم قُربَاناً قَلّ أَم كَثُرَ فَقَالُوا لَهُمَا لَا تَجُوزَا حَتّي تُقَرّبَا كَمَا يُقَرّبُ كُلّ مَن مَرّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَا معَيِ‌ شَيءٌ أُقَرّبُهُ وَ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ذُبَاباً فَقَرّبَهُ وَ لَم يُقَرّبِ الآخَرُ فَقَالَ لَا أُقَرّبُ إِلَي غَيرِ اللّهِ جَلّ وَ عَزّ شَيئاً فَقَتَلُوهُ فَدَخَلَ الجَنّةَ وَ دَخَلَ الآخَرُ النّارَ

10-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ الزهّريِ‌ّ قَالَ أَتَي رَجُلٌ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَسَأَلَهُ عَن شَيءٍ فَلَم يُجِبهُ فَقَالَ لَهُ الرّجُلُ فَإِن كُنتَ ابنَ أَبِيكَ فَإِنّكَ مِن أَبنَاءِ عَبَدَةِ الأَصنَامِ فَقَالَ لَهُ كَذَبتَ إِنّ اللّهَ أَمَرَ اِبرَاهِيمَ أَن يُنزِلَ إِسمَاعِيلَ بِمَكّةَ فَفَعَلَ فَقالَ اِبراهِيمُ رَبّ اجعَل هَذَا البَلَدَ آمِناً وَ اجنبُنيِ‌ وَ بنَيِ‌ّ أَن نَعبُدَ الأَصنامَفَلَم يَعبُد أَحَدٌ مِن وُلدِ إِسمَاعِيلَ صَنَماً قَطّ وَ لَكِنّ العَرَبَ عَبَدَةُ الأَصنَامِ وَ قَالَت بَنُو إِسمَاعِيلَهؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِندَ اللّهِفَكَفَرَت وَ لَم تَعبُدِ الأَصنَامَ

بيان لعل المراد أنهم أقرّوا بوحدانيّة الصانع و إن أشركوا من جهة العبادة والسجود لها فنفي ع عنهم أعظم أنواع الشرك و هوالشرك في الربوبيّة و قدمرّت الإشارة إلي الفرق بينهما في الباب السابق


صفحه : 253

11-كا،[الكافي‌] مُحَمّدُ بنُ يَحيَي عَن بَعضِ أَصحَابِهِ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَامِرٍ عَن أَحمَدَ بنِ رِزقٍ الغمُشاَنيِ‌ّ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ الأَشَلّ بَيّاعِ الأَنمَاطِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَانَت قُرَيشٌ تُلَطّخُ الأَصنَامَ التّيِ‌ كَانَت حَولَ الكَعبَةِ بِالمِسكِ وَ العَنبَرِ وَ كَانَ يَغُوثُ قُبَالَةَ البَابِ وَ كَانَ يَعُوقُ عَن يَمِينِ الكَعبَةِ وَ كَانَ نَسرٌ عَن يَسَارِهَا وَ كَانُوا إِذَا دَخَلُوا خَرّوا سُجّداً لِيَغُوثَ وَ لَا يَنحَنُونَ ثُمّ يَستَدِيرُونَ بِحِيَالِهِم إِلَي يَعُوقَ ثُمّ يَستَدِيرُونَ بِحِيَالِهِم إِلَي نَسرٍ ثُمّ يُلَبّونَ فَيَقُولُونَ لَبّيكَ أللّهُمّ لَبّيكَ لَبّيكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلّا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ تَملِكُهُ وَ مَا مَلَكَ قَالَ فَبَعَثَ اللّهُ ذُبَاباً أَخضَرَ لَهُ أَربَعَةُ أَجنِحَةٍ فَلَم يَبقَ مِن ذَلِكَ المِسكِ وَ العَنبَرِ شَيئاً إِلّا أَكَلَهُ وَ أَنزَلَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّيا أَيّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستَمِعُوا لَهُ إِنّ الّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لَن يَخلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجتَمَعُوا لَهُ وَ إِن يَسلُبهُمُ الذّبابُ شَيئاً لا يَستَنقِذُوهُ مِنهُ ضَعُفَ الطّالِبُ وَ المَطلُوبُ

12-فس ،[تفسير القمي‌] قَالَ عَلِيّ بنُ اِبرَاهِيمَ فِي قَولِهِأَ فَرَأَيتَ مَنِ اتّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ قَالَ نَزَلَت فِي قُرَيشٍ وَ ذَلِكَ أَنّهُ ضَاقَ عَلَيهِمُ المَعَاشُ فَخَرَجُوا مِن مَكّةَ وَ تَفَرّقُوا وَ كَانَ الرّجُلُ إِذَا رَأَي شَجَرَةً حَسَنَةً أَو حَجَراً حَسَناً هَوَاهُ فَعَبَدَهُ وَ كَانُوا يَنحَرُونَ لَهَا النّعَمَ وَ يُلَطّخُونَهَا بِالدّمِ وَ يُسَمّونَهَا سَعدَ صَخرَةٍ وَ كَانَ إِذَا أَصَابَهُم دَاءٌ فِي إِبِلِهِم وَ أَغنَامِهِم جَاءُوا إِلَي الصّخرَةِ فَيَتَمَسّحُونَ بِهَا الغَنَمَ وَ الإِبِلَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ بِإِبِلٍ لَهُ يُرِيدُ أَن يَتَمَسّحَ بِالصّخرَةِ إِبِلَهُ وَ يُبَارِكَ عَلَيهَا فَنَفَرَت إِبِلُهُ وَ تَفَرّقَت فَقَالَ الرّجُلُ شِعراً


أَتَيتُ إِلَي سَعدٍ لِيَجمَعَ شَملَنَا   فَشَتّتَنَا سَعدٌ فَمَا نَحنُ مِن سَعدٍ

وَ مَا سَعدٌ إِلّا صَخرَةٌ مُسَوَدّةٌ   مِنَ الأَرضِ لَا تهَديِ‌ لغِيَ‌ّ وَ لَا رُشدٍ

وَ مَرّ بِهِ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ وَ الثّعلَبُ يَبُولُ عَلَيهِ فَقَالَ شِعراً


أَ رَبّ يَبُولُ الثّعلُبَانُ بِرَأسِهِ   لَقَد ذَلّ مَن بَالَت عَلَيهِ الثّعَالِبُ

صفحه : 254

باب 8-نفي‌ الولد والصاحبة

الآيات النساءيا أَهلَ الكِتابِ لا تَغلُوا فِي دِينِكُم وَ لا تَقُولُوا عَلَي اللّهِ إِلّا الحَقّ إِنّمَا المَسِيحُ عِيسَي ابنُ مَريَمَ رَسُولُ اللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلقاها إِلي مَريَمَ وَ رُوحٌ مِنهُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيراً لَكُم إِنّمَا اللّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبحانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ وَ كَفي بِاللّهِ وَكِيلًا لَن يَستَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبداً لِلّهِ وَ لَا المَلائِكَةُ المُقَرّبُونَالمائدةلَقَد كَفَرَ الّذِينَ قالُوا إِنّ اللّهَ هُوَ المَسِيحُ ابنُ مَريَمَ قُل فَمَن يَملِكُ مِنَ اللّهِ شَيئاً إِن أَرادَ أَن يُهلِكَ المَسِيحَ ابنَ مَريَمَ وَ أُمّهُ وَ مَن فِي الأَرضِ جَمِيعاً وَ لِلّهِ مُلكُ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ ما بَينَهُما يَخلُقُ ما يَشاءُ وَ اللّهُ عَلي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَ قالَتِ اليَهُودُ وَ النّصاري نَحنُ أَبناءُ اللّهِ وَ أَحِبّاؤُهُ قُل فَلِمَ يُعَذّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَل أَنتُم بَشَرٌ مِمّن خَلَقَ يَغفِرُ لِمَن يَشاءُ وَ يُعَذّبُ مَن يَشاءُ وَ لِلّهِ مُلكُ السّماواتِ وَ الأَرضِ وَ ما بَينَهُما وَ إِلَيهِ المَصِيرُأقول سيأتي‌ كثير من الآيات المتعلقة بعيسي ع في كتاب النبوة وكثير منها في أبواب الاحتجاجات التوبةوَ قالَتِ اليَهُودُ عُزَيرٌ ابنُ اللّهِ وَ قالَتِ النّصاري المَسِيحُ ابنُ اللّهِ ذلِكَ قَولُهُم بِأَفواهِهِم يُضاهِؤُنَ قَولَ الّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبلُ قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّي يُؤفَكُونَ اتّخَذُوا أَحبارَهُم وَ رُهبانَهُم أَرباباً مِن دُونِ اللّهِ وَ المَسِيحَ ابنَ مَريَمَ وَ ما أُمِرُوا إِلّا لِيَعبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلّا هُوَ سُبحانَهُ عَمّا يُشرِكُونَيونس قالُوا اتّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبحانَهُ هُوَ الغنَيِ‌ّ لَهُ ما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ إِن عِندَكُم مِن سُلطانٍ بِهذا أَ تَقُولُونَ عَلَي اللّهِ ما لا تَعلَمُونَالإسراءأَ فَأَصفاكُم رَبّكُم بِالبَنِينَ وَ اتّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إِناثاً إِنّكُم لَتَقُولُونَ قَولًا عَظِيماًالكهف وَ يُنذِرَ الّذِينَ قالُوا اتّخَذَ اللّهُ وَلَداً ما لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ وَ لا لِآبائِهِم كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفواهِهِم إِن يَقُولُونَ إِلّا كَذِباً


صفحه : 255

مريم ما كانَ لِلّهِ أَن يَتّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبحانَهُ إِذا قَضي أَمراً فَإِنّما يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ و قال تعالي 88-وَ قالُوا اتّخَذَ الرّحمنُ وَلَداً لَقَد جِئتُم شَيئاً إِدّا تَكادُ السّماواتُ يَتَفَطّرنَ مِنهُ وَ تَنشَقّ الأَرضُ وَ تَخِرّ الجِبالُ هَدّا أَن دَعَوا لِلرّحمنِ وَلَداً وَ ما ينَبغَيِ‌ لِلرّحمنِ أَن يَتّخِذَ وَلَداً إِن كُلّ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ إِلّا آتيِ‌ الرّحمنِ عَبداً لَقَد أَحصاهُم وَ عَدّهُم عَدّاالأنبياءوَ قالُوا اتّخَذَ الرّحمنُ وَلَداً سُبحانَهُ بَل عِبادٌ مُكرَمُونَ لا يَسبِقُونَهُ بِالقَولِ وَ هُم بِأَمرِهِ يَعمَلُونَ يَعلَمُ ما بَينَ أَيدِيهِم وَ ما خَلفَهُم وَ لا يَشفَعُونَ إِلّا لِمَنِ ارتَضي وَ هُم مِن خَشيَتِهِ مُشفِقُونَ وَ مَن يَقُل مِنهُم إنِيّ‌ إِلهٌ مِن دُونِهِ فَذلِكَ نَجزِيهِ جَهَنّمَ كَذلِكَ نجَزيِ‌ الظّالِمِينَالصافات فَاستَفتِهِم أَ لِرَبّكَ البَناتُ وَ لَهُمُ البَنُونَ أَم خَلَقنَا المَلائِكَةَ إِناثاً وَ هُم شاهِدُونَ أَلا إِنّهُم مِن إِفكِهِم لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللّهُ وَ إِنّهُم لَكاذِبُونَ أَصطَفَي البَناتِ عَلَي البَنِينَ ما لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ أَ فَلا تَذَكّرُونَ أَم لَكُم سُلطانٌ مُبِينٌ فَأتُوا بِكِتابِكُم إِن كُنتُم صادِقِينَ وَ جَعَلُوا بَينَهُ وَ بَينَ الجِنّةِ نَسَباً وَ لَقَد عَلِمَتِ الجِنّةُ إِنّهُم لَمُحضَرُونَ سُبحانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ إِلّا عِبادَ اللّهِ المُخلَصِينَ فَإِنّكُم وَ ما تَعبُدُونَ ما أَنتُم عَلَيهِ بِفاتِنِينَ إِلّا مَن هُوَ صالِ الجَحِيمِ وَ ما مِنّا إِلّا لَهُ مَقامٌ مَعلُومٌ وَ إِنّا لَنَحنُ الصّافّونَ وَ إِنّا لَنَحنُ المُسَبّحُونَالزمرلَو أَرادَ اللّهُ أَن يَتّخِذَ وَلَداً لَاصطَفي مِمّا يَخلُقُ ما يَشاءُ سُبحانَهُ هُوَ اللّهُ الواحِدُ القَهّارُالزخرف وَ جَعَلُوا لَهُ مِن عِبادِهِ جُزءاً إِنّ الإِنسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ أَمِ اتّخَذَ مِمّا يَخلُقُ بَناتٍ وَ أَصفاكُم بِالبَنِينَ وَ إِذا بُشّرَ أَحَدُهُم بِما ضَرَبَ لِلرّحمنِ مَثَلًا ظَلّ وَجهُهُ مُسوَدّا وَ هُوَ كَظِيمٌ أَ وَ مَن يُنَشّؤُا فِي الحِليَةِ وَ هُوَ فِي الخِصامِ غَيرُ مُبِينٍ وَ جَعَلُوا المَلائِكَةَ الّذِينَ هُم عِبادُ الرّحمنِ إِناثاً أَ شَهِدُوا خَلقَهُم سَتُكتَبُ شَهادَتُهُم وَ يُسئَلُونَ وَ قالُوا لَو شاءَ الرّحمنُ ما عَبَدناهُم ما لَهُم بِذلِكَ مِن عِلمٍ إِن هُم إِلّا يَخرُصُونَ أَم آتَيناهُم كِتاباً مِن قَبلِهِ فَهُم بِهِ مُستَمسِكُونَ بَل قالُوا إِنّا وَجَدنا آباءَنا عَلي أُمّةٍ وَ إِنّا عَلي آثارِهِم مُهتَدُونَ


صفحه : 256

و قال تعالي قُل إِن كانَ لِلرّحمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوّلُ العابِدِينَ سُبحانَ رَبّ السّماواتِ وَ الأَرضِ رَبّ العَرشِ عَمّا يَصِفُونَالطورأَم لَهُ البَناتُ وَ لَكُمُ البَنُونَالنجم أَ لَكُمُ الذّكَرُ وَ لَهُ الأُنثي تِلكَ إِذاً قِسمَةٌ ضِيزي و قال تعالي إِنّ الّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمّونَ المَلائِكَةَ تَسمِيَةَ الأُنثي وَ ما لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِن يَتّبِعُونَ إِلّا الظّنّ وَ إِنّ الظّنّ لا يغُنيِ‌ مِنَ الحَقّ شَيئاًالجن وَ أَنّهُ تَعالي جَدّ رَبّنا مَا اتّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً

1-فس ،[تفسير القمي‌] جَعفَرُ بنُ أَحمَدَ عَن عُبَيدِ اللّهِ بنِ مُوسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُ قَولُهُ تَعَالَيوَ قالُوا اتّخَذَ الرّحمنُ وَلَداً قَالَ هَذَا حَيثُ قَالَت قُرَيشٌ إِنّ لِلّهِ وَلَداً وَ إِنّ المَلَائِكَةَ إِنَاثٌ فَقَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي رَدّاً عَلَيهِملَقَد جِئتُم شَيئاً إِدّا أَي عَظِيماًتَكادُ السّماواتُ يَتَفَطّرنَ مِنهُمِمّا قَالُواأَن دَعَوا لِلرّحمنِ وَلَداً فَقَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيوَ ما ينَبغَيِ‌ لِلرّحمنِ أَن يَتّخِذَ وَلَداً إِن كُلّ مَن فِي السّماواتِ وَ الأَرضِ إِلّا آتيِ‌ الرّحمنِ عَبداً لَقَد أَحصاهُم وَ عَدّهُم عَدّا وَ كُلّهُم آتِيهِ يَومَ القِيامَةِ فَرداًوَاحِداً وَاحِداً

2-يد،[التوحيد]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ اليقَطيِنيِ‌ّ عَن سُلَيمَانَ بنِ رُشَيدٍ عَن أَبِيهِ عَنِ المُفَضّلِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِيلَم يَلِدفَيُورَثَوَ لَم يُولَدفَيُشَارَكَ

3-فس ،[تفسير القمي‌] قَولُهُقُل إِن كانَ لِلرّحمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوّلُ العابِدِينَيعَنيِ‌ أَوّلَ الآنِفِينَ لَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ

بيان هذاأحد الوجوه في تأويل هذه الآية قال الجوهري‌ قال أبوزيد العبد بالتحريك الغضب والأنف والاسم العبدة مثل الأنفة و قد عبد أي أنف و قال أبوعمرو قوله تعالي فَأَنَا أَوّلُ العابِدِينَ من الأنف والغضب انتهي وثانيها أن يكون من قبيل


صفحه : 257

تعليق المحال بالمحال أي ليس له ولد إذ لو كان له ولد لكنت أول العابدين له فإن النبي يكون أعلم بالله وبما يصح له و ما لايصح وأولي بتعظيم مايجب تعظيمه و من حق تعظيم الوالد تعظيم ولده وثالثها أن المعني إن كان له ولد في زعمكم فأنا أول العابدين لله الموحدين له المنكرين لقولكم ورابعها أن إن بمعني ماللنفي‌ والمعني ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين لله المقرين بذلك .أقول سيأتي‌ مايتضمن نفي‌ الصاحبة والولد في باب جوامع التوحيد وسنذكر احتجاج النبي ص علي القائلين بالولد في المجلد الرابع

باب 9-النهي‌ عن التفكر في ذات الله تعالي والخوض في مسائل التوحيد وإطلاق القول بأنه شيء

الآيات الزمروَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقّ قَدرِهِ

1-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن مَسعَدَةَ بنِ صَدَقَةَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ أَنّ رَجُلًا قَالَ لِأَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع هَل تَصِفُ رَبّنَا نَزدَادُ لَهُ حُبّاً وَ بِهِ مَعرِفَةً فَغَضِبَ وَ خَطَبَ النّاسَ فَقَالَ فِيمَا قَالَ عَلَيكَ يَا عَبدَ اللّهِ بِمَا دَلّكَ عَلَيهِ القُرآنُ مِن صِفَتِهِ وَ تَقَدّسَكَ فِيهِ الرّسُولُ مِن مَعرِفَتِهِ فَائتَمّ بِهِ وَ استَضِئ بِنُورِ هِدَايَتِهِ فَإِنّمَا هيِ‌َ نِعمَةٌ وَ حِكمَةٌ أُوتِيتَهَا فَخُذ مَا أُوتِيتَوَ كُن مِنَ الشّاكِرِينَ وَ مَا كَلّفَكَ الشّيطَانُ عِلمَهُ مِمّا لَيسَ عَلَيكَ فِي الكِتَابِ فَرضُهُ وَ لَا فِي سُنّةِ الرّسُولِ وَ أَئِمّةِ الهُدَاةِ أَثَرُهُ فَكِل عِلمَهُ إِلَي اللّهِ وَ لَا تُقَدّر عَلَيهِ عَظَمَةَ اللّهِ وَ اعلَم يَا عَبدَ اللّهِ أَنّ الرّاسِخِينَ فِي العِلمِ هُمُ الّذِينَ أَغنَاهُمُ اللّهُ عَنِ الِاقتِحَامِ عَلَي السّدَدِ المَضرُوبَةِ دُونَ الغُيُوبِ إِقرَاراً بِجَهلِ مَا جَهِلُوا تَفسِيرَهُ مِنَ الغَيبِ المَحجُوبِ فَقَالُوا آمَنّا بِهِ كُلّ مِن عِندِ رَبّنَا وَ قَد مَدَحَ اللّهُ اعتِرَافَهُم بِالعَجزِ عَن تَنَاوُلِ مَا لَم يُحِيطُوا بِهِ عِلماً وَ سَمّي تَركَهُمُ التّعَمّقَ فِيمَا لَم يُكَلّفهُمُ البَحثَ عَن كُنهِهِ رُسُوخاً


صفحه : 258

بيان الاقتحام الهجوم والدخول مغالبة والسدد جمع السدة وهي‌ الباب المغلق و فيه إشكال لدلالته علي أن الراسخين في العلم في الآية غيرمعطوف علي المستثني كمادلت عليه الأخبار الكثيرة وسيأتي‌ القول فيه في كتاب الإمامة إلا أن يقال إن هذاإلزام علي من يفسر الآية كذلك أويقال بالجمع بين التفسيرين علي وجهين مختلفين وسيأتي‌ تمام القول في ذلك في محله إن شاء الله تعالي

2-ج ،[الإحتجاج ]روُيِ‌َ عَن هِشَامٍ أَنّهُ سَأَلَ الزّندِيقُ عَنِ الصّادِقِ ع أَنّ اللّهَ تَعَالَي مَا هُوَ فَقَالَ ع هُوَ شَيءٌ بِخِلَافِ الأَشيَاءِ أَرجِعُ بقِوَليِ‌ شَيءٌ إِلَي شَيءٍ بِحَقِيقَةِ الشّيئِيّةِ غَيرَ أَنّهُ لَا جِسمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا يُحَسّ وَ لَا يُجَسّ وَ لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ الخَمسِ لَا تُدرِكُهُ الأَوهَامُ وَ لَا تَنقُصُهُ الدّهُورُ وَ لَا تُغَيّرُهُ الأَزمَانُ الخَبَرَ

بيان اعلم أن الشي‌ء مساو للموجود إذاأخذ الوجود أعم من الذهني‌ والخارجي‌ والمخلوط بالوجود من حيث الخلط شيء وشيئيته كونه ماهية قابلة له وقيل إن الوجود عين الشيئية فإذاعرفت هذافالمراد بقوله بحقيقة الشيئية أي بالشيئية الحقة الثابتة له في حد ذاته لأنه تعالي هو ألذي يحقّ أن يقال له شيء أوموجود لكون وجوده بذاته ممتنع الانفكاك عنه وغيره تعالي في معرض العدم والفناء و ليس وجودهم إلا من غيرهم أوالمراد أنه يجب معرفته بمحض أنه شيء لا أن يثبت له حقيقة معلومة مفهومة يتصدي لمعرفتها فإنه يمتنع معرفة كنه ذاته وصفاته وقيل إنه إشارة إلي أن الوجود عين ذاته تعالي


صفحه : 259

3- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] أَبِي عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ حُمرَانَ عَن أَبِي عُبَيدَةَ الحَذّاءِ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع يَا زِيَادُ إِيّاكَ وَ الخُصُومَاتِ فَإِنّهَا تُورِثُ الشّكّ وَ تُحبِطُ العَمَلَ وَ ترُديِ‌ صَاحِبَهَا وَ عَسَي أَن يَتَكَلّمَ الرّجُلُ باِلشيّ‌ءِ لَا يُغفَرُ لَهُ يَا زِيَادُ إِنّهُ كَانَ فِيمَا مَضَي قَومٌ تَرَكُوا عِلمَ مَا وُكّلُوا بِهِ وَ طَلَبُوا عِلمَ مَا كُفّوهُ حَتّي انتَهَي بِهِمُ الكَلَامُ إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَتَحَيّرُوا فَإِن كَانَ الرّجُلُ لَيُدعَي مِن بَينِ يَدَيهِ فَيُجِيبُ مَن خَلفَهُ أَو يُدعَي مِن خَلفِهِ فَيُجِيبُ مَن بَينَ يَدَيهِ

سن ،[المحاسن ] أبي عن ابن أبي عمير مثله

4- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن أَبِي اليَسَعِ عَن سُلَيمَانَ بنِ خَالِدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع إِيّاكُم وَ التّفَكّرَ فِي اللّهِ فَإِنّ التّفَكّرَ فِي اللّهِ لَا يَزِيدُ إِلّا تِيهاً إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّلا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَ لَا يُوصَفُ بِمِقدَارٍ

5-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] ابنُ إِدرِيسَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ بُندَارَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الكوُفيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الخرُاَساَنيِ‌ّ خَادِمِ الرّضَا ع قَالَ قَالَ بَعضُ الزّنَادِقَةِ لأِبَيِ‌ الحَسَنِ ع هَل يُقَالُ لِلّهِ إِنّهُ شَيءٌ فَقَالَ نَعَم وَ قَد سَمّي نَفسَهُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَقُل أَيّ شَيءٍ أَكبَرُ شَهادَةً قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بيَنيِ‌ وَ بَينَكُمفَهُوَ شَيءٌلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ

6-فس ،[تفسير القمي‌] قَولُهُوَ أَنّ إِلي رَبّكَ المُنتَهيحدَثّنَيِ‌ أَبِي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ

إِذَا انتَهَي الكَلَامُ إِلَي اللّهِ فَأَمسِكُوا وَ تَكَلّمُوا فِيمَا دُونَ العَرشِ وَ لَا تَكَلّمُوا فِيمَا فَوقَ العَرشِ فَإِنّ قَوماً تَكَلّمُوا فِيمَا فَوقَ العَرشِ فَتَاهَت عُقُولُهُم حَتّي


صفحه : 260

كَانَ الرّجُلُ يُنَادَي مِن بَينِ يَدَيهِ فَيُجِيبُ مَن خَلفَهُ وَ يُنَادَي مِن خَلفِهِ فَيُجِيبُ مَن بَينَ يَدَيهِ

بيان التكلم فيما فوق العرش كناية عن التفكر في كنه ذاته وصفاته تعالي فالمراد إما الفوقية المعنوية أوبناء علي زعمهم حيث قالوا بالجسم والصورة ويحتمل علي بعد أن يكون المراد التفكر في الخلإ البحت بعدانتهاء الأبعاد

7-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن ربِعيِ‌ّ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِ اللّهِوَ إِذا رَأَيتَ الّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا قَالَ الكَلَامُ فِي اللّهِ وَ الجِدَالُ فِي القُرآنِفَأَعرِض عَنهُم حَتّي يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيرِهِ قَالَ مِنهُمُ القُصّاصُ

بيان القصاص علماء المخالفين فإنهم كرواة القصص والأكاذيب فيما يبنون عليه علومهم وهم يخوضون في تفاسير الآيات وتحقيق صفات الذات بالظنون والأوهام لانحرافهم عن أهل البيت ع

8-يد،[التوحيد] مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَمرٍو الفقُيَميِ‌ّ عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ قَالَ لِلزّندِيقِ حِينَ سَأَلَهُ عَنِ اللّهِ مَا هُوَ قَالَ هُوَ شَيءٌ بِخِلَافِ الأَشيَاءِ أَرجِعُ بقِوَليِ‌ شَيءٌ إِلَي إِثبَاتِ مَعنًي وَ أَنّهُ شَيءٌ بِحَقِيقَةِ الشّيئِيّةِ غَيرَ أَنّهُ لَا جِسمٌ وَ لَا صُورَةٌ

9-يد،[التوحيد] مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَمّن ذَكَرَهُ رَفَعَهُ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُ سُئِلَ أَ يَجُوزُ أَن يُقَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ شَيءٌ قَالَ نَعَم تُخرِجُهُ مِنَ الحَدّينِ حَدّ التّعطِيلِ وَ حَدّ التّشبِيهِ

ج ،[الإحتجاج ]مرسلا مثله بيان حد التعطيل هوعدم إثبات الوجود والصفات الكمالية والفعلية والإضافية له تعالي وحد التشبيه الحكم بالاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات وعوارض الممكنات

10-يد،[التوحيد]العَطّارُ عَن أَبِيهِ عَن سَهلٍ قَالَكَتَبتُ إِلَي أَبِي مُحَمّدٍ ع سَنَةَ خَمسٍ


صفحه : 261

وَ خَمسِينَ وَ مِائَتَينِ قَدِ اختَلَفَ يَا سيَدّيِ‌ أَصحَابُنَا فِي التّوحِيدِ مِنهُم مَن يَقُولُ هُوَ جِسمٌ وَ مِنهُم مَن يَقُولُ هُوَ صُورَةٌ فَإِن رَأَيتَ يَا سيَدّيِ‌ أَن تعُلَمّنَيِ‌ مِن ذَلِكَ مَا أَقِفُ عَلَيهِ وَ لَا أَجُوزُهُ فَعَلتَ مُتَطَوّلًا عَلَي عَبدِكَ فَوَقّعَ بِخَطّهِ ع سَأَلتَ عَنِ التّوحِيدِ وَ هَذَا عَنكُم مَعزُولٌ اللّهُ تَعَالَي وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌلَم يَلِد وَ لَم يُولَد وَ لَم يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌخَالِقٌ وَ لَيسَ بِمَخلُوقٍ يَخلُقُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي مَا يَشَاءُ مِنَ الأَجسَامِ وَ غَيرِ ذَلِكَ وَ يُصَوّرُ مَا يَشَاءُ وَ لَيسَ بِمُصَوّرٍ جَلّ ثَنَاؤُهُ وَ تَقَدّسَت أَسمَاؤُهُ وَ تَعَالَي عَن أَن يَكُونَ لَهُ شِبهٌ هُوَ لَا غَيرُهُلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ

بيان و هذاعنكم معزول أي لايجب عليكم التفكر في الذات والصفات بل عليكم التصديق بما وصف تعالي به نفسه

11-سر،[السرائر]السيّاّريِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ الرّضَا ع يَقُولُ لَيسَ العِبَادَةُ كَثرَةَ الصّومِ وَ الصّلَاةِ إِنّمَا العِبَادَةُ فِي التّفَكّرِ فِي اللّهِ

بيان أي التفكر في قدرته وعظمته بالتفكر في عظمة خلقه كمافسر به في الأخبار الأخر أوبالتفكر فيما جاء عن الله وحججه ع في ذلك

12-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَنِ ابنِ أَبِي نَجرَانَ عَن حَمّادِ بنِ عُثمَانَ عَن عَبدِ الرّحِيمِ القَصِيرِ قَالَكَتَبتُ عَلَي يدَيَ‌ عَبدِ المَلِكِ بنِ أَعيَنَ إِلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع بِمَسَائِلَ فِيهَا أخَبرِنيِ‌ عَنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ هَل يُوصَفُ بِالصّورَةِ وَ بِالتّخطِيطِ فَإِن رَأَيتَ جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ أَن تَكتُبَ إلِيَ‌ّ بِالمَذهَبِ الصّحِيحِ مِنَ التّوحِيدِ فَكَتَبَ صَلّي اللّهُ عَلَيهِ عَلَي يدَيَ‌ عَبدِ المَلِكِ بنِ أَعيَنَ سَأَلتَ رَحِمَكَ اللّهُ عَنِ التّوحِيدِ وَ مَا ذَهَبَ فِيهِ مَن قِبَلَكَ فَتَعَالَي اللّهُ ألّذِيلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ تَعَالَي اللّهُ عَمّا يَصِفُهُ الوَاصِفُونَ المُشَبّهُونَ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بِخَلقِهِ المُفتَرُونَ عَلَي اللّهِ وَ اعلَم رَحِمَكَ اللّهُ أَنّ المَذهَبَ الصّحِيحَ فِي التّوحِيدِ مَا نَزَلَ بِهِ القُرآنُ مِن صِفَاتِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَانفِ


صفحه : 262

عَنِ اللّهِ البُطلَانَ وَ التّشبِيهَ فَلَا نفَي‌َ وَ لَا تَشبِيهَ هُوَ اللّهُ الثّابِتُ المَوجُودُ تَعَالَي اللّهُ عَمّا يَصِفُهُ الوَاصِفُونَ وَ لَا تَعدُ القُرآنَ فَتَضِلّ بَعدَ البَيَانِ

بيان علي يدي‌ عبدالملك أي كان هوالرسول والحامل للكتاب والجواب

13-ضا،[فقه الرضا عليه السلام ] إِيّاكَ وَ الخُصُومَةَ فَإِنّهَا تُورِثُ الشّكّ وَ تُحبِطُ العَمَلَ وَ ترُديِ‌ صَاحِبَهَا وَ عَسَي أَن يَتَكَلّمَ بشِيَ‌ءٍ لَا يُغفَرُ لَهُ

14- وَ نرَويِ‌ أَنّهُ كَانَ فِيمَا مَضَي قَومٌ انتَهَي بِهِمُ الكَلَامُ إِلَي اللّهِ جَلّ وَ عَزّ فَتَحَيّرُوا فَإِن كَانَ الرّجُلُ لَيُدعَي مِن بَينِ يَدَيهِ فَيُجِيبُ مَن خَلفَهُ

15- وَ أرَويِ‌ تَكَلّمُوا فِيمَا دُونَ العَرشِ فَإِنّ قَوماً تَكَلّمُوا فِي اللّهِ جَلّ وَ عَزّ فَتَاهُوا

16- وَ أرَويِ‌ عَنِ العَالِمِ ع وَ سَأَلتُهُ عَن شَيءٍ مِنَ الصّفَاتِ فَقَالَ لَا تَتَجَاوَز مِمّا فِي القُرآنِ

17- وَ أرَويِ‌ أَنّهُ قرُ‌ِئَ بَينَ يدَيَ‌ِ العَالِمِ ع قَولُهُلا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَ هُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ فَقَالَ إِنّمَا عَنَي أَبصَارَ القُلُوبِ وَ هيِ‌َ الأَوهَامُ فَقَالَ لَا تُدرِكُ الأَوهَامُ كَيفِيّتَهُ وَ هُوَ يُدرِكُ كُلّ وَهمٍ وَ أَمّا عُيُونُ البَشَرِ فَلَا تَلحَقُهُ لِأَنّهُ لَا يُحَدّ فَلَا يُوصَفُ هَذَا مَا نَحنُ عَلَيهِ كُلّنَا

18-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ عَن بَكرِ بنِ صَالِحٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ قَالَ سُئِلَ أَبُو جَعفَرٍ الثاّنيِ‌ ع يَجُوزُ أَن يُقَالَ لِلّهِ إِنّهُ شَيءٌ فَقَالَ نَعَم تُخرِجُهُ مِنَ الحَدّينِ حَدّ التّعطِيلِ وَ حَدّ التّشبِيهِ

19-يد،[التوحيد] ابنُ مَسرُورٍ عَنِ ابنِ بُطّةَ عَن عِدّةٍ مِن أَصحَابِهِ عَنِ اليقَطيِنيِ‌ّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الحَسَنِ ع مَا تَقُولُ إِذَا قِيلَ لَكَ أخَبرِنيِ‌ عَنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ أَ شَيءٌ هُوَ أَم لَا شَيءٌ هُوَ قَالَ فَقُلتُ لَهُ قَد أَثبَتَ عَزّ وَ جَلّ نَفسَهُ شَيئاً حَيثُ يَقُولُقُل أَيّ شَيءٍ أَكبَرُ


صفحه : 263

شَهادَةً قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بيَنيِ‌ وَ بَينَكُمفَأَقُولُ إِنّهُ شَيءٌ لَا كَالأَشيَاءِ إِذ فِي نفَي‌ِ الشّيئِيّةِ عَنهُ إِبطَالُهُ وَ نَفيُهُ قَالَ لِي صَدَقتَ وَ أَصَبتَ ثُمّ قَالَ الرّضَا ع لِلنّاسِ فِي التّوحِيدِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ نفَي‌ٌ وَ تَشبِيهٌ وَ إِثبَاتٌ بِغَيرِ تَشبِيهٍ فَمَذهَبُ النفّي‌ِ لَا يَجُوزُ وَ مَذهَبُ التّشبِيهِ لَا يَجُوزُ لِأَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا يُشبِهُهُ شَيءٌ وَ السّبِيلُ فِي الطّرِيقَةِ الثّالِثَةِ إِثبَاتٌ بِلَا تَشبِيهٍ

شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن هِشَامٍ المشَرقِيِ‌ّ عَنهُ ع مِثلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ وَ هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفسَهُ أَحَدٌ صَمَدٌ نُورٌ

20-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ النّضرِ عَن يَحيَي الحلَبَيِ‌ّ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خِلوٌ مِن خَلقِهِ وَ خَلقُهُ خِلوٌ مِنهُ وَ كُلّ مَا وَقَعَ عَلَيهِ اسمُ شَيءٍ مَا خَلَا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فَهُوَ مَخلُوقٌ وَاللّهُ خالِقُ كُلّ شَيءٍتَبَارَكَ ألّذِيلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ

يد،[التوحيد]حَمزَةُ بنُ مُحَمّدٍ العلَوَيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن عَلِيّ بنِ عَطِيّةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع مِثلَهُ إِلَي قَولِهِخالِقُ كُلّ شَيءٍ

يد،[التوحيد]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن أَبِي المِعزَي رَفَعَهُ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع مِثلَهُ إِلَي قَولِهِ فَهُوَ مَخلُوقٌ مَا خَلَا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ

إيضاح الخلو بكسر الخاء وسكون اللام الخالي‌ و قوله ع خلو من خلقه أي من صفات خلقه أو من مخلوقاته فيدل علي نفي‌ الصفات الموجودة الزائدة لأنها لابد أن تكون مخلوقة لله تعالي بانضمام المقدمتين الأخيرتين المبنيتين علي التوحيد واتصافه بمخلوقه مستحيل لماتقرر من أن الشي‌ء لا يكون فاعلا وقابلا لشي‌ء واحد ويدل أيضا علي بطلان ماذهب إليه جماعة من كونه تعالي معروضا لماهيات الممكنات و قوله ع وخلقه خلو منه أي من صفاته أوالمراد أنه لايحل في شيءبوجه من الوجوه فينفي‌ كونه عارضا لشي‌ء أوحالا فيه أومتمكنا فيه إذ ما من شيء إلا و هومخلوق له بحكم المقدمتين الأخيرتين

21-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ


صفحه : 264

النّضرِ عَنِ ابنِ حُمَيدٍ رَفَعَهُ قَالَ سُئِلَ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ع عَنِ التّوحِيدِ فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي عَلِمَ أَنّهُ يَكُونُ فِي آخِرِ الزّمَانِ أَقوَامٌ مُتَعَمّقُونَ فَأَنزَلَ اللّهُ تَعَالَيقُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ اللّهُ الصّمَدُ وَ الآيَاتِ مِن سُورَةِ الحَدِيدِ إِلَي قَولِهِوَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصّدُورِفَمَن رَامَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَقَد هَلَكَ

بيان ظاهره المنع عن التفكّر والخوض في مسائل التوحيد والوقوف مع النصوص وقيل المراد أنه تعالي بين لهم صفاته ليتفكروا فيها و لايخفي بعده

22-سن ،[المحاسن ] أَبِي عَن صَفوَانَ وَ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ مَعاً عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ الحَجّاجِ عَن سُلَيمَانَ بنِ خَالِدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع يَا سُلَيمَانُ إِنّ اللّهَ يَقُولُوَ أَنّ إِلي رَبّكَ المُنتَهي فَإِذَا انتَهَي الكَلَامُ إِلَي اللّهِ فَأَمسِكُوا

23-سن ،[المحاسن ] أَبِي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي عَن عَبدِ الرّحِيمِ القَصِيرِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن شَيءٍ مِنَ الصّفَةِ فَقَالَ فَرَفَعَ يَدَيهِ إِلَي السّمَاءِ ثُمّ قَالَ تَعَالَي اللّهُ الجَبّارُ إِنّهُ مَن تَعَاطَي مَا ثَمّ هَلَكَ يَقُولُهَا مَرّتَينِ

بيان تعالي الله الجبار أي عن أن يكون له جسم أوصورة أويوصف بصفة زائدة علي ذاته و أن يكون لصفاته الحقيقية بيان حقيقي‌ من تعاطي أي تناول بيان ما ثم من صفاته الحقيقية هلك وضَلّ ضَلالًا بَعِيداً

24-سن ،[المحاسن ]بَعضُ أَصحَابِنَا عَن حُسَينِ بنِ مَيّاحٍ عَن أَبِيهِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع يَقُولُ مَن نَظَرَ فِي اللّهِ كَيفَ هُوَ هَلَكَ

25-سن ،[المحاسن ] أَبِي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن أَبِي أَيّوبَ الخَزّازِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع يَا مُحَمّدُ إِنّ النّاسَ لَا يَزَالُ لَهُمُ المَنطِقُ حَتّي يَتَكَلّمُوا فِي اللّهِ فَإِذَا سَمِعتُم ذَلِكَ فَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ الوَاحِدُ ألّذِيلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ


صفحه : 265

بيان أي إذاسمعتم الكلام في الله فاقتصروا علي التوحيد ونفي‌ الشريك منبها علي أنه لايجوز الكلام فيه وتبيين معرفته إلابسلب التشابه والتشارك بينه و بين غيره أو إذاأجروا الكلام في الجسم والصورة فقولوا ذلك تنزيها له عما يقولون

26-سن ،[المحاسن ] ابنُ فَضّالٍ عَن ثَعلَبَةَ عَنِ الحَسَنِ الصّيقَلِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ تَكَلّمُوا فِيمَا دُونَ العَرشِ وَ لَا تَكَلّمُوا فِيمَا فَوقَ العَرشِ فَإِنّ قَوماً تَكَلّمُوا فِي اللّهِ فَتَاهُوا حَتّي كَانَ الرّجُلُ يُنَادَي مِن بَينِ يَدَيهِ فَيُجِيبُ مَن خَلفَهُ

27-سن ،[المحاسن ] أَبِي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن حَفصٍ أخَيِ‌ مُرَازِمٍ عَنِ الفَضلِ بنِ يَحيَي قَالَ سَأَلَ أَبِي أَبَا الحَسَنِ مُوسَي بنَ جَعفَرٍ ع عَن شَيءٍ مِنَ الصّفَةِ فَقَالَ لَا تَجَاوَز عَمّا فِي القُرآنِ

28-سن ،[المحاسن ] أَبُو أَيّوبَ المدَنَيِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَمّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ مَلِكاً كَانَ فِي مَجلِسِهِ فَتَنَاوَلَ الرّبّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فَفُقِدَ فَمَا يُدرَي أَينَ هُوَ

بيان أي فُقِدَ من مكانه سخطاً من الله عليه أوتحيّر وسار في الأرض فلم يعرف له خبر وقيل هو علي المعلوم أي ففقد ما كان يعرف و كان لايدري‌ في أي مكان هو من الحيرة و لايخفي ما فيه

29-سن ،[المحاسن ] مُحَمّدُ بنُ عِيسَي عَمّن ذَكَرَهُ رَفَعَهُ قَالَ سُئِلَ أَبُو جَعفَرٍ ع أَ يَجُوزُ أَن يُقَالَ لِلّهِ إِنّهُ مَوجُودٌ قَالَ نَعَم تُخرِجُهُ مِنَ الحَدّينِ حَدّ الإِبطَالِ وَ حَدّ التّشبِيهِ

30-م ،[تفسير الإمام عليه السلام ]لَقَد مَرّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع عَلَي قَومٍ مِن أَخلَاطِ المُسلِمِينَ لَيسَ فِيهِم مهُاَجرِيِ‌ّ وَ لَا أنَصاَريِ‌ّ وَ هُم قُعُودٌ فِي بَعضِ المَسَاجِدِ فِي أَوّلِ يَومٍ مِن شَعبَانَ وَ إِذَا هُم يَخُوضُونَ فِي أَمرِ القَدَرِ وَ غَيرِهِ مِمّا اختَلَفَ النّاسُ فِيهِ قَدِ ارتَفَعَت أَصوَاتُهُم وَ اشتَدّ فِيهِ جِدَالُهُم فَوَقَفَ عَلَيهِم وَ سَلّمَ فَرَدّوا عَلَيهِ وَ وَسّعُوا لَهُ وَ قَامُوا إِلَيهِ يَسأَلُونَهُ القُعُودَ إِلَيهِم فَلَم يَحفِل بِهِم ثُمّ قَالَ لَهُم وَ نَادَاهُم يَا مَعَاشِرَ المُتَكَلّمِينَ أَ لَم تَعلَمُوا أَنّ لِلّهِ عِبَاداً قَد أَسكَتَتهُم خَشيَتُهُ مِن غَيرِ عيِ‌ّ وَ لَا بَكَمٍ وَ أَنّهُم هُمُ الفُصَحَاءُ البُلَغَاءُ الأَلِبّاءُ العَالِمُونَ بِاللّهِ وَ أَيّامِهِ


صفحه : 266

وَ لَكِنّهُم إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللّهِ انكَسَرَت أَلسِنَتُهُم وَ انقَطَعَت أَفئِدَتُهُم وَ طَاشَت عُقُولُهُم وَ تَاهَت حُلُومُهُم إِعزَازاً لِلّهِ وَ إِعظَاماً وَ إِجلَالًا فَإِذَا أَفَاقُوا مِن ذَلِكَ استَبَقُوا إِلَي اللّهِ بِالأَعمَالِ الزّاكِيَةِ يَعُدّونَ أَنفُسَهُم مَعَ الظّالِمِينَ وَ الخَاطِئِينَ وَ أَنّهُم بُرَآءُ مِنَ المُقَصّرِينَ وَ المُفَرّطِينَ أَلَا إِنّهُم لَا يَرضَونَ اللّهَ بِالقَلِيلِ وَ لَا يَستَكثِرُونَ لِلّهِ الكَثِيرَ وَ لَا يُدِلّونَ عَلَيهِ بِالأَعمَالِ فَهُم إِذَا رَأَيتَهُم مُهَيّمُونَ مُرَوّعُونَ خَائِفُونَ مُشفِقُونَ وَجِلُونَ فَأَينَ أَنتُم مِنهُم يَا مَعشَرَ المُبتَدِعِينَ أَ لَم تَعلَمُوا أَنّ أَعلَمَ النّاسِ بِالضّرَرِ أَسكَتُهُم عَنهُ وَ أَنّ أَجهَلَ النّاسِ بِالضّرَرِ أَنطَقُهُم فِيهِ

بيان لايدلون من قولهم أدلّ عليه أي أوثق بمحبته فأفرط عليه والهيام الجنون من العشق

31-كش ،[رجال الكشي‌] عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي الهمَداَنيِ‌ّ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُوسَي الخَشّابِ عَن غَيرِهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ حَكِيمٍ الخثَعمَيِ‌ّ قَالَ اجتَمَعَ ابنُ سَالِمٍ وَ هِشَامُ بنُ الحَكَمِ وَ جَمِيلُ بنُ دَرّاجٍ وَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ الحَجّاجِ وَ مُحَمّدُ بنُ حُمرَانَ وَ سَعِيدُ بنُ غَزوَانَ وَ نَحوٌ مِن خَمسَةَ عَشَرَ مِن أَصحَابِنَا فَسَأَلُوا هِشَامَ بنَ الحَكَمِ أَن يُنَاظِرَ هِشَامَ بنَ سَالِمٍ فِيمَا اختَلَفُوا فِيهِ مِنَ التّوحِيدِ وَ صِفَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ عَن غَيرِ ذَلِكَ لِيَنظُرُوا أَيّهُم أَقوَي حُجّةً فرَضَيِ‌َ هِشَامُ بنُ سَالِمٍ أَن يَتَكَلّمَ عِندَ مُحَمّدِ بنِ أَبِي عُمَيرٍ وَ رضَيِ‌َ هِشَامُ بنُ الحَكَمِ أَن يَتَكَلّمَ عِندَ مُحَمّدِ بنِ هِشَامٍ فَتَكَالَمَا وَ سَاقَا مَا جَرَي بَينَهُمَا وَ قَالَ قَالَ عَبدُ الرّحمَنِ بنُ حَجّاجٍ لِهِشَامِ بنِ الحَكَمِ كَفَرتَ وَ اللّهِ بِاللّهِ العَظِيمِ وَ أَلحَدتَ فِيهِ وَيحَكَ مَا قَدَرتَ أَن تُشَبّهَ بِكَلَامِ رَبّكَ إِلّا العُودَ يُضرَبُ بِهِ قَالَ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدِ بنِ حَكِيمٍ فَكَتَبَ إِلَي أَبِي الحَسَنِ مُوسَي ع يحَكيِ‌ لَهُ مُخَاطَبَتَهُم وَ كَلَامَهُم وَ يَسأَلُهُ أَن يُعَلّمَهُم مَا القَولُ ألّذِي ينَبغَيِ‌ أَن يَدِينَ اللّهَ بِهِ مِن صِفَةِ الجَبّارِ فَأَجَابَهُ فِي عَرضِ كِتَابِهِ فَهِمتُ رَحِمَكَ اللّهُ وَ اعلَم رَحِمَكَ اللّهُ أَنّ اللّهَ أَجَلّ وَ أَعلَي وَ أَعظَمُ مِن أَن يُبلَغَ كُنهُ صِفَتِهِ فَصِفُوهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ وَ كُفّوا عَمّا سِوَي ذَلِكَ

32-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ اليقَطيِنيِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي نَجرَانَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ الثاّنيِ‌َ ع عَنِ التّوحِيدِ فَقُلتُ أَتَوَهّمُ شَيئاً فَقَالَ نَعَم غَيرَ مَعقُولٍ وَ لَا مَحدُودٍ فَمَا وَقَعَ وَهمُكَ عَلَيهِ مِن شَيءٍ فَهُوَ خِلَافُهُ لَا يُشبِهُهُ شَيءٌ وَ لَا تُدرِكُهُ الأَوهَامُ كَيفَ تُدرِكُهُ الأَوهَامُ وَ هُوَ خِلَافُ مَا يُعقَلُ وَ خِلَافُ مَا يُتَصَوّرُ فِي الأَوهَامِ إِنّمَا يُتَوَهّمُ شَيءٌ غَيرُ مَعقُولٍ وَ لَا مَحدُودٍ


صفحه : 267

بيان اعلم أن من المفهومات مفهومات عامة شاملة لايخرج منها شيء من الأشياء لاذهنا و لاعينا كمفهوم الشي‌ء والموجود والمخبر عنه و هذه معان اعتبارية يعتبرها العقل لكل شيء إذاتقرر هذافاعلم أن جماعة من المتكلمين ذهبوا إلي مجرد التعطيل ومنعوا من إطلاق الشي‌ء والموجود وأشباههما عليه محتجين بأنه لو كان شيئا شارك الأشياء في مفهوم الشيئية وكذا الموجود وغيره وذهب إلي مثل هذابعض معاصرينا فحكم بعدم اشتراك مفهوم من المفهومات بين الواجب والممكن وبأنه لايمكن تعقل ذاته وصفاته تعالي بوجه من الوجوه وبكذب جميع الأحكام الإيجابية عليه تعالي ويرد قولهم الأخبار السالفة وبناء غلطهم علي عدم الفرق بين مفهوم الأمر و ماصدق عليه و بين الحمل الذاتي‌ والحمل العرضي‌ و بين المفهومات الاعتبارية والحقائق الموجودة.فأجاب ع بأن ذاته تعالي و إن لم يكن معقولا لغيره و لامحدودا بحد إلا أنه مما يصدق عليه مفهوم شيءلكن كل مايتصور من الأشياء فهو بخلافه لأن كل مايقع في الأوهام والعقول فصورها الإدراكية كيفيات نفسانية وأعراض قائمة بالذهن ومعانيها مهيات كلية قابلة للاشتراك والانقسام فهو بخلاف الأشياء

باب 01-أدني مايجزي‌ من المعرفة في التوحيد و أنه لايعرف الله إلا به

1-يد،[التوحيد]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُختَارِ بنِ مُحَمّدِ بنِ مُختَارٍ الهمَداَنيِ‌ّ عَنِ الفَتحِ بنِ يَزِيدَ الجرُجاَنيِ‌ّ عَن أَبِي الحَسَنِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَن أَدنَي المَعرِفَةِ فَقَالَ الإِقرَارُ بِأَنّهُ لَا إِلَهَ غَيرُهُ وَ لَا شِبهَ لَهُ وَ لَا نَظِيرَ لَهُ وَ أَنّهُ قَدِيمٌ مُثبَتٌ مَوجُودٌ غَيرُ فَقِيدٍ وَ أَنّهُلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ


صفحه : 268

بيان قوله ع موجود إما من الوجود أو من الوجدان أي معلوم وكذا قوله غيرفقيد أي غيرمفقود زائل الوجود أو لايفقده الطالب وقيل أي غيرمطلوب عندالغيبة حيث لاغيبة له

2-يد،[التوحيد]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]الدّقّاقُ عَن مُحَمّدٍ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ عَن بَكرِ بنِ زِيَادٍ عَن عَبدِ العَزِيزِ بنِ المهُتدَيِ‌ قَالَ سَأَلتُ الرّضَا ع عَنِ التّوحِيدِ فَقَالَ كُلّ مَن قَرَأَ قُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ وَ آمَنَ بِهَا فَقَد عَرَفَ التّوحِيدَ قُلتُ كَيفَ يَقرَؤُهَا قَالَ كَمَا يَقرَؤُهَا النّاسُ وَ زَادَ فِيهِ كَذَلِكَ اللّهُ ربَيّ‌ كَذَلِكَ اللّهُ ربَيّ‌ كَذَلِكَ اللّهُ ربَيّ‌

3-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ وَ الوَرّاقُ مَعاً عَنِ الصوّفيِ‌ّ عَنِ الروّياَنيِ‌ّ عَن عَبدِ العَظِيمِ الحسَنَيِ‌ّ قَالَدَخَلتُ عَلَي سيَدّيِ‌ عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ مُوسَي بنِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَلَمّا بَصُرَ بيِ‌ قَالَ لِي مَرحَباً بِكَ يَا أَبَا القَاسِمِ أَنتَ وَلِيّنَا حَقّاً قَالَ فَقُلتُ لَهُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ إنِيّ‌ أُرِيدُ أَن أَعرِضَ عَلَيكَ ديِنيِ‌ فَإِن كَانَ مَرضِيّاً ثبتت [ثَبَتّ] عَلَيهِ حَتّي أَلقَي اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فَقَالَ هَاتِهَا أَبَا القَاسِمِ فَقُلتُ إنِيّ‌ أَقُولُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي وَاحِدٌلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌخَارِجٌ مِنَ الحَدّينِ حَدّ الإِبطَالِ وَ حَدّ التّشبِيهِ وَ إِنّهُ لَيسَ بِجِسمٍ وَ لَا صُورَةٍ وَ لَا عَرَضٍ وَ لَا جَوهَرٍ بَل هُوَ مُجَسّمُ الأَجسَامِ وَ مُصَوّرُ الصّوَرِ وَ خَالِقُ الأَعرَاضِ وَ الجَوَاهِرِ وَ رَبّ كُلّ شَيءٍ وَ مَالِكُهُ وَ جَاعِلُهُ وَ مُحدِثُهُ وَ إِنّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ خَاتَمُ النّبِيّينَ فَلَا نبَيِ‌ّ بَعدَهُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ وَ أَقُولُ إِنّ الإِمَامَ وَ الخَلِيفَةَ وَ ولَيِ‌ّ الأَمرِ بَعدَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمّ الحَسَنُ ثُمّ الحُسَينُ ثُمّ عَلِيّ بنُ الحُسَينِ ثُمّ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ ثُمّ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ ثُمّ مُوسَي بنُ جَعفَرٍ ثُمّ عَلِيّ بنُ مُوسَي ثُمّ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ ثُمّ أَنتَ يَا موَلاَي‌َ فَقَالَ ع وَ مِن بعَديِ‌ الحَسَنُ ابنيِ‌ فَكَيفَ لِلنّاسِ بِالخَلَفِ مِن بَعدِهِ قَالَ فَقُلتُ وَ كَيفَ ذَلِكَ يَا موَلاَي‌َ قَالَ لِأَنّهُ لَا يُرَي شَخصُهُ وَ لَا يَحِلّ ذِكرُهُ بِاسمِهِ حَتّي يَخرُجَ فَيَملَأَ الأَرضَ قِسطاً وَ عَدلًا كَمَا مُلِئَت ظُلماً وَ جَوراً قَالَ فَقُلتُ أَقرَرتُ وَ أَقُولُ إِنّ وَلِيّهُم ولَيِ‌ّ اللّهِ وَ عَدُوّهُم عَدُوّ اللّهِ وَ طَاعَتَهُم طَاعَةُ اللّهِ وَ مَعصِيَتَهُم مَعصِيَةُ اللّهِ وَ أَقُولُ إِنّ المِعرَاجَ حَقّ وَ المُسَاءَلَةَ فِي القَبرِ حَقّ وَ إِنّ


صفحه : 269

الجَنّةَ حَقّ وَ النّارَ حَقّ وَ الصّرَاطَ حَقّ وَ المِيزَانَ حَقّوَ أَنّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فِيها وَ أَنّ اللّهَ يَبعَثُ مَن فِي القُبُورِ وَ أَقُولُ إِنّ الفَرَائِضَ الوَاجِبَةَ بَعدَ الوَلَايَةِ الصّلَاةُ وَ الزّكَاةُ وَ الصّومُ وَ الحَجّ وَ الجِهَادُ وَ الأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَ النهّي‌ُ عَنِ المُنكَرِ فَقَالَ عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ ع يَا أَبَا القَاسِمِ هَذَا وَ اللّهِ دِينُ اللّهِ ألّذِي ارتَضَاهُ لِعِبَادِهِ فَاثبُت عَلَيهِ ثَبّتَكَ اللّهُبِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدّنيا وَ فِي الآخِرَةِ

4-يد،[التوحيد]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ القرُشَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن مُحَمّدِ بنِ يَعلَي الكوُفيِ‌ّ عَن جُوَيبِرٍ عَنِ الضّحّاكِ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَ جَاءَ أعَراَبيِ‌ّ إِلَي النّبِيّص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ علَمّنيِ‌ مِن غَرَائِبِ العِلمِ قَالَ مَا صَنَعتَ فِي رَأسِ العِلمِ حَتّي تَسأَلَ عَن غَرَائِبِهِ قَالَ الرّجُلُ مَا رَأسُ العِلمِ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ مَعرِفَةُ اللّهِ حَقّ مَعرِفَتِهِ قَالَ الأعَراَبيِ‌ّ وَ مَا مَعرِفَةُ اللّهِ حَقّ مَعرِفَتِهِ قَالَ تَعرِفُهُ بِلَا مِثلٍ وَ لَا شِبهٍ وَ لَا نِدّ وَ أَنّهُ وَاحِدٌ أَحَدٌ ظَاهِرٌ بَاطِنٌ أَوّلُ آخِرُ لَا كُفوَ لَهُ وَ لَا نَظِيرَ فَذَلِكَ حَقّ مَعرِفَتِهِ

بيان الندّ بالكسر المثل

5-يد،[التوحيد] أَبِي وَ ابنُ الوَلِيدِ مَعاً عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ وَ أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ مَعاً عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الطاحن [الطاّحيِ‌ّ] عَن طَاهِرِ بنِ حَاتِمِ بنِ مَاهَوَيهِ قَالَ كَتَبتُ إِلَي الطّيّبِ يعَنيِ‌ أَبَا الحَسَنِ ع مَا ألّذِي لَا يُجتَزَأُ فِي مَعرِفَةِ الخَالِقِ جَلّ جَلَالُهُ بِدُونِهِ فَكَتَبَ ع لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ لَم يَزَل سَمِيعاً وَ عَلِيماً وَ بَصِيراً وَ هُوَ الفَعّالُ لِمَا يُرِيدُ


صفحه : 270

بيان المشهور أن الكاف زائدة وقيل أي ليس مثل مثله شيءفيدل علي نفي‌ مثله بالكناية التي‌ هي‌ أبلغ لأنه مع وجود المثل يكون هومثل مثله أوالمعني أنه ليس مايشبه أن يكون مثلا له فكيف مثله حقيقة

6-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَنِ الفَضلِ بنِ شَاذَانَ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن مَنصُورِ بنِ حَازِمٍ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع إنِيّ‌ نَاظَرتُ قَوماً فَقُلتُ لَهُم إِنّ اللّهَ أَكرَمُ وَ أَجَلّ مِن أَن يُعرَفَ بِخَلقِهِ بَلِ العِبَادُ يُعرَفُونَ بِاللّهِ فَقَالَ رَحِمَكَ اللّهُ

7-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن مُحَمّدِ بنِ حُمرَانَ عَنِ الفَضلِ بنِ السّكَنِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع اعرِفُوا اللّهَ بِاللّهِ وَ الرّسُولَ بِالرّسَالَةِ وَ أوُليِ‌ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَ العَدلِ وَ الإِحسَانِ

8-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن عَلِيّ بنِ عُقبَةَ رَفَعَهُ قَالَسُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع بِمَ عَرَفتَ رَبّكَ فَقَالَ بِمَا عرَفّنَيِ‌ نَفسَهُ قِيلَ


صفحه : 271

وَ كَيفَ عَرّفَكَ نَفسَهُ فَقَالَ لَا تُشبِهُهُ صُورَةٌ وَ لَا يُحَسّ بِالحَوَاسّ وَ لَا يُقَاسُ بِالنّاسِ قَرِيبٌ فِي بُعدِهِ بَعِيدٌ فِي قُربِهِ فَوقَ كُلّ شَيءٍ وَ لَا يُقَالُ شَيءٌ فَوقَهُ أَمَامَ كُلّ شَيءٍ وَ لَا يُقَالُ لَهُ أَمَامٌ دَاخِلٌ فِي الأَشيَاءِ لَا كشَيَ‌ءٍ فِي شَيءٍ دَاخِلٍ وَ خَارِجٌ مِنَ الأَشيَاءِ لَا كشَيَ‌ءٍ مِن شَيءٍ خَارِجٍ سُبحَانَ مَن هُوَ هَكَذَا وَ لَا هَكَذَا غَيرُهُ وَ لِكُلّ شَيءٍ مَبدَأٌ

سن ،[المحاسن ]بَعضُ أَصحَابِنَا عَن صَالِحِ بنِ عُقبَةَ عَن قَيسِ بنِ سَمعَانَ عَن أَبِي رُبَيحَةَ مَولَي رَسُولِ اللّهِص رَفَعَهُ قَالَ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع وَ ذَكَرَ مِثلَهُ

بيان قريب من حيث إحاطة علمه وقدرته بالكل في بعده أي مع بعده عن الكل من حيث المباينة في الذات والصفات فظهر أن قربه ليس بالمكان بعيد عن إحاطة العقول والأوهام والأفهام به مع قربه حفظا وتربية ولطفا ورحمة و قدمرّ أنه يحتمل أن يكون إشارة إلي أن جهة قربه أي بالعلية واحتياج الكل إليه هي‌ جهة بعده عن مشابهة مخلوقاته إذ الخالق لايشابه المخلوق وكذا العكس فوق كل شيء أي بالقدرة والقهر والغلبة وبالكمال والاتصاف بالصفات الحسنة و لايقال شيءفوقه في الأمرين و فيه إشعار بأنه ليس المراد به الفوقية بحسب المكان و إلالأمكن أن يكون شيءفوقه أمام كل شيء أي علة كل شيء ومقدم عليها ويحتاج إليه كل موجود ويتضرع إليه ويعبده كل مكلف أو كل شيءمتوجه نحوه في الاستكمال والتشبه به في صفاته الكمالية و


صفحه : 272

الكلام في قوله و لايقال له أمام كمامر داخل في الأشياء أي لايخلو شيء من الأشياء و لاجزء من الأجزاء عن تصرفه وحضوره العلمي‌ وإفاضة فيضه وجوده عليه لاكدخول الجزء في الكل و لاكدخول العارض في المعروض و لاكدخول المتمكن في المكان خارج من الأشياء بتعالي‌ ذاته عن ملابستها ومقارنتها والاتصاف بصفتها والايتلاف منها لاكخروج شيء من شيءبالبعد المكاني‌ أوالمحلي‌ و قوله ولكل شيءمبدأ أي علة في ذواتها وصفاتها كالتعليل لماسبق

9-يد،[التوحيد] مُحَمّدُ بنُ اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ الفاَرسِيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ سَعِيدٍ النسّوَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الصغّديِ‌ّ بِمَروَ عَن مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ الحَكَمِ العسَكرَيِ‌ّ وَ أَخِيهِ مُعَاذِ بنِ يَعقُوبَ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ الحنَظلَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَاصِمٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ قَيسٍ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ الرمّاّنيِ‌ّ عَن زَاذَانَ عَن سَلمَانَ الفاَرسِيِ‌ّ رضَيِ‌َ اللّهُ عَنهُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَذكُرُ فِيهِ قُدُومَ الجَاثَلِيقِ المَدِينَةَ مَعَ مِائَةٍ مِنَ النّصَارَي وَ مَا سَأَلَ عَنهُ أَبَا بَكرٍ فَلَم يُجِبهُ ثُمّ أُرشِدَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَسَأَلَهُ عَن مَسَائِلَ فَأَجَابَهُ عَنهَا وَ كَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَن قَالَ لَهُ أخَبرِنيِ‌ عَرَفتَ اللّهَ بِمُحَمّدٍ أَم عَرَفتَ مُحَمّداً بِاللّهِ فَقَالَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع مَا عَرَفتُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ بِمُحَمّدٍص وَ لَكِن عَرَفتُ مُحَمّداً بِاللّهِ عَزّ وَ جَلّ حِينَ خَلَقَهُ وَ أَحدَثَ فِيهِ الحُدُودَ مِن طُولٍ وَ عَرضٍ فَعَرَفتُ أَنّهُ مُدَبّرٌ مَصنُوعٌ بِاستِدلَالٍ وَ إِلهَامٍ مِنهُ وَ إِرَادَةٍ كَمَا أَلهَمَ المَلَائِكَةَ طَاعَتَهُ وَ عَرّفَهُم نَفسَهُ بِلَا شِبهٍ وَ لَا كَيفٍ

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة و حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله قال سمعت محمد بن يعقوب يقول معني قوله اعرفوا الله بالله يعني‌ أن الله عز و جل خلق الأشخاص والألوان والجواهر والأعيان فالأعيان الأبدان والجواهر الأرواح و هو جل و عز لايشبه


صفحه : 273

جسما و لاروحا و ليس لأحد في خلق الروح الحساس الدراك أثر و لاسبب هوالمتفرّد بخلق الأرواح والأجسام فمن نفي عنه الشبهين شبه الأبدان وشبه الأرواح فقد عرف الله بالله و من شبهه بالروح أوالبدن أوالنور فلم يعرف الله بالله .أقول قال الصدوق رحمه الله في كتاب التوحيد القول الصواب في هذاالباب هو أن يقال عرفنا الله بالله لأنا إن عرفناه بعقولنا فهو عز و جل واهبها و إن عرفناه عز و جل بأنبيائه ورسله وحججه ع فهو عز و جل باعثهم ومرسلهم ومتخذهم حججا و إن عرفناه بأنفسنا فهو عز و جل محدثنا فبه عرفناه وَ قَد قَالَ الصّادِقُ ع لَو لَا اللّهُ مَا عَرَفنَاهُ وَ لَو لَا نَحنُ مَا عُرِفَ اللّهُ

ومعناه لو لاالحجج ماعرف الله حق معرفته و لو لا الله ماعرف الحجج و قدسمعت بعض أهل الكلام يقول لو أن رجلا ولد في فلاة من الأرض و لم ير أحدا يهديه ويرشده حتي كبر وعقل ونظر إلي السماء و الأرض لدله ذلك علي أن لهما صانعا ومحدثا فقلت إن هذا شيء لم يكن و هوإخبار بما لم يكن أن لو كان كيف كان يكون و لو كان ذلك لكان لا يكون ذلك الرجل إلاحجة الله تعالي ذكره علي نفسه كما في الأنبياء ع منهم من بعث إلي نفسه ومنهم من بعث إلي أهله وولده ومنهم من بعث إلي أهل محلته ومنهم من بعث إلي أهل بلده ومنهم من بعث إلي الناس كافة. و أمااستدلال ابراهيم الخليل ع بنظره إلي الزهرة ثم إلي القمر ثم إلي الشمس و قوله فَلَمّا أَفَلَت قالَ يا قَومِ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ مِمّا تُشرِكُونَفإنه ع كان نبيا ملهما مبعوثا مرسلا و كان جميع قوله إلي آخره بإلهام الله عز و جل إياه و ذلك قوله عز و جل وَ تِلكَ حُجّتُنا آتَيناها اِبراهِيمَ عَلي قَومِهِ و ليس كل أحد كإبراهيم ع و لواستغني في معرفة التوحيد بالنظر عن تعليم الله عز و جل وتعريفه لماأنزل الله عز و جل ماأنزل من قوله فَاعلَم أَنّهُ لا إِلهَ إِلّا اللّهُ و من قوله قُل هُوَ اللّهُ أَحَدٌ إلي آخره و من قوله بَدِيعُ السّماواتِ وَ الأَرضِ أَنّي يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَ لَم تَكُن لَهُ صاحِبَةٌ إلي قوله وَ هُوَ اللّطِيفُ الخَبِيرُ وآخر الحشر وغيرها من آيات التوحيد.


صفحه : 274

تبيين وتحقيق

اعلم أن هذه الأخبار لاسيما خبر ابن السكن تحتمل وجوها

الأول

أن يكون المراد بالمعرّف به مايعرف الشي‌ء به بأنه هو هوفمعني اعرفوا الله بالله اعرفوه بأنه هو الله مسلوبا عنه جميع مايعرف به الخلق من الجواهر والأعراض ومشابهته شيءمنها و هذا هو ألذي ذكره الكليني‌ رحمه الله و علي هذافمعني قوله والرسول بالرسالة معرفة الرسول بأنه أرسل بهذه الشريعة و هذه الأحكام و هذاالدين و هذاالكتاب ومعرفة كل من أولي‌ الأمر بأنه الآمر بالمعروف والعالم العامل به وبالعدل أي لزوم الطريقة الوسطي في كل شيء والإحسان أي الشفقة علي خلق الله والتفضل عليهم ودفع الظلم عنهم أوالمعني اعرفوا الله بالله أي بما يناسب ألوهيته من التنزيه والتقديس والرسول بما يناسب رسالته من العصمة والفضل والكمال وأولي‌ الأمر بما يناسب درجتهم العالية التي‌ هي‌ الرئاسة العامة للدنيا والدين وبما يحكم العقل به من اتصاف صاحب تلك الدرجة القصوي به من العلم والعصمة والفضل والمزية علي من سواه ويحتمل أن يكون الغرض عدم الخوض في معرفته تعالي ورسوله وحججه بالعقول الناقصة فينتهي‌ إلي نسبة ما لايليق به تعالي إليه و إلي الغلو في أمر الرسول والأئمة صلوات الله عليهم . و علي هذايحتمل وجهين الأول أن يكون المراد اعرفوا الله بعقولكم بمحض أنه خالق إله والرسول بأنه رسول أرسله الله إلي الخلق وأولي‌ الأمر بأنه المحتاج إليه لإقامة المعروف والعدل والإحسان ثم عولوا في صفاته تعالي وصفات حججه ع علي مابينوا ووصفوا لكم من ذلك و لاتخوضوا فيهابعقولكم والثاني‌ أن يكون المعني اعرفوا الله بما وصف لكم في كتابه و علي لسان نبيه والرسول بما أوضح لكم من وصفه في رسالته إليكم والإمام بما بين لكم من المعروف والعدل والإحسان كيف اتصف بتلك الأوصاف والأخلاق الحسنة ويحتمل الأخيرين [الأخيران ]وجها ثالثا و هو أن يكون المراد لاتعرفوا الرسول بما يخرج به عن الرسالة إلي درجة الألوهية وكذا الإمام

الثاني‌

أن يكون المراد بما يعرف به مايعرف باستعانته من قوي النفس العاقلة والمدركة و ما يكون بمنزلتها ويقوم مقامها فمعني اعرفوا الله بالله اعرفوه بنور الله المشرق


صفحه : 275

علي القلوب بالتوسل إليه والتقرب به فإن العقول لاتهتدي‌ إليه إلابأنوار فيضه تعالي واعرفوا الرسول بتكميله إياكم برسالته وبمتابعته فيما يؤدي‌ إليكم من طاعة ربكم فإنها توجب الروابط المعنوية بينكم وبينه و علي قدر ذلك يتيسر لكم من معرفته وكذا معرفة أولي‌ الأمر إنما تحصل بمتابعتهم في المعروف والعدل والإحسان وباستكمال العقل بها.

الثالث

أن يكون المراد مايعرف بها من الأدلة والحجج فمعني اعرفوا الله بالله أنه إنما تتأتي معرفته لكم بالتفكر فيما أظهر لكم من آثار صنعه وقدرته وحكمته بتوفيقه وهدايته لابما أرسل به الرسول من الآيات والمعجزات فإن معرفتها إنما تحصل بعدمعرفته تعالي واعرفوا الرسول بالرسالة أي بما أرسل به من المعجزات والدلائل أوبالشريعة المستقيمة التي‌ بعث بهافإنها لانطباقها علي قانون العدل والحكمة يحكم العقل بحقية من أرسل بها واعرفوا أولي‌ الأمر بعلمهم بالمعروف وإقامة العدل والإحسان وإتيانهم بها علي وجهها و هذاأقرب الوجوه ويؤيده خبر سلمان وكذا خبر ابن حازم إذ الظاهر أن المراد به أن وجوده تعالي أظهر الأشياء و به ظهر كل شيء و قدأظهر الآيات للخلق علي وجوده وعلمه وقدرته وأظهر المعجزات حتي علم بذلك حقية حججه ع فالعباد معروفون به و لايحتاج في معرفة وجوده إلي بيان أحد من خلقه ويمكن أن يقرأ يعرفون علي بناء المعلوم أيضا. و أما ماذكره الصدوق رحمه الله فيرجع إلي أن المعني أن جميع مايعرف الله به ينتهي‌ إليه سبحانه ويرد عليه أنه علي هذاتكون معرفة الرسول وأولي‌ الأمر أيضا بالله فما الفرق بينهما و بين معرفة الله في ذلك وأيضا لايلائمه قوله اعرفوا الله بالله إلا أن يقال الفرق باعتبار أصناف المعرفة فالمعرفة بالرسالة صنف من المعرفة بالله والمعرفة بالمعروف صنف آخر منها ومعرفة الله فيهاأصناف لااختصاص لها بصنف والمراد باعرفوا الله بالله حصلوا معرفة الله التي‌ تحصل بالله هكذا حققه بعض الأفاضل ثم إن في كلامه تشويشا وتناقضا ولعل مراده أخيرا نفي‌ معرفة صفاته الكمالية حق معرفتها بدون إرسال الرسل ونصب الحجج إلا أن التصديق بوجوده تعالي يتوقف علي ذلك و إن كان بعض كلماته يدل عليه


صفحه : 276

باب 11-الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق

الآيات البقرةصِبغَةَ اللّهِ وَ مَن أَحسَنُ مِنَ اللّهِ صِبغَةً وَ نَحنُ لَهُ عابِدُونَالروم فَأَقِم وَجهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً فِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللّهِ ذلِكَ الدّينُ القَيّمُ وَ لكِنّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمُونَ

1- مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ أُذَينَةَ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّحُنَفاءَ لِلّهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِفَقُلتُ مَا الحَنِيفِيّةُ قَالَ هيِ‌َ الفِطرَةُ

بيان أي الملّة الحنيفية هي‌ التوحيد ألذي فطر الله الخلق عليه ويومئ إليه قوله تعالي فَأَقِم وَجهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً فِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللّهِ ذلِكَ الدّينُ القَيّمُ واختلف في معني ذلك الفطرة فقيل المعني أنه خلقهم علي نوع من الجبلة والطبع المتهيأ لقبول الدين فلو ترك عليها لاستمرّ علي لزومها و لم يفارقها إلي غيرها وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من الآفات وتقليد الآباء والأمهات وقيل كلهم مفطورون علي معرفة الله والإقرار به فلاتجد أحدا إلا و هويقرّ بأن الله تعالي صانع له و إن سماه بغير اسمه أو عبدمعه غيره وقيل المعني أنه خلقهم لها لأنه خلق كل الخلق لأن يوحدوه ويعبدوه قال الجزري‌ فيه خلقت عبادي‌ حنفاء أي طاهري‌ الأعضاء من المعاصي‌ لا أنه خلقهم كلهم مسلمين لقوله تعالي هُوَ ألّذِي خَلَقَكُم فَمِنكُم كافِرٌ وَ مِنكُم مُؤمِنٌ. وقيل أراد خلقهم حنفاء مؤمنين لماأخذ عليهم الميثاق أَ لَستُ بِرَبّكُم قالُوا بَلي فلايوجد أحد إلا و هومقرّ بأن له ربّا و إن أشرك به والحنفاء جمع


صفحه : 277

حنيف و هوالمائل إلي الإسلام الثابت عليه والحنيف عندالعرب من كان علي دين ابراهيم وأصل الحنف الميل انتهي .أقول ألذي يظهر من الأخبار هو أن الله تعالي قرر عقول الخلق علي التوحيد والإقرار بالصانع في بدء الخلق عندالميثاق فقلوب جميع الخلق مذعنة بذلك و إن جحدوه معاندة وسيأتي‌ تمام الكلام في ذلك في كتاب العدل إن شاء الله تعالي

2-فس ،[تفسير القمي‌] الحُسَينُ بنُ مُحَمّدٍ عَن مُعَلّي بنِ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ جُمهُورٍ عَن جَعفَرِ بنِ بَشِيرٍ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي قَولِهِفَأَقِم وَجهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً قَالَ الوَلَايَةُ

3-فس ،[تفسير القمي‌] الحَسَنُ بنُ عَلِيّ بنِ زَكَرِيّا عَنِ الهَيثَمِ بنِ عَبدِ اللّهِ الرمّاّنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُوسَي الرّضَا صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع فِي قَولِهِفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها قَالَ هُوَ لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِص عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع إِلَي هَاهُنَا التّوحِيدُ

4-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن عَلَاءِ بنِ الفُضَيلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها قَالَ التّوحِيدُ

5-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قُلتُفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها قَالَ التّوحِيدُ

6-يد،[التوحيد]بِالإِسنَادِ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ وَ ابنِ يَزِيدَ مَعاً عَنِ ابنِ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها قَالَ فَطَرَهُم عَلَي التّوحِيدِ

يد،[التوحيد] أبي عن علي عن أبيه عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمدالحلبي‌ عن أبي عبد الله ع مثله


صفحه : 278

سن ،[المحاسن ] ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة

مثله

7-يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ اليقَطيِنيِ‌ّ عَن يُونُسَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ سِنَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها مَا تِلكَ الفِطرَةُ قَالَ هيِ‌َ الإِسلَامُ فَطَرَهُمُ اللّهُ حِينَ أَخَذَ مِيثَاقَهُم عَلَي التّوحِيدِ فَقَالَ أَ لَستُ بِرَبّكُم وَ فِيهِمُ المُؤمِنُ وَ الكَافِرُ

8-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ وَ عَبدِ اللّهِ ابنيَ‌ مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَنِ ابنِ رِئَابٍ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها قَالَ فَطَرَهُم جَمِيعاً عَلَي التّوحِيدِ

9-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَن عَلِيّ بنِ حصان [حَسّانَ] عَنِ الحَسَنِ بنِ يُونُسَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها قَالَ التّوحِيدُ وَ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَ عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ

ير،[بصائر الدرجات ] أحمد بن موسي عن الخشاب عن علي بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير مثله

10-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ المُغِيرَةِ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن زُرَارَةَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ جَعفَرٍ ع أَصلَحَكَ اللّهُ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فِي كِتَابِهِفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها قَالَ فَطَرَهُم عَلَي التّوحِيدِ عِندَ المِيثَاقِ عَلَي مَعرِفَتِهِ أَنّهُ رَبّهُم قُلتُ وَ خَاطَبُوهُ قَالَ فَطَأطَأَ رَأسَهُ ثُمّ قَالَ لَو لَا ذَلِكَ لَم يَعلَمُوا مَن رَبّهُم وَ لَا مَن رَازِقُهُم


صفحه : 279

11-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ هَاشِمٍ وَ ابنِ أَبِي الخَطّابِ وَ ابنِ يَزِيدَ جَمِيعاً عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ أُذَينَةَ عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّحُنَفاءَ لِلّهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِ وَ عَنِ الحَنِيفِيّةِ فَقَالَ هيِ‌َ الفِطرَةُ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيهَالا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللّهِ قَالَ فَطَرَهُمُ اللّهُ عَلَي المَعرِفَةِ قَالَ زُرَارَةُ وَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِوَ إِذ أَخَذَ رَبّكَ مِن بنَيِ‌ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمالآيَةَ قَالَ أَخرَجَ مِن ظَهرِ آدَمَ ذُرّيّتَهُ إِلَي يَومِ القِيَامَةِ فَخَرَجُوا كَالذّرّ فَعَرّفَهُم وَ أَرَاهُم صُنعَهُ وَ لَو لَا ذَلِكَ لَم يَعرِف أَحَدٌ رَبّهُ وَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص كُلّ مَولُودٍ يُولَدُ عَلَي الفِطرَةِ يعَنيِ‌ عَلَي المَعرِفَةِ بِأَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ خَالِقُهُ فَذَلِكَ قَولُهُوَ لَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ لَيَقُولُنّ اللّهُ

12-سن ،[المحاسن ] أَبِي عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ أُذَينَةَ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع مِن قَولِ اللّهِحُنَفاءَ لِلّهِ غَيرَ مُشرِكِينَ مَا الحَنِيفِيّةُ قَالَ هيِ‌َ الفِطرَةُ التّيِ‌فَطَرَ النّاسَ عَلَيهافَطَرَ اللّهُ الخَلقَ عَلَي مَعرِفَتِهِ

13-سن ،[المحاسن ] أَبِي عَن عَلِيّ بنِ نُعمَانَ عَنِ ابنِ مُسكَانَ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها قَالَ فَطَرَهُم عَلَي مَعرِفَتِهِ أَنّهُ رَبّهُم وَ لَو لَا ذَلِكَ لَم يَعلَمُوا إِذَا سُئِلُوا مَن رَبّهُم وَ لَا مَن رَازِقُهُم

14-سن ،[المحاسن ]المُحَسّنُ بنُ أَحمَدَ عَن أَبَانٍ الأَحمَرِ عَن أَبِي جَعفَرٍ الأَحوَلِ عَن مُحَمّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ عُروَةُ اللّهِ الوُثقَي التّوحِيدُ وَ الصّبغَةُ الإِسلَامُ


صفحه : 280

بيان قال البيضاوي‌ في قوله تعالي صِبغَةَ اللّهِ أي صبغنا الله صبغته وهي‌ فطرة الله التي‌ فطر الناس عليها فإنها حلية الإنسان كما أن الصبغة حلية المصبوغ أوهدانا هدايته وأرشدنا حجته أوطهر قلوبنا بالإيمان تطهيره وسماه صبغة لأنه ظهر أثره عليهم ظهور الصبغ علي المصبوغ وتداخل قلوبهم تداخل الصبغ الثوب أوللمشاكلة فإن النصاري كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه العمودية ويقولون هوتطهير لهم و به تحقق نصرانيتهم

15- مع ،[معاني‌ الأخبار] أَبِي عَن سَعدٍ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن فَضَالَةَ عَن أَبَانٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّصِبغَةَ اللّهِ وَ مَن أَحسَنُ مِنَ اللّهِ صِبغَةً قَالَ هيِ‌َ الإِسلَامِ

16-سن ،[المحاسن ] ابنُ فَضّالٍ عَنِ ابنِ بُكَيرٍ عَن زُرَارَةَ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِوَ إِذ أَخَذَ رَبّكَ مِن بنَيِ‌ آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرّيّتَهُم وَ أَشهَدَهُم عَلي أَنفُسِهِم أَ لَستُ بِرَبّكُم قالُوا بَلي قَالَ ثَبَتَتِ المَعرِفَةُ فِي قُلُوبِهِم وَ نَسَوُا المَوقِفَ وَ سَيَذكُرُونَهُ يَوماً وَ لَو لَا ذَلِكَ لَم يَدرِ أَحَدٌ مَن خَالِقُهُ وَ لَا مَن رَازِقُهُ

17-سن ،[المحاسن ]البزَنَطيِ‌ّ عَن رِفَاعَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِوَ إِذ أَخَذَ رَبّكَ مِن بنَيِ‌ آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرّيّتَهُم وَ أَشهَدَهُم عَلي أَنفُسِهِم أَ لَستُ بِرَبّكُم قالُوا بَلي قَالَ نَعَم لِلّهِ الحُجّةُ عَلَي جَمِيعِ خَلقِهِ أَخَذَهُم يَومَ أَخَذَ المِيثَاقَ هَكَذَا وَ قَبَضَ يَدَهُ

18-شف ،[كشف اليقين ] مِن كِتَابِ القاَضيِ‌ القزَويِنيِ‌ّ عَن هَارُونَ بنِ مُوسَي التلّعّكُبرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ سَهلٍ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَن عَلِيّ بنِ حَسّانَ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ


صفحه : 281

كَثِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّفِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها قَالَ هيِ‌َ التّوحِيدُ وَ أَنّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِص وَ أَنّ عَلِيّاً أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع

19-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن زُرَارَةَ عَن أَبِي جَعفَرٍ وَ حُمرَانَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ الصّبغَةُ الإِسلَامُ

20-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِ اللّهِصِبغَةَ اللّهِ وَ مَن أَحسَنُ مِنَ اللّهِ صِبغَةً قَالَ الصّبغَةُ مَعرِفَةُ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع بِالوَلَايَةِ فِي المِيثَاقِ

21-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ الوَلِيدِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الحَنِيفِيّةَ هيِ‌َ الإِسلَامُ

22-غو،[غوالي‌ اللئالي‌] قَالَ النّبِيّص كُلّ مَولُودٍ يُولَدُ عَلَي الفِطرَةِ حَتّي يَكُونَ أَبَوَاهُ يُهَوّدَانِهِ وَ يُنَصّرَانِهِ

بيان قال السيد المرتضي رحمه الله في كتاب الغرر والدرر بعدنقل بعض التأويلات عن المخالفين في هذاالخبر والصحيح في تأويله أن قوله يولد علي الفطرة يحتمل أمرين أحدهما أن تكون الفطرة هاهنا الدين و يكون علي بمعني اللام فكأنه قال كل مولود يولد للدين و من أجل الدين لأن الله تعالي لم يخلق من يبلغه مبلغ المكلفين إلاليعبده فينتفع بعبادته يشهد بذلك قوله تعالي وَ ما خَلَقتُ الجِنّ وَ الإِنسَ إِلّا لِيَعبُدُونِ والدليل علي أن علي يقوم مقام اللام ماحكاه يعقوب بن السكيت عن أبي يزيد عن العرب أنهم يقولون صف علي كذا وكذا حتي أعرفه بمعني صف لي ويقولون ماأغبطك علي يريدون ماأغبطك لي والعرب تقيم بعض الصفات مقام بعض وإنما ساغ أن يريد بالفطرة التي‌ هي‌ الخلقة في اللغة الدين من حيث كان هوالمقصود بها و قديجري‌ علي الشي‌ء اسم ما له به هذاالضرب من التعلق والاختصاص و علي هذايتأول قوله تعالي فَأَقِم وَجهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً فِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيهاأراد دين الله


صفحه : 282

ألذي خلق الخلق له و قوله تعالي لا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللّهِأراد به أن ماخلق الله العباد له من العبادة والطاعة ليس مما يتغير ويختلف حتي يخلق قوما للطاعة وآخرين للمعصية ويجوز أن يريد بذلك الأمر و إن كان ظاهره ظاهر الخبر فكأنه قال لاتبدلوا ماخلقكم الله له من الدين والطاعة بأن تعصوا وتخالفوا. والوجه الآخر في تأويل قوله ع الفطرة أن يكون المراد به الخلقة وتكون لفظة علي علي ظاهرها لم يرد بهاغيره و يكون المعني كل مولود يولد علي الخلقة الدالة علي وحدانية الله تعالي وعبادته والإيمان به لأنه جل و عز قدصور الخلق وخلقهم علي وجه يقتضي‌ النظر فيه معرفته والإيمان به و إن لم ينظروا ويعرفوا فكأنه ع قال كل مخلوق ومولود فهو يدل بخلقته وصورته علي عبادة الله تعالي و إن عدل بعضهم فصار يهوديا أونصرانيا و هذاالوجه أيضا يحتمله قوله تعالي فِطرَتَ اللّهِ التّيِ‌ فَطَرَ النّاسَ عَلَيها و إذاثبت ماذكرناه في معني الفطرة فقوله عليه الصلاة و السلام حتي يكون أبواه يهودانه وينصرانه يحتمل وجهين أحدهما أن من كان يهوديا أونصرانيا ممن خلقته لعبادتي‌ وديني‌ فإنما جعله أبواه كذلك أو من جري مجراهما ممن أوقع له الشبهة وقلده الضلال عن الدين وإنما خص الأبوين لأن الأولاد في الأكثر ينشئون علي مذاهب آبائهم ويألفون أديانهم ونحلهم و يكون الغرض بالكلام تنزيه الله تعالي عن ضلال العباد وكفرهم و أنه إنما خلقهم للإيمان فصدهم عنه آباؤهم أو من جري مجراهم والوجه الآخر أن يكون معني يهودانه وينصرانه أي يلحقانه بأحكامهما لأن أطفال أهل الذمة قدألحق الشرع أحكامهم بأحكامهم فكأنه ع قال لاتتوهموا من حيث لحقت أحكام اليهود والنصاري أطفالهم أنهم خلقوا لدينهم بل لم يخلقوا إلاللإيمان والدين الصحيح لكن آباؤهم هم الذين أدخلوهم في أحكامهم وعبر عن إدخالهم في أحكامهم بقوله يهودانه وينصرانه


صفحه : 283

باب 21-إثبات قدمه تعالي وامتناع الزوال عليه

1- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَن أَبِي الحَسَنِ الموَصلِيِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع قَالَ جَاءَ حِبرٌ مِنَ الأَحبَارِ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَتَي كَانَ رَبّكَ فَقَالَ لَهُ ثَكِلَتكَ أُمّكَ وَ مَتَي لَم يَكُن حَتّي يُقَالَ مَتَي كَانَ كَانَ ربَيّ‌ قَبلَ القَبلِ بِلَا قَبلٍ وَ يَكُونُ بَعدَ البَعدِ بِلَا بَعدٍ وَ لَا غَايَةَ وَ لَا مُنتَهَي لِغَايَتِهِ انقَطَعَتِ الغَايَاتُ عَنهُ فَهُوَ مُنتَهَي كُلّ غَايَةٍ

ج ،[الإحتجاج ]مُرسَلًا بِزِيَادَةِ قَولِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ أَ فنَبَيِ‌ّ أَنتَ فَقَالَ وَيلَكَ إِنّمَا أَنَا عَبدٌ مِن عَبِيدِ مُحَمّدٍص

يد،[التوحيد]بالإسناد المتقدم مع تلك الزيادة و قال الصدوق بعده يعني‌ بذلك عبدطاعة لا غير ذلك .بيان لما كان متي كان سؤالا عن الزمان المخصوص من بين الأزمنة لوجوده و لايصح فيما لااختصاص لزمان به أجابه ع بقوله متي لم يكن حتي يقال متي كان ونبه علي بطلان الاختصاص ألذي أخذ في السؤال ثم بين ع سرمديته فقال كان ربي‌ قبل القبل أي هوقبل كل ما هوقبل شيء و لاقبل بالنسبة إليه و بعد كل ما هو بعد شيء و لا شيءبعده أو هوقبل الموصوف بالقبلية والبعدية لذاته أي الزمان وبعده بلا زمان إذ هومبدأ كل شيء وغاية له والغاية نهاية الامتداد و قديطلق علي نفس الامتداد والمعني أنه لاغاية لوجوده وسائر كمالاته أزلا وأبدا ولعل المراد بهاثانيا نفس الامتداد أي ليس لمايتوهم له من الامتداد نهاية.


صفحه : 284

ويحتمل أن يكون المراد بهاأولا أيضا الامتداد فيكون مجرورا أي بلا امتداد زماني‌ ويحتمل أن يكون المراد بهاثانيا أيضا النهاية أي كل ماتوهمت أنه غاية له فهو موجود بعده و لاينتهي‌ إليه وجوده فكل غاية أي امتداد أونهاية ينقطع عنه لوجوده تعالي قبله وبعده فهو منتهي كل غاية أي بعدها أو هوعلة لها و إليه ينتهي‌ وجودها فكيف تكون غاية له ويحتمل أن يكون المراد بالغايات نهايات أفكار العارفين فإنها منقطعة عنه لاتصل إليه وبكونه منتهي كل غاية أنه منتهي رغبات الخلائق وحاجاتهم ويمكن أن يحمل الغاية في الأخيرتين علي العلة الغائية أيضا و الله يعلم

2- مع ،[معاني‌ الأخبار] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ أُذَينَةَ عَن مُحَمّدِ بنِ حَكِيمٍ عَن مَيمُونٍ البَانِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع وَ قَد سُئِلَ عَن قَولِهِ جَلّ وَ عَزّهُوَ الأَوّلُ وَ الآخِرُ فَقَالَ الأَوّلُ لَا عَن أَوّلٍ قَبلَهُ وَ لَا عَن بَدءٍ سَبَقَهُ وَ آخِرٌ لَا عَن نِهَايَةٍ كَمَا يُعقَلُ مِن صِفَاتِ المَخلُوقِينَ وَ لَكِن قَدِيمٌ أَوّلٌ آخِرٌ لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ بِلَا بَدءٍ وَ لَا نِهَايَةٍ لَا يَقَعُ عَلَيهِ الحُدُوثُ وَ لَا يُحَوّلُ مِن حَالٍ إِلَي حَالٍ خَالِقُ كُلّ شَيءٍ

بيان لا عن أول قبله أي لامبتدأ عن أول يكون قبله زمانا و لا عن بدء علي وزن فعل أوبدي‌ء علي وزن فعيل أي مبتدإ سبقه رتبة بالعلية و قوله لا عن نهاية أي لامعها مجازا ويحتمل أن تكون عن تعليلية أي ليست آخريته بسبب أن له نهاية بعدنهاية غيره و قوله لايقع عليه الحدوث ناظر إلي الأول و قوله ع و لايحول من حال إلي حال ناظر إلي الآخر أي آخريته بأنه أبدي‌ بجميع صفاته لايعتريه تغير في شيء من ذلك وسيأتي‌ تحقيقه في باب الأسماء

3-ج ،[الإحتجاج ]سَأَلَ نَافِعُ بنُ الأَزرَقِ أَبَا جَعفَرٍ ع قَالَ أخَبرِنيِ‌ عَنِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مَتَي كَانَ فَقَالَ لَهُ وَيلَكَ أخَبرِنيِ‌ أَنتَ مَتَي لَم يَكُن حَتّي أُخبِرَكَ مَتَي كَانَ سُبحَانَ مَن


صفحه : 285

لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ فَرداً صَمَداً لَم يَتّخِذ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً

يد،[التوحيد] أبي عن سعد عن ابن عيسي عن ابن محبوب عن الثمالي‌ مثله فس ،[تفسير القمي‌] أبي عن ابن محبوب عن الثمالي‌ عن أبي الربيع

مثله

4-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَن إِسحَاقَ بنِ حَارِثٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ أَخرَجَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع حُقّاً فَأَخرَجَ مِنهُ وَرَقَةً فَإِذَا فِيهَا سُبحَانَ الوَاحِدِ ألّذِي لَا إِلَهَ غَيرُهُ القَدِيمُ المبُد‌ِئُ ألّذِي لَا بَدءَ لَهُ الدّائِمُ ألّذِي لَا نَفَادَ لَهُ الحيَ‌ّ ألّذِي لَا يَمُوتُ الخَالِقُ مَا يُرَي وَ مَا لَا يُرَي العَالِمُ كُلّ شَيءٍ بِغَيرِ تَعلِيمٍ ذَلِكَ اللّهُ ألّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ

5-يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ قَالَ كَتَبَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِلَي رَجُلٍ بِخَطّهِ وَ قَرَأتُهُ فِي دُعَاءٍ كَتَبَ بِهِ أَن يَقُولَ يَا ذَا ألّذِي كَانَ قَبلَ كُلّ شَيءٍ ثُمّ خَلَقَ كُلّ شَيءٍ ثُمّ يَبقَي وَ يَفنَي كُلّ شَيءٍ وَ يَا ذَا ألّذِي لَيسَ فِي السّمَاوَاتِ العُلَي وَ لَا فِي الأَرَضِينَ السّفلَي وَ لَا فَوقَهُنّ وَ لَا بَينَهُنّ وَ لَا تَحتَهُنّ إِلَهٌ يُعبَدُ غَيرُهُ

6-يد،[التوحيد] مُحَمّدُ بنُ الفَضلِ بنِ مُحَمّدِ بنِ إِسحَاقَ المُذَكّرُ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدِ بنِ سُفيَانَ عَن عَلِيّ بنِ سَلَمَةَ اللبقي‌[الليّفيِ‌ّ] عَن إِسمَاعِيلَ بنِ يَحيَي عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ طَلحَةَ عَن سَعدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ الضّحّاكِ عَنِ النّزَالِ بنِ سَبرَةَ قَالَجَاءَ يهَوُديِ‌ّ إِلَي عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَتَي كَانَ رَبّنَا قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِيّ ع إِنّمَا يُقَالُ مَتَي كَانَ لشِيَ‌ءٍ لَم يَكُن فَكَانَ وَ رَبّنَا هُوَ كَائِنٌ بِلَا كَينُونَةِ كَائِنٍ كَانَ بِلَا كَيفٍ يَكُونُ كَانَ لَم


صفحه : 286

يَزَل بِلَا لَم يَزَل وَ بِلَا كَيفٍ يَكُونُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَيسَ لَهُ قَبلٌ هُوَ قَبلَ القَبلِ بِلَا قَبلٍ وَ بِلَا غَايَةٍ وَ لَا مُنتَهَي غَايَةٍ وَ لَا غَايَةٍ إِلَيهَا غَايَةٌ انقَطَعَتِ الغَايَاتُ عَنهُ فَهُوَ غَايَةُ كُلّ غَايَةٍ

بيان بلا كينونة كائن أي كان و لم يحدث حادث بعد أو لا علي نحو حدوث الحوادث قال الفيروزآبادي‌ الكون الحدث كالكينونة قوله بلا كيف يكون أي صفة موجودة زائدة ولعل الوصف بقوله يكون للإشعار بأنه إذا كان له كيف يكون حادثا لامحالة قوله ع بلا لم يزل أي بلا زمان قديم موجود يسمي بلم يزل ليكون معه قديما ثانيا و قوله ع ثانيا بلا كيف يكون تأكيد لماسبق ويحتمل أن يكون الأول لنفي‌ الكيفيات الجسمانية أوالحادثة والثاني‌ لنفي‌ الصفات الحقيقية الزائدة أوالقديمة ويحتمل أن يكون المراد بالأخير أنه ليس لوجوده في الأزل واتصافه بهاكيف فيكون إشارة إلي نفي‌ معلولية الوجود أوزيادته و في الكافي‌ بسند آخر كيف يكون له قبل و هوأظهر كماسيأتي‌ أيضا قوله ع بلا غاية أي امتداد وزمان موجود و لامنتهي غاية أي في الأزل و لاغاية أي منتهي ينتهي‌ إليها غاية أي امتداد في لايزال

7-يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَن سَهلٍ عَن عَمرِو بنِ عُثمَانَ عَن مُحَمّدِ بنِ يَحيَي الخَزّازِ عَن مُحَمّدِ بنِ سَمَاعَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ قَالَ رَأسُ الجَالُوتِ لِليَهُودِ إِنّ المُسلِمِينَ يَزعُمُونَ أَنّ عَلِيّاً مِن أَجدَلِ النّاسِ وَ أَعلَمِهِم اذهَبُوا بِنَا إِلَيهِ لعَلَيّ‌ أَسأَلُهُ عَن مَسأَلَةٍ أُخَطّئهُ فِيهَا فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ إنِيّ‌ أُرِيدُ أَن أَسأَلَكَ عَن مَسأَلَةٍ قَالَ سَل عَمّا شِئتَ قَالَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مَتَي كَانَ رَبّنَا قَالَ يَا يهَوُديِ‌ّ إِنّمَا يُقَالُ مَتَي كَانَ لِمَن لَم يَكُن فَكَانَ هُوَ كَائِنٌ بِلَا كَينُونَةِ كَائِنٍ كَانَ بِلَا كَيفٍ يَا يهَوُديِ‌ّ كَيفَ يَكُونُ لَهُ قَبلٌ وَ هُوَ قَبلَ القَبلِ بِلَا غَايَةٍ وَ لَا مُنتَهَي غَايَةٍ وَ لَا غَايَةٍ إِلَيهَا غَايَةٌ انقَطَعَتِ الغَايَاتُ عَنهُ فَهُوَ غَايَةُ كُلّ غَايَةٍ فَقَالَ أَشهَدُ أَنّ دِينَكَ الحَقّ وَ أَنّ مَا خَالَفَهُ بَاطِلٌ

أقول قدأثبتنا خبر محمد بن عبد الله الخراساني‌ في باب إثبات الصانع وسيأتي‌ كثير من الأخبار في باب نفي‌ الزمان والمكان وسائر الأبواب مشحونة بما يناسب الباب من الأخبار


صفحه : 287

باب 31-نفي‌ الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد و أنه لايدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام

الآيات الأنعام والحج 74- والزمر 67-ما قَدَرُوا اللّهَ حَقّ قَدرِهِحمعسق لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ

1- ما،[الأمالي‌ للشيخ الطوسي‌] مُحَمّدُ بنُ أَحمَدَ بنِ شَاذَانَ القمُيّ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ عَن سَعدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن عَلِيّ بنِ بِلَالٍ عَن مُحَمّدِ بنِ بَشِيرٍ الدّهّانِ عَن مُحَمّدِ بنِ سَمَاعَةَ قَالَ سَأَلَ بَعضُ أَصحَابِنَا الصّادِقَ ع فَقَالَ لَهُ أخَبرِنيِ‌ أَيّ الأَعمَالِ أَفضَلُ قَالَ تَوحِيدُكَ لِرَبّكَ قَالَ فَمَا أَعظَمُ الذّنُوبِ قَالَ تَشبِيهُكَ لِخَالِقِكَ

2-نص ،[كفاية الأثر] عَلِيّ بنُ الحُسَينِ عَن هَارُونَ بنِ مُوسَي عَن مُحَمّدِ بنِ هَمّامٍ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَن عُمَرَ بنِ عَلِيّ العبَديِ‌ّ عَن دَاوُدَ بنِ كَثِيرٍ الرقّيّ‌ّ عَن يُونُسَ بنِ ظَبيَانَ قَالَدَخَلتُ عَلَي الصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع فَقُلتُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ إنِيّ‌ دَخَلتُ عَلَي مَالِكٍ وَ أَصحَابِهِ فَسَمِعتُ بَعضَهُم يَقُولُ إِنّ لِلّهِ وَجهاً كَالوُجُوهِ وَ بَعضُهُم يَقُولُ لَهُ يَدَانِ وَ احتَجّوا لِذَلِكَ بِقَولِ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيبيِدَيَ‌ّ أَستَكبَرتَ وَ بَعضُهُم يَقُولُ هُوَ كَالشّابّ مِن أَبنَاءِ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَا عِندَكَ فِي هَذَا يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ قَالَ وَ كَانَ مُتّكِئاً فَاستَوَي جَالِساً وَ قَالَ أللّهُمّ عَفوَكَ عَفوَكَ ثُمّ قَالَ يَا يُونُسُ مَن زَعَمَ أَنّ لِلّهِ وَجهاً كَالوُجُوهِ فَقَد أَشرَكَ وَ مَن زَعَمَ أَنّ لِلّهِ جَوَارِحَ كَجَوَارِحِ المَخلُوقِينَ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللّهِ فَلَا تَقبَلُوا شَهَادَتَهُ وَ لَا تَأكُلُوا


صفحه : 288

ذَبِيحَتَهُ تَعَالَي اللّهُ عَمّا يَصِفُهُ المُشَبّهُونَ بِصِفَةِ المَخلُوقِينَ فَوَجهُ اللّهِ أَنبِيَاؤُهُ وَ أَولِيَاؤُهُ وَ قَولُهُخَلَقتُ بيِدَيَ‌ّ أَستَكبَرتَاليَدُ القُدرَةُ كَقَولِهِ وَ أَيّدَكُم بِنَصرِهِ فَمَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ فِي شَيءٍ أَو عَلَي شَيءٍ أَو يَحُولُ مِن شَيءٍ إِلَي شَيءٍ أَو يَخلُو مِنهُ شَيءٌ أَو يَشتَغِلُ بِهِ شَيءٌ فَقَد وَصَفَهُ بِصِفَةِ المَخلُوقِينَ وَ اللّهُ خَالِقُ كُلّ شَيءٍ لَا يُقَاسُ بِالقِيَاسِ وَ لَا يُشَبّهُ بِالنّاسِ لَا يَخلُو مِنهُ مَكَانٌ وَ لَا يَشتَغِلُ بِهِ مَكَانٌ قَرِيبٌ فِي بُعدِهِ بَعِيدٌ فِي قُربِهِ ذَلِكَ اللّهُ رَبّنَا لَا إِلَهَ غَيرُهُ فَمَن أَرَادَ اللّهَ وَ أَحَبّهُ بِهَذِهِ الصّفَةِ فَهُوَ مِنَ المُوَحّدِينَ وَ مَن أَحَبّهُ بِغَيرِ هَذِهِ الصّفَةِ فَاللّهُ مِنهُ برَيِ‌ءٌ وَ نَحنُ مِنهُ بُرَءَاءُ

3- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] مُحَمّدُ بنُ مُحَمّدِ بنِ عَاصِمٍ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن عَلّانٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الفَرَجِ الرخّجّيِ‌ّ قَالَ كَتَبتُ إِلَي أَبِي الحَسَنِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ ع أَسأَلُهُ عَمّا قَالَ هِشَامُ بنُ الحَكَمِ فِي الجِسمِ وَ هِشَامُ بنُ سَالِمٍ فِي الصّورَةِ فَكَتَبَ ع دَع عَنكَ حَيرَةَ الحَيرَانِ وَ استَعِذ بِاللّهِ مِنَ الشّيطَانِ لَيسَ القَولُ مَا قَالَ الهِشَامَانِ

يد،[التوحيد]الدقاق عن الكليني‌ عن علي بن محمدرفعه عن الرخجي‌مثله بيان لاريب في جلالة قدر الهشامين وبراءتهما عن هذين القولين و قدبالغ السيد المرتضي قدس الله روحه في براءة ساحتهما عما نسب إليهما في كتاب الشافي‌ مستدلا عليها بدلائل شافية ولعل المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندة كمانسبوا المذاهب الشنيعة إلي زرارة وغيره من أكابر المحدثين أولعدم فهم كلامهما فقد قيل إنهما قالا بجسم لاكالأجسام وبصورة لاكالصور فلعل مرادهما بالجسم الحقيقة القائمة بالذات وبالصورة الماهية و إن أخطئا في إطلاق هذين اللفظين عليه تعالي .


صفحه : 289

قال المحقق الدواني‌ المشبهة منهم من قال إنه جسم حقيقة ثم افترقوا فقال بعضهم إنه مركب من لحم ودم و قال بعضهم هونور متلألئ كالسبيكة البيضاء طوله سبعة أشبار بشبر نفسه ومنهم من قال إنه علي صورة إنسان فمنهم من يقول إنه شاب أمرد جعد قطط ومنهم من قال إنه شيخ أشمط الرأس واللحية ومنهم من قال هو في جهة الفوق مماس للصفحة العليا من العرش ويجوز عليه الحركة والانتقال وتبدل الجهات وتئط العرش تحته أطيط الرحل الجديد تحت الراكب الثقيل و هويفضل عن العرش بقدر أربع أصابع ومنهم من قال هومحاذ للعرش غيرمماس له وبعده عنه بمسافة متناهية وقيل بمسافة غيرمتناهية و لم يستنكف هذاالقائل عن جعل غيرالمتناهي‌ محصورا بين حاصرين ومنهم من تستر بالكفة فقال هوجسم لاكالأجسام و له حيز لاكالأحياز ونسبته إلي حيزه ليس كنسبة الأجسام إلي أحيازها وهكذا ينفي‌ جميع خواص الجسم عنه حتي لايبقي إلااسم الجسم وهؤلاء لايكفرون بخلاف المصرحين بالجسمية انتهي . و قال الشهرستاني‌ حكي الكعبي‌ عن هشام بن الحكم أنه قال هوجسم ذو أبعاض له قدر من الأقدار ولكن لايشبه شيئا من المخلوقات و لاتشبهه ونقل عنه أنه قال هوسبعة أشبار بشبر نفسه و أنه في مكان مخصوص وجهة مخصوصة و أنه يتحرك وحركته فعله وليست من مكان إلي مكان و قال هومتناه بالذات غيرمتناه بالقدر. وحكي عنه أبوعيسي الوراق أنه قال إن الله تعالي مماس لعرشه لايفضل منه شيء من العرش و لايفضل عنه شيء. و قال هشام بن سالم إنه تعالي علي صورة إنسان أعلاه مجوف وأسفله مصمت و هونور ساطع يتلألأ و له حواس خمس ويد و رجل وأنف وأذن وعين وفم و له وفرة سوداء و هونور أسود لكنه ليس بلحم و لادم .


صفحه : 290

ثم قال وغلا هشام بن الحكم في حق علي ع حتي قال إنه إله واجب الطاعة و هذاهشام بن الحكم صاحب غور في الأصول لايجوز أن يغفل عن إلزاماته علي المعتزلة فإن الرجل وراء مايلزمه علي الخصم ودون مايظهره من التشبيه و ذلك أنه ألزم العلاف فقال إنك تقول إن البار‌ئ تعالي عالم بعلم وعلمه ذاته فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم ويباينها في أن علمه ذاته فيكون عالما لاكالعالمين فلم لاتقول هوجسم لاكالأجسام وصورة لاكالصور و له قدر لاكالأقدار إلي غير ذلك انتهي .أقول فظهر أن نسبة هذين القولين إليهما إما لتخطئة رواة الشيعة وعلمائهم لبيان سفاهة آرائهم أوأنهم لماألزموهم في الاحتجاج أشياء إسكاتا لهم نسبوها إليهم والأئمة ع لم ينفوها عنهم إما للتبري‌ عنهم إبقاء عليهم أولمصالح أخر ويمكن أن يحمل هذاالخبر علي أن المراد ليس هذاالقول ألذي تقول ما قال الهشامان بل قولهما مباين لذلك ويحتمل أن يكون هذان مذهبهما قبل الرجوع إلي الأئمة ع والأخذ بقولهم فقد قيل إن هشام بن الحكم كان قبل أن يلقي الصادق ع علي رأي‌ جهم بن صفوان فلما تبعه ع تاب ورجع إلي الحق ويؤيده ماذكره الكراجكي‌ في كنز الفوائد في الرد علي القائلين بالجسم بمعنييه حيث قال و أماموالاتنا هشاما رحمه الله فهي‌ لماشاع عنه واستفاض من تركه للقول بالجسم ألذي كان ينصره ورجوعه عنه وإقراره بخطائه فيه وتوبته منه و ذلك حين قصد الإمام جعفر بن محمد ع إلي المدينة فحجبه وقيل له إنه أمرنا أن لانوصلك إليه مادمت قائلا بالجسم فقال و الله ما قلت به إلالأني‌ ظننت أنه وفاق لقول إمامي‌ فأما إذاأنكره علي فإنني‌ تائب إلي الله منه فأوصله الإمام ع إليه ودعا له بخير وحفظ

4- عَنِ الصّادِقِ ع أَنّهُ قَالَ لِهِشَامٍ إِنّ اللّهَ تَعَالَي لَا يُشبِهُ شَيئاً وَ لَا يُشبِهُهُ شَيءٌ وَ كُلّ مَا وَقَعَ فِي الوَهمِ فَهُوَ بِخِلَافِهِ

5- وَ روُيِ‌َ عَنهُ أَيضاً أَنّهُ قَالَ سُبحَانَ مَن لَا يَعلَمُ أَحَدٌ كَيفَ هُوَ إِلّا هُوَلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ لَا يُحَدّ وَ لَا يُحَسّ وَ لَا يُدرِكُهُ الأَبصَارُ وَ لَا يُحِيطُ بِهِ شَيءٌ وَ لَا هُوَ جِسمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا بذِيِ‌ تَخطِيطٍ وَ لَا تَحدِيدٍ


صفحه : 291

6-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن جَابِرٍ الجعُفيِ‌ّ قَالَ قَالَ مُحَمّدُ بنُ عَلِيّ ع يَا جَابِرُ مَا أَعظَمَ فِريَةَ أَهلِ الشّامِ عَلَي اللّهِ يَزعُمُونَ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي حَيثُ صَعِدَ إِلَي السّمَاءِ وَضَعَ قَدَمَهُ عَلَي صَخرَةِ بَيتِ المَقدِسِ وَ لَقَد وَضَعَ عَبدٌ مِن عِبَادِ اللّهِ قَدَمَهُ عَلَي حَجَرٍ فَأَمَرَنَا اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَن نَتّخِذَهَا مُصَلّي يَا جَابِرُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا نَظِيرَ لَهُ وَ لَا شَبِيهَ تَعَالَي عَن صِفَةِ الوَاصِفِينَ وَ جَلّ عَن أَوهَامِ المُتَوَهّمِينَ وَ احتَجَبَ عَن عَينِ النّاظِرِينَ وَ لَا يَزُولُ مَعَ الزّائِلِينَ وَ لَا يَأفِلُ مَعَ الآفِلِينَلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌوَ هُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ

7-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَن هِشَامٍ المشَرقِيِ‌ّ عَن أَبِي الحَسَنِ الخرُاَساَنيِ‌ّ قَالَ إِنّ اللّهَ كَمَا وَصَفَ نَفسَهُ أَحَدٌ صَمَدٌ نُورٌ ثُمّ قَالَبَل يَداهُ مَبسُوطَتانِفَقُلتُ لَهُ أَ فَلَهُ يَدَانِ هَكَذَا وَ أَشَرتُ بيِدَيِ‌ إِلَي يَدِهِ فَقَالَ لَو كَانَ هَكَذَا كَانَ مَخلُوقاً

8-ج ،[الإحتجاج ] فِي سُؤَالِ الزّندِيقِ بِرِوَايَةِ هِشَامٍ عَنِ الصّادِقِ ع لَا جِسمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا يُحَسّ وَ لَا يُجَسّ وَ لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ الخَمسِ لَا تُدرِكُهُ الأَوهَامُ وَ لَا تَنقُصُهُ الدّهُورُ وَ لَا تُغَيّرُهُ الأَزمَانُ الخَبَرَ

9-ج ،[الإحتجاج ] قَالَ الرّضَا ع إِنّ النّبِيّص قَالَ قَالَ اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ مَا آمَنَ بيِ‌ مَن فَسّرَ بِرَأيِهِ كلَاَميِ‌ وَ مَا عرَفَنَيِ‌ مَن شبَهّنَيِ‌ بخِلَقيِ‌ وَ لَا عَلَي ديِنيِ‌ مَنِ استَعمَلَ القِيَاسَ فِي ديِنيِ‌

يد،[التوحيد]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن الريان بن الصلت عن علي بن موسي الرضا ع عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين ع قال قال رسول الله ص قال الله جل جلاله مثله

10-يد،[التوحيد] لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّقرِ بنِ دُلَفَ قَالَسَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بنَ مُحَمّدٍ ع عَنِ التّوحِيدِ وَ قُلتُ لَهُ إنِيّ‌ أَقُولُ بِقَولِ هِشَامِ بنِ الحَكَمِ فَغَضِبَ ع ثُمّ قَالَ مَا لَكُم وَ لِقَولِ هِشَامٍ إِنّهُ لَيسَ مِنّا مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ


صفحه : 292

جِسمٌ وَ نَحنُ مِنهُ بُرَءَاءُ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ يَا ابنَ دُلَفَ إِنّ الجِسمَ مُحدَثٌ وَ اللّهُ مُحدِثُهُ وَ مُجَسّمُهُ

11-كش ،[رجال الكشي‌] عَلِيّ بنُ مُحَمّدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ أَحمَدَ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ الحُسَينِ بنِ بَشّارٍ عَن يُونُسَ بنِ بَهمَنَ قَالَ قَالَ لِي يُونُسُ اكتُب إِلَي أَبِي الحَسَنِ ع فَاسأَلهُ عَن آدَمَ هَل فِيهِ مِن جَوهَرِيّةِ اللّهِ شَيءٌ قَالَ فَكَتَبتُ إِلَيهِ فَأَجَابَ هَذِهِ المَسأَلَةُ مَسأَلَةُ رَجُلٍ عَلَي غَيرِ السّنّةِ فَقُلتُ لِيُونُسَ فَقَالَ لَا يَسمَعُ ذَا أَصحَابُنَا فَيَبرَءُونَ مِنكَ قَالَ قُلتُ لِيُونُسَ يَتَبَرّءُونَ منِيّ‌ أَو مِنكَ

12-كش ،[رجال الكشي‌]طَاهِرُ بنُ عِيسَي عَن جَعفَرِ بنِ أَحمَدَ عَنِ الشجّاَعيِ‌ّ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ الحُسَينِ بنِ بَشّارٍ عَنِ الوَشّاءِ عَن يُونُسَ بنِ بَهمَنَ قَالَ قَالَ يُونُسُ بنُ عَبدِ الرّحمَنِ كَتَبتُ إِلَي أَبِي الحَسَنِ الرّضَا ع سَأَلتُهُ عَن آدَمَ هَل كَانَ فِيهِ مِن جَوهَرِيّةِ الرّبّ شَيءٌ فَكَتَبَ إلِيَ‌ّ جَوَابَ كتِاَبيِ‌ لَيسَ صَاحِبُ هَذِهِ المَسأَلَةِ عَلَي شَيءٍ مِنَ السّنّةِ زِندِيقٌ

بيان الكلام في يونس و مانسب إليه أيضا كمامر في الهشامين و قال الشهرستاني‌ إنه زعم أن الملائكة تحمل العرش والعرش يحمل الرب و هو من مشبهة الشيعة انتهي

13- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ ابنِ مَعرُوفٍ عَن عَلِيّ بنِ مَهزِيَارَ قَالَ كَتَبتُ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ الثاّنيِ‌ ع جُعِلتُ فِدَاكَ أصُلَيّ‌ خَلفَ مَن يَقُولُ بِالجِسمِ وَ مَن يَقُولُ بِقَولِ يُونُسَ يعَنيِ‌ ابنَ عَبدِ الرّحمَنِ فَكَتَبَ ع لَا تُصَلّوا خَلفَهُم وَ لَا تُعطُوهُم مِنَ الزّكَاةِ وَ ابرَءُوا مِنهُم برَ‌ِئَ اللّهُ مِنهُم


صفحه : 293

14- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِي هَاشِمٍ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّ بنَ مُوسَي الرّضَا ع يَقُولُ إلِهَيِ‌ بَدَت قُدرَتُكَ وَ لَم تَبدُ هَيئَتُهُ فَجَهِلُوكَ وَ بِهِ قَدّرُوكَ وَ التّقدِيرُ عَلَي غَيرِ مَا بِهِ وَصَفُوكَ وَ إنِيّ‌ برَيِ‌ءٌ يَا إلِهَيِ‌ مِنَ الّذِينَ بِالتّشبِيهِ طَلَبُوكَ لَيسَ كَمِثلِكَ شَيءٌ إلِهَيِ‌ وَ لَن يُدرِكُوكَ وَ ظَاهِرُ مَا بِهِم مِن نِعَمِكَ دَلِيلُهُمُ عَلَيكَ لَو عَرَفُوكَ وَ فِي خَلقِكَ يَا إلِهَيِ‌ مَندُوحَةٌ أَن يَتَنَاوَلُوكَ بَل سَوّوكَ بِخَلقِكَ فَمِن ثَمّ لَم يَعرِفُوكَ وَ اتّخَذُوا بَعضَ آيَاتِكَ رَبّاً فَبِذَلِكَ وَصَفُوكَ تَعَالَيتَ ربَيّ‌ عَمّا بِهِ المُشَبّهُونَ نَعَتُوكَ

بيان و به أي وبالجهل قوله والتقدير علي غير ما به وصفوك أي التقدير بما قدروا به من المقادير الجسمانية ينافي‌ ماوصفوك به من الربوبية ويحتمل أن يكون المراد بالتقدير مطلق التوصيف أي ينبغي‌ ويجب توصيفك علي غير ماوصفوك به من الجسم والصورة والمندوحة السعة أي في التفكر في خلقك والاستدلال به علي عظمتك وتقدسك عن صفات المخلوقين مندوحة عن أن يتفكروا في ذاتك فينسبوا إليك ما لايليق بجنابك أوالمعني أن التفكر في الخلق يكفي‌ في أن لاينسبوا إليك هذه الأشياء

يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا قَالَ مَرّ أَبُو الحَسَنِ الرّضَا ع بِقَبرٍ مِن قُبُورِ أَهلِ بَيتِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيهِ ثُمّ قَالَ إلِهَيِ‌ بَدَت قُدرَتُكَ

وذكر نحوه

15-شا،[الإرشاد]جَاءَتِ الرّوَايَةُ أَنّ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ ع كَانَ فِي مَسجِدِ رَسُولِ اللّهِص ذَاتَ يَومٍ إِذ سَمِعَ قَوماً يُشَبّهُونَ اللّهَ بِخَلقِهِ فَفَزِعَ لِذَلِكَ وَ ارتَاعَ لَهُ وَ نَهَضَ حَتّي أَتَي قَبرَ رَسُولِ اللّهِص فَوَقَفَ عِندَهُ وَ دفع [رَفَعَ]صَوتَهُ ينُاَجيِ‌ رَبّهُ فَقَالَ فِي مُنَاجَاتِهِ لَهُ إلِهَيِ‌ بَدَت قُدرَتُكَ وَ لَم تَبدُ هَيئَتُهُ فَجَهِلُوكَ وَ قَدّرُوكَ بِالتّقدِيرِ عَلَي غَيرِ مَا بِهِ أَنتَ شَبّهُوكَ إِلَي آخِرِ مَا مَرّ

16-ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَنِ الصّقرِ بنِ دُلَفَ عَن يَاسِرٍ


صفحه : 294

الخَادِمِ قَالَ سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بنَ مُوسَي الرّضَا ع يَقُولُ مَن شَبّهَ اللّهَ بِخَلقِهِ فَهُوَ مُشرِكٌ وَ مَن نَسَبَ إِلَيهِ مَا نَهَي عَنهُ فَهُوَ كَافِرٌ

17-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن عَلّانٍ عَن سَهلٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ مُحَمّدٍ الهمَدَاَنيِ‌ّ قَالَ كَتَبتُ إِلَي الرّجُلِ يعَنيِ‌ أَبَا الحَسَنِ ع أَنّ مَن قِبَلَنَا مِن مَوَالِيكَ قَدِ اختَلَفُوا فِي التّوحِيدِ فَمِنهُم مَن يَقُولُ جِسمٌ وَ مِنهُم مَن يَقُولُ صُورَةٌ فَكَتَبَ ع بِخَطّهِ سُبحَانَ مَن لَا يُحَدّ وَ لَا يُوصَفُلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌوَ هُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ أَو قَالَالبَصِيرُ

18-يد،[التوحيد]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]الفاَميِ‌ّ فِي مَسجِدِ الكُوفَةِ عَن مُحَمّدٍ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ عَن عَلِيّ بنِ مَعبَدٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ خَالِدٍ عَن أَبِي الحَسَنِ عَلِيّ بنِ مُوسَي الرّضَا ع قَالَ قُلتُ لَهُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ إِنّ النّاسَ يَنسِبُونَا إِلَي القَولِ بِالتّشبِيهِ وَ الجَبرِ لِمَا روُيِ‌َ مِنَ الأَخبَارِ فِي ذَلِكَ عَن آبَائِكَ الأَئِمّةِ ع فَقَالَ يَا ابنَ خَالِدٍ أخَبرِنيِ‌ عَنِ الأَخبَارِ التّيِ‌ رُوِيَت عَن آباَئيِ‌َ الأَئِمّةِ ع فِي التّشبِيهِ وَ الجَبرِ أَكثَرُ أَمِ الأَخبَارُ التّيِ‌ رُوِيَت عَنِ النّبِيّص فِي ذَلِكَ فَقُلتُ بَل مَا روُيِ‌َ عَنِ النّبِيّص فِي ذَلِكَ أَكثَرُ قَالَ فَليَقُولُوا إِنّ رَسُولَ اللّهِص كَانَ يَقُولُ فِي التّشبِيهِ وَ الجَبرِ إِذاً فَقُلتُ لَهُ إِنّهُم يَقُولُونَ إِنّ رَسُولَ اللّهِص لَم يَقُل مِن ذَلِكَ شَيئاً وَ إِنّمَا روُيِ‌َ عَلَيهِ قَالَ فَليَقُولُوا فِي آباَئيِ‌َ الأَئِمّةِ ع إِنّهُم لَم يَقُولُوا مِن ذَلِكَ شَيئاً وَ إِنّمَا روُيِ‌َ عَلَيهِم ثُمّ قَالَ ع مَن قَالَ بِالتّشبِيهِ وَ الجَبرِ فَهُوَ كَافِرٌ مُشرِكٌ وَ نَحنُ مِنهُ بُرَءَاءُ فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ يَا ابنَ خَالِدٍ إِنّمَا وَضَعَ الأَخبَارَ عَنّا فِي التّشبِيهِ وَ الجَبرِ الغُلَاةُ الّذِينَ صَغّرُوا عَظَمَةَ اللّهِ تَعَالَي فَمَن أَحَبّهُم فَقَد أَبغَضَنَا وَ مَن أَبغَضَهُم فَقَد أَحَبّنَا وَ مَن وَالَاهُم فَقَد عَادَانَا وَ مَن عَادَاهُم فَقَد وَالَانَا وَ مَن وَصَلَهُم فَقَد قَطَعَنَا وَ مَن قَطَعَهُم فَقَد وَصَلَنَا وَ مَن جَفَاهُم فَقَد بَرّنَا وَ مَن بَرّهُم فَقَد جَفَانَا وَ مَن أَكرَمَهُم فَقَد أَهَانَنَا وَ مَن أَهَانَهُم فَقَد أَكرَمَنَا وَ مَن قَبِلَهُم فَقَد رَدّنَا وَ مَن رَدّهُم فَقَد قَبِلَنَا وَ مَن أَحسَنَ إِلَيهِم فَقَد أَسَاءَ إِلَينَا وَ مَن أَسَاءَ إِلَيهِم فَقَد أَحسَنَ إِلَينَا وَ مَن صَدّقَهُم فَقَد كَذّبَنَا وَ مَن كَذّبَهُم فَقَد صَدّقَنَا وَ مَن أَعطَاهُم فَقَد حَرَمَنَا وَ مَن حَرَمَهُم فَقَد أَعطَانَا يَا ابنَ خَالِدٍ مَن كَانَ مِن شِيعَتِنَا فَلَا يَتّخِذَنّ مِنهُم وَلِيّاً وَ لَا نَصِيراً


صفحه : 295

ج ،[الإحتجاج ] عن الحسين بن خالد عنه ع مثله

19-ج ،[الإحتجاج ] الحَسَنُ بنُ عَبدِ الرّحمَنِ الحمِاّنيِ‌ّ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ اِبرَاهِيمَ ع إِنّ هِشَامَ بنَ الحَكَمِ زَعَمَ أَنّ اللّهَ تَعَالَي جِسمٌلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌعَالِمٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ قَادِرٌ مُتَكَلّمٌ نَاطِقٌ وَ الكَلَامُ وَ القُدرَةُ وَ العِلمُ يجَريِ‌ مَجرَي وَاحِدٍ لَيسَ شَيءٌ مِنهَا مَخلُوقاً فَقَالَ قَاتَلَهُ اللّهُ أَ مَا عَلِمَ أَنّ الجِسمَ مَحدُودٌ وَ الكَلَامَ غَيرُ المُتَكَلّمِ مَعَاذَ اللّهِ وَ أَبرَأُ إِلَي اللّهِ مِن هَذَا القَولِ لَا جِسمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا تَحدِيدٌ وَ كُلّ شَيءٍ سِوَاهُ مَخلُوقٌ وَ إِنّمَا تَكُونُ[تُكَوّنُ]الأَشيَاءُ بِإِرَادَتِهِ وَ مَشِيئَتِهِ مِن غَيرِ كَلَامٍ وَ لَا تَرَدّدٍ فِي نَفَسٍ وَ لَا نُطقٍ بِلِسَانٍ

يد،[التوحيد]الدقاق عن محمدالأسدي‌ عن البرمكي‌ عن علي بن العباس عن الحسين بن عبدالرحمن الحماني‌ مثله بيان قوله ليس كمثله شيءيومئ إلي أنه لم يقل بالجسمية الحقيقية بل أطلق عليه لفظ الجسم ونفي عنه صفات الأجسام ويحتمل أن يكون مراده أنه لايشبهه شيء من الأجسام بل هونوع مباين لسائر أنواع الأجسام فعلي الأول نفي ع إطلاق هذااللفظ عليه تعالي بأن الجسم إنما يطلق علي الحقيقة التي‌ يلزمها التقدير والتحديد فكيف يطلق عليه تعالي . و قوله يجري‌ مجري واحد إشارة إلي عينية الصفات وكون الذات قائمة مقامها فنفي ع كون الكلام كذلك ثم نبه علي بطلان مايوهم كلامه من كون الكلام من أسباب وجود الأشياء فلفظة كن في الآية الكريمة كناية عن تسخيره للأشياء وانقيادها له من غيرتوقف علي التكلم بها ثم نفي ع كون الإرادة علي نحو إرادة المخلوقين من خطور بال أوتردد في نفس ويحتمل أن يكون المقصود بما نسب إلي هشام كون الصفات كلها مع زيادتها مشتركة في عدم الحدوث والمخلوقية فنفاه ع بإثبات المغايرة أولا ثم بيان أن كل شيءسواه مخلوق والأول أظهر ولفظة تكون يمكن أن تقرأ علي المعلوم و علي المجهول من باب التفعيل

20-ج ،[الإحتجاج ] عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِي اِبرَاهِيمَ ع أَنّهُ قَالَ لَا أَقُولُ إِنّهُ قَائِمٌ فَأُزِيلَهُ عَن مَكَانٍ وَ لَا أَحُدّهُ بِمَكَانٍ يَكُونُ فِيهِ وَ لَا أَحُدّهُ أَن يَتَحَرّكَ فِي شَيءٍ مِنَ


صفحه : 296

الأَركَانِ وَ الجَوَارِحِ وَ لَا أَحُدّهُ بِلَفظِ شَقّ فَمٍ وَ لَكِن كَمَا قَالَ عَزّ وَ جَلّإِنّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُبِمَشِيئَتِهِ مِن غَيرِ تَرَدّدٍ فِي نَفَسٍ صَمَداً فَرداً لَم يَحتَج إِلَي شَرِيكٍ يُدَبّرُ لَهُ مُلكَهُ وَ لَا يَفتَحُ لَهُ أَبوَابَ عِلمِهِ

بيان فأزيله عن مكانه أي فأقول إنه يجوز أن يزول ويتحرك من مكان إلي آخر فيلزم مع كونه تعالي جسما محتاجا تبدل الأحوال عليه أوالمعني أن القيام نسبة إلي المكان يخلو بعض المكان عن بعض القائم عنه وشغل بعضه ببعضه مع أن نسبته تعالي إلي جميع الأمكنة علي السواء و لايشتغل به مكان و قوله في شيء من الأركان أي بشي‌ء من الأعضاء والجوارح ويحتمل أن يكون في بمعناه و يكون المراد بهاالحركة الكمية و قوله ع بلفظ شقّ فم أي بكلمة تخرج من فلقة الفم عندتكلّمه بها

21-فس ،[تفسير القمي‌] مُحَمّدُ بنُ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ عَن عَلِيّ بنِ العَبّاسِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ أُسَيدٍ عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ قَالَ سَمِعتُ مُوسَي بنَ جَعفَرٍ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ يَقُولُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَنزَلَ عَلَي عَبدِهِ مُحَمّدٍص أَنّهُ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ الحيَ‌ّ القَيّومُ وَ يُسَمّي بِهَذِهِ الأَسمَاءِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ العَزِيزِ الجَبّارِ العلَيِ‌ّ العَظِيمِ فَتَاهَت هُنَالِكَ عُقُولُهُم وَ استَخَفّت حُلُومُهُم فَضَرَبُوا لَهُ الأَمثَالَ وَ جَعَلُوا لَهُ أَندَاداً وَ شَبّهُوهُ بِالأَمثَالِ وَ مَثّلُوهُ أَشبَاهاً وَ جَعَلُوهُ يَزُولُ وَ يَحُولُ فَتَاهُوا فِي بَحرٍ عَمِيقٍ لَا يَدرُونَ مَا غَورُهُ وَ لَا يُدرِكُونَ كَمّيّةَ بُعدِهِ

22-ب ،[قرب الإسناد] ابنُ عِيسَي عَنِ البزَنَطيِ‌ّ قَالَ قُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ هُم يَقُولُونَ فِي الصّفَةِ فَقَالَ لِي هُوَ ابتِدَاءً إِنّ رَسُولَ اللّهِص لَمّا أسُريِ‌َ بِهِ أَوقَفَهُ جَبرَئِيلُ ع مَوقِفاً لَم يَطَأهُ أَحَدٌ قَطّ فَمَضَي النّبِيّص فَأَرَاهُ اللّهُ مِن نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبّ فَوَقّفتُهُ عَلَي


صفحه : 297

التّشبِيهِ فَقَالَ سُبحَانَ اللّهِ دَع ذَا لَا يَنفَتِحُ عَلَيكَ مِنهُ أَمرٌ عَظِيمٌ

بيان فقال لي هوابتداء أي من غير أن أذكر ماوصفوه من التشبيه فوقّفته علي التشبيه أي فذكرت له مايقولون في التشبيه فأجابه ع بتنزيهه تعالي عن ذلك ونهاه عن القول بذلك والتفكر فيه لئلا ينفتح عليه من ذلك أمر عظيم هوالكفر والخروج عن الدين

23-يد،[التوحيد]المُفَسّرُ بِإِسنَادِهِ إِلَي أَبِي مُحَمّدٍ العسَكرَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ قَامَ رَجُلٌ إِلَي الرّضَا ع قَالَ لَهُ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ صِف لَنَا رَبّكَ فَإِنّ مَن قِبَلَنَا قَدِ اختَلَفُوا عَلَينَا فَقَالَ الرّضَا ع إِنّهُ مَن يَصِفُ رَبّهُ بِالقِيَاسِ لَا يَزَالُ الدّهرَ فِي الِالتِبَاسِ مَائِلًا عَنِ المِنهَاجِ ظَاعِناً فِي الِاعوِجَاجِ ضَالّا عَنِ السّبِيلِ قَائِلًا غَيرَ الجَمِيلِ أُعَرّفُهُ بِمَا عَرّفَ بِهِ نَفسَهُ مِن غَيرِ رَوِيّةٍ وَ أَصِفُهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ مِن غَيرِ صُورَةٍ لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ وَ لَا يُقَاسُ بِالنّاسِ مَعرُوفٌ بِغَيرِ تَشبِيهٍ وَ مُتَدَانٍ فِي بُعدِهِ لَا بِنَظِيرٍ لَا يُمَثّلُ بِخَلِيقَتِهِ وَ لَا يَجُوزُ فِي قَضِيّتِهِ الخَلقُ إِلَي مَا عَلِمَ مُنقَادُونَ وَ عَلَي مَا سَطَرَ فِي المَكنُونِ مِن كِتَابِهِ مَاضُونَ لَا يَعمَلُونَ خِلَافَ مَا عَلِمَ مِنهُم وَ لَا غَيرَهُ يُرِيدُونَ فَهُوَ قَرِيبٌ غَيرُ مُلتَزِقٍ وَ بَعِيدٌ غَيرُ مُتَقَصّ يُحَقّقُ وَ لَا يُمَثّلُ وَ يُوَحّدُ وَ لَا يُبَعّضُ يُعرَفُ بِالآيَاتِ وَ يُثبَتُ بِالعَلَامَاتِ فَلَا إِلَهَ غَيرُهُالكَبِيرُ المُتَعالِ ثُمّ قَالَ ع بَعدَ كَلَامٍ آخَرَ تَكَلّمَ بِهِ حدَثّنَيِ‌ أَبِي عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ عَن أَبِيهِ ع عَن رَسُولِ اللّهِص قَالَ مَا عَرَفَ اللّهَ مَن شَبّهَهُ بِخَلقِهِ وَ لَا وَصَفَهُ بِالعَدلِ مَن نَسَبَ إِلَيهِ ذُنُوبَ عِبَادِهِ

بيان الظعن السير والتقصيّ‌ البعد وبلوغ الغاية يحقق علي المجهول أي يثبت وجوده و لايمثل أي لايوجد كنهه في الذهن

24-ضه ،[روضة الواعظين ]روُيِ‌َ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَينَ المَعبُودُ فَقَالَ ع لَا يُقَالُ لَهُ أَينَ لِأَنّهُ أَيّنَ الأَينِيّةَ وَ لَا يُقَالُ لَهُ كَيفَ لِأَنّهُ كَيّفَ الكَيفِيّةَ وَ لَا يُقَالُ لَهُ مَا هُوَ لِأَنّهُ خَلَقَ المَاهِيّةَ سُبحَانَهُ مِن عَظِيمٍ تَاهَتِ الفِطَنُ فِي تَيّارِ أَموَاجِ عَظَمَتِهِ


صفحه : 298

وَ حَصِرَتِ الأَلبَابُ عِندَ ذِكرِ أَزَلِيّتِهِ وَ تَحَيّرَتِ العُقُولُ فِي أَفلَاكِ مَلَكُوتِهِ

25- وَ روُيِ‌َ عَنهُ أَيضاً ع أَنّهُ قَالَ اتّقُوا أَن تُمَثّلُوا بِالرّبّ ألّذِي لَا مِثلَ لَهُ أَو تُشَبّهُوهُ مِن خَلقِهِ أَو تُلقُوا عَلَيهِ الأَوهَامَ أَو تُعمِلُوا فِيهِ الفِكَرَ وَ تَضرِبُوا لَهُ الأَمثَالَ أَو تَنعَتُوهُ بِنُعُوتِ المَخلُوقِينَ فَإِنّ لِمَن فَعَلَ ذَلِكَ نَاراً

26-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ النخّعَيِ‌ّ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الحَكَمِ بنِ ظُهَيرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَرِيرٍ العبَديِ‌ّ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع أَنّهُ كَانَ يَقُولُ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا يُحَسّ وَ لَا يُجَسّ وَ لَا يُمَسّ وَ لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ الخَمسِ وَ لَا يَقَعُ عَلَيهِ الوَهمُ وَ لَا تَصِفُهُ الأَلسُنُ فَكُلّ شَيءٍ حَسّتهُ الحَوَاسّ أَو جَسّتهُ الجَوَاسّ أَو لَمَسَتهُ الأيَديِ‌ فَهُوَ مَخلُوقٌ وَ اللّهُ هُوَ العلَيِ‌ّ حَيثُ مَا يُبتَغَي يُوجَدُ وَ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي كَانَ قَبلَ أَن يَكُونَ كَانَ لَم يُوجَد لِوَصفِهِ كَانَ بَل كَانَ أَزَلًا كَانَ كَائِناً لَم يُكَوّنهُ مُكَوّنٌ جَلّ ثَنَاؤُهُ بَل كَوّنَ الأَشيَاءَ قَبلَ كَونِهَا فَكَانَت كَمَا كَوّنَهَا عَلِمَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ كَانَ إِذ لَم يَكُن شَيءٌ وَ لَم يَنطِق فِيهِ نَاطِقٌ فَكَانَ إِذ لَا كَانَ

بيان نفي‌ كان إما لإشعاره بالحدوث كمامر أولعدم كونه زمانيا بناء علي أن الزمان يخص المتغيرات ويدل الخبر علي حدوث العالم

27-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ جَعفَرٍ البغَداَديِ‌ّ عَن سَهلٍ عَن أَبِي الحَسَنِ عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ ع أَنّهُ قَالَ إلِهَيِ‌ تَاهَت أَوهَامُ المُتَوَهّمِينَ وَ قَصُرَ طُرَفُ الطّارِفِينَ وَ تَلَاشَت أَوصَافُ الوَاصِفِينَ وَ اضمَحَلّت أَقَاوِيلُ المُبطِلِينَ عَنِ الدّركِ لِعَجِيبِ شَأنِكَ أَوِ الوُقُوعِ بِالبُلُوغِ إِلَي عُلُوّكَ فَأَنتَ ألّذِي لَا تَتَنَاهَي وَ لَم يَقَع عَلَيكَ عُيُونٌ بِإِشَارَةٍ وَ لَا عِبَارَةٍ هَيهَاتَ ثُمّ هَيهَاتَ يَا أوَلّيِ‌ّ يَا وحَداَنيِ‌ّ يَا فرَداَنيِ‌ّ شَمَختَ فِي العُلُوّ بِعِزّ الكِبرِ وَ ارتَفَعتَ مِن وَرَاءِ كُلّ غَورَةٍ وَ نِهَايَةٍ بِجَبَرُوتِ الفَخرِ

بيان أوالوقوع أي عليك ويحتمل تعلق قوله بالبلوغ بالوقوع بأن تكون


صفحه : 299

الباء ظرفية ويحتمل أيضا تنازع الوقوع والبلوغ في قوله إلي علوك فأنت ألذي لاتتناهي أي ليس لمعرفتك ومعرفة صفاتك حدود تنتهي‌ إليها أولعلمك وقدرتك ورحمتك وغيرها نهاية تقف عندها والمراد بالعيون الجواسيس أوبالفتح بمعني حديد البصر إن ساعده الاستعمال و إذاحمل علي العيون جمع العين بمعني الباصرة فإسناد العبارة إليها مجازي‌ ويحتمل أن تكون العبارة متعلقة بقوله لاتتناهي علي اللف والنشر غيرالمرتب وشمخ علا وطال والغور القعر من كل شيء أي ارتفعت عن أن يدرك كنه ذاتك وصفاتك بالوصول إلي غور الأفكار ونهايتها بسبب جبروت وعظمة ذاتية توجب الفخر

28-يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ السعّدآَباَديِ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن دَاوُدَ بنِ القَاسِمِ قَالَ سَمِعتُ عَلِيّ بنَ مُوسَي الرّضَا ع يَقُولُ مَن شَبّهَ اللّهَ بِخَلقِهِ فَهُوَ مُشرِكٌ وَ مَن وَصَفَهُ بِالمَكَانِ فَهُوَ كَافِرٌ وَ مَن نَسَبَ إِلَيهِ مَا نَهَي عَنهُ فَهُوَ كَاذِبٌ ثُمّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَإِنّما يفَترَيِ‌ الكَذِبَ الّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِآياتِ اللّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الكاذِبُونَ

29-يد،[التوحيد]الفاَميِ‌ّ عَن مُحَمّدٍ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن غَيرِ وَاحِدٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن شَبّهَ اللّهَ بِخَلقِهِ فَهُوَ مُشرِكٌ وَ مَن أَنكَرَ قُدرَتَهُ فَهُوَ كَافِرٌ

30-يد،[التوحيد]الفاَميِ‌ّ عَن مُحَمّدٍ الحمِيرَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَن مُحَمّدٍ البرَقيِ‌ّ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن شَبّهَ اللّهَ بِخَلقِهِ فَهُوَ مُشرِكٌ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا يُشبِهُ شَيئاً وَ لَا يُشبِهُهُ شَيءٌ وَ كُلّ مَا وَقَعَ فِي الوَهمِ فَهُوَ بِخِلَافِهِ

قال الصدوق رحمه الله الدليل علي أن الله سبحانه لايشبه شيئا من خلقه من جهة من الجهات أنه لاجهة لشي‌ء من أفعاله إلامحدثة و لاجهة محدثة إلا وهي‌ تدلّ علي حدوث من هي‌ له فلو كان الله جل ثناؤه يشبه شيئا منها لدلت علي حدوثه من حيث دلت علي حدوث من هي‌ له إذ المتماثلان في العقول يقتضيان حكما واحدا من حيث تماثلا منها و قدقام الدليل علي أن الله عز و جل قديم ومحال أن يكون قديما من جهة حادثا من أخري و من الدليل علي أن الله تبارك و تعالي قديم أنه لو كان حادثا لوجب


صفحه : 300

أن يكون له محدث لأن الفعل لا يكون إلابفاعل ولكان القول في محدثه كالقول فيه و في هذاوجود حادث قبل حادث لا إلي أول و هومحال فيصح أنه لابد من صانع قديم و إذا كان ذلك كذلك فالذي‌ يوجب قدم ذلك الصانع ويدل عليه يوجب قدم صانعنا ويدل عليه

31-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ ابنِ أَبَانٍ عَنِ ابنِ أُورَمَةَ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ الحَكَمِ بنِ ظُهَيرٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جُوَينٍ العبَديِ‌ّ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع أَنّهُ كَانَ يَقُولُ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي لَا يُحَسّ وَ لَا يُجَسّ وَ لَا يُمَسّ وَ لَا يُدرَكُ بِالحَوَاسّ الخَمسِ وَ لَا يَقَعُ عَلَيهِ الوَهمُ وَ لَا تَصِفُهُ الأَلسُنُ وَ كُلّ شَيءٍ حَسّتهُ الحَوَاسّ أَو لَمَسَتهُ الأيَديِ‌ فَهُوَ مَخلُوقٌ الحَمدُ لِلّهِ ألّذِي كَانَ إِذ لَم يَكُن شَيءٌ غَيرُهُ وَ كَوّنَ الأَشيَاءَ فَكَانَت كَمَا كَوّنَهَا وَ عَلِمَ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ

32-يد،[التوحيد]الهمَذَاَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ القَاسِمِ عَن جَدّهِ عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ قَالَ سَمِعتُ أَبَا اِبرَاهِيمَ مُوسَي بنَ جَعفَرٍ ع وَ هُوَ يُكَلّمُ رَاهِباً مِنَ النّصَارَي فَقَالَ لَهُ فِي بَعضِ مَا نَاظَرَهُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَجَلّ وَ أَعظَمُ مِن أَن يُحَدّ بِيَدٍ أَو رِجلٍ أَو حَرَكَةٍ أَو سُكُونٍ أَو يُوصَفَ بِطُولٍ أَو قِصَرٍ أَو تَبلُغَهُ الأَوهَامُ أَو تُحِيطَ بِصِفَتِهِ العُقُولُ أَنزَلَ مَوَاعِظَهُ وَ وَعدَهُ وَ وَعِيدَهُ أَمَرَ بِلَا شَفَةٍ وَ لَا لِسَانٍ وَ لَكِن كَمَا شَاءَ أَن يَقُولَ كُن فَكَانَ خَيراً كَمَا أَرَادَ فِي اللّوحِ

33-يد،[التوحيد]حَمزَةُ بنُ مُحَمّدٍ العلَوَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن مُحَمّدِ بنِ حَكِيمٍ قَالَ وَصَفتُ لأِبَيِ‌ الحَسَنِ ع قَولَ هِشَامٍ الجوَاَليِقيِ‌ّ وَ مَا يَقُولُ فِي الشّابّ المُوفِقِ وَ وَصَفتُ لَهُ قَولَ هِشَامِ بنِ الحَكَمِ فَقَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَا يُشبِهُهُ شَيءٌ


صفحه : 301

بيان المُوفِقُ هو ألذي أعضاؤه موافقة لحسن الخلقة أوالمستوي‌ من قولهم أوفقت الإبل إذااصطفت واستوت وقيل إنه تصحيف الريق أي ذا البهجة والبهاء وقيل هوتصحيف الموقّف بتقديم القاف بمعني المزيّن فإن الوقف سوار من عاج ووقّفت يديها بالحناء نقّطتها ويحتمل أن يكون تصحيف المُونِق

34-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ الصّفّارِ عَن سَهلٍ عَن حَمزَةَ بنِ مُحَمّدٍ قَالَ كَتَبتُ إِلَي أَبِي الحَسَنِ ع أَسأَلُهُ عَنِ الجِسمِ وَ الصّورَةِ فَكَتَبَ ع سُبحَانَ مَنلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ لَا جِسمٌ وَ لَا صُورَةٌ

يد،[التوحيد]العطار عن أبيه عن سهل عن بعض أصحابه مثله يد،[التوحيد]العطار عن أبيه عن سهل عن حمزة بن محمد إلي قوله

شيءأقول رواه الكراجكي‌ عن الحسين بن عبيد الله الواسطي‌ عن التلعكبري‌ عن الكليني‌ عن محمد بن الحسن عن سهل

35-يد،[التوحيد] أَبِي عَن أَحمَدَ بنِ إِدرِيسَ عَن مُحَمّدِ بنِ عَبدِ الجَبّارِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع سَمِعتُ هِشَامَ بنَ الحَكَمِ يرَويِ‌ عَنكُم أَنّ اللّهَ جَلّ وَ عَزّ جِسمٌ صمَدَيِ‌ّ نوُريِ‌ّ مَعرِفَتُهُ ضَرُورَةٌ يَمُنّ بِهَا عَلَي مَن يَشَاءُ مِن خَلقِهِ فَقَالَ ع سُبحَانَ مَن لَا يَعلَمُ كَيفَ هُوَ إِلّا هُوَلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ لَا يُحَدّ وَ لَا يُحَسّ وَ لَا يُجَسّ وَ لَا يُمَسّ وَ لَا يُدرِكُهُ الحَوَاسّ وَ لَا يُحِيطُ بِهِ شَيءٌ لَا جِسمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا تَخطِيطٌ وَ لَا تَحدِيدٌ

بيان معرفته ضرورة أي تقذف في القلب من غيراكتساب أوتحصل بالروية تعالي الله عن ذلك و قديؤول كلامه بأن مراده بالجسم الحقيقة العينية القائمة بذاتها لابغيرها وبالصمدي‌ ما لا يكون خاليا في ذاته عن شيءفيستعد أن يدخل هو فيه أومشتملا علي شيءيصح عليه خروجه عنه وبالنوري‌ ما يكون صافيا عن ظلم المواد وقابلياتها بل عن الماهية المغايرة للوجود وقابلياتها له


صفحه : 302

36-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَن مُحَمّدٍ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ وَ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ عَن صَالِحِ بنِ أَبِي حَمّادٍ عَن بَكرِ بنِ صَالِحٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ المُغِيرَةِ عَن مُحَمّدِ بنِ زِيَادٍ قَالَ سَمِعتُ يُونُسَ بنَ ظَبيَانَ يَقُولُ دَخَلتُ عَلَي أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فَقُلتُ لَهُ إِنّ هِشَامَ بنَ الحَكَمِ يَقُولُ قَولًا عَظِيماً إِلّا أنَيّ‌ أَختَصِرُ لَكَ مِنهُ أَحرُفاً يَزعُمُ أَنّ اللّهَ جِسمٌ لِأَنّ الأَشيَاءَ شَيئَانِ جِسمٌ وَ فِعلُ الجِسمِ فَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ الصّانِعُ بِمَعنَي الفِعلِ وَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعنَي الفَاعِلِ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع وَيلَهُ أَ مَا عَلِمَ أَنّ الجِسمَ مَحدُودٌ مُتَنَاهٍ وَ الصّورَةَ مَحدُودَةٌ مُتَنَاهِيَةٌ فَإِذَا احتَمَلَ الحَدّ احتَمَلَ الزّيَادَةَ وَ النّقصَانَ وَ إِذَا احتَمَلَ الزّيَادَةَ وَ النّقصَانَ كَانَ مَخلُوقاً قَالَ قُلتُ فَمَا أَقُولُ قَالَ ع لَا جِسمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ هُوَ مُجَسّمُ الأَجسَامِ وَ مُصَوّرُ الصّوَرِ لَم يَتَجَزّأ وَ لَم يَتَنَاهَ وَ لَم يَتَزَايَد وَ لَم يَتَنَاقَص لَو كَانَ كَمَا يَقُولُ لَم يَكُن بَينَ الخَالِقِ وَ المَخلُوقِ فَرقٌ وَ لَا بَينَ المُنشِئِ وَ المُنشَإِ لَكِن هُوَ المُنشِئُ فَرقٌ بَينَ مَن جَسّمَهُ وَ صَوّرَهُ وَ أَنشَأَهُ إِذ كَانَ لَا يُشبِهُهُ شَيءٌ وَ لَا يُشبِهُ هُوَ شَيئاً

إيضاح استدل ع علي نفي‌ جسميته تعالي بأنه لو كان جسما لكان محدودا بحدود متناهيا إليها لاستحالة لاتناهي‌ الأبعاد و كل محتمل للحد قابل للانقسام بأجزاء متشاركة في الاسم والحد فله حقيقة كلية غيرمتشخصة بذاتها و لاموجودة بذاتها


صفحه : 303

أو هومركب من أجزاء حال كل واحد منها ماذكر فيكون مخلوقا أوبأن كل قابل للحد والنهاية قابل للزيادة والنقصان لايتأبي عنهما في حد ذاته و إن استقر علي حد معين فإنما استقر عليه من جهة جاعل ثم استدل ع بوجه آخر و هو مايحكم به الوجدان من كون الموجد أعلي شأنا وأرفع قدرا من الموجد وعدم المشابهة والمشاركة بينهما و إلافكيف يحتاج أحدهما إلي العلة دون الآخر وكيف صار هذاموجدا لهذا بدون العكس ويحتمل أن يكون المراد عدم المشاركة والمشابهة فيما يوجب الاحتياج إلي العلة فيحتاج إلي علة أخري قوله فرق بصيغة المصدر أي الفرق حاصل بينه و بين من صوره ويمكن أن يقرأ علي الماضي‌ المعلوم

37-يد،[التوحيد] عَلِيّ بنُ أَحمَدَ بنِ عَبدِ اللّهِ بنِ أَحمَدَ بنِ أَبِي عَبدِ اللّهِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ أَحمَدَ عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ حَكِيمٍ قَالَ وَصَفتُ لأِبَيِ‌ اِبرَاهِيمَ ع قَولَ هِشَامٍ الجوَاَليِقيِ‌ّ وَ حَكَيتُ لَهُ قَولَ هِشَامِ بنِ الحَكَمِ إِنّهُ جِسمٌ فَقَالَ إِنّ اللّهَ لَا يُشبِهُهُ شَيءٌ أَيّ فُحشٍ أَو خَنًا أَعظَمُ مِن قَولِ مَن يَصِفُ خَالِقَ الأَشيَاءِ بِجِسمٍ أَو صُورَةٍ أَو بِخِلقَةٍ أَو بِتَحدِيدٍ وَ أَعضَاءٍ تَعَالَي اللّهُ عَن ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً

بيان الخنا الفحش في القول ويحتمل أن يكون الترديد من الراوي‌

38-يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَن سَهلٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ القاَساَنيِ‌ّ قَالَ كَتَبتُ إِلَيهِ ع أَنّ مَن قِبَلَنَا قَدِ اختَلَفُوا فِي التّوحِيدِ قَالَ فَكَتَبَ ع سُبحَانَ مَن لَا يُحَدّ وَ لَا يُوصَفُ وَ لَا يُشبِهُهُ شَيءٌ وَلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ

39-يد،[التوحيد]مَاجِيلَوَيهِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن عِمرَانَ بنِ مُوسَي عَنِ الحَسَنِ بنِ جَرِيشٍ الراّزيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَنِ الطّيّبِ يعَنيِ‌ عَلِيّ بنَ مُحَمّدٍ وَ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع أَنّهُمَا قَالَا مَن قَالَ بِالجِسمِ فَلَا تُعطُوهُ مِنَ الزّكَاةِ وَ لَا تُصَلّوا وَرَاءَهُ

40-نص ،[كفاية الأثر] أَبُو المُفَضّلِ الشيّباَنيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُطَوّقِ بنِ سَوّارٍ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ مُحَمّدِ بنِ المُهَلّبِ عَن عَبدِ الغَفّارِ بنِ كَثِيرٍ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي هَاشِمٍ عَن مُجَاهِدٍ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ قَالَقَدِمَ يهَوُديِ‌ّ عَلَي رَسُولِ اللّهِص يُقَالُ لَهُ نَعثَلٌ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إنِيّ‌ سَائِلُكَ عَن أَشيَاءَ تَلَجلَجَ فِي صدَريِ‌ مُنذُ حِينٍ فَإِن أَنتَ أجَبَتنَيِ‌ عَنهَا أَسلَمتُ عَلَي يَدِكَ


صفحه : 304

قَالَ سَل يَا أَبَا عُمَارَةَ فَقَالَ يَا مُحَمّدُ صِف لِي رَبّكَ فَقَالَ ع إِنّ الخَالِقَ لَا يُوصَفُ إِلّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ وَ كَيفَ يُوصَفُ الخَالِقُ ألّذِي يَعجِزُ الحَوَاسّ أَن تُدرِكَهُ وَ الأَوهَامُ أَن تَنَالَهُ وَ الخَطَرَاتُ أَن تَحُدّهُ وَ الأَبصَارُ عَنِ الإِحَاطَةِ بِهِ جَلّ عَمّا يَصِفُهُ الوَاصِفُونَ نَأَي فِي قُربِهِ وَ قَرُبَ فِي نَأيِهِ كَيّفَ الكَيفِيّةَ فَلَا يُقَالُ لَهُ كَيفَ وَ أَيّنَ الأَينَ فَلَا يُقَالُ لَهُ أَينَ هُوَ مُنقَطِعُ الكَيفُوفِيّةِ وَ الأَينُونِيّةِ فَهُوَ الأَحَدُ الصّمَدُ كَمَا وَصَفَ نَفسَهُ وَ الوَاصِفُونَ لَا يَبلُغُونَ نَعتَهُلَم يَلِد وَ لَم يُولَد وَ لَم يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ أخَبرِنيِ‌ عَن قَولِكَ إِنّهُ وَاحِدٌ لَا شَبِيهَ لَهُ أَ لَيسَ اللّهُ وَاحِدٌ وَ الإِنسَانُ وَاحِدٌ فَوَحدَانِيّتُهُ أَشبَهَت وَحدَانِيّةَ الإِنسَانِ فَقَالَ ع اللّهُ وَاحِدٌ وَ أحَدَيِ‌ّ المَعنَي وَ الإِنسَانُ وَاحِدٌ ثنَوَيِ‌ّ المَعنَي جِسمٌ وَ عَرَضٌ وَ بَدَنٌ وَ رُوحٌ فَإِنّمَا التّشبِيهُ فِي المعَاَنيِ‌ لَا غَيرُ قَالَ صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ

41-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ الأشَعرَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن هِشَامِ بنِ اِبرَاهِيمَ العبَاّسيِ‌ّ قَالَ قُلتُ لَهُ يعَنيِ‌ أَبَا الحَسَنِ ع جُعِلتُ فِدَاكَ أمَرَنَيِ‌ بَعضُ مَوَالِيكَ أَن أَسأَلَكَ عَن مَسأَلَةٍ قَالَ وَ مَن هُوَ قُلتُ الحَسَنُ بنُ سَهلٍ قَالَ وَ فِي أَيّ شَيءٍ المَسأَلَةُ قُلتُ فِي التّوحِيدِ قَالَ وَ أَيّ شَيءٍ مِنَ التّوحِيدِ قَالَ يَسأَلُكَ عَن اللّهِ جِسمٌ أَو لَا جِسمٌ فَقَالَ لِي إِنّ لِلنّاسِ فِي التّوحِيدِ ثَلَاثَةَ مَذَاهِبَ إِثبَاتٌ بِتَشبِيهٍ وَ مَذهَبُ النفّي‌ِ وَ مَذهَبُ إِثبَاتٍ بِلَا تَشبِيهٍ فَمَذهَبُ الإِثبَاتِ بِتَشبِيهٍ لَا يَجُوزُ وَ مَذهَبُ النفّي‌ِ لَا يَجُوزُ وَ الطّرِيقُ فِي المَذهَبِ الثّالِثِ إِثبَاتٌ بِلَا تَشبِيهٍ

42-يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن يَعقُوبَ السّرّاجِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ عَبدِ اللّهِ ع إِنّ بَعضَ أَصحَابِنَا يَزعُمُ أَنّ لِلّهِ صُورَةً مِثلَ الإِنسَانِ وَ قَالَ آخَرُ إِنّهُ فِي صُورَةِ أَمرَدَ جَعدٍ قَطَطٍ فَخَرّ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع سَاجِداً ثُمّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ سُبحَانَ اللّهِ ألّذِيلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَلا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَ لَا يُحِيطُ بِهِ عِلمٌلَم يَلِدلِأَنّ الوَلَدَ يُشبِهُ أَبَاهُوَ لَم يُولَدفَيُشبِهَ مَن كَانَ قَبلَهُوَ لَم يَكُن لَهُ مِن خَلقِهِكُفُواً أَحَدٌ تَعَالَي عَن صِفَةِ مَن سِوَاهُ عُلُوّاً كَبِيراً

بيان الجعد ضد السبط قال الجزري‌ في صفة شعره ع ليس بالسبط


صفحه : 305

و لاالجعد القطط السبط من الشعر المنبسط المسترسل والقطط الشديدة الجعودة

43-كش ،[رجال الكشي‌] مُحَمّدُ بنُ مَسعُودٍ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدٍ القمُيّ‌ّ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ مُوسَي بنِ عِيسَي عَن إِسكِيبِ بنِ أَحمَدَ الكيَساَنيِ‌ّ عَن عَبدِ المَلِكِ بنِ هِشَامٍ الخَيّاطِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ الحَسَنِ الرّضَا ع أَسأَلُكَ جعَلَنَيِ‌َ اللّهُ فِدَاكَ قَالَ سَل يَا جبَلَيِ‌ّ عَمّا ذَا تسَألَنُيِ‌ فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ زَعَمَ هِشَامُ بنُ سَالِمٍ أَنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ صُورَةً وَ أَنّ آدَمَ خُلِقَ عَلَي مِثَالِ الرّبّ فَيَصِفُ هَذَا وَ يَصِفُ هَذَا وَ أَومَأتُ إِلَي جاَنبِيِ‌ وَ شَعرِ رأَسيِ‌ وَ زَعَمَ يُونُسُ مَولَي آلِ يَقطِينٍ وَ هِشَامُ بنُ الحَكَمِ أَنّ اللّهَ شَيءٌ لَا كَالأَشيَاءِ وَ أَنّ الأَشيَاءَ بَائِنَةٌ مِنهُ وَ أَنّهُ بَائِنٌ مِنَ الأَشيَاءِ وَ زَعَمَا أَنّ إِثبَاتَ الشيّ‌ءِ أَن يُقَالَ جِسمٌ فَهُوَ جِسمٌ لَا كَالأَجسَامِ شَيءٌ لَا كَالأَشيَاءِ ثَابِتٌ مَوجُودٌ غَيرُ مَفقُودٍ وَ لَا مَعدُومٍ خَارِجٌ عَنِ الحَدّينِ حَدّ الإِبطَالِ وَ حَدّ التّشبِيهِ فبَأِيَ‌ّ القَولَينِ أَقُولُ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع أَرَادَ هَذَا الإِثبَاتَ وَ هَذَا شَبّهَ رَبّهُ تَعَالَي بِمَخلُوقٍ تَعَالَي اللّهُ ألّذِي لَيسَ لَهُ شِبهٌ وَ لَا مِثلٌ وَ لَا عِدلٌ وَ لَا نَظِيرٌ وَ لَا هُوَ بِصِفَةِ المَخلُوقِينَ لَا تَقُل بِمِثلِ مَا قَالَ هِشَامُ بنُ سَالِمٍ وَ قُل بِمَا قَالَ مَولَي آلِ يَقطِينٍ وَ صَاحِبهُ قَالَ فَقُلتُ يُعطَي الزّكَاةَ مَن خَالَفَ هِشَاماً فِي التّوحِيدِ فَقَالَ بِرَأسِهِ لَا

بيان أراد هذاالإثبات أي يونس وهشام بن الحكم ولعله ع إنما صوب قولهما في المعني لا في إطلاق لفظ الجسم عليه تعالي ويظهر مما زعما من أن إثبات الشي‌ء أن يقال جسم أن مرادهم بالجسم أعم من المعني المصطلح كمامر


صفحه : 306

44-يد،[التوحيد]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الصيّرفَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ حَمّادٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا يُقدَرُ قُدرَتُهُ وَ لَا يَقدِرُ العِبَادُ عَلَي صِفَتِهِ وَ لَا يَبلُغُونَ كُنهَ عِلمِهِ وَ لَا مَبلَغَ عَظَمَتِهِ وَ لَيسَ شَيءٌ غَيرَهُ وَ هُوَ نُورٌ لَيسَ فِيهِ ظُلمَةٌ وَ صِدقٌ لَيسَ فِيهِ كَذِبٌ وَ عَدلٌ لَيسَ فِيهِ جَورٌ وَ حَقّ لَيسَ فِيهِ بَاطِلٌ كَذَلِكَ لَم يَزَل وَ لَا يَزَالُ أَبَدَ الآبِدِينَ وَ كَذَلِكَ كَانَ إِذ لَم تَكُن أَرضٌ وَ لَا سَمَاءٌ وَ لَا لَيلٌ وَ لَا نَهَارٌ وَ لَا شَمسٌ وَ لَا قَمَرٌ وَ لَا نُجُومٌ وَ لَا سَحَابٌ وَ لَا مَطَرٌ وَ لَا رِيَاحٌ ثُمّ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَحَبّ أَن يَخلُقَ خَلقاً يُعَظّمُونَ عَظَمَتَهُ وَ يُكَبّرُونَ كِبرِيَاءَهُ وَ يُجِلّونَ جَلَالَهُ فَقَالَ كُونَا ظِلّينِ فَكَانَا كَمَا قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي

قال الصدوق رحمه الله معني قوله هونور أي هومنير وهاد ومعني قوله كونا ظلين الروح المقدس والملك المقرب والمراد به أن الله كان و لا شيءمعه فأراد أن يخلق أنبياءه وحججه وشهداءه فخلق قبلهم الروح المقدس و هو ألذي يؤيد الله عز و جل به أنبياءه وشهداءه وحججه صلوات الله عليهم و هو ألذي يحرسهم به من كيد الشيطان ووسواسه ويسددهم ويوفقهم ويمدهم بالخواطر الصادقة ثم خلق الروح الأمين ألذي نزل علي أنبيائه بالوحي‌ منه عز و جل و قال لهما كونا ظلين ظليلين لأنبيائي‌ ورسلي‌ وحججي‌ وشهدائي‌ فكانا كما قال الله عز و جل ظلين ظليلين لأنبيائه ورسله وحججه وشهدائه يعينهم بهما وينصرهم علي أيديهما ويحرسهم بهما و علي هذاالمعني قيل للسلطان العادل إنه ظل الله في أرضه لعباده يأوي‌ إليه المظلوم ويأمن به الخائف الوجل ويأمن به السبل وينتصر به الضعيف من القوي‌ و هذا هوسلطان الله وحجته التي‌ لاتخلو الأرض منه إلي أن تقوم الساعة.


صفحه : 307

بيان قوله ع و ليس شيءغيره أي كذلك أو كان كذلك حين لا شيءغيره ويحتمل اتصاله بما بعده أي هومتصف بتلك الأوصاف المذكورة بعد ذلك لا شيءغيره و قوله ع كونا ظلين يحتمل أن يكون إشارة إلي خلق أرواح الثقلين فإن الظلال تطلق علي عالم الأرواح في الأخبار كماسيأتي‌ أو إلي الملائكة وأرواح البشر أو إلي نور محمد و علي صلوات الله عليهما أونور محمد ونور أهل بيته ع وَ يُؤَيّدُهُ مَا سيَأَتيِ‌ فِي بَابِ بَدءِ خَلقِ أَروَاحِ الأَئِمّةِ ع عَن جَابِرٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ كَانَ اللّهُ وَ لَا شَيءَ غَيرُهُ فَأَوّلُ مَا ابتَدَأَ مِن خَلقٍ خَلَقَهُ أَن خَلَقَ مُحَمّداً وَ خَلَقَنَا أَهلَ البَيتِ مَعَهُ مِن نُورِ عَظَمَتِهِ فَأَوقَفَنَا أَظِلّةً خَضرَاءَ بَينَ يَدَيهِ حَيثُ لَا سَمَاءَ وَ لَا أَرضَ وَ لَا مَكَانَ وَ لَا لَيلَ وَ لَا نَهَارَ وَ لَا شَمسَ وَ لَا قَمَرَ الخَبَرَ

وَ عَن صَفوَانَ عَنِ الصّادِقِ ع قَالَ لَمّا خَلَقَ اللّهُ السّمَاوَاتِ وَ الأَرَضِينَ استَوَي عَلَي العَرشِ فَأَمَرَ نُورَينِ مِن نُورِهِ فَطَافَا حَولَ العَرشِ سَبعِينَ مَرّةً فَقَالَ عَزّ وَ جَلّ هَذَانِ نُورَانِ لِي مُطِيعَانِ فَخَلَقَ اللّهُ مِن ذَلِكَ النّورِ مُحَمّداً وَ عَلِيّاً وَ الأَصفِيَاءَ مِن وُلدِهِ ع

وَ عَنِ الثمّاَليِ‌ّ قَالَ دَخَلَت حَبَابَةُ الوَالِبِيّةُ عَلَي أَبِي جَعفَرٍ ع فَقَالَت أخَبرِنيِ‌ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ أَيّ شَيءٍ كُنتُم فِي الأَظِلّةِ فَقَالَ ع كُنّا نُوراً بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ قَبلَ خَلقِ خَلقِهِ الخَبَرَ

. ويحتمل أن يكون المراد بهما مادتي‌ السماء و الأرض

45-فس ،[تفسير القمي‌] أَبِي عَنِ البزَنَطيِ‌ّ عَنِ الرّضَا ع قَالَ قَالَ لِي يَا أَحمَدُ مَا الخِلَافُ بَينَكُم وَ بَينَ أَصحَابِ هِشَامِ بنِ الحَكَمِ فِي التّوحِيدِ فَقُلتُ جُعِلتُ فِدَاكَ قُلنَا نَحنُ بِالصّورَةِ لِلحَدِيثِ ألّذِي روُيِ‌َ أَنّ رَسُولَ اللّهِص رَأَي رَبّهُ فِي صُورَةِ شَابّ فَقَالَ هِشَامُ بنُ الحَكَمِ باِلنفّي‌ِ بِالجِسمِ فَقَالَ يَا أَحمَدُ إِنّ رَسُولَ اللّهِص لَمّا أسُريِ‌َ بِهِ إِلَي السّمَاءِ وَ بَلَغَ عِندَ سِدرَةِ المُنتَهَي خُرِقَ لَهُ فِي الحُجُبِ مِثلُ سَمّ الإِبرَةِ فَرَأَي مِن نُورِ العَظَمَةِ مَا شَاءَ اللّهُ أَن يَرَي وَ أَرَدتُم أَنتُمُ التّشبِيهَ دَع هَذَا يَا أَحمَدُ لَا يَنفَتِحُ عَلَيكَ مِنهُ أَمرٌ عَظِيمٌ

بيان بالنفي‌ أي نفي‌ الصورة مع القول بالجسم والمراد بالحجب إما الحجب المعنوية وبالرؤية الرؤية القلبية أوالحجب الصورية فالمراد بنور العظمة آثار عظمته برؤية عجائب خلقه


صفحه : 308

46-سن ،[المحاسن ] مُحَمّدُ بنُ عِيسَي عَن أَبِي هَاشِمٍ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ أخَبرَنَيِ‌ الأَشعَثُ بنُ حَاتِمٍ أَنّهُ سَأَلَ الرّضَا ع عَن شَيءٍ مِنَ التّوحِيدِ فَقَالَ أَ لَا تَقرَأُ القُرآنَ قُلتُ نَعَم قَالَ اقرَألا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَ هُوَ يُدرِكُ الأَبصارَفَقَرَأتُ فَقَالَ وَ مَا الأَبصَارُ قُلتُ أَبصَارُ العَينِ قَالَ لَا إِنّمَا عَنَي الأَوهَامَ لَا تُدرِكُ الأَوهَامُ كَيفِيّتَهُ وَ هُوَ يُدرِكُ كُلّ فَهمٍ

سن ،[المحاسن ] مُحَمّدُ بنُ عِيسَي عَن أَبِي هَاشِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع نَحوَهُ إِلّا أَنّهُ قَالَ الأَبصَارُ هَاهُنَا أَوهَامُ العِبَادِ وَ الأَوهَامُ أَكثَرُ مِنَ الأَبصَارِ وَ هُوَ يُدرِكُ الأَوهَامَ وَ لَا تُدرِكُهُ الأَوهَامُ

بيان كون الأوهام أكثر لأن البصر في الشخص متحد و له واهمة ومتفكرة ومتخيلة وعاقلة وكثيرا مايسلب عن الشخص البصر وتكون له تلك القوي ويحتمل أن يكون المراد بهاأكثرية مدركاتها فإنها تدرك ما لايدركه البصر أيضا

47-شي‌،[تفسير العياشي‌] عَنِ الثمّاَليِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَينِ ع قَالَ سَمِعتُهُ يَقُولُ لَا يُوصَفُ اللّهُ بِمُحكَمِ وَحيِهِ عَظُمَ رَبّنَا عَنِ الصّفَةِ وَ كَيفَ يُوصَفُ مَن لَا يُحَدّوَ هُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وَلا تُدرِكُهُ الأَبصارُوَ هُوَ اللّطِيفُ الخَبِيرُ

بيان أي دل محكم الآيات علي أنه لايوصف كقوله تعالي لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ و قوله لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ.أقول قدمرّ كثير من الأخبار المناسبة لهذا الباب في باب إثبات الصانع و باب النهي‌ عن التفكر وسيأتي‌ بعضها في باب جوامع التوحيد و باب احتجاج أمير المؤمنين ع علي النصاري و باب الرؤية


صفحه : 309

باب 41-نفي‌ الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالي وتأويل الآيات والأخبار في ذلك

1- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]السنّاَنيِ‌ّ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ النخّعَيِ‌ّ عَن عَمّهِ النوّفلَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا يُوصَفُ بِزَمَانٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ لَا حَرَكَةٍ وَ لَا انتِقَالٍ وَ لَا سُكُونٍ بَل هُوَ خَالِقُ الزّمَانِ وَ المَكَانِ وَ الحَرَكَةِ وَ السّكُونِ وَ الِانتِقَالِ تَعَالَي عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً

2-شا،[الإرشاد]ج ،[الإحتجاج ]روُيِ‌َ أَنّ بَعضَ أَحبَارِ اليَهُودِ جَاءَ إِلَي أَبِي بَكرٍ فَقَالَ لَهُ أَنتَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللّهِ عَلَي الأُمّةِ فَقَالَ نَعَم فَقَالَ إِنّا نَجِدُ فِي التّورَاةِ أَنّ خُلَفَاءَ الأَنبِيَاءِ أَعلَمُ أُمَمِهِم فخَبَرّنيِ‌ عَنِ اللّهِ أَينَ هُوَ فِي السّمَاءِ هُوَ أَم فِي الأَرضِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكرٍ فِي السّمَاءِ عَلَي العَرشِ قَالَ اليهَوُديِ‌ّ فَأَرَي الأَرضَ خَالِيَةً مِنهُ فَأَرَاهُ عَلَي هَذَا القَولِ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكرٍ هَذَا كَلَامُ الزّنَادِقَةِ اعزُب عنَيّ‌ وَ إِلّا قَتَلتُكَ فَوَلّي الرّجُلُ مُتَعَجّباً يسَتهَز‌ِئُ بِالإِسلَامِ فَاستَقبَلَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ يَا يهَوُديِ‌ّ قَد عَرَفتُ مَا سَأَلتَ عَنهُ وَ مَا أُجِبتَ بِهِ وَ إِنّا نَقُولُ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَيّنَ الأَينَ فَلَا أَينَ لَهُ وَ جَلّ مِن أَن يَحوِيَهُ مَكَانٌ وَ هُوَ فِي كُلّ مَكَانٍ بِغَيرِ مُمَاسّةٍ وَ لَا مُجَاوَرَةٍ يُحِيطُ عِلماً بِمَا فِيهَا وَ لَا يَخلُو شَيءٌ مِن تَدبِيرِهِ تَعَالَي وَ إنِيّ‌ مُخبِرُكَ بِمَا جَاءَ فِي كِتَابٍ مِن كُتُبِكُم يُصَدّقُ بِمَا ذَكَرتُهُ لَكَ فَإِن عَرَفتَهُ أَ تُؤمِنُ بِهِ قَالَ اليهَوُديِ‌ّ نَعَم قَالَ أَ لَستُم تَجِدُونَ فِي بَعضِ كُتُبِكُم أَنّ مُوسَي بنَ عِمرَانَ كَانَ ذَاتَ يَومٍ جَالِساً إِذ جَاءَهُ مَلَكٌ مِنَ المَشرِقِ فَقَالَ لَهُ مِن أَينَ جِئتَ قَالَ مِن عِندِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ ثُمّ جَاءَهُ مَلَكٌ مِنَ المَغرِبِ فَقَالَ لَهُ مِن أَينَ جِئتَ قَالَ مِن عِندِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ ثُمّ جَاءَهُ مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ لَهُ مِن أَينَ جِئتَ قَالَ قَد جِئتُكَ مِنَ السّمَاءِ السّابِعَةِ مِن عِندِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ جَاءَهُ مَلَكٌ آخَرُ فَقَالَ مِن أَينَ جِئتَ قَالَ قَد جِئتُكَ مِنَ الأَرضِ السّابِعَةِ السّفلَي مِن عِندِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ فَقَالَ مُوسَي ع سُبحَانَ


صفحه : 310

مَن لَا يَخلُو مِنهُ مَكَانٌ وَ لَا يَكُونُ إِلَي مَكَانٍ أَقرَبَ مِن مَكَانٍ فَقَالَ اليهَوُديِ‌ّ أَشهَدُ أَنّ هَذَا هُوَ الحَقّ المُبِينُ وَ أَنّكَ أَحَقّ بِمَقَامِ نَبِيّكَ مِمّنِ استَولَي عَلَيهِ

بيان عَزَبَ عنه يعزُبُ ويعزِبُ أي بعد وغاب وفسّر ع قوله و هو في كل مكان بما ذكره بعده ليظهر أن المراد به الإحاطة بالعلم والتدبير

3-شا،[الإرشاد]ج ،[الإحتجاج ]رَوَي الشعّبيِ‌ّ أَنّهُ سَمِعَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع رَجُلًا يَقُولُ وَ ألّذِي احتَجَبَ بِسَبعِ طِبَاقٍ فَعَلَاهُ بِالدّرّةِ ثُمّ قَالَ لَهُ يَا وَيلَكَ إِنّ اللّهَ أَجَلّ مِن أَن يَحتَجِبَ عَن شَيءٍ أَو يَحتَجِبَ عَنهُ شَيءٌ سُبحَانَ ألّذِي لَا يَحوِيهِ مَكَانٌ وَ لَا يَخفَي عَلَيهِ شَيءٌ فِي الأَرضِ وَ لَا فِي السّمَاءِ فَقَالَ الرّجُلُ أَ فَأُكَفّرُ عَن يمَيِنيِ‌ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ لَا لَم تَحلِف بِاللّهِ فَيَلزَمَكَ الكَفّارَةُ وَ إِنّمَا حَلَفتَ بِغَيرِهِ

4-ج ،[الإحتجاج ] فِي جَوَابِ أَسئِلَةِ الزّندِيقِ المُنكِرِ لِلقُرآنِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع أَنّهُ قَالَ مَعنَي قَولِهِهَل يَنظُرُونَ إِلّا أَن تَأتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَو يأَتيِ‌َ رَبّكَ أَو يأَتيِ‌َ بَعضُ آياتِ رَبّكَفَإِنّمَا خَاطَبَ نَبِيّنَاص هَل يَنتَظِرُ المُنَافِقُونَ وَ المُشرِكُونَإِلّا أَن تَأتِيَهُمُ المَلائِكَةُفَيُعَايِنُوهُمأَو يأَتيِ‌َ رَبّكَ أَو يأَتيِ‌َ بَعضُ آياتِ رَبّكَيعَنيِ‌ بِذَلِكَ أَمرَ رَبّكَ وَ الآيَةُ هيِ‌َ العَذَابُ فِي دَارِ الدّنيَا كَمَا عَذّبَ الأُمَمَ السّالِفَةَ وَ القُرُونَ الخَالِيَةَ وَ قَالَأَ وَ لَم يَرَوا أَنّا نأَتيِ‌ الأَرضَ نَنقُصُها مِن أَطرافِهايعَنيِ‌ بِذَلِكَ مَا يَهلِكُ مِنَ القُرُونَ فَسَمّاهُ إِتيَاناً وَ قَولُهُالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوييعَنيِ‌ استَوَي تَدبِيرُهُ وَ عَلَا أَمرُهُ وَ قَولُهُوَ هُوَ ألّذِي فِي السّماءِ إِلهٌ وَ فِي الأَرضِ إِلهٌ وَ قَولُهُوَ هُوَ مَعَكُم أَينَ ما كُنتُم وَ قَولُهُما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُمفَإِنّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ استِيلَاءَ أُمَنَائِهِ بِالقُدرَةِ التّيِ‌ رَكّبَهَا فِيهِم عَلَي جَمِيعِ خَلقِهِ وَ أَنّ فِعلَهُم فِعلُهُ الخَبَرَ

يد،[التوحيد] فِي هَذَا الخَبَرِ وَ قَالَ فِي آيَةٍ أُخرَيفَأَتاهُمُ اللّهُ مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبُوايعَنيِ‌ أَرسَلَ عَلَيهِم عَذَاباً وَ كَذَلِكَ إِتيَانُهُ بُنيَانَهُم وَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَ جَلّفَأَتَي اللّهُ بُنيانَهُم مِنَ القَواعِدِفَإِتيَانُهُ بُنيَانَهُم مِنَ القَوَاعِدِ إِرسَالُ العَذَابِ


صفحه : 311

تبيان قال البيضاوي‌هَل يَنظُرُونَ أي ماينتظرون يعني‌ أهل مكة وهم ماكانوا منتظرين لذلك ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بالمنتظرين إِلّا أَن تَأتِيَهُمُ المَلائِكَةُملائكة الموت أوالعذاب أَو يأَتيِ‌َ رَبّكَ أي أمره بالعذاب أو كل آية يعني‌ آيات القيامة والهلاك الكلي‌ لقوله أَو يأَتيِ‌َ بَعضُ آياتِ رَبّكَيعني‌ أشراط الساعة.أقول لعله ع فسّر إتيان الرب بالقيامة وإتيان أمره تعالي بقيامها وإتيان بعض الآيات بنزول العذاب في الدنيا وإتيان الملائكة بظهورهم عندالموت أوالأعم منه و من غيره . و قال الطبرسي‌ رحمه الله أَ وَ لَم يَرَوا أَنّا نأَتيِ‌ الأَرضَ أي نقصِدهانَنقُصُها مِن أَطرافِهااختلف في معناه علي أقوال أحدها أ و لم ير هؤلاء الكفار أناننقص أطراف الأرض بإماتة أهلها وثانيها ننقصها بذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها وثالثها أن المراد نقصِد الأرض ننقصها من أطرافها بالفتوح علي المسلمين منها فننقص من أهل الكفر ونزيد في المسلمين يعني‌ مادخل في الإسلام من بلاد الشرك ورابعها أن معناه أ و لم يروا مايحدث في الدنيا من الخراب بعدالعمارة والموت بعدالحياة والنقصان بعدالزيادة انتهي . و أما ماذكره ع أخيرا في الخبر الأول فالظاهر تعلقه بالثلاثة الأخيرة فالمراد بالأولي نفوذ أمره تعالي في السماء و الأرض وخلقه الملائكة والحجج فيهما وإنفاذهم أمره تعالي فيهما وبالثانية كون الملائكة والحجج معهم شاهدين عليهم وكذا الثالثة

5-ج ،[الإحتجاج ] عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ الجعَفرَيِ‌ّ عَن أَبِي اِبرَاهِيمَ مُوسَي ع قَالَذُكِرَ عِندَهُ قَومٌ زَعَمُوا أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَنزِلُ إِلَي السّمَاءِ الدّنيَا فَقَالَ إِنّ اللّهَ لَا يَنزِلُ وَ لَا يَحتَاجُ إِلَي أَن يَنزِلَ إِنّمَا مَنظَرُهُ فِي القُربِ وَ البُعدِ سَوَاءٌ لَم يَبعُد مِنهُ قَرِيبٌ وَ لَم يَقرُب مِنهُ بَعِيدٌ وَ لَم يَحتَج إِلَي شَيءٍ بَل يُحتَاجُ إِلَيهِ وَ هُوَ ذُو الطّولِ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ أَمّا قَولُ الوَاصِفِينَ إِنّهُ يَنزِلُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي عَن ذَلِكَ فَإِنّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَن يَنسُبُهُ إِلَي نَقصٍ أَو زِيَادَةٍ وَ كُلّ مُتَحَرّكٍ مُحتَاجٌ إِلَي مَن يُحَرّكُهُ أَو يَتَحَرّكُ بِهِ فَمَن ظَنّ بِاللّهِ الظّنُونَ


صفحه : 312

فَقَد هَلَكَ وَ أَهلَكَ فَاحذَرُوا فِي صِفَاتِهِ مِن أَن تَقِفُوا لَهُ عَلَي حَدّ مِن نَقصٍ أَو زِيَادَةٍ أَو تَحرِيكٍ أَو تَحَرّكٍ أَو زَوَالٍ أَوِ استِنزَالٍ أَو نُهُوضٍ أَو قُعُودٍ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ عَن صِفَةِ الوَاصِفِينَ وَ نَعتِ النّاعِتِينَ وَ تَوَهّمِ المُتَوَهّمِينَ

يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ عَيّاشٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ رَاشِدٍ عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ الجعَفرَيِ‌ّ مِثلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِوَ تَوَكّل عَلَي العَزِيزِ الرّحِيمِ ألّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَ

بيان إنما منظره أي نظره وعلمه وإحاطته بأن يكون مصدرا ميميا أو ماينظر إليه في القرب والبعد منه سواء أي لايختلف اطلاعه علي الأشياء بالقرب والبعد لأن القرب والبعد إنما يجريان في المكاني‌ بالنسبة إلي المكان و هوسبحانه متعال عن المكان والطول الفضل والإنعام . قوله فإنما يقول ذلك من ينسبه إلي نقص أي النزول المكاني‌ إنما يتصور في المتحيز و كل متحيز موصوف بالتقدر و كل متقدر متصف بالنقص عما هوأزيد منه وبالزيادة علي ما هوأنقص منه أو يكون في نفسه قابلا للزيادة والنقصان والوجوب الذاتي‌ ينافي‌ ذلك لاستلزامه التجزؤ والانقسام المستلزمين للإمكان وأيضا كل متحرك محتاج إلي من يحركه أويتحرك به لأن المتحرك إما جسم أومتعلق بالجسم والجسم المتحرك لابد له من محرك لأنه ليس يتحرك بجسميته والمتعلق بالجسم لابد له في تحركه من جسم يتحرك به و هوسبحانه منزه عن الاحتياج إلي المتحرك و عن التغير بمغير و عن التعلق بجسم يتحرك به ويحتمل أن يكون المراد بالأول الحركة القسرية وبالثاني‌ مايشمل الإرادية والطبيعية بأن يكون المراد بقوله من يتحرك به مايتحرك به من طبيعة أونفس . و قوله من أن تقفوا من وقف يقف أي أن تقوموا في الوصف له وتوصيفه علي حد فتحدونه بنقص أوزيادة ويحتمل أن يكون من قفا يقفو أي أن تتبعوا له في البحث عن صفاته تتبعا علي حد تحدونه بنقص أوزيادة و قوله حين تقوم أي إلي التهجد أو إلي الخيرات أو إلي الأمور كلها وتقلبك في الساجدين أي ترددك وحركاتك فيما بين المصلين بالقيام والقعود والركوع والسجود


صفحه : 313

6-ج ،[الإحتجاج ] عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ الجعَفرَيِ‌ّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبدُ الغَفّارِ السلّمَيِ‌ّ أَبَا اِبرَاهِيمَ مُوسَي بنَ جَعفَرٍ ع عَن قَولِ اللّهِ تَعَالَيثُمّ دَنا فَتَدَلّي فَكانَ قابَ قَوسَينِ أَو أَدني فَقَالَ أَرَي هَاهُنَا خُرُوجاً مِن حُجُبٍ وَ تَدَلّياً إِلَي الأَرضِ وَ أَرَي مُحَمّداًص رَأَي رَبّهُ بِقَلبِهِ وَ نُسِبَ إِلَي بَصَرِهِ وَ كَيفَ هَذَا فَقَالَ أَبُو اِبرَاهِيمَ ع دَنا فَتَدَلّيفَإِنّهُ لَم يدل [يَتَدَلّ] عَن مَوضِعٍ وَ لَم يَتَدَلّ بِبَدَنٍ فَقَالَ عَبدُ الغَفّارِ أَصِفُهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ حَيثُ قَالَدَنا فَتَدَلّيفَلَم يَتَدَلّ عَن مَجلِسِهِ إِلّا قَد زَالَ عَنهُ وَ لَو لَا ذَلِكَ لَم يَصِف بِذَلِكَ نَفسَهُ فَقَالَ أَبُو اِبرَاهِيمَ ع إِنّ هَذِهِ لُغَةٌ فِي قُرَيشٍ إِذَا أَرَادَ الرّجُلُ مِنهُم أَن يَقُولَ قَد سَمِعتُ يَقُولُ قَد تَدَلّيتُ وَ إِنّمَا التدّلَيّ‌ الفَهمُ

بيان التدلي‌ القرب والنزول من علو والامتداد إلي جهة السفل و يكون من التدلل بمعني الغنج و ماذكره ع أن المراد به الفهم فهو علي المجاز لأن من يريد فهم شيءيتدلي إلي القائل ليسمعه ويفهمه ثم اعلم أنه قداختلف في تفسير هذه الآية علي وجوه .الأول أن تكون الضمائر راجعة إلي جبرئيل ع فالمعني وَ هُوَ أي جبرئيل بِالأُفُقِ الأَعليأفق السماءثُمّ دَنا من النبي ص فَتَدَلّي أي تعلق به و هوتمثيل لعروجه بالرسول ص أوتدلي من الأفق الأعلي فدنا من الرسول فيكون إشعارا بأنه عرج به غيرمنفصل عن محله وتقريرا لشدة قوته وقيل المعني قرب فاشتد قربه فَكانَالبعد بينهماقابَ قَوسَينِ أي قدرهماأَو أَدني والمقصود تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لماأوحي‌ إليه بنفي‌ البعد الملبس .الثاني‌ أن تكون الضمائر راجعة إلي محمدص أي ثُمّ دَنا محمد من الخلق والأمة وصار كواحد منهم فَتَدَلّيإليهم بالقول اللين والدعاء الرفيق فالحاصل أنه ص استوي وكمل فدنا من الخلق بعدعلوه وتدلي إليهم وبلغ الرسالة.الثالث أن تكون الضمائر راجعة إلي الله تعالي فيكون دنوه كناية عن رفع مكانته وتدليه عن جذبه بشراشره إلي جناب القدس والحاصل أنه مؤول بالدنو المعنوي‌ والتقرب والمعرفة واللطف علي مايؤول حديث من تقرب إلي‌ شبرا تقربت


صفحه : 314

إليه ذراعا وقيل الدنو منه ص و هوكناية عن عظم قدره حيث انتهي إلي حيث لم ينته إليه أحد والتدلي‌ منه تعالي كناية عن غاية لطفه ورحمته

7- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]يد،[التوحيد]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]الدّقّاقُ عَنِ الصوّفيِ‌ّ عَنِ الروّياَنيِ‌ّ عَن عَبدِ العَظِيمِ الحسَنَيِ‌ّ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ أَبِي مَحمُودٍ قَالَ قُلتُ لِلرّضَا ع يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ مَا تَقُولُ فِي الحَدِيثِ ألّذِي يَروِيهِ النّاسُ عَن رَسُولِ اللّهِص أَنّهُ قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَنزِلُ كُلّ لَيلَةٍ إِلَي السّمَاءِ الدّنيَا فَقَالَ ع لَعَنَ اللّهُ المُحَرّفِينَ لِلكَلِمِ عَن مَوَاضِعِهِ وَ اللّهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللّهِص كَذَلِكَ إِنّمَا قَالَص إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يُنزِلُ مَلَكاً إِلَي السّمَاءِ الدّنيَا كُلّ لَيلَةٍ فِي الثّلُثِ الأَخِيرِ وَ لَيلَةَ الجُمُعَةِ فِي أَوّلِ اللّيلِ فَيَأمُرُهُ فيَنُاَديِ‌ هَل مِن سَائِلٍ فَأُعطِيَهُ هَل مِن تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيهِ هَل مِن مُستَغفِرٍ فَأَغفِرَ لَهُ يَا طَالِبَ الخَيرِ أَقبِل يَا طَالِبَ الشّرّ أَقصِر فَلَا يَزَالُ ينُاَديِ‌ بِهَذَا إِلَي أَن يَطلُعَ الفَجرُ فَإِذَا طَلَعَ الفَجرُ عَادَ إِلَي مَحَلّهِ مِن مَلَكُوتِ السّمَاءِ حدَثّنَيِ‌ بِذَلِكَ أَبِي عَن جدَيّ‌ عَن آبَائِهِ عَن رَسُولِ اللّهِص

ج ،[الإحتجاج ]مرسلا مثله بيان الظاهر أن مراده ع تحريفهم لفظ الخبر ويحتمل أن يكون المراد تحريفهم معناه بأن يكون المراد بنزوله تعالي إنزال ملائكته مجازا ع ،[علل الشرائع ]السناني‌ والدقاق والمكتب والوراق عن الأسدي‌

مثله

8- لي ،[الأمالي‌ للصدوق ]السنّاَنيِ‌ّ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ النخّعَيِ‌ّ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِيهِ عَن ثَابِتِ بنِ دِينَارٍ قَالَ سَأَلتُ زَينَ العَابِدِينَ عَلِيّ بنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع عَنِ اللّهِ جَلّ جَلَالُهُ هَل يُوصَفُ بِمَكَانٍ فَقَالَ تَعَالَي اللّهُ عَن ذَلِكَ قُلتُ فَلِمَ أسُريِ‌َ نَبِيّهُ مُحَمّدٌص إِلَي السّمَاءِ قَالَ لِيُرِيَهُ مَلَكُوتَ السّمَاءِ وَ مَا فِيهَا مِن عَجَائِبِ صُنعِهِ وَ بَدَائِعِ خَلقِهِ قُلتُ فَقَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّثُمّ دَنا فَتَدَلّي فَكانَ قابَ قَوسَينِ أَو أَدني قَالَ ذَاكَ رَسُولُ اللّهِص دَنَا مِن حُجُبِ النّورِ فَرَأَي مَلَكُوتَ السّمَاوَاتِ ثُمّ تَدَلّيص فَنَظَرَ مِن تَحتِهِ إِلَي مَلَكُوتِ الأَرضِ حَتّي ظَنّ أَنّهُ فِي القُربِ مِنَ الأَرضِ كَقَابِ قَوسَينِ أَو أَدنَي


صفحه : 315

9-فس ،[تفسير القمي‌] أَبِي عَن حَمّادٍ عَن حَرِيزٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ إِنّ الرّبّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي يَنزِلُ كُلّ لَيلَةِ جُمُعَةٍ إِلَي سَمَاءِ الدّنيَا مِن أَوّلِ اللّيلِ وَ فِي كُلّ لَيلَةٍ فِي الثّلُثِ الأَخِيرِ وَ أَمَامَهُ مَلَكٌ ينُاَديِ‌ هَل مِن تَائِبٍ يُتَابُ عَلَيهِ هَل مِن مُستَغفِرٍ فَيُغفَرَ لَهُ هَل مِن سَائِلٍ فَيُعطَي سُؤلَهُ أللّهُمّ أَعطِ كُلّ مُنفِقٍ خَلَفاً وَ كُلّ مُمسِكٍ تَلَفاً فَإِذَا طَلَعَ الفَجرُ عَادَ الرّبّ إِلَي عَرشِهِ فَيُقَسّمُ الأَرزَاقَ بَينَ العِبَادِ ثُمّ قَالَ لِلفُضَيلِ بنِ يَسَارٍ يَا فُضَيلُ نَصِيبَكَ مِن ذَلِكَ وَ هُوَ قَولُ اللّهِوَ ما أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ إِلَي قَولِهِأَكثَرُهُم بِهِم مُؤمِنُونَ

بيان نزوله تعالي كناية عن تنزله عن عرش العظمة والجلال و أنه مع غنائه عنهم من جميع الوجوه يخاطبهم بما يخاطب به من يحتاج إلي غيره تلطفا وتكرما وعوده إلي عرشه عن توجهه تعالي إلي شئون أخر يفعله الملوك إذاتمكنوا علي عرشهم قوله ع نصيبك أي خذ نصيبك من هذاالخير و لاتغفل عنه

10- ع ،[علل الشرائع ]المُكَتّبُ وَ الوَرّاقُ وَ الهمَذَاَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَن يَحيَي بنِ أَبِي عِمرَانَ وَ صَالِحِ بنِ السنّديِ‌ّ عَن يُونُسَ بنِ عَبدِ الرّحمَنِ قَالَ قُلتُ لأِبَيِ‌ الحَسَنِ مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع لأِيَ‌ّ عِلّةٍ عَرَجَ اللّهُ بِنَبِيّهِص إِلَي السّمَاءِ وَ مِنهَا إِلَي سِدرَةِ المُنتَهَي وَ مِنهَا إِلَي حُجُبِ النّورِ وَ خَاطَبَهُ وَ نَاجَاهُ هُنَاكَ وَ اللّهُ لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ فَقَالَ ع إِنّ اللّهَ لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ وَ لَا يجَريِ‌ عَلَيهِ زَمَانٌ وَ لَكِنّهُ عَزّ وَ جَلّ أَرَادَ أَن يُشَرّفَ بِهِ مَلَائِكَتَهُ وَ سُكّانَ سَمَاوَاتِهِ وَ يُكرِمَهُم بِمُشَاهَدَتِهِ وَ يُرِيَهُ مِن عَجَائِبِ عَظَمَتِهِ مَا يُخبِرُ بِهِ بَعدَ هُبُوطِهِ وَ لَيسَ ذَلِكَ عَلَي مَا يَقُولُهُ المُشَبّهُونَ سُبحَانَ اللّهِ وَ تَعَالَي عَمّا يَصِفُونَ

يد،[التوحيد] علي بن الحسين بن الصلت عن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت عن عمه عبد الله بن الصلت عن يونس مثله

11- ع ،[علل الشرائع ] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مَالِكِ بنِ عُيَينَةَ عَن حَبِيبٍ السجّسِتاَنيِ‌ّ قَالَسَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِهِ عَزّ وَ جَلّثُمّ دَنا فَتَدَلّي فَكانَ قابَ قَوسَينِ أَو أَدني فَأَوحي إِلي عَبدِهِ ما أَوحي فَقَالَ لِي يَا حَبِيبُ لَا تَقرَأ هَكَذَا


صفحه : 316

اقرَأ ثُمّ دَنَا فَتَدَانَي فَكَانَ قَابَ قَوسَينِ أَو أَدنَي فَأَوحَي اللّهُ إِلَي عَبدِهِ يعَنيِ‌ رَسُولَ اللّهِص ما أَوحي يَا حَبِيبُ إِنّ رَسُولَ اللّهِص لَمّا فَتَحَ مَكّةَ أَتعَبَ نَفسَهُ فِي عِبَادَةِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ الشّكرِ لِنِعَمِهِ فِي الطّوَافِ بِالبَيتِ وَ كَانَ عَلِيّ ع مَعَهُ فَلَمّا غَشِيَهُمُ اللّيلُ انطَلَقَا إِلَي الصّفَا وَ المَروَةِ يُرِيدَانِ السعّي‌َ قَالَ فَلَمّا هَبَطَا مِنَ الصّفَا إِلَي المَروَةِ وَ صَارَا فِي الواَديِ‌ دُونَ العَلَمِ ألّذِي رَأَيتَ غَشِيَهُمَا مِنَ السّمَاءِ نُورٌ فَأَضَاءَت لَهُمَا جِبَالُ مَكّةَ وَ خَسَأَت أَبصَارُهُمَا قَالَ فَفَزِعَا لِذَلِكَ فَزَعاً شَدِيداً قَالَ فَمَضَي رَسُولُ اللّهِص حَتّي ارتَفَعَ مِنَ الواَديِ‌ وَ تَبِعَهُ عَلِيّ ع فَرَفَعَ رَسُولُ اللّهِص رَأسَهُ إِلَي السّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِرُمّانَتَينِ عَلَي رَأسِهِ قَالَ فَتَنَاوَلَهُمَا رَسُولُ اللّهِص فَأَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي مُحَمّدٍ يَا مُحَمّدُ إِنّهَا مِن قِطفِ الجَنّةِ فَلَا يَأكُل مِنهَا إِلّا أَنتَ وَ وَصِيّكَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ فَأَكَلَ رَسُولُ اللّهِص إِحدَاهُمَا وَ أَكَلَ عَلِيّ ع الأُخرَي ثُمّ أَوحَي اللّهُ عَزّ وَ جَلّ إِلَي مُحَمّدٍص مَا أَوحَي قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع يَا حَبِيبُوَ لَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخري عِندَ سِدرَةِ المُنتَهي عِندَها جَنّةُ المَأوييعَنيِ‌ عِندَهَا وَافَي بِهِ جَبرَئِيلُ حِينَ صَعِدَ إِلَي السّمَاءِ قَالَ فَلَمّا انتَهَي إِلَي مَحَلّ السّدرَةِ وَقَفَ جَبرَئِيلُ دُونَهَا وَ قَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ هَذَا موَقفِيِ‌َ ألّذِي وضَعَنَيِ‌َ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ فِيهِ وَ لَن أَقدِرَ عَلَي أَن أَتَقَدّمَهُ وَ لَكِنِ امضِ أَنتَ أَمَامَكَ إِلَي السّدرَةِ فَوَقَفَ عِندَهَا قَالَ فَتَقَدّمَ رَسُولُ اللّهِص إِلَي السّدرَةِ وَ تَخَلّفَ جَبرَئِيلُ ع قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع إِنّمَا سُمّيَت سِدرَةَ المُنتَهَي لِأَنّ أَعمَالَ أَهلِ الأَرضِ تَصعَدُ بِهَا المَلَائِكَةُ الحَفَظَةُ إِلَي مَحَلّ السّدرَةِ وَ الحَفَظَةُ الكِرَامُ البَرَرَةُ دُونَ السّدرَةِ يَكتُبُونَ مَا تَرفَعُ إِلَيهِمُ المَلَائِكَةُ مِن أَعمَالِ العِبَادِ فِي الأَرضِ قَالَ فَيَنتَهُونَ بِهَا إِلَي مَحَلّ السّدرَةِ قَالَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللّهِص فَرَأَي أَغصَانَهَا تَحتَ العَرشِ وَ حَولَهُ قَالَ فَتَجَلّي لِمُحَمّدٍص نُورُ الجَبّارِ عَزّ وَ جَلّ فَلَمّا غشَيِ‌َ مُحَمّداًص النّورُ شَخَصَ بِبَصَرِهِ وَ ارتَعَدَت فَرَائِصُهُ قَالَ فَشَدّ اللّهُ عَزّ وَ جَلّ لِمُحَمّدٍ قَلبَهُ وَ قَوّي لَهُ بَصَرَهُ حَتّي رَأَي مِن آيَاتِ رَبّهِ مَا رَأَي وَ ذَلِكَ قَولُ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ لَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخري عِندَ سِدرَةِ المُنتَهي عِندَها جَنّةُ المَأوي قَالَ يعَنيِ‌ المُوَافَاةَ قَالَ فَرَأَي مُحَمّدٌص مَا رَأَي بِبَصَرِهِمِن آياتِ رَبّهِ الكُبرييعَنيِ‌ أَكبَرَ الآيَاتِ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ ع وَ إِنّ غِلَظَ السّدرَةِ بِمَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ مِن أَيّامِ الدّنيَا وَ إِنّ


صفحه : 317

الوَرَقَةَ مِنهَا تغُطَيّ‌ أَهلَ الدّنيَا وَ إِنّ لِلّهِ عَزّ وَ جَلّ مَلَائِكَةً وَكّلَهُم بِنَبَاتِ الأَرضِ مِنَ الشّجَرِ وَ النّخلِ فَلَيسَ مِن شَجَرَةٍ وَ لَا نَخلَةٍ إِلّا وَ مَعَهَا مِنَ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ مَلَكٌ يَحفَظُهَا وَ مَا كَانَ فِيهَا وَ لَو لَا أَنّ مَعَهَا مَن يَمنَعُهَا لَأَكَلَهَا السّبَاعُ وَ هَوَامّ الأَرضِ إِذَا كَانَ فِيهَا ثَمَرُهَا قَالَ وَ إِنّمَا نَهَي رَسُولُ اللّهِص أَن يَضرِبَ أَحَدٌ مِنَ المُسلِمِينَ خَلَاهُ تَحتَ شَجَرَةٍ أَو نَخلَةٍ قَد أَثمَرَت لِمَكَانِ المَلَائِكَةِ المُوَكّلِينَ بِهَا قَالَ وَ لِذَلِكَ يَكُونُ الشّجَرُ وَ النّخلُ أُنساً إِذَا كَانَ فِيهِ حَملُهُ لِأَنّ المَلَائِكَةَ تَحضُرُهُ

إيضاح القطف بالكسر اسم للثمار المقطوعة من أصولها وشخوص البصر فتحه بحيث لايطرف والفريصة ودج العنق واللحمة بين الجنب والكتف لاتزال ترعد

12-فس ،[تفسير القمي‌] قَولُهُوَ هُوَ بِالأُفُقِ الأَعلييعَنيِ‌ رَسُولَ اللّهِص ثُمّ دَنايعَنيِ‌ رَسُولَ اللّهِص مِن رَبّهِ عَزّ وَ جَلّفَتَدَلّي قَالَ إِنّمَا أُنزِلَت ثُمّ دَنَا فَتَدَانَي فَكَانَ قَابَ قَوسَينِ قَالَ كَانَ مِنَ اللّهِ كَمَا بَينَ مَقبِضِ القَوسِ إِلَي رَأسِ السّيَةِأَو أَدني قَالَ بَل أَدنَي مِن ذَلِكَفَأَوحي إِلي عَبدِهِ ما أَوحي قَالَ وحَي‌َ المُشَافَهَةِ

تبيين قال الجوهري‌ تقول بينهما قاب قوس وقيب قوس وقاد قوس وقيد قوس أي قدر قوس والقاب ما بين المقبض والسية ولكل قوس قابان و قال بعضهم في قوله تعالي فَكانَ قابَ قَوسَينِأراد قابي‌ قوس فغلبه

13-ل ،[الخصال ] فِي مَسَائِلِ اليهَوُديِ‌ّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ ع قَالَ لَهُ فَرَبّكَ يَحمِلُ أَو يُحمَلُ قَالَ إِنّ ربَيّ‌ عَزّ وَ جَلّ يَحمِلُ كُلّ شَيءٍ بِقُدرَتِهِ وَ لَا يَحمِلُهُ شَيءٌ قَالَ فَكَيفَ قَولُهُ عَزّ وَ جَلّوَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قَالَ يَا يهَوُديِ‌ّ أَ لَم تَعلَم أَنّ لِلّهِما فِي السّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ وَ ما بَينَهُما وَ ما تَحتَ الثّريفَكُلّ شَيءٍ عَلَي الثّرَي وَ الثّرَي عَلَي القُدرَةِ وَ القُدرَةُ تَحمِلُ كُلّ شَيءٍ الخَبَرَ

14-يد،[التوحيد]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]تَمِيمٌ القرُشَيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ الأنَصاَريِ‌ّ عَنِ الهرَوَيِ‌ّ قَالَسَأَلَ المَأمُونُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيّ بنَ مُوسَي الرّضَا ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ هُوَ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ لِيَبلُوَكُم أَيّكُم أَحسَنُ عَمَلًا


صفحه : 318

فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي خَلَقَ العَرشَ وَ المَاءَ وَ المَلَائِكَةَ قَبلَ خَلقِ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ وَ كَانَتِ المَلَائِكَةُ تَستَدِلّ بِأَنفُسِهَا وَ بِالعَرشِ وَ المَاءِ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ ثُمّ جَعَلَ عَرشَهُ عَلَي المَاءِ لِيُظهِرَ بِذَلِكَ قُدرَتَهُ لِلمَلَائِكَةِ فَتَعلَمَ أَنّهُ عَلَي كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ ثُمّ رَفَعَ العَرشَ بِقُدرَتِهِ وَ نَقَلَهُ وَ جَعَلَهُ فَوقَ السّمَاوَاتِ السّبعِ ثُمّ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَ هُوَ مُستَولٍ عَلَي عَرشِهِ وَ كَانَ قَادِراً عَلَي أَن يَخلُقَهَا فِي طَرفَةِ عَينٍ وَ لَكِنّهُ عَزّ وَ جَلّ خَلَقَهَا فِي سِتّةِ أَيّامٍ لِيَظهَرَ لِلمَلَائِكَةِ مَا يَخلُقُهُ مِنهَا شَيئاً بَعدَ شَيءٍ فَيُستَدَلّ بِحُدُوثِ مَا يَحدُثُ عَلَي اللّهِ تَعَالَي ذِكرُهُ مَرّةً بَعدَ مَرّةٍ وَ لَم يَخلُقِ اللّهُ العَرشَ لِحَاجَةٍ بِهِ إِلَيهِ لِأَنّهُ غنَيِ‌ّ عَنِ العَرشِ وَ عَن جَمِيعِ مَا خَلَقَ لَا يُوصَفُ بِالكَونِ عَلَي العَرشِ لِأَنّهُ لَيسَ بِجِسمٍ تَعَالَي عَن صِفَةِ خَلقِهِ عُلُوّاً كَبِيراً

15-يد،[التوحيد] مع ،[معاني‌ الأخبار]ن ،[عيون أخبار الرضا عليه السلام ]المعُاَذيِ‌ّ عَن أَحمَدَ الهمَداَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ فَضّالٍ عَن أَبِيهِ قَالَسَأَلتُ الرّضَا ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّكَلّا إِنّهُم عَن رَبّهِم يَومَئِذٍ لَمَحجُوبُونَ فَقَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ يَحُلّ فِيهِ فَيُحجَبَ عَنهُ فِيهِ عِبَادُهُ وَ لَكِنّهُ يعَنيِ‌ أَنّهُم عَن ثَوَابِ رَبّهِم مَحجُوبُونَ قَالَ وَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ جاءَ رَبّكَ وَ المَلَكُ صَفّا صَفّا فَقَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَا يُوصَفُ باِلمجَيِ‌ءِ وَ الذّهَابِ تَعَالَي عَنِ الِانتِقَالِ إِنّمَا يعَنيِ‌ بِذَلِكَ وَ جَاءَ أَمرُ رَبّكَ وَ المَلَكُ صَفّاً صَفّاً


صفحه : 319

قَالَ وَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّهَل يَنظُرُونَ إِلّا أَن يَأتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ وَ المَلائِكَةُ قَالَ يَقُولُ هَل يَنظُرُونَ إِلّا أَن يَأتِيَهُم بِالمَلَائِكَةِ فِي ظُلَلٍ مِنَ الغَمَامِ وَ هَكَذَا نَزَلَت قَالَ وَ سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّسَخِرَ اللّهُ مِنهُم وَ عَن قَولِ اللّهِيسَتهَز‌ِئُ بِهِم وَ عَن قَولِهِ تَعَالَيوَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّهُ وَ عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّيُخادِعُونَ اللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُم فَقَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَا يَسخَرُ وَ لَا يسَتهَز‌ِئُ وَ لَا يَمكُرُ وَ لَا يُخَادِعُ وَ لَكِنّهُ عَزّ وَ جَلّ يُجَازِيهِم جَزَاءَ السّخرِيّةِ وَ جَزَاءَ الِاستِهزَاءِ وَ جَزَاءَ المَكرِ وَ الخَدِيعَةِ تَعَالَي اللّهُ عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً

ج ،[الإحتجاج ]مرسلا عنه ع بيان قال الزمخشري‌ في الآية الأولي كونهم محجوبين عنه تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم لأنه لايؤذن علي الملوك إلاللمكرمين لديهم و لايحجب عنهم إلاالمهانون عندهم و قال الرازي‌ في الآية الثانية اعلم أنه ثبت بالدليل العقلي‌ أن الحركة علي الله محال لأن كل ما كان كذلك كان جسما والجسم مستحيل أن يكون أزليا فلابد فيه من التأويل و هو أن هذا من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ثم ذلك المضاف ما هو فيه وجوه .أحدها وجاء أمر ربك للمحاسبة والمجازات وثانيها وجاء قهر ربك كمايقال جاءتنا بنو أمية أي قهرهم وثالثها وجاء جلائل آيات ربك لأن هذا يكون يوم القيامة و في ذلك اليوم تظهر العظام وجلائل الآيات فجعل مجيئها مجيئا له تفخيما لشأن تلك الآيات ورابعها وجاء ظهوره و ذلك لأن معرفة الله تصير ذلك اليوم ضرورية فصار ذلك كظهوره وتجليه للخلق فقال وجاء ربك أي زالت الشبه وارتفعت الشكوك وخامسها أن هذاتمثيل لظهور آيات الله وتبيين آثار قهره وسلطانه مثلت حاله في ذلك بحال الملك إذاظهر بنفسه فإنه يظهر بمجرد حضوره من آثار الهيبة والسياسة ما لايظهر بحضور عساكره كلها وسادسها أن الرب المربي‌ فلعل ملكا هوأعظم الملائكة هومرب للنبي‌ص جدا فكان هوالمراد من قوله وَ جاءَ رَبّكَ و قال الطبرسي‌ رحمه الله في الآية الثالثة أي هل ينتظر هؤلاء المكذبون بآيات الله


صفحه : 320

إلا أن يأتيهم أمر الله أي عذاب الله و ماتوعدهم به علي معصيته في ستر من السحاب وقيل قطع من السحاب و هذا كمايقال قتل الأمير فلانا وضربه وأعطاه و إن لم يتول شيئا من ذلك بنفسه بل فعل بأمره فأسند إليه لأمره به وقيل معناه ماينتظرون إلا أن تأتيهم جلائل آيات الله غير أنه ذكر نفسه تفخيما للآيات كمايقال دخل الأمير البلد ويراد بذلك جنده وإنما ذكر الغمام ليكون أهول فإن الأهوال تشبه بظلل الغمام كما قال سبحانه وَ إِذا غَشِيَهُم مَوجٌ كَالظّلَلِ و قال الزجاج معناه يأتيهم الله بما وعدهم من العذاب والحساب كما قال فَأَتاهُمُ اللّهُ مِن حَيثُ لَم يَحتَسِبُوا أي أتاهم بخذلانه إياهم والأقوال متقاربة و قديقال أتي وجاء فيما لايجوز عليه المجي‌ء والذهاب يقال أتاني‌ وعيد فلان وجاءني‌ كلام فلان وأتاني‌ حديثه و لايراد به الإتيان الحقيقي‌ ثم قال وقرأ أبو جعفرالملائكة بالجر قال وقيل معني الآية إلا أن يأتيهم الله بظلل من الغمام أي بجلائل آياته وبالملائكة انتهي أقول علي قراءته ع لايحتاج إلي شيء من هذه التأويلات

16-ج ،[الإحتجاج ] عَن مُوسَي بنِ جَعفَرٍ عَن آبَائِهِ ع أَنّ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ع قَالَ فِي جَوَابِ اليهَوُديِ‌ّ ألّذِي سَأَلَ عَن مُعجِزَاتِ الرّسُولِص إِنّهُ أسُريِ‌َ بِهِ مِنَ المَسجِدِ الحَرَامِ إِلَي المَسجِدِ الأَقصَي مَسِيرَةَ شَهرٍ وَ عُرِجَ بِهِ فِي مَلَكُوتِ السّمَاوَاتِ مَسِيرَةَ خَمسِينَ أَلفَ عَامٍ فِي أَقَلّ مِن ثُلُثِ لَيلَةٍ حَتّي انتَهَي إِلَي سَاقِ العَرشِ فَدَنَا بِالعِلمِ فَتَدَلّي فدَلُيّ‌َ لَهُ مِنَ الجَنّةِ رَفرَفٌ أَخضَرُ وَ غشَيِ‌َ النّورُ بَصَرَهُ فَرَأَي عَظَمَةَ رَبّهِ بِفُؤَادِهِ وَ لَم يَرَهَا بِعَينِهِ فَكَانَ كَقَابِ قَوسَينِ بَينَهَا وَ بَينَهُ أَو أَدنَي الخَبَرَ

بيان الضمير في قوله بينها راجع إلي الجنة ورجوعه إلي العظمة بعيد

17-يد،[التوحيد] ع ،[علل الشرائع ] ابنُ عِصَامٍ عَنِ الكلُيَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مُحَمّدِ بنِ سُلَيمَانَ عَن إِسمَاعِيلَ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ التمّيِميِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ عُلوَانَ عَن عَمرِو بنِ خَالِدٍ عَن زَيدِ بنِ عَلِيّ قَالَسَأَلتُ أَبِي سَيّدَ العَابِدِينَ ع فَقُلتُ لَهُ يَا أَبَتِ أخَبرِنيِ‌ عَن جَدّنَا رَسُولِ اللّهِص لَمّا عُرِجَ بِهِ إِلَي السّمَاءِ وَ أَمَرَهُ رَبّهُ عَزّ وَ جَلّ بِخَمسِينَ صَلَاةً كَيفَ لَم يَسأَلهُ التّخفِيفَ عَن أُمّتِهِ حَتّي قَالَ لَهُ مُوسَي بنُ عِمرَانَ ع ارجِع إِلَي رَبّكَ


صفحه : 321

فَاسأَلِ التّخفِيفَ فَإِنّ أُمّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَقَالَ يَا بنُيَ‌ّ إِنّ رَسُولَ اللّهِص كَانَ لَا يَقتَرِحُ عَلَي رَبّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ لَا يُرَاجِعُهُ فِي شَيءٍ يَأمُرُهُ بِهِ فَلَمّا سَأَلَهُ مُوسَي ع ذَلِكَ فَكَانَ شَفِيعاً لِأُمّتِهِ إِلَيهِ لَم يَجُز لَهُ رَدّ شَفَاعَةِ أَخِيهِ مُوسَي فَرَجَعَ إِلَي رَبّهِ فَسَأَلَهُ التّخفِيفَ إِلَي أَن رَدّهَا إِلَي خَمسِ صَلَوَاتٍ قَالَ قُلتُ لَهُ يَا أَبَتِ فَلِمَ لَا يَرجِعُ إِلَي رَبّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ يَسأَلُهُ التّخفِيفَ عَن خَمسِ صَلَوَاتٍ وَ قَد سَأَلَهُ مُوسَي ع أَن يَرجِعَ إِلَي رَبّهِ وَ يَسأَلَهُ التّخفِيفَ فَقَالَ يَا بنُيَ‌ّ أَرَادَص أَن يُحَصّلَ لِأُمّتِهِ التّخفِيفَ مَعَ أَجرِ خَمسِينَ صَلَاةً يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَ جَلّمَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثالِها أَ لَا تَرَي أَنّهُص لَمّا هَبَطَ إِلَي الأَرضِ نَزَلَ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا مُحَمّدُ إِنّ رَبّكَ يُقرِئُكَ السّلَامَ وَ يَقُولُ إِنّهَا خَمسٌ بِخَمسِينَما يُبَدّلُ القَولُ لدَيَ‌ّ وَ ما أَنَا بِظَلّامٍ لِلعَبِيدِ قَالَ فَقُلتُ لَهُ يَا أَبَتِ أَ لَيسَ اللّهُ تَعَالَي ذِكرُهُ لَا يُوصَفُ بِمَكَانٍ قَالَ تَعَالَي اللّهُ عَن ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً قُلتُ فَمَا مَعنَي قَولِ مُوسَي ع لِرَسُولِ اللّهِص ارجِع إِلَي رَبّكَ فَقَالَ مَعنَاهُ مَعنَي قَولِ اِبرَاهِيمَ ع إنِيّ‌ ذاهِبٌ إِلي ربَيّ‌ سَيَهدِينِ وَ مَعنَي قَولِ مُوسَي ع وَ عَجِلتُ إِلَيكَ رَبّ لِتَرضي وَ مَعنَي قَولِهِ عَزّ وَ جَلّفَفِرّوا إِلَي اللّهِيعَنيِ‌ حُجّوا إِلَي بَيتِ اللّهِ يَا بنُيَ‌ّ إِنّ الكَعبَةَ بَيتُ اللّهِ تَعَالَي فَمَن حَجّ بَيتَ اللّهِ فَقَد قَصَدَ إِلَي اللّهِ وَ المَسَاجِدُ بُيُوتُ اللّهِ فَمَن سَعَي إِلَيهَا فَقَد سَعَي إِلَي اللّهِ وَ قَصَدَ إِلَيهِ وَ المصُلَيّ‌ مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ فَهُوَ وَاقِفٌ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ جَلّ جَلَالُهُ وَ أَهلُ مَوقِفِ عَرَفَاتٍ هُم وُقُوفٌ بَينَ يدَيَ‌ِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ إِنّ لِلّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي بِقَاعاً فِي سَمَاوَاتِهِ فَمَن عُرِجَ بِهِ إِلَي بُقعَةٍ مِنهَا فَقَد عُرِجَ بِهِ إِلَيهِ أَ لَا تَسمَعُ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ يَقُولُتَعرُجُ المَلائِكَةُ وَ الرّوحُ إِلَيهِ وَ يَقُولُ فِي قِصّةِ عِيسَي ع بَل رَفَعَهُ اللّهُ إِلَيهِ وَ يَقُولُ عَزّ وَ جَلّإِلَيهِ يَصعَدُ الكَلِمُ الطّيّبُ وَ العَمَلُ الصّالِحُ يَرفَعُهُ

بيان الغرض من ذكر هذه الاستشهادات بيان شيوع تلك الاستعمالات والتجوزات في لسان أهل الشرع والعرف


صفحه : 322

18-يد،[التوحيد]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَلِيّ بنِ اِبرَاهِيمَ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي عَن يُونُسَ عَن أَبِي المَغرَاءِ رَفَعَهُ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَعَالَي خِلوٌ مِن خَلقِهِ وَ خَلقُهُ خِلوٌ مِنهُ وَ كُلّ مَا وَقَعَ عَلَيهِ اسمُ شَيءٍ فَهُوَ مَخلُوقٌ مَا خَلَا اللّهَ عَزّ وَ جَلّ

يد،[التوحيد]حمزة العلوي‌ عن علي عن أبيه عن علي بن عطية عن خثيمة عن أبي جعفر ع و ابن الوليد عن الصفار عن البرقي‌ عن أبيه عن النضر عن يحيي الحلبي‌ عن ابن مسكان عن زرارة عن أبي عبد الله ع مثله بزيادة

19-يد،[التوحيد]حَمزَةُ العلَوَيِ‌ّ عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ ابنِ أُذَينَةَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع فِي قَولِهِ عَزّ وَ جَلّما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَ لا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَ لا أَدني مِن ذلِكَ وَ لا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانُوا فَقَالَ هُوَ وَاحِدٌ أحَدَيِ‌ّ الذّاتِ بَائِنٌ مِن خَلقِهِ وَ بِذَلِكَ وَصَفَ نَفسَهُ وَ هُوَ بِكُلّ شَيءٍ مُحِيطٌ بِالإِشرَافِ وَ الإِحَاطَةِ وَ القُدرَةِلا يَعزُبُ عَنهُ مِثقالُ ذَرّةٍ فِي السّماواتِ وَ لا فِي الأَرضِ وَ لا أَصغَرُ مِن ذلِكَ وَ لا أَكبَرُبِالإِحَاطَةِ وَ العِلمِ لَا بِالذّاتِ لِأَنّ الأَمَاكِنَ مَحدُودَةٌ تَحوِيهَا حُدُودٌ أَربَعَةٌ فَإِذَا كَانَ بِالذّاتِ لَزِمَهُ الحَوَايَةُ

بيان ما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ أي مايقع من تناجي‌ ثلاثة ويجوز أن يقدر مضاف أويؤول نجوي بمتناجين ويجعل ثلاثة صفة لهاإِلّا وهُوَ رابِعُهُم أي إلا الله يجعلهم أربعة من حيث إنه يشاركهم في الاطلاع عليهاوَ لا خَمسَةٍ أي و لانجوي خمسة وتخصيص العددين إما لخصوص الواقعة أولأن الله وتر يحب الوتر والثلاثة أول الأوتار أولأن التشاور لابد له من اثنين يكونان كالمتنازعين وثالث يتوسط بينهم . ثم اعلم أنه لما كان القدام والخلف واليمين والشمال غيرمتميزة إلابالاعتبار عد الجميع حدين والفوق والتحت حدين فصارت أربعة والمعني أنه ليست إحاطته سبحانه بالذات لأن الأماكن محدودة فإذاكانت إحاطته بالذات بأن كانت بالدخول في الأمكنة لزم كونه محاطا بالمكان كالمتمكن و إن كانت بالانطباق علي المكان لزم كونه محيطا بالمتمكن كالمكان


صفحه : 323

20-يد،[التوحيد]العَطّارُ عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ يَزِيدَ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الخَزّازِ عَن مُثَنّي الحَنّاطِ عَن أَبِي جَعفَرٍ أَظُنّهُ مُحَمّدَ بنَ النّعمَانِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّوَ هُوَ اللّهُ فِي السّماواتِ وَ فِي الأَرضِ قَالَ كَذَلِكَ هُوَ فِي كُلّ مَكَانٍ قُلتُ بِذَاتِهِ قَالَ وَيحَكَ إِنّ الأَمَاكِنَ أَقدَارٌ فَإِذَا قُلتَ فِي مَكَانٍ بِذَاتِهِ لَزِمَكَ أَن تَقُولَ فِي أَقدَارٍ وَ غَيرِ ذَلِكَ وَ لَكِن هُوَ بَائِنٌ مِن خَلقِهِ مُحِيطٌ بِمَا خَلَقَ عِلماً وَ قُدرَةً وَ إِحَاطَةً وَ سُلطَاناً وَ لَيسَ عِلمُهُ بِمَا فِي الأَرضِ بِأَقَلّ مِمّا فِي السّمَاءِ لَا يَبعُدُ مِنهُ شَيءٌ وَ الأَشيَاءُ لَهُ سَوَاءٌ عِلماً وَ قُدرَةً وَ سُلطَاناً وَ مُلكاً وَ إِحَاطَةً

تفسير قال البيضاوي‌وَ هُوَ اللّهُالضمير لله و الله خبره فِي السّماواتِ وَ فِي الأَرضِمتعلق باسم الله والمعني هوالمستحق للعبادة فيهما لا غيركقوله هُوَ ألّذِي فِي السّماءِ إِلهٌ وَ فِي الأَرضِ إِلهٌ أوبقوله يَعلَمُ سِرّكُم وَ جَهرَكُم والجملة خبر ثان أوهي‌ الخبر و الله بدل ويكفي‌ لصحة الظرفية كون المعلوم فيهما كقولك رميت الصيد في الحرم إذاكنت خارجه والصيد فيه أوظرف مستقر وقع خبرا بمعني أنه تعالي لكمال علمه بما فيهما كأنه فيهما ويَعلَمُ سِرّكُم وَ جَهرَكُمبيان وتقرير له

21-يد،[التوحيد] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ قَالَ قَالَ أَبُو شَاكِرٍ الديّصَاَنيِ‌ّ إِنّ فِي القُرآنِ آيَةً هيِ‌َ قُوّةٌ لَنَا قُلتُ وَ مَا هيِ‌َ فَقَالَوَ هُوَ ألّذِي فِي السّماءِ إِلهٌ وَ فِي الأَرضِ إِلهٌفَلَم أَدرِ بِمَا أُجِيبُهُ فَحَجَجتُ فَخَبّرتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع فَقَالَ هَذَا كَلَامُ زِندِيقٍ خَبِيثٍ إِذَا رَجَعتَ إِلَيهِ فَقُل لَهُ مَا اسمُكَ بِالكُوفَةِ فَإِنّهُ يَقُولُ فُلَانٌ فَقُل مَا اسمُكَ بِالبَصرَةِ فَإِنّهُ يَقُولُ فُلَانٌ فَقُل كَذَلِكَ اللّهُ رَبّنَافِي السّماءِ إِلهٌ وَ فِي الأَرضِ إِلهٌ وَ فِي البِحَارِ إِلَهٌ وَ فِي كُلّ مَكَانٍ إِلَهٌ قَالَ فَقَدِمتُ فَأَتَيتُ أَبَا شَاكِرٍ فَأَخبَرتُهُ فَقَالَ هَذِهِ نُقِلَت مِنَ الحِجَازِ

بيان لعل هذاالديصاني‌ لما كان قائلا بإلهين نور ملكه السماء وظلمة ملكها الأرض أول الآية بما يوافق مذهبه بأن جعل قوله وَ فِي الأَرضِ إِلهٌجملة تامة معطوفة علي مجموع الجملة السابقة أي و في الأرض إله آخر ويظهر من بعض الأخبار أنه كان


صفحه : 324

من الدهريين فيمكن أن يكون استدلاله بما يوهم ظاهر الآية من كونه بنفسه حاصلا في السماء و الأرض فيوافق ماذهبوا إليه من كون المبدإ الطبيعة فإنها حاصلة في الأجرام السماوية والأجسام الأرضية معا فأجاب ع بأن المراد أنه تعالي مسمي بهذا الاسم في السماء و في الأرض والأكثرون علي أن الظرف متعلق بالإله لأنه بمعني المعبود أومضمن معناه كقولك هوحاتم في البلد

22-يد،[التوحيد]القَطّانُ وَ الدّقّاقُ مَعاً عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَنِ ابنِ حَبِيبٍ عَن مُحَمّدِ بنِ عُبَيدِ اللّهِ عَن عَلِيّ بنِ الحَكَمِ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ أَسوَدَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ ع قَالَ كَانَ لِرَسُولِ اللّهِص صَدِيقَانِ يَهُودِيّانِ قَد آمَنَا بِمُوسَي رَسُولِ اللّهِ وَ أَتَيَا مُحَمّداًص وَ سَمِعَا مِنهُ وَ قَد كَانَا قَرَءَا التّورَاةَ وَ صُحُفَ اِبرَاهِيمَ ع وَ عَلِمَا عِلمَ الكُتُبِ الأُولَي فَلَمّا قَبَضَ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي رَسُولَهُص أَقبَلَا يَسأَلَانِ عَن صَاحِبِ الأَمرِ بَعدَهُ وَ قَالَا إِنّهُ لَم يَمُت نبَيِ‌ّ قَطّ إِلّا وَ لَهُ خَلِيفَةٌ يَقُومُ بِالأَمرِ فِي أُمّتِهِ مِن بَعدِهِ قَرِيبُ القَرَابَةِ إِلَيهِ مِن أَهلِ بَيتِهِ عَظِيمُ القَدرِ جَلِيلُ الشّأنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ هَل تَعرِفُ صَاحِبَ الأَمرِ مِن بَعدِ هَذَا النّبِيّ قَالَ الآخَرُ لَا أَعلَمُهُ إِلّا بِالصّفَةِ التّيِ‌ أَجِدُهَا فِي التّورَاةِ هُوَ الأَصلَعُ المُصَفّرُ فَإِنّهُ كَانَ أَقرَبَ القَومِ مِن رَسُولِ اللّهِص فَلَمّا دَخَلَا المَدِينَةَ وَ سَأَلَا عَنِ الخَلِيفَةِ أُرشِدَا إِلَي أَبِي بَكرٍ فَلَمّا نَظَرَا إِلَيهِ قَالَا لَيسَ هَذَا صَاحِبَنَا ثُمّ قَالَا لَهُ مَا قَرَابَتُكَ مِن رَسُولِ اللّهِص قَالَ إنِيّ‌ رَجُلٌ مِن عَشِيرَتِهِ وَ هُوَ زَوجُ ابنتَيِ‌ عَائِشَةَ قَالَا هَل غَيرُ هَذَا قَالَ لَا قَالَا لَيسَت هَذِهِ بِقَرَابَةٍ فَأَخبِرنَا أَينَ رَبّكَ قَالَ فَوقَ سَبعِ سَمَاوَاتٍ قَالَا هَل غَيرُ هَذَا قَالَ لَا قَالَا دُلّنَا عَلَي مَن هُوَ أَعلَمُ مِنكَ فَإِنّكَ أَنتَ لَستَ بِالرّجُلِ ألّذِي نَجِدُ فِي التّورَاةِ أَنّهُ وصَيِ‌ّ هَذَا النّبِيّ وَ خَلِيفَتُهُ قَالَ فَتَغَيّظَ مِن قَولِهِمَا وَ هَمّ بِهِمَا ثُمّ أَرشَدَهُمَا إِلَي عُمَرَ وَ ذَلِكَ أَنّهُ عَرَفَ مِن عُمَرَ أَنّهُمَا إِنِ


صفحه : 325

استَقبَلَاهُ بشِيَ‌ءٍ بَطَشَ بِهِمَا فَلَمّا أَتَيَاهُ قَالَا مَا قَرَابَتُكَ مِن هَذَا النّبِيّ قَالَ أَنَا مِن عَشِيرَتِهِ وَ هُوَ زَوجُ ابنتَيِ‌ حَفصَةَ قَالَا هَل غَيرُ هَذَا قَالَ لَا قَالَا لَيسَت هَذِهِ بِقَرَابَةٍ وَ لَيسَت هَذِهِ الصّفَةَ التّيِ‌ نَجِدُهَا فِي التّورَاةِ ثُمّ قَالَا لَهُ فَأَينَ رَبّكَ قَالَ فَوقَ سَبعِ سَمَاوَاتٍ قَالَا هَل غَيرُ هَذَا قَالَ لَا قَالَ دُلّنَا عَلَي مَن هُوَ أَعلَمُ مِنكَ فَأَرشَدَهُمَا إِلَي عَلِيّ ع فَلَمّا جَاءَاهُ فَنَظَرَا إِلَيهِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِنّهُ الرّجُلُ ألّذِي صِفَتُهُ فِي التّورَاةِ إِنّهُ وصَيِ‌ّ هَذَا النّبِيّ وَ خَلِيفَتُهُ وَ زَوجُ ابنَتِهِ وَ أَبُو السّبطَينِ وَ القَائِمُ بِالحَقّ مِن بَعدِهِ ثُمّ قَالَا لعِلَيِ‌ّ ع أَيّهَا الرّجُلُ مَا قَرَابَتُكَ مِن رَسُولِ اللّهِص قَالَ هُوَ أخَيِ‌ وَ أَنَا وَارِثُهُ وَ وَصِيّهُ وَ أَوّلُ مَن آمَنَ بِهِ وَ أَنَا زَوجُ ابنَتِهِ قَالَا هَذِهِ القَرَابَةُ الفَاخِرَةُ وَ المَنزِلَةُ القَرِيبَةُ وَ هَذِهِ الصّفَةُ التّيِ‌ نَجِدُهَا فِي التّورَاةِ فَأَينَ رَبّكَ عَزّ وَ جَلّ قَالَ لَهُمَا عَلِيّ ع إِن شِئتُمَا أَنبَأتُكُمَا باِلذّيِ‌ كَانَ عَلَي عَهدِ نَبِيّكُمَا مُوسَي ع وَ إِن شِئتُمَا أَنبَأتُكُمَا باِلذّيِ‌ كَانَ عَلَي عَهدِ نَبِيّنَا مُحَمّدٍص قَالَا أَنبِئنَا باِلذّيِ‌ كَانَ عَلَي عَهدِ نَبِيّنَا مُوسَي ع قَالَ عَلِيّ ع أَقبَلَ أَربَعَةُ أَملَاكٍ مَلَكٌ مِنَ المَشرِقِ وَ مَلَكٌ مِنَ المَغرِبِ وَ مَلَكٌ مِنَ السّمَاءِ وَ مَلَكٌ مِنَ الأَرضِ فَقَالَ صَاحِبُ المَشرِقِ لِصَاحِبِ المَغرِبِ مِن أَينَ أَقبَلتَ قَالَ أَقبَلتُ مِن عِندِ ربَيّ‌ وَ قَالَ صَاحِبُ المَغرِبِ لِصَاحِبِ المَشرِقِ مِن أَينَ أَقبَلتَ قَالَ أَقبَلتُ مِن عِندِ ربَيّ‌ وَ قَالَ النّازِلُ مِنَ السّمَاءِ لِلخَارِجِ مِنَ الأَرضِ مِن أَينَ أَقبَلتَ قَالَ أَقبَلتُ مِن عِندِ ربَيّ‌ وَ قَالَ الخَارِجُ مِنَ الأَرضِ لِلنّازِلِ مِنَ السّمَاءِ مِن أَينَ أَقبَلتَ قَالَ أَقبَلتُ مِن عِندِ ربَيّ‌ فَهَذَا مَا كَانَ عَلَي عَهدِ نَبِيّكُمَا مُوسَي ع وَ أَمّا مَا كَانَ عَلَي عَهدِ نَبِيّنَا فَذَلِكَ قَولُهُ فِي مُحكَمِ كِتَابِهِما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَ لا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَ لا أَدني مِن ذلِكَ وَ لا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانُواالآيَةَ


صفحه : 326

قَالَ اليَهُودِيّانِ فَمَا مَنَعَ صَاحِبَيكَ أَن يَكُونَا جَعَلَاكَ فِي مَوضِعِكَ ألّذِي أَنتَ أَهلُهُ فَوَ ألّذِي أَنزَلَ التّورَاةَ عَلَي مُوسَي إِنّكَ لَأَنتَ الخَلِيفَةُ حَقّاً نَجِدُ صِفَتَكَ فِي كُتُبِنَا وَ نَقرَؤُهُ فِي كَنَائِسِنَا وَ إِنّكَ لَأَنتَ أَحَقّ بِهَذَا الأَمرِ وَ أَولَي بِهِ مِمّن قَد غَلَبَكَ عَلَيهِ فَقَالَ عَلِيّ ع قَدّمَا وَ أَخّرَا وَ حِسَابُهُمَا عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ يُوقَفَانِ وَ يُسأَلَانِ

23-يد،[التوحيد]العَطّارُ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمّدٍ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي حَمزَةَ عَن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَي أَبِي جَعفَرٍ ع فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا جَعفَرٍ أخَبرِنيِ‌ عَن رَبّكَ مَتَي كَانَ فَقَالَ وَيلَكَ إِنّمَا يُقَالُ لشِيَ‌ءٍ لَم يَكُن فَكَانَ مَتَي كَانَ إِنّ ربَيّ‌ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي كَانَ لَم يَزَل حَيّاً بِلَا كَيفٍ وَ لَم يَكُن لَهُ كَانَ وَ لَا كَانَ لِكَونِهِ كَيفٌ وَ لَا كَانَ لَهُ أَينٌ وَ لَا كَانَ فِي شَيءٍ وَ لَا كَانَ عَلَي شَيءٍ وَ لَا ابتَدَعَ لِكَانَهُ مَكَاناً الخَبَرَ

24-يد،[التوحيد] وَ روُيِ‌َ أَنّهُ سُئِلَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ ع أَينَ كَانَ رَبّنَا قَبلَ أَن يَخلُقَ سَمَاءً وَ أَرضاً فَقَالَ ع أَينَ سُؤَالٌ عَن مَكَانٍ وَ كَانَ اللّهُ وَ لَا مَكَانَ

25-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَن مُحَمّدٍ العَطّارِ عَنِ ابنِ أَبَانٍ عَنِ ابنِ أُورَمَةَ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن صَالِحِ بنِ حَمزَةَ عَن أَبَانٍ عَن أَسَدٍ عَنِ المُفَضّلِ بنِ عُمَرَ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ فِي شَيءٍ أَو مِن شَيءٍ أَو عَلَي شَيءٍ فَقَد أَشرَكَ لَو كَانَ عَزّ وَ جَلّ عَلَي شَيءٍ لَكَانَ مَحمُولًا وَ لَو كَانَ فِي شَيءٍ لَكَانَ مَحصُوراً وَ لَو كَانَ مِن شَيءٍ لَكَانَ مُحدَثاً


صفحه : 327

بيان لكان محمولا أي محتاجا إلي مايحمله قوله ع محصورا أي عاجزا ممنوعا عن الخروج عن المكان أومحصورا بذلك الشي‌ء ومحويا به فيكون له انقطاع وانتهاء فيكون ذا حدود وأجزاء

26-يد،[التوحيد] أَبِي عَن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن حَمّادِ بنِ عَمرٍو عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ قَالَ كَذَبَ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فِي شَيءٍ أَو مِن شَيءٍ أَو عَلَي شَيءٍ

قال الصدوق رحمه الله الدليل علي أن الله عز و جل لا في مكان أن الأماكن كلها حادثة و قدقام الدليل علي أن الله عز و جل قديم سابق للأماكن و ليس يجوز أن يحتاج الغني‌ القديم إلي ما كان غنيا عنه و لا أن يتغير عما لم يزل موجودا عليه فصح اليوم أنه لا في مكان كما أنه لم يزل كذلك وتصديق ذلك مَا حَدّثَنَا بِهِ القَطّانُ عَنِ ابنِ زَكَرِيّا القَطّانِ عَنِ ابنِ حَبِيبٍ عَنِ ابنِ بُهلُولٍ عَن أَبِيهِ عَن سُلَيمَانَ المرَوزَيِ‌ّ عَن سُلَيمَانَ بنِ مِهرَانَ قَالَ قُلتُ لِجَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ ع هَل يَجُوزُ أَن نَقُولَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ فِي مَكَانٍ فَقَالَ سُبحَانَ اللّهِ وَ تَعَالَي عَن ذَلِكَ إِنّهُ لَو كَانَ فِي مَكَانٍ لَكَانَ مُحدَثاً لِأَنّ الكَائِنَ فِي مَكَانٍ مُحتَاجٌ إِلَي المَكَانِ وَ الِاحتِيَاجُ مِن صِفَاتِ الحَدَثِ لَا مِن صِفَاتِ القَدِيمِ

27-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ عَبّاسٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ رَاشِدٍ عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ الجعَفرَيِ‌ّ عَن أَبِي اِبرَاهِيمَ مُوسَي بنِ جَعفَرٍ ع أَنّهُ قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي كَانَ لَم يَزَل بِلَا زَمَانٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ هُوَ الآنَ كَمَا كَانَ لَا يَخلُو مِنهُ مَكَانٌ وَ لَا يَشتَغِلُ بِهِ مَكَانٌ وَ لَا يَحِلّ فِي مَكَانٍما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَ لا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَ لا أَدني مِن ذلِكَ وَ لا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانُوا لَيسَ بَينَهُ وَ بَينَ خَلقِهِ حِجَابٌ غَيرُ خَلقِهِ احتَجَبَ بِغَيرِ حِجَابٍ مَحجُوبٍ وَ استَتَرَ بِغَيرِ سِترٍ مَستُورٍ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَالكَبِيرُ المُتَعالِ


صفحه : 328

بيان قوله غيرخلقه أي ليس الحجاب بينه و بين خلقه إلاعجز المخلوق عن الإحاطة به و قوله محجوب إما نعت لحجاب أوخبر مبتدإ محذوف فعلي الأول فهو إما بمعني حاجب إذ كثيرا مايجي‌ء صيغة المفعول بمعني الفاعل كماقيل في قوله تعالي حِجاباً مَستُوراً أوبمعناه و يكون المراد أنه ليس له تعالي حجاب مستور بل حجابه ظاهر و هوتجرده وتقدسه وعلوه عن أن يصل إليه عقل أووهم ويحتمل علي هذا أن يكون المراد بالحجاب الحجة ألذي أقامه بينه و بين خلقه فهو ظاهر غيرمخفي‌ ويحتمل أيضا أن يكون المراد به أنه لم يحتجب بحجاب مخفي‌ فكيف الظاهر و أما علي الثاني‌ فالظرف متعلق بقوله محجوب أي هومحجوب بغير حجاب وهاهنا احتمال ثالث و هو أن يكون محجوب مضاف إليه بتقدير اللام وإجراء الاحتمالات في الفقرة الثانية ظاهر وهي‌ إما تأكيد للأولي أوالأولي إشارة إلي الاحتجاب عن الحواس والثانية إلي الاستتار عن العقول والأفهام

28-يد،[التوحيد] مُحَمّدُ بنُ اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ الفاَرسِيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ النشّوَيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدٍ الصفّدَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ العسَكرَيِ‌ّ وَ أَخِيهِ مُعَاذٍ مَعاً عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ الحنَظلَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَاصِمٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ قَيسٍ عَن أَبِي هَاشِمٍ الرمّاّنيِ‌ّ عَن زَاذَانَ عَن سَلمَانَ الفاَرسِيِ‌ّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَذكُرُ فِيهِ قُدُومَ الجَاثَلِيقِ المَدِينَةَ مَعَ مِائَةٍ مِنَ النّصَارَي بَعدَ وَفَاةِ النّبِيّص وَ سُؤَالَهُ أَبَا بَكرٍ عَن مَسَائِلَ لَم يُجِبهُ عَنهَا ثُمّ أُرشِدَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَسَأَلَهُ عَنهَا فَأَجَابَهُ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَن قَالَ لَهُ أخَبرِنيِ‌ عَن وَجهِ الرّبّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي فَدَعَا عَلِيّ ع بِنَارٍ وَ حَطَبٍ فَأَضرَمَهُ فَلَمّا اشتَعَلَت قَالَ عَلِيّ ع أَينَ وَجهُ هَذِهِ النّارِ قَالَ النصّراَنيِ‌ّ هيِ‌َ وَجهٌ مِن جَمِيعِ حُدُودِهَا قَالَ عَلِيّ ع هَذِهِ النّارُ مُدَبّرَةٌ مَصنُوعَةٌ لَا تَعرِفُ وَجهَهَا وَ خَالِقُهَا لَا يُشبِهُهَاوَ لِلّهِ المَشرِقُ وَ المَغرِبُ


صفحه : 329

فَأَينَما تُوَلّوا فَثَمّ وَجهُ اللّهِ لَا يَخفَي عَلَي رَبّنَا خَافِيَةٌ وَ الحَدِيثُ طَوِيلٌ أَخَذنَا مِنهُ مَوضِعَ الحَاجَةِ

29-يد،[التوحيد]الأشُناَنيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ مَهرَوَيهِ عَن دَاوُدَ بنِ سُلَيمَانَ عَنِ الرّضَا عَن أَبِيهِ عَن آبَائِهِ عَن عَلِيّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِص إِنّ مُوسَي بنَ عِمرَانَ لَمّا نَاجَي رَبّهُ قَالَ يَا رَبّ أَ بَعِيدٌ أَنتَ منِيّ‌ فَأُنَادِيَكَ أَم قَرِيبٌ فَأُنَاجِيَكَ فَأَوحَي اللّهُ جَلّ جَلَالُهُ إِلَيهِ أَنَا جَلِيسُ مَن ذكَرَنَيِ‌ فَقَالَ مُوسَي يَا رَبّ إنِيّ‌ أَكُونُ فِي حَالٍ أُجِلّكَ أَن أَذكُرَكَ فِيهَا فَقَالَ يَا مُوسَي اذكرُنيِ‌ عَلَي كُلّ حَالٍ

30-يد،[التوحيد] مُحَمّدُ بنُ اِبرَاهِيمَ الفاَرسِيِ‌ّ عَن أَبِي سَعِيدٍ الرمّحيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عِيسَي الواَسطِيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ زَكَرِيّا المكَيّ‌ّ قَالَ أخَبرَنَيِ‌ مُنِيفٌ مَولَي جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ قَالَ حدَثّنَيِ‌ سيَدّيِ‌ جَعفَرُ بنُ مُحَمّدٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدّهِ ع قَالَ كَانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع يصُلَيّ‌ فَمَرّ بَينَ يَدَيهِ رَجُلٌ فَنَهَاهُ بَعضُ جُلَسَائِهِ فَلَمّا انصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ لِمَ نَهَيتَ الرّجُلَ قَالَ يَا ابنَ رَسُولِ اللّهِ حَظَرَ فِيمَا بَينَكَ وَ بَينَ المِحرَابِ فَقَالَ وَيحَكَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ أَقرَبُ إلِيَ‌ّ مِن أَن يَحظُرَ فِيمَا بيَنيِ‌ وَ بَينَهُ أَحَدٌ

31-يد،[التوحيد]المُظَفّرُ العلَوَيِ‌ّ عَنِ ابنِ العيَاّشيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَنِ الحُسَينِ بنِ إِشكِيبٍ عَن هَارُونَ بنِ عُقبَةَ عَن أَسَدِ بنِ سَعِيدٍ عَن عَمرِو بنِ شِمرٍ عَن جَابِرٍ قَالَ قَالَ البَاقِرُ ع يَا جَابِرُ مَا أَعظَمَ فِريَةَ أَهلِ الشّامِ عَلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ يَزعُمُونَ أَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي حَيثُ صَعِدَ إِلَي السّمَاءِ وَضَعَ قَدَمَهُ عَلَي صَخرَةِ بَيتِ المَقدِسِ وَ لَقَد وَضَعَ عَبدٌ مِن عِبَادِ اللّهِ قَدَمَهُ عَلَي حَجَرٍ فَأَمَرَنَا اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَن نَتّخِذَهُ مُصَلّي يَا جَابِرُ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا نَظِيرَ لَهُ وَ لَا شَبِيهَ تَعَالَي عَن صِفَةِ الوَاصِفِينَ وَ جَلّ عَن أَوهَامِ المُتَوَهّمِينَ وَ احتَجَبَ عَن أَعيُنِ النّاظِرِينَ لَا يَزُولُ مَعَ الزّائِلِينَ وَ لَا يَأفِلُ مَعَ الآفِلِينَلَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌوَ هُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ


صفحه : 330

32-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ عَيّاشٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ رَاشِدٍ عَن يَعقُوبَ بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِي اِبرَاهِيمَ ع أَنّهُ قَالَ لَا أَقُولُ إِنّهُ قَائِمٌ فَأُزِيلَهُ عَن مَكَانِهِ وَ لَا أَحُدّهُ بِمَكَانٍ يَكُونُ فِيهِ وَ لَا أَحُدّهُ أَن يَتَحَرّكَ فِي شَيءٍ مِنَ الأَركَانِ وَ الجَوَارِحِ وَ لَا أَحُدّهُ بِلَفظِ شَقّ فَمٍ وَ لَكِن كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَيكُن فَيَكُونُبِمَشِيئَتِهِ مِن غَيرِ تَرَدّدٍ فِي نَفَسٍ فَردٌ صَمَدٌ لَم يَحتَج إِلَي شَرِيكٍ يَكُونُ لَهُ فِي مُلكِهِ وَ لَا يَفتَحُ لَهُ أَبوَابَ عِلمِهِ

ج ،[الإحتجاج ] عن يعقوب مثله

33-يد،[التوحيد]السنّاَنيِ‌ّ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ النخّعَيِ‌ّ عَنِ النوّفلَيِ‌ّ عَن عَلِيّ بنِ سَالِمٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ ع قَالَ إِنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا يُوصَفُ بِزَمَانٍ وَ لَا مَكَانٍ وَ لَا حَرَكَةٍ وَ لَا انتِقَالٍ وَ لَا سُكُونٍ بَل هُوَ خَالِقُ الزّمَانِ وَ المَكَانِ وَ الحَرَكَةِ وَ السّكُونِ تَعَالَي عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً

34-يد،[التوحيد] مُحَمّدُ بنُ اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ العزَاَئمِيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ رُمَيحٍ عَن عَبدِ العَزِيزِ بنِ إِسحَاقَ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمّدٍ الحسَنَيِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ بنِ خَلَفٍ عَن بِشرِ بنِ الحَسَنِ عَن عَبدِ القُدّوسِ عَن أَبِي إِسحَاقَ السبّيِعيِ‌ّ عَنِ الحَارِثِ الأَعوَرِ عَن عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنّهُ دَخَلَ السّوقَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُوَلّيهِ ظَهرَهُ يَقُولُ لَا وَ ألّذِي احتَجَبَ بِالسّبعِ فَضَرَبَ عَلِيّ ع ظَهرَهُ ثُمّ قَالَ مَنِ ألّذِي احتَجَبَ بِالسّبعِ قَالَ اللّهُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ أَخطَأتَ ثَكِلَتكَ أُمّكَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ لَيسَ بَينَهُ وَ بَينَ خَلقِهِ حِجَابٌ لِأَنّهُمَعَهُم أَينَ ما كانُوا قَالَ مَا كَفّارَةُ مَا قُلتُ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ قَالَ أَن تَعلَمَ أَنّ اللّهَ مَعَكَ حَيثُ كُنتَ قَالَ أُطعِمُ المَسَاكِينَ قَالَ لَا إِنّمَا حَلَفتَ بِغَيرِ رَبّكَ

35-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَن أَبِي القَاسِمِ العلَوَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَنِ الحُسَينِ بنِ الحَسَنِ عَن اِبرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ القمُيّ‌ّ عَنِ العَبّاسِ بنِ عَمرٍو الفقُيَميِ‌ّ عَن هِشَامِ بنِ الحَكَمِ فِي حَدِيثِ الزّندِيقِ ألّذِي أَتَي أَبَا عَبدِ اللّهِ ع قَالَ سَأَلَهُ عَن قَولِهِالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي


صفحه : 331

قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع بِذَلِكَ وَصَفَ نَفسَهُ وَ كَذَلِكَ هُوَ مُستَولٍ عَلَي العَرشِ بَائِنٌ مِن خَلقِهِ مِن غَيرِ أَن يَكُونَ العَرشُ حَامِلًا لَهُ وَ لَا أَن يَكُونَ العَرشُ حَاوِياً لَهُ وَ لَا أَنّ العَرشَ مُحتَازٌ لَهُ وَ لَكِنّا نَقُولُ هُوَ حَامِلُ العَرشِ وَ مُمسِكُ العَرشِ وَ نَقُولُ مِن ذَلِكَ مَا قَالَوَسِعَ كُرسِيّهُ السّماواتِ وَ الأَرضَفَثَبّتنَا مِنَ العَرشِ وَ الكرُسيِ‌ّ مَا ثَبّتَهُ وَ نَفَينَا أَن يَكُونَ العَرشُ أَوِ الكرُسيِ‌ّ حَاوِياً لَهُ وَ أَن يَكُونَ عَزّ وَ جَلّ مُحتَاجاً إِلَي مَكَانٍ أَو إِلَي شَيءٍ مِمّا خَلَقَ بَل خَلقُهُ مُحتَاجُونَ إِلَيهِ قَالَ السّائِلُ فَمَا الفَرقُ بَينَ أَن تَرفَعُوا أَيدِيَكُم إِلَي السّمَاءِ وَ بَينَ أَن تَخفِضُوهَا نَحوَ الأَرضِ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع ذَلِكَ فِي عِلمِهِ وَ إِحَاطَتِهِ وَ قُدرَتِهِ سَوَاءٌ وَ لَكِنّهُ عَزّ وَ جَلّ أَمَرَ أَولِيَاءَهُ وَ عِبَادَهُ بِرَفعِ أَيدِيهِم إِلَي السّمَاءِ نَحوَ العَرشِ لِأَنّهُ جَعَلَهُ مَعدِنَ الرّزقِ فَثَبّتنَا مَا ثَبّتَهُ القُرآنُ وَ الأَخبَارُ عَنِ الرّسُولِص حِينَ قَالَ ارفَعُوا أَيدِيَكُم إِلَي اللّهِ عَزّ وَ جَلّ وَ هَذَا يُجمِعُ عَلَيهِ فِرَقُ الأُمّةِ كُلّهَا قَالَ السّائِلُ فَتَقُولُ إِنّهُ يَنزِلُ إِلَي السّمَاءِ الدّنيَا قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع نَقُولُ ذَلِكَ لِأَنّ الرّوَايَاتِ قَد صَحّت بِهِ وَ الأَخبَارَ قَالَ السّائِلُ وَ إِذَا نَزَلَ أَ لَيسَ قَد حَالَ عَنِ العَرشِ وَ حَولُهُ عَنِ العَرشِ انتِقَالٌ قَالَ أَبُو عَبدِ اللّهِ ع لَيسَ ذَلِكَ عَلَي مَا يُوجَدُ مِنَ المَخلُوقِ ألّذِي يَنتَقِلُ بِاختِلَافِ الحَالِ عَلَيهِ وَ المَلَالَةِ وَ السّأمَةِ وَ نَاقِلٍ يَنقُلُهُ وَ يُحَوّلُهُ مِن حَالٍ إِلَي حَالٍ بَل هُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي لَا يَحدُثُ عَلَيهِ الحَالُ وَ لَا يجَريِ‌ عَلَيهِ الحُدُوثُ فَلَا يَكُونُ نُزُولُهُ كَنُزُولِ المَخلُوقِ ألّذِي مَتَي تَنَحّي عَن مَكَانٍ خَلَا مِنهُ المَكَانُ الأَوّلُ وَ لَكِنّهُ يَنزِلُ إِلَي سَمَاءِ الدّنيَا بِغَيرِ مُعَانَاةٍ وَ لَا حَرَكَةٍ فَيَكُونُ هُوَ كَمَا فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ عَلَي العَرشِ كَذَلِكَ هُوَ فِي سَمَاءِ الدّنيَا إِنّمَا يَكشِفُ عَن عَظَمَتِهِ وَ يرُيِ‌ أَولِيَاءَهُ نَفسَهُ حَيثُ شَاءَ وَ يَكشِفُ مَا شَاءَ مِن قُدرَتِهِ وَ مَنظَرُهُ فِي القُربِ وَ البُعدِ سَوَاءٌ

ثم قال قال مصنف هذاالكتاب قوله ع إنه علي العرش إنه ليس بمعني التمكن فيه ولكنه بمعني التعالي‌ عليه بالقدرة يقال فلان علي خير واستعانه علي عمل كذا وكذا ليس بمعني التمكن فيه والاستقرار عليه ولكن ذلك بمعني التمكن منه والقدرة عليه و قوله في النزول ليس بمعني الانتقال وقطع المسافة ولكنه علي معني


صفحه : 332

إنزال الأمر منه إلي سماء الدنيا لأن العرش هوالمكان ألذي ينتهي إليه بأعمال العباد من السدرة المنتهي إليه و قديجعل الله عز و جل السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل و في ليالي‌ الجمعة مسافة الأعمال في ارتفاعها أقرب منها في سائر الأوقات إلي العرش و قوله يري‌ أولياءه نفسه فإنه يعني‌ بإظهار بدائع فطرته فقد جرت العادة بأن يقال للسلطان إذاأظهر قوة وقدرة وخيلا ورجلا قدأظهر نفسه و علي ذلك دل الكلام ومجاز اللفظ.أقول من قوله قال السائل إلي آخر كلامه لم يكن في أكثر النسخ و ليس في الإحتجاج أيضا

36-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَنِ ابنِ عِيسَي وَ ابنِ هَاشِمٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَن دَاوُدَ بنِ عَلِيّ اليعَقوُبيِ‌ّ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن عَبدِ الأَعلَي مَولَي آلِ سَامٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَأَتَي رَسُولَ اللّهِص يهَوُديِ‌ّ يُقَالُ لَهُ سبحت [سُبّختٌ] فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمّدُ جِئتُ أَسأَلُكَ عَن رَبّكَ فَإِن أجَبَتنَيِ‌ عَمّا أَسأَلُكَ عَنهُ وَ إِلّا رَجَعتُ فَقَالَ لَهُ سَل عَمّا شِئتَ فَقَالَ أَينَ رَبّكَ فَقَالَ هُوَ فِي كُلّ مَكَانٍ وَ لَيسَ هُوَ فِي شَيءٍ مِنَ المَكَانِ بِمَحدُودٍ قَالَ فَكَيفَ هُوَ فَقَالَ وَ كَيفَ أَصِفُ ربَيّ‌ بِالكَيفِ وَ الكَيفُ مَخلُوقٌ وَ اللّهُ لَا يُوصَفُ بِخَلقِهِ قَالَ فَمَن يَعلَمُ أَنّكَ نبَيِ‌ّ قَالَ فَمَا بقَيِ‌َ حَولَهُ حَجَرٌ وَ لَا مَدَرٌ وَ لَا غَيرُ ذَلِكَ إِلّا تَكَلّمَ بِلِسَانٍ عرَبَيِ‌ّ مُبِينٍ يَا شَيخُ إِنّهُ رَسُولُ اللّهِ


صفحه : 333

فَقَالَ سبحت [سُبّختٌ]بِاللّهِ مَا رَأَيتُ كَاليَومِ أَبيَنَ ثُمّ قَالَ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللّهُ وَ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِص

37-ص ،[قصص الأنبياء عليهم السلام ]الصّدُوقُ عَن مُحَمّدِ بنِ اِبرَاهِيمَ بنِ إِسحَاقَ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ رُمَيحٍ عَن أَحمَدَ بنِ جَعفَرٍ عَن أَحمَدَ بنِ عَلِيّ عَن مُحَمّدِ بنِ عَلِيّ الخزُاَعيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ عَن أَبِيهِ عَنِ الصّادِقِ عَن آبَائِهِ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِم مِثلَهُير،[بصائر الدرجات ] اِبرَاهِيمُ بنُ هَاشِمٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ

مِثلَهُ

38-يد،[التوحيد] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن حَمّادٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ كَذَبَ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ مِن شَيءٍ أَو فِي شَيءٍ أَو عَلَي شَيءٍ

39-يد،[التوحيد]مَاجِيلَوَيهِ عَن عَمّهِ عَنِ البرَقيِ‌ّ عَن أَبِيهِ عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ عَنِ المُفَضّلِ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ مِن شَيءٍ أَو فِي شَيءٍ فَقَد أَشرَكَ ثُمّ قَالَ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ مِن شَيءٍ فَقَد جَعَلَهُ مُحدَثاً وَ مَن زَعَمَ أَنّهُ فِي شَيءٍ فَقَد زَعَمَ أَنّهُ مَحصُورٌ وَ مَن زَعَمَ أَنّهُ عَلَي شَيءٍ فَقَد جَعَلَهُ مَحمُولًا

40-يد،[التوحيد] ابنُ الوَلِيدِ عَنِ ابنِ أَبَانٍ عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعِيدٍ عَنِ النّضرِ عَنِ ابنِ حُمَيدٍ عَن أَبِي بَصِيرٍ عَن أَبِي عَبدِ اللّهِ ع قَالَ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ مِن شَيءٍ أَو فِي شَيءٍ أَو عَلَي شَيءٍ فَقَد كَفَرَ قُلتُ فَسّر لِي قَالَ أعَنيِ‌ بِالحَوَايَةِ مِنَ الشيّ‌ءِ لَهُ أَو بِإِمسَاكٍ لَهُ أَو مِن شَيءٍ سَبَقَهُ

41- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخرَي قَالَ مَن زَعَمَ أَنّ اللّهَ مِن شَيءٍ فَقَد جَعَلَهُ مُحدَثاً وَ مَن زَعَمَ أَنّهُ فِي شَيءٍ فَقَد جَعَلَهُ مَحصُوراً وَ مَن زَعَمَ أَنّهُ عَلَي شَيءٍ فَقَد جَعَلَهُ مَحمُولًا

بيان قوله بالحواية من الشي‌ء له تفسير لقوله في شيء و قوله أوبإمساك له تفسير لقوله علي شيء و قوله أو من شيءسبقه تفسير لقوله من شيء

42-يد،[التوحيد]الطاّلقَاَنيِ‌ّ عَن أَحمَدَ الهمَداَنيِ‌ّ عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمّدِ بنِ عَبدِ اللّهِ الصغّديِ‌ّ عَن مُحَمّدِ بنِ يَعقُوبَ العسَكرَيِ‌ّ وَ أَخِيهِ مُعَاذٍ مَعاً عَن مُحَمّدِ بنِ سِنَانٍ الحنَظلَيِ‌ّ عَن عَبدِ اللّهِ بنِ


صفحه : 334

عَاصِمٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ قَيسٍ عَن أَبِي هَاشِمٍ الرمّاّنيِ‌ّ عَن زَاذَانَ عَن سَلمَانَ الفاَرسِيِ‌ّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَذكُرُ فِيهِ قُدُومَ الجَاثَلِيقِ المَدِينَةَ مَعَ مِائَةٍ مِنَ النّصَارَي بَعدَ قَبضِ رَسُولِ اللّهِص وَ سُؤَالَهُ أَبَا بَكرٍ عَن مَسَائِلَ لَم يُجِبهُ عَنهَا ثُمّ أُرشِدَ إِلَي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَسَأَلَهُ فَأَجَابَهُ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَن قَالَ لَهُ أخَبرِنيِ‌ عَنِ الرّبّ أَينَ هُوَ وَ أَينَ كَانَ قَالَ عَلِيّ ع لَا يُوصَفُ الرّبّ جَلّ جَلَالُهُ بِمَكَانٍ هُوَ كَمَا كَانَ وَ كَانَ كَمَا هُوَ لَم يَكُن فِي مَكَانٍ وَ لَم يَزُل مِن مَكَانٍ إِلَي مَكَانٍ وَ لَا أَحَاطَ بِهِ مَكَانٌ بَل كَانَ لَم يَزَل بِلَا حَدّ وَ لَا كَيفٍ قَالَ صَدَقتَ فأَخَبرِنيِ‌ عَنِ الرّبّ أَ فِي الدّنيَا هُوَ أَو فِي الآخِرَةِ قَالَ عَلِيّ ع لَم يَزَل رَبّنَا قَبلَ الدّنيَا هُوَ مُدَبّرُ الدّنيَا وَ عَالِمٌ بِالآخِرَةِ فَأَمّا أَن يُحِيطَ بِهِ الدّنيَا وَ الآخِرَةُ فَلَا وَ لَكِن يَعلَمُ مَا فِي الدّنيَا وَ الآخِرَةِ قَالَ صَدَقتَ يَرحَمُكَ اللّهُ ثُمّ قَالَ أخَبرِنيِ‌ عَن رَبّكَ أَ يَحمِلُ أَو يُحمَلُ فَقَالَ عَلِيّ ع إِنّ رَبّنَا جَلّ جَلَالُهُ يَحمِلُ وَ لَا يُحمَلُ قَالَ النصّراَنيِ‌ّ وَ كَيفَ ذَلِكَ وَ نَحنُ نَجِدُ فِي الإِنجِيلِ وَ يَحمِلُ عَرشَ رَبّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ فَقَالَ عَلِيّ ع إِنّ المَلَائِكَةَ تَحمِلُ العَرشَ وَ لَيسَ العَرشُ كَمَا تَظُنّ كَهَيئَةِ السّرِيرِ وَ لَكِنّهُ شَيءٌ مَحدُودٌ مَخلُوقٌ مُدَبّرٌ وَ رَبّكَ عَزّ وَ جَلّ مَالِكُهُ لَا أَنّهُ عَلَيهِ كَكَونِ الشيّ‌ءِ عَلَي الشيّ‌ءِ وَ أَمَرَ المَلَائِكَةَ بِحَملِهِ فَهُم يَحمِلُونَ العَرشَ بِمَا أَقدَرَهُم عَلَيهِ قَالَ النصّراَنيِ‌ّ صَدَقتَ رَحِمَكَ اللّهُ وَ الحَدِيثُ طَوِيلٌ أَخَذنَا مِنهُ مَوضِعَ الحَاجَةِ

43-يد،[التوحيد]الدّقّاقُ عَنِ الأسَدَيِ‌ّ عَنِ البرَمكَيِ‌ّ عَن جُذعَانَ بنِ نَصرٍ عَن سَهلٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ كَثِيرٍ عَن دَاوُدَ الرقّيّ‌ّ قَالَسَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِهِ عَزّ وَ جَلّوَ كانَ عَرشُهُ عَلَي الماءِ فَقَالَ لِي مَا يَقُولُونَ قُلتُ يَقُولُونَ إِنّ العَرشَ كَانَ عَلَي المَاءِ وَ الرّبّ فَوقَهُ فَقَالَ فَقَد كَذَبُوا مَن زَعَمَ هَذَا فَقَد صَيّرَ اللّهَ مَحمُولًا وَ وَصَفَهُ بِصِفَةِ المَخلُوقِينَ وَ أَلزَمَهُ أَنّ الشيّ‌ءَ ألّذِي يَحمِلُهُ أَقوَي مِنهُ قُلتُ بَيّن لِي جُعِلتُ فِدَاكَ فَقَالَ إِنّ اللّهَ عَزّ وَ جَلّ حَمّلَ دِينَهُ وَ عِلمَهُ المَاءَ قَبلَ أَن تَكُونَ أَرضٌ أَو سَمَاءٌ أَو جِنّ أَو إِنسٌ أَو شَمسٌ أَو قَمَرٌ فَلَمّا أَن أَرَادَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ نَثَرَهُم بَينَ يَدَيهِ فَقَالَ لَهُم مَن رَبّكُم فَكَانَ أَوّلُ مَن نَطَقَ رَسُولَ اللّهِ وَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ وَ الأَئِمّةَ ع فَقَالُوا أَنتَ رَبّنَا فَحَمّلَهُمُ العِلمَ وَ الدّينَ ثُمّ قَالَ لِلمَلَائِكَةِ هَؤُلَاءِ حَمَلَةُ علِميِ‌ وَ ديِنيِ‌ وَ أمُنَاَئيِ‌ فِي خلَقيِ‌ وَ


صفحه : 335

هُمُ المَسئُولُونَ ثُمّ قِيلَ لبِنَيِ‌ آدَمَ أَقِرّوا لِلّهِ بِالرّبُوبِيّةِ وَ لِهَؤُلَاءِ النّفَرِ بِالطّاعَةِ فَقَالُوا رَبّنَا أَقرَرنَا فَقَالَ لِلمَلَائِكَةِ اشهَدُوا فَقَالَتِ المَلَائِكَةُ شَهِدنَا عَلَي أَن لَا يَقُولُواإِنّا كُنّا عَن هذا غافِلِينَ أَو يَقُولُواإِنّما أَشرَكَ آباؤُنا مِن قَبلُ وَ كُنّا ذُرّيّةً مِن بَعدِهِم أَ فَتُهلِكُنا بِما فَعَلَ المُبطِلُونَ يَا دَاوُدُ وَلَايَتُنَا مُؤَكّدَةٌ عَلَيهِم فِي المِيثَاقِ

قال الصدوق رحمه الله في التوحيد إن المشبهة تتعلق بقوله عز و جل إِنّ رَبّكُمُ اللّهُ ألّذِي خَلَقَ السّماواتِ وَ الأَرضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ استَوي عَلَي العَرشِ يغُشيِ‌ اللّيلَ النّهارَ و لاحجة لها في ذلك لأنه عز و جل عني بقوله استَوي عَلَي العَرشِ أي ثم نقل العرش إلي فوق السماوات و هومستول عليه ومالك له فقوله عز و جل ثُمّإنما هولدفع العرش إلي مكانه ألذي هو فيه ونقله للاستواء و لايجوز أن يكون معني قوله استوي استولي لأن الاستيلاء لله تعالي علي الملك و علي الأشياء ليس هوبأمر حادث بل كان لم يزل مالكا لكل شيء ومستوليا علي كل شيء وإنما ذكر عز و جل الاستواء بعد قوله ثم و هويعني‌ الرفع مجازا و هوكقوله وَ لَنَبلُوَنّكُم حَتّي نَعلَمَ المُجاهِدِينَ مِنكُم وَ الصّابِرِينَفذكر نعلم مع قوله حتي و هو عز و جل يعني‌ حتي يجاهد المجاهدون ونحن نعلم ذلك لأن حتي لايقع إلا علي فعل حادث وعلم الله عز و جل بالأشياء لا يكون حادثا وكذلك ذكر قوله عز و جل استَوي عَلَي العَرشِ بعد قوله ثُمّ و هويعني‌ بذلك ثم رفع العرش لاستيلائه عليه و لم يعن بذلك الجلوس واعتدال البدن لأن الله لايجوز أن يكون جسما و لاذا بدن تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا


صفحه : 336

44-سن ،[المحاسن ] أَبِي عَمّن ذَكَرَهُ قَالَ اجتَمَعَتِ اليَهُودُ إِلَي رَأسِ الجَالُوتِ فَقَالُوا إِنّ هَذَا الرّجُلَ عَالِمٌ يَعنُونَ بِهِ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ ع فَانطَلِق بِنَا إِلَيهِ لِنَسأَلَهُ فَأَتَوهُ فَقِيلَ لَهُ هُوَ فِي القَصرِ فَانتَظَرُوهُ حَتّي خَرَجَ فَقَالَ لَهُ رَأسُ الجَالُوتِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ جِئنَا نَسأَلُكَ قَالَ سَل يَا يهَوُديِ‌ّ عَمّا بَدَا لَكَ قَالَ أَسأَلُكَ عَن رَبّنَا مَتَي كَانَ فَقَالَ كَانَ بِلَا كَينُونَةٍ كَانَ بِلَا كَيفٍ كَانَ لَم يَزَل بِلَا كَمّ وَ بِلَا كَيفٍ كَانَ لَيسَ لَهُ قَبلٌ هُوَ قَبلَ القَبلِ بِلَا قَبلٍ وَ لَا غَايَةٍ وَ لَا مُنتَهَي غَايَةٍ وَ لَا غَايَةَ إِلَيهَا انقَطَعَت عَنهُ الغَايَاتُ فَهُوَ غَايَةُ كُلّ غَايَةٍ قَالَ فَقَالَ رَأسُ الجَالُوتِ لِليَهُودِ امضُوا بِنَا فَهَذَا أَعلَمُ مِمّا يُقَالُ فِيهِ

بيان و لاغاية إليها أي ينتهي‌ إليها

45-سن ،[المحاسن ]القَاسِمُ بنُ يَحيَي عَن جَدّهِ الحَسَنِ عَن أَبِي الحَسَنِ مُوسَي ع وَ سُئِلَ عَن مَعنَي قَولِ اللّهِعَلَي العَرشِ استَوي فَقَالَ استَولَي عَلَي مَا دَقّ وَ جَلّ

ج ،[الإحتجاج ] عن الحسن مثله

46-يد،[التوحيد] مع ،[معاني‌ الأخبار] ابنُ المُتَوَكّلِ عَنِ الحمِيرَيِ‌ّ عَنِ ابنِ عِيسَي عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مُقَاتِلِ بنِ سُلَيمَانَ قَالَ سَأَلتُ جَعفَرَ بنَ مُحَمّدٍ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي قَالَ استَوَي مِن كُلّ شَيءٍ فَلَيسَ شَيءٌ أَقرَبَ إِلَيهِ مِن شَيءٍ

47-فس ،[تفسير القمي‌] مُحَمّدُ بنُ أَبِي عَبدِ اللّهِ عَن سَهلٍ عَنِ ابنِ مَحبُوبٍ عَن مُحَمّدِ بنِ مَارِدٍ أَنّ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع سُئِلَ عَن مَعنَي قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي فَقَالَ استَوَي مِن كُلّ شَيءٍ فَلَيسَ شَيءٌ أَقرَبَ إِلَيهِ مِن شَيءٍ

يد،[التوحيد]ماجيلويه عن محمدالعطار عن سهل مثله


صفحه : 337

يد،[التوحيد] ابن الوليد عن محمدالعطار عن سهل عن الخشاب رفعه عن أبي عبد الله ع

مثله

48-يد،[التوحيد] أَبِي عَن سَعدٍ عَن مُحَمّدِ بنِ الحُسَينِ عَن صَفوَانَ بنِ يَحيَي عَن عَبدِ الرّحمَنِ بنِ الحَجّاجِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللّهِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي فَقَالَ استَوَي مِن كُلّ شَيءٍ فَلَيسَ شَيءٌ أَقرَبَ إِلَيهِ مِن شَيءٍ لَم يَبعُد مِنهُ بَعِيدٌ وَ لَم يَقرُب مِنهُ قَرِيبٌ استَوَي مِن كُلّ شَيءٍ

بيان اعلم أن الاستواء يطلق علي معان الأول الاستقرار والتمكن علي الشي‌ء الثاني‌ قصد الشي‌ء والإقبال إليه الثالث الاستيلاء علي الشي‌ء قال الشاعر.


قداستوي بشر علي العراق .   من غيرسيف ودم مهراق .

الرابع الاعتدال يقال سويت الشي‌ء فاستوي الخامس المساواة في النسبة.فأما المعني الأول فيستحيل علي الله تعالي لماثبت بالبراهين العقلية والنقلية من استحالة كونه تعالي مكانيا فمن المفسرين من حمل الاستواء في هذه الآية علي الثاني‌ أي أقبل علي خلقه وقصد إلي ذلك و قدرووا أنه سئل أبوالعباس أحمد بن يحيي عن هذه الآية فقال الاستواء الإقبال علي الشي‌ء ونحو هذا قال الفراء والزجاج في قوله عز و جل ثُمّ استَوي إِلَي السّماءِ والأكثرون منهم حملوها علي الثالث أي استولي عليه وملكه ودبره قال الزمخشري‌ لما كان الاستواء علي العرش و هوسرير الملك لايحصل إلا مع الملك جعلوه كناية عن الملك فقالوا استوي فلان علي السرير يريدون ملكه و إن لم يقعد علي السرير البتة وإنما عبروا عن حصول الملك بذلك لأنه أصرح وأقوي في الدلالة من أن يقال فلان ملك ونحوه قولك يد فلان مبسوطة ويد فلان مغلولة بمعني أنه جواد أوبخيل لافرق بين العبارتين إلافيما قلت حتي أن من لم يبسط يده قط بالنوال أو لم يكن له يد رأسا و هوجواد قيل فيه يده مبسوطة لأنه لافرق عندهم بينه و بين قولهم جواد انتهي ويحتمل أن يكون المراد المعني الرابع بأن يكون كناية عن نفي‌ النقص عنه تعالي من جميع الوجوه فيكون قوله تعالي عَلَي العَرشِ


صفحه : 338

حالية وسيأتي‌ توجيهه ولكنه بعيد و أماالمعني الخامس فهو الظاهر مما مر من الأخبار.فاعلم أن العرش قديطلق علي الجسم العظيم ألذي أحاط بسائر الجسمانيات و قديطلق علي جميع المخلوقات و قديطلق علي العلم أيضا كماوردت به الأخبار الكثيرة وسيأتي‌ تحقيقه في كتاب السماء والعالم . فإذاعرفت هذافإما أن يكون ع فسر العرش بمجموع الأشياء وضمن الاستواء مايتعدي بعلي كالاستيلاء والاستعلاء والإشراف فالمعني استوت نسبته إلي كل شيءحال كونه مستوليا عليها أوفسره بالعلم و يكون متعلق الاستواء مقدرا أي تساوت نسبته من كل شيءحال كونه متمكنا علي عرش العلم فيكون إشارة إلي بيان نسبته تعالي وأنها بالعلم والإحاطة أوالمراد بالعرش عرش العظمة والجلال والقدرة كمافسر بهاأيضا في بعض الأخبار أي استوي من كل شيء مع كونه في غاية العظمة ومتمكنا علي عرش التقدس والجلالة والحاصل أن علو قدره ليس مانعا من دونه بالحفظ والتربية والإحاطة وكذا العكس و علي التقادير فقوله استَويخبر و قوله عَلَي العَرشِحال ويحتمل أن يكونا خبرين علي بعض التقادير و لايبعد علي الاحتمال الأول جعل قوله عَلَي العَرشِمتعلقا بالاستواء بأن تكون كلمة علي بمعني إلي ويحتمل علي تقدير حمل العرش علي العلم أن يكون قوله عَلَي العَرشِخبرا و قوله استَويحالا عن العرش لكنه بعيد و علي التقادير يمكن أن يقال إن النكتة في إيراد الرحمن بيان أن رحمانيته توجب استواء نسبته إيجادا وحفظا وتربية وعلما إلي الجميع بخلاف الرحيمية فإنها تقتضي‌ إفاضة الهدايات الخاصة علي المؤمنين فقط وكذا كثير من أسمائه الحسني تخص جماعة كماسيأتي‌ تحقيقها ويؤيد بعض الوجوه التي‌ ذكرنا ماذكره الصدوق رحمه الله في كتاب العقائد حيث قال اعتقادنا في العرش أنه جملة جميع الخلق والعرش


صفحه : 339

في وجه آخر هوالعلم و سُئِلَ عَنِ الصّادِقِ ع عَن قَولِ اللّهِ عَزّ وَ جَلّالرّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي فَقَالَ استَوَي مِن كُلّ شَيءٍ فَلَيسَ شَيءٌ أَقرَبَ إِلَيهِ مِن شَيءٍ

انتهي وإنما بسطنا الكلام في هذاالمقام لصعوبة فهم تلك الأخبار علي أكثر الأفهام .أقول قدمرت الأخبار المناسبة لهذا الباب في باب إثبات الصانع و باب نفي‌ الجسم والصورة وسيأتي‌ في باب احتجاج أمير المؤمنين صلوات الله عليه علي النصاري و باب العرش والكرسي‌ و باب جوامع التوحيد